الكتاب: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) دار النشر: دار المعارف، الرياض - الممكلة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1412 هـ / 1992 م عدد الأجزاء: 14   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة ناصر الدين الألباني الكتاب: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) دار النشر: دار المعارف، الرياض - الممكلة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1412 هـ / 1992 م عدد الأجزاء: 14   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ـ[سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة]ـ المؤلف: محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني دار النشر: مكتبة المعارف البلد: الرياض - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1412 هـ / 1992 م عدد الأجزاء: 14 مجلد (علمًا بأن كل مجلد قد ينقسم لأكثر من قسم، فمثلاً المجلد الأخير 14 ينقسم إلى: القسم الأول، والقسم الثاني، والقسم الثالث، وقد طبع كل قسم منهم في مجلد مستقل، فيصبح المجلد 14 وحده 3 مجلدات! وهكذا) . التصنيف: حديث - أحاديث ضعيفة وموضوعة   ترقيم الكتاب موافق للمطبوع كما يمكن الانتقال برقم الجزء والصفحة، أو برقم الحديث [أعد الكتاب للموسوعة الشاملة مجموعة متطوعين من ملتقى أهل الحديث: http://www.ahlalhdeeth.com] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 مقدمة المؤلف لهذه الطبعة الجديدة : الحمد لله رب العالمين، والصلوات الطيِّبات على سيد المرسلين، وعلى أصحابه الغرِّ الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد؛ فهذه هي الطبعة الجديدة للمجلَّد الأول من كتابي "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " نقدمها اليوم إلى القراء الكرام، المتتبِّعين بشغَفٍ زائد في كل بلاد الِإسلام؛ لمؤلَّفاتي التي كتب الله تعالى لها القبول التام، بين الأنام، المخلصين منهم في كل مكان، رغم أنف كل حاسد أو حاقد مطعان. " ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وعَلَى النَّاس ولكنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرونَ ". " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ [فَبِذَلِكَ] (*) فَلْيَفْرَحُوا [هُوَ] (*) خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون ". وإن من هذا الفضل الِإلهيِّ أنه تعالى وفَّقني لِإخراج هذه الطبعة متميزة عن سابقاتها بزيادة فوائد عديدة؛ حديثية وفقهية، وبإضافة مصادر جديدة لبعض الأحاديث والتراجم، يعود الفضل فيها- بعد الله تبارك وتعالى- لبعض إخواننا المكيِّين وغيرهم، جزاهم الله تعالى خيراً. ولما كان من طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها العجز العلمي   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] (*) سقطت من المطبوع أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 المشار إليه في قوله تعالى: "وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِن عِلْمِهِ إِلّاَ بِما شَاءَ"؛ كانَ بدهيّا جدّاً أن لا يجمُدَ الباحث عند رأي أو اجتهاد له قديم، إذا ما بدا له أن الصواب في غيره من جديد، ولذلك نجد في كتب العلماء أقوالًا متعارضة عن الِإمام الواحد؛ في الحديث وتراجم رواته، وفي الفقه، وبخاصة عن الِإمام أحمد، وقد تميز في ذلك الِإمام الشافعي بما اشتهر عنه أن له مذهبين: قديم وحديث. وعليه؟ فلا يستغربنَّ القارئ الكريم تراجعي عن بعض الآراء والأحكام التي يُرى بعضها في هذا المجلد تحت الحديث (65) عند الكلام على حديث: " لا تذبحوا إلا مسنة "، وغير ذلك من الأمثلة؛ فإن لنا في ذلك بالسلف أسوة حسنة. وإن مما يساعد على ذلك فوق ما ذكرت من العجز البشري- أننا نقف ما بين آونة وأخرى على مطبوعات جديدة. كانت أصولها في عالم المخطوطات أو المصورات، بعيدة عن متناول أيدي الباحثين والمحققين، إلا ما شاء الله منها لمن شاء، فيساعد ذلك مَن كان مهتماً بالوقوف على هذه المطبوعات والاستفادة منها على التحقيق أكثر من ذي قبل. ولهذا وذاك هو السر في بروز كثير من التصحيحات والتعديلات على بعض ما يطبع من مؤلفاتي الجديدة، أو ما يعاد طبعه منها. كهذا المجلد الذي بين يديك، وينتقدني لذلك بعض الجهلة الأغرار، كذلك السقاف هداه الله. ومن الشواهد على ذلك ما تفضل الله به علي، ووفقني إليه، أنني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 رفعت من هذا المجلد إلى "الأحاديث الصحيحة" حديثين اثنين: أحدهما: الذي كان في الطبعات السابقة مقروناً برقم (176) بلفظ: " كل بناء وبال على صاحبه ... ". فرفعته إلى "الصحيحة" (2830) ، والسبب في ذلك أنني كنت قلت في راويه أبي طلحة الأسدي: " لم يوثقه أحد ... ". وذلك ثقة مني بالحافظ ابن حجر؛ فإنه لم يحك توثيقه عن أحد، ولقوله عنه في "التقريب ": "مقبول "! فكتب أحد إخواني المكلَّفين بالنظر في الكتاب لِإعداده لهذه الطبعة: أن الهيثمي قد أورده في كتابه: "ترتيب ثقات ابن حبان "، فرجعت إلى أصله: " الثقات "، فوجدته فيه، وتابعت البحث والتحقيق، فتبيَّن لي أنه صدوق، وأن الحافظ كان في قوله المذكور غير مصيب. كما فصلت ذلك في المجلد السادس من "الصحيحة"، يسر الله لنا طبعه بمنه وكرمه، كما يسر لنا طبع الخامس منه، وهو وشيك الصدور إن شاء الله تعالى. والحديث الآخر (316) : "إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع في الآخرة". استبدلته بغيره. كما سيأتي لأنني تذكرت أنني كنت خرجته فيما بعد في "الصحيحة" (343) من طرق كما كنت نبهت هناك. وقد يقع مثله في غير هذين الحديثين، كما يمكن أن يقع عكس ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 تماماً، فرحم الله عبداً دلَّني على خطئي، وأهدى إليَّ عيوبي. فإن من السهل على- بإذنه تعالى وتوفيقه- أن أتراجع عن خطأ تبيَّن لي وجهه، وكتبي التي تطبع لأول مرة، وما يُجَدَّد طبعُه منها أكبرُ شاهد على ذلك، ولا نذهب بالقراء بعيداً، فبالإِضافة إلى ما سبق بيانه حول الحديثين المذكورين آنفاً فقد تراجعت عن قولي في (كنانة) راوي حديث التسبيح بالحصى: "مجهول الحال " إلى أنه صدوق أيضاً؛ كما سيرى القراء تحت الحديث (83) : "نعم المذكر السُبحة ... "، مع التنبيه أن حديثه بقي على ضعفه السابق؛ لتفرد راوٍ آخر به، وهو ضعيف، ورددت هناك على المصري الجاهل الذي انتصر للشيخ الحبشي في رسالة ذهب فيها إلى سنِّية التسبيح بالسبحة! وبهذه المناسبة أقول: إني أنصح كل من أراد أن يرد عليَّ- أو على غيري- ويبيًن لي ما يكون قد زلَّ بهِ قلمي، أو اشتط عن الصواب فكري، أن يكون رائده من الرد النصح والإِرشاد، والتواصي بالحق، وليس البغضاء والحسد، فإنها المستأصلة للدِّين. كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد، والبغضاء هي الحالقة، ليس حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ". كما هو شأن ذوي الأهواء والبدع مع أهل الحديث وأنصار السنة في كل زمان ومكان، وكما فعل معي بالذات كثير منهم- ولا يزالون مع الأسف- كالأعظمي، والغماري، ومَن نحا نحوهم من المتعصبة الجهلة! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 كذاك السقاف، وقد انبرى له أخونا الحلبي بـ " الأنوار الكاشفة"، فلتراجع. وإن من المؤسف حقاً أن تسري عدوى هؤلاء المبتدعة إلى بعض مَن يُظَنُّ أنه من أهل السنة؛ لِإقامته بين ظهرانيهم، فيضع يده في يدهم، ويرفع صوته مع أصواتهم في الرد على من ينصر السنة ويتبعها، وينكرا البدعة ويحاربها، وهو الشيخ إسماعيل الأنصاري، الباحث في دار الِإفتاء في الرياض، فإن هذا الرجل يبدو أنه لشدة ما يضمر في قلبه من البغض والحقد أن السنة لا تجمعه معنا؛ لأنه من غير المعقول أن يفتري السني على أحد من أعداء السنة، فكيف يعقل أن يفتري على من كان مشهوراً بين أهل السنة بأنه من أهلها، ومُحارَباً أشد المحاربة من أعدائها؟! فقد سبق لهذا الرجل أن كتب ضدي في مسألة الذهب المحلق، وركعات التراويح، ولم يلتزم في ذلك المنهج العلمي، بل إنه بثَّ في أثنائهِ كثيراً من إفكه وجدله بالباطل، كما كنت كشفت عنه في ردي عليه في مقدمة "آداب الزفاف " طبع المكتبة الِإسلامية في عمان (1) ، ومقدمة رسالتي " قيام رمضان " بما كنت أظن أنه يكون رادعاً له أن يعود إلى ذلك مرة أخرى، فإذا به يفجأ الناس برسالة صغيرة أسماها "الانتصار لشيخ الِإسلام محمد بن عبد الوهاب بالرد على مجانبة الألباني فيه الصواب "، يتهمني فيها بتهمة جديدة، ويزعم (ص 7 و 25) أنني شنعت على الشيخ رحمه الله وانتهكت   (1) هذه الطبعة هي الشرعية، وأما طبعة المكتب الِإسلامي الجديدة؛ فهي غير شرعية. لأنها مسروقة عن الأولى، وحق الطبع للمؤلف يعطيه من يشاء، ويمنعه مَن لا يتقي الله، ويتلاعب بحقوق العباد، كما أن في هذه الطبعة المسروقة تصرفاً بزيادة ونقص، والله المستعان، وإليه المشتكى من فساد أهل هذا الزمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 حرمته! كما يتهمني (ص 15) أنني نسبت الشيخ إلى التساهل من ناحية العقيدة، وذلك كلُّه بَهْت وافتراءٌ. عامله الله بما يستحق. وليس غرضي في لهذه المقدمة الرد عليه في هاتين الفريتين، فقد كفاني في ذلك الأخ الفاضل علي حسن عبد الحميد الحلبي في رسالته القيمة في التعقيب على رسالة الأنصاري المذكورة، وبيان ما فيها من الأخطاء الكثيرة، وهي مطبوعة، فليرجع إليها من شاء الوقوف على الحقيقة، فإنه سيرى مع ذلك الفرق الشاسع بين رد الأنصاري وتهجمه علي، ورد صاحبنا عليه، وتأدبه معه تأدباً لا يستحقه الأنصاري لبغيه واعتداءاته المتكررة. وإنما غرضي هنا أن أرد عليه انتصاره للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. الذي جعل من آداب المشي إلى المسجد أن يقول: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا ... " إلخ الدعاء المعروف في الحديث الآتي بيان ضعفه، والكشف عن علله برقم (24) ، فانتصب الشيخ الأنصاري- هداه الله- لتمشية احتجاج الشيخ محمد بن عبد الوهاب به بتقوية الحديث، والرد علي لتضعيفي إياه بأسلوب يتبين لكل ذي لب أنه لم يكن فيه باغياً للحق، وإنما الانتصار للشخص، والتشفي ممن يحسده ويحقد عليه! وأنا ذاكر هنا بإيجاز ما اعتمد عليه في ذلك مع الكر عليه بإبطاله، فأقول: أولاً: قال (ص 9) : "رواية الأجلاء من حفاظ الحديث دون تنبيه على علتيه ... ". ثم سوَّد خمس صفحات (9- 14) في تخريج الحديث دون فائدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 تذكر؛ لأنهم جميعاً أخرجوه من الطريق المعلول! ثم أعاد كلامه هذا في الصفحة (15) ! وهو يعني بذلك أن سكوت هؤلاء الأجلاء قدوة حسنة للشيخ محمد ابن عبد الوهاب في سكوته عن الحديث! وليس يخفى على كل ناشئ في هذا العلم أن هذا من أبطل الباطل. لأن لازِمَه أن أئمة الحديث كأصحاب السنن والمسانيد وغيرها إذا ساقوا الأحاديث بأسانيدهم ساكتين عنها أنه لا علة فيها! فهل يقول بهذا من رزقه الله ذرة من العلم، أو الخشية من الله " أَمْ عَلى قُلوبٍ أقْفالُها"؟ وأهل العلم يعلمون أن المحدِّثين إذا ساقوا الأحاديث بأسانيدها فقد برئت ذمتهم، ورُفعت المسؤولية عنهم، ولو كان فيها أحاديث ضعيفة؛ بل موضوعة، وليس كذلك من ساق الحديث دون إسناده، فعليه أن يبين حاله مقابل حذفه لِإسناده، وبخاصة إذا ساقه محتجاً به، ولو ذكر من أخرجه كما يفعل بعض الفقهاء المتأخرين، فأين هذا من صنيع المحدثين؛ الناصحين للأمة بروايتهم الأحاديث بأسانيدها التي تكشف عن مراتبها؟! ثانياً: قال (ص 17) : "تقوية بعض روايات الحديث، والجواب عن إعلاله بعطية وفضيل ". وخلاصة جوابه يعود إلى أمرين: الأول: تقوية حال عطية! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 والآخر: تحسين الحافظ وغيره للحديث! 1- وجوابي عن الأول: أنه اعتمد في ذلك على قول الحافظ في " تخريج أحاديث الأذكار": "ضَعْفُ عطية إنما جاء مِن قِبَل التشيع، ومِن قِبَل التدليس، وهو في نفسه صدوق، وقد أخرج له ... "، وذكر بعض أصحاب السنن وغيرهم (1) . وقد تعامى الأنصاري عن حقيقتين علميتين هامتين. كما فعل قبله الكوثري وغيره من المتعصبة وأهل الأهواء؛ كما سيأتي في الكتاب: الحقيقة الأولى: تضعيف، الجمهور لعطية من المتقدمين والمتأخرين، بل وإجماع المتأخرين منهم على ذلك. كالنووي، وابن تيمية، وغيرهم مما هو مذكور في رسالتي "التوسل " (ص 94) ، ونقل إجماعهم على ذلك أعلم الناس بالتراجم، وهو الحافظ الذهبي في "المغني " (2) ، ومنهم الحافظ ابن حجر نفسه في كتابه المختص في رجال الستة "التقريب "، فقال فيه: "صدوق، يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلساً". وأما أقوال المتقدمين منهم فتجدها مفصلة في رسالة أخينا الحلبي، (ص 35- 43) ، ولا بأس من سرد أسمائهم؛ ليتجلى للقارئ الهوة السحيقة التي هوى فيها الشيخ الأنصاري على منخره تشفياً من الألباني!   (1) ونقله الزبيدي بمعناه في "شرح الِإحياء" (5/89) ! (2) وسبقه إلى ذلك شيخه ابن تيمية، فقال في رسالته في التوسل: "وهو ضعيف بإجماع أهل العلم ". انظر: "مجموع الفتاوى" (1/ 288) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 " وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ "، وهاهي الأسماء: 1- سفيان الثوري 2- هُشيم 3- أحمد بن حنبل 4- ابن معين 5- البخاري 6- أبو داود 7- النسائي 8- أبو حاتم. 9- أبو زرعة. 10- ابن حبان. 11- الساجي. 12- الدارقطني. 13- الحاكم. 14- البيهقي. 15- ابن حزم. ومن أسماء الأئمة المتأخرين: 1- ابن الجوزي 2- النووي 3- ابن تيمية. 4- ابن قيم الجوزية 5- الزيلعي 6- ابن عبد الهادي. 7- الذهبي. 8- الهيثمي. 9- ابن حجر نفسُه! 10- البوصيري. 11- محمد بن عبد الوهاب نفسُه! وغير هؤلاء كثير، لو توسعنا في الاستقصاء لجاوز عددهم الثلاثين. لقد سَمَحَتْ- إن لم نقل: سوََّلَتْ- للأنصاري نفسُه ... أن يخالفهم في سبيل الطعن والتشهير بالألباني الذي اعتصم بحبلهم، مستغلاً في ذلك زلةً لأحدهم، وقولاً للآخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 أما الزلة. فهي قول ابن حجر المتقدم: إن ضعف عطية جاء من قبل تشيعه وتدليسه! وهذا مردود لمخالفته لأقوال أولئك الأئمة، بل ولقوله هو نفسه الذي هو خلاصة أقوالهم في عطية، ففد قال في "التقريب ": "صدوق، يخطئ كثيراً، كان شيعيّاً مدلساً". فقد أضاف إلى الصفتين السابقتين والمذكورتين هنا أيضاً صفة ثالثة، هي أنه "يخطئ كثيراً". ونحو قوله في "طبقات المدلسين ": "ضعيف الحفظ "! وهذا الوصف يعني أن حديث عطية يلازمه الضعف، ولو فرض أنه لم يدلس. لسوء حفظه. ولهذا ينافي تحسين حديثه؛ كما فعل الحافظ سامحَهُ الله رداً على النووي رحمَهُ الله، ولما كان هوى الأنصاري في هذا التحسين للرد على الألباني تشبث به، وأعرض عن هذه الحقيقة، وتجاهلها، فعليه وزره ووزر من قد يغتر به " وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ". وأما القول الآخر الذي استغله الأنصاري استغلالًا غير شريف؛ فهو ما ذكره (ص 21) عن ابن معين أنه قال: "عطية العوفي ليس به بأس، قيل: يحتج به؟ قال: ليس به بأس ". قلت: فاصرار ابن معين على قوله: "ليس به بأس "، وامتناعه من القول بأنه يحتج به، أقرب إلى أنه ضعيف لا يحتج به عنده، من كونه ثقة لديه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وعلى فرض أنه يعنىِ أنه ثقة. كما زعم الأنصاري، فهو معارض بتضعيف أحمد وغيره من الأئمة الذين تقدمت أسماؤهم، كما أنه يعارض الحقيقة التالية التي خالفها الأنصاري، وهي: الحقيقة الأخرى: أنه من الثابت في علم الحديث أن الجرح - وبخاصة إذا كان مفسراً- مقدم على التعديل، وجرح عطية هنا مفسَّر بشيئين: الأول: سوء الحفظ. والآخر: التدليس. أما الأول. فلم يُعرج عليه الشيخ الأنصاري. لأنه يعلم أنه لا سبيل له إلى الجواب عنه، ولو بالتكلف كما هي عادته، فرأى تبعاً للهوى أن يكتم ذلك! من باب- كما يقول بعضهم-: " الهرب نصف الشجاعة "! وأما الآخر؛ فقد أجاب الأنصاري مقلداً لابن حجر، وهو أن عطية صرح في بعض الروايات بالتحديث بقوله: "حدثني أبو سعيد"، فأُمِن بذلك تدليسه (1) . فأقول: عفا الله عن الحافظ، فلقد نسي أن تدليس عطية ليس من النوع الذي ينفع فيه تصريحه بالتحديث، بل هو من النوع الذي يسمى   (1) ليتأمل القارئ كيف تشبث الأنصاري هنا بتصريح عطية بالتحديث، مع أن ذلك لا يفيده؛ لما يأتي، وكيف تكلف في رد تحديث يحيى بن أبي كثير الثقة في حديث بنت هبيرة الصحيح، ومع ذلك أعله الأنصاري بالانقطاع! ولم يعتدَّ بتصريحه بالتحديث؛ كما بينته في ردي عليه في مقدمة الطبعة الجديدة لـ " آداب الزفاف "، طبع المكتبة الِإسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 بتدليس الشيوخ المحرم لخبثه؛ لأنه يسمي شيخه أو يكنيه بغير اسمه أو كنيته تعمية لحاله، كما كنت بينته في "التوسل " (ص 94- 95) ، فقد كان عطية إذا روى عن الكلبي الكذاب كناه بأبي سعيد، يوهم أنه أبو سعيد الخدري! ولهذا لمَا ذكره الحافظ في رسالته في المدلسين؛ قال: "مشهور بالتدليس القبيح " (1) . يشير إلى هذا النوع المحرم، ومنه تعلم أن تدليسه لا يزال قائماً، ولو ثبت عنه أنه قال: "حدثني أبو سعيد"، فهل كان الأنصاري جاهلًا بهذا أم متجاهلًا؟! أحلاهما مر! ولقد كان الشيخ الكوثري- على ضلاله وتعصبه المعروف- خيراً من الشيخ الأنصاري من جهة أنه تنبه لكون تدليس عطية من هذا النوع الذي لا يفيد فيه التصريح بالتحديث، ولكنه حاول الإِجابة عنه بجواب آخر. إلا أنه رجع بخفي حنين كما سترى في الكتاب إن شاء الله تعالى. وبهذا ينتهي الجواب عن تقوية الأنصاري لعطية التي بنى عليها تحسين حديثه في التوسل. وخلاصته أنه اتَّكأ في ذلك على بعض الأقوال الشاذة عن أقوال   (1) ولم ينتبه لهذا أخونا الفاضل بدر بن عبد الله البدر في تعليقه على، الدعوات الكبير" (ص 32/46) في حديث آخر لعطية، فقال: "لم يصرح بالسماع من أبي سعيد الخدري ". مع أنه في حديثنا لهذا أحال- جزاه الله خيراً- في استيفاء الكلام عليه إلى هذه السلسلة فيما يأتي (24) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 الجمهرة من العلماء المُجْمِعة على ضعف عطية، وفسر تدليس عطية بغير ما فسروه، مستغلاً في ذلك وهماً للحافظ، معرضاً عن أقواله الأخرى الموافقة للحق الذي عليه سائر العلماء، كل ذلك ارتكبه الأنصاري انطلاقاً منه من القاعدة التي يتكئ عليها أهل الأهواء، وهي: " الغاية تسوغ الوسيلة "! وغايته الطعن في الألباني، والتشهير به، والتظاهر بأنه ينتصر للشيخ محمد بن عبد الوهاب، تقرباً منه إلى الذين يعيش بين ظهرانيهم، وليس مرضاة لله تعالى، تماماً كما فعل صاحبه من قبل الشيخ أبو غدة من باب ما يقال: وأرضهم ما دمت في أرضهم! وإن أعجب ما في لهذا التظاهر مخالفته للشيخ محمد نفسه، فقد سبق مني أن ذكرت الشيخ في جملة المضعفين لعطية، وذلك بناء على ما نقله الأنصاري نفسه عنه في حاشية "انتصاره " (ص 15) أنه قال الشيخ في "تلخيص تلخيص كتاب الاستغاثة" بعد أن خرج الحديث: "في إسناده عطية العوفي، وفيه ضعف "! قلت: وهذه الجملة هي التي كنا نريدها من الشيخ محمد رحمه الله، وهي وحدها تقضي على "انتصار الأنصاري "، وتجعله هباء منثوراً، ويصدق عليه عموم قوله تعالى: " بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ! فإنها تستلزم- كما هو ظاهر- الحكم على الحديث بالضعف الذي يجهد الأنصاري نفسه عبثاً لرده! " وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ". وأنا أظن أن جملة الشيخ لها تتمة، لم يذكرها الأنصاري عمداً؛ كما هي عادته في كتمان ما كان حجة عليه؛ لأنها أصرح في التضعيف، ولما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 لم يكن كتاب الشيخ في متناول يدي، فقد رجعت إلى أصله، وهو "تلخيص كتاب الاستغاثة" لشيخ الِإسلام ابن تيمية، فوجدت فيه ما ظننت، فقال فيه (ص 42) بعد أن خرج الحديث أيضاً: "في إسناده عطية العوفي، وفيه ضعف، فإن كان هذا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو من هذا الباب ... " إلخ. يعني التوسل الجائز؛ لأنه سؤال بأفعاله تعالى؛ قال: " لأن فيه السؤال لله بحق السائلين، وبحق الماشين في طاعته، وحق السائلين أن يجيبهم، وحق الماشين أن يثيبهم ... " إلخ. فقول شيخ الِإسلام ابن تيمية: "فإن كان لهذا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " صريح في أن الحديث عنده ضعيف، فعدم ذكر الأنصاري لها يدل كل من وقف على لهذه الحقيقة أنه ليس أميناً في النقل، ولا سيما إذا علم أنه نقل (ص 28) عن ابن تيمية تمام كلامه المذكور مبتدئاً بقوله: "إن فيه السؤال لله بحق السائلين ... " إلخ. كما نقله قبيل ذلك عن محمد بن عبد الوهاب من كتابه "تلخيص تلخيص كتاب الاستغاثة" مبتدئاً من قوله: "حق السائلين أن يجبيهم ... "! فحذف منهما عبارة ابن تيمية الأولى: "فإن كان لهذا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " المصرحة بتضعيفهما للحديث! فهل يستطيع أحد بعد هذا أن يزعم أن كتمانه لهذا النص كان عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 حسن نية منه، بل هل يستطيع أحد أن يدعي أن تأليفه للرسالة من أصلها لم يكن عن سوء نية، وسواد طوية، بعدما تقدم من البينات على ذلك، وبخاصة بعد أن نقل هو نفسه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب تضعيفه لعطية كما تقدم؟! لا أعتقد أن أحداً يستطيع ذلك، ولو كان من المبالغين في إحسان الظن بالناس، كذاك الصوفي الذي زعموا إنه رآه بعضهم يبكي في الطريق، فلما سئل؟ قال مشيراً إلى رجل وامرأة يتسافدان على جانب الطريق: أبكي شفقة على لهذين الزوجين (!) إذ لم يجدا بيتاً يستتران فيه لقضاء حاجتهما!! ثالثاً وأخيراً: وهو الأمر الآخر الذي سبقت الِإشارة إليه في قوله: "تقوية بعض روايات الحديث ... ". فقال (ص 23) : "تحسين بعض الحفاظ حديث: ( ... اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك) ". ثم نقل تحسينه عن الحافظ العراقي،- وأبي الحسن المقدسي- شيخ المنذري-، والدمياطي. والجواب من وجوه: الأول: قد سبق آنفاً تحقيق أن عطية الذي في لهذا الحديث الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 حسنه الثلاثة المذكورون ضعيف عند جماهير العلماء لسوء حفظه، وتدليسه القبيح المحرم، فكيف يجوز تحسين الحديث مع وجود هاتين العلتين فيه؟! وما أحسن ما قيل: وهَلْ يَسْتَقِيمُ الظِّلُّ والعُودُ أعْوَجُ؟! وثمّة علةٌ أخرى تؤكد سوء حفظه، فاتني التنبيهُ عليها فيما سبق، وهي اضطرابُه في سنده، فهو تارة يرفعه، وتارة يوقفه؛ كما كنت بينته في الكتاب، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأزيد هنا فأقول: وأخرى الشك، فيقول: "أراه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "؟ كما في رواية ابن ضريس، إحدى روايتي ابن خزيمة، اللتين ذكرهما عنه الأنصاري (ص 11) ، لكن وقع عنده: "رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ دون قوله: "أراه "، عزاه إلى (ص 41 - 42) من "كتاب التوحيد" لابن خزيمة، ولا أدري أي طبعة منه أراد الأنصاري، فإنه في (ص 12) من الطبعة المنيرية التي عندي، والرواية فيها بالشك كما ذكرت، وهو الذي يقتضيه سياق كلام ابن خزيمة، فلا أدري أسقط ذلك من نسخة الأنصاري، أم هو أسقطها لغاية في نفسه؟! ولا أستبعد صدور ذلك منه، بعد كل ما فعل مما سبق بيانه ويأتي! وإن ممّا لا يخفى على كل بصير بهذا العلم الشريف أنَّ تلون الراوي في رواية الحديث، فهو يرفعه تارة، ويوقفه تارة، ويشك في رفعه أخرى؛ إنما هو دليل طاهر على ضعفه وعدم ضبطه، حتى ولو لم يكن ضعيفاً كعطية هذا، وكما كابر الأنصاري في ضعفه- كما سبق- فكذلك كابر في تعاميه عن هذه العلة التي كان وقف عليها في الكتاب، فحاد عن الجواب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 عنها! بل إنه أوهم القراء انتفاءها بحكايته عن أبي حاتم ترجيح رواية الوقف! فعقب عليها بقوله (ص 10 و18- 19) : "إن ترجيح أبي حاتم الوقف غير مؤثر. لأنه في حكم الرفع "! وأقول: لو أن الأنصاري على معرفةٍ بهذا العلم الشريف، وعنده شيء من الجرأة الأدبية لرد لهذا الترجيح بحجة قوية، وهي أن الذين رفعوا الحديث عن عطية أكثر من الذين أوقفوه، وهم كما في الروايات التي خرَّجها في رسالته (ص 9-18) : 1- يزيد بن هارون. أحمد. 2- سليم بن حيان. ابن خزيمة. 3- محمد بن سعيد بن يزيد التستري. ابن ماجه. 4- عبد الله بن صالح العجلي. الطبراني. 5- يحيى بن أبي بكير. البيهقي. وخالفهم وكيع بن الجراح، وأبو نعيم. ولكني أقول: إن هذا الترجيح إنما يتماشى مع زعم الأنصاري أن عطية حسن الحديث لا بأس به، ولكنه ساقط عندي، بل إن اختلاف هؤلاء الثقات عليه رفعاً ووقفاً من الأدلة على ضعفه، وأنه هو الذي اضطرب في ذلك، وكان بودِّي أن أقول: إن الذي اختلف عليه هو فضيل بن مرزوق الذي عليه دار الخلاف، ولكني أرى أن عطية أولى بالحمل عليه في ذلك؛ لأنه أشدُّ ضعفاً منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وعلى كل حال. فسواء كان لهذا الاضطراب من هذا أو ذاك. فهو علة أخرى تؤكد ضعف الحديث، وخطأ الذين حسنوه، واستغلال الأنصاري إياه! وأريد أن أستدرك هنا شيئاً تنبهت له هذه الساعة، وهي أن لعطية ثلاثة أولاد: عمرو، وعبد الله، والحسين، وكلهم ضعفاء، وقد تكلم عليهم الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه "شرح علل الترمذي " (2/791 - 792) ، وبين ضعفهم كأبيهم، فدل ذلك مما يلقي في النفس أنهم أهل بيت ورثوا الضعف عن أبيهم فرداً فرداً، ويؤيده أن عمرو بن عطية، قد روى هذا الحديث أيضاً عن أبيه بلفظ آخر أوله: "كان - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا قضى صلاته: اللهم بحق السائلين عليك، فإن للسائل عليك حقاً ... " الحديث. وهذا كما ترى مخالف للفظ فضيل بن مرزوق عن عطية، حيث قال "من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين ... ". ولذلك؛ فيمكن اعتبار هذه الرواية علة أخرى في الحديث، وهي اضطراب عطية في لفظه إن كان ابنه عمرو قد حفظه عنه، كما اضطرب في سنده، فتارة رفعه، وأخرى أوقفه، وإن كان أبو حاتم رجح الوقف كما سبق مع بيان ما فيه، وسيأتي تخريج حديث عمرو بن عطية، ولفظه في آخر المجلد الثاني عشر من هذه السلسلة برقم (5986) ، إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 الوجه الثاني: المعارضة بتضعيف، من ضعف الحديث، وهم أقدم وأشهر وأكثر: 1- المنذري، مخالفاً في ذلك لشيخه أبي الحسن المقدسي الذي اعتمد عليه الأنصاري من بين الثلاثة المتقدمين آنفاً! 2- النووي، الذي رد عليه ابن حجر تضعيفه، وهو المضعف! 3- ابن تيمية، الذي نقل الأنصاري عنه تضعيفه لعطية دون أن ينقل تضعيفه للحديث نفسه! 4- البوصيري، الذي نقل عنه الأنصاري تضعيفه إياه؛ دون أن يعتبر به! 5- محمد بن عبد الوهاب، الذي نقل عنه الأنصاري تضعيفه لعطية، ولم ينقل عنه تضعيفه للحديث أيضاً، وإن كان التضعيف الأول كافياً. 6- صديق حسن خان. ويمكن أن نُلحِقَ بهم سابعاً وثامناً، وهما: 7- النسائي. 8- ابن القيم. أما النسائي؛ فلعدم ذكره إياه في كتابه "عمل اليوم والليلة"؛ خلافاً لتلميذه ابن السني الذي أورده في كتابه كما نقله الأنصاري (ص 25) ، وكتاب النسائي أنظف بكثير من كتاب تلميذه، فلولا أنه يعلم أنه ضعيف؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 لكان أورده فيه إن شاء الله تعالى. وأما ابن القيم. فكذلك لم يذكره في كتابه " الوابل الصيب " المطبوع عدة طبعات، منها التي علق عليها الشيخ الأنصاري، وهو في ذلك تابع لشيخه ابن تيمية، فإنه لم يورده أيضاً في كتابه " الكلم الطيب " مع تصريحه المتقدم بضعفه، ومعلوم لدى العلماء أن ابن القيم قلما يخالف شيخه في آرائه واجتهاداته. وإن من شغب الشيخ الأنصاري قوله عقب التحسين المتقدم عن الثلاثة: " فماذا يقول الألباني فيهم، وقد سلكوا في ذلك مسلك التقوية، لا شك أنه سيقول فيهم أشد وأشنع مما قاله في محمد بن عبد الوهاب ". فلينظر القارئ الكريم إلى خباثة هذا الرجل، الذي يكاد قلبه يقطر دماً حسداً وحقداً، إنه يسأل ماكراً، ويجيب من عند نفسه باغياً، وهو يقرأ: "إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بالسّوء ... "، أم هو من مشايخ أهل الكشف، الذين يزعمون أنهم يطلعون على ما في صدور الناس، ويكشفون أسرار قلوبهم؛ كفراً بمثل قوله تعالى: "إِنَّ اللهَ عَليمٌ بِما في الصُّدُورِ"؟! أما جوابي أنا الذي أدين الله به: فهو أنني لم أشنع على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ولن أقول فيه ولا في غيره من العلماء إلا ما قال الله: "وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فاسْتَبِقُوا الخَيْراتِ "، مَن اجتهد منهم فأصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد. ولكن ماذا تقول أنت أيها المنتسب إلى الأنصار في الِإجماع الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 نقله شيخ الِإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي على ضعف عطية الذي تفرَّد بهذا الحديث كما تقدم (ص 10) ، وفي اتفاق أولئك الأئمة الستة أو الثمانية - وفيهم محمد بن عبد الوهاب نفسه- على ضعف حديثه هذا؟ لن أتخرص تخرصك السابق، و" أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين "، ولكنْ لا بُدَّ لك من أن تقول: أصابوا أو أخطؤوا، فإن قلت بالأول سقطت رسالتك- إن كانت لم تسقط بعد بما تقدم! - كما سقط انتصارك المزعوم، وإن قلت بالآخر، فهل يخطئ الإِجماع؟! فإن قلت: لا. ظهر تناقضك وتهافتك، وإن قلت: نعم؛ حُق فيكَ قول ربِّ العالمين: " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " عياذاً بالله تعالى. ثم إن الشيخ الأنصاري- هداه الله- لم يكتف بما سبق الكشف عنه من تهجماته وتخرصاته، حتى ختم رسالته بفرية أخرى، أو تجاهل آخر - على الأقل-، وهو زعمه (ص 27) أنني لم أطلع على ماَ فسر به الِإمام محمد بن عبد الوهاب جملة: "بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا"! قلت: التفسير المشار إليه معروف لدي والحمد لله، والشيخ يعلم ذلك جيداً؟ لأنه قرأه في آخر الكلام على هذا الحديث في هذه السلسلة كما سيأتي في صدد الرد على بعض المبتدعين المستدلين به على التوسل المبتدع، فقد قلت هناك: "إن حق السائلين على الله تعالى هو أن يجيب دعاءهم، فلو صح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 هذا الحديث وما في معناه؛ فليس فيه توسلٌ ما بمخلوقٍ، بل هو توسًّل إليه بصفة من صفاته، وهي الِإجابة ... " إلخ. ونحوه في رسالتي "التوسل أنواعه وأحكامه " (ص 100) ، وما أظن الشيخ إلا وقد اطلع عليه، لا أقول للاستفادة منه، فهو الغني عن ذلك! ولكن لتتبع العثرات! ولا بأس من أن أختم كلامي هنا بالدعاء المأثور في بعض الأحاديث: "اللهم إني أعوذ بك من خليل ماكر، عينه تراني، وقلبه يرعاني (أي: يتجسس علي) ، إن رأى حسنة دفنها، وإن رأى سيئة أذاعها ". وسيأتي تخريجه والكلام على إسناده في المجلد السادس من هذه السلسلة برقم (2913) إن شاء الله تعالى. وبعد كتابة ما تقدم ذكَّرني أحد الِإخوان برسالة لصاحبنا الشيخ حماد الأنصاري حفظه الله سماها: "تحفة القاري في الرد على الغماري "، فيها الرد عليه تحسينه لهذا الحديث- كالشيخ إسماعيل تماماً- وهو ابن عم الشيخ حماد، فتساءلنا: لماذا خصَّ الشيخُ إسماعيلُ برده الألبانيَّ دون ابنِ عمه، وهما متفقان في مخالفته في تحسينه الذي وافق فيه الشيخَ الغماريَّ المشهور بابتداعه وإتباعه لهواه! وكذلك لم يُشْرِك في رَدَه الشيخَ شعيباً الأرناؤوط مع أنه معنا في التضعيف، في تعليقه على "شرح الطحاويَّة" (1/ 295- 296) ؟! أليس في ذلك ما يؤكِّد للقراء أن رد الشيخ ليس للنصح والِإرشاد، وإنما للتشفِّي من الألباني والتشهير به. حسداً وحقداً عليه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 ومحاباة لابن عمه؟! " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّاب ". وبهذه المناسبة أسوق هنا للشيخ الأنصاري القصة التالية عبرة له وتذكيراً بما كان عليه السلف من الأنصار، لعلهم يكونون لمن خلف من بعدهم قدوة حسنة يحتذى بهم في سلامة القلب، وحسن الخلق. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا جلوساً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يطلعُ عليكُم الآنَ رجلٌ من أهلِ الجنةِ". فطلعَ رجلٌ من الأنصارِ تنطفُ لحيتُه من وَضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال. فلما كان الغد؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، فطلع الرجل مثل المرَّة الأولى. فلما كان اليوم الثالث؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى. فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمتُ أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي (وفي رواية: حتى تحل يميني) . فعلت؟ قال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئاً؟ غير أنه إذا تعارَّ، وتقلب على فراشه، ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، [فيسبغ الوضوء] . قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً. فلما مضت الثلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله. قلت: يا عبد الله! إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثَمّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرار: "يطلعُ عليكم الآنَ رجلٌ من أهلِ الجنةِ". فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك؟ فأقتدي بك، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما هو إلا ما رأيتَ! [فانصرفت عنه] . قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير إني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، (وفي رواية: غلًا) ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق. أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (241/694) ، والروايتان مع الزيادتين له، وعبد الرزاق في " المصنف " (11/287/20559) ، وعنه أحمد (3/166) والسياق له. وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ كما قال المنذري، ورواه غيرهم كما في "الترغيب " (4/13) . وقد قال ابن تيمية- رحمه الله- عقب الحديث في "الفتاوى" (10/ 119) : "فقول عبد الله بن عمرو له: "هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق " يشير إلى خلوِّه وسلامته من جميع أنواع الحسد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار، ففال: " وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ". أي: مما أوتي إخوانهم المهاجرون، قال المفسرون: "لَا يَجِدُونَ في صُدورِهِمْ حَاجَةً "؛ أي: حسداً وغيظاً مما أوتي المهاجرون ". فهلا اقتديت بهم أيها الأنصاري؟! وفي ختام هذه المقدمة لا بد لي من كلمة أوجهها إلى كل مخلص من قرائنا، حبيباً كانَ أم بغيضاً، فأقول: كَثيراً ما يسألني بعضهم عن سبب الشدة التي تبدو أحياناً في بعض كتاباتي في الرد على بعض الكاتبين ضدي؟ وجواباً عليه أقول: فليعلم هؤلاء القراء أنني بحمد الله لا أبتدئ أحداً يرد علي ردّاً علميّاً لا تَهَجُّمَ فيه، بل أنا له من الشاكرين، وإذا وُجِدَ شيءٌ من تلك الشدة في مكان ما من كتبي. فذلك يعود إلى حالة من حالتين: الأولى: أن تكون ردّاً على مَن رد علي ابتداء، واشتط فيه وأساء إلي بهتاً وافتراءً. كمثل أبي غدة، والأعظمي الذي تستر باسم أرشد السلفي! والغماري، والبوطي، وغيرهم؛ كالشيخ إسماعيل الأنصاري غير ما مرة، وما العهد عنه ببعيد! ومثل هؤلاء الظلمة لا يفيد فيهم- في اعتقادي- الصفح واللين، بل إنه قد يضرهم، ويشجعهم على الاستمرار في بغيهم وعدوانهم. كما قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الشاعر: إِذا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ ... وإنْ أَنْتْ أَكْرَمْ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِع السَّيْفِ بالعُلَى ... مُضِر كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى بل إن تحمُلَ ظلم مثل هؤلاء المتصدرين لِإرشاد الناس وتعليمهم، قد يكون أحياناً فوق الطاقة البشرية، ولذلك جاءت الشريعة الِإسلامية مراعية لهذه الطاقة، فلم تقل- والحمد لله- كما في الِإنجيل المزعوم اليوم: "مَن ضربك على خدك الأيمن. فأدِرْ له الخد الأيسر، ومن طلب منك رداءك؛ فأعطه كساءك "! بل قال تعالى: "فمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عليهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى علَيْكُمْ" هو، وقال: "وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها"، وأنا ذاكر بفضل الله تعالى أن تمام هذه الآية الثانية: " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور "، ولكني أعتقد أن الصفح المشكور، والصبر المأجور. إنما هو فيمن غلب على الظن أن ذلك ينفع الظالم ولا يضره، ويعزُّ الصابر ولا يذله. كما يدل على ذلك سيرته - صلى الله عليه وسلم - العمليَّة مع أعدائه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيّاً أو قتله نبي ". انظر " الصحيحة" (281) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وأقل ما يؤخَذُ من لهذه الآيات ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعدّ وظلم. كقوله تعالى: "لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بالسُّوء مِنَ القَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ "، والسنة تؤكد ذلك وتوضحه. كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين اعتدت إحدى ضرَّاتِها عليها: "دونَكِ فانْتَصري ". قالت: فأقبلت عليها حتى رأيتها قد يبس ريقها في فيها، ما ترد علي شيئاً، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه. رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وغيره؛ بسند صحيح، وهو مخرج في المجلد الرابع من "الصحيحة" (1862) . فأرجو من أولئك القراء أن لا يبادروا بالِإنكار، فإني مظلوم من كثير ممَّن يدَّعون العلم، وقد يكون بعضهم ممَّن يُظَنُّ أنه معنا على منهج السلف، ولكنه- إن كان كذلك- فهو ممن أكل البغضُ والحسدُ كبدَه؛ كما جاء في الحديث: "دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلَكم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر". وهو حديث حسن بمجموع طريقيه عن ابن الزبير وأبي هريرة. فأرجو من أولئك المتسائلين أن يكونوا واقعيين، لا خياليين، وأن يرضوا مني أن أقف في ردِّي على الظالمين مع قول رب العالمين: "وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ "؟؛غير متجاوب مع ذلك الجاهلي القديم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ألا لَا يَجْهَلَنْ أحدٌ عَلَيْنا *** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْل الجَاهِلِيْنا عياذاً بالله أن أكون من الجاهلين. والحالة الأخرى أن يكون هناك خطأ فاحش في حديث ما، صدر من بعض من عُرِف بقلة التحقيق، فقد أقسو على مثله في الكلام عليه، غيرةً مني على حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، كقولي الآتي تحت الحديث (142) : "لم يخجل السيوطي- عفا الله عنا وعنه- أن يستشهد بهذا الِإسناد الباطل. فإن (أبو الدنيا) هذا أفاك كذاب، لا يخفى حاله على السيوطي ... ".- فإن الباعث على هذه الشدة إنما هو الغيرة على حديثه – صلى الله عليه وسلم -، أن يُنْسَبَ إِليه ما لم يقله، وسلفنا في ذلك بعض الحفاظ المعروفين بالدين والتقوى، فانظر مثلاً إِلى قول الذهبي رحمه الله في الحاكم. وقد صحح الحديث الآتي في فضل علي رضي الله عنه برقم (757) : "قلت: بل والله موضوع، وأحمد الحراني كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك؟! ". فليتأمل القارئ الفرق بين الحاكم والسيوطي من جهة، وبين عبارة الذهبي في الحاكم، وعبارتي في السيوطي من جهة أخرى. ثم وقفتُ على رسالة جديدة للشيخ الأنصاري- وهذه المقدِّمة تحت الطَّبع- تؤكِّدُ لكل مَن يقرؤها أنَّه ماضٍ في بغضهِ وحسده وافتراءاتِه، وهي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 بعنوان: "نقد تعليقات الألباني على شرح الطَّحاويَّة"! وهو فيه- كعادته في ردوده عليَّ- لا يحسِنُ إلا التهجُّمَ، والتَّحامل عليَّ بشتَّى الأساليب، والغمز، واللمز؛ كقوله في أول حديث انتقدني فيه بغير حق: "فباعتبار الألباني نفسه محدِّثاً لا فقيهاً (!) ... ". ونحو هذا من الِإفك الذي لا يصدُرُ من كاتب مخلصٍ يبتغي وجه الحق، وينفع فيه اللِّين والأسلوب الهيِّن في الردِّ عليه. لأنه مكابرٌ شديدُ المكابَرة والتمحُّل لتسليك أخطاءِ غير الألباني مع ظهورها، بقدر ِما يتكلَّف في توهيمِه وتجهيلهِ- ولو ببتر كلام العلماء، وتضليل القرَّاء- ليستقيمَ ردُّهُ عليهِ!! وهو في بعض ما أخذهُ عليَّ ظلما في "نقده " هذا قد سبقهُ إليه الكوثري الصغير أبو غدَّة الحلبي، الذي كنتُ رددتُ عليه في مقدِّمة تخريج "شرح الطحاوية"، فالتقاؤهُ معه في ذلك ممَّا يدلُّ على أنَّه لا يتحرَّجُ في أن يتعاوَنَ مع بعضِ أهلِ الأهواء في الردِّ على أهل السنَّة! فلا أدري والله كيف يكون مثلُه باحثاً في دارِ الِإفتاء؛ وفيها كبارُ العلماء الذين لا يمكن أن يخفى عليهِم حال هذا الباحث في انحرافِهِ في الرَّدِّ عن الأسلوب العلميِّ النَّزيه، إلى طريقتِه المبتَدَعة في اتِّهامه لمَن خالفه من أهل السنَّة بالبهت، والافتراء، والتدليس، وتحريف الكلم عن مواضعه، وتتبُّع العَثرات؟! ومَن أراد أن يتحقَّق من هذا الذي أجملتُه مِن أخلاقِ الرجل، بقلمٍ غير قلمي، وأسلوب ناعمٍ غير أسلوبي؟ فليقرأ ردَّ الأخ الفاضل سمير بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 أمين الزُّهيري المنصوري: "فتح الباري في الذَبِّ عن الألباني والرَّد على إسماعيل الأنصاريّ "، أرسلهُ إليَّ جزاه الله خيراً وأنا زائر في (جُدة) أواخر شعبان هذه السنة (1410 هـ) ، وهو في المطبعة لمَّا يُنْشَرْ بعد، وما يصل هذا المجلَّد إلى أيدي النَّاس. إلا ويكون قد تداولته الأيدي. وهو ردٌ علميٌّ هادئٌ جدّاً، نزيهٌ، لا يقولُ إلا ما وصَلَ إليهِ علمُه، لا يُداري ولا يُماري منطلقاً وراء الحجة والبرهان، وهو مع سعة صدره في الردِّ على الأنصاري، فإنَّه لم يتمالك أن يصرِّح ببعضِ ما سبق وَصْفُه به، فهو يصرِّح (ص 66 و77) : أنَّه غير منصفٍ في النَّقد، ولا أمين في النقل! وهو يتعجَّب (ص 82 و86) من مكابرة الأنصاريِّ وادِّعائهِ على الألبانيِّ خلافَ الواقع! ولقد ضاقَ صدرُه من كثرةِ مكابرته وتدليسه على القرَّاء، فقال (ص 87) : "أكَرِّر هنا أنَني أسأم من توجيهِ النَّصيحة للشيخ الأنصاري حفظه الله: بأنَّه إذا فاته الِإنصاف في النقد، فليحرص على أن لا تَفوتَه الأمانة في النقل ". ثم كشف عن تدليسه المشار إليه، ثم قال (ص 88) : "ألا فَلْيَتَّقِ الله الشيخُ الأنصاري، فمهما حاول، فلنْ ينالَ من منزلة الشيخ الألباني حفظه الله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً لِيُوهِنَها *** فَلَمْ يُضِرْها وأوْهَى قَرْنَهُ الوَعلُ " وفي آخر بحث له طويل معه (ص 38- 40) صرَّح في آخره: أن الأنصاريَّ "دلَّس وأخفى كلام الشيخ ناصر"! ثم قال (ص 41) : "بل هو يتخيَّل أشياء هي أصلاً غير موجودة، ثم هو يبني عليها نقده! ". ثمَّ ردَّ عليه بعض مزاعمه الباطلة في " نقده " هذا، وختم ذلك بقوله فيه بارك الله عليه (ص 43) : "بل كان يجبُ عليه ألَّا يُخْرِجَ " نقده " هذا أبداً، لا لأنَّنا ضد نقد الألباني، وإنَّما لأنَّنا ضد أي نقد غير علميٍّ ". ثم إن الأخ الفاضل وصف الشيخ الأنصاري (ص 50) بأنَّه ينقد من أجل النقد فقط، وهذا شيءٌ ظاهرٌ جدّاً في ردودِهِ، وبخاصَّةٍ - ردُّه هذا. ثم ضربَ على ذلك مثلاً: حديثاً أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهِما"، ومع ذلك ذكر شارح "الطحاويَّة" أن له علة! فلمَّا ردَّ ذلك الألبانيُّ وأثبتَ صحَّته. ثارَ الأنصاريُّ حمِيَّةً للشارح، واعترض على الألباني دون أيِّ حجَّة علميَّة إلا الشغب كعادته، ففال الأخ الفاضل: " عجباً للشيخ الأنصاري! إن انتقد الشيخ الألباني حديثاً في "الصحيحين " أو أحدهما، وقدم الأدلَّة العلميَّة المقنعة بذلك، ونقل كلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أهل العلم السابقين في ذلك الحديث. لم يُعْجِب الشيخَ الأنصاريَّ هذا الصنيعُ، وتباكى على "الصحيحين "، "وندَّد بجرأة الشيخ عليهما. والآن؛ لأن الشيخ يدافع عن "الصحيحين "؛ فهذا لا يعجب الأنصاري، ومن أجل النقد، والنقد فقط، يقف إلى جانب الشارح؛ دون أدلَّة علميَّة ... المهم مخالفة الألباني! وما دام الشيخُ الأنصاريُّ يبحث عن مخالفة الألبانيِّ بأيِّ شكلٍ، حتى لو كانَ هذا بتضعيف حديثٍ في "الصحيحين "، ومن غيرِ بيِّنة؛ فلماذا يستنكِر على الألبانيِّ نقدَه لأحاديث "الصحيحين " وبأدلَّة علميَّة؟! أسأل الله عز وجل أن لا يكون في هذا حظُّ نفس ". ثم قالَ بارك الله عليه (ص 52 و66) : "وأما عن اتِّهامه للشيخ الألباني، وتقويله له ما لم يقله. فلا أحبُّ أن أتعرَّض له! ". أقول: هذا بعض ما وصف به الأخُ الفاضل سمير الزُّهيري الشيخ الأنصاري من تعدِّيه وتقوُّله عليَّ. ومعذرةً إلى القراء الكرام إذا أنا أطلتُ في هذه المقدِّمة؛ لأن الغرض أن نُبَصِّرَهُم بحال بعض الطاعنين فيَّ بغير حقٍّ، بقلم غيري من الكُتَّاب المنصِفينَ الحيادِيِّينَ، ولكي لا يُبادِروا إلى استنكار ما قد يَجِدون منِّي من الشدة أحياناً في الردِّ على بعض النَّاقدين بأهوائِهِم وبغير علمٍ، فقديماً قالوا: "قال الحائطُ للوتد: لم تشقُّني؟ قال: سَلْ من يدقُّني "، راجيا ألا يحمِلوني أن أتمثَّل بقول الشاعر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 غَيْرِي جَنَى وأَنَا المُعَذَبُ فيكُمُ *** فكَأنني سَبَّابَةُ المتندم وإنَ مما يحسن التَّذكير به أن الشيخ الأنصاري كما حابى ابن عمِّه الشيخ الفاضل حمََّاد الأنصاري في سكوته عن تضعيفه لحديث عطيَّة المتقدم (ص 18) . كذلك حابى الأنصاريُّ مَن يوافقه في بعض أوصافه المتقدِّمة؛ كالحسد، والحقد، وتتبُّع العثرات، ودفنه للحسنات! ألا وهو الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على "شرح العقيدة الطحاوية " طبع مؤسسة الرسالة، بالرغم من أنه قد شارَكني في تَضعيف الحديث المشار إليه، وفي كثيرٍ ممََّا أنكره الأنصاري عليَّ؛ فإن كثيراً من تخريجاته قد استفادها من تخريجي، وفيه العزو إلى بعض المخطوطات التي لا تطولها يده! دون أن يشير إلى ذلك، فهو يستغل جهود غيره، ثم ينسبها إلى نفسه متشبِّعاً بما لم يعط! فانظر على سبيل المثال: (1/88 و94 و96 و156 و165 و224 و234، و2/378 و389 و418 و423 و 510 و 520 و542 و544 و549) ، وقابل ذلك بتخريجي؛ لتتحقَق ممَّا ذكرت، على أنَّني قد عدت عن تخريج بعضها؛ كالحديثين المشار إليهما بالرقمين الموضوع عليهما الخط الأفقي، وبقىِ هو على تقليده إياي! والحديث الأول مخرَّجٌ عندي في "الصحيحة" (2829) ، والآخر في "الضعيفة" (5427) ، وهو ممَّا استدركته في بعض الطبعات الجديدة بتخريجي على "شرح الطحاوية"؛ كالطبعة الثامنة والتاسعة (ص 290) . ومن هنا يظهر للقرَّاء محاباة الأنصاري للشيخ شعيب أيضاً؛ كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ذكرت آنفاً، ولهذا قال الأخ سمير جزاه الله خيراً تحت عنوان: "على مَن كان ينبغي أن يكون ردُ الأنصاري؟ " (ص 63) : "ومعظم ما أخذه الأنصاري في "ردِّه " لهذا على الشيخ الألباني هو موجود في طبعة شعيب المشار إليها آنفاً، أفليس الأولى أن يكون نقده لطبعة شعيب، خاصة أن الرجل غير معروفٍ بدفاعه عن العقيدة السلفية كالشيخ الألباني حفظه الله؟! ". لهذا، ولقد كان من الأحاديث التي حشرها الشيخ الأنصاري في " نقده " الحديث الآتي في هذا المجلَّد برقم (344) بلفظ: "لما حملت حواء؛ طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد ... " الحديث. والذي يقرأ كلامه حوله لا يجد فيه سوى الشَّغَب، واللعب على الحبلين- كما يقال- فهو من جهةٍ يزعم أن العلماء أعلُّوه بستة أمور ... (وذكرها) ، وليس منها تدليس الحسن البصري! فالحديث على هذا الذي ذكر هو من العلل يكون عنده واهياً؛ لأن العلل الخمس لا تزال قائمة! ولكنه من جهة أخرى عاد فنقض ذلك بقوله: "إن من أهل العلم مَن لم يعله؛ كالترمذي وحسنه، والحاكم وصححه ... "! فهو حيران بين هؤلاء المصحِّحين، وأولئك المضعِّفين! فهو كالشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة؛ لا تدري أيهما تتبع! كما جاء في الحديث الصحيح! مع أنه- أو لعله- يدري أن المخالفين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 بالتحسن والتصحيح من المتساهلين في ذلك عند العلماء المحققين! ولذلك. لما رد عليه الأخ الفاضل نقده إياي في هذا الحديث وبيَّن جهله وتناقضه فيه؛ لم يسعه إلا أن يبدي تعجبه منه، وينهي ردَّه عليه بقوله (ص 72) : "وهذا والله هو العجب: أن لا يدري الِإنسان ما يقول "! ذلكم هو الشيخ إسماعيل الأنصاري، ولعلَّ القراء بعد هذا البيان يعذروننا إذا قلنا فيه ما فيه؛ دون تعدٍّ أو تجنٍّ عليه كما يفعل هو. ولقد بلغني وأنا في السعودية أن بعض الشيوخ الفضلاء نصحه أن لا ينشر نقده هذا، فأبى إلا أن يتَّبع هواه ويفضحَ نفسه، وعلى نفسها جَنَتْ براقش. وأختم هذه المقدمة بحديث يناسب المقام، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "سيخرج في أمَّتي أقوامٌ تتجارى بهِم الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه، ولا يبقى منه عرقٌ ولا مِفْصَل إلا دخله ". "صحيح الترغيب " (رقم 48) . "وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". عمان 15 شعبان سنة 1410 هـ وكتب / محمد ناصر الدين الألباني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ مقدمة الطبعة الأولى إِنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إِله إِلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. "يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا الله حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ " (1) . "يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به (2) والأرْحامَ إِنَّ الله كانَ عليكم رَقيباً" (3) .   (1) آل عمران: 102. (2) فيه جواز السؤال بالله تعالى، وأما حديث: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة". فضعيف. وعلى فرض صحته؟ فهو محمول على سؤال الأمور الحقيرة. كما بينت ذلك في مجلة " المسلمون ". (3) النساء:1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 "يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا الله وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع الله ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً" (1) . "أما بعدُ؛ فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمورِ محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعة ضلالةٌ، [وكل ضلالةٍ في النار] " (2) . ثم إنني كنت بدأت منذ بضع سنين بنشر سلسلة مقالات متتابعة تحت عنوان: "الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأثرها السيئ في الأمة" في مجلة "التمدن الِإسلامي " الغراء، ولا زلت مستمراً في نشرها؛ لأن هذه الأحاديث من الكثرة - مع الأسف الشديد- بحيث تعد المئات، بل الألوف! كيف وقد وضع رجل واحد من الزنادقة نحو أربعة آلاف حديث! ووضع ثلاثة من المعروفين بالوضع أكثر من عشرة آلاف حديث! فماذا يقول القارئ الكريم في الأحاديث الأخرى التي وضعها أناس آخرون لغايات   (1) الأحزاب: 70- 71. وهذه الخطبة هي خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم أصحابه أن يقولوها بين يدي كلامهم في أمور دينهم، سواء كان خطبة نكاح، أو جمعة، أو محاضرة، أو غير ذلك، ولي فيها رسالة مطبوعة، نشرتها مجلة " التمدن الإسلامي " الغراء، وهي مهجورة- مع الأسف- من العلماء قاطبة فيما علمت، فلعلهم يعودون إليها ويحيونها. (2) هو من حديث لجابر رضي الله عنه قال فيه: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول ذلك إذا خطب. كما رواه مسلم، والنسائي، وغيرهما، والزيادة للنسائي. وذلك يشمل الخطب كلها، وبصورة خاصة خطبة الجمعة، فقد جاء التنصيص عليها عند مسلم في رواية له، فعلى الخطباء أن يحيوا هذه السنة أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 مختلفة، وأغراض متباينة؛ منها السياسية، ومنها العصبية الجنسية، والمذهبية، ومنها التقرب إلى الله تعالى بزعمهم! ومنها أحاديث وضعت خطأ دون قصد من بعض المغفَّلين من الصوفية، وضعفاء الحفظ من الفقهاء وغيرهم، ممَّن لا عناية لهم بالحديث وضبطه! وهي منتشرة بكثرة في كتب الفقه، والتفسير، والوعظ، والترغيب، والترهيب، وغيرها. ولكن الله تبارك وتعالى سخر لهذه الأحاديث طائفة من الأئمة، بيَّنوا ضعفها، وكشفوا عُوارَها، وأوضَحوا وضعها، ولذلك لما قيل للِإمام عبد الله ابن المبارك: "هذه الأحاديث المصنوعة؟ ". أجاب بقوله: "يعيش لها الجهابذة". وقال ابن الجوزي: "لما لم يمكن أحداً أن يدخل في القرآن ما ليس منه، أخذ أقوامٌ يزيدون في حديث رسولِ اللهِ، ويضعون عليه ما لم يقل، فأنشأ الله علماء يذبُّونَ عن النقل، ويوضَحونَ الصحيح، ويفضحون القبيح، وما يخلي الله منهم عصراً من الأعصار، غير أن هذا الضرب قد قل في هذا الزمان، فصار أعزمن عنقاء مغرب. وقد كانوا إِذا عُدُّوا قَليلاً *** ففد صاروا أعَزَّ مِن القَليل " قلتُ: فإذا كان الأمر كذلك في عهد ابن الجوزي، فكم يكون عدد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 العلماء الذَّابينَ عن الحديث في هذا العصر؟! لا شك أنهم أقل من القليل. وهذا مما يؤكد علينا وجوب الاستمرار في نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة؟ تحذيراً للناس منها، وقياماً بواجب بيان العلم، ونجاةً من إثم كتمانه. ولست أشك أن أهل العلم- ممَّن لم يُعْمِ بصائرَهُم الهوى- يُقدِّرون ذلك حق قدره؛ لما فيه من التعاون على تنقية حديثه - صلى الله عليه وسلم - مما ليس منه، كيف [و] (*) لا والِإمام عبد الرحمن بن مهدي يقول: "لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب حديثاً ليس عندي " (1) ؟! هذا، ومما ينبغي أن يُذكر بهذه المناسبة أنني لا أقلد أحداً فيما أصدِرُه من الأحكام على تلك الأحاديث، وإنما أتَّبِع القواعد العلمية التي وضعها أهل الحديث، وجرَوا عليها في إصدار أحكامهم على الأحاديث من صحة أو ضعف، وذلك في عهد ازدهار الحياة الِإسلامية والعلم الِإسلامي، وإني أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفِّقتُ لإتباعها، وتعريف المسلمين عملياً بها، أو ببعضها؛ راجياً أن يقوم في ناشئة المسلمين من يجدد العمل بهذه القواعد التي هي من أدق ما عرف الفكر العلمي المنهجيُّ في مختلف العصور الِإنسانية، بشهادة جماعة من المستشرقين، وغيرهم من المخالفين، وقديماً قيل: "والفضل ما شهدت به   (1) رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (1/10) . [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] (*) هكذا وردت العبارة في المطبوع؛ ولعلها: " كيف لا والإمام عبد الرحمن بن مهدي ... " أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الأعداء ". وقد تبيَن لكثير من العلماء والفضلاء في مختلف البلاد والأصقاعِ أهمية تلك المقالات، وفائدتها الكبرى للناس، حيث نبَّهتهم على ضعف ووضع كثير من الأحاديث التي كانوا يرونها أحاديث صحيحة؛ لانتشارها في بطون الكتب، وتداولها على ألسنة الناس، على اختلاف طبقاتهم واختصاصاتهم، وساعد على سعة انتشارها في هذا العصر ما يسَّرَ الله تبارك وتعالى فيه من الوسائل الحديثة؛ كالِإذاعات، والجرائد، والمجلات، وغيرها؛ مما تصدرها المطابع، الأمر الذي يوجب على العلماء الغيورين على السنة المحمدية أن يبذلوا جهدهم في التحقق من الأحاديث لدى كتابتهم، وإذاعتهم، وحديثهم. لهذا؛ رأيت أولئك الفضلاء يشجعونني على الاستمرار في النشر، ولا أدلَّ على ذلك من إقبال الكثيرين منهم، ومن غيرهم من الطلاب، على الاشتراك في "مجلة التمدن الِإسلامي " للاطِّلاع على الأحاديث الضعيفة فيها- وقد كتب بذلك بعضهم إليَّ-؛ ليكونوا على بيِّنة من أمرها، فلا يقعوا مرة أخرى في الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، أو على الأقل في عزو ما لم يصح نسبته إليه – صلى الله عليه وسلم - من الحديث. ولذلك، فقد حثَّني كثير من أولئك الفضلاء على نشر تلك الأحاديث في كتاب مفرد عن المجلة؟ ليقف عليها من لا اطِّلاع له على المجلة، فيعمَّ النفع بها، وليسهل الرجوع عند الحاجة إليها. ولطالما كنتُ عازماً على الاستجابة لرغبتهم لولا بعض الموانع، فلما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 زالت، وتيسر لي ذلك، بادرت إلى تحقيقها؟ شاكراً لهم حسن ظنهم ولما كان قد صدر من تلك الأحاديث أكثر من أربع مئة حديث، فقد رأيت أن أطبعها في أجزاء متسلسلة، يحوي كل جزء منها مئة حديث، أو أكثر إن اقتضى الأمر، وكلما تم نشر مئة أخرى منها في المجلة، طبعتها في جزء آخر، وجعلت كل خمسة أجزاء منها في مجلد واحد. وكذلك أضفت إلى كلامنا على بعض الأحاديث المنشورة في المجلة حتى الآن أموراً أخرى، مثل تعديل أسلوب الكلام عليها، وزيادة تحقيق فيها، ونحو ذلك من الفوائد. وقد أغيِّر حكمي السابق على الحديث بحكم آخر بدا لي فيما بعد أنه أعدل وأرجح، كأن أقول: "ضعيف جداً" بدل: "ضعيف "، أو العكس، و: "ضعيف " بدل: "موضوع "، أو العكس، ونحو ذلك. وهذا، وإن كان نادراً؛ فقد رأيتُ أن أنبِّهَ إليه لأمرين: الأول: كي لا يُظَنَّ أنَّ ذلك التغيير خطأ مطبعي. والآخر: أن يعلمَ من شاءَ الله أن يعلم أن العلم لا يقبل الجمود، فهو في تقدم مستمر من خطأ إلى صواب، ومن صحيح إلى أصح، وهكذا ... وليعلموا أننا لا نصرّ على الخطأ إذا تبيَّن لنا. هذا، ومع انتشار مقالات الأحاديث الضعيفة في مختلف البلاد الِإسلامية، فإنه لم يرد إلينا أي انتقاد عليها، ولا أدري إذا كان ذلك لما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وُفِّقْنا إليه من الصواب بإذن الله تعالى- وهذا ما أرجوه- أو لقلة من له معرفة بهذا العلم الشريف، ونفد الأسانيد التي تمكَنه من الجَوَلانِ في هذه البحوث، أو لغير ذلك من الأمور (1) .   (1) اللهم إلا انتقاد الشيخ عبد الله الحبشي الهرري نزيل دمشق، الذي نشره في رسالة أسماها "التعقب الحثيث على من طعن فيما صح من الحديث "، أو- كما قال-: "تحقيق البيان في إثبات سبحة أهل الإيمان "! وكنت أود أن يشاركنا الشيخ في نقده إيانا في تطبيق تلك القواعد العلمية التي سبقت الإشارة إليها، وفي تجديد العمل بها. ولكنه وإن حاول ذلك، فإنه لم يستطع الاستمرار عليه، بل عدل إلى تقليد بعض العلماء ممَّن وافق قولهم رأيه، وإلى اتهامنا بمخالفتهم، وبسح الفهم لكلامهم! وبالتهور والتحكم النفساني! وسود صفحات كثيرة بأمور لا علاقة لها بمحل النزاع، ولا هي موضع خلاف. وأورد فيها- على صغر حجمها- كثيراً من الأحاديث الضعيفة والآثار الواهية، وحسبك مثالًا على ذلك حديث أورده في الصفحة الأولى بلفظ: "إن محرم الحلال؛ كمستحل الحرام ". ولا يصح رفعه؟ إنما هو موقوف! وقد بينت ذلك، وخرجته تخريجاً علميّاً فيما سيأتي برقم (6215) من المجلد الثالث عشر. انتقد الشيخ عليَّ حكمي على حديث: "نعم المذكر السبحة" بالوضع (انظر رقم 83) ، وحكمي على الحديثين المذكورين فيه من حديث صفية وسعد بالضعف، فذهب إلى أن الأول ضعيف لا موضوع، وإلى أن الآخرين صحيحان لا ضعيفان! فرددتُ عليه في مجلة "التمدن" بينت فيها خطأه في ذلك بأسلوب علمي نزيه؛ خلافاً لما جرى هو عليه في رسالته، ثم نشرنا في ذلك رسالة مفردة بعنوان "الرد على التعقب الحثيث "، فمن شاء الاطلاع على الحقيقة؛ فليرجع إليها. وفي أثناء نشرنا الرد في المجلة، ولما يكد ينته، طلع علينا فضيلة الشيخ الحبشي برد آخر سماه " نصرة التعقب الحثيث "، شحنه بالمغالطات والسب، والافتراء، والخروج عن الرد بالتي هي أحسن، حتى لقد أنذرني بسوء الخاتمة إن أنا استمررت على نهجي العلمي المخالف لفهمه وعلمه! فلما رأيت ذلك؛ صرفت النظر عن الرد عليه مرة أخرى، حرصاً مني على الوقت؛ كما بينته في خاتمة ردي المشار إليه، ولعلنا نذكر بعض شبهاته عند الكلام على الحديث المشار إليه آنفاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 ولا بد لي أخيراً من أن أشكر من كان سبباً لطبع لهذه المقالات مرة أخرى في هذا الكتاب، وأن أشكر بصورة خاصة القائمين على "مجلة التمدن الِإسلامي "- وفي مقدمتهم الأستاذ أحمد مظهر العظمة- فقد كان لهم الفضل الأول في نشرها في مجلتهم، حتى عرف الناس قدرها، فرغبوا في نشرها في كتاب مفرد، وقد لقي أصحابُ المجلة في سبيل ذلك كثيراً من المعارضات والانتقادات من بعض الشيوخ الجامدين، وغيرهم من الطرقيين الذين تأبى نفوسُهم أن يقف الناس على الحقائق التي تكشف عن جهلهم بالشريعة والسنة المحمدية، ولكنهم- أعني أصحاب المجلة- لم يبالوا بذلك، وصبروا على نشر ما يرونه حقاً، واستمروا عليه، أثابهم الله تعالى، وجزاهم عن الِإسلام خيراً (1) . أسأله سبحانه أن يجعل عملي كله صالحاً، ولوجهه خالصاً، ولا يجعل لأحد فيه شيئاً، إنه سميع مجيب. دمشق 3/25/1379 محمد ناصر الدين الألباني   (1) وقد أضافوا إلى ما ذكرناه منقبة أخرى، فإنهم بدؤوا منذ العدد الأول من سنة (1379 هـ) بنشر مقالاتنا في "الأحاديث الصحيحة"، فألفت نظر القراء إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 تمهيد في الأحاديث الضعيفة والموضوعة من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم، لا أستثني أحداً منهم، ولو كانوا علماءهم، إلا من شاء الله منهم من أئمة الحديث ونقاده. كالبخاري، وأحمد، وابن معين، وأبي حاتم الرازي، وغيرهم. وقد أدَّى انتشارها إلى مفاسد كثيرة، منها ما هو من الأمور الاعتقادية الغيبية، ومنها ما هو من الأمور التشريعية، وسيرى القارئ الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندَّعيهِ في كثير من الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى. وقد اقتضت حكمة العليم الخبير سبحانه وتعالى أن لا يدعَ لهذه الأحاديث التي اختَلَقَها المُغْرِضونَ لغايات شتى؛ تسري بين المسلمين دون أن يُقَيِّضَ لها من يكشف القناع عن حقيقتها، ويبين للناس أمرها، أولئك هم أئمة الحديث الشريف، وحامِلو ألوية السنة النبوية الذين دعا لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بقوله: "نَضَّرَ الله امرءاً سمِعَ مقالَتي؛ فوعاها، وحفظها، وبلَّغها، فربَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه " (1) . فقد قام لهؤلاء الأئمة- جزاهم الله عن المسلمين خيراً- ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة، أو ضعف، أو وضع، وأصَّلوا أصولاً متينة، وقعَّدوا قواعد رصينة، مَن أتقنها وتضلَع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث، ولو لم ينصُّوا عليه، وذلك هو علم أصول الحديث، أو مصطلح الحديث. وألَف المتأخرون منهم كتباً خاصة للكشف عن الأحاديث، وبيان حالها، أشهرها وأوسعها كتاب "المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للحافظ السخاوي، ونحوها كتب التخريجات، فإنها تبيِّن حال الأحاديث الورادة في كتب مَن ليس من أهل الحديث، وما لا أصل له من تلك الأحاديث، مثل كتاب: "نصب الراية لأحاديث الهداية" للحافظ الزيلعي، و"المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الِإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي، و"التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير" للحافظ ابن حجر العسقلاني، و "تخريج أحاديث الكشاف " له، و "تخريج أحاديث الشفاء" للشيخ السيوطي، وكلها مطبوعة. ومع أن هؤلاء الأئمة- جزاهم الله خيراً- قد سهَّلوا السبيل لمن   (1) أخرجه أبو داود، والترمذي وصححه- والسياق له-، وابن حبان في "صحيحه " عن ابن مسعود. وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحو. فانظر "التعليق الرغيب " (1/63) ، و "الصحيحة " (404) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 بعدهم من العلماء والطلاب؛ حتى يعرفوا درجة كل حديث بهذه الكتب وأمثالها، فإننا نراهم- مع الأسف الشديد- قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة، فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي حفظوها عن مشايخهم، أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت، ولذلك لا نكاد نسمع وعظاً لبعض المرشدين، أو محاضرة لأحد الأساتذة، أو خطبة من خطيب؛ إلا ونجد فيها شيئاً من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا أمر خطير، يُخشى عليهم جميعاً أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله – صلى الله عليه وسلم -: "مَن كذب عليَّ متعمداً (1) فَلْيَتَبَوَّأ مقعده من النار". [حديث صحيح متواتر] . فإنهم، وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة، ففد ارتكبوه تبعاً؛ لنقلهم الأحاديث التي يقفون عليها جميعها، وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف وما هو مكذوب قطعاً، وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "كَفى بالمرء كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بكل ما سمعَ ".   (1) لفظة "متعمداً" صحيحة ثابتة في الحديث، وإن حاول التشكيك بها مؤلف كتاب "الأضواء " بل إنه جزم ببطلانها، وأنها من وضع بعض المحدثين؛ ليروج بها قوله: إنه يجوز رواية الحديث بالمعنى! وإنكار المؤلف المذكور لها لا يدل فقط على جهله بالحديث وطرقه، بل إنه يدل على جهله أيضاً بأصول الشريعة وقواعدها، فإن هذه اللفظة لو لم ترد في الحديث مطلقاً؛ فإن تقديرها في الحديث لا مناص منه كما لا يخفى، وإلا كان المؤلف المذكور أول من يشمله الحديث؛ لأنه- على الأقل- ليس معصوماً من الخطأ في رواية حديث ما! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 رواه مسلم في "مقدمة صحيحه " (1/8) ، وغيره من حديث أبي هريرة. ثم رُوي عن الِإمام مالك أنه قال: "اعلم أنه ليس يَسْلَمُ رجلٌ حدَّث بكل ما سمعَ، ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدِّث بكل ما سمع ". وقال الِإمام ابن حبان في "صحيحه " (ص 27) : "فصل: ذكر إيجاب دخول النار لمن نَسَبَ الشيء إلى المصطفى – صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته ". ثم ساق بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً: "مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار". وسنده حسن، وأصله في "الصحيحين " بنحوه. ثم قال: "ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه في الباب المتقدم ". ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "مَن حدّثَ عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ". وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم في "مقدمة صحيحه " (1/7) من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معاً، وقال: "إنه حديث مشهور". ثم قال ابن حبان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 "ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه ". ثم ساق حديث أبي هريرة الأول. فتبين مما أوردنا أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها، وأن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: "إن كذباً على ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ، فمَن كَذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار". رواه مسلم وغيره. ولخطورة هذا الأمر، رأيت أن أساهم في تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التي نسمعها في هذا العصر، أو نقرأها في كتاب متداول، مما ليس له أصل يثبت عند المحدثين، أو له أصل موضوع، لعل في ذلك تحذيراً وتذكيراً لمن يتذكر أو يخشى. ولم أتقيد في سوقها بترتيب خاص، بل حسبما اتفق. ولذلك فإني أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما في مقال نشر في العدد (2404) من "جريدة العلم " الغراء، لأحد المرشدين الفضلاء في صدد بحث له مفيد في إسراء النبي – صلى الله عليه وسلم - ومعراجه إلى السماء، والله ولي التوفيق. دمشق، رمضان سنة 1374 هـ محمد ناصر الدين الألباني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 1 - (الدين هو العقل، ومن لا دين له لا عقل له) . باطل. أخرجه النسائي في " الكنى " وعنه الدولابي في " الكنى والأسماء " (2 / 104) عن أبي مالك بشر بن غالب بن بشر بن غالب عن الزهري عن مجمع بن جارية عن عمه مرفوعا دون الجملة الأولى " الدين هو العقل " وقال النسائي: هذا حديث باطل منكر. قلت: وآفته بشر هذا فإنه مجهول كما قال الأزدي، وأقره الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " والعسقلاني في " لسان الميزان ". وقد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده (ق 100 / 1 - 104 / 1 - زوائده) عن داود بن المحبر بضعا وثلاثين حديثا في فضل العقل، قال الحافظ ابن حجر: كلها موضوعة، ومنها هذا الحديث كما ذكره السيوطي في " ذيل اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " (ص 4 - 10) ونقله عنه العلامة محمد طاهر الفتني الهندي في " تذكرة الموضوعات " (ص 29 - 30) . وداود بن المحبر قال الذهبي: صاحب " العقل " وليته لم يصنفه، قال أحمد: كان لا يدري ما الحديث، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث غير ثقة، وقال الدارقطني: متروك، وروى عبد الغنى بن سعيد عنه قال: كتاب " العقل " وضعه ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة، وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي. ومما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها شيء، وهي تدور بين الضعف والوضع، وقد تتبعت ما أورده منها أبو بكر بن أبي الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 الدنيا في كتابه " العقل وفضله " فوجدتها كما ذكرت لا يصح منها شيء، فالعجب من مصححه الشيخ محمد زاهد الكوثري كيف سكت عنها؟ ! بل أشار في ترجمته للمؤلف (ص 4) إلى خلاف ما يقتضيه التحقيق العلمي عفا الله عنا وعنه. وقد قال العلامة ابن القيم في " المنار " (ص 25) : أحاديث العقل كلها كذب. وانظر الحديث (370 و5644) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 2 - (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا) . باطل. وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده، ولا من جهة متنه. أما إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية) والقضاعي في " مسند الشهاب " (43 / 2) وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " (2 / 414) و" الكواكب الدراري " (83 / 2 / 1) من طريق ليث عن طاووس عن ابن عباس. وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا - وهو ابن أبي سليم - فإنه ضعيف، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب ": صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك. وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 134) . وقال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 143) : إسناده لين. قلت: وقد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره (20 / 92) من طريق أخرى الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 عن ابن عباس موقوفا عليه من قوله، ولعله الصواب وإن كان في سنده رجل لم يسم. ورواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " (ص 159) والطبراني في " المعجم الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ: " من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا ". وسنده صحيح كما قال الحافظ العراقي، فرجع الحديث إلى أنه موقوف، ثم رأيته في معجم ابن الأعرابي قال (193 / 1) ، أنبأنا عبد الله - يعني ابن أيوب المخرمي - أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} (العنكبوت: 45) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. وهذا مرسل، وإسماعيل هو ابن مسلم، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة، وإن كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف، لكن قال الحافظ العراقي: رواه علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح. قلت: يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح، ولا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند جمهو ر علماء الحديث، ولا سيما إذا كان من مرسل الحسن وهو البصري، قال ابن سعد في ترجمته: كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة. وحتى إنه لوفرض أن الحسن وصل الحديث وأسنده ولم يصرح بالتحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 أو بسماعه من الذي أسنده إليه كما لوقال: عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة، فكيف لوأرسله كما في هذا الحديث؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال ": كان الحسن كثير التدليس، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه ولا سيما عمن قيل: إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في جملة المنقطع. على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 264) وإسناده صحيح، وكذلك رواه ابن جرير (20 / 92) من طرق عنه وهو الصواب. ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " (43 / 2) من طريق مقدام بن داود قال: أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا، ومقدام هذا قال النسائي: ليس بثقة، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد وكان ثقة فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي وإلا فلا يصح. وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما صح من قول ابن مسعود والحسن البصري، وروي عن ابن عباس. ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " (ص 12) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما. وقال ابن عروة في " الكواكب ": إنه الأصح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين وابن عباس وابن مسعود والحسن مرفوعا: والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم. قلت: وسيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى وهو بهذا اللفظ إلا أنه قال: " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " وهو منكر أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم (985) . وأما متن الحديث فإنه لا يصح، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل. وهذا بعيد عندي، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان، وحينئذ فليس له صلاة شرعا، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} (العنكبوت: 45) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق! فقال: " سينهاه ما تقول أو قال: ستمنعه صلاته ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 رواه أحمد والبزار والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 430) والبغوي في حديث علي بن الجعد (9 / 97 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (31 / 1 / 69 / 1) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة. فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل: إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة. ولذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " (ق 24 / 1) : يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم. فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا ومتنا والله أعلم. ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " (ق 32 / 1) عن تفسير الجاربردي وقال: ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم: " ستمنعه صلاته " واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا وقال: لا يصح حمله على ظاهره، لأن ظاهره معارض بما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب، فكيف تكون مكفرة ويزداد بها بعدا؟ ! هذا مما لا يعقل! ثم قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 قلت: وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره وأما على اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم. قال: ويشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} . ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه: هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وإن كان فاسقا. قلت: فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا وهو الحق وكلامه المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية (فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2) وقد نقل الذهبي في " الميزان " (3 / 293) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث: كذب وزور. 3 - " همة الرجال تزيل الجبال ". ليس بحديث. قال الشيخ إسماعيل العجلونى في " كشف الخفاء ": لم أقف على أنه حديث، لكن نقل بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي أنه قال: الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " همة الرجال تقلع الجبال " فليراجع. قلت: قد راجعنا مظانه في كتب السنة فلم نجد له أصلا، وإيراد الشيخ أحمد الغزالي له لا يثبته، فليس هو من المحدثين، وإنما هو مثل أخيه محمد من فقهاء الصوفية، وكم في كتاب أخيه " الإحياء " من أحاديث جزم بنسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي مما يقول الحافظ العراقي وغيره فيها: لا أصل له منها: 4 - (الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش) . لا أصل له. أورده الغزالي في " الإحياء " (1 / 136) فقال مخرجه الحافظ العراقي: لم أقف له على أصل وبيض له الحافظ في " تخريج الكشاف " (73 / 95 و130 / 176) . وقال عبد الوهاب بن تقى الدين السبكي في " طبقات الشافعية " (4 / 145 - 147) : لم أجد له إسنادا. والمشهور على الألسنة: " الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " وهو هو. الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 5 - (ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا لله إلا عوضه منه ما هو خير له فى دينه ودنياه) . موضوع بهذا اللفظ. وقد سمعته في كلمة ألقاها بعض الأفاضل من إذاعة دمشق في هذا الشهر المبارك شهر رمضان! أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (2 / 196) وعنه الديلمي (4 / 27 ـ الغرائب الملتقطة) والسلفي في " الطيوريات " (200 / 2) وابن عساكر (3 / 208 / 2 و15 / 70 / 1) من طريق عبد الله بن سعد الرقي حدثتني والدتي مروة بنت مروان قالت حدثتني والدتي عاتكة بنت بكار عن أبيها قالت: سمعت الزهري يحدث عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال أبو نعيم عقبه: حديث غريب. وأقول: أن إسناده موضوع، فإن من دون الزهري لا ذكر لهم في شيء من كتب الحديث غير عبد الله بن سعد الرقي فإنه معروف، ولكن بالكذب! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " وتبعه الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في " لسان الميزان ": كذبه الدارقطني وقال: كان يضع الحديث وهاه أحمد بن عبدان. وفيه علة أخرى وهي جهالة بكار هذا وهو ابن محمد وفي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. نعم صح الحديث بدون قوله في آخره " في دينه ودنياه ". أخرجه وكيع في " الزهد " (2 / 68 / 2) وعنه أحمد (5 / 363) والقضاعي في " مسند الشهاب " (رقم 1135) بلفظ: الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 " إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه ". وسنده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الأصبهاني أيضا في " الترغيب " (73 / 1) ثم روى له شاهدا من حديث أبي ابن كعب بسند لا بأس به في الشواهد. 6 - " تنكبوا الغبار فإنه منه تكون النسمة ". لا أعلم له أصلا. أورده ابن الأثير في مادة نسم من " النهاية " وذكر أنه حديث! ولا أعرف له أصلا مرفوعا وقد روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (8 / 2 / 198) فقال: وقال عبد الله بن صالح المصري عن حرملة بن عمران عمن حدثهم عن ابن سندر مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقبل عمرو بن العاص وابن سندر معهم، فكان ابن سندر ونفر معه يسيرون بين يدي عمرو بن العاص فأثاروا الغبار، فجعل عمرو طرف عمامته على أنفه ثم قال: اتقوا الغبار فإنه أو شك شيء دخولا، وأبعده خروجا، وإذا وقع على الرئة صار نسمة. وهذا مع كونه موقوفا لا يصح من قبل سنده لأمور: الأول: أن ابن سعد علقه، فلم يذكر الواسطة بينه وبين عبد الله بن صالح. الثاني: أن ابن صالح فيه ضعف وإن روى له البخاري فقد قال ابن حبان: كان في نفسه صدوقا، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له، فسمعت ابن خزيمة يقول: كان بينه وبينه عداوة، كان يضع الحديث على شيخ ابن صالح، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله، ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله أنه خطه الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 فيحدث به! . الثالث: أن الواسطة بين حرملة وابن سندر لم تسم فهي مجهولة. 7 - " اثنتان لا تقربهما: الشرك بالله والإضرار بالناس ". لا أصل له. وقد اشتهر بهذا اللفظ ولم أقف عليه في شيء من كتب السنة، ولعل أصله ما في " الإحياء " للغزالي (2 / 185) قال صلى الله عليه وسلم: " خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر: الشرك بالله والضر لعباد الله، وخصلتان ليس فوقهما شيء من البر: الإيمان بالله، والنفع لعباد الله ". وهو حديث لا يعرف له أصل. قال العراقي في تخريجه: ذكره صاحب الفردوس من حديث علي، ولم يسنده ولده في مسنده. ولهذا أورده السبكي في الأحاديث التي وقعت في " الإحياء " ولم يجد لها إسنادا (4 / 156) . الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 8 - " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ". لا أصل له مرفوعا. وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى إن الشيخ عبد الكريم العامري الغزي لم يورده في كتابه " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث ". وقد وجدت له أصلا موقوفا، رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث " (1 / 46 / 2) حدثني السجستاني حدثنا الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن العيزار الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 عن عبد الله بن عمرو أنه قال: فذكره موقوفا عليه إلا أنه قال: " احرث لدنياك " إلخ. وعبيد الله بن العيزار لم أجد من ترجمه. ثم وقفت عليها في " تاريخ البخاري " (3 / 394) و" الجرح والتعديل " (2 / 2 / 330) بدلالة بعض أفاضل المكيين نقلا عن تعليق للعلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله تعالى وفيها يتبين أن الرجل وثقه يحيي بن سعيد القطان وأنه يروي عن الحسن البصري وغيره من التابعين فالإسناد منقطع. ويؤكده أنني رأيت الحديث في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي (ق 130 / 2) من طريق أخرى عن ابن العيزار قال: لقيت شيخا بالرمل من الأعراب كبيرا فقلت: لقيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فقلت: من؟ فقال: عبد الله بن عمرو بن العاص .... ثم رأيت ابن حبان قد أورده في " ثقات أتباع التابعين " (7 / 148) . ورواه ابن المبارك في " الزهد " من طريق آخر فقال (218 / 2) : أنبأنا محمد ابن عجلان عبد الله بن عمرو بن العاص قال: فذكره موقوفا، وهذا منقطع وقد روي مرفوعا، أخرجه البيهقي في سننه (3 / 19) من طريق أبي صالح حدثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره في تمام حديث أوله: " إن هذا الدين متين فأو غل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى، فاعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر (امريء) يخشى أن يموت غدا ". وهذا سند ضعيف وله علتان جهالة مولى عمر بن عبد العزيز وضعف أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث كما تقدم في الحديث (6) . ثم إن هذا السياق ليس نصا في أن العمل المذكور فيه هو العمل للدنيا، بل الظاهر منه أنه يعني العمل للآخرة، والغرض منه الحض على الاستمرار برفق في العمل الصالح وعدم الانقطاع عنه، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم: " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " متفق عليه والله أعلم. هذا والنصف الأول من حديث ابن عمرو رواه البزار (1 / 57 / 74 ـ كشف الأستار) من حديث جابر، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 62) : وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب. قلت: ومن طريقه رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال " (رقم 229) . لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا الدين يسر، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا. وقد روى الحديث بنحوه من طريق أخرى وسيأتي بلفظ (أصلحوا دنياكم ... ) (رقم 878) . 9 - " أنا جد كل تقي ". لا أصل له. سئل عنه الحافظ السيوطي فقال: لا أعرفه ذكره في كتابه " الحاوي للفتاوي " (2 / 89) . الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 10 - " إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال ". موضوع. رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا، قال الحافظ العراقي (2 / 56) : وفيه محمد بن سهل العطار، قال الدارقطني: يضع الحديث. قلت: وهذا من الأحاديث الموضوعة التي شان بها السيوطي كتابه " الجامع الصغير " خلافا لما تعهد به في مقدمته فقال: وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب، فإنه عفا الله عنا وعنه لم يف بما تعهد به، وفي النية إذا يسر الله لنا أن نتوجه إلى تطهيره من تلك الأحاديث وجمعها في كتاب خاص ونشره على الناس حتى يكونوا على حذر منها. هذا وقد قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في شرحه لـ" الجامع، " فيض القدير " بعد أن نقل ما ذكرته عن العراقي: فكان ينبغي للمصنف حذفه. الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 11 - " إنما بعثت معلما ". ضعيف. أخرجه الدارمي (1 / 99) من طريق عبد الله بن يزيد - وهو أبو عبد الرحمن المقري - وابن وهب في " المسند " (8 / 164 / 2) وعبد الله بن المبارك في " الزهد " (220 / 2) وعنه الحارث في مسنده (ص 16 من " زوائده ") والطيالسي (ص 298 رقم 2251) كلهم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلسين في مسجده فقال: " كلاهما على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه والعلم ويعلمون الجاهل فهم أفضل وإنما بعثت معلما ". وهذا سند ضعيف فإن عبد الرحمن بن زياد وابن رافع ضعيفان كما قال الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " ورواه ابن ماجه (1 / 101) من طريق داود بن الزبرقان عن بكر بن خنيس عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو به. وهذا سند أشد ضعفا من الأول، فإن كل من دون عبد الله بن يزيد ضعفاء، وقد خالفوا الثقات فجعلوا أو أحدهم جعل عبد الله بن يزيد - المعافري الحبلي الثقة - مكان عبد الرحمن بن رافع الضعيف. وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 16 / 2) : فيه داود وبكر وعبد الرحمن وهم ضعفاء. وقال العراقي في " تخريج الإحياء ": سنده ضعيف. وقد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر والتمايل يمنة ويسرة وأماما وخلفا مما هو غير مشروع باتفاق المتقدمين، ومع أن الحديث لا يصح كما علمت، فليس فيه هذا الذي زعموه، بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى، وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث، وهي لا تفيد أيضا إلا مطلق الاجتماع، أما ما يضاف إليه من التحلق وما قرن معه من الرقص فكله بدع وضلالات يتنزه الشرع عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 12 - " أوحى الله إلى الدنيا: أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 44) واللفظ له والحاكم في " معرفة علوم الحديث " (ص 101) من طرق عن الحسين بن داود بن معاذ البلخي قال حدثنا الفضيل بن عياض قال حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قال الخطيب: تفرد بروايته الحسين عن الفضيل، وهو موضوع، ورجالهم كلهم ثقات سوى الحسين بن داود، ولم يكن ثقة، فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أكثرها موضوع. الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 13 - " أهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم، ولا يموتوا إلا غما وهما ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (4163) من طريقين عن الوليد بن مسلم عن محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس عن أبيه عن خريم بن فاتك الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وهذا إسناد ظاهره الصحة ولعله لذلك احتج به شيخ الإسلام ابن تيمية في فصل له في " فضائل الشام " (ق 259 / 1 من مسودته) وليس بصحيح فإن له علتين: الأولى: عنعنعة الوليد فإنه يدلس تدليس التسوية، قال الذهبي في " الميزان ": " إذا قال الوليد: عن ابن جريج أو عن الأو زاعى فليس بمعتمد لأنه يدلس عن كذابين فإذا قال: " ثنا " فهو حجة " الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وقال الحافظ في " التقريب ": هو ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية. الأخرى: الوقف فقد رواه موقوفا هيثم بن خارجة قال: حدثنا محمد بن أيوب به موقوفا على خريم. أخرجه أحمد (3 / 498) وسنده صحيح، وأو هم ابن تيمية أنه مرفوع وليس كذلك. والحديث أورده المنذري في " الترغيب والترهيب " (4 / 63) وقال: رواه الطبراني مرفوعا وأحمد موقوفا ولعله الصواب، ورواتهما ثقات. 14 - " إياكم وخضراء الدمن، فقيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فى المنبت السوء ". ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 81 / 1) من طريق الواقدي قال: أنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجيزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري، وأورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 38) وقال مخرجه العراقي: رواه الدارقطني في " الأفراد " والرامهرمزى في " الأمثال " من حديث أبي سعيد الخدري، قال الدارقطني: تفرد به الواقدى وهو ضعيف. وذكر نحوه ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (ق 118 / 1) . قلت: بل هو متروك فقد كذبه الإمام أحمد والنسائي وابن المديني وغيرهم. ولا تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه، وغيره من الحنفية، فإنه على خلاف القاعدة المعروفة عند المحدثين: الجرح المبين مقدم على التعديل ولذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث (25) . الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 15 - " الشام كنانتي فمن أرادها بسوء رميته بسهم منها ". لا أصل له في المرفوع. ولعله من الإسرائيليات، فقد أخرج الحافظ أبو الحسن الربعي في " فضائل الشام " (ص 3) عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قرأت فيما أنزل الله عز وجل على بعض الأنبياء أن الله تعالى يقول: الشام كنانتي فإذا غضبت على قوم رميته منها بسهم. وفي سنده المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد الله وهو ضعيف لاختلاطه، وجماعة آخرون لم أجد من ترجمهم، ويروى مثل هذا المعنى في مصر أيضا ولا أصل له في المرفوع أيضا كما يشير إليه كلام السخاوي في " المقاصد الحسنة ". الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 16 - " صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والفقهاء، [وفي رواية: العلماء] ". موضوع. أخرجه تمام في " الفوائد " (238 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 96) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 184) من طريق محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا. وهذا سند موضوع محمد بن زياد هذا قال أحمد: كذاب أعور يضع الحديث وقال ابن معين والدارقطني: كذاب الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وكذبه أبو زرعة أيضا وغيره. والحديث مما أورده السيوطي في " الجامع " خلافا لشرطه! وأورده الغزالي في " الإحياء " (1 / 6) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه الحافظ العراقي بعد أن عزاه لابن عبد البر وأبي نعيم: سنده ضعيف. (تنبيه) : ولا منافاة بين قول الحافظ هذا وبين حكمنا عليه بالوضع إذ أن الموضوع من أنواع الحديث الضعيف كما هو مقرر في علم المصطلح. ومن أحاديث هذا الكذاب: 17 - " من أذنب وهو يضحك دخل النار وهو يبكي ". موضوع. أخرجه أبو نعيم أيضا (4 / 96) من طريق عمر بن أيوب حدثنا أبو إبراهيم الترجمان حدثنا محمد بن زياد اليشكري بإسناده المتقدم. وهو من الأحاديث التي سود بها السيوطي أيضا كتابه " الجامع الصغير "! وقال شارحه المناوي: وفيه عمر بن أيوب قال الذهبي: جرحه ابن حبان. قلت: وعمر هذا الظاهر أنه المزني وهاه الدارقطني كما في " الميزان " و" لسانه " فالحمل في الحديث على اليشكري أولى. ثم رأيته في " الحلية (6 / 185) عن بكر بن عبد الله المزني من قوله وهو الأشبه. ومن أحاديث هذا الكذاب أيضا: الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 18 - " اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهي الجن عن صبيانكم ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (288 / 2) والخطيب (5 / 279) وابن عساكر (17 / 469) من طريق محمد بن زياد بإسناده السابق عن ابن عباس. وهو من أحاديث " الجامع الصغير " أيضا! وقد عزاه فيه للخطيب والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عباس وابن عدي عن أنس فتعقبه شارحه المناوي بقوله: وقضيته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، فإنه عقبه بنقله عن أحمد وابن معين وغيرهما أن محمد بن زياد كان كذابا يضع الحديث انتهى. وقال ابن حجر: فيه محمد بن زياد اليشكري كذبوه، وفي " الميزان " كذاب وضاع ثم أورد له هذا الخبر، وابن عدي رواه من حديث عثمان بن مطر عن ثابت عن أنس بن مالك قال في الميزان عن ابن حبان بعد ما ساق له هذا الخبر: يروي الموضوعات عن الأثبات، ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه المؤلف في " مختصر الموضوعات " ساكتا عليه، وحكاه عنه في " الكبير " وأقره فكان ينبغي حذفه من هذا الكتاب وفاء بشرطه. وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندي وغيرهما. قلت: ومنهم ابن القيم في " المنار " (39) . ومن أحاديث اليشكري الكذاب هذا: الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 19 - " زينوا مجالس نسائكم بالمغزل ". موضوع. أخرجه ابن عدي (288 / 2) والخطيب (5 / 380) عن اليشكري بسنده المتقدم عن ابن عباس مرفوعا وقال ابن عدي: اليشكري هذا بين الأمر في الضعفاء يروي عن ميمون أحاديث مناكير لا الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 يرويها غيره ولا يتابعه أحد من الثقات عليها. ومن طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 277) وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 179) . ونحو هذا الحديث: 20 - " زينوا موائدكم بالبقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية ". موضوع. أخرجه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2 / 229 / 1) وابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (2 / 186) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 216) وغيرهما من طريق العلاء بن مسلمة عن إسماعيل ابن مغراء الكرماني عن ابن عياش عن برد عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته العلاء هذا، قال الذهبي في " الميزان ": قال الأزدي: لا تحل الرواية عنه كان لا يبالي ما روى، وقال ابن طاهر: كان يضع الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، وتمام كلام ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال. والحديث مما شان به السيوطي " جامعه " فأورده من طريق ابن حبان في " الضعفاء " والديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي أمامة، وقال شارحه المناوي: وفيه إسماعيل بن عياش مختلف فيه عن برد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء. ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي مصرحا فلوعزاه له لكان أولى. قلت: لقد أبعد الشارح النجعة فعلة الحديث ممن دون من ذكرهم كما عرفت، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 298) من طريق ابن حبان عن العلاء بن مسلمة به، ثم قال ابن الجوزي: الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 لا أصل له، العلاء يضع ... وذكر ما تقدم نقله عن " الميزان ". فتعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " (2 / 12) بقوله: قلت: روى له الترمذي. قلت: وهذا تعقب لا طائل تحته مع ثبوت جرح الرجل فرواية الترمذي عنه لا تعدله وكم في رواته من مجروحين ومتهمين كما لا يخفى على العارفين بتراجم رواة الحديث. ثم ساق له السيوطي في " اللآليء " طريقا أخرى من رواية واثلة بن الأسقع مرفوعا وفيه الحسن بن شبيب المكتب، قال الذهبي في " الميزان ": هو آفة هذا الحديث قال فيه ابن عدي: حدث بالبواطيل عن الثقات وقد جزم ابن القيم في " المنار " (ص 32) بأن الحديث موضوع، أورده في التنبيه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا، ثم قال (ص 35) : ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه. ثم ذكر أحاديث؛ هذا منها. 21 - " حسبي من سؤالي علمه بحالي ". لا أصل له. أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو من الإسرائيليات ولا أصل له في المرفوع، وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيرا لضعفه فقال: روي عن كعب الأحبار: " أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ... لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل: فسل ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي ". الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية فقال: سؤالك منه يعني الله الله تعالى اتهام له، وهذه ضلالة كبري! فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهو ي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، ربنا ... ) إلى آخر الآيات وكلها أدعية، وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى، والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة بغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤولة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " الدعاء هو العبادة، ثم تلا قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} " ذلك لأن الدعاء يظهر عبودية العبد لربه وحاجته إليه ومسكنته بين يديه، فمن رغب عن دعائه، فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى، فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به والحض عليه حتى قال صلى الله عليه وسلم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 " من لا يدع الله يغضب عليه ". أخرجه الحاكم (1 / 491) وصححه ووافقه الذهبي. قلت: وهو حديث حسن، وتجد بسط الكلام في تخريجه وتأكيد تحسينه والرد على من زعم من إخواننا أنني صححته وغير ذلك من الفوائد في " السلسلة الأخرى " (رقم 2654) . وقالت عائشة رضي الله عنها: " سلوا الله كل شيء حتى الشسع، فإن الله عز وجل، إن لم ييسره لم يتيسر ". أخرجه ابن السني (رقم 349) بسند حسن، وله شاهد من حديث أنس عند الترمذي (4 / 292) وغيره وضعفه وهو مخرج فيما سيأتي برقم (1362) . وبالجملة فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟ ! ثم وجدت الحديث قد أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " وقال (1 / 250) : قال ابن تيمية موضوع. 22 - " توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم ". لا أصل له. وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة ". ومما لا شك فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم ومقامه عند الله عظيم، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله: {وكان عند الله وجيها} ، ومن المعلوم أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 موسى، فهو بلا شك أو جه منه عند ربه سبحانه وتعالى، ولكن هذا شيء والتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم، إذ أن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل إذ أنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها فلابد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة، وهذا مما لا سبيل إليه البتة، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين: صحيح وضعيف، أما الصحيح فلا دليل فيه البتة على المدعى مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، وتوسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم لا بجاهه ولا بذاته صلى الله عليه وسلم، ولما كان التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن كان بالتالي التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن وغير جائز. ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر توسلوا بعمه صلى الله عليه وسلم العباس، ولم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ولذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه لأنه ممكن ومشروع، وكذلك لم ينقل أن أحدا من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى، ذلك لأن السر ليس في قول الأعمى: (اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة) . وإنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء له، ويشعر به قوله في دعائه " اللهم فشفعه في " أي اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم أي دعاءه في " وشفعني فيه " أي اقبل شفاعتي أي دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في، فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع، ولهذه أنكره الإمام أبو حنيفة فقال: أكره أن يسأل الله إلا بالله، كما في " الدر المختار " وغيره من كتب الحنفية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وأما قول الكوثري في مقالاته (ص 381) : وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أو ائل " تاريخ الخطيب " بسند صحيح فمن مبالغاته بل مغالطاته فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب (1 / 123) من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إنى لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى. فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسى وقد ترجمه الخطيب (12 / 226) وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة (341) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (247) على أكثر الأقوال، فبين وفاتيهما نحومائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه. وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال (ص 165) : هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فالشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده؟ ! ثم (إن) أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره، ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه، وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف. وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل فهي أحاديث ضعيفة تدل بظاهرها على التوسل المبتدع، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها والتنبيه عليها، فمنها: 23 - " الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ... ". ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (24 / 351 ـ 352) و" الأوسط " (1 / 152 ـ 153 ـ الرياض) ، ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (3 / 121) : حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال روح بن صلاح قال: حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (3 / 121) عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما ... دعا أسامه بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود يحفرون ... فلما فرغ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال ... فذكره، وقال الطبراني: تفرد به روح بن صلاح. قلت: قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (9 / 257) : الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي قوله: وبقية رجاله رجال الصحيح نظر رجيح، ذلك لأن زغبة هذا ليس من رجال الصحيح، بل لم يروله إلا النسائي، أقول هذا مع العلم أنه في نفسه ثقة. بقي النظر في حال روح بن صلاح وقد تفرد به كما قال الطبراني، فقد وثقه ابن حبان والحاكم كما ذكر الهيثمي، ولكن قد ضعفه من قولهم أرجح من قولهما لأمرين: الأول: أنه جرح والجرح مقدم على التعديل بشرطه. والآخر: أن ابن حبان متساهل في التوثيق فإنه كثيرا ما يوثق المجهولين حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو ولا من أبوه؟ كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى ولوكان الجرح مبهما لم يذكر له سبب، فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح هذا؟ ! فقد ضعفه ابن عدي (3 / 1005) ، وقال ابن يونس: رويت عنه مناكير، وقال الدارقطني: ضعيف في الحديث، وقال ابن ماكولا: ضعفوه، وقال ابن عدي بعد أن خرج له حديثين: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وفي بعض حديثه نكرة. فأنت ترى أئمة الجرح قد اتفقت عباراتهم على تضعيف هذا الرجل، وبينوا أن السبب روايته المناكير، فمثله إذا تفرد بالحديث يكون منكرا لا يحتج به، فلا يغتر بعد هذا بتوثيق من سبق ذكره إلا جاهل أو مغرض. ومما تقدم يتبين للمنصف أن الشيخ زاهدا الكوثري ما أنصف العلم حين تكلم على هذا الحديث محاولا تقويته حيث اقتصر على ذكر التوثيق السابق في روح بن صلاح دون أن يشير أقل إشارة إلى أن هناك تضعيفا له ممن هم أكثر وأو ثق ممن وثقه! انظر (ص 379) من " مقالات الكوثرى " نفسه! ومن عجيب أمر هذا الرجل أنه مع سعة علمه يغلب عليه الهوى والتعصب للمذهب ضد أنصار السنة وأتباع الحديث الذين يرميهم ظلما بالحشوية فتراه هنا يميل إلى تقوية هذا الحديث معتمدا على توثيق ابن حبان ما دام هذا الحديث يعارض ما عليه أنصار السنة! فإذا كان الحديث عليه لا له فتراه يرده وإن كان ابن حبان صححه أو وثق رواته! فانظر إليه مثلا يقول في حديث مضيه صلى الله عليه وسلم في صلاته بعد خلع النعل النجسة وقد أخرجه ابن حبان والحاكم في " صحيحيهما " قال: وتساهل الحاكم وابن حبان في التصحيح مشهور! ! (انظر ص 185) من " مقالاته ". والحديث صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " وإعلاله بتساهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 المذكورين تدليس خبيث، لأنه ليس فيه من لم يوثقه غيرهما، بل رجاله كلهم رجال مسلم. وانظر إليه في كلامه على حديث الأو عال وتضعيفه إياه وهو في ذلك مصيب تراه يعتمد في ذلك على أن راويه عبد الله بن عميرة مجهول، ثم يستدرك في التعليق فيقول (ص 309) : نعم ذكره ابن حبان في الثقات، لكن طريقته في ذلك أن يذكر في الثقات من لم يطلع على جرح فيه، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين، وقد رد ابن حجر شذوذ ابن حبان هذا في " لسان الميزان ". قلت: فقد ثبت بهذه النقول عن الكوثري أن من مذهبه عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان والحاكم لتساهلهما في ذلك، فكيف ساغ له أن يصحح الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه لمجرد توثيقهما لراويه روح بن صلاح، ولاسيما أنه قد صرح غيرهما ممن هو أعلم منهما بالرجال بتضعيفه؟ ! اللهم لولا العصبية المذهبية لم يقع في مثل هذه الخطيئة، فلا تجعل اللهم تعصبنا إلا للحق حيثما كان. ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل وهي في الوقت نفسه تدل على تعصب الكوثري، الحديث الآتي: 24 - " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ... أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له ألف ملك ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1 / 261 - 262) وأحمد (3 / 21) والبغوي في " حديث علي بن الجعد " (9 / 93 / 3) وابن السني (رقم 83) من طريق فضيل الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. وهذا سند ضعيف من وجهين، الأول: فضيل بن مرزوق وثقه جماعة وضعفه آخرون، وقول الكوثري في بعض " مقالاته " (393) : وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ولم يضعفه سواه وجرحه غير مفسر، بل وثقه البستي. فيه أخطاء مكشوفة: أولا: قوله لم يضعفه غير أبي حاتم، فإنه باطل، وما أظن هذا يخفى على مثله، فإن في ترجمته من " التهذيب " بعد أن حكى أقوال الموثقين له ما نصه: وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه. قلت: يحتج به؟ قال: لا. وقال النسائي: ضعيف ... قال مسعود عن الحاكم: ليس هو من شرط الصحيح. وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه، قال ابن حبان في الثقات: يخطيء، وقال في " الضعفاء ": كان يخطيء على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات. فأنت ترى أنه قد ضعفه مع أبي حاتم النسائي والحاكم وابن حبان مع أنهما من المتساهلين في التوثيق كما تقدم. ثانيا: قوله: وجرحه غير مفسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فهذا غير مسلم به، بل هو مفسر في نفس كلام أبي حاتم الذي نقلته، وهو قوله: يهم كثيرا، وقد اعتمد الحافظ ابن حجر هذا القول فقال في ترجمته: صدوق يهم، فمن كان يهم في حديثه كثيرا، فلا شك أنه لا يحتج به كما هو مقرر في محله من علم المصطلح. ثالثا: قوله: بل وثقه البستي. قلت: البستي هو ابن حبان، وإنما عدل الكوثري عن التصريح باسم (ابن حبان) إلى ذكر نسبته (البستي) تدليسا وتمويها، وقد علمت أن ابن حبان كان له فيه قولان، فمرة أورده في " الثقات " (7 / 316) وأخرى في " الضعفاء " (2 / 209) والاعتماد على هذا أولى من الأول، لأنه بين فيه سبب ضعفه، فهو جرح مفسر يقدم على التعديل كما تقرر في المصطلح أيضا. الوجه الثاني في تضعيف الحديث: أنه من رواية عطية العوفي، وهو ضعيف أيضا. قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطيء كثيرا كان شيعيا مدلسا، فهذا جرح مفسر يقدم على قول من وثقه مع أنهم قلة، وقد خالفوا جمهو ر الأئمة الذين ضعفوه وتجد أقوالهم في " تهذيب التهذيب " وعبارة الحافظ التي نقلتها عن " التقريب " هي خلاصة هذه الأقوال كما لا يخفى على البصير بهذا العلم فلا نطيل الكلام بذكرها، ولهذا جزم الذهبي في " الميزان " بأنه ضعيف. أما تدليسه فلابد من بيانه ها هنا لأن به تزول شبهة يأتي حكايتها، فقال ابن حبان في " الضعفاء " ما نصه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته، فإذا قال الكلبي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيحفظه، وكناه أبا سعيد ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك هذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد الكلبي! قال: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب. فهل تدري أيها القاريء الكريم ما كان موقف الشيخ الكوثري تجاه تلك الأقوال المشار إليها في تضعيف الرجل؟ إنه لم يشر إليها أدنى إشارة واكتفى بذكر أقوال القلة الذين وثقوه، الأمر الذي ينكره على خصومه (انظر ص 392 من " مقالاته " وليته وقف عند هذا، بل إنه أو هم أن سبب تضعيفه أمر لا يصلح أن يكون جرحا فقال (ص 394) : وعطية جرح بالتشيع، لكن حسن له الترمذي عدة أحاديث. وقصده من هذا إفساح المجال لتقديم أقوال الموثقين بإيهام أن المضعفين إنما ضعفوه بسبب تشيعه، وهو سبب غير جارح عند المحققين، مع أن السبب في الحقيقة إنما هو خطأه كثيرا كما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر، فانظر كم يبعد التعصب بصاحبه عن الإنصاف والحق! وأما تحسين الترمذي له فلا حجة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث، والترمذي متساهل في التصحيح والتحسين، وهذا شيء لا يخفى على الشيخ - عفا الله عنا وعنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأو عال الذي سبقت الإشارة إليه عن ابن دحية إنه قال: كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية؟ ! وعن الذهبي أنه قال: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي (انظر ص 311 من " مقالات الكوثرى ") . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فانظر كيف يجعل كلام الرجل في موضع حجة، وفي آخر غير حجة! ! ثم أجاب عن شبهة التدليس بقوله: وبعد التصريح بالخدري لا يبقى احتمال التدليس ولاسيما مع المتابعة. يعني أن عطية قد صرح بأن أبا سعيد في هذا الحديث هو الخدري، فاندفعت شبهة كونه هو الكلبي الكذاب. قلت: وهذا دفع هزيل، فالشبهة لا تزال قائمة، لأن ابن حبان صرح كما تقدم نقله عنه أن عطية لما كان يحدث عن الكلبي ويكنيه بأبي سعيد كان الذين يسمعون الحديث عنه يتوهمون أنه يريد الخدري، فمن أين للشيخ الكوثري أن التصريح بالخدري إنما هو من عطية وليس من توهم الراوي عنه أو من وهمه فقد علمت أنه كان سيء الحفظ؟ ! هذان احتمالان لا سبيل إلى ردهما وبذلك تبقى شبهة التدليس قائمة. وأما المتابعة التي أشار إليها فهي ما فسره بقوله قبل: ولم ينفرد عطية عن الخدري، بل تابعه أبو الصديق عنه في رواية عبد الحكم بن ذكوان، وهو ثقة عند ابن حبان، وإن أعله به أبو الفرج في علله. قلت: لقد عاد الشيخ إلى الاعتداد بتوثيق ابن حبان مع اعترافه بشذوذه في ذلك كما سبق النقل عنه، هذا مع قول ابن معين في ابن ذكوان هذا: لا أعرفه، فإذا لم يعرفه أمام الجرح والتعديل، فأنى لابن حبان أن يعرفه؟ ! فتبين أن لا قيمة لهذا المتابع لجهالة الراوي عنه، فإعلال أبي الفرج للحديث به حق لا غبار عليه عند من ينصف! ثم بدا لي وجه ثالث في تضعيف الحديث وهو اضطراب عطية أو ابن مرزوق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 في روايته حيث أنه رواه تارة مرفوعا كما تقدم، وأخرى موقوفا على أبي سعيد كما رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 110 / 1) عن ابن مرزوق به موقوفا، وفي رواية البغوي من طريق فضيل قال: أحسبه قد رفعه، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 184) : موقوف أشبه. ثم إن الشيخ حاول أن يشد من عضد الحديث بأن أو جد له طريقا أخرى فقال: وأخرج ابن السني في عمل " اليوم والليلة " بسند فيه الوازع عن بلال، (كذا) وليس فيه عطية ولا ابن مرزوق. قلت: ولم يزد الشيخ على هذا فلم يبين ما حال هذا الوازع وهل هو ممن يصلح أن يستشهد به، أو هل عنده وازع يمنعه من رواية الكذب؟ ولو أنه بين ذلك لظهر لكل ذي عينين أن روايته لهذا الحديث وعدمها سواء، ذلك لأنه ضعيف بمرة عند أئمة الحديث بلا خلاف عندهم، حتى قال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدا ليس بشىء، وقال لابنه: اضرب على أحاديثه فإنها منكرة. بل قال الحاكم - على تساهله -: روى أحاديث موضوعة! وكذا قال غيره، وهو الوازع بن نافع العقيلي. فمن كان هذا حاله في الرواية لا يعتضد بحديثه ولا كرامة حتى عند الشيخ نفسه فاسمع إن شئت كلامه في ذلك (ص 39) من " مقالاته ": الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 " إن تعدد الطرق إنما يرفع الحديث إلى مرتبة الحسن لغيره إذا كان الضعف في الرواة من جهة الحفظ والضبط فقط، لا من ناحية تهمة الكذب، فإن كثرة الطرق لا تفيد شيئا إذ ذاك ". ومن هنا يتبين للقاريء اللبيب لم سكت الشيخ عن بيان حال الوازع هذا! وجملة القول أن هذا الحديث ضعيف من طريقيه وأحدهما أشد ضعفا من الآخر، وقد ضعفه البوصيرى والمنذري وغيرهما من الأئمة، ومن حسنه فقد وهم أو تساهل، وقد تكلمت على حديث بلال هذا، وكشفت عن تدليس الكوثري فيما سيأتي (6252) ومن الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة في التوسل: 25 - " لما اقترف آدم الخطيئة، قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك ". موضوع. أخرجه الحاكم في " المستدرك " (2 / 615) وعنه ابن عساكر (2 / 323 / 2) وكذا البيهقي في باب ما جاء فيما تحدث به صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه من " دلائل النبوة " (5 / 488) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري، حدثنا إسماعيل ابن مسلمة، نبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا، وقال الحاكم: الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب. فتعقبه الذهبي بقوله: بل موضوع، وعبد الرحمن واه، وعبد الله بن مسلم الفهري لا أدري من هو. قلت: والفهري هذا أورده في " ميزان الاعتدال " لهذا الحديث وقال: خبر باطل رواه البيهقي في " دلائل النبوة " وقال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم وهو ضعيف. وأقره ابن كثير في " تاريخه " (2 / 323) ووافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان " أصله " الميزان " على قوله: خبر باطل وزاد عليه قوله في هذا الفهري: لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته. قلت: والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رشيد، ذكره ابن حبان فقال: متهم بوضع الحديث، يضع على ليث ومالك وابن لهيعة لا يحل كتب حديثه، وهو الذي روى عن ابن هدبة نسخة كأنها معمولة. والحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (207) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن زيد ثم قال: لا يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في " المجمع " (8 / 253) : رواه الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " وفيه من لم أعرفهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 قلت: وهذا إعلال قاصر ما دام فيه عبد الرحمن بن زيد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة " (ص 69) : ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب " المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم ": عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه. قلت: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا. وصدق شيخ الإسلام في نقله اتفاقهم على ضعفه وقد سبقه إلى ذلك ابن الجوزي، فإنك إذا فتشت كتب الرجال، فإنك لن تجد إلا مضعفا له، بل ضعفه جدا علي بن المديني وابن سعد، وقال الطحاوى: حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف. وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف، فاستحق الترك. وقال أبو نعيم نحوما سبق عن الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة. قلت: ولعل هذا الحديث من الأحاديث التي أصلها موقوف ومن الإسرائيليات، أخطأ عبد الرحمن بن زيد فرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيد هذا أن أبا بكر الآجري أخرجه في " الشريعة " (ص 427) من طريق الفهري المتقدم بسند آخر له عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه. ورواه (ص 422 - 425) من طريق أبي مروان العثماني قال: حدثني أبي (في الأصل: ابن وهو خطأ) عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 " من الكلمات التي تاب الله عز وجل على آدم عليه السلام أنه قال: اللهم إني أسألك بحق محمد عليك.. " الحديث نحوه وليس فيه ادعني بحقه إلخ. وهذا موقوف وعثمان وابنه أبو مروان ضعيفان لا يحتج بهما لورويا حديثا مرفوعا، فكيف وقد رويا قولا موقوفا على بعض أتباع التابعين وهو قد أخذه - والله أعلم - من مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم أو عن كتبهم التي لا ثقة لنا بها كما بينه شيخ الإسلام في كتبه. وكذلك رواه ابن عساكر (2 / 310 / 2) عن شيخ من أهل المدينة من أصحاب ابن مسعود من قوله موقوفا عليه وفيه مجاهيل. وجملة القول: أن الحديث لا أصل له عنه صلى الله عليه وسلم فلا جرم أن حكم عليه بالبطلان الحافظان الجليلان الذهبي والعسقلاني كما تقدم النقل عنهما. ومما يدل على بطلانه أن الحديث صريح في أن آدم عليه السلام عرف النبي صلى الله عليه وسلم عقب خلقه، وكان ذلك في الجنة، وقبل هبوطه إلى الأرض، وقد جاء في حديث إسناده خير من هذا على ضعفه أنه لم يعرفه إلا بعد نزوله إلى الهند وسماعه باسمه في الأذان! انظر الحديث (403) . ومع هذا كله فقد جازف الشيخ الكوثري وصححه مع اعترافه بضعف عبد الرحمن بن زيد لكنه استدرك (ص 391) فقال: إلا أنه لم يتهم بالكذب، بل بالوهم، ومثله ينتقى بعض حديثه. قلت: لقد بلغ به الوهم إلى أنه روى أحاديث موضوعة كما تقدم عن الحاكم وأبي نعيم، فمثله لا يصلح أن ينتقى من حديثه حتى عند الكوثري لولا العصبية والهوى، فاسمع إن شئت ما قاله (ص 42) في صدد حكمه بالوضع على حديث " إياكم وخضراء الدمن ... " وقد تقدم برقم (14) . وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الحديثية هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ به. وقد علمت مما سبق أن مدار الحديث على عبد الرحمن بن زيد الفاحش الخطأ، فيكون حديثه ضعيفا جدا على أقل الأحوال عنده لو أنصف! ومن عجيب أمره أنه يقول عقب عبارته السابقة (ص 391) : وهذا هو الذي فعله الحاكم حيث رأى أن الخبر مما قبله مالك فيما روى ابن حميد عنه حيث قال لأبي جعفر المنصور: وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام. فمن أين له أن الحاكم رأى أن الخبر مما قبله مالك؟ ! فهل يلزم من كون الرجل كان حافظا أنه كان يحفظ كل شيء عن أي إمام، هذا ما لا يقوله إنسان؟ ! فمثل هذا لابد فيه من نقل يصرح بأن الحاكم رأى ... وإلا فمن ادعى ذلك فقد قفى ما ليس له به علم. ثم هب أن مالكا قبل الخبر، فهل ذلك يلزم غيره أن يقبله وهو لم يذكر إسناده المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أفلا يجوز أن يكون ذلك من الإسرائيليات التي تساهل العلماء في روايتها عن بعض مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، فقد كان يروي عنه بعضها ابن عمر وابن عباس وأبوهريرة باعتراف الكوثري نفسه (ص 34 ـ " مقالة كعب الأحبار والإسرائيليات ") فإذا جاز هذا لهؤلاء، أفلا يجوز ذلك لمالك؟ بلى ثم بلى. فثبت أن قول مالك المذكور لا يجوز أن يكون شاهدا مقويا للحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كله يقال لوثبت ذلك عن مالك، كيف ودون ثبوته خرط القتاد! فإنه يرويه عنه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي في الراجح عند الكوثري ثم اعتمد هو على توثيق ابن معين إياه وثناء أحمد والذهلي عليه، وتغافل عن تضعيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 جمهو ر الأئمة له، بل وعن تكذيب كثيرين منهم إياه، مثل أبي حاتم والنسائي وأبي زرعة وصرح هذا أنه كان يتعمد الكذب، ومثل ابن خراش فقد حلف بالله أنه كان يكذب، وقال صالح بن محمد الأسدي: كل شيء كان يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه، وقال في موضع آخر: كانت أحاديثه تزيد، وما رأيت أحدا أجرأ على الله منه، وقال أيضا: ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين سليمان الشاذكوني ومحمد ابن حميد، كان يحفظ حديثه كله. وقال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لوحدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه؟ فقال: إنه لم يعرفه، ولوعرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا. فهذه النصوص تدل على أن الرجل كان مع حفظه كذابا، والكذب أقوى أسباب الجرح وأبينها، فكيف ساغ للشيخ تقديم التعديل على الجرح المفسر مع أنه خلاف معتقده؟ ! علم ذلك عند من يعرف مبلغ تعصبه على أنصار السنة وأهل الحديث، وشدة عداوته إياهم سامحه الله وعفا عنه. فتبين مما ذكرناه أن هذه القصة المروية عن مالك قصة باطلة موضوعة، وقد حقق القول في ذلك على طريقة أخرى شيخ الإسلام في " القاعدة الجليلة " (1 / 227 - ضمن مجموع الفتاوى) وابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " فليراجعهما من أراد المزيد من الاطلاع على بطلانها، فإن فيما أوردت كفاية. وبذلك ثبت وضع حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وخطأ من خالف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 ولقد أطلت كثيرا في تحقيق الكلام عليه وعلى الأحاديث التي قبله، وما كنت أو د ذلك لولا أنى وجدت نفسي مضطرا لذلك، لما وقفت على مغالطات الشيخ الكوثري، فرأيت من الواجب الكشف عنها لئلا يغتر بها من لا علم له بما هنالك! فمعذرة إلى القراء الكرام. هذا وإن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل أنها صرفت كثيرا من الأمة عن التوسل المشروع إلى التوسل المبتدع، ذلك لأن العلماء متفقون - فيما أعلم - على استحباب التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته تعالى، وعلى توسل المتوسل إليه تعالى بعمل صالح قدمه إليه عز وجل. ومهما قيل في التوسل المبتدع فإنه لا يخرج عن كونه أمرا مختلفا فيه، فلو أن الناس أنصفوا لانصرفوا عنه احتياطا وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " إلى العمل بما أشرنا إليه من التوسل المشروع، ولكنهم مع الأسف أعرضوا عن هذا وتمسكوا بالتوسل المختلف فيه كأنه من الأمور اللازمة التي لابد منها ولازموها ملازمتهم للفرائض! فإنك لا تكاد تسمع شيخا أو عالما يدعوبدعاء يوم الجمعة وغيره إلا ضمنه التوسل المبتدع، وعلى العكس من ذلك فإنك لا تكاد تسمع أحدهم يتوسل بالتوسل المستحب كأن يقول مثلا: اللهم إنى أسألك بأن لك الحمد لا إله ألا أنت وحدك لا شريك لك المنان، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك ... مع أن فيه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى كما قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 فهل سمعت أيها القارئ الكريم أحدا يتوسل بهذا أو بغيره مما في معناه؟ أما أنا فأقول آسفا: إننى لم أسمع ذلك، وأظن أن جوابك سيكون كذلك، فما السبب في هذا؟ ذلك هو من آثار انتشار الأحاديث الضعيفة بين الناس، وجهلهم بالسنة الصحيحة، فعليكم بها أيها المسلمون علما وعملا تهتدوا وتعزو ا. وبعد طبع ما تقدم اطلعت على رسالة في جواز التوسل المبتدع لأحد مشايخ الشمال المتهو رين، متخمة بالتناقض الدال على الجهل البالغ، وبالضلال والأباطيل والتأويلات الباطلة والافتراء على العلماء بل الإجماع! مثل تجويز الاستغاثة بالموتى والنذر لهم، وزعمه أن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان! وغير ذلك مما لا يقول به عالم مسلم، كما أنه حشاها بالأحاديث الضعيفة والواهية كما هي عادته في كل ما له من رسائل - وليته سكت عنها، بل إنه صحح بعض ما هو معروف منها بالضعف كقوله (ص 42) وفي الأحاديث الصحيحة: " إن أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعباده " وغير ذلك مما لا يمكن البحث فيه الآن. وإنما القصد أن أنبه القراء على ما وقع في كلامه على الأحاديث المتقدمة في التوسل من التدليس بل الكذب المكشوف ليوهمهم صحتها، كي يكونوا في حذر منه ومن أمثاله من الذين لا يتقون الله فيما يكتبون، لأن غرضهم الانتصار لأهو ائهم وما وجدوا عليه آبائهم وأمهاتهم. فحديث أنس (رقم 23) الذي بينا ضعف إسناده، أو هم هو أنه صحيح بتمكسه بتوثيق ابن حبان والحاكم لروح بن صلاح! وقد أثبتنا ضعف هذا الراوي وعدم اعتداد العلماء بتوثيق المذكورين فتذكر، كما أثبتنا عدم أمانة الكوثري في النقل واتباعه للهو ى وقد جرى على طريقته هذه مؤلف هذه الرسالة بل زاد عليه! فإنه بعد أن ساق الحديث موهما القاريء أنه صحيح قال عقبه (ص 15) : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 ولهذا طرق منها عن ابن عباس عند أبي نعيم في " المعرفة " والديلمي في " الفردوس " بإسناد حسن كما قاله الحافظ السيوطي. فهذا كذب منه على ابن عباس رضي الله عنه - وربما على السيوطي أيضا - فليس في حديث ابن عباس موضع الشاهد من حديث أنس وهو قوله " بحق نبيك والأنبياء الذين قبلي فإنك أرحم الراحمين " وذلك مما يوهن هذه الزيادة ولا يقويها خلافا لمحاولة المؤلف الفاشلة المغرضة! وأما حديث عمر (رقم 25) فقال في تخريجه (ص 15) : وأخرج البيهقي في " دلائل النبوة " وقد التزم أن لا يذكر في هذا الكتاب حديثا موضوعا. قلت: والجواب من وجهين: الأول: أن الالتزام المذكور غير مسلم به، فقد أخرج فيه غيرما حديث موضوع وقد نص على ذلك بعض النقاد، ومن يتتبع مقالاتنا هذه في الأحاديث الضعيفة والموضوعة يجد أمثلة على ذلك وحسبك دليلا الآن هذا الحديث فقد حكم عليه الحافظان الذهبي والعسقلاني بأنه حديث باطل كما سبق، فما بال المؤلف يتغاضى عن حكمهما وهما المرجع في هذا الشأن ويتعلق بالمتشابه من الكلام؟ ! . الآخر: أن البيهقي الذي أخرجه في " الدلائل " قد ضعف الحديث فيه كما سبق نقله عنه، فإن لم يكن الحديث عنده موضوعا فهو على الأقل ضعيف، فهو حجة على الشيخ الذي يحاول بتحريف الكلام أن يجعله صحيحا؟ ! ثم نقل المؤلف تخريج الحاكم للحديث وتصحيحه إياه، وتغاضى أيضا عن تعقب الذهبي إياه الذي سبق أن ذكرناه، والذي يصرح فيه أنه حديث موضوع! كما تغاضى عن حال راويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، الذي اتهمه الحاكم نفسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 بالوضع! وعن غيره ممن لا يعرف حاله أو هو متهم، وعن قول الحافظ الهيثمي في الحديث فيه من لم أعرفهم! . عجبا من هذا المؤلف وأمثاله إنهم يزعمون أن باب الاجتهاد قد أغلق على الناس فليس لهم أن يجتهدوا لا في الحديث تصحيحا وتضعيفا، ولا في الفقه، ترجيحا وتفريعا، ثم هم يجتهدون فيما لا علم لهم فيه البتة، وهو علم الحديث، ويضربون بكلام ذوي الاختصاص عرض الحائط! ثم هم إن قلدوا قلدوا دون علم متبعين أهواءهم، وإلا فقل لي بالله عليك: إذا صحح الحاكم حديثا - وهو معروف بتساهله في ذلك - ورده عليه أمثال الذهبي والهيثمي والعسقلاني أفيجوز والحالة هذه التعلق بتصحيح الحاكم؟! اللهم إن هذا لا يقول به إلا جاهل أو مغرض! اللهم فاحفظنا من اتباع الهوى حتى لا يضلنا عن سبيلك. ثم زعم المؤلف (ص 16) أن الإمام مالكا قد صح عنده محل الشاهد من هذا الحديث حيث قال للخليفة العباسى: ولم تصرف وجهك عنه صلى الله عليه وسلم وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم؟ . وقد بينا فيما سلف بطلان نسبة هذه القصة إلى مالك، وأما المؤلف فلا يهمه التحقق من ذلك، وسيان عنده أثبتت أو لم تثبت، ما دام أنها تؤيد هواه وبدعته إذ الغاية عنده تسوغ الوسيلة! . ومن تهو ر هذا المؤلف وجهله أنه يصرح (ص 12) : أن التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والأولياء والصالحين والاستغاثة بهم ... مما أجمعت عليه الأمة قبل ظهور هذا المبتدع ابن تيمية الذي جاء في القرن الثامن الهجري وابتدع بدعته! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فإن إنكار التوسل بغير الله تعالى مما صرح به بعض الأئمة الأولين المعترف بفضلهم وفقههم، وقد نقلنا نص أبي حنيفة في ذلك (ص 77) من الكتب الموثوق بها من كتب الحنفية وفيها عن صاحبيه الإمام محمد وأبي يوسف نحوذلك مما يعتبر قاصمة الظهر لهؤلاء المبتدعة، فأين الإجماع المزعوم أيها المتهور؟ ! وإن من أكبر الافتراء على الإجماع أن ينسب إليه هذا المؤلف جواز الاستغاثة بالأموات من الصالحين؟ وهذه ضلالة كبري لم يقل بها - والحمد لله - أحد من سلف الأمة وعلمائها، ونحن نتحدى المؤلف وغيره من أمثاله أن يأتينا ولو بشبه نص عنهم في جواز ذلك، بل المعروف في كتب أتباعهم خلاف ذلك ولولا ضيق المجال لنقلنا بعض النصوص عنهم. وأما حديث أبي سعيد الخدري (رقم 24) فاكتفى المؤلف (ص 36) بأن نقل تحسينه عن بعض العلماء، وقد بينا خطأ ذلك من وجوه بما لا مرد لها فأغنى عن الإعادة، والمؤلف لا يهمه مطلقا التحقيق العلمي لأنه ليس من أهله، بل هو يتعلق في سبيل تأييد هو اه بالأوهام ولوكانت كخيوط القمر أو مدد الأموات! . وبهذه المناسبة أريد أن أقول كلمة وجيزة من جهة استدلال المؤلف بهذا الحديث وأمثاله على التوسل المبتدع فأقول: إن حق السائلين على الله تعالى هو أن يجيب دعاءهم، فلوصح هذا الحديث وما في معناه فليس فيه توسل ما إلى الله بالمخلوق، بل هو توسل إليه بصفة من صفاته وهي الإجابة، وهذا أمر مشروع خارج عن محل النزاع فتأمل منصفا، وبهذا يسقط قول هذا المؤلف عقب الحديث: فالنبى صلى الله عليه وسلم توسل بالسائلين الأحياء والأموات، لأننا نقول هذا من تحريف الكلم فإننا نقول - إنما توسل - لوصح الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 بحق السائلين، وعرفت المعنى الصحيح - وبحق الممشى، وهو الإثابة من الله لعبده، وذلك أيضا صفة من صفاته تعالى فأين التوسل المبتدع وهو التوسل بالذات؟ ! وأنهي هذا الرد السريع بتنبيه القراء الكرام إلى أمرين آخرين وردا في الرسالة المذكورة: الأمر الأول ذكر (ص 16) حديث الأعمى وقد سبق بيان معناه، ثم أتبعه بذكر قصة عثمان بن حنيف مع الرجل صاحب الحاجة وكيف أنه شكي إليه أنه يدخل على عثمان بن عفان فلا يلتفت إليه! فأمره ابن حنيف أن يدعو بدعاء الأعمى ... فدخل على عثمان بن عفان فقضى له حاجته! احتج المؤلف بهذه القصة على التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. وجوابنا من وجهين: الأول: أنها قصة موقوفة، والصحابة الآخرون لم يتوسلوا مطلقا به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لأنهم يعلمون أن التوسل به معناه التوسل بدعائه وهذا غير ممكن كما سبق بيانه. الآخر: أنها قصة لا تثبت عن ابن حنيف، وبيان ذلك في رسالتنا الخاصة " التوسل أنواعه وأحكامه " وقد سبقت الإشارة إليها. ونحوذلك أنه: ذكر (ص 25) قصة مجيء بلال بن الحارث المزني الصحابى لما قحط الناس في عهد عمر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنادته إياه: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا. فهذه أيضا قصة غير ثابتة وأو هم المؤلف صحتها محرفا لكلام بعض الأئمة، مقلدا في ذلك بعض ذوي الأهواء قبله، وتفصيل ذلك في الرسالة المومىء إليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 26 - " الحدة تعتري خيار أمتي ". ضعيف. أخرجه الطبراني (3 / 118 / 1 و123 / 1) وابن عدي (163 / 1) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (6 / 44 / 2) عن سلام الطويل عن الفضل بن عطية عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا وقال المخلص: قال البغوي: هذا حديث منكر، وسلام الطويل ضعيف الحديث جدا فأشار إلى أن الآفة من سلام هذا وهو الصواب خلافا لما ذكره ابن الجوزي في " الواهيات " على ما نقله المناوي عنه في " الفيض " حيث قال: لا يصح، وفيه آفات، سلام الطويل متروك، وكذا الفضل بن عطية، والبلاء فيه منه. قلت: هو وإن كان ضعيفا فإنه لم يتهم بخلاف سلام الطويل فقد اتهمه غير واحد بالكذب والوضع، فالحمل فيه عليه أولى. نعم لم يتفرد به، بل تابعه محمد بن الفضل عن أبيه به. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 61) والخطيب في " تاريخه " (14 / 73) ، ألا إن محمد بن الفضل هذا كذاب أيضا فلا يفرح بمتابعته! كذبه ابن معين والفلاس وغيرهما، وكأن الحافظ السخاوي لم يطلع على هذه المتابعة فقد اقتصر في " المقاصد الحسنة " (رقم 397) على إعلال الحديث بسلام الطويل وقال: وهو متروك، وعزاه لأبي يعلى والطبراني، وبالجملة فالحديث من هذا الوجه ضعيف جدا، لكن له شاهد بإسناد خير من هذا، رواه الحسن بن سفيان في " مسنده " وبشر بن مطر في " حديثه " (3 / 89 / 1) وابن منده في " معرفة الصحابة " (2 / 264 / 2) وأبو نعيم في " أخبار الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 أصبهان " (2 / 7) والخطيب في " الموضح " (2 / 50) عن دريد بن نافع عن أبي منصور الفارسي مرفوعا به. وهذا سند ضعيف، فإن أبا منصور هذا مختلف في صحبته، وقد قال البخاري: حديث مرسل، والراوي عنه دريد، قال أبو حاتم: هو شيخ كما في " الجرح والتعديل " لابنه (1 / 2 / 438) ، وقال ابن حبان في " الثقات " (2 / 82) : هو مستقيم الحديث، وقد اضطرب عليه فيه، فرواه من ذكرنا عنه هكذا، ورواه الخطيب من طريق أخرى عنه عن منصور مولى ابن عباس مرفوعا. والله أعلم. وقد روي الحديث بألفاظ وطرق أخرى لا تخلومن كذاب، أذكر ثلاثة منها: 27 - " الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7 / 2529 ـ بيروت) من طريق وهب بن وهب بسنده عن معاذ بن جبل مرفوعا به، وقال: وهب يضع الحديث. وقال العقيلي (4 / 325 ـ دار الكتب) : أحاديثه كلها بواطيل. وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية ابن عدي عن معاذ، فقال المناوي: وفيه وهب بن وهب بن كثير قال في " الميزان ": قال ابن معين: يكذب، وقال أحمد: يضع. ثم سرد له أخبارا ختمها بهذا ثم قال: وهذه أحاديث مكذوبة. ومنها: الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 28 - " الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي وأبرارها ثم تفيء ". موضوع. رواه بن بشران في " الأمالي " (23 / 69 / 2) عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وبشر هذا كذاب. والحديث ذكره السيوطي برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس وقال شارحه المناوي: رواه الديلمي من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس وبشر هذا قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك. قلت: وزاد الذهبي في ترجمته من " الميزان ": وقال أبو حاتم: يكذب على الزبير، وقال ابن حبان: يروي بشر بن الحسين عن نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا. قلت: ومنها هذا الحديث كما نقله الذهبي في ترجمته لكن بلفظ: " ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن لعزة القرآن في جوفه ". وبهذا اللفظ رواه العقيلي في " الضعفاء " (1 / 141) من طريق بشر، وساق له أحاديث أخرى وقال: وله غير حديث من هذا النحومناكير كلها. وقد أورده السيوطي برواية أبي نصر السجزي في " الإبانة " والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس وتعقبه المناوي هنا بما نقلناه عن الذهبي من تكذيب أبي حاتم لبشر هذا، وزاد: وفي " اللسان " عن ابن حبان: لا ينظر في شيء رواه عن الزبير إلا على جهة التعجب، وكذبه الطيالسي. ومن الغرائب أن السيوطي أورد حديث معاذ وحديث أنس بلفظيه في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 24) مستدركا لهما على ابن الجوزي، ثم أوردهما في الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! وهذه كلها من رواية الكذابين! ونحوه في المناوي في " التيسير " فإنه قال في حديث أنس: إسناده ضعيف! . ومنها: 29 - " خيار أمتي أحداؤهم الذين إذا غضبوا رجعوا ". باطل. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 217 ـ الظاهرية) وتمام في " الفوائد " (249 / 2) وابن شاذان في " فوائد ابن قانع وغيره " (163 / 2) والسلفى في " الطيوريات " (140 / 2) من طريق عبد الله بن قنبر حدثني أبي قنبر عن علي مرفوعا وقال العقيلي عقبه: عبد الله لا يتابع على حديثه من جهة تثبت. قلت: وعبد الله هذا قال الأزدي: تركوه، وساق له الذهبي في ترجمته هذا الحديث وقال: خبر باطل وأقره العسقلاني. والحديث رواه الطبراني في " الأوسط " بسند فيه يغنم بن سالم بن قنبر وهو كذاب كما قال الهيثمي (8 / 68) والسخاوي (ص 187) وعزاه للبيهقى أيضا في " الشعب " واقتصر الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 146) على تضعيف سند الحديث، وهو قصور، إلا أن يلاحظ أن الحديث الموضوع من أنواع الضعيف فلا إشكال. وخلاصة القول: إن هذه الأحاديث في الحدة كلها موضوعة إلا حديث دويد عن أبي منصور الفارسي الذي تقدم لفظه برقم (26) فضعيف لإرساله. والله أعلم. ومن آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته وأن لا الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 يعالجها لأنها من خلق المؤمن! وقد وقع هذا، فإنى ناظرت شيخا متخرجا من الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن فاحتد في أثنائها، فأنكرت عليه حدته، فاحتج علي بهذا الحديث! فأخبرته بأنه ضعيف، فازداد حدة وافتخر علي بشهاداته الأزهرية، وطالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه! فقلت: قوله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا ... " الحديث! رواه مسلم وهو مخرج في " تخريج مشكلة الفقر " (66) و" صحيح أبي داود " (1034) وغيرهما. 30 - " الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ". لا أصل له. قال في " المقاصد ": قال شيخنا يعني ـ ابن حجر العسقلاني ـ: لا أعرفه. وقال ابن حجر الهيثمي الفقيه في " الفتاوى الحديثية " (134) : لم يرد هذا اللفظ. قلت: ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم (1220) بترقيمي ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ". أخرجه مسلم والبخاري بنحوه وغيرهما، عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة، وهو مخرج في " الصحيحة " فانظر " صحيح الجامع " (7164 ـ 7173) . الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 31 - " الدنيا خطوة رجل مؤمن ". لا أصل له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (1 / 196) : لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن غيره من سلف الأمة ولا أئمتها. وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعات " برقم (1187) . الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 32 - " الدنيا حرام على أهل الآخرة، والآخرة حرام على أهل الدنيا، والدنيا والآخرة حرام على أهل الله ". موضوع. وهو من الأحاديث التي شوه بمثلها السيوطي " الجامع الصغير " وعزاه للديلمى في " مسند الفردوس " عن ابن عباس وقد تعقبه المناوي بقوله: وفيه جبلة بن سليمان أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال ابن معين: ليس بثقة. قلت: حري بمن روى هذا الخبر أن يكون غير ثقة، بل هو كذاب أشر، فإنه خبر باطل لا يشك في ذلك مؤمن عاقل، إذ كيف يحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المؤمنين أهل الآخرة ما أباحه الله تعالى لهم من التمتع بالدنيا وطيباتها كما في قوله عز وجل {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} وقوله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا، خالصة يوم القيامة} . ثم كيف يجوز أن يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الدنيا والآخرة معا على أهل الله تعالى وما أهل الله إلا أهل القرآن القائمين به والعاملين بأحكامه، وما الآخرة إلا جنة أو نار، فتحريم النار على أهل الله مما أخبر به الله تعالى، كما أنه تعالى أو جب الجنة للمؤمنين به، فكيف يقول هذا الكذاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم الآخرة وفيها الجنة التي وعد المتقون، وفيها أعز شيء عليهم وهي رؤية الله تعالى كما قال سبحانه {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} وهل ذلك إلا في الآخرة؟ وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه الآية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} " رواه مسلم وغيره. الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 والذي أراه إن واضع هذا الحديث هو رجل صوفى جاهل أراد أن يبث في المسلمين بعض عقائد المتصوفة الباطلة التي منها تحريم ما أحل الله بدعوى تهذيب النفس، كأن ما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم سبحانه وتعالى! ومن شاء أن يطلع على ما أشرنا إليه من التحريم فليراجع كتاب " تلبيس إبليس " للحافظ أبي الفرج بن الجوزي ير العجب العجاب. ثم وقفت على إسناد الديلمي في " مسنده " (2 / 148) فرأيته قد أخرجه من طريق عبد الملك بن عبد الغفار: حدثنا جعفر بن محمد الأبهري: حدثنا أبو سعيد القاسم ابن علقمة الأبهري: حدثنا الحسن بن على بن نصر الطوسي: حدثنا محمد بن حرب حدثنا جبلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. أقول: فإن لم تكن العلة من جبلة أو عنعنة ابن جريج فهي من أحد الثلاثة الذين دون الطوسي فإني لم أعرفهم، والله أعلم. 33 - " الدنيا ضرة الآخرة ". لا أصل له. عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في " الكشف " وغيره، وإنما يروى من كلام عيسى عليه السلام نحوه. الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 34 - " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت ". منكر لا أصل له. قال العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 177) : رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي في " الشعب " من طريقه من رواية أبي الدرداء الرهاوي مرسلا، وقال البيهقي: أن بعضهم قال: عن أبي الدرداء عن رجل من الصحابة قال الذهبي: لا يدرى من أبو الدرداء، قال وهذا منكر لا أصل له. قلت: وقد أقره الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " (6 / 375) . ومن ظن أن أبا الدرداء هذا هو الصحابي فقد أخطأ، وعليه جرى فيما يظهر الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 السيوطي في " الجامع " وفي " الدر المنثور " (1 / 100) حيث قال: عن أبي الدرداء فأطلقه ولم يقيده، وتبعه في ذلك المناوي حيث لم يتعبه بشيء في " الفيض " وإنما قال: ولم يرمز له بشيء، وهو ضعيف لأن فيه هشام بن عمار الأصل كمال وهو تحريف. قال الذهبي: قال أبو حاتم: صدوق وقد تغير، وكان كلما لقن يتلقن. وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربع مئة حديث لا أصل لها. وهذا الإعلال فيه نظر، فإن للحديث طريقين عن أبي الدرداء كما يستفاد من " اللسان "، فالعلة الحقيقية هي جهالة أبي الدرداء هذا ورواه ابن عساكر (2 /333 / 2) من قول أرطاة بن المنذر فالظاهر أنه من الإسرائيليات. تنبيه: كنت قد خرجت الحديث مسلما بما قاله الحافظ معزو الابن أبى الدنيا والبيهقي ثم طبع الكتابان والحمد لله، ووقفت على إسناده وقول البيهقى عقبه: إن فيه علة أخرى، وإنه ليس له طريق أخرى خلافا لقول الحافظ، فرأيت أنه لابد لى من بيان ذلك، فأقول: 1 - أما العلة فتتبين بعد سوق السند، فقال ابن أبى الدنيا فى " ذم الدنيا " (54/132) - ومن طريقه البيهقى فى " شعب الإيمان " (7/339/10504) -: حدثنى أبو حاتم الرازى: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا صدقة - يعنى: ابن خالد - عن عتبة بن أبى حكيم: حدثنا أبو الدرداء الرهاوى ..... وقال البيهقى: وقال غيره عن هشام بإسناده عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم. قلت: فالعلة عتبة هذا، فقد قال الحافظ: " صدوق يخطئ كثيرا ". 2 - وأما الطريق فقد قال الذهبى فى " الميزان ": " أبو الدرداء الرهاوى عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 رجل له صحبة بحديث: " اتقوا الدنيا .... " لا يدرى من ذا، والخبر منكر لا أصل له ". فقال الحافظ عقبه: " أخرجه البيهقى فى " الشعب " من روايته عن أبى الدرداء به، وأخرجه أيضا من طريق أخرى عن أبى الدرداء مرسلا، وهو عند ابن أبى الدنيا فى " ذم الدنيا " من هذا الوجه ". قلت: إذا تأملت الإسناد المذكور من رواية ابن أبى الدنيا والبيهقى علمت أنها ليست طريقا أخرى، وإنما هى الأولى عن أبى الدرداء الرهاوى مرسلا، فهو من أوهام الحافظ رحمه الله، ويؤكد ذلك قول البيهقى المتقدم: " وقال غيره: عن هشام ..... " إلخ، ومن الواضح أنه يعنى بضمير (غيره) أبا حاتم الرازى، فهذه طريق أخرى مع كونها معلقة، ولكنها عن هشام وليست عن أبى الدرداء كما وهم الحافظ، فالطريق عنه فى الحقيقة واحدة، غاية ما فى الأمر أن أبا حاتم الحافظ رواه عن هشام بإسناده الضعيف عنه مرسلا، ورواه غيره - وهو مجهول - عنه عن أبى الدرداء عن الصحابى، والمرسل هو الصحيح على ضعفه، فهذا ما لزم بيانه. اهـ. 35 - " من أذن فليقم ". لا أصل له بهذا اللفظ. وإنما روى بلفظ: " من أذن فهو يقيم " رواه أبو داود والترمذي وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 265 - 266) وابن عساكر (9 / 466 - 467) وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقى عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن حارث الصدائي مرفوعا. وهذا سند ضعيف من أجل الإفريقى هذا، قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف في حفظه، وضعفه الترمذي فقال عقب الحديث: إنما نعرفه من حديث الإفريقى، وهو ضعيف عند أهل الحديث ". الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وضعف الحديث أيضا البغوي في " شرح السنة " (2 / 302) وارتضاه الإمام النووي " المجموع " (3 / 121) وأشار لتضعيفه البيهقي في " سننه الكبرى " (1 / 400) . وأما قول ابن عساكر: هذا حديث حسن فلعله يعني حسن المعنى. وقد ذهب إلى توثيق الإفريقى المذكور بعض الفضلاء المعاصرين وبناء عليه ذهب إلى أن حديثه هذا صحيح! وذلك ذهول منه عن قاعدة الجرح مقدم على التعديل إذا تبين سبب الجرح، وهو بين هنا وهو سوء الحفظ، وقد أنكر عليه هذا الحديث وغيره سفيان الثوري. وروى الحديث عن ابن عمر ولكنه ضعيف أيضا، رواه عبد بن حميد في " المنتخب من مسنده " (88 / 2) وأبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر " (202 / 1) وابن حبان في الضعفاء (1 / 324) والبيهقي والطبراني (3 / 27 / 2) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 150) وضعفه البيهقي أيضا فقال: تفرد به سعيد بن راشد وهو ضعيف وكذا قال الحافظ ابن حجر في " التلخيص " (3 / 10) قال: وضعف حديثه هذا أبو حاتم الرازي وابن حبان في الضعفاء. وعنه رواه شيخ الإسلام ابن تيمية في " أربعون حديثا " (ص 24) . قلت: ونص كلام أبي حاتم كما في " علل الحديث " لابنه قال (رقم 326) : وقال أبي: هذا حديث منكر، وسعيد ضعيف الحديث، وقال مرة: متروك الحديث. وقد بسطت الكلام على ضعف هذا الحديث في كتابي " ضعيف سنن أبي داود " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 (رقم 83) . وأما قول العقيلي عقب حديث ابن عمر: وقد روي هذا المتن بغير هذا الإسناد من وجه صالح، فإن أراد طريق الإفريقى فهو غير مسلم لما عرفت من ضعفه، والعقيلي نفسه أورده في " الضعفاء " (232) ، وإن أراد طريقا ثالثا فلم أعرفه. ورواه ابن عدي (295 / 1) من حديث ابن عباس، وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متهم بالكذب كما تقدم وقال ابن عدي: عامة حديثه لا يتابعه الثقات عليه. ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه سبب لإثارة النزاع بين المصلين كما وقع ذلك غيرما مرة، وذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر، ويريد بعض الحاضرين أن يقيم الصلاة، فما يكون من أحدهم إلا أن يعترض عليه محتجا بهذا الحديث، ولم يدر المسكين أنه حديث ضعيف لا يجوز نسبته إليه صلى الله عليه وسلم فضلا عن أن يمنع به الناس من المبادرة إلى طاعة الله تعالى، ألا وهي إقامة الصلاة. 36 - " حب الوطن من الإيمان ". موضوع. كما قال الصغاني (ص 7) وغيره. ومعناه غير مستقيم إذ إن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه، كل ذلك غريزي في الإنسان لا يمدح بحبه ولا هو من لوازم الإيمان، ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟ ! الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 37 - " يأتي على الناس زمان هم فيه ذئاب، فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب ". ضعيف جدا. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 80) من طريق الدارقطني بسنده إلى زياد بن أبي زياد الجصاص، حدثنا أنس بن مالك مرفوعا وقال: قال الدارقطني: تفرد به زياد وهو متروك، وقال السيوطي في " اللآليء " (2 /156) : قلت: قال في " الميزان ": هو مجمع على تضعيفه وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: ربما يهم، والحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط ". قلت: وبرواية الطبراني أورده الهيثمي في " المجمع " (7 / 287، 8 / 89) وأعله بقوله: وفيه من لم أعرفهم. الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 38 - " من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 189) من طريق محمد بن إسماعيل: حدثنا أبو خالد يزيد الواسطي أنبأنا الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا به، وقال أبو نعيم: كذا رواه يزيد الواسطي متصلا، ورواه أبو معاوية عن الحجاج فأرسله. قلت: ثم ساقه من طريق هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن مكحول مرسلا. الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وكذلك رواه الحسين المروزي في " زوائد الزهد " (204 / 1 من " الكواكب " /575) وابن أبي شيبة في " المصنف " (13 / 231) وهناد في " الزهد " (رقم 678) من طريقه عن حجاج به. فالحديث إذا عن حجاج عن مكحول مرسل، ووصله لا يصح، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 144) من طريق أبي نعيم الموصول ثم قال: لا يصح، يزيد بن أبي يزيد عبد الرحمن الواسطي كثير الخطأ، وحجاج مجروح، ومحمد بن إسماعيل مجهول، ولا يصح سماع مكحول لأبي أيوب. وتعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (2 / 176) بقوله: قلت: اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيف الحديث، وله طريق عن مكحول مرسل ليس فيه محمد بن إسماعيل ولا يزيد. قلت: ثم ذكره من طريق أبي نعيم وغيره عن حجاج عن مكحول مرسلا، وسكت عليه وهو ضعيف لأن حجاجا وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه، ثم هو مرسل، والحديث أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) . ثم وجدت له طريقا آخر، رواه القضاعي (30 / 1) عن عامر بن سيار قال: أنبأنا سوار بن مصعب عن ثابت عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا وقال: كأنه يريد بذلك من يحضر العشاء الآخرة والفجر في جماعة، ومن حضرها أربعين يوما يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان. لكن سوار هذا متروك كما قال النسائي وغيره. 39 - " من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه ". ضعيف. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمجروحين " (1 / 283) من طريق خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 مرفوعا. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 69) وقال: لا يصح، خالد كذاب، والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث. قال السيوطي في " اللآليء " (2 / 150) : قال الحاكم وغيره: كان خالد يدخل على الليث من حديث ابن لهيعة، ثم ذكره السيوطي من طريق ابن لهيعة فمرة قال: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا، ومرة قال: عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا. وابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه، وقد رواه على وجه ثالث، أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 211 / 1) والسهمي في " تاريخ جرجان " (53) عنه عن عقيل عن مكحول مرفوعا مرسلا، أخرجاه من طريق مروان، قال: قلت لليث بن سعد - ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان - يا أبا الحارث مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة..؟ فذكره، قال الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل! ثم رواه ابن عدي من طريق منصور بن عمار حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلت: ولقد أعجبني جواب الليث هذا، فإنه يدل على فقه وعلم، ولا عجب، فهو من أئمة المسلمين، والفقهاء المعروفين، وإني لأعلم أن كثيرا من المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر، ولوكانوا بحاجة إليه، فإذا قيل له: الحديث فيه ضعيف، أجابك على الفور: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال! فتأمل الفرق بين فقه السلف، وعلم الخلف! والحديث رواه أبو يعلى وأبو نعيم في " الطب النبوى " (12 / 2 نسخة السفرجلاني) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وعمرو بن الحصين هذا كذاب كما قال الخطيب وغيره وهو راوي حديث العدس وهو: 40 - " عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا ". موضوع. رواه الطبراني في " الكبير " (22 / 62 - رقم 152) من طريق عمرو المذكور آنفا عن ابن علاثة عن ثور عن مكحول عن واثلة. وقال السيوطي في " اللآليء " (2 / 151) بعد أن ساقه من هذا الوجه: وعمرو وشيخه متروكان. قلت: ومع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير "! قال الزركشى في " اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة " (رقم 143 - نسختي) : ووجدت بخط ابن الصلاح أنه حديث باطل ... سئل عنه ابن المبارك؟ فقال: ولا على لسان نبي واحد! إنه لمؤذ ينفخ! . وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 294 - 295) من عدة طرق وحكم عليه بالوضع، قال المناوي: ودندن عليه المؤلف ولم يأت بطائل، وكذلك أورد حديث العدس هذا الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 9) وكذا ابن القيم، فقال في " المنار " (ص 20) : ويشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروه على المن والسلوى وأشباههم! الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وأقره علي القاري في " موضوعاته " (ص 107) . وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوي " (27 / 23) : حديث مكذوب مختلق باتفاق أهل العلم، ولكن العدس هو مما اشتهاه اليهود، وقال الله لهم {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} . ومن أحاديث عمرو بن الحصين هذا الكذاب: 41 - " من أصاب مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر ". لا يصح. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 37 / 2) والرامهرمزي في " الأمثال " (ص 160) عن عمرو بن الحصين قال: أنبأنا محمد بن عبد الله بن علاثة قال: أنبأنا أبو سلمة الحمصي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، عمرو هذا كذاب كما سبق مرارا، وقال السخاوي في " المقاصد " (رقم 1061) : عمرو متروك، وأبو سلمة واسمه سليمان بن سلم وهو كاتب يحيى بن جابر قاضي حمص، لا صحبة له، فهو مع ضعفه مرسل، وقد عزاه الديلمي ليحيى بن جابر هذا وهو أيضا ليس بصحابي، وقال التقي السبكي في " الفتاوى " (2 / 369) : إنه لا يصح، وله كلام طويل في نقضه وقد ذكر العسكري في " التصحيفات " (1 / 229) عن أبي عبيد أنه غير محفوظ. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار عن أبي سلمة الحمصي وتعقبه المناوي بأن أبا سلمة هذا تابعى مجهول، قاله في " التقريب " كأصله، وبأن عمرا متروك. الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 نهاوش: بالنون من نهش الجثة جمع نهو اش أو هو اش من الهو ش الجمع وهو كل مال أصيب من غير حله و" الهو اش " ما جمع من مال حرام. نهابر: بنون أوله أي مهالك وأمور مبددة جمع نهبر وأصل النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير حله كذا في " فيض القدير ". 42 - " الأنبياء قادة، والفقهاء سادة، ومجالسهم زيادة ". موضوع. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 322) والقضاعي في " مسند الشهاب " (23 / 1) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وهذا سند ضعيف جدا، الحارث هو ابن عبد الله الهمداني الأعور وقد ضعفه الجمهور وقال ابن المديني: كذاب، وقال شعبة: لم يسمع أبو إسحاق منه إلا أربعة أحاديث، وفي الكشف (1 / 205) : قال القاري: هو موضوع كما في " الخلاصة "، وأورده السيوطي في " الجامع " من رواية القضاعي، وبيض له المناوي! ولوائح الوضع عليه ظاهرة. الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 43 - " شهر رمضان معلق بين السماء والأرض، ولا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر ". ضعيف. عزاه في " الجامع الصغير " لابن شاهين في " ترغيبه " والضياء عن جرير ورمز له بالضعف وبين سببه المناوي في شرحه فقال: أورده ابن الجوزي في " الواهيات " وقال: لا يصح فيه محمد بن عبيد البصري مجهول. قلت: وتمام كلام ابن الجوزي " العلل المتناهية " (824) : لا يتابع عليه. وأقره الحافظ عليه في " اللسان ". وأما قول المنذري في " الترغيب " (2 / 100) : رواه أبو حفص بن شاهين في " فضائل رمضان " وقال: حديث غريب جيد الإسناد. ففيه نظر من وجهين: الأول: ثبوت هذا النص في كتاب ابن شاهين المذكور، فإنى قد راجعت " فضائل رمضان " له في نسخة خطية جيدة في المكتبة الظاهرية بدمشق، فلم أجد الحديث فيه مطلقا، ثم إننى لم أره تكلم على حديث واحد مما أورده فيه بتصحيح أو تضعيف. ثم رأيت الحديث رواه أحمد بن عيسى المقدسي في " فضائل جرير " (2 / 24 الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 / 2) من هذا الوجه وقال: رواه أبو حفص بن شاهين وقال: حديث غريب جيد الإسناد قال: ومعناه لا يرفع إلى الله عز وجل بغفران مما جنى فيه إلا بزكاة الفطر! . فلعل ابن شاهين ذكر ذلك في غير " فضائل رمضان " أو في نسخة أخرى منه، فيها زيادات على التي وقفت عليها. الآخر: على افتراض ثبوت النص المذكور عن ابن شاهين فهو تساهل منه، وإلا فأنى للحديث الجودة مع جهالة راويه وقد تفرد به كما قال ابن الجوزي، وتبعه الحافظ ابن حجر العسقلاني كما سبق. وروي من حديث أنس أخرجه الخطيب (9 / 121) وعنه ابن الجوزي في " العلل " (823) ، وابن عساكر (12 / 239 / 2) عن بقية بن الوليد حدثني عبد الرحمن بن عثمان بن عمر عنه مرفوعا. قلت: وعبد الرحمن هذا لم أعرفه والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين، وزعم ابن الجوزي أنه البكراوي الذي قال أحمد فيه: طرح الناس حديثه مردود، فإن هذا متأخر الوفاة مات سنة (195 هـ) فهو من طبقة بقية. ثم إن الحديث لوصح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج صدقة الفطر، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه، ولا أعلم أحدا من أهل العلم يقول به، والتأويل الذي نقلته آنفا عن المقدسي بعيد جدا عن ظاهر الحديث، على أن التأويل فرع التصحيح، والحديث ليس بصحيح. أقول هذا، وأنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر رمضان، وذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه، فضلا عن أن يقعوا فيه هم أنفسهم! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 44 - " من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني، ومن توضأ ولم يصل فقد جفاني، ومن صلى ولم يَدْعُني فقد جفاني، ومن دعاني فلم أجبه فقد جفيته، ولست برب جاف ". موضوع. قاله الصغاني (6) وغيره. ومما يدل على وضعه أن الوضوء بعد الحدث، والصلاة بعد الوضوء إنما ذلك من المستحبات، والحديث يفيد أنهما من الواجبات لقوله: " فقد جفاني " وهذا لا يقال في الأمور المستحبة كما لا يخفى ومثله: الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 45 - " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني ". موضوع. قاله الحافظ الذهبي في " الميزان " (3 / 237) ، وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 6) وكذا الزركشي والشوكاني في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (ص 42) . قلت: وآفته محمد بن محمد بن النعمان بن شبل أو جده قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. أخرجه ابن عدي (7 / 2480) ، وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 73) ، وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 217) وقالا: يأتي عن الثقات بالطامات وعن الأثبات بالمقلوبات، قال ابن الجوزي عقبه: قال الدارقطني: الطعن فيه من محمد بن محمد بن النعمان. ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر إن لم يكن كفرا، وعليه فمن ترك زيارته صلى الله عليه وسلم يكون مرتكبا لذنب كبير وذلك يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج وهذا مما لا يقوله مسلم، ذلك لأن زيارته صلى الله عليه وسلم وإن كانت من القربات فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات، فكيف يكون تاركها مجافيا للنبي صلى الله عليه وسلم ومعرضا عنه؟ ! الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 46 - " من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة ". موضوع. قال الزركشي في " اللآليء المنثورة " (رقم 156 - نسختي) : قال بعض الحفاظ: هو موضوع ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث وكذا قال النووي: هو موضوع لا أصل له. وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم (119) وقال: قال ابن تيمية والنووي: إنه موضوع لا أصل له وأقره الشوكاني (ص 42) . الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 47 - " من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 203 / 2) وفي " الأوسط " (1 /126 / 2 من " زوائد المعجمين: الصغير والأوسط ") وابن عدي في " الكامل " والدارقطني في " سننه " (ص 279) والبيهقي (5 / 246) والسلفي في " الثاني عشر من المشيخة البغدادية " (54 / 2) كلهم من طريق حفص بن سليمان أبي عمر عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر مرفوعا به وزاد ابن عدي: " وصحبني ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: ضعف ليث بن أبي سليم فإنه كان قد اختلط كما تقدم بيانه في الحديث (2) . الأخرى: أن حفص بن سليمان هذا وهو القاريء ويقال له الغاضري الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 ضعيف جدا كما أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله في " التقريب ": متروك الحديث وذلك لأنه قد قال فيه ابن معين: كان كذابا كما في " كامل " ابن عدي، وقال ابن خراش: كذاب يضع الحديث وقد تفرد بهذا الحديث كما قال الطبراني وابن عدي والبيهقي وقال: وهو ضعيف، وقال ابن عدي بعد أن ساق الحديث في أحاديث أخرى له: وعامة حديثه غير محفوظ. ومما سبق تعلم أن قول ابن حجر الهيثمي في " الجوهر المنظم " (ص 7) أن ابن عدي رواه بسند يحتج به مما لا يتلفت إليه، فلا يغتر به أحد كما فعل الشيخ محمد أمين الكردي في " تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب " حيث نقل (ص 245) ذلك عنه مرتضيا له! فوجب التنبيه عليه. ثم وقفت على متابع لحفص بن سليمان فقال الطبراني في " الأوسط " (1 / 126 / 2) من " زوائد المعجمين ": حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصارى حدثني الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم حدثتني عائشة بنت يونس امرأة الليث ابن أبي سليم عن ليث بن أبي سليم به وقال: لا يروى عن الليث إلا بهذا الإسناد تفرد به علي. قلت: ولم أجد له ترجمة، ومثله الليث ابن بنت أبي الليث وامرأته عائشة لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 أجد من ذكرها، وبها أعل الهيثمي الحديث في " المجمع " (4 / 2) فقال: لم أجد من ترجمها وهذا إعلال قاصر لما علمت من حال من دونها، ثم إن شيخ الطبراني فيه أحمد بن رشدين قال ابن عدي: كذبوه، وأنكرت عليه أشياء. وذكر له الذهبي أحاديث من أباطيله. ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " أيضا. وإذا عرفت حال هذا الإسناد تبين لك أن المتابعة المذكورة لا يعتد بها البتة، فلا تغتر بإيراد السبكي إياها في " شفاء السقام " (ص 20) دون أن يتكلم عليها ولا على الطريق إليها! وقد قال المحقق العلامة محمد بن عبد الهادي في الرد عليه في " الصارم المنكي " (ص 63) : ليس هذا الإسناد بشيء يعتمد عليه، ولا هو مما يرجع إليه، بل هو إسناد مظلم ضعيف جدا، لأنه مشتمل على ضعيف لا يجوز الاحتجاج به (وهو ليث بن أبي سليم) ، ومجهول لم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره، وابن رشدين شيخ الطبراني قد تكلموا فيه، وعلي بن حسن الأنصارى ليس هو ممن يحتج بحديثه، والليث ابن بنت الليث بن أبي سليم وجدته عائشة مجهولان لم يشتهر من حالهما عند أهل العلم ما يوجب قبول روايتهما ولا يعرف لهما ذكر في غير هذا الحديث، قال: والحاصل أن هذا المتابع الذي ذكره المعترض (السبكي) من رواية الطبراني لا يرتفع به الحديث عن درجة الضعف والسقوط ولا ينهض إلى رتبة تقتضي الاعتبار والاستشهاد، لظلمة إسناده، وجهالة رواته، وضعف بعضهم واختلاطه، ولو كان الإسناد صحيحا إلى ليث بن أبي سليم لكان فيه ما فيه، فكيف والطريق إليه ظلمات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 بعضها فوق بعض؟ ! . واعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقد ساقها كلها السبكي في " الشفاء " وكلها واهية وبعضها أو هى من بعض، وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره، وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفا بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره فليرجع إليه من شاء. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " (ص 57) : وأحاديث زيارة قبره صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يروأهل الصحاح والسنن شيئا منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف كالدارقطني والبزار وغيرهما. ثم ذكر هذا الحديث ثم قال: فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته وكان مؤمنا به كان من أصحابه، لاسيما إن كان من المهاجرين إليه المجاهدين معه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " خرجاه في الصحيحين، والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج والجهاد والصلوات الخمس، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فيكف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين (يعني زيارة قبره صلى الله عليه وسلم) بل ولا شرع السفر إليه، بل هو منهي عنه، وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهو مستحب. (تنبيه) : يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 السلفيين يمنع من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى، وعليهم، وكل من له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد " والمستثنى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا أو غير ذلك، بدليل ما رواه أبوهريرة قال (في حديث له) : فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال: لوأدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد " الحديث أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في " أحكام الجنائز " (ص 226) . فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة، فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم، ورحم الله من قال: وكل خير في اتباع من سلف * * * وكل شر في ابتداع من خلف. 48 - " الولد سر أبيه ". لا أصل له. قاله السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص 706) ، والسيوطي في " الدرر " (ص 170) تبعا للزركشي في " التذكرة " (ص 211) ، وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 4) . الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ومعناه ليس مضطردا، ففي الأنبياء من كان أبوه مشركا عاصيا، مثل آزر والد إبراهيم عليه السلام، وفيهم من كان ابنه مشركا مثل ابن نوح عليه السلام. 49 - " من زار قبر أبو يه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برا ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 199) وفي " الأوسط " (1 / 84 / 1 - من " زوائد المعجمين ") ، وعنه الأصبهاني في " الترغيب " (228 / 2) من طريق محمد بن النعمان بن عبد الرحمن عن يحيى بن العلاء البجلي عن عبد الكريم أبي أمية عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا وقال: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو موضوع: محمد بن النعمان هذا قال في " الميزان " وتبعه في " اللسان ": مجهول، قاله العقيلي، ويحيى متروك. قلت: ويحيى هذا مجمع على ضعفه، وقد كذبه وكيع، وكذا أحمد فقال: كذاب يضع الحديث وقال ابن عدي: والضعف على رواياته بين، وأحاديثه موضوعات. وشيخه عبد الكريم أبي أمية هو ابن أبي المخارق ضعيف أيضا ولكنه لم يتهم، ولذلك لم يصب الحافظ الهيثمي حين أعل الحديث به فقط، فقال (3 / 60) : رواه الطبراني في " الأوسط " و" الصغير "، وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف. الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وأما شيخه العراقي، فقد أعله في " تخريج الإحياء " (4 / 418) بما نقلته آنفا عن " الميزان " فأصاب وكذلك أخطأ السيوطي في " اللآليء " حيث قال (2 /234) حيث قال: عبد الكريم ضعيف، ويحيى بن العلاء ومحمد بن النعمان مجهولان فإن يحيى بن العلاء ليس بالمجهول، بل هو معروف ولكن بالكذب! . ثم إن للحديث علة أخرى وهي الاضطراب، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " القبور " ومن طريقه عبد الغني المقدسي في " السنن " (92 / 2) عن محمد بن النعمان يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا معضل. وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 209) : سألت أبي عن حديث رواه أبو موسى محمد (بن) المثنى عن محمد بن النعمان أبي النعمان الباهلي عن يحيى بن العلاء عن عمه خالد بن عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعق والديه أو أحدهما فيموتان فيأتي قبره كل ليلة؟ قال أبي: هذا إسناد مضطرب، ومتن الحديث منكر جدا كأنه موضوع. 50 - " من زار قبر والديه كل جمعة، فقرأ عندهما أو عنده {يس} غفر له بعدد كل آية أو حرف ". موضوع. رواه ابن عدي (286 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 344 - 345) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (91 / 2) من طريق أبي مسعود يزيد بن خالد، حدثنا عمرو بن زياد، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن أبي بكر الصديق مرفوعا وكتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب أو الذهبي - على هامش نسخة " سنن المقدسي ": الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 هذا حديث غير ثابت، وقال ابن عدي: باطل ليس له أصل بهذا الإسناد، ذكره في ترجمة عمرو بن زياد هذا، وهو أبو الحسن الثوباني مع أحاديث أخرى له، قال في أحدها: موضوع، ثم قال: ولعمرو بن زياد غير هذا من الحديث، منها سرقة يسرقها من الثقات، ومنها موضوعات، وكان هو يتهم بوضعها. وقال الدارقطني: يضع الحديث ولهذا أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 239) من رواية ابن عدي فأصاب، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 /440) بقوله: قلت: له شاهد، ثم ساق سند الحديث الذي قبله! وقد علمت أنه حديث موضوع أيضا! ولوقيل بأنه ضعيف فقط فلا يصلح شاهدا لهذا، لوجهين: الأول: أنه مغاير له في المعنى ولا يلتقي معه إلا في مطلق الزيارة. الآخر: ما ذكره المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " فإنه قال بعد أن نقل كلام ابن عدي المتقدم: ومن ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع، وتعقبه المصنف بأن له شاهدا (وأشار إلى الحديث المتقدم) وذلك غير صواب لتصريحهم حتى هو بأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه. والحديث يدل على استحباب قراءة القرآن عند القبور، وليس في السنة الصحيحة ما يشهد لذلك، بل هي تدل على أن المشروع عند زيارة القبور إنما هو السلام عليهم وتذكر الآخرة فقط، وعلى ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم، فقراءة القرآن عندها بدعة مكروهة كما صرح به جماعة من العلماء المتقدمين، منهم أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية كما في " شرح الإحياء " للزبيدي (2 /285) قال: لأنه لم ترد به سنة، وقال محمد بن الحسن وأحمد في رواية: لا تكره، لما روى عن ابن عمر أنه أو صى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها. قلت: هذا الأثر عن ابن عمر لا يصح سنده إليه، ولوصح فلا يدل إلا على القراءة عند الدفن لا مطلقا كما هو ظاهر. فعليك أيها المسلم بالسنة، وإياك والبدعة، وإن رآها الناس حسنة، فإن " كل بدعة ضلالة " كما قال صلى الله عليه وسلم. 51 - " إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 529) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 361) من طريق حماد ابن عيسى، حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني القاسم بن مهران عن عمران بن حصين مرفوعا. وقال العقيلي في ترجمة القاسم: لا يثبت سماعه من عمران بن حصين، رواه عنه موسى بن عبيدة وهو متروك. وأقره البوصيري في " الزوائد " (253 / 2) وقال: الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 هذا إسناد ضعيف. قلت: فللحديث علتان تبينتا في كلام العقيلي وهما الانقطاع وضعف ابن عبيدة. وله علة ثالثة: وهي جهالة ابن مهران هذا، قال الحافظ في " التقريب ": مجهول. وعلة رابعة وهي حماد بن عيسى وهو الواسطي، قال الحافظ: ضعيف، ولذلك قال العراقي: سنده ضعيف كما نقله المناوي وضعفه السخاوي أيضا في " المقاصد " (رقم 246) . قلت: وقد وجدت للحديث طريقا أخرى ولكنه لا يزداد بها إلا ضعفا، لأنه من رواية محمد بن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين به دون قوله: " أبا العيال "، أخرجه ابن عدي (295 / 1) وأبو نعيم (2 / 282) وقال: غريب من حديث محمد بن سيرين، لم نكتبه إلا من حديث زيد ومحمد بن الفضل بن عطية. قلت: وفي هذا السند ثلاث علل أيضا: الأولى: الانقطاع بين عمران وابن سيرين، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني خلافا لما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه. الثانية: زيد العمي وهو ابن الحواري، ضعيف. الثالثة: محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب؛ كما قال الفلاس وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أوساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه ". ضعيف. أورده الغزالي (2 / 195) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه الحافظ العراقي: رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه. قلت: ولفظه كما في " الفردوس " (3 / 558) : " من ساء خلقه من إنسان أو دابة، فأذنوا في أذنيه ". الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 53 - " عليكم بدين العجائز ". لا أصل له. كذا قال في " المقاصد " وذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (7) وأورده الغزالي (3 / 67) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه العراقي: قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " (رقم 511) : تداوله العامة، ولم أقف له على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة ولا سقيمة، حتى رأيت حديثا لمحمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ثم ذكر الحديث الآتي: الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 54 - " إذا كان في آخر الزمان، واختلفت الأهواء، فعليكم بدين أهل البادية والنساء ". موضوع. قال ابن طاهر: وابن البيلماني (يعني الذي في سنده) له عن أبيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها. الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 54 - " إذا كان في آخر الزمان، واختلفت الأهواء، فعليكم بدين أهل البادية والنساء ". موضوع. قال ابن طاهر: وابن البيلماني (يعني الذي في سنده) له عن أبيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قال الحافظ العراقي: وهذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " في ترجمة ابن البيلماني. قلت: من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 271) ومنه تبين أن فيه علة أخرى، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث الحارثي وهو ضعيف، وفي ترجمته أورد الحديث ابن عدي (297 / 2) وقال: وعامة ما يرويه غير محفوظ، ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، محمد بن الحارث ليس بشيء، وشيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة، وإنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز. وأقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1 / 131) وزاد عليه فقال: قلت: محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه، وقال في " الميزان ": هذا الحديث من عجائبه. قلت: الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث، فإن هذا قد وثقه بعضهم، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه، وقد أشار إلى ما ذهبت إليه بعض الأئمة، فقال الآجرى: سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال: بلغني عن بندار قال: ما في قلبي منه شيء، البلية من ابن البيلماني، وقال البزار: مشهور ليس به بأس، وإنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني وبه أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم، وكذا السخاوي في " المقاصد "، وقال الشيخ علي القاري: حديث موضوع. ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن البيلماني، ومع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع؟ ! وقد أقرهما على ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " (136 / 1) فإنه أورده في " الفصل الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه كما نص عليه في المقدمة. 55 - " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن ". منكر جدا. وقد روي من حديث أبي هريرة وابن عمر وأنس وابن عباس. 1 - أما حديث أبي هريرة فقد روي من ثلاث طرق عن أبي سعيد المقبري عنه. الأولى: عن محمد بن يعقوب الفرجي قال: نبأنا محمد بن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: نبأنا أبي عن أبي معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. أخرجه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " (5 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 290) والخطيب في " تاريخ بغداد " (1 / 417) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " (1178) وقال: لم أسمع لمحمد بن الأصمعي ذكرا إلا في هذا الحديث، قال الذهبي في ترجمته: الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وهو حديث منكر جدا، ثم ساقه بهذا السند ثم قال: هذا غير صحيح، وأقره الحافظ في " اللسان ". قلت: ولهذا الإسناد ثلاث علل: أ - ابن الأصمعي هذا وهو مجهول كما يشير إليه كلام الخطيب السابق. ب - الراوي عنه محمد بن يعقوب الفرجي، لم أجد له ترجمة إلا أن الماليني أورده في " شيوخ الصوفية " ولم يذكر فيه تعديلا ولا جرحا، وكذلك فعل الخطيب في " تاريخ بغداد " (3 / 388) إلا أنه قال: وكان يحفظ الحديث، ولعله هو الآفة. ج - أبو معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعيف اتفاقا، وضعفه يحيى بن سعيد جدا، وكذا البخاري حيث قال: منكر الحديث. الطريق الثانية: قال عبد الله بن سالم: حدثنا عمار بن مطر الرهاوي - وكان حافظا للحديث - حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة، أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5 / 72 ـ بيروت) ، وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2 / 219) وقال: لا يصح، وذكره الذهبي في ترجمة عمار هذا، وقال: هالك، وثقه بعضهم ومنهم من وصفه بالحفظ، ثم ساقه ثم ذكر أحاديث منكرة، ثم ختم ترجمته بقوله: قال أبو حاتم الرازي: كان يكذب، وقال ابن عدي: أحاديثه بواطيل. وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 الدارقطني: ضعيف. قلت: فهذه متابعة قوية لأبي معشر من ابن أبي ذئب، ولكنه لا يعتد بها، فإنه وإن كان ثقة ففي الطريق إليه ذلك الهالك، لكنه روي من طريق غيره وهو: الطريق الثالثة: أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5 / 72) ، ومن طريقه ابن الجوزي عن أبي شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر بن أبي ذئب أبي شهاب سمعه من صدقة ابن أبي الليث الحصني - وكان من الثقات - عن ابن أبي ذئب، ذكره ابن حجر في " اللسان " في ترجمة عبد القدوس هذا بعد أن قال فيه الذهبي: له أكاذيب وضعها، ثم ذكر منها حديثا، ثم ذكر الحافظ منها حديثا آخر هو هذا ثم قال: وهذا إنما يعرف برواية عمار بن مطر عن ابن أبي ذئب، وكان الناس ينكرونه على عمار، وقد عرفت حال عمار آنفا. وخير هذه الطرق الأولى، ومع ذلك فهي واهية لكثرة عللها، وقد قال الحافظ في " تخريج الكشاف " (130 رقم 181) : وإسناده ضعيف. 2 ـ وأما حديث ابن عمر، فأخرجه عباس الدوري في " تاريخ ابن معين " (ق 41 /2) ، وابن عدي (5 / 13 و7 / 77) ، والخطيب في " الجامع " (5 / 91 / 2) نسخة الإسكندرية والواحدي في " الوسيط " (3 / 194 / 1) والثعلبي في " التفسير " (3 / 78 / 2) ، وابن الجوزي في " الواهيات " (1177) عن الوليد ابن سلمة - قاضي الأردن - حدثنا عمر بن صهبان عن نافع عنه، وقال ابن عدي: وعمر هذا عامة أحاديثه لا يتابعه الثقات عليه ويغلب على حديثه المناكير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 قلت: وهو ضعيف جدا، قال البخاري: منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك الحديث. قلت: لكن الراوي عنه الوليد بن سلمة شر منه فقد قال فيه أبو مسهر ودحيم وغيرهما: كذاب، وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات. وقد ساق ابن عدي له أحاديث، ومنها هذا الحديث أورده في ترجمته أيضا وقال وكذا في " المنتخب منه " (ق 350 / 1) وغيره: عامتها غير محفوظة. 3 ـ وأما حديث أنس، فأخرجه ابن بشران في " الأمالي " (23 / 69 / 2) ، والخطيب في " الجامع " (2 / 22 / 1) من طريق محمد بن يونس حدثنا يوسف بن كامل حدثنا عبد السلام بن سليمان الأزدي عن أبان عنه مرفوعا بلفظ: " ... بهاء الوجه ". وهذا إسناد باطل ليس فيهم من هو معروف بالثقة باستثناء أنس طبعا. أما أبان فهو ابن أبي عياش الزاهد البصري، وقال أحمد: متروك الحديث، وقال شعبة: لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 قلت: ولا يجوز أن يقال مثل هذا إلا فيمن هو كذاب معروف بذلك وقد كان شعبة يحلف على ذلك، ولعله كان لا يتعمد الكذب، فقد قال فيه ابن حبان: كان أبان من العباد يسهر الليل بالقيام ويطوي النهار بالصيام، سمع من أنس أحاديث وجالس الحسن فكان يسمع كلامه ويحفظ، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن عن أنس مرفوعا وهو لا يعلم! ولعله روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف حديث وخمس مئة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع له! . وأما عبد السلام بن سليمان الأزدي، فالظاهر أنه أبوهمام العبدي، فإنه من طبقته سمع داود بن أبي هند روى عنه حرمي بن عمارة وأبو سلمة ويحيى بن يحيى كما قال أبو حاتم على ما في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 46) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 /182) على قاعدته وأورد قبله راويا آخر فقال: عبد السلام بن سليمان يروي عن يزيد بن سمرة، عداده في أهل الشام، روى عنه الأوزاعي. والظاهر أنه ليس هو راوي هذا الحديث فإن إسناده ليس شاميا، فإنما هو الذي قبله. وأما يوسف بن كامل، فالظاهر أنه العطار، روى عن سويد بن أبي حاتم ونافع بن عمر الجمحي، روى عنه عمرو بن علي الصيرفي كما في " الجرح والتعديل " (4 /2 / 228) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولعله في " ثقات ابن حبان " فليراجع في أتباع أتباع التابعين منه، فإن نسختنا منه ينقص منها هذا المجلد وما دونه. وأما محمد بن يونس فهو الكديمي قال ابن عدي: " قد اتهم بالوضع ". وقال ابن حبان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 لعله وضع أكثر من ألف حديث، وكذبه أبو داود وموسى بن هارون والقاسم بن المطرز، وقال الدارقطني: يتهم بوضع الحديث، وما أحسن فيه القول إلا من لم يخبر حاله. 4 ـ وأما حديث ابن عباس فعزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار، ولم أقف على إسناده، وغالب الظن أنه واه كغيره، وقد بيض له المناوي. فتبين من هذا التحقيق أن هذه الطرق كلها واهية جدا فلا تصلح لتقوية الطريق الأولى منها، وهي على ضعفها أحسنها حالا، فلا تغتر بقول الحافظ السخاوي في " المقاصد " (240) : وشواهده كثيرة، فإنها لا تصلح للشهادة كما ذكرنا. والظاهر أن أصل الحديث موقوف رفعه أولئك الضعفاء عمدا أوسهو ا، فقد رأيت في " المنتقى من المجالسة " للدينوري (52 / 2) بسند صحيح عن مغيرة قال: قال إبراهيم: ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق، ويقال: " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن ". وذكره الشيخ على القاري في " شرح الشمائل " (1 / 52) من قول الزهري. ويكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه، فقد كان صلى الله عليه وسلم سريع المشي كما ثبت ذلك عنه في غير ما حديث، وروى ابن سعد في " الطبقات " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت: كان عمر إذا مشى أسرع. ولعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم متباطئا متماوتا كأن به مرضا! وهذه الصفة ليست مرادة قطعا بقوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هو نا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها: هو نا: أي بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار، كقوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا} ، فأما هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار ولا مرح ولا أشر ولا بطر. وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، فقد كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب وكأنما تطوى الأرض له، وقد كره بعض السلف المشي بتضعف، حتى روى عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا، فقال: ما بالك أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فعلاه بالدرة وأمره أن يمشي بقوة، وإنما المراد بالهو ن هنا: السكينة والوقار. وقد روى الإمام أحمد (رقم 3034) من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل، ورواه البزار (2391 - زوائده) وسنده صحيح، وله شاهد عن سيار أبي الحكم مرسلا، رواه ابن سعد (1 / 379) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 56 - " لولا النساء لعبد الله حقا حقا ". موضوع. وله طريقان: الأول: عن محمد بن عمران الهمذاني، أنبأنا عيسى بن زياد الدورقي - صاحب ابن عيينة - قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا، أخرجه ابن عدي (ق 312 / 1) وقال: هذا حديث منكر، ولا أعرفه إلا من هذا الوجه، وعبد الرحيم بن زيد العمي أحاديثه كلها لا يتابعه الثقات عليه. قلت: وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: يترك حديثه، منكر الحديث، كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات، وقال ابن معين: كذاب خبيث. قلت: وأبوه زيد ضعيف كما تقدم (51) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 255) من طريق ابن عدي ثم قال: لا أصل له، عبد الرحيم وأبوه متروكان، ومحمد بن عمران منكر الحديث. قلت: الظاهر أن ابن الجوزي توهم أن محمد بن عمران هذا هو الأخنسي الذي قال فيه البخاري في " تاريخه الكبير " (1 / 1 / 202) : الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 كان ببغداد، يتكلمون فيه، منكر الحديث عن أبي بكر بن عياش، وليس صاحب هذا الحديث هو الأخنسي، بل هو الهمذاني كما صرح ابن عدي في روايته، وهو ثقة وله ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " (3 / 133 - 134) ، فعلة الحديث ممن فوقه. وأما السيوطي فخفي عليه هذا، فإنه إنما تعقب ابن الجوزي بقوله في " اللآليء " (1 / 159) : قلت: له شاهد! ومع ذلك فهذا تعقب لا طائل تحته، لأن الشاهد المشار إليه ليس خيرا من المشهو د له! هو الطريق الآخر: عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ: " لولا النساء دخل الرجال الجنة ". رواه أبو الفضل عيسى بن موسى الهاشمي في " نسخة الزبير بن عدي " (1 / 55 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 30) والثقفي في " الثقفيات ". قلت: وبشر هذا متروك يكذب كما تقدم (28) ، ومن طريقه رواه الديلمي في " مسند الفردوس " بلفظ: " لولا النساء لعبد الله حق عبادته " كما في " فيض القدير ". وقد اقتصر السيوطي في ترجمة بشر هذا على قوله عقب الحديث: متروك، فتعقبه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 204) : بل كذاب وضاع فلا يصلح حديثه شاهدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ومما سبق تعلم أن السيوطي لم يحسن صنعا بإيراده هذه الأحاديث الثلاثة في " الجامع الصغير " خلافا لشرطه الذي ذكرته أكثر من مرة. 57 - " اختلاف أمتي رحمة ". لا أصل له. ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا، حتى قال السيوطي في " الجامع الصغير ": ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا! . وهذا بعيد عندي، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم، وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده. ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع. وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " (ق 92 / 2) . ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء، فقال العلامة ابن حزم في " الإحكام في أصول الأحكام " (5 / 64) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث: وهذا من أفسد قول يكون، لأنه لوكان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا، وهذا ما لا يقوله مسلم، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أوسخط. وقال في مكان آخر: باطل مكذوب، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث (61) . وإن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة، ولا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم، بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة! يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف وتعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل، وقبول البعض الآخر الموافق له، وهذا ما لا يفعلون! وبذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض! وهو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن: {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله، فكيف يصح إذن جعله شريعة متبعة، ورحمة منزلة؟ . وبسبب هذا الحديث ونحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية والعملية، ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود وغيره رضي الله عنهم ودلت على ذمه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة، لسعوا إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه، ولكن لماذا هذا السعي وهم يرون أن الاختلاف رحمة، وأن المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة! وإن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف والإصرار عليه، فانظر إلى كثير من المساجد، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة! ولكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة! وكيف لا وعالمهم يقول: إن مذاهبهم كشرائع متعددة! يفعلون ذلك وهم يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم وغيره، ولكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث وغيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم ومحفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة والسلام! وجملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن، لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} ، أما الرضا به وتسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه، ولا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهنا قد يرد سؤال وهو: إن الصحابة قد اختلفوا وهم أفاضل الناس، أفيلحقهم الذم المذكور؟ . وقد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال (5 / 67 - 68) : كلا ما يلحق أولئك شيء من هذا، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله، ووجهته الحق، فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير، وقد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه ولا قصدوه ولا استهانوا بطلبهم، والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه، وإنما الذم المذكور والوعيد المنصوص، لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى وهو القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه وقيام الحجة به عليه، وتعلق بفلان وفلان، مقلدا عامدا للاختلاف، داعيا إلى عصبية وحمية الجاهلية، قاصدا للفرقة، متحريا في دعواه برد القرآن والسنة إليها، فإن وافقها النص أخذ به، وإن خالفها تعلق بجاهليته، وترك القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 المختلفون المذمومون. وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقة الدين وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم، مقلدين له غير طالبين ما أو جبه النص عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. ويشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء، وهو أخذ قول العالم بدون دليل، وإنما اتباعا للهو ى أو الرخص، وقد اختلفوا في جوازه، والحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها، وتجويزه مستوحى من هذا الحديث وعليه استند من قال: " من قلد عالما لقي الله سالما "! وكل هذا من آثار الأحاديث الضعيفة، فكن في حذر منها إن كنت ترجوالنجاة {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} . 58 - " أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم ". موضوع. رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " (2 / 91) وابن حزم في " الإحكام " (6 / 82) من طريق سلام بن سليم قال: حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا به، وقال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة لأن الحارث بن غصين مجهول. وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة وهذا منها بلا شك. الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 قلت: الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم - ويقال: ابن سليمان وهو الطويل - أولى فإنه مجمع على ضعفه، بل قال ابن خراش: كذاب، وقال ابن حبان: روى أحاديث موضوعة. وأما أبو سفيان فليس ضعيفا كما قال ابن حزم، بل هو صدوق كما قال الحافظ في " التقريب "، وأخرج له مسلم في " صحيحه ". والحارث بن غصين مجهول كما قال ابن حزم، وكذا قال ابن عبد البر وإن ذكره ابن حبان في " الثقات "، ولهذا قال أحمد: لا يصح هذا الحديث كما في " المنتخب " لابن قدامة (10 / 199 / 2) . وأما قول الشعراني في " الميزان " (1 / 28) : وهذا الحديث وإن كان فيه مقال عند المحدثين، فهو صحيح عند أهل الكشف، فباطل وهراء لا يتلفت إليه! ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة، والاعتماد عليها يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها، كهذا الحديث لأن الكشف أحسن أحواله - إن صح - أن يكون كالرأي، وهو يخطيء ويصيب، وهذا إن لم يداخله الهوى، نسأل الله السلامة منه، ومن كل ما لا يرضيه. وروي الحديث عن أبي هريرة بلفظ: " مثل أصحابي " وسيأتي برقم (438) وروي نحوه عن ابن عباس وعمر بن الخطاب وابنه عبد الله. أما حديث ابن العباس فهو: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 59 - " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لأحدكم في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله، فسنة مني ماضية، فإن لم يكن سنة مني ماضية، فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيها أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة ". موضوع. أخرجه الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " (ص 48) ومن قبله أبو العباس الأصم في الثاني من حديثه رقم 142 من نسختي، وعنه البيهقي في " المدخل " رقم (152) ، والديلمي (4 / 75) ، وابن عساكر (7 / 315 / 2) من طريق سليمان ابن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا: سليمان بن أبي كريمة قال ابن أبي حاتم (2 / 1 /138) عن أبيه: ضعيف الحديث. وجويبر هو ابن سعيد الأزدي، متروك، كما قال الدارقطني والنسائي وغيرهما، وضعفه ابن المديني جدا. والضحاك هو ابن مزاحم الهلالي لم يلق ابن عباس، وقال البيهقي عقبه: هذا حديث متنه مشهور، وأسانيده ضعيفة، لم يثبت في هذا إسناد. والحديث أورد منه الجملة الأخيرة الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 /25) وأورده السيوطي بتمامه في أول رسالته " جزيل المواهب في اختلاف المذاهب " من رواية البيهقي في " المدخل " ثم قال العراقي: وإسناده ضعيف. والتحقيق أنه ضعيف جدا لما ذكرنا من حال جويبر، وكذلك قال السخاوي الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 في " المقاصد " ولكنه موضوع من حيث معناه لما تقدم ويأتي. فإذا عرفت هذا فمن الغريب قول السيوطي في الرسالة المشار إليها: في هذا الحديث فوائد، منها إخباره صلى الله عليه وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع، وذلك من معجزاته، لأنه من الإخبار بالمغيبات، ورضاه بذلك وتقريره عليه حيث جعله رحمة، والتخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء ... فيقال له: أثبت العشر ثم انقش، وما ذكره من التخيير باطل لا يمكن لمسلم أن يلتزم القول والعمل به على إطلاقه لأنه يؤدي إلى التحلل من التكاليف الشرعية كما لا يخفى. وانظر الكلام على الحديث الآتي (63) . ومما سبق، تعلم أن تصحيح الشيخ مهدي حسن الشاهجهانبوري لهذا الحديث في كتابه " السيف المجلى على المحلى " (ص 3) وقوله: إنه حديث مشهور ليس بصحيح بل هو مخالف لأقوال أهل العلم بهذا الفن كما رأيت، وله مثله كثير فانظر الحديث (87) . وأما حديث عمر بن الخطاب فهو: 60 - " سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحى الله إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء، بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى ". موضوع. رواه ابن بطة في " الإبانة " (4 / 11 / 2) والخطيب أيضا ونظام الملك في " الأمالي " (13 / 2) ، والديلمي في " مسنده " (2 / 190) ، والضياء في الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 " المنتقى عن مسموعاته بمرو" (116 / 2) وكذا ابن عساكر (6 / 303 / 1) من طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا. وهذا سند موضوع، نعيم بن حماد ضعيف، قال الحافظ: يخطئ كثيرا، وعبد الرحيم بن زيد العمي كذاب كما تقدم (53) فهو آفته وأبوه خير منه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية السجزي في " الإبانة " وابن عساكر عن عمر، وقال شارحه المناوي: قال ابن الجوزي في " العلل ": هذا لا يصح نعيم مجروح، وعبد الرحيم قال ابن معين: كذاب، وفي " الميزان ": هذا الحديث باطل، ثم قال المناوي: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر أخرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه تعقبه بقوله: قال ابن سعد: زيد العمي أبو الحواري كان ضعيفا في الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء، ورواه عن عمر أيضا البيهقي، قال الذهبي: وإسناده واه. قلت: وروى ابن عبد البر عن البزار أنه قال في هذا الحديث: وهذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما رواه عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر، كذا في الموضعين: ابن عمر، والظاهر أن لفظة (ابن) مقحمة من الناسخ في الموضع الأول وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه، والكلام أيضا منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ "، وهذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لوثبت، فكيف ولم يثبت؟! والنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه. ثم روى عن المزني رحمه الله أنه قال: إن صح هذا الخبر فمعناه: فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه، فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوز عندي غير هذا، وأما ما قالوا فيه برأيهم فلوكان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا، ولا أنكر بعضهم على بعض، ولا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر. قلت: الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه الله، بل المراد ما قالوه برأيهم، وعليه يكون معنى الحديث دليلا آخر على أن الحديث موضوع ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، إذ كيف يسوغ لنا أن نتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكل رجل من الصحابة مع أن فيهم العالم والمتوسط في العلم ومن هو دون ذلك! وكان فيهم مثلا من يرى أن البرد لا يفطر الصائم بأكله! كما سيأتي ذكره بعد حديث. وأما حديث ابن عمر فهو: 61 - " إنما أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم ". موضوع. ذكره ابن عبد البر معلقا (2 / 90) وعنه ابن حزم من طريق أبي شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وقد وصله عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (86 / 1) : أخبرني أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب به، ورواه ابن بطة في " الإبانة " (4 / 11 / 2) من طريق آخر عن أبي شهاب به، ثم قال ابن عبد البر: وهذا إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به. قلت: وحمزة هذا هو ابن أبي حمزة، قال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنه المتعمد لها، ولا تحل الرواية عنه، وقد ساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث من موضوعاته هذا منها. قال ابن حزم (6 / 83) : فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا، بل لا شك أنها مكذوبة، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهو ى، إن هو إلا وحي يوحى} ، فإذا كان كلامه عليه الصلاة والسلام في الشريعة حقا كله وواجبا فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان من الله تعالى فلا يختلف فيه لقوله تعالى: {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: {ولا تنازعوا} ،فمن المحال أن يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله عنهم وفيهم من يحلل الشيء، وغيره يحرمه، ولوكان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال واجبا بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب وحراما اقتداء بعائشة وابن عمر وكل هذا مروى عندنا بالأسانيد الصحيحة. ثم أطال في بيان بعض الآراء التي صدرت من الصحابة وأخطأوا فيها السنة، وذلك في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، ثم قال (6 / 86) : فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون؟ ! . وقال قبل ذلك (5 / 64) تحت باب ذم الاختلاف: وإنما الفرض علينا اتباع ما جاء به القرآن عن الله تعالى الذي شرع لنا دين الإسلام، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى ببيان الدين ... فصح أن الاختلاف لا يجب أن يراعى أصلا، وقد غلط قوم فقالوا: الاختلاف رحمة، واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، قال: وهذا الحديث باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية. أحدها: أنه لم يصح من طريق النقل. والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يأمر بما نهى عنه، وهو عليه السلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره، وكذب عمر في تأويل تأوله في الهجرة، وخطأ أبا السنابل في فتيا أفتى بها في العدة، فمن المحال الممتنع الذي لا يجوز البتة أن يكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 عليه السلام يأمر باتباع ما قد أخبر أنه خطأ. فيكون حينئذ أمر بالخطأ تعالى الله عن ذلك، وحاشا له صلى الله عليه وسلم من هذه الصفة، وهو عليه الصلاة والسلام قد أخبر أنهم يخطئون، فلا يجوز أن يأمرنا باتباع من يخطيء، إلا أن يكون عليه السلام أراد نقلهم لما رووا عنه فهذا صحيح لأنهم رضي الله عنهم كلهم ثقات، فمن أيهم نقل، فقد اهتدى الناقل. والثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الباطل، بل قوله الحق، وتشبيه المشبه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد وكذب ظاهر، لأنه من أراد جهة مطلع الجدي، فأم جهة مطلع السرطان لم يهتد، بل قد ضل ضلالا بعيدا وأخطأ خطأ فاحشا، وليس كل النجوم يهتدى بها في كل طريق، فبطل التشبيه المذكور ووضح كذب ذلك الحديث وسقوطه وضوحا ضروريا. ونقل خلاصته ابن الملقن في " الخلاصة " (175 / 2) وأقره، وبه ختم كلامه على الحديث فقال: وقال ابن حزم: خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط. وروي هذا الحديث بلفظ آخر: 62 - " أهل بيتي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم ". موضوع. وهو في نسخة أحمد بن نبيط الكذاب، وقد وقفت عليها، وهي من رواية أبي نعيم الأصبهاني قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الريان المصري المعروف باللكي - بالبصرة في نهر دبيس قراءة عليه في صفر سنة سبع وخمسين وثلاث مئة فأقر به قال - أنبأنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبو جعفر الأشجعي بمصر - سنة اثنتين وسبعين ومئتين قال - حدثني أبي الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 إسحاق بن إبراهيم ابن نبيط، قال: حدثني أبي إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط بن شريط مرفوعا. قلت: فذكر أحاديث كثيرة هذا منها (ق 158 / 2) ، وقد قال الذهبي في هذه النسخة: فيها بلايا! وأحمد بن إسحاق لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب. وأقره الحافظ في " اللسان ". قلت: والراوي عنه أحمد بن القاسم اللكي ضعيف. والحديث أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 419) تبعا لأصله " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 201) وكذا الشوكاني في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (ص 144) نقلا عن " المختصر " لكن وقع فيه نسخة نبيط الكذاب فكأنه سقط من النسخة لفظة (ابن) وهو أحمد بن إسحاق نسب إلى جده، وإلا فإن نبيطا صحابي. 63 - " إن البرد ليس بطعام ولا بشراب ". منكر. أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 347) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 191 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (7 / 1 - 2) وابن عساكر (6 / 313 / 2) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال: مطرت السماء بردا فقال لنا أبو طلحة: ناولوني من هذا البرد، فجعل يأكل وهو صائم وذلك في رمضان! فقلت: أتأكل البرد وأنت صائم؟ فقال: إنما هو برد نزل من السماء نطهر به بطوننا وإنه ليس بطعام ولا بشراب! فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: " خذها عن عمك ". قلت: وهذا سند ضعيف، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف كما قال الحافظ الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 في " التقريب "، وقال شعبة بن الحجاج: حدثنا علي بن زيد وكان رفاعا يعني أنه كان يخطيء فيرفع الحديث الموقوف وهذا هو علة هذا الحديث، فإن الثقات رووه عن أنس موقوفا على أبي طلحة خلافا لعلى بن زيد الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخطأ، فرفعه منكر، فقد أخرجه أحمد (3 / 279) وابن عساكر (6 / 313 /2) من طريق شعبة عن قتادة وحميد عن أنس قال: مطرنا بردا وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه، قيل له: أتأكل وأنت صائم؟ ! فقال: إنما هذا بركة! وسنده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حزم في " الإحكام " (6 / 83) وأخرجه الطحاوي من طريق خالد بن قيس عن قتادة، ومن طريق حماد بن سلمة عن ثابت، كلاهما عن أنس به نحوه، ورواه البزار موقوفا وزاد: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فكرهه، وقال: إنه يقطع الظمأ، قال البزار: لا نعلم هذا الفعل إلا عن أبي طلحة، فثبت أن الحديث موقوف ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أخطأ في رفعه ابن جدعان كما جزم بذلك الطحاوي. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (3 / 171 - 172) مرفوعا ثم قال: رواه أبو يعلى وفيه علي بن زيد وفيه كلام، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 116) من رواية الديلمي بإسناد يقول فيه كل من رواته: أصم الله هاتين إن لم أكن سمعته من فلان ولكن ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1 / 159) رد عليه حكمه عليه بالوضع ونقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في " المطالب العالية ": إسناده ضعيف، ثم ختم ابن عراق كلامه بقوله: ولعل السيوطي إنما عنى أنه موضوع بهذه الزيادة من التسلسل لا مطلقا، والله أعلم. قلت: وهذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان الحديث المتقدم: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، إذ لوصح هذا لكان الذي يأكل البرد في رمضان لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه، وهذا مما لا يقوله مسلم اليوم فيما أعتقد. 64 - " نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 355) والبيهقي (9 / 271) وأحمد (2 / 444 - 445) من طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال: جلبت غنما جذعانا إلى المدينة فكسدت علي، فلقيت أبا هريرة فسألته؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر الحديث، قال: فانتهبه الناس، وقال الترمذي: حديث غريب يعني ضعيف، ولذا قال الحافظ في " الفتح " (10 / 12) : وفي سنده ضعف. الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وبين علته ابن حزم فقال في " المحلى " (7 / 365) : عثمان بن واقد مجهول، وكدام بن عبد الرحمن لا ندري من هو، عن أبي كباش الذي جلب الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه، هكذا نص حديثه، وهنا جاء ما جاء أبو كباش، وما أدراك ما أبو كباش، ما شاء الله كان! كأنه يتهم أبا كباش بهذا الحديث، وهو مجهول مثل الراوي عنه كدام، وقد صرح بذلك الحافظ في " التقريب "، وأما عثمان بن واقد فليس بمجهول فقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أبو داود: ضعيف، وللحديث علة أخرى وهي الوقف فقال البيهقي عقبه: وبلغني عن أبي عيسى الترمذي قال: قال البخاري: رواه غير عثمان بن واقد عن أبي هريرة موقوفا، وله طريق آخر بلفظ: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فقال: كيف رأيت نسكنا هذا؟ قال: لقد باهى به أهل السماء، واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من الثنية من الإبل والبقر ولو علم الله ذبحا أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام، وفيه إسحاق بن إبراهيم الحنيني، قال البيهقي: تفرد به وفي حديثه ضعف. قلت: وهو متفق على ضعفه، وقد أورده العقيلي في " الضعفاء " وساق له حديثا وقال: لا أصل له، ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 يروي عن زياد بن ميمون وكان يكذب عن أنس، ومن أو هى التعقب ما تعقب به ابن التركماني قول البيهقي المتقدم فقال: قلت: ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور ثم قال: صحيح الإسناد! قلت: وكل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق والتصحيح ولذلك لا يلتفت إليه، ولا سيما إذا خالف، ولهذا لم يقره الذهبي في " تلخيصه " على تصحيحه بل قال (4 / 223) : قلت: إسحاق هالك، وهشام ليس بمعتمد، قال ابن عدي: مع ضعفه يكتبه حديثه. وليس يخفى هذا على مثل ابن التركماني لولا الهوى! فإن هذا الحديث يدل على جواز الجذع في الأضحية وهو مذهب الحنفية وابن التركماني منهم ولما كانت الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يحتج بها أراد أن يقوي بعضها بالاعتماد على تصحيح الحاكم! ولو أن تصحيحه كان على خلاف ما يشتهيه مذهبه لبادر إلى رده متذرعا بما ذكرناه من التساهل! وهذا عيب كبير من مثل هذا العالم النحرير، وعندنا على ما نقول أمثلة أخرى كثيرة لا فائدة كبيرة من ذكرها. ومن الأحاديث المشار إليها: 65 - " يجوز الجذع من الضأن أضحية ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 275) والبيهقي وأحمد (6 / 338) من طريق محمد بن أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها مرفوعا، وهذا سند ضعيف من أجل أم محمد بن أبي يحيى فإنها مجهولة كما قال ابن الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 حزم (7 / 365) وقال: وأم بلال مجهولة، ولا ندري لها صحبة أم لا، قال السندي قال الدميري: أصاب ابن حزم في الأول، وأخطأ في الثاني، فقد ذكر أم بلال في الصحابة ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر، ثم قال الذهبي في " الميزان ": إنها لا تعرف ووثقها العجلي. قلت: الحق ما قاله ابن حزم فيها، فإنها لا تعرف إلا في هذا الحديث، ومع أنه ليس فيه التصريح بصحبتها ففي الإسناد إليها جهالة كما علمت فأنى ثبوت الصحبة لها؟ ! ثم من الغرائب أن يسكت الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 217 - 218) على هذا الحديث مع ثبوت ضعفه! وفي الباب أحاديث أخرى أوردها ابن حزم في " المحلى " (7 / 364 - 365) وضعفها كلها، وقد أصاب إلا في تضعيفه لحديث عقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن. أخرجه النسائي (2 / 204) والبيهقي (9 / 270) من طريق بكير بن الأشج عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عنه، وهذا إسناد جيد رجاله ثقات، وإعلال بن حزم له بقوله: ابن خبيب هذا مجهول، غير مقبول، فإن معاذا هذا وثقه ابن معين وأبو داود وابن حبان وقال الدارقطني: ليس بذاك ولهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن عزاه للنسائي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 سنده قوي، لكن رواه أحمد (4 / 152) من طريق أسامة بن زيد عن معاذ به بلفظ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع؟ فقال: " ضح به، لا بأس به "، وإسناده حسن وهو يخالف الأول في أنه مطلق، وذاك خاص في الضأن، وعلى الأول فيمكن أن يراد به الجذع من المعز وتكون خصوصية لعقبة، لحديثه الآخر قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت: يا رسول الله صارت لي جذعة، وفي رواية عتود وهو الجذع من المعز قال: " ضح بها "، أخرجه البخاري (10 / 3 - 4 و9 - 10) والبيهقي (9 / 270) وزاد: " ولا أرخصه لأحد فيها بعد "، ويمكن أن يحمل المطلق على الضأن أيضا بدليل حديث أسامة وعليه يحتمل أن يكون ذلك خصوصية له أيضا، أو كان ذلك لعذر مثل تعذر المسنة من الغنم وغلاء سعرها وهذا هو الأقرب لحديث عاصم بن كليب عن أبيه قال: كنا نؤمر علينا في المغازي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وكنا بفارس، فغلت علينا يوم النحر المسان، فكنا نأخذ المسنة بالجذعين والثلاثة، فقام فينا رجل من مزينة فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبنا مثل هذا اليوم فكنا نأخذ المسنة بالجذعين والثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الجذع يوفي مما يوفي الثني "، أخرجه النسائي والحاكم (4 / 226) وأحمد (268) وقال الحاكم: حديث صحيح، وهو كما قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وقال ابن حزم (7 / 267) : إنه في غاية الصحة، ورواه أبو داود (2 / 3) وابن ماجه (2 / 275) والبيهقي (9 / 270) مختصرا، وفي روايتهم تسمية الصحابي بمجاشع بن مسعود السلمي وهو رواية للحاكم، فهذا الحديث يدل بظاهره على أن الجذعة من الضأن إنما تجوز عند غلاء سعر المسان وتعسرها، ويؤيده حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا: " لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن "، أخرجه مسلم (6 / 72) وأبو داود (2 / 3) (3 / 312، 327) وقال الحافظ في " الفتح ": إنه حديث صحيح. وخلاصة القول أن حديث الباب لا يصح، وكذا ما في معناه، وحديث جابر وعاصم ابن كليب على خلافها، فالواجب العمل بهما، وتأويلهما من أجل أحاديث الباب لا يسوغ لصحتهما وضعف معارضهما، والله أعلم. (فائدة) : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم، وهي من الغنم والبقر ما دخل في السنة الثالثة، ومن الإبل ما دخل في السادسة والجذع من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة وجمهو ر أهل العلم كما قال الشوكاني وغيره. استدراك: ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحوخمس سنوات، وكان محور اعتمادي في ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 مرفوعا: " لا تذبحوا إلا مسنة ... "، وتصحيح الحافظ ابن حجر إياه، ثم بدا لي أني كنت واهما في ذلك، تبعا للحافظ، وأن هذا الحديث الذي صححه هو وأخرجه مسلم كان الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس، وقد عنعنه، ومن المقرر في " علم المصطلح " أن المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث، وهذا هو الذي صنعه أبو الزبير هنا، فعنعن، ولم يصرح، ولذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد عنه، فإنه لم يروعنه إلا ما صرح فيه بالتحديث، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة أبي الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما لا يقدح في عدالته: وأما أبو محمد بن حزم، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن جابر ونحوه لأنه عندهم ممن يدلس، فإذا قال: سمعت، وأخبرنا احتج به، ويحتج به ابن حزم إذا قال: عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، وذلك لأن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث قال: جئت أبا الزبير، فدفع إلى كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أننى عاودته فسألته أسمع هذا من جابر؟ فسألته، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حدثت به، فقلت: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي، ثم قال الذهبي: وفي " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء، وقال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": صدوق إلا أنه يدلس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وأورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين (ص 15) وقال: مشهور بالتدليس، ووهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " فقال في سنده: وفيه رجال غير معروفين بالتدليس! وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس، وقال في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه: الثالثة من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، ومنهم من قبلهم، كأبي الزبير المكي. قلت: والصواب من ذلك المذهب الأول وهو قبول ما صرحوا فيه بالسماع وعليه الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا ولوصرحوا بالتحديث كما نص عليه في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر، فإن يدي لا تطوله الآن وأرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال: سمعت، وهذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته فقال في " المحلى " في صدد الرد على المخالفين له (7 / 363 - 364) : هذا حجة على الحاضرين من المخالفين، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن، مع وجود المسنات، فقد خالفوه، وهم يصححونه، وأما نحن فلا نصححه، لأن أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر أنه سمعه من جابر، هو أقر بذلك على نفسه، روينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد. انظر " الإحكام " (1 / 139 - 140) ، ومقدمتي لـ" مختصر مسلم " (المكتبة الإسلامية) . وجملة القول: أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن ونحوها وليس من رواية الليث بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه، أو ما يشهد له، ويعتضد به. هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق، فطالما غفل عنها عامة الناس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وقد كنت واحدا منهم، حتى تفضل الله علي فعرفني بها، فله الحمد والشكر، وكان من الواجب علي أن أنبه على ذلك، فقد فعلت، والله الموفق لا رب سواه. وإذا تبين هذا، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية بالجذع من الضأن، أحدهما حديث عقبة بن عامر، والآخر حديث مجاشع بن مسعود السلمي وفيه: " أن الجذع يوفي مما يوفي الثني "، وكنت تأولتهما بما يخالف ظاهرهما توفيقا بينهما وبين حديث جابر، فإذ قد تبين ضعفه، وأنه غير صالح للاحتجاج به، ولتأويل ما صح من أجله، فقد رجعت عن ذلك، إلى دلالة الحديثين الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة، وحديث مجاشع وإن كان بعمومه يشمل الجذع من المعز، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد وهو حديث البراء قال: ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تلك شاة لحم "، فقال: يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز، فقال: " ضح بها، ولا تصلح لغيرك " وفي رواية: " اذبحها، ولن تجزئ عن أحد بعدك " وفي أخرى: " ولا تجزيء جذعة عن أحد بعدك "، أخرجه مسلم (6 / 74 - 76) والبخاري نحوه ويبدو جليا من مجموع الروايات أن المراد بالجذعة في اللفظ الأخير الجذعة من المعز، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري، وأما فهم ابن حزم من هذا اللفظ جذعة العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته وجموده على اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها، والسياق والسباق، وهما من المقيدات، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد وغيره من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 المحققين.ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر رضي الله عنه، وأما قول الحافظ في " التلخيص " (ص 385) . تنبيه: ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة، والإجماع على خلافه، فيجب تأويله، بأن يحمل على الأفضل وتقديره: المستحب أن لا تذبحوا إلا مسنة. قلت: هذا الحمل بعيد جدا، ولوسلم فهو تأويل، والتأويل فرع التصحيح، والحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مسوغ لتأويله. وقد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ، ففسر المسنة بما إذا كانت من المعز! ويرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في " مسنده " (ق 125 / 2) بلفظ: " إذا عز عليك المسان من الضأن، أجزأ الجذع من الضأن " وهو وإن كان ضعيف السند كما بينته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (رقم 1131) ، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول. ولعل الذي حمل الحافظ وغيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث، وقد قاله الحافظ كما رأيت. فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور الخلاف فيها معروف، وعذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف، فينبغي التثبت في هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعلهم اختلفوا، أو كما قال رواه ابنه عبد الله بن أحمد في " مسائله ". فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في " الموطأ " (2 /482 / 2) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن ورواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع بن ابن عمر قال: " لا تجزيء إلا الثنية فصاعدا "، ذكره ابن حزم (7 / 361) وذكر بمعناه آثارا أخرى فليراجعها من شاء الزيادة. وختاما أقول: نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق: أن حديث هلال هذا: " نعمت الأضحية الجذع من الضأن " وكذا الذي قبله، وإن كان ضعيف المبنى، فهو صحيح المعنى، يشهد له حديث عقبة ومجاشع، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، لما أوردتهما في هذه " السلسلة " ولأوردت بديلهما حديث جابر هذا، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولله في خلقه شؤون. 66 - " من عرف نفسه فقد عرف ربه ". لا أصل له. قال في " المقاصد " للحافظ السخاوي (ص 198) : قال أبو المظفر بن السمعاني: لا يعرف مرفوعا وإنما يحكي عن يحيى بن معاذ الرازي من قوله وكذا قال النووي: إنه ليس بثابت. ونقل السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 203) كلام النووي هذا وأقره، وقال في " القول الأشبه " (2 / 351) من " الحاوي للفتاوى ": هذا الحديث ليس بصحيح. ونقل الشيخ القاري في " موضوعاته " (ص 83) عن ابن تيمية أنه قال: الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 موضوع. وقال العلامة الفيروز أبادي - صاحب القاموس - في " الرد على المعترضين على الشيخ ابن عربي " (ق 37 / 2) : ليس من الأحاديث النبوية، على أن أكثر الناس يجعلونه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح أصلا، وإنما يروي في الإسرائيليات: " يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك ". قلت: هذا حكم أهل الاختصاص على هذا الحديث، ومع ذلك فقد ألف بعض الفقهاء المتأخرين من الحنفية رسالة في شرح هذا الحديث! وهي محفوظة في مكتبة الأوقاف الإسلامية في حلب، وكذلك شرح أحدهم حديث: " كنت كنزا مخفيا ... " في رسالة خاصة أيضا موجودة في المكتبة المذكورة برقم (135) مع أنه حديث لا أصل له أيضا كما سيأتي (6023) ، وذلك مما يدل على أن هؤلاء الفقهاء لم يحاولوا - مع الأسف الشديد - الاستفادة من جهو د المحدثين في خدمة السنة وتنقيتها مما أدخل فيها، ولذلك كثرت الأحاديث الضعيفة والموضوعة في كتبهم، والله المستعان. 67 - " من قرأ في الفجر بـ {ألم نشرح} و {ألم تر كيف} لم يرمد ". لا أصل له. قال السخاوي (ص 200) : لا أصل له، سواء أريد بالفجر هنا سنة الصبح أو الصبح لمخالفته سنة القراءة فيهما. الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 يشير إلى أن السنة في سنة الفجر {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ، وفي فرض الفجر قراءة ستين آية فأكثر على ما هو مفصل في كتابي " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ". 68 - " قراءة سورة {إنا أنزلناه} عقب الوضوء ". لا أصل له. كما قال السخاوي، قال: ورأيته في المقدمة المنسوبة للإمام أبي الليث من الحنفية، فالظاهر إدخاله فيها من غيره وهو مفوت سنة. قلت: يعني سنة القول بعد الوضوء: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين " وهو في مسلم والترمذي، أو يقول: " سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك " رواه الحاكم وغيره بسند صحيح. قلت: وقوله: لا أصل له يوهم أنه لا إسناد له، وليس كذلك كما سيأتي (1449) . الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 69 - " مسح الرقبة أمان من الغل ". موضوع. قال النووي في " المجموع شرح المهذب: (1 / 465) : هذا موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 ونقله السيوطي في ذيل " الأحاديث الموضوعة " (ص 203) عن النووي وأقره. وقال الحافظ ابن حجر في " تلخيص الحبير " (1 / 433) ما مختصره: أورده أبو محمد الجويني، وقال: لم يرتض أئمة الحديث إسناده، وأورده الغزالي في " الوسيط " وتعقبه ابن الصلاح فقال: هذا الحديث غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من قول بعض السلف، قال الحافظ: يحتمل أن يريد به ما رواه أبو عبيد في كتاب " الطهور " عن عبد الرحمن بن مهدي عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن موسى بن طلحة قال: " من مسح قفاه مع رأسه وقي الغل يوم القيامة. قلت: فيحتمل أن يقال: هذا وإن كان موقوفا فله حكم الرفع، لأن هذا لا يقال من قبل الرأي، فهو على هذا مرسل. قلت: لكن المسعودي كان قد اختلط فلا حجة في حديثه لوكان مرفوعا، فكيف وهو موقوف؟ ثم قال الحافظ (1 / 434 - 453) : قال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان ": حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا عبد الرحمن بن داود، حدثنا عثمان بن {خرزاذ} حدثنا عمر بن محمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس بن سيرين عن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة "، وفي " البحر " للروياني: قرأت جزءا رواه أبو الحسين بن فارس بإسناده عن فليح بن سليمان عن نافع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ ومسح بيديه على عنقه وقي الغل يوم القيامة "، وقال: هذا إن شاء الله حديث صحيح، قلت (هو الحافظ) : بين ابن فارس وفليح مفازة فينظر فيها. قلت: وحديث ابن عمر في " تاريخ أصبهان " (2 / 115) ، وعزاه الشيخ علي القاري في " الموضوعات " (ص 73) لـ" مسند الفردوس " بسند ضعيف. قلت: وعلته محمد بن عمرو الأنصارى هذا، وهو أبو سهل البصري، متفق على تضعيفه، وكان يحيى بن سعيد يضعفه جدا ويقول: روى عن الحسن أو ابد! . وشيخ أبي نعيم ضعيف أيضا، وهو محمد بن أحمد بن علي بن المحرم، قال الذهبي في " الميزان ": هو من كبار شيوخ أبي نعيم الحافظ، روى عنه الدارقطني وضعفه وقال البرقاني: لا بأس به، وقال ابن أبي الفوارس: لم يكن عندهم بذاك وهو ضعيف. ثم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " (2 / 75) بعد أن ذكر الحديث من رواية أبي نعيم في " التاريخ ": وفيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم، قال الحافظ العراقي: وهو آفته. وسيأتي الكلام على الحديث مع زيادة تحقيق برقم (744) أو نحوه إن شاء الله تعالى. قلت: فمثل هذا الحديث يعد منكرا، ولا سيما أنه مخالف لجميع الأحاديث الواردة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم، إذ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبة، اللهم إلا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال وهو أول القفا. وفي رواية: ومسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه. أخرجه أبو داود وغيره، وذكر عن ابن عيينة أنه كان ينكره، وحق له ذلك فإن له ثلاث علل، كل واحدة منها كافية لتضعيفه، فكيف بها وقد اجتمعت، وهي الضعف، والجهالة، والاختلاف في صحبة والد مصرف، ولهذا ضعفه النووي وابن تيمية والعسقلاني وغيرهم، وقد بينت ذلك في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 15) . 70 - " من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه، وسقاه ماء حتى يرويه، بعده الله عن النار سبع خنادق، بعد ما بين خندقين مسيرة خمس مئة سنة ". موضوع. أخرجه الدولابي في " الكنى " (1 / 117) ويعقوب الفسوي في " التاريخ " (2 /527) وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص 254) والحاكم (4 / 129) وكذا الطبراني في " الأوسط " (1 / 95 / 1 ـ من زوائد المعجمين) وابن عساكر (6 /115 / 2) من طريق إدريس بن يحيى الخولاني، حدثني رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن عبد الله الكعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي! وهذا من أغلاطهما الفاحشة، فإن رجاءا هذا، لم يوثقه أحد، بل هو متهم، فاسمع ما قال فيه الحاكم نفسه! فيما ذكره الذهبي نفسه في " الميزان " قال: صويلح! ، قال الحاكم: مصري صاحب موضوعات (!) ، وقال ابن حبان: الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 يروي الموضوعات، ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلا بالمصريين. قلت: يعني هذا وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 172) وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 87) وعزاه في " الجامع الكبير " والزيادة لـ (ن) أي: النسائي وهو وهم أو تحريف، ثم ساق الذهبي إسناده إلى رجاء به ثم قال: هذا حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد. قلت: إدريس هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 265) فالتهمة منحصرة في رجاء هذا، وزاد الحافظ في " لسان الميزان ": وهذا الحديث أورده ابن حبان وقال: إنه موضوع، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، فما أدري ما وجه الجمع بين كلاميه! (يعني تصحيحه للحديث وقوله في راويه: صاحب موضوعات) كما لا أدري كيف الجمع بين قول الذهبي " صويلح " وسكوته على تصحيح الحاكم في " تلخيص المستدرك " مع حكايته عن الحافظين (يعني الحاكم وابن حبان) أنهما شهدا عليه برواية الموضوعات! . قلت: والحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " (2 / 130) للطبراني في " الكبير " و" الأوسط " قال: وفيه رجاء بن أبي عطاء، وهو ضعيف، كذا قال، ورجاء أشد ضعفا مما ذكر كما تقدم، ومع هذا، فالهيثمي أقرب إلى الصواب من المنذري، فإنه أورد الحديث في " الترغيب " (2 / 48 ـ رقم 14) ثم قال: رواه الطبراني في " الكبير " وأبو الشيخ ابن حيان في " الثواب " والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 فأقر الحاكم على تصحيحه، فأو هم أنه صحيح، وليس كذلك، وهذا هو الحامل لي على نشر هذا الحديث وتحقيق القول في وضعه كي لا يغتر أحد بزلة هؤلاء الأفاضل فيقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، صاننا الله من ذلك بمنه وفضله. 71 - " التكبير جزم ". لا أصل له. كما قال الحافظ ابن حجر والسخاوي، وكذا السيوطي، وله رسالة خاصة في الحديث في كتابه " الحاوي للفتاوي " (2 / 71) وقد بين فيها أنه من قول إبراهيم النخعي، وأن معنى قوله جزم لا يمد ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب بل يسكن آخره. ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها فليراجعها من شاء. ثم إن الحديث مع كونه لا أصل له مرفوعا، وإنما هو من قول إبراهيم، فإنما يريد به التكبير في الصلاة كما يستفاد من كلام السيوطي في الرسالة المشار إليها فلا علاقة له بالأذان كما توهم بعضهم، فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في مصر وغيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة: الله أكبر، الله أكبر، عملا بهذا الحديث زعموا! والتأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلا في السنة، بل ظاهر الحديث الصحيح خلافه، فقد روى مسلم في " صحيحه " (2 / 4) من حديث عمر ابن الخطاب مرفوعا: " إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله ألا الله، الحديث ... " ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين، وأن السامع يجيبه كذلك، وفي " شرح صحيح مسلم " للنووي ما يؤيد هذا فليراجعه من شاء. ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعا شفعا. الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 72 - " أدبني ربي فأحسن تأديبي ". ضعيف. قال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل الكبرى " (2 / 336) : معناه صحيح، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت، وأيده السخاوي والسيوطي فراجع " كشف الخفاء " (1 /70) . الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 73 - " مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين عند قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله ... إلخ وأن من فعل ذلك حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم ". لا يصح. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا. قال ابن طاهر في " التذكرة ": لا يصح، كذا في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني (ص 9) وكذلك قال السخاوي في " المقاصد ". الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 74 - " عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم ". لا أصل له بهذا اللفظ. قال ابن الصلاح: هذا حديث غير معروف ولا ثابت، نقله الشيخ إسماعيل العجلوني في " الكشف " ومن قبله ابن الملقن في " الخلاصة " (164 / 2) وزاد: قلت: وأسنده صاحب الفردوس بلفظ " استفرهو ا " بدل " عظموا " أي: الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 ضحوا بالثمينة القوية السمينة. قلت: وسنده ضعيف جدا، وسوف يأتي تحقيق الكلام عليه بإذن الله تعالى (2687) . 75 - " عجلوا بالصلاة قبل الفوت، وعجلوا بالتوبة قبل الموت ". موضوع. ومعناه صحيح، أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 4 - 5) . الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 76 - " الناس كلهم موتى الا العالمون، والعالمون كلهم هلكى الا العاملون والعاملون كلهم غرقى الا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم ". موضوع. أورده الصغاني (ص 5) وقال: وهذا الحديث مفترى ملحون، والصواب في الإعراب: " العالمين والعاملين والمخلصين) ". قلت: وهو شبيه بكلام الصوفية، ومثله قول سهل بن عبد الله التستري: الناس كلهم سكارى إلا العلماء، والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه، رواه الخطيب في " اقتضاء العلم العمل " (رقم 22 - بتحقيقي) ثم روى من طريق أخرى عنه قال: " الدنيا جهل وموات، إلا العلم، والعلم كله حجة إلا العمل به، والعمل كله هباء إلا الإخلاص، والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به ". قلت: وهذا أقرب إلى هذا الحديث، فلعله هو أصله، رفعه بعض جهلة الصوفية. الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 77 - " لا مهدي إلا عيسى ". منكر. أخرجه ابن ماجه (2 / 495) والحاكم (4 / 441) وابن الجوزي في " الواهيات " (1447) وابن عبد البر في " جامع العلم " (1 / 155) وأبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (3 / 3 / 2، 4 / 9 / 1، 5 / 22 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (62 / 1) والخطيب (4 / 221) من طريق محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ: " لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم ". قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علل ثلاث: الأولى: عنعنة الحسن البصري، فإنه قد كان يدلس. الثانية: جهالة محمد بن خالد الجندي، فإنه مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " تبعا لغيره كما يأتي. الثالثة: الاختلاف في سنده. قال البيهقي: قال أبو عبد الله الحافظ: محمد بن خالد مجهول واختلفوا عليه في إسناده، فرواه صامت بن معاذ قال: حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا محمد بن خالد ... فذكره، قال صامت: عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلا، قال البيهقي: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول عن أبان أبي عياش، وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا، نقله في " التهذيب ". الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وقال الذهبي في " الميزان ": إنه خبر منكر، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن أبي عياش عن الحسن مرسلا ثم قال: فانكشف ووهى. وقال الصغاني: موضوع كما في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني (ص 195) ونقل السيوطي في " العرف الوردي في أخبار المهدي " (2 / 274 من الحاوي) عن القرطبي أنه قال في " التذكرة ": إسناد ضعيف، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه. وقد أشار الحافظ في " الفتح " (6 / 385) إلى رد هذا الحديث لمخالفته لأحاديث المهدي. وهذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم: ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى النبوة، ثم ادعى أنه هو عيسى بن مريم المبشر بنزوله في آخر الزمان، وأنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر، وقد راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة، شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من يتباناها ويدعوإليها، وقد ألفت كتب كثيرة في الرد على هؤلاء الضلال، ومن أحسنها رسالة الأستاذ الفاضل المجاهد أبي الأعلى المودودى رحمه الله في الرد عليها، وكتابه الآخر الذي صدر أخيرا بعنوان " البيانات " فقد بين فيهما حقيقة القاديانيين، وأنهم مرقوا من دين المسلمين بأدلة لا تقبل الشك، فليرجع إليهما من شاء. (تنبيه) قوله في هذا الحديث: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 " ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " هذه الجملة منه صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود! خرجه مسلم وأحمد. 78 - " سؤر المؤمن شفاء ". لا أصل له. قال الشيخ أحمد الغزي العامري في " الجد الحثيث " (رقم 168 من نسختي) : ليس بحديث، وأقره الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " (1 / 458) . قلت: وأما قول الشيخ على القاري في " موضوعاته " (ص 45) : هو صحيح من جهة المعنى لرواية الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عباس مرفوعا: " من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه " أي المؤمن، فيقال له كما تعلمنا منه في مثل هذه المناسبة: ثبت العرش ثم انقش! "، فإن هذا الحديث غير صحيح أيضا، وبيانه فيما بعد، على أنه لوصح لما كان شاهدا له! كيف وليس فيه أن سؤر المؤمن شفاء لا تصريحا ولا تلويحا، فتأمل. الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 79 - " من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه، ومن شرب من سؤر أخيه ابتغاء وجه الله تعالى رفعت له سبعون درجة، ومحيت عنه سبعون خطيئة، وكتب له سبعون درجة ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 40) برواية الدارقطني من طريق نوح بن أبي مريم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به، وقال ابن الجوزي: الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 تفرد به نوح وهو متروك، وتعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (2 / 259 طبع المكتبة الحسينية) بقوله: قلت: له متابع، قال الإسماعيلي في " معجمه " (ق 123 / 2 - مصورة الجامعة الإسلامية) : أخبرني علي بن محمد بن حاتم أبو الحسن القومسي: حدثنا جعفر بن محمد الحداد القومسي، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي، حدثنا الحسن بن رشيد المروزي عن ابن جريج، وعنه يعني المروزي هذا ثلاثة أنفس، فيه لين، الأصل: فيهم وهو خطأ. قلت: بل الحسن هذا منكر الحديث، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 14) بعد أن نقل عن أبيه أنه مجهول: يدل حديثه على الإنكار، وذلك أنه روى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: " من صبر في حر مكة ساعة باعد الله عز وجل منه جهنم سبعين خريفا، ومن مشى في طريق مكة ساعة، كل قدم يضعها ترفع له درجة، والأخرى حسنة ". وفي " اللسان ": وقال العقيلي فيه: في حديثه وهم، ويحدث بمناكير، ثم ساق حديث ابن عباس الذي استنكره ابن أبي حاتم وقال: هذا حديث باطل لا أصل له. والحديث رواه السهمي الجرجاني في " تاريخ جرجان " (262) من طريق شيخه أبي بكر الإسماعيلى قال: حدثنا علي بن محمد بن حاتم بن دينار أبو الحسن القومسي وكان صدوقا، إلخ ... وقال: قال شيخنا أبو بكر الإسماعيلى: إبراهيم ابن أحمد والحسن بن رشيد مجهولان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 ومما أوردنا يتبين أن هذه المتابعة لا تسمن ولا تغني من جوع لشدة ضعفها، وجهالة الراوي عنها، فلا قيمة لتعقب السيوطي على ابن الجوزي، ولعله يشير لهذا صنيع الشوكاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 68) حيث ساق الحديث ثم اكتفى في تخريجه على قوله: رواه الدارقطني وفي إسناده متروك، فلم يتعرض للمتابعة المزعومة بذكر! قلت: ونوح هذا كان من أهل العلم، وكان يسمى: الجامع، لجمعه فقه أبي حنيفة ولكنه متهم في الرواية، قال أبو علي النيسابوري: كان كذابا، وقال أبو سعيد النقاش: روى الموضوعات، وقال الحاكم: هو مقدم في علومه إلا أنه ذاهب الحديث بمرة، وقد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة، وقال أيضا: لقد كان جامعا، رزق كل شيء إلا الصدق! نعوذ بالله تعالى من الخذلان، وكذا قال ابن حبان، وقد أورد الحافظ برهان الدين الحلبي في رسالة " الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث " كما في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " (ص 221) . ثم إن للحديث علة أخرى لم أر من تنبه لها وهي عنعنة ابن جريج، فإنه على جلالة قدره كان مدلسا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 قال الإمام أحمد: بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها، يعني قوله: أخبرت وحدثت عن فلان، كذا في " الميزان "، وقال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما، كذا في " التهذيب "، فإن سلم الحديث من ابن أبي مريم والحسن بن رشيد، فلن يسلم من تدليس ابن جريج. 80 - " المهدي من ولد العباس عمي ". موضوع. أخرجه الدارقطني في " الأفراد " (ج 2 رقم 26 من أصلى المنقول عن مخطوطة الظاهرية) وعنه الديلمي (4 / 84) وابن الجوزي في " الواهيات " (1431) من طريق محمد بن الوليد القرشي، حدثنا أسباط بن محمد وصلة بن سليمان الواسطي عن سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا، وقال الدارقطني: غريب، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد. قلت: وهو متهم بالكذب، قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 كذاب، وبهذا أعله المناوي في " الفيض " نقلا عن ابن الجوزي، وبه تبين خطأ السيوطي في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير ". قلت: ومما يدل على كذب هذا الحديث أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: " المهدي من عترتي من ولد فاطمة "، أخرجه أبو داود (2 / 207 - 208) وابن ماجه (2 / 519) والحاكم (4 / 557) وأبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (99 - 100) وكذا العقيلي (139 و300) من طريق زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة مرفوعا، وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات، وله شواهد كثيرة، فهو دليل واضح على رد هذا الحديث، ومثله: 81 - " يا عباس إن الله فتح هذا الأمر بي، وسيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما ملئت جورا، وهو الذى يصلي بعيسى ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (4 / 117) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " (1437) في ترجمة أحمد بن الحجاج بن الصلت قال: حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر مرفوعا. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير أحمد بن الحجاج هذا ولم يذكر فيه الخطيب جرحا ولا تعديلا، وقد اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال: الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 رواه بإسناد الصحاح مرفوعا، فهو آفته! والعجيب أن الخطيب ذكره في " تاريخه " ولم يضعفه وكأنه سكت عنه لانتهاك حاله، ووافقه الحافظ في " لسان الميزان " والحديث أورده السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1 / 431 - 434) وسكت عليه! ومن هنا يتبين لك الفرق بين الذهبي والسيوطي، فإن الأول حافظ نقاد، والآخر جماع نقال، وهذا هو السر في كثرة خطئه وتناقضه في كتبه، والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 37) من حديث ابن عباس نحوه وقال: موضوع، المتهم به الغلابي محمد بن زكريا، وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 435) ، ورواه الخطيب في " التاريخ " (3 / 323 - 324) ، وعنه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2 / 375 / 1438) من طريق أخرى، ثم قال ابن الجوزي (2 / 378) : لا بأس بإسناده كذا قال وهو منه عجيب فإن فيه علتين: إحداهما: عبد الصمد بن علي وهو الهاشمي ضعفه العقيلي (3 / 84 / 1053) وساق له حديث استنكره الذهبي وسيأتي برقم (2898) . والأخرى: محمد بن نوح بن سعيد المؤذن، أورده الذهبي وقال: خبره كذب يعني هذا وأبوه مجهول. تنبيه: اختلط هذا الإسناد على بعض الطلبة فظن أنه من رواية الغلابي، وليس هو فيه! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وأما صلاة المهدي بعيسى عليه السلام، فصحيح ثابت في أحاديث كثيرة، ومثل هذا الحديث: 82 - " ألا أبشرك يا أبا الفضل؟ إن الله عز وجل افتتح بي هذا الأمر، وبذريتك يختمه ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 135) من طريق لاهز بن جعفر التيمي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، أخبرني علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: تفرد به لاهز بن جعفر وهو حديث عزيز. قلت: وهو متهم، قال فيه ابن عدي: بغدادي مجهول يحدث عن الثقات بالمناكير، ثم ساق له حديثا في فضل علي ثم قال ابن عدي: وهذا باطل، قال الذهبي: إي والله هذا من أكبر الموضوعات، وعلي، فلعن الله من لا يحبه، والحديث أورده في " كنز العمال " (رقم 38693) برواية أبي نعيم في " الحلية " عن أبي هريرة بغير هذا اللفظ، ولم أعثر عليه الآن في " الحلية "، فالله أعلم. تنبيه: إذا علمت حال هذا الحديث والذي قبله، فلا يليق نصب الخلاف بينهما وبين الحديث الصحيح المتقدم قريبا: " المهدي من ولد فاطمة " لصحته وشدة ضعف مخالفه، وعليه: لا مسوغ لمحاولة التوفيق بينهما كما فعل بعض المتقدمين والأستاذ المودودي رحمه الله في " البيانات " (ص 115، 165) ، والله تعالى هو الموفق لا إله سواه. الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 83 - " نعم المذكر السبحة، وإن أفضل ما يسجد عليه الأرض، وما أنبتته الأرض ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (4 / 98 ـ مختصره) قال: أنا عبدوس بن عبد الله أنا أبو عبد الله الحسين بن فنجويه الثقفي، حدثنا علي بن محمد بن نصرويه، حدثنا محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي حدثني عبد الصمد بن موسى حدثتني زينب بنت سليمان بن علي حدثتني أم الحسن بنت جعفر بن الحسن عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعا، ذكره السيوطي في رسالته: " المنحة في السبحة " (2 / 141 ـ من الحاوي) ونقله عنه الشوكاني في " نيل الأو طار " (2 / 166 - 167) وسكتا عليه! قلت: وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض، جل رواته مجهولون، بل بعضهم متهم، أم الحسن بنت جعفر بن الحسن، لم أجد من ترجمها، وزينب بنت سليمان بن علي ترجمها الخطيب " في تاريخه " (14 / 334) وقال: كانت من فضائل النساء. وعبد الصمد بن موسى، هو الهاشمي ترجمه الخطيب (14 / 41) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكن نقل الذهبي في " الميزان " عن الخطيب أنه قال فيه: قد ضعفوه فلعل ذلك في بعض كتبه الأخرى، ثم استدركت فقلت: بل ذلك في حديث آخر سيأتي برقم (2898) . الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ثم قال الذهبي: يروي مناكير عن جده محمد بن إبراهيم الإمام. قلت: فلعله هو آفة هذا الحديث، ومحمد بن علي بن حمزة العلوي ترجمه الخطيب أيضا (3 / 63) وقال: قال ابن أبي حاتم: سمعت منه وهو صدوق، مات سنة 286 ومحمد بن هارون هو محمد بن هارون بن العباس بن أبي جعفر المنصور، كذلك أورده الخطيب (3 / 356) وقال: كان من أهل الستر والفضل والخطابة، وولي إمامة مسجد المدينة ببغداد خمسين سنة، وكانت وفاته سنة 308. وأبو عبد الله بن الحسين بن فنجويه الثقفي ثقة مترجم في " سير أعلام النبلاء " (17 / 383) و" شذرات الذهب " (3 / 200) . ومثله عبدوس بن عبد الله له ترجمة في " سير أعلام النبلاء " (19 / 97) و" لسان الميزان " (4 / 95) . ومما سبق يتبين لك أن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور: الأول: أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم، فكيف يعقل أن يحض عليه الصلاة والسلام أصحابه على أمر لا يعرفونه؟ ! والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح القرطبي في " البدع والنهي عنها " (ص 12) عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 الصلت بن بهرام قال: مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه، ثم مر برجل يسبح بحصا، فضربه برجله، ثم قال: لقد سبقتم! ركبتم بدعة ظلما! ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما! وسنده إلى الصلت صحيح، وهو ثقة من أتباع التابعين، فالسند منقطع. ثم روى عن أبان بن أبي عياش قال: سألت الحسن عن النظام (خيط ينظم فيه لؤلؤ وخرز ونحوهما) من الخرز والنوى ونحوذلك يسبح به؟ فقال: لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولا المهاجرات، ولكن سنده ضعيف جدا. الثاني: أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن عمرو: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه، رواه أبو داود (1 / 235) والترمذي (4 / 255) وحسنه، وابن حبان (2334 - موارد) والحاكم (1 /547) والبيهقي (2 / 352) وإسناده صحيح كما قال الذهبي، ثم خرجته في " صحيح أبي داود " (1346) . ثم هو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال لبعض النسوة: " عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين التوحيد " وفي رواية: " الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات "، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود وغيره، وصححه الحاكم والذهبي، وحسنه النووي والعسقلاني، وله شاهد عن عائشة موقوف انظر " صحيح أبي داود " (1345) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ولذلك ضعف الحديث جماعة كما ذكره الشيخ محمد خليل القاوقجى في " شوارق الأنوار الجليلة " (ق 113 / 1) . ثم تبين لي فيما بعد أن السند أشد ضعفا مما ذكرنا، وأن آفته محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي، فإنه كان يضع الحديث كما يأتي، وقولي أولا هو محمد ابن هارون بن العباس.. إلخ وهم، سببه أنني ذهلت عن الترجمة التي بعد ابن العباس هذا في " تاريخ الخطيب " فقد قال: محمد بن هارون بن عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور، يكنى: أبا إسحاق، ويعرف بـ " ابن برية " ... وفي حديثه مناكير كثيرة، وقال الدارقطني: لا شيء، وقال ابن عساكر في " تاريخ دمشق ": يضع الحديث، ثم ساق له حديثا، ثم قال: هذا من موضوعاته، وكذلك اتهمه الخطيب، فقال عقب الحديث المشار إليه (7 / 403) : والهاشمي يعرف بابن برية، ذاهب الحديث، يتهم بالوضع، وإنما جزمت بأن هذا هو راوي الحديث، لأن السند فيه أنه محمد بن هارون بن عيسى، وليس فيه أنه محمد بن هارون بن العباس، فهما شخصان: اتفقا في اسمهما واسم أبيهما، واختلفا في اسم جدهما، فالأول اسم جده عيسى، والآخر اسم جده العباس وهذا مستور، والأول متهم كما عرفت، فانحصرت شبهة وضع الحديث فيه، وبرئت ذمة عبد الصمد ابن موسى منه على ضعفه وروايته المناكير، والفضل في تنبهي لهذه الحقيقة يعود إلى مقال لي قديم في الكلام على هذا الحديث، فالحمد لله على توفيقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 هذا معنى ما كنت أوردته في ردي على " التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي (ص 14 - 15) ، فإن قيل: قد جاء في بعض الأحاديث التسبيح بالحصى وأنه صلى الله عليه وسلم أقره، فلا فرق حينئذ بينه وبين التسبيح بالسبحة كما قال الشوكاني؟ قلت: هذا قد يسلم لو أن الأحاديث في ذلك صحيحة، وليس كذلك، فغاية ما روي في ذلك حديثان أوردهما السيوطي في رسالته المشار إليها، فلابد من ذكرهما، وبيان علتهما: الأول: عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ فقال: " سبحان الله عدد ما خلق في السماء.. "، الحديث رواه أبو داود (1 / 235) والترمذي (4 / 277 - 278) وابن حبان (2330 - زوائده) والدورقي في " مسند سعد " (130 / 1) والمخلص في " الفوائد " (9 / 17 / 2) والحاكم (1 / 547 - 548) من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها، وقال الترمذي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي فأخطأ، لأن خزيمة هذا مجهول، قال الذهبي نفسه في " الميزان ": خزيمة، لا يعرف، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال وكذا قال الحافظ في " التقريب ": إنه لا يعرف، وسعيد بن أبي هلال مع ثقته حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط، وكذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل " لابن حزم (2 / 95) ، ولعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث، فإن بعض الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا ولذلك لم يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال فلا يخلوهذا الإسناد من علة الجهالة أو الانقطاع فأنى للحديث الصحة أو الحسن؟ ! . وجهل ذلك أو تجاهله بعض من ألف في سنية السبحة! من أهل الأهواء من المعاصرين مقلدا في ذلك شيخه عبد الله الغماري الذي تجاهل هذه الحقائق، فأورد هذا الحديث في " كنزه " (103) ليتوصل منه إلى تجويز السبحة لمريديه! ثم إلى تجويز تعليقها على العنق كما يفعل بعض مشايخ الطرق، انظر الرد عليه في مقدمة المجلد الثالث من هذه السلسلة (ص 37) ترى العجب العجاب. الآخر: عن صفية قالت: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن، فقال: " يا بنت حيي، ما هذا؟ "، قلت: أسبح بهن، قال: " قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا "، قلت: علمني يا رسول الله، قال: " قولي: سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء.. "، أخرجه الترمذي (4 /274) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " (73 / 255 / 1) ، والحاكم (1 /547) من طريق هاشم بن سعيد عن كنانة مولى صفية عنها، وضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف، وفي الباب عن ابن عباس، وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي وهذا منه عجب، فإن هاشم بن سعيد هذا أورده هو في " الميزان " وقال: قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدي: مقدار ما يرويه لا يتابع عليه، ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف، وكنانة هذا مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان. ثم استدركت فقلت: لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير وحديج ابنا معاوية، ومحمد بن طلحة بن مصرف، وسعدان بن بشير الجهني، وكل هؤلاء الأربعة ثقات، يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي، وثقه جماعة وضعفه آخرون فسبيل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 روى عنه هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه: صدوق، كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد في " تمام المنة " (ص 204 - 206) ، فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف وغيره، وعليه فعلة الحديث هاشم فقط. ومما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى ولفظه قال: عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لووزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته "، أخرجه مسلم (8 / 83 - 84) والترمذي (4 / 274) وصححه والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (161 - 165) وابن ماجه (1 / 23) وأحمد (6 / 325 و429 - 430) ، فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين: الأول: أن صاحبة القصة هي جويرية، لا صفية كما في الحديث الثاني؟ . الآخر: أن ذكر الحصى في القصة منكر، ويؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى، وقد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها ولوكان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله وقد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا وهو إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 الكوفي، فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يسبح بها! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 89 / 2) بسند جيد. قد يقول قائل: إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد إذا كان كثيرا، فالجواب: إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى وهي ذكر الله في عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم، فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى وهي السبحة! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة، فيما ثبت لدي إنما هو مئة، وهذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهو لة لمن كان ذلك عادته. وأما حديث: من قال في يوم مئتي مرة: " إله إلا الله وحده لا شريك له ... " الحديث، فالمراد: مئة إذا أصبح، ومئة إذا أمسى كما جاء مصرحا به في بعض الروايات الثابتة، وبيان ذلك في " الصحيحة " (2762) . وأما ما رواه ابن أبي شيبة (2 / 391) عن وقاء عن سعيد بن جبير قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يسبح بتسابيح معه، فقال عمر: إنما يجزيه من ذلك أن يقول: سبحان الله .... إلخ، فهو منكر لوجوه، منها الانقطاع بينه وبين سعيد، وضعف وقاء، وهو ابن إياس، وهو لين الحديث. ولولم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت، مع اتفاقهم على أنها أفضل، لكفى! فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه، فترى بعض المنتمين لإحدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الطرق يطوق عنقه بالسبحة! وبعضهم يعد بها وهو يحدثك أو يستمع لحديثك! وآخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة! ! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين! وكثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب، فقد اتفق لي مرارا - وكذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم فرد علي السلام بالتلويح بها! دون أن يتلفظ بالسلام! ومفاسد هذه البدعة لا تحصى، فما أحسن ما قال الشاعر: وكل خير في اتباع من سلف * * * وكل شر في ابتداع من خلف ثم وقفت على حديث ثالث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " كان يسبح بالحصا "، ولكن إسناده واه جدا، فيه من روى عن مالك أحاديث موضوعة، وسيأتي بيان ذلك برقم (1002) من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى. 84 - " كلكم أفضل منه ". ضعيف. لم أجده في شيء من كتب السنة، وإنما أخرجه ابن قتيبة في " عيون الأخبار " (1/ 26) بسند ضعيف فقال: حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمر عن أبي إسحاق عن خالد الحذاء الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر، فلما قدموا قالوا: يا رسول الله! ليس أحد بعد رسول الله أفضل من فلان، يصوم النهار، فإذا نزلنا قام يصلي حتى يرتحل! قال: " من كان يمهن له أو يعمل له؟ "، قالوا: نحن، قال: " كلكم أفضل منه؟ "، وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات، لكنه مرسل، فإن مسلم بن يسار هذا وهو البصري الأموي تابعي، ثم أنهم ذكروا في ترجمته أن أكثر روايته عن أبي الأشعث الصنعاني وأبي قلابة، وهذا الحديث من رواية أبي قلابة عنه، وقد كانت وفاتهما بعد المائة ببضع سنين ولكن أبا قلابة مدلس، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": إمام شهير من علماء التابعين، ثقة في نفسه، إلا أنه مدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم، وكان له صحف يحدث منها ويدلس، ولهذا أورده الحافظ برهان الدين العجمي الحلبي في رسالته " التبيين لأسماء المدلسين " (ص 21) ، وكذا الحافظ ابن حجر في " طبقات المدلسين " (ص 5) وقال: وصفه بذلك الذهبي والعلائي، فلو أن الحديث سلم من الإرسال لما سلم من عنعنة أبي قلابة، فالحديث ضعيف على كل حال. ثم رأيت الحديث في " مصنف عبد الرزاق " (20442) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: ... فذكره نحوه، ولم يذكر فيه مسلم بن يسار، وهذا مرسل أيضا. ويغني عنه حديث أنس قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم، ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 يوم حار، أكثرنا ظلا صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام، فقام المفطرون، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذهب المفطرون اليوم بالأجر "، رواه البخاري (6 / 64) ومسلم (3 / 144) ، واللفظ له والنسائي في " الكبرى " (ق 20 / 1) . 85 - " يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولوحبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي - وفي رواية - إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا.. إلخ ". منكر. أخرجه ابن ماجه (518 - 519) والحاكم (4 / 463 - 464) من طريقين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعا بالرواية الأولى، وأخرجه أحمد (5 / 277) عن علي بن زيد، والحاكم أيضا (4 / 502) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به، لكن علي بن زيد وهو ابن جدعان لم يذكر أبا أسماء في إسناده، وهو من أوهامه، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في كتاب " الأحاديث الواهية " (1445) مختصرا وابن حجر في " القول المسدد في الذب عن المسند " (ص 45) وقال: وعلي بن زيد فيه ضعف. الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وبه أعله المناوي في " فيض القدير " فقال: نقل في " الميزان " عن أحمد وغيره تضعيفه، ثم قال الذهبي: أراه حديثا منكرا، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " قال ابن حجر: ولم يصب إذ ليس فيهم متهم بالكذب، انتهى. قلت: وفي هذا الكلام أخطاء يجب التنبيه عليها: 1 - إعلاله الحديث بابن جدعان يوهم أنه تفرد به، وليس كذلك، فقد تابعه خالد الحذاء عند الحاكم وابن ماجه كما تقدم وهو ثقة من رجال الصحيحين. 2 - أنه يوهم أن ابن الجوزي أورده من طريق ابن جدعان، وليس كذلك، فإنما أورده في " الموضوعات " (2 / 39) من طريق عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة عن عبد الله يعني ابن مسعود مرفوعا نحوالرواية الثانية عن ثوبان، ثم قال ابن الجوزي: لا أصل له، عمرو لا شيء، ولم يسمع من الحسن، ولا سمع الحسن من أبي عبيدة، قلت: ولا أبو عبيدة سمع من أبيه ابن مسعود، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 437) بحديث ابن ثوبان هذا، وقد قال في " الزوائد " (ق 249 / 2) : إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! مع أنه يقول في " الميزان ": أراه منكرا كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وهذا هو الصواب، وقد ذهل من صححه عن علته، وهي عنعنة أبي قلابة، فإنه من المدلسين كما تقدم نقله عن الذهبي وغيره في الحديث السابق ولعله لذلك ضعف الحديث ابن علية من طريق خالد كما حكاه عنه أحمد في " العلل " (1 / 356) وأقره، لكن الحديث صحيح المعنى، دون قوله: فإن فيها خليفة الله المهدي فقد أخرجه ابن ماجه (2 / 517 ـ 518) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعا نحورواية ثوبان الثانية، وإسناده حسن بما قبله، فإن فيه يزيد بن أبي زياد وهو مختلف فيه فيصلح للاستشهاد به، وليس فيه أيضا ذكر خليفة الله ولا خراسان، وهذه الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت، ولا ما يصلح أن يكون شاهدا لها، فهي منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق، ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال: فلان خليفة الله، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال في " الفتاوى " (2 / 461) : وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي، أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله تعالى لا يجوز له خليفة، ولهذا قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! فقال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 سفرنا، واخلفنا في أهلنا "، وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف، وسمي خليفة، لأنه خلف عن الغزووهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى، وهو منزه عنها، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت ولا يغيب ... ولا يجوز أن يكون أحد خلفا منه ولا يقوم مقامه، إنه لا سمي له ولا كفء، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به. 86 - " الطاعون وخز إخوانكم من الجن ". لا أصل له بهذا اللفظ. وإن أورده ابن الأثير في مادة وخز من " النهاية " تبعا لغريبي الهروي، وإنما هو مركب من حديثين صحيحين كما يأتي بيانه وقال الحافظ في " الفتح " (10 / 147) : لم أره بهذا اللفظ بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة، لا في الكتب المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وقد عزاه بعضهم لـ " مسند أحمد " و" الطبراني " و" كتاب الطواعين " لابن أبي الدنيا، ولا وجود لذلك في واحد منها. قلت: والحديث في مسند أحمد (4 / 395، 413، 417) وكذا الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 71) والحاكم أيضا (1 / 50) من طرق عن أبي موسى الأشعري مرفوعا بلفظ: " الطاعون وخز أعدائكم من الجن ". الحديث: 86 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. قلت: هو صحيح، أما على شرط مسلم، فلا، فإن فيه عند الحاكم وكذا أحمد في بعض طرقه أبا بلج واسمه يحيى بن سليم وهو ثقة، إلا أنه ليس من رجال مسلم، وله عند أحمد طريق أخرى بسند صحيح أيضا، وصححه الحافظ، فهذا هو المحفوظ في الحديث: وخز أعدائكم، وأما لفظ إخوانكم فإنما هو في حديث آخر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " فلا تستنجوا بهما يعني العظم والبقر فإنهما طعام إخوانكم من الجن "، رواه مسلم وغيره انظر " نيل الأو طار " فكأنه اختلط على بعضهم هذا بالأول. قال السيوطي في " الحاوي ": وأما تسميتهم إخوانا في حديث العظم، فباعتبار الإيمان، فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس، وقد أطال الكلام على طرق الحديث وبيان أنه لا أصل لهذه اللفظة " إخوانكم " في شيء من طرقه الحافظ ابن حجر في كتابه القيم " بذل الماعون في فضل الطاعون " (ق 26 / 1 - 28 / 2) . 87 - " إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام ". باطل. قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة وعلق على المنابر ولا أصل له! وإنما رواه الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام، حتى الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 يفرغ الإمام " وفيه أيوب بن نهيك، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 259) : سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث، سمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عن أيوب ابن نهيك، ولم يقرأ علينا حديثه وقال: وهو منكر الحديث، وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 184) : وهو متروك ضعفه جماعة ... ولهذا قال الحافظ في " الفتح " (2 / 327) : إنه حديث ضعيف، وأخرجه البيهقي في سننه (3 / 193) من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام "، وقال: رفعه خطأ فاحش وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري، وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 201) ، وإنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف سنده يخالف حديثين صحيحين: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين ". أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث جابر، وفي رواية أخرى عنه قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: " يا سليك! قم فاركع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 ركعتين وتجوز فيهما "، ثم قال: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما "، أخرجه مسلم (3 / 14 - 15) وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1023) . الآخر: قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه، وهو مخرج في " الإرواء " (619) . فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام، بينما حديث الباب ينهي عنهما! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم، وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى: {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى} وقوله: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ولهذا قال النووي رحمه الله: هذا نص لا يتطرق إليه التأويل، ولا أظن عالما يبلغه ويعتقده صحيحا فيخالفه. والحديث الآخر يدل بمفهو م قوله: والإمام يخطب أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه، ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه، كما قال ثعلبة بن أبي مالك: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر حتى يسكت المؤذن، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما، أخرجه مالك في " موطئه " (1 / 126) والطحاوي (1 / 217) والسياق له، وابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 201) وإسناد الأولين صحيح. فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام، لا مجرد صعوده على المنبر، وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد، فظهر بطلان حديث الباب، والله تعالى هو الهادي للصواب. 88 - " الزرع للزارع، وإن كان غاصبا ". باطل لا أصل له. قال الصنعاني في " سبل السلام " (3 / 60) : لم يخرجه أحد، قال في " المنار ": وقد بحثت عنه فلم أجده، والشارح نقله وبيض لمخرجه، وقال الشوكاني في " نيل الأو طار " (5 / 272) : ولم أقف عليه فلينظر فيه. قلت: نظرت فيه فلم أعثر عليه، بل وجدته مخالفا للأحاديث الثابتة في الباب: الأول: " من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق ". أخرجه أبو داود (2 / 50) بسند صحيح عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، وحسنه الترمذي (2 / 229) وهو مخرج في " الإرواء " (1550) ، قال في النهاية: الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وليس لعرق ظالم حق، هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض، والرواية لعرق بالتنوين، وهو على حذف المضاف، أي: لذي عرق ظالم، فجعل العرق نفسه ظالما، والحق لصاحبه، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق، وإن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق والحق للعرق، وهو أحد عروق الشجرة. قلت: فظاهر الحديث يدل على أنه ليس له حق في الأرض، ويحتمل أنه حق مطلقا لا في الأرض ولا في الزرع، ويؤيده الحديث التالي، وهو. الثاني: " من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وترد عليه نفقته "، أخرجه أبو داود (2 / 23) والترمذي (2 / 291) وابن ماجه (2 /90) والطحاوي في " المشكل " (3 / 280) والبيهقي (6 / 136) وأحمد (4 /141) من حديث رافع بن خديج، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، والعمل عليه عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن، قال الصنعاني: وله شواهد تقويه. قلت: وقد خرجتها مع الحديث، وبينت صحته في " إرواء الغليل " (1519) فليراجعه من شاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 89 - " صاحب الشيء أحق بحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم ". موضوع. رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (235 / 1 - 2) وابن بشران في " الأمالي " (2 / 53 - 54) والحافظ محمد بن ناصر في " التنبيه " (16 / 1 - 2) من طريق يوسف بن زياد البصري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق، فقعد إلى البزازين، فاشترى سراويل بأربعة دراهم، قال: وكان لأهل السوق رجل يزن بينهم الدراهم يقال له: فلان الوزان، قال: فدعي ليزن ثمن السراويل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " اتزن وأرجح "، فقال الوزان: إن هذا القول ما سمعته من أحد من الناس، فمن أنت؟ قال أبوهريرة: فقلت: حسبك من الرهق والجفاء في دينك ألا تعرف نبيك؟ فقال: أهذا نبي الله؟ وألقى الميزان ووثب إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " مه إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها، وإني لست بملك، إنما أنا رجل منكم " ثم جلس فاتزن الدراهم وأرجح كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا تناولت السراويل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحملها عنه فمنعني وقال: الحديث، قال.. قلت: يا رسول الله أو إنك لتلبس السراويل؟ قال: " نعم بالليل والنهار، وفي السفر والحضر "، قال يوسف: وشككت أنا في قوله: ومع أهلي، " فإني أمرت بالستر فلم أجد ثوبا أستر من السراويل ". قلت: وهذا إسناد واه بمرة، يوسف هذا قال البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 2 / 388) : منكر الحديث، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 /47) من طريق ابن عدي عن يوسف هذا، ثم قال: الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 لا يصح، قال الدارقطني في " الأفراد ": الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل، ولم يروه عن الإفريقي غيره، وقال المناوي في " الفيض ": قال الحافظ العراقي وابن حجر: ضعيف، وقال السخاوي: ضعيف جدا، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه، وقال: فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الإفريقي، ولم يروه عنه غيره ورده المؤلف يعني السيوطي أنه لم يتفرد به يوسف، فقد خرجه البيهقي في " الشعب " و" الأدب " من طريق حفص بن عبد الرحمن، ويرد بأن عبد الرحمن يعني الإفريقي قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، فهو كاف بالحكم بوضعه. قلت: والحق مع ابن الجوزي لما سيأتي، وما ذكره المناوي عن السيوطي من متابعة حفص بن عبد الرحمن، لعله تحريف، فالذي رأيته في " التعقبات على الموضوعات " للسيوطي (ص 32 - 33) جعفر بن عبد الرحمن بن زياد، ولا آمن على نسخة " التعقبات " وكذا " الفيض " التحريف، وعلى كل حال لم أعرف ابن عبد الرحمن هذا والله أعلم، وكلام ابن الجوزي السابق نقله السيوطي في " اللآليء " (2 / 263) وارتضاه لأنه لم يتعقبه بشيء، لكنه قال: أخرجه الطبراني، وقال في " الحاوي " (2 / 101) بعد أن عزاه للطبراني وأبي يعلى: ويوسف وشيخه ضعيفان، وقال الهيثمي في " المجمع " (5 / 121 - 122) : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 رواه أبو يعلى والطبراني في " الأوسط "، وفيه يوسف بن زياد البصري وهو ضعيف. قلت: فذهل عن كونه شديد الضعف وعن علته الأخرى، وهي ضعف الإفريقي، ويوسف هذا ترجمه الخطيب في " تاريخه " (14 / 295 - 296) وروى عن النسائي أنه قال: ليس بثقة، وعن البخاري والساجي: منكر الحديث وكذا قال أبو حاتم كما في " الجرح والتعديل " (4 / 222) ، فهو متهم، ثم رأيت السخاوي قد أورد الحديث في " الفتاوى الحديثية " (ق 86 / 1) وقال: سنده ضعيف جدا، واقتصر شيخنا في " فتح الباري " على ضعف رواته، ولشدة ضعفه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبس السراويل. 90 - " عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان في قلوبكم، وعليكم بلباس الصوف تجدوا قلة الأكل، وعليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة، وإن لباس الصوف يورث القلب التفكر، والتفكر يورث الحكمة، والحكمة تجري في الجوف مجرى الدم فمن كثر تفكره قل طعمه، وكل لسانه، ورق قلبه، ومن قل تفكره كثر طعمه، وعظم بدنه، وقسا قلبه، والقلب القاسي بعيد من الجنة، قريب من النار ". موضوع. رواه أبو بكر بن النقور في " الفوائد " (1 / 147 - 148) وابن بشران في " الأمالي " (2 / 9 / 1) والديلمي في " مسند الفردوس " (2 / 281) ، الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 وابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 48) من طريق الخطيب عن محمد بن يونس الكديمي، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي التمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا به، ثم قال ابن النقور: غريب، تفرد به عبد الله بن داود الواسطي التمار وفيه نظر، وعنه الكديمى، وقال ابن الجوزي: لا يصح، الكديمي يضع، وشيخه لا يحتج به. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 264) إلا أنه بين أن في الحديث إدراجا فقال: قلت: قال البيهقي في شعب الإيمان: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ (هو الحاكم صاحب المستدرك) أنبأنا أبو بكر الفقيه، أنبأنا محمد بن يونس - قلت: فساق إسناده مثلما تقدم مقتصرا من المتن على قوله: " عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان " - قال البيهقي: وأنبأنا أبو عبد الرحمن - قلت: فساق إسناده إلى الكديمي مثله، وزاد في الحديث متنا منكرا، فضربت عليه وهو قوله: " عليكم بلباس الصوف تجدون قلة الأكل إلخ ... " الحديث، ويشبه أن يكون من كلام بعض الرواة فألحق بالحديث، والله أعلم. وفي العبارة تشويش يوضحها ما في " فيض القدير ": الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 قال البيهقي: وهذه زيادة منكرة، ويشبه كونها من كلام..، ثم وجدت العبارة قد نقلها السيوطي في " المدرج إلى المدرج " (64 / 2) علي الصواب، فقال ما نصه: أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان "، وقال: إن المرفوع منه " عليكم بلباس الصوف تجدون حلاوة الإيمان في قلوبكم " فقط، والباقي زيادة منكرة، قال: ويشبه ... قلت: وهذا هو مستند السيوطي في اقتصاره في " الجامع الصغير " على الشطر الأول من الحديث عازيا له للحاكم والبيهقي، وماذا يفيده هذا ما دام المزيد عليه، كالمزيد كلاهما من طريق محمد بن يونس الوضاع؟ ! وقال ابن حبان: لعله وضع أكثر من ألفي حديث! ثم رأيته في " المستدرك " (1 / 28) من هذا الوجه مقتصرا على الجملة الأولى منه أورده شاهدا، وقال الذهبي: طريق ضعيف. لكن أخرجه الديلمي أيضا من طريق عبد الرحمن بن محمد المروزي حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا أخي محمد عن إسماعيل بن عياش به نحوه. قلت: والمروزي هذا الظاهر أنه ابن حبيب الحبيبي المروزي، قال في " اللسان " قال الدارقطني: يحدث بنسخ وأحاديث مناكير، وأحمد بن عبد الله أظنه الجويباري الكذاب المشهور، وأخوه محمد أرى أنه الذي في " اللسان ": محمد بن عبد الله الجويباري عن مالك، قال الخطيب: مجهول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 91 - " لأن أحلف بالله وأكذب، أحب إلي من أن أحلف بغير الله وأصدق " موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 267) وفي " أخبار أصبهان " (2 / 181) من طريق محمد بن معاوية حدثنا عمر بن علي المقدمي، حدثنا مسعر عن وبرة عن همام عن ابن مسعود مرفوعا، وقال أبو نعيم في " الأخبار ": ورواه الناس موقوفا، وقال في " الحلية ": تفرد به محمد بن معاوية. قلت: وهو النيسابوري كذبه الدارقطني، وقال ابن معين: كذاب، والمعروف كما ذكر أبو نعيم أن الحديث من قول ابن مسعود. كذلك رواه الطبراني في " الكبير " (3 / 17 / 2) بسند صحيح، ورجاله رجال الصحيح كما في " المجمع " (4 / 177) . الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 92 - " ثلاث من كن فيه نشر الله عليه كنفه وأدخله الجنة: رفق بالضعيف، والشفقة على الوالدين، والإحسان إلى المملوك ". موضوع. أخرجه الترمذي (3 / 316) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري المديني، حدثني أبي عن أبي بكر بن المنكدر عن جابر مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب. قلت: عبد الله بن إبراهيم نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث، وقال الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الحاكم: روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها غيره. قلت: وأبوه مجهول كما في " التقريب " فالحديث بهذا الإسناد موضوع، وقد أورده المنذري في " الترغيب " (2 / 49) مشيرا لضعفه بزيادة: " وثلاث من كن فيه أظله الله عز وجل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله: الوضوء في المكاره، والمشي إلى المساجد في الظلم، وإطعام الجائع "، وقال: رواه الترمذي بالثلاث الأول فقط، وقال: حديث غريب، ورواه أبو الشيخ في " الثواب " وأبو القاسم الأصبهاني بتمامه. 93 - " يصف الناس يوم القيامة صفوفا، فيمر الرجل من أهل النار على الرجل فيقول: يا فلان أما تذكر يوم استسقيت، فسقيتك شربة؟ قال: فيشفع له، ويمر الرجل فيقول: أما تذكر يوم ناولتك طهورا؟ فيشفع له، ويمر الرجل فيقول: يا فلان أما تذكر يوم بعثتني في حاجة كذا وكذا فذهبت لك؟ فيشفع له ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 394) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا، ويزيد هذا هو ابن أبان وهو ضعيف كما قال الحافظ وغيره، وقد روى غيره نحو هذا عن أنس، ولا يصح منها شيء، انظر " الترغيب " (2 / 50 - 51) . الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 94 - " عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة، عليهن أسس الإسلام، من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان ". ضعيف. رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 126 / 2) واللالكائي في " السنة " (1 / 202 / 1) من طريق مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس، قال حماد: ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قال المنذري (1 / 196) وتبعه الهيثمي (1 / 48) : وإسناده حسن. قلت: وفيما قالاه نظر، فإن عمرا هذا لم يوثقه غير ابن حبان (7 / 228، 8 /487) ، وهو متساهل في التوثيق حتى أنه ليوثق المجهولين عند الأئمة النقاد كما سبق التنبيه على ذلك مرارا، فالقلب لا يطمئن لما تفرد بتوثيقه، ولا سيما أنه قد قال هو نفسه في مالك هذا: يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيى عنه، يخطيء ويغرب، فإذا كان من شأنه أن يخطيء ويأتي بالغرائب، فالأحرى به أن لا يحتج بحديثه إلا إذا توبع عليه لكي نأمن خطأه، فأما إذا تفرد بالحديث كما هنا - فاللائق به الضعف. وأيضا فإن مؤمل بن إسماعيل صدوق كثير الخطأ كما قال أبو حاتم وغيره. الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 ويغلب على الظن أن الحديث إن كان له أصل عن ابن عباس رضي الله عنه فهو موقوف عليه، فقد تردد حماد بن زيد بعض الشيء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، نعم جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم سعيد بن زيد أخوحماد، لكن سعيد هذا ليس بحجة كما قال السعدي، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، ثم إن ظاهر الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته: " بني الإسلام على خمس ... " الحديث، وذلك من وجهين: الأول: أن هذا جعل أسس الإسلام خمسة، وذاك صيرها ثلاثة. الآخر: أن هذا لم يقطع بكفر من ترك شيئا من الأسس، بينما ذاك يقول: من ترك واحدة منهن فهو كافر، وفي رواية سعيد بن حماد: فهو بالله كافر ولا أعتقد أن أحدا من العلماء المعتبرين يكفر من ترك صوم رمضان مثلا غير مستحل له خلافا لما يفيده ظاهر الحديث، فهذا دليل عملي من الأمة على ضعف هذا الحديث والله أعلم. ومما لا شك فيه أن التساهل بأداء ركن واحد من هذه الأركان الأربعة العملية مما يعرض فاعل ذلك للوقوع في الكفر كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة "، رواه مسلم وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 فيخشى على من تهاون بالصلاة أن يموت على الكفر والعياذ بالله تعالى، لكن ليس في هذا الحديث الصحيح ولا في غيره القطع بتكفير تارك الصلاة وكذا تارك الصيام مع الإيمان بهما بل هذا مما تفرد به هذا الحديث الضعيف، والله أعلم. وأما الركن الأول من هذه الأركان الخمسة " شهادة أن لا إله إلا الله " فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة، وكذلك إذا قالها ولم يفهم حقيقة معناها، أو فهم، ولكنه أخل به عمليا كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد ونحوها من الشركيات. 95 - " التائب حبيب الله ". لا أصل له بهذا اللفظ. وقد أورده الغزالي في " الإحياء " (4 / 434) جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم! وقال الشيخ تاج الدين السبكي في " الطبقات " (4 / 14 - 170) : لم أجد له إسنادا، ونحوه الحديث الآتي: الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 96 - " إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب ". موضوع. أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد " المسند " (رقم 605، 810) ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (3 /178 - 179) عن أبي عبد الله مسلمة الرازي عن أبي عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحنفية عن أبيه مرفوعا، وهذا إسناد موضوع: أبو عبد الله مسلمة الرازي لم أجد له ترجمة، ولم يورده الحافظ بن حجر في " تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة " مع أنه على شرطه، الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وقد فاته من مثله تراجم كثيرة، وأبو عمرو البجلي، قال الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " التعجيل ": يقال: اسمه عبيدة، حدث عنه حرمي بن حفص، قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به وقد جزم الحافظ في " الكنى " من " لسان الميزان " (6 / 419) بأنه هو عبيدة ابن عبد الرحمن، ويؤيده أن الذهبي ثم العسقلاني أورداه في " الأسماء " هكذا عبيدة بن عبد الرحمن أبو عمرو البجلي، ذكره ابن حبان فقال: روى عن يحيى بن سعيد، حدث عنه حرمي بن حفص، يروي الموضوعات عن الثقات روى عن يحيى عن سعيد بن المسيب عن أبي أيوب قال: أخذت من لحية النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال: " لا يصيبك السوء أبا العرب ". قلت: وقد أورده ابن أبي حاتم فيمن اسمه عبيدة بالفتح (3 / 1 / 92) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وفي هذا تنبيه على أنه لا ينبغي أن يحمل سكوت ابن أبي حاتم عن الرجل على أنه ثقة كما جرى عليه بعض المحدثين المعاصرين وبعض مدعي العلم، فإنك ترى هذا الرجل قد سكت عنه ويبعد جدا أن يكون عنده ثقة مع قول ابن حبان فيه ما تقدم فتأمل، بل إن ابن أبي حاتم رحمه الله قد نص في أول كتابه (1 / 1 / 38) على أن الرواة الذين أهملهم من الجرح والتعديل إنما هو لأنه لم يقف فيهم على شيء من ذلك، فأوردهم رجاء أن يقف فيهم على الجرح والتعديل فيلحقه بهم، وعبد الملك بن سفيان الثقفي قال الحسينى: مجهول وأقره الحافظ في " التعجيل ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 والحديث في " مجمع الزوائد " (10 / 200) وقال: رواه عبد الله وأبو يعلى وفيه من لم أعرفه، وعزاه إليهما شيخه العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 5) وقال: سنده ضعيف، ثم رأيته في " مفتاح المعاني " (67 / 1) من طريق الواقدي: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الله بن أبي سفيان عن يزيد بن ركانة عن محمد بن الحنفية به، لكن الواقدي كذاب، فالحديث موضوع وإن ذكره في " الجامع " من طريق الأولى. 97 - " إن الله يحب الشاب التائب ". ضعيف. قال العراقي في " التخريج " (4 / 4 - 5) : رواه ابن أبي الدنيا في " التوبة " وأبو الشيخ في كتاب " الثواب " من حديث أنس بسند ضعيف. الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 98 - " إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله عز وجل ". موضوع. رواه أبو نعيم (5 / 360) وعنه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 2 / 247) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله مرفوعا، وهذا إسناد موضوع: محمد بن الفضل كذاب وقد تقدم، هذه هي علة الحديث. الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 ثم إني أخشى أن يكون منقطعا بين عمر بن عبد العزيز وابن عمر، فقد كانت سن عمر يوم وفاة ابن عمر نحوثلاثة عشر سنة. 99 - " إن الله يحب الناسك النظيف ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخه " (10 / 11 - 12) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن المنكدر بن محمد عن أبيه محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا، وهذا سند موضوع: الغفاري متهم بالوضع، والمنكدر لين الحديث كما قال الحافظ في " التقريب "، وهذا الحديث والذي قبله من موضوعات " الجامع الصغير "! . الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 100 - " حسنات الأبرار سيئات المقربين ". باطل لا أصل له. وقد أورده الغزالي في " الإحياء " (4 / 44) بلفظ: قال القائل الصادق: " حسنات الأبرار.. "، قال السبكي (4 / 145 - 171) : ينظر إن كان حديثا، فإن المصنف قال: قال القائل الصادق، فينظر من أراد. قلت: الظاهر أن الغزالي لم يذكره حديثا، ولذلك لم يخرجه الحافظ العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء " وإنما أشار الغزالي إلى أنه من قول أبي سعيد الخراز الصوفي، وقد أخرجه عنه ابن الجوزي في " صفوة الصفوة " (2 / 130 / 1) وكذا ابن عساكر في ترجمته كما في " الكشف " (1 / 357) قال: وعده بعضهم حديثا وليس كذلك. الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 قلت: وممن عده حديثا، الشيخ أبو الفضل محمد بن محمد الشافعي فإنه قال في كتابه " الظل المورود " (ق 12 / 1) : فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، ولا يشفع له أنه صدره بصيغة التمريض - إن كانت مقصودة منه لأن ذلك إنما يفيد فيما كان له أصل ولوضعيف، وأما فيما لا أصل له - كهذا - فلا. قلت: ثم إن معنى هذا القول غير صحيح عندي، لأن الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة أبدا مهما كانت منزلة من أتى بها، وإنما تختلف الأعمال باختلاف مرتبة الآتين بها إذا كانت من الأمور الجائزة التي لا توصف بحسن أو قبح، مثل الكذبات الثلاث التي أتى بها إبراهيم عليه السلام، فإنها جائزة لأنها كانت في سبيل الإصلاح، ومع ذلك فقد اعتبرها إبراهيم عليه السلام سيئة، واعتذر بسببها عن أن يكون أهلا لأن يشفع في الناس صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر إخوانهما أجمعين وأما اعتبار الحسنة التي هي قربة إلى الله تعالى سيئة بالنظر إلى أن الذي صدرت منه من المقربين، فمما لا يكاد يعقل، ثم وقفت على كلام مطول في هذا الحديث لشيخ الإسلام ابن تيمية قال فيه: هذا ليس محفوظا عمن قوله حجة، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من سلف الأمة وأئمتها وإنما هو كلام لبعض الناس وله معنى صحيح وقد يحمل على معنى فاسد، ثم أفاض في بيان ذلك فمن شاء الإطلاع عليه فليراجعه في رسالته في التوبة (ص 251 - ص 255) من " جامع الرسائل " تحقيق صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 101 - " أما إني لا أنسى، ولكن أنسى لأشرع ". باطل لا أصل له. وقد أورده بهذا اللفظ الغزالي في " الإحياء " (4 / 38) مجزوما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم فقال العراقي في " تخريجه ": ذكره مالك بلاغا بغير إسناد، وقال ابن عبد البر: لا يوجد في " الموطأ " إلا مرسلا لا إسناد له، وكذا قال حمزة الكناني: إنه لم يرد من غير طريق مالك، وقال أبو طاهر الأنماطي: وقد طال بحثي عنه وسؤالي عنه للأئمة والحفاظ فلم أظفر به ولا سمعت عن أحد أنه ظفر به، قال: وادعى بعض طلبة الحديث أنه وقع له مسندا. قلت: فالعجب من ابن عبد البر كيف يورد الحديث في " التمهيد " جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع منه، فانظر (1 / 100 و5 / 108 و10 / 184) ؟ ! . قلت: الحديث في " الموطأ " (1 / 161) عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إني لأنسى أو أنسى لأسن ". فقول المعلق على " زاد المعاد " (1 / 286) ، وإسناده منقطع ليس بصحيح بداهة لأنه كما ترى بلاغ لا إسناد له، ولذلك قال الحافظ فيما نقل الزرقاني في " شرح الموطأ " (1 / 205) : لا أصل له. وظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا ينسى بباعث البشرية وإنما ينسيه الله ليشرع، وعلى هذا فهو مخالف لما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود مرفوعا: " إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني "، ولا ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صلى الله عليه وسلم حكم وفوائد من البيان والتعليم، والقصد أنه لا يجوز نفي النسيان الذي هو من طبيعة البشر عنه صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث الباطل! لمعارضته لهذا الحديث الصحيح. الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 102 - " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهو ا ". لا أصل له. أورده الغزالي (4 / 20) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! فقال الحافظ العراقي وتبعه السبكي (4 / 170 - 171) : لم أجده مرفوعا، وإنما يعزي إلى علي بن أبي طالب، ونحوه في " الكشف " (2 / 312) . الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 103 - " جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة ". لا أصل له. أورده الغزالي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقال مخرجه العراقي (4 /31) وتبعه السبكي (4 / 171) : لم أجده مرفوعا، قال العراقي: وهو من قول عون بن عبد الله رواه ابن أبي الدنيا في التوبة. الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 104 - " من لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (270 / 14) من طريق علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي - بخط يده - قال أبو زكريا (يعني ابن معين) يعقوب بن محمد الزهري صدوق، ولكن لا يبالي عمن حدث، حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به، قال ابن معين: هذا كذب وباطل لا يحدث بهذا أحد يعقل، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 157) من طريق الخطيب ثم قال ابن الجوزي: الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 يعقوب، قال أحمد بن حنبل: لا يساوي شيئا. وتعقبه السيوطي (2 / 76) بنقول أوردها، فيها توثيق ليعقوب هذا، ثم لم يكشف القناع عن علة هذا الحديث الباطل وهي الانقطاع، فقد قال الذهبي في ترجمة يعقوب: وأخطأ من قال: إنه روى عن هشام بن عروة، لم يلحقه ولا كأنه ولد إلا بعد موت هشام، ثم قال: وأردأ ما روى: عن رجل عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا هذا الحديث. قلت: ولعل هذا الرجل الذي لم يسم هو عبد الله بن محمد بن زاذان المدني وهو هالك كما يأتي، فقد أخرج الحديث ابن عدي ومن طريقه السهمي في " تاريخ جرجان " (282) وكذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (33 / 2) من طريق عبد الله هذا عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به، أورده ابن الجوزي من هذا الوجه أيضا وأعله بقوله: قال ابن عدي: عبد الله بن محمد بن زاذان له أحاديث غير محفوظة، وقال الذهبي في " الميزان ": هالك ثم ساق له هذا الحديث من طريق ابن عدي، قال الذهبي: هذا كذب، وأقره الحافظ في " اللسان ". وللحديث طريق أخرى رواه الخطيب أيضا (1 / 258) من طريق إسماعيل بن محمد الطلحي عن سليم يعني المكي عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 هريرة مرفوعا به وأعله ابن الجوزي بقوله: لا يصح، طلحة، وسليم، والطلحي متروك. فتعقبه السيوطي (2 / 85) بقوله: قلت: الطلحي روى عنه ابن ماجه ووثقه مطين وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: كأن السيوطي يشير بهذا إلى أن علة الحديث ممن فوق الطلحي هذا، وهو الصواب، فإن سليما هذا هو ابن مسلم الخشاب، قال النسائي: متروك الحديث، وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئا، وطلحة بن عمرو قال النسائي: متروك الحديث وقد أنكر عليه عبد الرحمن بن مهدي أحاديث حدث بها الناس على مصطبة فقال: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه منها! فقال له: اقعد على مصطبة وأخبر الناس فقال: أخبروهم عني! ثم قال السيوطي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وقد سرق هذا الحديث أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهل الباهلي فرواه عن وهب بن بقية عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبيه عن عائشة، أخرجه ابن عدي (318 / 1) وقال: الزهري لم يروعن أبيه حرفا والحديث باطل، والحمل فيه على أبي الحسن هذا فإنه كان ممن يضع الحديث إسنادا ومتنا، ويسرق من حديث الضعاف ويلزقها على قوم ثقات. تنبيه: أورد هذا الحديث الشيخ العجلوني في " الكشف " (2 / 277) ولم يتكلم عليه بشيء هو ولا من نقله عنه وهو ابن حجر الهيتمي! وهذا مما يدل على أن الشيخ العجلوني ليس من النقاد وإلا كيف يخفى عليه حال هذا الحديث الباطل. وقد قال الشيخ علي القاري في هذا الحديث (ص 85) : لا يصح، يعني أنه موضوع. ونقل (ص 109) عن ابن القيم أن من علامات الحديث الموضوع أن يكون باطلا في نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلامه عليه الصلاة والسلام، ثم ساق أحاديث هذا منها، وقال: فإن اللعنة لا تقوم مقام الصدقة أبدا. 105 - " من وافق من أخيه شهو ة غفر الله له ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (436، 437) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 66) من طريق نصر بن نجيح الباهلي قال حدثنا عمر أبو حفص عن زياد النميري عن أنس بن مالك عن أبي الدرداء مرفوعا، قال العقيلي: الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 ونصر وعمر مجهولان بالنقل، والحديث غير محفوظ، ومن طريق العقيلي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 171) وقال: موضوع، عمر متروك، وأقره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 11) وأما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " (2 /87) بقوله: قلت: أخرجه البزار والطبراني وقال: أبو حفص لم يكن بالقوي. قلت: هذا القول فيه تساهل كثير فالرجل شديد الضعف حتى قال ابن خراش: كذاب يضع الحديث، ثم ذكر له السيوطي شاهدا وهو الحديث الآتي، وفيه متهم كما يأتي فلا قيمة لهذا التعقيب!. 106 - " من أطعم أخاه المسلم شهو ته حرمه الله النار ". موضوع. أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " بإسناده إلى محمد بن عبد السلام حدثنا عبد الله بن مخلد بن خالد التميمي صاحب أبي عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال البيهقي: هو بهذا الإسناد منكر. قلت: وعلته محمد بن عبد السلام وهو ابن النعمان، وقال ابن عدي: كان ممن يستحل الكذب. قلت: وهذا الحديث ذكره السيوطي في " اللآليء " (2 / 87) شاهدا للحديث الذي قبله، وقد تبين أنه موضوع أيضا، وكلا الحديثين أوردهما في " الجامع الصغير "! . الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 107 - " من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحى عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة وأطعمه الله من ثلاث جنات: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة الخلد ". موضوع. أورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 11) جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم! وقال السبكي في " الطبقات ": إنه لم يجد له إسنادا، وأما العراقي فقال في " تخريج الإحياء ": وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية محمد ابن نعيم عن أبي الزبير عن جابر، وقال أحمد بن حنبل: هذا باطل كذب، وكذا في " الميزان " و" اللسان ". قلت: لكن ابن الجوزي إنما أورد الحديث (2 / 172) إلى قوله: (ألف ألف حسنة) دون باقيه، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 87) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (262 / 2) وأورده موفق الدين بن قدامة في " المنتخب " (10 / 196 / 1) ونقل عن أحمد أنه قال: هذا كذب هذا باطل. الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 108 - " كان يأكل العنب خرطا ". موضوع. رواه ابن عدي في " الكامل " (280 / 1) ، ومن طريق البيهقي في " الشعب " (2/ 201 / 1) بسنده عن سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة حدثنا حصين بن نمير عن حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس عن العباس مرفوعا، وقال ابن عدي: الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وكادح عامة ما يرويه غير محفوظ ولا يتابع عليه في أسانيده ولا في متونه، ومن طريق ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 287) وقال: حسين ليس بشيء وكادح كذاب، وسليمان ضعفه الدارقطني، ثم ساقه البيهقي وابن الجوزي من طريق العقيلي بسنده عن داود بن عبد الجبار أبي سليمان الكوفي حدثنا الجارود عن حبيب بن يسار عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل العنب خرطا، قال العقيلي (2 / 34) : لا أصل له، وداود ليس بثقة ولا يتابع عليه. قلت: ومن طريقه رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (110 / 1) والطبراني في " الكبير " (3 / 174 / 2) وبه تعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 211) بقوله: قلت: أخرجه الطبراني من هذا الطريق وأخرجه البيهقي في " الشعب " من الطريقين ثم قال: ليس فيه إسناد قوي، واقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه. قلت: وهذا تعقيب لا طائل تحته، فإن تضعيف العراقي والبيهقي إجمالي لا تفصيل فيه وإعلال الذين قبلهما مفصل، فهو يقضي على المجمل، وداود المذكور قال فيه ابن معين: ليس بثقة، وقال مرة: يكذب، فمثله لا يصلح شاهدا لحديث كادح الكذاب. ولهذا أقر الذهبي ثم العسقلاني العقيلي على قوله: لا أصل له، فإيراد السيوطي لحديث ابن عباس في " الجامع الصغير " مما لا يتفق مع شرطه! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 109 - " عمل الأبرار من الرجال من أمتي الخياطة، وعمل الأبرار من أمتي من النساء المغزل ". موضوع. رواه ابن عدي (153 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 303) وابن عساكر (15 / 261 / 1) عن أبي داود النخعي سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعا، وقال ابن عدي: هذا مما وضعه سليمان بن عمرو على أبي حازم، وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية تمام والخطيب وابن عساكر عن سهل بن سعد وهو في " تاريخ بغداد " (9 / 15) من طريق أبي داود النخعي هذه، وقال المناوي في شرحه على " الجامع الصغير ": وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قدح في سنده فتعقبه بأن أبا داود النخعي أحد رواته كذاب وضاع دجال، وبسط ذلك بما يجيء منه أنه أكذب الناس، وجزم الذهبي في " الضعفاء " بأنه كذاب دجال، وفي " الميزان " عن أحمد: كان يضع الحديث، وعن يحيى: كان أكذب الناس، ثم سرد له أحاديث هذا منها، ووافقه في " اللسان " وحكم ابن الجوزي بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بإيراد حديث تمام وقال: موسى متروك، ولم يزد على ذلك. قلت: ذكر السيوطي هذا في " اللآليء " (2 / 154) وكذا في " الفتاوى " له (2 / 107) من رواية تمام بإسناده عن موسى بن إبراهيم المروزي حدثنا مالك بن أنس عن أبي حازم به، وموسى بن إبراهيم المروزي قد كذبه يحيى فلا يفرح بمتابعته، ولهذا أورد الحديث ابن عراق في الفصل الأول من المعاملات من كتابه " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (294 / 2) ، وهذا الفصل قد نص في مقدمة الكتاب أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه. الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وقد قال الذهبي في هذا الحديث: قبح الله من وضعه! ذكره في ترجمة أبي داود هذا الكذاب، ومن أحاديثه: 110 - " لوخشع قلب هذا خشعت جوارحه ". موضوع. عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية الحكيم عن أبي هريرة. قلت: وصرح الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوى " (202 /2) بأن سنده ضعيف، وهو أشد من ذلك فقد قال الشارح المناوي: رواه في " النوادر " عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته وهو في الصلاة، فذكره، قال الزين العراقي في " شرح الترمذي ": وسليمان بن عمرو هو أبو داود النخعي متفق على ضعفه، وإنما يعرف هذا عن ابن المسيب، وقال في " المغني " (1 / 151) : سنده ضعيف، والمعروف أنه من قول سعيد، رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "، وفيه رجل لم يسم، وقال ولده: فيه سليمان بن عمرو مجمع على ضعفه، وقال الزيلعي: قال ابن عدي أجمعوا على أنه يضع الحديث. الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 قلت: رواه موقوفا على سعيد عبد الله بن المبارك في " الزهد " (213 / 1) : أنا معمر عن رجل عنه به وهذا سند ضعيف لجهالة الرجل. وصرح عبد الرزاق في " المصنف " (2 / 226) باسمه فقال: ... عن أبان ... وهو ضعيف أيضا. قلت: فالحديث موضوع مرفوعا، ضعيف موقوفا بل مقطوعا، ثم وجدت للموقوف طريقا آخر فقال أحمد في " مسائل ابنه صالح " (ص 83) : حدثنا سعيد بن خثيم قال حدثنا محمد بن خالد عن سعيد بن جبير قال: نظر سعيد إلى رجل وهو قائم يصلي. . إلخ. قلت: وهذا إسناد جيد، يشهد لما تقدم عن العراقي أن الحديث معروف عن ابن المسيب. 111 - " كذب النسابون، قال الله تعالى: وقرونا بين ذلك كثيرا ". موضوع. أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس وأورده فيما بعد بلفظ: " كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبته معد بن عدنان بن أد ثم يمسك ويقول: كذب النسابون ... " وقال: رواه ابن سعد عن ابن عباس. وسكت عليه شارحه المناوي في الموضعين، وكأنه لم يطلع على سنده، وإلا لما جاز له ذلك، وقد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 1 / 28) قال: أخبرنا هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا بتمامه. الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 قلت: وهشام هذا هو ابن محمد بن السائب الكلبي النسابة المفسر وهو متروك كما قال الدارقطني وغيره وولده محمد بن السائب شر منه قال الجوزجاني وغيره: كذاب، وقد اعترف هو نفسه بأنه يكذب، فروى البخاري بسند صحيح عن سفيان الثوري قال: قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب! . قلت: كذا في " الميزان " وفيه سقط أو اختصار يمنع نسبة الاعتراف بالكذب إلى الكلبي، كما سيأتي بيانه في الحديث (5449) . وقال ابن حبان: مذهبه في الدين ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير، وأبو صالح لم ير ابن عباس، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف، لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به؟ ! ، ومن هذه الطريق أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1 / 197 / 1، 198 / 2) من مخطوطة ظاهرية دمشق. 112 - " الجراد نثرة حوت في البحر ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (2 / 292) من طريق زياد بن عبد الله بن علاثة عن موسى بن محمد ابن إبراهيم عن أبيه عن جابر وأنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على الجراد قال: " اللهم أهلك كباره واقتل صغاره، الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وأفسد بيضه واقطع دابره، وخذ بأفواهها عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء "، فقال رجل: يا رسول الله كيف تدعوعلى جند من أجناد الله بقطع دابره؟ فقال: " إن الجراد.. ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا موسى بن محمد هذا هو التيمي المدني وهو منكر الحديث كما قال النسائي وغيره وقد ساق له الذهبي من مناكيره هذا الحديث، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 14) من رواية موسى هذا، ثم قال: لا يصح، موسى متروك وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 333) فلم يتعقبه بشيء إلا قوله: قلت: أخرجه ابن ماجه، ومع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير "! ، ثم رأيت ابن قتيبة أخرجه في " غريب الحديث " (3 / 114) من رواية أبي خالد الواسطي عن رجل عن ابن عباس موقوفا عليه، وهذا مع أنه موقوف وهو به أشبه فإن سنده واه جدا، لأن أبا خالد هذا وهو عمرو بن خالد متروك ورماه وكيع بالكذب. قلت: ويشبه أن يكون هذا الحديث من الإسرائيليات. 113 - " اتقوا مواضع التهم ". لا أصل له. أورده الغزالي في " الإحياء " (3 / 31) وقال مخرجه الحافظ العراقي، لم أجد له أصلا. الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وكذا قال السبكي في " الطبقات " (4 / 162) ، وقد روي موقوفا نحوه فانظر " شرح الإحياء " للزبيدي (7 / 283) . 114 - " من ربى صبيا حتى يقول: لا إله إلا الله لم يحاسبه الله عز وجل ". موضوع. أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 75) وابن عدي (162 / 2) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10 / 163 / 2) من طريق أبي عمير عبد الكبير ابن محمد بن عبد الله من ولد أنس عن سليمان الشاذكوني حدثنا عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع عبد الكريم هذا وشيخه الشاذكوني كلاهما متهم بالكذب وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 178) من طريق ابن عدي بسنده عن عبد الكبير به وقال: لا يصح، قال ابن عدي: لعل البلاء فيه من أبي عمير، قال: وقد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني، وإبراهيم حدث بالبواطيل، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 90 / 91) بقوله: قلت: أخرجه الطبراني في " الأوسط " عن عبد الكبير به، وله طريق آخر. قلت: ثم ساقه من رواية الخلعي بسنده إلى أبي على الحسن بن علي بن الحسن السريرى الأعسم حدثني أشعث بن محمد الكلاعي حدثنا عيسى بن يونس به ثم قال: وأشعث في الأصل: أشعب في الموضعين وهو خطأ ضعيف. قلت: وهذا تعقب لا طائل تحته فإن أشعث هذا لا يعرف إلا في هذا السند ومن أجله أورده في " الميزان " ثم قال: الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أتى بخبر موضوع يشير إلى هذا، وأقره الحافظ في " اللسان "، وفي ترجمة إبراهيم بن البراء من " الميزان ": قال العقيلي: يحدث عن الثقات بالبواطيل، وقال ابن حبان: يحدث عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه، ثم قال: هو الذي روى عن الشاذكوني عن الدراوردي كذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا: " من ربي صبيا حتى يتشهد وجبت له الجنة "، وهذا باطل. قال الذهبي: قلت: أحسب أن إبراهيم بن البراء هذا الراوي عن الشاذكوني آخر صغير، وقال الحافظ في " اللسان ": إبراهيم بن البراء عن سليمان الشاذكوني بخبر باطل عن الدراوردي ... الظاهر أنه غير الأول، والشاذكوني هالك، وأما ابن حبان فجعلهما واحدا. قلت: فقد اتفقت كلمات هؤلاء الحفاظ ابن حبان وابن عدي والذهبي والعسقلاني على أن هذا الحديث باطل، وجعلوا بطلانه دليلا على اتهام كل من رواه من الضعفاء والمجهولين، بعكس ما صنع السيوطي من محاولته تقوية الحديث بوروده من الطريق الأخرى التي فيها أشعث الذي أشار الذهبي إلى اتهامه بهذا الحديث فتأمل الفرق بين من ينقد ومن يجمع! . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني وابن عدي وتعقبه شارحه المناوي بمختصر ما ذكرناه عن الذهبي والعسقلاني من أنه حديث باطل ثم تناقض المناوي فاقتصر في " التيسير " على تضعيف إسناده! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 115 - " أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة، ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم ". موضوع. أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 19 - 20) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 57) وابن عدي في " الكامل " (40 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 96) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (ص 156 رقم 482) والبيهقي في " الشعب " (2 / 211 / 1) من طريق بزيع أبي الخليل: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، قال العقيلي: بزيع لا يتابع عليه، وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى: وهذه الأحاديث مناكير كلها لا يتابعه عليها أحد، وقال البيهقي: هذا منكر تفرد به بزيع وكان ضعيفا. وقال الذهبي في " الميزان ": متهم، قال ابن حبان: يأتي عن الثقات بأشياء موضوعات كأنه المتعمد لها، روى عن هشام عن أبيه عن عائشة هذا الحديث وفي " اللسان ": قال البرقاني عن الدارقطني: متروك. قلت: له عن هشام عجائب، قال: هي بواطيل، ثم قال: كل شيء له باطل. وقال الحاكم: يروي أحاديث موضوعة، ويرويها عن الثقات، والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 69) من هذا الوجه الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 برواية ابن عدي ومن روايته أيضا (37 / 2) من طريق أصرم بن حوشب حدثنا عبد الله بن إبراهيم الشيباني عن هشام بن عروة به، وقال ابن الجوزي: موضوع، بزيع متروك وأصرم كذاب، قال ابن عدي: هو معروف ببزيع، فلعل أصرم سرقه منه، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (3 / 254) بقوله: أخرجه من الطريق الأول الطبراني في " الأوسط " وابن السني في " عمل اليوم والليلة " وأبو نعيم في " الطب " والبيهقي في " الشعب " وقال: تفرد به بزيع وكان ضعيفا، وأخرجه من الطريق الثاني ابن السني في " الطب " واقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه، قال المناوي في " شرح الجامع ": وأنت خبير بأن هذا التعقب أو هى من بيت العنكبوت وصدق رحمه الله. واعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الرقصة الذين يملؤون بطونهم بمختلف الطعام والشراب، ثم يقومون آخذا بعضهم بيد بعض يذكرون الله تعالى - زعموا - يميلون يمنة ويسرة وأماما وخلفا، وينشدون الأشعار الجميلة بالأصوات المطربة حتى يذوب ما في بطونهم؟ ومع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! وصدق من قال: متى علم الناس في ديننا * * * بأن الغنا سنة تتبع وأن يأكل المرء أكل الحما * * * ر ويرقص في الجمع حتى يقع وقالوا: سكرنا بحب الإلـ * * * ــه وما أسكر القوم إلا القصع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 كذاك البهائم إن أشبعت * * * يرقصها ريها والشبع فيا للعقول ويا للنهى * * * ألا منكر منكم للبدع تهان مساجدنا بالسماع * * * وتكرم عن مثل ذاك البيع 116 - " تعشوا ولوبكف من حشف، فإن ترك العشاء مهرمة ". ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (3 / 100) والقضاعي (63 / 1) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن عبد الملك بن علاق عن أنس مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه عنبسة يضعف في الحديث، وعبد الملك ابن علاق مجهول. قلت: وعنبسة هذا، قال أبو حاتم: كان يضع الحديث كما في " الميزان " للذهبي وساق له أحاديث هذا أحدها، والحديث رواه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 214 - 215) والخطيب (3 / 396) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن مسلم كذا عن أنس به. وقال أبو محمد بن أبي حاتم في " العلل " (2 / 11) : قرأ علينا أبو زرعة كتاب الأطعمة فانتهى إلى حديث كان حدثهم قديما إسماعيل بن أبان الوراق عن عنبسة بن عبد الرحمن عن علاق بن مسلم كذا عن أنس بن مالك به، قال أبو زرعة: ضعيف، ولم يقرأ علينا. ثم رأيته في " الكامل " لابن عدي (232 / 2) رواه على وجه آخر من طريق عبد الرحمن بن مسهر البغدادي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن ابن أنس بن مالك عن أبيه مرفوعا وقال: الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 ابن مسهر هذا مقدار ما يرويه لا يتابع عليه وهذا الحديث لعله لم يؤت من قبله، وإنما أتي من قبل عنبسة لأنه ضعيف، والحديث عن موسى غير محفوظ. قلت: فتبين من الروايات أن عنبسة كان يضطرب في إسناده، فمرة يقول: عبد الملك بن علاق ومرة مسلم ولا ينسبه، وأخرى علاق بن مسلم وتارة عن موسى بن عقبة عن ابن أنس وهذا ضعف آخر في الحديث وهو الاضطراب في سنده. وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 12) ومن قبله ابن الجوزي (3 / 36) وذكره من طريق الترمذي ونقل كلامه عليه ولم يزد فتعقبه السيوطي (2 / 255) بقوله: قلت: ورد من حديث جابر، قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن عبد الله الرقي حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن عبد الله بن باباه المخزومي حدثنا عبد الله بن ميمون عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تدعوا العشاء ولوبكف من تمر فإن تركه يهرم "، ووجدت لحديث أنس طريقا آخر قال ابن النجار في تاريخه ". قلت: ثم ساق إسناده من طريق أبي الهيثم القرشي عن موسى بن عقبة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد لا يفرح به! قال الذهبي في " الميزان ": أبو الهيثم القرشي عن موسى بن عقبة، قال أبو الفتح الأزدي: كذاب، وكذا في " اللسان "، وأما حديث جابر فهو عند ابن ماجه (2 / 322) بالسند المذكور وهو ضعيف جدا إبراهيم ابن عبد السلام أحد المتروكين كما في " تهذيب التهذيب " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وفي " الميزان ": ضعفه ابن عدي وقال عندي أنه يسرق الحديث، وعبد الله بن ميمون إن كان هو القداح فهو متروك، وإن كان غيره فهو مجهول، وقد رجح الأول الحافظ ابن حجر في " التقريب " ورجح الآخر المزي في " التهذيب " قال: لأن القداح لم يدرك ابن المنكدر إن كان إبراهيم بن عبد السلام في روايته عنه صادقا! . 117 - " من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع ". منكر. رواه ابن ماجه (3260) وأبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه " (ص 235) وابن عدي في " الكامل " (ق 275 / 1) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10 / 153 / 2) من طرق عن كثير بن سليم عن أنس مرفوعا. أورده ابن عدي في ترجمة كثير هذا، وقال بعد أن ساق له أحاديث أخرى عن أنس: وهذه الروايات عن أنس عامتها غير محفوظة. قلت: وقد اتفقوا على تضعيف كثير هذا، بل قال فيه النسائي: متروك وقد أعله البوصيري في " الزوائد " بعلة أخرى فقال: جبارة وكثير ضعيفان، وفاته أن جبارة لم يتفرد به، فقد توبع عليه كما أشرنا إليه، بقولنا: الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 من طرق، وفي " العلل " لابن أبي حاتم (2 / 11) قال أبو زرعة: هذا حديث منكر، وامتنع عن قراءته فلم يسمع منه. والمشهور في هذا الباب - على ضعفه! - الحديث الآتي رقم (168) ، " بركة الطعام الوضوء قبله وبعده "، فراجعه. 118 - " لا تنتفعوا من الميتة بشيء ". ضعيف. رواه ابن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا، وزمعة فيه مقال، كذا في " نصب الراية " (1 / 122) . قلت: ومن طريق ابن وهب أخرجه الطحاوى في " شرح معاني الآثار " (1 / 271) بهذا السند عن جابر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه ناس فقالوا: يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت، وإنا وجدنا ناقة سمينة ميتة فأردنا أن ندهن بها سفينتنا وإنما هي عود وهي على الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وهذا إسناد ضعيف وله علتان: الأولى: زمعة هذا قال الحافظ في " التقريب " وفي " التلخيص " (1 / 297) : ضعيف. الأخرى: عنعنة أبي الزبير فإنه كان مدلسا. ومما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 في حاشيته على " المقنع " (1 / 20) : رواه الدارقطني بإسناد جيد، غير جيد، على أنني في شك كبير من عزو هـ للدارقطني فإني لم أره في " سننه "، وهو المراد عند إطلاق العزو إليه ولم أجد من عزاه إليه غير الشيخ هذا، وابن الجوزي لما أورده في " التحقيق " (15 / 1) لم يعزه لأحد مطلقا بل قال: رواه أصحابنا من حديث جابر، ولوكان عند الدارقطني لعزاه إليه كما هي عادته، وإنما عزاه الموفق بن قدامة في " المغني " (1 / 67) لأبي بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر، قال: وإسناده حسن. وقال الحافظ في " التلخيص " (1 / 297) بعد أن ذكره من طريق زمعة: رواه أبو بكر الشافعي في " فوائده " من طريق أخرى، قال الشيخ الموفق: إسناده حسن. قلت: قد علمت مما نقلته عن الموفق أنه من طريق أبي الزبير أيضا عن جابر وعلمت علته مما بينا، فالإسناد ضعيف على كل حال، وقد راجعت فوائد أبي بكر الشافعي رواية ابن غيلان عنه، فلم أجد الحديث فيه، لكن في النسخة نقص هو الجزء الأول وأو راق من أجزاء أخرى، كما راجعت من حديثه أجزاء أخرى فلم أعثر عليه والله أعلم. وإنما صح الحديث بلفظ: " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب "، وفي ثبوته خلاف كبير بين العلماء، لكن الراجح عندنا صحته كما حققناه في كتابنا " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (رقم 38) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 والفرق بينه وبين هذا الحديث الضعيف واضح، وهو أنه خاص بالإهاب (وهو الجلد قبل الدبغ) والعصب فلا يصح الانتفاع بهما إلا بعد دبغهما لقوله صلى الله عليه وسلم: " كل إهاب دبغ فقد طهر "، وهذا عام يشمل الشعر والصوف والعظم والقرن ونحوذلك، وليس هناك ما يدل على عدم الانتفاع بها إلا هذا الحديث الضعيف، ولا تقوم به حجة والأصل الإباحة، فلا ينقل منها إلا بنقل صحيح وهو معدوم. (تنبيه) : كنت قد أعللت الحديث بضعف زمعة بن صالح وعنعنة أبي الزبير وبأنه مخالف للحديث الصحيح المخرج في " الإرواء " ثم وجدت تصريح أبي الزبير بالسماع في مطبوعة جديدة قيمة من آثار السلف ووجدت له شاهدا قويا من حديث عبد الله بن عكيم بهذا اللفظ كنت خرجته في " الإرواء " فأعدت النظر في إسناده فتأكدت من صحته فأخرجته مع حديث أبي الزبير في " الصحيحة " (3133) . (تنبيه) : كان هنا بهذا الرقم حديث " يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتكبير، ولا تغفلن فتنسين الرحمة " الحديث، ثم وجدت له شاهدا موقوفا على عائشة له حكم المرفوع فبدا لي أنه لا يليق إيراده هنا مع هذا الشاهد وقد ذكرته في رسالة " الرد على التعقب الحثيث " وليت الذين يردون علينا يفيدوننا مثل هذه الفائدة حتى نبادر إلى الرجوع إلى الصواب، مع الاعتراف لهم بالشكر والفضل، والمعصوم من عصمه الله عز وجل. 119 - " عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى ". موضوع. رواه ابن ماجه (2 / 48) وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (176 / 1 / 2) وعنه ابن عساكر (12 / 238 / 1) من طريق عثمان بن عبد الرحمن زاد ابن الأعرابي: الحراني، حدثنا علي بن عروة عن المقبري عن أبي الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 هريرة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم، وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال: فذكره، قال السندي في " حاشيته على ابن ماجه ": وفي " الزوائد ": في إسناده علي بن عروة تركوه، وقال ابن حبان: يضع الحديث وعثمان بن عبد الرحمن مجهول، والمتن ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال الذهبي في " الميزان ": وكذبه صالح جزرة وغيره لأنه روى هذا الحديث. قلت: وقول البوصيري في " الزوائد ": إن عثمان بن عبد الرحمن مجهول، ليس كذلك، بل هو معروف وهو الحراني كما صرح به ابن الأعرابي في روايته، وقد قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": صدوق أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، وضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين. قلت: وابن الجوزي أورده (2 / 304) من طريق ابن عدي (5 / 1851) بسنده إلى علي بن عروة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به دون قوله " عند اتخاذ ... " ثم رواه ابن الجوزي من طريق العقيلي بسنده إلى غياث بن إبراهيم عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس به، ثم قال: لا يصح، علي بن عروة وغياث يضعان الحديث! وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 227) بقوله، قلت: له طريق آخر، ثم ساق طريق ابن ماجه المذكور الذي فيه علي بن عروة الوضاع! ، ولذلك صرح ابن عراق (325 / 1) بضعف هذا التعقب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 والحديث في " الضعفاء " للعقيلى (351) مثل رواية ابن عدي وقال: غياث قال ابن معين: كذاب ليس بثقة ولا مأمون وقال البخاري: تركوه، وقد تابعه من هو دونه أو مثله. 120 - " يا حميراء من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما نضجت تلك النار، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب ذلك الملح، ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة، ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد، فكأنما أحياها ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 92) من طريق علي بن غراب عن زهير بن مرزوق عن على بن زيد ابن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: " الماء والملح والنار "، قالت: قلت: يا رسول الله هذا الماء قد عرفناه فما بال الملح والنار؟ قال: " يا حميراء ... " وهذا سند ضعيف، علي بن غراب مدلس، وقد عنعنه، وزهير بن مرزوق قال ابن معين: لا أعرفه، وقال البخاري: منكر الحديث، مجهول، وساق له الذهبي هذا الحديث، وعلي بن زيد بن جدعان فيه ضعف، والحديث رواه الطبراني في " الأوسط " من طريق ابن زهير هذا كما في " المجمع " (3 / 133) . الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 170) الشطر الثاني منه من طريق أخرى عن عائشة وقال: قال ابن عدي: موضوع آفته أحمد بن محمد بن علي بن الحسين بن شفيق، فتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 85) بطريق ابن ماجه هذه وليس فيها أحمد هذا وأورده من حديث أنس وأعله بصالح بن بيان، قال الدارقطني: متروك وأقره السيوطي. قلت: وقد وجدت للحديث طريقا ثالثا أخرجه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 153) من طريق عبيد بن واقد عن عرضي بن زياد السدوسي عن شيخ من عبد قيس عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف أيضا، عبيد ضعيف وعرضي بن زياد لم أجد من ترجمه، وشيخه مجهول لم يسم. 121 - " قل ما يوجد في آخر الزمان درهم من حلال، أو أخ يوثق به ". ضعيف جدا أو موضوع. أخرجه أبو نعيم (4 / 94) من طريق محمد بن سعيد الحراني حدثنا أبو فروة الرهاوي حدثنا أبي حدثنا محمد بن أيوب الرقى عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعا. الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 قلت: وهذا سند ضعيف جدا محمد بن سعيد الحراني قال النسائي: لا أدري ما هو وأبو فروة الرهاوي اسمه يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان بن يزيد، ترجمه ابن أبي حاتم (4 / 2 / 288) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأبوه محمد بن يزيد قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 128) : سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بالمتين، هو أشد غفلة من أبيه مع أنه كان رجلا صالحا لم يكن من أحلاس الحديث، صدوق، وكان يرجع إلى ستر وصلاح، وكان النفيلي يرضاه، وقال البخاري: يروي عن أبيه مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، ومحمد بن أيوب الرقي، قال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 197) : سألت أبي عنه؟ فقال: ضعيف الحديث. قلت: وبهذا ترجمه الذهبي في " الميزان "، ثم قال عقبه: محمد بن أيوب الرقي آخر، عن مالك بخبر باطل، وعنه زهير بن عباد، ثم أعاده بعد خمس تراجم فقال: محمد بن أيوب عن مالك بن أنس، قال ابن حبان: يضع الحديث، ثم ساق ابن حبان له خبرا باطلا في فضل أو يس، وقال الحافظ في " اللسان " عقب هذه الترجمة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 محمد ابن أيوب الرقي عن ميمون بن مهران وعنه محمد بن يزيد بن سنان، قال أبو حاتم ضعيف الحديث، وفرق النباتي بينه وبين الراوي عن مالك، والذي يظهر لي أنهما واحد. 122 - " نهى عن الغناء، والاستماع إلى الغناء، ونهى عن الغيبة، وعن الاستماع إلى الغيبة، وعن النميمة، وعن الاستماع إلى النميمة ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب في " تاريخه " (8 / 226) والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " مفرقا كما في " المجمع " (8 / 91) وأبو نعيم (4 / 93) دون ذكر الغناء، كلهم من طريق فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعا. قلت: والفرات هذا قال النسائي والدارقطني: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد: هو قريب من محمد بن الطحان في ميمون يتهم بما يتهم به ذاك. قلت: والطحان هذا هو ابن زياد اليشكري وقد كذبه أحمد وغيره، وقد تقدم الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 له بعض الأحاديث فانظر الأحاديث (16 - 19) ، وعليه فالفرات هذا متهم عند أحمد. والحديث عزاه العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 127) للطبراني ثم قال: وهو ضعيف، وقال الهيثمي: وفيه فرات بن السائب وهو متروك، وفي تحريم النميمة والغيبة أحاديث صحيحة تغني عن هذا الحديث الضعيف فراجع إن شئت " الترغيب " (3 / 296 - 303) . وأما الغناء فليس كله حراما بل ما كان منه في وصف الخدود والخصور والخمور ونحوذلك فحرام قطعا، وما خلا من ذلك فالإكثار منه مكروه، وأما آلات الطرب فهي محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ".. الحديث، أخرجه البخاري تعليقا ووصله أبو داود (2 / 174) وغيره بسند صحيح، وقد ضعفه ابن حزم بدون حجة، ولي رسالة في الرد عليه، أسأل الله تيسير نشرها، ثم نشرت الحديث وتكلمت على تضعيف ابن حزم له، وبينت صحته في " سلسلة الأحاديث " فراجعها برقم (91) . 123 - " إن الله يسأل عن صحبة ساعة ". اشتهر هكذا على الألسنة ولا أعرفه بهذا اللفظ. وهو بمعنى الحديث الآتي وهو: الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 124 - " ما من صاحب يصحب صاحبا ولوساعة من نهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه؟ ". موضوع. أورده الغزالي في " الإحياء " (2 / 154) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم بلفظ: " إنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منه سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم فدفع المستقيم إلى صاحبه فقال له: يا رسول الله كنت والله أحق بالمستقيم مني فقال: ... " فذكره، قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء ":لم أقف له على أصل، وذكر نحوه السبكي في " الطبقات " (4 / 156) . وأقول: قد وجدت له أصلا ولكنه موضوع لأنه من رواية أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي، قال ابن أبي حاتم في ترجمته (1 / 1 / 71) : سألت أبي عنه فقال: قدم علينا، وكان كذابا، وكتبت عنه، ولا أحدث عنه، فقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": روى عن عمر بن يونس - يعني جده - عن أبيه سمع حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل غيضة فاجتنى سواكين أحدهما مستقيم، قلت: فذكر الحديث بتمامه إلا أنه قال: " إنه ليس من صاحب يصاحب صاحبا ولوساعة إلا سأله الله عن مصاحبته إياه ". قلت: أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 143 - 144) ، ورواه الطبري (5 / 53) عن فلان عن الثقة عنده مرفوعا نحوه، وهذا مرسل ضعيف. الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 125 - " سوء الخلق ذنب لا يغفر، وسوء الظن خطيئة تفوح ". باطل لا أصل له. وقد أورده الغزالي (3 / 45) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم وإذا جاز أن يخفى عليه بطلانه من الناحية الحديثية فلست أدري كيف خفي الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 عليه بطلانه من الناحية الفقهية؟! فإن الحديث معارض تمام المعارضة لقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ، ولعل في هذا عبرة لمن يتساهلون برواية الأحاديث ونسبتها إليه صلى الله عليه وسلم دون أن يتثبتوا من صحتها على طريقة المحدثين جزاهم الله عن المسلمين خيرا. وهذا الحديث أورده السبكي في " الطبقات " (4 / 162) في فصل الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا مما وقع في كتاب " الإحياء "، وأما الحافظ العراقي فإنه استشهد له في تخريجه إياه بالحديث الآتي وهو: 126 - " ما من شيء إلا له توبة، إلا صاحب سوء الخلق، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 114) والأصبهاني في " الترغيب " (151 / 1) من طريق عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال الطبراني: لم يروه عن يحيى إلا عمرو، ولا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو موضوع، فإن عمرا هذا قال النقاش: أحاديثه موضوعة وكذبه يحيى بن معين وقال ابن عدي: كان يتهم بالوضع، ومنه تعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 45) بعد أن عزاه الحديث: 126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 للطبراني: وإسناده ضعيف، قصور إلا أن يلاحظ أن الموضوع من أنواع الضعيف كما هو مقرر في المصطلح. وقال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8 / 25) : رواه الطبراني في " الصغير "، وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية أبي الفتح الصابوني في " الأربعين " عن عائشة ويعترض عليه من وجهين. الأول: إيراده فيه مع أنه ليس على شرطه لتفرد الكذاب به! الآخر: اقتصاره في العزو على الصابوني فأو هم أنه ليس عند من هو أشهر منه! ثم إن الحديث أورده العراقي شاهدا للحديث الذي قبله وليس بصواب لأمرين. الأول: أنه ليس فيه " أن سوء الخلق ذنب لا يغفر ". الآخر: أنه ليس فيه: " وسوء الظن خطيئة تفوح " وهو تمام الحديث قبله. 127 - " صلاة بعمامة تعدل خمسا وعشرين صلاة بغير عمامة، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة، إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين، ولا يزالون يصلون على أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس ". موضوع. أخرجه ابن النجار بسنده إلى محمد بن مهدي المروزي أنبأنا أبو بشر بن سيار الرقي حدثنا العباس بن كثير الرقي عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال لي مهدي بن ميمون: الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر وهو يعتم، فقال لي: يا أبا أيوب ألا أحدثك بحديث تحبه وتحمله وترويه؟ قلت: بلى، قال: دخلت على عبد الله بن عمر وهو يعتم فقال: يا بني أحب العمامة، يا بني اعتم تجل وتكرم وتوقر، ولا يراك الشيطان إلا ولى هاربا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " (3 / 244) : هذا حديث موضوع ولم أر للعباس بن كثير في " الغرباء " لابن يونس ولا في " ذيله " لابن الطحان ذكرا، وأما أبو بشر بن سيار فلم يذكره أبو أحمد الحاكم في " الكنى " وما عرفت محمد بن مهدي المروزي، ولا مهدي بن ميمون الراوي للحديث المذكور عن سالم وليس هو البصري المخرج في " الصحيحين " ولا أدري ممن الآفة. ونقله السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 110) وأقره وتبعه ابن عراق (159 / 2) . ثم ذكر السيوطي أنه أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق عيسى بن يونس والديلمي من طريق سفيان بن زياد المخرمي كلاهما عن العباس بن كثير به. قلت: ثم ذهل عن هذا السيوطي فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن ابن عمر، وتعقبه المناوي في شرحه بأن ابن حجر قال: إنه موضوع ونقله عنه السخاوي وارتضاه. قلت: ولو تعقبه بما نقله السيوطي نفسه في " الذيل " عن ابن حجر كان أولى كما لا يخفى، وكلام السخاوي المشار إليه في " المقاصد " (ص 124) . ونقل الشيخ على القاري في " موضوعاته " (ص 51) عن المنوفي أنه قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 هذا حديث باطل. ثم تعقبه القاري بأن السيوطي أورده في " الجامع الصغير " مع التزامه بأنه لم يذكر فيه الموضوع ونقل العجلوني نحوه عن النجم. قلت: وهذا تعقب باطل تغني حكايته عن إطالة الرد عليه، وما جاءهم ذلك إلا من حسن ظنهم بعلم السيوطي، وعدم معرفتهم بما في " الجامع الصغير " من الأحاديث الموضوعة التي نص هو نفسه في غير " الجامع " على وضع بعضها كهذا الحديث وغيره مما سبق ويأتي، فكن امرءا لا يعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف الرجال. وقد علمت مما سبق أن الحافظ ابن حجر إنما حكم بوضع هذا الحديث من قبل ما فيه من مبالغة في الفضل لأمر لا يشهد له العقل السليم بمثل هذا الأجر، ولولا هذا لاكتفى بتضعيفه لأنه ليس في سنده من يتهم، فإذا عرفت هذا أمكنك أن تعلم حكم الحديث الذي بعده من باب أولى، وهو: 128 - " ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة ". موضوع. أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن جابر! وكان حقه أن يورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " كما صنع بالحديث الذي قبله، لأنه أشد مبالغة في فضل الصلاة بالعمامة من ذاك فكان الحكم عليه بالوضع أولى وأحرى. هذا وقال المناوي في " شرح الجامع ": ورواه عن جابر أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمي، فلوعزاه إلى الأصل لكان أولى، ثم إن فيه طارق بن عبد الرحمن، أورده الذهبي في " الضعفاء " الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وقال: قال النسائي: ليس بقوى عن محمد بن عجلان ذكره البخاري " في الضعفاء "، وقال الحاكم: سيء الحفظ ومن ثم قال السخاوي: هذا الحديث لا يثبت. قلت: محمد بن عجلان ثقة حسن الحديث، فلا يعل بمثله هذا الحديث، وطارق بن عبد الرحمن اثنان أحدهما البجلي الكوفي روى عن سعيد بن المسيب ونحوه، وهو ثقة من رجال الشيخين والآخر القرشي الحجازي يروي عن العلاء بن عبد الرحمن ونحوه قال الذهبي: لا يكاد يعرف، قال النسائي: ليس بالقوي، فالظاهر أن هذا هو المراد وليس الأول لأنه في طبقته وذكره ابن حبان في " الثقات " فلعله هو علة الحديث وإلا فمن دونه. ويؤسفني أنني لم أقف على سند الحديث لأنظر فيه مع أن المناوي ذكر فيما تقدم أن أبا نعيم رواه أيضا، ولم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للشيخ عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري فالله أعلم. ثم رأيت بخط الحافظ ابن رجب الحنبلى في قطعة من شرحه على الترمذي (83 / 2) ما نصه: سئل أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل عن شيخ نصيبي يقال: محمد بن نعيم قيل له: روى شيئا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " صلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة "، قال: هذا كذاب، هذا باطل. ثم رأيت رواية أبي نعيم، فتأكدت أن آفة الحديث ممن دون طارق بن عبد الرحمن، فخرجته فيما سيأتي (برقم 5699) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 129 - " الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة ". موضوع. أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 111) من رواية الديلمي (2 / 256) بسنده إلى أبان عن أنس مرفوعا. وقال: أبان متهم وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (257 / 2) . قلت: وقال الحافظ السخاوي في " المقاصد " (ص 124) تبعا لشيخه الحافظ ابن حجر: إنه موضوع وقال المنوفي: إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ القاري (ص 51) . ولا شك عندي في بطلان هذا الحديث وكذا الحديثين قبله، لأن الشارع الحكيم يزن الأمور بالقسطاص المستقيم، فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة وصلاة الجماعة، فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها: إنها مستحبة، والراجح أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة، أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها: إنها سنة مؤكدة، وقيل: إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها، والصواب أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد، فكيف يليق بالحكيم العليم أن يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات! ولعل الحافظ ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع. ومن آثار هذه الأحاديث السيئة وتوجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 على هذا الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه ويزكيها! ومن العجائب أن ترى بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص يلحقهم بسبب تساهلهم هذا ولا يهمهم ذلك أبدا، أما الصلاة في العمامة فأمر لا يستهان به عندهم! ومن الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم يرضوه حتى يتعمم، وإذا تقدم متعمم ولوكان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك ولم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه، وأو جبوا، أو كادوا أن يوجبوا ما أباحه، والعمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي يتزين بها المسلم في أحواله العادية! ويتميز بها عن غيره من المواطنين، وليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة، فما يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه! والمسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر ولا سيما في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي المسلم السلام على من عرف ومن لم يعرف، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة النافعة إلى العمامة المبتدعة، وسول لهم أن هذه تكفي وتغني عن تلك وعن إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم: " خالفوا المشركين احفوا وفي رواية قصوا الشوارب وأو فوا اللحى "، رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر وغيره وهو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة " (ص 93 - 95) . وما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية مستعارة عند القيام إليها! ولئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين. فقد قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد (2485) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364 هـ ما نصه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 لندن - عندما اشتدت وطأة الحر، وانعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة! فهل من معتبر؟ . 130 - " إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه سود الحدق ". موضوع. أخرجه الديلمي، أنبأنا بنجير بن منصور عن جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري وعن علي بن أحمد الحروري عن جعفر بن أحمد الدقاق عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن عمرو بن مرزوق عن شعبة عن قتادة عن أنس مرفوعا. أورده السيوطي في " اللآليء " (1 / 113 ـ 114) ، عند كلامه على الحديث الآتي بعد هذا، كأنه ساقه شاهدا له، وسكت عنه، فرأيت أن أتكلم عنه وأكشف عن علته ولا سيما وقد سألني عنه أقرب الناس إلي وهو والدي رحمه الله وجزاه الله عني خير الجزاء، فأقول: علة هذا الحديث من الرقاشي فمن دونه، وكلهم مجهولون لم أجد لهم ذكرا في شيء من كتب الرجال التي تحت يدي إلا الرقاشي فإنه من رجال ابن ماجه وله ترجمة واسعة في " تهذيب التهذيب " (6 / 419 - 421) و" تاريخ بغداد " (10 / 425 - 427) ويتلخص مما جاء فيها أنه في نفسه صدوق، لكنه اختلط حين جاء بغداد فكثر خطؤه في الأسانيد والمتون، فلعل هذا الحديث من تخاليطه! وإلا فهو من وضع أحد أولئك المجهولين، وقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1 / 174) : في سنده جعفر بن أحمد الدقاق، وهو آفته فيما أظن، والله أعلم. قلت: ولست أشك في بطلان هذا الحديث لأنه يتعارض مع ما ورد الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 في الشريعة، من أن الجزاء إنما يكون على الكسب والعمل {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} لا على ما لا صنع ولا يد للإنسان فيه كالحسن أو القبح، وإلى هذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم (8 / 11) ، وغيره وهو مخرج في " غاية المرام " (415) ، وراجع التعليق عليه في مقدمتي على " رياض الصالحين " للنووي (ص: ل ـ ن) ، فإنه مهم جدا، ومثل هذا الحديث الموضوع في البطلان الحديث الآتي وهو: 131 - " عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود فإن الله يستحي أن يعذب وجها مليحا بالنار ". موضوع. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (7 / 282 ـ 283) في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا بإسناده عن شعبة عن توبة العنبري عن أنس رفعه وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وقال: آفته الحسن بن علي بن زكريا العدوي يضع الحديث، قال السيوطي في " اللآليء " (1 / 113) : هو أحد المعروفين بالوضع، وقال الشيخ القاري (ص 110) : فلعنة الله على واضعه الخبيث، ثم وجدت له طريقا أخرى فقال لاحق بن محمد في " شيوخه "، (114 / الحديث: 131 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 1 / 2) : أخبرنا أبو مسعود حدثنا لاحق بن الحسين المقدسي حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي درة القاضي حدثنا محمد بن طلحة العروقي حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن أنس بن مالك مرفوعا به. قلت: وهذا كالذي قبله أو شر منه، وفيه علل: 1 - الزيات هذا قال ابن عدي: ليس بالقوي. 2 - والعروقي، والراوي عنه محمد القاضي لم أعرفهما. 3 - لاحق هذا وهو آفة الحديث فإنه كذاب وضاع، وقال الإدريسى الحافظ: كان كذابا أفاكا يضع الحديث على الثقات، لا نعلم له ثانيا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة. وقال الشيرازي في " الألقاب ": حدثنا أبو عمر لاحق بن الحسين بن أبي الورد فذكر خبرا موضوعا ظاهر الكذب، متنه: " عليكم بالوجوه الملاح ... " فذكره. قلت: ومن أحاديث هذا العدوي الكذاب الحديث الآتي. 132 - " النظر إلى الوجه الحسن يجلوالبصر، والنظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح ". موضوع. أخرجه الخطيب (3 / 226) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 162 - 163) من طريق الحسن بن علي بن زكريا البصري حدثنا بشر بن معاذ حدثنا بشر بن الفضل عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 مرفوعا. ورواه محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي عن الحسن بن علي بن زكريا بإسناد آخر عن أنس مرفوعا، لكنها رواية أخطأ فيها الطرازي هذا وقد روى مناكير وأباطيل، والصواب عن الحسن بن زكريا الرواية الأولى كما قال الخطيب، والحسن هذا قال ابن عدي: عامة ما حدث به إلا القليل موضوعات وكنا نتهمه بل نتيقن أنه هو الذي وضعها، وقال ابن حبان: لعله حدث عن الثقات بالأشياء الموضوعات ما يزيد على ألف حديث، وقال ابن الجوزى: لا نشك أن أبا سعيد هو الذي وضعه ومثله: 133 - " النظر إلى وجه المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 201 - 202) وعنه الديلمي (4 / 106) من طريق أحمد بن الحسين الأنصاري حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي حدثنا ابن أبي فديك حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. إبراهيم هذا لم أجد من ترجمه وكذا الراوي عنه أحمد بن الحسين، لكن تابعه محمد ابن يعقوب عن أبي الشيخ في " التاريخ " (236) إلا أنه قال: حدثنا إبراهيم بن سلام المكي وتابعه أيضا محمد بن أحمد القاضي البوراني قال: حدثنا إبراهيم بن الحديث: 133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 حبيب بن سلام به، رواه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 /116) والبوراني هذا ترجمه الخطيب (1 / 295) وروي عن الدارقطني أنه قال فيه: لا بأس به، ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء. قلت: فالظاهر أن إبراهيم شيخ البوراني في هذا الحديث من أولئك الشيوخ الضعفاء فهو آفة هذا الحديث وقد ذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة محمد بن عبد الرحمن أبي الفضل بسنده عن ابن أبي فديك به، وقال: خبر باطل. قلت: وأورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ، وقال ابن القيم: هذا الحديث ونحوه من وضع الزنادقة. قلت: وهو وما بعده مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ولكن بلفظ آخر وهو: 134 - " ثلاثة يزدن في قوة البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 163) من طريق وهب بن وهب القرشي عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن علي بن الحسين عن جده علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال ابن الجوزي: باطل، وهب كذاب. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 115 - 117) بأن له طرقا أخرى يرقي الحديث بها عن درجة الوضع، ثم ساقها من حديث ابن عمرو وبريدة وعائشة وجابر الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وقد تقدم قبل هذا وأبي سعيد الخدري وابن عباس موقوفا عليه. قلت: وكل من هذه الطرق فيها ضعيف أو مجهول أو متهم، وبيان ذلك مما يطول به الكلام جدا فاكتفيت بالإشارة، والحكم على هذا الحديث وما في معناه بالوضع من قبل معناه أقوى من الحكم عليه به من جهة الإسناد، فقد قال ابن القيم رحمه الله في رسالته " المنار ": فصل: ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا، ثم ذكر في بيان ذلك فصولا قيمة جدا نقلها عنه الشيخ على القاري في " خاتمة الموضوعات " قال (ص 109) : فصل: ومنها أن يكون الحديث لا يشبه كلام الأنبياء بل لا يشبه كلام الصحابة كحديث: " ثلاثة يزدن في البصر: النظر إلى الخضرة، والوجه الحسن "، وهذا الكلام مما يجل عنه أبوهريرة وابن عباس بل سعيد بن المسيب والحسن، بل أحمد ومالك. وتعقبه الشيخ القاري بأنه ضعيف لا موضوع. قلت: لا تعارض بين قوليهما فهو ضعيف سندا موضوع متنا، وقد سبق لهذا بعض الأمثلة. 135 - " إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل تغير عن خلقه فلا تصدقوا به، وإنه يصير إلى ما جبل عليه ". ضعيف. أخرجه أحمد (6 / 443) من طريق الزهري أن أبا الدرداء قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث. وهذا إسناد منقطع. الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (7 / 696) وتبعه المناوي في " شرح الجامع الصغير " فقال: قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء، وقال السخاوي: حديث منقطع، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لصحته. قلت: وكأن الشيخ العجلوني اغتر بالرمز المشار إليه فإنه قال في " الكشف " (1 / 87) ، رواه أحمد بسند صحيح "! ومن عجيب أمره أنه ذكره في موضع آخر (1 / 82) برواية أحمد وسكت عليه فلم يصححه، ثم أورده في مكان ثالث (1 /259) ونقل عن " المقاصد " أنه منقطع! ، وهذا من الأدلة الكثيرة على أن العجلوني مقلد ناقل، وهذا الحديث يستشم منه رائحة الجبر وأن المسلم لا يملك تحسين خلقه لأنه لا يملك تغييره! ، وحينئذ فما معنى الأحاديث الثابتة في الحض على تحسين الخلق كقوله صلى الله عليه وسلم: " أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " رواه أبو داود (2 / 288) وغيره في حديث. وسنده صحيح، فهذا يدل على أن حديث الباب منكر، والله أعلم. 136 - " من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق ". باطل. أخرجه تمام في " الفوائد " (148 / 2) وكذا الترمذي الحكيم وأبو يعلى والطبراني في " الأوسط " وابن شاهين من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 77) من طريق ابن شاهين ثم قال: الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 باطل تفرد به معاوية وليس بشيء، وتابعه عبد الله بن جعفر المديني أبو علي عن أبي الزناد، وعبد الله متروك. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 286) بأحاديث أوردها، بعضها مرفوعة وبعضها موقوفة، ثم إن بعضها في فضل العطاس مطلقا فلا يصلح شاهدا لوصح. وأما قول النووي رحمه الله في فتاويه (ص 36 - 37) بعد أن عزاه لأبي يعلى: إسناده جيد حسن، كل رجاله ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه، وأكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وهو يروي هذا الحديث عن معاوية ابن يحيى الشامي. قلت: فهذا من أوهامه رحمه الله فإن بقية معروف بالتدليس وقد رواه عن معاوية معنعنا وقد قال النسائي وغيره: إذا قال:حدثنا وأخبرنا فهو ثقة، وقال غير واحد: كان مدلسا فإذا قال: عن فليس حجة، ولهذا قال أبو مسهر: أحاديث بقية ليست نقية فكن منها على تقية، ذكره الذهبي ثم قال: وبقية ذو غرائب ومناكير، أقول هذا لبيان حال بقية وإلا فالظاهر من كلام السيوطي في " اللآليء " أنه لم يتفرد به عن معاوية، فعلة الحديث هو معاوية هذا فإنه ضعيف جدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 قال ابن معين: هالك ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ضعيف في حديثه إنكار، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحاكم أبو أحمد: يروي عنه الهقل بن زياد عن الزهري أحاديث منكرة شبيهة بالموضوعة، وقال الساجي: ضعيف الحديث جدا، وهكذا باقي أقوال الأئمة كلها متفقة على تضعيفه ليس فيهم من وثقه، فانظر كيف انصرف النووي عن علة الحديث الحقيقية، وأخذ يدافع عن بقية مع أنه لم يحمل عليه في هذا الحديث أحد! فلولا أن النووي رحمه الله وهم لما جاز له أن يصف يحيى هذا بالثقة والإتقان، وقد علم أنه متفق على تضعيفه! والحديث رواه البيهقي أيضا وقال: إنه منكر، كما في " شرح المناوي " وقال الهيثمي في " المجمع " (8 / 59) : رواه الطبراني في " الأوسط " وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وأبو يعلى، وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف، وقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 342) : سألت أبي عن حديث رواه داود بن رشيد عن بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد.. عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من حدث بحديث فعطس عنده فهو حق "؟ قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 أبي: هذا حديث كذب، فبعد شهادة مثل هذا الإمام النقاد أنه حديث كذب، فما يفيد المتساهلين محاولتهم إنقاذ إسناد هذا الحديث من الوضع إلى الضعف أو الحسن لأنها محاولات لا تتفق مع قواعد الحديث في شيء، وما أحسن ما قاله المحقق ابن القيم رحمه الله فيما نقله عنه الشيخ القاري في " موضوعاته " (ص 106 ـ 107) : وهذا الحديث وإن صحح بعض الناس سنده فالحس يشهد بوضعه، لأنا نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله، ولوعطس مئة ألف رجل عند حديث يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم بصحته بالعطاس، ولوعطسوا عنده بشهادة رجل لم يحكم بصدقه، وتعقبه هو والزركشي من قبل وغيرهما بقولهم: إن إسناده إذا صح ولم يكن في العقل ما يأباه وجب تلقيه بالقبول. قلت: أنى لإسناده الصحة وفيه من اتفقوا على ضعفه ويشهد الإمام أبو حاتم بأن حديثه هذا كذب؟ ! ثم العقل يأباه كما بينه ابن القيم فيما سبق ولو صح هذا الحديث لكان يمكن الحكم على كل حديث نبوي عطس عنده بأنه حق وصدق، ولو كان عند أئمة الحديث زورا وكذبا؟ وهذا ما لا يقوله فيما أظن أحد. 137 - " أصدق الحديث ما عطس عنده ". باطل. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 191 / 2 / 3502 ـ بترقيمي) من طريق عمارة ابن زاذان عن ثابت عن أنس مرفوعا، وقال: لم يروه عن ثابت إلا عمارة. قلت: وعمارة هذا، قال أحمد: يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير. الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قلت: وهذا الحديث من روايته عن ثابت عن أنس، فهو علة الحديث، وإلى ذلك أشار الهيثمي بقوله في " المجمع " (8 / 59) : رواه الطبراني في " الأوسط " عن شيخه جعفر بن محمد بن ماجد ولم أعرفه، وعمارة بن زاذان وثقه أبو زرعة وجماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وابن ماجد وثقه الخطيب في " التاريخ " (7 / 196) فلا يعل به الحديث، والله أعلم. وقد تقدم الكلام على بطلان الحديث من حيث معناه في الحديث الذي قبله فأغنى عن الإعادة. 138 - " ثلاث يفرح بهن البدن ويربوعليها: الطيب، والثوب اللين، وشرب العسل ". موضوع. رواه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (3 / 141) وأبو نعيم (6 / 340) من طريق الطبراني عن محمد بن روح القتيري حدثنا يونس بن هارون الأزدي عن مالك ابن أنس عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا، وقال أبو نعيم: غريب من حديث مالك عن أبيه تفرد به القتيري في الأصل القشيري في الموضعين وهو تصحيف. قلت: والقتيرى هذا بفتح القاف وبعدها مثناة ضبطه ابن ماكولا وغيره، وتصحف على ابن السمعاني فذكره في القنبري، وقال: نسبة إلى قنبر مولى علي رضي الله عنه، منكر الحديث. قلت: قال فيه ابن يونس أيضا: الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 منكر الحديث، وقال الدارقطني فيه وفي شيخه يونس بن هارون ضعيفان، وقال في " غرائب مالك ": لا يصح هذا الحديث عن مالك وقال ابن حبان في ترجمة يونس بن هارون: روى عجائب لا تحل الرواية عنه، ما روى مالك عن أبيه ولا جده شيئا. 139 - " أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا والآخرة ". موضوع. أخرجه الحاكم (4 / 322) والبيهقي في " السنن " (7 / 13) والطبراني في " الأوسط " (2 / 294 / 1 9423) من طريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الطبراني: لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد تفرد به خالد. قلت: وهو ضعيف متهم ولكنه لم يتفرد به كما يأتي قريبا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قلت: وهذا من أوهامهما الفاحشة، فإن خالدا هذا قال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن أبي الحواري: سمعت ابن معين يقول: بالشام كتاب ينبغي أن يدفن كتاب الديات لخالد بن يزيد بن أبي مالك، لم يرض أن يكذب على أبيه حتى كذب على الصحابة قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت هذا الكتاب عن خالد ثم أعطيته للعطار، فأعطى للناس فيه الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 حوائج! ذكره الذهبي في " الميزان "، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 359) : سئل أبي عن خالد هذا؟ فقال: يروي أحاديث مناكير. وللحديث طريق ثان، فقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 278) : وسمعت أبي وحدثنا عن حرملة عن ابن وهب عن الماضي بن محمد الغافقي أبي مسعود عن هشام عن الحسن عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، قال أبي: هذا حديث باطل، وماضى لا أعرفه، وذكر نحوه في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 242) وأقره الذهبي في " الميزان " وقال: لم يروعنه غير ابن وهب، قال ابن عدي: منكر الحديث، ورواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (99 / 1 / 2) والطبراني في " الأوسط " (1 / 102 / 2 / 2085) من طريقين آخرين عن ابن وهب قال: أخبرني الماضي بن محمد عن هشام بن حسام عن الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد به. وأعله الهيثمي (10 / 267) بشيخ الطبراني أحمد بن طاهر، وهو كذاب وقلده المعلق على " الأوسط " (2 / 528) وهو متابع كما ترى وإنما علته الماضي كما عرفت، وقد أخرجه ابن عدي أيضا عنه (6 / 432) وأعله به.وله طريق ثالث سوف يأتي بلفظ: " اللهم توفني إليك فقيرا ... "، ورابع أخرجه القضاعي (94 / 1) عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عن عطاء به. وهذا سند واه من أجل يزيد بن سنان، وابنه محمد، وهو أشد ضعفا من أبيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 ثم وجدت له شاهدا لكنه مما لا يفرح به، يرويه أحمد بن إبراهيم المزني: حدثنا محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: " ألا أخبركم بأشقى الأشقياء .... " الحديث، وهو لفظ ابن عدي عن الماضي. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 144) ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل " (2 / 325) وقال: لا يصح، قال ابن حبان: كان المزني يضع الحديث على الثقات وضعا. قلت: فهو بكتاب ابن الجوزي الآخر " الموضوعات " أولى، وله من مثله الشيء الكثير، كما أنه يورد في هذا ما هو بـ " العلل " أولى، كما هو معروف عند العلماء. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني، ثم تكلم عليه المناوي بما نقله عن الهيثمي، وذكرت بعض كلامه آنفا، ثم قال المناوي: ومن العجب العجاب أنه رمز لصحته لكن الحديث كله مضروب عليه في مسودة المصنف، وأما قوله في " التيسير " وهو حسن لا صحيح خلافا للمؤلف ولا ضعيف خلافا لبعضهم فهو مما لا يساعد عليه شدة ضعف طرقه مع إبطال أبي حاتم إياه، ومن أحاديث هذا الماضي: 140 - " الزنا يورث الفقر ". باطل. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (7 / 2) عن أحمد بن عبد الرحمن بن أخي وهب قال أخبرنا عمي قال أنبأنا الماضي بن محمد عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند واه، وله علتان: الأولى ضعف ليث بن أبي سليم. الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 والأخرى الماضي بن محمد وهو مجهول، منكر الحديث كما تقدم، وعزاه السيوطي في " الجامع " لرواية القضاعي والبيهقي عن ابن عمر، وقال المنذري في " الترغيب " (3 / 190) : رواه البيهقي، وفي إسناده الماضي بن محمد. قلت: هو عنده في " الشعب " (4 / 363) من طريق ابن عدي وهذا في " الكامل " (6 / 432) وقال الذهبي: له أحاديث منكرة منها هذا الحديث. قلت: والحديث رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 410 - 411) : سمعت أبي وحدثنا عن حرملة عن ابن وهب عن الماضي بن محمد عن هشام عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، قال أبي: هذا حديث باطل، وماضي لا أعرفه. قلت: ثم وجدت له متابعا، فقال أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (359 / 2) : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا القاسم بن عباد حدثنا عباد حدثنا أحمد بن حرب عن حسان عن إسماعيل عن ليث به. قلت: فانحصرت علة الحديث في الليث ولعل أصله موقوف وهم فيه الليث فرفعه، فقد رواه ابن حبان في " الثقات، (2 / 295) من طريق مكحول الشامي قال لي ابن عمر يا مكحول إياك والزنا فإنه يورث الفقر. ثم وجدت له طريقا آخر أخرجه البيهقي في " الشعب " والديلمي في " مسند الفردوس " (2 / 99 / 2 - الغرائب) كلاهما من طريق الحاكم عن شيخه محمد ابن صالح بن هانيء وهو ثقة قال حدثنا أحمد بن سهل بن مالك حدثني محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا الحسن بن علي الصفار حدثنا أبو خالد الأحمر حدثنا محمد ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 قلت: وهذا إسناد حسن لولا أنني لم أعرف الحسن بن علي بن صفار وأحمد بن سهل ابن مالك، فمن كان عنده علم عنهما فليتفضل بإعلامي مشكورا وجزاه الله خيرا. وللحديث شاهد ولكنه واه وهو: 141 - " إياكم والزنا فإنه فيه ست خصال: ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة، فأما اللواتي في الدنيا فإنه يذهب بالبهاء، ويورث الفقر، وينقص الرزق، وأما اللواتي في الآخرة: فإنه يورث سخط الرب، وسوء الحساب والخلود في النار ". موضوع. أخرجه ابن عدي (20 / 23) وأبو نعيم (4 / 111) من طريق مسلمة بن علي عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا، وقال ابن عدي: وهذا عن الأعمش غير محفوظ وهو منكر، وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش، تفرد به مسلمة وهو ضعيف الحديث. قلت: وهو مجمع على تركه، بل قال الحاكم: روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات وقد ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث كثيرة منها هذا، وآخر قال فيه أبو حاتم: باطل موضوع وسيأتي إن شاء الله برقم (145) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 107) من طريق أبي نعيم ثم قال: مسلمة متروك، وتابعه أبان بن نهشل عن إسماعيل بن أبي خالد عن الأعمش به وأبان منكر الحديث جدا، قال ابن حبان: ولا أصل لهذا الحديث، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 191) بما نقله عن أبي نعيم من اقتصاره الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 على تضعيف مسلمة، وبأن البيهقي أخرجه في " شعب الإيمان " وقال: هذا إسناد ضعيف، مسلمة متروك وأبو عبد الرحمن الكوفي مجهول. قلت: أبو عبد الرحمن هذا وقع في رواية ابن الجوزي بين مسلمة والأعمش، وليس هو في سند " الحلية " ولا في سند الحديث في " الميزان " فالله أعلم. ثم رأيت الحديث في جزء من " أمالي الشريف أبي القاسم الحسيني " (55 / 1) وفيه أبو عبد الرحمن الكوفي هذا، وكذا هو في " الشعب " (4 / 379 / 5475) .ثم وجدت له طريقا آخر عن الأعمش أخرجه الواحدي في " الوسيط " (3 / 100 / 1) من طريق معاوية بن يحيى عن سليمان عن الأعمش. قلت: ومعاوية هذا هو الصدفي وهو ضعيف جدا، قال النسائي: ليس بثقة وضعفه هو في رواية وغيره، ولا يخفى أن تعقب السيوطي المذكور لا فائدة منه لأن كلام البيهقي وكذا أبي نعيم ليس نصا في أن الحديث غير موضوع حتى يعارض به حكم ابن الجوزي بوضعه لما أخبرناك غير مرة أن الموضوع من أنواع الحديث الضعيف. فتنبه، وقد روي هذا الحديث بلفظ آخر وهو: 142 - " إياكم والزنا فإن في الزنا ست خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما اللواتي في دار الدنيا فذهاب نور الوجه، وانقطاع الرزق، وسرعة الفناء وأما اللواتي في الآخرة فغضب الرب، وسوء الحساب، والخلود في النار إلا أن يشاء الله ". موضوع. أخرجه الخطيب (12 / 493) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 107) من طريق كعب بن عمرو بن جعفر البلخي إملاءً: حدثنا الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 أبو جابر عرس بن فهد الموصلي في الموصل: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي: حدثني يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا، وقال الخطيب وتبعه ابن الجوزي: رجال إسناد هذا الحديث ثقات سوى كعب وكان غير ثقة، ثم روى عن محمد بن أبي الفوارس أنه قال: كان سيء الحال في الحديث، وعن العتيقي قال: فيه تساهل في الحديث. والحديث رواه من هذا الوجه الواحدي في " تفسيره " (ق 155 / 1) ، وتعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 191) بقوله: قلت: وله طريق آخر واه أخرجه أبو نعيم: حدثنا أبو بكر المفيد حدثنا أبو الدنيا الأشج عن علي بن أبي طالب رفعه، والله أعلم. قلت: لم يخجل السيوطي عفا الله عنا وعنه من أن يستشهد بهذا الإسناد الباطل فإن أبا الدنيا هذا كذاب أفاك لا يخفى حاله على السيوطي، فقد ترجمه الذهبي في " الميزان " فقال: كذاب طرقي، كان بعد الثلاث مئة ادعى السماع من علي بن أبي طالب واسمه عثمان بن خطاب أبو عمرو، حدث عنه محمد بن أحمد المفيد بأحاديث وأكثرها متون معروفة ملصوقة بعلي بن أبي طالب ... وما يعني برواية هذا الضرب ويفرح بعلوها إلا الجهلة، وقال في ترجمته من الأسماء: طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاث مئة عن علي بن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 طالب فافتضح بذلك وكذبه النقادون. فإذا كان السيوطي لا يحكم بوضع حديث يرويه مثل هذا الرجل البين كذبه، فهو دليل واضح على مبلغ تساهله في حكمه على الأحاديث، فاعلم هذا ولا تنسه يفدك ذكرك إياه في مواطن النزاع. وروي هذا الحديث على لفظ، آخر وهو: 143 - " إياكم والزنا فإن فيه أربع خصال: يذهب بالبهاء من الوجه، ويقطع الرزق، ويسخط الرحمن، والخلود في النار ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (2 / 144 / 2 / 7238 - بترقيمي) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 106) من رواية ابن عدي عن عمرو بن جميع عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال الطبراني: لم يروه، عن ابن جريج إلا عمرو، وقال ابن الجوزي: عمرو كذاب، وهو كما قال الهيثمي في " المجمع " (6 / 255) : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عمرو بن جميع وهو متروك، وأما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " (2 / 189) بقوله: قلت: أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وبناء على هذا التعقيب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع أورد السيوطي الحديث في " الجامع " برواية الطبراني وابن عدي فتعقبه الشارح المناوي بعد أن ذكر تعقب السيوطي لابن الجوزي فقال: الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وهو تعقب أو هى من بيت العنكبوت لأن ابن جميع الذي حكم بوضع الحديث لأجله في سند الطبراني أيضا فما الذي صنعه؟ ! ثم وجدت له متابعا فقال أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (99 / 2) أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل الطلحي أبو إسحاق الكوفي يعرف بابن جهد، أنبأنا مختار بن غسان قال سمعت إسماعيل بن مسلم عن ابن جريج به. قلت: ومن طريق ابن الأعرابي رواه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من مسموعاته " (34 / 2) ، وهذا السند خير من الذي قبله، ولكنه معلول من وجوه ثلاثة: الأول: إسماعيل هذا هو البصري ثم المكي ضعيف. الثاني: مختار بن غسان لم يوثقه أحد. الثالث: إبراهيم بن إسماعيل لم أجد من ترجمه نعم ذكره ابن حبان (في الثقات) (80 / 88) ثم إن مدار السندين على ابن جريج وقد عنعنه! 144 - " أكذب الناس الصباغون والصواغون ". موضوع. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1 / 262 من ترتيب المسند) قال: حدثنا همام عن فرقد السبخي عن يزيد بن عبد الله الشخير عن أبي هريرة مرفوعا، وكذا أخرجه ابن ماجه (2 / 6) وأحمد (2 / 292، 324، 345) وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (78 / 2) من طرق عن همام به، وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير فرقد هذا وهو أحد زهاد البصرة، قال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وقال النسائي: ليس بثقة، وقال البخاري: في حديثه مناكير كذا في " الميزان " ثم ساق له من مناكيره أحاديث هذا أولها! ولهذا أورده ابن الجوزي في " العلل " وقال: لا يصح، وللحديث طريق أخرى رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 278) من طريق يحيى بن سلام عن عثمان بن مقسم عن نعيم بن المجمر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " أكذب الكاذبين الصياغ "، ثم قال: قال أبي هذا حديث كذب، وعثمان هو البري ويحيى بن سلام هو الذي روى عنه عبد الحكم بصرى وقع إلى مصر. قلت: زاد في ترجمته من " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 155) : وهو صدوق. وأما الدارقطني فضعفه، وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه، وأما عثمان البري فقد كذبه ابن المعين والجوزجاني، فهو علة هذه الطريق، وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وله طريق ثالث عن أبي هريرة، رواه ابن عدي (316 / 2) عن محمد بن يونس الكديمي حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به وقال: والكديمي أظهر أمرا من أن يحتاج أن يبين ضعفه. قلت: يشير بذلك إلى أنه كذاب وضاع. وللحديث شاهد أخرجه ابن عدي (315 / 2) عن محمد بن الوليد بن أبان حدثنا هدبة قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس مرفوعا، وقال: وهذا عن أنس بهذا الإسناد باطل، وابن الوليد القلانسي يضع الحديث، والحديث أورده ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 15) من الطريقين الأولين، وقال ابن القيم رحمه الله: الحس يرد هذا الحديث، فإن الكذب في غيرهم أضعافه فيهم، كالرافضة فإنهم أكذب خلق الله والكهان والطرقية والمنجمون، وقد تأوله بعضهم على أن المراد بالصباغ الذي يزيد في الحديث ألفاظا تزينه، والصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له أصل، وهذا تكلف بارد لحديث باطل، وتعقبه الشيخ القاري في " موضوعاته " (ص 107) بقوله: وهذا غريب منه فإن الحديث بعينه رواه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة كما في " الجامع الصغير ". قلت: وهذا لا شيء فبعد ثبوت ضعف سند الحديث لا مجال للرد به على من انتقده من حيث معناه، وإنما يصح مثل هذا التعقيب فيما لوصح سند الحديث وهيهات هيهات! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 145 - " كان لا يعود مريضا إلا بعد ثلاث ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (1 / 439) وأبو الشيخ في " الأخلاق " (255) وابن عساكر (16 / 226 / 2 / 19 / 131 / 1) من طريق مسلمة بن علي حدثنا ابن جريج عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا. قلت: ابن جريج مدلس وقد عنعنه، وهو إنما يدلس عن الضعفاء! ومسلمة متهم كما سبق بيانه في الحديث (141) وهو آفة هذا الحديث فقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 315) : سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث باطل موضوع، قلت: ممن هو؟ قال: مسلمة ضعيف، وأقره الذهبي في " الميزان " ومع ذلك فقد سود به السيوطي " جامعه ". وأخرجه البيهقي في " الشعب " وقال: إسناده غير قوي، وذكره الحافظ في " تهذيب التهذيب " من منكرات مسلمة، وقد حاول بعضهم أن يشد من عضد الحديث بحديث آخر بمعناه ولكنه لم ينجح لأنه موضوع كهذا، وهو: الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 146 - " لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 200 / 1 / 3647 ـ بترقيمي) عن نصر بن حماد أبي الحارث الوراق عن روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الطبراني: تفرد به أبو الحارث الوراق. الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 قلت: وهذا سند لا يساوي شيئا، أبو الحارث هذا قال ابن معين: كذاب، وقال البخاري: يتكلمون فيه. وروح متهم ويأتي له حديث آخر قريبا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي بسنده عن نصر به إلا أنه قال: روح بن غطيف، بدل روح بن جناح، ثم قال ابن الجوزي ما ملخصه: لا يصح، روح متروك وكذا نصر. وقد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 403) فقال: قلت له شاهد، ثم ساق الحديث الذي قبله فلم يصنع شيئا لأنه حديث موضوع كما تقدم. ثم ذكر له شاهدا آخر من طريق نوح بن أبي مريم حدثنا أبان عن أنس مرفوعا. ونوح هذا متهم بالكذب وقد مضى، وكذا أبان وهو ابن أبي عياش. 147 - " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 191) ومن طريقه ابن الجوزي (2 /277) في ترجمة عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال: عمرو كان يروي المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الأثبات. الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 قلت: وهو كذاب وقد تقدم له أحاديث، وجويبر ضعيف جدا وتقدم له شيء، وبهذا أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح. والحديث أورده الصغاني في " الموضوعات " (ص 8) . وأقر ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 179) فالعجب منه كيف أورده من رواية ابن عدي في " الجامع الصغير " الذي اشترط في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع! وأعجب من هذا استدراك الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 304) على حكم الصغاني عليه بالوضع بقوله: لكن عزاه في " الجامع الصغير " لابن عدي بسند ضعيف عن علي! وكيف لا يكون هذا الحديث موضوعا، وقد طلق جماعة من السلف بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟ ! . 148 - " تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم "، وفي لفظ: " إذا كان في الثوب قدر الدرهم من الدم غسل الثوب وأعيدت الصلاة ". موضوع. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 298) ، والدارقطني في " سننه " (ص 154) والبيهقي (2 / 404) عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن حبان: هذا خبر موضوع لا شك فيه ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما اخترعه أهل الكوفة، وروح يروي الموضوعات عن الثقات الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 212) وابن الملقن في " الخلاصة " (ق 30 / 1) ، وقال الدارقطني: لم يروه عن الزهري غير روح بن غطيف وهو متروك الحديث، وقال البخاري في " التاريخ الصغير " (ص 138) : ولا يتابع عليه، وروى البيهقي من طريق الحافظ ابن عدي بسنده إلى أحمد بن العباس قال: قلت لابن معين: تحفظ عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث؟ فقال: لا والله، ثم قال: ممن؟ قلت: حدثنا محرز بن عون، قال: ثقة، عمن؟ قلت: عن القاسم بن مالك المزني قال: ثقة، عمن؟ قلت: عن روح بن غطيف، قال: ها، قلت: يا أبا زكريا ما أرى أتينا إلا من روح بن غطيف؟ قال: أجل، قال ابن عدي: هذا لا يرويه عن الزهري فيما أعلمه غير روح بن غطيف وهو منكر بهذا الإسناد، وفيما بلغني عن يحيى الذهلي قال: أخاف أن يكون هذا موضوعا. والحديث رواه العقيلي في " الضعفاء " (133) من هذا الوجه ثم قال: حدثني آدم قال: سمعت البخاري يقول: هذا الحديث باطل، وروح هذا منكر الحديث، ومن طريق العقيلي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 76) ، وأقره السيوطي في " اللآلىء " ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (428 / 2) فالعجب من السيوطي كيف أورده في " الجامع الصغير "! وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر وهو: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 149 - " الدم مقدار الدرهم يغسل وتعاد منه الصلاة ". موضوع. أخرجه الخطيب (9 / 330) ، وعنه ابن الجوزي أيضا (2 / 75) من طريق نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا سند موضوع نوح بن أبي مريم متهم، وقال ابن الجوزي: نوح كذاب، وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 212) والسيوطي في " اللآليء " (1 / 3) ، ومع ذلك ذكره في " الجامع ". واعلم أن هذا الحديث هو حجة الحنفية في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم، وإذا علمت أنه حديث موضوع يظهر لك بطلان التقييد به، وأن الواجب اجتناب النجاسة ولوكانت أقل من الدرهم لعموم الأحاديث الآمرة بالتطهير. الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 150 - " ثلاث لا يعاد صاحبهن: الرمد، وصاحب الضرس، وصاحب الدملة ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 11 / 1 / 150 - بترقيمي) والعقيلي (421) وابن عدي (319 / 2) من طريق مسلمة بن علي الخشني حدثني الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الطبراني وابن عدي: لم يروه عن الأوزاعي إلا مسلمة. قلت: وهو متهم، كما يأتي وقال العقيلي: الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 قال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 208) من طريق العقيلي وقال: موضوع، والحمل فيه على مسلمة وإنما يروى من كلام يحيى بن أبي كثير. قلت: وقال العقيلي عقبه: هذا أولى، يعني أنه من كلام يحيى، وكذا قال البيهقي كما يأتي، وذكره الحافظ في " التهذيب " من منكرات الخشني وقال: قال أبو حاتم: هذا باطل منكر، وقد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 406) بقوله: قلت: مسلمة لم يتهم بالكذب، والحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط " والبيهقي في " الشعب " وضعفه. قلت: الحق مع ابن الجوزي فإن مسلمة قد روى أحاديث موضوعة تقدم بعضها فانظر الحديث (141 و145) ، ولذلك لم يصب السيوطي بذكره في " الجامع "، وقد جزم البيهقي في " الشعب " (6 / 535 / 9190) بأن الصحيح أنه من قول يحيى. ومما يدل على وضعه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود صاحب الرمد، قال أنس: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم من رمد كان به. أخرجه علي بن الجعد في " مسنده " (2 / 844 / 2335) والحاكم (1 / 342) من طريق آخر وصححه ووافقه الذهبي وهو كما قالا وله شاهد من حديث زيد نفسه صححه الحاكم أيضا والذهبي، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (2716) ومن موضوعات الخشني: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 151 - " العنكبوت شيطان مسخه الله فاقتلوه ". موضوع. أخرجه ابن عدي (320 / 1) في ترجمة مسلمة بن علي الخشني حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن عبد الله بن عمر مرفوعا، وقال ابن عدي: مسلمة كل أحاديثه أو عامتها غير محفوظة. ومما يدل على بطلان هذا الحديث أنه مخالف لما ثبت في " الصحيح " مرفوعا: " إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا "، رواه مسلم (8 / 55) . وقال ابن حزم في " المحلى " (7 / 430) : وكل ما جاء في المسوخ في غير القرد والخنزير فباطل وكذب موضوع. وخالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه ". الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 152 - " استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه، وبما مدح الله به نفسه: {الحمد لله} ، و {قل هو الله أحد} ، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ". ضعيف جدا. رواه أبو محمد الخلال في " فضائل قل هو الله أحد " (198 / 2) حدثنا أحمد بن عروة الكاتب أنبأنا عبد الله بن محمد بن سعيد الجمال حدثنا يزيد بن عمرو بن البراء أبو سفيان الشوف حدثنا أحمد بن الحارث الغساني حدثنا ساكنة بنت الجعد قالت: سمعت رجاء الغنوي يقول: فذكره، رواه الواحدي في " تفسيره " (2 /185 / 2) من طريق آخر عن أحمد بن الحارث الغساني، مقتصرا على الجملة الأخيرة منه. الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وكذا أخرجه الثعلبي كما في " تخريج أحاديث الكشاف " للحافظ ابن حجر (ص 103 رقم 304) . قلت: وابن الحارث هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 47) : سألت أبي عنه فقال: متروك الحديث، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال البخاري والدولابي: فيه نظر، وقال العقيلي: له مناكير لا يتابع عليها، قال: ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية، ولا صحت له صحبة، وأورده السيوطي في " الجامع " برواية ابن قانع عن رجاء الغنوي، قال المناوي في شرحه: وقد أشار الذهبي في " تاريخ الصحابة " إلى عدم صحة هذا الخبر فقال في ترجمة رجاء هذا: له صحبة، نزل البصرة، وله حديث لا يصح في فضل القرآن، انتهى بنصه. وهذا الحديث يوحي بترك المعالجة بالأدوية المادية والاعتماد فيها على تلاوة القرآن وهذا شيء لا يتفق في قليل ولا كثير مع سنته صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، فقد تعالج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 صلى الله عليه وسلم بالأدوية المادية مرارا، وأمر بذلك فقال: يا عباد الله تداووا فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء "، أخرجه الحاكم بسند صحيح، وهو مخرج في " غاية المرام " (292) عن جمع من الصحابة نحوه. 153 - " من استشفى بغير القرآن فلا شفاه الله تعالى ". موضوع. أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 12) وأقره الشيخ العجلوني في " الكشف " (2 / 332) . قلت: وأصل هذا اللفظ في الحديث الذي قبله. الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 154 - " السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار، وجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل ". ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (3 / 143) والعقيلي " في الضعفاء " (154) ، وابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 246) وابن عدي (183 / 2) ، والطبري في " التهذيب " (مسند عمر / 100 / 163) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن محمد، وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، إنما يروي عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وقال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل من حديث يحيى ولا غيره. وقال ابن حبان: إن كان حفظ سعيد بن محمد إسناد هذا الخبر فهو غريب غريب. قلت: وسعيد هذا قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن سعد وغيره: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك. وقد اضطرب في رواية هذا الحديث فمرة رواه كما سبق، ومرة قال: عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا به، أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 132 / 1 / 2545 - بترقيمي) وقال: لم يروه بهذا الإسناد إلا سعيد، وكذلك رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (127 / 2) إلا أنه لم يقل: عن أبيه، والحديث أورده ابن الجوزي من هذه الطريق وغيرها في " الموضوعات " (2 / الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 180) وقال: لا يصح، ثم بين عللها. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 92 - 93) بطرق أخرى ذكرها، وكلها ضعيفة، عند تدقيق النظر فيها، وقد فاته أن الحافظ أبا حاتم قال في حديث الوراق هذا: هذا حديث منكر، وكذا قال أحمد كما في ترجمة سعيد من " التهذيب " وقال أبو حاتم في طريق أخرى للحديث عن عائشة: هذا حديث باطل، وسعيد بن مسلمة ضعيف الحديث أخاف أن يكون أدخل له، انظر " العلل " لابن أبي حاتم (2 / 283 - 284) . 155 - " ربيع أمتي العنب والبطيخ ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (2 / 176 ـ 177) ، وابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق محمد بن أحمد بن مهدي: حدثنا محمد بن الضوء بن الدلهمس حدثنا عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر، وقال ابن الجوزي: موضوع، محمد بن الضوء كذاب مجاهر بالفسق، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 210) ! ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (317 / 2) . قلت: ومحمد بن أحمد بن مهدي ضعيف جدا، كما قال الدارقطني. الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 والحديث أورده ابن القيم في " الموضوعات " فقال في " المنار " (ص 21) : ومما يعرف به كون الحديث موضوعا سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه. ثم ذكر أحاديث هذا منها، وأقره الشيخ القاري في " موضوعاته " (ص 107 - 108) وسيأتي في آخر الحديث (167) عن السخاوي أن أحاديث فضل البطيخ كلها باطلة ولذلك فقد شان به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فأورده فيه من رواية أبي عبد الرحمن السلمي في " كتاب الأطعمة " وأبي عمر النوقاني في " كتاب البطيخ " والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر. 156 - " احترسوا من الناس بسوء الظن ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 36 / 1 / 592) وابن عدي (6 / 2398) من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن سليم عن أنس مرفوعا، وقال الطبراني: تفرد به بقية، قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 89) : بقية بن الوليد مدلس، وبقية رجاله ثقات. كذا قال: ومعاوية بن يحيى ضعيف جدا ولم يوثقه أحد وقد ذكرت بعض أقوال الأئمة في تضعيفه عند الحديث (رقم 136) وقد ساق له الذهبي أحاديث مما أنكر عليه هذا أحدها، وقد نقل المناوي في " الفيض " أن الحافظ ابن حجر قال في " الفتح ": خرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق أنس وهو من رواية بقية بالعنعنة عن الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 معاوية بن يحيى وهو ضعيف، فله علتان، وصح من قول مطرف أخرجه مسدد. قلت: وكذا أخرجه ابن عساكر (16 / 291 / 2) عن مطرف. وروي من قول عمر وغيره، فأخرج أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (ق 12 / 1 - 2) عن عيسى بن إبراهيم عن الضحاك بن يسار عن أبي عثمان النهدي قال: قال عمر بن الخطاب: " ليأتين على الناس زمان يكون صالحوا لحي فيهم في أنفسهم إن غضبوا غضبوا لأنفسهم، وإن رضوا رضوا لأنفسهم، لا يغضبون لله عز وجل ولا يرضون لله عز وجل، فإذا كان ذلك الزمان فاحترسوا "، الحديث، لكن عيسى بن إبراهيم هذا وهو الهاشمي ضعيف جدا، وروى أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 202) من طريق آخر عن عمر قال: " إن الحزم أن تسيء الظن بالناس "، وسنده ضعيف أيضا. ورواه ابن سعد (2 / 177) من قول الحسن البصري وسنده صحيح. ثم إن الحديث منكر عندي لمخالفته للأحاديث الكثيرة التي يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها المسلمين بأن لا يسيئوا الظن بإخوانهم، منها قوله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ... " رواه البخاري (10 / 395 - 398) وغيره، وهو مخرج في " غاية المرام " (417) . ثم إنه لا يمكن التعامل مع الناس على أساس سوء الظن بهم، فكيف يعقل أن يأمر صلى الله عليه وسلم أمته أن يتعاملوا على هذا الأساس الباطل؟ ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 157 - " الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، والتودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم ". ضعيف. عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " مكارم الأخلاق " والبيهقي في " الشعب " عن ابن عمر، وسكت عليه الشارح المناوي وهو ضعيف فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 284) : سألت أبي عن حديث رواه عن هشام بن عمار عن المخيس بن تميم عن حفص بن عمر عن إبراهيم بن عبد الله بن الزبير عن نافع عن ابن عمر فذكره، قال أبي: هذا حديث باطل، ومخيس وحفص مجهولان. قلت: وكذا قال الذهبي في ترجمة مخيس وقال: روى عنه هشام بن عمار خبرا منكرا ثم ساق هذا الحديث، وأقره الحافظ في " اللسان ". ومن هذا الوجه أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (1 / 55 / 33) . الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 158 - " اغتسلوا يوم الجمعة ولوكأسا بدينار ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 104) من رواية الأزدي بسنده إلى ابن حبان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن الجوزي: ابن حبان هو إبراهيم بن البحتري ساقط لا يحتج به. قلت: هو إبراهيم بن البراء وقد سبق له حديث موضوع (رقم 114) . هذا وقد تعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 26) فقال: قلت: له طريق آخر أخرجه ابن عدي: حدثنا إبراهيم بن مرزوق: حدثنا الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 حفص بن عمر أبو إسماعيل الديلمي .... عن أنس مرفوعا به. قلت: وهذا تعقب فاشل فإن حفص بن عمر هذا كذاب كما قال أبو حاتم فيما نقله الذهبي في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ولهذا قال ابن عراق (248 /2) فلا يصلح شاهدا، ومن الغرائب أن السيوطي أورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عدي هذه، ومن رواية ابن أبي شيبة عن أبي هريرة موقوفا، قال المناوي: وهو شاهد للأول يعني المرفوع، وبه رد المصنف على ابن الجوزي جعله الحديث موضوعا. قلت: وهذا رد واه فإن الحديث إذا ثبت وضعه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يفيده أن يرد موقوفا على بعض الصحابة إلا أن يكون من الأحاديث التي لا تقال بالاجتهاد والرأي فحينئذ يكون لها حكم المرفوع وليس منها هذا الحديث كما لا يخفى، هذا وقد سقط من النسخة المطبوعة من " اللآليء " إسناد حديث ابن أبي شيبة عن أبي هريرة فلم نتمكن من النظر في صحته ولو أنه موقوف، ثم وقفت على إسناده فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (11 / 20 / 2) : أنبأنا وكيع عن ثور عن زياد النميري عن أبي هريرة قال: لأغتسلن يوم الجمعة ولوكأسا بدينار. وهذا سند ضعيف، زياد هو ابن عبد الله وهو ضعيف كما في " التقريب "، ثم ساق السيوطي موقوفا آخر على كعب، وسنده ضعيف أيضا، وبالجملة فالحديث موضوع مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ضعيف موقوفا، والله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 سبحانه وتعالى أعلم. ويغني عنه الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة كقوله صلى الله عليه وسلم: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم "، رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في " الإرواء " (رقم 143) ، وقد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة فقل من يغتسل منهم لهذا اليوم، ومن اغتسل فيه فإنما هو للنظافة، لا لأنه من حق الجمعة، فالله المستعان. 159 - " إن الله عز وجل وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة ". موضوع. رواه الطبراني في " الكبير "، ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 189 - 190) من طريق العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا أيوب بن مدرك عن مكحول عن أبي الدرداء مرفوعا. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 105) من هذا الوجه وقال: لا أصل له تفرد به أيوب، قال الأزدي: هو من وضعه كذبه يحيى وتركه الدارقطني، وتعقبه السيوطي بقوله (2 / 27) : اقتصر على تضعيفه الحافظان: العراقي في " تخريج الإحياء " وابن حجر في " تخريج الرافعي "، والله أعلم. قلت: وتقليدا منه لهما، وهو مجتهد عصره! ، أورده في " الجامع الصغير "! وقد تعقبه الشارح بقوله بعد أن ذكر قول ابن الجوزي السابق: ولم يتعقبه المؤلف بشيء سوى أنه اقتصر على تضعيفه العراقي وابن حجر، ولم يزد على ذلك، وأنت خبير بما في هذا التعقب من التعصب. الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 قلت: وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 176) بعد أن عزاه للطبراني: وفيه أيوب بن مدرك قال ابن معين: إنه كذاب، ونقل هذا عنه الذهبي في " الميزان " ثم ساق له هذا الحديث وفي " اللسان ": وقال العقيلي: يحدث بمناكير لا يتابع عليها، وقال في حديث العمائم: لا يتابع عليه. قلت: والراوي عنه العلاء بن عمرو الحنفي متهم أيضا ومن أحاديثه الآتي عقب هذا بإذن الله. ثم رأيت العقيلي قد أخرجه في " الضعفاء " (ص 42) من طريق يوسف بن عدي قال: حدثنا أيوب بن مدرك به، ويوسف هذا ثقة من رجال البخاري، فبرئت ذمة العلاء بن عمرو منه وانحصرت التهمة في شيخه أيوب بن مدرك، وأخرجه ابن عدي (18 / 1) من طريق ثالث عنه، وقال: وهذا الحديث منكر. 160 - " أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي ". موضوع. أخرجه الحاكم في " المستدرك " (4 / 87) وفي " معرفة علوم الحديث (ص 161 - 162) والعقيلي في " الضعفاء " (327) والطبراني في " الكبير " (3 / 122 /1) و" الأوسط "، وتمام في " الفوائد " (22 / 1) ومن طريقه الضياء المقدسي في " صفة الجنة " (3 / 79 / 1) والبيهقي في " شعب الأيمان " الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 والواحدي في " تفسيره " (81 / 1) وابن عساكر (6 / 230 / 1 و7 / 34 / 1) وكذا أبو بكر الأنباري في " إيضاح الوقف والابتداء " (ق 6 / 1 نسخة الإسكندرية) كلهم من طريق العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري أنبأنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، وله ثلاث علل: الأولى: العلاء بن عمرو، قال الذهبي في " الميزان ": متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال، ثم ساق له هذا الحديث من طريق العقيلي ثم قال: هذا موضوع، قال أبو حاتم: هذا كذب، ثم ساق له حديثا آخر ثم قال: وهو كذب، وقال في " اللسان ": وقال الأزدي: لا يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: ربما خالف، وقال النسائي: ضعيف، وقال صالح جزرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 كتبت عنه وما رأيت إلا خيرا. قلت: لعل قول أبي حاتم هذا وهو في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 359) قبل أن يطلع على روايته للأحاديث المكذوبة، وإلا فتوثيقه لا يتفق في شيء مع تكذيبه لحديثه كما نقله الذهبي عنه، وهو في كتاب " العلل " لابنه قال: (2 /375 - 376) قال: سألت أبي عن حديث رواه العلاء بن عمرو الحنفي (قلت: فذكره قال) : فسمعت أبي يقول: هذا حديث كذب. لكن قد يقال: ما دام أن الحديث له علل كثيرة فجائز أن تكون العلة عند أبي حاتم في غير العلاء هذا، والله أعلم. وقال في ترجمته من " اللسان ": وقال العقيلي بعد تخريجه: منكر ضعيف المتن لا أصل له وأقره الحافظ. قلت: وليس في نسختنا من العقيلي قوله: ضعيف المتن، والله أعلم. وتوثيق ابن حبان إياه مع قوله فيما نقله الذهبي عنه لا يجوز الاحتجاج به بحال فيه تناقض ظاهر، فلعل التوثيق كان قبل الاطلاع على حقيقة أمره، والله أعلم. وقد يؤيده قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 52) بعد أن عزاه للطبراني: وفيه العلاء بن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه. الثانية: يحيى بن يزيد كذا وقع في هذه الرواية: يزيد، قال الذهبي: (وهو تصحيف، وإنما هو: بريد) . قلت: وكذلك وقع في " الضعفاء " للعقيلى و" المعرفة " للحاكم وهكذا أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 12 / 131) وروى عن ابن معين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 أنه قال: ضعيف، وعن ابن نمير قال: ما يسوى تمرة؟ وعن أبي زرعة: منكر الحديث وعن أبيه قال: ضعيف الحديث ليس بالمتروك يكتب حديثه قال في " اللسان ": وذكره الساجي والعقيلي وابن الجارود في الضعفاء، وقد تابعه عند الحاكم محمد بن الفضل وهو متهم كما سبق في الحديث (26) ثم قال الحاكم: حديث يحيى ابن يزيد عن ابن جريج صحيح، فتعقبه الذهبي بقوله: بل يحيى ضعفه أحمد وغيره، والعلاء بن عمرو الحنفي ليس بعمدة، وأما محمد بن الفضل فمتهم وأظن الحديث موضوعا، وكذلك تعقبه الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (5 /1) فقال: قلت: وليس كما قال، بل هو ضعيف لأن يحيى بن يزيد بن أبي بردة ضعيف عندهم، وكذلك راويه عنه: العلاء بن عمرو الحنفي. الثالثة: عنعنة ابن جريج فإنه كان مدلسا، قال أحمد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها: يعني قوله: أخبرت وحدثت عن فلان كذا في " الميزان ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 41) من طريق العقيلي، ثم قال: قال العقيلي: منكر لا أصل له، قال ابن الجوزي: يحيى يروي المقلوبات. قال السيوطي في " اللآليء " (1 / 442) : قلت: إنما أورده العقيلي في ترجمة العلاء بن عمرو على أنه من مناكيره، وكذا فعل صاحب " الميزان " ثم ذكر توثيق ابن حبان وصالح جزرة للعلاء متغافلا عن قاعدة (الجرح مقدم على التعديل) وعن قول ابن حبان الآخر فيه: لا يحل الاحتجاج به بحال، وعن قول الحافظ العراقي: ضعيف عندهم، كما تقدم، ثم ذكر تصحيح الحاكم له وما تعقبه الذهبي به، ثم تعقبه السيوطي بقوله: وله شاهد. قلت: ولكنه منكر باعتراف السيوطي نفسه فلم يصنع شيئا! وهو الآتي بعده. والحديث أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 76 - طبعة الخانجي) من طريق العقيلي وأنه قال: لا أصل له وأن ابن الجوزي ذكره في " الموضوعات " وأقرهما على ذلك، إلا أنه نقل قبل ذلك عن الحافظ السلفي: هذا حديث حسن، قال شيخ الإسلام: فما أدري أراد (حسن إسناده) على طريقة المحدثين أو (حسن متنه) على الاصطلاح العام. قلت: وغالب الظن أنه أراد الثاني وبه جزم في " الفيض " لكنه عزاه لابن تيمية مع أن كلامه كما رأيت لا يدل على جزمه بذلك، وعلى كل حال فإني أستبعد جدا أن يستحسن السلفي إسناد هذا الحديث مع أن أحسن أحواله أن يكون ضعيفا جدا، وقد حكم بوضعه غير واحد من الأئمة الذين سبقوه مثل أبي حاتم والعقيلي دون أن يخالفهم في ذلك أحد ممن يوثق بعلمه. والشاهد الذي أشار إليه السيوطي فيما سبق هو: 161 - " أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 285 / 1 / 9301) قال حدثنا مسعدة بن سعد حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا عبد العزيز بن عمران حدثنا شبل بن العلاء عن أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: لم يروه عن شبل إلا عبد العزيز ابن عمران. وقد ساقه السيوطي في " اللآليء " (1 / 442) شاهدا للحديث الذي قبله ثم عقبه بقوله: قال الذهبي في " المغني ": شبل بن العلاء بن عبد الرحمن، قال ابن عدي: له مناكير. قلت: وأعله الهيثمي في " المجمع " (10 / 52 - 53) بالراوي عنه فقال: الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وفيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك. قلت: وقال ابن معين فيه: ليس بثقة، فالحمل في هذا الحديث عليه أولى، ولهذا قال الحافظ العراقي في " المحجة " (56 / 1) : لكن عبد العزيز بن عمران الزهري متروك قاله النسائي وغيره، وقال البخاري: لا يكتب حديثه، وعلى هذا فلا يصح هذا الحديث وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (209) . ومما يدل على بطلان نسبة هذا الحديث إليه صلى الله عليه وسلم أن فيه افتخاره صلى الله عليه وسلم بعروبته وهذا شيء غريب في الشرع الإسلامي لا يلتئم مع قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا فضل لعربي على عجمي ... إلا بالتقوى " رواه أحمد (5 / 411) بسند صحيح كما قال ابن تيمية في " الاقتضاء " (ص 69) ولا مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن الافتخار بالآباء وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس بنوآدم، وآدم من تراب، مؤمن تقي وفاجر شقي، لينتهين أقوام يفتخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأفواها ". رواه أبو داود والترمذي وحسنه وصححه ابن تيمية (ص 35، 69) وهو مخرج في " غاية المرام " (312) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 فإذا كانت هذه توجيهاته صلى الله عليه وسلم لأمته فكيف يعقل أن يخالفهم إلى ما نهاهم عنه؟ ! ومن أحاديث ابن عمران هذه التي تدل على حاله! الحديث الآتي وهو: 162 - " لما تجلى الله للجبل - يعني جبل الطور - طارت لعظمته ستة جبال فوقعت ثلاثة في المدينة، وثلاثة بمكة، بالمدينة أحد وورقان ورضوى، ووقع بمكة حراء وثبير وثور ". موضوع. رواه المحاملي في " الأمالي " (1 / 172 / 1) ، ومن طريقه الخطيب في " التاريخ " (10 / 440 ـ 441) وابن الأعرابي في " معجمه " (166 / 2) وابن أبي حاتم في " تفسيره " من طريق عبد العزيز بن عمران عن معاوية بن عبد الله عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعا، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (2 / 245) : وهذا حديث غريب بل منكر. قلت: ولم يبين علته، وهي من عبد العزيز بن عمران فإنه غير ثقة كما تقدم في الحديث الذي قبله، وفي ترجمته ساق له الذهبي هذا الحديث والجلد بن أيوب قال الدارقطني: متروك. ثم وجدت الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 120) من طريق الخطيب وقال: قال ابن حبان: موضوع، وعبد العزيز متروك يروي المناكير عن المشاهير، وتعقبه السيوطي (1 / 24) بما لا يجدي، كما هي عادته. الحديث: 162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 163 - " إذا ذلت العرب ذل الإسلام ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 340) ، وكذا أبو يعلى في " مسنده " (3 / 402 / 1881) عن منصور بن أبي مزاحم حدثنا محمد بن الخطاب البصري عن علي ابن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا، وذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 376) فقال: سألت أبي عن حديث رواه منصور بن أبي مزاحم فذكره قال: فسمعت أبي يقول: هذا حديث باطل ليس له أصل. قلت: وله علتان: الأولى: محمد بن الخطاب فإنه مجهول الحال، قال ابن أبي حاتم في " الجرح " (3 / 2 / 246) : سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعرفه، وفي " الميزان "، وقال الأزدي: منكر الحديث، ثم ساق له هذا الحديث، يشير بذلك إلى أنه منكر، وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد عليه أن ابن الخطاب هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " (9 / 139) . قلت: وتوثيق ابن حبان لا يعتمد عليه كما سبق التنبيه عليه مرارا وبخاصة إذا خولف! . الأخرى: علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف وقد مضى. وأما قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 53) : رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الخطاب البصري ضعفه الأزدي وغيره، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 فهذا من أوهامه رحمه الله لأن ابن جدعان ليس من رجال الصحيح، ثم هو ضعيف كما تقدم، ومنه تعلم خطأ قول المناوي في " فيض القدير ": قال العراقي في " القرب ": صحيح، ثم نقل ما ذكرت عن الهيثمي آنفا ثم قال: ورمز المصنف لضعفه باطل ... يعني أنه صحيح، ثم ناقض نفسه بنفسه في شرحه الآخر " التيسير " فقال: قال العراقي: صحيح وفيه ما فيه! واغتر بذلك السيد رشيد رضا فقال في مجلة " المنار " (17 / 920) : رواه أبو يعلى بسند صحيح. ثم رأيت الحافظ العراقي يقول في " محجة القرب في فضل العرب " (5 / 2 - 5 / 1) بعد أن ساق الحديث من طريق أبي يعلى عن منصور به: ومحمد بن الخطاب بن جبير بن حية تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبله، وعلي بن زيد بن جدعان مختلف فيه، وقد أخرج له مسلم في المتابعات والشواهد، وذكر في الباب المشار إليه أن محمد بن الخطاب زالت جهالة عينه برواية جماعة عنه ذكرهم، ولا يخفى أن زوال جهالة العين لا يلزم منه زوال جهالة الحال، وعلى هذا فكلام الحافظ المذكور يدل على أن الحديث ضعيف عنده للعلتين اللتين ذكرهما، فهذا التحقيق الذي ذكرته أنا يجعلني أشك في التصحيح الذي نقله المناوي عن العراقي، والحق أنه ضعيف كما رمز له السيوطي، ولولا أن في معناه ما يدل على بطلانه لاقتصرنا على تضعيفه، ذلك لأن الإسلام لا يرتبط عزه بالعرب فقط بل قد يعزه الله بغيرهم من المؤمنين كما وقع ذلك زمن الدولة العثمانية لا سيما في أو ائل أمرها فقد أعز الله بهم الإسلام حتى امتد سلطانه إلى أو اسط أو ربا، ثم لما أخذوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 يحيدون عن الشريعة إلى القوانين الأو ربية (يستبدلون الأدنى بالذي هو خير) تقلص سلطانهم عن تلك البلاد وغيرها حتى لقد زال عن بلادهم! فلم يبق فيها من المظاهر التي تدل على إسلامهم إلا الشيء اليسير! فذل بذلك المسلمون جميعا بعد عزهم ودخل الكفار بلادهم واستذلوهم إلا قليلا منها، وهذه وإن سلمت من استعمارهم إياها ظاهرا فهي تستعمرها بالخفاء تحت ستار المشاريع الكثيرة كالاقتصاد ونحوه! فثبت أن الإسلام يعز ويذل بعز أهله وذله سواء كانوا عربا أو عجما، " ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى "، فاللهم أعز المسلمين وألهمهم الرجوع إلى كتابك وسنة نبيك حتى تعز بهم الإسلام. بيد أن ذلك لا ينافي أن يكون جنس العرب أفضل من جنس سائر الأمم، بل هذا هو الذي أؤمن به وأعتقده وأدين الله به - وإن كنت ألبانيا فإني مسلم ولله الحمد - ذلك لأن ما ذكرته من أفضلية جنس العرب هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، ويدل عليه مجموعة من الأحاديث الواردة في هذا الباب منها قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ". رواه أحمد (4 / 107) والترمذي (4 / 392) وصححه وأصله في " صحيح مسلم " (7 / 48) وكذا البخاري في " التاريخ الصغير " (ص 6) من حديث واثلة بن الأسقع، وله شاهد عن العباس بن عبد المطلب، عند الترمذي وصححه، وأحمد، وآخر عن ابن عمر عند الحاكم (4 / 86) وصححه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 ولكن هذا ينبغي ألا يحمل العربي على الافتخار بجنسه، لأنه من أمور الجاهلية التي أبطلها نبينا محمد العربي صلى الله عليه وسلم على ما سبق بيانه، كما ينبغي أن لا نجهل السبب الذي به استحق العرب الأفضلية، وهو ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، الأمر الذي أهلهم لأن يكونوا حملة الدعوة الإسلامية إلى الأمم الأخرى، فإنه إذا عرف العربي هذا وحافظ عليه أمكنه أن يكون مثل سلفه عضوا صالحا في حمل الدعوة الإسلامية، أما إذا هو تجرد من ذلك فليس له من الفضل شيء، بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق الإسلامية هو خير منه دون شك ولا ريب، إذ الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم، فكل من كان فيه أمكن، كان أفضل، والفضل إنما هو بالأسماء المحددة في الكتاب والسنة مثل الإسلام والإيمان والبر والتقوى والعلم، والعمل الصالح والإحسان ونحوذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيا أو أعجميا، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإلى هذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم، ولهذا قال الشاعر العربي: لسنا وإن أحسابنا كرمت * * * يوما على الأحساب نتكل نبني كما كانت أو ائلنا * * * تبني ونفعل مثل ما فعلوا وجملة القول: إن فضل العرب إنما هو لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم لإسلامهم ذهب فضلهم، ومن أخذ بها من الأعاجم كان خيرا منهم، " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى "، ومن هنا يظهر ضلال من يدعوإلى العروبة وهو لا يتصف بشيء من خصائصها المفضلة، بل هو أو ربي قلبا وقالبا! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 164 - " المدبر لا يباع ولا يوهب، وهو حر من الثلث ". موضوع. أخرجه الدارقطني (ص 384) والبيهقي (10 / 314) عن عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال الدارقطني: لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف، وإنما هو عن ابن عمر موقوف من قوله. قلت: وعبيدة هذا بالفتح، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبان (2 /189) : يروي الموضوعات عن الثقات. قلت: وهذا منها بلا شك فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم باع المدبر، فقال جابر رضي الله عنه: إن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مئة درهم، فدفع إليه، رواه البخاري (5 / 25) ومسلم (5 /97) وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (1288) ، والحديث روى منه ابن ماجه (2 / 104) والعقيلي (297) والدارقطني والبيهقي من طريق علي بن ظبيان عن عبيد الله نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " المدبر من الثلث "، وقال ابن ماجه: الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 سمعت ابن أبي شيبة يقول: هذا خطأ، قال ابن ماجه: ليس له أصل. قلت: يعني مرفوعا وقال العقيلي: لا يعرف إلا به، يعني علي بن ظبيان، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 432) : سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله قلت: فذكره، فقال أبو زرعة: هذا حديث باطل وامتنع من قراءته، ثم أشار ابن أبي حاتم إلى أنه من قول ابن عمر موقوفا عليه ولهذا قال ابن الملقن في " الخلاصة " (179 / 1) : وأطبق الحفاظ على أن الصحيح رواية الوقف. ورواه أبو داود في " المراسيل " (351) عن أبي قلابة مرسلا، ومع إرساله فيه عمر بن هشام القبطي، مجهول. ومنه يتبين خطأ السيوطي في إيراده الحديث في " الجامع " بلفظيه! . 165 - " كلوا التين، فلوقلت: إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت: هي التين، وإنه يذهب بالبواسير، وينفع من النقرس ". ضعيف. ذكره السيوطي في " الجامع " برواية ابن السني وأبي نعيم والديلمي في " مسند الفردوس " (6 / 47) بدون سند عن أبي ذر، وقال شارحه المناوي: الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 رووه كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير عن الثقة عن أبي ذر. قلت: فالإسناد ضعيف لجهالة هذا الذي قيل فيه الثقة! فإن هذا التوثيق غيرمقبول عند علماء الحديث حتى ولوكان الموثق إماما جليلا كالشافعي وأحمد حتى يتبين اسم الموثق، فينظر هل هو ثقة اتفاقا أم فيه خلاف، وعلى الثاني ينظر ما هو الراجح أتوثيقه أم تضعيفه؟ وهذا من دقيق نظر المحدثين رضي الله عنهم وشدة تحريهم في رواية الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال العلامة ابن القيم في " زاد المعاد " (3 / 214) بعد أن ذكر الحديث: وفي ثبوته نظر. قلت: ويغلب على الظن أن هذا الحديث موضوع فإنه ليس عليه نور النبوة، وقد قال الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 423) : جميع ما ورد في الفاكهة من الأحاديث موضوع، كأنه يعني في فضلها، ثم رأيت الحافظ ابن حجر عزاه في " تخريج أحاديث الكشاف " (4 / 186) لأبي نعيم في الطب والثعلبي من حديث أبي ذر وقال: وفي إسناده من لا يعرف. 166 - " إن أهل البيت ليقل طعمهم فتستنير بيوتهم ". موضوع. رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الجوع " (5 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (222) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 35) وابن عدي (89 / 1) والطبراني في " الأوسط " (2 / 15 / 5298) من طريق عبد الله بن المطلب العجلي عن الحسن بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الطبراني: الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 لم يروه عن الحسن إلا عبد الله بن المطلب. قلت: أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: لا يعرف. وقال ابن الجوزي: لا يصح، قال العقيلي: عبد الله بن المطلب مجهول، وحديثه منكر غير محفوظ، وقال أحمد: الحسن بن ذكوان أحاديثه أباطيل، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 253) ومع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني في " الأوسط " عن أبي هريرة، والطريق هو هو! كما رأيت. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 5) من هذا الوجه وقال: سألت أبي عنه؟ قال: هذا حديث كذب، وعبد الله بن المطلب مجهول، وقال الذهبي في " الميزان ": إنه خبر منكر، وأقره الحافظ في " اللسان ". 167 - " البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلا، ويذهب بالداء أصلا ". موضوع. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 282 و10 / 287 ـ المصورة) ، والذهبي في ترجمة أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني حدثنا الفضل بن صالح ابن عبيد حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن بعض عمات النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وفيه قصة للزهري مع عبد الملك، وقال ابن عساكر: الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 شاذ لا يصح، وقال المناوي عقبه في " التيسير ": بل لا يصح أصلا وبينه في " الفيض "، فقال فيه مع شذوذه أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني، قال البيهقي: روى أحاديث موضوعة لا أستحل رواية شيء منها ومنها هذا الخبر، وقال الحاكم: أحمد هذا يضع الحديث كاشفته وفضحته. قلت: وهذا نقله عن " الميزان "! ووافقه الحافظ في " اللسان " بل إن السيوطي نفسه قد أورد هذا الحديث في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 136 / 645 - بترقيمي) وأعله بما تقدم عن ابن عساكر والذهبي (ص 136) ووافقه ابن عراق (331 / 1) ومع ذلك شان به " الجامع الصغير "! فائدة: قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " وتبعه جماعة: صنف أبو عمر النوقاني في فضائل البطيخ جزءا، وأحاديثه باطلة. وقد ساق بعضها السيوطي في " الذيل " ولوائح الوضع عليها ظاهرة جدا. 168 - " بركة الطعام الوضوء قبله وبعده ". ضعيف. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (655) : حدثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان قال: في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وأخرجه أبو داود (3761) والترمذي (1 / 329) وعنه البغوي في " شرح السنة " (3 / 187 / 1) والحاكم (4 / 106 - 107) وأحمد (5 / 441) من طرق عن قيس بن الربيع به، وقال أبو داود: الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وهو ضعيف، وقال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس يضعف في الحديث. وقال الحاكم: تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم، وانفراده على علو محله أكثر من أن يمكن تركه في هذا الكتاب، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: مع ضعف قيس فيه إرسال. قلت: ولم يتبين لي الإرسال الذي أشار إليه، فإن قيسا قد صرح بالتحديث عن أبي هاشم، وهذا من الرواة عن زاذان، وقيل لابن معين: ما تقول في زاذان؟ روى عن سلمان؟ قال: نعم روى عن سلمان وغيره، وهو ثبت في سلمان. فعلة الحديث قيس هذا وبه أعله كل من ذكرنا وغيرهم، ففي " تهذيب السنن " لابن القيم (5 / 297 / 298) أن مهنا سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال: هو منكر ما حدث به إلا قيس بن الربيع. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 10) فقال: سألت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث منكر، لوكان هذا الحديث صحيحا، كان حديثا ويشبه هذا الحديث أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد، عنده من هذا النحوأحاديث موضوعة عن أبي هاشم. قلت: وعمرو بن خالد هذا كذاب فإن كان الحديث حديثه فهو موضوع، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وأما قول المنذري في " الترغيب " (3 / 129) بعد أن ساق كلام الترمذي في قيس ابن الربيع: قيس بن الربيع صدوق وفيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد الحسن. قلت: وهذا كلام مردود بشهادة أولئك الفحول من الأئمة الذين خرجوه وضعفوه فهم أدري بالحديث وأعلم من المنذري، والمنذري يميل إلى التساهل في التصحيح والتحسين، وهو يشبه في هذا ابن حبان والحاكم من القدامى، والسيوطي ونحوه من المتأخرين، وفي الباب حديث آخر ولكنه منكر، تقدم برقم (117) ، ثم قال المنذري: وقد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام، قال البيهقي: وكذلك مالك ابن أنس كرهه، وكذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه، واحتج بالحديث، يعني حديث ابن عباس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بالطعام، فقيل: ألا تتوضأ؟ قال: " لم أصل فأتوضأ ". رواه مسلم وأبو داود والترمذي بنحوه إلا أنهما قالا: " إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ". قلت: فهذا دليل آخر على ضعف الحديث وهو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه ومعهم ظاهر هذا الحديث الصحيح. وقد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط، وهو معنى غير معروف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 (1 / 56) فلوصح هذا الحديث لكان دليلا ظاهرا على استحباب الوضوء قبل الطعام وبعده ولما جاز تأويله. هذا، واختلف العلماء في مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على قولين، منهم من استحبه، ومنهم من لم يستحبه، ومن هؤلاء سفيان الثوري فقد ذكر أبو داود عنه أنه كان يكره الوضوء قبل الطعام، قال ابن القيم: والقولان هما في مذهب أحمد وغيره، والصحيح أنه لا يستحب. قلت: وينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على اليدين من الأوساخ ما يستدعي غسلهما، وإلا فالغسل والحالة هذه لا مسوغ للتوقف عن القول بمشروعيته، وعليه يحمل ما رواه الخلال عن أبي بكر المروذي قال: رأيت أبا عبد الله يعني الإمام أحمد يغسل يديه قبل الطعام وبعده، وإن كان على وضوء. والخلاصة أن الغسل المذكور ليس من الأمور التعبدية، لعدم صحة الحديث به، بل هو معقول المعنى، فحيث وجد المعنى شرع وإلا فلا. 169 - " إن لكل شيء قلبا، وإن قلب القرآن يس، من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات ". موضوع. أخرجه الترمذي (4 / 46) والدارمي (2 / 456) من طريق حميد بن عبد الرحمن عن الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس مرفوعا وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وهارون أبو محمد مجهول، وفي الباب عن أبي بكر الصديق ولا يصح، وإسناده ضعيف وفي الباب عن أبي هريرة. الحديث: 169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 قلت: كذا في نسختنا من الترمذي حسن غريب، ونقل المنذري في " الترغيب " (2 /322) والحافظ ابن كثير في " تفسيره " (3 / 563) والحافظ في " التهذيب " أنه قال: حديث غريب ليس في نقلهم عنه أنه حسنه، ولعله الصواب فإن الحديث ضعيف ظاهر الضعف بل هو موضوع من أجل هارون، فقد قال الحافظ الذهبي في ترجمته بعد أن نقل عن الترمذي تجهيله إياه: قلت: أنا أتهمه بما رواه القضاعي في " شهابه ": ثم ساق له هذا الحديث، قلت: هو فيه برقم (1035) . وفي " العلل " (2 / 55 - 56) لابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقال: مقاتل هذا، هو مقاتل بن سليمان، رأيت هذا الحديث في أول كتاب وضعه مقاتل بن سليمان وهو حديث باطل لا أصل له. قلت: كذا جزم أبو حاتم - وهو الإمام الحجة - أن مقاتلا المذكور في الإسناد هو ابن سليمان مع أنه وقع عندي الترمذي والدارمي مقاتل بن حيان كما رأيت، فلعله خطأ من بعض الرواة، ويؤيده أن الحديث رواه القضاعي كما سبق وكذا أبو الفتح الأزدي من طريق حميد الرؤاسي بسنده المتقدم عن مقاتل عن قتادة به، كذا قال: عن مقاتل، لم ينسبه فظن بعض الرواة أنه ابن حيان فنسبه إليه، من هؤلاء الأزدي نفسه فإنه ذكر عن وكيع أنه قال في مقاتل بن حيان: ينسب إلى الكذب قال الذهبي: كذا قال أبو الفتح وأحسبه التبس عليه مقاتل بن حيان بمقاتل بن سليمان فابن حيان صدوق قوي الحديث، والذي كذبه وكيع هو ابن سليمان، ثم قال أبو الفتح (قلت: فساق إسناد الحديث كما ذكرت آنفا) فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: الظاهر أنه مقاتل بن سليمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 قلت: وإذا ثبت أنه ابن سليمان كما استظهره الذهبي وجزم به أبو حاتم فالحديث موضوع قطعا لأنه أعني ابن سليمان كذاب كما قال وكيع وغيره. ثم اعلم أن حديث أبي بكر الذي أشار إليه الترمذي وضعفه لم أقف على متنه وأما حديث أبي هريرة فقال الحافظ ابن كثير: منظور فيه ثم قال: قال أبو بكر البزار حدثنا عبد الرحمن بن الفضل حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حميد المكي مولى آل علقمة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعا به دون قوله: " من قرأها ... " ثم قال البزار: لا نعلم رواه إلا زيد عن حميد. قلت: وحميد هذا مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " وعبد الرحمن بن الفضل شيخ البزار لم أعرفه، وحديثه في " كشف الأستار " برقم (2304) . والحديث مما شان به السيوطي " جامعه " وكذا الشيخ الصابوني " مختصره " 3 /154) الذي زعم أنه لا يذكر فيه إلا الصحيح من الحديث! وهيهات فإنه مجرد ادعاء! . 170 - " إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون} قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة، حتى يهبط بهما الأرض، فننظر كيف يعملان؟ قالوا: ربنا! هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تكلما الحديث: 170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: والله لا نشرك بالله، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها قالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتله أبدا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر، فسألاها نفسها، قالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا، فوقعا عليها، وقتلا الصبى، فلما أفاقا، قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا ". باطل مرفوعا. أخرجه ابن حبان (717 ـ موارد) وأحمد (2 / 134 ورقم 6178 - طبع شاكر) وعبد بن حميد في " المنتخب " (ق 86 / 1) وابن أبي الدنيا في " العقوبات " (ق 75 / 2) والبزار (2938 ـ الكشف) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (651) من طريق زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال البزار: رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر موقوفا وإنما أتى رفع هذا عندي من زهير لأنه لم يكن بالحافظ. قلت: والموقوف صحيح كما يأتي وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره " (1 / 254) : وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال " الصحيحين " إلا موسى بن جبير هذا هو الأنصاري .... ذكره ابن أبي حاتم في " كتاب الجرح والتعديل " (4 / 1 / 139) ولم يحك فيه شيئا من هذا ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وذكره ابن حبان في " الثقات " (7 / 451) ولكنه قال: وكان يخطيء ويخالف. قلت: واغتر به الهيثمي فقال في " المجمع " (5 / 68) بعد ما عزى الحديث لأحمد والبزار: ورجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير وهو ثقة. قلت: لو أن ابن حبان أورده في كتابه ساكتا عليه كما هو غالب عادته لما جاز الاعتماد عليه لما عرف عنه من التساهل في التوثيق فكيف وهو قد وصفه بقوله: يخطيء ويخالف وليت شعري من كان هذا وصفه فكيف يكون ثقة ويخرج حديثه في " الصحيح "؟ ! . قلت: ولذلك قال الحافظ ابن حجر في موسى هذا: إنه مستور، ثم إن الراوي عنه زهير بن محمد وإن كان من رجال " الصحيحين " ففي حفظه كلام كثير ضعفه من أجله جماعة، وقد عرفت آنفا قول البزار فيه أنه لم يكن بالحافظ. وقال أبو حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 590) : محله الصدق، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، فما حدث من كتبه فهو صالح، وما حدث من حفظه ففيه أغاليط. قلت: ومن أين لنا أن نعلم إذا كان حدث بهذا الحديث من كتابه، أو من حفظه؟ ! ففي هذه الحالة يتوقف عن قبول حديثه، هذا إن سلم من شيخه المستور، وقد تابعه مستور مثله، أخرجه ابن منده كما في ابن كثير من طريق سعيد بن سلمة حدثنا موسى ابن سرجس عن نافع به بطوله. سكت عن علته ابن كثير ولكنه قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 غريب، أي ضعيف، وفي " التقريب " موسى بن سرجس مستور. قلت: ولا يبعد أن يكون هو الأول، اختلف الرواة في اسم أبيه، فسماه بعضهم جبيرا، وبعضهم سرجسا، وكلاهما حجازي، والله أعلم. ثم قال الحافظ ابن كثير: وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال عبد الرزاق في " تفسيره ": عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت ... إلخ، رواه ابن جرير من طريقين عن عبد الرزاق به، ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري به، ورواه ابن جرير أيضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى وهو ابن أسد أخبرنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن كعب الأحبار فذكره، فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، وعلق عليه الشيخ رشيد رضا رحمه الله بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها فهي في كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافة إسرائيلية وأن الحديث المرفوع لا يثبت. قلت: وقد استنكره جماعة من الأئمة المتقدمين، فقد روى حنبل الحديث من طريق أحمد ثم قال: قال أبو عبد الله (يعني الإمام أحمد) : هذا منكر، وإنما يروى عن كعب، ذكره في " منتخب ابن قدامة " (11 / 213) ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 69 - 70) : سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقال: هذا حديث منكر. قلت: ومما يؤيد بطلان رفع الحديث من طريق ابن عمر أن سعيد بن جبير ومجاهدا روياه عن ابن عمر موقوفا عليه كما في " الدر المنثور " للسيوطي (1 / 97 - 98) وقال ابن كثير في طريق مجاهد: وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، ثم هو - والله أعلم - من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه، ومن ذلك أن فيه وصف الملكين بأنهما عصيا الله تبارك وتعالى بأنواع من المعاصي على خلاف وصف الله تعالى لعموم ملائكته في قوله عز وجل: {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} . وقد رويت فتنة الملكين في أحاديث أخرى ثلاثة، سيأتي الكلام عليها في المجلد الثاني رقم (910 و912 و913) إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 171 - " من ولد له مولود، فسماه محمدا تبركا به، كان هو ومولوده في الجنة ". موضوع. رواه ابن بكير في " فضل من اسمه أحمد ومحمد " (ق 58 / 1) ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 157) حدثنا حامد بن حماد بن المبارك العسكري حدثنا إسحاق بن يسار أبو يعقوب النصيبي حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا حماد بن سلمة عن برد بن سنان عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا، وقال ابن الجوزي: في إسناده من تكلم فيه، ولم يزد، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 106) بقوله: قلت: هذا أمثل حديث ورد في الباب، وإسناده حسن، ومكحول من علماء التابعين وفقهائهم وثقه غير واحد، واحتج به مسلم في " صحيحه "، وروى له البخاري في " الأدب "، والأربعة، وثقه ابن معين والنسائي، وضعفه ابن المديني وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، وقال مرة: كان صدوقا، وقال أبو زرعة: لا بأس به، والله أعلم. قلت: لقد أبعد السيوطي عفا الله عنه النجعة فأخذ يتكلم على بعض رجال السند موهما أنهم موضع النظر منه، مع أن علة الحديث ممن دونهم، ألا وهو حامد بن حماد العسكري شيخ ابن بكير قال الذهبي في " الميزان ": روى عن إسحاق بن يسار النصيبي خبرا موضوعا هو آفته، ثم ساق له هذا. ووافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان ". ولذلك قال المحقق ابن القيم: الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 إنه حديث باطل، كما نقله الشيخ القاري في " موضوعاته " عنه، (ص 109) وأقره. وغفل عن هذا التحقيق المناوي فأقر تحت الحديث الآتي (437) السيوطي على تحسينه فلا تغتر به، ثم وجدت ابن عراق قد تعقب السيوطي في " تنزيه الشريعة " (82 / 1) بمثل ما تعقبته به، إلا أنه زاد فقال: لكن وجدت له طريقا أخرى أخرجها ابن بكير أيضا والله أعلم. قلت: وسكت عليه! وفيه ثلاثة لم أجد من ذكرهم، فأحدهم آفته. 172 - " قال الله لداود: يا داود ابن لي في الأرض بيتا، فبنى داود بيتا لنفسه قبل البيت الذي أمر به، فأوحى الله إليه: يا داود بنيت بيتك قبل بيتي؟ قال: أي رب هكذا قلت فيما قضيت: من ملك استأثر، ثم أخذ في بناء المسجد، فلما تم سور الحائط سقط، فشكا ذلك إلى الله، فأوحى الله إليه أنه لا يصح أن تبني لي بيتا! قال: أي رب ولم؟ قال: لما جرى على يديك من الدماء، قال: أي رب أولم يكن ذلك في هو اك؟ قال: بلى ولكنهم عبادي وإمائي وأنا أرحمهم، فشق ذلك عليه فأوحى الله إليه: لا تحزن فإني سأقضى بناءه على يد ابنك سليمان ... ". باطل موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (5 / 12) و" مسند الشاميين " (ص 62 و 99 - المصورة) ، وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 300) وعنه الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 200) ، عن محمد بن أيوب بن سويد حدثنا أبي حدثنا إبراهيم ابن أبي عبلة عن أبي الزاهرية عن رافع بن عمير مرفوعا، وقال ابن الجوزي: موضوع، محال، تتنزه الأنبياء عن مثله ويقبح أن يقال: أبيح له قتل قوم أو أمر بذلك، ثم أبعد بذلك عن الرضا، كيف وقد قال تعالى في حق العصاة: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال ابن حبان: ومحمد بن أيوب يروي الموضوعات وأقره السيوطي في " اللآلئ " (1 / 170) وقال: قلت: أخرجه الطبراني وابن مردويه في " التفسير " وقد وافق صاحب " الميزان " على أنه موضوع، قال أبو زرعة: محمد بن أيوب رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة. وقال ابن حبان، كان يضع الحديث، والموضوع منه قصة داود، وأما سؤال سليمان الخصال الثلاث فورد من طرق أخرى. قلت: وقد حذفت السؤال منه وأشرت إليه بالنقط ( ... ) لأنه صحيح من حديث عبد الله بن عمرو، وقد صححه جمع كما هو مبين في " التعليق الرغيب " (2 /137) ، وراجع تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " (2 / 288 / 1334) ، وقد أورده بتمامه الهيثمي (4 / 7 - 8) وقال: رواه الطبراني في " الكبير " وفيه محمد ابن أيوب ابن سويد الرملي وهو متهم بالوضع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 173 - " فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة ". موضوع. أخرجه أبو الشيخ في " العظمة " (1 / 297 / 42) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 144) من طريق عثمان بن عبد الله القرشي حدثنا إسحاق بن نجيح الملطي حدثنا عطاء الخراساني عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: عثمان وشيخه كذابان، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 227) بقوله: قلت: اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه، وله شاهد. قلت: ثم ساق من رواية الديلمي وهذا في " مسنده " (2 / 46) بسنده إلى سعيد ابن ميسرة سمعت أنس بن مالك يقول: تفكر ساعة في اختلاف الليل والنهار خير من عبادة ألف سنة. قلت: هذا مع كونه موقوفا ومغايرا للفظ الحديث فهو موضوع أيضا، سعيد بن ميسرة قال الذهبي: مظلم الأمر، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات، وقال الحاكم: روى عن أنس موضوعات، وكذبه يحيى القطان. قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة! ولذلك فقد أساء بذكره في " جامعه ". الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 174 - " إذا بنى الرجل المسلم سبعة أو تسعة أذرع، ناداه مناد من السماء: أين تذهب يا أفسق الفاسقين؟! ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 75) من طريق الطبراني قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال: حدثنا الوليد بن موسى الدمشقي قال: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن الحسن عن أنس الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 مرفوعا وقال: غريب من حديث الحسن ويحيى والأوزاعي، تفرد به الوليد بن موسى القرشي وهو ضعيف ليس كالوليد بن موسى الدمشقي. قلت: وابن موسى هذا القرشي قال الذهبي في " الميزان ": قال الدارقطني: منكر الحديث، وقواه أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، وله حديث موضوع. قلت: ولعله يشير إلى هذا الحديث فإنه ظاهر الوضع لأن الارتفاع بالبناء القدر المذكور في هذا الحديث ليس ذنبا بله كبيرة حتى يحكم على فاعله بأنه أفسق الفاسقين، فقاتل الله الوضاعين ما أقل حياءهم وأجرأهم على النار. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بهذا اللفظ وبلفظ: " من بنى فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء: يا عدوالله إلى أين تريد "، وقال: رواه الطبراني عن أنس، أما شارحه المناوي فقال: أغفل المصنف من خرجه، وعزاه في " الدرر " إلى الطبراني عن أنس، وفيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 الربيع بن سليمان الجيزي أورده الذهبي في " ذيل الضعفاء " وقال: كان فقيها دينا لم يتقن السماع من ابن وهب. قلت: تعصيب الجناية بالجيزي مع أن فوقه من هو أشد ضعفا منه ليس من الإنصاف في شيء ألا وهو الوليد بن موسى القرشي فقد عرفت مما سبق أنه متهم، ثم إن الحسن هو البصري وهو على جلالة قدره مدلس ولم يصرح بسماعه من أنس فهو منقطع. ثم إن الحديث لم يورده الهيثمي في " المجمع " وإنما أورد فيه (4 / 70) ما نصه: وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببنية قبة لرجل من الأنصار فقال: " ما هذه "؟ قالوا: قبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كل بناء، وأشار بيده على رأسه أكبر من هذا فهو وبال على صاحبه يوم القيامة "، رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله ثقات. قلت: هذا رواه أبو داود في " سننه " (3 / 347 و348) بنحوه من طريق آخر تبين فيما بعد أنه جيد، كما قال الحافظ العراقي، فنقلته إلى " الصحيحة " (8830) . 175 - " من بنى بناء فوق ما يكفيه كلف يوم القيامة بحمله على عاتقه ". باطل. أخرجه الطبراني (3 / 71 / 2) وابن عدي (333 / 1 - 2) وأبو نعيم (8 / 246) من طريق المسيب بن واضح حدثنا يوسف عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، وقال أبو نعيم وابن عدي: غريب من حديث الثوري تفرد به المسيب عن يوسف، ثم رواه أبو نعيم (8 / 252) من طريق محمد يعني ابن المسيب حدثنا عبد الله بن خبيق حدثنا يوسف بن أسباط به. الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 قلت: وهذا سند ضعيف من أجل يوسف بن أسباط قال أبو حاتم: كان رجلا عابدا، دفن كتبه، وهو يغلط كثيرا، وهو رجل صالح، لا يحتج به، كما في " الجرح " (4 / 2 / 418) ، والحديث أورده السيوطي في " الجامع " والهيثمي في " المجمع " (4 / 70) وقال: رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه المسيب بن واضح وثقه النسائي وضعفه جماعة. قلت: قد تابعه عبد الله بن خبيق كما سبق، فعلة الحديث من شيخهما ابن أسباط، ثم إن له علة أخرى هي الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم يسمع منه وأشار لهذا الحافظ العراقي فقال في " تخريج الإحياء " (4 / 204) : رواه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد فيه لين وانقطاع، والحديث قال الذهبي في ترجمة المسيب: وهذا حديث منكر، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 115 و116) : سألت أبي عن حديث رواه المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط.. قلت: فذكره، قال: قال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد. 176 - " لا تسقوني حلب امرأة ". منكر. أخرجه وكيع في " الزهد " (3 / 494 / 408) حدثنا قيس بن الربيع عن امرئ القيس عن عاصم بن بحير عن ابن أبي الشيخ المحاربي قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " نصركم الله يا معشر محارب! لا تسقوني ... ". الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " (6 / 43) من طريقين آخرين عن قيس بن الربيع به، وزاد أحدهما: قال قيس بن الربيع: فرأيت امرأ القيس إذا أتى بشيراز (كذا) قال: حلاب امرأة هذا؟ . قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ابن أبي الشيخ لا يعرف إلا في هذا الحديث بهذا الإسناد، أورده ابن الأثير وغيره هكذا في الصحابة. وعاصم بن بحير ـ بالحاء المهملة مكبرا أو مصغرا ـ كما في" الإكمال " وغيره ولم أجد له ترجمة، وامرؤ القيس، أورده في " الميزان " بروايته هذه عن عاصم وقال: قال الأزدي: حدث بخبر منكر لا يصح، وكذا في " اللسان ". وقيس بن الربيع، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. قلت: فلا يبعد أن يكون هذا الحديث بهذا الإسناد المظلم مما أدخله عليه ابنه والله أعلم. 177 - " من بنى بنيانا في غير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان أجره جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن تبارك وتعالى ". ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 438) والطحاوي في " المشكل " (1 / 416 - 417) والطبراني في " المعجم الكبير " (20 / 187 / رقم 410 و411) من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعا. الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وهذا ضعيف من أجل زبان فإنه ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته كما قال الحافظ في " التقريب "، والحديث قال في " المجمع " (4 / 70) : رواه أحمد والطبراني في " الكبير " وفيه زبان بن فائد ضعفه أحمد وغيره، ووثقه أبو حاتم. 178 - " من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله ". موضوع. أخرجه الترمذي (3 / 318) وابن أبي الدنيا في " ذم الغيبة " وابن عدي (296 / 2) والخطيب في " تاريخه " (2 / 339 - 340) من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل، وخالد بن معدان لم يدرك معاذ بن جبل. قلت: أنى له الحسن إذن؟ ! فإنه مع هذا الانقطاع فيه محمد بن الحسن هذا، كذبه ابن معين وأبو داود كما في " الميزان " ثم ساق له هذا الحديث، ولهذا أورده الصغاني في " الموضوعات " (ص 6) ومن قبله ابن الجوزي (3 / 82) ذكره من طريق ابن أبى الدنيا ثم قال: لا يصح محمد بن الحسن كذاب، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 293) بقوله: قلت: أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب، وله شاهد. قلت: ثم ذكر الشاهد وهو من طريق الحسن قال: الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 كانوا يقولون: " من رمى أخاه بذنب تاب إلى الله منه، لم يمت حتى يبتليه الله به "، وهو مع أنه ليس مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم، فإن في سنده صالح بن بشير المري، وهو ضعيف كما في " التقريب " فلا يصح شاهدا لضعفه وعدم رفعه، وقد رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 281) قال أخبرت عن سيار حدثنا صالح المري قال: سمعت الحسن يقول: فذكره، وله شاهد آخر مرفوع ولكنه ضعيف فانظر أجوبة ابن حجر على القزويني مع مقدمتي لها المنشورة في آخر " المشكاة " بتحقيقنا (ج 3 ص ح) . 179 - " الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض ". موضوع. أخرجه أبو يعلى (439) وابن عدي (296 / 2) والحاكم (1 / 492) والقضاعي (4 / 2 / 1) من طريق الحسن بن حماد الضبي حدثنا محمد بن الحسن بن الزبير الهمداني حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه مرفوعا، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح فإن محمد بن الحسن هذا هو التل وهو صدوق في الكوفيين ووافقه الذهبي وهذا منه خطأ فاحش لأمرين: الأول: أن فيه انقطاعا كما ذكره الذهبي نفسه في " الميزان " بين علي بن الحسين وجده علي بن أبي طالب. الآخر: أن محمد بن الحسن الهمداني هذا ليس هو التل الصدوق كما قال الحاكم، وإنما هو محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني الكذاب المذكور في الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 الحديث المتقدم ويدل على هذا أمور: 1 - أن الذهبي نفسه أورد الحديث في ترجمته بعد أن نقل تكذيبه عن ابن معين وغيره، وكذلك أورده ابن عدي في ترجمته، فإيراد السيوطي الحديث في " الجامع " خطأ. 2 - أن الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (10 / 147) وقال: رواه أبو يعلى وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو متروك. 3 - أن محمد بن الحسن التل لم يذكر في شيوخه جعفر بن محمد، وإنما ذكر هذا في شيوخ محمد بن الحسن الهمداني. 4 - أن التل لم ينسب إلى همدان، وإنما نسب إليها ابن أبي يزيد، فالظاهر أن لفظة (الزبير) تحرفت على بعض الرواة في " المستدرك " من (أبي يزيد) ، وبناء عليه ذهب الحاكم إلى أنه التل فأخطأ والله أعلم. والجملة الأولى من الحديث وردت من كلام الفضيل بن عياض، رواه السلفي في " الطيوريات " (64 / 1) ، ورويت في حديث آخر لا يصح وهو: 180 - " ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم ويدر لكم أرزاقكم؟ تدعون الله ليلكم ونهاركم، فإن الدعاء سلاح المؤمن ". ضعيف. رواه أبو يعلى (3 / 346 / 1812) من طريق سلام بن سليم عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10 / 147) : رواه أبو يعلى من حديث جابر بن عبد الله وفيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف. وأما قول الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 403) عقب الحديث المتقدم الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وقول الهيثمي هذا: وقال ابن الغرس: قال شيخنا: صحيح، فلعله أراد باعتبار انجباره فتدبر. قلت: قد علمت أن الحديث الذي قبله موضوع فلا تأثير له في تقوية هذا الحديث الضعيف، كما هو مقرر في علم المصطلح. على أن له علة أخرى تبينت لي بعد أن وقفت على إسناده في " مسند أبي يعلى "، فإنه قال: حدثنا أبو الربيع حدثنا سلام يعني ابن سليم عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله به. قلت: سلام هذا هو الطويل المدني، وهو متروك متهم بالوضع فإعلال الحديث به أولى من إعلاله بمحمد بن أبي حميد وقد مضى له حديث موضوع برقم (58) وآخر ضعيف توبع عليه برقم (26) فالحديث موضوع أيضا كالذي قبله، وليس ضعيفا فقط كما كنا عللناه بابن أبي حميد من قبل بناء على عبارة الهيثمي فتنبه. 181 - " إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 147) وابن عدي في " الكامل " (11 / 2) من طريق إسماعيل بن يحيى التيمي عن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا. وهذا إسناد موضوع، إسماعيل هذا كذاب كما قال أبو علي النيسابوري والدارقطني والحاكم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه بواطيل، وعطية العوفي ضعيف وقد مضى له حديث رقم (24) . الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وقال المناوي في " شرح الجامع ": قال الهيثمي: وفيه عطية العوفي ضعيف، قال السخاوي: سنده ضعيف. وقد ذهلوا جميعا عن علة الحديث الحقيقية، وإلا لما جاز تعصيب الجناية برأس عطية دون إسماعيل الكذاب! ولعله لذلك أورده السيوطي في " الجامع ". ثم إن مما يدل على بطلان الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه "، رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1486) . فهذا يدل على أن الحسنة سبب في زيادة الرزق كما أنها سبب في إطالة العمر، ولا تعارض عند التحقيق بين هذا وبين قوله تعالى {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ولبسط هذا موضع آخر. 182 - " خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم ". موضوع. أخرجه أبو داود (رقم 5120) من طريق أيوب بن سويد عن أسامة بن زيد أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل أيوب بن سويد ضعفه أحمد وأبو داود وغيرهما. وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 231) : سمعت أبي قال: أول ما أنكرنا على أيوب بن سويد حديث أسامة بن زيد عن الحديث: 182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 سعيد بن المسيب عن سراقة بن مالك (فذكر هذا الحديث) ، وما أعلم أسامة روى عن سعيد بن المسيب شيئا، وقال في موضع آخر (2 / 209) : قال أبي: كنت أسمع منذ حين يذكر عن يحيى بن معين أنه سئل عن أيوب بن سويد فقال: ليس بشيء، وسعيد بن المسيب عن سراقة لا يجيء، وهذا حديث موضوع، بابه حديث الواقدي. والحديث أعله المنذري في " مختصر السنن " (8 / 18) بأيوب بن سويد، وبالانقطاع بين سعيد بن المسيب وسراقة، وذهل المناوي في " شرح الجامع الصغير " عن الانقطاع فأعله بأيوب فقط؟ وأورده الهيثمي في " المجمع " (8 / 110) من حديث خالد بن عبد الله بن حرملة المدلجي ثم قال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. والذي تقتضيه الصناعة الحديثية أن الحديث ضعيف جدا، لولا حكم أبي حاتم بوضعه فإنه إمام حجة، والله أعلم. 183 - " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (ص 161) والحاكم (1 / 246) والبيهقي (3 / 57) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، سكت عنه الحاكم! وقال البيهقي: وهو ضعيف. قلت: وعلته سليمان هذا فإنه ضعيف جدا، قال ابن معين: ليس بشيء. الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وقال البخاري: منكر الحديث، قال الذهبي: قال البخاري: من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل رواية حديثه. ثم أخرجه الدارقطني من طريق محمد بن سكين الشقري المؤذن، أنبأنا عبد الله بن بكير الغنوي، عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا به، وفي لفظ عنده: " لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأت إلا من علة ". وهذا سند ضعيف من أجل محمد بن سكين، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 283) وساق له هذا الحديث باللفظ الثاني ثم قال: سمعت أبي يقول: هو مجهول، والحديث منكر، وقال الذهبي في " الميزان ": لا يعرف وخبره منكر، ثم ساق له هذا الحديث باللفظ الأول، ثم قال: قال الدارقطني: هو ضعيف. ورواه أحمد في " مسائل ابنه صالح " (ص 56) بسند صحيح عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي به موقوفا عليه، وزاد قيل: ومن جار المسجد؟ قال: " من سمع النداء "، ثم رواه من طريق أبي إسحاق عن الحارث عنه دون الزيادة. والحديث أخرجه العقيلي في " الضعفاء " من هذا الوجه باللفظ الثاني ثم قال: وهذا يروى من وجه آخر صالح. قلت: يشير إلى حديث ابن عباس مرفوعا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ". أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي، وسند ابن ماجه وغيره صحيح، وقد صححه النووي والعسقلاني والذهبي ومن قبلهم الحاكم، وهو مخرج تخريجا دقيقا في " الإرواء " (551) . وأما قول مؤلف كتاب " التاج الجامع للأصول " (1 / 268) : رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف. فمن تخليطاته وأخطائه الكثيرة التي بينتها في " نقد التاج " (رقم 180) ، ثم إن الحديث بلفظه الأول أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 6) وكذا ابن الجوزي أورده في " الموضوعات " (2 / 93) من طريق صالح كاتب الليث: حدثنا عمر بن راشد عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به، وقال: قال ابن حبان: عمر لا يحل ذكره إلا بالقدح، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 16) بقوله: قلت: قد وثقه العجلي وغيره، وروى له الترمذي وابن ماجه، وله طرق أخر عن جابر وأبي هريرة وعلي. ثم ذكر ما تقدم من حديث جابر وأبي هريرة، وأما حديث علي فموقوف أخرجه البيهقي وأحمد كما تقدم من طريق أبي حيان عن أبيه عن علي موقوفا. وهذا سند ضعيف أيضا والد أبي حيان اسمه سعيد بن حيان، قال الذهبي: لا يكاد يعرف، وقال ابن القطان: إنه مجهول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 مع أن ابن حبان والعجلي وثقاه! فكأنهما لم يعتدا بتوثيقها، كما فعل الذهبي في " الميزان " على ما بينته في " تيسير الانتفاع " نفعنا الله به وإياك. تنبيه: عمر بن راشد الذي طعن فيه ابن حبان ووثقه العجلي هو أبو حفص اليمامي ومن طبقته راوآخر، وهو عمر بن راشد الجاري المصري، وأنا أرجح أنه راوي الحديث لأمرين، الأول: أن راويه عنه صالح كاتب الليث مصري، والآخر: أن شيخه فيه ابن أبي ذئب، وهذا ذكروه في شيوخه لا في شيوخ اليمامي، فإذا صح هذا فهو أشد ضعفا من الأول فإنه متفق على تضعيفه، وقال الدارقطني: كان يتهم بوضع الحديث على الثقات. ولكن مجيء الحديث من الطرق التي أوردنا يخرجه عن كونه موضوعا إلى درجة الضعيف وأما قول المناوي: ومن شواهده حديث الشيخين: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر "، ففيه نظر من وجهين: الأول: أنه لا يصلح شاهدا لحديث الباب لأنه أخص منه فإنه يفيد أن جار المسجد ينبغي أن يصلي في مسجده الذي هو جاره فإن صلى في غيره فلا صلاة له وهذا ما لا يفيده الشاهد المذكور كما لا يخفى، وهذا فرق جوهري بين الحديث الضعيف والحديث الصحيح. الآخر: أن عزو الحديث للشيخين خطأ بين كما يشعر به تخريجنا المتقدم له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وبالجملة فالحديث بلفظه الأول ضعيف لا حجة فيه، وبلفظه الثاني صحيح لشاهده المتقدم. 184 - " إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله فإن ذلك لا يرد شيئا ويطيب نفسه ". ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (3 / 177) وابن ماجه (1 / 439) وابن عدي (324 / 2) من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب. قلت: وعلته موسى هذا وقد أخرج له ابن الجوزي في " موضوعاته "، وأقره السيوطي كما تقدم في الحديث (رقم 112) ، وقد ساق له الذهبي في ترجمته منكرات هذا أحدها، ونقل المناوي عن النووي أنه قال في " الأذكار ": إسناده ضعيف، وعن ابن الجوزي قال: حديث لا يصح، وهو في كتابه " العلل المتناهية " (2 /388) . قلت: وفيه أحاديث هي من حق كتابه الآخر " الموضوعات "، وعلى العكس، انظر الحديثين الآتيين بعده. وقال الحافظ في " الفتح ": في سنده لين الحديث: 184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وكذا قال في " بذل الماعون " (2 / 2 من الكراس 11) . قلت: وفي " العلل " لابن أبي حاتم (2 / 241) : سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقال: هذا حديث منكر، كأنه موضوع، وموسى ضعيف الحديث جدا. 185 - " الحمد لله، دفن البنات من المكرمات ". موضوع. أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة " (3 / 159) والطبراني في " الكبير " (3 /144 / 2) " والأوسط " (1 / 76 / 2) و" مسند الشاميين " (2408) والبزار (790 - زوائده) وأبو القاسم المهراني في " الفوائد المنتخبة " (3 / 26 /1) والخطيب في " تاريخه " (5 / 57) والقضاعي في " مسند الشهاب " (15 /2) وابن عساكر (1 / 216 و8 / 503 / 1 و11 / 262 / 1 و15 / 159 / 2 و16 /25 / 2) من طريق عراك بن خالد بن يزيد عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما عزي رسول الله صلى الله عليه وسلم على رقية امرأة عثمان ابن عفان قال: فذكره، وقال الطبراني: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وقال المهراني: غريب تفرد به عثمان بن عطاء، وهذا أولى من قول الطبراني المذكور فإنه مردود برواية ابن عدي إياه في " الكامل " (300 /1) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشي حدثنا عثمان بن عطاء به، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 236) وقال: لا يصح، عثمان ضعيف وأبوه رديء الحفظ، وعراك ليس بالقوي، ومحمد الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بن عبد الرحمن ضعيف يسرق الحديث، قال: وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن الأنماطي الحافظ يحلف بالله عز وجل أنه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا شيئا قط، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 438) ، ومع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " وتعقبه شارحه المناوي بما ذكرناه من الإقرار، ثم تناقض، فقال في " التيسير ": إسناده ضعيف، والحديث أورده الصغاني أيضا في الموضوعات " (ص 8) ، وقد روي عن ابن عمر وهو: 186 - " دفن البنات من المكرمات ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (80 / 2) والخطيب (7 / 291) عن حميد بن حماد عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف حميد بن حماد قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير والحديث غير محفوظ، وقال أبو داود: ضعيف، وبه أعله ابن الجوزي فأورد الحديث في " الموضوعات " (3 / 235) من هذا الوجه ثم قال: لا يصح، حميد يحدث عن الثقات بالمناكير، وأقره السيوطي في " اللآليء " كالحديث الذي قبله، ومع هذا أورده أيضا في " الجامع الصغير "! وتعقبه المناوي أيضا بما سبق عن ابن عدي وقال: الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وحكم ابن الجوزي بوضعه وأقره عليه الذهبي والمؤلف في " مختصر الموضوعات ". ثم تناقض المناوي أيضا، فقال: إسناده ضعيف. 187 - " إن الله تعالى ينزل على أهل هذا المسجد - مسجد مكة - في كل يوم وليلة عشرين ومئة رحمة: ستين للطائفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 123 / 2) و" الكبير " (11475) ووقع عنده يوسف بن الفيض، وابن عساكر (9 / 476 / 2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" عن عبد الرحمن بن السفر الدمشقي حدثنا الأوزاعي عن عطاء حدثني ابن عباس مرفوعا، وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للحاكم أيضا في " الكنى " وابن عساكر، وقال الطبراني: لم يروه عن الأوزاعي إلا ابن السفر. قلت: وهو كذاب يضع الحديث كما يأتي، قال المناوي في " شرح الجامع " بعد أن عزاه للخطيب أيضا في " التاريخ " والبيهقي في " الشعب ": ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة عبد الرحمن ابن السفر من حديثه، ونقل عن ابن منده أنه متروك، وتبعه الذهبي، وقال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2 / 82 - 83) : الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 حديث لا يصح، تفرد به يوسف بن السفر وهو كما قال الدارقطني والنسائي: متروك، وقال الدارقطني: يكذب، وابن حبان: لا يحل الاحتجاج به وقال يحيى: ليس بشيء. ومنه أخذ الهيثمي (3 / 292) قوله بعد ما عزاه الطبراني: فيه يوسف بن السفر وهو متروك. قلت: ويقال فيه ابن الفيض وهكذا رواه ابن حبان في " الضعفاء " (3 / 136 - 137) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 116 و307) ، وقال ابن حبان: يوسف بن الفيض يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة والأوهام الفاحشة، كأنه كان يعملها تعمدا. وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 287) بسنده هذا وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث منكر، ويوسف ضعيف الحديث شبه المتروك، وفيه يقول ابن عدي: روى بواطيل، والبيهقي: هو في عداد من يضع الحديث ذكره الذهبي في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، وهو عبد الرحمن بن السفر المتقدم في كلام المناوي، قال ابن حجر في ترجمته من " اللسان ": كذا سماه بعضهم والصواب يوسف ابن السفر متروك، وذكره البخاري فقال: عبد الرحمن بن السفر روى حديثا موضوعا. قلت: وكما ذكره البخاري رواه الطبراني في " الكبير " (3 / 123 / 1) ، وعلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 الصواب رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (185 / 2) ، ثم رواه من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص موقوفا عليه وفي سنده جعفر بن محمد الأنطاكي، قال الذهبي: ليس بثقة وله خبر باطل. قلت: وسيأتي هذا الخبر بلفظ: " يبعث معاوية عليه رداء من نور ". وأما قول المنذري في " الترغيب " (2 / 121) : رواه البيهقي بإسناد حسن فهو فيما أظن من تساهله أو أوهامه، ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن ابن جريج فقال الأزرقي في " أخبار مكة " (256) حدثني جدي عن سعيد بن سالم وسليم بن مسلم عن ابن جريج به، وهذا إسناد لا بأس به إلى ابن جريج فإن جد الأزرقي ثقة، واسمه أحمد بن محمد بن الوليد، وسعيد بن سالم هو القداح، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يهم. وأما قرينه سليم بن مسلم فهو الخشاب وهو متروك فلا يعتد به والعمدة على القداح، فلولا عنعنة ابن جريج فإنه مدلس، لحكمت على هذا السند بأنه حسن، ولفظ هذه الرواية مثل لفظ حديث الترجمة. ثم رأيت الحديث رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (96 - من زوائده) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 321) وعنه ابن الجوزي، وقال ابن حبان: قد تبرأنا من عهدة سالم، وتابعه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك متهم رواه الأصبهاني في " الترغيب " (1 / 444) من طريق أخرى عن سعيد به مثله، ثم صدق ظني حين رأيت الحديث في " شعب الإيمان / الحج " للبيهقي (ق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 66 / 1) رواه من طريق النيسابوري باللفظ الآتي بعده وعلقه من طريق يوسف بن السفر وقال: وهو ضعيف. والحديث في " المعجم الكبير " من طريق أخرى فيه كذاب آخر بلفظ مغاير لهذا بعض الشيء وسيأتي إن شاء الله تعالى برقم (6245) ، وأما الخطيب فرواه من طريق يوسف هذا في " الموضح " (2 / 255) وقال: تفرد به أبو الفيض يوسف بن السفر عن الأوزاعي، ورواه في غيره من طريق آخر بلفظ: 188 - " إن الله تعالى ينزل في كل يوم مئة رحمة: ستين منها على الطائفين بالبيت، وعشرين على أهل مكة، وعشرين على سائر الناس ". ضعيف. أخرجه ابن عدي (314 / 1) والخطيب في " تاريخه " (6 / 27) والبيهقي (3 /454 - 455) من طريق محمد بن معاوية النيسابوري حدثنا محمد بن صفوان عن ابن جريج عن عطاء ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: وهذا منكر، وروي عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس رواه عنه يوسف بن السفر وهو ضعيف. قلت: وابن معاوية هذا قال ابن معين والدارقطني: كذاب، زاد الثاني: يضع الحديث، وساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث. الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 189 - " إياكم والجلوس في الشمس فإنها تبلي الثوب وتنتن الريح وتظهر الداء الدفين ". موضوع. أخرجه الحاكم في " المستدرك " (4 / 411) من طريق محمد بن زياد الطحان حدثنا ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا، وسكت عليه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: ذا من وضع الطحان. قلت: ومع هذا أورده السيوطي في " الجامع الصغير " فتعقبه المناوي بكلام الذهبي هذا، ثم قال المناوي: فكان ينبغي للمصنف حذفه. الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 190 - " ما من أحد إلا وفي رأسه عرق من الجذام تنعر، فإذا هاج سلط الله عليه الزكام فلا تداووا له ". موضوع. أخرجه الحاكم (4 / 411) وكذا القاسم السرقسطي في " غريب الحديث " (2 / 154 / 1) من طريق محمد بن يونس القرشي حدثنا بشر بن حجر السلمي، حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس عن عائشة مرفوعا، وسكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: كأنه موضوع فالكديمي متهم. قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 205) بإسناده إلى الكديمي به، ثم قال: لا يصح، محمد بن يونس هو الكديمي يضع الحديث. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 402) فإنه لم يتعقبه بشيء إلا أنه ذكر الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 أن الحاكم أخرجه وأن الذهبي تعقبه بما سبق، ومع هذا أورده في " الجامع الصغير "! وبذلك تعقبه المناوي في " شرحيه "، وأخرجه الديلمي (4 / 22) من طريق ابن لال: حدثنا محمد بن أحمد بن منصور حدثنا الحسين بن يوسف الفحام بمصر حدثنا محمد بن سحنون التنوخي حدثنا محمد بن بشر المصري حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن جرير بن عبد الله رفعه. قلت: وهذا المتهم به عندي محمد بن أحمد بن منصور أو شيخه الفحام، فإن هذا لم أعرفه، ويحتمل أنه الحسين بن يوسف الذي قال ابن عساكر: مجهول، والأول قال الذهبي: روى عن أبي حفص الفلاس خبرا باطلا في لعن الرافضة والجهمية، لا يدرى من هو وكذلك الراوي عنه. 191 - " الجمعة حج الفقراء، وفي لفظ: المساكين ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 190) والقضاعي (رقم 79) وابن عساكر (11 / 132) عن ابن عباس باللفظ الأول، وابن زنجويه والقضاعي (78) أيضا باللفظ الثاني أيضا كما في " الجامع الصغير " وقال المناوي في شرحه: ورواه الحارث بن أبي أسامة، أخرجوه كلهم من حديث عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وأورده في " الميزان " في ترجمة عيسى هذا وقال عن جمع: هو منكر الحديث، متروك. وقال السخاوي: مقاتل ضعيف، وكذا الراوي الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 عنه. قلت: هذا الكلام إنما هو على اللفظ الثاني، وأما اللفظ الأول وهو الثاني في ترتيب السيوطي فلم يتكلم عليه المناوي بشيء فلعله اكتفى بذلك إشارة إلى أن طريقهما واحد وهو الظاهر من صنيع " الكشف " ولعله تبع فيه أصله " المقاصد " فإنه أورده باللفظين ثم قال: وفي سنده مقاتل ضعيف. قلت: أما مقاتل فكذاب كما تقدم نقله عن وكيع في الحديث (168) ، وأما الراوي عنه عيسى بن إبراهيم فضعيف جدا، قال البخاري والنسائي: منكر الحديث فما دام أن الحديث من رواية الكذاب فكان اللائق بالسيوطي أن ينزه منه الكتاب! ولهذا ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ومن قبله ابن الجوزي في " الموضوعات " وأقره السيوطي نفسه لكن بلفظ آخر، وهو: 192 - " الدجاج غنم فقراء أمتي، والجمعة حج فقرائها ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 8) من رواية ابن حبان في " المجروحين " (3 / 90) من طريق عبد الله بن زيد - محمش - النيسابوري عن هشام ابن عبيد الله الرازي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ثم قال: قال ابن حبان: باطل لا أصل له، وهشام لا يحتج به، وقال الدارقطني: هذا كذب، والحمل فيه على محمش كان يضع الحديث. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 28) فلم يتعقبه بشيء البتة، وأما ابن عراق فتعقبه في " تنزيه الشريعة " (236 / 2) بقوله: قلت: اقتصر الحافظ الذهبي في " طبقات الحفاظ " على قوله بعد إيراد الحديث: 192 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 الحديث: هذا غير صحيح، والله أعلم. قلت: وهذا التعقب لا طائل تحته لسببين، الأول: أن علة الحديث المقتضية لوضعه ظاهرة، وهو كونه من رواية هذا الوضاع، ولا سيما أنه قد صرح الدارقطني بأنه حديث كذب، وابن حبان ببطلانه. والآخر أن قوله: لا يصح، لا ينافي كونه موضوعا بل كثيرا ما تكون هذه اللفظة مرادفة لكلمة موضوع، وهي هنا بهذا المعنى لما سبق، ولأن الذهبي نفسه قد أورد هذا الحديث وحديثا آخر في ترجمة الرازي هذا من رواية ابن حبان عنه ثم قال الذهبي: قلت: كلاهما باطل، ووصف هذا الخبر في " النبلاء " (10 / 447) بأنه: لا يحتمل. ونقل المناوي (6 / 163) عنه أنه قال في " الضعفاء ": إنهما حديثان موضوعان. فتبين أن الذهبي من القائلين بوضع الحديث خلافا لما ظنه ابن عراق. 193 - " من سعادة المرء خفة لحيته ". موضوع. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 360) والطبراني (3 / 282 / 1) وابن عدي (358 / 2) والخطيب في " تاريخه " (14 / 297) من طريق يوسف بن الغرق عن سكين بن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن ابن عباس مرفوعا، ثم روى الخطيب: عن أبي علي صالح بن محمد: قال بعض الناس: إنما هذا تصحيف إنما هو: " من سعادة المرء خفة لحييه بذكر الله "، ثم قال الخطيب: الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 سكين مجهول منكر الحديث، والمغيرة بن سويد أيضا مجهول، ولا يصح هذا الحديث، ويوسف بن الغرق منكر الحديث، ولا تصح لحيته، ولا لحييه، وقال ابن حبان: سكين يروي الموضوعات عن الأثبات والملزقات عن الثقات، والحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (5 /164 - 165) وقال: رواه الطبراني وفيه يوسف بن الغرق قال الأزدي: كذاب، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 166) من هذا الوجه، ثم ساقه من رواية الجوهري من طريق سويد بن سعيد، حدثنا بقية بن الوليد عن أبي الفضل عن مكحول عن ابن عباس مرفوعا بمثله، ومن رواية ابن عدي من طريق أبي داود النخعي عن حطان بن خفاف عن ابن عباس، ومن روايته أيضا (97 / 2) عن الحسين بن المبارك حدثنا بقية حدثنا ورقاء بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، المغيرة مجهول، وسكين يروي الموضوعات عن الأثبات، ويوسف كذاب وسويد ضعفه يحيى، وبقية مدلس، وشيخه أبو الفضل هو بحر بن كنيز السقاء ضعيف، فكفاه تدليسا، والنخعي يضع، وورقاء لا يساوي شيئا، والحسين بن المبارك قال ابن عدي: حدث بأسانيد ومتون منكرة. قلت: وقال ابن عدي (153 / 2) في ترجمة النخعي: هذا مما وضعه هو. وتعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (1 / 121) بما ينتج منه أنه وافقه على وضعه، فإنه إنما تعقبه فيما ذكره من الجرح في بعض رواة الحديث فقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 قلت: المغيرة ذكره ابن بان في " الثقات ". قلت: قد سبق غير مرة أن توثيق ابن حبان وحده لا يعتمد عليه لتساهله فيه ولا سيما عند المخالفة كما هو الأمر هنا فقد سمعت قول الخطيب في المغيرة هذا أنه مجهول، وكذا قال أبو علي النيسابوري فيما نقله الذهبي في " الميزان "، ثم هب أنه ثقة فالراوي عنه سكين مجهول أيضا كما تقدم في كلام الخطيب، وقد قال الحافظ العسقلاني في ترجمته من " اللسان ": قال ابن حبان: يروي الموضوعات، روى عن المغيرة عن ابن عباس رفعه: " من سعادة المرء خفة لحيته ". قلت: فالحديث إذا موضوع من هذا الوجه حتى عند ابن حبان الذي وثق المغيرة فهو إنما يتهم به سكين هذا، فالراوي عنه يوسف الغرق قد تابعه عليه عبد الرحمن بن قيس عند أبي بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (16 / 1 رقم 18) . ثم قال السيوطي: وورقاء هو اليشكري ثقة صدوق عالم روى عنه الأئمة الستة. قلت: صدق السيوطي، وأخطأ ابن الجوزي في قوله فيه لا يساوي شيئا، لكن هذا لا ينجي الحديث من الوضع ما دام في الطريق إليه بقية وهو مدلس مشهور، ولا يفرح بتصريحه بالتحديث هنا لأن الراوي عنه الحسين بن المبارك غير ثقة كما يشعر به كلام ابن عدي المتقدم وهو في " الكامل " (97 / 2) وقد سلمه السيوطي، بل قال الذهبي في ترجمته: قال ابن عدي: متهم، ثم ساق له حديثين هذا أحدهما وقال عقبه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وهو كذب، وأقره الحافظ في " اللسان ". ويؤيد ما ذهبت إليه من موافقة السيوطي على وضع هذا الحديث أنه نقل في فتاواه (2 / 205) عن ابن الجوزي أنه أورده في " الموضوعات "، ولم يتعقبه بشيء. ومع هذا أورده في كتابه " الجامع الصغير "! فأخطأ وتناقض ولذا تعقبه شارحه المناوي ببعض ما ذكرناه عن ابن الجوزي والذهبي والعسقلاني، والحديث أورده ابن أبي حاتم (2 / 263) من طريق بقية عن أبي الفضل ثم ذكر أنه سأل أباه عنه فقال: هذا حديث موضوع باطل، وذكر ابن قتيبة في " مختلف الحديث " (ص 90) عن أصحاب الحديث أنهم قالوا في هذا الحديث: لا أصل له. 194 - " عليكم بهذه الشجرة المباركة زيت الزيتون فتداووا به فإنه مصحة من الباسور ". كذب. رواه الطبراني في " الكبير " (17 / 247 / 774) وعنه أبو نعيم في " الطب " (80 / 2) حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثني أبي حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 100) : رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح، ولكن ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة عثمان بن صالح، ونقل عن أبي حاتم أنه كذب. الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 قلت: قال ابنه في " العلل " (2 / 279) : سمعت أبي حدثنا عن يحيى بن عثمان عن أبيه عن ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة مرفوعا بهذا الحديث قال أبي: هذا حديث كذب. وأقره الذهبي في " الميزان "، وأشار إلى علته فقال: قال أبو زرعة: لم يكن عثمان يعني ابن صالح ممن يكذب، ولكن كان يكتب مع خالد بن نجيح، فبلوا به، كان يملي عليهم ما لم يسمعوا من الشيخ. وقال ابن أبي حاتم في ترجمة خالد بن نجيح من " الجرح والتعديل " (1 / 2 /355) عن أبيه: كان يصحب عثمان بن صالح المصري وأبا صالح كاتب الليث وابن أبي مريم، وهو كذاب يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنها من فعله. قلت: فالظاهر أن خالدا هذا هو الذي افتعل هذا الحديث واستطاع أن يوهم عثمان ابن صالح أنه كتبه عن الشيخ، وهو ابن لهيعة، وأما كيف تمكن من ذلك فالله أعلم به، وابن لهيعة ضعيف الحفظ معروف بذلك، ومع هذا لم يحملوا في هذا الحديث عليه كأنهم رأو اأنه مع ضعفه لا يليق به ذلك والله أعلم. وقد خفيت علة هذا الحديث على السيوطي فأورده في " الجامع الصغير "! . فتعقبه المناوي في " شرحيه " بتكذيب أبي حاتم المتقدم، وقد ذكره السيوطي من قبل مختصرا بلفظ: " عليكم بزيت الزيتون فكلوه وادهنوا به، فإنه ينفع من الباسور "، وقال: رواه ابن السني عن عقبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 زاد المناوي: ورواه عنه الديلمي أيضا. قلت: وسكتا عنه وظني أنه عنده بلفظ حديث الترجمة وإسناده فقد رأيته في " الفردوس " (3 / 27 / 4054) بلفظ حديث الترجمة، ولم أره في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس " لابن حجر العسقلاني، والله أعلم. 195 - " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 271) من رواية ابن عدي (44 / 1) عن هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، ثم قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: كان بقية يروي عن كذابين ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه، وهذا موضوع. قال السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) : وكذا نقل ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر: لكن ذكر ابن القطان في " كتاب أحكام النظر " أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال: حدثنا ابن جريج، فما بقي فيه إلا التسوية، قال: وقد خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد، انتهى. والحديث أخرجه البيهقي في " سننه " من الطريقين التي عنعن فيها بقية والتي صرح فيها بالتحديث، والله الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 أعلم. قلت: وكذلك رواه ابن عساكر (13 / 295 / 2) وكذا ابن أبي حاتم (2 / 295) عن أبيه عن هشام عن بقية حدثنا ابن جريج به، ساقه ابن أبي حاتم بعد أن روى بهذا الإسناد حديثين آخرين لعلنا نذكرهما فيما بعد، وأشار إلى أن تصريح بقية بالتحديث خطأ من الراوي عنه هشام فقال: وقال أبي: هذه الثلاثة الأحاديث موضوعة لا أصل لها، وكان بقية يدلس، فظن هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا، ولم يفتقدوا الخبر منه، وأقره الذهبي في " الميزان " وجعله أصل قوله في ترجمة هشام: يروي عن ثقات الدماشقة، لكن يروج عليه، وكأنه لهذا تبع ابن الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع ابن دقيق العيد صاحب " الإمام " كما في " خلاصة البدر المنير " (118 / 2) ، وقال عبد الحق في " أحكامه " (143 /1) لا يعرف من حديث ابن جريج، وقد رواه ابن عساكر في مكان آخر (18 / 188 / 1) من طريق هشام بن عمار عن بقية عن ابن جريج به، فلا أدري هذه متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد، أم أن قوله: عمار محرف عن خالد كما أرجح، ومنه تعلم أن قول ابن الصلاح: إنه جيد الإسناد غير صواب وإنه اغتر بظاهر التحديث ولم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبهنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله خيرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ومن الغرائب أن ابن الصلاح مع كونه أخطأ في تقوية هذا الحديث فإنه فيها مخالف لقاعدة له وضعها هو لم يسبق إليها، وهي أنه انقطع التصحيح في هذه الأعصار فليس لأحد أن يصحح! كما ذكر ذلك في " مقدمة علوم الحديث " (ص 18 بشرح الحافظ العراقي) بل الواجب عنده الاتباع لأئمة الحديث الذين سبقوا! فما باله خالف هذا الأصل هنا، فصحح حديثا يقول فيه الحافظان الجليلان أبو حاتم الرازي وابن حبان: إنه موضوع؟ ! وخالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه ". والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ ! اللهم لا، ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، أخرجه الشيخان وغيرهما، فإن الظاهر من هذا الحديث جواز النظر، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، قال الحافظ في " الفتح " (1 / 290) : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث. 196 - " إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى، ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس ". موضوع. أورده ابن الجوزي (2 / 271) من رواية الأزدي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الأزدي: إبراهيم ساقط، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) بقوله: قلت: روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان " قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط، قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا، انتهى. قال الخليل في " مشيخته ": هذا الحديث تفرد به محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو شامى يأتي بمناكير. قلت: فهذا هو علة الحديث قال فيه الذهبي: متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث، ونقل في " اللسان " عن الدارقطني أنه قال: متروك الحديث، وعن العقيلي قال: في أحاديثه عن مسعر عن المقبري حديث منكر ليس له أصل ولا يتابع الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 عليه وهو مجهول. قلت: ونحوه في " كامل ابن عدي " (6 / 2261) ، والحديث في " الجامع " أيضا ثم ساق له السيوطي شاهدا وهو: 197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة ". ضعيف جدا. أخرجه ابن عساكر (5 / 700) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأو يسي الأصل عامر وهو خطأ حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره قلت: وأورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 170 - 171) شاهدا للحديث المتقدم من رواية ابن عساكر وسكت عنه وله علل أربع: الأولى: الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل: له رؤية. الثانية: زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب ": رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، قال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه وفي " الميزان "، قال الترمذي في " العلل ": سألت البخاري عن حديث زهير هذا فقال: أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع وليس هذا عندي زهير بن محمد. قلت: وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه. الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 الثالثة: خيران بن العلاء، ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان وقد أشار لهذا الذهبي حين قال في ترجمته: وثق، له خبر منكر، لعل ذلك من شيخه يعني زهير بن محمد ولعله عنى هذا الحديث، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن فوق خيران أو من دونه أولى، لأنه قد روى عنه ثمانية، وأثنى عليه الأوزاعي، وهو من شيوخه، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع ". الرابعة: أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة. ويبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " (9 / 244) ، لأنه أعلى طبقة من هذا بدرجتين، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري، والله أعلم. وبالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة والخبر منكر والله أعلم. 198 - " من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده وكتمها ولم يشكها إلى الناس كان حقا على الله أن يغفر له ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 122 / 1) وابن حبان في " المجروحين " (1 / 202) عن هشام بن خالد، أنبأنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، قال الهيثمي في " المجمع " (2 / 331) : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه بقية مدلس. وقال في مكان آخر (10 / 256) : رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله وثقوا وأظن أن قوله " الأوسط " خطأ من الناسخ ويؤيده أن المنذري قال: (4 / 148) الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 رواه الطبراني ولا بأس بإسناده، كذا قال والمقصود أنه أطلق العزو للطبراني والمراد به في هذه الحالة " معجمه الكبير "، والله أعلم. قلت: ومن طريقه رواه ابن أبي حاتم في " العلل " وذكر عن أبيه أنه قال: حديث موضوع لا أصل له، وأقره الذهبي وقد نقلت كلام أبي حاتم بتمامه في الحديث (195) فراجعه، وذكره في ترجمة بقية من " الميزان " من طريق ابن حبان وقال أعني ابن حبان: وهذا من نسخة كتبناها بهذا الإسناد كلها موضوعة يشبه أن يكون بقية سمعه من إنسان واه عن ابن جريج فدلس عنه والتزق به. قلت: وكأن السيوطي عفا الله عنا وعنه لم يقف على حكم هذين الإمامين بوضع هذا الحديث، وإلا لما سود به " الجامع الصغير "! ، أولعله قلد الهيثمي والمنذري، وقد تعقبهم المناوي بقول أبي حاتم والذهبي، ثم تراجع عن ذلك في شرحه الآخر " التيسير "، فنقل كلام المنذري فقط، وأقره. 199 - " حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه ". موضوع. رواه أبو محمد جعفر بن محمد بن الحسين السراج القاري " في الفوائد " (5 / 32 / 1 من مجموع 98) ومحمد بن عبد الواحد المقدسي وهو الضياء في " المنتقى من مسموعاته " (ج 4 ورقة 26 / 1 مجموع 101) من طريق محمد بن عيسى قال حدثنا محمد ابن الفضل عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال القاري: غريب لا أعلم رواه إلا محمد بن الفضل وهو ضعيف جدا، وأما أبوه فكان ثقة. الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 قلت: محمد بن الفضل رماه ابن أبي شيبة بالكذب، وقال الفلاس: كذاب، وقال أحمد: حديثه حديث أهل الكذب. ومحمد بن عيسى هو المدائني وهو متروك كما قال الدارقطني والحاكم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " فتعقبه المناوي بقوله: وقضية تصرف المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، بل قال: محمد بن الفضل بن عطية ضعيف بمرة انتهى. وفيه أيضا محمد بن عيسى المدائني قال في " الضعفاء ": قال الدارقطني: ضعيف متروك. قلت: ولم يتفرد به فقد رواه أبو بكر الجصاص في " أحكام القرآن " (3 / 574) من طريق جبارة قال: حدثنا محمد بن الفضل به، لكن جبارة هذا هو ابن المغلس قال ابن معين: كذاب، وقال ابن نمير: يوضع له الحديث فيرويه ولا يدري! . 200 - " الحج جهاد، والعمرة تطوع ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 232) وابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 286) من طريق الحسن بن يحيى الخشني حدثنا عمر بن قيس، أخبرني طلحة بن الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 يحيى عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله مرفوعا. قال البوصيري في " الزوائد " (2 / 138) : هذا إسناد ضعيف عمر بن قيس هو المعروف بمندل ضعفه أحمد وابن معين والفلاس وأبو زرعة والبخاري وأبو حاتم وأبو داود والنسائي وغيرهم، والحسن أيضا ضعيف. قلت: بل هما متروكان، فالأول قال فيه أحمد: أحاديثه بواطيل، والحسن قال فيه النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له، ثم ساق له حديثا قال فيه: إنه موضوع وسأذكره عقب هذا إن شاء الله تعالى. وهذا الحديث قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث باطل. قلت: لكن له طرق أخرى، فرواه البيهقي في " سننه " (4 / 348) من طريق سعيد ابن سالم أن سفيان الثوري أخبره عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله، وسعيد بن سالم فيه ضعف، وقد روى البيهقي عن الشافعي أنه قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 هو منقطع يعني مرسل، ثم قال البيهقي: وقد روي من حديث شعبة عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة موصولا، والطريق فيه إلى شعبة طريق ضعيف، ورواه محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن ابن جبير عن ابن عباس مرفوعا، ومحمد هذا متروك. قلت: بل هو كذاب، كذبه ابن معين والفلاس وغيرهما كما سبق برقم (26) ، وقد رواه من طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 154 / 1) . 201 - " ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه، ومررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم في قبره بين عائلة وعويلة ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 333) من طريق شيخه سليمان بن أحمد وهو الطبراني صاحب " المعاجم " الثلاثة، وهذا في " مسند الشاميين " (ص 64) وابن عساكر (17 / 197 / 1) عن الحسن بن يحيى حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن زيد بن أبي مالك عن أنس بن مالك مرفوعا به، ثم قال أبو نعيم وابن عساكر: غريب من حديث يزيد لم نكتبه إلا من حديث الخشني. قلت: والخشني هذا متروك كما تقدم في الحديث قبله، ومن طريقه ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 239) و (1 / 303) من رواية ابن حبان في " المجروحين " (1 / 235) عنه، ثم قال يعني ابن حبان: باطل والخشني منكر الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له. الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 قلت: ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن حبان إنه قال: هذا باطل موضوع، وأقره في " تهذيب التهذيب " (2 / 327) وكذلك نقله عنه الذهبي في " الميزان " في ترجمة الخشني هذا وقال: إنه انفرد به، أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " وأقره أيضا. وأما السيوطي فخالفهم جميعا! فتعقب ابن الجوزي، في " اللآليء " (1 / 285) قائلا: قلت: هذا الحديث أخرجه الطبراني وأبو نعيم في " الحلية " وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن، والخشني من رجال ابن ماجه، ضعفه الأكثر، ولم ينسب إلى وضع ولا كذب، وقال دحيم: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق سيء الحفظ، وقال ابن عدي: تحتمل رواياته، ومن هذا حاله لا يحكم على حديثه بالوضع. قلت: قد علمت مما نقلناه في الحديث السابق (رقم 198) عن أئمة الجرح والتعديل أن هذا الرجل أعني الحسن بن يحيى الخشني متروك، منكر الحديث، ولا يلزم منه أن يكون ممن يتعمد الكذب، بل قد يقع منه ذلك لكثرة غفلته وشدة سوء حفظه، فلا يرد على هذا قول السيوطي: إنه لم ينسب إلى وضع ولا كذب، إن كان يقصد به الوضع والكذب مطلقا، وإلا فعبارة ابن حبان المتقدمة: يروي عن الثقات ما لا أصل له، ظاهرة في نسبة الكذب إليه، ولا سيما بعد حكمه على حديثه الذي نحن بصدد الكلام عليه بأنه موضوع، ولكن عبارته هذه لا تفيد اتهامه بأنه يضع قصدا فتأمل. ثم إن ما نقله السيوطي عن ابن عدي يوهم أن روايات هذا الرجل كلها تحتمل، وهذا ما لم يقصد إليه ابن عدي، فإن الحافظ ابن حجر بعد أن نقل عبارة ابن عدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 السابقة عقبها بقوله: قلت: قال ذلك بعد أن ساق له عدة مناكير وقال: هذا أنكر ما رأيت له، وهذا في " كامل ابن عدي " (90 / 1) فجزى الله ابن حجر خيرا حيث كشف لنا بهذه الكلمة عن حقيقة قصد ابن عدي من عبارته المتقدمة، ومنه يتبين أن ابن عدي من جملة المضعفين للخشني، فلا يجوز حشر ابن عدي في جملة الموثقين له كما فعل السيوطي عفا الله عنا وعنه، وسيأتي له نحو هذا الخطأ في الحديث (233) . ثم لوسلمنا أنه وثقه مثل " دحيم "، فلا قيمة تذكر لهذا التوثيق إذا ما استحضرنا القاعدة التي تقول: إن الجرح المفسر مقدم على التعديل. ثم وجدت ما يؤيد الذي ذهبت إليه مما فهمته من عبارة ابن حبان المنقولة آنفا وهو أن الرجل قد يكذب بدون قصد منه، فإن نصها بتمامها في " ضعفائه " (1 / 235) : منكر الحديث جدا، ويروي عن الثقات ما لا أصل له، وعن المتقنين ما لا يتابع عليه، وقد سمعت ابن جوصاء يوثقه ويحكيه عن أبي زرعة، وكان رجلا صالحا يحدث من حفظه، كثير الوهم فيما يرويه، حتى فحشت المناكير في أخباره التي يرويها عن الثقات، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها، فلذلك استحق الترك. فهذا نص في أنه كان لا يتعمد الكذب، وإنما يقع ذلك منه وهما، فهو على كل حال ساقط الاعتبار ضعيف جدا، فحديثه قد يحكم عليه بالوضع لأدنى شبهة. وأنا أرى أن هذا الحديث يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ". رواه أبو داود (1 / 319) والبيهقي (5 / 245) وأحمد (2 / 527) بإسناد حسن عن أبي هريرة، وهو مخرج في الكتاب الآخر " الصحيحة " (2266) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 ووجه التعارض أنه يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم ليست مستقرة في جسده الشريف، بل هي ترد إليه ليرد سلام المسلمين عليه صلى الله عليه وسلم، بينما هذا الحديث الموضوع يقرر صراحة أن روح كل نبي ترد إليه بعد أربعين صباحا من وفاته، فلوصح هذا فكيف ترد روحه صلى الله عليه وسلم إلى جسده ليرد السلام، هذا أمر غير معقول، بل هو ظاهر التناقض، فلابد من رد أحدهما، وليس هو إلا هذا الحديث المنكر حتى يسلم الحديث القوي من المعارض، فتأمل هذا فإنه مما ألهمت به، لا أذكر أني رأيته لأحد قبلي، فإن كان صوابا فمن الله، وإلا فمن نفسي. ومما يدل على بطلان هذا الحديث بهذا اللفظ أن رؤيته صلى الله عليه وسلم لموسى يصلي في قبره صحيح، لكن ليست فيه هذه الزيادة: " بين عائلة وعويلة "، أخرجه مسلم (7 / 102) من حديث أنس مرفوعا: " مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره " وهو مخرج في " الصحيحة " (2627) . فدل هذا على بطلان هذه الزيادة في الحديث كما دل حديث أبي هريرة على بطلان الشطر الأول منه، ومع هذا كله فقد ذكره في " الجامع ". ثم إنه سبق في كلام السيوطي أن للحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن! فلابد من النظر في ذلك لتتبين الحقيقة لكل من ينشدها، فأول ذلك أن ليس هناك شواهد، وإنما هما شاهدان فقط ذكرهما السيوطي نفسه لم يزد عليهما. ثم إن أحدهما من طريق أبي المقدام ثابت بن هرمز الكوفي - صدوق يهم - عن سعيد بن المسيب قال: " ما مكث نبي في قبره من الأرض أكثر من أربعين يوما "، زاد في رواية: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 " حتى يرفع "، وهذا سند قوي، ولكنه مقطوع فلا حجة فيه لاحتمال كونه من الإسرائيليات. ثم إن هذه الزيادة يبطلها حديث: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "، وهو حديث صحيح رواه أبو داود وابن حبان في " صحيحه " والحاكم وغيرهم، (انظر " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " بتحقيقي رقم 22، 23) فإنه صريح في أن من خصوصيات الأنبياء أن الأرض لا تبلي أجساد الأنبياء، وهذه الخصوصية تنتفي إذا أثبتنا رفعهم بأجسادهم من قبورهم، كما هو مفاد هذه الزيادة، فثبت بذلك بطلانها، ولوثبتت لانتفت خصوصية أخرى لعيسى عليه السلام وهي كونه في السماء حيا بروحه وجسده، فتأمل مفاسد وآثار الأحاديث الواهية! ثم إن هذه الزيادة لوصحت لعادت بالنقض على الحديث، لأنه صريح في أن الروح تعود إليه وهو في قبره، بينما هذه الزيادة تفيد أن الجسد يرفع، فكيف يصح أن يجعل النقيض شاهدا لنقيضه؟ ! وأما الشاهد الآخر فيحسن أن نفرده بالكلام عليه وهو: 202 - " إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور ". موضوع. أخرجه البيهقي في " كتاب حياة الأنبياء " (ص 4) قال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن علي الحسنوي إملاء، حدثنا أبو عبد الله بن محمد العباسي الحمصي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا إسماعيل بن طلحة بن يزيد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت عن أنس مرفوعا، وقال البيهقي: الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وهذا إن صح بهذا اللفظ فالمراد به - والله أعلم - لا يتركون يصلون هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي الله عز وجل. قلت: وهذا إسناد موضوع، الحسنوي هذا متهم، وهو شيخ الحاكم وقد ضعفه هو فقال: هو في الجملة غير محتج بحديثه. وقال الخطيب: لم يكن بثقة، وقال فيه محمد بن يوسف الجرجاني الكشي: هو كذاب ونحوه عن أبي العباس الأصم. ومحمد بن العباس هذا لم أعرفه ويراجع له " تاريخ دمشق " لابن عساكر، وكذا شيخه إسماعيل بن طلحة بن يزيد لم أجد له ترجمة، وابن أبي ليلى ضعيف سيء الحفظ معروف بذلك. والحديث أورده السيوطي في " اللآليء " (1 / 285) شاهدا للذي قبله كما سبق، ولا يصلح لذلك من وجهين: الأول: أنه موضوع لما تقدم بيانه آنفا، وهو سكت عليه فأساء! وليته على الأقل نقل كلام البيهقي الذي سبق في تضعيفه! وأسوأ منه أنه ذكره في " الجامع ". الآخر: أنه مخالف للمشهو د له، فإنه صريح في أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين، وذلك - وهو موضوع أيضا - يقول بأن الروح تعود إليه وهو في قبره فأين هذا من ذاك؟ ! ثم إن الحديث يعارض حديثا صحيحا سبق ذكره في الحديث الذي قبله، فدل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 ذلك على وضعه أيضا. ويعارضه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ". وهو حديث صحيح كما تبين لي بعد أن وقفت على متابع له قال البيهقي: إنه تفرد به فكتبت بحثا حققت فيه صحة الحديث وأن التفرد المشار إليه غير صحيح وأو دعت ذلك في السلسلة الأخرى برقم (621) . 203 - " من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائيا وكل بها ملك يبلغني، وكفي بها أمر دنياه وآخرته، وكنت له شهيدا أو شفيعا ". موضوع بهذا التمام. أخرجه ابن سمعون في " الأمالي " (2 / 193 / 2) والخطيب في " تاريخه " (3 /291 - 292) وابن عساكر (16 / 70 / 2) من طريق محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. وأخرج طرفه الأول أبو بكر بن خلاد في الجزء الثاني من حديثه (115 / 2) وأبوهاشم السيلقي فيما انتقاه على ابن بشرويه (6 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (4 / 136 - 137) والبيهقي في " الشعب " (2 / 218) وقال العقيلي: لا أصل له من حديث الأعمش، وليس بمحفوظ، ولا يتابعه إلا من هو دونه، يعني ابن مروان هذا، ثم روى الخطيب بإسناده عن عبد الله بن قتيبة قال: سألت ابن نمير عن هذا الحديث؟ فقال: دع ذا، محمد بن مروان ليس بشيء. الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 قلت: ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 303) من رواية العقيلي ثم قال: لا يصح، محمد بن مروان هو السدي الصغير كذاب، قال العقيلي: لا أصل لهذا الحديث. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 283) بقوله: قلت: أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " من هذا الطريق، وأخرج له شواهد. قلت: ثم ساقها السيوطي وبعضها صحيح، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام " وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يسلم علي ... " الحديث وتقدم ذكره قريبا (ص 362) ، وهي كلها إنما تشهد للحديث في الجملة، وأما التفصيل الذي فيه وأنه من صلى عليه عند قبره صلى الله عليه وسلم فإنه يسمعه، فليس في شيء منها شاهد عليه. وأما نصفه الآخر، فلم يذكر السيوطي ولا حديثا واحدا يشهد له، نعم قال السيوطي: ثم وجدت لمحمد بن مروان متابعا عن الأعمش، أخرجه أبو الشيخ في " الثواب " حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الأعرج حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن الأعمش به. قلت: ورجال هذا السند كلهم ثقات معروفون غير الأعرج هذا، والظاهر أنه الذي أورده أبو الشيخ نفسه في " طبقات الأصبهانيين " (ص 342 / 463) فقال: عبد الرحمن بن أحمد الزهري أبو صالح الأعرج، ثم روى عنه حديثين ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول، وسيأتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 تخريج أحدهما برقم (5835) وسوف يأتي له ثالث برقم (6246) بإذن الله. فقول الحافظ في " الفتح " (6 / 379) : سنده جيد، غير مقبول، ولهذا قال ابن القيم في هذا السند: إنه غريب، كما نقله السخاوي عنه في " القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع " (ص 116) وقال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي في الرد على السبكي " (ص 190) : وقد روى بعضهم هذا الحديث من رواية أبي معاوية عن الأعمش، وهو خطأ فاحش، وإنما هو محمد بن مروان تفرد به وهو متروك الحديث متهم بالكذب. على أن هذه المتابعة ناقصة، إذ ليس فيها ما في رواية محمد بن مروان: " وكفي بها أمر دنياه ... "، كذلك أورده الحافظ ابن حجر والسخاوي من هذا الوجه خلافا لما يوهمه فعل السيوطي حين قال: ... عن الأعمش به، يعني بسنده ولفظه المذكور في رواية السدي كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الرد على الأخنائي " (ص 210 - 211) : وهذا الحديث وإن كان معناه صحيحا (لعله يعني في الجملة) فإسناده لا يحتج به، وإنما يثبت معناه بأحاديث أخر، فإنه لا يعرف إلا من حديث محمد بن مروان السدي الصغير عن الأعمش وهو عند أهل المعرفة بالحديث موضوع على الأعمش. وقال في مختصر الرد المذكور (27 / 241 ـ مجموع الفتاوي) : حديث موضوع، وإنما يرويه محمد بن مروان السدي عن الأعمش، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 كذاب بالاتفاق وهذا الحديث موضوع على الأعمش بإجماعهم. وجملة القول أن الشطر الأول من الحديث ينجومن إطلاق القول بوضعه لهذه المتابعة التي خفيت على ابن تيمية وأمثاله، وأما باقيه فموضوع لخلوه من الشاهد، وبالشطر الأول أورده في " الجامع " من رواية البيهقي! فائدة: قال الشيخ ابن تيمية عقب كلامه المتقدم على الحديث: وهو لوكان صحيحا فإنما فيه أنه يبلغه صلاة من صلى عليه نائيا، ليس فيه أنه يسمع ذلك كما وجدته منقولا عن هذا المعترض (يريد الأخنائي) ، فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم، ولا يعرف في شيء من الحديث، وإنما يقوله بعض المتأخرين الجهال: يقولون: إنه ليلة الجمعة ويوم الجمعة يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه، فالقول إنه يسمع ذلك من نفس المصلين (عليه) باطل، وإنما في الأحاديث المعروفة إنه يبلغ ذلك ويعرض عليه، وكذلك السلام تبلغه إياه الملائكة. قلت: ويؤيد بطلان قول أولئك الجهال قوله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ... " الحديث وهو صحيح كما تقدم (ص 364) فإنه صريح في أن هذه الصلاة يوم الجمعة تبلغه ولا يسمعها من المصلي عليه صلى الله عليه وسلم. 204 - " من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلى علي في المقدس، لم يسأله الله فيما افترض عليه ". موضوع. أورده السخاوي في " القول البديع " (ص 102) وقال: هكذا ذكره المجد اللغوي وعزاه إلى أبي الفتح الأزدي في الثامن من " فوائده " وفي ثبوته نظر. الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 قلت: لقد تساهل السخاوي رحمه الله، فالحديث موضوع ظاهر البطلان، فكان الأحرى به أن يقول فيه كما قال في حديث آخر قبله: لوائح الوضع ظاهرة عليه، ولا أستبيح ذكره إلا مع بيان حاله. ذلك لأنه يوحي بأن القيام بما ذكر فيه من الحج والزيارة والغزويسقط عن فاعله المؤاخذة على تساهله بالفرائض الأخرى، وهذا ضلال وأي ضلال، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينطق بما يوهم ذلك فكيف بما هو صريح فيه؟ ! . ثم رأيت الحديث قد نقله ابن عبد الهادي في رده على السبكي (ص 155) عنه بسنده إلى أبي الفتح الأزدي محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ: حدثنا النعمان بن هارون بن أبي الدلهاث، حدثنا أبو سهل بدر بن عبد الله المصيصي حدثنا الحسن بن عثمان الزيادي، حدثنا عمار بن محمد حدثني خالي سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به ثم قال ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى: هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب عند أهل المعرفة بالحديث، وأدنى من يعد من طلبة هذا العلم يعلم أن هذا الحديث مختلق مفتعل على سفيان الثوري، وأنه لم يطرق سمعه قط، قال: والحمل في هذا الحديث على بدر بن عبد الله المصيصي فإنه لم يعرف بثقة ولا عدالة ولا أمانة أو على صاحب الجزء أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي فإنه متهم بالوضع وإن كان من الحفاظ، ثم ذكر أقوال العلماء فيه ثم قال: ولا يخفى أن هذا الحديث الذي رواه في " فوائده " موضوع مركب مفتعل إلا على من لا يدري علم الحديث ولا شم رائحته. قلت: الأزدي هذا ترجمه الذهبي في " الميزان " وذكر تضعيفه عن بعضهم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ولم يذكر عن أحد اتهامه بالوضع، وكذلك الحافظ في " اللسان " ولم يزد على ما في " الميزان " بل قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (3 / 166) : ووهاه جماعة بلا مستند طائل. فالظاهر أنه بريء العهدة من هذا الحديث، فالتهمة منحصرة في المصيصي هذا. وهو الذي أشار إليه الذهبي في ترجمته في " الميزان " فقال: بدر بن عبد الله أبو سهل المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي بخبر باطل وعنه النعمان بن هارون. قال الحافظ في " اللسان ": والخبر المذكور أخرجه أبو الفتح الأزدي، ثم ذكر هذا الحديث وقد ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 571) وقال (ص 122) : قال في " الميزان ": هذا خبر باطل آفته بدر. 205 - " ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا غرب إلا أنا وملائكة ربي نرد عليه السلام، فقال له قائل: يا رسول الله فما بال أهل المدينة؟ فقال له: وما يقال لكريم في جيرته وجيرانه مما أمر الله به من حفظ الجوار وحفظ الجيران؟ ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 349) : حدثنا سليمان بن أحمد (هو الطبراني) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري حدثنا أبو مصعب، حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، وقال أبو نعيم: غريب من حديث مالك تفرد به أبو مصعب. الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 قلت: واسم أبي مصعب هذا أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني أحد رواة " الموطأ " عن مالك، وهو ثقة فقيه، فالحمل في الحديث على الراوي عنه عبيد الله بن محمد العمري وهو القاضي، قال في " الميزان ": رماه النسائي بالكذب. قلت: ومن طريقه أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك " ثم قال: ليس بصحيح، تفرد به العمري وكان ضعيفا، كما في " اللسان "، وقال السخاوي في " القول البديع " (ص 117) : وفي سنده عبيد الله بن محمد العمري واتهمه الذهبي بوضعه. وقال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (ص 176) : هو حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل والمتهم بوضعه هذا الشيخ العمري المدني ويكفي في افتضاحه روايته هذا الحديث بمثل هذا الإسناد الذي كالشمس، ويجوز أن يكون وضع له وأدخل عليه فحدث به، نعوذ بالله من الخذلان. 206 - " من سب الأنبياء قتل، ومن سب أصحابي جلد ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 137) و" الأوسط " (1 / 281 / 4739 - بترقيمي) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري القاضي - بمدينة طبرية - سنة سبع وسبعين ومئتين حدثنا إسماعيل بن أبي أو يس حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي رضي الله عنه مرفوعا. قلت: وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا العمري كما قال الحافظ في " اللسان " والعمري متهم بالكذب والوضع كما تقدم في الحديث الذي قبله، قال الحافظ: الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 ومن مناكيره هذا الخبر. والحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (6 / 260) وقال: رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " عن شيخه عبيد الله بن محمد العمري رماه النسائي بالكذب. 207 - " أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة ". باطل لا أصل له. وأما قول الزيلعي - على ما في " حاشية ابن عابدين " (2 / 348) : رواه رزين ابن معاوية في تجريد الصحاح. فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة: " الصحيحين " و" موطأ مالك " و" سنن أبي داود " والنسائي والترمذي، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب والترهيب " وهذا الحديث من هذا القبيل فإنه لا أصل له في هذه الكتب ولا في غيرها من كتب الحديث المعروفة، بل صرح العلامة ابن القيم في " الزاد " (1 / 17) ببطلانه فإنه قال بعد أن أفاض في بيان مزية وقفة الجمعة من وجوه عشرة ذكرها: وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة، فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين. وأقره المناوي في " فيض القدير " (2 / 28) ثم ابن عابدين في " الحاشية ". الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 208 - " ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه، يعني حصى الجمار ". ضعيف. قال في " المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة ": رواه الديلمي عن ابن عمر مرفوعا! قلت: واقتصاره في العزو على الديلمي إشارة منه - على ما فيه من قصور - إلى ضعف الحديث، وقد صرح بذلك الإمام البيهقي كما يأتي، فقد أخرجه الديلمي (4 /50) من طريق عبد الرحمن بن خراش عن العوام عن نافع عن ابن عمر وعبد الرحمن هذا والعوام لم أعرفهما، لكن أخشى أن يكون في " المصورة " خطأ نسخي، فقد رواه ابن عدي في " الكامل " (7 / 2555) من طريق عبد الله بن خراش عن واسط بن الحارث عن نافع به، وقال: واسط عامة أحاديثه لا يتابع عليها، وذكر له في " الميزان " مناكير هذا منها، وأخرج البيهقي في " سننه الكبرى " (5 / 128) والدارقطني (ص 289) والحاكم (1 / 476) وكذا الطبراني في " الأوسط " (1 / 121 / 1) من طريق يزيد بن سنان عن يزيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله هذه الحجارة التي يرمى بها كل عام، فنحتسب أنها تنقص؟ فقال: " إنه ما تقبل منها رفع، ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال "، ضعفه البيهقي بقوله: يزيد بن سنان ليس بالقوي في الحديث، وروي من وجه آخر ضعيف عن ابن الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 عمر مرفوعا. قلت: وخالفه شيخه الحاكم فقال: صحيح الإسناد، يزيد بن سنان ليس بالمتروك. والحق قول البيهقي، وهو أعلم من شيخه بالجرح والتعديل، إلا أن الحاكم يستلزم من كون يزيد هذا ليس بالمتروك أن حديثه صحيح، مع أن هذا غير لازم، فإنه قد يكون الراوي ضعيفا وهو غير متروك، فيكون ضعيف الحديث، ويزيد من هذا القبيل، على أنه قد تركه النسائي، ولهذا تعقبه الذهبي في " تلخيص المستدرك " بقوله: قلت: يزيد ضعفوه. والحديث ذكره الهيثمي (3 / 260) وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه يزيد بن سنان التميمي وهو ضعيف. قلت: وقد ورد موقوفا أخرجه الأزرقي في " تاريخ مكة " (ص 403) والدولابي في " الكنى " (2 / 56) من طريق ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال: " ما تقبل من الحصا رفع " وسنده صحيح، وابن أبي النعم، اسمه عبد الرحمن. وكذلك أخرجه موقوفا عن ابن عباس الأزرقي والبيهقي بسند صحيح أيضا، فالصواب في الحديث الوقف، ولينظر هل هو في الحكم المرفوع؟ فإنه لم يتبين لي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 209 - " حلت شفاعتي لأمتي إلا صاحب بدعة ". منكر. أخرجه ابن وضاح القرطبي في كتابه القيم " البدع والنهي عنها " (ص 36) من طريق أبي عبد السلام قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: فهذا مرسل، بكر هذا تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ومع إرساله، فالسند إليه ضعيف، لأن أبا عبد السلام واسمه صالح بن رستم الهاشمي مجهول كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب ". ومع ضعف إسناد الحديث فهو مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ". وهو حديث صحيح، خلافا لمن يظن ضعفه من المغرورين بآرائهم، المتبعين لأهو ائهم! . وهو مخرج من طرق في " ظلال الجنة " (830 ـ 832) و" الروض النضير " (3 و65) و" المشكاة " (5598) . الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 210 - " من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك ". منكر. أخرجه البيهقي (5 / 31) من طريق جابر بن نوح عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {وأتموا الحج والعمرة لله} قال: فذكره. وهذا سند ضعيف، ضعفه البيهقي بقوله: فيه نظر. قلت: ووجهه أن جابرا هذا متفق على تضعيفه، وأورد له ابن عدي (50 / 2) الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 هذا الحديث وقال: لا يعرف إلا بهذا الإسناد، ولم أر له أنكر من هذا. وقد خفي هذا على الشوكاني فقال في " نيل الأو طار " (4 / 254) : ثبت هذا مرفوعا من حديث أبي هريرة، أخرجه ابن عدي والبيهقي! . قلت: وقد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن علي موقوفا ورجاله ثقات، إلا أن المرادي هذا كان تغير حفظه، وعلى كل حال، هذا أصح من المرفوع، وقد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر وعثمان رضي الله عنهما، وهو الموافق لحكمة تشريع المواقيت، وما أحسن ما ذكر الشاطبي رحمه الله في " الاعتصام " (1 / 167) ومن قبله الهروي في " ذم الكلام " (3 / 54 / 1) عن الزبير بن بكار قال: (حدثني سفيان بن عيينة قال) : سمعت مالك ابن أنس وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة، فقال وأي فتنة في هذه؟ إنما هي أميال أزيدها! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! إني سمعت الله يقول! {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ! فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة والشريعة المستقرة، ولقد رأيت بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه، وفهمت منه أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 أحرم من بلده! فلما أنكرت ذلك عليه احتج على بهذا الحديث! ولم يدر المسكين أنه ضعيف لا يحتج به ولا يجوز العمل به لمخالفته سنة المواقيتالمعروفة، وهذا مما صرح به الشوكاني في " السيل الجرار " (2 / 168) ونحو هذا الحديث الآتي: 211 - " من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة ". ضعيف. أخرجه أبو داود (1 / 275) وابن ماجه (2 / 234 - 235) والدارقطني (ص 282) والبيهقي (5 / 30) وأحمد (6 / 299) من طريق حكيمة عن أم سلمة مرفوعا. قال ابن القيم في " تهذيب السنن " (2 / 284) : قال غير واحد من الحفاظ: إسناده غير قوي. قلت: وعلته عندي حكيمة هذه فإنها ليست بالمشهورة، ولم يوثقها غير ابن حبان (4 / 195) وقد نبهنا مرارا على ما في توثيقه من التساهل، ولهذا لم يعتمده الحافظ فلم يوثقها وإنما قال في " التقريب ": مقبولة، يعني عند المتابعة وليس لها متابع هاهنا فحديثها ضعيف غير مقبول، هذا وجه الضعف عندي، وأما المنذري فأعله بالاضطراب فقال في " مختصر السنن " (2 / 285) : وقد اختلف الرواة في متنه وإسناده اختلافا كثيرا. وكذا أعله بالاضطراب الحافظ ابن كثير كما في " نيل الأو طار " (4 / 235) . الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 ثم إن المنذري كأنه نسي هذا فقال في " الترغيب والترهيب " (2 / 119 / - 120) : رواه ابن ماجه بإسناد صحيح! . وأنى له الصحة وفيه ما ذكره هو وغيره من الاضطراب، وجهالة حكيمة عندنا؟ ! ثم إن الحديث قال السندي وتبعه الشوكاني: يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات. قلت: كلا، بل دلالته أخص من ذلك، أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، وأما غيره من البلاد فالأصل الإحرام من المواقيت المعروفة وهو الأفضل كما قرره الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 268 - 269) ، وهذا على فرض صحة الحديث، أما وهو لم يصح كما رأيت، فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم، لما سبق بيانه قبل حديث ولا سيما أنه قد روي ما يدل عليه بعمومه وهو: 212 - " ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه ". ضعيف. أخرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " (132 / 1) والبيهقي في " سننه " (5 / 30 - 31) من طريق واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن عمه أبي أيوب الأنصاري مرفوعا، وقال: هذا إسناد ضعيف، واصل بن السائب منكر الحديث، قاله البخاري وغيره. قلت: وأبو سورة ضعيف كما في " التقريب " ثم رواه البيهقي من طريق الشافعي: أنبأنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء مرفوعا الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 نحوه، وأعله بقوله: وهذا مرسل. قلت: ومسلم شيخ الشافعي هو ابن خالد الزنجي الفقيه وهو صدوق كثير الأوهام كما في " التقريب "، وابن جريج مدلس وقد عنعنه. 213 - " إني لأعلم أرضا يقال لها: عمان، ينضح بجانبها البحر، الحجة منها أفضل من حجتين من غيرها ". ضعيف. أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (رقم 4853) والثقفي في " مشيخته النيسابوريين " (184 - 185) والبيهقي في " سننه " (4 / 335) من طريق الحسن ابن هادية قال: لقيت ابن عمر فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل عمان، قال: من أهل عمان؟ قلت: نعم، قال: أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: ورجاله كلهم ثقات معرفون، غير ابن هادية هذا فقد ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 40) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما قول الحافظ في " اللسان ": قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا أعرفه فأخشى أن يكون انتقل نظره إلى ترجمة أخرى عقب هذه، روى ابن أبي حاتم فيها عن أبيه ما نقله الحافظ عنه، والله أعلم. وأما ابن حبان فقد ذكره في " الثقات " (4 / 123) ، وهذا منه على عادته في الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 توثيق المجهولين كما سبق التنبيه عليه مرارا، وتوثيق ابن حبان هذا هو عمدة الهيثمي حين قال في " المجمع " (3 / 217) : رواه أحمد ورجاله ثقات. وحجة الشيخ الفاضل أحمد محمد شاكر في قوله في تعليقه على " المسند ": إسناده صحيح، وهذا غير صحيح لما سبق، وكم له في هذا التعليق وغيره من مثل هذه التصحيحات المبنية على مثل هذه التوثيقات التي لا يعتمد عليها لضعف مستندها. 214 - " من لم يصل علي فلا دين له ". ضعيف. قال ابن القيم: رواه محمد بن حمدان المروزي حدثنا عبد الله بن {خبيق} حدثنا يوسف ابن أسباط عن سفيان الثوري عن رجل عن زر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا. كذا أورده في كتابه " جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام " (ص 25- 26) ساكتا عليه لظهور ضعفه من سنده، فأحببت أن أكشف عنه، وله علتان: الأولى: يوسف بن أسباط، قال أبو حاتم: كان رجلا عابدا، دفن كتبه وهو يغلط كثيرا، وهو رجل صالح لا يحتج بحديثه. الأخرى: راويه عن زر، فإنه رجل لم يسم، وعلى هذا اقتصر الحافظ السخاوي في " القول البديع " (ص 114) في إعلاله وهو قصور. ثم رأيته في " المعجم الكبير " (رقم 8941 و8942) للطبراني أخرجه من الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 طريقين عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: " من لم يصل فلا دين له ". وإسناده حسن، وليس فيه " علي " ثم هو موقوف، وهو الأشبه بالصواب. 215 - " من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما، فقيل له: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: تقول: اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبى الأمي، وتعقد واحدا ". موضوع. أخرجه الخطيب (13 / 489) من طريق وهب بن داود بن سليمان الضرير حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعا. ذكره في ترجمة الضرير هذا وقال: لم يكن بثقة، قال السخاوي في " القول البديع " (ص 145) : وذكره ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (رقم 796) . قلت: وهو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى وأحرى، فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة، وفي الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم غنية عن مثل هذا، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا " الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1369) ، ثم إن الحديث ذكره السخاوي في مكان آخر (ص 147) من رواية الدارقطني يعني عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال: وحسنه العراقي، ومن قبله أبو عبد الله بن النعمان، ويحتاج إلى نظر، وقد تقدم نحوه من حديث أنس قريبا يعني هذا. قلت: والحديث عند الدارقطني عن ابن المسيب قال: أظنه عن أبي هريرة كما في الكشف (1 / 167) . 216 - " إنا لنكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم ". لا أصل له مرفوعا. وقد بيض له العجلوني في " الكشف " (206) وإنما ذكره البخاري (10 / 434) معلقا موقوفا فقال: ويذكر عن أبي الدرداء: " إنا لنكشر ... " وقد وصله جماعة منهم أبو نعيم في " الحلية " (1 / 222) من طريق خلف بن حوشب قال: قال أبو الدرداء.. فذكره موقوفا، وهو منقطع كما قال الحافظ في " الفتح " ووصله أبو بكر بن المقري في " فوائده " من طريق أبي صالح عن أبي الدرداء. قال الحافظ: هو منقطع أيضا، ووصله ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي في " غريب الحديث " والدينوري في " المجالسة " من طريق أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء. ولم يذكر الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 الدينوري في إسناده جبير بن نفير. قلت: فعلى هذا فهو منقطع أيضا، لكن لعله يتقوى بهذه الطرق. وبالجملة، فالحديث لا أصل له مرفوعا، والغالب أنه ثابت موقوفا، والله أعلم. 217 - " الزرقة في العين يمن، وكان داود أزرق ". موضوع. رواه الحاكم في " تاريخه " من طريق الحسين بن علوان عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 / 114) شاهدا فأساء، ابن علوان هذا كذاب وضاع، والجملة الأولى من الحديث أوردها ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 /162) من رواية ابن حبان وهذا في ترجمة عباد من " الضعفاء " (2 / 164) عن محمد بن يونس عن عباد بن صهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا، وقال ابن الجوزي: لا يصح، عباد متروك والراوي عنه هو الكديمي والبلاء منه. ومن هذا الوجه رواه يوسف بن عبد الهادي في " جزء أحاديث منتقاة " (337 / 1) وقد غفل المعلق على " المراسيل " لأبي داود (333) عن إشارة ابن الجوزي إلى أن إعلاله بالكديمي أولى! فأعله بعباد فقط. ثم ذكره ابن الجوزي من رواية الحارث بن أبي أسامة، حدثنا إسماعيل المؤدب، حدثنا سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " من الزرقة يمن " وقال: الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 لا يصح، سليمان متروك، وإسماعيل لا يحتج به. فتعقبه السيوطي بقوله: قلت: قال أبو داود في " مراسيله " (رقم 479) : حدثنا عباس بن عبد العظيم، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا رجل من أهل العراق عن معمر عن الزهري مرفوعا: " الزرقة يمن ". قلت: هذا مرسل، وفيه العراقي الذي لم يسم فهو المتهم به، وقد غمز من صحته أبو داود نفسه، فقال عقبه: " كان فرعون أزرق، وعاقر الناقة أزرق ". ثم ساق السيوطي الشاهد المتقدم من طريق الحاكم، وقد علمت وضعه، وقد نقل الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 439) عن ابن القيم أنه قال: حديث موضوع. 218 - " من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره ". ضعيف. رواه الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عمر مرفوعا. قال ابن القيم في " الزاد " (1 / 145) : وهو من حديث ابن لهيعة. قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه، وأشار الحافظ في " التلخيص " إلى إعلاله به، وأما تصحيح البجيرمي للحديث في " الإقناع " (2 / 177) فمما لا وجه له إطلاقا. الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 وروى ابن أبي شيبة (1 / 206 / 1) بسند صحيح عن حسان بن عطية قال: " إذا سافر يوم الجمعة دعي عليه أن لا يصاحب ولا يعان في سفر ". فهذا مقطوع، ولعل هذا هو أصل الحديث، فوصله ورفعه ابن لهيعة بسوء حفظه! وللحديث طريق أخرى لكنها موضوعة وهو: 219 - " من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصحب في سفره ولا تقضى له حاجة ". موضوع. أخرجه الخطيب في " كتاب أسماء الرواة عن مالك " من رواية الحسين بن علوان عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الخطيب: الحسين ابن علوان غيره أثبت منه، قال العراقي: قد ألان الخطيب الكلام في الحسين هذا وقد كذبه يحيى بن معين ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وذكر له الذهبي في الميزان هذا الحديث وإنه مما كذب فيه على مالك، كذا في " نيل الأوطار " (3 / 194 - 195) . قلت: ومن العجيب حقا أن العراقي نفسه قد ألان القول أيضا في الحديث هذا بقوله في " تخريج الإحياء " (1 / 188) بعد أن عزاه للخطيب: .... بسند ضعيف. وليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقا، بل روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سافر الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 يوم الجمعة من أول النهار، ولكنه ضعيف لإرساله، وقد روى البيهقي (3 / 187) عن الأسود بن قيس عن أبيه قال: أبصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت قال عمر رضي الله عنه: اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر، ورواه ابن أبي شيبة (2 / 205 / 2) مختصرا، وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات، وقيس والد الأسود وثقه النسائي وابن حبان، فهذا الأثر مما يضعف هذا الحديث وكذا المذكور قبله إذ الأصل أنه لا يخفى على أمير المؤمنين عمر لوكان صحيحا. 220 - " إن له (يعني إبراهيم بن محمد صلى الله عليه وسلم) مرضعا في الجنة، ولو عاش لكان صديقا نبيا، ولوعاش لعتقت أخواله القبط، وما استرق قبطي قط ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1 / 459 ـ 460) من طريق إبراهيم بن عثمان، حدثنا الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى رسول الله عليه وقال: فذكره. وهذا سند ضعيف من أجل إبراهيم بن عثمان، فإنه متفق على ضعفه، ولكن الجملة الأولى من الحديث وردت من حديث البراء، رواه أحمد (4 / 283، 284، 289، 297، 300، 302، 304) وغيره بأسانيد بعضها صحيح. والجملة الثانية وردت عن عبد الله بن أبي أوفى قيل له: رأيت إبراهيم ابن الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 رسول الله؟ قال: مات وهو صغير، ولوقضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي لعاش ابنه ولكن لا نبي بعده، رواه البخاري في " صحيحه " (10 / 476) وابن ماجه (1 / 459) وأحمد (4 / 353) ولفظه: ولوكان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه إبراهيم، وعن أنس قال: رحمة الله على إبراهيم لوعاش كان صديقا نبيا، أخرجه أحمد (3 / 133 و280 - 281) بسند صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن منده وزاد: " ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء " كما في " الفتح " للحافظ ابن حجر (10 / 476) وصححه. وهذه الروايات وإن كانت موقوفة فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة: " لوعاش إبراهيم لكان نبيا " على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صلى الله عليه وسلم لأنها لا تصح هكذا عنه صلى الله عليه وسلم وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجرا وتعكس دليلهم عليهم إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيرا كان بسبب أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ولربما جادلوا في هذا - كما هو دأبهم - وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذه الآثار، وأن يرفعوا عنها حكم الرفع، ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا ولومن الوجه الأول وهو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا صراحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 221 - " الحج قبل التزوج ". موضوع. أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة، وتعقبه المناوي بقوله: وفيه غياث بن إبراهيم، قال الذهبي: تركوه، وميسرة بن عبد ربه قال الذهبي: كذاب مشهور. قلت: والأول أيضا كذاب معروف، قال ابن معين: كذاب خبيث، وقال أبو داود: كذاب، وقال ابن عدي: بين الأمر في الضعف، وأحاديثه كلها شبه الموضوع وهو الذي ذكر أبو خيثمة أنه حدث المهدي بخبر: " لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر " فزاد فيه: " أو جناح " فوصله المهدي، ولما قام قال: أشهد أن قفاك قفا كذاب. فأعجب من السيوطي كيف يورد في " جامعه " أحاديث هؤلاء الكذابين! والحديث في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس " (1 / 97) من طريق غياث بن إبراهيم (وما فوقه غير ظاهر في المصورة إلا: ابن ميسرة عن أبيه عن أبي هريرة) ، وميسرة بن عبد ربه دون هذه الطبقة، فليحقق. وقد روى هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر وهو: الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 222 - " من تزوج قبل أن يحج فقد بدأ بالمعصية ". موضوع. رواه ابن عدي (20 / 2) عن أحمد بن جمهو ر القرقساني، حدثنا محمد بن أيوب حدثني أبي عن رجاء بن روح حدثتني ابنة وهب بن منبه عن أبيها عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن عدي: وبعض روايات أيوب بن سويد أحاديث لا يتابعه أحد عليها. ومن طريق ابن عدي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 213) وقال: محمد ابن أيوب يروي الموضوعات، وأبوه قال يحيى: ليس بشيء. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 120) وزاد عليه قوله: قلت: وأحمد بن جمهو ر متهم بالكذب. قلت: ورجاء بن روح - كذا في " ابن عدي " وفي " الموضوعات " و" اللآليء ": ابن نوح لم أجد له ترجمة. الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 223 - " الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده ". منكر. أخرجه أبو بكر بن خلاد في " الفوائد " (1 / 224 / 2) وابن عدي (17 / 2) وابن بشران في " الأمالي " (2 / 3 / 1) والخطيب (6 / 328) وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2 / 84 / 944) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي، حدثنا أبو معشر المدائني عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. ذكره الخطيب في ترجمة الكاهلي هذا وقال: يروي عن مالك وغيره من الرفعاء أحاديث منكرة، ثم ساق له هذا الحديث ثم روى تكذيبه عن أبي بكر بن أبي شيبة، وقد كذبه الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 أيضا موسى بن هارون وأبو زرعة، وقال ابن عدي عقب الحديث: هو في عداد من يضع الحديث، وكذا قال الدارقطني كما في " الميزان "، وزاد ابن الجوزي: لا يصح، وأبو معشر ضعيف. وقال المناوي متعقبا على السيوطي حيث أورده في " الجامع " من رواية الخطيب وابن عساكر: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وقال ابن العربي: هذا حديث باطل فلا يلتفت إليه. ثم وجدت للكاهلي متابعا، وهو أحمد بن يونس الكوفي، وهو ثقة أخرجه ابن عساكر (15 / 90 / 2) من طريق أبي علي الأهوازي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن جعفر ابن عبيد الله الكلاعي الحمصي بسنده عنه به، أورده في ترجمة الكلاعي هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن أبو علي الأهوازي متهم، فالحديث باطل على كل حال، ثم رأيت ابن قتيبة أخرج الحديث في " غريب الحديث " (3 / 107 / 1) عن إبراهيم بن يزيد عن عطاء عن ابن عباس موقوفا عليه، والوقف أشبه وإن كان في سنده ضعيف جدا، فإن إبراهيم هذا وهو الخوزي متروك كما قال أحمد والنسائي، لكن روي الحديث بسند آخر ضعيف عن ابن عمرو رواه ابن خزيمة (2737) والطبراني في " الأوسط " (1 / 33 / 2) ، وقال: تفرد به عبد الله بن المؤمل ولذا ضعفه البيهقي في " الأسماء " (ص 333) وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (2 / 123) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وإذا عرفت ذلك، فمن العجائب أن يسكت عن الحديث الحافظ ابن رجب في " ذيل الطبقات " (7 / 174 - 175) ويتأول ما روي عن ابن الفاعوس الحنبلي أنه كان يقول: " الحجر الأسود يمين الله حقيقة "، بأن المراد بيمينه أنه محل الاستلام والتقبيل، وأن هذا المعنى هو حقيقة في هذه الصورة وليس مجازا، وليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلا، وكان يغنيه عن ذلك كله التنبيه على ضعف الحديث، وأنه لا داعي لتفسيره أو تأويله لأن التفسير فرع التصحيح كما لا يخفى. 224 - " حملة القرآن أولياء الله، فمن عاداهم فقد عادى الله، ومن والاهم فقد والى الله ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (2 / 90) من طريق أبي نعيم معلقا عليه بسنده عن الحسن بن إدريس العسكري حدثنا إبراهيم بن سهل حدثنا داود بن المحبر عن صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر به. وذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي وابن النجار عن ابن عمر، وتعقبه المناوي بقوله: وفيه داود بن المحبر، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ورواه عنه أبو نعيم في " الحلية " ومن طريقه أورده الديلمي مصرحا، فلوعزاه له لكان أولى. قلت: بل الأولى حذفه أصلا! فقد أورده السيوطي نفسه في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 155، ص 32) من رواية أبي نعيم في " تاريخ أصبهان " وقال السيوطي: قال الحافظ في " اللسان ": هذا خبر منكر ساقه أبو نعيم في ترجمة الحسن الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 بن إدريس، لكن الآفة من داود بن المحبر، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة ": (135 / 1) ، والحديث في " أخبار أصبهان " (1 / 264) وليس في " الحلية " كما ظن المناوي! . والحسن بن إدريس هو من شيوخ أبي الشيخ كما ترجمه في " طبقاته " (389 / 531) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وكذلك صنع أبو نعيم، وإبراهيم بن سهل لم أعرفه، ثم رواه الديلمي من حديث علي نحوه وفيه محمد بن الحسين، قال الخطيب (2 / 248) : قال لي محمد بن يوسف القطان: كان غير ثقة يضع للصوفية الأحاديث. 225 - " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". ضعيف. بهذا السياق والتمام، أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا ابن ماجه وابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 140) والبغوي في حديث علي بن الجعد (7 / 70 / 1) والطبراني (3 / 174 / 2) وأبو عبد الله القطان في " حديثه " (54 / 1) والحاكم (1 / 374) والبيهقي (4 / 78) وكذا الطيالسي (1 / 171) وأحمد (2030) من طريق محمد بن جحادة قال: سمعت أبا صالح زاد القطان، بعد ما كبر، وهو رواية لابن أبي شيبة (2 / 84 / 1) عن ابن عباس قال: فذكره، وقال الحاكم وتبعه الذهبي: أبو صالح باذان ولم يحتجا به، وأما الترمذي فقال: الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 حديث حسن، وأبو صالح هذا هو مولى أم هانيء بنت أبي طالب واسمه باذان ويقال: باذام أيضا. قلت: وهو ضعيف عند جمهو ر النقاد، ولم يوثقه أحد إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في " التهذيب " بل كذبه إسماعيل بن أبي خالد والأزدي، ووصمه بعضهم بالتدليس، وقال الحافظ في " التقريب ": ضعيف مدلس. قلت: وكأنه لهذا، قال ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " بعد أن حكى تحسين الترمذي للحديث قال (59 / 1) : قلت: فيه وقفة لنكتة ذكرتها في الأصل يعني " البدر المنير " ولم أقف عليه لنقف على النكتة التي أشار إليها وإن كان الظاهر أنه أراد بها ضعف أبي صالح المذكور وتدليسه، وبه أعله عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه الكبرى " (80 / 1) فقال: وهو عندهم ضعيف جدا. قلت: فمن هذا حاله لا يحسن تحسين حديثه كما فعل الترمذي! فكيف تصحيحه كما فعل الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " وعلى سنن الترمذي (2 / 136 - 138) ؟ وهذا التحسين والتصحيح بالإضافة إلى اشتهار الاستدلال بهذا الحديث على تحريم إيقاد السرج، حملني على أن أبين حقيقة إسناد هذا الحديث لكي لا ينسب إليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، نعم قد جاء غالب الحديث من طرق أخرى، فلعن زائرات القبور، رواه ابن ماجه (1 / 478) والحاكم، والبيهقي وأحمد (3 / 142) من حديث حسان بن ثابت، والترمذي وابن ماجه والبيهقي والطيالسي وأحمد (2 / 337) عن أبي هريرة بلفظ: " زوارات القبور "، انظر " أحكام الجنائز " (185 - 187) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 ولعن المتخذين على القبور المساجد متواتر عنه صلى الله عليه وسلم في " الصحيحين " وغيرهما من حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة وزيد بن ثابت وأبي عبيدة بن الجراح وأسامة بن زيد، وقد سقت أحاديثهم وخرجتها في " التعليقات الجياد على زاد المعاد " ثم في " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد "، وهو مطبوع، ونص حديث عائشة وابن عباس مرفوعا: " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد " زاد أحمد في روايته: " يحرم ذلك على أمته " وأخرج أيضا من حديث ابن مسعود مرفوعا: " إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد ". ومع هذه الأحاديث الكثيرة في لعن من يتخذ المساجد على القبور تجد كثيرا من المسلمين يتقربون إلى الله ببنائها عليها والصلاة فيها، وهذا عين المحادة لله ورسوله، انظر " الزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر " للفقيه أحمد بن حجر الهيثمي (1 / 121) وقد صرح بعض الحنفية وغيرهم بكراهة الصلاة فيها، بل نقل بعض المحققين اتفاق العلماء على ذلك، فانظر " فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية " (1 / 107، 2 / 192) " وعمدة القاري شرح صحيح البخاري " للعيني الحنفي (4 /149) وشرحه للحافظ ابن حجر (3 / 106) ، وأما لعن المتخذين عليها السرج. فلم نجد في الأحاديث ما يشهد له، فهذا القدر من الحديث ضعيف، وإن لهج إخواننا السلفيون في بعض البلاد بالاستدلال به، ونصيحتي إليهم أن يمسكوا عن نسبته إليه صلى الله عليه وسلم لعدم صحته، وأن يستدلوا على منع السرج على القبور بعمومات الشريعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار "، ومثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، ونهيه عن التشبه بالكفار ونحوذلك. 226 - " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ". موضوع. أخرجه المحاملي في " الأمالي " (ج 2 رقم 41 - نسختي) والخطيب في " تاريخه " (11 / 251) وكذا العقيلي في " الضعفاء " (466) من طريق يعقوب بن الوليد المدني، وابن عدي (356 / 1) من طريق يعقوب بن إبراهيم الزهري، كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. ومن طريق العقيلي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 423) وقال: يعقوب كذاب يضع، قال العقيلي: ولا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. قلت: قال الذهبي في ترجمة يعقوب: قال أحمد: كان من الكذابين الكبار، يضع الحديث، ثم ساق له هذا الحديث، وقال ابن عدي: يعقوب بن إبراهيم هذا ليس بالمعروف، وقد سرقه منه يعقوب بن الوليد. وقد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآلئ " (2 / 272) كعادته فقال: وللحديث طريق آخر عن هشام أخرجه الخطيب وابن عساكر (4 / 283 / 2) من طريق أبي سعيد شعيب بن محمد بن إبراهيم الشعيبى، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن وصيف {الفامي} ، أنبأنا محمد بن سهل بن الفضل بن عسكر أبو الفضل، حدثنا خلاد بن يحيى عن هشام بن عروة به. قلت: وهذا إسناد مظلم، فإن من دون خلاد لا يعرفون، أما شعيب بن محمد الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 بن إبراهيم الشعيبي فلعله الذي في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 352) : شعيب بن محمد بن شعيب العبدي، بغدادي، روى عن بشر بن الحارث وعبد الرحمن بن عفان كتب عنه أبي في الرحلة الثانية وكذا في " تاريخ بغداد " (9 / 244) للخطيب نقلا عن ابن أبي حاتم. وأما محمد بن وصيف {الفامي} فلم أجد من ذكره إلا أن يكون الذي ذكره الخطيب في " تاريخه " (3 / 336) : محمد بن وصيف أبو جعفر السامري، ثم ساق له حديثا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكن هذا كنيته أبو جعفر، والمترجم كنيته أبو عبد الله، فالله أعلم. وأما محمد بن سهل بن فضل، فيحتمل أنه محمد بن سهل العطار، وقد تردد في هذا الحافظ ابن حجر في " اللسان " والله أعلم. والعطار معروف بوضع الحديث، وصفه بذلك الدارقطني وغيره فهو آفة هذا الإسناد أو من دونه، والله أعلم. وقد روي الحديث بألفاظ أخرى من طرق أخرى وكلها باطلة كما قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " وأما قول الشيخ علي القاري في " الموضوعات " (ص 37) : لكن رواه الديلمي من حديث أنس وعمر وعلي وعائشة بأسانيد متعددة فيدل على أن الحديث له أصل. فهو ذهول عن قول الحافظ السخاوي: إنها كلها باطلة، وعن القاعدة المتفق عليها عند المحدثين أن تعدد الطرق إنما يقوي الحديث إذا كان الضعف فيها ناشئا من قلة الضبط والحفظ، وليس الأمر في هذا الحديث كذلك، فإن غالبها لا يخلومن متهم بالكذب، كما يأتي بعد، ثم إن في ألفاظها اضطرابا شديدا فبعضها يقول: فإنه مبارك، كما في حديث عائشة هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وبعضها يقول: " فإنه ينفي الفقر "، وغير ذلك من الألفاظ التي لا يشهد بصحتها شرع ولا عقل، ومنها الحديث الآتي: 227 - " تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر ". موضوع. ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 58) من رواية ابن عدي وعنه الديلمي (2 / 31) عن الحسين بن إبراهيم البابي حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا به، وقال ابن الجوزي: قال ابن عدي: باطل والحسين مجهول، وقال الذهبي في " الميزان ": حديث موضوع، وأقره الحافظ في " اللسان " وكذا أقر ابن الجوزي على وضعه السيوطي في " اللآليء " (2 / 273) وزاد: قلت: قال في " الميزان ": حسين لا يدرى من هو فلعله من وضعه. ومع اعتراف السيوطي بوضعه فقد ذكره في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي!! ومن طريق ابن عدي وغيره أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " (14 / 26 - ط) ، وأعله بجهالة البابي، ولم أره في " كامل ابن عدي ". الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 228 - " تختموا بالعقيق فإنه أنجح للأمر، واليمنى أحق بالزينة ". موضوع. أخرجه ابن عساكر (4 / 291 / 1 - 2) في ترجمة الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام السلمي بسنده إلى أبي جعفر محمد بن عبد الله الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 البغدادي حدثني محمد بن الحسن - بالباب والأبواب - حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا به، قال الحافظ في " اللسان " (2 / 269) : وهو موضوع لا ريب فيه، لكن لا أدري من وضعه. وأقره السيوطي في " اللآليء ": (2 / 273) . 229 - " تختموا بالخواتم العقيق فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه ". موضوع. رواه الديلمي في " مسنده " (2 / 32) من طريق علي بن مهرويه القزويني، وفي سنده داود بن سليمان الغازي الجرجاني كذبه ابن معين، وقال الذهبي: شيخ كذاب، له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا. قلت: وهذا الحديث من النسخة المذكورة كما يتبين لمن نظر " المقاصد الحسنة " و" كشف الخفاء ". الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 230 - " من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا ". موضوع. رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 57) من طريق ابن حبان يعني في " الضعفاء " (3 / 153) عن زهير بن عباد حدثنا أبو بكر بن شعيب عن مالك عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا وقال ابن حبان وتبعه ابن الجوزي: أبو بكر يروي عن مالك ما ليس من حديثه. الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وأقره في " اللآليء " (2 / 271) ، وقال الذهبي في ترجمة أبي بكر المذكور وقد ساق له هذا الحديث: هذا كذب، ووافقه الحافظ في " اللسان ". والحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط " من هذا الوجه وقال: لم يروه عن مالك إلا أبو بكر تفرد به زهير، كما في " جزء منتقى " من معجمي الطبراني " الأوسط " و" الكبير " ومن " مسند المقلين " لدعلج بخط الحافظ الذهبي وروايته عن الحافظ المزي (ورقة 1 وجه 2) وكذلك هو في " جزء من حديث الطبراني رواية أبي نعيم " (26 / 1) ، وفي " جزء ما انتقاه ابن مردويه من حديث الطبراني " (113 / 1) ثم رأيته في " المعجم الأوسط " (1 / 8 / 101) . ومن هذا يتبين خطأ قول الهيثمي بعد أن ساق الحديث (5 / 154 - 155) : رواه الطبراني في " الأوسط " وعمرو بن الشريد لم يسمع من فاطمة، وزهير بن عباس الرواسي وثقه أبو حاتم، وبقية رجاله رجال الصحيح! فهذا خطأ فاحش، فإن أبا بكر هذا ليس من رجال الصحيح، بل ولا من رجال السنن و" المسانيد "! ثم هو متهم كما يشير إليه كلام ابن حبان وابن الجوزي السابق فيه. وقد غفل عن هذا المعلق على " الأوسط " (1 / 104) فنقل كلام الهيثمي ثم أقره. وبالجملة فكل أحاديث التختم بالعقيق باطلة كما سبق عن الحافظ السخاوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 231 - " كلوالبلح بالتمر، فإن الشيطان إذا رآه غضب وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق ". موضوع. رواه ابن ماجه (1 / 317) والعقيلي في " الضعفاء " (467) وابن عدي (364 / 2) وابن حبان في " الضعفاء " (3 / 120) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 134) والحاكم في " المستدرك " (4 / 21) وفي " معرفة علوم الحديث " (ص 100 - 101) والبيهقي في " الآداب " (318 / 667) وأبو الحسن الحمامي في " الفوائد المنتقاة " (9 / 207 / 2) والخطيب في " تاريخه " (5 / 353) وهبة الله الطبري في " الفوائد " (1 / 134 / 2) واستغربه عن أبي زكير يحيى ابن محمد بن قيس قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا، وقال ابن عدي والحاكم في " المعرفة " والبيهقي والحمامي والخطيب: تفرد به أبو زكير، والحاكم مع تساهله المعروف لم يصححه في " المستدرك " وقال الذهبي في " الميزان ": هذا حديث منكر، وكذا قال في تلخيص " المستدرك " وزاد: ولم يصححه المؤلف. قال السندي: وفي " الزوائد ": في إسناده أبو زكير في الأصل زكريا وهو تصحيف يحيى بن محمد ضعفه ابن معين وغيره، وقال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة سوى أربعة أحاديث. قلت: وقد عد هذا الحديث من جملة تلك الأحاديث، وقال النسائي: إنه حديث منكر. الحديث: 231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 26) وقال: قال الدارقطني: تفرد به أبو زكير عن هشام قال العقيلي: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، قال ابن حبان: وهو يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من غير تعمد فلا يحتج به، روى هذا الحديث ولا أصل له، قال ابن الجوزي: هذا قدح ابن حبان في أبي زكير وقد أخرج عنه مسلم في " الصحيح " ولعل الزلل من قبل محمد بن شداد المسمعي (يعني أحد رواته) عن أبي زكير قال الدارقطني: لا يكتب حديثه، وتابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير، ونعيم ليس بثقة. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 243) على وضعه لكنه تعقبه في محاولته تبرئة أبي زكير من عهدة الحديث فإنه ذكر له طرقا أخرى عن أبي زكير، تحمل الباحث على أن يحصر التهمة في أبي زكير، وهو الصواب، وبه أعل الأئمة هذا الحديث والله أعلم. ومسلم إنما أخرج له في " المتابعات "، كما في " التهذيب "، وقال في " التقريب ": صدوق يخطيء كثيرا. ومع اعتراف السيوطي بوضعه فإنه أورده في " الجامع الصغير " من رواية النسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة! هذا وقد عزاه للنسائي ابن القيم أيضا في " زاد المعاد " (3 / 211) فالظاهر أنه في " سننه الكبرى "، وهو في الوليمة منه، كما في " تحفة الأشراف " (12 / 224) وقال النسائي: هذا منكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 كما تقدم عن " الزوائد "، ثم إن ابن القيم سكت عن هذا الحديث فكأنه لم يستحضر علته فكان عمله هذا من جملة الدواعي على تحرير القول فيه. 232 - " كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود ". موضوع. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (9 / 106 / 1) وابن عدي (258 / 2) عن عصمة بن محمد حدثنا موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس مرفوعا. وقال ابن عدي: وعصمة بن محمد كل حديثه غير محفوظ وهو منكر الحديث. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 25) من طريق ابن عدي عن عصمة، ثم قال: لا يصح، عصمة كذاب. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 243) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (320 / 2) ومن قبلهما ابن القيم في " المنار " وقال (ص 25) : هو بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق. ومع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي بكر الشافعي هذا والديلمي عن ابن عباس، فانظر كم هو متناقض؟ ! . الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 233 - " أكثر خرز الجنة العقيق ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 281) في ترجمة سلم، وفي " الحلية " سالم ابن ميمون الخواص من طريق أبي محمد سلم الزاهد: ثنا القاسم الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 ابن معن عن أخته أمينة بنت معن عن عائشة مرفوعا، وقال: غريب من حديث القاسم لم نكتبه إلا من هذا الوجه، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 58) من هذا الوجه وقال: سلم بن سالم كذاب. وعقب عليه السيوطي بقوله في " اللآليء " (2 / 273) : قلت: اتفقوا على تضعيفه غير ابن عدي فقال: أرجوأنه يحتمل حديثه، وقال العجلي: لا بأس به، وهو صاحب حديث العدس، ثم راجعت " الحلية " فوجدته أخرجه في ترجمة سلم بن ميمون الخواص الزاهد المشهور، وهو صوفي من كبار الصوفية والعباد غير أن في حديثه مناكير، قال ابن حبان: غلب عليه الصلاح حتى شغل عن حفظ الحديث وإتقانه. قلت: وتمام كلام ابن حبان (1 / 345) : فربما ذكر الشيء بعد الشيء ويقلبه توهما، فبطل الاحتجاج به. وقال ابن أبي حاتم (2 / 1 / 167) عن أبيه: لم أكتب عنه، روى عن أبي خالد الأحمر حديثا منكرا شبه الموضوع، وميل السيوطي إلى أن الحديث لسلم بن ميمون يؤيده إيراد أبي نعيم له في ترجمته، لكن لم أر أحدا ممن ترجمه ذكر له كنية مطلقا، بخلاف سلم بن سالم فقد جزم بأن كنيته أبو محمد ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 266) ، وابن سعد في " طبقاته " (7 / 374) و" تاريخ بغداد " (9 / 141) للخطيب واعتمده هو حيث قال في أول ترجمته: سلم بن سالم أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن البلخي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 فهذا يؤيد أنه سلم بن سالم وهو موصوف بالزاهد أيضا مثل سلم بن ميمون فكان ذلك من دواعي الاشتباه، والأرجح ما ذهب إليه ابن الجوزي أنه سلم بن سالم وهو متهم، وروى الخطيب عن أحمد بن سيار قال: سلم بن سالم كان يروي أحاديث ليست لها خطم ولا أزمة شبيهة بالموضوع، وعن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: غير ثقة، سمعت إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهو يه يقول: سئل ابن المبارك عن الحديث الذي حدث في أكل العدس أنه قدس على لسان سبعين نبيا؟ فقال: ولا على لسان نبي واحد، إنه لمؤذ منفخ، من يحدثكم به؟ قالوا: سلم بن سالم، قال: عمن؟ قالوا: عنك، قال: وعني أيضا؟ ! ثم روى الخطيب تضعيفه عن أحمد والنسائي وغيرهما، وقال ابن أبي حاتم في ترجمته (1 / 1 / 367) : سمعت أبا زرعة يقول: لا يكتب حديثه، كان مرجئا، وكان لا - وأو مأ بيده إلى فيه -يعني لا يصدق، وقال ابن حبان (1 / 344) : منكر الحديث يقلب الأخبار قلبا، وكان ابن المبارك يكذبه. وأما استثناء السيوطي ابن عدي من المضعفين له بسبب قوله: أرجوأن يحتمل حديثه فغير مستقيم لأنه إنما قال هذا بعد أن أورد له أحاديث قال فيها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 " هذه الأحاديث أنكر ما رأيت له، وله أفراد، وأرجوأن يحتمل حديثه " كذا في " اللسان "، فهذا يفيد أن ابن عدي ضعفه بسبب روايته لتلك الأحاديث المنكرة، ورجاؤه أن يحتمل ما له من الأفراد والأحاديث القليلة، لا يوثقه بعد روايته الأحاديث المنكرة، وهذا بين لا يخفى على من له دراية بهذا الفن الشريف. وقد سبق للسيوطي مثل هذه الخطأ فانظر الحديث (201) . وبالجملة فالحديث موضوع سواء كان من رواية سلم بن سالم أو من رواية سلم بن ميمون فإن كل واحد منهما شر في الحديث من الآخر كما تبين لك من أقوال العلماء فيهما، وقد مضى عن السخاوي في الحديث (رقم 222) أن كل طرق حديث خاتم العقيق باطلة، ثم إن الحديث ذكره الذهبي في ترجمة سلم بن عبد الله الزاهد، وقال: وهاه ابن حبان وقال: حدثنا ابن قتيبة وحدثنا حاتم بن نصر - بأستروشنة - قالا: حدثنا عبيد بن الغار العسقلاني حدثنا سلم بن عبد الله الزاهد عن القاسم بن معن.. . قلت: فذكر الحديث بإسناده ولفظه، وقد عزاه الحافظ في " اللسان " لأبي نعيم وقال: ولم تقع في روايته ولا رواية ابن حبان تسمية والد سلم والعلم عند الله. كذا قال لكن ابن حبان أورده في ترجمة سلم بن عبد الله الزاهد أبو محمد من " ضعفائه " (1 / 344) عقب ترجمة سلم بن سالم المتقدم، وقال: لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 234 - " أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر، فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها ذلك حليما، فإنه كان طعام مريم حين ولدت عيسى، ولوعلم الله طعاما هو خير لها من التمر أطعمها إياه ". موضوع. أخرجه الخطيب (8 / 366) من طريق داود بن سليمان الجرجاني حدثنا سليمان بن عمرو عن سعد بن طارق عن سلمة بن قيس مرفوعا. ذكره في ترجمة الجرجاني ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: كذاب. قلت: وقد سبق له حديث موضوع قريبا (229) ، وشيخه في هذا الحديث سليمان بن عمرو وهو النخعي كذاب أيضا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 27) من هذا الوجه وقال: سليمان النخعي وداود كذابان. وعقب عليه السيوطي في " اللآليء " بقوله (2 / 244) : قلت: داود توبع. ثم ساقه من رواية ابن منده من طريق حامد بن المسور حدثنا الحسن بن قتيبة حدثنا سليمان بن عمرو النخعي به، وأخرجه أبو نعيم في " الطب " من طريق حامد بن المسور. قلت: وهذه المتابعة لا تجدي لأنها تدور على سليمان النخعي الكذاب أيضا باعتراف السيوطي فكأنه يعترف بوضع هذا الحديث، لكنه قد روي بإسناد آخر ضعيف ولفظه قريب من هذا فانظر الحديث الآتي الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 (263) ، وقد جزم ابن القيم في " المنار " (ص 25) بوضعه فقال: هو بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق. 235 - " ترك الدنيا أمر من الصبر، وأشد من حطم السيوف فى سبيل الله، ولا يتركها أحد إلا أعطاه مثل ما يعطي الشهداء، وتركها قلة الأكل والشبع، وبغض الثناء من الناس، فإنه من أحب الثناء من الناس أحب الدنيا ونعيمها، ومن سره النعيم فليدع الثناء من الناس ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (2 / 44) قال أنبأنا أبي أخبرنا أحمد بن عمرو البزار عن عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا. وذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 191) من رواية الديلمي، وقال السيوطي: قال في " الميزان ": عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن الثوري والأوزاعي بمناكير وعجائب، اتهمه ابن حبان بالوضع، وفي " اللسان " قال ابن حبان: يأتي عن الثوري بالأوابد حتى لا يشك من كتب الحديث إنه عملها (2 / 35) ، وأقره ابن عراق (358 / 1) . قلت: ومع هذا فقد أورد السيوطي طرف الحديث الأول في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي هذه! فأساء من وجهين. الأول: إيراده فيه مع أنه من رواية ذاك المتهم بالوضع. الآخر: اقتصاره على القدر المذكور فأو هم أنه كذلك عند الديلمي وليس الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 كذلك. والشارح المناوي لم يتعقبه بشيء يذكر فقال: ورواه عنه البزار أيضا، ومن طريقه عنه أورده الديلمي. قلت: إطلاق العزو للبزار يعني إنه رواه في " مسنده " كما هو المصطلح عليه عند المحدثين وما أظن البزار أخرجه فيه وإلا لذكره الهيثمي في " المجمع " ولم أره فيه، والله أعلم. ثم استدركت فقلت: ليس البزار في إسناد الديلمي هو أحمد بن عمرو صاحب " المسند " المعروف به، فإنه توفي سنة (292) ووالد الديلمي واسمه شيرويه ابن شهردار مات سنة (509) فبينهما قرنان من الزمان! . 236 - " ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا ". موضوع. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (3 / 191 / 1617) حدثنا سليمان الشاذكوني حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا علي بن الحزور قال: سمعت أبا مريم يقول: سمعت عمار ابن ياسر يقول: ... فذكره مرفوعا، وذكره الهيثمي في " المجمع " (10 /286) وقال: وفيه سليمان الشاذكوني وهو متروك. قلت: بل هو كذاب وقد مضى له عدة أحاديث أقربها الحديث (234) . ثم إن اقتصاره عليه يوهم أنه ليس فيه من هو مثله أو قريب منه، وليس كذلك بل فوقه آخران أحدهما شر من الآخر استدرك عليه أحدهما المعلق على " المسند " فقال: وعلي بن الحزور متروك وباقي رجاله ثقات. الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 قلت: ولقد أخطأ أيضا، فإن إسماعيل بن أبان ليس هو الوراق الثقة وإنما هو إسماعيل بن أبان الغنوي، قال الحافظ: متروك رمي بالوضع. 237 - " ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الكبير " (1 / 180 / 1) وفي " الأوسط " (484 - 485 - حرم) عن حامد بن آدم المروزي أنبأنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن سلمة بن كهيل عن جندب بن سفيان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: محمد العرزمي هذا فإنه متروك كما في " التقريب ". الأخرى: حامد بن آدم المروزي فقد كذبه الجوزجاني وابن عدي، وعده أحمد بن علي السلماني فيمن اشتهر بوضع الحديث ولهذا قال الهيثمي في " المجمع " (10 /225) بعد أن عزاه للطبراني: وفيه حامد بن آدم وهو كذاب. قلت: لكن تعصيب الجناية به وحده قصور مع أن فوقه ذاك المتروك، ولا سيما ولم يتفرد به حامد فقد أخرجه أبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (7 / 2) قال حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم الجعابي حدثنا عمر بن أيوب السقطي حدثنا محمد بن عمر بن أبي رزمة حدثنا الفضل بن موسى به وابن أبي رزمة هذا الظاهر أنه محمد بن عبد العزيز أبو رزمة فإنه الذي ذكروه في الرواة عن الفضل بن موسى شيخه في هذا السند، فإذا كان هو هذا فهو ثقة من الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 رجال البخاري ويكون تصحف اسم أبيه عبد العزيز على بعض النساخ فكتب بدله: عمر، وأما الراوي عنه عمر بن أيوب السقطي فالظاهر أيضا أنه الموصلي وهو ثقة من رجال مسلم بل هو غيره فهذا عبدي كما في " التهذيب " وذاك سقطي وهو مترجم في " تاريخ بغداد " (11 /219) وهو ثقة، لكن الراوي عنه الجعابي ضعيف، فإنه وإن كان حافظا مشهورا فإنه فاسق رقيق الدين كما قال الذهبي، وذكر الدارقطني أنه اختلط وإن كان الجعابي حفظ هذا السند فتلك متابعة قوية لحامد بن آدم، وهي مما يستدرك على السيوطي فإنه أورد الحديث من طريق الطبراني التي فيها ذاك الكذاب وأعرض عن هذه السالمة من مثله! وتبعه على ذلك المناوي إلا أنه تعقبه بكلام الهيثمي السابق في حامد وذهل عن هذه الطريق السالمة منه وهذا كله يصدق المثل السائر: كم ترك الأول للآخر! . 238 - " إذا وضعت المائدة فلا يقوم رجل حتى ترفع المائدة، ولا يرفع يده وإن شبع حتى يفرغ القوم، وليعذر فإن الرجل يخجل جليسه فيقبض يده وعسى أن يكون له في الطعام حاجة ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (2 / 309) من طريق عبد الأعلى عن يحيى بن أبي كثير عن عروة بن الزبير عن ابن عمر مرفوعا. قال البوصيري في " الزوائد " (4 / 14) : في إسناده عبد الأعلى بن أعين وهو ضعيف. قلت: بل ضعيف جدا، قال أبو نعيم: الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 روى عن يحيى بن أبي كثير المناكير. قلت: وهذه منها. وقال الدارقطني: ليس بثقة، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. والجملة الأولى من الحديث رويت بإسناد آخر ولكنه ضعيف جدا أيضا وهو: 239 - " نهى أن يقام عن الطعام حتى يرفع ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (2 / 309) من طريق الوليد بن مسلم عن منير بن الزبير عن مكحول عن عائشة مرفوعا، قال البوصيري في " الزوائد " (4 / 13) : في إسناده الوليد بن مسلم مدلس، وكذلك مكحول الدمشقي، ومنير بن الزبير قال فيه دحيم: ضعيف، وقال ابن حبان: يأتي عن الثقات بالمعضلات لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. وفي " الميزان " بعد أن ذكر قول ابن حبان فيه وساق له هذا الحديث: والحديث أيضا منقطع، يعني بين مكحول وعائشة، قال المناوي في شرح " الجامع ": فرمز المصنف لحسنه غير حسن. الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 240 - " نهى عن ذبائح الجن ". موضوع. ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 302) من رواية ابن حبان في " المجروحين " (2 / 19) عن عبد الله بن أذينة عن ثور بن يزيد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: قال ابن حبان: عبد الله منكر الحديث جدا يروي عن ثور ما ليس من حديثه. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 226) فقال: قلت: أخرجه أبو عبيد في " غريبه " والبيهقي من طريقه: أنبأنا عمر بن هارون عن يونس عن الزهري رفع الحديث. قلت: وهذا التعقيب لا طائل تحته، فإن عمر بن هارون متفق على تضعيفه بل قال فيه يحيى بن معين وصالح جزرة: كذاب، فسقط حديثه. والحديث في " سنن البيهقي " (9 / 314) من الوجه الذي ذكره السيوطي وعنده عقب الحديث ما نصه: قال: (لعله يعني الزهري) وأما ذبائح الجن: أن تشتري الدار وتستخرج العين وما أشبه ذلك فتذبح لها ذبيحة للطيرة، وقال أبو عبيد: وهذا التفسير في الحديث معناه: أنهم يتطيرون إلى هذا الفعل مخافة أنهم إن لم يذبحوا فيطعموا أن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا ونهى عنه. قلت: لقد علمت أن الحديث غير صحيح، فالعمدة في النهي عن هذه الذبائح الأحاديث الصحيحة في النهي عن الطيرة، والله أعلم. الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 241 - " إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (2 / 322) وابن أبي الدنيا في " كتاب الجوع " (8 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 213) والبيهقي في " الشعب " (2 / 169 / 1) من طرق عن بقية بن الوليد حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن عن أنس مرفوعا. قال أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه: وفي " الزوائد ": هذا إسناد ضعيف لأن نوح بن ذكوان متفق على تضعيفه، وقال الدميري: هذا الحديث مما أنكر عليه. قلت: وأورده ابن الجوزي في " الأحاديث الموضوعة " (3 / 30) من رواية الدارقطني عن يحيى بن عثمان حدثنا به، وقال: لا يصح، يحيى منكر الحديث وكذا نوح. وعقب عليه السيوطي في " اللآليء " (2 / 246) بقوله: قلت: يحيى بريء من عهدته، ثم ذكر رواية ابن ماجه من الطرق المشار إليها عن بقية ورواية الخرائطي في " اعتلال القلوب " من طريق أخرى عن بقية فانحصرت التهمة بإرشاد السيوطي بنوح بن ذكوان، وهذا يتضمن اعتراف السيوطي بوضع الحديث كما لا يخفى، ومع ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير " برواية ابن ماجه! . وأما قول المناوي في شرحه: وعده ابن الجوزي في الموضوع، لكن تعقب بأن له شواهد؟ . فما أظنه إلا وهما، فإني لا أعلم له ولا شاهدا واحدا ولوكان معروفا لبادر السيوطي إلى إيراده في " اللآليء " متعقبا به على ابن الجوزي كما هي عادته! وكذلك الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 لم يذكر له أي شاهد المنذري في " الترغيب " (3 / 124) والعجلوني في " الكشف " (1 / 255) والله أعلم. وفي الحديث علة أخرى خفيت على ابن الجوزي ثم السيوطي! قال الحافظ ابن حجر في " التهذيب ": يوسف بن أبي كثير هو أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفون ونحوه في " الميزان " للذهبي. وثمة علة ثالثة وهي عنعنة الحسن وهو البصري فقد كان يدلس، فلا تغتر بما نقله المنذري عن البيهقي أنه صحح هذا الحديث، فإنه من زلات العلماء التي لا يجوز اقتفاؤها. ثم استدركت فقلت: لعل المناوي يشير إلى مثل هذا الحديث الآتي عن عائشة (رقم 257) ولكن هذا حديث آخر مخرجا ولفظا ومعنى، على أنه ضعيف السند جدا كما سيأتي بيانه هناك. 242 - " أحيوا قلوبكم بقلة الضحك وقلة الشبع، وطهروها بالجوع تصغر وترق ". لا أصل له. كما يفيده الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 73) ، والتاج السبكي في " الطبقات الكبرى " (4 / 163) . الحديث: 242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 243 - " أفضل الناس من قل طعمه وضحكه، ويرضى بما يستر به عورته ". لا أصل له. قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 69) والتاج السبكي في " الطبقات الكبرى ": الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 لم أجد له أصلا. 244 - " أفضلكم عند الله منزلة يوم القيامة أطولكم جوعا وتفكيرا في الله سبحانه، وأبغضكم عند الله عز وجل يوم القيامة كل نؤوم أكول شروب ". لا أصل له. وإن ذكره الغزالي في " الإحياء " (3 / 96) من حديث الحسن البصري مرسلا مرفوعا. فقد قال الحافظ العراقي في " تخريجه " والتاج السبكي في " الطبقات " (4 / 162) : لم أجد له أصلا. الحديث: 244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 245 - " البسوا واشربوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة ". لا أصل له. كما أفاده الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 69) والسبكي في " الطبقات الكبرى " (4 / 162) . الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 246 - " إن الأكل على الشبع يورث البرص ". لا أصل له. وهو من الأحاديث الكثيرة الباطلة التي شحن بها الغزالي كتبه، ولا سيما كتابه " الإحياء " وقد قال مخرجه الحافظ العراقي في هذا الحديث (3 / 70) : لم أجد له أصلا. وكذا قال السبكي عبد الوهاب في " الطبقات الكبرى " (4 / 163) . الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 247 - " جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش، فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله وإنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع وعطش ". باطل لا أصل له. وقد ذكره الغزالي في " الإحياء " (3 / 69) مجزوما برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم! ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وقد قال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أجد له أصلا، وكذا قال السبكي في " الطبقات الكبرى " (4 / 62) . الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 248 - " سيد الأعمال الجوع، وذل النفس لباس الصوف ". لا أصل له. قال العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 9) والسبكي في " الطبقات الكبرى " (4 / 162) : لم أجد له أصلا. الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 249 - " الفكر نصف العبادة، وقلة الطعام هي العبادة ". باطل. وقد أفاد العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 69) أنه لا أصل له. الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 250 - " كان إذا تغدى لم يتعش، وإذا تعشى لم يتغد ". ضعيف. رواه ابن بشران في " الأمالي " (73 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (3 /323) وابن عساكر في آخر جزء " أخبار لحفظ القرآن " (ق 8 / 2) وكذا في " التاريخ " (11 / 65 / 1) عن سليمان بن عبد الرحمن حدثنا أيوب بن حسان الجرشي حدثنا الوضين بن عطاء عن عطاء بن أبي رباح قال: الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 دعي أبو سعيد الخدري إلى وليمة فرأى صفرة وخضرة فقال: أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف ورجاله ثقات لكن الوضين بن عطاء سيء الحفظ فهو لهذا ضعيف، ثم إنه مرسل كما هو الظاهر لأن عطاء لم يوصله عن أبي سعيد بمثل قوله: عن أبي سعيد، ونحوه. (تنبيه) هذا الحديث مما خفي مخرجه على الحافظ العراقي ثم التاج السبكي فذكرا أنه من الأحاديث التي أوردها الغزالي في " الإحياء " ولا أصل لها! . وتعقبه الزبيدي في " إتحاف السادة " (7 / 409) برواية أبي نعيم فقط! ورواه البيهقي في " الشعب " (2 / 158 / 2) موقوفا على أبي جحيفة، وفيه الوليد بن عمرو بن ساج وهو ضعيف، وتناقض فيه ابن حبان كما بينته في " تيسير الانتفاع ". 251 - " من أجاع بطنه عظمت فكرته، وفطن قلبه ". لا أصل له. كما يفيده كلام الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 73) والسبكي في " الطبقات " (4 / 163) . الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 252 - " البطنة أصل الداء، والحمية أصل الدواء، وعودوا كل جسم ما اعتاد ". لا أصل له. وقد أورده الغزالي في " الإحياء " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أجد له أصلا، وأقره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (1035) وقال المحقق ابن الحديث: 252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 القيم في " زاد المعاد " (3 /97) : وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس: الحمية رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعودوا كل جسم ما اعتاد، فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب، ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قاله غير واحد من أئمة الحديث. لكن ذكر السخاوي أن الخلال روى من حديث عائشة: " الأزم دواء، والمعدة داء، وعودوا بدنا ما اعتاد ". وظاهره أنه مرفوع، وقد صرح بذلك السيوطي في " الدرر " كما في " كشف الخفاء " (2 / 74 / 1788) ، وأورده في " الجامع الكبير " (1 / 320 / 2) ولكنهم لم يذكروا إسناده لينظر فيه، وغالب الظن أنه لا يصح، والله أعلم. ثم رأيت ابن القيم ذكره في " الزاد " (3 / 102) من كلام الحارث بن كلدة أيضا بهذا اللفظ وهو الأشبه، ثم قال ابن القيم: والأزم: الإمساك عن الأكل يعني به الجوع، وهو من أكبر الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها بحيث أنه أفضل في علاجها من المستفرغات. وبهذه المناسبة أقول: لقد جوعت نفسي في أو اخر سنة 1379 أربعين يوما متتابعا، لم أذق في أثنائها طعاما قط، ولم يدخل جوفي إلا الماء! وذلك طلبا للشفاء من بعض الأدواء، فعوفيت من بعضها دون بعض، وكنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء نحوعشر سنوات دون فائدة ظاهرة، وقد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين: الأولى: استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة خلافا لظن الكثيرين من الناس. والأخرى: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية كما قال ابن القيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 رحمه الله تعالى، وقد يفيد في غيرها أيضا كما جرب كثيرون، ولكنه لا يفيد في جميع الأمراض على اختلاف الأجسام خلافا لما يستفاد من كتاب " التطبيب بالصوم " لأحد الكتاب الأوربيين، وفوق كل ذي علم عليم. 253 - " صوموا تصحوا ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 225 / 1 / 8477) وأبو نعيم في " الطب " (ق 24 / 1 و2) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود، أخبرنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به، وقال الطبراني: لم يروه بهذا اللفظ إلا زهير. قلت: وهو ضعيف في رواية الشاميين عنه وهذه منها. قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 75) رواه الطبراني في " الأوسط " وأبو نعيم في " الطب النبوي " من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. قلت: ولا ينافيه قول المنذري في " الترغيب " (2 / 60) والهيثمي في " المجمع " (3 / 179) بعد أن نسباه للطبراني: ورجاله ثقات، لأنه لا ينفي أن يكون في السند مع ثقة رجاله علة تقتضي ضعفه، كما لا يخفى على العارف بقواعد هذا العلم، وقد كشفنا عن علته، ولعل الصغاني قد بالغ حين قال (ص 7) : وهذا الحديث موضوع، ثم إن لفظ الحديث عندهما: " اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا ". الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 ورواه ابن عدي (7 / 2521) بهذا اللفظ من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس، ونهشل متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. وقد روي الحديث بدون ذكر الصوم فيه وهو: 254 - " سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا ". ضعيف. أخرجه أحمد (2 / 380) من طريق ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة فإنه ضعيف الحفظ، ودراج فإنه صاحب مناكير، ولكن الراوي عن ابن لهيعة قتيبة بن سعيد، قال الذهبي في " سير النبلاء " (8 / 15) : قال قتيبة: قال لي أحمد: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح، فقلت لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب، ثم نسمعه من ابن لهيعة، فالعلة من دراج إذن. وقال ابن أبي حاتم (2 / 206) عن أبيه: إنه حديث منكر، وله شاهد ضعيف جدا وهو: الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 255 - " سافروا تصحوا وتغنموا ". منكر. رواه ابن عدي (299 / 2) والطبراني في " الأوسط " (1 / 112 / 1) وابن بشران في " الأمالي " (3 / 66 / 1) والخطيب في " تاريخه " (10 / 387) والقضاعي (52 / 2) وكذا تمام الرازي في " الفوائد " (رقم 767) عن محمد بن الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 عبد الرحمن بن رداد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا، وقال ابن عدي: لا أعلم يرويه غير ابن الرداد هذا وعامة ما يرويه غير محفوظ. وقال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 115) : ليس بالقوي، ذاهب الحديث، وقال أبو زرعة: لين، وساق في " الميزان " من منكراته هذا الحديث، وسلفه في ذلك أبو حاتم فقد قال ابنه في " العلل " (2 / 306) : قال أبي: هذا حديث منكر. وابن الرداد هذا هو علة الحديث، وخفي ذلك على الهيثمي (3 / 201) فأعله براوآخر في طريق الطبراني وحده! ثم رواه ابن عدي (189 / 2) وأبو نعيم (ق 25 / 2) عن سوار بن مصعب عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا، وقال: سوار هذا عامة ما يرويه ليس بمحفوظ. قلت: وعطية وهو العوفي ضعيف. ورواه عبد الرزاق في " المصنف " (11 / 434) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: قال عمر: وذكره موقوفا عليه دون قوله " وتغنموا " ورجاله ثقات كما ولكنه منقطع بين طاووس وعمر ولعل الموقوف هو الصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 256 - " ينزل الله كل يوم عشرين ومئة رحمة، ستون منها للطائفين وأربعون للعاكفين حول البيت، وعشرون منها للناظرين إلى البيت ". موضوع. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 115 / 1) من طريق خالد بن يزيد العمرى: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الليثي عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع خالد بن يزيد هذا كذبه أبو حاتم ويحيى بن معين، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. والليثي متروك أيضا، كما في " اللسان " (5 / 216) ، وغيره. وللحديث طريقان آخران موضوعان أيضا بلفظين مغايرين لهذا بعض المغايرة وقد سبق ذكرهما مع الكلام على سنديهما برقمي (187، 188) فمن شاء فليرجع إليهما. الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 257 - " إياك والسرف، فإن أكلتين في يوم من السرف ". موضوع. ذكره الغزالي في " الإحياء " (3 / 78) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعائشة. وقال الحافظ العراقي في تخريجه: رواه البيهقي في " الشعب " من حديث عائشة وقال: في إسناده ضعف. قلت: ونص الحديث كما في " الترغيب " (3 / 124) : عن عائشة قالت: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكلت في اليوم مرتين فقال: " يا عائشة أما تحبين أن يكون لك شغل إلا جوفك؟ الأكل في اليوم مرتين من الإسراف {والله لا يحب المسرفين} . الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 وفي رواية: " يا عائشة اتخذت الدنيا بطنك؟ ! أكثر من أكلة كل يوم سرف {والله لا يحب المسرفين} " رواه البيهقي، وفيه ابن لهيعة. قلت: هو ضعيف من قبل حفظه، وقد روي بنحوه من حديث أنس، فانظر الحديث (241) . ثم وقفت على إسناده عند البيهقي في " الشعب " (2 / 158 / 1) فتبين أن فيه علة أخرى هي مما يزداد الحديث بها ضعفا، فإنه قال: أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي بسنده عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة ... به. وأبو عبد الرحمن هذا اسمه محمد بن الحسين الصوفي، قال محمد بن يوسف القطان: كان يضع الأحاديث للصوفية، ثم رواه (2 / 161 / 2) من طريق خالد بن نجيح المصري حدثنا عبد الله بن لهيعة به نحوه، وخالد هذا، قال أبو حاتم: كذاب يفتعل الحديث. 258 - " إن من السنة أن يخرج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (2 / 323) وابن الأعرابى في " معجمه " (246 / 2) وعنه القضاعي (95 / 1) من طريق علي بن عروة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، وعلته علي بن عروة هذا قال الذهبي: الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وكذبه صالح جزرة وغيره، ثم ساق له أحاديث هذا منها. ثم وجدت له طريقا آخر، أخرجه ابن عدي (169 / 2) من طريق سلم بن سالم البلخي حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، أورده في ترجمة سلم هذا في أحاديث أخرى له ثم قال: له أحاديث أفراد وغرائب، وأنكر ما رأيت له ما ذكرته من هذه الأحاديث. قلت: وقد نقل غير واحد الاتفاق وقال أبو حاتم: لا يصدق، وقال الجوزجاني: غير ثقة. وقد تقدم الكلام عليه في الحديث رقم (233) ، ثم إن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. 259 - " لا تتمارضوا فتمرضوا، ولا تحفروا قبوركم فتموتوا ". منكر. قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 321) : سألت أبي عن حديث رواه عاصم بن إبراهيم الداري عن محمد بن سليمان الصنعاني عن منذر بن النعمان الأفطس عن وهب ابن منبه عن عبد الله بن عباس مرفوعا بهذا الحديث قال أبي: هذا حديث منكر. قلت: وعلته محمد بن سليمان هذا قال الذهبي في " الميزان ": مجهول، والحديث الذي رواه منكر، يعني هذا. الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 260 - " أطعموا نفساءكم الرطب، قالوا: ليس في كل حين يكون الرطب، قال: فتمر، قالوا: كل التمر طيب فأي التمر خير؟ قال: إن خير تمراتكم البرني يدخل الشفاء ويخرج الداء، لا داء فيه، أشبعه للجائع، وأدفؤه للمقرور ". ضعيف. رواه ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (2 / 192 / 1) حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري أنبأنا القاسم بن إسماعيل الكوفي، أنبأنا زيد بن الحباب العكلي عن شعبة عن يعلى بن عطاء الطائفي عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات معروفون غير القاسم هذا فلم أجد من ترجمه إلا أن يكون الذي في " ثقات ابن حبان " (9 / 19) : القاسم بن إسماعيل الهاشمي كوفي يروي عن عبيد الله بن موسى حدثنا عنه محمد بن المنذر بن سعيد، فإنه من هذه الطبقة على أنه قد توبع كما يأتي. وشهر بن حوشب ضعيف لا يحتج به لكثرة خطئه وكأنه لذلك إنما أخرج له مسلم مقرونا بغيره كما في " خاتمة الترغيب " للمنذري (4 / 284) وقال الحافظ فيه: صدوق كثير الإرسال والأوهام، ثم رأيته في " الطب " لأبي نعيم (23 - 24) من طريق أخرى عن شعبة به، فانحصرت العلة في شهر، والحديث أورده السيوطي في " اللآليء " (1 / 156) شاهدا للحديث المتقدم برقم (234) من رواية ابن السني وأبي نعيم معا في " الطب " من طريق شعبة به ثم الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 قال: وإسناده على شرط مسلم! كذا قال: ولا يخفى ما فيه لما ذكرنا من حال شهر. 261 - " أحسنوا إلى عمتكم النخلة فإن الله تعالى خلق آدم ففضل من طينتها فخلق منها النخلة ". موضوع. رواه ابن عدي (57 / 2) والباطرقاني في جزء من " حديثه " (157 / 2) وابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 184) كلهم عن جعفر بن أحمد بن علي الغافقي حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: وهذا الحديث موضوع ولا شك أن جعفر وضعه، وقال ابن الجوزي: لا يصح وجعفر وضاع، وأقره الحافظ بن حجر في " اللسان " وأما السيوطي فتعقبه كعادته في " اللآليء " (1 / 156) فلم يصنع شيئا لأنه لم يزد على أن ذكر له شاهدا من حديث أبي سعيد الخدري وهو الآتي عقب هذا وفيه طعن شديد كما سترى، ومن عجائبه أنه لم يسق إسناده ولا بين حاله! . الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 262 - " خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم صلى الله عليه وسلم ". ضعيف جدا. رواه المحاملي في الثالث من " الأمالي " (38 / 2) وعنه ابن عساكر (2 / 309 / 2) عن الحاكم بن عبد الله الكلبي أبي سالم من أهل قزوين عن يحيى بن سعيد البحراني من أهل غطيف عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 الخدري قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماذا خلقت النخلة؟ فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وأبوهارون العبدي اسمه عمارة بن جوين وهو متروك ومنهم من كذبه كما في " التقريب "، ومع هذا الضعف الشديد فقد ذكره السيوطي في " اللآليء " شاهدا للحديث الذي قبله! من رواية ابن عساكر، ولم يقتصر على هذا بل أورده في " الجامع الصغير " فتعقبه المناوي بقوله: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر، ولا أقدم، مع أن الديلمي أخرجه عن أبي سعيد أيضا، لكن سنده مطعون فيه. قلت: المحاملي أشهر وأقدم من الديلمي أيضا فالعزو إليه أولى، والموفق هو الله تعالى. 263 - " أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران، فأطعموا نساءكم الوالد الرطب، فإن لم يكن رطبا فتمر ". موضوع. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (430) وأبو الشيخ في " الأمثال " (رقم 263) وابن عدي (330 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (3 / 44 - 45 حلب) والباغندي في " حديث شيبان وغيره " (190 / 1) وعنه ابن عساكر (2 / 309 / 2 و19 / 267 / 1) وأبو نعيم في " الطب " (2 / 23 / 2) و" الحلية " (6 /123) والسياق له من طريق مسرور بن سعيد التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي مرفوعا. وقال أبو نعيم: الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 غريب من حديث الأوزاعي عن عروة تفرد به مسرور بن سعيد، وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به، وقال ابن عساكر: عروة لم يدرك عليا، والحديث غريب، والتميمي مجهول. قلت: بل هو متهم، قال الذهبي في " الميزان ": غمزه ابن حبان فقال: يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة. ومن طريق أبي نعيم أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 184) وقال: لا يصح، مسرور منكر الحديث يروي عن الأوزاعي المناكير، وعقب عليه السيوطي في " اللآليء " (1 / 156) بقوله: أخرجه العقيلي وقال: أنه غير محفوظ، لا يعرف إلا بمسرور، وأخرجه ابن عدي وقال: هذا منكر عن الأوزاعي، وعروة عن علي مرسل، ومسرور غير معروف لم أسمع بذكره إلا في هذا الحديث، وأخرجه أبو يعلى في " مسنده " عن شيبان به، وأخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه معا في " التفسير " وابن السني، ولأوله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، ولآخره شاهد. قلت: حديث أبي سعيد الخدري ضعيف جدا فلا يصلح شاهدا اتفاقا، وقد بينت حاله قبيل هذا، وأما الشاهد الآخر فهو حديث أبي أمامة الذي تقدم برقم (260) وقد بينا هناك أن إسناده ضعيف، ثم ذكر الحديث الآتي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 264 - " ما للنفساء عندي شفاء مثل الرطب، ولا للمريض مثل العسل ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الطب " عن أبي هريرة مرفوعا، ذكره السيوطي شاهدا للحديث الذي قبله، ولم يسق إسناده لينظر فيه، ولا هو تكلم عليه ليعرف حاله من لم يقف عليه، وأحسن أحواله أن يكون ضعيفا إن لم يكن موضوعا. ثم تحقق الظن فيه، فقد رأيته أخرجه (2 / 24 / 1) في " الطب " عن علي بن عروة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وعلي بن عروة كذاب يضع الحديث، وقد مضى له حديث موضوع برقم (119) . وتبع ابن عراق السيوطي في السكوت عن الحديث في " تنزيه الشريعة " (1 / 209) ولكنه قال: قلت: وأخرج وكيع في " الغرر " هذا من حديث عائشة لكنه من طريق أصرم بن حوشب، يعني: وهو كذاب. الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 265 - " يا أبا هريرة، علم الناس القرآن وتعلمه، فإنك إن مت وأنت كذلك زارت الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق، وعلم الناس سنتي وإن كرهو اذلك، وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدث في دين الله حدثا برأيك ". موضوع. أخرجه الخطيب (4 / 380) وأبو الفرج بن المسلمة في " مجلس من الأمالي " (120 / 2) من طريق عبد الله بن صالح اليماني حدثني أبوهمام القرشي عن سليمان ابن المغيرة عن قيس بن مسلم عن طاووس عن أبي هريرة مرفوعا، ومن هذا الوجه ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 264) وقال: لا يصح، وأبوهمام: محمد بن مجيب (الأصل محبب وهو تصحيف) . الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 قال يحيى: كذاب، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 222) بقوله: قلت له طريق آخر قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شبيب عن محمد بن قدامة المصيصي عن جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: فذكره نحوه إلا أنه قال: " فإن أتاك الموت وأنت كذلك حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام ". وسكت عليه السيوطي، وهو بهذا اللفظ أشد نكارة عندي من الأول لما فيه من ذكر الحج إلى القبر فإنه تعبير مبتدع لا أصل له في الشرع ولم يرد فيه إطلاق الحج إلى شيء مما يزار إلا إلى بيت الله الحرام، وإنما يطلق الحج إلى القبور، المبتدعة الذين يغالون في تعظيم القبور مثل شد الرحال إليها والبيات عندها والطواف حولها، والدعاء والتضرع لديها ونحوذلك مما هو من شعائر الحج حتى لقد ألف بعضهم كتابا سماه " مناسك حج المشاهد والقبور "! على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه، وهذا ضلال كبير لا يشك مسلم شم رائحة التوحيد الخالص في كونه أكره شيء إليه صلى الله عليه وسلم، فكيف يعقل إذن أن ينطق عليه السلام بهذه الكلمة: " حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام "؟ ! اللهم إن القلب يشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صدر منه حرف من هذا، فقبح الله من وضعه. وأنا أتهم به ابن شبيب هذا، فإن رجال إسناده كلهم ثقات غيره، أما عبد الله ابن محمد بن جعفر شيخ أبي نعيم فهو أبو الشيخ ابن حبان الحافظ الثقة صاحب كتاب " طبقات الأصبهانيين " وله ترجمة في " تذكرة الحفاظ " للذهبي (3 / 147 - 149) و" شذرات الذهب " (3 / 69) وغيرهما. وأما سائر الرواة فكلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير ابن شبيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 فهو المتهم به، ولم أجد له ترجمة إلا في " طبقات الأصبهانيين " (ص 234) فإنه قال: محمد بن عبد الرحيم بن شبيب أبو بكر توفي سنة ست وتسعين ومئتين، كان من أئمة القراء، حدث عن عثمان بن أبي شيبة وابن ماسرجس وإسحاق بن أبي إسرائيل ومشكدانة، ومما لم نكتب إلا عنه ... . قلت: ثم ساق له أحاديث سأذكر إن شاء الله بعضها، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول، والحمل عليه عندي في هذا الحديث وعنه أيضا أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 226) والله أعلم. ولم يعرفه ابن عراق فقال في " تنزيه الشريعة " (115 / 2) : ولم أقف له على ترجمة، وشيخ أبي نعيم عبد الله بن محمد بن جعفر أظنه القزويني وهو وضاع كما مر في المقدمة. كذا قال والصواب أنه أبو الشيخ كما ذكرنا، فإن أبا نعيم يكثر عنه في " الحلية " وغيرها ولوكان هو هذا الكذاب لنسبه تمييزا بينهما فتأمل. ثم استدركت فقلت: بل ليس هو القزويني يقينا، لأن أبا نعيم لم يدركه، فقد ولد بعد وفاته بإحدى وعشرين سنة كما سيأتي بيانه تحت الحديث (5291) . ثم وجدت لابن شبيب متابعا فقال أبو الحسن بن عبد كويه في " ثلاثة مجالس " (5 / 1) أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقري حدثنا محمد بن إبراهيم بن شقيق حدثنا محمد بن قدامة المصيصي به. ثم تبين لي أن محمد بن إبراهيم بن شقيق تحرف اسمه على بعض النساخ وإنما هو محمد بن عبد الرحيم بن شبيب المذكور آنفا فقد قال أبو نعيم في " أخبار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 أصبهان " (2 / 226) : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقري، حدثنا محمد ابن عبد الرحيم بن شبيب به. وعلقه الديلمي في " مسنده " (3 / 268) على أبي نعيم، ووقع فيه عبد الله بن محمد بن جعفر كما تقدم في نقل السيوطي وابن عراق عنه، فلعل أبا نعيم له فيه شيخان، والله أعلم. وقال ابن منده يحيى في " تاريخ أصبهان " (229 - مخطوطة الظاهرية) في ترجمة أحمد بن محمد بن أحمد بن سدوس: وجدت في كتاب سمع منه حدثنا أبو بكر بن عبد الوهاب حدثنا أبو بكر بن عبد الرحيم المقري حدثنا محمد بن قدامة المصيصي به وقد ترجم أبو نعيم لأبي بكر هذا (2 / 289) وذكر أنه ختم عليه القرآن ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ثم رأيت الحديث أخرجه السلفي في " الأربعين "، (20 / 1) من الطريق الأولى إلا أنه قال: طارق بن شهاب بدل طاووس وكتب محمد ابن المحب بخطه على النسخة ما نصه: هذا حديث منكر، قال الحافظ الدمشقي: كذا قال، ووجدته في جزء أبي السكين عن طاووس وكذلك وجدته في تاريخ بغداد وهو الصواب وطارق وهم فيه السلفي رحمه الله، ثم رأيت الحديث في " طرق أربعين السلفي " (54 / 1 - 2) للحافظ القاسم ابن الحافظ ابن عساكر أخرجه من الطريق الأولى مثل رواية السلفي ثم قال: كذا قال: عن طارق بن شهاب، وأظن أنه الصواب ... ، ثم نقل كلام والده الذي نقله ابن المحب آنفا، لكن النسخة أصابها الماء فذهب ببعض الكلمات فلم نستطع نقل ما كتبه بتمامه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 ثم رواه القاسم من طريق أبي السكين زكريا بن يحيى الطائي حدثني عبد الله بن صالح اليماني به وقال: عن طاووس، ثم قال القاسم: هذا حديث غريب، وأبوهمام القرشي لم أجد له ذكرا في الكتب، وليس بمعروف، وعبد الله ابن صالح مجهول أيضا. 266 - " كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها جعل فى يده خيطا ليذكرها ". باطل. رواه ابن عدي (172 / 1) وابن سعد (1 / 286) والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (17 ـ من زوائده) ، وأبو الحسن الآبنوسي في " الفوائد " (26 / 2) عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: سالم معروف بهذا الحديث، وأنكر عليه ابن معين وغيره. وذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن سعد والحكيم عن ابن عمر فتعقبه شارحه المناوي بقوله: رواه أبو يعلى، قال الزركشي: فيه سالم بن عبد الأعلى قال فيه ابن حبان: وضاع، وقال ابن أبي حاتم: حديث باطل، وقال ابن شاهين في " الناسخ ": أحاديثه منكرة، وقال المصنف في " الدرر ": قال أبو حاتم: حديث باطل، وقال ابن شاهين: منكر لا يصح. قلت: وقول أبي حاتم رواه عنه ابنه في " العلل " (2 / 252) قال: الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 سألت أبي عن حديث رواه محمد بن يعلى السلمي قال: حدثنا سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت: فذكره، قال أبي: هذا حديث باطل. قلت: فما حال سالم؟ قال: ضعيف الحديث، وهذا من سالم. وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 186) : سالم قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، قلت: وتمام كلام ابن معين في " تاريخه " (ق 86 /2) : وهو الذي يروي عن نافع عن ابن عمر، فذكر هذا الحديث، ثم قال ابن أبي حاتم: وقال أبي: متروك الحديث، وقال ابن طاهر في " التذكرة ": يضع الحديث على " الثقات " وتبع في ذلك ابن حبان، وقال الحاكم والنقاش: روى عن نافع أحاديث موضوعة كذا في " اللسان ". قلت: وهذا من روايته عن نافع، وقد رواه الخطيب (11 / 85) من هذا الوجه، وكذا الدارقطني، ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 73) وقد ذكره فيه من ثلاثة طرق: الأول: هذا. الثاني: من طريق أبي عمرو بشر بن إبراهيم الأنصاري حدثنا الأوزاعي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا نحوه رواه الدارقطني وكذا ابن عساكر في " تاريخه " (3 / 10 / 1 - المصورة عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 الأزهرية) . قال ابن الجوزي: تفرد به بشر وهو يضع الحديث. قلت: وقد ذكر الذهبي في ترجمته أن هذا الحديث من مصائبه! وأخرج له ابن عدي في " الكامل " (33 / 2) أحاديث منها هذا ثم قال: وهذه الأحاديث عن الأوزاعي وغيره لا يرويها عنه غير بشر وهي بواطيل وضعها عليهم، وكذلك سائر أحاديثه التي لم أذكرها موضوعات عن كل من روى عنهم. الثالث: من طريق غياث بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن رافع بن خديج مرفوعا نحوه، قال الدارقطني: تفرد به غياث وهو متروك. قلت: وهو متهم بالوضع كما سبق، وقد ذكر السيوطي في " اللآليء " (2 / 180) للحديث طريقا رابعا من رواية الطبراني في " الكبير " (رقم 4431) من طريق بقية ابن الوليد حدثنا أبو عبد الرحمن مولى بنى تميم عن سعيد المقبري عن رافع بن خديج به، وسكت عليه، وليس بجيد فإن بقية إذا روى عن المجهولين ليس بشيء كما قال ابن معين والعجلي، وهذه الرواية من هذا الصنف فإن أبا عبد الرحمن هذا من شيوخ بقية الذين لا يعرفون كما في " اللسان ". ثم وجدت له طريقا خامسا عن ابن عمر، أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 " المعجم " (110 / 1) قال: أنبأنا إبراهيم يعني ابن فهد أنبأنا بشر بن عبيد الله الدراسي، أنبأنا عيسى بن شعيب عن يحيى بن أبي الفرات عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا. بشر هذا أورده السمعاني في الدارسي، فقال: والمشهور بهذه النسبة أبو علي بشر بن عبيد الله الدارسي من أهل البصرة ويقال له: المدارسي أيضا هكذا ذكره أبو حاتم بن حبان، يروي عن حماد بن سلمة والبصريين، روى عنه يعقوب بن سفيان الفارسي. قلت: الذي ي " ثقات ابن حبان " (8 / 142) : الدارس مكان الدارسي، وكذلك هو في " ترتيب الثقات " (1 / 51 / 1) . ونحوه في " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (1 / 1 / 362) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن عدي فقال: منكر الحديث عن الأئمة. وفيه نظر بينته في " تيسير الانتفاع ". ويحيى بن أبي الفرات لم أعرفه وعيسى بن شعيب فيه ضعف، فأحدهما هو آفة هذا الطريق والله أعلم. وقد روي ما يخالف هذا الحديث وهو: 267 - " من حول خاتمه أو عمامته أو علق خيطا في أصبعه ليذكره حاجته فقد أشرك بالله عز وجل، إن الله هو يذكر الحاجات ". موضوع. رواه ابن عدي (33 / 1 - 2) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 74) من طريق بشر بن الحسين حدثنا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا، وقال الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 ابن عدي: لا يصح وقال ابن الجوزي: لا أصل له، بشر يروي عن الزبير بواطيل. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 /283) وزاد عليه بقوله: قلت: قال ابن حبان: روى بشر بن الحسين الأصبهاني عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا، وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (322 / 2) . 268 - " من رفع قرطاسا من الأرض فيه بسم الله الرحمن الرحيم إجلالا أن يداس كتب عند الله من الصديقين، وخفف عن والديه وإن كانا مشركين، ومن كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده تعظيما لله غفر له ". موضوع. أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في " طبقات الأصبهانيين " (ص 234) مفرقا في موضعين وابن عدي (246 / 1) بتمامه من طريق أبي سالم الرواسي العلاء بن مسلمة قال: حدثنا أبو حفص العبدي عن أبان عن أنس مرفوعا، وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 226) من رواية ابن عدي ثم قال: أبان ضعيف جدا، وأبو حفص أشد منه ضعفا، وأبو سالم العلاء بن مسلمة كذبه محمد بن طاهر الأزدي لا تحل الرواية عنه. قال السيوطي في " اللآليء " (1 / 202) : الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 قلت: أورده ابن عدي في ترجمة العبدي وقال: إنه متروك الحديث، قال: وقد روي عن علي بن أبي طالب من وجه لا يصح. 269 - " العالم لا يخرف ". موضوع. قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 439) ، وسئل أبي عن حديث رواه العلاء ابن زيدل عن أنس مرفوعا: " العالم لا يخرف "، فقال: العلاء ضعيف الحديث متروك الحديث، وقد وجدنا من ينسب إلى العلم المسعودي والجريري وسعيد بن أبي عروبة وعطاء بن السائب وغيرهم يعني أنهم قد تغيروا في آخر عمرهم. قلت: العلاء هذا قال الذهبي: تالف، قال ابن المديني: كان يضع الحديث وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة. وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو: الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 270 - " لا يخرف قارئ القرآن ". موضوع. ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 25) وتبعه ابن عراق فأورده في " تنزيه الشريعة " (36 / 2) من طريق أبي نعيم وهذا في " أخبار أصبهان " (2 / 343) أنبأنا لاحق بن الحسين حدثنا خيثمة بن سليمان حدثنا عبيد بن محمد حدثنا محمد بن يحيى بن جميل حدثنا بكر بن السرور حدثنا يحيى بن مالك عن أنس عن أبيه عن الزهري عن أنس رفعه، ورواه الديلمي (4 / 190) ورواه ابن عساكر في " تاريخه " (18 / 1 / 2) من الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 طريق أبي نعيم وغيره، أخبرنا لاحق به، ثم قال السيوطي: قال في " الميزان ": لاحق كذاب، وروى عنه أبو نعيم في " الحلية " وغيرها مصائب، وقال في " اللسان ": قال الإدريسي: يضع الحديث على الثقات، ولعله لم يخلق في الكذابين مثله، وقال ابن السمعاني: كان أحد الكذابين وضع نسخا لا يعرف أسماء رواتها وقال ابن النجار: مجمع على كذبه. قلت: ومع هذا كله فقد سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "! وبيض له المناوي في " شرحيه ". ورواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2 / 226 / 2) عن الشعبي من قوله وسنده ضعيف، فلعله أصل الحديث، رفعه بعض الكذبة! . وقد وجدت له طريقا أخرى بنحوه وهو: 271 - " من جمع القرآن متعه الله بعقله حتى يموت ". موضوع. رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (111 / 2) : أخبرنا إبراهيم بن الهيثم يعني البلدي أخبرنا أبو صالح عبد الله بن صالح، أخبرنا رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد عن أنس مرفوعا، ورواه ابن عساكر (2 / 111 / 2) من طريق آخر عن أبي صالح به. وهذا سند ضعيف جدا، رشدين بن سعد قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة، وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث. قلت: فالظاهر أن هذا من تخاليطه، ويحتمل أن يكون من وضع خالد بن نجيح جار لعبد الله بن صالح كان يضع الحديث في كتب عبد الله وهو لا يشعر! انظر " الميزان " (2 / 46 - 48) ، وقول أبي حاتم المتقدم تحت الحديث (194) . الحديث: 271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 272 - " اعتبروا عقل الرجل فى طول لحيته ونقش خاتمه وكنوته ". موضوع. ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 10) من رواية ابن عساكر بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن يزيد بن سنان الأشعري عن أبي دوس الأشعري قال: كنا عند معاوية جلوسا إذ أقبل علينا رجل طويل اللحية، فقال معاوية: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طول اللحية، فسكت القوم، فقال معاوية: لكني أحفظه، فلما جلس الرجل قال معاوية: أما اللحية فلسنا نسأل عنها! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، قال: فما كنوتك؟ قال: أبو كوكب الدرى، قال: فما نقش خاتمك؟ قال: وتفقد الطير، فقال: ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، فقال: وجدنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، قال السيوطي: يزيد ضعيف، والطرائفي كذبه ابن نمير. الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 273 - " لا حبس (أي وقف) بعد سورة النساء ". ضعيف. أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2 / 250) والطبراني (3 / 114 / 1) والدارقطني (4 / 68 / 3 و4) والبيهقي في " سننه " (6 / 162) من طريق عبد الله بن لهيعة حدثنا عيسى بن لهيعة عن عكرمة قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد ما نزلت سورة النساء وفرضت فيها الفرائض: فذكره، وقال الدارقطني: وأقره البيهقي: الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 لم يسنده غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان. قلت: وبه يعرف ما في رمز السيوطي في " الجامع الصغير " لحسنه، وقد رده عليه المناوي في شرحه بقول الدارقطني هذا، وبقول الهيثمي في " المجمع " (7 / 2) : رواه الطبراني وفيه عيسى بن لهيعة وهو ضعيف، والحديث استدل به الطحاوي لأبي حنيفة في قوله: إن الوقف باطل، وهو استدلال واه لأمور: الأول: أن الحديث ضعيف كما علمت فلا يجوز الاحتجاج به. الثاني: أنه معارض بأحاديث صحيحة في مشروعية الوقف، منها قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: " حبس الأصل، وسبل الثمرة " أي اجعله وقفا حبيسا، رواه الشيخان في " صحيحيهما "، وهو مخرج في " الإرواء " (6 / 30 / 1582) . الثالث: أنه يمكن تفسيره بمعنى لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة وبه فسره ابن الأثير في " النهاية " فقال: أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه، كانوا إذا كرهو االنساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 274 - " أو صاني جبرائيل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارا، عشرة من ها هنا وعشرة من ها هنا، وعشرة من ها هنا، وعشرة من ها هنا ". ضعيف. أخرجه البيهقي (6 / 276) عن إسماعيل بن سيف حدثتني سكينة قالت: أخبرتني أم هانيء بنت أبي صفرة عن عائشة مرفوعا، وقال: في إسناده ضعف. قلت: وأقره في " نصب الراية " (4 / 414) وذلك لأن إسماعيل هذا قال ابن عدي (1 / 318) : حدث بأحاديث عن الثقات غير محفوظة، ويسرق الحديث. قلت: وسكينة وأم هانيء لم أعرفهما ولا يفيد هنا بصورة خاصة توثيق ابن حبان (8 / 103) لإسماعيل هذا لأنه قال: مستقيم الحديث إذا حدث عن ثقة. وقد روي عن كعب بن مالك وهو: الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 275 - " ألا إن أربعين دارا جوار، ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه "، قيل للزهري: أربعين دارا؟ قال: أربعين هكذا، وأربعين هكذا. ضعيف. أخرجه الطبراني في " الكبير " (19 / 73 / رقم 143) عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 عن أبيه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله إني نزلت محلة بني فلان، وإن أشدهم لي أذى أقربهم لي جوارا، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا أن يأتوا باب المسجد فيقوموا عليه فيصيحوا: ألا ... ". ويوسف بن السفر أبو الفيض فيه مقال، كذا قال الزيلعي (4 / 413 - 414) وقد ألان القول جدا في ابن السفر هذا، فإن مثل هذا القول: فيه مقال إنما يقال فيمن هو مختلف في توثيقه وتجريحه، وابن السفر هذا متفق على تركه بل كذبه الدارقطني وقال البيهقي: هو في عداد من يضع الحديث، وقد مضى بعض أحاديثه الموضوعة (برقم 187) ولهذا قال الهيثمي بعد أن ساق له هذا الحديث في " المجمع " (8 / 169) : وفيه يوسف بن السفر وهو متروك. قلت: وقد خالفه هقل بن زياد فقال: حدثنا الأوزاعي عن يونس عن ابن شهاب الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره مرسلا، أخرجه أبو داود في " المراسيل " (رقم 350) حدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي حدثني أبي حدثنا هقل بن زياد به، ويأتي لفظه بعد حديث. وهذا سند رجاله ثقات ولولا إرساله لحكمت عليه بالصحة، وعلى من يقول بصحة المرسل أن يأخذ به كالحنفية ولهذا أقول: إن قول صاحب " الهداية "، وما قاله الشافعي إن الجوار إلى أربعين دار بعيد، وما يرويه فيه ضعف لا يتفق مع قول الحنفية: إن الحديث المرسل حجة، فتأمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 والحديث قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 189) بعد أن ساقه من الوجهين المرسل والموصول: إنه حديث ضعيف، وكذا قال الحافظ في " الفتح " (10 / 397) . قلت: وأما قوله: " ولا يدخل الجنة ... "، فصحيح لأنه جاء من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " أخرجه مسلم (1 / 49) والبخاري في " الأدب المفرد " (ص 20) ، وهو مخرج في " السلسلة الأخرى " (رقم 549) . وقد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا وهو: 276 - " حق الجوار إلى أربعين دارا، وهكذا وهكذا وهكذا يمينا وشمالا وقدام وخلف ". ضعيف جدا. رواه أبو يعلى في " مسنده " (10 / 385 / 5982) حدثنا محمد بن جامع العطار حدثنا محمد بن عثمان حدثنا عبد السلام بن أبي الجنوب عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وعن أبي يعلى رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2 /150) وأعله بعبد السلام هذا وقال: إنه منكر الحديث. قلت: وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 414) ثم تناقض ابن حبان فذكره في " الثقات " (7 / 127) ، انظر " تيسير الانتفاع ". الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 وقال أبو حاتم: (3 / 1 / 45) : متروك الحديث. قلت: وفيه علة أخرى فقال الهيثمي في " المجمع " (8 / 168) : رواه أبو يعلى عن شيخه محمد بن جامع العطار وهو ضعيف. قلت: بل هو أسوأ حالا، قال أبو زرعة: ليس بصدوق، ومحمد بن عثمان وهو الجمحي المكي ضعيف فهذه علة ثالثة. ولهذا قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 189) : إنه حديث ضعيف، وقد روي مرسلا وهو: 277 - " الساكن من أربعين دارا جار ". ضعيف. أخرجه أبو داود في " المراسيل " (450) عن الزهري مرسلا مرفوعا وفيه: قيل للزهري: وكيف أربعون دارا؟ قال: أربعون عن يمينه وعن يساره، وخلفه وبين يديه، ورجاله ثقات، فهو صحيح عند من يحتج بالمرسل كما سبق بيانه قبل حديث. وقد اختلف العلماء في حد الجوار على أقوال ذكرها في " الفتح " (10 / 367) ، وكل ما جاء تحديده عنه صلى الله عليه وسلم بأربعين ضعيف لا يصح، فالظاهر أن الصواب تحديده بالعرف، والله أعلم. الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 278 - " العلم خزائن، ومفتاحها السؤال، فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يؤجر فيه أربعة: السائل، والمعلم، والمستمع، والمجيب لهم ". موضوع. أخرجه أبو نعيم (3 / 192) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (24 / 1) من طريق داود بن سليمان القزاز حدثنا علي بن موسى الرضى حدثني أبي عن أبيه جعفر عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال أبو نعيم: هذا حديث غريب لم نكتبه إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو إسناد موضوع من داود بن سليمان هذا الجرجاني الغازي. قال الذهبي: كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضى، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها وأقره الحافظ في " اللسان ". ولهذا فقد أساء السيوطي بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "، وقد تعقبه شارحه المناوي بما نقلناه عن الذهبي ثم العسقلاني، ثم كأنه نسي ذلك في شرحه الآخر " التيسير "، فقال: إسناده ضعيف. نعم رواه الشيروي في " العوالي " (213 / 1) والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (2 / 32 ـ ط الرياض) من طريق عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي حدثني أبي حدثني علي بن موسى الرضى به، لكن عبد الله هذا حاله كحال الجرجاني! قال الذهبي: روى عن أبيه عن علي الرضى عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة الباطلة ما الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 تنفك عن وضعه أو وضع أبيه. 279 - " نبي ضيعه قومه، يعنى سطيحا ". لا أصل له. في شيء من كتب الإسلام المعهودة ولم أره بإسناد أصلا، كذا قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (2 / 271) وسيأتي بعد حديث ما يعارضه. الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 280 - " أوحى الله إلى عيسى عليه السلام يا عيسى آمن بمحمد وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم، ولولا محمد ما خلقت الجنة ولا النار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فسكن ". لا أصل له مرفوعا. وإنما أخرجه الحاكم في " المستدرك " (2 / 614 - 615) من طريق عمرو بن أوس الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: فذكره موقوفا وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: أظنه موضوعا على سعيد. قلت: يعني ابن أبي عروبة، والمتهم به الراوي عنه عمرو بن أوس الأنصارى، قال الذهبي في " الميزان ": يجهل حاله، وأتى بخبر منكر. الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 ثم ساق له هذا الحديث وقال: وأظنه موضوعا، ووافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان " فأقره. 281 - " ذاك نبي ضيعه قومه، يعنى خالد بن سنان ". لا يصح. أخرجه الحاكم (2 / 598 - 599) وكذا أبو يعلى من طريق المعلى بن مهدي حدثنا أبو عوانة عن أبي يونس قال سماك بن حرب: سئل عنه يعني خالد بن سنان النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وهذا إسناد ضعيف لإرساله، والمعلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم قال: يأتي أحيانا بالمناكير، وقال الهيثمي (8 / 214) : هذا منها. قلت: ورواه الطبراني (3 / 154 / 1) وكذا البزار (2361 - زوائده) وابن عدي (271 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 187) من طريق قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا، قال البزار: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وكان قيس بن الربيع ثقة في نفسه إلا أنه كان رديء الحفظ، وكان له ابن يدخل في حديثه ما ليس منه، قال: وقد رواه الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير مرسلا. ذكره ابن كثير في " البداية " (2 / 211) ، وقال ابن عدي: لم يوصله فقال فيه عن ابن عباس غير ابن الربيع، ثم قال ابن كثير: الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 وهذه المرسلات لا يحتج بها ها هنا، وقال في موضع آخر (2 / 271) : لا يصح. قلت: وقد وجدته موصولا أخرجه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (13 / 148 - 149) عن محمد بن عمير حدثني عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي حدثني جدي إبراهيم بن العلاء أخبرنا أبو محمد القرشي الهاشمي، أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي عمارة بن حزن بن شيطان مرفوعا به، وقال الخطيب: في إسناده نظر. قلت: ولعل وجهه أن فيه جماعة لم أعرفهم، منهم القرشي هذا، وانظر " الإصابة " (2 / 507) . وروي من حديث عائشة أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (4 / 176) عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن عائشة مرفوعا به، لكن الكلبي كذاب. قلت: ومع ضعف الحديث فإنه معارض كما قال الهيثمي (8 / 214) للحديث الصحيح: " أنا أولى الناس بعيسى بن مريم، الأنبياء إخوة لعلات، وليس بيني وبينه نبي " رواه البخاري في " صحيحه " (6 / 380) ومسلم (7 / 96) . 282 - " لولاك لما خلقت الأفلاك ". موضوع. كما قاله الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ، وأما قول الشيخ القاري (67 - 68) : لكن معناه صحيح، فقد روى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا: " أتاني جبريل الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 فقال: يا محمد لولاك لما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار " وفي رواية ابن عساكر: " لولاك ما خلقت الدنيا ". فأقول: الجزم بصحة معناه لا يليق إلا بعد ثبوت ما نقله عن الديلمي، وهذا مما لم أر أحدا تعرض لبيانه، وأنا وإن كنت لم أقف على سنده، فإنى لا أتردد في ضعفه، وحسبنا في التدليل على ذلك تفرد الديلمي به، ثم تأكدت من ضعفه، بل وهائه، حين وقفت على إسناده في " مسنده " (1 / 41 / 2) من طريق عبيد الله بن موسى القرشي حدثنا الفضيل بن جعفر بن سليمان عن عبد الصمد بن علي بن عبد الله ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس به. قلت: وآفته عبد الصمد هذا، قال العقيلي: حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به. ثم ساق له حديث آخر في إكرام الشهو د سيأتي برقم (2898) ، ومن دونه لم أعرفهما، وأما رواية ابن عساكر فقد أخرجها ابن الجوزي أيضا في " الموضوعات " (1 / 288 ـ 289) في حديث طويل عن سلمان مرفوعا وقال: إنه موضوع، وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 272) . ثم وجدته من حديث أنس وسوف نتكلم عليه إن شاء الله. 283 - " ارموا، فإن أيمان الرماة لغو، لا حنث فيها ولا كفارة ". باطل. رواه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 237) حدثنا يوسف بن يعقوب بن عبد العزيز الثقفي حدثني أبي حدثنا سفيان بن عيينة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يرمون، وهم يحلفون: أخطأت والله أصبت والله، فلما رأو ارسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكوا فقال: فذكره. قال الطبراني: تفرد به يوسف بن يعقوب عن أبيه. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات غير يوسف بن يعقوب وأبيه، قال الحافظ في ترجمة يوسف من " اللسان ": لا أعرف حاله، أتى بخبر باطل بإسناد لا بأس به، قال الطبراني في " كتاب الرمي ": حدثنا يوسف بن يعقوب بمصر ... قلت: فذكر هذا الحديث، ثم قال الحافظ: الحمل فيه على يوسف أو على أبيه، فما حدث به ابن عيينة قط، فما أظن في يوسف بن يعقوب العدل، روى عن جعفر بن إبراهيم، وعنه صدقة بن هبيرة الموصلي، قال الخطيب: مجهول. 284 - " يا معاذ إني مرسلك إلى قوم أهل كتاب، فإذا سئلت عن المجرة التي في السماء فقل: هي لعاب حية تحت العرش ". موضوع. أخرجه الطبراني (1 / 176 / 1) والعقيلي (3 / 449) وابن عدي (263 / 1) من طريق الفضل بن المختار عن محمد بن مسلم الطائفي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن جابر بن عبد الله مرفوعا. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 142) وقال: الفضل منكر الحديث، وقال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (1 / 39) : هذا حديث منكر جدا، بل الأشبه أنه موضوع، وراويه الفضل بن المختار هذا أبو سهل البصري قال فيه أبو حاتم الرازي: هو مجهول، حدث بالأباطيل، وقال الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث جدا، وقال ابن عدي: لا يتابع على أحاديثه لا متنا وإسنادا. قلت: وقد ساق له الذهبي أحاديث ثم قال: فهذه أباطيل وعجائب. وأورده ابن الجوزي من طريق أخرى عن معاذ بن جبل مرفوعا نحوه، رواه العقيلي في ترجمة عبد الأعلى بن حكيم (253) وقال: هذا الحديث غير محفوظ، وعبد الأعلى مجهول بالنقل. وفيه أبو بكر بن أبي سبرة متروك وسليمان بن داود الشاذكوني وهو متهم. وقال الذهبي في ترجمة عبد الأعلى هذا: وهذا إسناد مظلم، ومتن ليس بصحيح. 285 - " ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء ". منكر. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 215 / 2) والطحاوي في " معاني الآثار " (1 / 337) وأبو سهل الجواليقي في " أحاديث ابن الضريس " (189 / 2) ومن طريقه أبو مطيع المصري في " الأمالي " (95 / 1) وابن عدي (250 / 1) أيضا والخطيب في " الأمالي بمسجد دمشق " (4 / 6 / 2) من طريق عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات كما قال المنذري في " الترغيب " (2 / 78) والهيثمي في " المجمع " (3 / 186) ، ولكن عبد الجبار بن الورد في حفظه ضعف كما أشار لذلك البخاري بقوله: يخالف في بعض حديثه. الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 وقال ابن حبان: يخطيء ويهم. وأنا لا أشك أنه أخطأ في رواية هذا الحديث لأمرين: الأول: أنه اضطرب في إسناده فمرة قال: عن ابن أبي مليكة، كما في هذه الرواية ومرة أخرى قال: عن عمرو بن دينار، رواه الطبراني، وهذا يدل على أنه لم يحفظ. الآخر: أنه قد خولف في متن هذا الحديث فرواه جماعة من الثقات عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال: ما رأيت النبي يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان. رواه البخاري (4 / 200 - 201) ومسلم (3 / 150 - 151) وأحمد (رقم 1938، 2856، 3475) والطحاوي والطبراني والبيهقي (4 / 286) من طرق عن عبيد الله به، وأحد أسانيده عند أحمد ثلاثي. فهذا هو أصل الحديث، وهو كما ترى من قول ابن عباس ولفظه بناء على ما علمه من صيامه صلى الله عليه وسلم، فجاء عبد الجبار هذا فرواه مرفوعا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وشتان ما بين الروايتين، فإن هذه الرواية الضعيفة تتعارض مع الأحاديث الأخرى التي تصرح بأن لبعض أيام أخرى غير يوم عاشوراء فضلا على سائر الأيام كقوله صلى الله عليه وسلم: " صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية ". رواه مسلم (3 / 168) وغيره عن أبي قتادة، وهو مخرج في " الإرواء " (955) فكيف يعقل مع هذا أن يقول عليه السلام ما رواه عنه عبد الجبار هذا؟ ! . أما الرواية الصحيحة لحديث ابن عباس، فإنما فيها إثبات التعارض بين نفي ابن عباس فضل يوم غير عاشوراء وإثبات غير كأبي قتادة، وهذا الأمر فيه هين؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 لما تقرر في الأصول: أن المثبت مقدم على النافي وإنما الإشكال الواضح أن ينسب النفي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه قد صرح فيما صح عنه بإثبات ما عزي إليه من النفي. ومما تقدم تبين أن لا إشكال، وأن نسبة النفي إليه صلى الله عليه وسلم وهم من بعض الرواة، والحمد لله على توفيقه. 286 - " قد أتى آدم عليه السلام هذا البيت ألف آتية من الهند على رجليه لم يركب فيهن من ذلك ثلاث مئة حجة وسبع مئة عمرة، وأول حجة حجها آدم عليه السلام وهو واقف بعرفات أتاه جبريل عليه السلام فقال: السلام عليك يا آدم بر الله نسكك، أما إنا قد طفنا هذا البيت قبل أن تخلق بخمسة آلاف سنة ". ضعيف جدا. رواه ابن بشران في " الأمالي " (160 / 2 - 161 / 1) من طريق العباس بن الفضل الأنصاري عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي جعفر عن أبيه عن أبي حازم عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، العباس بن الفضل الأنصاري متروك واتهمه أبو زرعة كما في " التقريب ". والقاسم بن عبد الرحمن هو الأنصاري، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث مضطرب الحديث، حدثنا عنه الأنصاري (يعني: محمد الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 بن عبد الله) بحديثين باطلين: أحدهما وفاة آدم صلى الله عليه وسلم والآخر عن أبي حازم. كذا في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 113) . قلت: ولعل الحديث الباطل الآخر عن أبي حازم هو هذا والله أعلم. 287 - " ما ترك القاتل على المقتول من ذنب ". لا أصل له. ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضا، ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة (أن) يطالب المقتول القاتل، فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل كما ثبت به الحديث الصحيح في سائر المظالم، والقتل من أعظمها، كذا في " البداية والنهاية " (1 / 93 - 94) لابن كثير. قلت يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " إن المفلس من أمتي من يأتي بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "، رواه مسلم، وهو مخرج في " الصحيحة " (847) . الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 288 - " كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ". موضوع. أخرجه الترمذي (3 / 11) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 288) وابن عدي (243 / 2) وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (306) من طريق عمر ابن هارون البلخي عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وقال الترمذي: هذا حديث غريب، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: عمر بن هارون الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 مقارب الحديث لا أعرف له حديثا ليس له أصل أو قال: يتفرد به إلا هذا الحديث. قلت: وفي ترجمته رواه العقيلي ثم قال: ولا يعرف إلا به، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جياد أنه قال: " اعفوا اللحى، واحفوا الشوارب " وهذه الرواية أولى. وعمر هذا قال في " الميزان ": قال ابن معين: كذاب خبيث، وقال صالح جزرة: كذاب، ثم ساق له هذا الحديث، لكن قال ابن عدي عقبه: وقد روى هذا عن أسامة غير عمر بن هارون، فلينظر فإنه خلاف ما قاله البخاري والعقيلي: إنه تفرد به عمر. 289 - " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا ". ضعيف. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (178 - من زوائده) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 674) وابن لال في " حديثه " (116 / 1) وابن بشران في " الأمالي " (20 / 38 / 1) والبيهقي في " الشعب " وغيرهم من طريق أبي شجاع عن أبي طيبة عن ابن مسعود مرفوعا. وهذا سند ضعيف، قال الذهبي: أبو شجاع نكرة لا يعرف، عن أبي طيبة، ومن أبو طيبة؟ عن ابن مسعود بهذا الحديث مرفوعا. الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 وقد أشار بهذا الكلام إلى أن أبا طيبة نكرة لا يعرف، وصرح في ترجمته بأنه مجهول. ثم إن في سند الحديث اضطرابا من وجوه ثلاثة بينها الحافظ ابن حجر في " اللسان " في ترجمة أبي شجاع هذا فليراجعه من شاء، وفي " فيض القدير " للمناوي: وقال الزيلعي تبعا لجمع: هو معلول من وجوه: أحدها: الانقطاع كما بينه الدارقطني وغيره. الثاني: نكارة متنه كما ذكره أحمد. الثالث: ضعف رواته كما قاله ابن الجوزي. الرابع: اضطرابه، وقد أجمع على ضعفه أحمد وأبو حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وغيرهم. وقال المناوي في " التيسير ": والحديث منكر. 290 - " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا، ومن قرأ كل ليلة {لا أقسم بيوم القيامة} لقي الله يوم القيامة ووجهه في صورة القمر ليلة البدر ". موضوع. رواه الديلمي من طريق أحمد بن عمر اليمامي بسنده إلى ابن عباس رفعه. الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (177) وقال: أحمد اليمامي كذاب. 291 - " من قرأ سورة الواقعة وتعلمها لم يكتب من الغافلين، ولم يفتقر هو وأهل بيته ". موضوع. أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (277) من رواية أبي الشيخ بسنده عن عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس رفعه. وقال السيوطي: عبد القدوس بن حبيب متروك. قلت: وقال عبد الرزاق: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله: كذاب إلا لعبد القدوس وقد صرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. الحديث: 291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 292 - " أما ظلمة الليل وضوء النهار فإن الشمس إذا سقطت تحت الأرض فأظلم الليل لذلك وإذا أضاء الصبح ابتدرها سبعون ألف ملك وهي تقاعس كراهية أن تعبد من دون الله حتى تطلع فتضيء فيطول النهار بطول مكثها فيسخن الماء لذلك، وإذا كان الصيف قل مكثها فبرد الماء لذلك، وأما الجراد فإنه نثرة حوت في البحر يقال له: الإيوان، وفيه يهلك. الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 وأما منشأ السحاب فإنه ينشأ من قبل الخافقين، ومن بين الخافقين تلجمه الصبا والجنوب ويستدبره الشمال والدبور، وأما الرعد فإنه ملك بيده مخراق يدني القاصية، ويؤخر الدانية، فإذا رفع برقت، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعقت، وأما ما للرجل من الولد وما للمرأة فإن للرجل العظام والعروق والعصب، وللمرأة اللحم والدم والشعر، وأما البلد الأمين فمكة ". باطل. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 188 / 2 / 7891) من طريق محمد بن عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو عمران الحراني يوسف بن يعقوب أخبرنا ابن جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن خزيمة بن ثابت وليس بالأنصاري قال: يا رسول الله أخبرني عن ضوء النهار وظلمة الليل وعن حر الماء في الشتاء وعن برده في الصيف، وعن البلد الأمين، وعن منشأ السحاب، وعن مخرج الجراد، وعن الرعد والبرق وعما للرجل من الولد وما للمرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني: لم يروه عن ابن جريج إلا أبو عمران الحراني، تفرد به محمد بن عبد الرحمن السلمي. قلت: هو مجهول كشيخه، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه يوسف بن يعقوب أبو عمران ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته ولم ينقل تضعيفه عن أحد. قلت: روايته مثل هذا الحديث كافية في تضعيفه فقد قال الذهبي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 ترجمته: إنه خبر باطل، والراوي عنه مجهول واسمه محمد عبد الرحمن السلمي، وأقره الحافظ في " اللسان ". 293 - " وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم، لولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته ". موضوع. رواه ابن عدي (230 / 2) وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (1 / 34) والطبراني في " الكبير " (8 / 197 / 7705) وأبو حفص الكناني في " الأمالي " (1 / 9 / 2) والحافظ أبو محمد السراج القاريء في " الفوائد المنتخبة " (1 / 125 / 1) وأبو عمرو السمرقندي في " الفوائد المنتقاة " (71 / 1) والخطيب في " الموضح " (2 / 79، 165، 166 / 1) ، عن عفير بن معدان عن سليمان بن عامر الخبائري عن أبي أمامة مرفوعا، وقال القاري وابن عدي وتبعه ابن الجوزي: حديث غريب لا أعلم رواه غير عفير بن معدان. قلت: وهو ضعيف جدا كما قال الهيثمي (8 / 131) بعد أن عزا هذا الحديث لرواية الطبراني، وكذلك عزاه السيوطي في " الجامع " وقال المناوي بعد أن حكى عن الهيثمي تضعيف عفير المذكور: وتعصيب الجناية برأس عفير وحده يوهم أنه ليس فيه من يحمل عليه سواه والأمر بخلافه، ففيه مسلمة بن علي الخشني قال في " الميزان ": واه، تركوه، واستنكروا حديثه، ثم ساق له أخبارا هذا منها، وقال ابن الجوزي: لا يرويه غير مسلمة، وقد قال يحيى: ليس بشيء، والنسائي: متروك. قلت: لكن بعض طرقه سالم من مسلمة، فالتعصيب في محله. وهذا الحديث مع ضعفه الشديد إسنادا فإني لا أشك أنه موضوع متنا، إذ الحديث: 293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 ليس عليه لوائح كلام النبوة والرسالة، بل هو أشبه بالإسرائيليات. ويؤيد وضعه مخالفته لما ثبت في علم الفلك أن السبب في عدم حرق الشمس لما على وجه الأرض إنما هو بعدها عن الأرض بمسافات كبيرة جدا يقدرونها بمئة وخمسين مليون كيلومتر تقريبا كما في كتاب " علم الفلك " للأستاذ طالب الصابوني الذي يدرس في الصف الحادي عشر. ثم رأيت الحديث رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (3 / 145 / 1) (رقم 77 من نسختي) موقوفا على أبي أمامة فقال: حدثنا أبو عتبة حدثنا بقية حدثنا أبو عائذ المؤذن حدثني سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: فذكره موقوفا عليه، وإسناده ضعيف، والوقف هو الأشبه، والله أعلم. 294 - " الأرض على الماء، والماء على صخرة، والصخرة على ظهر حوت يلتقي حرفاه بالعرش، والحوت على كاهل ملك قدماه في الهواء ". موضوع. ذكره الهيثمي (8 / 131) من حديث ابن عمر مرفوعا ثم قال: رواه البزار عن شيخه عبد الله بن أحمد يعني ابن شبيب وهو ضعيف. قلت: لم أره في " الميزان " ولا في " اللسان " ولا في غيرهما من كتب الرجال فلعله تحرف اسمه على الطابع، والظاهر أنه من الإسرائيليات كالذي قبله. ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي (175 / 1) من طريق محمد بن حرب عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة - كثير بن مرة - عن ابن عمر مرفوعا، وقال: سعيد بن سنان الحمصي عامة ما يرويه وخاصة عن أبي الزاهرية غير محفوظة. الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 قلت: وهو ضعيف جدا بل قال فيه الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. وساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث هذا منها. ثم رأيت له طريقا أخرى، أخرجها ابن منده في " التوحيد " (27 / 2) عن عبد الله بن سليمان الطويل عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمر مرفوعا، وقال: هذا إسناد متصل مشهور. قلت: لكن دراجا ذومناكير، وقد سبق له بعض مناكيره، وعبد الله بن سليمان الطويل سيء الحفظ فلعله أخطأ هو أو شيخه في سنده فرفعه وهو موقوف، ومما يؤيد أن الصواب وقفه أن ابن منده رواه (5 / 1 - 2، 28 / 2) عن ابن عباس موقوفا عليه دون ذكر الملك وسنده صحيح، فهذا يؤيد أن الحديث من الإسرائيليات. ثم وقفت على إسناد البزار بواسطة " كشف الأستار " (2 / 449 / 2066) للهيثمي قال البزار: حدثنا عبد الله بن أحمد يعني ابن شبيب حدثنا أبو اليمان حدثنا سعيد بن سنان به مثل رواية ابن عدي المتقدمة، وقال البزار: علته سعيد بن سنان. قلت: فتكشفت لي الحقائق التالية: الأولى: أن الهيثمي غفل عن العلة القادحة في هذا الإسناد، مع تصريح البزار بها وهي سعيد بن سنان لأنه متهم كما تقدم. الثانية: أنه تحرف على الهيثمي في الكتابين " المجمع " و" الكشف " اسم جد عبد الله بن أحمد فقال: ابن شبيب، وإنما هو ابن شَبَّويه كذلك وقع في كثير من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 الأحاديث التي رواها البزار من طريقه وهاك أرقام بعضها من المجلد الأول من " الكشف " (29 و53 و508 و537 و621 و762 و782 و859 و892 و948 و1049) والرقم الأول فيها بهذا السند عينه، وإعلال البزار إياه بسعيد نفسه. الثالثة: لا يوجد في الرواة عبد الله بن أحمد بن شبيب، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وإنما فيهم عبد الله بن شبيب أبو سعيد الربعي فتوهم الهيثمي أنه هو فضعفه وهو حري بذلك وهو من شيوخ البزار أيضا في عدة أحاديث أخرى كالأحاديث (173 و247 و417) ولوفرض أنه هو صاحب هذا الحديث لم يجز إعلاله به لأنه متابع عند ابن عدي كما تقدم، وأما ابن شبويه فهو في " ثقات ابن حبان " (8 / 366) وقال: مستقيم الحديث. 295 - " من قرأ قل هو الله أحد مئتي مرة غفرت له ذنوب مئتي سنة ". منكر. رواه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (3 / 113 / 1) والخطيب (6 / 187) وابن بشران (ج 12 ق 62 وجه 1) والبيهقي في " الشعب " (1 / 2 / 35 / 1 - 2) من طريق الحسن بن أبي جعفر الجعفري حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا. وهذا سند ضعيف جدا الحسن بن جعفر الجعفري قال الذهبي: ضعفه أحمد والنسائي، وقال البخاري والفلاس: منكر الحديث، ومن بلاياه الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 هذا الحديث. قلت: إلا أنه لم يتفرد به فقال السيوطي في " اللآليء " (1 / 239) : أخرجه ابن الضريس في " فضائل القرآن " والبيهقي في " شعب الإيمان " من طريق الحسن بن أبي جعفر به، وأخرجه البزار من طريق الأغلب بن تميم عن ثابت عن أنس، وقال: لا نعلم رواه عن ثابت إلا الحسن بن أبي جعفر والأغلب وهما متقاربان في سوء الحفظ، وأخرجه ابن الضريس والبيهقي من طريق صالح المري عن ثابت عن أنس. قلت: وصالح هذا هو ابن بشير الزاهد، قال البخاري والفلاس أيضا: منكر الحديث. والخلاصة أن هذه الطرق الثلاث شديدة الضعف فلا ينجبر بها ضعف الحديث، على أن معناه مستنكر عندي جدا لما فيه من المبالغة، وإن كان فضل الله تعالى لا حد له والله أعلم. تنبيه: لم أر الحديث في " كشف الأستار "، ولا في " مجمع الزوائد "، والله أعلم. 296 - " إن الله ليس بتارك أحدا من المسلمين صبيحة أول يوم من شهر رمضان إلا غفر له ". موضوع. رواه الخطيب (5 / 91) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 190) من طريق سلام الطويل عن زياد بن ميمون عن أنس مرفوعا. وهذا إسناد موضوع سلام الطويل اتهمه غير واحد بالكذب والوضع. الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 وشيخه زياد بن ميمون وضاع باعترافه. ومن هذا الوجه أورده، وقال ابن الجوزي ما ملخصه: لا يصح، سلام متروك، وزياد كذاب. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 101) بقوله: قلت: له طريق آخر، ثم ساق الحديث الآتي وهو موضوع أيضا فلم يصنع شيئا! وهو على الراجح نفس الطريق الأولى، كما سترى. 297 - " إن الله ليس بتارك أحدا من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (48 ـ 49 من زوائده) وابن الأعرابي في " معجمه " (147) وابن بشران في " الأمالي " (24 / 290) عن المفضل بن فضالة عن أبي عروة البصري عن زياد أبي عمار - وقال ابن الأعرابي: زياد بن ميمون - عن أنس بن مالك مرفوعا وقال الطبراني: لا يروى إلا بهذا الإسناد، وأبو عروة عندي معمر، وأبو عمار: زياد النميري، كذا قال، وفيه نظر في موضعين: الأول: زياد النميري هو ابن عبد الله البصري، لم أجد من كناه أبا عمار، بخلاف زياد بن ميمون فقد كنوه بأبي عمار، وقال ابن معين في النميري: ضعيف، وقال في موضوع آخر: ليس به بأس قيل له: هو زياد أبو عمار؟ قال: لا، حديث أبي عمار ليس بشيء. فقد فرق هذا الإمام بين زياد بن عبد الله النميري وبين زياد أبي عمار، فضعف الحديث: 297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 الأول تضعيفا يسيرا، وضعف أبا عمار جدا، فثبت أنه غير النميري، وإنما هو ابن ميمون كما صرحت بذلك رواية ابن الأعرابي وهو وضاع باعترافه كما سبق مرارا قال الذهبي: زياد بن ميمون الثقفي الفاكهي عن أنس، ويقال له زياد أبو عمار البصري، وزياد بن أبي حسان، يدلسونه لئلا يعرف في الحال، قال ابن معين: ليس يسوى قليلا ولا كثيرا، وقال يزيد بن هارون: كان كذابا، ثم ساق له أحاديث مناكير، هذا أحدها. والثاني: قوله: إن أبا عروة البصري، هو معمر يعني ابن راشد الثقة شيخ عبد الرزاق، فإن هذا وإن كان يكنى أبا عروة فإني لم أجد ما يؤيد أنه هو في هذا السند، وصنيع الحافظين الذهبي والعسقلاني يشير إلى أنه ليس به فقالا في " الميزان " و" اللسان ": أبو عروة عن زياد بن فلان مجهول، وكذلك شيخه. قلت: شيخه هو زياد بن ميمون الكذاب كما سبق آنفا فلعل أبا عروة كان يدلسه فيقول: زياد بن فلان، كما قال في هذا الحديث: زياد أبي عمار لكي لا يعرف، فإذا صح هذا فهو كاف عندنا في تجريح أبي عروة هذا، والله أعلم. ثم وجدت ما يؤيد أن الحديث حديث زياد بن ميمون، فقد أخرجه الواحدي في " تفسيره " (4 / 145 / 1) عن عثمان بن مطر عن سلام بن سليم عن زياد بن ميمون عن أنس، لكن سلام هذا وهو المدائني كذاب أيضا وعثمان بن مطر ضعيف، لكن رواه ابن عساكر (11 / 50 / 2) من طريق عثمان بن سعيد الصيداوي، أخبرنا سليم بن صالح عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبي عمار به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وأخرجه الديلمي (4 / 189) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سلام بن سلم عن زياد الواسطي عن أنس. قلت: وابن الفضل هذا متروك وسلام بن سلم هو ابن سليم نفسه وزياد الواسقي هو ابن ميمون ذاته وقد أورده بحشل في " تاريخ واسط " (58 ـ 59) . وبالجملة فإن مدار الحديث على أبي عمار وهو زياد بن ميمون وهو كذاب. 298 - " سبحان الله ماذا تستقبلون، وماذا يستقبل بكم؟ قالها ثلاثا، فقال عمر: يا رسول الله وحي نزل أو عدوحضر؟ قال: لا، ولكن الله يغفر فى أول ليلة من رمضان لكل أهل هذه القبلة، قال: وفي ناحية القوم رجل يهز رأسه يقول: بخ بخ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كأنك ضاق صدرك مما سمعت؟ قال: لا والله يا رسول الله ولكن ذكرت المنافقين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المنافق كافر، وليس لكافر في ذا شيء ". منكر. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 97 / 1 من زوائده) وأبو طاهر الأنباري في " مشيخته " (147 / 1 - 2) وابن فنجويه في " مجلس من الأمالي في فضل رمضان " (3 / 2 - 4 / 1) والواحدي في " الوسيط " (1 / 64 / 1) والدولابي في " الكنى " (1 / 107) عن عمرو بن حمزة القيسي أبي أسيد حدثنا أبو الربيع خلف عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حضر شهر رمضان قال: فذكره وقال الطبراني: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به عمرو. ومن هذا الوجه رواه البيهقي في " شعب الإيمان " كما في " اللآليء المصنوعة " الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 (2 / 101) للسيوطي، أورده شاهدا للحديث الذي قبله وسكت عليه! وليس بشيء، فإن عمرو بن حمزة هذا ضعفه الدارقطني وغيره، وقال البخاري والعقيلي: لا يتابع على حديثه، ثم ساق له العقيلي حديثين هذا أحدهما ثم قال: لا يتابع عليهما، وخلف أبو الربيع مجهول، وهو غير خلف بن مهران وقد فرق بينهما البخاري وكذا ابن أبي حاتم، فقد ترجم لابن مهران أولا، ووثقه، ثم ترجم لأبي الربيع ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ثم رأيت ابن خزيمة قد أشار لتضعيف هذا الحديث، فقد ذكره المنذري في " الترغيب " (2 / 63) ثم قال: رواه ابن خزيمة في " صحيحه " والبيهقي، وقال ابن خزيمة: إن صح الخبر فإني لا أعرف خلفا أبا الربيع بعدالة ولا جرح ولا عمرو بن حمزة القيسي الذي دونه. قال المنذري: قد ذكرهما ابن أبي حاتم ولم يذكر فيهما جارحا. قلت: فكان ماذا؟ ! فإنه لم يذكر فيه توثيقا أيضا، فمثل هذا أقرب إلى أن يكون مجهولا عند ابن أبي حاتم من أن يكون ثقة عنده وإلا لما جاز له أن يسكت عنه ويؤيد هذا قوله في مقدمة الجزء الأول (ق 1 ص 38) : على أنا ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روى عنه العلم رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم، فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله، فهذا نص منه على أنه لا يهمل الجرح والتعديل إلا لعدم علمه بذلك، فلا يجوز أن يتخذ سكوته عن الرجل توثيقا منه له كما يفعل ذلك بعض أفاضل عصرنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 من المحدثين، وجملة القول: أن هذا الحديث عندي منكر لتفرد هذين المجهولين به. 299 - " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إلى خلقه، وإذا نظر الله عز وجل إلى عبده لم يعذبه أبدا، ولله عز وجل فى كل ليلة ألف ألف عتيق من النار ". موضوع. رواه ابن فنجويه في " مجلس من الأمالي في فضل رمضان " وهو آخر حديث فيه، وأبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب " (ق 180 / 1) عن حماد بن مدرك {الفسنجاني} حدثنا عثمان بن عبد الله أنبأنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، ومن هذا الوجه رواه الضياء المقدسي في " المختارة " (10 / 100 / 1) وله عنده تتمة ثم قال: عثمان بن عبد الله الشامي متهم في روايته. وكذلك أورده ابن الجوزي بتمامه في " الموضوعات " (2 / 190) ، ثم قال ما ملخصه: موضوع، فيه مجاهيل، والمتهم به عثمان، يضع. وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 100 - 101) . والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (2 / 68 / 69) من رواية الأصبهاني فقط مصدرا بقوله: وروى ... مشيرا بذلك إلى أنه ضعيف أو الحديث: 299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 موضوع، فكتبت هذا التحقيق لرفع الاحتمال الأول وتعيين أن الحديث موضوع لكي لا يغتر من لا علم عنده بإشارة المنذري المحتملة فيروي الحديث عملا بما زعموه أنه من قواعد الحديث وهو أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال! فينسب بسبب ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل! . 300 - " من قرأ قل هو الله أحد مئتي مرة كتب الله له ألفا وخمس مئة حسنة، إلا أن يكون عليه دين ". موضوع. أخرجه ابن عدي (1 / 848 ـ 849) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (1 / 2 / 35 /2) والخطيب (6 / 204) من طريق أبي الربيع الزهراني حدثنا حاتم بن ميمون عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا حاتم هذا قال ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 270) : منكر الحديث على قلته، يروي عن ثابت ما لا يشبه حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحال، وهو الذي يروي عن ثابت عن أنس رفعه: " من قرأ {قل هو الله أحد} ... " الحديث. وقال البخاري: روى منكرا، كانوا يتقون مثل هؤلاء المشايخ. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 244) من طريق الخطيب ثم قال: موضوع، حاتم لا يحتج به بحال. الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 فتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 238) بأن الترمذي ومحمد بن نصر أخرجاه من طريقه بلفظ آخر، وهذا تعقب لا طائل تحته كما هو بين، واللفظ المشار إليه هو: " من قرأ كل يوم مئتي مرة {قل هو الله أحد} محي عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين ". أخرجه الترمذي (4 / 50) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 66) من طريق محمد ابن مرزوق حدثني حاتم بن ميمون عن ثابت عن أنس مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب أي ضعيف ولذا قال ابن كثير في " تفسيره " (4 / 568) : إسناده ضعيف. قلت: حاتم لا يحل الاحتجاج به بحال كما قال ابن حبان، وأورد ابن الجوزي حديثه هذا في " الموضوعات " باللفظ الذي قبله والطريق واحدة. ورواه الدارمي (2 / 461) من طريق محمد الوطاء عن أم كثير الأنصارية عن أنس مرفوعا بلفظ: " ... خمسين مرة غفر له ذنوب خمسين سنة ". قلت: وأم كثير هذه لم أعرفها وكذا الراوي عنها محمد الوطاء، وفي " التفسير "، محمد العطار من رواية أبي يعلى، وقال ابن كثير: إسناده ضعيف. وقد روى من طرق أخرى عن ثابت به بلفظ: " غفرت له ذنوب مئتي سنة ". وهو منكر كما تقدم قريبا رقم (295) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 301 - " من قرأ {قل هو الله أحد} في مرضه الذي يموت فيه، لم يفتن في قبره، وأمن من ضغطة القبر، وحملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 54 / 2 / 5913) وأبو نعيم (2 / 213) من طريق أبي الحارث نصر بن حماد البلخي قال: حدثنا مالك بن عبد الله الأزدي قال: حدثنا يزيد بن عبد الله بن الشخير العنبري عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به نصر هذا، وقد تفرد به، كما قال الطبراني، قال ابن معين: كذاب، وشيخه مالك بن عبد الله الأزدي لم أعرفه. الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 302 - " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ". موضوع. ومثله: الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 303 - " كنت نبيا ولا آدم ولا ماء ولا طين ". موضوع. ذكر هذا والذي قبله السيوطي في ذيل " الأحاديث الموضوعة " (ص 203) نقلا عن ابن تيمية، وأقره، وقد قال ابن تيمية في رده على البكري (ص 9) : لا أصل له، لا من نقل ولا من عقل، فإن أحدا من المحدثين لم يذكره، ومعناه باطل، فإن آدم عليه السلام لم يكن بين الماء والطين قط، فإن الطين ماء الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 وتراب، وإنما كان بين الروح والجسد، ثم هؤلاء الضلال يتوهمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حينئذ موجودا، وأن ذاته خلقت قبل الذوات، ويستشهدون على ذلك بأحاديث مفتراة، مثل حديث فيه أنه كان نورا حول العرش، فقال: يا جبريل أنا كنت ذلك النور، ويدعي أحدهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحفظ القرآن قبل أن يأتيه به جبريل. ويشير بقوله: " وإنما كان بين الروح والجسد " إلى أن هذا هو الصحيح في هذا الحديث ولفظه: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " وهو صحيح الإسناد كما بينته في " الصحيحة " (1856) ، وقال الزرقاني في " شرح المواهب " (1 / 33) بعد أن ذكر الحديثين: صرح السيوطي في " الدرر " بأنه لا أصل لهما، والثاني من زيادة العوام، وسبقه إلى ذلك الحافظ ابن تيمية، فأفتى ببطلان اللفظين وأنهما كذب، وأقره في " النور " (كذا ولعله " الذيل ") والسخاوي في " فتاويه " أجاب باعتماد كلام ابن تيمية في وضع اللفظين قائلا: وناهيك به اطلاعا وحفظا، أقر له المخالف والموافق، قال: وكيف لا يعتمد كلامه في مثل هذا وقد قال فيه الحافظ الذهبي: ما رأيت أشد استحضارا للمتون وعزو ها منه، وكأن السنة بين عينيه وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة وعين مفتوحة. 304 - " ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه ". منكر. رواه الترمذي (3 / 152) وأبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (1 / 106 / 1 - 2) وعنه البيهقي في " الآداب " (57 / 53) والعقيلي (455) وأبو الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 الحسن النعالي في " جزء من حديثه " (124 - 125) وابن بشران في " الأمالي " (18 /6 / 1، 22 / 60 / 1) والقطيعي في " جزء الألف دينار " (35 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 185) وزاهر الشحامي في " السباعيات " (7 / 12 /2) وأبو بكر بن النقور في " الفوائد " (1 / 149 / 1) وابن شاذان في " المشيخة الصغرى " (53 / 2) والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (277 / 1) وعبد الله العثماني الديباجي في " الأمالي " (1 / 56 / 1) وابن عساكر في تاريخه (14 / 249 / 2) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (33 / 1) كل هؤلاء أخرجوه عن يزيد بن بيان المعلم عن أبي الرحال عن أنس مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ: يزيد ابن بيان. وقال العقيلي: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. قلت: وهو ضعيف، قال الذهبي في " الميزان ": قال الدارقطني: ضعيف، وقال البخاري: فيه نظر، ثم ساق له هذا الحديث وقال: قال ابن عدي: هذا منكر. قلت: وشيخه أبو الرحال نحوه، قال أبو حاتم: ليس بقوي منكر الحديث، وقال البخاري: عنده عجائب، وقد أشار لضعفه ابن النقور فقال عقب الحديث: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 إن هذا الحديث من مفاريد أبي الرحال خالد بن محمد الأنصاري، ولا يرويه عنه غير يزيد ابن بيان، وفيهما نظر، ولا يعرف لأبي الرحال عن أنس غير هذا الحديث الواحد وهو مقل له خمسة أحاديث. 305 - " كن ذنبا ولا تكن رأسا ". لا أصل له فيما أعلم. وقد أفاد السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص 154) أنه من كلام إبراهيم بن أدهم أو صى به بعض أصحابه. ثم رأيته في " الزهد " لأحمد (20 / 80 / 1) من قول شعيب، وهو ابن حرب المدائني الزاهد توفي سنة (197 هـ) . وهو كلام يمجه ذوقي، ولا يشهد لصحته قلبي، بل هو مباين لما نفهمه من الشريعة وحضها على معالي الأمور والأخذ بالعزائم، فتأمل. الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 306 - " لعن الله الناظر إلى عورة المؤمن والمنظور إليه ". موضوع. رواه ابن عدي في " الكامل " (15 / 2) عن إسحاق بن نجيح عن عباد بن راشد المنقري عن (الحسن) عن عمران بن حصين مرفوعا، وقال: وإسحاق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث، قال ابن معين: هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث، قال ابن عدي: وهذا الحديث عن عباد بن راشد عن الحسن موضوع. وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 149) من أباطيل إسحاق هذا تبعا للذهبي في " الميزان ". ويغني عن هذا الحديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 " احفظ عورتك إلا عن زوجتك وما ملكت يمينك ... " الحديث وسنده حسن، وقد خرجته " في آداب الزفاف في السنة المطهرة " (ص 34 - 35) من الطبعة الثانية. 307 - " لأن أطعم أخا لي في الله لقمة أحب إلي من أن أتصدق بدرهمين، ولدرهمان أعطيهما إياه أحب إلي من أن أتصدق بعشرين، ولعشرون درهما أعطيها إياه أحب إلي من أن أعتق رقبة ". موضوع. رواه ابن بشران (26 / 107) من طريق الحجاج، حدثنا بشر عن الزبير عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته من بشر وهو ابن الحسين كذاب، وهو في نسخة الزبير ابن عدي (54 / 2) ، ولكن الحديث روي بلفظ آخر وهو: الحديث: 307 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 308 - " لأن أطعم أخا في الله مسلما لقمة أحب إلي من أن أتصدق بدرهم، ولأن أعطي أخا في الله مسلما درهما أحب إلي من أن أتصدق بعشرة، ولأن أعطيه عشرة أحب إلي من أن أعتق رقبة ". ضعيف. قال السيوطي في " الجامع الصغير ": رواه هناد، والبيهقي في " الشعب " عن بديل مرسلا، قال شارحه المناوي: وفيه الحجاج بن فرافصة، قال أبو زرعة: ليس بقوي، وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين. الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 قلت: ومن طريقه رواه أبو القاسم الحلبي السراج في " حديث ابن السقاء " (7 / 76 / 2) عنه عن أبي العلاء عن يزيد مرفوعا، كذا في الأصل يزيد ولم أعرفه، ولعله يزيد بن عبد الله بن الشخير، وحينئذ فهو بدل من أبي العلاء فإنها كنية يزيد، وعليه فحرف عن بين الكنية والاسم مقحم من بعض الرواة والله أعلم. ثم رأيته في " الجامع " لابن وهب (ص 33) عن الحجاج بن فرافصة عن أبي العلاء لم يجاوزه، وقد ذكر الذهبي في ترجمة الحجاج هذا حديثا عنه عن يزيد الرقاشي عن أنس، فلعل يزيد في إسناد هذا الحديث هو الرقاشي، ويكون الحجاج رواه عنه بواسطة أبي العلاء هذا، فإن كان الأمر كما ذكرنا، فهذه علة أخرى في الحديث فإن الرقاشي هذا ضعيف، والله أعلم. ثم ترجح عندي أن يزيد محرف من بديل، فقد رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي، أورده في آخر حرف لا من طريق حجاج بن فرافصة عن أبي العلاء عن بديل ابن ورقاء العدوي، رفعه. ثم رأيته كذلك في " زهد هناد " (1 / 345 / 643) من طريق الحجاج بن فرافصة أخبرني أبو العلاء عن بديل مرفوعا. ثم وجدت له شاهدا أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (189 / 1، من الكواكب 575) أنبأ عبيد الله الوصافي بن الوليد عن أبي جعفر مرفوعا به إلا أنه قال في الجملة الأخيرة: " ولأن أعطي أخا لي الله في الله عشرة دراهم أحب إلي من أن أتصدق على مسكين بمئة درهم "، وهذا سند ضعيف ومرسل، ورواه السهمي في " تاريخ جرجان " (316) عن الفضل بن موسى السيناني عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 الوصافي عن كرز بن وبرة مرفوعا وذكر أن ابن وبرة هذا كان معروفا بالزهد والعبادة ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 309 - " من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم ". موضوع. أخرجه الحاكم (4 / 317) والخطيب في تاريخه (9 / 373) الشطر الأول منه من طريق إسحاق بن بشر حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حذيفة مرفوعا، وسكت عليه وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: إسحاق عدم، وأحسب الخبر موضوعا. قلت: وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 132) من طريق الخطيب وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 316 - 317) بطرق أخرى وشواهد ذكرها. أما الطرق عن حذيفة فاثنان آخران: الأول: عن أبان عن أبي العالية عن حذيفة أراه رفعه، مثل رواية الخطيب. قلت: وهذا إسناد لا يستشهد به، لأن أبان وهو ابن أبي عياش كذبه شعبة وغيره، لكنه قد توبع كما سيأتي بعد حديثين. الآخر: عن عبد الله بن سلمة بن أسلم عن عقبة بن شداد الجمحي عن حذيفة رفعه. وهذا سند ضعيف جدا، عبد الله هذا ضعفه الدارقطني، وقال أبو نعيم: متروك، وعقبة لا يعرف كما في " الميزان "، وفيه جماعة آخرون لم أعرفهم. الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 وأما الشواهد فهي من حديث ابن مسعود وأنس وأبي ذر، وكلها لا تصح وقد ذكرتها عقب هذا. 310 - " من أصبح وهمه الدنيا، فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 29 / 1 / 466 / 2) من طريق يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي عثمان النهدي عن أبي ذر مرفوعا، وقال: تفرد به يزيد بن ربيعة، أورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 317) وسكت عليه. وأما الهيثمي فقال في " مجمع الزوائد " (10 / 248) : رواه الطبراني، وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك، وأشار المنذري (3 / 9) إلى تضعيفه. قلت: وقد أنكر أبو حاتم أحاديثه عن أبي الأشعث كما في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 261) وهذا منها كما ترى، وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. الحديث: 310 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 311 - " من أصبح وهمه غير الله عز وجل فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم ". موضوع. ابن بشران في " الأمالي " (7 / 105 / 1) و (19 / 3 / 2) والحاكم (4 / 320) من طريق إسحاق بن بشر، حدثنا مقاتل بن سليمان عن حماد عن الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود مرفوعا، سكت عليه الحاكم، وقال ابن بشران: هذا حديث غريب تفرد به إسحاق بن بشر. وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك ": إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادقين. قلت: إسحاق بن بشر أبو حذيفة البخاري كذبه ابن المدني والدارقطني، كما في " الميزان " وساق له هذا الحديث ثم قال عقبه: مقاتل أيضا تالف. قلت: وابن سليمان هذا هو البلخي، قال وكيع: كان كذابا. والحديث روي من حديث أنس، فقال أبو حامد الحضرمي الثقة في " حديثه " (156 / 2) أخبرنا سليمان بن عمر، حدثنا وهب بن راشد عن فرقد السبخي عن أنس مرفوعا، ومن هذا الوجه رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (9 / 193 / 2) وأبو نعيم (3 / 48) وقال: لم يروه عن أنس غير فرقد، ولا عنه إلا وهب بن راشد، ووهب وفرقد غير محتج بحديثهما وتفردهما. قلت: فرقد ضعيف لسوء حفظه، ووهب بن راشد هو الرقي، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 27) : سئل أبي عنه، فقال: منكر الحديث، حدث بأحاديث بواطيل، وقال ابن حبان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 لا يجوز الاحتجاج به بحال. قلت: فالحمل عليه في هذا الحديث، والراوي عنه سليمان بن عمر الرقي ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 131) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ووثقه ابن حبان (8 / 280) . وله طريق أخرى ذكرها السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (2 / 316) شاهدا لحديث حذيفة المتقدم من رواية ابن النجار بسنده عن عبد الله بن زبيد الأيامي عن أبان عن أنس مرفوعا، وسكت عنه السيوطي وليس بجيد، فإن عبد الله بن زبيد غير معروف العدالة، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 2 / 62) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ووثقه ابن حبان (7 / 23) ، وشيخه أبان هو ابن أبي عياش كذبه شعبة وغيره، فمثله لا يستشهد به، وله طريق أخرى عن أنس مختصرا بلفظ: من أصبح وأكبر همه الدنيا فليس من الله عز وجل. أخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (6 / 1) عن الحارث بن مسلم الرازي وكانوا يرونه من الأبدال، عن زياد عنه. وهذا سند واه جدا، زياد هذا هو ابن ميمون الثقفي وهو كذاب، ويحتمل أنه النميري وهو ضعيف، انظر الحديث (296) والحارث قال السليماني: فيه نظر، وله شاهد عن علي، أخرجه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر الهاشمي (70 / 1) وفيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 موسى بن إبراهيم المروزي، كذبه يحيى بن معين. وروى الحديث عن حذيفة وأبي ذر وابن مسعود، وتقدمت ألفاظهم قريبا، ومن ألفاظ حديث حذيفة: 312 - " من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لا يصبح ويمسي ناصحا لله ورسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 188) و" الأوسط " (2 / 171 / 1 / 7626) وعنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 252) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية عن حذيفة بن اليمان مرفوعا، وقال: لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو ضعيف من أجل عبد الله بن أبي جعفر وأبيه فإنهما ضعيفان، واقتصر الهيثمي في " المجمع " (1 / 87) في إعلال الحديث على تضعيف الابن فقط وهو قصور، فإن الأب أشد ضعفا من الابن. الحديث: 312 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 313 - " كان خطيئة داود عليه السلام النظر ". موضوع. رواه الديلمي بسنده عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن الحسن عن سمرة قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس، وفيهم غلام ظاهر الوضاءة، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم خلف ظهره وقال: فذكره. قال ابن الصلاح في " مشكل الوسيط ": لا أصل لهذا الحديث. الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 وقال الزركشي في " تخريج أحاديث الشرح ": هذا حديث منكر، فيه ضعفاء، ومجاهيل، وانقطاع، قال: وقد استدل على بطلانه بقوله صلى الله عليه وسلم: " إني أراكم من وراء ظهري "، كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 122 - 123) و" تنزيه الشريعة " لابن عراق (308 / 1 - 2) . قلت: والاستدلال المذكور فيه نظر، لأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه إنما هي في حالة الصلاة كما تدل عليه الأحاديث الواردة في الباب، وليس هناك ما يدل على أنها مطلقة في الصلاة وخارجها، فتأمل. وللحديث طريق أخرى رواه أبو نعيم في " نسخة أحمد بن نبيط " وهي موضوعة كما سيأتي (برقم 562) ، ولعل الحديث أصله من الإسرائيليات التي كان يرويها بعض أهل الكتاب، تلقاها عنه بعض المسلمين، فوهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رأيت الحديث في " كتاب الورع " لابن أبي الدنيا (162 / 2) موقوفا على ابن جبير، فقال: أخبرنا محمد بن حسان السمتي عن خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير قال: " كان فتنة داود عليه السلام في النظر ". وهذا الإسناد فيه ضعف وهو مع ذلك أولى من المرفوع. وقصة افتتان داود عليه السلام بنظره إلى امرأة الجندي أو ريا مشهورة مبثوثة في كتب قصص الأنبياء وبعض كتب التفسير، ولا يشك مسلم عاقل في بطلانها لما فيها من نسبة ما لا يليق بمقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثل محاولته تعريض زوجها للقتل، ليتزوجها من بعده! وقد رويت هذه القصة مختصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجب ذكرها والتحذير منها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وبيان بطلانها وهي: 314 - " إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال: إذا حضر العدوفقرب فلانا، وسماه، قال: فقربه بين يدي التابوت، قال: وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله، فقتل زوج المرأة، ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة ". باطل. رواه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا، كما في " تفسير القرطبي " (15 / 167) ، وقال ابن كثير في تفسيره (4 / 31) : رواه ابن أبي حاتم، ولا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة. قلت: والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء، أخطأ يزيد الرقاشي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل القرطبي (15 / 176) عن ابن العربي المالكي أنه قال: وأما قولهم: إنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله، فهذا باطل قطعا، فإن داود صلى الله عليه وسلم لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه. تنبيه: تبين لنا من رواية ابن أبي حاتم في تفسيره لمثل هذا الحديث الباطل أن ما ذكره في أول كتابه " التفسير ": " أنه تحرى إخراجه بأصح الأخبار إسنادا وأثبتها متنا " كما ذكره ابن تيمية ليس على عمومه فليعلم هذا. الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 315 - " من أكل مع مغفور له غفر له ". كذب لا أصل له. قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} . وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كثير من الناس: " من أكل مع مغفور له غفر له "، وهذا الحديث لا أصل له، وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: يا رسول الله أنت قلت: " من أكل ... " الحديث، قال: " لا "، ولكني الآن أقوله! وفي " المقاصد " قال شيخنا يعني ابن حجر: كذب موضوع، وسبقه إلى ذلك ابن القيم في " المنار " (ص 51) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في أحاديث سئل عنها (رقم 32) من نسختي: هذا ليس له إسناد عند أهل العلم ولا هو في شيء من كتب المسلمين، إنما يروونه عن سنان وليس معناه صحيحا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون. الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 316 - " ابدأ بأمك وأبيك وأختك وأخيك والأدنى فالأدنى ولا تنسوا الجيران وذا الحاجة ". ضعيف جدا بهذا التمام. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20 / 150 / 311) من طريق عباد بن أحمد العرزمي حدثنا عمي عن أبيه عن محمد بن سوقة عن الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 أبي رفاعة عن معاذ بن جبل قال: أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أعطي من فضل ما خولني الله؟ قال: فذكره. قال الهيثمي في " مجمع الزوائد (3 / 120) : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه عباد بن أحمد العرزمي، وهو ضعيف. قلت: فتعقبه أخونا حمدي السلفي في تعليقه على " المعجم " فقال: قلت بل هو متروك. أقول ولقد أصاب جزاه الله خيرا، فإن العرزمي هذا لم يترجم إلا بقول الدارقطني فيه: متروك، فهو شديد الضعف. وعمه الظاهر عندي أنه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي فإنهم ذكروا أنه يروي عن أبيه قال في " الميزان ": ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: ليس بقوي. قلت وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال (7 / 91) : يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه. قلت: وأبوه محمد بن عبيد الله العرزمي متروك أيضا وهو مترجم في " التهذيب " وغيره، والحديث قد ثبت من حديث طارق المحاربي مرفوعا نحوه دون قوله: " ولا تنسوا الجيران وذا الحاجة ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 ولذلك خرجته هنا وحديث طارق مخرج في " إرواء الغليل " مع أحاديث أخرى بمعناه (834) . تنبيه: كان هنا في الطبعة السابقة حديث آخر بلفظ: " إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع في الآخرة ". فنقلته إلى " الصحيحة " (343) لأني وجدت له ما يقويه بلفظه عند ابن ماجه وبنحوه عند آخرين فاقتضى التنبيه وقد كنت نبهت على هذا في فهرس بعض الطبعات التي طبعت على طريقة الأو فست بواسطة المكتب الإسلامي والله تعالى هو المسؤول أن يسدد خطانا وأن يعصمنا من الزلل ومن كل ما لا يرضيه. 317 - " إن موسى بن عمران مر برجل وهو يضطرب، فقام يدعوله أن يعافيه، فقيل له: يا موسى إنه ليس الذي يصيبه خبط من إبليس، ولكنه جوع نفسه لي فهو الذي ترى، إني أنظر إليه كل يوم مرات أتعجب من طاعته لي، فمره فليدع لك فإن له عندي كل يوم دعوة ". ضعيف. رواه الطبراني (3 / 132 / 1) : حدثنا جبرون بن عيسى المقريء، أخبرنا يحيى بن سليمان الحفري، أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. ومن طريقه رواه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 345 - 346) وقال: هذا حديث غريب، لم يروه عن فضيل إلا يحيى بن سليمان، وفيه مقال. قلت: والراوي عنه جبرون لم أعرفه، ولم يزد الدارقطني في " المؤتلف " (2 /849) على قوله فيه: الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 " كان يحدث بمصر عن يحيى بن سليمان الحفري نسخة. . . " والله أعلم. 318 - " لكل شيء زكاة وزكاة الدار بيت الضيافة ". موضوع. عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للرافعي عن ثابت، وذكره في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 114) من رواية ابن أبي شريح في جزء ميني كذا ولعله بيبى حدثنا أحمد بن عثمان النهرواني، حدثني عبد الله بن عبد القدوس أبو صالح الكرخي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا شعبة عن ثابت عن أنس مرفوعا، وقال السيوطي: أورده أبو سعيد النقاش في " الموضوعات "، وقال: وضعه أحمد أو شيخه، وأقره في " الميزان " (1 / 118) وأورده الجوزجانى في " الأباطيل " (2 / 64) وقال: حديث منكر، وعبد الله بن عبد القدوس مجهول. قلت: لكن له طريق أخرى عن ثابت، رواه ابن عساكر (14 / 13 / 2) عن أبي طالب عيسى بن محمد الباقلاني بسنده الصحيح عن حماد بن سلمة عن ثابت به، ساقه في ترجمة الباقلاني هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو آفته والله أعلم. قلت: ثم وجدت له طريقا ثالثة عن أنس أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (363) عن ابن عدي حدثني محمد بن القاسم بن شريح أبو سعيد بجرجان حدثنا العباس بن محمد الدامغاني حدثنا علي بن الحسين الكوفي حدثنا عقبة بن الزبير حدثنا علي بن عاصم عن حميد الطويل عن أنس به، أورده في ترجمة محمد بن القاسم هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وابن الحديث: 318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 عاصم ضعيف وعلي بن الحسين رافضي. 319 - " سبعة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل والمفعول به، والناكح يده، وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، وناكح المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي لجاره حتى يلعنه ". ضعيف. رواه ابن بشران (86 / 1 - 2) من طريق عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة وشيخه الإفريقي، فإنهما ضعيفان من قبل حفظهما، وقد أورد المنذري في " الترغيب " (3 / 195) قطعة من الحديث وقال: رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما، وأشار لضعفه. الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 320 - " كما تكونوا يولى عليكم ". ضعيف. أخرجه الديلمي من طريق يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن أبي بكرة مرفوعا، والبيهقي في " الشعب " من طريق يحيى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق مرسلا، ويحيى في عداد من يضع. الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 لكن له طريق أخرى عند ابن جميع في " معجمه " (ص 149) والقضاعي في " مسنده " (47 / 1) من جهة أحمد بن عثمان الكرماني عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعا. قال ابن طاهر: والمبارك وإن ذكر بشيء من الضعف فالتهمة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة، كذا في " المناوي ". وقال الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 25) : وفي إسناده إلى مبارك مجاهيل. قلت: ومن هذا الوجه رواه السلفي في " الطيوريات " (1 / 282) . ثم إن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي، فقد حدثنا التاريخ تولي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو! . 321 - " من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان ". موضوع. رواه أبو يعلى في " مسنده " (4 / 1602) وعنه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (200 / 617) وكذا ابن عساكر (16 / 182 / 2) من طريق أبي يعلى وابن بشران في " الأمالي " (88 / 1) وأبو طاهر القرشي في " حديث ابن مروان الأنصاري وغيره " (2 / 1) من طريق يحيى بن العلاء الرازي عن مروان بن سليمان عن طلحة بن عبيد الله العقيلي عن الحسين بن علي مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع، يحيى بن العلاء ومروان بن سالم يضعان الحديث. الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 وعزاه ابن القيم في " تحفة المودود " (ص 9) للبيهقي، ثم قال: وقال: إسناده ضعيف. قلت: وفيه تساهل لا يخفى، ونحوه قول الهيثمي في " المجمع " (4 / 59) : رواه أبو يعلى وفيه مروان بن سليمان الغفاري وهو متروك. فتعقبه المناوي في " شرح الجامع الصغير " بقوله: وأقول: تعصيب الجناية برأسه وحده يؤذن بأنه ليس فيه من يحمل عليه سواه، والأمر بخلافه ففيه يحيى بن العلاء البجلي الرازي، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": قال أحمد كذاب وضاع، وقال في " الميزان ": قال أحمد: كذاب يضع، ثم أورد له أخبارا هذا منها. قلت: وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة ممن صنفوا في الأذكار والأوراد، كالإمام النووي رحمه الله، فإنه أورده في كتابه برواية ابن السني دون أن يشير ولوإلى ضعفه فقط، وسكت عليه شارحه ابن علان (6 / 95) فلم يتكلم على سنده بشيء! ثم جاء ابن تيمية من بعد النووي فأورده في " الكلم الطيب " ثم تبعه تلميذه ابن القيم، فذكره في " الوابل الصيب "، إلا أنهما قد أشارا إلى تضعيفه بتصديرهما إياه بقولهما ويذكر، وهذا وإن كان يرفع عنهما مسؤولية السكوت عن تضعيفه، فلا يرفع مسؤولية إيراده أصلا، فإن فيه إشعارا أنه ضعيف فقط وليس بموضوع، وإلا لما أورداه إطلاقا، وهذا ما يفهمه كل من وقف عليه في كتابيهما ولا يخفى ما فيه، فقد يأتي من بعدهما من يغتر بصنيعهما هذا وهما الإمامان الجليلان فيقول: لا بأس فالحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال! أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 يعتبره شاهدا لحديث آخر ضعيف يقويه به، ذاهلا عن أنه يشترط في هذا أو ذاك أن لا يشتد ضعفه، وقد رأيت من وقع في شيء مما ذكرت، فقد روى الترمذي بسند ضعيف عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة، وقال الترمذي: حديث صحيح، والعمل عليه. فقال شارحه المباركفوري بعد أن بين ضعف إسناده مستدلا عليه بكلمات الأئمة في راويه عاصم بن عبيد الله: فإن قلت: كيف العمل عليه وهو ضعيف؟ قلت: نعم هو ضعيف، لكنه يعتضد بحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما الذي رواه أبو يعلى الموصلي وابن السني! فتأمل كيف قوى الضعيف بالموضوع، وما ذلك إلا لعدم علمه بوضعه واغتراره بإيراده من ذكرنا من العلماء، وكدت أن أقع أنا أيضا في مثله، فانتظر. نعم يمكن تقوية حديث أبي رافع بحديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى. أخرجه البيهقي في " الشعب " مع حديث الحسن بن علي وقال: وفي إسنادهما ضعف، ذكره ابن القيم في " التحفة " (ص 16) . قلت: فلعل إسناد هذا خير من إسناد حديث الحسن بحيث أنه يصلح شاهدا لحديث رافع والله أعلم. فإذا كان كذلك، فهو شاهد للتأذين فإنه الذي ورد في حديث أبي رافع، وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 الإقامة فهي غريبة، والله أعلم. وأقول الآن وقد طبع " الشعب ": إنه لا يصلح شاهدا لأن فيه كذابا ومتروكا، فعجبت من البيهقي ثم ابن القيم كيف اقتصرا على تضعيفه حتى كدت أن أجزم بصلاحيته للاستشهاد! فرأيت من الواجب التنبيه على ذلك وتخريجه فيما يأتي (6121) . 322 - " سألت ربي عز وجل أن لا يدخل أحدا من أهل بيتي النار فأعطانيها ". موضوع. أخرجه ابن بشران في " الأمالي " (56 / 1) أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أبو على الحنفي، حدثنا إسرائيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، أبو حمزة الثمالي اسمه ثابت بن أبي صفية ليس بثقة كما قال النسائي وغيره، ومحمد بن يونس هو الكديمي وهو وضاع مشهور. وقد أساء السيوطي فأورده في " الجامع الصغير " ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء إلا أنه قال: وأخرجه ابن سعد والملا في " سيرته " وهو عند الديلمي وولده بلا سند. وأما في " التيسير " فقال: إسناده ضعيف. الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 323 - " ما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفر ". موضوع. أخرجه الحاكم (4 / 253) من طريق هشام بن زياد عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا، وقال: الحديث: 323 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 صحيح الإسناد، ورده الذهبي في " تلخيصه " بقوله: قلت: بل هشام متروك، وقال ابن حبان (3 / 88) : يروي الموضوعات عن الثقات والمقلوبات عن الأثبات، حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المتعمد لها لا يجوز الاحتجاج به. وله طريق أخرى بلفظ: " ما أذنب عبد ... ". قلت: وهو موضوع أيضا، وسيأتي برقم (777) ، والأول من موضوعات " الجامع ". 324 - " من أذنب ذنبا فعلم أن له ربا إن شاء أن يغفره له غفره له وإن شاء عذبه كان حقا على الله أن يغفر له ". موضوع. أخرجه أبو الشيخ في " أحاديثه " (18 / 2) والطبراني في " حديثه عن النسائي " (313 / 1) وابن حبان في " الثقات " (2 / 150) والحاكم في " المستدرك " (4 / 242) وأبو نعيم في " الحلية " (8 / 286) ومشرق بن عبد الله الفقيه في " حديثه " (60 / 2) من طريق جابر بن مرزوق المكي عن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبي طوالة عن أنس مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: قلت: لا والله، ومن جابر حتى يكون حجة؟ ! بل هو نكرة، وحديثه منكر الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 وقال في ترجمة جابر من " الميزان ": متهم، حدث عنه قتيبة بن سعيد وعلي بن بحر بما لا يشبه حديث الثقات، قاله ابن حبان. قلت: ومع ذلك ذكره السيوطي في " الجامع "! ويغني عنه ما أخرجه الحاكم قبيل هذا عن أبي هريرة مرفوعا: " أن عبدا أصاب ذنبا فقال: يا رب أذنبت ذنبا فاغفره لي، فقال ربه عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له.." الحديث وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. لكن استدراكه على الشيخين وهم، كما كنت ذكرت في تعليقي على " صحيح الجامع " (2099) ، فقد أخرجه البخاري (رقم 7507) ومسلم (8 / 99) وأحمد أيضا (2 / 296 و405 و492) . 325 - " من أذنب ذنبا فعلم أن الله قد اطلع عليه غفر له وإن لم يستغفر ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 272 / 1 / 4633) من طريق إبراهيم بن هراسة عن حمزة الزيات عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن ابن مسعود مرفوعا، قال الهيثمي (10 / 211) : وفيه إبراهيم بن هراسة وهو متروك. قلت: وكذبه أبو داود وغيره، وانظر الحديث قبله. ومما يبطل هذه الأحاديث الأربعة ما تقرر في الشريعة أن النجاة لا تكون الحديث: 325 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 بمجرد الندم والعلم أن الله مطلع على المذنب بل لابد من التوبة النصوح. وسوف يأتي حديث آخر بهذا المعنى (6172) . 326 - " من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مئة شهيد ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي في " الكامل " (90 / 2) وابن بشران في " الأمالي " (93 / 1 و 141 / 2) عن الحسن بن قتيبة أنبأنا عبد الخالق بن المنذر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وعلته الحسن بن قتيبة، قال الذهبي في " الميزان ": هالك، قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف وقال الأزدى: واهي الحديث، وقال العقيلي: كثير الوهم. قلت: وشيخه ابن المنذر لا يعرف، وقد عزاه المنذري في " الترغيب " (1 /41) للبيهقي من طريق الحسن هذا. وروي الحديث بلفظ آخر أقرب من هذا، وهو: الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 327 - " المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 200) من طريق الطبراني وهذا في " الأوسط " (2 / 31 / 5746) حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة، حدثنا محمد بن صالح العذري حدثنا (عبد المجيد بن) عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: غريب من حديث عبد العزيز عن عطاء، كذا قال وزاد الطبراني: الحديث: 327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 تفرد به ابنه عبد المجيد. قلت: وهو مختلف فيه، وفي " التقريب ": صدوق يخطيء، ومحمد بن صالح العذري بالذال المعجمة أو المهملة لم أعرفه، وقال الهيثمي في " المجمع " (1 / 172) : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن صالح العدوي (كذا) ولم أر من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. ومنه تعلم أن قول المنذري (1 / 41) : وإسناده لا بأس به، ليس كما ينبغي. ويغني عنه حديث: " إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم ... " الحديث، وهو مخرج في " الصحيحة " (494) . 328 - " من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة وبورك له في معاشه ولم ينتقص من رزقه، وكان عليه مباركا ". موضوع. ابن بشران (154 / 2) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (1 / 45) معلقا من طريق أبي زكريا يحيى بن هاشم، حدثنا مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، يحيى بن هاشم كذبه ابن معين وغيره. الحديث: 328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 وعطية العوفي ضعيف مدلس. ثم وجدت ليحيى متابعا ضعيفا جدا، أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 26) : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الأنصاري قال: حدثنا مسعر بن كدام به، وقال العقيلي: هذا حديث باطل، ليس له أصل، وليس هذا الشيخ (يعني الأنصاري) ممن يقيم الحديث. ومن هذا الوجه ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 43) وقال: أورده ابن الجوزي في " العلل الموضوعات ". 329 - " رحم الله أخي يوسف لولم يقل: {اجعلني على خزائن الأرض} لاستعمله من ساعته، ولكنه أخر لذلك سنة ". موضوع. قال الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 90) : أخرجه الثعلبي عن ابن عباس من رواية إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك عنه، وهذا إسناد ساقط ومن طريق الثعالبي رواه الواحدي في " تفسيره " (93 / 1) . الحديث: 329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 330 - " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إلي لئلا تفتضح عند الأمم، فأوحى الله إلي: يا محمد بل أنا أحاسبهم فإن كان منهم زلة سترتها عنك لئلا تفتضح عندك ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده (2 / 101) بسنده عن أبي بكر النقاش عن الحسن بن الصقر عن يوسف بن كثير عن داود بن المنذر عن بشر بن سليمان الأشعبي عن الأعرج عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به، وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 179) من رواية الديلمي ثم قال: النقاش متهم. قلت: ومع هذا فقد ذكره في كتابه " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن أبي هريرة! وسكت عليه شارحه المناوي فلم يزد على قوله: ورواه ابن شادني وغيره، كذا، وكأنه لم يقف على إسناده، وإلا لم يجز له السكوت عليه ولا أن يقتصر على تضعيف إسناده في كتابه الآخر " التيسير "، ثم ذكره السيوطي من رواية ابن النجار عن أنس بن مالك نحوه، وفيه محمد بن أيوب الرقي، قال ابن حبان: كان يضع الحديث. وأورده ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة " (ق 400 / 1) . الحديث: 330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 331 - " أنا ابن الذبيحين ". لا أصل له بهذا اللفظ. وفي " الكشف " (1 / 199) : الحديث: 331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 قال الزيلعي وابن حجر في " تخريج الكشاف ": لم نجده بهذا اللفظ. قلت: الحديث في التخريج (4 / 141) ونص ابن حجر فيه: قلت: بيض له - يعني الزيلعي - وقد أخرجه. قلت: كذا قال، والظاهر أنه ترك بياضا في الأصل بعد قوله: أخرجه، لإملائه فيما بعد فلم يتمكن، وكأنه كان يظن أن له أصلا فلم يجده، والله أعلم. وقد وجدت الحاكم قد علق هذا الحديث مجزوما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال في " المستدرك " (2 / 559) بعد أن روى أثرين عن ابن عباس وابن مسعود أن الذبيح هو إسحاق: وقد كنت أرى مشايخ الحديث قبلنا وفي سائر المدن التي طلبنا الحديث فيه وهم لا يختلفون أن الذبيح إسماعيل، وقاعدتهم فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا ابن الذبيحين " إذ لا خلاف أنه من ولد إسماعيل وأن الذبيح الآخر أبوه الأدنى عبد الله بن عبد المطلب، والآن فإني أجد مصنفي هذه الأدلة يختارون قول من قال: إنه إسحاق. قلت: فلعل الحاكم يشير بالحديث المذكور إلى ما أخرجه قبل صفحات (2 / 551) من طريق عبد الله بن محمد العتبي، حدثنا عبد الله بن سعيد (عن) الصنابحي قال: حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابني إبراهيم، فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل، وقال بعضهم: بل إسحاق الذبيح، فقال معاوية: سقطتم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه الأعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة، والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد علي بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 الله أمرها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه، فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا: أرض ربك وافد ابنك، قال: ففداه بمئة ناقة، قال: فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني، وسكت عليه الحاكم، لكن تعقبه الذهبي بقوله: قلت: إسناده واه، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (4 / 18) بعد أن ذكره من هذا الوجه من رواية ابن جرير: وهذا حديث غريب جدا. وأما ما في " الكشف " نقلا عن " شرح الزرقاني " على " المواهب ": والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقويه بتعدد طرقه، فوهم فاحش، فإنما قال الزرقاني: هذا في حديث " الذبيح إسحاق " وفيه مع ذلك نظر كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ثم إن صاحب " الكشف " عقب على ما سبق بقوله: وأقول: فحينئذ لا ينافيه ما نقله الحلبي في سيرته عن السيوطي أن هذا الحديث غريب وفي إسناده من لا يعرف. قلت: وقد عرفت أن الطرق المشار إليها في كلام الزرقاني ليست لهذا الحديث، فقد اتفق قول الذهبي والسيوطي على تضعيفه. ومن جهل الدكتور القلعجي أنه جزم بنسبة حديث الترجمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في تعليقه على " ضعفاء العقيلي " (3 / 94) ثم ساق عقبه حديث الحاكم وسكت عنه متجاهلا تعقب الذهبي! وبناء على جزمه ذكره في " فهرس الأحاديث الصحيحة " الذي وضعه في آخر الكتاب (ص 505) ! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 332 - " الذبيح إسحاق ". ضعيف. عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للدارقطني في " الأفراد " عن ابن مسعود والبزار وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، وابن مردويه عن أبي هريرة. قلت: حديث ابن مسعود رواه الطبراني أيضا وفيه مدلس وانقطاع، ولفظه: " أكرم الناس ... "، وسيأتي بتمامه قريبا، وقد رواه الحاكم (1 / 559) عنه مرفوعا بلفظ " الجامع "، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بأنفيه سنيد بن داود ولم يكن بذاك. قلت: قال الحافظ ابن كثير في " التفسير " (4 / 17) بعد أن ذكره موقوفا عليه: وهذا صحيح عن ابن مسعود. قلت: فلعله جاء من طريق غير سنيد. وحديث العباس رواه البزار في " مسنده " (3 / 103 / 2350) وأبو الحسن الحربي في الثاني من " الفوائد " (170 / 2) عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس مرفوعا باللفظ المذكور أعلاه. وهذا سند ضعيف، الحسن مدلس وقد عنعنه والمبارك فيه ضعف كما تقدم مرارا وبه أعله الهيثمي فقال: رواه البزار وفيه مبارك بن فضالة وقد ضعفه الجمهور. قلت: ومع ضعفه فقد اضطرب في روايته فمرة رفعه كما في هذه الرواية، ومرة أوقفه على العباس كما رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (13 / 143 / 2) ، وابن أبي حاتم، وكذلك رواه جماعة عن المبارك به عن العباس موقوفا، كما قال البزار. الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 وقال الحافظ ابن كثير (4 / 17) : وهذا أشبه وأصح. قال الزرقاني (1 / 97) : وتعقبه السيوطي بأن مباركا قد رفعه مرة، فأخرجه البزار عنه مرفوعا. قلت: وهذا تعقب ضعيف لأن مباركا ليس بالحافظ الضابط حتى تقبل زيادته على نفسه بل اضطرابه في روايته دليل على ضعفه كما لا يخفى. وقد روي من طريق أخرى عن العباس وسيأتي قريبا برقم (335) بلفظ: " قال داود صلى الله عليه وسلم أسألك بحق آبائي ... ". وحديث أبي هريرة رواه ابن أبي حاتم أيضا والطبراني في حديث طويل سيأتي مع بيان علته قريبا. وروي من حديث أبي سعيد الخدري أيضا، أخرجه العقيلي (261) وقال: إنه غير محفوظ، وسوف يأتي إن شاء الله بلفظ: " إن داود سأل ربه.. ". وبالجملة فطرق هذا الحديث كلها ضعيفة ليس فيها ما يصلح أن يحتج به، وبعضها أشد ضعفا من بعض، والغالب أنها إسرائيليات رواها بعض الصحابة ترخصا أخطأ في رفعها بعض الضعفاء، وقد أشار لضعفه القسطلاني في " المواهب " بقوله: إن صح وتعقبه الزرقاني بهذه الطرق وزعم أن حديث العباس رواه الحاكم من طرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 عنه وصححه على شرطهما، وقال الذهبي: صحيح، وفي هذا الزعم أوهام كثيرة سيأتي التنبيه عليها عند الكلام على حديث العباس باللفظ الآخر رقم (336) . ثم قال الزرقاني (1 / 98) : فهذه أحاديث يعضد بعضها بعضا، فأقل مراتب الحديث أنه حسن فكيف وقد صححه الحاكم والذهبي! . قلت: الذهبي لم يصححه، والحاكم وهم في تصحيحه كما سيأتي بيانه، والطرق فيها ضعف واضطراب، واحتمال كون متونها إسرائيليات، بل هو الغالب كما سبق، فهذا كله يمنع من القول بأن بعضها يعضد بعضا، ولا سيما وقد ذهب المحققون من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم إلى أن الصواب في الذبيح أنه إسماعيل عليه السلام، قال ابن القيم في " الزاد " (1 / 21) : وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره، وفي لفظ: وحيده. ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده ... وكيف يسوغ أن يقال: أن الذبيح إسحاق والله تعالى قد بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب، فقال تعالى عن الملائكة أنهم قالوا لإبراهيم لما أتوه بالبشرى: {لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت، فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} هو د: 71، فمحال أن يبشرها بأنه يكون له ولد ثم يأمر بذبحه.ثم ذكر وجوها أخرى في إبطال أنه إسحاق وتصويب أنه إسماعيل فليراجعها من شاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 333 - " إن الله تبارك وتعالى خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي، وبين أن يجيب شفاعتي، فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي، ولولا الذى سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي، إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق كرب الذبح، قيل له: يا إسحاق سل تعط، فقال: أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان: اللهم من مات لا يشرك بك شيئا فاغفر له وأدخله الجنة ". منكر. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد ابن مسلم حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا، كذا في " تفسير ابن كثير " (4 / 16) وقال: هذا حديث غريب منكر، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث، وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة وهي قوله: " إن الله لما فرج عن إسحاق ... " إلخ، والله أعلم. قلت: وما خشي ابن كثير بعيد، فإن الزيادة المذكورة لها صلة تامة بقوله قبلها: ولولا الذي ... فهي كالبيان له والله أعلم. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جدا، قال الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه. قلت: وهو راوي حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث موضوع كما سبق بيانه في الحديث رقم (25) . وذكرت هناك احتمال كونه من الإسرائيليات، أخطأ في روايته عبد الرحمن بن الحديث: 333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 زيد فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأقول هنا: إن هذه الزيادة في الحديث هي من الإسرائيليات أيضا بدليل أن كعب الأحبار حدث بها أبا هريرة كما أخرجه الحاكم (2 / 557) بسنده إلى كعب ثم قال عقبه: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه ووافقه الذهبي، وأصرح من هذه الرواية رواية عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري أخبرنا القاسم قال: اجتمع أبوهريرة وكعب، فجعل أبوهريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل كعب يحدث عن الكتب، فقال أبوهريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أن لكل نبي دعوة مستجابة وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة "، فقال له كعب: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، قال: أفلا أخبرك عن إبراهيم عليه السلام؟ إنه لما رأى ذبح ابنه إسحاق ... قلت: فذكر القصة وليس فيها هذه الزيادة، ولهذا قال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكر بعض الآثار عن بعض الصحابة في أن الذبيح إسحاق: وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتب قديمة، فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده منها وسميتها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده. والحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط " من هذا الوجه (2 / 138 / 2 / 7136) وهو دليل على أن الذبيح إسحاق عليه السلام، وبه قال بعضهم وهو باطل، والصواب أنه إسماعيل كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله، ومثله ما يأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 334 - " أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ". منكر بهذا اللفظ. رواه الطبراني في " كبيره " (10278) من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: من أكرم الناس؟ قال: " يوسف بن يعقوب ... "، الحديث، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8 / 202) : وفيه بقية مدلس، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. قلت: ولكن بقية قد توبع عليه فقد رواه ابن المظفر في " غرائب شعبة " (138 / 1) عن معاوية بن حفص وبقية معا عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به، ورواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود موقوفا عليه، وهو الصواب، أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 18 / 1) ، قال الحافظ ابن كثير بعد أن ساقه في " تفسيره " (4 / 17) : وهذا صحيح عن ابن مسعود. قلت: والحديث صحيح مرفوعا دون قوله: " إن إسحاق ذبيح الله "، فإن هذه الزيادة منكرة، فقد أخرج الحديث البخاري (6 / 323 - 324) ومسلم (7 / 103) من حديث أبي هريرة: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: " أتقاهم لله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: " فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله بن خليل الله ... "، الحديث ليس فيه " ذبيح الله " فدل على نكارتها. الحديث: 334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 وقد جاءت أحاديث في أن إسحاق هو الذبيح ولكنها كلها ضعيفة كما سبق بيانه قريبا، ومن ذلك الحديثان الآتيان: 335 - " قال داود صلى الله عليه وسلم: أسألك بحق آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فقال: أما إبراهيم فألقي في النار فصبر من أجلي، وتلك بلية لم تنلك، وأما إسحاق فبذل نفسه ليذبح فصبر من أجلي، وتلك بلية لم تنلك، وأما يعقوب فغاب عنه يوسف وتلك بلية لم تنلك ". ضعيف جدا. قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 202) : رواه البزار عن العباس من رواية أبي سعيد عن علي بن زيد وأبو سعيد لم أعرفه وعلي بن زيد ضعيف، وقد وثق. قلت: أبو سعيد هذا هو الحسن بن دينار وهو واه بمرة، فقد أخرج الحديث ابن جرير من طريق زيد بن الحباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن المطلب، ذكره ابن كثير (4 / 17) وقال: لا يصح، في إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك، وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث. قلت: والحسن بن دينار كنيته أبو سعيد كما في " الميزان " ولكنه لم يتفرد به بل توبع عليه مختصرا كما في الحديث الآتي بعده. والحديث رواه ابن مردويه أيضا كما في " شرح المواهب " للزرقاني (1 / 97) . وذكره ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " أنه من الإسرائيليات وهو الأشبه الحديث: 335 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 بالصواب. قلت: وإن مما يؤكد ذلك أنه لا يشرع في ديننا التوسل بحق الآباء، كما تقدم بيانه تحت الأحاديث المتقدمة (22 - 25) . 336 - " قال نبي الله داود: يا رب أسمع الناس يقولون: رب إسحاق؟ قال: إن إسحاق جاد لي بنفسه ". ضعيف. أخرجه الحاكم في " المستدرك " (2 / 556) من طريق زيد بن الحباب عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب مرفوعا، وقال: هذا حديث صحيح، رواه الناس عن علي بن زيد بن جدعان تفرد به. قلت: وسكت عليه الذهبي ولم يزد على قوله: رواه الناس عن ابن جدعان، وابن جدعان ضعيف منكر الحديث كما تقدم عن ابن كثير في الحديث الذي قبله. وأما قول الزرقانى في " شرح المواهب " (1 / 97) : رواه الحاكم من طرق عن العباس، وقال: صحيح على شرطهما، وقال الذهبي: صحيح ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة، قال ابن كثير: وفيه الحسن بن دينار متروك وشيخه منكر، ففيه أوهام: الأول: أنه ليس له عند الحاكم إلا هذه الطريق. الثاني: أنه إنما صححه مطلقا لم يقل: على شرطهما. الحديث: 336 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 الثالث: أن ابن كثير إنما أعل بما نقله الزرقاني عنه حديث العباس الذي قبله هذا، وأما علة حديث أبي هريرة فهي عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كما تقدم قبل ثلاثة أحاديث. 337 - " إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، فلما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق قال لأبيه: يا أبت أو ثقني لا أضطرب، فينتضح عليك من دمي إذا ذبحتني، فشده، فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} ". ضعيف بهذا السياق. أخرجه أحمد (رقم 2795) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات، وعلته أن عطاء بن السائب كان قد اختلط وسمع منه حماد في هذه الحالة وقبلها أيضا، فقول الزرقاني في " شرح المواهب " (1 / 98) والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند ": إسناده صحيح، غير مسلم، ومن المعروف عن الشيخ أحمد أنه يحتج في تصحيح هذا السند بأن حمادا سمع من عطاء قبل الاختلاط، ذكر ذلك في غير ما موضع من تعليقه على " المسند " وغيره وهو ذهول عما ذكره الحافظ في " تهذيب التهذيب " عن بعض الأئمة أنه سمع منه في الاختلاط أيضا، فلا يجوز حينئذ تصحيح حديثه إلا بعد تبين أنه سمعه منه قبل الاختلاط. الحديث: 337 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 والحديث أخرجه الحاكم (1 / 466) من طريق أخرى عن ابن عباس رفعه دون قصة الذبح، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد (رقم 2707) من طريق ثالث عنه أتم منه، وفيه القصة وفيه تسمية الذبيح إسماعيل، وهو الصواب لما تقدم بيانه في حديث: " الذبيح إسحاق " رقم (332) . 338 - " إن الله عز وجل خلق السموات سبعا، فاختار العليا منها فسكنها، وأسكن سائر سمواته من شاء من خلقه، وخلق الأرضين سبعا فاختار العليا منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم ". منكر. رواه الطبراني (3 / 210 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (458) وابن عدي (74 / 2 / 301 / 2) وأبو نعيم في " دلائل النبوة " (ص 12) وكذا الحاكم (4 / 73 - 74) وابن قدامة المقدسي في " العلو" (165 - 166) والعراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (2 / 201) من طريقين عن محمد بن ذكوان عن عمرو ابن دينار عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا: محمد بن ذكوان، قال النسائي: ليس بثقة الحديث: 338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 وضعفه الدارقطني وغيره، وقد قال العقيلي: إنه لا يتابع عليه، لكن أخرجه الحاكم من طريق أخرى عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر مرفوعا مختصرا. قلت: وفي سنده أبو سفيان زياد بن سهيل الحارثي ولم أجد له ترجمة. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 367 - 368) من الطريق الأول وقال عن أبيه: إنه حديث منكر، وأقره الذهبي في ترجمة ابن ذكوان من " الميزان ". ومما ينبغي أن يعلم أن القطعة الأخيرة من الحديث المتضمنة فضل العرب وفضل الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتة في أحاديث صحيحة قد ذكرنا بعضها عند الكلام على الحديث الموضوع: " إذا ذلت العرب ذل الإسلام " وتكلمنا هناك عن مسألة أفضلية العرب على العجم وحقيقتها بشيء من التفصيل فراجع الحديث (163) والذي بعده. 339 - " إن إدريس صلى الله عليه وسلم كان صديقا لملك الموت، فسأله أن يريه الجنة والنار، فصعد بإدريس فأراه النار، ففزع منها وكاد يغشى عليه، فالتف عليه ملك الموت بجناحه، فقال ملك الموت: أليس قد رأيتها؟ قال: بلى، ولم أر كاليوم قط، ثم انطلق به حتى أراه الجنة فدخلها، فقال ملك الموت: انطلق قد رأيتها، قال: إلى أين؟ قال ملك الموت: حيث كنت، قال إدريس: لا والله لا أخرج منها بعد أن الحديث: 339 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 دخلتها، فقيل لملك الموت: أليس أنت أدخلته إياها؟ وإنه ليس لأحد دخلها أن يخرج منها ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (2 / 177 / 1 / 7406) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي أخبرنا حجاج بن محمد عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أم سلمة مرفوعا، قال الهيثمي (8 / 199 - 200) : وفيه إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي وهو متروك. قلت: قال الذهبي في " الميزان ": قلت: هذا رجل كذاب، قال الحاكم: أحاديثه موضوعة. 340 - " سووا بين أولادكم في العطية، فلوكنت مفضلا أحدا لفضلت النساء ". ضعيف. أخرجه أبو بكر الآجري في " الفوائد المنتخبة " (1 / 103 / 1) والطبراني (3 / 142 / 2) والحارث بن أبي أسامة في " المسند " (ص 106 - من زوائده) والبيهقي (6 / 177) من طرق أربعة قالوا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وهذا سند ضعيف، ابن يوسف هذا متفق على تضعيفه، وقال الحافظ ابن عدي بعد أن أخرج له هذا (3 / 381) : ليس له أنكر من هذا الحديث، ولذا قال ابن حجر في " التقريب " في ترجمته: ضعيف. الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 ومنه تعلم أن قوله في " الفتح " (5 / 163) : وإسناده حسن، غير حسن. والشطر الأول من الحديث صحيح، روى معناه الشيخان وغيرهما من حديث النعمان بن بشير بلفظ: " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " وهو مخرج في الإرواء (1598) ومن أوهام الهيثمي في " مجمعه " (4 / 153) أنه أعله بعبد الله بن صالح فقط وذكر الخلاف فيه، وهو متابع من سائر الجمع ولعله سبب وهم الحافظ. ثم وجدت الحديث قد رواه أبو محمد الجوهري في " الفوائد المنتقاة " (7 / 2) وعنه ابن عساكر (7 / 184 / 2) من طريق الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وهذا إسناد معضل، وهذا هو أصل الحديث، فإن الأوزاعي ثقة ثبت، فمخالفة سعيد ابن يوسف إياه إنما هو من الأدلة على وهنه وضعفه. 341 - " كان يرى في الظلمة كما يرى في الضوء ". موضوع. رواه تمام في " الفوائد " (207 / 1 - 2 / رقم 2210 - من نسختي) وابن عدي (221 / 2) وعنه البيهقي في " الدلائل " (6 / 75) والخطيب في " التاريخ " (4 / 272) ومكي المؤذن في " حديثه " (236 / 1) والضياء المقدسي في " المنتقى من حديث أبي علي الأو قي " (1 / 2) عن عبد الله بن المغيرة عن المعلى بن هلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا، وقال البيهقي: وهذا إسناد فيه ضعيف. قلت: بل هو ضعيف جدا، وآفته ابن المغيرة هذا، ويقال فيه: عبد الله بن محمد بن المغيرة، قال العقيلي: يحدث بما لا أصل له، وقال ابن يونس: الحديث: 341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 منكر الحديث، وساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها، ثم قال: وهذه موضوعات، ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير ". ثم استدركت فقلت: الحمل فيه على شيخ ابن المغيرة - وهو المعلى بن هلال - أولى ذلك لأنه اتفق النقاد على تكذيبه كما قال الحافظ في " التقريب ". وتابعه محمد بن المغيرة المزني عن هاشم بن عروة عن أبيه مرسلا به. أخرجه ابن عساكر (17 / 128 / 2) من طريق مخلص بن موحد بن عثمان التنوخي، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن المغيرة به، ولم يذكر في موحد هذا جرحا ولا تعديلا. ومحمد بن المغيرة هذا لم أعرفه، ولعله سقط من النسخة اسم ابنه عبد الله كما في الطريق، ثم قال البيهقي: وروي ذلك من وجه آخر ليس بالقوي، أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الخليل النيسابوري، حدثنا صالح بن عبد الله النيسابوري، حدثنا عبد الرحمن بن عمار الشهيد، حدثنا المغيرة بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا نحوه. قلت: وهذا إسناد مظلم، فإن من دون المغيرة هذا لم أجد لهم ترجمة. 342 - " لما حملت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث، فسمته: عبد الحارث، فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 181 - بولاق) والحاكم (2 / 545) وابن بشران في " الأمالي " (158 / 2) وأحمد (5 / 11) وغيرهم من طريق عمر بن الحديث: 342 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعا، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. قلت: وليس كما قالوا، فإن الحسن في سماعه من سمرة خلاف مشهور، ثم هو مدلس ولم يصرح بسماعه من سمرة وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": كان الحسن كثير التدليس، فإذا قال في حديث: عن فلان، ضعف احتجاجه. قلت: وأعله ابن عدي في " الكامل " (3 / 1701) بتفرد عمر بن إبراهيم وقال: وحديثه عن قتادة مضطرب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. ومما يبين ضعف هذا الحديث الذي فسر به قوله تعالى {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ... } الآية، أن الحسن نفسه فسر الآية بغير ما في حديثه هذا، فلوكان عنده صحيحا مرفوعا لما عدل عنه، فقال في تفسيرها: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم، ذكر ذلك ابن كثير (2 / 274 - 275) من طرق عنه ثم قال: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، وانظر تمام كلامه فإنه نفيس، ونحوه في " التبيان في أقسام القرآن " (ص 264) لابن القيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 343 - " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب ". موضوع. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 3 رقم 153 من نسختي) والطبراني من طريق أبي عقيل الثقفي عن مجاهد، حدثني عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: فذكره، قال الطبراني: هذا حديث منكر، وأبو عقيل ضعيف الحديث، وهذا معارض لكتاب الله عز وجل، نقله السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 5) . وأما ما جاء في " صحيح البخاري " (7 / 403 - 409) من حديث البراء رضي الله عنه في قصة صلح الحديبية: فلما كتب الكتاب، كتبوا: " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله "، قالوا: لا نقر لك بهذا، لونعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد الله، فقال: " أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله "، ثم قال لعلي: " امح رسول الله "، قال علي: والله لا أمحوك أبدا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله.. فليس على ظاهره بل هو من باب بنى الأمير المدينة، أي أمر. والدليل على هذا رواية البخاري أيضا (9 / 351 - 381) في هذه القصة من حديث المسور بن مخرمة بلفظ: " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله "، ومثله في " صحيح مسلم " (5 / 175) من حديث أنس، ولهذا قال السهيلي: والحق أن معنى: قوله " فكتب " أي: أمر عليا أن يكتب، نقله الحافظ في " الفتح " (7 / 406) وأقره وذكر أنه مذهب الجمهور من الحديث: 343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 العلماء، وأن النكتة في قوله: فأخذ الكتاب ... ، لبيان أن قوله: " أرني إياها " أنه ما احتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي من محوها إلا لكونه لا يحسن الكتابة. 344 - " ما من عبد يحب أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول، ثم قال: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا} ". موضوع. أخرجه الطبراني (6 / 234) وأبو نعيم (4 / 203 - 204) من طريق عبد الغفور ابن سعد الأنصاري عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي مرفوعا. وهذا سند موضوع، قال ابن حبان في " الضعفاء (2 / 148) : عبد الغفور كان ممن يضع الحديث، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال البخاري: تركوه، وبه أعله في " المجمع " (7 / 49) ، ومع ذلك ذكره في " الجامع ". الحديث: 344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 345 - " يقوم الرجل للرجل، إلا بني هاشم فإنهم لا يقومون لأحد ". موضوع. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (8 / 289 / 7946) وأبو جعفر الرزاز في " ستة مجالس من الأمالي " (ق 232 / 2) عن جعفر بن الزبير عن الحديث: 345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 40) بعدما عزاه للطبراني: وفيه جعفر بن الزبير، وهو متروك. قلت: بل هو كذاب وضاع، وقد سبقت له عدة أحاديث هو المتهم بها، ولذلك كذبه شعبة وقال: وضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مئة حديث. ومما يدل على وضع هذا الحديث أنه يقرر عادة تخالف ما كان عليه الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد بني هاشم فإنهم كانوا لا يقومون له صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من كراهيته لذلك، كما سيأتي في الحديث الذي بعده، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، على أنه قد جاء ما يخالف هذا الحديث نصا، ولكن إسناده ضعيف عندنا فلا يحتج به وهو الآتي بعده. ثم وجدت للحديث طريقا آخر، فقال ابن قتيبة في " كتاب العرب أو الرد على الشعوبية " (292 - من رسائل البلغاء) : وحدثني يزيد بن عمرو عن محمد بن يوسف عن أبيه عن إبراهيم عن مكحول مرفوعا نحوه. قلت: وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة، وفيه علتان: الأولى: الإرسال، فإن مكحولا تابعي. والأخرى: يزيد بن عمرو شيخ ابن قتيبة، فلم أعرفه. ثم وجدت له طريقا ثالثا بلفظ: " لا يقومن أحد ... " وسيأتي، ويعارضه الحديث الآتي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 346 - " لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا ". ضعيف. وفي إسناده اضطراب وضعف وجهالة، أخرجه أبو داود (2 / 346) وأحمد (5 / 253) من طريق عبد الله بن نمير، والرامهرمزي في " الفاصل " (ص 64) وتمام في " الفوائد " (41 / 2) عن يحيى بن هاشم كلاهما عن مسعر عن أبي العنبس عن أبي العدبس عن أبي مرزوق عن أبي غالب عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا، فقمنا إليه فقال ... فذكره. ثم أخرجه أحمد عن سفيان عن مسعر عن أبي عن أبي عن أبي منهم أبو غالب عن أبي أمامة به، ورواه عبد الغني المقدسي في " الترغيب في الدعاء " (93 / 2) عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن أبي مرزوق عن أبي العنبس عن أبي العدبس عن أبي أمامة، ثم أخرجه أحمد (5 / 256) والروياني في " مسنده " (30 / 225 /2) من طريق يحيى بن سعيد عن مسعر، حدثنا أبو العدبس عن أبي خلف، حدثنا أبو مرزوق قال: قال أبو أمامة. وقال الروياني: اليهود بدل الأعاجم، وأخرجه ابن ماجه (2 / 431) من طريق وكيع عن مسعر عن أبي مرزوق عن أبي وائل عن أبي أمامة. وهذا اضطراب شديد يكفي وحده في تضعيف الحديث، فكيف وأبو مرزوق لين، كما قال الحافظ في " التقريب " وقال الذهبي في " الميزان ": قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به، ثم ساق له هذا الحديث من الطريق الأول، ثم ساقه من طريق ابن ماجه، إلا الحديث: 346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 أنه قال: أبي العدبس بدل أبي وائل ثم قال: وهذا غلط وتخبيط، وفي بعض النسخ: عن أبي وائل بدل عن أبي العدبس، وأبو العدبس مجهول كما في " الميزان " للذهبي و" التقريب " لابن حجر، وبه أعل الحديث الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 181) . وقد ذهل المنذري عن علة الحديث الحقيقية وهي الجهالة والضعف والاضطراب الذي فصلته، فذهب يعله في " مختصر السنن " (8 / 93) بأبي غالب، فذكر أقوال العلماء فيه وهي مختلفة، والراجح عندي أنه حسن الحديث، ولم يرجح المنذري ها هنا شيئا، وأما في " الترغيب والترهيب " (3 / 269 - 270) فقال بعد أن عزاه لأبي داود وابن ماجه: وإسناده حسن، فيه أبو غالب، فيه كلام طويل ذكرته في " مختصر السنن " وغيره والغالب عليه التوثيق، وقد صحح له الترمذي وغيره. قلت: والحق أن الحديث ضعيف وعلته ممن دون أبي غالب كما سبق. نعم معنى الحديث صحيح من حيث دلالته على كراهة القيام للرجل إذا دخل، وقد جاء في ذلك حديث صحيح صريح، فقال أنس بن مالك رضي الله عنه: ما كان شخص في الدنيا أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (ص 136) والترمذي (4 / 7) وصححه والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " وأحمد أيضا في " المسند " (3 / 132) وسنده صحيح على شرط مسلم، ورواه آخرون كما تراه في " الصحيحة " (358) . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره هذا القيام لنفسه وهي المعصومة من نزغات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 الشيطان، فبالأحرى أن يكرهه لغيره ممن يخشى عليه الفتنة، فما بال كثير من المشايخ وغيرهم قد استساغوا هذا القيام وألفوه كأنه أمر مشروع، كلا بل إن بعضهم ليستحبه مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم " ذاهلين عن الفرق بين القيام للرجل احتراما وهو المكروه، وبين القيام إليه لحاجة مثل الاستقبال والإعانة عن النزول، وهو المراد بهذا الحديث الصحيح، ويدل عليه رواية أحمد له بلفظ: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " وسنده حسن وقواه الحافظ في " الفتح "، وقد خرجته في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم (67) ، وللشيخ القاضي عز الدين عبد الرحيم بن محمد القاهري الحنفي (ت: 851 هـ) رسالة في هذا الموضوع أسماها " تذكرة الأنام في النهي عن القيام " لم أقف عليها، وإنما ذكرها كاتب حلبي في " كشف الظنون ". 347 - " لا تزال الأمة على شريعة ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخبث، ويظهر السقارون، قالوا: وما السقارون يا رسول الله؟ قال: بشر يكونون فى آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا اللعن ". منكر. أخرجه الحاكم (4 / 444) وأحمد (3 / 439) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ورده الذهبي بقوله: قلت: منكر، وزبان لم يخرجا له. قلت: وزبان قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته. الحديث: 347 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 348 - " هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون: يعني مروان بن الحكم ". موضوع. أخرجه الحاكم (4 / 479) من طريق ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال ... فذكره، قال الحاكم: صحيح الإسناد ورده الذهبي بقوله: قلت: لا والله، وميناء كذبه أبو حاتم. قلت: وقال ابن معين في كتاب " التاريخ والعلل " (13 / 2) : ليس بثقة ولا مأمون، وربما قال: من ميناء أبعده الله؟ ! ، وقال يعقوب بن سفيان: غير ثقة ولا مأمون، يجب أن لا يكتب حديثه. الحديث: 348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 349 - " رحم الله حميرا، أفواههم سلام، وأيديهم طعام، وهم أهل أمن وإيمان ". موضوع. أخرجه الترمذي (4 / 378) وأحمد (2 / 278) ومن طريقه العراقي في " المحجة " (46 / 2) عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت أبا هريرة يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل أحسبه من قيس، فقال: يا رسول الله ألعن حميرا؟ فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرض عنه، فقال النبي الحديث: 349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ويروي عن ميناء أحاديث مناكير. قلت: وقد كذبه أبو حاتم كما تقدم في الحديث الذي قبله. والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية أحمد والترمذي، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء! لا في " الفيض "، ولا في " التيسير ". 350 - " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ". لا أصل له بهذا اللفظ. وقد قال الشيخ ابن تيمية: والله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، وإنما المعروف ما روى مسلم أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "، وأقره الذهبي في " مختصر منهاج السنة " (ص 28) وكفى بهما حجة، وهذا الحديث رأيته في بعض كتب الشيعة، ثم في بعض كتب القاديانية يستدلون به على وجوب الإيمان بدجالهم ميرزا غلام أحمد المتنبي، ولوصح هذا الحديث لما كان فيه أدنى إشارة إلى ما زعموا، وغاية ما فيه وجوب اتخاذ المسلمين إماما يبايعونه، وهذا حق كما دل عليه حديث مسلم وغيره. ثم رأيت الحديث في كتاب " الأصول من الكافي " للكليني من علماء الشيعة رواه (1 / 377) عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن الفضيل عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله مرفوعا، وأبو عبد الله هو الحسين بن علي رضي الله عنهما. لكن الفضيل هذا وهو الأعور أورده الطوسي الشيعي في " الفهرست " (ص الحديث: 350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 126) ثم أبو جعفر السروي في " معالم العلماء " (ص 81) ، ولم يذكرا في ترجمته غير أن له كتابا! وأما محمد بن عبد الجبار فلم يورداه مطلقا، وكذلك ليس له ذكر في شيء من كتبنا، فهذا حال هذا الإسناد الوارد في كتابهم " الكافي " الذي هو أحسن كتبهم كما جاء في المقدمة (ص 33) ، ومن أكاذيب الشيعة التي لا يمكن حصرها قول الخميني في " كشف الأسرار " (ص 197) : وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة منقول عن النبي: ... ثم ذكره دون أن يقرنه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وهذه عادته في هذا الكتاب! فقوله: وأهل السنة كذب ظاهر عليه لأنه غير معروف لديهم كما تقدم بل هو بظاهره باطل إن لم يفسر بحديث مسلم كما هو محقق في " المنهاج " و" مختصره " وحينئذ فالحديث حجة عليهم فراجعهما. 351 - " يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ". موضوع. أخرجه الترمذي (4 / 328) وابن عدي (59 / 1، 69 / 1) والحاكم (3 / 14) من طريق حكيم بن جبير عن جميع بن عمير عن ابن عمر قال: لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين أصحابه، فجاء علي رضي الله عنه تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك، ولم تواخ بيني وبين أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... الحديث، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وتعقبه الشارح المباركفوري فقال: حكيم بن جبير ضعيف، ورمي بالتشيع. قلت: تعصيب الجناية برأس حكيم هذا وحده ليس من الإنصاف في شيء الحديث: 351 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 وذلك لأمرين: الأول: أن شيخه جميع بن عمير متهم، قال الذهبي: قال ابن حبان: رافضي يضع الحديث، وقال ابن نمير: كان من أكذب الناس، ثم ساق له هذا الحديث. الآخر: أن ابن جبير لم يتفرد به عن جميع، فقد تابعه سالم بن أبي حفصة وهو ثقة، لكن في الطريق إليه إسحاق بن بشر الكاهلي وقد كذبه ابن أبي شيبة، وموسى بن هارون، وقال الدارقطني: هو في عداد من يضع الحديث، أخرجه من طريقه الحاكم أيضا، فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: جميع اتهم، والكاهلي هالك، وتابعه أيضا كثير النواء، رواه ابن عدي، فآفة الحديث جميع هذا، وقد قال ابن عدي: وعامة ما يرويه لا يتابعه غيره عليه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وحديث مواخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من الأكاذيب، وأقره الحافظ الذهبي في " مختصر منهاج السنة " (ص 317) . 352 - " يا علي أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنة ". موضوع. أخرجه الخطيب (12 / 268) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعا. الحديث: 352 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 قلت: وهذا سند موضوع، عثمان بن عبد الرحمن هو القرشي وهو كذاب كما تقدم مرارا، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأحاديث المواخاة كلها كذب، وأقره الذهبي في " مختصر المنهاج " (ص 460) . 353 - " إن الله تعالى أوحى إلي فى علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: أنه سيد المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 210) عن مجاشع بن عمرو حدثنا عيسى بن سوادة النخعي حدثنا هلال بن أبي حميد الوزان عن عبد الله بن عكيم الجهني مرفوعا، وقال: تفرد به مجاشع. قلت: وهو كذاب، وكذا شيخه عيسى بن سوادة، وبه وحده أعله الهيثمي في " المجمع " (9 / 121) فقصر، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا حديث موضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث، ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم، ولا نعلم أحدا هو سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين غير نبينا صلى الله عليه وسلم، واللفظ مطلق، ما قال فيه من بعدي، وأقره الذهبي في " مختصر المنهاج " (ص 473) . الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 354 - " خلق الله تعالى آدم من طين الجابية، وعجنه بماء الجنة ". منكر. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (8 / 1) وعنه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 119) وكذا الضياء في " المجموع " (60 / 2) عن هشام بن الحديث: 354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 عمار: أخبرنا الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا سند ضعيف جدا، إسماعيل بن رافع قال الدارقطني وغيره: متروك الحديث وقال ابن عدي: أحاديثه كلها مما فيه نظر، ثم ساق له هذا الحديث، ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 190) ، وقال: لا يصح، إسماعيل ضعفه يحيى وأحمد، والوليد يدلس. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " بقوله: قلت: إسماعيل روى له الترمذي، ونقل عن البخاري أنه قال: هو ثقة مقارب الحديث. قلت: وهذا تعقب لا طائل تحته، لأن الرجل قد يكون في نفسه ثقة، ولكنه سيء الحفظ، وقد يسوء حفظه جدا حتى يكثر الخطأ في حديثه فيسقط الاحتجاج به، وإسماعيل من هذا القبيل فقد قال فيه ابن حبان: كان رجلا صالحا إلا أنه كان يقلب الأخبار حتى صار الغالب على حديثه المناكير التي يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها. ولهذا تركه جماعة وضعفه آخرون، والبخاري كأنه خفي عليه أمره، والجرح المفسر مقدم على التعديل، كما هو معلوم، ولهذا قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 297) عن أبيه: هذا حديث منكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 355 - " الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي قال: {يا قوم اتبعوا المرسلين} ، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم ". موضوع. ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم في " المعرفة " وابن عساكر عن ابن أبي ليلى، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء، غير أنه قال: رواه ابن مردويه والديلمي، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا حديث كذب، وأقره الذهبي في " مختصر المنهاج " (ص 309) وكفى بهما حجة، وإن من أكاذيب الشيعة التي يقلد فيها بعضهم بعضا أن ابن المطهر الشيعي عزاه في كتابه لرواية أحمد، فأنكره عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رده عليه فقال: لم يروه أحمد لا في " المسند " ولا في " الفضائل " ولا رواه أبدا، وإنما زاده القطيعي عن الكديمي، حدثنا الحسن بن محمد الأنصاري، حدثنا عمرو بن جميع، حدثنا ابن أبي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه مرفوعا. الحديث: 355 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 فعمرو هذا قال فيه ابن عدي الحافظ: يتهم بالوضع، والكديمي معروف بالكذب، فسقط الحديث، ثم قد ثبت في الصحيح تسمية غير علي صديقا، ففي " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اثبت أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ... " ضعفه ونكارته، فمن قواه من المعاصرين، فقد جانبه الصواب، ولربما الإنصاف أيضا، وأقره الذهبي في " مختصره " (ص 452 - 453) ، لكن عزو هذا الحديث الصحيح لمسلم وهم، كما بينته في " الصحيحة " تحت الحديث (875) . ثم وجدت الحديث رواه أبو نعيم أيضا في " جزء حديث الكديمي " (31 / 2) وسنده هكذا: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الأنصاري، حدثنا عمرو بن جميع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه مرفوعا. 356 - " النظر فى المصحف عبادة، ونظر الولد إلى الوالدين عبادة، والنظر إلى علي بن أبي طالب عبادة ". موضوع. أخرجه ابن الفراتي من طريق محمد بن زكريا بن دينار حدثنا العباس بن بكار حدثنا عباد بن كثير عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 / 346) شاهدا وسكت عليه! وهو موضوع فإن محمد بن زكريا هو الغلابي وهو معروف بالوضع. والجملة الأخيرة منه أوردها ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية جماعة من الصحابة وأعلها كلها، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 342 - 346) بمتابعات وشواهد كثيرة ذكرها، ولذلك أورده في " الجامع الصغير " وقد صحح الذهبي في " تلخيص المستدرك " (3 / 141) أحد شواهده، وفيه نظر بينته فيما سيأتي الحديث: 356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 إن شاء الله برقم (4702) . 357 - " علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله ". موضوع. أخرجه الحاكم (3 / 129) والخطيب (4 / 219) من طريق أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: بل والله موضوع، وأحمد كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك! قلت: وفي " الميزان ": قال ابن عدي: يضع الحديث، ثم ساق له هذا الحديث، وقال الخطيب: هو أنكر ما روى. الحديث: 357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 358 - " السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب ياسين والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبى طالب ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 111 / 2) عن الحسين بن أبي السري العسقلاني، أنبأنا حسين الأشقر، أنبأنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن الحديث: 358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا إن لم يكن موضوعا، فإن حسين الأشقر وهو ابن الحسن الكوفي شيعي غال، ضعفه البخاري جدا فقال في " التاريخ الصغير " (230) : عنده مناكير، وروى العقيلي في " الضعفاء " (90) عن البخاري أنه قال فيه: فيه نظر، وفي " الكامل " لابن عدي (97 / 1) : قال السعدي: كان غاليا، من الشتامين للخيرة، ووثقه بعضهم ثم قال ابن عدي: وليس كل ما يروي عنه من الحديث الإنكار فيه من قبله، فربما كان من قبل من يروي عنه، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر، على أن حسينا في حديثه بعض ما فيه. قلت: وكأن ابن عدي يشير بهذا الكلام إلى مثل هذا الحديث فإنه من رواية الحسين ابن أبي السري عنه، فإنه مثله بل أشد ضعفا، قال الذهبي: ضعفه أبو داود، وقال أخوه محمد: لا تكتبوا عن أخي فإنه كذاب، وقال أبو عروبة الحراني: هو خال أبي وهو كذاب، ثم ساق له هذا الحديث من طريق الطبراني. وقال الحافظ ابن كثير في " التفسير " (3 / 570) : هذا حديث منكر، لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر، وهو شيعي متروك، ونقل نحوه المناوي عن العقيلي، ونقل عنه الحافظ في " تهذيب التهذيب " أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 قال: لا أصل له عن ابن عيينة، وليس هذا في نسختنا من " الضعفاء " للعقيلى. والله أعلم. ثم إن المناوي وهم وهما فاحشا في كتابه الآخر: " التيسير " وقال فيه: إسناده حسن أو صحيح. 359 - " كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (4 / 235 / 112) ومن طريقه البيهقي في " سننه " (10 / 319) من طريق هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن حبان بن أبي جبلة مرفوعا، وأعله البيهقي بقوله: هذا مرسل، حبان بن أبي جبلة القرشي من التابعين. قلت: وهو ثقة، لكن الراوي عنه لم أعرفه. ثم عرفته من " تاريخ البخاري " وغيره وذكر أن بعضهم قلب اسمه فقال: يحيى بن عبد الرحمن وهكذا أورده ابن حبان في " ثقاته " (7 / 609) وهو عندي صدوق كما حققته في " التيسير " وظن العلامة أبو الطيب في تعليقه على الدارقطني أنه عبد الرحمن بن يحيى الصدفي أخومعاوية بن يحيى لينه أحمد، وهو وهم فإن هذا دمشقي كما في " تاريخ ابن عساكر " (10 / 242) ويروي عن هشيم، وذاك مصري عنه هشيم كما ترى فالعلة الإرسال. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبيهقي في " سننه " ورمز له بالصحة! وقد تعقبه المناوي في شرحه فقال: أشار المصنف لصحته، وهو ذهول أو قصور، فقد استدرك عليه الذهبي في " المهذب " فقال: قلت: لم يصح مع انقطاعه. الحديث: 359 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 قلت: وأخرجه البيهقي أيضا (6 / 178) من طريق سعيد بن أبي أيوب عن بشير بن أبي سعيد عن عمر بن المنكدر مرفوعا مرسلا دون قوله: " من والده ... " وبشير وعمر لم أعرفهما، ولكن في " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (1 / 1 /374) ما نصه: بشير بن سعيد المدني، روى عن محمد بن المنكدر، روى عنه سعيد ابن أبي أيوب، سمعت أبي يقول ذلك. والظاهر أنه هو هذا، ولكن وقع تحريف في اسمه واسم شيخه من نسخة " الجرح " أو " السنن " والله أعلم. ثم ترجح أن التحريف في " السنن " فقد جاء في " التاريخ "، و" ثقات ابن حبان " (6 / 101) مثل ما في " الجرح " إلا أنهما قالا: ... ابن سعد مكان: ... ابن أبي سعيد، والباقي مثله فهو من مرسل محمد بن المنكدر، والله أعلم. ومن الغرائب أن بعضهم استدل بهذا الحديث على عدم وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، خلافا للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشر والد النعمان - وكان أعطى أحد أولاده غلاما -: " أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث النعمان بن بشير، وفي رواية لمسلم وغيره: " فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق " وفي رواية: " فإني لا أشهد على جور ". وانظر الحديث المتقدم (340) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 ومع أن هذا الحديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به، فإنه لا يخالف حديث النعمان بن بشير، والتوفيق بينهما ممكن، وذلك أن يقال: هذا عام، وحديث النعمان خاص وهو مقدم عليه، فيكون معنى الحديث لوصح: كل أحد أحق بماله إذا صح أنه ماله شرعا، وابن بشير لم يتملك الغلام شرعا كما أفاده حديث النعمان، فلا تعارض، وراجع لهذا البحث " الروضة الندية في شرح الدرر البهية " (2 / 164 - 166) . 360 - " لا تجوز الهبة إلا مقبوضة ". لا أصل له مرفوعا. وإنما رواه عبد الرزاق من قول النخعي، كما ذكره الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 121) ، ولا دليل في السنة على اشتراط القبض في " الهبة " ومن أبواب البخاري في " صحيحه ": باب من رأى الهبة الغائبة جائزة، فانظر (5 / 160) من " فتح البارى ". الحديث: 360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 361 - " إذا كانت الهبة لذي رحم لم يرجع فيها ". منكر. أخرجه الدارقطني (ص 307) والحاكم (2 / 52) والبيهقي (6 / 181) من طريق الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعا. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وخالفه تلميذه البيهقي فقال: ليس إسناده بالقوي. وهذا هو الصواب للخلاف المعروف في سماع الحسن وهو البصري من الحديث: 361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 سمرة، ثم هو مدلس وقد عنعنه، فأنى له الصحة؟ وقد نقل الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 117) عن صاحب " التنقيح " وهو العلامة ابن عبد الهادي أنه قال: ورواة هذا الحديث كلهم ثقات، ولكنه حديث منكر، وهو من أنكر ما روى عن الحسن عن سمرة. قلت: وهو مخالف للحديث الصحيح: " لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية فيرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه " أخرجه أحمد (رقم 2119) بسند صحيح، وأصحاب " السنن " وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعا. وهو مخرج في " الإرواء " تحت الحديث رقم (1622) . تنبيه: عزا صديق خان في " الروضة الندية " (2 / 168) هذا الحديث لرواية الدارقطني أيضا من حديث ابن عباس، وهو وهم، فإن حديث ابن عباس عنده حديث آخر غير هذا، وهو: 362 - " من وهب هبة فارتجع بها فهو أحق بها ما لم يثب عليها، ولكنه كالكلب يعود في قيئه ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (307) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن محمد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قال الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 125) : وأعله عبد الحق في " أحكامه " بمحمد بن عبيد الله العرزمي، قال ابن القطان الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 كالمتعقب عليه: وهو لم يصل إلى العرزمي إلا على لسان كذاب، وهو إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، فلعل الجناية منه، انتهى. قلت: والعرزمي متروك كما في " التقريب "، لكن قد روي بسند أصلح من هذا أخرجه الطبراني (11317) من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء به، وابن أبي ليلى سيء الحفظ. 363 - " من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 307) والحاكم (2 / 52) وعنه البيهقي (6 / 180 - 181) من طريقين عبيد الله بن موسى، أنبأ حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله عن ابن عمر مرفوعا. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا يعني إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي . ولم يتعقبه الذهبي في " تلخيص المستدرك " بشيء على ما في النسخة المطبوعة، لكن قال المناوي في شرح " الجامع الصغير ": " وقفت على نسخة من " تلخيص المستدرك " للذهبى بخطه، فرأيته كتب على الهامش بخطه ما صورته: موضوع ". وأما في " الميزان " فقال في ترجمة إسحاق هذا: روى عنه الحاكم واتهمه. ونقل الحافظ في " اللسان " قول الحاكم المتقدم في شيخه وعقبه بقوله: قلت: الحمل فيه عليه بلا ريب، وهذا الكلام معروف من قول عمر غير مرفوع. وهذا ذهول عجيب من قبل الحافظ، فإن الدارقطني أخرجه من غير طريق الحديث: 363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 إسحاق هذا فبرئت عهدته منه، وقال الدارقطني عقبه: لا يثبت هذا مرفوعا، والصواب عن ابن عمر عن عمر موقوفا (في الأصل: مرفوعا وهو خطأ مطبعي) . وقد أشار البيهقي في " السنن " إلى أن الخطأ فيه من عبيد الله بن موسى، فإنه بعد أن ساقه من طريق الحاكم قال: وكذلك رواه علي بن سهل بن المغيرة (شيخ شيخ الدارقطني فيه) عن عبيد الله وهو وهم، وإنما المحفوظ عن حنظلة عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر بن الخطاب يعني موقوفا، ثم ساق سنده بذلك إلى عبد الله بن وهب عن حنظلة، وكذلك رواه وكيع عن حنظلة به كما في " المحلى " لابن حزم (10 / 128) . ثم رأيت الزيلعي ذكر في " نصب الراية " (4 / 126) أن البيهقي قال في " المعرفة " غلط فيه عبيد الله بن موسى " والصحيح رواية عبد الله بن وهب ... ، وأقره الزيلعي ويؤيد وقفه أن البيهقي أخرجه من طريق سعيد بن منصور، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر موقوفا. ورواه بعض الضعفاء فرفعه وهو إبراهيم بن إسماعيل بن جارية، فقال: عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة مرفوعا. أخرجه ابن ماجه (2 / 70) والدارقطني والبيهقي وقال: وهذا المتن بهذا الإسناد أليق، وإبراهيم بن إسماعيل ضعيف عند أهل العلم بالحديث، وعمرو بن دينار منقطع، والمحفوظ عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 عن عمر موقوفا. قال البخاري: هذا أصح. قلت: والحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: " العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " متفق عليه، فإنه بعمومه يفيد المنع من الرجوع فيها، ولا يجوز تخصيصه بهذا الحديث لضعفه. 364 - " من صلى فى مسجدي أربعين صلاة لا يفوته صلاة كتبت له براءة من النار، ونجاة من العذاب، وبرئ من النفاق ". منكر. أخرجه أحمد (3 / 155) والطبراني في " المعجم الأوسط " (2 / 32 / 2 / 5576) من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط بن عمر عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الطبراني: لم يروه عن أنس إلا نبيط تفرد به ابن أبي الرجال. قلت: وهذا سند ضعيف، نبيط هذا لا يعرف في هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " (5 / 483) على قاعدته في توثيق المجهولين، وهو عمدة الهيثمي في قوله في " المجمع " (4 / 8) : رواه أحمد والطبراني في " الأوسط " ورجاله ثقات. وأما قول المنذري في " الترغيب " (2 / 136) : رواه أحمد ورواته رواة الصحيح، والطبراني في " الأوسط ". فوهم واضح لأن نبيطا هذا ليس من رواة الصحيح، بل ولا روى له أحد من بقية الستة! ومما يضعف هذا الحديث أنه ورد من طريقين يقوى أحدهما الآخر عن أنس الحديث: 364 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 مرفوعا وموقوفا بلفظ: " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبير الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق ". أخرجه الترمذي (1 / 7 - طبع أحمد شاكر) ثم وجدت له طريقا ثالثا عنه مرفوعا أخرجه بحشل في " تاريخ واسط " (ص 36) وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب مرفوعا. أخرجه ابن ماجه (1 / 266) بسند ضعيف ومنقطع، ثم استوعبت طرقه وبينت ما لها وما عليها في الصحيحة برقم (2 / 652) وهذا اللفظ يغاير لفظ حديث الترجمة كل المغايرة، وهو أقوى منه فتأكد ضعفه ونكارته فمن قواه من المعاصرين فقد جانبه الصواب ولربما الإنصاف أيضا! 365 - " جهزوا صاحبكم فإن الفرق فلذ كبده ". ضعيف. أخرجه الحاكم (3 / 494) وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (1 / 1 / 187 / 2) من طريق ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن إسحاق بن حمزة البخاري حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن المبارك أنا محمد بن مطرف عن أبي حازم أظنه عن سهل بن سعد. أن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار فكان يبكي عند ذكر النار حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجاءه في البيت فلما دخل عليه اعتنقه الفتى وخر ميتا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. قال الحاكم: صحيح الإسناد. الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 وتعقبه الذهبي في " تلخيصه " بقوله: هذا البخاري وأبوه لا يدرى من هما، والخبر شبه موضوع. وأقره الحافظ في ترجمة إسحاق بن حمزة من " اللسان " إلا فيما قال في إسحاق، فتعقبه بقوله: بل إسحاق ذكره ابن حبان في " الثقات " ... وذكره الخليل في " الإرشاد " وقال: رضيه محمد بن إسماعيل البخاري وأثنى عليه، لكنه لم يخرجه في تصانيفه. 366 - " جهنم تحيط بالدنيا، والجنة من ورائها، فلذلك صار الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة ". منكر جدا. أخرجه ابن مخلد العطار في " المنتقى من أحاديثه " (2 / 84 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 93) ومن طريقه الديلمي في مسنده (2 / 79) عن محمد بن حمزة بن زياد الطوسي، حدثنا أبي قال: حدثنا قيس بن الربيع عن عبيد المكتب، عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. ومن طريق العطار أخرجه الخطيب (2 / 291) وعنه الذهبي في ترجمة محمد بن حمزة ابن زياد ثم قال: " هذا منكر جدا، محمد واه، وحمزة تركه أحمد، وقال ابن معين: ليس به بأس. قال مهنا: سألت أحمد عن حمزة الطوسي؟ فقال: لا يكتب عن الخبيث، وقال في ترجمة محمد بن حمزة: قال ابن منده: حدث بمناكير: قلت: روى عن أبيه، وأبوه فغير عمدة. والحديث عزاه السيوطي لـ " مسند الفردوس " أيضا، ورواه أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت في حديثه عن ابن عبد العزيز الهاشمي (76 / 1) عن محمد الحديث: 366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 الطوسي به. تنبيه: زاد المناوي في إعلال الحديث فقال: وفيه محمد مخلد قال الذهبي: قال ابن عدي: حدث بالأباطيل، قلت: وهذا هو الرعيني الحمصي وهو غير العطار صاحب هذا الحديث وهو ثقة مترجم في تاريخ بغداد (3 / 310) فوجب التنبيه. 367 - " خيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها رحماؤها، ألا وإن الله يغفر للعالم أربعين ذنبا، قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا، ألا وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة وإن نوره قد أضاء يمشي فيه بين المشرق والمغرب كما يضيء الكوكب الدري ". باطل. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 188) والخطيب في " تاريخه " (1 / 237 - 238) وفي " الموضح " (2 / 62) وابن عساكر في " ذم من لا يعمل بعلمه " (58 / 2) وفي " التاريخ " (16 / 28 / 2) من طريق محمد بن إسحاق السلمي، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا، وقال أبو نعيم: غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه. وقال الخطيب: محمد بن إسحاق السلمي أحد الغرباء المجهولين حدث عن عبد الله ابن المبارك حديثا منكرا، ثم ساق له هذا الحديث، وقال الذهبي في " الميزان ": الحديث: 367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 فيه جهالة، وأتى بخبر باطل، ثم ذكر هذا، وأقره الحافظ في " اللسان " والسيوطي في " اللآليء " (1 / 235) وقال: وأخرجه ابن الجوزي في " الواهيات " وقد أنكره الخطيب، وكأنه لم يتهم فيه إلا السلمي، ثم قال: " وله طريق آخر عن ابن عمر أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 104 / 1) : أنبأنا محمد بن إسماعيل الفرغاني حدثنا أحمد بن خالد القرشي حدثنا نوح بن حبيب حدثنا ابن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر بمثله سواء، وقال في " الميزان " أحمد بن خالد لا يعرف، والخبر باطل. قلت: وأقره الحافظ في " اللسان " وقد رواه فيه من طريق القضاعي، فقد اتفق هؤلاء الحفاظ الثلاثة الذهبي والعسقلاني والسيوطي على بطلان هذا الحديث من الوجهين، فأعجب للسيوطى كيف يخالفهم ويناقض نفسه فيورد الحديث في " الجامع الصغير " من الطريقين المذكورين مع اعترافه ببطلانهما وقد ذكر المناوي نحو هذا في " الفيض " وأما في " التيسير " فاقتصر على تضعيف إسناده. 368 - " حامل القرآن حامل راية الإسلام، من أكرمه فقد أكرم الله، ومن أهانه فعليه لعنة الله ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (2 / 88) بسنده إلى محمد بن يونس الكديمي بإسناده إلى أبي أمامة الباهلي مرفوعا وذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 23 رقم 116) وقال عقبه: الحديث: 368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 الكديمي متهم. قلت: ومع هذا فقد ذكره في " الجامع الصغير " بهذه الرواية فتعقبه المناوي في " شرحيه " بأن الكديمي وضاع. 369 - " قليل العمل ينفع مع العلم، وكثير العمل لا ينفع مع الجهل ". موضوع. أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (1 / 45) من طريق محمد بن روح بن عمران القتيرى في الأصل: القشيري وهو تصحيف عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي عن عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: العلم بالله عز وجل، قال: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: العلم بالله، قال: يا رسول الله أسألك عن العمل وتخبرني عن العلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. وهذا إسناد موضوع محمد بن روح القتيرى ضعيف، ومؤمل بن عبد الرحمن الثقفي قال فيه أبو حاتم: لين الحديث، ضعيف الحديث، وقال ابن عدي: عامة حديثه غير محفوظ، ثم ساق له أحاديث واهية، وعباد بن عبد الصمد قال في " الميزان ": وهاه ابن حبان وقال: حدثنا ابن قتيبة حدثنا غالب بن وزير الغزي ثنا مؤمل الحديث: 369 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 بن عبد الرحمن الثقفي حدثنا عباد بن عبد الصمد عن أنس بنسخة كلها موضوعة. والحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 41) من رواية الديلمي بسنده عن محمد بن روح به، ثم أعله بقول ابن حبان الذي ذكرته آنفا، وبقوله: وقال البخاري: عباد بن عبد الصمد منكر الحديث، وقال في " المغني " مؤمل بن عبد الرحمن، ضعفه أبو حاتم. قلت: ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا، فكيف يتفق هذا مع حكمه هو نفسه عليه بالوضع؟ ! ولا ينافيه قول العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 7) إن سنده ضعيف، لما سبق بيانه مرارا من أن الحديث الموضوع من أقسام الحديث الضعيف. 370 - " قوام المرء عقله، ولا دين لمن لا عقل له ". موضوع. ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 6) فقال: قال الحارث: حدثنا داود حدثنا نصر بن طريف عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قلت: أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3 / 796) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (ج 10 ق 109 / 2) والرافعي في " أخبار قزوين " (4 / 90) عن الحارث به، وسكت السيوطي على هذا السند لوضوح علته، وذلك لأن داود هذا هو ابن المحبر صاحب كتاب " العقل " قال الذهبي: الحديث: 370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 وليته لم يصنفه، وروى عبد الغني بن سعيد عن الدارقطني قال: كتاب " العقل " وضعه ميسرة بن عبد ربه، ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة، ثم قال السيوطي: أخرجه البيهقي من طريق حامد بن آدم عن أبي غانم عن أبي الزبير به وقال: تفرد به حامد وكان متهما بالكذب. قلت: ومع هذا أورده في " الجامع الصغير " برواية البيهقي دون أن يذكر ما أعله به! وقد تعقبه المناوي بقوله: فكان على المصنف حذفه، وليته إذ ذكره لم يحذف من كلام مخرجه علته! والحديث عند البيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 23 / 2) وقد ذكره السيوطي في موضع آخر من " الجامع " بلفظ: " دين المرء عقله، ومن لا عقل له لا دين له "، وقال: رواه أبو الشيخ في " الثواب "، وابن النجار عن جابر. ولم يتكلم الشارح عليه بشيء، غير أنه قال: ورواه عنه الديلمي أيضا. والظاهر أن الطريق واحد، والله أعلم. وقد تقدم الحديث بنحوه، وهو الحديث الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 ثم تبين أنه من رواية عمير بن عمران الحنفي عن ابن جريج به وسوف يأتي تخريجه برقم (3603) . 371 - " ستفتح عليكم الآفاق، وستفتح عليكم مدينة يقال لها: قزوين، من رابط فيها أربعين يوما أو أربعين ليلة، كان له فى الجنة عمود من ذهب عليه زبرجدة خضراء، عليها قبة من ياقوتة حمراء، لها سبعون ألف مصراع من ذهب، على كل مصراع زوجة من الحور العين ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (2 / 179) والرافعي في " أخبار قزوين " (1 / 6 - 7) والمزي في " تهذيب الكمال " (8 / 448 ـ مطبوع) من طريق داود بن المحبر، أنبأنا الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان عن أنس مرفوعا. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 55) من هذا الوجه وقال: موضوع: داود وضاع وهو المتهم به، والربيع ضعيف، ويزيد متروك. وقال المزي في " التهذيب " وهو حديث منكر لا يعرف إلا من رواية داود وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 463) : قلت: وفي ترجمته ساق الذهبي له هذا الحديث، ثم قال: فلقد شان ابن ماجه " سننه " بإدخاله هذا الحديث الموضوع فيها. قلت: ومن هذا تعلم قيمة قول الرافعي عقب هذا الحديث مشهور: " رواه عن داود جماعة، وأودعه الإمام ابن ماجه في " سننه "، والحفاظ يقرنون كتابه بـ " الصحيحين "، و" سنن أبي داود " ... ! الحديث: 371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 372 - " ما خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 105 / 1) : حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن المطعم بن المقدام مرفوعا. وأخرجه الخطيب في " الموضح " (2 / 220 - 221) عن موسى بن أبي موسى: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس به، ورواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في جزء " مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة شيوخه " (رقم 28) قال: وسمعت مليح بن وكيع يقول: سمعت الوليد بن مسلم يقول: سمعت الأوزاعي يقول: حدثني الثقة المطعم بن المقدام به. ومن طريقه رواه ابن عساكر في " تاريخه " (16 / 297 / 2) . قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات، لكنه مرسل لأن المطعم هذا تابعي. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن أبي شيبة عن المطعم ابن المقدام. فتعقبه المناوي بأن فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة أورده الذهبي في " الضعفاء ". قلت: وهذا تعقب عجيب، فإن محمد بن عثمان لا تعلق له بالرواية التي عزاها الحديث: 372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 السيوطي لابن أبي شيبة، فإن هذا هو مؤلف كتاب " المصنف " المشهور به، وهو أعلى طبقة من ابن أخيه محمد بن عثمان، وابن أبي شيبة عند الإطلاق، إنما يراد به أبو بكر هذا صاحب " المصنف " واسمه عبد الله بن محمد بن أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان الواسطي ويراد به تارة أخوه عثمان بن محمد، ولا يراد إطلاقا ابنه محمد بن عثمان، فإن كان المناوي تبادر إليه أنه المراد بـ ابن أبي شيبة عند السيوطي فهو عجيب، وإن كان يريد أنه في إسناد ابن أبي شيبة صاحب " المصنف " فهو أعجب، لما علمت أنه متأخر عنه. نعم قد رواه محمد بن عثمان أيضا كما سبق، لكن ليس هو المراد عند السيوطي. والحديث عزاه النووي في " الأذكار " (ص 276) للطبراني من حديث المقطم بن المقدام الصحابي، كذا قال، وإنما هو المطعم، وليس بصحابي كما تقدم، فلعل الخطأ من بعض النساخ. ثم تبين لي أن الخطأ من النووي نفسه، فقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه رآه كذلك بخط النووي، قال: وهو سهو نشأ عن تصحيف، إنما هو المطعم بسكون الطاء وكسر العين، وقوله " الصحابي " إنما هو الصنعاني بصاد ثم نون ساكنة ثم عين مهملة وبعد الألف نون نسبة إلى صنعاء دمشق، وكان في عصر صغار الصحابة، ولم يثبت له سماع من صحابي، بل أرسل عن بعضهم، وجل روايته عن التابعين كمجاهد والحسن، وسنده معضل، أو مرسل إن ثبت له سماع من صحابي. نقلته ملخصا من " شرح الأذكار " لابن علان (5 / 105) وأفاد أنه ليس في " كبير الطبراني " وإنما في كتاب " مناسك الحج " له وقد روى الحديث عن أنس نحوه أتم منه، بلفظ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 " أربع ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} (1) ثم يقول اللهم إني أتقرب إليك ... " إلخ وهو مسلسل بالعلل كما سيأتي بيانه أن شاء الله برقم (5840) . ثم إن النووى رحمه الله استدل بالحديث على أنه يستحب للمسافر عند الخروج أن يصلي ركعتين، وفيه نظر بين، لأن الاستحباب حكم شرعي لا يجوز الاستدلال عليه بحديث ضعيف، لأنه لا يفيد إلا الظن المرجوح، ولا يثبت به شيء من الأحكام الشرعية كما لا يخفي، ولم ترد هذه الصلاة عنه صلى الله عليه وسلم فلا تشرع، بخلاف الصلاة عند الرجوع فإنها سنة، وأغرب من هذا جزمه أعني النووي رحمه الله: " بأنه يستحب أن يقرأ سورة {لإيلاف قريش} فقد قال الإمام السيد الجليل أبو الحسن القزويني الفقيه الشافعي صاحب الكرامات الظاهرة والأحوال الباهرة والمعارف المتظاهرة: إنه أمان من كل سوء ". قلت: وهذا تشريع في الدين دون أي دليل إلا مجرد الدعوى! فمن أين له أن ذلك أمان من كل سوء؟ ! لقد كان مثل هذه الآراء التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة من أسباب تبديل الشريعة وتغييرها من حيث لا يشعرون، لولا أن الله تعهد بحفظها ورضي الله عن حذيفة بن اليمان إذ قال: " كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها ". وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق ". ثم وقفت على حديث يمكن أن يستحب به صلاة ركعتين عند النصر (1) وهو مخرج في " الصحيحة " (1323) فراجعه وثمة حديث آخر سيأتي برقم (6235 و6236) .   (1) سورة الإخلاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 373 - " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله ". ضعيف. أخرجه أحمد (5 / 422) والحاكم (4 / 515) من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي عن كثير بن زيد عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، فقال: أتدري ما تصنع؟ ! فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب، فقال: نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما فقد قال الذهبي نفسه في ترجمة داود هذا: حجازي لا يعرف. ووافقه الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " فأنى له الصحة؟ ! وذهل عن هذه العلة الحافظ الهيثمي فقال في " المجمع " (5 / 245) : رواه أحمد والطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه كثير بن زيد وثقه أحمد وغيره، وضعفه النسائي وغيره. قلت: ثم تبين بعد أن تيسر الرجوع إلى معجمي الطبراني أنه ليس في سنده داود هذا، فأعله الهيثمي بكثير، فقد أخرجه في " الكبير " (4 / 189 / 3999) ، و" الأوسط " (1 / 18 / 1 / 282) بإسناد واحد، فقال: حدثنا أحمد بن رشدين المصري: حدثنا سفيان بن بشير وفي " الأوسط ": بشر، وزاد: الكوفي: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله قال: قال أبو أيوب لمروان بن الحكم، فذكر الحديث مرفوعا، وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به حاتم! الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 كذا قال، وقد فاتته متابعة العقدي المتقدمة. وحاتم بن إسماعيل من رجال الشيخين، لكن قال الحافظ: صحيح الكتاب، صدوق يهم. قلت: فمن المحتمل أن يكون وهم في ذكره المطلب بن عبد الله مكان داود بن أبي صالح، ولكن السند إليه غير صحيح، فيمكن أن يكون الوهم من غيره، لأن سفيان بن بشير أو بشر، لم أعرفه، وليس هو الأنصاري المترجم في " ثقات ابن حبان " (6 / 403) وغيره، فإنه تابع تابعي، فهو متقدم على هذا، من طبقة شيخ شيخه (كثير بن زيد) ! ولعل الآفة من أحمد بن رشدين شيخ الطبراني، فإنه متهم بالكذب، كما تقدم بيانه تحت الحديث (47) ، فكان على الهيثمي أن يبين الفرق والخلاف بين إسناد أحمد والطبراني من جهة، وعلة كل منهما من جهة أخرى، والمعصوم من عصمه الله تعالى. ولقد كان الواجب على المعلق على " المعجم الأوسط " الدكتور الطحان أن يتولى بيان ذلك، ولكن ..... وأما قول المناوي: وداود بن أبي صالح قال ابن حبان: يروي الموضوعات. فمن أوهامه أيضا، فإنه رجل آخر متأخر عن هذا يروي عن نافع، وسيأتي له حديث إن شاء الله تعالى قريبا برقم (375) ، وقد شاع عند المتأخرين الاستدلال بهذا الحديث على جواز التمسح بالقبر لوضع أبي أيوب وجهه على القبر، وهذا مع أنه ليس صريحا في الدلالة على أن تمسحه كان للتبرك - كما يفعل الجهال - فالسند إليه بذلك ضعيف كما علمت فلا حجة فيه، وقد أنكر المحققون من العلماء كالنووى وغيره، التمسح بالقبور وقالوا: إنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 من عمل النصارى وقد ذكرت بعض النقول في ذلك في " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وهي الرسالة الخامسة من رسائل كتابنا " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " وهي مطبوعة والحمد لله فانظر (ص 108) منه. 374 - " نهى أن يمشي الرجل بين البعيرين يقودهما ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 280) من طريق محمد بن ثابت البناني عن أبيه عن أنس مرفوعا، وقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله. محمد ضعفه النسائي. قلت: وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": ضعيف. الحديث: 374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 375 - " نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين ". موضوع. أخرجه أبو داود (2 / 352) والعقيلي في " الضعفاء " (126) الحاكم (4 / 280) والخلال في " الأمر بالمعروف " (22 / 2) وابن عدي (3 / 955) من طريق داود بن أبي صالح عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: داود بن أبي صالح قال ابن حبان: يروي الموضوعات . قلت: وكذا قال في " الميزان " ثم ذكر عقبه هذا الحديث، وقال المنذري في الحديث: 375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 " مختصر السنن " (8 / 118) . وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات حتى كأنه يتعمدها، وذكر له هذا الحديث. وقال أبو زرعة: لا أعرفه إلا بهذا الحديث وهو منكر. قلت: وذكر له البخاري في " التاريخ الصغير " (187) هذا الحديث وقال: لا يتابع في حديثه، وكذا قال العقيلي وزاد: ولا يعرف إلا به وتبعه عبد الحق في " الأحكام " (205 / 1) قال: وله فيه لفظ آخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا استقبلك المرأتان فلا تمر بينهما خذ يمنة أو يسرة "، ذكره أبو أحمد بن عدي. قلت: أخرجه من طريق يوسف بن الغرق عن داود به ويوسف كذاب كما تقدم بيانه تحت رقم (193) . 376 - " الأقربون أولى بالمعروف ". لا أصل له بهذا اللفظ. كما أشار إليه السخاوي في " المقاصد " (ص 34) ، وبعضهم يتوهم أنه آية! وإنما في القرآن قوله تعالى {قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين} . الحديث: 376 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 377 - " آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له: جهينة، فيسأله أهل الجنة: هل بقي أحد يعذب؟ فيقول: لا، فيقولون: عند جهينة الخبر اليقين ". موضوع. رواه محمد بن المظفر في " غرائب مالك " (76 / 2) والدارقطني في " الغرائب " من طريق جامع بن سوادة حدثنا زهير بن عباد: حدثنا أحمد بن الحسين اللهبي حدثنا عبد الملك بن الحكم حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه، قال الدارقطني: هذا الحديث باطل، وجامع ضعيف وكذا عبد الملك. قلت: كذا ذكره السيوطي في " ذيل الموضوعات " من طريق الدارقطني، وتبعه ابن عراق (399 / 2) ومع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا! من رواية الخطيب في " رواة مالك " عن ابن عمر، ولا فائدة من المغايرة في التخريج لأن طريق الخطيب هي طريق الدارقطني كما بينه الشارح المناوي. ومن الغرائب أن العجلوني أورد هذا الحديث في " كشف الخفاء " (1 / 15) ثم لم يبين حاله! الحديث: 377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 378 - " اتبعوا العلماء فإنهم سرج الدنيا ومصابيح الآخرة ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (1 / 39) من طريق القاسم بن إبراهيم الملطي حدثنا لوين المصيصي حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك مرفوعا وذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي مع أنه أورده أيضا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 39) عن الديلمي وذكر أن القاسم بن إبراهيم الحديث: 378 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 الملطي، قال الدارقطني: كذاب، وقال الخطيب: روى عن لوين عن مالك عجائب من الأباطيل. 379 - " إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله تعالى فلا بورك لي فى طلوع شمس ذلك اليوم ". موضوع. أخرجه ابن راهو يه في " مسنده " (4 / 24 / 2) وابن عدي في " الكامل " (ق 161 / 2) وأبو الحسن بن الصلت في " حديثه عن ابن عبد العزيز الهاشمي " (1 / 2) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8 / 188) والخطيب في " تاريخه " (6 / 100) ، وابن عبد البر (1 / 61) ، وكذا الطبراني في " الأوسط " (2 / 115 / 1 / 6780) من طرق عن الحكم بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة مرفوعا، وقال أبو نعيم: غريب من حديث الزهري تفرد به الحكم. قلت: وهو الحكم بن عبد الله بن خطاف، وقيل: ابن سعد أبو سلمة الحمصي وهو كذاب كما قال أبو حاتم، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 233) من طريق الخطيب ثم قال: قال الصوري: منكر لا أصل له لا يرويه عن الزهري غير الحكم. ، والحكم قال أبو حاتم كذاب وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات، قال السيوطي في " اللآليء " (1 / 209) : قلت: قال الدارقطني: كان يضع الحديث، روى عن الزهري عن ابن الحديث: 379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 المسيب نحو خمسين حديثا لا أصل لها، ثم قال السيوطي: وأخرجه أبو علي الحسين بن محمد بن حسين المقري في " جزئه "، حدثنا أحمد بن عمير، أنبأنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، حدثنا النفيلي، حدثنا بقية بن الوليد عن أبي سلمة الحمصي عن الزهري به، وقال ابن عمير: ليس أبو سلمة هذا، سليمان بن سلم، هذا رجل آخر. قلت: صدق ابن عمير وكان من تمام الفائدة أن يبين هو أو السيوطي من هو. ولكنهما لم يفعلا، وقد تبين لي أنه الحكم بن عبد الله نفسه فإنه يكنى أبا سلمة، وقد ذكره بقية بكنيته دون اسمه يدلسه، وهذا مما اشتهر به بقية، عافانا الله تعالى من كل آفة وبلية ويؤكد ذلك أن بقية قد صرح باسمه في رواية الطبراني وغيره. ومع إقرار السيوطي ابن الجوزي على وضع هذا الحديث وتأييده لوضعه، فقد أورده أيضا في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني، وابن عدي، وأبي نعيم في " الحلية " عن عائشة! ولا يفيده رواية ابن عدي أيضا إياه فإن في سنده أيضا متهما، وهو بلفظ: 380 - " إذا أتى علي يوم لم أزدد فيه خيرا فلا بورك لي فيه ". موضوع. رواه ابن عدي وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 335) من طريق سليمان بن بشار عن سفيان عن الزهري عن سعيد عن عائشة مرفوعا. وهذا سند موضوع، قال الذهبي: سليمان بن بشار متهم بوضع الحديث، قال ابن حبان: يضع على الأثبات ما لا يحصى. ووهاه ابن عدي ثم سرد له من الواهيات عدة أحاديث هذا منها. الحديث: 380 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 قلت: ثم رجعت إلى ابن عدي في " كامله " فرأيته ذكر الحديث في ترجمة ابن بشار هذا (161 / 2) معلقا عنه عن ابن عيينة عن بقية عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن الزهري به، مثل لفظ الحديث الذي قبله، فتبين أن بين سفيان والزهري بقية والحكم، وهو كذاب، وهو الذي في سند الحديث الذي قبله، فمدار الحديثين على هذا الكذاب غير أن في طريق هذا كذابا آخر! على أنه قد قيل: إن الحكم بن عبد الله الأيلي هو غير الحكم بن عبد الله الحمصي، ورجحه الحافظ، فإن ثبت ذلك فالطريق مختلفة، لكن النتيجة واحدة فإن الأيلي هذا كذاب أيضا! فراجع " اللسان ". 381 - " ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا فى طلب العلم ". موضوع. أخرجه ابن عدي (84 / 2) والسلفي في " المنتخب " من أصول السراج اللغوي (1 / 97 / 2) عن الحسن بن واصل، عن الخصيب بن جحدر، عن النعمان بن نعيم، عن معاذ ابن جبل، وقال ابن عدي: مداره على الخصيب بن جحدر. قلت: قال البخاري في " التاريخ الصغير " (197) : كذاب، استعدى عليه شعبة في الحديث، وقال النسائي في " الضعفاء " (11) : ليس بثقة قلت: ومثله الراوي عنه الحسن بن واصل، ويقال: الحسن بن دينار فقد كذبه أحمد ويحيى وأبو حاتم وغيرهم، وفي ترجمته ساق الذهبي هذا الحديث كما أوردته عن ابن عدي، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 219) من الحديث: 381 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 طريقه فأدخل بين النعمان بن نعيم، ومعاذ، عبد الرحمن بن غنم، وهو عند السلفي بإثبات ابن غنم وإسقاط ابن نعيم، والله أعلم. ثم قال ابن الجوزي: مداره على الخصيب وقد كذبه شعبة، والقطان، وابن معين، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ". وأقره السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (1 / 197) ، ثم تناقض فأورده في " الجامع الصغير " لكن من رواية البيهقي في " الشعب " عن معاذ، ولا يخفى أن هذه المغايرة في التخريج لا فائدة منها ما دام أن الحديث يدور على هذا الكذاب الخصيب! فقد قال المناوي في " شرح الجامع ": وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه، والأمر بخلافه، بل عقبه ببيان علته فقال: هذا الحديث إنما يروي بإسناد ضعيف، والحسن بن دينار ضعيف بمرة، وكذا خصيب هذا لفظه بحروفه، فحذف المصنف له من كلامه غير صواب. قلت: ولعل السيوطي اغتر بإيراد البيهقي له في " الشعب " بناء على ما نقله هو غير مرة عنه، أنه لا يورد في " الشعب " ما كان موضوعا، فاعلم أن هذا ليس صحيحا على إطلاقه، أو هو رأى البيهقي وحده في كتابه، وإلا فكم فيه من موضوعات سبق بعضها ويأتي الكثير منها، وفي حفظي أن السيوطي قد وافق على وضع بعضها، فهذا كله يدلنا على أن السيوطي يغلب عليه التقليد في كثير من الأحيان، وهذا هو السبب في وقوع الأحاديث الموضوعة في كتابه " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! هذا وللحديث طريق آخر من حديث أبي أمامة، رواه ابن عدي (240 / 2) عن فهر بن بشر، حدثنا عمر بن موسى عن القاسم عنه مرفوعا به، وقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 عمر بن موسى الوجيهي في عداد من يضع الحديث متنا وإسنادا. قلت: وفهر بن بشر لا يعرف كما قال ابن القطان، وأقره الحافظ في " اللسان ". وله طريق ثالث بنحو هذا اللفظ أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " أيضا، وهو: 382 - " لا حسد ولا ملق إلا فى طلب العلم ". موضوع. رواه ابن عدي (365 / 1) والخطيب (13 / 275) وفي العاشر من " الجامع " (20 / 2 من المنتقى منه) من طريق عمرو بن الحصين الكلابي، عن ابن علاثة، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن عدي: هذا منكر لا أعلم يرويه عن الأوزاعي غير ابن علاثة. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 219) من رواية ابن عدي ثم قال: ابن علاثة محمد بن عبد الله بن علاثة لا يحتج به، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (197 / 198) بما خلاصته أن ابن علاثة وثقه ابن معين وغيره، وأن آفة الحديث من عمرو بن الحصين فإنه كذاب كما قال الخطيب قلت: وهذا تعقب شكلي لا يعود على هذا الحديث بالتقوية ما دام أنه لم ينج من هذا الكذاب، لكن السيوطي ذكر له شاهدا لم يتكلم على إسناده وفيه من لا يعرف، وهو: الحديث: 382 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 383 - " من غض صوته عند العلماء كان يوم القيامة مع الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى من أصحابي، ولا خير فى التملق والتواضع إلا ما كان فى الله، أوفى طلب العلم ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق ابن السني، حدثنا الحسين بن عبد الله القطان، عن عامر بن سيار، عن ابن الصباح، عن عبد العزيز بن سعيد عن أبيه مرفوعا. نقلته من " اللآليء " (1 / 198) وسكت عنه. قلت: وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض لم أعرف منه أحد من بعد القطان غير عامر بن سيار، قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 322) عن أبيه: مجهول وأما ابن حبان فذكره على قاعدته في " الثقات " (8 / 502) كما ذكر فيه (5 / 125) عبد العزيز بن سعيد شيخه في هذا الحديث وهذا من أو ضح الأدلة على فساد قاعدته في التوثيق. ثم بدا لي أن ابن الصباح هو المثنى اليماني، فإن يكن هو كما يغلب على الظن فهو ضعيف اختلط بآخره، كما في " التقريب " وانظر الحديثين اللذين قبله. ثم تبين أن قوله في " اللآليء ": ابن الصباح خطأ ولعله مطبعي والصواب أبو الصباح كما يؤخذ من مراجع كثيرة أهمها " كامل ابن عدي " فقد ساق في ترجمة أبي الصباح (5 / 1966) من طريق الحسين القطان المذكور وهو شيخ ابن عدي عن عامر بن سيار حدثنا أبو الصباح يعني عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي عن عبد العزيز بن سعيد به حديثا آخر وقال عقبه: وبهذا الإسناد اثنان وعشرون حديثا حدثناه بها الحسين هذا، ثم ختم ترجمته بقوله: الحديث: 383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 وعبد الغفور هذا الضعف على حديثه بين، وهو منكر الحديث. قلت: فهو آفة حديث الترجمة، وبخاصة أن البخاري قال في " التاريخ الكبير " (3 / 2 / 127) : تركوه، منكر الحديث. وفي معناه قوله في " التاريخ الصغير " (ص 194) : سكتوا عنه. 384 - " لا يترك الله أحد يوم الجمعة إلا غفر له ". موضوع. أخرجه أبو القاسم الشهرزوري في " الأمالي " (180 / 1) والخطيب (5 / 180) من طريق أحمد بن نصر بن حماد بن عجلان، حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعا، ذكره الخطيب في ترجمة أحمد هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": أتى بخبر منكر جدا، ثم ساق له هذا كأنه يتهمه به، ووافقه الحافظ في " اللسان " وفي ذلك عندي نظر، لأن أباه نصر بن حماد، قال ابن معين: كذاب فالحمل عليه فيه أولى. ومع هذا وذاك فالحديث في " الجامع " وللحديث طريق أخرى عن أنس نحوه وهو موضوع أيضا كما سبق بيانه برقم (297) . الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 385 - " لا يحرم الحرام الحلال ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1 / 226) والدارقطني (142) والبيهقي (7 / 168) والخطيب (7 / 182) من طريق عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل عبد الله بن عمر، وهو العمري المكبر وهو ضعيف. وقد روى هذا الحديث بسند آخر مع زيادة في متنه يأتي بعد حديث. الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 386 - " يقول الله تعالى للدنيا: يا دنيا مري على أوليائي، ولا تحلولي لهم فتفتنيهم ". موضوع. أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في " طبقات الصوفية " (ص 8 - 9) وعنه الديلمي (4 / 218) قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي، قال: أخبرنا الحسين بن داود البلخي. قال: أخبرنا فضيل بن عياض قال: أخبرنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، أبو جعفر الرازي هذا قال الذهبي: لا أعرفه لكن أتى بخبر باطل هو آفته، قلت: ثم ساق خبرا موقوفا على علي، والحسين بن داود البلخي قال الخطيب في ترجمته من " التاريخ " (8 / 44) : لم يكن ثقة فإنه روى نسخه عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أكثرها موضوع. ثم ساق له حديثا آخر بهذا السند ثم قال: الحديث: 386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 تفرد بروايته الحسين عن الفضيل وهو موضوع ورجاله كلهم ثقات سوى الحسين بن داود، ومن طريقه روى هذا الحديث القضاعي في " مسند الشهاب " (117 / 2) . 387 - " ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام ". لا أصل له. قاله الحافظ العراقي في " تخريج المنهاج " ونقله المناوي في " فيض القدير " وأقره، وقد استدل بهذا الحديث على تحريم نكاح الرجل ابنته من الزنى، وهو قول الحنفية وهو وإن كان الراجح من حيث النظر، لكن لا يجوز الاستدلال عليه بمثل هذا الحديث الباطل، وقد قابلهم المخالفون بحديث آخر وهو: الحديث: 387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 388 - " لا يحرم الحرام، إنما يحرم ما كان بنكاح حلال ". باطل. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 173 / 2 من زوائد المعجمين) وابن عدي في " الكامل " (287 / 2) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 99) والدارقطني (ص 402) والبيهقي (7 / 269) من طريق المغيرة بن إسماعيل بن أيوب بن سلمة عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يتبع المرأة حراما، أينكح ابنتها، أو يتبع الابنة حراما، أينكح أمها؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، قال البيهقي: تفرد به عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي هذا وهو ضعيف، قاله يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث. قلت: بل هو كذاب، قال ابن حبان: الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 كان يروي عن الثقات الموضوعات، وكذبه ابن معين في رواية عنه، وقال عبد الحق في " الأحكام " (ق 138 / 2) والهيثمي في " المجمع " (4 / 269) : وهو متروك، وكذا قال الحافظ في " التقريب " وزاد: وكذبه ابن معين. قلت: والراوي عنه المغيرة بن إسماعيل مجهول كما قال الذهبي. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 418) من طريق المغيرة بن إسماعيل عن عمر بن محمد الزهري عن ابن شهاب به ثم قال: قال أبي: هذا حديث باطل، والمغيرة بن إسماعيل وعمر هذا، هما مجهولان. قلت: كذا وقع في " العلل ": عمر بن محمد الزهري بدل عثمان بن عبد الرحمن الزهري فلا أدري أهكذا وقع في روايته، أم تحرف على الناسخ والطابع، وقد استدل بالحديث الشافعية وغيرهم على أنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنته من الزنى وقد علمت أنه ضعيف فلا حجة فيه، والمسألة اختلف فيها السلف، وليس فيها نص مع أحد الفريقين، وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه، وهو مذهب أحمد وغيره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر " الاختيارات " له (123 - 124) ، وتعليقنا على الصفحة (36 - 39) من كتابنا " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 389 - " لوأذن الله لأهل الجنة فى التجارة لاتجروا بالبز والعطر ". ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (229) والطبراني في " الصغير " (ص 145) وفي " الأوسط " (1 / 135 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 365) وأبو عبد الرحمن السلمي في " طبقات الصوفية " (ص 410) وأبو عثمان البجيرمي في " الفوائد " (2 / 3 / 1) ومكي المؤذن في " حديثه " (230 / 2) وابن عساكر (14 / 337 / 1) من طريق عبد الرحمن ابن أيوب السكوني الحمصي: حدثنا عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال الطبراني: تفرد به ابن أيوب. قلت: قال الذهبي في " الميزان " وأقره الحافظ في " اللسان ": لا يجوز أن يحتج بهذا، وقال العقيلي عقب الحديث: لا يتابع عليه، ثم قال: ليس بمحفوظ عن نافع، وإنما يروي بإسناد مجهول، ثم ساقه من طريق أخرى مرفوعا نحوه وهو: الحديث: 389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 390 - " لوتبايع أهل الجنة ولن يتبايعوا ما تبايعوا إلا بالبز ". ضعيف جدا. أخرجه العقيلي (229) وكذا أبو يعلى (1 / 104 / 111) من طريق إسماعيل بننوح عن رجل عن أبي بكر الصديق رفعه، قال العقيلي: وإسناده مجهول، وهو أولى، يعني من حديث السكوني الذي قبله وليس الحديث: 390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 له إسناد يصح. قلت: وإسماعيل بن نوح متروك كما قال الأزدي وتبعه الهيثمي في " المجمع " (10 / 416) . 391 - " هذه يد لا تمسها النار ". ضعيف. أخرجه الخطيب (7 / 432) من طريق محمد بن تميم الفريابي بسنده عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فاستقبله سعد بن معاذ الأنصاري، فصافحه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له: " ما هذا الذي أكفت (!) (1) يداك؟ " فقال: يا رسول الله أضرب بالمر والمسحاة في نفقة عيالي، قال: فقبل النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال ... " فذكره. قال الخطيب: هذا الحديث باطل لأن سعد بن معاذ لم يكن حيا في وقت غزوة تبوك، وكان موته بعد غزوة بني قريظة من السهم الذي رمي به، ومحمد بن تميم الفريابي كذاب يضع الحديث. قلت: جرى الخطيب على أن سعدا هذا هو ابن معاذ سيد الأوس الصحابي المشهور، وخالفه الحافظ ابن حجر فجزم في " الإصابة " بأنه آخر، ثم ذكر أن الحديث رواه الخطيب في " المتفق " بإسناد واه، وأبو موسى في " الذيل " بإسناد مجهول عن الحسن به.   (1) كذا في الأصل، وفيه شيء، ففي " النهاية ": " في حدث سعد: رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكْنَبَت يَداه فقال له: أكْنَبَت يداك؟ فقال: أُعالِج بالمُرّ ... ". أكْنَبَت اليَدُ: إذا ثَخُنَت وغَلُظ جِلْدها وتَعَجَّرَ من مُعاناة الأشياء الشاقة الحديث: 391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 251) معتمدا على قول الخطيب السابق، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 154) بكلام الحافظ ابن حجر، وقد ذكرت خلاصته آنفا، والله أعلم. قال الشيخ عبد الحي الكتاني في " التراتيب الإدارية " (2 / 42 ـ 43) بعد ما نقل كلام الحافظ: قلت: في هذه القصة عجيبة، وهي تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم يد صحابي لأجل ضربه الأرض بالفاس. قلت: لكن يقال: أثبت العرش ثم انقش، فإن القصة غير ثابتة كما علمت. 392 - " إن فى الجنة بابا يقال: له الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانويديمون على صلاة الضحى؟ هذا بابكم فادخلوه برحمة الله عز وجل ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 59 / 1 ـ من " زوائد المعجمين ") وأبو حفص الصيرفي في " حديثه " (263 / 1) وكذا ابن لال في " حديثه " (116 / 1) ونصر المقدسي في " المجلس 121 من الأمالي " (2 / 2) عن سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الطبراني: لم يروه عن يحيى إلا سليمان. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وعلته اليمامي هذا فإنه متروك ومن طريقه رواه الحاكم في جزء له في صلاة الضحى كما في " زاد المعاد " (1 / 129 - 134) . وله علة أخرى وهي عنعنة ابن أبي كثير فإنه كان يدلس. والحديث ضعفه المنذري في " الترغيب " (1 / 237) . الحديث: 392 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 393 - " إن فى الجنة بابا يقال له: الضحى، فمن صلى صلاة الضحى حنت إليه صلاة الضحى كما يحن الفصيل إلى أمه حتى إنها لتستقبله حتى تدخله الجنة ". موضوع. أخرجه الخطيب (14 / 306 - 307) من طريق يحيى بن شبيب اليماني، حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعا، ذكره في ترجمة ابن شبيب وقال: روى أحاديث باطلة، ثم ذكر له ثلاثة أحاديث هذا أحدها، ومنها: الحديث: 393 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 394 - " إن فى الجنة بابا يقال له: الضحى لا يدخل منه إلا من حافظ على صلاة الضحى ". موضوع. رواه الخطيب بإسناد الحديث الذي قبله، وأخرجهما ابن عساكر مدموجا بينهما في حديث واحد عن أنس كما في " الفتاوى " للسيوطي (1 / 58) وسكت عليه! وفي فضل صلاة الضحى أحاديث صحيحة تغني عن مثل هذه الأحاديث الباطلة. الحديث: 394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 395 - " إن لله ملائكة موكلين بأبواب الجوامع يوم الجمعة يستغفرون لأصحاب العمائم البيض ". موضوع. أخرجه الخطيب بإسناد الحديثين السابقين، وقد عرفت أنه من وضع يحيى بن شبيب اليماني. الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 ومن طريق الخطيب ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 106) وقال: يحيى حدث عن حميد وغيره أحاديث باطلة. وأيده السيوطي في " اللآليء " (2 / 27) فقال: قلت: قال في " الميزان ": هذا مما وضعه على حميد، وأقره ابن عراق (236 / 2) . قلت: لكن وجدت له طريقا أخرى رواها أبو علي القشيري الحراني في " تاريخ الرقة " (ق 38 / 2) عن أبي يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني، حدثنا العباس بن كثير أبو مخلد الرقي، حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن ميمون بن مهران، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه مرفوعا، ذكره في ترجمة العباس هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأبو يوسف الصيدلاني لم أجد من ترجمه، فهو أو شيخه آفة هذه الطريق، فإن من فوقهما ثقات، ولا يصح في العمائم شيء غير أنه صلى الله عليه وسلم لبسها، وتقدم بعض أحاديثها برقم (127 - 129) . 396 - " فضل حملة القرآن على الذى لم يحمله كفضل الخالق على المخلوق ". كذب. أخرجه الديلمي (2 / 178 / 1 - 2) من طريق محمد بن تميم الفريابي حدثنا حفص بن عمر حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رفعه، وذكره السيوطي في " الذيل " (ص 32) وقال: قال الحافظ ابن حجر في " زهر الفردوس ": هذا كذب. قلت: آفته محمد بن الحديث: 396 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 تميم. قلت: ثم غفل السيوطي عن هذا فأورده في " الجامع الصغير "! ومحمد بن تميم هذا قال الخطيب كما تقدم قريبا رقم (391) : كذاب يضع الحديث. وقال الحاكم: هو كذاب خبيث، وقال أبو نعيم: كذاب وضاع. 397 - " إذا طلع النجم رفعت العاهة عن أهل كل بلد ". ضعيف. أخرجه الإمام محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " (ص 159) : أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعا، ومن طريق أبي حنيفة أخرجه الثقفي في " الفوائد " (3 / 12 / 1) وكذا الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 20) وفي " الأوسط " (1 / 140 / 2) وعنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 121) وقال: والنجم: هو الثريا. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا حنيفة رحمه الله على جلالته في الفقه قد ضعفه من جهة حفظه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن عدي، وغيرهم من أئمة الحديث، ولذلك لم يزد الحافظ ابن حجر في " التقريب " على قوله في ترجمته: فقيه مشهور! . الحديث: 397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 نعم قد تابعه عسل بن سفيان عن عطاء لكنه ضعيف أيضا وخالفه في لفظه فقال: إذا طلع النجم ذا صباح، رفعت العاهة، أخرجه أحمد (2 / 341 و388) والطحاوي في " المشكل " (3 / 92) والطبراني في " الأوسط " أيضا، والعقيلي في " الضعفاء " (347) وقال: عسل بن سفيان في حديثه وهم، قال البخاري: فيه نظر. ولا يخفى وجه الاختلاف بين اللفظين، فالأول أطلق الطلوع وقيد الرفع بـ عن كل بلد، وهذا عكسه فإنه قيد الطلوع بـ ذا صباح، وأطلق الرفع فلم يقيده بالقيد المذكور، وهذا الاختلاف مع ضعف المختلفين يمنع من تقوية الحديث كما لا يخفى على الماهر بهذا العلم الشريف. 398 - " لا تسبوا قريشا، فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما، اللهم إنك أذقت أولها عذابا أو وبالا، فأذق آخرها نوالا ". ضعيف جدا. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2 / 199 من " منحة المعبود ") : حدثنا جعفر بن سليمان عن النضر بن حميد الكندي أو العبدي عن الجارود عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، ومن طريق الطيالسي أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 295، 9 / 65) وعنه الخطيب في " تاريخه " (2 / 60 - 61) وابن عساكر (14 / 409 / 2) الحديث: 398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 والحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (184) . قلت: وهذا سند ضعيف جدا، النضر بن حميد، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 477 / 1) : سألت أبي عنه عنه؟ فقال: متروك الحديث ولم يحدثني بحديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، والجارود لم أعرفه، وفي " كشف الخفاء " (2 / 53) تبعا لأصله " المقاصد " (281 / 675) إنه مجهول، وأما قوله: والراوي عنه مختلف فيه، فوهم لأنه متروك بلا خلاف، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدا. ثم وجدت الحديث في جزء من " الفوائد المنتقاة " لأبي القاسم السمرقندي (111 /1) رواه من طريق أخرى عن جعفر بن سليمان قال: أنبأ النضر بن حميد الكندي أبو الجارود عن أبي الأحوص ..... به. فهذا يؤديه ما صوبناه في اسم والد النضر أنه (حميد) ، ويرجح ما في " اللسان " من أن (أبو الجارود) كنية النضر هذا، ليس هو شيخه في الحديث. والله أعلم. ثم رأيته في " مسند الهيثم بن كليب " (80 / 2) من طريق فهد بن عوف: أخبرنا جعفر بن سليمان: حدثني النضر بن حميد الكندي: حدثني الجارود عن أبي الأحوص به. فهذا يوافق رواية الطيالسي. لكن فهد هذا لا يحتج به، قال ابن المديني: " كذاب ". وتركه مسلم والفلاس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 ولكنه عند العقيلي (435) من طريق خالد بن أبي زيد القرني - وهو صدوق، وهو المزرفي: حدثنا جعفر بن سليمان عن النضر قال: حدثني أبو الجارود به. قلت: فهذا علة أخرى في الحديث، وهي الاضطراب في سنده، واسم راويه، وتصويب بعضهم أنه أبو الجارود زياد بن المنذر، لمجرد أن المزي ذكر النضر بن حميد في الرواة عنه لا يكفي، لأنه قائم على بعض هذه الروايات المتقدمة المختلفة، فإن ثبت أنه هو، ازداد الحديث وهنا على وهن، لأنه متهم بالكذب والوضع. وروي الشطر الأول من الحديث عن عطاء مرسلا بلفظ: " أكرموا قريشا، فإن ....... ". وسيأتي إن شاء الله تعالى. لكن قوله: اللهم إنك أذقت ... ، حسن، فقد أخرجه الترمذي (4 / 371) وأحمد (رقم 2170) والعقيلي (195) ومحمد بن عاصم الثقفي في " حديثه " (2 / 2) والضياء في " المختارة " (229 / 1) وكذا المخلص في " الفوائد المنتقاة " (8 / 6 / 1) من طريق الأعمش عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قلت: ورجاله عند أحمد ثقات رجال الشيخين، وفي طارق كلام لا يضر. بل هو صحيح فقد وجدت له شاهدا آخر من حديث ابن عمر أخرجه القضاعي (120 / 2) من طريق أبي سعيد بن الأعرابي قال: أنبأنا محمد بن غالب قال أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير عنه مرفوعا به. قلت: هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون غير محمد بن غالب وهو تمتام حافظ مكثر وثقه الدارقطني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 399 - " اللهم اهد قريشا فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض، اللهم أذقت أولها نكالا، فأذق آخرها نوالا ". ضعيف جدا. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (8 / 2) وأبو نعيم (9 / 65) من طريق إسماعيل ابن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا، والخطيب (2 / 60 - 61) وعنه العراقي في " محجة القرب " من طريق ابن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة مرفوعا. وهذان إسنادان ضعيفان جدا: إسماعيل بن مسلم وعبد العزيز بن عبيد الله الحمصي متروكان، والحديث عزاه في " الكشف " (2 / 53) للترمذي وأحمد عن ابن عباس، وهو وهم، فإنما أخرجا عنه الشطر الثاني منه كما سبق في الحديث الذي قبله. الحديث: 399 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 400 - " لمبارزة علي بن أبى طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة ". كذب. أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3 / 32) من طريق أحمد بن عيسى الخشاب بـ " تنيس " حدثنا عمرو بن أبي سلمة: حدثنا سفيان الثوري عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده مرفوعا سكت عنه الحاكم وقال الذهبي في " تلخيصه ": قبح الله رافضيا افتراه. قلت: وعلته الخشاب هذا فإنه كذاب كما قال ابن طاهر وغيره ولعله سرقه من كذاب مثله، فقد أخرجه الخطيب (13 / 19) من طريق إسحاق بن بشر القرشي عن بهز به. الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 وإسحاق هذا هو الكاهلي الكوفي وهو كذاب أيضا وقد سبقت له أحاديث موضوعة، فانظر مثلا الحديث (309 و311 و329 و351) من هذا الجزء. قلت: وقصة مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود وقتله إياه مشهورة في كتب السيرة وإن كنت لا أعرف لها طريقا مسندا صحيحا وإنما هي من المراسيل والمعاضيل فانظر إن شئت " سيرة ابن هشام " (3 /240 - 234) و" دلائل النبوة " للبيهقي (3 / 435 - 439) و" سيرة ابن كثير " (3 / 203 - 205) . 401 - " إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانت نورا بين عينيه يوم القيامة ". ضعيف. أخرجه الطبراني (1 / 184 / 2) والدارقطني (ص 249) وعنه البيهقي (4 / 274) من طريق كيسان أبي عمر القصار عن يزيد بن بلال عن علي موقوفا. ثم أخرجوه من هذا الطريق عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وضعفه الدارقطني وتبعه البيهقي فقالا: كيسان أبو عمر ليس بالقوي، ومن بينه وبين علي غير معروف. وأقرهما ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (ق 69 / 2) . وفي " المجمع " (3 / 164 - 165) : رواه الطبراني في الكبير، ورفعه عن خباب ولم يرفعه عن علي وفيه كيسان أبو عمر وثقه ابن حبان وضعفه غيره. الحديث: 401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 ونقل المناوي في " الفيض " عن العراقي أنه قال في " شرح الترمذي ": حديث ضعيف جدا، وعن " تخريج الهداية ": فيه كيسان القعاب، كذا ضعيف جدا، وقال ابن حجر: فيه كيسان ضعيف عندهم، وأما قول العزيزي في " شرح الجامع الصغير " (1 / 129) ، وهو حديث ضعيف منجبر، فهو وهم منه إذ لا جابر له، ولم يدع ذلك غيره بل وقد روى ما يعارضه وهو: 402 - " كان يستاك آخر النهار وهو صائم ". باطل. أخرجه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني عن شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وأعله ابن حبان بابن ميسرة وقال: لا يحتج به، ورفعه باطل، والصحيح عن ابن عمر من فعله وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 460) ، ويغني عن هذا الحديث في مشروعية السواك للصائم في أي وقت شاء أول النهار أو آخره عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". متفق عليه، وهو مخرج في " الإرواء " (رقم 70) وما أحسن ما روى الطبراني (20 / 70 / 133) وفي " مسند الحديث: 402 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 الشاميين " (2250) بإسناد يحتمل التحسين عن عبد الرحمن بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم؟ قال: نعم، قلت: أي النهار أتسوك؟ قال: أي النهار شئت غدوة أو عشية، قلت: إن الناس يكرهو نه عشية ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟ " فقال: سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا، ما في ذلك من الخير شيء، بل فيه شر، إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا. قلت: والغبار في سبيل الله أيضا كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه ولا يجد عنه محيصا؟ قال: نعم، فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له في ذلك من أجر. وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 193) : إسناده جيد، ثم قال الزيلعي: ويدخل فيه أيضا من تكلف الدوران، وكثرة المشي إلى المساجد بالنسبة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " وكثرة الخطا إلى المساجد " ومن يصنع في طلوع الشيب في شعره بالنسبه إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " من شاب شيبة في الإسلام " إنما يؤجر عليهما من بُلِيَ بهما. 403 - " نزل آدم الهند واستوحش، فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، قال آدم: من محمد؟ قال: آخر ولدك من الأنبياء صلى الله عليه وسلم ". ضعيف. رواه ابن عساكر (2 / 323 / 2) عن محمد بن عبد الله بن سليمان أخبرنا علي بن بهرام الكوفي أخبرنا عبد الملك بن أبي كريمة عن عمرو بن قيس عن عطاء الحديث: 403 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف علي بن بهرام لم أعرفه وقد ذكره الحافظ في الرواة عن أبي كريمة هذا وسماه علي بن يزيد بن بهرام، ثم وجدته في تاريخ بغداد وجعل يزيد جده فقال (11 / 353) : علي بن بهرام بن يزيد أبو حجية المزني العطار، من أهل إفريقية انتقل إلى العراق فسكنه إلى حين وفاته، وحدث ببغداد عن عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري روى عنه أحمد بن يحيى الأو دي وموسى بن إسحاق الأنصاري وعليك الرازي والحسن ابن الطيب الشجاعي، ثم ساق له حديثين ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومحمد بن عبد الله بن سليمان هما اثنان أحدهما كوفي قال ابن منده: مجهول والآخر خراساني اتهمه الذهبي بحديث موضوع، والظاهر هنا أنه الأول، وهذا الحديث مع ضعفه أقوى من الحديث المتقدم بلفظ: " لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد؟ ... " الحديث رقم (25) وهو صريح في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الجنة قبل هبوطه إلى الأرض، وهذا صريح في أن آدم عليه السلام لم يعرف محمدا صلى الله عليه وسلم حتى بعد نزوله إلى الأرض، ولذلك سأل جبريل: ومن محمد؟ فهذا من أدلة بطلان ذلك الحديث كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه فتذكر أو راجع إن شئت، وأنا لا أجيز لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث كما هو ظاهر ولكن التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 404 - " نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (7 / 425) وأبو داود (1 / 382) وابن ماجه (1 / 528) والطحاوي في " مشكل الآثار " (4 / 112) والعقيلي في " الضعفاء " (106) والحربي في " غريب الحديث " (5 / 38 / 2) والحاكم (1 / 434) والبيهقي (4 / 284) من طريق حوشب بن عقيل عن مهدي الهجري عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي. قلت: وهذا من أوهامهما الفاحشة فإن حوشب بن عقيل وشيخه مهدي الهجري لم يخرج لهما البخاري، بل إن الهجري مجهول كما قال ابن حزم في " المحلى " (7 /18) وأقره الذهبي في " الميزان " وذكر عن أبي حاتم نحوه، وفي " التهذيب " عن ابن معين مثله، فأنى للحديث الصحة وفيه هذا الرجل المجهول؟ ولذلك ضعف هذا الحديث ابن حزم فقال: لا يحتج بمثله وكذلك ضعفه ابن القيم في " الزاد " (1 / 16 و237) . وتوثيق ابن حبان (7 / 501) إياه مما لا يعتد به كما نبهت عليه مرارا، وكذا تصحيح ابن خزيمة لحديثه لا يعتد به لأنه متساهل فيه، ولذلك لم يعتمد الحافظ على توثيقهما إياه فقال في ترجمة الهجري هذا مقبول يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث، وبما أنه تفرد بهذا الحديث فهو عنده لين. الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 فإن قيل قد روى الطبراني عن عائشة مثل هذا الحديث فهل يتقوى به؟ قلت: لا لأن في إسناده إبراهيم بن محمد الأسلمي وهو ضعيف جدا، فمثله لا يتقوى به فقال الطبراني في " الأوسط " (1 / 105 / 1 من زوائده) : حدثنا إبراهيم هو ابن (بياض في الأصل) حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شروس حدثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عائشة مرفوعا به وقال: لم يروه عن صفوان إلا إبراهيم. قلت: وهو متروك كما قال الحافظ في " التقريب " وابن شروس لم أعرفه، ثم رأيته في " الجرح والتعديل " (8 / 8) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول. وأما ما في " المجمع " (3 / 189) : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن أبي يحيى وفيه كلام كثير وقد وثق قلت: فالظاهر أنه سقط من قلم الناسخ اسم إبراهيم بن فإنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وقد كذبه مالك والقطان وابن معين وضعفه الجمهور فمثله لا يستشهد به ولا كرامة. وإبراهيم شيخ الطبراني الذي ترك الهيثمي بعده بياضا هو ابن محمد بن سبرة الصنعاني ففي ترجمته أورده الطبراني في " أوسطه " (1 / 128 / 1 - 130 / 1 - 2 رقم 2513) ، أورده ابن ناصر الدين وغيره ولم يذكروا فيه شيئا. نقول: هذا بيانا لحقيقة هذا الحديث ولكي لا يغتر به جاهل فيحرم به صيام يوم عرفة على الحاج تمسكا بظاهر النهى، وإلا فالأحب إلينا أن يفطر الحاج هذا اليوم لأنه أقوى له على أداء النسك، ولأنه هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من فعله في حجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 الوداع، انظر رسالتنا " حجة النبي صلى الله عليه وسلم "، وإليه يشير كلام أحمد رحمه الله فقد قال ابنه عبد الله في مسائله (ص 166 - مخطوط) : سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس من البر الصوم في السفر "؟ فقال: إن صام في سفر صوم فريضة أجزأه ولا يعجبني أن يصوم تطوعا ولا فريضة في سفر: ثم رأيت الحديث رواه الدولابي (1 / 133) عن ابن عمر موقوفا عليه وسنده حسن. وروى ابن سعد (7 / 125) وأبو مسلم الكجي في " جزء الأنصاري " (6 / 1) عن عمر نحوه، وفي سنده ضعيف. 405 - " من صلى الصبح ثم قرأ {قل هو الله أحد} مائة مرة قبل أن يتكلم، فكلما قرأ {قل هو الله أحد} غفر له ذنب سنة ". موضوع. أخرجه الطبراني (22 / 96 / 232) وكذا الحاكم (3 / 570) وابن عساكر (19 / 196 / 2) من طريق محمد بن عبد الرحمن القشيري حدثتني أسماء بنت واثلة بن الأسقع قالت: كان أبي إذا صلى الصبح جلس مستقبل القبلة لا يتكلم حتى تطلع الشمس فربما كلمته في الحاجة فلا يكلمني فقلت ما هذا؟ فقال: فذكره. قلت: سكت عليه الحاكم، وبيض له الذهبي، وقال الهيثمي في " المجمع " (10 /109) بعد أن عزاه للطبراني: الحديث: 405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو متروك. قلت: بل هو كذاب كما قال الأزدي، وقال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 325) : " سألت أبي عنه؟ فقال: متروك الحديث، كان يكذب ويفتعل الحديث. 406 - " من كبر تكبيرة عند غروب الشمس على ساحل البحر رافعا بها صوته أعطاه الله من الأجر بعدد كل قطرة فى البحر عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات ما بين درجتين مسيرة مائة عام بالفرس المسرع ". موضوع. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 122) وأبو نعيم (3 / 125) والحاكم (3 /587) من طريق إبراهيم بن زكريا العبدسي حدثنا فديك بن سليمان قال: حدثنا خليفة بن حميد عن إياس بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعا. وقال أبو نعيم: غريب من حديث إياس ولم يروه عنه إلا خليفة تفرد به عنه فديك. وسكت عنه الحاكم وقال الذهبي في " تلخيصه ": قلت: هذا منكر جدا، وخليفة لا يدرى من هو، وفي إسناده إليه من يتهم. قلت: يشير إلى العبدسي هذا قال فيه ابن عدي: حدث بالبواطيل، وقال ابن حبان: يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة. وقال الذهبي في ترجمة خليفة هذا من الميزان: الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 فيه جهالة، وخبره ساقط، ثم ساق هذا الحديث من رواية العقيلي، ونقل الحافظ في " اللسان ": كلام الذهبي في " التلخيص " وأقره عليه، وقد ذهل الهيثمي عن المتهم المشار إليه في كلام الذهبي فاقتصر في إعلاله في " المجمع " (5 / 288) بكلام الذهبي المذكور في ترجمة خليفة، وذلك قصور لا يخفى. ثم رأيت ابن عراق قد أورد الحديث في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (288 / 2) فأصاب. 407 - " من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأو ائهن وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن، فقال رجل: أو اثنتان يا رسول الله؟ قال: أو اثنتان، فقال رجل: أو واحدة يا رسول الله؟ قال: أو واحدة ". ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه الحاكم (4 / 177) وأحمد (2 / 335) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن عمر بن نبهان عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي وأقره المنذري في " الترغيب " (3 / 85) . وأقول: كلا: فإن ابن جريج وأبا الزبير مدلسان وقد عنعناه، وعمر بن نبهان فيه جهالة كما قال الذهبي نفسه في " الميزان " فأنى له الصحة؟ ! ويغني عن هذا حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: الحديث: 407 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 " من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم: واثنتين يا رسول الله؟ قال: واثنتين ". أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (ص 14) وأبو نعيم في " الحلية " (3 / 14) من طريقين عن محمد بن المنكدر عنه، فهذا إسناد صحيح. 408 - " أحب الأسماء إلى الله ما تعبد به ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 59 / 2) و" الأوسط " (1 / 40 / 1 / 685) عن معلل بن نفيل الحراني عن محمد بن محصن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمي الرجل عبده أو ولده حارثا أو مرة أو وليدا أو حكما أو أبا الحكم أو أفلح أو نجيحا أو يسارا وقال: " أحب الأسماء إلى الله عز وجل ما تعبد به وأصدق الأسماء همام " والسياق " للأوسط " وقال: لم يروه عن سفيان إلا محمد، قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 51) بعد أن عزاه للمعجمين وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك. قلت: بل هو كذاب كما قال ابن معين، وقال الدارقطني يضع الحديث. والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الشيرازي في " الألقاب " والطبراني وأعله الشارح المناوي بكلام الهيثمي السابق ثم قال: الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 وقال في " الفتح ": في إسناده ضعف، ولم يرمز له المؤلف هنا بشيء، ووهم من زعم أنه رمز له بالضعف ولكنه جزم بضعفه في الدرر ". قلت: والاقتصار على تضعيفه قصور مع كونه من رواية هذا الكذاب، إلا أن يقال أن الضعيف من أقسامه الموضوع كما تقرر في " المصطلح " فلا منافاة. وانظر الحديث الآتي بعد حديثين. 409 - " من عشق وكتم وعف فمات فهو شهيد ". موضوع. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 349) والخطيب في " تاريخه " (5 / 156، 262، 6 / 50 - 51، 71 / 298، 13 /0 184) والثعالبي في " حديثه (129 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (281 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (24 / 2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12 / 263 / 2) وابن الجوزي في " مشيخته ": الشيخ الثامن والسبعون من طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الأولى: ضعف أبي يحيى القتات واسمه زاذان وقيل غير ذلك، قال الحافظ في " التقريب ": لين الحديث. الأخرى: ضعف سويد بن سعيد، قال الحافظ: صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول. قلت: وقد تكلم فيه ابن معين من أجل هذا الحديث كما يأتي، واتفق الأئمة الحديث: 409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 المتقدمون على تضعيف هذا الحديث، فقال ابن الملقن في " الخلاصة " (54 / 2) : وأعله الأئمة، قال ابن عدي والحاكم والبيهقي وابن طاهر وغيرهم هو أحد ما أنكر على سويد بن سعيد قال يحيى بن معين: لوكان لي فرس ورمح لكنت أغزوه. ولهذا قال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون " (45 / 2) : وفي سنده مقال، وذهب بعض المتأخرين إلى تقوية الحديث بمجيئه من طريق آخر، فقال الزركشي في " اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة " (رقم 166 - نسختي) : وهذا الحديث أنكره يحيى بن معين وغيره على سويد بن سعيد، لكن لم يتفرد به، فقد رواه الزبير بن بكار فقال: حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، وهو إسناد صحيح. قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة ": (420 - طبع الخانجي) بعد أن ساق هذه الطريق: وينظر هل هذه هي الطريق التي أورده الخرائطي منها، فإن تكن هي فقد قال العراقي: في سندها نظر، ومن طريق الزبير أخرجه الديلمي في مسنده، ولكن وقع عنده عن عبد الله بن عبد الملك بن الماجشون لا كما هنا. قلت: أما طريق الخرائطي فلم يسقها السخاوي، وقد أوردها العلامة المحقق ابن القيم وتكلم عليها فقال في كتاب " الداء والدواء " (ص 353 - 354) : أما حديث ابن الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا، فكذب على ابن الماجشون، فإنه لم يحدث بهذا، ولا حدث به عنه الزبير ابن بكار، وإنما هذا من تركيب بعض الوضاعين، ويا سبحان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 الله كيف يحتمل هذا الإسناد مثل هذا المتن فقبح الله الوضاعين. وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل: حدثنا يعقوب بن عيسى من ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا، وهذا غلط قبيح فإن محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي، ووفاته سنة سبع وعشرين وثلاث مئة، فمحال أن يدرك شيخه يعقوب، ابن أبي نجيح ولا سيما وقد رواه في كتابه " الاعتلال " عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح، والخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية، ذكره أبو الفرج في كتاب " الضعفاء ". قلت: أما الخرائطي فلا أعرف أحدا من المتقدمين رماه بشيء من الضعف ولهذا لم يورده الذهبي في " ميزان الاعتدال "، ولا استدركه عليه الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان "، وقد ترجمه الخطيب في تاريخه (2 / 139 - 140) ثم السمعاني في " الأنساب " ثم ابن الأثير في " اللباب " فلم يجرحه أحد منهم، بل ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه (15 / 93 / 1 - 2) وروى عن أبي نصر ابن ماكولا أنه قال فيه: كان من الأعيان الثقات. فأنا في شك كبير من صحة ما ذكره أبو الفرج من ضعف الخرائطي، بل هو ثقة حجة. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 ثم طبع كتاب " الضعفاء " لابن الجوزي فلم أجد فيه محمد بن جعفر الخرائطي وإنما ذكر آخرين (3 / 46 - 47) ليسا من طبقة الخرائطي وهما من رجال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 222 / 1224 و1226) فتبين أن الوهم من ابن القيم والله أعلم. فلعل علة هذا الإسناد من يعقوب بن عيسى شيخ الخرائطي، فإنى لم أجد له ترجمة، ومن طبقته يعقوب بن عيسى بن ماهان أبو يوسف المؤدب ترجمه الخطيب (14 / 271 - 272) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكنه لم يذكر أنه من ولد عبد الرحمن بن عوف، والله أعلم، وهو من شيوخ أحمد في المسند قال الحافظ في " التعجيل " قال أبو زرعة ابن شيخنا لا أعرفه، وذكره ابن حبان في " الثقات " (9 / 286) لكن وقع فيه يعقوب بن يوسف بن ماهان ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد تكلم على الحديث في " التلخيص الحبير " (5 / 273) وأعله من الطريق الأولى بنحو ما نقلناه عن " الخلاصة " وأعل الطريق الثانية من رواية يعقوب عن ابن أبي نجيح بأن يعقوب ضعفه أحمد بن حنبل، ثم قال: ورواه الخطيب من طريق الزبير بن بكار، وهذه الطريق غلط فيها بعض الرواة فأدخل إسنادا في إسناد، وخلاصة القول: إن هذا الطريق ضعيف أيضا لضعف يعقوب هذا واضطرابه في روايته فمرة يقول: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا، فيرسله ولا يذكر الواسطة بينه وبين ابن أبي نجيح، ومرة يقول عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فيسنده ويوصله. قال ابن القيم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 وكلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان وإليهم يرجع في هذا الشأن، ولم يصححه ولم يحسنه أحد يعول في علم الحديث عليه، ويرجع في التصحيح إليه، ولا من عادته التسامح والتساهل، فإنه لم يصف نفسه له ، ويكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف ويروي منها الغث والسمين قد أنكره وشهد ببطلانه. نعم ابن عباس لا ينكر ذلك عنه، وقد ذكر أبو محمد بن حزم عنه أنه سئل عن الميت عشقا فقال: قتيل الهوى لا عقل له ولا قدر، ورفع إليه بعرفات شاب قد صار كالفرخ فقال: ما شأنه؟ قالوا: العشق، فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق.فهذا نفس ما روى عنه في ذلك. ومما يوضح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح، فذكر المقتول في الجهاد والحرق والغرق، والمبطون، والنفساء يقتلها ولدها، وصاحب ذات الجنب، ولم يذكر منهم من يقتله العشق، وحسب قتيل العشق أن يصح له هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله، ويعف لله ويكتم لله، لكن العاشق إذا صبر وعف وكتم مع قدرته على معشوقه وآثر محبته لله وخوفه ورضاه فهو من أحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 من دخل تحت قوله تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهو ى، فإن الجنة هي المأو ى} وتحت قوله تعالى {ولمن خاف مقام ربه جنتان} . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب عن عائشة وعن ابن عباس، وهذا يوهم أن له طريقين أحدهما عن عائشة والآخر عن ابن عباس، والحقيقة أنه طريق واحد، وهم في سنده بعض الضعفاء فصيره من مسند عائشة، وإنما هو من مسند ابن عباس كما تقدم، فقد أخرجه الخطيب في " تاريخه " (12 /479) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي: حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به، وقال: رواه غير واحد عن سويد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس وهو المحفوظ، وكذا قال في " المؤتلف " أيضا كما في " اللسان " وأشار إلى أن الخطأ في هذا الإسناد من الطوسي هذا، قال الدارقطني: ليس بالقوي، يأتي بالمعضلات. قلت: فهذا الإسناد منكر لمخالفة الطوسي لرواية الثقات الذين أسندوه عن سويد بسنده عن ابن عباس، فلا يجوز الاستكثار بهذا الإسناد والتقوي به لظهور خطئه ورجوعه في الحقيقة إلى الإسناد الأول، وقد قال ابن القيم في " الداء والدواء " (ص 353) بعد أن ساق رواية الخطيب هذه: فهذا من أبين الخطأ، ولا يحمل هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عند من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 شم أدنى رائحة الحديث، ونحن نشهد بالله أن عائشة ما حدثت بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولا حدث به عروة عنها ولا حدث به هشام قط. وخلاصة القول أن الحديث ضعيف الإسناد من الطريقين، وقد أنكره العلامة ابن القيم من حيث معناه أيضا وحكم بوضعه كما رأيت، وقد أو ضح ذلك في كتابه " زاد المعاد " أحسن توضيح فقال (3 / 306 - 307) : ولا تغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ساقه من الطريقين ثم قال، فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يكون من كلامه، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصديقية ولها أعمال وأحوال هي شروط في حصولها وهي نوعان عامة وخاصة، فالخاصة الشهادة في سبيل الله والعامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا منها، وكيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة وفراغ عن الله وتمليك القلب والروح والحب لغيره تنال به درجة الشهادة! ؟ هذا من المحال، فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها ويصدها عن ذكر الله وحبه، والتلذذ بمناجاته والأنس به، ويوجب عبودية القلب لغيره، فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية، فإنها كمال الذل والحب والخضوع والتعظيم فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين وساداتهم وخواص الأولياء! ؟ فلوكان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا ووهما، ولا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق من حديث صحيح البتة، ثم إن العشق منه حلال ومنه حرام، فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يحكم على كل عاشق يكتم ويعف بأنه شهيد! ؟ أفترى من يعشق امرأة غيره أو يعشق المردان والبغايا ينال بعشقه درجة الشهداء! ؟ وهل هذا إلا خلاف المعلوم من دينه صلى الله عليه وسلم؟ كيف والعشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه لها من الأدوية شرعا وقدرا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 والتداوي منه إما واجب إن كان عشقا حراما، وإما مستحب، وأنت إذا تأملت الأمراض والآفات التي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها، كالمطعون والمبطون والمجنون والحرق والغرق، ومنها المرأة يقتلها ولدها في بطنها، فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها ولا علاج لها، وليست أسبابها محرمة ولا يترتب عليها من فساد القلب وتعبده لغير الله ما يترتب على العشق، فإن لم يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلد أئمة الحديث العالمين به وبعلله فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط أنه شهد له بصحة، بل ولا بحسن، كيف وقد أنكروا على سويد هذا الحديث ورموه لأجله بالعظائم واستحل بعضهم غزوه لأجله. وخلاصة الكلام أن الحديث ضعيف الإسناد موضوع المتن كما جزم بذلك العلامة ابن القيم في المصدرين السابقين، وكذا في رسالة " المنار " له أيضا (ص 63) ومثله في " روضة المحبين " والله أعلم. 410 - " التراب ربيع الصبيان ". موضوع. رواه الطبراني في " الكبير " (5775) وابن عدي (311 / 1) عن محمد بن مخلد الحمصي حدثنا مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبيان وهم يلعبون بالتراب فنهاهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهم يا عمر فإن التراب ... وقال ابن عدي: وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، ومحمد بن مخلد هذا يحدث عن مالك وغيره بالبواطيل. قلت: وعد الذهبي هذا الحديث من أباطيله، وساق له حديثا آخر قال فيه: الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 594 وهو كذب ظاهر، سيأتي تخريجه برقم (1252) والحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " (8 / 159) للطبراني وقال: وفيه محمد بن مخلد الرعيني وهو متهم بهذا الحديث وغيره. قال السخاوي (ص 74) : ورواه القضاعي من حديث مالك بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر به، وقال الخطيب: إن المتن لا يصح. قلت: وإسناده عند القضاعي في " مسند الشهاب " (18 / 1) هكذا: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا جدي علي بن الحسين بن بندار قال: أخبرنا علي بن عبد الحميد الغضائرى قال: أخبرنا محمد بن يوسف الفريابي بمكة قال: أخبرنا مالك بن سعيد به. قلت: الغضائري هذا ترجمه السمعاني في " الأنساب " وقال: وكان من الصالحين الزهاد الثقات ومن فوقه ثقات معروفون من رجال التهذيب، وأما أبو القاسم وجده علي بن الحسين بن بندار فلم أجد من ترجمهما، وفي " الميزان " و" اللسان ": علي بن الحسن بن بندار الإستراباذي عن خيثمة الأطرابلسي اتهمه محمد بن طاهر. قلت: فيحتمل أن يكون هو هذا، فإنه من هذه الطبقة، وعليه تحرف اسم أبيه الحسن بـ الحسين في " المسند "، والله أعلم. 411 - " أحب الأسماء إلى الله ما عبد وما حمد ". لا أصل له. كما صرح به السيوطي وغيره (انظر " كشف الخفاء " 1 / 390، 51) ، وقد أخطأ المنذري رحمه الله خطأ فاحشا حيث ذكره في " الترغيب " (3 / 85) الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 من حديث ابن عمر بهذا اللفظ في رواية لمسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجه، كذا قال، وإنما أخرج هؤلاء عن ابن عمر اللفظ الثاني الذي في الترغيب وهو: " أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ". أنظر " صحيح مسلم " (6 / 169) و" سنن أبي داود " (2 / 307) والترمذي (4 / 29) وابن ماجه (2 / 404) ، هكذا رواه أيضا الدارمي (2 / 294) وأحمد رقم (4774، 6122) والحاكم (4 / 274) والخطيب (10 / 223) عن ابن عمر. وكذلك أخرجه أبو داود والنسائي (2 / 119) وأحمد (3 / 345) من حديث أبي وهب الجشمي رضي الله عنه وفيه عقيل بن شبيب مجهول الحال. فائدة: نقل ابن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى وعبد الكعبة، وأقره العلامة ابن القيم في " تحفة المودود " (ص 37) وعليه فلا تحل التسمية بـ: عبد على وعبد الحسين كما هو مشهور عند الشيعة، ولا بـ: عبد النبي أو عبد الرسول كما يفعله بعض الجهلة من أهل السنة. 412 - " من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين، ومن صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوما ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 200) من طريق الهيثم بن حبيب حدثنا سلام الطويل عن حمزة الزيات عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا وقال: تفرد به الهيثم بن حبيب. الحديث: 412 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 قلت: اتهمه الذهبي بخبر باطل، وذكره ابن حبان في " الثقات "! وسلام الطويل متهم، وابن أبي سليم ضعيف. والحديث أعله الهيثمي (3 / 190) بالهيثم هذا وهو قصور لا يخفى، وأعجب منه قول المنذري في " الترغيب " (1 / 78) : رواه الطبراني في " الصغير " وهو غريب وإسناده لا بأس به "! ، وهذا ذهول عجيب، وإلا فكيف يسلم من البأس إذا كان فيه ذاك المتهم الطويل! قال فيه ابن خراش: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المتعمد لها، وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة. والحديث رواه الطبراني أيضا في " الكبير " (109 / 1) من هذا الوجه بالشطر الأول فقط، وهذا القدر منه صحيح لأن له شواهد كثيرة منها حديث أبي قتادة مرفوعا: صيام يوم عرفة إنى أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 597 أخرجه مسلم (3 / 167 - 168) وغيره، وهو قطعة من حديث مخرج في " الإرواء " (952) ثم إن الطبراني روى الشطر الثاني من الحديث بلفظ آخر وهو: 413 - " من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون حسنة ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 109 / 1) : حدثنا محمد بن زريق بن جامع حدثنا الهيثم بن حبيب أخبرنا سلام الطويل عن حمزة الزيات عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، وله علل ثلاث تقدم بيانها في الحديث الذي قبله. ومع أن إسنادهما واحد فالمتن مختلف، ففي هذا قال: " ثلاثون حسنة " وفي ذاك قال: " ثلاثون يوما " وهذه علة أخرى تضم إلى ما قبلها! وقد ذهل عن علة هذا الحديث أيضا المقتضية لوضعه الهيثمي كما ذهل عنها في الحديث الذي قبله على ما سبق بيانه وقد تبعه في هذا المناوي في " شرح الجامع الصغير " فقال: قال الهيثمي: فيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي! . الحديث: 413 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 414 - " ما أوتي قوم المنطق إلا منعوا العمل ". لا أصل له. كما أفاده العراقي في " تخريج الأحياء " (1 / 37) والسبكي في " طبقات الشافعية " (4 / 145) . الحديث: 414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 415 - " من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تجب الشمس ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 105 / 2) و" الأوسط " (2 / 80 / 2 / 6293) من طريق أحمد بن ماهان بن أبي حنيفة حدثنا أبي عن طلحة بن يزيد عن زيد ابن سنان عن يزيد بن خالد الدمشقي عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. وقال: تفرد به محمد بن ماهان قلت: وهذا إسناد موضوع، أحمد بن ماهان هو أحمد بن محمد بن ماهان يعرف والده بأبي حنيفة ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 73) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وذكر عن أبيه أنه قال في محمد بن ماهان: إنه مجهول، وطلحة بن زيد متهم بالوضع وقد تقدم ويزيد بن سنان وهو أبو فروة الرهاوي ضعيف. ومما تقدم تعلم أن قول الحافظ في " تخريج الكشاف " (3 / 73) : رواه الطبراني عن ابن عباس، وإسناده ضعيف فيه قصور ظاهر قلده عليه السيوطي في " الدر المنثور " (2 / 2) فقد قال الحافظ نفسه في ترجمة طلحة هذا من " التقريب ": متروك، قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث، وكذلك قول الهيثمي في " المجمع " (2 / 168) : رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو الحديث: 415 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 ضعيف فيه قصور لا يخفى، لكن في نقل المناوي في شرح " الجامع الصغير " عنه أنه قال: وهو ضعيف جدا، فلعله سقط من الناسخ أو الطابع لفظة جدا. ثم ذكر المناوي نقلا عن ابن حجر أنه قال فيه: ضعيف جدا ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع، ثم عقب عليه المناوي بقوله: فكان ينبغي للمصنف يعني السيوطي حذفه. 416 - " اطلبوا العلم ولو بالصين ". باطل. رواه ابن عدي (207 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 106) وابن عليك النيسابوري في " الفوائد " (241 / 2) وأبو القاسم القشيري في " الأربعين " (151 / 2) والخطيب في " التاريخ " (9 / 364) وفي " كتاب الرحلة " (1 / 2) والبيهقي في " المدخل " (241 / 324) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 7 - 8) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (28 / 1) كلهم من طريق الحسن بن عطية حدثنا أبو عاتكة طريف بن سلمان عن أنس مرفوعا، وزادوا جميعا: " فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم " وقال ابن عدي: الحديث: 416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 وقوله: ولوبالصين، ما أعلم يرويه غير الحسن بن عطية. وكذا قال الخطيب في " تاريخه " ومن قبله الحاكم كما نقله عنه ابن المحب ومن خطه على هامش " الفوائد " نقلت، وفي ذلك نظر فقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (196) عن حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا طريف بن سليمان به، وقال: ولا يحفظ " ولو بالصين " إلا عن أبي عاتكة، وهو متروك الحديث و" فريضة على كل مسلم " الرواية فيها لين أيضا متقاربة في الضعف. فآفة الحديث أبو عاتكة هذا وهو متفق على تضعيفه، بل ضعفه جدا العقيلي كما رأيت والبخاري بقوله: منكر الحديث، والنسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، كما رواه ابنه عنه (2 / 1 / 494) وذكره السليماني فيمن عرف بوضع الحديث، وذكر ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 199 / 1) عن الدوري أنه قال: وسألت يحيى بن معين عن أبي عاتكة هذا فلم يعرفه، وعن المروزي أن أبا عبد الله يعني الإمام أحمد ذكر له هذا الحديث؟ فأنكره إنكارا شديدا. قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 215) وقال: قال ابن حبان: باطل لا أصل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 وأقره السخاوي في " المقاصد " (ص 63) ، أما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " (1 / 193) بما حاصله: أن له طريقين آخرين: أحدهما من رواية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العسقلاني بسنده عن الزهري عن أنس مرفوعا به، رواه ابن عبد البر، ويعقوب هذا قال الذهبي: كذاب، ثم ذكر أنه روى بإسناد صحيح، من حفظ على أمتي أربعين حديثا وهذا باطل. والآخر: من طريق أحمد بن عبد الله الجويباري بسنده عن أبي هريرة مرفوعا، الشطر الأول منه فقط، قال السيوطي: والجويباري وضاع. قلت: فتبين أن تعقبه لابن الجوزي ليس بشيء! وقال في " التعقبات على الموضوعات " (ص 4) : " أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " من طريق أبي عاتكة وقال: متن مشهور وإسناد ضعيف، وأبو عاتكة من رجال الترمذي ولم يجرح بكذب ولا تهمة، وقد وجدت له متابعا عن أنس، أخرجه أبو يعلى وابن عبد البر في " العلم " من طريق كثير بن شنظير عن ابن سيرين عن أنس، وأخرجه ابن عبد البر أيضا من طريق عبيد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 محمد الفريابي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس. ونصفه الثاني، أخرجه ابن ماجه، وله طريق كثيرة عن أنس يصل مجموعها إلى مرتبة الحسن، قاله الحافظ المزي، وأورده البيهقي في " الشعب " من أربع طرق عن أنس، ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما. ولنا عليه تعقبات: أولا: لينظر فيما نقله عن البيهقي هل يعني النصف الأول من الحديث أعني " اطلبوا العلم ولوبالصين " أم النصف الثاني فإن هذا هو المشهور وفيه أورد السخاوي قول البيهقي المذكور لا في النصف الأول وعليه يدل كلامه في " المدخل " (242 - 243) ثم تأكدت من ذلك بعد طبع " الشعب " (2 / 254 - 255) . ثانيا: قوله: إن أبا عاتكة لم يجرح بكذب يخالف ما سبق عن السليماني، بل وعن النسائي إذ قال " ليس بثقة " لأنه يتضمن تجريحه بذلك كما لا يخفى. ثالثا: رجعت إلى رواية كثير بن شنظير هذه في " جامع ابن عبد البر " (ص 9) فلم أجد فيها النصف الأول من الحديث، وإنما هي بالنصف الثاني فقط مثل رواية ابن ماجه، وأظن أن رواية أبي يعلى مثلها ليس فيها النصف الأول، إذ لوكان كما ذكر السيوطي لأوردها الهيثمي في " المجمع " ولم يفعل. رابعا: رواية الزهري عن أنس عند ابن عبد البر فيها عبيد بن محمد الفريابي ولم أعرفه، وقد أشار إلى جهالته السيوطي بنقله السند مبتدءا به، ولكنه أو هم بذلك أن الطريق إليه سالم، وليس كذلك بل فيه ذاك الكذاب كما سبق! ثم وجدت ترجمة الفريابي هذا عند ابن أبي حاتم (2 / 2 / 335) بسماع أبيه منه. وذكره ابن حبان في " الثقات " (8 / 406) وقال: مستقيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 الحديث فالآفة من يعقوب. خامسا: قوله: وله طرق كثيرة ... يعني بذلك النصف الثاني من الحديث كما هو ظاهر من كلامه، وقد فهم منه المناوي أنه عنى الحديث كله! فقد قال في شرحه إياه بعد أن نقل إبطال ابن حبان إياه وحكم ابن الجوزي بوضعه: ونوزع بقول المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن: ويقول الذهبي في " تلخيص الواهيات ": روى من عدة طرق واهية وبعضها صالح. وهذا وهم من المناوي رحمه الله فإنما عنى المزي رحمه الله النصف الثاني كما هو ظاهر كلام السيوطي المتقدم، وهو الذي عناه الذهبي فيما نقله المناوي عن " التلخيص "، لا شك في ذلك ولا ريب. وخلاصة القول: إن هذا الحديث بشطره الأول، الحق فيه ما قاله ابن حبان وابن الجوزي، إذ ليس له طريق يصلح للاعتضاد به. وأما الشطر الثاني فيحتمل أن يرتقي إلى درجة الحسن كما قال المزي، فإن له طرقا كثيرة جدا عن أنس، وقد جمعت أنا منها حتى الآن ثمانية طرق، وروى عن جماعة من الصحابة غير أنس منهم ابن عمر وأبو سعيد وابن عباس وابن مسعود وعلي، وأنا في صدد جمع بقية طرقه لدراستها والنظر فيها حتى أتمكن من الحكم عليه بما يستحق من صحة أو حسن أو ضعف. ثم درستها وأو صلتها إلى نحو العشرين في " تخريج مشكلة الفقر " (48 - 62) وجزمت بحسنه. واعلم أن هذا الحديث مما سود به أحد مشايخ الشمال في سوريا كتابه الذي أسماه بغير حق " تعاليم الإسلام " فإنه كتاب محشوبالمسائل الغريبة والآراء الباطلة التي لا تصدر من عالم، وليس هذا فقط، بل فيه كثير جدا من الأحاديث الواهية والموضوعة، وحسبك دليلا على ذلك أنه جزم بنسبة هذا الحديث الباطل إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثانى حديث من الأحاديث التي أوردها في " فضل العلم " من أول كتابه (ص 3) وغالبها ضعيفة، وفيها غير هذا من الموضوعات كحديث " خيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها فقهاؤها " وهذا مع كونه حديثا باطلا كما سبق تحقيقه برقم (367) فقد أخطأ المؤلف أو من نقله عنه في روايته، فإن لفظه: " رحماؤها " بدل " فقهاؤها "! ومن الأحاديث الموضوعة فيه ما أورده في (ص 236) " صلاة بعمامة أفضل من خمس وعشرين ... و" إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة " وقد تقدم الكلام عليهما برقم (127 و159) . ومنها حديث " المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون " (ص 4 منه) وسيأتي بيان وضعه برقم (782) إن شاء الله تعالى. ومن غرائب هذا المؤلف أنه لا يعزو الأحاديث التي يذكرها إلى مصادرها من كتب الحديث المعروفة، وهذا مما لا يجوز في العلم، لأن أقل الرواية عزو الحديث إلى مصدره، ولقد استنكرت ذلك منه في أول الأمر، فلما رأيته يعزي أحيانا ويفترى في ذلك، هان علي ما كنت استنكرته من قبل! فانظر إليه مثلا في الصفحة (247) حيث يقول: روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كتب هذا الدعاء وجعله بين صدر الميت وكفنه لم ينله عذاب القبر (!) ولم ير منكرا ولا نكيرا (!) وهو هذا ... "، ثم ذكر الدعاء. فهذا الحديث لم يروه الترمذي ولا غيره من أصحاب الكتب الستة ولا الستين! إذ لا يعقل أن يروي مثل هذا الحديث الموضوع الظاهر البطلان إلا من لم يشم رائحة الحديث ولومرة واحدة في عمره! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 وفي الصفحة التي قبل التي أشرنا إليها قوله: في " صحيح مسلم " قال صلى الله عليه وسلم: " من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين سيئة ". فهذا ليس في " صحيح مسلم " ولا في شيء من الكتب، وإنما رواه الحاكم فقط والبيهقي بلفظ: " أربعين مرة ". فهذا قل من جل مما في هذا الكتاب من الأحاديث الموضوعة والتخريجات التي لا أصل لها، ويعلم الله أنني عثرت عليها دون تقصد، ولو أنني قرأت الكتاب من أوله إلى آخره قاصدا بيان ما فيه من المنكرات لجاء كتابا أكبر من كتابه! وإلى الله المشتكى! وأما ما فيه من المسائل الفقهية المستنكرة فكثيرة أيضا، وليس هذا مجال القول في ذلك، وإنما أكتفي بمثالين فقط، قال (ص 36) في صدد بيان آداب الاغتسال: وأن يصلى ركعتين بعد خروجه سنة الخروج من الحمام! وهذه السنة لا أصل لها البتة في شيء من كتب السنة حتى التي تروى الموضوعات! ولا أعلم أحدا من الأئمة المجتهدين قال بها! وقال (ص 252 - 253) : لا بأس بالتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعني جهرا قدام الجنازة، لأنه صار شعارا للميت، وفي تركه ازدراء به، وتعرض للتكلم فيه وفي ورثته، ولوقيل بوجوبه لم يبعد! وهذا مع كونه من البدع المحدثة التي لا أصل لها في السنة فلم يقل بها أحد من الأئمة أيضا، وإنى لأعجب أشد العجب من هؤلاء المتأخرين الذين يحرمون على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 طالب العلم أن يتبع الحديث الصحيح بحجة أن المذهب على خلافه، ثم يجتهدون هم فيها لا مجال للاجتهاد فيه لأنه خلاف السنة وخلاف ما قال الأئمة أيضا الذين يزعمون تقليدهم، وايم الله إني لأكاد أميل إلى الأخذ بقول من يقول من المتأخرين بسد باب الاجتهاد حين أرى مثل هذه الاجتهادات التي لا يدل عليها دليل شرعى ولا تقليد لإمام! فإن هؤلاء المقلدين إن اجتهدوا كان خطؤهم أكثر من إصابتهم، وإفسادهم أكثر من إصلاحهم، والله المستعان. وإليك مثالا ثالثا هو أخطر من المثالين السابقين لتضمنه الاحتيال على استحلال ما حرمه الله ورسوله، بل هو من الكبائر بإجماع الأمة ألا وهو الربا! قال ذلك المسكين (ص 321) : " إذا نذر المقترض مالا معينا لمقرضه ما دام دينه أو شيء منه صح نذره، بأن يقول: لله علي ما دام المبلغ المذكور أو شيء منه في ذمتي أن أعطيك كل شهر أو كل سنة كذا. ومعنى ذلك أنه يحلل للمقترض أن يأخذ فائدة مسماه كل شهر أو كل سنة من المستقرض إلى أن يوفي إليه دينه، ولكنه ليس باسم ربا، بل باسم نذر يجب الوفاء به وهو قربة عنده! ! فهل رأيت أيها القاريء تلاعبا بأحكام الشريعة واحتيالا على حرمات الله مثلما فعل هذا الرجل المتعالم؟ أما أنا فما أعلم يفعل مثله أحد إلا أن يكون اليهود الذين عرفوا بذلك منذ القديم، وما قصة احتيالهم على صيد السمك يوم السبت ببعيدة عن ذهن القاريء، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم الشحم جملوه، أي ذوبوه، ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 باعوه وأكلوا ثمنه "! رواه الشيخان في " صحيحيهما " وهو مخرج في " الإرواء " (1290) بل إن ما فعله اليهود دون ما أتى به هذا المتمشيخ، فإن أولئك وإن استحلوا ما حرم الله، فإن هذا شاركهم في ذلك وزاد عليهم أنه يتقرب إلى الله باستحلال ما حرم الله!! بطريق النذر! ولا أدري هل بلغ مسامع هذا الرجل أم لا قوله صلى الله عليه وسلم: " لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود، فترتكبوا محارم الله بأدنى الحيل " رواه ابن بطة في " جزء الخلع وإبطال الحيل " وإسناده جيد كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2 / 257) وغيره في غيره، والذي أعتقده في أمثاله أنه سواء عليه أبلغه هذا الحديث أولا، لأنه ما دام قد سد على نفسه باب الاهتداء بالقرآن والسنة والتفقه بهما استغناء منه عنهما بحثالات آراء المتأخرين كمثل هذا الرأي الذي استحل به ما حرم الله، والذي أظن أنه ليس من مبتكراته! فلا فائدة ترجي له من هذا الحديث وأمثاله مما صح عنه صلى الله عليه وسلم وهذا يقال فيما لوفرض فيه الإخلاص وعدم اتباع الهو ى نسأل الله السلامة. ومع أن هذا هو مبلغ علم المؤلف المذكور فإنه مع ذلك مغرور بنفسه معجب بعلمه، فاسمع إليه يصف رسالة له في هذا الكتاب (ص 58) : " فإنها جمعت فأوعت كل شيء (!) لا مثيل لها في هذا الزمان، ولم يسمع الزمان بها حتى الآن، فجاءت آية في تنظيمها وتنسيقها وكثرة مسائلها واستنباطها، ففيها من المسائل ما لا يوجد في المجلدات، فظهرت لعالم الوجود عروسا حسناء، بعد جهو د جبارة وأتعاب سنين كثيرة، ومراجعات مجلدات كثيرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 وكتب عديدة، فهي الوحيدة في بابها والزبدة في لبابها، تسر الناظرين وتشرح صدر العالمين! ولا يستحق هذا الكلام الركيك في بنائه العريض في مرامه أن يعلق عليه بشيء، ولكني تساءلت في نفسي فقلت: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الذين يمدحون غيرهم " احثوا في وجوه المداحين التراب " فماذا يقول فيمن يمدح نفسه وبما ليس فيه؟ فاللهم عرفنا بنفوسنا وخلقنا بأخلاق نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم. هذه كلمة وجيزة أحببت أن أقولها حول هذا الكتاب " تعاليم الإسلام " بمناسبة هذا الحديث الباطل نصحا مني لإخواني المسلمين حتى يكونوا على بصيرة منه إذا ما وقع تحت أيديهم، والله يقول الحق ويهدى السبيل. 417 - " رب معلم حروف أبي جاد دارس فى النجوم ليس له عند الله خلاق يوم القيامة ". موضوع. أخرجه الطبراني (3 / 105 / 1) من طريق خالد بن يزيد العمري أخبرنا محمد بن مسلم أخبرنا إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. قلت: خالد هذا كذبه أبو حاتم ويحيى، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، وقال الهيثمي في " المجمع " (5 / 117) بعد أن عزاه للطبراني: وفيه خالد بن يزيد العمري وهو كذاب. قلت: ومع ذلك فقد أورد حديثه هذا السيوطي في " الجامع "! وتعقبه المناوي الحديث: 417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 بما نقلته عن الهيثمي، ثم قال: ورواه عنه أيضا حميد بن زنجويه. 418 - " اللحم بالبر مرقة الأنبياء ". ضعيف جدا. أخرجه السلمي في " طبقات الصوفية " (ص 497 - 498) : أخبرني أحمد بن عطاء الروذباري ـ إجازة ـ قال: حدثنا علي بن عبد الله العباسي قال: حدثنا الحسن ابن سعد قال: قال محمد بن أبي عمير قال هشام بن سالم قال عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق حدثني أبي عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أحمد بن عطاء قال الخطيب (4 / 336) : روى أحاديث وهم فيها وغلط غلطا فاحشا، فسمعت أبا عبد الله محمد بن علي الصوري يقول: حدثونا عن الروذباري، عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن الحسن بن عرفة أحاديث لم يروها الصفار عن ابن عرفة، قال الصوري: ولا أظنه ممن كان يتعمد الكذب، لكنه اشتبه عليه ". والحسن بن سعد والاثنان فوقه لم أعرفهم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار عن الحسين، ولم يتكلم عليه الشارح بشيء، فالظاهر أنه لم يقف على سنده. الحديث: 418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 419 - " إن العالم والمتعلم إذا مرا بقرية فإن الله يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوما ". لا أصل له. كما قال السيوطي في " تخريج أحاديث شرح العقائد " (ورقة 6 / وجه 2) وأقره العلامة القاري في " فرائد القلائد على أحاديث شرح العقائد " (25 / 1) . الحديث: 419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 420 - " إنكم فى زمان ألهمتم فيه العمل، وسيأتي قوم يلهمون الجدل ". لا أصل له. كما أفاده العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 37) والسبكي في " طبقات الشافعية " (4 / 145) . الحديث: 420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 421 - " من مثل بالشعر فليس له عند الله خلاق ". ضعيف. أخرجه الطبراني (3 / 105 / 1) حدثنا حجاج بن نصير، أخبرنا محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل حجاج هذا، قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف، كان يقبل التلقين. والحديث قال في " المجمع " (8 / 121) : رواه الطبراني وفيه حجاج بن نصير، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان وقال: يخطيء، وبقية رجاله ثقات. الحديث: 421 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 422 - " من عمل بما يعلم، ورثه الله علم ما لم يعلم ". موضوع. أخرجه أبو نعيم (10 / 14 - 15) من طريق أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن أنس مرفوعا، ثم قال: ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين، عن عيسى بن مريم عليه السلام، فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم فوضع هذا الإسناد عليه لسهو لته وقربه، وهذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل. قلت: وفي الطريق إليه جماعة لم أعرفهم فلا أدري من وضعه منهم. الحديث: 422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 423 - " من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للصلاة الأخرى ". موضوع. أخرجه الطبراني (3 / 107 / 2) من طريق الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عيينة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال ... فذكره، وكذلك أخرجه الدارقطني (ص 68) ومن طريقه البيهقي (1 / 331 - 332) وقال الدارقطني: والحسن بن عمارة ضعيف. قلت: بل هو شر من ذلك، فقد قال فيه شعبة: يكذب، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث، وقال أحمد: أحاديثه موضوعة، وقال شعبة أيضا: روى أحاديث عن الحكم، فسألنا الحكم عنها؟ فقال: ما سمعت منها شيئا. وقول الصحابي: من السنة كذا في حكم المرفوع عند العلماء، ولهذا أوردته، وقد رواه البيهقي (1 / 222) عن الحسن بن عمارة بإسناده السابق عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " لا يصلى بالتيمم إلا صلاة واحدة " وقال: الحديث: 423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 والحسن بن عمارة لا يحتج به. قلت: فلا يصح إذن عن ابن عباس مرفوعا ولا موقوفا، بل قد روى عنه خلافه، كما ذكره ابن حزم في " المحلى " (2 / 132) يعني أن المتيمم يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات الفروض والنوافل، ما لم ينتقض تيممه بحدث أو بوجود الماء، وهذا هو الحق في هذه المسألة كما قرره ابن حزم، وانظر " الروضة الندية " (1 / 59) . 424 - " لا بأس أن يقلب الرجل الجارية إذا أراد أن يشتريها، وينظر إليها ما خلا عورتها، وعورتها ما بين ركبتيها إلى معقد إزارها ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (ج 3 ق 97 / 2) من طريق حفص بن عمر الكندي، حدثنا صالح بن حسان، عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع حفص بن عمر، هو قاضي حلب، قال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به، وصالح بن حسان، متفق على تضعيفه، بل قال ابن حبان (1 / 367 - 368) : كان صاحب قينات وسماع (!) وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات وأما قول الهيثمي في " المجمع " (2 / 53) : رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه صالح بن حسان وهو ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات. الحديث: 424 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 قلت: وفيه مؤاخذتان: الأولى: تعصيب الجناية بصالح هذا وحده مع أن الراوي عنه مثله في الضعف أو أشد ليس من العدل في شيء. الأخرى: أن صالحا لم يذكره ابن حبان في " الثقات "، وإنما ذكر فيه (6 / 456) صالح بن أبي حسان، وهما من طبقة واحدة، فاشتبه على الهيثمي أحدهما بالآخر، وقد علمت أن ابن حسان اتهمه ابن حبان نفسه بالوضع. واعلم أنه لم يثبت في السنة التفريق بين عورة الحرة، وعورة الأمة، وقد ذكرت ذلك مع شيء من التفصيل في كتابي " حجاب المرأة المسلمة " فليرجع إليه من شاء وهو الآن تحت الطبع مع زيادات وفوائد جديدة ومقدمة ضافية في الرد على متعصبة المقلدين بإذنه تعالى. 425 - " موت الغريب شهادة، إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه وعن يساره فلم ير إلا غريبا، وذكر أهله وولده، وتنفس، فله بكل نفس يتنفسه يمحوالله عنه ألفي ألف سيئة، ويكتب له ألفي ألف حسنة ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 107 / 1) من طريق عمرو بن الحصين العقيلي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن علاثة، عن الحكم بن أبان، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع عمرو بن الحصين كذاب، وقد تقدم له أحاديث موضوعة كثيرة، وابن علاثة ضعيف واتهمه بعضهم، لكن قيل: إن الآفة من الراوي عنه ابن الحديث: 425 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 الحصين هذا. والحديث قال الهيثمي (2 / 317) : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك ". قلت: والجملة الأولى منه ذكرها ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق أخرى عن ابن عباس وقال: لا يصح. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 132 - 133) بأن له طرقا أخرى وشواهد،قلت: وكلها معلولة وبعضها أشد ضعفا من بعض، فلا يستفيد الحديث منها إلا الضعف فقط، وأما سائر الحديث، فموضوع لخلوه من شاهد، ومن عجائب السيوطي أنه ذكر هذه الطريق الموضوعة في جملة الطرق والشواهد. 426 - " لولا ما طبع الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدى الظلمة والأثمة، لاستشفي به من كل عاهة، ولألفي اليوم كهيئته يوم خلقه الله، وإنما غيره الله بالسواد لأن لا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، وليصيرن إليها، وإنها لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة وضعه الله حين أنزل آدم فى موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل فيها شيء من المعاصي، وليس لها أهل ينجسونها، فوضع له صف من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من سكان الأرض، وسكانها يومئذ الجن، لا ينبغي لهم أن ينظروا إليه لأنه شيء من الجنة، ومن نظر إلى الجنة دخلها، فليس ينبغي أن الحديث: 426 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 ينظر إليها إلا من قد وجبت له الجنة، فالملائكة يذودونهم عنه وهم وقوف على أطراف الحرم يحدقون به من كل جانب، ولذلك سمي الحرم، لأنهم يحولون فيما بينهم وبينه) . منكر. الطبراني في " الكبير " (3 / 107 / 1) عن عوف بن غيلان بن منبه الصنعاني، أخبرنا عبد الله بن صفوان، عن إدريس بن بنت وهب بن منبه، حدثني وهب بن منبه، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة من دون وهب بن منبه، فإني لم أجد من ذكرهم، والمتن ظاهر النكارة، والله أعلم، وفي " المجمع " (3 / 243) : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه من لم أعرفه ولا له ذكر. ثم وجدت الحديث قد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2 / 266) من طريق غوث بن غيلان بن منبه الصنعاني به مختصرا دون قوله: " ولألفي يوم القيامة ... " إلخ. أورده في ترجمة عبد الله بن صفوان، وروي عن هشام بن يوسف أنه قال: كان ضعيفا، لا يحفظ الحديث. وتبين منه أن الراوي عنه إنما هو (غوث) ، وليس: (عوف) كما كنت نقلته عن مخطوطة " الكبير " وعلى الصواب وقع في المطبوع منه (11 / 55 / 11028) ، وهو مترجم في " الجرح " (3 / 57 / 58) ، و" ثقات ابن حبان " (7 / 313 و9 / 2) ، قال ابن معين: لم يكن به بأس. وإدريس بن بنت وهب اسم أبيه سنان اليماني، ضعفه ابن عدي، وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 الدارقطني: متروك. قلت: فهو آفة هذا الحديث. والله أعلم. 427 - " من قال: لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله يبقي ويفني كل شىء، عوفي من الهم والحزن ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (ج 3 ق 93 و1) عن العباس، يعني ابن بكار الضبي، حدثنا أبوهلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، العباس هذا، قال الدارقطني: كذاب. وساق له الذهبي حديثين، قال: إنهما باطلان، وسيأتي أحدهما برقم (2688) واتهمه الحافظ بوضع الحديث الآتى: وفي " المجمع " (10 / 137) : رواه الطبراني، وفيه العباس بن بكار وهو ضعيف، وثقه ابن حبان. قلت: لم يذكر الذهبي في " الميزان " ولا الحافظ في " اللسان " توثيق ابن حبان له، فالله أعلم. الحديث: 427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 فإن صح ذلك، فالجرح المفسر مقدم على التعديل كما هو معروف في " المصطلح ". وبخاصة إذا كان المعدل معروفا بالتساهل، كابن حبان. ثم رأيته في " ثقاته " (8 / 512) ، وقال: وكان يغرب، حديثه عن الثقات لا بأس به ". وبمقابلة كلامه بما زاده في " اللسان " على " الميزان " تبين لي أن الحافظ قد نقل كلام ابن حبان المذكور في " اللسان "، لكن وقع فيه خطأ: " وقال المؤلف .... " مكان قوله: وقال ابن حبان. ثم تناقض ابن حبان، فأورد العباس هذا في " ضعفائه " أيضا (2 / 190) . وشيخه أبوهلال اسمه محمد بن سليم الراسبي، فيه لين قال أحمد: يحتمل حديثه إلا أنه يخالف في قتادة. 428 - " ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث، وإنما سماها فاطمة، لأن الله فطمها ومحبيها من النار ". موضوع. أخرجه الخطيب (12 / 331) بإسناد له عن ابن عباس ثم قال: في إسناده من المجهولين غير واحد، وليس بثابت، ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 421) وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 400) . وذكر الحافظ في ترجمة العباس ابن بكار المذكور في الحديث المنصرم بسنده عن أم سليم قالت: لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس، ثم قال: هذا من وضع العباس. الحديث: 428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 618 429 - " كان لا يرى بالهميان للمحرم بأسا ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 99 / 1) عن يوسف بن خالد السمتي، حدثنا زياد بن سعد عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: والسمتي هذا كذا، كما قال ابن معين، وصالح ضعيف. والصواب في الحديث أنه موقوف على ابن عباس، كذلك أخرجه البيهقي في " سننه " (5 / 69) من طريق سعيد بن جبير عنه، وفي سنده شريك القاضي، وفيه ضعف. الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 430 - " شاوروهن - يعنى النساء - وخالفوهن ". لا أصل له مرفوعا. كما أفاده السخاوي، ثم المناوي (4 / 263) ، ولعل أصل هذه الجملة ما رواه العسكري في " الأمثال " عن عمر قال: " خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة "، وإن كنت لا أعرف صحته، فإن السيوطي لم يسق إسناده في " اللآليء " (2 / 174) لننظر فيه: ثم وقفت على إسناده، رواه علي بن الجعد الجوهري في " حديثه " (12 / 177 / 1) من طريق أبي عقيل عن حفص بن عثمان بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر قال: قال عمر رحمه الله ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، فيه علتان: الأولى جهالة حفص هذا، فقد أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 184) برواية أبي عقيل هذا وحده ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 وفي " ثقات ابن حبان " (6 / 196) : حفص بن عثمان بن محمد بن عرادة عن عكرمة، وعنه أبو عقيل " فيحتمل أن يكون هو هذا مع ملاحظة اختلاف اسم الجد، وذلك مما يؤكد جهالته كما يشير إليه أحمد في قوله الآتي. والعلة الأخرى أبو عقيل واسمه يحيى بن المتوكل العمري صاحب بهية ضعيف كما في " التقريب "، وقال أحمد: روى عن قوم لا أعرفهم. ثم إن معنى الحديث ليس صحيحا على إطلاقه، لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك، وانظر الحديث الآتى عدد (435) . 431 - " استوصوا بالمعزى خيرا فإنها مال رفيق، وهو فى الجنة، وأحب المال إلى الله الضأن، وعليكم بالبياض، فإن الله خلق الجنة بيضاء، فليلبسه أحياؤكم، وكفنوا فيه موتاكم، وإن دم الشاة البيضاء أعظم عند الله من دم السوداوين ". موضوع. أخرجه الطبراني (3 / 113 / 1 ـ 2) وابن عدي (2 / 378) من طريق أبي شهاب عن حمزة النصيبي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، وعلته حمزة النصيبي، قال ابن حبان (1 / 270) : يضع الحديث. والحديث قال في " المجمع " (4 / 66) : الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 رواه الطبراني في " الكبير " وفيه حمزة النصيبي، وهو متروك. ومن طريقه أخرج منه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 330) الطرف الأول. 432 - " نهى عن المواقعة قبل المداعبة ". موضوع. رواه الخطيب (13 / 220 - 221) وعنه ابن عساكر (16 / 299 / 2) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد المخرجة من أصول مسموعاته " (24 / 1) من طريق خلف بن محمد الخيام بسنده عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا، قال الذهبي في ترجمة الخيام هذا من " الميزان ". قال الحاكم: سقط حديثه بروايته حديث: " نهى عن الوقاع قبل الملاعبة "، وقال الخليلى: خلط، وهو ضعيف جدا، روى فنونا لا تعرف. قلت: وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. والحديث أورده الشيخ أحمد الغماري في " المغير " (ص 100) . الحديث: 432 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 433 - " يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا من الله عز وجل عليهم ". موضوع. رواه ابن عدي (17 / 2) عن إسحاق بن إبراهيم الطبري، حدثنا مروان الفزاري، عن حميد الطويل، عن أنس مرفوعا وقال: هذا منكر المتن بهذا الإسناد، وإسحاق بن إبراهيم منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن ابن عيينة والفضل بن عياض، منكر الحديث جدا، يأتي عن الثقات بالموضوعات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب، وقال الحاكم: الحديث: 433 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 روى عن الفضيل وابن عيينة أحاديث موضوعة، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 248) من طريق ابن عدي وقال: لا يصح، إسحاق منكر الحديث. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 449) بأن له طريقا أخرى عند الطبراني، يعني الحديث الذي بعده، وهو مع أنه مغاير لهذا في موضع الشاهد منه، فإن هذا نصه " بأمهاتهم " وهو نصه " بأسمائهم " وشتان بين اللفظين، وقد رده ابن عراق فقال (2 / 381) : قلت: هو من طريق أبي حذيفة إسحاق بن بشر، فلا يصح شاهدا. قلت: لأن الشرط في الشاهد أن لا يشتد ضعفه وهذا ليس كذلك، لأن إسحاق بن بشر هذا في عداد من يضع الحديث، كما تقدم في الحديث (223) . وقد ثبت ما يخالفه، ففي " سنن أبي داود " بإسناد جيد كما قاله النووي في " الأذكار " من حديث أبي الدرداء مرفوعا: " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم " وفي الصحيح من حديث عمر مرفوعا: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان، والله أعلم. قلت: حديث أبي الدرداء ضعيف ليس بجيد، لانقطاعه، وقد أعله بذلك أبو داود نفسه، فقد قال عقبه (رقم 4948) : ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء. وسوف يأتي تخريجه في هذه " السلسلة " (5460) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 622 قلت: وبذلك أعله جماعة آخرون، كالبيهقى، والمنذري، والعسقلاني. فلا يغتر بعد هذا بقول النووي ومن تبعه، وانظر " فيض القدير ". 434 - " إن الله تعالى يدعوالناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده، وأما عند الصراط فإن الله عز وجل يعطي كل مؤمن نورا، وكل مؤمنة نورا، وكل منافق نورا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون: {انظرونا نقتبس من نوركم} (الحديد: 13) ، وقال المؤمنون: {ربنا أتمم لنا نورنا) (التحريم: 8) فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا ". موضوع. أخرجه الطبراني (3 / 115 / 1) من طريق إسماعيل بن عيسى العطار، أخبرنا إسحاق بن بشر أبو حذيفة، أخبرنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وإسحاق هذا كذاب، وقد تقدم طرفه الأول آنفا بسند آخر له كما تقدمت له أحاديث، وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 359) بعد أن ساق الحديث من رواية الطبراني: وهو متروك. الحديث: 434 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 435 - " طاعة المرأة ندامة ". موضوع. رواه ابن عدي (ق 308 / 1) عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن محمد بن زاذان، عن أم سعد بنت زيد بن ثابت عن أبيها مرفوعا. الحديث: 435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 أورده في ترجمة عنبسة هذا وقال: وله غير ما ذكرت، وهو منكر الحديث. قلت: وقال أبو حاتم كان يضع الحديث، وأما عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي. فقال ابن عدي (290 / 2) : لا بأس به، إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب، وتلك العجائب من جهة المجهولين. قلت: وعلى هذا جرى من بعده من المحققين، وقد ضعفه بعضهم. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 272) من رواية ابن عدي هذه وقال: لا يصح، عنبسة ليس بشيء، وعثمان لا يحتج به. وروى الحديث عن عائشة بلفظ: " طاعة النساء ندامة ". أخرجه العقيلي (ص 381) وابن عدي (ق 156 / 1) والقضاعي (ق 12 / 2) والباطرقاني في " حديثه " (168 / 1) وابن عساكر (15 / 200 / 2) عن محمد ابن سليمان بن أبي كريمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا، وقال العقيلي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 624 محمد بن سليمان حدث عن هشام ببواطل لا أصل لها، منها هذا الحديث، وقال ابن عدي: ما حدث بهذا الحديث عن هشام إلا ضعيف، وحدث به عن هشام خالد ابن الوليد المخزومي، وهو أضعف من ابن أبي كريمة. وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي كعادته، فذكر في " اللآليء " (2 / 174) أن له طريقين آخرين عن هشام، وشاهدا من حديث أبي بكرة، لكن في أحد الطريقين خلف بن محمد بن إسماعيل، وهو ساقط الحديث، كما تقدم عن الحاكم في الحديث (422) ، وقد أخرجه من هذه الطريق أبو بكر المقري الأصبهاني في " الفوائد " (12 / 192 / 2) وأبو أحمد البخاري في جزء من حديثه (2 / 1) . وفي الطريق الأخرى أبو البختري واسمه وهب بن وهب وضاع مشهور. وأما الشاهد، فهو مع ضعف سنده مخالف لهذا اللفظ، وهو الآتى بعده. وفاته شاهد آخر، أخرجه ابن عساكر (5 / 327 / 2) من حديث جابر مرفوعا باللفظ الأول، وفيه جماعة لا يعرفون، وعلي بن أحمد بن زهير التميمي. قال الذهبي: ليس يوثق به، وأما الشاهد عن أبي بكرة فهو: 436 - " هلكت الرجال حين أطاعت النساء ". ضعيف. أخرجه ابن عدي (38 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 34) وابن ماسي في آخر " جزء الأنصاري " (11 / 1) والحاكم (4 / 291) ، الحديث: 436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 625 وأحمد (5 / 45) من طريق أبي بكرة، بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر خيل له، ورأسه في حجر عائشة، فقام فحمد الله تعالى ساجدا، فلما انصرف أنشأ يسأل الرسول، فحدثه، فكان فيما حدثه من أمر العدو، وكانت تليهم امرأة، وفي رواية أحمد: أنه ولي أمرهم امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قلت: وهذا ذهول منه عما ذكره في ترجمة بكار هذا من " الميزان ": قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدي: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم، وقال في " الضعفاء ": ضعيف مشاه ابن عدي. قلت: وأنا أظن أن هذا الحديث عن أبي بكرة له أصل بلفظ آخر، وهو ما أخرجه البخاري في " صحيحه " (13 / 46 - 47) عنه: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ". وأخرجه الحاكم أيضا، وأحمد (5 / 38، 43، 47، 50، 51) من طرق عن أبي بكرة، هذا هو أصل الحديث، فرواه حفيده عنه باللفظ الأول فأخطأ، والله أعلم. وبالجملة، فالحديث بهذا اللفظ ضعيف لضعف راويه، وخطئه فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 626 ثم إنه ليس معناه صحيحا على إطلاقه، فقد ثبت في قصة صلح الحديبية من " صحيح البخاري " (5 / 365) أن أم سلمة رضي الله عنها أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم حين امتنع أصحابه من أن ينحروا هديهم أن يخرج صلى الله عليه وسلم ولا يكلم أحدا منهم كلمة حتى ينحر بدنه ويحلق، ففعل صلى الله عليه وسلم، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أطاع أم سلمة فيما أشارت به عليه، فدل على أن الحديث ليس على إطلاقه، ومثله الحديث الذي لا أصل له: " شاوروهن وخالفوهن " وقد تقدم برقم (430) . 437 - " من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل ". موضوع. قال الطبراني في " الكبير " (108 - 109) : حدثنا أحمد بن النضر العسكري، أخبرنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد، أخبرنا موسى بن أيمن، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا، ومن طريق مصعب هذا رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (199 - 200 من زوائده) وابن عدي (280 / 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مصعب هذا قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير، ثم ساق له منها ثلاثة، عقب الذهبي عليها بقوله: ما هذه إلا مناكير وبلايا، ثم قال ابن عدي: الحديث: 437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 627 والضعف على رواياته بين، وقال صالح جزرة: شيخ ضرير لا يدرى ما يقول، وتابعه الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني، ولكن لم أجد من ترجمه، ثم وجدناه في الجرح (4 / 4 / 10) وثقات ابن حبان (9 / 227) ولكن الراوي عنه أبو بدر أحمد بن خالد بن مسرح الحراني. قال الدارقطني: ليس بشيء، فلا قيمة لهذه المتابعة، وهي عند الحافظ ابن بكير الصيرفي في فضل من اسمه أحمد ومحمد (58 / 1) . وليث ابن أبي سليم ضعيف باتفاقهم، وقد روى ابن أبي حاتم (3 / 2 / 178) بإسناد صحيح عن عيسى بن يونس وقد قيل له: لم لم تسمع منه؟ فقال: قد رأيته، وكان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن. وبه أعل ابن الجوزي هذا الحديث في " الموضوعات " (1 / 154) وقد أورده من رواية ابن عدي بإسناده عن مصعب به ثم قال: تفرد به موسى عن ليث، وليث تركه أحمد وغيره، قال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 101 - 102) بقوله: ليث لم يبلغ أمره أن يحكم على حديثه بالوضع، فقد روى له مسلم والأربعة ووثقه ابن معين وغيره. قلت: إنما قال فيه ابن معين: لا بأس به، كما في " الميزان " و" التهذيب " وهذا في رواية عنه، وإلا فقد روى الثقات عنه تضعيفه، وهذا الذي ينبغي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 628 اعتماده، لأن سبب تضعيفه واضح وهو الاختلاط، ويمكن الجمع بين القولين بأنه أراد بالأول أنه صدوق في نفسه، يعني أنه لا يكذب عمدا، وهذا لا ينافي ضعفه الناتج من شيء لا يملكه، وهو الاختلاط، وهذا ما أشار إليه البخاري حين قال فيه: صدوق، يهم، ومثله قول يعقوب بن شيبة: هو صدوق، ضعيف الحديث ونحوه. قال عثمان ابن أبي شيبة والساجي: وهؤلاء هم الذين عناهم السيوطي بقوله: ... وغيره، فتبين أن الأئمة مجمعون على تضعيفه، وكونه ثقة في نفسه لا يدفع عنه الضعف الذي وصف به، وهذا بين لا يخفى على من له أدنى إلمام بالجرح والتعديل، فظهر أن ما استروح إليه السيوطي من التوثيق لا فائدة فيه. نعم قوله: إن ليثا لا يبلغ أمره أن يحكم على حديثه بالوضع، صحيح، ولكن قد يحيط بالحديث الضعيف ما يجعله في حكم الموضوع، مثل أن لا يجرى العمل عليه من السلف الصالح، وهذا الحديث من هذا القبيل، فإننا نعلم كثيرا من الصحابة كان له ثلاثة أولاد وأكثر، ولم يسم أحدا منهم محمدا، مثل عمر بن الخطاب وغيره، وأيضا، فقد ثبت أن أفضل الأسماء عبد الله، وعبد الرحمن، وهكذا عبد الرحيم، وعبد اللطيف، وكل اسم تعبد لله عز وجل، فلو أن مسلما سمى أولاده كلهم عبيدا لله تعالى، ولم يسم أحدهم محمدا، لأصاب، فكيف يقال فيه: فقد جهل؟ ولا سيما أن في السلف من ذهب إلى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء، وإن كنا لا نرضى ذلك لنا مذهبا. وإن من توفيق الله عز وجل إياي أن ألهمني أن أعبد له أولادي كلهم وهم: عبد الرحمن وعبد اللطيف وعبد الرزاق من زوجتي الأولى - رحمهما الله تعالى - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 629 وعبد المصور وعبد الأعلى من زوجتي الأخرى والاسم الرابع ما أظن أحدا سبقني إليه على كثرة ما وقفت عليه من الأسماء في كتب الرجال والرواة ثم اتبعني على هذه التسمية بعض المحبين ومنهم واحد من فضلاء المشايخ جزاهم الله خيرا أسأل الله تعالى أن يزيدني توفيقا وأن يبارك لي في آلي {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} ثم رزقت سنة 1383 هـ وأنا في المدينة المنورة غلاما فسميته محمدا ذكرى مدينته صلى الله عليه وسلم وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم " تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي " متفق عليه وفي سنة 1386 هـ رزقت بأخ له فسميته عبد المهيمن، والحمد لله على توفيقه. وجملة القول أنه لا يلزم من كون الحديث ضعيف السند، أن لا يكون في نفسه موضوعا، كما لا يلزم منه أن لا يكون صحيحا، أما الأول، فلما ذكرنا، وأما الآخر، فلاحتمال أن يكون له طرق وشواهد ترقيه إلى درجة الحسن أو الصحيح، وهذا أمر لا يتساهل السيوطي في مراعاته أقل تساهل، كما هو بين في تعقبه على ابن الجوزي في " اللآليء المصنوعة " بينما لا نراه يعطى الأمر الأول ما يستحقه من العناية والتقدير، فنجده في كثير من الأحاديث التي حكم ابن الجوزي بوضعها، يحاول تخليصها من الوضع، ناظرا إلى السند فقط، بينما ابن الجوزي نظر إلى المتن أيضا، وهو من دقيق نظره الذي يحمد عليه، ومنها الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 630 ولا يتقوى الحديث بأنه روى من حديث واثلة بن الأسقع، ومن حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ومن حديث عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده، أخرجها ابن بكير في الجزء المذكور " فضل من اسمه أحمد ومحمد " لأن طرقها كلها لا تخلومن متهم، كما بينه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (82 / 1) . أما حديث واثلة، ففيه عمر بن موسى الوجيهي، وهو وضاع، وأما حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ففيه عبد الله بن داهر الرازي، اتهمه ابن الجوزي، ثم الذهبي، بالوضع، والحديث الثالث آفته عبد الملك بن هارون، وهو كذاب وضاع. 438 - " مثل أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى ". موضوع. رواه القضاعي (109 / 2) عن جعفر بن عبد الواحد قال: قال لنا وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وكتب بعض المحدثين على الهامش وأظنه ابن المحب أو الذهبي: هذا حديث ليس بصحيح. قلت: يعني أنه موضوع وآفته جعفر هذا، قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أصل لها، وساق الذهبي أحاديث اتهمه بها، منها هذا، وقال: الحديث: 438 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 631 إنه من بلاياه، وقد تقدم الحديث بنحوه مع الكلام على طرقه وأكثر ألفاظه برقم (58 - 62) فراجعه إن شئت فإن تحته فوائد جمة. 439 - " يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة فى أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 112 / 1) والدارقطني في " سننه " (ص 148) ومن طريقه البيهقي (3 / 137 ـ 138) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه، وعطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، سببه عبد الوهاب بن مجاهد، كذبه سفيان الثوري، وقال الحاكم: " روى أحاديث موضوعة ". وقال ابن الجوزي: " أجمعوا على ترك حديثه ". وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن ابن مجاهد حجازي. وقد قل البيهقي عقب الحديث: " وهذا حديث ضعيف إسماعيل بن عياش لا يحتج به، وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة، والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس ". قلت: أخرجه البيهقي من طريق عمرو بن دينار عن عطاء به موقوفا، وسنده الحديث: 439 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 632 صحيح. وابن مجاهد، لم يسم في رواية الطبراني، ولذلك لم يعرفه الهيثمي (2 / 157) . ومما يدل على وضع هذا الحديث، وخطأ نسبته إليه صلى الله عليه وسلم، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في أحكام السفر (2 / 6 - 7 من مجموعة الرسائل والمسائل) : هذا الحديث إنما هو من قول ابن عباس، ورواية ابن خزيمة وغيره له مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم باطلة بلا شك عند أئمة الحديث، وكيف يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة بالتحديد، وإنما قام بعد الهجرة زمنا يسيرا وهو بالمدينة، لا يحد لأهلها حدا كما حده لأهل مكة، وما بال التحديد يكون لأهل مكة دون غيرهم من المسلمين؟! وأيضا، فالتحديد بالأميال والفراسخ يحتاج إلى معرفة مقدار مساحة الأرض، وهذا أمر لا يعلمه إلا خاصة الناس، ومن ذكره، فإنما يخبر به عن غيره تقليدا، وليس هو مما يقطع به، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقدر الأرض بمساحة أصلا، فكيف يقدر الشارع لأمته حدا لم يجر به له ذكر في كلامه، وهو مبعوث إلى جميع الناس؟! فلابد أن يكون مقدار السفر معلوما علما عاما. ومن ذلك أيضا أنه ثبت بالنقل الصحيح المتفق عليه بين علماء الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان يقصر الصلاة بعرفة، ومزدلفة، وفي أيام منى، وكذلك أبو بكر وعمر بعده، وكان يصلي خلفهم أهل مكة، ولم يأمروهم بإتمام الصلاة، فدل هذا على أن ذلك سفر، وبين مكة وعرفة بريد، وهو نصف يوم بسير الإبل والأقدام. والحق أن السفر ليس له حد في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفرا في عرف الناس، فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم، وتحقيق هذا البحث الهام تجده في رسالة ابن تيمية المشار إليها آنفا، فراجعها فإن فيها فوائد هامة لا تجدها عند غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 633 440 - " حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (304 / 2) عن عيسى بن ميمون: سمعت محمد بن كعب، عن ابن عباس مرفوعا به، ساقه في ترجمة عيسى بن ميمون في جملة أحاديث ثم قال: وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: ليس بشيء، وقال البخاري: صاحب مناكير، والنسائي: متروك الحديث. قلت: وقال ابن حبان: يروي أحاديث كلها موضوعات، ولهذا لم يحسن السيوطي بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي هذه مقتصرا على الشطر الأول منه! وقد علق عليه المناوي بما لا يتبين منه حال الحديث بدقة فقال: ورواه البيهقي في " الشعب " وضعفه، والخرائطى في " المكارم "، قال العراقي: والسند ضعيف، لكن شاهده خبر الطبراني بسند ضعيف أيضا، ويشير بخبر الطبراني إلى الحديث الآتي، وخفي عليه أنه من هذه الطريق الحديث: 440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 634 أيضا! وأما حديث الخرائطي فهو عنده من حديث أنس، وسيأتي بعد حديث. 441 - " الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ". ضعيف جدا. وله طريقان: الأول عن ابن عباس، رواه الطبراني في " الكبير " (3 / 98 / 1) وأبو محمد القاري في " حديثه " (2 / 203 / 1) عن عيسى بن ميمون قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عيسى هذا، هو المدني، ويعرف بالواسطي، وهو الذي في سند الحديث المتقدم، روى ابن أبي حاتم (3 / 1 / 287) عن أبيه أنه قال: هو متروك الحديث. والحديث في " المجمع " (8 / 24) وقال: رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عيسى بن ميمون المدني، وهو ضعيف. الآخر: عن أنس، أخرجه تمام في " الفوائد " (53 / 1) عن مخيمر بن سعيد المنبجي، حدثنا روح بن عبد الواحد، حدثنا خليد بن دعلج، عن الحسن، عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا أيضا، خليد بن دعلج، قال النسائي: ليس بثقة، وعده الدارقطني في جماعة من المتروكين. الحديث: 441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 635 وروح بن عبد الواحد، قال أبو حاتم: ليس بالمتين، روى أحاديث متناقضة، وقال ابن عدي في ترجمة خليد (120 / 2) عقب حديث أورده من رواية روح عن خليد: لعل البلاء فيه من الراوي عنه. 442 - " إن حسن الخلق ليذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد ". ضعيف جدا. رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 7) من طريق بقية بن الوليد، حدثني أبو سعيد، حدثني عبد الرحمن بن سليمان، عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو سعيد هذا من شيوخ بقية المجهولين الذين يدلسهم، قال ابن معين: إذا لم يسم بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخرائطي هذه، وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشىء! وأما في التيسير فقال:. . . بإسناد فيه مقال. الحديث: 442 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 636 443 - " ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور فى جوها، فالله الله فى إخوانكم من أهل القبور، فإن أعمالكم تعرض عليهم ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 307) من طريق أبي إسماعيل السكوني، قال: سمعت مالك بن أدى يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول مرفوعا، وقال: صحيح الإسناد. الحديث: 443 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 636 ورده الذهبي بقوله: قلت: فيه مجهولان. قلت: وهما السكوني وابن أدى كما صرح في " الميزان " أنهما مجهولان تبعا لأصله " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 303 و4 / 2 / 336) ولكنه قال: وثق يشير بذلك إلى عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان إياهما (5 / 388 و7 / 656) لما عرف من تساهله في توثيق المجهولين. 444 - " كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى ". لا أصل له. وقد أورده الغزالي (2 / 251) من حديث جابر مرفوعا، فقال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أجد له أصلا من حديث جابر، وذكره صاحب " الفردوس " من حديث علي بن أبي طالب، ولم يخرجه ولده في " مسنده ". الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 637 445 - " من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله، والأرض فراشه، لم يهتم بشيء من أمر الدنيا، فهو لا يزرع ويأكل الخبز، وهو لا يغرس الشجر ويأكل الثمار، توكلا على الله تعالى، وطلبا لمرضاته، فضمن الله السموات السبع والأرضين السبع رزقه، فهم يتعبون فيه، ويأتون به حلالا، ويستوفي هو رزقه بغير حساب عند الله تعالى حتى أتاه اليقين ". موضوع. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 112) أطول منه والحاكم (4 / 310) والسياق له من طريق إبراهيم بن عمرو السكسكي حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا. وقال الحاكم: الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 637 صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: قلت: بل منكر وموضوع، إذ عمرو بن بكر متهم عند ابن حبان، وإبراهيم ابنه، قال الدارقطني: متروك. قلت: وفي ترجمة إبراهيم من " الميزان ": قال ابن حبان: يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة، وأبوه أيضا لا شيء، ثم ساق له هذا الحديث. قلت: وتمام كلام بن حبان تفرد به إبراهيم بن عمرو وهو مما عملت يداه لأن هذا ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ابن عمر ولا نافع وإنما هو شيء من كلام الحسن. 446 - " ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل عليه السلام، وأفضل النبيين آدم، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشهو ر شهر رمضان، وأفضل الليالي ليلة القدر، وأفضل النساء مريم بنت عمران ". موضوع. رواه الطبراني (11361) من طريق نافع أبي هرمز، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، نافع أبوهرمز، كذبه ابن معين، وقال النسائي: ليس بثقة، وأفضل النبيين إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدليل الحديث الصحيح: " أنا سيد الناس يوم القيامة ... ". الحديث: 446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 638 أخرجه مسلم (1 / 127) ، فهذا يدل على وضع هذا الحديث ومع ذلك أورده في " الجامع " والحديثي أورده الهيثمي في " المجمع " (8 / 198) وضعفه بنافع وقال: متروك ثم ذكره في (3 / 140) و (2 / 165) وقال عنه في الموضعين: ضعيف. 447 - " يكون فى آخر الزمان عباد جهال، وقراء فسقة ". موضوع. أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (3 / 135) والحاكم (4 / 315) وأبو نعيم (2 / 331 - 332) وعنه الديلمي (4 / 319) وأبو بكر الآجري في " أخلاق العلماء " (ص 62) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس مرفوعا، وقال أبو نعيم: غريب لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية، وفي حديثه نكارة. قلت: اتهمه ابن حبان بالوضع، وقد سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: يوسف هالك، وقال البخاري مشيرا إلى شدة ضعفه واتهامه: منكر الحديث ومع ذلك ذكره السيوطي في " الجامع ". الحديث: 447 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 639 448 - " لا تزال هذه الأمة، أو قال: أمتي بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح كمذابح النصارى ". ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 107 / 1) : حدثنا وكيع قال حدثنا أبو إسرائيل عن موسى الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 639 قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: الإعضال، فإن موسى الجهني وهو ابن عبد الله إنما يروي عن الصحابة بواسطة التابعين، أمثال عبد الرحمن بن أبي ليلى، والشعبي، ومجاهد، ونافع، وغيرهم، فهو من أتباع التابعين، وفيهم أورده ابن حبان في " ثقاته " (7 / 449) ، وعليه فقول السيوطي في " إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب " (ص 30) إنه مرسل، ليس دقيقا، لأن المرسل في عرف المحدثين إنما هو قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس كذلك. الآخرى: ضعف أبي إسرائيل هذا، واسمه إسماعيل بن خليفة العبسي، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق سيء الحفظ. وهذا على ما وقع في نسختنا المخطوطة من " المصنف "، ووقع فيما نقله السيوطي عنه في " الأعلام ": إسرائيل يعني إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، وهو من طبقة أبي إسرائيل، وكلاهما من شيوخ وكيع، ولم أستطع البت بالأصح من النسختين، وإن كان يغلب علي الظن الأول، فإن نسختنا جيدة مقابلة بالأصل نسخت سنة (735) ، وبناء على ما وقع للسيوطي قال: هذا مرسل صحيح الإسناد، وقد عرفت أن الصواب أنه معضل، وهذا إن سلم من أبي إسرائيل، وما أظنه بسالم، فقد ترجح عندي أن الحديث من روايته، بعد أن رجعت إلى نسخة أخرى من " المصنف " (1 / 188 / 1) فوجدتها مطابقة للنسخة الأولى، وعليه فالسند ضعيف مع إعضاله ثم رأيته كذلك في المطبوعة (2 / 59) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 640 فائدة: المذابح: هي المحاريب كما في " لسان العرب " وغيره، وكما جاء مفسرا في حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب. رواه البيهقي (2 / 439) وغيره بسند حسن، وقال السيوطي في " رسالته " (ص 21) حديث ثابت واستدل به على النهي عن اتخاذ المحاريب في المساجد، وفيه نظر بينته في " الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب "، خلاصته أن المراد به صدور المجالس، كما جزم به المناوي في " الفيض "، نعم جزم السيوطي في الرسالة السابقة، أن المحراب في المسجد بدعة. وتبعه الشيخ علي القاري في " مرقاة المفاتيح " (1 / 473) وغيره، فهذا أعني كونه بدعة يغني عن هذا الحديث المعضل، وإن كان صريحا في النهي عنه، فإننا لا نجيز لأنفسنا الاحتجاج بما لم يثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد روى البزار (1 / 210 / 416 - كشف الأستار) عن ابن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب وقال: إنما كانت للكنائس، فلا تشبهو ابأهل الكتاب يعني أنه كره الصلاة في الطاق. قال الهيثمي (2 / 51) : ورجاله موثقون. قلت: وفيما قاله نظر فقد أشار البزار إلى أنه تفرد به أبو حمزة عن إبراهيم واسم أبي حمزة ميمون القصاب وهو ضعيف اتفاقا ولم يوثقه أحد فإعلاله به أولى من إعلاله بشيخ البزار محمد بن مرداس بدعوى أنه مجهول، فقد روى عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 641 جمع من الحفاظ منهم البخاري في " جزء القراءة " وقال ابن حبان في ثقاته (9 / 107) : مستقيم الحديث لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم قال: قال عبد الله: اتقوا هذه المحاريب. وكان إبراهيم لا يقوم فيها. قلت: فهذا صحيح عن ابن مسعود، فإن إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي وإن كان لم يسمع من ابن مسعود، فهو عنه مرسل في الظاهر، إلا أنه قد صحح جماعة من الأئمة مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود. قلت: وهذا التخصيص هو الصواب لما روى الأعمش قال: قلت: لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود، فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله، فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله. علقه الحافظ هكذا في " التهذيب "، ووصله الطحاوي (1 / 133) ، وابن سعد في " الطبقات " (6 / 272) ، وأبو زرعة في " تاريخ دمشق " (121 / 2) بسند صحيح عنه. قلت: وهذا الأثر قد قال فيه إبراهيم: " قال عبد الله "، فقد تلقاه عنه من طريق جماعة، وهم من أصحاب ابن مسعود، فالنفس تطمئن لحديثهم لأنهم جماعة، وإن كانوا غير معروفين لغلبة الصدق على التابعين، وخاصة أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه، ثم روى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال: " لا تتخذوا المذابح في المساجد ". وإسناده صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 642 ثم روى بسند صحيح عن موسى بن عبيدة قال: رأيت مسجد أبي ذر، فلم أر فيه طاقا، وروى آثارا كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد، وفي ما نقلناه عنه كفاية. وأما جزم الشيخ الكوثري في كلمته التي صدر بها رسالة السيوطي السالفة (ص 17) : أن المحراب كان موجودا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مع مخالفته لهذه الآثار التي يقطع من وقف عليها ببدعية المحراب، فلا جرم جزم بذلك جماعة من النقاد، كما سبق، فإنما عمدته في ذلك حديث لا يصح، ولا بد من الكلام عليه دفعا لتلبيسات الكوثري، وهو من حديث وائل بن حجر، وهو قوله: 449 - " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد، فدخل المحراب [يعني موضع المحراب] ، ثم رفع يديه بالتكبير، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره ". ضعيف. أخرجه البيهقي (2 / 30) عن محمد بن حجر الحضرمي حدثنا سعيد بن عبد الجبار ابن وائل عن أبيه عن أمه عن وائل. ومن هذا الوجه رواه البزار والزيادة له والطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " (1 / 232، 2 / 134 - 135) وقال: وفيه سعيد بن عبد الجبار، قال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في " الثقات "، ومحمد بن حجر ضعيف وقال في الموضع الآخر: وفيه محمد بن حجر، قال البخاري: فيه بعض النظر، وقال الذهبي: له مناكير. الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 643 قلت: وبه أعله ابن التركماني في " الجوهر النقي " وزاد: وأم عبد الجبار، هي: أم يحيى، لم أعرف حالها، ولا اسمها، فتبين من كلامهؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل: 1 - محمد بن حجر. 2 - سعيد بن عبد الجبار. 3 - أم عبد الجبار. فمن تلبيسات الكوثري: أنه سكت عن العلتين الأوليين، موهما للقاريء أنه ليس فيه ما يخدش إلا العلة الثالثة، ومع ذلك فإنه أخذ يحاول دفعها بقوله: وليس عدم ذكر أم عبد الجبار بضائره، لأنها لا تشذ عن جمهرة الراويات اللاتي قال عنهن الذهبي: وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها. قلت: وليس معنى كلام الذهبي هذا، إلا أن حديث هؤلاء النسوة ضعيف، ولكنه ضعف غير شديد، فمحاولة الكوثري فاشلة، لا سيما بعد أن كشفنا عن العلتين الأوليين. ولذلك المقدم الآخر لرسالة السيوطي، والمعلق عليها وهو الشيخ عبد الله محمد الصديق الغماري كان منصفا في نقده لهذا الحديث وإن كان متفقا مع الكوثري في استحسان المحاريب، فقد أفصح عن ضعف الحديث فقال (ص 20) وكأنه يرد على الكوثري، وقد اطلع قطعا على كلامه: والحق أن الحديث ضعيف بسبب جهالة أم عبد الجبار، ولأن محمد بن حجر بن عبد الجبار له مناكير كما قال الذهبي، وعلى فرض ثبوته يجب تأويله بحمل المحراب فيه على المصلي بفتح اللام للقطع بأنه لم يكن للمسجد النبوي محراب إذ ذاك كما جزم به المؤلف يعني السيوطي والحافظ والسيد السمهودي. قلت: وما ذهب إليه من التأويل هو المراد من الحديث قطعا لوثبت بدليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 644 زيادة البزار يعني موضع المحراب، فإنه نص على أن المحراب لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ولذلك تأوله الراوي بموضع المحراب، ومن ذلك يتبين للقاريء المنصف سقوط تشبث الكوثري بالحديث سندا ومعنى، فلا يفيده الشاهد الذي ذكره من رواية عبد المهيمن بن عباس عند الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه .... " فلما بنى له محراب تقدم إليه ... ". ذلك لأن هذا اللفظ " بنى له محراب " منكر تفرد به عبد المهيمن هذا، وقد ضعفه غير واحد، كما زعم الكوثري، وحاله في الحقيقة شر من ذلك، فقد قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة. فهو شديد الضعف، لا يستشهد به كما تقرر في مصطلح الحديث، هذا لوكان لفظ حديثه موافقا للفظ حديث وائل، فكيف وهما مختلفان كما بينا؟ ! وأما استحسان الكوثرى وغيره المحاريب، بحجة أن فيها مصلحة محققة، وهي الدلالة على القبلة، فهي حجة واهية من وجوه: أولا: أن أكثر المساجد فيها المنابر، فهي تقوم بهذه المصلحه قطعا، فلا حاجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 645 حينئذ للمحاريب، وينبغي أن يكون ذلك متفقا بين المختلفين في هذه المسألة لو أنصفوا، ولم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاء لما عليه الجماهير وإرضاء لهم. ثانيا: أن ما شرع للحاجة والمصلحة، ينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة، ولا يزاد على ذلك، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد، هو الدلالة على القبلة، فذلك يحصل بمحراب صغير يحفر فيه، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها، زد على ذلك أنها صارت موضعا للزينة والنقوش التي تلهى المصلين وتصرفهم عن الخشوع في الصلاة وجمع الفكر فيها، وذلك منهي عنه قطعا. ثالثا: أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم، فينبغي حينئذ صرف النظر عن المحراب بالكلية، واستبداله بشيء آخر يتفق عليه، مثل وضع عمود عند موقف الإمام، فإن له أصلا في السنة، فقد أخرج الطبراني في " الكبير " (1 / 89 / 2) و" الأوسط " (2 / 284 / 9296) من طريقين عن عبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن جابر بن أسامة الجهني قال: " لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق، فسألت أصحاب رسول الله أين يريد؟ قالوا: يخط لقومك مسجدا، فرجعت فإذا قوم قيام، فقلت: ما لكم؟ قالوا: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، وغرز في القبلة خشبة أقامها فيها. قلت: وهذا إسناد حسن أو قريب من الحسن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب "، لكن التيمي مختلف فيه وقد تحرف اسم أحدهم على الهيثمي فقال في " المجمع " (2 / 15) : رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه معاوية بن عبد الله بن حبيب، ولم أجد من ترجمه. وإنما هو: معاذ لا معاوية وابن خبيب بضم المعجمة، لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 646 حبيب بفتح المهملة، وعلى الصواب أورده الحافظ في " الإصابة " (1 / 220) من رواية البخاري في " تاريخه "، وابن أبي عاصم، والطبراني، وقد خفيت هذه الحقيقة على المعلق على رسالة السيوطي، وهو الشيخ عبد الله الغماري، فنقل كلام الهيثمي في إعلال الحديث بمعاوية بن عبد الله وأقره،وجملة القول: أن المحراب في المسجد بدعة، ولا مبرر لجعله من المصالح المرسلة، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة، وقلة الكلفة، والبعد عن الزخرفة. 450 - " لواعتقد أحدكم بحجر لنفعه ". موضوع. كما قال ابن تيمية، وغيره. قال الشيخ على القاري في " موضوعاته " (ص 66) : وقال ابن القيم: هو من كلام عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالأحجار. وقال ابن حجر العسقلاني: لا أصل له، ونحوه: من بلغه شيء عن الله فيه فضيلة ... ". قلت: يعني الحديث الآتى بعد: الحديث: 450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 647 451 - " من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك ". موضوع. أخرجه الحسن بن عرفة في " جزئه " (100 / 1) وابن الأبار في " معجمه " (ص 281) وأبو محمد الخلال في " فضل رجب " (15 / 1 - 2) ، والخطيب (8 / 296) ، ومحمد بن طولون (880 - 953) في " الأربعين " (15 / 2) عن فرات بن سلمان، وعيسى بن كثير، كلاهما عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله الأنصاري مرفوعا. الحديث: 451 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 647 ومن هذه الطريق ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 258) وقال: " لا يصح، أبو رجاء كذاب ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 214) ، وأنا لم أعرف أبا رجاء هذا، ثم وجدت الحافظ السخاوي صرح في " المقاصد " (ص 191) بأنه لا يعرف. وكذا قال فى " القول البديع " (ص 197) . وأما قول المؤرخ ابن طولون: " هذا حديث جيد الإسناد، وأبو رجاء هو فيما أعلم محرز بن عبد الله الجزري مولى هشام، وهو ثقة، وللحديث طرق وشواهد ذكرتها في كتابي " التوشيح لبيان صلاة التسبيح ". فهو بعيد جدا عن قواعد هذا العلم. فإن محرزا هذا إن سلم أنه أبو رجاء، فهو يدلس، كما قال الحافظ في " التقريب " وقد عنعن، فأنى لإسناده الجودة؟ على أنني أستبعد أن يكون أبو رجاء هو محرز هذا، لأسباب: منها أنهم ذكروا في ترجمته أن من شيوخه، فرات بن سلمان، والواقع في هذا الإسناد خلافه، أعنى أن فرات بن سلمان هو راوى الحديث عنه، إلا أن يقال: إنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، وفيه بعد. والله أعلم. ويؤيد أنه ليس به، أنني رأيت على هامش " جزء ابن عرفة ": " العطاردي " إشارة إلى أن هذا نسبه، ولكن لم يوضع بجانبها حرف " صح " إشارة إلى أن هذه النسبة هي من أصل الكتاب سقطت من قلم الناسخ، فاستدركها على الهامش كما هي عادتهم، فإذا لم يشر إلى أنها من الأصل، فيحتمل أن تكون وضعت عليه تبيينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 648 وتوضيحا، لا على أنها من الأصل، ولعلنا نعثر على نسخة أخرى لهذا الجزء فنتبين حقيقة هذه الكلمة. والله أعلم. ثم رأيت الحديث قد أخرجه الحافظ القاسم ابن الحافظ ابن عساكر فى " الأربعين " للسلفي (11 / 1) من الطريقين عن أبى رجاء به وقال: " وهذا الحديث أيضا فيه نظر، وقد سمعت أبي رحمه الله يضعفه ". ثم أورده ابن الجوزي من رواية الدارقطني بسنده عن ابن عمر، وفيه إسماعيل بن يحيى، قال ابن الجوزي: " كذاب "، ومن رواية ابن حبان من طريق يزيع أبي الخليل عن محمد بن واسع، وثابت بن أبان (كذا الأصل، ولعله ابن أسلم، فإني لا أعرف فى الرواة ثابت بن أبان) عن أنس مرفوعا. وقال ابن الجوزى: " بزيع متروك ". قلت: قال الذهبي فى ترجمته: " متهم، قال ابن حبان: يأتي عن الثقات بأشياء موضوعة كأنه المتعمد لها ". وقال في " الضعفاء ": " متروك ". وفى " اللسان " للحافظ ابن حجر: " وقال الدارقطني: كل شيء يرويه باطل. وقال الحاكم: يروى عن الثقات أحاديث موضوعة ". قلت: ومن طريقه أخرجه أبو يعلى، والطبراني في " الأوسط " بنحوه، كما فى " المجمع " (1 / 149) ، وسنذكره بعد هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 649 ثم إن السيوطي تعقب ابن الجوزي، فساق لحديث أنس طريقا آخر فيه متهم أيضا، كما يأتي بيانه في الحديث الذي بعده، وذكر كذلك طريقا أخرى لحديث ابن عمر من رواية الوليد بن مروان عنه، وسكت عنه، والوليد هذا مجهول، كما قال ابن أبى حاتم (4 / 2 / 18) عن أبيه، وكذا قال الذهبي، والعسقلاني. ثم إن فيه انقطاعا، فإن الوليد هذا روى عن غيلان بن جرير، وغيلان لم يروعن غير أنس من الصحابة، فهو من صغار التابعين، فالوليد على هذا من أتباعهم لم يدرك الصحابة، فثبت انقطاع الحديث. ومن عجائب السيوطي أنه ساق بعد هذا قصة عن حمزة بن عبد المجيد. خلاصتها: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن هذا الحديث، فقال: " إنه لمني وأنا قلته ". ومن المقرر عند العلماء أن الرؤيا لا يثبت بها حكم شرعي، فبالأولى أن لا يثبت بها حديث نبوي، والحديث هو أصل الأحكام بعد القرآن. وبالجملة، فجميع طرق هذا الحديث لا تقوم بها حجة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، وأمثلها - كما قال الحافظ ابن ناصر الدين في " الترجيح " - طريق أبي رجاء، وقد عرفت وهاءها، ولقد أصاب ابن الجوزي في إيراده إياه في " الأحاديث الموضوعة "، وتابعه على ذلك الحافظ ابن حجر، فقال، كما سبق في الحديث الذي قبله: " لا أصل له ". وكفى به حجة فى هذا الباب، ووافقه الشوكاني أيضا كما سيأتي في الحديث الذي بعده. ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه، سواء كان الحديث عند أهل العلم صحيحا، أو ضعيفا، أو موضوعا، وكان من نتيجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 650 ذلك أن تساهل جمهو ر المسلمين، علماء، وخطباء، ومدرسين، وغيرهم، فى رواية الأحاديث، والعمل بها، وفي هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة في التحذير من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من صحته عنه صلى الله عليه وسلم كما بيناه في المقدمة. ثم إن هذا الحديث وما في معناه كأنه عمدة من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، ومع أننا نرى خلاف ذلك، وأنه لا يجوز العمل بالحديث إلا بعد ثبوته، كما هو مذهب المحققين من العلماء، كابن حزم، وابن العربي المالكي، وغيرهم - فان القائلين بالجواز قيدوه بشروط: منها أن يعتقد العامل به كون الحديث ضعيفا. ومنها: أن لا يشهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة. كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في " تبيين العجب بما ورد فى فضل رجب " (ص 3 - 4) قال: " وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ ابن عبد السلام وغيره، وليحذر المر من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين "، فكيف بمن عمل به، ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام، أو في الفضائل، إذ الكل شرع. قلت: ولا يخفى أن العمل بهذه الشروط ينافي هذا الحديث الموضوع، فالقائلون بها، كأنهم يقولون بوضعه. وهذا هو المطلوب - فتأمل. ثم رأيت رسالة ابن ناصر الدين في صلاة التسابيح التي نقلت عنها تجويده لإسناد هذا الحديث قد طبعت بتعليق المدعومحمود بن سعيد المصري، وقد شغب فيها علينا ما شاء له الشغب - كما هي عادته - وتأول كلام العلماء بما يتفق مع جدله بالباطل، ومكابرته الظاهرة لكل قاريء، ولا مجال الآن للرد عليه مفصلا، فحسبي أن أسوق مثالا واحدا على ما نقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 651 لقد تظاهر بالانتصار للتجويد المشار إليه، فرد إعلالي للحديث بتدليس محرز، إن سلم بأنه هو أبو رجاء، فزعم (ص 32 و33) بأن محرزا إنما يدلس عن مكحولا فقط، وبذلك تأول ما نقله عن ابن حبان أنه قال: كان يدلس عن مكحول، يعتبر بحديثه ما بين السماع فيه عن مكحول وغيره. فتعامى عن قوله: وغيره، الصريح في أنه إذا لم يصرح بالسماع عن مكحول وعن غيره، فلا يعتبر بحديثه، كما تعامى عن قول الحافظ المتقدم: " كان يدلس "، فإنه مطلق يشمل تدليسه عن مكحول وغيره. وإنما قلت: تظاهر .... لأنه بعد تلك الجعجعة رجع إلى القول بضعف الحديث فقد تشكك (ص 36) أولا في كون أبي رجاء هو محرز بن عبد الله المدلس وثانيا خالف ابن ناصر الدين بقوله: ولكن الحديث فيه نكارة شديدة توجب ضعفه، فإنه يؤدي للعمل بكل ما يسمع، ولوكان موضوعا أو واهيا، ما دام في الفضائل. قلت: فقد رجع من نقده إياي بخفي حنين بعد أن سرق ما جاء في استدراكه الأخير من قولي المتقدم قريبا: " ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه. . . " إلخ. أفلا يدل هذا على بالغ حقده وحسده ومكابرته؟ بلى، هناك ما هو أعظم في الدلالة، فانظر مقدمتي لكتابي " آداب الزفاف " طبع المكتبة الإسلامية في عمان، تر العجب العجاب. والخلاصة: أن العلماء اتفقوا على رد هذا الحديث ما بين قائل بوضعه أو ضعفه، وهم: ابن الجوزي، وابن عساكر، وولداه، وابن حجر، والسخاوي، والسيوطي، والشوكاني، (وهم القوم لا يشقى جليسهم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 652 وأما الطريق الأخرى التي سبقت الإشارة إليها من حديث أنس، فهي: 452 - " من بلغه عن الله فضل فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه، أعطاه الله ما بلغه وإن كان الذي حدثه كاذبا ". موضوع. أخرجه البغوي في " حديث كامل بن طلحة " (4 / 1) ، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 22) ، وأبو إسماعيل السمرقندي في " ما قرب سنده " (2 / 1) ، وابن عساكر في " التجريد " (4 / 2 / 1) من مخطوطة الظاهرية مجموع (10 / 12) من طريق عباد بن عبد الصمد عن أنس مرفوعا. قلت: وعباد متهم، قال الذهبي: وهاه ابن حبان وقال: حدث عن أنس بنسخة كلها موضوعة. ثم ذكر له الذهبي طرفا من حديث ثم قال: فذكر حديثا طويلا يشبه وضع القصاص، ثم ذكر له آخر ثم قال: فهذا إفك بين. قلت: ومع أن ابن عبد البر قد ذكر الحديث بإسناده وذلك يبرئ عهدته منه، فقد اعتذر عن ذكره بقوله: أهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كل، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام، وقد تعقبه المحقق الشوكاني فأجاد، فقال في " الفوائد المجموعة " (ص 100) : وأقول: إن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام لا فرق بينها، فلا يحل إذاعة الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 653 الأصل: إضاعة شيء منها إلا بما يقوم به الحجة، وإلا كان من التقول على الله بما لم يقل، وفيه من العقوبة ما هو معروف، والقلب يشهد بوضع ما ورد في هذا المعنى وبطلانه، وقد روي الحديث بلفظ آخر، وهو: 453 - " من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها ". موضوع. رواه أبو يعلى في " مسنده " (6 / 163) وابن عدي في " الكامل " (ق 40 / 2) عن بزيع أبي الخليل الخصاف عن ثابت عن أنس مرفوعا، وقال: لا أعلم رواه غير بزيع أبي الخليل. قلت: وهو متهم بالوضع كما تقدم قبل حديث، وذكره الهيثمي في " المجمع " (1 / 149) من حديث أنس وقال: رواه أبو يعلى، والطبراني في " الأوسط "، وفيه بزيع أبو الخليل وهو ضعيف.قلت: بل هو متهم، كما قال الذهبي، وتقدمت عبارة ابن حبان وغيره في ذلك قبل حديث. الحديث: 453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 654 454 - " إذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ولا إله إلا الله عشرا، فإنكم تدركون بذلك من سبقكم، وتسبقون من بعدكم ". ضعيف بهذا السياق. أخرجه النسائي (1 / 199) والترمذي (2 / 264 - 265) من طريق عتاب بن بشير عن خصيف عن مجاهد، وعكرمة عن ابن عباس قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما الحديث: 454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 654 نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يتصدقون وينفقون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكره. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. قلت: إسناده ضعيف، خصيف، وهو ابن عبد الرحمن الجزري، صدوق، سيء الحفظ، خلط بأخرة، وعتاب: صدوق، يخطيء. وقوله: و" لا إله إلا الله عشرا " منكر مخالف لحديث أبي هريرة في هذه القصة، وفيه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له .... مرة واحدة، وإسناده صحيح، كما كنت بينته في " الأحاديث الصحيحة " رقم (100) . 455 - " الرجل الصالح يأتي بالخبر الصالح، والرجل السوء يأتي بالخبر السوء ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 95) ، وابن عساكر (13 / 185 / 2) من طريق محمد بن القاسم الطايكاني قال: حدثنا عمر في " الحلية " عمرو وهو خطأ، ابن هارون عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: غريب لم نكتبه إلا من حديث محمد بن القاسم. قلت: وهو وضاع، وشيخه عمر بن هارون كذاب وخفي هذا على السيوطي، فأورد الحديث في " الجامع الصغير " برواية أبي نعيم وابن عساكر عن أبي هريرة، ولم يتكلم شارحه على إسناده بشيء، غير أنه قال: ورواه عنه الديلمي ثم وجدت له طريقا أخرى، رواه أبو بكر الأزدي في " حديثه " (5 / 1) عن يحيى بن عبدويه، حدثني أبو محمد بن سعيد بن المسيب - وأحسب اسمه الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 655 عبد الملك - عن أبيه عن جده عن أبي هريرة به. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، علته ابن عبدويه، رماه ابن معين بالكذب، وأما أحمد فأثنى عليه وأبو محمد بن سعيد بن المسيب لم أعرفه، ولسعيد ابن يدعى محمد، فلعله هذا انقلب اسمه على ابن عبدويه فجعله كنيته، وحسب أن اسمه عبد الملك، ثم زاد في السند " عن جده " فجعله من سند المسيب عن أبي هريرة، والمسيب صحابي، ولا نعرف له رواية عن أبي هريرة وله شاهد لا يساوي فلسا، أخرجه أبو الشيخ في " الأمثال " (66) من طريق داود ابن المحبر: حدثنا عنبسة ابن عبد الرحمن القرشي عن عبد عبد الله بن ربيعة عن أنس مرفوعا. قلت: وعنبسة وداود وضاعان. 456 - " إن فاطمة حصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني (1 / 257 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 286) وابن عدي في " الكامل " (ق 249 / 1) وابن شاهين في " فضائل فاطمة " (ورقة 3 وجه 1) وتمام في " الفوائد " (61 / 2) وابن منده في " المعرفة " (2 / 293 / 1) وابن عساكر (5 / 23 / 1، 17 / 386 / 1) عن معاوية بن هشام، حدثنا عمر ابن غياث الحضرمي عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، ثم رواه ابن شاهين، وكذا أبو القاسم المهراني في " الفوائد المنتخبة " (2 / 11 / 2) من طريق حفص بن عمر الأبلي، حدثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان، وسلام بن سليم القاري عن عاصم به. الحديث: 456 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 656 وابن شاهين أيضا من طريق محمد بن عبيد بن عتبة، حدثنا محمد بن إسحاق البلخي حدثنا تليد عن عاصم به. قلت: فهذه طرق ثلاث عن عاصم، وهي ضعيفة جدا، وبعضها أشد ضعفا من بعض. ففي الطريق الأولى عمر بن غياث، قال العقيلي: قال البخاري: في حديثه نظر، قال العقيلي: والحديث هو هذا، وقال البخاري في " التاريخ الصغير " (ص 214) . ولم يذكر سماعا من عاصم، معضل الحديث، واتهمه ابن حبان فقال: يروي عن عاصم ما ليس من حديثه، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 128) عن أبيه: هو منكر الحديث، والراوي عنه معاوية بن هشام فيه ضعف، لكن الحمل فيه على شيخه عمر، ومن هذه الطرق برواية ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: مداره على عمرو بن غياث ويقال فيه عمر، وقد ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: عمرو يروي عن عاصم ما ليس من حديثه، ولعله سمعه في اختلاط عاصم، ثم إن ثبت الحديث فهو محمول على أولادها فقط، وبذلك فسره محمد بن علي بن موسى الرضى فقال: هو خاص بالحسن والحسين. قلت: ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (3 / 152) وأبو نعيم (4 / 188) وقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 657 هذا حديث غريب تفرد به معاوية، وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: قلت: بل ضعيف، تفرد به معاوية، وقد ضعف عن ابن غياث، وهو واه بمرة. قلت: ورواه العقيلي أيضا من طريق آخر عن معاوية بن هشام به، إلا أنه أوقفه على ابن مسعود، وقال العقيلي: والموقوف أولى. قلت: ولا يصح لا موقوفا ولا مرفوعا. وأما الطريق الثاني، ففيه حفص بن عمر الأبلي وهو كذاب. وأما الطريق الثالث، ففيه تليد، قال ابن معين: كذاب يشتم عثمان، وقال أبو داود: رافضي يشتم أبا بكر وعمر، وفي لفظ " خبيث "، فتبين أن هذه الطرق واهية لا تزيد الحديث إلا وهنا، وقد روى أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 206 - 207) بسند فيه نظر عن ابن الرضا أنه سئل عن هذا الحديث فقال: خاص للحسن والحسين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 658 وذكره العقيلي من قول أبي كريب أحد رواته عن ابن هشام، وزاد: ولمن أطاع الله منهم، وهذا تأويل جيد لوصح الحديث، وقد ذكر له السيوطي شاهدا من حديث ابن عباس، وهو عندي شاهد قاصر، لأنه أخص منه، على أن إسناده ضعيف، وهو: 457 - " إن الله غير معذبك (يعني فاطمة رضي الله عنها) ولا ولدها ". ضعيف. أخرجه الطبراني (3 / 131 / 2) حدثنا أحمد بن بهرام الإيذجي، أخبرنا محمد بن مرزوق، حدثنا إسماعيل بن موسى بن عثمان الأنصاري، سمعت صيفي بن ربعي يحدث عن عبد الرحمن بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقد أورده السيوطي في " اللآليء " (1 / 402) شاهدا للحديث الذي قبله وسكت عنه، وقال الهيثمي في " المجمع " (9 / 202) : رواه الطبراني ورجاله ثقات وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1 / 417) . قلت: وفيه نظر من وجوه: الأول: أن إسماعيل هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وقد ذكرنا مرارا أن توثيقه إذا تفرد غير موثوق، ولا سيما إذا خالفه غيره كما هنا، فقد قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 196) عن أبيه: إنه مجهول. الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 659 الثاني: أن محمد بن مرزوق وإن خرج له مسلم ففيه لين كما قال ابن عدي. الثالث: أن الإيذجي هذا أورده السمعاني في " الأنساب " فقال: روى عن محمد بن مرزوق، روى عنه الطبراني، وسمع منه بإيذج، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا والله أعلم، ثم شككت في كون ابن عثمان الأنصاري هو الذي وثقه ابن حبان، لأنه ذكره في (أتباع التابعين) (6 / 43) ، وهذا كما ترى دونه بحيث أدركه محمد بن مرزوق شيخ مسلم، ثم هو لم يجاوز في نسبه أباه موسى الأنصاري، فالله أعلم. 458 - " دية ذمي دية مسلم ". منكر. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 45 ـ 46 / 780) والدارقطني في " سننه " (ص 343، 349) والبيهقي (8 / 102) من طريق أبي كرز القرشي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وضعفه الدارقطني بقوله: لم يرفعه عن نافع غير أبي كرز وهو متروك، واسمه عبد الله بن عبد الملك الفهري، وذكر الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن هذا الحديث من أنكر ما له، ثم رواه الدارقطني من حديث أسامة بن زيد، وأعله بأن فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك الحديث. قلت: بل هو متهم، وقد تقدم له غير ما حديث، ثم رواه البيهقي من حديث ابن عباس، وأعله بأن فيه الحسن بن عمارة قال: وهو متروك لا يحتج به. الحديث: 458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 660 ومن طريق أخرى عنه، وفيه أبو سعد البقال، قال البيهقي: لا يحتج به، وقال الزيلعي (4 / 336) : فيه لين. ورواه الرافقي في حديثه (19 / 2) عن أبي هريرة، وفيه بركة بن محمد الأنصاري وهو الحلبي وليس فيه بركة، قال الدارقطني: كان يضع الحديث. ثم رواه البيهقي من حديث الزهري مرسلا، وقال: رده الشافعي بكونه مرسلا، وبأن الزهري قبيح المرسل. قال الشوكاني (7 / 55) مبينا وجه ذلك: لأنه حافظ كبير لا يرسل إلا لعلة. ورواه الإمام محمد في " كتاب الآثار " (ص 104) قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم مرفوعا. قلت: وهذا معضل، فإن الهيثم هذا هو ابن حبيب الصيرفي الكوفي وهو من أتباع التابعين، روى عن عكرمة وعاصم بن ضمرة، وأبي حنيفة. وتوضيحا لذلك أقول: وأبو حنيفة ضعفوا حديثه كما سبق بيانه عند الحديث (397) . وتوضيحا لذلك أقول: ذكرت هناك أن الإمام رحمه الله قد ضعفه من جهة حفظه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن عدي وغيرهم من أئمة الحديث، فأذكر هنا نصوص الأئمة المشار إليهم وغيرهم ممن صح ذلك عنهم، ليكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 661 القاريء على بينة من الأمر، ولا يظن أحد منهم أن فيما ذكرنا هناك ما يمكن أن يدعي مدع أنه اجتهاد منا، وإنما هو الاتباع لأهل العلم والمعرفة والاختصاص، والله عز وجل يقول: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ، ويقول: {فاسأل به خبيرا} . 1 - قال الإمام البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 2 / 81) : سكتوا عنه. 2 - وقال الإمام مسلم في " الكنى والأسماء " (ق 31 / 1) : مضطرب الحديث ليس له كبير حديث صحيح. 3 - وقال النسائي في آخر " كتاب الضعفاء والمتروكين " (ص 57) : ليس بالقوي في الحديث، وهو كثير الغلط على قلة روايته. 4 - وقال ابن عدي في " الكامل " (403 / 2) : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 662 له أحاديث صالحة، وعامة ما يرويه غلط وتصاحيف وزيادات في أسانيدها ومتونها، وتصاحيف في الرجال، وعامة ما يرويه كذلك، ولم يصح له في جميع ما يرويه، إلا بضعة عشر حديثا، وقد روى من الحديث لعله أرجح من ثلاثمائة حديث، من مشاهير وغرائب، وكله على هذه الصورة، لأنه ليس هو من أهل الحديث، ولا يحمل عمن يكون هذه صورته في الحديث. 5 - قال ابن سعد في " الطبقات " (6 / 256) : كان ضعيفا في الحديث. 6 - وقال العقيلي في " الضعفاء " (ص 432) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: حديث أبي حنيفة ضعيف. 7 - وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 450) : حدثنا حجاج ابن حمزة قال: أنبأنا عبدان بن عثمان قال: سمعت ابن المبارك يقول: كان أبو حنيفة مسكينا في الحديث. 8 - وقال أبو حفص بن شاهين: وأبو حنيفة، فقد كان في الفقه ما لا يدفع من علمه فيه، ولم يكن في الحديث بالمرضي، لأنه للأسانيد نقادا، فإذا لم يعرف الإسناد ما يكتب وما كذب نسب إلى الضعف. كذا في فوائد ثبتت في آخر نسخة " تاريخ جرجان " (ص 510 - 511) . 9 - قال ابن حبان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 663 وكان رجلا جدلا ظاهر الورع لم الحديث صناعته حدث بمئة وثلاثين حديثا مسانيد ما له حديث في الدنيا غيرها أخطأ منها في مئة وعشرين حديثا إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث لا يعلم فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار. 10 - وقال الدارقطني في " سننه " وقد ساق عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة "، فقال الدارقطني عقبه (ص 123) : لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة، والحسن بن عمارة، وهما ضعيفان. 11 - وأورده الحاكم في " معرفة علوم الحديث " في جماعة من الرواة من أتباع التابعين فمن بعدهم، لم يحتج بحديثهم في الصحيح، وختم ذلك بقوله (ص 256) : فجميع من ذكرناهم، قوم قد اشتهروا بالرواية، ولم يعدوا في طبقة الأثبات المتقنين الحفاظ. 12 - وذكر الحافظ عبد الحق الأشبيلي في " الأحكام " (ق 17 / 2) حديث خالد بن علقمة عن عبد خير عن على في وضوئه صلى الله عليه وسلم: فمسح برأسه مرة، وقال عقبه: كذا رواه الحفاظ الثقات عن خالد، ورواه أبو حنيفة عن خالد فقال: ومسح رأسه ثلاثا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 664 ولا يحتج بأبي حنيفة لضعفه في الحديث. 13 - وأورده ابن الجوزي في كتابه " الضعفاء والمتروكين " (3 / 163) ونقل تضعيف النسائي وغيره ممن تقدم ذكره وعن الثوري أنه قال: ليس بثقة وعن النضر ابن شميل: متروك الحديث. 14 - قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " (ق 215 / 1 - 2) : النعمان الإمام رحمه الله، قال ابن عدي: عامة ما يرويه غلط وتصحيف وزيادات، وله أحاديث صالحة، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث كثير الغلط والخطأ على قلة روايته، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وهذا النقل عن ابن معين معناه عنده أن أبا حنيفة من جملة الضعفاء، وهو يبين لنا أن توثيق ابن معين للإمام أبي حنيفة الذي ذكره الحافظ في " التهذيب " ليس قولا واحدا له فيه، والحقيقة أن رأى ابن معين كان مضطربا في الإمام، فهو تارة يوثقه، وتارة يضعفه كما في هذا النقل، وتارة يقول فيما يرويه ابن محرز عنه في " معرفة الرجال " (1 / 6 / 1) : كان أبو حنيفة لا بأس به، وكان لا يكذب، وقال مرة أخرى: أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق، ولم يتهم بالكذب. ومما لا شك فيه عندنا أن أبا حنيفة من أهل الصدق، ولكن ذلك لا يكفي ليحتج بحديثه حتى ينضم إليه الضبط والحفظ، وذلك مما لم يثبت في حقه رحمه الله، بل ثبت فيه العكس بشهادة من ذكرنا من الأئمة، وهم القوم لا يضل من أخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 665 بشهادتهم واتبع أقوالهم، ولا يمس ذلك من قريب ولا من بعيد مقام أبي حنيفة رحمه الله في دينه وورعه وفقهه، خلافا لظن بعض المتعصبين له من المتأخرين فكم من فقيه وقاض وصالح تكلم فيهم أئمة الحديث من قبل حفظهم، وسوء ضبطهم، ومع ذلك لم يعتبر ذلك طعنا في دينهم وعدالتهم، كما لا يخفى ذلك على المشتغلين بتراجم الرواة، وذلك مثل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي وحماد بن أبي سليمان الفقيه وشريك بن عبد الله القاضي وعباد بن كثير وغيرهم، حتى قال يحيى بن سعيد القطان: لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث، رواه مسلم في مقدمة صحيحه (1 / 13) وقال في تفسيره: يقول يجري الكذب على لسانهم، ولا يتعمدون الكذب، وروى أيضا عن عبد الله بن المبارك قال: قلت لسفيان الثوري: إن عباد بن كثير من تعرف حاله (يعني في الصلاح والتقوى) وإذا حدث جاء بأمر عظيم، فترى أن أقول للناس: لا تأخذوا عنه؟ قال: سفيان: بلى، قال عبد الله: فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه، وأقول: لا تأخذوا عنه. قلت: فهذا هو الحق والعدل وبه قامت السماوات والأرض، فالصلاح والفقه شيء وحمل الحديث وحفظه وضبطه شيء آخر، ولكل رجاله وأهله، فلا ضير على أبي حنيفة رحمه الله أن لا يكون حافظا ضابطا، ما دام أنه صدوق في نفسه، أضف إلى ذلك جلالة قدره في الفقه والفهم، فليتق الله بعض المتعصبين له ممن يطعن في مثل الإمام الدارقطني لقوله في أبي حنيفة ضعيف في الحديث. ويزعم أنه ما قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 666 ذلك إلا تعصبا على أبي حنيفة، ولم يدر البعض المشار إليه أن مع الدارقطني أئمة الحديث الكبار مثل الشيخين وأحمد وغيرهم ممن سبق ذكرهم أفكل هؤلاء متعصبون ضد أبي حنيفة؟ ! تالله إن شخصا يقبل مثل هذه التهمة توجه إلى مثل هؤلاء، لأيسر عليه وأقرب إلى الحق أن يعكس ذلك فيقول: صدوق هؤلاء فيما قالوه في الإمام أبي حنيفة، ولا ضير عليه في ذلك، فغايته أن لا يكون محدثا ضابطا، وحسبه ما أعطاه الله من العلم والفهم الدقيق حتى قال الإمام الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة، ولذلك ختم الحافظ الذهبي ترجمة الإمام في " سير النبلاء " (5 / 288 / 1) بقوله وبه نختم: قلت: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل " ثم إن الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 127) من الطريق الأولى، وقال: قال الدارقطني: باطل لا أصل له، وأبو كرز عبد الله بن كرز متروك، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 189) وزاد عليه، فذكر ما سبق نقله عن الذهبي وأنه أخرجه الطبراني في " الأوسط " يعني من الطريق المذكور. وهذا شيء غير معهو د من السيوطي فإن عادته أن يتعقب ابن الجوزي في مثل هذا الحديث، الذي له ما سبق ذكره من الشواهد! ولعله إنما أمسك عن ذكرها لأنها مع ضعفها تعارض الحديث الثابت، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " إن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين "، وهم اليهود والنصارى. أخرجه أحمد (رقم 6692، 5716) وابن أبي شيبة في " المصنف " (11 / الجزء: 1 ¦ الصفحة: 667 26 / 2) وأصحاب " السنن " والدارقطني والبيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وحسنه الترمذي (1 / 312) وصححه ابن خزيمة كما قال الحافظ في " بلوغ المرام " (3 / 342 بشرح سبل السلام) وهو حسن الإسناد عندي، وعلى هذا فكان على السيوطي أن لا يورد الحديث في " الجامع الصغير " لمعارضته لهذا الحديث الثابت، ولفظه عند أبي داود: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار: ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، وله شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الأوسط " (1 / 188 / 1) . وقد خرجته في " الإرواء " (2251) . ومن أراد تحقيق القول في هذا الحديث من الناحية الفقهية فليراجع " سبل السلام " للصنعاني "، و" نيل الأو طار " للشوكاني. 459 - " صام نوح عليه الصلاة والسلام الدهر إلا يوم الفطر ويوم الأضحى ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1 / 524) من طريق ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبي فراس أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... فذكره. قال البوصيري في " الزوائد " (ق 108 / 2) : هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات، وأبو فراس اسمه يزيد بن رباح السهمي المصري قال العجلي في " الثقات " (رقم 1572 - نسختي) : الحديث: 459 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 668 مصري (الأصل: بصري) تابعي ثقة، وهو من رجال مسلم، وقد خفي هذا على المنذري في " الترغيب " (2 / 82) ثم الهيثمي في " المجمع " (3 / 195) فقالا: إنه لا يعرف، وبه أعلا الحديث وقد أورداه بزيادة من رواية الطبراني في " الكبير "، وإنما علته ابن لهيعة كما سبق، ثم إن الحديث لوصح لم يجز العمل به لأنه من شريعة من قبلنا، وهي ليست شريعة لنا على ما هو الراجح عندنا، ولا سيما وقد ثبت النهى عن صيام الدهر في غير ما حديث عنه صلى الله عليه وسلم حتى قال صلى الله عليه وسلم في رجل يصوم الدهر: " وددت أنه لم يطعم الدهر ". رواه النسائي (1 / 324) ، بسند صحيح. 460 - " أنا أولى من وفى بذمته " قاله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل مسلم كان قتل رجلا من أهل الذمة. منكر. أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 27 / 1) وعبد الرزاق (18514) وأبو داود في المراسيل (207 / 250) والطحاوي (2 / 111) والدارقطني (ص 345) والبيهقي (8 / 20 - 21) من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل من المسلمين قد قتل معاهدا من أهل الذمة فأمر به فضرب عنقه وقال ... فذكره، وأعله الطحاوي بالإرسال، وقد وصله الدارقطني والبيهقي من طريق عمار بن مطر، أنبأنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ابن البيلماني عن ابن عمر به، وقال الدارقطني: الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 669 لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث، والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله؟ . وأقره الحافظ في " الفتح " (12 / 221) ، ونقل البيهقي عن الإمام صالح بن محمد الحافظ أنه قال: هو مرسل منكر. قلت: وروى من وجهين آخرين مرسلين: الأول: عن يحيى بن سلام عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، أخرجه الطحاوي. وهذا مع إرساله ضعيف جدا، يحيى بن سلام ضعفه الدارقطني، ومحمد بن أبي حميد ضعيف جدا، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة. الآخر: عن عبد الله بن يعقوب حدثنا عبد الله بن عبد العزيز بن صالح الحضرمي عنه صلى الله عليه وسلم نحوه. أخرجه أبو داود في " المراسيل " (208 / 251) قال الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 336) وقال ابن القطان في كتابه: وعبد الله بن يعقوب وعبد الله بن عبد العزيز مجهولان ولم أجد لهما ذكرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 670 وأقره الزيلعي. قلت: فهذه طرق شديدة الضعف لا يتقوى بها الحديث، ويزيده ضعفا أنه معارض للحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مسلم بكافر. أخرجه البخاري (12 / 220) وغيره عن علي رضي الله عنه وهو مخرج في الإرواء (2209) ، وبه أخذ جمهو ر الأئمة، وأما الحنفية فأخذوا بالأول على ضعفه ومعارضته للحديث الصحيح! وقد أنصف بعضهم فرجع إلى الحديث الصحيح فروى البيهقي والخطيب في " الفقيه " (2 / 57) عن عبد الواحد بن زياد قال: لقيت زفر فقلت له صرتم حديثا في الناس وضحكة! قال: وما ذلك؟ قال: قلت: تقولون في الأشياء كلها: ادرءوا الحدود بالشبهات، وجئتم إلى أعظم الحدود فقلتم: تقام بالشبهات! قال: وما ذلك؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل مؤمن بكافر "، فقلتم: يقتل به! قال: فإنى أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه، ورواه أبو عبيد بنحوه، وسنده صحيح كما قال الحافظ. ثم وقفت بعد ذلك على فصل للأستاذ المودودي في " الحقوق العامة لأهل الذمة " في كتابه " نظرية الإسلام وهديه "، لفت انتباهي فيه مسألتان: الأولى: قوله: إن دية الذمى دية المسلم، وقد سبق بيان ما فيه عند الكلام على الحديث (458) : والأخرى قوله (ص 341) : دم الذمي كدم المسلم، فإن قتل مسلم أحدا من أهل الذمة اقتص منه له كما لو قتل مسلما، ثم ذكر هذا الحديث من رواية الدارقطني محتجا به، وقد عرفت من تخريجنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 671 للحديث أن الدارقطني رحمه الله لما خرجه عقبه ببيان ضعفه، فالظاهر أن الأستاذ لم يقف على هذا التضعيف، وإنما رأى بعض فقهاء الحنفية الذين لا معرفة عندهم بالتخريج عزى هذا الحديث إلى الدارقطني ولم يذكر معه تضعيفه، فظن الأستاذ أن الدارقطني سكت عنه، ولولا ذلك لما سكت عنه الأستاذ ولأتبعه بنقل التضعيف كما تقتضيه الأمانة العلمية، ثم إن الأستاذ أتبع الحديث ببعض الآثار عن الخلفاء الثلاثة: عمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم، استدل بها أيضا على قوله المذكور، فرأيت الكلام عليها بما يقتضيه علم الحديث حتى يكون المسلم على بينة من الأمر، أما أثر عمر فخلاصته أن رجلا من بني بكر بن وائل قتل رجلا من أهل الذمة، فأمر عمر بتسليم القاتل إلى أولياء المقتول، فسلم إليهم فقتلوه. قلت: فهذا لا يصح إسناده لأنه من رواية إبراهيم وهو النخعي أن رجلا.. هكذا رواه عبد الرزاق في " مصنفه " (10 / 101 / 18515) مختصرا ورواه البيهقي في " المعرفة " بتمامه كما في " نصب الراية " للزيلعي (4 / 337) ، وإبراهيم لم يدرك زمان عمر وفي إسناد البيهقي أبو حنيفة وقد عرفت ما قيل فيه قبل حديث، على أنه قد جاء موصولا من طريق أخرى فيها زيادة في آخره تفسد الاستدلال به لوصح، وهي: فكتب عمر: أن يودى ولا يقتل. رواه الطحاوى (2 / 112) عن النزال بن سبرة قال: قتل رجل من المسلمين رجلا من الكفار ... ". أما أثر عثمان ففيه قصة طويلة، خلاصتها أن أبا لؤلؤة لعنه الله لما قتل عمر رضي الله عنه، ذهب ابنه عبيد الله إلى ابنة لأبي لؤلؤة صغيرة تدعي الإسلام، فقتلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 672 وقتل معها الهرمزان وجفينة وكان نصرانيا، فعل ذلك لظنه أنهم تمالؤوا على قتل أبيه، فلما استخلف عثمان رضي الله عنه استشار المهاجرين على قتله، فكلهم أشاروا عليه بذلك، ثم حال بينه وبين ذلك أن كثر اللغط والاختلاف من جل الناس يقولون لجفينة والهرمزان: أبعدهما الله، لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر ابنه! ثم قال عمرو بن العاص لعثمان: يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان، فتفرق الناس عن خطبة عمرو، وانتهى إليه عثمان، وودى الرجلان والجارية. أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 111) عن سعيد بن المسيب، وفي سنده عبد الله بن صالح وفيه ضعف، لكن رواه ابن سعد في " الطبقات " (3 / 1 / 256 - 258) من طريق أخرى بسند صحيح عن سعيد، وظاهره الإرسال لأنه كان صغيرا لما قتل عمر، كان عمره يومئذ دون التاسعة، ويبعد لمن كان في مثل هذه السن أن يتلقى هذا الخبر عن صاحب القصة مباشرة وهو عبيد الله بن عمر، ثم لا يسنده عنه، فإن كان سمعه منه أو من غيره ممن أدرك القصة من الثقات فالسند صحيح، وإلا فلا، لجهالة الواسطة، اللهم إلا عند من يقول بأن مراسيل سعيد حجة. وعلى كل حال فليس في القصة نص على أن المسلم يقتل بالذمي لأن عثمان والمهاجرين الذين أرادوا قتله لم يصرحوا بأن ذلك لقتله جفينة النصراني، كيف وهو قد قتل مسلمين معه: ابنة أبي لؤلؤة، والهرمزان فإنه كان مسلما كما رواه البيهقي، فهو يستحق القتل لقتله إياهما، لا من أجل النصراني والله أعلم. وأما أثر علي، فهو نحوأثر عمر، إلا أن فيه: " فجاء أخوه (أي القتيل) فقال: قد عفوت، فقال: لعلهم فزعوك أو هددوك؟ قال: لا ... ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 673 فهذا إسناده ضعيف، ضعفه الزيلعي (4 / 337) وغيره، وأعلوه بأن فيه حسين بن ميمون، قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، وذكره البخاري في " الضعفاء "، وفيه أيضا قيس بن الربيع وهو ضعيف. على أنه بالإضافة إلى ضعف إسناده، فإنه مخالف لحديثه المتقدم " لا يقتل مسلم بكافر " ولهذا قال الزيلعي: قال الشافعي: فيه دليل على أن عليا لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يقول بخلافه ". فتبين أن هذه الآثار لا يثبت شيء منها، فلا يجوز الاستدلال بها، هذا لو لم تعارض حديثا مرفوعا؟ فكيف وهي معارضة لحديث علي المذكور؟ ! فهذا يبين لك بوضوح أثر الأحاديث الضعيفة بحيث أنه استبيح بها دماء المسلمين! وعورضت بها الأحاديث الصحيحة الثابتة عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. 461 - " النساء لعب فتخيروا ". منكر. رواه الحاكم في تاريخه وعنه الديلمي معلقا (3 / 110) من طريق ابن لهيعة عن الأحوص بن حكيم عن عمرو بن العاص مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآليء " (2 / 189) شاهدا لحديث علي بمعناه قال ابن الجوزي فيه: لا يصح. الحديث: 461 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 674 قلت: وهذا الشاهد سكت عنه السيوطي كغالب عادته، وهو ضعيف جدا فيه ثلاث علل: ابن لهيعة مشهور بالضعف، والأحوص قال ابن معين وابن المديني: ليس بشيء، ثم إنه منقطع بين الأحوص وعمرو، ولذلك قال ابن عراق (2 / 226) سنده ضعيف، ومما يدل على نكارة الحديث أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما النساء شقائق الرجال "، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (234) قلت: فيبعد كل البعد أن يصفهن عليه الصلاة والسلام بأنهن " لعب ". وقد روى الحديث بأتم منه وهو ضعيف أيضا، وهو: 462 - " إنما النساء لعب فمن اتخذ لعبة فليحسنها أو فليستحسنها ". ضعيف. رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ص 116 - زوائده) : حدثنا أحمد بن يزيد حدثنا عيسى بن يوسف عن زهير بن محمد عن أبي بكر بن حزم مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: الإرسال، فإن أبا بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري تابعي مات سنة (120) . وضعف زهير بن محمد الخراساني الشامي. الحديث: 462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 675 وأحمد بن يزيد لم أعرفه ويحتمل أنه ابن الورتنيس المصري، فقد ذكر له رواية عن عيسى بن يونس في " تهذيب الكمال "، فإن كان هو ففيه ضعف، والله أعلم. وهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يورده في " الجامع الكبير " ولا في " اللآليء " وكذلك فات ابن عراق فلم يورده في " تنزيه الشريعة " والمناوي في " الجامع الأزهر ". 463 - " فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بنضح أو غرب نصف العشر في قليله وكثيره ". موضوع بهذه الزيادة: " في قليله وكثيره ". رواه أبو مطيع البلخي عن أبي حنيفة عن أبان بن أبي عياش عن رجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا موضوع، أبو مطيع البلخي واسمه الحكم بن عبد الله صاحب أبي حنيفة قال أبو حاتم: كان كذابا، وقال الجوزجاني: كان من رؤساء المرجئة ممن يضع الحديث، وضعفه سائر الأئمة، وقد اتهمه الذهبي بوضع حديث يأتي عقب هذا، وأبان بن أبي عياش متهم أيضا وقد مضى له أحاديث. والحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 385) وقال: قال ابن الجوزي في " التحقيق ": واحتجت الحنفية بما روى أبو مطيع البلخي عن أبي حنيفة ... قال: وهذا الإسناد لا يساوي شيئا، أما أبو مطيع فقال ابن الحديث: 463 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 676 معين: ليس بشيء، وقال أحمد لا ينبغي أن يروى عنه، وقال أبو داود: تركوا حديثه، وأما أبان فضعيف جدا، ضعفه شعبة. قلت: بل كذبه شعبة كما في الميزان وقد تقدم. ومما يدل على كذب هذا الحديث أن البخاري أخرجه في " صحيحه " من حديث ابن عمر دون قوله: " في قليله وكثيره " وكذلك رواه مسلم من حديث جابر والترمذي من حديث أبي هريرة وهو مخرج في " الإرواء " (799) فهذه الزيادة باطلة ويزيدها بطلانا ما في " الصحيحين " وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " وهو مخرج في " الإرواء " أيضا (800) وبهذا الحديث الصحيح أخذ الإمام محمد خلافا لشيخه أبي حنيفة كما صرح به في " كتاب الآثار " (ص 52) . فهذا أيضا من آثار الأحاديث الضعيفة إيجاب ما لم يوجبه الله على عباده وعلى الرغم من هذا فإننا لا نزال نسمع بعضهم يجهر بمثل هذا الإيجاب أخذا بما تقتضيه المصلحة كما زعموا. 464 - " الإيمان مثبت في القلب كالجبال الرواسي، وزيادته ونقصه كفر ". موضوع. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 103) في ترجمة عثمان بن عبد الله بن عمرو الأموي من روايته عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة الحديث: 464 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 677 قال: لما قدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جئناك نسألك عن الإيمان أيزيد أو ينقص؟ قال ... فذكره. قال ابن حبان وتبعه الذهبي: فهذا وضعه أبو مطيع على حماد، فسرقه هذا الشيخ منه، وكان قدم خراسان فحدثهم عن الليث ومالك، وكان يضع عليهم الحديث لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار، وأقره الحافظ في " اللسان ". وأبو مطيع هذا هو البلخي صاحب أبي حنيفة سبق ذكره في الحديث الذي قبل هذا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الحاكم من طريق أبي مطيع حدثنا حماد بن سلمة به، وقال ابن الجوزي: موضوع أبو مطيع الحكم بن عبد الله كذاب، وكذا أبو مهزم، وسرقه منه عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وهو أيضا كذاب وضاع، قال الحاكم: إسناده فيه ظلمات، والحديث باطل، والذي تولى كبره أبو مطيع وسرقه منه عثمان فرواه عن حماد. ووافقه السيوطي في " اللآليء " (1 / 38) . قلت: وهذا الحديث مخالف للآيات الكثيرة المصرحة بزيادة الإيمان كقوله تعالى: { ... ليزداد الذين آمنوا إيمانا ... } (الفتح: 4) فكفى بهذا دليلا على بطلان مثل هذا الحديث وإن قال بمعناه جماعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 678 465 - " إن لغة إسماعيل كانت قد درست فأتاني بها جبريل فحفظتها ". ضعيف. أخرجه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " (ص 116) من طريق علي بن خشرم قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله إنك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. قلت: وعلته الانقطاع بين علي بن الحسين وعمر، وقد وصله الحاكم وكذا الغطريف في جزء له (ورقة 4 وجه 2 من مجموع 54 في ظاهرية دمشق) من طريق حامد (وفي جزء الغطريف: حماد) بن أبي حمزة السكري قال حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال حدثنا أبي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن عمر بن الخطاب به. قلت: وحامد هذا أو حماد لم أجد له ترجمة، ووالده أبو حمزة السكري مشهور ثقة واسمه محمد بن ميمون ولم يذكروا في الرواة عنه ابنه هذا فالله أعلم. وقد أعله الحاكم بالرواية الأولى وهي أصح لأن علي بن خشرم ثقة معروف احتج به مسلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للغطريف وابن عساكر، ولم يتكلم عليه الشارح المناوي بشيء وكأنه لم يقف على إسناده. ثم رأيته قال في شرحه الآخر " التيسير " قال ابن عساكر: غريب معلول. الحديث: 465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 679 466 - " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ". لا أصل له. باتفاق العلماء، وهو مما يستدل به القاديانية الضالة على بقاء النبوة بعده صلى الله عليه وسلم، ولوصح لكان الحديث: 466 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 679 حجة عليهم كما يظهر بقليل من التأمل. 467 - " من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة ". موضوع. أخرجه ابن ماجه (1 / 414) وابن شاهين في " الترغيب والترهيب " (ق 172 / 1 و277 - 278) من طريق يعقوب بن الوليد المديني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قال البوصيري: في " الزوائد " (ق 85 / 1) : في إسناده يعقوب بن الوليد اتفقوا على ضعفه، وقال فيه الإمام أحمد: من الكذابين الكبار، وكان يضع الحديث. قلت: وقد كذبه أيضا ابن معين وأبو حاتم، ومع هذا فقد أورد حديثه هذا السيوطي في " الجامع الصغير ". واعلم أن كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح وبعضه أشد ضعفا من بعض، وإنما صحت الصلاة في هذا الوقت من فعله صلى الله عليه وسلم دون تعيين عدد، وأما من قوله صلى الله عليه وسلم فكل ما روي عنه واه لا يجوز العمل به، ومن هذا القبيل: الحديث: 467 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 680 468 - " من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها ذنوب خمسين سنة ". ضعيف جدا. أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 33) من طريق محمد بن غزوان الدمشقي حدثنا عمر بن محمد عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا. الحديث: 468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 680 وذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 78) من هذا الوجه ثم قال: قال أبو زرعة: اضربوا على هذا الحديث فإنه شبه موضوع، ومحمد بن غزوان الدمشقي منكر الحديث. 469 - " من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ". ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (2 / 299) وابن ماجه (1 / 355، 415) وابن نصر (ص 33) وابن شاهين في " الترغيب " (272 / 2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (8 / 34 / 1) والعسكري في " مسند أبي هريرة " (71 / 1) وابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (1 / 61 / 2) من طريق عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا عن عمر بن أبي خثعم، وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) يقول: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث، وضعفه جدا، وقال الذهبي في ترجمته: له حديثان منكران هذا أحدهما. الحديث: 469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 681 470 - " الوضوء من كل دم سائل ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 157) من طريق بقية عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الداري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعله الدارقطني بقوله: الحديث: 470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 681 عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري، ولا رآه، واليزيدان مجهولان، وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 37) . قلت: وبقية مدلس وقد عنعنه كما ترى، فهذه علة أخرى. وقال عبد الحق في " الأحكام الكبرى " (ق 13 / 2) : وهذا منقطع الإسناد ضعيفه والحديث رواه ابن عدي في ترجمة أحمد بن الفرج عن بقية حدثنا شعبة بسنده عن زيد بن ثابت مرفوعا، قال الزيلعي: قال ابن عدي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أحمد هذا، وهو ممن لا يحتج بحديثه لكنه يكتب، فإن الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه، انتهى. وقال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل ": أحمد بن الفرج كتبنا عنه ومحله عندنا الصدق. قلت: أحمد بن الفرج هذا حمصي ويلقب بـ " الحجاري " وقد ضعفه جدا محمد بن عوف وهو حمصي أيضا فهو أدرى به من غيره، فقال فيه: كذاب، وليس عنده في حديث بقية أصل، هو فيها أكذب خلق الله، إنما هي أحاديث وقعت له في ظهر قرطاس كتاب صاحب حديث في أولها مكتوب: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا بقية ... ثم اتهمه بشرب الخمر في كلام له رواه الخطيب (4 / 341) قال في آخره: فأشهد عليه بالله أنه كذاب، وكذلك كذبه غيره من العارفين به فسقط حديثه جملة ولم يجز أن يستشهد به فكيف يحتج به؟! ثم رجعت إلى ابن عدي في " الكامل " فرأيته يقول (ق 44 / 1) بعد أن ساق الحديث: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 682 ولبقية عن شعبة كتاب، وفيه غرائب، وتلك الغرائب ينفرد بها بقية عنه وهي محتملة، وهذا عن شعبة باطل. والحق أنه لا يصح حديث في إيجاب الوضوء من خروج الدم، والأصل البراءة، كما قرره الشوكاني وغيره، ولهذا كان مذهب أهل الحجاز أن ليس في الدم وضوء، وهو مذهب الفقهاء السبعة من أهل المدينة وسلفهم في ذلك بعض الصحابة، فروى ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 92) والبيهقي (1 / 141) بسند صحيح: " أن ابن عمر عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دم فحكه بين أصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ " ثم روى ابن أبي شيبة نحوه عن أبي هريرة. وقد صح عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه بزق دما في صلاته ثم مضى فيها، (راجع صحيح البخاري مع فتح البارى ج 1 ص 222 - 224) وتعليقي على " مختصر البخاري " (1 / 57) . 471 - " أبى الله أن يجعل للبلاء سلطانا على بدن عبده المؤمن ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (1 / 79 -80) من طريق القاسم بن إبراهيم بن أحمد الملطي عن أبي أمية المبارك بن عبد الله عن مالك عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن أنس فقال شارحه المناوي: وفيه القاسم بن إبراهيم الملطي كذاب لا يطاق قال في " اللسان ": له الحديث: 471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 683 عجائب من الأباطيل. قلت: فكيف أورد السيوطي حديثه في " الجامع " وقد ادعى أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع؟ ولا سيما وهذا الحديث ظاهر البطلان، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والمؤمن يبتلى على قدر دينه ". ومن الغريب أن السيوطي نفسه قد حكم عليه بالوضع، إذ أورده في " ذيل الموضوعات " (ص 189) من رواية الديلمي نفسه وقال السيوطي: قال الخطيب: الملطي كذاب يضع الحديث روى عن أبي أمية عن مالك عجائب من الأباطيل، وقال غيره: أبو أمية المبارك أحد المجهولين. قلت: وهو مع ذلك مجسم ضال، فانظر التعليق على الحديث الآتي برقم (476) . 472 - " الدين شين الدين ". موضوع. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (4 / 1) عن عبد الله بن شبيب قال أخبرنا سعيد بن منصور قال أخبرنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن مالك بن يخامر عن أبيه عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: ابن شبيب هذا اتهمه ابن خراش بأنه يسرق الأحاديث الموضوعة عن الكذابين، وأنا لا أشك أن هذا الحديث منها، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه وغيرهما استدانوا غير مرة، فهل شانهم ذلك؟ والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم في " المعرفة " عن مالك بن يخامر والقضاعي عن معاذ. الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 684 فتعقبه المناوي بأن الأول مرسل، وفيه عبد الله بن شبيب الربعي، قال في " الميزان ": أخباري علامة، لكنه واه، وقال الحاكم: ذاهب الحديث، وبالغ فضلك فقال: يحل ضرب عنقه، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار، ثم ساق له هذا الخبر، قال المناوي: وفي إسناد القضاعي إسماعيل بن عياش أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: مختلف فيه وليس بالقوي. قلت: هذا يوهم أن ابن شبيب ليس في مسند القضاعي وليس كذلك فتنبه. ثم رأيت الإمام أحمد رواه في " الزهد " (13 / 11 / 1) من طريق سريج بن يونس قال حدثنا ابن عياش به إلا أنه أوقفه على معاذ، وسنده صحيح، فثبت أن رفعه باطل، تفرد برفعه عبد الله بن شبيب وهو متهم. نعم قد تابعه أبو قتادة فرواه عن صفوان بن عمرو به لكنه لم يذكر معاذا في سنده فقد أرسله، رواه ابن منده في " المعرفة " (2 / 157 / 2) والديلمي في " مسنده " (2 / 151) من طريق أبي نعيم لكنه رواه عن أبي الشيخ معلقا حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سلمة حدثنا أبو اليمان حدثنا صفوان بن عمرو به موصولا مثل رواية ابن شبيب إلا أنه لم يذكر لفظه وسلمة الظاهر أنه ابن شبيب النيسابوري الثقة وعبد الله بن محمد هو أبو مسعود العسكري ترجمه أبو الشيخ في " طبقاته " (407 / 566) وأبو نعيم في " أخباره " (2 / 73 - 74) ولم يذكر فيه جرحا ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 685 تعديلا فالظاهر أنه هو علة هذه المتابعة والله أعلم. فلا تفيده هذه المتابعة مع المخالفة، ولا سيما والمتابع أبو قتادة واسمه عبد الله بن واقد متروك كما قال الحافظ في " التقريب "، فالتهمة محصورة فيه وفي ابن شبيب، وأما إسماعيل بن عياش فهو بريء منها، وهو ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها، وقد رواه عنه ابن يونس موقوفا كما سبق وهو الصواب. ومثل هذا الحديث في البطلان الحديث الآتي: 473 - " الدين راية الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يذل عبدا وضعه في عنقه ". موضوع. أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد المنتقاة " (13 / 93 / 2) والحاكم (2 / 24) والديلمي (2 / 150) من طريق بشر بن عبيد الدارسي حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال: صحيح على شرط مسلم، قلت: وهذا خطأ فاحش، لأن بشرا هذا ليس من رجال مسلم، ولا أخرج له أحد الستة، ثم هو متهم، ولذلك تعقبه المنذري في " الترغيب " (3 / 32) والذهبي في " التلخيص " فقالا: بل فيه بشر بن عبيد الدارسي واه قال المناوي: فالصحة من أين؟ قال فيه ابن عدي: منكر الحديث عن الأئمة، بين الضعف جدا، وقد ساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث ثم قال: إنها غير صحيحة، والله المستعان. الحديث: 473 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 686 ثم ساق له آخر وقال: إنه موضوع. ولست أشك في أن هذا الحديث موضوع لما ذكرته في الحديث الذي قبله، ومثله: 474 - " الدين ينقص من الدين والحسب ". موضوع. أخرجه الديلمي (2 / 152) من طريق أبي الشيخ بسنده عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن القاسم عن عائشة مرفوعا وعزاه في " الجامع " للديلمي وتعقبه شارحه المناوي بقوله: وفيه الحكم بن عبد الله الأيلي، قال الذهبي في " الضعفاء ": متروك متهم بالوضع، ورواه عنها أيضا أبو الشيخ، ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا، فلوعزاه للأصل لكان أولى. الحديث: 474 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 687 475 - " السلطان ظل الله في أرضه من نصحه هدى، ومن غشه ضل ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في كتاب " فضيلة العادلين " (ورقه 226 وجه 1 من مجموع 60 - ظاهرية دمشق) من طريق يحيى بن ميمون، حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، ومن طريق داود بن المحبر قال حدثنا عقبة بن عبد الله عن قتادة عن أنس مرفوعا نحوه. قلت: وهذان إسنادان موضوعان، في الأول يحيى بن ميمون وهو ابن عطاء البصري، قال الدارقطني وغيره: الحديث: 475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 687 متروك، وقال الفلاس وغيره: كان كذابا. وفي الآخر: داود بن المحبر، وهو متهم أيضا وقد تقدم، ومن طريقه رواه العقيلي في " الضعفاء " (358) وقال: عقبة مجهول بالنقل، وحديثه منكر غير محفوظ، ولا يعرف إلا به، ولا يتابعه إلا نحوه في الضعف. وذكره في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن أنس وتعقبه المناوي بقوله: وفيه محمد بن يونس القرشي وهو الكديمي الحافظ، اتهمه ابن عدي بوضع الحديث، وقال ابن حبان: كان يضع على الثقات، قال الذهبي في " الضعفاء " عقبه: قلت: انكشف عندي حاله. قلت: ومن طريقه أخرجه أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان في جزء من " أماليه " (151 / 2) قال: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي أخبرنا عقبة بن عبد الله الرفاعي أخبرنا قتادة عن أنس وكذلك هو في " الشعب " (6 / 19 / 7376) موقوف. 476 - " من قرأ ربع القرآن فقد أوتي ربع النبوة، ومن قرأ ثلث القرآن فقد أوتي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن فقد أوتي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن فقد أوتي النبوة ". موضوع. رواه أبو بكر الآجري في " آداب حملة القرآن " (ورقة 135 من مجموع 66 - ظاهرية دمشق) من طريق مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا. الحديث: 476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 688 قلت: مسلمة بن علي متهم وقد سبق مرارا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 252) دون جملة الربع وقال: لا يصح، بشر (يعني بن نمير) متروك، وقال يحيى بن سعيد: كذاب. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 343) بما لا طائل تحته كعادته! فقال: أخرجه ابن الأنباري في كتاب " الوقف والابتداء " والبيهقي في " شعب الإيمان " وبشر من رجال ابن ماجه. قلت: فكان ماذا؟ وابن ماجه معروف بتخريجه للكذابين، وقد مضى قريبا حديث أخرجه ابن ماجه من طريق رجل قال فيه الإمام أحمد: كان من الكذابين الكبار، ثم ساق له السيوطي شاهدا من حديث ابن عمر، وفيه قاسم بن إبراهيم الملطي قال السيوطي: ليس بثقة. قلت: فما الفائدة من سياق حديثه إذن؟ وقد قال فيه الدارقطني: كذاب، وقال الذهبي: أتى بطامة لا تطاق، ثم ساق له حديثا مرفوعا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رآى ربه ليلة الإسراء، وأنه رأى منه كل شيء حتى التاج قاتله الله ما أجرأه على الله، ثم قال الذهبي: " وأطم منه. . . " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 689 فذكر هذا الحديث ثم قال: وهذا باطل وضلال كالذي قبله. قلت: ومن هذا وأمثاله يتبين لك الفرق بين الذهبي والسيوطي. ثم ذكر السيوطي شاهدا آخر من طريق تمام بن نجيح عن الحسن مرفوعا وقد سكت عليه السيوطي وهذا من مساوئه، فإنه مع إرساله فيه تمام، قال ابن حبان: روى أشياء موضوعة عن الثقات كأنه المتعمد لها. 477 - " كثرة الحج والعمرة تمنع العيلة ". موضوع. رواه المحاملي في الجزء السادس من " الأمالي " (وجه 1 ورقة 278 من المجموع 63 ـ ظاهرية دمشق) قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني أبو بكر أبي شيبة قال: حدثني فليح بن سليمان عن خالد بن إياس عن مساور بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة مرفوعا. قلت: عبد الله بن شبيب متهم كما تقدم قريبا، وخالد بن إياس كذلك، قال ابن حبان (1 / 279) : يروي الموضوعات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنه الواضع لها، لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب، وقال الحاكم: روى عن ابن المنكدر وهشام بن عروة والمقبري أحاديث موضوعة، وكذا قال أبو سعيد النقاش، وضعفه سائر الأئمة. الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 690 إذا عرفت هذا فقد أخطأ السيوطي حين أورد الحديث في " الجامع الصغير " من هذا الوجه، وتعقبه المناوي بنحوما ذكرنا. 478 - " لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله، فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا ". منكر. أخرجه أبو داود (1 / 389) والخطيب في " التلخيص " (78 / 1) وعنه البيهقي (4 / 334) من طريق بشر أبي عبد الله عن بشير بن مسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، وقال الخطيب: قال أحمد: حديث غريب. قلت: وهذا سند ضعيف فيه جهالة واضطراب. أما الجهالة فقال الحافظ في ترجمة بشر وبشير من التقريب: مجهولان، ونحوه في " الميزان " نعم تابعه مطرف بن طريف عن بشير بن مسلم عند البخاري في " التاريخ " (1 / 2 / 104) وأبي عثمان النجيرمي في " الفوائد " (2 / 5 / 1) لكنه لم يسلم من جهالة بشير ولذلك قال البخاري عقبه: ولم يصح حديثه. وأما الاضطراب فقد بينه المنذري في " مختصر السنن " (3 / 359) فقال: في الحديث اضطراب، روي عن بشير هكذا، وروي عنه أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو، وروى عنه عن رجل عن عبد الله بن عمرو، وقيل غير ذلك، وذكره البخاري في " تاريخه "، وذكر له هذا الحديث، وذكر اضطرابه وقال: الحديث: 478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 691 لم يصح حديثه، وقال الخطابي: وقد ضعفوا إسناد هذا الحديث. قلت: وقال ابن الملقن في " الخلاصة " (73 / 1) : وهو ضعيف باتفاق الأئمة، قال البخاري: ليس بصحيح، وقال أحمد: غريب، وقال أبو داود: رواته مجهولون، وقال الخطابي: ضعفوا إسناده، وقال صاحب " الإمام ": اختلف في إسناده، وقال عبد الحق (207 / 2) : قال أبو داود: هذا حديث ضعيف جدا، بشر أبو عبد الله وبشير مجهولان. ولا يقويه أنه روى الشطر الأول منه من حديث أبي بكر بلفظ: 479 - " لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر ". منكر أخرجه الحارث بن أبي أسامة (ص 90 من زوائده) حدثنا الخليل بن زكريا، حدثنا حبيب بن الشهيد، عن الحسن بن أبي الحسن عنه مرفوعا. قلت: فهذا لا يقوي الحديث الذي قبله، لأن إسناده ضعيف جدا من أجل الخليل هذا قال ابن السكن: حدث عن ابن عون وحبيب بن الشهيد أحاديث مناكير لم يروها غيره وقال العقيلي: يحدث عن الثقات بالبواطل، وقال الحافظ في " التقريب ": إنه متروك. قلت: ولا يخفى ما في هذا الحديث من المنع من ركوب البحر في سبيل طلب العلم والتجارة ونحوذلك من المصالح التي لا يعقل أن يصد الشارع الحكيم الحديث: 479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 692 الناس عن تحصيلها بسبب مظنون ألا وهو الغرق في البحر، كيف والله تعالى يمتن على عباده بأنه خلق لهم السفن وسهل لهم ركوب البحر بها.. فقال: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} (يس: 41، 42) أي السفن على القول الصحيح الذي رجحه القرطبى وابن كثير وابن القيم وغيرهم. ففي هذا دليل على ضعف هذا الحديث وكونه منكرا، والله أعلم. ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم: " المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد الغرق والغرق له أجر شهيدين "، رواه أبو داود والبيهقي عن أم حرام رضي الله عنها بسند حسن وهو مخرج في " الإرواء (1149) . ففيه حض على ركوب البحر حضا مطلقا غير مقيد بغزوونحوه، وفيه دليل على أن الحج لا يسقط بكون البحر بينه وبين مكة، وهو مذهب الحنابلة وأحد قولي الشافعي، وقال في قوله الآخر: يسقط، واحتج له بعضهم بهذا الحديث المنكر كما في " التحقيق " لابن الجوزي (2 / 73 - 74) وذلك من آثار الأحاديث الضعيفة! 480 - " من صام يوم الأربعاء والخميس كتب له براءة من النار ". ضعيف. رواه أبو يعلى عن ابن عباس مرفوعا، وضعفه المنذري في " الترغيب " (2 / 86) ، وبين السبب الهيثمي فقال (3 / 198) : الحديث: 480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 693 وفيه أبو بكر بن أبي مريم، هو ضعيف ثم وقفت على إسناده فوجدت فيه ثلاث علل أخرى: ضعف راوأخر وعنعنة بقية واضطراب ابن أبي مريم في إسناده وتفصيل ذلك سيأتي برقم (5021) . 481 - " أكل الشمر أمان من القولنج ". موضوع. رواه أبو نعيم الأصبهاني في " الطب " (ق 139 / 1) من طريق أبي نصر أحمد بن محمد، حدثنا موسى بن إبراهيم عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع وعلته إبراهيم بن أبي يحيى وهو الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني وهو كذاب، صرح بتكذيبه جماعات من الأئمة، منهم يحيى بن سعيد وابن معين وابن المديني وابن حبان وغيرهم، ومع هذا فقد روى عنه الشافعي واحتج به وقد أنكر ذلك عليه إسحاق بن راهو يه كما رواه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي " (ص 178) ، وقد قال ابن أبي حاتم في مكان آخر منه (223) : لم يتبين للشافعي أنه كان يكذب، وقال البزار: كان يضع الحديث، وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادا وكان قدريا وهو من أستاذي الشافعي، وعز علينا. قلت: واللذان دونه لم أعرفهما، وصالح مولى التوأمة ضعيف. الحديث: 481 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 694 ثم بدا لي أنه يحتمل أن يكون موسى بن إبراهيم هو أبو عمران المروزي فإن يكن هو فهو متهم أيضا. 482 - " غسل القدمين بالماء البارد بعد الخروج من الحمام أمان من الصداع ". موضوع. أبو نعيم في " الطب " من طريق أبي نصر أحمد بن محمد بإسناد الحديث المذكور قبله، وقد علمت أنه موضوع، وهذا الحديث والذي قبله مما شان به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، ولم يتكلم عليها شارحه المناوي بشيء فكأنه لم يقف على إسنادهما. الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 695 483 - " إن الله يحب كل قلب حزين ". ضعيف. رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الهم والحزن " (ورقة 2 وجه 1 من مخطوطة الظاهرية 76 مجموع) وابن عدي (37 / 2) والقضاعي (89 / 2) وابن عساكر (13 / 205 / 2) من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء مرفوعا، ومن هذا الوجه أخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (303 / 2) والحاكم (4 / 415) وأبو نعيم (6 / 90) من طريق الطبراني وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: قلت: مع ضعف أبي بكر، منقطع. يعني بالانقطاع ما بين ضمرة وأبي الدرداء فإن بين وفاتيهما نحو مئة سنة. الحديث: 483 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 695 وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف جدا، ومن هذا تعلم أن قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 309 / 310) : رواه البزار والطبراني وإسنادهما حسن. غير حسن، لأن مداره عند الطبراني على أبي بكر هذا كما عرفت، وكذلك عند البزار فيما يظهر، وإلا لفرق الهيثمي بين إسناديهما كما هي عادته، وقد ضعف أبا بكر هذا الهيثمي نفسه في حديث آخر تقدم قريبا (480) . ورواه المعافى بن عمران في " الزهد " (258 / 2) عن إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن رافع وغيره أنه مكتوب في التوراة أو النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وهذا مع التردد في رفعه معضل ضعيف جدا، ثم تبين من كشف الأستار (4 240 / 3624) أن البزار رواه من طريق عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب به، فليس فيه إلا الانقطاع، لكن ابن صالح فيه ضعف. 484 - " إن من المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا، فمن نذر أن يحج ماشيا فليهد هديا ويركب ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 305) وأحمد (4 / 429) من طريق صالح بن رستم أبي عامر الخزاز حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي ثم الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 305) ثم الحافظ العسقلاني في " الدراية " (242) . الحديث: 484 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 696 وهذا الذي حملني على إيراده كيلا يغتر بذلك من لا علم عنده، فإن لهذا الإسناد علتين: الأولى: ضعف أبي عامر هذا، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الخطأ. والأخرى عنعنة الحسن وهو البصري، وكان مدلسا، وقد روى أحمد وغيره من طرق عن الحسن عن عمران النهي عن المثلة وليس فيه هذا الذي رواه أبو عامر فدل على ضعفه، وكذلك جاءت أحاديث كثيرة في أمر من نذر الحج ماشيا أن يركب ويهدى هديا، وليس في شيء منها، أن نذر الحج ماشيا من المثلة (راجع نيل الأو طار 8 / 204 - 207) . 485 - " من خاف الله خوف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله خوفه الله من كل شيء ". منكر. رواه القضاعي (36 / 2) عن عامر بن المبارك العلاف قال: أخبرنا سليمان بن عمرو عن إبراهيم بن أبي علقمة عن واثلة بن الأسقع مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، لم أعرف أحدا من رجاله غير سليمان بن عمرو، وأظنه سليمان بن أبي سليمان واسمه فيروز ويقال: عمرو أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي وهو ثقة ثم تكشفت لي - والحمد لله - علة الحديث، فقد رجعت إلى ترجمة إبراهيم بن أبي عبلة من " تهذيب الكمال "، فوجدته قد ذكر في الرواة عنه سليمان بن وهب، فألقي في النفس: العلة سليمان بن عمرو هذا، فرجعت إلى " اللسان " فوجدت فيه الحديث: 485 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 697 ما نصه: سليمان بن وهب النخعي، أخرج أبو الفضل بن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب من طريق يحيى بن عثمان بن صالح عن سليمان بن وهب عن إبراهيم بن أبي عبلة عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه: فذكر حديثا ... قال ابن طاهر: سليمان بن وهب هو النخعي، ووهب جده، وهو سليمان بن عمرو ، وقد تقدم. قلت: فتبين لي أن سليمان بن عمرو هذا هو النخعي، وهو كذاب وضاع مشهور بذلك، وقد تقدمت له أحاديث، فراجع " فهرست الرواة " في آخر المجلد. ولعل من التساهل أيضا قول السخاوي في " المقاصد " بعد أن ذكره من حديث واثلة والحسين بن علي وابن مسعود: وفي الباب عن علي، وبعضها يقوي بعضا. وذلك لأن حديث واثلة وابن مسعود لا يجوز الاستشهاد بها، لشدة ضعفها، وحديث الحسين وعلي لم يذكر من حال إسنادهما ما يمكن أن يقوى أحدهما بالآخر! والحديث ذكره المنذري في " الترغيب " (4 / 141) من رواية أبي الشيخ في " الثواب "، ثم قال: ورفعه منكر. وكذلك ذكره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 128) وزاد: وللعقيلي في " الضعفاء " نحوه من حديث أبي هريرة، وكلاهما منكر. قالت: فيه تساهل واضح، فإن في إسناد هذا كذابا أيضا، كما سيأتي بيانه برقم (4544) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 698 486 - " ما من أهل بيت يموت منهم ميت فيتصدقون عنه بعد موته إلا أهداها له جبريل عليه السلام على طبق نور، ثم يقف على شفير القبر فيقول: يا صاحب القبر العميق: هذه هدية أهداها إليك أهلك فاقبلها، فيدخل عليه فيفرح بها ويستبشر، ويحزن جيرانه الذين لا يهدى إليهم شيء ". موضوع. رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 95 / 2 ـ من زوائد المعجمين) : حدثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي، حدثنا الحسن بن داود بن محمد المنكدري، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك سمعت أبا محمد الشامي يحدث أنه سمع أبا هريرة أنه سمع أنس بن مالك يقول .... فذكره مرفوعا، وقال: لا يروي عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن إسماعيل. قلت: وهو صدوق من رجال الشيخين، وإنما آفة الحديث من شيخه أبي محمد الشامي قال الذهبي: روى حديثا عن بعض التابعين منكرا، قال الأزدي: كذاب. وكذا في " اللسان "، وكأنهما أرادا بالحديث المنكر هذا، وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 139) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو محمد الشامي، قال عنه الأزدي: كذاب. الحديث: 486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 699 487 - " ما على أحدكم إذا أراد أن يتصدق لله صدقة تطوعا أن يجعلها عن والديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها وله مثل أجورهما بعد أن لا ينقص من أجورهما شيء ". ضعيف. رواه ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (1 / 54 / 1) ومحمد بن سليمان الربعي في " جزء من حديثه " (212 / 2) وابن عساكر في " حديث أبو الفتوح عبد الخلاق (ورقة 236 / 1 من مجموع الظاهر 92) من طريق عبد الحميد ابن حبيب، أنبأنا الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف، عبد الحميد بن حبيب هو كاتب الأوزاعي، قال البخاري وغيره: ليس بالقوي، ورواه ابن مخلد في " المنتقى من أحاديثه " (2 / 88 / 1 - 2) عن عباد بن كثير عن عمرو بن شعيب به، وعباد هذا متهم فلا قيمة لمتابعته. وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 193) : رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف دون قوله: إذا كانا مسلمين. وذكر الهيثمي (3 / 139) أن في سند الطبراني خارجة بن مصعب الضبي، قال: وهو ضعيف. الحديث: 487 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 700 488 - " هزوا غرابيلكم بارك الله فيكم ". لا أصل له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (2 / 196) : وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما قدم إلى المدينة خرجن بنات النجار بالدفوف، الحديث: 488 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 700 وهن يقلن : طلع البدر علينا * * * من ثنيات الوداع إلى آخر الشعر، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فمما لا يعرف عنه صلى الله عليه وسلم، وضرب الدف في الأفراح صحيح، فقد كان على عهده صلى الله عليه وسلم. 489 - " إذا اشتد كلب الجوع فعليك برغيف وجر من ماء القراح، وقل: على الدنيا وأهلها مني الدمار ". موضوع. عزاه السيوطي في " الجامع " لابن عدي والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة وتعقبه الشارح المناوي بقوله: وفيه الحسين بن عبد الغفار، قال الدارقطني: متروك، والذهبي: متهم، وأبو يحيى الوقار، قال الذهبي: كذاب. قلت: أبو يحيى هذا اسمه زكريا بن يحيى، قال ابن عدي في ترجمته من الكامل: (148 / 1) ، يضع الحديث، وأخبرني بعض أصحابنا عن صالح جزرة أنه قال: حدثنا أبو يحيى الوقار وكان من الكذابين الكبار، ثم قال ابن عدي: وله أحاديث موضوعات كان يتهم الوقار بوضعها، والصالحون قد وسموا بهذا الاسم أن يرووا أحاديث في فضائل الأعمال موضوعة بواطل، ويتهم جماعة منهم بوضعها. وقال في ترجمة الحسين بن عبد الغفار (98) : الحديث: 489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 701 حدث بأحاديث مناكير. وتناقض المناوي ففي " الفيض " أعله بما تقدم، وفي " التيسير " قال: إسناده ضعيف. قلت: وقد وجدت للحديث طريقا أخرى عن أبي هريرة ليس فيها متهم بالوضع، وهو الحديث الآتى عقب هذا، وليس فيه: وقل: " على الدنيا وأهلها مني الدمار " وإنما فيه: " وعلى الدنيا وأهلها الدمار "، فهذا إخبار، والأول إنشاء وأمر، ولا يخفى الفرق بينهما. 490 - " يا أبا هريرة إذا اشتد الجوع فعليك برغيف وكوز من ماء، وعلى الدنيا وأهلها الدمار ". ضعيف. أخرجه ابن بشران في " الأمالي " (ورقة 14 / 1 - من مجموع الظاهرية 82) وأبو بكر بن السني في " كتاب القناعة " (ورقة 237 / 1) من طريق كثير بن واقد، (وقال أبو بكر: عيسى بن واقد البصري) عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وكثير بن واقد، أو عيسى بن واقد، لم أجد من ذكره، ورواه الديلمي (4 / 266) عنه فسماه عيسى بن موسى ولم أعرفه أيضا وقد تابعه الماضي بن محمد عن محمد بن عمرو به إلا أنه قال: " على الدنيا وأهلها مني الدمار " أي باللفظ الذي قبله أخرجه ابن السني وابن عدي في ترجمة الماضي هذا (6 / 20425) وقال: الحديث: 490 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 702 مصري منكر الحديث وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ولا أعلم روى عنه غير ابن وهب وقال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 442) عن أبيه: لا أعرفه والحديث الذي رواه باطل وهو منكر الحديث كما قال ابن عدي، وقد روي الحديث بإسناد موضوع وبلفظ مغاير لهذا بعض الشيء، وهو الذي قبله. 491 - " نهى عن بيع وشرط ". ضعيف جدا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (18 / 63) حديث باطل ليس في شيء من كتب المسلمين وإنما يروى في حكاية منقطعة، وقال فيها أيضا (29 / 132) ، وفي (3 / 326) : يروى في حكاية عن أبي حنيفة وابن أبي سلمة وشريك، ذكره جماعة من المصنفين في الفقه، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث، وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء، ذكروا أنه لا يعرف، وأن الأحاديث الصحيحة تعارضه، وأجمع العلماء المعروفون من غير خلاف أعلمه أن اشتراط صفة في المبيع ونحوه كاشتراط كون العبد كاتبا أو صانعا، أو اشتراط طول الثوب أو قدر الأرض ونحو ذلك، شرط صحيح. قلت وقد أشكل هذا على بعض الطلبة في المدينة المنورة فذكر ما أخرجه الحديث: 491 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 703 الحاكم في " علوم الحديث " (ص 128) بأسانيد له عن عبد الله بن أيوب بن زاذان الضرير قال: حدثنا محمد بن سليمان الذهلي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة، فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا؟ قال: البيع باطل والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى، فسألته؟ فقال: البيع جائر، والشرط جائز فقلت: يا سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفتم علي في مسألة واحدة فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، البيع باطل والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها. البيع جائز، والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال: بعت من النبي صلى الله عليه وسلم ناقة، وشرط لي حملانها إلى المدينة. البيع جائز والشرط جائز. أقول: ولا إشكال في هذا، لأن السند مداره على ابن زاذان، وهو شديد الضعف، لقول الدارقطني فيه: متروك. وشيخه الذهلي، لم أعرفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 704 ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 264 / 4521) . ثم لوصح السند بذلك إلى أبي حنيفة، لم يصح حديثه، لما هو معروف من حال أبي حنيفة رحمه الله في الحديث، كما سبق بيانه (ص 536، 625) ولذلك استغرب حديثه هذا الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " (3 / 20 - بشرحه سبل السلام) وعزاه للطبراني أيضا في " الأوسط " واستغربه النووي أيضا وحق لهم ذلك، فالحديث محفوظ من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرطين في بيع .... ". أخرجه أصحاب السنن، والطحاوي، وغيرهم، وهو مخرج في " الإرواء " (1305) . فهذا هو أصل الحديث، وهم أبو حنيفة رحمه الله في روايته إن كان محفوظا عنه، والله أعلم. 492 - " سلوا الله عز وجل من فضله، فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج ". ضعيف جدا. رواه الترمذي (4 / 279) وابن أبي الدنيا في " القناعة والتعفف " (ج 1 ورقة 106 / 1 من مجموع الظاهرية 90) وعبد الغني المقدسي في " الترغيب في الدعاء " (89 / 2) من طريق حماد بن واقد قال: سمعت إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا، وقال الترمذي: هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث، وحماد ليس بالحافظ، وروى أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح. الحديث: 492 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 705 قلت: وحكيم بن جبير أشد ضعفا من ابن واقد فقد اتهمه الجوزجاني بالكذب وإذا كان الأصح أن الحديث حديثه فهو حديث ضعيف جدا. والشطر الأخير من الحديث رواه البزار والبيهقي في " الشعب " والقضاعي من حديث أنس، وقال الهيثمي في " المجمع " (18 / 147) بعد أن عزاه للأول: وفيه من لم أعرفه. قلت: وهذا إعلال قاصر، فإن فيه عنعنة بقية، وسليمان بن سلمة (الأصل: شرحبيل) وهو الخبائري، وهو كذاب، ومن طريقه أخرجه القضاعي (1283) وغيره، وسيأتي تخريجه مبسطا في " المجلد الرابع " رقم (1572) ، فراجعه إن شئت. 493 - " نهى أن يركب ثلاثة على دابة ". ضعيف. روي من حديث جابر: قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 109) : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو متروك. قلت: لأنه كان يكذب كما تقدم، لكن روى الحديث بإسناد خير من هذا، فقال أبو بكر بن أبي شيبة في " كتاب الأدب " (1 / 153 / 1) : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل عن الحسن عن مهاجر بن قنفذ قال: كنا نتحدث معه إذ مر ثلاثة على حمار فقال للآخر منهم: انزل لعنك الله. الحديث: 493 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 706 قال: فقيل له: أتلعن هذا الإنسان؟ قال: فقال: قد نهينا أن يركب الثلاثة على الدابة. وإسماعيل هو بن مسلم البصري المكي وهو ضعيف، ثم روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن زاذان أنه قال كذا رأى ثلاثة على بغل فقال: لينزل أحدكم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الثالث. وهذا مرسل صحيح الإسناد، لأن زاذان وهو أبو عبد الله الكندي ثقة من رجال مسلم، وقد صح ركوبه صلى الله عليه وسلم على الدابة وأمامه عبد الله بن جعفر، وخلفه الحسن أو الحسين رواه مسلم، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (2312) فإن صح النهي حمل على الدابة التي لا تطيق، وذلك من باب الرفق بالحيوان وقد صح في ذلك الكثير الطيب انظر المجلد الأول من " الصحيحة ". 494 - " رب عابد جاهل، ورب عالم فاجر، فاحذروا الجهال من العباد، والفجار من العلماء، فإن أولئك فتنة الفتناء ". موضوع. رواه بن عدي في الكامل (ورقة 33 ـ 34 من مخطوطة ظاهرية دمشق رقم 364 - حديث) ومن طريقه ابن عساكر في المجلس الرابع عشر في " ذم من لا يعمل بعلمه " (ورقة 56 وجه 1 ـ 2 من مجموع الظاهرية رقم 77) وفي " التاريخ " (3 / 154 / 2) من طريق بشر بن إبراهيم قال: حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا، وقال ابن عساكر: تفرد به بشر هذا. قلت: وهو وضاع، وقال ابن عدي: الحديث: 494 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 707 إنه منكر الحديث عن الثقات والأئمة، ثم ساق له أحاديث وقال: إنها بواطيل، وضعها بشر. قلت: وهذه أحدها، ثم قال: وهو عندي ممن يضع الحديث على الثقات، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، ثم رواه ابن عدي (400 / 1) في ترجمة محفوظ بن بحر عنه عن عمر بن موسى عن خالد بن معدان به دون قول " فإن أولئك.. "، وقال: منكر، عن خالد بن معدان والراوي عنه عمر بن موسى ويقال له: ابن وجيه، ضعيف. قلت: وهو ممن يضع الحديث كما تقدم مرارا، ومحفوظ هذا قال أبو عروبة: كان يكذب، لكن قال ابن عدي عقبه: وليس هذا من قبل محفوظ كأنه يشير إلى أن المتهم به هو ابن وجيه هذا وبشر بن إبراهيم، وهذا الحديث مما أورده السيوطي في كتابه " الجامع الصغير " ومن عجيب أمره أنه ذكره من رواية ابن عدي الذي ساقه في ترجمة هذا الوضاع، ثم سكت السيوطي عن هذا كله! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 708 495 - " من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة، كل حسنة مثل حسنات الحرم، قيل: وما حسنات الحرم؟ قال: لكل حسنة مائة ألف حسنة ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 169 / 1) وفي " الأوسط " (1 / 112 / 2) والدولابي في " الكنى " (2 / 13) والحاكم (1 / 461) والبيهقي (10 / 78) من طريق عيسى بن سوادة عن إسماعيل بن أبي خالد عن زاذان عن ابن عباس مرفوعا، وقال الطبراني: لم يروه عن إسماعيل إلا عيسى. قلت: وهو ضعيف جدا، وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: ليس بصحيح، أخشى أن يكون كذبا، وعيسى قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: وتمام كلام أبي حاتم كما في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 277) : ضعيف، روى عن إسماعيل بن أبي خالد عن زاذان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا منكرا. قلت: كأنه يعني هذا ... ، والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (2 / 108) وقال: رواه ابن خزيمة في " صحيحه " والحاكم كلاهما من رواية عيسى بن سوادة وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال ابن خزيمة: إن صح الخبر، فإن في القلب من عيسى بن سوادة شيئا، قال الحافظ المنذري: قال البخاري: هو منكر الحديث: 495 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 709 الحديث. قلت: ففي قول البخاري هذا إشارة إلى اتهامه وأنه لا تحل الرواية عنه كما سبق التنبيه عليه مرارا، وانظر الصفحة الآتية (118) وقد أفصح بذلك ابن معين فقال فيه: " كذاب، رأيته " ثم وجدت له متابعا، فقال أبو علي الهروي في الأول من الثاني من " الفوائد " (9 / 2) : حدثنا سليمان بن الفضل بن جبريل حدثنا محمد بن سليمان حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد به، إلا أنه أوقف الشطر الأخير منه على ابن عباس، وهو: " بكل حسنة مائة ألف حسنة ". وهذا سند واه، سليمان بن الفضل بن جبريل لم أجد له ترجمة، ولعله الذي في " الكامل " لابن عدي (161 / 1) : سليمان بن الفضل عن ابن المبارك قال ابن عدي: رأيت له غير حديث منكر، وقال أيضا: ليس بمستقيم الحديث. والله أعلم. 496 - " إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، والماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة ". ضعيف. أخرجه الطبراني في الكبير (3 / 165 / 2) والضياء في " المختارة " (204 / 2) من طريق يحيى بن سليم عن محمد بن مسلم الطائفي عن الحديث: 496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 710 إسماعيل بن أمية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن سليم ومحمد بن مسلم ضعفهما أحمد وغيره، وقد اضطرب أحدهما في إسناده فمرة رواه هكذا ومرة قال: إبراهيم بن ميسرة بدل إسماعيل بن أمية، أخرجه الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 254) وكذا الضياء من طريق الطبراني، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 354) ومرة قال: إسماعيل بن إبراهيم، رواه البزار كما في " المجمع " (3 / 209) ومرة أخرى أسقطه فقال: عن محمد بن مسلم الطائفي عن سعيد بن جبير، ذكره ابن أبي حاتم في " علل الحديث " (1 / 279) وقال: قال أبي: محمد بن مسلم عن سعيد بن جبير، مرسل، وهذا حديث يروي عن ابن سيش رجل مجهول، وليس هذا بحديث صحيح. ورواه ابن عدي (ق 226 / 1) من طريق عبد الله بن محمد القدامي حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن جبير به، ولفظه: " من حج راكبا كان له بكل خطوة حسنة، ومن حج ماشيا كان له بكل خطوة سبعين حسنة من حسنات الحرم، قال: قلت: وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف " وقال: عبد الله بن محمد القدامي عامة حديثه غير محفوظ وهو ضعيف. قلت: وجملة القول: أن الحديث ضعيف، لضعف راويه، واضطرابه في سنده ومتنه وكيف يكون صحيحا وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام حج راكبا، فلوكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 711 الحج ماشيا أفضل لاختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك ذهب جمهو ر العلماء إلى أن الحج راكبا أفضل كما ذكره النووي في " شرح مسلم "، وراجع رسالتي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه " (ص 16) من الطبعة الأولى، والتعليق (16) من طبعة المكتب الإسلامي. وفي الحديث عند ابن أبي حاتم، وأبي نعيم زيادة في آخره تقدمت في الحديث الذي قبله، وقد روى بإسناد آخر مختصرا أيضا وهو: 497 - " للماشي أجر سبعين حجة، وللراكب أجر ثلاثين حجة ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 111 ـ 112) عن محمد بن المحصن العكاشي حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الواحد بن قيس سمعت أبا هريرة يقول: " قدم على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من مزينة وجماعة من هذيل وجماعة من جهينة فقالوا: يا رسول الله خرجنا إلى مكة مشاة، وقوم يخرجون ركبانا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره، وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا محمد. قلت: وهو محمد بن إسحاق بن إبراهيم نسب إلى جده الأعلى، وهو كذاب وقد مضى غيره مرة، وقال الهيثمي (3 / 209) : وهو متروك. الحديث: 497 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 712 وقد روى الحديث بلفظ آخر وهو الذي قبله. 498 - " صائم رمضان فى السفر كالمفطر فى الحضر ". منكر. رواه ابن ماجه (1 / 511) والهيثم بن كليب في " المسند " (22 / 2) والضياء في " المختارة " (1 / 305) من طريق أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عوف مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف وله علتان: الأولى: الانقطاع لأن أبا سلمة لم يسمع عن أبيه كما في " الفتح ". الثانية: أسامة بن زيد في حفظه ضعف، وقد خالفه الثقة وهو ابن أبي ذئب فرواه عن الزهري ابن شهاب به موقوفا. رواه النسائي (1 / 316) والفريابي في " الصيام " (4 / 70 / 1) من طرق عنه ولذلك قال البيهقى في " السنن " (4 / 144) . وهو موقوف، وفي إسناده انقطاع، وروى مرفوعا وإسناده ضعيف. نعم رواه أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني عن ابن أبي ذئب به مرفوعا، لكن أبا قتادة هذا متروك، وفي الطريق إليه آخر ضعيف أخرجه الخطيب (11 / 383) . وقد رواه النسائي من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه موقوفا أيضا، وإسناده صحيح، فهذا يؤيد خطأ من رفعه عن عبد الرحمن بن عوف، وقد ذكر الضياء أن الدارقطني أيضا صحح وقفه على عبد الرحمن. الحديث: 498 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 713 499 - " الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله ". منكر. رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (56 / 2) وتمام الرازي (9 / 138 / 1) وأبو الحسن الأزدي في " المجلس الأول من المجالس الخمسة " (16 - 17) وأبو نعيم في " الحلية " (5 / 34) والخطيب في " تاريخه " (13 / 226) والقضاعي في " مسنده " (6 ب / 2) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب عن محمد بن خالد المخزومي عن سفيان الثوري عن زبيد الأيامي عن أبي وائل عن ابن مسعود مرفوعا، وقال أبو نعيم والخطيب: تفرد به المخزومي عن سفيان بهذا الإسناد. قلت: والمخزومي هذا، قال الذهبي في " الميزان ": قال ابن الجوزي: مجروح، قلت، له عن الثوري .... مرفوعا: اليقين الإيمان كله، وهذا المتن ذكره البخاري تعليقا في كتاب الإيمان، ولم يقل فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ في " اللسان ": قال أبو علي النيسابوري: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث زبيد ولا من حديث الثوري، وقال في " الفتح " (1 / 41) : هذا التعليق طرف من أثر وصله الطبراني بسند صحيح، وبقيته: والصبر نصف الإيمان، وأخرجه أبو نعيم والبيهقي في الزهد من حديثه يعني ابن مسعود ولا يثبت رفعه. قلت: ويعقوب بن حميد فيه ضعف من قبل حفظه وبه أعل الحديث الحديث: 499 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 714 المناوي وهو قصور بين، ثم ذكر عن البيهقي أنه قال: والمحفوظ عن ابن مسعود من قوله غير مرفوع. وقال البيهقي في الآداب (ص 404) : " والموقوف أصح " 500 - " ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا، فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة ". باطل. رواه الخطيب في كتاب " تلخيص المتشابه في الرسم " (ج 13 ورقة 136 / 1) من طريق محمد بن هاشم البعلبكي حدثني أبي هاشم بن سعيد عن يزيد بن زياد البصري وكان يسكن صور عن حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر في " تاريخه " (18 / 143 / 1) وزاد في آخره. " ولا تكونوا كلا على الناس " ومن طريق ابن عساكر فقط أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، وذكر في كتابه " الحاوي للفتاوي " (2 / 201) أنه رواهالديلمي أيضا من هذا الوجه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وآفته يزيد هذا وهو الدمشقي ويقال فيه: ابن أبي زياد، وهو متهم، قال البخاري: منكر الحديث، وكذا قال أبو حاتم، وقال مرة: ضعيف الحديث، كأن حديثه موضوع. الحديث: 500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 715 قلت: وقد جزم أبو حاتم في حديث آخر يزيد هذا أنه موضوع، وسيأتي بعد حديثين، وقد اشتهر عن البخاري أنه قال: كل من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه نقله الذهبي في " الميزان " (1 / 5) . فالحديث بهذا الإسناد واه جدا. وقد وهم الشيخ عبد الحي الكتانى في " الترابيب الإدارية " حيث ذكر فيه (1 / 10) أن السيوطي صحح حديث ابن عساكر هذا في " الحاوي " وهذا خطأ فاحش، فلم يصححه السيوطي في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه من الحاوي، فإن كان صححه في مكان آخر منه وهذا بعيد فهو وهم من السيوطي نفسه رحمه الله، وكم له من مثل ذلك، ثم رأيت الحديث قد رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 124 - 125) من طريق الوحاظي عن يزيد بن زياد الدمشقي به وقال: وقال أبي: هذا حديث باطل، ثم وجدت ليزيد متابعا، فقال أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 197) حدثنا أبي حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع حدثنا سعيد بن كثير عن حميد به، وهذه متابعة قوية فإن سعيد بن كثير هذا وهو ابن عفير المصري ثقة من رجال الشيخين، ولكن في الطريق إليه من يسرق الحديث وهو محمد بن أحمد بن يزيد وهو السلمي، قال ابن عدي: يسرق الحديث،ومثله شيخه محمد بن عيسى وهو الطرسوسي، قال ابن عدي: وهو في عداد من يسرق الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابعونه عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 716 قلت: فهو أو السلمي آفة هذا السند فلا يفرح بهذه المتابعة. والحديث في نسخة نبيط بن شريط الموضوعة (برقم 22) . وقد روى موقوفا، أخرجه ابن شاهين في " الفوائد " (ورقة 1 / 2) وابن عساكر (4 / 155 / 1) من طريق شمر بن عطية قال: قال حذيفة ... فذكره نحوه موقوفا. وهذا إسناد منقطع بين شمر وحذيفة، لأن شمرا إنما يروي عن أبي وائل ونحوه من التابعين، لكن رواه المعافى بن عمران في " الزهد " (ق 255 / 1) والقاسم السرقسطي في " غريب الحديث " (2 / 59 / 1) وابن عساكر عن محمد بن قيس عن عمرو بن مرة قال: قال حذيفة ... فذكره نحوه، بيد أنه يبدو أنه منقطع أيضا بين عمرو وحذيفة، وهذا الموقوف مع ضعفه أولى من المرفوع لشدة ضعف إسناد المرفوع ولقول الإمام أبي حاتم فيه: حديث باطل، وقديما قالوا: إذ قالت حذام فصدقوها * * * فإن القول ما قالت حذام. وله طريق أخرى موضوعة بنحو هذا اللفظ، وهو أول حديث في المجلد الثاني.   انتهى المجلد الأول من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة "، ويليه المجلد الثاني، وأوله: 501 - (خيركم من لم يترك آخرته لدنياه) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 717 صفحة - ج - بسم الله للرحمن الرحيم المقدمة : إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. أما بعد، فهذا هو المجلد الثاني من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة " أقدمه إلى القراء الكرام، وقد يسر الله تبارك وتعالى إخراجه إلى عالم المطبوعات، بعد انتظار مديد، وصبر طويل، وجهد مرير في سبيل إصداره، وتجاوز العقبات المختلفة التي كانت تحول دون ذلك مع سائر مؤلفاتي، ولا يزال الكثير منها حتى الآن قائماً، مما لا سبيل لشرحه هنا في هذه المقدمة، وحسب القارئ أن يعلم، أنه يجمعها فساد أخلاق أهل الزمان، وعداؤهم الشديد لأهل السنة وأنصارها والدعاة إليها، لا فرق في ذلك بين كبير وصغير، وجليلٍ وحقير، مع ترك الحكم بالعدل، والتزام الإخلاف بالوعد، ولعل القارئ الكريم يتبين شيئا من ذلك إذا علم أننا لما لم نتمكن من طبع هذا المجلد في لبنان بواسطة مكتب الأستاذ الفاضل زهير الشاويش - حفظه الله- بسبب الحرب والفتن التي لا تزال في لبنان حتى الآن- اضطررنا إلى طبعه في غيره من البلاد، فما تمكنا من إصداره إلا في مدة طويلة جاوزت السنتين. لأسباب مطبعية، لا مجال لبيانها الآن، إذ ما كل ما يعلم يقال، والله تعالى هو المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يخلّقهم بأخلاق النبيين والصالحين الصادقين، وأن يعيد إليهم عزهم ومجدهم، برجوعهم إلى إسلامهم المصفى من كل دخيل. هذا، ولعله من المفيد أن يعلم القراء الكرام أنه قد توفر لدي حتى الآن من أحاديث هذا الكتاب أكثر من (5000) خمسة آلاف حديث. فلو أنه تيسر سبيل الطبع هنا لكان بين أيديهم اليوم عشر مجلدات من هذه السلسلة النافعة إن شاء الله تعالى، فضلا عن مؤلفاتي الأخرى، ولكن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، و (لكل أجل كتاب) ، (قد جعل الله لكل شيء قدرا) . الجزء: 2 صفحة - د - هذا وأني لأرجو بواسطة هذه السلسلة، وأختها الأخرى " الأحاديث الصحيحة " أن أكون من المشاركين في القيام بواجب " التصفية " التي كنت تحدثت عنها في محاضرة كنت ألقيتها في " المعهد الشرعي " في (عَمان) سنة (1393) ، كان موضوعها: " التصفية والتربية " ذهبت فيها إلا أنه لا بُد اليوم من أجل استئناف الحياة الإسلامية من القيام بهذين الواجبين: " التصفية والتربية " وأردت بالأول منهما أموراً: الأول: تصفية العقيدة الإسلامية مما هو غريب عنها، كالشرك، وجحد الصفات الإلهية وتأويلها، ورد الأحاديث الصحيحة لتعلقها بالعقيدة ونحوه!. الثاني: تصفية الفقه الإسلامي من الاجتهادات الخاطئة المخالفة للكتاب والسنة، وضربت على ذلك بعض الأمثلة. لثالث: تصفية كتب التفسير والفقه والرقائق وغيرها من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والإسرائيليات المنكرة، وهذا ما أقوم به في هذه السلسلة، ونحوها، مثل " ضعيف أبي داود " و" ضعيف الجامع الصغير " وقد تم طبعه والحمد لله، و" ضعيف الترغيب والترهيب "، وسنباشر طبعه قريباً بإذن الله تعالى. وأما الواجب الآخر، فأريد به تربية الجيل الناشئ على هذا الإسلام المصفى من كل ما ذكرنا تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره، دون أي تأثر بالتربية الغربية الكافرة. ومما لا ريب فيه أن تحقيق هذين الواجبين يتطلب جهوداً جبارة متعاونة من الجماعات الإسلامية المخلصة، التي يهمها حقاً إقامة المجتمع الإسلامي المنشود، كل في مجاله واختصاصه. وأما بقاؤنا راضين عن أوضاعنا، متفاخرين بكثرة عددنا، متواكلين على فضل ربنا، أو خروج المهدي ونزول عيسى، صائحين بأن الإسلام دستورنا، جازمين بأننا سنقيم دولتنا، فذلك محال، بل وضلال، لمخالفته لسنة الله الكونية والشرعية معا، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم) ، وقال – صلى الله عليه وسلم -: " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه عنكم، حتى ترجعوا إلى دينكم " (1) من أجل ذلك فال أحد الدعاة الإسلاميين اليوم: " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقم لكم في أرضكم "، وهذا كلام جميل جداً، ولكن أجمل منه العمل به. (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) . وبعد، فان هذه السلسلة وغيرها مما أشرت إليه آنفاً، تساعدك- أيها الأخ المسلم- إلى حد كبير على تصفية عقلك وعقيدتك من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبذلك تستعد نفسك لتقبل ما يلقى إليك من الأحاديث الأخرى الصحيحة، وإحلالها من قلبك المحل   (1) حديث صحح كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (رقم 11) الجزء: 2 صفحة - هـ - اللائق بها من القبول والعمل، وحينئذ تصفو روحك، ويستنير لبك، وتنجو من الأمراض الخفية التي كانت ألمت بك، بسبب سيطرة الأحاديث الواهية التي يقترن بها دائما التصديق بالخرافات والترهات والأباطيل، فضلا عن الأحكام والآراء المخالفة. ثم لا بد لك مع ذلك من العناية بتربية نفسك، ومن يلوذ بك، تربية إسلامية صحيحة، لا شرقية، ولا غربية، وتخليقها بالأخلاق المحمدية، وبذلك يصلح قلبك، وتسعد في الدنيا قبل الآخرة، وما الأمر الهام الذي ينشده اليوم دعاة الإسلام، إلا أثر من آثار هذه السعادة، إذا ما اخذوا بأسبابها، التي تجمعها كلمتا " التصفية والتربية "، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) . والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا صالحاً، ولوجهه خالصا، وأن لا يجعل لأحد سواه فيه حظاً، إنه سمعِ مجيب. دمشق 10 ذي القعدة سنة 1398 محمد ناصر الدين الألباني الجزء: 2 501 - " خيركم من لم يترك آخرته لدنياه، ولا دنياه لآخرته، ولم يكن كلًّا على الناس ". موضوع. أخرجه أبو بكر الأزدي في " حديثه " (5 / 1) وأبو محمد الضراب في " ذم الرياء " (293 / 1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (4 / 221) عن نعيم بن سالم بن قنبر عن أنس بن مالك مرفوعا. وهذا إسناد موضوع، نعيم بن سالم أورده هكذا في " اللسان " وقال: " قال ابن القطان: " لا يعرف ". قلت: تصحف عليه اسمه وإلا فهو معروف مشهور بالضعف متروك الحديث، وأول اسمه ياء مثناة من تحت، ثم غين ثم نون، سيأتي ". ثم قال هناك في " يغنم بن سالم ": " وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال ابن حبان: كان يضع على أنس، وقال ابن يونس: حدث عن أنس فكذب ". ومن طريقه رواه الديلمي أيضا، كما في " الحاوي " (2 / 202) للسيوطي و" فيض القدير " للمناوي. وقد روي الحديث بإسناد آخر موضوع عن أنس وهو الذي قبله. الحديث: 501 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 502 - " كفى بالموت واعظا، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلا ". ضعيف جدا. رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (97 / 1) وابن بشران في " مجلس يوم الجمعة 17 ذي الحجة سنة 412 من الأمالي " (ورقة 208 / 2 من مجموع الظاهرية رقم 87) وأبو الفتح الأزدي في " المواعظ " (7 / 1) والقضاعي (114 / 1) والقاسم بن عساكر في " تعزية المسلم " (2 / 216 / 2) وكذا أبو نعيم " في حديث الكديمي " (35 / 2) من طريق الربيع بن بدر عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمار مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا الربيع بن بدر متروك. ثم إنه روي موقوفا، فقد أخرجه أحمد في " الزهد " (176) وابن أبي الدنيا في " كتاب اليقين " (رقم 31) بسند صحيح عن جعفر بن سليمان عن يونس قال: حدثني من سمع عمار بن ياسر يقول: فذكره موقوفا غير مرفوع. وكذلك رواه نعيم بن حماد في " زوائد زهد ابن المبارك " (رقم 148) عن ابن مسعود موقوفا وهو الصواب إن شاء الله. الحديث: 502 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 503 - " من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة - لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله " الحديث: 503 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 ضعيف. أخرجه ابن ماجة (2 / 134) والعقيلي في " الضعفاء " (457) والبيهقي (8 / 22) من طريق يزيد بن زياد الشامي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " يزيد هذا قال البخاري: منكر الحديث " قال: " ولا يتابعه إلا من هو نحوه " وقال البيهقي: " ويزيد منكر الحديث ". قلت: وأفاد البخاري بكلمته السابقة أنه لا تحل الرواية عنه فهو عنده متهم كما تقدم قبل حديثين وذكر الذهبي في ترجمته عن أبي حاتم أنه قال: " هذا حديث باطل موضوع ". وأقره الذهبي وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 104) من حديث أبي هريرة وعمر وأبي سعيد، وأعلها كلها ثم قال: " قال أحمد: " ليس هذا الحديث بصحيح "، وقال ابن حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقات ". قلت: وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 187 - 188) بشواهد أوردها تقتضي أن الحديث ضعيف لا موضوع. قلت: ومن شواهده ما أخرجه ابن لؤلؤ في " الفوائد المنتقاة " (218 / 2) عن الأحوص عن أبي عون المري عن عروة ابن الزبير مرفوعا. وهذا مع إرساله ضعيف، فإن الأحوص - هو ابن حكيم - ضعيف الحفظ. ومنها ما عند أبي نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 152، 264) من طريق داود بن المحبر عن ضمرة بن جويرية عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وابن المحبركذاب لكن رواه ابن عساكر (2 / 382 / 2) وكذا البيهقي في " الشعب " كما في " اللآلي " من طريقين عن عبد الله بن حفص (وفي اللآلي: عبيد الله بن حفص بن مروان) عن سلمة بن العيار الفزاري عن الأوزاعي عن نافع به. ورجاله ثقات غير ابن حفص هذا فلم أجد له ترجمة. ومنها ما عند أبي نعيم في " الحلية " (5 / 74) عن حكيم بن نافع قال: حدثنا خلف بن حوشب عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وقال: " غريب تفرد به حكيم ". قلت: وهو ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 504 - " نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب بالوصب ويطفئ الغضب ويطيب النكهة ويذهب بالبلغم ويصفي اللون. وذكر خصالا تمام العشرة لم يحفظها الراوي ". الحديث: 504 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 موضوع. رواه ابن حبان في " كتاب المجروحين " المعروف بـ " الضعفاء " (1 / 324 - طبع الهند) وأبو نعيم في " الطب " (9 / 1 نسخة الشيخ السفرجلاني) والخطيب في " التلخيص " (36 / 2) وابن عساكر (7 / 115 / 1) من طريق سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند قال: حدثني أبي زياد بن فائد عن أبيه فائد بن زياد عن أبيه عن أبي هند الداري قال: " أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طبق من زبيب مغطى فكشف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " كلوا بسم الله، نعم .... ". قلت: وهذا موضوع، سعيد هذا قال الأزدي: " متروك ". وقال ابن حبان عقبه: " لا أدري البلية ممن هي؟ أمنه أو من أبيه أو جده؟ لأن أباه وجده لا يعرف لهما رواية إلا من حديث سعيد، والشيخ إذا لم يرو عنه ثقة فهو مجهول لا يجوز الاحتجاج به، لأن رواية الضعيف لا يخرج من ليس بعدل عن حد المجهولين إلى جملة أهل العدالة، لأن ما روى الضعيف وما لم يرو في الحكم سيان ". قلت: وفي تعليله الأخير، إشارة قوية إلى أن مذهبه أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف، لأنه في حكم ما لم يرو من الحديث، وهو تعليل قوي جدا فتأمل. وساق له الذهبي حديثا آخر وهو: 505 - " قال الله تبارك وتعالى: من لم يرض بقضائي، ويصبر على بلائي، فليلتمس ربا سوائي ". ضعيف جدا. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 324) والطبراني في " الكبير " وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (376 / 1) والخطيب في " التلخيص " (39 / 2) وابن عساكر (7 / 115 / 1، 12 / 267 / 1، 15 / 304 / 1) من طريق سعيد بن زياد بالإسناد المذكور في الحديث الذي قبله. وقال الهيثمي في " المجمع " (7 / 207) : " وفيه سعيد بن زياد بن هند وهو متروك ". وقال العراقي (3 / 296) : " وإسناده ضعيف ". وهذا قصور أو تساهل أولعل في نسختنا من " تخريج الإحياء " سقط، فقد نقل المناوي عنه أنه قال: " ضعيف جدا " وهذا أقرب. وقد روي الحديث بإسناد آخر لعله خير من هذا وهو: الحديث: 505 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 506 - " من لم يرض بقضاء الله، ويؤمن بقدر الله، فليلتمس إلها غير الله ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 187) وكذا في " الأوسط " ومن طريقه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 228) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2 / 227) من طريق سهيل بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن خالد إلا سهل ". قلت: ويقال فيه: سهيل بن أبي حزم، وهو ضعيف عند الجمهور، وقال ابن حبان (1 /349) : " ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات ". وللحديث طريق أخرى تقدم قبله، وثالث لعله يأتي إن شاء الله. الحديث: 506 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 507 - " إذا كان يوم القيامة أنبت الله لطائفة من أمتي أجنحة فيطيرو ن من قبورهم إلى الجنان، يسرحون فيها ويتنعمون فيها كيف شاءوا، فتقول لهم الملائكة: هل رأيتم الحساب؟ فيقولون: ما رأينا حسابا. فتقول لهم: هل جزتم الصراط؟ فيقولون: ما رأينا صراطا. فتقول لهم: هل رأيتم جهنم؟ فيقولون: ما رأينا شيئا. فتقول لهم الملائكة: من أمة من أنتم؟ فيقولون: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. فتقول: ناشدناكم الله حدثونا ما كانت أعمالكم في الدنيا؟ فيقولون: خصلتان كانتا فينا فبلغنا هذه المنزلة بفضل رحمة الله. فيقولون: وما هما؟ فيقولون: كنا إذا خلونا نستحي أن نعصيه، ونرضى باليسير مما قسم لنا، فتقول الملائكة: يحق لكم هذا ". موضوع. أورده الغزالي في " الإحياء " (3 / 295) فقال مخرجه العراقي: " رواه ابن حبان في " الضعفاء " وأبو عبد الرحمن السلمي من حديث أنس مع اختلاف، وفيه حميد بن علي القيسي ساقط هالك، والحديث منكر مخالف للقرآن وللأحاديث الصحيحة في الورود وغيره ". قلت: اتهمه ابن حبان (1 / 259) بأحاديث ساقها له، هذا أحدها. الحديث: 507 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 508 - " إن الله يحب أن تقبل رخصه، كما يحب العبد الحديث: 508 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 مغفرة ربه ". باطل بهذا اللفظ. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 104 / 1 - 2 زوائد المعجمين) : حدثنا الفضل بن العباس: حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار: حدثنا عمرو بن عبد الجبار: حدثنا عبد الله بن يزيد بن آدم عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك مرفوعا به. وقال: " لا يروى عن هؤلاء الأربعة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسماعيل ". قلت: وهو ثقة كما قال الخطيب، وإنما الآفة من شيخه عمرو بن عبد الجبار، قال ابن عدي: " روى عن عمه مناكير ". أو من شيخ شيخه عبد الله بن يزيد بل هو بالحمل عليه فيه أولى، فقد قال أحمد: " أحاديثه موضوعة ". وقال الجوزجاني: " أحاديثه منكرة ". كما في " الميزان " للذهبي، وقال في موضع آخر: " ليس بثقة: تركه الأزدي وغيره، وأتى بعجائب ". وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 2 / 197) وقد ساق له حديثا غير هذا: " سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعرفه، وهذا حديث باطل ". قلت: وحديث الترجمة باطل أيضا بهذا اللفظ، فقد ورد من طرق بعضها صحيح بلفظ: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته " وفي رواية: " ... كما يحب أن تؤتى عزائمه ". ورد ذلك عن جماعة من الصحابة، خرجت أحاديثهم وتتبعت طرقها وألفاظها في " إرواء الغليل " (557) يسر الله طبعه. 509 - " عليكم بالهندباء، فإنه ما من يوم إلا وهو يقطر عليه قطرة من قطر الجنة ". موضوع. أبو نعيم في " الطب ": حدثنا أبي: حدثنا محمد بن أبي يحيى: حدثنا صالح بن سهل: حدثنا موسى بن معاذ: حدثنا عمر بن يحيى بن أبي سلمة قال: حدثتني أم كلثوم بنت أبي سلمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، موسى بن معاذ وعمر بن يحيى ضعفهما الدارقطني، وعمر بن يحيى أظنه الذي في إسناد الحديث الآتي بعد هذا بحديث وقد قال فيه أبو نعيم إنه " متروك الحديث: 509 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 الحديث " كما يأتي. ومن دونهما لم أعرفهما. ولهذا قال السيوطي في " اللآلي ": " وهذا الإسناد كله تالف ". وذكره أيضا من حديث أنس وقال: إسناده كالذي قبله. قلت: ومع هذا فقد ذهل السيوطي أو تساهل فأورد حديث ابن عباس هذا في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم، وقال المناوي في شرحه: " وفيه عمرو بن أبي سلمة ضعفه ابن معين وغيره ". قلت: وهذا وهم منه رحمه الله فليس في إسناد الحديث عمرو هذا، والظاهر أنه تصحف عليه أو على بعض النساخ اسم عمر بن يحيى بن أبي سلمة بعمرو بن أبي سلمة هذا. والله أعلم. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 298) من حديث الحسين رضي الله عنه نحوه. ورواه السهمي في " تاريخ جرجان " (ص 64) عن الحسين بن علوان عن أبان بن أبي عياش عن أنس مرفوعا. وأبان متروك متهم بالكذب. وابن علوان كذاب وضاع. وجزم بوضعه ابن القيم كما نقله عنه الشيخ علي القاريء في " موضوعاته " (ص 107، 126) وأقره. 510 - " عليكم بالقرع فإنه يزيد بالدماغ، عليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا ". موضوع. رواه أبو موسى المديني في جزء من " الأمالي " (63 / 1) وأبو نعيم في " الطب " عن عمرو بن الحصين: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن ثور بن يزيد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا. وهذا إسناد موضوع، عمرو بن حصين كذاب وشيخه ابن علاثة ضعيف كما تقدم مرارا، آخرها تحت الحديث (425) . ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " (5 / 44) وأورده السيوطي من روايته في " الجامع الصغير " فلم يوفق. كما سبق التنبيه عليه برقم (40) ، والغرض هنا الكلام على اللفظ الآخر، وهو: " عليكم بالقرع، فإنه يزيد في العقل، ويكثر الدماغ ". عزاه السيوطي للبيهقي عن عطاء مرسلا، وتعقبه المناوي بقوله: الحديث: 510 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 " إن مخلد بن قريش أورده في " اللسان " وقال: قال ابن حبان في " الثقات ": يخطيء ". قلت: فإن لم يكن في هذه الطريق إلا الإرسال فهو ضعيف، وإن كان القلب يميل إلى أن هذا المتن موضوع أيضا. والله أعلم. ثم وقفت على إسناد الحديث عند البيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 198 / 2 - مصورة المكتب الإسلامي) ، فإذا فيه علة أخرى، فإنه رواه عن مخلد بن قريش: أنبأنا عبد الرحمن بن دلهم عن عطاء مرسلا مع الطرف الثاني من حديث الترجمة، خلافا لما يوهمه صنيع السيوطي من ذكره الطرف الأول منه فقط. قلت: وابن دلهم لم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال. 511 - " قلوب بني آدم تلين في الشتاء وذلك لأن الله خلق آدم من طين، والطين يلين في الشتاء ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 216) من طريق عمر بن يحيى: حدثنا شعبة الحجاج عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا وقال: " تفرد برفعه عمر بن يحيى وهو متروك الحديث، والصحيح من قول خالد ". وقال الذهبي في ترجمته: أتى بخبر شبه موضوع "، ثم ساق له هذا الحديث ثم قال: " ولا نعلم لشعبة عن ثور رواية ". وقال في " طبقات الحفاظ ": " هذا حديث غير صحيح مركب على شعبة، وعمر بن يحيى لا أعرفه، تركه أبو نعيم ". وقال الحافظ ابن حجر: " أظنه عمر بن يحيى بن عمر بن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف، وقد ضعفه الدارقطني والله أعلم ". كذا في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " لابن عراق (69 / 1) . قلت: وعمر هذا لعله الذي سبق في إسناد الحديث الذي قبل هذا بحديث. والله أعلم. الحديث: 511 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 512 - " كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه شفاء من سبعين داء، منها الجذام ". منكر. أبو نعيم في " الطب " من طريق الطبراني: حدثنا يحيى بن عبد الباقي: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة: حدثنا علي بن محمد الرحال مولى بن هاشم قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدثني مكحول عن أبي مالك عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا حديث منكر يحيى بن عبد الباقي هو الأذني، روى عنه الطبراني حديثا الحديث: 512 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 آخر في " المعجم الصغير " (ص 244) ، كنيته أبو القاسم كما في " معجم البلدان " مادة " أذنة " ولم أجد من وثقه. وابن أبي بزة هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المكي قال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، ولست أحدث عنه فإنه روى حديثا منكرا " يعني آخر غير هذا. وقال العقيلي: " منكر الحديث ". وعلي بن محمد الرحال لم أر له ترجمة. وأبو مالك، الظاهر أنه الذي في " الميزان " و" اللسان ": " أبو مالك الدمشقي، عداده في التابعين، أرسل حديثا، وعنه عبد الله بن دينار، مجهول ". 513 - " غسل الإناء وطهارة الفناء، يورثان الغنى ". موضوع. رواه الخطيب (12 / 92) والسلفي في " الطيوريات " (105 / 2) عن علي بن محمد الزهري: حدثنا أبو يعلى الموصلي بإسناده عن أنس مرفوعا. وقال الخطيب: " ولم أكتبه إلا عن الزهري هذا، وكان كذابا ". قلت: ولهذا أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 77) وأيده السيوطي في " اللآلي " (2 / 4) ، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (228 / 1) فقال: " قلت: قال في " الميزان ": هذا وضعه علي بن محمد الزهري على أبي يعلى ". قلت: وأقره الحافظ في " اللسان "، فأعجب بعد هذا، كيف أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من هذا الوجه الذي اعترف هو بوضعه!! . الحديث: 513 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 514 - " لن تهلك الرعية وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهدية، ولن تهلك الرعية وإن كانت هادية مهدية إذا كانت الولاة ظالمة مسيئة ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " فضيلة العادلين " (ورقة 227 وجه 1 من مجموع الظاهرية رقم 63) من طريق محمد بن حسان السمتي: حدثنا أبو عثمان عبد الله بن زيد: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن ابن عمر مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف، السمتي هذا وثقه الأكثرون، وضعفه بعضهم، وقال الدارقطني: " ثقة يحدث عن الضعفاء ". قلت: فعلى هذا فشيخه في هذا الحديث عبد الله بن زيد ضعيف، وقد صرح بتضعيفه الأزدي كما في " الميزان " و" اللسان ". قلت: وترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9 / 459) ، وساق له حديثين، هذا أحدهما، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول عندي إن لم يكن ضعيفا. الحديث: 514 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 515 - " اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون: إنكم تراءون ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 77 / 1) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 80 - 81) بسنده عن سعيد بن سفيان الجحدري عن الحسن بن أبي جعفر عن عقبة بن أبي ثبيت الراسبي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " غريب لم يوصله إلا سعيد عن الحسن ". قلت: والحسن هذا ضعيف جدا، وقد ذكر له الذهبي أحاديث وصفها بأنها " من بلاياه "! وقد مضى أحدها برقم (295) . وسعيد بن سفيان قال ابن حبان: " كان ممن يخطيء ". قلت: فلعله أخطأ في وصل هذا الحديث عن ابن عباس، فقد ذكر المنذري (2 / 230) أن البيهقي رواه عن أبي الجوزاء مرسلا. والله أعلم. ثم تبين لي أنه يحتمل أن يكون الخطأ من شيخه الحسن، بل هو الأقرب لشدة ضعفه، ولأنه ورد من طريق أخرى عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء مرسلا وهو: الحديث: 515 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 516 - " أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون: إنكم مراءون ". ضعيف. أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (204 / 1 / 1022 ط) وعبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 108) من طريق سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء مرفوعا. وهذا سند ضعيف، لإرساله وضعف سعيد بن زيد. وقد روي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس متصلا مرفوعا ولكن إسناده ضعيف جدا، وهو الذي قبله، ونحوه ما روي بلفظ: الحديث: 516 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 517 - " أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون ". ضعيف. أخرجه الحاكم (1 / 499) وأحمد (3 / 68) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (102 / 1) والثعلبي في " التفسير " (3 / 117 - 118) وكذا الواحدي في " الوسيط " (3 / 230 / 2) وابن عساكر (6 / 29 / 2) عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". كذا قال! وأما الذهبي فقد سقط الحديث من " تلخيصه " المطبوع مع " المستدرك " فلم يتبين لي هل تعقبه أم أقره، والأحرى به الأول لأمرين: أحدهما: أنه الذي نعهده منه في غير ما حديث من أحاديث دراج التي صححها الحاكم، الحديث: 517 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 فإنه يتعقبه بدراج، ويقول فيه " إنه كثير المناكير " وقد مضى أحدها برقم (294) . والآخر: أنه أورد دراجا أبا السمح في " الميزان " فقال: " قال أحمد: أحاديثه مناكير ولينه، وقال يحيى: ليس به بأس. وفي رواية: ثقة. وقال فضلك الرازي: ما هو ثقة ولا كرامة. وقال النسائي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقد ساق ابن عدي له أحاديث وقال: عامتها لا يتابع عليها ". وقد ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث، هذا أحدها. ومنه تعلم أن تحسين الحديث كما فعل الحافظ فيما نقله المناوي عنه غير حسن. والله أعلم. 518 - " من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ". موضوع. رواه البيهقي في " الشعب " من حديث الحسين بن علي مرفوعا وقال: " إسناده ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك، وقال البخاري: لا يكتب حديثه. اهـ كلامه وفيه أيضا عنبسة بن عبد الرحمن، قال البخاري: تركوه، وقال الذهبي في " الضعفاء ": متروك متهم أي بالوضع ". كذا في " فيض القدير ". قلت: وعنبسة هذا هو الذي قال فيه أبو حاتم: " كان يضع الحديث " كما في " الميزان " للذهبي، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ومن طريقه أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 292 / 1) وأبو طاهر الأنباري في " المشيخة " (ق 162 / 1 - 2) بلفظ: " اعتكاف عشر ... " وقال ابن حبان (2 / 168) : " صاحب أشياء موضوعة وما لا أصل له ". الحديث: 518 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 519 - " إن هاتين صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان لحوم الناس ". ضعيف. رواه أحمد (5 / 431) عن رجل عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن امرأتين صامتا، وأن رجلا قال: يا رسول الله: إن ها هنا امرأتين قد صامتا وإنهما كادتا أن تموتا من العطش، فأعرض عنه أوسكت، ثم عاد، وأراه قال بالهاجرة قال: يا نبي الله إنهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا، قال: دعهما، قال: فجاءتا، قال: فجيء بقدح أو عس، فقال لإحداهما: قيئي، فقاءت قيحا أو دما وصديدا ولحما، حتى قائت نصف القدح ثم قال للأخرى: قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح، ثم قال: فذكره. وهذا سند ضعيف بسبب الرجل الذي لم يسم. وقال الحافظ العراقي (1 / 211) إنه مجهول ورواه الطيالسي (1 / 188) عن أنس فقال: حدثنا الربيع عن يزيد عنه. الحديث: 519 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 قلت: وهذا سند ضعيف جدا، الربيع هو ابن صبيح ضعيف. ويزيد هو ابن أبان الرقاشي وهو متروك. 520 - " من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ". موضوع. قال في " المجمع " (2 / 198) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " عن عبادة بن الصامت، وفيه عمر بن هارون البلخي، والغالب عليه الضعف، وأثنى عليه ابن مهدي وغيره ولكن ضعفه جماعة كثيرة ". قلت: ابن مهدي له فيه قول آخر معاكس لهذا وهو: " لم يكن له عندي قيمة "! وقد قال فيه ابن معين وصالح جزرة: " كذاب ". وكذا قال ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 142) وساق له حديثا اتهمه بوضعه. وقال ابن حبان (2 / 91) : " كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، ويدعي شيوخا لم يرهم ". فالرجل ساقط متهم، وقد مضى له بعض الأحاديث الموضوعة، فانظر الأرقام (240 و288 و455) وما يأتي برقم (523) وروي الحديث من طريق أخرى بلفظ: الحديث: 520 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 521 - " من قام ليلتي العيدين محتسبا لله، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجة (1 / 542) عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا. قال في " الزوائد ": " إسناده ضعيف لتدليس بقية ". وقال العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 328) : " إسناده ضعيف ". قلت: بقية سيء التدليس، فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه وبين الثقات ويدلس عنهم! فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين، فقد قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر من المناسك (1 / 212) : " ثم نام حتى أصبح، ولم يحي تلك الليلة، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء ". ثم رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب، والمذكور في الحديث السابق، يرويه عن ثور بن يزيد به. فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه وأسقطه. وسيأتي تخريج حديثه فيما بعد إن شاء الله تعالى برقم (5163) . الحديث: 521 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 522 - " من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة، ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر ". موضوع. رواه نصر المقدسي في جزء من " الأمالي " (186 / 2) عن سويد بن سعيد حدثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن وهب بن منبه عن معاذ بن جبل مرفوعا. وهذا إسناد موضوع كما يأتي بيانه، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن معاذ. فتعقبه شارحه المناوي بقوله: " قال ابن حجر في " تخريج الأذكار ": حديث غريب، وعبد الرحيم بن زيد العمي أحد رواته متروك وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث لا يصح، وعبد الرحيم قال يحيى: كذاب، والنسائي: متروك ". قلت: وسويد بن سعيد ضعيف أيضا، فالإسناد ظلمات بعضها فوق بعض! والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (2 / 100) بلفظ " .... الليالي الخمس .... " فذكره وزاد في آخره: " وليلة النصف من شعبان " ثم قال: " رواه الأصبهاني ". وأشار المنذري لضعفه أو وضعه. قلت: وهو عند الأصبهاني في " الترغيب " (ق 50 / 2) من الوجه المذكور. الحديث: 522 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 523 - " من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية فلا يتكلمن بالفارسية، فإنه يورث النفاق ". موضوع. رواه الحاكم (4 / 87) من طريق عمر بن هارون: حدثنا أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. سكت عليه الحاكم ورده الذهبي بقوله: " عمر كذبه ابن معين، وتركه الجماعة ". وقد سود السيوطي " جامعه " بهذا الحديث، فتعقبه الشارح بكلام الذهبي هذا، ثم قال: " فكان ينبغي للمصنف حذفه، وليته إذ ذكره بين حاله ". الحديث: 523 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 524 - " ما أنفقت الورق في شيء أحب إلى الله عز وجل من نحيرة تنحر في يوم عيد ". ضعيف جدا. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 88) والطبراني (3 / 102 / 1) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 196 / 1) والدارقطني في " سننه " (ص 543) والمخلص في قطعة من " فوائده " (84 / 1) وابن أبي شريح في " جزء بيبي " (168 / 1 - 2) عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. الحديث: 524 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 وعزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني والبيهقي في " سننه ". وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 17) : " رواه الطبراني عن ابن عباس، وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا، فقد قال ابن حبان: " روى مناكير كثيرة، وأوهاما غليظة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ". وقال البرقي فيه: " كان يتهم بالكذب ". وأشار إلى هذا الذي ذكره البرقي الإمام البخاري بقوله فيه: " سكتوا عنه "، قال الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " (ص 118 تحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله) : " إذ قال البخاري في الرجل: " سكتوا عنه "، أو " فيه نظر "، فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده، ولكنه لطيف العبارة في التجريح، فليعلم ذلك ". قال شارحه أحمد شاكر: " وكذلك قوله: " منكر الحديث " فإنه يريد الكذابين، ففي " الميزان " للذهبي (ج 1 ص 5) : نقل ابن القطان أن البخاري قال: كل من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه ". 525 - " ما عمل ابن آدم في هذا اليوم أفضل من دم يهراق، إلا أن تكون رحما توصل ". ضعيف. قال المنذري (2 / 102) : " رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس وفي إسناده يحيى بن الحسن الخشني لا يحضرني حاله ". وأما الهيثمي فقال (4 / 18) : " هو ضعيف وقد وثقه جماعة ". كذا قال، ولم أجد له ذكرا في شيء من كتب الرجال التي عندي. والله أعلم. هذا ما كنت نشرته في " مجلة التمدن الإسلامي " الغراء، وأزيد الآن فأقول: ذكر السمعاني في مادة (الخشني) جمعا من الرواة منهم الحسن بن يحيى الخشني، وحكى اختلاف العلماء فيه، وهو من رجال " التهذيب " وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الغلط ". فلعله هو راوي هذا الحديث، لكن انقلب اسمه على بعض نساخ " الطبراني " فقال: " يحيى بن الحسن الخشني " فلم يعرفه المنذري، وعرفه الهيثمي، ولكنه فاته أن ينبه على انقلاب اسمه على الناسخ، والله أعلم. ثم راجعت " معجم الطبراني الكبير " فوجدت الحديث فيه (3 / 104 / 1) عن الحسن بن الحديث: 525 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 يحيى الخشني عن إسماعيل بن عياش عن ليث عن طاووس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الأضحى .... فذكره. قلت: فتبين أنه هو الحسن بن يحيى الذي ذكره السمعاني وأنه انقلب اسمه على بعضهم. وازددت علما بضعف الحديث حين رأيت فيه إسماعيل بن عياش وليث وهو ابن أبي سليم فهو إسناد مسلسل بالضعفاء! . والحمد لله على توفيقه. 526 - " ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إرهاق الدم، إنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 352) وابن ماجة (2 / 272) والحاكم (4 /221 - 222) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 129 / 1) من طريق أبي المثنى سليمان بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وحسنه الترمذي وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! فتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: سليمان واه، وبعضهم تركه ". وكذلك تعقبه المنذري في " الترغيب " (2 / 101) فقال: " رووه كلهم من طريق أبي المثنى وهو واه وقد وثق ". وقال البغوي عقبه: " ضعفه أبو حاتم جدا ". الحديث: 526 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 527 - " الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم، قالوا: فما لنا فيها؟ قال: بكل شعرة حسنة، قالوا: فالصوف؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة ". موضوع. أخرجه ابن ماجة (2 / 273) والحاكم (2 / 389) عن عائذ الله بن عبد الله المجاشعي عن أبي داود السبيعي عن زيد بن أرقم قال: " قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذه الأضاحي قال ": فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! فرده الذهبي بقوله: " قلت: عائذ الله قال أبو حاتم: منكر الحديث ". وهذا تعقب قاصر يوهم أنه سالم ممن فوق عائذ، قال المنذري بعد أن حكى تصحيح الحاكم: " بل واهية، عائذ الله هو المجاشعي وأبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى وكلاهما ساقط ". وأبو داود هذا قال الذهبي فيه: " يضع ". وقال ابن حبان: " لا تجوز الرواية عنه، هو الذي روى عن زيد بن أرقم ... " فذكر الحديث. الحديث: 527 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 528 - " يا فاطمة! قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين) . قال عمران بن حصين: قلت: يا رسول الله! هذا لك ولأهل بيتك خاصة وأهل ذاك أنتم - أم للمسلمين عامة؟ قال: لا، بل للمسلمين عامة ". منكر. أخرجه الحاكم (4 / 222) من طريق النضر بن إسماعيل البجلي: حدثنا أبو حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن عمران بن حصين مرفوعا. وقال: " صحيح الإسناد "! فرده الذهبي بقوله: " قلت: بل أبو حمزة ضعيف جدا، و [ابن] إسماعيل ليس بذاك ". ومن طريق أبي حمزة واسمه ثابت بن أبي صفية رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " كما في " المجمع " (4 / 17) . ثم ساق له الحاكم شاهدا من طريق عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا دون قوله: " وقولي .... " وجعل: " قلت: يا رسول الله هذا لك ... " من قول فاطمة، ورده الذهبي أيضا بقوله: " قلت: عطية واه ". ومن طريقه رواه البزاز وأبو الشيخ ابن حيان في " كتاب الضحايا " كما في " الترغيب " (2 / 102) وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 38 - 39) : " سمعت أبي يقول: هو حديث منكر ". ورواه أبو قاسم الأصبهاني عن علي نحوه كما في " الترغيب ". وقال: " وقد حسن بعض مشايخنا حديث علي هذا، والله أعلم ". الحديث: 528 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 529 - " من ضحى طيبة بها نفسه، محتسبا لأضحيته، كانت له حجابا من النار ". موضوع. قال الهيثمي في " المجمع " (4 / 17) وقد ذكره من حديث حسن بن علي: " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه سليمان بن عمرو النخعي وهو كذاب ". قلت: وقال ابن حبان فيه (1 / 330) : " كان رجلا صالحا في الظاهر إلا أنه كان يضع الحديث وضعا ". الحديث: 529 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 ومن سهو السيوطي أنه أورده في " الجامع الصغير " من هذا الوجه! ورده عليه شارحه المناوي بكلام الهيثمي هذا ثم قال: " فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ". 530 - " أيها الناس ضحوا، واحتسبوا بدمائها، فإن الدم وإن وقع في الأرض، فإنه يقع في حرز الله عز وجل ". موضوع. قال الهيثمي وقد ذكره من حديث علي أيضا: " رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك الحديث ". الحديث: 530 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 531 - " يخرج قوم هلكى لا يفلحون قائدهم امرأة، قائدهم في الجنة ". منكر. رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (77 / 1) : أخبرنا الصاغاني: أخبرنا أبو نعيم أخبرنا عبد الجبار بن العباس عن عطاء بن السائب عن عمر بن الهجنع عن أبي بكرة قال: " قيل له: ما منعك ألا تكون قاتلت عن صبرتك يوم الجمل؟ فقال " فذكره مرفوعا. ورواه أبو منصور بن عساكر في: " الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين " (28 / 2 الحديث 12) من طريق الصغاني. وأورده العقيلي في " الضعفاء " (289) وقال: حدثنا محمد بن عبيدة قال: حدثنا أبو نعيم به وقال: " عمر بن الهجنع لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به وعبد الجبار بن العباس من الشيعة ". قلت: وهذا صدوق، وأما عمر بن الهجنع، فقال الذهبي تبعا للعقيلي: " لا يعرف ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (1 / 145) على قاعدته في توثيق المجهولين، فلا يغتر به كما نبهنا عليه مرارا. وعطاء بن السائب كان اختلط، فالحديث ضعيف منكر، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 10) من طريق العقيلي، وأعله بعبد الجبار هذا، فلم يصنع شيئا! ولذلك رد عليه السيوطي في " اللآلي " (1091) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (195 / 1) بأن العقيلي أورده في ترجمة ابن الهجنع، فقال فيه ما سبق: " متروك الحديث ". قلت: لأنه كان كذابا، فسقط حديثه. الحديث: 531 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 532 - " إن الله نظر في قلوب العباد فلم يجد قلبا أنقى من أصحابي، ولذلك اختارهم، فجعلهم أصحابا، فما استحسنوا فهو الحديث: 532 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 عند الله حسن، وما استقبحوا فهو عند الله قبيح ". موضوع. رواه الخطيب (4 / 165) من طريق سليمان بن عمرو النخعي: حدثنا أبان بن أبي عياش وحميد الطويل عن أنس مرفوعا. وقال: " تفرد به النخعي ". قلت: وهو كذاب كما سبق مرارا، أقربها الحديث (529) ولهذا قال الحافظ ابن عبد الهادي: " إسناده ساقط، والأصح وقفه على ابن مسعود ". نقله في " الكشف " (2 / 188) ويعني بالموقوف الحديث الآتي: " ما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيء ". 533 - " ما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيء ". لا أصل له مرفوعا. وإنما ورد موقوفا على ابن مسعود قال: " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون .... " إلخ. أخرجه أحمد (رقم 3600) والطيالسي في " مسنده " (ص 23) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " (84 / 2) من طريق عاصم عن زر بن حبيش عنه. وهذا إسناد حسن. وروى الحاكم منه الجملة التي أوردنا في الأعلى وزاد في آخره: " وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه " وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي. وقال الحافظ السخاوي: " هو موقوف حسن ". قلت: وكذا رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (100 / 2) من طريق المسعودي عن عاصم به إلا أنه قال: " أبي وائل " بدل " زر بن حبيش ". ثم أخرجه من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله: فذكره. وإسناده صحيح. وقد روي مرفوعا ولكن في إسناده كذاب كما بينته آنفا. وإن من عجائب الدنيا أن يحتج بعض الناس بهذا الحديث على أن في الدين بدعة حسنة، وأن الدليل على حسنها اعتياد المسلمين لها! ولقد صار من الأمر المعهود أن يبادر هؤلاء إلى الاستدلال بهذا الحديث عندما تثار هذه المسألة وخفي عليهم. أ - أن هذا الحديث موقوف فلا يجوز أن يحتج به في معارضة النصوص القاطعة في الحديث: 533 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 أن " كل بدعة ضلالة " كما صح عنه صلى الله عليه وسلم. ب - وعلى افتراض صلاحية الاحتجاج به فإنه لا يعارض تلك النصوص لأمور: الأول: أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق، ويؤيده استدلال ابن مسعود به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفة، وعليه فاللام في " المسلمون " ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد. الثاني: سلمنا أنه للاستغراق ولكن ليس المراد به قطعا كل فرد من المسلمين، ولوكان جاهلا لا يفقه من العلم شيئا، فلابد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم، وهذا مما لا مفر لهم منه فيما أظن. فإذا صح هذا فمن هم أهل العلم؟ وهل يدخل فيهم المقلدون الذين سدوا على أنفسهم باب الفقه عن الله ورسوله، وزعموا أن باب الاجتهاد قد أغلق؟ كلا ليس هؤلاء منهم وإليك البيان: قال الحافظ ابن عبد البر في " جامع العلم " (2 / 36 - 37) : " حد العلم عند العلماء ما استيقنته وتبينته، وكل من استيقن شيئا وتبينه فقد علمه، وعلى هذا من لم يستيقن الشيء، وقال به تقليدا، فلم يعلمه، والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من صحة قوله، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ولا وجه القول ولا معناه ". ولهذا قال السيوطي رحمه الله: " إن المقلد لا يسمى عالما " نقله السندي في حاشية ابن ماجة (1 / 7) وأقره. وعلى هذا جرى غير واحد من المقلدة أنفسهم بل زاد بعضهم في الإفصاح عن هذه الحقيقة فسمى المقلد جاهلا فقال صاحب " الهداية " تعليقا على قول الحاشية: " ولا تصلح ولاية القاضي حتى ... يكون من أهل الاجتهاد " قال (5 / 456) من " فتح القدير ": " الصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية، فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا، خلافا للشافعي ". قلت: فتأمل كيف سمى القاضي المقلد جاهلا، فإذا كان هذا شأنهم، وتلك منزلتهم في العلم باعترافهم أفلا تتعجب معي من بعض المعاصرين من هؤلاء المقلدة كيف أنهم يخرجون عن الحدود والقيود التي وضعوها بأيديهم وارتضوها مذهبا لأنفسهم، كيف يحاولون الانفكاك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 عنها متظاهرين بأنهم من أهل العلم لا يبغون بذلك إلا تأييد ما عليه العامة من البدع والضلالات، فإنهم عند ذلك يصبحون من المجتهدين اجتهادا مطلقا، فيقولون من الأفكار والآراء والتأويلات ما لم يقله أحد من الأئمة المجتهدين، يفعلون ذلك، لا لمعرفة الحق بل لموافقة العامة! وأما فيما يتعلق بالسنة والعمل بها في كل فرع من فروع الشريعة فهنا يجمدون على آراء الأسلاف، ولا يجيزون لأنفسهم مخالفتها إلى السنة، ولوكانت هذه السنة صريحة في خلافها، لماذا؟ لأنهم مقلدون! فهلا ظللتم مقلدين أيضا في ترك هذه البدع التي لا يعرفها أسلافكم، فوسعكم ما وسعهم، ولم تحسنوا ما لم يحسنوا، لأن هذا اجتهاد منكم، وقد أغلقتم بابه على أنفسكم؟! بل هذا تشريع في الدين لم يأذن به رب العالمين، (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وإلى هذا يشير الإمام الشافعي رحمة الله عليه بقوله المشهور: " من استحسن فقد شرع ". فليت هؤلاء المقلدة إذ تمسكوا بالتقليد واحتجوا به - وهو ليس بحجة على مخالفيهم - استمروا في تقليدهم، فإنهم لوفعلوا ذلك لكان لهم العذر أو بعض العذر لأنه الذي في وسعهم، وأما أن يردوا الحق الثابت في السنة بدعوى التقليد، وأن ينصروا البدعة بالخروج عن التقليد إلى الاجتهاد المطلق، والقول بما لم يقله أحد من مقلديهم (بفتح اللام) ، فهذا سبيل لا أعتقد يقول به أحد من المسلمين. وخلاصة القول: أن حديث ابن مسعود هذا الموقوف لا متمسك به للمبتدعة، كيف وهو رضي الله عنه أشد الصحابة محاربة للبدع والنهي عن اتباعها، وأقواله وقصصه في ذلك معروفة في " سنن الدارمي " و" حلية الأولياء " وغيرهما، وحسبنا الآن منها قوله رضي الله عنه: " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق ". فعليكم أيها المسلمون بالسنة تهتدوا وتفلحوا. 534 - " الهر سبع ". ضعيف. رواه أحمد (2 / 442) والعقيلي (331) والبيهقي (1 / 251 - 252) عن عيسى بن المسيب عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا سند ضعيف من أجل عيسى بن المسيب، ضعفه ابن معين، وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم كما في " الميزان " للذهبي، ثم ساق له هذا الحديث وقال العقيلي: " ولا يتابعه إلا من هو مثله أو دونه ". الحديث: 534 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 535 - " حمل العصا علامة المؤمن، وسنة الأنبياء ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (2 / 97 - زهر الفردوس) من طريق الحديث: 535 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 يحيى بن هاشم الغساني عن قتادة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وإن ذكره السيوطي في " الفتاوي " (2 / 201) وسكت عليه! بل أورده في " الجامع الصغير "! فقد تعقبه شارحه المناوي بأن الغساني هذا قال الذهبي في " الضعفاء ": " قالوا: كان يضع الحديث ". 536 - " كان للأنبياء كلهم مخصرة يتخصرون بها تواضعا لله عز وجل ". موضوع. رواه الديلمي من طريق وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رفعه. ذكره السيوطي في " الفتاوي " (2 / 201) وسكت عليه! ووثيمة هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح " (4 / 2 / 5) : " روى عن سلمة أحاديث موضوعة ". واعلم أنه ليس في الباب في الحض على حمل العصا، حديث يصح، وأن حمل العصا من سنن العادة لا العبادة. الحديث: 536 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 537 - " من شم الورد الأحمر، ولم يصل علي، فقد جفاني ". موضوع. قال السيوطي في " الفتاوي " (2 / 183، 192، 208) : " هو من الأحاديث المقطوع ببطلانها مما في كتاب (نزهة المجالس) لعبد الرحمن الصفوري ". قلت: ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (85 و86) وذكر أنه من وضع بعض المغاربة، فراجعه إن شئت. الحديث: 537 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 538 - " من وجد ماله في الفيء قبل أن يقسم فهو له، ومن وجده بعدما قسم فليس له شيء ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (ص 472) من طريق إسحاق بن عبد الله عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه ابن عمر مرفوعا، وقال: " إسحاق هو ابن أبي فروة متروك ". قلت: ثم رواه من طريق أخرى عن ابن عمر، وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف، ومن طريق أخرى عن ابن عباس مرفوعا نحوه. وفيه الحسن بن عمارة، وهو يضع. وقد روي من طرق أخرى ضعفها الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 435) وروى الدارقطني وغيره معنى هذا الحديث عن عمر موقوفا عليه وهو ضعيف أيضا لانقطاعه كما قال الدارقطني وغيره. الحديث: 538 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 وقد قال بهذا التفصيل الذي تضمنه هذا الحديث جماعة من العلماء، وذهب الشافعي وجماعة آخرون إلى أنه لا يملك أهل الحرب بالغلبة شيئا من المسلمين، ولصاحبه أخذه قبل القسمة وبعدها وهذا هو الحق الذي لا شك فيه وإن تبجح بعض الكتاب المعاصرين بخلافه، واعتبر ذلك من مفاخر الإسلام فقال: " إن الإسلام قرر حق تملك الغنائم لمن حازها من المتحاربين، المسلمون وغيرهم في ذلك سواء ". وهذا باطل لأنه مع أنه لا مستند له إلا هذا الحديث الضعيف، فهو مخالف لحديث المرأة الصحابية التي أسرها المشركون، وكانوا أصابوا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم (العضباء) ، فانفلتت المرأة ذات ليلة، وهربت على العضباء، فطلبوها فأعجزتهم، وقدمت فقالت: إنها نذرت إن أنجاها الله عليها لتنحرنها! فقال صلى الله عليه وسلم: " لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا في معصية الله تبارك وتعالى ": رواه مسلم (5 / 78 - 79) وأحمد (4 / 429، 430 / 432، 434) . فهذا صريح في أن هذه المرأة لم تملك هذه الناقة، ولوأن الأمر كما قال ذلك البعض، لكانت الناقة من حق هذه المرأة وهذا بين لا يخفى. ثم وجدت ابن عبد الهادي في " تنقيح التحقيق " (2 / 374 - 375) استدل بهذا الحديث الصحيح لمذهب أحمد القائل: " إذا استولى المشركون على أموال المسلمين لم يملكوها، (قال:) ووجه الحجة أنه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطل نذرها، إنما أخذ الناقة لأنه أدركها غير مقسومة ". 539 - " لا تذكروني عند ثلاث: تسمية الطعام، وعند الذبح، وعند العطاس ". موضوع. رواه البيهقي (9 / 286) من طريق سليمان بن عيسى: أخبرني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه مرفوعا وقال: " هذا منقطع، وعبد الرحيم وأبوه ضعيفان، وسليمان بن عيسى السجزي في عداد من يضع الحديث ". وذكر نحوه ابن عبد الهادي في " تنقيح التحقيق " (2 / 392) وعزاه للحاكم بدل البيهقي، والله أعلم. وقال ابن حبان في عبد الرحيم (2 / 152) : " يروي عن أبيه العجائب مما لا يشك من الحديث صناعته أنها معمولة أو مقلوبة كلها ". قلت: فإن سلم منهما فلن يسلم من السجزي. الحديث: 539 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 540 - " نهينا عن صيد كلب المجوسي وطائره ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 341) والبيهقي (9 / 245) من طريق شريك عن الحجاج الحديث: 540 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 عن القاسم بن أبي بزة عن سليمان اليشكري عن جابر. وضعفه الترمذي بقوله: " غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه "، والبيهقي بقوله: " في هذا الإسناد من لا يحتج به ". قلت: وهما شريك وهو ابن عبد الله القاضي، وهو ضعيف من قبل حفظه. والحجاج وهو بن أرطاة، وهو مدلس وقد عنعنه. وليس في الباب ما يشهد للحديث، ويمكن فهمه على وجهين: الأول: أن يكون كلب المجوسي صاد بإرسال صاحبه فعلى هذا لا يجوز أكل صيده فيكون معنى الحديث صحيحا. الثاني: أن يكون الذي أرسله مسلما، وعلى هذا يحل صيده ولا يصح معنى الحديث وقد أوضح المسألة الإمام مالك أحسن التوضيح فقال في " الموطأ " (2 / 41) : " الأمر المجتمع عليه عندنا أن المسلم إذا أرسل كلب المجوسي الضاري فصاد أو قتل أنه إذا كان متعلما فأكل ذلك الصيد حلال لا بأس به، وإن لم يذكه المسلم، وإنما مثل ذلك مثل المسلم يذبح بشفرة المجوسي، أو يرمي بقوسه، أو بنبله، فيقتل بها، فصيده ذلك وذبيحته حلال لا بأس بأكله، وإذا أرسل المجوسي كلب المسلم الضاري على صيد فأخذه فإنه لا يؤكل ذلك الصيد إلا أن يذكى، وإنما مثل ذلك مثل قوس المسلم ونبله، يأخذها المجوسي، فيرمي بها الصيد فيقتله، وبمنزلة شفرة المسلم يذبح بها المجوسي، فلا يحل أكل شيء من ذلك ". 541 - " ثلاث من أخلاق الإيمان: من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق، ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 31) وعنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 132) وابن بشران في " الأمالي الفوائد " (2 / 133 / 2) من طريق حجاج بن يوسف بن قتيبة الهمداني: حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن الزبير بن عدي إلا بشر بن الحسين ". قلت: وهو كذاب كما سبق مرارا. وقال الهيثمي (1 / 59) بعد أن عزاه للمعجم: " وفيه بشر بن الحسين وهو كذاب ". قلت: وراويه عنه الهمداني مجهول كما قال ابن المديني، والحديث مما سود به السيوطي " جامعه ": ولهذا تعقبه شارحه المناوي بكلام الهيثمي المذكور ثم قال: " فكان ينبغي للمصنف حذفه من هذا الكتاب ". ولعل السيوطي اغتر باقتصار الحافظ العراقي على تضعيفه في " تخريج الإحياء " (4 / 307) الحديث: 541 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 وهو منه قصور أو ذهو ل أو تسامح في التعبير لأن الحديث الموضوع من أقسام الحديث الضعيف، ثم إن الحديث هو أول حديث في " نسخة الزبير بن عدي " المحفوظة في ظاهرية دمشق حرسها الله تعالى. 542 - " حجوا، فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن ". موضوع. رواه أبو الحجاج يوسف بن خليل في " السباعيات " (1 / 18 / 1) عن يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد مرفوعا وموقوفا. ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (3 / 209) و" الجامع " وقال الهيثمي: " وفيه يعلى بن الأشدق وهو كذاب ". الحديث: 542 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 543 - " حجوا قبل أن لا تحجوا: يقعد أعرابها على أذناب أو ديتها، فلا يصل إلى الحج أحد ". باطل. رواه أبو نعيم في " أخبار أصفهان " (2 / 76 - 77) والبيهقي (4 / 341) والخطيب في " التلخيص " (96 / 2) من طريق عبد الله بن عيسى بن بحير: حدثني محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: عبد الله هذا هو الجندي، ذكره العقيلي في " الضعفاء "، وساق له هذا الحديث وقال: " إسناد مجهول فيه نظر " وقال الذهبي: " إسناد مظلم، وخبر منكر ". وقال في " المهذب " كما في المناوي: " إسناده واه ". وشيخه محمد بن أبي محمد مجهول كما قال أبو حاتم، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 268) ! وساق له هذا الحديث ثم قال: " وهذا خبر باطل، وأبو محمد لا يدرى من هو؟ " يعني أنه هو علة الحديث. والله أعلم. الحديث: 543 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 544 - " حجوا قبل أن لا تحجوا، فكأني أنظر إلى حبشي أصمع، أفدع، بيده معول يهدمها حجرا حجرا ". موضوع. أخرجه الحاكم (1 / 148) وأبو نعيم (4 / 131) والبيهقي (4 / 340) عن يحيى بن عبد الحميد الحماني: حدثنا حصين بن عمر الأحمسي: حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي مرفوعا. سكت عليه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: الحديث: 544 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 " قلت: حصين واه، ويحيى الحماني ليس بعمدة ". وأقول: حصين كذاب كما قال ابن خراش وغيره. وقال الحاكم: (1 / 268) : " يروي الموضوعات عن الأثبات " وقد تفرد بهذا الحديث كما قال أبو نعيم. وأما الحماني، فقد تابعه جبارة عند ابن عدي (102 / 2) في ترجمة حصين هذا وقال: " عامة أحاديثه معاضيل ". 545 - " من غش العرب لم يدخل في شفاعتي، ولم تنله مودتي ". موضوع. أخرجه الترمذي (4 / 376) وأحمد رقم (519) ومن طريقه العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (8 / 2) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (8 / 1) وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (136 / 2) من طريق حصين بن عمر عن مخارق بن عبد الله عن طارق بن شهاب عن عثمان بن عفان مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي، وليس عند أهل الحديث بذاك القوي ". قلت: بل هو كذاب عند غير واحد منهم، كما سبق ذكره قبل هذا، وحديثه هذا معارض لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ". وهو مخرج في " الروض النضير " رقم (43، 65) ، و" المشكاة " (5598 و5599) . الحديث: 545 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 546 - " للإمام سكتتان، فاغتنموا القراءة فيهما بفاتحة الكتاب ". لا أصل له مرفوعا. وإنما رواه البخاري في " جزء القراءة " (ص 33) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: فذكره موقوفا عليه. قلت: وإسناده حسن. ثم رواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة موقوفا عليه، وسنده حسن أيضا. (1) والذي دعاني إلى التنبيه على بطلان رفعه أنني رأيت ما نقله بعضهم في تعليقه على قول النووي في " الأذكار " (ص 63) : " إنه يستحب للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت بعد التأمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأموم الفاتحة ". فقال المعلق عليه وهو الشيخ محمد حسين أحمد: " قال الحافظ: دليل استحباب تطويل هذه السكتة حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن   (1) قلت: فيه دليل على أبي هريرة في " مسلم ": " اقرأ بها في نفسك يا فارسي " إنما يعني قراءتها في سكتات الإمام إن وجدت. وهذه فائدة هامة. فخذها شاكرا الله تعالى. الحديث: 546 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 أن للإمام سكتتين .... أخرجه البخاري في كتاب " القراءة خلف الإمام " وأخرجه فيه أيضا عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وعن عروة بن الزبير قال: يا بني اقرؤوا إذا سكت الإمام، واسكتوا إذا جهر، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ". فقوله: " حديث أبي سلمة .... " فيه إيهام كبير أنه حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن اللفظ من قوله صلى الله عليه وسلم كما هو المتبادر عند الإطلاق، وراجعني من أجل ذلك بعض الشافعية محتجا به! فبينت له أن الحديث ليس هو من كلامه صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مقطوع موقوف على أبي سلمة، حتى ولوكان مرفوعا لكان ضعيفا لأنه مرسل تابعي. ثم قلت: ولوصح عنه صلى الله عليه وسلم لما كان حجة لكم بل هو عليكم! قال كيف؟ قلت: لأنه يقول: " فاغتنموا القراءة في السكتتين " وهما سكتة الافتتاح وسكتة بعد القراءة، وأنتم لا تقولون بقراءة الفاتحة أو بعضها في السكتة الأولى! نعم نقل ابن بطال عن الشافعي أن سبب سكوت الإمام السكتة الأولى ليقرأ المأموم فيها الفاتحة. لكن الحافظ تعقبه في " الفتح " (2 / 182) بقوله: " وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي، ولا عن أصحابه، إلا أن الغزالي قال في " الإحياء ": إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهية تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام ". وكذلك قول عروة المتقدم حجة على الشافعية، لأنه يأمر المؤتم بالسكوت إذا جهر الإمام. وهذا هو أعدل الأقوال في مسألة القراءة وراء الإمام، أن يقرأ إذا أسر الإمام، وينصت إذا جهر. وقد فصلت القول في هذه المسألة وجمعت الأحاديث الواردة فيها في تخريج أحاديث " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ". 547 - " كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان، سكتة حين يكبر، وسكتة حين يفرغ من قراءته ". ضعيف. أخرجه البخاري في " جزء القراءة " (ص 23) وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث الحسن البصري عن سمرة بن جندب. وهذا سند ضعيف أعله الدارقطني في سننه (ص 138) بالانقطاع فقال عقب الحديث: " الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثا واحدا، وهو حديث العقيقة ". قلت: ثم هو على جلالة قدره مدلس كما سبق التنبيه على ذلك مرارا، ولم أجد تصريحه بسماعه لهذا الحديث بعد مزيد البحث والتفتيش عن طرقه إليه، فلو سلم أنه ثبت سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة، لما ثبت سماعه لهذا، كما لا يخفى على المشتغلين بعلم السنة المطهرة. ثم إن للحديث علة أخرى وهي الاضطراب في متنه. ففي هذه الرواية أن السكتة الثانية محلها بعد الفراغ من القراءة، وفي رواية ثانية: بعد الفراغ الحديث: 547 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 من قراءة الفاتحة، وفي الأخرى بعد الفراغ من الفاتحة وسورة عند الركوع. وهذه الرواية الأخيرة هي الصواب في الحديث لوصح، لأنه اتفق عليها أصحاب الحسن، يونس، وأشعث، وحميد الطويل، وقد سقت رواياتهم في ذلك في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 135 و138) ونقلت فيه عن أبي بكر الجصاص أنه قال: " هذا حديث غير ثابت ". فبعد معرفة علة الحديث لا يلتفت المنصف إلى قول من حسنه. وإذا عرفت هذا فلا حجة للشافعية في هذا الحديث على استحبابهم السكوت للإمام بقدر ما يقرأ المأموم الفاتحة، وذلك لوجوه: الأول: ضعف سند الحديث. الثاني: اضطراب متنه. الثالث: أن الصواب في السكتة الثانية فيه أنها قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة كلها لا بعد الفراغ من الفاتحة. الرابع: على افتراض أنها أعني السكتة بعد الفاتحة، فليس فيه أنها طويلة بمقدار ما يتمكن المقتدي من قراءة الفاتحة! ولهذا صرح بعض المحققين بأن هذه السكتة الطويلة بدعة فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (2 / 146 - 147) : " ولم يستحب أحمد أن يسكت الإمام لقراءة المأموم، ولكن بعض أصحابه استحب ذلك، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لوكان يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقل هذا أحد، علم أنه لم يكن، وأيضا فلوكان الصحابة كلهم يقرؤون الفاتحة خلفه صلى الله عليه وسلم، إما في السكتة الأولى وإما في الثانية لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فكيف ولم ينقل أحد من الصحابة أنهم كانوا في السكتة الثانية يقرءون الفاتحة، مع أن ذلك لوكان شرعا لكان الصحابة أحق الناس بعلمه، فعلم أنه بدعة ". قلت: ومما يؤيد عدم سكوته صلى الله عليه وسلم تلك السكتة الطويلة قول أبي هريرة رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنية، فقلت: يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي .... " الحديث فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت تلك السكتة بعد الفاتحة بمقدارها لسألوه عنها كما سألوه عن هذه. 548 - " لئن أظهرني الله عليهم (يعني كفار قريش الذين قتلوا حمزة) لأمثلن بثلاثين رجلا منهم ". ضعيف. رواه ابن إسحاق في " السيرة " عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة (النمل) بمكة وهي مكية إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة بعد أحد، حين قتل حمزة ومثل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: الحديث: 548 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله (وإن عاقبتهم فعاقبوا بمثل ما عوقبتهم به) إلى أخر السورة. ذكره الحافظ ابن كثير (2 / 592) وضعفه بقوله: " وهذا مرسل وفيه رجل مبهم لم يسم، وقد روي من وجه آخر متصل ". قلت: وهذا المتصل من حديث أبي هريرة ضعيف كما يأتي بعده. وروي من حديث ابن عباس وهو: " لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين رجلا منهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك: (وإن عاقبتهم فعاقبوا) إلى قوله: (يمكرون) ". 549 - " لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين رجلا منهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك: (وإن عاقبتهم فعاقبوا) إلى قوله: (يمكرون) ". ضعيف. رواه الطبراني (3 / 107 - 108) عن أحمد بن أيوب بن راشد البصري: أخبرنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن كعب القرظي والحكم بن عتيبة عن مقسم ومجاهد عن ابن عباس قال: " لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فنظر إلى ما به قال: لولا أن تحزن النساء ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطيور حتى يبعثه الله مما هنالك. قال: وأحزنه ما [رأى] به فقال " فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، قال: الهيثمي (6 / 120) : " وفيه أحمد بن أيوب بن راشد وهو ضعيف ". قلت: لم أجد من صرح بتضعيفه من الأئمة المتقدمين، ولا من وثقه منهم، نعم أورده ابن حبان في " الثقات " وقال: " ربما أغرب "، وهذا ليس بجرح كما أن إيراده إياه في " الثقات " ليس بتوثيق معتمد، كما سبق التنبيه عليه مرارا، فالحق أن الرجل في عداد مجهولي العدالة، ولذلك لم يوثقه الحافظ في " التقريب " ولم يضعفه، بل قال فيه " مقبول " إشارة إلى ما ذكرته. والله أعلم. ورواه البيهقي في " دلائل النبوة " (ج 1 - غزوة أحد - مخطوط) عن ابن إسحاق قال: حدثني بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب مرفوعا. وهذا مع إرساله ضعيف أيضا، وبريدة بن سفيان قال الحافظ: " ليس بالقوي ". وقد روي هذا الحديث من طريق أخرى عن محمد بن كعب، أخرجه المحاملي في " الأمالي " (ج 7 رقم 2) عن عبد العزيز بن عمران: حدثني أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب عن ابن عباس. وهذا سند ضعيف جدا، عبد العزيز قال الحافظ: " متروك، احترقت كتبه فحدث من حفظه فاشتد غلطه ". الحديث: 549 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وروي من حديث أبي هريرة نحوه وأتم منه، وهو: 550 - " رحمة الله عليك إن كنت ما علمت لوصولا للرحم، فعولا للخيرات، والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع - أو كلمة نحوها - أما والله على ذلك لأمثلن بسبعين كمثلتك. فنزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه السورة وقرأ: (وإن عاقبتهم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) إلى آخر الآية، فكفر رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني عن يمينه) ، وأمسك عن ذلك ". ضعيف. أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (2 / 6 / 1 - 2) والحاكم (3 / 197) والبزاز والطبراني والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج 1 - غزوة أحد) والواحدي (146 / 1) عن صالح المري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب حين استشهد، فنظر إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه، أو أوجع لقلبه منه، ونظر إليه وقد مثل به فقال: " فذكره. وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: صالح واه ". وقال الحافظ ابن كثير (2 / 592) : " وهذا إسناد فيه ضعف لأن صالحا هو ابن بشير المري ضعيف عند الأئمة ". وكذلك ضعفه الهيثمي في " المجمع " (6 / 119) . ورواه البيهقي أيضا من طريق يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا قيس عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا نحوه وزاد: " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نصبر يا رب! ". وسنده ضعيف، مسلسل بالضعفاء الثلاثة: ابن أبي ليلى فمن دونه! قلت: وقد ثبت بعضه مختصرا من طرق أخرى فأخرج الحاكم (3 / 196) والخطيب في " التلخيص " (44 / 1) عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحمزة يوم أحد وقد جدع ومثل به فقال: " لولا أن صفية تجد لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع، فكفنه في نمرة ". وقال: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي وهو كما قالا. ورواه الحاكم (3 / 197 - 198) والبزاز والطبراني من حديث ابن عباس بسند لا بأس به في المتابعات والشواهد. وسبب نزول الآية السابقة في هذه الحادثة صحيح فقد قال أبي بن كعب: " لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا، ومن المهاجرين ستة، فمثلوا بهم وفيهم حمزة، فقالت الأنصار: لئن أصبناهم مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله عز وجل: (وإن عاقبتهم فعاقبوا بمثل ما عوقبتهم به) الآية، فقال رجل: لا قريش الحديث: 550 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كفوا عن القوم غير أربعة ". رواه الترمذي (4 / 133) ، والحاكم (2 / 359) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (5 / 135) وحسنه الترمذي، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. 551 - " من قلد عالما لقي الله سالما ". لا أصل له. وقد سئل عنه السيد رشيد رضا رحمه الله فأجاب في مجلة " المنار " (34 / 759) بقوله: " ليس بحديث ". الحديث: 551 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 552 - " جلس صلى الله عليه وسلم على مرفقة حرير ". لا أصل له. كما أشار لذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 227) ، وقد احتج به صاحب " الهداية " لمذهب الحنفية الذي يجيز للرجال الجلوس على الحرير! . قال الزيلعي: " يشكل على المذهب حديث حذيفة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه. أخرجه البخاري ". قلت: وهذا هو الحق أنه يحرم الجلوس على الحرير كما يحرم لبسه لحديث البخاري هذا، والأحاديث العامة في تحريم لبسه على الرجال كقوله عليه السلام: " لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " متفق عليه، فإنها تتناول بعمومها الجلوس عليه، لأن الجلوس لبس لغة وشرعا، كما قال أنس رضي الله عنه: " قمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس ". فانظر كيف تصرف الأحاديث الموضوعة الناس عن الأحاديث الصحيحة. (فاعتبروا يا أولي الأبصار) . الحديث: 552 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 553 - " عادي الأرض لله وللرسول، ثم لكم من بعد، فمن أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين ". منكر بهذا التمام. أخرجه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في " كتاب الخراج " (ص 77) قال: حدثني ليث عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال من طاووس، فإنه تابعي. الثانية: ضعف ليث وهو ابن أبي سليم لاختلاطه كما بينه ابن حبان في " كتاب المجروحين " (1 / 57 و2 / 231) . الحديث: 553 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 الثالثة: أبو يوسف فيه ضعف من قبل حفظه، قال الفلاس: " صدوق كثير الخطأ " وضعفه البخاري وغيره ووثقه ابن حبان وغيره. قلت: وقد تفرد بقوله في آخر الحديث: " وليس لمحتجر .... " فقد أخرجه يحيى بن آدم في " كتاب الخراج " (ص 85، 86، 88) والبيهقي في سننه (6 / 143) من طرق كثيرة عن ليث به مرسلا بدون هذه الزيادة، فهي منكرة. وكذلك أخرجه الشافعي (2 / 204) والبيهقي عن سفيان الثوري عن ابن طاووس مرسلا. ووصله البيهقي عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " تفرد به معاوية بن هشام مرفوعا موصولا ". قلت: ومعاوية فيه ضعف، والصواب في الحديث مرسل. ثم إن هذه الزيادة رواها أبو يوسف أيضا موقوفا على عمر رضي الله عنه فلعله الصواب. قال أبو يوسف: وحدثني محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم بن عبد الله. " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال على المنبر: " من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين " وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الأرض ما لا يعملون ". وهذا سند منقطع في موضعين، لكن رواه يحيى بن آدم (ص 90) وأبو عبيد القاسم بن سلام (ص 290) عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان الناس يحتجرون على عهد عمر رضي الله عنه فقال: من أحيا أرضا فهي له. قال يحيى: كأنه لم يحلها له بالتحجير حتى يحييها. وهذا سند صحيح إلى عمر، ولكن ليس فيه " وليس لمحتجر ... ". لكن يظهر أن هذه الجملة ثابتة عن عمر، فقد رواها أبو يوسف عنه من طريق ثانية، ويحيى من طريق ثالثة، وهي وإن كانت لا تخلومن ضعف فبعضها يقوي بعضا. وجملة القول: أن هذه الزيادة رفعها منكر، والصواب أنها من قول عمر، وأما الجملة الأولى من الحديث فضعيفة لإرسالها. وأما قوله: " من أحيا أرضا ميتة فهي له " فهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى عند أبي داود وغيره، وللبخاري معناه، وقد خرجتها في " الإرواء " (1548) ، وبعضها في " الأحاديث الصحيحة " رقم (568) من المجلد الثاني منه، وقد تم طبعه قريبا والحمد لله. فائدة فقهية: اعلم أن الإحياء غير التحجير، وقد بين الفرق بينهما يحيى بن آدم أحسن بيان فقال (ص 90) : " وإحياء الأرض أن يستخرج فيها عينا أو قليبا أو يسوق إليها الماء، وهي أرض لم تزرع، ولم تكن في يد أحد قبله يزرعها أو يستخرجها حتى تصلح للزرع، فهذه لصاحبها أبدا، لا تخرج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 من ملكه، وإن عطلها بعد ذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحيا أرضا فهي له "، فهذا إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها للناس، فإن مات فهي لورثته وله أن يبيعها إن شاء " قال: " والتحجير، فهو غير الإحياء، قال ابن المبارك: التحجير أن يضرب على الأرض من الأعلام والمنار فهذا الذي قيل فيه إن عطلها ثلاث سنين فهي لمن أحياها بعده ". ويظهر أن هذا الفرق الواضح لم ينتبه له رئيس حزب التحرير الإسلامي فإنه احتج بهذا الحديث المنكر في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام " (ص 20) على أنه يشترط في إحياء الأرض الموات أن يستثمرها مدة ثلاث سنوات من وضع يده عليها، وأن يستمر هذا الإحياء باستغلالها فإن لم يفعل سقط حق ملكيته لها ". والحديث مع أنه منكر ليس فيه الشرط المذكور، ولا هو في الإحياء كما هو ظاهر بأدنى تأمل، وكم له أولحزبه مثل هذا الاستدلال الباطل، والاحتجاج بالأحاديث المنكرة والأخبار الواهية. 554 - " إن حادينا نام فسمعنا حاديكم فملت إليكم، فهل تدرون أنى كان الحداء؟ قالوا: لا والله، قال: إن أباهم مضر خرج إلى بعض رعاته، فوجد إبله قد تفرقت، فأخذ عصا فضرب بها كف غلامه، فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح: يا يداه يا يداه! فسمعت الإبل فعطفت عليه، فقال مضر: لواشتق مثل هذا لانتفعت به الإبل واجتمعت، فاشتق الحداء ". موضوع. رواه ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " (ص 238) من طريق أبي البختري وهب عن طلحة المكي عن بعض علمائهم: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مال ذات ليلة بطريق مكة إلى حاد مع قوم، فسلم عليهم فقال ". فذكره. قلت: وهذا مع إرساله موضوع، والمتهم به أبو البختري هذا، وهو وهب بن وهب المدني القاضي قال ابن معين: " كان يكذب عدوالله! " وقال أحمد: " كان يضع الحديث وضعا ". وذكر ابن الجوزي في مقدمة " الموضوعات " (1 / 47 - ط) أنه من كبار الوضاعين، فالعجب منه كيف يروي له في هذا الكتاب (تلبيس إبليس) الذي أكثر قرائه لا علم لهم بالحديث ورجاله! وقد ساق الذهبي في ترجمة أبي البختري هذا أحاديث كثيرة ثم قال: " وهذه أحاديث مكذوبة ". الحديث: 554 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 والموضوع في هذا الحديث إنما هو ما عدا الجملة الأولى منه، فإن لها شاهدا مرسلا قويا، فقال ابن سعد في " الطبقات " (1 / 2) : أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم: أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فبينا هو يسير بالليل ومعه رجل يسايره إذ سمع حاديا يحدو، وقوم أمامه، فقال لصاحبه، لو أتينا حادي هؤلاء القوم، فقربنا حتى غشينا القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ممن القوم؟ قالوا: من مضر، فقال: وأنا من مضر، وني حادينا، فسمعنا حاديكم، فأتيناكم. ورواه ابن الأعرابي في " حديث سعدان بن نصر " (1 / 22 / 1) . وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال مسلم لولا أنه مرسل، ولكنه جاء نحوه من طريق آخر، فقال ابن سعد: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي: أنبأنا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن طاووس قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ سمع صوت حاد، فسار حتى أتاهم فقال: من القوم؟ قالوا: مضريون، فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا مضري، فقالوا: يا رسول الله إنا أول من حدا، بينما رجل في سفر فضرب غلاما له على يده بعصا فانكسرت يده، فجعل الغلام يقول وهو يسير الإبل: وايداه وايداه! وقال: هيبا هيبا، فسارت الإبل ". وهذا مرسل صحيح أيضا. ورواه ابن الأعرابي عن عكرمة مرسلا بسند صحيح أيضا. وهو يبين أن الأصل في قصة الحداء موقوف، فرفعه ذلك الكذاب أبو البختري. وقد ذكر الحافظ ابن كثير في " البداية " (2 / 199) عن علماء التاريخ أنهم قالوا: كان مضر أول من حدا، وذلك لأنه كان حسن الصوت، فسقط يوما عن بعيره، فوثبت يده، فجعل يقول: وايداه وايداه؟ فأعنقت الإبل لذلك. وهذا مخالف لهذا المرسل. والله أعلم. 555 - " من فقه الرجل المسلم أن يصلح معيشته، وليس من حبك الدنيا طلب ما يصلحك ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (175 / 1) عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة عن عبد الله بن عمر مرفوعا، وقال: " سعيد بن سنان أبو مهدي الحمصي عامة ما يرويه غير محفوظ ". قلت: وفي " التقريب ": " متروك رماه الدارقطني وغيره بالوضع ". قلت: وروي الحديث من طريق آخر بنحوه، وهو: الحديث: 555 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 556 - " من فقه الرجل رفقه في معيشته ". ضعيف. رواه أحمد (5 / 194) ومن طريقه الثعلبي في " تفسيره " (3 / 146 / 1) وابن عدي (37 / 2) وابن عساكر (13 / 375 / 1) عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء مرفوعا. وقال ابن عدي: " أبو بكر بن أبي مريم الغالب على حديثه الغرائب، وقل ما يوافقه عليه الثقات، وهو ممن لا يحتج به، ولكن يكتب حديثه ". قلت: ثم هو منقطع لأن ضمرة لم يسمع من أبي الدرداء كما أفاده الذهبي، فإن بين وفاتيهما نحومائة سنة. واقتصر الهيثمي (4 / 74) على إعلاله باختلاط ابن أبي مريم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية أحمد والبيهقي عن أبي الدرداء قال شارحه المناوي: " ثم قال البيهقي تفرد به سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية اهـ. قال الذهبي في " الضعفاء ": وسعيد بن سنان عن أبي الزاهرية متهم، أي بالوضع ". قلت: وهذا يوهم أن الحديث من هذه الطريق عند أحمد أيضا، وليس كذلك كما سبق فتنبه، ورواه ابن عدي عن سعيد بن سنان بسند آخر عن ابن عمر نحوه وتقدم لفظه قريبا. ورواه ابن الأعرابي في " المعجم " (237 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (1 / 11) عن فرج بن فضالة: أخبرنا لقمان بن عامر عن أبي الدرداء موقوفا عليه. والفرج بن فضالة ضعيف كما في " التقريب " وبقية رجاله ثقات، فلعل هذا هو أصل الحديث موقوف، أخطأ بعض الضعفاء فرفعه، والله أعلم. ثم وجدت ما يؤيد وقفه، فقال وكيع بن الجراح في " الزهد " (2 / 78 / 1) : حدثنا سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد " أن رجلا صعد إلى أبي الدرداء وهو في غرفة له، وهو يلتقط حبا منثورا، فقال أبو الدرداء " فذكره موقوفا عليه. ورجاله كلهم ثقات لولا أنه مرسل. وكذلك رواه ابن عساكر (3 / 375 / 1) من طريق المعتمر بن سليمان عن منصور به. ورواه أيضا من طريق إسماعيل بن عياش عن حريز بن عثمان الرحبي عن أبي حبيب الحارث بن محمد عن أبي الدرداء موقوفا. الحديث: 556 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 557 - " خذوا من القرآن ما شئتم لما شئتم ". لا أصل له فيما أعلم. وقال السيد رشيد رضا في " المنار " (مجلد 28 / 660) : " لم أره في شيء من كتب الحديث ". الحديث: 557 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 558 - " ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر الحبيب ". موضوع. ذكره محمد بن طاهر المقدسي في " صفوة التصوف " ومن طريقه أبو حفص عمر السهروردي صاحب " عوارف المعارف ": أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشده أعرابي: قد لسعت حية الهوى كبدي * * * فلا طبيب لها ولا راقي. إلا الحبيب الذي شغفت به * * * فعنده رقيتي وترياقي. فتواجد حتى سقطت البردة عن منكبيه فقال معاوية: ما أحسن لهو كم، فقال: مهلا يا معاوية ليس ... " الحديث. قال ابن تيمية في رسالة " السماع والرقص " (ص 169 من مجموعة الرسائل المنيرية ج 3) : " هذا حديث مكذوب موضوع باتفاق أهل العلم بهذا الشأن، قال: وهذا وأمثاله إنما يرويه من هو أجهل الناس بحال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم بمعرفة الإيمان والإسلام "! قلت: ثم راجعت كتاب " صفوة التصوف " للحافظ ابن طاهر المقدسي فلم أجد الحديث فيه، وإنما عزاه الحافظ في " لسان الميزان " لكتاب آخر له أسماه " السماع " وقد ساق إسناده السهروردي في " العوارف " (ص 108 - 109) فإذا هو من طريق أبي بكر عمار بن إسحاق قال: حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس به. وقال: " فهذا الحديث أوردناه مسندا كما سمعناه ووجدناه، وقد تكلم في صحته أصحاب الحديث، وما وجدنا شيئا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاكل وجد أهل الزمان وسماعهم واجتماعهم وهيئتهم، إلا هذا، وما أحسنه من حجة للصوفية وأهل الزمان في سماعهم وتمزيقهم الخرق وقسمتها أن لوصح، ويخالج سري أنه غير صحيح، ولم أجد فيه ذوق اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وما كانوا يعتدونه على ما بلغنا في هذا الحديث، ويأبى القلب قبوله. قلت: والمتهم بهذه القصة عمار بن إسحاق هذا فقد قال الذهبي في ترجمته: " كأنه واضع هذه الخرافة التي فيها: " قد لسعت حية الهوى كبدي ". فإن الباقين ثقات ". الحديث: 558 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 559 - " كان يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة (قل يا أيها الكافرون) ، و (قل هو الله أحد) ، ويقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة (الجمعة) ، و (المنافقين) ". ضعيف جدا. أخرجه ابن حبان (552) والبيهقي (2 / 391) الشطر الأول منه من طريق سعيد بن سماك بن حرب: حدثني أبي سماك بن حرب - قال: ولا أعلم إلا - عن جابر بن سمرة قال: فذكره. وأخرجه أيضا في كتابه " الثقات " (2 / 104) في ترجمة سعيد هذا، وقال: " والمحفوظ عن سماك أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ". الحديث: 559 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 قلت: وهذا من تناقض ابن حبان، فإنه من جهة يعله بالإرسال ويبين أنه لا يصح موصولا عن جابر بن سمرة، ومن جهة أخرى يورد الموصول في " صحيحه "! وعلة الحديث سعيد بن سماك، فقد قال ابن أبي حاتم (2 / 1 / 32) عن أبيه: " متروك الحديث "، وتوثيق ابن حبان إياه من تساهله الذي عرف به عند المحققين، وقد يغتر به كثير ممن لا تحقيق عندهم، فيصححون أحاديث كثيرة تقليدا له، من ذلك هذا الحديث، فقد جاء في " البجيرمي " (2 / 64) : " ويستحب أيضا قراءة (الجمعة) و (المنافقين) في صلاة عشاء ليلة الجمعة، كما ورد عند ابن حبان بسند صحيح وقد كان السبكي يفعله، فأنكر عليه بأنه ليس في كلام الرافعي. فرد على المنكر بما مر. أي من الورود وكم من مسائل لم يذكرها الرافعي: فعدم ذكره لها لا يستلزم عدم سنيتها ". قلت: وهذا الجواب من الوجهة الفقهية صحيح، يدل على تحرر السبكي من الجمود المذهبي، ولكن الحديث ضعيف غير محفوظ بشهادة ابن حبان نفسه، فلا يثبت به الاستحباب فضلا عن السنية، بل إن التزام ذلك من البدع، وهو ما يفعله كثير من أئمة المساجد في دمشق وغيرها من البلدان السورية، ولكنهم جمعوا بين البدعة وإرضاء الناس، فقد تركوا قراءة (المنافقون) أصلا والتزموا قراءة الشطر الثاني من (الجمعة) في الركعتين تخفيفا عن الناس زعموا! وكنت منذ القديم استنكر منهم هذا الالتزام، ولا أعرف مستندهم في ذلك، حتى رأيت كلام البجيرمي هذا، المستند على هذا الحديث، الذي كنت استغربه لعدم وروده في الأمهات الستة وغيرها ولكن ذلك لا يكفي للإنكار، حتى وقفت على إسناده في " موارد الظمآن " ومنه نقلت، فتبين لي ضعفه بل وتضعيف ابن حبان نفسه له في كتابه الآخر، فالحمد لله على توفيقه. ثم إن مما يدل على ضعف الحديث أن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بالسورتين الأوليين في سنة المغرب، وليس في فرضه، جاء ذلك عنه صلى الله عليه وسلم من طرق، وقد خرجته في " صفة الصلاة " (ص 115 - السابعة) . 560 - " كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر ". موضوع. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 90 / 2) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (73 / 1 - 2) والطبراني في " الكبير " (3 / 148 / 2) وفي " الأوسط " كما في " المنتقى منه " للذهبي (3 / 2) وفي " زوائد المعجمين " (1 / 109 / 1) وابن عدي في " الكامل " (1 / 2) الحديث: 560 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 والخطيب في " الموضح " (1 / 209) وأبو الحسن النعالي في " حديثه " (127 / 1) وأبو عمرو بن منده في " المنتخب من الفوائد " (268 / 2) والبيهقي في " السنن الكبرى " (2 / 496) كلهم من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا، وقال الطبراني: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ". وقال البيهقي: " تفرد به أبو شيبة وهو ضعيف ". قلت: وكذا قال الهيثمي في " المجمع " (3 / 172) أن أبا شيبة ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (4 / 205) بعد ما عزاه لابن أبي شيبة: " إسناده ضعيف ". وكذلك ضعفه الحافظ الزيلعي " في نصب الراية " (2 / 153) من قبل إسناده، ثم أنكره من جهة متنه فقال: " ثم هو مخالف للحديث الصحيح عن عائشة قالت: " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " رواه الشيخان ". وكذلك قال الحافظ ابن حجر وزاد: " هذا مع كون عائشة أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها ". قلت: ووافقها جابر بن عبد الله رضي الله عنه فذكر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحيا بالناس ليلة في رمضان صلى ثمان ركعات، وأوتر ". رواه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 90، 114) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 108) وابن حبان في صحيحه (رقم 920 - موارد) . وقد أفسد حديث جابر هذا بعض الضعفاء فرواه محمد بن حميد الرازي حدثنا عمر بن هارون بإسناده عن جابر بلفظ: " فصلى أربعا وعشرين ركعة وأوتر بثلاث ". وأخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (75 و276) . قلت: ومع أن إسناده إلى محمد بن حميد لا يصح، لأن فيه من لا يعرف حاله، فإن محمد بن حميد وشيخه عمر بن هارون متهمان بالكذب فلا يعتد بروايتهما بله مخالفتهما! وبالجملة فقد اتفقت كلمات أئمة الحديث على تضعيف حديث أبي شيبة هذا، بل عده الحافظ الذهبي في ترجمته من " الميزان " من مناكيره. وقال الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في " الفتاوى الكبرى " إنه شديد الضعف. وأنا أرى أنه حديث موضوع، وذلك لأمور: الأول: مخالفته لحديث عائشة وجابر. الثاني: أن أبا شيبة أشد ضعفا مما يفهمم من عبارة البيهقي السابقة وغيره، فقد قال ابن معين فيه: " ليس بثقة ". وقال الجوزجاني: " ساقط ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 وكذبه شعبة في قصة، وقال البخاري: " سكتوا عنه ". وقد بينا فيما سبق أن من قال فيه البخاري " سكتوا عنه " فهو في أدنى المنازل وأردئها عنده، كما قال الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " (ص 118) . الثالث: أن فيه أن صلاته صلى الله عليه وسلم في رمضان كانت في غير جماعة، وهذا مخالف لحديث جابر أيضا، ولحديث عائشة الآخر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته ". الحديث نحو حديث جابر وفيه: " ولكن خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ". رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما ". فهذه الأمور تدل على وضع حديث أبي شيبة. والله تعالى هو الموفق. (فائدة) دل حديث عائشة وحديث جابر على مشروعية صلاة التراويح مع الجماعة، وعلى أنها إحدى عشرة ركعة مع الوتر. وللأستاذ نسيب الرفاعي رسالة نافعة في تأييد ذلك اسمها " أوضح البيان فيما ثبت في السنة في قيام رمضان " فننصح بالاطلاع عليها من شاء الوقوف على الحقيقة. ثم إن أحد المنتصرين لصلاة العشرين ركعة أصلحه الله - قام بالرد على الرسالة المذكورة في وريقات سماها " الإصابة في الانتصار للخلفاء الراشدين والصحابة " حشاها بالافتراءات، والأحاديث الضعيفة بل الموضوعة، والأقوال الواهية، الأمر الذي حملنا على تأليف رد عليه أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " وقد قسمته إلى ستة رسائل طبع منها: الأولى: في بيان الافتراءات المشار إليها. الثانية: في " صلاة التراويح ". وهي رسالة جامعة لكل ما يتعلق بهذه العبادة، وقد بينت فيها ضعف ما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة، وأن الصحيح عنه أنه أمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة وفقا للسنة الصحيحة، وأن أحدا من الصحابة لم يثبت عنه خلافها فلتراجع فإنها مهمة جدا وإنما علينا التذكير والنصيحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 561 - " إن الله لم يأذن لمترنم بالقرآن ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث جابر مرفوعا. قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (7 / 170) : " وفيه سليمان بن داود الشاذكوني، وهو كذاب ". قلت: وروايته مثل هذا الحديث مما يدل على كذبه، فإنه حديث باطل معارض للحديث الصحيح: " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي [حسن الصوت] وفي لفظ: حسن الترنم يتغنى بالقرآن [يجهر به] ". رواه الشيخان والطحاوي وغيرهما كما في كتابي صفة النبي صلى الله عليه وسلم (ص 130 الطبعة السابعة) . الحديث: 561 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 562 - " كان يمكن جبهته وأنفه من الأرض، ثم يقوم كأنه السهم لا يعتمد على يديه ". موضوع. قال الهيثمي (2 / 135) : " رواه الطبراني في الكبير عن معاذ بن جبل وفيه الخصيب بن جحدر، وهو كذاب ". قلت: وهذا الحديث مما يدل على كذبه، روى البخاري في " صحيحه " (1 / 241) عنه صلى الله عليه وسلم: " أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام ". فهذا خلاف ما روى هذا الكذاب. وهذه الجلسة هي المعروفة بجلسة الاستراحة وهي سنة، وقد رواها بضعة عشر صحابيا عند أبي داود وغيره بسند صحيح، فلا التفات إلى من أنكر استحبابها وزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما فعلها لحاجة أو شيخوخة! وأما تمكين الأنف والجبهة من الأرض، فثابت في غير ما حديث صحيح من فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، ولذلك أوردته في " صفة النبي صلى الله عليه وسلم " مخرجا، فراجعه إن شئت (ص 149) . الحديث: 562 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 563 - " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء، كما يتأذى الحي بجار السوء ". موضوع. رواه القاضي أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (91 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 354) من طريق سليمان بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال أبو نعيم: الحديث: 563 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 " غريب من حديث مالك لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وسليمان هذا كذاب، كما تقدم غير مرة، قال المناوي: " ومن ثم أورد الجوزقاني الحديث في " الموضوعات "، وكذا ابن الجوزي وتعقبه المؤلف، وغاية ما أتى به أن له شاهد حاله كحاله! ". 564 - " الفقر أزين على المؤمن وأحسن من العذار على خد الفرس ". ضعيف. وله طرق: الأول: عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعد بن مسعود الكندي مرفوعا. أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (181 / 2 من الكواكب 575 ورقم 568 - ط) والحربي في " الغريب " (5 / 52 / 1) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 202 / 2) . وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل ابن أنعم هذا، وقد مضى القول فيه مرارا، واتهمه ابن حبان فقال (2 / 53) : " كان يروي الموضوعات عن الثقات، ويأتي عن الأثبات بما ليس من أحاديثهم، وكان يدلس عن محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب ". والحديث أورده السيوطي في " الذيل " (رقم 803 بترقيمي) من رواية ابن عدي وحكى قوله فيه إنه حديث منكر، فتعقبه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (359 / 1) بأن هذا لا يقتضي أن يكون موضوعا. ثم ذكر له الشاهد الآتي عن شداد، وآخر تقدم بلفظ: " تحفة المؤمن الفقر ". ومن عجائب السيوطي وتناقضه أنه أورد الحديث في " الجامع الصغير " أيضا! من طريق الطبراني، مع أنه في " الذيل " حكم بوضعه! ثم إن سعد بن مسعود الكندي مختلف في صحبته كما في " الإصابة " فراجعه إن شئت. الثاني: عن أحمد بن عمار: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. رواه القاضي الفلاكي (90 / 2) . وهذا ضعيف جدا أيضا، ابن عمار هذا هو الدمشقي أخوهشام بن عمار، قال الدارقطني: " متروك ". وساق له في " الميزان " حديثا ثم قال: " هذا منكر ". الثالث: عن شداد بن أنس. رواه الطبراني بسند ضعيف كما في " المغني " للحافظ العراقي (4 / 169) ثم قال: " والمعروف أنه من كلام عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، رواه ابن عدي في الكامل هكذا ". الحديث: 564 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 565 - " من اتخذ مغفرا ليجاهد به في سبيل الله غفر الله له، ومن اتخذ بيضة بيض الله وجهه يوم القيامة، ومن اتخذ درعا كانت له سترا من النار يوم القيامة ". منكرا جدا. أخرجه الخطيب (7 / 128) من طريق بشران بن عبد الملك البغدادي: حدثنا أبو عبد الرحمن دهثم بن جناح: حدثنا عبيد الله بن ضرار عن أبيه عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وقال: "منكر جدا مع إرساله، والحمل فيه على من بين بشران والحسن، فإنهم ملطيون، وقد حدثني محمد بن علي الصوري قال: سمعت عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ يقول: ليس في الملطيين ثقة ". وأقره الحافظ في ترجمة دهثم من اللسان ". وعبيد الله بن ضرار قال الذهبي: " لا يحتج به ولا كرامة ". وأبوه ضرار وهو ابن عمرو الملطي، قال الذهبي في " المغني ": " متروك الحديث ". الحديث: 565 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 566 - " إن لي حرفتين اثنتين، فمن أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني: الفقر والجهاد ". لا أصل له. قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 168) : " لم أجد له أصلا ". قلت: وهو منكر عندي، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه تعوذ من الفقر، فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أمته على حب ما تعوذ منه؟! . الحديث: 566 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 567 - " خير هذه الأمة فقراؤها، وأسرعها تضجعا في الجنة ضعفاؤها ". لا أصل له. وقال الحافظ العراقي أيضا (4 / 168) " لم أجد له أصلا ". الحديث: 567 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 568 - " من رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له ". موضوع. أورده ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 87) وقال: " فيه مأمون بن أحمد الهروي، دجال يضع الحديث ". وقال الذهبي فيه: الحديث: 568 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 " أتى بطامات وفضائح، وضع على الثقات أحاديث هذا منها ". وفي " اللسان ": " وقال أبو نعيم: " خبيث وضاع، يأتي عن الثقات بالموضوعات ". قلت: ويظهر لي من الأحاديث التي افتراها أنه حنفي المذهب، متعصب هالك، فإن الأحاديث التي أوردها في ترجمته كلها تدور على الانتصار للإمام أبي حنيفة، والطعن في الإمام الشافعي، فمنها هذا الحديث فهو طعن صريح في المذهب الشافعي الذي يقول بمشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه وهو الحق الذي لا ريب فيه كما يأتي، وانتصار مكشوف لمذهب الحنفية القائل بكراهة ذلك، فلم يكتف هذا الخبيث بما عليه مذهبه من القول بالكراهة حتى افترى هذا الحديث، ليشيع بين الناس أن الرفع مبطل للصلاة، ولعله أراد بذلك أن يؤيد رواية مكحول عن أبي حنيفة أنه قال: من رفع يديه في الصلاة فسدت صلاته " وهذه الرواية اغتر بها أمير كاتب الاتقاني فبنى عليها رسالة ألفها لبيان بطلان الصلاة بالرفع! وكذا اغتر بها من سلك مسلكه فحكم بعدم جواز اقتداء الحنفي بالشافعي لأنهم يرفعون أيديهم! مع أن هذه الرواية عن أبي حنيفة باطلة كما حققه العلامة أبو الحسنات اللكنوي في " الفوائد البهية، في تراجم الحنفية " (ص 116، 216، 217) . وهذا الحديث أورده الشيخ القاريء في " موضوعاته " وقال (ص 81) : " هذا الحديث وضعه محمد بن عكاشة الكرماني قبحه الله ". ثم نقل (ص 129) عن ابن القيم أنه قال: " إنه موضوع ". قلت: وهذا يخالف ما تقدم أن الواضع له الهروي، فإن ثبت هذا فلعل أحدهما سرقه من الآخر! فتأمل ما يفعل عدم الاعتناء بالسنة، وترك التثبت في الرواية عنه صلى الله عليه وسلم وعن علماء الأمة. (فائدة) الرفع عند الركوع والرفع منه، ورد فيه أحاديث كثيرة جدا عنه صلى الله عليه وسلم، بل هي متواترة عند العلماء بل ثبت الرفع عنه صلى الله عليه وسلم مع كل تكبيرة في أحاديث كثيرة ولم يصح الترك عنه صلى الله عليه وسلم إلا من طريق ابن مسعود رضي الله عنه، فلا ينبغي العمل به لأنه ناف، وقد تقرر عند الحنفية وغيرهم: أن المثبت مقدم على النافي، هذا إذا كان المثبت واحدا فكيف إذا كانوا جماعة كما في هذه المسألة؟ فيلزمهم عملا بهذه القاعدة مع انتفاء المعارض أن يأخذوا بالرفع، وأن لا يتعصبوا للمذهب بعد قيام الحجة، ولكن المؤسف أنه لم يأخذ به منهم إلا أفراد من المتقدمين والمتأخرين حتى صار الترك شعارا لهم! . هذا ومن موضوعات الهروي المذكور آنفا: 569 - " من قرأ خلف الإمام ملئ فوه نارا ". موضوع. أورده ابن طاهر في " التذكرة " (ص 93) وقال: " فيه مأمون بن أحمد الهروي دجال يروي الموضوعات ". الحديث: 569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 قلت: وقد سبقت ترجمته في الحديث الذي قبله. والحديث رواه ابن حبان في ترجمته من " الضعفاء "، وعده الذهبي من طاماته! وقد اغتر بالحديث بعض الحنفية فاحتج به على تحريم القراءة وراء الإمام مطلقا! قال أبو الحسنات اللكنوي في " التعليق الممجد على موطأ محمد " (ص 99) : " ذكره صاحب " النهاية " وغيره مرفوعا بلفظ " ففي فيه جمرة " ولا أصل له ". وقال قبيل ذلك: " لم يرد في حديث مرفوع صحيح النهي عن قراءة الفاتحة خلف الإمام وكل ما ذكروه مرفوعا فيه، إما لا أصل له وإما لا يصح ". ثم ذكر الحديث بلفظيه مثالا على ذلك. هذا وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في القراءة وراء الإمام على أقوال ثلاثة: 1 - وجوب القراءة في الجهرية والسرية. 2 - وجوب السكوت فيهما. 3 - القراءة في السرية دون الجهرية. وهذا الأخير أعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب وبه تجتمع جميع الأدلة بحيث لا يرد شيء منها وهو مذهب مالك وأحمد، وهو الذي رجحه بعض الحنفية، منهم أبو الحسنات اللكنوي في كتابه المذكور آنفا، فليرجع إليه من شاء التحقيق. هذا ومن موضوعات هذا الدجال في الطعن على الإمام الشافعي في شخصه: 570 - " يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 457) من طريق مأمون بن أحمد السلمي: حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري: أنبأنا عبد الله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعا وقال: " موضوع، وضعه مأمون أو الجويباري، وذكر الحاكم في " المدخل " أن مأمونا قيل له: ألا ترى إلى الشافعي ومن تبعه؟ فقال: حدثنا أحمد إلى آخره، فبان بهذا أنه الواضع له "، قلت: وزاد في " اللسان ": " ثم قال الحاكم: ومثل هذه الأحاديث يشهد من رزقه الله أدنى معرفة بأنها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ". قلت: وللحديث طرق أخرى، لا يفرح بها إلا الهلكى في التعصب لأبي حنيفة ولو برواية الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الطرق المشار إليها مدارها على بعض الكذابين والمجهولين. فمن الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 الغريب جدا أن يميل العلامة العيني إلى تقوية الحديث بها، وأن ينتصر له الشيخ الكوثري، ولا عجب منه في ذلك، فإنه مشهور بإغراقه في التعصب للإمام رحمه الله، ولوعلى حساب الطعن في الأئمة الآخرين، وإنما العجب من العيني، فإنه غير مشهور بذلك، وقد رد عليهما، وتكلم على الطرق المشار إليها بما لا تراه مجموعا في كتاب العلامة المحقق المعلمي اليماني في كتابه القيم " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل " (ج 1 / 20، 446 - 449 - بتحقيقي) . 571 - " كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة، أو مثلها من تمر ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 13) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 253) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 84) عن أبان بن المحبر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. ذكراه في ترجمة أبان هذا وقال العقيلي: " شامي منكر الحديث ". وقال ابن حبان: " روى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، حتى لا يشك المتبحر في هذه الصناعة أنه كان يعملها، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه ". وقال في حديثه هذا: " باطل ". ونقل العسقلاني في " اللسان " عن العقيلي أنه قال: " لا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو دونه ". وهذه الجملة ليست في نسختنا من " الضعفاء " للعقيلي والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 22) : قال أبي: هذا حديث باطل، وأبان هذا مجهول ضعيف الحديث ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 253) فأصاب، قال المناوي: " وأقره عليه المؤلف - يعني السيوطي - في " مختصرها " فلم يتعقبه ". انظر " اللآلي " للسيوطي (2 / 452) . الحديث: 571 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 572 - " ثلاث من كن فيه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، الوضوء على المكاره، والمشي إلى المساجد في الظلم، وإطعام الجائع ". موضوع. أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ في " الثواب " والأصبهاني في " الترغيب " عن جابر. وبجانبه الإشارة إلى ضعفه. ولم يتعقبه المناوي هنا بشيء مطلقا، فكأنه لم يستحضر إسناده، مع أن الحديث عند مخرجيه تمام حديث أوله عند الترمذي بلفظ: الحديث: 572 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 (ثلاث من كن فيه نشر الله عليه كنفه .... ) كما تقدم بيانه عن المنذري تحت الحديث (رقم 92) . وحديث الترجمة أورده السيوطي مفصولا مستقلا عن تمامه هذا، وتعقبه المناوي تحت حديث الترمذي: بأن فيه: " عبد الله بن إبراهيم الغفاري قال المزي: متهم. أي بالوضع ". فإذا كان الأمر كذلك وكان الحديثان في الأصل حديثا واحدا، فذلك يقتضي أن يعطى لهما حكم واحد، وهو الوضع، ولوكان طريق حديث الترجمة غير طريق الحديث المتقدم لنبه عليه المنذري، كما هو شأن المحدثين في مثل هذا الأمر، فلم يتنبه المناوي لهذا التحقيق، ولذلك لم يتعقبه بشيء. والله الموفق. 573 - " من صلى خلف عالم تقي، فكأنما صلى خلف نبي ". لا أصل له. وقد أشار لذلك الحافظ الزيلعي بقوله في " نصب الراية " (2 / 26) : " غريب ". وهذه عادته في الأحاديث التي تقع في " الهداية " ولا أصل لها، فيما كان من هذا النوع: " غريب "! . فاحفظ هذا فإنه اصطلاح خاص به. الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 574 - " إنما يفعل هذا (يعني تقبيل اليد) الأعاجم بملوكها، وإني لست بملك، إنما أنا رجل منكم ". موضوع. وهو قطعة من حديث سبق الكلام على إسناده فراجع الحديث (89) . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم تقبيل بعض الناس ليده صلى الله عليه وسلم. ولم ينكر ذلك عليهم، فدل على جواز تقبيل يد العالم. وقد فعل ذلك السلف مع أفاضلهم، وفيه عدة آثار تراها في كتاب " القبل والمعانقة " لأبي سعيد ابن الأعرابي تلميذ أبي داود وفي " الأدب المفرد " للبخاري (ص 142) . لكن ليس معنى ذلك أن يتخذ العلماء تقبيل الناس لأيديهم عادة، فلا يلقاهم أحد إلا قبل يدهم - كما يفعل هذا بعضهم - فإن ذلك خلاف هديه صلى الله عليه وسلم قطعا، لأنه لم يفعل ذلك معه إلا القليل من الصحابة الذين لا يعرفون هديه صلى الله عليه وسلم وما هو أحب إليه كالمصافحة. ولذلك لم يرد أن المقربين منه العارفين به مثل أبي بكر وغيره من العشرة المبشرين بالجنة كانوا يقبلون يده الشريفة، وهذا خلاف ما عليه بعض المشايخ، ولو لم يكن في عادتهم هذه إلا تقبيح السنة القولية والعملية التي حض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وهي المصافحة لكفى. ومن العجيب أن بعضهم يغضب أشد الغضب إذا لم تقبل يده، وما هو إلا شيء جائز فقط، ولا يغضب مطلقا إذا تركت المصافحة مع أنها مستحبة وفيها أجر كبير، وما ذلك إلا من آثار حب النفس واتباع الهوى. نسأل الله الحماية والسلامة. الحديث: 574 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 575 - " ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة ". منكر. قال الهيثمي في " المجمع " (3 / 63) بعد أن ذكره من حديث عمر: " رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمر بن هارون وهو ضعيف ". قلت: بل هو كذاب كما تقدم غير مرة. لكن الحديث له طريق أخرى، ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 220 - 221) من طريق عراك بن خالد: حدثني أبي قال: سمعت إبراهيم بن أبي عبلة يحدث عن عبادة بن الصامت مرفوعا به. وقال: " قال أبي: حديث منكر، وإبراهيم لم يدرك عبادة، وعراك منكر الحديث ". الحديث: 575 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 576 - " إنما أتي داود عليه السلام من النظرة ". موضوع. رواه أبو بكر بن أبي علي المعدل في " الأمالي " (ق 12 / 1) وأبو نعيم في " نسخة أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط " (ق 158 / 2) حدثني أبي إسحاق قال: حدثني إبراهيم بن نبيط عن نبيط مرفوعا. وهذه النسخة قال الذهبي: " فيها بلايا، وأحمد بن إسحاق لا يحل الاحتجاج به، فإنه كذاب ". وأقره الحافظ في " اللسان ". وكتب بعض المحدثين على هذه " الأمالي " بجانب الحديث: " موضوع ". وقد سبق الحديث بلفظ: " كان خطيئة داود عليه السلام النظر " رقم (312) . الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 577 - " إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تودع منهم ". ضعيف. أخرجه أحمد (رقم 6520) والحاكم (4 / 96) من طريق أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي. وأقول كلا ليس بصحيح، فإن أبا الزبير لم يسمع من ابن عمرو كما قال ابن معين وأبو حاتم، وكأن الحاكم تنبه لهذا فيما بعد فإنه روى (4 / 445) بهذا الإسناد حديثا آخر ثم قال: الحديث: 577 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 " إن كان أبو الزبير سمع من عبد الله بن عمر [و] ، فإنه صحيح " ووافقه الذهبي. وأما ترجيح صديقنا الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في " التعليق على المسند " أن أبا الزبير سمع منه، فليس بقوي عندي. ذلك لأنه بناه على رواية ابن لهيعة عن أبي الزبير قال: " رأيت العبادلة يرجعون على صدورهم أقدامهم في الصلاة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس ". وابن لهيعة عندنا ضعيف لسوء حفظه، ولذلك ضعفه الجمهور، فلا حجة في روايته لهذه الرؤية، سيما وهي مخالفة لما سبق عن الإمامين ابن معين وأبي حاتم. ثم لوسلمنا بثبوت سماع أبي الزبير من ابن عمرو في الجملة، لما لزم منه اتصال إسناد هذا الحديث وثبوته، لأن أبا الزبير مدلس يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه وقصته في ذلك مع الليث ابن سعد مشهورة. ولذلك فإني أقطع بضعف هذا الإسناد. والله أعلم. وبعد كتابة ما تقدم رأيت أبا الشيخ روى الحديث في جزء " أحاديث أبي الزبير عن غير جابر " (11 / 1) من هذا الوجه، ثم رواه (15 / 2) من طريق أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمر (كذا بدون واوبعد الراء) مرفوعا، فثبت أن أبا الزبير لم يسمعه من عبد الله بن عمرو وأن بينهما عمرو بن شعيب، ثم هو على هذا الوجه الآخر منقطع أيضا لأن عمرو بن شعيب لم يسمع من جد أبيه عبد الله بن عمرو. نعم للحديث شاهد لولا شدة ضعفه لحكمت على الحديث بالحسن، عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " الأوسط " عن جابر، قال المناوي: " وفيه سيف بن هارون ضعفه النسائي والدارقطني ". قلت: قال الدارقطني في " سؤالات البرقاني عنه " (رقم 196 بترقيمي) : " ضعيف، كوفي متروك ". قلت: فهو شديد الضعف. والله أعلم. 578 - " أحبوا العرب وبقاءهم، فإن بقاءهم نور في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة في الإسلام ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " نسخة أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن شريط " (ق 108 / 1) : حدثني أبي إسحاق قال: حدثني إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط مرفوعا. قلت: وهذه النسخة فيها بلايا كما تقدم في الحديث الذي قبله. لكن له طريق آخر رواه أبو الشيخ في " كتاب الثواب وفضائل الأعمال " قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الجعد: حدثنا منصور بن أبي مزاحم: حدثنا محمد بن الخطاب عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا به. الحديث: 578 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 ذكره الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (5 / 2) ثم قال: " ليس في إسناده محل نظر إلا أن محمد بن الخطاب بن جبير بن حية الثقفي الجبيري البصري ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "، وأن أباه أبا حاتم قال: " لا أعرفه ". وقال الأزدي: " منكر الحديث ". والأزدي ليس بعمدة، وقد زالت جهالة عينه برواية جماعة عنه، فقد روى عنه مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وأبو سلمة المنقري، ومنصور بن أبي مزاحم، ذكره ابن حبان في " الثقات ". قلت: وهو الذي روى حديث " إذا ذلت العرب ذل الإسلام " وقد سبق بيان حاله برقم (163) ، وقد أورده العراقي في عقب هذا الحديث، ثم أحال في معرفة ترجمة محمد بن الخطاب عليه. وقد ذكر تحته ما يتلخص منه أنه مجهول الحال، كما سبق بيانه هناك. ثم وجدت له متابعا، فقال أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " (ق 160 / 1) : حدثنا أبو زفر قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا محمد بن عبد الصمد بن جابر الضبي قال: حدثني أبي عن عطاء بن أبي ميمونة به. قلت: وهذه متابعة واهية فإن عبد الصمد بن جابر الضبي سئل عنه ابن معين فقال: " ضعيف "، وقال ابن حبان (2 / 142) : " يخطيء كثيرا ويهم فيما يروي على قلة روايته ". وابنه محمد بن عبد الصمد، قال الذهبي: " صاحب مناكير، ولم يترك ". وأبو زفر هو هذيل بن عبيد الله بن عبد الله بن قدامة الضبي، وفي ترجمته أورد له أبو الشيخ هذا الحديث، وقال: " مات سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثم بدا لي أن فيه علة أخرى، وهي الانقطاع بين عطاء هذا وأبي هريرة، فإنهم لم يذكروا له رواية عنه أصلا، ويبعد أن يكون سمع منه، بل لعله ولد بعد وفاة أبي هريرة، فإن بين وفاتيهما اثنتين وسبعين سنة على الأقل، فإن أبا هريرة توفي سنة سبع، وقيل ثمان: وقيل: تسع وخمسين، ومات عطاء سنة إحدى وثلاثين ومائة. ولما كانت الطريق الأولى للحديث عن نبيط بن شريط واهية جدا، فإن الحديث يظل على ضعفه. والله أعلم. 579 - " هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم. يعني يوم ذي قار ". ضعيف. رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " (12 / 2) عن سليمان بن داود المنقري حدثنا يحيى بن يمان: حدثنا أبو عبد الله التيمي عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه - وكانت له صحبة - الحديث: 579 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند موضوع، سليمان هذا هو الشاذكوني كذاب، كذبه في الحديث ابن معين وصالح جزرة. ويحيى بن يمان ضعيف. وشيخه أبو عبد الله التيمي لم أعرفه. وقد رواه الشاذكوني بإسناد آخر أقرب إلى الصواب من هذا فقال الطبراني في " المعجم الكبير " (62 / 2) : حدثنا أبو مسلم الكشي: أخبرنا سليمان بن داود الشاذكوني أخبرنا محمد بن سواء: حدثني الأشهب الضبعي: حدثني بشير بن يزيد الضبعي - وكان قد أدرك الجاهلية - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قار فذكره. قال الهيثمي (6 / 211) بعد أن عزاه للطبراني: " وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو ضعيف ". قلت بل: كذاب كما عرفت، ولكني وجدت له متابعا قويا، فقال خليفة بن خياط في " كتاب الطبقات " (12 / 1) : حدثني محمد بن سواء به. وخليفة هذا ثقة احتج به البخاري وهو أخباري علامة. والأشهب الضبعي مجهول أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 1342) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وبشير بن يزيد الضبعي، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: " أدرك الجاهلية له صحبة " وقال البغوي: " لم أسمع به إلا في هذا الحديث ". ثم ساقه من طريق الأشهب الضبعي به. وقال الحافظ في " الإصابة ": " وأخرجه بقي بن مخلد في " مسنده " من هذا الوجه، وكذلك البخاري في " تاريخه " وذكره ابن حبان في التابعين فقال: شيخ قديم أدرك الجاهلية يروي المراسيل. قلت: وليس في شيء من طرق حديثه له سماع ". ثم رواه خليفة من الطريق الأول فقال: وحدثني أبو أمية عمر بن المنخل السدوسي قال: حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن رجل من بني تيم اللات عن عبد الله بن الأخرم به. قلت: فالظاهر أنه لم تثبت صحبته، وعليه فالحديث له علتان: الإرسال والجهالة. والله أعلم. فائدة: قال الحافظ: " ويوم ذي قار من أيام العرب المشهورة كان بين جيش كسرى وبين بكر بن وائل لأسباب يطول شرحها، قد ذكرها الأخباريون، وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر، قال: وأخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: ذكرت وقعة ذي قار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك أول يوم انتصف فيه العرب من العجم، وبي نصروا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 قلت: هذه الكلمة " وبي نصروا " رواها الطبراني من طريق خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده فذكر قصة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى بكر بن وائل وعرضه الإسلام عليهم وفيه: قالوا: حتى يجيء شيخنا فلان - قال خلاد: " أحسبه قال: المثنى بن خارجة - فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه، قال: إن بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينها عدنا فنظرنا، فقال أبو بكر: أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا؟ قال: لا نشترط لك هذا علينا، ولكن إذا فرغنا فيما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما نقول، فلما التقوا يوم ذي قار هم والفرس قال شيخهم: ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله؟ قالوا: محمد، قالوا: هو شعاركم فنصروا على القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بي نصروا. قال الهيثمي (6 / 211) : " ورجاله ثقات رجال الصحيح غير خلاد بن عيسى وهو ثقة ". (تنبيه) : بلغ جهل بعض الناس بالتاريخ والسيرة النبوية في هذا العصر أن أحدهم طبع منشورا يرد فيه على صديقنا الفاضل الأستاذ علي الطنطاوي طلبه من الإذاعة أن تمتنع من إذاعة ما يسمونه بالأناشيد النبوية، لما فيها من وصف جمال النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات لا تليق بمقامه صلى الله عليه وسلم، بل فيها ما هو أفظع من ذلك من مثل الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من دون الله تبارك وتعالى، فكتب المشار إليه في نشرته ما نصه بالحرف (ص 4) : " وها هي (!) الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يستصحبون بعض نسائهم لخدمة أنفسهم في الغزوات والحروب، وكانوا يضمدون (!) الجرحى ويهيئون (!) لهم الطعام، وكانوا يوم ذي قار عند اشتداد وطيس الحرب بين الإسلام والفرس كانت النساء تهزج أهازيج وتبعث الحماس في النفوس بقولها: إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق. أو تدبروا نفارق فراق غير وامق. فانظر إلى هذا الجهل ما أبعد مداه! . فقد جعل المعركة بين الإسلام والفرس، وإنما هي بين المشركين والفرس، ونسب النشيد المذكور لنساء المسلمين في تلك المعركة! وإنما هو لنساء المشركين في غزوة أحد! كن يحمسن المشركين على المسلمين كما هو مروي في كتب السيرة! فقد خلط بين حادثتين متباينتين، وركب منهما ما لا أصل له البتة بجهله أو تجاهله ليتخذ من ذلك دليلا على جواز الأناشيد المزعومة، ولا دليل في ذلك - لوثبت - مطلقا إذ أن الخلاف بين الطنطاوي ومخالفيه ليس هو مجرد مدح النبي بل إنما هو فيما يقترن بمدحه مما لا يليق شرعا كما سبقت الإشارة إليه وغير ذلك مما لا مجال الآن لبيانه، ولكن صدق من قال: " حبك الشيء يعمي ويصم " فهؤلاء أحبوا الأناشيد النبوية وقد يكون بعضهم مخلصا في ذلك غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 مغرض فأعماهم ذلك عما اقترن بها من المخالفات الشرعية. ثم إن هذا الرجل اشترك مع رجلين آخرين في تأليف رسالة ضدنا أسموها " الإصابة في نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " حشوها بالافتراءات والجهالات التي تنبيء عن هوى وقلة دراية، فحملني ذلك على أن ألفت في الرد عليهم كتابا أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " موزعا على ست رسائل صدر منها الرسالة الأولى وهي في بيان بعض افتراءاتهم وأخطائهم، والثانية في " صلاة التراويح " والثالثة في أن " صلاة العيدين في المصلى هي السنة " ثم أصدرنا الخامسة بعنوان " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ". 580 - " ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة، ثم تلا هذه الآية: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) ". ضعيف. أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا. ورواه أبو الشيخ في " كتاب الثواب " كما في " الترغيب " (3 / 302) ، وذكره ابن كثير في " تفسيره " (3 / 436) وسكت عليه، وذلك لظهور ضعفه، فإن شهر بن حوشب ضعيف، وكذا الراوي عنه ليث وهو ابن أبي سليم، وقد خولف في إسناده ومتنه فرواه عبيد الله بن أبي زياد عن شهر عن أسماء بنت يزيد مرفوعا نحوه مختصرا دون قوله: " ثم تلا ... ". أخرجه أحمد (6 / 461) وأبو الشيخ في " الفوائد " (80 / 2) . وعبد الله بن أبي زياد فيه ضعف أيضا، قال الحافظ في " التقريب ": " ليس بالقوي ". ومما ذكرنا تعلم أن قول المنذري: " رواه أحمد بإسناد حسن وابن أبي الدنيا والطبراني " غير حسن. لكن الحديث له طريق أخرى عن أم الدرداء مختصرا بلفظ: " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ". أخرجه الترمذي (3 / 124) وأحمد (6 / 450) من طريق أبي بكر النهشلي عن مرزوق أبي بكر التيمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا به. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن ". قلت: لعله حسنه بالذي قبله، وإلا فمرزوق هذا مجهول. قال الذهبي: " ما روى عنه سوى أبي بكر النهشلي ". وأبو بكر النهشلي قال الحافظ: " صدوق " والله أعلم. الحديث: 580 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 581 - " إذا استشاط السلطان تسلط الشيطان ". ضعيف. أخرجه أحمد (4 / 226) عن عروة بن محمد قال: حدثني أبي عن جدي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف عروة بن محمد وأبوه هما عندي مجهولا الحال، ولم يوثقهما غير ابن حبان على قاعدته! وقد قال الحافظ في الأول: " مقبول ". يعني عند المتابعة وقال في أبيه: " صدوق ". ولوأنه عكس لكان أقرب إلى الصواب عندي فإن هذا قال الذهبي فيه: " تفرد عنه ولده الأمير عروة " فكيف يكون صدوقا سيما ولم يوثقه من يعتبر توثيقه؟ وأما عروة فقد روى عنه جماعة لكنه لم يوثقه غير ابن حبان كما ذكرنا فبقي على الجهالة. ولا يغتر بقول الهيثمي (7 / 71) : " رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات ". فإنه يعني أنهم ثقات عند ابن حبان! . الحديث: 581 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 582 - " إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ". ضعيف. أخرجه أحمد بالسند الذي قبله. وكذلك أخرجه البخاري في " التاريخ " (4 / 1 / 8) وأبو داود (2 / 287) وابن عساكر (15 / 337 / 2) . قلت: وسنده ضعيف فيه مجهولان، كما بينته آنفا. وقد سكت عنه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 145 و151) وابن حجر في " الفتح " (10 / 384) . والحديث روي عن معاوية بلفظ: " الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، والماء يطفي النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل ". رواه أبو نعيم في " الحلية " (2 / 130) وابن عساكر (16 / 365 / 1) عن الزبير بن بكار: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ياسين بن عبد الله بن عروة عن أبي مسلم الخولاني عن معاوية بن أبي سفيان أنه خطب الناس وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك، ولا مال أمك، فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا، ونزل فاغتسل ثم رجع فقال: أيها الناس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكر الحديث) اغدوا على عطاياكم على بركة الله عز وجل. قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضا، ياسين بن عبد الله بن عروة لم أجد له ترجمة. وعبد المجيد بن عبد العزيز فيه ضعف، قال الحافظ: الحديث: 582 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 صدوق يخطيء، وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك ". قلت: لفظ ابن حبان (2 / 152) : " منكر الحديث جدا، يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك ". 583 - " أترعون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه يحذره الناس ". موضوع. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (72) وكذا ابن حبان (1 / 215) وأبو الحسن الحربي في " الأمالي " (245 / 1) وابن عدي (260 / 2) والمحاملي في " الأمالي " (ج 5 رقم 15) والبيهقي في " سننه " (10 / 215) والخطيب في " تاريخه " (1 / 382، 3 / 188 و7 / 262) وفي " الكفاية " (ص 42) وابن عساكر (12 / 7 / 2) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (21 / 1) والهروي في " ذم الكلام " (4 / 81 / 1) والسهمي في " تاريخه " (75) من طريق الجارود بن يزيد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا. وقال العقيلي: " ليس له من حديث بهز أصل، ولا من حديث غيره، ولا يتابع عليه من طريق يثبت ". وقال البيهقي: " هذا يعرف بالجارود بن يزيد النيسابوري وأنكره عليه أهل العلم بالحديث، سمعت أبا عبد الله الحافظ (يعني الحاكم) يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول: كان أبو بكر الجارودي إذا مر بقبر جده يقول: يا أبة لولم تحدث بحديث بهز بن حكيم لزرتك "! قال ابن عدي والبيهقي: " وقد سرقه عنه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم، ولم يصح فيه شيء ". وقال ابن حبان: " والخبر في أصله باطل، وهذه الطرق كلها بواطيل لا أصل لها ". وخفي هذا على الهروي فقال: " حديث حسن من حديث بهز وقد توبع جارود بن يزيد عليه "! وتبعه يوسف بن عبد الهادي في " جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر "! (2 / 2) . وروى الخطيب عن أحمد أنه قيل له. رواه غيره؟ فقال: ما علمت. ثم ذكر الخطيب أنه روي عن جماعة ثم قال: " ولا يثبت عن واحد منهم ذلك، والمحفوظ أن الجارود تفرد به ". ثم روى عن البخاري أنه قال فيه: " منكر الحديث، كان أبو أسامة يرميه بالكذب ". وعن أبي داود: " غير ثقة " وقال الذهبي في " الميزان ": " وقال أبو حاتم: كذاب ". وفي " اللسان ": الحديث: 583 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 " قال العقيلي: متروك الحديث، لأنه يكذب ويضع الحديث ". وذكر المناوي: أن الدارقطني قال في " علله ": " هو من وضع الجارود، ثم سرقه منه جمع ". وفي " الميزان " أنه " موضوع "، ونقله عنه في " الكبير " وأقره، لكن نقل الزركشي عن الهروي في " كتاب ذم الكلام " أنه حسن باعتبار شواهده "! قلت: وهذا الاستدراك لا طائل تحته، لأنه ذهو ل عن الشرط الذي يجب تحققه في الشواهد حتى يتقوى الحديث بها وهو السلامة من الضعف الشديد الناتج من تهمة في الرواة، وهذا مفقود ههنا لما سبق في كلام الأئمة النقاد أن الحديث من وضع الجارود سرقه منه آخرون! ولهذا لما حكى السخاوي في " المقاصد " كلام الهروي السابق تعقبه بالرد فقال: " وليس كذلك، فقد قال الحاكم فيما نقله البيهقي في " الشعب ": إنه غير صحيح ولا معتمد ". ولهذا أورد الحديث ابن طاهر في " الموضوعات " (ص 3) وأعله بالجارود. قلت: وممن سرقه عنه سليمان بن عيسى السجزي فرواه عن سفيان، أخرجه ابن عدي (161 / 1) وقال: " وهذا عن الثوري عن بهز باطل والسجزي يضع الحديث ". وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو: 584 - " ليس لفاسق غيبة ". باطل. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " وأبو الشيخ في " التاريخ " (ص 236) وابن عدي (ق 61 / 2) وأبو بكر ابن سلمان الفقيه في " مجلس من الأمالي " (15 / 2) وأبو بكر الدقاق في " حديثه " (2 / 42 / 2) والهروي في " ذم الكلام " (4 / 81 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (97 / 2) والواحدي في " التفسير " (4 / 82 / 1) وكذا الخطيب في " الكفاية " (ص 42) كل هؤلاء من طريق جعدبة بن يحيى الليثي: حدثنا العلاء بن بشر عن سفيان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، جعدبة قال الدارقطني: " متروك ". والعلاء بن بشر ضعفه الأزدي. وذكره الحاكم فقال: " هذا الحديث غير صحيح "، وقال ابن حبان في " الثقات " في ترجمة العلاء: " روى عنه جعدبة بن يحيى مناكير ". وقال ابن عدي: " والعلاء بن بشر هذا لا يعرف، وهذا اللفظ غير معروف ". ونقل المناوي عنه عن أحمد أنه قال: " حديث منكر ". الحديث: 584 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى، رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 239 - 240) عن محمد بن يعقوب: حدثنا إبراهيم بن سلام المكي: حدثنا ابن أبي فديك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف محمد بن يعقوب هذا هو ابن أبي يعقوب أبو بكر ترجمه أبو نعيم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وإبراهيم بن سلام المكي لم أعرفه. والحديث ذكره ابن القيم في الموضوعات في كتابة " المنار " وقال (ص 61) : " قال الدارقطني والخطيب: قد روي من طرق وهو باطل ". 585 - " من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ". ضعيف جدا. أخرجه عيسى بن علي الوزير في " ستة مجالس " (193 / 2) وأبو القاسم المهرواني في " الفوائد المنتخبة " (41 / 1) والبيهقي في " سننه " (10 / 210) والخطيب (8 / 438) وأبو محمد بن شيبان العدل في " الفوائد " (1 / 220 / 1) والقضاعي (36 / 1) من طريق رواد بن الجراح أبي عصام العسقلاني: حدثنا أبو سعد الساعدي عن أنس مرفوعا. وقال البيهقي: " ليس بالقوي "، وقال المهرواني: " غريب، ولم نكتبه إلا من حديث رواد بن الجراح ". قلت: وله علتان: الأولى: رواد هذا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق اختلط بآخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد ". الثانية: أبو سعد هذا قال الذهبي في " الميزان ": " ليس بعمدة " ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال: " وقد ذكره علي بن أحمد السليماني في من يضع الحديث ". وقال الدارقطني في " سؤالات البرقاني عنه " (رقم 574 - نسختي) : " مجهول يترك حديثه ". وللحديث طريق أخرى عند الخطيب (4 / 171) وأبي بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (120 /2) عن الربيع بن بدر: حدثنا أبان عن أنس به. وهذا أشد ضعفا من الذي قبله: الربيع متروك، وأبان وهو ابن أبي عياش متهم بالوضع. الحديث: 585 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 586 - " ليس مني ذوحسد ولا نميمة ولا كهانة، ولا أنا منه، ثم تلا هذه الآية (والذين يؤذون المؤمنين المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) ". الحديث: 586 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 موضوع. ذكره الهيثمي (8 / 91) من حديث عبد الله بن بسر ثم قال: " رواه الطبراني وفيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك ". قلت: وذلك لأنه متهم قال ابن الجنيد: " كان يكذب ". وساق له الذهبي حديثا وقال: " هذا موضوع ". 587 - " ثلاثة من كن فيه آواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته، وأدخله في محبته، من إذا أعطى شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر ". موضوع. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 93) والحاكم (1 / 125) والخطيب في " التلخيص " (76 - 2) عن عمر بن راشد مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان التيمي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب القرشي عن هشام بن عروة عن محمد بن علي عن ابن عباس مرفوعا. قال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورد الذهبي بقوله: " بل واه، فإن عمر قال فيه أبو حاتم: وجدت حديثه كذبا ". قلت: وكنيته أبو حفص الجاري وقال ابن حبان: " يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه فكيف الرواية عنه؟! ". وقد أخرجه البيهقي في " الشعب " وقال عقبه: " عمر بن راشد هذا شيخ مجهول من أهل مصر يروي ما لا يتابع عليه ". ولهذا قال المناوي متعقبا على السيوطي الذي أورد الحديث في " الجامع الصغير ": " لم يصب في إيراده ". قلت: وله طريق أخرى عن ابن أبي ذئب به. أخرجه ابن عدي (331 / 1 - 2) : حدثنا أحمد بن داود بن أبي صالح حدثنا أبو مصعب المديني - يلقب مطرف -: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب به. وأحمد هذا قال ابن حبان (1 / 134) وابن طاهر: " يضع الحديث ". الحديث: 587 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 588 - " من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته، ومن اعتذر إلى الله قبل عذره ". الحديث: 588 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 111) معلقا عن عبد السلام بن هاشم: حدثنا خالد بن برد عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مكذوب، المتهم به عبد السلام بن هاشم هذا، قال فيه عمرو بن علي الفلاس: " لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه ". وقد تساهل الهيثمي في تضعيفه فقط فقال في " المجمع " (8 / 68) بعد أن ساق الحديث دون الجملة الأخيرة منه: " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد السلام بن هاشم وهو ضعيف ". ومن رواية الطبراني أورده السيوطي في " الجامع " وتعقبه المناوي بكلام الهيثمي الذي نقلته آنفا، إلا أنه وقع في نقله " ابن هلال " بدل " ابن هشام " وهو موافق لما ذكره الهيثمي في مكان آخر (8 / 70) وكأنه وهم منه، أو تحريف من بعض النساخ، إذ ليس في الرواة من يدعى عبد السلام بن هلال. والله أعلم. والحديث أشار المنذري (3 / 279) لضعفه أو وضعه. 589 - " لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم ". ضعيف. رواه أحمد (رقم 6647) من طريق ابن لهيعة قال: حدثنا عبد الله بن هبيرة عن أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو مرفوعا في حديث. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة فإنه ضعيف لسوء حفظه. والذي صح في هذه الباب ما أخرجه أبو داود (1 / 407) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وسنده حسن، وله شواهد انظرها إن شئت في " المجمع " (5 / 255) ، وكلها بلفظ الأمر ليس في شيء منها " لا يحل ". فهذا مما تفرد به ابن لهيعة فهو ضعيف منكر. أقول هذا تحقيقا للرواية وبيانا للفرق بين ما صح من الحديث وما لم يصح. فإنه يترتب على ذلك نتائج هامة أحيانا وذلك لأن لفظ: " لا يحل " نص في حرمة ترك التأمير، وأما لفظ الأمر فليس نصا في ذلك بل هو ظاهر، ولذلك اختلف العلماء في حكم التأمير فمن قائل بالندب، ومن قائل بالوجوب، ولوصح لفظ ابن لهيعة لكان قاطعا للنزاع. أقول هذا مع أنني أرى الأرجح الوجوب، لأنه الأصل في الأمر كما هو مقرر في علم الأصول، وممن قال بوجوب التأمير الغزالي في " الإحياء " (2 / 223) فيراجع كلامه فإنه مفيد. الحديث: 589 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 590 - " من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ". ضعيف جدا. رواه أبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " (193 / 1) ورقم (129 الحديث: 590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 نسختي) وعلي بن الحسن بن إسماعيل العبدي في " حديثه " (156 / 1 - 2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (42 / 1) عن سلم بن ميمون الخواص حدثنا زفر بن سليمان عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا لما يأتي، واقتصر السيوطي في عزوه على البيهقي في " الشعب ". وقال المناوي: " وفيه سلم بن ميمون الخواص أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به. وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه، عن (زافر) قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه، ووثقه ابن معين. عن (المثنى بن الصباح) ضعفه ابن معين، وقال النسائي: متروك ". قلت: ومع هذا كله سكت الحافظ العراقي على الحديث في " تخريج الإحياء " (2 / 292) ! 591 - " من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا وراء الإمام ". ضعيف. رواه القاضي أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " (47 / 1) عن يحيى بن سلام: حدثنا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا. قلت: ويحيى بن سلام ضعفه الدارقطني كما في " الميزان "، ونقل الزيلعي (1 / 10) عنه أعني الدارقطني أنه قال في " غرائب مالك ": " هذا باطل لا يصح عن مالك ". قلت: والصواب أنه موقوف كذلك أخرجه الخلعي أيضا عن القعنبي، والبيهقي (2 / 160) عن ابن بكير، كلاهما عن مالك عن وهب عن جابر من قوله غير مرفوع، وقال البيهقي: " رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك، وذلك مما لا يحل روايته على طريقة الاحتجاج به ". قلت: والحديث صحيح بدون قوله: " إلا وراء الإمام " يشهد له قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " رواه الشيخان عن عبادة بن الصامت، وقوله صلى الله عليه وسلم لـ " المسيء صلاته " بعد أن أمره بقراءة الفاتحة في الركعة الأولى: " ثم اصنع ذلك في صلاتك كلها " رواه البخاري وغيره. لكن في معنى هذه الزيادة: " إلا وراء الإمام " قوله صلى الله عليه وسلم: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ". الحديث: 591 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 وهو حديث صحيح عندنا له طرق كثيرة جدا وقد ساقها الزيلعي (2 / 6 - 11) ثم خرجتها في " الإرواء " رقم (493) ، وهي وإن كانت لا تخلومن ضعف، ولكنه ضعف منجبر، وقد صح إسناده عن عبد الله بن شداد مرسلا، والمرسل إذا جاء متصلا فهو حجة عند الإمام الشافعي وغيره فاللائق بأتباعه أن يأخذوا بهذا الحديث إذا أرادوا أن لا يخالفوه في أصوله! وهو من المخصصات لحديث عبادة بن الصامت، ولكنه يخصصه بالجهرية فقط، لا في السرية، لأن قراءة الإمام فيها لا تكون قراءة لمن خلفه، إذ أنهم لا يسمعونها فلا ينتفعون بقراءته، فلابد لهم من القراءة السرية، وبذلك نكون عاملين بالحديثين ولا نرد أحدهما بالآخر. وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما أن القراءة فيها مشروعة دون الجهرية. وهو أعدل الأقوال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " ومن أراد التفصيل فليرجع إليها، وسبق شيء من هذا في الحديث (569) . 592 - " أسست السموات السبع والأرضون السبع على (قل هو الله أحد) ". موضوع. رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " (53 / 2) والدينوري في " المجالسة " (36 / 3 / 1) عن موسى بن محمد بن عطاء قال: حدثنا شهاب بن خراش الحوشبي قال: سمعت قتادة يقول: حدثني أنس بن مالك به مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، موسى بن محمد بهذا هو الدمياطي المقدسي قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 161) : " قال أبي كان يكذب ويأتي بالأباطيل، وقال موسى بن سهل الرملي: أشهد عليه أنه كان يكذب، وقال أبو زرعة: كان يكذب ". وقال ابن حبان (2 / 241 - 242) : " كان يضع الحديث على الثقات، ويروي ما لا أصل له عن الأثبات ". وقال العقيلي (ص 410) : " يحدث عن الثقات بالبواطيل والموضوعات ". وبالجملة فهو ممن اتفقت كلمات الأئمة على تكذيبه واطراح حديثه، ولذلك قال الذهبي: إنه أحد التلفاء. ثم نقل تكذيب أبي زرعة وأبي حاتم له وقول ابن حبان فيه. ثم ذكر له أحاديث موضوعة هذا منها، ومع ذلك كله ووضوح حال الرجل لم يستحي السيوطي فأورد له هذا الحديث في " الجامع الصغير " الذي صانه بزعمه عما تفرد به كذاب أو وضاع! وقد أورده من رواية تمام عن أنس. وتعقبه المناوي بأنه فيه الدمياطي هذا ونقل التكذيب المذكور عن أبي زرعة وأبي حاتم. ومما يدل على كذبه أن الحديث رواه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (3 / 110 / 1) من الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 طريق آخر عن كعب الأحبار من قوله، فرفعه هذا الكذاب بإسناد من عنده ألصقه به! ومن موضوعات هذا الكذاب: " الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن، ومن شئن أخرجن ". 593 - " الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن، ومن شئن أخرجن ". موضوع. رواه ابن عدي (325 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " عن موسى بن محمد بن عطاء: حدثنا أبو المليح حدثنا ميمون عن ابن عباس مرفوعا. وقال العقيلي: " هذا منكر ". نقله الحافظ في ترجمة " موسى بن عطاء " وهو كذاب كما سبق بيانه في الذي قبله. والشطر الأول من الحديث له طريق آخر، رواه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (2 / 25 / 1) وأبو الشيخ في " الفوائد " وفي " التاريخ " (ص 253) والثعلبي في " تفسيره " (3 / 53 / 1) والقضاعي (2 / 2 / 1) والدولابي (2 / 138) عن منصور بن المهاجر عن أبي النضر الأبار عن أنس مرفوعا به. ومن هذا الوجه رواه الخطيب في " الجامع " كما في " فيض القدير " للمناوي وقال: " قال ابن طاهر: ومنصور وأبو النضر لا يعرفان، والحديث منكر، انتهى. فقول العامري في شرحه: " حسن " غير حسن ". ويغني عن هذا حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزووقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي (2 / 54) ، وغيره كالطبراني (1 / 225 / 2) . وسنده حسن إن شاء الله، وصححه الحاكم (4 / 151) ، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري (3 / 214) . الحديث: 593 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 594 - " هدية الله إلى المؤمن السائل على بابه ". موضوع. رواه تمام في " الفوائد " (9 / 167 / 2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (62 / 2) عن أبي أيوب سليمان بن سلمة الخبائري: حدثنا سعيد بن موسى (وقال الضياء: ابن زيد الأزدي) : حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وعزاه السيوطي في " الجامع " للخطيب فقط في " رواة مالك " عن ابن عمر، وتعقبه المناوي بأن الخطيب قال: " وسعيد مجهول، والخبائري مشهور بالضعف ". قال المناوي: " قال في " الميزان " قلت: هذا موضوع، وسعيد هالك. اهـ. وأعاده في محل آخر وقال: هذا كذب. اهـ. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وسعيد بن موسى اتهمه ابن حبان بالوضع ". الحديث: 594 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 قلت: ولم يتفرد به سعيد بن زيد بل تابعه عند تمام سعيد بن أبي مريم، لكن الراوي عنه عبد السلام بن محمد الأموي قال الدارقطني: " ضعيف جدا " وقال: " منكر الحديث ". وقال الخطيب: " صاحب مناكير ". قلت: ولعله أراد أن يقول: " سعيد بن زيد " فقال: " سعيد بن أبي مريم " خطأ، وابن أبي مريم ثقة بخلاف الأول. قلت: ويحتمل أن ذلك من وهم أو وضع الخبائري، فقد رأيت ابن حبان أورد الحديث في " الضعفاء " (1 / 324) من طريقه قال: حدثنا سعيد بن موسى عن مالك به، وساق له حديثا آخر وقال: " لست أدري وضعه سعيد بن موسى أوسليمان بن سلمة، لأن الخبر في نفسه موضوع ". وتابعه أيضا موسى بن محمد الدمياطي وهو كذاب كما سبق قبل حديثين، رواه ابن عدي كما في " الميزان " وقال: " هذا كذب " وأقره الحافظ في " اللسان ". ومن طريقه رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 2 / 3) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 135) . 595 - " إذا مدح الفاسق غضب الرب واهتز لذلك العرش ". منكر. رواه أبو الشيخ في " العوالي " (32 / 1) والخطيب في " تاريخه " (7 / 298 و8 / 428) من طريق أبي خلف خادم أنس عن أنس بن مالك مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الغيبة " كما ذكره المناوي وقال: " أبو خلف قال الذهبي: قال يحيى: كذاب، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال ابن حجر في " الفتح ": سنده ضعيف. (قال المناوي) : ورواه ابن عدي عن بريدة، قال العراقي: وسنده ضعيف. وفي " الميزان ": خبر منكر ". الحديث: 595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 596 - " الناس كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه يرفده ويحمله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (153 / 2) عن المسيب بن واضح: حدثنا سليمان بن عمرو: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك مرفوعا وقال: " وهذا الحديث وضعه سليمان على إسحاق ". الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 ومن طريقه رواه القضاعي (2 / 9 / 1) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 80) من طريق ابن عدي، وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 290) بأن له طريقا أخرى. قلت: أخرجه الدولابي (1 / 168) وابن حبان في " المجروحين " (1 / 188 - 189) والخطابي في " غريب الحديث " (119 / 2) وابن عساكر (2 / 119 / و3 / 205 / 2) وأبو نعيم ببعضه (10 / 25) من طرق عن بكار بن شعيب أبي خزيمة العبدي قال: حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد مرفوعا به. وهذا سند ضعيف جدا بكار بن شعيب قال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به ". ثم ساق له هذا الحديث منكرا له عليه كما قال الحافظ في " اللسان " وقال الجوزجاني: " وهو منكر جدا ". لكن قال السيوطي: " وقد توبع بكار فقال ابن لال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب: حدثنا إبراهيم بن فهد: حدثنا محمد بن موسى حدثنا غياث بن عبد المجيد عن عمر بن سليم عن أبي حازم به. قلت: وسكت عليه السيوطي، وهذه متابعة قوية لولا أن الطريق إليها مظلمة، فإن غياث بن عبد الحميد مجهول كما قال العقيلي: ومحمد بن موسى لم أعرفه، وفي طبقته بهذا الاسم جماعة. وإبراهيم بن فهد قال ابن عدي: " سائر أحاديثه مناكير، وهو مظلم الأمر ". وقال أبو الشيخ: " قال البردعي: ما رأيت أكذب منه ". قال أبو الشيخ: " وكان مشايخنا مضعفونه ". قلت: فمثل هذا الطريق لا يستشهد به لشدة ضعفه. وقد وجدت له طريقا آخر عن سهل بن سعد، أخرجه أبو الشيخ في " أحاديث أبي الزبير عن غير جابر " (11 / 2) عن سهل بن عامر البجلي حدثنا ميمون بن عمرو البصري عن أبي الزبير عن سهل بن سعد مرفوعا. ولكنه واه جدا، سهل بن عامر هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 202) : " قال أبي: وهو ضعيف، روى أحاديث بواطيل وكان يفتعل الأحاديث ". وفي معناه قول البخاري: " منكر الحديث ". وأما ابن حبان فيبدو أنه لم يتبين له حقيقة أمره فلذلك أورده في " الثقات "! ووجدت له شاهدين آخرين متصل ومرسل. أما المتصل فأخرجه ابن عساكر (3 / 205 / 2) عن بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع بكار بن تميم مجهول، والآفة بشر بن عون قال ابن حبان (1 / 181) : " له نسخة عن بكار بن تميم عن مكحول نحو مائة حديث كلها موضوعة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وأما المرسل فأخرجه الخطيب (7 / 57) من طريق بشر بن غياث عن البراء بن عبد الله الغنوي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا سند ضعيف جدا، بشر بن غياث، قال الذهبي: " مبتدع ضال لا ينبغي أن يروى عنه ولا كرامة ". " وفي الميزان ": " قال الأزدي: زائغ صاحب رأي، لا يقبل له قول، ولا يخرج حديثه ولا كرامة إذا كان عندنا على غير طريقة الإسلام ". ونقل عنه أنه كان ينكر عذاب القبر وسؤال الملكين والصراط والميزان. والبراء بن عبد الله الغنوي ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما. والحسن هو البصري فهو مرسل، وعلى إرساله فالإسناد إليه غير صحيح. وبالجملة فالحديث ضعيف جدا، وليس في كل هذه الطرق ما يأخذ بعضده. والله أعلم. ثم وجدت له طريقا ثانيا عن أنس، رواه ابن شاذان الأزجي في " حديثه " (2 / 105 / 2) عن رواد بن الجراح عن أبي سعد الساعدي عن أنس بن مالك مرفوعا. وهذا سند تالف! أبو سعد هذا قال الذهبي: " مجهول حدث عنه رواد بن الجراح وليس بعمدة، وقد ذكره علي بن أحمد السلماني في من يضع الحديث ". 597 - " نعم، خصال أربع: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ وعدهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما. قاله لمن سأله: هل بقي من بر أبو ي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ ". ضعيف. رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في " الأدب " (1 / 151 / 1 - 2) : حدثنا الفضيل بن دكين: حدثنا ابن الغسيل: حدثني أسيد بن علي مولى أبي أسيد عن أبيه أنه سمع أبا أسيد قال: بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي .... الحديث. ورواه الروياني في " مسنده " (251 / 1) والخطيب في " الموضح " (1 / 41 - 42) والواحدي (153 / 2) وأبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (ص 41) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن الغسيل به. وقد تابعه موسى بن يعقوب عن أسيد به إلا أنه قال: " أسيد " بالضم. أخرجه الخطيب وأشار إلى أنه خطأ وأن الصواب " أسيد " كما رواه ابن الغسيل. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات كلهم، غير علي مولى أبي أسيد لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابنه أسيد، ولهذا قال الذهبي: الحديث: 597 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 " لا يعرف "، وأشار إلى ذلك الحافظ بقوله: " مقبول ". وعنه رواه أبو داود (5142) وابن ماجة (3664) وأحمد (3 / 497 - 498) وابن حبان (2030) . 598 - " لما قدم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ". ضعيف. رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " (59 / 2) وكذا البيهقي في " دلائل النبوة " (2 / 233 - ط) عن الفضل بن الحباب قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول فذكره. وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، لكنه معضل سقط من إسناده ثلاثة رواة أو أكثر، فإن ابن عائشة هذا من شيوخ أحمد وقد أرسله. وبذلك أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 244) . ثم قال البيهقي كما في تاريخ ابن كثير (5 / 23) : " وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك ". وهذا الذي حكاه البيهقي عن العلماء جزم به ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " (ص 251 تحقيق صاحبي الأستاذ خير الدين وانلي) ، لكن رده المحقق ابن القيم فقال في " الزاد " (3 / 13) : وهو وهم ظاهر لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام ". ومع هذا فلا يزال الناس يرو ن خلاف هذا التحقيق، على أن القصة برمتها غير ثابتة كما رأيت! (تنبيه) : أورد الغزالي هذه القصة بزيادة: " بالدف والألحان " ولا أصل لها كما أشار لذلك الحافظ العراقي بقوله: " وليس فيه ذكر للدف والألحان ". وقد اغتر بهذه الزيادة بعضهم فأورد القصة بها، مستدلا على جواز الأناشيد النبوية المعروفة اليوم! فيقال له: " أثبت العرش ثم انقش "! على أنه لوصحت القصة لما كان فيها حجة على ما ذهبوا إليه كما سبقت الإشارة لهذا عند الحديث (579) فأغنى عن الإعادة. الحديث: 598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 599 - " إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه، فليقل: يا فلان ابن فلانة! فإنه سيسمع، فليقل: يا فلان ابن فلانة! فإنه سيستوي قاعدا، فليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه سيقول: أرشدني أرشدني رحمك الله، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول له: ما تصنع عند رجل قد لقن حجته؟ فيكون الله حجيجهما دونه ". منكر. أخرجه القاضي الخلعي في " الفوائد " (55 / 2) عن أبي الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري: حدثنا عتبة بن السكن عن أبي زكريا عن جابر بن سعيد الأزدي قال: " دخلت على أبي أمامة الباهلي وهو في النزع، فقال لي: يا أبا سعيد إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا فإنه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، لم أعرف أحد منهم غير عتبة بن السكن، قال الدارقطني: " متروك الحديث " وقال البيهقي: " واه منسوب إلى الوضع ". والحديث أورده الهيثمي (3 / 45) عن سعيد بن عبد الله الأزدي قال: شهدت أبا أمامة ... الحديث. وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " وفي إسناده جماعة لم أعرفهم ". قلت: فاختلف في اسم الراوي عن أبي أمامة ففي رواية الخلعي أنه جابر بن سعيد الأزدي وفي رواية الطبراني أنه سعيد بن عبد الله الأزدي، وهذا أورده ابن أبي حاتم (2 / 1 / 76) فقال: " سعيد الأزدي " لم ينسبه لأبيه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو في عداد المجهولين، فالعجب من قول الحافظ في " التلخيص " (5 / 243) بعد أن عزاه للطبراني: " وإسناده صالح، وقد قواه الضياء في " أحكامه " وأخرجه عبد العزيز في " الشافي ". والراوي عن أبي أمامة سعيد الأزدي بيض له ابن أبي حاتم "! الحديث: 599 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 فأنى لهذا الإسناد الصلاح والقوة وفيه هذا الرجل المجهول؟! بل فيه جماعة آخرون مثله في الجهالة كما يشير لذلك كلام الهيثمي السابق، وهذا كله إذا لم يكن في إسناد الطبراني عتبة بن السكن المتهم، وإلا فقد سقط الإسناد بسببه من أصله! وقد قال النووي في " المجموع " (5 / 304) بعد أن عزاه للطبراني: وإسناده ضعيف. وقال ابن الصلاح: ليس إسناده بالقائم ". وكذلك ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 420) وقال ابن القيم في " الزاد " (1 / 206) : " لا يصح رفعه ". واعلم أنه ليس للحديث ما يشهد له، وكل ما ذكره البعض إنما هو أثر موقوف على بعض التابعين الشاميين لا يصلح شاهدا للمرفوع بل هو يعله، وينزل به من الرفع إلى الوقف، وفي كلمة ابن القيم السابقة ما يشير إلى ما ذكرته عند التأمل. على أنه شاهد قاصر إذ غاية ما فيه: " أنهم كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان قل لا إله إلا الله، قل أشهد أن لا إله إلا الله (ثلاث مرات) ، قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد ". فأين فيه الشهادة على بقية الجمل المذكورة في الحديث مثل " ابن فلانة " و" أرشدني ... " وقول الملكين: " ما نصنع عند رجل " ... ". وجملة القول أن الحديث منكر عندي إن لم يكن موضوعا. وقد قال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 161) : " ويتحصل من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف، والعمل به بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله ". ولا يرد هنا ما اشتهر من القول بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، فإن هذا محله فيما ثبت مشروعيته بالكتاب أو السنة الصحيحة، أما ما ليس كذلك فلا يجوز العمل فيه بالحديث الضعيف، لأنه تشريع ولا يجوز ذلك بالحديث الضعيف، لأنه لا يفيد إلا الظن المرجوح اتفاقا فكيف يجوز العمل بمثله؟! فليتنبه لهذا من أراد السلامة في دينه، فإن الكثيرين عنه غافلون. نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق. 600 - " جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ". الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 موضوع. رواه ابن الأعرابي في " المعجم " (2 / 21 - 22) وابن عدي (82 / 1) وأبو موسى المدني في جزء " من أدركه الخلال من أصحاب ابن منده " (150 - 151) وأبو نعيم (4 / 121) والخطيب (7 / 346) والقضاعي (49 / 2) عن إسماعيل بن أبان عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه " وذكر نحوه ابن عدي وزاد: " وهو معروف عن الأعمش موقوفا ". قلت: وإسماعيل هذا قال فيه أحمد: " روى أحاديث موضوعة عن فطر وغيره، فتركناه ". وقال ابن حبان (1 / 116) : " كان يضع الحديث على الثقات ". وقال أبو داود: " كان كذابا ". ونقل المناوي عن " لسان الميزان " قال الأزدي: " هو كوفي زائغ وهو الذي روى حديث جبلت القلوب، قال الأزدي: " هذا الحديث باطل ". قال المناوي: ورأيت بخط ابن عبد الهادي في تذكرته: قال مهنأ: سألت أحمد ويحيى عنه؟ فقالا: ليس له أصل، وهو موضوع ". قلت: نقله أيضا ابن قدامة موفق الدين في " المنتخب " (10 / 195 / 2) عن مهنأ به. ومع هذا كله أورده السيوطي في " الجامع "! وقال: " صحح البيهقي وقفه "! قلت: الموقوف موضوع أيضا فإنه من هذه الطريق، كذلك رواه ابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 255) وغيره، ولذلك قال السخاوي: " هو باطل مرفوعا وموقوفا ". 601 - " اتخذوا السراويلات فإنه من أستر ثيابكم، وخصوا بها نساءكم إذا خرجن ". موضوع. رواه العقيلي (ص 18) وابن عدي (4 / 1) والديلمي (1 / 2 / 200) وابن عساكر (2 / 380 / 2) عن إبراهيم بن زكريا الضرير العجلي - من أهل البصرة -: حدثنا همام عن قتادة عن قدامة بن وبرة عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال: الحديث: 601 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع في يوم دجن ومطر، قال: فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري فهو ت يد الحمار في وهدة من الأرض، فسقطت المرأة، فأعرض النبي عليه السلام بوجهه، فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة. فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي. يا أيها الناس اتخذوا .... الحديث. ذكره العقيلي في ترجمة إبراهيم هذا، وقال: " صاحب مناكير وأغاليط، ولا يعرف هذا الحديث إلا به، فلا يتابع عليه ". وقال ابن عدي: " وهذا الحديث منكر لا يرويه عن همام غير إبراهيم بن زكريا، ولا أعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم حدث عن الثقات بالأباطيل ". ومن طريق ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 45) وقال: " موضوع، والمتهم به إبراهيم ". ثم ذكر ما تقدم عن العقيلي وابن عدي. فتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 260) بقوله: " قلت: أخرجه البزار والبيهقي في " الأدب " من هذا الطريق، وإبراهيم بن زكريا المتهم به الذي قال فيه ابن عدي هذا القول هو الواسطي العبدي، وليس هو الذي في إسناد هذا الحديث، إنما هذا إبراهيم بن زكريا العجلي البصري كما أفصح به العقيلي، وقد التبس على طائفة، منهم الذهبي في " الميزان " فظنهما واحدا، وفرق بينما غير واحد، منهم ابن حبان، فذكر العجلي في " الثقات "، والواسطي في " الضعفاء ". وكذا فرق أبو أحمد الحاكم في " الكنى " والعقيلي والنباتي في " الحافل " والذهبي في " المغني ". قال الحافظ ابن حجر في " اللسان ": وهو الصواب ". قلت: وهذا التعقب ليس فيه كبير طائل، ذلك لأن العجلي الذي هو صاحب الحديث لم يوثقه غير ابن حبان، وهو مع ما عرف به من التساهل في التوثيق، فقد عارضه من حكمه أقرب إلى الصواب منه، فقد قال العقيلي فيه: " صاحب مناكير وأغاليط ". ثم ساق له حديثين، هذا أحدهما. وفيه قال ابن عدي ما نقلته آنفا عنه، خلافا لما زعمه السيوطي أنه قال ذلك في الواسطي العبدي. وإليك نص كلامه لتكون على بينة من الأمر، قال: " إبراهيم بن زكريا المعلم العبدستاني العجلي الضرير، يكنى أبا إسحاق، حدث عن الثقات بالأباطيل ". ثم ساق له هذا الحديث، وأعله بما سبق، فاتفاق هذين الإمامين على تضعيف إبراهيم هذا واستنكار حديثه، مقدم على توثيق ابن حبان له المستلزم رد الحكم على حديثه بالوضع أو النكارة - كما ذهب إليه السيوطي، لاسيما وقد ذكر الحافظ النقاد الذهبي أن هذا الحديث من بلايا العجلي! ثم رأيت ابن أبي حاتم ذكر في " العلل " (1 / 492 - 493) عن أبيه أنه قال: " هذا حديث منكر، وإبراهيم مجهول ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 على أن في الحديث علة أخرى من الأعلى، هي بالاعتماد عليها في إعلال الحديث أولى، ومن الغريب أن الذين تكلموا عليه لم يتنبهو الها، مثل ابن الجوزي، وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 272) ، ألا وهي الأصبغ بن نباتة، فهو متفق على تضعيفه، بل قال أبو بكر ابن عياش: " كذاب ". وقال النسائي وابن حبان: " متروك ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين وغيره: ليس بشيء ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وبالجملة فالحديث بهذا الإسناد والسياق موضوع. وقد ذكر له السيوطي شواهد من حديث أبي هريرة وغيره مرفوعا بلفظ: " اللهم ارحم المتسرولات ". وقال: " وبمجموع هذه الطرق يرتقي الحديث إلى درجة الحسن ". قلت: وفي ذلك نظر لأن الطرق التي أشار إليها لا تخلومن وضاع أو متهم أو مجهول، مع أن بعضها مرسل. وبيان ذلك مما لا يتسع له الوقت الآن، فإلى مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى. 602 - " إن الله عز وجل يقول: أنا الله لا إله إلا أنا، ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد عصوني حولت قلوب ملوكهم بالسخط والنقمة فساموهم سوء العذاب، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك، ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع أكفكم مولككم ". ضعيف جدا. رواه الطبراني وعنه أبو نعيم (2 / 389) وتمام (6 / 77 / 1من مجموع الظاهرية رقم 95) عن أبي عمرو المقدم بن داود قال: حدثنا علي بن معبد قال: حدثنا وهب بن راشد عن مالك بن دينار عن {خلاس} بن عمرو عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، المقدم بن داود قال النسائي: " ليس بثقة ". ووهب بن راشد هو الرقي قال ابن عدي: " ليس حديثه بالمستقيم،أحاديثه كلها فيها نظر ". وقال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان: الحديث: 602 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 " لا يحل الاحتجاج به بحال ". وقال الهيثمي (5 / 249) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه وهب (الأصل: إبراهيم وهو تحريف) ابن راشد وهو متروك ". قلت: وتعصيب الجناية به وحده ليس بجيد لما علمت أن في الطريق إليه المقداد بن داود، وهو مثله في الضعف. 603 - " إن لله تعالى مجاهدين في الأرض أفضل من الشهداء، أحياء مرزوقين، يمشون على الأرض، يباهي الله بهم ملائكة السماء، وتزين لهم الجنة كما تزينت أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، والمحبون في الله، والمبغضون في الله، والذي نفسي بيده إن العبد منهم ليكون في الغرفة فوق غرف الشهداء، للغرفة منها ثلاثمائة ألف باب، منها الياقوت والزمرد الأخضر، على كل باب نور، وإن الرجل منهم ليتزوج بثلاثمائة ألف حوراء، قاصرات الطرف عين، كلما التفت إلى واحدة منهن فنظر إليها تقول له: أتذكر يوم كذا وكذا أمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر؟ كلما نظر إلى واحدة منهن ذكرت له مقاما أمر فيه بمعروف، ونهى فيه عن منكر ". لا أصل له. ذكره الغزالي (2 / 273) من حديث أبي ذر! وقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " لم أقف له على أصل، وهو منكر ". قلت: ولوائح الوضع عليه ظاهرة. والله أعلم. الحديث: 603 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 604 - " السلطان ظل من ظل الرحمن في الأرض، يأو ي إليه كل مظلوم من عباده، فإن عدل كان له الأجر، وعلى الرعية الشكر، وإن جار، أو حاف، أو ظلم كان عليه الإصر، وعلى الرعية الصبر، وإذا جارت الولاة قحطت السماء، وإذا منعت الزكاة الحديث: 604 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 هلكت المواشي، وإذا ظهر الربا (وفي نسخة: الزنا) ظهر الفقر والمسكنة، وإذا أخفرت الذمة أديل للكفار ". موضوع. أخرجه تمام في " الفوائد " (5 / 80 - 81 وفي النسخة الأخرى 5 / 49 - 50) وابن عدي في " الكامل " (175 / 1) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (27 / 2) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وروى طرفه الأول القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 22 / 2) والديلمي (2 / 220) . قلت: وهذا إسناد موضوع، سعيد بن سنان هو أبو مهدي الحمصي اتهمه البخاري بقوله: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني: " يضع الحديث ". وضعفه سائر الأئمة، وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه غير محفوظ ". ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " هالك ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البزار والحكيم والبيهقي عن ابن عمر. وتعقبه المناوي بقوله: " وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه: والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: وأبو المهدي سعيد بن سنان ضعيف عند أهل العلم بالحديث. انتهى. وسعيد بن سنان هذا ضعفه ابن معين وغيره، وقال البخاري: منكر الحديث. وساق في " الميزان " من مناكيره هذا الحديث، وجزم الحافظ العراقي بضعف سنده ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 / 196) : " رواه البزار، وفيه سعيد بن سنان أبو مهدي، وهو متروك ". وأشار الحافظ المنذري في " الترغيب " (3 / 137) إلى تضعيف الحديث. 605 - " لوقيل لأهل النار: إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا سنة لفرحوا بها، ولوقيل لأهل الجنة: إنكم ماكثون في الجنة عدد كل حصاة في الدنيا سنة لحزنوا، ولكنهم خلقوا للأبد والأمد ". الحديث: 605 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 موضوع. رواه الطبراني (3 / 75 / 2) وأبو نعيم (4 / 168) من طريق الحكم بن ظهير عن السدي عن مرة عن ابن مسعود مرفوعا: وقال أبو نعيم: " تفرد به الحكم بن ظهير ". قلت: وهو كذاب عند ابن معين وغيره، وقال ابن حبان (1 / 245) : " يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات ". ثم ساق له حديثا آخر، وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 396) : " وهو مجمع على ضعفه ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 224) : " قال أبي: هذا حديث منكر ". وقد أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني فأساء. ولم يتعقبه المناوي إلا بقول الهيثمي المذكور! والحديث يدل على أبدية الخلود في النار، والآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة تغني عنه من هذه الناحية. 606 - " ليأتين على جهنم يوم تصفق أبوابها، ما فيها من أمة محمد أحد ". موضوع. رواه ابن عدي عن العلاء بن زيدل عن أنس مرفوعا. قلت: والعلاء هذا قال الذهبي: " تالف، قال ابن المدني: كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 169) : " يروي عن أنس بن مالك بنسخة كلها موضوعة، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب ". وإنما أوردت الحديث لأن عالمين فاضلين أورداه ساكتين عليه، أحدهما الحافظ ابن حجر في " تخريج أحاديث الكشاف " (4 /87، رقم 194) والآخر المناوي ذكره عند شرحه للحديث الذي قبله محتجا به! ومعنى الحديث صحيح إن كان المراد بـ " أمة محمد " فيه أمة الإجابة لا أمة الدعوة كما هو ظاهر. ويؤيده ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح " (2 / 176 - 177) من رواية إسحاق بن راهويه: حدثنا عبيد الله (بن معاذ) : حدثنا أبي: حدثنا شعبة عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: " ما أنا بالذي لا أقول: إنه سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ قوله: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق) الآية. قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون: يعني به الموحدين ". وقد روي الحديث عن أبي أمامة ولا يصح أيضا وهو: الحديث: 606 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 607 - " ليأتين على جهنم يوم كأنها زرع هاج، وآخر تخفق أبوابها ". باطل. أخرجه الطبراني في " جزء من حديثه " رواية أبي نعيم (28 / 1) والخطيب (9 / 122) عن عبد الله بن مسعود بن كدام عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا به. وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 268) من هذا الوجه وقال: " هذا حديث موضوع محال، جعفر هو ابن الزبير متروك ". وأقره السيوطي (2 / 466) ثم ابن عراق (391 / 1) . وأقول: جعفر هذا وضاع، وقد مضى له أحاديث. لكن الراوي عنه ابن مسعر هالك أيضا، وقد أشار لهذا الذهبي في ترجمة جعفر فقال: " ويروي بإسناد مظلم عنه حديث متنه: يأتي على جهنم .... ". ثم أعاده في ترجمة ابن مسعر فقال فيه: " قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.. " ثم قال: " وفي معجم الطبراني من حديث هذا التالف عن جعفر بن الزبير (في الأصل " الزبير بن سعيد " وهو تحريف) عن القاسم عن أبي أمامة في انقطاع عذاب جهنم، فهذا باطل ". وأقره الحافظ في " اللسان " وأورده في " تخريج أحاديث الكشاف " (4 / 87 رقم 194) ولم يعزه لأحد! ولعل الحديث أصله موقوف على بعض الصحابة، رفعه هذا التالف أو شيخه عمدا أو خطأ، فقد أخرجه البزار عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال: " يأتي على النار زمان تخفق أبوابها ليس فيه أحد. يعني من الموحدين ". قال الحافظ: " كذا فيه، ورجاله ثقات، والتفسير لا أدري ممن هو؟ وهو أولى من تفسير المصنف ". قلت: الظاهر أن التفسير المذكور، من مخرجه البزار، فقد أخرج الفسوي في " تاريخه " بسند البزار عينه عن أبي بلج به، وليس فيه التفسير المذكور، هكذا ذكره الذهبي في ترجمة أبي بلج، وكذا الحافظ في " التهذيب " عن الفسوي وزاد: " قال ثابت البناني: سألت الحسن عن هذا؟ فأنكره ". وأبو بلج هذا في نفسه ثقة، ولكنه ضعيف من قبل حفظه، ولذلك عد الذهبي هذا الأثر من بلاياه! ثم قال: " وهو منكر ". وجملة القول أن هذا الحديث لا يصح مرفوعا ولا موقوفا. الحديث: 607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 هذا وتفسير الزمخشري الذي سبقت الإشارة إليه في كلام الحافظ هو قوله في " تفسيره " (2 / 236) : " وقد بلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، وهذا والعياذ بالله من الخذلان المبين، ولئن صح هذا عن ابن عمرو فمعناه أنهم يخرجون من النار إلى برد الزمهرير، فذلك خلوجهنم وصفق أبوابها ". وهذا تأويل بعيد. والأقرب ما سبق عن الحافظ، إلا أنني أرى أن الصواب عدم الاشتغال بالتأويل ما دام أن الحديث لم يصح. والله أعلم. واعلم أن من أذناب هؤلاء الضلال في القول بانتهاء عذاب الكفار الطائفة القاديانية، بل هم قد زادوا في ذلك على إخوانهم الضلال، فذهبوا إلى أن مصير الكفار إلى الجنة! نص على ذلك ابن دجالهم الأكبر محمود بشير بن غلام أحمد في كتاب " الدعوة الأحمدية ". فمن شاء التأكد من ذلك فليراجعها فإني لم أطلها الآن. وإن مما يجب الوقوف عنده، وتحقيق القول فيه ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (2 / 171 - 172) من رواية عبد بن حميد (قال) : بإسنادين صحيحين له عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: " لولبث أهل النار عدد رمل عالج، لكان لهم يوم يخرجون فيه ". ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى (لابثين فيها أحقابا) . وقال ابن القيم: " وحسبك بهذا الإسناد جلالة، والحسن وإن لم يسمع من عمر، فإنما رواه عن بعض التابعين، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال: قال عمر بن الخطاب ". قلت: هذا كلام خطابي، أستغرب صدوره من ابن القيم رحمه الله. لأنه خلاف ما هو مقرر عند أهل الحديث في تعريف الحديث الصحيح: أنه المسند المتصل برواية العدل الضابط، فإذا اعترف بانقطاعه بين الحسن وعمر، فهو مناف للصحة بله الجلالة! وخلاف المعروف عندهم من ردهم لمراسيل الحسن البصري خاصة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في أثر الحسن هذا نفسه: " فهو منقطع، ومراسيل الحسن عندهم واهية، لأنه كان يأخذ من كل أحد "! وقوله: " فإنما رواه عن بعض التابعين، .... " قلنا: نعم، فكان ماذا؟ أليس كذلك كل مرسل تابعي؟ إنما رواه عن تابعي إن لم يكن عن صحابي؟ فلماذا إذن اعتبر المحدثون الحديث المرسل أو المنقطع من قسم الحديث الضعيف؟ ذلك لاحتمال أن يكون الرجل الساقط من الإسناد مجهولا أو ضعيفا لا يحتج به لوعرف، وهذا بخلاف ما لوكان المرسل لا يروي إلا عن صحابي فإن حديثه حجة، لأن الصحابة كلهم عدول، فهذا المرسل فقط هو الذي يحتج به من بين المراسيل كلها، وهو الذي اختاره الغزالي وصححه الحافظ العلائي في " جامع التحصيل في أحكام المراسيل " (7 / 1) ، وأما دعوى البعض أن الإجماع كان على الاحتجاج بالحديث المرسل حتى جاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 الإمام الشافعي، فدعوى باطلة مردودة بأمور منها ما رواه مسلم في مقدمة " صحيحه " (1 / 12) عن عبد الله بن المبارك أنه رد حديث " إن من البر بعد البر أن تصلي لهما مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك " بعلة الإرسال، في قصة له تراجع هناك. وابن المبارك رحمه الله توفي قبل الشافعي بأكثر من عشرين سنة. وكلام ابن القيم المذكور - مع مخالفته للأصول - يلزمه أن يقبل مراسيل الحسن البصري كلها إذا صح السند إليه بها، وما أخاله يلتزم ذلك، كيف ومنها ما رواه عن سمرة مرفوعا. " لما حملت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث. فسمته عبد الحارث، فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ". فهذا إسناده خير من إسناد الحسن عن عمر، لأنه قد قيل أن الحسن سمع من سمرة، بل ثبت أنه سمع منه حديث العقيقة في " صحيح البخاري "، وهو مع جلالته، مدلس لا يحتج بما عنعنه من الحديث، ولوكان قد لقي الذي دلس عنه كسمرة، فهل يحتج ابن القيم بحديثه هذا عن سمرة ويقول فيه: " فإنما رواه عن بعض التابعين ... "؟ ! كلا إن ابن القيم رحمه الله تعالى أعلم وأفقه من أن يفعل ذلك، مع العلم أن بعضهم قد فسر بهذا الحديث قوله تعالى: (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما) فأرجع ضمير (جعلا) إلى آدم وحواء عليهما السلام! مع أن الحسن نفسه لم يفسر الآية بحديثه هذا كما بيناه فيما تقدم (رقم 342) ، وكذلك صنع ابن القيم فإنه فسر الآية المذكورة بنحوما فسره الحسن، قال في " التبيان " (264) : " فاستطرد من ذكر الأبو ين إلى ذكر المشركين من أولادهم ". وكم من حديث من رواية الحسن مرسلا أو منقطعا لم يأخذ به ابن القيم كغيره من أهل العلم بل إن بعضها ثبت عن الحسن الإفتاء بخلافه، وليس هذا مجال بيانه، غير أني أقول: إن هذا الأثر الذي رواه الحسن عن عمر، هو في المعنى كالأثر المتقدم الذي رواه أبو بلج عن عبد الله بن عمرو. ومع ذلك لما سئل عنه الحسن رحمه الله تعالى أنكره، كما تقدم من رواية الفسوي عن ثابت عنه. وأقول الآن: إن حديث بطلان الصلاة بالقهقهة قد جاء مرسلا عن جماعة من التابعين أشهرهم أبو العالية، ومنهم الحسن البصري، وهو صحيح عنه، فقد قال البيهقي في " كتاب معرفة السنن والآثار " (ص 139 - طبع الهند) : " وقد رواه جماعة عن الحسن البصري مرسلا ". فهل يأخذ به ابن القيم؟! ويؤسفني أن أقول: إن القاديانية في ضلالهم المشار إليه آنفا (ص 73) يجدون متكئا لهم في بعض ما ذهبوا إليه في بعض كتب أئمتنا من أهل السنة، فقد عقد العلامة ابن القيم في كتابه " الحادي " فصلا خاصا في أبدية النار، أطال الكلام فيه جدا، وحكى في ذلك سبعة أقوال، أبطلها كلها سوى قولين منها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 الأول: أن النار لا يخرج منها أحد من الكفار، ولكن الله عز وجل ينفيها، ويزول عذابها. والآخر: أنها لا تفنى، أن عذابها أبدي دائم. وقد ساق فيه أدلة الفريقين وحججهم من المنقول والمعقول، مع مناقشتها، وبيان ما لها وما عليها. والذي يتأمل في طريقة عرضه للأدلة ومناقشته إياها، يستشعر من ذلك أنه يميل إلى القول الأول، ولكنه لم يجزم بذلك، فراجع إن شئت الوقوف على كلامه مفصلا الكتاب المذكور (2 / 167 - 228 طبع الكردي) . ولكنني وجدته يصرح في بعض كتبه الأخرى بأن نار الكفار لا تفنى وهذا هو الظن به، فقال رحمه الله في " الوابل الصيب " (ص 26) ما نصه: " وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين، فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشيء لتراكب بعضه على بعض، ثم يجعله في جهنم مع أهله. فليس فيها إلا خبيث، ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشوبه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب - كانت دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض، وهاتان الداران لا تفنيان. ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى، وهي دار العصاة فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة، ولا يبقى إلا دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض ". ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قاعدة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار، لم نقف عليها، وإنما ذكرها الشيخ يوسف بن عبد الهادي في " فهرسته " (ق / 26 / 1) . 608 - " ليؤمكم أحسنكم وجها، فإنه أحرى أن يكون أحسنكم خلقا، وقوا بأموالكم عن أعراضكم، وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه ". موضوع. رواه ابن عدي (97 / 2) وعنه ابن عساكر (5 / 64 / 1) عن حسين بن المبارك الطبراني: حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال ابن عدي: " حسين هذا حدث بأسانيد ومتون منكرة عن أهل الشام ". ونقل الذهبي وتبعه المناوي عنه أعني ابن عدي أنه قال فيه: " متهم ". ولم أجد هذا في نسختنا من " الكامل " ثم ساق له الذهبي حديثا قال عقبه: " وهذا كذب ". وتقدم الكلام عليه برقم (191) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 100) من طريق الحضرمي: حدثنا الحديث: 608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 حسان بن يوسف التميمي حدثنا محمد بن مروان عن هشام بن عروة به وقال: " موضوع. الحضرمي مجهول، ومحمد بن مروان السدي كذاب، وتابعه حسين بن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن هشام، والبلاء من حسين، فإنه يحدث بمنكرات ". والحديث رواه الديلمي من طريق الحسين هذا، كما في " اللآلي " (2 / 22) . ورواه ابن عساكر (15 / 240 / 1) من طريق محمد بن صبح بن يوسف: حدثنا إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن أبي البحتري عن هشام بن عروة به. أورده في ترجمة محمد بن صبح ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومن بينه وبين هشام لم أعرفهم، وسكت السيوطي عنه! ثم ذكر له شاهدا من حديث عمرو بن أخطب نحوه، وسأتكلم عليه عقب هذا إن شاء الله تعالى. واعلم أنه ليس في الشرع ما يدل على أن هناك ارتباطا بين حسن الوجه وحسن الخلق، فقد يتلازمان وقد ينفكان، وقد روى أحمد في " مسنده " (3 / 492) أن أبا لهب لعنه الله كان وضيء الوجه من أجمل الناس، بل قال ابن كثير: " وإنما سمي أبا لهب لإشراق وجهه " ومع ذلك فقد كان من أسوء خلق الله خلقا، وأشدهم إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وازدراء به كما هو مشهور عنه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم وغيره. 609 - " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأحسنهم وجها ". منكر لا أصل له. أخرجه البيهقي (3 / 121) عن عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز أبي خالد القاضي من ولد عتاب بن أسيد: أنبأ أبو عاصم: أنبأ عزرة بن ثابت عن علباء بن أحمر عن أبي زيد الأنصاري (وهو عمرو بن أخطب) مرفوعا. وأشار البيهقي لضعفه بقوله: " إن صح ". وعلته عبد العزيز هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " واستنكر له هذا الحديث وقال: " هذا منكر لا أصل له، ولعله أدخل عليه، وما عدا هذا من حديثه يشبه حديث الأثبات ". ذكره الحافظ في " تهذيب التهذيب " وأقره. وقال المناوي: " وفيه عبد العزيز بن معاوية، غمزه الحاكم بهذا الحديث، وقال: هو خبر منكر. ورده في " المهذب " بأن مسلما روى حديثا بهذا السند. انتهى. وبه يعرف أن رمز المصنف لضعفه غير صواب، وأن حكم ابن الجوزي بوضعه تهور ". الحديث: 609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 قلت: وفيه عديد من الموآخذات: الأول: أن مسلما لم يحتج بعبد العزيز هذا، وإنما روى له في المقدمة. الثاني: أن السيوطي نفسه أقر في " اللآلي " (2 / 22) الحاكم على غمزه المذكور. الثالث: أن ابن الجوزي لم يورد هذا الحديث مطلقا وإنما أورد الجملة الأخيرة منه من طريق أخرى في حديث آخر وهو موضوع باعتراف الذهبي صاحب " المهذب "، وإقرار المناوي نفسه له كما مضى في الحديث الذي قبله. رابعا: أن أبا أحمد الحاكم لميتفرد بإنكار الحديث بل تابعه عليه ابن حبان، وأقره الحافظ، وضعفه البيهقي كما ذكرته عنه آنفا. خامسا: أن هناك أحاديث صحيحة تبين الأحق بالإمامة مثل حديث أبي مسعود البدري مرفوعا: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ". رواه مسلم وغيره. وليس فيه ولا في غيره ذكر للأحسن وجها. فهذا من الأدلة على صحة حكم الأئمة المذكورين على هذا الحديث بالإنكار. فأنى للحديث ما أراده له المناوي من القوة! والله أعلم. وقد ذهبت بعض المذاهب إلى تقديم الأحسن وجها بعد الاستواء في الشروط الأخرى عملا بهذا الحديث المنكر. بل بالغت بعضها فقالت: " فالأحسن زوجة لشدة عفته، فأكبرهم رأسا، فأصغرهم عضوا "! 610 - " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1 / 486) عن قيس أبي عمارة مولى الأنصار قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه عن جده مرفوعا. وهذا سند ضعيف من أجل قيس هذا. قال البخاري: " فيه نظر ". وذكره العقيلي في " الضعفاء " وأورد له حديثين وقال: " لا يتابع عليهما "، أحدهما هذا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " فلا يلتفت إليه، الحديث: 610 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 بعد جرح إمام الأئمة له، ولهذا قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": " فيه لين ". فمن العجائب أن يسكت الحافظ على الحديث في " التلخيص " (5 / 252) ، وتبعه على ذلك السيوطي في " اللآلي " (2 / 424) . وأعجب منه قول النووي في " الأذكار " (188) : " إسناده حسن " وأقره المناوي! ولعل النووي تنبه فيما بعد لعلته فلم يورده في " الرياض ". والله أعلم. 611 - " ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد ". موضوع. رواه الطبراني في " الصغير " (ص 204) عن عبد القدوس بن عبد السلام بن عبد القدوس: حدثني أبي عن جدي عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس مرفوعا. وقال: " لم يرو هـ عن الحسن إلا عبد القدوس تفرد به ولده عنه ". قلت: عبد القدوس الجد: كذاب، وابنه اتهمه بالوضع ابن حبان كما سيأتي في الحديث (767) . والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " الأوسط " فقط وهو قصور، وكذلك عزاه له الحافظ في " اللسان "، ومنه تبين أن السند واحد. فلم يحسن السيوطي بإيراده في " الجامع " مع تفرد هذا الكذاب به! . الحديث: 611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 612 - " الأكل مع الخادم من التواضع، فمن أكل معه اشتاقت إليه الجنة ". موضوع. الديلمي (1 / 2 / 268) عن أبي علي بن الأشعث: حدثنا شريح بن عبد الكريم: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسيني أبو الفضل في كتاب " العروس ": حدثنا محمد بن كثير القرشي: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة مرفوعا. قلت: أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 195) في جملة أحاديث ذكرها من طريق الديلمي بإسناده عن أبي الفضل هذا، وقال السيوطي: " ابن الأشعث كذبوه، وقال الديلمي: أسانيد " كتاب العروس " واهية لا يعتمد عليها، والأحاديث منكرة جدا ". قلت: ومحمد بن كثير القرشي قال أحمد: " حرقنا حديثه "، وقال البخاري: " منكر الحديث ". الحديث: 612 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 وجعفر بن محمد الحسيني قال الجوزقاني في " كتاب الأباطيل ": " مجروح ". وبه أعله ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 267) وقال في ترجمته من المقدمة (1 / 45) : " أشار الديلمي إلى اتهامه ". يعني قول الديلمي المتقدم. والحديث قال المناوي: " سنده ضعيف ". والظاهر أنه اقتصر على تضعيفه بناء منه على قاعدة أن ما تفرد به الديلمي فهو ضعيف، وإلا فإنه لورجع إلى سنده لحكم عليه بالوضع كما صنع السيوطي على تساهله، ومع ذلك فقد تناقض السيوطي، فأورده في " الجامع الصغير " أيضا! 613 - " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 354) وأبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (ق 91 / 1) عن سليمان بن عيسى: حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو موضوع، آفته سليمان هذا وهو السجزي، وهو كذاب كما قال أبو حاتم وغيره، وقال ابن عدي: " يضع الحديث ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (3 / 237) : " لا يصح، سليمان كذاب، ورواه داود بن الحصين عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان بن معاوية الفزاري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. قال ابن حبان: داود يحدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، يجب مجانبة روايته، والبلية في هذا منه: قال: وهذا خبر باطل لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ومن روى مثل هذا الخبر عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وجب مجانبة روايته، لأن إبراهيم بن الأشعث يقال له: إمام (1) من أهل بخارى ثقة مأمون، والبلية في هذا الحديث من داود هذا] " (2) . قلت: لكن تعقبه الدارقطني في تعليقه عليه فقال: " إبراهيم بن الأشعث ضعيف يحدث عن الثقات بما لا أصل له. وزعموا أنه كان من العباد. ومروان الفزاري لم يسمع من سهيل بن أبي صالح ولا روى عنه مما انتهى إلينا ".   (1) كذا الأصل، وفي " الجرح والتعديل ": " ويعرف بـ (لام) ". ولعله الصواب. (2) زيادة من " كتاب المجروحين " لابن حبان (1 / 286) . الحديث: 613 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 قلت: ويؤيد تضعيف الدارقطني لإبراهيم أن ابن حبان نفسه لما أورد إبراهيم في " الثقات " قال: " يغرب وينفرد فيخطئ ويخالف ". فهذا منه نقض لوصفه إياه بأنه ثقة مأمون، لأنها لا تلقي مع وصفه إياه بأنه يخطئ ويخالف، بل هذا إلى التضعيف أقرب منه إلى التوثيق فتأمل، لاسيما وقد اتهمه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 88) عن أبيه بحديث موضوع وقال: " كنا نظن بإبراهيم الخير فقد جاء بمثل هذا! ". واعلم أن داود بن الحصين هذا ليس هو الأموي مولاهم فإن ذاك مدني، وهذا من (المنصورة) كما في " ضعفاء ابن حبان " و (المنصورة) عدة مواضع، ولعلها هنا مدينة خوارزم القديمة فراجع " معجم البلدان ". ثم إن هذا متأخر عن ذاك، فالأموي من أتباع التابعين. وتعقبه السيوطي بما لا يجدي كغالب عادته! فقال في " اللآلي " (2 / 439) : " قلت: له شواهد ... ". ثم ذكرها من حديث علي وابن عباس، عند الماليني في " المؤتلف والمختلف "، ومن حديث أم سلمة عند الديلمي. قلت: وهي شواهد لا تسمن ولا تغني من جوع! ولم يسق السيوطي أسانيدها لننظر فيها إلا الأخير منها، وفيه عبد القدوس بن حبيب الكلاعي وهو متهم بالكذب لا يخفى حاله على مثل السيوطي، قال ابن المبارك وغيره: " كذاب ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث " كما يأتي تحت الحديث (767) . وأما إسناد حديث علي فقد وقفت عليه، أخرجه أبو موسى المديني في " جزء من أدركه الخلال من أصحاب ابن منده " (ق 151 / 2) من طريق سليمان بن عيسى بن نجيح: حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب مرفوعا نحوه: وقال: " غريب من حديث الثوري ". قلت: بل هو عندي باطل لم يحدث به الثوري، بل ألصقه به سليمان هذا وهو السجزي الكذاب الذي في الطريق الأولى ليضل به الناس كما فعل في الإسناد الأول، قاتل الله الكذابين وقبحهم. ورواه الطبراني في " جزء منحديثه " (ق 31 / 2) من طريق المقدام بن داود المصري عن عبد الله بن محمد بن المغيرة عن سفيان به. وهذه متابعة لا يفرح بها! فإن ابن المغيرة هذا قال النسائي: " روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها ". وقال العقيلي: " يحدث بما لا أصل له ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 وساق الذهبي في ترجمته عدة أحاديث، ثم قال: " وهذه موضوعات "! والمقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي. فبطلت هذه المتابعة أيضا. وذكر له ابن عراق شاهدا آخر من حديث ابن مسعود وقال (2 / 373) : " أخرجه ابن عساكر في تاريخه ". وسكت عليه. وهو عند ابن عساكر (16 / 302 / 2) من طريق المظفر بن الحسن بن المهند: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصا: أخبرنا أبو عامر موسى بن عامر: أخبرنا الوليد بن مسلم: أخبرنا شيبان أبو معاوية عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به. وهذا إسناد واه، وآفته ابن المهند هذا، ففي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولا ذكر له شيئا من أحواله إلا أنه مات سنة (381) بـ (أشنه) (2) . وأحمد بن عمر بن جوصا، قال الذهبي: " صدوق له غرائب ". وقال الدارقطني: " لم يكن بالقوي ". وقال مسلمة بن قاسم: " كان عالما بالحديث مشهور ابالرواية، عارفا بالتصنيف، وكانت الرحلة إليه في زمانه، وكان له وراق يتولى القراءة عليه وإخراج كتبه، فساء ما بينهما، فاتخذ وراقا غيره، فأدخل الوراق الأول أحاديث في روايته وليست من حديثه، فحدث بها ابن جوصا، فتكلم الناس فيه، ثم وقف عليها فرجع عنها ". قلت: فلعل هذا الحديث مما دسه عليه ذلك الوراق ليشينه به، هذا إن كان ابن المهند سمعه منه، وحفظه عنه. ثم إن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة فقد كان يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن في إسناده فلا تقوم الحجة به، إن سلم ممن دونه! وبالجملة، فهذه الطريق خير طرق هذا الحديث، ومع ذلك فلا يثبت الحديث بها لما علمت من العلل التي فيها. واعلم أن الحافظ السخاوي بعد أن أورد الحديث في " المقاصد " (ص 31) من الطريق الأولى [وأولها] بقوله: " وسليمان متروك، بل اتهم بالكذب والوضع ". استدرك فقال: " ولكن لم يزل عمل السلف والخلف على هذا ". فينبغي أن يعلم أنه لا يلزم من ذلك أن الحديث صحيح، لأنه تضمن شيئا زائدا على ما جرى عليه العمل، ألا وهو تعليل الدفن وسط القوم الصالحين، وهذا لا يستلزم ثبوت التعليل المذكور   (1) بالضم ثم السكون وضم النون وهاء محضة: بلدة في طرف أذريبجان كما في " معجم البلدان ". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 فيه، لاحتمال أن يكون شيئا آخر، وعلى كل حال فعلة الحكم أمر غيبي لا يجوز إثباتها بالظن والرجم بالغيب. أو مجرد جريان العمل على مقتضاها. والله أعلم. 614 - " إن لله تعالى في كل يوم جمعة ستمائة ألف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوا النار ". منكر. أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 169) وتمام في " الفوائد " (236 / 1) وابن عدي في " الكامل " (26 / 2) والواحدي في " التفسير " (4 / 145 / 1) من طريق يحيى بن سليم الطائفي: حدثنا الأزور بن غالب عن سليمان التيمي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا. وأورده ابن عدي وكذا ابن حبان في ترجمة الأزور هذا، وقال: " كان قليل الحديث إلا أنه روى على قلته عن الثقات ما لم يتابع عليه من المناكير، فكأنه كان يخطيء وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به إذا انفرد ". ثم ساق الحديث وقال: " هذا متن باطل لا أصل له ". وأما ابن عدي فقال: " أحاديثه معدودة يسيرة غير محفوظة، وأرجو أنه لا بأس به ". كذا قال! وفي " الميزان ": " منكر الحديث، أتى بما لا يحتمل، فكذب ". الحديث: 614 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 615 - " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ". ضعيف. رواه القشيري في " الرسالة " (ص 59 طبع بولاق) ومن طريقه ابن النجار (10 / 161 / 2) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك قال: أخبرنا أحمد بن محمود بن {خرزاذ} قال: حدثنا محمد بن فضيل بن جابر قال: حدثنا سعيد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن زكريا قال: حدثني أبي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم، من دون أنس لم أجد لأحد منهم ذكرا في شيء من كتب التراجم، اللهم إلا ابن {خرزاذ} هذا فهو من شيوخ الدارقطني، وقد ساق له حديثا بسند له إلى مالك عن الزهري عن أنس. ثم قال الدارقطني: " هذا باطل بهذا الإسناد، ومن دون مالك ضعفاء ". وقال في موضع آخر: " مجهول " كما في " اللسان ". فالظاهر أنه هو آفة هذا الحديث. والله أعلم. والحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية القشيري وابن النجار، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! الحديث: 615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 والنصف الأول من الحديث له شواهد من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الأنصاري. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن ماجه (4250) وأبو عروبة الحراني في " حديثه " (ق 100 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 71 / 1) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (4 / 210) والقضاعي في " مسند الشهاب " (1 / 2 / 1) والسهمي في " تاريخ جرجان " (358) من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عنه. ورجال إسناده ثقات، لكنه منقطع بين أبي عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - وأبيه. وأما حديث أبي سعيد الأنصاري، فأخرجه ابن منده في " المعرفة " (2 / 245 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 398) من طريق يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد الأنصاري عن أبيه مرفوعا به. وزاد في أوله: " الندم توبة ". وهذه الزيادة لها طريق أخرى صحيحة عن ابن مسعود، وهي مخرجة في " الروض النضير " رقم (642) . وانظر رقم (1150) فإنه فيه من حديث أبي هريرة. وأما هذا الإسناد فهو ضعيف كما قال السخاوي في " المقاصد " (313) ، وعلته يحيى بن أبي خالد، قال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 140) : " مجهول ". وكذا قال الذهبي. ونقل الحافظ في " اللسان " عن أبي حاتم أنه قال: " وهذا حديث ضعيف، رواه مجهول عن مجهول ". يعني يحيى هذا، وابن أبي سعيد. (تنبيه) : هكذا وقع في " الحلية " (أبي سعيد) ، وكذا وقع في " المقاصد " و" الجامع الصغير " وغيرهما. ووقع في " المعرفة " (أبي سعد) وفي ترجمته أورد ابن أبي حاتم (4 / 2 / 378) هذا الحديث، فيبدو أنه الصواب. وجملة القول: أن الحديث المذكور أعلاه ضعيف بهذا التمام. وطرفه الأول منه حسن بمجموع طرقه، وقد قال السخاوي: " حسنه شيخنا - يعني ابن حجر - لشواهده ". والله أعلم. وله شاهد آخر من حديث ابن عباس بزيادة أخرى، وهو: 616 - " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلما كان عليه من الأثم مثل منابت النخل ". ضعيف. رواه البيهقي في " الشعب " (2 / 373 / 1) وابن عساكر في المجلس الثاني الحديث: 616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 والثلاثين في التوبة من " الأمالي " (ورقة 4 / 1) من طريق الخطيب بسنده عن سلم بن سالم: حدثنا سعيد الحمصي عن عاصم الجذامي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. ثم رواه في " التاريخ " (15 / 295 / 2) من طريق أخرى عن سلم: حدثنا سعيد بن عبد العزيز به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، سلم بن سالم وهو البلخي الزاهد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال أحمد والنسائي: ضعيف ". وسعيد الحمصي لم أعرفه، ويحتمل أن يكون سعيد بن سنان أبا مهدي الحمصي وهو ضعيف جدا. 617 - " استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه تندموا ". موضوع. رواه الخطيب عن سليمان بن عيسى بسنده المتقدم آنفا برقم (613) عن أبي هريرة مرفوعا. وسليمان كذاب كما سبق، وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث وقال: " وهذا غير صحيح ". يعني أنه موضوع. قلت: ولم يتفرد به، فقد أخرجه أبو الحسن النعالي في " جزء من حديثه " (127 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (61 / 1) عن علي بن زياد المتوثي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رجاء: حدثنا مالك بن أنس به. لكنه قال: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: وعبد العزيز هذا قال الذهبي: " قال الدارقطني: متروك، له مصنف موضوع كله ". ثم ساق له حديثين في العقل من طريق المتوثي هذا عنه به هذا أحدهما، وقال في الآخر: " هذا باطل على مالك ". والأول أورده الدارقطني في " غرائب مالك " من هذه الطريق وقال: " هذا حديث منكر ". ذكره الحافظ في " اللسان ". وقد وجدت له طريقا أخرى عن أبي هريرة. رواه أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " (ص 94) من طريق داود بن المحبر: حدثنا عباد بن كثير عن سهيل بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. وداود هذا وعباد بن كثير كذابان. وهذا الحديث يكثر من إيراده بعض المشايخ حتى حفظه عنه مريدوه، ولذلك أوردته محذرا منه لعلهم ينتهون عن نسبته إليه صلى الله عليه وسلم خشية أن ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ". الحديث: 617 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 618 - " مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش في الحجر، ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء ". موضوع. أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " عن أبي الدرداء. وقال الشارح المناوي: " قال المصنف في " الدرر ": سنده ضعيف، وقال الهيثمي: فيه مروان بن سالم الشامي، ضعفه الشيخان وأبو حاتم. قلت: البخاري ضعفه جدا فقد قال فيه: " منكر الحديث ". وكذلك قال مسلم وأبو حاتم، وقد سبق أن ذكرنا أن من قال البخاري فيه: " منكر الحديث " فلا تحل الرواية عنه، ولذلك فإن الاقتصار على تضعيف الرجل قصور، وكذا الاقتصار على تضعيف حديثه، فإنه يفتح الباب لمن لا علم عنده أن يستشهد به، مع أنه من المتفق عليه أن الحديث إذا اشتد ضعفه لا يجوز أن يستشهد به. وأنا أرى أن هذا الحديث موضوع، لأن ابن سالم هذا متهم كما يشير إلى ذلك قول البخاري فيه: " منكر الحديث ". ويؤيده قول أبي عروبة الحراني: " كان يضع الحديث ". وقول الساجي: " كذاب يضع الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 317) : " يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات ". والحديث روي من حديث أبي هريرة بلفظ آخر، وهو: الحديث: 618 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 619 - " من تعلم العلم وهو شاب كان بمنزلة وسم في حجر، ومن تعلمه بعد كبر فهو بمنزلة كتاب على ظهر الماء ". موضوع. رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 218) من طريق هناد بن إبراهيم النسفي بسنده عن بقية بن الوليد عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال: " لا يصح، هناد بن إبراهيم النسفي لا يوثق به، وبقية بن الوليد مدلس ". وأقره على هذا السيوطي في " اللآليء " (1 / 196) ، لكن تعقبه بقوله: " قلت: له شاهد من مرسل إسماعيل بن رافع. أخرجه البيهقي في " المدخل " بهذا اللفظ. ومن طريق أبي الدرداء ". ثم ساق إسناد أبي الدرداء ولفظه، وهو موضوع كما بينته قبل هذا، وأما المرسل فلم يذكر إسناده إلى إسماعيل، على أن كونه من مرسله كاف في إنزال حديثه من رتبة الاستشهاد به، لأنه ضعيف جدا، تركه جماعة، وقال ابن حبان (1 / 112) : الحديث: 619 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 " كان رجل صالحا، إلا أنه كان يقلب الأخبار حتى صار الغالب على حديثه المناكير التي يسبق إلى القلب أنه كان المعتمد لها ". على أن حق العبارة أن يقال: " من معضل إسماعيل بن رافع " لأن إسماعيل هذا ليس تابعيا، بل هو يروي عن بعض التابعين، وعليه فقد سقط من السند اثنان فأكثر، فالحديث معضل. 620 - " من أصبح يوم الجمعة صائما، وعاد مريضا، وأطعم مسكينا، وشيع جنازة، لم يتبعه ذنب أربعين سنة ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (122 / 2) ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 107) عن عمرو بن حمزة البصري: حدثنا خليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا. وقال ابن الجوزي: " موضوع، عمرو، والخليل وإسماعيل كلهم ضعفاء مجروحون ". وتعقبه السيوطي بقوله (2 / 28) : " قلت: هذا لا يقتضي الوضع، وقد وثق أبو زرعة الخليل فقال: شيخ صالح ... ". قلت: لكن قد أشار البخاري إلى اتهامه بقوله: " منكر الحديث ". وقال في موضع آخر: " فيه نظر ". ولا يقول هذا إلا فيمن لا تحل الرواية عنه كما تقدم ذكره مرار، وإذا ثبت هذا عن إمام الأئمة فهو جرح واضح. وهو مقدم على التعديل، لاسيما إذا كان المعدل دون البخاري في العلم بالرجال. ثم إن المحققين من العلماء قديما وحديثا لا يكتفون حين الطعن في الحديث الضعيف سنده على جرحه من جهة إسناده فقط، بل كثيرا ما ينظرون إلى متنه أيضا فإذا وجدوه غير متلائم مع نصوص الشريعة أو قواعدها لم يترددوا في الحكم عليه بالوضع، وإن كان السند وحده لا يقتضي ذلك كهذا الحديث، فإن فيه أن فعل هذه الأمور المستحبة في يوم الجمعة سبب في أن لا يسجل عليه ذنب أربعين سنة! وهذا شيء غريب لا مثيل له في الأحاديث الصحيحة فيما أذكر الآن. ولهذا أقول: إن الشواهد التي أوردها السيوطي ههنا لا تشهد للحديث إلا في الجملة. أما بخصوص هذه الجملة الأخيرة: " ولم يتبعه ذنب أربعين سنة " فلا، لأنها لم ترد في شيء منها مطلقا، وكلها أطبقت على أن الجزاء: " وجبت له الجنة "، ولا يخفى أن هذا شيء والجملة المتقدمة شيء آخر، إذ لا يلزم من استحقاق الجنة أن لا يتبعه ذنب أربعين سنة فقد يسجل عليه ذنب بل ذنوب ثم يحاسب عليها فقد يستحق بها النار فيدخلها، ثم يخرج منها فيدخل الجنة جزاء هذه الأعمال الفاضلة، أو بإيمانه. فظهر الفرق بين الشاهد والمشهو د، وهذا مما يؤكد ما ذهب إليه ابن الجوزي من أن الحديث موضوع. فتأمل فأنه شيء خطر في البال، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي. الحديث: 620 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 (تنبيه) : لقد اختلط على المناوي إسناد هذا الحديث بإسناد أحد الشواهد التي سبقت الإشارة إليها، وهو وإن كان ضعيفا أيضا ولكنه خير من هذا ضعفا، وبناء عليه رد على ابن الجوزي حكمه على الحديث بالوضع فقال: " إذ قصاراه أن فيه عبد العزيز بن عبد الله الأويسي أورده الذهبي في " الضعفاء "، وفيه ابن لهيعة أيضا ". فأنت ترى أن هذين ليسا في إسناد هذا الحديث الموضوع فاقتضى التنبيه. ولفظ حديث الأويسي: " من أصبح يوم الجمعة صائما، وعاد مريضا، وشهد جنازة، وتصدق بصدقة فقد أو جب الجنة ". أخرجه البيهقي وقال: " الإسناد الأول يؤكد هذا وكلاهما ضعيف ". قلت: وشيخ الأويسي ابن لهيعة ضعيف أيضا. لكن حديثه صحيح بدون ذكر الجمعة، فانظر " الصحيحة " (88) . 621 - " من أغاث ملهو فا كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة فيها صلاح أمره كله، وثنتان وسبعون له درجات يوم القيامة ". موضوع. أخرجه البخاري في " التاريخ " (2 / 1 / 320) وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (ص 38 و95) وابن عدي في " الكامل " (143 / 2) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 15) وابن حبان في " المجروحين " (1 / 304) وأبو علي الصواف في " حديثه " (85 / 2) والخطيب (6 / 41) وابن عساكر (6 / 235 / 2) من طريق زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعا. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 171) من رواية العقيلي ثم قال: " موضوع. آفته زياد ". وقال العقيلي: " لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". وقال ابن حبان: " كان شعبة شديد الحمل عليه، وكان ممن يروي أحاديث مناكير، وأوهاما كثيرة ". وقال الحاكم والنقاش: " روى عن أنس أحاديث موضوعة، وكان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه ". وقال البيهقي: إنه تفرد به. وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي على عادته! فذكر (2 / 86) بأن للحديثين طريقين آخرين وشاهدا، وذلك مما لا طائل تحته، فإن أحد الطريقين رواه ابن عساكر (15 / 193 / 2) وفيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها وفي الطريق إليه أبو محمد عبد الله بن عبد الغفار بن ذكوان تكلم فيه الكتاني، وفيه جماعة لم أعرفهم، وفي هذه الطريق زيادة تؤكد وضع الحديث ولفظها " ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، كتب الله له بها أربعين ألف ألف حسنة ". الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 والطريق الآخر رواه الخطيب (11 / 175) ، وفيه دينار مولى أنس، وهو كذاب، قال ابن حبان (1 / 290) : " كان يروي عن أنس أشياء موضوعة ". ولذلك لم يحسن السيوطي بإيراده الحديث في " الجامع الصغير "، وقد أورده ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 80) . وأما الشاهد فسيأتي برقم (751) . 622 - " ما جبل ولي الله إلا على السخاء وحسن الخلق ". موضوع. رواه أبو القاسم القشيري في " الأربعين " (ق 157 / 2) والقاضي أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (ق 89 / 1) وابن عساكر (ج 15 / 407 / 1) من طريق يوسف بن السفر أبي الفيض: حدثنا الأوزاعي: حدثني الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مركب موضوع، وآفته ابن السفر هذا فإنه كذاب كما سبق مرارا. وقد أورد الحديث من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 179) وقال: " قال الدارقطني: يوسف يكذب، والحديث لا يثبت ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 91) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (ق 262 / 2) . قلت: ولا يغتر برواية بقية لهذا الحديث عن الأوزاعي به. أخرجه أبو حامد الشجاعي في " الأمالي " (ق 3 - 4) وكذا رواه ابن عساكر أيضا إلا أنه أسقط من إسناده عائشة فأرسله، لا يغتر بذلك فإنها من تدليسات بقية المشهورة حيث أسقط من بينه وبين الأوزاعي ابن السفر هذا الكذاب. ويؤيده أن ابن عساكر رواه في رواية أخرى له عن بقية عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي به مرسلا. فهذه الرواية تدل على أن بقية تلقاه عن الكذاب المذكور. والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3 / 248) من رواية أبي الشيخ عنها. وأشار إلى تضعيفه. الحديث: 622 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 623 - " من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر المساكين ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الدارقطني عن خالد بن عمرو الحمصي: حدثنا أبي: أنبأنا الحارث بن عبيدة الكلاعي: حدثنا مقاتل بن سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا. وقال (2 / 196) : " مقاتل كذاب. والحارث ضعيف ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 106) ، ومع ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير "! وتعقبه المناوي بقوله: " وقال مخرجه الدارقطني: الحارث ومقاتل ضعيفان جدا. اهـ. فقد برىء مخرجه من عهدته الحديث: 623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 ببيان حاله، فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد، وفي " الميزان ": هذا حديث باطل، يكفي في رده تلف خالد، وشيخه ضعيف، ومقاتل غير ثقة، وخالد كذبه الفريابي، ووهاه ابن عدي ". ثم ذكر كلام ابن الجوزي السابق ثم قال: " وتبعه المؤلف في مختصره ساكتا عليه ". 624 - " من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الحاكم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. وقال (2 / 204) : " قال الحاكم: أنا ابرأ إلى الله من عهدة جويبر ". وأما السيوطي فكأنه أقره في " اللآلي " فإنه قال عقبه (2 / 111) : " قلت: أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " عن الحاكم وقال: إسناده ضعيف بمرة، وجويبر ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس ". ثم ساق له شاهدا من حديث أبي هريرة رواه ابن النجار، وفيه إسماعيل بن معمر قال السيوطي: " قال في " الميزان ": ليس بثقة ". فالعجب منه كيف سها عن هذا فأورده في " الجامع الصغير "! وقد تعقبه المناوي بما نقله. عن السخاوي أنه قال عقب قول الحاكم السابق: " بل هو موضوع ". ونقل نحوه عن ابن رجب، ونقل الشيخ القاريء في " موضوعاته " (ص 122) عن ابن القيم أنه قال: " وأما أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب يوم عاشوراء فمن وضع الكذابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنة، وأهل السنة يفعلون ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع ". الحديث: 624 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 625 - " الإيمان نصفان، نصف في الصبر، ونصف في الشكر ". ضعيف جدا. رواه الخرائطي في " كتاب فضيلة الشكر " (129 / 1 من مجموع 98) والديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 2 / 361) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، يزيد هو ابن أبان وهو متروك كما قال النسائي وغيره. والحديث ذكره في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن أنس، وقال المناوي: " وفيه يزيد الرقاشي، قال الذهبي وغيره: متروك ". الحديث: 625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 626 - " من رابط فواق ناقة حرمه الله على النار ". منكر. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 6) والخطيب (7 / 203) عن محمد بن حميد: حدثنا أنس بن عبد الحميد - أخوجرير بن عبد الحميد - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال العقيلي: " هذا حديث منكر ". ذكره في ترجمة أنس هذا، ثم قال: " وقد رأيت له غير حديث من هذا النحو، فإن كان ابن حميد ضبط عنه، فليس هو ممن يحتج به ". ثم رواه العقيلي (ص 165) من طريق سليمان بن مرقاع الجندعي عن مجاهد عن عائشة مرفوعا. وقال: " سليمان منكر الحديث، ولا يتابع في حديثه ". الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 627 - " من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب على بلائه، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية امرأة فرعون ". لا أصل له بهذا التمام. أورده هكذا الغزالي في " الإحياء " (2 / 39) وقال مخرجه العراقي: " لم أقف له على أصل ". وأقره الزبيدي في " شرح الإحياء " (5 / 352) وذكر نحوه السبكي في " الطبقات " (4 / 154) . وأقول: قد وجدت للشطر الأول منه أصلا ولكنه موضوع، رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " فقال: حدثنا داود بن المحبر: حدثنا ميسرة بن عبد ربه عن أبي عائشة السعدي عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وابن عباس قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة قبل وفاته ... قلت: فذكر حديثا طويلا جدا في نحواثنتين عشرة صفحة، والصفحة أكبر من هذه، وهو مركب من أحاديث متفرقة، وفيه هذا الشطر، أورده السيوطي بتمامه في " اللآلي " (2 / 361 - 373) ثم قال: " قال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية ": هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه لا بورك فيه ". الحديث: 627 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 628 - " تنقه، وتوقه ". ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 222) والطبراني في " المعجم الكبير " وعنه الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 أبو نعيم في " الحلية " (7 / 267) وتمام في " الفوائد " (3 / 40) وأبو محمد الخلدي في " جزء من فوائده " (44 / 1) وأبو العباس بن المنير في المجلس الخامس من " الأمالي " (28 / 1) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص 49) وفي " الأمثال " (123 / 2) وأبو الحسن الزعفراني في " فوائد أبي شعيب " (ق 82 / 2) والخطابي في " غريب الحديث " (153 / 1) من طريق عبد الله بن مسعر بن كدام عن مسعر عن وبرة عن عبد الله بن عمر مرفوعا وقال العقيلي: " لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ". يعني عبد الله هذا. قلت: قال الذهبي: " تالف، قال أبو حاتم: متروك الحديث ". قلت: وهو راوي حديث انقطاع عذاب جهنم المتقدم برقم (607) . وذكر له السيوطي شاهدا من رواية الباوردي في " المعرفة " عن سنان مرفوعا بلفظ: " تنق وتوق ". وأعله المناوي بالإرسال فقال: " سنان هو ابن سلمة بن المحبق البصري الهذلي، ولد يوم حنين، وله رؤية، وقد أرسل أحاديث ". ولم يتعرض للكلام على إسناده إليه، وما أراه يصح. والله أعلم. 629 - " من بات على طهارة ثم مات من ليلته مات شهيدا ". موضوع. رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 729) عن سليمان بن سلمة الخبائري (الأصل: الجنائزي وهو تصحيف) : حدثنا يونس بن عطاء بن عثمان بن سعيد بن زياد بن الحارث الصدائي: حدثنا سلمة الليثي وشريك بن أبي نمر قالا: حدثنا أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع، سليمان هذا قال ابن الجنيد: " كان يكذب ". ويونس بن عطاء قال ابن حبان: " يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج بخبره ". وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم: " روى عن حميد الطويل الموضوعات ". قلت: ومع هذا فقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الصغير " عن ابن السني! ولم يتعقبه المناوي بشيء! فلا أدري ما فائدة تسويد الصحيفة بإيراده أحاديث هؤلاء الكذابين؟! . الحديث: 629 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 630 - " قال الله تعالى: الإخلاص سر من سري، استودعته قلب من أحببت من عبادي ". ضعيف. ذكره الغزالي في " الإحياء " (4 / 322) عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " رويناه في جزء من " مسلسلات القزويني " مسلسلا يقول كل واحد من رواته: سألت فلانا عن الإخلاص؟ فقال: ... ، وهو من رواية أحمد بن عطاء الهجيمي عن عبد الواحد بن زيد عن الحسن عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله تعالى. وأحمد بن عطاء وعبد الواحد بن زيد كلاهما متروك، ورواه أبو القاسم القشيري في " الرسالة " من حديث علي بن أبي طالب بسند ضعيف ". (تنبيه) : جاء هذا الحديث في كتاب " من هدي الإسلام " المقرر تدريسه للصف الثامن (ص 74 طبع سنة 1375 - 1955 ) معزوا للحاكم. ولم أجد من عزاه إليه فهو وهم على الغالب. والله أعلم. الحديث: 630 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 631 - " ثلاثة ليس عليهم حساب فيما طعموا إذا كان حلالا، الصائم، والمتسحر، والمرابط في سبيل الله ". موضوع. الطبراني (3 / 143 / 2) عن عبد الله بن عصمة عن أبي الصباح عن أبي هاشم عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، نقل المناوي عن الهيثمي أنه قال: " عبد الله بن عصمة وأبو الصباح مجهولان ". وأقره المناوي! وأقول: كلا فإن أبا الصباح ليس مجهولا بل هو معروف ولكن بالوضع! أورده الحافظ في الكنى من " اللسان " وسماه عبد الغفور، ثم أحال عليه في " الأسماء "، وذكر هناك: " قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث " (1) . وقال البخاري: تركوه، وقال ابن عدي: ضعيف منكر الحديث ". ثم ساق له أحاديث، على بعضها آثار الوضع لائحة! فهو المتهم بهذا الحديث. ولعل من آثار هذا الحديث السيئة ما عليه حال المسلمين اليوم، فإنهم إذا جلسوا في رمضان للإفطار لا يعرف أحدهم أن يقوم عن الطعام إلا قبيل العشاء لكثرة ما يلتهم من أنواع الأطعمة والأشربة والفواكه والحلوى! كيف لا والحديث يقول: إنه من الثلاثة الذين لا حساب عليهم فيما   (1) قلت: وتمام كلامه في " المجروحين " (2 / 141) : " ... على الثقات، كعب وغيره لا يحل كتابة حديثه ولا ذكره إلا على جهة التعجب ". اهـ. الحديث: 631 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 طعموا! فجمعوا بسبب ذلك بين الإسراف المنهي عنه في الكتاب والسنة، وبين تأخير صلاة المغرب المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم " صححه الحاكم ووافقه الذهبي وهو كما قالا، فإن له طرقا وشواهد أشرت إليها في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 444) . نعم جاء الحض على تعجيل الفطر أيضا في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ". فيجب العمل بالحديثين بصورة لا يلزم منها تعطيل أحدهما من أجل الآخر، وذلك بالمبادرة إلى الإفطار على لقيمات يسكن بها جوعه ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي حاجته منه، وقد جاء شيء من هذا في السنة العملية فقال أنس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ". رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وهو في " صحيح أبي داود " برقم (2040) وما قبله متفق عليه، وهو مخرج في " الإرواء " (899) . 632 - " أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 57) وفي " الكبير " أيضا و" الأوسط " وأبو الشيخ في " أحاديثه " (16 / 2) وأبو بكر بن أبي علي المعدل في " سبع مجالس من الأمالي " (12 / 1) وأبو نعيم (5 / 69) عن علي بن عاصم: حدثنا قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. وقال الطبراني وأبو نعيم: " لم يرو هـ عن حبيب إلا قيس بن الربيع وشعبة بن الحجاج ". زاد الأول: " تفرد به عن شعبة نصر بن حماد الوراق ". قلت: ثم أخرجه الطبراني في " الصغير " والبغوي في " شرح السنة " (1 / 144 / 2) وكذا الضياء في " المختارة " (7 / 13 / 1) من طريق نصر بن حماد: حدثنا شعبة عن حبيب به. وهذه المتابعة ضعيفة جدا، فإن راويها نصر بن حماد كذاب كما تقدم مرارا. وأما الطريق الأول فضعيف، وفيه ثلاث علل: الأولى والثانية: ضعف علي بن عاصم، وكذا شيخه قيس بن الربيع. والثالثة: عنعنة حبيب بن أبي ثابت، فإنه مدلس. وقول الطبراني: " لم يرو هـ عن حبيب إلا قيس وشعبة .... " إنما هو بالنسبة لما وقع إليه، وإلا فقد تابعهما عن شعبة سعد بن عامر أخرجه الماليني في " شيوخ الصوفية " (17 - 18) : أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن حمزة الصوفي الزادي: أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه بـ (بلخ) : أنبأنا محمد بن فضيل الزاهد: أنبأنا سعد بن عامر عن شعبة به. ومن دون ابن فضيل لم أعرفهما. وتابعهما المسعودي أيضا، أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصبر " (50 / 1) والحاكم (1 / 502) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت به. وقال: الحديث: 632 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي! وفيه مؤاخذات: الأول: أن المسعودي لم يخرج له مسلم مطلقا، وإنما أخرج له البخاري تعليقا، فليس هو على شرط مسلم. الثاني: أن المسعودي ضعيف لاختلاطه، قال ابن حبان (2 / 51) : " اختلط حديثه القديم بحديثه الأخير فلم يميز فاستحق الترك ". وقد وصفه الذهبي نفسه في " الميزان " بأنه سيىء الحفظ، فأنى لحديثه الصحة؟! الثالث: أن حبيب بن أبي ثابت قد عنعنه وهو مدلس كما تقدم، فأنى للحديث الصحة؟! والحديث أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 70) بقيس بن الربيع قال: " ضعفه الجمهور ". وكأنه خفيت عليه رواية الحاكم هذه! ورواه ابن المبارك في " الزهد " (165 / 1 من الكواكب 575) بسند صحيح عن حبيب عن ابن جبير موقوفا عليه. ولعله الصواب. 633 - " من نظر في الدنيا إلى من هو دونه، ونظر في الدين إلى من هو فوقه كتبه الله صابرا وشاكرا، ومن نظر في الدنيا إلى من هو فوقه وفي الدين إلى من هو دونه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا ". لا أصل له بهذا اللفظ. وإن أورده الغزالي (4 / 108) وعزاه الحافظ العراقي للترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، فإن الترمذي إنما رواه (3 / 320) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: " خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن لم تكن فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا: من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ". وضعفه الترمذي بقوله: " هذا حديث غريب ". وعلته المثنى هذا، قال العراقي: " ضعيف ". وسكت عليه الحافظ في " الفتح " (11 / 27) وهذا يدل على أن ما يسكت عنه الحافظ في هذا الكتاب ليس حسنا دائما خلافا لظن بعضهم. ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ". رواه مسلم والترمذي وصححه، وهو عند البخاري (10 / 270) نحوه. الحديث: 633 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 634 - " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق ". ضعيف. رواه علي بن حرب الطائي في " حديثه " (81 / 1) وأبو نعيم (10 / 25) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن جده عن أبي هريرة. وعزاه السيوطي للحاكم أيضا والبيهقي. قال المناوي: " قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه (كذا) . وروي من وجه آخر ضعيف عن عائشة. اهـ. وفي " الميزان ": عبد الله بن سعيد هذا واه بمرة، وقال الفلاس: منكر الحديث متروك، وقال يحيى: استبان لي كذبه، وقال الدارقطني، متروك ذاهب. وساق له أخبارا هذا منها، ثم قال: وقال فيه البخاري: تركوه ". قلت: وأورده الهيثمي في " المجمع " (8 / 22) برواية أبي يعلى والبزار وقال: " وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف ". وأما قول المنذري (3 / 260) : " رواه أبو يعلى والبزار من طرق أحدهما حسن جيد ". فأخشى أن يكون وهما لأمرين: الأول: أنه لوكان له طرق أحدهما حسن. لما اقتصر الهيثمي على ذكر الطريق الضعيف. الثاني: أن البيهقي قد صرح بتفرد المقبري به. والله أعلم. ثم إنني لم أجد الحديث في " المستدرك ". ثم وجدته فيه (1 / 124) وقال: " عن أبيه ". الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 635 - " ذروا العارفين المحدثين من أمتي، لا تنزلوهم الجنة ولا النار، حتى يكون الله الذي يقضي فيهم يوم القيامة ". موضوع. رواه ابن عدي (208 / 1) والثقفي في " الفوائد العوالي المنتقاة " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج 6 رقم 10 من منسوختي) والخطيب (8 / 292) من طريق أيوب بن سويد: حدثني سفيان عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن مسور - بعض ولد جعفر بن أبي طالب - عن محمد بن الحنفية عن أبيه مرفوعا. وهذا إسناد موضوع، المتهم به عبد الله بن مسور قال في " الميزان ": " قال أحمد وغيره أحاديثه موضوعة ". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. وفي " اللسان ": " قال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك؟ فيقول: إن فيه أجرا "! وقال البخاري: " يضع الحديث ". وقال النسائي: " كذاب ". وقال ابن حبان (2 / 29) : الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ". قلت: ومع هذا فقد أورد السيوطي حديثه هذا في " الجامع الصغير "! وللحديث طريق آخر سيأتي بلفظ: " دعوا المذنبين .... ". 636 - " المتحابون في الله على كراسي من ياقوت أحمر حول العرش ". منكر. رواه الطبراني (1 / 198 / 2) وابن عدي (212 / 2) والثقفي في " الثقفيات " (6 / 49 / 2) عن عبد الله بن عبد العزيز الليثي: حدثني سليمان بن عطاء بن يزيد الليثي عن أبيه عن أبي أيوب مرفوعا، وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ ". قلت: وسنده ضعيف جدا، الليثي هذا قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان في " المجروحين " (2 / 16) : " اختلط بآخره فكان يقلب الأسانيد ولا يعلم، ويرفع المراسيل فاستحق الترك ". وشيخه سليمان بن عطاء الراوي عن أبيه عطاء، ذكره ابن أبي حاتم (2 / 1 / 133) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (2 / 109) . والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني، وتعقبه المناوي بالليثي هذا، ونقل عن العلائي أنه قال: " لا بأس بإسناده ". وهذا مردود ففيه كل البأس لما عرفت من كلام الأئمة في الليثي، وقد جاءت أحاديث كثيرة ثابتة بمعنى هذا، وليس في شيء منها " على كراسي من ياقوت " إنما " على كراسي من نور " (انظر الترغيب 4 / 47 - 48) فدل هذا على أن الحديث بهذا اللفظ منكر، لتفرد هذا الضعيف به، وخلوه عن جابر يقويه. الحديث: 636 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 637 - " إن الله يحب الملحين في الدعاء ". باطل. رواه العقيلي في " الضعفاء " (467) وأبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (89 / 2) عن بقية: حدثنا يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع، يوسف بن السفر كذاب بل قال البيهقي: " هو في عداد من يضع الحديث ". وقد ذكر المناوي عن الحافظ أنه قال: " تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي، وهو متروك، وكأن بقية دلسه ". وقال ابن عدي في " الكامل " (418 / 1) : " وهذه الأحاديث التي رواها يوسف عن الأوزاعي بواطيل كلها ". الحديث: 637 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 قلت: ولبقية في هذا الحديث روايتان إحدهما صرح فيها بسماعه له من يوسف بن السفر وهي هذه، والأخرى أسقط من الإسناد يوسف هذا الكذاب فدلسه كما سبق عن الحافظ وهذه أخرجها العقيلي وأبو عروبة الحراني في " جزء من حديثه " (100 / 2) والديلمي (1 / 2 / 238 - 239) والسلفي في " معجم السفر " (212 / 2) وعبد الغني المقدسي في " الدعاء " (145 / 2) من طريق كثير بن عبيد: حدثنا بقية عن الأوزاعي به. وبقية متهم بأنه كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين، وهذه الرواية من الشواهد على ذلك. ثم ساقه العقيلي من طريق عيسى بن يونس عن الأوزاعي قال: كان يقال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله تبارك وتعالى والتضرع إليه. ثم قال: " حديث عيسى بن يونس أولى، ولعل بقية أخذه عن يوسف بن السفر ". 638 - " الجالس وسط الحلقة ملعون ". ضعيف. رواه القطيعي في جزء " الألف دينار " (1 / 16 / 2) من طريق شريك عن شعبة وهمام عن قتادة عن أبي مجلز عن حذيفة رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: شريك وهو ابن عبد الله القاضي، قال الحافظ: "يخطيء كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". قلت: وقد توبع، لكنه خولف في لفظه كما يأتي. الثانية: الانقطاع بين أبي مجلز وحذيفة فإنه لم يسمع منه كما قال ابن معين، بل قال أحمد: إنه لم يدركه كما يأتي. وقد تابع شريكا عبد الله بن المبارك. أخرجه الترمذي (4 / 7) بلفظ: " قال حذيفة: ملعون على لسان محمد، أولعن الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، من قعد وسط الحلقة ". وهكذا أخرجه الحاكم أيضا (4 / 281) وأحمد (5 / 384، 398، 401) عن شعبة به وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي! قلت: وقد ذهلوا جميعا عن الانقطاع الذي ذكرناه، وبه أعله أحمد، فإنه روى بسند الصحيح عن شعبة أنه قال عقب الحديث: " لم يدرك أبو مجلز حذيفة ". قلت: وتابع شعبة أبان بن يزيد العطار، أخرجه أبو داود (2 / 292) وابن عدي في " الكامل " (26 / 1) بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة ". الحديث: 638 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 والحديث أورده السيوطي في " الدرر المنتثرة " (ص 139) بلفظ القطيعي ثم قال: " رواه أبو داود والترمذي عن حذيفة بن اليمان ". كذا قال وفيه موآخذتان: الأولى: أن هذا ليس لفظهما كما سبق. الثانية: أنه سكت عن سنده وهو ضعيف. 639 - " ركعتان من المتزوج أفضل من سبعين ركعة من الأعزب ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (432) عن مجاشع بن عمرو: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أنس مرفوعا. وقال: " مجاشع حديثه منكر غير محفوظ، قال يحيى بن معين: وقد رأيته أحد الكذابين ". وقال ابن حبان (2 / 321) : " يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا بالقدح ". ومن طريق العقيلي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 257) ، وتعقبه السيوطي بأن له طريقا أخرى، وهو تعقب لا طائل تحته، فإنه طريق باطل لا يصح أن يستشهد به كما يأتي بيانه في الحديث بعده. ثم إن في الحديث علة أخرى فإن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متهم أيضا، وقد سبق له عدة أحاديث، فإن سلم من مجاشع، فلم يسلم منه. ثم وجدت للحديث طريقا أخرى رواه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (32 / 1) عن أحمد بن مسلم قال: حدثنا أحمد بن محمد يعني ابن عمر بن يونس قال: حدثنا داود بن عبد الله النمري عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. قلت: وهذا سند ساقط، أحمد بن مسلم وداود بن عبد الله النمري لم أجد من ترجمهما. وأما أحمد بن محمد بن عمر بن يونس فهو كذاب، قال الذهبي: " كذبه أبو حاتم وابن صاعد، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: متروك ". قلت: والتعقب على ابن الجوزي بهذا الطريق أولى (لوصح) من الطريق الآتي بعد، لأن متنه موافق لهذا المتن بخلاف الآتي فإنه مغاير كما سترى. الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 640 - " ركعتان من المتأهل خير من اثنتين وثمانين ركعة من العزب ". باطل. تمام الرازي في " الفوائد " (6 / 118 / 1) وعنه الضياء في " المختارة " (117 / 1) عن الحديث: 640 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 مسعود بن عمرو البكري: حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا. قال الذهبي في ترجمة مسعود هذا: " لا أعرفه، وخبره باطل ". ثم ساق له هذا الحديث وأقره الحافظ في " اللسان " إلا أنه قال: " وقد تقدم نحو هذا المتن من حديث أنس من وجه آخر في ترجمة مجاشع بن عمرو، وهو معروف به ". وحديث مجاشع تكلمت عليه آنفا، وذكرنا أن ابن الجوزي حكم بوضعه، ومن العجيب أن السيوطي تعقبه في " اللآلي " (2 / 160) بأن له طريقا أخرى ثم ساق هذه عن تمام ثم قال: " أخرجه من هذه الطريق الضياء في " المختارة " لكن تعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه فقال: هذا حديث منكر ما لإخراجه معنى "! فما معنى تعقب السيوطي إذن على ابن الجوزي بهذه الطريق المنكرة باعترافه، بل ما معنى إخراجه للحديث في " الجامع الصغير " مع قول الحافظ فيه: " إنه خبر باطل "؟! 641 - " كان الناس يعودون داود، يظنون أن به مرضا وما به إلا شدة الخوف من الله تعالى ". موضوع. أخرجه تمام في " الفوائد " (49 / 2) وعنه ابن عساكر (14 / 338 / 2) وأبو نعيم (7 / 137) وكذا ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام والضياء في " الأحاديث والحكايات " (150 / 2) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان الضبي: حدثنا الأشجعي عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عساكر: " غريب جدا، وابن غزوان ضعيف ". وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن ابن عساكر وحده فتعقبه المناوي بأن أبا نعيم رواه أيضا ثم قال: " وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، قال الذهبي: قال ابن حبان: يضع (1) ، وقال ابن عدي: متهم بالوضع ". وقال في " الميزان ": " حدث بوقاحة عن مالك وشريك وضمام بن إسماعيل ببلايا، قال الدارقطني وغيره: كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل ". زاد في " اللسان ":   (1) قلت: ولفظ ابن حبان في " المجروحين " (2 / 298) : " يروي عن أبيه وغيره العجائب التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة ". وقال عن شيخه ابن خزيمة: " أنا خائف أنه كذاب ". اهـ. الحديث: 641 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 " وقال ابن عدي: وهو ممن يضع الحديث. وقال الحاكم: روى عن مالك وإبراهيم بن سعد أحاديث موضوعة ". قلت: والحديث رواه عبد الله بن الإمام أحمد في " زوائد الزهد " (ص 88) عن سعيد بن هلال أن داود النبي كان الحديث نحوه. فهذا كما تراه موقوف ومعضل، فالظاهر أنه من الإسرائيليات. والله أعلم. 642 - " السواك يزيد الرجل فصاحة ". موضوع. ابن عدي في " الكامل " (388 / 2) والخطيب في " تلخيص المتشابه " (147 / 2) من طريق أبي يعلى: أخبرنا محمد بن بحر: أخبرنا المعلى بن ميمون أخبرنا عمرو بن داود عن سنان بن سنان عن أبي هريرة مرفوعا. ورواه العقيلي في " الضعفاء " (277) وأبو بكر الختلي في " جزء من حديثه " (44 / 2) وأبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (122 / 1) وعنه القضاعي (13 / 1) والديلمي (2 / 222) من طريق أخرى عن المعلى به. وقال العقيلي: " روى عن سنان بن أبي سنان، كلاهما مجهول، والحديث معلول ". وأورده ابن عدي في ترجمة المعلى، وساق له حديثين آخرين يأتيان بعده، ثم قال: " وله غير ما ذكرت وكلها غير محفوظة، مناكير ". وفي " الكشف ": " قال الصغاني: وضعه ظاهر، وقال ابن الجوزي: لا أصل له ". الحديث: 642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 643 - " إن الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء، لما يدخل على فقراء المؤمنين منه من الشدة ". منكر. رواه ابن عدي بإسناد الذي قبله، ورواه العقيلي (422) وكذا الطبراني (3 / 112 / 1) من طريق أخرى عن معلى بن ميمون عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. وقال العقيلي: " معلى بن ميمون بصري منكر الحديث، لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وله من هذا النحوأحاديث مناكير لا يتابع عليها ". وقوله: " ولا يتابع على حديثه " عجيب فإنه نفسه أخرجه (ص 150) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا سعيد بن دهثم المقدسي قال: حدثنا عبد الله بن نمير الرحبي عن مجاهد به. ولكن سعيد بن دهثم هذا قال العقيلي: " حديثه غير محفوظ، وعبد الله بن نمير ليس بمعروف بالنقل ". قلت: ونعيم ضعيف. الحديث: 643 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 644 - " حامل كتاب الله له في بيت مال المسلمين في كل سنة مائتا دينار، فإن مات وعليه دين قضى الله ذلك الدين ". موضوع. رواه الديلمي عن العباس بن الضحاك: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الهروي عن مقاتل بن سليمان عن خولة الطائي عن سليك الغطفاني مرفوعا. أورده السيوطي في " اللآلي " شاهدا للحديث الآتي عقبه وقال: " العباس بن الضحاك، دجال، ومقاتل بن سليمان قال وكيع وغيره: كذاب ". قلت: فما فائدة إيراده إذن؟ وكيف استجاز ذكره إياه في " الجامع الصغير " أيضا؟! ومن عجائبه أنه لم يورده فيه بتمامه بل بشطره الأول فقط! ولعله إنما ذكره فيه من أجل أن له شاهدا، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " لكن لا يخفى أن الموضوع لا يقوى بطرقه مهما كثرت، وهذا شيء نبه عليه السيوطي نفسه في " تدريب الراوي " وغيره. والشاهد المذكور هو: " من قرأ القرآن فله مائتا دينار، فإن لم يعطها في الدنيا أعطيها في الآخرة ". الحديث: 644 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 645 - " من قرأ القرآن فله مائتا دينار، فإن لم يعطها في الدنيا أعطيها في الآخرة ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 255) من رواية ابن عدي عن عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي مرفوعا. وقال: " جويبر تالف، وعمرو كذاب ". وتعقبه السيوطي (1 / 246) بما لا يجدي كغالب عادته ثم قال: " وله طريق آخر عن علي موقوفا ". قلت: ثم ساقه من رواية البيهقي بإسناده عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال: فذكره نحوه. وقال السيوطي: " عبد الملك كذاب وله طريق أخرى ". ثم ساق الحديث الذي قبله، وفيه دجال، وآخر كذاب كما سبق من كلام السيوطي نفسه، فلا أدري ما فائدة تسويد الصحيفة بإيراده أحاديث هؤلاء الكذابين؟! الحديث: 645 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 646 - " شاب سفيه سخي أحب إلي من شيخ بخيل عابد، إن السخي قريب من الله، قريب من الجنة، بعيد من النار، وإن البخيل بعيد من الجنة، قريب من النار ". موضوع. رواه تمام الرازي (3 / 38 - 39 من مجموع الظاهرية رقم 95) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار: حدثنا محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا. الحديث: 646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 قلت: والغلابي وضاع، وقد سبق ذكره مرارا. والشطر الأول من الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الحاكم في " تاريخه " والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عباس، وسكت عنه شارحه المناوي! وأورده في اللآلي " (2 / 93) بتمامه من طريق تمام، لكن سقط من إسناده بعض رجاله، منهم الغلابي هذا الذي هو آفة الحديث، فخفيت على الناظر علة الحديث. والشطر الثاني من الحديث، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق أخرى عن أبي هريرة وقال: " قال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل ". وقد سبق الكلام عليه برقم (152) . 647 - " أي الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا: الملائكة، قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم عز وجل؟ قالوا: فالنبيون، قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: فنحن، قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها ". ضعيف. رواه الحسن بن عرفة: حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي عن المغيرة بن قيس التميمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. رواه عنه إسماعيل بن محمد الصفار في " جزئه " (90 / 2 مجموع 22) وكذا البيهقي في " الدلائل " (ج 2) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (26 / 2) وطراد أبو الفوارس في " ما أملاه يوم الجمعة 14 شعبان سنة 478 ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن المغيرة بن قيس بصري. وهو ضعيف أيضا. قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 227) : " بصري، روى عن عمرو بن شعيب، روى عنه أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو منكر الحديث ". قلت: وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! كما في " اللسان ". ورواه البيهقي من طريق مالك بن مغول عن طلحة عن أبي صالح مرفوعا. وقال: " هذا مرسل ". قلت: وهو على إرساله ضعيف وقد وصله أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 308 - 309) الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 والسهمي (363) من طريق خالد بن يزيد العمري: حدثنا الثوري عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. لكن العمري هذا كذاب وضاع. وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو: 648 - " أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيمانا؟ قالوا: يا رسول الله الملائكة؟ قال: هم كذلك، ويحق ذلك لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم. قالوا: يا رسول الله فالأنبياء الذين أكرمهم الله تعالى بالنبوة والرسالة؟ قال: هم كذلك ويحق لهم ذلك، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم. قال: قلنا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني، ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا ". ضعيف جدا. رواه البغوي في " حديث مصعب الزبيري " (152 / 2) وعنه ابن عساكر (16 / 274 / 1) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (36 - 37) من طريق أبي يعلى وهذا في " مسنده " (13 / 2) والحاكم (4 / 85 - 86) وعنه الهروي في " ذم الكلام " (148 / 1) عن محمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعا. وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل محمد ضعفوه ". قلت: قد اتهمه البخاري بقوله فيه: " منكر الحديث " وقال النسائي: " ليس بثقة ". فمثله في مرتبة من لا يستشهد بحديثه ولا يعتبر به كما بينه السيوطي في " تدريب الراوي " (ص 127) . فعلى هذا لا يصلح الحديث شاهدا للذي قبله، فلا أدري لم جزم الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " (ص 143) بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " فذكره واستدل به على جواز العمل بالوجادة، فلعله ظن أن ابن أبي حميد هذا ممن يستشهد به، أو أنه وقف له على طريق أو طرق أخرى يتقوى الحديث بها. وحينئذ ينبغي النظر فيها، فإن صلح شيء منها للاستشهاد فبها، وإلا فنحن على ما تبين لنا الآن. والحديث عزاه في " الجامع الكبير " (3 / 170 / 2) لأبي يعلى والعقيلي والمرهبي في " العلم " الحديث: 648 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 والحاكم، وتعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه بأن فيه محمد بن أبي حميد متروك الحديث، وقال في " المطالب العالية ": محمد ضعيف الحديث سيء الحفظ. وقال البزار: الصواب أنه عن زيد بن أسلم مرسل. وقد وجدت لابن أبي حميد متابعا، أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (427) عن المنهال بن بحر قال: حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن أسلم به. وقال العقيلي: " المنهال في حديثه نظر، وهذا الحديث إنما يعرف لمحمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم وليس بمحفوظ من حديث يحيى بن أبي كثير، ولا يتابع منهالا عليه أحد ". قلت: والمنهال هذا ذكره ابن عدي في " الكامل "، وأشار إلى تليينه، ووثقه أبو حاتم وابن حبان، فإن كان حفظه بهذا الإسناد، فعلته عنعنة يحيى بن أبي كثير، فإنه كان مدلسا، ولهذا أورده العقيلي في " الضعفاء " (466) فقال: " ذكر بالتدليس ". وتبعه على ذلك الذهبي في " الميزان " وابن حجر في " التقريب "، ولا أستبعد أن يكون سمعه من ابن أبي حميد هذا فدلسه. والله أعلم. وجملة القول أن هذا الإسناد ضعيف جدا لا يصلح للاستشهاد به، وقد وجدت للحديث طريقين آخرين، أحدهما تقدم قبل هذا، وهو خير من هذا، والآخر أشدهما ضعفا وهو: 649 - إن أشد أمتي حبا لي قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، يعملون بما في الورق المعلق ". موضوع بهذا اللفظ. رواه ابن عساكر " في تاريخه " (ج 11 / 137 / 2) عن أحمد بن القاسم بن الريان اللكي المصري: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعي: حدثني أبي: حدثنا أبي قال: لما نسخ عثمان المصاحف قال له أبوهريرة: أصبت ووفقت، أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. فذكره. قال أحمد بن القاسم بن الريان: أخبرنا الواقدي أخبرنا ابن أبي سبرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به. كذا قال وقد سقط منه محمد بن سعد كاتب الواقدي. قلت: وهكذا وقع الحديث من الطريقين عن أبي هريرة في " نسخة نبيط بن شريط " (رقم 57 و58) ، وفيها بلايا، كما في ترجمة أحمد بن إسحاق بن إبراهيم هذا من " الميزان " وقال: " لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب ". وأقره الحافظ في " اللسان ". والراوي عنه أحمد بن القاسم بن الريان اللكي بضم اللام وتشديد الكاف نسبة إلى (اللك) بليدة من أعمال برقة الغرب. وقال الذهبي: " لينه ابن ماكولا، وضعفه الدارقطني ". الحديث: 649 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 ثم وقفت على طريق رابع للحديث ليس فيه الورق المعلق وسوف يأتي بلفظ: " يا أيها الناس من أعجب الخلق ... ". وإنما يصح من هذا الحديث والذي قبله بعضه، وهو في حديث أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله أحد منا خير منا؟ أسلمنا وجاهدنا معك، قال: نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني. رواه الدارمي (2 / 308) وأحمد (4 / 106) والحاكم (4 / 85) وصححه ووافقه الذهبي. وأقول: إسناد الدارمي وأحد إسنادي أحمد صحيح إن شاء الله تعالى. وقد عزاه لهؤلاء الثلاثة السيوطي في " تدريب الراوي " (ص 150) بلفظ آخر، وهو سهو منه رحمه الله. 650 - " أحبوا قريشا، فإنه من أحبهم أحبه الله تعالى ". ضعيف جدا. رواه الحسن بن عرفة في " جزئه " (107 / 1) : حدثنا عيسى بن مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. علته عبد المهيمن هذا، قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال النسائي (2 / 141) : " ليس بثقة " وفي موضع آخر: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 141) : " ينفرد عن أبيه بأشياء مناكير لا يتابع عليه من كثرة وهمه، فلما فحش ذلك في روايته بطل الاحتجاج به ". ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الكبير " والبيهقي في " الشعب " كما في " فيض القدير ". الحديث: 650 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 651 - " من أدهن ولم يسم أدهن معه سبعون شيطانا ". كذب. أخرجه ابن السني (رقم 170) عن بقية بن الوليد: حدثني مسلمة بن نافع: (1) حدثني أخي دويد بن نافع القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، على إعضاله، فإن دويد بن نافع من أتباع التابعين روى عن عروة بن الزبير ونحوه. قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث كما نص عليه في المقدمة. وأخوه مسلمة لم أجد له ترجمة، ولم يترجمه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ". وبقية مدلس وقد عنعنه، ومن عادته أن يروي عن الضعفاء والمتهمين ثم يدلسهم ويسقطهم من الإسناد، فلعل هذا الحديث أخذه عن بعض الوضاعين ثم أسقطه، ووهم بعض الرواة في هذا الإسناد فقال عنه: حدثني مسلمة ... فإن صح أنه سمعه منه فهو من شيوخه المجهولين.   (1) الأصل: " سلمة بن رافع، والتصحيح من " الجرح والتعديل " و" تهذيب التهذيب " وغيرهما. اهـ. الحديث: 651 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 305) : " سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن النعمان عن شعبة عن مسلمة بن نافع عن أخيه دويد بن نافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ادهن فلم يذكر اسم الله ادهن معه سبعون شيطانا "؟ قال: الحارث بن النعمان هذا كان يفتعل الحديث، وهذا حديث كذب، إنما روى هذا الحديث بقية عن مسلمة بن نافع ". وهاتان فائدتان هامتان من هذا الإمام: الأولى: أن الحارث بن النعمان كان يفتعل الحديث. وهذا مما لا تراه في شيء من كتب الرجال، بل خفي هذا النص على الحافظ الذهبي فقال في ترجمة الحارث هذا من " الميزان " وهو: " الحارث بن النعمان بن سالم الأكفاني " قال: " صدوق "! وأقره الحافظ في " التهذيب " وجزم به في " التقريب ". والله أعلم. الثانية: الشهادة على هذا الحديث بأنه كذب، وهو حري بذلك. 652 - " ما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر الله لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر ". منكر جدا بهذا اللفظ. رواه ابن السني (برقم 190) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 289) والباطرقاني في " جزء من حديثه " (165 / 1) عن درست بن حمزة: حدثنا مطر الوراق عن قتادة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف درست بن حمزة، ويقال: ابن زياد العنبري قال ابن حبان: " كان منكر الحديث جدا، يروي عن مطر وغيره أشياء تتخايل إلى من يسمعها أنها موضوعة ". وضعفه الدارقطني. وقتادة فيه تدليس وقد عنعنه. وقد جاءت أحاديث كثيرة عن جمع من الصحابة بمعنى هذا الحديث لكن ليس في شيء منها ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا مغفرة ما تأخر أيضا من الذنوب، فدل ذلك على أن هذه الزيادة منكرة. والله أعلم. والأحاديث المشار إليها أوردها المنذري (3 / 270 - 271) . ثم رأيت النووي قد أورد الحديث في " الأذكار " ساكتا عليه! الحديث: 652 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 653 - " الصائم في عبادة وإن كان راقدا على فراشه ". ضعيف. رواه تمام (18 / 172 - 173) : أخبرنا أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الزجاج قال: حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا هاشم الحديث: 653 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 بن أبي هريرة الحمصي عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن سلمان بن عامر الضبي مرفوعا. وهذا سند ضعيف يحيى الزجاج ومحمد بن هارون لم أجد من ذكرهما. وبقية رجاله ثقات غير هاشم بن أبي هريرة الحمصي ترجمه ابن أبي حاتم (4 / 2 / 105) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قال: " واسم أبي هريرة عيسى بن بشير ". وأورده في " الميزان " وقال: " لا يعرف، قال العقيلي: منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. وتعقبه المناوي بقوله: " وفيه محمد بن أحمد بن سهل، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال ابن عدي: [هو] ممن يضع الحديث ". قلت: هو عند الديلمي (2 / 257) لكن طريق تمام ليس فيها هذا الوضاع كما مر، فهي تنقذ الحديث من إطلاق الوضع عليه. والله أعلم. وقد رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 303) من قول أبي العالية موقوفا عليه بزيادة " ما لم يغتب ". وإسناده صحيح. فلعل هذا أصل الحديث موقوف، أخطأ بعض الضعفاء فرفعه. والله أعلم. 654 - " ثلاث من جاء بهن مع إيمان دخل أي أبواب الجنة شاء، وزوج من الحور العين حيث شاء، من عفا عن قاتله، وأدى دينا خفيا، وقرأ دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات (قل هو الله أحد) قال: فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله؟ قال: أو إحداهن ". ضعيف جدا. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 105 / 2) والطبراني في " الأوسط " (ق 186 / 2) وأبو محمد الجوهري في " الفوائد المنتقاة " (4 / 2) وأبو محمد الخلال في " فضائل الإخلاص " (ق 201 / 2) عن عمر بن نبهان عن أبي شداد عن جابر مرفوعا. وقال الطبراني: " لا يروى هذا الحديث إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا، عمر بن نبهان، قال ابن معين. " ليس بشيء "، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 90) : " يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك ". وأبو شداد لم أعرفه. والحديث ساقه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1 / 154 / 1) من طريق أبي يعلى وقال: الحديث: 654 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 " هذا حديث غريب، أخرجه الطبراني في " كتاب الدعاء "، وأبو شداد لا يعرف اسمه ولا حاله، والراوي عنه ضعفه جماعة ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 102) : " رواه أبو يعلى وفيه عمر بن نبهان وهو متروك ". وقال المنذري في " الترغيب " (3 / 208) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورواه أيضا من حديث أم سلمة بنحوه ". وأشار إلى تضعيفه. وحديث أم سلمة أورده الهيثمي أيضا في " المجمع "، (9 / 302) وقال: " رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم ". قلت: ورواه الدينوري عنها بلفظ " من كانت فيه واحدة ... " وسيأتي برقم (1276) وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قول أبي بكر: " أو إحداهن .... " أخرجه ابن السني (رقم 132) من طريق عمرو بن خالد عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري عن عطاء عنه. قلت: وهذا أشد ضعفا من سابقه: الأنصاري مجهول، والخليل بن مرة ضعيف جدا، وعمرو بن خالد كذاب. لكن أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17 / 274 / 1) من طريق حماد بن عبد الرحمن: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري به. إلا أن حمادا هذا مما لا يفرح بمتابعته، قال أبو زرعة: " يروي أحاديث مناكير " وقال أبو حاتم: " شيخ مجهول، منكر الحديث، ضعيف الحديث ". 655 - " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم ". ضعيف. رواه الطبراني (3 / 81 / 1) وأبو يعلى في " مسنده " (254 / 1) وعنه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (500) كلاهما من طريق معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن بريدة (1) عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان:   (1) هكذا هو في " الطبراني " ووقع في ابن السني: " عن ابن بردة عن أبيه " والظاهر أنه خطأ من بعض النساخ كما يشعر بذلك كلام الحافظ الآتي. والله أعلم. اهـ. الحديث: 655 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 الأولى: معروف هذا، فإنه غير معروف! قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 333) عن أبيه إنه " مجهول ". وأما ابن عدي فقال: إنه " منكر الحديث "، وبهذا أعله الهيثمي (10 / 132) ، فقال بعد أن عزاه لأبي يعلى والطبراني: " وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف ". الثانية: الانقطاع، وبه أعله الحافظ ابن حجر فقال: " حديث غريب، أخرجه ابن السني والطبراني، وفي السند انقطاع بين ابن بريدة وابن مسعود ". نقله ابن علان في " شرح الأذكار " (5 / 150) . وقال الحافظ السخاوي في " الابتهاج بأذكار المسافر والحاج " (ص 39) : " وسنده ضعيف، لكن قال النووي: إنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه ". قلت: العبادات لا تؤخذ من التجارب، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة! كيف وقد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص. والله المستعان. وما أحسن ما روى الهروي في " ذم الكلام " (4 / 68 / 1) أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من اضطر (كذا الأصل، ولعل الصواب: ضل) في مفازة فنادى: عباد الله أعينوني! أعين، قال فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده. قال الهروي: فلم يستجز. أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده ". قلت: فهكذا فليكن الاتباع. ومثله في الحسن ما قال العلامة الشوكاني في " تحفة الذاكرين " (ص 140) بمثل هذه المناسبة: " وأقول: السنة لا تثبت بمجرد التجربة، ولا يخرج الفاعل للشيء معتقدا أنه سنة عن كونه مبتدعا. وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة وهو أرحم الراحمين، وقد تكون الاستجابة استدراجا ". وللحديث طريق آخر معضل، أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 153 / 2) عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره نحوه. وهذا مع إعضاله، فيه ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه، والأصح عن أبان عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا عليه كما يأتي بيانه في آخر الحديث التالي. 656 - " إذا أضل أحدكم شيئا، أو أراد أحدكم غوثا، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عبادا لا نراهم ". الحديث: 656 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (مجموع 6 / 55 / 1) : حدثنا الحسين بن إسحاق: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي: حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال: حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن ابن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وزاد في آخره: " وقد جرب ذلك ". قلت: وهذا سند ضعيف. وفيه علل: 1 و2 - عبد الرحمن بن شريك وهو ابن عبد الله القاضي وأبوه كلاهما ضعيف، قال الحافظ في الأول منهما: " صدوق يخطيء ". وقال في أبيه: " صدوق يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". وقد أشار إلى هذا الهيثمي بقوله في " المجمع " (10 / 132) : " رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أن يزيد (كذا) بن علي لم يدرك عتبة ". 3 - الانقطاع بين عتبة وابن علي، هكذا وقع في أصلنا الذي نقلنا منه الحديث (ابن علي) غير مسمى، وقد سماه الهيثمي كما سبق (يزيد) ، وأنا أظنه وهما من الناسخ أو الطابع، فإنه ليس في الرواة من يسمى (يزيد بن علي) والصواب (زيد بن علي) وهو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولد سنة ثمانين، ومات عتبة سنة عشرين على أوسع الأقوال فبين وفاته وولادة زيد بن علي دهر طويل! وقال الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار ": " أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعا وزاد في آخره " وقد جرب ذلك ". ثم قال الحافظ: " كذا في الأصل، أي الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني، ولم أعرف تعيين قائله، ولعله مصنف المعجم، والله أعلم ". فقد اقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع، وهو قصور واضح لما عرفت من العلتين الأوليين. وأما دعوى الطبراني رحمه الله بأن الحديث قد جرب، فلا يجوز الاعتماد عليها، لأن العبادات لا تثبت بالتجربة، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله. ومع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين، لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر، بدليل قوله في الحديث الأول: " فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم ". وقوله في هذا الحديث: " فإن لله عبادا لا نراهم ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن، لأنهم الذين لا نراهم عادة، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة. أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ: " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني ". قال الحافظ كما في " شرح ابن علان " (5 / 151) : " هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا، أخرجه البزار وقال: لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ". وحسنه السخاوي أيضا في " الابتهاج " وقال الهيثمي: " رجاله ثقات ". قلت: ورواه البيهقي في " الشعب " موقوفا كما يأتي. فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما هم الملائكة، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء، ولوسمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة، وهذا صريح في آيات كثيرة، منها قوله تبارك وتعالى: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم، ولوسمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ولا ينبئك مثل خبير) (فاطر 13 - 14) . هذا، ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه، لأنه قد عمل به، فقال ابنه عبد الله في " المسائل " (217) : " سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتين [راكبا] وثلاثة ماشيا، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا، فجعلت أقول: (يا عباد الله دلونا على الطريق!) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق. أو كما قال أبي، ورواه البيهقي في " الشعب " (2 / 455 / 2) وابن عساكر (3 / 72 / 1) من طريق عبد الله بسند صحيح. وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في " زوائده " (ص 303) : حدثنا موسى بن إسحاق: حدثنا منجاب بن الحارث: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [عن أبان] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد حسن كما قالوا، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد وهو الليثي وهو من رجال مسلم، على ضعف في حفظه، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". وموسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة، ترجمه الخطيب البغدادي في " تاريخه " (13 / 52 - 54) ترجمة جيدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 نعم خالفه جعفر بن عون فقال: حدثنا أسامة بن زيد .... فذكره موقوفا على ابن عباس. أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 455 / 1) . وجعفر بن عون أو ثق من حاتم بن إسماعيل، فإنهما وإن كانا من رجال الشيخين، فالأول منهما لم يجرح بشيء، بخلاف الآخر، فقد قال فيه النسائي: ليس بالقوي. وقال غيره: كانت فيه غفلة. ولذلك قال فيه الحافظ: " صحيح الكتاب، صدوق يهم ". وقال في جعفر: " صدوق ". ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة، والأرجح أنه موقوف، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب. والله أعلم. ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لواطلع على هذه الطريق الموقوفة، لانكشفت له العلة، وأعله بالوقف كما فعلت، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا، والله أعلم. 657 - " من ترك أربع جمعات من غير عذر، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره ". ضعيف. أخرجه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من مسموعاته " (ق 34 / 1) من طريق شريك عن عوف الأعرابي عن سعيد بن أبي الحسن عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن شريكا هذا وهو ابن عبد الله القاضي ضعفوه لسوء حفظه. لاسيما وقد خولف في لفظه ورفعه، فقال أبو يعلى في " مسنده " (2 / 719) : حدثنا حميد بن مسعدة: أخبرنا سفيان بن حبيب عن عوف به موقفا على ابن عباس بلفظ: " من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات، فقد نبذ .... " إلخ. قلت: وهو إسناد صحيح كما قال المنذري (1 / 261) ، ورجاله ثقات رجال مسلم غير سفيان بن حبيب، وهو ثقة أخرج له البخاري في " الأدب المفرد " ومنه تعلم خطأ الهيثمي في إطلاقه قوله (2 / 193) : " ورجاله رجال الصحيح ". والحديث أورده الغزالي في " الإحياء " (1 / 160) مرفوعا بلفظ: " ثلاث "، فقال مخرجه الحافظ العراقي: " رواه البيهقي في " الشعب " من حديث ابن عباس ". قلت: فهذا يدل بظاهره أنه مرفوع عند البيهقي فليراجع من استطاع إسناده في " شعب الإيمان "، فإنه لا يزال غالبه غير مطبوع حتى الآن. وقد أخرجه الشافعي في " مسنده " (رقم 381 - ترتيب السندي) : أخبرنا إبراهيم بن محمد: حدثني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل ". وفي بعض الحديث: 657 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 الحديث: (ثلاثا) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى المدني متروك. وأما إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن أبيه، فلم أعرفهما، ولم يترجمهما الحافظ في " التعجيل ". والله أعلم. 658 - " عج حجر إلى الله تعالى فقال: إلهي وسيدي عبدتك منذ كذا وكذا سنة (وفي رواية: ألف سنة) ، ثم جعلتني في أس كنيف؟ فقال: أو ما ترضى أن عدلت بك عن مجالس القضاة؟ ". موضوع. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (5 / 58 / 2 من مجموع الظاهرية رقم 92) ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخه " (15 / 324 / 1 - 2) من طريق أبي معاوية عبيد الله بن محمد القري المؤدب قال مرة: حدثنا محمود بن خالد: حدثنا عمر عن الأوزاعي، ومرة قال: عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الرازي: " هذا حديث منكر، وأبو معاوية القري هذا ضعيف وكان يحدث بهذا الحديث بالإسنادين جميعا ". وأقره الشيخ أحمد بن عز الدين بن عبد السلام في " النصيحة بما أبدته القريحة " (ق 41 / 1) . والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية تمام وابن عساكر عن أبي هريرة. وتعقبه شارحه المناوي بكلام الرازي هذا، ونقل الحافظ في " اللسان " عن ابن عساكر أنه قال فيه: " كان ضعيفا ". ثم رأيت السيوطي قد أورد الحديث في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 632) من رواية تمام وإنكاره للحديث. ووافقه ابن عراق فأورده في " تنزيه الشريعة " (315 / 2) وقال: " قال الذهبي في " تلخيص الواهيات "، وابن حجر في " لسان الميزان ": هذا موضوع ". الحديث: 658 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 659 - " أيما شاب تزوج في حداثة سنه، عج شيطانه: يا ويله عصم مني دينه ". موضوع. رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 115 / 1) ومن طريقه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 275) والطبراني في " الأوسط " (1 / 162 / 2 من الجمع بين زوائده وزوائد " الصغير ") وابن زيدان في " مسنده " (20 / 1) والخطيب (8 / 33) وابن عساكر (8 / 506 / 1) عن خالد بن إسماعيل المخزومي: حدثنا عبيد الله بن عمر عن صالح بن أبي صالح مولى التوأمة عن جابر مرفوعا به. الحديث: 659 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 قلت: وهذا موضوع، وله آفتان: الأولى: صالح هذا، فإنه ضعيف، ولكن الحمل فيه على غيره. الثانية: خالد هذا وكنيته أبو الوليد، قال ابن حبان: " روى عن عبيد الله بن عمر العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال، ولا الرواية عنه ". وقال الذهبي: " قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال الدارقطني: متروك ". ولهذا وصفه الذهبي في " الكنى " من " ميزانه " بأنه " الكذاب ". وقال الحافظ محمد بن عبد الهادي تلميذ ابن تيمية في بعض أبحاثه في التفسير والحديث (1) : " هذا حديث موضوع، وخالد بن إسماعيل المخزومي متروك " وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 253) : " رواه أبو يعلى والطبراني في " الأوسط " وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو متروك ". قلت: وقد تابعه عصمة بن محمد بن عبيد الله بن عمر به. أخرجه ابن عساكر (18 / 76 / 1) ، ولكنها متابعة لا تسمن ولا تغني من جوع ، فإن عصمة هذا حاله كحال المخزومي، فقال الدارقطني وغيره: " متروك ". وقال يحيى: " كذاب يضع الحديث ". 660 - " كان إذا صلى مسح بيده اليمنى على رأسه ويقول: بسم الله الذي لا إله غيره الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (ص 451 - زوائده نسخة الحرم المكي) والخطيب (12 / 480) عن كثير بن سليم أبي سلمة سمعت أنسا به. قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل كثير هذا، قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث " . وقال النسائي والأزدي: " متروك ". وضعفه غيرهم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " عن الخطيب ولم يتعقبه الشارح بشيء. وقد وجدت له طريقا آخر، رواه ابن السني (رقم 110) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 301) عن سلامة عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن أنس. وهذا موضوع، سلامة هو الطويل كذاب.   (1) مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق (حديث 405 / 225 / 1) . اهـ. الحديث: 660 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 661 - " كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث، [فبدأ بي قبلهم] ". ضعيف. رواه تمام في " فوائده " (8 / 126 / 1) وأبو نعيم في " الدلائل " (ص 6) والثعلبي في " تفسيره " (3 / 93 / 1) من طريق سعيد بن بشير: حدثنا قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: عنعنة الحسن. الثانية: سعيد بن بشير، قال الحافظ: " ضعيف ". وخالفه أبوهلال فقال: عن قتادة مرسلا، فلم يذكر فيه الحسن عن أبي هريرة. أخرجه ابن سعد (1 / 149) . والحديث أورده ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم من الوجه الأول، وفيه الزيادة التي بين القوسين [] ، ثم قال ابن كثير: " سعيد بن بشير فيه ضعف، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به مرسلا، وهو أشبه، ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا ". وعزاه المناوي لابن لال والديلمي كلهم من حديث سعيد بن بشير به، ثم قال: " وسعيد بن بشير ضعفه ابن معين وغيره ". قلت: وفي ترجمته أورد الذهبي هذا الحديث من غرائبه! ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ". رواه أحمد في " السنة " (ص 111) عن ميسرة الفجر. وسنده صحيح، ولكن لا دلالة فيه ولا في الذي قبله على أن النبي صلى الله عليه وسلم أول خلق الله تعالى، خلافا لما يظن البعض. وهذا ظاهر بأدنى تأمل. الحديث: 661 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 662 - " صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي، القدرية والمرجئة. قلت يا رسول الله: ما المرجئة؟ قال: قوم يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل. قلت: ما القدرية؟ قال: الذين يقولون المشيئة إلينا ". موضوع بهذا التمام. رواه الخطيب في " المتشابه في الرسم " (144 / 1) عن الحسن بن سعيد المطوعي: أخبرنا عبدان العسكري حدثنا الحسن بن علي بن بحر أخبرنا إسماعيل بن داود الجزري: أخبرنا أبو عمران الموصلي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، أبو عمران اسمه سعيد بن ميسرة، قال البخاري: الحديث: 662 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 " منكر الحديث ". وقال ابن حبان (1 / 313) : " يقال إنه لم ير أنسا. وكان يروي عنه الموضوعات التي لا تشبه أحاديثه، كأنه كان يروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يسمع القصاص يذكرونه في القصص ". وقال الحاكم: " روى عن أنس موضوعات ". وكذبه يحيى القطان. وبقية الرواة لم أعرف منهم غير عبدان. والحديث أورد السيوطي شطره الأول في " الجامع " دون قوله: " قلت: يا رسول الله .... ". وعزاه لأبي نعيم في " الحلية " عن أنس، والطبراني في " الأوسط " عن واثلة وعن جابر، وهو في " الحلية " (9 / 254) من طريق عبد الحكم بن ميسرة: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس مرفوعا. وهذا سند ضعيف: عبد الحكم هذا ضعفه الدارقطني فقال: " يحدث بما لا يتابع عليه ". وذكره النسائي في " كتاب الضعفاء " كما في " اللسان ". ولم أره في " ضعفاء النسائي " المطبوع في الهند. والله أعلم. وفي حديث واثلة عند الطبراني محمد بن محصن وهو متهم: وفي حديث جابر عنده بحر بن كنيز السقاء، وهو متروك انظر " المجمع " (7 / 206) . 663 - " لا راحة للمؤمن دون لقاء الله عز وجل ". لا أصل له مرفوعا. وإنما رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 156) من طريق إبراهيم قال: قال عبد الله فذكره. وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم وظاهره الانقطاع بين إبراهيم، وهو النخعي وعبد الله وهو ابن مسعود، لكن قال الحافظ أبو سعيد العلائي في النخعي: " هو مكثر من الإرسال، وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود ". قلت: وذلك لما رواه الأعمش قال: قلت لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود. فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: " قال عبد الله " فهو عن غير واحد عن عبد الله ". ذكره في " التهذيب ". فمثل هذا الإسناد يمكن تحسينه. والله أعلم. وقال السيوطي في " الدرر ": " أورده في " الفردوس " عن أبي هريرة مرفوعا ولم يسنده ". ثم رأيته في " حديث أبي الحسن الأخميمي " (2 / 63 / 1) من طريق سفيان الثوري عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود: الحديث: 663 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 " ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، فمن كانت راحته في لقاء الله عز وجل فكأن قد ". فهذه طريق أخرى موقوفة على ابن مسعود، فهو عنه صحيح إن شاء الله تعالى. 664 - " من كنوز البر كتمان المصائب، وما صبر من بث ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 42) عن داود بن المحبر: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي: حدثنا عبد الله بن الأسود الأصبهاني عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، أورده أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن الأسود هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن عنبسة وداود كلاهما كذاب، فأحدهما آفته. الحديث: 664 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 665 - " الصدقة تمنع ميتة السوء ". ضعيف. رواه أبو عبد الله القاضي الفلاكي في " فوائده " (87 / 2) : أخبرنا عمر بن القاسم المقري: أخبرنا القاسم بن أحمد الملطي: حدثنا لوين: حدثنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به الملطي هذا وهو القاسم بن إبراهيم، وما في الأصل " ابن أحمد " خطأ، فإن الذي يروي عن لوين وعنه عمر بن القاسم هو القاسم بن إبراهيم وهو كذاب، وبقية رجال الإسناد ثقات معروفون، غير عمر بن القاسم المقري وهو صدوق كما قال الخطيب (11 / 269) . والحديث عزاه في " الجامع " للقضاعي عن أبي هريرة، وقال شارحه المناوي: " قال ابن حجر: فيه من لا يعرف، وبه يرد قول العامري: صحيح ". قلت: ولعل تصحيح العامري من أجل شاهده الذي أخرجه الترمذي (2 / 23) عن أنس مرفوعا بلفظ " تدفع " وقال: " غريب ". قلت: وفيه عبد الله بن عيسى الخزاز، قال النسائي: " ليس بثقة ". فلا يصلح إذن حديثه للشواهد. وسيأتي إن شاء الله. الحديث: 665 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 666 - " حاكوا الباعة فإنه لا ذمة لهم ". لا أصل له بهذا اللفظ. غير أن الحافظ ابن حجر قال: " ورد بسند ضعيف، لكن بلفظ: (ماكسوا الباعة فإنه لا خلاق لهم) ". قال: وورد بسند قوي عن الثوري أنه قال: كان يقال: وذكره ". كذا في " المقاصد الحسنة " للسخاوي (ص 179) . الحديث: 666 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 667 - " غبن المسترسل حرام ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الكبير " عن أبي أمامة مرفوعا. قال الهيثمي (4 / 76) : " وفيه موسى بن عمير الأعمى، وهو ضعيف جدا ". ولهذا قال في " المقاصد ": " وسنده ضعيف جدا ". وزاد عليه في " كشف الخفاء " (1 / 342) : " ورواه أحمد بلفظ: ما زاد التاجر على المسترسل فهو ربا ". قلت: لم أره في " المسند "، ولم يعزه إليه الهيثمي، وهو على شرطه. فالله أعلم. وموسى هذا قال الحافظ: " متروك وقد كذبه أبو حاتم " وفي الميزان ": " قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات ". ثم ساق الذهبي أحاديث، هذا أحدها. وقد روى الحديث البيهقي في " سننه " (5 / 348 - 349) من هذا الوجه بنحوه ثم قال: " موسى بن عمير تكلموا فيه، وقد روي معناه عن يعيش بن هشام القرقساني عن مالك، واختلف عليه في إسناده، وهو أضعف من هذا ". قلت: يعني الحديث الآتي: الحديث: 667 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 668 - " غبن المسترسل ربا ". باطل. رواه البيهقي (5 / 349) عن يعيش بن هشام عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. وعنه عن مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا. وعنه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعا. وضعفه البيهقي جدا كما سبق في الذي قبله. وعلته يعيش هذا، ضعفه ابن عساكر كما في " الميزان " وكذا الدارقطني فإنه قال - بعد أن أورد له في " غرائب مالك " هذا الحديث -: " هذا باطل بهذا الإسناد، ومن دون مالك ضعفاء ". وقال في موضع آخر: " مجهولون " كما في " اللسان ". ومنه تعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 72 - 73) : " رواه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف، والبيهقي من حديث جابر بسند جيد، وقال: (ربا) بدل (حرام) ". قلت: فهو غير مسلم في الحديثين، أما الأول فلما سبق من شدة ضعفه، وأما الثاني فلقول الحافظ الدارقطني: إنه باطل من هذا الوجه. فمن أين له الجودة؟! . الحديث: 668 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 669 - " عليكم بالعمائم فإنها سيما الملائكة، وأرخوها خلف ظهوركم ". منكر. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 201 / 1) من طريق محمد بن الفرج المصري: حدثنا عيسى بن يونس عن مالك بن مغول عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وأورده الذهبي بإسناده إلى الطبراني، ذكره في ترجمة محمد بن الفرج هذا وقال: " أتى بخبر منكر ". ثم ساقه. وأقره الحافظ في " اللسان ". وعيسى بن يونس ليس هو ابن أبي إسحق السبيعي، بل هو عيسى بن يونس الرملي، وكلاهما ثقة. وقول المناوي عن الدارقطني: " ضعيف " فمن الظاهر أنه عنى رجلا آخر غير الرملي، والظاهر عندي ما ذكرته. والله أعلم. والحديث خولف فيه محمد بن الفرج، فرواه ابن عدي (29 / 1) عن يعقوب بن كعب: حدثنا عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة مرفوعا. قلت: وهذا أصح فإن يعقوب بن كعب وهو الحلبي ثقة، فروايته مقدمة على رواية ابن الفرج المجهول، لكن الأحوص بن حكيم ضعيف من قبل حفظه، فهو علة هذه الطريق. والحديث عزاه السيوطي للبيهقي في " الشعب " عن عبادة قال المناوي: " وكذا رواه ابن عدي كلاهما من حديث الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة قال الزين العراقي في " شرح الترمذي ": والأحوص ضعيف ". والحديث ضعفه السخاوي في " المقاصد " في أحاديث ذكرها في فضل العمامة، قال: " وكله ضعيف، وبعضه أوهى من بعض ". الحديث: 669 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 670 - " لواستقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين ". لا أصل له مرفوعا. وإنما روي عن عمر، فقال ابن حزم في " المحلى " (6 / 158) " وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : فذكره، وقال ابن حزم: وهذا إسناد في غاية الصحة والجلالة ". وأقول: كلا فإن من شروط الإسناد الصحيح أن يخلو من علة قادحة. وهذا ليس كذلك، فإن حبيب بن أبي ثابت على جلالة قدره قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": " كان كثير الإرسال والتدليس "! وأورده في " طبقات المدلسين " في الطبقة الثالثة وهي في " من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ... " فقال (ص 12) : الحديث: 670 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 " تابعي مشهور يكثر التدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما، ونقل أبو بكر بن عياش عن الأعمش عنه أنه كان يقول: " لوأن رجلا حدثني عنك، ما باليت أن رويته عنك ". يعني وأسقطه من الوسط ". فمثله لا يحتج بروايته، إلا إذا صرح بالتحديث. وهو في هذه الرواية قد عنعن فهي مردودة. 671 - " ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات ورقه من الضريب. (قال يحيى بن سليم: يعني بـ " الضريب " البرد الشديد) ، وذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كل فصيح وأعجم. (قال: فالفصيح بنوآدم، والأعجم البهائم) ، وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله عز وجل مقعده من الجنة ". ضعيف جدا. رواه الحسن بن عرفة في " جزئه " (96 / 1 - 2) : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال: سمعت عمران بن مسلم وعباد بن كثير يحدثان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر مرفوعا. وكذلك رواه الخطابي في " غريب الحديث " (1 / 8 / 2) والحافظ ابن عساكر في " فضيلة ذكر الله عز وجل " (94 / 2 مجموع 24) من طريق أخرى عن الطائفي به، إلا أنه أسقط من إسناده عباد بن كثير، ثم قال: " هذا حديث غريب ". ورواه أبو نعيم (6 / 181) من طريق الحسن بن عرفة، وإلى أبي نعيم فقط عزاه السيوطي في " الجامع "، فلو عزاه إلى ابن عرفة كان أولى، قال الشارح: " وكذا رواه البيهقي في " الشعب " عن ابن عمر، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، أي وذلك لأن فيه عمران بن مسلم القصير، قال في " الميزان ": قال البخاري: منكر الحديث. ثم أورد له هذا الخبر ". قلت: الذهبي إنما أورد الحديث في ترجمة " عمران بن مسلم " الذي قبل ترجمة " عمران بن مسلم القصير "، وهذا قد روى عنه البخاري في " صحيحه "، والأول قال فيه: " منكر الحديث ". فهذا دليل على أنه فرق بينهما، وكذا فرق بينهما جماعة، فعليه جرى الذهبي. وقول البخاري فيه " منكر الحديث " يشير إلى أنه ضعيف جدا، ولا يفيده متابعة عباد بن كثير، فإنه متهم كما سبق مرارا. وكذلك لا يعطيه شيئا من القوة الشاهد الذي ذكره السيوطي قبله، لشدة ضعفه وهو الآتي: الحديث: 671 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 672 - " ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 49 / 2) وعنه أبو نعيم (4 / 268) عن الواقدي قال: حدثنا هشام بن سعد عن محصن بن علي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن ابن مسعود مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث عون متصلا مرفوعا لم يرو هـ عنه إلا محصن ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا سند موضوع، الواقدي متهم بالكذب كما سبق مرارا، ومحصن بن علي مجهول. لكن قال الهيثمي (10 / 80 - 81) بعد أن ساقه عن ابن مسعود: " رواه الطبراني " الكبير " و" الأوسط " والبزار ورجال " الأوسط " وثقوا ". وأستبعد جدا أن يقول هذا في سند " الأوسط " وفيه أيضا الواقدي، فالظاهر أنه ليس في سنده الواقدي، ولكن يشكل عليه قول أبي نعيم السابق: " ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". فلعله - أعني أبا نعيم - لم يسمعه من الطبراني من الطريق الثاني. والله أعلم. ثم رأيته في " زوائد البزار " (ص 295) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء عن محصن بن علي به نحوه. وقال: " لا نعلمه يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد ". قلت: وإبراهيم هذا هو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي متروك. وقد رأيت الحديث في " الزهد " (ص 328) للإمام أحمد رواه بإسناد حسن عن حسان بن أبي سنان قال: فذكره موقوفا عليه. فلعل هذا هو أصل الحديث موقوف، فرفعه بعض الرواة خطأ. والله أعلم. الحديث: 672 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 673 - " قسم من الله عز وجل: لا يدخل الجنة بخيل ". موضوع. رواه تمام في " فوائده " (2 / 60 / 1 من مجموع الظاهرية رقم 93) وعنه ابن عساكر (16 / 203 / 1) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار: حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال ابن عساكر: " غريب جدا والغلابي ضعيف ". قلت: بل موضوع، والغلابي يضع الحديث كما قال الدارقطني. وأبو بكر الهذلي ضعيف جدا، قال ابن معين وغيره: " لم يكن بثقة ". والحديث أورده " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن ابن عباس، وهو قصور بين، ولم يتكلم عليه شارحه بشيء. الحديث: 673 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 674 - " المغبون لا محمود ولا مأجور ". ضعيف. وله طريقان: الأول: عن علي، أخرجه الخطيب في " تاريخه " (4 / 212) عن أبي القاسم الأبندوني عن أحمد بن طاهر بن عبد الرحمن أبي الحسن البغدادي بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي، وقال الخطيب: " سمعت الأبندوني وقد سئل عن حال شيخه هذا؟ فقال: لو قيل [له] حدثكم أبو بكر الصديق، لقال نعم، وضعفه ". وله عنه طريق آخر، أخرجه البغوي في " حديث كامل بن طلحة " (2 / 2) وأبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (41 / 2) وأبو القاسم السمرقندي في " ما قرب سنده " (4 / 1) وعنه ابن عساكر في " تاريخه " (4 / 265 / 1) والشيخ علي بن الحسن العبدي في " جزئه " (156 - 157) وابن عساكر أيضا (4 / 265 / 1) و (5 / 6 / 1) كلهم من طريق أبي هاشم القناد البصري عن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعا. وهكذا أخرجه الخطيب (4 / 180) وكذا أبو يعلى إلا أنه لم يقل: " عن أبيه " فهو عنده من مسند الحسن بن علي كما ذكره الهيثمي (4 / 75 - 76) ومن قبله الذهبي في ترجمة أبي هشام هذا من كنى " الميزان " وقال: " لا يعرف، وخبره منكر ". ثم ساق هذا الحديث، وأقره الحافظ العراقي (2 / 73) . الثاني: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 152) والطبراني (1 / 272 / 2) عن طلحة بن كامل عن محمد بن هشام عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: ورجاله موثقون غير محمد بن هشام فلم أعرفه، ويحتمل أن يكون هو محمد بن هشام بن عروة، فإن يكن هو، فهو مجهول، ترجمه ابن أبي حاتم (4 / 1 / 116) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني: " وفيه محمد بن هشام، والظاهر أنه محمد بن هشام بن عروة، وليس في " الميزان " أحد يقال له محمد بن هشام ضعيف، وبقية رجاله ثقات ". قلت: ثم رأيته في " تاريخ ابن عساكر " (15 / 185 / 2) من هذا الوجه وقال: " محمد بن هشام القناد ". فهذا يبين أنه غير ابن عروة، ولكن القناد هذا لم أعرفه، ويحتمل احتمالا قويا أنه هو أبوهشام القناد البصري المتقدم، فيستفاد منه أن اسمه محمد بن هشام، وهذا مما لم يذكروه في ترجمته. والله أعلم. الحديث: 674 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 675 - " أتاني جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك، فإن المغبون لا مأجور ولا محمود ". لا أصل له بهذا التمام. قال السخاوي: الحديث: 675 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 " رواه الديلمي في " مسند الفردوس " بلا سند عن أنس ". والشطر الأخير منه ضعيف وهو الذي قبله. 676 - " من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرءوا في أذنيه (أفغير دين الله يبغون) الآية ". موضوع. رواه أبو الفضل الهمداني في آخر " مجلس من حديث أبي الشيخ " (66 / 1) وابن عساكر (5 / 122 / 2) عن أبي خلف عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، قال الذهبي: " أبو خلف الأعمى عن أنس كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ". والحديث رواه ابن السني (رقم 504) عن المنهال بن عيسى: حدثنا يونس بن عبيد قال: فذكره مختصرا نحوه موقوفا عليه. ولذلك قال الحافظ: " هو خبر مقطوع والمنهال قال أبو حاتم: مجهول، وقد وجدته عن ابن عباس. أخرجه الثعلبي (في التفسير) ". ولم يذكر الحافظ إسناده بتمامه لينظر فيه. وقد نقلت كلامه عن " شرح الأذكار " (5 / 152) . الحديث: 676 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 677 - " ابن آدم! عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك. ابن آدم! لا من قليل تقنع، ولا من كثير تشبع. ابن آدم! إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء ". موضوع. رواه أبو نعيم (6 / 98) والخطيب (12 / 72) وكذا ابن السني في " القناعة " (3 / 2) وابن عساكر (5 / 263 / 2) عن أبي بكر الداهري: أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد ابن مهاجر عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، أبو بكر الداهري. قال الذهبي في الكنى: " ليس بثقة ولا مأمون ". وقال الجوزجاني: " كذاب ". وقال العقيلي: " لا يقيم الحديث، ويحدث ببواطيل عن الثقات ". وقال أبو نعيم: " روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات ". والحديث عزاه السيوطي لابن عدي والبيهقي في " الشعب " فتعقبه المناوي بقوله: " ونقله عن ابن عدي وسكوته عليه يوهم أنه خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل قال: الحديث: 677 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 أبو بكر الداهري كذاب متروك، وقال الذهبي: متهم بالوضع. وهكذا هو في " شعب البيهقي ". وذكر نحوه الحافظ ابن حجر، فكان ينبغي حذفه ". وقال الحافظ الهيثمي (10 / 289) : " رواه الطبراني في " الأوسط " عن ابن عمر. وفيه أبو بكر الداهري وهو ضعيف "! 678 - " نهى أن تحلق المرأة رأسها ". ضعيف. أخرجه النسائي (2 / 276) والترمذي (1 / 172) وتمام في " الفوائد " (رقم 2274 - نسختي) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 174 / 2) من طرق عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: فذكره مرفوعا. ثم رواه الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن همام نحوه، ولم يذكر فيه عن علي. وقال: " حديث علي فيه اضطراب، وروي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ... ". قلت: والاضطراب المذكور إنما هو من همام، فكان تارة يجعله من مسند علي، وتارة من مسند عائشة، وهذا أصح، لمتابعة حماد عليه كما ذكره الترمذي. وقال عبد الحق: في " أحكامه " بعد أن ذكره من الوجه الأول عنه: " وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وهذا ظاهره أنه لم يذكر عائشة في إسناده أصلا، وعليه فهو وجه آخر من الاضطراب الذي أشار إليه الترمذي. وعلى الوجه الثاني فهو منقطع. لأن قتادة لم يسمع من عائشة فهذا الاضطراب يمنع من تقوية الحديث، ولذلك لم يحسنه الترمذي، مع ما عرف به من التساهل. ولا يقويه ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 389 / 1 - منتخبه) عن معلى بن عبد الرحمن: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، لأن المعلى هذا شديد الضعف، ومن طريقه أخرجه البزار في " مسنده " وقال: " روى عن عبد الحميد أحاديث لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث ". ذكره في " نصب الراية " (3 / 95) . وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 263) : " رواه البزار، وفيه معلى بن عبد الرحمن وقد اعترف بالوضع. وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به "! قلت: هذا رجاء ضائع بعد اعترافه بالوضع، وقد قال فيه الدارقطني: " ضعيف كذاب ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وذهب ابن المديني إلى أنه كان يضع الحديث. وقال أبو زرعة: " ذاهب الحديث " كما في " الميزان ". الحديث: 678 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 فهذه النقول عن هؤلاء الأئمة الفحول، دليل على أن ابن عدي وغيره ممن أثنى عليه لم يعرفه. وروى البزار أيضا قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي: حدثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة: حدثنا أبي عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: فذكره مرفوعا وقال: " وهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي ". قلت: روح قال فيه أحمد: " منكر الحديث ". وضعفه ابن معين. وأما ابن عدي فقال: ما أرى برواياته بأسا. ووهب ابن عمير، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 24) من رواية عطاء عنه عن عثمان ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول. وعبد الله بن يوسف الثقفي لم أعرفه، فهو إسناد مظلم، ولذلك فلم ينشرح القلب لتقوية الحديث بمثله. والله أعلم. 679 - " إذا كان يوم عرفة، إن الله ينزل إلى السماء الدنيا. فيباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فتقول الملائكة: يا رب فلان كان يرهق، وفلان وفلانة، قال: يقول الله عز وجل: قد غفرت لهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما من يوم أكثر عتيق من النار من يوم عرفة ". ضعيف. رواه ابن منده في " التوحيد " (147 / 1) وأبو الفرج الثقفي في " الفوائد " (78 / 2 و92 / 1) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 221 / 1 مخطوط و7 / 159 - طبع المكتب الإسلامي) عن مرزوق مولى أبي طلحة: حدثني أبو الزبير عن جابر مرفوعا. وقال ابن منده: " هذا إسناد متصل حسن من رسم النسائي، ومرزوق روى عنه الثوري وغيره، ورواه أبوكامل الجحدري عن عاصم بن هلال عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر، ومحمد بن مروان عن هشام عن أبي الزبير عن جابر ". وقال الثقفي: " إسناد صحيح متصل، ورجاله ثقات أثبات، مرزوق هذا هو أبو بكر مرزوق مولى طلحة بن عبد الرحمن الباهلي ثقة. روى عنه الثوري وأبو داود الطيالسي وغيرهم من الأئمة ". قلت: لكن قال ابن حبان في " الثقات ": " يخطيء ". وقال ابن خزيمة " أنا بريء من عهدته ". الحديث: 679 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 وقد خولف في بعض سياقه، رواه محمد بن مروان العقيلي: حدثنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر به بلفظ: " ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة، قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوا شعثا غبرا، ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم ير يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 116 / 2) وابن حبان (1006) والبزار أيضا كما في " الترغيب " (2 / 126) و" مجمع الزوائد (3 / 253) وقال: " وفيه محمد بن مروان العقيلي وثقه ابن معين، وابن حبان، وفيه بعض كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وقال الحافظ في ترجمة العقيلي هذا: " صدوق له أوهام ". قلت: إنما علة الحديث أبو الزبير، فإنه مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق عنه. قال الحافظ: " صدوق، إلا أنه يدلس ". وقال الذهبي: " وأما ابن حزم فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه: عن جابر، ونحوه، لأنه عندهم ممن يدلس ... وفي " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ... ففي القلب منها شيء " . والحديث رواه ابن خزيمة أيضا والبيهقي باللفظ الأول كما في " الترغيب ". نعم قد صح من الحديث مباهاة الله ملائكته بأهل عرفة، وقوله: " انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا " من حديث أبي هريرة وابن عمرو وعائشة، وهي في " الترغيب " (2 / 128 - 129) وقد خرجت حديث عائشة في " الصحيحة " (2551) . 680 - " إن لإبليس مردة من الشياطين يقول لهم: عليكم بالحجاج والمجاهدين فأضلوهم عن السبيل ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 119 / 2) وابن شاهين في " رباعياته " (187 / 2) وزاهر الشحامي في " السباعيات " (8 / 18 / 1) وابن عساكر في التجريد " (19 / 1) عن نافع أبي هرمز مولى يوسف بن عبد الله السلمي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. نافع هذا قال أبو حاتم: " متروك الحديث " وقال البخاري: " منكر الحديث "، وقد قيل: إنه نافع بن هرمز، وقيل إنه غيره، وفي ترجمة ابن هرمز الحديث: 680 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 ساق الذهبي هذا الحديث والله أعلم. وأيهما كان فهو ضعيف جدا، وابن هرمز كذبه ابن معين. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (3 / 215) ثم السيوطي في " الجامع " عن ابن عباس رواية الطبراني في " الكبير " وقال الهيثمي: " وفيه نافع بن هرمز أبوهرمز وهو ضعيف ". قلت: ولم ينفرد به فقد رواه ابن عساكر (15 / 1) من طريق جبارة بن مغلس: أخبرنا كثير بن سليم عن أنس به. قلت: وهذا سند واه جدا، كثير بن سليم وهو الأيلي ضعفوه، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 223) : " كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه ويضع عليه ". وجبارة بن مغلس ضعيف. 681 - " عليكم بالصلاة بين العشاءين، فإنها تذهب بملاغاة أول النهار، وتذهب آخره ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من رواية إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن الأعمش: حدثنا أبو العلاء العنبري عن سلمان مرفوعا. وإسماعيل هذا متروك يضع الحديث، قاله الدارقطني. واسم أبي زياد مسلم، وقد اختلف فيه على الأعمش ". كذا في " تخريج الإحياء " (1 / 309 - 310) . والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد تعقبه المناوي بكلام الحافظ العراقي المذكور ثم قال: " فكان ينبغي للمصنف حذفه "! الحديث: 681 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 682 - " أول من أشفع له من أمتي أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الطائف ". ضعيف. رواه الضياء المقدسي في " المختارة " (129 / 2) عن الطبراني: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة: حدثنا حرمي بن عمارة: حدثني سعيد بن المسيب الطائفي عن عبد الملك بن أبي زهير الثقفي أن حمزة بن عبد الله بن أبي أسماء أخبره أن القاسم بن الحسن الثقفي أخبره أن عبد الله بن جعفر أخبره به مرفوعا. ثم قال: " ذكر ابن أبي حاتم: سعيد بن السائب الطائفي يروي عن عبد الملك بن أبي زهير. وذكر حمزة بن عبد الله بن أبي تيماء الثقفي روى عنه عبد الملك بن أبي زهير ". يعني أن سعيد بن السائب هو سعيد بن المسيب المذكور في السند بدليل أن ابن أبي حاتم الحديث: 682 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 ذكر أنه يروي عن شيخه في هذا السند عبد الملك بن أبي زهير، وابن أبي حاتم ذكر ذلك في ترجمة عبد الملك هذا (2 / 2 / 351) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما سعيد فوثقه (2 / 1 / 30) . وأما حمزة بن عبد الله بن أبي أسماء فالظاهر أن ابن أبي تيماء تحرف على بعض الرواة كما يفيده كلام الضياء فيما نقله عن ابن أبي حاتم، وقد ترجمه (1 / 2 / 213) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين باعترافه، فقد أورد قبل هذه الترجمة بترجمتين رجلا آخر فقال (2 / 64) : " حمزة شيخ يروي المراسيل لا أدري من هو "! ثم قال في حمزة هذا: " حمزة بن عبد الله الثقفي يروي عن القاسم بن حبيب، روى عنه عبد الملك بن زهير ". كذا وقع فيه: ابن زهير. وأما القاسم بن حسن الثقفي، فالظاهر أنه الذي في " ثقات ابن حبان " (1 / 186) : " القاسم بن الحسن يروي عن عثمان بن عفان، روى عنه محمد بن إسحاق ". والخلاصة أن الإسناد ضعيف مسلسل بالمجهولين: القاسم هذا، والراوي عنه حمزة وعنه عبد الملك بن أبي زهير، فإيراد الضياء له في " المختارة " لا يجعله عندنا من الأحاديث المختارة، بل هذا يؤيد ما ذكرته مرارا من أن شرطه في هذا الكتاب قائم على كثير من التساهل من الإغضاء عن جهالة الرواة تارة، وعن ضعفهم تارة أخرى. 683 - " أمان لأهل الأرض من الغرق القوس، وأمان لأهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، قريش أهل الله، فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا حزب إبليس ". ضعيف جدا. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 280) وتمام (3 / 20 / 2) وعنه ابن عساكر (5 / 379 / 1) والحاكم (4 / 75) وكذا الطبراني (3 / 123 / 2) ومن طريقه العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (19 / 2) عن إسحاق بن سعيد بن الأركون: حدثنا خليد بن دعلج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: واه، وفي إسناده ضعيفان ". قلت: الأول منهما ابن الأركون هذا. وقال الذهبي في " الميزان ": " قال الدارقطني: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بثقة ". والثاني خليد بن دعلج قال ابن حبان: الحديث: 683 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 " كان كثير الخطأ ". وقال الساجي: " مجمع على تضعيفه ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وعده الدارقطني في جماعة المتروكين. فالإسناد ضعيف جدا، وقد اقتصر العراقي على إعلاله بخليد فقط وهو قصور. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق أخرى عن خليد وقال (1 / 143) : " موضوع، خليد ضعفوه، والراوي عنه منكر الحديث، ووهب كذاب يضع، وهو المتهم به ". وتعقبه السيوطي في " اللآلئ " (1 / 86) بهذه الطريق الخالية من وهب الكذاب فأصاب. ثم ذكر للشطر الأول منه شاهدا من رواية سعيد بن منصور عن سعيد أن هرقل كتب إلى معاوية يسأله عن القوس؟ فكتب إلى ابن عباس يسأله؟ فكتب إليه ابن عباس: " إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ". وسكت السيوطي عن إسناده، وهو صحيح، وقد رواه البخاري أيضا في " الأدب المفرد " (ص 113) ولكن لا يصح عندي شاهدا، لأنه موقوف، فيحتمل أن يكون مما تلقاه ابن عباس عن أهل الكتاب. والله أعلم. 684 - " إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك، ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا ". ضعيف. رواه الترمذي (3 / 246) وتمام في " الفوائد " (1 / 10 / 2 رقم 74) وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 316) والهروي في " ذم الكلام " (1 / 15 / 1) والسهمي (420) وابن عساكر (15 / 134 / 2) عن نعيم بن حماد: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، وضعفه الترمذي بقوله: " غريب لا نعرفه إلا من حديث نعيم بن حماد ". وقال أبو نعيم: " تفرد به نعيم ". قلت: وهو ضعيف لكثرة وهمه حتى قال أبو داود: " عنده نحوعشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل ". قال الذهبي: " وقد سرد ابن عدي في " الكامل " جملة أحاديث انفرد بها نعيم، منها هذا الحديث ". قال المناوي: " وأورده ابن الجوزي في " الواهيات " وقال: قال النسائي: حديث منكر رواه نعيم بن حماد، وليس بثقة ". قلت: لكنه لم ينفرد به كما زعموا، فقد وجدت له طريقين آخرين: الحديث: 684 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 الأول: عن أبي ذر، أخرجه الهروي (14 - 15) من طريقين عن محمد بن طفر بن منصور حدثنا محمد بن معاذ حدثنا علي بن خشرم: حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بن أبي زياد عن أبي الصديق أو عن أبي نضرة - شك الحجاج - عن أبي ذر مرفوعا به نحوه أتم منه. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير محمد بن طفر هذا فلم أجد من ترجمه، ولعله هو آفة هذا الإسناد النظيف (1) . الثاني: عن الحسن البصري مرفوعا، أخرجه أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (10 / 2) عن إبراهيم بن محمد عن ليث بن أبي سليم عن معاوية عن الحسن به. وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علل: 1 - إرسال الحسن، ومراسيله قالوا: هي كالريح! 2 - اختلاط ليث بن أبي سليم. 3 - إبراهيم بن محمد إن لم يكن الأسلمي المتروك فلم أعرفه، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث سئل عنه أحمد فلم يعرفه، وحدث به رجل فلم يعرفه. ذكره ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 196) . ثم رأيت ابن أبي حاتم أورده في " العلل " (2 / 429) من طريق نعيم بن حماد، ثم قال: " فسمعت أبي يقول: هذا عندي خطأ رواه جرير وموسى بن أيمن عن ليث عن معروف عن الحسن عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مرسل ". 685 - " لا صرورة في الإسلام ". ضعيف. أخرجه أبو داود (1729) والحاكم (1 / 448) وأحمد (1 / 312) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 128 / 1) والضياء في " المختارة " (65 / 68 / 1) من طريق عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا من أوهامهما، فإن عمر هذا هو ابن عطاء بن وراز، وهو ضعيف اتفاقا، والذهبي نفسه أورده في " الميزان " وقال: " ضعفه يحيى بن معين والنسائي وقال أحمد: ليس بقوي ". وهو غير عمر بن عطاء بن أبي الخوار، فهذا ثقة، وهو يروي عن ابن عباس مباشرة، فلعل الأول اشتبه عليهما بهذا فصححا إسناده! وللحديث شاهد مجهول، أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 79 / 1) عن كلاب بن علي الوحيدي - من بني عامر - عن ابن جبير بن مطعم عن أبي مرفوعا به دون قوله " في الإسلام ".   (1) ثم وجدت لابن طفر متابعين، فأخرجت لذلك حديثه هذا في " الصحيحة " (2010) فراجعه، فإن متنه يختلف عن هذا بعض الشيء. اهـ. الحديث: 685 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 وكلاب هذا مجهول كما قال الذهبي والعسقلاني. 686 - " اللهم واقية كواقية الوليد ". ضعيف. أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (371 - بتحقيقي) وابن عدي في " الكامل " (ق 11 / 1) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سالم عن ابن عمر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره وقال: " لا يحدث به عن يحيى غير ابن عياش ". قلت: وهو شامي ضعيف في غير روايته عن الشاميين، وهذا منه، وابن الضحاك كذاب. لكن الظاهر أنه روي من غير طريقه، فقد أورده الهيثمي في " المجمع " (10 / 182) بهذا اللفظ وقال: " قال أبو يعلى: يعني المولود. كذا فسر لنا، رواه أبو يعلى، وفيه راولم يسم، وبقية رجاله ثقات ". ثم وقفت على إسناد أبي يعلى في " مسنده " (3 / 1333) : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الحيري: أخبرنا سفيان: أخبرنا شيخ من أهل المدينة عن سالم به. لكن الحيري هذا لم أعرفه، فلعله في " ثقات ابن حبان ". الحديث: 686 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 687 - " اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة، لقمان الحكيم، والنجاشي، وبلال المؤذن ". ضعيف جدا. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 170) والطبراني (3 / 123 / 2) وعنه ابن عساكر (3 / 232 / 2) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أخبرنا أبي بن سفيان المقدسي عن خليفة بن سلام عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا أبي بن سفيان قال ابن حبان: " كان يقلب الأخبار، وأكثر روايته عن الضعفاء ". قال البخاري: " لا يكتب حديثه ". وقال الدارقطني: " ضعيف له مناكير ". والحديث ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وقال ابن الجوزي: (2 / 232) : " لا يصح، والمتهم به أبين كان يقلب الأخبار، وعثمان لا يحتج به ". قلت: عثمان صدوق، وإنما ضعف لروايته عن الضعفاء، وهذا لا يقدح فيه، وقد وثقه ابن معين، وعلة الحديث أبين هذا وإعلال ابن الجوزي له بعثمان أيضا قد تبع فيه ابن حبان، فقد قال عقب الحديث: الحديث: 687 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 " وعثمان بن عبد الرحمن قد تبرأت من عهدته، هذا متن باطل لا أصل له ". ثم ذكر السيوطي شاهدا من حديث واثلة بن الأسقع، أخرجه الحاكم (4 / 284) لكن ليس فيه الأمر باتخاذ السودان، ولا أنهم من سادات أهل الجنة، وذكر مهجعا بدل النجاشي. فهو شاهد قاصر. ويعارض هذا الحديث أحاديث رويت في ذم السودان يأتي بعضها، فانظر الأرقام (726 و727، 3218) . 688 - " أو حى الله عز وجل إلى داود النبي صلى الله عليه وسلم: يا داود! ما من عبد يعتصم بي دون خلقي، أعرف ذلك من نيته، فتكيده السموات بمن فيها إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف منه نيته إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأرسخت الهوى من تحت قدميه، وما من عبد يطيعني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني، وغافر له قبل أن يستغفرني ". موضوع. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (5 / 58 / 2) من طريق يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، المتهم به ابن السفر، فإنه ممن يضع الحديث كما تقدم. ولعله من الإسرائيليات التي تلقاها كعب بن مالك عن بعض مسلمة أهل الكتاب، ثم نسبه هذا الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن عساكر وحده. وهذا قصور واضح، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء. الحديث: 688 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 689 - " زين الصلاة الحذاء ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (292 / 1) : أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا يحيى بن أيوب: أخبرنا محمد بن الحجاج اللخمي: حدثنا عبد الملك بن عمير عن النزال بن سبرة عن علي مرفوعا. وقال: " هذا ليس له أصل عن عبد الملك بن عمير، وهو مما وضعه محمد بن الحجاج على عبد الملك ". قلت: ومن طريقه رواه تمام في " الفوائد " (138 / 2) . وابن الحجاج هذا هو صاحب حديث الهريسة، وقد روى ابن عدي تكذيبه عن جماعة من الأئمة، ولهذا فقد أساء السيوطي بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى، قال المناوي في " شرحه ": الحديث: 689 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 " وقال الهيثمي: فيه محمد بن الحجاج اللخمي وهو كذاب. انتهى. فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ". وحديث الهريسة المشار إليه هو الآتي: 690 - " أطعمني جبريل الهريسة من الجنة لأشد بها ظهري لقيام الليل ". موضوع. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (374) وكذا ابن حبان (2 / 290) وابن عدي (291 / 2) وتمام (29 / 114 - 115) من طريق محمد بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة، وقال تمام: " لم يرو هذا الحديث إلا محمد بن الحجاج ". وقال ابن عدي: " وهذا حديث موضوع، وضعه محمد بن الحجاج ". وقال فيه ابن حبان: " كان محمد يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه ". وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق هذا الكذاب بألفاظ مختلفة ثم قال: (3 / 18) : " هذا حديث وضعه محمد بن الحجاج وكان صاحب هريسة (!) وغالب طرقه تدور عليه، وسرقه منه كذابون ". وتعقبه السيوطي كعادته في " اللآلي " بأن له شواهد كثيرة (2 / 234 - 237) . ولو أردنا الكلام عليها لطال بنا المقال فحسبي أن أتكلم على شاهد واحد منها هو خيرها باعتراف السيوطي لتعرف حقيقة أمر هذا الشاهد ثم تقيس عليه ما غاب عنك من الشواهد الأخرى. قال الأزدي: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن زبالة: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا عمر [و] بن بكر عن أرطاة عن مكحول عن أبي هريرة قال: شكى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل قلة الجماع. فتبسم جبريل حتى تلألأ مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من بريق ثنايا جبريل، ثم قال: أين أنت عن أكل الهريسة فإن فيها قوة أربعين رجلا؟ قال الأزدي: " إبراهيم ساقط، فنرى أنه سرقه وركب له إسنادا ". قال السيوطي (2 / 236) : " قلت: إبراهيم روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان ": قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط. قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا. انتهى. وحينئذ فهذا الطريق أمثل طرق الحديث ". قلت: لم ينفرد الأزدي بجرح إبراهيم هذا بل سبقه إلى ذلك الساجي فقال كما في " التهذيب ": " يحدث بالمناكير والكذب ". الحديث: 690 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 ولست أشك أن حديثه هذا كذب فإن لم يكن هو آفته فهو شيخه عمرو بن بكر وهو السكسكي قال ابن حبان (2 / 78) : " روى عن الثقات الأو ابد والطامات التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة، لا يحل الاحتجاج به ". وقال الذهبي: " أحاديثه شبه موضوعة ". على أن ابن زبالة قريب منه في الضعف، قال ابن حبان (2 / 132) : " يروي عن المدنيين الثقات الأشياء المعضلات ". 691 - " ثلاث من كنوز البر: إخفاء الصدقة، وكتمان الشكوى، وكتمان المصيبة، يقول الله عز وجل: إذا ابتليت عبدي ببلاء فصبر، لم يشكني إلى عواده أبدلته لحما خير من لحمه، ودما خير من دمه، فإن أرسلته أرسلته ولا ذنب له، وإن توفيته فإلى رحمتي ". موضوع. تمام (6 / 119 / 2) وعنه ابن عساكر (15 / 120 / 2) والطبراني في " الكبير " وأبو القاسم الحنائي في " الفوائد " (147 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 117) وفي " الأربعين الصوفية " (60 / 2) من طريق الجارود بن يزيد: حدثنا سفيان يعني الثوري عن الأشعث عن ابن سيرين عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الحنائي وأبو نعيم: " تفرد به الجارود. وزاد الأول: وهو ضعيف الحديث ". وكذا قال ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 199) إلا أنه قال: " وهو متروك وتعقبه السيوطي في " اللآلي " بقوله (4 / 395) : " قلت: لم يتهم الجارود بوضع ". قلت: بلى، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 225) : " كان أبو أسامة يرميه بالكذب، وقال أبي: هو كذاب ". وقال العقيلي: " يكذب ويضع الحديث ". وقال الحاكم: " روى عن الثوري أحاديث موضوعة ". ونحوه قول ابن حبان: " ينفرد بالمناكير عن المشاهير، وروى عن الثقات ما لا أصل له ". ثم قال في حديث الترجمة: " لا أصل له ". ثم ذكر السيوطي له شواهد منها: الحديث: 691 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 692 - " ثلاث من كنوز البر، كتمان الأو جاع، والبلوى والمصيبات، ومن بث لم يصبر ". الحديث: 692 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 ضعيف جدا. رواه تمام (9 / 140 / 1) من طريق ناشب بن عمرو: حدثنا مقاتل بن حيان عن قيس بن سكن عن ابن مسعود مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا، ناشب بن عمرو قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني: " ضعيف ". وقد روي الحديث من وجه آخر نحوه وهو: " من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقه ". 693 - " من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ". ضعيف. رواه الروياني في " مسنده " (250 / 1) وابن عدي (151 / 2) وأبو نعيم (8 / 197) والقضاعي (21 / 2) عن زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث نافع وعبد العزيز، تفرد به عنه زافر ". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ". وقد نقل ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 332) عن أبي زرعة أنه قال: " هذا حديث باطل ". قال ابن أبي حاتم: " وامتنع أبو زرعة أن يحدث به ". وقد رواه أبو زكريا البخاري في " فوائده " كما في " اللآلي " (2 / 396) عن هشام بن خالد: حدثنا بقية عن ابن أبي رواد به نحوه. وهذا إسناد ضعيف، بقية هو ابن الوليد وكان يدلس عن الضعفاء والكذابين وقد عنعنه. ورواه أبو الحسين البوشنجي في " المنظوم " (4 / 2) وأبو علي الهروي في " الفوائد " (7 / 1) عن عبد الله بن عبد العزيز عن أبيه به. وعبد الله هذا هو عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، قال أبو حاتم وغيره: " أحاديثه منكرة ". وقال ابن الجنيد: " لا يساوي شيئا ". وقال ابن عدي: " روى أحاديث عن أبيه لا يتابع عليها ". لكن قد رواه أبو نعيم في كتاب " الأربعين " (ق 60 / 2) من طريق منصور بن أبي مزاحم عن عبد العزيز به. ومنصور هذا ثقة من رجال مسلم. ولكن يغلب على الظن أن السند إليه لا يصح. ومن المؤسف أنه لا سبيل الآن إلى الرجوع إلى الأربعين " للنظر في إسناده، لأنه مخطوط من مخطوطات الظاهرية، وهي الآن خارج المكتبة في صناديق حديدية مقفلة صيانة لها من الحرق بسبب الحرب القائمة بين العرب واليهود. ثم أعيدت الكتب إلى المكتبة، فراجعت " الأربعين " فإذا هو يقول: حدثني عيسى بن حامد الرخجي - ببغداد -: حدثنا الحسن بن حمزة: حدثنا منصور بن أبي مزاحم به. والرخجي هذا ثقة، ترجمه الخطيب (11 / 178 - 179) . وأما الحسن بن حمزة فلم أجد له ترجمة، فالظاهر أنه هو علة هذا الإسناد. والله أعلم. الحديث: 693 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 694 - " أنا خاتم الأنبياء، وأنت يا علي خاتم الأولياء ". موضوع. رواه الخطيب (10 / 356 - 358) عن عبيد الله بن لؤلؤ السلمي: أخبرنا عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبد الله يقول: أخبرني محمد بن سوار خالي: حدثنا مالك بن دينار: أخبرنا الحسن بن أبي الحسن البصري عن أنس مرفوعا في حديث طويل ساقه في فضل علي، هذا منه. ثم قال الخطيب: " هذا الحديث موضوع من عمل القصاص، وضعه عمر بن واصل، أو وضع عليه ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 398) ونقل كلام الخطيب هذا واقره هو والسيوطي (1 / 379 - 380) . وذكره الحافظ في " اللسان " في ترجمة ابن لؤلؤ هذا وقال: " روى عن عمر بن واصل حديثا موضوعا ساقه الخطيب في ترجمته ". ثم ذكره. وإن من عجائب السيوطي أن يذكر لهذين المتهمين عنده - فضلا عن غيره حديثا آخر في كتابه " الجامع الصغير "، وهو الآتي بعده. الحديث: 694 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 695 - " بعثت بمداراة الناس ". موضوع. رواه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " (6 / 2) عن عبيد الله بن لؤلؤة الصوفي: أخبرني عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبد الله يقول: أخبرني محمد بن سوار: أخبرني مالك بن دينار ومعروف بن علي عن الحسن عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت سورة (براءة) : فذكره. قلت: وهذا موضوع المتهم به ابن لؤلؤة أو شيخه عمر بن واصل فإنهما تفردا برواية الحديث الذي قبله، وهو موضوع قطعا، وأحدهما هو الذي اختلقه، ومع هذا فالسيوطي لا يتورع عن أن يروي لهما هذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " وقد تعقبه المناوي بهذين المتهمين ثم قال: " وفيه مالك بن دينار الزاهد، أورده الذهبي في " الضعفاء "، ووثقه بعضهم ". الحديث: 695 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 696 - " لا بأس بقضاء شهر رمضان مفرقا ". ضعيف. رواه الماليني في " الأربعين " (11 / 1) عن أبي عبيد البسري محمد بن حسان الزاهد: أخبرنا أبو الجماهر محمد بن عثمان: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي: حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن سليم الطائفي ضعيف لسوء حفظه. وبقية رجاله ثقات غير محمد بن حسان الزاهد، فهو غير معروف الحال. قال السمعاني: " من مشاهير الصوفية ". وقال ياقوت في " معجمه ": الحديث: 696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 " له كلام في الطريقة وكرامات ". وقد حدث عن جمع، وعنه آخرون سماهم ياقوت، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا، وقد خالفه الحافظ ابن أبي شيبة فقال في " المصنف " (3 / 32) ، وعنه الدارقطني (ص 244) . والبيهقي في " سننه الكبرى " (4 / 259) : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان؟ فقال: فذكره نحوه. وهذا عن الطائفي أصح، وهو مرسل أو معضل قال البيهقي: " وقد وصله غير أبي بكر عن يحيى بن سليم، ولا يثبت متصلا ". وكأنه يشير إلى هذه الطريق ثم قال: " وقد روي من وجه آخر ضعيف عن ابن عمر مرفوعا، وقد روي في مقابلته عن أبي هريرة في النهي عن القطع مرفوعا، وكيف يكون ذلك صحيحا ومذهب أبي هريرة جواز التفريق، ومذهب ابن عمر المتابعة؟! ". وأما الوجه الآخر فلعله ما عند الدارقطني أيضا عن سفيان بن بشر: حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا نحوه. وقال: " لم يسنده غير سفيان بن بشر ". قلت: وهو في عداد المجهولين فإني لم أجد له ذكرا فيما عندي من كتب الرجال، وكأنه لذلك ضعفه البيهقي كما سبق، وأشار إلى ذلك الحافظ في " التلخيص " حيث قال بعد أن ذكره من طريق الدارقطني: " قال: ورواه عطاء عن عبيد بن عمير مرسلا. قلت: وإسناده ضعيف أيضا ". وأما قول الشوكاني في " نيل الأوطار " (4 / 98) : " وقد صحح الحديث ابن الجوزي وقال: ما علمنا أحدا طعن في سفيان بن بشر "! فهو تصحيح قائم على حجة لا تساوي سماعها! فإن كل راومجهول عند المحدثين يصح أن يقال فيه: " ما علمنا أحدا طعن فيه "! فهل يلزم من ذلك تصحيح حديث المجهول!؟ اللهم لا، وإنها لزلة من عالم يجب اجتنابها. وأما حديث أبي هريرة المقابل لهذا فلفظه: " من كان عليه من رمضان شيء فليسرده ولا يقطعه ". ولكنه حسن الإسناد عندي تبعا لابن القطان وابن التركماني، ولذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة ". 697 - " الإيمان بالنية واللسان، والهجرة بالنفس والمال ". موضوع. رواه عبد الخالق بن زاهر الشحامي في " الأربعين " (260 / 1) عن نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول في خطبته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: نوح بن أبي مريم معروف بالوضع، وقد سبق مرارا، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد الحديث: 697 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 ما رواه عنه جماعة بإسناده الصحيح هذا مرفوعا بلفظ: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ... " الحديث. رواه الشيخان وغيرهما، ولذلك فقد أساء السيوطي بإيراده هذا الحديث الموضوع في " الجامع "! 698 - " إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من (آل عمران) : (شهد الله أنه لا إله إلا هو الملائكة وألوالعلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. إن الدين عند الله الإسلام) و (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) إلى قوله: (وترزق من تشاء بغير حساب) هن مشفعات، ما بينهن وبين الله حجاب، فقلن: يا رب! تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك؟ قال الله: بي حلفت لا يقرؤهن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مأو اه على ما كان فيه، وإلا أسكنته حظيرة الفردوس، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ". موضوع. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 218) وابن السني (رقم 322) وعبد الخالق الشحامي في " الأربعين " (26 / 2) عن محمد بن زنبور عن الحارث بن عمير: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال ابن حبان: " موضوع لا أصل له، والحارث كان ممن يروي عن الأثبات الموضوعات ". قلت: وثقه المتقدمون مثل ابن معين وغيره، لكن قال الذهبي في " الميزان ": " وما أراه إلا بين الضعف، فإن ابن حبان قال في " الضعفاء ": روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، وقال الحاكم: روى عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". زاد في " المغني ": " قلت: أنا أتعجب كيف خرج له النسائي ". ثم ساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها، ثم قال: " قال ابن حبان: موضوع لا أصل له ". وأقره في " الميزان " والحافظ في " التهذيب " ولكنه قال: الحديث: 698 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 " والذي يظهر لي أن العلة فيه ممن دون الحارث "، ومال إليه الشيخ المعلمي رحمه الله في " التنكيل " (2 / 223) . قلت: بل علته الحارث هذا، لأن مدار الحديث على محمد بن زنبور عنه، وابن زنبور لم يتهمه أحد، بخلاف الحارث فقد علمت قول ابن حبان والحاكم فيه، بل كذبه ابن خزيمة كما يأتي فهو آفة هذا الحديث، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: (1 / 245) : " تفرد به الحارث قال ابن حبان: كان يروي عن الأثبات الموضوعات، روى هذا الحديث ولا أصل له. وقال ابن خزيمة: الحارث كذاب، ولا أصل لهذا الحديث ". وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 229 - 230) بأمرين: الأول: ما سبق من توثيق بعضهم للحارث، وهذا لا يجدي شيئا بعد طعن ابن حبان وغيره فيه وروايته لهذا الحديث الذي يعترف ابن حبان والذهبي بوضعه ويوافقهم الحافظ ابن حجر كما يشير إليه قوله السابق في " التهذيب ". الثاني: بقوله: وقد ورد بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب. ثم ساقه. وفي إسناده كذاب كما يأتي، فما فائدة الاستشهاد به؟! (فائدة هامة) : قال ابن الجوزي عقب الحديث: " قلت: كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا فاستعملته نحوا من ثلاثين سنة لحسن ظني بالرواة، فلما علمت أنه موضوع تركته، فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير؟ قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية ". أقول: وإذا خرج عن المشروعية فليس من الخير في شيء، فإنه لوكان خيرا لبلغه صلى الله عليه وسلم أمته، ولوبلغه، لرواه الثقات، ولم يتفرد بروايته من يروي الطامات عن الأثبات. وإن فيما حكاه ابن الجوزي عن نفسه لعبرة بالغة، فإنها حال أكثر علماء هذا الزمان ومن قبله، من الذين يتعبدون الله بكل حديث يسمعونه من مشايخهم، دون أي تحقق منهم بصحته، وإنما هو مجرد حسن الظن بهم. فرحم الله امرأ رأى العبرة بغيره فاعتبر. وحديث أبي أيوب المشار إليه هو: 699 - " لما نزلت (الحمد لله رب العالمين) ، وآية (الكرسي) ، و (شهد الله) ، و (قل اللهم مالك الملك) إلى (بغير حساب) ، تعلقن بالعرش وقلن: أنزلتنا على قوم يعملون بمعاصيك؟ فقال: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يتلوكن عبد دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه وأسكنته جنة الفردوس، ونظرت إليه كل يوم سبعين مرة، وقضيت له سبعين حاجة، أدناها المغفرة ". الحديث: 699 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن عبد الرحمن بن بحير بن ريسان: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق: حدثنا يحيى بن أيوب: حدثنا إسحاق بن أسيد عن يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن ثابت بن شرحبيل عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلي " (1 / 229 - 230) شاهدا للحديث الذي قبله، ثم سكت عليه فأساء، لأن ابن ريسان هذا قال الذهبي: " اتهمه ابن عدي، وقال ابن يونس: ليس بثقة، وقال أبو بكر الخطيب: كذاب ". ثم ساق له حديثين ثم قال: " وهذان باطلان "! وقال ابن حبان (2 / 260) : " كان ممن ينفرد بالمعضلات عن الثقات، ويأتي بالمناكير عن المشاهير ". 700 - " أيما ناشئ نشأ في طلب العلم والعبادة حتى يكبر وهو على ذلك أعطاه الله يوم القيامة ثواب اثنين وسبعين صديقا ". ضعيف جدا. رواه تمام (29 / 112 / 1 رقم 2428) وابن عبد البر في " جامع العلم " (1 / 82) من طريق يوسف بن عطية قال: أخبرنا مرزوق - وهو أبو عبد الله الحمصي - عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل يوسف بن عطية وهو الصفار البصري قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدولابي: " متروك ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " (1 / 125) ثم قال: " وهو متروك الحديث ". ونقل المناوي في " فيض القدير " عن " ميزان الذهبي " أنه قال: " هذا منكر جدا ". قلت: وهذا صواب ولكن لم أره في ترجمة يوسف بن عطية من " الميزان " فلينظر. الحديث: 700 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 701 - " إن الرجل إذا ولي ولاية تباعد الله عز وجل منه ". لا أصل له. ذكره الغزالي في " الإحياء " (2 / 129) من حديث أبي ذر مرفوعا، فقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " لم أقف له على أصل ". الحديث: 701 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 702 - " كان نقش خاتم سليمان: لا إله إلا الله، محمد رسول الله ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (185) وابن عدي (198 / 1) وتمام الرازي (6 / 111 / 1) وابن عساكر (7 / 288 / 1) من طريق شيخ بن أبي خالد البصري: حدثنا حماد الحديث: 702 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا. ساقه العقيلي في ترجمة شيخ هذا وساق له حديثين آخرين يأيتان قريبا، ثم قال: " كلها مناكير ليس لها أصل إلا من حديث هذا الشيخ ". وقال ابن عدي فيها: " بواطيل ". وقال ابن حبان (1 / 360) : " لا يجوز الاحتجاج به بحال ". ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا أحدها. ثم قال: " ثلاثتها موضوعات، لا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، ولا جابر رواه، ولا عمرو حدث به، ولا حماد بن سلمة "، والثاني من الأحاديث الثلاثة يأتي بعد حديث. وقال الذهبي في ترجمته: " شيخ مجهول دجال، قال الحاكم: روى عن حماد بن سلمة أحاديث موضوعات في الصفات وغيرها ". ثم قال الذهبي: " فمن أباطيله عن حماد ... " فذكر له هذا الحديث والذي بعده. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي ثم قال: (1 / 201) : " لا يصح، شيخ يروي الأباطيل، لا يحتج به ". وتعقبه السيوطي بأنه ورد من طريق آخر عن عبادة بن الصامت. قلت: وفيه متهم فلا طائل من هذا التعقب كما يأتي بعده. وروي موقوفا على ابن عباس! أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (169) ، وفيه داود بن سليمان الجرجاني وهو كذاب. وأما حديث عبادة فهو: 703 - " كان فص خاتم سليمان بن داود سماويا، فألقي إليه فأخذه فوضعه في خاتمه، وكان نقشه: أنا الله لا إله إلا أنا، محمد عبدي ورسولي ". موضوع. رواه الطبراني وعنه ابن عساكر (7 / 288 / 1) عن مخلد الرعيني: حدثنا حميد بن محمد الحمصي عن أرطاة بن المنذر عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 / 171) شاهدا للحديث الذي قبله فأساء، لأن الرعيني هذا قال ابن عدي: " حدث بالأباطيل " ثم ذكر له من أباطيله حديثين سبق أحدهما وهو " التراب ربيع الصبيان " رقم (410) . والآخر يأتي بعد برقم (1252) إن شاء الله تعالى. وحميد بن محمد الحمصي لم أجده. والله أعلم. الحديث: 703 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 704 - " أهل الجنة جرد إلا موسى بن عمران، فإن له لحية إلى سرته ". باطل. رواه العقيلي في " الضعفاء " (185) وابن عدي (198 / 1) والرازي في " فوائده " (6 / 111 / 1) عن شيخ بن أبي خالد البصري: حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا. وقال العقيلي: " منكر ليس له أصل إلا من حديث هذا الشيخ ". وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى: " وهذه بواطيل كلها ". قلت: وهو متهم بالوضع، وقد ذكر له الذهبي أباطيل هذا أحدها، والثاني سبق قبله بحديث. وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي عن شيخ به. وقال (3 / 258) : " قال ابن حبان: موضوع، شيخ بن أبي خالد كان يروي عن الثقات المعضلات لا يحتج به بحال ". وأقره السيوطي في " اللآلئ " (2 / 456) . الحديث: 704 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 705 - " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ". ضعيف. رواه ابن نصر في " قيام الليل " (38) والطبراني (3 / 92 / 1) وابن عساكر (4 / 296 / 1) عن الحكم بن مصعب: حدثني محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو داود (1518) والنسائي في " عمل اليوم والليلة " كما في تردمة الحكم هذا من " التهذيب " والحاكم (4 / 226) وأحمد (1 / 248) وابن السني (358) وأبو محمد الحسن بن محمد بن إبراهيم في " أحاديث منتقاة " (145 / 2) والبيهقي (3 / 351) . قلت: وسنده ضعيف، الحكم بن مصعب مجهول كما قال الحافظ في " التقريب ". فقول صاحب التاج (5 / 185) : " سنده صحيح " غير صحيح ولعله اغتر برمز السيوطي له بالصحة في " الجامع "، وقول الحاكم: " صحيح الإسناد "! وغفل أو تغافل عن تعقب المناوي للسيوطي بنحوما ذكرنا، وعن تعقب الذهبي للحاكم بقوله: " قلت الحكم: فيه جهالة " وكذا قال في " المهذب " (ق 128 / 2) أيضا. وأخرجه ابن ماجه (3819) من هذا الوجه، إلا أنه لم يذكر " عن أبيه " الحديث: 705 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 706 - " كان إذا سمع المؤذن قال: (حي على الفلاح) قال: اللهم اجعلنا مفلحين ". موضوع. رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 90) عن أبي داود سليمان بن سيف: حدثنا عبد الله بن واقد عن نصر بن طريف عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته نصر بن طريف، قال النسائي وغيره: " متروك الحديث ". وقال يحيى بن معين: " من المعروفين بوضع الحديث ". وقال الفلاس: " وممن أجمع عليه أهل العلم (1) أنه لا يروى عنهم قوم منهم نصر هذا ". وعبد الله بن واقد هو الحراني، وهو ضعيف جدا، قال البخاري: " تركوه منكر الحديث ". وقال في موضع آخر: " سكتوا عنه ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وضعفه الجريري جدا. وسليمان بن سيف (وفي الأصل: يوسف خطأ) هو الحراني ثقة، فالآفة ممن فوقه. ومن عجائب السيوطي أنه أورد الحديث برواية ابن السني هذه في " الدرر المنتثرة " (ص 86) وسكت عليه مع أنه ألفه لأجل " بيان حال الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة العامة ومن ضاهاهم من الفقهاء الذين لا علم لهم بالحديث "! وأسوأ من ذلك أنه أورده في " الجامع الصغير من حديث البشير النذير "!   (1) وقع في " الميزان " واللسان ": " ... من أهل الكذب ... " وهو خطأ فاحش، صححته من " الجرح والتعديل ". اهـ. الحديث: 706 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 707 - " كان إذا اهتم قبض على لحيته ". ضعيف. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 345) وتمام الرازي في " فوائده " (6 / 111) : أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام الكندي ابن بنت عديس: حدثنا أبو زيد الحوطي: حدثنا محمد بن مصعب: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن محمد هذا لم أجد له ترجمة. وأبو زيد الحوطي اسمه أحمد بن عبد الرحيم قال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". ومحمد بن مصعب هو القرقساني ضعيف لكثرة خطأه، وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما لا أصل له من حديث الأثبات ". الحديث: 707 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 قلت: لكنه عند ابن حبان من طريق أبي حريز سهل مولى المغيرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وقال: " أبو حريز يروي عن الزهري العجائب ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن السني وأبي نعيم في " الطب " عن عائشة، وأبي نعيم عن أبي هريرة ". ولم يتكلم شارحه المناوي على حديث عائشة بشيء، وقد عرفت علته، وإنما حصر كلامه في حديث أبي هريرة فقال: " قال الزين العراقي: إسناده حسن اهـ. لكن أورده في " الميزان " و" لسانه " في ترجمة سهل مولى المغيرة من حديث أبي هريرة فقال: قال ابن حبان: لا يحتج به، يروي عن الزهري العجائب، ورواه البزار عن أبي هريرة قال الهيثمي: وفيه رشدين ضعفه الجمهور ". قلت: وهو في " زوائد البزار " (ص 25 - 26) من طريق رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ورواه ابن عدي (ق 188 / 2) عن سهل المتقدم عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة عن عائشة. وقال: " سهل عامة ما يرويه لا يتابع عليه وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". وبالجملة فالحديث ضعيف من جميع طرقه، لضعف رواته واضطرابهم في إسناده. وروى عن عائشة بلفظ: " كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته وتنفس صعداء، وقال حسبي الله ونعم الوكيل، فيعرف بذلك شدة غمه ". رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفاتيح المعاني " (258 / 2) : حدثنا أبو بكر محمد عبد الله الفقيه: حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن علي: حدثنا أبو سفيان الغنوي: حدثنا أحمد بن الحارث: حدثتني أمي أم الأزهر عن سدرة مولاة ابن عامر قالت: سمعت عائشة تقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أحمد بن الحارث قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال البخاري: " فيه نظر ". ومن فوقه لم أجد من ذكرهما. والحديث حسن إسناده الهيثمي في " أسمى المطالب " (46 / 1) فلعله بزعمه لطرقه! أو تقليدا منه للعراقي! 708 - " كان لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بسراج ". موضوع. ابن سعد (1 / 387) وتمام (9 / 141 / 1) من طريق يحيى بن يمان عن سفيان عن جابر عن أم محمد عن عائشة مرفوعا. الحديث: 708 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 قلت: وهذا موضوع، وآفته جابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو كذاب كما قال أبو حنيفة وابن معين والجوزجاني وغيرهم. وأم محمد هذه لم أعرفها، ولعلها زوجة زيد بن جدعان. ويحيى بن يمان ضعيف من قبل حفظه، ولكن الحديث أورده الذهبي عن أبي محمد عن عائشة به. ثم قال: " رواه إبراهيم بن شماس عن يحيى القطان عن سفيان عن جابر الجعفي عن أبي محمد، قال ابن حبان: وجابر قد تبرأنا من عهدته، وأبو محمد هذا لا يجوز الاحتجاج به ". قلت: فقد تابع يحيى بن يمان يحيى القطان، فالآفة من جابر أو شيخه. والحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن سعد في الطبقات " عن عائشة، وتعقبه المناوي بقول ابن حبان المذكور آنفا. وذكر أن البزار رواه أيضا. وبالجملة فالحديث موضوع بهذا الإسناد والله أعلم! ثم رأيت الحديث في " المجمع " (8 / 60 - 61) وقال: " رواه البزار، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو متروك ". 709 - " إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام ". موضوع. رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " قال: " حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن ريسان: حدثنا محمد بن الواقدي: حدثنا شعيب بن طلحة بن (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: حدثني أبي، عن أبيه عن جده عن أبي بكر مرفوعا. نقلته من " الميزان "، أورده في ترجمة الواقدي. قلت: وهذا سند هالك، وفيه آفات وعلل: 1 - طلحة بن عبد الله، مجهول الحال، قال يعقوب بن شيبة: " لا علم لي به "، ووثقه ابن حبان على قاعدته. 2 - شعيب بن طلحة، مثل أبيه، قال ابن معين: " لا أعرفه ". وقال معن (ابن عيسى) : " لا يكاد يعرف ". وتباين فيه رأي أبي حاتم، والدارقطني فقال الأول: " لا بأس به "! وقال الآخر: " متروك ". 3 - الواقدي وهو كذاب كما قال الإمام أحمد، وقال ابن المديني وابن راهويه وأبو حاتم والنسائي: " يضع الحديث ". 4 - ابن ريسان قال الخطيب ومحمد بن مسلمة: " كذاب ".   (1) الأصل: حدثنا، والتصويب من " المقاصد الحسنة " وتراجم الرجال. الحديث: 709 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 (تنبيه) وما سبق من أقوال الأئمة في الواقدي، جرح مفسر لا خفاء فيه، فلا تلتفت بعد ذلك إلى محالة ابن سيد الناس في مقدمة كتابه " عيون الأثر " (ص 17 - 21) المدافعة عنه اعتمادا منه على توثيق من وثقه، ممن لم يتبين له حقيقة أمره، ولا إلى قول ابن الهمام معبرا عن رأي الحنفية فيه: " والواقدي عندنا حسن الحديث "، كما نقله الشيخ أبو غدة الكوثري (!) في تعليقه على " قواعد في علوم الحديث " للتهانوي (ص 349) ، بمناسبة قول التهانوي هذا في صدد رده على قول الحافظ في " الفتح ": " وقد تعصب مغلطاي للواقدي، فنقل كلام من قواه ووثقه، وسكت عن ذكر من وهاه واتهمه، وهم أكثر عددا وأشد إتقانا، وأقوى معرفة من الأولين ... وقد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه ". فرده التهانوي بقوله: " ولم يتعصب مغلطاي للواقدي، بل استعمل الإنصاف، فإن الصحيح في الواقدي التوثيق "! أقول: فلا تغتر بهؤلاء الذين مالوا إلى توثيقه، فإنهم خالفوا القاعدة المتفق عليها عند المحدثين أن الجرح المفسر مقدم على التعديل، ولعل الحنفية يقولون هنا كما قالوا فيما جرح به أبو حنيفة رحمه الله: إن مصدر ذلك التعصب! وبذلك طعنوا في أئمة المسلمين بغير حق، في سبيل تخليص رجل منهم مما قيل فيه بحق. فاعتبروا يا أولي الأبصار. وبعد كتابة ما سبق رأيت للشيخ زاهد الكوثري كلاما حسنا حول جرح الواقدي اتبع هنا سبيل أئمة الحديث وأقوالهم، فأرى أنه لا بأس من نقل كلامه ملخصا، لا احتجاجا به - فليس هو عندنا في موضع الحجة - وإنما ردا به على متعصبة الحنفية - وهو منهم - الذين لا يبالون بمخالفة أقوال أئمة الحديث ونقاده، إذا كان لهم في ذلك هوى، كما فعل التهانوي، وقلده أبو غدة الكوثري، مع أنه خلاف قول شيخه الكوثري الذي يفخر بالانتساب إليه، فقد قال في " مقالاته " (ص 41 - 44) في صدد رده على من احتج بحديث الواقدي المتقدم برقم (14) : " انفرد بروايته من كذبه جمهرة أئمة النقد بخط عريض، فقال النسائي في " الضعفاء ": الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: الواقدي بالمدينة. وقال البخاري: قال أحمد: الواقدي كذاب. وقال ابن معين: ضعيف ليس بثقة. وقال أبو داود: لا أشك أنه كان يفتعل الحديث. وقال أبو حاتم: كان يضع. كما في " تهذيب التهذيب " وغيره. وجرح هؤلاء مفسر لا يحتمل أن يحمل التكذيب في كلامهم على ما يحتمل الوهم كما ترى، وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الحديثية هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ، لا النظر إلى ما في نفس الأمر، لأنه غيب. فالعمدة في هذا الباب هي علم أحوال الرواة، واحتمال أن يصدق الكذاب في هذه الرواية مثلا احتمال لم ينشأ من دليل فيكون وهما منبوذا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 ومن الغرائب أن يغتر بتوثيق الواقدي بعض متعصبة الشافعية، ما سبب ذلك إلا غلبة الأهواء، والجهل بهذا العلم على كثير من الكتاب كالدكتور البوطي الذي اعتمد على روايات الواقدي وصححها في كتابه " فقه السيرة "، كما تراه مفصلا في ردي عليه في رسالة مطبوعة، فليراجعها من شاء. وقد قصر الكلام على الحديث بعض الأئمة! فأعله الهيثمي في " المجمع " (10 / 360) بالواقدي فقط، فقال: " وهو ضعيف جدا ". ونقله عنه المناوي في " الفيض " بإسقاط لفظ " جدا "! وأغرب منه قول الحافظ السخاوي في " المقاصد " (206) : " ورجاله موثقون، إلا أنه نقل عن الدارقطني في شعيب أنه متروك، والأكثر على قبوله ". قلت: وهذا قصور فاحش من مثل هذا الحافظ، فكيف يصح إعلال الحديث برجل مختلف فيه ولم يتهم، وفي الطريق إليه كذابان؟! وممن قصر فيه أيضا الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " (1 / 213) ، فإنه نقل كلام السخاوي باختصار، وأقره! ولا عجب في ذلك فهو في الحديث ناقل مقلد، وليس بالعالم المجتهد. أقول: وحري بمثل هذا الحديث الباطل أن لا يرويه إلا مثل هذين الكذابين، فإنه حديث خطير يقضي على باب كبير من أبواب التربية والإصلاح في الشرع، ألا وهو باب الوعيد وما فيه من الآيات والأحاديث في إيعاد العصاة من هذه الأمة بالنار الموقدة (التي تطلع على الأفئدة) ، والأحاديث الصحيحة في بيان هذا كثيرة جدا أذكر بعض ما يحضرني الآن منها على سبيل المثال: 1 - " ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ". رواه مسلم عن أبي ذر وهو مخرج في " إرواء الغليل " (892) و" تخريج الحلال " (170) . 2 - " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب وعائل مستكبر ". رواه مسلم عن أبي هريرة. 3 - قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الله الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا " (1) رواه الشيخان عن أبي هريرة. وفي حديث أبي سعيد: فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه و ... ". رواه مسلم.   (1) أي احترقوا، والمحش احتراق الجلد وظهور العظم. كذا في " الفتح ". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 فهذه الأحاديث وغيرها صريحة في بطلان هذا الحديث، إذ كيف يكون العذاب أليما وهو كحر الحمام؟! بل كيف يكون كذلك وقد أحرقتهم النار، وأكلت لحمهم، حتى ظهر عظمهم؟! وبالجملة فأثر هذا الحديث سيء جدا لا يخفى على المتأمل فإنه يشجع الناس على استباحة المحرمات، بعلة أن ليس هناك عقاب إلا كحر الحمام! 710 - " كان يستعط بدهن الجلجان إذا وجع رأسه. يعني دهن السمسم ". لا يصح. رواه المخلص (203 / 2) عن عثمان بن عبد الرحمن عن أبي جعفر عن أبيه عن علي مرفوعا. قلت: وعثمان هذا هو الوقاصي وهو كذاب كما مضى مرارا. والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن سعد عن أبي جعفر مرسلا. ولم يتكلم عليه المناوي بشيء فإن كان في طريقه الوقاصي هذا فالحديث موضوع، وإلا فينظر فيه. ثم رأيت ابن سعد أخرجه في " الطبقات ": (1 / 448) من طريق إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر به نحوه وزاد: " ويغسل رأسه بالسدر ". قلت: وجابر هو ابن يزيد الجعفي، وهو متهم كما تقدم (708) . الحديث: 710 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 711 - " إذا سمعتم النداء فقوموا، فإنها عزمة من الله ". موضوع. رواه أبو نعيم (2 / 174) عن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الوليد بن سلمة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن سعيد (الأصل أحمد وهو خطأ) ابن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته الوليد بن سلمة وهو الطبراني قال دحيم وغيره: " كذاب ". وقال ابن حبان: " يضع الحديث على الثقات ". وأحمد بن يعقوب قال المناوي: " هو الترمذي، قال الدارقطني: لا أعرفه ويشبه أن يكون ضعيفا ". الحديث: 711 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 712 - " نعم الرجل الفقيه، إن احيتج إليه انتفع به، وإن استغني عنه أغنى نفسه ". موضوع. رواه ابن عساكر (13 / 173 / 1) عن عباد بن يعقوب الرواجني: أنبأنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي رفعه. الحديث: 712 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 قلت: وهذا موضوع آفته عيسى بن عبد الله هذا العلوي، قال الدارقطني: " متروك الحديث "، وقال ابن حبان (2 / 119) : " يروي عن آبائه أشياء موضوعة ". وساق له الذهبي أحاديث ظاهر عليها الوضع، وقال في أحدها: " هذا لعله موضوع ". ومن تلك الأحاديث: " كان يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر والأترج ". وسيأتي برقم (1393) . وقد تساهل في عيسى هذا أبو حاتم الرازي - على خلاف عادته، فقال ابنه في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 280) عنه: " لم يكن بقوي الحديث ". 713 - " كان إذا أخذ من شعره أو قلم أظفاره، أو احتجم بعث به إلى البقيع فدفن ". باطل. قال ابن أبي حاتم (2 / 337) : " سئل أبو زرعة عن حديث رواه يعقوب بن محمد الزهري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: فذكره. قال أبو زرعة: " حديث باطل ليس له عندي أصل وكان حدثهم قديما في كتاب " الآداب " فأبى أن يقرأه، وقال: اضربوا عليه، ويعقوب بن محمد هذا واهي الحديث ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء ". قلت: ولعل الآفة من بعض الضعفاء الذين تلقى هذا الحديث عنه فإنه لم يسمع من هشام بن عروة بل لم يلحقه كما جزم بذلك الذهبي في حديث آخر له موضوع تقدم برقم (104) فراجعه. الحديث: 713 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 714 - " النساء على ثلاثة أصناف، صنف كالوعاء تحمل وتضع، وصنف كالعر - وهو الجرب -، وصنف ودود ولود، تعين زوجها على إيمانه، فهي خير له من الكنز ". منكر. رواه تمام في " الفوائد " (206 / 2) عن عبد الله بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا، وقال: " عبد الله بن دينار هو الحمصي ". قلت: وهو ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب " تبعا لغير واحد من الأئمة، ومنهم أبو حاتم، فقد قال ابنه في " العلل " (2 / 310) بعد أن ساق الحديث: الحديث: 714 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 " وقال أبي، هذا حديث منكر، عبد الله بن دينار منكر الحديث ". بل قال الدارقطني " ضعيف لا يعتبر به ". 715 - " نعم الفارس عويمر، غير أنه - يعني - غير ثقيل ". ضعيف. أورده الحاكم (3 / 337) معلقا، فقال: " وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أبي الدرداء والناس منهزمون كل وجه يوم أحد، فقال: ... " فذكره. وكذلك علقه ابن سعد في " الطبقات " (7 / 392) فقال: " قال محمد بن عمر: وروى بعضهم أن أبا الدرداء شهد أحدا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إليه ... ". وقد روي مرسلا، فقال الحافظ في ترجمة عويمر من " الإصابة " (5 / 46) : " قال صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: " نعم الفارس عويمر، وقال: هو حكيم أمتي ". الحديث: 715 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 716 - " من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها، وذلك قول الله عز وجل (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) ". موضوع. ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 319) فقال: رواه سهل بن عثمان العسكري عن ابن العذراء عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس فذكره موقوفا عليه وقال: " قال أبي هذا حديث كذب موضوع ". قلت: وأقره الحافظ ابن حجر في " تخريج أحاديث الكشاف " (ص 7 رقم 52) . وقال السيوطي في " الدر " (1 / 78) : " أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب والديلمي عن ابن عباس قال: ... ". فذكره موقوفا أيضا. قلت: والآفة من ابن العذراء هذا، فقد أورده الذهبي في " فصل من عرف بأبيه " وقال: " عن ابن جريج، له حديث في النعل الأصفر، لا شيء ". وكذا في " اللسان ". ومن تساهلات ابن كثير رحمه الله في " تفسيره " أنه أورده جازما بقوله (1 / 110) : " وقال ابن جريج ... "! وهذا مما لا يليق به، ما دام أن السند إلى ابن جريج غير ثابت لجهالة ابن العذراء هذا، واتهام الإمام أبي حاتم إياه بهذا الحديث، بل كان من الواجب على ابن كثير أن ينقل كلام الإمام كما فعل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، لكن الظاهر أنه لم يستحضره عند كتابته، والله أعلم. الحديث: 716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 والحديث أورده الزمخشري في " تفسيره " بلفظ: " من لبس نعلا صفراء قل همه ". فقال ابن حجر في تخريجه: " موقوف لم أجده ". 717 - " من أشرك بالله فليس بمحصن ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (350) والبيهقي (8 / 216) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: أنبأ عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به، وقال الدارقطني: " لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب موقوف ". قلت: الرفع ليس من إسحاق، بل هو تلقاه مرفوعا تارة، وموقوفا تارة أخرى، فروى كما سمع، فقد ساقه الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 327) ناقلا إياه من " مسنده " أعني مسند إسحاق بن راهويه وهو ابن إبراهيم الحنظلي وقال عقبه: " قال إسحاق: رفعه مرة، فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقفه مرة ". وقال الزيلعي عقبه وبعد أن نقل كلام الدارقطني المتقدم: " وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في " مسنده " كما تراه وليس فيه رجوع، وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه ". قلت: وأنا أرى أن التردد المذكور إنما هو من شيخ إسحاق وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة ومن رجال مسلم، ففي حفظه شيء أشار إليه الحافظ بقوله فيه في " التقريب ": " صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر ". قلت: وهذا من روايته عن عبيد الله كما ترى فهو منكر مرفوعا، والمحفوظ موقوف على ابن عمر، كذلك رواه جمع من الثقات عن نافع. فأخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق موسى بن عقبة، والبيهقي من طريق جويرية كلاهما عن نافع عن ابن عمر موقوفا. وقال البيهقي: " هكذا رواه أصحاب نافع عن نافع ". وأما ما رواه الدارقطني والبيهقي من طريق أحمد بن أبي نافع: أخبرنا عفيف بن سالم: أخبرنا سفيان الثوري عن موسى بن عقبة به عن ابن عمر مرفوعا فهو وهم، قال الدارقطني: " وهم عفيف في رفعه والصواب موقوف من قول ابن عمر ". الحديث: 717 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 قلت: عفيف ثقة عند ابن معين وغيره، وإنما الوهم عندي من أحمد بن أبي نافع، فإنه لم تثبت عدالته، وبه أعله ابن عدي فقال: عن أبي يعلى الموصلي: " لم يكن موضعا للحديث ". وذكر له أحاديث أنكرت عليه منها هذا فقال: " هو منكر من حديث الثوري ". قلت: وجدت له طريقا أخرى. رواه ابن عساكر (13 / 394 / 1) عن الهيثم بن حميد: أخبرنا العلاء بن الحارث: أخبرنا عبد الله بن دينار: أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، العلاء بن الحارث كان اختلط. وشيخه عبد الله بن دينار إن كان هو الحمصي المتقدم في الحديث (714) فهو ضعيف، وإن كان المدني فهو ثقة، والأول أقرب لأن العلاء دمشقي، والله أعلم. 718 - " من اعتم فله بكل كورة حسنة، فإذا حط فله بكل حطة حطة خطيئة ". موضوع. ذكره الهيتمي في " أحكام اللباس " (9 / 2) في جملة أحاديث أوردها في فضل العمامة لم يخرجها ولكنه عقبه بقوله: " ولولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة في تكبير العمائم ". قلت: وهذا الحديث وأمثاله من أسباب انتشار البدع في الناس، لأن أكثرهم حتى من المتفقهة لا تمييز عندهم بين الصحيح والضعيف من الحديث، وقد يكون موضوعا، ولا علم عنده بذلك فيعمل به وتمر الأعوام وهو على ذلك فإذا نبه على ضعفه بادرك بقوله: لا بأس، يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال! وهو جاهل بأن الحديث موضوع أو شديد الضعف كهذا، ومثله لا يجوز العمل به اتفاقا، وإني لأذكر شيخا كان يؤم الناس في بعض مساجد حلب، على رأسه عمامة ضخمة تكاد لضخامتها تملأ فراغ المحراب الذي كان يصلي فيه! فإلى الله المشتكى مما أصاب المسلمين من الانحراف عن دينهم بسبب الأحاديث الضعيفة والقواعد المزعومة؟ الحديث: 718 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 719 - " مكارم الأخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في ابنه، وتكون في الابن ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، فقسمها الله عز وجل لمن أراد السعادة: صدق الحديث، وصدق البأس، وحفظ اللسان، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء ". الحديث: 719 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 ضعيف جدا. تمام في " فوائده " (15 / 102 / 1) من طريق الوليد بن الوليد قال: حدثني ثابت بن يزيد عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا، الوليد هذا هو الدمشقي، قال الذهبي: " منكر الحديث وقواه أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، وله حديث موضوع ". قلت وكأنه يعني هذا الحديث فقد قال الحافظ في ترجمة الوليد هذا من " اللسان " بعد أن ذكر أن ابن حبان أورده في " الضعفاء ": " وأورد له عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة خبرا قال فيه: لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ". والظاهر أنه يعني هذا. ثم تأكدت من هذا الذي استظهرته، فقد رأيت ابن حبان قد ساق الحديث في ترجمة الوليد من كتابه " الضعفاء والمجروحين "، قال في الحديث ما سبق نقله عن الحافظ، وقال في الوليد: " يروي عن ابن ثوبان وثابت بن يزيد العجائب ". ثم إن الظاهر أيضا من كلامهم أن الوليد كان يرويه تارة عن الأوزاعي مباشرة وتارة يدخل بين نفسه وبين الأوزاعي ثابت بن يزيد، فقد قال الذهبي في ترجمة " ثابت " هذا بعد أن ساق الحديث: " رواه الحاكم والبيهقي في " الشعب " وقال الحاكم: " ثابت بن يزيد الذي أدخله الوليد بينه وبين الأوزاعي مجهول وينبغي أن يكون الحمل عليه ". وقال البيهقي: وروي من وجه آخر عن عائشة موقوفا وهو أشبه ". وصرح المناوي بشدة ضعف المرفوع، ونقل عن ابن الجوزي أنه قال: " لا يصح، ولعله من كلام بعض السلف، وثابت بن يزيد ضعفه يحيى ". 720 - " لا يدخل ملكوت السماوات من ملأ بطنه " لا أصل له. وإن أورده الغزالي في " الإحياء " حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقد قال الحافظ العراقي في " تخريجه " (3 / 69) : " لم أجده ". وكذا قال السبكي في " الطبقات " (4 / 162) . ثم وجدت له طريقا موقوفا، فقال ابن وهب في " الجامع " (ص 77) : حدثنا ابن أنعم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: فذكره موقوفا عليها. الحديث: 720 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وهذا إسناد معضل، وقد وصل، فقال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 41، 45، 53) : حدثنا أحمد بن يحيى بن مالك السوسي: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: حدثنا زياد بن أبي منصور عن عائشة به. قلت: وهذا سند ضعيف، زياد هذا لم أجد له ترجمة. وابن أنعم ضعيف. والسوسي مترجم في " تاريخ بغداد " (5 / 202) . 721 - " لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء ". لا أصل له. وإن جزم الغزالي بعزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقد قال مخرجه العراقي (3 / 70) " لم أقف له على أصل ". الحديث: 721 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 722 - " الليل والنهار مطيتان، فاركبوهما بلاغا إلى الآخرة، وإياك والتسويف بالتوبة، وإياك والغرة بحلم الله ". ضعيف جدا. رواه أبو الطيب محمد بن حميد الحوراني في " جزئه " (ورقة 70 وجه 1 - من مجموع ظاهرية دمشق رقم 87) من طريق عمرو بن بكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل عمرو هذا، قال الذهبي: " واه، قال ابن عدي: له أحاديث مناكير عن الثقات: ابن جريج وغيره، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الطامات ". ثم قال الذهبي في ترجمته: " أحاديثه شبه موضوعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بالشطر الأول فقط وقال: " رواه ابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس ". وتعقبه المناوي بقوله: " قضية كلام المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة عبد الله بن محمد بن المغيرة وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وفي " الميزان " قال أبو حاتم: غير قوي، وقال ابن يونس: منكر الحديث، ثم ساق له هذا الخبر ". قلت: ومن طريقه رواه تمام (250 / 2) . الحديث: 722 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 723 - " ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته ". موضوع. رواه ابن عدي (15 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 278) عن الحديث: 723 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: " وإسحاق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث ". وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 149 رقم 728) وقال: " إنه من أباطيل إسحاق بن نجيح ". ومما يؤيد بطلان هذا الحديث أنه يؤكد وقوع الزنى في أهل الزاني، وهذا باطل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) . نعم إن كان الرجل يجهر بالزنا ويفعله في بيته فربما سرى ذلك إلى أهله والعياذ بالله تعالى ولكن ليس ذلك بحتم كما أفاده هذا الحديث، فهو باطل. ومثله: " من زنى زني به ولوبحيطان داره ". 724 - " من زنى زني به ولوبحيطان داره ". موضوع. رواه ابن النجار بسنده عن القاسم بن إبراهيم الملطي: أنبأنا المبارك بن عبد الله المختط: حدثنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا. قال ابن النجار: " فيه من لا يوثق به ". قلت: وهو القاسم الملطي كذاب. كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 134) و" تنزيه الشريعة " لابن عراق (316 / 1) . قلت: ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار هذا!! وخفي أمره على المناوي فلم يتعقبه بشيء! . الحديث: 724 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 725 - " اشتروا الرقيق وشاركوهم في أرزاقهم يعني كسبهم، وإياكم والزنج، فإنهم قصيرة أعمارهم، قليلة أرزاقهم ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 93 / 1) وفي " الأوسط " (1 / 155 / 1) : حدثنا أحمد بن داود المكي: أخبرنا حفص بن عمر المازني: أخبرنا حجاج بن حرب الشقري: أخبرنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه مظلم لا تعرف عدالة واحد منهم غير علي بن عبد الله فإنه ثقة، وأما ابنه سليمان فهو كما قال ابن القطان: " هو مع شرفه في قومه لا يعرف حاله في الحديث ". ومن دونه فلم أجد لهم ترجمة، غير حفص بن عمر المازني فقال الحافظ في " اللسان ": " لا يعرف ". وقد روي من غير طريقة، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 58) من طريقين عن عبد العزيز بن عبد الواحد: حدثنا عبد الله بن حرب الليثي: حدثنا جعفر بن سليمان بن علي عن أبيه به. الحديث: 725 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 وهذا سند مظلم أيضا فإن من دون سليمان ثلاثتهم لم أجد من ترجمهم، غير أن جعفر بن سليمان أورده الحافظ في الرواة عن أبيه سليمان من " التهذيب ". هذا حال إسناد الحديث، وأما متنه فإني أرى عليه لوائح الوضع ظاهرة، فإن قصر الأعمار وقلة الأرزاق لا علاقة لها بالأمم، بل بالأفراد، فمن أخذ منهم بأسباب طول العمر وكثرة الرزق التي جعلها الله تبارك وتعالى أسبابا طال عمره وكثرة رزقه، والعكس بالعكس، وسواء كانت هذه الأسباب طبيعية أو شرعية، أما الطبيعية فهي معروفة، وأما الشرعية فمثل قوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن ينسأ له في أجله، ويوسع له في رزقه، فليصل رحمه ". رواه البخاري. وقوله: " حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويطيلان الأعمار ". رواه أحمد وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (519) . والله تبارك وتعالى سهل لكل أمة لأخذ بأسباب الحياة من الرزق وطول العمر وغير ذلك ولم يخصها بقوم دون قوم ولذلك نجد كثيرا من الأمم التي كانت متأخرة في مضمار الرقي أصبحت في مقدمة الأمم رقيا وثروة كاليابان، وغيرها، فليس من المعقول أن يحكم الشارع الحكيم على أمة كالزنج بالفقر ويطبعهم بطابع قصر العمر، مع أنهم بشر مثلنا وهو يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وقصر العمر وقلة الرزق ليسا من التقوى في شيء كما يشير إلى ذلك الحديثان المذكوران، بل إنهما ليصرحان أن خلافهما وهما الغني وطول العمر من ثمار التقوى، فإذن أي أمة أخذت بأسباب طول العمر وسعة الرزق لاسيما إذا كانت من النوع الشرعي فلا شك أن الله تبارك وتعالى يبارك لها في عمرها ورزقها، لا فرق في ذلك بين أمة وأمة، للآية السابقة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وخلاصة القول: إن هذا الحديث موضوع متنا لعدم اتفاقه مع القواعد الشرعية العادلة التي لا تفرق بين أمة وأمة أو قوم وقوم. ولذلك ما كنت أو د للسيوطي أن يورده في " الجامع الصغير " وإن كان ليس في إسناده من هو معروف بالكذب أو الوضع، ما دام أن الحديث يحمل في طياته ما يشهد أنه موضوع، وفي كلام ابن القيم الآتي (ص 158 - 160) ما يشهد لذلك والله أعلم. 726 - " إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) في جبهة إسرائيل ". ضعيف. أخرجه الطبري في " التفسير " (30 / 90) عن قرة بن سليمان قال: حدثنا حرب بن سريج قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: فذكره موقوفا عليه، وكذلك أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 67) وقال: " قال أبي: هذا حديث منكر، وقرة مجهول ضعيف الحديث ". وقال في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 131) : " قرة بن سليمان الجهضمي الأزدي جليس حماد بن زيد، روى عن هشام بن حسان الحديث: 726 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 ومعاوية بن صالح، روى عنه أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن علي، سألت أبي عنه؟ فقال: ضعيف الحديث ". وحرب بن سريج قال الحافظ: " صدوق يخطئ ". والحديث أورده ابن كثير في " تفسيره " (9 / 170 - منار) ساكتا عليه وأتبعه برواية ابن أبي حاتم - يعني في " التفسير " - بسنده عن أبي صالح: حدثنا معاوية بن صالح أن أبا الأعيس - هو عبد الرحمن بن سلمان - قال: " ما من شيء قضى الله، القرآن فما قبله وما بعده لا وهو في اللوح المحفوظ، واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل، لا يؤذن له بالنظر فيه ". قلت: وهذا مع كونه مقطوعا موقوفا على أبي الأعيس، ففي السند إليه أبو صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وفيه ضعف من قبل حفظه، على أن أبا الأعيس نفسه لم يوثقه غير ابن حبان، أورده في " ثقات التابعين " وقال: " يروي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: والظاهر من ترجمة " التهذيب " له أنه من أتباع التابعين. والله أعلم. وقد ساق له الدولابي في " الكنى " (1 / 118) آثار أخرى، ولم يذكر له حديثا مرفوعا. 727 - " دعوني من السودان، إنما الأسود لبطنه وفرجه ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 122 / 2) والخطيب (14 / 108) من طريق عبد الله بن رجاء: أخبرني يحيى بن سليمان المديني عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: ذكر السودان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، عبد الله بن رجاء هو الغداني. قال الحافظ: " يهم قليلا "، فليس هو علة الحديث وإنما شيخه يحيى هذا، قال الحافظ: " لين الحديث ". وبه أعل ابن الجوزي الحديث فأورده في " الموضوعات " وقال: (2 / 233) : " لا يصح، ويحيى قال البخاري: منكر الحديث ". وهو قد تبع البخاري في هذا التجريح، ومن المعلوم أن البخاري لا يقول في الراوي " منكر الحديث " إلا إذا كان متهما عنده. ولهذا فإن تعقب السيوطي في " اللآلي " على ابن الجوزي بأن يحيى هذا روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوي، وذكره ابن حبان في " الثقات " - لا يساوي شيئا، فإن توثيق ابن حبان في مثل هذا المقام مما لا يعتد به العلماء الأعلام، لاسيما مع تضعيف الأئمة الآخرين لهذا الراوي. الحديث: 727 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 وجملة القول أن هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، وأما المتن فلا أشك في وضعه، ولنعم ما صنع ابن الجوزي في إيراده إياه في " الموضوعات "، وتعقب السيوطي إياه إنما هو جمود منه على السند دون أن ينعم النظر في المتن وما يحمله من معنى تتنزه الشريعة عنه، إذ كيف يعقل أن تذم هذه الشريعة العادلة أمة السودان بحذافيرها وفيهم الأتقياء الصالحون العفيفون كما في سائر الأمم، وليت شعري ما يكون موقف من كان غير مسلم من السودان إذا بلغه هذا الذم العام لبني جنسه من شريعة الإسلام؟! فلا جرم أن ابن القيم قال كما يأتي بعد حديث: " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". وأقره الشيخ ملا علي القاري في " موضوعاته " (ص 119) ، بل إن ابن القيم رحمه الله قال في صدد التنبيه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا، قال (صفحة 48 - 49) : " ومنها ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويسمج معناها الفطن ". ثم ساق أحاديث عدة هذا آخرها. وللحديث طريق آخر عن ابن عباس وهو: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 728 - " لا خير في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 152 / 1) عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله ما يمنع حبش بن المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات غير عوسجة وهو المكي مولى ابن عباس ليس بالمشهور كما في " التقريب "، ومن طريقه أخرجه ابن عدي (261 / 1) وروى عن البخاري أنه قال: " لم يصح حديثه ". ثم ساقه. قلت: وذكره السيوطي شاهدا للحديث الذي بعده فلم يصب، فإنه حديث موضوع المتن كما سبق بيانه في الذي قبله. وقد روي من حديث عائشة وهو: الحديث: 728 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 729 - " الزنجي إذا شبع زنى، وإذا جاع سرق، وإن فيهم لسماحة ونجدة ". موضوع. رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (114 / 2) : حدثنا عقبة بن خالد: حدثني عنبسة البصري عن عمرو بن ميمون عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. الحديث: 729 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته عنبسة هذا وهو ابن مهران البصري الحداد، قال أبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال أبو داود: " ليس بشيء ". وقال ابن حبان (2 / 167) : " كان يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، وفي حديثه المناكير التي لا يشك من الحديث صناعته أنها مقلوبة ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي عن أبي سعيد الأشج به. ثم قال ابن الجوزي (2 / 233) : " لا يصح، عنبسة قال النسائي: متروك ". وتعقبه السيوطي بالحديث الذي قبله وسبق الجواب عنه. وقد وافق ابن الجوزي على وضع الحديث الإمام ابن القيم فقال في " المنار " (ص 49) : " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". " ثم ذكر أحاديث هذا أحدها، وثانيها الحديث الآتي: " 730 - " تخيرو النطفكم، وأنكحوا في الأكفاء، وإياكم والزنج فإنه خلق مشوه ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 314) عن روح بن جبر: حدثنا الهيثم بن عدي عن هشام مولى عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وروح هذا لم أعرفه. وأما الهيثم فكذاب، كذبه ابن معين والبخاري وأبو داود وغيرهم. وأما هشام مولى عثمان فلم أعرفه أيضا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وهذا في " الضعفاء " (2 / 281) بسنده عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به وقال (2 / 233) : " السدي كذاب، وتابعه عامر بن صالح الزبيري عن هشام وليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (ص 272) فقال: " قلت: له طريق آخر ". ثم ساقه من رواية أبي نعيم في " الحلية " (3 / 377) : حدثنا أحمد بن إسحاق: حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك: حدثني عبد العظيم بن إبراهيم السالمي: حدثنا عبد الملك بن يحيى: حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس مرفوعا، وقال: الحديث: 730 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 غريب من حديث زياد والزهري، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وسكت عليه السيوطي في " اللآلي " وأورده في " الجامع " من هذا الوجه، وإسناده مظلم، فإن من دون ابن عيينة لم أجد لهم ترجمة، غير عبد العظيم هذا فأورده الحافظ في " اللسان " وقال: " يغرب، من ثقات ابن حبان ". قلت: فهو أو شيخه أو من دونه آفة هذا الحديث، فإن شطره الثاني منكر جدا، وقد سبق قول ابن القيم: " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". ثم ذكر أحاديث هذا أحدها. وأما الجملة الأولى من الحديث، فقد وجدت لها طريقا أخرى، رواه الضياء في " المختارة " (223 / 2) من طريق تمام الرازي: حدثنا أبو عبد الرحمن ضحاك بن يزيد السكسكي بـ (بيت لهيا) : حدثنا محمد بن عبد الملك: حدثنا سفيان بن عيينة به مقتصرا على قوله " تخيرو النطفكم ". قلت: وهذا سند ضعيف، الضحاك هذا مجهول الحال أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (8 / 230) وقال: " روى عن وزيرة بن محمد وأبي زرعة الدمشقي، روى عنه تمام بن محمد وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، مات سنة 347 "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وشيخه محمد بن عبد الملك لم أعرفه، ويحتمل أن يكون ابن أبي الشوارب الأموي البصري. والله أعلم. ولهذه الجملة شواهد لا تخلوأسانيدها من مقال، ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتحقيق القول فيها إن شاء الله، وهي على كل حال لا تبلغ أن تكون موضوعة (1) ، بخلاف الجملة الأخيرة " وإياكم والزنج ... " فإنها ظاهرة البطلان كسائر الأحاديث التي تقدمت بمعناها، وقد ذكر هذه الجملة ابن معين في " التاريخ والعلل " (29 / 1) من حديث عائشة موقوفا عليها، ولعله أشبه فقال: " مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: .... " فذكره. ونحو هذه الزيادة في الضعف ما يرويه عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا بلفظ: " تخيرو النطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن، وأشباه أخواتهن ".   (1) بل هي صحيحة بمجموع طرقها، وقد جمعتها وخرجتها في " الصحيحة " (1067) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى هذا (ق 294 / 2) وقال: " وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ". وروى عن البخاري أنه قال فيه: " صاحب مناكير وقال في موضع آخر: " منكر الحديث " وعن النسائي: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 116) : " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات ". 731 - " تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز له العرش ". موضوع. رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان " (1 / 157) وعنه الديلمي (2 / 1 / 30) والخطيب في " تاريخه " (12 / 191) من طريق عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا. ساقه الخطيب في ترجمة عمرو هذا بعد أن قال فيه: " كان يروي المناكير عن المشاهير، والموضوعات عن الأثبات ". وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " كان كذابا خبيثا ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الخطيب وقال: " لا يصح فيه آفات، الضحاك مجروح، وجويبر ليس بشيء، وعمرو قال ابن عدي: كان يتهم بالوضع ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (رقم 1916 بترقيمي) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (301 / 1) ، ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير "! قلت: وهذا الحديث يلهج به كثير من الخطباء الذين يكادون يصرحون بتحريم الطلاق الذي أباحه الله تبارك وتعالى، وبعضهم يضع القيود العملية لمنع وقوع الطلاق، ولوكان بمحض اختيار الزوج! فإلى الله المشتكى. الحديث: 731 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 732 - " أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي، ثم الأقرب فالأقرب، ثم الأنصار، ثم من آمن بي واتبعني، ثم اليمن، ثم سائر العرب، ثم الأعاجم، ومن أشفع له أولا أفضل ". الحديث: 732 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 موضوع. رواه الطبراني (3 / 205 / 2) وابن عدي (100 / 2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (6 / 69 / 1) عن حفص بن أبي داود عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الخطيب في " الموضح " (2 / 27) من طريق الدارقطني بسنده عن حفص وقال الدارقطني: " غريب من حديث ليث عن مجاهد تفرد به حفص بن أبي داود عنه، وهو حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر المقريء صاحب عاصم بن أبي النجود "، وقال ابن عدي: " لا يرويه عن الليث غير حفص، وعامر حديثه غير محفوظ ". ومن طريق الدارقطني أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (3 / 250) : " قال الدارقطني: تفرد به حفص عن ليث. قلت: أما ليث فغاية في الضعف عندهم. إلا أن المتهم به حفص. قال ابن خراش: متروك يضع الحديث ". ووافقه السيوطي (2 / 450) ، ثم ابن عراق (392 / 1 - 2) . 733 - " أول من أشفع له من أمتي العرب الذين رأو ني وآمنوا بي وصدقوني، ثم أشفع للعرب الذين لم يروني وأحبوني وأحبوا رؤيتي ". موضوع. رواه ابن عدي (258 / 1) عن زهير بن العلاء: حدثنا عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك مرفوعا. أورده في ترجمة عطاء، وهو ثقة محتج به في الصحيحين، فكان الأولى إيراده في ترجمة زهير بن العلاء. قال الذهبي: " روي عن أبي حاتم الرازي أنه قال: أحاديثه موضوعة منها ... " فذكر له حديثا يأتي قريبا بلفظ " كثرة العرب .... ". الحديث: 733 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 734 - " ألا أنبئكم بالفقيه؟ قالوا: بلى، قال: من لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يؤيسهم من روح الله، ولا يؤمنهم من مكر الله، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا في علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيها تدبر ". منكر. رواه ابن وهب في " المسند " (8 / 165 / 1) : أخبرني عقبة بن نافع عن إسحاق بن أسيد عن أبي مالك وأبي إسحاق عن علي بن أبي طالب مرفوعا. الحديث: 734 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 وأخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 44) من طريق ابن وهب، وقال: " لا يأتي هذا الحديث مرفوعا إلا من هذا الوجه وأكثرهم يوقفونه على علي ". قلت: وهو الأشبه فإن هذا الإسناد المرفوع فيه علتان: الأولى: إسحق بن أسيد وهو أبو محمد المروزي نزيل مصر، قال الحافظ: " فيه ضعف ". والأخرى: عقبة بن نافع فإنه مجهول، أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 317) برواية ابن وهب فقط عنه ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 735 - " كثرة العرب وإيمانهم قرة عين لي، فمن أقر بعيني أقررت بعينه ". موضوع. رواه ابن عدي (258 / 1) عن زهير بن العلاء: حدثنا عطاء بن أبي ميمونة عن أوس بن ضمعج عن ابن عباس مرفوعا. أورده في ترجمة عطاء هذا وكان حقه أن يورده في ترجمة زهير، فإنه المتهم بوضع هذا الحديث كما سبق ذكره قريبا في " أول من أشفع له من أمتي العرب ... " رقم (733) . وقد ذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 367) أن أباه سئل عن حديثه هذا؟ فقال: " هذا حديث موضوع، وذكر له أحاديث من روايته. فقال: هذه أحاديث موضوعة، وهذا شيخ لا يشتغل به ". الحديث: 735 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 736 - " تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواها، وأفتح أرحاما، وأثبت مودة ". موضوع. رواه الواحدي في " الوسيط " (3 / 115 / 2) عن إسحاق بن بشر الكاهلي: حدثني عبد الله بن إدريس المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته الكاهلي وهو كذاب كما قال جماعة، وقال الدارقطني: " هو في عداد من يضع الحديث ". وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا بلفظ قريب منه إلا أنه قال: " وأنتق أرحاما، وأرضى باليسير ". والباقي مثله سواء وهو مخرج في الصحيحة " برقم (623) . الحديث: 736 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 737 - " من ولد له مولود فليحسن أدبه واسمه، فإذا بلغ فليزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما باء بإثمه ". ضعيف. رواه ابن بكير الصيرفي في " فضائل من اسمه أحمد ومحمد " (60 / 2) : حدثنا الحديث: 737 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 محمد بن عبد الله العسكري: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي (الأصل: وميمون الحربي وهو خطأ) : حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا شداد بن سعيد الراسبي عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات معرفون من رجال " التهذيب " غير الحربي وهو ثقة وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (6 / 382) . والراوي عنه محمد بن عبد الله العسكري لم أعرفه، وفي شيوخ ابن بكير عند الخطيب (8 / 13) محمد بن عبد الله بن علم الصفار، وقد ترجمه الخطيب (5 / 454) وقال: " لم أسمع أحدا من أصحابنا يقول فيه إلا خيرا ". فلعله هو. والراسبي مختلف فيه، أورده العقيلي في " الضعفاء " (180) وقال: " قال البخاري: ضعفه عبد الصمد، ولكنه صدوق في حفظه بعض الشيء ". وذكره الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وقال العقيلي: له أحاديث لا يتابع عليها ". وفي " التقريب ": " صدوق يخطيء ". قلت: فلعله علة الحديث. 738 - " تزوجوا الزرق فإن فيهن يمنا ". موضوع. رواه الواحدي في " الوسيط " (3 / 115 / 2) عن إسحاق بن بشر الكاهلي: حدثني عبد الله بن إدريس المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته الكاهلي وهو وضاع كما سبق قبل حديث. الحديث: 738 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 739 - " شر الحمير الأسود القصير ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (426) وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (245 / 2) عن بقية: حدثنا مبشر بن عبيد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا. وقال العقيلي: " مبشر بن عبيد قال أحمد: " أحاديثه أحاديث موضوعة كذب " وقال مرة: " ليس بشيء، يضع الحديث ". وقال البخاري: منكر الحديث ". ثم ساق له حديثين هذا أحدهما. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 221) من رواية العقيلي هذه وأصاب. وتعقبه السيوطي (رقم 1728) فما أجاد، لأنه لم يزد على قوله: " إن مبشرا هذا روى له ابن ماجة ". قلت: فكان ماذا؟! قال: الحديث: 739 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 " وقال البخاري: منكر الحديث ". قلت: وهذا لا ينافي قول أحمد: " يضع الحديث " لأنه أفاد زيادة علم على ما أفادته عبارة البخاري على أن هذه العبارة منه تفيد أنه متهم عنده كما سبق بيانه مرارا. 740 - " شر المال في آخر الزمان المماليك ". موضوع. رواه أبو الحسن الحلبي في " الفوائد المنتقاة " (1 / 11 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 94) عن أبي فروة يزيد بن سنان بن يزيد الرهاوي: أخبرنا أبي: أخبرنا محمد بن أيوب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عمر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (311 / 2) وقال: " لا يرويه بهذا الإسناد، إلا يزيد بن سنان عن محمد بن أيوب، وقد أتي هذا الحديث من الرهاوي لا من ابن أيوب، وفي حديث الرهاوي ما لا يوافقه الثقات عليه ". وقال أبو نعيم: " تفرد به محمد بن أيوب ". قلت: وقد ضعفه أبو حاتم لكن الراوي عنه يزيد بن سنان أشد ضعفا فقد قال النسائي فيه: " ضعيف متروك الحديث ". وقال مرة: " ليس بثقة ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من راية أبي نعيم وحده، وتعقبه المناوي بقوله: " أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: يزيد متروك، وتبعه على ذلك المؤلف في مختصره الكبير فأقره ولم يتعقبه بشيء ". قلت: وقد أصاب السيوطي هناك في " اللآليء " (2 / 140) ، وأخطأ في إيراده في " الجامع "، فقد جزم المحقق ابن القيم في " المنار " (ص 49) بأنه حديث موضوع، وسبقه ابن الجوزي (2 / 235) . الحديث: 740 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 741 - " الصمت أرفع العبادة ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 73) معلقا عن عبد الله بن محمد بن موسى البازيار: حدثنا أشعث بن شداد السجستاني: حدثنا يحيى بن يحيى: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. أورده في ترجمة عبد الله هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قلت: وشيخه أشعث بن شداد لم أجد من ذكره. ويحيى بن يحيى الظاهر أنه أبو زكريا الحنظلي النيسابوري وهو ثقة من رجال الشيخين، لكن قال المناوي تعليقا على قول السيوطي في " الجامع ": رواه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة: " وفيه يحيى بن يحيى الغساني، قال الذهبي: جرحه ابن حبان ". الحديث: 741 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 فإن كان قوله " الغساني " جاء في طريق الديلمي فلا كلام، وإن كان من اجتهاد المناوي فأنا أرجح أنه خطأ، وأن الصواب ما ذكرته، لأن الحافظ ذكر في الرواة عن المغيرة بن عبد الرحمن " يحيى بن يحيى " فإطلاقه يبعد أن يريد به هذا الغساني المجروح، ولا يريد الحنظلي الثقة، والله أعلم. وأما المغيرة هذا فهو الحزامي المدني قال الحافظ: " ثقة له غرائب ". والحديث في " مسند الفردوس " (4 / 260) لكني لا أطول مصورته الآن، لأتحقق من نسبة " الغساني " هل هي فيه أم لا؟ 742 - " عاقبوا أرقاءكم على قدر عقولهم ". باطل. رواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2 / 230 / 1) وتمام في " الفوائد " (207 / 2) وابن عساكر في " التاريخ " (10 / 268 / 1) من طريق الدارقطني وغيره عن سليمان بن عبد الرحمن: أخبرنا عبد الملك بن مهران عن عبيد بن نجيح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال الدارقطني: " تفرد به عبيد بن نجيح عن هشام، وتفرد به سليمان عن عبد الملك عنه ". قلت: وعبد الملك بن مهران قال فيه العقيلي في " الضعفاء " (ص 248) : " صاحب مناكير، غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئا من الحديث ". ثم ساق له أحاديث ثم قال: " كلها ليس لها أصل، ولا يعرف منها شيء من وجه يصح ". وساق له ابن عدي في " الكامل " (316 / 1) حديثا وقال: " متنه منكر، وله غير ما ذكرت وهو مجهول ليس بالمعروف ". وروى ابن عساكر عن ابن السكن أنه قال فيه: " منكر الحديث ". وعن ابن أبي حاتم: أنه مجهول، وذكر له الذهبي حديثين قال: " إنهما باطلان " وما أرى أنا إلا أن هذا الحديث من أباطيله. وقد أورده السيوطي في " الجامع " فأساء، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء! الحديث: 742 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 743 - " عجبت لطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، ولضاحك ملء فيه ولا يدري أأرضى الله أم أسخطه ". ضعيف جدا. رواه تمام في " الفوائد " (94 / 1) وابن عدي (79 / 2) عن يحيى بن علي الأسلمي عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود يرفعه، وقال: " أحاديث ليست بمستقيمة، ولا يتابع عليها ". وفي " الميزان ": الحديث: 743 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 " متروك "، وقال ابن حبان: " يروي عن ابن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". ومن مناكيره ... ". ثم ذكر أحاديث هذا أحدها. وقال الدارقطني: " متروك وأحاديثه تشبه الموضوعة ". قلت: وحميد هذا هو ابن عطاء الأعرج الكوفي، وليس هو بصاحب الزهري، ذاك حميد ابن قيس الأعرج كما قال ابن حبان (1 / 257) . ورواه القضاعي (49 / 1) عن إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: أخبرنا سفيان بن وكيع قال: أخبرنا أبي حميد به. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لابن عدي والبيهقي في " الشعب ". وبيض له المناوي! 744 - " من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 115) : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد: حدثنا عبد الرحمن بن داود حدثنا: عثمان بن خرزاذ: حدثنا عمرو بن محمد بن الحسن المكتب: حدثنا محمد بن عمرو بن عبيد الأنصاري عن أنس بن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: فذكره مرفوعا. أورده في ترجمة عبد الرحمن بن داود هذا وهو أبي محمد الفارسي وقال فيه: " كان من الفقهاء كثير الحديث "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم أجده عند غيره. وشيخه محمد بن أحمد بن محمد هو إما أبو بكر المعدل فهو ثقة أمين كما قال أبو نعيم في ترجمته (2 / 900) ، وإما أبو عثمان بن أبي هريرة قال في ترجمته (2 / 296) : " أحد العباد والأخيار، سمع الكثير صاحب أصول وكتب كثيرة ". والأقرب الأول. والله أعلم. وبعد كتابة ما تقدم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " بعد أن ساق الحديث عن أبي نعيم: " وفيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم، قال الحافظ العراقي: وهو آفته ". قلت: وهذا متهم كما قال الذهبي وتبعه الحافظ ابن حجر في " اللسان ". وقد كنت ذكرت عند حديث " مسح الرقبة أمان من الغل " رقم (69) أنه محمد بن أحمد بن علي المحرم، والآن رجعت عنه لما وقفت على إسناد الحديث عند أبي نعيم، وإنما أو قعني في ذلك الخطأ أنني كنت نقلته بواسطة الحافظ ابن حجر وهو لم يذكر في سند الحديث اسم جد هذا الشيخ، فلما وقفت عليه عند أبي نعيم إذا باسم جده (محمد) ، فتيقنت أنه ليس ذلك المحرم، الحديث: 744 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 فهو أحد هؤلاء الثلاثة الذين ذكرتهم هنا، وقد رأيت أن الحافظ العراقي جزم بأنه أبو بكر المفيد، وهو حجة في هذا العلم. فالعمدة عليه في تعيين الرجل. والله أعلم. وفي السند رجل آخر ضعيف جدا، وهو محمد بن عمرو بن عبيد الأنصاري وهو بصري، وقد حكيت أقوال العلماء في تضعيفه هناك. وقد تبين لي الآن علة ثالثة وهي عمرو بن محمد بن الحسن ترجمه الخطيب فقال (12 / 204) : " هو الزمن المعروف بالأعسم، بصري سكن بغداد ". ثم روى عن الدارقطني أنه قال فيه: " منكر الحديث " وفي رواية أخرى عنه: " كان ضعيفا كثير الوهم ". وفي " اللسان ": " قال الحاكم: ساقط روى أحاديث موضوعة عن قوم لا يوجد في حديثهم منها شيء ". وذكر عن ابن حبان والنقاش نحوه. قلت: فتعصيب التهمة به في هذا الحديث أولى من تعصيبها بشيخ أبي نعيم، لأنه فوقه في السند، وأوهى منه، والله أعلم. 745 - " من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 111 / 2) عن أبي معاوية: حدثنا محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " لم يرو هـ عن عطاء إلا جميل، ولا عنه إلا ابن إسحاق تفرد به أبو معاوية ". ومن هذا الوجه رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (33 / 1) وزاد: " ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة ". وهكذا أورده المنذري في " الترغيب " (2 / 112) وقال: " رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواته ثقات ". قلت: يعني أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. فهذه علة، وفيه علة أخرى، فقال الهيثمي (3 / 208 - 209) بعد أن عزاه للطبراني وحده: " وفيه جميل بن أبي ميمونة، وقد ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في (الثقات) ". قلت: وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف، فالرجل مجهول الحال، والله أعلم. الحديث: 745 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 746 - " لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين ". موضوع. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 346) والطبراني في " الأوسط " (68 / 1 و145 / 1) وفي " الصغير " (ص 176) وعنه القضاعي (72 / 2) وابن عدي (188 / 1) قالا: الحديث: 746 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 حدثنا محمد بن يونس البصري العصفري: حدثنا قرين بن سهل بن قرين: حدثني أبي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن ابن المنكدر إلا ابن أبي ذئب، تفرد به سهل ". قلت: وقال ابن حبان: " يروي عن ابن أبي ذئب وغيره من الثقات ما ليس من حديثهم ". ولذا قال الذهبي: " غمزه ابن حبان وابن عدي، وكذبه الأزدي ". وذكر له ابن عدي ثلاثة أحاديث هذا أحدها وقال: " منكر باطل إسناده ومتنه ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 244) . وتعقبه السيوطي بما لا ينفع فقال: (393 - طبع الهند) : " قلت: أخرجه أبو نعيم في " الطب " والبيهقي في " شعب الإيمان " وقال: " حديث منكر ". وله طريق آخر، قال الشيرازي في " الألقاب ": ... فساق إسناده من طريق يحيى بن عبد الله خاقان: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به ثم قال السيوطي: " وأخرجه الخطيب في " رواة مالك " وقال: منكر عن مالك، وخاقان مجهول، وقال الذهبي في " الميزان ": " يحيى بن عبد الله خاقان يكنى أبا سهل عن مالك - ثم ساق الحديث ثم قال: فهذا موضوع ". ولم يتعقبه السيوطي بشيء إلا أنه قال: " وله شاهد موقوف ". قلت: وفيه ابن لهيعة، ولوصح فهو شاهد على الحديث لا له، لأن الموقوف لا يصح أن يشهد للمرفوع كما لا يخفى، ولذلك قال المناوي في " الفيض ": " وحكم ابن الجوزي عليه بالوضع، ونوزع بما لا طائل فيه ". والموقوف المشار إليه وجدته في " الفوائد المنتقاة الحسان العوالي " لابن الديباجي (20 / 85 / 1) من طريق ابن لهيعة عن خالد بن يزيد قال: قال عمرو بن العاص ... فذكره. والحديث أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 295) من طريق الحسين بن معاذ - مستملي عمرو بن علي -: حدثنا ابن أخي الربيع بن مسلم عن الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا غم إلا غم الدين، ولا ... ". قلت: والحسن بن معاذ هو ابن داود بن معاذ. قال الذهبي: " ليس بثقة، حديثه موضوع ". 747 - " قال الله تعالى: من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري ". ضعيف جدا. عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي في " الشعب " عن أنس. ولم الحديث: 747 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء، وكأنه لم يقف على سنده، وقد وجدته في الجزء الرابع من " التجريد " لابن عساكر، رواه (4 / 1 - 2) من طريق البيهقي عن الحاكم بسنده عن علي بن يزداد الجرجاني - وكان قد أتي عليه مائة وخمس وعشرون سنة - قال: سمعت عصام بن الليث الليثي السدوسي - من بني فزارة في البادية - قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علي بن يزداد الجرجاني قال الذهبي في ترجمة شيخه عصام بن الليث: " لا يعرفان ". وساق له في " اللسان " هذا الحديث من طريق الحاكم ثم قال: " أخرجه أبو سعد ابن السمعاني في " الأنساب " وقال: " هذا إسناد مظلم لا أصل له ". وقال الذهبي أيضا في ترجمة علي بن يزداد الجرجاني: " شيخ لابن عدي متهم، روى عن الثقات أو ابد ". وأقره في " اللسان ". فالإسناد ضعيف جدا، وقد روي بإسناد آخر مثله في الضعف، وقد مضى برقم (494) . 748 - " الجمال صواب القول بالحق، والكمال حسن العفاف بالصدق ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " فضائل الخلفاء الأربعة " (2 / 2 / 2) والسلفي في " أحاديث وحكايات " (78 / 1) وابن النجار (10 / 174 / 1) والديلمي (2 / 81) وابن عساكر (8 / 471 / 2) عن عمر بن إبراهيم عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بياض، فلما نظر تبسم، قال العباس: يا رسول الله ما الجمال؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أيوب بن سيار فإنه ليس بثقة كما قال النسائي وغيره، وقال ابن حبان (1 / 159) : " يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل ". والراوي عنه عمر بن إبراهيم وهو الكردي الهاشمي مثله في الضعف، لكنه قد توبع عليه، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 86 - 87) عن همام بن مسلم عن أيوب به. لكن هماما هذا مثله في الضعف قال الدارقطني: " متروك ". قلت: فلا يستشهد به لاسيما وقد قال ابن حبان: " يسرق الحديث ". فلعله سرقه من الكردي هذا. الحديث: 748 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الحكيم عن جابر. وتعقبه المناوي في شرحه عليه بقوله: " قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب! فقد رواه أبو نعيم في " الحلية " والديلمي في " الفردوس " والبيهقي في " الشعب " فعدوله للحكيم واقتصاره عليه الموهم غير لائق، ثم إن فيه أيوب بن سيار (الأصل يسار وهو خطأ مطبعي) الزهري قال الذهبي: ضعيف جدا تفرد به عنه عمر بن إبراهيم وهو ضعيف جدا ". وفي قول الذهبي أن عمر تفرد به عن أيوب نظر، للمتابعة التي ذكرتها، وعزوه للحلية فيه وقفة، فإني لم أجده في " الحلية ". والله أعلم. 749 - " من أغاث ملهو فا كتب الله له ثلاثة وسبعين مغفرة واحدة منها صلاح أمره كله، واثنتان وسبعون درجات له يوم القيامة ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (140) وكذا ابن حبان (1 / 304) وأبو نعيم في " الأخبار " (2 / 74) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي قال: حدثنا زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعا. وقال العقيلي: " لا يعرف إلا به ". يعني زيادا هذا. وقال ابن حبان: " كان شعبة شديد الحمل عليه، وكان ممن يروي أحاديث مناكير، وأوهاما كثيرة ". وقال البخاري: " كان شعبة يتكلم فيه ". وفي " الميزان ": " قال الحاكم: روى عن أنس وغيره أحاديث موضوعة، وكان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه، قال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم وغيره: لا يحتج به ". وقال النقاش فيه مثل قول الحاكم المتقدم. ومن طريق زياد رواه أبو يعلى والبزار كما في " المجمع " (8 / 191) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي ثم قال (2 / 171) : " موضوع، والمتهم بوضعه زياد ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (ص 352) بأن له طريقين آخرين وشاهدا من حديث ثوبان. أما الطريق الأول فساقه من رواية ابن عساكر بسنده عن القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان: حدثنا أبو علي محمد بن سليمان بن حيدرة: حدثنا أبو سليم إسماعيل بن معن (الأصل: حصني وهو خطأ) : حدثنا [أبو] المغيرة: حدثنا إسماعيل بن عياش: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره. قلت: وسكت عليه السيوطي فما أحسن، فإن ابن ذكوان هذا أورده الذهبي في " الميزان " ثم ابن حجر في " اللسان " وقالا: " تكلم فيه عبد العزيز الكتاني ". الحديث: 749 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 ومحمد بن سليمان بن حيدرة مجهول الحال، وحيدرة اسم أحد جدوده، واسم جده الأدنى الحر بن سليمان. هكذا ذكره ابن عساكر في " تاريخه " (15 / 193 / 2) وفي ترجمته ساق له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وتمام الحديث عنده. " ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، كتب الله له بها أربعين ألف حسنة ". وبقية رجال الإسناد ثقات غير أن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، وإسماعيل بن معن له ترجمة في ابن عساكر (2 / 415 / 2) . وجملة القول: أن سند هذه الطريق مظلم فلا يدفع بمثله حكم ابن الجوزي عليه بالوضع، لاسيما وفيها تلك الزيادة التي تؤكد هذا الحكم لما فيها من المبالغة في الأجر لمجرد النطق بتلك الجملة المباركة، وهذه المبالغة من أمارات وضع الحديث كما هو مقرر في محله. وأما الطريق الثاني: فساقه السيوطي من رواية أبي طاهر الحنائي بسنده عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج: حدثنا دينار مولى أنس بن مالك: حدثني أنس بن مالك به. وهكذا رواه الخطيب في " التاريخ " (11 / 175) في ترجمة الزجاج هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وهذا إسناد تالف دينار هذا قال ابن حبان (1 / 290) : " يروي عن أنس أشياء موضوعة ". وقال الحاكم: " روى عن أنس قريبا من مائة حديث موضوعة ". فإيراد السيوطي لهذا الطريق التالف، وسكوته عليه من العجائب! وقد فاته طريق ثالث، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 350) عن أبان عن أنس مرفوعا. لكن أبان هذا وهو ابن أبي عياش كذاب فلا يفرح به! وأما الشاهد فهو الحديث الآتي: 750 - " من فرج عن مؤمن لهفان غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة يصلح بها أمر دنياه وآخرته، وثنتين وسبعين يوفيها الله تعالى يوم القيامة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 49 - 50) من طريق إسماعيل بن أبان الأزدي (الأصل الأو دي وهو تصحيف) قال: حدثنا حماد بن عثمان القرشي - مولى الحسن بن علي - قال: حدثني يزيد بن أبي زياد البصري عن فرقد عن شميط - مولى ثوبان - عن ثوبان مرفوعا، وقال: " غريب من حديث فرقد، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". الحديث: 750 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 قلت: وهو مظلم، فإن فرقدا هذا وهو ابن يعقوب السبخي قال البخاري: " في حديثه مناكير ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". ويزيد بن أبي زياد البصري لم أعرفه، وفي طبقته بهذا الاسم والنسب ثلاثة أحدهم شامي، وهو ضعيف جدا، والآخران كوفيان، أحدهما من رجال " التهذيب " وهو ضعيف. والآخر من رجال " الميزان " ولا تقوم به حجة. فلعله أحدهم ويكون نسبته بصريا خطأ من أحد الرواة ولعله من الراوي عنه: حماد بن عثمان القرشي، ولم أجد له ترجمة. ويراجع له " الجرح والتعديل ". فإني لا أطوله الآن. ثم رجعت إليه فلم أجد فيه سوى حماد بن عثمان الذي روى عن الحسن البصري وهو مجهول. فكأنه غير هذا. وهذا الحديث أورده السيوطي شاهدا للحديث الذي قبله فلم يحسن لشدة ضعفه ونكارة لفظه. والله أعلم. 751 - " من قضى لأخيه حاجة كنت واقفا عند ميزانه فإن رجح وإلا شفعت له ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 353) عن عبد الله بن إبراهيم بن الهيثم الغفاري: حدثنا مالك بن أنس والعمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال: " غريب من حديث مالك، تفرد به الغفاري ". قلت: قال الذهبي: " نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث. وقال الحاكم: " يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة ". الحديث: 751 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 752 - " وجبت محبة الله على من أغضب فحلم ". موضوع. رواه ابن عدي (331 / 2) : حدثنا ابن أبي صالح. حدثنا أبو مصعب: حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة عن عائشة مرفوعا. وقال: " وهذا عن مالك منكر ". قلت: أورده في ترجمة أبي مصعب هذا وسماه مطرفا، وقال: " يحدث عن ابن أبي ذئب ومالك وغيرهما بالمناكير ". قلت: مطرف هذا من شيوخ البخاري في " الصحيح " وهو ثقة كما قال ابن سعد والدارقطني وغيرهما، وبه جزم الحافظ في " التقريب " وقال: " لم يصب ابن عدي في تضعيفه ". وقد ساق الذهبي له أحاديث في " الميزان " من طريق ابن عدي عن ابن أبي صالح هذا الحديث: 752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وهو أحمد بن داود ومنها هذا الحديث ثم قال: " قلت: وهذه أباطيل حاشا مطرفا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود! فكيف خفي هذا على ابن عدي فقد كذبه الدارقطني؟! ولوحولت هذه إلى ترجمته كان أولى ". وكذا قال الحافظ في " التهذيب "، وقد فعل الذهبي ما أشار إليه، فنقل الحديث إلى ترجمة أحمد هذا وقال: " وهذا موضوع ". ووافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان " وذكر أن أحمد هذا قال فيه ابن حبان وابن طاهر: " كان يضع الحديث ". قلت: ومن طريقه أخرج الحديث أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (5 / 135) والقضاعي في " مسند الشهاب " (46 / 2) والقاضي أبو بكر الشهرزوري في " جزء فيه مجلسان " (4 / 2) وابن عساكر (5 / 84 / 2) . وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (167 - 168) من طريق أبي نعيم، ثم قال السيوطي: " قال في " الميزان ": هذا موضوع، من أكاذيب ابن داود ". قلت: وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (359 / 1 - 2) . ومع هذا كله فقد سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "! فتعقبه المناوي بكلام الذهبي على الحديث وبقول ابن طاهر في راويه: " كان يضع الحديث ". وكذا قال ابن حبان (1 / 134) . 753 - " من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له من الأجر كمن خدم الله عمره ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 254 - 255) والخطيب في " التاريخ " (5 / 130 - 131) والسلفي في " أحاديث منتخبة " (135 / 1) عن أحمد بن محمد النوري قال: أخبرنا سري السقطي عن معروف الكرخي عن ابن السماك عن الأعمش عن أنس مرفوعا. وفي لفظ للخطيب: " ... كمن حج واعتمر ". قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بجماعة من الصوفية لا تعرف أحوالهم في الحديث وهم النوري والسقطي والكرخي، وفي ترجمة الأول من " التاريخ " أمور مخالفة للشرع كنذره أن لا يقعد على الأرض أربعين يوما! وقد وفى فلم يقعد! وكطلبه من الله أن يخرج له سمكة وزن ثلاثة أرطال لا تزيد ولا تنقص! وإلا رمى بنفسه في الفرات! فزعموا أن السمكة أخرجت له على ما أراد، فقال له الجنيد: لو لم تخرج كنت ترمي بنفسك؟ قال: نعم. فهذا يدل على أنه كان جاهلا، الحديث: 753 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 أو أنه كان من غلاة الصوفية الذين لا يقيمون لنصوص الشريعة وزنا. أعاذنا الله من ذلك بمنه وكرمه. ثم إن في الحديث علة أخرى وهي الانقطاع بين الأعمش وأنس، قال في " التهذيب ": " لم يثبت له منه سماع ". وابن السماك اسمه محمد بن صبيح ولا بأس به كما قال الدارقطني. والحديث أورده السيوطي باللفظين كحديثين مستقلين! عزى الأول للحلية، والآخر للتاريخ، وقال المناوي فيه: " وفيه من لم أعرفه ". يعني الصوفية الثلاثة. ثم قال في اللفظ الأول عطفا على رواية " الحلية " له: " وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج عن دينار مولى أنس، وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأعلى من أبي نعيم وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه، والأمر بخلافه، فقد خرجه البخاري في " تاريخه " ولفظه: " من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره ". وكذا الطبراني والخرائطي عن أنس يرفعه بسند قال الحافظ العراقي ضعيف. وأورده ابن الجوزي في (الموضوع) ". قلت: طريق دينار هذه ليست لهذا الحديث بهذا اللفظ، بل هو من طريق الصوفية المتقدم، ولفظ حديث دينار: " من قضى لأخيه حاجة من حوائج الدنيا قضى الله له اثنتين وسبعين حاجة أسهلها المغفرة " فهذا حديث آخر وقد تقدم الكلام عليه في الحديث (750) وليس هو عند أبي نعيم من هذا الوجه بل هو عند الخطيب كما سبق. ثم إن ابن الجوزي لم يورد هذا الحديث في " الموضوع " وإنما أورد فيه الحديث المشار إليه آنفا برقم (750) ، فتأمل كم في كلام المناوي من أخطاء. والعصمة لله وحده. وللحديث طريق آخر عن أنس، أخرجه البخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 43) وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (77 - 78) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 225) والخرائطي في " المكارم " (ص 17) والخطيب (3 / 114) عن بقية عن متوكل بن يحيى القنسريني عن حميد بن العلاء عنه مرفوعا. قلت: وهذا ساقط، وبقية وهو ابن الوليد مدلس وقد عنعنه. والمتوكل هذا قال الأزدي: " حديثه ليس بالقائم ". وحميد بن العلاء قال الأزدي: " لا يصح حديثه ". وكأنه يعني هذا. ووجدت له شاهدا من حديث عبد الله بن عمر. أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " (رقم 130 من نسختي) عن أبي مسلم محمد بن مخلد الرعيني: حدثنا سعيد بن عبد الجبار عن محمد بن جابر عن خصيف بن عبد الرحمن عنه مرفوعا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وهذا إسناد هالك، الرعيني قال ابن عدي: " حدث بالأباطيل ". وقال الدارقطني: " متروك الحديث ". وسعيد بن عبد الجبار قال الذهبي: " لا يعرف ". وفرق بينه وبين سميه الذي قبله وهو الزبيدي الحمصي وكان جرير يكذبه. ولا مانع عندي من أن يكونا واحدا ويؤيده أن الحافظ بعد أن ترجم للزبيدي في " التهذيب " لم يورد هذا الذي نحن في صدده تمييزا كما هي عادته، وكذلك لم يورده في " اللسان " اكتفاء منه بإيراده إياه في " التهذيب " بناء على أنهما واحد. والله أعلم. ومحمد بن جابر وخصيف بن عبد الرحمن ضعيفان. 754 - " نعم الشيء الهدية أمام الحاجة ". موضوع. رواه الطبراني (1 / 294 / 1) : حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي: أخبرنا الهيثم بن خارجة أخبرنا يحيى بن سعيد العطار عن يحيى بن العلاء عن طلحة بن عبيد الله عن الحسين بن علي مرفوعا. ورواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (31 / 1) من طريق يزيد بن سنان البصري - بمصر - حدثنا يحيى بن سعيد العطار به. قلت: وهذا إسناد تالف يحيى بن سعيد قال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به ". ويحيى بن العلاء كذاب يضع الحديث كما تقدم عن الإمام أحمد تحت الحديث (321) . وذكره ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 195 / 1) من طريق عبد الله: حدثني أبي أخبرنا عباد بن العوام: حدثني شيخ عن الزهري مرفوعا. قال أبي: يقولون إنه سليمان بن أرقم، وسليمان لا يساوي حديثه شيئا. ثم رأيت هذا في " كتاب الضعفاء " (156) للعقيلي قال: حدثنا عبد الله به. قلت: وقد وصله أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 75) عن عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعيد بن أبي وقاص عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وهذا سند ساقط أيضا، عثمان هذا قال ابن معين: " كان يكذب ". وقال ابن المديني: " ضعيف جدا ". وهذا معنى قول البخاري: " تركوه ". وقال فيه ابن حبان (2 / 98) مثل ما سبق في يحيى بن سعيد. ومن طريقه رواه الحاكم في " تاريخه " كما في " اللآليء " (ص 492) للسيوطي وقد تعقب به وبحديث الحسين الذي قبله حكم ابن الجوزي على الحديث بالوضع، فلم يصنع شيئا لأن مدارهما على كذابين كما علمت. وله طريق أخرى عن عروة. رواه الخطيب (8 /166) عن عمرو بن خالد الأعشى: حدثنا الحديث: 754 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. لكن عمرو هذا كذاب وضاع، رماه بذلك غير واحد من الأئمة. وقد أورده ابن الجوزي من طريقه في " الموضوعات " وقال (2 / 91) : " لا يصح، عمرو بن خالد كذبه العلماء، منهم أحمد ويحيى، وقال ابن راهويه: كان يضع الحديث ". وقد روي من حديث أنس، رواه الدارقطني في " غرائب مالك " من طريق خداش بن مخلد: حدثنا يعيش بن هشام: حدثنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا ذكره ابن الجوزي وقال: " قال الدارقطني: هو باطل عن مالك، وقد روي عن الموقري عن الزهري عن أنس، والموقري ضعيف ". قلت: وخداش بن مخلد لم أجد له ترجمة. وأما الموقري وهو الوليد بن محمد فهو ساقط كذبه ابن معين وقال النسائي: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان: " روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يرو ها الزهري قط ". 755 - " إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال: لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل هذا ". منكر جدا. رواه أبو نصر الغازي في جزء من " الأمالي " (77 / 1) من طرق عن إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا محمد بن فليح بن سليمان عن أبيه عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين قال: بينا أنا جالس إذ جاءني قتادة بن النعمان رضي الله عنه فقال: انطلق بنا يا ابن حنين إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فإني قد أخبرت أنه قد اشتكى، فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد، فوجدناه مستلقيا رافعا رجله اليمنى على اليسرى، فسلمنا وجلسنا، فرفع قتادة بن النعمان يده إلى رجل أبي سعيد فقرصها قرصة شديدة، فقال أبو سعيد: سبحان الله يا ابن أم أوجعتني! فقال له: ذلك أردت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. فقال أبو سعيد: لا جرم والله لا أفعل أبدا. وقال: " قال الإمام أبو موسى (يعني المديني الحافظ) : رواه ابن الأصفر عن إبراهيم بن محمد بن فليح عن أبيه عن سالم أبي النضر عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن قتادة، ورواه محمد بن المبارك الصوري عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه عن سالم أبي النضر، عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد كلاهما عن قتادة، ورواه عن قتادة أيضا سوى عبيد بن حنين وأبي الحباب وبسر بن سعيد - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. ورواه عن إبراهيم بن المنذر محمد بن إسحاق الصغاني الحديث: 755 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 ومحمد بن المصفى ومحمد بن المبارك الصوري وجعفر بن سليمان النوفلي وأحمد بن رشدين وأحمد بن داود المكي وابن الأصفر وغيرهم، وحدث به من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو القاسم الطبراني، وروي عن شداد بن أوس أيضا مرفوعا. وروي عن عبد الله بن عباس وكعب بن عجرة رضي الله عنهما موقوفا، وعن كعب الأحبار أيضا، وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) هذا المعنى، ورواة هذا الحديث من طريق قتادة وشداد عامتهم من رجال الصحيح، وذلك كله بعد قول الله تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق) إنما يوافق الاسم الاسم، ولا تشبه الصفة الصفة ". قلت: مع التنزيه المذكور فإن الحديث يستشم منه رائحة اليهودية الذين يزعمون أن الله تبارك وتعالى بعد أن فرغ من خلق السموات والأرض استراح! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وهذا المعنى يكاد يكون صريحا في الحديث فإن الاستلقاء لا يكون إلا من أجل الراحة سبحانه وتعالى عن ذلك. وأنا أعتقد أن أصل هذا الحديث من الإسرائيليات وقد رأيت في كلام أبي نصر الغازي أنه روي عن كعب الأخبار، فهذا يؤيد ما ذكرته، وذكر أبو نصر أيضا أنه روي موقوفا عن عبد الله بن عباس وكعب بن عجرة، فكأنهما تلقياه - إن صح عنهما - عن كعب كما هو الشأن في كثير من الإسرائيليات، ثم وهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن قول أبي نصر " إن رواة طريق قتادة من رجال الصحيح " صحيح، وكذلك قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 100) بعد أن عزاه للطبراني، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون سند الحديث بالذات صحيحا لجواز أن يكون فيه من تكلم فيه، وإن كان صاحب الصحيح احتج به، فإنه يجوز أن ذلك لأنه لم يثبت جرحه عنده، أو أنه كان ينتقي من حديثه مع اعتقاده أن فيه ضعفا يسيرا لا يسقط به حديثه جملة عنده، خلافا لغيره. وإسناد هذا الحديث من هذا القبيل، فإن محمد بن فليح بن سليمان وأباه، وإن أخرج لهما البخاري فإن فيهما ضعفا وخاصة الأب، فقد ضعفه ابن معين حتى جعله دون الدراوردي وهذا حسن الحديث! وقال في رواية: " فليح ليس بثقة ولا ابنه "، وكذلك ضعفه ابن المديني والنسائي والساجي وقال: " هو من أهل الصدق، ويهم ". ولذلك لم يسع الحافظ إلا الاعتراف بضعفه فقال في " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ ". وأما ابنه محمد فهو أحسن حالا من أبيه، ففي " الميزان ": " قال أبو حاتم: ما به بأس، وليس بذاك القوي. ووثقه بعضهم وهو أو ثق من أبيه. وقال ابن معين ليس بثقة ". وقال الحافظ: " صدوق يهم ". وإن مما يدل على ضعفهما وضعف حديثهما اضطرابهما في إسناده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 فتارة يقولان: عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين عن قتادة. وتارة: عن سالم أبي النضر بدل سعيد بن الحارث، ويقرن مع ابن حنين بسر بن سعيد وتارة يجعل مكانهما أبا الحباب سعيد بن يسار، وهذا كله من فوائد أبي نصر رحمه الله في هذا الجزء من " الأمالي ". حيث حفظ لنا فيه ما ينير السبيل على البحث في حال هذا الحديث. وأما إسناد حديث شداد فلم أقف عليه لننظر فيه، وغالب الظن أن فيه علة تقدح في صحته. والله أعلم. ومما يوهن من شأن هذا الحديث أنه صح عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى. رواه البخاري (1 / 466 بفتح الباري طبع بولاق) وترجم له بـ " باب الاستلقاء في المسجد " ثم روى عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك، فلوكان الاستلقاء المذكور لا ينبغي لأحد من خلقه سبحانه كما زعم الحديث لما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه من بعده، كما لا يخفى. ولا يعارض هذا ثبوت النهي عن الاستلقاء في صحيح مسلم (6 / 154) وغيره لأنه غير معلل بهذه العلة المذكورة في هذا الحديث المنكر، وللعلماء مذهبان في الجمع بين هذا النهي وبين فعله صلى الله عليه وسلم المخالف للنهي: الأول: ادعاء نسخ النهي. الثاني: حمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمن ذلك (1) وفي كل من المذهبين إشارة إلى رد هذا الحديث، فإنه لا يتمشى معهما البتة، أما على المذهب الأول فلأن الحديث صريح في أن الاستلقاء المذكور فيه من خصوصيات الله عز وجل فكيف يجوز ذلك؟! وأما على المذهب الثاني فلأنه صريح في أن العلة عنده هو انكشاف العورة أو عدم انكشافها، فلو كان يصح عنده أن العلة كون الاستلقاء من خصوصياته سبحانه لم يجز التعليل بغيرها وهذا ظاهر لا يخفى أيضا. وجملة القول إن هذا الحديث منكر جدا عندي، ولقد قف شعري منه حين وقفت عليه، ولم أجد الآن من تكلم عليه من الأئمة النقاد غير أن الحافظ الذهبي أورده في ترجمة " فليح "، كأنه يشير بذلك إلى أنه مما أنكر عليه كما هي عادته في " ميزانه ". والله أعلم. ثم وجدت في بعض الآثار ما يشهد لكون الحديث من الإسرائيليات، فروى الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 361) بسند حسن أنه قيل للحسن (وهو البصري) : قد كان يكره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال: ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود ". ثم رأيت البيهقي سبقني إلى الكلام على الحديث بنحو ما ظهر لي، فقال في " الأسماء والصفات " (ص 355) بعد أن ساقه من طريق إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح: " فهذا حديث منكر، ولم أكتبه إلا من هذا الوجه، وفليح بن سليمان مع كونه من شرط البخاري ومسلم، فلم يخرجا حديثه هذا في " الصحيح "، وهو عند بعض الحفاظ غير محتج به ".   (1) وهذا هو الذي رجحه الحافظ في " الفتح ". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 ثم روى بسنده عن ابن معين قال: لا يحتج بحديثه. وفي رواية: قال: ضعيف. قال: وبلغني عن النسائي أنه قال: ليس بالقوي. قال: " فإذا كان فليح بن سليمان المدني مختلفا في جواز الاحتجاج به عند الحفاظ لم يثبت بروايته مثل هذا الأمر العظيم. وفيه علة أخرى، وهي أن قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وصلى عليه عمر، وعبيد بن حنين مات سنة خمس ومائة، وله خمس وسبعون سنة في قول الواقدي وابن بكير، فتكون روايته عن قتادة منقطعة، وقول الراوي: وانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد لا يرجع إلى عبيد بن حنين، وإنما يرجع إلى من أرسله عنه، ونحن لا نعرفه، فلا تقبل المراسيل في الأحكام، فكيف في هذا الأمر العظيم؟! ". 756 - " الأمر المفظع، والحمل المضلع، والشر الذي لا ينقطع إظهار البدع ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (1 / 327 / 1) وابن أبي عاصم في " السنة " رقم (36) وابن بطة في " الإبانة " (1 / 173 / 1 - 2) عن بقية: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الثمالي مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عيسى هذا هو الهاشمي، قال البخاري والنسائي: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم والنسائي أيضا: " متروك الحديث ". وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 268 - 269) من رواية الحاكم وقال: " لا يصح، قال الحاكم: عيسى واهي الحديث بمرة ". وأقره السيوطي (رقم 652) من " اللآليء "، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (136 / 1) ، ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، من رواية الطبراني هذه، واقتصر المناوي في شرحه على قوله: " والحديث ضعيف "! . الحديث: 756 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 757 - " من وطيء امرأة وهي حائض، فقضى بينهما ولد، فأصابه جذام، فلا يلومن إلا نفسه ". ضعيف. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 2 رقم 147) والطبراني في " الأوسط " (1 / 169 / 1) : حدثنا بكر بن سهل: أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني: أخبرنا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الطبراني: الحديث: 757 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 " لم يرو هـ عن الزهري إلا الحسن بن الصلت - شيخ من أهل الشام - تفرد به ابن أبي السري ". قلت: وهو صدوق له أوهام كثيرة كما في " التقريب ". والحسن بن الصلت لم أجد له ترجمة ولم يذكره الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " مع أنه على شرطه! والحديث أعله الهيثمي (4 / 299) ببكر هذا فقال: " ضعفه النسائي وقال الذهبي: قد حمل الناس عنه وهو مقارب الحديث ". 758 - " من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (1 / 32 / 2) : حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي: حدثني أبي: حدثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن عياش بن مؤنس أن أبا الحسن نمران بن مخمر حدثه أن أوس بن شرحبيل أحد بني المجمع حدثه به مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا عمرو بن إسحاق لم أعرفه ولم يورده ابن عساكر في " تاريخه " مع أنه على شرطه. وأبو إسحاق بن إبراهيم بن زبريق ضعيف جدا، قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال أبو داود: " ليس بشيء " وكذبه محدث حمص محمد بن عوف الطائي وهو أعرف بأهل بلده، وأما أبو حاتم فقال: لا بأس به! وعياش بن مؤنس وشيخه أبو الحسن نمران بن مخمر لم أعرفهما. الحديث: 758 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 759 - " أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده ". ضعيف جدا. رواه النسائي في " حديثه " (132 / 2) وابن عساكر في " تاريخه " (15 / 325 / 2) من طريقين عن بقية بن الوليد عن أبي يعقوب المدني عن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده. وقال ابن عساكر: " غريب جدا ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو يعقوب المدني لم أعرفه، فهو من شيوخ بقية المجهولين الذين كان يدلسهم، قال ابن معين: " إذا لم يسم بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا ". وقال ابن المبارك: " نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء، ويسمي الكنى "! الحديث: 759 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وعبد الله بن الحسين لم أعرفه، ولا نعلم للحسين بن علي بن أبي طالب ابنا اسمه عبد الله و (الحسين) كذلك وقع في الطريقين، ولعله خطأ من بعض الرواة أو النساخ، ويؤيده أن الحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (ج 73 / 258 / 1) والديلمي (1 / 1 / 166) من طريق عمرو بن جميع عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعا. وعلى هذا فالحديث من مسند الحسن بن علي بن أبي طالب لا من مسند علي، فإن عبد الله هذا هو ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة مأمون، لكن الراوي عنه عمرو بن جميع كذاب: قد وجدت له طريقا أخرى عن الحسين عن علي رضي الله عنهما، فقال الدنيوري في " المجالسة " كما في " المنتقى منها " (21 / 2 نسخة حلب) : حدثنا محمد بن الحسين حدثني علي بن الحسين بن موسى عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وهذا إسناد ساقط من دون موسى (وهو ابن عبد الله بن حسن المتقدم) لم أعرفهم، لكن الدينوري نفسه متهم واسمه أحمد بن مروان، قال الذهبي: " اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وصرح الدارقطني في " غرائب مالك بأنه يضع الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي عن علي، وابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " عن عبد الله بن الحكم عن أبيه عن جده. ولم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال: " رمز المصنف لضعفه ". وقد عرفت أنه ضعيف جدا من طريق ابن عساكر، وباطل من الطريقين الآخرين، وقوله " عبد الله بن الحكم " أظنه تصحيف من " عبد الله بن الحسن " كما سبق في رواية أبي بكر الشافعي، وكذلك هو في " الجامع الكبير " (1 / 90 / 1) لكن وقع فيه " ... ابن أبي الحسن "! . 760 - " المؤمن كيس فطن حذر ". موضوع. رواه القضاعي (2 / 2 / 2) عن سليمان بن عمرو النخعي عن أبان عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، النخعي هذا كان يضع الحديث كما قال أحمد وغيره. وأبان هو ابن أبي عياش متروك متهم، ولهذا فقد أساء السيوطي بإيراده إياه في " الجامع الصغير " من رواية القضاعي هذه. وقد تعقبه المناوي بقوله: " قال العامري: " حسن غريب "، وليس فيما زعمه بمصيب. بل فيه أبو داود النخعي الحديث: 760 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 كذاب، قال في " الميزان " عن يحيى: كان أكذب الناس. ثم سرد له عدة أخبار هذا منها. قال ابن عدي: أجمعوا على أنه كان وضاعا ". 761 - " المدينة قبة الإسلام، ودار الإيمان، وأرض الهجرة، ومبوأ الحلال والحرام ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 124 / 1) عن عيسى بن مينا - قالون -: حدثنا عبد الله بن نافع عن أبي المثنى القاريء عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، وقال السيوطي في " الحجج المبينة " (69 / 2) : " سنده حسن ". وكأنه أخذه من قول الهيثمي في " المجمع " (3 / 258) : " وفيه عيسى بن مينا قالون، وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات "، وفي هذا نظر من وجهين: الأول: أن عيسى بن مينا لم يوثقه غير ابن حبان، وقد قال فيه الذهبي: " أما في القراءة فثبت، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة، سئل عنه أحمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك وقال: تكتبون عن كل أحد! ". قلت: ففي كلام أحمد بن صالح هذا إشارة إلى ضعف هذا الرجل إلى درجة أنه لا يكتب حديثه! الثاني: أن أبا المثنى القاريء واسمه سليمان بن يزيد ضعيف كما قال الدارقطني وتبعه الحافظ في " التقريب ". وقال أبو حاتم: " منكر الحديث ليس بالقوي ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 112) فهو عمدة الهيثمي في توثيقه. لكن توثيق ابن حبان لا قيمة له لاسيما مع مخالفة من هو أعرف منه بالرجال كأبي حاتم والدارقطني، لاسيما وهو أعني ابن حبان قد تناقض، فإنه قد ذكره في " الضعفاء " أيضا فقال (3 / 151) : " يخالف الثقات في الروايات لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا للاعتبار ". الحديث: 761 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 762 - " من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء ". ضعيف. رواه البخاري في " التاريخ " (3 / 2 / 55) وابن ماجة (2 / 343) والدولابي (1 / 185) والعقيلي في " الضعفاء " (248) وابن بشران في " الأمالي " (169 / 2) وابن عدي (150 / 1) عن سعيد بن زكريا عن الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الحميد بن سالم عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: الحديث: 762 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 " وقال البخاري: عبد الحميد بن سالم لا يعرف له سماع من أبي هريرة ". ثم قال العقيلي: " ليس له أصل عن ثقة ". وقال الذهبي: " ما حدث عنه غير الزبير ". قلت: ومعنى هذا أن عبد الحميد مجهول، وقد صرح بهذا الحافظ في " التقريب "، وقال في " الزبير " هذا: " إنه لين الحديث ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي وقال (3 / 215) : " لا يصح، قال يحيى: " الزبير ليس بشيء ... " ثم ذكر كلام العقيلي. قلت: ولم يتعقبه السيوطي في " اللآليء " إلا بأن له شاهدا. وسيأتي بيان ما فيه، وأما ابن عراق فقال في " تنزيه الشريعة " (384 / 1) : " ورأيت بخط الحافظ ابن حجر على هامش " تلخيص الموضوعات " ما نصه: الزبير بن سعيد لم يتهم بكذب فكيف يحكم على حديثه بالوضع؟! والله أعلم. والحديث من طريقه أخرجه ابن ماجه في " سننه " والبيهقي، وله طريق آخر عن أبي هريرة. أخرجه أبو الشيخ في الثواب ". قلت: ساقه السيوطي في " اللآليء " (562) شاهدا، وذلك تساهل كبير فإن فيه وضاعا. ثم إن لفظه مغاير في بعض أطرافه وهو: " من شرب العسل ثلاثة أيام في كل شهر على الريق عوفي من الداء الأكبر، الفالج والجذام والبرص ". 763 - " من شرب العسل ثلاثة أيام في كل شهر على الريق عوفي من الداء الأكبر، الفالج والجذام والبرص ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " الثواب " بسنده " عن علي بن عروة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته علي بن عروة قال ابن حبان (2 / 105) : " كان يضع الحديث على قلة روايته ". وكذبه صالح جزرة وغيره. ومن العجائب أن السيوطي ثم ابن عراق أوردا هذا الحديث شاهدا للحديث الذي قبله مع أنه مما لا يخفى عليهما أن الحديث الشديد الضعف لا يصلح في الشواهد! فكأنهما لم يتنبها لحال ابن عروة هذا، وكذلك المناوي، فإنه قال: " إن السيوطي لم يتعقب ابن الجوزي إلا بأن له هذا الشاهد ". ثم ساقه وسكت عليه. ولذلك رأيت أنه لابد من بيان حاله حتى لا يغتر بهم غافل. الحديث: 763 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 764 - " إذا أعطى أحدكم الريحان فلا يرده، فإنه خرج من الجنة ". الحديث: 764 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 ضعيف. رواه الترمذي (4 / 18) عن حنان عن أبي عثمان النهدي مرفوعا، وقال: " هذا حديث غريب حسن، ولا نعرف لحنان غير هذا الحديث، وأبو عثمان النهدي قد أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ولم يسمع منه ". قلت: وحنان في عداد المجهولين، فالحديث له علتان: الجهالة والإرسال، فهو ضعيف فتحسين الترمذي له مع استغرابه إياه مستغرب! ، والمناوي إنما نقل عنه الاستغراب فقط، وكذلك هو في نسخة بولاق من " الترمذي " (2 / 130) فلعله الصواب، والله أعلم. (تنبيه) : ثم إنني أقول: قد يشكل على بعض القراء استغرابي المذكور، وجوابا عليه أقول: وجه ذلك أن جمع الترمذي بين لفظتي " غريب " و" حسن " إنما يعني في اصطلاحه أنه حسن لذاته بخلاف ما لو قال: " حديث حسن " فقط، دون لفظة " غريب " فإنه يعين أنه حسن لغيره، وبخلاف ما لو قال: " حديث غريب " فقط، فإنما يعني أن إسناده ضعيف ولذلك رجحت الاستغراب فقط، لأن الإرسال ينافي الحسن لذاته عند المحدثين، لاسيما إذا كان في الإسناد جهالة. فاحفظ هذا فإنه هام. 765 - " تذهب الأرضون كلها يوم القيامة إلا المساجد، فإنها تنضم بعضها إلى بعض ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (21 / 1) : حدثنا علي بن سعيد: حدثنا نصار بن حرب: حدثنا أصرم بن حوشب الهمداني: حدثنا قرة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعا. ورواه ابن عدي (27 / 2) من طريق آخر عن أصرم به. ثم قال بعد أن ساق له أحاديث أخرى: " وهذه الأحاديث بواطيل عن قرة بن خالد، لا يحدث بها عنه غير أصرم هذا ". قلت: قال فيه ابن معين: " كذاب خبيث " وقال ابن حبان (1 / 172) : " كان يضع الحديث على الثقات ". ولهذا أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (235 / 1) من رواية ابن عدي عنه تبعا للسيوطي في " اللآليء " (2 / 17) مقرا لابن الجوزي على وضعه. وكذلك جزم بوضعه ابن القيم في كلامه المنقول في مخطوط (5485 / 114 / 2) . ومع هذا أورده السيوطي في " الجامع الصغير "! الحديث: 765 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 766 - " أربع لا يشبعن من أربع: أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (2 / 281) ومن طريقه ابن الجوزي في الحديث: 766 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 " الموضوعات " (1 / 234) عن محمد يعني ابن الفضل عن التيمي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " غريب، تفرد به محمد بن الفضل، وهو ابن عطية ". قلت: وهو كذاب كما قال الفلاس، وقال أحمد: " حديثه حديث أهل الكذب ". وقال ابن حبان (2 / 274) : " كان يروي الموضوعات عن الأثبات ". وله طريق أخرى، رواه العقيلي في " الضعفاء " (220) وكذا ابن حبان (2 / 26) عن محمد بن الحسن بن زبالة: حدثنا عبد الله بن محمد بن عجلان عن أبيه عن جده عن أبي هريرة، وقال العقيلي: " لا أصل له، عبد الله بن محمد بن عجلان منكر الحديث، لا يتابع على هذا الحديث ". قلت: وقال ابن حبان: " لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب، وروى عن أبيه نسخة موضوعة ". قلت: ومحمد بن الحسن بن زبالة كذاب أيضا، وقول السيوطي في " اللآليء " (1 / 210) : " محمد بن الفضل روى له الترمذي وابن ماجه، وابن زبالة روى له أبو داود "، فهو مما لا يساوي شيئا بعد تكذيب الأئمة لهما. وروي الحديث عن عائشة، أخرجه ابن عدي (251 / 1) وابن حبان (2 / 143) وعبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (3 / 231 / 1) وابن عساكر (3 / 275 / 2، 13 / 195 / 1) وكذا الطبراني في " الأوسط " عن عبد السلام بن عبد القدوس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال ابن عدي: " لا يرويه عن هشام غير عبد السلام، وهو بهذا الإسناد منكر، وعبد السلام عامة ما يرويه غير محفوظ ". وقال ابن حبان: " يروي الأشياء الموضوعة ". ويبدو أنه قد توبع ولكن من كذاب مثله أو أكذب منه، فقد أورده الحافظ محمد بن طاهر المقدسي في " تذكرة الموضوعات " (ص 11) وقال: " فيه حسين بن علوان وعبد السلام بن عبد القدوس وهما ضعيفان ". ونقل السيوطي عنه أنه قال في " تذكرة الحفاظ ": " رواه عن هشام بن حسين بن علوان الكوفي، وكان يضع الحديث، وعبد السلام هذا لعله سرقه منه فإنه بحسين أشهر ". قلت: وفيه ترجمة ابن علوان ساق الذهبي الحديث في جملة أحاديث له، ثم قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 " وذكر له ابن حبان أحاديث من هذا النمط مما يعلم وضعه على هشام ". ولما ساق الذهبي هذا الحديث عقبه بقوله: " قلت: وكذاب من كذب! ". قلت: وأما السيوطي فلم يعلم وضعه لأنه أورده في الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم عن أبي هريرة، وابن عدي والخطيب في " التاريخ " عن عائشة، وتعقبه المناوي بنحوما سبق منا، وأقره ابن الجوزي على ذكره في " الموضوعات "! وأما السيوطي فتعقب ابن الجوزي في " اللآليء " (1 / 210 - 211) بما لا طائل تحته وقد ذكرنا قريبا نموذجا من تعقبه. وذكر أن الخرائطي رواه في " اعتلال القلوب " عن محمد بن كعب القرظي من قوله نحوه. وهذا مع أنه موقوف وفي سنده أبا معشر وهو ضعيف فإنه يدل على أن الحديث لا أصل له مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل أولئك الكذابين سرقوه ورفعوه إليه صلى الله عليه وسلم. والحديث أورده ابن القيم في " المنار " فقال (ص 48) : " ومما يعرف كون الحديث موضوعا ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويسمج معناها الفطن ". ثم ساق أحاديث هذا أولها. 767 - " خلق الورد الأحمر من عرق جبريل ليلة المعراج، وخلق الورد الأبيض من عرقي، وخلق الورد الأصفر من عرق البراق ". موضوع. رواه ابن عساكر (4 / 236 / 1) عن الحسن بن عبد الواحد القزويني: أخبرنا هشام بن عمار: أخبرنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا حديث موضوع آفته القزويني هذا قال الذهبي: " روى في خلق الورد الأحمر خبرا كذبا، وهو غير معروف ". وقال ابن عساكر عقب الحديث: " قرأت بخط عبد العزيز الكتاني: قال لي أبو النجيب الأرموي: " هذا حديث موضوع، وضعه من لا علم له، وركبه على هذا الإسناد الصحيح ". وأقره الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان ". الحديث: 767 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 768 - " إن أحسن الحسن الخلق الحسن ". موضوع. رواه أبو بكر الطريثيثي في " مسلسلاته " (1 / 2) والقضاعي (83 / 1) عن أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري عن محمد بن زكريا الغلابي قال: أخبرنا الحسن عن الحسن عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره قال أبو العباس: الحديث: 768 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 " أما الحسن الأول فهو الحسن بن زياد. والحسن الثاني فهو الحسن بن حسان. والحسن الثالث هو الحسن بن أبي الحسن البصري. والحسن الرابع هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ". ومن طريق الطريثيثي رواه ابن الجوزي في " مسلسلاته " (الحديث 36) لكنه قال: " الحسن الأول هو الحسن بن حسان العبدي، والثاني ابن دينار ... ". والباقي مثله ولعله الصواب فقد ساقه من طريق أخرى عن محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا الحسن بن حسان العبدي عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال: قال الحسن بن علي بن طالب. فذكره موقوفا عليه ثم قال: " هذا الحديث لا أصل له موقوفا، أنبأنا أبو زرعة بن محمد بن طاهر عن أبيه: هذا حديث مصنوع لا أصل له، والحسن بن دينار قد كذبه أحمد ويحيى، وإنما أراد التسلسل وتكلف من بعده هذه القاعدة ". قلت: والغلابي يضع الحديث كما قال الدارقطني، وساق له الذهبي حديثا ثم عقب عليه بقوله: " فهذا كذب من الغلابي ". قلت: ومدار الحديث مرفوعا، وموقوفا عليه فهو موضوع على كل حال، وهو مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فقد أورده فيه من رواية المستغفري في " مسلسلاته " وابن عساكر عن الحسن بن علي. ولم يتعقبه المناوي إلا بأن فيه الحسن بن دينار أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " النسائي وغيره متروك ". وهذا تقصير منه فالغلابي مثل ابن دينار أو شر منه، لأن ابن دينار وإن كذب فلم ينسب للوضع. 769 - " من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتب له حجة وعمرة، وإن لم تقض كتبت له عمرة ". موضوع. رواه ابن عساكر في " التاريخ - ترجمة الحسن بن علي " من طريق البيهقي بسنده عن عمرو بن خالد الأسدي: أنبأنا أبو حمزة الثمالي عن علي بن الحسن قال: " خرج الحسن يطوف بالكعبة، فقام إليه رجل فقال: يا أبا محمد! اذهب معي في حاجتي إلى فلان، فترك الطواف وذهب معه، فلما ذهب خرج إليه رجل حاسدا للرجل الذي ذهب معه، فقال: يا أبا محمد تركت الطواف وذهبت مع فلان إلى حاجته؟ قال: فقال له حسن: كيف لا أذهب معه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره: فاكتسبت حجة وعمرة، ورجعت إلى طوافي. الحديث: 769 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 قلت: وهذا سند واه بمرة، أبو حمزة الثمالي ضعيف، واسمه ثابت ابن أبي صفية. وعمرو بن خالد الأسدي هو أبو يوسف ويقال: أبو حفص الأعشى قال ابن حبان (2 / 79) : " يروي عن الثقات الموضوعات، لا تحل الرواية عنه إلى على جهة الاعتبار ". وقال ابن عدي: " منكر الحديث ". وساق له حديثا حكم بوضعه وأن البلاء منه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي عن الحسن بن علي. وهو مما بيض له المناوي. 770 - " إذا كان عشية عرفة هبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيطلع إلى أهل الموقف: مرحبا بزواري والوافدين إلى بيتي، وعزتي لأنزلن إليكم ولأساوي مجلسكم بنفسي، فينزل إلى عرفة فيعمهم بمغفرته ويعطيهم ما يسألون إلا المظالم، ويقول: يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم، ولا يزال كذلك إلى أن تغيب الشمس، ويكون إمامهم إلى المزدلفة، ولا يعرج إلى السماء تلك الليلة، فإذا أشعر الصبح وقفوا عند المشعر الحرام غفر لهم حتى المظالم، ثم يرجع إلى السماء وينصرف الناس إلى منى ". موضوع. رواه ابن عساكر (4 / 240 / 1) عن أبي علي الأهوازي بسنده عن الحسن بن سعيد: أخبرنا أبو علي الحسين بن إسحاق الدقيقي: أخبرنا أبو زيد حماد بن دليل، عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا. وقال: " هذا حديث منكر، وفي إسناده غير واحد من المجهولين ". قلت: بل هو حديث موضوع، ولوائح الوضع عليه لائحة، ولعل آفته أبو علي الأهوازي، واسمه الحسن بن علي، وهو إن وثقه بعضهم، فقد قال الخطيب. " كذاب في الحديث وفي القراآت جميعا ". وقال ابن عساكر عقب كلامه السابق: " وللأهوازي أمثاله في كتاب جمعه في " الصفات " سماه " كتاب البيان في شرح عقود أهل الإيمان "، أودعه أحاديث منكرة كحديث " إن الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل، فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق "! مما لا يجوز أن يروى ولا يحل أن يعتقد، وكان مذهبه مذهب السالمية يقول بالظاهر، ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي له رأيه (1) .   (1) قلت: لعل ابن عساكر يعني بـ (رأيه) غلوه في إثبات الصفات كما يدل عليه هذا الحديث ونحوه مما اتهم بوضعه. وإلا فالتمسك بظاهر النصوص دون تأويل أو تعطيل هو مذهب السلف الصالح والأئمة الأربعة وغيرهم، لا يرغب عنه إلا كل هالك. ثم إن (السالمية) نسبة إلى أحمد بن محمد بن سالم الزاهد البصري شيخ السالمية، قال في " الشذرات " (3 / 36) : " كان له أحوال ومجاهدات، وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب " القوت "، وقد خالف أصول السنة في مواضع، وبالغ في الإثبات في مواضع، وعمر دهرا وبقي إلى سنته بضع وخمسين وثلاثمائة ". الحديث: 770 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 وحديث إجراء الخيل موضوع، وضعه بعض الزنادقة ليشنع على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل، فقبله بعض من لا عقل له ورواه، وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا. قلت: وهذا الحديث الباطل من وضع محمد بن شجاع الثلجي الحنفي كما صرح به علماء الحديث، وقد قال ابن عدي في ترجمته (376 / 1) : " كان يضع أحاديث في التشبيه ينسبه إلى أصحاب الحديث ليثلبهم به، روى عن حبان بن هلال - وهو ثقة - عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكر حديث الخيل هذا، ثم قال: مع أحاديث كثيرة وضعها من هذا النحو، فلا يجب أن يشتغل به لأنه ليس من أهل الرواية. حمله التعصب على أن وضع أحاديث ليثلب أهل الأثر بذلك ". قلت: وهذا الحديث الباطل هو أول حديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (1 / 105) : " موضوع اتهم به محمد بن شجاع، ولا يضع مثل هذا مسلم ". قال السيوطي (1 / 3) : " ولا عاقل ". وقد أورده ابن الجوزي من طريق الحاكم: أنبأنا إسماعيل بن محمد الشعراني قال: أخبرت عن محمد بن شجاع الثلجي بإسناده الذي ذكره ابن عدي. وابن شجاع هذا اتفق أئمة الحديث على تركه، بل كذبه بعضهم كالساجي وغيره وعلمت آنفا اتهام ابن عدي له بالوضع. فمن عجائب تعصب الشيخ زاهد الكوثري على أهل الحديث انتصارا لأهل مذهبه أنه يبرئ ابن شجاع هذا من عهدة هذا الحديث ويتهم به حماد بن سلمة رحمه الله المتفق على جلالته وصدقه، والذي قال فيه بعضهم: " إذا رأيت الرجل يقع في حماد فاتهمه على الإسلام ". انظر تعليقه على " السيف الصقيل " (ص 96 - 97) . وهو حين يبرئ ابن شجاع منه يحتج على ذلك بأن السند منقطع بينه وبين شيخ الحاكم: الشعراني، ثم سرعان ما يتناسى هذا حين يتهم به حماد بن سلمة مع أن الطريق هو هو! ثم هو يفتري على ابن عدي لأنه اتهم ابن شجاع هذا بوضع هذا الحديث وغيره فينسب إليه ما لم يقله فاسمع إليه حيث يقول في تعليقه على " تبيين كذب المفتري " لابن عساكر (ص 370) : " ومن غريب التعدي ما يقوله ابن عدي أنه (يعني ابن شجاع) كان يضع الأحاديث ويدسها في كتب أهل الحديث ليفضحهم فيرونها بسلامة باطن ". فإن قوله: " ويدسها في كتب أهل الحديث " ليس من كلام ابن عدي كما يظهر لك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 بمقابلته بنص كلامه الذي نقلته آنفا من كتابه " الكامل ". وغرضه من هذا الدس إقناع القاري بما زعمه من تعدي ابن عدي والرد عليه بقوله: " لأن ابن شجاع ما كان خادما ولا ربيبا عند راو من الرواة حتى يتصور أن يدس بين كتب أحدهم شيئا ... فإذا لم يبرهن الجارحة على كتب من دس ابن شجاع وماذا دس وكيف دس لا ينجيه من هذه الوقيعة إذا وقعت الواقعة كونه يرويها عن عامي (يعني ابن عدي) مثله ... فلعنة الله على الكاذبين ". هذا مما علقه وهذى به حول ما نسبه لابن عدي من دس ابن شجاع في كتب الحديث، وإذا عرفت أن هذا مدسوس على ابن عدي فعلى من يعود دعاؤه " فلعنة الله على الكاذبين "؟ 771 - " يبعث الله الأنبياء على الدواب، ويبعث صالحا على ناقته، كما يوافي بالمؤمنين من أصحابه المحشر، ويبعث بابني فاطمة: الحسن والحسين على ناقتين، وعلي بن أبي طالب على ناقتي، وأنا على البراق ويبعث بلالا على ناقة ينادي بالأذان وشاهده، حقا حقا، حتى إذا بلغ " أشهد أن محمدا رسول الله " شهدتها جميع الخلائق من المؤمنين الأولين والآخرين، فقبلت ممن قبلت منه ". موضوع. رواه الخطيب في " التاريخ " (3 / 140 - 141) وعنه ابن عساكر (3 / 231 / 1 - 2) عن محمد بن عائذ: حدثنا علي بن داود القنطري: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف وله علل: الأولى: عنعنة ابن جريج، فإنه مدلس. الثانية: ضعف عبد الله بن صالح. الثالثة: جهالة محمد بن عائذ وهو ابن الحسين بن مهدي الخلال وفي ترجمته ساق له الخطيب هذا الحديث ولم يذكر فيها غير ذلك! والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الخطيب وقال (3 / 246) : " موضوع. عبد الله بن صالح كاتب الليث منكر الحديث جدا كان له جار يضع الحديث على شيخ عبد الله، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ويرميه في داره بين كتبه فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 446) بأن له طريقا آخر، أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3 / 152) من طريق أبي مسلم قائد الأعمش: حدثنا الأعمش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال الحاكم: الحديث: 771 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 " صحيح على شرط مسلم ". ورده الذهبي فقال: " أبو مسلم لم يخرجوا له، قال البخاري: فيه نظر. وقال غيره: متروك ". وتعقبه أيضا بأن له شواهد من حديث بريدة، وعلي، وأنس. قلت: لكن كلها من رواية الكذابين فلا يستشهد بها، ولا يخرج الحديث عن كونه موضوعا، لاسيما ولوائح الوضع عليه ظاهرة. 772 - " يبعث الله ناقة صالح فيشرب من لبنها هو ومن آمن به من قومه، ولي حوض كما بين عدن إلى عمان، أكوابه عدد نجوم السماء، فيستسقي الأنبياء، ويبعث الله صالحا على ناقته، قال معاذ بن جبل: يا رسول الله وأنت على العضباء؟ [قال: أنا] على البراق، يخصني الله به من الأنبياء، وفاطمة ابنتي على العضباء، ويؤتى بلال على ناقة من نوق الجنة فيركبها، وينادي بالأذان فيصدقه من سمعه من المؤمنين حتى يوافي المحشر، ويوتى بلال بحلتين من حلل الجنة فيكساهما، فأول من يكسى من المسلمين بلال، وصالح المؤمنين بعد ". موضوع. رواه ابن عساكر (3 / 231 / 2) عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا. قلت: ومحمد بن الفضل كذاب. ثم رواه ابن عساكر من طريق سلام بن سليم: حدثنا خليفة بن عثمان عمن حدثه عن مكحول عن كثير بن مرة الحضرمي مرفوعا. وهذا إسناد تالف، وله علل: الأولى: الإرسال، فإن الحضرمي هذا تابعي، ووهم من عده من الصحابة كما في " التقريب ". الثانية: جهالة الراوي عن مكحول، فإنه لم يسم. الثالثة: خليفة بن عثمان هذا لم أعرفه. الرابعة: سلام بن سليم وهو المدائني الطويل متهم بالكذب والوضع، فهو آفة الحديث. الحديث: 772 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 773 - " إذا كان يوم القيامة حملت على البراق، وحملت فاطمة على ناقة العضباء، وحمل بلال على ناقة من نوق الجنة، وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر إلى آخر الأذان، يسمع الخلائق ". الحديث: 773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 موضوع. رواه ابن عساكر (3 / 231 / 2) عن إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عيسى هذا قال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان (2 / 119) : " يروي عن آبائه أشياء موضوعة ". ذكره الذهبي وساق له أحاديث هذا أحدها وقال: " هذا لعله موضوع ". وأقره الحافظ في " اللسان ". وإسحاق الفروي صدوق، كف فساء حفظه. ثم إن الإسناد معضل على ما وقع في " التاريخ " وكذلك نقله السيوطي في " اللآليء " (2 / 447) مع اختلاف يسير في السند، لكن الظاهر أنه موصول، فقد ذكره في " الميزان " من طريق الفروي، وفيه بعد قوله عن جده: " عن أبيه عمر بن علي عن علي مرفوعا ". 774 - " يحشر المؤذنون يوم القيامة على نوق من نوق الجنة يقدمهم بلال، رافعي أصواتهم بالأذان ينظر إليهم الجمع، فيقال: من هؤلاء؟ فيقال: مؤذنوأمة محمد صلى الله عليه وسلم، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون ". موضوع. رواه الخطيب (13 / 38) وعنه ابن عساكر (3 / 232 / 1 - 2) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعا. قلت: هذا موضوع آفته إما داود، وإما موسى المروزي وكلاهما كذاب، والكذب في الثاني أكثر. الحديث: 774 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 775 - " يجيء بلال يوم القيامة على راحلة رحلها ذهب وزمامها در وياقوت، يتبعه المؤذنون حتى يدخلهم الجنة، حتى إنه ليدخل من أذن أربعين يوما يطلب بذلك وجه الله ". موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 90) من طريق الدارقطني عن أبي الوليد المخزومي: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال: " قال الدارقطني: تفرد به أبو الوليد خالد بن إسماعيل قال ابن عدي: كان يضع الحديث على الثقات ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 13) . قلت: ومن طريقه رواه ابن عساكر (3 / 232 / 1) مختصرا ومطولا. الحديث: 775 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 776 - " صلوا قراباتكم ولا تجاوروهم، فإن الجوار يورث بينكم الضغائن ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (149) والديلمي (2 / 247) عن داود بن المحبر قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن عبد الجبار القرشي عن سعيد بن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه عن جده مرفوعا وقال العقيلي: " حديث منكر لا يحفظ إلا من هذا الشيخ، ولا أصل له ". يعني سعيد بن أبي بكر هذا، وقال فيه: " حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا بهذا، وعبد الله بن عبد الجبار مجهول ". قلت: وداود بن المحبر هو صاحب " كتاب العقل " وأكثر أحاديثه موضوعات كما قال الحافظ، فلعله آفة الحديث، وقد أشار لهذا الذهبي فقال في ترجمة سعيد هذا وقد ذكر له هذا الحديث: " حديث منكر، والآفة ممن بعده ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 88) من رواية العقيلي هذه، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 298) وأيده بكلام الذهبي السابق، فاعجب منه بعد هذا كيف أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية العقيلي أيضا! وتعقبه المناوي بنحوما ذكرنا وأنهى كلامه بقوله: " ولهذا حكم ابن الجوزي على الحديث بالوضع ". وأقره المناوي. وكأنه خفي عليه إقرار السيوطي أيضا له. الحديث: 776 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 777 - " ما أذنب عبد ذنبا فساءه إلا غفر الله له، وإن لم يستغفر منه ". موضوع. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (114 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 180) عن بشر بن إبراهيم أبي سعيد القرشي (الأصل القزويني وهو تصحيف) : أخبرنا الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر (3 / 154 / 2) . وهذا موضوع. وآفته بشر هذا قال الذهبي: " قال العقيلي: " روى عن الأوزاعي أحاديث موضوعة لا يتابع عليها ". وقال ابن عدي: " هو عندي ممن يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الثقات ". فمن مصائبه ... ". ثم ذكر له أحاديث هذا منها. وللحديث طريق أخرى بلفظ " ما علم الله من عبد ندامة ... " مضى برقم (323) . الحديث: 777 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 778 - " لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، كما لا تصلح الرياضة إلا في نجيب ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (468) وابن الأعرابي في معجمه (32 / 1) والخطيب في " التاريخ " (14 / 164) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (291 / 1) وأبو الخطاب نصر القاري في " حديث أبي بكر بن طلحة " (163 / 1) وابن عساكر (4 / 295 / 2) عن يحيى بن هاشم السمسار: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال العقيلي: " السمسار كان يضع الحديث على الثقات، ولا يصح في هذا شيء ". قلت: ولهذا أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 167) من طريق الخطيب وحكى كلام العقيلي الذي نقلته آنفا. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 82) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (265 / 2) بأن السمسار لم يتفرد به بل له متابعون: عبيد بن القاسم والمسيب بن شريك وأبو المطرف المغيرة بن المطرف، وبأن له شاهدا عند الطبراني. قلت: أما عبيد بن القاسم فهو كذاب يضع الحديث كما قال صالح جزرة وأبو داود، ومثله قول ابن حبان (2 / 165) : " روى عن هشام بن عروة نسخة موضوعة، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ". فلا قيمة لمتابعته. وروايته عند البزار وكذا القضاعي (74 / 1) . وأما المسيب بن شريك فضعيف جدا قال البخاري: " سكتوا عنه " وقال مسلم وجماعة: " متروك ". فلا يعتد بمتابعته أيضا وروايته عند ابن عدي كما ذكر في " اللآلي " والبيهقي في " الشعب " كما في تنزيه الشريعة وقال البيهقي: " حديث ضعيف، ورواه جماعة من الضعفاء عن هشام، ويقال إنه من قول عروة ". قلت: وهذا هو الأشبه أنه من قول عروة بن الزبير، فقد رواه كذلك الخطيب (13 / 139) من طريق علي بن المديني قال: " المسيب بن شريك كتبت عنه كتابا كثيرا، ولم أترك عندي عنه إلا ثلاثة أحاديث: حدثنا المسيب عن هشام عن أبيه قال: لا تكون الصنيعة .... إلخ ". وأما أبو المطرف المغيرة بن المطرف فلم أعرفه، والطريق إليه لا يصح، فقال السيوطي: " وقال ابن لال: حدثنا عبد الله بن أوس: حدثنا إبراهيم بن سعيد الشاهيني: حدثنا محمد بن عباد بن موسى العكلي: حدثنا أبو المطرف المغيرة بن المطرف عن هشام به ". قلت: وهذا سند مظلم لم أعرف أحدا ممن دون هشام غير العكلي هذا، ولم يحمد ابن معين أمره، وقال ابن عقده: " في أمره نظر ". الحديث: 778 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 ورواه ابن عدي (97 / 2) من طريق حسين بن المبارك الطبراني حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة به. وقال: " منكر المتن، والبلاء فيه من الحسين هذا، وأحاديثه مناكير ". وأما الشاهد الذي سبقت الإشارة إليه من رواية الطبراني فهو: " إن المعروف لا يصلح إلا لذي دين، أولذي حسب، أولذي حلم ". 779 - " إن المعروف لا يصلح إلا لذي دين، أولذي حسب، أولذي حلم ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (3 / 111 / 1) عن سليمان بن سلمة الحمصي: حدثنا منيع بن السري الحوازي: حدثنا عبد الله بن حميد المزني عن مريج بن مسروق الهو زني عن أبي زكريا عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط من دون أبي زكريا لم أعرفهم غير سليمان بن سلمة الحمصي وهو متهم بالكذب وهو الخبائري. وأما أبو زكريا فقد ترجمه ابن عساكر وسماه إياس بن زيد الخزاعي والد عبد الله بن أبي زكريا وقال: أدرك عمر بن الخطاب، وروى أن عمر وصفه بالرجل الصالح. والحديث أشار إليه السيوطي في " اللآليء " (2 / 82) على أنه شاهد للحديث الذي قبله. ولا يجوز عندي الاستشهاد به لشدة ضعفه، كما قرره العلماء في " المصطلح " منهم السيوطي نفسه في " تدريب الراوي " وأورده في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني وابن عساكر، فكشف المناوي عن حال إسناده فقال: " قال الهيثمي: فيه عند الطبراني سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك انتهى (1) . فكان ينبغي للمصنف الإشارة لضعفه، واستيعاب مخرجيه إشارة إلى اكتسابه بعض القوة، إذ منهم البيهقي، رواه باللفظ المزبور عن أبي أمامة وقال: في إسناده من يجهل ". قلت: كثرة المخرجين للحديث لا تعطيه قوة إذا انتهت أسانيدهم إلى طريق واحدة، فقد رأيت أن إسناد الطبراني يدور على الخبائري الذي في طريق ابن عساكر، والظاهر أن إسناد البيهقي ينتهي إليه أيضا بدليل قوله: " في إسناده من يجهل "، فإنهم فوق الخبائري عند ابن عساكر كما رأيت، وإن كان يحتمل أن يقال: إنه ليس بحتم أن يكون فيه الخبائري هذا، ولكنه عندي بعيد. والله أعلم.   (1) مجمع الزوائد (8 / 183) . اهـ. الحديث: 779 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 780 - " من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له: اللهم أنت حي لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وصادق لا تكذب ... (الحديث وفيه!) والذي بعثني بالحق لودعي الحديث: 780 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولودعا بها على ماء جار لسكن، ومن بلغ إليه الجوع والعطش ثم دعا ربه أطعمه الله وسقاه، ولوأن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه إلى الموضع، ولودعي على مجنون لأفاق، ولودعا على امرأة قد عسر عليها ولدها لهو ن عليها ولدها. (الحديث وفيه) ومن قام ودعا فإن مات شهيدا، وإن عمل الكبائر، وغفر لأهل بيته، ومن دعا بها قضى الله له ألف ألف حاجة ". موضوع. رواه ابن عساكر (3 / 97 / 1 - 2) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 175) عن أحمد بن عبد الله النيسابوري عن شقيق بن إبراهيم البلخي عن إبراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أو يس القرني عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 175 - 177) وقال: " موضوع، أحمد بن عبد الله النيسابوري هو الجويباري، ورواه الحسين بن داود البلخي عن شقيق، ورواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن أدهم، والجويباري والحسين وسليمان وضاعون، والله أعلم أيهم وضعه أولا وسرقه منه الآخران وبدلا وغيرا، وقد روي من طريق مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان ". ورواية الحسين البلخي وسليمان بن عيسى أخرجها أبو نعيم في الحلية " (8 / 55 - 56) ومن طريقه وطريق ابن النجار أورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 350 - 352) وأقر ابن الجوزي على قوله: " موضوع. وفي متنه كلمات ركيكة، يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها ". 781 - " أربع لا يصبن إلا بعجب: الصمت - وهو أول العبادة -، والتواضع، وذكر الله، وقلة الشيء ". موضوع. رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 185) والطبراني (1 / 65 / 2) وابن عدي في " الكامل " (81 / 1) وأبو طاهر الزيادي في " ثلاثة مجالس " (193 / 1) والحاكم في " المستدرك " (4 / 311) وتمام في " الفوائد " (153 / 2، 267 / 1) عن العوام بن جويرية عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال ابن عدي: " الأصل فيه موقوف من قول أنس ". قلت: وعلة المرفوع ابن جويرية هذا، قال ابن حبان: الحديث: 781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 " كان يروي الموضوعات عن الثقات ". ثم ساق له هذا الحديث هو والذهبي ثم قال هذا: " قلت: والعجب أن الحاكم أخرجه في (المستدرك) ". قلت: ورد عليه في " تلخيص المستدرك " أيضا بقول ابن حبان المذكور. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي وقال (3 / 135) : " لا يصح، العوام يروي الموضوعات عن الثقات، وكان يأتي بالشيء على التوهم لا التعمد، فلا يحتج به ". ولم يتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 319 - 320 ) إلا بأن الحاكم أخرجه في " المستدرك " والبيهقي في " الشعب " من هذا الوجه! وهذا تعقب لا طائل تحته كما هو بين، فمن العجيب أن يورد السيوطي الحديث في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني والحاكم والبيهقي! فتعقبه المناوي بما خلاصته: " سكت المصنف عليه فأوهم أنه لا علة فيه، وهو اغترار بقول الحاكم " صحيح ". وغفل عن تشنيع الذهبي في " التلخيص " والمنذري والحافظ العراقي عليه بأن فيه العوام بن جويرية ". ثم ذكر كلام ابن حبان فيه، وتعجب الذهبي من إخراج الحاكم للحديث. ثم قال: " ومن ثم أورده ابن الجوزي في " الموضوعات ". وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل كعادته! ". قلت: وجزم ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 114) بأنه موقوف على الحسن أو أنس. 782 - " المتعبد بلا فقه كالحمار في الطاحونة ". موضوع. رواه ابن عدي (345 / 1) عن محمد بن رزق الله الكلوذاني: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن واثلة بن الأسقع مرفوعا. وقال: " وهذا حديث لا أعلم رواه عن بقية غير نعيم ". قلت : قد تابعه محمد بن إبراهيم: حدثنا بقية به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 219) وقال: " لم نكتبه إلا من حديث بقية ". قلت: وبقية مدلس وقد عنعنه، وكان يدلس عن الثقات ما أخذه عن مثل مجاشع بن عمرو وعمر بن موسى الوجيهي وغيرهما من الكذابين والوضاعين كما قال ابن حبان، فهو آفة هذا الحديث عندي، وأما ابن الجوزي فقد أورده في " الموضوعات " فأصاب، لكنه أعله بمحمد بن إبراهيم هذا - وهو الشامي فقال (1 / 262) : " لا يصح، والمتهم به محمد بن إبراهيم، قال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا يحل الاحتجاج به ". الحديث: 782 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 219) بمتابعة نعيم بن حماد. أخرجه الطيالسي (1) في " ترغيبه ". وفاته أن ابن عدي أخرجه أيضا من طريقه كما ذكرنا، ونعيم ضعيف، لكن الآفة من تدليس بقية كما بينت، وإنما لم يعله به ابن الجوزي لأنه إنما وقع الحديث عنده من رواية أبي نعيم عن الشامي هذا، وهو وضاع، فاقتصر عليه، وإلا لووقعت له متابعة نعيم بن حماد هذه لأعله إن شاء الله بالتدليس المذكور، والله أعلم. ومن عجائب السيوطي أنه أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم التي فيها ذاك الوضاع، وأعرض عن رواية ابن عدي والطيالسي التي ليس فيها هذا الوضاع! . 783 - " تناصحوا في العلم، فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله عز وجل مسائلكم يوم القيامة ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 132 / 2) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة قالا: أخبرنا عبيد بن يعيش: أخبرنا مصعب بن سلام عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي سعد هذا، وقد جزم السيوطي في " اللآلي " (1 / 207 - 208) بأنه سعيد بن المرزبان البقال، قال: " وهو صدوق مدلس ". سبقه إلى ذلك الحافظ المنذري (1 / 75) والهيثمي في " المجمع " (1 / 141) ، وليس به بل هو عبد القدوس ابن حبيب أبو سعيد الكلاعي، ومن الحجة على ذلك: 1 - أن الحديث من رواية الطبراني عن الحضرمي (وهو مطين) ومحمد بن أبي شيبة معا، وقد روى الخطيب (3 / 43) قصة الخلاف بينهما في هذا السند، وخلاصة ذلك أن مطينا قال فيه: " عن أبي سعد " يريد البقال. وقال ابن أبي شيبة: " عن أبي سعيد " يريد عبد القدوس بن حبيب. وحكى الخطيب عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي أن الصواب رواية ابن أبي شيبة، لأن أبا نعيم هذا سمع الحديث من مطين بهذا السند قال فيه: " أبي سعيد ". قال أبو نعيم: " وهذا سماعي من مطين قديما، ثم سمعت منه هذا الحديث بعد ذلك بعشرين سنة في " فوائد الحاج " قال: حدثنا عبيد بن يعيش: حدثنا مصعب بن سلام عن أبي سعد. قال أبو جعفر الحضرمي: يعني عبد القدوس بن حبيب الدمشقي عن عكرمة عن ابن عباس. كأن الحضرمي ينبه بذلك، وقال: " يعني عبد القدوس ". ولم يقل " عن أبي سعيد "، وقال: " عن أبي سعد، فأقر سعدا على حاله ولم يقر الاسم ". فهذا يدل على رجوع مطين إلى أن راوي الحديث عن عكرمة هو عبد القدوس هذا وإن أصر   (1) ليس هو أبا داود الطيالسي صاحب " المسند "، فإنه متأخر عنه. اهـ. الحديث: 783 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 على تكنيته بأبي سعد، وإنما هي أبو سعيد، كما رواه الخطيب عن ابن أبي شيبة عن شيخيه إبراهيم بن محمد بن ميمون وعمار بن رجاء عن عبيد بن يعيش. وتابعهما أبو العباس أحمد بن إسحاق الخشاب المصري عند مشرق بن عبد الله الحنفي في " حديثه " (61 / 1) . وتابعهم القاسم بن محمد بن حماد الدلال في " أمالي أبي جعفر الطوسي " (ص 79) أربعتهم قالوا: " أبي سعيد " وهو عبد القدوس ويؤيده. 2 - أن الخطيب رواه (6 / 356 - 357، 389) وابن عساكر (2 / 399 / 1) عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن عامر بن سيار كلاهما: أخبرنا عبد القدوس بن حبيب عن عكرمة به. فهذا كله يبين أن راوي الحديث عن عكرمة هو عبد القدوس هذا وكنيته أبو سعيد كما سبق في رواية ابن أبي شيبة عند الخطيب ومشرق عن غيره. وعليه فقول الطبراني من رواية ابن أبي شيبة والحضرمي: " أبي سعد " تأوله بعضهم على أنه حمل رواية ابن أبي شيبة على رواية الحضرمي، ولوعكس لأصاب! وإذا عرفت أن الراوي هو عبد القدوس بن حبيب الكلاعي يتبين لك أن السند واه بمرة، لأن الكلاعي هذا قال فيه ابن المبارك: " كذاب ". وصرح ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 126) بأنه: " كان يضع الحديث ". ولذلك أورد ابن الجوزي الحديث من رواية الخطيب عن إسحاق عن الكلاعي في " الموضوعات " وقال (1 / 232) : " تفرد به عبد القدوس وكان يضع على الثقات. قاله ابن حبان ". وتعقبه السيوطي بأمرين: أولا: برواية الطبراني عن أبي سعد. بناء على أن أبا سعد هو سعيد بن المرزبان البقال! وقد عرفت أنه وهم، وأن الصواب أنه الكلاعي هذا الكذاب. وثانيا: وبما أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (9 / 20) : حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي: حدثنا علي بن عبد الحميد الغضائري: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا الحسن زياد عن يحيى بن سعيد الحمصي عن إبراهيم بن مختار (الأصل: محمد) عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. وقال السيوطي: " إبراهيم روى له الترمذي وابن ماجة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال أبو داود: لا بأس به. وقال ابن معين: ليس بذاك، ويحيى بن سعيد صاحب حديث، وله رحلات، قال ابن مصفى: ثقة، وضعفه ابن معين، وغيره ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 قلت: وفي " التقريب ": " إبراهيم بن المختار صدوق ضعيف الحفظ، ويحيى بن سعيد ضعيف ". قلت: واتهمه ابن حبان فقال: " يروي الموضوعات عن الأثبات ". ثم إن السيوطي قد أبعد النجعة، فإن آفة الحديث، إنما هو الحسن بن زياد وهو اللؤلؤي، فقد قال أبو داود والفسوي والعقيلي والساجي: " كذاب ". وضعفه الآخرون. وللحديث علة أخرى وهي الانقطاع، فقد قال شعبة وغيره: إن الضحاك (وهو ابن مزاحم الهلالي) ما رأى ابن عباس قط. 784 - " قريش خالصة الله، فمن نصب لها حربا، أو فمن حاربها سلب، ومن أرادها بسوء خزي في الدنيا والآخرة ". موضوع. رواه ابن عساكر (2 / 398 / 2) عن أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي: أنبأنا جعفر بن محمد بن الحارث المراغي: أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب الدمشقي: أخبرنا أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي: أخبرنا إسحاق بن سعيد بن الأركون عن أبي مسلم سلمة بن العيار عن عبد الله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عمرو بن العاص مرفوعا. قلت: وهذا إسناد تالف: مشرح مختلف فيه، ولا أدري إذا كان سمع من عمرو بن العاص أولا؟ والأقرب الثاني فإن بين وفاتيهما نحوثمانين سنة! وعبد الله بن لهيعة ضعيف. وإسحاق بن سعيد بن الأركون قال الدارقطني: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " ليس بثقة ". وأحمد بن أنس لم أجد له ترجمة وهو من شرط ابن عساكر في " تاريخه " فيراجع فإن نسختنا منه ناقصة. وإسحاق بن يعقوب الدمشقي في ترجمته ساق ابن عساكر هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وجعفر بن محمد بن الحارث المراغي لم أعرفه. وأبو عبد الرحمن السلمي هو الصوفي المشهور قال الذهبي: " تكلموا فيه وليس بعمدة. قال الخطيب: " قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الحديث للصوفية ". قال الذهبي: وفي القلب مما ينفرد به ". الحديث: 784 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 قلت: أفلا يعجب القاريء الكريم معي من الحافظ السيوطي كيف أورد هذا الحديث المظلم في كتابه " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه التالفة؟! وأما المناوي فقد بيض له ولم يتكلم عليه بشيء! وفي فضل قريش من الأحاديث الصحيحة ما يغنيهم عن مثل هذا الحديث الباطل كقوله صلى الله عليه وسلم: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن "، وقوله: " الأئمة من قريش " وهو حديث متواتر، كما قال الحافظ ابن حجر: فيما نقله الشيخ علي القاري في " شرح النخبة ". 785 - " لوأن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل ببكاء آدم ما عدله ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 257) وابن عساكر (2 / 318 / 1) من طريق الطبراني: أخبرنا أحمد بن يحيى بن خالد الرقي: أخبرنا يحيى بن سليمان الجعفي: أخبرنا أحمد بن بشر الهمداني: أخبرنا مسعر بن كدام عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه يرفعه. وعزاه الهيثمي في " المجمع " (8 / 198) للطبراني في " الأوسط " وقال: " ورجاله ثقات ". وأقره المناوي في " الفيض ". وفيه نظر فإن أحمد بن بشر (1) هذا أورده الحافظ في " اللسان " وقال: " مجهول، قاله مسلمة في (الصلة) ". قلت: وقد خالفه محمد بن بشر العبدي وهو ثقة حافظ فأوقفه على ابن بريدة، أخرجه ابن عساكر وقال: " قال ابن عدي ولم يذكر فيه بريدة، ولا النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية أصح ". قلت: وكذلك رواه موقوفا أحمد في " الزهد " (ص 47) من طريق المسعودي عن علقمة ابن مرثد قال: فذكره موقوفا عليه. وكذلك رواه ابن أبي الدنيا في " الرقة " (137 / 1) عن مسعر عمن حدثه عن ابن سابط موقوفا عليه. وهذا هو الصواب موقوف، ورفعه منكر، بل هو عندي باطل موضوع، لأنه لا يشبه كلام النبوة لما فيه من المبالغة، فالظاهر أنه من الإسرائيليات السمجة التي دست في كتب أهل الكتاب مر القرون، ثم أخطأ بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو منه بريء! والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه. وتعقبه المناوي بأنه رواه الطبراني أيضا والديلمي فاقتصاره على ابن عساكر غير جيد.   (1) في " اللسان ": " بشير ". اهـ. الحديث: 785 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 قلت: لاسيما وهو عند ابن عساكر من طريق الطبراني كما رأيت. ثم نقل المناوي كلام الهيثمي المتقدم في توثيق رجال الإسناد وسكت عليه! وفيه ما علمت من الجهالة والوقف والنكارة. والله ولي التوفيق. 786 - " دعاء الوالد لولده مثل دعاء النبي لأمته ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 185) عن إبراهيم بن معمر: حدثنا أبو أيوب بن أخي زبريق بن الحمصي: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي: حدثنا خلف بن حبيب الرقاشي: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. أورده في ترجمة إبراهيم هذا وكنيته أبو إسحاق الجوزجاني، روى عنه جماعة ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع الحافظ ابن عساكر (2 / 275 / 2) . وأبو أيوب هذا لم أعرفه ولم يورده الدولابي في " الكنى " وكذا لم أعرف خلف بن حبيب الرقاشي، وأخشى أن يكون وقع في السند تحريف، وأنه تحريف قديم من بعض رواة " أخبار أصبهان "، فإن الإسناد هو في " تاريخ ابن عساكر "، من طريق أبي نعيم كما ذكرته عن أبي نعيم. أما الحامل على الخشية المذكورة فهو أنني رأيت ابن قدامة ذكر في " المنتخب " (11 / 214 / 2) : " قال إسحاق بن إبراهيم (هو ابن هانئ) : عرضت على أبي عبد الله: يحيى بن سعيد عن سعد أبي حبيب عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا به؟ فقال: حديث باطل منكر، وسمعته يقول: سعد أبو حبيب ليس بشيء ". ثم رأيته في " مسائل ابن هاني " (ص 156 مخطوطة المكتب الإسلامي) (1) فصواب الإسناد إذن " سعد أبي حبيب عن يزيد الرقاشي " وهكذا وقع في " اللآلي " (2 / 295) . ويؤيده ما في " الميزان ": " سعد أبو حبيب عن يزيد الرقاشي، قال أحمد: ليس حديثه بشيء ". وقد سقطت هذه الترجمة من " لسان الميزان " للحافظ ابن حجر، مع أنها ليست في كتاب " تهذيب التهذيب " له. ثم إن الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 87) مستندا على حكم الإمام أحمد عليه بالبطلان كما سبق، وأقره السيوطي في " اللآلي " ثم تناقض، فأورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن أنس! وتعقبه المناوي بقوله:   (1) وقد قام الأخ زهير الشاويش بطبعه، ثم حالت الحرب القائمة في لبنان دون نشره. فرج الله عن عباده. اهـ. الحديث: 786 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 " ورواه عنه أيضا أبو نعيم وعنه أورده الديلمي مصرحا، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أحسن، قال الزين العراقي في شرح " الترمذي ": " هذا حديث منكر ". وحكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: قال أحمد: هذا حديث باطل منكر. وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات ". 787 - " العباس وصيي ووارثي ". موضوع. رواه الخطيب (13 / 137) وابن عساكر (2 / 306 / 2) من طريقين عن جعفر بن عبد الواحد قال: أخبرنا سعيد بن سلم الباهلي عن المسيب بن زهير بن المسيب عن المنصور أبي جعفر عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا موضوع آفته جعفر هذا قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وقال أبو زرعة: " روى أحاديث لا أصل لها ". وسعيد بن سلم الباهلي لم أعرفه. ثم وجدته في " تاريخ بغداد " (9 / 74 - 75) وذكر أنه كان عالما بالحديث والعربية ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ووقع في " تاريخ ابن عساكر " " سعيد بن سلام " وهو تصحيف. والمسيب بن زهير مجهول الحال لم أجد له ترجمة إلا في " التاريخ " للخطيب، وساق له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الخطيب هذه ومن رواية ابن حبان عن محمد بن الضوء بن الصلصال بن الدلهمس عن أبيه عن جده مرفوعا به، وقال (2 / 31) : " موضوع، جعفر كذاب يضع، ومحمد بن الضوء يروي عن أبيه المناكير ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 429 - 430) ، ومع ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب فما أكثر تناقضه! ومحمد بن الضوء هذا له ترجمة في " الضعفاء " لابن حبان (2 / 303 - 304) وقال " روى عن أبيه المناكير ". ثم ساق له الحديث. وترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (5 / 374 - 376) وقال فيه: " ليس بمحل لأن يؤخذ عنه العلم لأنه كان كذابا، وكان أحد المتهتكين المشتهرين بشرب الخمور، والمجاهرة بالفجور ". وقال الجوزقاني في " الموضوعات ": " محمد بن الضوء كذاب ". الحديث: 787 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 788 - " آخر ما تكلم به إبراهيم حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل ". الحديث: 788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 موضوع. رواه أبو القاسم الحرفي في " الفوائد " (2 / 2) والخطيب (9 / 118) وابن عساكر (2 / 164 / 1) عن سلام بن سليمان: حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الخطيب والحرفي: " هذا حديث غريب من رواية أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مسندا، لا أعلم رواه غير سلام بن سليمان عن إسرائيل، والمحفوظ ما رواه الناس عن إسرائيل وأبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: " لما ألقي إبراهيم في النار. الحديث ". قلت: وسلام بن سليم هو سلام بن سلم ويقال: ابن سليم أو ابن سليمان والصواب الأول كما في " التهذيب " وهو سلام الطويل المدائني كذاب متهم بالوضع كما تقدم مرارا، فكان على السيوطي أن لا يورده في الجامع " على ما شرطه في مقدمته أنه " صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ". وقد خالفه عثمان بن عمر فرواه عن إسرائيل به موقوفا على أبي هريرة. رواه الخطيب (5 / 228 - 229) ومن قبله البخاري. ولا يفيد هنا قول المناوي: " إن الموقوف صحيح أخرجه البخاري، ومثله لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع ". لأننا نقول: إنه يحتمل أن يكون هذا مما تلقاه ابن عباس من أهل الكتاب، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، فلا يجوز أن ينسب إليه صلى الله عليه وسلم، وهذا بين ظاهر إن شاء الله تعالى. 789 - " عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب ". باطل. رواه الخطيب في " تاريخه " (4 / 410) ومن طريقه ابن عساكر (2 / 55 / 2) عن أبي الفرج أحمد بن محمد بن جوري العكبري: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مهران الرملي: حدثنا ميمون بن مهران بن مخلد بن أيان الكاتب: حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل: حدثنا قدامة بن النعمان عن الزهري قال: سمعت أنس بن مالك يقول: والله الذي لا إله إلا هو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. أورداه في ترجمة أبي الفرج هذا وقالا: " وفي حديثه غرائب ومناكير ". وقال الذهبي في ترجمته: " عن خيثمة بحديث موضوع ". قال المناوي عقبه: " كأنه يشير إلى هذا ". قلت: كلا، فإن هذا الحديث ليس من روايته عن خيثمة كما ترى، ثم قال المناوي: " وقال ابن الجوزي: حديث لا أصل له ". وإنما أشار الذهبي إلى هذا الحديث في ترجمة قدامة بن النعمان فقال: الحديث: 789 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 " عن الزهري، لا يعرف، والخبر باطل، ثم إن سنده مظلم إليه ". قال الحافظ في " اللسان ": " والخبر المذكور رواه الخطيب ... " ثم ذكر هذا الحديث. 790 - " تلمد الفقير عند الشهو ة لا يقدر على إنفاذها أفضل من عبادة الغني سبعين سنة ". موضوع. رواه ابن النجار في " الذيل " من طريق أحمد بن محمد بن جوزي عن أحمد بن زكريا عن إبراهيم بن أخي عبد الرزاق عن عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عباس رفعه. فذكره. أورده الحافظ في ترجمة ابن جوزي هذا من " اللسان " وقال: " حديث موضوع ". قلت: واتهمه الذهبي بوضع حديث آخر كما سبق في الحديث الذي قبله. لكن فوقه في إسناد هذا الحديث إبراهيم بن أخي عبد الرزاق وهو كذاب كما قال الدارقطني، وقال ابن حبان (1 / 104) : " روى عن عبد الرزاق المقلوبات الكثيرة، لا يجوز الاحتجاج بها ". فتعصيب الجناية بابن جوزي ليس بأولى من تعصيبها بإبراهيم هذا. ومن أكاذيبه الحديث الآتي: الحديث: 790 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 791 - " الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل المدر ". موضوع. رواه ابن عدي (7 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (19 / 1) عن إبراهيم بن عبد الله بن أخي عبد الرزاق - أظنه عن عبد الرزاق - عن سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. ساقه في ترجمة إبراهيم هذا مع أحاديث أخرى له. ثم قال ابن عدي: " وهذه الأحاديث مناكير، مع سائر ما يروي ابن أخي عبد الرزاق هذا ". وقال الذهبي بعد أن ساقها ونقل عن الدارقطني أنه كذاب: " فهذه الأشياء من وضع هذا المدبر ". وأقره الحافظ، فاعجب بعد هذا كيف أورد السيوطي الحديث في " الجامع " من رواية القضاعي هذه مع شهادة هذين الإمامين الذهبي والعسقلاني بوضعه! ولهذا تعقبه المناوي بقول الدارقطني وغيره في إبراهيم هذا، ثم قال: " ومن ثم قال القاضي حسين: " إنه موضوع "، فمن شنع عليه فكأنه لم يقف على ما رأيت ". الحديث: 791 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 قلت: والضيافة واجبة شرعا على كل مستطيع، سواء كان بدويا أو مدنيا. لعموم الأحاديث، ولا يجوز تخصيصها بمثل هذا الحديث الموضوع، ومدتها ثلاثة أيام حق لازم، فما زاد عليها فهو صدقة. 792 - " سوء الخلق شؤم ". ضعيف. رواه ابن شاهين في " ثلاثة مجالس " من " الأمالي " (97 / 1) : سعيد بن نفيس المصري: سهل بن سوادة: أخبرنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - قال: حدثني الليث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، عبد الله بن صالح فيه ضعف. ومن دونه لم أجد من ترجمهما. والحديث عزاه في " الجامع " لابن شاهين في " الأفراد " عن ابن عمر، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء! وقد روي الحديث من طرق أخرى لا يصح منها شيء، ولذلك قال الحافظ العراقي: " حديث لا يصح ". نقله المناوي وأقره. ومن المفيد أن أسوق هذه الطرق هنا، وأتكلم على عللها، وأبين ألفاظها. الحديث: 792 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 793 - " الشؤم سوء الخلق ". ضعيف. رواه ابن عدي (37 / 2) عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، أبو بكر هذا كان اختلط، ثم هو منقطع بين ضمرة وعائشة فإن بين وفاتيهما (73) سنة. ثم رأيت الحديث في " الحلية " (6 / 103) رواه في ترجمة حبيب بن عبيد من هذا الوجه إلا أنه جعل حبيبا هذا بدل ضمرة، وكذلك أخرجه أحمد (6 / 85) ، وكلاهما يروي عنه أبو بكر بن أبي مريم، فمن الصعب الجزم بالصواب من الروايتين، بل لعل هذا الاختلاف من اختلاط أبي بكر هذا وضعفه. ومن طريقه رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (8 / 25) . وله شاهد من حديث جابر، أخرجه أبو القاسم السهمي في " تاريخ جرجان " (99) عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم اليزيدي، حدثنا موسى بن عمر بن علي بن عمران: حدثنا عبيد الله بن عائشة البصري: حدثنا إسماعيل بن حكيم: أخبرنا الفضل بن عيسى عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. بيد أن هذا إسناد ضعيف من أجل الفضل هذا. الحديث: 793 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 ومن طريقه رواه الطبراني أيضا في " الأوسط " وقال الهيثمي: " وهو ضعيف ". ورواه ابن وهب في " الجامع " (76 / 77) : أخبرني يحيى بن أيوب عن ابن أيوب عن ابن أبي حسين عن زيد بن الأخنس الكعبي عن سعيد بن المسيب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشؤم؟ قال: سوء الخلق. قلت: وهذا مرسل، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير زيد بن الأخنس أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 556) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 88) ! وذكر هو وابن أبي حاتم أنه روى عنه إسماعيل بن أمية، فقد روى عنه ثقتان هذا أحدهما، والآخر ابن أبي حسين راوي هذا الحديث عنه، وهو إما عبد الله بن عبد الرحمن، وإما عمر بن سعيد وكلاهما مكيان ثقات محتج بهما في الصحيحين، فابن الأخنس مستور. والله أعلم. ثم رأيته في " تاريخ ابن عساكر " (18 / 92 / 2) من طريق إسماعيل بن الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر به. وإسماعيل بن الفضل لم أعرفه. لكن يبدو أنه محرف عن " إسماعيل عن الفضل " بدليل رواية السهمي. والله أعلم. 794 - " سوء الخلق شؤم، وحسن الملكة نماء، والصدقة تدفع ميتة السوء ". ضعيف. رواه أحمد (3 / 502) وعباس الدوري في " التاريخ والعلل " لابن معين (41 / 1 - 2) وابن عساكر (6 / 95 / 2 و11 / 48 / 1) وأبو داود (5162) بالشطر الأول عن عثمان بن زفر عن بعض ولد رافع بن مكيث عن رافع بن مكيث مرفوعا. ولفظ أحمد: " حسن الخلق نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تمنع ميتة السوء ". قلت: وهذا سند ضعيف عثمان هذا مجهول كما في " التقريب " مات سنة (218) . ورافع بن مكيث صحابي، وبعض ولده لم أعرفه. وقد اضطرب فيه عثمان، فمرة رواه هكذا، ومرة قال: حدثني محمد بن خالد بن رافع بن مكيث عن عمه الحارث بن رافع بن مكيث، - وكان رافع من جهينة، قد شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشطر الأول. أخرجه أبو داود (5163) . ورواه ابن منده في " المعرفة " (14 / 2 - 4443 عام) عن عثمان بن عبد الرحمن قال: أخبرنا عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن أم سعد بنت الربيع عن أبيها مرفوعا به. وزاد: " وطاعة النساء ندامة ". الحديث: 794 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 قلت: وهذا سند واه جدا، عنبسة بن عبد الرحمن متروك، وعثمان بن عبد الرحمن هو الحراني، ضعيف. 795 - " سوء الخلق شؤم، وشراركم أسوءكم خلقا ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 249) وعنه الخطيب (4 / 276) وعن هذا ابن عساكر (2 / 31 / 2) عن أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز البغدادي الصوفي: أخبرنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري: حدثنا جابر بن سليم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد تالف، الغفاري هذا نسبه ابن حبان (2 / 39) إلى أنه يضع الحديث. وأبو سعيد الخراز صوفي مشهور وقد ترجم له الخطيب ثم ابن عساكر ترجمة طويلة ولم يذكروا حاله في الرواية. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخطيب هذه فأساء ، لما عرفت من حال الغفاري، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء! الحديث: 795 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 796 - " ليس للدين دواء إلا القضاء والوفاء والحمد ". ضعيف جدا. رواه الخطيب (7 / 198) وابن عساكر (2 / 21 / 1) من طريقه عن جعفر بن عامر بن أبي الليث البغدادي: حدثنا أحمد بن عمار بن نصير الشامي: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. أورده الخطيب في ترجمة جعفر هذا وقال: " شيخ مجهول، روى عن الحسن بن عرفة أحاديث منكرة ". ثم ساق له هذا الحديث. وأما ابن عساكر فأورده في ترجمة أحمد بن عمار، وهو أخو هشام بن عمار، وقال عقبه: " قال الشيخ أبو بكر الخطيب: أحمد بن عمار بن نصير الشامي شيخ مجهول، وهذا حديث منكر ". وإنما قال الخطيب: " شيخ مجهول " في حق جعفر هذا كما رأيت، فلعل ما نقله ابن عساكر عنه في موضع آخر من كتب الخطيب. ثم روى عن الدارقطني أنه قال: " أحمد هذا متروك الحديث ". والحديث أورده الذهبي في ترجمة ابن عمار هذا وقال: " وهذا منكر ". ثم قال في ترجمة جعفر بن عامر هذا: " عن أحمد بن عمار أخي هشام بخبر كذب، واتهمه ابن الجوزي ". وأقره الحافظ. الحديث: 796 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 797 - " الإحصان إحصانان: إحصان عفاف، وإحصان نكاح ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 182 / 1 - 2) وابن عساكر (2 / 15 / 1 و14 / 358 / 1) عن مبشر بن عبيد قال: سمعت الزهري يحدث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا، زاد ابن عساكر في رواية: " فمن قرأها (والمحصنات) بكسر الصاد فهن العفائف، ومن قرأها (المحصنات) فهن المتزوجات ". وهذا مدرج في الحديث بلا شك. وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن الزهري إلا مبشر ". قلت: قال الهيثمي (4 / 263) : " وهو متروك ". وعزاه للبزار أيضا. قلت: وقد قال فيه الإمام أحمد: " كان يضع الحديث ". قلت: ولهذا كان على السيوطي أن لا يورده في " الجامع الصغير " وفاء بوعده أنه صانه عما تفرد به وضاع أو كذاب. الحديث: 797 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 798 - " عليكم بغسل الدبر، فإنه يذهب بالباسور ". موضوع. رواه ابن حبان في " المجروحين " (2 / 99) وابن عدي (87 / 1) وأبو نعيم في " الطب " (2 / 25 / 1) من طريق أبي يعلى عن عثمان بن مطر الشيباني: حدثنا الحسن بن أبي جعفر: حدثنا علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: " هذا يرويه ابن أبي جعفر عن علي بن الحكم وعن ابن أبي جعفر عثمان بن مطر، ولعل البلاء من عثمان ". قلت: وقال ابن حبان: " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وضعفه غيره. وشيخه الحسن بن أبي جعفر ضعيف، وفي ترجمته ساقه ابن عدي مع أحاديث (أخرى) ، ثم قال: " وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، وهو صدوق، ولعل هذه الأحاديث التي (أنكرت) عليه توهمها توهما، أو شبه عليه فغلط ". الحديث: 798 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن السني وأبي نعيم عن ابن عمر. وقال المناوي: " ورواه عنه أيضا أبو يعلى والديلمي، وأورده في " الميزان " في ترجمة عثمان بن مطر الشيباني من حديثه، ونقل عن جمع تضعيفه، وأن حديثه منكر، ولا يثبت. وساقه في " اللسان " في ترجمة عمر بن عبد العزيز الهاشمي، وقال: شيخ مجهول، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها ". قلت: وهو من روايته بإسناده عن الحارث عن علي مرفوعا. والحارث وهو الأعور متهم كما تقدم مرارا. 799 - " ما الميت في قبره إلا كالغريق المستغيث ينتظر دعوة تلحقه من أب أو أم أو أخ أو صديق، فإذا لحقته كانت أحب أليه من الدنيا وما فيها، وإن الله عز وجل ليدخل على أهل القبور من دعاء أهل الدور أمثال الجبال، وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار ". منكر جدا. رواه الضياء في " المنتقى من حديث الأمير أبي أحمد وغيره " (268 / 1) من طريق ابن شاذان: حدثنا محمد بن الفضل العطار قال: أخبرنا محمد بن جابر بن أبي عياش المصيصي: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يعقوب بن القعقاع عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. ورواه الضياء في " السنن " أيضا (86 / 2) عن الفضل بن محمد الباهلي: حدثنا محمد بن جابر به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته ابن أبي عياش هذا، قال الذهبي: " لا أعرفه، وخبره منكر جدا ". ثم ساق له هذا الحديث. وقال الحافظ في " اللسان ": " أورده البيهقي في " الشعب " ونقل عن أبي علي الحافظ، أنه غريب من حديث ابن المبارك، لم يقع عند أهل خراسان، قال: ولم أكتبه إلا عن هذا الشيخ. يعني الفضل بن محمد. قال البيهقي: وتابعه محمد بن خزيمة عن ابن أبي عياش، وابن أبي عياش تفرد به ". الحديث: 799 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 800 - " إن الله خلق الجنة بيضاء، وإن أحب الزي إلى الله عز وجل البياض، فألبسوها أحياءكم، وكفنوها موتاكم، ثم جمع الرعاء، فقال: من كان فيكم ذا غنم سود فليخلطها ببيض ". موضوع. رواه أبو جعفر البختري في " ستة مجالس " (115 / 1 - 2) وأبو نعيم في " صفة الجنة " (ق 20 / 2) عن هشام بن أبي هشام قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حبيب مولى بني الحديث: 800 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 مخزوم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا عبد الرحمن بن حبيب هو ابن أدرك، قال النسائي: " منكر الحديث، وذكره ابن حبان في " الثقات ". وفي " الميزان ": " صدوق، وله ما ينكر ". وهشام بن أبي هشام هو ابن زياد متفق على تضعيفه. وقال ابن معين والنسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البزار عن ابن عباس دون قوله: " فألبسوها إلخ " فقال المناوي: " قال الهيثمي عقب عزوه للبزار: " فيه هشام بن زياد وهو متروك ". وظاهر حال المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه، وإنه لشيء عجاب، فقد خرجه ابن ماجه عن ابن عباس المذكور بلفظ: " إن الله خلق الجنة بيضاء، وأحب الزي إليه البياض فليلبسها أحياؤكم، وكفنوا فيها موتاكم ". انتهى بلفظه ". قلت: وأنا في شك كبير من وجود هذا الحديث في " سنن ابن ماجه " فقد راجعته في مظانه: " الجنائز "، و" اللباس " و" صفة الجنة " فلم أجده، ويؤيده أنه ليس في مسند ابن العباس من " ذخائر المواريث " للنابلسي، ولا في أصله " تحفة الأشراف " للحافظ المزي، ولا في فهرست ابن ماجه الذي وضعه محمد عبد الباقي في آخر " السنن " التي قام هو على تحقيقها. ولم يعزه لابن ماجه ابن القيم في " حادي الأرواح " (1 / 218 - 219) ، ولا دل على شيء منه كتاب " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث " للمستشرقين. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " زوائد مسند البزار " (ص 170) من طريق هشام أبي المقدام عن حبيب بن الشهيد عن عطاء به. وقال الهيثمي عقبه: " هشام ضعيف متروك ". ثم أخرجه أبو نعيم عن أبي شهاب عن حمزة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس نحوه، وحمزة هذا هو ابن أبي حمزة الجعفي النصيبي قال الحافظ: " متروك متهم بالوضع ". 801 - " إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب ". موضوع. رواه الطبراني (1 / 258 / 2) : عن عبادة بن زياد الأسدي: حدثنا يحيى بن العلاء الرازي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. الحديث: 801 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 قلت: وهذا موضوع، آفته يحيى بن العلاء، كذاب يضع كما تقدم مرارا. والحديث أورده السيوطي في " الجامع "، من رواية الطبراني عن جابر، والخطيب في " التاريخ " عن ابن عباس، فقال المناوي في رواية الطبراني: " قال الهيثمي (9 / 172) : فيه يحيى بن العلاء وهو متروك. وقال ابن الجوزي قال أحمد: يحيى بن العلاء كذاب يضع. وقال الدارقطني: " أحاديثه موضوعة ". وذكر في " الميزان " نحوه في ترجمة العلاء، وأورد له أخبارا هذا منها ". ثم قال في رواية الخطيب: " قال ابن الجوزي: " حديث لا يصح، فيه ابن المرزبان، قال ابن الكاتب: كذاب، ومن فوقه إلى المنصور ما بين مجهول وغير موثوق ". وفي " الميزان " في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحاسب: " لا يدرى من ذا؟ وخبره كذب، رواه الخطيب ". ثم ساق هذا الخبر ". 802 - " كل بني أنثى، فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم ". ضعيف. رواه الطبراني (1 / 258 / 2) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا بشر بن مهران: حدثنا شريك بن عبد الله عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين عن عمر مرفوعا. ثم رواه عن شيبة بن نعامة عن فاطمة بنت حسين عن فاطمة الكبرى مرفوعا. قلت: والطريق الأول واه بمرة: شريك هو القاضي وهو ضعيف. وبشر بن مهران قال ابن أبي حاتم: " ترك أبي حديثه ". وبه أعل المناوي الحديث تبعا للهيثمي. وخفي عليهما أنه من رواية محمد بن زكريا الغلابي، وهو كذاب. وأما الطريق الثاني: فهو خير من هذا، فإن شيبة بن نعامة، ضعفه يحيى بن معين و" يروي عن أنس ما لا يشبه حديثه، وعن غيره من الثقات ما يخالف حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ". ثم تناقض فأورده في " الثقات " أيضا! والمعتمد أنه ضعيف. والحديث قال الهيثمي (9 / 173) : " رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه شيبة بن نعامة لا يجوز الاحتجاج به ". قال المناوي: " وأورده ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " وقال: " لا يصح ". فقول المصنف (يعني السيوطي) : " هو حسن " غير حسن ". الحديث: 802 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 803 - " كل من ورد القيامة عطشان ". موضوع. رواه الخطيب (3 / 356) من طريق محمد بن هارون بن برية الهاشمي قال: حدثنا السري بن عاصم: حدثنا ابن السماك: حدثنا الهيثم بن جماز قال: دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد حر. فقال: ادخل يا هيثم! ادخل ادخل، حتى نبكي على الماء البارد، وقد عطش نفسه أربعين سنة، ثم قال: حدثني أنس بن مالك فذكره مرفوعا. وقال: " ابن برية في حديثه مناكير كثيرة، قال الدارقطني: لا شيء ". قلت: وقال الخطيب في مكان آخر (7 / 403) : " ذاهب الحديث يتهم بالوضع ". وقال ابن عساكر: " يضع الحديث ". كما يأتي قريبا تحت الحديث (806) . قلت: لكنه لم يتفرد به، فقد أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 54، 8 / 216) عن علي بن المبارك المسروري (وفي الموضع الآخر، المروزي وهو تصحيف) حدثنا السري بن عاصم به. لكن المسروري هذا لا يستشهد به، فقد ترجمه الخطيب (12 / 105 - 106) وأشار إلى سوء حفظه، ولكن الذهبي اتهمه بخبر كذب. قال الحافظ في " اللسان ": " والخبر المذكور في " الفضائل " من كتاب " الموضوعات " لابن الجوزي ". ثم إن السري بن عاصم كذبه ابن خراش، واتهمه النقاش بأنه وضع حديثا. وذكر له الذهبي أحاديث وصفها بأنها من بلاياه ومصائبه، منها الحديث الآتي عقب هذا. والهيثم بن جماز متروك كما قال النسائي والساجي، بل ذكره البرقي في الكذابين. ويزيد الرقاشي ضعيف. فلا أدري كيف استجاز السيوطي أن يورد هذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم، مع ما في سنده من هؤلاء الكذابين والضعفاء! ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (18 / 115 / 1) . ثم رواه من طريق أخرى عن السري بن عاصم به. فهذه ثلاث طرق إلى السري فهو آفة الحديث، إن سلم من الهيثم. والله أعلم. الحديث: 803 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 804 - " الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن ". ضعيف. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (18 / 1) عن أبي سعيد الحسن بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا جماهر بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسين قال: أخبرنا المزاحم بن عوام عن الأوزاعي عن عمرو بن أبي لبابة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم لم أعرف منه أحدا من رواته غير الأوزاعي، ولا أعرف في الحديث: 804 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 الرجال (عمرو) فلعل في النسخة تصحيفا. ثم وقفت على الحديث عند الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 2 / 359) من طريق الحاكم، فرأيته فيه " عبدة بن أبي لبابة " وهو ثقة، فالآفة ممن دونه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الحاكم في " تاريخه " والقضاعي عن أبي هريرة، فقال المناوي: " وفيه السري بن عاصم الهمداني مؤدب المعتز، قال في " الميزان ": وهاه ابن عدي وقال: يسرق الحديث، وكذبه ابن خراش، قال: ومن بلاياه هذا الخبر، وأورده ابن الجوزي في " الواهيات " وقال: السري قال ابن حبان: " لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وسبقت ترجمته بأتم منه في الحديث الذي قبله، لكنه ليس هو في إسناد القضاعي والحاكم كما رأيت، وهو يرويه عن محمد بن مصعب: حدثنا الأوزاعي به كما في " الميزان ". 805 - " إن الله إذا أراد أن يجعل عبدا للخلافة مسح يده على جبهته ". موضوع. رواه الخطيب في " التاريخ " (2 / 150) من طريق مسرة بن عبد الله - مولى المتوكل على الله - قال: نبأنا الحسن بن يزيد قال: نبأنا عبد الله بن المبارك قال: نبأنا سليمان بن مهران: قال إبراهيم بن جعفر الأنصاري المعروف بالراهب عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " مسرة بن عبد الله ذاهب الحديث ". قلت: وساق له الذهبي في ترجمته حديثا قال: إنه موضوع، ونقل الحافظ في " اللسان " عن الخطيب أنه قال: " هذا الحديث كذب، والحمل فيه على مسرة. قلت: ومن موضوعاته .... ". قلت: ثم ساق الحافظ له حديثا ثالثا فيظهر مما ذكرنا أن مسرة كذاب وضاع. فما كان يحسن بالسيوطي أن يورد هذا الحديث من رواية الخطيب هذه في " الجامع الصغير "! لاسيما مع قول الخطيب: " إنه حديث كذب ". ولا يبرر له ذلك إتباعه إياه بحديث ابن عباس الآتي بعده، لأن فيه وضاعا أيضا، وإن خفي ذلك على بعضهم. وكذلك ما رواه العقيلي في " الضعفاء " (417) وابن عدي في " الكامل " (327 / 2) وابن النجار (10 / 183 / 1) عن مصعب النوفلي عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا به. فقد قال العقيلي: " مصعب النوفلي مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يتابع عليه ". وقال ابن عدي: " وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، والبلاء فيه من مصعب بن عبد الله النوفلي هذا، ولا أعلم له شيئا آخر ". وأما حديث ابن عباس فهو: الحديث: 805 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 806 - " إن الله إذا أراد أن يخلق خلقا للخلافة مسح يده على ناصيته، فلا تقع عليه عين أحد إلا أحبه ". موضوع. رواه الحاكم (3 / 331) : حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ - بالكوفة -: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي: حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى الهاشمي: حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: " دخلت على أبي جعفر المنصور فرأيت له جمة، فجعلت أنظر إلى حسنها، فقال: كان لأبي محمد بن علي جمة، وحدثني أن أباه علي بن عبد الله كانت له جمة، وحدثني أن أباه عبد الله بن عباس كانت له جمة، وكان للعباس جمة، وحدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له جمة، وكان لهاشم بن عبد مناف جمة، فقلت لأبي إني لأعجب من حسنها، قال: ذلك نور الخلافة، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: فذكره. وقال: " رواة هذا الحديث عن آخرهم كلهم هاشميون معروفون بشرف الأصل ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: ليسوا معتمدين ". قلت: وهذا كلام مجمل، وهاك تفصيله: أبو جعفر المنصور هو الخليفة العباسي المعروف، وحاله في الحديث غير معروف. ويعقوب بن جعفر بن سليمان وأبوه، لم أجد من ترجمهما. وأما محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي، فهو آفة الحديث، ويعرف بابن برية، ترجمه الخطيب (3 / 356) وقال: " في حديثه مناكير كثيرة ". ثم روى عن الدارقطني أنه قال: " لا شيء ". وقال الخطيب في مكان آخر (7 / 403) : " ذاهب الحديث، يتهم بالوضع ". قلت: وقال الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4 / 328 / 2) : " هو من ولد أبي جعفر المنصور، يضع الحديث ". قلت: فهذا من وضعه ولا شك، ولا أدري كيف فات هذا الحافظ ابن حجر فقد أعله بشيخ الحاكم كما في " فيض القدير " وقال: " إنه ضعيف، وهو من الحفاظ "! ولا يستقيم هذا الإعلال لوجهين: الأول: ما عرفته من حال ابن برية. الحديث: 806 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 الثاني: أن شيخ الحاكم لم يتفرد به، فقد أخرجه ابن الجوزي في " المسلسلات " (الحديث - 43) والكازروني في " مسلسلاته " أيضا (ق 331 / 2) من طريق أحمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن هارون به دون قوله: " فلا تقع عليه ... ". وأحمد بن يعقوب هذا هو أبو الحسن المعدل، ترجمه الخطيب (5 / 227) وذكر أنه روى عن جماعة منهم ابن برية هذا، ثم روى عن أبي نعيم أنه قال فيه: " ثقة ". فبرئت منه عهدة شيخ الحاكم، وانحصرت التهمة في ابن برية، والله الموفق. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 97) من طريقين آخرين من حديث أبي هريرة وأنس، وسيأتي تحقيق الكلام عليهما برقم (2217) . 807 - " أبغض العباد إلى الله عز وجل من كان ثواباه خيرا من عمله، أن تكون ثيابه ثياب الأنبياء، وعمله عمل الجبارين ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (172) عن أبي صالح كاتب الليث: حدثنا سليم بن عيسى أبو يحيى عن سفيان الثوري عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عائشة مرفوعا. ذكره في ترجمة سليم هذا وقال: " مجهول في النقل، حديثه (هذا) منكر غير محفوظ ". وقال الذهبي: " روى عن الثوري خبرا منكرا، ساقه العقيلي ". ثم ساقه من طريقه ثم قال: " قلت: هذا باطل ". قلت: وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 51) من طريق العقيلي هذه وأعله بكلامه الذي نقلته آنفا وبكاتب الليث، وقال: قال أحمد: ليس بشيء، وأقره السيوطي في " اللآليء " (برقم 2287) على وضعه، وزاد عليه أنه نقل كلمة الذهبي أنه باطل. وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (335 / 2) . ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية العقيلي والديلمي! فتعقبه شارحه المناوي بما خلاصته أن ابن الجوزي قال: " موضوع ". وأقره عليه السيوطي في الأصل (يعني الجامع الصغير) " وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندي. قلت: وسليم بن عيسى هذا الذي جهلوه، إنما هو - فيما أرى - سليمان بن عيسى بن نجيح المعروف بالكذب، فقد أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 80 من مختصره للحافظ) هكذا: عن سليمان بن عيسى بن نجيح عن الثوري به. وقال الحافظ عقبه: " قلت: سليمان متروك ". وقال الذهبي في " الميزان ": الحديث: 807 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 " هالك، قال الجوزجاني: كذاب مصرح. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال ابن عدي: يضع الحديث ". ثم ذكر له عدة أحاديث من بلاياه! 808 - " أو حى الله إلى الدنيا: أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك ". موضوع. رواه الخطيب في " التاريخ " (8 / 44) عن الحسين بن داود البلخي: حدثنا الفضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعا. وقال: " تفرد بروايته الحسين عن الفضيل وهو موضوع، ورجاله كلهم ثقات سوى الحسين بن داود ولم يكن ثقة ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 136) من طريق الخطيب هذه ومن طريق أخرى عن الحسين البلخي به وذكر كلام الخطيب محتجا به. وتعقبه السيوطي بأن له شاهدا عن قتادة بن النعمان، ولكن فيه مجاهيل، وهو: " أنزل الله إلي جبريل في أحسن ما كان يأتي صورة فقال: إن الله عز وجل يقرئك السلام يا محمد! ويقول لك: إني أو حيت إلى الدنيا أن تمرري وتكدري وتضيقي وتشددي على أوليائي، كي يحبوا لقائي، وتسهلي وتوسعي وتطيبي لأعدائي، حتى يكرهو القائي، فإن خلقتها سجنا لأوليائي، وجنة لأعدائي ". الحديث: 808 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 809 - " أنزل الله إلي جبريل في أحسن ما كان يأتي صورة فقال: إن الله عز وجل يقرئك السلام يا محمد! ويقول لك: إني أو حيت إلى الدنيا أن تمرري وتكدري وتضيقي وتشددي على أوليائي، كي يحبوا لقائي، وتسهلي وتوسعي وتطيبي لأعدائي، حتى يكرهو القائي، فإن خلقتها سجنا لأوليائي، وجنة لأعدائي ". منكر. رواه الطبراني، وعنه ابن المرزبان في " الفوائد " (1 / 2) وابن عساكر في " التاريخ " (17 / 409 / 1 - 2) من طريق البيهقي وهذا في " الشعب "، قال الطبراني: حدثنا الوليد بن حماد الرملي: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن الفضل (الأصل المفضل وهو خطأ) بن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري: حدثني أبي، الفضل عن أبيه عاصم عن أبيه عن قتادة بن النعمان مرفوعا. وقال البيهقي: " لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، وفيهم مجاهيل ". وأورده السيوطي في " اللآليء " (ص 506) شاهدا للحديث الذي قبله. ومن غرائبه أنه أورده في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي فقط دون رواية الطبراني! والمجاهيل الذين أشار إليهم البيهقي هم الفضل بن عاصم، وابنه عبد الله، وشيخ الطبراني الوليد الرملي، وقد أورده الحافظ ابن حجر في " اللسان " وساق له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، إشارة منه إلى أنه مجهول، ولكنه قال: الحديث: 809 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 " أخرجه الطبراني عن الوليد، وقد أشار العلائي في " الموشى " إلى أن عبد الله وأباه لا يعرفان ". قلت: وفي متن الحديث عندي نكارة ظاهرة، والله أعلم، ثم رأيت الحديث في " المجموع " (6 / 76 / 1) ساق فيه كاتبه إسناد الحديث نقلا عن الطبراني كما في " اللآليء " مع التصحيح الذي ذكرناه في اسم الفضل. 810 - " إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي في " الكامل " (34 / 1) وابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (192 / 1) عن بشر بن عبيد الدارسي: أخبرنا عمار بن عبد الرحمن عن المسعودي عن عبد الله بن أبي ملكية عن عائشة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو مطيع المصري في " الأمالي " أيضا (1 / 33 / 2) والديلمي (1 / 2 / 320) . وعزاه السيوطي في " الدر المنثور " (2 / 90) للحكيم الترمذي وابن عدي بسند فيه متروك. وقال ابن عدي: " بشر بن عبيد منكر الحديث، وهو بين الضعف ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما، وهو إذا روى إنما يروي عن ضعيف مثله أو مجهول أو محتمل، أو يروي عمن يرويه عن أمثالهم ". وكذبه الأزدي. وساق له الذهبي أحاديث منها هذا، ثم عقبها بقوله: " وهذه الأحاديث غير صحيحة، والله المستعان ". الحديث: 810 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 811 - " بعثت بمدارة الناس ". موضوع. رواه أبو سعد الماليني في " الأربعين الصوفية " (8 / 2) عن عبيد الله بن لؤلؤ الصوفي: أخبرني عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبيد الله يقول: أخبرني محمد بن سوار: أخبرني مالك بن دينار، ومعروف بن علي عن الحسن عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزلت سورة براءة: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وآفته ابن لؤلؤ هذا أو شيخه، وهما بغداديان، وقد ترجم لهما الخطيب في " تاريخه "، وساق في ترجمة الأول منهما حديثا ظاهر الوضع ثم قال (10 / 358) : " هذا الحديث موضوع من عمل القصاص وضعه عمر بن واصل، أو وضع عليه. والله أعلم ". ولما ترجم لابن واصل لم يقل فيه شيئا سوى أنه ساق له حديثا آخر من طريق ابن لؤلؤ هذا عنه، وسكت عليه، ولوائح الوضع عليه ظاهرة كهذا الحديث. والله أعلم. الحديث: 811 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن جابر. وتعقبه المناوي بقوله: " وفيه عبيد الله بن لؤلؤ عن عمر بن واصل، قال في " لسان الميزان ": يروي عنه الموضوع وعمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع، وفيه أيضا مالك بن دينار الزاهد، أورده الذهبي في " الضعفاء "، ووثقه بعضهم ". 812 - " يا عائشة! أما تعلمين أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وامرأة فرعون ". منكر. رواه أبو الشيخ في " التاريخ " (ص 288) بسند صحيح عن أبي الربيع السمتي: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن سنان عن يونس بن شعيب عن أبي أمامة مرفوعا. ذكره من حسان حديث أبي عبيد الله محمد بن أحمد بن عمرو الأبهري. ورواه العقيلي في " الضعفاء " (469) عن إبراهيم بن عرعرة: حدثنا عبد النور به. وقال: " يونس بن شعيب حديثه غير محفوظ، قال البخاري: منكر الحديث ". وقال ابن عدي كما في اللسان ": " هذا الحديث هو الذي أنكره عليه البخاري ". قلت: لكن الراوي عنه مثله أو شر منه، فقد قال فيه الذهبي: " كذاب ". ثم اتهمه بوضع الحديث. لكن الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " عن سعد بن جنادة وقال المناوي: " قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه ". الحديث: 812 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 813 - " إن الله تبارك وتعالى كتب الغيرة على النساء، والجهاد على الرجال، فمن صبر منهن كان لها مثل أجر الشهيد ". منكر. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 61 / 2) والعقيلي (ص 268) وابن الأعرابي في " معجمه " (82 / 1) وعنه القضاعي (93 / 1) والدولابي (2 / 100) وابن عدي (279 - 280) والبزار عن عبيد بن الصباح عن كامل بن العلاء عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا، قال المناوي: " قال البزار لا نعلمه إلا من هذا الوجه، وعبيد لا بأس به، وكامل كوفي مشهور، على أنه لم يشاركه أحد فيه ". وقال الهيثمي (4 / 320) : الحديث: 813 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 " رواه البزار والطبراني وفيه عبيد بن الصباح، ضعفه أبو حاتم، ووثقه البزار، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وأورد ابن أبي حاتم حديثه هذا في " العلل " (1 / 313) وقال: " سألت أبي عنه؟ قال: هذا حديث منكر، وقال مرة أخرى: هذا حديث موضوع بهذا الإسناد ". قلت: وساقه الذهبي في ترجمة عبيد بن الصباح من مناكيره، وكأنه نسي هذا فصحح له حديثا آخر تبعا للحاكم: بلفظ: " إذا أردت أن تغزو ... " وهو في " الترغيب " (2 / 162) . 814 - " ما تشهد الملائكة من لهو كم إلا الرهان والنضال ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 203 / 1) عن عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عمرو هذا قال الذهبي: " متهم، قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث. وقال العقيلي وغيره: منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني هذه، وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء! الحديث: 814 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 815 - " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء ". ضعيف جدا. رواه ابن جرير في " التفسير " (5 / 574 / 5753) والعقيلي في " الضعفاء " (463) والواحدي في تفسيره " الوسيط " (1 / 91 / 2) عن يحيى بن سعيد العطار: حدثنا حفص بن سليمان عن محمد بن سوقة عن وبرة بن عبد الرحمن عن ابن عمر مرفوعا، ثم قرأ عبد الله بن عمر (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) . وقال العقيلي: " يحيى بن سعيد العطار شامي منكر الحديث لا يتابع على حديثه، وليس بمشهور بالنقل، قال ابن معين: ليس بشيء ". ورواه ابن عدي (100 / 2) من هذا الطريق في ترجمة حفص وقال: " لا يرويه عن ابن سوقة غير حفص، وعامة حديثه غير محفوظ ". قلت: وهو أبو عمر الأسدي القاريء، وهو ضعيف جدا، بل قال ابن خراش: " كذاب يضع الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية الطبراني فقد، وقال شارحه المناوي: " ضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف. وفي " الميزان ": الحديث: 815 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 يحيى هذا ضعفه ابن معين ووهاه أبو داود، وقال ابن خزيمة: لا يحتج به، ثم أورد له هذا الخبر ". قلت: إعلال الحديث بحفص بن سليمان كما فعل ابن عدي أولى من إعلاله بالعطار لشدة ضعفه كما عرفت، ولأنه فوقه في الطبقة. 816 - " شهيد البر يغفر له كل ذنب إلا الدين والأمانة، وشهيد البحر يغفر له كل ذنب والدين والأمانة ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 51) وابن النجار (10 / 167 / 2) عن نجدة ابن المبارك: حدثنا حسن المرهبي عن طالوت عن إبراهيم بن أدهم عن هشام بن حسان عن يزيد الرقاشي عن بعض عمات النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، نجدة هذا قال الحافظ: " مقبول ". ويزيد الرقاشي زاهد ضعيف. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم فقط، وتعقبه المناوي بقوله: " قضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد عزاه في " الفردوس " وغيره إلى ابن ماجة من حديث أنس مرفوعا. قال ابن حجر: " وسنده ضعيف ". وقال جدنا الأعلى الإمام الزين العراقي: وفيه يزيد الرقاشي ضعيف ". قلت: وما تعقب به السيوطي لا وجه له، بل هو ذهول عن أن السيوطي قد ساق حديث ابن ماجه عن أنس عقب هذا الحديث مباشرة! وهو حديث طويل، هذا الحديث قطعه منه. وسنده أشد ضعفا من هذا وهو الحديث الآتي: الحديث: 816 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 817 - " شهيد البحر مثل شهيد البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله عز وجل وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر، فإنه تولى قبض أرواحهم، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدين ". موضوع بهذا التمام. رواه ابن ماجه رقم (2778) والطبراني في " المعجم الكبير " (ق 25 / 1 مجموع 6) عن قيس بن محمد الكندي: حدثنا عفير بن معدان الشامي عن سليم بن الحديث: 817 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 عامر قال: سمعت أبا أمامة يقول فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، بل الغالب أنه موضوع على سليم بن عامر الثقة، فإن في متن الحديث من المبالغة ما لا نعرفه في الأحاديث الصحيحة، وآفته عندي عفير هذا، فإنه متهم. قال أبو حاتم: " يكثر عن سليم عن أبي أمامة بما لا أصل له ". قلت: وهذا منه، وتقدم له حديث آخر موضوع برقم (291) . والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن ماجه والطبراني في الكبير ". وذكر المناوي أن الطبراني رواه عن الكندي أيضا ثم قال: " قال الزين العراقي: وعفير بن معدان ضعيف جدا ". واعلم أن هذا الحديث والذي قبله مخالف لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين ". أخرجه مسلم وغيره من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما، وهو مخرج عندي في " إرواء الغليل " (118) و" تخريج مشكلة الفقر " (67) و" تخريج الحلال والحرام " (348) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 818 - " لا تتؤضؤوا في الكنيف الذي تبولون فيه، فإن وضوء المؤمن يوزن مع حسناته ". موضوع. رواه ابن النجار (10 / 129 / 1) عن يحيى بن عنبسة حدثنا حميد عن أنس مرفوعا. قلت: ويحيى هذا قال ابن حبان: " دجال وضاع ". وقال ابن عدي: " منكر الحديث مكشوف الأمر ". ذكره الذهبي. ثم ساق له أحاديث منها هذا ثم قال: " هذا كله من وضع هذا المدبر ". الحديث: 818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 819 - " آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر، وإمام جائر، ومجتهد جاهل ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 328) وعنه الديلمي في " المسند " (1 / 1 / 76) عن نهشل بن سعيد الترمذي عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، وفيه علتان: 1 - الانقطاع بين الضحاك وابن عباس. الحديث: 819 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 2 - نهشل بن سعيد كذاب كما قال ابن راهويه والطيالسي، وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ". وقال أبو سعيد النقاش: " روى عن الضحاك الموضوعات ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي عن ابن عباس. فقال المناوي: " ورواه عنه أبو نعيم. ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمي، ونهشل قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال ابن راهويه: كان كذابا، والضحاك لم يلق ابن عباس، ومن ثم قال المؤلف في درر البحار: " سنده واه ". قلت: فكان على السيوطي أن لا يورده في " الجامع " وفاء بشرطه! 820 - " أجوع الناس طالب العلم، وأشبعهم الذي لا يبتغيه ". موضوع. رواه ابن حبان في " كتاب المجروحين " (2 / 261 - 262) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 259) وعنه الديلمي (1 / 1 / 85) عن محمد بن الحارث عن ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أجوع؟ قال: طالب العلم. قال: فأيهم أشبع؟ قال: الذي لا يبتغيه ". قلت: آفته ابن البيلماني، واسمه محمد بن عبد الرحمن، قال الذهبي: " ضعفوه، قال النسائي وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتين حديث كلها موضوعة ". قلت: ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. وقال ابن عدي: " كل ما يرويه البيلماني فإن البلاء فيه منه، ومحمد بن الحارث أيضا ضعيف ". وقال الحافظ ابن حجر في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس ": " قلت: محمد بن الحارث وشيخه ضعيفان ". قلت: وتقدم لهما حديث آخر برقم (54) . الحديث: 820 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 821 - " احبسوا على المؤمنين ضالتهم، قالوا: وما ضالة المؤمنين؟ قال: العلم ". موضوع. رواه الديلمي في " المسند " (1 / 1 / 20) وعفيف الدين أبو المعالي في " فضل العلم " (114 / 1) عن عمرو بن حكام عن بكر عن زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، زياد هذا قال الحاكم والنقاش: " روى عن أنس وغيره أحاديث موضوعة ". وكان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه، وقال الدارقطني: الحديث: 821 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 " متروك ". وبكر هو ابن خنيس، قال النسائي وغيره: ضعيف. وقال ابن حبان في " المجروحين " (1 / 186) : " يروي عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ". وعمرو بن حكام ضعيف، وإنما آفة الحديث ممن فوقه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي وابن النجار في " تاريخه " عن أنس فتعقبه المناوي بقوله: " وفيه إبراهيم بن هاني أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " مجهول أتى بالبواطيل ". عن عمرو بن حكام تركه أحمد والنسائي. عن بكر بن خنيس قال الدارقطني: متروك عن زياد بن أبي حسان تركوه ". فاعجب من السيوطي كيف سود كتابه بحديث هذا حال إسناده، ثم ازدد عجبا منه حين تعلم أنه هو نفسه أورد الحديث في ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 42) من رواية الديلمي!! 822 - " إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده، فإن يك حقا كنتم شريكا في الأجر، وإن يك باطلا كان وزره عليه ". موضوع. رواه عثمان بن محمد المحمي في " حديثه " (208 / 1) عن بعاد بن يعقوب قال: حدثنا سعيد بن عمرو العنبري عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته مسعدة بن صدقة هذا، قال الدارقطني: " متروك ". ذكره الذهبي ثم ساق له هذا الحديث ثم قال: " هذا موضوع ". ووافقه الحافظ في " اللسان ". وأما السيوطي فذهل عن قول هذين الحافظين فأورده في " الجامع الصغير " من رواية الحاكم في " علوم الحديث " وأبي نعيم وابن عساكر عن علي. فتعقبه المناوي بقوله: " رمز لضعفه، وليس بضعيف فقط، بل قال في " الميزان ": موضوع ". الحديث: 822 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 823 - " اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها ". ضعيف جدا. رواه السهمي في " تاريخ جرجان " (170، 350) عن أبي هرمز: سمعت أنسا يقول فذكره مرفوعا. الحديث: 823 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبوهرمز هذا اسمه نافع بن هرمز قال أبو حاتم: " متروك ذاهب الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". واختلف فيه قول ابن معين، فكذبه مرة، وقال مرة: لا يكتب حديثه. وقال مرة: لا أعرفه. وقال مرة: ليس بشيء. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي والديلمي عن أنس. وتعقبه المناوي بقوله: " وفيه أبو عبد الرحمن السلمي سبق أنه وضاع للصوفية، ومحمد بن أحمد بن هارون قال الذهبي في " الضعفاء ": متهم بالوضع، ونافع بن هرمز أبوهرمز قال في " الميزان ": كذبه ابن معين. وتركه أبو حاتم وضعفه أحمد انتهى. وبه يعرف أن سنده مهلهل بالمرة فكان ينبغي للمصنف حذفه ". قلت: السلمي وابن هارون ليس بشيء في سند السهمي، وكذا ابن عدي، فإن الجرجاني رواه عنه في أحد الموضعين المشار إليهما، فآفة الحديث أبوهرمز هذا فقط، وحينئذ فلا يصل الأمر إلى الحكم على الحديث بالوضع، والله أعلم. 824 - " بجلوا المشايخ، فإن تبجيل المشايخ من إجلال الله تعالى ". موضوع. رواه ابن حبان في " المجروحين " (2 / 4) وابن عدي (203 / 2) وابن منده في " تاريخ أصبهان " (ق 235 / 2) عن صخر بن محمد الحاجبي: حدثنا الليث بن سعد عن الزهري عن أنس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه لاحق بن محمد الإسكافي في " شيوخه " (115 / 1) . قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته صخر هذا قال ابن حبان عقبه: " لا تحل الرواية عنه ". وقال فيه ابن طاهر: " كذاب ". وقال ابن عدي: " كان يضع الحديث، حدث عن الثقات بالبواطيل ". وقال أيضا: " وهذا حديث موضوع على الليث ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 182) من رواية ابن حبان عنه، وأقره السيوطي في " اللآلئ " (1 / 149) . ورواه الخطيب من هذا الوجه في الجزء الثاني من " الجامع " كما في " المنتقى منه " (18 / 2) . الحديث: 824 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 825 - " جبل الخليل جبل مقدس، وإن الفتنة لما ظهرت في الحديث: 825 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 بني إسرائيل أو حى الله تعالى إلى أنبيائهم أن يفروا بدينهم إلى جبل الخليل ". منكر. رواه ابن عساكر (1 / 172 / 1) عن إبراهيم بن ناصح: أنبأنا نعيم بن حماد: أنبأنا محمد بن حميد عن الوضين بن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، فإنه مع إرساله فيه نعيم بن حماد وهو ضعيف جدا. وإبراهيم بن ناصح وهو الأصبهاني قال أبو نعيم: " متروك الحديث ". وقال ابن مردويه في " تاريخه ": " حدث بمناكير ". قلت: وهذا من منكراته، بل أخشى أن يكون موضوعا، وإن أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، ولم يعله المناوي بأكثر من الإرسال وهذا تقصير ظاهر! 826 - " دخلت الجنة، فرأيت فيها جنابذ من لؤلؤ، ترابها المسك، فقلت: لمن هذا يا جبريل؟ فقال: هذا للمؤذنين والأئمة من أمتك ". موضوع. رواه ابن عدي (313 / 1) عن محمد بن إبراهيم الشامي: حدثنا محمد بن العلاء الأيلي عن يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب مرفوعا، وقال: " لا أعلم يرويه غير محمد بن إبراهيم الشامي وهو منكر الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة ". قلت: وقال الدارقطني: " كذاب ". قال الذهبي: " قلت: صدق الدارقطني رحمه الله، وابن ماجه فما عرفه، قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، كان يضع الحديث " (1) . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى عن أبي، وسكت عليه المناوي!   (1) في " الضعفاء " (2 / 295) بتقديم الجملة الأخرى على الأولى. اهـ. الحديث: 826 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 827 - " ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد فعلى مقدار ذلك ". موضوع. رواه ابن عدي (128 / 2) أبو الحسن النعالي في جزء من " حديثه " الحديث: 827 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 (128 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 296) وعنه الخطيب في " تاريخه " (2 / 152) عن داود بن الزبرقان عن مطر عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. وقال ابن عدي: وهذا منكر المتن والإسناد، يرويه داود بن الزبرقان، وعامة ما يرويه عن كل من روى عنه مما لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وهو متروك كما قال الحافظ. ومطر هو الوراق فيه ضعف. وهارون بن عنترة لا بأس به، فآفة الحديث من ابن الزبرقان. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 204) من طريق الخطيب ونقل قول ابن عدي المتقدم: " منكر المتن والإسناد " وقال: " وهارون لا يحتج به، وداود ليس بشيء ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 402) وكذا ابن عراق، فإنه أورده في " الفصل الأول " من " تنزيه الشريعة " (379 - 380) وقال: " وقد أورد الحافظ الذهبي في طبقات الحفاظ هذا الحديث من جهة الخطيب وقال: غريب. والله أعلم ". ومع اعتراف السيوطي بوضعه فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي والخطيب عن ابن مسعود، وتعقبه المناوي بحكم ابن الجوزي بوضعه ومتابعة السيوطي له في " مختصر الموضوعات "! وفي الباب حديث آخر نحوه وهو موضوع أيضا، وهو: 828 - " ذهاب إحدى رجلي الرجل غفران نصف ذنوبه، وذهابهما كلاهما غفران ذنوبه كلها، وذهاب إحدى عينيه غفران نصف ذنوبه، وذهابهما كليهما استحلال الجنة ". موضوع. رواه النرسي أبو نصر في " منتقى من الجزء الثاني من حديثه " (72 / 1) عن عبد الرحمن بن قريش قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن عبد الله قال: حدثنا مالك بن سليمان قال: أخبرنا قيس عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به ابن قريش هذا، قال الذهبي: " اتهمه السليماني بوضع الحديث ". الحديث: 828 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 829 - " رأس الدين الورع ". الحديث: 829 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 موضوع. رواه ابن عدي: (57 / 1) عن جعفر بن عبد الواحد قال: قال لنا حكام بن مسلم: حدثنا أبي عن مالك بن دينار عن أنس مرفوعا. ذكره في ترجمة جعفر هذا وهو الهاشمي وساق له أحاديث أخر ثم قال: " وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن جعفر بن عبد الواحد كلها بواطيل، وكان يتهم بوضع الحديث "، ثم قال: " وعامة أحاديثه موضوعة ". قلت: وقال ابن حبان (1 / 209) : " كان يسرق الحديث، ويقلب الأخبار، حتى لا يشك من الحديث صناعته أنه كان يعملها، وكان لا يقول: " حدثنا " في روايته، كان يقول: قال لنا فلان ابن فلان ". وقال الدارقطني: " كان يضع الحديث ". وقال أبو زرعة: " روى أحاديث لا أصل لها ". قلت: ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي نفسه! ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! 830 - " رد جواب الكتاب حق كرد السلام ". موضوع. رواه ابن عدي (90 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 289) عن [أحمد بن] عبد الله بن حكيم الفرياناني - قرية بمرو- المروزي - وهو شيخ ضعيف -: حدثنا الحسن بن محمد أبو محمد البلخي - قاضي مرو- عن حميد عن أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " منكر مسندا، وإنما يرويه العباس بن ذريح عن الشعبي عن ابن عباس قوله. والحسن هذا ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات ". قلت: وقال ابن حبان (1 / 232 - 233) : " يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الرواية عنه بحال ". ثم غفل فأورده أيضا في " الثقات "! وقال أبو سعيد النقاش: " حدث عن حميد عن أنس أحاديث موضوعة ". قال الذهبي ثم العسقلاني: " هذا أحدهما، والآخر: " من زوج كريمته .... ". قلت: وسيأتي بإذنه تعالى برقم (5084) مع آخر بعده. (تنبيه) : وقعت هذه الكلمة " الفرياناني " في ابن عدي محرفة هكذا " الفرناياني " الحديث: 830 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 كما سقط منه " أحمد بن " والتصويب من " المجروحين " و" الميزان " و" اللسان " و" معجم البلدان ". ثم إن أحمد بن عبد الله هذا ليس بثقة أيضا، بل قال أبو نعيم الحافظ: " مشهور بالوضع ". وقال ابن حبان (1 / 133) : " كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، وعن غير الأثبات ما لم يحدثوا ". قلت: فهو آفة الحديث أو شيخه. ورواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (9 / 107 / 1) عن شريك عن العباس بن ذريح عن عامر عن ابن عباس موقوفا عليه ولعله الصواب، وبه جزم ابن عدي كما تقدم آنفا. 831 - " رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان ". باطل. رواه الطبراني (1 / 111 / 2) وابن عساكر (8 / 510 / 2) عن عبد الله بن أيوب المخرمي: أخبرنا عبد الله بن كثير بن جعفر عن أبيه عن جده عن بلال بن الحارث مرفوعا. قلت: وهذا سند واه، عبد الله هذا أورده الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث وقال: " لا يدرى من ذا؟ وهذا باطل، والإسناد مظلم، تفرد به عنه عبد الله بن أيوب المخرمي، لم يحسن ضياء الدين بإخراجه في (المختارة) ". وأقره الحافظ في " اللسان ". وعبد الله بن أيوب المخرمي هو عبد الله بن محمد بن أيوب وهو صدوق، وله ترجمة في تاريخ بغداد (10 / 81 - 82) . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني والضياء عن بلال. وتعقبه المناوي بأن الهيثمي قال: (3 / 145، 301) : " فيه عبد الله بن كثير وهو ضعيف ". وبكلام الذهبي المذكور. وقد وجدت له شاهدا من حديث ابن عمر، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 337 - 338) عن الهيثم بن بشر بن حماد: حدثنا عمرو بن عثمان: حدثنا عبد الله بن نافع عن عاصم بن عمر العمري عن عبد الله بن دينار عنه مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، عاصم بن عمر العمري ضعيف. بل قال ابن حبان (2 / 123) : " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات ". الحديث: 831 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 وعبد الله بن نافع هو الصائغ، قال الحافظ: " ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين من كبار العاشرة ". وعمرو بن عثمان إن كان الحمصي فصدوق، وإن كان الرقي فضعيف. والهيثم بن بشر بن حماد لم أجد فيه جرحا ولا تعديلا، ولعله آفة هذه الطريق. ووجدت له طريق آخر عن ابن عمر. أخرجه ابن عساكر (12 / 349 / 1) عن عمر بن أبي بكر الموصلي (1) عن القاسم بن عبد الله العمري عن كثير المزني عن نافع عنه مرفوعا به. وفيه زيادة صحيحة في أوله وهي: " صلاة في مسجدي كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " الحديث. أورده في ترجمة الموصلي هذا وروى عن أبي حاتم أنه قال فيه: " ذاهب الحديث متروك الحديث ". وعن أبي زرعة أنه قرنه بابن زبالة والواقدي في الضعف في الحديث وعن الحافظ سعيد بن أبي عمر البردعي أنه قال: " هو آفة من الآفات ". قلت: والقاسم بن عبد الله العمري مثله أو شر منه، فقد قال الإمام أحمد: " كان يكذب ويضع الحديث ". وكثير المزني هو ابن عبد الله بن عمرو بن عوف متهم أيضا بالكذب. وبهذا التمام أورده السيوطي أيضا في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن ابن عمر، وتعقبه المناوي بقوله: " ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه عقبه بالقدح في سنده فقال: هذا إسناد ضعيف بمرة انتهى بلفظه، فحذف المصنف له من سوء الصنيع ". قلت: وعليه فمن حسن الصنيع أن لا يورده السيوطي في كتابه أصلا، ولوساق القدح المذكور فيه! هذا، ورواه البزار مختصرا عن ابن عمر بلفظ: " رمضان بمكة أفضل من ألف رمضان بغير مكة ". أورده السيوطي أيضا. وأعله الهيثمي في " المجمع " (3 / 145) بعاصم بن عمر، وهو ضعيف كما سبق. قلت: وإسناده عند البزار (ص 102 - زوائده) هكذا: حدثنا عمرو بن حماد بن بنت حماد بن مسعدة: حدثنا عبد الله بن نافع: حدثنا عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به. وقال:   (1) الأصل: (المؤملي) والتصويب من " الجرح " (3 / 1 / 100) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 " تفرد به عاصم بن عمر، لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وعاصم متفق على ضعفه ". قلت: وعبد الله بن نافع هو الصائغ المدني قال الحافظ: " ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين ". وعمرو بن حماد بن بنت حماد بن مسعدة لم أجد له الآن ترجمة. وروي الحديث عن ابن عباس بلفظ: " ... مائة ألف "، وإليك لفظه بتمامه معه بيان حاله: 832 - " من أدرك رمضان بمكة فصام وقام منه ما تيسر له، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواها، وكتب الله له بكل يوم عتق رقبة، وكل ليلة عتق رقبة، وكل يوم حملان فرس في سبيل الله، وفي كل يوم حسنة، وفي كل ليلة حسنة ". موضوع. رواه ابن ماجة (رقم 3117) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وآفته عبد الرحيم هذا، فقد قال ابن معين فيه: " كذاب خبيث ". وقال النسائي: " ليس بثقة ولا مأمون ". وقال ابن حبان (2 / 152) : " يروي عن أبيه العجائب مما لا يشك من الحديث صناعته أنها معمولة أو مقلوبة كلها ". ثم رأيت الحديث في " العلل " لابن أبي حاتم، وقال (1 / 250) : " هذا حديث منكر، وعبد الرحيم بن زيد متروك الحديث ". الحديث: 832 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 833 - " العبد المطيع لوالديه، والمطيع لرب العالمين في أعلى عليين ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق أبي نعيم بسنده عن الخضر بن أبان: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع، آفته إبراهيم هذا، فإنه كذاب مشهور. والخضر بن أبان ضعفه الحاكم وغيره، ولهذا أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 1146 - بترقيمي) وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (ق 404 / 1) . ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا من رواية الديلمي عن أنس! ولم يتعقبه المناوي بشيء سوى أنه قال: الحديث: 833 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 " ورواه عنه أبو نعيم أيضا وعنه تلقاه الديلمي مصرحا، فلو عزاه للأصل لكان أولى ". فيا عجبا منه، فإذا لم يخف عليه أن الديلمي تلقاه عن أبي نعيم فكيف خفي عليه أن فيه ذلك الكذاب، وكيف عرف أنه تلقاه عنه؟! ، وإن لم يخف عليه فكيف سكت عنه؟! 834 - " العنبر ليس بركاز، بل هو لمن وجده ". موضوع. رواه ابن النجار في " الذيل " (10 / 21 / 2) عن سلام الطويل عن إبراهيم بن (الأصل: " عن " وهو تحريف) إسماعيل بن مجمع عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، إبراهيم بن إسماعيل ضعيف، لكن الآفة من سلام الطويل فإنه ضعيف جدا، بل قال ابن خراش: " كذاب ". وقال ابن حبان والحاكم: " روى أحاديث موضوعة ". قلت: فلهذا يستنكر على السيوطي إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار هذه: وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء! فالظاهر أنه لم يقف على إسناده. الحديث: 834 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 835 - " الغيبة تنقض الوضوء والصلاة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 279) وعنه الديلمي (2 / 325) عن سهل بن صقير الخلاطي: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله [عن] ابن أبي مليكة: حدثنا مالك بن أنس عن صفوان بن سليم عن ابن عمر مرفوعا. قلت: هذا موضوع، آفته إسماعيل هذا، وهو أبو يحيى التيمي كذاب وضاع، قال الدارقطني: " كان يكذب على مالك والثوري وغيرهما ". وقال الحاكم: " روى عن مالك ومسعر وابن أبي ذئب أحاديث موضوعة ". وسهل بن صقير، قال الخطيب: " يضع الحديث ". وقال ابن ماكولا: " فيه ضعف ". والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " فأورده فيه من رواية الديلمي عن ابن عمر، وعلق عليه المناوي بقوله: " ورواه عنه أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمي، فإهمال المصنف للأصل، واقتصاره على الفرع غير مرضي ". قلت: لقد انشغل المناوي بالقشر عن اللب، فسكت عن الحديث مع ظهور آفته، بل إنه ذكر ما يشعر بثبوته عنده فقال: الحديث: 835 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 " تمسك بظاهره قوم من المتنسكين والعباد، فأو جبوا الوضوء من النطق المحرم، وهو غلولا يوافق عليه الجمهور، والحديث عندهم خرج مخرج الزجر عن الغيبة ". قلت: التأويل فرع التصحيح، فكيف هذا والحديث موضوع؟! ولوصح إسناده لكان أسعد الناس به أولئك المتنسكون. ولكن هذا من ثمرة الجهل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، فإن الجهال بها يشرعون في الدين ما ليس منه! ثم رأيت في " المشكاة " (4873) من رواية البيهقي في " الشعب " عن ابن عباس: إن رجلين صليا صلاة الظهر أو العصر، وكانا صائمين، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: أعيدوا وضوءكما وصلاتكما، وامضيا في صومكما، واقضياه يوما آخر، قالا: لم يا رسول الله؟ قال: اغتبتم فلانا ". ولم أقف على إسناده حتى الآن، وما أراه يصح. 836 - " لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان أعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها، ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا - أراه قال - من عبادة ألف سنة صيامها وقيامها، فإن رده الله إلى أهله سالما لم تكتب عليه سيئة ألف سنة، وتكتب له الحسنات، ويجرى له أجر الرباط إلى يوم القيامة ". موضوع. رواه ابن ماجة (2 / 175) عن محمد بن يعلى السلمي: حدثنا عمر بن صبيح عن عبد الرحمن بن عمرو عن مكحول عن أبي بن كعب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، والمتهم به ابن صبيح هذا، قال الذهبي: " ليس بثقة ولا مأمون، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث، وقال الأزدي: كذاب ". والراوي عنه محمد بن يعلى السلمي ضعيف جدا. ثم هو منقطع بين مكحول وأبي، وقد قال الحافظ المنذري في " الترغيب " (2 / 151) بعد أن عزاه لابن ماجه: " وآثار الوضع ظاهرة عليه، ولا عجب فراويه عمر بن صبيح الخراساني، ولولا أنه في الأصول لما ذكرته ". الحديث: 836 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 ونقل أبو الحسن السندي في " حاشيته على ابن ماجه " عن الحافظ ابن كثير أنه قال: " أخلق بهذا الحديث أن يكون موضوعا، لما فيه من المجازفة، ولأنه من رواية عمر بن صبيح أحد الكذابين المعروفين بوضع الحديث ". 837 - " من أرضى السلطان بما يسخط الله فقد خرج من دين الله ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الأخبار " (2 / 348) والحاكم (4 / 104) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (99 / 1) عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي: حدثنا علاق بن أبي مسلم عن جابر مرفوعا. وقال الحاكم: " تفرد به علاق بن أبي مسلم، والرواة إليه ثقات "! ووافقه الذهبي! وتبعه المناوي! وهو ذهو ل فاحش منهم جميعا، وبخاصة الذهبي، فقد أورد في " الميزان " عنبسة هذا وقال: " قال البخاري: تركوه، وروى الترمذي عن البخاري: ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم: كان يضع [الحديث] ". وقال ابن حبان (2 / 168) : " هو صاحب أشياء موضوعة لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وعلاق بن أبي مسلم ما روى عنه غير عنبسة هذا، فهو مجهول العين، وقد صرح بجهالته الحافظ في " التهذيب "، و" التقريب ". وقال الذهبي: " وهاه: الأزدي، وما لينه القدماء "! قلت: فهل وثقوه؟! الحديث: 837 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 838 - " من أدرك رمضان، وعليه من رمضان شيء لم يقضه، لم يتقبل منه، ومن صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه ". ضعيف. أخرجه أحمد (2 / 352) : حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج الشطر الأول منه الطبراني في " الأوسط " (99 / 2) من طريق عبد الله بن يوسف: حدثنا ابن لهيعة به. وقال: " لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة ". قلت: وهو سيء الحفظ، وقد اضطرب في إسناده ومتنه، أما السند، فرواه حسن وعبد الله بن يوسف عنه كما ذكرنا. وتابعهما جماعة كما يأتي. الحديث: 838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 وخالفهم ابن وهب فقال: عنه عن أبي الأسود عن عبد الله بن أبي رافع مولى أم سلمة عنه. وابن المبارك فقال عنه .... عن عبد الله عن أبي هريرة. وخالف الجماعة عمرو بن خالد عنه فأوقفه! قال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 259) : " سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن لهيعة، فاختلف على ابن لهيعة، رواه عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي أبي الأسود فقال: عن عبد الله بن أبي رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ... (فذكره) . ورواه عبد الله بن عبد الحكم، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم وعمرو بن خالد الحراني وأبو صالح كاتب الليث والنضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا عمرو بن خالد فإنه أوقفه ولم يرفعه. ورفع الباقون الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورواه ابن المبارك فقال: أخبرنا عبد الله بن عقبة - نسب ابن لهيعة إلى جده، لأن ابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة - عن أبي الأسود عن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينسب عبد الله. فقال أبو زرعة: الصحيح عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: ويتلخص من ذلك أن ابن لهيعة كان يضطرب فيه على وجوه، فتارة يسمي تابعي الحديث عبد الله بن أبي رافع. وتارة يسميه عبد الله بن رافع. وتارة: عبد الله، لا ينسبه. وتارة يرفع الحديث، وتارة يوقفه. والاضطراب علامة على أن الراوي لم يضبط حفظ الحديث. ولذلك كان المضطرب من أقسام الحديث الضعيف في " علم المصطلح ". ولا يقال: لعل هذا الإضطراب من الرواة عن ابن لهيعة، لا منه. لأننا نقول: هذا مردود لأنهم جميعا ثقات، وفيهم عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك، وهما ممن سمعا من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، فذلك يدل على أن الاضطراب منه، وأنه قديم لم يعرض له بعد احتراق الكتب، والله أعلم. وإن مما يؤكد ضعف الحديث ما رواه البيهقي (4 / 253) عن عبد الوهاب ابن عطاء: سئل سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن رجل تتابع عليه رمضانان وفرط فيما بينهما؟ فأخبرنا عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أبي هريرة أنه قال: " يصوم الذي حضر، ويقضي الآخر، ويطعم لكل يوم مسكينا ". وإسناده صحيح. ورواه من طرق أخرى عن عطاء به. ثم قال: " وروى هذا الحديث إبراهيم بن نافع الجلاب عن عمر بن موسى بن وجيه عن الحكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا. وليس بشيء، إبراهيم وعمر متروكان. وروينا عن ابن عمر وأبي هريرة في الذي لم يصم حتى أدركه رمضان آخر؟ يطعم ولا قضاء عليه. وعن الحسن وطاووس والنخعي، يقضي ولا كفارة عليه. وبه نقول، لقوله تعالى: (فعدة من أيام أخر) ". قلت: فلوكان هذا الحديث عند أبي هريرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل بالقضاء، لأنه يتنافى مع قوله فيه " لم يتقبل منه ". وهذا ظاهر بين. والله أعلم. ومن هذا التحقيق يتبين لك ما هو الصواب في قول الهيثمي في " المجمع " (3 / 179) : رواه أحمد والطبراني في " الأوسط " باختصار، وهو حديث حسن ". وقوله في مكان آخر (3 / 149) عقب رواية الطبراني: " رواه الطبراني في " الأوسط " وأحمد أطول منه، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح "! 839 - " من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (3 / 1) عن إبراهيم بن موسى البصري: حدثنا أبو حفص العبدي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي مرفوعا. وقال: لم يرو هـ عن علي بن زيد إلا أبو حفص، واسمه عمر بن حفص ". قلت: قال أحمد: " تركنا حديثه وحرقناه ". وقال علي: " ليس بثقة ". وقال النسائي: " متروك ". والحديث أورده الهيثمي في المجمع " (1 / 237) من رواية الطبراني هذه وقال: " وفيه عمر بن حفص العبدي وهو متروك ". قلت: وعلي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف. وإبراهيم بن موسى البصري لم أعرفه، ولعله من أولئك الرواة الذين رووا عن العبدي وقال فيهم أبو زرعة الرازي وقد سئل عن العبدي: " واهي الحديث، لا أعلم حدث عنه كبير أحد، إلا من لا يدري الحديث ". رواه الخطيب في " تاريخه " (11 / 194) ، ولم يرد في " الميزان "، ولا في " اللسان "! وقد توبع العبدي ممن هو أسوأ منه حالا بزيادة في متنه وهو الآتي: الحديث: 839 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 840 - " من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان، ومن أسبغ الوضوء في الحر الشديد كان له من الأجر كفل ". الحديث: 840 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 موضوع. رواه ابن النجار (10 / 209 / 2) عن محمد بن الفضل عن علي بن زيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن علي رضي الله عنه مرفوعا. قلت: هذا سند واه بمرة، علي بن زيد هو ابن جدعان وهو ضعيف كما سبق. ومحمد بن الفضل هو ابن عطية المروزي وهو كذاب. وقد تابعه على الشطر الأول منه عمر بن حفص العبدي عن علي بن زيد به. قلت: وهو متروك كما تقدم آنفا مع تخريجه. 841 - " من كرم أصله، وطاب مولده، حسن محضره ". باطل. رواه ابن عدي في " الكامل " (57 / 1) عن جعفر بن نصر بن سويد أبي ميمون: حدثنا علي بن عاصم: حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " جعفر بن نصر حدث عن الثقات بالبواطيل، وليس بالمعروف، وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، ولجعفر غير ما ذكرت من الأحاديث، موضوعات على الثقات ". وذكر نحوه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 208) وساق له حديثين آخرين وقال: " وهذان متنان موضوعان ". وقال الذهبي: في هذا الحديث: " باطل ". وأقره الحافظ. قلت: ومع ذلك كله فقد سود به السيوطي كتابه " الجامع " فأورده فيه من رواية ابن النجار عن أبي هريرة، وتعقبه المناوي بقول ابن عدي أنه باطل، نقله عن ابن الجوزي عنه ثم قال: " رواه الديلمي عن ابن عمر ". الحديث: 841 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 842 - " لا تستشيرو االحاكة ولا المعلمين، فإن الله سلب عقولهم، ونزع البركة من أكسابهم ". موضوع. رواه ابن النجار (10 / 197 / 1) عن علي بن جعفر بن صالح البغدادي بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن أبي ربحا عن أبي هريرة مرفوعا. وقال في علي هذا: " روى حديثا منكرا ". ثم ساقه. وللحديث طريق آخر، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 224) عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا به وقال: " موضوع. عبيد الله بن زحر قال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات. وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم ". وذكر السيوطي في " اللآلي " (1 / 200) نقلا عن الذهبي أن الآفة فيه من أحمد بن الحديث: 842 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 يعقوب الحذاء، فإنه الذي رواه بإسناد له عن يحيى بن أيوب به. أخرجه الديلمي. قلت: وجزم الذهبي بأنه حديث موضوع، وله طريق آخر عن علي بن يزيد، رواه الخطيب في " تاريخه " (12 / 124) والسلفي في " الطيوريات " (133 / 2) عن علي بن يوسف بن أيوب الدقاق: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب - غلام خليل -: حدثنا محمود بن غيلان: حدثنا الوليد بن مسلم عن معان بن رفاعة عن علي بن يزيد (1) به. أورده الخطيب في ترجمة الدقاق هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولذلك قال ابن الجوزي عقبه: " موضوع، غلام خليل يضع، والراوي عنه لا يعرف ". 843 - " لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (267) وابن عدي (241 / 1) وابن حبان في " صحيحه " (2398 - موارد) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 232) والحاكم (1 / 493 - 494) والضياء في " المختارة " (50 / 1) عن معلى بن أسد العمي: حدثني عمر (وفي " المستدرك ": عمرو) بن محمد عن ثابت البناني عن أنس مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله: " لا أعرف عمرا (!) ، تعبت عليه ". قلت: كذا وقع في " المستدرك ": " عمرو " بزيادة الواو، وهو من أوهامه، والصواب: " عمر " بدونها كما عند الآخرين هو معروف، ولكن بالضعف! قال العقيلي: " عمر بن محمد لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". قلت: وهو عمر بن محمد بن صهبان، كذلك وقع منسوبا في رواية أبي نعيم، ويؤيده أنه وقع في رواية " المستدرك " " الأسلمي " وابن صهبان أسلمي، ولذلك أورد ابن عدي الحديث في ترجمة عمر بن محمد بن صهبان وقال عقبه: " وعمر بن صهبان عامة أحاديثه لا يتابعه الثقات عليه، والغالب على حديثه المناكير ". قلت: وعمر بن محمد بن صهبان قال أبو زرعة واه. قال الذهبي: " هو عمر بن صهبان نسب إلى جده ". وقال هناك. " عمر بن صهبان الأسلمي ... قال أحمد: لم يكن بشيء، وقال ابن معين لا يساوي فلسا، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 81) : " وكان محمد يروي عن الثقات المعضلات، التي إذا سمعها من الحديث صناعته لم يشك أنها معمولة ".   (1) الأصل " زيد " في المصدرين المذكورين وهو خطأ. اهـ. الحديث: 843 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وأما الضياء المقدسي، فإنه ظن أن عمر بن محمد هذا هو غير ابن صهبان وأنه ثقة، ولذلك أورده في " المختارة "، وإنما غره في ذلك قول ابن حبان في رواية الضياء عنه، " عمر بن محمد هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ". قلت: ابن زيد هذا ثقة اتفاقا، ولوصح أنه هو لكان الحديث صحيحا، ولكن هيهات، فقد صرحت رواية أبي نعيم أنه ابن صهبان، ونحوه رواة الحاكم، والأخذ بما جاء في صلب الرواية أولى من الأخذ بتفسير مخرج الحديث، كابن حبان، لأن هذا كالنص مع القياس في الفقه، ومن المعلوم أنه لا قياس ولا اجتهاد في مورد النص! ويؤيد أنه ابن صهبان أنه هو الذي ذكروا في ترجمته أن من شيوخه ثابت البناني، ومن الرواة عنه معلى بن أسد، وهذا من روايته عنه كما رأيت، بينما لم يذكروا ذلك في ترجمة ابن زيد، فتعين أن صاحب هذا الحديث إنما هو ابن صهبان، وهو ضعيف جدا كما علمت من أقوال العلماء فيه، وبذلك يسقط الحديث من درجة الاعتبار، ويظهر خطأ تصحيح الحاكم والضياء له، والله الموفق. 844 - " من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم حرام لم يقبل له صلاة ما كان عليه ". ضعيف جدا. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (1 / 140) : حدثنا أبو عتبة: أخبرنا بقية: أخبرنا يزيد بن عبد الله الجهني عن ابن جعونة عن هاشم الأو قص قال: سمعت ابن عمر يقول: فذكره مرفوعا. وكذا رواه ابن أبي الدنيا في " الورع " (273 / 2) والأكفاني في " حديثه " (68 / 2) . ورواه الضياء في " المنتقى من المسموعات بمرو" (21 / 2) من طريق عيسى بن أحمد: أخبرنا بقية: حدثنا زيد بن عبد الله الجهني عن أبي معاوية عن هاشم به. ورواه أحمد (2 / 98) من طريق أسود بن عامر عن بقية عن عثمان بن زفر عن هاشم به. ورواه الخطيب (14 / 21) وعنه ابن عساكر (4 / 1 / 2) من طريق أبي العباس الأصم به. ثم روياه من طريق هارون بن أبي هارون - وهو صدوق -: حدثنا بقية بن الوليد عن مسلمة الجهني: حدثني هاشم الأو قص به. فأسقط رجلين، يزيد بن عبد الله الجهني وابن جعونة، وجعل مكانهما مسلمة الجهني. ثم رواه الخطيب وابن عساكر عن مؤمل بن الفضل،: حدثنا بقية عن جعونة عن هاشم. ثم رواه ابن عساكر من طرق أخر عن بقية على وجوه أخرى من الاضطراب عن هاشم وقال: " وهذا الاضطراب في الحديث من بقية فإنه كان يخلط فيه ". قلت: ومداره على هاشم الأوقص، وقد قال البخاري فيه: " ضال غير ثقة "، كما رواه ابن عدي عنه (353 / 2) . الحديث: 844 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 845 - " ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم ". موضوع. رواه الشريف أبو القاسم علي الحسيني في " الفوائد المنتخبة " (18 / 256 / 2) ، ومن طريقه الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " (4 / 282 / 1) وعنه ابن أخيه أبو منصور بن عساكر في " الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين " (ص 101 الحديث 39) من طريق أبي عبد الغني الحسن بن علي بن عيسى الأزدي: نا عبد الرزاق بن همام: أنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن داود بن الحصين عن عكرمة بن خالد عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال الشريف: " هذا حديث غريب ... لا أعلمه رواه إلا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ". وكذا قال أبو منصور وزاد: " ولم يكتب عنه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا إسناد واه بمرة، وفيه علل: 1 - داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة كما قال الحافظ في " التقريب" ومستنده قول ابن المديني: " ما رواه عن عكرمة فمنكر ". وكذا قال أبو داود. 2 - إبراهيم الأسلمي كذاب كما قال يحيى القطان وابن معين وابن المدني، وروى أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (34 / 1) بسند صحيح عن يحيى بن سعيد قال: " لم يترك إبراهيم بن أبي يحيى للقدر، وإنما للكذب ". وفي رواية أخرى عنه: " أشهد على إبراهيم أنه يكذب ". وقال ابن حبان (1 / 92) : " كان يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم، ويكذب مع ذلك في الحديث ". قلت: ومن الغرائب أن يخفى حال هذا الكذاب على الإمام الشافعي وهو من شيوخه! ولعل سبب ذلك ما قال ابن حبان: إنه كان يجالسه في حداثته ويحفظ عنه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فلما دخل مصر في آخر عمره، وصنف الكتب المبسوطة احتاج إلى الأخبار، ولم تكن معه كتب، فأكثر عنه، وربما كنى عنه ولا يسميه في كتبه ". 3 - أبو عبد الغني الأزدي متهم بالوضع، وفي ترجمته ساق ابن عساكر هذا الحديث، وقال فيها: " وكان ضعيفا ". ثم روى عن أبي نعيم أنه قال: " حدث عن مالك أحاديث موضوعة ". وكذا قال الحاكم، ثم تعقب ابن عساكر أبا نعيم بقوله: " ولا أعلم روى عن مالك ولا أدركه ". الحديث: 845 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 قلت: وهو إنما يروي عن مالك بواسطة عبد الرزاق، وقد ساق له الدارقطني من هذا الوجه حديثا وقال: " باطل وضعه أبو عبد الغني على عبد الرزاق ". وكذا رواه ابن عساكر في ترجمته. لكن قد ساق له ابن حبان (1 / 235) حدثنا آخر صرح فيه بقوله: " حدثنا مالك ... " فهو من أكاذيبه عليه. وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات، لا تحل الرواية عنه بحال ". (تنبيه) : أول الحديث عندهم: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ". وإنما لم أورد هذه الزيادة لمجيئها من طرق بعضها صحيح وبعضها حسن، وقد خرجتها في " آداب الزفاف " (ص 151) ، ولأن الحديث اشتهر في العصر الحاضر بدون هذه الزيادة فإفراده عنها أدعى إلى تيسير الوقوف عليه، وقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بتمامه من رواية ابن عساكر وحده عن علي، وهذا على خلاف شرطه في أول الكتاب حيث قال: " وقد صنته عما تفرد به كذاب أو وضاع " فكيف هذا وقد اجتمع فيه كذاب ووضاع معا؟! ومن الغرائب أن المناوي بيض له فلم يتكلم عليه بشيء! 846 - " إن الله تعالى فضل المرسلين على المقربين، فلما بلغت السماء السابعة لقيني مالك من نور، على سرير من نور، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فأوحى الله إليه: يسلم عليك صفيي ونبيي فلم تقم إليه، وعزتي وجلالي لتقومن فلا تقعدن إلى يوم القيامة ". موضوع. رواه الخطيب في " تاريخه " (3 / 306 - 307) عن محمد بن مسلمة الواسطي حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " هذا الحديث باطل موضوع، رجال إسناده كلهم ثقات سوى محمد بن مسلمة، رأيت هبة الله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة، وسمعت الحسن بن محمد الخلال يقول: محمد بن مسلمة ضعيف جدا ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 292) من طريق الخطيب، واحتج بكلامه المذكور في وضعه، وأقره الذهبي في " الميزان " وكذا السيوطي في " اللآليء " (1 / 274 - 275) . ومع ذلك فقد أورد في كتابه " الجامع الصغير " حديثا آخر للواسطي هذا، فوجب بيانه وهو: الحديث: 846 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 847 - " إياك وقرين السوء فإنك به تعرف ". موضوع. رواه سليم بن أيوب الفقيه في جزئه " عوالي مالك " وهو آخر حديث فيه وأخرجه بإسناده عن طريق مالك - عن محمد بن مسلمة الواسطي: حدثنا موسى الطويل عن أنس مرفوعا. الحديث: 847 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 ومن طريق سليم هذا رواه ابن عساكر في " التاريخ " (4 / 333 / 1) وكذا في " التجريد " (4 / 21 / 2) وفي المجلس الثالث والخمسين من " الأمالي " (46 / 1) وقال: " هذا حديث سباعي غريب ". قلت: وإسناده موضوع آفته إما محمد بن مسلمة الواسطي فإنه متهم بالوضع كما سبق في الحديث الذي قبله. وإما شيخه موسى الطويل وهو ابن عبد الله، فقال ابن حبان (2 / 242) : " روى عن أنس أشياء موضوعة، كان يضعها، أو وضعت له فحدث بها ". وقال أبو نعيم: " روى عن أنس المناكير، لا شيء ". والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير "! فأورده فيه من رواية ابن عساكر وحده. وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء! وبهذا الإسناد الحديث الآتي: " من أذن سنة على نية صادقة، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأو قف على باب بالجنة فقيل له: اشفع لمن شئت ". 848 - " من أذن سنة على نية صادقة، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأوقف على باب بالجنة فقيل له: اشفع لمن شئت ". موضوع. رواه ابن شاهين في " رباعياته " (176 / 1) وتمام (147 / 1) وابن عساكر (5 / 2 / 2) عن محمد بن مسلمة الواسطي: حدثنا موسى الطويل: حدثنا مولاي أنس بن مالك مرفوعا. وهذا موضوع كما عرفت مما سبق بيانه في الحديث السابق، ومن العجائب أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر وحده عن أنس، مع أنه أورده أيضا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 104) من رواية ابن النجار عن محمد بن مسلمة هذا به وقال: " قال ابن حبان: موسى روى عن أنس موضوعات ". وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة (256 / 1) . ولما أورده في " الجامع الصغير " تعقبه المناوي بقوله: " قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه موسى الطويل كذاب، قال ابن حبان: زعم أنه رأى أنسا، وروى عنه أشياء موضوعة، ومحمد بن مسلمة غاية في الضعف ". الحديث: 848 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 849 - " من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة ". موضوع. رواه الخطيب البغدادي في " الموضح " (2 / 186) عن أبي قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي عن أبي مريم السكوني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا. وقال: " أبو قيس هذا هو محمد بن عبد الرحمن القرشي " وذكر له أسماء وكنى كثيرة جدا، ثم روى عن ابن نمير أنه ذكر له رواية الكوفيين عن محمد بن سعيد الذي يقال له: ابن أبي قيس، فقال: لم يعرفوه، إنما العيب على من روى عنه من أهل الشام بعد المعرفة، من يروي عن هذا العدو لله؟! (1) كذاب يضع الحديث، صلب في الزندقة، ولقد حدث الناس، قبحه الله! وقال ابن سعيد: سمعت عبد الله بن أحمد بن سوادة أبا طالب يقول: قلب أهل الشام اسم محمد بن سعيد الزنديق   (1) الأصل (والله) ، والتصويب من " التهذيب ". اهـ. الحديث: 849 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 على مائة اسم وكذا وكذا اسما، قد جمعتهن في كتاب، وهو الذي أفسد كثيرا من حديثهم ". وهذه فائدة هامة من كلام الحافظ الخطيب أن أبا قيس هذا هو محمد بن سعيد المصلوب، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 436) ، وكأن الذهبي لم يقف على كلامه حيث قال في الكنى من " الميزان ": " أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي، أظنه المصلوب، هالك ". وأما الحافظ فجزم في " الكنى " من " التهذيب " و" التقريب " أنه المصلوب، وخفي هذا كله على السيوطي وبعضه على المناوي، فأما الأول فقد أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي عن ثوبان وفيها أبو قيس كما سيأتي، فلوكان يظن على الأقل أنه محمد بن سعيد الكذاب لما استجاز إن شاء الله أن يرويه له، لعلمه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ". وأما المناوي فقال في شرحه على الجامع ": " وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي، أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " فقال: كأنه المصلوب، متهم ". فوقف المناوي عند ظن الذهبي، وهو المصلوب يقينا كما سبق. واعلم أن العلماء مطبقون على تكذيب هذا المصلوب، فقال أحمد: " حديثه حديث موضوع ". وقال: " عمدا كان يضع ". وقال ابن حبان (2 / 247) : " كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح فيه ". وقال أبو أحمد الحاكم: " كان يضع الحديث، صلب على الزندقة ". وقال ابن الجوزي (1 / 47) : " والوضاعون خلق كثير فمن كبارهم وهب بن وهب القاضي، ومحمد بن السائب الكلبي، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب ... ". وحكاه السيوطي في " اللآليء " (2 / 473) وأقره. ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي في " ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب من " الكامل " (ق 291 / 1) بسنده عنه عن عبادة بن نسي به وقال: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ". وأما أبو مريم السكوني فأورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 436) وساق له هذا الحديث ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر الحافظ في " الإصابة " في ترجمة أبي مريم الفلسطيني: " وأبو مريم السكوني، آخر، تابعي معروف، يروي عن ثوبان، وعنه عبادة بن نسي، ذكره البخاري وغيره ". وهكذا ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 273) ، فيبدو أنه مجهول الحال. وقد وجدت للحديث طريقا أخرى عن أبي مريم، رواه ابن عساكر (15 / 286 / 1) عن محمد بن عبد الله بن نمران الذماري: أخبرنا أبو عمرو العنسي عن أبي مريم مولى السكوني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 أنه سمع ثوبان به. وقال: " أبو عمرو هو شراحيل بن عمرو العنسي ". قلت: وهو ضعيف جدا، وكذا الراوي عنه ابن نمران، فقد روى ابن عساكر بسنده عن محمد بن عوف الحمصي الحافظ أنه ضعفهما جدا، وعن أبي زرعة أنه قال في ابن نمران: " منكر الحديث لا يكتب حديثه " وعن الدارقطني: " ضعيف ". وقال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 307) : " سألت أبي عنه فقال: هو ضعيف الحديث جدا ". 850 - " من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار ". ضعيف جدا. رواه الترمذي (1 / 267 - 206 طبع حمص) وابن ماجه (1 / رقم 727) والطبراني (3 / 109 / 2) وابن السماك في " التاسع من الفوائد " (3 / 1) وابن بشران في " الأمالي الفوائد " (2 / 125 / 1) والخطيب في " تاريخه "، (1 / 247) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث غريب ". يعني ضعيف، وقال العقيلي في " الضعفاء ": (ص 155) : " وفي إسناده لين ". وقال البغوي في " شرح السنة " (1 / 58 / 1) : " وإسناده ضعيف ". وأشار المنذري في " الترغيب " (1 / 111) لتضعيفه. قلت: وعلته جابر هذا، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف بل كذبه بعض الأئمة، وكان رافضيا يؤمن أن عليا لم يمت، وأنه في السحاب وسيرجع! ورواه ابن عدي (99 / 2) عن محمد بن الفضل عن مقاتل بن حيان وحمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: ومحمد بن الفضل، هو ابن عطية كذاب. الحديث: 850 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 851 - " من أذن خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أم أصحابه خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". ضعيف. رواه رزق الله التميمي الحنبلي في جزء من " أحاديثه " (2 / 1) والأصبهاني في " الترغيب " (40 / 1) الجملة الأولى فقط، عن إبراهيم بن رستم قال: أنبأ حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه البيهقي في " سننه " (1 / 433) إلا أنه جمع الجملتين في جملة واحدة فقال: الحديث: 851 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 " من أذن خمس صلوات وأمهم ... " الحديث وقال: " لا أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم ". قلت: وهو ضعيف، ومحله الصدق وله حديث آخر في فضل المؤذن المحتسب يأتي بعد هذا، واعلم أنه لم يأت حديث صحيح في فضل المؤذن يؤذن سنين معينة، إلا حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: " من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بكل أذان ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة ". رواه الحاكم بإسنادين، وصححه، ووافقه الذهبي وهو كما قالا، فإن أحد إسناديه صحيح، كما بينته في " الصحيحة " (42) . 852 - " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، يتمنى على الله ما يشتهي بين الأذان والإقامة ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (25 / 2 مجمع البحرين في زوائد المعجمين) عن إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في " الأمالي القديمة " (1 / 172 / 1) . قلت: وهذا سند ضعيف من أجل قيس بن الربيع وإبراهيم بن رستم وهو الخراساني، وكلاهما ضعيف، وقد تفرد به عن قيس كما قال الحاكم على ما في " اللسان ". والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (1 / 111) والهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 / 3) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ: " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، إذا مات لم يدود في قبره ". وقالا: " رواه الطبراني في " الكبير ". قال الهيثمي: " وفيه إبراهيم بن رستم وهو مختلف في الاحتجاج به، وفيه من لم نعرف ترجمته ". قلت: وهو في " المعجم الكبير " أيضا من طريق أخرى عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن عمر بأتم منه وهو: الحديث: 852 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 853 - " المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرغ من أذانه، ويشهد له كل رطب ويابس، وإذا مات لم يدود في قبره ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الكبير " (3 / 205 / 2) : حدثنا أحمد بن الجعد الوشا: أخبرنا محمد بن بكار: أخبرنا محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. الحديث: 853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 ورواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 113) عن محمد بن عبسى العطار: حدثنا محمد بن الفضل بن عطية بن سالم الأفطس به. قلت: وهذا سناد ضعيف بمرة، آفته محمد بن الفضل بن عطية، وهو كذاب، وقال الهيثمي (2 / 3) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه محمد بن الفضل القسطاني ولم أجد من ذكره ". قلت: لم يقع في نسختنا من المعجم الكبير ": (القسطاني) ، وهي نسخة جيدة، عليها سماعات كثيرة، لعلماء مشهور ين، منهم الضياء المقدسي، إلا أن يكون وقع ذلك في مكان آخر من " المعجم "، ومحمد بن الفضل هذا هو ابن عطية كما سبق، والدليل على ذلك أمور: 1 - أن الخطيب ذكر (3 / 147) في الرواة عنه محمد بن بكار بن الريان، وهذا الحديث من روايته عنه كما ترى. 2 - أن أبا نعيم صرح بأنه ابن عطية في روايته، وهي وأن كان فيها محمد بن عيسى العطار وهو ابن حبان المدائني ضعيف، فهي في الشواهد لا بأس بها. 3 - قال الذهبي في " الميزان: " محمد بن بكار، روى عن محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه: " الحج جهاد، والعمرة تطوع ". قال ابن حزم: ابن بكار وابن الفضل مجهولان. قلت: أما ابن بكار فصحيح أنه مجهول، وأما ابن الفضل فتكلم فيه أحمد و .... وهو ضعيف متروك بالإجماع ". قلت: فهذا يدل على أن ابن الفضل معروف بالرواية عن سالم الأفطس، وقد خفي على الذهبي أن ابن بكار هذا هو ابن الريان وليس مجهولا، بل هو ثقة من رجال مسلم في " صحيحه ". هذا وأما محمد بن الفضل القسطاني فهو راوآخر غير ابن عطية، وهو متأخر عنه. قال ابن أبي حاتم: " كتبت عنه وهو صدوق ". وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (3 / 152 - 153) . (تنبيه) : الجملة الثانية من الحديث " ويشهد له كل رطب ويابس " صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، جاءت من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. انظر " الترغيب ". 854 - " اللهم ارحم خلفائي الذين يأتون بعدي، يرو ون أحاديثي وسنتي، ويعلمونها الناس ". باطل. رواه الرامهرمزي في " الفاصل " (ص 5) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 81) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (1 / 36 / 1) والهروي في " ذم الكلام " (4 / 82 / 2) وكذا القاضي عياض في " الإلماع " (3 / 4) وعبد الغني المقدسي في " كتاب العلم " (50 / 2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (74 / 1) ومحمد بن طولون في الحديث: 854 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 " الأربعين " (5 / 1) كلهم من طريق أحمد بن عيسى بن عبد الله الحواني: حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: سمعت علي بن أبي طالب يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (1 / 126) ، وأورده أبو نعيم في ترجمة أحمد بن عيسى هذا وقال: " توفي بأصبهان في خلافة الرشيد "، ولم يذكر فيه جرحا، وهذا عجب فقد قال الدارقطني فيه " كذاب ". كما في " الميزان " للذهبي. وساق له هذا الحديث، وقال: " وهذا باطل ". وأقره الحافظ ابن حجر في " اللسان "، ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير ". وتعقبه المناوي بما نقلناه عن الدارقطني والذهبي وأتبع ذلك بقوله: " فكان ينبغي حذفه من الكتاب ". وذكر المناوي أن مخرجه الطبراني قال: " تفرد به أحمد بن عيسى هذا ". قلت: وفيه نظر، فقد قال الخطيب: وأخبرني علي بن أبي علي البصري قال: حدثنا أبو العباس عبيد الله بن الحسن بن جعفر بن أبي موسى القاضي الموصلي، قال: حدثنا سعيد بن علي بن الخليل قال: حدثنا عبد السلام بن عبيد: قال ابن أبي فديك به. ومن طريق الخطيب رواه الكازروني في " المسلسلات " (99 / 2) . لكن عبد السلام هذا قال الدارقطني: " ليس بشيء " وقال الأزدي: " لا يكتب حديثه " وقال ابن حبان (2 / 144) : " كان يسرق الحديث ويروي الموضوعات ". قلت: فالظاهر أن هذا الحديث مما سرقه من أحمد بن عيسى! وللحديث طرق أخرى: 2 - أخرجه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (49 / 2) وعفيف الدين في " فضل العلم " (124 / 2) عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي: حدثني أبي: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا ... قلت: فساق إسناده عن آبائه من أهل البيت إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم. وعبد الله هذا متهم بالوضع، له بهذا السند نسخة موضوعة باطلة ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه، كما قال الذهبي. 3 - أخرجه السلفي في " الطيوريات " (34 / 1) عن إبراهيم بن ميمون: أخبرنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. وآفة هذه الطريق عيسى بن عبد الله وهو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال ابن حبان (2 / 119) : " يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 4 - أخرجه ابن بطة في " الإبانة " (1 / 129 / 2) وابن عساكر (14 / 347 / 2) عن عبيد بن هشام الحلبي قال: حدثنا ابن أبي فديك عن عمر بن كثير عن الحسن رفعه نحوه. وهذا مع إرساله واه، عبيد بن هشام هذا قال أبو داود: " ثقة إلا أنه تغير في آخر أمره، لقن أحاديث ليس لها أصل ". قلت: فالظاهر أن هذا الحديث من جملة ما لقنوه فتلقنه! 5 - أخرجه أبو نعيم وغيره بسند موضوع عن علي بلفظ آخر وهو: " ألا أدلكم على الخلفاء مني ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي؟ هم حفظة القرآن والأحاديث عني وعنهم، في الله ولله ". 855 - " ألا أدلكم على الخلفاء مني ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي؟ هم حفظة القرآن والأحاديث عني وعنهم، في الله ولله ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 134) والخطيب في " شرف أصحاب النبي " (1 / 36 / 1) عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته عبد الغفور هذا وهو أبو الصباح الأنصاري الواسطي قال ابن معين: " ليس حديثه بشيء ". وقال ابن حبان (2 / 141) : " كان ممن يضع الحديث على الثقات، كعب وغيره، لا يحل كتابة حديثه ولا ذكره إلا على جهة التعجب ". الحديث: 855 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 856 - " طلب الحق غربة ". موضوع. رواه ابن عساكر في " التاريخ " (5 / 161 / 1 - 2) في ترجمة حمزة بن محمد بن عبد الله الجعفري الطوسي الصوفي: أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن أحمد الهاشمي الصوفي: أخبرنا أحمد بن منصور بن يوسف الواعظ الصوفي قال: سمعت أبا محمد بن جعفر بن محمد الصوفي يقول: سمعت الجنيد بن محمد الصوفي يقول: سمعت السري بن المغلس السقطي الصوفي، عن معروف الكرخي الصوفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم مسلسل بالصوفية، وغالبهم غير معروفين، ومنهم حمزة هذا فإن ابن عساكر لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد قال الذهبي في " الميزان ": " علان بن زيد الصوفي، لعله واضع هذا الحديث الذي في " منازل السائرين " فقال: سمعت الخلدي: سمعت الجنيد: سمعت السري عن معروف ... (قلت: فذكره) رواه عنه عبد الواحد بن أحمد الهاشمي، ولا أعرف الآخر ". وأقره الحافظ في " اللسان " والمناوي في " الفيض ". قلت: وأنت ترى أنه ليس في إسناد الحديث عند ابن عساكر " علان بن زيد "، فلعله سقط من قلم أحد النساخ. والله أعلم. الحديث: 856 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 857 - " من حبس طعاما أربعين يوما، ثم أخرجه فطحنه وخبزه وتصدق به لم يقبله الله منه ". موضوع. رواه ابن عدي (ق 130 / 2) والخطيب في " تاريخه " (8 / 382) وابن عساكر (7 / 55 - 56) من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية قال: سمعت دينارا أبا مكيس يقول: خدمت أنس ثلاث سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع آفته دينار هذا، قال الذهبي: " حدث في حدود الأربعين ومائتين بوقاحة عن أنس بن مالك! تالف متهم، قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة ". ثم ساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها. ثم قال: " قال القناص: أحفظ عن دينار مائتين وخمسين حديثا ". قال الذهبي: " قلت: إن كان من هذا الضرب، فيقدر أن يروي عنه عشرين ألفا كلها كذب! ". وقال الحاكم: " روى عن أنس قريبا من مائة حديث موضوع ". قلت: ولذلك أورد ابن الجوزي حديثه هذا في " الموضوعات " وقال (2 / 244) : " لا يصح دينار روى عنه أشياء موضوعة ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 146 - 147) بأنه ورد من حديث معاذ وعلي. قلت: وهذا لا شيء، فإن فيهما من هو متهم، ولابد من بيانهما. أما حديث معاذ فهو: الحديث: 857 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 858 - " من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما وتصدق به لم يقبل منه ". موضوع. رواه ابن عساكر (5 / 346 / 2) عن خلاد بن محمد بن هانيء بن واقد الأسدي: حدثني أبي: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الطيالسي (!) أخبرنا خصيف عن سعيد بن جبير عن معاذ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: كذا الأصل (الطيالسي) وقال ابن عساكر الصواب: (البالسي) . قلت: وهو متهم، قال الذهبي: " اتهمه الإمام أحمد ". وقال ابن حبان (2 / 132) : " كتبنا عن عمر بن سنان عن إسحاق بن خالد البالسي عنه نسخة شيبها بمائة حديث مقلوبة، منها ما لا أصل له، ومنها ما هو ملزق بإنسان ليس يروي ذلك الحديث بتة، لا يحل الاحتجاج به بحال ". وقال النسائي وغيره: " ليس بثقة، وضرب أحمد على حديثه ". الحديث: 858 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 قلت: فالعجب من السيوطي كيف يتعقب ابن الجوزي في الحديث السابق بمثل هذا الحديث الذي ضرب عليه الإمام أحمد، وراويه متهم. مع أنه يعلم أن مثله لا يفيد في الشواهد، وإنما يفيد فيها الراوي الصدوق الذي ضعف من قبله حفظه كما قرره هو في " التقريب شرح التدريب ". ومحمد بن هانيء لم أجد له ترجمة. وابنه خلاد ترجمه ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهذا هو الشاهد الأول الذي استشهد به السيوطي في " اللآليء " للحديث الذي قبله وقد عرفت وضعه، وأما الشاهد الآخر فهو: 859 - " من احتكر طعاما أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن مروان السدي عن يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن علي رفعه. قلت: ومحمد بن مروان كذاب كما قال ابن نمير وغيره، وأشار إلى ذلك البخاري بقوله: " سكتوا عنه ". وقال ابن معين: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان (2 / 281) : " كان محمد يروي الموضوعات عن الأثبات ". قلت: وهذا الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " مع الحديث الذي قبله شاهدا للحديث الذي قبلهما، وقد علمت من الحديث الذي قبله أن مثله لا ينفع في الشواهد، لشدة ضعفه. على أن هذا الحديث لوثبت لا يصلح شاهدا، لأنه يقول: " لم يكن له كفارة ". وذاك يقول: " لم يقبله الله منه " وفرق واضح بين الأمرين، فإنه لا يلزم من عدم صلاحية العمل ليكون كفارة لجرم أو ذنب أن لا يقبل منه مطلقا، بل قد يقبل ويثاب عليه صاحبه ومع ذلك لا يصلح أن يكون كفارة لذلك الذنب. وهذا بين إن شاء الله تعالى. ولما سبق من حال السدي والبالسي راوي الحديث الذي قبله تعقب ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 193) السيوطي في استشهاده بالحديثين بقوله: " إنهما لا يصلحان شاهدين ". الحديث: 859 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 860 - " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها، وإذا أراد الله بهم غير ذلك تركهم هملا ". موضوع. رواه ابن عساكر (6 / 111 / 2) من طريق الدارقطني بسنده عن موسى بن محمد بن عطاء: أخبرنا المنكدر بن محمد عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الدارقطني: الحديث: 860 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 " غريب من حديث ابن المنكدر عن أنس، تفرد به ابنه المنكدر عنه، ولم يرو هـ عنه غير موسى بن محمد بن عطاء ". قلت: وهو الدمياطي البلقاوي، وكان يضع الحديث كما قال ابن حبان وغيره، وساق له الذهبي أحاديث قال في أحدها: " هذا موضوع ". وفي غيره: " وهذا باطل ". وفي ثالث: " وهذا كذب "! قلت: فالعجب من السيوطي كيف سود " الجامع الصغير " بهذا الحديث! وقد عزاه للدارقطني في " الأفراد "! وأخرجه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (3 / 2) عن الفضل بن محمد العطار: أخبرنا سليم بن منصور بن عمار: أخبرنا أبي: أخبرنا المنكدر بن محمد به، دون قوله: " وبعدهم .... "، فهذه متابعة لموسى بن محمد بن عطاء من منصور بن عمار، وهذا مع كونه مضعفا فالسند إليه هالك، فإن الفضل هذا قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وقال ابن عدي: " يسرق الحديث ". فالظاهر أنه مما سرقه من ابن عطاء. 861 - " ضع القلم على أذنك، فإنه أذكر للمملي ". موضوع. رواه الترمذي (3 / 391) وابن حبان في " المجروحين " (2 / 169) وابن عدي (232 / 2) وابن عساكر (16 / 19 / 1) عن عنبسة عن محمد بن زاذان عن أم سعد عن زيد بن ثابت قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه كاتب، فسمعته يقول: فذكره وقال: " إسناده ضعيف وعنبسة ومحمد ضعيفان ". قلت: والأول شر من الآخر، وهو عنبسة بن عبد الرحمن الأموي، قال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " هو صاحب أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ". وأشار البخاري إلى اتهامه فقال: " تركوه ". وقال النسائي: " متروك ". قلت: ولهذا أورد ابن الجوزي الحديث في " الموضوعات " (1 / 259) من رواية الترمذي هذه ثم قال: " لا يصح، عنبسة متروك، وقال أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث ". وتعقبه السيوطي بأنه ورد من حديث أنس. ثم ساقه من طريقين فيهما متهمان كما سيأتي الحديث: 861 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 عقب هذا، فلا يصلح الاستشهاد بهما كما هو مقرر في محله من علم المصطلح. ومن الغرائب قول المناوي: " وزعم ابن الجوزي وضعه، ورده ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر، ووروده بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع ". قلت: كيف هذا وفي السند الأول من كان يضع الحديث كما عرفت، وفي الآخر مثله كما يأتي. ولهذا لم يصب السيوطي في تعقبه على ابن الجوزي، كما لم يحسن صنعا في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "! 862 - " إذا كتبت فضع قلمك على أذنك، فإنه أذكر لك ". موضوع. رواه الديلمي (1 / 1 / 146) وابن عساكر (8 / 251 / 2) عن عمرو بن الأزهر عن حميد عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع آفته عمرو هذا كذبه ابن معين وغيره، وقال أحمد: " كان يضع الحديث ". وكذا قال ابن حبان (2 / 78) . ثم وجدت للحديث طرقا أخرى عن أنس. 1 - قال أبو نعيم " في أخبار أصبهان " (2 / 337) : حدثنا أحمد بن إسحاق: حدثنا أحمد بن سمير بن نصر: حدثنا أبو عبد الرحمن الراعي: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف: حدثنا إبراهيم بن زكريا: حدثني عثمان بن عمرو بن عثمان البصري عنه مرفوعا به. ورواه الديلمي كما في " اللآليء " (1 / 216) من طريق أخرى عن إبراهيم بن محمد القرشي عن إبراهيم بن زكريا الواسطي عن عمرو بن أبي زهير عن حميد عن أنس به. كذا وقع فيها " عمرو بن أبي زهير عن حميد " فلا أدري هل هو تحريف من بعض النساخ أو هكذا هو في رواية الديلمي، وأيا ما كان فمدار هذا الطريق على إبراهيم بن زكريا الواسطي وقد قال فيه ابن حبان (1 / 102) : " يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة ". وقال: " يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، إن لم يكن المتعمد لها فهو المدلس عن الكذابين ". وضعفه غيره أيضا. وشيخه عمرو، أو عثمان بن عمرو ولم أعرفه. ومثله إبراهيم بن محمد القرشي. ورواه تمام (29 / 102 / 1 رقم 2427) عن عثمان بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن محمد عن حميد عن أنس مرفوعا. وعثمان هذا هو القرشي الوقاصي وهو كذاب كما سبق مرارا. 2 - رواه الباطرقاني في " مجلس من الأمالي " (266 / 2) عن إسماعيل بن عمرو البلخي حدثنا عثمان البري عن ابن غنام عن أنس به. قلت: وعثمان هذا هو ابن مقسم قال ابن معين: " هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث ". والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فأورده فيه من رواية ابن عساكر الحديث: 862 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 هذه! وبيض لها المناوي فلم يتكلم عليه بشيء! 863 - " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا ". ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 64 - 165) من طريق سفيان عمن سمع أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين سفيان، وأنس، وبقية الرجال ثقات. والحديث عزاه الأستاذ سيد سابق في " فقه السنة " (4 / 60) لأحمد والترمذي، فأخطأ من وجهين: الأول: أنه سكت عليه، ولم يبين علته، فأوهم صحته. الثاني: أنه عزاه للترمذي وهذا خطأ فليس في " سنن الترمذي " ولا عزاه السيوطي في " الفتح الكبير " إلا لأحمد فقط، وكذا فعل الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 / 328 - 329) ، ولوكان في الترمذي لما أورده فيه كما هو شرطه. وله شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري ولكنه ضعيف جدا، وهو الحديث الآتي: الحديث: 863 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 864 - " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده كما يتلقون البشير من الدنيا، فيقولون: أنظروا صاحبكم يستريح، فإنه قد كان في كرب شديد، ثم يسألونه ماذا فعل فلان؟ وما فعلت فلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبل فيقول: أيهات (1) قد مات ذلك قبلي! فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية. وقال: وإن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من أهل الآخرة، فإن كان خيرا فرحوا واستبشروا، وقالوا: اللهم هذا فضلك ورحمتك، وأتمم نعمتك عليه وأمته عليها، ويعرض عليهم عمل المسيء فيقولون: اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به عنه وتقربه إليك ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الكبير " (1 / 194 / 2) وفي " الأوسط " (1 / 72 / 1 - 2 من الجمع بينه وبين الصغير) وعنه عبد الغني المقدسي في " السنن " (198 / 1) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبد الرحمن بن سلامة عن أبي رهم السماعي   (1) كذا الأصل، وفي " المجمع ": " هيهات " والمعنى واحد. قال ابن الأثير: وهي كلمة تبعيد مبنية على الفتح، وناس يكسرونها، وقد تبدل الهاء همزة فيقال: (أيهات) . اهـ. الحديث: 864 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا، وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن مكحول إلا زيد وهشام تفرد به مسلمة ". قلت: وهو متهم قال الحاكم: " روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوع ". والحديث قال الهيثمي (2 / 327) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه مسلمة بن علي، وهو ضعيف ". قلت: ورواه سلام الطويل عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي رهم به. ذكره ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 336) في ترجمة سلام الطويل، وقال: " روى عن الثقات الموضوعات ". والنصف الأول من الحديث له طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سلامة، بلفظ " إن نفس المؤمن إذا مات ... " وسندها ضعيف أيضا، فيها محمد بن إسماعيل بن عياش، قال أبو داود: " ليس بذاك ". وقال أبو حاتم: " لم يسمع من أبيه شيئا ". 865 - " يجلسني على العرش ". باطل. ذكره الذهبي في " العلو" (55 طبع الأنصار) من طريقين عن أحمد بن يونس عن سلمة الأحمر عن أشعث بن طليق عن عبد الله بن مسعود قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ عليه حتى بلغت (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) قال: فذكره. وقال الذهبي: " هذا حديث منكر لا يفرح به، وسلمة هذا متروك الحديث، وأشعث لم يلحق ابن مسعود ". قلت: قد وجدت له طريقا أخرى موصولا عن ابن مسعود مرفوعا نحوه، ولا يصح أيضا كما سيأتي بيانه برقم (5160) إن شاء الله تعالى. ثم ذكره الذهبي نحوه عن عبد الله بن سلام موقوفا عليه وقال: " هذا موقوف ولا يثبت إسناده، وإنما هذا شيء قاله مجاهد كما سيأتي ". ثم رواه (ص 73) من طريق ليث عن مجاهد نحوحديث ابن مسعود موقوفا على مجاهد. وكذلك رواه الخلال في " أصحاب ابن منده " (157 / 2) ، ثم قال الذهبي: " لهذا القول طرق خمسة، وأخرجه ابن جرير في " تفسيره "، وعمل فيه المروزي مصنفا "! ثم رواه (ص 78) من طريق عمر بن مدرك الرازي: حدثنا مكي بن إبراهيم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس موقوفا مثله. قال: " إسناده ساقط، وعمر هذا متروك، وجويبر (سقط الخبر من الأصل ولعله. مثله) ، وهذا مشهور من قول مجاهد، ويروى مرفوعا، وهو باطل ". قلت: ومما يدل على ذلك أنه ثبت في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم. ومن العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من المتقدمين بأثر مجاهد الحديث: 865 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 هذا كما ذكره الذهبي (ص 100 - 101 و117 - 118) عن غير واحد منهم، بل غلا بعض المحدثين فقال: لوأن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش واستفتاني، لقلت له: صدقت وبررت! قال الذهبي رحمه الله: " فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر، واليوم فيردن الأحاديث الصريحة في العلو، بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) ". قلت: وإن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في نفيها، والطعن بأهل السنة المثبتين لها، ورميهم بالتشبيه والتجسيم، ودين الحق بين الغالي فيه والجافي عنه، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث، فضلا عن مثل هذا الأثر! وبهذه المناسبة أقول: إن مما ينكر في هذا الباب ما رواه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد " (144 / 1 - 2) من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش: أنشدنا أبو طالب محمد بن علي الحربي: أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله قال: حديث الشفاعة في أحمد، إلى أحمد المصطفى نسنده. فأما حديث إقعاده على العرش فلا نجحده. أمروا الحديث على وجهه ولا تدخلوا فيه ما يفسده. ولا تنكروا أنه قاعد ولا تجحدوا أنه يقعده. فهذا إسناد لا يصح، من أجل أبي العز هذا، فقد أورده ابن العماد في وفيات سنة (526) من " الشذرات " (4 / 78) وقال: " قال عبد الوهاب الأنماطي: كان مخلطا ". وأما شيخه أبو طالب وهو العشاري فقد أورده في وفيات سنة (451) وقال (3 / 289) : " كان صالحا خيرا عالما زاهدا ". فاعلم أن إقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش ليس فيه إلا هذا الحديث الباطل، وأما قعوده تعالى على العرش فليس فيه حديث يصح، ولا تلازم بينه وبين الاستواء عليه كما لا يخفى. وقد وقفت فيه على حديثين، أنا ذاكرهما لبيان حالهما: 866 - " إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه يقعد عليه، ما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ". منكر. رواه أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني في فتياله حول الصفات (100 / 1) من الحديث: 866 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 طريق الطبراني عن عبيد الله بن أبي زياد القطواني: حدثنا يحيى بن أبي بكير: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب عز وجل، ثم قال: فذكره. ورواه الضياء المقدسي في " المختارة " (1 / 59) من طريق الطبراني به، ومن طرق أخرى عن ابن أبي بكير به. وكذلك رواه أبو محمد الدشتي في " كتاب إثبات الحد " (134 - 135) من طريق الطبراني وغيره عن ابن أبي بكير به ولكنه قال: " هذا حديث صحيح، رواته على شرط البخاري ومسلم ". كذا قال: وهو خطأ بين مزدوج فليس الحديث بصحيح، ولا رواته على شرطهما، فإن عبد الله بن خليفة لم يوثقه غير ابن حبان، وتوثيقه لا يعتد به كما تقدم بيانه مرارا، ولذلك قال الذهبي في ابن خليفة هذا: " لا يكاد يعرف "، فأنى للحديث الصحة؟ ! بل هو حديث منكر عندي. ومثله حديث ابن إسحاق في " المسند " وغيره، وفي آخره: " إن عرشه لعلى سماواته وأرضه هكذا مثل القبة، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب ". وابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بالسماع في شيء من الطرق عنه، ولذلك قال الذهبي في " العلو" (ص 23) : " هذا حديث غريب جدا فرد، وابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند، وله مناكير وعجائب، فالله أعلم أقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أم لا؟ وأما الله عز وجل فليس كمثله شيء جل جلاله، وتقدست أسماؤه، ولا إله غيره. (قال:) . " الأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل، فذاك صفة للرحل وللعرش، ومعاذ الله أن نعده صفة لله عز وجل. ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت ". هذا حال الحديث وهو الأول من حديثي القعود على العرش، وأما الآخر فهو: 867 - " يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم، على ما كان فيكم، ولا أبالي ". موضوع بهذا التمام. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 137 / 2) : حدثنا أحمد بن زهير التستري، قال: حدثنا العلاء بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم الطالقاني، قال: حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب عن ثعلبة بن الحكم مرفوعا. ورواه أبو الحسن الحربي في " جزء من حديثه " (35 / 2) : حدثنا الهيثم بن خلف: حدثنا العلاء بن مسلمة أبو مسلمة أبو سالم: حدثنا إسماعيل بن المفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك به. قلت: وهذا سند موضوع فإن مداره على العلاء بن مسلمة بن أبي سالم، قال في " الميزان ": الحديث: 867 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 " قال الأزدي: لا تحل الرواية عنه، كان لا يبالي ما روى. وقال ابن طاهر: كان يضع الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ". وكذا في " التهذيب "، فلم يوثقه أحمد ولذا قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، ورماه ابن حبان بالوضع ". وقد اختلف عليه في شيخه، فأحمد بن زهير سماه إبراهيم الطالقاني، والهيثم بن خلف سماه إسماعيل بن المفضل، وأيهما كان فإني لم أعرفهما. ومع ظهور سقوط إسناد هذا الحديث، فقد تتابع كثير من العلماء على توثيق رجاله وتقوية إسناده، وهو مما يتعجب منه العاقل البصير في دينه، فهذا المنذري يقول في " الترغيب " (1 / 60) : " رواه الطبراني في " الكبير "، ورواته ثقات ". ومثله وإن كان دونه خطأ قول الهيثمي في " المجمع " (1 / 26) : " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله موثقون ". وذلك لأن قوله " موثقون " وإن كان فيه إشارة إلى أن في رجاله من وثق توثيقا غير معتبر مقبول، فهو صريح بأن ثمة من وثقه، وقد عرفت آنفا أنه متفق على تضعيفه! وأبعد من هذين القولين عن الصواب قول الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (3 / 141) : " إسناده جيد ". ونحوه قول السيوطي في " اللآلي " (1 / 221) : " لا بأس به "، ثم حكى قول الهيثمي المتقدم. فهذا القول من ابن كثير والسيوطي نص في تقوية الحديث، وليس كذلك قول المنذري والهيثمي، أما قول الهيثمي فقد عرفت وجهه، وأما المنذري فقوله: " رواته ثقات " غاية ما فيه الإخبار عن أن سند الحديث فيه شرط واحد من شروط صحته، وهو عدالة الرواة وثقتهم، وهذا وحده لا يستلزم الصحة، لأنه لابد من اجتماع شروط الصحة كلها المذكورة في تعريف الحديث الصحيح سنده عند أهل الحديث. والخلاصة أن الحديث موضوع بهذا السياق، وفيه لفظة منكرة جدا وهي قعود الله تبارك وتعالى على الكرسي، ولا أعرف هذه اللفظة في حديث صحيح، وخاصة أحاديث النزول وهي كثيرة جدا بل وهي متواترة كما قطع بذلك الحافظ الذهبي في " العلو" (ص 53، 59) ، وذكر أنه ألف في ذلك جزءا. وقد روي الحديث بدون هذه اللفظة من طرق أخرى كلها ضعيفة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، فلابد من ذكرها لئلا يغتر بها أحد لكثرتها فيقول: بعضها يقوي بعضا! كيف وقد أورد بعضها ابن الجوزي في " الموضوعات "؟! . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 868 - " يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يميز العلماء، ثم يقول: يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، انطلقوا فقد غفرت لكم ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (205 / 2) وأبو الحسين الكلابي في " نسخة أبي العباس طاهر التميمي " (5 - 6) وابن عبد البر في " الجامع " (1 / 48) وأبو المعالي عفيف الدين في " فضل العلم " (114 / 2) عن صدقة بن عبد الله عن طلحة بن زيد عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو بكر الآجري في " الأربعين " (رقم 16) إلا أنه وقع فيه " يونس بن عبيد " بدل " موسى بن عبيدة "، ولعله تصحيف. وقال ابن عدي: " وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، وإن كان الراوي عنه صدقة بن عبد الله ضعيف، فابن شابور ثقة وقد رواه عنه ". يعني أن طلحة بن زيد تفرد به، فلزمه الحديث كما قال ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 263) . قلت: وطلحة هذا متهم بالوضع، فهو آفة الحديث، وإن كان شيخه موسى بن عبيدة ضعيفا جدا كما قال ابن كثير في " التفسير " (3 / 141) والهيثمي في " المجمع " (1 / 127) ، واقتصرا على إعلاله به، وهو قصور بين إذا علمت أن الراوي عنه متهم. ومن هذا القبيل قول الحافظ العراقي في " المغني " (1 / 7) : " سنده ضعيف "! وعزاه هو والهيثمي وغيرهما للطبراني. وقد روي الحديث عن ثعلبة بن الحكم وابن عباس وأبي أمامة أو واثلة بن الأسقع (هكذا على الشك) وأبي هريرة وابن عمر وجابر بن عبد الله الأنصاري والحسن البصري موقوفا عليه. أما حديث ثعلبة فسنده ضعيف جدا بل موضوع، وفيه زيادة منكرة ليست في جميع طرق الحديث، وقد تقدم الكلام عليه قبل هذا. 2 - وأما حديث ابن عباس فأخرجه العقيلي في " الضعفاء " (332) عن عدي بن أرطاة ابن الأشعث عن أبيه عن مجالد عن الشعبي عنه مرفوعا. وقال: " عدي حديثه غير محفوظ، والرواية في هذا فيها لين وضعف ". قلت: وهو غير عدي بن أرطاة الفزاري الشامي، فإنه تابعي أكبر من هذا كما صرح بذلك الحافظ. وأبوه أرطاة بن الأشعث لم أعرفه. ومجالد وهو ابن سعيد ضعيف أيضا. الحديث: 868 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 3 - وأما حديث أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع، فرواه ابن عدي في " الكامل " (288 / 1) وابن عساكر (12 / 219 / 1) عن عثمان بن عبد الرحمن القرشي عن مكحول عن أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع مرفوعا. وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع. عثمان هذا هو الوقاصي قال ابن معين: " يكذب ". وقال ابن حبان (2 / 98) : " يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات ". وضعفه ابن المديني جدا. وقال ابن عدي عقب الحديث: " منكر لم يتابعه الثقات ". أورده في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الجمحي مشيرا إلى أن الحديث حديثه. وتعقبه الذهبي بأنه ليس من حديثه وإنما هو من حديث القرشي الوقاصي. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي وترجم للقرشي بما يدل على أنه ليس من حديثه وإنما هو من حديث القرشي الوقاصي. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي وترجم للقرشي بما يدل على أنه عنده الطريفي، وليس الجمحي، ولا الوقاصي! فراجعه مع كلام ابن حبان على الطريفي (2 / 96 - 97) . وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1 / 221 - 222) بالطرق الآتية وطريق ثعلبة! وليس بشيء، لشدة ضعفها كما سبق ويأتي. 4 - وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الطبسي في " ترغيبه " بسنده عن نصر بن أحمد البورجاني: حدثنا عبد السلام بن صالح: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا له ثلاث علل: الأولى: عنعنة ابن جريج فإنه مدلس. الثانية: ضعف ابن صالح وهو أبو الصلت الهروي، والأكثرون على تضعيفه، بل اتهمه ابن عدي وغيره بالكذب والوضع. الثالثة: نصر بن أحمد البورجاني لم أجد له ترجمة، ووقع اسمه في حديث آخر يأتي بعد هذا بحديث: " نصر بن محمد بن الحارث " ولم أجده أيضا. الرابعة: الاختلاف في سنده، فقد رواه البورجاني عن أبي الصلت كما رأيت، وخالفه يعقوب بن يوسف المطوعي: حدثنا أبو الصلت الهروي: حدثنا عباد بن العوام عن عبد الغفار المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. أخرجه ابن النجار كما في " اللآلي ". والمطوعي هذا ثقة كما قال الدارقطني، وترجمته في " التاريخ " (14 / 289) ، وحينئذ فروايته أصح من رواية البورجاني، وفيها عبد الغفار المدني قال العقيلي في " الضعفاء " (ص 263) : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 " مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به ". ثم ساق له حديثا آخر يأتي بعد حديث. وقال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف، وكأنه أبو مريم، فإن خبره موضوع ". واسم أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع الحديث، ولكنه معدود في أهل الكوفة كما في " ضعفاء ابن حبان " (2 / 136) ، وصاحب هذا الحديث مدني. 5 - وأما حديث ابن عمر فرواه ابن صرصري في " أماليه " بسنده عن محمد بن يونس بن موسى القرشي: حدثنا حفص بن عمر بن دينار الأبلي: حدثني سعيد بن راشد السماك: حدثني عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر مرفوعا. سكت عنه السيوطي مع وضوح بطلانه فإن سعيد السماك متروك، وحفص كذاب، ومحمد بن يونس القرشي وهو الكديمي وضاع! 6 - وأما حديث جابر فأخرجه الطبسي أيضا بسنده عن عبد القدوس: حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي الزبير عن جابر. عبد القدوس هذا هو ابن حبيب الكلاعي وهو كذاب يضع. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها. وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. 7 - وأما حديث الحسن فأخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (ص 160) عن حماد بن زيدك عن جويبر عن أبي معاوية سهل عن الحسن قال: فذكره. قلت: وهذا مع وقفه ففيه سهل أبو معاوية هذا ولم أعرفه، ولعله سهل بن معاذ بن أنس الجهني، وهو مختلف فيه. وجويبر وهو متروك. وحماد بن زيدك أورده السهمي ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ورواه ابن عساكر (5 / 94 / 1) عن عبد الله بن داود قال: سمعت أبا عمر الصنعاني وهو يقول: فذكره موقوفا عليه. وهذا مع وقفه فإنه منقطع فإن أبا عمر الصنعاني واسمه حفص بن ميسرة الشامي توفي سنة (181) . ومما سبق يتبين أن طرق الحديث كلها ضعيفة جدا، لا يصلح شيء منها لتقوية الحديث، فلم يبعد ابن الجوزي بإيراده إياه في " الموضوعات ". والله أعلم. اهـ. 869 - " إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وأهله وليا يذب عنه ويتكلم بعلاماته، فاغتنموا تلك المجالس بالذب عن الضعفاء، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا ". الحديث: 869 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (263) : حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا عبد السلام بن صالح: حدثنا عباد بن العوام قال: حدثنا عبد الغفار المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " عبد الغفار مجهول بالنقل، حديثه هذا غير محفوظ ولا يعرف إلا به ". وقال الذهبي: " لا يعرف، وكأنه أبو مريم فإن خبره موضوع ". يشير إلى هذا الحديث، وأبو مريم اسمه عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع الحديث وقال ابن حبان (2 / 136) : " كان ممن يروي المثالب في عثمان بن عفان، ويشرب الخمر حتى يسكر، ومع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، تركه أحمد وابن معين ". والحديث رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 322) والهروي في " ذم الكلام " (4 / 80 / 2) عن عبد السلام به. اهـ. 870 - " إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء بالله، فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل ". ضعيف جدا. رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " الأربعين الصوفية " (8 / 2) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (2 / 7 / 2) عن نصر بن محمد بن الحارث: حدثنا عبد السلام بن صالح: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. ومن طريق السلمي رواه الديلمي في " مسند الفردوس " كما في " ذيل ثبت الشيخ إبراهيم الكوراني " (12 / 1) ورواه الطبسي عن نصر بن محمد به كما في " اللآلي " (1 / 221) . قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وله ثلاثة علل تقدم بيانها في الحديث الذي قبله بحديث، رقم الشاهد (4) . وقد أشار لضعفه المنذري في " الترغيب " (1 / 62) وصرح بتضعيفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 35 طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) . اهـ. الحديث: 870 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 871 - " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن، ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء. قالوا: يا رسول الحديث: 871 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع (1) صائما سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما، فتسألون الجنة، وتعوذون من النار ". منكر. رواه المحاملي في " الأمالي " (ج 5 رقم 50) وابن خزيمة في " صحيحه " (1887) وقال: " إن صح "، والواحدي في " الوسيط " (1 / 640 / 1 - 2) والسياق له عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان، فإنه ضعيف كما قال أحمد وغيره، وبين السبب الإمام ابن خزيمة فقال: " لا أحتج به لسوء حفظه ". ولذلك لما روى هذا الحديث في صحيحه قرنه بقوله: " إن صح الخبر ". وأقره المنذري في " الترغيب " (2 / 67) وقال: إن البيهقي رواه من طريقه. قلت: وفي إخراج ابن خزيمة لمثل هذا الحديث في " صحيحه " إشارة قوية إلى أنه قد يورد فيه ما ليس صحيحا عنده منبها عليه، وقد جهل هذه الحقيقة بعض من ألف في " نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة "، وفيهم من وصفوه على ظهر الغلاف بقولهم: " وخرج أحاديثها العالم الفاضل المحقق خادم الحديث الشريف ... " فقالوا (ص 34 القسم الثاني) : " رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه "! وهذا يقال فيما إذا لم يقفوا على كلمة ابن خزيمة عقب الحديث، أما إذا كانوا قد وقفوا عليها، فهو كذب مكشوف على ابن خزيمة! وليس هذا بالغريب منهم فرسالتهم هذه كسابقتها محشوة بالبهت والافتراء الذي لا حدود له، مما يعد الاشتغال بالرد عليهم إضاعة للوقت مع أناس لا ينفع فيهم التذكير! وحسبنا على ذلك مثال واحد قالوا (ص د) : "فهو يعترف من جديد بصحة رواية صلاة التراويح بعشرين ركعة الثابتة من فعل عمر رضي الله عنه وجمع الناس عليها بعد أن كان ينكرها، فها هو يقول في صفحة (259 من رسالته الثانية من تسديد الإصابة ": " وحمل فعل عمر رضي الله عنه على موافقة سنته صلى الله عليه وسلم أولى من حمله على مخالفتها ".   (1) وقع في " الترغيب " (2 / 67) برواية أبي الشيخ: " ومن سقى صائما " والصواب ما أثبتنا كما جزم بذلك الناجي، انظر " التعليق الرغيب ". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 فإذا رجع القاريء إلى قولنا هذا وجده مقولا في ترجيح رواية الثمان على العشرين هذا الترجيح الذي ألفت الرسالة كلها من أجله، ومع ذلك يجهرون بقولهم أنني اعترفت من جديد بصحة العشرين! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: " إذا لم تستح فاصنع ما شئت ". ولقد أصدروا رسالتهم هذه الثانية في هذا الشهر المبارك الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "! رواه البخاري وغيره (1) ثم إن الحديث قال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 249) عن أبيه أنه: " حديث منكر ". اهـ. 872 - " لا تقولوا قوس قزح، فإن قزح شيطان، ولكن قولوا: قوس الله عز وجل، فهو أمان لأهل الأرض من الغرق ". موضوع. أخرجه أبو نعيم (2 / 309) والخطيب (8 / 452) من طريق زكريا بن حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث أبي رجاء، لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم ". قلت: وفي ترجمته ساقه الخطيب ثم عقبه بقول ابن معين فيه وكذا النسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان (1 / 311) : " يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 144) من رواية الخطيب ثم قال: " لم يرفعه غير زكريا، قال فيه يحيى والنسائي: ليس بثقة، قال أحمد: ليس بشيء، قال ابن المديني: هالك ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " فقال (1 / 87) : " قلت: أخرجه أبو نعيم في " الحلية "، قال النووي في " الأذكار ": يكره أن يقال: قوس قزح، واستدل بهذا الحديث، وهذا يدل على أنه غير موضوع ". قلت: وهذا تعقب يغني حكايته عن رده! لأن الحديث في " الحلية " من هذه الطريق التي فيها ذلك الهالك المتفق على تضعيفه، فمثله لا يكون حديثه إلا ضعيفا جدا، فكيف يستدل به على حكم شرعي وهو الكراهة؟! بل لا يجوز الاستدلال به عليه ولوفرض أنه ضعيف فقط، أي ليس موضوعا ولا ضعيفا جدا، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالحديث الضعيف اتفاقا. وما أرى النووي رحمه الله تعالى أتي إلا من قبل تلك القاعدة الخاطئة التي تقول: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "! وهي قاعدة غير صحيحة كما أثبت ذلك في مقدمة كتابنا " تمام المنة في التعليق على فقه السنة "، ولعله يطبع قريبا إن شاء الله تعالى، فإنه - أعني النووي - ظن أن الحديث ضعيف فقط! وهو أشد من ذلك كما رأيت. والله المستعان.   (1) وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (2045) . اهـ. الحديث: 872 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 ومن مساويء هذه القاعدة المزعومة إثبات أحكام شرعية بأحاديث ضعيفة، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا وحسبك منها الآن هذا الحديث، بل إن بعضهم يثبت ذلك بأحاديث موضوعة اعتمادا منه على تضعيف مطلق للحديث من بعض الأئمة، بينما هو في الحقيقة موضوع، ولا ينافي القول به الاطلاق المذكور. وهذا باب واسع لا مجال لتفصيل الكلام فيه في هذا المكان. هذا ويغلب على الظن أن أصل الحديث موقوف، تعمد رفعه ذلك الهالك، أو على الأقل المتقدم عن ابن عباس موقوفا عليه، وقد رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 85 - 86) من طريق أخرى عنه موقوفا عليه مختصرا بلفظ: " إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ". ورجاله كلهم ثقات، وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " (1 / 38) : " إسناده صحيح ". وفيه عندي نظر لأن في سنده عارما أبا النعمان واسمه محمد بن الفضل وكان تغير بل اختلط في آخر عمره. ويؤيده أيضا أن ابن وهب رواه في " الجامع " (ص 8) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (1 / 176 - 177) من حديث علي موقوفا عليه أيضا. ثم رواه ابن وهب عن القاسم بن عبد الرحمن من قوله. وإذا ثبت أن الحديث موقوف، فالظاهر حينئذ أنه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب، وموقف المؤمن تجاهها معروف، وهو عدم التصديق ولا التكذيب، إلا إذا خالفت شرعا أو عقلا. والله أعلم. اهـ. 873 - " إن من الجفاء أن يمسح الرجل جبينه قبل أن يفرغ من صلاته، وأن يصلي لا يبالي من إمامه؟ وأن يأكل مع رجل ليس من أهل دينه، ولا من أهل الكتاب في إناء واحد ". ضعيف جدا. رواه تمام (ج 29) وابن عساكر (2 / 236 / 2) عن أبي عبد الله نجيح بن إبراهيم النخعي: أخبرنا معمر بن بكار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، بل موضوع، عثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي متهم، قال البخاري: " سكتوا عنه ". وقال ابن حبان (2 / 99) : " كان يروي عن الثقات الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به ". ثم ساق له الطرف الأول من الحديث نحوه. ومعمر بن بكار، قال العقيلي: " في حديثه وهم، ولا يتابع على أكثره ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! الحديث: 873 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 ونجيح بن إبراهيم النخعي قال مسلمة بن قاسم: " ضعيف ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " أيضا! والشطر الأول من الحديث أخرجه ابن ماجه (رقم 964) عن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن الهدير هذا واسمه هارون بن هارون بن عبد الله. قال البخاري: " لا يتابع في حديثه ". وقال النسائي: " ضعيف ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال البوصيري في " الزوائد ": " اتفقوا على ضعف هارون ". ونقل المناوي عن مغلطاي أنه قال: " حديث ضعيف، لضعف هارون ". 874 - " أصلحوا دنياكم، واعملوا لآخرتكم، كأنكم تموتون غدا ". ضعيف جدا. رواه القضاعي (60 / 2) عن مقدام بن داود قال: أخبرنا علي بن معبد قال: أخبرنا عيسى بن واقد الحنفي عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، سليمان بن أرقم ومقدام بن داود ضعيفان جدا. وعيسى بن واقد لم أعرفه. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. وتبعه نجم الدين الغزي في " حسن التنبه فيما ورد في التشبه " (8 / 70) وقال المناوي: " وفيه زاهر بن طاهر الشحامي، قال في " الميزان " كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع. وراويه عن أنس مجهول ". ثم رأيته في " مختصر الديلمي " للحافظ ابن حجر (1 / 1 / 27) من طريق زاهر بن أحمد: حدثنا البغوي: حدثنا زهير بن حرب عن رجل عن قتادة عن أنس. فالراوي عن قتادة هو المجهول، وليس راويه عن أنس! قلت: وهذا الحديث نحو الحديث المتقدم بلفظ " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ... ". (رقم 7) . وإنما قلت: " نحو" لأن هذا أقل إغراقا في الحض على العمل للدنيا من ذاك، بل هذا لا تأباه الشريعة، وأما ذاك فلا أعتقد أن في الشرع هذه المبالغة في الحض على السعي للدنيا، بل الأحاديث متضافرة على الترغيب في التفرغ للعبادة، وعدم الانهماك في الدنيا، كقوله صلى الله عليه وسلم " ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ". فراجع لهذا الموضوع " الترغيب والترهيب " (4 / 81 - 83) للمنذري. الحديث: 874 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 875 - " لوأن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي ثم قال: الحمد لله، لكانت الحمد لله أفضل من ذلك كله ". موضوع. رواه ابن عساكر (15 / 276 / 2) عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن همام بن المطلب الشيباني: حدثني محمد بن عبد الحي بن سويد الحربي الحافظ: أخبرنا زريق: أخبرنا عمران بن موسى الجنديسابوري - نزل بردعة -: أخبرنا سورة بن زهير العامري - من أهل البصرة - حدثني هشيم عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا. وهذا موضوع، آفته أبو المفضل هذا، قال الخطيب (5 / 466 - 467) : " كان يروي غرائب الحديث وسؤالات الشيوخ فكتب الناس عنه، بانتخاب الدارقطني، ثم بان كذبه فمزقوا حديثه، وأبطلوا روايته، وكان بعد يضع الأحاديث للرافضة. قال حمزة محمد بن طاهر الدقاق: كان يضع الحديث، وكان له سمت ووقار! وقال لي الأزهري: كان أبو المفضل دجالا كذابا "، ورواه ابن عساكر عنه في ترجمة أبي المفضل هذا. ومن بينه وبين هشيم لم أعرفهم غير زريق، والظاهر أنه ابن محمد الكوفي. روى عن حماد بن زيد. قال الذهبي: " ضعفه الأمير ابن ماكولا ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، وهذا مما يؤكد إخلاله بشرطه الذي نص عليه في أول الكتاب، وهو أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع، فإن هذا الحديث إنما ساقه ابن عساكر في ترجمة أبي المفضل هذا وقد سمعت ما قالوا فيه، فهذا يؤيد تساهل السيوطي عفا الله عنه، فإنه لم تخف عليه هذه الترجمة، ومع ذلك أخرج لصاحبها هذا الحديث! وأما المناوي فبيض له! فكأنه لم يقف على إسناده! وقد روى الحديث بإسناد آخر نحوه وهو: الحديث: 875 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 876 - " لو أن الدنيا كلها بيضة واحدة فأكلها المسلم أو قال: حساها، ثم قال: الحمد لله، كان الحمد لله أفضل من ذلك ". ضعيف. رواه أبو محمد السراج القاريء في " منتخب الفوائد " (4 / 117 / 1 - 2) عن محمد بن أحمد القرشي أبي عبد الله قال: حدثنا علي بن غراب الكوفي قال: حدثنا جعفر بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن جابر - كذا قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال: " هذا الحديث غريب جدا من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، ومن رواية حفص بن غياث، لا أعلم روي إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا سند ضعيف ورجاله ثقات غير محمد بن أحمد القرشي ضعفه الدارقطني، وهو محمد بن أحمد بن أنس القرشي النيسابوري وقال الحافظ في " اللسان ": " قرأت بخط الحسيني أن الذهبي اتهمه بالوضع ". الحديث: 876 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 877 - " أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة على صورة القردة والخنازير ". منكر. رواه العقيلي في " الضعفاء " (139) عن زيد بن عياض عن عيسى بن حطان الرقاشي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وقال: " لا يحفظ من وجه يثبت ". ثم روى عن سلام بن أبي مطيع قال: حدث رجل أيوب يوما حديثا، فأنكره أيوب، فقال أيوب: من حدثك بهذا؟ قال: محمد بن واسع. قال: بخ، ثقة. قال: عن من؟ قال: عن زيد بن عياض: قال لا تزده ". وللحديث علة أخرى وهي الرقاشي هذا، فهو وإن ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 162) فقد قال ابن عبد البر: " ليس ممن يحتج بحديثه ". والحديث عندي ظاهر النكارة مخالف لأصل إسلامي عظيم وهو قوله تبارك وتعالى: (لا تزر وازرة وزر أخرى) . فما ذنب أولاد الزنا حتى يحشروا على صورة القردة والخنازير؟! ورحم الله من قال: غيري جنى وأنا المعذب فيكم فكأنني سبابة المتندم! والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي هذه، وقال (3 / 109) : " موضوع لا أصل له ". ووافقه السيوطي في " اللآلي " (1971) . وأما ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (310 / 1) فقد تعقبهما بقوله: " لم أر من اتهمهما بكذب ووضع، وقال الذهبي في زيد بن عياض: قلت: كأن أيوب رحمه الله يغمز من زيد بن عياض، فيقول للرجل حينما ذكره: " لا تزده ". أي لا تزد في ذكر من فوقه من الإسناد لأنه سقط ما دام أنه من طريق ابن عياض ذكره ابن أبي حاتم مختصرا ولم يضعفه، والله أعلم ". قلت: وكأنه ذهل عن الأصل القرآني العظيم الذي ذكرناه، والله أعلم. الحديث: 877 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 878 - " لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ". ضعيف. رواه أحمد وابنه في زوائده (4 / 235) وابن أبي خيثمة في " التاريخ " (2 / 10 / 101 - مخطوطة الرباط) والبخاري في " التاريخ الصغير " (ص 139) والطبراني في " الكبير " (ج 1 / 119 / 2) وابن قانع في " المعجم " (ق 15 / 2) والحاكم (4 / 422) والخطيب في " التلخيص " (ق 91 / 1) وابن عساكر (16 / 223 / 2) عن زيد بن الحباب قال: حدثني الوليد بن المغيرة: حدثني عبد الله بن بشر الغنوي: حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (فذكره) ، قال عبد الله: فدعاني مسلمة الحديث: 878 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 ابن عبد الملك فسألني عن هذا الحديث؟ فحدثته، فغزا القسطنطينية. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وقال الخطيب: " تفرد به زيد بن الحباب ". قلت: وهو ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه ضعف، وليس هذا منه، وفي " التقريب ": " صدوق يخطيء في حديث الثوري " وعبد الله بن بشر الغنوي لم أجد من ترجمه، وإنما ترجموا لسميه " عبد الله بن بشر الخثعمي "، وهذا أورده ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " وقال (2 / 150) : " من أهل الكوفة، يروي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير روى عنه شعبة والثوري ". وأخرج له الترمذي والنسائي. فهو متأخر عن الغنوي هذا فليس به، ومن الغريب أن الإمام أحمد أورد الحديث في مسند " بشر بن سحيم " مشيرا بذلك إلى أنه بشر الغنوي في هذا الحديث، ولم أجد من وافقه على ذلك والله أعلم. وكذلك وقع في روايته " عبد الله بن بشر الخثعمي " بينما وقع عند الآخرين " الغنوي ". ثم رجعت إلى " تعجيل المنفعة " للحافظ ابن حجر فرأيته ترجم لعبد الله بن بشر الغنوي هذا ترجمة طويلة وذكر الاختلاف في نسبه وفي اسمه أيضا، وحكى أقوال المحدثين في ذلك ثم جنح إلى أنه غير الخثعمي الثقة الذي أخرج له الترمذي والنسائي، وأنه وثقه ابن حبان وحده، والله أعلم. وجملة القول أن الحديث لم يصح عندي لعدم الاطمئنان إلى توثيق ابن حبان للغنوي هذا، وهو غير الخثعمي كما مال إليه العسقلاني، والله أعلم. 879 - " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال جمعة ولا تقدمهن امرأة ولكن تقوم في وسطهن ". موضوع. رواه ابن عدي في " الكامل " (65 / 1) وابن عساكر (16 / 159 / 2) عن الحكم عن القاسم عن أسماء (يعني بنت يزيد) ، مرفوعا. وقال ابن عدي بعد أن ساق أحاديث أخرى للحكم هذا وهو ابن عبد الله بن سعد الأيلي: " أحاديثه كلها موضوعة، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد، وما أمليت للحكم عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه، وضعفه بين على حديثه ". وقال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ". وقال السعدي وأبو حاتم: " كذاب ". وقال النسائي والدارقطني وجماعة: " متروك الحديث ". كما في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا منها. الحديث: 879 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 والحديث رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 408) من طريق ابن عدي، ثم قال عقبه: " هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي، وهو ضعيف، ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوفا ومرفوعا، ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن وابن المسيب وابن سيرين والنخعي ". (تنبيه) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان: أحدهما أبو الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق " (79 / 1) : " وقد حكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على النساء أذان ولا إقامة ". وهذا لا نعرفه مرفوعا، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم والشعبي وسليمان بن يسار، وحكى عن عطاء أنه قال: يقمن ". قلت: فلم يعرفه ابن الجوزي مرفوعا، وقد روي كذلك كما سبق. والآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على " المقنع " (1 / 96) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد "! وهذا خطأ فاحش لا أدري منشأه، وهو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث ونشره على الناس، وخاصة إخواننا النجديين، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه الله تعالى، والعصمة لله وحده. ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في (17 / 9 / 1381) . و" النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة وحفاظهم، واسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه، ولد سنة 253، وتوفي سنة 348. ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف " (5022) والبيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: فذكره موقوفا. وهذا سند ضعيف مع وقفه، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر وهو ضعيف. وأما قول الشوكاني في " النيل " (2 / 27) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح. ولعله توهم أن العمري هذا هو المصغر، فإن ثقة وليس به، فإن اسمه عبيد الله، على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر، وليس كذلك كما عرفت. وقد روي عن ابن عمر خلافه، فقال أبو داود في " مسائله " (29) : " سمعت أحمد سئل عن المرأة تؤذن وتقيم؟ قال: سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن وتقيم؟ قال: أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل؟! استفهام ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 وهذا أولى من الذي قبله وإن كنت لم أقف على إسناده، وغالب الظن أنه لو لم يكن ثابتا عند أحمد لما احتج به. ثم صدق ظني، فقد وجدت الأثر المذكور أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " (1 / 223) بسند جيد عن ابن عمر، ويؤيده، ما عند البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء وتقوم وسطهن. ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة مختصرا. وليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف. ثم روى البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت ابن ثوبان: هل على النساء إقامة؟ فحدثني أن أباه حدثه قال: سألت مكحولا؟ فقال: إذا أذن فأقمن فذلك أفضل، وإن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن، قال ابن ثوبان: وإن لم يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت: " كنا نصلي بغير إقامة ". قلت: وابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي وليس هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما ذكر المعلق على " سنن البيهقي "، وهو العامري المدني، فإن هذا العامري متقدم على العنسي هذا من التابعين، والعنسي من أتباع التابعين، وهو حسن الحديث، وبقية الرجال ثقات، فالسند حسن، وقد جمع البيهقي بين هذا وبين رواية ليث المقدمة بقوله: " وهذا إن صح مع الأول، فلا يتنافيان، لجواز أنها فعلت ذلك مرة، وتركته أخرى لبيان الجواز، والله أعلم. ويذكر عن جابر بن عبد الله أنه قيل له: أتقيم المرأة؟ قال: نعم ". والحق في هذه المسألة ما قاله أبو الطيب صديق خان في " الروضة الندية " (1 / 79) : " ثم الظاهر أن النساء كالرجال لأنهن شقائقهن، والأمر لهم أمر لهن، ولم يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متروكون لا يحل الاحتجاج بهم، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك، وإلا فهن كالرجال ". 880 - " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وابن ماشطة بنت فرعون ". باطل بهذا اللفظ. رواه الحاكم في " المستدرك " (2 / 295) : حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد الشعيري: حدثنا السري بن خزيمة: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا جرير بن حازم: حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا - وقال: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي وهو عجب، فإن السري بن خزيمة لم أجد له ترجمة، وكذلك محمد بن محمد الشعيري لم أجده إلا أن يكون، هو الذي أورده السمعاني في " الأنساب ": محمد بن جعفر الشعيري، قال (335 / 2) : الحديث: 880 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 " حدث عن عثمان بن صالح الخياط، روى عنه علي بن هارون الحربي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل عندي، وذلك لأمرين: الأول: أنه حصر المتكلمين في المهد في ثلاثة، ثم عند التفصيل ذكرهم أربعة! والثاني: أن الحديث رواه البخاري في " صحيحه - أحاديث الأنبياء " من الطريق التي عند الحاكم فقال: حدثنا مسلم بن إبراهيم بسنده عند الحاكم تماما إلا أنه خالفه في اللفظ فقال: " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج (قلت فذكر قصته وفيها: ثم أتى الغلام فقال: من أبو ك يا غلام؟ فقال: الراعي، ثم قال:) وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: " اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها فأقبل على الراكب، فقال: اللهم لا تجعلني مثله ". الحديث. وأخرجه مسلم أيضا (8 / 4 - 5) من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا جرير بن حازم به ورواه أحمد (2 / 307 - 308) من طريقين آخرين عن جرير به. والظاهر أن أصل حديث الترجمة موقوف، فقد أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (12 / 115) : حدثنا ابن وكيع: قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " تكلم أربعة في المهد وهم صغار ... ". قلت: فذكرهم كما في رواية الحاكم الباطلة! ورجال هذا الموقوف موثقون ولكن فيه علتان: الأولى: عطاء بن السائب، فإنه كان قد اختلط، وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده، خلافا لمن يظن خلافه من المعاصرين! الثانية: ابن وكيع هذا وهو سفيان، قال الحافظ: " كان صدوقا إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه ". قلت: لكنه لم يتفرد به، فقال ابن جرير: " حدثنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا عفان قال: حدثنا حماد قال: أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تكلم أربعة وهم صغار، فذكر فيهم شاهد يوسف ". قلت: وأخرجه الحاكم (2 / 496 - 497) من طريق أخرى عن عفان به وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي مع أنه قال في عطاء في " الضعفاء " (187 / 2) : " مختلف فيه، من سمع منه قديما فهو صحيح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 وقد علمت مما سبق أن حماد بن سلمة سمع منه في اختلاطه أيضا، ولا يمكن تمييز ما سمعه في هذا الحال عن ما سمعه قبلها، فلذا يتوقف عن تصحيح روايته عنه. ثم إن السيوطي قد أورد حديث أبي هريرة من طريق الحاكم في " الجامع الصغير " بلفظ: " لم يتكلم في المهد إلا عيسى ابن مريم ... " فحذف منه كما ترى لفظة " ثلاثة " لمعارضتها للتفصيل المذكور في الحديث عقبها كما سبق بيانه، وهذا تصرف من السيوطي غير جيد عندي، بل الواجب إبقاء الرواية كما هي، مع التنبيه على ما فيها من التناقض، فلربما دل هذا التناقض على ضعف أحد رواة الحديث كما فعلنا نحن حيث بينا أن الحديث في " البخاري " من الطريق التي أخرجها الحاكم بغير هذا اللفظ. هذا، ولم أجد في حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما قصة غلام الأخدود ففيها أنه قال لأمه: " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد (6 / 17 - 18) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم. وفيه عنده زيادة أن أمه كانت ترضعه، والقصة عند مسلم أيضا (8 / 231) دون هذه الزيادة، وقد عزاها الحافظ في " الفتح " (6 / 371) لمسلم، وهو وهم إن لم تكن ثابتة في بعض نسخ مسلم. وقد جمع بين هذا الحديث وحديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في المهد. والله أعلم. ومن تخاليط عطاء بن السائب أنه جعل قول هذا الغلام: " اصبري ... " من كلام ابن ماشطة بنت فرعون! وسيأتي في لفظ: " لما أسري بي .... ". ثم إن ظاهر القرآن في قصة الشاهد أنه كان رجلا لا صبيا في المهد، إذ لوكان طفلا لكان مجرد قوله إنها كاذبة كافيا وبرهانا قاطعا، لأنه من المعجزات، ولما احتيج أن يقول: " من أهلها "، ولا أن يأتي بدليل حي على براءة يوسف عليه السلام وهو قوله: (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قد من الدبر) الآية، وقد روى ابن جرير بإسناد رجاله ثقات عن ابن عباس أن الشاهد كان رجلا ذا لحية، وهذا هو الأرجح، والله أعلم. (فائدة) ما يذكر في بعض كتب التفسير وغيرها أنه تكلم في المهد أيضا، إبراهيم ويحيى ومحمد صلى الله عليه وسلم أجمعين. فليس له أصل مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فاعلم ذلك. 881 - " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ". منكر. أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " (1 / 286 - منحة المعبود) وكذا أحمد (5 / 230، 242) وأبو داود في " السنن " (2 / 116) والترمذي (2 / 275) وابن سعد في " الطبقات " (2 / 347 و584 - طبع بيرو ت) والعقيلي في " الضعفاء " (76 - 77) والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (93 / 1 و112 - 113 مخطوطة الظاهرية، 154 - 155 و188 - 189 - مطبوعة الرياض) والبيهقي في " سننه " (10 / 114) وابن عبد البر الحديث: 881 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 في " جامع بيان العلم " (2 / 55 - 56) وابن حزم في " الإحكام " (6 / 26، 35، 7 / 111 - 112) من طرق عن شعبة عن أبي العون عن الحارث بن عمرو - أخي المغيرة بن شعبة - عن أصحاب معاذ بن جبل عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: فذكره. وقال العقيلي: " قال البخاري: لا يصح، ولا يعرف إلا مرسلا ". قلت: ونصه في " التاريخ " (2 / 1 / 275) : " لا يصح، ولا يعرف إلا بهذا، مرسل ". قلت: يعني أن الصواب أنه عن أصحاب معاذ بن جبل ليس فيه " عن معاذ ". وقال الذهبي: " قلت: تفرد به أبو عون محمد بن بن عبيد الله الثقفي عن الحارث بن عمرو الثقفي أخوالمغيرة بن شعبة، وما روى عن الحارث غير أبي عون فهو مجهول، وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل ". قلت: ولذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأن الحارث هذا مجهول. ثم رواه أحمد (5 / 236) وأبو داود وابن عساكر (16 / 310 / 2) من طريقين آخرين عن شعبة، إلا أنهما قالا: " عن رجال من أصحاب معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن ". الحديث. لم يذكر: " عن معاذ ". قلت: هذا مرسل وبه أعله البخاري كما سبق، وكذا الترمذي حيث قال عقبه: " هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل ". وأقره الحافظ العراقي في " تخريج أحاديث منهاج الأصول " للبيضاوي (ق 76 / 1) . قلت: فقد أعل هذا الحديث بعلل ثلاث: الأولى: الإرسال هذا. الثانية: جهالة أصحاب معاذ. الثالثة: جهالة الحارث بن عمرو. قال ابن حزم: " هذا حديث ساقط، لم يرو هـ أحد من غير هذا الطريق، وأول سقوطه أنه عن قوم مجهولين، لم يسموا، فلا حجة فيمن لا يعرف من هو؟ وفيه الحارث بن عمرو، وهو مجهول لا يعرف من هو؟ ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه ". وقال في موضع آخر بعد أن نقل قول البخاري فيه: " لا يصح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 " وهذا حديث باطل لا أصل له ". وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 401) عقب قول البخاري المذكور: " وقال الدارقطني في " العلل ": رواه شعبة عن أبي عون هكذا. وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه. والمرسل أصح. قال أبو داود (يعني الطيالسي) : وأكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول الله. وقال مرة: عن معاذ. وقال ابن حزم: " لا يصح لأن الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون، قال: وادعى بعضهم فيه التواتر، وهذا كذب، بل هو ضد التواتر، لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن الحارث، فكيف يكون متواترا؟! ". وقال عبد الحق: " لا يسند، ولا يوجد من وجه صحيح ". وقال ابن الجوزي في " العلل المتناهية ": " لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحا ". وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد، في الكلام على هذا الحديث: " اعلم أنني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم أجد غير طريقين: أحدهما: طريق شعبة. والأخرى: عن محمد بن جابر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ وكلاهما لا يصح. قال: وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب " أصول الفقه ": " والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ " قال: " وهذه زلة منه، ولوكان عالما بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة "، (قال الحافظ رحمه الله تعالى) : " قلت: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة مع كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه! فإنه قال: " والحديث مدون في " الصحاح " متفق على صحته (!) لا يتطرق إليه التأويل ". كذا قال رحمه الله، وقد أخرجه الخطيب في كتاب " الفقيه والمتفقه " من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل، فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتا لكان كافيا في صحة الحديث ". قلت: لم يخرجه الخطيب، بل علقه (ص 189) بقوله: " وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ. وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة ". قلت: وهيهات، فإن في السند إليه كذابا وضاعا، فقد أورده ابن القيم في " تهذيب السنن " تعليقا على هذا الحديث فقال (5 / 213) : " وقد أخرجه ابن ماجه في " سننه " من حديث يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن سعيد بن حسان عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم: حدثنا معاذ بن جبل قال: " لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم، وإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 أشكل عليك أمر فقف حتى تبينه، أو تكتب إلي فيه ". وهذا أجود إسنادا من الأول، ولا ذكر للرأي فيه ". قلت: كيف يكون أجود إسنادا من الأول وفيه محمد بن سعيد بن حسان وهو الدمشقي المصلوب؟! قال في " التقريب ": " قال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث، وقال أحمد: قتله المنصور على الزندقة وصلبه ". وقد سبق نحوه (ص 244) عن غيره من الأئمة. قلت: ولعله اشتبه على ابن القيم رحمه الله بمحمد بن سعيد بن حسان الحمصي، وليس به، فإنه متأخر عن المصلوب، ولم يذكروا له رواية عن ابن نسي، ولا في الرواة عنه يحيى بن سعيد الأموي، وإنما ذكروا ذلك في الأول، على أنه مجهول كما قال الحافظ، وأيضا فإن هذا ليس من رجال ابن ماجه، وإنما ذكروه تمييزا بينه وبين الأول. والحديث في " المقدمة " من سنن " ابن ماجه " (1 / 28) ، وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 5 / 2) : " هذا إسناد ضعيف، محمد بن سعيد هو المصلوب اتهم بوضع الحديث ". على أن قول ابن القيم: " ولا ذكر للرأي فيه ". إنما هو بالنظر إلى لفظ رواية ابن ماجه، وإلا فقد أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " (16 / 310 / 1) من طريق المصلوب هذا بلفظ: " قال معاذ: يا رسول الله: أرأيت ما سئلت عنه مما لم أجده في كتاب الله ولم أسمعه منك؟ قال: اجتهد رأيك ". ثم رواه ابن عساكر (16 / 310 / 2) من طريق سليمان الشاذكوني: أخبرنا الهيثم بن عبد العفار عن سبرة بن معبد عن عبادة بن نسي به بلفظ: " اجتهد رأيك، فإن الله إذا علم منك الحق وفقك للحق ". والهيثم هذا قال ابن مهدي: " يضع الحديث ". والشاذكوني كذاب. قلت: وأجاب ابن القيم عن العلة الثانية، وهي جهالة أصحاب معاذ بقوله في " إعلام الموقعين " (1 / 243) : " وأصحاب معاذ وإن كانوا غير مسمين فلا يضره ذلك، لأنه يدل على شهرة الحديث، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى .... " أقول: فهذا جواب صحيح لو أن علة الحديث محصورة بهذه العلة، أما وهناك علتان أخريان قائمتان، فالحديث ضعيف على كل حال، ومن العجيب أن ابن القيم رحمه الله لم يتعرض للجواب عنهما مطلقا. فكأنه ذهل عنهما لانشغاله بالجواب عن هذه العلة والله أعلم. ثم تبين لي أن ابن القيم اتبع في ذلك كله الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه " (113 / الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 1 - 2 من المخطوطة، 189 - من المطبوعة) ، وهذا أعجب، أن يخفى على مثل الخطيب في حفظه ومعرفته بالرجال علة هذا الحديث القادحة! (تنبيه) أورد ابن الأثير هذا الحديث في " جامع الأصول " (10 / 551) عن الحارث بن عمرو باللفظ الذي ذكرته، ثم قال: " وفي رواية: " أن معاذا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بما أقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال فإن لم أجد، قال استدق الدنيا، وتعظم في عينيك ما عند الله واجتهد رأيك فيسددك الله للحق. ثم قال عقبه: " وأخرجه أبو داود ". قلت: وليست عنده هذه الرواية، ولا رأيت أحدا عزاها إليه غيره، ولا وجدت لها أصلا في شيء من المصادر التي وقفت عليها، فهي منكرة شديدة النكارة، لمخالفتها لجميع الروايات المرسلة منها والموصولة، وجميعها معلة بالجهالة. ومر على هذا العزولأبي داود المحقق الفاضل لـ " جامع الأصول " (10 / 177 - 178 - طبعة دمشق) دون أي تعليق أو تحقيق! تنبيه آخر: ذهب الشيخ زاهد الكوثري المعروف في مقال له إلى تقوية هذا الحديث، وليس ذلك بغريب منه ما دام أنه قد سبق إليه، ولكن الغريب حقا أنه سلك في سبيل ذلك طريقا معوجة، لا يعرفها أهل الجرح والتعديل، فرأيت أن أنقل خلاصة كلامه فيه، ثم أرد عليه وأبين خطأه وزغله. قال في " مقالاته " (ص 60 - 61) : " وهذا الحديث رواه عن أصحاب معاذ الحارث بن عمرو الثقفي، وليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين، في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة 116، ولم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه، ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالة وقبول روايته ألا يثبت فيه جرح مفسر من أهل الشأن، لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة. أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم وهكذا. والحارث هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " وإن جهله العقيلي وابن الجارود وأبو العرب، وقد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني وشعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية والمعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في سند روايته ". قلت: وفي هذا الكلام من الأخطاء المخالفة لما عليه علماء الحديث، ومن المغالطات والدعاوى الباطلة، ما لا يعرفه إلا من كان متمكنا في هذا العلم الشريف، وبيانا لذلك أقول: 1 - قوله: " ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة يقول عنه ابن أخي المغيرة ". فأقول: بل هو مجهول وتوضيحه من ثلاثة وجوه: الأول: أن أحدا من علماء الحديث - فيما علمت - لم يقل أن الراوي المجهول إذا عرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 اسم جده بله اسم أخي جده خرج بذلك عن جهالة العين إلى جهالة الحال أو الوصف. فهي مجرد دعوى من هذا الجامد في الفقه، والمجتهد في الحديث دون مراعاة منه لقواعد الأئمة، وأقوالهم الصريحة في خلاف ما يذهب إليه! فإنهم أطلقوا القول في ذلك، قال الخطيب: " المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء ولا يعرف حديثه إلا من جهة واحد ... ". الثاني: أنه خلاف ما جرى عليه أئمة الجرح والتعديل في تراجم المجهولين عينا، فقد عرفت مما سبق ذكره في ترجمة الحارث هذا أنه مجهول عند الحافظين الذهبي والعسقلاني وكفى بهما حجة، لاسيما وهما مسبوقون إلى ذلك من ابن حزم وغيره ممن ذكرهم الكوثري نفسه كما رأيت! ومن الأمثلة الأخرى على ذلك ذهيل بن عوف بن شماخ التميمي أشار الذهبي إلى جهالته بقوله في " الميزان ": " ما روى عنه سوى سليط بن عبد الله الطهو ي " وصرح بذلك الحافظ فقال في " التقريب ": " مجهول من الثالثة ". ومن ذلك أيضا زريق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني، أشار الذهبي أيضا إلى جهالته وقال الحافظ: " مجهول ". والأمثلة على ذلك تكثر، وفيما ذكرنا كفاية، فأنت ترى أن هؤلاء قد عرف اسم جد كل منهم، ومع ذلك حكموا عليهم بالجهالة. الثالث: قوله: " شعبة يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة ". فأقول: ليس هذا من قول شعبة، وإنما هو من قول أبي العون كما مر في إسناد الحديث، وشعبة إنما هو راوعنه، وهو في هذه الحالة لا ينسب إليه قول ما جاء في روايته، حتى ولوصحت عنده لأنه قد يقول بخلاف ذلك، ولذلك جاء في علم المصطلح، " وعمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه ليس حكما بصحته، ولا مخالفته قدح في صحته ولا في رواته ". كذا في " تقريب النووي " (ص 209 بشرح التدريب) . وكأن الكوثري تعمد هذا التحريف ونسبة هذا القول لشعبة - وليس له - ليقوي به دعوى كون الحارث بن عمرو هذا ابن أخي المغيرة، لأن أبا العون - واسمه محمد بن عبيد الله ابن الثقفي الأعور وإن كان ثقة، فإنه لا يزيد على كونه راويا من رواة الحديث، وأما شعبة فإمام نقاد. على أننا لوسلمنا بأنه من قوله، فذلك مما لا يفيد الكوثري شيئا من رفع الجهالة كما سبق بيانه. 2 - قوله: " ولا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ أبي عون ... ". فأقول: الجواب من وجهين: الأول: بطلان هذه الدعوى من أصلها، لأن شيوخ أبي عون ليسوا جميعا من كبار التابعين حتى يلحق بهم الحارث هذا، فإن من شيوخه أبا الزبير المكي وقد مات سنة (126) ، ولذلك جعله الحافظ من الطبقة الرابعة، وهم الذين جل روايتهم عن كبار التابعين، ومن شيوخه والده عبيد الله بن سعيد، ولا تعرف له وفاة، لكن ذكره ابن حبان في " أتباع التابعين "، وقال: يروي المقاطيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 قال الحافظ: فعلى هذا فحديثه عن المغيرة مرسل. يعني منقطع، ولذلك جعله في " التقريب " من الطبقة السادسة، وهم من صغار التابعين الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج. إذا عرفت هذا فادعاء أن الحارث بن عمرو من كبار التابعين افتئات على العلم، وتخرص لا يصدر من مخلص، والصواب أن يذكر ذلك على طريق الاحتمال، فيقال: يحتمل أنه من كبار التابعين، كما يحتمل أنه من صغارهم. فإن قيل: فأيهما الأرجح لديك؟ قلت: إذا كان لابد من اتباع أهل الاختصاص في هذا العلم، وترك الاجتهاد فيما لا سبيل لأحد اليوم إليه، فهو أنه من صغار التابعين، فقد أورده الإمام البخاري في " التاريخ الصغير " في فصل " من مات ما بين المائة إلى العشرة " (ص 126 - هند) وأشار إلي حديثه هذا وقال: " ولا يعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح ". ولذلك جعله الحافظ في " التقريب " من الطبقة السادسة التي لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من الصحابة فقال: " مجهول، من السادسة ". فإن قيل: ينافي هذا ما ذكره الكوثري (ص 62) أن لفظ شعبة في رواية علي بن الجعد قال: سمعت الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل. كما أخرجه ابن أبي خيثمة، في " تاريخه " ومثله في " جامع بيان العلم " لابن عبد البر. فهذا صريح في أنه لقي جمعا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو تابعي. فأقول: نعم والله إن هذه الرواية لتنافي ذلك أشد المنافاة، ولكن يقال للكوثري وأمثاله: أثبت العرش ثم انقش، فإنها رواية شاذة، تفرد بها علي بن الجعد مخالفا في ذلك لسائر الثقات الذين لم يذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم مضافا إلى (الأصحاب) ، وإنما قالوا: أصحاب معاذ كما تقدم في الإسناد عند جميع من عزونا الحديث إليهم، إلا في رواية لابن عبد البر، وهي من روايته عن أحمد بن زهير قال: حدثنا علي بن الجعد .... وأحمد بن زهير هو ابن أبي خيثمة. وإليك أسماء الثقات المخالفين لابن الجعد في روايته تلك: الأول: أبو داود الطيالسي نفسه في " مسنده " وعنه البيهقي. الثاني: محمد بن جعفر عند أحمد والترمذي. الثالث: عفان بن مسلمة عند أحمد أيضا. الرابع: يحيى بن سعيد القطان، عند أبي داود وابن عبد البر في الرواية الأخرى. الخامس: وكيع بن الجراح عند الترمذي. السادس: عبد الرحمن بن مهدي عند الترمذي. السابع: يزيد بن هارون عند ابن سعد. الثامن: أبو الوليد الطيالسي عند ابن سعد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 فهؤلاء ثمانية من الثقات وكلهم أئمة أثبات، لاسيما وفيهم يحيى القطان الحافظ المتقن لوأن بعضهم خالفوا ابن الجعد لكان كافيا في الجزم بوهمه في نسبته (الأصحاب) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى معاذ، فكيف بهم مجتمعين؟! ومثل هذا لا يخفى على الكوثري، ولكنه يتجاهل ذلك عمدا لغاية في نفسه، وإلا فإن لم تكن رواية ابن الجعد هذه شاذة فليس في الدنيا ما يمكن الحكم عليه بالشذوذ، ولذلك لم يعرج على هذه الرواية كل من ترجم للحارث هذا. فثبت مما تقدم أن الحارث بن عمرو هو من صغار التابعين، وليس من كبارهم، وقد صرح بسماعه من جابر بن سمرة في رواية الطيالسي في " مسنده " (216) عن شعبة عنه. والآخر: هب أنه من كبار التابعين، فذلك لا ينفي عنه جهالة العين فضلا عن جهالة الوصف عند أحد من أئمة الجرح والتعديل، بل إن سيرتهم في ترجمتهم للرواة يؤيد ما ذكرنا، فهذا مثلا حريث بن ظهير من الطبقة الثانية عند الحافظ، وهي طبقة كبار التابعين، فإنه مع ذلك أطلق عليه الحافظ بأنه مجهول. وسبقه إلى ذلك الإمام الذهبي فقال: " لا يعرف ". ومثله حصين بن نمير الكندي الحمصي. قال الحافظ: " يروي عن بلال، مجهول من الثانية ". ونحوه خالد بن وهبان ابن خالة أبي ذر. قال الحافظ: " مجهول، من الثالثة ". 3 - قوله: " ولم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه ". قلت: لا ضرورة إلى هذا الجرح، لأنه ليس بمثله فقط يثبت الجرح، بل يكفي أن يكون جرحا غير مفسر إذا كان صادرا من إمام ذي معرفة بنقد الرواة، ولم يكن هناك توثيق معتمر معارض له، كما هو مقرر في علم المصطلح، فمثل هذا الجرح مقبول، لا يجوز رفضه، ومن هذا القبيل وصفه بالجهالة، لأن الجهالة علة في الحديث تستلزم ضعفه، وقد عرفت أنه مجهول عند جمع من الأئمة النقاد ومنهم الإمام البخاري، فأغنى ذلك عن الجرح المفسر، وثبت ضعف الحديث. 4 - قوله: " ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيق عن أهل طبقته ". فأقول: فيه أمور: أولا: أن الحارث هذا لم يثبت أنه تابعي كبير كما تقدم فانهار قوله من أصله. وثانيا: أنه لا قائل بأن الراوي سواء كان تابعيا أو ممن دونه بحاجة إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في ذلك أن يوثقه إمام من أئمة الجرح والتعديل سواء كان من طبقته أو ممن دونها، فلما كان الحارث هذا لم يوثقه أحد ممن يوثق بتوثيقه بل جهلوه فقد سقط حديثه. 5 - قوله: " بل يكفي في عدالته .... (إلى قوله) من رجال تلك الطبقة ". قلت: هذه مجرد دعوى، فهي لذلك ساقطة الاعتبار، فكيف وهي مخالفة للشرط الأول من شروط الحديث الصحيح: " ما رواه عدل ضابط ... " فلو سلمنا أن عدالته تثبت بذلك، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 فكيف يثبت ضبطه وليس له من الحديث إلا القليل بحيث لا يمكن سبره وعرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه، أو بأنه وسط بين ذلك. كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يرو فيهم جرح أو تعديل ممن قبلهم من الأئمة. ويكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في " علم المصطلح " أنه مباين لما جاء فيه: أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهور ين كما تقدم عن الخطيب. ولما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس الأسلمي، ومسلما عن ربيعة بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد. رده النووي في " التقريب " بقوله (ص 211) : " والصواب نقل الخطيب، ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهور ان، والصحابة كلهم عدول ". وأيده السيوطي في " التدريب " فقال عقبه: " فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعداد الرواة، قال العراقي: هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة، ولكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أولا تثبت إلا برواية اثنين عنه، وهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم، والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات أو في من وفد من الصحابة أو نحوذلك فإنه تثبت صحبته ". قلت: فتأمل كلام العراقي هذا يتبين لك بطلان قول الكوثري، لأنه تساهل في إثبات عدالة التابعي الكبير فلم يشترط فيه ما اشترطه العراقي في إثبات الصحبة المستلزمة لثبوت العدالة! فإنه اشترط مع رواية الواحد عنه أن يكون معروفا بذكره في الغزوات أو الوفود. وهذا ما لم يشترط الكوثري مثله في التابعي! فاعتبروا يا أولي الأبصار. ولعله قد وضح لك أنه لا فرق بين التابعي الكبير ومن دونه في أنه لا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم. وتثبت العدالة بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة. كما هو معلوم. 6 - قال: " أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم وهكذا ". قلت: بل والتابعي الكبير كذلك كما حققناه في الفقرة السابقة. 7 - قال: " والحارث هذا ذكره ابن حبان في " الثقات "، وإن جهله العقيلي وابن الجارود وأبو العرب ". قلت: فيه أمران: الأول: أنه تغافل عن أئمة آخرين جهلوه، منهم الإمام البخاري والذهبي والعسقلاني وغرضه من ذلك واضح وهو الحط من شأن هذا التجهيل! والآخر: اعتداده بتوثيق ابن حبان هنا خلاف مذهبه الذي يصرح في بعض تعليقاته (1) بأن ابن حبان يذكر في " الثقات من لم يطلع على جرح فيه، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين، وقد رد شذوذ ابن حبان هذا في (لسان الميزان) ".   (1) انظر " مقالات الكوثري " (ص 309) ، و" شروط الأئمة الخمسة " (ص 45) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 وهذا من تلاعبه في هذا العلم الشريف، فتراه يعتد بتوثيق ابن حبان حيث كان له هوى في ذلك كهذا الحديث، وحديث آخر في التوسل كنت خرجته فيما تقدم برقم (23) ، ولا يعتد به حين يكون هو اه على نقيضه كحديث الأوعال وغيره، وقد شرحت حاله هذا هناك بما فيه كفاية. ولكن لابد لي هنا من أن أنقل كلامه في راوي حديث الأوعال وهو عبد الله بن عميرة راويه عن العباس بن عبد المطلب، فهو تابعي كبير، لتتأكد من وجود التشابه التام بينه وبين الحارث بن عمرو الراوي للحديث عن معاذ، ومع ذلك يوثق هذا بذاك الأسلوب الملتوي، ويجهل ذاك وهو فيه على الصراط السوي! قال في " مقالاته " (ص 309) : " وقال مسلم في " الوحدان " (ص 14) : " انفرد سماك بن حرب بالرواية عن عبد الله بن عميرة ". فيكون ابن عميرة مجهول العين عنده، (يعني مسلما) لأن جهالة العين لا تزول إلا برواية ثقتين، (تأمل) وقال إبراهيم الحربي - أجل أصحاب أحمد - عن ابن عميرة لا أعرفه. وقال الذهبي في " الميزان " عن عبد الله بن عميرة: فيه جهالة ". قلت: ثم وصفه الكوثري بأنه شيخ خيالي! وبأنه مجهول عينا وصفة! ونحوه قوله في " النكت الطريفة " (ص 101) وقد ذكر حديثا في سنده عبد الرحمن بن مسعود: " وهو مجهول. قال الذهبي: " لا يعرف " وإن ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته في التوثيق "! وقال في (قابوس) . " وإنما وثقه ابن حبان على طريقته في توثيق المجاهيل إذا لم يبلغه عنهم عنهم جرح، وهذا غاية التساهل "!! (ص 48 منه) . فقابل كلامه هذا بالقاعدة التي وضعها من عند نفسه في قبول حديث التابعي الكبير حتى ولونص الأئمة على جهالته تزداد تأكدا من تلاعبه المشار إليه. نسأل الله السلامة. ولوكانت القاعدة الموضوعة صحيحة لكان قبول حديث ابن عميرة هذا أولى من حديث الحارث، لأنه روى عن العباس فهو تابعي كبير قطعا، ولذلك جعله ابن حجر من الطبقة الثانية، بينما الحارث إنما يروي عن بعض التابعين كما سبق، ولكن هكذا يفعل الهوى بصاحبه. نسأل الله العافية. 8 - قال أخيرا: " وقد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني، وشعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية، والمعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في سند روايته "! قلت: فيه مؤاخذتان: الأولى: أن كون شعبة معروفا بالتشدد في الرواية لا يستلزم أن يكون كل شيخ من شيوخه ثقة، بله من فوقهم، فقد وجد في شيوخه جمع من الضعفاء، وبعضهم ممن جزم الكوثري نفسه بضعفه! ولا بأس من أن أسمي هنا من تيسر لي منهم ذكره: 1 - إبراهيم بن مسلم الهجري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 2 - أشعث بن سوار. 3 - ثابت بن هرمز. 4 - ثوير بن أبي فاختة. 5 - جابر الجعفي. 6 - داود بن فراهيج. 7 - داود بن يزيد الأودي. 8 - عاصم بن عبيد الله (قال الكوثري في " النكت " (ص 74) : ضعيف لا يحتج به) . 9 - عطاء بن أبي مسلم الخراساني. 10 - علي بن زيد بن جدعان. 11 - ليث بن أبي سليم. 12 - مجالد بن سعيد: قال الكوثري في " النكت " (ص 63) : " ضعيف بالاتفاق " وضعف به حديث: " زكاة الجنين زكاة أمه "! ثم ضعف به فيه (ص 95) حديث " لعن الله المحلل والمحلل له "! فلم يتجه من تضعيفه إياه أنه من شيوخ شعبة! (1) . 13 - مسلم الأعور. 14 - موسى بن عبيدة. 15 - يزيد بن أبي زياد. 16 - يزيد بن عبد الرحمن الدالاني. 17 - يعقوب بن عطاء. 18 - يونس بن خباب. من أجل ذلك قالوا في لم المصطلح: وإذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين، وهو الصحيح كما قال النووي في " التدريب " (ص 208) وراجع له شرحه " التقريب " وإذا كان هذا في شيوخه فبالأولى أن لا يكون شيوخ شيوخه عدولا إلا إذا سموا، فكيف إذا لم يسموا؟! الأخرى: قوله: " والمعترف له بزوال الجهالة .... ". أقول: إن كان يعني أن ذلك معترف به عند المحدثين، فقد كذب عليهم، فقد عرفت مما سردناه آنفا طائفة من الضعفاء من شيوخ شعبة مباشرة، فبالأولى أن يكون في شيوخ شيوخه من هو ضعيف أو مجهول، وكم من حديث رواه شعبة، ومع ذلك ضعفه العلماء بمن فوقه من مجهول أو ضعيف، من ذلك حديثه عن أبي التياح: حدثني شيخ عن أبي موسى مرفوعا بلفظ: " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا ". فضعفوه بجهالة شيخ أبي التياح كما سيأتي برقم (2320) ، ومن ذلك حديث " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ... " الحديث. رواه شعبة بإسناده عن أبي المطوس عن أبي هريرة مرفوعا: فضعفه البخاري وغيره بجهالة أبي   (1) ولا يفوتني التنبيه على أن الحديثين المذكورين صحيحان رغم أنف الكوثري، وتعصبه المذهبي، وهما مخرجان في " إرواء الغليل " (2606 و1955) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 المطوس فراجع " الترغيب والترهيب " (2 / 74) ، و" المشكاة " (2013) ، و" نقد الكتاني " (35) . وإن كان يعني بذلك نفسه، أي أنه هو المعترف بذلك، فهو كاذب أيضا - مع ما فيه من التدليس والإيهام -، لأن طريقته في إعلال الأحاديث بالجهالة تناقض ذلك، وإليك بعض الأمثلة: 1 - عبد الرحمن بن مسعود، صرح في " النكت الطريفة " (ص 101) بأنه " مجهول " مع أنه من رواية شعبة عنه بالواسطة! وقد قمت بالرد عليه عند ذكر حديثه الآتي برقم (2556) وبيان تناقضه، وإن كان الرجل فعلا مجهولا. 2 - عمرو بن راشد الذي في حديث وابصة في الأمر بإعادة الصلاة لمن صلى وراء الصف وحده. قال الكوثري في " النكت " (ص 28) : " ليس معروفا بالعدالة فلا يحتج بحديثه ". مع أنه يرويه شعبة بإسناده عنه، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (683) ، و" إرواء الغليل " (534) . وراجع تعليق أحمد شاكر على الترمذي (1 / 448 - 449) ". 3 - وكيع بن حدس الراوي عن أبي رزين العقيلي حديث كان في عماء ما فوقه هو اء، وما تحته هو اء ... " قال الكوثري في تعليقه على " الأسماء " (ص 407) : " مجهول الصفة ". مع أنه يعلم أن شعبة قد روى له حديثا آخر عند الطيالسي (1090) وأحمد (4 / 11) . فما الذي جعل هؤلاء الرواة مجهولين عند الكوثري، وجعل الحارث بن عمرو معروفا عنده وكلهم وقعوا في إسناد فيه شعبة؟! الحق، والحق أقول: إن هذا الرجل لا يخشى الله، فإنه يتبع هو اه انتصارا لمذهبه، فيبرم أمرا أو قاعدة من عند نفسه لينقضها في مكان آخر متجاوبا مع مذهبه سلبا وإيجابا. وفي ذلك من التضليل وقلب الحقائق ما لا يخفى ضرره على أهل العلم. نسأل الله العصمة من الهوى. وبعد، فقد أطلت النفس في الرد على هذا الرجل لبيان ما في كلامه من الجهل والتضليل نصحا للقراء وتحذيرا، فمعذرة إليهم. هذا ولا يهولنك اشتهار هذا الحديث عن علماء الأصول، واحتجاجهم به في إثبات القياس، فإن أكثرهم لا معرفة عندهم بالحديث ورجاله، ولا تمييز لديهم بين صحيحه وسقيمه، شأنهم في ذلك شأن الفقهاء بالفروع، إلا قليلا منهم، وقد مر بك كلام إمام الحرمين في هذا الحديث - وهو من هو في العلم بالأصول والفروع، فماذا يقال عن غيره ممن لا يساويه في ذلك بل لا يدانيه، كما رأت نقد الحافظ ابن طاهر إياه، ثم الحافظ ابن حجر من بعده، مع إنكاره على ابن طاهر سوء تعبيره في نقده. ثم وجدت لكل منهما موافقا، فقد نقل الشيخ عبد الوهاب السبكي في ترجمة الإمام من " طبقاته " عن الذهبي أنه قال فيه: " وكان أبو المعالي مع تبحره في الفقه وأصوله، لا يدري الحديث! ذكر في كتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 " البرهان " حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في " الصحاح " متفق على صحته. كذا قال، وأنى له الصحة، ومداره على الحارث بن عمرو وهو مجهول، عن رجال من أهل حمص لا يدري من هم؟ عن معاذ ". ثم تعقبه السبكي بنحو ما سبق من تعقب الحافظ لابن طاهر، ولكنه دافع عنه بوازع من التعصب المذهبي، لا فائدة كبرى من نقل كلامه وبيان ما فيه من التعصب، فحسبك أن تعلم أنه ذكر أن الحديث رواه أبو داود الترمذي، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ " الصحاح " عليها. فكأن السبكي يقول: فللإمام أسوة بهؤلاء الفقهاء في هذا الإطلاق! فيقال له: أو لوكان ذلك أمرا منكرا عند العلماء بالحديث؟! وفي الوقت نفسه فقد تجاهل السبكي قول الإمام في الحديث " متفق على صحته "، فإنه خطأ محض لا سبيل إلى تبريره أو الدفاع عنه بوجه من الوجوه، ولذلك لم يدندن السبكي حوله ولو بكلمة. ولكنه كان منصفا حين اعترف بضعف الحديث، وأن الإمام صحح غيره من الأحاديث الضعيفة فقال: " وما هذا الحديث وحده ادعى الإمام صحته وليس بصحيح، بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره، ولم يوجب ذلك عندنا الغض منه ". وأقول أخيرا: إن وصف الرجل بما فيه ليس من الغض منه في شيء، بل ذلك من باب النصح للمسلمين، وبسبب تجاهل هذه الحقيقة صار عامة المسلمين لا يفرقون بين الفقيه والمحدث، فيتوهمون أن كل فقيه محدث، ويستغربون أشد الاستغراب حين يقال لهم الحديث الفلاني ضعيف عند المحدثين وإن احتج به الفقهاء، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، تجدها مبثوثة في تضاعيف هذه " السلسلة "، وحسبك الآن هذا الحديث الذي بين يديك. وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده لإرساله، وجهالة راويه الحارث بن عمرو، فمن كان عنده من المعرفة بهذا العلم الشريف، وتبين له ذلك فبها، وإلا فحسبه أن يستحضر أسماء الأئمة الذين صرحوا بتضعيفه، فيزول الشك من قلبه، وها أنها ذا أسردها وأقربها إلى القراء الكرام: 1 - البخاري. 2 - الترمذي. 3 - العقيلي. 4 - الدارقطني. 5 - ابن حزم. 6 - ابن طاهر. 7 - ابن الجوزي. 8 - الذهبي. 9 - السبكي. 10 - ابن حجر كل هؤلاء - وغيرهم ممن لا نستحضرهم - قد ضعفوا هذا الحديث، ولن يضل بإذن الله من اهتدى بهديهم، كيف وهم أولى الناس بالقول المأثور: " هم القوم لا يشقى جليسهم ". هذا ولما أنكر ابن الجوزي صحة الحديث أتبع ذلك قوله: " وإن كان معناه صحيحا " كما تقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 فأقول: هو صحيح المعنى فيما يتعلق بالاجتهاد عند فقدان النص، وهذا مما لا خلاف فيه، ولكنه ليس صحيح المعنى عندي فيما يتعلق بتصنيف السنة مع القرآن وإنزاله إياه معه، منزلة الاجتهاد منهما. فكما أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص في الكتاب والسنة، فكذلك لا يأخذ بالسنة إلا إذا لم يجد في الكتاب. وهذا التفريق بينهما مما لا يقول به مسلم بل الواجب النظر في الكتاب والسنة معا وعدم التفريق بينهما، لما علم من أن السنة تبين مجمل القرآن، وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه كما هو معلوم. ومن رام الزيادة في بيان هذا فعليه برسالتي " منزلة السنة في الإسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن ". وهي مطبوعة، وهي الرسالة الرابعة من " رسائل الدعوة السلفية ". والله ولي التوفيق. 882 - " لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها، فإنكم إن لا تعجلوها قبل نزولها، لا ينفك المسلمون، وفيهم إذا هي نزلت من إذا قال وفق وسدد، وإنكم إن تعجلوها تختلف بكم الأهواء، فتأخذوا هكذا وهكذا، وأشار بين يديه وعلى يمينه وعن شماله ". ضعيف. أخرجه الدارمي في " سننه " (1 / 49) عن أبي سلمة الحمصي أن وهب بن عمرو الجمحي حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. ثم روى عن أبي سلمة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمر يحدث ليس في كتاب ولا سنة؟ فقال: " ينظر فيه العابدون من المؤمنين ". قلت: وهذا معضل لأن أبا سلمة واسمه سليمان بن سليم الكلبي الشامي من أتباع التابعين. والأول مرسل ضعيف، لأن وهب بن عمرو الجمحي لم أعرفه، ويحتمل أنه وهب بن عمير. قال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 24) : " روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، روى عنه عطاء بن أبي ميمونة ". ولم يذكر فيه غير ذلك فهو مجهول. وقد روى نحوه من حديث علي وسيأتي برقم (4854) . قلت: وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد، فالعمل عليه عند السلف، فقد صح عن مسروق أنه قال: " سألت أبي بن كعب عن شيء؟ فقال: أكان هذا؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون، فإذا كان، اجتهدنا لك رأينا ". أخرجه ابن عبد البر في " الجامع " (2 / 58) . وإسناده صحيح. وروى الدارمي عن زيد المنقري الحديث: 882 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 قال: " جاء رجل يوما إلى ابن عمر فسأله عن شيء لا أدري ما هو؟ فقال له ابن عمر: لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن. أخرجه الدارمي (1 / 50) بإسناد صحيح عنه، وهو والد حماد بن زيد بن درهم الأزدي الحافظ، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه ابناه حماد هذا وسعيد. ثم روى الدارمي بإسناده الصحيح عن طاووس، قال: قال عمر: على المنبر: " أحرج بالله على رجل سأل عما لم يكن، فإنه الله قد بين ما هو كائن ". وعن الزهري قال: بلغنا أن زيد بن ثابت الأنصاري كان يقول: إذا سئل عن الأمر: أكان هذا؟ فإن قالوا: نعم قد كان، حدث فيه بالذي يعلم والذي يرى، وإن قالوا: لم يكن، قال: فذرون حتى يكون. وإسناده إلى الزهري صحيح. وعن عامر (وهو الشعبي) قال: سئل عمار بن ياسر عن مسئلة؟ فقال: هل كان هذا بعد؟ قالوا: لا، قال: دعونا حتى تكون، فإذا كانت تجشمناها لكم. وإسناده صحيح، وعن ابن عون قال: قال القاسم: إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها، وتنقرون عن أشياء ما كن ننقر عنها، وتسألون عن أشياء ما أدري ما هي؟ ولوعلمناها ما حل لنا أن نكتمكموها. وإسناده صحيح. قلت: ولذلك كان مما أخذه الأئمة على أبي حنيفة رحمه الله فرضه المسائل التي لا تقع أولما تقع، وجوابه عليها، ثم قلده أتباعه على ذلك، فشحنوا كتبهم العديدة بها، ولذلك قال الحافظ ابن عبد البر في " باب ما جاء في ذم القول في دين الله بالرأي والظن والقياس على غير أصله، وعيب الإكثار من المسائل دون اعتبار ". من كتابه " الجامع " (2 / 145) : " وسئل رقبة بن مصقلة عن أبي حنيفة؟ فقال: " هو أعلم الناس بما لم يكن وأجهلهم بما قد كان ". وقد روي هذا القول عن حفص بن غياث في أبي حنيفة، يريد أنه لم يكن له علم بآثار من مضى. والله أعلم. وانظر ما يشبه هذا الكلام في أبي حنيفة وأصحابه في (ص 148 منه) . 883 - " قال ربكم عز وجل: لوأن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولما أسمعتهم صوت الرعد ". ضعيف. رواه الطيالسي (2586) وعنه أحمد (2 / 359) وكذا الحاكم (4 / 256) من طريق صدقة بن موسى السلمي الرقيقي: حدثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الحاكم: الحديث: 883 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 " صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: صدقة ضعفوه ". قلت: وشتير ويقال فيه سمير، قال الذهبي في " الميزان ": " نكرة ". قلت: وصدقة بن موسى السلمي الدقيقي، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال أيضا: " ضعفوه ". وقال في " الميزان ": " ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما، قال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوي ". ثم ساق له مما أنكر عليه ثلاثة أحاديث هذا أحدها. 884 - " ما ينفعكم أن أصلي على رجل روحه مرتهن في قبره، ولا تصعد روحه إلى الله، فلوضمن رجل دينه قمت فصليت عليه، فإن صلاتي تنفعه ". ضعيف. رواه البيهقي في " سننه " (6 / 75) من طريق أبي الوليد الطيالسي: حدثنا عيسى بن صدقة عن عبد الحميد بن أبي أمية قال: شهدت أنس بن مالك وهو يقول: الحمد لله الذي حبس السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه. فقال له رجل: يا أبا حمزة: لوحدثتنا حديثا عسى الله أن ينفعنا به، قال: من استطاع منكم أن يموت وليس عليه دين فليفعل، فإني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتي بجنازة رجل ليصلي عليه، فقال: عليه دين؟ قالوا: نعم قال: فما ينفعكم ... ". ثم روى عن البخاري أنه قال: " قال أبو الوليد (يعني الطيالسي) : هو ضعيف، يعني عيسى بن صدقة هذا ". قلت: وكذا ضعفه أبو حاتم. وقال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان (2 / 117) : " منكر الحديث جدا، لا يجوز الاحتجاج به لغلبة المناكير عليه ". قلت: وعبد الحميد بن أبي أمية قال الدارقطني: " لا شيء ". وبه أعل الحديث الهيثمي فقال في " مجمع الزوائد " (3 / 40) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الحميد بن أمية - كذا الأصل وهو ضعيف ". قلت: وهذا إعلال قاصر لما عرفت من حال ابن صدقة، لاسيما وأن بعض الرواة عنه قد أسقط عبد الحميد هذا من الإسناد، وجعله من رواية ابن صدقة عن أنس! أخرجه البيهقي من طريق يونس بن محمد: حدثنا عيسى بن صدقة قال: الحديث: 884 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 دخلت أنا وأبي وإمام الحي على أنس بن مالك، فقالوا له: حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفعنا الله به: قال: مات رجل فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا يا رسول الله أتصلي عليه؟ فقال: هل عليه دين؟ الحديث. دون قوله: " ولا تصعد روحه .... " وزاد " حتى يبعثه الله يوم القيامة فيحاسبه ". وقد تابعه على إسقاطه عبيد الله بن موسى إلا أنه قلب اسم عيسى بن صدقة فقال: عن صدقة بن عيسى قال: سمعت أنسا يقول: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل يصلي عليه، فقال: عليه دين؟ قالوا: نعم، قال: " إن ضمنتم دينه صليت عليه ". أخرجه البيهقي، فهذا يرجح رواية إسقاط عبد الحميد من الإسناد لاتفاق ثقتين عليه، وتنحصر علة الحديث في عيسى بن صدقة هذا، وهو الصحيح في اسمه كما قال أبو حاتم والذهبي وغيرهما، وقول عبيد الله فيه: " صدقة بن عيسى " خطأ انقلب عليه، والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2 / 198 / 1) للباوردي والبيهقي. وسقط (البيهقي) من " كنز العمال " (3 / 235) . والله أعلم. واعلم أن في ضمان الدين عن الميت أحاديث صحيحة في البخاري والسنن وغيرها وكذلك في ترك الصلاة على من عليه دين وعلى الغال. وإنما حملني على تخريج هذا وبيان ضعفه أنني رأيت ابن الجوزي جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه " صيد الخاطر " (ص 350) ! . 885 - " لا تمنوا الموت، فإن هو ل المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد، ويرزقه الله الإنابة ". ضعيف. رواه أحمد (3 / 332) عن الحارث بن يزيد (وفي رواية: الحارث بن أبي يزيد) قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد فيه ضعف، الحارث هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وقد اضطرب في اسمه على الوجهين المذكورين، وثمة وجه ثالث فقيل فيه " سلمة بن أبي يزيد " بدل " الحارث "، قال البخاري: " ولا يصح ". فالسند ضعيف عندي، وأما المنذري فقال (4 / 136) : " رواه أحمد بإسناد حسن، والبيهقي ". الحديث: 885 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 886 - " يدعوالله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه، فيقول: عبدي! إني أمرتك أن تدعوني، ووعدتك أن أستجيب لك، فهل كنت تدعوني؟ فيقول: نعم يا رب! فيقول: أما إنك لم تدعني بدعوة إلا استجيب لك، فهل ليس دعوتني يوم كذا وكذا الحديث: 886 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 لغم نزل بك أن أفرج عنك، ففرجت عنك؟ فيقول: نعم يا رب! فيقول: فإني عجلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا؟ قال: نعم يا رب! فيقول: إني ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له، إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة، قال: فيقول المؤمن في ذلك المقام، يا ليته لم يكن عجل له في شيء من دعائه ". ضعيف. أخرجه الحاكم (1 / 494) عن الفضل بن عيسى عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنهما مرفوعا، وقال: " هذا حديث تفرد به الفضل بن عيسى الرقاشي، ومحله محل من لا يتهم بالوضع ". وأقره الذهبي، ووافقه من قبله المنذري (2 / 272) . قلت: ولم يصنعا شيئا، فإنه إن لم يكن متهما فقد اتفقوا على تضعيفه، والذهبي نفسه أورده في " الميزان " وقال فيه: " ضعفوه ". ثم ساق أقول الأئمة في ترجيحه وقال في كتابه " المغني ": " مجمع على ضعفه ". وقال فيه الحافظ في " التقريب ": " منكر الحديث ". قلت: فمثله لا يحسن إيراد حديثه في " المستدرك على الصحيحين " كما لا يخفى. والحديث رواه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 208) من هذا الوجه بلفظ: " إن الله يدعو بعبده يوم القيامة ... " الحديث مختصرا وفي آخره: " حتى يقول العبد ليته لم يستجب لي في الدنيا دعوة ". 887 - " كان فيمن كان قبلكم رجل مسرف على نفسه، وكان مسلما، كان إذا أكل طعاما طرح تفالة طعامه على مزبلة، فكان يأو ي إليها عابد، فإن وجد كسرة أكلها وإن وجد بقلة أكلها، وإن وجد عرقا تعرقه .... (الحديث وفيه) : فأمر الله عز وجل بذلك الملك فأخرج من النار جمرة ينفض فأعيد كما كان، فقال: يا رب هذا الذي كنت آكل من مزبلته قال: فقال الله عز وجل: خذ بيده فأدخله الجنة من معروف كان منه إليك لم يعلم به، أما لوعلم به ما أدخلته النار ". الحديث: 887 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 باطل. رواه تمام في " الفوائد " (2329) من طريق منصور بن عبد الله الوراق: حدثني علي بن جابر بن بسر الأو دي: حدثنا حسين بن حسن بن عطية: حدثنا أبي عن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، وفيه علل: الأولى: عطية وهو ابن سعد العوفي ضعيف، وكان يدلس تدليسا خبيثا، فكان يقول: عن أبي سعيد يوهم أنه الخدري وهو يعني الكلبي الكذاب، وقد سبق تفصيل ذلك في الحديث (24 ص 32 ج 1) . الثانية: حسن بن عطية وهو ابن العوفي المذكور آنفا، قال البخاري: " ليس بذاك ". وقال ابن حبان (1 / 1 / 22) : " منكر الحديث، فلا أدري البلية في أحاديثه منه أو من ابنه أو منهما معا ". الثالثة: ابنه الحسين بن الحسن بن عطية، قال أبو حاتم: " ضعيف الحديث " كما في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 48) . وقال ابن معين: كان ضعيفا في القضاء، ضعيفا في الحديث ". وله ترجمة واسعة في " تاريخ بغداد " (8 / 29 - 32) وذكر له أخبارا طريفة في لحيته التي كانت تبلغ إلى ركبته! الرابعة: علي بن جابر ومنصور الوراق لم أجد من ترجمهما. والحديث مع ضعف إسناده الشديد، فهو منكر بل باطل ظاهر البطلان، يشهد القلب بوضعه، ولعله من الإسرائيليات التي تلقها الكلبي من أهل الكتاب ثم دلسه عنه عطية العوفي، فإن من غير المعقول أن يثاب ذلك الرجل المجرم بعمل عمله لا يقصد به نفع الناس ولو قصده لم ينفعه حتى يبتغي به وجه الله، كما هو معلوم، مع أن العمل نفسه قد يمكن إدخاله في باب الإسراف وتضييع المال، فتأمل. وإن مثل هذا الحديث ليفتح بابا كبيرا على الناس من التواكل والتكاسل عن القيام بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى عنه، والاعتماد على الأعمال العادية التي لا يقصد بها التقرب إلى الله، متعللين بأنه عسى أن ينتفع بها بعض الناس فيغفر الله لنا!! . 888 - " مصر كنانة الله في أرضه، ما طلبها عدوإلا أهلكه الله ". لا أصل له. أورده السخاوي في " المقاصد " (1029) وقال: " لم أره بهذا اللفظ في مصر، ولكن عند أبي محمد الحسن بن زولاق في " فضائل مصر " له بمعناه، ولفظه: " مصر خزائن الأرض كلها، من يردها بسوء قصمه الله ". وعزاه المقريزي في " الخطط " لبعض الكتب الإلهية ". قلت: وابن زولاق هذا لا أعرف عنه شيئا، ولا عن كتبه، وهل هو على طريقة المحدثين في سوق الأحاديث بالأسانيد أم هو الحديث: 888 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 على طريقة المتأخرين في ذكر الأحاديث تعليقا بدون إسناد؟ فإذا كان الأول، فلا أدري لماذا سكت عليه الحافظ السخاوي، ولقد كان من الواجب عليه أن يسوق إسناده على الأقل ليمكن النظر فيه والحكم على الحديث به، وإن كان يغلب على الظن أنه لا يصح، بل هو مأخوذ من بعض أهل الكتاب كما أشار إلى ذلك المقريزي، فهو مثل حديث: " الشام كنانتي .... " وقد تقدم برقم (15) . 889 - " الجيزة روضة من رياض الجنة، ومصر خزائن الله في الأرض ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " نسخة نبيط بن شريط " (ق 158 / 2) عن أحمد بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبي جعفر الأشجعي قال: حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم بن نبيط قال: حدثني أبي إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط بن شريط مرفوعا. وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 87) من طريق أبي نعيم، ثم قال: " قال في " الميزان ": أحمد هذا حدث عن أبيه عن جده بنسخة فيها بلايا، منها هذا الحديث، لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب ". وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 57) ، وذكر العجلوني هذا الحديث في " كشف الخفاء " (ص 212) وقال: " قال في " اللآلي ": كذب ". والله أعلم. الحديث: 889 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 890 - " من لم يكثر ذكر الله تعالى قد برىء من الإيمان ". موضوع. قال المنذري في " الترغيب " (2 / 231) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " من حديث أبي هريرة، وهو حديث غريب ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 79) : " رواه الطبراني في " الصغير، و" الأوسط " عن شيخه محمد بن سهل بن المهاجر عن مؤمل بن إسماعيل، وفي " الميزان ": " محمد بن سهل عن مؤمل بن إسماعيل يروي الموضوعات ". فإن كان هو ابن المهاجر فهو ضعيف، وإن كان غيره فالحديث حسن "! قلت: وعلق عليه الحافظ ابن حجر بما نصه: " بل هو موضوع على الحالين، والمجهول إذا انفرد (الأصل إذ) لم يكن حديثه حسنا بحال ". وهذا كلام جيد. وما قاله الذهبي في " الميزان " في ابن سهل هذا أقره عليه الحافظ في " اللسان ". وزاد عليه أنه ساق له هذا الحديث، وهو ظاهر الوضع. الحديث: 890 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 مما ينبغي أن يعلم أن الحديث لم يرو هـ الطبراني في " الصغير " بهذا اللفظ، خلافا لما يوهمه صنيع المنذري ثم الهيثمي، بل بلفظ: " من أكثر ذكر الله فقد بريء من النفاق ". ص (203) وفرق ظاهر بين اللفظين، وإن كان مدارهما على إسناد واحد عند الطبراني، يرويهما عن شيخ واحد هو محمد بن سهل هذا المتهم، ولكنه لم ينفرد باللفظ الثاني، فقد أخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد المنتخبة " (3 / 1 / 2) ومحمد بن الحسن الأزدي في " أحاديث منتقاة " (ق 2 / 1 - 2) وأبو موسى المديني في " اللطائف " (ق 81 / 2) من طرق أخرى عن مؤمل بن إسماعيل به، فبرئت عهدة ابن سهل من هذا اللفظ الثاني، وانحصرت التهمة به في اللفظ الأول. وعلة اللفظ الثاني هو هذا الذي دارت عليه الطرق: مؤمل ابن إسماعيل فإنه ضعيف لسوء حفظه وكثرة خطإه، قال أبو حاتم: " صدوق شديد في السنة كثير الخطأ ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أبو زرعة: " في حديثه خطأ كثير "، ومن هذا التحقيق يتلخلص أن الحديث بلفظه الأول موضوع، كما قال الحافظ بن حجر، وبلفظه الثاني ضعيف. ولقد أحسن السيوطي صنعا حيث أورده في " الجامع الصغير " من رواية " صغير الطبراني " دون اللفظ الآخر، والله الموفق. وفي باب ذكر الله تعالى والإكثار منه وفضله أحاديث كثير مجموعة في " الترغيب " وغيره تغني عن مثل هذا الحديث. 891 - " كان بلال إذا أراد أن يقيم الصلاة قالا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، يرحمك الله ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 27 / 1 - مجمع البحرين) : حدثنا مقدام بن داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة: حدثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وقال: " لم يرو هـ عن كامل إلا عبد الله ". قلت: وهذا موضوع، آفته ابن المغيرة هذا، فقد ساق له الذهبي أحاديث وقال: " هذه موضوعات ". ومقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي: وفي " مجمع الزوائد " (2 / 75) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو ضعيف ". الحديث: 891 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 قلت: وهذا إعلال قاصر من جهتين: الأولى: أنه ألان القول في تضعيف ابن المغيرة وقد عرفت أنه صاحب موضوعات، وقد قال النسائي: " روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها ". الأخرى: أنه عصب التهمة بابن المغيرة مع أن الراوي عنه المقدام مثله أو قريب منه. وهذا الحديث كأنه الأصل لتلك البدعة الفاشية التي رأيناها في حلب وإدلب وغيرها من بلاد الشمال، وهي الصلاة والسلام على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم جهرا قبيل الإقامة. وهي كالبدعة الأخرى وهي الجهر بها عقب الأذان كما بينه العلماء المحققون - وذكرناه في الرسالة الأولى من " تسديد الإصابة ". على أن الظاهر من الحديث - لوصح - أن بلالا كان يدخل على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وهو في حجرته ليخبره بأنه يريد أن يقيم حتى يخرج عليه الصلاة والسلام فيقيم بلال، أولعله لا يسمع الإقامة فيخبر بها. (تنبيه) : إن العلماء إذا أنكروا مثل هذه البدعة، فلا يتبادرن إلى ذهن أحد أنهم ينكرون أصل مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم! بل إنما ينكرون وضعها في مكان لم يضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، أو أن تقترن بصفات وهيئات لم يشرعها الله على لسان نبيه، كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا عطس فقال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ما هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،! قل: الحمد لله رب العالمين أو قال: على كل حال. فانظر كيف أنكر ابن عمر رضي الله عنه وضع الصلاة بجانب الحمد بحجة أنه صلى الله عليه وسلم لم يصنع ذلك، مع تصريحه بأنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم دفعا لما عسى أن يرد على خاطر أحد أنه أنكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم جملة! كما يتوهم البعض الجهلة حينما يرو ن أنصار السنة ينكرون هذه البدعة وأمثالها، فيرمونهم بأنهم ينكرون الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، هداهم الله تعالى إلى اتباع السنة. 892 - " من أحب أن يحيا حياتي، ويموت موتتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي عز وجل، غرس قضبانها بيديه، فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (4 / 349 - 350 و350) والحاكم (3 / 128) وكذا الطبراني في " الكبير " وابن شاهين في " شرح السنة " (18 / 65 / 2) من طرق عن يحيى الحديث: 892 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 بن يعلى الأسلمي قال: حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم - زاد الطبراني: وربما لم يذكر زيد بن أرقم - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث أبي إسحاق، تفرد به يحيى ". قلت: وهو شيعي ضعيف، قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال البخاري: " مضطرب الحديث ". وقال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 196) عن أبيه: " ليس بالقوي، ضعيف الحديث ". والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9 / 108) : " رواه الطبراني، وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف ". قلت: وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد "! فرده الذهبي بقوله: " قلت: أنى له الصحة والقاسم متروك، وشيخه (يعني الأسلمي) ضعيف، واللفظ ركيك، فهو إلى الوضع أقرب ". وأقول: القاسم - وهو ابن شيبة - لم يتفرد، بل تابعه راويان آخران عند أبي نعيم فالحمل فيه على الأسلمي وحده دونه. نعم للحديث عندي علتان أخريان: الأولى: أبو إسحاق، وهو السبيعي فقد كان اختلط مع تدليسه، وقد عنعنه. الأخرى: الاضطراب في إسناده منه أو من الأسلمي، فإنه يجعله تارة من مسند زيد بن أرقم وتارة من مسند زياد بن مطرف، وقد رواه عنه مطين والباوردي وابن جرير وابن شاهين في " الصحابة " كما ذكر الحافظ ابن حجر في " الإصابة " وقال: " قال ابن منده: " لا يصح ". قلت: في إسناده يحيى بن يعلى المحاربي، وهو واه ". قلت: وقوله " المحاربي " سبق قلم منه، وإنما هو الأسلمي كما سبق ويأتي. (تنبيه) لقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث ونقده والكشف عن علته، أسباب عدة، منها أنني رأيت الشيخ المدعو بعبد الحسين الموسوي الشيعي قد خرج الحديث في " مرجعاته " (ص 27) تخريجا أوهم به القراء أنه صحيح كعادته في أمثاله، واستغل في سبيل ذلك خطأ قلميا وقع للحافظ ابن حجر رحمه الله، فبادرت إلى الكشف عن إسناده، وبيان ضعفه، ثم الرد على الإيهام المشار إليه، وكان ذلك منه على وجهين، فأنا أذكرهما، معقبا على كل منهما ببيان ما فيه فأقول: الأول: أنه ساق الحديث من رواية مطين ومن ذكرنا معه نقلا عن الحافظ من رواية زياد بن مطرف، وصدره برقم (38) . ثم قال: " ومثله حديث زيد بن أرقم .... " فذكره، ورقم له بـ (39) ، ثم علق عليهما مبينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 مصادر كل منهما، فأوهم بذلك أنهما حديثان متغايران إسنادا! والحقيقة خلاف ذلك، فإن كلا منهما مدار إسناده على الأسلمي، كما سبق بيانه، غاية ما في الأمر أن الراوي كان يرويه تارة عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم، وتارة لا يذكر فيه زيد بن أرقم، ويوقفه على زياد ابن مطرف وهو يؤكد ضعف الحديث لاضطرابه في إسناده كما سبق. والآخر أنه حكى تصحيح الحاكم للحديث دون أن يتبعه بيان علته، أو على الأقل دون أن ينقل كلام الذهبي في نقده. وزاد في إيهام صحته أنه نقل عن الحافظ قوله في " الإصابة ": " قلت: في إسناده يحيى بن يعلى المحاربي وهو واه ". فتعقبه عبد الحسين (!) بقوله: " أقول هذا غريب من مثل العسقلاني، فإن يحيى بن يعلى المحاربي ثقة بالاتفاق، وقد أخرج له البخاري ... ومسلم ... ". فأقول: أغرب من هذا الغريب أن يدير عبد الحسين كلامه في توهيمه الحافظ في توهينه للمحاربي، وهو يعلم أن المقصود بهذا التوهين إنما هو الأسلمي وليس المحاربي، لأن هذا مع كونه من رجال الشيخين، فقد وثقه الحافظ نفسه في " التقريب " وفي الوقت نفسه ضعف الأسلمي، فقد قال في ترجمة الأول: " يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي الكوفي ثقة، من صغار التاسعة مات سنة ست عشرة ". وقال بعده بترجمة: " يحيى بن يعلى الأسلمي الكوفي شيعي ضعيف، من التاسعة ". وكيف يعقل أن يقصد الحافظ تضعيف المحاربي المذكور وهو متفق على توثيقه، ومن رجال " صحيح البخاري " الذي استمر الحافظ في خدمته وشرحه وترجمة رجاله قرابة ربع قرن من الزمان؟! كل ما في الأمر أن الحافظ في " الإصابة " أراد أن يقول " ... الأسلمي وهو واه "، فقال واهما: " المحاربي وهو واه "! . فاستغل الشيعي هذا الوهم أسوأ الاستغلال، فبدل أن ينبه أن الوهم ليس في التوهين، وإنما في كتب " المحاربي مكان الأسلمي "، أخذ يوهم القراء عكس ذلك وهو أن راوي الحديث إنما هو المحاربي الثقة وليس هو الأسلمي الواهي! فهل في صنيعه هذا ما يؤيد من زكاه في ترجمته في أول الكتاب بقوله: " ومؤلفاته كلها تمتاز بدقة الملاحظة .... وأمانة النقل ". أين أمانة النقل يا هذا وهو ينقل الحديث من " المستدرك " وهو يرى فيه يحيى بن يعلى موصوفا بأنه " الأسلمي " فيتجاهل ذلك، ويستغل خطأ الحافظ ليوهم القراء أنه المحاربي الثقة، وأين أمانته أيضا وهو لا ينقل نقد الذهبي والهيثمي للحديث بالأسلمي هذا؟! فضلا عن أن الذهبي أعله بمن هو أشد ضعفا من هذا كما رأيت، ولذلك ضعفه السيوطي في " الجامع الكبير " على قلة عنايته فيه بالتضعيف فقال: " وهو واه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 وكذلك وقع في " كنز العمال " برقم (2578) . ومنه نقل الشيعي الحديث، دون أن ينقل تضعيفه هذا مع الحديث، فأين الأمانة المزعومة أين؟! (تنبيه) أورد الحافظ بن حجر الحديث في ترجمة زياد بن بن مطرف في القسم الأول من " الصحابة " وهذا القسم خاص كما قال في مقدمته: " فيمن وردت صحبته بطريق الرواية عنه أو عن غيره، سواء كانت الطريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان، وقد كنت أولا - رتبت هذا القسم الواحد على ثلاثة أقسام، ثم بدا لي أن أجعله قسما واحدا، وأميز ذلك في كل ترجمة ". قلت: فلا يستفاد إذن من إيراد الحافظ للصحابي في هذا القسم أن صحبته ثابتة ما دام أنه قد نص على ضعف إسناد الحديث الذي صرح فيه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو هذا الحديث، ثم لم يتبعه بما يدل على ثبوت صحبته من طريق أخرى، وهذا ما أفصح بنفيه الذهبي في " التجريد " بقوله: (1 / 199) : " زياد بن مطرف، ذكره مطين في الصحابة، ولم يصح ". وإذا عرفت هذا فهو بأن يذكر في المجهولين من التابعين، أولى من أن يذكر في الصحابة المكرمين وعليه فهو علة ثالثة في الحديث. ومع هذه العلل كلها في الحديث يريدنا الشيعي أن نؤمن بصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عابئ بقوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ". رواه مسلم في مقدمة " صحيحه ". فالله المستعان. وكتاب " المرجعات " للشيعي المذكور محشو بالأحاديث الضعيفة والموضوعة في فضل علي رضي الله عنه، مع كثير من الجهل بهذا العلم الشريف، والتدليس على القراء والتضليل عن الحق الواقع، بل والكذب الصريح، مما لا يكاد القارىء الكريم يخطر في باله أن أحدا من المؤلفين يحترم نفسه يقع في مثله، من أجل ذلك قويت الهمة في تخريج تلك الأحاديث - على كثرتها - وبيان عللها وضعفها، مع الكشف عما في كلامه عليها من التدليس والتضليل، وذلك مما سيأتي بإذن الله تعالى برقم (4881 - 4975) . 893 - " من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده، ثم قال لها: " كوني فكانت " فليتول علي بن أبي طالب من بعدي ". موضوع. رواه أبو نعيم (1 / 86 و4 / 174) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا بشر بن مهران: حدثنا شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة مرفوعا، وقال: " تفرد به بشر عن شريك ". الحديث: 893 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 قلت: هو ابن عبد الله القاضي وهو ضعيف لسوء حفظه. وبشر بن مهران قال ابن أبي حاتم: " ترك أبي حديثه ". قال الذهبي: " قد روى عنه محمد بن زكريا الغلابي، لكن الغلابي متهم ". قلت: ثم ساق هذا الحديث. والغلابي قال فيه الدارقطني: " يضع الحديث ". فهو آفته. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 387) من طرق أخرى، وأقره السيوطي في " اللآلي " (1 / 368 - 369) ، وزاد عليه طريقين آخرين أعلهما، هذا أحدهما وقال: " الغلابي متهم ". وقد روي بلفظ أتم منه، وهو: 894 - " من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي ". موضوع. أخرجه أبو نعيم (1 / 86) من طريق محمد بن جعفر بن عبد الرحيم: حدثنا أحمد بن محمد بن زيد بن سليم: حدثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى - أخومحمد بن عمران -: حدثنا يعقوب بن موسى الهاشمي عن ابن أبي رواد عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " وهو غريب ". قلت: وهذا إسناد مظلم كل من دون أبي رواد مجهولون، لم أجد من ذكرهم، غير أنه يترجح عندي أن أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم إنما هو ابن مسلم الأنصاري الأطرابلسي المعروف بابن الحناجر، قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 73) : " كتبنا عنه وهو صدوق ". وله ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " (2 / ق 113 - 114 / 1) . وأما سائرهم فلم أعرفهم فأحدهم هو الذي اختلق هذا الحديث الظاهر البطلان والتركيب، وفضل علي رضي الله عنه أشهر من أن يستدل عليه بمثل هذه الموضوعات، التي يتشبث الشيعة بها، ويسودون كتبهم بالعشرات من أمثالها، مجادلين بها في إثبات حقيقة لم يبق اليوم أحد يجحدها، وهي فضيلة علي رضي الله عنه. الحديث: 894 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 ثم الحديث عزاه في " الجامع الكبير " (2 / 253 / 1) للرافعي أيضا عن ابن عباس، ثم رأيت ابن عساكر أخرجه في " تاريخ دمشق " (12 / 120 / 2) من طريق أبي نعيم ثم قال عقبه: " هذا حديث منكر، وفيه غير واحد من المجهولين ". قلت: وكيف لا يكون منكرا وفيه مثل ذاك الدعاء! " لا أنالهم الله شفاعتي " الذي لا يعهد مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتناسب مع خلقه صلى الله عليه وسلم ورأفته ورحمته بأمته. وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب " المرجعات " عبد الحسين الموسوي نقلا عن كنز العمال (6 / 155 و217 - 218) موهما أنه في مسند الإمام أحمد، معرضا عن تضعيف صاحب الكنز إياه تبعا للسيوطي! . وكم في هذا الكتاب " المراجعات " من أحاديث موضوعات، يحاول الشيعي أن يوهم القراء صحتها وهو في ذلك لا يكاد يراعي قواعد علم الحديث حتى التي هي على مذهبهم! إذ ليست الغاية عنده التثبت مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضل علي رضي الله عنه، بل حشر كل ما روي فيه! وعلي رضي الله عنه كغيره من الخلفاء الراشدين والصحابة الكاملين أسمى مقاما من أن يمدحوا بما لم يصح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. ولو أن أهل السنة والشيعة اتفقوا على وضع قواعد في " مصطلح الحديث " يكون التحاكم إليها عند الاختلاف في مفردات الروايات، ثم اعتمدوا جميعا على ما صح منها، لو أنهم فعلوا ذلك لكان هناك أمل في التقارب والتفاهم في أمهات المسائل المختلف فيها بينهم، أما والخلاف لا يزال قائما في القواعد والأصول على أشده فهيهات هيهات أن يمكن التقارب والتفاهم معهم، بل كل محاولة في سبيل ذلك فاشلة. والله المستعان. 895 - " لا تسبوا عليا، فإنه ممسوس في ذات الله تعالى ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 68) : حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا هارون بن سليمان المصري: حدثنا سعد بن بشر الكوفي حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن يزيد بن أبي زياد عن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، مسلسل بعلل عدة: الأولى: إسحاق بن كعب فإنه " مجهول الحال " كما قال ابن القطان والحافظ. الثانية: يزيد بن أبي زياد وهو الدمشقي، قال الحافظ: " متروك ". الثالثة: سعد بن بشر الكوفي لم أعرفه، وأخشى أن يكون وقع في اسمه تحريف، فقد أورد الحديث الهيثمي في " مجمع الزوائد " (9 / 130) وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه سفيان بن بشر أو بشير، متأخر، ليس الحديث: 895 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 هو الذي روى عن أبي عبد الرحمن الحبلي، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، وفي بعضهم ضعف ". الرابعة: هارون بن سليمان المصري لم أجد من ذكره. ومما سبق تعلم تقصير الهيثمي في الكلام عليه، والإفصاح عن علله التي تقضي على الحديث بالضعف الشديد، إن سلم من الوضع الذي يشهد به القلب، والله أعلم. 896 - " جددوا إيمانكم، قيل: يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول: لا إله إلا الله ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 256) وأحمد (2، 359) من طريق صدقة بن موسى السلمي الدقيقي: حدثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: صدقة ضعفوه ". قلت: وشتير نكرة كما في " الميزان "، فقول المنذري في " الترغيب " (2 / 239) : " رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن " ليس بحسن، وكذا قول الهيثمي (10 / 82) : " رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات ". وفي موضع آخر (1 / 52) : " رواه أحمد وإسناده جيد، وفيه سمير بن نهار وثقه ابن حبان ". فقد تبين منه أن توثيقه في الموضع الأول لبعض رجاله إنما عمدته في ذلك توثيق ابن حبان، وقد بينا في " ردنا على الشيخ الحبشي " وفي غيره أن توثيق ابن حبان مما لا ينبغي الاعتماد عليه، لأن من قاعدته فيه توثيق المجهولين! الحديث: 896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 897 - " أعظم الناس هما المؤمن الذي يهتم بأمر دنياه وآخرته ". ضعيف. رواه ابن ماجه (2 / 2143) وابن أبي الدنيا في " الهم والحزن " (74 / 2) عن إسماعيل بن بهرام: حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان - زوج بنت الشعبي -: حدثنا سفيان عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال ابن ماجه: " غريب، تفرد به إسماعيل ". قلت: وهو صدوق كما في " التقريب " لكن شيخه الحسن محمد بن عثمان لم يوثقه أحد، وقال الأزدي: " منكر الحديث ". ويزيد الرقاشي ضعيف كما في " التقريب " وقال المناوي في " الفيض ": " قال في " الميزان " عن النسائي وغيره: متروك، وعن شعبة: لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عنه! انتهى. ورواه عن أنس أيضا البخاري في " الضعفاء " فكان ينبغي للمصنف الحديث: 897 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 ذكره للتقوية، وبه يصير حسنا لغيره "! قلت: بل لا يزال الحديث واهيا، لأن البخاري رواه في " الضعفاء " من هذا الوجه كما في " الميزان "، فلا أدري كيف غفل المناوي عن هذا؟ ولئن كان علم ذلك وحسنه، فالأمر أدهى وأمر، لأن إخراج البخاري للطريق الواهي لاسيما في " الضعفاء " لا يقويه كما هو بدهي. 898 - " كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل في نفسه وأهله كتب له صدقة، وما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله، فالله ضامن إلا ما كان في بنيان، أو معصية، فقلت لمحمد بن المنكدر: وما وقى به الرجل عرضه؟ قال: ما يعطي الشاعر وذا اللسان المتقى ". ضعيف. أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (117 / 2) وابن عدي (249 / 2) والدارقطني (ص 300) والحاكم (2 / 50) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 188 / 1) والثعلبي في " تفسيره " (3 / 145 / 1) من طرق عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: عبد الحميد ضعفه الجمهور ". قلت: أنه كان يخطىء حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد، كما قال ابن حبان (2 / 135 - 136) وقال الساجي: " ضعيف يحدث بمناكير ". قلت: فهذا جرح مفسر، فهو مقدم على توثيق ابن معين له، مع تفرده به. ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال في " الميزان ": " غريب جدا ". قلت: لكن الجملتان الأوليان من الحديث صحيحتان، لأن لهما شواهد كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وإنما أوردناه هنا للزيادة التي بعدهما، وقد ساق لها الحاكم شاهدا بلفظ آخر ولكنه موضوع وهو: الحديث: 898 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 899 - " من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه بماله فليفعل ". موضوع. أخرجه الحاكم (2 / 50) عن حامد بن آدم: حدثنا أبو عصمة نوح، عن عبد الرحمن بن بديل عن أنس بن مالك مرفوعا. الحديث: 899 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 ذكره الحاكم شاهدا.. للحديث الذي قبله وقال: " ليس من شرط هذا الكتاب ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: أبو عصمة هالك ". قلت: وهو نوح بن أبي مريم الجامع، كذاب وضاع مشهور، وقد قيل فيه: " جمع كل شيء إلا الصدق "! والراوي عنه حامد بن آدم كذبه ابن عدي وغيره، وقال ابن معين: " كذاب لعنه الله ". وعده السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث. قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه " بهذا الحديث! 900 - " إني لأعلم أنك لا تضر ولا تنفع، ولكن هكذا فعل أبي إبراهيم ". منكر. أخرجه ابن قانع في " حديث مجاعة بن الزبير أبي عبيدة " (ق 72 / 2) : حدثنا أبو عبيدة عن القاسم بن عبد الرحمن عن منصور بن السود عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة هرول، ومشى أربعا، واستلم، ثم بكى وقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف أبو عبيدة هذا ضعيف، والحديث منكر رفعه، والصحيح أنه من قول عمر بن الخطاب كما هو مشهور في " الصحيحين " وغيرهما دون قوله " ولكن ... " وقال بدلها: " ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ". وقد ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " (3 / 118 / 1) عن عمر مرفوعا، وعن أبي بكر موقوفا، وقال: " رواه ابن أبي شيبة والدارقطني في " العلل " "، وسكت على إسناده كما هي عادته، وما أراه يصح، والله أعلم. الحديث: 900 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 901 - " خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين: صلاتهم وصيامهم ". موضوع. رواه ابن ماجه رقم (712) عن بقية عن مروان بن سالم عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: قال البوصيري في " الزوائد " (ق 47 / 2) : " هذا إسناد ضعيف، لتدليس بقية بن الوليد ". قلت: شيخه مروان شر منه، قال فيه البخاري وغيره: " منكر الحديث ". وقال أبو عروبة الحراني: " يضع الحديث "، وقال ابن حبان (2 / 317) : " كان ممن يروي عن المشاهير المناكير، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات ". الحديث: 901 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 902 - " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أقطع أبتر، مسحوق من كل بركة ". موضوع. رواه السبكي في " طبقات الشافعية الكبرى " (1 / 8) من طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال (1 / 10) : " لا يثبت ". قلت: بل هو موضوع بهذا السياق، وآفته إسماعيل هذا، قال الدارقطني: " متروك الحديث ". قلت وقد روي الحديث من طريق أخرى عن الزهري به دون ذكر الصلاة، ودون قوله " أبتر .... " وهو ضعيف الإسناد كما حققته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (رقم 1 و2) . الحديث: 902 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 903 - " إذا توضأتم فأشربوا أعينكم الماء، ولا تنفضوا أيديكم من الماء، فإنها مراوح الشيطان ". موضوع. أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 36 رقم 73) وابن حبان في " المجروحين " (1 / 194) وابن عدي في " الكامل " (40 / 1) من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن أبي حاتم: " سألت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث منكر، والبختري ضعيف الحديث، وأبوه مجهول ". وكذا قال ابن عدي أن الحديث منكر. قلت: والبختري هذا متهم، قال أبو نعيم: " روى عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات "، وكذا قال الحاكم والنقاش، وقال ابن حبان: " روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب، كان يسرق الحديث، وربما قلبه ". قلت: وحديثه هذا من الأدلة على ذلك، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم ما يقطع كل عارف بهديه صلى الله عليه وسلم في طهوره أنه لم يكن يفعل بمقتضى هذا الحديث، بل صح عنه ما يخالفه في شطره الثاني، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا فسترته بثوب، وصب على يديه فغسلها، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه، فضرب بيده الأرض فمسحها، ثم غسلها، فمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم صب على رأسه، وأفاض على جسده، ثم تنحى فغسل قدميه، فناولته ثوبا، فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه. الحديث: 903 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 ومن تراجم البخاري لهذا الحديث: " باب نقض اليدين من الغسل عن الجنابة ". قال الحافظ: " استدل به على جواز نقض ماء الغسل والوضوء، وهو ظاهر قال: وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره "، ثم ذكر هذا ثم قال: " قال ابن الصلاح: " لم أجده ". وتبعه النووي، وقد أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " وابن أبي حاتم في " العلل " من حديث أبي هريرة، ولو لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا لأن يحتج به ". وقال ابن عدي في " الكامل " في ترجمة البختري (ق 140 / 1) : " روى عن أبيه عن أبي هريرة قدر عشرين حديثا، عامتها مناكير، فمنها: أشربوا أعينكم الماء ". وقال الذهبي: " هذا أنكرها ". إذا عرفت هذا فمن العجائب قول بعضهم: أن الأولى ترك النفض لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم "! فاحتج بالحديث الضعيف! وتأول بعضهم من أجله الحديث الصحيح الذي ذكرته فحمل النقض المذكور فيه على تحريك اليدين في المشي، حكاه القاضي عياض ورده بقوله: " وهو تأول بعيد ". فتعقبه الشيخ علي القاري في " المرقاة " بقوله (1 / 325) : " قلت: وإن كان التأويل بعيدا فالحمل عليه جمعا بين الحديثين أولى من الحمل على ترك الأولى "! قلت: وكأنه خفي عليه ضعف هذا الحديث وإلا فمثله لا يخفى عليه أنه لا يسوغ تأويل النص الصحيح من أجل الضعيف، فهذا من آثار الأحاديث الضعيفة والجهل بها، فتأمل. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (ج 1 / 50 / 1) بهذا السياق من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة. وأورده فيه (1 / 101 / 2) وفي " الصغير " بلفظ " أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء، ولا تنفضوا ... " الحديث من رواية أبي يعلى وابن عدي، وزاد في " الكبير ": " وابن عساكر " وقال فيه: " والبختري ضعفه أبو حاتم، وتركه غيره " ثم ذكر قول ابن عدي المتقدم أن الحديث من مناكيره. 904 - " نسخ الأضحى كل ذبح وصوم رمضان كل صوم والغسل من الجنابة كل غسل، والزكاة كل صدقة ". ضعيف جدا. رواه الدارقطني في " سننه " (ص 543) من طريق الهيثم بن سهل: المسيب بن شريك: أخبرنا عبيد المكتب عن عامر عن مسروق عن علي مرفوعا، وقال: " خالفه المسيب بن واضح عن المسيب - هو ابن شريك - وكلاهما ضعيفان، والمسيب ابن شريك متروك ". الحديث: 904 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 ثم ساقه من طريق ابن واضح: أخبرنا المسيب بن شريك عن عتبة بن يقظان عن الشعبي عن مسروق به وقال: " عتبة بن يقظان متروك أيضا ". ورواه البيهقي (9 / 261 - 262) عن ابن شريك بالوجهين، ونقل عن الدارقطني ما سبق من التضعيف الشديد، وأقره عليه، ونقل الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 208) عنه أنه قال: إسناده ضعيف بمرة ". وأقره عليه. ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه صرف جما غفيرا من هذه الأمة، عن سنة صحيحة مشهورة، ألا وهي العقيقة، وهي الذبح عن المولود في اليوم السابع، عن الغلام شاتين وعن الأنثى شاة واحدة، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة تراجع في كتاب " تحفة الودود في أحكام المولود " للعلامة ابن القيم، أجتزئ هنا بإيراد واحد منها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " مع الغلام عقيقه، فأهريقوا عنه دما ". رواه البخاري (9 / 486) وغيره من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا. لقد تُرَك العمل بهذا الحديث الصحيح وغيره مما في الباب حتى لا تكاد تسمع في هذه البلاد وغيرها أن أحدا من أهل العلم والفضل - دع غيرهم - يقوم بهذه السنة! ولو أنهم تركوها إهمالا كما أهملوا كثيرا من السنن الأخرى لربما هانت المصيبة، ولكن بعضهم تركها إنكارا لمشروعيتها! لا لشيء إلا لهذا الحديث الواهي! فقد استدل به بعض الحنفية على نسخ مشروعية العقيقة! فإلى الله المشتكى من غفلة الناس عن الأحاديث الصحيحة، وتمسكهم بالأحاديث الواهية والضعيفة. 905 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه، وإذا أتي بالتمر جالت يده ". موضوع. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (106 / 1) وابن حبان (2 / 165) وابن عدي في " الكامل " (254 / 2) وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 222) والخطيب في " تاريخ بغداد " (11 / 95) واللفظ له من طريق عبيد بن القاسم: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع، آفته عبيد هذا وهو ابن أخت سفيان الثوري كذبه ابن معين. وقال صالح جزرة: " يضع الحديث ". وكذا قال أبو داود كما في " الميزان ". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها وقال ابن حبان: " كان يروي عن هشام بنسخة موضوعة لا يحل كتابة حديثه إلا على وجه التعجب ". والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " أورده فيه من رواية الخطيب فقط! وتعقبه المناوي فأجاد قائلا: الحديث: 905 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 " وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه وهو تلبيس فاحش، فقد تعقبه بما نصه: قال أبو علي (صالح بن محمد جزرة) : هذا كذب وعبيد بن أخت سفيان كان يضع الحديث، وله أحاديث مناكير اهـ كلامه ". أورده الهيثمي (5 / 27) وقال: " رواه البزار وفيه خالد بن إسماعيل وهو متروك ". قلت: والشطر الثاني منه رواه أبو الشيخ من طريق رجل من بني ثور عن هشام بن عروة به. وهذا الرجل الذي لم يسم هو عبيد بن القاسم الكذاب المذكور في الطريق الأولى لأنه ابن أخت سفيان الثوري كما سبق، وهذا من الأدلة الكثيرة على عدم الاحتجاج بحديث المجهولين لاحتمال أن يكونوا من الضعفاء، أو الكذابين، فلا يجوز الاحتجاج بهم حتى ينكشف حقيقة أمرهم. ولعل ما يتداوله أهل الشام فيما بينهم وهم يتفكهون: " كل شيء بحشمة إلا التوت " أصله هذا الحديث الموضوع! وله شاهد ضعيف من قوله صلى الله عليه وسلم، سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى برقم (1127) . 906 - " كرسيه موضع قدمه، والعرش لا يقدر قدره ". ضعيف. رواه الضياء في " المختارة " (252 / 1 - 2) عن شجاع بن مخلد الفلاس عن أبي عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله (وسع كرسيه السموات والأرض) قال: فذكره. ورواه من طرق أخرى عن أبي عاصم به موقوفا على ابن عباس وقال: " إنه الأولى ". والموقوف أخرجه الطبراني في " معجمه الكبير " (ج 3) وقد فاتني موضعه منه، وغالب الظن أنه بين الورقة (150 والورقة 170) وقال الهيثمي (6 / 323) : " ورجاله رجال الصحيح ". وكذلك أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " العرش " (114 / 2) والحاكم (2 / 282) عن أبي عاصم به موقوفا وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي. ورواه ابن مردويه من طريق شجاع بن مخلد به مرفوعا كما في " تفسير ابن كثير " وقال: " وهو غلط. ورواه ابن مردويه من طريق الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ولا يصح أيضا ". وروى ابن أبي شيبة أيضا (114 / 1 - 2) وابن جرير في تفسيره (5 / 398 طبع ... ) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 290 - هند) عن عمارة بن عمير عن أبي موسى قال: الحديث: 906 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 " الكرسي موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرجل ". قلت: وإسناده صحيح إن كان عمارة بن عمير سمع من أبي موسى، فإنه يروي عنه بواسطة ابنه إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، ولكنه موقوف، ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع، كما تقدم تحت رقم (866) ، وانظر تفسير ابن كثير (2 / 13 - 14 طبع المنار) . 907 - " أعتقوا عنه، يعتق الله بكل عضومنه، عضوا منه من النار ". ضعيف. رواه أبو داود (2964) وعنه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (2 / 45 - طبع الرياض) والطحاوي في " المشكل " (1 / 315) والحاكم (2 / 212) وعنه البيهقي (8 / 132 - 133 و133) وأحمد (3 / 471) عن ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف بن الديلمي قال: " أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا له: حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان، فغضب وقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص! قلنا: إنما أردنا حديثا سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أو جب - يعني النار - بالقتل، فقال: فذكره. ثم رواه الطحاوي (1 / 314) وأحمد (4 / 107) من طريق عبد الله بن المبارك، والخطيب من طريق يحيى بن حمزة، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريق بن عياش به مختصرا بلفظ: أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم، فقالوا: إن صاحبا لنا أو جب، قال: " فليعتق رقبة، يفدي الله بكل عضومنها عضوا منه من النار ". ثم رواه أحمد (3 / 490) من طريق أبي علاثة قال: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن واثلة بن الأسقع به. وأسقط من الإسناد الغريق هذا. وابن علاثة فيه ضعف. قلت والإسناد ضعيف من أجل الغريق فإنه لم يرو عنه غير إبراهيم بن أبي عبلة، ولم يوثقه غير ابن حبان (1 / 183) . قال الحافظ في " التهذيب ": " وقال ابن حزم: مجهول. وذكره بالعين المهملة ". قلت: وكذلك وقع في " مستدرك الحاكم " وقال: " عريف هذا لقب عبد الله بن الديلمي، حدثنا بصحة ما ذكرته أبو إسحاق إبراهيم ابن فراس الفقيه: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي: حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي: حدثنا عبد الله بن سالم: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال: كنت جالسا بـ (ريحاء) فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئا على عبد الله بن الديلمي، فأجلسه، ثم جاء إلي فقال: عجب ما حدثني هذا الشيخ، يعني واثلة، قلت: ما حدثك؟ فقال: حدثني: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتاه نفر من بني سليم فقالوا .... ". الحديث: 907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 قلت: فذكر الحديث مثل رواية ضمرة ثم قال الحاكم: " فصار الحديث بهذه الروايات صحيحا على شرط الشيخين ". قلت: ووافقه الذهبي، وليس كذلك لأمرين: الأول: أن هذه الرواية التي ساقها مستدلا على صحة ما ذكر، فيها الدمياطي وهو ضعيف. لكنه قد توبع فقال الطحاوي (1 / 316) : حدثنا علي بن عبد الرحمن: حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي: حدثنا عبد الله بن سالم به. وعلي بن عبد الرحمن هو المعروف بـ (علان) المصري، قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 195) : " صدوق ". وتابعه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: حدثنا عبد الله بن يوسف به. أخرجه ابن حبان (1206) . ثم رواه الطحاوي من طريق الوليد بن مسلم: حدثني مالك بن أنس وغيره عن إبراهيم بن أبي عبلة أنه حدثهم عن عبد الله بن الديلمي عن واثلة نحوحديث ابن المبارك. قلت: فهذا كله يصحح ما ذكره الحاكم أن الغريف لقب لعبد الله بن الديلمي، أو على الأصح يدل على أن اسم الغريف عبد الله، وهي فائدة لا تجدها في كتب الرجال، ولكن هل يصير الحديث بذلك صحيحا؟ ذلك ما سترى الجواب عنه فيما يأتي. الأمر الثاني: أن عبد الله بن الديلمي المذكور في هذه الروايات ليس هو الذي عناه الحاكم: عبد الله بن فيروز الديلمي أبو بشر وهو الذي وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما، وروى له أصحاب السنن إلا الترمذي، بل هو ابن أخي هذا، فقد تقدم في بعض الرويات أنه الغريف بن عياش، وفي أخرى عند الطحاوي والخطيب " الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي "، ولذلك قال في ترجمة أبي بشر من " التهذيب ": " هو أخو الضحاك بن فيروز وعم الغريف بن عياش بن فيروز ". فإذا ثبت أنه عبد الله بن عياش بن فيروز وهو غير عبد الله بن فيروز، وجب أن نتطلب معرفة حاله، وإذا عرفت مما سبق في ترجمته أنه مجهول، نستنتج من ذلك أن الحديث ضعيف لا يصح وأن الحاكم والذهبي وهما في تصحيحهما إياه، لاسيما وقد صححاه على شرط الشيخين، والعصمة لله وحده. وفي الحديث علة أخرى، وهي الاضطراب في متنه، ففي رواية ضمرة وعبد الله بن سالم: " أعتقوا عنه "، وفي رواية ابن المبارك ومالك: " فليعتق رقبة ". وتابعهما عليها يحيى بن حمزة وهانىء بن عبد الرحمن عند الطحاوي، ولفظ هانىء: " مروه فليعتق رقبة ". فهذه الرواية أرجح لاتفاق هؤلاء الأربعة عليها، وفيهم مالك وابن المبارك وهما في التثبت والحفظ على ما هما عليه، كما قال الطحاوي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 ثم ذكر أن الرواية الأولى تعارض القرآن فقال: " ووجدنا كتاب الله قد دفع مثل هذا المعنى عن ذوي الذنوب، وهو قوله تعالى في الجزاء عن كفارة الصيد المقتول في الإحرام في (سورة المائدة) على ما ذكر فيها، ثم أعقبه بقوله: (ليذوق وبال أمره) فأخبر أنه جعل الكفارة في الصيد في الإحرام على قاتله ليذوق وبال قتله، فمثل ذلك على كل كفارة عن ذنب، إنما يراد بها ذوق المذنب وبالها، وفي ذلك ما يمنع تكفير غيره عنه في ذلك بعتاق عنه أو بغيره ". ثم ختم الطحاوي كلامه على الحديث بأن ذكر وجها للتوفيق بين الروايتين لا أرى فائدة من حكايته، لسببين: الأول: أن الحديث من أصله ضعيف. الثاني: أنه لوصح فإحدى الروايتين خطأ قطعا، لأن الحادثة واحدة لم تكرر، وبالتالي فاللفظ الذي نطق به عليه السلام واحد، اختلف الرواة في تحديده، فلابد من المصير إلى الترجيح، وقد فعلنا، وذلك يغني عن محاولة التوفيق، والله أعلم. (تنبيه) : الحديث سكت عليه المنذري في " مختصر السنن " (5 / 424) وقال: " أخرجه النسائي ". والظاهر أنه يعني في " الكبرى " له فإني لم أجده في " الصغرى "، ولا عزاه إليه النابلسي في " ذخائر المواريث " (2 / 125 - 126) ، وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 107 / 1) لأبي داود وابن حبان والطبراني في " الكبير " والحاكم والبيهقي. هذا وقد يستدل بالحديث من يقول بوصول ثواب العمل إلى غير عامله إذا وهبه له، وهو خلاف قوله تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وما في معناه من الأحاديث ولوصح هذا الحديث لكان من جملة المخصصات للآية، وقد حقق الإمام الشوكاني القول في هذا الموضوع وذكر ما وقف عليه من المخصصات المشار إليها، فراجعه في " نيل الأوطار " (3 / 333 - 336) ، مع فصل " ما ينتفع به الميت " من كتابي " أحكام الجنائز " (ص 168 - 178) . 908 - " إن عيسى بن مريم كان يقول: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية ". لا أصل له مرفوعا. وإنما أورده الإمام مالك في " الموطأ " (2 / 986 / 8) بدون إسناد أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقوله. وليس من عادتي أن أورد مثل هذا الكلام لأن راويه لم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكني الحديث: 908 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 رأيت الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي كتب تحت هذا الكلام في نسخة " الموطأ " التي قام هو على تصحيحها وتخريج أحاديثها ما نصه: " مرسل، وقد وصله العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة، أخرجه مسلم في: 45 - كتاب البر والصلة والآداب، 20 - باب تحريم الغيبة، حديث 7 ". ولما وقف على هذا بعض من لا علم عنده، نقل هذا الكلام المنسوب إلى عيسى عليه السلام في كتاب له، وعزاه للموطأ ومسلم! فلما وقفت عليه (قبل أن يطبع كتابه، وخير له أن لا يطبعه لكثرة أوهامه) استنكرت عزوه لمسلم أشد الاستنكار، ولما نبهته على ذلك احتج بتخريج فؤاد عبد الباقي - وهو يظنه لبالغ جهله بهذا العلم أنه من تخريج الإمام مالك نفسه! - فأكدت له أنه خطأ، ثم رأيت من الواجب أن أنبه عليه هنا، كي لا يغتر به آخرون، فيقعون في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يريدون ولا يشعرون. وقد تبين لي فور رجوعي إلى تخريج عبد الباقي أن الخطأ - فيما أظن - ليس منه مباشرة، بل من الطابع، فإن هذا التخريج كان حقه أن يوضع في الباب الذي يلي كلام عيسى عليه السلام، ففيه أورد مالك حديثا مرسلا في الغيبة، وهو الذي وصله مسلم في الباب الذي ذكره فؤاد عبد الباقي، فيبدو أن التخريج كان مكتوبا في ورقة مفصولة عن الحديث، فسها الطابع وطبعه تحت كلام عيسى عليه السلام، فكان هذا الخطأ الفاحش، وبقي حديث الغيبة بدون تخريج، ثم لا أدري إذا كان الأستاذ فؤاد أشرف على تصحيح الكتاب بنفسه وهو يطبع، فذهل عن هذه الخطيئة، أو وكل أمر التصحيح إلى من لا علم عنده بالحديث إطلاقا، فبدهي أن تنطلي عليه الخطيئة، والعصمة لله وحده. نعم قد روي الحديث مرفوعا مختصرا، وإسناده ضعيف كما سيأتي بيانه برقم (920) . 909 - " يا عم! والله لووضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ". ضعيف. أخرجه ابن إسحاق في " المغازي " (1 / 284 - 285 سيرة ابن هشام) : حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث: أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة (1) بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا ابن أخي إن قومك قد جاؤني فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق علي وعلى نفسك،   (1) يعني قولهم - كما ذكره في السيرة قبيل هذا الحديث: " يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا لا نصبر على هذا من شتم آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ". اهـ. الحديث: 909 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء ... ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب: أقبل يا ابن أخي! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل، يعقوب بن عتبة هذا من ثقات أتباع التابعين، مات سنة ثمان وعشرين ومائة. وقد وجدت للحديث طريقا أخرى بسند حسن لكن بلفظ: " ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك، على أن تستشعلوا لي منها شعلة يعني الشمس ". وقد خرجته في " الأحاديث الصحيحة " رقم (92) . 910 - " يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم، فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأو قد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر بها فأو قد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأو قد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شررها، ولا يطفأ لهبها، والذي بعثك بالحق لوأن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه، ومن نتن ريحه، والذي بعثك بالحق لوأن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لارفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي، فأموت، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي، فقال: تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به، فقال: مالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء! لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس، فقد كان من الملائكة، وما أدري لعلي ابتلي مثل ما ابتلي به هاروت وماروت، قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام، فما زالا يبكيان حتى نوديا: أن يا جبريل ويا محمد إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه، فارتفع جبريل عليه السلام، وخرج الحديث: 910 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون، فقال: أتضحكون ووراءكم جهنم؟! لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ولما أسغتم الطعام والشراب، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل.. فنودي: يا محمد! لا تقنط عبادي، إنما بعثتك ميسرا ولم أبعثك معسرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا وقاربوا ". موضوع. أخرجه الطبراني في " الأوسط " بسنده عن عمر بن الخطاب قال: " جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جبريل: مالي أراك متغير اللون؟ فقال: ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل صف لي النار. الحديث، أورده المنذري في " الترغيب والترهيب " (4 / 225 - 226) وأشار لضعفه أو وضعه، وقد بين علته الهيثمي في " المجمع " فقال (10 / 387) : " وفيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه ". قلت: وذلك لأنه كان كذابا كما قال ابن خراش، وقال ابن حبان: (1 / 335 - 336) : " روى عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المعتمد لها ". وقال الحاكم - على تساهله -: " روى أحاديث موضوعة ". قلت: وهذا منها بلا شك فإن التركيب والصنع عليه ظاهر، ثم إن فيه ما هو مخالف للقرآن الكريم في موضعين منه: الأول: قوله في إبليس: " كان من الملائكة " والله عز وجل يقول فيه: (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) ، وما يروى عن ابن عباس في تفسير قوله: (من الجن) أي من خزان الجنان، وأن إبليس كان من الملائكة، فمما لا يصح إسناده عنه، ومما يبطله أنه خلق من نار كما ثبت في القرآن الكريم، والملائكة خلقت من نور كما في " صحيح مسلم " عن عائشة مرفوعا، فكيف يصح أن يكون منهم خلقة، وإنما دخل معهم في الأمر بالسجود لآدم عليه السلام لأنه كان قد تشبه بهم وتعبد وتنسك، كما قال الحافظ ابن كثير، وقد صح عن الحسن البصري أنه قال: " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر ". الموضع الثاني: قوله: " ابتلي به هاروت وماروت ". فإن فيه إشارة إلى ما ذكر في بعض كتب التفسير أنهما أنزلا إلى الأرض، وأنهما شربا الخمر وزنيا وقتلا النفس بغير، فهذا مخالف لقول الله تعالى في حق الملائكة: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) ، ولم يرد ما يشهد لما ذكر، إلا في بعض الإسرائيليات التي لا ينبغي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 أن يوثق بها، وإلا في حديث مرفوع، قد يتوهم - بل أوهم - بعضهم صحته، وهو منكر بل باطل كما سبق تحقيقه برقم 170، ويأتي بعد حديث من وجه آخر. 911 - " اللهم اجعلني صبورا، اللهم اجعلني شكورا، اللهم اجعلني في عيني صغيرا وفي أعين الناس كبيرا ". منكر. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 2 / 191) وذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 184) كلاهما من طريق عقبة بن عبد الله الأصم عن ابن بريدة عن أبيه: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني دعوة، فقال:.. فذكره، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " هذا حديث منكر لا يعرف، وعقبة لين الحديث ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10 / 181) من دعائه صلى الله عليه وسلم لا من تعليمه وقال: " رواه البزار، وفيه عقبة بن عبد الله الأصم، وهو ضعيف، وحسن البزار حديثه ". قلت: لعل تحسين البزار لحديثه يعني حديثا خاصا غير هذا، وأراد الحسن المعنوي لا الاصطلاحي، فقد قال هو نفسه في عقبة هذا: " غير حافظ، وإن روى عنه جماعة فليس بالقوي ". وقال ابن حبان (2 / 188) : " كان ممن ينفرد بالمناكير عن الثقات المشاهير، حتى إذا سمعها من الحديث صناعته شهد لها بالوضع ". الحديث: 911 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 912 - " إن الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم، قالوا لوكنا مكانهم ما عصيناك، قال فاختاروا ملكين منكم، فلم يألوا أن يختاروا، فاختاروا هاروت وماروت، فنزلا، فألقى الله تعالى عليهما الشبق، قلت: وما الشبق؟ قال: الشهو ة، قال: فنزلا، فجاءت امرأة يقال لها الزهرة، فوقعت في قلوبهما، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه، فرجع إليها، ثم جاء الآخر، فقال: هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي؟ قال: نعم، فطلباها نفسها، فقالت: لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان، فأبيا، ثم سألاها أيضا فأبت، ففعلا فلما استطيرت الحديث: 912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 طمسها الله كوكبا وقطع أجنحتها، ثم سألا التوبة من ربهما، فخيرهما، فقال: إن شئتما رددتكم إلى ما كنتما عليه، فإذا كان يوم القيامة عذبتكما، وإن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه، فقال أحدهما لصاحبه: أن عذاب الدنيا ينقطع ويزول، فاختارا عذاب الدنيا على الآخرة، فأو حى الله إليهما أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل فخسف بهما، فهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة ". باطل مرفوعا. رواه الخطيب في تاريخه (8 / 42 - 43) وكذا ابن جرير في تفسيره (2 / 364) من طريق الحسين: سنيد بن داود: حدثنا الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع قال: سافرت مع ابن عمر، فلما كان آخر الليل قال: يا نافع طلعت الحمراء؟ قلت: لا (مرتين أو ثلاثة) ، ثم قلت: قد طلعت، قال: لا مرحبا بها وأهلا، قلت: سبحان الله، نجم سامع مطيع؟ قال: ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بتمامه، لكن ليس عند ابن جرير: " فنزلا .... " إلخ، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (1 / 255) : " غريب جدا ". قلت: وآفته الفرج بن فضالة أو الراوي عنه سنيد، فإنهما ضعيفان كما في " التقريب "، والحديث أصله موقوف خطأ في رفعه أحدهما، والدليل على ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد قال: كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة قال لغلامه (الظاهر أنه نافع) : انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحبا بها ولا أهلا، ولا حباها الله، هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة، يا رب كيف تدع عصاة بني آدم .... ؟ قال: إني ابتليتهم ... الحديث نحوه، قال ابن كثير: " وهذا إسناد جيد وهو أصح من حديث معاوية بن صالح هذا، ثم هو مما أخذه ابن عمر عن كعب الأحبار كما تقدم بالسند الصحيح عنه في الحديث الذي قبله بحديث، والله أعلم، ثم قال ابن كثير: " وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 الهوى. وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أورده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال ". قلت: وقد زعمت امرأة من أهل دومة الجندل أنها رأتهما معلقين بأرجلهما ببابل، وأنها تعلمت منهم السحر، وهما في هذه الحالة، في قصة طويلة حكتها لعائشة رضي الله تعالى عنها، رواها ابن جرير في " تفسيره " (2 /366 - 367) بإسناد حسن عن عائشة، ولكن المرأة مجهولة فلا يوثق بخبرها، وقد قال ابن كثير (1 / 260) : " إنه أثر غريب وسياق عجيب ". وقد اكتفيت بالإشارة إليه، فمن شاء الوقوف على سياقه بتمامه فليرجع إليه. ومما يتصل بما سبق الحديث الآتي: 913 - " لعن الله الزهرة، فإنها هي التي فتنت الملكين: هاروت وماروت ". موضوع. رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (648) وابن منده في " تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير " (1 / 256) من طريق جابر عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ ابن كثير: " لا يصح، وهو منكر جدا ". قلت: وآفته جابر وهو ابن يزيد الجعفي وهو متهم بالكذب، وكان يؤمن برجعة علي ويقول: إنه دابة الأرض المذكورة في القرآن! والحديث أورده السيوطي في " الدر المنثور " (1 / 97) وكذا في " الجامع الصغير " من رواية ابن راهويه وابن منده، وبيض له المناوي فلم يتعقبه بالشيء، ومن العجيب، أن السيوطي لم يورده في " الجامع الكبير " وهو كان أحق به! الحديث: 913 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 914 - " أرشدوا أخاكم ". ضعيف. رواه الحاكم (2 / 439) عن سعد بن عبد الله بن سعد عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قرأ فلحن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وأقول: كلا، فإن عبد الله بن سعد والد سعد وهو الأيلي غير معروف، ولم يترجموا له، مع أنهم ترجموا لابنه، ولم يذكروا له رواية عن أبيه، والله أعلم. الحديث: 914 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 915 - " إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لعاق، فلا يزال يدعولهما حتى يكتب عند الله بارا ". الحديث: 915 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 ضعيف. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 88) من طريق لاحق بن الحسين بسنده عن إسماعيل بن محمد بن جحادة عن أبيه عن أنس مرفوعا قال: " لا أصل له، لاحق كذاب يضع ". وتعقبه السيوطي في " اللآلىء المصنوعة " (2 / 297) بأن له طريق آخر، أخرجه البيهقي في " الشعب " قال: أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي ... عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس بن مالك به وقال السيوطي: " ويحيى بن عقبة ضعيف ". قلت: بل هو شر من ذلك فقد قال أبو حاتم: " يفتعل الحديث ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات ". وقال ابن معين: " كذاب خبيث عدوالله ". وقد أورده ابن عراق في " الوضاعين " من مقدمة كتابه " تنزيه الشريعة " ثم نسي ذلك فتابع السيوطي في تعقبه على ابن الجوزي! وأورد الحديث من أجل ذلك في " الفصل الثاني " (2 / 297) . قلت: وأبو عبد الرحمن السلمي متهم أيضا، فالسند هالك، لكن قال السيوطي بعد ذلك: " وقال ابن أبي الدنيا في " كتاب القبور ": حدثني خالد بن خداش: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليموت .... " الحديث. قال خالد: فحدثت حماد بن زيد فأعجب بذلك، أخرجه البيهقي وقال: هذا على إرساله أصح من الأول. وقال العراقي في " تخريج الإحياء ": " هذا مرسل صحيح الإسناد ". قلت: كلا، فإن خالد بن خداش مخدوش! قال الذهبي في " الميزان ": " وثق وقال أبو حاتم وغيره، صدوق، وقال ابن معين ينفرد عن حماد بأحاديث، وقال ابن المديني وزكريا الساجي: ضعيف ". ثم ساق الذهبي له حديث: " لا يولد مولود بعد ستمائة لله فيه حاجة " وقال: " منكر ". قلت: فالإسناد على إرساله ضعيف من أجله، فالحديث لا يصح بوجه من الوجوه، والله أعلم. 916 - " التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا يتوكأ عليها، ويأمرنا بالتوكأ عليها ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 259) وابن عدي في " الكامل " (ق 330 / 1) من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن المعلى بن هلال عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: " التوكؤ. . . " الحديث. أورده ابن عدي في ترجمة المعلى هذا، وقال: الحديث: 916 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 " هو في عداد من يضع الأحاديث ". وعثمان بن عبد الرحمن هو الحراني الطرائفي، وهو صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، وضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين كما في " التقريب ". 917 - " لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ". لا أصل له مرفوعا. فيما علمت. إلا قول أبي يوسف في " كتاب الآثار " له رقم (296) : " وزعم أبو حنيفة أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال .... " فذكره مرفوعا، وهذا وهم، وإليه أشار أبو يوسف بقوله: " وزعم أبو حنيفة " مع أنه إمام، على أنه معضل، وقد أشار إلى ما ذكرنا الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " بقوله (2 / 159) : " غريب مرفوعا، وإنما وجدناه موقوفا على علي ". وأوهم الحافظ ابن حجر أنه مرفوع، فقال في " التلخيص " (132) " حديث علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر، ضعفه أحمد ". وقال النووي في " المجموع " (4 / 488) : " ضعيف جدا ". كذا قالا، ولم يذكرا من خرجه، ولا إسناده لينظر فيه، وما أظنه إلا وهما منهما، ومما يؤيد ذلك أن الإمام أحمد إنما ضعف الموقوف على علي، وأما المرفوع فما ذكره، ولا أعتقد أنه سمع به! . قال إسحاق بن منصور المروزي في " مسائله عن الإمام أحمد " (ص 219) : " ذكرت له قول علي: " لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع "؟ قال: الأعمش لم يسمعه من سعد ". قلت: سعد هذا هو ابن عبيدة، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 204 / 1) : " أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: فذكره. ورواه علي بن الجعد الجوهري في " حديثه " (12 / 178 / 1) من طريق أبي جعفر الرازي عن الأعمش به، وأعله أحمد بالانقطاع بين الأعمش وسعد بن عبيدة. قلت: لكن لم يتفرد به الأعمش، بل تابعه طلحة وهو ابن مصرف عند ابن أبي شيبة، وزبيد اليامي عند الطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 54) والبيهقي أيضا في " السنن " (3 / 179) كلاهما عن سعد بن عبيدة به. وسعد بن عبيدة ثقة من رجال الستة، ومثله أبو عبد الرحمن السلمي فالسند صحيح موقوفا، وصححه ابن حزم في " المحلى " (5 / 53) وهو مقتضى كلام أبي جعفر الطحاوي، ولكنه قال: " لم يقله علي رضي الله عنه رأيا، إذ كان مثله لا يقال بالرأي، وإنما قاله بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! الحديث: 917 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 كذا قال، وفيه نظر واضح، فإن القلب يشهد أن ذلك يقال بالرأي والاجتهاد، ولذلك ظلت المسألة من موارد النزاع، وقد صح خلافه عن عمر بن الخطاب أفيقال: إنه توقيف أيضا مع أنه هو الصواب؟! فروى ابن أبي شيبة في باب من كان يرى الجمعة في القرى وغيرها، من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة، فكتب: " جمعوا حيثما كنتم ". قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو رافع هذا اسمه نفيع بن رافع الصائغ المدني، واحتج بهذا الأثر الإمام أحمد على تضعيف أثر علي وزاد: " وأول جمعة جمعت بالمدينة، جمع بهم مصعب بن عمير، فذبح لهم شاة، فكفتهم، وكانوا أربعين، وليس ثم أحكام تجري ". قال إسحاق المروزي: " قلت له: أليس ترى في قرى مرولو جمعوا؟ قال: نعم ". ثم روى ابن أبي شيبة (1 / 204 / 2) بسند صحيح عن مالك قال: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمعون ". وروى البخاري (2 / 316 بشرح الفتح) وأبو داود (1068) وغيرهما عن ابن عباس قال: لجمعة جمعت بـ (جوثاء) ، قرية من قرى البحرين، وفي رواية: قرية من قرى عبد القيس ". وترجم له البخاري وأبو داود بـ " باب الجمعة في القرى ". قال الحافظ: " ووجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي، ولأنه لوكان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل بأنهم فعلوه والقرآن ينزل، فلم ينهو اعنه ". قلت: وفي هذه الآثار السلفية عن عمر ومالك وأحمد من الاهتمام العظيم اللائق بهذه الشعيرة الإسلامية الخالدة: صلاة الجمعة حيث أمروا بأدائها والمحافظة عليها حتى في القرى وما دونها من أماكن التجمع، وهذا - دون أثر علي - هو الذي يتفق مع عمومات النصوص الشرعية وإطلاقها، وبالغ التحذير من تركها وهي معروفة، وحسبي الآن أن أذكر بآية من القرآن: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) ، وصلاة الظهر بعدها ينافي تمامها: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) . ولما سافرت في رمضان سنة 1396 إلى بريطانيا سرني جدا أنني رأيت المسلمين في لندن يقيمون صلاة الجمعة والعيد أيضا، وبعضهم يصلون الجمعة في بيوت اشتروها أو استأجروها وجعلوها (مصليات) يصلون فيها الصلوات الخمس والجمعات، فقلت في نفسي: لقد أحسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 هؤلاء بالمحافظة على هذه العبادة العظيمة هنا في بلاد الكفر، ولو تعصبوا لمذهبهم وجلهم من الحنفية - لعطلوها وصلوها ظهرا! فازددت يقينا بأنه لا سبيل إلى نشر الإسلام والمحافظة عليه إلا بالاستسلام لنصوص الكتاب والسنة، واتباع السلف الصالح، المستلزم الخروج عن الجمود المذهبي إلى فسيح دائرة الإسلام، الذي بنصوصه التي لا تبلى يصلح لكل زمان ومكان، وليس بالتعصب المذهبي، والله ولي التوفيق. 918 - " أخروهن من حيث أخرهن الله. يعني النساء ". لا أصل له مرفوعا. وقد أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 36) بقوله: " حديث غريب مرفوعا. وهو في " مصنف عبد الرزاق " (1) موقوف على ابن مسعود فقال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة (لها الخليل) تلبس القالبين فتقوم عليهما، تقول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: أخروهن من حيث أخرهن الله. قيل: فما القالبان؟ قال: أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في (معجمه) ". قلت: ورواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 36 / 2) من طريق زائدة أيضا عن الأعمش به، إلا أنه لم يذكر أبا معمر في سنده. ثم ذكر الزيلعي أن بعض الجهال (كذا) من فقهاء الحنفية كان يعزوه إلى " مسند رزين " و" دلائل النبوة " للبيهقي. قال: " وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا موقوفا ". وأفحش من هذا الخطأ أن بعضهم عزاه للصحيحين كما نبه عليه الزركشي، ونقله السخاوي (41) وغيره عنه، ونقل الشيخ علي القاريء في " الموضوعات " عن ابن الهمام أنه قال في شرح الهداية ": لا يثبت رفعه، فضلا عن شهرته، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود كما في " كشف الخفاء " (1 / 67) . قلت: والموقوف صحيح الإسناد، ولكن لا يحتج به لوقفه، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات. ومن العجائب أن الحنفية أقاموا على هذا الحديث مسألة فقهية خالفوا فيها جماهير العلماء، فقالوا: إن المرأة إذا وقفت بجانب الرجل أو تقدمت عليه في الصلاة أفسدت عليه صلاته، وأما المرأة فصلاتها صحيحة، مع أنها هي المعتدية! بل ذهب بعضهم إلى إبطال الصلاة ولوكانت على السدة فوقه محاذية له! وقد استدلوا على ذلك بالأمر في هذا الحديث بتأخيرهن، ولا يدل على ما ذهبوا إليه البتة، وذلك من وجوه: أولا: أن الحديث موقوف فلا حجة فيه كما سبق.   (1) (ج 3 / 149 رقم 5115 - طبع المكتب الإسلامي) ، والزيادة منه، مع تصحيح بعض الألفاظ. اهـ. الحديث: 918 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 ثانيا: أن الأمر وإن كان يفيد الوجوب فهو لا يقتضي فساد الصلاة، بل الإثم كما سيأتي عن الحافظ. ثالثا: أنه لو اقتضى فساد الصلاة فإنما ذلك إذا خالف الرجل الأمر ولم يؤخر المرأة أولم يتقدم عليها، أما إذا دخل في الصلاة ثم اعتدت المرأة ووقفت بجانبه، أو تقدمت عليه، فلا يدل على بطلان صلاته بوجه من الوجوه، بل لوقيل ببطلان صلاة المرأة في هذه الحالة لم يبعد، لوكان صح رفع الحديث، ومع ذلك فهم لا يقولون ببطلان صلاتها! وهذا من غرائب أقوال الحنفية التي لا يشهد لصحتها أثر ولا نظر! نعم من السنة أن تتأخر المرأة في الصلاة عن الرجال كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك قال: " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا ". قال الحافظ في " شرحه " (2 / 177) : " وفيه أن المرأة لا تصف مع الرجل، وأصله ما يخشى من الافتتان بها، فإذا خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور. وعن الحنفية: تفسد صلاة الرجل دون المرأة، وهو عجيب، وفي توجيهه تعسف، حيث قال قائلهم، دليله قول ابن مسعود هذا، والأمر للوجوب، وحيث ظرف مكان، ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل، لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها! وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه. والله المستعان، فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب، وأمر لابسه أن ينزعه، فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك، وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته وأثم، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته، ولاسيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه ". 919 - " ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا صعدت لا يردها حجاب، فإذا وصلت إلى الله عز وجل نظر إلى قائلها، وحق على الله أن لا ينظر إلى موحد إلا رحمه ". منكر. رواه ابن بشران في " الأمالي " (70 / 1 و108 / 2) عن علي بن الحسين بن يزيد الصدائي: حدثنا أبي حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا. ومن طريق ابن بشران رواه الخطيب في ترجمة علي بن الحسين هذا (11 / 394) وذكر أن وفاته كانت سنة (286) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأنه روى عنه أبو بكر الشافعي وأبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة. قلت: وقد خالفه في متنه الإمام الترمذي فرواه عن الحسين بن يزيد به، بلفظ: الحديث: 919 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 " .... إلا فتحت له أبواب السماء حتى تقضي إلى العرش، ما اجتنبت الكبائر ". قلت: فهذا يدل على ضعف علي بن الحسين عندي، لمخالفته الترمزي في لفظ حديثه على قلة روايته، ولذلك أوردت الحديث بلفظ الترمذي في " الأحاديث الصحيحة " و" المشكاة " (2314) . والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2 / 175 / 2) للخطيب وحده. 920 - " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 66) والواحدي في " الوسيط " (1 / 27 / 2) وأبو جعفر الطوسي الفقيه الشيعي في " الأمالي (ص 2) والبيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 65 / 1 - 2) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم ". قلت: وهو ابن عبد الله بن الحارث بن حاطب الجمحي، ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 110 / 1) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث من غرائبه، وقال: " ما علمت فيه جرحا ". قلت: فقد يقال فهل علمت فيه توثيقا؟ فإن عدم الجرح لا يستلزم التوثيق كما لا يخفى، ولذلك فالأحسن في الإفصاح عن حاله قول ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته! واغتر به الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فصحح إسناده في " عمدة التفسير " (1 / 168) . والحديث رواه الإمام مالك في " الموطأ " (2 / 986 / 8) أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول: فذكره بأتم منه من قول عيسى عليه السلام، وقد مضى قريبا (908) . وهذا هو اللائق بمثل هذا الكلام أن يكون مما يرويه أهل الكتاب عن عيسى عليه الصلاة والسلام، وليس من حديث نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (تنبيه) : هذا الحديث لم يورده السيوطي في " الجامع الكبير " مع أنه ذكره في " الزيادة على الجامع الصغير "، ووقع لبعض الأفاضل فيه وهم فاحش، سبق بيانه هناك. الحديث: 920 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 921 - " إذا انتهى أحدكم إلى الصف وقد تم، فليجبذ إليه رجلا يقيمه إلى جنبه ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (33 / 1 - مجمع البحرين) عن حفص بن عمر الحديث: 921 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 الربالي: حدثنا بشر بن إبراهيم: حدثني الحجاج بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد تفرد به بشر ". قلت: وهو الأنصاري المفلوج، قال ابن عدي: " وهو عندي ممن يضع الحديث ". وقال بن حبان (1 / 180) : " كان يضع الحديث على الثقات ". قلت: فقول الهيثمي 2 / 96) : " وهو ضعيف جدا " فيه تساهل ظاهر، وأسوأ منه سكوت الحافظ عنه في " بلوغ المرام " (2 / 25 - بشرح السبل) مع أنه قال في " التلخيص " (2 / 37) : " إسناده واه ". وقد خالفه في إسناده يزيد بن هارون الثقة الحافظ فرواه عن الحجاج بن حسان عن مقاتل بن حيان مرسلا نحوه. رواه البيهقي (3 / 105) . وقد روي من طريق أخرى عن عكرمة عن ابن عباس موصولا به نحوه، وليس فيه الجبذ، بل قال له: " أعد صلاتك ". قلت: وهو بهذا اللفظ صحيح لأن له شواهد كثيرة من حديث وابصة بن معبد وغيره وقد تكلمت عليها وتتبعت طرقها في " إرواء الغليل " (534) وللحديث شاهد واه من رواية وابصة بلفظ: " ألا دخلت في الصف، أو جذبت رجلا صلى معك؟! أعد صلاتك ". 922 - " ألا دخلت في الصف، أو جذبت رجلا صلى معك؟! أعد صلاتك ". ضعيف جدا. أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " وأبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " من طريق يحيى بن عبدويه: حدثنا قيس بن الربيع عن السدي عن زيد بن وهب عن وابصة بن معبد: " أن رجلا صلى خلف الصف وحده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "، فذكره. قلت: ولكن إسناده واه جدا، فلا يصلح للشهادة، فإن قيسا ضعيف، وابن عبدويه أشد ضعفا منه، كما بينته في المصدر المشار إليه آنفا، فأغنى عن الإعادة، فإعلال الحافظ إياه بقيس وحده قصور. وأفاد أن الطبراني أخرجه أيضا في " الأوسط " فرفعه السري بن إسماعيل وهو متروك، وأما الهيثمي فعزاه لأبي يعلى من طريق السري هذا وهو في " مسنده " (2 / 445) . (فائدة) : إذا ثبت ضعف الحديث فلا يصح حينئذ القول بمشروعية جذب الرجل من الصف ليصف معه، لأنه تشريع بدون نص صحيح، وهذا لا يجوز، بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن وإلا صلى وحده، وصلاته صحيحة، لأنه (لا يكلف الله نفس إلا وسعها) ، الحديث: 922 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وحديث الأمر بالإعادة محمول على ما إذا قصر في الواجب وهو الإنضمام في الصف وسد الفرج وأما إذا لم يجد فرجة، فليس بمقصر، فلا يعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في الاختيارات " (ص 42) : " وتصح صلاة الفذ لعذر، وقاله الحنفية، وإذا لم يجد إلا موقفا خلف الصف، فالأفضل أن يقف وحده ولا يجذب من يصافه، لما في الجذب من التصرف في المجذوب، فإن كان المجذوب يطيعه، فأيهما أفضل له وللمجذوب؟ الاصطفاف مع بقاء فرجة، أو وقوف المتأخر وحده؟ وكذلك لوحضر اثنان، وفي الصف فرجة، فأيهما أفضل وقوفهما جميعا أوسد أحدهما الفرجة، وينفرد الآخر؟ الراجح الاصطفاف مع بقاء الفرجة، لأن سد الفرجة مستحب، والاصطفاف واجب ". قلت: كيف يكون سد الفرج مستحبا فقط، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: " من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله "! (1) فالحق أن سد الفرج واجب ما أمكن، وإلا وقف وحده لما سبق. والله أعلم. (تنبيه) : هذا الحديث لم يورده السيوطي في " الجامع الكبير " البتة!! . 923 - " إن لله ملائكة وهم الكروبيون، من شحمة أذن أحدهم إلى ترقوقته مسيرة سبعمائة عام للطائر السريع في انحطاطه ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (12 / 231 / 2) عن محمد بن أبي السري: أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا وقال: " روى إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة شيئا من هذا ". قلت: وهذا سند واه جدا، وله علتان: الأولى: محمد بن أبي السري، وهو متهم. والأخرى: صدقة هذا وهو الدمشقي السمين وهو ضعيف، ووقع في السند " القرشي، ولم ترد هذه النسبة في ترجمته من " التهذيب "، فلعله تحرف على الناسخ نسبته " الدمشقي " بالقرشي، والله أعلم. وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به بلفظ: " أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة ". وهو بهذا اللفظ صحيح كما قد بينته في " الأحاديث الصحيحة " رقم (151) .   (1) انظر المشكاة (1102) . اهـ. الحديث: 923 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 924 - " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة. قال: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: الهموم في طلب المعيشة ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 134 / 1) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 235) والخطيب في " التلخيص " (61 / 2) وابن عساكر (15 / 332 / 1) عن محمد بن سلام المصري: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثنا مالك بن أنس عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الطبراني: " لم يرو هـ عن مالك إلا يحيى، تفرد به محمد ". وقال الخطيب: " روى عن يحيى بن بكير حديثا منكرا ". ثم ساقه، وقال ابن عساكر: " غريب جدا ". قلت: اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال: " حدث عن يحيى بن بكير عن مالك بخبر موضوع ". قلت: وهو هذا، قال الحافظ في " اللسان ": " والخبر المذكور عن أبي هريرة رفعه، قلت: فذكره من رواية الطبراني ثم قال: وأخرجه الدارقطني في " الغرائب من طريقين آخرين عن محمد بن سلام، قال: الحمل فيه على محمد بن سلام الحمراوي البزار ". قلت: وقد أغرب ابن الملقن في " الخلاصة " (171 / 1) حيث عزى الحديث للخطيب فقط في كتابه " تلخيص المتشابه " من حديث يحيى بن بكير ... ". ووجه الإغراب أنه عزاه للخطيب فأوهم أنه لم يروه من هو أعلى طبقة منه، ثم هو لم يذكر من السند ما هو موضع العلة منه، بل طوى صفحا عنها، وذكر من السند من هم فوقها، مما لا فائدة من ذكره مطلقا، اللهم إلا إيهام أن ما لم يذكره من السند ليس فيهم من ينظر فيه! والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 219 / 1) لابن عساكر فقط! وقال: " وفيه محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي ضعيف ". قلت: بل هو كذاب وضاع، قال الدارقطني: " وضع من الأحاديث ما لا يضبط ". قلت: لكنه لم يرد له ذكر في إسناد الحديث هذا عند من ذكرنا. ثم إن الحديث عزاه السيوطي للخطيب في " المتفق والمفترق " عن أبي عبيد عن أنس. قال الأزدي: " أبو عبيد رضي الله عنه (!) عن أنس لا شيء ". وروي بلفظ آخر وهو: الحديث: 924 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 925 - " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صيام ولا صلاة، ولا حج، ولا جهاد، إلا الغموم والهموم في طلب العلم ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 287) عن أحمد بن علي بن زيد الدينوري: حدثنا يزيد بن شريح بن مسلم الخوارزمي: حدثنا علي بن الحسين بن واقد: حدثني أبي: حدثنا أبو غالب عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، أحمد بن علي ويزيد بن شريح لم أجد من ترجمهما. ومن فوقهما ثقات معرفون وفيهم كلام يسير لا يضر. وهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يورده في " الجامع الكبير ": بله " الصغير "! الحديث: 925 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 926 - " يا أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (3 / 203 / 2) عن العلاء بن سالم: أخبرنا قرة بن عيسى الواسطي: أخبرنا أبو بكر الذهلي عن مالك بن أنس الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي، فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل فما بال هذا؟ فقام إليه معاذ بن جبل فأخذ بتلبيبه، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقالته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم قائما يجر ردائه حتى دخل المسجد ثم نودي: أن الصلاة جامعة، وقال: (ذكره) ، فقام معاذ بن جبل وهو آخذ بتلبيبه، قال: فما تأمرنا بهذا المنافق يا رسول الله؟ قال: دعه إلى النار، فكان قيس ممن ارتد في الردة، فقتل. قلت وهذا سند ضعيف جدا أبو بكر الذهلي (كذا الأصل، والصواب الهذلي) وهو متروك كما قال الدارقطني والنسائي وغيرهما وكذبه غندر. ثم رأيت الحديث في موضع آخر من " تاريخ ابن عساكر " (8 / 190 - 191) من هذا الوجه " وفيه " الهذلي على الصواب. وقال: " هذا حديث مرسل، وهو مع إرساله غريب، تفرد به أبو بكر سلمى بن عبد الله الهذلي البصري، ولم يرو هـ عنه إلا قرة ". قلت: ولم أجد من ترجمه، فهذه علة أخرى. ومثله الراوي عنه: العلاء. وعلى الصواب ذكره ابن تيمية في " الاقتضاء " (169 - طبع الأنصار) من رواية السلفي، ثم قال ابن تيمية: الحديث: 926 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 " هذا الحديث ضعيف، وكأنه مركب على مالك، لكن معناه ليس ببعيد، بل هو صحيح من بعض الوجوه ". 927 - " لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقىء ". منكر بهذا اللفظ. أخرجه مسلم في " صحيحه " (6 / 110 - 111) من طريق عمر بن حمزة: أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وعمر هذا وإن احتج به مسلم فقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم، ولذلك أورده الذهبي في " الميزان " وذكره في " الضعفاء " وقال: " ضعفه ابن معين لنكارة حديثه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". قلت: وقد صح النهي عن الشرب قائما في غير ما حديث، عن غير واحد من الصحابة، ومنهم أبوهريرة، لكن بغير هذا اللفظ، وفيه الأمر بالاستقاء، لكن ليس فيه ذكر النسيان، فهذا هو المستنكر من الحديث، وإلا فسائره محفوظ. ولذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " تحت رقم (177) . الحديث: 927 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 928 - " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم، والناس يمرون بين يديه، ليس بينه وبين الكعبة سترة. (وفي رواية) : طاف بالبيت سبعا، ثم صلى ركعتين بحذائه في حاشية المقام، وليس بينه وبين الطواف أحد ". ضعيف. أخرجه أحمد (6 / 399) والسياق له وعنه أبو داود (1 / 315) والأزرقي في " أخبار مكة " (ص 305) والبيهقي في " سننه الكبرى " (1 / 273) عن سفيان بن عيينة قال: حدثنا كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة سمع بعض أهله يحدث عن جده به. قلت وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين كثير وجده. وفيه علة أخرى وهي الاختلاف في إسناده، فقد رواه سفيان مرة عن كثير، هكذا، وقال مرة أخرى: حدثني كثير بن كثير عمن سمع جده، وقال سفيان: وكان ابن جريج أنبأ عنه قال: حدثنا كثير عن أبيه فسألته؟ فقال: ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي عن جدي! قلت: ورواية ابن جريج أخرجها النسائي (1 / 123 و2 / 40) وابن ماجه (4958) وهي الرواية الثانية وهي رواية لأحمد وابن حبان (415 - موارد) وكذا البيهقي وقال: " وقد قيل عن ابن جريج عن كثير عن أبيه قال: حدثني أعيان بني المطلب عن المطلب، ورواية ابن عيينة أحفظ ". قلت: ويحتمل عندي أن يكون الاختلاف من نفس كثير بن كثير، بل لعل هذا أولى من الحديث: 928 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 نسبة الوهم إلى ابن جريج لأن كثيرا ينزل عن ابن جريج في العدالة والضبط كثيرا! ومما يؤيد الاحتمال المذكور أنه قد تابع ابن جريج زهير بن محمد العنبري عند ابن حبان (414) . وأي الأمرين كان فالحديث ضعيف لجهالة الواسطة كما سبق. ثم رأيت الحديث في " فوائد محمد بن بشر الزبيري " (28 / 1) من طريق سالم بن عبد الله، رجل من أهل البصرة عن كثير بن كثير أن المطلب بن أبي وداعة رأى النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الكعبة وقام بحيال الركن الأسود فصلى ركعتين، والناس يمرون بين يديه: النساء والرجال ". فهذا اختلاف آخر يؤكد ضعف الحديث. وإذا عرفت ذلك فقد استدل بعضهم بالحديث على جواز المرور بين يدي المصلي في مسجد مكة خاصة، وبعضهم أطلق، ومن تراجم النسائي للحديث " باب الرخصة في ذلك " يعني المرور بين يدي المصلي وسترته، ولا يخفى عليك فساد هذا الاستدلال، وذلك لوجوه: الأول: ضعف الحديث. الثاني: مخالفته لعموم الأحاديث التي توجب على المصلي أن يصلي إلى سترة وهي معروفة، وكذا الأحاديث التي تنهى عن المرور كقوله صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا من أن يمر بين يديه ". رواه البخاري ومسلم وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (698) . الثالث: أن الحديث ليس فيه التصريح بأن الناس كانوا يمرون بينه صلى الله عليه وسلم وبين موضع سجوده، فإن هذا هو المقصود من المرور المنهي عنه على الراجح من أقوال العلماء. ولذلك قال السندي في " حاشيته على النسائي ": " ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة. وبه قيل، ومن لا يقول به، يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود، أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع ". ولقد لمست أثر هذا الحديث الضعيف في مكة حينما حججت لأول مرة سنة (1369) ، فقد دخلتها ليلا فطفت سبعا، ثم جئت المقام، فافتتحت الصلاة، فما كدت أشرع فيها حتى وجدت نفسي في جهاد مستمر مع المارة بيني وبين موضع سجودي، فما أكاد أنتهي من صد أحدهم عملا بأمره صلى الله عليه وسلم حتى يأتي آخر " فأصده وهكذا!! ولقد اغتاظ أحدهم من صدي هذا فوقف قريبا مني حتى انتهيت من الصلاة، ثم أقبل علي منكرا، فلما احتججت عليه بالأحاديث الواردة في النهي عن المرور، والآمرة بدفع المار، أجاب بأن مكة مستثناة من ذلك، فرددت عليه، واشتد النزاع بيني وبينه، فطلبت الرجوع في حله إلى أهل العلم، فلما اتصلنا بهم إذا هم مختلفون! واحتج بعضهم بهذا الحديث، فطلبت إثبات صحته فلم يستطيعوا، فكان ذلك من أسباب تخريج هذا الحديث، وبيان علته. فتأمل فيما ذكرته يتبين لك خطر الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 ثم وقفت بعد ذلك على بعض الآثار الصحيحة عن غير واحد تؤيد ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأنها تشمل المرور في مسجد مكة، فإليك ما تيسر لي الوقوف عليه منها: 1 - عن صالح بن كيسان قال: رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يدع أحدا يمر بين يديه، رواه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " (91 / 1) وابن عساكر (8 / 106 / 2) بسند صحيح. 2 - عن يحيى بن أبي كثير قال: رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام، فركز شيئا، أو هيأ شيئا يصلي إليه. رواه ابن سعد في " الطبقات " (7 / 18) بسند صحيح. (تنبيه على وهم نبيه) : اعلم أن لفظ رواية ابن ماجه لهذا الحديث: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن، فصلى ركعتين .... ". وقد ذكر العلامة ابن الهمام في " فتح القدير " هذه الرواية، لكن تحرف عليه قوله " سبعه " إلى " سعيه "! فاستدل به على استحباب صلاة ركعتين بعد السعي، وهي بدعة محدثة لا أصل لها في السنة كما نبه على ذلك غير واحد من الأئمة كأبي شامة وغيره كما ذكرته في ذيل " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " الطبعة الثانية، وكذلك في رسالتي الجديدة " مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف " فقرة (69) . 929 - " كان يخر على ركبتيه، ولا يتكىء ". ضعيف. أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (رقم 497 - موارد) من طريق معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بالمجهولين، قال ابن المديني: " لا نعرف محمد بن معاذ هذا، ولا أباه، ولا جده في الرواية، وهذا إسناد مجهول ". كذا في " الميزان " و" اللسان ". وقال الحافظ في ترجمة محمد هذا من " التقريب ". " مجهول ". وقال في ابنه معاذ: " مقبول ". قلت: وأما ابن حبان فأوردهم في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين، ثم أخرج حديثهم في صحيحه كما ترى، فلا تغتر بذلك، فإنه قد شذ في ذلك عن التعريف الذي اتفق عليه جماهير المحدثين في الحديث الصحيح وهو: " ما رواه عدل، ضابط، عن مثله ". فأين العدالة، وأين الضبط في مثل هؤلاء المجهولين. لاسيما وقد رووا منكرا من الحديث خالفوا به الصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير طريق كما سيأتي بيانه. ولقد بدا لي شيء جديد يؤكد شذوذ ابن حبان المذكور، ذلك أنني حصلت نسخة من كتابه القيم " المجروحين " في موسم حج السنة الماضية (1396) فلم أر له فيه راويا واحدا جرحه الحديث: 929 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 بالجهالة حتى الآن فهذا يؤكد أن الجهالة عنده ليست جرحا! هذا، وفي معناه حديث وائل بن حجر قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ". أخرجه أبو داود (1 / 134) والنسائي (1 / 165) والترمذي (2 / 56) والطحاوي (1 / 150) وابن حبان في " صحيحه " (رقم 487 - موارد) والدارقطني (131 - 132) والحاكم (1 / 226) وعنه البيهقي (2 / 98) كلهم من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا شريك (1) عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه. قلت: وهذا سند ضعيف، وقد اختلفوا فيه، فقال الترمذي عقبه: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك ". وقال الحاكم: " احتج مسلم بشريك "! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا، على ما يأتي بيانه، وقال ابن القيم في " الزاد " (1 / 79) وقد ذكر الحديث: " هو الصحيح "، وخالفهم الدارقطني فقال عقبه: " تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به ". وخالفهم أيضا البخاري ثم البيهقي فقال هذا في " سننه " (2 / 99) : " هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلا، هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تعالى ". وهذا هو الحق الذي لا يشك فيه كل من أنصف، وأعطى البحث حقه من التحقيق العلمي، أن هذا الإسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: تفرد شريك به. والأخرى: المخالفة. وقد سمعت آنفا الدارقطني يقول في شريك: إنه ليس بالقوي فيما يتفرد به، وفي " التقريب ": " صدوق، يخطىء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". قلت: فمثله لا يحتج به إذا تفرد فكيف إذا خالف كما يأتي بيانه، وقول الحاكم والذهبي: " احتج به مسلم " من أوهامهما، فإنما أخرج له مسلم في المتابعات كما صرح بذلك المنذري في خاتمة " الترغيب والترهيب ". وكثيرا ما يقع الحاكم في مثل هذا الوهم ويتبعه عليه الذهبي على خلاف ما يظن به، فيصححان أحاديث شريك على شرط مسلم، وهي   (1) وقع في " الموارد " " إسرائيل " بدل " شريك "، وهو خطأ من الناسخ وليس من الطابع، فقد رجعت إلى الأصل المخطوط في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة فرأيته في (ق 35 / 1) : " إسرائيل " كما في المطبوعة عنه. فتنبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 لا تستحق التحسين فضلا عن التصحيح، فكيف على شرط مسلم؟ ! فليتنبه لهذا من أراد البصيرة في دينه، وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم. وأما المخالفة التي سبقت الإشارة إليها فهي من جهتين: المتن والسند. فأما المتن، فقد روى الحديث جماعة من الثقات عن عاصم بن كليب به، فذكروا صفة صلاته صلى الله عليه وسلم بأتم مما ذكره شريك عن عاصم، ومع ذلك فلم يذكروا كيفية السجود والنهوض عنه إطلاقا كما أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم عن زائدة وابن عيينة وشجاع بن الوليد كلهم عن عاصم به (1) . فدل ذلك على أن ذكر الكيفية في حديث عاصم منكر لتفرد شريك به دون الثقات. وأما المخالفة في السند، فهو أن هماما قال: حدثنا شقيق أبو الليث قال: حدثني عاصم بن كليب عن أبيه. " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه ". أخرجه أبو داود والبيهقي وقال: " قال عفان: وهذا الحديث غريب " (2) . قلت: فقد خالف شريكا شقيق فأرسله، ولكن شفيقا هذا ليس خيرا من شريك، فإنه مجهول لا يعرف، كما قال الذهبي وغيره. ولهمام فيه إسناد آخر، ولكنه معلول أيضا، فقال: حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه ... فلما أراد أن يسجد وقعت ركبتاه على الأرض قبل أن تقع كفاه ... فإذا نهض، نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه ". أخرجه أبو داود والبيهقي (3) وعلته الانقطاع، فقال النووي في " المجموع شرح المهذب " (3 / 446) : " حديث ضعيف لأن عبد الجبار بن وائل اتفق الحفاظ على أنه لم يسمع من أبيه شيئا، ولم يدركه ". وفي الباب حديث آخر معلول أيضا، رواه أبو العلاء بن إسماعيل العطار: حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه ". أخرجه الدارقطني (132) والحاكم (1 / 226) وعنه البيهقي (2 / 99) والحازمي في " الاعتبار " (55) وابن حزم في " المحلى " (4 / 129) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة ". وقال الدارقطني والبيهقي:   (1) " صحيح أبي داود " (714 - 718) (2) " ضعيف أبي داود " (121) . (3) المصدر نفسه (151) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 " تفرد به العلاء بن إسماعيل ". قلت: وهو مجهول كما قال ابن القيم في " الزاد " (1 / 81) ومن قبله البيهقي كما في " التلخيص " لابن حجر، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 188) عن أبيه: " هذا حديث منكر ". قلت: وأما قول الحاكم والذهبي: " حديث صحيح على شرط الشيخين " فغفلة كبيرة منهما عن حال العلاء هذا ، مع كونه ليس من رجال الشيخين! وقال الحافظ في ترجمته من " اللسان ": " وقد خالفه عمر بن حفص بن غياث، وهذا من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفا عليه، وهذا هو المحفوظ ". قلت: أخرجه الطحاوي (1 / 151) بالسند المذكور عن إبراهيم عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود فقالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، وضع ركبتيه قبل يديه. وسنده صحيح. قلت: وقد صرح الأعمش عنده بالتحديث، ورواه عبد الرزاق (2955) نحوه. وفي هذا الأثر تنبيه هام، وهو أن البعير يبرك على ركبتيه، يعني اللتين في مقدمتيه، وإذا كان كذلك لزم أن لا يبرك المصلي على ركبتيه كما يبرك البعير، لما ثبت في أحاديث كثيرة من النهي عن بروك كبروك الجمل، وجاء في بعضها توضيح ذلك من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه ". رواه أبو داود بسند جيد، وفي رواية عن أبي هريرة بلفظ: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه ". أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 149) هو الذي قبله بالسند المشار إليه آنفا، وروى له شاهدا من حديث ابن عمر من فعله وفعل النبي صلى الله عليه وسلم. وسنده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي. فهذه الأحاديث الثابتة تدل على نكارة الأحاديث المتقدمة جميعها، ومما يدل على ضعف بعضها من جهة ما فيها من الزيادة في هيئة القيام إلى الركعة الثانية، حديث أبي قلابة قال: " كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيصلى في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا، ثم قام فاعتمد على الأرض ". أخرجه الإمام الشفاعي في " الأم " (1 / 101) والنسائي (1 / 173) والبيهقي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 (2 / 124 - 135) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري (2 / 241) من طريق أخرى عن أبي قلابة نحوه. ففيه دلالة صريحة على أن السنة في القيام إلى الركعة الثانية إنما هو الاعتماد، أي باليد، لأنه افتعال من العماد، والمراد به الإتكاء وهو باليد كما في " الفتح " قال: " وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما "، قلت: وفيه عنده (2964، 2969) العمري وهو ضعيف، لكن الاعتماد فيه شاهد قوي سأذكره بإذن الله تحت الحديث الآتي برقم (967) . فقد ثبت مما تقدم أن السنة الصحيحة إنما هو الاعتماد على اليدين في الهو ي إلى السجود وفي القيام منه، خلافا لما دلت عليه هذه الأحاديث الضعيفة، فكان ذلك دليلا آخر على ضعفها. 930 - " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها، فعل به كذا وكذا من النار ". ضعيف. رواه أبو داود (249) وابن أبي شيبة في " المصنف " (35 / 2) وعنه ابن ماجه (599) والدارمي (1 / 192) والبيهقي (1 / 175) وأحمد (1 / 94 و101) وابنه في " زوائده عليه " (1 / 133) من طرق عن حماد بن سلمة: حدثنا عطاء بن السائب عن زاذان عن علي بن أبي طالب مرفوعا به. قال علي: فمن ثم عاديت شعري، وكان يجزه. قال الحافظ في " التلخيص " (ص 52) : " وإسناده صحيح، فإنه من رواية عطاء بن السائب وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل الاختلاط، لكن قيل: إن الصواب وقفه على علي ". وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " (1 / 239) عقب كلام الحافظ هذا: " وقال النووي، ضعيف، وعطاء قد ضعفه، قبل اختلاطه، ولحماد أوهام، وفي إسناده أيضا زاذان وفيه خلاف ". وقال الصنعاني في " سبل السلام " (1 / 127) مستدركا على الحافظ: " ولكن قال ابن كثير في " الإرشاد ": إن حديث علي هذا من رواية عطاء بن السائب وهو سيء الحفظ، وقال النووي: إنه حديث ضعيف ". قلت: وسبب اختلاف الأئمة في تصحيحه وتضعيفه أن عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره، فمن روى عنه قبل اختلاطه فروايته عنه صحيحة، ومن روى عنه بعد اختلاطه فروايته عنه ضعيفة، وحديث علي هذا اختلفوا هل رواه قبل الاختلاط أو بعده، فلذا اختلفوا في تصحيحه وتضعيفه، والحق الوقف على تصحيحه وتضعيفه حتى يتبين الحال فيه ". قلت: وهذا هو الصواب بلا ريب كما يأتي بيانه. ويتلخص مما تقدم أن الحديث أعل بأربع علل: الحديث: 930 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 الأولى: الخلاف في زاذان. الثانية: أن حماد له أوهاما. الثالثة: أن عطاء بن السائب ضعف مطلقا، بعد الاختلاط وقبله. الرابعة: أنه صحيح الرواية قبل الاختلاط، ولكن لا يدرى هل روى هذا الحديث قبل الاختلاط أم بعده. وإذ الأمر كذلك، فلابد من تحقيق القول في هذه العلل كلها، والنظر إليها من زاوية علم الحديث ومصطلحه، وتراجم رواته، ووزنها بميزانها الذي هو القسطاس المستقيم، فأقول: 1 - هذا الخلاف لا يضر في زاذان فقد وثقه الجمهور من الأئمة الفحول، الذين عليهم العمدة في باب الجرح والتعديل، وحسبك منهم يحيى بن معين، فقد قال فيه: " ثقة لا يسأل عن مثله ". ووثقه أيضا أبو سعد وابن عدي والعجلي والخطيب، وكذا ابن حبان، ولكنه قال: " كان يخطىء كثيرا "! قلت: وهذا من أفراده وتناقضه، إذ لوكان يخطىء كثيرا لم يكن ثقة! ولعل قول ابن حبان هذا هو عمدة قول الحاكم أبي أحمد فيه: " ليس بالمتين عندهم ". ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير هذين، وهو كلام مردود لأنه غير مدعم بالدليل، مع مخالفته لتوثيق من سمينا من الأئمة، وبالإضافة إلى ذلك فقد احتج به مسلم، وأشار الذهبي في أول ترجمته إلى أن حديثه صحيح، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ". 2 - وهذا التعليل واه كالذي قبله، فإن حماد بن سلمة إمام من أئمة المسلمين ثقة حجة ما في ذلك شك ولا ريب، ولا يخرجه من ذلك أن له أوهاما، وإلا فمن الذي ليس له أوهام؟ ! ولوكان الراوي الثقة يرد حديثه لمجرد أوهام له ، لما سلم لنا إلا القليل من جماهير الثقات من رجال الصحيحين فضلا عن غيرهما. ولذلك جرى علماء الحديث سلفا وخلفا - ومنهم النووي - على الاحتجاج بحديث حماد بن سلمة إلا إذا ثبت وهمه، وهيهات أن يثبت هنا، على أنه قد روي له متابع، وإن كان السند بذلك واهيا كما يأتي. 3 - إن هذا التضعيف لا حجة عليه، فإن المعروف عند الأئمة أن عطاء بن السائب ثقة في نفسه، لم يصرح أحد منهم بتضعيفه مطلقا، وإنما وصفوه بأنه اختلط في آخر عمره، فمن عرف من الرواة عنه أنه سمع منه قبل الاختلاط فحديثه عنه صحيح، وإلا فلا، أنظر " تهذيب التهذيب " وغيره. 4 - وهذا التعليل أو الإعلال - كما هو الأصح - هو الذي يمكن التمسك به في تضعيف هذا الحديث، فإنه ليس لدينا ما يصح أن يعتمد عليه في ترجيح أنه حدث به قبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 الاختلاط، وجزم الحافظ ابن حجر رحمه الله بأن حماد بن سلمة قد سمع منه قبل الاختلاط، لا يصح أن يكون مرجحا، ذلك لأن حمادا هذا قد سمع منه بعد الاختلاط أيضا، كما ذكر ذلك الحافظ نفسه في " التهذيب "، فقد قال في آخر ترجمة عطاء بعد أن نقل أقوال العلماء في اختلاطه وفيمن روى عنه في هذه الحالة وقبلها: " فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهير وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيهم، إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين، يعني قبل الاختلاط وبعده ". وقال قبيل ذلك: " فاستفدنا من هذه القصة أن رواية وهيب وحماد (يعني ابن سلمة) وأبي عوانة عنه في جملة ما يدخل في الاختلاط ". قلت: وهذا تحقيق دقيق يجب أن لا ينساه - كما وقع للحافظ نفسه - من يريد أن يكون من أهل التحقيق، ولازم ذلك أن لا يصحح حديث حماد بن سلمة عن عطاء لاحتمال أن يكون سمعه منه في حالة الاختلاط، فلقد أصاب الصنعاني كبد الحقيقة حين قال بعدما تقدم نقله عنه: " والحق الوقف عن تصحيحه وتضعيفه حتى يتبين الحال فيه ". نعم لو صح ما أشرنا إليه من المتابعة لصح الحديث، ولكن هيهات! فقال أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران المعروف بـ (ابن الجندي) في " الفوائد الحسان الغرائب " (8 / 1) : حدثنا علي بن محمد بن عبيد: أخبرنا عيسى بن جعفر الوراق قال: أنبأنا عفان، قال: أنبأنا شعبة وحماد، أو قال: شعبة وحماد حدثانا عن عطاء بن السائب به. قلت: وهذا سند ظاهره الصحة، فإن رجاله من شيخ الجندي فمن فوقه كلهم ثقات من رجال الصحيح غير عيسى بن جعفر الوراق فإنه صدوق وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (11 / 168 - 169) ، وعلي بن محمد بن عبيد ثقة حافظ ترجمه الخطيب أيضا ترجمة طيبة (12 / 73 - 74) ولكن علة الحديث من صاحب " الفوائد " وهو ابن الجندي، فقد ترجمه الخطيب بقوله (5 / 77) : " كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه، سألت الأزهري عنه؟ فقال: ليس بشيء ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " في فضل علي حديثا بسند، رجاله ثقات إلا الجندي: فقال: هذا موضوع، ولا يتعدى الجندي " (1) . قلت: ومما يؤيد ضعف هذا الرجل، أنه روى الحديث عن طريق عفان - وهو ابن مسلم -   (1) " الموضوعات " لابن الجوزي (1 / 368 - 379) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 عن شعبة، وقد رواه الإمام أحمد عن عفان - وهو شيخه فيه - فلم يذكر شعبة فيه! وكذلك رواه البيهقي من طريق أخرى عن عفان، وكذلك رواه الآخرون عن غير عفان وهم جماعة عن حماد وحده، فدل ذلك على أن ذكر شعبة في هذا السند منكر، تفرد به ابن الجندي هذا، ولولا ذلك لكانت متابعة قوية من شعبة لحماد، ولصح بذلك الحديث، ولكن هيهات هيهات!! وقد ثبت في غير ما حديث صحيح أنه لا يجب على المرأة أن تنقض شعرها في غسل الجنابة، فالرجل مثلها إن كان له شعر مضفور كما هو معروف من عادة بعض العرب قديما، واليوم أيضا عند بعض القبائل. وأما في الحيض فيجب نقضه، هذا هو الأرجح الذي تقتضيه الأحاديث الواردة في هذا الباب، فانظر " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (رقم 188) ، وما يأتي تحت الحديث (937) . 931 - " ما رفع أحد صوته بغناء، إلا بعث الله عز وجل إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك ". ضعيف جدا. رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي " (165 / 1) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، علته علي بن يزيد وهو الآلهاني أبو عبيد الله بن زحر. أما الآلهاني، فقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال أبو زرعة: " ليس بالقوي ". وقال الدارقطني: " متروك ". وأما ابن زحر، فقال أبو مسهر: " صاحب كل معضلة، وإن ذلك على حديثه لبين ". وقال ابن المديني: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 63) : " يروي الموضوعات على الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله، وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم "! قلت: القاسم أبو عبد الرحمن خير منهما، وليس هو محلا للتهمة إن شاء الله تعالى، بل الراجح فيه عند المحققين أنه حسن الحديث، فالعلة في هذا الحديث ممن دونه. والله أعلم. والحديث عزاه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (6 / 165 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) للطبراني أيضا في " الكبير " وقال: الحديث: 931 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 " وهو ضعيف ". وقال تلميذه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8 / 119 - 120) : " رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها وثقوا وضعفوا "! كذا قال، وكأنه يشير بذلك إلى رجال هذا الإسناد، وهو واه جدا كما بينا. والله أعلم. 932 - " من أفطر (يعني في السفر) فرخصة، ومن صام فالصوم أفضل ". ضعيف شاذ. رواه أبو حفص الكناني في " الأمالي " (1 / 10 / 1) : حدثنا محمد بن هارون الحضرمي: حدثنا أبوهاشم زياد بن أيوب: حدثنا معاوية الضرير: أخبرنا عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر؟ قال: فقال: فذكره. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري، غير الحضرمي، وهو ثقة كما قال الدارقطني وغيره، وله ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد "، فظاهر الإسناد الصحة، وقد اغتررت به برهة يسيرة من الزمن، ثم بدا لي أنه معلول بالوقف، فقد قال ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 149 / 2) : حدثنا أبو معاوية ومروان بن معاوية عن عاصم قال: سئل أنس عن الصوم في السفر؟ فقال: فذكره بالحرف الواحد هكذا موقوفا على أنس. قلت: وهذا هو الصواب، لأن أبا معاوية - واسمه محمد بن حازم - وإن كان ثقة وأحفظ الناس لحديث الأعمش، فهو قد يهم في حديث غيره كما قال الحافظ في " التقريب "، فمثله يحتج به إذا لم يخالف، أولم يختلف عليه كما وقع في هذا الإسناد، فأبوهاشم زياد بن أيوب رفعه، وابن أبي شيبة أوقفه، ولابد من مرجح، وهو أعني ابن أبي شيبة قد قرن مع أبي معاوية مروان بن معاوية وهو ثقة حافظ كما في " التقريب " فأوقفه أيضا، ولم يختلف عليه فيه، فروايته أولى، لاسيما مع موافقة إحدى الروايتين عن أبي معاوية له، وهذا ظاهر لا يخفى إن شاء الله تعالى. ومما يرجح أن الحديث موقوف على أنس وليس بمرفوع، ما روى ابن أبي شيبة أيضا: قال مروان بن معاوية: عن عاصم عن ابن سيرين قال: كان عثمان بن أبي العاص يقول في ذلك مثل قول أنس بن مالك. قلت: وهذا سند صحيح أيضا موقوفا. فتبين أن الصواب في هذا الحديث الوقف، وأنه شاذ مرفوعا، ولعل هذا هو السر في عدم وروده في شيء من كتب " السنن " و" المسانيد " وغيرها، ككتب التخريجات، مثل " نصب الراية " للزيلعي، و" تلخيص الحبير " للعسقلاني، ونحوها. وقد اختلف العلماء، في صوم رمضان في السفر على أقوال معروفة، ولا شك أن الإفطار فيه رخصة، والأخذ بها أحب إلينا إذا كان المفطر لا يتحرج من القضاء، وإلا فالأحب لدينا الحديث: 932 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 حينئذ الصيام، والله أعلم. ومن شاء التوسع في هذه المسألة فليراجع " نيل الأوطار "، أو غيره من كتب أهل العلم والتحقيق. 933 - " سارعوا إلى تعليم العلم والسنة والقرآن، واقتبسوهن من صادق، من قبل أن يخرج أقوام في أمتي من بعدي يدعونكم إلى تأسيس البدعة والضلالة، فوالذي نفسي بيده لباب من العلم من صادق خير لكم من الذهب والفضة تنفقونها في سبيل الله تعالى بغير هدى من الله، من مشى في تعليم العلم والسنة والقرآن فعمل بما أمر الله وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا عمل بذلك فله بكل خطوة يخطوها حسنة، وتحط عنه سيئة، وترفع له درجة في الجنة ". موضوع. رواه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (2 / 51 / 2) عن محمد بن عبيدة المروزى: حدثنا حسان بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن مسروق الثوري: حدثنا يزيد بن حيان: حدثنا زيد بن أرقم قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا حديث موضوع، ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وآفته محمد بن عبيدة المروزي. قال الذهبي: " قال ابن ماكولا: صاحب مناكير ". وأورد قبله " محمد بن عبيدة عن (بياض في الأصل) وضع أحاديث، قاله أبو سعيد النقاش ". قال الحافظ في " اللسان ": " وأنا أظنه الذي بعده ". قلت: يعني المروزي المذكور. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " و" الكبير " من رواية الرافعي في " تاريخه " عن جابر بلفظ: " سارعوا في طلب العلم، فالحديث من صادق خير من الدنيا وما عليها من ذهب وفضة ". قلت: وسكت عليه المناوي. الحديث: 933 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 934 - " لا تبل قائما ". ضعيف. رواه ابن حبان في " صحيحه " (135) عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات، لكنه معلول بعنعنة ابن جريج فإنه كان مدلسا، وقد تبين أنه تلقاه عن بعض الضعفاء، فقال الترمذي في " سننه " (1 /17) : الحديث: 934 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 " وحديث عمر إنما روي من حديث عبد الكريم بن أبي المخارق عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما فقال: " يا عمر لا تبل قائما ". فما بلت قائما بعده ". قال الترمذي: " وإنما رفع هذا الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أبو أيوب السختياني ". قلت: وقد أخرجه ابن ماجه (1 / 130) وتمام في " الفوائد " (ق 123 / 2) والبيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 102) عن عبد الرزاق حدثنا ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمية به. وعبد الكريم أبو أمية هو ابن أبي المخارق، قال البوصيري في " الزوائد " (ق 23 / 2) : خبر عبيد الله بن عمر العمري الثقة المأمون المجمع على تثبته، ولا يغتر بتصحيح ابن حبان هذا الخبر، فإنه قال بعده: أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمعه من نافع. وقد صح ظنه، فإن ابن جريج إنما سمعه من ابن المخارق كما ثبت من رواية ابن ماجه والحاكم في " المستدرك "، واعتذر عن تخريجه بأنه إنما أخرجه في المتابعات، وحديث عبيد الله العمري أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده ". قلت: ولم أعرف حديث عبيد الله الذي أشار إليه، و" المصنف " لا أطوله الآن، فإني أكتب هذا وأنا في المدينة المنورة، وهو في المكتبة الظاهرية بدمشق، لكن الظاهر أنه يعني مثل حديث عبد الله بن دينار أنه رأى عبد الله بن عمر بال قائما. أخرجه البيهقي (1 / 102) وقال: " وهذا يضعف حديث عبد الكريم، وقد روينا البول قائما عن عمر وعلي وسهل بن سعد وأنس بن مالك ". وإذا عرفت ضعف الحديث فلا شيء في البول قائما إذا أمن الرشاش، وقد قال الحافظ في " الفتح ": " ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء ". ثم وقفت على حديث عبيد الله العمري في " مصنف ابن أبي شيبة " (1 / 124 - طبع الهند) و" مسند البزار " (ص 31 - زوائده) ، فإذا هو لا يعارض حديث الترجمة - كما ادعى البوصيري - فإنه رواه عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: " ما بلت قائما منذ أسلمت ". وإسناده صحيح. فالأولى المعارضة بأثر عبد الله بن دينار المتقدم عن ابن عمر، على اعتبار أنه هو الذي روى الحديث عنه كما هو ظاهر، ثم بما روى ابن أبي شيبة أيضا قبيل الموضع المشار إلى صفحته آنفا من طريق أخرى عن زيد قال: " رأيت عمر بال قائما ". وزيد هو ابن وهب الكوفي وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 ثقة كسائر من دونه، فالإسناد صحيح أيضا، ولعل هذا وقع من عمر رضي الله عنه بعد قوله المتقدم، وبعد ما تبين له أنه لا شيء في البول قائما. 935 - " خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه، وأدخل من الأربعين مكانه، قالوا: يا رسول الله! دلنا على أعمالهم، قال: يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويتواسون فيما آتاهم الله عز وجل ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 8) من طريق الطبراني، وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 151) : عن سعيد بن زيدون: حدثنا عبد الله بن هارون الصوري: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند مظلم، سعيد بن أبي {زيدون} وعبد الله بن هارون لم أعرفهم، إلا أن الثاني منهما أورده الذهبي في " الميزان " وقال: " عن الأوزاعي لا يعرف، والخبر كذب في أخلاق الأبدال ". قلت: وهو هذا، وأقره الحافظ ابن حجر في " اللسان ". والحديث أورده السيوطي في الجامع الصغير " فأساء، لاسيما وقد وقع في بعض النسخ مرموزا له بالحسن! واغتر بذلك بعض المتأخرين (1) فقال: " حديث حسن "! وأما المناوي فقد تنبه لعلته، فقال بعد نقل كلام الذهبي السابق: " ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه، ووافقه عليها المؤلف في " مختصر الموضوعات " فأقره ولم يتعقبه ". واعلم أن أحاديث الأبدال لا يصح منها شيء، وكلها معلولة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، وأنا ذاكر لك بعضها، وكاشف عن عللها، إن شاء الله تبارك وتعالى.   (1) هو السيد إسماعيل بن مهدي الغرباني في كتابه " نفس الرحمن فيما لأحباب الله من علو الشان "، ينتصر فيه للمستغيثين فيه بغير الله، ويرد على المنكرين عليهم، وما رأيت أجهل منه فيمن كتب في هذا المواضيع، إلا أن يكون الشامي! فإنه يظن أن " الخلال في كرامات الأولياء " كتاب ألفه الإمام أحمد! أنظر تعليقه على الصفحة (24) من الكتاب المذكور. وإنما هو كتاب للخلال باسم " كرامات الأولياء " كما ستراه في الحديث الآتي. الحديث: 935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 936 - " الأبدال في هذه الأمة ثلاثون، مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، كلما مات رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلا ". الحديث: 936 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 منكر. رواه الإمام أحمد (5 / 322) والهيثم بن كليب في " مسنده " (159 / 1 - 2) والخلال في " كرامات الأولياء " (ق 1 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 180) وعنه ابن عساكر في " التاريخ " (1 / 67 / 2) عن الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت مرفوعا، وقال أحمد عقبه: " هو حديث منكر ". قلت: وفيه علتان: الأولى: عبد الواحد بن قيس، مختلف فيه، فوثقه ابن معين في رواية وأبو زرعة. وقال ابن معين في رواية أخرى: لم يكن بذاك ولا قريب، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وكذا قال صالح بن محمد البغدادي وزاد: " روى عن أبي هريرة ولم يسمع منه ". وقال الذهبي: " لم يلق أبا هريرة، إنما روايته عنه مرسلة، إنما أدرك عروة ونافعا ". قلت: فعلى هذا فهو لم يدرك عبادة بن الصامت، فالسند مع ضعفه منقطع! الثانية: الحسن بن ذكوان مختلف فيه أيضا، وقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد: " أحاديثه أباطيل ". وقال ابن معين: " كان صاحب أو ابد ". وقال ابن حجر في " التقريب ": " صدوق يخطىء وكان يدلس ". ورمز له بأنه من رجال البخاري. قلت: وقد عنعن هنا. ومما تقدم تعلم ما في قول الهيثمي من الإيهام فقال في " مجمع الزوائد " (10 / 62) وقلده السيوطي في " الحاوي " (2 / 461) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الواحد بن قيس، وقد وثقه العجلي وأبو زرعة، وضعفه غيرهما ". ولم يذكر السيوطي: " وضعفه غيرهما "! فقد أوهم شيئين: الأول: أن لا انقطاع بين عبد الواحد وعبادة وليس كذلك كما بينا. الثاني: أن الحسن بن ذكوان ثقة، لوصفه إياه بأنه من رجال الصحيح، وسكوته عما قيل فيه من التضعيف، والوصف بالتدليس! قلت: وبهذا التحقيق يتبين لك خطأ قول السيوطي في " اللآلي " (2 / 332) : " وسنده حسن "! وقول ابن عراق (2 / 307 - طبع مصر) : " وسنده صحيح "! وقد روي الحديث عن عبادة بلفظ آخر وهو: " لا يزال في أمتي ثلاثون، بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون، وبهم تنصرون ". قلت: وهو ضعيف أيضا فيه من لا يعرف، فقد قال الهيثمي (10 / 63) : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 " رواه الطبراني من طريق عمرو البزار عن عنبسة الخواص وكلاهما لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني أيضا عن عبادة بلفظ: " الأبدال في أمتي ثلاثون ... " فلعل ما نقلته عن " المجمع " محرف عنه. وقال الشارح المناوي: " قال المصنف: سنده صحيح "! ولم يتعقبه المناوي بشيء! وكأنه لم يقف على كلام الهيثمي فيه، ولا على إسناد، وقد ساق السيوطي في " الحاوي " (2 / 461) فقال: قال الطبراني في " الكبير ": حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني محمد بن الفرج: حدثنا زيد بن الحباب: أخبرني عمر البزار عن عبيسة الخواص عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت .... فذكره بلفظ " الجامع الصغير ". قلت: كذا في نقله: " عمر " بدون الواو، " عبيسة "، ولعل هذا الثاني تحريف، وأما الأول فمحتمل، فإن في شيوخ زيد بن الحباب عن المزي في " تهذيبه " (1 / 227 / 1) عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي، وعمرو بن عبد الله بن وهب النخعي، وعمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعد بن يربوع المخزومي، فإن كان الأول - بدون الواو- فهو ضعيف جدا، وإن كان أحد الآخرين فهو ثقة، ولكن لم يصفوا جميعا بـ (البزار) . فالله أعلم من هو منهم، أو هو غيرهم وعلى كل حال فتصحيح مثل هذا الإسناد لا وجه له مطلقا، ولا أدري من أين نقل المناوي تصحيح السيوطي له، وهو مرموز له في بعض نسخ " الجامع " بالحسن، وللذي قبله بالصحة!! على أن رموز الجامع لا يوثق بها لأسباب ذكرتها في مقدمة كتابي " صحيح الجامع الصغير " وضعيف الجامع الصغير "، وهو مطبوعان، فليرجع إليهما من شاء. وأخرج ابن عساكر في " التاريخ " (1 / 277) من طريق الطبراني وغيره عن عمرو بن واقد عن يزيد بن أبي مالك عن شهر بن حوشب قال: " لما فتحت مصر سبوا أهل الشام، فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنسه ثم قال: يا أهل مصر! أنا عوف بن مالك، لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فيهم الأبدال وبهم ينصرون وبهم ترزقون ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، شهر بن حوشب سيء الحفظ، وعمرو بن واقد متروك كما في " التقريب ". وقال الهيثمي: " رواه الطبراني " وفيه عمرو بن واقد، وقد ضعفه جمهور الأئمة، ووثقه محمد بن المبارك الصوري، وشهر اختلفوا فيه، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وروي الحديث عن علي مرفوعا بلفظ آخر، سيأتي تخريجه إن شاء الله برقم (2993) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 937 - " إذا اغتسلت المرأة من حيضها، نقضت شعرها، وغسلت بالخطمي والأشنان، وإذا اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها، ولم تغسل بالخطمي والأشنان ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (2 / 34 / 1) والبيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 182) من طريقين عن مسلم بن صبيح: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الدارقطني أيضا في " الأفراد " كما في نصب الراية " (1 / 80) . وقال الخطيب: " قال علي بن عمر (يعني الدارقطني) : هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف لتفرد ابن صبيح به، وهو في عداد المجهولين، فإني لم أجد من ترجمه، وقد يشتبه بمسلم بن صبيح الهمداني الذي أخرج له الستة، وليس به، فإن هذا متأخر، من طبقة شيوخ الإمام أحمد، وذاك الهمداني تابعي يروي عن ابن عباس وغيره، وهو معروف ثقة، وله ترجمة في " التهذيب " للحافظ ابن حجر، وكان يحسن به أن يورد بعده مسلم بن صبيح هذا المجهول تميزا له عن الذي قبله، كما هي عادته في أمثاله، ولكنه لم يفعل، والله أعلم، ثم قد ميزه في " تبصير المنتبه " (3 / 833) ولم يذكره بعدالة أو جرح، وقيده بضم الصاد المهملة. وقد أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (ق 23 / 2 - مسند أنس) من طريق الطبراني وهذا في " المعجم الكبير " (1 / 37 / 2) قال حدثنا أحمد بن داود المكي: حدثنا سلمة بن صبيح اليحمدي حدثنا حماد بن سلمة به. كذا سماه ابن داود " سلمة " بدل مسلم "، وليس هو تصحيفا، فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 273) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه سلمة بن صبيح اليحمدي ولم أجد من ذكره ". قلت: ولعل " سلمة " وهم من ابن داود فإني لا أعرفه أيضا، وقد خالفه عثمان بن خرزاذ وهو ثقة، أخرجه الخطيب. وأيهما كان فالرجل مجهول لا يعرف، فهو علة الحديث، وخفي هذا على الصنعاني فقال في " السبل " (1 / 138) بعد أن عزاه لمن ذكرنا: " فهذا الحديث مع إخراج الضياء له، وهو يشترط الصحة فيما يخرجه، يثمر الظن في العمل به ". قلت: وهذا مسلم بالنسبة لمن لم يقف على إسناده، وأما من وقف عليه فقد يختلف الحكم الحديث: 937 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 بالنسبة له، ويرى خلاف ما ذهب الضياء إليه، وعول عليه، كما هو الشأن في هذا الحديث، ورواية مسلم بن صبيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن الضياء رحمه الله متساهل في التصحيح كالحاكم، وإن كان هو أحسن حالا منه كما شهد بذلك ابن تيمية رحمه الله. والحديث سكت عليه الشوكاني في " نيل الأوطار " (1 / 217) فأوهم سلامته من العلة، فاقتضى التنويه بها، وتحقيق الكلام على الحديث، والله سبحانه هو الموفق. وقد استدل الصنعاني بالحديث على أن نقض الشعر من المرأة الحائض في غسلها ليس واجبا عليها، بل هو على الندب لذكر الخطمي والأشنان فيه، قال: " إذ لا قائل بوجوبهما فهو قرينة على الندب ". قلت: وإذا عرفت ضعف الحديث فالاستدلال به على ما ذكره الصنعاني غير صحيح، لاسيما وقد ثبت من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في الحيض: " انقضي شعرك واغتسلي ". ولهذا كان أقرب المذاهب إلى الصواب التفريق بين غسل الحيض فيجب فيه النقض، وبين غسل الجنابة فلا يجب، كما بيت ذلك في الكلام على حديث عائشة هذا في " الأحاديث الصحيحة " رقم (188) . 938 - " لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم، فإن لها آجالا كآجال الناس ". كذب. رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 26) : حدثنا أبو دلف عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجلي: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء: حدثنا جعفر بن عاصم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري: حدثنا عباس بن الوليد قال: حدثني علي بن المديني عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن عن كعب بن عجرة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، وفيه علل: أولا: أبو دلف هذا، أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 465) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثانيا: يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء وهو أبو يوسف الجصاص، قال الخطيب (12 / 294) : " في حديثه وهم كثير، قال أبو محمد بن غلام الزهري: ليس بالمرضي، مات سنة (331) ". ثالثا: جعفر بن عاصم لم أجد له ترجمة. رابعا: عنعنة الحسن وهو البصري، فقد كان يدلس. قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات معرفون مترجم لهم في " التهذيب " وعباس بن الوليد هو ابن مزيد أبو الفضل البيروني مات سنة (270) ، وقد روى عنه جماعة، وكتب عنه الحديث: 938 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 أحمد بن أبي الحواري وهو أكبر منه، توفي سنة (246) فهو من رواية الأكابر عن الصاغر. هذا ما تبين لي فيه وأما المناوي فقال في هذا الحديث: " أورده في " الميزان " في ترجمة العباس بن الوليد الشرقي، وقال: ذكره الخطيب في " الملخص " (1) فقال: روى عن ابن المديني حديثا منكرا، رواه عنه أحمد بن أبي الحواري من حديث كعب بن عجرة مرفوعا، ثم ساق هذا بعينه ". قلت: ولم أجد هذا الترجمة في " الميزان " للذهبي، ولا في " الضعفاء " له، ولا في " لسان الميزان " للحافظ بن حجر، فالله أعلم من أين وقع ذلك للمناوي. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 295 - 296) بسنده عن ابن أبي الزرقاء عن ميمون بن مهران قال: فذكره موقوفا عليه وقال: " قال أبي هذه الحكاية كذب ". قلت: وفيه وهب بن داود قال الخطيب: " لم يكن بثقة ". وفيه أيضا من لم أعرفه. 939 - " استاكوا وتنظفوا، وأوتروا فإن الله وتر يحب الوتر ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة (1 / 63 / 1) : وكيع قال: حدثنا سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن سعد مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير سليمان بن سعد وهو تابعي مجهول، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 118) فقال: " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل، روى عنه موسى بن أبي عائشة ". قلت: ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد أخطأ بعض الضعفاء فسماه سليمان بن صرد، وأسنده، لأن ابن صرد هذا صحابي! وهو إسماعيل بن عمرو البجلي: فقال: حدثنا الحسن بن صالح عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن صرد مرفوعا به. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 59 / 2 - زوائد المعجمين) وقال: " لا يروى عن سليمان إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف لأن البجلي هذا ضعفه غير واحد كما قال الذهبي في " الضعفاء ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 / 240) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي، ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي، ووثقه ابن حبان وإذا عرفت الفرق بين رواية ابن أبي شيبة والطبراني يتبن لك خطأ عزو السيوطي في " الجامع " الحديث إلى المذكورين من رواية سليمان بن صرد ثم خطأ رمزه له بالحسن، وقد فات الأمر الأول على المناوي فلم يتنبه له، أما الآخر، فقد تعقبه بقول الهيثمي الذي ذكرته ثم قال:   (1) كذا، ولعل الصواب " التلخيص ". اهـ. الحديث: 939 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 " وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه إلا أن يراد أنه حسن لغيره ". وهذا الكلام يشعر بأن المناوي لم يطلع على سند الحديث عند ابن أبي شيبة فإنه عنده من غير طريق البجلي، ولكن ذلك لا يقوي حديثه بل يضعفه، للمخالفة التي سبق بيانها. 940 - " إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا ". ضعيف. رواه البيهقي (1 / 40) من طريق أبي داود في " مراسيله " عن هيثم عن محمد بن خالد القرشي عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله، وعنعنة هشيم، فإنه مدلس، وجهالة القرشي هذا، ومن ثم رمز له السيوطي بالضعف، فأصاب، وتعقبه المناوي بقوله فما أصاب: " رمز لضعفه اغترارا بقول ابن القطان: " فيه محمد بن خالد لا يعرف " وفاته أن الحافظ ابن حجر رده على ابن القطان بأن محمد هذا وثقه ابن معين وابن حبان ". وهذا تعقب واه جاءه من التقليد والاستسلام لرد الحافظ ابن حجر دون تبصر، وهو في كتابه " التلخيص " (ص 23) كما نقله المناوي، وفاته أن الجواد قد يكبو، فإن توثيق ابن معين المذكور مما لم يذكره أحد، حتى ولا الحافظ نفسه في " التهذيب "، فأخشى أن يكون وهما منه، ويؤيده أنه صرح في " تقريب التهذيب " أن القرشي هذا " مجهول " فوافق في ذلك قول ابن القطان: " لا يعرف "، وكذلك قال الذهبي في " الميزان " فمع اتفاق هؤلاء على تجهيله، هل يعقل أن يكون توثيق ابن معين له ثابتا عنه؟! ثم لو سلمنا جدلا ثبوت ذلك عنه، فهل يسلم السند من العلتين الأوليين: التدليس والإرسال؟! وبذلك يتبين أن لا وجه لذلك التعقب على السيوطي، بل هو من تعصب المناوي عليه، عفا الله عنا وعنهم. وروي في الاستياك عرضا حديثا آخر، وهو بلفظ: الحديث: 940 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 941 - " كان يستاك عرضا، ويشرب مصا، ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ ". ضعيف. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 199) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 123 / 1 - 2) وابن شاهين في " الخامس من الأفراد " (31 - 32) والبيهقي في " سننه " (1 / 40) وابن عساكر (4 / 63 / 2) عن اليمان بن عدي حدثنا ثبيت بن كثير الضبي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن بهز مرفوعا، وقال ابن شاهين: " حديث غريب الإسناد، حسن المتن، وبهز لا أعرف له نسبا ولا أعرف له غير هذا الحديث ". الحديث: 941 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 قلت: وعلته ثبيت هذا وهو ضعيف، كما قال الهيثمي (2 / 100) بعدما عزاه للطبراني وحده، وتناقض فيه ابن حبان، فذكره في " الثقات " وذكره في " الضعفاء " أيضا وقال: " منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال ابن عدي: " غير معروف ". وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 23) : " وهو ضعيف، واليمان بن عدي أضعف منه ". قلت: وقد تابعه ضعيف مثله إلا أنه خالفه في إسناده، وهو علي بن ربيعة القرشي المدني فقال: عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن ربيعة بن أكثم به، فجعل ربيعة هذا بدل " بهز ". أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (10 / 110 / 2) والعقيلي في " الضعفاء " (295) والبيهقي، وقال العقيلي: " ولا يصح، علي بن ربيعة القرشي مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يتابعه إلا من هو دونه ". قلت: يشير إلى ثبيت بن كثير، والقرشي هذا قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 185) عن أبيه: هو مثل يزيد بن عياض في الضعف ". ويزيد هذا ضعيف الحديث، منكر الحديث عند أبي حاتم، وغيره يكذبه، وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 23) بعدما عزاه للعقيلي والبيهقي: " إسناده ضعيف جدا " ثم ذكر الاختلاف الذي ذكرته، ثم قال ابن عبد البر: " ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد، وقال في " التمهيد ": لا يصحان من جهة الإسناد ". ولم يحرر المناوي القول في هذين الطريقتين فظن أن أحدهما يقوي الآخر، فصرح أن الحديث صار بذلك حسنا! وفي الباب حديث آخر، وهو: 942 - " " كان يستاك عرضا، ولا يستاك طولا ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " كتاب السواك " من حديث عائشة مرفوعا. قال الحافظ (23) : " وفي إسناده عبد الله بن حكيم وهو متروك ". وقال ابن حبان (2 / 27) : " كان يضع الحديث على الثقات، ويروي عن مالك والثوري ومسعر ما ليس من أحاديثهم ". الحديث: 942 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 943 - " كان يرفع يده إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود ". باطل موضوع. رواه البيهقي في " الخلافيات " من حديث محمد بن غالب حدثنا أحمد بن الحديث: 943 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 محمد البرتي (1) حدثنا عبد الله بن عون الخراز (2) : حدثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ظاهره الجودة، وقد اغتر به بعض الحنفية، فقال الحافظ مغلطاي: " لا بأس بسنده ". ولا أدري كيف يقول ذلك مثل هذا الحافظ مع اشتهار الحديث في " الصحيحين " و" السنن الأربعة " و" المسانيد " عن مالك بإسناده المذكور عن ابن عمر برفع اليدين في الركوع أيضا، لاسيما وقد نبه على ذلك مخرجه البيهقي وشيخه الحاكم فقالا: " هذا باطل موضوع لا يجوز أن يذكر إلى على سبيل التعجب والقدح فيه، وقد روينا بالأسانيد الزاهرة عن مالك خلاف هذا ". نقلت هذا وسند الحديث وقول مغلطاي من " ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن ابن ماجه " للشيخ محمد عبد الرشيد النعماني (ص 48 - 49) وهو متعصب جدا للحنفية على أهل الحديث، ولا يعبأ بقواعدهم العلمية، ومما يدلك على هذا تعقبه لقول الحافظين المذكورين وحكمهما على الحديث بالبطلان، فقال: " قلت: تضعيف الحديث لا يثبت بمجرد الحكم، وإنما يثبت ببيان وجوه الطعن، وحديث ابن عمر هذا رجاله رجال الصحيح، فما أرى له ضعفا بعد ذلك، اللهم إلا أن يكون الراوي عن مالك مطعونا، لكن الأصل العدم، فهذا الحديث عندي صحيح لا محالة "! قلت: هذا الكلام يدل على أحد شيئين: إما أن الرجل لا يعبأ بما هو مقرر عند المحدثين من القواعد، أو أنه جاهل بها، وغالب الظن أنه الأول، فمثله مما لا أظن يبلغ به الجهل إلى أن لا يعلم تعريف الحديث الصحيح عندهم، وهو " ما رواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معلا "، وإذا كان الأمر كذلك فقوله " .... لا يثبت بمجرد الحكم .... " جهل منه أو تجاهل بشرط من شروط الحديث الصحيح، وهو عدم الشذوذ وقد أشار الحاكم والبيهقي إلى أن الحديث لم يسلم من الشذوذ وذلك قولهما: " فقد روينا بالأسانيد الزاهرة عن مالك خلاف هذا ". قلت: فالحاكم والبيهقي لم يحكما على الحديث بالبطلان بمجرد الدعوى كما زعم النعماني، بل قرنا ذلك بالدليل لمن يريد أن يفهم، وهو الشذوذ، على أن هناك أدلة أخرى تؤيد الحكم المذكور على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ولولم يكن ثمة دليل على بطلان الحديث إلا وروده في كتاب الإمام مالك " الموطأ " (1 / 97) على خلاف هذا اللفظ لكفى، فكيف وقد رواه جمع كثير من المصنفين والرواة عن مالك على خلافه؟   (1) الأصل " البراني " والصواب ما أثبته وهو بكسر الباء الموحدة وسكون الراء ثم مثناة فوقية نسبة إلى (برت) قرية بنواحي بغداد. (2) الأصل " الخزار " والتصويب من " التقريب ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 فأخرجه البخاري (3 / 174) وأبو عوانة في " صحيحه (2 / 91) والنسائي (1 / 140 و161 - 162) والدارمي (1 / 285) والشافعي (رقم 199) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 131) وأحمد (4674 و5279) من طرق كثيرة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذومنكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، رفعهما كذلك ". الحديث والسياق للبخاري عنه. والواقع أن الحديث بهذا اللفظ المخالف لهذا الحديث الباطل متواتر عن مالك رحمه الله، فقد سرد ابن عبد البر أسماء من رواه عن مالك من الرواة فجاء عددهم نحوالثلاثين! وقد وافقه جماعة من الثقات في روايته عن ابن شهاب به. أخرجه البخاري (2 / 175 و176) ومسلم (2 / 6 و7) وأبو عوانة (2 / 90) أبو داود (1 / 114)) والترمذي (2 / 35) وابن ماجه (1 / 281) والطحاوي والدارقطني (ص 108) وكذا الشافعي (198) وأحمد (5081 و4540 و6345) من طرق كثيرة عن ابن شهاب به. وتابع الزهري جابر وهو الجعفي قال: " رأيت سالم بن عبد الله رفع يديه حذاء منكبيه في الصلاة ثلاث مرات، حين افتتح الصلاة، وحين ركع، وحين رفع رأسه، قال جابر! فسألت سالما عن ذلك؟ فقال سالم رأيت ابن عمر يفعل ذلك، وقال ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ". رواه الطحاوي وأحمد (5054) ، والجعفي ضعيف، لكن سكت على الحديث الطحاوي وكأن ذلك لطرقه. وتابع سالما نافع مولى ابن عمر: أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري في " صحيحه " (2 / 176) وفي " رفع اليدين " (ص 14) وأبو داود (1 / 118) والبيهقي (2 / 136) عن عبيد الله عنه، ورواه مالك (1 / 98 - 99) عن نافع به دون قوله " وإذا ركع رفع يديه " ودون الرفع عند القيام، ومن طريقه رواه الشافعي وأبو داود وتابعه أيوب عن نافع به المرفوع فقط، دون الرفع عند القيام. أخرجه البخاري في " جزئه " (17) والبيهقي (2 / 24 و70) وأحمد (5762) وتابعه صالح بن كيسان عن نافع به أخرجه أحمد (6164) . وتابع سالما أيضا محارب بن دثار قال: " رأيت ابن عمر يرفع يديه كلما ركع، وكلما رفع رأسه من الركوع، قال: فقلت له: ما هذا؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قام في الركعتين كبر ورفع يديه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 أخرجه أحمد (6328) بإسناد صحيح. إذا عرف هذا فهذه الروايات والطرق الصحيحة عن ابن عمر رضي الله عنه تدل على بطلان هذا الحديث من وجوه: الأول ما أشار إليه الحاكم والبيهقي من مخالفة راويه عن مالك لجميع من رواه عنه من الثقات على خلاف هذا الحديث وإثبات الرفع الذي نفاه، لاسيما وقد بلغ عددهم مبلغ التواتر كما سبق، ومخالفة الفرد لأقل منهم بكثير يجعل حديثه شاذ مردودا عند أهل العلم، فكيف وهم جمع غفير؟ ! الثاني: أن مالكا رحمه الله لوكان عنده علم بهذا الحديث المنسوب إليه لرواه في كتابه " الموطأ " وعمل به، وكل من الأمرين منفي، أما الأول، فلما سبق بيانه أنه روى فيه الحديث المخالف له بسنده هذا. والآخر أنه عمل بخلافه، وقال بمشروعية الرفع بعد الرفع في تكبيرة الإحرام كما حكاه عنه الترمذي في " سننه " (2 / 37) ولم يحك عنه خلافه، ونقل الخطابي والقرطبي أنه آخر قولي مالك وأصححها كما في " الفتح " (2 / 174) . الثالث: أن ابن عمر رضي الله عنه كان يحافظ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: على الرفع المذكور كما سبق ذلك عنه صريحا، فلوكان هذا الحديث ثابتا عنه لما رفع وهو من أحرص أصحابه صلى الله عليه وسلم على اتباعه كما هو معلوم، كيف لا وقد صح عنه أنه كان إذا رأى رجلا لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصى! أخرجه البخاري في " رفع اليدين " (ص 8) وعبد الله بن الإمام أحمد في " مسائله عن أبيه " والدارقطني (108) بسند صحيح عنه (1) . الرابع: أن الذي روى هذا الحديث عن ابن عمر إنما هو سالم ابنه - فيما زعموا - ومن الثابت عنه أنه كان يرفع يديه أيضا كما حكاه الترمذي أيضا عنه، وسبق ذلك في بعض الروايات عنه - فلوكان هذا الحديث مما رواه عن أبيه حقا لم خالفه أصلا، كما هو ظاهر. فدل ذلك كله على صحة قول الحاكم والبيهقي في الحديث: إنه باطل، وأن قول الشيخ النعماني: " فهذا الحديث عندي صحيح لا محالة " محال! ومما سبق تعلم بطلان قول الشيخ المذكور عقب جملته المذكورة: " وغاية ما يقال فيه: أن ابن عمر رأى النبي صلى الله عليه وسلم حينا يرفع، فأخبر عن تلك الحالة، وأحيانا لا يرفع، وأخبر عن تلك الحالة، وليس في كل من حديثه ما يفيد الدوام والاستمرار على شيء معين منهما، ولفظ: " كان " لا يفيد الدوام إلا على سبيل الغالب ". قلت: وهذا الجمع بين الروايتين، باطل أيضا، لأن الشرط في الجمع إنما هو ثبوت الروايتين، أما وإحداهما صحيحة، والأخرى باطلة، فلا يجوز الجمع حينئذ، وكيف يعقل أن الراوي الواحد يقول مرة: كان لا يرفع، وأخرى: كان يرفع، ولا يجمع هو نفسه بينهما في عبارة   (1) وأما ما رواه الطحاوي (1 / 133) من طريق بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة، فهو شاذ أيضا للخلاف المعروف في أبي بكر بن عياش. اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 واحدة ولومرة واحدة؟ هذا مما لا نعرف له مثيلا في شيء من الأحاديث! وإنما يقال مثل هذا الجمع في روايتين صحيحتين عن صحابيين مختلفين، مثل حديث ابن عمر هذا في الرفع وحديث ابن مسعود بمعنى هذا الحديث الباطل عن ابن عمر. فإن قال قائل: قد عرفنا بطلان هذا الحديث من الوجوه السابقة، فممن العلة فيه؟ هل هي من عبد الله بن عون الخراز الذي رواه عن مالك أم ممن دونه! والجواب: أنه ليس في إسناده من يمكن الظن بأن الخطأ منه غير محمد بن غالب، وهو الملقب بـ (تمتام) فإنه وإن كان الدارقطني وثقه، فقد قال: " إلا أنه يخطىء، وكان وهم في أحاديث ". وقال ابن المناوي: " كتب عنه الناس، ثم رغب أكثرهم عنه لخصال شنيعة في الحديث وغيره ". فالظاهر أنه هو الذي أخطأ في هذا الحديث، فلعله من الأحاديث التي أشار إليها الدارقطني. وأما شيخه البرتي فهو ثقة ثبت حجة كما قال الخطيب (5 / 61) ، وكذا شيخ هذا وهو الخراز ثقة من رجال مسلم، فانحصرت الشبهة في (تمتام) . والله أعلم. 944 - " نهى أن يبول الرجل وفرجه باد إلى الشمس والقمر ". باطل. رواه الحكيم الترمذي في " كتاب المناهي " عن عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن: حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبوهريرة، وجابر، وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك يزيد بعضهم على بعض في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى .... قلت: فذكر حديثا طويلا جدا في النواهي، ساقه في " تنزيه الشريعة " بتمامه في نحوخمس صفحات! (2 / 397 - 401) ، وذكر الحافظ ابن حجر في كتابه " التلخيص " (37) قطعة من أوله، هذا بعضه وقال: " وهو حديث باطل لا أصل له، بل هو من اختلاق عباد ". وتبعه السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 199) ، ثم ابن عراق وقال: " وذكر النووي في " شرحه على المهذب " من هذا الحديث النهي عن استقبال الشمس والقمر، وقال: حديث باطل لا يعرف ". قلت: ومن الغرائب أن يذكر هذا الحكم الوارد في هذا الحديث الباطل في بعض كتب الحنابلة مثل " المقنع " لابن قدامة (1 / 25 - 26) و" منار السبيل " لابن ضويان (1 / 19) ، وقال هذا معللا: " تكريما لهما "! وفي حاشية الأول منهما: " لأنه روي أن معهما ملائكة، وأن أسماء الله مكتوبة عليها "! قلت: وهذا التعليل مما لا أعرف له أصلا في السنة، وكم كنت أود أن لا يذكر مثل هذا الحديث: 944 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 الحكم وتعليله في مثل مذهب الإمام أحمد رحمه الله الذي هو أقرب المذاهب إلى السنة، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد أصاب مذهبه من بعض أتباعه نحوما أصاب المذاهب الأخرى من الملحقات والبدعات. ولذلك كان لزاما على جميع الأتباع الرجوع إلى السنة الصحيحة، وهذا لا سبيل إليه إلا بدراسة هذا العلم الشريف، ولعلهم يفعلون. ومما يبطل هذا الحكم حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعا: " لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا ". أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (رقم 7) ، وذلك أن قوله: " ولكن شرقوا أو غربوا " صريح في جواز استقبال القمرين واستدبارهما إذ لابد أن يكونا في الشرق أو الغرب غالبا. ويبطله أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة ". أخرجه الطحاوي والبخاري مختصرا كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (123) . قلت: فهذا يبطل تعليل ابن ضويان، فإن إلقاءهما في النار وإن لم يكن تعذيبا لهما، فليس من باب إكرامهما كما هو ظاهر لا يخفى! 945 - " كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال ". منكر. رواه أبو داود (1 / 201) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن عمرو عن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان .... الحديث. قلت: وهذا سند ضعيف رجاله ثقات كلهم، لكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، وقد صح ما يعارض حديثه هذا، وهو ما أخرجه أحمد (6 / 125) عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: " سألت عائشة عن الصلاة بعد العصر؟ فقالت: صل، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومك أهل اليمن عن الصلاة إذا طلعت الشمس ". قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم. ووجه المعارضة واضح منه، وهو قولها " صل " فلوكان عندها علم بالنهي الذى رواه ابن إسحاق عنها لما أفتت بخلافه إن شاء الله تعالى، بل لقد ثبت عنها أنها كانت تصلي بعد صلاة العصر ركعتين، أخرجه البخاري (3 / 82) ومسلم (2 / 210) . فهذا كله يدل على خطأ حديث ابن إسحاق ونكارته. وهذا من جهة الصلاة، وأما من حيث الوصال، فالنهي عنه صحيح ثابت في الصحيحين وغيرهما عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن الحديث يخالف من جهة ثانية حديث أم سلمة المشار إليه، فإن فيه؟ : الحديث: 945 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 " فقالت أم سلمة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما (تعني الركعتين بعد العصر) ثم رأيته يصليهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، قال: ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف، قال: يا بنت أبي أمية! سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان ". ووجه المخالفة هو أن النهي عن الصلاة بعد العصر في الحديث متأخر عن صلاته صلى الله عليه وسلم بعدها، وفي حديث أم سلمة أن النهي متقدم وصلاته بعده متأخر، وهذا مما لا يفسح المجال لادعاء نسخ صلاة الركعتين بعد العصر، بل إن صلاته صلى الله عليه وسلم إياهما دليل عن تخصيص النهي السابق بغيرهما، فالحديث دليل واضح على مشروعية قضاء الفائتة لعذر، ولو كانت نافلة بعد العصر، وهو أرجح المذاهب، كما هو مذكور في المبسوطات. والحديث سكت عليه الحافظ في " الفتح " (2 / 51) وتبعه الصنعاني في " سبل السلام " (1 / 171) ثم الشوكاني في " نيل الأوطار " (3 / 24) وسكوتهم الموهم صحته هو الذي حملني على تحرير القول فيه والكشف عن علته، والله الموفق. ثم رأيت ابن حزم ذكره (2 / 265) من طريق أبي داود ولم يضعفه، بل صنيعه يشعر بصحته عنده، فإنه أجاب عنه (2 / 268) بما يتعلق به من جهة دلالته ووفق بينه وبين ما يعارضه من جواز الركعتين بعد العصر عنده، ولو كان ضعيف لضعفه وما قصر، ولكنه قد قصر! ورأيت أبا الطيب الشهير بشمس الحق العظيم آبادي قد تنبه في كتابه " إعلام أهل العصر، بأحكام ركعتي الفجر " (ص 55) لعلة أخرى في الحديث فقال: " وهذا معارض بما أخرجه مسلم والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن عائشة أنها قالت: وهم عمر، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها، فإنما مفاد كلامه في رواية ذكوان (يعني في حديث ابن إسحاق) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر، ومفاد كلامها في رواية طاووس أن النهي يتعلق بطلوع الشمس وغروبها، لا يرفع صلاة الفجر والعصر ". قلت: وهذه معارضة أخرى تضاف إلى المعارضتين السابقتين، وهي مما تزيد الحديث ضعفا على ضعف. 946 - " قدم علي مال فشغلني عن الركعتين كنت أركعهم بعد الظهر، فصليتهما الآن، فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا ". الحديث: 946 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 منكر. رواه أحمد (6 / 315) الطحاوي (1 / 180) وابن حبان في " صحيحه " (623) عن يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة قالت: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم دخل بيتي فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليهما، فقال: فذكره. وهذا سند ظاهره الصحة، ولكنه معلول، فقال ابن حزم في " المحلى " (2 / 271) : " حديث منكر، لأنه ليس هو في كتب حماد بن سلمة، وأيضا فإنه منقطع لم يسمعه ذكوان من أم سلمة، برهان ذلك أن أبا الوليد الطيالسي روى هذا الخبر عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة أن " النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقلت: ما هاتان الركعتان؟ قال: كنت أصليهما بعد الظهر، وجاءني مال فشغلني، فصليتهما الآن "، فهذه هي الرواية المتصلة وليس فيها: " أفنقضيهما نحن؟ قال: لا "، فصح أن هذه الزيادة لم يسمعها ذكوان من أم سلمة، ولا ندري عمن أخذها، فسقطت ". قلت: ورواية أبو الوليد عبد الملك بن إبراهيم التي علقها ابن حزم وصلها الطحاوي (1 / 178) . وتابع أب الوليد عبد الملك بن إبراهيم الجدي: حدثنا حماد بن سلمة به دون الزيادة. أخرجه البيهقي (2 / 475) . ونقل الحافظ في " التلخيص " (70) عنه أنه ضعف الحديث بهذه الزيادة، ونص كلام البيهقي وهو في كتابه " المعرفة " كما نقله صاحب " إعلام أهل العصر " (ص 55) : " ومعلوم عند أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة دون هذه الزيادة، فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة، وعائشة حملته عن أم سلمة، ثم كانت ترويه مرة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وترسله أخرى، وكانت ترى مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، وكانت تحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثبتهما، قالت: " وكان إذا صلى صلاة أثبتها ". وقالت: " ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين عندي بعد العصر قط "، وكانت تروي أنه " كان يصليهما في بيوت نسائه ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما خفف عنهم " فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتهما، لا إلى أصل القضاء. هذا وطاووس يروي أنها قالت: " وهم عمر، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها ". وكأنها لما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي هذا المذهب، ولوكان عندها ما يرو ون عنها في رواية ذكوان وغيره من الزيادة في حديث القضاء لما وقع هذا الاشتباه، فدل على خطأ تلك اللفظة، وقد روي عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل، وينهى عن الوصال ". وهذا يرجع إلى استدامته لهما لا أصل القضاء ". قلت: والتأويل فرع التصحيح، وحديث محمد بن عمرو هذا لا يصح إسناده كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله، فتنبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 947 - " استقبلوا بمقعدتي القبلة ". منكر. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 143) وابن ماجه (1 / 136) والطحاوي (2 / 336) والدارقطني (22) والطيالسي (1 / 46 - من ترتيبه) وأحمد (6 / 137 و219) وابن عساكر (5 / 537 / 1) من طريق موسى ووكيع وبهز ويحيى بن إسحاق وأسد بن موسى خمستهم عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك ابن مالك عن (وقال موسى سمعت) عائشة قالت: " ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يكرهو ن أن يستقبلوا بفروجهم القبلة، فقال: أراهم قد فعلوها؟ ! (وفي لفظ: أو قد فعلوها؟ !) استقبلوا .... " الحديث. قلت: وهذا سند ضعيف وفيه علل كثيرة: الأولى: الاختلاف على حماد بن سلمة. الثانية: الاختلاف على خالد الحذاء وهو ابن مهران. الثالثة: جهالة خالد بن أبي الصلت. الرابعة: مخالفته للثقة. الخامسة: الانقطاع بين عراك وعائشة. السادسة: النكارة في المتن. العلة الأولى الاختلاف على حماد بن سلمة، فرواه الخمسة الذين سميناهم عنه خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك عنها، وخالفهم أبو كامل اسمه الفضيل بن حسين فقال: حدثنا حماد عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت أن عراك بن مالك حدث عن عمر بن عبد العزيز أن عائشة قالت ... الحديث، فأدخل عمر بن عبد العزيز. أخرجه أحمد (6 / 227) . وخالفهم يزيد بن هارون، فقال: أنبأنا حماد عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فذكروا الرجل يجلس على الخلاء فيستقبل القبلة، فكرهو اذلك، فحدث عن عراك بن مالك عن عائشة، فجعل عمر بن عبد العزيز بين ابن أبي الصلت وعراك. أخرجه أحمد (6 / 239) : حدثنا يزيد به. وخالفه علي بن شيبة فقال: حدثنا يزيد ابن هارن ... فساق سنده مثل رواية الخمسة عن حماد إلا أنه زاد في الإسناد فقال: " فحدث عراك عن عروة بن الزبير عنها، فأدخل بينه وبينها عروة بن الزبير! أخرجه الطحاوي (2 / 336) . قلت: فهذا اختلاف شديد على حماد، ولعل الأرجح الوجه الأول، لاتفاق الجماعة عليه، مع احتمال أن يكون حماد نفسه مصدر الاختلاف، فقد كان يخطىء أحيانا. الحديث: 947 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 الثانية وهي الاختلاف على خالد الحذاء فهو على وجوه: الأول: قال أبو عوانة ويحيى بن مطر والقاسم بن مطيب ثلاثتهم عن خالد الحذاء عن عراك بن مالك عن عائشة. أخرجه الدارقطني. الثاني: عن عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن رجل عن عراك عنها فزاد رجلا بين الحذاء وعراك أخرجه أحمد (6 / 183) والدارقطني. وتابعه وهيب عن خالد به. رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 143) . الثالث: عن علي بن عاصم: حدثنا خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته وعنده عراك بن مالك، فقال عمر: ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا، فقال عراك: حدثتني عائشة .... أخرجه الدارقطني وأحمد (6 / 184) والبيهقي (1 / 92 - 93) وقال: " تابعه حماد بن سلمة عن خالد الحذاء في إقامة إسناده ". قلت: يعني رواية حماد المتقدمة من رواية الجماعة عنه، وإلا فقد اختلفوا عليه كما سبق بيانه، وقال الدارقطني: " هذا أضبط إسناد، وزاد فيه خالد بن أبي الصلت، وهو الصواب ". قلت: وتابعه عبد العزيز بن المغيرة عن خالد الحذاء به، لكنه لم يصرح بسماع عراك من عائشة أخرجه أبو الحسن القطان في " زيادته على ابن ماجه " (1 / 136) . قلت: وهذا الوجه من الاختلاف على خالد الحذاء أرجح لاتفاق علي بن عاصم - على ضعف فيه لسوء حفظه - وعبد العزيز بن المغيرة عليه، ومتابعة حماد بن سلمة لهما في رواية الجماعة عنه كما تقدم. فهذا الاضطراب في إسناد الحديث وإن كان من الممكن ترجيح الوجه الأخير منه كما ذكرنا، فإنه لشدته لا يزال يبقى في النفس منه شيء، وعلى التسليم بهذا الترجيح يظهر فيه علة أخرى وهي: الثالثة: جهالة خالد بن أبي الصلت، وذلك أنه لم يكن مشهورا بالعدالة، ولا معروفا بالضبط، عند علماء الجرح والتعديل، فأورده ابن أبي حاتم (1 / 336 - 337) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، بل صرح الإمام أحمد بجهالته فقال: " ليس معروفا ". وقال عبد الحق الإشبيلي: " ضعيف ". ولعله يعني بسبب جهالته. وقال الذهبي في " الميزان " وقد ساق له هذا الحديث: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 " لا يكاد يعرف، تفرد عنه خالد الحذاء، وهذا منكر، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وما علمت أحد تعرض إلى لينه، ولكن الخبر منكر ". قلت: ولعل الذهبي أراد بقوله: " وما علمت ... " يعني من القدامى، وإلا فقد ضعفه عبد الحق كما سبق، وأما توثيق ابن حبان إياه، فمما لا يقام له وزن - وإن اغتر به بعض المتقدمين والمعاصرين كما يأتي - لما عرف أنه متساهل في التوثيق، وقد بينت ذلك في " الرد على التعقيب الحثيث "، وهذا إذا انفرد بالتوثيق ولم يخالف، فكيف إذا خالف؟ وقال ابن حزم في " المحلى " (1 / 196) : " حديث ساقط وخالد بن أبي الصلت مجهول لا يدرى من هو؟ ". وفي " التهذيب ": " وتعقب ابن مفوز كلام ابن حزم فقال: هو مشهور بالرواية، معروف، بحمل العلم، ولكن حديثه معلول ". قلت: وهذا القدر من الوصف لا يقتضي أن يكون الموصوف ثقة ضابطا إلا عند بعض المتساهلين، فكم من المعروفين بحمل العلم والرواية لا يحتج بهم إما للجهالة بضبطهم وحفظهم أولظهور ضعفهم، ولذلك نجد الحافظ ابن حجر الذي من كتابه " التهذيب " نقلت التعقب المذكور لم يتبنه، فلم يوثقه في " التقريب " بل قال فيه: " مقبول " أي عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. إذا عرفت ذلك، فمن كان حاله ما ذكرنا من الجهالة فحري بحديثه أن لا يحتج به، وهذا إذا لم يخالف الثقات، فكيف مع المخالفة؟! وهذه علة أخرى وهي: الرابعة: مخالفة ابن أبي الصلت للثقة، وهو جعفر بن ربيعة، فقد رواه عن عراك عن عروة عن عائشة أنها كانت تنكر قولهم، لا تستقبل القبلة. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 143) وابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 29) وابن عساكر (5 / 237 / 1) . وقال البخاري: " وهذا أصح ". وكذا قال ابن عساكر. وقال ابن أبي حاتم: " سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت ... (قلت: فذكره، ثم قال:) قال أبي: فلم أزل أقفوأثر هذا الحديث، حتى كتبت بمصر عن .... جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة موقوف، وهذا أشبه ". قلت: ولا يشك حديثي أن ترجيح هؤلاء الأئمة الثلاثة وقف الحديث هو الصواب، ذلك لأن الذي أوقفه إنما هو جعفر بن عراك، وهو ثقة اتفاقا، وقد احتج به الشيخان، بينما الذي خالفه وهو خالد بن أبي الصلت لم يوثقه أحد من الأئمة المعروفين والموثوق بتوثيقهم، ولو سلمنا. لا أن توثيق ابن حبان المتقدم مما يعتد به فهل من المعقول أن ترجح رواية من وثقه هو وحده .... آخرون على رواية من وثقه الجماعة من الأئمة، واحتج به الشيخان؟ ! الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 وإذا تبين لك ما ذكرنا تعرف سقوط تعقب البوصيري للإمام البخاري بقوله في " الزوائد " (ق 25 / 1) : " وهذا الذي علل به البخاري ليس بقادح، فالإسناد الأول حسن (1) ، رجاله ثقات معرفون، وقد أخطأ من زعم أن خالد بن أبي الصلت مجهول، وأقوى ما أعل به هذا الخبر أن عراكا لم يسمع من عائشة، نقلوه عن الإمام أحمد، وقد ثبت سماعه منها عند مسلم ". قلت: والجواب على هذا من وجوه: الأول: أن المخالفة التي أعل البخاري الحديث بها لم يجب عنها البوصيري بشيء عنها أصلا، إلا مجرد الدعوى " ليس بقادح "! مع أنه ساق كلامه للرد عليه، فانصرف عنه إلى الرد على غيره! وذلك دليل على ضعف رده وسلامة الحجة عند المردود عليه! الثاني: أن رجال الإسناد كلهم ثقات رجال مسلم غير ابن أبي الصلت فإن كان ثقة فلماذا اقتصر البوصيري على تحسين الإسناد ولم يصححه؟ ! أليس في هذا وحده ما يدل على أن في ابن أبي الصلت شيئا يمنع حتى الموثقين له من تصحيح حديثه! فما هو هذا الشيء؟ ليس هو إلا عدم الاطمئنان لتوثيق ابن حبان، وإن تظاهروا بالاعتداد بتوثيقه! الثالث: جزمه بخطإ من جهل ابن أبي الصلت مردود عليه بما سبق بيانه في العلة (الثالثة) ، فأغنى عن الإعادة. الرابع: دعواه أن الانقطاع الذي ذكره هو أقوى ما أعل به الحديث، ليس مسلما عندي، بل الأقوى هو المخالفة التي لم يستطع الإجابة عنها، ثم الجهالة. الخامس: أن رده للانقطاع بقوله: " ثبت سماعه منه عند مسلم "، خطأ مبني على خطأ، وذلك أنه ليس عند مسلم ما زعمه من سماع عراك من عائشة، وما علمت أحدا سبقه إلى هذا الزعم، وإنما ذكر الشيخ ابن دقيق العيد أن مسلما أخرج في " صحيحه " حديث عراك عن عائشة: " جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها ... " الحديث (2) ، نقله الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 107) ، وليس فيه السماع المدعى كما ترى. السادس: أنه لوفرضنا أن عراكا سمع من عائشة بعض الأحاديث، فلا يلزم من ذلك أنه سمع منها كل حديث يروى من طريقه عنها، لاحتمال عدم ثبوت السند بذلك عنه، كما هو الشأن في هذا الحديث، وهذه علة أخرى فيه وهي: الخامسة: الانقطاع بين عراك وعائشة، والدليل على ذلك مجموع أمرين: 1 - أن أكثر الروايات التي سبق ذكرها لم يقع فيها تصريح عراك بالسماع من عائشة.   (1) سبقه إلى تحسينه النووي، ثم تبعهما الصنعاني في " سبل السلام " (1 / 116) وفي " العدة شرح العمدة " (1 / 131) أيضا لكنه عقب ذلك بقوله " إلا أنه أشار البخاري في تاريخه إلى أن فيه علة ". (2) وهو في مسلم (8 / 38) وتمامه " فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منها تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها قد ذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أو جب لها الجنة، أو أعتقها من النار ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 وإنما وقع في رواية علي بن عاصم وهو ضعيف الحفظ كما سبق، وقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المحلى " (1 / 197) وقد تابعه على ذلك حماد بن سلمة فارتفعت شبهة الغلط "، ليس مسلما، لأن هذه المتابعة مشكوك في ثبوتها، فإن كل ما رواه عن حماد لم يصرح بالسماع سوى موسى وهو التبوذكي، وأما الثقات الآخرون فرووه معنعنا، وهم وكيع ابن الجراح وبهز بن أسد ويحيى ابن إسحاق وأسد بن موسى ويزيد بن هارون في رواية عنه، وعبد العزيز بن المغيرة، كلهم قالوا: " عن عائشة " وروايتهم أرجح من رواية الفرد ولوكان ثقة، مع أنه يمكن أن تكون المخالفة ليست منه بل من حماد نفسه، لما سبق ذكره من أنه كان يخطىء أحيانا، فكان في الغالب يرويه معنعنا، فحفظ ذلك منه الجماعة، ونادرا يرويه بالسماع فحفظ ذلك منه موسى، وهذا اضطراب من حماد نفسه، كما كان يضطرب في إسناده على ما سبق بيانه. ومما يرجح رواية العنعنة، رواية جماعة آخرين لها مثل أبي عوانة ويحيى بن مطر والقاسم بن مطيب وعبد الوهاب الثقفي ووهيب عن خالد الحذاء على خلاف بينهم وبين الجماعة الأولى كلهم أجمعوا على روايته بالعنعنة. فهؤلاء عشرة أشخاص وزيادة رووه بالعنعنة فلا يشك كل من وقف عليها أنها هي الصواب، وأن رواية السماع منكرة أو شاذة، وقد صرح بهذا الإمام أحمد فقال إبراهيم بن الحارث: " أنكر أحمد قول من قال: عن عراك سمعت عائشة، وقال: عراك من أين سمع من عائشة ". وقال أبو طالب عن أحمد: " إنما هو عراك عن عروة عن عائشة، ولم يسمع عراك منها " وذكر ابن أبي حاتم في " المراسيل " (ص 103 - 104 - طبع بغداد) بعد أن ساق الحديث أن الإمام أحمد قال: " مرسل، عراك بن مالك من أين سمع عن عائشة، إنما يروي عن عروة، هذا خطأ، ثم قال: من يروي هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذاء، فقال: قال غير واحد: عن خالد الحذاء ليس فيه سمعت وقال غير واحد أيضا عن حماد بن سلمة ليس فيه سمعت ". فقد أشار الإمام أحمد رحمه الله إلى أن ذكر السماع غير محفوظ عن حماد من جهة، ولا عن خالد الحذاء من جهة أخرى، وذلك ما فصلناه آنفا. ولو أن الذين خالفوا الإمام أحمد ورجحوا رواية السماع تأملوا في كلامه ثم تتبعوا الروايات التي ذكرناها لما أقدموا إن شاء الله على مخالفته، لأن الحجة الواضحة معه، ولكنه رحمه الله اكتفى بالإشارة إليها وقد فصلناه لك تفصيلا لا يدع مجالا للشك في خطإ المخالفين، وقال موسى بن هارون: " لا نعلم لعراك سماعا من عائشة ". وليس من السهل في نظر الباحث المحقق تخطئة هذين الإمامين، كما فعل المعلق على " المحلى "، ومن قبله البوصيري بمجرد ذكر السماع في بعض الروايات مع شذوذها، ثم هي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 كلها مدارها على خالد بن أبي الصلت الذي لا دليل عندنا على ثقته وضبطه كما سبق، وما يدرينا ولعل هذا الاختلاف عنه في السماع والعنعنة إنما هو منه، وذلك دليل على تردده وعدم حفظه، ويؤيد هذا ما يأتي:، وهو: الأمر الثاني: أن جعفر بن ربيعة قد خالف خالد بن أبي الصلت، فأدخل بين عراك وعائشة عروة، كما تقدم وهو أرجح من وجهين: أولا: أن جعفر بن أبي ربيعة أو ثق من ابن أبي الصلت كما تقدم بيانه. ثانيا: أن روايته موافقة لبعض الروايات عن خالد وهي رواية يزيد بن هارون عن حماد ابن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك عن عروة بن الزبير عنها. أخرجه الطحاوي كما تقدم، فهذا يؤكد وهم ابن أبي الصلت أو بعض من دونه في ذكر السماع من عراك لعائشة. وقد خالف جعفر خالدا في موضع آخر من السند وهو أنه أوقفه ولم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في العلة (الرابعة) . العلة السادسة: النكارة. وقد بقي الكلام على العلة الأخيرة وهي السادسة، وهي النكارة في المتن، وبيان ذلك في ما يأتي: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نهى أصحابه عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط نهيا عاما لم يقيده بالصحراء، فإذا روي في حديث ما كهذا الذي نحن في صدد الكلام عليه أن الصحابة كرهو ااستقبال القبلة، فما يكون ذلك منهم إلا اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعا يستحقون عليه الأجر والمثوبة، لأنهم على أقل الدرجات مجتهدون مخطئون مأجرون أجرا واحدا، وسبب خطئهم عملهم بالنص على عمومه، أو عملهم بالمنسوخ الذي لم يعرفوا نسخه، وأي الأمرين فرض، فلا يعقل أن ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه طاعتهم إياه فيما كان نهاهم عنه قبل أن يبلغهم النص المخصص أو الناسخ، كيف وهو المعروف بتلطفه مع أصحابه في تأديبهم وتعليمهم، كما يدل على ذلك سيرته الشريفة معهم، كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وحديث معاوية بن الحكم السلمي الذي تكلم في الصلاة جاهلا، وغير ذلك مما هو معروف، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم نكارا شديدا مع أنهم فعلوا أشياء لم يسبق أن جوزها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما في هذا الحديث فهو ينكر عليهم أشد الإنكار عملهم، وما هو؟ كراهيتهم لاستقبال القبلة، التي كانوا تلقوها عنه صلى الله عليه وسلم، فهل يتفق هذا الإنكار مع هديه صلى الله عليه وسلم في التلطف في الإنكار؟ كلا ثم كلا، بل لوأراد صلى الله عليه وسلم أن يبدل شيئا من الحكم السابق أو أن ينسخه من أصله لقال لهم كما قال في أمثاله: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الأو عية فانتبذوا، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي ألا فادخروها ". أخرجه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (2048) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 فلو أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استمروا على العمل بهذا النهي لعدم بلوغ الرخصة إليهم، أفكان ينكر صلى الله عليه وسلم عليهم أم يكتفي بتعليمهم؟ لا شك أن الجواب إنما هو تعليمهم فقط، فكذلك الأمر في كراهة الاستقبال، كان يكتفي معهم بتعليمهم، وأما أن ينكر عليهم بقوله " أو قد فعلوها " فإنه شيء ثقيل لا أكاد أتخيل صدوره منه صلى الله عليه وسلم، وقد أراحنا الله تعالى من التصديق به بعد أن علمنا ثبوته بالطريق التي أقام الحجة بها على عباده في تعريفهم بتفاصيل شريعته، وأعني الإسناد. واعلم أن كلامنا هذا إنما هو قائم على أساس ما ذهب إليه بعض العلماء من الاستدلال بالحديث على نسخ النهي عن استقبال القبلة، وأما على افتراض أنه كان قبل النهي عن استقبال القبلة فلا يرد الاستنكار المذكور، وعليه حمل ابن حزم الحديث على فرض صحته فقال (1 / 197 - 198) : " ثم لوصح لما كان لهم فيه حجة، لأن نصه يبين أنه إنما كان قبل النهي، لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط، ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك المجال، هذا ما لا يظنه مسلم ولا ذوعقل، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم، لوصح لكان منسوخا بلا شك ". قلت: لكن يرد على هذا الافتراض أنه يبعد أن يكره الصحابة شيئا دون توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وافتراض ثبوت ذلك عنهم فيه إساءة الظن بهم وأنهم يشرعون بآرائهم، وهذا ما لا يجوز أن نظنه بهم، ولذلك فالحديث كيف ما أول فهو منكر عندي. والله أعلم. 948 - " إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة، أو إذخرة. (يعني المني) ". منكر مرفوعا. رواه الدارقطني (46) والبيهقي (2 / 418) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق: أخبرنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب؟ قال: " فذكره، وقال الدارقطني: " لم يرو هـ غير إسحاق الأزرق عن شريك (يعني مرفوعا) ، محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظ شيء ". وقال البيهقي: " ورواه وكيع عن ابن أبي ليلى موقوفا على ابن عباس، وهو الصحيح ". قلت: وهذا وصله الدارقطني: حدثنا محمد بن مخلد: أخبرنا الحساني: أخبرنا وكيع به. ويرجح هذا أنه ورد موقوفا من طريقين آخرين عن عطاء، فقال الشافعي في " سننه " (1 / 24) : أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما يخبره عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في المني يصيب الثوب، قال: الحديث: 948 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 " أمطه عنك - قال أحدهما - بعود أو إذخرة، فإنما هو بمنزلة البصاق والمخاط ". قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البيهقي من طريق الشافعي ثم قال: " هذا صحيح عن ابن عباس من قوله، وقد روي مرفوعا، ولا يصح رفعه ". قلت: وجملة القول أن المرفوع فيه ثلاث علل: الأولى: ضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كما أشار إلى ذلك الدارقطني بقوله " في حفظه شيء " على تسامح منه في التعبير! الثانية: ضعف شريك أيضا وهو ابن عبد الله القاضي، وأستغرب من الدارقطني سكوته عنه هنا، مع أنه قال فيه وقد ساق له حديث وضع الركبتين قبل اليدين عند الهو ي للسجود: " وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به ". (انظر الحديث المتقدم 929) . الثالثة: تفرد إسحاق الأزرق بروايته عن شريك مرفوعا، وهو - أعني الأزرق - وإن كان ثقة، فقد خالفه وكيع وهو أو ثق منه، ولذلك رجح روايته البيهقي كما تقدم، لكن يبدو لي أن الراجح صحة الروايتين معا عن شريك، الموقوفة والمرفوعة، وأن هذا الاختلاف إنما هو من شريك أو شيخه ابن أبي ليلى، لما عرفت من سوء حفظهما، فهذا الإعلال أولى من تخطئة إسحاق الأزرق الثقة، وهذا أولى من نصب الخلاف بين الثقتين كما فعل البيهقي من جهة، وابن الجوزي من جهة أخرى، أما البيهقي فقد رجح رواية وكيع على إسحاق، وعكس ذلك ابن الجوزي فقال بعد أن ذكر قول الدارقطني " لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك ": " قلنا إسحاق إمام مخرج عنه في " الصحيحين "، ورفعه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ومن وقفه لم يحفظ ". كذا قال: وقد عرفت أن الصواب تصحيح الروايتين وأن كلا من الثقتين حفظ ما سمع من شريك، وأن هذا أو شيخه هو الذي كان يضطرب في رواية الحديث عن عطاء، فتارة يرفعه، وتارة يوقفه، فسمع الأزرق منه الرفع ، وسمع وكيع منه الوقف، وكل روى ما سمع، وكل ثقة. ومن العجيب أن ابن الجوزي يتغافل عن العلتين الأوليين، ويجادل في العلة الثالثة، وقد عرفت ما في كلامه فيها، ولوسلم له ذلك، فلم يسلم الحديث من العلتين، وأعجب من ذلك أن العلة الأولى قد نبه عليها الدارقطني في جملته التي ذكرنا عنه في أول هذا التحقيق، فلما نقلها ابن الجوزي عنه اقتصر منها على الشطر الأول الذي فيه إعلال الحديث بالوقف، ولم يذكر الشطر الثاني الذي فيه الإشارة إلى العلة الأولى وهي ضعف ابن أبي ليلى! وهذا شيء لا يليق بأهل التحقيق والعلم. ومن الأوهام حول هذا الحديث قول الإمام الصنعاني - في " العدة على شرح العمدة " (1 / 404) : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 " ثبت عنه (يعني ابن عباس) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه بمنزلة البصاق والمخاط .... أخرجه الدارقطني من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق: حدثنا شريك .... ". ثم أعاده قائلا (1 / 405) : " وإسناده صحيح كما قال ابن القيم في (بدائع الفوائد) " (1) . قلت: وهذا هو السبب الذي دفعني إلى كتابة هذا التحقيق حول هذا الحديث، وبيان أن رفعه وهم وإن كان ما تضمنه من الحكم على المني بالطهارة هو الصواب، وحسبنا في ذلك جزم ابن عباس رضي الله عنه بأنه بمنزلة المخاط والبصاق، ولا يعرف له مخالف من الصحابة، ولا ما يعارضه من الكتاب والسنة، وقد حقق القول في المسألة ابن قيم الجوزية في المصدر السابق تحت عنوان " مناظرة بين فقيهين في طهارة المني ونجاسته " (3 / 119 - 126) وهو بحث هام جدا في غاية التحقيق. 949 - " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهاجرة (2) فقال لنا: أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم ". ضعيف بهذا السياق. أخرجه ابن ماجة (1 / 232) وابن أبي حاتم في " العلل " (رقم 376 و378) وابن حبان في " صحيحه " (269 - موارد) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 111) والبيهقي (1 / 439) وأحمد (4 / 250) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، علته شريك وهو بن عبد الله القاضي وهو ضعيف لسوء حفظه كما تقدم آنفا، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". قلت: ومن ذلك تعلم أن قول الحافظ في " الفتح " (2 / 13) : " رجاله ثقات، رواه أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان "، وهم أو تساهل منه، وإن قلده فيه الصنعاني في " العدة " (2 / 485) ، وأشد منه في الوهم قول البوصيري في " الزوائد " (ق 46 / 1) : " إسناده صحيح، ورجاله ثقات "!! وليت شعري كيف يكون ثقة صحيح الإسناد وفيه من كان يخطيء كثيرا، وهو معروف بذلك لدى أهل العلم؟! ولاسيما وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه مرة هكذا، ومرة قال: " عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله ".   (1) البدائع (3 / 123) . اهـ. (2) الهاجرة اشتداد الحر في نصف النهار الحديث: 949 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 رواه على الوجهين أبو حاتم الرازي، فقال ابنه (1 / 136 / 378) : " سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين وقلت له: حدثنا أحمد بن حنبل بحديث إسحاق الأزرق عن شريك عن بيان ... (قلت: فذكره ثم قال:) وذكرته للحسن بن شاذان الواسطي فحدثنا به، وحدثنا أيضا عن إسحاق عن شريك عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: بمثله؟ قال يحيى: ليس له أصل إني (1) نظرت في كتاب إسحاق فليس فيه هذا. قلت لأبي: فما قولك في حديث عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: الذي أنكره يحيى؟ قال هو عندي صحيح وحدثنا به أحمد ابن حنبل بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق. قلت لأبي: فما بال يحيى نظر في كتاب إسحاق فلم يجده؟ قال: كيف؟ نظر في كتابه كله؟ ! إنما نظر في بعض وربما كان في موضع آخر ". فقد حكم أبو حاتم على الحديث بالصحة من رواية شريك بسنده عن أبي هريرة خلافا لما يوهمه صنيع الحافظ في " التلخيص " (67) أنه صحح حديث المغيرة، والسياق المذكور من كلام أبي حاتم يشهد لما ذكرنا. ويؤيده أن أبا حاتم أعل الطريق الأولى. فقد قال ابن أبي حاتم (1 / 136 / 376) بعد أن ساقها: " ورواه أبو عوانة عن طارق عن قيس قال: سمعت عمر بن الخطاب قال: أبردوا بالصلاة. قال ابن أبي حاتم عن أبيه: " أخاف أن يكون هذا الحديث (يعني الموقوف على عمر) يدفع ذاك الحديث. قلت: فأيهما أشبه؟ قال: كأنه هذا، يعني حديث عمر قال أبي في موضع آخر: لو كان عند قيس عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج أن يفتقر إلى أن يحدث عن عمر موقوفا ". وقد ذكر الحافظ في " التلخيص " عن ابن معين نحوما ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه فقال: " وأعله ابن معين بما روى أبو عوانة عن طارق عن قيس عن عمر موقوفا. وقال: لوكان عند قيس عن المغيرة مرفوعا لم يفتقر إلى أن يحدث به عن عمر موقوفا، وقوى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك ". قلت: وهذا هو الذي تقتضيه القواعد العلمية أن الحديث معلول بتفرد شريك به ومخالفته لمن هو أثبت منه، فلا وجه عندي لتصحيح الحديث كما فعل أبو حاتم، وقال الحافظ قبيل ما نقلنا عنه آنفا! " وذكر الميموني عن أحمد أنه رجح صحته " وفي " طرح الترتيب " للحافظ العراقي (2 / 154) : " وذكر الخلال عن الميموني أنهم ذاكروا أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حديث المغيرة بن شعبة، فقال: أسانيد جياد، قال وفي رواية غير الميموني (2) : وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد ".   (1) قلت: الأصل (إنما) ولعل الصواب ما أثبتنا. اهـ. (2) يعني عن الإمام أحمد من قوله، وليس رواية في الحديث كما توهم البعض على ما يأتي التنبيه عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 فهذا النقل عن الإمام أحمد غريب عندي لقوله " أسانيد جياد " مع أنه ليس له إلا إسناد واحد كما يفيده قول الحافظ ابن حجر: " تفرد به إسحاق الأزرق عن شريك ... " وقال البيهقي عقب الحديث: " قال أبو عيسى الترمذي ... فيما بلغني عنه -: سألت محمدا يعني البخاري - عن هذا الحديث؟ فعده محفوظا، وقال: رواه غير شريك عن بيان عن قيس عن المغيرة قال: كنا نصلي الظهر بالهاجرة، فقيل لنا: أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم، رواه أبو عيسى عن عمر بن إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن بيان كما قال البخاري ". قلت: عمر بن إسماعيل ضعيف جدا، قال بن معين: كذاب خبيث رجل سوء، وقال النسائي: " ليس بثقة، متروك الحديث ". وأبوه فيه ضعف، فمثل هذه الطريق لا يقوى طريق شريك لشدة ضعفها، فلا أدري ما وجه عد البخاري الحديث محفوظا، فإن كان بالنظر إلى الطريق الأولى فقد عرفت ضعفها وتفرد شريك بها، وإن كان من أجل هذه الطريق فهي ضعيفة جدا. وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة عندي، لتفرد الضعيف به، وعدم وجود شاهد معتبر له. ثم إن الكلام عليه إنما هو بالنظر لوروده بهذا السياق الذي يدل على أن صلاته صلى الله عليه وسلم بالهاجرة منسوخ بقوله: أبردوا.. وهو ظاهر الدلالة على ذلك، وبه أحتج الطحاوي وغيره على النسخ فإذا تبين ضعفه سقط الاحتجاج به وأما إذا نظرنا إلى الحديث نظرة أخرى وهي أنه تضمن أمرين اثنين: صلاته صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، وأمره بالإبراد دون أن نربط بينهما بهذا السياق الذي يمنع من فعل أي الأمرين ويضطرنا إلى القول بالنسخ. أقول إذا نظرنا إليه هذه النظرة فالحديث صحيح أما الأمر الأول فقد ورد من حديث جابر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ". أخرجه البخاري (2 / 33) ومسلم (2 / 119) وغيرهما. وأما الأمر بالإبراد. فقد ورد في " الصحيحين " وغيرهما من طرق عن أبي هريرة وعن أبي سعيد أيضا، وابن عمر. فإذا عرف هذا. فقد اختلف العلماء في الجمع بين الأمرين. فذهب الطحاوي وغيره إلا أن الأول منسوخ. وقد عرفت ضعف دليله، وذهب الجمهور إلى أن الأمر بالإبراد أمر استحباب، فيجوز التعجيل به. والإبراد أفضل، وذهب بعض الأئمة إلى تخصيص ذلك بالجماعة دون المنفرد، وبما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد، فلوكانوا مجتمعين، أو كانوا يمشون في كن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فالأفضل في حقهم التعجيل، والحق التسوية، وأنه لا فرق بين جماعة وجماعة، ولا بينهما وبين الفرد، فالكل يستحب لهم الإبراد، لأن التأذي بالحر الذي يتسبب عنه ذهاب الخشوع، يستوي فيه المنفرد وغيره كما قال الشوكاني (1 / 265) . وأما تخصيص ذلك بالبلد الحار، فهو الظاهر من التعليل في قوله " فإن شدة الحر من فيح جهنم ". ويشهد له من فعله صلى الله عليه وسلم حديث أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ". أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1162) والنسائي (1 / 87) والطحاوي (1 / 111) ، وله عنده شاهد من حديث أبي مسعود بسند حسن. (تنبيه) : قال الحافظ في " التلخيص " في تخريج حديث المغيرة: " وفي رواية للخلال: وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد ". وتلقى هذا عنه الشوكاني في " نيل الأوطار " (1 / 265) دون أن يعزوه إليه كما هو الغالب عليه من عادته! ثم بنى على ذلك قوله في الصفحة التي قبل المشار إليها: " فرواية الخلال من أعظم الأدلة الدالة على النسخ ". قلت: لكن الظاهر مما نقله الحافظ العراقي عن الخلال فيما سبق ذكره في هذا البحث أن هذه الرواية ليست من حديث المغيرة، وإنما هي من قول الإمام أحمد رحمه الله، وقد صرح بهذا الحافظ في " الفتح " (2 / 13) فقال: " ونقل الخلال عن أحمد أنه قال: هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وكذا قال الصنعاني في " العدة " (2 / 485) دون أن يعزوه للحافظ أيضا! 950 - " قال الله تبارك وتعالى: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، ولم يبت مصرا على معصيتي، وقطع نهاره في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل، والأرملة، ورحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، وأجعل له في الظلمة نورا، وفي الجهالة حلما، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة ". ضعيف. رواه البزار (ص 65 - زوائده) وابن حبان في " المجروحين " (2 / 35) عن عبد الله بن واقد الحراني عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وعبد الله بن واقد كان متعففا صالحا متفقها برأي أبي حنيفة حافظا له. ولم يكن حافظا للحديث، فضعف حديثه وترك. كذا في " الأحكام الكبرى " (57 / 1 - 2) لعبد الحق الإشبيلي. وقال في " المجمع " (2 / 147) : الحديث: 950 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 " رواه البزار وفيه عبد الله بن واقد الحراني ضعفه النسائي، والبخاري، وإبراهيم الجوزجاني، وابن معين في رواية، ووثقه في رواية، ووثقه أحمد، وقال: كان يتحرى الصدق وأنكر على من تكلم فيه، وأثنى عليه خيرا، وبقية رجاله ثقات ". وكذا قال في " الترغيب " (1 / 176) أن بقية رواته ثقات، وأشار إلى أن في ابن واقد هذا ضعفا، ولم يسق فيه كلاما للأئمة، وجمهور الأئمة على تضعيفه، وأحمد وإن أثنى عليه خيرا فقد نسبه للخطإ والتدليس، وقال: " لعله كبر واختلط ". لكنه لم ينفرد به، فأخرجه الحسن بن علي الجوهري في " مجلس من الأمالي " (ق 69 / 2) من طريق ابن نمير: حدثنا ابن كثير، عن عبد الله بن طاووس عن أبيه به. قلت: لكن ابن كثير واسمه محمد بن كثير البصري السلمي القصاب، قال ابن المديني: " ذاهب الحديث ". وقال البخاري والساجي: " منكر الحديث "، وضعفه آخرون. وروي من حديث علي مرفوعا نحوه، وزاد في آخره: " لا يتسنى ثمارها، ولا يتغير حالها ". رواه ابن عساكر في " مدح التواضع " (ق 90 / 1 - 2) وقال: " قال الدارقطني: غريب تفرد به الدينوري. قلت: يعني أبا جعفر محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدينوري، قال الذهبي: " منكر الحديث، ضعيف، ذكره ابن عدي، وذكر له مناكير، وكان ليس بثقة يأتي ببلايا ". ثم ساق له حديثين من بلاياه وموضوعاته، وأقره الحافظ في " اللسان " وقال: " وأورد له ابن عدي أحاديث قال في بعضها: باطل بهذا الإسناد، ثم قال: وله غير ما ذكرت من المناكير ". 951 - " كان إذا أمن أمن من خلفه حتى إن للمسجد ضجة ". لا أصل له بهذا اللفظ فيما نعلم. وقد نص على ذلك الحفاظ فقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص " (ص 90) : " لم أره بهذا اللفظ، لكن روى معناه ابن ماجه من حديث بشر بن رافع " (ثم ذكر الحديث الآتي) ثم قال: " تنبيه: قال ابن الصلاح في الكلام على " الوسيط ": هذا الحديث أورده الغزالي هكذا تبعا لإمام الحرمين، فإنه أورده في " نهايته " كذلك، وهو غير صحيح مرفوعا، وإنما رواه الشافعي من حديث عطاء قال: " كنت أسمع الأئمة ابن الزبير فمن بعده يقولون آمين حتى إن للمسجد للجة ". الحديث: 951 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 وقال النووي مثل ذلك، وزاد هذا غلط منهما، وكأنه وابن الصلاح أرادا لفظ الحديث والحق معهما، لكن سياق ابن ماجه يعطي بعض معناه كما أسلفناه ". قلت: ما سلف من كلامه ينص على أن سياق ابن ماجه يعطي معناه كله لا بعضه، فليتأمل فإن السياق المشار إليه يحتمل بعض المعنى أو كله، أما البعض فهو جهر الإمام وحده، وهو صريح في ذلك، وأما الكل، فهو هذا مع جهر المؤتمين لقوله فيه " فيرتج بها المسجد "، فإن هذا يحتمل أن الارتجاج سببه تأمين الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صريح الحديث، ويحتمل أنه بسبب تأمين المؤتمين معه، وهو محتمل، وهذا هو لفظ ابن ماجه: " كان إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول (فيرتج بها المسجد) ". 952 - " كان إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول (فيرتج بها المسجد) ". ضعيف. أخرجه أبو داود (1 / 148) والسياق له وابن ماجه (1 / 281) والزيادة له، كلاهما من طريق بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وقول الحافظ أبو زرعة ابن العراقي في " طرح التثريب " (2 / 268) : " وإسناده جيد " غير جيد، يبينه ما يأتيك من النصوص، فقال الحافظ في " التلخيص " (90) : " وبشر بن رافع ضعيف، وابن عم أبي هريرة، قيل: لا يعرف، وقد وثقه ابن حبان ". وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 56 / 1) : " هذا إسناد ضعيف، أبو عبد الله لا يعرف حاله، وبشر ضعفه أحمد، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات ". قلت: وتمام كلام ابن حبان (1 / 179) : " كأنه كان المتعمد لها ". ومن أوهام الشوكاني رحمه الله أنه قال في هذا الحديث بعد أن ذكره المجد ابن تيمية بلفظ أبي داود ولفظ ابن ماجه (2 / 188) قال الشوكاني: " أخرجه أيضا الدارقطني، وقال: إسناده حسن، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما " والبيهقي وقال: حسن صحيح "! وهؤلاء إنما أخرجوا الشطر الأول من الحديث بلفظ: " كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته فقال: آمين "، فليس فيه تسميع من يليه من الصف .... الخ، فهذا اللفظ لا يحتمل ما يحتمله لفظ ابن ماجه من تأمين المؤتمين أيضا حتى يرتج بها المسجد، فثبت الفرق بين اللفظين، ولم يجز عزوالأول منهما إلى من أخرج الآخر، كما هو ظاهر. الحديث: 952 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 على أن هذا اللفظ إسناده ضعيف أيضا، فإن فيه عندهم جميعا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي وهو المعروف بابن زبريق وهو ضعيف، قال أبو حاتم: " شيخ لا بأس به " وأثنى عليه ابن معين خيرا، وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال محمد بن عوف: " ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب ". لكن هذا اللفظ معناه صحيح، فإن له شاهدا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح. وأما اللفظ الأول فلا أعرف ما يشهد له من السنة إلا ما رواه الشافعي في " مسنده " (1 / 76) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: " كنت أسمع الأئمة وذكر ابن الزبير ومن بعده يقولون آمين، ويقول من خلفهم آمين، حتى أن للمسجد للجة ". سكت عليه الحافظ كما سبق قريبا، وفيه علتان: الأولى: ضعف مسلم بن خالد وهو الزنجي، قال الحافظ: صدوق، كثير الأوهام ". الثانية: عنعنة ابن جريج، فإنه كان مدلسا، ولعله تلقاه عن خال بن أبي أنوف فقد رواه عن عطاء بلفظ: " أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد (يعني الحرام) إذا قال الإمام " ولا الضالين " رفعوا أصواتهم بآمين، (وفي رواية) : سمعت لهم رجة بآمين ". أخرجه ابن حبان في " الثقات " (2 / 74) والبيهقي (2 / 59) والرواية الأخرى له. وخالد هذا ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 2 / 355 - 356) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده ابن حبان في " الثقات " وفي ترجمته ساق له هذا الأثر، وتوثيق ابن حبان فيه تساهل معروف، ولذلك فإني غير مطمئن لصحة روايته، فإن كان ابن جريج أخذه عنه فالطريق واحدة، وإلا فلا ندري عمن تلقاه ابن جريج، ويبدو أن الإمام الشافعي نفسه لم يطمئن أيضا لصحة روايته هذه، فقد ذهب إلى خلافها، قال في " الأم " (1 / 95) : " فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين، ورفع بها صوته، ليقتدي به من كان خلفه، فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا بها ". فلوأن هذا الأثر ثابت عن أولئك الصحابة عند الشافعي لما أحب خلاف فعلهم إن شاء الله ولذلك فالأقرب إلى الصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي أن يجهر الإمام دون المؤتمين. والله أعلم. ثم رأيت البخاري قد علق أثر ابن الزبير المذكور بصيغة الجزم، فقال الحافظ في " الفتح " (2 / 208) : " وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء، قال ويعني ابن جريج، قلت له: أكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 ابن الزبير يؤمن على أثر أم القرآن؟ قال: نعم، ويؤمن من وراءه حتى أن للمسجد للجة، ثم قال: إنما آمين دعاء ". قلت: وهو في " مصنف عبد الرزاق " برقم (2640 ج 2) ومن طريقه ابن حزم في " المحلى " (3 / 364) . فقد صرح ابن جريج في هذه الرواية أنه تلقى ذلك عن عطاء مباشرة، فأمنا بذلك تدليسه، وثبت بذلك هذا الأثر عن ابن الزبير، وقد صح نحوه عن أبي هريرة، فقال أبو رافع: " إن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم، فاشترط أن لا يسبقه بـ " الضالين " حتى يعلم أنه قد دخل الصف، فكان إذا قال مروان: " ولا الضالين " قال أبوهريرة: آمين يمد بها صوته، وقال: إذا وافق تأمين أهل الأرض تأمين أهل السماء غفر لهم ". أخرجه البيهقي (2 / 59) وإسناده صحيح. فإذا لم يثبت عن غير أبي هريرة وابن الزبير من الصحابة خلاف الجهر الذي صح عنهما، فالقلب يطمئن للأخذ بذلك أيضا، ولا أعلم الآن أثرا يخالف ذلك، والله أعلم. 953 - " إذا نام العبد في سجوده باهى الله عز وجل به ملائكته، قال: انظروا إلى عبدي، روحه عندي وجسده في طاعتي! ". ضعيف. رواه تمام في " الفوائد " (ق 263 / 2) وعنه ابن عساكر (11 / 444 / 1) عن داود بن الزبرقان عن سليمان التيمي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، داود بن الزبرقان قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، وكذبه الأزدي ". قال ابن حبان (1 / 287) : " يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم ". قلت: ومن طريقه رواه البيهقي أيضا في " الخلافيات " كما في " تلخيص الحبير " (ص 44) واقتصر هناك على قوله في داود هذا: إنه ضعيف: وقال: " وروي من وجه آخر عن أبان عن أنس، وأبان متروك ". وروي من حديث أبي هريرة مرفوعا. أخرجه ابن سمعون في " الأمالي " (172 / 1) عن حجاج بن نصير: أخبرنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة. قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه ثلاث علل: 1 - حجاج بن نصير، قال الحافظ: " ضعيف كان يقبل التلقين ". الحديث: 953 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 2 - المبارك بن فضالة ضعيف أيضا، قال الحافظ: " صدوق، يدلس ويسوي ". 3 - الحسن وهو البصري، فإنه على جلالته كان يدلس، ومن طريقة الأئمة النقاد إعلال الحديث بعنعة الحسن البصري، فانظر " اللآلي المصنوعة " للسيوطي (2 / 389) ، على أنه اختلف في ثبوت سماعه من أبي هريرة. لكن ذكر الحافظ في " التلخيص " أنه رواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " من حديث المبارك بن فضالة، فإن كان عنده غير طريق الحجاج بن نصير، فقد ذهبت العلة الأولى وبقيت الثانية والثالثة. ثم قال الحافظ: " وذكره الدارقطني في " العلل " من حديث عباد بن راشد كلاهما (يعني المبارك وعبادا) عن الحسن عن أبي هريرة، قال الدارقطني: وقيل: عن الحسن: بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: والحسن لم يسمع من أبي هريرة ". قلت: وعباد بن راشد صدوق له أوهام، فمتابعته للمبارك تذهب بالعلة الثانية، فيبقى في الحديث العلة الثالثة، وبها أعل الحديث ابن حزم في " المحلى " فقال (1 / 228) : " وهذا لا شيء، أنه مرسل، لم يخبر الحسن ممن سمعه ". ثم قال الحافظ: " ومرسل الحسن، أخرجه في " الزهد "، وروى ابن شاهين عن أبي سعيد معناه، وإسناده ضعيف ". قلت: وسنده في " الزهد " (20 / 81 / 1) صحيح، فراجع الإسناد إلى أنه من مرسل الحسن البصري فهو علته. والحديث على ضعفه قد استدل به من ذهب إلى نوم الساجد - وألحقوا به الراكع - لا ينقض الوضوء، قال ابن حزم: " لوصح لم يكن في إسقاط الوضوء عنه ". وهو كما قال، وقال الصنعاني في " سبل السلام " (1 / 92) : " ومن استدل به قالوا: سماه ساجدا وهو نائم، ولا سجود إلا بطهارة، وأجيب بأنه سماه باعتبار أول أمره، أو باعتبار هيئته ". وقد ذكر الصنعاني اختلاف العلماء، في هذا المسألة، وجمع الأقوال فيها فبلغت ثمانية، الصواب منها القول الأول وهو أن النوم ناقض مطلقا على كل حال قليلا كان أو كثيرا، ونصره ابن حزم بأدلة قوية فراجعه، ومثل هذا الحديث في الضعف والدلالة الحديث الآتي: 954 - " من استحق النوم وجب عليه الوضوء ". شاذ لا يصح. رواه الحافظ ابن المظفر في " غرائب شعبة " (148 / 2) : حدثنا أبو الفضل العباس بن إبراهيم: حدثنا أبو غسان مالك بن الخليل: حدثنا محمد بن عباد الهنائي: حدثنا شعبة عن الحديث: 954 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 الجريري عن خالد بن غلاق - ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة مرفوعا: قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات: أبو الفضل العباس بن إبراهيم له ترجمة في " تاريخ الخطيب (12 / 151 - 152) وقال: " وكان ثقة ". وسائرهم من رجال " التهذيب ". لكن قوله: " لا أعلمه إلا .... " فيه بعض الشك في رفعه، ويقوي الشك أن الهنائي خولف في رفعه، فقال علي بن الجعد: أنبأنا شعبة فذكره موقوفا، أخرجه البغوي في " الجعديات " (7 / 69 / 1) ومن طريقه البيهقي (1 / 119) وعلي بن الجعد ثقة ثبت، وقد تابعه الثقات، فقال: ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 39 / 2) : حدثنا هشيم وابن علية عن الجريري عن خالد بن غلاق القيسي عن أبي هريرة قال: فذكره موقفا عليه، ولعله الصواب، وزاد ابن علية، قال الجريري: فسألنا عن استحقاق النوم. فقالوا: " إذا وضع جنبه ". قلت: فاتفاق هؤلاء الثلاثة الثقات على وقفه يجعل رواية الهنائي شاذة، ولذلك قال البيهقي: " وقد روي مرفوعا ولا يصح رفعه ". وقال الحافظ في " التلخيص " (43) بعد أن ذكره من طريق البيهقي: " وروي موقوفا، وإسناده صحيح، ورواه في " الخلافيات " من طريق آخر عن أبي هريرة وأعله بالربيع بن بدر عند ابن عدي، وكذا قال الدارقطني في " العلل " أن وقفه أصح ". قلت: ويشهد لوقفه أن البيهقي رواه (1 / 122 - 123) من طريق أخرى عن يزيد ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة يقول: " ليس على المحتبي النائم، ولا على القائم النائم، ولا على الساجد النائم وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ "، وقال: " وهذا موقوف ". قلت: وإسناده جيد كما قال الحافظ في " التلخيص ". لكن الراجح أن العمل على خلافه كما تقدم في آخر الحديث الذي قبله. 955 - " يا معاذ إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر، وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم، وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير، والناس ينامون، فأمهلهم حتى يداركوا ". موضوع. رواه البغوي في " شرح السنة " (1 / 52 / 1) من طريق أبي الشيخ وهذا في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 76 و80) عن يوسف بن أسباط: المنهال بن الجراح عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: فذكره. الحديث: 955 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 قلت: وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع، آفته المنهال بن الجراح، وهو الجراح بن المنهال، انقلب على يوسف بن أسباط، وكذلك قلبه محمد بن إسحاق كما ذكر الحافظ في " اللسان " وهو متفق على تضعيفه، وقال البخاري ومسلم: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدارقطني: " متروك "، وقال ابن حبان (1 / 213) : " كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر ". وذكره البرقي في " باب من اتهم بالكذب ". ومما يؤكد كذبه في هذا الحديث أنه خلاف ما جرى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التغليس بصلاة الفجر دون تفريق بين الشتاء والصيف، كما تدل على ذلك الأحاديث الصحيحة فأكتفي بذكر واحد منها، وهو حديث أبي مسعود البدري " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد إلى أن يسفر ". رواه أبو داود بسند حسن كما قال النووي وابن حبان في " صحيحه " (273) وصححه الحاكم والخطابي والذهبي وغيرهم كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 417) . والعمل بهذا الحديث هو الذي عليه جماهير العلماء، من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، ومنهم الإمام أحمد أن التعجيل بصلاة الفجر أفضل، لكن ذكر ابن قدامة في " المقنع " (1 / 105) رواية أخرى عن الإمام أحمد: " إن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار "، واحتج له في الشرح بحديث معاذ هذا، وعزاه لأبي سعيد الأموي في مغازيه! 956 - " إذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته ". ضعيف مضطرب. يرويه سوار بن داود أبو حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فرواه هكذا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد الله بن بكر السهمي - المعنى واحد - قالا: حدثنا سوار به. أخرجه الإمام أحمد (رقم 6756) عنهما معا هكذا، وأخرجه الدارقطني (85) وعنه البيهقي (2 / 228 - 229) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2 / 278) وكذا العقيلي في " الضعفاء (173 - 174) عن السهمي وحده. وتابعهما وكيع عن سوار لكنه قلب اسمه فقال: " داود بن سوار " بلفظ: " إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة ". أخرجه أبو داود (1 / 185 - 186 - عون) وقال: وهم وكيع في اسمه، وروى عن أبو داود الطيالسي هذا الحديث فقال: حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي ". الحديث: 956 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 وخالفهم النضر بن شميل فقال: أنبأنا أبو حمزة الصيرفي وهو سوار بن داود به بلفظ: " إذا زوج أحدكم عبده: أمته أو أجيره، فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة ". أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي. فهذه الرواية على خلاف الروايات السابقة فإنها صريحة في أن المنهي عنه النظر إنما هي الأمة، وأن ضمير " عورته " راجع إلى " أحدكم " والمقصود به السيد، وهذه الرواية أرجح عندي لسببين: الأول: أنها أوضح في المعنى من الأولى لأنها لا تحتمل إلا معنى واحدا، بخلاف الأولى، فإنها تحتمل معنيين: أحدهما يتفق مع معنى هذه، والآخر يختلف عنه تمام الاختلاف، وهو الظاهر من المعنيين، وهو أن المنهي عن النظر إنما هو السيد، وأن ضمير " عورته " راجع إلى العبد أو الأجير أي الأمة، ولهذا استدل بعض العلماء بهذه الرواية على أن عورة الأمة كعورة الرجل ما بين السرة والركبة، قال: " ويريد به (يعني بقوله: عبده أو أجيره) الأمة، فإن العبد والأجير لا يختلف حاله بالتزويج وعدمه " (1) لكن المعنى الأول أرجح بدليل هذه الرواية التي لا تقبل غيره ويؤيده السبب الآتي وهو: الآخر: أن الليث بن أبي سليم قد تابع سوارا في روايته عن عمرو به، ولفظه: " إذا زوج أحدكم أمته أو عبده أو أجيره، فلا تنظر إلى عورته، والعورة ما بين السرة والركبة ". أخرجه البيهقي (2 / 229) عن الخليل بن مرة عن الليث. وهذا السند إلى عمرو، وإن كان ضعيفا، فإنه لا بأس به في الشواهد والمتابعات، وهذا صريح في المعنى الأول لا يحتمل غيره أيضا، لكن روي الحديث بلفظ آخر، لا يحتمل إلا المعنى الآخر، وهو من طريق الوليد: حدثنا الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ: " إذا زوج أحدكم عبده أو أمته (أو أجيره) فلا ينظرن إلى عورتها ". كذا قال " عورتها ". أخرجه البيهقي (2 / 226) ، والوليد هو ابن مسلم وهو يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن بين الأوزاعي وعمرو، ثم هو لوصح، فليس فيه تعيين العورة من الأمة، ولذلك قال البيهقي بعد أن أتبع هذه الرواية برواية وكيع المتقدمة: " وهذه الرواية إذا قرنت برواية الأوزاعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوجها، وأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة، وسائر طرق هذا الحديث يدل، وبعضها ينص على (أن) المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد، بعد ما زوجت، أو نهي الخادم من العبد والأجير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغا النكاح، فيكون الخبر واردا في بيان مقدار العورة من الرجل، لا في بيان مقدارها من الأمة ".   (1) انظر الحاشية على " المقنع " (1 / 110) . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 وجملة القول أن الحديث اضطرب فيه سوار، فلا يطمئن القلب إلى ترجيح رواية من روايتيه وإن كنا نميل إلى الرواية التي وافقه عليها الليث بن أبي سليم وإن كان ضعيف، فإن اتفاق ضعيفين على لفظ من لفظين، أولى بالترجيح من اللفظ الآخر الذي تفرد به أحدهما، هذا لو اتفق الرواة عنه فيه، فكيف وقد اختلفوا، والبيهقي، وإن مال إلى أن الحديث ورد في عورة الرجل لا الأمة، فقد جزم بضعفه للاختلاف الذي ذكرنا، فقال: " فأما حديث عمرو بن شعيب فقد اختلف في متنه، فلا ينبغي أن يعتمد عليه في عورة الأمة وإن كان يصلح الاستدلال به وسائر ما يأتي عليه معه في عورة الرجل، وبالله التوفيق ". وإذا عرفت ذلك، فمن الغرائب أن تتبنى بعض المذاهب هذا الحديث فتقول: بأن الأمة عورتها عورة الرجل! ويرتب على ذلك جواز النظر إليها بل هذا ما صرح به بعضهم، فقالوا: فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها "! ذكره الجصاص في " أحكام القرآن " (3 / 390) ، ولا يخفى ما في ذلك من فتح باب الفساد، مع مخالفة عمومات النصوص التي توجب على النساء إطلاقا التستر، وعلى الرجال غض البصر انظر كتابنا " حجاب المرأة المسلمة " (22 - 25) . 957 - " إن الله عز وجل قد رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة كأنما أنظر إلى كفي هذه، جليانا من أمر الله عز وجل جلاه لنبيه كما جلاه للنبيين قبله ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 101) من طريق الطبراني: حدثنا بكر بن سهل: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا بقية عن سعيد بن سنان: حدثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه فيه أربع علل: 1 - سعيد بن سنان متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع. 2 - وبقية مدلس وقد عنعنه. 3 - ونعيم بن حماد ضعيف. 4 - وبكر بن سهل ضعيف أيضا. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (8 / 287) وقال: " رواه الطبراني، ورجاله وثقوا على ضعف كثير في سعيد بن سنان الرهاوي ". الحديث: 957 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 958 - " كان لا يمس من وجهي شيئا وأنا صائمة، قالته عائشة ". الحديث: 958 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 منكر. رواه ابن حبان في صحيحه (904) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي (شيبة: حدثنا وكيع عن) (1) زكريا بن أبي زائدة عن العباس بن ذريح عن الشعبي عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت: فذكره مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه الإمام أحمد (6 / 162) فقال: حدثنا وكيع عن زكريا به ... مثله، يعني مثل حديث ساقه قبله فقال: حدثنا يحيى بن زكريا حدثني أبي عن صالح الأسدي عن الشعبي عن محمد بن الأشعث ابن قيس عن عائشة أم المؤمنين قالت: " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من شيء من وجهي وهو صائم ". قلت: وفي هذا السياق مخالفتان: الأولى في السند، والأخرى في المتن. أما المخالفة في السند، فهي أنه جعل مكان العباس بن ذريح، صالحا الأسدي، وهو صالح بن أبي صالح الأسدي، وهو مجهول كما يشير إلى ذلك الذهبي بقوله: " تفرد عنه زكريا بن أبي زائدة ". وقد قيل: عنه عن محمد بن الأشعث عن عائشة بإسقاط الشعبي من بينهما، أخرجه النسائي وقال: " إنه خطأ، والصواب الأول " كما في " تهذيب التهذيب ". وأخرجه النسائي في " العشرة " من " الكبرى " (ق 84 / 1) من طريق زياد بن أيوب قال حدثنا ابن أبي زائدة قال: أخبرني أبي صالح الأسدي عن الشعبي به، فهذا يرجح رواية أحمد عن وكيع، ويدل على أن رواية ابن حبان شاذة. ثم رأيتها في " مصنف ابن أبي شيبة " (3 / 60) عن وكيع مثل رواية أحمد. وأما الاختلاف في المتن فظاهر بأدنى تأمل، وذلك أن يحيى بن زكريا، جعل المتن نفي امتناعه صلى الله عليه وسلم من تقبيل وجه عائشة وهو صائم، بينما جعله وكيع - في رواية ابن حبان - نفي تقبيله صلى الله عليه وسلم لها وهي صائمة! فإذا كان لفظ رواية وكيع عند أحمد، مثل لفظ رواية يحيى بن زكريا كما يدل عليه إحالة أحمد عليه بقوله: " مثله " كما سبقت الإشارة إليه، إذا كان الأمر كذلك كانت رواية وكيع عند ابن حبان شاذة لمخالفتها، لروايته عند أحمد ورواية يحيى بن زكريا، ويؤكد هذا موافقة لفظ زياد بن أيوب عند النسائي للفظ أحمد. وسواء كان الأمر كما ذكرنا أولم يكن، فإننا نقطع بأن هذه الرواية شاذة بل منكرة، لمخالفتها للحديث الثابت بالسند الصحيح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهما صائمان، فقال الإمام أحمد (6 / 162) : حدثنا يحيى بن زكريا قال: أخبرني أبي عن سعد بن إبراهيم عن رجل من قريش من بني تميم يقال له طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: " تناولني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني صائمة، فقال: وأنا صائم ". وهذا سند صحيح، وقد رواه جماعة من الثقات عن سعد بن إبراهيم به نحوه كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " فانظر " كان يقبلني ... " (رقم 219) .   (1) سقطت هذه الزيادة من النسخة المطبوعة، فاستدركتها من أصلها المخطوط المحفوظ في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة (ق 68 / 1) بعد أن ضيعت وقتا كثيرا في معرفة عثمان بناء على ما وقع في المطبوعة! وأما فهرس الخطأ فيها، فقد جاء التصويب فيه خطأ أيضا! . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 وعلة حديث الترجمة إنما هي تفرد محمد بن الأشعث بهما، وهن في عداد مجهولي الحال. فقد أورده البخاري في " التاريخ الكبير " (1 / 1 / 16) وابن أبي حاتم (3 / 2 / 206) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، نعم ذكره ابن حبان في " الثقات " (3 / 231) وروى عنه جمع من الثقات، فمثله حسن الحديث عندي إذا لم يخالف، ولكن لما كان قد تفرد بهذا الحديث وخالف فيه الثقة وهو طلحة بن عبد الله بن عثمان القرشي الذي أثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة وهي صائمة، كان الحديث بسبب هذه المخالفة شاذا بل منكرا وقد اتق الشيخان على إخراج حديثها بلفظ: " كان يقبل وهو صائم " وليس فيه بيان أنها كانت صائمة أيضا كما في حديث القرشي عنها وقد خفي هذا على بعض أهل العلم، كما خفي عليه حال هذا الحديث المنكر، فقال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 218) : " تنبيه ": قولها: " وهو صائم " لا يدل على أنه قبلها وهي صائمة فقد أخرج ابن حبان بإسناده (عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس وجهها وهي صائمة، وقال: ليس بين الخبرين تضاد، إنه كان يملك إربه، ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثابة حاله، وترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة، علما منه بما ركب في النساء من الضعف عند الأشياء التي ترد عليهن، انتهى ". فقد فات ابن حبان حديث القرشي المشار إليه، وتبعه عليه الصنعاني، وذهل هذا عن علة حديث ابن حبان! وتبعه على ذلك الشوكاني (4 / 180) . ولكن هذا لم يفته حديث القرشي، بل ذكره من طريق النسائي، فالعجب منه كيف ذكر الحديثين دون أن يذكر التوفيق بينهما، والراجح من المرجوح منهما. فهذا هو الذي حملني على تحرير القول في نكارة هذا الحديث، والله ولي التوفيق. ثم إني لما رأيت الحديث في " المصنف " ووجدت متنه بلفظ: " كان لا يمتنع من وجهي وأنا صائمة "، تيقنت شذوذ لفظ ابن حبان، كما تبينت أنه لا علاقة لابن الأشعث به، وإنما هو من ابن حبان نفسه أو من شيخه عمران، والله أعلم. 959 - " الوضوء مما خرج وليس مما دخل ". منكر. رواه ابن عدي (194 / 2) والدارقطني (ص 55) والبيهقي (1 / 116) عن الفضل بن المختار عن ابن أبي ذئب عن شعبة - يعني - مولى ابن عباس عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال البيهقي: " لا يثبت ". قلت: وله ثلاث علل: الأولى: الفضل بن المختار، وهو أبو سهل البصري وهو متروك، قال أبو حاتم: " أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل ". وقال ابن عدي: الحديث: 959 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 " عامة أحاديثه منكرة لا يتابع عليها ". وساق له الذهبي أحاديث، قال في واحد منها: يشبه أن يكون موضوعا "، وفي الأخرى، " هذه أباطيل وعجائب "! الثانية: شعبة مولى ابن عباس، وهو صدوق سيء الحفظ، كما في " التقريب ". وقال في " التلخيص " (ص 43) : " وفي إسناده الفضل بن المختار، وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس وهو ضعيف، وقال ابن عدي: الأصل في هذا الحديث أنه موقوف، وقال البيهقي: لا يثبت مرفوعا، ورواه سعيد بن منصور موقوفا من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عنه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة، وإسناده أضعف من الأول ومن حديث ابن مسعود موقوفا ". قلت: فقد أشار الحافظ إلى أن في الحديث علة أخرى وهي: الثالثة: وهي الوقف، فإن شعبة المذكور علاوة على كونه ضعيفا، فقد خالفه الثقة أبو ظبيان وهو حصين بن جندب الجهني فقال: عن ابن عباس في الحجامة للصائم قال: " الفطر مما دخل، وليس مما خرج، والوضوء مما خرج وليس مما دخل ". رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان. ذكره الحافظ في " الفتح " (4 / 141) وقد علقه البخاري في " صحيحه " مجزوما به مقتصرا على الشطر الأول منه " وقد وصله أيضا البيهقي في " سننه " (1 / 116 و4 / 261) من طريق أخرى عن وكيع به، وهذا سند صحيح موقوف، فهو الصواب كما أشار إلى ذلك ابن عدي ثم البيهقي ثم الحافظ. وأما حديث أبي أمامة الذي أشار إليه الحافظ في كلامه السابق فهو الآتي عقبه. (تنبيه) : ذكر الشوكاني حديث الترجمة هذا بلفظ: الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج " وقال: " أخرجه البخاري تعليقا، ووصله البيهقي والدارقطني وابن أبي شيبة ". ثم ضعفه بالفضل بن المختار، وشعبة مولى ابن عباس. أقول: وفي هذا التخريج على إيجازه أوهام لابد من التنبيه عليها. الأول: أن الحديث عند البخاري وابن أبي شيبة موقوف وليس بمرفوع كما تقدم. الثاني: أن إسنادهما صحيح وليس بضعيف. الثالث: أن البخاري لم يخرجه بتمامه، بل الشطر الأول منه فقط، كما سبق منا التنصيص عليه. وقد وقع في بعض هذه الأوهام الصنعاني قبل الشوكاني! فإنه ذكر الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجزوما به بلفظ: " الفطر مما دخل وليس مما خرج ". ثم قال في تخريجه: " علقه البخاري عن ابن عباس، ووصله عنه ابن أبي شيبة ". فوهم الوهم الأول، وزاد وهما آخر، وهو أن المرفوع صحيح لجزمه به وعدم ذكر علته، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 فهذا وذاك هو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث لكيلا يغتر بكلامهما من لا علم عنده بأوهامهما. هذا وللحديث شاهد من رواية أبي أمامة، ولكنه ضعيف جدا وهو: 960 - " إنما الوضوء علينا مما خرج، وليس علينا مما دخل ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الكبير " عن أبي أمامة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية بنت عبد المطلب فغرفت له، أو فقربت له علقا فوضعته بين يديه، ثم غرفت أو قربت آخر فوضعته بين يديه فأكل، ثم أتى المؤذن فقال: الوضوء الوضوء، فقال " فذكره. قال الهيثمي في " المجمع " (1 / 152) : " وفيه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، وهما ضعيفان لا يحل الاحتجاج بهما ". قلت: ولذلك قال الحافظ فيما سبق نقله عنه في الكلام على الحديث الذي قبله. " إنه أشد ضعفا منه ". الحديث: 960 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 961 - " إنما الإفطار مما دخل، وليس مما خرج ". ضعيف. أخرجه أبو يعلى في " مسنده ": حدثنا أحمد بن منيع: حدثنا مروان بن معاوية عن رزين البكري قال: حدثنا مولاة لنا يقال لها: سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة تقول: " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عائشة هل من كسرة؟ فأتيته بقرص، فوضعه في فيه وقال: يا عائشة هل دخل بطني منه شيء؟ كذلك قبلة الصائم، إنما الإفطار .... ". قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل سلمى هذه، فإنها لا تعرف كما في " التقريب "، ورزين البكري إن كان هو الجهني فثقة، وإلا فمجهول. وقد أشار إلى ذلك الهيثمي في " المجمع " (3 / 167) قال: " رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه ". والصواب في الحديث أنه موقوف على ابن عباس كما سبق بيانه قبل حديث. الحديث: 961 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 962 - " ما فضلكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في صدره ". لا أصل له مرفوعا. قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 30 و 105 طبعة الحلبي) : " رواه الترمذي الحكيم في " النوادر " من قول بكر بن عبد الله المزني، ولم أجده مرفوعا ". وأقره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (رقم 970) . ومن المؤسف أن يسمع هذا الحديث من بعض الوعاظ في المسجد النبوي، سمعته منه في الحديث: 962 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 أو اسط شهر شوال سنة 1382 هـ مصرحا بصحته، وقد حاولت الاتصال به بعد فراغه من الوعظ، واستدللت على المنزل الذي كان حل فيه، ثم عرض لي ما حال بيني وبين ذلك، ثم سافر في اليوم الثاني، فعسى أن يطلع على هذه الكلمة، فتكون له ولغيره تذكرة، " والذكرى تنفع المؤمنين ". 963 - " كان يخطب يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم الأضحى على المنبر ". ضعيف. قال الهيثمي (2 / 183) وقد ذكره من حديث ابن عباس: " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، ضعفه أحمد وابن المديني والبخاري والنسائي، وبقية رجاله موثقون ". قلت: وقال الحافظ في الحسين هذا: " ضعيف ". قلت: ومما يدل على ضعفه روايته مثل هذا الحديث، فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلي الفطر والأضحى في المصلى، ولم يكن ثمة منبر يرقى عليه، ولا كان كان يخرج منبره، من المسجد إليه، وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض، كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما من حديث جابر، وأول من أخرج المنبر إلى المصلى مروان بن الحكم، فأنكر عليه أبو سعيد الخدري كما في " الصحيحين " عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر ويوم الأضحى بالمصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس .... فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجت مع مروان، وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه ... " الحديث انظر " فتح الباري " (2 / 359) . وأما الحديث الذي رواه المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر قال: " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى بالمصلى، فلما صلى وقضى خطبته نزل عن منبره، فأتى بكبش فذبحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: بسم الله، والله أكبر، هذا عني، وعمن لم يضح من أمتي ". أخرجه أبو داود (2 / 5) والدارقطني (544) وأحمد (3 / 362) . قلت: فهذا معلول بالانقطاع بين المطلب وجابر، فقد قال أبو حاتم: " المطلب لم يسمع من جابر ولم يدرك أحدا من الصحابة إلا سهل بن سعد ومن في طبقته ". وقال مرة: " يشبه أنه أدركه " يعني جابرا. فإن صح هذا فعلته عنعنة المطلب، فإنه مدلس قال الحافظ: " صدوق كثير التدليس والإرسال ". الحديث: 963 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 قلت: فمثله لا يحتج به لاسيما والحديث في الصحيحين من طريق أخرى عن جابر وليس فيه ذكر المنبر كما تقدم. 964 - " كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر ". لا أصل له بهذه الزيادة و" وهو على المنبر ". فيما أعلم وقد أورده هكذا الزرقاني في " شرح المواهب الدنية " (7 / 394) من رواية أبي داود والصنعاني في " سبل السلام " (2 / 65) من روايته من حديث البراء بلفظ: " كان إذا خطب يعتمد على عنزة له ". والذي رأيته في " سنن أبي داود " (1 / 178) من طريق أبي جناب عن يزيد بن البراء عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نوول يوم العيد قوسا فخطب عليه، وكذا رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 146) وابن أبي شيبة (2 / 158) ورواه أحمد (4 / 282) مطولا وكذا الطبراني وصححه ابن السكن فيما ذكره الحافظ في " التلخيص " (137) ، وفيه نظر فإن أبا جناب واسمه يحيى بن أبي حية ضعيف، قال الحافظ في " التقريب ": " ضعفوه لكثرة تدليسه ". فأنت ترى أنه ليس في الحديث أن ذلك كان على المنبر، ويوم الجمعة، بل هو صريح في يوم العيد دون المنبر، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يخطب فيه على المنبر، لأنه كان يصلي في المصلى، ولذلك لم يصح التعقب به - كما فعل الزرقاني تبعا لأصله: القسطلاني - على ابن القيم في قوله في " زاد المعاد " (1 / 166) : " ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره، وإنما كان يعتمد على عصا، ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما، وأن ذلك إشارة إلى الدين قام بالسيف فمن فرط جهله، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا ألبتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس ". فقوله " قبل أن يتخذ المنبر " صواب لا غبار عليه، وإن نظر فيه القسطلاني وتعقبه الزرقاني كما أشرنا آنفا، وذلك قوله في شرحه: " كيف وفي أبي داود: كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر "! فقد علمت مما سبق أن هذا لا أصل له عند أبي داود، بل ولا عند غيره من أهل السنن الأربعة وغيرهم، فقد تتبعت الحديث فيما أمكنني من المصادر، فوجدته روي عن جماعة من الصحابة، وهم الحكم بن حزن الكلفي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وسعد القرظ المؤذن، وعن عطاء مرسلا، وليس في شيء منها ما ذكره الزرقاني، وإليك ألفاظ أحاديثهم ما تخريجها: 1 - عن الحكم بن حزن قال: الحديث: 964 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 " شهدنا الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه.. " الحديث. أخرجه أبو داود (1 / 172) بسند حسن وكذا البيهقي (3 / 206) وأحمد وابنه في " زوائد المسند " (4 / 212) ، قال الحافظ في " التلخيص " (137) : " وإسناده حسن، فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه، والأكثر وثقوه وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة ". 2 - عن عبد الله بن الزبير." أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب بمخصرة في يده ". أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 377) وأبو الشيخ (155) بسند رجاله ثقات، غير أن فيه ابن لهيعة، سيء الحفظ. 3 - عن عبد الله بن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبهم يوم الجمعة في السفر، متوكئا على قوس قائما ". رواه أبو الشيخ (146) بسند واه جدا، فيه الحسن بن عمارة وهو متروك. 4 - عن سعد القرظ المؤذن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس، وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا ". أخرجه البيهقي (3 / 206) ، وفيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار وهو ضعيف. 5 - عن عطاء يرويه عنه ابن جريج قال: " قلت لعطاء: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب؟ قال: نعم، كان يعتمد عليها اعتمادا ". أخرجه الشافعي في " الأم " (1 / 177) وفي " المسند " (1 / 163) والبيهقي من طريقين عن ابن جريج به، فهو إسناد مرسل صحيح، وأما قول الحافظ: " رواه الشافعي عن إبراهيم عن ليث بن أبي سليم عن عطاء مرسلا، وليث ضعيف ". فوهم منه تبعه عليه الشوكاني (3 / 228) ، فليس الحديث عنده بهذا الإسناد، ثم لوكان كذلك فهو ضعيف جدا، لأن إبراهيم - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي - أشد ضعفا من الليث، فإنه متهم بالكذب. وجملة القول: أنه لم يرد في حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على العصا أو القوس وهو على المنبر، فلا يصح الاعتراض على ابن القيم في قوله: أنه لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد اتخاذه المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس وغير، بل الظاهر من تلك الأحاديث الاعتماد على القوس إذا خطب على الأرض، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 فإن قيل: في حديث الحكم بن حزن المتقدم أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة متوكئا على عصا أو قوس، وقد ذكروا في ترجمته أنه أسلم عام الفتح، أي سنة ثمان، وأن المنبر عمل به سنة سبع فتكون خطبته صلى الله عليه وسلم المذكورة على المنبر، ضرورة أنه رآه يخطب بعد أن اتخذ له المنبر، وهذا ظاهر مع تذكر أنه لا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة في غير مسجده صلى الله عليه وسلم. قلت: الاستنتاج صحيح لوأن المتقدمين المذكورين ثابتان، وليس كذلك، أما الأولى: وهي أن الحكم أسلم عام الفتح، فهذا لم أر من ذكره ممن ألف في تراحم الصحابة وغيرهم، وإنما ذكره الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 65) عند الكلام على حديثه المتقدم، فقال: " قال ابن عبد البر: إنه أسلم عام الفتح، وقيل: يوم اليمامة، وأبوه حزن بن أبي وهب المخزومي ". وقد رجعت إلى كتاب " الاستيعاب " لابن عبد البر، فلم أره ذكر ذلك. ثم عدت إلى الكتب الأخرى مثل " أسد الغابة " لابن الأثير و" تجريده " للذهبي، و" الإصابة " و" تهذيب التهذيب " للعسقلاني، فلم أجدهم زادوا على ما في " الاستيعاب "! فلو كان لذلك أصل عند ابن عبد البر لما خفي عليهم جميعا، ولما أغفلوه، لاسيما، وترجمته عندهم جرداء ليس فيها إلا أنه روى هذا الحديث الواحد! (1) ثم إن في حديثه ما قد يمكن أن يؤخذ منه أن إسلامه قد كان متقدما على عام الفتح فإنه قال: " وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة، فقلنا: يا رسول الله زرنالك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذا ذاك دون، فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " الحديث. فقوله: " والشأن إذا ذاك دون " يشعر بأنه قدم عليه صلى الله عليه وسلم والزمان زمان فقر وضيق في العيش، وليس هذا الوصف بالذي ينطبق على زمان فتح مكة كما هو ظاهر، فإنه زمن فتح ونصر وخيرات وبركات، فالذي يبدو لي أنه أسلم في أو ائل قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة، والله أعلم. وقول الصنعاني: " وأبوه حزن بن أبي وهب المخزومي خطأ آخر، لا أدري كيف وقع له هذا والذي قبله فإن حزن بن أبي وهب مخزومي وليس كلفيا، وهو سعيد بن المسيب بن حزن. وأما المقدمة الأخرى وهي أن المنبر عمل به صلى الله عليه وسلم سنة سبع، فهذا مما لا أعلم عليه دليلا إلا جزم ابن سعد بذلك، ولكن الحافظ ابن حجر لم يسلم به ونظر فيه لأمرين، أصححهما أنه خلاف ما دل عليه حديث ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى، فاتخذ له منبرا مرقاتين ".   (1) ثم إنه كلفي، نسبة إلى كلفة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، فليس مخزوميا. اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 أخرجه أبو داود (1 / 170) بسند جيد كما قال الحافظ (2 / 318) . وتميم الداري إنما كان إسلامه سنة تسع فدل على أن المنبر إنما اتخذ في هذه السنة لا قبلها، ولكن قال الحافظ: " وفيه نظر أيضا لما ورد في حديث الإفك في " الصحيحين " عن عائشة قالت: " فثار الحيان الأوس والخزرج حتى كادوا أن يقتلوا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فخفضهم حتى سكتوا ". فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر، وإلا فهو أصح مما مضى ". ويشير الحافظ بهذا إلى أن قصة الإفك وقعت في غزوة المريسيع سنة أربع أو خمس على قولين، ورجح الحافظ (7 / 345) الثاني، وعليه فقد كان المنبر موجودا في السنة الخامسة، فهو يعارض ما دل عليه حديث تميم فلابد من التوفيق بينهما، وذلك يحمل ذكر المنبر في حديث الإفك على التجوز كما ذكره الحافظ. والله أعلم. وسواء ثبت هذا الجمع أولم يثبت، فيكفي في الدلالة على عدم صحة ذلك الاستنتاج ثبوت ضعف المقدمة الأولى وهي كون الحكم بن حزن أسلم سنة ثمان، والله أعلم. 965 - " إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح، قالوا: فهل لذلك إمارة يعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتنحي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت ". ضعيف. روي من حديث عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، ومن حديث الحسن البصري، وأبي جعفر المدائني كلاهما مرسلا. 1 - أما حديث ابن مسعود، فله ثلاث طرق: الأولى: عن سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني: حدثنا محمد بن مسلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عنه. أخرجه ابن جرير (12 / 100 / 13855) . قلت: وهذا سند ضعيف وفيه علتان: أ - ضعف الحراني هذا، ضعفه الدارقطني وغيره. ب - الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم يسمع منه. الثانية: عن عدي بن الفضل، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود. أخرجه الحاكم (4 / 311) ساكتا عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: " عدي ساقط ". قلت: قال ابن معين وأبو حاتم: " متروك الحديث ". الحديث: 965 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 قلت: وشيخه المسعودي كان اختلط، واسم جده عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي. الثالثة: عن محبوب بن الحسن الهاشمي عن يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن مسعود به نحوه. أخرجه ابن جرير (رقم 13857) . قلت: وهذا سند ضعيف، محبوب هذا - وهو لقبه واسمه محمد - مختلف فيه، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف. وذكره ابن حبان في " الثقات "، وروى له البخاري متابعة. وأما الراوي عنه يونس فهو ابن عبيد، ثقة من رجال الشيخين، وهو أكبر سنا من المسعودي فهو من رواية الأكابر عن الأصاغر. وأما ابن عتبة فهو المسعودي الذي في السند الذي قبله، وقد أشكل هذا على الأستاذ الأديب محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير ابن جرير من جهة أنهم لم يذكروا في الرواة عنه يونس بي عبيد، مع كونه في طبقة شيوخ المسعودي، فلوكان يونس روى عنه لذكر مثل ذلك في ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة. ثم رجح أن الصواب " عن يونس عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عتبة ". وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وليس هو والد عبد الرحمن كما هو ظاهر من نسبهما، قال الأستاذ مبررا لترجيحه: " وهو الذي يروي عن عمه " عبد الله بن مسعود " وولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ومات سنة (74) ، فهو الخليق أن يروي عن يونس بن عبيد ". قلت: هكذا قال، وأنا أرى أن ذلك بعيد عن الصواب لوجوه: أولا: أن الإشكال من أصله غير وارد، لأنه إنما يمكن القول به على فرض صحة السند بذلك، أما وهو ضعيف من أجل محبوب، فلا إشكال لأنه يمكن أن يقال حينئذ: أخطأ محبوب في تسمية شيخ يونس، ولا ضرورة بعد ذلك إلى محاولة الكشف عن خطإه وبيان الصواب فيه بمجرد الظن كما صنع الأستاذ. ثانيا: إن حضرته في سبيل الخلاص من إشكال، وقع في إشكال آخر وهو تصويبه أنه من رواية يونس بن عبيد عن عبد الله بن عتبة الذي توفي سنة (74) . وقد ذكر هو نفسه أن يونس ابن عبيد مات سنة (140) والصواب أنه مات قبل ذلك بسنة، وعلى ذلك فتبين وفاتيهما (65) سنة، فكم كان سن يونس حين وفاة ابن عتبة؟ ذلك مما لم يصرحوا به، ولكن يمكن استنتاج ذلك من قول حميد بن الأسود " كان أسن من ابن عون بسنة ". وإذا رجعنا إلى ترجمة ابن عون واسمه عبد الله وجدنا أن مولده كان سنة (66) فإن مولد يونس يكون سنة (65) فإذا طرحنا هذا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 (74) سنة وفاة ابن عتبة عرفنا أن سن يونس حين وفاة ابن عتبة إنما هو تسع سنين، فهل يمكن لمن كان في مثل هذه السن أن يتلقى العلم عن الشيوخ ويحفظه؟ لسنا نشك أن ذلك ممكن، ولكنه بلا ريب شيء نادر، فادعاء وقوع مثله مما لا تطمئن النفس إليه إلا إن جاء ذلك بالسند الصحيح فيما نحن فيه، وهيهات، فإنه لوثبت أن يونس بن عبيد روى عن ابن عتبة لذكروا ذلك في ترجمته، لأنه يكون إسنادا عاليا، لا يغفل مثله عادة لوصح، وقد ذكروا فيها كثيرا من شيوخه من التابعين، أقدمهم وفاة حصين بن أبي الحر، عاش إلى قرب التسعين وإبراهيم التيمي مات سنة (92) فهما أكبر شيوخه وابن عتبة أكبر منهما بستة عشر عاما وأكثر، فلوكان من شيوخه لذكروه فيهم إن شاء الله تعالى. ثالثا: قد كشفت الطريق التي قبل هذه أن راوي الحديث إنما هو عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، فهي متفقة من هذه الطريق في تسمية الراوي به، ولكن اختلفتا في الرواية عنه، فالأولى قالت: عنه عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود، فوصلته وهذه قالت عنه عن ابن مسعود، فأعضلته، وأسقطت من السند راويين، ولا شك أن هذه الطريق على ضعفها أقرب إلى الصواب من التي قبلها. وجملة القول أن هذه الطريق ضعيفة أيضا لإعضالها وضعف محبوب راويها. والحديث قال السيوطي في " الدر المنثور " (3 / 44) : " أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في " الشعب " من طرق عن ابن مسعود مرفوعا ". وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 82) : " رواه الحاكم والبيهقي في " الزهد " من حديث ابن مسعود ". ثم سكت عليه! وما كان يحسن به ذلك لما عرفت من شدة ضعف إسناده. 2 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه حفص بن عمر العدني: حدثنا الحسن بن أبان عن عكرمة عنه مرفوعا نحوه. أخرجه ابن أبي حاتم في " تفسيره " (3 / 108 / 1) (1) وهذا سند ضعيف وله علتان. الأولى: الحكم بن أبان ضعيف الحفظ، وفي التقريب ": " صدوق له أوهام ". والأخرى: حفص بن عمر العدني، ضعيف جدا، قال ابن معين والنسائي: " ليس بثقة ". وقال العقيلي: " يحدث بالأباطيل ". وقال الدارقطني: " متروك ".   (1) يوجد منه مجلدان في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 قلت: فهو آفة الحديث. وقد فات هذا الإسناد جماعة من الحفاظ المخرجين، فلم يذكروه ولا أشاروا إليه البتة، كالحافظ ابن كثير والسيوطي وغيرهما، فالحمد لله الذي يسر لي طريق الوقوف عليه ومعرفة حاله. 3 - وأما حديث الحسن البصري، فلم أقف على إسناده، وإنما ذكره السيوطي من تخريج ابن أبي الدنيا في " كتاب ذكر الموت " عنه مرسلا نحوه، وهو لم يتكلم على إسناده كما هي عادته، وذلك من عيوب كتابه الحافل بالأحاديث والآثار. 4 - وأما حديث أبي جعفر المدائني، فأخرجه ابن جرير (13852 و13853) وابن أبي حاتم من طرق عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره نحوه. ثم رواه ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن قيس عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن المسور (1) قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .... الحديث نحوه. ورواه ابن جرير (13856) عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن المسور به. قلت: وهذا سند مرسل هالك، فإن أبا جعفر هذا هو عبد الله بن المسور كما في ... عمرو بن قيس عن عمرو، ورواية ابن أبي كريمة كلاهما عن عبد الله بن المسور، وقد ذكر الذهبي في كنى " الميزان ": " أبو جعفر الهاشمي المسوري هو عبد الله بن المسور، وهو أبو جعفر المدائني ". وقد ذكروا في ترجمته من " الأسماء ": " قال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك، فيقول: إن فيه أجرا! وقال النسائي: " كذاب ". وقال إسحاق بن راهويه: " كان معروفا عند أهل العلم بوضع الحديث، وروايته إنما هي عن التابعين، ولم يلق أحدا من الصحابة ". والحديث قال في " الدر ": " أخرجه سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في " الأسماء والصفات " عن عبد الله بن مسعود ". وعزاه الحافظ ابن كثير في " تفسيره " .... وحده! وهو أول طرق هذا الحديث عنده من ثلاث طرق والطريق الثاني ... عن أبي عبيدة عن (2) ابن مسعود، والثالثة طريق عبد الرحمن بن عبد الله (3) بن عتبة عنه، ثم ختمها بقول له: " فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة، يشد بعضها بعضا ". قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله تعالى، فإن طريقه الأولى معضلة مع كذب الذي أعضله!   (1) تصحف اسمه في تفسير ابن كثير فصار " عبد الله بن مسعود "! . (2) وقع في تفسير ابن كثير " بن " بدل " عن "! . (3) وقع فيه " عبيد " بدل " عبد الله "! . اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 والثانية منقطعة، مع ضعف أحد رواته، والثالثة معضلة أيضا مع ضعف أحد رواته فأين الطريق المتصلة؟ ! وقد زدنا عليه طريقين آخرين إحداهما عن الحسن وهو مرسلة أيضا، والأخرى عن ابن عباس، وهي الوحيدة في الاتصال، ولكن فيها متروك كما سبق بيانه. وجملة القول: أن هذا الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة الضعف الذي في جميع طرقه، وبعضها أشد ضعفا من بعض، فليس فيها ما ضعفه يسير يمكن أن ينجبر، خلافا لما ذهب إليه ابن كثير، وإن قلده في ذلك جماعة ممن ألفوا في التفسير، كالشوكاني في " فتح القدير " (2 / 154) ، وصديق حسن خان في " فتح البيان " (2 / 217) ، وجزم الآلوسي في " روح المعاني بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم، ومن قبله ابن القيم في " الفوائد " (ص 27 - طبع دار مصر) ، وعزاه للترمذي! فجاء بوهم آخر، والعصمة لله وحده. 966 - " من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط، فكأنما جلس على جمرة ". منكر بهذا اللفظ. أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 297) عن ابن وهب وسليمان بن داود (وهو الطيالسي) كلاهما عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، فإن ابن أبي حميد هذا قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة "، ولهذا قال الحافظ في " الفتح " (3 / 174) بعد أن ذكر الحديث. " إسناده ضعيف ". وقد رواه عنه أبو داود الطيالسي في مسنده " بلفظ آخر فقال: (1 / 168 - ترتيبه) : حدثنا محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يجلس أحدكم على جمرة خير له من أن يجلس على قبر ". قال أبوهريرة: يعني يجلس لغائط أو بول. قلت: وهذا التفسير للجلوس وإن كان باطلا في نفسه كما سيأتي، فهو بالنظر لكونه منسوبا لأبي هريرة أقرب من رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية الطحاوي وهو أخرجها كما رأيت من طريق ابن وهب عن ابن أبي حميد، ثم من طريق الطيالسي عنه بلفظ ابن وهب مغايرا للفظه في " المسند ". وهذا أقرب أيضا، لأنه روى الحديث المرفوع عن الجادة كما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ". الحديث: 966 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 رواه مسلم (3 / 62) وأصحاب السنن إلا الترمذي والطحاوي وغيرهم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا، فهذا هو المحفوظ عن أبي هريرة بالسند الصحيح عنه (1) ، فرواية ابن أبي حميد منكرة لمخالفتها لرواية الثقة، أما على رواية الطحاوي فظاهر، وأما على رواية الطيالسي التي فيها التفسير الباطل، فلأنها تضمنت زيادة على رواية الثقة من ضعيف فلا تقبل اتفاقا، وأيضا، فقد ثبت عن أبي هريرة عمله بالحديث على ظاهره، فروى الشافعي في " الأم " (1 / 246) وابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 137) عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه قال: " كنت أتتبع أبا هريرة في الجنائز، فكان يتخطى القبور، قال: " لأن يجلس ... " فذكر الحديث موقوفا، وسنده جيد (2) فدل هذا على بطلان ما روى ابن أبي حميد عن أبي هريرة من تفسير الجلوس على القبر بالبول والتغوط عليه، لأن أبا هريرة استدل بالحديث على تخطيه للقبور وعدم وطئها، فدل على أنه هو المراد، وهو الذي لا يظهر من الحديث سواه، ومن الغرائب أن يتأوله بعض العلماء الكبار بالجلوس للغائط وأغرب منه أن يحتج الطحاوي لذلك باللغة، فيقول: " وذلك جائز في اللغة، يقال: جلس فلان للغائط، وجلس فلان للبول "!! . وما أدري والله كيف يصدر مثل هذا الكلام من مثل هذا الإمام، فإن الجلوس الذي ورد النهي عنه في الأحاديث مطلق، فهل في اللغة " جلس فلان " بمعنى تغوط أو بال؟ ! فما معنى قوله إذن: يقال جلس فلان للغائط ... " فمن نفى هذا وما علاقته بالجلوس المطلق؟ ! ولذلك جزم العلماء المحققون كابن حزم والنووي والعسقلاني ببطلان ذلك التأويل، فمن شاء الاطلاع على ذلك فليراجع " المحلى " (5 / 136) و" فتح الباري " (3 / 174) . وإن من شؤم الأحاديث الضعيفة أن يستدل بها بعض أهل العلم على تأويل الأحاديث الصحيحة كهذا الحديث، فقد احتج به الطحاوي لذلك التأويل الباطل! واحتج أيضا بحديث آخر فقال: " حدثنا سليمان بن شعيب قال: حدثنا الخصيب قال: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة أن زيد بن ثابت قال: هلم يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور لحدث: غائط أو بول ". قلت: وهذا سند رجاله ثقات معرفون غير عمرو بن علي، فلم أعرفه، ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه عمرو بن علي، ويغلب على الظن أن واو (عمرو) زيادة من بعض النساخ، وأن الصواب (عمر بن علي) (3) وهو عمرو بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي وهو ثقة ولكنه كان يدلس تدليسا عجيبا يعرف بتدليس السكوت قال ابن سعد كان يدلس تدليسا شديدا يقول: سمعت وحدثنا، ثم يسكت فيقول: هشام بن عروة والأعمش ".   (1) وتابعه سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه، أخرجه ابن عدي (60 / 2) والخطيب (11 / 252) وكذا أبو نعيم في " الحلية " (7 / 207) لكن فيه الجارود بن يزيد متروك وهو مخرج في " أحكام الجنائز " (ص 209) . (2) وسيأتي له طريق أخرى بإسناد صححه الحافظ. (3) ثم تأكدت من ذلك، حينما رأيت الحافظ المزي قد ذكر في " التهذيب " عثمان بن حكيم في شيوخ عمر بن علي هذا. اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 قلت: ومثل هذا التدليس حري بحديث صاحبه أن يتوقف عن الاحتجاج به ولوصرح بالتحديث خشية أن يكون سكت بعد قوله حدثنا، ولا يفترض في كل الرواة الآخذين عنه أن يكونوا قد تنبهو التدليسه هذا، وكأنه لهذا الذي أوضحنا، اقتصر الحافظ في " الفتح " (3 / 174) على قوله " ورجال إسناده ثقات " ولم يصححه، بينما رأيناه قد صرح بتصحيح إسناد الحديث من طريق أخرى عن عثمان بن حكيم بنحوه وقد علقه البخاري عنه فقال: " وقال عثمان بن حكيم: أخذ بيدي خارجة، فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليه ". فقال الحافظ: " وصله مسدد في " مسنده الكبير " وبين فيه سبب إخبار خارجة لحكيم بذلك ولفظه: حدثنا عيسى بن يونس: حدثنا عثمان بن حكيم: حدثنا عبد الله بن سرجس وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول: لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي إلي أحب إلي من أن أجلس على قبر، قال عثمان: فرأيت خارجة بن زيد في المقابر، فذكرت له ذلك فأخذ بيدي ... الحديث. وهذا إسناد صحيح ". ففي هذا الإسناد الصحيح لم يصرح الراوي برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف السند الذي قلبه المعلول، أقول هذا، وأنا على ذكر أن قول الصحابي " نهى عن كذا " في حكم المرفوع، ولكن هذا شيء، وقوله: " إنما نهى عن كذا " شيء آخر، ففي هذا القول شيئان: الأول النهي، وهو في حكم المرفوع، والآخر وهو تعليل النهي فهو موقوف ولا يزم من كون الأول مرفوعا أن يكون الأخر كذلك، لجواز أنه قاله باجتهاد من عنده لا بتوقيف له من النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيد هذا ورود النهي عن الاتكاء على القبر الذي هو دون الجلوس عليه فقال الحافظ: " ويؤيد قول الجمهور ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم الأنصاري مرفوعا " لا تقعدوا على القبور ". وفي رواية له عنه: " رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متكئ على قبر فقال: " لا تؤذ صاحب القبر ". إسناده صحيح، وهو دال على أن المراد بالجلوس القعود على حقيقته ". قلت: وهو مخرج في " أحكام الجنائز " (209 - 210) . 967 - " نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة ". منكر. أخرجه أبو داود (1 / 157) حدثنا أحمد بن حنبل، وأحمد بن محمد بن شبويه، ومحمد بن رافع، ومحمد بن عبد الملك الغزال قالوا: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال أحمد بن حنبل - أن يجلس في الصلاة وهو معتمد على يده - قال ابن شبويه: أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة، وقال ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده وذكره في باب الرفع من السجود، وقال ابن عبد الملك: نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة ". الحديث: 967 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 قلت: فقد اختلف في لفظ هذا الحديث على عبد الرزاق كما ترى من أربعة وجوه: الأول: رواية أحمد بلفظ " نهى أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده ". الثاني: رواية ابن شبويه بلفظ: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة. الثالث: رواية ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده. الرابع: رواية عبد الملك باللفظ المذكور أعلاه. ومن البين الواضح أن الحديث واحد لأن الطريق واحد، وإنما تعددت الطرق من بعد عبد الرزاق، واختلفوا عليه، وإذا كان كذلك، فينبغي النظر في الراجح من هذه الوجوه المختلفة، لأن في بعضها معارضة للبعض الآخر، وهو الوجه الأول والرابع، فإن الأول صريح في أن النهي عن الاعتماد في الصلاة في الجلوس، وذلك يكون في التشهد أو بين السجدتين، والآخر صريح في أن النهي عن الاعتماد إنما هو إذا نهض في الصلاة وذلك من التشهد الأول في المعنى، فلا تعارض بينهما، كما أنه لا تعارض بينهما من جهة وبين الوجهين الآخرين من جهة أخرى، لأنهما مجملان بالنسبة إلى الوجهين الآخرين، يقبلان التفسير بأحدهما فبأيهما يفسران؟ هذا هو موضع البحث والتحقيق. ومما لا شك فيه أن الوجه الأول هو الراجح، وذلك ظاهر من النظر في الراوي له عن عبد الرزاق، وهو الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فإنه من الأئمة المشهور ين بالحفظ والضبط والإتقان، فلا يقوم أمامه أيا كان من الثقات عند المخالفة، لاسيما إذا كان فيه كلام مثل راوي الوجه الآخر محمد بن عبد الملك الغزال هذا، فإنه وإن وثقه النسائي وغيره، فقد قال مسلمة: " ثقة كثير الخطأ ". قلت: فمثله لا يحتج به إذا خالفه الثقة، فكيف إذا كان المخالف له إماما ثبتا كالإمام أحمد بن حنبل؟ ! فكيف إذا توبع فيه الإمام أحمد، وبقي الغزال فريدا غريبا، فقد أخرج أحمد الحديث في " مسنده " (رقم 6347) هكذا كما رواه عنه أبو داود، وتابعه إسحاق بن إبراهيم الدبري راوي " مصنف عبد الرزاق " عنه، فقد أورد الحديث فيه (2 / 197 / 3054) بلفظ أحمد إلا أنه قال: " يديه "، وترجم له بقوله: " باب الرجل يجلس معتمدا على يديه في الصلاة " وكذلك رواه البيهقي في " سننه " (2 / 135) من طريق " المسند " ومن طريق أبي داود عن أحمد مقرونا مع شيوخ أبي داود الآخرين في هذا الحديث وساق ألفاظهم كما فعل أبو داود. ثم قال في رواية أحمد : " وهذا أبين الروايات، ورواية غير ابن عبد الملك لا تخالفه، وإن كان أبين منها، ورواية ابن عبد الملك وهم، والذي يدل على أن رواية أحمد بن حنبل هي المراد بالحديث أن هشام بن يوسف رواه عن معمر كذلك ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 ثم ساق من طريق الحاكم، وهذا في " المستدرك " (1 / 272) عن إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى رجلا وهو جالس معتمدا على يده اليسرى في الصلاة وقال: إنها صلاة اليهود ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. ويدل على ذلك أيضا رواية هشام بن سعد قال: عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ساقطا يده في الصلاة فقال: " لا تجلس هكذا، إنما هذه جلسة الذين يعذبون ". أخرجه أحمد (5972) بسند جيد ورواه أبو داود والبيهقي من طرق أخرى عن هشام به موقوفا، والرفع زيادة من ثقة فهي مقبولة، لاسيما وطريق إسماعيل بن أمية أقوى من هذه ولم يختلف عليه في رفعه. فتبين مما سبق أن الحديث عن ابن عمر في النهي عن الاعتماد في الجلوس في الصلاة وهذا هو المحفوظ، وأن رواية الغزال إياه في النهي عن الاعتماد إذا نهض شاذ بل منكر، لمخالفته لروايات الثقات على سوء حفظه. (تنبيه) : قد وقعت بعض الأوهام حول هذا الحديث لبعض العلماء، فرأيت من النصيحة التنبيه عليها: أولا: قال النووي في " المجموع " (3 / 445) مبينا علة الحديث: " إنه من رواية محمد بن عبد الملك الغزال وهو مجهول "! وقد عرفت أنه ليس بمجهول، بل هو ثقة سيء الحفظ. ثانيا: نقل صاحب " عون المعبود " (1 / 376) عن السيد عبد الله الأمير أنه قال: إن محمد ابن عبد الملك هذا هو محمد بن عبد الملك بن مروان الواسطي قال فيه في " التقريب ": " صدوق ". وأقره عليه، وهو وهم منهما، فإن محمد بن عبد الملك هذا هو الغزال كما صرح بذلك أبو داود في روايته كما تقدم، وقد نبه على هذا الوهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى. ثالثا: احتج بهذا الحديث الحنفية والحنابلة على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند النهو ض من السجدة الثانية في الوتر من الصلاة، وأغرب من ذلك أن يتابعهم عليه العلامة ابن القيم في كتابه المفرد في " الصلاة "! وذكر في " زاد المعاد " أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتمد على الأرض بيديه! وليس له في النفي مستند صحيح كما بينته في " التعلقات الجياد " (1 / 38) بل هو معارض لظاهر حديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدا، ثم قام فاعتمد على الأرض. أخرجه النسائي (1 / 173) والشافعي في " الأم " (1 / 101) والبيهقي (2 / 124 و135) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو عند البخاري (2 / 241) نحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 أقول: فظاهر قوله " فاعتمد على الأرض " أي بيديه عند النهو ض، وقد قال السيد عبد الله الأمير " وعند الشافعي: واعتمد بيديه على الأرض ". ولكني لم أجد هذه الزيادة " بيديه " عند الشافعي ولا عند غيره، وإن كان معناها هو المتبادر من الاعتماد، وفي " الفتح ": قيل يستفاد من الاعتماد أن يكون باليد، لأنه افتعال من العماد، والمراد به الاتكاء، وهو باليد، وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا عى يديه قبل أن يرفعهما ". قلت: تقدم بيان ضعف إسناده تحت الحديث (929) لكني وجدت له شاهدا قويا موقوفا ومرفوعا يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه، فقلت لولده وجلسائه: لعله يفعل هذا من الكبر؟ قالوا لا ولكن هكذا يكون، أخرجه البيهقي (2 / 135) . قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات كلهم. فقوله: " هكذا يكون " صريح في أن ابن عمر كان يفعل ذلك اتباعا لسنة الصلاة، وليس لسن أو ضعف، وقد جاء عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأخرجه أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " (5 / 98 / ... ) عن الأزرق بن قيس: رأيت ابن عمر يعجن (1) في الصلاة: يعتمد على يديه في الصلاة إذا قام، فقلت له:؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. قلت: وإسناده حسن، وهو هكذا: حدثنا عبيد الله (الأصل: عبد الله وهو خطأ من الناسخ) بن عمر حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم بن عطية عن قيس بن الأزرق بن قيس به. قلت: وابنا قيس ثقتان من رجال الصحيح. والهيثم هو ابن عمران الدمشقي، أورده ابن حبان في " الثقات " (2 / 296) وقال: " يروي عن عطية بن قيس، روى عنه الهيثم بن خارجة ". وأورده ابن حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 82 - 83) وقال: " روى عنه محمد بن وهب بن عطية، وهشام بن عمار، وسليمان بن شرحبيل ". قلت: ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن رواية هؤلاء الثقات الثلاثة عنه ويضم إليهم رابع وهو الهيثم بن خارجة، وخامس وهو يونس بن بكير، مما يجعل النفس تطمئن لحديثه لأنه لوكان في شيء من الضعف لتبين في رواية أحد هؤلاء الثقات عنه، ولعرفه أهل الحديث كابني حبان وأبي حاتم زد على ذلك أنه قد توبع على روايته هذه كما تقدم قريبا من حديث حماد بن سلمة نحوه. والله أعلم. وأما يونس بن بكير وعبيد الله بن عمر، فثقتان من رجال مسلم، والآخر روى له البخاري أيضا وهو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، ووقع في " التهذيب " (ابن عمرو) بزيادة الواو   (1) أي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين. " نهاية ". اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 وهو خطأ مطبعي، وقد ذكر الخطيب في الرواة عنه من ترجمته (10 / 320) إبراهيم الحربي هذا. وجملة القول: أن الاعتماد على اليدين عند القيام سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك مما يؤكد ضعف هذا الحديث في النهي عن الاعتماد، وكذا الحديث الآتي بعده. (تنبيه) : لقد خفي حديث ابن عمر هذا المرفوع على الحفاظ الجامعين المصنفين كابن الصلاح والنووي والعسقلاني وغيرهم، فقد، فقد جاء في " تلخيص الحبير " (1 / 260) ما نصه: " حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن، قال ابن الصلاح في كلامه على " الوسيط ": هذا الحديث لا يصح، ولا يعرف، ولا يجوز أن يحتج به، وقال النووي في " شرح المهذب ": هذا حديث ضعيف، أو باطل لا أصل له، وقال في " التنقيح ": ضعيف باطل ". هذه هي كلماتهم كما نقلها الحافظ العسقلاني عنهم، دون أن يتعقبهم بشيء، اللهم إلا بأثر ابن عمر الذي عزاه في " الفتح " لعبد الرزاق، فإنه عزاه هنا للطبراني في " الأوسط "، فلم يقف على هذا الحديث المرفوع صراحة، مصداقا للقول المشهور: كم ترك الأول للآخر. فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله. 968 - " من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين أن لا يعتمد على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " سننه " (2 / 136) والضياء في " المختارة " (1 / 260) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زياد السوائي عن أبي جحيفة عن علي رضي الله عنه قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، علته عبد الرحمن هذا، قال الذهبي: " ضعفوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". قلت: وهو راوي حديث علي في وضع اليدين في الصلاة تحت السرة، رواه بهذا السند الواهي، فإن زياد بن زياد هذا مجهول كما قال الحافظ تبعا لابن أبي حاتم. (تنبيه) : هذا الحديث. وإن كان في " المختارة " فهو مضروب عليه مع حديث وضع اليدين المشار إليه بخط أفقي، مما يشعر بأن المصنف عدل عنه، وهو اللائق به، فإن إيراد مثل هذا الحديث بهذا الإسناد مما لا يتفق في شيء مع " الأحاديث المختارة ". الحديث: 968 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 969 - " أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار: حجرين للصفحتين وحجرا للمسربة ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (21) والبيهقي (1 / 114) من طريق أبي بن العباس بن الحديث: 969 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 سهل الساعدي قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستطابة فقال ... ". وقال الدارقطني: " إسناده حسن ". وأقره البيهقي وتبعهما ابن القيم فقال في " إعلام الموقعين " (3 / 487) : " حديث حسن ". قلت: وفي ذلك نظر عندي، فإن أبيا هذا وقد تفرد بهذا الحديث مجروح، ولم يوثقه أحد، بل كل من عرف كلامه فيه ضعفه، فقال ابن معين: " ضعيف ". وقال أحمد: " منكر الحديث ". وقال البخاري: " ليس بالقوي ". كذا قال النسائي، وقال العقيلي: " له أحاديث لا يتابع على شيء منها: (حجران للصفحتين وحجر للمسربة) ". وأورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 290) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما قول الذهبي في " الميزان ": " قلت: أبي وإن لم يكن بالثبت فهو حسن الحديث ". فهذا مما لا وجه له عندي بعد ثبوت تضعيفه ممن ذكرنا من الأئمة، ولعله استأنس بتخريج البخاري له، ولا مستأنس له فيه، بعد تصريح البخاري نفسه بأنه ليس بالقوي، لاسيما وهو لم يخرج له إلا حديثا واحدا ليس فيه تحريم ولا تحليل، ولا كبير شيء، وإنما هو في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس يقال له اللحيف ". ومع ذلك فلم يتفرد به بل تابعه أخوه عبد المهيمن بن عباس عند ابن منده كما ذكر الحافظ في " الفتح " (6 / 44 - 45) ، وكأن الذهبي تراجع عن ذلك حين أورد أبيا هذا في " الضعفاء " وقال: " ضعفه ابن معين وقال أحمد: منكر الحديث "، وقال الحافظ في " التقريب ": " فيه ضعف، ماله في البخاري غير حديث واحد ". (تنبيه) وقع للصنعاني في " سبل السلام " (1 / 177) وهم عجيب حول هذا الحديث فقال في شرح حديث سلمان في النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار: " وقد ورد كيفية استعمال الثلاثة في حديث ابن عباس: حجران للصفحتين وحجر للمسربة - وهي بسين مهملة وراء مضمومة أو مفتوحة مجرى الحدث من الدبر ". فتصحف عليه " أبي بن عباس " بـ " ابن عباس "! ثم سقط عنه باقي السند وأنهم من مسند سهيل بن سعد الساعدي! ثم إنه جزم بورود الحديث، وليس بجيد، والظاهر أنه قلد الدارقطني أو غيره فقد رأيت الحديث - بعد كتابة ما تقدم - في " تلخيص الحبير " (ص 41) : " قال المصنف - يعني الرافعي - هو حديث ثابت رواه الدارقطني وحسنه والبيهقي والعقيلي في " الضعفاء " من رواية أبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قال الحازمي: لا يروى إلا من هذا الوجه، وقال العقيلي: لا يتابع على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 شيء من أحاديثه، يعني أبيا، وقد ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما، وأخرج له البخاري حديثا واحدا في غير حكم ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (1 / 211) وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه عتيق بن يعقوب الزبيري قال أبو زرعة أنه حفظ " الموطأ " في حياة مالك ". قلت: وهذا قد وثقه الدارقطني وابن حبان، وهو الراوي لهذا الحديث عن أبي بن العباس، فالتعلق عليه في إعلال الحديث دون شيخه أبي لا يخفى ما فيه. 970 - " إذا فرغ الرجل من صلاته فقال: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما، كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه ". موضوع. عزاه في " الجامع الكبير " (1 / 68 / 1) لأبي نصر السجزي في " الإبانة " عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده رضي الله عنهم وقال: " غريب ". قلت بل هو موضوع، فقد وقفت على إسناده، أخرجه الحافظ عبد الغني المقدسي في " الثالث والتسعين " (43 / 2) من طريق السجزي بسنده عن زيد بن الحريش: حدثنا عمرو بن خالد عن أبي عقيل الدورقي عن هشام بن عروة به. قلت: وهذا سند موضوع، آفته عمرو بن خالد وهو أبو خالد القرشي، قال أحمد وابن معين وغيرهما: " كذاب ". وقال إسحاق بن راهويه وأبو زرعة: " كان يضع الحديث ". ونحوه في " المجروحين " (2 / 74 - 75) لابن حبان. وزيد بن الحريش هو الأهوازي، قال ابن القطان: " مجهول الحال ". الحديث: 970 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 971 - " اللهم إن عبدك عليا احتبس نفسه على نبيك، فرد عليه شرقها، (وفي رواية) : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، قالت أسماء، فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ". موضوع. أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 9) من طريق أحمد بن صالح: حدثنا ابن أبي فديك: حدثني محمد بن موسى عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر عن أسماء بنت عميس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بـ (الصهباء) ، ثم أرسل عليا عليه السلام في حاجة، فرجع الحديث: 971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي (فنام) ، فلم يحركه حتى غابت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فذكره باللفظ الأول وزاد) : قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال، وعلى الأرض، ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر، ثم غابت، وذلك في (الصهباء) ". قال الطحاوي: " محمد بن موسى هو المدني المعروف بـ (الفطري) ، وهو محمود في روايته، وعون بن محمد، هو عون بن محمد بن علي بن أبي طالب، وأمه هي أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب ". وأقول: وهذا سند ضعيف مجهول، وكلام الطحاوي عليه لا يفيد صحته، بل لعله يشير إلى تضعيفه، فإنه سكت عن حال عون بن محمد وأمه، بينما وثق الفطري هذا، فلوكان يجد سبيلا إلى توثيقهما لوثقهما كما فعل بالفطري، فسكوته عنهما في مثل هذا المقام مما يشعر أنهما عنده مجهولان، وهذا هو الذي ينتهي إليه الباحث، فإن الأول منهما، أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 386) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 228) على قاعدته في توثيق المجهولين! وأما أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، فهي من رواة ابن ماجه، أخرج لها حديثا واحدا في " الجنائز " (رقم 1611) وقد أعله الحافظ البوصيري بأن في إسناده مجهولتين إحداهما أم عون هذه، وقد ذكرها الحافظ في " التهذيب " دون توثيق أو تجريح، وقال في " التقريب ": " مقبولة " يعني عند المتابعة، وإلا فهي لينة الحديث عنده. قلت: وقد توبعت من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وهي ثقة فاضلة، إلا أن الطريق إليها لا يصح، أخرجه الطحاوي (2 / 8) والطبراني في " الكبير " من طريق الفضيل بن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ورأسه في حجر علي ، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت يا علي؟ قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكر الرواية الثانية، قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 297) بعد أن ساق هذه الرواية والتي قبلها، ومنه نقلت الزيادة فيها: " رواه كله الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح غير إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقه ابن حبان، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها ". قلت: بل هي معروفة، فهي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب كما تقدم، والظاهر أنها وقعت في معجم الطبراني منسوبة إلى جدها علي بن أبي طالب، ولذلك لم يعرفها الهيثمي، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 أما قوله في " إبراهيم بن حسن " أنه ثقة، ففيه تساهل لا يخفى على أهل العلم، لأنه لم يوثقه غير ابن حبان كما عرفت، وهو قد أشار إلى أن توثيقه إياه إنما بناه على توثيق ابن حبان، وإذا كان هذا معروف بالتساهل في التوثيق فمن اعتمد عليه وحده فيه فقد تساهل، وقد أورد إبراهيم هذا ابن أبي حاتم (1 / 1 / 92) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهو في أول المجلد الثاني من " كتاب الثقات " لابن حبان. ثم إن فضيل بن مرزوق وإن كان من رجال مسلم فإنه مختلف فيه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ": " صدوق يهم "، وقال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له طويل على هذا الحديث في " منهاج السنة " (4 / 189) : " وهو معروف بالخطأ على الثقات، وإن كان لا يتعمد الكذب، قال فيه ابن حبان: " يخطىء على الثقات، ويروي عن عطية الموضوعات ". وقال فيه أبو حاتم الرازي: " لا يحتج به ". وقال فيه يحيى بن معين مرة: " هو ضعيف " وهذا لا يناقضه قول أحمد بن حنبل فيه: " لا أعلم إلا خيرا "، وقول سفيان: " هو ثقة "، فإنه ليس ممن يتعمد الكذب ولكنه يخطىء، وإذا روى له مسلم ما تابعه عليه غيره، لم يلزم أن يروي ما انفرد به مع أنه لم يعرف سماعه عن إبراهيم ولا سماع إبراهيم من فاطمة، ولا سماع فاطمة من أسماء، ولابد في ثبوت هذا الحديث من أن يعلم أن كلا من هؤلاء عدل ضابط، وأنه سمع من الآخر، وليس هذا معلوما ". قلت: ثم إن في هذه الطريق ما يخالف الطريق الأولى، ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقظانا يوحى إليه حينما كان واضعا رأسه في حجر علي رضي الله عنه، وفي الأولى أنه كان نائما، وهذا تناقض يدل على أن هذه القصة غير محفوظة، كما قال ابن تيمية (4 / 184) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (1 / 356) " موضوع بلا شك، وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر مضطرب ". ثم أعله بالفضيل هذا فقط، وفاته جهالة إبراهيم، ولم يتعقبه السيوطي في هذا، وإنما تعقبه في تضعيف الفضيل، فقال في " اللآلىء " (1 / 174 - الطبعة الأولى) : " ثقة صدوق، واحتج به مسلم في " صحيحه " وأخرج له الأربعة ". وهذا ليس بشيء، وقد عرفت الجواب عن ذلك مما سبق، ثم ساق له السيوطي طرقا أخرى كلها معلولة، وأما قول الحافظ في " الفتح " (6 / 155) : " وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في " الموضوعات "، وكذا ابن تيمية في كتاب " الرد على الروافض " في زعمه وضعه والله أعلم ". فهو مع عدم تصريحه بصحة إسناده، فقد يوهم من لا علم عنده أنه صحيح عنده! وهو إنما يعني أنه غير موضوع فقط، وذلك لا ينفي أنه ضعيف كما هو ظاهر، وابن تيمية رحمه الله لم يحكم على الحديث بالوضع من جهة إسناده، وإنما من جهة متنه، أما الإسناد، فقد اقتصر على تضعيفه، فإنه ساقه من حديث أسماء وعلي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 ثم بين الضعف الذي في أسانيدها، وكلها تدور على رجال لا يعرفون بعدالة ولا ضبط، وفي بعضها من هو متروك منكر الحديث جدا، وأما حكمه على الحديث بالوضع متنا، فقد ذكر في ذلك كلاما متينا جدا، لا يسع من وقف عليه، إلا أن يجزم بوضعه، وأرى أنه لابد من نقله ولوملخصا ليكون القارئ على بينة من الأمر فقال رحمه الله: " وحديث رد الشمس لعلي، قد ذكره طائفة كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما، وعدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث، يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع، كما ذكره ابن الجوزي في (الموضوعات) ". ثم ذكر حديث " الصحيحين " في حديث الشمس لنبي من الأنبياء، وهو يوشع بن نون، كما في رواية لأحمد والطحاوي بسند جيد كما بينته في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم (202) ثم قال: " فإن قيل: فهذه الأمة أفضل من بني إسرائيل، فإذا كانت قد ردت ليوشع فما المانع أن ترد لفضلاء هذه الأمة؟ فيقال: يوشع لم ترد له الشمس، ولكن تأخر غروبها وطول له النهار وهذا قد لا يظهر للناس، فإن طول النهار وقصره لا يدرك، ونحن إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضا لا مانع من طول ذلك، ولوشاء الله لفعل ذلك، لكن يوشع كان محتاجا إلى ذلك لأن القتال كان محرما عليه بعد غروب الشمس، لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت ويوم السبت وأما أمة محمد فلا حاجة لهم إلى ذلك، ولا منفعة لهم فيه، فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرطا لم يسقط ذنبه إلا التوبة، ومع التوبة لا يحتاج إلى رد، وإن لم يكن مفرطا كالنائم والناسي فلا ملام عليه في الصلاة بعد الغروب. وأيضا فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة، فالمصلي بعد ذلك لا يكون مصليا في الوقت الشرعي ولوعادت الشمس، وقول الله تعالى " فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يتناول الغروب المعروف، فعلى العبد أن يصلي قبل هذا الغروب وإن طلعت ثم غربت. والأحكام المتعلقة بغروب الشمس حصلت بذلك الغروب، فالصائم يفطر ولوعادت بعد ذلك لم يبطل صومه، مع أن هذه الصورة لا تقع لأحد، ولا وقعت لأحد، فتقديرها تقدير ما لا وجود له. وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة العصر يوم الخندق، فصلاها قضاء هو وكثير من أصحابه، ولم يسأل الله رد الشمس، وفي " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه، بعد ذلك لما أرسلهم إلى بني قريظة، " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة "، فلما أدركتهم الصلاة في الطريق، قال بعضهم: لم يرد من تفويت الصلاة، فصلوا في الطريق، فقالت طائفة: لا نصلي إلا في بني قريظة، فلم يعنف واحدة من الطائفتين، فهؤلاء الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا العصر بعد غروب الشمس وليس علي بأفضل من النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلاها هو وأصحابه معه بعد الغروب، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 فعلي وأصحابه أولى بذلك، فإن كانت الصلاة بعد الغروب لا تجزي أو ناقصة تحتاج إلى رد الشمس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى برد الشمس، وإن كانت كاملة مجزئة فلا حاجة إلى ردها. وأيضا فمثل هذه القضية من الأمور العظام الخارجة عن العادة التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها، فإذا لم ينقلها إلا الواحد والاثنان، علم كذبهم في ذلك. وانشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس، ومع هذا فقد رواه الصحابة من غير وجه، وأخرجوه في " الصحاح " و" السنن " و" المسانيد " من غير وجه، ونزل به القرآن، فكيف ترد الشمس التي تكون بالنهار، ولا يشتهر ذلك، ولا ينقله أهل العلم نقل مثله؟ ! ولا يعرف قط أن الشمس رجعت بعد غروبها، وإن كان كثير من الفلاسفة والطبيعين وبعض أهل الكلام ينكر انشقاق القمر وما يشبه ذلك، فليس الكلام في هذا المقام، لكن الغرض أن هذا من أعظم خوارق العادات في الفلك، وكثير من الناس ينكر إمكانه، فلووقع لكان ظهوره ونقله أعظم من ظهور ما دونه ونقله، فكيف يقبل وحديثه ليس له إسناد مشهور، فإن هذا يوجب العلم اليقيني بأنه كذب لم يقع. وإن كانت الشمس احتجبت بغيم ثم ارتفع سحابها، فهذا من الأمور المعتادة، ولعلهم ظنوا أنها غربت ثم كشف الغمام عنها، وهذا إن كان قد وقع ففيه أن الله بين له بقاء الوقت حتى يصلي فيه، ومثل هذا يجري لكثير من الناس ". ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: " ثم تفويت الصلاة بمثل هذا إما أن يكون جائزا، وإما أن لا يكون، فإن كان جائزا لم يكن على علي رضي الله عنه إثم إذا صلى العصر بعد الغروب، وليس علي أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نام صلى الله عليه وسلم ومعه علي وسائر الصحابة عن الفجر حتى طلعت الشمس، ولم ترجع لهم إلى الشرق. وإن كان التفويت محرما فتفويت العصر من الكبائر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ". وعلي كان يعلم أنها الوسطى وهي صلاة العصر، وهو قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في " الصحيحين " أنه قال: " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ملأ الله أجوافهم وبيوتهم نارا ". وهذا كان في الخندق، وهذه القصة كانت في خيبر كما في بعض الروايات، وخيبر بعد الخندق، فعلي أجل قدرا من أن يفعل مثل هذه الكبيرة ويقره عليها جبريل ورسول الله، ومن فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه، وقد نزه الله عليا عن ذلك ثم فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس. وأيضا فإذا كانت هذه القصة في خيبر في البرية قدام العسكر، والمسلمون أكثر من ألف وأربعمائة، كان هذا مما يراه العسكر ويشاهدونه، ومثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد والاثنان، فلونقله الصحابة لنقله منهم أهل العلم، كما نقلوا أمثاله، لم ينقله المجهولون الذين لا يعرف ضبطهم وعدالتهم، وليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت، تعلم عدالة ناقليه وضبطهم، ولا يعلم اتصال إسناده، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر: " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله "، فنقل ذلك غير واحد من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 الصحابة وأحاديثهم في " الصحاح " و" السنن " و" المسانيد "، وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا رواه أهل الحديث ولا أهل " السنن " ولا " المسانيد "، بل اتفقوا على تركه، والإعراض عنه، فكيف في شيء من كتب الحديث المعتمدة. (قال) : وهذا مما يوجب القطع بأن هذا من الكذب المختلق. (قال) : وقد صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل علي كالإمام أحمد وأبي نعيم والترمذي والنسائي وأبي عمر بن عبد البر، وذكروا فيها أحاديث كثيرة ضعيفة، ولم يذكروا هذا! لأن الكذب ظاهر عليه بخلاف غيره ". ثم ختم شيخ الإسلام بحثه القيم بقوله: " وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: وفضيلة علي عند الذين يحبونه ويتولونه، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة، والله أعلم ". وقد مال إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الحديث تلميذاه الحافظان الكبيران ابن كثير والذهبي، فقال الأول منهما بعد أن ساق حديث حبس الشمس ليوشع عليه السلام (1 / 323) من " تاريخه ": " وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر، بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها عليه حتى يصلي العصر فرجعت، وقد صححه أحمد بن صالح المصري، ولكنه منكر ليس في شيء من " الصحاح " والحسان "، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله، وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها. والله أعلم ". وقال الذهبي في " تلخيص الموضوعات ": " أسانيد حديث رد الشمس لعلي ساقطة ليست بصحيحة، واعترض بما صح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن نون، ليالي سار إلى بيت المقدس ". وقال شيعي: إنما نفى عليه السلام وقوفها، وحديثنا فيه الطلوع بعد المغيب فلا تضاد بينهما. قلت: لوردت لعلي لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه وسلم أولى، فإنه حزن وتألم ودعا على المشركين لذلك. ثم نقول: لوردت لعلي لكان بمجرد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما غابت خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب، وأفطر الصائمون، وصلى المسلمون المغرب، فلوردت الشمس للزم تخبيط الأمة في صومها وصلاتها، ولم يكن في ردها فائدة لعلي، إذ رجوعها لا يعيد العصر أداء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 ثم هذه الحادثة العظيمة لو وقعت لاشتهرت وتوفرت الهمم والدواعي على نقلها. إذ هي في نقض العادات جارية مجرى طوفان نوح، وانشقاق القمر ". هذا كله كلام الذهبي نقلته من " تنزيه الشريعة " لابن عراق (1 / 379) وهو كلام قوي سبق جله في كلام ابن تيمية، وقد حاول المذكور رده من بعض الوجوه فلم يفلح، ولوأردنا أن ننقل كلامه في ذلك مع التعقيب عليه لطال المقال جدا، ولكن نقدم إليك مثالا واحدا من كلامه مما يدل على باقيه، قال: " وقوله: ورجوعها لا يعيد العصر أداء. جوابه: إن في " تذكرة القرطبي " ما يقتضي أنها وقعت أداء، قال رحمه الله: فلولم يكن رجوع الشمس نافعا، وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه الصلاة والسلام ". والجواب على هذا من وجوه: أولا: أن يقال: أثبت العرش ثم انقش. ثانيا: لوكان الرجوع نافعا ويتجدد الوقت به لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وأولى به في غزوة الخندق، لاسيما ومعه علي رضي الله عنه وسائر أصحابه صلى الله عليه وسلم كما تقدم عن ابن تيمية رحمه الله تعالى. ثالثا: هب أن في ذلك نفعا، ولكنه على كل حال هو نفع كمال - وليس ضروريا، بدليل عدم رجوع الشمس له صلى الله عليه وسلم في الغزوة المذكورة، فإذا كان كذلك فما قيمة هذا النفع تجاه ذلك الضرر الكبير الذي يصيب المسلمين بسبب تخبيطهم في صلاتهم ووصومهم كما سبق عن الذهبي؟ ! وجملة القول: أن العقل إذا تأمل فيما سبق من كلام هؤلاء الحفاظ على هذا الحديث من جهة متنه، وعلم قبل ذلك أنه ليس له إسناد يحتج به، تيقن أن الحديث كذب موضوع لا أصل له. 972 - " أمر صلى الله عليه وسلم الشمس أن تتأخر ساعة من النهار، فتأخرت ساعة من النهار ". ضعيف. أخرجه أبو الحسن شاذان الفضلي في " جزئه في طرق حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه " من طريق محفوظ بن بحر: حدثنا الوليد بن عبد الواحد: حدثنا معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلىء " كشاهد لحديث أسماء بنت عميس الذي قبله ثم قال: " وأخرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق الوليد بن عبد الواحد به، وقال: لم يرو هـ عن أبي الزبير إلا معقل ولا عنه إلا الوليد ". وسكت عليه السيوطي، وقال الهيثمي في " المجمع " (8 / 297) ، وتبعه الحافظ في " الفتح " (6 / 155) . الحديث: 972 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن "! وهذا عجيب من هذين الحافظين، إذ كيف يكون الإسناد المذكور حسنا وفيه العلل الآتية: أولا: أبو الزبير مدلس معروف بذلك وقد عنعنه وقد وصفه بذلك الحافظ نفسه في " التقريب "، وفي " طبقات المدلسين "، وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان " بعد أن ذكر أنه عند العلماء ممن يدلس: " وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء ". فإذا كان هذا حال ما أخرجه مسلم معنعنا، فماذا يقال فيما لم يخرجه هو ولا غيره من سائر الكتب الستة، ولا أصحاب المسانيد كهذا الحديث؟! ثانيا: الوليد بن عبد الواحد، مجهول لا يعرف ولم يرد له ذكر في شيء من كتب الرجال المعروفة، كـ " التهذيب " و" التقريب " و" الميزان " و" اللسان " و" التعجيل " و" الجرح والتعديل " و" تاريخ بغداد "، وقد تفرد بهذا الحديث كما سبق عن الطبراني فكيف يحسن إسناد حديثه؟! ثالثا: محفوظ بن بحر، قال ابن عدي في " الكامل " (ق 399 - 400) : " سمعت أبا عروبة يقول: كان يكذب "، ثم قال: " له أحاديث يوصلها وغيره يرسلها، وأحاديث يرفعها وغيره يوقفها على الثقات ". قلت: وغالب الظن أن رواية الطبراني تدور عليه أيضا، ويؤسفني أن السيوطي لم يسق إسناده بكامله، كما تقدم، فإن كان الأمر كما ظننت فالإسناد موضوع، وإن كان على خلافه فهو ضعيف في أحسن أحواله، لتحقق العلتين الأوليين فيه. ومن ذلك يتبين خطأ الهيثمي والعسقلاني في تحسينهما إياه وكذا سكوت السيوطي عليه، والموفق الله تبارك وتعالى. (تنبيه) : قد جاءت أحاديث وآثار في رد الشمس لطائفة من الأنبياء، ولا يصح من ذلك شيء إلا ما في الصحيحين وغيرهما أن الشمس حبست ليوشع عليه السلام، قد بينت ذلك في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم (202) . 973 - " لوبني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي ". ضعيف جدا. رواه أبو زيد عمر بن شبة النميري في كتاب " أخبار المدينة " حدثنا محمد بن يحيى عن سعد بن سعيد عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، كذا في " الرد على الإخنائي " (126) . قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته أخوسعد بن سعيد واسمه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو متروك متهم بالكذب، وأخوه سعد لين الحديث، وقد أشار إلى تضعيف الحديث ابن النجار في " تاريخ المدينة " المسمى بـ " الدرر الثمينة " (ص 370) بقوله: " وروي عن أبي هريرة أنه قال: ... فذكره. الحديث: 973 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 والظاهر أن أصل الحديث موقوف رفعه هذا المتهم، فقد رواه عمر بن شبة من طريقين مرسلين عن عمر قال: " لومد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه ". هذا لفظه من الطريق الأولى ولفظه من الطريق الأخرى: " لوزدنا فيه حتى بلغ الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءه الله بعامر ". ثم إن معناه صحيح، يشهد له عمل السلف به حين زاد عمر وعثمان في مسجده صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة، فكان يقف الإمام في الزيادة، ورواه الصحابة في الصف الأول، فما كانوا يتأخرون إلى المسجد القديم كما يفعل بعض الناس اليوم! قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكتاب السابق (ص 125) : " وقد جاءت الآثار بأن حكم الزيادة في مسجده صلى الله عليه وسلم حكم المزيد، تضعف فيه الصلاة بألف صلاة، كما أن المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم المزيد، فيجوز الطواف فيه، والطواف لا يكون إلا في المسجد لا خارجا منه، ولهذا اتفق الصحابة على أنهم يصلون في الصف الأول من الزيادة التي زادها عمر ثم عثمان، وعلى ذلك عمل المسلمين كلهم، فلولا أن حكمه حكم مسجده، لكانت تلك الصلاة في غير مسجده ويأمرون بذلك " ثم قال: " وهذا هو الذي يدل عليه كلام الأئمة المتقدمين وعملهم، فإنهم قالوا: إن صلاة الفرض خلف الإمام أفضل، وهذا الذي قاله هو الذي جاءت به السنة، وكذلك كان الأمر على عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، فإن كلاهما زاد من قبلي المسجد، فكان مقامه في الصلوات الخمس في الزيادة، وكذلك مقام الصف الأول الذي هو أفضل ما يقام فيه بالسنة والإجماع، وإذا كان كذلك، فيمتنع أن تكون الصلاة في غير مسجده أفضل منها في مسجده، وإن يكون الخلفاء والصفوف الأول كانوا يصلون في غير مسجده، وما بلغني عن أحد من السلف خلاف هذا لكن رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن الزيادة ليست من مسجده، وما علمت له في ذلك سلفا من العلماء ". وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو: 974 - " لوزدنا في مسجدنا، وأشار بيده إلى القبلة ". ضعيف جدا. رواه ابن النجار في " تاريخ المدينة " (369) من طريق محمد بن الحسن بن زبالة: حدثني محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن مصعب بن ثابت عن مسلم بن خباب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما وهو في مصلاه (فذكره) . فلما توفي صلى الله عليه وسلم وولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره) فأجلسوا رجلا في موضع مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رفعوا يد الرجل وخفضوها حتى رأوا ذلك نحوا ما رأو االنبي صلى الله عليه وسلم رفع يده ثم مد، ووضعوا طرفه بيد الرجل ثم مدوه فلم يزالوا يقدمونه ويؤخرونه حتى رأو اأن ذلك شبيه بما أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزيادة، فقدم عمر القبلة، فكان موضع جدار عمر في موضع عيدان المقصورة. الحديث: 974 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 قلت: وهذا سند واه جدا، ابن زبالة اتهموه بالكذب كما في " التقريب "، وقال ابن حبان (2 / 271) : " كان ممن يسرق الحديث، ويروي عن الثقات ما لم يسمع منهم من غير تدليس عنهم ". 975 - " حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم ". ضعيف. رواه الحافظ أبو بكر البزار في " مسنده ": حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله هو ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حياتي خير لكم ... "، ثم قال البزار: " لم نعرف آخره يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه ". ذكره الحافظ ابن كثير في " البداية " (5 / 275) ثم قال: " قلت وأما أوله وهو قوله عليه السلام: " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام "، فقد رواه النسائي من طرق متعددة عن سفيان الثوري وعن الأعمش كلاهما عن عبد الله بن السائب به ". قلت الحديث عند النسائي في " سننه " (1 / 189) كما ذكر الحافظ من طرق عديدة عن سفيان عن عبد الله بن السائب، لكن ليس عنده وعن الأعمش، وإنما رواه من طريقه أيضا الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 81 / 2) . وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 205) وابن عساكر (9 / 189 / 2) . قلت: فاتفاق جماعة من الثقات على رواية الحديث عن سفيان دون آخر الحديث " حياتي .... "، ثم متابعة الأعمش له على ذلك مما يدل عندي على شذوذ هذه الزيادة، لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز بها، لاسيما وهو متكلم فيه من قبل حفظه، مع أنه من رجال مسلم وقد وثقه جماعة وضعفه آخرون وبين .... ، فقال الخليلي: " ثقة، لكنه أخطأ في أحاديث، وقال النسائي: " ليس بالقوي، يكتب حديثه ". وقال ابن عبد البر: " روى عن مالك أحاديث أخطأ فيها ". وقال ابن حبان في " المجروحين " (2 / 152) : " منكر الحديث جدا، يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك ". قلت: ولهذا قال فيه الحافظ في " التقريب: " صدوق يخطىء ". الحديث: 975 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 وإذا عرفت ما تقدم فقول الحافظ الهيثمي في " المجمع " (6 / 24) : " رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح ". فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه! ولعل السيوطي اغتر بهذا حين قال في " الخصائص الكبرى " (2 / 281) : " سنده صحيح ". ولهذا فإني أقول: إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد البزار حين قال عنه في " تخريج الإحياء " (4 / 128) : " ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم، ووثقه ابن معين والنسائي، فقد ضعفه بعضهم ". قلت: وأما قوله هو أو ابنه في " طرح التثريب في شرح التقريب " (3 / 297) : " إسناده جيد ". فهو غير جيد عندي، وكان يكون ذلك لولا مخالفة عبد المجيد للثقات على ما سبق بيانه، فهي علة الحديث، وإن كنت لم أجد من نبه عليها، أولفت النظر إليها، إلا أن يكون الحافظ بن كثير في كلمته التي نقلتها عن كتابه " البداية "، والله أعلم. نعم، قد صح إسناد هذا الحديث عن بكر بن عبد الله المزني مرسلا، وله عنه ثلاث طرق: الأولى عن غالب القطان عنه. أخرجه إسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (رقم 25 بتحقيقي) وابن سعد في " الطبقات " (2 / 2 / 2) . ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. الثانية: عن كثير أبي الفضل عنه. أخرجه إسماعيل أيضا (رقم 26) ، ورجاله ثقات رجال مسلم غير كثير، واسم أبيه يسار وهو معروف كما بينه الحافظ في " اللسان " ردا على قول ابن القطان فيه: " حاله غير معروفة ". الثالثة: عن جسر بن فرقد عنه. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (230 من بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث) ، وجسر ضعيف. قلت: فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولا عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن بكر، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقا إياه بحديثه الأول عنه. والله أعلم. وقد وقفت عليه من حديث أنس، وله عنه طريقان: الأولى: عن أبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري: حدثنا خراش عن أنس مرفوعا مختصرا نحوه وفيه " تعرض علي أعمالكم عشية الاثنين والخميس ". أخرجه ابن عدي (124 / 2) وأبو منصور الجرباذقاني في " الثاني من عروس الأجزاء " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 (ق / 139 / 2) وعبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في " جزء له " (2 / 2) وعزاه الحافظ العراقي (4 / 128) للحارث بن أبي أسامة في " مسنده " بإسناد ضعيف، أي بهذا الإسناد كما بينه المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عنه تضعيفه إياه بقوله: أي وذلك لأن فيه خراش بن عبد الله ساقط عدم، وما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب، وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار، ثم ساق له أخبارا هذا منها ". قلت: فالإسناد موضوع، فلا يفرح به. الثانية: عن يحيى بن خدام: حدثنا محمد بن عبد الملك بن زياد أبو سلمة الأنصاري: حدثنا مالك بن دينار عن أنس به نحوه وفيه: " تعرض علي أعمالكم كل خميس ". أخرجه أبو طاهر المخلص في " الثاني من العاشر من حديثه " (ق 212 / 2) : حدثنا يحيى (يعني ابن محمد بن صاعد) : حدثنا يحيى بن خدام به. قلت: وهذا موضوع أيضا آفته الأنصاري هذا قال العقيلي: " منكر الحديث "، وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال ابن طاهر: " كذاب وله طامات ". وقال الحاكم أبو عبد الله: " يروي أحاديث موضوعة ". والراوي عنه يحيى بن خدام روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال الحاكم أبو أحمد في ترجمة الأنصاري المذكور: " روى عن يحيى بن خدام عن مالك بن دينار أحاديث منكرة، فالله تعالى أعلم الحمل فيه على أبي سلمة أو على ابن خدام ". وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه، وخيرها حديث بكر بن عبد الله المزني وهو مرسل، وهو من أقسام الحديث الضعيف عند المحدثين، ثم حديث ابن مسعود، وهو خطأ، وشرها حديث أنس بطريقيه. 976 - " إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل، يعني الجماع بدون إنزال ". ضعيف مرفوعا. أخرجه مسلم (1 / 187) والبيهقي (1 / 164) من طريق ابن وهب: أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: الحديث: 976 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 " إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. قلت وهذا إسناد ضعيف وله علتان: الأولى: عنعنة أبي الزبير فقد كان مدلسا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، إلا أنه يدلس ". وقال الذهبي في " الميزان ": " وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء ". قلت: ثم ذكر لذلك بعض الأمثلة، وهذا منها عندي. الثانية: ضعف عياض بن عبد الله وهو ابن عبد الرحمن الفهري المدني، وقد اختلفوا فيه فقال البخاري: " منكر الحديث ". وهذا منه إشارة إلى أنه شديد الضعف كما هو معروف عنه، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال الساجي: " روى عنه ابن وهب أحاديث فيها نظر ". قلت: وهذا من روايته عنه كما ترى، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال ابن شاهين في " الثقات ": وقال أبو صالح: ثبت، له بالمدينة شأن كبير في حديثه شيء ". قلت: ولخص هذه النقول الحافظ في " التقريب " بقوله: " فيه لين "، وأشار الذهبي في " الميزان " إلى تضعيف قول من وثقه بقوله في ترجمته: " وثق! وقال أبو حاتم، ليس بالقوي ". ولذلك أورده في " كتاب الضعفاء " وحكى فيه قول أبي حاتم المذكور، وبالجملة، فالرجل ضعيف لا يحتج به إذا انفرد ولو لم يخالف، فكيف وقد خالفه من مثله في الضعف فرواه موقوفا على عائشة، ألا وهو أشعث بن سوار فقال: عن أبي الزبير به عن عائشة قالت: " فعلناه مرة فاغتسلنا، يعني الذي يجامع ولا ينزل ". أخرجه أحمد (6 / 68 / 110) وأبو يعلى (223 / 2) . وأشعث هذا ضعيف كما في " التقريب ". وأخرج له مسلم متابعة، فروايته أرجح عندي من رواية عياض، لأن لها شاهدا من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها " أنها سئلت عن الرجل يجامع ولا ينزل؟ فقالت: فعلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا منه جميعا ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (233 / 1) وابن الجارود في " المنتقى " (رقم 93) وغيره بسند صحيح كما بينته في زوائده على " الصحيحين " برقم (54) الذي أنا في صدد تأليفه، أرجوالله أن يسهل لي إتمامه. قلت: فهذا هو اللائق بهذا الحديث أن يكون موقوفا، وأما رفعه فلا يصح، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 ثم رأيت الحديث في " المدونة " (1 / 29 - 30) هكذا: ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي وابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر. فزال بذلك تفرد عياض به، وانحصرت العلة في عنعنة أبي الزبير مع المخالفة. 977 - " إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف ". ضعيف مرفوعا. أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار (1 / 231) : حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا المقدمي: قال: حدثني عمر بن علي قال: حدثنا ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره . قلت وهذا إسناد ظاهره الصحة، ولذلك قال الحافظ في " الفتح " (2 / 214) إنه حسن، ولكنه معلول، وعلته خفية جدا، فإن الرجال كلهم ثقات، والمقدمي اسمه محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم مولى ثقيف وثقه أبو زرعة وقال أبو حاتم: " صالح الحديث محله الصدق " كما في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 213) . وعمر بن علي هو عم المقدمي، وهو علة الحديث فإنه وإن كان ثقة محتجا به في " الصحيحين " فقد كان يدلس تدليسا سيئا جدا، قال ابن سعد: " كان ثقة، وكان يدلس تدليسا شديدا، يقول سمعت وحدثنا، ثم يسكت، فيقول: هشام بن عروة، والأعمش! "، وقال أحمد: " كان يدلس، سمعته يقول: " حجاج، وسمعته ". يعني حديثا آخر، قال أحمد: كذا كان يدلس! "، وقال أبو حاتم: " محله الصدق، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة ". قلت: وأنا أخشى أن يكون دلس في هذا الحديث عن بعض الضعفاء حيث زاد الرفع، والمعروف أنه موقوف، فقال ابن أبي شيبة (1 / 99 / 2) : " أخبرنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان به موقوفا بلفظ: " لا تكبر حتى تأخذ مقامك من الصف "، ثم قال: " أخبرنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان به بلفظ: " إذا دخلت والإمام راكع، فلا تركع حتى تأخذ مقامك من الصف ". ومما يضعف هذا الحديث سواء المرفوع منه والموقوف أنه قد صح ما يخالفه مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا على جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وقد بينت ذلك في " الأحاديث الصحيحة " تحت (رقم 229) بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة ". الحديث: 977 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 فهذا الحديث وإسناده صحيح كما بينته هناك هو العمدة في هذا الباب وقد عمل به كبار الأصحاب كما أثبته هناك. 978 - " أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف ". ضعيف بهذا التمام. أخرجه الترمذي (1 / 202) والبيهقي (7 / 290) من طريق عيسى بن ميمون الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث غريب حسن، وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث ". وقال البيهقي: " عيسى بن ميمون ضعيف ". وكذا قال الحافظ في " التقريب ". وروى ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 287) وابن حبان (2 / 116) عن عبد الرحمن بن مهدي قال: " استعديت على عيسى بن ميمون في هذه الأحاديث عن القاسم بن محمد في النكاح وغيره فقال: لا أعود ". وعن ابن معين قال: " عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة، ليس بشيء ". وعن أبي حاتم قال: " هو متروك الحديث ". قلت: تابعه ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد به دون قوله: " واجعلوه في المساجد ". أخرجه ابن ماجه (1895) والبيهقي وأبو نعيم في " الحلية " (3 / 265) من طريق خالد بن إلياس عن ربيعة، وقال أبو نعيم: " تفرد به خالد بن إلياس ". وقال البيهقي: وقال في " الزوائد ": " هو ضعيف ". " اتفقوا على ضعفه، بل نسبه ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النقاش إلى الوضع ". (تنبيه) زاد البيهقي في الرواية الأولى: " وليولم أحدكم، ولوبشاة، فإذا خطب أحدكم وقد خضب بالسواد فليعلمها ولا يغرنها ". وقد عزاه بهذه الزيادة الصنعاني (3 / 154) للترمذي وهو وهم، فليس عنده ولا عند ابن ماجه مثل هذه الزيادة، وقال المناوي في " فيض القدير ": " جزم البيهقي بصحته (!) قال ابن الجوزي ضعيف جدا، وقال ابن حجر في " الفتح ": سنده ضعيف، وقال الزيلعي في " تخريج أحاديث الهداية ": ضعيف ". قلت: قوله: " بصحته " أظنه محرفا " بضعفه "، فقد عرفت أن البيهقي ضعفه بعيسى ابن ميمون. الحديث: 978 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 وأما تحسين الترمذي للحديث فإنما هو باعتبار الفقرة الأولى منه، فإن لها شاهدا من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعا، والترمذي إنما أورده في " باب ما جاء في إعلان النكاح ". وأما الجملة التي بعدها فإني لم أجد لها شاهدا فهي لذلك منكرة. وقد خرجت شواهد الفقرة الأولى في " آداب الزفاف " (ص 97) و" إرواء الغليل " (2053) . 979 - " من أدى إلى أمتي حديث يقيم به سنة، أو يثلم به بدعة، فله الجنة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (10 / 44) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (2 / 57 / 1) وكذا ابن شاذان في " المشيخة الصغيرة " (رقم 46 من نسختي) وأبو القاسم القشيري في " الأربعين " (ق 150 - 151) والسلفي في " أربعينه " (10 / 2) وعنه ابن عساكر في " أربعين السلفي " (9 / 2) وابن البناء في " الرد على المبتدعة " (2 / 2) وعفيف الدين في " فضل العلم " (ق 124 - 125) ومحمد بن طولون في " الأربعين " (14 / 1) من طريق عبد الرحيم بن حبيب والعلاء بن مسلمة بعضهم عن الأول، وأكثرهم عن الآخر كلاهما عن إسماعيل بن يحيى التيمي عن سفيان الثوري عن ليث عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته إسماعيل هذا، قال الذهبي: " حدث عن ابن جريج ومسعر بالأباطيل، قال صالح جزرة: كان يضع الحديث، وقال الأزدي ركن من أركان الكذب لا تحل الرواية عنه، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه بواطيل. وقال أبو علي النيسابوري والدارقطني والحاكم: كذاب ". قلت: وقد تلقاه عنه كذابان مثله! أحدهما العلاء بن مسلمة، قال ابن حبان (2 / 174) : " يروي الموضوعات عن الثقات " وقال ابن طاهر: " كان يضع الحديث ". والآخر عبد الرحيم بن حبيب، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن حبان (2 / 154) : " كان يضع الحديث على الثقات وضعا، لعله وضع أكثر من خمسمائة حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقال أبو نعيم الأصبهاني: " روى عن ابن عيينة وبقية الموضوعات ". والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "! وعزاه لحلية أبي نعيم فقط! وتعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله: " وفيه عبد الرحيم (الأصل عبد الرحمن وهو خطأ) بن حبيب أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " متهم بالوضع "، وإسماعيل بن يحيى التيمي قال - أعني الذهبي - كذاب يضع ". الحديث: 979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وقد اغتر بالسيوطي بعض المتأخرين من المغاربة، فأورده في كتابه " لبانة القاري من صحيح البخاري " وذكره في مقدمته محتجا به وجازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم! 980 - " إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم، فإنه أروح لأقدامكم ". ضعيف جدا. رواه الدارمي (2 / 108) وأبو سعيد الأشج في " حديثه " (214 / 1) والحاكم (4 / 119) وكذا أبو القاسم الصفار في " الأربعين في شعب الإيمان " كما في " المنتقى منه " للضياء المقدسي (48 / 2) و" المنتخب منه " لأبي الفتح الجويني (74 / 1) والديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 102 - مختصره) عن موسى بن محمد عن أبيه عن أنس مرفوعا. وقال الحاكم: " حديث صحيح الإسناد! ورده الذهبي بقوله: " قلت أحسبه موضوعا، وإسناده مظلم، وموسى تركه الدارقطني ". وأقول: هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أبو محمد المدني، متفق على تضعيفه، وضعفه طائفة تضعيفا شديدا، فقال البخاري: " عنده مناكير ". وقال أبو داود: " لا يكتب حديثه " وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، منكر الحديث، وأحاديث عقبة بن خالد عنه من جناية موسى، ليس لعقبة فيها جرم ". قلت: وهذا الحديث من رواية عقبة عنه، فهو من جناية موسى، وفي تعبير أبي حاتم هذا توهين شديد له كما لا يخفى. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (5 / 23) وقال: " رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في " الأوسط "، ورجال الطبراني ثقات إلا أن عقبة بن خالد السكوني لم أجد له من محمد بن الحارث سماعا ". قلت: محمد بن الحارث والد موسى لكنه نسب إلى جده، فإنه محمد بن إبراهيم بن الحارث كما عرفت من ترجمة ابنه، والحديث من رواية الولد عن أبيه، كذلك أخرجه الحاكم وغيره كما تقدم عن عقبة بن خالد عن موسى بن محمد عن أبيه، فالظاهر أنه سقط من إسناد الطبراني أو من ناسخ كتابه قوله " عن أبيه " فصار الحديث منقطعا بين عقبة ومحمد بن الحارث، والله أعلم. ولفظ رواية أبي يعلى وإسناده خلاف ما سبق كما يتبين مما يأتي: " إذا قرب لأحدكم طعامه وفي رجليه نعلان فلينتزع نعليه، فإنه أروح للقدمين، وهو من السنة ". قال المناوي: " وفيه معاذ بن سعد، قال الذهبي: مجهول، وداود بن الزبرقان، قال أبو داود: متروك، والبخاري: مقارب ". الحديث: 980 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 قلت: ثم وقفت على إسناد أبي يعلى في " مسنده " قال (3 / 1036) : حدثنا معاذ بن شعبة: أخبرنا داود بن الزبرقان عن أبي الهيثم عن إبراهيم التيمي عن أنس مرفوعا به، وبهذا الإسناد أخرجه البزار أيضا (ص 159 - زوائده) قلت: ومعاذ بن شعبة هو أبو سهيل البصري، روى عن عباد بن العوام وعثمان بن مطر، روى عن موسى بن إسحاق الأنصاري، كما في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 251) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومنه تبين أنه تصحف اسم أبيه (شعبة) إلى (سعد) على المناوي، فنقل عن الذهبي أنه قال: " معاذ بن سعد مجهول ". وهذا إنما هو الذي يروي عن جنادة بن أبي أمية، فهو تابعي مجهول من الطبقة الرابعة عند الحافظ! 981 - " من كانت له حمولة تأو ي إلى شبع (وري) ، فليصم رمضان حيث أدركه ". ضعيف. أخرجه أبو داود (1 / 378) وأحمد (3 / 476 و5 / 7) والعقيلي في " الضعفاء (ص 259) من طرق عن عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي: حدثني حبيب بن عبد الله قال: سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي يحدث عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال العقيلي - والزيادة له -: " لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ". يعني عبد الصمد هذا، وقد أورده البخاري في " الضعفاء " أيضا وقال (ص 24) : " لين الحديث، ضعفه أحمد ". وقال المنذري في " مختصر السنن " (3 / 290) : " قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه، وليس بالمتروك، وقال: يحول من: " كتاب الضعفاء " - ثم ذكر ما نقلناه عن البخاري ثم قال - وقال البخاري أيضا: منكر الحديث، ذاهب الحديث، ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئا ". قلت: وفيه علة أخرى، وهي جهالة ابنه حبيب بن عبد الله، قال الذهبي في " الميزان " والعسقلاني في " التقريب ": " مجهول ". والحديث أورده الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي في رسالته " الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (ق 217 / 2) في جملة أحاديث من " ما يذكره بعض الفقهاء والأصوليين أو المحدثين محتجا به أو غير محتج به مما ليس له إسناد، أوله إسناد ولا يحتج بمثله النقاد من أهل العلم ". ثم ساق أحاديث كثيرة هذا أحدها. الحديث: 981 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 982 - " لا تكون لأحد بعدك مهرا. قاله للذي زوجه المرأة على سورة من القرآن ". منكر. أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزدي قال: " زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن، وقال: فذكره، قال الحافظ في " الفتح " (9 / 174) : " وهذا مع إرساله فيه من لا يعرف ". قلت: هو أبو النعمان هذا، والظاهر أنه الذي في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 449) " أبو النعمان روى عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم، وروى عن سلمان، وروى عنه على ابن عبد الأعلى، قال أبي مجهول ". والحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: " إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يجبها شيئا، ثم قامت الثالثة، فقالت إنها وهبت نفسها لك فر فيها رأيك فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال: اذهب فاطلب ولوخاتم من حديد، فذهب يطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن ". وكذلك رواه مالك والنسائي والترمذي والبيهقي (7 / 242) دون قوله: " لا تكون لأحد بعدك "، ولقد وهم صاحب " الروض المربع " من كتب الحنابلة وهما فاحشا، فعزا الحديث بلفظ سعيد بن منصور المرسل إلى البخاري! فقد تبين أن البخاري ليس عنده هذه الزيادة ولا عند غيره ممن ذكرنا، فدل ذلك على أنها زيادة منكرة لتفرد هذا الطريق الواهي بها دون سائر طرق الحديث وشواهده وهي كثيرة قد أخرجها الحافظ رحمه الله في " الفتح " (9 / 168) فليراجعها من شاء، وقد روي الحديث عن ابن مسعود بزيادة أخرى منكرة أيضا وهو: الحديث: 982 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 983 - " قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عوضتها ". منكر. رواه الدارقطني في " سننه " (394) ومن طريقه البيهقي (7 / 243) عن عتبة بن السكن: أخبرنا الأوزاعي: أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي طلحة: حدثني زياد بن زياد: حدثني عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود: " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله الحديث: 983 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 رأ في رأيك .... " الحديث نحو حديث سهيل الصحيح المذكور قبله، وفيه: " قال: فهل تقرأ من القرآن شيئا ؟ قال: نعم سورة البقرة وسورة المفصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... " فذكره وقال الدارقطني: " تفرد به عن عتبة وهو متروك الحديث ". وقال البيهقي: " عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع، وهذا باطل لا أصل له ". قلت: ومن أحاديث هذا المتهم: 984 - " كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار حين ترتفع الشمس أربع ركعات، فقالت عائشة: يا رسول الله أراك تستحب الصلاة في هذه الساعة؟ قال: يفتح فيه أبواب السماء، وينظر الله تبارك وتعالى إلى خلقه، وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ". ضعيف جدا. رواه الخطيب في " التلخيص " (88 / 1 - 2) عن عتبة بن السكن الحمصي: حدثنا الأوزاعي: حدثنا صالح بن جبير: حدثني أبو أسماء الرحبي: حدثني ثوبان مرفوعا وقال: " تفرد به عتبة بن السكن عن الأوزاعي ". قلت: وقد عرفت من الحديث السابق أن ابن السكن هذا متهم بالوضع. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (2 / 219) : " رواه البزار، وفيه عتبة بن السكن، قال الدارقطني: متروك، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: يخطىء ويخالف ". قلت: ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (1 / 203) إلى ضعفه. قلت: وليس عند البزار قوله " حين ترتفع الشمس "، وهو يدفع دلالة الحديث على ما ترجم له المنذري وهو: " الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها " فتأمل. الحديث: 984 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 985 - " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ". منكر. رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره ": حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس: حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد: حدثنا عمر بن أبي عثمان: حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر "؟ قال: " فذكره. ذكره ابن كثير (2 / 414) وابن عروة في " الكواكب الدراري " (83 / 1 - 2 / 1) . قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان: الحديث: 985 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 الأولى: الانقطاع بين الحسن وهو البصري وعمران بن الحصين، فإنهم اختلفوا في سماعه منه فإن ثبت، فعلته عنعنة الحسن فإنه مدلس معروف بذلك. والأخرى جهالة عمر بن أبي عثمان، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 123) وقال " سمع طاووسا قوله، روى عنه يحيى بن سعيد ". 986 - " إذا خلع أحدكم نعليه في الصلاة، فلا يجعلهما بين يديه فيأتم بهما، ولا من خلفه، فيأتم بهما أخوه المسلم ولكن ليجعلهما بين رجليه ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 195) من طريق أبي سعيد الشقري عن زياد الجصاص عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " لا يروى عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا، فإن زيادا هذا وهو ابن أبي زياد الجصاص قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن معين وابن المديني: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: واه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وأما ابن حبان فقال في " الثقات ": ربما يهم، قلت بل هو مجمع على ضعفه ". قلت: والراوي عنه أبو سعيد الشقري واسمه المسيب بن شريك مثله في الضعف أو أشد، فقد قال فيه أحمد: " ترك الناس حديثه ". وضعفه البخاري جدا فقال: " سكتوا عنه ". وقال مسلم وجماعة: " متروك ". وقال الفلاس: " متروك الحديث، قد أجمع أهل العلم على ترك حديثه ". وقال الساجي: " متروك الحديث، يحدث بمناكير ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (2 / 55) بلفظ: " إذا صلى أحدكم فخلع نعليه، فلا يخلعهما عن يمينه فيأثم، ولا من خلفه فيأتم بهما صاحبه، ولكن ليخلعهما بين ركبتيه ". وقال: " رواه الطبراني في الكبير، وفيه زياد الجصاص ضعفه ابن معين وابن المديني وغيرهما، وذكره ابن حبان في " الثقات " ". كذا قال، وقد عرفت مما سبق أن ابن حبان قد خالف في هذا التوثيق إجماع الأئمة الذين ضعفوه، فلا يعتد بتوثيقه! الحديث: 986 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 والحديث قد روي من طريق أخرى وهو: " إذا صليت فصل في نعليك، فإن لم تفعل فضعهما تحت قدميك، ولا تضعهما عن يمينك، ولا عن يسارك فتؤذي الملائكة والناس، وإذا وضعتهما بين يديك كأنما بين يديك قبلة ". 987 - " إذا صليت فصل في نعليك، فإن لم تفعل فضعهما تحت قدميك، ولا تضعهما عن يمينك، ولا عن يسارك فتؤذي الملائكة والناس، وإذا وضعتهما بين يديك كأنما بين يديك قبلة ". منكر. رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9 / 448 - 449) عن أبي خالد إبراهيم بن سالم حدثنا عبد الله بن عمران البصري عن أبي عمران الجوني عن أبي برزة الأسلمي عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف علته إبراهيم هذا، قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن عدي: له مناكير ". ثم ساق له الذهبي حديثين منكرين، ثم قال: " وسئل أبو حاتم عن عبد الله بن عمران؟ فقال: شيخ ". وروي الحديث من طريق ثالث وهو: الحديث: 987 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 988 - " ألزم نعليك قدميك، فإن خلعتهما فاجعلهما بين رجليك، ولا تجعلهما عن يمينك، ولا عن يمين صاحبك، ولا وراءك فتؤذي من خلفك ". ضعيف جدا. رواه ابن ماجه (1 / 437 - 438) عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا سند ضعيف جدا، لأن عبد الله هذا متروك كما في " التقريب " لابن حجر، و" الضعفاء " للذهبي ولفظه: " تركوه " وسلفه في ذلك البخاري وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 89 / 1) : " هذا إسناده ضعيف، عبد الله بن سعيد متفق على تضعيفه ". قلت: ومما يؤكد ضعفه أنه قد خالفه في متن هذا الحديث ثقتان فروياه عن أبيه سعيد بن أبي سعيد بلفظ: " إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا، ليجعلهما بين رجليه، أو ليصل فيهما ". وإسناده صحيح، وقد خرجته في " صحيح أبي داود " (رقم 662) . الحديث: 988 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 989 - " يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحد يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين يوما ". ضعيف. رواه سمويه في " الفوائد " (37 / 2) : حدثنا أحمد بن يونس: أخبرني سعد أبو غيلان الشيباني قال: سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز الأزدي أو حريز عن عكرمة الحديث: 989 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 عن ابن عباس مرفوعا ورواه الطبراني (3 / 140 / 1) من طريق أخرى عن أحمد بن يونس به إلا أنه لم يقل في سنده " أو حريز ". قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بجماعة لا يعرفون من سعد إلى أبي حريز غير أن سعدا لم يتفرد به، فقد رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 182 / 1، 144 / 1) من طريق زريق بن السحت: أخبرنا جعفر بن عون: أخبرنا عفان بن جبير الطائي عن عكرمة به وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ". قلت: ومداره على عفان بن جبير هذا، وقد أورده ابن أبي حاتم (3 / 2 / 30) ولم يذكر فيه جرحا وتعديلا، ولعل ابن حبان أورده في " الثقات "! والظاهر أنه قد اختلف عليه فرواه زريق هذا عن جعفر بن عون عنه عن عكرمة به. وخالفه سعد أبو غيلان فرواه عنه عن أبي حريز أو حريز عن عكرمة به، فزاد في السند أبا حريز أو حريز، ويبدو أن حريزا مجهول، فإن ابن أبي حاتم لم يذكر في ترجمته أكثر من قوله: " كوفي، كان أبوه أبا حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان ". وله ترجمة طويلة في " اللسان " وأفاد أنه كان من شيوخ الشيعة وأنه كوفي أزدي. وأما أبوه عبد الله بن الحسين فصدوق يخطىء كما في " التقريب ". وأما سعد أبو غيلان فأورده ابن أبي حاتم أيضا (2 / 1 / 99) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما زريق الذي في الوجه الثاني فلم أجد له ترجمة. وأما جعفر بن عون فثقة من رجال الشيخين. وجملة القول أن إسناد الحديث ضعيف لتفرد عفان بن جبير به، كما أشار إلى ذلك الطبراني وهو مجهول، وللاختلاف عليه في إسناده كما عرفت، فقول المنذري في " الترغيب " (3 / 135) ثم العراقي في " تخريج الإحياء (1 / 155) : " رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد الكبير حسن ". ففيه نظر كبير، لما عرفت من تسلسل إسناد الكبير بالمجهولين. نعم الشطر الثاني من الحديث حسن لأن له شاهدا من حديث أبي هريرة، ولذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " (رقم 231) . 990 - " من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 235 - طبع الحلبي) ومن طريقه البيهقي في " سننه " (6 / 128) وأبو نعيم في " الحلية " (9 / 236) من طريق عبد الله بن رجاء: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال أبو نعيم: " غريب من حديث أبي الزبير، تفرد به ابن خثيم بهذا اللفظ، وعبد الله بن رجاء هو المكي، ليس بالعراقي البصري ". الحديث: 990 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 قلت وهو ثقة من رجال مسلم وأصله من البصرة قال ابن سعد: " كان ثقة كثير الحديث، وكان من أهل البصرة، فانتقل إلى مكة فنزلها إلى أن مات بها ". وأما العراقي البصري فهو الغداني وليس مكيا وهو مع كونه ممن احتج بهم البخاري في " صحيحه " ففيه كلام كثير، وقد ظن المناوي في " فيض القدير " أنه هو راوي هذا الحديث فأعله به فقال: " وفيه عبد الله بن رجاء، أورده الذهبي في " ذيل الضعفاء " وقال: صدوق، قال الفلاس: كثير الغلط والتصحيف ". وهذا هو الغداني كما صرح به الذهبي نفسه في ترجمته، وليس هو صاحب هذا الحديث كما صرح بذلك أبو نعيم فيما نقلته عنه آنفا، وكذلك أبو داود حيث قال في روايته: " حدثنا ابن رجاء يعني المكي ". والغداني ليس مكيا كما ذكرنا، فلا أدري كيف خفي هذا على المناوي. وإنما علة الحديث أبو الزبير واسمه محمد بن مسلم بن تدرس، فإنه وإن كان ثقة ومن رجال مسلم، فهو مدلس وقد عنعنه وقد قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها ابن الزبير السماع عن جابر ولا من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء ". قلت: فلا يطمئن القلب لصحة هذا الحديث مع هذه العنعنة، لاسيما وهو ليس في " صحيح مسلم ". (تنبيه) عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لأبي داود والحاكم، ولم أجده في " مستدركه " في المواضع التي يظن وجوده فيها، فالله أعلم. ثم وجدته فيه بواسطة الفهرس الذي أنا في صدد وضعه له، يسر الله لي إتمامه، أخرجه في " التفسير " (2 / 285 - 286) من طريق ابن رجاء المكي به. (فائدة) : المخابرة هي المزارعة، وفي القاموس: " المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من مالكها، وقال: والمخابرة أن يزرع على النصف ونحوه ". وقد صح النهي عن المخابرة من طرق أخرى عن جابر رضي الله عنه عند مسلم (5 / 18 و19) وغيره، ولكنه محمول على الوجه المؤدي إلى الغرر والجهالة، لا على كرائها مطلقا حتى بالذهب والفضة لثبوت جواز ما لا غرر فيه في أحاديث كثيرة وتفصيل ذلك في المطولات مثل " نيل الأوطار " و" فتح الباري " وغيرهما. 991 - " من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته، ومن انتهى إلى أم القرآن فقد أجزأه ". ضعيف جدا. رواه الدارقطني في " سننه " (ص 120) والحاكم (1 / 238) والبيهقي في " جزء القراءة " (ص 54) عن فيض بن إسحاق الرقي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن الحديث: 991 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 عمير الليثي عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، ابن عمير هذا متروك كما قال الدارقطني والنسائي، وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال البيهقي عقب الحديث: " لا يحتج به " وقال الدارقطني: " ضعيف ". قلت: وهذا الحديث يخالف المعروف من مذهب أبي هريرة رضي الله عنه، وذلك أن مفهومه أن القراءة في غير سكتات الإمام - أعني حالة جهره - لا تشرع، والثابت عن أبي هريرة مشروعية القراءة إطلاقا، وهو ما أخرجه مسلم (2 / 9) وغيره عن أبي هريرة مرفوعا: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) غير تمام ". فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك، فهذا كالنص عنه في أنه أمر المؤتم بالقرأة وراء الإمام ولوكان يجهر، لكن قد يقال: أن لا مخالفة، وذلك بحمل المطلق على القراءة في سكتات الإمام، فإنه ثبت عن أبي هريرة أمره بها كما تقدم تحت الحديث (546) وذلك من الأدلة على خطأ رفع حديث الترجمة. ثم إن ما ذهب إليه أبوهريرة من القراءة في الجهرية وراء الإمام، له في الصحابة موافقون ومخالفون، فمن الأول ما أخرجه البيهقي (2 / 167) وغيره عن يزيد بن شريك أنه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: اقرأ بفاتحة الكتاب. قلت: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قلت: وإن جهرت به؟ قال وإن جهرت، وسنده صحيح. ثم ذكر البيهقي في الموافقين جماعة من الصحابة وفي ذلك نظر من جهة السند والمعنى لا ضرورة بنا إلى استقصاء القول في ذلك بعد أن ذكرنا ثبوته عن أبي هريرة وعمر. وأما المخالفون فيأتي ذكر بعضهم في الحديث الآتي. 992 - " إذا كنت مع الإمام فاقرأ بأم القرآن قبله إذا سكت ". ضعيف. رواه البيهقي في " جزء القراءة " (ص 54) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. ثم رواه من طريق ابن لهيعة أخبرنا عمرو بن شعيب به نحوه. ثم رواه الدارقطني (121) من طريق محمد بن عبد الوهاب: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عمرو بن شعيب به. وخالفه فيض بن إسحاق الرقي فرواه عن ابن عبيد هذا بإسناد آخر نحوه فانظر الحديث المتقدم. ثم قال البيهقي: " ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وإن كان غير محتج به، وكذا من تقدم ممن رواه عن عمرو بن شعيب، فلقراءة المأموم فاتحة الكتاب في سكتة الإمام شواهد صحيحة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده خبرا عن فعلهم، وعن أبي هريرة وغيره من فتواهم، ونحن نذكرها إن شاء الله تعالى في ذكر أقاويل الصحابة ". الحديث: 992 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 قلت: ابن عمير هذا متروك شديد الضعف كما مضى قريبا، فلا يستشهد به ونحوه المثنى بن الصباح، فقد ضعفه الجمهور من الأئمة، وقال النسائي وابن الجنيد: " متروك الحديث " وقال النسائي في موضع آخر: " ليس بثقة ". وقال الساجي: " ضعيف الحديث جدا، حدث بمناكير يطول ذكرها، وكان عابدا يهم ". قلت: وأيضا فإنه كان ممن اختلط في آخر عمره كما قال ابن حبان. وأما ابن لهيعة، فهو معروف بالضعف،، لأنه خلط بعد احتراق كتبه، فيحتمل أن يكون هذا من تخاليطه، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. وأما الشواهد التي أشار إليها البيهقي فعلى فرض التسليم بصحتها، فهي موقوفة، فلا يصح الاستشهاد بها على صحة المرفوع، لاسيما والآثار في هذا الباب عن الصحابة مختلفة، فقد روى البيهقي في " سننه " (2 / 163) بسند صحيح عن أبي الدرداء أنه قال: " لا أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم ". وروى هو (2 / 160) وغيره بسند صحيح أيضا عن جابر قال: " من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام ". وعن ابن عمر أنه كان يقول: " من صلى وراء الإمام كفاه قراءة الإمام ". وسنده صحيح أيضا، وعن ابن مسعود أنه سئل عن القراءة خلف الإمام؟ قال: أنصت، فإن في الصلاة شغلا ويكفيك الإمام. رواه الطحاوي (1 / 129) والبيهقي (2 / 160) وغيرهما بسند صحيح. قلت: فهذه آثار كثيرة قوية تعارض الآثار المخالفة لها مما أشار إليه البيهقي وذكرنا بعضها آنفا، فإذا استشهد بها لصحة هذا الحديث، فلمخافة أن يستشهد بهذه الآثار على ضعفه، والحق أنه لا يجوز تقوية الحديث ولا تضعيفه بآثار متعارضة فتأمل. والذي نراه أقرب إلى الصواب في هذه المسألة مشروعية القراءة وراء الإمام في السرية دون الجهرية، إلا إن وجد سكتات الإمام، وليس هناك حديث صريح لم يدخله التخصيص يوجب القراءة في الجهرية، وليس هذا موضع تفصيل القول في ذلك فاكتفينا بالإشارة. 993 - " من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له ". باطل. رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 151 - 152) وعنه ابن الجوزي في " العلل المتناهية ": حدثني إبراهيم بن سعيد القشيري عن أحمد بن علي بن سلمان المروزي عن (سعيد بن) عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ابن حبان في ترجمة المروزي هذا: " هذا الحديث لا أصل له، وأحمد بن علي بن سلمان لا ينبغي أن يشتغل بحديثه ". ونقله الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 19) والحافظ في " اللسان " ولم يعلق عليه بشيء وابن سلمان هذا ترجمه الخطيب أيضا (4 / 303) وقال: الحديث: 993 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 " قرأت بخط الدارقطني - وحدثنيه أحمد بن محمد العتيقي عنه - قال: أحمد بن علي بن سلمان المروزي متروك يضع الحديث ". قلت: وقد روي موقوفا على زيد بإسناد خير من هذا، أخرجه البيهقي في " سننه " (2 / 163) من طريق الحسين بن حفص عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن ابن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت قال: فذكره موقوفا. قلت: وهذا سند رجاله ثقات غير ابن زيد بن ثابت، فلم أعرفه، والظاهر أنه سعد والد موسى المذكور في هذا الإسناد فإنه موسى بن سعد بن زيد بن ثابت، فإن كان هو، فهو مجهول لا يعرف في شيء من كتب الرجال، ولا ذكر في الرواة عن أبيه، وقد روى عن أبيه أخواه خارجة وسلمان كما في " التهذيب " ولم يذكر معهما سعدا هذا. والله أعلم. وقد أشار البيهقي إلى تضعيف هذا السند فقال: " وهذا إن صح بهذا اللفظ - وفيه نظر - فمحمول على الجهر بالقراءة، والله تعالى أعلم. وقد خالفه عبد الله بن الوليد العدني فرواه عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن زيد لم يذكر أباه في إسناده. قال البخاري: لا يعرف بهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض ولا يصح مثله ". قلت: والعدني هذا قال الحافظ: صدوق ربما أخطأ، ولم يحتج به مسلم، بخلاف الحسين بن حفص فإنه صدوق احتج به مسلم، فروايته أرجح، وفيها المجهول كما عرفت فلا يصح الحديث لا مرفوعا ولا موقوفا والموقوف أشبه. نعم أخرج البيهقي بسند صحيح عن عطاء بن يسار أنه سأل زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام فقال: لا أقرأ مع الإمام في شيء، وقال: " أخرجه مسلم، وهو محمول على الجهر بالقراءة مع الإمام، والله أعلم ". قلت: هذا حمل بعيد جدا، وإنما يحمل على مثله التوفيق بين الأثر والمذهب! وإلا فكيف يؤول بمثل هذا التأويل الباطل الذي إنما يقول البعض مثله إذا كان هناك من يرى مشروعية جهر المؤتم بالقراءة وراء الإمام، فهل من قائل بذلك حتى يضطر زيد رضي الله عنه إلى إبطاله؟ ! اللهم لا، ولكنه التعصب للمذهب عفانا الله منه، وإن مما يؤكد بطلانه أن الإمام الطحاوي رواه (1 / 129) من الطريق المذكور عن زيد بلفظ: " لا تقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات "! وأما عزوه لمسلم ففيه نظر، فإني لم أجد عنده، والله أعلم. 994 - " من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا. قيل: يا رسول الله وهل لها من عينين؟ قال: ألم تسمع إلى قول الله عز وجل: " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا "، فأمسك القوم أن يسألوه، فأنكر ذلك من شأنهم، وقال: الحديث: 994 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 ما لكم لا تسألوني؟ قالوا: يا رسول الله سمعناك تقول من تقول علي ما لم أقل ... ونحن لا نحفظ الحديث كما سمعناه، نقدم حرفا ونؤخر حرفا، ونزيد حرفا وننقص حرفا، قال: ليس ذلك أردت، إنما قلت: من تقول علي مالم أقل يريد عيبي وشين الإسلام، أو شيني وعيب الإسلام ". موضوع. أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص 200) بسند صحيح عن علي بن مسلم الطوسي قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن أصبغ بن زيد عن خالد بن كثير عن خالد بن دريك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف وإن كان رجاله كلهم ثقات، فإنه منقطع بين ابن دريك والرجل، فإنه لم يدرك أحدا من الصحابة، ولذلك أورده ابن حبان في أتباع التابعين. ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد ساق إسناده في " تفسيره " (3 / 310) من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير من طريقين آخرين عن محمد بن يزيد الواسطي بسنده المذكور عن خالد بن دريك (قال:) بإسناد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا صريح في الانقطاع بين ابن دريك والرجل لقوله " بإسناده " وهذا يقتضي أن يكون بينه وبين الرجل راو واحد على الأقل، وهو مجهول لم يسم، فهو علة الحديث. ثم إن في آخره ما يشعر بأن التقول عليه لا بأس به إذا لم يكن في شين الإسلام وعيب النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه من وضع الكرامية الذين كانوا يرو ن جواز الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال، فإذا أنكر ذلك عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " قالوا: نحن ما كذبنا عليه إنما نكذب له! . وقد روي الحديث من طريق أخرى لا يصح أيضا، رواه أبو نعيم في " المستخرج على صحيح مسلم " (1 / 9 / 1) عن محمد بن الفضل بن عطية عن الأحوص بن حكيم عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا به مع تقديم وتأخير وقال: " هذا حديث لا أصل له فيما أعلم، والحمل فيه على محمد بن الفضل بن عطية لاتفاق أكثر الناس على إسقاط حديثه ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1 / 148) بعد أن عزاه للطبراني في " الكبير ": " وفيه الأحوص بن حكيم ضعفه النسائي وغيره، ووثقه العجلي ويحيى بن سعيد القطان في رواية، ورواه عن الأحوص محمد بن الفضل بن عطية ضعيف ". قلت: بل هو شر من ذلك كما أشار إليه أبو نعيم في كلمته السابقة، وقال الحافظ في " التقريب ": الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 " كذبوه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " متروك باتفاق ". والحديث أخرجه ابن منده أيضا في " معرفة الصحابة " (2 / 282 / 2) . 995 - " خذوا للرأس ماء جديدا ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (1 / 214 / 2) عن دهثم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا دهثم قال الحافظ ابن حجر: " متروك ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1 / 234) : " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه دهثم بن قران ضعفه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات ". قلت: وذكره ابن حبان في " الضعفاء " أيضا وقال (1 / 290) : " كان ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير، ويروي عن الثقات أشياء لا أصول لها، قال ابن معين: لا يكتب حديث ". قلت: وهذا معناه أنه متروك كما قال الحافظ، وهو قول ابن الجنيد، ومثله قول أحمد: " متروك الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". ونمران بن جارية مجهول لا يعرف كما قال الذهبي والعسقلاني. ونحو هذا الحديث في المعنى ما أخرجه البيهقي (1 / 65) من طريق الهيثم بن خارجة: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه، وقال: " وهذا إسناد صحيح، وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص وحرملة بن يحيى عن ابن وهب، ورواه مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي وأبي الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ - فذكر وضوءه، قال - ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، ولم يذكر الأذنين، وهذا أصح من الذي قبله ". وتعقبه ابن التركماني فقال: " قلت: ذكر صاحب الإمام أنه رأى في رواية ابن المقرىء عن حرملة عن ابن وهب بهذا الإسناد وفيه: ومسح بماء غير فضل يديه لم يذكر الأذنين ". قلت: فقد اختلف في هذا الحديث على ابن وهب، فالهيثم بن خارجة وابن مقلاص وحرملة بن يحيى - والعهدة في ذلك على البيهقي - رووه عنه باللفظ الأول الذي فيه أخذ الماء الجديد لأذنيه. وخالفهم ابن معروف وابن سعيد الأيلي وأبو الطاهر، فرووه عنه باللفظ الآخر الذي فيه أخذ الحديث: 995 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 الماء لرأسه لم يذكر الأذنين، وقد صرح البيهقي بأنه أصح كما سبق، ومعنى ذلك أن اللفظ الأول شاذ، وقد صرح بشذوذه الحافظ بن حجر في " بلوغ المرام "، ولا شك في ذلك عندي لأن أبا الطاهر وسائر الثلاثة قد تابعهم ثلاثة آخرون، وهم حجاج بن إبراهيم الأزرق، وابن أخي بن وهب - واسمه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، أخرجه عنهما أبو عوانة في " صحيحه " (1 / 249) ، وسريج بن النعمان عند أحمد (4 / 41) ولا ريب أن اتفاق الستة على الرواية أولى بالترجيح من رواية الثلاثة عند المخالفة، ويؤيد ذلك أن عبد الله بن لهيعة قد رواه عن حبان بن واسع مثل رواية الستة، أخرجه الدارمي (1 / 180) وأحمد (4 / 39 - 42) ، وابن لهيعة وإن كان ضعيفا، فإن رواية العبادلة الثلاثة عنه صحيحة، كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة، وهذا مما رواه عنه عبد الله بن المبارك عند الإمام أحمد في رواية، وهو أحد العبادلة الثلاثة، فهو شاهد قوي لرواية الجماعة يؤكد شذوذ رواية الثلاثة وعليه فلا يصلح شاهدا لهذا الحديث الشديد الضعف، ولا نعلم في الباب غيره، على أنها لوكانت محفوظة لم تصلح شاهدا له لأنه أمر، وهو بظاهره يفيد الوجوب بخلاف الفعل كما هو ظاهر. إذا عرفت هذا، فقد اختلف العلماء في مسح الأذنين هل يؤخذ لهما ماء جديد أم يمسحان ببقية ما مسح به الرأس؟ فذهب إلى الأول أحمد والشافعي، قال الصنعاني (1 / 70) : " وحديث البيهقي هذا هو دليل ظاهر "، وقال في مكان آخر (1 / 65) : " والأحاديث قد وردت بهذا وهذا ". قلت: وفيما قاله نظر، فإنه ليس في الباب ما يمكن الاعتماد عليه إلا حديث البيهقي وقد أشار هو إلى شذوذه، وصرح بذلك الحافظ كما سبق، فلا يحتج به، ويؤيد ذلك أن الأحاديث التي ورد فيها مسح الرأس والأذنين لم يذكر أحد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا، ولوأنه فعل ذلك لنقل ويقويه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " الأذنان من الرأس ". قال الصنعاني (1 / 71) " وهو وإن كان في أسانيده مقال، إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا ". قلت: بل له طريق صحيح وقد سقته وغيره في " الأحاديث الصحيحة " (رقم 36) . وخلاصة القول: أنه لا يوجد في السنة ما يوجب أخذ ماء جديد للأذنين فيمسحهما بماء الرأس، كما يجوز أن يمسح الرأس بماء يديه الباقي عليهما بعد غسلهما، لحديث الربيع بنت معوذ: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده ". أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " (121) وهو مم يؤكد ضعف حديث الترجمة، وبالله تعالى التوفيق. 996 - " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات، أو شيء لم تصبه النار ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 251) وأبو يعلى في " مسنده " (163 / 1) واللفظ له وعنه الضياء في " المختارة " (49 / 1) كلاهما عن أبي ثابت عبد الواحد بن ثابت عن أنس مرفوعا. الحديث: 996 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 قلت: وهذا سند ضعيف جدا عبد الواحد قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال العقيلي: " لا يتابع على هذا الحديث ". وذكره الهيثمي في " المجمع " (3 / 155) وقال: " رواه أبو يعلى وفيه عبد الواحد بن ثابت وهو ضعيف ". قلت: وقد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من طريق أخرى عن ثابت عن أنس به أتم منه دون قوله: " أو شيء لم تصبه النار ". فهي زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها مخالفا للثقة، وهو ثابت هذاوهو البناني ولفظ حديثه: " كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وقد خرجت هذا في " الإرواء " بتفصيل فراجعه برقم (904) . 997 - " ولدت في زمن الملك العادل ". باطل لا أصل له. قال البيهقي في " شعب الإيمان (2 / 97 / 1) بعد أن ذكر كلاما جيدا للحليمي في " شعبه ": " وتكلم في بطلان ما يرويه بعض الجهال عن نبينا صلى الله عليه وسلم: " ولدت في زمن الملك العادل ". يعني أنوشروان. وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ (يعني الحاكم صاحب " المستدرك ") قد تكلم أيضا في بطلان هذا الحديث، ثم رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فحكى له ما قال أبو عبد الله، فصدقه في تكذيب هذا الحديث وإبطاله، وقال: ما قلته قط ". قلت: والمنامات وإن كان لا يحتج بها، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما وافق نقد العلماء وتحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم والنهى. الحديث: 997 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 998 - " بكى شعيب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله عز وجل حتى عمي، فرد الله إليه بصره، وأو حى إليه: يا شعيب ما هذا البكاء؟ ! أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار؟ قال: إلهي وسيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك ولا خوفا من النار، ولكني اعتقدت حبك بقلبي، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي صنع بي، فأو حى الله عز وجل إليه: يا شعيب إن يك ذلك حقا فهنيئا لك لقائي يا شعيب! ولذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي ". ضعيف جدا. رواه الخطيب في " تاريخه " (6 / 315) : أخبرنا أبو سعد - من حفظه -: حدثنا أبي حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الرملي: حدثنا أبو الوليد هشام بن عمار حدثنا الحديث: 998 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن شداد بن أوس مرفوعا. أورده في ترجمة أبي سعد هذا وسماه إسماعيل بن علي بن الحسن بن البندار الواعظ الأستراباذي وقال: " قدم علينا بغداد حاجا وسمعت منه بها حديث واحدا مسندا منكرا، ولم يكن موثوقا به في الرواية ". ثم ساق هذا الحديث. ورواه ابن عساكر (2 / 432 / 2) من طريق الخطيب، ثم قال: " رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي عن علي بن الحسن بن بندار كما رواه ابنه إسماعيل عنه فقد برئ من عهدته، والخطيب إنما ذكره لأنه حمل فيه على إسماعيل ". ثم ساقه (8 / 35 / 1) بسنده عن الواحدي به. قلت: فانحصرتالتهمة في علي بن الحسن والد إسماعيل هذا قال الذهبي: " اتهمه محمد بن طاهر ". وقال ابن النجار: " ضعيف ". وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي: " روى عن الجارود الذي كان يروي عن يونس بن عبد الأعلى وطبقته، فروى علي هذا عنه عن هشام بن عمار، فكذب عليه ما لم يكن هو يجترئ أن يقوله، لا تحل الرواية عنه إلا على وجه التعجب ". ومحمد بن إسحاق الرملي لا يعرف إلا في هذا السند، وقد ساق له ابن عساكر في ترجمته (15 / 35 / 1) حديثا آخر عن هذا الشيخ ابن عمار، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومما ينكر في هذا الحديث قوله: " ما أبكي شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من النار "! فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: " رب! ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ". وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا وفيها أعلى ما تسموإليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه، ورهبة من ناره، ولم لا وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء: " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين "، ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه. هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 عن العامة، وهي في الواقع " كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء "، وكنت قرأت حولها بحثا فياضا ممتعا في " تفسير العلامة ابن باديس " فليراجعه من شاء زيادة بيان. 999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم ". ضعيف. أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " (4 / 77 / 2 مصورة الجامعة الإسلامية) قال: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال: فذكر الحديث وقال: " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي، وقال: " وعنه بقية بـ (عن) ، قال الدارقطني: ضعيف ". وكذا في " اللسان " لكن لم يقع فيه: بـ (عن) ". والمقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا، ويشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " (ص 50) قال: وذكر ابن أبي داود قال: أخبرنا ابن المصفى: حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به مختصرا بلفظ: " ليس في القبلة وضوء ". وقد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه التي صرح فيها بقية بالتحديث، ولعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله: " بـ (عن) ". والله أعلم. والحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 73) من رواية ابن راهويه كما ذكرته، دون قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا " وسكت عليه ولم يكشف عن علته وتبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " (ص 20) وكان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا وبيان علته وإن كان معنى الحديث صحيحا كما يأتي في الذي بعده، ففي هذا الحديث - ومثله كثير - لأكبر دليل على جهل من يزعم أنه ما من حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحا وتضعيفا! ثم إن قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". فالذي يظهر لي - والله أعلم - أنه يعني أن الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا منه، لا قولا، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، كما يأتي في الحديث الذي بعده، كما كان يقبلها وهو صائم. (1) فأخطأ الراوي، فجعل ذلك كله من قوله صلى الله عليه وسلم. وهو منكر غير معروف. والله أعلم.   (1) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة (219 - 221) و" الإرواء " (916) . اهـ. الحديث: 999 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 1000 - " توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل، قاله لمن قبل امرأة ". ضعيف. أخرجه الترمذي (4 / 128 - تحفة) والدارقطني في " سننه " (49) والحاكم (1 / 135) والبيهقي (1 / 125) وأحمد (5 / 244) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل: " أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل وقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل، قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " الآية، فقال: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة ". وقال الترمذي: " هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ومعاذ مات في خلافة عمر وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". قلت: وبهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه: " وفيه إرسال، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل ". وأما الدارقطني فقال عقبه: " صحيح ". ووافقه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي، فهو ضعيف الإسناد. وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في " الصحيحين " و" السنن " و" المسند " وغيرها من طرق وأسانيد متعددة، وليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة. والله أعلم. وأما قول أبي موسى المديني في " اللطائف " (ق 66 / 2) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد: " هذا حديث مشهور، له طرق ". فكأنه يعني أصل الحديث، فإنه هو الذي له طرق، وأما بهذه الزيادة فهو غريب، ومنقطع كما عرفت، والله أعلم. إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء، كما فعل ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 113) وذلك لأمور: أولا: أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة. ثانيا: أنه لوصح سنده، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال: انتفض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ: الحديث: 1000 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 " ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له ". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع، كما بينته في " تخريج المختارة " (رقم 7) . ثالثا: هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص، لأن الحالة التي وصفها، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء، لا من أجل مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهو ة أو بغير شهو ة، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ. أخرجه أبو داود وغيره، وله عشرة طرق، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 170 - 173) وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهو ة عادة، والله أعلم.   تم المجلدد الثاني من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة بفضل الله وتوفيقه ويليه بعده المجلد الثالث وأوله: (1001 - كان يركع قبل الجمعة أربعا. . .) . وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليكنننن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة : حمداً لله، وصلاةً وسلاماً على رسول الله، وعلى آله وصحابته، وَمَنْ سار على سبيلهم إلى يوم الدين. أما بعد، فهذا هو المجلّد الثالث من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمّة"، قد يَسّر اللهُ تبارك وتعالى طبعه ونشره بعد توقُّف عنه دام سنين، كُنّا في ذلك غير مختارين، إذ الأمر كلُّه بيد الله عزّ وجل، " وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون ". وهو- كالمجلَّدين السابقين- يتضمّن خمسمائة حديث غير صحيح، كثير منها متداول على الألسنة، وسائرها مبثوث في بطون الكتب، على اختلاف اختصاصاتها ومواضيعها، ومناهج مؤلفيها. وإنّي أحمد الله تبارك وتعالى حمداً كثيراً طَيِّباً على نعمة الِإسلام أولًا، وعلى أنْ هداني إلى السنّة ثانياً، ووفّقني- بفضله- إلى نُصرتها وخِدمتها ثالثاً، وذلك بالدعوة إليها والتفقُه فيها؛ بعد تمييز صحيحها من ضعيفها، فإنّ هذا التمييزَ، هو المنهجُ الذي ينبغي أن يُقام عليه الفقهُ الإسلامي، بله العقيدة الِإسلامية، وإلّا اختلط الباطلُ بالحقِّ، والخطأُ بالصوابِ، وتعددتِ الأقوالُ والآراءُ، حتى يحتارَ فيها كثيرٌ من العلماء، ولا يجدون إلى معرفة الراجح منها سبيلاً، فيذرونها مُعَلَّقة: قيل كذا، وقيل كذا! أو أنهم يصيرون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 إلى الترجيح بغير مُرَجِّح إتباعا للمصلحة- زعموا- أو الهوى! فقطعاً لدابرِ ذلك كُلِّه كان لا بُدَّ من التزام هذا المنهج السليم من التمييز بين الصحيح والضعيف من الحديث؛ ليكون المسلمُ على بصيرة من دينه وقوفاً منه مع أمر ربه: " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ". وقد تجاوب مَعَنا في ذلك كثيرٌ جداً من أفاضل العلماء والمؤلِّفين والدعاة والطَّلبَة في مختلف البلاد الإِسلامية، ولا أدلَّ على هذا من الطلبات الكثيرة التي تصلني منهم يوماً بعد يوم، مُلِحِّين بضرورة متابعة نشر ما عندي من السلسلتين وغيرهما، ليزدادوا بها علماً، ويأخذوا بالصحيح وفقهه، وَيَذَروا الضعيف، إلى غيره. ومقابل هؤلاء الأفاضل بعض الشيوخ؛ المُقَلِّدين وغيرهم من الصوفيِّين والطُّرُقيِّين، الذين لا حياة لهم إلا بالاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ التي يسيطرون بها على قلوب العامة ثم على ما في ... لذلك فهم لا يرضون عن ذلك التمييز، ولازِمه من التمسك بالِإسلام على ضوء الكتاب والسنّة الصحيحة، ويحاربون الدعاة إليه محاربةً شديدة لا هوادةَ فيها، ويستبيحون في سبيل ذلك من الكذب والبهت والافتراء ما لا يستحلُّه إلا الكُفَّار الذين قال الله فيهم: " إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّه ". لأنهم يعلمون أنّ هذه الدعوة ستقضي على مشيختهم وسخافاتهم وخرافاتهم التي يستغلُّون بها السُّذَّج، وطَيِّبي القلوب من الناس. ولَدَيَّ على ذلك أمثلةٌ كثيرةٌ، وحسبي الآن في هذه المقدمة مثالان اثنان، لهما صلة وثقى بها: الأول: أن وزير الأوقاف في بعض الإِمارات العربية- ولعله صوفي، أو حوله بطانة صوفية- أصدر مذكّرة نُشِر مضمونها في أوائل شوال سنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 (1406 هـ) في بعض الجرائد كالبيان وغيرها، يتّهم فيها إخواننا السلفيين في تلك الِإمارة بتهم شتى، منها (التطرف) ! والخطورة على العقيدة الِإسلامية! وإنكار المذاهب الأربعة!!! وكلّ ذلك كذبٌ وزورٌ، الهدف منه ظاهر لكل ذي بصيرة في الدين، وهو التمهيد وتهيئة الجو لمنعهم من الدعوة إلى الله، وتبصير الناس بدينهم على كتاب الله، وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ومنهج السلف الصالح. ومنهم الأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين. ولم تكتف المذكرةُ بهذه التُّهَم، بل أضافت إلى ذلك تهماً أخرى، تتعلق بشخصي أنا، هي أظهر بطلاناً من سابقاتها، فقالت: "ويتزعمها شخص يُدعى ناصر الدين الألباني ". فهذا كذب وزور، يشهد به كل من يعرفني شخصياً، فإن انكبابي على التأليف والتحقيق أكثر من نصف قرن من الزمان يحول بيني وبين التزعم المزعوم، هذا لو كانت نفسي تميلُ إليه، فكيف وهو منافٍ لطبيعتي العلمية؟؟ وأوضح ما في المذكّرة من الافتراء، قولُها عقب الزعم السابق: "كما جرى طردهُ من الإِمارات قبل أربع سنوات ومنعه من العودة للبلاد"! قلت: وهذا كذبٌ له قرونٌ كما يُقال في بعض اللغات؛ فإنه لم يكن شيء من ذلك ألبتة - والحمد لله، وليس أدَلَّ على ذلك من أنني عدت إليها بتاريخ 3/29/1985 بإذن دخول رسمي رقم 6094/أ، ثم خرجت كذلك بتاريخ 4/5/1985 كما هو مسجل في جواز سفري رقم 284024 س ر/77. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 ثم إنني أرى أن هذا الخبرَ الكاذبَ الذي صدر من شخص مسؤول هناك، لا يمسّني أنا شخصياً فقط، بل ويمسّ الدولة التي هو وزير فيها، إذ لا يعقل أن يوافق حُكّامها- وهم مسلمون مثلي- على الطرد المزعوم، لا لسبب يُذكر سوى أنني أقول: "رَبِّي الله "، وأدعو إليه، وهو القائل: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "، في الوقت الذي يُسمح فيه للكفّار بالدخول إلى البلاد على اخْتِلاف أديأنهم وغاياتهم؟! اللهمّ فإنّي إليك أشكو غربة الِإسلام وأهله، اللهمّ فأَعِزَّ المسلمين، وأَذِلَّ الكافرين والمنافقين. ثم إنَّ من فريات تلك المذكرة قولها: "إن هذه الجماعة تنكر المذاهب الأربعة"! فأقول: هذا كذبٌ وزورٌ، فنحن نُقَدِّرُ الأئمةَ الأربعةَ- وكذا غيرهم- حق قدرهم، ولا نستغني عن الاستفادة من علمهم، والاعتماد علىِ فقههم، دون تعصُّب لواحد منهم على الآخرين، وذلك ممّا بَيّنته بياناً شافياَ منذ أكثر من ثلاثين سنة في مقدمة كتابي: "صفة صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم كأنك تراها"، فإليها أُحِيلُ من كان يريدُ التأكّد من كذب هذه الفرية. وإنّ مِن أفرى الفِرى قولَها عطفاً على ما سبق: "وتُشَكّك بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عن طريق تكذيب أحاديث (!) الصحاح المعتمدة، والتشكيك بصحة بعض الأحاديث النبوية الأخرى"! فأقول: "سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَان عَظِيمٌ " و "إِفْكٌ مُبِيْنٌ "، واعتداءٌ جسيم على مسلم نذر نفسه ووقته وجهده لخدمة السنة والدفاع عنها والرد على مخالفيها، وتمييز صحيحها من ضعيفها، وقضى في ذلك أكثر من نصف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 قرن من الزمان، لا يَكَلّ ولا يَمَلّ، والحمد لله. وله في ذلك المؤلفات الكثيرة التي يشهد بفائدتها وأهميتها كبارُ العلماءِ والأدباءِ، وينتفع بها الملايينُ من طُلاَّب العلم في كل البلاد الِإسلامية وغيرها، وقد أُعيدَ طبع الكثير منها، وبعضها يُنْبئ عن ذلك صريح اسمها، مثل "دفاع عن الحديث النبوي " و"منزلة السنة في الِإسلام، وأنه لا يُستغنى عنها بالقرآن "، و"الذَّبُّ الأحمد عن مسند الِإمام أحمد" ولم يُطبع بعد، وهو في الرد على من نفى صحة نسبة " المسند للِإمام احمد، وغيرها كثير مما هو مطبوعٌ معروفٌ، وقد جمع أسماءَ الكثير منها بعضُ المُحِبين في كتبٍ ورسائلَ، وقفتُ وأنا أكتبُ هذه المقدمة على واحدة منها مطبوعة بعنوان: "سُلَّم الأماني في الوصول إلى فقه الألباني ". وفي اعتقادي أن تلك المذكرة الجائرة، تُشير بهذه الفرية الباطلة إلى جهودنا المستمرّة في خدمة السنّة المطهّرة التي منها بيانُ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الدائرة على ألسنة كثير من الخطباء والمحاضرين والمدرسين وغيرهم من خاصّة المسلمين وعامّتهم، متوهّمين أنها أحاديثُ صحيحةٌ، وهي عند أهل العلم ضعيفةٌ أو موضوعة، فيتهمهم الجُهّال بأنهم يُكَذّبون بالأحاديث الصحيحة، والله المستعان. وفي ختام هذا الردّ لا بُد لي من أن أُذَكِّر صاحب تلك المذكرة وبطانته إن كانوا مؤمنين بفول رب العالمين: " وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ". وبقوله – صلى الله عليه وسلم - الثابت عنه- وهم لا يُكَذِّبُونَ بالأحاديث الصحيحة إن شاء الله! -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَة الخَبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج ". (الصحيحة 438 والإرواء2318) ، و (ردغة الخَبال) جاء تفسيرها في حديث آخر أنها: عصارة أهل النار. نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة. ذلك هو المثال الأول من أمثلة محاربة الدعاة إلى الكتاب والسنة. وتمييز صحيحها من ضعيفها. والآن جاء وقت بيان المثال الآخر فأقول: هناك في المغرب رجل ينتمي إلى العلم، وله رسائل معروفة ويزعم أنه خادم الحديث الشريف، وهو الشيخ عبد الله بن الصدِّيق الغُماري وهو يختلف عن الرجل الأول المشرقي من حيث إِنه معروف بعدائه الشديد منذ القديم لأنصار السنّة، ولِكل من ينتمي إلى عقيدة السلف، مما يدل العاقل أنه لم يستفد من الحديث إلا حمله! ولا أدل على ذلك من كتيب له طُبع في هذه السنة (1986) ب (طنجة) بعنوان: " القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع "! أقول: إن كل من يقرا هذا العنوان من القرَّاء همهما كان اتِّجاهه- يتسائل في نفسه متعجباً: ماذا ارتكب الألبانيُّ من البدع - وهو المعروف بمحاربته إياها في محاضراته وكتبه، ومن مشاريعه المعروفة " قاموس البدع "، وقد نص على الكثير منها في فصول خاصة في آخر بعض كتبه، مثل بدع الجنائز، وبدع الجمعة، وبدع الحج والعمرة، فما هي البدع التي جاء بها الألباني حتى وصمه الغُماري بـ "المبتدع "؟ مع أنه كان " أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا "، لأنه هو المعروف بالابتداع شي الدين، والانتصار للمبتدعة والطُرُقِيِّين، كما يشهد بذلك كل من اطلع على شيء من رسائله، وحسب القارئ دليلًا على ما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 أقول. أنه شيخ الطريقة الشاذلية الدرقاوية الصديقية، وهو يفخر بذلك في بعض كتاباته (1) ، كما يفخر بأنه خادم السنة! وليته كان خادماً لها. بل نقنع منه أن لا يكون من الهادمين لها! فإذا بدأ القارئ بقراءة كُتيّب الغُماري، فسرعان ما يبدو له أن موضوعه حديثيّ مَحْض يرد فيه على الألباني بعض ما انتقده عليه في تعليقه على رسالة: "بداية السُّول في تفضيل الرسول – صلى الله عليه وسلم - للإِمام العزّ بن عبد السلام، من بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وغير ذلك، وأنَّه لا علاقةَ له بالبدعة كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانُه. ثم يتابع القارىءُ القراءةَ فيجد أن الشيخ الغُماري كأنه شعر بأنه لم ينل من الألباني بغيته من التشهير به، وبيان جهله الذي يرميه به في رده عليه من الناحية الحديثية، لذلك قفز إلى مناقشة الألباني في بعض المسائل الفقهية، ففيها يجد المسألة التي من أجلها وَصَمَ الغُماريُّ الألبانيَّ ب (المبتدع) ، أَلَا وهي قولُه بعدم شرعية زيادة كلمة (سيدنا) في الصلوات الِإبراهيمية! اتباعاً لتعليمه – صلى الله عليه وسلم - أمته إياها بقوله: "قولوا: اللهم صل على محمد ... ". وهنا يزداد القارىء اللبيب استغراباً، ويتساءل مجدداً: كيف يكون مبتدعاً من التزم تعليم النبي – صلى الله عليه وسلم - ولم يزد عليه شيئاً، ولا يكون الغُماري هو المبتدع حقاً وهو لا يرى هذا الالتزام؟! بل هو ينكره على الألباني؟! قلت: بل وعلى السلف جميعاً من صحابة وتابعين، وأئمة مجتهدين، فإنّهم قدوتي في عدم شرعية ذلك، وبخاصة الحافظ ابن حجر الذي أفتى بذلك، وقد نقلت فتواه في تعليقي على "صفة الصلاة"، وختمها بقوله:   (1) انظر مقدمته على كتاب أخيه الشيخ أحمد: " الحسبة ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 "ولو كانت زيادة (سيدنا) مندوبة ما خفيت عليهم حتى أغفلوها، والخير كله في الإتباع ". وأشار الغُماري إلى فتوف الحافظ التي ذكرت خلاصتها في تعليقي على "فضل الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - لِإسماعيل القاضي (ص 26) ، وتعقب الغُماري هذه الخلاصةَ بقوله (ص 20- 21) : "وهذا جمودٌ شديدٌ، وتزمُّتٌ ممقوت ... "، إلى آخر هرائه الذي ذكر فيه حكاية عن فلاَّح لا تنطبق إلاّ عليه، ثم قال: "فنحن حين نذكر السيادة في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - لم نزدها من أنفسنا (!) ولكن من قوله – صلى الله عليه وسلم – " أنا سيد ولد آدم " ... والمبتدع الألباني وقع في البدعة التي ينعاها علينا، وهو لا يشعر، لضعف فهمه وقلّة إدراكه، فهو حين يُصَلّي على النبي – صلى الله عليه وسلم - في خطبة كتبه يُصَلّي على أصحابه معه، وزيادة الصحابة بدعة، لِما تقدم بيأنه ". فتأمل أيها الأخ القارىء! إلى غرور هذا الرجل وجهله وإقدامه على الاستدلال بالحديث المذكور على بدعته، فإنَّ لازِمَه أنَّ السلفَ كانوا غافلين عن دلالتهِ، فما أحقَّه بوعيد قوله تعالى في كتابه: " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ". وقد زاد عليه أخوه أحمدُ في ذلك، فألّف كتاباً يُغنيك اسمُه عن مضمونه ودَلالةً على انحرافه عن السبيل وهو: "تشنيف الآذان باستحباب السيادة في الصلاة والِإقامة والأذان "! ووافقه الغُماريُّ الصغيرُ على ذلك (ص 51) من رسالته التي سمّاها: "إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة"! على حد قوله – صلى الله عليه وسلم – " ... يُسَمّونها بغير اسمها"! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 ذلك قولُهم! وهم يعلمون أن الأذان وما ذُكِرَ معه توقيفيٌّ بوحي السماء، وقد بَلَّغَهُ – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وعلَّمهم إياه كما أُنْزِلَ، فلا يجوز التقدُّمُ بين يديه – صلى الله عليه وسلم – والزيادةُ عليه اتفاقاً، ولا أخال يخالف فيه إلا ضال مُضِلٌّ، حتى ولا صاحب هذا الرد المفظع! فإنه قد صرح فيه بذلك، ولكنه- لجهله البالغ- وضعه في غير موضعه، فقال (ص 9- 10) : "وننبه هنا على خطأ وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً ولم يتفطن له إلا الشيعة (!) ذلك أن النإس حين يُصَلّون على النبي – صلى الله عليه وسلم – يذكرون معه أصحابهُ، مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – حين سأله الصحابةُ فقالوا: كيفَ نُصَلّي عليك؟ أجابهم بقوله: "قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد"، وفي رواية: "اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته "، ولم يأت في شيء من طُرُق الحديث ذِكْرُ أصحابه. مع كثرة الطرق وبلوغها حدَّ التواتر، فذكر الصحابة في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – زيادة على ما علّمه الشارع واستدراك عليه وهو لا يجوز". قلتُ: ليس في هذا الكلام من الحق إلا قولك الأخير: أنه لا تجوز الزيادة على ما علمه الشارع.. إلخ، فهذا حق نقولُ به ونلتزمُه، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ولكن ما بالك أنت وأخوك خالفتم ذلك، واستحببتم زيادة كلمة (سيدنا) في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم ولم تَرِدْ في شيء من طُرُق الحديث؟! أليس في ذلك استدراكٌ صريحٌ عليه صلى الله عليه وآله وسلم يا من يَدَّعي تعظيمه بالتقدُّم بين يديه؟! أمّا سائر كلامك فباطل لوجوه: الأول: انك أثنيت على الشيعة بالفِطْنة، ونَزَّهْتَهُمْ عن البِدعة، وهم فيها من الغارقين الهالكين، واتَّهَمْتَ أهلَ السنة بها وبالبلادة والغباوة، وهم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 والحمد لله- مُبَرَّؤن منها، فحسبُك قولُه – صلى الله عليه وسلم – في أمثالك: "إذا قال الرجل: هَلَك الناس فهو أهلكُهم ". رواه مسلم. الثاني: أنك دلَّسْتَ على القُرّاء، فأوهمتهم أن الحديث بروايتيه هو مختصر كما ذكرته ليس له تتمة، والواقع يُكَذِّبك، فإنّ تتمتَه في "الصحيحين " وغيرهما: "كما صلَّيت على إبراهيم. . .، اللهمّ بارك على محمد ... " إلخ الصلوات الِإبراهيمية المعروفة عند كل مُصلٍّ، ومذكورة في "صفة الصلاة". الثالث: فإنْ قلتَ: فاتني التنبيه على تمام الحديث. قلنا لك: هَبْ أنّ الأمرَ كذلك- وما أظنّ- فاستدلالُكَ بالحديث حينئذ باطلٌ، لأنّ أهل السنة جميعاً الذين اتَّهَمْتَهم بما سبق لا يذكرون أصحابه – صلى الله عليه وسلم - في هذه الصلوات الإبراهيمية! "الرابع: فإنْ قلتَ: إنّما أعني ذكرهم الصحابة في الصلاة على النبي وآله في الخُطب! قلنا: هذا وإن كنت قد صرحتَ به في آخر رسالتك (ص 21) ونقلتُه عنك فيما سبق (ص 10) - فإنه لا يساعدك على إرادةِ هذا المعنى استدلالُك بالحديث لكونه خاصّاً بالصلاة لا الخطبة كما بَيَّنْتُ آنفاً، وقولك في آخر تنبيهك المزعوم: "فذكر الصحابة في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - زيادة على ما علمه الشارع، واستدراك عليه وهو لا يجوز". حقاً إن ذلك لا يجوز، ولكن أين تعليمه الصلاة عليه في خطبة الكتاب الذي ذُكر فيه هو- صلى الله عليه وسلم - وآله دون الأصحاب، حتى يكون ذكرهم زيادة واستدراكاً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين؟! الخامس: فإنْ قلتَ: إنما استدللتُ بالحديث لقوله – صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: اللهم صل على محمد ... "، فعَمَّ ولم يخص صلاة ولا غيرها. فأقول: هذا العموم المزعوم أنت أول مخالف له، لأنه يستلزم الصلاة عليه – صلى الله عليه وسلم - بهذه الصلوات الِإبراهيمية كلما ذكر عليه الصلاة والسلام، وما رأيتك فعلت ذلك ولو مرة واحدة في خطبة كتاب أو في حديث ذكر فيه النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا عَلِمْنَا أحداً من السَّلَف فعل ذلك، والخير كلُّه في الإتباع، والسرُّ في ذلك أنَّ هذا العمومَ المُدَّعى إنما هو خاصٌّ بالتشهُّد في الصلاة كما أفادَتْهُ بعضُ الأحاديث الصحيحة، ونبَّه عليه الِإمامُ البيهقيُّ فيما ذكره الحافظ في "فتح الباري " (11/154- 155- الطبعة السلفية) ، فَلْيراجِعْه مَن شاء، ولذلك كنت اخترتُ الصلاة عليه – صلى الله عليه وسلم - بهذه الصلوات الِإبراهيمية في كل تشهُّد؛ وسط وأخير، وهو نصّ الِإمام الشافعي كما تراه في "صفة الصلاة" (ص 185) مشروحاً. وكيف يمكن أن يكون هذا الاستدلالُ صواباً وفيه ما سبق بيأنهُ من المخالفاتِ والمنكراتِ؟ مع أنه لم يَقُلْ أحدٌ من أهل العلم ببدعيّة ذكر الصحابة معه – صلى الله عليه وسلم - في الصلاة عليه تبعاً كما تزعم أنت، بل ما زالوا يذكرونهم في كُتُبهم سَلَفاً وخَلَفاً، كالِإمام الشافعي في "رسالته " على ما ذكره الحافظ السَّخَاوي في " القول البديع "، والرافعي والشِّيرازي والنَّووي وابن تيميّة وابن القَيِّم وابن حَجَر، وغيرهم كثير وكثير جداً لا يمكن حَصْرُهم، ما زال كل واحد منهم "يصلي على النبي – صلى الله عليه وسلم - في خطبة كتبه، يصلي على أصحابه معه " كما أفعل أنا أحياناً. اقتداءً بهم، وبخاصة أن الحافظ ابن كثير نقل في "تفسيره " الِإجماع على جوازه، ومع ذلك كُلِّه رميتني بسبب ذلك بدائك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 وبدَّعتني، أفهؤلاء الأئمّة مبتدعةٌ عندك! ويحَك، أم أنت تزن بميزانين وتكيل بِكَيْلين؟! وماذا تفولُ في أخيك الشيخ أحمد فإنّه أيضاً يفعل مثلي في خُطب بعض كتبه، مثل كتابه "مسالك الدلالة" ورسالته في القبض، أتراه مبتدعاً أيضاً؟ يمكن إن يكون كذلك في غير هذه المسألة، أمّا فيها فلا، وكذلك فعل أخوك الآخر المُسَمّى عبد العزيز في خطبة كتابه "التحذير" وكتابه "تسهيل المَدْرَج إلى المُدْرَج " أمبتدعٌ هو أيضاً؟! بل هو ما حَقَّقْْتَه أنت بذاتك في رسالتك " الأربعين الصدِّيقية" وخاتمة رسالتك الأخرى في " الاستمناء"! فما قولُ القراء في هذا الرجل المُتَقَلِّب كالحِرْباء؟! وخلاصة الكلام في هذا المقام: أن الغُماري اتفق مع أخيه على استحباب ذكر كلمة (سيدنا) في الصلوات الِإبراهيمية، مع كونها زيادةً على تعليمه – صلى الله عليه وسلم - واستدراكاً عليه! وهو لا يجوزُ في صريح كلامه!! وتفرَّد هو خلافاً لأخويه وجماهير العلماء من قبل ومناقضةً لنفسه- على إنكار ذكر الصحابة مع النبي في الصلاة عليه في الخُطبة، وزعم أنه بِدعة، وأنّي لِفعلي ذلك مبتدعٌ عنده! وهو يعلم أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلّي على أصحابه بمناسبات مختلفة، ومن ذلك حديث "كان إذا أتاه قومٌ بصدقتهم قال: " اللهم صلِّ عليهم "، فأتاه أبو أَوْفى بصدقتهِ فقال: "اللهم صَلِّ على آل أبي أوفى". رواه الشيخان وغيرهما، وهو مُخَرَّج في "الإِرواء" (853) وغيره. ولا دليل على أن ذلك من خصوصياته – صلى الله عليه وسلم -، بل قد صح عن ابن عمر أنه كان يقول في الجنازة: "اللهم بارك فيه وصل عليه، واغفر له، وأورده حوض رسولك ... ". رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (10/414) ، وسنده صحيح على شرط الشيخين. وبعد هذا كله، فإني أرجو أن يكون ظهر للقراء جميعاً من هو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 (المبتدع) ؟ وأنه يجوز لي أن أتمثل بالمثل السائر: "رمتني بدائها وانسلّت ". ثم إني اعتذر إليهم، فقد طال البحث مع هذا الرجل في هذه المسألة وبيان جهله وزغله فيها أكثر مما كنت ظننت، ولكن لعلّ الأمر كما قال تعالى: " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ". ولعل من الخير أن يأخذ منه القراءُ مثالاً صالحاً لطريقة معالجة هذا الرجل لبعض المسائل الفقهية، ومبلغ علمه فيها، وصورةً عن أسلوبه في ردّه على من يخالفُه في الرأي، وكثرة نبزه إياه بشتى الألقاب، خلافاً لقول الله تعالى في القرآن: " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "، وحَسبك من ذلك عنوان كُتَيِّبه! وأما ما في جوفهِ مما قاء به فشيءٌ ما رأيتُه ولا سمعتُه من فاجر فاسق مثل رميه إياي ب (اللمز، والتجهيل، والسّفه، والوقاحة، والزعارّة، والعَرَامة القبيحة، والضلالة العمياء، والافتراء، والبهت، والكذب) ، وغير ذلك مما لا يُتَصَوَّرُ بذاءةً وفحشاً، مما لا فائدة للقارئ من نقل كلامه في ذلك إلّا الأسى والحزن على حال بعض العلماء في هذا الزمان، ولكن لا بُدَّ من نقل شيء منه حتى لا يظنَّ ظانٌّ ظنَّ السَّوْءِ، قال (ص 19) عامله الله بما يستحقُّ: "وقد أخطأ من زَعَمَهُ وهابيّاً بل هو أعمقُ من الوهابيّين تعصُّباً وأشدُّ منهم تَعَنُّتاً، وأجمدُ على بعض النصوص بغير فهم، وأكثر ظاهرية من ابن حزم، مع سلاطةٍ في اللسان، وصلابة في العناد لا تخطر بخلد إنسان، وهذا شعارُ أدعياء السنة والسلفيّة في هذا الزمان "! قال: "وَبَلَغنا عنه أنه أفتى بمنع إعطاء الزكاة للمجاهدين الأفغانيين نصرهم الله ... "، إلخ هرائه وافترائه. قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 "فما بالُ هذا الألبانيِّ المبتدعِ يُفَرّق بين المسلمين وُيضَلّل جمهورهم ... ولم يَبْقَ من المسلمين سنيٌّ إلا هو ومَنْ على شاكلتهِ من الحشوية والمُجَسِّمة الذين ينسبون إلى الله تعالى ما لا يليق بجلاله ". أعودُ مرة أخرى لأقول: "سُبْحَانَكَ هذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ " و "إِفْكٌ مُبِيْنٌ ". ولا مجالَ للردِّ عليك في هذه الفريات والأكاذيب سوى أَنْ أخاطبك بقول الله تعالى للمشركين واليهود: " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ولن تستطيعَ إلى ذلك سبيلاً، إلاّ إنِ استطاع المشركون واليهودُ أَن يأتوا ببرهأنهم! وإنَّ من عدل الله تعالى وحكمتهِ في الظالم الفاسق من عباده أن يُجري على لسأنه ما يدلّ الناس على كذبه وبهتأنه، مثل قول الغُماري: "وبَلَغنا ... "، فإنه مخالفٌ لصريح الآية: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ... "، فلو أن الغُماريَّ كان مؤمناً حقاً لاستجاب لأمر ربه ولتبين لهَ أن ما بلغه كذبٌ أيضاً وزورٌ، وهذا أقولُه إذا لم يكن هو مصدرَ هذه الفرية أيضاً، فإنها ليست بأخطر من سابقاتها! عامله الله بما يستحق، فإن الذي أفتيتُ به خلافُ ما ادّعاه (1) ، والله المستعان. وقد يتساءلُ بعضُ القُرَّاءِ عن السبب الذي حمل هذا الغُماريَّ على ارتكاب كل هذه الرزايا والمخازي؟ فأقول: لا أعلم لذلك سبباً يُذكر، إلّا عداءَه الشديدَ لأنصار السنة والداعين إليها، والمعروفين في بعض البلاد ب (السلفيّين) . فهو يبغضهم بُغضاً شديداً، ويحقد عليهم حقداً بالغاً، فهو عليهم (أحقد من جَمَل) كما   (1) وقد نشر شيء من ذلك في بعض المجلات، مثل "التوحيد" المصرية، و"الجامعة السلفية " الهندية، وسجل في بعض الأشرطة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 جاء في المَثَل، ولذلك رماهم بالحشوية وبالتجسيم، كما فعل أسلافهُ من الجهميّة والمُعَطّلة منذ القديم، وخَصّني أنا من بينهم فاتّهمني بمختلف الأكاذيب، وبالتفريق والتضليل! وما نقلته عنه من التُهم دليلٌ واضحٌ على أنَ هذا إنما هو صمْتُه، فالله حسيبُه. ولعلَّ القراء يلاحظون معي اتفاق هدفِ الغُماري هذا، مع هدف ذاك الوزير الصوفي في التهويش، وإثارة الناس على السَّلفيين عامة، وعَلَيَّ خاصة، وفي هذه السنة بالذات، فهل كان ذلك عن اتفاق سابق بينهما في مكان ما، كما قال عز وجل: " أَتَوَاصَوْا بِهِ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ "،أم الأمر كما قال في آيةٍ أخرى: " تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ "؟! وفي اعتقادي؛ أن الذي حمله على أنْ خَصَّني بتلك الحملة الشَّعْواء العمياء أنني كنت انتقدتُه لأوّل مناسبةٍ عَرَضتْ لي، وذلك في مُقَدّمتي لرسالة العز بن عبد السلام: "بداية السُّول في تفضيل الرسول – صلى الله عليه وسلم- "، في بعض ما علّقه هو عليها من قبل، فلما وقف على نقدي هذا، وتبيّن له صوابُه، لم يَسَعْهُ إلا أن يعترفَ ببعضه، ولكنْ بطريقةٍ خبيثةٍ، يُخفي بها على القُرَّاءِ أنه مما استفاده من نقدي! وسكت عن بعض وزاغ عنه، فلم يتعرّض له بذكر! ولا يخفىِ على القراء، أن معنى ذلك أنه معترفٌ أيضاً بصواب نقدي إياه فيه أيضاَ، وأنه حقٌّ، ولكنه مع ذلك فقد كتمه، فَصِفَةُ مَنْ تكونُ هذهِ يا أيّها الغُماري؟، والله عزّ وجل يقولُ في كتابه: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ". وقال: " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون "؟! وفي بعضِ آخر زاغ عن الحقّ، وجادل بالباطل، وبطريقةٍ فيها الكثيرُ من اللفّ والدَّوَرانَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 ولا بُد لي من بيان ذلك ولو طال بنا الكلام، فإنه هو المقصود من الرد على هذا الرجل في هذه المقدمة، وما قبله كان من قبيل التوطئة له، والله المستعانُ. وقبل الشروع في ذلك، لا بأس من التنبيهِ على أن نقدي للغماري لم يكن فيه شيءٌ من التهجُّم عليه، ولا لَمَزْتُهُ بأشياءَ حصلت في تلك الرسالة كما زعم في مقدمة كتَيِّبهِ الصغير، اللهمّ إلّا إن كان يَعُدُّ الردَّ العلميَّ، وبيانَ أوهامِ مَنْ يُخَلِّط في هذا العلم، تَهَجُّماً وَلَمْزاً. فقد فعلتُ ذلك، وهو شأنُ أهلِ العلم دائماً، كما قال مالكٌ رحمه الله تعالى: "ما منّا من أحدٍ إلا رَدَّ ورُدَّ عليه إلا صاحب هذا القبر- صلى الله عليه وسلم – "، فكيف إذا كان المردودُ عليه من أهل الأهواء يَدّعي ما لا علم له به؟ كهذا الرجل المعجب بعلمه الذي سمح لمن طبع رسالته في الكبائر أن يُلَقِّبه ب (الِإمام الحافظ) ! بل قال هو عن نفسه في مقدمتها! أنه تمكن في علم الأصول، وَبَرَّز فيه على الشيوخ؛ بله الأقران! وقال فيها مُتَعالياً على العلماء: "وهذا بحثٌ مهمّ، يجهله كثيرٌ من أهل العلم "! عجيبٌ - والله- أمرُ هذا الرجل، يتبجّح بكل هذا، ثم يرميني به دون ما خجل أو حياء. انظر كتيبه الصغير (ص 12) . ومناقشتي إياه- فيما تقدم- حول استحبابه زيادة كلمة (سيدنا) في الصلوات الِإبراهيمية، واستنكاره الصلاة على الصحابة، قد بَيَّنْتُ للقراء مَبْلَغَهُ من العلم ومعرفتَه بالفقه، وأنه دَعِيٌّ في هذا التبجُّح ونحوه، والآن أبد! - بإذنه تعالى- ببيان ما وعدتُ به آنفاً، وشرح موقفه تجاه نقدي السابق إياه، وبذلك يظهرُ أيضاً للقراء جميعاً أنَّ علمه في الحديث وأصوله، كعلمه في الفقه وأصوله، ولولا تلك الأكاذيبُ والأباطيلُ التي رماني بها لما استحسنتُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 أن أَذكَرَ القراء بقول الشاعر في مثله وهو يصدق عليه: زَوَامِلُ للَأشْعارِ لا عِلْمَ عِنْدهم *** بجَيدها إلا كعلم الَأبَاعرِ لَعَمْرُكَ مايَدْري البعيرُ إذا غَدَا *** بَأحمالهِ أَوْراح مافي الغَرَائرِ لفد كان نقدي على الغُماريِّ محصوراً في خمسة مواضيعَ، ألَخِّصُها هنا بما يلي: الأول: أنه لا يُعْنى ببيان مرتبة الأسانيد والأحاديث من صِحّة أو ضعف إلا نادراً، مع أن ذلك هو المقصودُ من التخريج. الثاني: أنه يعتمد على تحسين الترمذي، وظنّي به أنه يعلم تساهله فيه ... الثالث: إهماله تخريج بعض الأحاديث، ولعلّ ذلك كان سهواً منه، بعضها في "الصحيحين ". الرابع: يعزو بعض الأحاديث لغير المشاهير كأصحاب "الصحاح " و"السنن ". الخامس: تقويته لحديث ابن مسعود: "الخلق كلهم عيال الله ... " بقوله: "إسناده جيد"! مع أنَّ فيه متروكاً، وكحديث: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب ". فإنه قال: "حديث ضعيف، خلافاً لقول الذهبي: إنه موضوع ". فماذا كان جوابُ الغُماري على نقدي هذا؟ لم تُساعده نفسه الأمّارة بالسوء على الِإجابة العلمية الهادئة، فقد افتتح الجواب باتّهامه إياي ببعض تُهمه الكثيرة المُتَقَدّمة، فزعم أنّني تهجّمتُ عليه وَلَمَزْتُه! وهذا كذبٌ واضحٌ لمن تأمّل تأدُبي معه وتَلَمُسي له العذر بقولي: "وظنّي به أنه يعلم ... "، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 وقولي: "ولعلّ ذلك كان سهواً"، فضاع- مع الأسف- الأدبُ معه، وجزاني جزاء سِنِّمار! وإليك الآن جوابَه عن تلك المواضيع، لتزدادَ معرفةً بعلمهِ في هذا المجال أيضاً، وبخُلُقه كذلك: 1- لقد اعترف بما ذكرتُه ولم يحاولِ الزَّوَغان عنه - كما هي عادتُه - ولكنه سوّغ ذلك بقوله: "لم أُبَيِّن الأسانيد، لأنّ الرسالةَ في الفضائل النبوّية، ولتلكَ الأحاديث ما يُؤيّدها من القرآن والسنة الصحيحة. على أن ممّا قرره العلماء ... جواز العمل بالحديث الضعيف، في الفضائل والترغيب ما لم يكن موضوعاً ... ". وجواباً عليه أقولُ: أولَاَ: هذا عذرٌ أقبحُ من ذنب كما يُقال، لأنّ كون الأحاديث في الفضائل ... كما زعمتَ، لا يمنعك- لو استطعت - من بيان مراتبها كما لم يَمْنَعْك ذلك من تخريج الكثير منها. ثانياً: لقد أَثْبَتُّ لك إنّ هذا الذي فعلتَه هو من باب الاشتغال بالوسيلة عن الغاية، وأنّ ذلك ليس من شأَن المتمكن في هذا العلم الشريف. وضربتُ لك هناك مثلاً بالذي يتوضّأ ثم لا يُصَلّي. فما بالُك أعرضتَ عن الجواب عنه، ولم تَنْبس ببنت شَفة حوله؟! أليس هذا اعترافاً منك أنك لست منهم؟! ثالثاً: أمّا استرواحُك إلى ما نَسَبْتَه للعلماء من جواز العمل بالضعيف فيٍ الفضائل، فهو من خَلْطك وزَوَغانك الذي عُرِفْتَ به في ردودك، وبيان ذلك من وجهين: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 الأول: أن ذكر الحديث الضعيف دون بيان ضعفه شيء، والعمل به شيء آخر، كما هو ظاهرٌ بداهةً، فإنّ العُلَماءَ رحمهم الله وإن اختلفوا في جواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل على تفصيلٍ يأتي ذِكْرُهُ أو الِإشارةُ إليه، فإنه لا قائلِ مطلقاً بوجوب العمل به، بخلاف ذكره دون بيان ضعفه؛ فإنه لا يجوزُ بداهةَ، لأنّ الذي يفعلُ ذلك - كالشيخ الغُماري مثلاً - له حالةٌ من حالتين لا ثالث لهما: الأولى: إن يعرفَ ضعفه ثم لا يُبَيِّنه. فهذا لا يجوزُ لما فيه من إثم كتمانِ العلم، وإيهام من لا علم عنده- وهم جمهورُ المسلمين خاصّتهم وعامّتهم- صحتَه، وهو مما صرح الإِمام مسلم في مقدمة "صحيحه " بعدم جوازه، وكنت نقلتُ نصَّ كلامه وكلام غيره من الأئمة في مقدمة كتابي "الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، ومقدمة كتابي "صحيح الترغيب والترهيب "، فليرجع إليهما من شاء البَسْط. والأخرى: أن لا يعرفَ ضعفَه؛ لجهله بهذا العلم، كما هو الغالبُ على أكثر الناس وبخاصة في هذا الزمان، وإمّا لعدم توفر الأسباب التي تُيَسِّر له معرفةَ ضعفهِ، ففي هذه الحالة ينبغي له أن يُشير إلى ذلك بصيغة التمريض: "رُوي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا"، كما ذكر ذلك ابن الصلاح وغيره، وفي رأي أنه لا بُدَّ من التصريح اليوم بواقع الأمر، كأن يقولَ: "رُوي ... ولا أدري أثابت هو أم لا؟ "، أو يقول: "وهو ضعيف، أو ضعيف الإِسناد"، إذا كان يعلم ذلك. انظر تمام هذا البحث في مقدمة "صحيح الترغيب " (ص 21- 22) . قلت: فالغُماري إما أنْ يعلمَ ضعف تلك الأحاديث الضعيفة وَسكَتَ عنها فهو آثمٌ. وإما أن لا يعلمَ، فعليه أن يعترف بذلك، ولا يدافع عن جهله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 فيركن إلى قول من قال: يجوز العمل بالضعيف، في فضائل الأعمال! فإنه زَوَغانٌ منه عن البحث كما بَيَّنْتُ آنفاً، على أنه حُجَّة عليه لو كان يعلم، وبيأنه فيما يأتي بإذنه تبارك وتعالى. الثاني: أنك حكيت عن الذين أجازوا العَمَلَ بالحديث الضعيف في الفضائل في أثناء تسويغك لعدم بيانك لضعف أحاديثك ما هو حُجَّةٌ عليك لو كنتَ تدري "، يخرج من فمك، ويجري به قلمُك، فقد ذكرتَ عنهم (ص 4) أنهم اشترطوا لجواز العمل به شروطاً منها: 1- أن لا يشتدَّ ضعفُ الحديث. 2.- وأن لا يُعتقد ثبوتُه عن النبي – صلى الله عليه وسلم -. وهذا منهم شيءٌ جيد جداً، جزاهم الله خيراً، وإن كان تحقيقُ ذلك عسيراً جداً على العلماء فضلاً عن غيرهم من العامّة ومُدَّعي العلم، بحيث صارت تلك الشروطُ نظريةً غيرَ واقعيةٍ كما حَقَّقْتُ ذلك في مقدمة "ضعيف الجامع الصغير" (ص 47- 51) ، و "صحيح الترغيب " (34- 36) ، وضربتُ بعض الأمثلةِ وَقَعَتْ لبعضِ العُلَماءِ قَبْلَنا، وأذكرُ الآن أمثلةً أخرى صدرت من الغُماري هذا: 1- "مَنْ جمع بين صلاتين فقد أتى باباً من أبواب الكبائر ". هكذا أورده في "تنوير البصيرة" (ص 62) وقال: "ضعيف ". وإنما هو ضعيفٌ جداً كما قال الحافظُ ابنُ حجر، فيه حَنَش بن قيس وهو متروكٌ، وقد بَيَّنْتُ ذلك في "الضعيفة" (4581) . 2- "ليس منا من خصى أو اختصى، ولكن صُمْ وَوَفِّرْ شَعْرَ جَسدِك ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 قال الغماري في "الاستمناء" (ص 30) : "رواه الطبراني بإسناد ضعيف "! وأقول: بل هو موضوعٌ، فيه المُعَلّى بن هلال الطَّحّان قال الحافظ: "اتفق النُّقَّاد على تكذيبه "! ولذلك أوردته في هذا المجلد من "الضعيفة" (1314) ، وذكرت فيه قول الهيثمي في الطحان هذا: "متروك ". ورددت فيه على من حَسّنه غفلةً عن علّتهِ، أو توهُّماً أن له طريقاً أخرى، وإنما هو حديثٌ آخرُ! كما ستراه مُفَصَّلاً بإذنه تعالى. ثم رأيتُ الغُماري قد أورد الحديث في كتابه الذي سماه "الكنز الثمين " (رقم 3205) ، وقد صرح في مقدمته (ص 4) : "أنه ليس فيه أحاديثُ ضعيفةٌ أو واهيةٌ ". فأقول: قد تبيّن لي أنه غير صادق فيما قال، وهذا هو المثال بين يديك، والسبب تقليدُه للمناوي وغيره، وهو مما اتهمني به في كُتَيِّبهِ الصغير (ص 4) ، فقد عاد إليه، وهذا من عدل الله وحكمته في عباده كما قيل: "من حفر بئراً لأخيه وقع فيه "! وقد كنتُ تَتَبَّعْتُ أحاديثَ حرف الألف من كتابه المذكور " الكنز"، فوجدتُ فيه نحو مائتي حديث ضعيف أو موضوع من أصل (1402) حديثاً، ولو أنّ في الوقت مُتَسَعاً، لوضعتُ عليه كتاباً أُبَيِّنُ فيه تلك الأحاديث وغيرها مما وقع له من الضِّعاف في بقيّةِ أحرف الكتاب، فقد وجدته فيه كالسيوطي في "الجامع الصغير"، الذي قال في مقدمته: أنه صأنه عمّا تفرد به كذّابٌ أو وضّاعٌ، ثم لم يَفِ بذلك، كما تراه مفصلاً في "ضعيف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 الجامع الصغير" ومقدمته، ومن ذلك هذا الحديث، ومن "الجامع " نقله الغُماري دون أي جهد منه أو تحقيق، ولذلك وقع منه هذا التناقض الفاحش الشديد: "ضعيف "، "صحيح "، وليس ذلك من قبيل اختلاف الاجتهاد، كما يقع ذلك لبعض العلماء، لأسباب معروفة، وإنما أتي من قِبَلِ رُكونهِ إلى التقليد، وجنوحه عن البحث والتحقيق، وإلا فكيف يمكن لباحثٍ عارفٍ بهذا العلم أن يُضَعِّف فقط، بله أن يُصَحِّح حديثاً فيه من اتّفَقَ النفاد على تكذيبه؟! وليس له طريقٌ أُخرى! 3- "ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة". ذكره الغُماري في رسالته "إزالة الالتباس " (ص 21) في أول أحاديثَ ستّة استدلّ بها القائلون بأنّ ستر الرأس من آداب الصلاة، ولكنّ الغُماري وهّاها كلها في صدد رَدّهِ عليهم، فإنه لا يرى أن ذلك كما قالوا، إلّا أنه قال في هذا الحديث: "رواه ابو نعيم والدَّيْلمي، قال الحافظ السَّخَاوي: لا يثبت. وقال المُناوي: حديث غريب. قلت: وهذا الحديث مع ضعفهِ أقوى ما وَرَدَ في هذا الباب "! كذا قال! تقليداً منه أيضاً للمُناوي في "فيض القدير" و"التيسير"، وقد فاتهما أن فيه أحمد بن صالح الشُّمومي المكي كان يضع الحديث، ولعلهما توهما أنه أحمد بن صالح المصري الحافظ الثقة. وفي إسناده علّتان أخريان، وقد بيّنت ذلك كُلَّه في المجلد الثاني عشر من هذه السلسلة رقم (5699) . والغرض مما سبق أمران اثنان: الأول: أن يكونَ طالبُ العلم على انتباهٍ وحذرٍ من حكم الغُماري أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 غيره من المُتَساهلين أو المقَلّدين والجاهلين على الحديثِ بالضعفِ المطلق غير مقرونٍ ببيان شدّة الضعفِ، وُيرَتّب عليه جواز العمل به في الفضائل، وهو في الواقع واهٍ شديدُ الضعف، لا يجوز العمل به اتفاقاً. والآخر: أن الشرط الأول الذي تقدّم ذِكْرُهُ عن الغُماري يستلزم أمرين اثنين: بيانَ ضعفه، وأنه ليس شديد الضعف. وبيان ذلك أن الغُماري إذا ذكر حديثاً ما وهو يعلم- فَرَضاً- أنه ضعيفٌ، وسكت عنه، ولكنْ من أين للقُرَّاء أن يعرفوا ضعفه عنده، وقد كتمه عنهم؟! فهم- والحالةُ هذه- سيعملون به ظانّين أنه ثابتٌ لسكوته عليه، كما هو واقعٌ معروفٌ من عامة الناس، فلهذا يجبُ بيأنهُ، تفريقاً بين الضعيف والقوي اعتقاداً وعملاً، وهذا ما صرّح به الحافظ ابن حَجَر عقب الشرط الأول، فقال في "تبيين العَجَب بما ورد في فضل رَجَب " (ص 21) : "وينبغي مع ذلك اشتراطُ أن يعتقد العاملُ كونَ ذلك الحديث ضعيفاً، وأن لا يُشهر ذلك، لئلا يعمل المرءُ بحديث ضعيف، فَيُشَرِّعُ ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظنّ أنه سنةٌ صحيحةٌ، وقد صرّح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد بن عبد السلام وغيره، وليحذر المرء من دخوله تحت قوله – صلى الله عليه وسلم -: "من حدّث عني بحديث يُرَى أنه كذبٌ فهو أحدُ الكَذَّابين "، فكيف بمن عمل به؟! ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل، إذ الكل شرع ". قلت: وهذا الشرط مما تعمّد الغُماري طيَّه وكتمانَه أيضاً عن قُرَّائه، لأنه يعلم أنه يُدان به أكثر من الشرطين السابقين، وُيؤكّد ما قلتُ من وجوب بيان ضعف الحديث حتى لا يعمل به كما لو كان ثابتاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 وبذلك يتجلّى للقُرّاء أنّ اعتذار الغُماري عن سكوته عن تلك الأحاديث الضعيفة بدعوى أنها في الفضائل، أنه- صما لسبى- عذرٌ أقبح من ذنب، ومُكابرةٌ عن الاعتراف بالحقّ، وهو الكِبْر الذي من كان شي قلبه ذَرَةٌ منه لا يدخل الجنة كما صَحَ عن - صلى الله عليه وسلم -. فالله أسألُ أن يُطهّر قلوبنا من الشقاق والنفاق، وسوء الأخلاق. وفي ردِّ الغُماري هنا أمورٌ أُخرى زلّت قَدَماه فيها؛ يطول الكلام حولها جداً، وبخاصة في هذه المقدمة، وهو مَيْلُهُ إلى العمل بالحديث الضعيف في الأحكام أيضاً! ويزعم أنه كان في زاويته الصدِّيقية يلفت أنظار الطلبة إلى الأحاديث الضعيفة التي عمل بها الأئمة أو الجمهور وهي ضعيفة مع علمهم بضعفها. فتأمل أيها القارىء إلى هذا المفتري على الأئمّة، كيف يُضَلِّلُ طلبتَه وقُراءَه بمثل هذا الكلام المُضَلّل، فإنه يعلم أن عملهم بالحديث الضعيف يحتمل أن يكون لمطابقته لما يجوز الاستدلال به عند فِقْدانِهم الحديثَ كالقياس مثلاً، أو نحوه ممّا يقول به بعضُهم، فكيف إذا كان معه عندهم حديثٌ ضعيفٌ؟! وقد ذكر هو نفسُه نحو هذا المعنى في رسالته في "الاستمناء لما (ص35) ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، كما لا يخفى على ذوي العلم والكمال. كما تعلم أيضاً أن من المقرر عند علماء أصول الفقه والحديث أنه لا ئعمل به في الأحكام (1) . وقد ذكر هذا هو نفسُه في الصفحة المذكورة، ولكنه عاد لينقض ذلك بقوله (ص 37) : "وقولهم: الحديث لا يُعمل به في الأحكام هو مما خالف فيه العلماءُ قولَهم، ذلك أنهم استدلّوا في كتبهم بكثير من الأحاديث الضعيفة ... "، إلى آخر ما قال، وبئسَ ما قال،   (1) انظر " المجموع " للِإمام النووي (1/59) فقد عزا ذلك للعلماء جميعاً دون استثناء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 فإنه يَتَّهم عُلماء الحديث والأصول جميعاً بأنهم يقولون بخلاف ما يفعلون! وتالله إن رأيتُ مثل هذا الرجل بَهْتاً وافتراءً وقِلَّةَ حياءٍ، فلقد هانت عندي كلُّ افتراءاته عَلَيَّ.- التي سبق أن ذكرتُ بعضها- حين رأيت اتِّهامَه المذكور للعُلماءِ دون أي استثناء، وما ذلك إلا لِيَتَّخِذَ فِعْلَهم- إنْ ثَبَتَ- حُجَّةً له فيما ذهب إليه من الجواز. والحق والحقَّ أقول: هو الذي يفعل بخلاف ما يقول، فكثيراً ما يردُّ الحديث الذي عند خصمه بضعف إسناده كما فعل في حديث "صلاة بعمامة ... " المُتَقدّم، فإنه لم يعمل به مع أنه موافقٌ لقوله في العمل بالحديث الضعيف في الفضائل والأحكام، فهذا من الأدلّة الكثيرة على أنه يكيلُ بكيلين، ويلعبُ على الحبلين. ومن تلك الأمورِ التي زَلَّ فيها الغُماريُّ المغمورُ قوله: "والجمهورُ الذين أجازوا العمل بالضعيف في الفضائل ونحوها اقتدوا بصنيع الشارع حيث تجاوزَ في الفضائل ما لم يتجاوزْ في الفرائض والأحكام. وإليك أمثلةً من ذلك ... ". ثم ساق سبعةً منها كلُّها تدورُ حول إباحتهِ تعالى على لسان نبيِّه في النوافل ما لم يَبح لهم في الفرائض! فأقول: هذا من تدليساتهِ ومُغالَطاتهِ الخبيثة، إذ إِنَّ التجاوز الذي في هذه الأمثلة ونحوها لا يعني الاستحبابَ المقصودَ من قول القائلين بجواز العمل بالحديث الضعيف ... لأنهم إنما يَعْنونَ الاستحبابَ، أي أنّ العمل به أفضلُ من تركه، وليس الأمرُ كذلك في الأمثلة التي أوّلها صلاة النافلة؛ من قعود مع القُدرة على القيام، فهذا جائزٌ وليس بمستحبّ، بل المستحبّ أن يُصلي قائماً، وكذلك القول في سائر أمثلته. فسقط كلامه بِرُمَّتهِ. ثم لو صحَّ كلامُه في الفضائل فما فائدته وهو يقول بما هو أكثر وأدهى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وأَمَرّ، وهو جوازُ العمل بالحديث الضعيف في الأحكام أيضاً؟! لعلّه يُقدم لِلْقُراء مَدْرَكاً أيضاً لهذا القول لم يعرفه الأوّلون والآخِرون، كما فعل في الذي قبله مُتَجاهلًا مَدْرَكَ العلماء الذين قالوا بعدم جواز العمل بالضعيف في الفضائل بله الأحكام، وهو أنّ الحديث الضعيف لا يُفيد إلاّ الظن المرجوح، والعمل بالظنّ المرجوح لا يجوزُ بأدلّة معروفة في الكتاب والسنة، بل ذلك من عمل المشركين الذين قال فيهم ربُّ العالمين: "إِنْ يَتَّبِعُوْنَ اِلَّا الظَّنَّ وما تَهْوَى الَأنْفُسُ "، "إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً"، وهو أكذب الحديث، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمل به في الحديث الصحيح: "إياكم والظنَ فإنَ الظنَ أكذبُ الحديث ". (انظر مقدمة "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " و"صحيح الترغيب "، و "صحيح الجامع "، و"ضعيف الجامع ") ، فإنَ فيها بَسْطاً وافياً للموضوع. فتجاوز المَغْمور كلَّ هذه الأدلّةِ وأعرض عنها إلى رأيه الفَجّ، وهو يعلم قول أهل العلم جميعاً: "لا اجتهادَ في مورد النصّ "، و"إذا ورد الأثر بَطَلَ النظر"، ولكنْ ما قيمةُ قولهم تجاه من ابتلي باتِّباع الهوى، وقلب الحقائق ولم يَخْشَ الله تبارك وتعالى!؟ نسألُ الله السلامةَ. ولقد قَفّ شعري- والله- من قوله: "اقْتَدوا بصنيع الشارع "! فإنَّ التشريع من أفعالهِ تعالى الخاصة به، فليس لأحدٍ أن يصنعَ صُنْعَه، وُيشَرِّعَ للناس ما لم يشرعه " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه ".؟! فهل يعني المغمورُ بقوله هذا: أنه يجوز لغيره تعالى أن يقتدي به وُيشَرِّع للناس مثلَ تشريعه، أم أنّ الهوى أعمى قلبه فنطق بكلمةِ الكُفْر، وما قَدَرَ الله حقَّ قدرهِ؟! بقي شيءٌ واحدٌ مضى من كلامه لم نتعرّض له بِرَدٍّ، وهو قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 "ولتلك الأحاديث (يعني الضعيفةَ التي سكت عن بيانِ ضعفها) ما يُؤٍّيدُها من القرآن والسنة"! هذه مجرّد دعوى، يستطيعها البَطَلَة، ولا يعجزُ عنها أصغر الطَّلَبة، ولو كانوا من المُتَخَرِّجين من الزاوية (!) فلا تستحقّ الردّ ولو بكلمة. وبهذا ينتهي رَدّي على جوابه عن نقدي الأول إياه، فلننقل إلى القُرّاء جوابَه عن نفدي الثاني له، وهو اعتماده على تحسين الترمذي مع تساهلهِ فيه. فقد قال: 2- "لم أَعْتمد على تحسين الترمذي في تلك الرسالة إلا مؤَّةً أو مَرتَيْنِ على الأكثر، ولم يكن تقليداً بل إقرارٌ له لأنه صوابٌ ". أقول: هذا كسابقهِ مُجَرّد دعوى، فهي مردودةٌ، ولو كان صادقاً لسَارَعَ إلى الدفاع عن نفسه بالدليلِ والحُجَّة، فإنه في موضعِ التُّهمةِ، فلماذا لا يدفعُها عن نفسه إنْ كان قادراَ عليها؟! وذلك بأن يأتي بحديثٍ من الأحاديث التي أشارَ إليها وُيبَيِّن وجه الصواب في تحسينه. ومن المؤسف أن رسالة "بداية السول " بتعليقه ليست الآن في متناول يدي، لنؤكّد للقُرَّاء أنه غيرُ صادقٍ فيما يَدّعيه، بمثال ننقلُه منها، ولكنْ من الممكن التمثيل بحديث عرض مفاتح كنوز الأرض على النبي - صلى الله عليه وسلم -واختياره أن يكون نبياً، وفيه أنه قال: "أجوعُ يوماً وأشبعُ يوماً ... " الحديث، فإنه في الرسالة (الفقرة 29- بتحقيقي) ، وهو مما حسّنه الترمذي، وقد بيّنت في تعليقي عليها أنّ إسناد الترمذي وأحمد وغيرهما ضعيفٌ جداً، وذكرت له بعض الشواهد، لكن ليس فيها ذكر الجوع والشبع، وانتهيتُ فيه إلى أن هذه الزيادة منكرة، فإن كان هذا الحديثُ مما عناه الغماري فىِ جوابه المتقدم، وإلا فهو قد اعتمد على الترمذي في تحسينه إياه في كتاب آخرَ له، وهو الذي سماه "الكنز الثمين " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 (رقم 2149) ، وقد زعم في مقدّمته أنه ليس فيه أحاديثً ضعيفةٌ، كما تقدّم، فهو دليلٌ واضحٌ على صحّة ما نَسبتُه إليه من اعتمادهِ على تحسين الترمذي المعروف تساهله فيه عند النُّقّاد. ثم سَوّد الغُماري نصفَ صفحة من رسالته يردّ فيها على قول الذهبي: "لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي "، بكلام نقله عن الحافظ العراقي استخلص منه أنّ ما اعتبره الذهبي تساهًلاً منه هو في الحقيقة اختلافٌ في الاجتهاد! ثم ختم الغُماري ذلك بقوله: "نعم قد تَعَقّبته في تحسينه أو تصحيحه في كثير من مؤلَّفاتي وتعليقاتي "! قلت: تساهًل الترمذي إنكارُه مكابرةٌ لشهرته عند العلماء، وقد تتبعت أحاديث "سننه" حديثاً حديثاً، فكان الضعيفً منها نحو ألف حديث، أي قريباً من خُمس مجموعها، ليس منها ما قوَّيْتًه لمُتابعٍ أو شاهد، ومع ذلك فإنه يَكْفينا منك الآن اعترافُك بتعقُّبك إياه، فإنه يعني أنه كان مخطئاً عندك، وحينئذٍ فلا فرق بين تسميته متساهلاً أو مجتهداً، لأنّ التساهل من مثله لا يكون إلّا عن اجتهاد، وليس عن هوىً أو غرضٍ! وكذلك يُقال في المتشددين منهم، ومن أجل ذلك، فانتقادي إيّاك لا يزال قائماً، وبخاصة أنه كان فيه ما نصُّه: "فلا ينبغي للعارف بهذا العلم الشريف أن يسكتَ عن تحسينه، بل لا بًدّ له من التصريح بتأييده أو نقده حسب واقع إسناده ... " إلخ. وأقولُ الآنَ: لماذا سَكَتَّ عن تلك الأحاديث، ولم تًبَيِّن رأيَك فيها ما دام أنك تعقََّبته في غيرها، وأَدَرْتَ الموضوعَ إلى ما لا فائدة فيه من الردّ على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 الذهبي؟! فهلاّ جَعلته على ما جاء في رسالة "رفِع اليدين في الدعاء بعد الصلاة" للشيخِ محمد بن مقبول الأهدل، وقد وضعْتَ لها مُقَدّمةً في ست صفحات مُؤَيّداَ فيها ما ذهب إليه من مشروعية الرفع المذكور، وكتبتَ عليها بعض التعليقات، وليس فيها حديثٌ واحدٌ ثابتٌ - ولا أقول: صحيحٌ - بل فيه مثل ذاك الحديث الواهي: "ما من عبدٍ يبسط كفَّيْهِ في دُبُر كُلِّ صلاة ... "، وسكتَ عنه الغُماري؛ لسبب لا يخفى على القارئ، وفيه رجلٌ اتّهمه الِإمامُ أحمدُ وغيره، كما بيّنته في "الضعيفة" (5701) ، فقد جاء في هذه الرسالة (ص 131) ما نصه: "وقال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح: إنّ الترمذي حسَّن أحاديثَ فيها ضُعفاءُ، وفيها من رواية المدلِّسين، ومن كَثُرَ غَلَطُهُ، وغير ذلك، فكيف يُعمل بتحسينه وهو بهذه الصفة؟ ! " (1) . هذا كلامُه، فلماذا لم تُعَلِّق عليه، وهو أحقّ بالتعليق لو كنت منصفاً لا تكيل بكيلين، ولا تزن بميزانين؟! 3- وأما نقدي الثالث إياه، وهو: "إهماله تخريج بعض الأحاديث ... وبعضها في (الصحيحين) ... "، فلم يتعرّض له بجواب،. فهو اعترافٌ منه ضِمْنِيّ بأنه حقّ، ولكن أليس كان أشرفَ له أن يُصَرِّح بذلك؟! بلى، لو أنه كان منصفاً، أليس هذا وما قبلَه وما يأتي بعده من الأدلّة القاطعة علىِ أنك أنت المتصف بكل تلك التُّهَم الخبيثةِ التي رميتَني بها، ومنها ما ختمت به كُتَيِّبَك، بقولك: "أمّا الِإنصافُ وعفّةُ اللسانِ فَيَسْمَعُ عنهما ولا يحسّهما من نفسِه "! فالله حسيبُك، وهو يتولّى الصالحين، وُيدافع عن الذين آمنوا.   (1) وانظر "مرقاة المفاتيح" للشيخ القارىء (1/21) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 4- وأمّا نقدي الرابع إياه المصدّر بأنه يعزو الحديث لغير المشاهير ... وذكرت على سبيل المثال حديثين: الأول: "أنا سيّد ولد آدم ولا فخر"، عزاه هو لابن أبي عاصم في "الأدب "، وسكت عنه، ومع أن كتاب "الأدب " هذا غير مطبوع فقد أحال عليه، وأعرض عن عزوه للترمذيّ وكتابهِ مع كونه أشْهَرَ، فهو مطبوعٌ وكذلك ابن حِبّان، ولا يجوزُ مثل هذا العزو مع وجود من هو أوْلَى به عند أهل العلم، وبخاصة أن الترمذي حسنه! الآخر: حديث السدرة عزاه للنسائي وابن أبي حاتم، وهو في "الصحيحين "! هذا خلاصة نقدي إياه، فليتأمّل القارىء جوابه الآتي عليه يتبين له علمُ الرجلِ وخُلُقُهُ! قال بعد أن اختصر نقدي إياه في الحديث الآخر: "وأقول: هذا التعقُّب غفلةٌ منه كبيرة، ذلك أن مؤلَف الرسالة قال في الخصلة الأولى: إنه ساد الكُلّ، فقال: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، فعزوت الحديث لمن رواه بهذا اللفظ.. ولم أخالف القاعدة في العزو. لكنّ الألباني غفل وذهل ". هذا آخر كلامه، وما لم أذكره مُشيراً إليه بالنقطتين لا علاقة له مُطْلَقاً بجوابه، مع أنه كما قيل: أسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً، وإلا فما معنى قوله: فعزوتُ الحديث لمن رواه بهذا اللفظ، فهذا وحده يدل على أن الرجل لا يخشى الله، ولا يستحي من عباد الله، لأنّ قولَه هذا مع كونه لا يخفى على القراء، لأنه إعادةٌ للنقطةِ التي هي موضع انتقادي عليه، لأنّي سأقول له مرة أخرى: لماذا عزوته لابن أبي عاصم، ولم تعزه لمن هو أولى بالعزو منه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 كالترمذي وابن حبان؟ فهذا هو وجهُ المخالفة يا من تستغفلُ الناس وتتّهمهم بما فيك. وأما الحديث الثاني فلم يتعرّض له بجواب على الِإطلاق. فهذا مع ما فيه من الاعتراض الضِّمني بأن الرجل حَوّاش قَمّاش لا تحقيقَ عنده، فهو أشرفُ له وأسترُ من جوابه عن الحديث الأول، لما فيه من الزَّوَغانِ والمجادَلةِ بالباطل. والله المستعانُ. 5- وأمّا نقدي الخامس إياه، فقد اعترف أيضاً بصوابه في الحديث الأول. ولكنْ بصورةٍ لا تُشَرِّفه وتليقُ بطريقته! وذلك من ناحيتين: الأولى: أنه جرى في أجوبته السابقة أن يبدأ بقوله: "قال الألباني أولاً ... "، "قال الألباني ثانياً ... "، "قال الألباني رابعاً ... " ولم يقل: قال الألباني ثالثاً؛ تَهرُّباً وتكبُّراً أن يعترف بالحق كما سبق. فلما جاء إلى جوابه عن هذا النقد لم يقل أيضاً: قال الألباني خامساً، لكي يُغَطِّي اعترافه الصريحَ بخطئه أنه بسبب نقد الألباني وإرشاده، ففال عَقِبَ جوابهِ السابق المُنتهي بقوله الذي هو أسوأُ منه: "غفل وذهل ": "وقولي في حديث ابن مسعود: "الخَلْق عيال الله " سندهُ جيّد، سهو لا أدري كيف حصل لي؟ بل أوقعني فيه صنيعُ الحافظ السخاوي "! فأقول: لو أن غيرك قال: "لا أدري " لم أستجز لنفسي أن أقول له: إنْ كُنْتَ لَا تَدْري فتلكَ مُصيبةٌ *** أَوْ كُنْتَ تَدْري فَالمُصِيبةُ أعظمُ! وإنما أقول لك بصراحة: إذا كنتَ صادقاً في قولك هذا، ولم يكن من دسائسك وأهوائك، فإنّك قد أُتيت من مخالفتك لقول أئمة الحديث: "قَمِّش ثم فَتَش "، فأنتَ قَمَّاش حَوَّاش، تركن في الغالبِ إلى التقليدِ؛ الذي ترمي به غَيْرَك، وأنتَ فيه غريقٌ! ولولا ذاك لَمَا وقع منك هذا الخطأُ الفاحشُ الذي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 يترفّعُ عنه المبتدئُ في هذا العلم الشريف، فإنك لمَّا رأيتَ السخاوي خَرَّجَ الحديث من رواية ابن مسعود وأنس وغيرهما، وسَكَتَ عن إسناد ابن مسعود واعَل غيره، وختم بحثه بقوله: "وبعضُها يُؤَكًد بعضاً"، توهمتَ من ذلك كلَه ما دفعك إلى الوقوع في الخطأ، فلو أنك فَتَشت عن إسناد ابن مسعود لوجدت فيه ذاك المتروك "موسى بن (1) عُمَير أبو هارون القُرَشي ". تلك هي الناحيةُ الأولى. وأما الناحيةُ الأخرى: فهي دِفاعُه عن نفسه بالباطل، وحملُه مسؤولية خطئه على الحافظ السخاوي كما سبق، وهذا من جَنَفهِ وظُلمه الذي لا يكادُ ينجو منه حتى الموتى، ولا من تزويره، فان السخاوي لم يُجَوِّد إسناده، كل ما في الأمر أنه سكت عنه، وهذا وإنْ كان منه غير جيد، فهل يفهم منه أحد مهما كان غريقاً في الجهل: أنه جَوَّدَ إسناده كما يزعم الغُماري؟! هذا وقد خَرًجْتُ الحديث فيما يأتي برقم (3590) وتكلَّمتُ على طُرُقهِ، وأشرت إلى أنه إنما يثبت منه بلفظ: "خير الناس أنفعُهم للناس ". وأما الحديث الآخر: "أنا سيَد ولد آدم، وعليّ سيّد العرب ". وهو الذي كنتُ انتقدت عليه قولَه فيه: "حديث ضعيف خلافاً لقول الذهبي: إنه موضوع "، ومخالفتَه إياه، وبينت له هناك أن الحافظ العسقلاني قد أقرَّه على وضعه! لأن مدار الحديث عند الحاكم الذي عزاه الغُماري إليه- على وضّاعَين معروفَين. فقد كابر الغُماري أيضاً فيه كما سترى، فأنه قال ما خلاصته:   (1) سقط من الأصل المطبوع "موسى بن " فليتنبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 "وقول الذهبي: موضوع، غلو غير مقبول لأنه وَرَدَ عن غير الوضّاعين ". ثم ذكر له طريقين آخرين: أحدهما: عن أنس مرفوعاً. قال الهيثمي: "فيه- خاقان بن عبد الله ابن الأهتم ضعّفه أبو داود". وذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه. والآخر: عن عائشة أيضاً مرفوعاً به. رواه الحاكم وقال: "صحيح الِإسناد، وفيه عمر بن الحسن الراسبي، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمتُ بصحته على شرط الشيخين ". قال الغُماري عقبه من عند نفسه: "قلت: إسنادُ الحديث نظيفٌ ليس فيه كذابٌ ولا متَهم، والراسبي ذكره ابن أبي حاتم برواية محمد بن موسى الجُرَشي عنه، ولم يجرحه بشيء. وبمقتضى القاعدة المقررة يكون تعديل الحاكم مقبولًا، لكن الذهبي تعقّب قولَ الحاكم: أرجو أنه صدوقٌ، فقال: أظن أنه هو الذي وضعه. وهو تعنُّت شديدٌ وقولٌ بالظنّ، والظن أكذب الحديث. والعجب من الحافظ كيف وافق الذهبيَّ على هذا الحكم المتعنِّت، وغفل عما تقتضيه القاعدةُ في هذا المقام؟! فالحديثُ بهذين الطريقينِ: طريقِ أنسٍ وطريقِ عائشة، لا يَبعُد أن يكون من قبيل الحَسَنِ لغيره ". والجواب وبالله التوفيق على وجهين: مجمل ومفصل: أما المجمل، فلا نُسَلّم حُسْنَه بمجموع الطريقين، لأنَّ في طريق عائشة راوياً واهياً شديد الضعف توهّمه الغُماري ثقةً، أو تجاهله كما سيأتي بيأنه في (المفصل) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 وأمّا الضعف من حيثُ إسنادهُ فليس البحثُ الآن فيه، والغُماري نَصَبَ الخلاف فيه؛ بَيْنه وبين الحافظ الذهبي والعسقلاني. لغايةٍ في نفسه، وليس كذلك، وإنما هو في متنهِ لقولهما بِبُطْلأنهِ، مع تصريحهما بأنَ فيه من لا يُعرف كما يأتي، وذلك يعني أنه ضعيفُ السند، ولا منافاةَ بينهما كما لا يخفى على العارفِ بهذا العلم، ويأتي بيانُه قريباً إن شاء الله تعالى. وأما الجواب المفصل فهو من وجوه: 1- تعليلُه لردّ حكم الذهبي على الحديث بالوضع بقوله: "لأنّه وَرَدَ عن غير الوضّاعَين ". فهو مرفوضٌ من أصله، وهو بذلك يُوهم القراء أنّ الحديث لا يكون موضوعاً إلا إذا كان فيه وضاعٌ، وهذا خلافُ ما صرّح به العلماءُ في أصول علم الحديث وفروعه، فكم من حديثٍ حكموا عليه بوضعه أو بُطلأنه، وليس في إسنادهِ وضّاعٌ أو كذّابٌ، وفي هذه السلسلةِ عشراتُ الأمثلةِ على ذلك، وقد جاء في "اختصار علوم الحديث " لابن كثير: "يُعرف الموضوع بأمور كثيرة.. ومن ذلك ركاكة ألفاظه، وفساد معناه، أو مجازفة فاحشة، أو مخالفته لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة".- والغُماري يعرف هذا جيداً، لأنه مما لا يخفى على صِغَار الطلبة، ولكنه يتجاهلُ الحقائقَ لِيَصْدُقَ عليه ما يتّهمُ به غيرَه، المرّة بعد المرّة، انظر مثلاً كتيّبه الآخر: "إتقان الصنعة" (ص 47) ، وكتب " الأحاديث الموضوعة"، كلها قائمة على هذا، فما من كتاب منها إلا وفيه أحاديثُ موضوعةٌ بأسانيدَ ضعيفةٍ، لأنّ الوضع جاء من داخل المتن الدالّ على بطلأنه، وعلى هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 حكمت أنا على حديث "نِعْمَ المذكّر السّبحة"، الذي يصرّ الغُماري وبعض تلامذته على أنه ضعيف فقظ، غير ملتفتٍ إلى معناه الدالّ على بطلأنه كما كنتُ بيّنتُه فيما مضى برقم (83) ، وما ذلك إلّا محافظةً منه على وسائل التَّمشْيُخ (!) وجَلْبِ المُريدين السُّذَّج الذين يغترّون بالمظاهر، وَلأمْرٍ ما قال الغُماري هذا في رسالته السابقة (ص 48) : "وتعليقُ السّبحة في العنق ليس فيه شيءٌ، وهو نظير وضع الكاتب القلم على أذنه "!! ثم ذكر حديث: "ضَعِ القلمَ على أُذُنك فإنه أذكر للمُملي ". وقال: "رواه الترمذي بإسناد ضعيف "! وهو يعلم أن فيه عنبسة بن عبد الرحمن الأموي. قال أبو حاتم: "كان يضع الحديث ". وله طرقٌ أخرى تدور أيضاً على وضّاعين وكذّابين كما تراه مفصلاً في المجلد الثاني من هذه السلسلة، رقم (861- 862) . من أجل ذلك لم يَسَعْ أخاه الشيخ احمد الغُماري إلا أن يورد هذا الحديث في كتابه "المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير" من رواية الترمذي وغيره (ص 18 و 65- 66) وقال: "وهذا من وضع العجم، وقال ابنُ الجوزي: إنه موضوع ". فهل خفي هذا على الغُماري الصغير، أم تعمّد مخالفة أخيه الأكبر لمجرد أنه اتّفق مع الألباني في الحكم على الحديث بالوضع، أم هو الدوَرَان وراء المصلحة مهما كانت المخالفة للعلمْ والعلماء، والعياذ بالله تعالى؟! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 ومن الأمثلة على الحديث الموضوع متناً بشهادة مَنْ لا يستطيع الغماريُّ أن يصفه بـ (المبتدع) وهو أخوه السابق الذكر، فقد قال في حديث: "اجعلوا أئمتكم خياركم ... " (ص 10) . "قلت: إسنادُهُ مُظلم كما قالوا، ومتنُه موضوع ". وانظر هذه السلسلة (1822-1823) . وأقربُ مثال لما نحن فيه قولُه في حديث: "تختَموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر" (ص 36) : "قلت: فيه الحسينُ بن إبراهيم البَابي، قال الذهبي: لا يُدْرى من هو، فلعل الحديث مِن وضعه ... ". وانظر الحديث برقم (227) . وهذا البابي كما ترى مجهولٌ، ومع ذلك حكم عليه الغُماري الكبير بالوضع، وقد قال الذهبي في حديث السيادةِ في راويه المجهول مثل هذا القول وأقوى منه كما يأتي، ومع ذلك زاغ عنه الغُماري الصغير. والله المستعان. وبذلك يسقط تعليلُه المذكورُ، ويتبيّن لكل ذي عينين أن الغُماري هذا لا يُراعي في كلامه على الحديث قواعدَ العُلَماء، وإنما يتكلّم عليه حسبما يُوحي إليه هواه! 2- قوله في حديث عائشة: إسنادهُ نطيفٌ، ليس فيه كذاب ولا متهم. فأقول: هذه الدعوى كاذبةٌ، حَمَلَكَ عليها جمودُك على قول الحاكم ومن بعده بأنّ فيه ذاك الراسبي، فاستلزمت منه أنه ليس فيه علة أخرى هي أقوى من الراسبي، فإن الحاكم أخرجه (3/124) من طريق محمد بن معاذ عنه؛ وابن معاذ هذا لا استبعد عنك أن تتوهم أنه العنبري الثقة- إن كنت رجعت إلى "المستدرك " فوقعت عيناك عليه! - وإنما هو الشعراني أبو بكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 النُّهاوَندي كما حققته وبسطت القول عليه فيما سيأتي في المجلد الثاني عشر رقم (5678) وقد قال فيه الذهبي والعسقلاني: " واه ". أي شديد الضعف، فهو في حكم المتهم، وبذلك يسقط ما ادعاه الغُماري من النظافة! 3- قوله: والراسبي ذكره ابن أبي حاتم.. ولم يجرحه بشيء. فأقول: نعم لم يجرحه، ولم يوثقه أيضاً، فكان ماذا؟ غاية ما يمكن أن يقال فيه: إنه سكت عنه، وهو ما يسكت عن أحد إلا لأنه لم يتبين له حاله، كما ذكر ذلك ابنُ أبي حاتم نفسه في مقدمة كتابه. على أن الراوي عنه محمد بن موسى الجُرَشي مجروح لا يُحْتَجُ به عنده كما يفيده قوله في ترجمته (1/4/84) : "شيخ "! (أنطر باب بيان درجات رواة الآثار) منه. قلت: فما قيمةُ الراسبي إذا لم يعرفه ابنُ أبي حاتم إلّا من رواية الجُرَشىِ الذي لا يحتج به؟! ولذلك قال الذهبيُّ والعسقلانيُّ في الراسبي هذا: "لا يُعرف، وأتى بخبر باطل، متنُه: علي سيد العرب ". فأقول: قابِلْ قولَهما هذا بقولهما المتقدم في حديث التختُّم بالعقيق الذي احتجَ به الغُماري الكبير على وضعه، تتبيّن وتتأكّد من بُطلان إنكار الغُماري الصغير عليهما كما يأتي. 4- قوله: "وبمقتضى القاعدة المُقَرّرة يكون تعديل الحاكم له مقبولًا ... إلخ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 فأقول: تأمّل أيها القارئ كيف يُعَمّي الأمر على القراء، فَيُطلق - القاعدة ولا يُبَيِّنها، تدليساً عليهم، وإيهاماً لهم بأنّه متمسِّكٌ بالقاعدة المقررة في علم المصطلح، وينسب الحافظ الذهبي إلى التعنُّت وُيلحق به الحافظ العسقلاني في الغفلة!! ولا يشكّ أحدٌ أنهما أعلم منه وأتقى، وأبعد عن اتِّباع الهوى الذي ابْتُلي به هذا الغُماري المسكين في كثير من كتاباته وبخاصة ما كان منها في انتقاده للآخرين. وبيان ذلك هنا من وجهين: الأول: أنّ الحاكم لم يجزم بأنّ الراسبيَّ هذا صدوق، وإنما قال: أرجو؛ وفرقٌ واضحٌ بين الأمرين. والآخر: هَبْ أنه جزم بأنه صدوق، فما قيمة قوله وهو معروف عند العلماء بأنه من المتساهلين (1) ، ولا سيما إذا لم يَعْتَدّ بقولهِ الحُفَّاظُ الذين جاؤوا من بعده واستدركوا عليه كالذهبي وغيره، وقد ذكر اللكنويُّ رحمه الله في "الأجوبة" (161) : أنه إذا تعارض قولُ الحاكم مع الذهبي، رُجِّح قول الذهبي، لأن الأول متساهلٌ والثاني غير متساهل. فالحديث الذي حكم الحاكم بكونه صحيح الِإسناد. وحكم الذهبي بكونه ضعيفَ الإِسناد؛ يُرَجَّحُ فيه قولُ الذهبي على قول الحاكم، وكم من حديثٍ حكم عليه الحاكمُ بالصحة وتعقّبه الذهبي بكونه ضعيفاً أو موضوعا ... إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى. وأقول: هذا إذا كان الذهبيُّ وحده مخالِفاً للحاكم، فكيف إذا كان معه الحافظُ ابن حجر كما هو الشأنُ هنا. فسقط بذلك تشبُّثُ الغُماري بالحاكم. فإن قيل: ما هي القاعدة المُقَرّرَةُ التي اعتمد عليها الغُماري في رده   (1) انظر "الأجوبة الفاضلة" لأبي الحسنات اللكنوي (ص80 - 86) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 على الذهبي والعسقلاني ولم يبينها؟ فأقول: هي قولُ ابن الصلاحِ وغيره أنه يكفي الواحدُ في التعديل على الصحيح. وقد عرفتَ مما سبق أنها ليسَتْ على إطلاقها، وأنّ المقصود بها من لم يكن معروفًا بالتساهُل في التوثيق والتصحيح كالحاكم وابن حبان ونحوهما، وهذا مما لا يخفى على الغُماري، ولكنه يُجادل بالباطل وينساق لهواه. نسأل الله السلامة. 5- قوله: فالحديث بهذينِ الطريقينِ ... لا يبعدُ أن يكون من قبيل الحَسَن لغيره. فأقول: كلا، وذلك لوجهين: الأول: أنّ فيه ذلك الواهيَ محمد بن مُعاذ كما سبق بيأنه في الفقرة (2) ، ومثله لا يفيد في المتابعات والشواهد كما هو مقرّر في علم المصطلح. والآخر: أنَ البحثَ في مَتْن الحديث كما تقدّم في الجواب المجمل، فلا فائدة من محاولتك لِإخراج سند الحديث من الضعف، ومتنُه باطلٌ بشهادة الحافظين الذهبي والعسقلاني، وهما المرجعُ في مثل هذا الأمر دونَك، وما أحسنَ ما قيل في مثل هذه المناسبة: وابنُ اللَّبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ *** لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعيسِ فان قيل: فما وجهُ بُطلانِ هذا الحديث متناً؟ فأقول مخالفتُه للسنّة الصحيحة الثابتة من طرق عن ابن عمر رضي الله عنه في "صحيح البخاري " وغيره، وهي مُخَرّجة في "ظلال الجنة" (رقم 1190-1198) ، بل قد صح ذلك عن علي نفسه رضي الله عنه، فروى البخاري بسنده الصحيح عن محمد بن الحنفية قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 قلت لأبي: أيّ الناس خيرٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر؛ قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.. الحديث. ورواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وغيرهم من طرق عنه، وهو مُخَرجٌ في "ظلال الجنة" (1200- 1208) . وروي (1166) بسند حسن عن عمر قال لأبي بكر: لا بل نبايعك، وأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد جاء في "الصحيحين " مرفوعاً أن أبا بكر كان أحبَّ الرجال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يُعْقَلُ بعد هذه النصوص القاطعة بأفضلية أبي بكر رضي الله عنه أن يُقال: "وعلي سيّد العرب "، وقد تقدّم أنّ من علامات الحديث الموضوع أن يُخالف السنّة الصحيحة، فهي عمدة الذهبي والعسقلاني في قولهما ببطلان الحديث. ولقد كنتُ أوردت معنى ما تقدم من السنة في رَدّي على الغُماري في مقدمة "البداية"، وأشرت إلى نِسْبتهِ إلى التشيُّع، بسبب تحمُّسه لهذا الحديث الباطل، وذكرتُ أنه من وضع الشَيعةِ. ثم تأكدتُ من ذلك حين رأيته يرد على الحافظَين وَيَسْتعلي عليهما، وينسبهما إلى الغفلة كما تقدم، ولا يتبرّأ من التشيع الذي رُمي به، بل إنه زاد على ذلك- ضِغْثاً على إبّالة- فسوّد ثلاث صفحاتٍ في الطعن على أهل السنّة وأئمة الحديث كابن تيمية والذهبي، فيرميهما بالنصب، وإنكار فضائل علي رضي الله عنه، وُيصرح بأن كثيراً من أهل السنة انخدعوا بالنواصب! فردُّوا أحاديثَ كثيرةً في فضل علي رضي الله عنه، ومنها هذا الحديثُ بزعمه فيتأوله بقوله: "فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام: " علي سيد العرب " أنه ذو الشرف والمجد فيهم، لأنّه من أهل البيت ... إلخ ". فأقول: أَثْبتِ العرشَ ثم انقشْ، فإن التأويل فرعُ التصحيح كما هو معروفٌ عند العلماء، والحديث ضعيف الإسنادِ كما سبق تحقيقهُ، فهو لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 يستحقّ التأويل. على أنّ سياق الحديث يبطله، فإن قوله- صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيد ولد آدم " صريح في تفضيله - صلى الله عليه وسلم -على جميع ولد آدم، وهو الذي فهمه العلماء ومنهم العزّ بن عبد السلام في رسالته "بداية السُّول " كما سيأتي بيأنه تحت الحديث رقم (5678) ، فلو صحّت زيادة "وعلي سيد العرب " دلَّت أيضاً على تفضيله بعده - صلى الله عليه وسلم -على العرب جميعاً، وهذا باطلٌ بشهادةِ الصحابة كما تقدم، ومنهم على نفسه، رضي الله عنهم أجمعين. ومثلُ هذه الزيادةِ في البُطلان والمخالفة حديث: "كان أحبّ النساء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فاطمة، ومن الرجال علي ". وسيأتي في هذا المجلد إن شاء الله تعالى برقم (1124) مع تخريجه والكشف عن علّته، وَوَهْم من وَهِمَ فيه، وذكر بعض الأحاديث الصحيحة الدالّة على بُطلأنه. وبعد، فإنّ مجال الردّ على الغُماري والكشف عن أوهامه وتدليساته على القراء، وضلالاته وافترِاءاته وإثارته للفتن التي شاركه في بعضها ذاك الخزرجيُّ- مجالٌ واسعٌ جداَ، وفيما سبق من البيان كفايةٌ لكل منصفٍ راغبٍ في الهداية، وإنّي مع ذلك أرجو لهما أن يتراجعا عمّا رمونا به من البَهت والافتراء، فإن لم يفعلا فإنّي داعٍ بما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اللهمّ مَتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثَأْرَنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مُصيبتنا في ديننا، ولا تجعلِ الدنيا أكبَر هَمنا، ولا مبلغَ علمِنا، ولا تُسَلّط علينا من لا يرحمُنا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. وصلى الله على محمد النبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه وسلم. عمّان 25 محرم سنة 1407 هـ وكتب محمد ناصر الدين الألباني أبو عبد الرحمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 1001 - " كان يركع قبل الجمعة أربعا، وبعدها أربعا لا يفصل بينهن ". باطل. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/172/1) عن بقية بن الوليد، عن مبشر ابن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عباس مرفوعا. ورواه ابن ماجه في سننه (1/347) من هذا الوجه دون قوله: " وبعدها أربعا " وقال الزيلعي في " نصب الراية " (2/206) : سنده واه جدا، فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين، وحجاج وعطية ضعيفان. وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 72/1) : هذا إسناد مسلسل بالضعفاء، عطية متفق على تضعيفه، وحجاج مدلس، ومبشر بن عبيد كذاب، وبقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية، وصلاته صلى الله عليه وسلم بين الأذان والإقامة يوم الجمعة متعذر؛ لأنه كان بينهما الخطبة، فلا صلاة حينئذ بينهما، نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء، يمكن أن يصلي سنة الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة. قلت: ولكنه لم يرد إطلاقا أنه كان بين أذان عثمان والخطبة وقت لصلاة أربع ركعات سنة الجمعة المزعومة، ولا ورد أيضا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي الله عنه، فبطل الاحتمال المذكور، على أنه لوثبت وجود مثل هذا الوقت، لم يدل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، بخلاف إحداث عثمان للأذان، فإنه كان من باب المصالح المرسلة، كما حققت ذلك كله في رسالتنا الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة، فليراجعها من شاء، فإن فيها تحقيقا لكثير من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة، وكأنه لما سبق ذكره حكم بعض الأئمة على هذا الحديث بالبطلان، فقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (2/341) : سنده واه؛ قال النووي في الخلاصة: الحديث: 1001 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 إنه حديث باطل. وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (1/170) : هذا الحديث فيه عدة بلايا، ثم أطال في بيان ذلك بما خلاصته ما نقلناه عن البوصيري من العلل الأربع، ومن العجيب أن يخفى ذلك على الحافظ الهيثمي، فإنه قال في " المجمع " (2/195) : رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه الحجاج بن أرطاة وعطية العوفي وكلاهما فيه كلام، ففاته ذكر العلتين الأخريين، لا سيما التي سببها مبشر بن عبيد الكذاب الوضاع، ثم تلطف جدا في تضعيف الحجاج وعطية، فأوهم أن الضعف في إسناد الحديث يسير، وليس بشديد، فكان من نتائج ذلك أن جاء من بعده صاحب " جمع الفوائد " فلخص كلام الهيثمي بقوله فيه (1/268) : للكبير بلين!، فأفصح بذلك عما يدل عليه كلام الهيثمي مما أشرنا إليه من الضعف اليسير، وذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد، وعدم الرجوع في التحقيق إلى الأصول، وإلى أقوال الأئمة الفحول، والله المستعان. وأما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عن الحافظين العراقي وابن حجر أنهما قالا في حديث ابن ماجه: سنده ضعيف جدا، وبعد أن بين وجه ذلك بنحو ما سبق، قال متعقبا على السيوطي: قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول، واقتصر عليه، مع وروده من طريق مقبول، فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه، قال الحافظ الزين العراقي: إسناده جيد. فأقول: إنني في شك من ثبوت ذلك عن علي، وإن كان العراقي قد تابعه على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 هذا القول تلميذه البوصيري، وقد وجدت في كلام هذا ما فتح الطريق علي لتحقيق شكي المشار إليه، فقد قال في " الزوائد " (ق 72/1) بعد أن أعل إسناد ابن ماجه على ما نقلته عنه: رواه أبو الحسن الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد، من طريق أبي إسحاق عن عاصم عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا قال أبو زرعة في " شرح التقريب " (3/42) ، والظاهر أن البوصيري نقله عنه. قلت: والمعروف من هذه الطريق عن علي بلفظ: " كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات "، هكذا أخرجه أحمد وغيره، فهو المحفوظ والله أعلم. ولئن صح ما عند الخلعي فهو محمول على ما قبل الأذان وصعود النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر لفقدان المحل كما تقدم بيانه، والله ولي التوفيق. وكتاب الخلعي المذكور منه أجزاء مخطوطة في المكتبة الظاهرية، وليس في شيء منها هذا الحديث لننظر في إسناده، ثم وقفت عليه عند غيره، فتأكدت مما ذهبت إليه هنا أنه غير معروف، فانظر الحديث الآتي برقم (5290) إن شاء الله تعالى، وقد روي الحديث عن ابن مسعود أيضا، وسنده ضعيف منكر، كما يأتي بيانه بلفظ: " كان يصلي قبل الجمعة أربعا .... ". رقم (1016) . 1002 - " كان يسبح بالحصى ". موضوع. رواه أبو القاسم الجرجاني في " تاريخ جرجان " (68) من طريق صالح بن علي النوفلي: حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي: حدثنا ابن المبارك عن الحديث: 1002 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته القدامي - نسبة إلى قدامة بن مظعون - وهو متهم، قال الذهبي في " الميزان ": أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب. ثم ذكر بعض مصائبه! وفي " اللسان ": ضعفه ابن عدي والدارقطني. وقال ابن حبان: يقلب الأخبار، لعله قلب على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثا، وروى عن إبراهيم بن سعد نسخة أكثرها مقلوب، وقال الحاكم والنقاش: روى عن مالك أحاديث موضوعة، وقال أبو نعيم: روى المناكير. قلت: وصالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجمه، وهذا الحديث يخالف ما ثبت عن عبد الله بن عمرو، قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ". أخرجه أبو داود (1/235) بسند صحيح، وحسنه النووي في " الأذكار " (ص 23) ، وكذا الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (ق 18/1) ، وعزاه الأول للنسائي، وهو عنده (1/198) ضمن حديث، وكذلك أخرجه في عمل اليوم والليلة (819) ، وثبت عند أبي داود أيضا وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يعقدن بالأنامل وقال: " فإنهن مسؤولات مستنطقات "، وصححه الحاكم والذهبي. فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده، إنما هو باليد، وباليمنى فقط، فالعد باليسرى أو باليدين معا، وبالحصى كل ذلك خلاف السنة، ولم يصح في العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء، خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و" السنن والمبتدعات " وغيرهما، وقد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على التعقيب الحثيث "، فليرجع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 إليها من شاء التوسع في ذلك، واسترواح بعض المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " وغيره غفلة منه، لأنه عموم لم يجر العمل به، وتجاهل منه لحديث العقدة باليمين، لا يليق بمن كان من أهل العلم، فتنبه ولا تكن من الغافلين. 1003 - " بل لنا خاصة. يعني فسخ الحج إلى العمرة ". ضعيف. أخرجه أصحاب " السنن " إلا الترمذي والدارمي والدارقطني والبيهقي وأحمد (3/468) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! فسخ الحج لنا خاصة؟ أم للناس عامة؟ قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، فإن الحارث هذا لم يوثقه أحد، بل أشار الإمام أحمد إلى أنه ليس بمعروف، وضعف حديثه هذا كما يأتي. وقال الحافظ في " التقريب ": مقبول، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. وأما ما نقله الشوكاني في " نيل الأوطار " (4/280) عن الحافظ أنه قال في الحارث هذا: من ثقات التابعين، فإن صح هذا عنه، فهو من أوهامه، لأنه لو كان ثقة عنده لوثقه في " التقريب "، ولذكر من وثقه في أصله " التهذيب "، وكل ذلك لم يكن، بل قال أبو داود في " المسائل " (ص 302) : قلت لأحمد: حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج؟ قال: ومن بلال بن الحارث أو الحارث بن بلال؟ ! ومن روى عنه؟ ! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر، وصدر خلافة عمر. وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (1/288) : الحديث: 1003 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وأما حديث بلال بن الحارث، فلا يكتب؛ ولا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة، قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقال في المتعة: هو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: " اجعلوا حجكم عمرة " (1) ، قال عبد الله: فقلت لأبي: فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج؟ يعني قوله: " لنا خاصة " قال: لا أقول به، لا يعرف هذا الرجل (قلت: يعني ابنه الحارث) ، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي بثبت. قال ابن القيم: ومما يدل على صحة قول الإمام، وأن هذا الحديث لا يصح، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة؟ ! هذا من أمحل المحال، وكيف يأمرهم بالفسخ، ويقول: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " (2) ، ثم يثبت عنه أن ذلك مختص بالصحابة، دون من بعدهم؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلط عليه. وأما ما رواه مسلم في " صحيحه " وأصحاب " السنن " وغيرهم عن أبي ذر أن المتعة في الحج كانت لهم خاصة، فهذا مع كونه موقوفا، إن أريد به أصل المتعة، فهذا لا يقول به أحد من المسلمين، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة، ولذلك قال الإمام أحمد: رحم الله أبا ذر هي في كتاب الرحمن: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ". وإن أريد به متعة فسخ الحج، احتمل ثلاثة وجوه من التأويل، ذكرها ابن القيم، فليراجعها من شاء، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من لا   (1) انظر كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه ". اهـ. (2) انظر المصدر السابق. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 يذهب إلى أفضلية متعة الحج ويرى الإفراد أوالقران أفضل، مع أن ذلك خلاف الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في " الزاد " فلتطلب من هناك. وقال ابن حزم في " المحلى " (7/108) : والحارث بن بلال مجهول، ولم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث، وقد صح خلافه بيقين، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال لرسول الله إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بل لأبد الأبد ". رواه مسلم ". وبهذه المناسبة أقول: من المشهور الاستدلال في رد دلالة حديث جابر هذا وما في معناه على أفضلية التمتع، بل وجوبه بما ثبت عن عمر وعثمان من النهي عن متعة الحج، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك، وروي مثله عن عثمان (1) ، حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس وصادا لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور وغيره، ويدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين "، وقوله: " اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر "، ونحن نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه: الأول: أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده، لا قصدا لمخالفتها، حاشاه من ذلك، ومن أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي (2) !! وإتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور، فلا يشك عاقل، أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة، فينبغي أن يكون   (1) انظر المحلى (7/107) . اهـ. (2) أخرجه الشيخان في " صحيحيهما ". فانظر كتابي " مختصر صحيح الإمام البخاري " رقم (191) و" صحيح مسلم " (1/193) . اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 الأمر هكذا في نهيهما عن المتعة للقطع بثبوت أمره صلى الله عليه وسلم بها. لا يقال: لعل عندهما علما بالنهي عنها، ولذلك نهيا عنها، لأننا نقول: قد ثبت من طرق أن نهيهما إنما كان عن رأي واجتهاد حادث، فقد روى مسلم (4/46) وأحمد (1/50) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد، حتى لقيه بعد، فسأله، فقال عمر: قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم. ورواه البيهقي أيضا (5/20) . وهذا التعليل من عمر رضي الله عنه إشارة منه إلى أن المتعة التي نهى عنها هي التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر، ولكن قد صح عنه تعليل آخر يشمل فيه متعة القران أيضا فقال جابر رضي الله عنه: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد أنزل منازله، فأتمموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله، فافصلوا حجكم من عمرتكم؛ فإنه أتم لحجتكم، وأتم لعمرتكم. أخرجه مسلم والبيهقي (5/21) . فثبت مما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه تأول آية من القرآن بما خالف به سنته صلى الله عليه وسلم فأمر بالإفراد، وهو صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ونهى عمر عن المتعة، وهو صلى الله عليه وسلم أمر بها، ولهذا يجب أن يكون موقفنا من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي، ولا فرق. الثاني: أن عمر رضي الله عنه، قد ورد عنه ما يمكن أن يؤخذ منه أنه رجع عن نهيه عن المتعة، فروى أحمد (5/143) بند صحيح عن الحسن أن عمر رضي الله عنه أراد أن ينهى عن متعة الحج، فقال له أبي: ليس ذاك لك، قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينهنا عن ذلك، فأضرب عن ذلك عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 قلت: الحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي، ولا من عمر، كما قال الهيثمي (3/236) ، ولولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحا، لكن قد جاء ما يشهد له، فروى الطحاوي في " شرح المعاني " (1/375) بسند صحيح عن ابن عباس قال: " يقولون: إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة، قال عمر رضي الله عنه: لو اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي ". رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت طاووسا يحدث عن ابن عباس. قلت: وهذا سند جيد رجاله ثقات معروفون، غير عبد الرحمن بن زياد وهو الرصاصي، قال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ولم يتفرد به، فقد أخرجه الطحاوي أيضا من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال: قال عمر: فذكر مثله، وسنده جيد أيضا، وقد صححه ابن حزم فقال (7/107) في صدد الرد على القائلين بمفضولية المتعة، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها: هذا خالفه الحنفيون والمالكيون والشافعيون؛ لأنهم متفقون على إباحة متعة الحج، وقد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج، روينا من طريق شعبة عن سلمة بن كهيل عن طاووس عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: لواعتمرت في سنة مرتين ثم حججت لجعلت مع حجتي عمرة، ورويناه أيضا من طريق سفيان عن سلمة بن كهيل به، ورويناه أيضا من طرق، فقد رجع عمر رضي الله عنه إلى القول بالمتعة اتباعا للسنة، وذلك هو الظن به، رضي الله عنه، فكان ذلك من جملة الأدلة الدالة على ضعف حديث الترجمة، والحمد لله رب العالمين. 1004 - " إذا دخلت على مريض فمره أن يدعولك، فإن دعاءه كدعاء الملائكة ". ضعيف جدا. رواه ابن ماجه (1/440) : حدثنا جعفر بن مسافر: حدثني كثير الحديث: 1004 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 بن هشام: حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عمر بن الخطاب قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم. فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين ميمون وعمر، وبه أعلوه، فقال البوصيري في " الزوائد " (ق 90/1) : هذا الإسناد رجاله ثقات (1) ، إلا أنه منقطع، قال العلائي في " المراسيل "، والمزي في " التهذيب ": إن رواية ميمون بن مهران عن عمر مرسلة. وقال المنذري في " الترغيب " (4/164) : ورواته ثقات مشهورون، إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر، وتبعه الحافظ في " الفتح " فقال (10/99) : أخرجه ابن ماجه بسند حسن لكن فيه انقطاع، وغفلوا جميعا عن العلة الأخرى، وهي: الثانية: وهي أن راويه عن جعفر بن برقان ليس هو كثير بن هشام كما هو ظاهر هذا الإسناد، بل بينهما رجل متهم، بين ذلك الحسن بن عرفة فقال: حدثنا كثير بن هشام الجزري عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به، أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (ص 178) . وعيسى هذا قال فيه البخاري والنسائي: منكر الحديث، وقال أبو حاتم:   (1) هكذا في نسختنا من " الزوائد "، ونقل السدي عنه أنه قال: إسناده صحيح، ورجاله ثقات إلا أنه ... " وما في نسختنا أقرب إلى المعروف في استعمالاتهم. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 متروك الحديث، فلعله سقط من رواية جعفر بن مسافر وهما منه، فقد قال فيه الحافظ: صدوق ربما أخطأ، ثم رجعت إلى " التهذيب " فرأيته قد تنبه لهذه العلة، فقال متعقبا لقول النووي الذي نقلته عنه آنفا: فمشى على ظاهر السند، وعلته أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير، فأدخل بينه وبين جعفر رجلا ضعيفا جدا، وهو عيسى بن إبراهيم الهاشمي. كذلك أخرجه ابن السني والبيهقي من طريق الحسن، فكأن جعفرا كان يدلس تدليس التسوية، إلا أني وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له، فلعل كثيرا عنعنه فرواه جعفر عنه بالتصريح، لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس، لكن ما وقفت على كلام أحد وصفه بالتدليس، فإن كان الأمر كما ظننت أولا، وإلا فيسلم جعفر من التسوية ويثبت التدليس في كثير، والله أعلم. قلت: لكن أحدا لم يصف أيضا بالتدليس كثيرا هذا، فالأقرب أن جعفرا وهم في سنده؛ فأسقط عيسى منه كما سبق مني، فإنه موصوف بالوهم كما عرفت من " تقريب " الحافظ، وسلفه في ذلك ابن حبان، فإنه قال فيه في " الثقات ": كتب عن ابن عيينة، ربما أخطأ. 1005 - " اكشف الباس، رب الناس! عن ثابت بن قيس بن شماس ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 337 - طبع الحلبي) وابن حبان في " صحيحه " (رقم 1418 - موارد) عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس وهو مريض، فقال: فذكره، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء فصبه عليه، ولفظ ابن حبان: فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه "، لم يذكر النفث. الحديث: 1005 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 قلت: وهذا سند ضعيف علته يوسف بن محمد، وقلبه بعض الرواة فقال: محمد بن يوسف، قال أبو داود: والصواب الأول. قلت: وهو مجهول العين، أورده ابن أبي حاتم (4/228) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الذهبي في " الميزان ": لا يعرف حاله، روى عنه عمرو بن يحيى بن عمارة. قلت: الصواب عدم ذكر لفظ (حاله) ، فإنه إذا كان لم يروعنه غير عمرو هذا فهو مجهول العين كما قلنا، وليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث. وأما الحافظ فقال في " التقريب ": مقبول، يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة. واعلم أننا إنما أوردنا هذا الحديث لما في آخره من جعل البطحان (وهو الحصا الصغار) في القدح إلخ، فإنه غريب منكر، وأما الدعاء " اكشف الباس رب الناس "، فهو ثابت من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: " كان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشفه أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما ". أخرجه الشيخان وغيرهما، وله فيهما وفي " المسند " طرق (6/44، 45، 50، 108، 109، 114، 115، 120، 124، 125، 127، 131، 208، 260، 278، 280) . 1006 - " نعم العبد صهيب، لولم يخف الله لم يعصه ". لا أصل له. قال السخاوي في " الفتاوي الحديثية " (12/2) : قد اشتهر في كلام الأولين وأصحاب المعاني والعربية من حديث عمر بن الخطاب وذكر الشيخ بهاء الدين السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب، وكذا قال جمع من أهل اللغة، ثم رأيت بخط شيخنا رحمه الله أنه ظفر به في " مشكل الحديث " الحديث: 1006 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 لأبي محمد بن قتيبة، لكن لم يذكر له ابن قتيبة إسنادا، وقال: أراد أن صهيبا إنما لم يعص الله حياء لا مخافة عذابه، انتهى. وقد وقعت على معنى ذلك من قول عمر (1) رضي الله عنه، إلا أنه في حق سالم مولى أبي حذيفة، فروى أبو نعيم في " الحلية " من طريق عبد الله بن الأرقم: حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس والمسور بن مخرمة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن سالما شديد الحب لله عز وجل، لوكان لا يخاف ما عصاه، وسنده ضعيف. قلت: بل هو موضوع؛ لأنه في " الحلية " (1/177) معلق من طريق محمد بن إسحاق عن الجراح بن منهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال: قدمت المدينة في زمان عثمان، فأتيت عبد الله بن الأرقم فقال: حضرت عمر رضي الله عنه عند وفاته مع ابن عباس والمسور بن مخرمة، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له، فقال: صدق، انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به، فجئنا المسور، فقلت: إن عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث، قال: حسبك لا تسل عنه بعد عبد الله بن الأرقم. قلت: فهذا إسناد هالك، مسلسل بالعلل: الأولى: أنه معلق غير متصل. الثانية: أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه. الثالثة: أن الجراح بن المنهال متهم بالكذب، وكنيته أبو العطوف، قال البخاري ومسلم: منكر الحديث. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: كان يكذب في الحديث، ويشرب الخمر.   (1) كذا الأصل والظاهر أن الصواب " حديث عمر " لأنه مرفوع كما سترى. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 الرابعة: جهالة حبيب بن نجيح، قال أبو حاتم (1/2/110) : مجهول، ولا يعتبر برواية أبي العطوف عنه، يعني لضعف أبي العطوف. وكذا قال الذهبي في " الميزان ": مجهول. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين! 1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أوحباء أوعدة قبل عصمة النكاح، فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أوأخته ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2129) والنسائي (2/88 - 89) وابن ماجه (1955) والبيهقي (7/248) وأحمد (2/182) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. وقد تابعه مدلس آخر وهو الحجاج بن أرطاة فقال: عن عمرو بن شعيب به ولفظه: ما استحل به فرج المرأة من مهر أوعدة، فهو لها، وما أكرم به أبوها أوأخوها أووليها بعد عقدة النكاح، فهو له، وأحق ما أكرم الرجل به ابنته أوأخته. أخرجه البيهقي. تنبيه: استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال! وهو لوصح كان دليلا ظاهرا على أنه لواشترط ذلك لم يكن المال له بل للمرأة، قال الخطابي: هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر. الحديث: 1007 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وقد اعتاد كثير من الآباء مثل هذا الشرط، وأنا وإن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه، ولكني أرى - والعلم عند الله تعالى - أنه لا يخلومن شيء، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، ولا أظن مسلما سليم الفطرة، لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق، كيف لا، وكثيرا ما يكون سببا للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أوالولي بالشرط الأوفر، والحظ الأكبر، وإلا أعضلها! وهذا لا يجوز لنهي القرآن عنه. 1008 - " لواجتمعتما في مشورة ما خالفتكما، يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ". ضعيف. رواه أحمد (4/227) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، شهر ضعيف لسوء حفظه، وأعله الهيثمي في " المجمع " (9/53) بعلة أخرى فقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يخفى ما في قوله: " ورجاله ثقات " من البعد عن الصواب، فإن شهرا لا يصح أن يوصف بكونه ثقة، وفيه الكلام المعروف عن جماعة من الأئمة. ولا يتقوى الحديث بحديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر: الحمد لله الذي أيدني بكما، ولولا أنكما تختلفان علي ما خالفتكما ". قال الهيثمي (9/52) : رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك وهو متروك. قلت: وقد كذبه غير واحد، وذكر له الذهبي حديثين موضوعين عن مالك! ولذلك فلا يصح الاستشهاد به لكن الشطر الأول من حديث حبيب هذا أخرجه الحاكم (3/74) عن عاصم بن عمر أخي عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن الحديث: 1008 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسي قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فاطلع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أيدني بكما، وقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: قلت: عاصم واه. 1009 - " الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء ". منكر. أخرجه الترمذي (2/294) والطحاوي (2/268) والدارقطني (519) والطبراني في " الكبير " (3/115/1) وعنه الضياء في " المختارة " (62/289/2) والبيهقي (6/109) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري، وقد روى غير واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهذا أصح ". وقال الدارقطني: خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش؛ فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا، وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده. وكذا قال البيهقي: أن الصواب مرسل. قلت: واسم أبي حمزة محمد بن ميمون، وهو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين " كما في " التقريب "، لكن فيه كلام يسير، فقال النسائي: " لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره، فمن كتب عنه قبل ذلك الحديث: 1009 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 فحديثه جيد ". وذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب "، وقال أبو حاتم: " لا يحتج به " كما في " الميزان ". قلت: فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف، وأما مع المخالفة فلا، فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس ووصله خلافا للثقات الآخرين الذين أرسلوه، دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني، وأشار إليه الترمذي، وأن الصواب في الحديث أنه مرسل، فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به. وقد روي عن أبي حمزة على وجه آخر، رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " ومحمد هذا هو العرزمي، متروك الحديث. وقد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن عباس موصولا ". ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا، وقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 281/2) عن أبي حمزة عن العرزمي به، وقال: " لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة. وقوله: " والشفعة في كل شيء " منكر. ومحمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة ". قلت: ومما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى (2/269) من طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال: " لا شفعة في الحيوان ". احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب: " الشفعة في كل شيء "، ليس على عمومه يشمل الحيوان وغيره. قال: " وإنما معناه الشفعة في الدور والعقار والأرضين، والدليل على ذلك ما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا معن بن عيسى ... ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 قلت: وإسناد هذا الموقوف جيد، رجاله كلهم ثقات معروفون، غير أحمد بن داود هذا وهو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار " عن " المغاني ". والحديث قال الحافظ في " الفتح " (4/345) : " رواه البيهقي، ورجاله ثقات، إلا أنه أعل بالإرسال، وأخرج له الطحاوي شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته ". ونقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " (5/283) ولكنه - كما هي عادته - لم يعزه إلى الحافظ! وكذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " (2/127) إلا أنه وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به ". بدل " لا بأس برواته " وشتان ما بين العبارتين، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد، بخلاف الأخرى، فإنها نص في تقوية رواته، ولا تلازم بين الأمرين، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح الحديث، وذلك لأن للحديث، أوالإسناد الصحيح شروطا أربعة: عدالة الرواة وضبطهم، واتصاله، وسلامته من شذوذ أوعلة، فإذا قال المحدث في سند ما: " رجاله لا بأس بهم " أوثقات " أو" رجال الصحيح "، ونحو ذلك، فهو نص في تحقق الشرط الأول فيه، وأما الشروط الأخرى فمسكوت عنها، وإنما يفعل ذلك بعض المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه، أو لعلمه بتخلف أحدها، مثل السلامة من الانقطاع أوالتدليس أونحوذلك من العلل المانعة من إطلاق القول بصحته (1) ، وهذا هو حال إسناد هذا الشاهد، فإن فيه علة لا تسمح بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا، فإنه عند الطحاوي (2/369) من طريق يوسف بن عدي قال: حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء ". فأول علة تبدو للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج، فإنه كان يدلس بشهادة غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، بل قال الدارقطني: " تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس   (1) وراجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب والترهيب "، و" ضعيف الترغيب ". اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما " ووصفه بالتدليس الذهبي والعسقلاني وغيرهما. على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند، وذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، بلفظ: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم، ربعة أوحائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع فلم يؤذنه فهو أحق به ". أخرجه مسلم (5/57) والنسائي (2/234) والدارمي (2/273 - 274) والطحاوي (2/265) وابن الجارود (رقم 642) والدارقطني (520) والبيهقي (6/101) كلهم عن الجماعة به. وقد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير، وهذا من جابر في رواية الطحاوي، وهو رواية لمسلم. فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج، إنما هو عن أبي الزبير ليس عن عطاء. وقد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - عن ابن جريج به. أخرجه النسائي (2/229) وصرح عنده ابن جريج بالتحديث وأحمد (3/316) وعنه أبو داود (2/256) والبيهقي. ومن الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن ابن جريج المتقدمة؛ إلا في حرف واحد وهو قوله: " في كل شرك "، فإن لفظه في الرواية المشار إليها " في كل شيء "، فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها. ويؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم ... " فإنه يدل على أن الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية، بل يدل على أنه خاص بغير المنقول من دار أوبستان أوأرض، قال الحافظ في " الفتح " (4/345) : " وقد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار، وبما فيه العقار ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ الراوي في قوله: " شيء " بدل: " شرك "، فهو شاذ، ومقابله هو المحفوظ. على أنه يمكن أن يقال: لوسلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ، فإن مما لا شك فيه أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم، فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي رواه الثقات، وعند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد، وأن اختصار الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى. ويؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام، فقال أحمد: (3/296) : حدثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (2/256) وعنه البيهقي (6/102 - 103) ثم أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به، إلا أنه قال: " كل ما لم يقسم ". وهكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد، ويرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق عبد الواحد بن زياد عن معمر به، لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه (4/323) بلفظ: " كل مال " مثل رواية أحمد، إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ على عبد الواحد من بعض الرواة أوالنساخ، نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن عبد الرزاق بلفظ أحمد، " كل مال " ورجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم "، والله أعلم. فلوأن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله: " قضى بالشفعة في الأموال " لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة، فالحمد لله الذي حفظ لنا أحاديث نبينا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 كاملة غير منقوصة، وجعلها بيانا للقرآن وألزمنا العمل بها كما ألزمنا العمل به. تنبيه: عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس وشاهده من حديث جابر، فلا تغتر بما يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه، بعد أن عرفت الحق فيه، لا سيما وهو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ ": " ورجاله ثقات "، فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم: " لا بأس برواته "، وقد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول، وأنه لا يستلزم الصحة، فلا يفيد إعادة الكلام فيه، وإنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في كلامه على حديث ابن عباس هذا، فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي: ومثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا: الشفعة في كل شيء، وإن قيل: إن رفعه خطأ، فقد ثبت إرساله عن ابن عباس، وهو شاهد لرفعه، على أن مرسل الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة، هكذا قال! وقد علمت أن الخلاف ليس في رفعه ووقفه، وإنما في إرساله ووصله، فكأنه أطلق على الوصل الرفع، فلئن كان ذلك، فما معنى قوله: ثبت إرساله عن ابن عباس، على أن مرسل الصحابي حجة.. لا شك أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء! وأما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو: 1010 - " الشفعة في العبيد، وفي كل شيء ". ضعيف جدا. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (3/18/2) وعنه ابن عساكر (13/185/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 243/2) والبيهقي (6/110) من طرق، عن عمر بن هارون البلخي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: وهذا الحديث يعرف بعفان البلخي عن عمر ابن هارون، ووثب عليه ابن حميد، رواه عن عمر بن هارون، وكان وثابا. الحديث: 1010 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 كذا قال، وهو عند البيهقي من طريقين آخرين عن ابن هارون، وعند الشافعي من طريق ثالثة عنه فلم ينفرد به عفان البلخي، فالصواب ما يقوله البيهقي: تفرد به عمر بن هارون البلخي عن شعبة وهو ضعيف لا يحتج به. قلت: بل هو متروك شديد الضعف، قال الذهبي في " الضعفاء ": تركوه. وقال الحافظ في " التقريب ": متروك وكان حافظا. 1011 - " من كذب علي متعمدا، ليضل به الناس، فليتبوأ مقعده من النار ". منكر بهذه الزيادة. وقد رويت من حديث عبد الله بن مسعود والبراء بن عازب وعمرو بن حريث وعمرو ابن عبسة. 1 - أما حديث ابن مسعود، فمداره على طلحة بن مصرف، يرويه عنه الحسن بن عمارة والأعمش. أما حديث ابن عمارة، فأخرجه الطبراني في جزء " طرق حديث من كذب علي متعمدا " (ق 35/1) بسنده عنه عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله ابن مسعود مرفوعا. وهذا سند رجاله ثقات غير الحسن بن عمارة فهو متروك متهم بالكذب. أما حديث الأعمش، فقد رواه جماعة، واختلفوا عليه في سنده ومتنه على وجوه: الأول: سفيان الثوري، فقال: عن الأعمش عن طلحة به، مثل رواية الحسن بن عمارة متنا وسندا، إلا أنه قال: عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث: 1011 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (1/174) : حدثنا أحمد ابن شعيب حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان به. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات، فظاهره الصحة، لكن فيه هذا الاختلاف الذي نحن في صدد بيانه، وما سيأتي ذكره. الثاني: يونس بن بكير، فقال: عن الأعمش عن طلحة به مثل رواية الحسن سندا ومتنا، إلا أنه أسقط منه (أبي عمار) ، أخرجه الطحاوي والطبراني (35/1) ، ورجاله ثقات أيضا، وفيه ما سبق، وليس عند الطبراني الزيادة، ورواه البزار كالطحاوي، قال الهيثمي (1/144) : ورجاله رجال الصحيح. الثالث: أبو معاوية، فقال: عن الأعمش به، مثل رواية الحسن إسنادا، إلا أنه جعله من مسند علي لا من مسند ابن مسعود، وخالف في المتن فلم يذكر فيه الزيادة أخرجه الطبراني في جزئه (32/2) من طريق يحيى بن طلحة اليربوعي قال: أخبرنا أبو معاوية به، لكن اليربوعي هذا لين الحديث كما في " التقريب ". وقد خالفه محمد بن العلاء فقال: حدثنا الأعمش به مثله إلا أنه لم يذكر ابن مسعود فأرسله، رواه الطحاوي. ومما سبق يتبين أن أصح روايات هؤلاء الثلاثة رواية سفيان الثوري، لأنه أوثقهم وأضبطهم وأحفظهم، وعليه يمكن أن يقال: إن إسناد الحديث من هذا الوجه صحيح ولا يضره الاختلاف المذكور لأنه مرجوح. قلت: وكان ينبغي أن يقال هذا، لولا أن هناك شيئين يقفان في سبيل ذلك: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 الأول: أن الأعمش موصوف بالتدليس، وقد عنعنه في جميع الروايات عنه، فذلك يمنع من تصحيح هذا الحديث، وإن كان العلماء المتأخرون قد مشوا أحاديثه المعنعنة إلا إذا بدا لهم ما يمنع من ذلك، وهذا الحديث من هذا القبيل، فإن فيه ما يأتي، وهو: الثاني: أن الحديث قد صح عن ابن مسعود من طرق ليس في شيء منها تلك الزيادة، فأخرجه الترمذي (2/110) والطحاوي (1/167) والطيالسي (362) وأحمد (1/402، 405، 454) والطبراني (34/1) كلهم عن زر، والطيالسي (342) وأحمد (1/389، 401، 436) والطبراني (34/2) عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن مسعود، والطبراني أيضا عن أبي وائل ومسروق، كلهم عن ابن مسعود مرفوعا به دون الزيادة. قلت: فهذا كله يدل على أن هذه الزيادة غير محفوظة عن ابن مسعود رضي الله عنه، بل هي شاذة أومنكرة، وقد قال الطحاوي عقب رواية يونس بن بكير المتقدمة: وهذا حديث منكر، وليس أحد يرفعه بهذا اللفظ غير يونس بن بكير، وطلحة بن مصرف ليس في سنه ما يدرك عمرو بن شرحبيل، لقدم وفاته. كذا قال، وقد عرفت أن سفيان الثوري قد رفعه بهذا اللفظ، وجود إسناده، فذكر بين طلحة بن مصرف وعمرو بن شرحبيل أبا عمار واسمه عريب - بفتح المهملة - ابن حميد الدهني، وهو ثقة، فالسند متصل مرفوع، وإنما علته الحقيقية العنعنة والمخالفة كما سبق بيانه، وقد أعله غير الطحاوي بنحوإعلاله، فقال الحافظ في " الفتح " (1/178) بعد أن ذكر الحديث من رواية البزار، وذكر أن الزيادة لا تثبت: اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني والحاكم إرساله، وأخرجه الدارمي من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف. قلت: لم أقف على أحد أرسله غير أبي معاوية من رواية محمد بن العلاء عنه عند الطحاوي كما تقدم، وأبو معاوية - واسمه محمد بن خازم - وإن كان أحفظ الناس لحديث الأعمش كما قال الحافظ في " التقريب " فقد خالفه سفيان الثوري وهو الثقة الحافظ الإمام، وتابعه يونس بن بكير، وهو من رجال مسلم لكنه يخطيء، فروايتهما أرجح من رواية أبي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 معاوية، لأنهما أكثر عددا، لا سيما ومعهما زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، والله أعلم. وجملة القول: أن هذه الزيادة لا تثبت في حديث ابن مسعود، والعلة: العنعنة والمخالفة في نقدي، والإرسال في رأي الطحاوي والدارقطني والحاكم، وقال عبد الحق في " الأحكام " (153) : لا تصح. وقد روي الحديث عن طلحة بن مصرف بإسناد آخر وهو: 2 - وأما حديث البراء بن عازب، فيرويه محمد بن عبيد الله العرزمي عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه، أخرجه الطبراني في جزئه (39/2) . قلت: وعلته العرزمي هذا فإنه ضعيف جدا، وهذا معنى قول الحافظ فيه: متروك. 3 - وأما حديث عمرو بن حريث، فيرويه عمر بن صبح عن خالد بن ميمون عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن عامر بن عبد الواحد عنه، أخرجه الطبراني في جزئه أيضا (42/2) . قلت: وفيه علتان: الأولى: عمر بن صبح هذا، قال الحافظ: متروك، كذبه ابن راهويه. الثانية: عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف، وبه أعله الهيثمي فقال في " مجمع الزوائد " (1/146) : رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف. قلت: ربط العلة به وحده ليس من الإنصاف في شيء، وفي الطريق إليه ذاك الكذاب عمر بن صبح، إلا أن يقال: إنه ليس في طريق الطبراني في " الكبير "، لكني أستبعد هذا لأنه لوكان كذلك لذكر في جزئه الخاص بهذا الحديث وطرقه هذه الطريق السالمة من ذاك الكذاب، أوعلى الأقل لجمع بينهما، كما رأيناه فعل في أحاديث أخرى، كحديث ابن مسعود على ما تقدم نقله عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 4 - وأما حديث عمرو بن عبسة، فأورده الهيثمي وقال: رواه الطبراني في " الكبير "، وإسناده حسن. قلت: لكن الزيادة فيه لم تتفق عليها نسخ " المجمع "، بل تفردت بها النسخة الهندية، كما في هامش الكتاب، ويترجح عندي عدم ثبوتها، لأن الطبراني قد أخرج الحديث في جزئه (43/1) وليس فيه أيضا هذه الزيادة. ثم إن قوله: وإسناده حسن نظرا، فإن فيه محمد بن أبي النوار، أورده ابن أبي حاتم (4/1/111) وذكر أنه روى عنه ثلاثة من الثقات، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا من شيوخه بريد بن أبي مريم، ثم ذكر ابن أبي حاتم عقبه ترجمة أخرى، فقال: محمد بن أبي النوار سمع حبان السلمي - صاحب الدفينة، سمع ابن عمر - سمعت أبي يقول: لا أعرفه. فقد فرق بينهما أبو حاتم، وفي " اللسان ": قال النباتي: جمعهما البخاري وهو أشبه، والله أعلم. (تنبيه) : سبق فيما نقلته عن الحافظ ابن حجر (ص 20) أن الحديث رواه الدارمي عن يعلى بن مرة، وقد رجعت إلى " سنن الدارمي "، فوجدت الحديث فيه (1/76) كما ذكر الحافظ، لكن ليس فيه تلك الزيادة! فلا أدري أذلك من اختلاف نسخ " السنن "، أم أن الحافظ وهم، وقد يؤيد الثاني أن الطبراني أخرجه (44/2) عن يعلى كما أخرجه الدارمي بدون الزيادة، ومن الممكن أن يقال: إنه لا وهم فيه، وإنما تساهل في إطلاق العزوإليه، والله أعلم. ثم إن الحديث لوصح بهذه الزيادة فليست اللام فيه للعلة، بل للصيرورة كما فسر قوله تعالى: " فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس "، والمعنى أن مآل أمره إلى الإضلال، أوهو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له كقوله تعالى: " ولا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة "؛ " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق "، فإن قتل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 الأولاد ومضاعفة الربا والإضلال في هذه الآيات إنما هو لتأكيد الأمر فيها، لا لاختصاص الحكم كما قال الحافظ رحمه الله وغيره. (فائدة) : لقد اشتهر عند العلماء أن هذا الحديث متواتر بدون الزيادة طبعا، وقد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه، قال الحافظ: فأول من وقفت على كلامه في ذلك علي بن المديني، وتبعه يعقوب بن شيبة فقال: روي هذا الحديث من عشرين وجها عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم، ثم إبراهيم الحربي وأبو بكر البزار، فقال كل منهما: إنه أورده من حديث أربعين من الصحابة، وجمع طرقه في ذلك العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد؛ فزاد قليلا، وقال أبو بكر الصيرفي شارح " رسالة الشافعي ": رواه ستون نفسا من الصحابة، وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلا. قلت: وقد وقفت والحمد لله على كتاب الطبراني في ذلك كما سبقت الإشارة إليه، وقد رأيت أن أسوق أسماء رواتها من الصحابة رضي الله عنهم، مع الإشارة إلى عدد الطرق عن كل واحد منهم بجانب الاسم، وهناك آخرون منهم ساق الطبراني أحاديثهم لدلالتها على التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها أحاديث أخرى، ولذلك لم أسق أسماءهم فليعلم ذلك. 1 - أبو أمامة الباهلي 3 2 - أبو بكر الصديق 2 3 - أبو ذر الغفاري 1 4 - أبو سعيد الخدري 5 5 - أبو عبيدة بن الجراح 1 6 - أبو قتادة الأنصاري 3 7 - أبو قرصافة: جندرة بن خيشنة 1 8 - أبو موسى الأشعري 1 9 - أبو موسى الغافقي 1 10 - أبو هريرة 11 11 - أسامة بن زيد بن حارثة 1 12 - أنس بن مالك 15 13 - البراء بن عازب 1 14 - بريدة بن الحصيب 1 15 - جابر بن حابس العبدي 1 16 - جابر بن عبد الله 3 17 - خالد بن عرفطة 1 18 - رافع بن خديج 1 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 19 - الزبير بن العوام 1 | 20 - زيد بن أرقم 1 21 - السائب بن يزيد 1 | 22 - سعد بن المدحاس 1 23 - سعيد بن زيد بن عمرو 1 | 24 - سلمان الفارسي 1 25 - سلمة بن الأكوع 1 | 26 - صهيب بن سنان 1 27 - طارق بن أشيم 1 | 28 - طلحة بن عبيد الله 1 29 - عائشة بنت أبي بكر 2 | 30 - عبد الله بن الحارث 1 31 - عبد الله بن الزبير 1 | 32 - عبد الله بن زغب 1 33 - عبد الله بن عباس 1 | 34 - عبد الله بن عمر 3 35 - عبد الله بن عمرو بن العاص 5 | 36 - عبد الله بن مسعود 5 37 - عتبة بن غزوان 1 | 38 - عثمان بن عفان 3 39 - العرس بن عميرة الكندي 1 | 40 - عقبة بن عامر 2 41 - علي بن أبي طالب 7 | 42 - عمار بن ياسر 1 43 - عمر بن الخطاب 3 | 44 - عمران بن الحصين 1 45 - عمرو بن حريث 1 | 46 - عمرو بن عبسة 1 47 - عمرو بن مرة الجهني 1 | 48 - قيس بن سعد بن عبادة 1 49 - كعب بن قسطة 1 | 50 - معاذ بن جبل 1 51 - معاوية بن أبي سفيان 2 | 52 - المغيرة بن شعبة 2 53 - نبيط بن شريط 1 | 54 - يعلى بن مرة 1 وقد لاحظت أن جميع هؤلاء الصحابة الذين رووا هذا الحديث " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "، قد ثبت في حديثهم لفظة " متعمدا " حاشا أفرادا منهم وهو أصحاب الأرقام (6، 7، 11، 22، 25، 28، 31) وهي ثابتة في " الصحيحين " وغيرهما في حديث طائفة ممن رواها عند الطبراني، فهي إذن متواترة فيه نحوتواتره، فهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم يقينا خلافا لمن زعم بجهله البالغ أنها من وضع بعض المحدثين! كما كنت ذكرت في مقدمة هذه السلسلة (1/11) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 وإن مما يحسن ذكره بهذه المناسبة أن البيهقي نقل عن الحاكم ووافقه، أن الحديث جاء من رواية العشرة المبشرين بالجنة، قال: وليس في الدنيا حديث أجمع العشرة على روايته غيره. قال الحافظ: فقد تعقبه غير واحد، لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي (يعني في مقدمة كتاب " الموضوعات ") ومن بعده، والثابت منها ما قدمت ذكره فمن الصحاح: علي والزبير، ومن الحسان: طلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة، ومن الضعيف المتماسك طريق عثمان وبقيتها ضعيف ساقط. قلت: قد عرفت من الكشف السابق أن لحديث عثمان رضي الله عنه ثلاث طرق ثم إن أحدها صحيح، والآخر حسن، وقد أخرجهما الطحاوي أيضا (1/165 - 166) ، فحديثه من الصحيح أيضا. 1012 - " تحية البيت الطواف ". لا أعلم له أصلا. وإن اشتهر على الألسنة، وأورده صاحب " الهداية " من الحنفية بلفظ: " من أتى البيت فليحيه بالطواف ". وقد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إلى أنه لا أصل له، بقوله (2/51) : غريب جدا، وأفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في " الدراية " (ص 192) : لم أجده. قلت: ولا أعلم في السنة القولية أوالعملية ما يشهد لمعناه، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يقبل إلا بعد ثبوته وهيهات، لا سيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، " وما جعل عليكم في الدين من حرج ". الحديث: 1012 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 وإن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم، وإلا فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده، انظر بدع الحج والعمرة في رسالتي " مناسك الحج والعمرة "، رقم البدعة (37) . 1013 - " إذا رميتم وذبحتم وحلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء ". منكر. رواه الطبري في " تفسيره " (ج4 رقم 3960) ، والدارقطني في " سننه " (279) عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة قالت: " سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: متى يحل المحرم؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره، ثم قال: قال (يعني الحجاج) : وذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قلت: وهذا إسناد كما قال الحافظ في " بلوغ المرام "، فيه ضعف، وعلته الحجاج وهو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه، وبالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا عليه في متنه، فقال عبد الرحيم عنه هكذا، وخالفه يزيد - وهو ابن هارون - فقال: أخبرنا الحجاج عن أبي بكر بن محمد به دون قوله: " وذبحتم ". أخرجه الطحاوي (1/419) وأحمد (6/143) والبيهقي (5/136) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " (6/64/2) . وخالفهما عبد الواحد بن زياد فقال: حدثنا الحجاج عن الزهري به، دون قوله: " وذبحتم وحلقتم ". أخرجه أبو داود (1/310 - التازية) والطحاوي، وقال أبو داود: هذا حديث ضعيف، الحجاج لم ير الزهري. قلت: وهؤلاء الذين رووا الحديث عنه كلهم ثقات، فالحمل في هذا الاختلاف في متنه ليس عليهم، بل على الحجاج نفسه، وقد أشار إلى هذا البيهقي فقال عقبه: الحديث: 1013 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة. قلت: وكأنه يشير إلى حديثها: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يفيض. أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق كثيرة عنها، وقد تجمع عندي منها ثلاثة عشر طريقا خرجتها في كتابي " الحج الكبير "، لكن ليس منها طريق عمرة هذه، والله أعلم. وفي حديث عائشة هذا ما يشهد لبعض حديث الحجاج في رواية عنها بلفظ: " .... وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت. وهذا القدر منه له شاهد من حديث ابن عباس أوردته في " الأحاديث الصحيحة " (رقم ـ 239) ، فيتلخص من ذلك أن للحديث أصلا ثابتا، لكن دون ذكر الذبح والحلق فيه، فهو بهذه الزيادة منكر، والله أعلم. 1014 - " ليتقه الصائم، يعني الكحل ". منكر. أخرجه أبو داود (1/373) والبيهقي (4/262) عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هو ذة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: فذكره، واللفظ لأبي داود، ولفظ البيهقي: " لا تكتحل بالنهار وأنت صائم، اكتحل ليلا، الإثمد يجلوالبصر، وينبت الشعر "، وأشار البيهقي لتضعيفه بقوله: وقد روي في النهي عنه نهارا وهو صائم حديث أخرجه البخاري في التاريخ وقال أبو داود عقبه: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر. وذكر مثله في " المسائل " (ص 298) عن الإمام أحمد أيضا. قلت: وله علتان: الأولى: ضعف عبد الرحمن بن النعمان، وبه أعله المنذري، فقال في " مختصر السنن " (3/260) : قال يحيى بن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق. الحديث: 1014 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 قال الذهبي بعد أن ذكر هذين القولين المتعارضين فيه: وقد روى عن سعد بن إسحاق العجري فقلب اسمه أولا فقال: إسحاق بن سعد بن كعب، ثم غلط في الحديث فقال: عن أبيه عن جده، فضعفه راجح. قلت: ولذلك أورده في " الضعفاء " أيضا، ولكنه قال: مختلف فيه، فلا يترك، يعني أنه ليس شديد الضعف، وقد أشار إلى هذا الحافظ في " التقريب " فقال: صدوق، ربما غلط، وقد فاتت المنذري علة أخرى وهي: الثانية: جهالة أبيه النعمان بن معبد، وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة " الصيام " فقال (ص 49 بتحقيقنا) عقب ما سبق عن المنذري: لكن من الذي يعرف أباه وعدالته وحفظه؟ !، ولهذا قال الذهبي فيه: غير معروف، وقال الحافظ: مجهول. قلت: ومن ذلك تعلم ما في قول المجد ابن تيمية في " المنتقي ": وفي إسناده مقال قريب، ثم أعله بعبد الرحمن فقط كما فعل المنذري تماما! وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل وهو صائم. أخرجه أبو داود بسند حسن. وقال الحافظ في " التلخيص " (189) : لا بأس به. وفي معناه أحاديث مرفوعة لا يصح منها شيء كما قال الترمذي وغيره، ولكنها موافقة للبراءة الأصلية، فلا ينقل عنها إلا بناقل صحيح، وهذا مما لا وجود له، وقد اختلف العلماء في الكحل للصائم، وكذا الحقنة ونحوها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المصدر السابق (ص 47) : فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلوكانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا صحيحا مسندا ولا مرسلا، علم أنه لم يذكر شيئا من ذلك، والحديث المروي في الكحل ضعيف، رواه أبو داود، ولم يروه غيره ولا هو في مسند أحمد ولا سائر الكتب. ثم ساق هذا الحديث، ثم قال: والذين قالوا: إن هذه الأمور تفطر، لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس، وأقوى ما احتجوا به قوله صلى الله عليه وسلم: " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما، قالوا: فدل ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله، وعلى القياس: كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام والغذاء أوغيره من حشو جوفه، والذين استثنوا الكحل قالوا: العين ليست كالقبل والدبر، ولكن هي تشرب الكحل كما يشرب الجسم الدهن والماء، ثم قال: وإذا كان عمدتهم هذه الأقيسة ونحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة لوجوه: أحدها: أن القياس وإن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته، فقد قلنا في " الأصول ": إن الأحكام الشرعية بينتها النصوص أيضا، وإن دل القياس الصحيح على مثل ما دل عليه النص دلالة خفية، فإذا علمنا أن الرسول لم يحرم الشيء ولم يوجبه، علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب، وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه فاسد. ونحن نعلم أنه ليس في الكتاب والسنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء فعلمنا أنها ليست مفطرة. الثاني: أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما، ولابد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى هذا، علم أن هذا ليس من دينه، وهذا كما يعلم أنه لم يفرض صيام شهر غير رمضان، ولا حج بيت غير البيت الحرام، ولا صلاة مكتوبة غير الخمس، ولم يوجب الغسل في مباشرة المرأة بلا إنزال، ولا أوجب الوضوء من الفزع العظيم، وإن كان في مظنته خروج الخارج، ولا سن الركعتين بعد الطواف بين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 الصفا والمروة، كما سن الركعتين بعد الطواف بالبيت. وبهذه الطرق يعلم أيضا أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء، ولا من النجاسات الخارجة من غير السبيلين، فإنه لم ينقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد يثبت مثله أنه أمر بذلك، مع العلم بأن الناس كانوا ولا يزالون يحتجمون ويتقيؤون؟ ويجرحون في الجهاد وغير ذلك، وقد قطع عرق بعض أصحابه ليخرج منه الدم وهو الفصاد، ولم ينقل عنه مسلم أنه أمر أصحابه بالتوضؤ من ذلك " (قال) : " فإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى، لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما، ولابد أن تنقل الأمة ذلك، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى، كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب. فلوكان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره. فلما لم يبين ذلك، علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن. والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ، وينعقد أجساما، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله، ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك، دل على جواز تطيبه وتبخره وادهانه، وكذلك اكتحاله. الوجه الثالث: إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحا وذلك إما قياس على بابه الجامع، وإما بإلغاء الفارق، وإما أن يدل دليل على العلة في الأصل معد لها إلى الفرع، وإما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف المعتبرة في الشرع، وهذا القياس هنا منتف. وذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر الذي جعله الله ورسوله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن أو ما كان داخلا من منفذ أوواصلا إلى الجوف، ونحوذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله ورسوله. الوجه الرابع: إن القياس إنما يصح إذا لم يدل كلام الشارع على علة الحكم إذا سبرنا أوصاف الأصل، فلم يكن فيها ما يصلح للعلة إلا الوصف المعين، (قال) : فإذا كان في الأصل وصفان مناسبان لم يجز أن يقول بالحكم بهذا دون هذا، ومعلوم أن النص والإجماع أثبتا الفطر بالأكل والشرب والجماع والحيض، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 المتوضئ عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائما، وقياسهم على الاستنشاق أقوى حججهم كما تقدم، وهو قياس ضعيف لأن من نشق الماء بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه، وإلى جوفه، فحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفم، ويغذي بدنه من ذلك الماء، ويزول العطش، ويطبخ الطعام في معدته كما يحصل بشرب الماء فلولم يرد النص بذلك، لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب، فإنهما لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم، وذلك غير معتبر، بل دخول الماء إلى الفم وحده لا يفطر، فليس هو مفطرا ولا جزءا من المفطر لعدم تأثيره، بل هو طريق إلى الفطر وليس كذلك الكحل والحقنة، فإن الكحل لا يغذي ألبتة، ولا يدخل أحدا كحلا إلى جوفه لا من أنفه ولا من فمه، وكذلك الحقنة لا تغذي، بل تستفرغ ما في البدن، كما لوشم شيئا من المسهلات، أوفزع فزعا أوجب استطلاق جوفه، وهي لا تصل إلى المعدة. فإذا كانت هذه المعاني وغيرها موجودة في الأصل الثابت بالنص والإجماع، فدعواهم أن الشارع علق الحكم بما ذكروه من الأوصاف، معارض بهذه الأوصاف، والمعارضة تبطل كل نوع من الأقيسة، إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العلة دون هذا. الوجه الخامس: أنه ثبت بالنص والإجماع منع الصائم من الأكل والشرب والجماع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " (1) . ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب. وإذا أكل وشرب اتسعت مجاري الشياطين، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات، وإلى ترك المنكرات، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل والشرب، والحكم ثابت على وقفه، وكلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف وتأثيره، وهذا منتف في الحقنة والكحل وغير   (1) قلت: هذا حديث صحيح، أخرجه الشيخان من حديث أنس وصفية رضي الله عنهما، هكذا، وقد ذكره ابن تيمية في مكان آخر من رسالته في " الصيام " (ص 75) بزيادة: " فضيقوا مجاريه بالجوع والصوم "، ولا أصل لها من شيء من كتب السنة التي وقفت عليها، وإنما هي في " كتاب الإحياء " للغزالي فقط كما نبهت عليه في التعليق على الرسالة المذكورة. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 ذلك. فإن قيل: بل الكحل قد ينزل إلى الجوف ويستحيل دما؟ قيل: هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دما، وكالدهن الذي يشربه الجسم. والممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل دما ويتوزع على البدن. الوجه السادس: ونجعل هذا وجها سادسا (الأصل خامسا) فنقيس الكحل والحقنة ونحوذلك على البخور والدهن ونحوذلك، لجامع ما يشتركان فيه، مع أن ذلك ليس مما يتغذى به البدن ويستحيل في المعدة دما. وهذا الوصف هو الذي أوجب أن لا تكون هذه الأمور مفطرة. وهذا موجود في محل النزاع ". هذا كله من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع شيء من الاختصار، آثرت نقله على ما فيه من بسط وتطويل، لما فيه من الفوائد والتحقيقات التي لا توجد عند غيره، فجزاه الله خيرا. ومنه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم، فهو بالنسبة إليه كالسواك يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء، خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي، ولذلك عنيت ببيان حال إسناده، ومخالفته للفقه الصحيح، والله الموفق. ومما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر، وطال النزاع فيه. ألا وهو حكم الحقنة (الإبرة) في العضل أوالعرق، فالذي نرجحه أنه لا يفطر شيء من ذلك، إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض، فهذه وحدها هي التي تفطر والله أعلم. 1015 - " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى، ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له، حتى إذا زالت الشمس خطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جميعا، ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور ". الحديث: 1015 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 ضعيف. أخرجه الحاكم (1/461) ، وعنه البيهقي (5/122) عن إبراهيم بن عبد الله: أنبأ يزيد بن هارون: أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير قال: من سنة الحج.. إلخ، وقال الحاكم: حديث على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر، فإن يزيد بن هارون وإن كان على شرطهما فليس هو من شيوخهما، وإنما يرويان عنه بواسطة أحمد وإسحاق ونحوهما، وإبراهيم بن عبد الله الراوي للحديث عن يزيد فضلا عن كونه ليس من شيوخهما، فهو غير معروف، بل لم أجد له ترجمة تذكر، فقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " (5/120) فقال: إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي، قدم بغداد سنة 244 وحدث بها عن يزيد ابن هارون وسرور بن المغيرة روى عنه عبد الله بن محمد بن ناجية ويحيى بن ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال، فلا يحتج بحديثه، على أنه قد خولف في بعض متنه، فروى الطحاوي (1/421) من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد عن يحيى بن سعيد به مختصرا بلفظ: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: إذا رمى الجمرة الكبرى، فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت فلم يذكر الطيب، فهذا هو الأصح، لأنه الموافق لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين رمى جمرة العقبة كما تقدم في آخر الحديث (1013) . أقول: هذا أصح، وإن كان عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه، فإن من البدهي أن ما وافق السنة الصحيحة من الروايات عند الاختلاف، أولى مما خالفها منها. تنبيه: إنما أوردت هذا في الأحاديث الضعيفة " مع أن ظاهره الوقف فليس من الأحاديث؛ لما تقرر في مصطلح الحديث أن قول الصحابي: " من السنة كذا " في حكم المرفوع، وعبد الله بن الزبير صحابي معروف، وقد خفي هذا على الشوكاني في نيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 الأوطار، فإنه أورد هذا الحديث فيما استدل به المانعون من الطيب بعد الرمي، ثم أجاب عنه (5/61) بما ملخصه: إنه أثر موقوف لا يصلح للمعارضة، وعلى فرض كونه مرفوعا فهو أيضا لا يعتد به بجانب الأحاديث المثبتة لحل الطيب. قلت: والجواب الصحيح عنه أنه وإن كان ظاهره الرفع فهو لا يصلح للمعارضة المذكورة لوجهين: الأول: أنه ضعيف السند كما سبق بيانه. الثاني: أنه لوصح سنده فهو عند التعارض مرجوح من حيث الدلالة، لأنه وإن كان ظاهرا في الرفع فليس نصا فيه بخلاف حديث عائشة المشار إليه فإنه صريح في ذلك. والله أعلم. 1016 - " كان يصلي قبل الجمعة أربعا، وبعدها أربعا ". منكر. رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " (رقم - 4116 - مصورتي) : حدثنا علي بن سعيد الرازي: حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي: حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير. قلت: سكت عليه الزيلعي في " نصب الراية " (2/206) ، وقال الحافظ في " الدراية " (ص 133) : وفي سنده ضعف. قلت: وفيه خمس علل: الأولى: الانقطاع بين ابن مسعود وابنه أبي عبيدة؛ فإنه لم يسمع منه، كما صرح بذلك أبو عبيدة نفسه على ما هو مذكور في ترجمته، وقد حاول بعض من ألف في مصطلح الحديث من حنفية هذا العصر أن يثبت سماعه منه دون جدوى! الحديث: 1016 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 الثانية: ضعف خصيف، وهو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق سيء الحفظ، خلط بآخره. الثالثة: عتاب بن بشير، مختلف فيه، قال ابن معين: ثقة، وقال مرة: ضعيف، وقال النسائي: ليس بذاك في الحديث، وقال أحمد: أرجوأن لا يكون به بأس، روى بآخرة أحاديث منكرة، وما أرى إلا أنها من قبل خصيف. قلت: وهذا الحديث من روايته عنه، فهو من مناكيره، ويؤيد ذلك أنه ورد موقوفا على ابن مسعود، من طريقين عنه، فقال عبد الرزاق في " مصنفه " (5524) : عن معمر عن قتادة: إن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات، وبعدها أربعا. قلت: وهذا سند صحيح لولا أن قتادة لم يسمع من ابن مسعود كما قال الهيثمي (2/195) ، ثم قال عبد الرزاق (5525) : عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا. قلت: وهذا سند صحيح لا علة فيه، وعطاء بن السائب وإن كان اختلط؛ فالثوري قد روى عنه قبل الاختلاط. الرابعة: سليمان بن عمرو لم أجد من وثقه، ولكن كتب عنه أبو حاتم كما قال ابنه في " الجرح والتعديل " (2/1/132) . فثبت مما تقدم أن رفع هذا الحديث منكر، وأن الصواب فيه الوقف. والله أعلم. الخامسة: وهي العلة الحقيقية، وهي خطأ عتاب بن بشير في رفعه، فإنه مع الضعف الذي في حفظه قد خالفه محمد بن فضيل فقال: عن خصيف به موقوفا على ابن مسعود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/131 و133) . وابن فضيل ثقة من رجال الشيخين، ومع ضعف الحديث فلا دليل فيه على مشروعية ما يسمونه بسنة الجمعة القبلية كما سبق بيانه في الحديث (1001) ، فراجعه فإنه بمعنى هذا. تنبيه: وقع إسناد الحديث في " نصب الراية " (2/206) هكذا: حدثنا علي بن إسماعيل الرازي: أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي. والصواب ما تقدم نقلا عن " المعجم الأوسط ". وقد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا، وهو: " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين، وبعدها ركعتين ". 1017 - " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين، وبعدها ركعتين ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب (6/365) من طريق الطبراني عن البزار: حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي: حدثنا الحسن بن قتيبة: حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي .... وقال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا الحسن بن قتيبة. قلت: قال الذهبي ردا لقول ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به ": " بل هو هالك، قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال الأزدي: واهي الحديث، وقال العقيلي: كثير الوهم ". والحديث ذكره الحافظ في " الفتح " (2/341) بهذا اللفظ إلا أنه قال: " وبعدها أربعا " وقال: " رواه البزار، وفي إسناده ضعف ". ولم يورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " أصلا، ولا في " كشف الأستار عن زوائد البزار " للهيثمي، ولا في " زوائد البزار على مسند أحمد " للحافظ العسقلاني، والله أعلم. وفي الحديث علة أخرى وهي جهالة إسحاق بن سليمان، فقد أورده الخطيب لهذا الحديث: 1017 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 1018 - " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه، أفشى الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله له أموره، وجعل غناه قلبه، وما أقبل عبد بقلبه، إلى الله تعالى إلا جعل الله عز وجل قلوب المؤمنين تفد عليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع ". موضوع. رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (177 - 178) وعنه القضاعي في " مسند الشهاب " (58/2) والطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 5157 - مصورتي) والبيهقي في " الزهد " (98/2) والسمعاني في " الفوائد المنتقاة " (2/2) وكذا أبو نعيم في " الحلية " (1/227) عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة عن محمد بن سعيد عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا، وقال أبو نعيم تبعا للطبراني: تفرد به جنيد بن العلاء عن محمد بن سعيد. قلت: جنيد هذا مختلف فيه، فقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن حبان: ينبغي مجانبة حديثه، كان يدلس، ثم تناقض فذكره في " الثقات " أيضا! وقال البزار: " ليس به بأس ". قلت: فآفة الحديث من شيخه محمد بن سعيد وهو ابن حسان المصلوب، وهو كذاب، صلب في الزندقة كما قال الذهبي في " الضعفاء "، وفي ترجمته ساق الذهبي له هذا الحديث، وقال الهيثمي في " المجمع " (10/248) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب وهو كذاب. وعزاه المنذري في " الترغيب " (4/82) للطبراني في " معجميه "، والبيهقي في " الزهد "، وأشار إلى تضعيفه. الحديث: 1018 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 1019 - " من كشف خمار امرأة ونظر إليها فقد وجب الصداق، دخل بها أولم يدخل بها ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " سننه " (419) من طريق ابن لهيعة: أخبرنا أبو الأسود عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، لإرساله، ولضعف ابن لهيعة، ومن طريقه علقه البيهقي (7/256) وقال: وهذا منقطع، وبعض رواته غير محتج به. يعني ابن لهيعة، لكن قد أخرجه هو من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث: حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عن محمد بن ثوبان بلفظ: من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق. وهذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن صالح فمن رجال البخاري وحده، وفيه ضعف، لكنه قد توبع، فقال ابن التركماني في " الجوهر النقي ": أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن قتيبة عن الليث بالسند المذكور، وهو على شرط الصحيح، ليس فيه إلا الإرسال ". وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 311) : رواه أبو داود في " المراسيل " من طريق ابن ثوبان ورجاله ثقات. قلت: فهو ضعيف لإرساله، وقد صح موقوفا، فأخرجه الدارقطني وعنه البيهقي من طريق عبد الله بن نمير: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: " إذا أجيف الباب، وأرخيت الستور، فقد وجب المهر. ورجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير علي بن عبد الله بن مبشر شيخ الدارقطني فلم أجد له ترجمة، ولكنه أخرجه وهو والبيهقي من طريق أخرى عن عمر وقرن معه البيهقي عليا رضي الله عنهما، فهو عن عمر ثابت، وله عند الدارقطني طريق أخرى عن علي وحده، فهو بها قوي أيضاً الحديث: 1019 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 ثم أخرجه الدارقطني من طريق ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مثله. قلت: وسنده صحيح. وهو في " الموطأ " (2/65) بإسنادين منقطعين عن عمر وزيد بن ثابت. وجملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا، صحيح موقوفا، ولا يقال: فالموقوف شاهد للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي، لأمرين: الأول: أنه مخالف لقوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم.. " فهي بإطلاقها تشمل التي خلا بها، وما أحسن ما قال شريح: " لم أسمع الله تعالى ذكر في كتابه بابا ولا سترا، إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق " (1) . الثاني: أنه قد صح خلافه موقوفا، فروى الشافعي (2/325) : أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلوبها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله يقول: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة ". ومن طريق الشافعي رواه البيهقي (7/254) . قلت: وهذا سند ضعيف، لكن قد جاء من طريق أخرى عن طاووس، أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور: حدثنا هشيم: أنبأ الليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كان يقول في رجل أدخلت عليه امرأته ثم طلقها فزعم أنه لم يمسها، قال: عليه نصف الصداق. قلت: وهذا سند صحيح فبه يتقوى السند الذي قبله، والآتي بعده عن علي بن أبي طلحة، بخلاف ما نقله ابن كثير (1/288 - 289) عن البيهقي أنه قال في الطريق الأولى: وليث وإن كان غير محتج به، فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن   (1) تفسير القرطبي (3/205) ، وهو عند البيهقي بسند صحيح عنه نحوه. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 عباس، فهو مقوله: وهذا معناه أنه يرى أن الليث في رواية هشيم عنه هو ابن أبي سليم أيضا، لكن الحافظ المزي لم يذكر في ترجمة ابن أبي سليم أنه روى عنه هشيم، وإنما عن الليث عن سعد، والله أعلم. ثم أخرج البيهقي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن.. " الآية فهو الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا، ثم يطلقها من قبل أن يمسها، والمس الجماع، لها نصف الصداق، وليس لها أكثر من ذلك. قلت: وهذا ضعيف منقطع، ثم روى عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال: لها نصف الصداق، وإن جلس بين رجليها، وقال: وفيه انقطاع بين الشعبي وابن مسعود، فإذا كانت المسألة مما اختلف فيه الصحابة، فالواجب حينئذ الرجوع إلى النص، والآية مؤيدة لما ذهب إليه ابن عباس على خلاف هذا الحديث، وهو مذهب الشافعي في " الأم " (5/215) ، وهو الحق إن شاء الله تعالى. 1020 - " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (6/200 - 201) من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن إبراهيم بن هدبة: حدثنا أنس مرفوعا. ذكره في ترجمة إبراهيم هذا وقال: حدث عن أنس بالأباطيل، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: كذاب خبيث، وعن علي بن ثابت أنه قال: هو أكذب من حماري هذا، وقال الذهبي: حدث ببغداد وغيرها بالبواطيل، قال أبو حاتم وغيره: كذاب. الحديث: 1020 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 وفي " اللسان ": وقال ابن حبان: دجال من الدجاجلة، وقال العقيلي والخليلي: يرمى بالكذب. قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية الخطيب، وتعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله وأجاد: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وأقره، وهو تلبيس فاحش فإنه تعقبه بقوله: قال أحمد بن حنبل: إبراهيم بن هدبة لا شيء، في أحاديثه مناكير ثم ذكر قول ابن معين المتقدم فيه وغيره ثم قال: وقال الذهبي في " الضعفاء ": هو كذاب، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب، وليته إذ ذكره بين حاله!. قلت: وهذا حق، ولكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد، وليس لفائدة القراء والنصح وإلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا فلا يصفه ولو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " وهو قد ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي؟ وكنت أود أن أقول: لعل ذلك وقع منه سهوا، ولكن حال بيني وبين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة، سيأتي التنبيه على بعضها إن شاء الله. تنبيه: هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف والمختلف " للشيخ عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ، وهكذا وقع في " تاريخ بغداد " و" الميزان " و" اللسان " بالباء الموحدة، ووقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة التحتية، وهو تصحيف. 1021 - " من زارني بعد موتي، فكأنما زارني في حياتي ". باطل. رواه الدارقطني في " سننه " (ص 279 - 280) عن هارون أبي قزعة عن رجل من آل حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهكذا رواه المحاملي والساجي كما في " اللسان ". قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: الرجل الذي لم يسم، فهو مجهول. الحديث: 1021 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 والثانية: ضعف هارون أبي قزعة، ضعفه يعقوب بن شيبة، وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود في " الضعفاء "، وقال البخاري: لا يتابع عليه. ثم ساق له هذا الحديث، لكنه لم يذكر فيه حاطبا، فهو مرسل، وقد أشار إلى ذلك الأزدي بقوله: هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل. قلت: فهذه علة ثالثة، وهي الاختلاف والاضطراب على هارون في إسناده (1) ، فبعضهم يوصله، وبعضهم يرسله، وقد اضطرب في متنه أيضا، وبين ذلك كله الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (ص 100) ، فليرجع إليه من شاء التفصيل، وبالجملة فالحديث واهي الإسناد، وقد روي بإسناد آخر مثله في الضعف أوأشد من حديث ابن عمر، وسبق الكلام عليه مفصلا برقم (47) ، واختلف حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا، على عجرهما وبجرهما! فقال شيخ الإسلام: أجودهما حديث ابن عمر، وقال الذهبي: أجودهما حديث حاطب هذا، وعزاه لابن عساكر كما في " المقاصد " (413) ، وإذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر، وتأملت ما فيهما من العلل، تبين لك أن الصواب قول الذهبي، لأن هذا الحديث ليس فيه متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر؛ فإن فيه من اتهم بالكذب ووضع الحديث، كما بينته هناك، وإذا عرفت هذا، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر المشار إليه، ونقله عن ابن خزيمة والبيهقي أنهما ضعفاه:   (1) كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت، اضطربوا أيضا في ضبط اسم راويه هارون أبي قزعة، فقيل فيه هكذا، وقيل: هارون بن قزعة، وقيل: هارون بن أبي قزعة، كما في التعليق المغني، قول: ولعل الصواب الوجه الأول، فقد قال ابن عدي في " الكامل " (7/2588) : وهارون أبو قزعة لم ينسب. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 وكذا قال الذهبي: طرقه كلها لينة، لكن يتقوى بعضها ببعض، لأن ما في رواتها متهم بالكذب. قلت: فهذا التعليل باطل، لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر، وعليه فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا، فتنبه. وأما متن الحديث فهو كذب ظاهر، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ونقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه، فلا نعيده. ومما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت عنوان: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن هذا الحديث رواه الدارقطني وابن السكن والطبراني وغيرهم بروايات مختلفة تبلغ درجة القبول، لم يصدر عن بحث علمي في إسناده، ولا نظر دقيق في متنه، الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم، بمنزلة من زاره في حياته، ونال شرف صحبته، التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده، لوأنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه "!. فمن كان بينه وبين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل والتفاوت، كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم، بمجرد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهي لا تعدوأن تكون من المستحبات؟ ! 1022 - " يا عمر! ههنا تسكب العبرات ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (2/221 ـ 222) والحاكم (1/454) عن محمد بن عون عن نافع عن ابن عمر قال: " استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا، ثم التفت، الحديث: 1022 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي، فقال: فذكره، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قلت: وذلك من أوهامهما، فإن محمد بن عون هذا وهو الخراساني متفق على تضعيفه، بل هو ضعيف جدا، وقد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " وقال: قال النسائي: متروك، وفي " الميزان " وزاد: وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء. ثم ساق له الذهبي هذا الحديث مشيرا إلى أنه مما أنكر عليه، والظاهر أنه الحديث الذي عناه أبو حاتم بقوله: ضعيف الحديث، منكر الحديث، روى عن نافع حديثا ليس له أصل. ذكره ابن أبي حاتم (4/1/47) ، وساق له في " التهذيب " هذا الحديث ثم قال: وكأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم. وقال الحافظ في " التقريب ": متروك. 1023 - " البحر هو جهنم ". ضعيف. أخرجه أحمد (4/223) والبخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/71 و4/2/414) والحاكم (4/596) والبيهقي (4/334) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/1) من طريق أبي عاصم قال: حدثنا عبد الله بن أمية قال: حدثني محمد بن حيي قال: حدثني صفوان بن يعلى عن أبيه مرفوعا به. وزادوا: " فقالوا ليعلى؟ فقال: ألا ترون أن الله عز وجل يقول: " نارا أحاط بهم سرادقها "، قال: لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها (وفي رواية: لا أدخله) أبد حتى أعرض على الله عز وجل، ولا يصيبني منها (وفي الأخرى: منه) قطرة حتى ألقى الله عز وجل ". وقال الحاكم: الحديث: 1023 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 " صحيح الإسناد، ومعناه أن البحر صعب كأنه جهنم ". ووافقه الذهبي. وليس كذلك، فإن محمد بن حيي هذا أورده البخاري وابن أبي حاتم (3/2/239) برواية ابن أمية هذا فقط عنه، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول العين، ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال في " المهذب ": " لا أعرفه ". قلت: فكان حقه أن يورده في " الميزان " ولم يفعل، ولم يستدركه عليه ابن حجر في " اللسان "، وإنما أورده في " التعجيل " كما أورده ابن أبي حاتم وقال: " وذكره ابن حبان في (الثقات) ". قلت: وابن حبان متساهل في التوثيق كما هو معروف. 1024 - " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ ! إلى من [هو] خير لك مني؟ ! ابن آدم أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 24) والبزار في " مسنده " (553 - كشف الأستار) عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عطاء قال سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، والسياق للعقيلي، ولفظ البزار: " بين يدي الرحمن ". وروى العقيلي عن ابن معين أنه قال: إبراهيم هذا ليس بشيء، وعن البخاري أنه قال: سكتوا عنه، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بثقة. ومن هذه الطريق رواه الواحدي في " الوسيط " (3/86/1) ، والحديث أورده في " المجمع " (2/80) و" الترغيب " (1/191) من رواية البزار، وضعفاه، وأورده ابن القيم في " الصواعق المرسلة " (2/39) بلفظ العقيلي، الحديث: 1024 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 ساكتا عليه، وليس بجيد، ولذلك أوردته لأبين حقيقة حاله. ورواه البزار (552) من حديث جابر نحوه من رواية الفضل بن عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر، والفضل هذا منكر الحديث كما قال الحافظ في " التقريب ". 1025 - " بل ائتمروا بالمعروف، وتناهو اعن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2/437) والترمذي (4/99 - تحفة) وابن ماجه (2/487) وابن جرير في " تفسيره " (10/145 و146) والطحاوي في " المشكل " (2/64 - 65) وابن حبان في " صحيحه " (1850) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (18/7/2) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال: حدثني أبو أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت: يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية: " عليكم أنفسكم "؟ قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. كذا قال، وفيه عندي نظر، فإن عمرو بن جارية وأبا أمية لم يوثقهما أحد من الأئمة المتقدمين، غير ابن حبان، وهو متساهل في التوثيق كما هو معروف عند أهل العلم، ولذلك لم يوثقهما الحافظ في " التقريب "، وإنما قال في كل منهما: " مقبول " يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في " المقدمة " من " التقريب ". ثم إن عتبة بن أبي حكيم فيه خلاف من قبل حفظه، وقال الحافظ فيه: صدوق يخطىء كثيرا، فلا تطمئن النفس لتحسين إسناد هذا الحديث، لا سيما الحديث: 1025 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 والمعروف في تفسير الآية يخالفه في الظاهر، وهو ما أخرجه أصحاب السنن وأحمد وابن حبان في " صحيحه " (1837) وغيرهم بسند صحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قام فحمد الله، ثم قال: يا أيها الناس! إنكم تقرأون هذه الآية: " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم "، وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه يوشك أن يعمهم بعقابه ". وقد خرجته في " الصحيحة " (1564) . لكن لجملة " أيام الصبر " شواهد خرجتها في " الصحيحة " أيضا، فانظر تحت الحديثين (494 و957) . تنبيه: مع كل هذه العلل في هذا الحديث فقد صححه الشيخ الغماري في " كنزه " وكأنه قلد في ذلك الترمذي دون أي بحث أوتحقيق، أوأنه هواه الذي ينبئك عنه تعليقه عليه الذي يستغله المتهاونون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ والمخالف للآية السابقة، والله المستعان. 1026 - " يا صاحب الحبل ألقه ". ضعيف. ذكره ابن حزم في " المحلى " فقال (7/259) : روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى محرما محتزما بحبل فقال.. " فذكره، وقال: مرسل لا حجة فيه. قلت: وهو كما قال، ورجاله ثقات، غير صالح بن أبي حسان فهو مختلف فيه، فقال البخاري: ثقة، وقال النسائي: مجهول، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وفي " التقريب ": صدوق من الخامسة. قلت: ومع ضعف هذا الحديث، فقد روي ما يخالفه، وهو بلفظ: رخص عليه السلام في الهميان للمحرم، ذكره ابن حزم (7/259) فقال: الحديث: 1026 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 روينا من طريق عبد الرزاق عن الأسلمي عمن سمع صالحا مولى التوأمة أنه سمع ابن عباس يقول، فذكره مضعفا له. قلت: وهو ظاهر الضعف، فإن صالحا هذا ضعيف، والراوي عنه مجهول لم يسم. والأسلمي أظنه الواقدي وهو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي وهو متروك. قلت: والصواب فيه الوقف، فقد أخرج الدارقطني (261) والبيهقي (5/69) من طريق شريك عن أبي إسحاق عن عطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " رخص للمحرم في الخاتم والهميان ". وشريك سيىء الحفظ، لكنه لم يتفرد به، فقد ذكره ابن حزم من طريق وكيع عن سفيان عن حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس قال في الهميان للمحرم: لا بأس به. قلت: وهذا إسناد جيد موقوف، وقد علقه البخاري (3/309) عن عطاء، ووصله الدارقطني من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عطاء مثله. قلت: وهذا سند صحيح، ولهذا قال الحافظ في " الفتح ": وهو أصح من الأول، يعني من رواية شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن ابن عباس، وهو كما قال، لما عرفت من حال شريك فمخالفته لسفيان لا تقبل، لكن خفيت على الحافظ طريق حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس التي ذكرنا، فالصواب أنه صحيح عن كل من ابن عباس، وعطاء، وهذا إنما تلقاه عنه، وقد ورد نحوه عن عائشة أيضا أنها سئلت عن الهميان للمحرم؟ فقالت: وما بأس؟ ليستوثق من نفقته. أخرجه البيهقي بسند صحيح عنها، ورواه سعيد بن منصور بلفظ: إنها كانت ترخص في الهميان يشده المحرم على حقويه، وفي المنطقة أيضا. نقله ابن حزم عنه، وسنده صحيح على شرط الشيخين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس هذا المخالف لحديث الترجمة ضعيف مرفوعا، صحيح موقوفا، وفيه دليل على جواز شد الهميان والمنطقة للمحرم، قال الحافظ: قال ابن عبد البر: أجاز ذلك فقهاء الأمصار، وأجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال بعضه في بعض، ولم ينقل عن أحد كراهته إلا عن ابن عمر، وعنه جوازه. وقد ذهب إلى جواز ذلك كله ابن حزم قال (7/259) : لأنه لم ينه عن شيء مما ذكرنا قرآن ولا سنة، " وما كان ربك نسيا ". 1027 - " حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (ص 518) من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريق محمد ابن يوسف بن موسى المقريء بسنده إلى إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري به، وقال: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب، ومن أسنده فقد وهم. قلت: وفي الطريق الأولى الحسن بن أبي جعفر، وهو ضعيف كما قال الزيلعي (4/293) ، وفي الطريق الأخرى محمد بن يوسف المقريء، قال الحافظ في " التلخيص " (256) : وهو متهم بالوضع، وأطلق عليه ذلك الدارقطني وغيره. قلت: ولذلك جزم البيهقي بضعف الحديث، فقال بعد أن علقه من هذين الطريقين موصولا: وهو ضعيف. الحديث: 1027 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 وقد روي من طريق ثالثة عن الزهري به، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/309) والحاكم في " المستدرك " (4/97) من طريق عمر بن قيس المكي عن الزهري. قلت: وسكت عليه الحاكم ثم الذهبي فأساءا، لأن عمر هذا متروك كما في " التقريب " وقال في " التلخيص ": فيه ضعف. قلت: وفي هذا التعبير تساهل لا يخفى، وقال الزيلعي بعد أن ذكره من طريق الحاكم: وسكت عنه، قال عبد الحق في " أحكامه ": والمراسيل أشبه ". قلت: ولا يشك في هذا من شم رائحة الحديث، فإن الطرق كلها واهية عن الزهري به موصولا، مع مخالفتها لروايات الثقات الذين أرسلوه عن الزهري، منهم إسماعيل بن أمية عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرفوعا به. أخرجه الحاكم وكذا أبو داود في " مراسيله ". وأخرجه البيهقي من طريق يونس عن الزهري به إلا أنه أوقفه على ابن المسيب، كما في النسخة المطبوعة من " البيهقي "، وأما الحافظ في " التلخيص "، فقد نقل عنه أنه رواه من هذه الطريق عن ابن المسيب مرسلا. تنبيه: عزى الصنعاني في " سبل السلام " (3/78) هذا الحديث لأحمد عن أبي هريرة، وهو وهم منه، فإن الحديث عنده (2/494) عنه بلفظ آخر وهو: " حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها كلها لأعطان الإبل والغنم ". وهو بهذا اللفظ حسن عندي كما بينته في السلسلة الأخرى (رقم: 251) . 1028 - " من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أكل مما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل الحديث: 1028 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج ". ضعيف. أخرجه أبو داود (1/6 ـ 7) والدارمي (1/169 ـ 170) وابن ماجه (1/140 - 141) والطحاوي (1/72) وابن حبان (132) مختصرا والبيهقي (1/94 و104) وأحمد (2/371) من طريق الحصين الحبراني عن أبي سعيد - زاد بعضهم: الخير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به، وقال أبو داود: أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: هو كما قال على ما هو الراجح في التحقيق كما بينته في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 9) ، لكن الراوي عنه الحصين الحبراني مجهول كما قال الحافظ في " التلخيص " (ص 37) وكذا في " التقريب " له، وفي " الخلاصة " للخزرجي. وقال الذهبي: لا يعرف، وأما توثيق ابن حبان إياه، فمما لا يعول عليه لما عرف من قاعدته في توثيق المجهولين، كما فصلت القول عليه في " الرد على التعقيب الحثيث " ولهذا لم يعرج الأئمة المذكورون على توثيقه، ولم يعتمدوا عليه في هذا ولا في عشرات بل مئات من مثله وثقهم هو وحده، وحكموا عليهم بالجهالة، ولذلك وجدنا البيهقي أشار إلى تضعيف هذا الحديث بقوله عقبه: وهذا إن صح، فإنما أراد والله أعلم وترا يكون بعد ثلاث. وإنما حمله على هذا التأويل أحاديث كثيرة تدل على وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار، والنهي عن الاستنجاء بأقل من ذلك كحديث سلمان رضي الله عنه قال: " ... ونهانا صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار ". رواه مسلم وغيره. فلو صح قوله في هذا الحديث: " ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج "، وجب تأويله بما ذكره البيهقي، ولكني أقول: لا حاجة بنا إلى مثل هذا التأويل بعدما تبين لنا ضعفه وتفرد ذاك المجهول به. وإذا عرفت هذا، فلا تغتر بقول النووي في " المجموع " (2/55) : هذا حديث حسن! ولا بقول الحافظ نفسه في " الفتح " (1/206) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 إسناده حسن، ولا بما نقله الصنعاني في " سبل السلام " عن " البدر المنير أنه قال: حديث صحيح، صححه جماعة، منهم ابن حبان والحاكم والنووي. لا تغتر بأقوال هؤلاء الأفاضل هنا جميعا، فإنهم ما أمعنوا النظر في سند الحديث، بل لعل جمهورهم اغتروا بسكوت أبي داود عنه، وإلا فقل لي بربك كيف يتفق تحسينه مع تلك الجهالة التي صرح بها من سبق ذكره من النقاد: الذهبي والعسقلاني والخزرجي؟ بل كيف يتمشى تصريح ابن حجر بذلك مع تصريحه بحسن إسناده لولا الوهم، أوالمتابعة للغير بدون النظر في الإسناد؟ ! ومن ذلك قول مؤلف (1) " معارف السنن شرح سنن الترمذي " (1/115) : وهو حديث صحيح رجاله ثقات كما قال البدر العيني. فإن هذا التصحيح، إنما هو قائم على أن رجاله ثقات، وقد تقدم أن أحدهم وهو حصين الحبراني لم يوثقه غير ابن حبان، وأنه لا يعتد بتوثيقه عند تفرده به، لا سيما مع عدم التفات أولئك النقاد إليه وتصريحهم بتساهل من وثقه. فمن الغرائب والابتعاد عن الإنصاف العلمي التشبث بهذا الحديث الضعيف المخير بين الإيتار وعدمه لرد ما دل عليه حديث سلمان وغيره مما سبق الإشارة إليه من عدم إجزاء أقل من ثلاثة أحجار، مع إمكان التوفيق بينهما بحمل هذا لو صح على إيتار بعد الثلاثة كما تقدم، وأما قول ابن التركماني ردا لهذا الحمل: لو صح ذلك لزم منه أن يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا أمره عليه السلام به على مقتضى هذا الدليل، وعندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة، بل هي بدعة. فجوابنا عليه: نعم هي بدعة عند حصول النقاء بالثلاثة أحجار، فنحمل هذا الحديث على الإيتار عند عدم حصول النقاء بذلك، بمعنى أنه إذا حصل النقاء بالحجر الرابع فالإيثار بعده على الخيار مع استحبابه، بخلاف ما إذا حصل النقاء بالحجرين فيجب الثالث لحديث سلمان وما في معناه. وبالله التوفيق.   (1) هو الشيخ الفاضل محمد بن يوسف الحسيني البنوري، وقد أهداه إلي بتاريخ 14/12/1383 هـ بواسطة أحد طلابنا في الجامعة الإسلامية، جزاه الله خيرا. اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 1029 - " أما إنما لا تزيدك إلا وهنا، انبذها عنك، فإنك لومت وهي عليك ما أفلحت أبدا ". ضعيف. أخرجه الإمام أحمد (5/445) : حدثنا خلف بن الوليد: حدثنا المبارك عن الحسن قال: أخبرني عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أراه قال: من صفر - فقال: ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الأولى: عنعنة المبارك وهو ابن فضالة فقد كان مدلسا، وصفه بذلك جماعة من الأئمة المتقدمين، قال يحيى بن سعيد: لم أقبل منه شيئا، إلا شيئا يقول فيه: حدثنا. وقال ابن مهدي: كنا نتبع من حديث مبارك ما قال فيه: حدثنا الحسن. ومع ذلك فقد قال فيه الدارقطني: لين، كثير الخطأ، يعتبر به، وذكر نحوه ابن حبان والساجي. الثانية: الانقطاع بين الحسن وعمران بن حصين، فإنه لم يسمع منه كما جزم بذلك ابن المديني وأبو حاتم وابن معين، قال الأولان: لم يسمع منه، وليس يصح ذلك من وجه يثبت. وقد أشار بذلك إلى مثل رواية المبارك هذه، فإن صرح فيها كما ترى بأن الحسن قال: أخبرني عمران بن حصين، وفي " المسند " (5/440) حديثان آخران من هذا الوجه مع التصريح المذكور، وقد أشار الإمام أحمد أيضا إلى تضعيف ذلك فقال: قال بعضهم عن الحسن: حدثني عمران بن حصين إنكارا على من قال ذلك، بل إنه صرح بذلك في رواية أبي طالب عنه قال: كان مبارك بن فضالة يرفع حديثا كثيرا، ويقول في غير حديث عن الحسن: قال: حدثنا عمران بن حصين، وأصحاب الحسن لا يقولون ذلك، قال في " التهذيب ": الحديث: 1029 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 يعني أنه يصرح بسماع الحسن منه، وأصحاب الحسن يذكرونه عنه بالعنعنة. قلت: قد تتبعت أصحاب الحسن وما رووه عنه عن عمران في " مسند الإمام أحمد " الجزء الرابع، فوجدتهم جميعا قد ذكروا العنعنة، وهم: 1 - أبو الأشهب (ص 246) وهو جعفر بن حبان و (436) . 2 - قتادة (427 و428 و435 و436 و437 و442 و445 و446) . 3 - أبو قزعة (429) . 4 - يونس (430 و431 و444 و445) . 5 - منصور (430) . 6 - علي بن زيد بن جدعان (430 و432 و444 و445) . 7 - حميد (438 و439 و440 و443 و445) . 8 - خالد الحذاء (439) . 9 - هشام (441) . 10 - خيثمة (439 و445) . 11 - محمد بن الزبير (439 و443) . 12 - سماك (445 و446) . كل هؤلاء - وهم ثقات جميعا باستثناء رقم (6 و11) - رووا عن الحسن عن عمران أحاديث بالعنعنة لم يصرحوا فيها بسماع الحسن من عمران، بل في رواية لقتادة أن الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي عن عمران بن حصين بحديث: " كان يحث في خطبته على الصدقة، وينهى عن المثلة "، فأدخل بينهما هياجا، وهو مجهول كما قال ابن المديني وصدقه الذهبي. نعم وقع في رواية زائدة عن هشام تصريحه بسماع الحسن من عمران، فقال زائدة: عن هشام قال: زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه قال:.. فذكر حديث تعريسه صلى الله عليه وسلم في سفره ونومه عن صلاة الفجر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 وهذه الرواية صريحة في سماعه من عمران، ولم أجد أحدا تعرض لذكرها في هذا الصدد، ولكني أعتقد أنها رواية شاذة، فإن زائدة - وهو ابن قدامة -، وإن كان ثقة فقد خالفه جماعة منهم يزيد بن هارون وروح بن عبادة فروياه عن هشام عن الحسن عن عمران به، فعنعناه على الجادة. أخرجه أحمد (4/441) ، وهكذا أخرجه (5/431) من طريق يونس عن الحسن عن عمران به، ووقع التصريح المذكور في رواية شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن الحسن قال: كنت أمشي مع عمران بن حصين ... رواه أحمد (4/436) ، وهذه رواية منكرة لأن شريكا سييء الحفظ معروف بذلك، وقد خولف، فرواه الأعمش عن خيثمة عن الحسن عن عمران به معنعنا، أخرجه أحمد (4/439 و445) . وخلاصة القول أنه لم يثبت برواية صحيحة سماع الحسن من عمران، وقول المبارك في هذا الحديث عن الحسن: قال: أخبرني عمران، مما لا يثبت ذلك لما عرفت من الضعف والتدليس الذي وصف به المبارك هذا. وإن مما يؤكد ذلك أن وكيعا قد روى هذا الحديث عن المبارك عن الحسن عن عمران به معنعنا مختصرا. أخرجه ابن ماجه (2/361) . وكذا رواه أبو الوليد الطيالسي: حدثنا مبارك به. أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1410) والطبراني في " المعجم الكبير " (18/172/391) ، وكذلك رواه أبو عامر صالح بن رستم عن الحسن عن عمران به. أخرجه ابن حبان (1411) والحاكم (4/216) وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي! قلت: وفي ذلك ما لا يخفى من البعد عن التحقيق العلمي الذي ذكرناه آنفا، وأيضا فإن أبا عامر هذا كثير الخطأ كما في " التقريب " فأتى لحديثه الصحة؟ ! ومثله قول البوصيري في " الزوائد ": الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 إسناده حسن لأن مبارك هذا هو ابن فضالة. ذكره السندي، ونحوه قول الهيثمي في " المجمع " (5/103) : رواه أحمد والطبراني وقال: إن مت وهي عليك وكلت إليها، قال: وفي رواية موقوفة: " انبذها عنك، فإنك لومت وأنت ترى أنها تنفعك لمت على غير الفطرة "، وفيه مبارك بن فضالة، وهو ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات! قلت: لوكان ثقة اتفاقا وبدون ضعف لم يفرح بحديثه ما دام مدلسا، وقد عنعنه كما عرفت مما سبق، فكن رجلا يعرف الرجال بالحق، لا الحق بالرجال. ومن ذلك قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في " كتاب التوحيد ": رواه أحمد بسند لا بأس به! فقد عرفت ما فيه من البأس الذي بيناه في شرح علتي الحديث، ويمكن أن نستنبط من تخريج الهيثمي السابق للحديث علة ثالثة وهي الوقف، وهو الأشبه عندي، وإن كان في إسنادها عند الطبراني (رقم 414) محمد بن خالد بن عبد الله: حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن، موقوفا. فقد قال الحافظ في ابن خالد هذا: ضعيف، والله أعلم. 1030 - " إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ". مدرج الشطر الآخر. وإنما يصح مرفوعا شطره الأول، وأما الشطر الآخر: " فمن استطاع.. " فهو من قول أبي هريرة أدرجه بعض الرواة في المرفوع، وإليك البيان: أخرجه البخاري (1/190) والبيهقي (1/57) وأحمد (2/400) عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر أنه قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد، وعليه سراويل من تحت قميصه، فنزع سراويله، ثم توضأ، وغسل وجهه ويديه، ورفع في عضديه الوضوء، ورجليه، فرفع في ساقيه، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره والسياق لأحمد، وليس عند البخاري ذكر السراويل والقميص ولا غسل الوجه والرجلين. الحديث: 1030 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 ثم أخرجه مسلم (1/149) والبيهقي أيضا من طريق عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال به. أنه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، الحديث مثله، وابن أبي هلال مختلط عند الإمام أحمد، لكنه توبع، فقد أخرجه مسلم وكذا أبو عوانة في " صحيحه " (1/243) والبيهقي (1/77) من طريق سليمان بن بلال: حدثني عمارة بن غزية الأنصاري عن نعيم بن عبد الله المجمر قال: " رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع (1) في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله، وقد تابعه ابن لهيعة عن عمارة بن غزية به نحوه، وفيه: وكان إذا غسل ذراعيه كاد أن يبلغ نصف العضد، ورجليه إلى نصف الساق، فقال له في ذلك، فقال: إني أريد أن أطيل غرتي، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء، ولا يأتي أحد من الأمم كذلك. أخرجه الطحاوي (1/24) ورجاله ثقات، غير أن ابن لهيعة سييء الحفظ، ولكن لا بأس به في المتابعات والشواهد. ثم أخرجه أحمد (2/334 و523) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم بن عبد الله به بلفظ:   (1) معناه أدخل الغسل فيهما. قاله النووي. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 أنه رقى إلى أبي هريرة على ظهر المسجد، فوجده يتوضأ، فرفع في عضديه، ثم أقبل علي فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بلفظ: " إن أمتي يوم القيامة هم الغر المحجلون ... " إلا أنه زاد: فقال نعيم: لا أدري قوله: " من استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أومن قول أبي هريرة! قلت: وفليح بن سليمان وإن احتج به الشيخان ففيه ضعف من قبل حفظه، فإن كان قد حفظه، فقد دلنا على أن هذه الجملة في آخر الحديث: " من استطاع ... " قد شكنعيم في كونها من قوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحافظ في " الفتح " (1/190) : ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه، والله أعلم. قلت: وقد فات الحافظ رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بهذه الجملة. أخرجه أحمد (2/362) ، لكن ليث وهو ابن أبي سليم ضعيف لاختلاطه، وقد حكم غير واحد من الحفاظ على هذه الجملة أنها مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة، فقال الحافظ المنذري في " الترغيب " (1/92) : وقد قيل: إن قوله: من استطاع إلى آخره، إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفاظ، والله أعلم. قلت: وممن ذهب إلى أنها مدرجة من العلماء المحققين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فقال هذا في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (1/316) : فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بين ذلك غير واحد من الحفاظ، وكان شيخنا يقول: هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الغرة لا تكون في اليد، لا تكون إلا في الوجه، وإطالته غير ممكنة، إذ تدخل في الرأس فلا تسمى تلك غرة. قلت: وكلام الحافظ المتقدم يشعر بأنه يرى كونها مدرجة، وممن صرح بذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 تلميذه إبراهيم الناجي في نقده لكتاب " الترغيب "، المسمى بـ " العجالة المتيسرة " (ص 30) ، وهو الظاهر مما ذكره الحافظ من الطرق، ومن المعنى الذي سبق في كلام ابن تيمية. ومن الطرق المشار إليها ما روى يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة قال: دخلت على أبي هريرة وهو يتوضأ إلى منكبيه، وإلى ركبتيه، فقلت له: ألا تكتفي بما فرض الله عليك من هذا؟ قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مبلغ الحلية مبلغ الوضوء، فأحببت أن يزيدني في حليتي. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/40) وعلقه أبو عوانة في " صحيحه " (1/243) ، وإسناده جيد، وله طريق أخرى عند مسلم وغيره عن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ! أنتم ههنا؟ لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء. قلت: فليس هذه الطريق تلك الجملة " فمن استطاع ... " ولوكانت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأوردها أبو هريرة محتجا بها على أبي زرعة وأبي حازم اللذين أظهرا له ارتيابهما من مد يده إلى إبطه، ولما كان به حاجة إلى أن يلجأ إلى الاستنباط الذي قد يخطيء وقد يصيب، ثم هو لوكان صوابا لم يكن في الإقناع في قوة النص كما هو ظاهر، فإن قيل: فقد احتج أبو هريرة رضي الله عنه بالنص في بعض الطرق المتقدمة وذلك قوله عقب الوضوء: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليهوسلم يتوضأ. والجواب: أن هذه الطريق ليس فيها ذكر الإبط، وغاية ما فيها أنه أشرع في العضد والساق، وهذا من إسباغ الوضوء المشروع، وليس زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم، بخلاف الغسل إلى الإبط والمنكب، فإن من المقطوع به أنه زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم لعدم ورود ذلك عنه في حديث مرفوع، بل روي من طرق عن غير واحد من الصحابة ما يشهد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 لما في هذه الطريق، أحسنها إسنادا حديث عثمان رضي الله عنه قال: هلموا أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضد. الحديث، رواه الدارقطني (31) بسند قال الصنعاني في " السب " (1/60) : حسن، وهو كما قال لولا عنعنة محمد بن إسحاق، فإنه مدلس. على أن قوله في تلك الطريق: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ أخشى أن تكون شاذة لأنه تفرد بها عمارة بن غزية دون من اتبعه على أصل الحديث عن نعيم المجمر، ودون كل من تابع نعيما عليه عن أبي هريرة، والله أعلم. ومن التحقيق السابق يتبين للقراء أن قول الحافظ في " الفتح " (1/190 - 191) عقب إعلاله لتلك الزيادة بالإدراج، وبعد أن ذكر رواية عمرو بن الحارث المتقدمة ورواية عمارة بن غزية أيضا: واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل، فقيل: إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا، وعن ابن عمر من فعله أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن. فأقول: قد تبين من تحقيقنا السابق أن ذلك لم يثبت عن أبي هريرة رواية، وإنما رأيا، والذي ثبت عنه رواية، فإنما هو الإشراع في العضد والساق، كما سبق بيانه، فتنبه ولا تقلد الحافظ في قوله هذا كما فعل الصنعاني (1/60) ، بعد أن جاءك البيان. ثم إن قوله في أثر ابن عمر المذكور: ... " بإسناد حسن فيه نظر عندي وذلك أن إسناده عند ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/39) هكذا: حدثنا وكيع عن العمري عن نافع عن ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف. قلت: فهذا إسناد ضعيف من أجل العمري وهذا هو المكبر واسمه عبد الله بن عمر ابن حفص بن عاصم، قال الحافظ نفسه في " التقريب ": ضعيف، ولذلك لم يحسنه في " التلخيص "، بل سكت عليه ثم قال عقبه (ص 32) : رواه أبو عبيد بإسناد أصح من هذا فقال: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا الليث عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 محمد بن عجلان عن نافع، وأعجب من هذا أن أبا هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم. قلت: عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري، وهو ضعيف أيضا، أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال: قال أحمد: كان متماسكا ثم فسد، وأما ابن معين فكان حسن الرأي فيه، وقال أبو حاتم: أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد بن نجيح، وكان يصحبه، ولم يكن أبو صالح ممن يكذب، كان رجلا صالحا، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الخطأ، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. قلت: فمثله لا يحتج بحديثه لاحتمال أن يكون مما أدخله عليه وافتعله خالد بن نجيح، وكان كذابا، ففي ثبوت الإطالة المذكورة عن ابن عمر من فعله، وقفة عندي، والله أعلم. وممن روى هذا الحديث بدون هذه الزيادة المدرجة عبد الله بن بسر المازني رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء ". أخرجه الترمذي (1/118) وصححه وأحمد (4/189) ولفظه أتم، وسنده صحيح، ورجاله ثقات. 1031 - " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور، فما طهوركم هذا؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجى بالماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو ذاك فعليكموه ". ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه ابن الجارود في " المنتقي " (رقم 40) والدارقطني الحديث: 1031 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 (23) والبيهقي (1/105) من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور: حدثني عتبة بن أبي حكيم الهمداني عن طلحة بن نافع أنه حدثه قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاري أن هذه الآية لما نزلت " فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الدارقطني: عتبة بن أبي حكيم ليس بالقوي. قلت: هو ممن اختلفوا فيه، فوثقه بعض الأئمة، وضعفه آخرون، ولذلك قال الذهبي فيه: هو متوسط حسن الحديث. وكلام الحافظ فيه يشعر أنه ضعيف عنده فقال في " التقريب ": صدوق يخطىء كثيرا. وأما النووي والزيلعي فقد مشياه، وقويا حديثه فقال الأول في " المجموع " (2/99) : إسناد صحيح إلا أن فيه عتبة بن أبي حكيم، وقد اختلفوا في توثيقه، فوثقه الجمهور، ولم يبين من ضعفه سبب ضعفه، والجرح لا يقبل إلا مفسرا، فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية. قلت: وفي هذا الكلام نظر من وجهين: الأول: قوله: وثقه الجمهور، فإن هذا يوهم أن الذين ضعفوه قلة، وليس كذلك، فقد تتبعت أسماءهم فوجدتهم ثمانية من الأئمة، وهم: 1 - أحمد بن حنبل، كان يوهنه قليلا. 2 - يحيى بن معين، قال مرة: ضعيف الحديث، وقال أخرى: والله الذي لا إله إلا هو لمنكر الحديث. 3 - محمد بن عوف الطائي: ضعيف. 4 - الجوزجاني: غير محمود في الحديث، يروي عن أبي سفيان حديثا يجمع فيه جماعة من الصحابة، لم نجد منها عند الأعمش ولا غيره مجموعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 5 - النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي. 6 - ابن حبان: يعتبر حديثه من غير رواية بقية عنه. 7 - الدارقطني: ليس بالقوي، كما تقدم. 8 - البيهقي: غير قوي، كما يأتي. وتتبعت أيضا أسما الموثقين فوجدتهم ثمانية أيضا وهم: 1 - مروان بن محمد الطاطري: ثقة. 2 - ابن معين: ثقة. 3 - أبو حاتم الرازي: صالح. 4 - دحيم: لا أعلمه إلا مستقيم الحديث. 5 - أبو زرعة الدمشقي، ذكره في " الثقات ". 6 - ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به. 7 - الطبراني: كان من ثقات المسلمين. 8 - ابن حبان، ذكره في " الثقات ". هذا كل ما وقفت عليه من الأئمة الذين تكلموا في عتبة هذا توثيقا وتجريحا، ومن الظاهر أن عدد الموثقين مثل عدد المضعفين سواء، وبذلك يتبين خطأ القول بأنه وثقه الجمهور، ولوقيل: ضعفه الجمهور لكان أقرب إلى الصواب، وإليك البيان: لقد رأينا اسم ابن معين وابن حبان قد ذكرا في كل من القائمتين، الموثقين والمضعفين، وما ذلك إلا لاختلاف اجتهاد الناقد في الراوي، فقد يوثقه، ثم يتبين له جرح يستلزم جرحه به فيجرحه، وهذا الموقف هو الواجب بالنسبة لكل ناقد عارف ناصح، وحينئذ فهل يقدم قول الإمام الموثق أم قوله الجارح؟ لا شك أن الثاني هو المقدم بالنسبة إليه، لأنه بالضرورة هو لا يجرح إلا وقد تبين له أن في الراوي ما يستحق الجرح به، فهو بالنسبة إليه جرح مفسر فهو إذن مقدم على التوثيق، وعليه يعتبر توثيقه قولا مجروحا مرجوعا عنه، فيسقط إذن من القائمة الأولى اسم ابن معين وابن حبان كموثقين وينزل عددهم من الثمانية إلى الستة! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 ثم إننا إذا نظرنا مرة أخرى في القائمة المذكورة لوجدنا فيهم أبا حاتم الرازي وقوله: صالح، وهذا وإن كان توثيقا في اعتبار المحدثين، ولكنه ليس كذلك بالنظر إلى اصطلاح أبي حاتم نفسه، فقد ذكر ابنه في مقدمة الجزء الأول من " الجرح والتعديل " (ص 27) ما نصه: ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أومتقن، أوثبت، فهو ممن يحتج بحديثه، وإذا قيل: إنه صدوق، أومحله الصدق، أولا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية وإذا قيل: شيخ فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية، وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار، وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا. فهذا نص منه على أن كلمة صالح الحديث مثل قولهم: لين الحديث يكتب حديثه للاعتبار والشواهد، ومعنى ذلك أنه لا يحتج به، فهذه العبارة من ألفاظ التجريح لا التعديل عند أبي حاتم، خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في " التدريب " (233 - 234) ، وعلى هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة الموثقين إلى قائمة المضعفين، ويصير عددهم خمسة، وعدد أولئك تسعة، وإذا ضممنا إليهم قول البيهقي: إنه غير قوي كما يأتي، صاروا عشرة. ثم إن قول ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به ليس نصا في التوثيق، ولئن سلم فهو أدنى درجة في مراتب التعديل، أوأول مرتبة من مراتب التجريح، مثل قوله: ما أعلم به بأسا كما في " التدريب " (ص 234) . ومما سبق يتبين بوضوح أن الجمهور على تضعيف عتبة بن أبي حكيم، وأن ضعفه مفسر مبين، فضعفه هو الذي ينبغي اعتماده في ترجمته، وقد لخص ذلك كله الحافظ ابن حجر في كلمته المتقدمة: صدوق يخطىء كثيرا، فهذا جرح مفسر، فمن أين جاء به الحافظ لولا بعض الكلمات التي سبق بيانها من بعض الأئمة؟ ومن ذلك كله تعلم أن إسناد الحديث ضعيف، وأن قول الزيلعي فيه (1/219) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وسنده حسن غير حسن، لأنه بناه على أقوال بعض من سبق ذكرهم في الموثقين فقال: وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال، فقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان: ولذلك أيضا ضعف الحديث ابن التركماني، فإن البيهقي على الرغم من أنه لم يصرح بتقويته، وإنما سكت عليه، لم يرض ذلك منه ابن التركماني، فتعقبه بقوله: قلت: في سنده عتبة بن أبي حكيم ضعفه ابن معين والنسائي، وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي: غير محمود الحديث، وقال البيهقي في باب الركعتين بعد الوتر: غير قوي. وقال البوصيري في " الزوائد " (28/1) : هذا إسناد ضعيف، عتبة بن أبي حكيم ضعيف، وطلحة لم يدرك أبا أيوب. قلت: ومما يدل على ضعف عتبة أنه اضطرب في رواية متن هذا الحديث وضبطه، فرواه محمد بن شعيب عنه باللفظ المتقدم: غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء. ورواه صدقة بن خالد عنه بلفظ: قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء. أخرجه ابن ماجه (1/146 - 147) والحاكم (2/334 - 335) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (2/140) وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي! كذا قالا، وقد عرفت مما سبق أن الصواب أنه ضعيف الإسناد، والغرض الآن أن نبين أن عتبة كان يضطرب في ضبط هذا الحديث، فتارة يرويه باللفظ الأول، وتارة باللفظ الآخر، وليس هذا الاضطراب من الراويين عنه محمد بن شعيب وصدقة بن خالد فإنهما ثقتان اتفاقا، فتعين أنه من عتبة نفسه. واللفظ الآخر هو الراجح عندنا، بل هو في نفسه صحيح ثابت، لأمرين: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 الأول: أنه روي كذلك من طريق أخرى عن أبي أيوب وحده. والآخر: أن له شواهد كثيرة من حديث أبي هريرة وابن عباس وعويمر بن ساعدة. وقد خرجتها في " صحيح أبي داود " (رقم 34) ثم في " الإرواء " (45) . وأما الطريق فأخرجه الحاكم (1/188) من رواية واصل بن السائب الرقاشي عن عطاء ابن أبي رباح وابن سورة عن عمه أبي أيوب قال: قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين " فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المتطهرين "؟ قال: كانوا يستنجون بالماء. ذكره الحاكم شاهدا لحديث ابن عباس المشار إليه، والرقاشي ضعيف كما في " التقريب " فيعتبر به، ولا يحتج بما يتفرد به. فإن قيل: فما الفرق بين اللفظين حتى احتيج إلى ترجيح أحدهما على الآخر؟ فالجواب: هو أن اللفظ المرجوح فإن فيه القيد المذكور وهو بظاهره يدل على أنهم كانوا يستنجون بالماء بعد استنجائهم بالحجارة، ذلك لأنه من غير الجائز أن يمدحوا ويثني الله عليهم لوفرض أنهم كانوا يقومون قبل الاستنجاء بها، هذا بعيد جدا، فإذن الحديث بهذا اللفظ دليل على استحباب الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء فهو حينئذ يمكن اعتباره شاهدا لحديث ابن عباس الذي أخرجه البزار بلفظ: فقالوا: " إنا نتبع الحجراة بالماء ". وهو ضعيف الإسناد كما صرح به الحافظ في " التلخيص " و" البلوغ " وبينه الزيلعي في " نصب الراية " (1/218) ، بل هو منكر عندي لمخالفته لجميع طرق الحديث بذكر الحجارة فيه، بل بالغ النووي فقال في " الخلاصة " كما نقله الزيلعي: وأما ما اشتهر في كتب التفسير والفقه من جمعهم بين الأحجار والماء فباطل لا يعرف، وذكر معنى هذا في " المجموع " أيضا، ولكنه استنبط معناه من لفظ الحديث هذا، فقال بعد أن ذكره بلفظيه مع حديث أبي هريرة وعويمر بن ساعدة: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 فهذا الذي ذكرته من طرق الحديث هو المعروف في كتب الحديث أنهم كانوا يستنجون بالماء، وليس فيها ذكر الجمع بين الماء والأحجار، وأما قول المصنف: قالوا: نتبع الحجارة الماء، فكذا يقوله أصحابنا وغيرهم في كتب الفقه والتفسير فليس له أصل في كتب الحديث، وكذا قال الشيخ أبو حامد في التعليق: إن أصحابنا رووه، قال: ولا أعرفه، فإذا عرف أنه ليس له أصل من جهة الرواية، فيمكن تصحيحه من جهة الاستنباط، لأن الاستنجاء بالحجر كان معلوما عندهم يفعله جميعهم، وأما الاستنجاء بالماء فهو الذي انفردوا به، فلهذا ذكر ولم يذكر الحجر لأنه مشترك بينهم وبين غيرهم، ولكونه معلوما فإن المقصود بيان فضلهم الذي أثنى الله عليهم بسببه، ويؤيد هذا قولهم: إذا خرج أحدنا من الغائط أحب أن يستنجي بالماء، فهذا يدل على أن استنجاءهم بالماء كان بعد خروجهم من الخلاء، والعادة جارية بأنه لا يخرج من الخلاء إلا بعد التمسح بماء أوحجر. وهكذا المستحب أن يستنجي بالحجر في موضع قضاء الحاجة، ويؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى موضع آخر، والله أعلم ". وجوابنا عن هذا الاستنباط أنه غير مسلم، وبيانه من وجهين: الأول: أن أي حكم شرعي يستنبط من نص شرعي، فلابد لهاذ أن يكون ثابت الإسناد، وقد بينت فيما سبق أن هذا النص ضعيف الإسناد منكر المتن، فلا يصح حينئذ الاستنباط منه. الآخر: هب أن النص المشار إليه ثابت الإسناد، فالاستنباط المذكور لا نسلم بصحته، لأن الحجارة لم تذكر فيه ولوإشارة، وأخذ ذلك من مجرد ثناء الله تعالى عليهم بضميمة أن الاستنجاء بها كان معروفا لديهم غير لازم، لأن الثناء المشار إليه يتحقق ويصدق عليهم بأي شيء فاضل تفرد به الأنصار دون غيرهم، وإذا كان من المسلم حينئذ فضلا أنهم كانوا يفعلون ذلك الذي لا يفعله بل ولا يعرفه غيرهم إلا أهل الكتاب، ومنهم تلقاه الأنصار كما في بعض الروايات الثابتة. فإن قيل: ما ذكرته الآن ينافي ما تقدم من قولك: إن الحديث يدل بظاهره على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 الجمع المذكور. فأقول: نعم، ولكن هذا الظاهر ليس هناك ما يلزمنا الجمود عنده، لأنه لم يجر العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أحد من الصحابة، ألا ترى إلى قول النووي في آخر كلامه السابق: وهكذا المستحب أن يستنجى بالحجر في موضع قضاء الحاجة، ويؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى موضع آخر. فهل يستطيع أحد أن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يفعلون ذلك؟ ! وحينئذ فلابد من تأويل النص المذكور بما لا يتنافى مع ما هو المعروف من الاستنجاء بالماء في مكان قضاء الحاجة، وذلك بأن نفسر قولهم - إن صح -: " إذا خرج من الغائط أي أراد الخروج، ومثل هذا التفسير معروف في كثير من الأحاديث، مثل حديث أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "، وقد اتفقوا على أن المعنى: كان إذا أراد دخول الخلاء، ومثله قول الله تبارك وتعالى: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله "، أي أردت قراءة القرآن، ونحوذلك كثير. وخلاصة القول: أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف الإسناد منكر المتن، وقد ترتب عليه استنباط حكم نقطع بأنه لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ألا وهو الاستنجاء بالحجارة أولا، ثم بالماء في مكان آخر، بل الراجح عندي أنه لا يشرع الجمع بينهما ولوفي المكان الأول، لأنه لم ينقل أيضا عنه صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من التكلف، فبأيهما استنجى حصلت السنة، فإن تيسر الأمران معا بلا كلفة فلا مانع من ذلك لما فيه من تنزيه اليد عن الرائحة الكريهة. والله أعلم. تنبيه: إن الذي دفعني إلى تحرير القول في هذا الحديث هو أنني رأيت بعض من ألف في شرح الترمذي من حنفية الهند (1) نقل كلام النووي في الاستنباط المذكور وذكر أنه صحح إسناد الحديث، وأقر كل ذلك فأحببت أن أبين حقيقة الأمر، عسى أن ينتفع به من قد يقف عليه، ثم رأيته ذكر كلاما آخر عقب الحديث فيه أشياء تستحق التنبيه عليه، فرأيت من   (1) هو الشيخ محمد يوسف البنوري في " معارف السنن " (1/131 - 132) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 الواجب بيان ذلك أيضا، قال (1/133) : ثم إن أحاديث الجمع قد أخرجها الهيثمي في " زوائده " بأسانيد فيها كلام للمحدثين، وبوب عليها (باب الجمع بين الماء والحجارة) ، وأخرج فيه حديث ابن ساعدة وابن عباس وابن سلام وغيرهم، وفيها الجمع، وليس فيها رواية لم يتكلم فيها، ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس، وأجود ما يحكى في الباب أثر علي بن أبي طالب: إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا، فأتبعوا الحجارة الماء، أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " وعبد الرزاق في " مصنفه " والبيهقي في " سننه " بطرق عديدة، وهو أثر جيد كما يقول الإمام الزيلعي في " نصب الراية " وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب. قلت: وفي هذا الكلام تدليسات عجيبة وبعض أوهام فاحشة: أولا: يسمى الأحاديث المشار إليها وقد تقدمت بـ " أحاديث الجمع " مع أنها ليست كذلك إلا على استنباط النووي الواهي، فهو يقلده في ذلك ويبالغ حتى سماها بهذه التسمية المغلوطة، ولا يقتصر على هذا، بل يؤكد ذلك بقوله: وفيها الجمع، ثم لكي لا يمكن المخالف من نقده يعود فيقول: ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس يعني صريحا في الجمع. ثانيا: ثم يزعم أن تلك الأحاديث التي فيها الجمع! ليس فيها حديث صريح في الجمع! بوب الهيثمي عليها " باب الجمع بين الماء والحجارة "، وهذا خلاف الواقع فإنه إنما بوب عليها بقوله: " باب الاستنجاء بالماء " انظر الجزء الأول ص 212 من " مجمع الزوائد "، وإنما بوب الهيثمي بما ذكر الحنفي لحديث ابن عباس وحده الذي تفرد بروايته البزار وسبق أن ضعفناه نقلا عن الحافظ، وقال الهيثمي نفسه عقبه: رواه البزار وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما، وهو الذي أشار بجلد مالك. ثالثا: قوله: (بطرق عديدة) . فيه تدليس خبيث، فإنه لا يروى إلا من طريق واحدة، هي طريق عبد الملك بن عمير عن علي، وإنما له طرق عديدة عن عبد الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 هذا، وشتان بين الأمرين، فإنه على قوله لاشك في ثبوت هذا الأثر عن علي وجودته، لطرقه المزعومة، وأما على ما هو الواقع من طريقه الوحيدة، فالثبوت محتمل وإن كان الراجح عندنا خلافه، وبيانه فيما يأتي: رابعا: قوله: وهو أثر جيد، أقول: بل هو غير جيد، وإن كان صرح بذلك الزيلعي، فإنه معلول بالانقطاع بين علي وعبد الملك، وبالاختلاط وذلك أن عبد الملك هذا، وإن كان من رجال الشيخين، فقد تكلم فيه من قبل حفظه، وذكروا له رؤية لعلي رضي الله عنه، ولم يذكروا له سماعا، ثم هو على ذلك مدلس، وصفه به ابن حبان، ولذا أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال: قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: مختلط وقال أبو حاتم: ليس بحافظ ووثقه جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ": ثقة فقيه، تغير حفظه، وربما دلس. قلت: فإن كان قد حفظه، فلم يسمعه من علي، فإنه ذكره بصيغة تشعر بذلك، فإنه قال في جميع الطرق عنه: قال: قال علي..، ومن المعلوم أن المدلس إذا لم يصرح بالتحديث فلا يحتج بحديثه، فمن أين تأتي الجودة إذن لهذا الأثر؟ خامسا: قوله عقب أثر علي المذكور: وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب. قلت: وهذا تدليس آخر فإن حديث قتادة في الباب عند البيهقي (1/106) عن معاذة عن عائشة أنها قالت: " مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ". ثم رواه من طريق أخرى نحوه بلفظ: " فأمرتهن أن يستنجين بالماء " وهو مخرج في " الإرواء " (42) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 فأنت ترى أنه ليس فيه ذكر للحجارة إطلاقا، فكيف جاز له أن يجعله مثل أثر علي في الجمع بين الماء والحجارة؟ لا يقال: لعله اغتر بإيراد البيهقي له في " باب الجمع في الاستنجاء بين المسح بالأحجار والغسل بالماء "، لأننا نقول: إن ذلك خطأ أوتساهل من البيهقي لا يجوز لمن يدعي التحقيق انتصارا لمذهبه أن يقلد من أخطأ مثل هذا الخطأ البين، لا سيما إذا كان مخالفا له في المذاهب، وخاصة إذا نبه على ذلك من كان موافقا له في المذهب، ألا وهو الشيخ ابن التركماني، فإنه تعقب البيهقي لإيراده في هذا الباب حديث عتبة المتقدم وحديث عائشة هذا، فقال في كل منهما: ليس في الحديث ذكر المسح بالأحجار فهو غير مطابق للباب. فلا أدري كيف استجاز المومى إليه تجاهل هذه الحقيقة؟ وكم في كتابه من أمور كثيرة لوتتبعها الباحث لملأت مجلدا ضخما بل مجلدات، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت وفراغ، وهيهات ذلك هيهات، ولكن لعلنا ننبه على شيء من ذلك كلما سنحت لنا الفرصة، فإنه قد قيل منذ القديم: " ما لا يدرك كله، لا يترك جله أوكله ". 1032 - " من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله، وتعطفا على جاره، بعثه الله يوم القيامة، ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ومن طلبها حلالا متكاثرا بها مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " الحلية " (2/110 و8/215) من طريق الحجاج بن فرافصة عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: غريب من حديث مكحول، لا أعلم له راويا عنه إلا الحجاج. قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال أبو زرعة: ليس بالقوي. وقال الحافظ في " التقريب: صدوق عابد، يهم. الحديث: 1032 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 قلت: وفيه علة أخرى وهي الانقطاع بين مكحول وأبي هريرة، فإنه لم يسمع منه كما قال البزار. 1033 - " كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا قام في مصلاه رأى شجرة ثابتة بين يديه، فيقول: ما اسمك؟ فتقول: كذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فإن كانت لدواء كتب، وإن كان لغرس غرست، فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة ثابتة بين يديه، فقال؟ ما اسمك؟ قالت: الخرنوب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، قال سليمان عليه السلام: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب، قال: فتحتها عصا فتوكأ [حولا ميتا والجن تعمل] ، قال: فأكلها الأرضة فسقط، فخر، فوجوده ميتا حولا، فتبينت الإنس أن الجن لوكانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين، وكان ابن عباس يقرؤها هكذا، فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت. ضعيف مرفوعا. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (12281) والحاكم (4/197 ـ 198 و402) والضياء المقدسي في " المختارة " (61/249/1) وابن جرير وابن أبي حاتم كما في " ابن كثير " (3/529) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7/300/1) من طريق إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر من وجهين: الأول: أن عطاء بن السائب كان اختلط، وليس ابن طهمان ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد خالفه جرير فقال: عن عطاء بن السائب به موقوفا على ابن عباس. أخرجه الحاكم (2/423) وصححه أيضا ووافقه الذهبي. الحديث: 1033 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 الثاني: أن عطاء قد خولف في رفعه، فقد رواه سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير به موقوفا على ابن عباس أيضا. أخرجه الحاكم (4/198) وابن عساكر من طريق الأحوص بن جواب الضبي: حدثنا عبد الجبار بن عباس الهمداني عن سلمة بن كهيل به. قلت: وهذا سند صحيح لا علة فيه، وهو يشهد أن أصل الحديث موقوف كما رواه جرير عن عطاء، وهو الصواب، وهو الذي رجحه الحافظ ابن كثير مع أنه لم يقف على رواية جرير هذه الموقوفة، ولا على رواية سلمة بن كهيل المؤيدة لها، فكيف به لووقف عليهما؟ فقال رحمه الله: وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفا، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني (1) له غرابات، وفي بعض حديثه نكارة، ثم ذكره موقوفا من وجه آخر عن ابن عباس، وعن ابن مسعود أيضا ثم قال: هذا الأثر والله أعلم إنما هو مما تلقي من علماء أهل الكتاب، وهي وقف، لا يصدق منه إلا ما وافق الحق، ولا يكذب منها إلا ما خالف الحق، والباقي لا يصدق ولا يكذب. قلت: ومن النوع الذي خالف الحق الحديث الآتي: 1034 - " وقع في نفس موسى: هل ينام الله تعالى ذكره؟ فأرسل الله إليه ملكا، فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما، قال: فجعل ينام، وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، ثم نام نومة فاصطفقت يداه، وانكسرت القارورتان، قال: ضرب الله مثلا أن الله لوكان ينام لم تستمسك السموات والأرض ". منكر. أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (رقم 5780 ج5) : حدثنا إسحاق بن أبي   (1) كذا الأصل، ولعله سبق قلم من ابن كثير، وإلا فالحديث من رواية عطاء بن السائب كما ترى، وليس لعطاء بن أبي مسلم الخراساني فيه ذكر. اهـ. الحديث: 1034 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 إسرائيل قال: حدثنا هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى صلى الله عليه وسلم على المنبر قال: فذكره. وأخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/190/2) عن إسحاق به، ثم قال: تابعه يحيى بن معين عن هشام، ورواه معمر عن الحكم فجعله من قول عكرمة. قلت: ثم ساقه هو وابن جرير (5779) من طريق عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله: " لا تأخذه سنة ولا نوم " أن موسى سأل الملائكة: هل ينام الله؟ فأوحى الله إلى الملائكة وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثا.. الحديث مثله. قلت: وآفة هذا الحديث عندي الحكم بن أبان هذا، وهو العدني فإنه وإن كان وثقه جماعة كابن معين وغيره، فقد قال ابن المبارك: ارم به، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: ربما أخطأ، وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق عابد وله أوهام. قلت: فالظاهر من مجموع كلام الأئمة فيه ما أشار إليه الحافظ: أنه كان ثقة في نفسه، ولكنه كان يخطىء أحيانا بسبب شيء في حفظه، ولعله أتي من كثرة عبادته وغلوه فيها، كما هو المعهود في أمثاله من الصالحين! فقد روى ابن أبي حاتم (1/2/113) بسند صحيح عن ابن عيينة قال: قدم علينا يوسف بن يعقوب قاض كان لأهل اليمن وكان يذكر منه صلاح (1) فسألته عن الحكم بن أبان فقال: ذاك سيد أهل اليمن، كان يصلي من الليل، فإذا غلبته عيناه نزل إلى البحر، فقام في الماء يسبح مع دواب البحر!   (1) ترجمه ابن أبي حاتم (4/2/233) وذكر عن أبيه أنه قال: " لا أعرفه، هو شيخ مجهول ". وقال الذهبي عقبه: " قلت: كان قاضي صنعاء ومفتيها، وهو صدوق إن شاء الله ". وأقره الحافظ في " اللسان " قلت: وقد توبع على هذا الخبر، فراجع له " الحلية " (10/141) . اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 قلت: فمثل هذه العبادة والغلوفيها حري بصاحبها أن لا يظل محتفظا بذاكرته التي متعه الله بها والاستفادة منها بضبط الحديث وحفظه! وإن اضطرابه في هذا الحديث لمن أقوى الأدلة على عدم ضبطه لحديثه، فهو تارة يرويه عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا، وتارة عن عكرمة من قوله لا يتعداه، وهذا هو اللائق بمثل هذا الحديث أن يكون موقوفا على عكرمة وهو تلقاه من بعض أهل الكتاب، فهو من الإسرائيليات التي لا يجب علينا التصديق بها، بل هو مما يجب الجهر بتكذيبه وبيان بطلانه، كيف لا؛ وفيه أن موسى كليم الله يجهل تنزه الله تبارك وتعالى عن السهو والنوم فيتساءل في نفسه: هل ينام الله؟ ؟ ! وهل هذا إلا كما لوقال قائل: هل يأكل الله تبارك وتعالى؟ هل كذا، هل كذا، وغير ذلك مما لا يخفى بطلانه على أقل مسلم! ولهذا صرح بضعف هذا الحديث غير واحد من العلماء، فقال القرطبي في " تفسيره " (1/273) : ولا يصح هذا الحديث، ضعفه غير واحد، منهم البيهقي. وقال الذهبي في ترجمة أمية بن شبل: يماني، له حديث منكر، رواه عن الحكم بن أبان بن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا قال: وقع ... الحديث، رواه عنه هشام بن يوسف وخالفه معمر عن الحكم عن عكرمة قوله، وهو أقرب، ولا يسوغ أن يكون هذا وقع في نفس موسى عليه السلام، وإنما روي أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام عن ذلك. وأقره الحافظ في " اللسان ". وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ساق رواية معمر الموقوفة على عكرمة (1/308) : وهو من أخبار بني إسرائيل، وهو مما يعلم أن موسى لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عز وجل، وأنه منزه عنه، وأغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قلت: فساقه مرفوعا كما تقدم، ثم قال: وهذا حديث غريب جدا، والأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع، والله أعلم ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 ثم ذكر من رواية ابن أبي حاتم بسنده عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: " أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى هل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله، فناداه الله عز وجل: يا موسى سألوك هل ينام ربك، فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس، فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لوكنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك، فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي. قلت: وهذا هو الأشبه بهذه القصة أن تكون من سؤال بني إسرائيل لموسى، لا من سؤال موسى لربه تبارك وتعالى، ومثل هذا ليس غريبا من قوم قالوا لموسى: " أرنا الله جهرة "! على أن في سنده جعفر بن أبي المغيرة، وثقه أحمد وابن حبان، لكن قال ابن منده: ليس بالقوي في سعيد بن جبير، والله أعلم. 1035 - " تفترق أمتى على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة، إلا فرقة واحدة وهي الزنادقة ". موضوع بهذا اللفظ. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/201 - بيروت) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/267) من طريق معاذ بن ياسين الزيات: حدثنا الأبرد بن الأشرس عن يحيى بن سعيد عن أنس مرفوعا. ثم رواه هو والديلمي (2/1/41) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا يحيى بن اليمان عن ياسين الزيات عن سعد بن سعيد الأنصاري عن أنس به. ورواه ابن الجوزي عن الدارقطني من طريق عثمان بن عفان القرشي: حدثنا أبو إسماعيل الأبلي حفص بن عمر عن مسعر عن سعد بن سعيد به. الحديث: 1035 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 ثم قال ابن الجوزي: قال العلماء: وضعه الأبرد، وسرقه ياسين الزيات، فقلب إسناده وخلط، وسرقه عثمان بن عفان وهو متروك، وحفص كذاب، والحديث المعروف: " واحدة في الجنة، وهي الجماعة ". ونقله السيوطي في " اللآليء " (1/128) وأقره، وكذا أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/310) والشوكاني في " الفوائد المجموعة " (502) وغيرهم وأقول: في الطريق الأولى معاذ بن ياسين، قال العقيلي: مجهول، وحديثه غير محفوظ. قلت: يعني هذا الحديث ثم قال: هذا حديث لا يرجع منه إلى صحة، وليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد ولا من حديث سعد. قلت: وشيخه الأبرد بن الأشرس شر منه، قال الذهبي: قال ابن خزيمة: كذاب وضاع، قلت: حديثه: تفترق أمتي .... فذكره، وزاد الحافظ في " اللسان ": وهذا من الاختصار المجحف المفسد للمعنى، وذلك أن المشهور في الحديث: كلها في النار، فقال هذا! قلت: وفي الطريق الثانية ثلاثة من الضعفاء على نسق واحد، نعيم ويحيى وياسين، وذا شرهم، فقد قال البخاري فيه: منكر الحديث. وقال النسائي وابن الجنيد: متروك. وقال ابن حبان: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 يروي الموضوعات. قلت: فهو المتهم بهذا، ولعله سرقه من الأبرد كما سبق في كلام ابن الجوزي، فقد ذكر الحافظ في ترجمته من " اللسان " أن له طريقا أخرى عنه، رواه الحسن بن عرفة عنه عن يحيى بن سعيد، فقد اضطرب فيه، قال الحافظ: فقال تارة عن يحيى بن سعيد، وتارة عن سعد بن سعيد، وهذا اضطراب شديد سندا ومتنا، والمحفوظ في المتن: " تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: وما تلك الفرقة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي " وهذا من أمثلة مقلوب المتن ". قلت: وهذا المتن المحفوظ قد ورد عن جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد وجدت له عنه وحده سبع طرق، خرجتها في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " بلفظ: " افترقت اليهود ... "، وخرجته هناك من حديث أبي هريرة ومعاوية وأنس وعوف بن مالك رضي الله عنهم برقم (203 و204 و1492) ، وذلك مما يؤكد بطلان الحديث بهذا اللفظ الذي تفرد به أولئك الضعفاء، وخاصة ياسين الزيات هذا، فقد خالفه من هو خير منه: عبد الله بن سفيان، فرواه عن يحيى بن سعيد عن أنس باللفظ المحفوظ كما بينته هناك. وفي الطريق الثالثة: عثمان بن عفان القرشي وهو السجستاني قال ابن خزيمة: أشهد أنه كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثله شيخه حفص بن عمر الأبلي، قال العقيلي في " الضعفاء " (1/275) : يروي عن شعبة ومسعر ومالك بن مغول والأئمة؛ البواطيل. وقال أبو حاتم: كان شيخا كذابا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 1036 - " القرآن ذلول ذووجوه، فاحملوه على أحسن وجوهه ". ضعيف جدا. رواه الدارقطني (ص 485) عن زكريا بن عطية: أخبرنا سعيد بن خالد: حدثني محمد ابن عثمان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علل ثلاث: الأولى: جهالة محمد بن عثمان قال ابن أبي حاتم (4/1/24) : سمعت أبي يقول: هو مجهول. الثانية: سعيد بن خالد لم أعرفه. الثالثة: زكريا بن عطية قال ابن أبي حاتم (1/2/599) : سألت أبي عنه فقال: منكر الحديث. وقال العقيلي: هو مجهول. الحديث: 1036 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 1037 - " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه، وليغسله ثلاث مرات ". منكر بلفظ (ثلاث) . أخرجه ابن عدي في " الكامل ": حدثنا أحمد بن الحسن الكرخي - من كتابه - حدثنا الحسين الكرابيسي: حدثنا إسحاق الأزرق: حدثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، ثم أخرجه عن عمر بن شبة: حدثنا إسحاق الأزرق به موقوفا، وقال: لم يرفعه غير الكرابيسي، والكرابيسي لم أجد حديثا منكرا غير هذا، وإنما حمل عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن، فأما في الحديث فلم أر به بأسا.   (1) وقع في مطبوعة " الكامل " (2/776 - تحقيق لجنة من المختصين!) : " الزهري " مكان " أبي هريرة "! وكم في هذه المطبوعة من أخطاء لا تعد ولا تحصى!. اهـ. الحديث: 1037 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 ذكره ابن التركماني في " الجوهر النقي " (1/241 - 242) ثم تلميذه الزيلعي في " نصب الراية " (1/131) وزاد هذا: ورواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/333) من طريق ابن عدي ثم قال: هذا حديث لا يصح، لم يرفعه غير الكرابيسي، وهو ممن لا يحتج بحديثه، انتهى. وقال البيهقي في " كتاب المعرفة ": حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات، تفرد به عبد الملك من بين أصحاب عطاء، ثم عطاء من بين أصحاب أبي هريرة، والحفاظ الثقات من أصحاب عطاء وأصحاب أبي هريرة يروونه " سبع مرات "، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات، ولمخالفته أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج، ولم يحتج به البخاري في " صحيحه " وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فمنهم من يرويه عنه مرفوعا، ومنهم من يرويه عنه من قول أبي هريرة، ومنهم من يرويه عنه من فعله، قال: وقد اعتمد الطحاوي الرواية الموقوفة في نسخ حديث السبع، وأن أبا هريرة لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه! وكيف يجوز ترك رواية الحفاظ الأثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا، برواية واحد قد عرف بمخالفته الحفاظ في بعض حديثه؟. قلت: الحق أن عبد الملك ثقة مأمون كما قال الترمذي، وقد احتج به مسلم، ولا نعلم لمن ضعفه حجة يمكن الاعتماد عليها، وقد وثقه جماعات من الأئمة الكبار فراجع كلماتهم فيه في " التهذيب "، ومن أحسنهم وأعدلهم قولا فيه أبو حاتم وابن حبان، فقد ذكره في " كتاب الثقات " وقال: ربما أخطأ، وكان من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت، صحت عنه السنة بأوهام يهم فيها، والأولى فيه قبول ما يروي بتثبت، وترك ما صح أنه وهم فيه، ما لم يفحش، فمن غلب خطؤه على صوابه استحق الترك. قلت: وقد تبين للعلماء أنه أخطأ في هذا الحديث في ثلاثة مواضع: الأول: رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والوقف فيه أرجح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 الثاني: روايته بلفظ " ثلاث "، وإنما هو بلفظ " سبع ". الثالث: لم يذكر فيه الترتيب، وهو ثابت، إلا أن الخطأ الأول يترجح عندي أنه من بعض الرواة عنه وإليك البيان: أما الأول: فقد رواه الكرابيسي عن إسحاق الأزرق عن عبد الملك بسنده مرفوعا كما تقدم، وقال ابن عدي: لم يرفعه غير الكرابيسي. قلت: والكرابيسي هذا وإن كنا نقطع أنه وهم في رفع هذا الحديث عن إسحاق الأزرق كما يشير إلى ذلك كلام ابن عدي المذكور فإنا لم نجد فيها ذكروه فيه من أقوال الأئمة ما يمكن جرحه به، إلا قول ابن الجوزي هنا: لا يحتج بحديثه، فإن كان يعني جملة حديثه كما هو ظاهر عبارته، فهو جرح غير مقبول من مثله، لأنه مما لم يسبق إليه من أحد من الأئمة المتقدمين، ولأنه جرح مبهم غير مفسر، وما كان كذلك فلا يعتد به، كما هو مقرر في " المصطلح "، وإن كان يعني بذلك حديثه هذا، فهو كما قال، فإذن الرجل في نفسه ثقة، والأصل في مثله أن يحتج بحديثه، إلا ما ثبت وهمه فيه فيرد، ومن الثابت أنه وهم في هذا الحديث، فقد رواه عمر بن شبة عن إسحاق الأزرق موقوفا كما سبق، وعمر بن شبة ثقة مثل الكرابيسي أوخير منه، فقد صرح جماعة من الأئمة بتوثيقه كالدارقطني والخطيب وغيرهما ولم يتكلم فيه أحد بسوء، وتترجح روايته على رواية الكرابيسي بمتابعة سعدان بن نصر إياه، واسمه سعيد والغالب عليه سعدان، قال أبو حاتم: صدوق، ووثقه الدارقطني، وأخرج متابعته هذه في " السنن " (ص 24) . وإن مما يؤيد أن رفعه وهم، وأنه ليس من عبد الملك أنه رواه عبد السلام بن حرب عند الطحاوي (1/13) وأسباط بن محمد عند الدارقطني كلاهما عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا، وقال الدارقطني: هذا موقوف، ولم يروه هكذا غير عبد الملك عن عطاء، وعبد السلام بن حرب وأسباط بن محمد ثقتان حجتان، فإذا انضم إليهما إسحاق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 الأزرق وهو ثقة أيضا، من رواية عمر بن شبة وسعدان عنه تبين بوضوح أن المحفوظ في هذه الطريق الوقف، وأن رفعه من الكرابيسي عن الأزرق وهم منه عليه، فلا تغتر بعد هذا البيان بقول أحد المتأخرين في كتابه " معارف السنن " (1/325) : وبالجملة هذا المرفوع صحيح أوحسن، فإن ذلك منه جري على ظاهر حال رجال إسناده وهو كونهم ثقاتا، دون اكتراث منه إلى ضرورة توفر بقية شروط الحديث الصحيح فيه التي منها أن لا يشذ ولا يعل! وما يحمله على ذلك إلا الانتصار للمذهب، ولو على حساب الحديث الصحيح! نسأل الله السلامة، ثم وقفت على عجيبة أخرى من التعصب، فإن المؤلف المشار إليه بعد تلك الكلمة أحال فيما سماه بـ " البحث الشافي " إلى مصادر لبعض الحنفية المتعصبة، منها " البحر الرائق " لابن نجيم المصري، فلما رجعت إليه فإذا به يخالف المؤلف المشار إليه فيما ذهب إليه من التصحيح، فإنه سلم بضعف هذا الحديث المرفوع، ولكن قواه بالحديث الموقوف!! وتفصيل هذه العجيبة أنه قال ما معناه: روي عن أبي هريرة فعلا وقولا، مرفوعا وموقوفا من طريقين: الأولى طريق الدارقطني الموقوفة، والأخرى المرفوعة هذه. ووجهها أن ما سماه بالطريقين مدارهما على عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة، فهي طريق واحدة، وإنما بعض الرواة وهم على عبد الملك فرفعه كما سبق تحقيقه، فالطريق إذا واحدة وبناء على هذا التقسيم الخيالي قال ابن نجيم: ومن المعلوم أن الحكم بالضعف والصحة إنما هو في الظاهر، أما في نفس الأمر فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهرا، وثبوت كون مذهب أبي هريرة ذلك؛ قرينة تفيد أن هذا مما أجاده الراوي المضعف، وحينئذ يعارض حديث السبع يعني المتفق على صحته! ويقدم عليه! قلت: ولا يخفى بطلان هذا الكلام على ذي إنصاف وعلم، وأما المتعصب الهالك في تعصبه فلا تفيده الأدلة ولوأتيته بك آية! وبيان ما ذكرت من البطلان من وجوه: يأتي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 ذكرها فيما بعد لأني أريد أن أتابع الكلام على الخطأين الآخرين فأقول: وأما الموضع الثاني، وهو أن عبد الملك رواه عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا بلفظ " ثلاث "، فقد خالفه حماد بن زيد عن أيوب عن محمد وهو ابن سيرين عن أبي هريرة قال في الكلب يلغ في الإناء؛ قال: يهراق ويغسل سبع مرات. أخرجه الدارقطني (ص 24) وقال: صحيح موقوف. وعلقه البيهقي (1/242) عن حماد، ثم قال: وفي ذلك دلالة على خطأ رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في الثلاث، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات. وقال الحافظ في " الفتح " (1/222) . ورواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من حيث الإسناد، ومن حيث النظر، أما النظر فظاهر، وأما الإسناد، فالموافقة وردت من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عنه، وهذا من أصح الأسانيد، وأما المخالفة فمن رواية عبد الملك ... وهو دون الأول في القوة بكثير. قلت: ولعله مما يؤيد أرجحية رواية حماد بن زيد عن أيوب أنه قد رواه هشام بن حسان عن محمد بن سيرين مثله. أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (3/268) وسنده صحيح، ولا يخالفه أنه أخرجه أيضا من طريق معتمر بن سليمان قال: سمعت أيوب يحدث عن محمد عن أبي هريرة مرفوعا به. لأن الراوي قد يرفع الحديث تارة ويوقفه أخرى فهو صحيح مرفوعا وموقوفا. وأما الموضع الثالث: فقد ثبت في حديث هشام بن حسان المتقدم ذكر التراب بلفظ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب ". وهذا أولى من حديث عبد الملك عن عطاء لوجوه: الأول: أن إسناده أصح من إسناد عبد الملك كما سبق في كلام الحافظ. الثاني: أنه قد جاء مرفوعا من طريق هشام به. أخرجه مسلم وأبو عوانة في " صحيحيهما " وغيرهما كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 64) . وجاء ذكر التراب مع التسبيع من طريقين آخرين عن أبي هريرة. أخرجهما الدارقطني وقال في أحدهما: هذا صحيح، وهو كما قال. وله طريق رابعة عند البزار ذكرتها في المصدر السابق. الثالث: أن له شاهدا من حديث عبد الله بن مغفل مرفوعا بلفظ: " إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب ". وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم وأبو عوانة في " صحيحيهما " وابن الجارود في " المنتقى " (رقم 53) وغيرهم، وقال ابن منده: إسناد مجمع على صحته، انظر " صحيح أبي داود " (رقم 67) . وأما التسبيع وحده فله طرق كثيرة جدا عن أبي هريرة تكاد تكون متواترة، فقد أخرج مسلم وأبو عوانة أربعا منها، وسبق أربع أخرى في التتريب فهي ثمان، فإذا انضم إليها حديث عبد الله بن عمر عند ابن ماجه (1/149) بسند صحيح، وحديث عبد الله بن مغفل المذكور آنفا، فالمجموع عشر طرق عن ثلاثة من الأصحاب، فهل يبقى بعد هذا البيان أدنى شك لدى أي منصف في كون حديث أبي هريرة في التثليث شاذا، بل منكرا كما وصفه ابن عدي، بل باطلا كما هو ظاهر؟ ! وخلاصة القول: إن الذي روي عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا من التثليث مع ترك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 ذكر التتريب لا يصح من قبل إسناده، بل هو باطل لمخالفته ما ثبت عنه يقينا مرفوعا من التسبيع والتتريب، مع ثبوت ذلك عنه موقوفا، فهو الذي يجب الاعتماد عليه في هذه المسألة لا سيما وقد شهد له حديث عبد الله بن مغفل وحديث عبد الله بن عمر، وإن من عجائب الحنفية أيضا أنهم استجازوا معارضة كل هذه الطرق عن أبي هريرة، والشواهد المذكورة بطريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة وهي وحيدة استجازوا ذلك إحسانا منهم للظن به رضي الله عنه، وهو غير ثابت عنه!، وغفلوا عن أن ذلك يستلزم إساءة الظن به بالنظر إلى الروايات الثابتة عنه بالتسبيع، وبمن وافقه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين!! 1038 - " لكم (يعني الجن) كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم ". أخرجه مسلم (2/36) وابن خزيمة في " صحيحه " (رقم 82) والبيهقي (1/108 - 109) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عامر قال: سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أواغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل (حراء) ، قال: فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد، فقال: فذكره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم من الجن ". قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، ولكنه معلول بعلتين: الحديث: 1038 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 الأولى: إن قوله: " وسألوه الزاد ... " إلخ مدرج في الحديث ليس من مسند ابن مسعود بل هو عن الشعبي قال: وسألوه الزاد إلخ، فهو مرسل، كما بينه البيهقي بقوله عقبه: رواه مسلم في " الصحيح " هكذا، ورواه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند بهذا الإسناد إلى قوله: وآثار نيرانهم، قال الشعبي: وسألوه الزاد، وكانوا من جن الجزيرة، إلى آخر الحديث من قول الشعبي مفصلا من حديث عبد الله. قلت: هكذا هو في " الصحيح " عقب رواية عبد الأعلى المتقدمة، وهكذا رواه الترمذي في " سننه " (4/183) قال: حدثنا علي بن حجر به، إلا أنه قال: " كل عظم لم يذكر اسم الله عليه " كما يأتي بيانه في " العلة الأخرى " وكذلك رواه البيهقي بسندين له عن علي بن حجر به، إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ عبد الأعلى فكأنه عنده بلفظه: " كل عظم ذكر ... ". ثم قال: ورواه محمد بن أبي عدي عن داود إلى قوله: " وآثار نيرانهم "، ثم قال: قال داود: ولا أدري في حديث علقمة أوفي حديث عامر أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة الزاد فذكره. ثم ساق البيهقي إسناده إلى محمد بن أبي عدي به، ثم قال: ورواه جماعة عن داود مدرجا في الحديث من غير شك. ورواية إسماعيل بن علية قد أخرجها الإمام أحمد أيضا مقرونا مع رواية غيره من الثقات فقال: (4149) : حدثنا إسماعيل: أخبرنا داود وابن أبي زائدة - المعنى - قالا: حدثنا داود به مثل رواية إسماعيل عند مسلم. وتابعهما يزيد بن زريع قال: حدثنا داود بن أبي هند به. أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " (1/219) ، وأخرجه الطيالسي أيضا في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 " مسنده " (1/47) لكنه أدرجه في الحديث ولم يفصله عنه! وقد قرن بروايته وهيب بن خالد ثم أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن إدريس عن داود به إلى قوله: " وآثار نيرانهم "، ولم يذكر ما بعده إطلاقا. وجملة القول: إن أصحاب داود بن أبي هند اختلفوا عليه في هذه الزيادة على وجوه: الأول: أنها من مسند ابن مسعود، كذلك رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى ووهيب ابن خالد، وكذا يزيد بن زريع وعبد الوهاب بن عطاء في إحدى الروايتين عنهما. الثاني: أنها من مرسل الشعبي، وليس من مسند ابن مسعود، جزم بذلك عن داود إسماعيل بن علية وابن أبي زائدة، ويزيد بن زريع في الرواية الأخرى عنه. ويمكن أن يلحق بهؤلاء عبد الله بن إدريس فإنه لم يذكرها أصلا كما سبق، ولو كانت عنده من مسند ابن مسعود لذكرها إن شاء الله تعالى. الثالث: أن داود شك في كونها من مسند ابن مسعود، أومن مرسل الشعبي، كذلك رواه عنه محمد بن أبي عدي وعبد الوهاب بن عطاء في الرواية الأخرى عنه. ولا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف أن هذا الاختلاف إنما يدل على أن المختلف عليه وهو داود بن أبي هند لم يضبط هذا الحديث ولم يحفظه جيدا، ولذلك اضطرب فيه على الوجوه الثلاثة التي بينتها، ولا يمكن أن يكون ذلك من الرواة عنه لأنهم جميعا ثقات، فكل روى ما سمع منه، وإذا كان كذلك فالاضطراب دليل على ضعف الحديث كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث لأنه يشعر بأن راويه لم يحفظه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 هذا ما تحرر لدي أخيرا، وأما الدارقطني فقد أعله بالإرسال فقال كما في " شرح مسلم " للنووي: انتهى حديث ابن مسعود عند قوله: " فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم "، وما بعده من قول الشعبي، كذا رواه أصحاب داود الراوي عن الشعبي: ابن علية وابن زريع، وابن أبي زائدة وابن إدريس وغيرهم. هكذا قال الدارقطني وغيره، ومعنى قوله: إنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويا عن ابن مسعود بهذا الحديث، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم. قلت: قول الشعبي: " وسألوه الزاد ... " صريح في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا داعي لقول النووي: " فالشعبي لا يقول ... " إلخ. فإن مثل هذا إنما يقال فيما ظاهره الوقف كما لا يخفى. العلة الأخرى: الاضطراب في متنه أيضا على داود، فعبد الأعلى يقول عنه: كل عظم ذكر اسم الله عليه " وتابعه على ذلك إسماعيل بن علية وابن أبي زائدة عند أحمد وعبد الوهاب بن عطاء عند الطحاوي. وخالف هؤلاء وهيب بن خالد ويزيد بن زريع عند الطيالسي وعند أبي عوانة عن يزيد وحده فقالا: " كل عظم لم يذكر اسم الله عليه ". واختلفوا على إسماعيل بن علية فرواه أحمد عنه كما سبق، وتابعه علي بن حجر عن إسماعيل عند مسلم، وخالفه الترمذي فقال: حدثنا علي بن حجر به باللفظ الثاني: " لم يذكر.. ". وهذا الاختلاف على داود في ضبط متن الحديث مما يؤكد ضعفه، وأن داود لم يكن قد حفظه. ثم رجعت إلى ترجمته من " التهذيب " فوجدت بعض الأئمة قد صرحوا بهذا الذي ذكرته فيه، فقال ابن حبان: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 كان من خيار أهل البصرة، من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه. وقال أحمد: " كان كثير الاضطراب والخلاف ". قلت: واضطراب داود في هذا الحديث من أقوى الأدلة على هذا الذي قاله فيه الإمام أحمد، فرحمه الله، وجزاه خيرا، ما كان أعلمه بأحوال الرجال! وخلاصة الكلام في هذا الحديث أنه ضعيف للاضطراب في سنده ومتنه، ولم أجد له شاهدا نقويه به، بل هو مخالف بظاهره لحديث أبي هريرة: " أنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة فقال: ابغني أحجارا أستنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة " فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي، حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت معه، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين - ونعم الجن - فسألوني الزاد، فدعوت الله أن لا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعما، وفي لفظ: طعاما ". أخرجه البخاري (7/136) والطحاوي (1/74) والبيهقي (1/107 - 108) . قلت: ووجه المخالفة أن ظاهره أن العظم والروثة زاد وطعام للجن أنفسهم، وليس شيء من ذلك لدوابهم، والتوفيق بينه وبين حديث ابن مسعود بحمل الطعام فيه على طعام الدواب كما فعل الحافظ في " الفتح " وتبعه الصنعاني في " سبل السلام " (1/123) ، لا بأس به لوثبت حديث ابن مسعود بإسناد آخر بلفظ يغاير بظاهره اللفظ السابق، وهو: أولئك جن نصيبين سألوني المتاع - والمتاع الزاد - فمتعتهم بكل عظم حائل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 أو بعرة أو روثة، فقلت: يا رسول الله، وما يغني ذلك عنهم؟ قال: إنهم لن يجدوا عظما، إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت، فلا يستنقين أحد منكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة. أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (26/32 ـ طبع البابي الحلبي) عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود: حدثت أنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن، قال: أجل، قال: فكيف كان؟ فذكر الحديث كله، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خط عليه خطا وقال: لا تبرح منها، فذكر أن مثل العجاجة السوداء غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذعر ثلاث مرات، حتى إذا كان قريبا من الصبح، أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنمت؟ قلت: لا والله، ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول: اجلسوا، قال: لوخرجت لم آمن أن يختطفك بعضهم، ثم قال: هل رأيت شيئا؟ قال: نعم رأيت رجالا سودا مستشعري ثياب بيض، قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات معروفون، غير عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي، أورده ابن أبي حاتم (2/2/117) وقال: روى عن جابر بن عبد الله، روى عنه قتادة وأبو بشر جعفر بن إياس. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومثله يورده ابن حبان في " الثقات "، ولست بطائله الآن حتى أتأكد من أنه أورده أولا. وقد ذكر الحافظ في ترجمة أبيه من " التهذيب " أنه كان من كبار رجال معاوية، وكان أميرا له على البصرة. ثم رأيته في " الثقات " (7/51) ، ذكره فيمن روى عن التابعين، فقال: يروي عن كعب، وعنه قتادة، وحقه أن يورده في التابعين لتصريحه في هذا الحديث أنه لقي ابن مسعود وسمع منه، وفيه أنه رواه عنه يحيى بن أبي كثير، فقد روى عنه ثلاثة من الثقات، فمثله يحسن بعضهم حديثه، ولا أقل من أن يستشهد به، فلعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تفسيره " (4/165) من طريق ابن جرير سكت عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 وذكره الزيلعي في " نصب الراية " (1/144 - 145) من رواية أبي نعيم في " دلائل النبوة " عن الطبراني بسنده إلى معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عمرو بن غيلان الثقفي قال: أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له: حدثت أنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن ... الحديث، وعزاه الصنعاني في " السبل " وتبعه الشوكاني في " النيل " (1/85) لأبي عبد الله الحاكم في " دلائل النبوة " فإن عنى " دلائل النبوة " من " المستدرك " فليس فيه، والله أعلم. ورواه الدارقطني في " سننه " (ص 29) من وجه آخر عن معاوية بن سلام به مختصرا إلا أنه قال: فلان بن غيلان وقال: مجهول، قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان. وبه أعله الزيلعي، فقال عقب رواية الطبراني: وفي سنده رجل لم يسم، ولا يخفى أن هذا القول غير مستقيم بالنسبة لرواية الطبراني، فلوعزاه للدارقطني ثم ذكره عقبه لأصاب. وللحديث طريق أخرى، يرويه أبو فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي عن عبد الله بن مسعود به، نحوه وفيه: قد زودتهم الرجعة، وما وجدوا من روث وجدوه شعيرا، وما وجدوه عظم وجدوه كاسيا، أخرجه أحمد (رقم 3481) ، وأبو زيد هذا قال الذهبي: لا يعرف، قال البخاري في " الضعفاء ": لا يصح حديثه - يعني هذا - وقال أبو أحمد الحاكم: رجل مجهول، قلت: ما له سوى حديث واحد. قلت: يعني هذا، وهو مخرج في " ضعيف أبي داود " (رقم 10) زيادة على ما هنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 وقد جاء مختصرا من طريق عبد الله بن الديلمي عن ابن مسعود قال: قدم وفد من الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! انه أمتك أن يستنجوا بعظم أوروثة أوحممة، فإن الله جعل لنا فيها رزقا، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم (29) ومن طريق موسى بن علي بن رباح قال: سمعت أبي يقول: عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ليلة الجن ومعه عظم حائل، وبعرة، وفحمة، فقال: " لا تستنجين بشيء من هذا إذا خرجت إلى الخلاء ". أخرجه أحمد (1/457) والدارقطني (1/56/7) والبيهقي (1/109 - 110) وأعلاه بعدم ثبوت سماع علي من ابن مسعود، ورده عليه ابن التركماني في " الجوهر النقي " فراجعه. ورواه عبد الله بن صالح: حدثني موسى بن علي به أتم منه. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (9158 - بترقيمي) وقال: لم يروعلي بن رباح عن ابن مسعود حديثا غير هذا. قلت: وهو ثقة كابنه، فإن كان سمعه من ابن مسعود فهو صحيح من الوجه الأول. وأما عبد الله بن صالح، ففيه ضعف، وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/210) . وبالجملة فالحديث مشهور عن ابن مسعود كما قال الحافظ في " التلخيص " (1/109) ، فهو صحيح عنه قطعا، لكن في بعض طرقه ما ليس في البعض الآخر، وقد تبين من مجموع ما أخرجنا منها أن رواية مسلم المتقدمة عن داود بن أبي هند صحيحة بتمامها إلا قوله في حديث الترجمة: " علف لدوابكم " وجملة: " اسم الله " على وجهيها، لخلوها عن شاهد، واضطراب داود في ذلك وصلا وإرسالا. ومن أجل ذلك خرجته هنا، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 1039 - " التوبة تجب ما قبلها ". لا أعرف له أصلا. خلافا لما يشعره صنيع الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: " فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا "، قال (3/129) : وذلك لأن التوبة تجب ما قبلها، وفي الحديث الآخر: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ". فقوله: الحديث الآخر يعطي أن الذي قبله حديث، فهو في تعبيره الحديث الأول، ولذلك تورط بكلامه هذا الشيخ الرفاعي فأورده في فهرس " الحديث الشريف "! من " مختصره " (2/619) ، وليس هذا فقط بل ووضع بجانبه قوله: صح!! وكذلك فعل في الحديث الآخر، وهذا الخطب فيه سهل، فإنه معروف في بعض كتب السنة، وقد حسنته في " صحيح الجامع الصغير " (3005) بخلاف هذا فإني لا أعرف له أصلا البتة، ومع ذلك فقد صححه المذكور، هداه الله. وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيح: " إن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها " زاد في رواية: " وإن الحج يهدم ما كان قبله "، وهو مخرج في " الإرواء " (1280) . الحديث: 1039 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 1040 - " كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه، فتوفي أبو بكر، وكان عمر، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، وكان عثمان ابن عفان، فكانت الفتنة، فتلفت الناس يمينا وشمالا ". منكر. أخرجه ابن ماجه (1/501 - 502) والطبراني في " الأوسط " (رقم - 9258 - مصورتي) عن محمد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي: حدثني موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي: حدثني مصعب بن عبد الله عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: فذكره، وقال الطبراني: الحديث: 1040 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو ضعيف، وله علتان: الأولى: موسى بن عبد الله بن أبي أمية، أشار الذهبي إلى جهالته بقوله: تفرد عنه محمد بن إبراهيم بن المطلب. وصرح بذلك الحافظ في " التقريب " فقال: مجهول. وهذا معنى قول المنذري في " الترغيب " (1/192) : رواه ابن ماجه بإسناد حسن، إلا أن موسى بن عبد الله لم يخرج له من الستة غير ابن ماجه، ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل. ونقله عنه البوصيري: محمد بن إبراهيم هذا، فيه جهالة، فإنه لم يرو عنه سوى اثنين، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولذلك لم يوثقه الحافظ، بل قال فيه: مقبول، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة، وقد تفرد بهذا الحديث ولا يعرف إلا من طريقه، فهو غير مقبول. فتبين مما سبق أن الحديث منكر إسنادا، وهو منكر أيضا متنا عندي، وبيان هذا من وجهين: الأول: أنه يدل على أن السنة أن ينظر القائم في صلاته موضع قدميه، وهذا خلاف المعروف الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى طأطأ رأسه، ورمى ببصره نحوالأرض، وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها (1) .   (1) انظر " صفة الصلاة " (ص 58 الطبعة الثالثة) ، قال السندي مشيرا إلى هذه المخالفة " لكن مختار كثير من الفقهاء أنه ينظر إلى موضع سجوده ". اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 والآخر: أنه دل على أن الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد خالفوا سنته صلى الله عليه وسلم إلى شيء آخر، وهذا مستبعد جدا عن الصحابة إن لم يكن مستحيلا عادة، والله أعلم. تنبيه: إيراد الحافظ المنذري هذا الحديث في " الترغيب والترهيب " مما لا يتناسب مع موضوع كتابه، لأنه ليس فيه شيء من معنى " الترغيب والترهيب " وقد نص هو في المقدمة على أنه لم يذكر فيه ما كان من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة عن زيادة نوع من موضوع كتابه إلا نادرا، في ضمن باب أونحوه. فهذا من النادر، اللهم إلا أن يكون أورده من أجل ما في آخره من تلفت الناس يمينا وشمالا بعد الفتنة، وحينئذ فليس له علاقة بالترهيب المرفوع، فتأمل. 1041 - " من قال حين يصبح أويمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك، وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2/612) عن عبد الرحمن بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: عبد الرحمن بن عبد المجيد لا يعرف كما في " الميزان " وقال الحافظ في " التقريب ": مجهول. الأخرى: أنهم اختلفوا في سماع مكحول من أنس، فأثبته أبو مسهر، ونفاه البخاري، فإن ثبت سماعه منه فالعلة عنعنة مكحول فقد قال ابن حبان: الحديث: 1041 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 ربما دلس. وللحديث طريق أخرى عن أنس، فقال البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 1201) : حدثنا إسحاق قال: حدثنا بقية عن مسلم بن زياد مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت أنس بن مالك قال: فذكره. وكذلك رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 68) عن النسائي، وهذا في " العمل " أيضا رقم (9) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم به، إلا أنه وقع فيه: بقية بن الوليد: حدثني مسلم بن زياد. فصرح بقية بالتحديث، وما أراه محفوظا، ولعله خطأ من بعض النساخ، فإن الطريق مدارها كما ترى على إسحاق بن إبراهيم، وهو ابن راهويه، فالبخاري قال في روايته: (عن) ، وهو الصواب، فقد أخرجه أبو داود (2/615) والترمذي (4/258) (1) من طريقين آخرين صحيحين عن بقية عن مسلم بن زياد به نحوه وزاد بعد قوله: " لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ". وهي عند النسائي أيضا، وقالا بدل قوله: " أعتق الله ربعه ... " " إلا غفر الله له ما أصاب في يومه ذلك، وإن قالها حين يمسي غفر الله له ما أصاب في تلك الليلة من ذنب ". فلهذه الطريق علتان أيضا: إحداهما: عنعنة بقية، فإنه كان معروفا بالتدليس. والأخرى: جهالة مسلم بن زياد هذا، قال ابن القطان: حاله مجهول.   (1) وأخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (10/119) وقال: وفيه بقية وهو مدلس. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 وقال الحافظ في " التقريب ": مقبول، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما تقدم مرارا. ولا يقال: ينبغي أن يكون هنا مقبولا لمتابعة مكحول إياه، لأننا نقول: يمنع من ذلك أمور: الأول: أن مكحولا قد رمي بالتدليس ورواه بالعنعنة كما سبق، فيحتمل أن يكون بينه وبين أنس مسلم بن زياد هذا أوغيره فيرجع الطريقان حينئذ إلى كونهما من طريق واحدة، لا يعرف تابعيها عينا أوحالا، فمن جود إسناده أوحسنه لعله لم يتنبه لهذا. الثاني: أن الطريق إلى مسلم بن زياد لا تصح لعنعنة بقية كما عرفت. الثالث: أنهم اختلفوا عليه في لفظ الحديث، فإسحاق رواه عنه مثل رواية مكحول، والطريقان الآخران روياه عنه بلفظ: " إلا غفر الله له ... " كما تقدم، فهذا اضطراب يدل على أن الحديث غير محفوظ، وكأنه من أجل ذلك كله، لم يصححه الترمذي، بل ضعفه بقوله: حديث غريب. وأما ما نقله المنذري في " الترغيب " (1/227) عن الترمذي أنه قال: حديث حسن، فهو وهم أو نسخة، ومثله وأغرب منه نقل ابن تيمية في " الكلم الطيب " (ص 11) عنه: حديث حسن صحيح!. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 1042 - " كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك ". ضعيف. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 271) والترمذي (4/245) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 298) وكذا النسائي (927 و928) والحاكم (4/286) والبيهقي (3/362) وأحمد (2/100 - 101) كلهم عن طريق أبي مطر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي! ونقل ابن علان شارح " الأذكار " (4/284) عن ابن الجزري أنه قال في " تصحيح المصابيح ": ورواه النسائي في " عمل اليوم والليلة " والحاكم وإسناده جيد، وله طرق، وعن الحافظ أنه قال - يعني في " تخريج الأذكار " - متعقبا على النووي تضعيفه للحديث: أخرجه أحمد وأخرجه الحاكم من طرق متعددة (بينها الحافظ ثم قال:) فالعجب من الشيخ يطلق الضعف على هذا وهو متماسك، ويسكت عن حديث ابن مسعود أي السابق فيما يقول إذا انقض الكوكب وقد تفرد به من اتهم بالكذب (1) . قلت: لا شك أن سكوت النووي رحمه الله عن الحديث المشار إليه، مما لا يحسن من مثله، غير أن إطلاقه التضعيف على هذا الحديث فهو مما لا غبار عليه، ذلك لأن مداره عندهم جميعا على أبي مطر هذا، وهو كما قال الذهبي نفسه في " الميزان ": لا يدرى من هو، ومثله قول الحافظ في التقريب: مجهول.   (1) انظر " مجمع الزوائد " (10/138) و" المعجم الأوسط " (7869) . اهـ. الحديث: 1042 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 فأنى لحديث مثله الصحة أوالجودة أوالتماسك؟ ! وأما الطرق المتعددة التي عزاها الحافظ للحاكم، فلا أدري أين أخرجها من كتابه " المستدرك "، فإنه لم يذكر في المكان الذي سبقت الإشارة إليه إلا طريق أبي مطر الوحيدة هذه، ومن المؤسف أن الشارح ابن علان اكتفى بقوله: بينها الحافظ ولم يبين ذلك لنطلع عليه، فإني في شك كبير أن يكون للحديث طرق متعددة خاصة في " مستدرك الحاكم "، فإني قد بحثت عنه في عدة مواضع مظنونة منه، فلم أعثر عليه إلا في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه، وهو في " كتاب الأدب " منه، والله أعلم. ثم رجعت إلى فهرسي الذي وضعته لـ " المستدرك " أخيرا فلم يدلني إلا على الموضع المشار إليه، والله أعلم. تنبيه: لقد اغتر المناوي في " الفيض " بكلام ابن حجر الذي نقله ابن علان، ولذلك قال في " التيسير ": وبعض أسانيده صحيح، وبعضها ضعيف، وقلده في ذلك الشيخ الغماري في " الكنز الثمين " فأورده فيه برقم (2671) ، وقد زعم في مقدمته: أنه جرد فيه الأحاديث الثابتة في " الجامع الصغير "! 1043 - " قولي لها تتكلم، فإنه لا حج لمن لم يتكلم ". ضعيف. أخرجه ابن حزم في " المحلى " (7/196) من طريق عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي عن أبيه عن زينب بنت جابر الأحمسية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، وعلته عبد الله بن جابر الأحمسي وابنه عبد السلام. قال ابن القطان: لا يعرف هو ولا ابنه، وليس له إلا حديث واحد، ولا روى عنه إلا ابنه، نقله في " الميزان ". الحديث: 1043 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 1044 - " كان يرفع يديه عند التكبير في كل صلاة وعلى الجنائز ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم ـ 8584 مصورتي) عن عباد بن صهيب: حدثنا عبد الله بن محرر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال: لم يروهذه اللفظة: وعلى الجنائز إلا ابن محرر، تفرد بها عباد. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته عباد بن صهيب وعبد الله بن محرر متروكان، وأما قول الهيثمي في " المجمع " (3/32) : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن محرر وهو مجهول. قلت: فهذا سهو منه رحمه الله، فإن ابن محرر هذا معروف، ولكن بالضعف الشديد، قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني وجماعته: متروك الحديث، انظر " تهذيب التهذيب ". ثم إن اقتصاره عليه في إعلال الحديث يوهم أنه ليس فيه علة أخرى، وليس كذلك، فإن عباد بن صهيب متروك أيضا كما سبق، وله ترجمة في " لسان الميزان ". ومن ذلك تعلم أن قول الحافظ في " التلخيص " (ص 171) بعد أن ذكر قول الطبراني المتقدم: لم يروهذه اللفظة إلا ابن محرر تفرد بها عبادة: وهما ضعيفان، وقوله في " الفتح " (3/148) : إسناده ضعيف. قلت: في ذلك كله تسامح كبير، فإن حقه أن يقول: ضعيفان جدا، وضعيف جدا، ومما يشهد لذلك قوله في " التقريب ": عبد الله بن محرر متروك. الحديث: 1044 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 ثم رد الحافظ على الطبراني نفيه المذكور بأن الدارقطني رواه من طريق أخرى بلفظ آخر وهو: 1045 - " كان إذا صلى على الجنازة رقع يديه في كل تكبيرة، وإذا انصرف سلم ". شاذ. قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/285) : أخرجه الدارقطني في " علله " عن عمر بن شبة (1) : حدثنا يزيد بن هارون: أنبأ يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر، وخالفه جماعة، فرووه عن يزيد بن هارون موقوفا، وهو الصواب. وأقره الزيلعي ثم الحافظ في " التلخيص " (ص 171) ، وهو الحق إن شاء الله تعالى، فإن رواية الجماعة الذين أشار إليهم الدارقطني، والمفروض أنهم جميعا ثقات، وإلا لما رجح روايتهم فهؤلاء مجتمعين أحفظ وأضبط دون ما ريب من ابن شبة وحده، لا سيما وقد ذكروا له حديثا أخطأ فيه كما هو مبين في " التهذيب "، وكأن هذا مما حمل الحافظ في " التقريب " على أن يقتصر في ترجمته على قوله فيه: صدوق، فأورده في المرتبة الرابعة وهي الأخيرة عنده من مراتب التعديل، أي أنه حسن الحديث، لأن المرتبة الثالثة من وصفه بقوله: ثقة، أو متقن، أو ثبت، أوعدل، وهذه خاصة بمن كان صحيح الحديث، أما المرتبة الخامسة، فهي لمن قصر عن درجة الرابعة قليلا، وإليه الإشارة بـ صدوق سيىء الحفظ، أو صدوق يهم، أوله أوهام، أويخطىء، أو تغير بآخره، وهذه لمن كان ضعيف الحديث أوقريبا منه. ومما يؤيد رواية الجماعة عن يزيد بن هارون، أنه تابعه جماعة من الثقات بعضهم متابعة تامة، وبعضهم متابعة قاصرة، وهاك بيانها:   (1) في الأصل " شيبة " في الموضعين والتصحيح من " التلخيص " وكتب الرجال. اهـ. الحديث: 1045 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 1 - قال البخاري في " رفع اليدين " (ص 33 - طبعة الإمام) : قال أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا يحيى بن سعيد به. وهذا سند صحيح غاية على شرط الشيخين، وزهير هو ابن معاوية بن خديج قال في " التقريب ": ثقة ثبت، وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس ينسب إلى جده، وهو كما قال الحافظ: ثقة حافظ، وهو من شيوخ البخاري فهو إسناد موصول، وإن كان في صورة المعلق كما هو مقرر في " مصطلح الحديث ". 2 - قال ابن أبي شيبة في " المصنف " (4/112) : حدثنا ابن فضيل عن يحيى به. وهذا سند صحيح أيضا على شرطهما، ومتابعة تامة أيضا قوية من ابن فضيل واسمه محمد وثقه ابن معين وجماعة. 3 - قال عبد الله بن إدريس: سمعت عبيد الله (1) عن نافع به، أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في " رفع اليدين " والبيهقي في " السنن الكبرى " (4/44) من طرق عن إدريس به. قلت: وهذا سند صحيح أيضا على شرطهما، رجاله كلهم ثقات أثبات، وعبيد الله هو ابن عمر المصغر، وهو ثقة، وأما أخوه عبد الله بن عمر المكبر فهو ضعيف لسوء حفظه. 4 - قال البخاري: حدثنا محمد بن عرعرة: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت نافعا به نحوه. قلت: وهذا سند صحيح أيضا، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري في " صحيحه ". فهذه أربع طرق صحيحة، كلها متفقة على رواية الحديث عن نافع عن ابن عمر   (1) هكذا وقع عند البيهقي " عبيد " مصغر، ووقع عند الآخرين " عبد " مكبرا والراجح عندي الأول، لأمرين: أولا: أنه هو المذكور في شيوخ ابن إدريس، والثاني أنه وقع كذلك في " الفتح " (3/148) معزوا لجزء البخاري. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 موقوفا عليه، فإذا ضمت إلى رواية الجماعة عن يزيد بن هارون كان ذلك دليلا قاطعا إن شاء الله تعالى على التصويب روايتهم الموقوفة، وتخطئة رواية ابن شبة المرفوعة وهذا بين ظاهر، والله الموفق لا رب سواه. فائدة: قال ابن حزم رحمه الله تعالى (5/128) : وأما رفع الأيدي، فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع في شيء من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط (1) ، فلا يجوز فعل ذلك، لأنه عمل في الصلاة لم يأت به نص، وإنما جاء عنه عليه السلام أنه كبر ورفع يديه في كل خفض ورفع، وليس فيها رفع ولا خفض، والعجب من قول أبي حنيفة برفع الأيدي في كل تكبيرة في صلاة الجنازة، ولم يأت قط عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنعه رفع الأيدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل تعجب ابن حزم هذا من أبي حنيفة بعض مقلديه في تعليقه على " نصب الراية " واعترض عليه بقوله: قلت: هذه النسبة منه أعجب. وأقول: لا عجب، فإن قول أبي حنيفة هذا ثابت عنه، منقول في كثير من كتب أتباعه، مثل حاشية ابن عابدين وغيره، وعليه عمل أئمة بلخ من الحنفيين، وإن كان عمل الأحناف اليوم على خلافه، وعليه جرت كتب المتون، وهذا هو الذي غر المشار إليه على الاعتراض على ابن حزم والرد عليه، وهو به أولى. 1046 - " مسح رأسه، وأمسك مسبحتيه لأذنيه ". لا أصل له. وإن أورده الشيخ الشيرازي في " المهذب "، في بعض نسخه، فإنه لم يورده في نسخ أخرى منه متعمدة، وذلك أنه أمر بالضرب عليه، لما تبين له أنه لا أصل له، فقال النووي في شرحه عليه (1/411) : هو موجود في نسخ المهذب المشهورة، وليس موجودا في بعض النسخ   (1) انظر لهذا كتابنا " أحكام الجنائز " طبع المكتب الإسلامي (ص 115 - 116) . اهـ. الحديث: 1046 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 المعتمدة وهو حديث ضعيف، أو باطل لا يعرف، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وهنا نكتة خفيت على أهل العناية بـ " المهذب " وهي أن مصنفه رجع عن الاستدلال بهذا الحديث، وأسقطه من " المهذب "، فلم يفد ذلك بعد انتشار الكتاب، قال: وجدت بخط بعض تلامذته في هذه المسألة من تعليقه في الخلاف في الحاشية عند استدلاله بهذا الحديث: قال الشيخ: ليس له أصل في السنن، فيجب أن تضربوا عليه في " المهذب " فإني صنفته من عشر سنين وما عرفته، قال أبو عمرو بن الصلاح: وبلغني أن هذا الحديث مضروب عليه في أصل المصنف الذي هو بخطه، ويغني عن هذا، حديث عبد الله ابن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه، حديث حسن رواه البيهقي، وقال: إسناده صحيح. قلت: هو كما قال البيهقي: إسناده صحيح، لكنه شاذ، وقد أشار إلى ذلك البيهقي نفسه، فإنه لما أخرجه (1/65) من طريق الهيثم بن خارجة: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري: أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال: وهذا إسناد صحيح أتبعه بقوله: وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص وحرملة بن يحيى عن ابن وهب ورواه مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي وأبي الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فذكر وضوءه قال: ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، ولم يذكر الأذنين ثم قال: وهذا أصح من الذي قبله. فأشار بهذا إلى شذوذ الرواية الأولى كما ذكرنا آنفا، وقد صرح الحافظ بمعنى ذلك بقوله في " بلوغ المرام "، فإنه ذكر الرواية الأولى من رواية البيهقي. ثم ذكر لفظ مسلم ثم أعقبه بقوله: وهو المحفوظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 ولا ينافيه ما سبق في كلام البيهقي أن الهيثم بن خارجة لم يتفرد به، بل تابعه ابن مقلاص وحرملة بن يحيى، ذلك لأن الرواية عنهما لم تصح، كما يشير إليه كلام البيهقي وهو قوله: روي ولعل ذلك من أجل أنه من رواية محمد بن أحمد ابن أبي عبيد الله عنهما، أخرجه الحاكم في " المستدرك " (1/151) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إذا سلم من ابن أبي عبيد الله هذا، فقد احتجا جميعا بجميع رواته، ووافقه الذهبي، ولم يتعرض لابن أبي عبيد الله هذا وأظنه الذي في " الميزان ": محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الجبار العامري، عن الربيع وابن عبد الحكم وبحر بن نصر، وعنه الضراب وابن منده وابن جميع، قال ابن يونس: كان يكذب، وحدث بنسخة موضوعة، توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. فإن كان هو فما في " المستدرك ": " ابن أبي عبيد الله " محرف من " ابن عبد الله ". بيد أنه لم يتفرد به عن حرملة، فقد خرجه الحاكم أيضا من طريق أخرى قوية في الظاهر، فقال: حدثناه أبو الوليد الفقيه غير مرة: حدثنا الحسن بن سفيان: حدثنا حرملة بن يحيى: حدثنا ابن وهب به، لكن قال الحافظ في " التلخيص " (ص 33) : رواه الحاكم بإسناد ظاهر الصحة. ثم ذكر رواية الهيثم بن خارجة المتقدمة وتصحيح البيهقي لإسنادها ثم تعقبه بقوله: لكن ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في " الإمام " أنه رأى في رواية ابن المقري عن ابن قتيبة عن حرملة بهذا الإسناد، ولفظه: " ومسح رأسه بماء غير فضل يديه "، ولم يذكر الأذنين. قلت: وكذا هو في " صحيح ابن حبان " عن ابن سلم عن حرملة، وكذا رواه الترمذي عن علي بن خشرم عن ابن وهب. قلت: وفاته أنه عند مسلم أيضا (1/146) من طريق جماعة آخرين عن ابن وهب كما تقدم في كلام البيهقي، ولم يفته ذلك في " بلوغ المرام " كما تقدم، واغتر بصنيعه في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 " التلخيص " الصنعاني فقال في " سبل السلام " (1/70) : ولم يذكر في " التلخيص " أنه أخرجه مسلم، ولا رأيناه في مسلم! وأخرجه أبو داود أيضا من طريق أبي الطاهر، وأبو عوانة في " صحيحه " (1/249) وأحمد (4/41) من طريقين آخرين عن ابن وهب به. وتابعه حجاج بن إبراهيم الأزرق عن عمرو بن الحارث عند أبي عوانة. وتابعه ابن لهيعة عن حبان بن واسع عند أحمد (4/39 و40 ـ 42) . وابن لهيعة صحيح الحديث إذا كان من رواية أحد العبادلة عنه، وهذا منها، فإن عبد الله بن المبارك ممن رووه عنه. وجملة القول أن حديث عبد الله بن زيد هذا قد رواه ثلاثة من الثقات عن عمرو بن الحارث: أ - حرملة. ب - ابن وهب. ج - حجاج الأزرق. وثلاثتهم قالوا في روايتهم عنه: " ومسح رأسه بماء غير فضل يديه "، إلا في بعض الروايات عن الأول فقال: " فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه ". فهذا الاختلاف إما أن يكون من الرواة أنفسهم أومن حرملة ذاته، وأيهما كان، فالرواية التي وافق فيها الثقات أولى بالترجيح والقبول من التي خالفهم فيها، لا سيما وقد تأيدت برواية ابن لهيعة المذكورة، فهذا كأنه يؤيد ما ذهب إليه الحافظ أن حديث " أخذ ماء جديدا للأذنين " غير محفوظ، ويرد قول النووي أنه حديث حسن، وقد كنت وقعت في خطأ أفحش منه؛ فقلت في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (الطبعة الأولى) عند الكلام على الحديث (36) : وهو حديث صحيح كما بينته في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 111) . والذي بينت صحته هناك إنما هو لفظ مسلم: " ومسح رأسه بماء غير فضل يده ". لذلك فإني أهتبل هذه الفرصة وأعلن أنه خطأ مني رجعت عنه فمن كان وقف عليه فليصححه، وأستغفر الله من كل خطأ وذنب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 ويعود الفضل لتنبهي لهذا الخطأ إلى أحد طلابنا المجتهدين الأذكياء في السنة الثالثة من الجامعة الإسلامية، فإنه كتب إلي بتاريخ (16/5/84 هـ) يستفسر عن التوفيق بين تصحيحي للحديث المذكور، وتضعيفي إياه في درس الحديث في السنة الأولى من الجامعة. فكتبت إليه أبين هذا الخطأ، وأؤكد له ضعفه وأشكره على اهتمامه بالتحقيق العلمي، وجزاه الله خيرا، وقد كنت نوهت بذلك في التعليق على " سلسلة الأحاديث الصحيحة " 1/56 - طبع المكتب الإسلامي ". 1047 - " كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين ". ضعيف. أخرجه ابن خزيمة (1260) وعنه الحاكم (1/315 ـ 316 و2/101) وزاهر الشحامي في " السباعيات " (ج 7/18/2) عن عبد السلام بن هاشم: حدثنا عثمان بن سعد الكاتب، وكانت له مروءة وعقل عن أنس بن مالك قال: فذكره مرفوعا. وقال الحاكم: حديث صحيح، وعثمان بن سعد الكاتب ممن يجمع حديثه في البصريين. وتعقبه الذهبي في الموضع الأول بقوله: قلت: ذكر أبو حفص الفلاس عبد السلام هذا فقال: لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه، وقال في الموضع الآخر: قلت: لا، فإن عبد السلام كذبه الفلاس، وعثمان لين. قلت: وعثمان هذا متفق على تضعيفه، وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": ضعيف، فلا أدري بعد هذا وجه ما نقله المناوي عنه فقال: وقال ابن حجر: حسن غريب، وقول الحاكم: صحيح، غلطوه فيه. قلت: وكذلك تحسينه إياه ينبغي أن يكون خطأ، ما دام أنه غريب، وفيه ذلك الراوي الضعيف، وأما إعلال الذهبي إياه بعبد السلام أيضا، فهو باعتبار هذه الطريق، وقد وجدت له متابعا عند الحاكم (1/446) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد: حدثنا ابن عاصم: حدثنا عثمان بن سعد به، وقال الحافظ عقبه: صحيح على شرط البخاري، ورده الذهبي بقوله: الحديث: 1047 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 كذا قال، وعثمان ضعيف ما احتج به البخاري. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (5/253) إلا أنه جعل يحيى ابن كثير " بدل " أبو عاصم " وكلاهما ثقة، وابن كثير هو العنبري البصري، ولعل هذا الاختلاف من أبي قلابة، فإنه كان تغير حفظه، والله أعلم. والحديث أخرجه أبو يعلى أيضا والبزار والطبراني في " الأوسط " من طريق ابن سعد. ويشبه هذا الحديث حديث آخر أشد ضعفا منه وهو: 1048 - " كان إذا نزل منزلا في سفر، أودخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (18/300/770) عن محمد بن عمر الواقدي: حدثنا حارثة بن أبي عمران بسنده عن فضالة بن عبيد به. قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/283) : وفيه الواقدي، وقد وثقه مصعب الزبيري وغيره، وضعفه جماعة كثيرون من الأئمة. والحديث رمز له السيوطي بالضعف في بعض نسخ " الجامع الصغير "، وقال المناوي: سكت المصنف عليه فلم يرمز إليه، فأوهم أنه لا بأس بسنده، وليس كذلك، فقد قال الحافظ ابن حجر في " أماليه ": سنده واه هكذا قال، وقال شيخه الزين العراقي في شرح الترمذي: (فيه الواقدي) . قلت: وهو متروك كما تقدم مرارا. ثم إن شيخه حارثة مجهول كما قال أبو حاتم والذهبي. الحديث: 1048 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 1049 - " كان إذا استلم الحجر قال: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، واتباعا سنة نبيك ". موقوف ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 488 - الحديث: 1049 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 مصورتي) عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أنه كان: فذكره. قلت: وهذا سند واه، من أجل الحارث وهو الأعور وهو ضعيف. ثم أخرجه (رقم - 5617 و5971) من طريق عون بن سلام: حدثنا محمد بن مهاجر عن نافع قال: كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال: فذكره. وزاد في آخره: ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا سند ضعيف أيضا، وعلته محمد بن مهاجر وهو القرشي الكوفي، قال الذهبي: لا يعرف. وقال ابن حجر: لين. ووهم الهيثمي في " المجمع " فقال (3/240) : رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال (الصحيح) . ووجه الوهم أن محمد بن مهاجر هذا ليس من رجال الصحيح، ولم يخرج له من الستة سوى النسائي في " عمل اليوم والليلة "، ثم هو ضعيف كما عرفت. والظاهر أن الهيثمي توهم أنه محمد بن مهاجر بن أبي مسلم الشامي، فإنه من رجال مسلم، وهو ثقة ومن طبقة هذا، ولكنه ليس به، وليس من شيوخه نافع، ولا من الرواة عنه عون بن سلام، بخلاف الأول، كما يتبين للباحث في ترجمة الرجلين في " تهذيب التهذيب ". 1050 - " الأضحية لصاحبها بكل شعرة حسنة ". موضوع. ذكره الترمذي في " سننه " معلقا بدون إسناد، ومشيرا إلى تضعيفه بقوله (1/282) : ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وأصله ما أخرجه ابن ماجه (3127) وابن عدي في " الكامل " (316/2 - 317/1) والحاكم (2/389) والبيهقي في " سننه " (9/261) من طريق عائذ الله عن الحديث: 1050 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 أبي داود عن زيد بن أرقم قال: " قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم، قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة حسنة، قال: فالصوف يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة ". أورده ابن عدي في ترجمة عائذ الله هذا وقال: لا يصح حديثه، وروى هذا عن البخاري أيضا، ثم ساق هذا الحديث. وأما الحاكم فقال عفى الله عنا وعنه: صحيح الإسناد! ورده الذهبي بقوله: قلت: عائذ الله قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: وهذا يوهم أنه سالم ممن فوقه، وليس كذلك فإن أبا داود هذا مطعون فيه أيضا، بل هو أولى بتعصيب الجناية به من الراوي عنه، لأنه متهم بالكذب، بل إن الذهبي نفسه قال عنه في ترجمة عائذ الله: يضع. وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3/55) : يروي عن الثقات الموضوعات توهما، لا يجوز الاحتجاج به، هو الذي روى عن زيد ابن أرقم.. فذكر هذا الحديث. وقال الحافظ المنذري في " الترغيب " (2/101 - 102) معقبا على الحاكم: بل واهية، عائذ الله هو المجاشعي، وأبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى وكلاهما ساقط. وقال البوصيري في " الزوائد ": في إسناده أبو داود واسمه نفيع بن الحارث وهو متروك، واتهم بوضع الحديث. 1051 - " من حمل سلعته فقد برىء من الكبر ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/165) والقضاعي (32/2) عن الحديث: 1051 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 مسلم بن عيسى الصفار قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، مسلم هذا قال الدارقطني: متروك. واتهمه الذهبي في " تلخيص المستدرك " بوضع الحديث. وله شاهد لا يفرح به، أخرجه ابن عدي في الكامل (ق 240/2) من طريق عمر بن موسى عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. أورده في ترجمة عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي، وروى عن يحيى أنه قال: شامي وليس بثقة. وعن البخاري: منكر الحديث، ثم ساق له أحاديث كثيرة ثم قال: وله غير ما ذكرت من الحديث كثير، وكل ما أمليت لا يتابعه الثقات عليه، وما لم أذكره كذلك، وهو بين الأمر في الضعفاء، وهو في عداد من يضع الحديث متنا وسندا. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن أبي أمامة، وتعقبه المناوي بقوله: قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي وأقره، والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: في إسناده ضعف، وذلك لأن فيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف عن بقية وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقي، قال في " الميزان ": لا يعتمد عليه ولا يعرف ولعله الوجيهي. قلت: وفي هذا التعقب نظر من وجوه: أولا: تعصيب الجناية بسويد بن سعيد أيضا لا وجه له، لأنه قد تابعه يحيى بن عثمان عند ابن عدي، وهو الحمصي، صدوق عابد. ثانيا: قوله: " عمرو " بالواولا وجود له في الرواة، فلعل الواو زيادة من قلم بعض النساخ أو الطابع. ثالثا: ليس في " الميزان " عمر أوعمرو بن موسى الدمشقي موصوفا بقوله: لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 يعتمد عليه.. إلخ، وإنما فيه: عمر بن موسى الأنصاري الكوفي، قال الدارقطني: متروك الحديث، قلت: كأنه الوجيهي، وقد قال في ترجمة الوجيهي ووهم من عده كوفيا لأنه يروي أيضا عن الحكم بن عتيبة وقتادة. رابعا: عمر بن موسى الدمشقي هو الوجيهي قطعا، ففي ترجمته ذكر ابن عدي هذا الحديث، ووصفه يحيى بأنه شامي وفي " الميزان " أنه دمشقي. خامسا: قول البيهقي: " في إسناده ضعف " فيه تساهل كبير، فإن مثل هذا إنما يقال في إسناد حديث فيه راوغير متهم، أما وهذا فيه ذلك الوجيهي الوضاع فلا ينبغي تليين القول فيه، كما لا يخفى على المحققين من أهل المعرفة بهذا العلم الشريف. ثم إن الطريق الأولى لهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يخرجه، ولا استدركه عليه المناوي في شرحه، مصداقا لقول القائل: كم ترك الأول للآخر، وردا على بعض المغرورين القائلين: إن علم الحديث قد نضج بل واحترق، هداهم الله سواء السبيل، ثم لعل ذلك الصفار المتهم بالوضع سرق هذا الحديث من الوجيهي وركب عليه إسنادا غير إسناده! قاتل الله الوضاعين وقبح فعلهم. 1052 - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل، فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدوإلى (ثبير) مرة، وإلى (حراء) مرة، يريد أن يلقي بنفسه منه، فبينا هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه يقول: يا محمد أنت رسول الله حقا، وأنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه، وربط جأشه ". ضعيف. رواه ابن سعد في " الطبقات " (1/1/130 ـ 131) : أخبرنا محمد بن عمر؛ قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي.. إلخ. الحديث: 1052 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 قلت: وهذا سند واه جدا، محمد بن عمر هو الواقدي وهو متهم بالكذب على علمه بالمغازي والسير (1) ، وشيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه، ولكني أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو معروف ولكن بالكذب، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، كذبه جماعة. ويرجح أنه هو؛ كونه من هذه الطبقة وكون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا أيضا، وقد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء والمتروكون " (ص 57) : " والكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: 1 - ابن أبي يحيى بالمدينة. 2 - والواقدي ببغداد. 3 - ومقاتل بن سليمان بخراسان. 4 - ومحمد بن سعيد بالشام، يعرف بالمصلوب. فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا، ولكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من حديث عائشة في صحيح البخاري وغيره، بيد أن له علة خفية، فلابد من بيانها فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (رقم 22 - ترتيب الفارسي) من طريق ابن أبي السري: حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت: أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب له الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فَجَأَهُ الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارىء ... الحديث إلى قوله: قال (يعني ورقة) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة، وزاد:   (1) انظر ترجمته بالتفصيل في " تاريخ الخطيب " (3/1 - 20) . اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل، فقال له جبريل، فقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل، فيقول له مثل ذلك. وابن أبي السري هو محمد بن المتوكل وهو ضعيف حتى اتهمه بعضهم، وقد خولف في إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " (6/232 - 233) : حدثنا عبد الرزاق به. إلا أنه قال: حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه.. إلخ، فزاد هنا في قصة التردي قوله: " فيما بلغنا ". وهكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " (12/311 - 317) منطريق عبد الله بن محمد وهو أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرزاق به بهذه الزيادة، وأخرجه مسلم (1/97 - 98) من طريق محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق به، إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه عنده قصة التردي مطلقا، وهذه الرواية عند البخاري أيضا في " التفسير " (8/549 ـ 554) ليس فيها القصة، فعزوالحافظ ابن كثير في تفسيره الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين، نعم قد جاءت القصة في الرواية المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " (1/110 - 111) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد به، وفيه قوله: " فيما بلغنا "، فهذه الرواية مثل رواية أحمد وابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله: " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، وهي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة المذكورة أعلاه، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر، وفاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة، قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 ثم إن القائل: " فيما بلغنا " هو الزهري، ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولا، وقال الكرماني: هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور، ووقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: " فيما بلغنا "، ولفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة، والأول هو المعتمد. وأشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير " واعتمده، ومحمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الغلط. وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: ضعفه أحمد. قلت: فمثله لا يحتج به، إذا لم يخالف، فكيف مع المخالفة، فكيف ومن خالفهم ثقتان عبد الرزاق ويونس بن يزيد، ومعهما زيادة؟ ! وخلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس ولا عن عائشة، ولذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " (1/5) على أن بلاغ الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في " الصحيح ". والله الموفق. 1053 - " السجود على سبعة أعضاء: اليدين، والقدمين، والركبتين والجبهة، ورفع الأيدي إذا رأيت البيت، وعلى الصفا والمروة، وبعرفة، وبجمع، وعند رمي الجمار، وإذا أقيمت الصلاة ". منكر بذكر رفع الأيدي. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/155/1) : حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي: حدثنا عمرو بن يزيد أبو بريد الجرمي: الحديث: 1053 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 أخبرنا سيف بن عبيد الله: أخبرنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وعن الطبراني رواه الضياء في " المختارة " (61/249/2) . قلت: وهذا سند ضعيف، وعلته عطاء بن السائب وكان اختلط، فلا يحتج بحديثه إلا ما رواه الثقات عنه قبل اختلاطه وهم: سفيان الثوري، وشعبة، وزهير بن معاوية، وزائدة بن قدامة، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، ووهيب، كما يستفاد من مجموع كلام الأئمة فيه على ما لخصه ابن حجر في " التهذيب " وفاته وهيب فلم يذكره في جملة هؤلاء الثقات! وعلى كل حال فليس منهم ورقاء وهو ابن عمر راوي هذا الحديث عنه، فيتوقف عن الاحتجاج بحديثه كما هو مقرر في " المصطلح " ويعامل معاملة الحديث الضعيف حتى يثبت، وهيهات، فقد جاء الحديث من طريق طاووس عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه، رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (310) . فالشطر الثاني منكر عندي لتفرد عطاء به، وقد أعله الهيثمي في " المجمع " فقال (3/238) : وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. وتعقبه المعلق على " نصب الراية " فقال (1/390) : قلت: ورقاء من أقران شعبة، وسماع شعبة عن عطاء بن السائب قديم صحيح على أنه قال ابن حبان: اختلط بآخره، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول. قلت: وهذا التعقب لا غناء فيه، لأنه لا يلزم من كون ورقاء من أقران شعبة أن يكون سمع من عطاء قديما كما سمع منه شعبة، ألا ترى أن في جملة من روى عن عطاء إسماعيل بن أبي خالد وهو من طبقة عطاء نفسه، بل أورده الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من التابعين، بينما ذكر ابن السائب في الطبقة الخامسة، فهو إذن من أقران عطاء وليس من أقران شعبة، ومع ذلك لم يذكروه فيمن روى عن عطاء قبل الاختلاط، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 ومثله سليمان التيمي، فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل اختلاطه ليس لازما لكل من كان علاي الطبقة، كما أن العكس؛ وهو عدم السماع؛ ليس لازما لمن كان نازل الطبقة، وإنما الأمر يعود إلى معرفة واقع الراوي هل سمع منه قديما أم لا، خلافا لما توهمه المعلق المشار إليه. ومما يؤيد ذلك أن بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط وبعده ومن هؤلاء حماد بن سلمة، فإنه سمع من عطاء في الحالتين كما استظهره الحافظ في " التهذيب "، ولذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين المعاصرين، والله يغفر لنا وله. وأما ما نقله ذلك المعلق عن ابن حبان، فهو رأي لابن حبان خاصة دون سائر الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، والذين سمعوا منه بعده، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه، وإلا كان ذلك حرصا لا طائل تحته، إذا كان حديثه كله صحيحا، أضف إلى ذلك أن في " المصطلح " نوعا خاصا من علوم الحديث وهو " معرفة من اختلط في آخر عمره " وقد ذكروا منهم جماعة أحدهم عطاء وقالوا فيهم: فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم، ومن سمع بعد ذلك أوشك في ذلك لم تقبل (1) . والحديث رواه الطبراني أيضا في " الأوسط " (1678، 1679) وكذا في " حديثه عن النسائي " (ق 314/2) بسنده هذا، ولكنه فصل بين الشطر الأول منه والآخر، جعلهما حديثين ثم قال: لم يروهذين الحديثين عن عطاء بن السائب إلا ورقاء، ولا ورقاء إلا سيف تفرد به أبو بريد. وعمرو بن يزيد أبو بريد: صدوق، ومثله سيف بن عبيد الله إلا إنه ربما خالف، كما في " التقريب ".   (1) اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير (ص 274) . اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 وقد خالفه ابن فضيل فقال: عن عطاء به موقوفا على ابن عباس وهذا أصح. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/77/2) . والحديث بظاهره يدل على أن الأيدي لا ترفع في غير هذه المواطن، وهذه الدلالة غير معتبرة عند الحنفية لأنها بطريق المفهوم، لكن قد روي الحديث بلفظ آخر يدل بمنطوقه على ما دل عليه هذا بمفهومه، فوجب علينا بيان حاله، فأقول: لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن: حين تفتتح الصلاة، وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت، وحين يقوم على المروة، وحين يقف مع الناس عشية عرفة، وبجمع، والمقامين حين يرمي الجمرة. 1054 - " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن: حين تفتتح الصلاة، وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت، وحين يقوم على المروة، وحين يقف مع الناس عشية عرفة، وبجمع، والمقامين حين يرمي الجمرة ". باطل بهذا اللفظ. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/146/2) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: نا محمد بن عمران بن أبي ليلى: حدثني أبي: نا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن، فإنه سيىء الحفظ، ورواه البزار في " مسنده " (رقم 519 - كشف الأستار) من طريقه بلفظ: " ترفع الأيدي.. "، دون " لا " النافية وقال: رواه جماعة فوقفوه، وابن أبي ليلى ليس بالحافظ، إنما قال: " ترفع الأيدي "، ولم يقل: لا ترفع إلا في هذه المواضع. وأقره عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (ق 102/1) وقال: رواه غير واحد موقوفا، وابن أبي ليلى لم يكن حافظا. وقال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": صدوق سيىء الحفظ جدا. وكذا قال الذهبي في " الضعفاء "، إلا أنه لم يقل: " جدا "، وذلك لا يخرج حديثه من رتبة الضعف المطلق، وإنما من رتبة الضعف الشديد كما هو ظاهر، وأما قول الهيثمي في " المجمع " (3/238) : الحديث: 1054 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 في إسناده محمد بن أبي ليلى وهو سيىء الحفظ، وحديثه حسن إن شاء الله تعالى. فهو غير مستقيم، لأن السيئ الحفظ حديثه من قسم المردود كما هو مقرر في " المصطلح " وخصوصا في " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر، وهذا إن كان يعني بقوله: حديثه جملة، كما هو الظاهر، وإن كان يعني هذا الحديث بخصوصه فما هو الذي جعله حسنا؟ وهو ليس له شاهد يقويه، ثم إنه يستحيل أن يكون هذا الحديث حسنا، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه يديه عند الركوع والرفع منه، ورفع يديه في الدعاء في الاستسقاء وغيره، وقد كفانا بسط الكلام في رد هذا الحديث الحافظ الزيلعي الحنفي في " نصب الراية " (1/389 - 392) ، وبين أنه لا يصح مرفوعا ولا موقوفا، فراجعه، ثم إن في إسناد الطبراني محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وفيه كلام كثير، فلا يحتج به عند المخالفة على الأقل، كما هو الشأن هنا، إذ زاد (لا) في أوله خلافا لرواية البزار، وهي أصح، إذ ليس فيها إلا ابن أبي ليلى، ويؤيد ذلك أنه أخرجه الشافعي (2/38/1023) من طريق سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: حدثت عن مقسم به بلفظ: " ترفع الأيدي في الصلاة ... " فذكر هذه السبع وزاد: " وعلى الميت ". بيد أنه سند ضعيف، لانقطاعه بين ابن جريج ومقسم، ولعل الواسطة بينهما هو ابن أبي ليلى نفسه. وسعيد بن سالم فيه ضعف من قبل حفظه، لكنه قد توبع، فقد أخرجه البيهقي في " السنن " (5/72 ـ 73) من طريق الشافعي، ثم قال: وبمعناه رواه شعيب بن إسحاق عن ابن جريج عن مقسم، وهو منقطع لم يسمع ابن جريج من مقسم، ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وعن نافع عن ابن عمر، مرة موقوفا عليهما، ومرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 دون ذكر الميت: وابن أبي ليلى هذا غير قوي في الحديث. 1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امراة لم يتزوجها إلا ليغض بصره أوليحصن فرجه ويصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 2527) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام. قلت: وهو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم وقال أبو داود: عبد القدوس ليس بشيء وابنه شر منه، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/150 - 151) : يروي الموضوعات، وروى عن إبراهيم بن أبي عبلة. قلت: فذكر هذا الحديث، فاقتصار الهيثمي (4/254) على قوله: وهو ضعيف قصور أوذهو ل، وكذلك أشار المنذري في " الترغيب " (3/70) إلى أنه ضعيف! الحديث: 1055 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 1056 - " من ترك الكذب وهو باطل بني له قصر في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها، ومن حسن خلقه بني له في أعلاها ". منكر بهذا السياق. أخرجه الترمذي في " سننه " (1/359 - بولاق) وابن ماجه (رقم 51) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 8) وابن عدي (170/2) عن سلمة بن وردان الليثي عن أنس بن مالك مرفوعا به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس. قلت: وهو ضعيف عند جمهور الأئمة، ولذلك جزم بضعفه الحافظ في الحديث: 1056 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 " التقريب " وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: ضعفه الدارقطني وغيره. قلت: وممن ضعفه الحاكم فقال: حديثه عن أنس مناكير أكثرها. قلت: فأنى لحديثه هذا الحسن وهو عن أنس، وقد تفرد به كما يشير إلى ذلك الترمذي نفسه، لا سيما وقد روي الحديث عن أبي أمامة ومعاذ بن جبل بسندين يقوي أحدهما الآخر بلفظ مغاير لهذا الحديث في فقرته الأولى والثانية، مما يدل على أن سلمة قد انقلب عليه الحديث، فراجع بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (رقم - 273) . ومن المهم هنا التنبيه على أوهام وقعت للحافظ المنذري في هذا الحديث فقال في " الترغيب " (1/80) : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بني له في وسطها.. " رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وابن ماجه والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن. والأوهام التي فيه: أولا: أن الحديث بهذا السياق ليس من حديث أبي أمامة، وإنما من حديث أنس. ثانيا: أنه ليس عند أبي داود من حديث أنس، وإنما من حديث أبي أمامة، وقد ذكره المنذري في مكان آخر من كتابه (3/257 - 258) على الصواب. ثالثا: ليس في حديث أنس ذكر " المراء " في الفقرة الأولى منه، بل فيه " الكذب "، وإنما هو في الفقرة الثانية منه كما رأيت، بخلاف حديث أبي أمامة فهو على العكس من ذلك بلفظ: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وبيت في وسط الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا.. ". وتوضيح ذلك في المكان المشار إليه من " الأحاديث الصحيحة ". فكأن الحافظ المنذري رحمه الله اختلط عليه حديث أنس بحديث أبي أمامة فكان من ذلك حديث آخر لا وجود له في الدنيا! والمعصوم من عصمه الله تعالى. 1057 - " رخص في الشرب من أفواه الأداوي ". منكر. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/139/1) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: أخبرنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد: أخبرنا أبو معاوية عن هشام ابن حسان عن ابن عباس قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد فلم أجد له ترجمة، وقال الهيثمي في " المجمع " (5/78) : رواه الطبراني، وفيه محمد بن عبد الله بن يحيى بن أبي راشد ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح، هكذا وقع في النسخة محمد بن عبد الله، وأظنه خطأ من الهيثمي انتقل نظره حين النقل من عبد الله بن يحيى إلى الراوي عنه محمد فكتب: محمد بن عبد الله، والله أعلم. ومما يؤيد ضعف هذا الحديث أنه ثبت من رواية خالد الحذاء عن ابن عباس قال: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء ". أخرجه البخاري (4/37 - طبع أوربا) والطبراني في " المعجم الكبير " (142/1) وغيرهما. وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أيضا وأبي سعيد الخدري. فلا يجوز الشرب من فم السقاء كما لا يجوز الشرب قائما، إلا لعذر كما في حديث كبشة قالت: الحديث: 1057 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما، فقمت إلى فيها فقطعته ". أخرجه الترمذي (1/345) وقال: حديث حسن صحيح. فهذا ونحوه محمول على العذر. 1058 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن ". ضعيف جدا. أخرجه ابن السني في " اليوم والليلة " (رقم 110) وابن سمعون في " الأمالي " (ق 176/2) عن سلام المدائني عن زيد العمي عن معاوية عن قرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، والمتهم به سلام المدائني وهو الطويل وهو كذاب كما تقدم مرارا، وزيد العمي ضعيف. وله عن أنس طريق أخرى: عن جبارة: حدثنا عن أنس مرفوعا. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 275/1) في جملة أحاديث لكثير هذا وهو ابن سليم وقال: وهذه الروايات عن أنس، عامتها غير محفوظة. قلت: وكثير ضعيف ومثله جبارة وهو ابن المغلس، بل لعله أشد ضعفا منه، فقد رماه بعضهم بالكذب. وبالجملة فالحديث ضعيف جدا. تنبيه: تقدم الحديث برقم (660) ، فهممت بحذفه من هنا اكتفاء بما مضى، ولكني وجدت فيه فوائد أخرى لم تذكر هناك، فأبقيت عليه. وقد روي بلفظ أتم منه وهو: الحديث: 1058 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 1059 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على لحيته ويقول: بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الغم والحزن والهم، اللهم بحمدك انصرفت، وبذنبي اعترفت، أعوذ لك من شر ما اقترفت، وأعوذ بك من جهد بلاء الدنيا، ومن عذاب الآخرة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/104) عن داود بن المحبر: حدثنا العباس ابن رزين السلمي عن خلاس بن عمرو عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به داود هذا وهو صاحب كتاب " العقل " وهو كذاب كما تقدم غير مرة فانظر الحديث (1 و224) . والعباس بن رزين السلمي لم أعرفه. الحديث: 1059 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 1060 - " لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن أن تطغيهن، ولن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (1859) والبيهقي (7/80) عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الإفريقي، وقد مضى في أول السلسلة، وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 117/1) ما ملخصه: هذا إسناد ضعيف، فيه الإفريقي واسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني وهو ضعيف، وعنه رواه ابن أبي عمر وعبد بن حميد في " مسنديهما "، وكذا رواه سعيد بن منصور، وله شاهد في " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي هريرة الحديث: 1060 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 وأما ما نقله السندي في " حاشيته "، وتبعه محمد فؤاد عبد الباقي عن " الزوائد " أنه قال بعد تضعيفه للإفريقي: والحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " بإسناد آخر. فهذا ليس في نسختنا من " الزوائد "، وهو يوهم أن الحديث بهذا المتن عند ابن حبان وعن ابن عمرو، وليس كذلك، وإنما عنده حديث أبي سعيد الخدري: " تنكح المرأة على مالها ... " الحديث نحوحديث أبي هريرة الذي اعتبره البوصيري شاهدا لهذا وليس كذلك، لأنه لا يشهد إلا لجملة التزوج على الدين، فإنه بلفظ: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ". أخرجه الشيخان وأصحاب السنن إلا الترمذي والبيهقي وغيرهم، وهو مخرج في " الإرواء " (1783) ، و" غاية المرام " (222) . وفي حديث أبي سعيد: " وخلقها " بدل الحسب، وقال: " فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك ". أخرجه ابن حبان (1231) والحاكم (2/161) وابن أبي شيبة في " المصنف " (7/49/2) وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وإنما هو حسن فقط. 1061 - " النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء؛ فلا خير فيه ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2/79) ، وابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (2/21/2) وابن مخلد العطار في جزء من " الأمالي " (98/2) وابن عدي (151/1) من طريقين عن زافر بن سليمان عن إسرائيل عن شبيب بن بشر عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب. الحديث: 1061 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 قلت: يعني ضعيف، وذلك لأن شبيب بن بشر صدوق يخطىء، وزافر كثير الأوهام كما في " التقريب "، وأعله المناوي بعلة ثالثة وهي محمد بن حميد الرازي شيخ الترمذي، قال البخاري: فيه نظر، وكذبه أبو زرعة. قلت: لكن تابعه الحسن بن عرفة عند العطار وهو ثقة، فزالت الشبهة منه وانحصرت فيمن فوقه ممن ذكرنا، ثم قال المناوي: وبه يعرف ما في رمز المصنف (يعني السيوطي) لحسنه. قلت: وقد أشار المنذري في " الترغيب " (3/57) إلى ضعفه، وهو الصواب، ولكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا في التراب ". وهو مخرج في التعليق على " المشكاة " برقم (5182) التحقيق الثاني. 1062 - " ما جاء من الله فهو الحق، وما جاء مني فهو السنة، وما جاء من أصحابي فهو سعة ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (93/1) : حدثنا الحسن بن صالح بن حاتم بن وردان: حدثنا سعد بن سعيد عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال: وهذا الحديث منكر، وإنما جاء عن شيخ ليس بمعروف وهو صالح بن جميل، فظن الحسن (يعني ابن علي العدوي) أنه صالح بن حاتم وهو صدوق فألزقه عليه العدوي هذا، وعامة ما حدث به إلا القليل موضوعات. ثم أورده في ترجمة سعد بن سعيد المقبري (174/1) من طريق صالح بن جميل الزيات: حدثنا سعد بن سعيد به، وقال: لا أعلم يرويه عن سعد بن سعيد بهذا الإسناد غير صالح بن جميل الزيات هذا، وسعد بن سعيد عامة ما يرويه غير محفوظ. الحديث: 1062 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 قلت: وأخوسعد بن سعيد أسمع عبد الله، قال يحيى بن سعيد: استبان كذبه وقال الذهبي: ساقط بمرة. قلت: فهو آفة الحديث، وبه أعله عبد الحق في " الأحكام " رقم (137) وإن كان فيه العلتان الأخريان: جهالة صالح بن جميل، وضعف سعد بن سعيد. 1063 - " ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء ". منكر. رواه الترمذي (2/55) وابن أبي الدنيا في " المجموع " (9/1) وفي " ذم الدنيا " (10/1) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (7/1) وابن السني في " القناعة " (243/1) والحاكم (4/312) والضياء في " المختارة " (1/120 - 121) ورقم (310 - 312 - تحقيقي) عن حريث بن السائب: حدثنا الحسن: حدثنا حمران عن عثمان مرفوعا. وكذا رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/144/2) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم أيضا ووافقه الذهبي!! وأقرهما المناوي! كذا قالوا! وحريث هذا مختلف فيه، فقال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: ما به بأس. وقال الساجي: ضعيف. وقال أحمد: روى حديث منكرا عن الحسن عن حمران عن عثمان. يعني هذا. وذكر أن قتادة خالفه فقال: عن الحسن عن حمران عن رجل من أهل الكتاب، قال أحمد: حدثنا روح: حدثنا سعيد يعني عن قتادة به. قلت: فثبت أن الحديث من الإسرائيليات أخطأ الحريث هذا في رفعه. وقد روي بلفظ: " كل شيء فضل عن ظل بيت، وجلف الخبز، وثوب يواري عورة الرجل، والماء لم يكن لابن آدم فيه حق ". رواه الطيالسي (83) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (1/61) وأحمد (1/62) وفي الحديث: 1063 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 " الزهد " (ص 21) والطبراني (1/8/2) وأبو بكر ابن السني في " القناعة " (243/2) وأبو علي الصواف في " الفوائد " (3/167/2) وعنه أبو نعيم في " الفوائد " (5/216/1) عن حريث بن السائب قال: سمعت الحسن يقول: حدثنا حمران عن عثمان مرفوعا. وذكر ابن قدامة في " المنتخب " (10/1/2) عن حنبل قال: سألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) عن حريث بن السائب قال: ما كان به بأس إلا أنه روى حديثا منكرا عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني هذا الحديث. قلت: وذكر الضياء عن الدارقطني أنه سئل عن الحديث فقال: وهم فيه حريث، والصواب عن الحسن بن حمران عن بعض أهل الكتاب. وقد خفيت هذه العلة على من صححه بالإضافة إلى الضعف الذي ذكرته في الحديث، والعجب من المناوي، فإنه لم يكتف بإقراره لتصحيح الحاكم والذهبي، بل زاد على ذلك في " التيسير " فقال: وإسناده صحيح، واغتر بذلك صاحب ما سماه بـ " الكنز الثمين " فأورده فيه برقم (3192) وقد ادعى أن كل ما فيه ثابت كما تقدم، والواقع يشهد أنه لم يستطع الوفاء بذلك كالسيوطي في " جامعه "، وإن كان كتابه أنظف منه، وسيأتي التنبيه على بعض ما وقع فيه من الضعيف كلما تيسر لي ذلك. 1064 - " ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول نظرة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها ". ضعيف جدا. رواه أحمد (5/264) والروياني في " مسنده " (30/218/2) والأصبهاني في " الترغيب " (292/2) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، قال ابن حبان (2/62 - 63) : " عبيد الله بن زحر منكر الحديث جدا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبد الله وعلي بن يزيد الحديث: 1064 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم. وقال الذهبي في " الضعفاء ": له صحيفة غرائب، عن علي بن يزيد، ليس بحجة. وقال في ترجمة " علي بن يزيد " وهو الألهاني: قال النسائي والدارقطني: متروك. وقد أشار المنذري في " الترغيب " (3/63) إلى تضعيف هذا الحديث وقال: رواه أحمد والطبراني والبيهقي، وقال: إن صح. 1065 - " النظرة سهم من سهام إبليس من تركها خوفا من الله آتاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه ". ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (21/1) عن إسحاق بن سيار النصيبي قال: أخبرنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي عن هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب ابن دثار عن صلة بن زفر عن حذيفة مرفوعا. ثم رواه من طريق إبراهيم يعني ابن سليمان قال: أخبرنا أرطاة بن حبيب قال: أخبرنا هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. ورواه الحاكم (4/313 ـ 314) من طريق إسحاق بن عبد الواحد القرشي: حدثنا هشيم به، وقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: إسحاق واه، وعبد الرحمن هو الواسطي ضعفوه. وقال المنذري (3/63) : خرجه الطبراني والحاكم من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو واه. قلت: فهو آفة الحديث لسلامة الطريق الأخرى عند القضاعي من إسحاق بن عبد الواحد والواسطي ضعيف جدا، واتفقوا على تضعيفه كما قال النووي وغيره. الحديث: 1065 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 1066 - " أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلب شاكر، ولسان ذاكر وبدن على البلاء صابر، وزوجة لا تبغيه خونا في نفسها ولا ماله ". ضعيف. أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر " (5/2) : حدثنا محمود بن غيلان المروزي: أخبرنا المؤمل بن إسماعيل: أخبرنا حماد بن سلمة: أخبرنا حميد الطويل عن طلق بن حبيب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وهكذا أخرجه الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (283/2) ، ثم أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (ورقم 7351) بإسناده المتقدم إلا أنه وقع فيه " موسى " بدل " المؤمل "، وكذا وقع في " زوائد المعجمين " (1/163/1) وهو خطأ لا شك فيه، لا أدري ممن هو؟ ولعله من بعض النساخ القدامى، فقد تورط به جماعة، فحكموا على إسناد " الأوسط " بغير ما حكموا به على " الكبير " كما سيأتي، وهو هو! فإن شيخه فيهما واحد، وهو الجنديسابوري، وشيخ هذا كذلك، وهو ابن غيلان المروزي، وقد رواه عنه ابن أبي الدنيا كما رواه في " الكبير " فكان ذلك من المرجحات لروايته على رواية " الأوسط " ويؤيد ذلك أمران: الأول: أن الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمود بن غيلان به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/65) وفي " الأربعين الصوفية " (58/2) : حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان به. ومن طريق أبي نعيم رواه الضياء أيضا في " المختارة ". والآخر: أن ابن غيلان قد توبع عليه، فقال ابن أبي الدنيا في " كتاب الصبر " (ق 43/2) : حدثنا محمود بن غيلان والحسن بن الصباح قالا: حدثنا المؤمل بن إسماعيل به. الحديث: 1066 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 قلت: وفي هذا رد على الطبراني، فإنه قال: لم يروه عن طلق إلا حميد، ولا عنه إلا حماد، ولا عنه إلا مؤمل وفي الأصل موسى، وقد عرفت خطأه، تفرد به محمود. فقد تابعه الحسن بن الصباح، وكأنه لذلك لم يذكر أبو نعيم هذا التفرد وإنما تفرد المؤمل، فقال: غريب من حديث طلق، لم يروه متصلا مرفوعا، إلا مؤمل عن حماد. قلت: وهو ضعيف لكثرة خطئه، وقد وصفه بكثرة الخطأ الإمام البخاري والساجي وابن سعد والدارقطني، وقال ابن نصر: إذا تفرد بحديث، وجب أن يتوقف، ويثبت فيه، لأنه كان سيىء الحفظ، كثير الغلط. ولخص ذلك الحافظ في " التقريب " فقال: صدوق سيء الحفظ. قلت: فمؤمل بن إسماعيل هذا هو علة هذا الحديث، وقد تفرد به كما حققناه في هذا التخريج بما لم نسبق إليه والفضل لله عز وجل، فاسمع الآن ما قاله العلماء، مما وصل إليه علمهم، وهم على كل حال مجزيون خيرا إن شاء الله تعالى، قال الحافظ المنذري في " الترغيب " (3/67) : رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وإسنادهما جيد. وقال الهيثمي في " المجمع " (4/273) : رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، ورجال الأوسط رجال الصحيح ". كذا قالا؛ ظنا منهما أن المؤمل بن إسماعيل لم يتفرد به، وأنه تابعه موسى بن إسماعيل، في رواية " الأوسط "، ولوصح ذلك، لكان الإسناد جيدا، رجاله رجال الصحيح، لأن موسى بن إسماعيل وهو التبوذكي ثقة محتج به في " الصحيحين " ولكنه لا يصح ذلك، لأن الرواية المشار إليها خطأ من بعض النساخ كما سبق تحقيقه، واغتر بكلام المنذري والهيثمي بعض ما جاء بعدهما، فقد أورده السيوطي في " الجامع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 الصغير " من رواية الطبراني في " الكبير " والبيهقي في " الشعب " ورمز لحسنه! ونقل المناوي كلامهما المتقدم، أعني المنذري والهيثمي، ثم قال: وبذلك يعرف أن إهمال المؤلف الطريق الصحيح، وإيثاره الضعيف من سوء التصرف هذا وقد رمز لحسنه!، وأكد كلامه هذا ولخصه في " التيسير " بقوله: وبعض أسانيد الطبراني جيد!، وقلده الشيخ الغماري فأورد الحديث في " كنزه " (342) !، فتأمل كيف يقع الخطأ من الفرد، ثم يغفل عنه الجماعة ويتتابعون وهم لا يشعرون، ذلك ليصدق قول القائل: كم ترك الأول للآخر، ويظل البحث العلمي مستمرا، ولولا ذلك لجمدت القرائح، وانقطع الخير عن الأمة. ثم إن للحديث طريقا أخرى، ولكنها واهية جدا، أخرجه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (2/167) عن هشام بن عبيد الله الرازي: حدثنا الربيع بن بدر: حدثنا أبو مسعود: حدثني أنس بن مالك مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد واه جدا: 1 - هشام بن عبيد الله الرازي فيه ضعف. 2 - الربيع بن بدر، متروك شديد الضعف. 3 - أبو مسعود هذا لم أعرفه. 1067 - " صلاة الجمعة بالمدينة كألف صلاة فيما سواها، [وصيام شهر رمضان في المدينة كصيام ألف شهر فيما سواها] ". موضوع بهذا اللفظ. رواه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/57/2) وفي " العلل الواهية " (2/86 - 87) وابن النجار في " الدرر الثمينة في تاريخ المدينة " (337) عن عمر بن أبي بكر الموصلي عن القاسم بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال ابن الجوزي: لا يصح. الحديث: 1067 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 قلت: وهذا سند مظلم مسلسل بمن هو متروك وكذاب: الأول: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال الشافعي: ركن من أركان الكذب. الثاني: القاسم بن عبد الله وهو العمري المدني، قال أحمد: كان يضع الحديث. الثالث: عمر بن أبي بكر الموصلي، قال أبو حاتم: متروك الحديث، ذاهب الحديث، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " بزيادة في أوله: " صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام "، وتعقبه شارحه المناوي بقوله: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه عقبه بالقدح في سنده، فقال: هذا إسناد ضعيف بمرة، انتهى بلفظه، فحذف المصنف له من سوء الصنيع. قلت: وقد كان من أحسن الصنيع أن يحذف السيوطي هذا الحديث من كتابه أصلا، فإنه قد تعهد في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أووضاع، ولكنه لم يوفق كثيرا في تنفيذ ما تعهد به، غفر الله لنا وله، فإن هذا الحديث فيه متروك ووضاع وكذاب، كما شرحناه لك بما لا تجده في كتاب، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ولقد كان صنيع السيوطي في كتابه الآخر " الجامع الكبير "، أقرب إلى الصواب فإنه قال فيه (2/61/2) : رواه البيهقي وضعفه، وابن عساكر. فذكره التضعيف هنا وحذفه إياه من " الجامع الصغير " هو بلا شك من سوء الصنيع كما قال المناوي، ولوعكس لكان أقرب إلى الصواب، وإنما الصواب حقا أن يحكي التضعيف هنا وهناك، ليسد بذلك الطريق على بعض المتأولين أو المغرضين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 والخاطئين، ألا ترى أنه قد وضع في آخر الحديث من نسخة " الجامع الصغير " التي عليها شرح المناوي، فضلا عن غيرها حرف (ح) الرامز إلى أن الحديث حسن؟ ! فلو أنه ذكر التضعيف المذكور لما تجرأ أحد أن يرمز له بالحسن، لأنه حينئذ يناقض التصريح بالتضعيف، فتأمل. وأما الزيادة التي زادها البيهقي، فهي صحيحة ثابتة من حديث ابن عمر في " صحيح مسلم " ومن حديث أبي هريرة في " الصحيحين "، وفي الباب عن جابر وأبي الدرداء وغيرهما، وقد خرجتهما في " إرواء الغليل " (رقم 1114 - 1115) . 1068 - " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى، وانتفوا الذي في الآناف ". ضعيف. رواه ابن عدي (102/1) عن حفص بن واقد اليربوعي: حدثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وقال بعد أن ساق لحفص هذا أحاديث أخرى: وهذه الأحاديث أنكر ما رأيت لحفص بن واقد، وهذا الحديث قد رواه غير حفص بن واقد عنه. قلت: فالآفة من إسماعيل بن مسلم، والظاهر أنه المكي البصري الذي يكثر من الرواية عن الحسن البصري وهو ضعيف لسوء حفظه، والشطر الأول من الحديث صحيح ثابت من طريق جماعة من الصحابة، والشطر الثاني منه لم نره إلا من هذه الطريق وهي واهية، وقد عزاه السيوطي لابن عدي والبيهقي فتعقبه المناوي بقوله: ظاهر صنيعه يوهم أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه، والأمر بخلافه، بل تعقبه البيهقي بقوله: قال الإمام أحمد: هذا اللفظ الأخير غريب، وفي ثبوته نظر. انتهى. الحديث: 1068 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 1069 - " سيأتيكم عني أحاديث مختلفة، فما جاءكم موافقا لكتاب الله ولسنتي فهو مني، وما جاءكم مخالفا لكتاب الله ولسنتي فليس مني ". ضعيف جدا. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (200/2) والدارقطني (513) الحديث: 1069 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 والخطيب في " الكفاية في علم الرواية " (430) عن صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال ابن عدي وقد ذكر له أحاديث غير هذا: وهذه الأحاديث عن عبد العزيز غير محفوظة، إنما يرويها عنه صالح بن موسى، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث. وفي " الضعفاء " للذهبي: ضعفوه. وفي " التقريب ": متروك. 1070 - " من سره أن ينظر إلى رجل قد أتى الردم فلينظر إلى هذا ". ضعيف جدا. أخرجه البزار في " مسنده " (رقم 2089) قال: حدثنا عمرو بن مالك: أنبأ محمد ابن حمران: حدثنا عبد الملك بن نعامة الحنفي: عن يوسف بن أبي مريم الحنفي قال: بينا أنا قاعد مع أبي بكرة، إذ جاء رجل فسلم عليه، فقال: أما تعرفني؟ فقال له أبو بكرة: من أنت؟ قال: تعلم رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه رأى الردم؟ فقال أبو بكرة: أنت هو؟ قال نعم، قال: اجلس حدثنا، قال: انطلقت حتى انطلقت إلى أرض ليس لأهلها إلا الحديد يعلمونه، فدخلت بيتا، فاستلقيت فيه على ظهري، وجعلت رجلي إلى جداره، فلما كان عند غروب الشمس سمعت صوتا لم أسمع مثله فرعبت فجلست، فقال لي رب البيت: لا تذعرن فإن هذا لا يضرك، هذا صوت قوم ينصرفون هذه الساعة من عند هذا السد، قال: فيسرك أن تراه؟ قلت: نعم، قال: فغدوت إليه، فإذا لنة من حديد، كل واحدة مثل الصخرة، وإذا كأنه البرد المحبر، وإذا مسامير مثل الجذوع، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: صفه الحديث: 1070 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 لي، فقلت: كأنه البرد المحبرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، قال أبو بكرة: صدق. وقال البزار: لا نعلم أحدا رواه إلا أبو بكرة ولا له إلا هذا الطريق. قلت: وهو ضعيف جدا، فيه ضعف وجهالة. أما الضعف فهو من قبل عمرو بن مالك وهو الراسبي ترك التحديث عنه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال ابن عدي في " الكامل " (ق 285/2) : منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "، ولكنه قال: يغرب ويخطىء. قلت: فإذا كان من شأنه أنه يخطىء، فإيراده في كتابه " الضعفاء " أولى به من " الثقات " كما لا يخفى، وأما الجهالة، فهو أن عبد الملك بن نعامة الحنفي لم أجد من ذكره، ومثله شيخه يوسف بن أبي مريم الحنفي، إلا أنه قد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/1/232) ، ولكنه بيض له! وقد أشار إلى ما سبق الحافظ الهيثمي بقوله في " المجمع " (8/134) : رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك، تركه أبو زرعة وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان وقال: يخطىء ويغرب، وفيه من لم أعرفه. 1071 - " يعاد الوضوء من الرعاف السائل ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 427/2) عن يغنم بن سالم: حدثنا أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: يغنم يروي عن أنس مناكير، وأحاديثه عامتها غير محفوظة. وقال ابن حبان: كان يضع على أنس بن مالك. الحديث: 1071 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وقال ابن يونس: حدث عن أنس فكذب. وقال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (رقم 244) : يغنم منكر الحديث ضعيفه. 1072 - " امسح برأس اليتيم هكذا إلى مقدم رأسه، ومن له أب هكذا إلى مؤخر رأسه ". موضوع. رواه البخاري في " التاريخ " (1/1/97) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 381) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/197/1) من طريق الخطيب وهذا في " تاريخه " (5/291) عن سلمة بن حيان العتكي: حدثنا صالح الناجي قال: كنت عند محمد بن سليمان أمير البصرة فقال: حدثني أبي عن جدي الأكبر - يعني ابن عباس - مرفوعا. أورده في ترجمة محمد بن سليمان هذا وقالا، أعني الخطيب وابن عساكر: لا يحفظ له غيره. وقال البخاري: منقطع يعني بين محمد بن سليمان، وهو ابن علي بن عبد الله بن عباس، وبين ابن عباس، وقال العقيلي فيه: ليس يعرف بالنقل وحديثه هذا غير محفوظ ولا يعرف إلا به. وقال الذهبي عقب الحديث: هذا موضوع، وأقره الحافظ في " اللسان ". والانقطاع الذي أشار إليه البخاري إنما هو بالنظر إلى هذا الإسناد، وإلا فقد رواه محمد بن مرزوق وإبراهيم بن مسلم بن رشيد قالا: حدثنا صالح الناجي به إلا أنه قال: حدثنا محمد بن سليمان عن أبيه عن جده عن ابن عباس، وهذا موصول. الحديث: 1072 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 أخرجه البزار في " مسنده " (1913 ـ كشف الأستار) ، وقال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ولا نعلم [له] إسنادا غير هذا الإسناد، وإنما كتبناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه وفي لفظ لابن عساكر: " الصبي الذي له أب يمسح رأسه إلى الخلف، واليتيم يمسح رأسه إلى قدام ". ولفظ العقيلي: " يمسح اليتيم هكذا: ووصفه صالح من أوسط رأسه إلى جبهته ومن له أب فهكذا ووصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه ". أورده الهيثمي في " المجمع " (8/163) من رواية " الأوسط "، والظاهر أنه سقط ذكر البزار قبله من الطابع أوالناسخ وقال: وفيه محمد بن سليمان وقد ذكروا هذا من مناكير حديثه. تنبيه على وهم نبيه: لقد تصحف هذا الحديث على الحافظ عبد الحق الإشبيلي، فإنه أورده في " باب التيمم " من كتابه " الحكام " (رقم 538 ـ منسوختي) من طريق العقيلي بلفظ: " يمسح المتيمم هكذا.. "! وهذا من أغرب تصحيف وقفت عليه، لا سيما من مثل هذا الحافظ، ولست أدري كيف خفي هذا عليه مع أن معناه أكبر منبه عليه إذ لا قائل بالتيمم على الرأس؟ لا سيما وتمام الحديث يؤكد ذلك: " ومن له أب فهكذا.. "! فجل من لا يسهو ولا ينسى، ثم إن الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب وابن عساكر، وكأنه خفي عليه شهادة الحافظين المتقدمين: الذهبي والعسقلاني بوضعه، والقلب يشهد بذلك، والله المستعان. وفي مسح رأس اليتيم حديث آخر من رواية أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في الصحيحة (854) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 1073 - " الصلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي عشرة آلاف صلاة، والصلاة في مسجد الراباطات ألف صلاة ". موضوع. رواه أبو نعيم في " الحلية " (8/46) عن عبد الرحيم بن حبيب: حدثنا داود بن عجلان: حدثنا إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حيان عن أنس مرفوعا، وقال أبو نعيم: لم نكتبه إلا من حديث عبد الرحيم عن داود. قلت: وكلاهما متهم. أما داود فقال ابن حبان: يروي عن أبي عقال عن أنس المناكير الكثيرة والأشياء الموضوعة "، قال الحاكم والنقاش: روى عن أبي عقال أحاديث موضوعة. وأما عبد الرحيم بن حبيب، فقال ابن حبان: لعله وضع أكثر من مائة حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو نعيم: روى عن ابن عيينة وبقية الموضوعات. قلت: ومع هذا فقد تجرأ السيوطي أوغفل فسود بهذا الحديث " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم وحده ولم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال: إسناده ضعيف. فكأنه لم يقف على سنده فاكتفى بتضعيفه بناء على قاعدة: إن ما تفرد به أبو نعيم فهو ضعيف! ومما يستنكر في هذا الحديث قوله: إن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بعشرة آلاف، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة الصحيحة أنها بألف صلاة وقد سقت هذه الأحاديث وخرجتها في " الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب "، ثم في " الإرواء " (971 و1129) . الحديث: 1073 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 1074 - " خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير، أوقال: الناس والدواب ". ضعيف. أخرجه المحاملي في آخر مجلس من " الأمالي " (ق 229/1) وابن حيويه الخزاز في " حديثه " (1/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 41/1) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (7/67) والسياق له من طريق بريه بن عمر بن سفينة عن أبيه (سقط من " السنن ": عن أبيه) عن جده قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لي: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: لا يعرف، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال البخاري: إسناده مجهول. وأورده العقيلي في " الضعفاء " (ص 282) وقال: حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به. والآخرى: ابنه بريه مصغرا، واسمه إبراهيم، أورده العقيلي أيضا (ص 61) وقال: لا يتابع على حديثه، وقال ابن عدي: له أحاديث يسيرة غير ما ذكرت، ولم أجد للمتكلمين في الرجال لأحد منهم فيه كلاما، وأحاديثه لا يتابعه عليها الثقات، وأرجوأنه لا بأس به. وقال الذهبي في " الميزان ": ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. وقال أيضا: وتفرد بريه عن أبيه بمناكير. والحديث ضعفه عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (رقم 576 - من نسختي وتحقيقي) ، وسكت عليه الحافظ في " التلخيص " (ص 10) فلم يُجِد. الحديث: 1074 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 1075 - " ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة، ولا يرفع لهم إلى السماء حسنة: العبد الآنق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى والسكران حتى يصحو". ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل " (ق 149/1) وابن خزيمة (940) وابن حبان في " صحيحه " (1297) وابن عساكر (12/5/1) عن هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا به. ذكره ابن عدي في ترجمة زهير هذا، وقال عقبه: رواه ابن مصفا أيضا عن الوليد. قلت وخالفهما في إسناده موسى بن أيوب وهو أبو عمران النصيبي الأنطاكي فقال: حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر به أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 9385) وقال: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد. قلت: وأنا أظن أن هذا الاضطراب والاختلاف في إسناده إنما هو من زهير بن محمد نفسه وهو الخراساني الشامي، فإن الراوي عنه الوليد بن مسلم ثقة، وكذلك الرواة عنه كلهم ثقات، وهم شاميون جميعا، وقد قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": سكن الشام ثم الحجاز، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه. وقال الذهبي في " الضعفاء ": ثقة فيه لين. والحديث قال المنذري في " الترغيب " (3/78 - 79) : الحديث: 1075 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 رواه الطبراني في " الأوسط " من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " من رواية زهير بن محمد. قلت: وهذا التخريج يوهم أن الطبراني ليس في روايته زهير بن محمد وهو خلاف الواقع، فإن زهيرا في رواية الجميع، إلا أن شيخه عند الطبراني هو ابن عقيل، وعند ابن حبان وكذا ابن خزيمة محمد بن المنكدر وذلك من اضطراب زهير كما بينا وذكر المناوي في " شرحيه " عن الذهبي أنه قال في " المهذب ": هذا من مناكير زهير. وقال الهيثمي في " المجمع " (4/31) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن عقيل، وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات. كذا قال، وعلة الحديث لين زهير واضطرابه في سنده، ولولا ذلك لكان الحديث ثابتا، ولبيان هذه الحقيقة التي قد لا تجدها في غير هذا المكان كتبنا ما سبق، والله هو الموفق، والحديث مما أورده الغماري في " كنزه " خلافا لشرطه! 1076 - " على كل ميسم من الإنسان صلاة، فقال رجل من القوم: هذا شديد ومن يطيق هذا؟ قال: أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صلاة، وإن حملا عن الضعيف صلاة، وإن كل خطوة يخطوها أحدكم إلى صلاة صلاة ". ضعيف. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 129/2) وابن خزيمة في " صحيحه " (1497) وأبو الحسن محمد بن محمد البزار البغدادي في " جزء من حديثه " (ق 174/1) وابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (ق 191/2) من طرق عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث: 1076 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن سماكا، وإن كان من رجال مسلم ففيه ضعف من قبل حفظه، وخصوصا في روايته عن عكرمة، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " بهذا اللفظ، ثم قال (3/104) : رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في " الكبير " و" الصغير " بنحوه، وزاد فيها: " ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحى "، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح. قلنا: ولنا على هذا الكلام ملاحظات: الأولى: أن قوله: ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، يوهم أنهم ثقات جميعا، وليس كذلك، لحال رواية سماك عن عكرمة، كما بينا. الثانية: أن قوله في رواية الطبراني: " بنحوه "، يشعر بأن الحديث عنده بتمامه في المعنى، وإنما هو عنده مختصر جدا ولفظه: " على كل سلامي من بني آدم في كل يوم صدقة، ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحى ". فكان الأولى أن يقول: مختصرا مكان بنحوه. والحديث قال المنذري في " الترغيب " (1/126) : رواه ابن خزيمة في " صحيحه ". قلت: وأشار المنذري إلى أنه حديث صحيح أوحسن أوقريب من أحدهما بتصدير إياه بلفظة " عن " واغتر به مؤلف " الكنز " فأورده فيه (2167) ! فالحديث ضعيف الإسناد، ضعيف المتن بهذا اللفظ " صلاة "، وهو صحيح بلفظ " صدقة " من حديث أبي ذر وغيره عند مسلم وغيره، فاقتضى التنبيه على ذلك، وهو مخرج في " الصحيحة " (برقم 577) وقبله أحاديث أخرى بمعناه، فراجعها إن شئت، ثم إن الهيثمي أورد الحديث بلفظ: " يصبح على كل.. ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 وليس في نسختنا من " مسند أبي يعلى " لفظ يصبح، ولا في شيء من المصادر الأخرى التي عزونا الحديث إليها، نعم هو في حديث أبي ذر الذي أشرنا إليه. ووقع في " المجمع ": مسلم بدل ميسم وهو خطأ مطبعي. 1077 - " من قال: جزى الله عنا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله، أتعب سبعين كاتبا ألف صباح ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/124/2) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (3/206) وابن شاهين في " الترغيب والترهيب " (ق 260/1) وأبو نعيم أيضا في " أخبار أصبهان " (2/230) من طرق عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم: حديث غريب من حديث عكرمة، وجعفر، ومعاوية، تفرد به هانىء. قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن حبان: كان تدخل عليه المناكير، وكثرت، فلا يجوز الاحتجاج به بحال، فمن مناكيره ... ". قلت: ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، وأورده ابن أبي حاتم (4/2/102) ولم يذكر فيه جرحا، ولكنه قال: سألت أبي عنه فقال: أدركته ولم أسمع منه، وفي نسخة: " ولم أكتب عنه " وهي الموافقة لما نقله الحافظ في " اللسان " عن أبي حاتم. قلت: وكأن أبا حاتم رحمه الله يشير إلى أنه أعرض عنه وتركه، والله أعلم. الحديث: 1077 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 1078 - " يا عجبا كل العجب للشاك في قدرة الله وهو يرى خلقه، بل عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى وهو يرى الأولى، ويا عجبا كل العجب للمكذب بنشور الموت وهو يموت كل يوم وفي كل ليلة الحديث: 1078 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 ويحيى، ويا عجبا كل العجب للمصدق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور، ويا عجبا كل العجب للمختال الفخور، وإنما خلق من نطفة، ثم يعود جيفة وهو بين ذلك لا يدري ما يفعل به ". موضوع. رواه القضاعي (49/1 - 2) عن موسى الصغير عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر عبد الله بن مسور الهاشمي مرفوعا. قلت: وهذا حديث موضوع، آفته عبد الله بن مسور هذا، وهو من أتباع التابعين كذاب وضاع، رماه بذلك جماعة من الأئمة كأحمد والبخاري والنسائي وغيرهم، وكان يفتعل ذلك حسبة! قال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك؟ فيقول: إن فيه أجرا! قلت: وهذا الحديث من اختلاقه، فإن علامات الوضع عليه لائحة، قبحه الله وقبح أمثاله من الكذابين الذين شوهو اجمال حديث النبي صلى الله عليه وسلم، بما أدخلوا فيه من الغرائب والأباطيل. وقد جاء هذا الحديث في كتاب " المنازل والديار " (ص 102) من المخطوطة التي قام بطبعها المكتب الإسلامي في دمشق. 1079 - " آمرك بالوالدين خيرا، قال: والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدن، ولأتركهما! قال: أنت أعلم ". منكر بهذا السياق. أخرجه أحمد (2/172) من طريق ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد الله أن أبا عبد الله أن أبا عبد الرحمن حدثه أن عبد الله بن عمرو قال: " إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة، ثم قال: مه؟ قال: الصلاة، ثم قال: مه؟ قال: الصلاة، ثلاث مرات، قال: فلما غلب عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجهاد في سبيل الله، قال الرجل: فإن لي الحديث: 1079 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 والدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة ضعيف سيىء الحفظ. والمحفوظ في هذا الحديث من طرق أخرى عن ابن عمرو بلفظ: " فقال: أحي والدك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد ". أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد ذكرت طرقه وشواهده في " إرواء الغليل " (رقم 1199) ، فقوله في هذا الحديث: " أنت أعلم " مخالف لقوله: " ففيهما فجاهد " فهو منكر بهذا اللفظ، والله أعلم ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن حبان (258) من طريق ابن وهب: أخبرني حيي بن عبد الله فإنه مختلف فيه، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي. قلت: فمثله لا يحتج به عند المخالفة، والله أعلم. 1080 - " ليست بشجرة نبات، إنما هم بنوفلان، إذا ملكوا جاروا، وإذا ائتمنوا خانوا، ثم ضرب بيده على ظهر العباس، قال: فيخرج الله من ظهرك يا عم! رجلا يكون هلاكم على يديه ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخه " (3/343) عن محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا عبد الله بن الضحاك الهدادي: حدثني هشام بن محمد الكلبي أنه كان عند المعتصم في أول أيام المأمون حين قدم المأمون بغداد، فذكر قوما بسوء السيرة الحديث: 1080 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 فقلت له: أيها الأمير! إن الله تعالى أمهلهم فطغوا، وحلم عنهم فبغوا، فقال لي: حدثني أبي الرشيد عن جدي المهدي عن أبيه المنصور عن أبيه محمد بن علي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم، فعرف الغضب في وجهه، ثم قرأ: " والشجرة الملعونة في القرآن "، فقيل له: أي الشجر هي يا رسول الله حتى نجتثها؟ فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع فيه آفات: أولا: المنصور وغيره من الملوك العباسيين لا يعرف حالهم في الحديث. ثانيا: هشام بن محمد الكلبي، قال الذهبي في " الضعفاء ": تركوه كأبيه، وكان رافضيا. ثالثا: عبد الله بن الضحاك الهدادي، لم أجد له ترجمة، ولم يورده السمعاني في هذه النسبة (الهدادي) . رابعا: محمد بن زكريا الغلابي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال الدارقطني: كان يضع الحديث. وساق له الذهبي في " الميزان " حديثا في فضل الحسين رضي الله عنه، ثم قال: فهذا كذب من الغلابي. قلت: وهذا الحديث كذلك، فهو الذي اختلقه، أوالكلبي الرافضي، فإنه ظاهر البطلان، لما تضمنه من تحريف الكلم عن مواضعه، وتأويل قوله تعالى: " والشجرة الملعونة في القرآن " بأن المراد بها بنوأمية، وإنما هي شجرة الزقوم كما في " صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنه: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، " والشجرة الملعونة " شجرة الزقوم. ومثل هذا الحديث في البطلان؛ ما روى ابن جرير الطبري قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة: حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد: حدثني أبي عن جدي قال: " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزوالقرود، فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات، قال: وأنزل الله في ذلك " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة " الآية ". وهذا السند ضعيف جدا كما قال الحافظ ابن كثير: فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك، وشيخه أيضا ضعيف بالكلية، ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، قال: لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، أي في الرؤيا والشجرة. هذا حال هذين الحديثين في الضعف بل البطلان، ومع ذلك، فإننا لا نزال نرى بعض الشيعة في العصر الحاضر يروون مثل هذه الأحاديث، ويحتجون بها على تكفير معاوية رضي الله عنه مثل المعلق على كتاب " أصول الكافي " للكليني المتعبد لغير الله، المسمى بعبد الحسين المظفر، فإنه كتب؛ بل سود صفحتين كاملتين في لعن معاوية وتكفيره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بموته على غير السنة، وأنه أمر بقتله، ساق (ص 23 - 24) في تأييد ذلك ما شاء له هواه من الآثار الموضوعة والأحاديث الباطلة، منها هذان الحديثان الباطلان، ولذلك بادرت إلى بيان حالهما نصحا لناس، وغالب الظن أن عبد الحسين هذا لا يعلم حال إسنادهما، ولئن علم فما يمنعه ذلك من الاحتجاج بهما مع بطلانهما لأن الغاية عند أمثاله تبرر الوسيلة، والغاية لعن معاوية وتكفيره ولوبالاعتماد على الأحاديث الموضوعة، والشيعة قد عرفوا بذلك منذ زمن بعيد كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه. وإنما رجحت أنه لا يعلم ذلك لأنني رأيت تعليقاته تدل على ذلك، فهاهو - مثلا - يقول في أول تعليق له على الكتاب وقد قال راويه عن الكليني: أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني: الذي يقول: أخبرنا هو أحد رواة " الكافي ".. أوالقائل هو المصنف رحمه الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 على عادة كثير من المؤلفين القدماء! فأين هذه العادة المزعومة، وهل يعقل في المؤلف الكليني مثلا، أن يقول عن نفسه: أخبرنا الكليني؟ ! ذلك مبلغه من العلم، وحق لمن ينصب العداء لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشري الإسلام في الأرض، أن يكون في تلك المنزلة من العلم! 1081 - " من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم، وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ، والمحكم من المتشابه، فقد هلك وأهلك ". باطل. رواه الكليني الشيعي في " أصول الكافي " (رقم 104 - طبعة النجف) ، قال: علي ابن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن داود بن فرقد عمن حدثه عن ابن شبرمة قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي، قال: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب أبو هـ على جده، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: قال المعلق عليه عبد الحسين المظفر الشيعي: ضعيف إسناده. يعني من أجل شيخ داود بن فرقد، فإنه لم يسم. قلت: وليس هذا فقط، فإن كل من دونه مجاهيل لا يعرفون لا عندنا ولا عندهم. فهذا داود بن فرقد أورده الطوسي في " الفهرست " ولم يزد في ترجمته على قوله (رقم 274) : له كتاب!، ويونس هو ابن عبد الرحمن مولى آل يقطن، قال الطوسي (789) : له كتب كثيرة، أكثر من ثلاثين كتابا، قال أبو جعفر بن بابويه: سمعت ابن الوليد رحمه الله يقول: كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة الحديث: 1081 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 يعتمد عليها، إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس، ولم يروه غيره فإنه لا يعتمد عليه، ولا يفتى به ". وأما محمد بن عيسى فهو ابن عبيد اليقطيني، فقد عرفت شيئا من حاله عندهم من الترجمة السابقة، وقال الطوسي في ترجمته (601) : ضعيف، استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجال " نوادر الحكمة " وقال: لا أروي ما يختص برواياته، وقيل: إنه كان يذهب مذهب الغلاة. وأما علي بن إبراهيم فهو ابن هاشم القمي قال الطوسي (370) : له كتب، منها كتاب التفسير و ... و ... أخبرنا بجميعها جماعة ومحمد بن علي ماجيلوبه عن علي بن إبراهيم إلا حديثا واحدا استثناه من " كتاب الشرائع " في تحريم لحم البعير، وقال: لا أرويه لأنه محال! وأورده الذهبي في " الميزان " وقال: رافضي جلد، له تفسير فيه مصائب. وأقره الحافظ ابن حجر في " اللسان ". وأما الكليني مؤلف " الأصول " فهو إمام عندهم، وقد ترجمه الطوسي فقال (591) : يكنى أبا جعفر، ثقة عارف بالأخبار، له كتب منها كتاب " الكافي " يشتمل على ثلاثين كتاب أوله كتاب العقل.. وآخره " كتاب الروضة "، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. قلت: وهو من رجال " لسان الميزان " ولم يوثقه، فكأنه مستور عنده، وكذلك صنع الذهبي في " سير النبلاء " فقال (10/124 - من المصورة) : شيخ الشيعة وعالم الإمامية صاحب التصانيف، وكان ببغداد وبها توفي سنة 328 وكتابه " الكافي " ينقسم إلى قسمين " أصول الكافي " و" فروع الكافي " وقد طبع كل منهما أكثر من مرة، وطبع الأول مع تعليقات عليه وتخريج بقلم عبد الحسين المظفر في النجف سنة (1376) ، وقفت على الجزء الأول والثاني منه فيهما (211) حديثا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 غالبه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكتابهم هذا " الكافي " له المنزلة الأولى من بين كتب الحديث الأربعة المعروفة عندهم، حتى لقد ذكر عبد الحسين المذكور في مقدمة التعليق (ص 13) أنه ورد فيه كما قيل عن إمامنا المنتظر عجل الله فرجه (!) : " الكافي كاف لشيعتنا " ومن المشهور عنهم أنه بمنزلة " صحيح البخاري " عندنا! بل صرح لي أحد دعاتهم وهو الشيخ طالب الرفاعي النجفي أنه أصح عندهم من البخاري!! وذكر أيضا في المقدمة المذكورة أن أحاديثه بلغت زهاء سبعة عشر ألف حديث! وفي هذا العدد من المبالغة والتهو يل على من درس أحاديث الكتاب وأمعن النظر في متونها، فقد تتبعت أحاديث الجزأين المذكورين البالغ عددها (211) ، فوجدت غالبا موقوفا على علي رضي الله عنه وبعض أهل بيته، كأبي عبد الله زين العابدين وأبي جعفر الباقر رضي الله عنهم أجمعين، والمرفوع منها نحو ثلاثة وعشرين حديثا خمسة منها في الجزء الأول، والباقي في الثاني، أي بنسبة عشرة في المائة تقريبا، وإليك أرقامها: (9 و11 و15 و25 و28 و35 و39 و44 و50 و57 و80 و87 و104 و107 و108 و115 و119 و127 و159 و161 و190 و199) . ولتعلم أيها القارئ الكريم مدى صحة قولهم أن هذا الكتاب أصح من " صحيح البخاري " أوعلى الأقل هو مثله عندهم، أذكر لك الحقيقة الآتية: وهي أن هذا العدد من الأحاديث المرفوعة، لا يثبت إسناد شيء منها لضعف رجالها، وانقطاع إسنادها، كما بينه المعلق عليه نفسه في تعليقه على كل حديث منها، حاشا الأحاديث (57، 80، 199) ، فقد قواها، وهي مع ذلك لا تثبت أمام النقد العلمي النزيه! وخذ هذه الشهادة الآتية، التي تبين لك بوضوح حقيقة ذلك القول، وهي من المعلق عبد الحسين فقد قال بعد ما ذكر عناية الشيعة بالكتاب شرحا واختصارا ونقدا (ص 19) : وكفاك لتعرف مدى العناية بنقده أنهم أحصوا ما يشتمل عليه من الأحاديث، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 فكان مجموعها (16.199) حديثا، ثم أحصوا ما فيه من أنواع الأحاديث من جهة التوثيق والتصحيح، فعدوا الأخبار الصحيحة فكانت (5073) أي أقل من الثلث، وعدوا الأخبار الضعيفة، فكانت (9485) أي أكثر من النصف، وذلك عدا الموثق والقوي والمرسل، فانظر إلى أي مدى بلغ نقده! فأقول: بخ بخ لكتابهم " الصحيح " وأكثر من نصف أحاديثه يعني المرفوعة والموقوفة على أئمتهم غير صحيح! يشهد بذلك أشد الناس تعصبا له، ودفاعا عنه! " وشاهد شاهد من أهلها ". وأنا إنما قدمت لك هذا الحديث، كمثال على تلك الأحاديث الضعيفة سندا، لتعلم أن فيها ما يقطع المبتدئ بهذا العلم الشريف ببطلانها متنا، فإن الألفاظ التي وردت فيه " الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه " هي كالألفاظ الأخرى التي اصطلح عليها أهل العلم، مثل " العام والخاص، والمطلق والمقيد " ونحوها مما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لهي أكبر دليل على أنه حديث باطل موضوع، لم يقله صلى الله عليه وسلم، ولا حدث به جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما، ولا رواه ابن شبرمة، فإنه ثقة فقيه، وهو أتقى من أن يروي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاق بعض من دونه من الشيعة من الضعفاء والمجهولين، وفيهم بعض الغلاة والرافضة كما تقدم. وكأن واضع هذا الحديث عامله الله بما يستحق وضعه ليمهد به لقبول الطعن في أبي حنيفة الإمام رحمه الله تعالى باعتباره أنه يكثر من استعمال القياس، فقد روى الكليني في كتابه (رقم 166 و170) بإسنادين له عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم أنه قال: لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت أنا، وقالت الصحابة، وقلت، وقد حسن أحد إسناديه المعلق عليه عبد الحسين، وهو غير حسن لأن الكليني رواه عن شيخه علي بن إبراهيم وهو القمي الذي روى حديث تحريم لحم البعير الذي حكم الطوسي الشيعي عليه بأنه محال كما سبق في ترجمته قريبا (ص 198) ، وهذا يرويه عن أبيه إبراهيم وهو ابن هاشم القمي، وهو مجهول الحال أورده الطوسي في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 " الفهرست " (رقم 6) ثم الحافظ في " اللسان " ولم يذكرا فيه توثيقا. وهذا يرويه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم. ومحمد بن حكيم مجهول العين، ليس له ذكر عندنا أصلا، ولما أورده الطوسي برقم (633 و666) لم يزد على قوله: له كتاب! بمثل هذا السند يروي الشيعة عن أئمة أهل البيت الطعن بل اللعن في أئمة المسلمين، فإذا أنكرنا أن يصدر ذلك عن أحد من عامة أهل البيت فضلا عن أئمتهم، قالوا: بلى ذلك مروي عندنا عنهم، فإذا قلنا: " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " وجموا! وليس ذلك غريبا منهم، ما داموا أنهم لا يتورعون عن الجهر بتكفير معاوية رضي الله عنه، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله، ولا عن تفسيق كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم، وقد سمعت ذلك من بعضهم، ثم هم مع ذلك كله يتظاهرون بالدعوة إلى التفاهم والتقارب، فهلا تركوا للصلح مجالا؟ ! 1082 - " من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى بن مريم فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ ربا غيري ". باطل. رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (265/1 - 2) : حدثنا محمد ابن الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد: حدثنا إسماعيل ابن أبي إدريس: حدثنا مالك بن أنس: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا حديث باطل، المتهم به شيخ الكلاباذي محمد بن الحسن، أوشيخه الحسين بن محمد بن أحمد، فقد جاء في " الميزان ": محمد بن الحسن بن علي بن راشد الأنصاري، عن وراق الحميدي، فذكر حديثا موضوعا في الدعاء عند الملتزم، وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد عليه فقال: الحديث: 1082 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 ووجدت في " كتاب معاني الأخبار " للكلاباذي خبرا موضوعا. ثم ذكره بإسناد كما نقلناه عنه، إلا أنه وقع فيه عنده تحريف في بعض الأسماء، وقال عقبه مشيرا إلى الأنصاري هذا الذي ترجمه الذهبي: وقد غلب على ظني أنه هذا، وشيخه ما عرفته بعد البحث عنه. وقال في ترجمة شيخه الحسين بن محمد بن أحمد: عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بخبر باطل مضى ذكره قفي ترجمة محمد بن الحسن ابن علي بن راشد. وقوله: " مضى " سبق قلم منه رحمه الله، والصواب: " يأتي " كما هو ظاهر، وقول المصحح في تعليقه على " اللسان ": هكذا في الأصل، ولكن كيف يمكن مضيه من قبل، ولم يأت إلى الآن من اسمه محمد؟ ! فلعله تصحيف اسم آخر. وأقول: لا تصحيف، ولورجع إلى ترجمة محمد بن الحسن، لوجد فيها الحديث المشار إليه، ولعلم أن الخطأ في قوله " مضى "، والله أعلم. واعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي، ونزول عيسى، وبالقدر خيره وشره، كل ذلك واجب الإيمان به، لثبوته في الكتاب والسنة، ولكن ليس هناك نص في أن " من أنكر ذلك فقد كفر "، ومن أجل هذا أوردت الحديث وبينت وضعه، وهو ظاهر الوضع، وكأنه من وضع بعض المحدثين أوغيره من الجهلة، وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء والمعتزلة، ولن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والافتراء على الله تعالى، فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل. والتكفير ليس بالأمر السهل، نعم من أنكر ما ثبت من الدين بالضرورة بعدما قامت الحجة عليه، فهو الكافر الذي يتحقق فيه حقيقة معنى كفر، وأما من أنكر شيئا لعدم ثبوته عنده، أولشبهة من حيث المعنى، فهو ضال، وليس بكافر مرتد عن الدين شأنه في ذلك شأن من ينكر أي حديث صحيح عند أهل العلم، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 1083 - " إذا حدثتم عني حديثا يوافق الحق فخذوا به، حدثت به أولم أحدث به ". موضوع. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 9) والهروي في " ذم الكلام " (4/78/2) وابن حزم في " الأحكام " (2/78) من طريق أشعث بن براز عن قتادة عن عبد الله ابن شقيق عن أبي هريرة مرفوعا، وقال العقيلي: ليس بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد يصح، وللأشعث هذا غير حديث منكر. وقال ابن حزم عقبه: كذاب ساقط، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي وذكر كلامه المتقدم وزاد: وقال يحيى: هذا الحديث وضعته الزنادقة، وقال الخطابي: لا أصل له، وروي من حديث يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان، ويزيد مجهول، وأبو الأشعث لا يروي عن ثوبان. وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1/213) بقوله: قلت: هذا الطريق أخرجه (هنا بياض في الأصل) وقول المؤلف أن يزيد مجهول مردود، فإنه له ترجمة في " الميزان " وقد ضعفه الأكثر، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال أبو مسهر: كان يزيد بن ربيعة فقيها غير متهم، ما ينكر عليه أنه أدرك أبا الأشعث، ولكن أخشى عليه سوء الحفظ والوهم، وقوله: إن أبا الأشعث لا يروي عن ثوبان مردود، فقد روى أبو النضر: حدثنا يزيد بن ربيعة: حدثنا أبو الأشعث الصنعاني قال: سمعت ثوبان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قبل الجبار فيثني رجله على الجسر ". الحديث. قلت: في " الميزان " جملة حذفها السيوطي، وليس ذلك بجيد، لا سيما وهي تخالف ما يتجه إليه من تمشية حال يزيد هذا، فقال الذهبي: وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، وأما ابن عدي فقال: أرجو أنه لا بأس به. الحديث: 1083 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 وفيه إشعار بأن الذهبي لم يتبن قول ابن عدي هذا، ويؤيده أنه أورد المترجم في " الضعفاء " وقال: قال البخاري: أحاديثه منكرة، وقال النسائي: متروك. وقد ساق له في " الميزان " أحاديث مما أنكر عليه، هذا أحدها، ثم قال فيه: منكر جدا. ثم ذكر السيوطي للحديثين ثلاث طرق أخرى عن أبي هريرة أحدها واه جدا، والثاني معلول، والثالث ضعيف مع أنه أخطأ في سنده فلابد من سوقها لبيان حقيقة أمرها. 1084 - " لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث، وهو متكيء على أريكته فيقول: أقرأ قرآنا! ما قيل من قول حسن فأنا قلته ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (21) : حدثنا علي بن المنذر: حدثنا محمد بن الفضيل: حدثنا المقبري عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، رجاله كلهم ثقات غير المقبري، وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال البخاري: تركوه، وكذا قال الذهبي في " الضعفاء ". نحوه قول الحافظ في " التقريب ": متروك، وقال يحيى بن سعيد: جلست إليه مجلسا فعرفت فيه الكذب. قلت: وهذا الحديث لم يورده البوصيري في " الزوائد " مع أنه على شرطه، فكأنه ذهل عنه، ولذلك لم يتكلم عليه أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه! ولا محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه عليه! وذكره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1/314) شاهدا لحديث ابن بزار المتقدم، وتبعه على ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/624) ساكتين عليه، ولا يخفى أن حديث مثل هذا المتهم بالكذب لا يصح شاهدا، إنما يصلح لذلك العدل السيئ الحفظ الذي لم يكثر خطؤه ولم يتهم، الحديث: 1084 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 كما هو معلوم في " المصطلح ". وجد المقبري هو ابن سعيد كما سبق وهو ثقة، وقد روى عن أبيه سعيد بن أبي سعيد بإسناد أصلح من هذا وهو معلوم، وهو: 1085 - " إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولا تنكرونه، قلته أولم أقله فصدقوا به، فإني أقول ما يعرف ولا ينكر، وإذا حدثتم بحديث تنكرونه ولا تعرفونه، فكذبوا به، فإني لا أقول ما ينكر، ولا يعرف ". ضعيف. أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (9/218/1) والدارقطني في " سننه " (ص 513) والخطيب في " تاريخ بغداد " (11/391) والهروي في " ذم الكلام " (4/78/2) وكذا أحمد كما في " المنتخب " (10/199/2) لابن قدامة، وليس هو في " المسند " كلهم عن يحيى بن آدم: حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري (زاد الدارقطني والخطيب: عن أبيه) عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال الهروي: لا أعرف علة هذا الحديث، فإن رواته كلهم ثقات، والإسناد متصل. قلت: قد عرف علته وكشف عنها الإمام البخاري رحمه الله تعالى، ثم أبو حاتم الرازي، فقال الأول في " التاريخ الكبير " (2/1/434) : وقال ابن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه "، وقال يحيى: عن أبي هريرة وهو وهم ليس فيه أبو هريرة، يعني أن الصواب في الحديث الإرسال، فهو علة الحديث. فإن قيل: كيف هذا ويحيى بن آدم ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين "، وقد وصله بذكر أبي هريرة فهي زيادة من ثقة فيجب قبولها؟، فأقول: نعم هو ثقة كما ذكرنا، ولكن هذا مقيد بما إذا لم يخالف من هو أوثق منه وأحفظ، أوالأكثر منه عددا، وفي صنيع البخاري السابق ما يشعرنا بذلك، وقد أفصح عنه بعض المحدثين فقال ابن شاهين في " الثقات ": الحديث: 1085 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 قال يحيى بن أبي شيبة: ثقة صدوق ثبت حجة ما لم يخالف من هو فوقه مثل وكيع وقد خالف هنا ابن طهمان واسمه إبراهيم كما سبق، وهو ثقة محتج به في " الصحيحين "، ولا أقول إنه فوق يحيى، ولكن معه جماعة من الثقات تابعوه على إرساله، وذلك ما أعل به الحديث الإمام أبو حاتم، فقال ابنه في " العلل " (2/310/3445) : سمعت أبي وحدثنا عن بسام بن خالد عن شعيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بلغكم عني حديث حسن يحسن بي أن أقوله فأنا قلته، وإذا بلغكم عني حديث لا يحسن بي أن أقوله فليس مني ولم أقله ". قال أبي: هذا حديث منكر، الثقات لا يرفعونه. يعني لا يجاوزون به المقبري، ولا يذكرون في إسناده أبا هريرة، وإنما تأولت كلامه بهذا لأمرين: الأول: ليوافق كلام البخاري المتقدم فإنه صريح في ذلك. والآخر: أن تفسير كلامه على ظاهره مما لا يعقل قصده من مثله، لأنه والحالة هذه لا طائل من إعلاله بالوقف، فإن صيغته تنبىء عن أن الحديث مرفوع معنى، صدر ممن كلامه تشريع، ولأن المعنى حينئذ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال هذا الكلام وصح ذلك عنه! فهل يعقل أن يقول هذا مسلم فضلا عن هذا الإمام؟ ! فإن قيل: فقد تابع يحيى بن آدم على وصله شعيب بن إسحاق هذا وهو ثقة محتج به في " الصحيحين " أيضا، فلم لا يرجح الوصل على الإرسال؟ قلت: ذلك لأن الطريق إلى شعيب غير صحيح، فإن بسام بن خالد الراوي عنه غير معروف، فقد أورده الذهبي في " الميزان " ثم العسقلاني في " اللسان "، ولم يزيدا في ترجمته على أن ساقا له هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم وكلام أبيه فيه! وأما قول الشيخ المحقق العلامة المعلمي اليماني فيما علقه على " الفوائد المجموعة " للشوكاني (ص 280) في بسام هذا: صوابه: هشام، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 فكان يمكن أن يكون كذلك لولا أن الذهبي والعسقلاني نقلاه كما وقع في المطبوعة من " العلل " إلا أن يقال: إن نسخة الشيخين المذكورين فيها خطأ، وهو بعيد جدا. 1086 - " لا أعرفن أحدا منكم أتاه عني حديث وهو متكيء في أريكته فيقول: اتلوا به علي قرآنا! ما جاءكم عني من خير قلته أولم أقله فأنا أقوله، وما أتاكم من شر فإني لا أقول الشر ". ضعيف. أخرجه أحمد (2/483) والبزار (رقم 126 كشف الأستار) عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل أبي معشر، واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف، أسن واختلط. وقال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (7/2) : لم يكن قويا في الحديث. وقال الهيثمي في " المجمع " (1/154) : رواه أحمد والبزار، وفيه أبو معشر نجيح ضعفه أحمد وغيره، وقد وثق ". قلت: وقد تابعه المقبري، وهو عبد الله بن سعيد، أخرجه ابن ماجه (رقم 21) نحوه وهو متهم، وقد تقدم حديثه قريبا برقم (1084) . تنبيه: أورد السيوطي هذا الحديث في " اللآليء " (1/213 - 214) من رواية أحمد بإسناد آخر له عن أبي هريرة، وذلك من أوهام السيوطي رحمه الله، تبعه الشوكاني في " الفوائد المجموعة " (ص 279) ولم يتنبه له ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/264) ، فإنه لا أصل له بالإسناد المشار إليه، لا في " المسند "، ولا في غيره، وإنما روى أحمد (2/366) به حديثا آخر متنه: " المؤمن القوي خير وأفضل وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل الحديث: 1086 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 خير.. " الحديث وهو صحيح مخرج في " ظلال الجنة " (356) . وجملة القول: أن هذه الأحاديث الأربعة عن أبي هريرة ليس فيها شيء يصح، وهي تدور على ثلاث طرق عنه، فالأوليان منها ليس لها إلا إسناد واحد، وفيها متهم ومتروك، والأخرى لها ثلاثة أسانيد، تدور كلها على سعيد بن أبي سعيد المقبري وهي كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض كما سبق بيانه، ولهذا قال الشوكاني في " الفوائد " عقب هذه الطرق (281) : وبالجملة، فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، مع أنه لم يكن في إسناد أحمد، ولا في إسناد ابن ماجه من يتهم بالوضع، فالله أعلم، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته. قلت: وما ذكره في إسناد ابن ماجه غير مسلم، فإن فيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو متهم كما تقدم. وأقول: ومن الممكن إعلال الطريق الخرى بسعيد بن أبي سعيد نفسه، فإنه وإن كان ثقة ومن رجال الشيخين فقد كان اختلط كما ذكر غير واحد من الأئمة منهم ابن سعد ويعقوب بن شيبة، وكذا ابن حبان فقال في كتابه " الثقات " (1/63) : وكان اختلط قبل أن يموت بأربع سنين. وقول الذهبي: شاخ ووقع في الهرم ولم يختلط. فلا أدري ما وجهه بعد أن ثبت اختلاطه من ذكرنا من العلماء والمثبت مقدم على النافي؟ ! وكذلك قوله: ما أحسب أن أحدا أخذ عنه في الاختلاط، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل فلم يحمل عنه، فهذا مما لا دليل عليه إلا الظن، والحق أن مثل سعيد هذا ينتقى حديثه، فلا يقبل كله، ولا يطرح كله، وما أظن الشيخين أخرجا له إلا على هذا النهج، إن كان ثبت عندهما اختلاطه. وقد روي الحديث عن غير أبي هريرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن طرقها مما لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 تقوم الحجة بها أيضا، وإليك بيانها: 1087 - " إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث، فاعرضوا حديثهم على القرآن، فما وافق القرآن فخذوا به، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (513) والهروي في " ذم الكلام " (78/2) عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وأعله الدارقطني فقال: هذا وهم، والصواب عن عاصم عن زيد، عن علي بن الحسين مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وأبو بكر بن عياش وإن كان من رجال البخاري ففي حفظه ضعف، ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. الحديث: 1087 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 1088 - " سيفشوعني أحاديث، فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله، واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/194/2) : حدثنا علي بن سعيد الرازي: أخبرنا الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي: أخبرنا قتادة بن الفضيل عن أبي حاضر عن الوضين بن سالم عن عبد الله عن عبد الله بن عمر مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف وفيه علل: الأولى: الوضين بن عطاء فإنه سيىء الحفظ. الثانية: قتادة بن الفضيل، قال الحافظ في " التقريب ": مقبول، يعني عند المتابعة. الثالثة: أبو حاضر هذا أورده الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان " في " باب الكنى " ولم يسمياه، وقالا: الحديث: 1088 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 عن الوضين بن عطاء، مجهول. قلت: فليس هو المسمى عثمان بن حاضر المترجم في " التهذيب "، فإنه تابعي يروي عن العبادلة وغيرهم، ولا هو المسمى عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون الذي أورده ابن حبان في " الثقات " (2/173) وقال: يروي عن رجل عن ابن عباس، عداده في أهل الشام، روى عنه أهلها، كنيته أبو حاضر. وكذا في " الجرح والتعديل " (2/2/359) إلا أنه قال: روى عنه عيسى بن يونس. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما قول الهيثمي في " المجمع " (1/170) : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث. ففيه نظر، فقد علمت أن أبا حاضر هذا من أتباع التابعين، وأما المترجم فهو من أتباع أتباعهم، ثم هو قد أخذ قوله: منكر الحديث من " الميزان " و" اللسان "، وهما ذكراه في ترجمة " عبد الملك به عبد ربه الطائي "، فهل الطائي هذا هو أبو حاضر عبد الملك؟ ذلك ما لا أظنه، والله أعلم. الرابعة: الزبير بن محمد الرهاوي، فإني لم أجد له ترجمة. 1089 - " ستبلغكم عني أحاديث، فاعرضوها على القرآن، فما وافق القرآن فالزموه، وما خالف القرآن فارفضوه ". ضعيف جدا. أخرجه الهروي في " ذم الكلام " (78/2) عن صالح المري: حدثنا الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف مرسل، الحسن هو البصري. وصالح المري هو ابن بشير وهو ضعيف جدا، أورده الذهبي في " الضعفاء ": قال النسائي وغيره: متروك. الحديث: 1089 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وقال الحافظ في " التقريب ": ضعيف. 1090 - " ما حدثتم عني مما تعرفونه فخذوه، وما حدثتم عني مما تنكرونه، فلا تأخذوا به، فإني لا أقول المنكر، ولست من أهله ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب في " الكفاية " (430) عن سليم أبي مسلم المكي وهو ابن مسلم عن يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته سليم المكي وهو الخشاب، قال ابن معين: جهني خبيث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئا. الحديث: 1090 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 1091 - " من حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله عز وجل له: لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك ". ضعيف. رواه ابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (192/1 - 2) ومن طريقه الأصبهاني في " الترغيب " (ص 274 ـ مصورة الجامعة الإسلامية) وابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/59/1) عن الدجين بن ثابت اليربوعي: أخبرنا أسلم مولى عمر ابن الخطاب عن عمر بن الخطاب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الدجين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: لا يحتج به. وقال في " الميزان ": الحديث: 1091 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني وغيره: ليس بالقوي. وذكر المنذري في " الترغيب " (2/114) أن الأصبهاني رواه يعني في " الترغيب " من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا. ذكره عقب الحديث الآتي وأشار إلى تضعيفهما. 1092 - " من أم هذا البيت من الكسب الحرام، شخص في غير طاعة الله، فإذا أهل ووضع رجله في الغرز أوالركاب وانبعثت به راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، كسبك حرام، وزادك حرام، فارجع مأزورا غير مأجور، وأبشر بما يسوؤك، وإذا خرج الرجل حاجا بمال حلال، ووضع رجله في الركاب، وانبعثت به راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، قد أجبتك، راحلتك حلال، وثيابك حلال، وزادك حلال، فارجع مأجورا غير مأزور، وأبشر بما يسرك ". ضعيف جدا. رواه البزار في " مسنده " (رقم - 1079) من طريق سليمان بن داود: حدثنا يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به وقال: الضعف بين على أحاديث سليمان ولا يتابعه عليها أحد، وهو ليس بالقوي! وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/210) : رواه البزار وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الميزان ": قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقد مر معنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل رواية حديثه، وقال ابن حبان: ضعيف، وقال آخر: متروك. الحديث: 1092 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 وقال في " الضعفاء ": ضعفوه. والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (2/114) عن أبي هريرة بنحوه مع تقديم الحاج بالمال الحلال على الحاج بالمال الحرام، وقال: رواه الطبراني في (الأوسط) ، وأشار إلى ضعفه. قلت: وهو عنده (رقم - 5361) من طريق اليمامي المذكور. 1093 - " يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي للنزهة، وأوساطهم للتجارة وقراؤهم للرياء والسمعة، وفقراؤهم للمسألة ". ضعيف. أخرجه الخطيب (10/296) ومن طريقه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/64/1 - 2) : حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن السرخسي - قدم علينا الحج - قال: حدثنا إسماعيل بن جميع، قال: حدثنا مغيث بن أحمد عن فرقد السبخي، كذا وفي " المنهاج " مغيث بن أحمد البلخي قال حدثني سليمان بن عبد الرحمن عن مخلد بن عبد الرحمن الأندلسي عن محمد بن عطاء الدلهي ليس في " المنهاج " الدلهي عن جعفر ابن سليمان قال: حدثنا ثابت عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم، كل من دون جعفر بن سليمان لم أجد له ترجمة، سوى شيخ الخطيب عبد الرحمن بن الحسن، فإنه أورده في " تاريخه " وساق له هذا الحديث، ولم يزد! والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (3/76/1 9 من رواية الخطيب والديلمي. الحديث: 1093 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 1094 - " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ". ضعيف. رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (97/1) : أخبرنا أنيس أخبرنا إسماعيل ابن إبراهيم الترجماني حدثنا داود بن الزبرقان عن سعيد عن قتادة عن زرارة الحديث: 1094 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 بن أبي أوفى عن عمران بن حصين. ومن طريق أبي سعيد رواه القضاعي (85/1) وقال: أنيس أبو عمرو المستملي. ورواه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/187/1) من طريق ابن أبي الدنيا، وابن عدي (128/2) ومن طريقه البيهقي في " السنن " (10/199) من طريق أخرى عن الترجماني به، وقال: تفرد برفعه داود بن الزبرقان، قال ابن عدي: وعامة ما يرويه مما لا يتابعه أحد عليه. قلت: وهو ضعيف جدا، قال أبو داود: ضعيف ترك حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: كذاب. وفي " التقريب ": متروك، وكذبه الأزدي. قلت: وقد خولف في إسناده، فأخرجه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء: أنبأ سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف عن عمران أنه قال: فذكره موقوفا عليه وقال: هذا هو الصحيح موقوف. قلت: وكذلك رواه شعبة عن قتادة به موقوفا عليه، ولفظه: قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صحبت عمران بن حصين إلى البصرة فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه الشعر، وقال: فذكره. رواه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 885) ، وقال ابن الجوزي: ورواه أبو عوانة عن قتادة عن مطرف فوقفه، وهو الأشبه. قلت: ورواه البيهقي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه، والغزالي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 مع تساهله فقد أورد الحديث في " الإحياء " (9/44) طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية موقوفا عن عمر وغيره. ثم رأيته مرفوعا من طريق أخرى، فقال ابن السني في " عمل اليوم والليلة " 322) : أخبرنا محمد بن جرير الطبري: حدثنا الفضل بن سهل الأعرج: حدثنا سعيد بن أوس: حدثنا شعبة (1) عن قتادة به مرفوعا. قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير الفضل بن سهل الأعرج، قال ابن أبي حاتم (3/2/63) : سئل أبي عنه فقال: صدوق. لكن سعيدا هذا، قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، فلا يطمئن القلب لمخالفته لمثل شعبة ومن معه ممن أوقفه. والحديث مما سود به الشيخ نسيب الرفاعي كتابه الذي سماه " تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير، فإنه رغم تنصيصه في مقدمته أنه التزم فيه أن لا يورد فيه الأحاديث الضعيفة التي وقعت في أصله: " تفسير ابن كثير "، فقد ذكر في كتابه هذا عشرات الأحاديث الضعيفة والمنكرة، وسيأتي التنبيه على بعضها إن شاء الله تعالى، وهذا أحدها (3/465) ، وتقدم بعض آخر منها. 1095 - " يا بلال! غن الغزل ". باطل لا أصل له. ولعله في بعض كتب الأدب التي تروي ما هب ودب من مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني " الأغاني "! فقد أورد هذا الحديث مؤلفوا كتاب " التربية الموسيقية " (ص 65 - طبع سنة 1964 - 1965) دون أن يعزوه إلى كتاب!   (1) كذا الأصل، وأظنه تصحيفا، والصواب " سعيد " وهو ابن أبي عروبة، فإنه الذي في شيوخ سعيد بن أوس. اهـ. الحديث: 1095 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 1096 - " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما، ولا تجعلها مغرما ". الحديث: 1096 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 موضوع. رواه ابن ماجه (رقم 1797) وابن عساكر (7/225/2) عن البختري متفق على ضعفه. وقال المناوي في " فيض القدير ": قال في الأصل: وضعف، وذلك لأن فيه سويد بن سعيد قال أحمد: متروك. قلت: إنما علة الحديث البختري هذا، فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عنه فانتفت التهمة عن الوليد وسعيد وانحصرت في البختري وهو متهم، فقد قال أبو نعيم: روى عنه أبيه عن أبي هريرة موضوعات. وكذا قال الحاكم والنقاش، وقال ابن حبان: ضعيف ذاهب، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد وليس بعدل، فقد روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب. وقال الأزدي: كذاب ساقط. 1097 - " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ". ضعيف. أخرجه الإمام أحمد، قال (2/541) : حدثنا عصام بن خالد: حدثنا حريز، وفي الأصل: جرير وهو تصحيف عن شبيب أبي روح أن أعرابيا أتى أبا هريرة فقال: يا أبا هريرة! حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن، وقال المغيرة (1) : من قبل المغرب، ألا إن الكفر والفسوق وقسوة القلب في الفدادين   (1) لم أدر من المغيرة هذا؟ وليس له ذكر في سند الحديث. اهـ الحديث: 1097 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 أصحاب الشعر والوبر، الذين يغتالهم الشياطين على أعجاز الإبل ". وأورده الهيثمي في " المجمع " (10/56) من رواية أحمد إلى قوله: " من قبل اليمن " ثم قال: " ورجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة ". ومثله قول شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1/92) : " رواه أحمد، ورجاله ثقات ". قلت: في النفس من شبيب شيء، فإنه يصرح بتوثيقه أحد غير ابن حبان (1/86) ، وقول أبي داود: " شيوخ حريز كلهم ثقات " ليس نصا في توثيقه لشبيب بالذات، لاحتمال أن أبا داود لم يعلم أولم يخطر في باله حين قال ذلك أن شبيبا من شيوخ حريز، وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/1/358) ولم يحك فيه جرحا ولا توثيقا، ولعله لذلك قال ابن القطان: " شبيب لا تعرف له عدالة ". وأيضا فقد روى الحديث جماعة من التابعين الثقات عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم فيه هذه الجملة " وأجد نفس ربكم من قبل اليمن "، أخرجه كما ذكرنا الشيخان في " صحيحيهما " وأحمد (2/235 و252 و258 و267 و269 و277 و372 و380 و407 و425 و457 و474 و480 و484 و488 و502 و541) فهي عندى منكرة، أو على الأقل شاذة. (تنبيه) : أورد الحديث الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " وقال (1/217) : " قال العراقي: لم أجد له أصلا "! قلت: ينافي ما نقلته عن كتابه " التخريج " فالله أعلم بصحة نقل العجلوني عنه. 1098 - " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، العلم علم باللسان وعلم بالقلب، فأما علم القلب فالعلم النافع، وعلم اللسان حجة الله على بني آدم ". الحديث: 1098 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 موضوع. رواه ابن النجار في " الذيل " (10/88/2) عن عبد السلام بن صالح: حدثنا يوسف ابن عطية: حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد هالك، يوسف بن عطية وهو الصفار الأنصاري قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدولابي: " متروك الحديث ". زاد النسائي: " وليس بثقة ". وعبد السلام بن صالح، وهو أبو الصلت الهروي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة، وقال ابن عدي: متهم. وقال غيره: رافضي ". قلت: وقد رواه بعض الضعفاء عن الحسن موقوفا عليه. أخرجه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " (رقم 93 بتحقيقي) من طريق جعفر بن سليمان: نا زكريا قال: سمعت الحسن يقول: " إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ". وهذا سند ضعيف من أجل زكريا هذا وهو ابن حكيم الحبطي، قال الذهبي في " الميزان ": " هالك ". وأقره الحافظ في " اللسان ". لكن قال المناوي في " الفيض " تحت قول السيوطي: " رواه ابن النجار والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس ": " قال العلائي: حديث منكر، تفرد به عبد السلام بن صالح العابد، قال النسائي متروك. وقال ابن عدي: مجمع على ضعفه، وقد روي معناه بسند جيد عن الحسن من قوله. وهو الصحيح. إلى هنا كلامه، وبه يعرف أن سكوت المصنف عليه لا يرضى " قلت: فلعل العلائي وقف على سند آخر لهذا الأثر عن الحسن؛ ولذلك جوده. والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 1099 - " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد، أكثر مما يصوم من الأيام، ويقول: إنهما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم ". ضعيف. أخرجه أحمد (6/324) وابن خزيمة (2167) وابن حبان (941) والحاكم (1/436) وعنه البيهقي (4/303) من طريق عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: حدثنا أبي عن كريب أنه سمع أم سلمة تقول: فذكره. وقال الحاكم: " إسناده صحيح ". ووافقه الذهبي. قلت: وفي هذا نظر؛ لأن محمد بن عمر بن علي ليس بالمشهور، وقد ترجمه ابن أبي حاتم (4/1/18/81) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته! وأورده الذهبي في " الميزان " وقال: " ما علمت به بأسا، ولا رأيت لهم فيه كلاما، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة ". ثم ذكر له حديثا رواه النسائي ثم قال: " وأورده عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه الوسطى "، وقال: إسناده ضعيف. وقال ابن القطان: هو كما ذكر ضعيف، فلا يعرف حال محمد بن عمر. ثم ذكر له بعد حديث كريب عن أم سلمة (قلت: فساق هذا ثم قال:) أخرجه النسائي، قال ابن القطان: فأرى حديثه حسنا. يعني لا يبلغ الصحة ". قلت: فأنت ترى أن ابن القطان تناقض في ابن عمر هذا، فمرة يحسن حديثه، ومرة يضعفه، وهذا الذي يميل القلب إليه لجهالته، لا سيما وحديثه هذا مخالف بظاهره لحديث صحيح ولفظه: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة، أو عود شجرة فليمضغه ". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، وإسناده الحديث: 1099 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 صحيح، بل له طريقان آخران صحيحان، كما بينته في " الإرواء " (رقم 960) . وفيه علة أخرى، وهي أن عبد الله بن محمد بن عمر حاله نحو حال أبيه، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال ابن المديني: " وسط ". وقال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ولم يتابع في هذا الحديث، فهو لين. ولم أكن قد تنبهت لهذه العلة في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة "، فحسنت ثمة إسناده، والصواب ما اعتمدته هنا. والله أعلم. 1100 - " فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وكانت زوجته عونا له على خطيئته ". موضوع. أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " (ق 233/1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (3/331) والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج2 باب ما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر: حدثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو جعفر هذا، وهو القلانسي البغدادي، قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: كذاب. فمن أباطيله ... " قلت: فذكر له أحاديث هذا أحدها. قلت: إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني وغيره. وقال ابن عدي: " عامة حديثه منكر المتن والسند ". وقال أبو حاتم: " شيخ ". الحديث: 1100 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 وقال ابن معين: " كذاب خبيث ". كذا في " الميزان ". قلت: وقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورد فيه هذا الحديث الباطل من رواية البيهقي وحده في " الدلائل "، فتعقبه المناوي بالقلانسي وقول الذهبي فيه. وفاتته العلة الأخرى وهي ابن صرمة هذا. وأما في " التيسير " فقال: " وفيه كذاب ". 1101 - " أعلم الناس من يجمع علم الناس إلى علمه، وكل صاحب علم غرثان ". ضعيف. رواه أبو يعلى في " مسنده " (120/2) وعنه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/121) عن مسعدة بن اليسع عن شبل بن عباد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أي الناس أعلم؟ قال: من جمع ... ". قلت: وهذا إسناد موضوع آفته مسعدة هذا، قال الذهبي في " الميزان ": " هالك، كذبه أبو داود، وقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه منذ دهر ". وقال ابن أبي حاتم (4/1/371) : " سألت أبي عنه فقال: هو ذاهب منكر الحديث لا يشتغل به، يكذب على جعفر بن محمد ". قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه الصغير "، وتعقبه المناوي بقول الهيثمي (1/162) : " فيه مسعدة بن اليسع وهو ضعيف جدا ". قلت: وعليه فقوله في " التيسير ": " وإسناده ضعيف ". يخالف ما نقله عن الهيثمي وأقره عليه كما يخالف حال راويه مسعدة. الحديث: 1101 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 نعم قد وجدت له متابعا قويا يمنع من الحكم على الحديث بالوضع وإن كان مرسلا، فقال الدارمي في " سننه " (1/86) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: نا يحيى بن أبي بكير: نا شبل عن عمرو بن دينار عن طاووس قال: قيل: يا رسول الله! أي الناس أعلم؟ الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري،؛ ولكنه مرسل. 1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/170/1 - 2) عن عيسى بن المساور: حدثنا سويد ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال: " لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد: متروك الحديث ". وقال في " الميزان ". " هو واه جدا ". وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وأشار المنذري في " الترغيب " (3/79) إلى أن الحديث حسن أو قريب من الحسن؛ فلا تغتر به. الحديث: 1102 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 1103 - " لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. يعني أهل الذمة ". باطل لا أصل له. وقد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة، على ألسنة الحديث: 1103 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 كثير من الخطباء والدعاة والمرشدين، مغترين ببعض الكتب الفقهية، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي، فقد جاء فيه، في آخر " البيوع ": " وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث، فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم ". فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه ": نصب الراية " (4/55) : " لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، وهو في " كتاب الزكاة "، وحديث بريدة وهو في " كتاب السير "، وليس فيهما ذلك ". ووافقه الحافظ في " الدراية " (ص 289) . قلت: فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث. وهو يعني - والله أعلم - حديث ابن عباس؛ وهو الذي إليه الزيلعي: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم.. " الحديث. وهو متفق عليه. فليس فيه - ولا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية ". بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله.. فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين ". وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (299) . فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة: " لهم ما لنا، وعليهم ما علينا ". ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم، وإنما هم الذين أسلموا منهم، ومن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 غيرهم من المشركين! وهذا هو المعروف عند السلف، فقد حدث أبو البختري: " أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال: دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فأتاهم سلمان، فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ترون العرب يطيعونني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم، تركناكم عليه، وأعطونا الجزية عن يد، وأنتم صاغرون.. ". أخرجه الترمذي وقال: " حديث حسن " وأحمد (5/440 و441 و444) من طرق عن عطاء بن السائب عنه. ولقد كان هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الموضوعة والواهية سببا لتبني بعض الفقهاء من المتقدمين، وغير واحد من العلماء المعاصرين، أحكاما مخالفة للأحاديث الصحيحة، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين، فيقتل المسلم بالذمي، وديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في حديث سبق برقم (458) ، وذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين! وهذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من الخطباء والمرشدين يرددونه في خطبهم، يتبجحون به، ويزعمون أن الإسلام سوى بين الذميين والمسلمين في الحقوق، وهم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحببت بيان ذلك، حتى لا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل! ونحوه ما روى أبو الجنوب قال: قال علي رضي الله عنه: " من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديتنا ". أخرجه الشافعي (1429) والدارقطني (350) وقال: " وأبو الجنوب ضعيف ". وأورده صاحب " الهداية " بلفظ: " إنما بذلوا الجزية، لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 وهو مما لا أصل له، كما ذكرته في " إرواء الغليل " (1251) . 1104 - " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه، فليعد لها. يعني الصلاة ". منكر. أخرجه أبو داود (944) والطحاوي (1/263) والدارقطني (195 - 196) وعنه البيهقي (2/262) من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس عن أبي غطفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو داود: " هذا الحديث وهم ". وقال الدارقطني: " قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان رجل مجهول، ولعل الحديث من قول ابن إسحاق، والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني: رواه ابن عمر وعائشة أيضا ". قلت: أبو غطفان قد وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات، ولم يقل فيه مجهول غير ابن أبي داود، فهو ثقة كما قال الحافظ في " التقريب ". وإنما علة الحديث ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه. ومن الغرائب قول الزيلعي في " نصب الراية " (2/90) : " حديث جيد "! مع أنه حكى عن ابن الجوزي أنه أعله في " التحقيق " بهذه العلة، والتي قبلها ثم ذكر أنه: " تعقبه صاحب " التنقيح " في الأولى، دون الأخرى. وأن الإمام أحمد سئل عن الحديث، فقال: لا يثبت إسناده، ليس بشيء ". وسلم بذلك الزيلعي ولم يتعقبه بشيء، ولا مجال لذلك. الحديث: 1104 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 وهو قد استدل به لما جاء في " الهداية " على المذهب الحنفي: " ولا يرد السلام بلسانه، ولا بيده لأنه كلام معنى، حتى لو صافح بنية التسليم تبطل صلاته ". وهذا مع أنه لا دليل عليه سوى هذا الحديث، وقد تبين ضعفه، فإنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، ولذلك فهو حديث منكر، وفي كلام ابن أبي داود السابق إشارة إلى ذلك. ولهذا قال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " عقبه (رقم 1370) : " والصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم وغيره ". يعني من حديث جابر في رد السلام إشارة، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (859) وحديث أنس المشار إليه آنفا هو فيه برقم (871) . ولا يدل لهذا المذهب حديث أبي داود مرفوعا: " لا غرار في صلاة ولا تسليم ". لما ذكرته في تخريجه في " الأحاديث الصحيحة " (رقم 311) ، وقد ذكرت فيه حديث ابن عمر في إشارته صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فراجعه إن شئت. وأما مصافحة المصلي، فهي وإن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت، فلا دليل على بطلان الصلاة، لأنها عمل قليل، لا سيما وقد فعلها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه، فقال عطاء بن أبي رباح: " أن رجلا سلم على ابن عباس، وهو في الصلاة، فأخذ بيده، وصافحه وغمز يده ". أخرجه ابن أبي شيبة (1/193/2) والبيهقي في " سننه " (2/259) بإسنادين عن عطاء أحدهما صحيح، والآخر رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن فيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت. وليس كل عمل في الصلاة يبطلها، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: " جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى [عن يمينه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 أويساره] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه، ووصفت الباب في القبلة ". أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان وعبد الحق في " الأحكام " (رقم 1374) وإسناده حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " (885) . 1105 - " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم " إلى قوله : " فاسقون "، ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهو ن عن المنكر ولتأخذن عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا ". ضعيف. أخرجه أبو داود (4336) والترمذي (2/175) وابن ماجه (4006) والطحاوي في " المشكل " (2/61 - 62) وابن جرير في " التفسير " (6/305) وأحمد في " المسند " (1/391) من طرق عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به. وخالف المؤمل بن إسماعيل فقال: حدثنا سفيان قال: حدثنا علي بن بذيمة عن أبي عبيدة - أظنه عن مسروق - عن عبد الله به نحوه. أخرجه ابن جرير. والمؤمل هذا ضعيف لسوء حفظه. وخالفه عبد الرحمن بن مهدي فقال: حدثنا سفيان عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره هكذا مرسلا. وهو أصح. أخرجه الترمذي (2/175 - 176) وابن جرير وابن ماجه. وتابعه سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به وزاد في آخره: " أوليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم ". أخرجه أبو داود (4337) وابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف " (ق 53/1) الحديث: 1105 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 وعبد الغني المقدسي فيه (85/2) والخطيب في " تاريخه " (8/299) والبغوي في " تفسيره " (3/206 - 207) من طرق عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن سالم به. وسالم هذا هو ابن عجلان الأفطس وهو ثقة من رجال البخاري. ورواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو ابن مرة عن سالم الأفطس به. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (3/1248) وابن جرير وكذا ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " وابن أبي الدنيا (54/1 - 2) وقال أبو داود بعد أن ذكره معلقا: " ورواه خالد الطحان عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ". قلت: كأنه يشير إلى أن قول المحاربي: " عبد الله بن عمرو بن مرة " وهم. وهو الظاهر لمخالفته لرواية الجماعة عن العلاء. والمحاربي لا بأس به، وكان يدلس كما قال أحمد، وقد عنعنه، فلعل الوهم ممن دلسه. ورواية الطحان التي علقها أبو داود هي التي وصلها البغوي كما سبقت الإشارة إلى ذلك، أخرجها من طريق أبي يعلى: أنا وهب بن بقية: أنا خالد - يعني ابن عبد الله الواسطي - عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود. وقد أخرجها أبو يعلى في " مسنده " (3/1262) بهذا الإسناد. وقد خولف وهب بن بقية في هذا الإسناد، فقال أبو جعفر الطحاوي: حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي: حدثنا عمرو بن عون الواسطي: حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بنحوه. قلت: هكذا في الأصل " عمرو بن مرة عن أبي موسى ". لم يذكر بينهما أبا عبيدة، فلا أدري أسقط من الأصل، أم الرواية هكذا وقعت للطحاوي؟ ! وغالب الظن الأول، لأمور: 1 - أن عمرو بن مرة لم يسمع من أبي موسى بل لم يذكروا له رواية عنه، وكان لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 يدلس، فينبغي أن يكون بينهما راو، وليس هو إلا أبو عبيدة. 2 - أن ابن كثير قال: قال شيخنا الحافظ المزي: " وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى ". قلت: والظاهر أنه يشير إلى هذه الرواية. 3 - أنهم ذكروا لأبي عبيدة رواية عن أبي موسى. 4 - أن الهيثمي أورده في " المجمع " (7/269) من حديث أبي موسى ثم قال: " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ". وغالب الظن أنه عند الطبراني من هذا الوجه الذي ذكره المزي، فإذا كان كذلك، وفرضنا أنه كانت الرواية عنده عن عمرو بن مرة عن أبي موسى، لنبه الهيثمي على انقطاعها، وإن كان يفوته كثير التنبيه على مثله. والله أعلم. ثم إن إسناد الطحاوي المتقدم رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شيخ الطحاوي محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي وهو ثقة مأمون كما روى الخطيب في ترجمته (1/392) عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش. مات سنة ست وسبعين ومائتين (1) . وعلى هذا فينبغي أن يكون هذا الإسناد صحيحا، لاتصاله، وثقه رجاله، لولا أنه قد اختلف في إسناده على العلاء بن المسيب، فرواه عمرو بن عون الواسطي عن خالد ابن عبد الله عنه هكذا. وخالفه وهب بن بقية فرواه عن خالد عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود. وهذه الرواية أولى بالأخذ بها والاعتماد عليها، لأن وهب بن بقية ثقة أيضا من رجال مسلم، وروايته موافقة لرواية أبي داود المتقدمة عن العلاء، وهي من رواية أبي   (1) قلت: ولم يعرفه العيني في كتابه " مغاني الأخيار " كما في تلخيصه " كشف الأستار "، وليس هو محمد بن إبراهيم المروزي المترجم في " الميزان " والمتكلم فيه كما توهم المعلق على " الكشف " بل هو آخر، وترجمته عند الخطيب أيضا عقب هذا. اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 شهاب الحناط واسمه عبد ربه بن نافع الكتاني من رجال الشيخين. ومن المحتمل أن يكون هذا الاختلاف على العلاء بن المسيب ليس من الرواة عنه، بل منه نفسه، لأنه مع كونه ثقة، فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، حتى قال الحافظ في " التقريب ": " ثقة ربما وهم ". قلت: فمن الممكن أن يكون وهم في قوله في هذا الإسناد: عن عمرو بن مرة [عن أبي عبيدة] عن أبي موسى، وإذا كان قد صح عنه على الوجه الآخر " عن عمرو عن أبي عبيدة عن ابن مسعود ". فالقلب يطمئن لهذه الرواية دون تلك لموافقتها لرواية علي بن بذيمة وسالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود. وعلى ذلك، فإسناد الطحاوي وكذا الطبراني عن أبي موسى يكون شاذا، فلا يكون صحيحا، وهذا إذا سلم من الانقطاع بين عمرو بن مرة وأبي موسى على ما سبق بيانه. وإذا تبين هذا فالمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية أبي عبيدة عن ابن مسعود فهو على هذا إسناد ضعيف منقطع. قال المنذري في " الترغيب " (4/170) : " أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، وقيل: سمع ". قلت: والصواب الأول، فقد قال شعبة عن عمرو بن مرة: سألت أبا عبيدة: هل تذكر من عبد الله شيئا؟ قال: لا. وقال الترمذي: لا يعرف اسمه، ولم يسمع من أبيه شيئا. وكذلك قال ابن حبان: إنه لم يسمع من أبيه شيئا. وبهذا جزم الحافظ المزي في " تهذيب التهذيب "، وتبعه الحافظ في " تهذيبه ". قلت: فقول الترمذي عقب الحديث: " حديث حسن غريب ". مما يتعارض مع الانقطاع الذي اعترف به هو نفسه. وذلك من تساهله الذي عرف به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 وجملة القول أن الحديث مداره على أبي عبيدة، وقد اضطرب الرواة عليه في إسناده على أربعة وجوه: الأول: عنه عن أبيه عبد الله بن مسعود. الثاني: عنه عن مسروق عن ابن مسعود. الثالث: عنه مرسلا. الرابع: عنه عن أبي موسى. ولقد تبين من تحقيقنا السابق أن الصواب من ذلك الوجه الأول، وأنه منقطع فهو علة الحديث. وبه جزم المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم (3713) . وبالله التوفيق. وكان الحامل على كتابة هذا البحث أن بعض الكتاب ادعى في مجلة " الوعي الإسلامي " العدد الأول من السنة الثانية (ص 96) أن الحديث مما صح عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه. فأحببت أن أتيقن من خطئه فيما قال، فكان من ذلك هذا المقال. وكتبت إلى المجلة بخلاصة نافعة منه في أشياء أخرى بتاريخ لا يحضرني منه إلا السنة 1386 هـ، ولكنها لم تنشر. ولله في خلقه شؤون. 1106 - " بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا، خط لهما جبريل، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء، ثم نودي من تحته: حسبك يا آدم! فلما بنياه أوحى الله إليه أن يطوف به، وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه ". منكر. أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (1/320) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/321) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا أبو صالح الجهني قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي: الحديث: 1106 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 " تفرد به ابن لهيعة مرفوعا ". قال الحافظ ابن كثير في " السيرة " (1/272) : " قلت: وهو ضعيف، ووقفه على عبد الله بن عمرو أقوى وأثبت ". قلت: هذا يوهم أنه روي عنه موقوفا بإسناد أقوى، مع أنه لم يخرجه هو ولا البيهقي موقوفا، فالظاهر أنه يعني أن الوقف به أشبه، والله أعلم. ثم إن فيه علتين أخريين: الأولى: أبو صالح الجهني هو عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، قال الحافظ: " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". قلت: فيحتمل أن الغلط منه، فتعصيبه بابن لهيعة ليس بلازم. الأخرى: يحيى بن عثمان، قال الحافظ: " صدوق رمي بالتشيع، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله ". 1107 - " كان يرمي الجمرة في هذا المكان، ويقول كلما رمي بحصاة: الله أكبر، الله أكبر، اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا مشكورا ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " سننه " (5/129) والخطيب في " تلخيص المتشابه " (11/2) عن عبد الله بن حكيم المزني: حدثني أبو أسامة قال: " رأيت سالم بن عبد الله بن عمر استبطن الوادي، ثم رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر.. فسألته عما صنع فقال: حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمرة ... " الحديث. وقال البيهقي: " عبد الله بن حكيم ضعيف ". قلت: بل هو شر من ذلك، وهو أبو بكر الداهري البصري، قال أحمد وغيره: " ليس بشيء ". الحديث: 1107 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 وقال الجوزجاني: " كذاب ". وقال أبو نعيم الأصبهاني: " روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات ". وقال العقيلي: " يحدث بالبواطيل عن الثقات ". وقد روي بإسناد آخر، ولكنه ضعيف. يرويه ليث بن أبي سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود ونحوه، ثم قال: " هكذا رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صنع ". وليث ضعيف، وكان اختلط، وشيخه محمد بن عبد الرحمن ثقة، فالآفة من الليث. ومما يضعف حديثه أن الحديث في " الصحيحين " وغيرهما من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد دون قوله: " الله أكبر، اللهم اجعله حجا.. إلخ ". وهو في مختصري لـ " صحيح البخاري " برقم (850) يسر الله تمام طبعه، بمنه وكرمه، وقد خرجته في " إرواء الغليل " (1724) ، وقد جاء التكبير وحده في حديث آخر مخرج من حديث ابن عمر في " الصحيحين " وغيرهما، وهو في " مختصر البخاري " برقم (851) ومن حديث أم سليمان بن عمرو بن الأحوص وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1715) الأمر الذي يؤكد نكارة هذه الزيادة. 1108 - " تخرج الدابة، ومعها عصى موسى عليه السلام، وخاتم سليمان عليه السلام، فتخطم الكافر بالخاتم، وتجلووجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوان، فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر ". منكر. أخرجه الطيالسي (ص 334) وأحمد (2/295 و491) والترمذي الحديث: 1108 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 (12/63 - بشرح ابن العربي) وابن ماجه (2/1351/4066) والثعلبي في " تفسيره " (ق 24/1) كلهم من طريق عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن ". قلت: كذا قال وفيه علتان: الأولى: أوس بن خالد، ذكره البخاري في " الضعفاء ". وقال ابن القطان: " له عن أبي هريرة ثلاثة أحاديث منكرة، وليس له كبير شيء ". كذا في " الميزان ". وفي " التقريب ": " مجهول ". الأخرى: علي بن زيد وهو ابن جدعان، ضعيف. 1109 - " تخرج الدابة [من] أجياد، فيبلغ صدرها الركن اليماني ولما يخرج ذنبها بعد، وهي دابة ذات وبر وقوائم ". ضعيف. أخرجه الواحدي في " الوسيط " (3/179/1) والحافظ الذهبي في " الميزان " من طريق فرقد بن الحجاج القرشي قال: سمعت عقبة بن أبي الحسناء اليماني قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن فرقدا في عداد مجهولي الحال، وشيخه عقبة مجهول العين، وفي ترجمته ساق الذهبي الحديث، وقال فيه: " مجهول، رواه الكناني عن أبي حاتم الرازي. ثم قال أبو حاتم: روى عنه فرقد ابن الحجاج مجهول. وكذا قال ابن المديني: عقبة مجهول.. قلت: أما فرقد، فقد حدث عنه ثلاث ثقات، وما علمت فيه قدحا ". قلت: وقد ترجم الاثنين ابن أبي حاتم (3/1/309/1724 و3/2/82/465) وقال في كل منهما عن أبيه: " شيخ ". الحديث: 1109 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 وأما ابن حبان فأوردهما في " الثقات " (2/242 و2/165) وقال في الأول منهما فرقد: " يخطىء ". 1110 - " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله (ثلاث مرات) ، ثم قرأ: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبواقول الزور حنفاء لله غير مشركين به " ". ضعيف. أخرجه أبو داود (3599) والترمذي (2/49) وابن ماجه (2372) وأحمد (4/321) من طريق محمد بن عبيد: حدثني سفيان - وهو ابن زياد العصفري - عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائما فقال: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان: الجهالة، والاضطراب في سنده. أما الجهالة، فمن قبل حبيب بن النعمان. قال ابن القطان: " لا يعرف ". ومثله الراوي عنه ابن زياد العصفري. قال ابن القطان: " مجهول ". وقال الذهبي: " لا يدرى من هو؟ عن مثله! " يعني حبيبا. وأما الاضطراب، فإن محمد بن عبيد رواه كما ذكرنا، وخالفه مروان بن معاوية الفزاري فقال: عن سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم " أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ... " الحديث. أخرجه أحمد (4/178 و232 و322) والترمذي (2/48) وقال: " هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا عليه في رواية هذا الحديث، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم ". الحديث: 1110 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 ثم ساقه من الطريق الأولى، ثم قال: " هذا عندي أصح، وخريم بن فاتك له صحبة ". قلت: لكن الراوي عنه مجهول، وكذا الذي بعده كما عرفت، فالحديث ضعيف، وقد أشار إلى ذلك الترمذي بقوله: " حديث غريب ". (تنبيه) : قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان والراوي عنه زياد العصفري هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي، ومع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ في كتابيه " التهذيب " و" التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ (دق) ففاتهم الرمز له بـ (ت) أيضا. والآخر رمزوا به بـ (س) أي النسائي، ففاتهم الرمز له بالثلاثة (د ق ت) ، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور (س) أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى. والراجح الأول. والله أعلم. ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج به الشيخان، ومثله المخالف له مروان بن معاوية، وليس فيه علة سوى أنه كان يدلس أسماء الشيوخ، وشيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا! 1111 - " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا، خير له من أن يمتلىء شعرا هجيت به ". باطل بزيادة هجيت به. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 435) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/285/2) عن النضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال العقيلي: " النضر بن محرز لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وإنما يعرف هذا الحديث بالكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ". ثم ساق إسناده من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي به. قلت: الكلبي هو محمد بن السائب أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " كذبه زائدة وابن معين وجماعة ". ومحمد بن مروان السدي، قال الذهبي: الحديث: 1111 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 " متروك متهم ". قلت: وقد خولف في إسناده، فرواه إسماعيل بن عياش عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال: " قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا، فقالت عائشة: يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". أخرجه الطحاوي (2/371) فقال: حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني إسماعيل بن عياش به. قلت: وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن ابن السائب كوفي، وعليه دار الحديث، فهو آفته. ثم رأيت ابن عدي قد أخرجه في " كامله " (345/1) من طريق حبان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قصة عائشة وأبي هريرة. وحبان بن علي هو العنزي وهو ضعيف كما في " التقريب ". وبالجملة فهذه الطريق موضوعة، وقد روى ابن عدي عن سفيان قال: " قال لي الكلبي: كل شيء أحدث عن أبي صالح فهو كذب " (1) . " وأما طريق جابر، فهي واهية، فإن النضر بن محرز قال فيه ابن حبان: " منكر الحديث جدا. لا يحتج جدا ". ومن طريقه رواه أبو يعلى في " مسنده " لكن وقع فيه " أحمد بن محرز ". وقال الحافظ في " اللسان ":   (1) قال الحافظ في " الفتح ": " وابن الكلبي واهي الحديث، وأبو صالح شيخه ما هو الذي يقال له السمان المتفق على تخريج حديثه في " الصحيح " عن أبي هريرة، بل هذا آخر ضعيف يقال له: باذان ". اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 " وأحمد لم أقف له على ترجمة، فلعله من تغيير بعض الرواة، أو (النضر) لقبه ". وأحمد هذا هو الذي أشار إليه الحافظ بقوله في " الفتح " (10/454) : بعدما عزاه لأبي يعلى: " وفيه راولا يعرف ". وزاد عليه الهيثمي فقال في " المجمع " (8/120) : " وفيه من لم أعرفهم ". قلت: وهذا يؤيد ما ذكره الحافظ من احتمال أن اسم أحمد من تغيير بعض الرواة، فإن فيمن دونه من لا يعرف أيضا. ثم قال الحافظ: " فلم تثبت هذه الزيادة ". قلت: بل هي باطلة قطعا، فإن الحديث في " الصحيحين " من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بدونها، وفي " البخاري " عن ابن عمر، وفي " مسلم " عن سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، وفي " الطحاوي " عن عمر، كلهم لم يذكر الزيادة في الحديث، فدل على بطلانها. على أن في سياق الحديث ما يشعر ببطلان هذه الزيادة من حيث المعنى أيضا، فمن شاء البيان فليرجع إلى تخريجنا للحديث في " السلسلة الصحيحة " رقم (336) . (تنبيه) : ثم قال الحافظ: " وذكر السهيلي في " غزوة ودان " عن جامع ابن وهب أنه روى فيه أن عائشة رضي الله عنها تأولت هذا الحديث على هجي به النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكرت على من حمله على العموم في جميع الشعر. قال السهيلي: فإن قلنا بذلك، فليس في الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه، فلا يدخل في النهي رواية اليسير على سبيل الحكاية، ولا الاستشهاد به في اللغة. ثم ذكر استشكال أبي عبيد (2) ، وقال: عائشة أعلم منه ". وأقول: يقال للسهيلي: أثبت العرش ثم انقش، فإن الحديث عن عائشة لم يثبت   (2) انظر كلام أبي عبيد الذي أشار إليه في " الفتح "، أو في " الأحاديث الصحيحة ". اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 فإن في سنده عند ابن وهب متهما بالكذب بل هو معترف على نفسه بالكذب كما تقدم من رواية الطحاوي عنه، فلا تغتر بسكوت الحافظ على ما عزاه السهيلي لابن وهب، فإن الظاهر أنه أعني الحافظ لم يستحضر أن الحديث عند الطحاوي من طريق ابن وهب، وهو لما غزاه للطحاوي ذكر أن فيها ابن الكلبي الواهي، فلو أنه استحضر ذلك لنبه عليه. والله أعلم. والذي دعاني لتحقيق القول في الحديث هو أن بعض ذوي الأهواء من نابغة العصر قد اتخذ رواية ابن وهب هذه حجة على الطعن في أبي هريرة ونسبته إلى سوء الحفظ لأنه لم يحفظ في حديثه هذه الزيادة، كما حفظته السيدة عائشة بزعمه، وجهل أن الحديث عليها مكذوب كما عرفت من هذا التحقيق كما جهل أوتجاهل أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه على رواية الحديث كما رواه بدون الزيادة أربعة آخرون من أفاضل الصحابة كما حققناه في " السلسلة الصحيحة " رقم (330) والحمد لله على توفيقه. 1112 - " كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (50/1 من ترتيبه) عن عتيق بن يعقوب الزبيري: حدثنا إبراهيم بن قدامة عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن الأغر إلا إبراهيم ". قلت: ومن طريقه رواه البزار أيضا من رواية عتيق بن يعقوب وقال: " إبراهيم ليس بحجة ". ذكره في " الميزان " وقال: " وهو خبر منكر ". وأشار عبد الحق لتضعيف الحديث في " أحكامه " (71/2) رقم (1690 - بتحقيقي) ورواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي " (277) من هذا الوجه إلا أنه أرسله. الحديث: 1112 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 ثم رواه من طريق أبي مصعب حدثني إبراهيم بن قدامة عن عبد الله بن محمد بن حاطب عن أبيه مرفوعا نحوه. ثم رواه من حديث ابن عمرو، وفيه محمد بن القاسم الأسدي وهو كذاب عن محمد بن سليمان المشمولي: نا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه، وكلهم ضعيف. ثم رواه من حديث ابن عمر دون ذكر الأظفار. وفيه الوليد بن مسلم وهو مدلس وقد عنعنه. نعم صح موقوفا على ابن عمر رضي الله عنه، فقال نافع: " كان ابن عمر يقلم أظفاره، ويقص شاربه في كل جمعة ". أخرجه البيهقي (2/244) وصححه. واستدل به على ضعف ما روي عن ابن عمر مرفوعا: (المسلم يوم الجمعة محرم، فإذا صلى فقد حل) . وذكره نحوه عن ابن عباس مرفوعا وقال: " إنما رويا عنهما بإسنادين ضعيفين لا يحتج بمثلهما ". 1113 - " احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، فإن الرجل ليكون من أهل الجنة فيتأخر عن الجمعة، فيؤخر عن الجنة وإنه لمن أهلها ". منكر بهذا اللفظ. رواه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 70) عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن بن سمرة بن جندب مرفوعا. قال الطبراني: " لم يروه عن قتادة إلا الحكم ". قلت: وهو ضعيف، وفيه علة أخرى وهي عنعنة الحسن وهو البصري فإنه مدلس. وفيه مخالفة ثالثة في السند والمتن، وقد بينت ذلك في " الأحاديث الصحيحة " بلفظ " احضروا الذكر.. " (338) فأغنى عن الإعادة. الحديث: 1113 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 1114 - " لعن صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، الحديث: 1114 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال الذي يقول: لا يتزوج! والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى استبان ذلك على وجوههم، وقال: البائت وحده ". ضعيف بهذا التمام. أخرجه أحمد (2/287 و289) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 196) عن طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: فذكره. أورده العقيلي في ترجمة الطيب هذا وقال: " يخالف في حديثه ". وقال الذهبي: " لا يكاد يعرف، وله ما ينكر ". ثم ذكر له هذا الحديث. وقال الحافظ في " التعجيل ": " ضعفه العقيلي، وقال أبو حاتم: لا يعرف، ووثقه ابن حبان. أخرج البخاري حديثه (يعني هذا) فقال: لا يصح ". وما نقله الحافظ عن البخاري هو في " التاريخ الكبير " له (2/2/362) . ومما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب " (3/106) : " رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلا طيب بن محمد، وفيه مقال، والحديث حسن ". أنه بعيد عن شهادة أئمة الجرح والتعديل في الطيب هذا وفي حديثه، ولذلك خرجته. 1115 - " ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة، ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم، ألا يا الحديث: 1115 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 رب متخوض ومتنعم فيما أفاء الله على رسوله ما له عند الله من خلاق، ألا وإن عمل النار سهل بسهو ة، ألا رب شهو ة ساعة، أورثت حزنا طويلا ". موضوع. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (3/142/1) : حدثنا أبو عتبة: حدثنا بقية: حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ابن البجير وكان من أصحاب رسول الله قال: أصاب يوما النبي صلى الله عليه وسلم الجوع فوضع على بطنه حجر ثم قال: فذكره. ورواه ابن بشران في " الأمالي " (25 - 26) من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ بقية بن الوليد حدثني سعيد بن سنان به، والقضاعي (ق 114/2) من طريق ثالثة عن بقية به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا بل موضوع، آفته سعيد بن سنان هذا، وهو أبو مهدي الحمصي، قال الذهبي في " الضعفاء ": " هالك ". وقال الحافظ: " متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع ". وروى أحمد (1/327) والقضاعي جملة النار في حديث لابن عباس، فيه نوح بن جعونة وهو متهم. انظر اللسان (6/172) . 1116 - " نهانا (يعني أهل فارس) أن ننكح نساء العرب ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/163/2) عن الهيثم بن محفوظ السعدي: نا أبو إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان الفارسي قال: فذكره وقال: " لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي ولا عنه إلا السري ولا عنه إلا أبو إسرائيل تفرد به الهيثم ". قلت: قال الذهبي: " لا يدرى من هو ". والسري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي، وقال النسائي: " متروك الحديث ". وكذا قال أبو داود، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (4/275) . الحديث: 1116 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 وقد روي من طريق أخرى، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن سلمان فقال: " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم، أوننكح نساءكم ". أخرجه البيهقي (7/134) وقال: " وروي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان ". قلت: كأنه يشير إلى الطريق الأولى. والحارث هو الأعور، وهو متروك أيضا. وشريك ضعيف لسوء حفظه وقد خولف في إسناده، فرواه جماعة من الثقات عن أبي إسحاق بإسناد آخر موقوفا. أخرجه البيهقي وغيره، وقال البيهقي: " هذا هو المحفوظ: موقوف ". قلت: ومداره على أبي إسحاق وهو السبيعي وهو مدلس وكان اختلط، وقد تكلمت على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " (1632) بما يكفي. 1117 - " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ". ضعيف. رواه النسائي في " عشرة النساء " (2/99/1) وابن أبي شيبة (7/19/2) والحاكم (2/178) والبيهقي (7/235) وأحمد (6/82 و145) من طريق ابن سخبرة عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. إلا أن الحاكم والبيهقي قالا: " صداقا ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت: كذا قالا، وابن سخبرة ليس من رجال مسلم ولا أحد من أصحاب الستة غير النسائي، قال الذهبي نفسه: " لا يعرف، ويقال: هو عيسى بن ميمون ". ونحوه في " التهذيب " و" التقريب ". وقال ابن أبي حاتم في " الجرح " (3/287/1) في ترجمة عيسى بن ميمون: الحديث: 1117 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 " روى عن القاسم بن محمد، روى عنه حماد بن سلمة، فسماه ابن سخبرة ". ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: استعديت على عيسى بن ميمون في هذه الأحاديث عن القاسم بن محمد في النكاح وغيره فقال: لا أعوذ. وقال ابن معين: عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة، ليس بشيء. وقال أبي: هو متروك الحديث. وقال الهيثمي في " المجمع " (4/255) : " رواه أحمد والبزار، وفيه ابن سخبرة، يقال: اسمه عيسى بن ميمون، وهو متروك ". قلت: لكن وقع مسمى في رواية الحاكم فقال: " عمر بن طفيل بن سخبرة المدني ". ومن طريق الحاكم رواه البيهقي، لكن وقع عنده " عمرو " بالواو، وسواء كان " عمر " أو" عمرا " فلم أجد من ذكره، فتصحيحه على شرط مسلم وهم، لأنه غير معروف كما تقدم عن الذهبي، فإن كان هو عيسى بن ميمون المدني كما جزم ابن أبي حاتم فهو واه جدا. ومنه يعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4/131 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) بعدما عزاه لأحمد والبيهقي: " وإسناده جيد "، غير جيد. وبعد كتابة ما تقدم رأيت الحديث قد أخرجه أبو مسعود أحمد بن الفرات في " أحاديثه (ق 39/1) عن ابن سخبرة وسماه " الطفيل ". وكذلك رواه مسمى الخطيب في " الموضح " (1/174) من طرق عن الطفيل. ورواه هو والقضاعي في " مسند الشهاب " (2/2 /2) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم به. وتابعه عند الخطيب موسى بن تليدان. ولم أعرفه، وأما تسميته ابن سخبرة بـ " الطفيل " فهو خطأ بين لأن الطفيل بن سخبرة صحابي وهو أخوعائشة لأمها. ويغني عن هذا الحديث حديث عائشة الآخر بلفظ: " إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها، وتيسير رحمها ". أخرجه ابن حبان والحاكم وغيرهما بسند حسن كما بينته في " الإرواء " (1986) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ". باطل. رواه الواحدي في " الوسيط " (2/115/2) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي: " حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ". قلت: يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم (434) . والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " (4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) : " رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ". قلت: فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1/410/1228) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال: " قال أبي: هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ". الحديث: 1118 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 1119 - " خصلتان لا يجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق ". ضعيف. رواه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 282) والترمذي (1/355) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " (109/2) والدولابي (2/125) والقضاعي (24/1) عن صدقة بن موسى عن مالك بن دينار عن عبد الله بن غالب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى ". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، قال المناوي في " الفيض ": " قال الذهبي: وصدقة ضعيف، ضعفه ابن معين وغيره، وقال المنذري: ضعيف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق له أوهام ". الحديث: 1119 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 (تنبيه) : كل من ذكرنا أخرج الحديث باللفظ المذكور، وقد ذكره السيوطي في موضعين من " الجامع " الأول بهذا اللفظ من رواية البخاري والترمذي، والآخر من رواية سمويه بلفظ: " لا تجتمع خصلتان في مؤمن: البخل والكذب ". ولم أقف على إسناده، وغالب الظن أنه كهذا لا يصح. والله أعلم. 1120 - " كان جالسا يوما، فأقبل أبو هـ من الرضاعة، فوضع له بعض ثوبه، فقعد عليه، ثم أقبلت أمه، فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر، فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة، فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه بين يديه ". ضعيف. أخرجه أبو داود في " السنن " (5145) : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علل: الأولى: جهالة المبلغ لعمر بن السائب، ويحتمل أن يكون صحابيا، ويحتمل أن يكون تابعيا، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، لأنه على الاحتمال الثاني، يحتمل أن يكون التابعي الذي لم يسم ثقة، ويحتمل غير ذلك، ولهذا لا يحتج علماء الحديث بالمرسل، كما هو مقرر في علم المصطلح. والاحتمال الثاني أرجح من الأول لأن عمر بن السائب، أورده ابن حبان في " أتباع التابعين " من " كتاب الثقات " (2/197) وقال: " يروي عن القاسم بن أبي القاسم والمدنيين. روى عنه عمرو بن الحارث ". وذكر الحافظ في " التقريب " أنه من الطبقة السادسة وهي طبقة الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. وعلى هذا فالحديث معضل. الثانية: أن عمر بن السائب نفسه، لم تثبت عندي عدالته، فإنه لم يوثقه أحد غير الحديث: 1120 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 ابن حبان، وتساهله في التوثيق معروف، وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/1/114) ولم يحك فيه توثيقا، فهو في حكم المستورين، وأما الحافظ فقال من عنده أنه: " صدوق ". ثم بدا لي أنه لعل ذلك لأنه روى عنه أيضا الليث بن سعد وابن لهيعة وأسامة بن زيد. الثالثة: أحمد بن سعيد الهمداني، مختلف فيه، فوثقه ابن حبان والعجلي، وضعفه النسائي، وقال الذهبي في " الميزان ": " لا بأس به، تفرد بحديث الغار، قال النسائي: غير قوي ". قلت: وخلاصة القول أن الحديث ضعيف لا يحتج به. وإن ما حملني على الكشف عن حال هذا الحديث أنني رأيت نشرة لأحد مشايخ (إدلب) بعنوان: " قيام الرجل للقادم عليه جائز "، ذكر فيها اختلاف العلماء في هذه المسألة، ومال هو إلى القول بالجواز واستدل على ذلك بأحاديث بعضها صحيح لا دليل فيه، كحديث: " قوموا إلى سيدكم "، وبعضها لا يصح كهذا الحديث، وقد أورده من رواية أبي داود، دون أن يعلم ما فيه من الضعف، وهذا أحسن الظن به! ولذلك قمت بواجب بيانه، نصحا للأمة، وشفقة أن يغتر أحد به. ونحن وإن كنا لا نقول بتحريم هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم، والذي حكى الخلاف فيه الشيخ المشار إليه نفسه - لعدم وجود دليل التحريم - فإننا ندعو الناس جميعا، وفي مقدمتهم أهل العلم والفضل أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في موقفه من هذا القيام، فإذا كان أحبه صلى الله عليه وسلم لنفسه، فليحبوه لأنفسهم، وإن كان كرهه لنفسه المعصومة عن وسوسة الشيطان وحبائله، فعليهم أن يكرهو هـ لأنفسهم من باب أولى - كما يقول الفقهاء - لأنها غير معصومة من وساوس الشيطان وحبائله، فما هو موقفه صلى الله عليه وسلم من القيام المذكور؟ الجواب: قال أنس رضي الله عنه: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية، وكانوا لا يقومون له، لما يعلمون من كراهيته لذلك " أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وبوب له بقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 " باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل ". فمن كان صادقا في بحثه العلمي لهذه المسألة، مخلصا فيه، لا يريد منه إرضاء الناس، ولا إقرارهم على ما اعتادوه مع مشايخهم على خلاف سنة الصحابة مع نبيهم، - ولعل الشيخ منهم - فليحيي هذه السنة التي أماتها أهل العلم فضلا عن غيرهم، وليتبع النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته لهذا القيام، وعلامة ذلك أن لا يغضب إذا دخل مجلسا لم يقم له أهله، بل إذا قاموا له حسب العادة، وعلى خلاف سنته صلى الله عليه وسلم تلطف معهم، وشكرهم على حسن نيتهم، وعلمهم ما كان خافيا من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وبذلك تحيا السنن وتموت البدع، وتطيب النفوس ويذهب التباغض والتقاطع. ومن عجيب أمر ذلك الشيخ، أنه مع حكايته الخلاف في هذه المسألة وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره القيام له من أصحابه، وأن من الورع ترك القيام، ذكر الشيخ هذا كله، ومع ذلك فإنه في آخر النشرة، يسمي ترك هذا القيام بدعة! وينبز الدعاة إليه بـ " المبتدعين "، مع أنهم لا يزيدون على القول بكراهته، لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم إياه باعتراف الشيخ. نعم إن الشيخ - تبعا لغيره - يعلل كراهته صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: " لتواضعه صلى الله عليه وسلم ". ونحن وإن كنا لا نجد هذا التعليل منصوصا عليه في الحديث، فيحتمل أن تكون الكراهة المذكورة لذلك، وأن تكون لما فيه من التشبه بالأعاجم، ويحتمل أن يكون لمجموع الأمرين، ولغيرهما، مع ذلك فإننا نتخذ هذا التعليل من الشيخ حجة عليه وعلى أمثاله، فنقول: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام له تواضعا منه، فهل يكرهه الشيخ أيضا تواضعا منه؟ ! وهل يرى هذا التواضع حسنا ينبغي الاقتداء به، وحمل الناس عليه، وخاصة أهل العلم؟ فإن كان الجواب نعم، فقد عاد إلى الصواب، ووافقنا عليه، وإن قال: ليس بحسن، فنسأل المفتي عن حكم من يستقبح فعله صلى الله عليه وسلم وتواضعه؟ أيبقى على إسلامه، أم يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ويحبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين؟ ومن جهله أنه ذكر في النشرة المشار إليها أن الزهري أتى إلى الإمام أحمد يسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 عليه، فلما رآه الإمام أحمد وثب إليه قائما وأكرمه. ولا يدري المسكين أن الإمام أحمد لم يدرك الزهري، وأن بين وفاتيهما نحو قرن وربع القرن! ومن ذلك أنه لما ذكر دليل القائلين بعدم استحباب القيام معترضين على القائلين به للحديث المتقدم " قوموا إلى سيدكم "، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ". لم يزد في الجواب عليه على قوله: " لكن يؤيد كون القيام له لا لنزوله آخر هذا الحديث وهو: وكان رجال من بني عبد الأشهل يقولون: قمنا له على أرجلنا صفين، يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في السيرة الشامية ". قلت: وهذا منتهى الجهل باللغة والحديث، وقلة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعرض صاحبه للكفر والعياذ بالله تعالى. وإلا فقل لي بربك: كيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه "، وبين قول هذا المسكين مستدركا على النبي الكريم: أن القيام لم يكن لنزوله! ؟ وآخر الحديث الذي زعم ليس له أصل في شيء من كتب السنة التي تروي الأحاديث بالأسانيد التي بها يمكن معرفة ما يصح منها مما لا يصح. فتأمل صنيع هذا الشيخ الذي نصب نفسه لمعاداة أهل الحديث وأنصار السنة، والرد عليهم بمثل هذا الجهل، وتذكر قول من قال: طبيب يداوي الناس وهو مريض. 1121 - " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/1/422) والترمذي (1/354) والحاكم (4/263) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 46/1) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 315) وابن الضريس في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدي " (ق 6/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (105/2) والخطيب في " الموضح " (2/166) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/226/2 و17/198/2) كلهم من طريق عامر بن أبي عامر الخزاز، حدثنا أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وضعفه الترمذي بقوله: الحديث: 1121 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزاز، وهو عامر بن صالح رستم الخزاز، وأيوب بن موسى هو ابن عمرو بن سعيد بن العاصي، وهذا عندي حديث مرسل ". وقال البخاري عقب الحديث: " مرسل، ولم يصح سماع جده من النبي صلى الله عليه وسلم ". وأما الحاكم، فقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل مرسل ضعيف، ففي إسناده عامر بن صالح الخزاز واه ". وقال العقيلي: " عامر بن صالح بن رستم، لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، رأيت في كتاب محمد بن وارة - أخرجه إلي ابنه بـ (الري) - سألت أبا الوليد عن عامر بن أبي عامر الخزاز فقال: كتبت عنه حديث أيوب بن موسى عن أبيه عن جده (قلت: فذكر الحديث هذا) ، فبينما نحن عنده يوما إذ قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، أو: سمعت عطاء بن أبي رباح، وسئل عن كذا وكذا، فقلت: في سنة كم؟ قال: في أربع وعشرين، قلنا: فإن عطاء توفي في سنة بضع عشرة ". قلت: ويتلخص مما تقدم، أن للحديث علتين: الأولى: ضعف عامر بن صالح الخزاز، وفي " التقريب ": " صدوق، سيىء الحفظ، أفرط فيه ابن حبان فقال: يضع ". الثانية: الإرسال. وبيانه أنه من رواية أيوب بن موسى، عن أبيه عن جده مرفوعا. وجد أيوب هو عمرو بن سعيد بن العاصي كما تقدم في كلام الترمذي، وعمرو هذا تابعي، قال الحافظ: " وهم من زعم أن له صحبة، وإنما لأبيه رؤية، وكان عمرو مسرفا على نفسه ". يعني بخروجه على عبد الملك بن مروان ينازعه الخلافة، فاحتال عليه عبد الملك فقتله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 قلت: وللحديث علة ثالثة، وهي جهالة موسى بن عمرو بن سعيد، قال الذهبي: " ما حدث عنه سوى ولده أيوب بن موسى ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". قلت: وروي الحديث عن ابن عمر وأبي هريرة بإسنادين واهيين. أما حديث ابن عمر فيرويه محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري نا محمد بن موسى السعدي عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه به. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/194/2 /2) وابن عدي في " الكامل " (362/2) وقال: " هو بهذا الإسناد منكر، محمد بن موسى منكر الحديث، وليس بذاك المعروف، ولم أر أحدا يحدث عنه غير محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري ". قلت: وعمرو بن دينار ليس هو المكي الثقة، بل الأعور البصري قهرمان آل الزبير ضعيف أيضا. وأما حديث أبي هريرة، فيرويه مهدي بن هلال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه العقيلي (425) وقال: " ليس بالمحفوظ من حديث هشام بن حسان، وإنما يعرف من رواية عامر بن أبي عامر الخزاز عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده وفيه أيضا مقال ". قلت: ومهدي هذا كذبه يحيى بن سعيد وابن معين. 1122 - " أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة (وأومأ يزيد بن زريع بالوسطى والسبابة) : امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال، حبست نفسها على يتاماها، حتى بانوا أوماتوا ". ضعيف. أخرجه أبو داود (5149) وأحمد (6/29) من طريق النهاس بن قهم قال: حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك مرفوعا. الحديث: 1122 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته النهاس هذا قال الحافظ: " ضعيف ". 1123 - " الإسلام يزيد ولا ينقص ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2913) وابن أبي عاصم في " السنة " (954 بتحقيقي) والحاكم (4/345) والبيهقي (6/294) والطيالسي (568) وأحمد (5/230 و236) والجوزقاني في " الأباطيل " (2/157) من طريق شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود قال: " أتي معاذ بيهودي وارثه مسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أوقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، فورثه ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: لكنه معلول بالانقطاع، فقد أخرجه أبو داود من طريق عبد الوارث عن عمرو ابن أبي حكيم الواسطي: حدثنا عبد الله بن بريدة أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر: يهودي ومسلم، فورث المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود أن رجلا حدثه أن معاذا حدثه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، فورث المسلم. فهذا يدل على أن أبا الأسود لم يسمعه من معاذ، بينهما رجل لم يسم، فهو مجهول، فهو علة الحديث، وبه أعله البيهقي، فقال بعد أن ساقه من طريق أبي داود: " وهذا رجل مجهول، فهو منقطع ". وقال الحافظ في " الفتح " (12/43) بعدما ذكر تصحيح الحاكم له: " وتعقب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجوزقاني أنه باطل، وهي مجازفة ". قلت: الذي يبدو لي أن حكم الجوزقاني عليه بأنه باطل، إنما هو باعتبار ما فيه من توريث المسلم من اليهودي الكافر، فإن الأحاديث الصحيحة على خلاف ذلك كقوله الحديث: 1123 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 صلى الله عليه وسلم: " لا يتوارث أهل ملتين شتى "، وهو مخرج مع غيره مما في معناه في كتابي " إرواء الغليل " (1673) . ثم رأيت الحديث قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الجوزقاني بإسناد آخر له عن يحيى بن يعمر به وأعله بأن فيه محمد بن مهاجر، وهو المتهم به فظننت أن الجوزقاني حكم عليه بالبطلان بالنظر إلى هذه الطريق، ولذلك تعقبه السيوطي في " اللآليء " (2/442) بأن ابن المهاجر بريء منه. ثم ساق بعض الطرق المتقدمة، ولم يعزه لأبي داود، وذهل عن العلة الحقيقية في هذا الحديث، وهو ما نبه عليه البيهقي ثم العسقلاني. والله أعلم. والحديث عزاه الشيخ المنتصر الكتاني في كتابه " نصوص حديثية " لأبي داود بزيادة: " الإسلام يعلوولا يعلى، ويزيد ولا ينقص ". وهي زيادة لا أصل لها عند أبي داود ولا عند غيره ممن أخرج الحديث، اللهم إلا عند بحشل في " تاريخ واسط " فإنه أخرج الحديث من طريق عمران بن أبان عن شعبة به بلفظ: " الإيمان يعلو ولا يعلى " بدل " يزيد ولا ينقص "، وابن أبان ضعيف. وهو بهذا اللفظ حسن لمجيئه من طرق كما بينته في " الإرواء "، رقم (1255) . والحديث جزم المناوي بضعفه. 1124 - " كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال علي ". باطل. أخرجه الترمذي (2/319) والحاكم (3/155) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي!! قلت: عبد الله بن عطاء، قال الذهبي نفسه في " الضعفاء ": الحديث: 1124 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 " قال النسائي: ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ويدلس ". قلت: وقد عنعن إسناد هذا الحديث، فلا يحتج به لوكان ثقة، فكيف وهو صدوق يخطىء؟ ! ثم إن الراوي عنه جعفر بن زياد الأحمر، مختلف فيه، وقد أورده الذهبي أيضا في " الضعفاء " وقال: " ثقة ينفرد، قال ابن حبان: في القلب منه! ! ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يتشيع ". قلت: فمثله لا يطمئن القلب لحديثه، لا سيما وهو في فضل علي رضي الله عنه! فإن من المعلوم غلوالشيعة فيه، وإكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت! وإنما حكمت على الحديث بالبطلان من حيث المعنى لأنه مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحب النساء والرجال إليه كما يأتي. وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنه، وهو باطل عنها أيضا، يرويه جميع ابن عمير التيمي قال: " دخلت مع عمتي (وفي رواية: أمي) على عائشة، فسئلت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها ". أخرجه الترمذي (2/320) والحاكم (3/154) من طريقين عن جميع به والسياق للترمذي وقال: " حديث حسن غريب ". وقال الحاكم - والرواية الأخرى له -: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي فأحسن: " قلت: جميع متهم، ولم تقل عائشة هذا أصلا ". ويؤيد قوله شيئان: الأول: أنه ثبت عن عائشة خلافه، فقال الإمام أحمد (6/241) : حدثنا عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي الناس كان أحب إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: عائشة، قلت: فمن الرجال؟ قالت: أبوها ". قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح. والآخر: أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، من رواية عمرو بن العاص قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا ". أخرجه الشيخان وأحمد (4/203) . وله شاهد من حديث أنس قال: " قيل: يا رسول الله، أي الناس ... " دون قوله: " ثم من ... ". أخرجه ابن ماجه (101) والحاكم (4/12) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". وهو كما قال: " وشاهد آخر، فقال الطيالسي (1613) : حدثنا زمعة قال: سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة، فأرسلت جاريتها: انظري ما صنعت، فجاءت فقالت: قد قضت، فقالت: يرحمها الله، والذي نفسي بيده، قد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أباها ". قلت: وهذا الإسناد لا بأس به في الشواهد. قلت: وكون أبي بكر رضي الله عنه أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم هو الموافق لكونه أفضل الخلفاء الراشدين عند أهل السنة، بل هو الذي شهد به علي نفسه رضي الله عنه، برواية أعرف الناس به ألا وهو ابنه محمد بن الحنفيه قال: " قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.. " الحديث. أخرجه البخاري (2/422) . فثبت بما قدمنا من النصوص بطلان هذا الحديث. والله المستعان. (فائدة) : وأما ما روى الحاكم (3/155) ، قال: " حدثنا مكرم بن أحمد القاضي: حدثنا أحمد بن يوسف الهمداني: حدثنا عبد المؤمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 ابن علي الزعفراني: حدثنا عبد السلام بن حرب عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه، أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فاطمة والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، والله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وسلم أحب إلي منك ". وقال: " صحيح الإسناد على شرط الشيخين ". وقال الذهبي: " قلت: غريب عجيب ". فأقول: أما أنه على شرط الشيخين، فوهم لا شك فيه، لأن من دون عبد السلام بن حرب لم يخرجا لهم، وعبد السلام بن حرب ليس من شيوخهما. وأما أنه صحيح، ففيه نظر، والعلة عندي تتردد بين عبد السلام، وعبد المؤمن فالأول، وإن كان من رجال الشيخين، فقد اختلفوا فيه، ووثقه الأكثرون، وقال الحافظ: " ثقة حافظ، له مناكير ". وأما عبد المؤمن، فلم أر من وثقه توثيقا صريحا، وغاية ما ذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/66) أن الإمام مسلما قال: " سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه، وقال: لولا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب؟ ". والله أعلم. 1125 - " كان من دعاء داود يقول: اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي، ومن الماء البارد، وكان إذا ذكر داود يحدث عنه قال: كان أعبد البشر ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2/433) والحاكم (2/433) وابن عساكر (5/352/2) من طريق محمد بن سعد الأنصاري عن عبد الله بن ربيعة الدمشقي - وقال الحاكم: عبد الله ابن يزيد الدمشقي، وقال ابن عساكر: عبد الله بن ربيعة بن يزيد الحديث: 1125 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 الدمشقي - حدثني عائذ الله أبو إدريس الخولاني عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل عبد الله هذا قال أحمد: أحاديثه موضوعة ". وأقول: جرى الذهبي على ظاهر ما وقع في " المستدرك " عبد الله بن يزيد الدمشقي، فظن أنه عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي، فهو الذي قال فيه أحمد ما سبق، ورواية الترمذي وابن عساكر تدلان أنه ليس هو لأن اسم أبيه ربيعة، واسم جده يزيد، فهو غيره، ولهذا قال فيه الحافظ: " مجهول ". والله أعلم. لكن قوله في داود: " كان أعبد البشر " له شاهد من حديث ابن عمرو، رواه مسلم، وقد خرجته في " الصحيحة " (707) . 1126 - " يا ابن عمر! دينك دينك، إنما هو لحمك ودمك، فانظر عمن تأخذ، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص 121) من طريقين عن المبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطي قال: حدثنا العطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، العطاف هذا مختلف فيه، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " وثقه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بذاك ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". الحديث: 1126 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 والمبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطي لم أجد له ترجمة. 1127 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه، وإذا أتي بالتمر جالت يده ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (315/2) والخطيب في " تاريخه " (11/95) من طريق عبيد بن القاسم حدثنا هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره. أورده في ترجمة عبيد هذا وروى عن ابن معين أنه ليس بثقة. وفي رواية: " كان كذابا خبيثا ". وعن أبي علي صالح بن محمد: " كذاب كان يضع الحديث ". وعن أبي داود: " كان يضع الحديث ". وقد مضى الحديث مع بسط الكلام عليه برقم (909) ، والغرض من إيراده الآن إنما هو ذكر شاهد له من قوله صلى الله عليه وسلم، لبيان ضعفه أيضا يرويه العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية أبو الهذيل: حدثنا عبيد الله بن عكراش عن أبيه عكراش بن ذؤيب قال: " بعثني بنومرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار، قال: ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى بيت أم سلمة، فقال: هل من طعام؟ فأتينا بحفنة كثيرة من الثريد والوذر، وأقبلنا نأكل منها، فخبطت يدي من نواحيها، وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال: " يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ". ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب، أومن ألوان الرطب (عبيد الله شك) قال: فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق وقال: " يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد ". ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه وقال: يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار ". الحديث: 1127 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 أخرجه الترمذي (1/339) والسياق له وابن ماجه (3274) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " (97 - 98) وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل، وقد تفرد به ". قلت: وهو ضعيف كما في " التقريب ". وعبيد الله بن عكراش قال الذهبي في " الميزان ": " فيه جهالة، وقال ابن حبان: منكر الحديث، وقال البخاري: في إسناده نظر. وقال أبو حاتم: مجهول ". 1128 - " ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره وإن الله عز وجل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان (وفي نسخة: ترفان) حتى وقعا بين العنكبوت وبين الشجرة، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم وقسيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج: انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الفتيان: إنك لم تخطر منذ اللية أثره حتى إذا أصبحنا قال: انظروا في الغار! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات، فرجع، قالوا: ما ردك أن تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنهما بهما، فسمت عليهما فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون ". منكر. رواه ابن سعد (1/228 - 229) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (17/13/1 - 2) والبزار في " مسنده " (2/299/1741 " كشف الأستار) والطبراني في " الكبير " (20/443/1082) والعقيلي (346) وخيثمة الأطرابلسي في " فضائل الحديث: 1128 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 الصديق " (16/5/2) وكذا الشريف أبو علي الهاشمي في " الفوائد المنتقاة " (108/1) وأبو نعيم في " الدلائل " (2/111) وكذا البيهقي (2/481 - 482) عن عوف بن عمرو أبي عمرو القيسي ويلقب (عوين) قال: حدثنا أبو مصعب المكي قال: أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار.. وقال الهاشمي: " تفرد به أنس ومن ذكر معه، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن عمرو القيسي عن أبي مصعب ". وقال العقيلي: " لا يتابع عليه عون، وأبو مصعب رجل مجهول ". قلت: وأشار البزار إلى جهالته بقوله: لا نعلم رواه إلا عون بن عمير، وأبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عوين ". وقال ابن معين في عون: " لا شيء ". وقال البخاري: " منكر الحديث مجهول ". ذكره الذهبي في " الميزان "، وساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " (3/182) : " وهذا حديث غريب جدا ". وقال الهيثمي في " المجمع " (6/53) : " رواه البزار والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم ". قلت: يشير إلى عون وأبي مصعب، فإن من دونهما ثقات معروفون، فهي غفلة عجيبة منه عن هذه النقول. فسبحان من لا يضل ولا ينسى. 1129 - " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار، فدخلا فيه، فجاءت العنكبوت، فنسجت على باب الغار، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا روأوا على باب الغار نسج العنكبوت، قالوا: لم يدخله أحد، وكان الحديث: 1129 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي وأبو بكر يرتقب، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي وأمي هؤلاء قومك يطلبونك! أما والله ما على نفسي أبكي، ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تحزن إن الله معنا " ". ضعيف. أخرجه الحافظ أبو بكر القاضي في " مسند أبي بكر " (ق 91/1 - 2) : حدثنا بشار الخفاف قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا أبو عمران الجوني قال: حدثنا المعلى بن زياد عن الحسن قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الإرسال، فإن الحسن هو البصري وهو تابعي كثير الإرسال والتدليس. والأخرى: ضعف الخفاف، وهو بشار بن موسى أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أبو زرعة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف كثير الغلط، كثير الحديث ". قلت: وإنما يصح من الحديث آخره لوروده في القرآن الكريم: " إلا تنصروه فقد نصره الله، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه، وأيده بجنود لم تروها ". وقول أبي بكر: " أما والله.. " في الصحيحين نحوه من حديث البراء. وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " (3/181) : " وهذا مرسل عن الحسن، وهو حسن بما له من الشاهد ". كذا قال! ويعني بالشاهد ما ساقه من طريق أحمد، وهذا في " المسند " (3251) من طريق عبد الرزاق في " المصنف " (5/389) ، وعنه الطبراني في " المعجم الكبير " (11/407/12155) من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 " تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليا رد الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لودخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال ". قال ابن كثير عقبه: " وهذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار ". كذا قال، وليس بحسن في نقدي، لأن عثمان الجزري إن كان هو عثمان بن عمرو بن ساج الجزري فقد قال ابن أبي حاتم في " الجروح والتعديل " (3/1/162) عن أبيه: " لا يحتج به ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " تكلم فيه ". وإن كان هو عثمان بن ساج الجزري ليس بينهما عمرو، فقد جنح الحافظ في " التهذيب " إلى أنه غير الأول، ولا يعرف حاله، ولم يفرق بينهما في " التقريب "، وقال: " فيه ضعف ". وابن عمرو لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ومن المعروف تساهله في التوثيق، ولذلك فهو ضعيف لا يحتج به كما قال أبو حاتم. وقال الهيثمي في " المجمع " (7/27) : " رواه أحمد والطبراني، وفيه عثمان بن عمرو الجزري، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح ". ولذلك قال المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند ": " في إسناده نظر ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 ثم إن الآية المتقدمة " وأيده بجنود لم تروها " فيها ما يؤكد ضعف الحديث، لأنها صريحة بأن النصر والتأييد إنما كان بجنود لا ترى، والحديث يثبت أن نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت، وهو مما يرى، فتأمل. والأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة، وليس العنكبوت ولا الحمامتين، ولذلك قال البغوي في " تفسيره " (4/174) للآية: " وهم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته ". وقد جاء في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى، وهو ما أخرج أبو نعيم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: " أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار، فقال: يا رسول الله إنه لرائينا، قال: كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها، فلم ينشب الرجل أن قعد يبول مستقبلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر لوكان يراك ما فعل هذا ". وأخرجه الطبراني مطولا في قصة الهجرة، وقال الهيثمي (6/54) : " رواه الطبراني وفيه يعقوب هذا أنه حسن الحديث، وقال الحافظ فيه: " صدوق، ربما وهم ". فإذا لم يكن في الإسناد علة أخرى فهو حسن، ولكني لا أستطيع الجزم بذلك لأن الهيثمي رحمه الله قد عهدنا منه السكوت في كثير من الأحيان عن العلة في الحديث مثل الانقطاع والتدليس ونحوذلك، ولذلك نراه نادرا ما يقول: إسناد صحيح، أو: إسناد حسن، وإنما يقول: رجاله ثقات، أوموثقون. أو: فيه فلان وهو ضعيف، أو: مختلف فيه ونحوذلك. ولذلك فلا ينبغي للعارف بهذا العلم أن يصحح أويحسن بناء على مثل تلك العبارات منه. فإذا يسر الله لنا الوقوف على إسناد الطبراني أوأبي نعيم استطعنا الحكم على الحديث بما يستحقه من رتبة. والله الموفق. ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " للطبراني (24/106/284) فتبين أنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 حسن لولا أن شيخ الطبراني أحمد بن عمرو الخلال المكي لم أقف له على ترجمة، وقد أخرج له في " المعجم الأوسط " (1/29/1 - 30/1) نحو16 حديثا، مما يدل على أنه من شيوخه المشهورين، فإن عرف أو توبع فالحديث حسن، يصلح دليلا على نكارة ذكر العنكبوت والحمامتين. والله أعلم. 1130 - " ليس من امبر امصيام في امسفر ". شاذ بهذا اللفظ. أخرجه أحمد (5/434) عن معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري - وكان من أصحاب السقيفة - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وعلته الشذوذ ومخالفة الجماعة. فقد قال أحمد أيضا: حدثنا سفيان عن الزهري به بلفظ: " ليس من البر الصيام في السفر ". وتابعه عليه ابن جريج ويونس ومحمد بن أبي حفصة والزبيدي كلهم رووه عن الزهري بلفظ سفيان. وتابعهم معمر نفسه عند البيهقي وقال: " وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم ". وليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه، هو الصحيح الذي ينبغي الأخذ به، والركون إليه، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه، فإنه ضعيف لا يعتمد عليه، لا سيما ومعمر؛ وإن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في ترجمته: " له أوهام معروفة، احتملت له في سعة ما أتقن، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وما حدث به بالبصرة، ففيه أغاليط ". وإن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد عن جماعة آخرين من الصحابة، مثل جابر بن عمرو، وعمار بن ياسر وأبي الدرداء، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة، وكلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي رواه الجماعة، وقد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " (925) فمن شاء الوقوف الحديث: 1130 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 عليها، فليرجع إليه إن شاء الله تعالى. وإنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء اللغة والأدب، ولقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص ": " هذه لغة لبعض أهل اليمن، يجعلون لام التعريف ميما، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعري (يعني: كعب بن عاصم) كذلك لأنها لغته، ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته، فحملها الراوي عنه، وأداها باللفظ الذي سمعها به. وهذا الثاني أوجه عندي. والله أعلم ". فأقول: إن إيراد الحافظ رحمه الله تعالى هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري، وإنما تردد في كونه من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، أومن الأشعري، ورجح الثاني. وهذا الترجيح لا داعي إليه، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأشعري، بل ولا صفوان بن عبد الله، ولا الزهري. فليعلم هذا فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى. 1131 - " لوكان هذا في غير هذا لكان خيرا لك ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/2/238) والحاكم (4/121 - 122) وأحمد (3/471 و4/339) والطبراني في " الكبير " (1/100/2) والبيهقي في " الشعب " (2/161/2 - 162/1) من طريق شعبة قال: سمعت أبا إسرائيل قال: سمعت جعدة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ورأى رجلا سمينا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده ويقول: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وقال المنذري (3/123) : " رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد جيد والحاكم والبيهقي ". وكذا قال الحافظ العراقي في " المغني " (3/88 الطبعة التجارية) ، إلا أنه ذكر أحمد بدل ابن أبي الدنيا، ولم يذكر الطبراني، ولم أره في " كتاب الجوع " لابن أبي الدنيا. وقال الهيثمي (5/31) : الحديث: 1131 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 " رواه الطبراني وأحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي إسرائيل الجشمي وهو ثقة " قلت: في هذا التوثيق عندي نظر، لأن عمدته على أن ابن حبان ذكر أبا إسرائيل في " الثقات "، ولم يوثقه غيره كما يستفاد من ترجمته المختصرة في " تهذيب التهذيب ": " أبو إسرائيل الجشمي، وعنه شعبة بن الحجاج. ذكره ابن حبان في " الثقات "، واسمه شعيب ". ومن المعلوم تساهل ابن حبان في التوثيق كما نبهنا عليه مرارا، ولهذا نرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين لا يحتجون بمن يتفرد ابن حبان بتوثيقه، ولا يوثقونه، فهذا أبو إسرائيل لم يوثقه ابن حجر في " التقريب " وإنما قال فيه: " مقبول "، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة. ولذلك فإني أرى أن تجويد الحافظ المنذري والعراقي لإسناد هذا الحديث، غير جيد، لأنه قائم على الاعتماد على توثيق ابن حبان لرواية أبي إسرائيل، وهو بالتجهيل أولى منه بالتوثيق لأنه لم يروعنه غير شعبة، مع عدم توثيق غير ابن حبان له. والله أعلم. ثم وجدت للحديث علة أخرى، وهي الاختلاف في صحبة جعدة وهو ابن هبيرة الأشجعي، وترى تفصيل القول في ذلك في " تهذيب ابن حجر " وتعليق الدكتور عواد على " تهذيب المزي " (4/566) ، وتناقض رأي ابن حجر فيه، ففي " التهذيب " يرجح قول أبي حاتم أنه تابعي، وفي " التقريب " يجزم بأنه صحابي صغير له رؤية، وليس يخفى على طالب العلم أن هذا التناقض من مثل هذا الحافظ ما هو إلا لأنه ليس هناك دليل قاطع في صحبة جعدة هذا يرفع الخلاف، وإن مما يؤكد ذلك أن ابن حبان نفسه الذي وثق أبا إسرائيل هذا أورد جعدة في التابعين من " ثقاته " (4/115) وقال: " ولا أعلم لصحبته شيئا صحيحا فأعتمد عليه فلذلك أدخلناه في التابعين ". وبناء على ذلك أورد أبا إسرائيل في " أتباع التابعين " من " ثقاته " (6/438) وقال: " يروي عن جعدة بن هبيرة، روى عنه شعبة بن الحجاج ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 قلت: وهذا تناقض ظاهر من ابن حبان يشبه تناقض الحافظ السابق، لأن أبا إسرائيل هذا إذا كان ثقة عنده لزمه القول بصحبة جعدة لأنه صرح في هذا الحديث بها: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا كان قوله هذا ليس صحيحا يعتمد عليه، لزمه القول بأن أبا إسرائيل ليس ثقة يعتمد عليه، وهذا هو الذي يظهر لي لتفرد شعبة بالرواية عنه كما تقدم. والله أعلم. 1132 - " قوموا كلكم فتوضأوا ". باطل. رواه ابن عساكر (17/360/2) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: حدثنا الأوزاعي: حدثني واصل بن أبي جميل أبو بكر عن مجاهد قال: " وجد النبي صلى الله عليه وسلم (1) ريحا، فقال: ليقم صاحب الريح فليتوضأ، فإن الله لا يستحيي من الحق، فقال العباس: يا رسول الله أفلا نقوم كلنا فنتوضأ؟ فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، مسلسل بالعلل: الإرسال من مجاهد وهو ابن جبر وضعف واصل بن أبي جميل والبابلتي. وأصل الحديث موقوف، فقد روى مجالد: نا عامر عن جرير يعني ابن عبد الله البجلي: " أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس، فخرج من إنسان شيء، فقال: عزمت على صاحب هذه إلا توضأ، وأعاد صلاته. فقال جرير: أوتعزم على كل من سمعها أن يتوضأ، وأن يعيد الصلاة، قال: نعما قلت، جزاك الله خيرا، فأمرهم بذلك ". أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/107/1) : حدثنا معاذ بن المثنى: نا مسدد: نا يحيى عن مجالد. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم غير معاذ بن المثنى وهو ثقة مترجم في " تاريخ بغداد "، غير أن مجالدا وهو ابن سعيد الهمداني قال الحافظ في " التقريب ":   (1) كذا الأصل، وسقط منه: " من رجل ". اهـ الحديث: 1132 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 " ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره ". فقول الهيثمي (1/244) : " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح ". قلت: فهذا القول، مما لا يخفى بعده عن الصواب على من عرف ما بينا. ويشبه هذا الحديث ما يتداوله كثير من العامة، وبعض أشباههم من الخاصة، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم، فخرج من أحدهم ريح، فاستحيا أن يقوم من بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سترا عليه: " من أكل لحم جزور فليتوضأ ". فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا! وهذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت، فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها، فإنها تصرفهم عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ، كما ثبت في " صحيح مسلم " وغيره: قالوا: يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا، قالوا: أفنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضأوا. فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل، لا تشريعا! وليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة ويؤمنون بها، مع بعدها عن العقل السليم، والشرع القويم؟ ! فإنهم لوتفكروا فيها قليلا، لتبين لهم ما قلناه بوضوح، فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية. ثم لا يبين للناس تلك العلة، حتى يصير الأمر شريعة أبدية، كما وقع في هذا الأمر، فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه، فلوأنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق! ولكن قبح الله الوضاعين في كل عصر وكل مصر، فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم، ووفق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك وفي اتباع كل سنة صحيحة. والله ولي التوفيق. 1133 - " أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2933) وأحمد (4/133) وابن عساكر في " تاريخ الحديث: 1133 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 دمشق " (17/80/1) عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، صالح هذا أورده الذهبي في " ديوان الضعفاء "، وقال: " مجهول ". وقال في " المغني " و" الكاشف ": " قال البخاري: فيه نظر ". وقال الحافظ في " التقريب ": " لين ". وأما قول المنذري (3/134) : " وفيه كلام قريب لا يقدح ". فهذا مردود لوجهين: أولا: أن الذين ترجموا صالحا كان كلامهم فيه على ثلاثة أنواع: 1 - منهم من ضعفه ضعفا شديدا، وهو الإمام البخاري، فقال قال: " فيه نظر "، كما تقدم. وعبارة البخاري هي من أشد أنواع التجريح عنده. 2 - ومنهم من جهله مثل موسى بن هارون الحمال وابن حزم. ويمكن أن نذكر معهم ابن أبي حاتم، فإنه أورده في كتابه (2/1/419) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 3 - ومنهم من وثقه، وهو ابن حبان وحده، فقد أورده في " ثقات أتباع التابعين " وقال (6/409) : " يخطىء ". فأنت ترى أنهم جميعا متفقون على تجريح الرجل، إما بالضعف الشديد، وإما بالجهالة، وإما بالوهم. ثانيا: أن الكلام الذي لا يقدح إنما يسلم لوقيل في رجل ثبت أنه ثقة، والأمر هنا ليس كذلك، لأن توثيق ابن حبان مما لا يوثق به عند التفرد كما هو الشأن هنا لما عرفت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 من تساهله فيه، فلذلك لا يقبل توثيقه هذا إذا لم يخالف ممن هو مثله في العلم بالجرح والتعديل، فكيف إذا كان مخالفه هو الإمام البخاري؟ فكيف إذا كان مع ذلك هو نفسه يقول فيه كما تقدم: " يخطىء "؟ ! فيتلخص من ذلك أن الكلام الذي فيه قادح، يسقط الاحتجاج بالحديث. ثم إن إيراد ابن حبان إياه في " أتباع التابعين " ينبهنا إلى أن في الحديث علة أخرى وهي الانقطاع، فإن صالحا هذا رواه عن جده المقدام لم يذكر بينهما أباه يحيى بن المقدام، فهو منقطع، فهذه علة أخرى، ويؤيده أنه سيأتي له قريبا حديث آخر برقم (1149) من روايته عن أبيه عن جده، فإن كان هذا تلقاه عن أبيه فهو - أعني أباه - مجهول كما سيأتي هناك، ولذلك ذكر الحافظ في ترجمة صالح هذا من " التقريب " أنه من الطبقة السادسة. وهم الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. 1134 - " كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من إمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها، قال (يعني عمر) : أجيزهن عليهم ". منكر بهذا السياق. أخرجه أبو داود (2199) وعنه البيهقي (7/338 - 339) : حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان: حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن غير واحد عن طاووس: " أن رجلا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر؟ وقال ابن عباس: بلى كان الرجل..". قلت: وهذا إسناد معلول عندي بأبي النعمان واسمه محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم، وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط، وصفه بذلك جماعة من الأئمة منهم أبو الحديث: 1134 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 داود والنسائي والدارقطني وغيرهم، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/1/59) : " سمعت أبي يقول: اختلط في آخر عمره، وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح ". قلت: وهذا الحديث من رواية ابن مروان وهو أبو جعفر الدقيقي الثقة، ولا ندري أسمع منه قبل الاختلاط أم بعده؟ وهذا عندي أرجح، فقد خولف عارم في إسناده ومتنه. فرواه سليمان بن حرب عن حماد بن زيد فقال: عن أيوب عن إبراهيم ابن ميسرة عن طاووس به، إلا أنه لم يذكر فيه: " قبل أن يدخل بها ". أخرجه مسلم (4/182) والبيهقي (7/336) . وقال ابن أبي شيبة (5/26) : نا عفان بن مسلم قال: نا حماد بن زيد به. ورواه محمد بن أبي نعيم: نا حماد بن زيد به. أخرجه الدارقطني (443) ، وابن أبي نعيم صدوق. فهي زيادة شاذة إن لم نقل منكرة، تفرد بها عارم. ويؤكد ذلك أن عبد الله بن طاووس قد روى الحديث عن أبيه كما رواه سليمان بن حرب بإسناده عنه بدون الزيادة. أخرجه مسلم والنسائي (2/96) والطحاوي (2/31) والدارقطني (444) والبيهقي وأحمد (1/314) والحاكم أيضا (2/196) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا، إلا أنهما وهما في استدراكهما على مسلم. قلت: فهذه الروايات الصحيحة تدل على أن عارما إنما حدث بالحديث بعد الاختلاط، ولذلك لم يضبطه، فلم يحفظ اسم شيخ أيوب فيه، وزاد تلك الزيادة فهي لذلك شاذة غير محفوظة لمخالفته الثقات فيها، وقد خفيت هذه العلة على العلامة ابن القيم؛ فصحح إسناد الحديث في " زاد المعاد " (4/55) ، وانطلى ذلك على المعلق عليه (5/249 و251) ، وأعله المنذري في " مختصر السنن " (3/124) بقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 " الرواة عن طاووس مجاهيل ". وإذا عرفت ذلك فلا يجوز تقييد لفظ الحديث الصحيح بها، كما فعل البيهقي، بل ينبغي تركه على إطلاقه فهو يشمل المدخول بها وغير المدخول بها، وإليك لفظ الحديث في " صحيح مسلم ": " كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم ". قلت: وهو نص لا يقبل الجدل على أن هذا الطلاق حكم محكم ثابت غير منسوخ لجريان العمل عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر، وأول خلافة عمر، ولأن عمر رضي الله لم يخالفه بنص آخر عنده بل باجتهاد منه ولذلك تردد قليلا أول الأمر في مخالفته كما يشعر بذلك قوله: " إن الناس قد استعجلوا.. فلو أمضيناه عليهم.. "، فهل يجوز للحاكم مثل هذا التساؤل والتردد لوكان عنده نص بذلك؟ ! وأيضا، فإن قوله: " قد استعجلوا " يدل على أن الاستعجال حدث بعد أن لم يكن، فرأى الخليفة الراشد، أن يمضيه عليهم ثلاثا من باب التعزيز لهم والتأديب، فهل يجوز مع هذا كله أن يترك الحكم المحكم الذي أجمع عليه المسلمون في خلافة أبي بكر وأول خلافة عمر، من أجل رأي بدا لعمر واجتهد فيه، فيؤخذ باجتهاده، ويترك حكمه الذي حكم هو به أول خلافته تبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر؟ ! اللهم إن هذا لمن عجائب ما وقع في الفقه الإسلامي، فرجوعا إلى السنة المحكمة أيها العلماء، لا سيما وقد كثرت حوادث الطلاق في هذا الزمن كثرة مدهشة تنذر بشر مستطير تصاب به مئات العائلات. وأنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض البلاد الإسلامية كمصر وسوريا قد أدخلت هذا الحكم في محاكمها الشرعية، ولكن من المؤسف أن أقول: إن الذين أدخلوا ذلك من الفقهاء القانونيين لم يكن ذلك منهم بدافع إحياء السنة، وإنما تقليدا منهم لرأي ابن تيمية الموافق لهذا الحديث، أي إنهم أخذوا برأيه لا لأنه مدعم بالحديث، بل لأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 المصلحة اقتضت الأخذ به زعموا، ولذلك فإن جل هؤلاء الفقهاء لا يدعمون أقوالهم واختياراتهم التي يختارونها اليوم بالسنة، لأنهم لا علم لهم بها، بل قد استغنوا عن ذلك بالاعتماد على آرائهم، التي بها يحكمون، وإليها يرجعون في تقدير المصلحة التي بها يستجيزون لأنفسهم أن يغيروا الحكم الذي كانوا بالأمس القريب به يدينون الله، كمسألة الطلاق هذه، فالذي أوده أنهم إن غيروا حكما أوتركوا مذهبا إلى مذهب آخر، أن يكون ذلك اتباعا منهم للسنة، وأن لا يكون ذلك قاصرا على الأحكام القانونية والأحوال الشخصية، بل يجب أن يتعدوا ذلك إلى عباداتهم ومعاملاتهم الخاصة بهم، فلعلهم يفعلون! 1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، وما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 251 - 252) عن محمد ابن القاسم الأسدي: نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد وقال: " أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ". وأبو صالح هو باذام وهو ضعيف. والشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين ولكنهما واهيان كما بينته في " آداب الزفاف " (ص 32 - الطبعة الثانية) وذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل على بطلانه. وأما الشطر الأول، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي: كيف شئتم. فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان، لا يعقل هذا التضييق الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى. الحديث: 1135 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 1136 - " ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرها إلا جعل الله ذلك البلاء له كفارة وطهورا، ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله، أويدعو غير الله في كشفه ". موضوع. رواه ابن أبي الدنيا في " المرض والكفارات " (162/1) حدثني يعقوب بن عبيد قال: أنبأ هشام بن عمار قال: أنبأ يحيى بن حمزة قال: حدثنا الحكم بن عبد الله أنه سمع المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي يحدث أنه سمع أبا هريرة يحدث قال: دخلت على أم عبد الله ابنة أبي ذباب عائدا لها من شكوى فقالت: يا أبا هريرة إني دخلت على أم سلمة أعودها من شكوى فنظرت إلى قزحة في يدي فقالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ساقط موضوع، من أجل الحكم بن عبد الله وهو ابن سعد الأيلي قال الذهبي في " الضعفاء ": " متروك متهم ". وقال في " الميزان ": " وقال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال السعدي وأبو حاتم: كذاب ". الحديث: 1136 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 1137 - " يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من شاته ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (15/390/2) عن عباد بن يعقوب الرواجني أنبأنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. قلت: وهذا سند واه، عيسى بن عبد الله قال أبو نعيم: " روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء ". وقال ابن عدي: " حدث عن آبائه بأحاديث غير محفوظة ". الحديث: 1137 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 وساق له الذهبي حديثين قال في أحدهما: " لعله موضوع ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه وبيض له المناوي في " شرحيه "! 1138 - " هي زكاة الفطر. آية: " قد أفلح من تزكى " ". ضعيف جدا. أخرجه البزار في " مسنده " (1/429/905) وابن عدي في " الكامل " (ق 333/1) والبيهقي (4/159) من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، كثير هذا هو ابن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال الشافعي وأبو داود: " ركن من أركان الكذب ". وقال الدارقطني وغيره: " متروك ". وعبد الله بن نافع هو الصائغ المخزومي المدني، قال الحافظ: " ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين ". والحديث أورده السيوطي في " الدر المنثور " (6/339) بتخريج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في " الكنى " وابن مردويه والبيهقي في " سننه " بسند ضعيف عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف به. قلت: فضعف إسناده بعبد الله بن نافع، وتضعيفه بكثير أولى لما عرفت من سوء حاله، ولكن لعله سكت عنه لشهرته بذلك. وللحديث شاهد موقوف، رواه أبو حماد الحنفي عن عبيد الله (وفي نسخة عبد الله) ابن عمر عن نافع عن عمر أنه كان يقول: الحديث: 1138 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 " نزلت هذه الآية: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " في زكاة رمضان " قلت: وهو مع وقفه ضعيف الإسناد جدا، فإن أبا حماد الحنفي واسمه مفضل بن صدقة قال النسائي: " متروك ". وقال ابن معين: " ليس بشيء ". وعبد الله بن عمر إن كان هو المكبر فضعيف، وإن كان المصغر فثقة. 1139 - " أكل اللحم يحسن الوجه، ويحسن الخلق ". موضوع. رواه الرازي في " الفوائد " (15/101/2) وابن عساكر (14/211/1) عن محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري: حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الحريص (1) : حدثنا محمد بن حسان بن يزيد الحوري: حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا بل هو موضوع، فإن الأنصاري هذا قال الحافظ عبد العزيز الكتاني: " كان يتهم ". والمحمدان فوقه لم أعرفهما، ومن سائرهم من رجال الستة، واعتقادي أن هذا السند مركب عليهم، فإن أحدهم أسمى من أن يحدث بمثل هذا الحديث الباطل الظاهر البطلان، وإني لأعجب من السيوطي كيف سود به كتابه " الجامع الصغير "! وأما المناوي فقد بيض له في " الفيض " وقال في " التيسير ": إسناد ضعيف "!   (1) وابن الحريص ترجمه ابن عساكر في " تاريخه " (15/31 - 32) ولكنه لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. اهـ. الحديث: 1139 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 1140 - " إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/44/1) : حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن عن جابر بن عبد الله مرفوعا. وبهذا الإسناد أخرجه الإمام أحمد (3/381 - 382) وأبو يعلى (593 - 594) في حديث. وكذلك أخرجه أحمد (3/305) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (517) من طريقين آخرين عن هشام بن حسان به. وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1/256/1) وكذا أبو داود (2570) ولكنه لم يسق لفظه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات، وإنما علته الانقطاع بين الحسن وهو البصري وجابر، فإنه لم يسمع منه كما قال أبو حاتم والبزار. وقد رواه البزار (4/34/3149) من طريقين عن يونس عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا به نحوه. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه، ولا نعلم سمع الحسن من سعد شيئا ". وقال الهيثمي (10/134) : " ورجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب ". وله شاهد واه جدا من رواية عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. أخرجه بن عدي في " الكامل " (ق 244/1) وقال: " هذا الحديث بهذا الإسناد بعض متنه لا يعرف إلا من طريق عمر بن صبح عن مقاتل، وابن صبح منكر الحديث ". وقال الذهبي: " ليس بثقة ولا مأمون، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث ". الحديث: 1140 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا به. وزاد: " فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " من حديث عدي بن الفضل عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه. وقال: " لم يروه عن سهيل إلا عدي ". قلت: وهو متروك كما قال الهيثمي (10/134) . والزيادة المذكورة عند مسلم (2/5 - 6) من طريقين عن سهيل به. وهذا يدل على نكارة ما زاده عدي عليها. ويؤكده أن في أحد الطريقين المشار إليهما عند مسلم عن سهيل قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلام لنا أوصاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه، قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا، فذكرت ذلك لأبي فقال: لوشعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الشيطان إذا نودي بالصلاة، ولى وله خصائص ". قلت: فهذا يبين أن هذه الزيادة التي تفرد بها عدي - وهو ابن الفضل - أصلها مقطوع من كلام أبي صالح والد سهيل، فرفعه عدي! 1141 - " من أكل فشبع، وشرب فروي، فقال: الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني، وسقاني فأرواني، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ". ضعيف. أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (467) : أخبرنا أبو يعلى: حدثنا محمد بن إبراهيم السامي: حدثنا إبراهيم بن سليمان: حدثنا حرب بن سريج (1) عن حماد بن أبي سليمان قال: " تغديت عند أبي بردة، فقال: ألا أحدثك ما حدثني به عبد الله بن قيس رضي الله عنه؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.   (1) بالمهملة والجيم. كذا قيده الحافظ، ووقع في ابن السني " شريح " وهو خطأ. اهـ الحديث: 1141 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير حرب بن سريج، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " فيه ضعف ". قلت: وخفي ذلك على المنذري فسكت عليه في " الترغيب " (3/129) وعزاه لأبي يعلى. وأغرب منه قول الهيثمي (5/29) : " رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه ". وليس فيهم من لا يعرف إطلاقا، فلعله تحرف عليه بعض أسماء رواته. 1142 - " يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة العذاب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط ". ضعيف. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1546) : حدثنا عمر بن العلاء اليشكري قال: حدثني صالح بن سرج من عبد القيس عن عمران بن حطان قال: سمعت عائشة تقول، وذكر عندها القضاة، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن طريق الطيالسي أخرجه أحمد (6/75) وأبو بكر المروزي في " أخبار الشيوخ " (1/27/2) وابن أبي الدنيا في " الأشراف " (2/73/2) والبيهقي (10/96) كلهم عن الطيالسي به. وأخرجه ابن حبان (1563) والطبراني في " الأوسط " (رقم - 2781 - مصورتي) والبيهقي أيضا من طريقين آخرين عن عمر بن العلاء به، إلا أن ابن حبان قال: " عمره " بدل " تمرة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: صالح بن سرج أورده الذهبي في " الميزان " ولم يزد فيه على قوله: " قال أحمد بن حنبل: كان من الخوارج ". وأورده في " الضعفاء " وقال: الحديث: 1142 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 " مجهول ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (6/460) . والأخرى: عمر بن العلاء. كذا وقع في المصادر المتقدمة إلا المسند فوقع فيه " عمرو " بفتح أوله. قال الحافظ في " التعجيل ": " وهو قول الأكثر ". وذكر في ترجمته أنه روى عنه جماعة من الثقات، ولم يذكر فيه توثيقا فهو مجهول الحال. والله أعلم. قلت: فقول الهيثمي في " المجمع " (4/193) : " رواه أحمد وإسناده حسن ". غير حسن، لما بينا من حال الرجلين. 1143 - " أول من يكسى حلة من النار إبليس، يضعها على حاجبيه، وهو يسحبها من خلفه، وذريته من خلفه، وهو يقول: يا ثبوراه! وهم ينادون: يا ثبوراهم، حتى يقف على النار، فيقول: يا ثبوراه! فينادون: يا ثبوراهم، فيقال: " لا تدعو اليوم ثبورا واحدا، وادعوا ثبورا كثيرا " ". ضعيف. أخرجه أحمد (3/152 و153 - 154 و249) والبزار (4/183) والطبري في " تفسيره " (18/141) من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، كما في " التقريب ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10/392) وقال: " رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف، كما في " التقريب ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10/392) وقال: " رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد وقد وثق "! وذكره ابن الجوزي في تفسيره " زاد المسير " (6/76) (1) دون عزو فقال:   (1) قام بطبعه المكتب الإسلامي بدمشق، جزاه الله خيرا. اهـ. الحديث: 1143 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 " روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ". فجزم برواية أنس له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يحسن، وكم فيه من أحاديث ضعيفة وواهية يسكت عنها، ولا يبين وهنها، بل ربما أوهم صحتها، كهذا، وقد تولى بيان حال الكثير منها الأستاذ المعلق عليه، ولكنه سكت أيضا عن غير قليل منها كهذا الحديث، فإنه خرجه ولم يبين حال إسناده، بل وأقره على جزمه! 1144 - " كل [باسم الله] ، ثقة بالله، وتوكلا عليه ". ضعيف. رواه أبو داود (3925) والترمذي (1/335) وابن ماجه (3542) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (457) وأبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " (ق 192/2) والحاكم (4/136 - 137) والعقيلي في " الضعفاء " (428) وابن عدي في " الكامل " (396/2) وأبو عبد الله الدقاق في " معجم مشايخه " (ق 4/1) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 49/1) من طريق المفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم، فأدخلها معه في القصعة فقال ". فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث المفضل بن فضالة، وهو شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا وأشهر، وروى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن ابن بريدة: أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أثبت عندي وأصح ". قلت: وحديث شعبة وصله العقيلي من طريق سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الرحمن ابن زياد قال: حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد قال: سمعت عبد الله بن بريدة يقول: " كان سلمان يعمل بيديه، ثم يشتري طعاما، ثم يبعث إلى المجذومين فيأكلون معه ". الحديث: 1144 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 قلت: فجعل سلمان مكان ابن عمر، ولعله الصواب، فإن إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن زياد هذا هو الرصاصي، قال أبو حاتم: " صدوق ". وقال أبو زرعة: " لا بأس به ". وقال العقيلي عقب روايته: " هذا أصل الحديث، وهذه الزيادة أولى به، والمفضل ليس بمشهور بالنقل، قال يحيى: ليس هو بذاك ". وقال ابن عدي: " ولم أر في حديثه أنكر من هذا الحديث، وباقي حديثه مستقيم ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " مقارب الحديث، لا يحتج به. قاله الترمذي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". قلت: فقول الحاكم: " حديث صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي مما لا يخفى بعده عن الصواب، ونحوه قول المناوي في " التيسير ": " إسناده حسن " مغترا بما نقله في " الفيض " عن ابن حجر أنه قال: " حديث حسن "! قلت: وقد وجدت له متابعا، يرويه عبيد الله بن تمام عن إسماعيل المكي عن محمد ابن المنكدر به. أخرجه ابن عدي (8/2 و237/1) وقال في الموضع الأول: " إسماعيل هذا أحاديثه غير محفوظة، إلا أنه ممن يكتب حديثه ". وقال في الموضع الآخر: " وهذا قد روي من غير هذا الطريق عن محمد بن المنكدر، وعبيد الله في بعض ما يرويه مناكير ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". وأورده ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (2/386) من الوجهين عن محمد بن المنكدر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 1145 - " ملعون من لعب بالشطرنج ". موضوع. أخرجه الديلمي (4/63) عن عباد بن عبد الصمد عن أنس رفعه. قلت: وهذا موضوع، آفته عباد هذا قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان: " روى عن أنس نسخة كلها موضوعة ". وقال الحافظ السخاوي في " عمدة المحتج في حكم الشطرنج " (9/1) : " وقد سئل عنه النووي؟ فقال: لا يصح ". ونحوه ما أورده السيوطي في " الجامع " من رواية عبدان وأبي موسى وابن حزم عن حبة بن مسلم مرسلا به وزاد: " والناظر إليها كالآكل لحم الخنزير ". قال المناوي: " وحبة هذا تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفي " الميزان ": إنه خبر منكر ". قلت: وهو من رواية ابن جريج عن حبة، وقال في أصح الطريقين عنه - وكلاهما ضعيف -: " حدثت عن حبة بن مسلم ". فله علتان: الإرسال والانقطاع. الحديث: 1145 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 1146 - " إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون الأزلام: الشطرنج والنرد وما كان من اللهو، فلا تسلموا عليهم، فإن سلموا عليكم فلا تردوا عليهم، فإنهم إذا اجتمعوا وأكبوا عليها، جاء إبليس أخزاه الله بجنوده فأحدق بهم، كلما ذهب رجل يصرف بصره عن الشطرنج لكز في ثغره، وجاءت الملائكة من وراء ذلك فأحدقوا بهم، ولم يدنوا منهم، فما يزالون يلعنونهم حتى يتفرقوا عنها حين يتفرقون كالكلاب اجتمعت على جيفة، فأكلت منها، حتى ملأت بطونها ثم تفرقت ". الحديث: 1146 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 موضوع. أخرجه الآجري في " كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي " (ق 43/2) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته سليمان بن داود اليمامي قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك ". وكتب الحافظ ابن المحب المقدسي بخطه على هامش كتاب الآجري: " هذا حديث ضعيف ". قلت: بل هو موضوع، وعلامات الوضع عليه لائحة، وآفته اليمامي المذكور، فإنه متهم عند البخاري كما عرفت. والله أعلم. 1147 - " إذا مررت عليهم (يعني أهل القبور) فقل: السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين، أنتم لنا سلف، ونحن لكم تبع، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. فقال أبو رزين: يا رسول الله ويسمعون؟ قال: ويسمعون، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا، أولا ترضى يا أبا رزين أن يرد عليك [بعددهم من] الملائكة ". منكر. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (369) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 92: 2) عن النجم بن بشير بن عبد الملك بن عثمان القرشي حدثنا محمد بن الأشعث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " قال أبو رزين: يا رسول الله: إن طريقي على المقابر، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم؟ قال: " فذكره. وقال العقيلي والزيادة له: " محمد بن الأشعث مجهول في النسب والرواية، وحديثه هذا غير محفوظ، ولا الحديث: 1147 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 يعرف إلا بهذا الإسناد. وأما " السلام عليكم يا أهل القبور " إلى قوله " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " فيروى بغير هذا الإسناد من طريق صالح، وسائر الحديث غير محفوظ ". والنجم بن بشير أورده ابن أبي حاتم (4/1) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قلت: فهو بهذه الزيادة منكر، لتفرد هذا المجهول بها، وأما بدونها فهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث عائشة وبريدة، وهو مخرج في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها ". وهذه الزيادة منكرة المتن أيضا، فإنه لا يوجد دليل في الكتاب والسنة على أن الموتى يسمعون، بل ظواهر النصوص تدل على أنهم لا يسمعون. كقوله تعالى: " وما أنت بمسمع من في القبور " وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهم في المسجد: " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة، فإن صلاتكم تبلغني ... " فلم يقل: أسمعها. وإنما تبلغه الملائكة كما في الحديث الآخر: " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ". رواه النسائي وأحمد بسند صحيح. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " العبد إذا وضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له.. " الحديث رواه البخاري فليس فيه إلا السماع في حالة إعادة الروح إليه ليجيب على سؤال الملكين كما هو واضح من سياق الحديث. ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما سأله عن مناداته لأهل قليب بدر: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " هو خاص أيضا بأهل القليب، وإلا فالأصل أن الموتى لا يسمعون، وهذا الأصل هو الذي اعتمده عمر رضي الله عنه حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لتنادي أجسادا قد جيفوا، فلم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم بل أقره، وإنما أعلمه بأن هذه قضية خاصة، ولولا ذلك لصحح له ذلك الأصل الذي اعتمد عليه، وبين له أن الموتى يسمعون خلافا لما يظن عمر، فلما لم يبين له هذا، بل أقره عليه كما ذكرنا، دل ذلك على أن من المقرر شرعا أن الموتى لا يسمعون. وأن هذه قضية خاصة. وبهذا البيان ينسد طريق من طرق الضلال المبين على المشركين وأمثالهم من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 الضالين، الذين يستغيثون بالأولياء والصالحين ويدعونهم من دون الله، زاعمين أنهم يسمعونهم، والله عز وجل يقول: " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ". وراجع لتمام هذا البحث الهام مقدمتي لكتاب " الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " للآلوسي. 1148 - " أربع من سعادة المرء: زوجة صالحة، وولد أبرار، وخلطاء صالحون، ومعيشة في بلده ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/166 - مختصره للحافظ ابن حجر) منة طريق سهل بن عامر البجلي: حدثنا عمرو بن [جميع] عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وله آفتان: الأولى: عمرو بن جميع كذبه ابن معين، وقال الدارقطني وجماعة: " متروك ". وقال ابن عدي: " كان يتهم بالوضع ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". والأخرى: سهل بن عامر البجلي، كذبه أبو حاتم. وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن أبي حاتم (4/1/202) عن أبيه: " ضعيف الحديث، روى أحاديث بواطيل، أدركته بالكوفة، وكان يفتعل الحديث ". الحديث: 1148 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 1149 - " لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ". منكر. أخرجه أبو داود (3790) والنسائي (2/199) وابن ماجه (3198) الحديث: 1149 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 والطحاوي في " شرح المعاني " (2/322) والبيهقي (9/328) وأحمد (4/89) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 188) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 3862) والواحدي في " الوسيط " (2/127/2) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد: حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال العقيلي: " صالح بن يحيى فيه نظر. وقد روي عن جابر قال: أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم البغال والحمير. وروي عن أسماء ابنة أبي بكر قالت: ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه. وإسنادهما أصلح من هذا الإسناد ". وقال البيهقي: " فهذا إسناد مضطرب، ومع اضطرابه مخالف لحديث الثقات ". ثم روى عن موسى بن هارون أنه قال: " لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبو هـ إلا بجده، وهذا ضعيف ". قلت: فللحديث أربع علل: الأولى: ضعف صالح بن يحيى كما أشار إلى ذلك البخاري بقوله فيه: " فيه نظر ". أوأنه مجهول كما يشعر كلام موسى بن هارون المذكور، وهو الذي جزم به الذهبي في " الضعفاء ". وقال الحافظ في " التقريب ": " لين ". وأما ابن حبان فأورده في " أتباع التابعين " من " الثقات "! واغتر به الحافظ المنذري فقال في " الترغيب " (3/134) : " وفي صالح بن يحيى كلام قريب لا يقدح "! الثانية: جهالة يحيى بن المقدام بن معدي، كما في كلام موسى بن هارون المتقدم، واعتمده الذهبي، فقال في " الميزان ": " لا يعرف إلا برواية ولده صالح عنه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". الثالثة: الاضطراب الذي أشار إليه البيهقي وبينه بقوله: " ورواه محمد بن حمير عن ثور عن صالح أنه سمع جده المقدام. ورواه عمر بن هارون البلخي عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد ". ومحمد بن حمير ثقة وقد تابعه سليمان بن سليم أبو سلمة وهو ثقة أيضا، عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام عن خالد قال: " غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر.. الحديث، وفيه: وحرام عليكم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها.. ". أخرجه أحمد. ومتابعة أبي سلمة عند الطبراني (3827) ، لكنه قال: عن صالح عن أبيه عن جده عن خالد. يعني مثل إسناد ثور بن يزيد برواية بقية عنه. نعم رواه سعيد بن غزوان عن صالح عن جده عن خالد. رواه الطبراني (3828) . الرابعة: النكارة والمخالفة كما تقدم في كلام البيهقي. ويعني بذلك أمرين اثنين: الأول: قوله عن خالد: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم قال الحديث في هذه الغزوة. قال الحافظ في " الفتح " (9/561) : " وتعقب بأنه شاذ منكر، لأن في سياقه أنه شهد خيبر، وهو خطأ، فإنه (يعني خالدا) لم يسلم إلا بعدها على الصحيح، والذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان سنة الفتح..، وأعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا ". والآخر: أنه صح برواية الثقات أنه صلى الله عليه وسلم رخص في لحوم الخيل. أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله، وله عنه طرق وألفاظ ذكرتها في " الصحيحة " فلتطلب من هناك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 وأما ما روى عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال ". فقد أورده الحافظ في " الفتح " من رواية الطحاوي وأبي بكر الرازي وابن جزم، وقال الحافظ: " قال الطحاوي: وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار. قلت: لا سيما في يحيى بن أبي كثير، فإن عكرمة وإن كان مختلفا في توثيقه، فقد أخرج له مسلم، لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال يحيى بن سعيد القطان: أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة. وقال البخاري: حديثه عن يحيى مضطرب.. وعلى تقدير صحة هذه الطريق، فقد اختلف على عكرمة فيها، فإن الحديث عند أحمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر، وعلى تقدير أن يكون الذي زاده حفظه، فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل والحمر في الحكم، أظهر اتصالا، وأتقن رجالا وأكثر عددا ". ثم ذكر أن الطبري أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير أيضا عن رجل من أهل حمص قال: كنا مع خال فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها. وقال: " وأعل بتدليس يحيى وإبهام الرجل ". قلت: وأنا أظن أن هذا الرجل هو يحيى بن المقدام بن معدي كرب المتقدم في الطريق الأولى فإنه حمصي وهو مجهول كما سبق، فلا يذهبن وهل أحد إلى أنه يمكن تقوية تلك الطريق بطريق الطبري هذه، لأن مدارهما على مجهول. والله أعلم. 1150 - " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قلت: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: المساجد، قلت: وما الرتع يا رسول الله؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2/265) من طريق يزيد بن حبان أن حميد المكي الحديث: 1150 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 مولى ابن علقمة حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". كذا قال! وحميد المكي قال البخاري كما في " الميزان ": " لا يتابع على حديثه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". قلت: فأنى لحديثه الحسن؟ ! ويزيد بن حبان، كذا في النسخة المطبوعة من " الترمذي " في بولاق، وأظنه محرفا، والصواب: زيد بن حبان، فإنهم لم يذكروا غيره في ترجمة حميد المكي. والله أعلم. وزيد بن الحباب من رجال مسلم، وفيه خلاف، قال الحافظ: " صدوق يخطىء في حديث الثوري ". وقد روي الحديث من طريق أخرى وهي مع ضعفها فإنه مختصر ولفظه: " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر ". أخرجه الترمذي (2/265) وأحمد (3/150) وابن عدي في " الكامل " (329/1) من طريق محمد بن ثابت البناني قال: حدثني أبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب من حديث ثابت عن أنس ". قلت: والقول فيه كالذي قبله، فإن محمد بن ثابت البناني متفق على تضعيفه وقد تفرد به عن أبيه، فقال ابن عدي عقبه وقد ساق له أحاديث أخرى: " وهذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره عامتها مما لا يتابع محمد بن ثابت عليه ". وأورده الذهبي في " الميزان " فقال: " قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي ضعيف ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 ثم ساق له مما أنكر عليه حديثين، هذا أحدهما. وقد وجدت له طريقا أخرى عن أنس، ولكنها واهية، لأنها من رواية زائدة بن أبي الرقاد: حدثنا زياد النميري عن أنس به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/268) . قلت: وهذا إسناد واه، وله علتان: زياد النميري وزائدة بن أبي الرقاد قال الذهبي في " الميزان ": " ضعيفان ". وقال الحافظ في الأول منهما: " ضعيف ". وفي الآخر: " منكر الحديث ". وبهذا جرحه البخاري، وهو بهذا التعبير عنده يعني أنه متهم. وقد قال النسائي: " ليس بثقة ". ووجدت له شاهدا من حديث ابن عمر به. أخرجه أبو نعيم أيضا (6/354) : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله المقدسي: حدثنا محمد بن عبد الله بن عامر: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا مالك عن نافع عن سالم عنه. وقال: " غريب من حديث مالك، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن عبد الله بن عامر ". قلت: ولم أعرفه، وأخشى أن يكون قد وقع في اسمه تحريف. وشيخ أبي نعيم علي بن أحمد بن عبد الله المقدسي لم أجد له ترجمة، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخ دمشق "، ولكنه لم يورده. ثم وجدت لحديث أبي هريرة المختصر شاهدا من حديث جابر في مستدرك الحاكم، ولذلك أخرجته في " الصحيحة " برقم (2562) . 1151 - " الحزم سوء الظن ". ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3/2) عن أبي الحسن علي الحديث: 1151 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 بن الحسين بن بندار بن خير قال: نا الحسين بن عمر بن مودود قال: أنا أبو التقى قال: نا بقية بن الوليد قال: نا الوليد بن كامل عن نصر بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ مرفوعا قلت: وكتب بعض المحدثين - ولعله ابن المحب - تحته بقوله: " مرسل والوليد ضعيف ". قلت: وعلي بن الحسن بن بندار قال الذهبي: " اتهمه محمد بن طاهر ". وفي " اللسان ": " قال عبد العزيز النخشبي: لا تحل الرواية عنه إلا على وجه التعجب ". ورواه الحربي في " الغريب " (5/212/1) عن جرير عن الحكم بن عبد الله: كانت العرب تقول: " العقل التجارب، والحزم سوء الظن ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ عن علي، والقضاعي عن عبد الرحمن بن عائذ. أما إسناد القضاعي فقد بينا أنه واه جدا، وذكر نحوه المناوي متعقبا على العامري الذي قال في شرحه: " صحيح "! وأما إسناد أبي الشيخ، فلم يتكلم عليه المناوي بشيء! وفيه علتان: الأولى: الوقف على علي. كذلك ذكره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (رقم 32) من رواية أبي الشيخ ومن طريقه الديلمي. بل كذلك أورده السيوطي نفسه في " الدرر " عن علي موقوفا، وهو في " كشف الخفاء " (رقم 1129) . فما كان ينبغي له أن يورده في " الجامع الصغير " لأنه خاص بالأحاديث المرفوعة كما يدل عليه تمام اسم كتابه: " من أحاديث البشير النذير ". والأخرى: الضعف الشديد أيضا، فقد قال السيوطي نفسه في المصدر السابق: " رواه أبو الشيخ بسند واه جدا عن علي موقوفا "! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 وضعفه السخاوي أيضا، ولكنه لم يصرح بضعفه الشديد كما فعل السيوطي وذلك منه تقصير، لأنه قد يغتر بعضهم باقتصاره على التضعيف، فيظن أنه من النوع الذي ينجبر ضعفه بمجيئه من طرق أخرى! بل ذلك ما وقع فيه السخاوي نفسه، فإنه قد قال بعد أن ساق هذه الطرق والطريق الآتية عن ابن عباس: " وكلها ضعيفة، وبعضها يتقوى ببعض ". فأقول: إن هذه التقوية غير جارية على قواعد علم الحديث، لأن شرطها أن لا يشتد ضعف مفردات الطرق، وهذا مفقود هنا كما تقدم بيانه. زد على ذلك أن الحديث مخالف للنصوص الصحيحة كما سبق ذكره تحت الحديث: " احترسوا من الناس بسوء الظن " رقم (156) . ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي (ص 109 - مصورة الجامعة) فإذا فيه - مع وقفه - هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك. وأما حديث ابن عباس المشار إليه، فلفظه: " من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ". 1152 - " من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ". باطل. رواه تمام في " الفوائد " (14/1/2) وابن عساكر (16/149/2) عن أبي العباس محمود بن محمد بن الفضل الواقفي: حدثني أبو عبد الله أحمد بن أبي غانم الواقفي: نا الفريابي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. أورده ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وشيخه أحمد بن أبي غانم الواقفي لم أجد من ذكره، واسم أبيه (بزيع) كما ذكر ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا. والحديث مع ضعف سنده فإنه باطل عندي لأنه يضمن الحض على إساءة الظن بالناس، وهذا خلاف المقرر في الشرع أن الأصل إحسان الظن بهم. الحديث: 1152 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 1153 - " اللهم إنك لست بإله استحدثناه، ولا برب ابتدعناه، ولا كان لنا قبلك من إله يلجأ إليه ونذرك، ولا أعانك على خلقنا أحد فنشركه فيك، تباركت وتعاليت. قال صلى الله عليه وسلم: هكذا كان داود عليه السلام يقول ". موضوع رواه الطبراني (رقم - 7300) وأبو نعيم في " الحلية " (1/155 و373 و6/47) عنه وعن غيره والحاكم (3/401) وابن عساكر (5/359/1) عن عمرو بن الحصين: نا فضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن عبد الرحمن بن مغيث عن كعب قال: أخبرني صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عمرو بن الحصين، قال الخطيب: " كذاب ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/179) : " رواه الطبراني، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك ". ونقله المناوي عنه، ولم يزد عليه. قلت: وفوقه ثلاث علل أخرى: الأولى: فضيل بن سليمان النميري. أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: ليس الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه مسلم ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق له خطأ كثير ". والثانية: أبو مروان والد عطاء وليس بالمعروف كما قال النسائي. الحديث: 1153 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 والثالثة: عبد الرحمن بن مغيث مجهول كما في " التقريب ". وعمرو بن الحصين تابعه عند أبي نعيم عمرو بن مالك الراسبي، وهذه متابعة لا تجدي، لأن الراسبي هذا قال فيه ابن عدي: " يسرق الحديث ". قلت: وتركه أبو زرعة، فلا يبعد أن يكون سرقه من عمرو بن الحصين. وروى الحاكم (2/619 - 620) من طريق اليمان بن سعيد المصيصي: حدثنا يحيى بن عبد الله المصري: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن عبد الله ابن عمر قال: " كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل أعرابي جهو ري بدوي يماني على ناقة حمراء، فأناخ بباب المسجد، فدخل فسلم، ثم قعد، فقالوا: يا رسول الله! إن الناقة التي تحت الأعرابي سرقة، قال: أثم بينة؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: يا علي خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة، وإن لم تقم فرده إلي، قال: فأطرق الأعرابي ساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا أعرابي لأمر الله وإلا فأدل بحجتك، فقالت الناقة من خلف الباب: والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله إن هذا ما سرقني، ولا ملكني أحد سواه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم إنك لست برب استحدثناه، ولا معك إله أعانك على خلقنا، ولا معك رب فنشك في ربوبيتك، أنت ربنا كما نقول، وفوق ما يقول القائلون، أسألك أن تصلي على محمد، وأن تبرئني ببراءتئ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك، فأكثر الصلاة علي ". وقال الحاكم: " رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، ويحيى بن عبد الله المصري هذا لست أعرفه بعدالة ولا جرح ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: هو الذي اختلقه ". وقال في ترجمته من " الميزان ": الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 " ... عن عبد الرزاق فذكر حديثا باطلا بيقين، فلعله افتراه ". وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد: أن الحديث أورده الحاكم وقال: " وهذا موضوع على الإسناد المذكور، وقد أخرجه الطبراني في " الدعاء " من طريق سعيد بن موسى الأزدي الحمصي عن الثوري عن عمرو بن دينار عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما فذكر نحوه بطوله، واليمان ضعيف كما سيأتي في ترجمته، وهو بسعيد أشبه، فلعله انقلب على اليمان، وسعيد تقدم أنه متهم بالوضع ". 1154 - " من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه ينزل الله عليه ملكا فيسدده ". ضعيف أخرجه أبو داود (3578) والترمذي (1/248) والحاكم (4/92) والبيهقي (10/100) وأحمد (3/118 و220) من طرق عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب " وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. كذا، وعبد الأعلى هذا هو ابن عامر الثعلبي ضعيف، أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أحمد وأبو زرعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". قلت: ومع ضعفه، فقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه إسرائيل عنه كما تقدم وقال أبو عوانة: عن عبد الأعلى عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة البصري عن أنس. الحديث: 1154 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 علقه أبو داود، ووصله البيهقي والترمذي وقال: " هو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى ". قلت: كأنه يعني أن أبا عوانة واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري، أحفظ من إسرائيل وهو ابن يونس بن أبي إسحاق، ولست أشك في ذلك، ولكن عبد الأعلى هذا ليس بالحافظ الضابط؛ حتى إذا اختلف عليه في الإسناد صرنا إلى الترجيح! كلا، بل الصواب أن نجعل اختلاف الثقات عليه دليلا على ضعفه هو، وأنه لم يضبط الإسناد. والله أعلم. 1155 - " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجعل نفسه موضع التهمة ". ضعيف جدا رواه أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (90 - 91) عن أحمد بن عمار: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، ابن عمار هذا قال الدارقطني فيه: " متروك ". وقد مضى له حديث آخر برقم (550) . والحديث مما لم يطلع عليه الحافظ السيوطي فلم يذكره في " جامعيه " " الصغير " و" الكبير "!! وكذا فات على المناوي في " الجامع الأزهر "! الحديث: 1155 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 1156 - " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وادناهم منه مجلسا إمام عادل، وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه مجلسا إمام جائر ". ضعيف أخرجه الترمذي (1/249) وأحمد (3/22) عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 1591 و4770) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (10/114) والسلفي في " الطيوريات " (ق 177/1) من طريق محمد ابن جحادة عن عطية به مختصرا بلفظ: الحديث: 1156 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 " أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". كذا قال! وعطية هو ابن سعد العوفي ضعيف مدلس كما سبق بيانه عند الحديث (24) . 1157 - " أفضل الناس عند الله منزلة يوم القيامة إمام عدل رفيق، وشر عباد الله منزلة يوم القيامة إمام جائر خرق ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/200/2) : نا أحمد بن رشدين: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا ابن لهيعة: حدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن أبيه عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال: " لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة ". قلت: وهو ضعيف. لكن ابن رشدين أشد ضعفا منه وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد أبو جعفر المصري قال الذهبي في " الميزان ": " قال ابن عدي: كذبوه، وأنكرت عليه أشياء. قلت فمن أباطيله.. ". ثم ساق له حديثا في فضل الحسن والحسين. وقد ذهل عن هذه العلة الحافظ المنذري في " الترغيب " (3/136) ، ثم الهيثمي في " المجمع " (5/197) فاقتصرا على إعلال الحديث بابن لهيعة فقط، فقال الأول: " وحديثه حسن في المتابعات ". وقال الآخر: " وحديثه حسن، وفيه ضعف "! الحديث: 1157 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 1158 - " يجاء بالأمير الجائر يوم القيامة، فتخاصمه الرعية، يتفلجون عليه، فيقال له: سد عنا ركنا من أركان جهنم ". منكر أخرجه البزار (178 - زوائد ابن حجر) وابن عدي في " الكامل " (ق 29/2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/140) عن حيان بن أغلب بن تميم حدثنا أبي الحديث: 1158 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 عن ثابت عن أنس مرفوعا. أورده ابن عدي في ترجمة الأغلب هذا مع أحاديث أخرى وقال: " عامتها غير محفوظة، إلا أنه من جملة من يكتب حديثه ". وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " ليس بشيء ". وعن البخاري أنه قال: " منكر الحديث ". والحديث أورده المنذري وقال (3/136) : " رواه البزار، وهذا الحديث مما أنكر على أغلب بن تميم ". قلت: وابنه حبان بفتح أوله قال أبو حاتم: " ضعيف الحديث ". 1159 - " إن أشد أهل النار عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أوقتله نبي، وإمام جائر، وهؤلاء المصورون ". ضعيف رواه الطبراني (3/81/1) عن عمر بن خالد المخزومي: نا أبو نباتة يونس بن يحيى عن عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: ليث بن أبي سليم، ضعيف لاختلاطه. الأخرى: عباد بن كثير، فإن كان الثقفي البصري فهو متهم. قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ". وإن كان الرملي الفلسطيني - وهو الأرجح عندي أوالذي يغلب على ظني - فهو ضعيف، قال الحافظ: " ضعيف، قال ابن عدي: هو خير من عباد الثقفي ". الحديث: 1159 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وذهل عنه المنذري فاقتصر في إعلاله على الأول، فقال في " الترغيب " (3/136) : " رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم وفي " الصحيح " بعضه، ورواه البزار بإسناد جيد إلا أنه قال: وإمام ضلالة ". قلت: هو في " المسند " أيضا للإمام أحمد بهذا اللفظ، ومن أجله خرجته في " الأحاديث الصحيحة " رقم (281) لأن ثمة فرقا ظاهرا بين اللفظين كما لا يخفى. وفي المصورين وأنهم أشد الناس عذابا - حديث آخر صحيح، فانظره في " تخريج الحلال " (121) . 1160 - " لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله عز وجل ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (220) والباغندي في " مسند عمر " (ص 120) وعنه المقدسي في " المختارة " (103/2) عن يونس بن موسى: كديم قال: حدثنا الحسن بن حماد الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد العدوي قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر: حدثني عبادة بن عبادة بن عبد الله عن طلحة بن عبد الله مرفوعا وقال العقيلي: " حديث غير محفوظ، والعدوي لا يصح حديثه ". قلت: قال البخاري في " الضعفاء الصغير " (ص 20) : " منكر الحديث ". ونحوه في " التاريخ الصغير " له (ص 175) . وقال وكيع: " يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " لا يجوز الاحتجاج بخبره ". ذكره الذهبي وساق له حديثين هذا أحدهما. قلت: ويونس بن موسى هو والد محمد الكديمي الكذاب، ولم أجد له ترجمة الحديث: 1160 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 الآن، إلا أنه لم يتفرد به، فقال الحاكم في " المستدرك " (4/89) : " أخبرني أبو النضر الفقيه ومحمد بن الحسن الشامي قالا: حدثنا الحسن بن حماد الكوفي به ". وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: سنده مظلم، وفيه عبد الله بن محمد العدوي متهم ". وقال في " الضعفاء ": " كان يضع الحديث ". (تنبيه) : أورد المنذري في " الترغيب " (3/136) هذا الحديث من رواية الحاكم بلفظ: " إمام جائر ". وأعله بالعدوي. ولم أره عند الحاكم إلا باللفظ المذكور أعلاه. فالله أعلم. 1161 - " لا يولد بعد سنة مائة مولود لله فيه حاجة ". موضوع أخرجه الطبراني في " الكبير " (7283) : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ومحمد بن جعفر بن أعين قالا: حدثنا خالد بن خداش: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن صخر بن قدامة قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن موضوع، وعلته صخر بن قدامة هذا، فإنه لا يعرف إلا في هذا الحديث، ولم يورده البخاري في " التاريخ " ولا ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ولا ابن حبان في " الثقات " فإنه على شرطه! وثمة علة أخرى وهي عنعنة البصري، فإنه كان مدلسا، ويبدو لي أن الآفة ممن حدثه عن صخر؛ فإن هذا قد أنكر الحديث لما سئل عنه، فقد أخرجه ابن شاهين عن خالد له. وزاد في آخره: " قال أيوب: فلقيت صخر بن قدامة فسألته عنه فقال: لا أعرفه "! الحديث: 1161 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 ذكره الحافظ في " الإصابة " وقال: " قال ابن منده: صخر بن قدامة مختلف في صحبته. قلت: لم يصرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصرح الحسن بسماعه منه، فهذه علة أخرى لهذا الخبر " قلت: فإن ثبتت عدالته، فالمتهم به الواسطة بينه وبين الحسن البصري، لأنه إن كان عدلا، فيبعد أن يكون حدث ثم ينكره. فتأمل. وقد خفيت هذه العلة الأولى على ابن الجوزي، فإنه أورد الحديث في " الموضوعات " (3/192) عن خالد بن خداش دون أن يعزوه لأحد، ثم قال: " قال أحمد بن حنبل: ليس بصحيح. قلت: فإن قيل: فإسناده صحيح، فالجواب: إن العنعنة تحتمل أن يكون أحدهم سمعه من ضعيف أوكذاب، فأسقط اسمه، وذكر من رواه له عنه بلفظ (عن) . وكيف يكون صحيحا وكثير من الأئمة والسادة ولدوا بعد المائة ". وأشار الذهبي إلى أن علة ثالثة، وذلك بأن أورده في ترجمة خالد بن خداش هذا، وذكر اختلاف العلماء فيه. ثم ساقه من رواية الرمادي في " تاريخه ": حدثنا خالد بن خداش به. وعقب عليه بقوله: " قلت: وصخر تابعي، والحديث منكر ". قلت: وما أشار إليه مما لا يلتفت إليه، فإن خالدا هذا وثقه جماعة، وروى له مسلم، وفوقه ما ذكرنا من العلل، فالتعلق بها في إنكار الحديث هو الواجب. وقد خفي ذلك كله على الهيثمي فقال في " المجمع " (8/159) : " رواه الطبراني عن شيخيه أحمد بن القاسم بن مساور ومحمد بن جعفر بن أعين، ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح "! فأقول: ابن مساور ترجمه الخطيب في " التاريخ " (4/349) برواية جمع من الحفاظ الثقات عنه وقال: " وكان ثقة ". ومثله قرينه ابن جعفر، وهو محمد بن جعفر بن محمد بن أعين أبو بكر، ترجمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 الخطيب أيضا (2/128 - 129) وروى عن سعيد بن يونس أنه قال: " بغدادي قدم مصر، وحدث بها، وكان ثقة ". ولذلك لما أخرج ابن شاهين الحديث من طريقه، وقال عقبه: " هذا حديث منكر، وهذا البغدادي (يعني محمدا هذا) لا أعرفه " تعقبه الحافظ بقوله: " قلت: هو ثقة مشهور، ولم يتفرد به ". وجملة القول: إن علة الحديث الإرسال، وجهالة المرسل، وعنعنة الحسن البصري . والمتن موضوع قطعا لمعارضته لأحاديث كثيرة صحيحة، كحديث " لا تزال طائفة من أمتي.. " بطرقه الكثيرة المخرجة في " الصحيحة " (270 و403) وحديث: " أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره " وهو مخرج في " الصحيحة " (2286) مع مخالفة الحديث للواقع كما تقدم عن ابن الجوزي. واعلم أن الحديث وقع في جميع المصادر التي نقلت عنها بلفظ الترجمة " مائة " إلا " الميزان "، فهو فيه بلفظ " ستمائة "، وكذا في " موضوعات علي القارىء " (ص - 471) ووقع في " اللآلي المصنوعة " (2/389) من رواية ابن قانع بلفظ: " المائتين ". وهو باللفظ الأول أبطل من اللفظين الآخرين. كما لا يخفى عبى ذي عينين. 1162 - " إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا يقبله إلا أن يكون جري بينه وبينه قبل ذلك ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/81) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن عياش: حدثني عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال: سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف، فإن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها لأن عتبة هذا بصري، وهو صدوق له أوهام كما في " التقريب ". وله علة أخرى فقد قال في " الزوائد ": الحديث: 1162 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 " في إسناده عتبة بن حميد الضبي ضعفه أحمد وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في " الثقات "، ويحيى بن أبي إسحاق لا يعرف ". وأخرجه البيهقي (5/350) من طريق سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن عياش به إلا أنه قال: " يزيد بن أبي يحيى "، ثم أخرجه من طريق أخرى عن هشام به مثل رواية ابن ماجه. ثم قال البيهقي: " قال المعمري: قال هشام في هذا الحديث: " يحيى بن أبي إسحاق الهنائي "، ولا أراه إلا وهم، وهذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس، ورواه شعبة ومحمد بن دينار فوقفاه ". قلت: ويحيى بن يزيد من رجال مسلم لكن استظهر ابن التركماني في " الجوهر النقي " أن الحديث لابن أبي إسحاق لا لابن يزيد. وقد علمت أن ابن أبي إسحاق هذا مجهول، وبه صرح الحافظ في " التقريب ". وبالجملة فللحديث خمس علل: 1 - ضعف إسماعيل بن عياش. 2 - ضعف عتبة بن حميد الضبي. 3 - الاضطراب في سنده. 4 - جهالة ابن أبي يحيى. 5 - روايته موقوفا. فالعجب من رمز السيوطي لحسنه كما نقله المناوي في " الفيض " ثم تبناه في " التيسير "! وأعجب منه قول العزيزي: " وهو حديث صحيح " كما نقله شارح " الموافقات " (2/384) فإن الحديث مع هذا الضعف الذي في إسناده يعارضه حديث أبي هريرة في " الصحيحين " وغيرهما أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهم أصحابه به، فقال: " دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا، اشتروا له بعيرا فأعطوه "، قالوا: إنا نجد له سنا أفضل من سنه، قال: " اشتروه، فأعطوه إياه؛ فإن خيركم أحسنكم قضاء ". وأحاديث زيادته صلى الله عليه وسلم في الوفاء وحثه على ذلك كثيرة مستفيضة أخرجها البيهقي (5/351 - 352) وبعضها في " صحيح البخاري ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 ففي هذه الأحاديث إقراره صلى الله عليه وسلم للدائن على أخذ الزيادة التي قدمها إليه المدين باختياره، وحض المدين على الزيادة في الوفاء، وقد أمر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ". وهو مخرج في " الصحيحة " (254) . ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية بحثا حول هذا الحديث في " إقامة الدليل على إبطال التحليل " (ص 127 - 128) ج3 من الفتاوي ذهب فيه إلى أن الحديث حديث حسن . وأن راويه عن أنس قال: " إنما هو - والله أعلم - يحيى بن يزيد الهنائي، فلعل كنية أبيه أبو إسحاق وهو ثقة من رجال مسلم، قال: وعتبة بن أبي حميد معروف بالرواية عن الهنائي، قال فيه أبو حاتم: هو صالح الحديث، وأبو حاتم من أشد المزكين شرطا في التعديل، وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال: هو ضعيف ليس بالقوي، لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه، بل هو ممن يحسن حديثه، وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا ويحتجون به لأنه حسن، إذ لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح وضعيف، وفي مثله يقول الإمام أحمد : الحديث الضعيف خير من القياس. يعني الذي لم يقوقوة الصحيح، مع أن مخرجه حسن. وإسماعيل بن عياش حافظ ثقة في حديثه عن الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف حديثه عن غيرهم نظر، وهذا الرجل بصري الأصل ". قلت: وفي هذا الكلام ملاحظات، أهمها قوله: " إن حديث إسماعيل صحيح عن الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف حديثه عن الحجازيين فقط ". وهذا عندي خطأ والصواب العكس تماما، أعني حديثه عن الشاميين فقط صحيح وعن غيرهم من الحجازيين والعراقيين ضعيف وهو ما صرحت به عبارات الأئمة بعضهم بصريح كلامهم وبعضهم بعمومه فقال ابن معين في رواية مضر بن محمد الأسدي عنه: " إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر فحديثه مستقيم، وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت ". وقال أحمد: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 " هو في الشاميين أحسن حالا مما روى عن المدينيين وغيرهم ". ونحوه عن أبي داود. وقال ابن المديني: " كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه ضعف ". وفي رواية ابنه عبد الله عنه: " خلط في حديثه عن أهل العراق ". وقال ابن عدي: " وحديثه عن الشاميين مستقيم وهو في الجملة ممن يكتب حديثه ويحتج به في حديث الشاميين خاصة " (1) . وقال الحافظ في " تهذيب التهذيب ": " وضعف روايته عن غير الشاميين أيضا النسائي وأبو أحمد الحاكم والبرقي والساجي ". قلت: والبخاري أيضا، ونص كلامه كما في " تاريخ بغداد " (6/224) : " إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر ". فهذه النقول عن هؤلاء الفحول تؤيد ما ذهبنا إليه، وهو المشهور عند المشتغلين بعلم السنة كما قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم ". وقد أفسد جملته الأخيرة المحشي عليه حيث قال: " مخلط في غيرهم. أي عن أهل الحجاز ". وهذا خطأ كخطأ ابن تيمية، وقصد الحافظ بعبارته أوسع من ذلك. ولم أجد من سبق شيخ الإسلام إلى القول بأن حديثه عن الشاميين وغيرهم إلا الحجازيين صحيح. وقد بين ابن حبان سبب ضعفه في غير الشاميين بقوله في " الضعفاء " (1/125) : " كان إسماعيل من الحفاظ المتقنين في حداثته، فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ   (1) وانظر كلامه في الحديث الآتي (1197) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 في صباه أتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء غلط فيه، وأدخل الإسناد في الإسناد، وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم، فمن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن حد الاحتجاج به ". وقد ذكر الخطيب أن إسماعيل قدم قدمتين: الأولى إلى الكوفة، والأخرى إلى بغداد، وولاه أبو جعفر المنصور خزانة الكسوة، وحدث بها حديثا كثيرا، ثم حكى أن وفاته كانت سنة إحدى أواثنتين وثمانين ومائة. ولكنه لم يذكر موضع وفاته أهو بغداد أم حمص. إذا عرفت ما سبق يتبين لك أن الحديث ضعيف الإسناد لأن شيخ إسماعيل فيه بصري غير شامي، وأن الشيخ ابن تيمية أخطأ في تحسينه، كيف لا وفي الحديث العلل الأخرى ؟ والجواب عن بقية كلام الشيخ يطول وحسبنا ما تقدم. هذا من جهة إسناد الحديث، وأما من جهة متنه فقد ذكرت فيما تقدم أنه معارض بحديث الصحيحين مما يؤكد ضعفه، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله حمله على الهدية قبل الوفاء، فإذا صح هذا فلا تعارض بينهما، لكن ظاهر هذا الحديث أعم من ذلك، نعم ذكر الشيخ آثارا عن بعض الصحابة، بعضها صريح بما حمل عليه الحديث، لكن البحث إنما هو في متن الحديث هل هو خاص بما ذكر أوهو أعم من ذلك كما يظهر لنا ؟ وقد قال الشيخ بعد تلك الآثار: " فنهي النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك ولم يتكلم به فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف بهدية ناجزة وألف مؤخرة وهذا ربا، ولهذا جاز أن يزيده عن الوفاء ويهدي له بعد ذلك لزوال معنى الربا ". وهذا كلام فقيه، وإنما البحث في إسناد الحديث ومعناه كما تقدم. فتأمل. 1163 - " اذهبوا فأنتم الطلقاء ". ضعيف رواه ابن إسحاق في " السيرة " (4/31 - 32) ، وعنه الطبري في الحديث: 1163 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 " التاريخ " (3/120) قال: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أودم أومال يدعى فهو موضوع تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم ، وآدم من تراب. ثم تلا هذه الآية: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " الآية كلها. ثم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، قال: " اذهبوا فأنتم الطلقاء "، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له فقال: هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء ". ونقله الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (4/300 - 301) ساكتا عليه. وهذا سند ضعيف مرسل. لأن شيخ ابن إسحاق فيه لم يسم، فهو مجهول. ثم هو ليس صحابيا، لأن ابن إسحاق لم يدرك أحدا من الصحابة، بل هو يروي عن التابعين وأقرانه، فهو مرسل أومعضل. 1164 - " أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ". موضوع رواه البيهقي في " الزهد الكبير " (29/2) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: حدثنا إسماعيل بن عياش عن حنش السرجي عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا. قلت: وهذا إسناد موضوع، ابن غزوان كذاب معروف، قال الذهبي: " حدث بوقاحة عن مالك وشريك وضمام بن إسماعيل ببلايا. قال الدارقطني وغيره : كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل ". وبه أعله العراقي في " تخريج الإحياء " فقال (3/4) : الحديث: 1164 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 " أحد الوضاعين ". وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين وهذا منه. وحنش واسمه الحسين متروك. والحديث مما فات السيوطي في " الجامع الكبير " والمناوي في " الجامع الأزهر ". 1165 - " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام، فلا يؤتين من قبلك ". لم أجده بهذا اللفظ لكن أوقفني بعض الإخوان - جزاه الله خيرا - على ما في كتاب " السنة " للمروزي (ص 8) رواه بسند صحيح عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد مرفوعا بلفظ: " كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله، لا يؤتى الإسلام من قبلك ". قلت: فهذا بمعناه، لكن فيه علتان: الأولى: الإرسال، فإن ابن مرثد هذا تابعي له مراسيل كما في " التقريب ". والأخرى: الوضين بن عطاء، فإنه مختلف فيه، وقد جزم الحافظ بأنه سيء الحفظ ، فيخشى أن يكون أخطأ في رفعه، فقد عقبه المروزي بروايتين موقوفتين على الأوزاعي والحسن بن حي، وفيهما ضعف. والله أعلم. ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: " استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا يغرن من قبلك الليلة ". وهو صحيح كما بينته في " السلسلة الصحيحة " (378) . الحديث: 1165 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 1166 - " من مات فقد قامت قيامته ". ضعيف قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4/56 - طبع الحلبي) : " رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الموت " من حديث أنس بسند ضعيف ". ومن حديثه رواه العسكري والديلمي كما في " المقاصد الحسنة " (ص 75 و الحديث: 1166 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 428) بلفظ: " إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته ". وسكت عليه! 1167 - " لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما ". ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم: أخبرني [إبراهيم بن] ميسرة قال: بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا، فلم يقف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره كما في " تفسير ابن كثير " وزاد: " ثم تلا إبراهيم بن ميسرة: " وإذا مروا باللغومروا كراما " ". وكذا رواه ابن عساكر كما في " الدر المنثور " (5/80/81) ، والزيادة منه، وهي في " ابن كثير " أيضا في رواية أخرى ساقها قبل هذه. وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن ميسرة تابعي ثقة، فهو مرسل. ومحمد بن مسلم وهو الطائفي صدوق يخطيء كما في " التقريب ". والحديث مما صححه الحلبيان في مختصرهما لابن كثير. هداهما الله عز وجل. الحديث: 1167 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 1168 - " من أسرج في مسجد من مساجد الله بسراج، لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له؛ ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج ". موضوع رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " (111/1 - 2) : حدثنا أبو يعقوب الكاهلي: نا مهاجر بن كثير الأسدي أبو عامر: حدثنا الحكم بن مصقلة عن أنس بن مالك مرفوعا. ورواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ص 31 من زوائده) : حدثنا إسحاق بن بشر: حدثنا أبو عامر الأسدي مهاجر بن كثير به. قلت: وهذا إسناد موضوع، وفيه آفات: الأولى: الحكم بن مصقلة، قال الذهبي: الحديث: 1168 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 " قال الأزدي: كذاب. وقال البخاري: " عنده عجائب ". ثم ذكر له حديثا موضوعا، لكن فيه إسحاق بن بشر فهو الآفة ... ". قلت: ثم ساق له هذا الحديث. الثانية: مهاجر بن كثير. قال أبو حاتم والأزدي: " متروك الحديث ". الثالثة: إسحاق بن بشر وهو أبو يعقوب الكاهلي الذي في سند ابن أبي شيبة وهو كذاب عند جماعة، وقال الدارقطني: " هو في عداد من يضع الحديث ". (تنبيه) : لم يقف شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الإسناد، فقد ذكر الحديث في " الفتاوى " (2/198) وقال: " لا أعرف له إسنادا عن النبي صلى الله عليه وسلم ". فقد عرفنا إسناده، وبينا حاله، ومنه علمنا أنه كلا إسناد! وقد جاء بإسناد آخر، ولكنه لا يغني شيئا، وهو: 1169 - " من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في السراج قطرة ". موضوع رواه أبو الحسن الحمامي في " الفوائد المنتقاة " (9/206/2) : حدثنا محمد بن العباس بن الفضل: حدثنا سنان بن محمد بن طالب: حدثنا عبد الله بن أيوب: حدثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: " هذا حديث غريب من حديث يحيى بن أبي كثير، لا أعلم حدث به إلا أيوب بن عتبة ". قلت: وهو ضعيف كما في " التقريب ". لكن الآفة ليست منه وإنما من الراوي عنه عبد الله بن أيوب وهو ابن أبي علاج الموصلي، قال الذهبي: الحديث: 1169 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 " متهم بالوضع مع أنه من كبار الصالحين ". ثم ساق له أربعة أحاديث وقال فيها: " وهذه بواطيل ". وقال في أحدها: " فهذا كذب بين ". 1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا أومسخا ". ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي (2/33) والخطيب (3/158) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال: " حديث غريب، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه ". قلت: وفي ترجمته من " الميزان ": " وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن حديثه هذا؟ فقال: باطل، فقلت من فرج؟ قال: نعم، ومحمد هو ابن الحنفية ". وفي " فيض القدير ": " وقال العراقي والمنذري: ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وقال الذهبي: منكر، وقال ابن الجوزي: مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وقد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه، وهو الآتي بعده: الحديث: 1170 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء، واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم ضعفا، والكذب صدقا، والحرير لباسا، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت الفجأة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر القذف، وكان المطر قيظا، والولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام غيضا، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة ، والقراء فسقة، إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء - يعني الدنانير - وتطلب البيضاء - يعني الدراهم - وتكثر الخطايا، وتغل الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنائر، وخربت القلوب، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربتها، وترى الحفاة العراة، وقد صاروا ملوكا، وشاركت المراة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة، واتخذ المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وكان زعيم القوم أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق ، واتخذ الظلم فخرا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير، وجلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا ( كذا) عند الحديث: 1171 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وآيات ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/358) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا. قال أبو نعيم: " غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن فضالة ". قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ العراقي (3/297) ، وفيه علة أخرى وهي الانقطاع، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا (3/356) : " أرسل عن أبي الدرداء وحذيفة وغيرهم ". وللفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا. والحديث مما فات السيوطي والمناوي فلم يورداه في " جامعيهما ". 1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى، فأنا قلته، وبه أرسلت ". موضوع رواه ابن عدي (41/1) عن البختري بن عبيد: حدثنا أبي: حدثنا أبي هريرة مرفوعا. وقال: " البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين حديثا عامتها مناكير ". ثم ذكر له ثلاثة منها، هذا أحدها. قلت: وقال أبو نعيم الأصبهاني: " روى عن أبي هريرة موضوعات ". وكذا قال الحاكم والنقاش كما سبق في " سيكون أناس.. ". ولا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم أوعلى الأقل جواز روايتها ونسبتها إليه إذا كان معناها مما يرضي الله عز وجل! ولعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم ويقولون: نحن لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نكذب له! كما قال بعض الكرامية! ومن هذا القبيل ما يأتي: الحديث: 1172 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 1173 - " من حدث حديثا كما سمع؛ فإن كان برا وصدقا، فلك وله، وإن كان كذبا فعلى من بدأه ". موضوع رواه الطبراني في " الكبير " (7961) عن جعفر بن الزبير عن أبي أمامة مرفوعا. قال في " المجمع " (1/154) : " وفيه جعفر بن الزبير وهو كذاب ". ونحوهذا الحديث ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي مرفوعا: " إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده، فإن يكن حقا كنتم شركاءه في الأجر، وإن يكن باطلا كان وزره عليه ". أورده الذهبي في ترجمة مسعدة هذا من " الميزان " وقال: " قال الدارقطني: متروك ". ثم ساق الحديث وقال: " هذا موضوع ". وأقره الحافظ العسقلاني ثم المناوي. الحديث: 1173 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 1174 - " من حفظ على أمتي حديثا واحدا كان له أجر أحد وسبعين نبيا صديقا ". موضوع أخرجه الحافظ الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (4/35) من حديث ابن عباس، ثم قال: " هذا مما تحرم روايته إلا مقرونا بأنه مكذوب من غير تردد، وقبح الله من وضعه ، وإسناده مظلم، وفيهم ابن رزام، كذاب، لعله آفته ". الحديث: 1174 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 1175 - " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه، فإنما صورة الإنسان على صورة وجه الرحمن ". الحديث: 1175 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 منكر أخرجه ابن الإمام أحمد في " كتاب السنة " (ص 186) وأبو بكر بن أبي عاصم في " كتاب السنة " (ص 186) وأبو بكر بن أبي عاصم في " كتاب السنة " أيضا ( 1/230/521 - بتحقيقي) والدارقطني في كتاب " الصفات " (65/49) عن ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه، وقد صح الحديث من طرق بنحوه، ولكن ليس فيه ذكر " على صورة وجه الرحمن " سبحانه وتعالى، فهي زيادة منكرة لمخالفتها لتلك الطرق، وبعضها في " الصحيحين " خرجتها في " الصحيحة " (450 و862) و" ظلال الجنة " (1/228) . وهذه الرواية سكت عنها في " الفتح " (5/183) ! وقد أنكرها جماعة مع ورودها من طريق آخر، ولكنه معل كما يأتي بعده. والحديث رواه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به دون قوله: " فإنما.. ". أخرجه أحمد (3/38، 93) وإسناده حسن في الشواهد، وله شواهد أخرى فانظر تعليقي على " السنة " لابن أبي عاصم رحمه الله تعالى. (تنبيه) : وقع عند الدارقطني: " عن الأعرج " مكان: " عن أبي يونس "، فإن كان محفوظا عن ابن لهيعة، فهو من تخاليطه الدالة على عدم ضبطه لروايته. 1176 - " لا تقبحوا الوجه؛ فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل ". ضعيف أخرجه الآجري في " الشريعة " (ص 315) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 27) والطبراني في " الكبير " (3/206/2) والدارقطني في كتاب " الصفات " (64/48 ) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 291) من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر مرفوعا. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ولكن له أربع علل، ذكر ابن خزيمة ثلاثة الحديث: 1176 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 منها فقال: إحداها: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري ولم يقل: " عن ابن عمر ". والثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت. والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء ثم قال: " فمعنى الخبر - إن صح من طريق النقل مسندا - أن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح ". قلت: والعلة الرابعة: هي جرير بن عبد الحميد فإنه وإن كان ثقة كما تقدم فقد ذكر الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن البيهقي ذكر في " سننه " في ثلاثين حديثا لجرير بن عبد الحميد قال: " قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ ". قلت: وإن مما يؤكد ذلك أنه رواه مرة عند ابن أبي عاصم (رقم 518) بلفظ: " على صورته ". لم يذكر " الرحمن ". وهذا الصحيح المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من الطرق الصحيحة عن أبي هريرة، والمشار إليها آنفا. فإذا عرفت هذا فلا فائدة كبرى من قول الهيثمي في " المجمع " (8/106) : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة ، وفيه ضعف ". وكذلك من قول الحافظ في " الفتح " (5/139) : " أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات ". لأن كون رجال الإسناد ثقاتا ليس هو كل ما يجب تحققه في السند حتى يكون صحيحا، بل هو شرط من الشروط الأساسية في ذلك، بل إن تتبعي لكلمات الأئمة في الكلام على الأحاديث قد دلني على أن قول أحدهم في حديث ما: " رجال إسناده ثقات "، يدل على أن الإسناد غير صحيح، بل فيه علة ولذلك لم يصححه، وإنما صرح بأن رجاله ثقات فقط، فتأمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 ثم إن كون إسناد الطبراني فيه الطالقاني لا يضر لوسلم الحديث من العلل السابقة ، لأن الطالقاني متابع فيه كما أشرت إليه في أول هذا التخريج. وقد يقال: إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ". قلت: قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفا، فلا يصح حينئذ أن يكون شاهدا لهذا الحديث. ومنه تعلم ما في قول الحافظ في " الفتح " بعد أن نقل قول القرطبي: " أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، قال: وكأن من رواه [رواه] بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة، ثم قال: وعلى تقدير صحتها فيجمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى "، فقال الحافظ: " قلت: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات، وأخرجها ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يرد التأويل الأول، قال: " من قاتل فليتجنب الوجه فلأن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ". فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أومن تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله ". قلت: والتأويل طريقة الخلف، وإمراره كما جاء طريقة السلف، وهو المذهب، ولكن ذلك موقوف على صحة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أنه لا يصح كما بينا لك آنفا، وإن كان الحافظ قد نقل عقب كلامه السابق تصحيحه عن بعض الأئمة، فقال: " وقال حرب الكرماني في " كتاب السنة ": سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث صحيح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 قلت: إن كانوا يريدون صحة الحديث من الطريقين السابقين فذلك غير ظاهر لنا ومعنا تصريح الإمام ابن خزيمة بتضعيفه وهو علم في الحديث والتمسك بالسنة والتسليم بما ثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا أيضا ابن قتيبة حيث عقد فصلا خاصا في كتابه " مختلف الحديث " (ص 275 - 280) حول هذا الحديث وتأويله قال فيه: " فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تأويل ولا تنازع ". وإن كانوا وقفوا للحديث على غير الطريقين المذكورين، فالأمر متوقف على الوقوف على ذلك والنظر في رجالها، نقول هذا لأن التقليد في دين الله لا يجوز، ولا سيما في مثل هذا الأمر الغيبي، مع اختلاف أقوال الأئمة في حديثه، وأنا أستبعد جدا أن يكون للحديث غير هذين الطريقين، لأن الحافظ لم يذكر غيرهما، ومن أوسع اطلاعا منه على السنة؟ نعم له طرق أخرى بدون زيادة " الرحمن " فانظر : " إذا ضرب أحدكم.. " و" إذا قاتل أحدكم ... " في " صحيح الجامع " (687 و716) وغيره. وخلاصة القول: إن الحديث ضعيف بلفظيه وطريقيه، وأنه إلى ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة بألفاظ متقاربة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: " خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا ". أخرجه الشيخان وغيرهما " الصحيحة 450 ". (تنبيه هام) : بعد تحرير الكلام على الحديثين بزمن بعيد وقفت على مقال طويل لأخينا الفاضل الشيخ حماد الأنصاري نشره في مجلة " الجامعة السلفية " ذهب فيه إلى اتباع - ولا أقول تقليد - من صحح الحديث من علمائنا رحمهم الله تعالى، دون أن يقيم الدليل على ذلك بالرجوع إلى القواعد الحديثية وتراجم الرواة التي لا تخفى على مثله، لذلك رأيت - أداء للأمانة العلمية - أن أبي بعض النقاط التي تكشف عن خطئه فيما ذهب إليه مع اعترافي بعلمه وفضله وإفادته لطلبة العلم وبخاصة في الجامعة الإسلامية جزاه الله خيرا. أولا: أوهم القراء أن ابن خزيمة رحمه الله تعالى تفرد من بين الأئمة بإنكاره لحديث " على صورة الرحمن " مع أن معه ابن قتيبة والمازري ومن تبعه، كما تقدم، وهو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 وإن كان ذلك في آخر البحث، فقد كان الأولى أن يذكره في أوله حتى تكون الصورة واضحة عند القراء. ثانيا: نسب إلى الإمام مالك رحمه الله أنه أنكر الحديث أيضا قبل ابن خزيمة! وهذا مما لا يجوز نسبته للإمام لأمرين: الأول: أن الشيخ نقل ذلك عن الذهبي، والذهبي ذكره عن العقيلي بسنده: حدثنا مقدام بن داود.. إلخ، ومقدام هذا يعلم الشيخ أنه متكلم فيه، بل قال النسائي فيه: " ليس بثقة " فلا يجوز أن ينسب بروايته إلى الإمام أنه أنكر حديثا صحيحا على رأي الشيخ، وعلى رأينا أيضا لما يأتي. والآخر: أن الرواية المذكورة في إنكار مالك ليس لهذا الحديث المنكر، وإنما للحديث الصحيح المتفق عليه فإنه فيها بلفظ: " إن الله خلق آدم على صورته ". وكذلك هو عند العقيلي في " الضعفاء " (2/251) في هذه الرواية، فحاشا الإمام مالك أن ينكر الحديث بهذا اللفظ الصحيح أوغيره من الأئمة. ولذلك فالقارئ العادي يفهم من بحث الشيخ أن الإمام ينكر هذا الحديث الصحيح! ثالثا: ساق إسناد حديث ابن عمر أكثر من مرة، وكذلك فعل بحديث أبي هريرة دون فائدة، وساقهما مساق المسلمات من الأحاديث وهو يعلم العلل الثلاث التي ذكرها له ابن خزيمة لأنه في صدد الرد عليه، ومع ذلك لم يتعرض لها بذكر! بله جواب، وكذلك يعلم ضعف ابن لهيعة الذي في حديث أبي هريرة، فلم ينبس ببنت شفة! رابعا: نقل كلام الذهبي الذي ذكره عقب رواية المقدام، وفيه: أن هذا الحديث لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه (الأرقام الآتية مني) : 1 - همام عن قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة. 2 - ورواه شعيب وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. 3 - ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 4 - ورواه شعيب أيضا وغيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة . انتهى. وأقول: نص كلام الذهبي قبيل هذه الطرق: " قلت: الحديث في أن الله خلق آدم على صورته؛ لم ينفرد به ابن عجلان ... " إلخ. فأنت ترى أن كلام الذهبي في واد، وكلام الشيخ في واد آخر. فهذه الطرق الأربعة ليس فيها زيادة " صورة الرحمن "، والشيخ - سامحه الله - يسوقها تقوية لها، وهو لوتأمل فيها لوجدها تدل دلالة قاطعة على نكارة هذه الزيادة، إذ لا يعقل أن تفوت على هؤلاء وكلهم ثقات، ويحفظها مثل ابن لهيعة، ومن ليس له في العير ولا في النفير! وإني - والله - متعجب من الشيخ غاية العجب كيف يسوق هذه الروايات نقلا عن الذهبي وهو قد ساقها لتقوية الحديث الصحيح الذي أنكره مالك بزعم المقدام بن داود الواهي، والشيخ - عافانا الله وإياه - يسوقها لتقوية الحديث المنكر! وإن مما يؤكد أن الذهبي كلامه في الحديث الصحيح وليس في الحديث المنكر أنه قال في آخره: " وقال الكوسج: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح. قلت: وهو مخرج في الصحاح ". قلت: فقوله هذا يدلنا على أمرين: الأول: أنه يعني الحديث الصحيح، لأنه هو المخرج في " الصحاح " كما سبق مني. والآخر: أنه هو المقصود بتصحيح أحمد المذكور، فلم يبق بيد الشيخ إلا تصحيح إسحاق، فمن الممكن أن يكون ذلك فهما منه، وليس رواية. والله أعلم. خامسا وأخيرا: قرن الشيخ الحافظ الذهبي والعسقلاني مع أحمد وإسحاق في تصحيح الحديث. وجوابي عليه: أن كلام الذهبي ليس صريحا في ذلك، بل ظاهره أنه يعني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 الحديث الصحيح. وأما ابن حجر فعمدة الشيخ في ذلك قوله: " رجاله ثقات " وقد علمت مما سبق أن هذا لا يعني الصحة، ولوسلمنا جدلا أنه صححه هو أوغيره قلنا: " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ". وخلاصة (التنبيه) أن الشيخ حفظه الله حكى قولين متعارضين في حديث " على صورة الرحمن " دون ترجيح بينهما سوى مجرد الدعوى، وذكر له طريقين ضعيفين منكرين دون أن يجيب عن أسباب ضعفهما، بل أوهم أن له طرقا كثيرة يتقوى بها، وهي في الواقع مما يؤكد وهنهما عند العارفين بهذا العلم الشريف وتراجم رواته. وهذا بخلاف ما صنع شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " نقض التأسيس " في فصل عقده فيه لهذا الحديث بأحد ألفاظه الصحيحة: " إن الله خلق أدم على صورته " أرسل إلي صورة منه بعض الأخوان جزاه الله خيرا فإن ابن تيمية مع كونه أطال الكلام في ذكر تأويلات العلماء له وما قالوه في مرجع ضمير " صورته "، ونقل أيضا كلام ابن خزيمة بتمامه في تضعيف حديث الترجمة وتأويله إياه إن صح، فرد عليه التأويل، وسلم له التضعيف، ولم يتعقبه بالرد، لأنه يعلم أن لا سبيل إلى ذلك، كما يتبين للقارىء من هذا التخريج والتحقيق، ولهذا كنت أود للشيخ الأنصاري أن لا يصحح الحديث، وهو ضعيف من طريقيه، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة. نسأل الله تعالى لنا وله التوفيق والسداد في القول والعمل، وأن يحشرنا في زمرة المخلصين الصادقين " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ". 1177 - " إني كنت أعلمها (أي: ساعة الإجابة يوم الجمعة) ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر ". ضعيف أخرجه ابن خزيمة (1771) والحاكم (1/279) عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن أبي سلمة قال: قلت: والله لوجئت أبا سعيد الخدري فسألته عن هذه الساعة، لعله يكون عنده منها علم، فأتيته، فقلت: يا أبا سعيد إن أبا هريرة حدثنا عن الساعة التي في يوم الجمعة، فهل عندك منها علم؟ فقال: سألنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قال: ثم خرجت من عنده فدخلت على عبد الله بن سلام. ثم ذكر الحديث. الحديث: 1177 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 قلت: كذا ذكره ابن خزيمة والحاكم وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. قلت: وفي صحته نظر فإن فليحا هذا وإن كان من رجال الشيخين ففيه كلام كثير. وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ "، وكأنه لهذا سكت عن إسناده في " الفتح " (2/333) ولم يصححه، وكذلك لم يصححه الحافظ العراقي، وإنما قال: " ورجاله رجال الصحيح " كما نقله الشوكاني (3/209) ، وهذا لا يستلزم التصحيح، بل فيه إشارة إلى نفيه، وإلا لصرح بصحة سنده، ولم يقتصر على ذكر شرط واحد من شروط الصحة وهو كون رجاله رجال الصحيح، وفيه إشارة لطيفة إلى أنهم أوبعضهم قد لا يكونون من الثقات عند غير صاحبي " الصحيح "، أوعلى الأقل عند بعضهم وإلا لقال: " رجاله ثقات رجال الصحيح "، وهذا هو الواقع كما تفيده عبارة الحافظ في " التقريب " في " فليح "، وقد مرت آنفا، وممن ضعفه من القدامي ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. وقال الساجي: " هو من أهل الصدق، ويهم ". قلت: فمثله لا يطمئن القلب لصحة حديثه عند التفرد، فكيف عند المخالفة؟ ! (تنبيه) : عزا الحديث في " الفتح الكبير " لابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والبيهقي في " الشعب ". ولم أره عند ابن ماجه بهذا الإسناد والسياق، وإنما عنده (1139) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي سأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته. قال عبد الله: فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوبعض ساعة فقلت: صدقت أوبعض ساعة.. الحديث. فهذا خلاف حديث الترجمة، وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث عنه فراجع إن شئت " المشكاة " وغيره. 1178 - " في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقتها، ومن رفع دنانير أودراهم أوتبرا أوفضة لا يعدها لغريم، ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة ". الحديث: 1178 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 ضعيف أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 203) : حدثنا دعلج بن أحمد من أصل كتابه: حدثنا هشام بن علي: حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا سعيد بن سلمة: حدثنا موسى عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل موسى هذا وهو ابن عبيدة - بضم أوله - وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ". وهشام بن علي هو السيرافي كما في الرواة عن عبد الله بن رجاء من " التهذيب "، ولكني لم أجد من ترجمه، ويظهر أنه من المشهورين فقد ذكره الذهبي فيمن سمع عنهم دعلج بن أحمد من " تذكرة الحفاظ " (3/92) . ثم رأيت ابن حبان قد أورده في كتابه " الثقات " (9/234) وقال: " مستقيم الحديث، كتب عنه أصحابنا ". وتوفي سنة (284) كما ذكر الذهبي في ترجمة أحمد بن المبارك النيسابوري من " التذكرة ". فموسى بن عبيدة هو العلة. والحديث أخرجه الحاكم (1/388) بهذا السند عن هذا الشيخ لكن وقع في سنده سقط لا أدري أهو من الحاكم أوشيخه حين حدثه به والأغلب على الظن الأول، فقال الحاكم: أخبرني دعلج بن أحمد السجزي - ببغداد -: حدثنا هشام بن علي السدوسي: حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام: حدثنا عمران بن أبي أنس به. فسقط من السند موسى بن عبيدة وهو علة الحديث، فاغتر الحاكم بظاهره فقال: " إسناد صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي! ! على أن عمران بن أبي أنس وسعيد بن سلمة لم يحتج بهما البخاري كما بينته في " التعليقات الجياد " (3/86 ) فتصحيحه على شرطهما خطأ بين. ومما يؤيد خطأ إسناد الحاكم أن البيهقي أخرج الحديث (4/147) من طريق أخرى عن هشام بن علي مثل رواية الدارقطني، فقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان: أنبأ أحمد بن عبيد الصفار: حدثنا هشام بن علي: حدثنا ابن رجاء: حدثنا سعيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 هو ابن سلمة بن الحسام: حدثني موسى عن عمران بن أبي أنس به. دون قوله: " وفي البقر صدقتها " ثم قال: " سقط من هذه الرواية ذكر البقر، وقد رواه دعلج بن أحمد عن هشام بن علي السدوسي فذكر فيه " وفي البقر صدقتها "، أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ: أخبرني دعلج بن أحمد السجزي ببغداد حدثنا هشام بن علي السدوسي فذكره ". قلت: وأبو عبد الله الحافظ شيخ البيهقي في إسناده الثاني هو صاحب " المستدرك ". وصنيع البيهقي في روايته لهذا الحديث عنه يدل على أن إسناد الحاكم فيه موسى بن عبيدة أيضا وإلا لذكر البيهقي الخلاف بين هذا الإسناد والإسناد الذي ساقه قبله كما هي عادة المحدثين في مثل هذا الاختلاف، وكما فعل البيهقي هنا في بيان الخلاف في موضع من متنه. فهذا يؤيد خطأ الحاكم في " المستدرك " فتنبه. وقد كنت اغتررت تبعا للنووي وابن حجر بظاهر رواية الحاكم هذه فحكمت بحسنها في " التعليقات الجياد "، والآن هداني الله لعلة هذا الحديث فبادرت لأعلن أنه ضعيف الإسناد من أجلها، وإن كان رواه ابن جريج عن عمران بن أبي أنس، فإن ابن جريج مدلس وقد عنعنه ولم يسمعه منه كما بينته هناك، ويأتي أيضا. والحديث عزاه السيوطي في " الدر المنثور " (3/233) لابن أبي شيبة وابن مردويه عن أبي ذر بتمامه، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا مثله. قلت: وطريق أبي هريرة لابد أن يكون ضعيفا، وحسبك دليلا على ذلك تفرد ابن مردويه به! ثم عزا الحديث في " الجامع الصغير " لابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والبيهقي عن أبي ذر بتمامه، وعزوه لأحمد فيه تساهل لأنه لم يرومنه إلا الشطر الأول وليس عنه: " ومن رفع ... " إلخ، وهو عنده من طريق ابن جريج عن عمران وصرح فيه أنه بلغه عن عمران كما ذكرته في المصدر المشار إليه آنفا. ثم رأيت الحديث في " مصنف ابن أبي شيبة " (3/213) : حدثنا زيد بن حباب قال: حدثني موسى بن عبيدة قال: حدثني عمران بن أبي أنس به. إلا أنه لم يذكر صدقة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 الغنم والبقر والبز. فهذا يؤكد وهم الحاكم وأن الحديث مداره على موسى هذا الضعيف، والله تعالى ولي التوفيق. 1179 - " كونوا في الدنيا أضيافا، واتخذوا المساجد بيوتا، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا التفكر والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون ". ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/358) والقضاعي في " مسنده " (731) من طريق بقية: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض، وله علل ثلاث: الأولى: أن الحكم بن عمير في صحبته نظر، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة، يرويها عيسى بن إبراهيم؛ وهو ضعيف، عن موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف، عن عمه الحكم ". نقله في " الإصابة "، (1) وقد أشار الذهبي إلى ضعف قول من قال أنه صحابي كما يأتي في العلة الآتية: الثانية: موسى بن أبي حبيب، قال الذهبي في " الميزان " وأقره الحافظ في " اللسان ": " ضعفه أبو حاتم وغيره؛ ساقط، وله عن الحكم بن عمير - رجل قيل: له صحبة - والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير ". الثالثة: عيسى بن إبراهيم متروك كما قال الذهبي وسبقه النسائي وقال البخاري: " منكر الحديث "، وأبو حاتم: " متروك الحديث ". وساق له عدة أحاديث بهذا الإسناد وغيره، وقال في بعضها: إنه منكر.   (1) وقال في ترجمة موسى من " اللسان ": " وقال أبو حاتم في ترجمة الحكم بن عمير: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر السماع ولا اللقاء - أحاديث منكرة من رواية ابن أخت موسى بن أبي حبيب وهو ذاهب الحديث، ويروي عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث ". قلت: كذا في النسخة المطبوعة ولعل قوله: " ابن أخت " زيادة من النساخ. اهـ الحديث: 1179 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 قلت: سمعت هذا الحديث من فم شيخ دمشقي يلقيه على منبر مسجد مضايا يوم الجمعة الواقع في 18/11/71 هـ وقد جعله محور خطبته! فاستنكرت الحديث في نفسي، ولكني ما كان تقدم مني تخريجه، فخرجته بعد يوم فتحقق ظني وأنه منكر، والحمد لله على توفيقه، ووفق مشايخنا لتحري الصحيح من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وحفظهم أن يقولوا عليه ما لم يقل. 1180 - " إن لله ديكا رأسه تحت العرش، وجناحه في الهو اء، وبراثنه في الأرض، فإذا كان في الأسحار وأدبار الصلوات خفق بجناحه، وصفق بالتسبيح، فتصيح الديكة تجيبه بالتسبيح ". موقوف ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (7391) : حدثنا بكر بن أحمد بن مقبل البصري: حدثنا أحمد بن محمد بن المعلى الأدمي: حدثنا جعفر بن سلمة: حدثنا حماد بن يزيد أبو يزيد المقري: حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن صفوان بن عسال: قال: فذكره موقوفا عليه، لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك أورده الهيثمي في " المجمع " (8/134) من رواية الطبراني وقال: " وفيه عاصم بن بهدلة وهو ضعيف، وقد حسن حديثه ". قلت: المتقرر فيه أنه حسن الحديث يحتج به إذا لم يخالف. لكن حماد بن يزيد أبو يزيد المقري، ليس بالمشهور، أورده البخاري في التاريخ ( 2/1/21) وابن أبي حاتم (1/2/151) من رواية جمع عنه، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". وجعفر بن سلمة وهو الوراق البصري الخزاعي قال ابن أبي حاتم (1/1/481) : " ثقة رضا ". وأحمد بن محمد بن المعلى الأدمي، ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/74) وقال: " سمع منه أبي بالبصرة في الرحلة الثالثة، [روى عنه أبي وأبو عوانة] ". الحديث: 1180 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ". وبكر بن أحمد بن مقبل البصري وثقه الدارقطني كما في " سؤالات السهمي " (ص 182) ووصفه الذهبي في " العبر " (1/441) بالحافظ. فالحديث علته الوقف إن سلم من أبي يزيد المقري. 1181 - " إن في جهنم واديا يقال له: هبهب، حقا على الله أن يسكنه كل جبار عنيد ". ضعيف رواه العقيلي في " الضعفاء " (49) وابن لال في " حديثه " (123/1) وابن عدي في " الكامل " (1/420) والحاكم (4/596) وابن عساكر (5/58/1) وكذا أبو يعلى والطبراني من طريق الأزهر بن سنان عن محمد بن واسع عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه مرفوعا. وقال الحاكم ووافقه الذهبي: " تفرد به أزهر بن سنان "! قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب "، ولذلك لم يصححه الحاكم ولا الذهبي، بل أورده في " الميزان " وقال: " قال ابن عدي: ليست أحاديثه بالمنكرة جدا، أرجوأنه لا بأس به، وقال ابن معين: ليس بشيء ". ثم ساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها. وقد خالفه هشام بن حسان فقال: " عن محمد بن واسع قال: بلغني أن في النار جبا يقال له: جب الحزن، يؤخذ المتكبرون فيحملون في توابيت من نار فيجعلون في ذلك البئر فيطبق عليهم جهنم من فوقهم ". أخرجه العقيلي وقال: الحديث: 1181 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 " وهذا حديث أولى من حديث أزهر ". قلت: فتبين من رواية هشام بن حسان - وهو ثقة - أن أزهر بن سنان قد أخطأ في رفع الحديث وفي لفظه، وأن الصواب الوقف. والله أعلم. ومن ذلك تعرف أن قول المنذري في " الترغيب " (3/139) : " رواه الطبراني بإسناد حسن وأبو يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد ". وقول الهيثمي (5/197) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ". فيه أمران: الأول: أنه ضعيف غير حسن كما تقدم. والآخر: أن الحاكم - مع تساهله المعروف - لم يصححه. والله أعلم. 1182 - " صحة با أم يوسف! قاله لما شربت بوله ". ضعيف قال في " المواهب اللدنية " (4/231) بشرح الزرقاني) : " وعن ابن جريج قال: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها : بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: أين البول الذي كان في القدح؟ قالت: شربته، قال: صحة يا أم يوسف! فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي ماتت فيه. رواه عبد الرزاق في " مصنفه ". ورواه أبو داود متصلا عن ابن جريج عن حكيمة عن أمها أميمة بنت رقيقة ". قلت: إنما روى أبو داود منه أوله دون قوله: فجاء إلخ. وسنده موصول حسن، ولذلك أوردته في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 19) ، وقد أخرجه بتمامه موصولا البيهقي في " سننه " (7/67) لكن ليس عنده: " صحة.. إلخ " وكذلك أورده الهيثمي في " المجمع " (8/271) ، وزاد بدلها: " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت من النار بحظار " وقال: الحديث: 1182 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل وحكيمة وكلاهما ثقة ". وهو في " كبير الطبراني " (24/205/527) . قلت: فدل هذا على ضعف هذه الزيادة: " صحة "؛ لشذوذها وإرسالها. 1183 - " خرج من عندي خليلي جبريل آنفا فقال: يا محمد! والذي بعثك بالحق إن لله عبدا من عبيده عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه وطوله ثلاثون ذراعا في ثلاثين ذراعا، والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية وأخرج الله تعالى له عينا عذبة بعرض الإصبح تبض بماء عذب فتستنقع في أسفل الجبل، وشجرة رمان تخرج له كل ليلة رمانة فتغذيه يومه فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام لصلاته، فسأل ربه عز وجل عند وقت الأجل أن يقبضه ساجدا وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلا حتى يبعثه الله وهو ساجد، قال: ففعل، فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا فنجد له في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول له الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول: بل بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول: بل بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي: فيقول: يا رب بل بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: رب بل بعملي، فيقول الله عز وجل للملائكة: قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعمة الجسد فضلا عليه، فيقول: أدخلوا عبدي النار، قال: فيجر إلى النار فينادي: رب برحمتك أدخلني الجنة، فيقول: ردوه ، فيوقف بين يديه فيقول: يا عبدي من خلقك ولم تك شيئا؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: كان ذلك من الحديث: 1183 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 قِبلك أوبرحمتي؟ فيقول: بل برحمتك، فيقول: من قواك لعبادة خمسمائة عام؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: من أنزلك في جبل وسط اللجة وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح، وأخرج لك كل ليلة رمانة وإنما تخرج مرة في السنة، وسألتني أن أقبضك ساجدا ففعلت ذلك بك؟ فيقول: أنت يا رب، فقال الله عز وجل: فذلك برحمتي، وبرحمتي أدخلك الجنة، أدخلوا عبدي الجنة فنعم العبد كنت يا عبدي، فيدخله الله الجنة. قال جبريل عليه السلام: إنما الأشياء برحمة الله تعالى يا محمد ". ضعيف أخرجه الخرائطي في " فضيلة الشكر " (133 - 134) والعقيلي في " الضعفاء " ( 165) وتمام في " الفوائد " (265/2 - 266/1) وابن قدامة في " الفوائد " ( 2/6/1 - 2 ) وكذا الحاكم (4/250 - 251) من طريق سليمان بن هرم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". كذا قال! وتبعه ابن القيم في " شفاء العليل " (ص 114) ، وهو منه عجيب ن فإن سليمان هذا مجهول كما يأتي عن العقيلي، وقول الحاكم عقب تصحيحه المذكور: " والليث لا يروي عن المجهولين " مجرد دعوى لا دليل عليها، والحاكم نفسه أول من ينقضها فقد روى في " المستدرك " (4/230) حديثا آخر من رواية الليث عن إسحاق بن بزرج بسنده عن الحسن بن علي، وقال عقبه: " لولا جهالة إسحاق لحكمت للحديث بالصحة "! وهذا مناقض تمام المناقضة لدعواه السابقة، ولذلك تعقبه الذهبي بقوله: " قلت: لا والله، وسليمان غير معتمد ". وذكر في ترجمة سليمان هذا من " الميزان ": " قال الأزدي: لا يصح حديثه ". وقال العقيلي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 " مجهول وحديثه غير محفوظ ". ثم قال الذهبي عقبه: " لم يصح هذا، والله تعالى يقول: " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " ولكن لا ينجي أحدا عمله من عذاب الله كما صح، بل أعمالنا الصالحة هي من فضل الله علينا ومن نعمه لا بحول منا ولا بقوة، فله الحمد على الحمد له ". وحديث ابن بزرج المشار إليه خرجته في آخر الجزء الثاني من " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " (صلاة العيد / التحقيق الثاني) ولعله ييسر لنا إعادة طبعه مع الجزء الأول إن شاء الله تعالى. 1184 - " من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائما فله مثل أجره، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله ". ضعيف أخرجه الخطيب (11/353) من طريق أبي حجية علي بن بهرام العطار: حدثنا عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: جهالة أبي حجية هذا فقد ترجمه الخطيب ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والأخرى: عنعنة ابن جريج فإنه مدلس. والفقرة الثانية والثالثة قد جاءتا من طرق ثابتة، وإنما أوردته من أجل الفقرة الأولى، فإنها غريبة منكرة. الحديث: 1184 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 1185 - " ارفع إلى السماء، وسل الله السعة ". ضعيف رواه الطبراني (رقم - 3842) : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي: نا يعقوب بن حميد: نا عبد الله بن عبد الله الأموي: حدثني اليسع بن المغيرة عن أبيه عن خالد بن الوليد: أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيق في مسكنه، فقال: فذكره. الحديث: 1185 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 ثم رواه (رقم - 3843) بهذا السند عن ابن حميد: نا عبد الله بن الحارث عن الربيع بن سعيد عن اليسع بن المغيرة عن خالد بن الوليد مثله. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الوجهين فإن مدارهما على اليسع بن المغيرة وهو لين الحديث كما في " التقريب ". ومثله الراوي عنه في الطريق الأولى عبد الله بن عبد الله الأموي. وفي الطريق الأخرى الربيع بن سعيد وهو النوفلي أورده ابن أبي حاتم (1/2/462 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ويعقوب بن حميد ثقة، لكن في حفظه ضعف يسير، فيحتمل أن روايته الحديث بالطريقين مما لم يضبطه، فاضطرب فيه. والله تعالى أعلم. وقد روي الحديث مرسلا عن اليسع بن المغيرة قال: شكا خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيق منزله، فقال: " اتسع في السماء ". رواه أبو داود في " المراسيل " (ص 52) ولم نقف على سنده، لأنه محذوف من النسخة ككل أحاديثها، لكن الظاهر أنه من طريق الربيع المذكور كما يشير إلى ذلك قول ابن أبي حاتم في ترجمته: " روى عن اليسع بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، روى عنه عبد الله ابن الحارث المخزومي، مرسل ". ثم تأكدت مما استظهرت، فالحديث في نسخة مصورة من " المراسيل " (ق 26/1) . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1/93/2) بلفظ: " ارفع البنيان إلى السماء، واسألوا الله السعة " وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " والخطيب وابن عساكر عن اليسع بن مغيرة به " وقال: " قال الخطيب: في اليسع نظر ". وأورده في " الجامع الصغير " باللفظ الذي نقلته عن الطبراني إلا أنه زاد فيه لفظة: " البنيان " وليست عنده. ومما سبق من التحقيق تعلم أن قول الهيثمي (10/169) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 " رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن "؛ ليس بحسن. وقلده الغماري في " الإتقان " (127) ! ومثله قول المناوي عقب ذلك: " وبه تعرف أن رمز المصنف لضعفه غير سديد ". فإن رمز السيوطي لضعفه هو بلا شك عمل رشيد، وتعقب المناوي عليه هو الأحق بقوله: " غير سديد " سيما وقد أتبعه بقوله: " نعم، قال العراقي: في سنده لين. وكأن كلامه في الطريق الثاني ". قلت: بل هو في الطريقين معا فإن مدارهما على اليسع وهو ليس الحديث كما سبق بيانه. 1186 - " من طلب قضاء المسلمين حتى يناله، ثم غلب عدله جوره، فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار ". ضعيف أخرجه أبو داود (3575) وعنه البيهقي (10/88) من طريق موسى بن نجدة عن جده يزيد بن عبد الرحمن وهو أبو كثير قال: حدثني أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، موسى بن نجدة، قال الذهبي: " لا يعرف ". وقال الحافظ: " مجهول ". الحديث: 1186 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 1187 - " خالقوا الناس بأخلاقهم، وخالفوهم بأعمالهم ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 455 - 456) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي عثمان عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كيف أنتم إذا كنتم في قوم قد درست عهو دهم، ومرجت أماناتهم، وصاروا حثالة هكذا - وشبك بين أصابعه - قالوا: كيف نصنع يا رسول الله؟ قال: صبرا صبرا، الحديث: 1187 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 خالقوا ... ". وقال: " هذا يروى بغير هذا الإسناد، وخلاف هذا اللفظ من طريق صالح ". ذكره في ترجمة يزيد بن ربيعة الرحبي هذا، وروى عن البخاري أنه قال: " عنده مناكير ". قلت: وفي ترجمته أيضا أورد الحديث الذهبي في " الميزان " وقال: " وقال أبو داود وغيره: ضعيف، وقال النسائي: متروك ". وقد انقلب اسمه في " المستدرك " إلى " ربيعة بن يزيد "، وجعله من مسند " أبي ذر " لا من مسند " ثوبان "! ولست أدري أذلك من المؤلف أم الراوي أم الناسخ، فقد أخرجه (3/343) من طريقين عن عثمان بن سعيد الدارمي: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا ربيعة بن يزيد عن أبي الأشعث النهدي عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر كيف أنت.. " الحديث. وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". وتعقبه الذهبي بقوله: " ابن يزيد لم يخرجوا له، قال النسائي وغيره: متروك ". وأقول: ليس في الرواة: ربيعة بن يزيد سوى واحد، وهو أبو شعيب الإيادي الدمشقي القصير، وهو أعلى طبقة من يزيد بن ربيعة الرحبي، فإنه روى عن غير واحد من الصحابة، وعنه جماعة من التابعين وغيرهم منهم يزيد بن ربيعة هذا، كما في " التهذيب " مات سنة (123) ، فليس هو من هذه الطبقة، كيف والراوي عنه أبو توبة الربيع بن نافع، وقد مات سنة (241) فبينهما نحوثمانين سنة؟ ولذلك فأنا أقطع بأن ما في " المستدرك ": " ربيعة بن يزيد " خطأ لا أدري منشأه، ومن الغرائب قول الذهبي في تعقبه السابق: " ابن يزيد.. ". وإنما هو يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو الذي يصح فيه قول الذهبي: " لم يخرجوا له.. " إلخ. ومن طريقه رواه البزار والطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (7/283) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 ولا أستبعد أن يكون هذا الخطأ من الحاكم نفسه، فإن له في كتابه هذا أوهاما كثيرة، يعرفها أهل العلم بالحديث ورواته، وقد اعتذر بعضهم له؛ بأنه مات قبل أن يبيض كتابه. والله أعلم. وأما قول العقيلي فيما تقدم: " هذا يروى بغير هذا الإسناد.. ". فكأنه يعني ما روى حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن باباه قال: قال عبد الله: " خالطوا الناس وزايلوهم، وصافوهم بما تشتهو ن، فدينكم لا تكلمونه ". أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/46/1) والبيهقي في " الزهد الكبير " (21/2) . قلت: وإسناده صحيح لولا عنعنة حبيب؛ فإنه مدلس. وأورده الهيثمي في " المجمع " (7/280) هكذا موقوفا وقال: " رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات ". قلت: وعلقه البخاري في " الأدب " من " الصحيح " (10/436 - فتح) وقال الحافظ: " وصله الطبراني من طريق عبد الله بن باباه عن ابن مسعود قال: ... وأخرجه ابن المبارك في " كتاب البر والصلة " من وجه آخر عن ابن مسعود، وعن عمر مثله، لكن قال: وانظروا لا تكلموا دينكم ". وقال البيهقي عقبه: " روي عن علي رضي الله عنه. وأسنده بعض الضعفاء عن عبد الله، وليس بشيء ". قلت: وقد أخرجه الدارمي (1/92) عن علي موقوفا بلفظ: " خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم، فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب ". قلت: وإسناده حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 والحديث عزاه في " الجامع الكبير " (2/17/2) و" المنتخب " (1/132) للعسكري في " الأمثال " عن ثوبان. نعم قد صح الحديث مرفوعا بلفظ: " خالطوهم بأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم ". وهو مخرج في " الصحيحة " رقم (452) . 1188 - " الخلافة بالمدينة والملك بالشام ". ضعيف رواه البخاري في " التاريخ " (2/2/16) والحاكم (3/72) والبيهقي في " الدلائل " (6/447 - طبع بيروت) عن هشيم عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: سليمان وأبو هـ مجهولان ". وقال في " الميزان ": " سليمان لا يكاد يعرف ". وفي " المنتخب " لابن قدامة (10/206/1) : " قال مهنا: وسألت يحيى (يعني ابن معين) عن سليمان بن أبي سليمان يحدث عنه العوام بن حوشب عن أبي هريرة (فذكر الحديث) فقال: لا نعرف هذا يعني سليمان بن أبي سليمان. وقال لي أحمد: أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم ". وفي " الجامع الكبير " (1/340/1) : " رواه البخاري في " تاريخه " والحاكم وتعقب، وابن عساكر عن أبي هريرة، ونعيم بن حماد في " الفتن " عنه موقوفا ". الحديث: 1188 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 1189 - " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيرا، فإنها نسجت علي وعليك يا أبا بكر في الغار، حتى لم يرنا المشركون ولم يصلوا إلينا ". الحديث: 1189 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 منكر. رواه الديلمي في " مسند الفردوس ": نا والدي وقال: أنا أحبها منذ سمعت شيخي أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المراغي والمطهر بن محمد بن جعفر البيع بأصبهان قالا: إنا نحبها منذ سمعنا من أبي سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان قال: أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن جعفر الصوفي قال: أنا أحبها منذ سمعت من أبي بكر محمد بن محمود الفارسي الزاهد ببلخ قال: أنا أحبها منذ سمعت أبا سهل ميمون بن محمد بن يونس الفقيه قال: أنا أحبها منذ سمعت من عبد الله بن موسى السلامي قال: أنا أحبها منذ سمعت من إبراهيم بن محمد قال : أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن العباس الحصري قال: أنا أحبها منذ سمعت من عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: أنا أحبها منذ سمعت ابن عون قال: أنا أحبها منذ سمعت من محمد بن سيرين قال: أنا أحبها منذ سمعت من أبي هريرة قال: أنا أحبها منذ سمعت من أبي بكر الصديق يقول: لا أزال أحب العنكبوت منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبها وقال: فذكره. قال الديلمي: وأنا أحبها منذ سمعت والدي يقول هذا الحديث. قلت: أما أنا فلا أحبها ولا أبغضها لعدم ثبوت الحديث المذكور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو منكر إن لم يكن موضوعا، وإن سكت عليه السيوطي في " الجامع الكبير " (3/146/1 - 2) ، لأن عبد الله بن موسى السلامي ترجمه الخطيب (10/148 - 149) وقال: " في رواياته غرائب ومناكير وعجائب ". ثم روى عن أبي سعد الإدريسي الحافظ أنه قال: " كان صحيح السماع إلا أنه كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا. قال: وكان أبو عبد الله بن منده سيىء الرأي فيه، وما أراه كان يتعمد الكذب في فضله ". وقال الذهبي: " روى حديثا ما له أصل، سلسله بالشعراء، منهم الفرزدق ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 قلت: والحديث المشار إليه رواه الخطيب (3/98 - 99) . وشيخه إبراهيم بن محمد لم أعرفه، ولعله من شيوخه المجهولين الذين أشار إليهم الخطيب فيما تقدم. وفي من دونه جماعة لم أعرفهم. واعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التى تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم. وقد مضى منها ثلاثة أحاديث (ص 259 - 263) . 1190 - " حب قريش إيمان، وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان، وبغضهم كفر، ومن أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (451) والطبراني في " الأوسط " (2306) عن معقل بن مالك قال: حدثنا الهيثم بن جماز قال: حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن ثابت إلا الهيثم ". وقال العقيلي: " حديثه غير محفوظ، قال ابن معين: ضعيف ". وقال النسائي في " الضعفاء والمتروكين " (30) : " متروك الحديث ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10/23) : " رواه البزار (وفي مكان آخر 10/53: الطبراني في " الأوسط ") ، وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك ". وأخرج الحاكم (4/87) منه قوله: " حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق ". وقال: الحديث: 1190 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: الهيثم متروك، ومعقل ضعيف ". قال في " الفيض ": " قال العراقي في " القرب ": لكن له شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الكبير " للطبراني ". قلت: وهو ضعيف، ومع ضعفه فلا يؤثر في المشهو د له لشدة ضعفه كما هو معروف، ثم إن شهادته قاصرة، فإن لفظه: " لا يبغض العرب مؤمن، ولا يحب ثقيفا إلا مؤمن ". 1191 - " لا يبغض العرب مؤمن، ولا يحب ثقيفا إلا مؤمن ". ضعيف قال في " المجمع " (10/53) بعد أن ذكره من حديث ابن عمر مرفوعا: " رواه الطبراني، وفيه سهل بن عامر وهو ضعيف ". قلت: والشطر الثاني رواه الطبراني (12339) من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ: " ... رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ". وفيه نعيم بن حماد وهو ضعيف. وللشطر الأول منه شاهد ولكنه ضعيف جدا ولفظه: " لا يبغض العرب إلا منافق ". الحديث: 1191 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 1192 - " لا يبغض العرب إلا منافق ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (145/1) عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه مرفوعا وقال: " زيد بن جبيرة عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ". قلت: وفي " التقريب ": " متروك ". والحديث في " زوائد المسند " (1/81) من هذا الوجه، لكنه قال: " عن علي "! الحديث: 1192 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 1193 - " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها ". لا أصل له قال السخاوي في " الفتاوى الحديثية " (ق 105/2) : " ذكره رزين في " جامعه " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر صحابيه، ولا من خرجه. والله أعلم ". الحديث: 1193 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 1194 - " جاءني جبريل فلقنني لغة أبي إسماعيل ". منكر رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/117) معلقا عن أحمد بن يحيى بن الحجاج الجرواآني عن عمرو بن علي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: يا نبي الله مالك أفصحنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال في أحمد هذا: " حدث بمناكير، وهذا من مناكير حديثه ". قلت: ومن مناكيره ما سيأتي بلفظ: " من كسح مسجدا ... ". الحديث: 1194 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 1195 - " حامل القرآن موقى ". ضعيف رواه أبو حفص الكتاني في " حديثه " (134/1) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (8/10/2) عن أبي حفص عن شيخ من أهل الشام عن مكحول عن عثمان بن عفان مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الأولى: جهالة هذا الشيخ الشامي. الثانية: الانقطاع بين مكحول وعثمان. وأبو حفص هو عمر بن عبد الرحمن الأبار وهو ثقة وكذلك سائر رجاله ثقات إلا ما بينت. الحديث: 1195 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " فقال شارحه المناوي: " رواه عن عثمان من طريقين، وفيه محمد بن راشد المكحولي، قال النسائي: ليس بالقوي ". قلت: ولعل المكحولي هذا هو الشيخ الشامي في الطريق الأولى. والله أعلم. ثم إنني رأيته في " مسند الفردوس " من طريق واحدة، فإن النسخة المصورة التي عندي سيئة، وبعض صفحاتها غير ظاهرة، أخرجه (ص 89) من طريق سورة بن الحكم: حدثنا محمد بن راشد عن مكحول به. وسورة هذا في حكم مجهول الحال، فقد أورده ابن أبي حاتم (2/1/327) والخطيب في " تاريخه " (9/227) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. 1196 - " جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة ". ضعيف رواه تمام في " الفوائد " (رقم 2265 - نسختنا) من طريق أبي جعفر محمد بن علي ابن الخضر البزاز - بالرقة -: حدثنا إسحاق بن عبد الله أبو يعقوب البوقي من كتابه: حدثنا هشيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان: الأولى: تدليس هشيم، فقد كان مدلسا كثير التدليس كما في " التقريب "، وقد عنعنه. الثانية: البوقي هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " روى عن مالك وهشيم، قال ابن منده: له مناكير ". وأما أبو جعفر محمد بن علي بن الخضر، فقد أورده أبو علي الحراني في " تاريخ الرقة " (ق 42/2) فقال: " مات محمد بن الخضر بن علي بالرافقة (1) في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين ومائتين ".   (1) هي الرقة نفسها، بلدة كبيرة على الفرات في سورية. اهـ الحديث: 1196 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 كذا وقع فيه: " الخضر بن علي " على القلب فلا أدري أهذا هو الصواب أم ما في نسختنا من " الفوائد "؟ والله أعلم. ثم رأيته في " زهر فردوس الديلمي " (2/74) وأصله " مسند الفردوس " (ص 74 - 75) وفق ما في " التاريخ " فهذا هو الصواب. والله أعلم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " وحده عن أبي هريرة بلفظ: " الإمام " بدل " المؤذن "، واستدرك عليه المناوي " فوائد تمام "، وأعله بهشيم فقط، ولم يتعرض لاختلاف اللفظ، والله أعلم. 1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها، وأقلهن مهو را ". موضوع رواه ابن عدي (97/2) وعنه ابن عساكر (5/64/1) عن حسين بن المبارك الطبراني : حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال ابن عدي: " هذا الحديث منكر المتن، وإن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في حديث الحجاز والعراق، وهو ثبت في حديث الشام، والبلاء في هذا الحديث من الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش، والحسين أحاديثه مناكير ". قلت: ونقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه: " متهم ". ولم أجد هذا في ترجمته من " الكامل ". والله أعلم. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. الحديث: 1197 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 1198 - " جئتم تسألوني عن ذي القرنين، إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر، فابتنى مدينة يقال لها: الإسكندرية " الحديث بطوله. ضعيف جدا أخرجه ابن عساكر (6/57/1 - 2) عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعيد بن مسعود عن رجلين من كندة من قومه قالا: الحديث: 1198 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني، فوجدناه في ظل داره جالسا فقلنا له: إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك، فقال: وأنا استطلت يومي فخرجت إلى هذا الموضع، قال: ثم أقبل علينا وقال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف، فقالوا: من يستأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: مالي ولهم يسألونني عما لا أدري؟ إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما علمني ربي عز وجل. ثم قال : ابغني وضوءا. فأتيته بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلى ركعتين، ثم انصرف فقال لي وأنا أرى السرور والبشر في وجهه؛ فقال: أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا. فأذنت لهم فدخلوا فقال لهم: إن شئتم أحدثكم عما جئتم تسألونني عنه من قبل أن تكلموا، وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول، قالوا: بل أخبرنا، قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن زياد ضعيفان. وسعيد بن مسعود لم أعرفه. 1199 - " خير خلكم خل خمركم ". منكر. أخرجه البيهقي في " المعرفة " من حديث المغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. وقال: " المغيرة ليس بالقوي ". كذا في " المقاصد الحسنة " (رقم 456) . قلت: وفيه علة أخرى وهي عنعنة أبي الزبير، فإن كان مدلسا. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوي " (1/71) : " فهذا الكلام لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن نقله عنه فقد أخطأ، ولكن هو كلام صحيح، الحديث: 1199 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 فإن خل الخمر لا يكون فيها ماء، ولكن المراد به الذي بدأ الله بقلبه، وأيضا فكل خمر يعمل من العنب بلا ماء فهو مثل خل الخمر ". قلت: وقوله: " هو كلام صحيح " ليس بصحيح عندي على إطلاقه، فإنه بظاهره يقر اقتناء الخمر وتحويله خلا، وذلك يستفاد من قوله: " خمركم " فإنه أضاف الخمر إلى المسلمين! وهذا منكر من القول لا يعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل حين سئل عن اتخاذ الخمر خلا: " لا "، رواه مسلم وأبو داود ، وفي روايته: " إنها كانت لأيتام فأمر بإراقتها " ولذلك كان القول الصحيح في تخليل الخمر: إنه لا يجوز بحال من الأحوال. قال شيخ الإسلام: " فلما أمر صلى الله عليه وسلم بإراقتها، ونهى عن تخليلها، وجبت طاعته فيما أمر به ونهى عنه فيجب أن تراق الخمرة ولا تخلل، هذا مع كونهم كانوا يتامى، ومع كون تلك الخمر كانت متخذة قبل التحريم، فلم يكونوا عصاة ". ومما سبق من التخريج يتبين أن قول ابن الجوزي في " التحقيق " (1/66) : إنه حديث لا أصل له، ليس بصواب، وإن كان عبد الهادي أقره في " التنقيح " عليه، فإن تخريج البيهقي إياه يرد قولهما. وقال العجلوني في " الكشف ": " وحكم ابن الجوزي عليه بالوضع كالصغاني ". وفيه ما سبق، إلا أن يقصدا المعنى؛ فهو قريب. 1200 - " الجفاء والبغي بالشام ". موضوع رواه ابن عدي (25/1) وعنه ابن الجوزي في " العلل " (1/312) عن الفضل بن المختار عن أبان عن أنس مرفوعا. وقال: " أبان بن أبي عياش بين الأمر في الضعف، وأرجوأنه ممن لا يتعمد الكذب إلا أنه يشتبه عليه ويغلط، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". الحديث: 1200 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 قلت: وهو متروك وقد كذبه شعبة. والفضل بن المختار قال الذهبي: " غير ثقة ". والحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 87) من رواية ابن عدي وقال: " أورده ابن الجوزي في " العلل " وقال: لا يصح، أبان متروك الحديث، والفضل بن المختار قال أبو حاتم: يحدث بالأباطيل ". قلت: فهو بكتابه " الموضوعات " أولى. 1201 - " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهو ن عليكم في الحساب غدا، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " ". موقوف علقه ابن الجوزي في " تاريخ عمر بن الخطاب " (ص 176 - 177) عن ثابت بن حجاج قال: قال عمر: فذكره. وقد وصله أبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/52) من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به. وإسناده جيد في " حلية الأولياء " (1/52) من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به. وإسناده جيد؛ إن كان ثابت سمعه من عمر؛ فإن صورته صورة المعلق المنقطع، وقد ذكر له الحافظ في " التهذيب " رواية عن بعض الصحابة ليس منهم عمر، بل إن البخاري وابن أبي حاتم لم يذكرا له رواية إلا عن بعض التابعين، ولذلك أورده ابن حبان في أتباع التابعين من كتابه " الثقات " (6/127) وقال: " روى عن جماعة من التابعين ". والله أعلم. ورواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/58/1) من طريق أخرى عن مالك بن مغول بلاغا عن عمر نحوه. وعلق الفقرة الأولى منه الحكيم الترمذي في " كتاب الأكياس والمغترين " (31) عن عمر موقوفا دون إسناد. الحديث: 1201 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 1202 - " كان يأكل بكفه كلها ". موضوع أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/90) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3/35 - 36) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن امرأته أم الحجاج بنت محمد بن مسلم قالت: كان أبي يأكل بكفه (الأصل: بكفيه وهو خطأ مطبعي) فقلت: لوأكلت بثلاث أصابع. قال: فذكره. أورده العقيلي في ترجمة ابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم، وقد ضعفه بعضهم، وقال العقيلي عقبه: " لم يتابع عليه ". وأقول: الراجح فيه أنه " صدوق صالح " كما قال الذهبي، واحتج به الشيخان. وإنما علة الحديث عندي امرأته أم الحجاج فإني لم أعرفها، وأبوها محمد بن مسلم هو الإمام الزهري عم زوج ابنته، وهو تابعي صغير، فالحديث إلى الجهالة التي فيه مرسل أومعضل. وأما ابن الجوزي فلم يعرفه، لأنه لم يقع مسمى في روايته، فقال: " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة مجهولة وأبوها لا يعرف، وفي " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع ". وهذا الحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة مجهولة وأبوها لا يعرف، وفي " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بثلاث أصابع ". وهذا الحديث الموضوع أصل تلك العادة المتبعة في بعض البلاد العربية، وهي أكلهم الأرز ونحوه بأكفهم من " المناسف "، فهم بذلك يخالفون السنة الصحيحة، وهي الأكل بثلاث أصابع، ويعملون بالحديث الموضوع المخالف لها! ومن الغريب أن بعضهم يستوحش من الأكل بالمعلقة، ظنا منه أنه خلاف السنة! مع أنه من الأمور العادية، لا التعبدية، كركوب السيارة والطيارة ونحوها من الوسائل الحديثة، وينسى أويتناسى أنه حين يأكل بكفه أنه يخالف هديه صلى الله عليه وسلم. الحديث: 1202 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 1203 - " الجمعة واجبة على خمسين رجلا، وليس على من دون الخمسين جمعة ". موضوع رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 7952) وابن عدي (53/2) والدارقطني (164) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. وقال: " وجعفر هذا أحاديثه عامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ". وقال الدارقطني: " وجعفر متروك ". قال المناوي في " الفيض ": " قال الذهبي في " المهذب ": حديث واه. وقال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير صاحب القاسم وهو ضعيف جدا، وقال ابن حجر: جعفر بن الزبير متروك ". ويعارضه الحديث الآتي، وهو مثله في الوضع، أوشر منه رواية! وكلاهما من الأحاديث التي شان بها السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، وقد سبق التنبيه على الكثير من أمثالها. والله المستعان. الحديث: 1203 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 1204 - " الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام، وإن لم يكونوا إلا أربعة حتى ذكر صلى الله عليه وسلم ثلاثة ". موضوع رواه ابن عدي (65/2) عن معاوية بن سعيد التجيبي عن الحكم بن عبد الله بن سعيد عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية مرفوعا وقال: " الحكم أحاديثه كلها موضوعة، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد ، وما أمليت له عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهما كلها مما لا يتابعه الثقات عليه ". ومن طريقه أخرجه ابن منده في " المعرفة " (2/358/2) والدارقطني (165 و166) وقال: " الزهري لا يصح سماعه من الدوسية، والحكم هذا متروك ". الحديث: 1204 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 وقال في موضع آخر: " ولا يصح هذا عن الزهري، كل من رواه عنه متروك ". (فائدة) : لقد اختلفت أقوال العلماء كثيرا في العدد الذي يشترط لصحة صلاة الجمعة حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا، قال الإمام الشوكاني في " السيل الجرار " (1/298) : " وليس على شيء منها دليل يستدل به قط، إلا قول من قال: إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات ". قلت: وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى. 1205 - " أخوك البكري ولا تأمنه ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/1/39) وأبو داود (4861) وأحمد (5/289) وابن سعد (4/296) من طريق ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو ابن الفغواء الخزاعي عن أبيه قال: " دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال: " التمس صاحبا "، قال: فجاءني عمرو بن أمية الضمري، فقال: بلغني أنك تريد الخروج، وتلتمس صاحبا، قال: قلت: أجل ، قال: فأنا لك صاحب، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: قد وجدت صاحبا، قال: فقال: " من؟ " قلت: عمرو بن أمية الضمري، قال: " إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه ". فخرجنا حتى إذا كنت بـ (الأبو اء) ، قال: إني أريد حاجة إلى قومي بـ (ودان) ، فتلبث لي، قلت: راشدا، فلما ولى، ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم، فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه، حتى إذا كنت بـ (الأصافر) إذا هو يعارضني في رهط، قال: وأوضعت، فسبقته، فلما رآني قد فته، انصرفوا، وجاءني فقال : كانت لي إلى قومي حاجة، قال: قلت: أجل، ومضينا حتى قدمنا مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان ". الحديث: 1205 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الجهالة. قال الذهبي في " الميزان ": " عبد الله بن عمرو بن الفغواء لا يعرف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". والأخرى: عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس معروف لكنه قد صرح بالتحديث عند البخاري. وله شاهد، لكنه ضعيف جدا، فلا يصلح للتقوية، لأنه يرويه زيد بن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن أسلم قال: " خرجت في سفر، فلما رجعت قال لي عمر: من صحبت؟ قلت: صحبت رجلا من بني بكر ابن وائل، فقال عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... " فذكره. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 3927 بترقيمي) والعقيلي في " الضعفاء " (138) وابن عدي في " الكامل " (ق 14/2 و147/1) وقال: " والحديث بهذا الإسناد منكر ". وقال الطبراني: " لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد ". قلت: وآفته زيد بن الرحمن بن زيد بن أسلم، قال العقيلي: " لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". قلت: وأبو هـ ضعيف جدا، وقد سبقت ترجمته في المجلد الأول تحت الحديث (25) . ثم رواه العقيلي وابن عدي عن البخاري أنه قال فيه: " منكر الحديث ". وهذا معناه عنده أنه متهم، والله أعلم. 1206 - " حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب ". باطل رواه ابن عساكر (4/214/2 و12/121/2) وكذا الخطيب (4/194) عن أحمد بن شبويه: حدثنا محمد بن سلمة الواسطي: حدثنا يزيد بن هارون: الحديث: 1206 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وقال الخطيب: " رجال إسناده الذين بعد محمد بن سلمة كلهم معرفون ثقات، والحديث باطل مركب على هذا الإسناد ". وفي ترجمة أحمد هذا من " اللسان " بعد أن ذكر كلام الخطيب: " قلت: ومحمد بن سلمة ستأتي ترجمته وأنه ضعيف، والراوي عنه أحمد بن شبويه هذا مجهول، فالآفة من أحدهما ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/370) من رواية الخطيب هذه ونقل كلامه فيه. وأيده السيوطي فنقل كلام " اللسان ". 1207 - " جرير منا أهل البيت ظهرا لبطن. قالها ثلاثا ". منكر رواه الطبراني (برقم - 2211) عن سليمان بن إبراهيم بن جرير عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص قال: قال علي بن أبي طالب فذكره مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (25/2) وقال: " وأبان هذا عزيز الحديث، ولم أجد له حديثا منكر المتن فأذكره، وأرجوأنه لا بأس به ". وقال الذهبي: " حسن الحديث وثقه ابن معين، ومما أنكر عليه هذا الحديث ". قلت: والراوي عنه سليمان بن إبراهيم بن جرير قال الحافظ في " اللسان ": " لا يعرف حاله، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم شيئا ". قلت: فلعله هو علة هذا الحديث. الحديث: 1207 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 1208 - " حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق، ولا يبغضه مؤمن ". ضعيف رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/185/1) عن محمد بن عمر الواقدي: حدثني سعيد بن أبي زيد الأنصاري قال: وحدثني من سمع أبا عبيدة بن الحديث: 1208 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 عبد الله بن زمعة الأسدي يخبر أنه سمع حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول: فذكره مرفوعا. قلت: الواقدي كذاب، لكن رواه العقيلي في " الضعفاء " (3/149) وابن عساكر من طريق آخر عن أبي ثمامة عن عمر بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عنها نحوه. وعمر هذا؛ قال الذهبي: " لا يدرى من هو أصلا ". ثم ذكر له هذا الحديث. وقال العقيلي: " الحديث غير محفوظ، ولا يعرف من هذا الوجه، وكلاهما هو والراوي عنه مجهول ". 1209 - " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر ". ضعيف أخرجه أبو داود (1222) والترمذي (2/435) والبيهقي (3/158) من طريق صفوان بن سليم عن أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث غريب، وسألت محمدا عنه، فلم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري، ورآه حسنا ". قلت: ولعل محمدا (وهو البخاري) يعني الحسن بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي، فإنه بالاعتبار الثاني ضعيف غريب كما قال الترمذي رحمه الله تعالى، وعلته أبو بسرة هذا قال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف، تفرد عنه صفوان بن سليم ". وقال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 1209 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 " مقبول ". يعني عند المتابعة كما نص عليه في المقدمة، وإلا فلين الحديث، وبما أنه لم يتابع على هذا الحديث، فهو عنده ضعيف. ولسنا نعلم حديثا صحيحا في محافظته صلى الله عليه وسلم على شيء من السنن الرواتب في السفر سوى سنة الفجر والوتر. والله أعلم. 1210 - " أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء، أوثلاثا مبهمة، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ". ضعيف أخرجه البيهقي (7/336) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 2757) من طريق محمد بن حميد الرازي: نا سلمة بن الفضل عن عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: " كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنه، فلما قتل علي رضي الله عنه قالت: لتهنأك الخلافة! قال: بقتل علي تظهرين الشماتة! اذهبي فأنت طالق ، يعني ثلاثا، قال: فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها، وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: متاع قليل من حبيب مفارق، فلما بلغه قولها بكى ثم قال: لولا أني سمعت جدي، أوحدثني أبي أنه سمع جدي يقول: (فذكره) لراجعتها ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: سلمة بن الفضل وهو الأبرش القاضي، قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". والأخرى: محمد بن حميد الرازي، قال الحافظ: " حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ". قلت: بل هو ضعيف جدا، كما يتبين لمن راجع أقوال أئمة الجرح فيه، ولهذا قال الذهبي في " الضعفاء ": الحديث: 1210 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 " قال أبو زرعة: كذاب، وقال صالح: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني ". قلت: ولا يتقوى هذا الإسناد بقول البيهقي عقبه: " وكذلك روي عن عمرو بن شمر، عن عمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة ". وذلك لأن عمرو بن شمر متهم، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان: " رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات ". قلت: إذا تبين ذلك، فمن العجيب ما نقله الشيخ زاهد الكوثري في كتابه " الإشفاق على أحكام الطلاق " (ص 24) عن الحافظ ابن رجب الحنبلي عقب هذا الحديث ، فقال: " وإسناده صحيح، قاله ابن رجب الحنبلي الحافظ بعد أن ساق هذا الحديث في كتابه (بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة) ". فإن صح هذا النقل عن ابن رجب فإنها زلة فاحشة منه، وإلا فالكوثري معروف لدى المحققين من أهل العلم باتباعه لهو اه في كثير مما ينقل، أويحكم، ومن ذلك الحديث الآتي بعده. وقصة إمتاع الحسن امرأته وقولها: " متاع قليل " لها طريقان آخران عند الطبراني (2561 و2562) . 1211 - " إن أباكم لم يتق الله تعالى، فيجعل له من أمره مخرجا، بانت منه بثلاث على غير السنة، وتسعمائة وسبع وتسعون إثم في عنقه ". الحديث: 1211 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 ضعيف جدا أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 236/1) والطبراني في " المعجم الكبير " من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن داود بن إبراهيم عن عبادة بن الصامت قال: " طلق بعض آبائي امرأته ألفا، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا، فهل له من مخرج؟ قال.. " فذكره. وفي رواية للطبراني عن عبادة أيضا قال: " طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته؟ فقال: أما اتقى الله جدك؟ ! أما ثلاثة فله، وأما تسعمائة وسبعة وتسعون فعدوان وظلم، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ". قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/338) : " رواه كله الطبراني، وفيه عبيد الله بن الوليد الوصافي العجلي وهو ضعيف ". وكذا قال الحافظ في " التقريب " أنه ضعيف. وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". قلت: والأقرب قول ابن عدي فيه: " الوصافي ضعيف جدا، يتبين ضعفه على حديثه ". وفي ترجمته ساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه من حديثه، وكذلك صنع الذهبي في " الميزان "، وذكر أن النسائي والفلاس قالا في الوصافي: " متروك "، أي شديد الضعف. وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (2/63) : " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات، حتى يسبق إلى القلب أنه المعتمد له فاستحق الترك ". قلت: وهذا الحديث يرويه الوصافي عن داود بن إبراهيم، وهو مجهول. قال الذهبي وتبعه العسقلاني: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 " لا يعرف، وقال الأزدي: لا يصح حديثه ". قلت: وكأن الأزدي عنى حديثه هذا. والله أعلم. ومع هذا الضعف الشديد في إسناد هذا الحديث، فقد سكت عليه الشيخ زاهد الكوثري في كتابه المشار إليه في الحديث السابق، بل أوهم أنه لا علة فيه فإنه قال بعد أن ساقه من طريق الطبراني (ص 31) : " ومثله في " مسند عبد الرزاق " عن جده عبادة، إلا أن في رواية عبد الرزاق عللا "! فمفهوم هذا أن رواية الطبراني لا علل فيها، خلافا لرواية عبد الرزاق، وليس كذلك، فقد بينا لك أن في إسناد الطبراني علتين أيضا، فيصير الحديث بذلك ضعيفا جدا، فإياك أن تغتر بمقالات الكوثري وكتاباته فإنه على سعة اطلاعه وعلمه مدلس صاحب هو ى، وقد ذكرنا بعض الأمثلة على ذلك في الجزء الأول من هذه السلسلة ، وللشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني كتاب ضخم هام في الرد عليه والكشف عن أهو ائه وأضاليله، وتعصبه لمذهبه، على أئمة الحديث ورجاله، أسماه " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل "، وهو في أربعة أقسام، وقد كنت قمت على طبعه والحمد لله لأول مرة بتحقيقي وتعليقي في مجلدين، ثم طبع سرقة من بعض الناشرين؛ منهم من صوره على أخطائه المطبعية دون أي جهد، ومنهم من طبعه بحرف جديد، وتصرف لا يليق، وقد أعدنا النظر فيه مجددا، استعدادا لطبعة ثانية طبعة مصححة منقحة. والله ولي التوفيق. ثم وقفت بعد سنين على إسناد عبد الرزاق في " مصنفه وقد طبع في بيروت سنة ( 1392 هـ) فإذا به يقول فيه (11339) : أخبرنا يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن الوليد العجلي عن إبراهيم عن داود بن عبادة قال: طلق جدي امرأة.. فذكره. هكذا وقع فيه: إبراهيم عن داود.. ولعله من تضليلات يحيى بن العلاء، فإنه كان كذابا. وهذا يؤكد للقارىء ما ذكرته آنفا في حق الكوثري، وإلا لما جاز له أن يسكت عنه ويكتفي بقوله: " إن فيه عللا "! لأنه لا يقال هذا في اصطلاحهم وفيهم الكذاب! ! بل وفيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 أيضا العلتان المتقدمتان في رواية الطبراني التي سكت عنها الكوثري مضللا للقراء! فتأمل كم في كلام الكوثري من تدليس وتضليل. نسأل الله السلامة. 1212 - " صنعت هذا (يعني الجمع بين الصلاتين) لكي لا تحرج أمتي ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4276) عن عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن زاذان عن عبد الله بن مسعود قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأولى والعصر، وبين المغرب والعشاء ، فقيل له في ذلك فقال: فذكره. قال الطبراني: " لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله ". قلت: وهو ضعيف عند الجمهور مثل ابن معين وأبي داود والنسائي والدارقطني وغيرهم. ولذلك قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق رمي بالرفض، وكان أيضا يخطىء ". والحديث قال الهيثمي (2/161) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير "، وفيه عبد الله بن عبد القدوس؛ ضعفه ابن معين والنسائي، ووثقه ابن حبان، وقال البخاري: " صدوق، إلا أنه يروي عن أقوام ضعفاء ". قلت: وقد روى هذا عن الأعمش وهو ثقة ". قلت: نعم الأعمش ثقة، وقول البخاري في الراوي عنه: " صدوق " لا ينفي كونه ضعيفا، بل غاية ما فيه أنه صدوق لا يكذب، فإذا ثبت ضعفه الذهبي والعسقلاني كما سبق، فتأمل. وأما قول الشوكاني في " نيل الأوطار " (3/92 - بولاق) : " وقال أبو حاتم: لا بأس به ". الحديث: 1212 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 فغريب، لم أره من ذكره غيره، ولا أورده ابن أبي حاتم في كتابه (2/2/104) لا عن أبيه ولا عن غيره. والصحيح في هذا الباب حديث ابن عباس رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء ، بالمدينة من غير خوف، ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ". أخرجه مسلم والأربعة إلا ابن ماجه، وهو مخرج في " الإرواء " (3/34 - 35) ، و" صحيح أبي داود " (1096) . فالحديث إذن حديث ابن عباس أخطأ فيه عبد الله بن عبد القدوس، من وجهين: الأول: أنه جعله من مسند ابن مسعود، وهو عن ابن عباس. والآخر: أنه رفع التعليل بنفي الحرج وهو موقوف. (فائدة) : واعلم أن حديث ابن عباس يدل على جواز الجمع في الإقامة لرفع الحرج ، وليس مطلقا، فتنبه لهذا فإنه هام. 1213 - " الغلاء والرخص جندان من جنود الله، اسم أحدهما: الرغبة، والآخر الرهبة، فإذا أراد الله أن يغليه قذف في قلوب التجار الرغبة فحبسوا ما في أيديهم، وإذا أراد الله أن يرخصه قذف في قلوب التجار الرهبة فأخرجوا ما في أيديهم ". موضوع رواه العقيلي في " الضعفاء " (330) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي قال: حدثنا عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثمامة ابن عبد الله عن أنس مرفوعا وقال: " هذا حديث باطل لا أصل له ". ذكره في ترجمة الضبي هذا وقال فيه: " الغالب على حديثه الوهم والمناكير ". قلت: وقال الدارقطني: الحديث: 1213 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 " كذاب ". وقال الذهبي: " اتهم بحديث: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة.. " الحديث وسيأتي (2688) . ثم ساق له هذا الحديث وقال: " أيضا باطل ". واتهمه الحافظ في " اللسان " بوضع ما رواه بسنده عن أم سلمة قالت: " لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس ". قلت: والراوي عنه الغلابي كذاب أيضا، فأحدهما اختلق هذا الحديث. وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي هذه، ووافقه السيوطي في " اللآلىء " (رقم 1784) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (293/2) . 1214 - " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله، فإن الله لوكان غافلا شيئا لأغفل البعوضة، والخردلة، والذرة ". ضعيف جدا أخرجه ابن أبي حاتم قال: ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر: حدثنا أبو أمية ابن يعلى الثقفي: حدثنا سعيد بن أبي سعيد: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا. كذا في " تفسير ابن كثير " (3/379) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وإنما سكت عنه ابن كثير لظهو ر ضعفه لأهل العلم، وله علتان: الأولى: أبو أمية هذا واسمه إسماعيل قال الذهبي في " الضعفاء ": " بصري متروك ". والأخرى: الانقطاع بين ابن أبي حاتم والحوضي. ومع كل هذا أورده الرفاعي في " مختصره " (3/256) الذي زعم في مقدمته أنه الحديث: 1214 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 التزم فيه الأحاديث الصحيحة! وههيات أن يستطيع ذلك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. (1) المستعان. 1215 - " غرة العرب كنانة، وأركانها تميم، وخطباؤها أسد، وفرسانها قيس، ولله تبارك وتعالى من أهل السماوات فرسان، وفرسانه في الأرض قيس ". باطل رواه ابن عساكر (16/206/1) عن المستهل بن داود التميمي: نا عبد السلام بن مكلبة عن عثمان بن عقال عن بان أبي مليكة عن أبي ذر الغفاري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم لحديث باطل، أورده ابن عساكر في ترجمة المستهل هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، والراويان فوقه لم أجد من ذكرهما! ولعل الأول منهم هو آفة الحديث فإنه تميمي! والحديث مما سود به السيوطي جامعه الصغير، وبيض له المناوي في كتابيه! الحديث: 1215 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 1216 - " لما ألقي إبراهيم في النار، قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك ". ضعيف أخرجه أبو يعلى والبزار (3/103/2349 - كشف الأستار) قالا: حدثنا أبو هشام: حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه الدارمي في " الرد على الجهمية " (75) وأبو نعيم في " الحلية " (1/19) والخطيب في " تاريخه " (10/346) . وأخرجه الذهبي في ترجمة أبي هشام واسمه محمد بن يزيد الرفاعي الكوفي - وذكر اختلاف العلماء فيه - من طريق الحسن بن سفيان: حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي به . ثم ضعفه بقوله: " غريب جدا ". الحديث: 1216 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 وقال في " العلو للعلي الغفار " (ص 7) (1) : " حديث حسن الإسناد "! وكذا قال في " الأربعين " له (178/1) . وأقول: بل هو ضعيف، كما أفاده قوله الأول، لأن فيه علتين: الأولى: أبو جعفر وهو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان. قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ ". الثانية: أبو هشام هذا قال الحافظ: " ليس بالقوي، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه ". والحديث ذكره ابن كثير في " التفسير " بإسناد أبي يعلى ساكتا عليه، فظن بعض الجهلة أن سكوته يعني أنه صحيح عنده وليس كذلك كما كنت بينته في مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة "، فقد أورده الشيخ نسيب الرفاعي في " مختصر تفسير ابن كثير " (3/50) وتبعه بلديه الصابوني فأورده في " مختصره " أيضا (2/514) وقد زعما كلاهما أنهما التزاما في كتابيهما أن لا يذكرا إلا الأحاديث الصحيحة ، وكذبا - والله - فإنهما لم يفعلا، ولا يستطيعان ذلك، لأنهما لم يدرسا هذا العلم مطلقا، بل وليس بإمكانهما أن يرجعا في ذلك إلى كتب أهل العلم وإلا لاعتمدا عليهم في ما ادعياه من التصحيح، ولذلك ركبا رأسيهما، وجاءا ببلايا وطامات لم يسبقا إليها. والله المستعان. (تنبيه) : ادعى الهيثمي (8/202) أن عاصما هذا هو ابن عمر بن حفص، وأعل الحديث به، وإنما هو عاصم بن أبي النجود، كما جاء مصرحا في رواية الدارمي، فإنه هو المعروف بالرواية عن أبي صالح، وعنه أبو جعفر الرازي.   (1) وقد اختصرته، وحذفت منه الأحاديث المنكرة والروايات الواهية، ووضعت له مقدمة هامة في تأييد مذهب السلف في الصفات، والرد على المؤولة وبعض الجماعات الإسلامية التي لا تهتم بالدعوة لتصحيح المفاهيم على المنهج السلفي، وقد طبع هذه السنة (1981) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 1217 - " العمامة على القلنسوة فصل ما بيننا وبين المشركين، يعطى يوم القيامة بكل كورة يدورها على رأسه نورا ". باطل رواه الباوردي عن ركانة مرفوعا كما في " الجامع الصغير " وبيض المناوي له فلم يتكلم عليه بشيء. وقال الشيخ الكتاني في " الدعامة " (ص 7) : " إن سنده واه ". يعني أنه ضعيف جدا كما في الصفحة (34) منه. وقد صرح بشدة ضعف هذا الحديث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه " أحكام اللباس " (ق 9/2) فقال: " ولولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة في تكبير العمائم ". قلت: والحديث عندي باطل لأن تكثير كورات العمامة خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها، بل هو من ثياب الشهرة المنهي عنها في أحاديث خرجت بعضها في آخر كتابي " حجاب المرأة المسلمة ". والشطر الأول من الحديث رواه الترمذي وضعفه، وهو مخرج في " الإرواء " (1503) . الحديث: 1217 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 1218 - " حببوا الله إلى الناس يحببكم الله ". ضعيف رواه خالد بن مرداس في " حديثه " (30/1) : حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر اليحصبي قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: فذكره موقوفا عليه. ومن طريق ابن مرداس رواه ابن عساكر (8/151/2) . قلت: وهذا سند موقوف حسن بل صحيح، فإن ابن عياش صحيح الحديث إذا روى عن الشاميين وهذا الحديث عنهم. وابن مرداس وثقه الخطيب (8/307) وقد أوقف الحديث وهو الصحيح. وخالفه عبد الوهاب بن الضحاك فرواه عن ابن عياش به مرفوعا. لكن عبد الوهاب هذا كذاب كما قال أبو حاتم وغيره، ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " والضياء المقدسي في " المختارة " كما في " فيض القدير " فقد قال متعقبا على السيوطي: الحديث: 1218 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 " وفيه عبد الوهاب بن الضحاك الحمصي، قال في " الميزان ": كذبه أبو حاتم، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني: منكر الحديث، والبخاري: عنده عجائب، ثم أورد له أوابد ها منها ". ثم وقفت على إسناد الطبراني فتبين لي أن عبد الوهاب متابع، قال الطبراني: " حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: حدثنا أبي (ح) : وحدثنا إبراهيم ابن محمد بن عرق: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قالا: حدثنا بقية عن صفوان بن عمرو به مرفوعا ". كذا وجدته في جزء فيه أحاديث منقولة عن " معجم الطبراني الكبير " مع أسانيدها في " المجموع " (6) . ثم رأيته هكذا في " المعجم " نفسه (7461) . ثم ساقه عقبه (7462) بإسناد آخر له عن بقية به. وعبد الوهاب بن نجدة ثقة، فبرئت عهدة ابن الضحاك منه، وتبين أن العلة من بقية وهو ابن الوليد، فإنه مدلس وقد عنعنه، وأن تعصيب المناوي العلة بعبد الوهاب غفلة منه عمن تابعه. 1219 - " العربون لمن عربن ". باطل رواه الدارقطني في " الغرائب ": حدثنا بركة بن محمد الحلبي: حدثنا أحمد بن علي بن أخت عبد القدوس: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قال في " الميزان ": " هذا حديث باطل، وبركة متهم. قال الدارقطني: ابن أخت عبد القدوس متروك الحديث ". كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 128) و" تنزيه الشريعة " (2/197) . قلت: ومع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا من رواية الخطيب في " رواة مالك " عن ابن عمر. وتعقبه المناوي بما نقلته عن " الذيل " غير أنه لم يعزه إليه! الحديث: 1219 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 1220 - " حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب ". الحديث: 1220 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/124) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي مرفوعا. والحارث هذا هو ابن عبد الله الهمداني الأعور وقد كذبه أبو إسحاق السبيعي هذا والشعبي وابن المديني. نعم ورد هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا، والموقوف رواه النسائي (2/332) والطحاوي (2/324) وأحمد في " الأشربة " (59/109) والطبراني (10837 و10839 - 10841 و12389 و12633) وأبو نعيم في " الحلية " (7/224) وإسناده صحيح، والمرفوع علقه أبو نعيم، وهي رواية شاذة مخالفة لرواية الجماعة الموقوفة. لكن رواه الطبراني من طريق ابن المسيب عن ابن عباس مرفوعا كما ذكره الزيلعي في " نصب الراية " (4/307) ولم يتكلم على إسناده ن ولم يسقه الحافظ الهيثمي في " المجمع " (5/53) مع أنه ساق الموقوف وعزاه للطبراني. على أن نهاية بحث الزيلعي في هذا الحديث يدل على أن الصواب فيه أنه موقوف على ابن عباس. والله أعلم. وهذا الحديث استدلت به الحنفية على أن الخمر إنما هو ما كان من عصير العنب، فهذا يحرم منه قليله وكثيره، وأن المسكر من الأشربة الأخرى التي تتخذ من الحنطة والشعير والعسل والذرة فهي حلال، والمحرم منها القدر المسكر فقط! وهذا مذهب باطل لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة القاطعة بخلافه مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " رواه مسلم وغيره عن ابن عباس (1) . وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " وهو حديث صحيح ورد عن نحوثمانية من الصحابة بأسانيد ثابتة قد   (1) وله شواهد كثيرة ذكرها الزيلعي وغيره، خرجت بعضها في " الإرواء " (8/40 - 45) ، ولهذا قال الشيخ علي القاري في " شرح مسند الإمام أبي حنيفة " (ص 59) : " كاد أن يكون متواترا ": فلا تغتر بقول صاحب الهداية: " هذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين " فإنه لا أصل له عن ابن معين، كما أفاده الزيلعي (4/295) ، وابن معين أجل من أن يخفى عليه صحة مثل هذا الحديث. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 أوردها الزيلعي في " نصب الراية " (4/301 - 306) وخرجت طائفة منها في " الإرواء " (2375 و2376 ) ، وقد روى بعضها النسائي في " سننه " (2/327) ثم قال: " وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة، وتحليلهم ما تقدمها الذي يسري في العروق قبلها ، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون الأولى والثانية بعدها، وبالله التوفيق ". (تنبيه) : ما حكيناه عن الحنفية آنفا هو الذي حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله، ورواه الإمام محمد في " الآثار " (ص 148) عن أبي حنيفة وأقره. لكن ذكر العلامة أبو الحسنات اللكنوي في " التعليق الممجد على موطأ محمد " (ص 311) أن الإمام محمد يقول بتحريم شرب قليل كل مسكر وكثيره أسكر أولم يسكر، كما هو مذهب الجمهور، فلعل الإمام محمدا له في المسألة قولان. ولكن القول الثاني هو الصواب لموافقته للأحاديث الصحيحة التي سبقت الإشارة إليها وذكرنا بعضها. ومن الآثار السيئة لهذا الحديث أنه يلزم من القول به إباحة المسكرات المتخذة من غير العنب على ما سبق بيانه، وإسقاط الحد عن شاربها ولوسكر! وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف كما في " الهداية " (8/160) لكنه قال بعد ذلك : إن الأصح أنه يحد بناء على قول الإمام محمد به. وهو منسجم مع قوله الآخر الموافق لمذهب الجمهور في تحريم كل مسكر. واستدل الحنفية أيضا أيضا بالحديث على أن تحريم الخمر ليس معللا بعلة فقالوا: " لما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل، لأن التعليل حينئذ يكون مخالفا للنص " (1) . يعني هذا الحديث. والجواب أن يقال: أثبت العرش ثم انقش. فالحديث غير ثابت كما سبق، ثم هو معارض بمثل الحديث المتقدم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " فإنه صريح في تحريم كل مسكر بجامع الاشتراك مع خمر العنب علة الإسكار.   (1) نقله ابن الهمام (8/156) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 وقد قلد الحنفية في هذه المسألة بل زاد عليهم حزب التحرير الذي كان يرأسه الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله فاستدل به على أن العبادات لا تعلل فقال في " مفاهيم حزب التحرير " (ص 24) : " فالحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا تعلل، قال عليه الصلاة والسلام: حرمت الخمرة لعينها ". وهذا يدل على جهل بالغ بالسنة، فالحديث غير صحيح ومعارض للحديث الصحيح كما علمت، ثم هو لوصح خاص بالخمر ولا عموم فيه فكيف يصح الاستدلال به على أن جميع العبادات وما ذكر معها لا تعلل؟ ! اللهم هداك. 1221 - " ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له ". ضعيف جدا أخرجه البزار (621 - كشف الأستار) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 366) وفي " الأوسط " (رقم 186) من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي عبيد الله بن الجراح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني: " لا يروى عن أبي عبيدة إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء. قال الدارقطني: " عبيد الله بن زحر ليس بالقوي، وشيخه علي متروك ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم ". وقال الهيثمي في " المجمع " (2/168) : " رواه البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " كلهم من رواية عبيد الله ابن زحر الحديث: 1221 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 عن علي بن يزيد وهما ضعيفان ". والحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " برواية " مسند البزار " بنحوه، وأشار إلى تضعيفه بعلي بن يزيد وحده، وهو قصور، كما يدل عليه قول الهيثمي المذكور ، والدارقطني المشهور. لكن قد جاء الحديث بإسناد آخر صحيح عن ابن عمر، دون قوله: " وما أحسب ". وهو مخرج في " الصحيحة " (1566) فهو بهذه الزيادة منكر. والله أعلم. 1222 - " عودوا المرضى، ومروهم فليدعوا الله لكم، فإن دعوة المريض مستجابة وذنبه مغفور ". موضوع رواه الثقفي في " الثقفيات " 0 4/27/1) عن سهل بن عمار العتكي: حدثنا عبد الرحمن بن قيس: حدثنا هلال بن عبد الرحمن: حدثنا عطاء بن أبي ميمونة أبو معاذ عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عبد الرحمن بن قيس - وهو الضبي الزعفراني - أو سهل بن عمار، أما عبد الرحمن فكذبه ابن مهدي، وقال أبو علي صالح بن محمد: " كان يضع الحديث ". انظر " تاريخ بغداد " (10/251 - 252) . وأما سهل بن عمار، فقال الذهبي في " الميزان ": " متهم، كذبه الحاكم ". وقال الحافظ: " وذكره ابن حبان في " الثقات "، وصحح له الحاكم في " المستدرك " وتعقبه المصنف في " تلخيصه " بالتناقض، وقال ابن منده: كان ضعيفا ". وهلال بن عبد الرحمن هو الحنفي، قال الذهبي: " عن ابن المنكدر، قال العقيلي: منكر الحديث، ثم علق له ثلاثة مناكير، وله عن عطاء بن أبي ميمونة وغيره، الضعف على أحاديثه لائح فيترك ". الحديث: 1222 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 1223 - " الخاصرة عرق الكلية، فإذا تحرك فداوه بالماء المحرق والعسل ". ضعيف رواه ابن عدي (96/2) عن الحسين بن علوان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال: " وللحسين بن علوان أحاديث كثيرة وعامتها موضوعة، وهو في عداد من يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعا، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ". لكن الحديث له طريق آخر عن عروة، فقال الحاكم (4/405) : " حدثنا محمد بن صالح بن هانىء: حدثنا السري بن خزيمة: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن خالد المديني عن ابن شهاب عن عروة به ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وهذا منه عجيب فإن مسلم بن خالد وهو الزنجي ضعيف وقد ساق له الذهبي نفسه في ترجمته من " الميزان " أحاديث كثيرة منكرة، ثم قال: " فهذه الأحاديث وأمثالها يرد بها قوة الرجل ويضعف ". وفي السند جماعة آخرون لم أعرفهم: محمد بن صالح بن هانىء شيخ الحاكم، وشيخه السري بن خزيمة، وقد روى خبرا باطلا خالف فيه الإمام البخاري، أوالخطأ من الراوي عنه كما سيأتي بيانه، فانظر " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ... ". وعبد الرحمن بن خالد المديني لم أعرفه أيضا، وفي طبقته عبد الرحمن بن خالد ابن مسافر الفهمي المصري روى عن الزهري وعنه الليث وغيره، وهو ثقة من رجال الشيخين، لكنه مصري والمترجم مدني. والله أعلم. ثم رأيته عند أبي نعيم في " الطب " (2/2/2) من طريق مسلم بن خالد عن عبد الرحيم بن يحيى المديني عن ابن شهاب به. الحديث: 1223 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 وعبد الرحيم بن يحيى لم أعرفه أيضا. والله أعلم. وقد وجدت له طريقا أخرى عن هشام بن عروة به. ولكنه لا يساوي شيئا، فإنه من رواية يحيى بن هاشم: حدثنا هشام بن عروة به. أخرجه يوسف بن خليل الأدمي في " عوالي حديث هشام بن عروة " (188/1) . ويحيى هذا هو السمسار، وهو ممن يضع الحديث. ومن بلاياه الحديث الآتي: " عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة ". 1224 - " عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة ". موضوع رواه أبو الفرج الإسفراييني في " جزء أحاديث يغنم بن سالم " (27/1) وأبو نعيم في " الحلية " (7/260) عن يحيى بن هاشم قال: حدثنا مسعر بن كدام عن قتادة عن أنس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر (5/49/1) . وقال أبو نعيم: " لا أعلم رواه عن مسعر غير يحيى بن هاشم ". قلت: وهو السمسار كذاب يضع الحديث. وقد ساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث هذا أحدها، وقال: " إنها من بلاياه "! ومع هذا فقد سود به السيوطي " الجامع الصغير " وتعقبه المناوي بنحوما ذكرنا. الحديث: 1224 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 1225 - " من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة - يعني ستر ما يكون منه عند ذلك - كان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. قال: ليله من كان أعلم، فإن كان لا يعلم فرجل ممن ترون أن عنده ورعا وأمانة ". ضعيف جدا رواه البيهقي (3/396) والطبراني في " الأوسط " (3718 - بترقيمي " وابن عدي (164/1 - 2) عن سلام بن أبي مطيع عن جابر الجعفي عن الشعبي عن يحيى الجزار عن عائشة مرفوعا. وقالا: " لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به سلام ". قال ابن عدي: الحديث: 1225 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 " وهو عندي لا بأس به وبرواياته ". قلت: لكن جابر الجعفي متروك، وبه أعله عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " ( رقم 1900 بتحقيقي) . 1226 - " حب الدنيا رأس كل خطيئة ". موضوع قال في " المقاصد ": " رواه البيهقي في " الشعب " بإسناد حسن إلى الحسن البصري رفعه مرسلا ". قلت: والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، لا سيما إذا كان مرسله الحسن البصري، قال الدارقطني: " مراسيله فيها ضعف ". والحديث رواه عبد الله بن أحمد في " الزهد " (ص 92) : من طريقين عن عيسى عليه السلام من قوله وهو الأشبه على إعضال الطريقين. والله أعلم. ورواه ابن عساكر (7/98/1) من قول سعد بن مسعود الصيرفي وذكر أنه تابعي، وأنه كان رجلا صالحا. وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " دون " الكبير " من رواية البيهقي فقط. قلت: والظاهر من ها التخريج أن مخرجه البيهقي سكت عليه، وليس كذلك فقد قال المناوي متعقبا على السيوطي: " ثم قال: أعني البيهقي: " ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ". قال الحافظ العراقي: " ومراسيل الحسن عندهم شبه الريح " ومثل به في شرح الألفية للموضوع من كلام الحكماء، وقال: هو من كلام مالك بن دينار كما رواه ابن أبي الدنيا، أومن كلام عيسى عليه السلام كما رواه البيهقي في " الزهد " وأبو نعيم في " الحلية ". وعده ابن الجوزي في " الموضوعات ". ز تعقبه الحافظ ابن حجر بأن ابن المديني أثنى على مراسيل الحسن، والإسناد إليه حسن، وأورده الديلمي من حديث علي وبيض لسنده ". وقال في " التيسير ": الحديث: 1226 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 " وقال المؤلف (يعني السيوطي) : في " فتاويه ": رفعه وهم، بل عده الحفاظ موضوعا ". وقال ابن تيمية في " الفتاوى " (2/196) : " هذا معروف عن جندب بن عبد الله البجلي، وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس له إسناد معروف " وذكر نحوه في " مجموع الفتاوى " (11/907) وزاد: " ويذكر عن المسيح ابن مريم عليه السلام. وأكثر ما يغلوفي هذا اللفظ المتفلسفة ومن حذا حذوهم من الصوفية على أصلهم في تعلق النفس، إلى أمور ليس هذا موضع بسطها ". 1227 - " علم الباطن سر من أسرار الله عز وجل، وحكم من أحكام الله، يقذفه في قلوب من يشاء من عباده ". موضوع أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " فقال (121/1) : " رواه ابن الجوزي في " الواهيات " (1/74) من حديث علي بن أبي طالب وقال: لا يصح، وعامة رواته لا يعرفون ". قلت: قال الذهبي في " تلخيصه ": " هذا باطل ". قلت: وابن عراق نقل ما ذكره عن ابن الجوزي - عن السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " وهو فيه برقم (215 بترقيمي) ، ومع حكم السيوطي عليه بالوضع فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن علي! وهو عنده (3/290 - زهر الفردوس) من طريق ابن شاهين - وعنه ابن الجوزي أيضا عن علي بن جعفر بن عنبسة : حدثنا دارم ابن قبيصة بن نهشل الصنعاني: سمعت يحيى بن الحسن بن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن علي مرفوعا به. ويحيى ومن دونه لم أجد من ذكرهم سوى ابن عنبسة، فقد أشار الخطيب إلى جهالته كما في ترجمة عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري من " اللسان ". الحديث: 1227 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 1228 - " على الخبير سقطت ". لا أصل له مرفوعا وفي " المقاصد " (136) : " هو كلام يقوله المسؤول عما يكون به عالما، جاء عن جماعة منهم ابن عباس مما صح عنه حيث سئل عن البدنة إذا عطبت، وفي " دلائل النبوة " للبيهقي من طريق ابن إسحاق في نحوهذا أن أبا حاجز الحضرمي قاله حين سئل عنه ". قلت: فالظاهر أنه مثل قديم معروف عند العرب، فقد صح أنه تمثل به الحارث بن حسان البكري أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج أحمد (3/481 - 482) والترمذي (3269) والطبراني في " الكبير " (3325) من طريق عفان بن مسلم ومحمد بن مخلد الحضرمي قالا: حدثنا سلام أبو المنذر القاري: حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن الحارث بن حسان قال: " مررت بعجوز بالربذة، منقطع بها في بني تميم، فقالت: أين تريدون؟ قلنا: نريد رسول الله، قالت: فاحملوني معكم، فإن لي إليه حاجة، قال: فدخلت، فقال: هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ قلت: نعم يا رسول الله، فكانت لنا الدائرة عليهم، وقد مررت على عجوز منهم بالربذة منقطع بها، فقالت: إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فحملتها، وها هي تلك بالباب، قال: فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت، فلما قعدت، قلت: يا رسول الله! إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا بيننا وبين بني تميم فافعل، فإنها كانت لنا مرة، قال: فاستوفزت العجوز، فأخذتها الحمية، وقالت: يا رسول الله! فأين تضطر مضرك؟ قال: قلت: يا رسول الله! أنا والله كما قال الأول: " بكر حملت حتفا "، حملت هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصما، أعوذ بالله ورسول الله أن أكون كوافد عاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما وافد عاد؟ قال: قلت: " على الخبير سقطت " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إيه " يستطعمني الحديث، وقال عفان: أعوذ بالله أن أكون كما قال الأول، قال: وما قال الأول؟ قال: على الخبير سقطت، قال: " هيه " يستطعمه الحديث، الحديث: 1228 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 فقال: إن عادا قحطوا فبعثوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر شهرا يسقيه الخمر وتغنيه الجرادتان، وقال سلام: - يعني القينتين - قال: ثم مضى حتى أتى جبال مهرة فقال: اللهم إنك تعلم أني لم آت لأسير فأفاديه، ولا لمريض فأداويه، فاسق عبدك ما أنت مسقيه، واسق معه بكر بن معاوية (كذا الأصل على القلب، وفي النسخة الأخرى على العكس: " معاوية بن بكر ") شهرا، - يشكر له الخمر التي شربها عنده - قال: فمرت سحابات سود فنودي منها: أن تخير السحاب ، فقال: إن هذه لسحابة سوداء، فنودي منها: أن خذها رمادا رمددا لا تدع من عاد أحدا، قال: قلت: يا رسول الله فبلغني أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا كقدر ما يرى من الخاتم، قال أبو وائل: وكذلك بلغنا ". قلت: وهذا سند حسن وسكت عنه الترمذي. 1229 - " اغسلوا قتلاكم ". منكر أخرجه ابن عدي في " الكامل " (107/1) : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق: حدثنا الفضل بن الصباح: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره ، وقال ابن عدي: " وهذا الحديث بهذا الإسناد لم نكتبه إلا عن ابن سابور ". قلت: ورجاله ثقات رجال " التهذيب " غير ابن سابور هذا، فقد ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (4/225) وروى عن الدارقطني أنه قال فيه: " ثقة ". ثم أشار الخطيب إلى أنه وهم في إسناد حديث، فروى من طريقه: حدثنا بركة بن محمد الحلبي : حدثنا يوسف بن أسباط: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس أن عائشة قالت: " ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ". قال الخطيب: " لا أعلم رواه عن بركة بن محمد هكذا غير ابن سابور، والمحفوظ عن بركة ما أخبرنيه أبو القاسم الأزهري ... : حدثنا عبد الله بن أبي سفيان - بالموصل -: حدثنا بركة ابن محمد الحلبي: حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان عن محمد بن جحادة به. الحديث: 1229 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 يعني أنه أخطأ في إسناده، فذكر سفيان مكان حماد. وقال الذهبي في ترجمة حنظلة بن أبي سفيان بعد أن ذكر أنه ثقة بإجماع: " ثم ساق له ابن عدي حديثا منكرا، ولعله وقع الخلل فيه من الرواة إليه، فقال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور.. (فذكره، وقال) رواته ثقات، ونكارته بينة ". قلت: ووجه النكارة أنه جاء في أحاديث كثيرة ترك النبي صلى الله عليه وسلم غسل الشهداء منها حديث جابر بن عبد الله مرفوعا: " ادفنوهم في دمائهم (يعني شهداء أحد) ، ولم يغسلهم ". أخرجه البخاري وغيره. وفي رواية لأحمد: " لا تغسلوهم، فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة ". وهو صحيح أيضا على ما بينته في " أحكام الجنائز " (ص 54 - طبع المكتب الإسلامي) . والتعليل المذكور في الحديث دليل واضح على أنه لا يشرع غسل الشهيد، ولذلك كان الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه منكرا، وأنا أظن أن الخطأ من ابن سابور، فإنه وإن وثقه الدارقطني، فقد أثبت الخطيب وهمه في إسناد حديث عائشة المتقدم، فيظهر أنه وهم في هذا أيضا متنا. والحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " (1926 - بتحقيقي) من رواية ابن عدي، وقال: " وحنظلة ثقة مشهور، وإسحاق بن سليمان ثقة، والفضل بن الصباح وابن سابور كتبتهما حتى أنظرهما ". قلت: أما ابن الصباح فهو أبو العباس السمسار، وهو من رجال الترمذي وابن ماجه، وترجم له الخطيب (12/361 - 362) وروى بإسنادين له عن ابن معين أنه ثقة، وعن البغوي أنه كان من خيار عباد الله. وأما ابن سابور، فقد عرفت حاله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 1230 - " حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن حج خير من عشر حجج، وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر، ومن جاز البحر كأنما جاز الأودية كلها، والمائد فيه كالمنشحط في دمه ". ضعيف رواه ابن بشران في " الأمالي " (27/117/1) عن عبد الله بن صالح: حدثني يحيى ابن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الحاكم (2/143) والطبراني في " الكبير " والبيهقي كما في " الترغيب " (2/185) وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري ". ووافقه الذهبي، وكذا المنذري قال: " وهو كما قال، ولا يضر ما قيل في عبد الله بن صالح؛ فإن البخاري احتج به ". قلت: وبناء على ذلك قال المناوي: " وسنده لا بأس به ". وفي كل ذلك نظر، فإن ابن صالح فيه كلام كثير، وقد قال الحافظ فيه: " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". وروى ابن ماجه (2777) عن بقية عن معاوية بن يحيى عن ليث بن أبي سليم عن يحيى ابن عباد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا: " غزوة في البحر مثل عشر غزوات.. " الحديث نحوه. قلت: وهذا إسناد واه، مسلسل بالعلل: الأولى: ليث بن أبي سليم، وكان اختلط. الثانية: معاوية بن يحيى، وهو الصدفي؛ ضعيف. الثالثة: بقية، وهو ابن الوليد، وكان يدلس عن الضعفاء والمجهولين. الحديث: 1230 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 1231 - " عشرة مباحة في الغزو: الطعام والأدم والثمار والشجر والحبل والزيت والحجر والعود غير منحوت والجلد الطري ". الحديث: 1231 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 موضوع. رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/100/2) عن أبي سلمة عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن عائشة مرفوعا. أورده في ترجمة أبي سلمة هذا ن وسماه الحكم بن عبد الله بن خطاف، وروى عن ابن أبي حاتم أنه قال فيه: " كذاب متروك الحديث، والحديث الذي رواه باطل ن وعن النسائي أنه قال: ليس بثقة ولا مأمون ". قلت: والحديث مما فات السيوطي في " جامعيه "، واستدركه المناوي في كتابه " الجامع الأزهر " (2/15/2) ، ولكنه سكت عنه خلافا لشرطه الذي نص عليه في مقدمته قائل: " أذكر فيه كل حديث معقبا له ببيان حال راويه من أهل الضعف والكمال "! 1232 - " أعف الناس قتلة أهل الإيمان ". ضعيف، لاضطرابه وجهالته ومداره على إبراهيم النخعي، وقد اختلف الرواة عليه على وجوه: الأول: شباك عن إبراهيم عن هني بن نويرة عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه أبو داود (2666) : حدثنا محمد بن عيسى وزياد بن أيوب قالا: حدثنا هشيم أخبرنا مغيرة عن شباك به. وهكذا أخرجه ابن الجارود (840) : حدثنا زياد بن أيوب به، إلا أنه قال: " حدثنا المغيرة لعله قال: عن شباك.. ". الثاني: وخالفهما سريج بن النعمان عند أحمد (1/393) وعمرو بن عون عند الطحاوي في " شرح المعاني " (2/105) كلاهما قالا: حدثنا هشيم به، إلا أنهما لم يذكرا: " عن هني ". والأول أرجح، لأنه قد تابعه شعبة عن المغيرة عن شباك عن إبراهيم عن هني بن نويرة به. الحديث: 1232 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 أخرجه ابن ماجه (2682) وابن أبي شيبة في " المصنف " (11/47/2) والطحاوي وابن أبي عاصم في " الديات " (ص 56) ويحيى بن صاعد في " مسند ابن مسعود " (100/1) كلهم عن غندر عن شعبة به. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد أيضا (1/393) لكن سقط منه قوله: " عن شباك "، فصار الإسناد عنده هكذا: " عن المغيرة عن إبراهيم.. ". فلا أدري أهكذا الرواية عنده أم سقط من الناسخ أوالطابع؟ ويؤيد الاحتمال الأول أن جرير بن عبد الحميد رواه أيضا عن مغيرة عن هني به. فأسقط شباكا. أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1523 - موارد) . وكذلك رواه أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم به. أخرجه البيهقي (8/61) وقال: " رواه هشيم عن مغيرة عن شباك عن إبراهيم ". قلت: والمغيرة هو ابن مقسم، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم كما في " التقريب "، فرواية من رواه عنه عن إبراهيم بإسقاط شباك من بينهما محفوظة عنه، إلا أن السقط هو من تدليس المغيرة نفسه. والله أعلم. وأما رواية من رواه عنه بإسقاط هني من بين إبراهيم وعلقمة فهي مرجوحة، والراجح إثباته، وهو ليس بالمشهور بالرواية، ولم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، ولم يروعنه غير إبراهيم النخعي، وآخر لا يعرف، ولذلك أشار الذهبي في " الكاشف " إلى أن التوثيق المذكور غير موثوق به، فقال: " وثق "، ومثله قول الحافظ فيه: " مقبول "، أي: غير مقبول إلا إذا توبع. على أنه قد أسقطه أيضا آخر، ولكنه أوقفه، وهو: الثالث: عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود: فذكره موقوفا عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/45/2) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش به. قلت: وهذا إسناد صحيح لولا عنعنة الأعمش وهو موقوف، وهو أصح من الذي قبله ، لخلوه من الاضطراب والجهالة، وقد أورده الهيثمي في " المجمع " (6/291) وقال: " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ". وجملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا، وقد يصح موقوفا. والله أعلم. ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ". أخرجه مسلم وغيره، وقد خرجته في " الإرواء " (2231) ، وقد طبع والحمد لله في ثمان مجلدات. (تنبيه) : هكذا وقع في جميع المصادر المتقدمة: " أعف "، من العفة أي: أرحم الناس بخلق الله، وأشدهم ابتعادا عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وكذلك وقع في الأصل المخطوط من " مجمع الزوائد "، لكن المصحح الذي قام على طبعه أفسده، فجعله: " أعق " بالقاف! وقال معلقا عليه: " في الأصل: (أعف) ". وهذا من أعجب ما رأيت من التصحيح، بل التصحيف، فإن الأصل صحيح رواية ودراية ، والمصحح بزعمه لا يظهر معناه هنا، فإن (أعق) من (العق) وهو القطع! وحرف المصحح المشار إليه عنوان الباب الذي ترجم به المصنف الهيثمي للحديث بقوله: " باب حسن القتل " فجعله " باب أعق القتل "!! فالله المستعان. 1233 - " عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا، وتزيدها أمتي بخلة: إتيان الرجال بعضهم بعذا، ورميهم بالجلاهق والخذف، ولعبهم بالحمام، وضرب الدفوف، وشرب الخمور، وقص اللحية، وطول الحديث: 1233 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 الشارب، والصفير، ولباس الحرير، وتزيدها أمتي بخلة: إتيان النساء بعضهن بعضا ". موضوع رواه ابن عساكر في " التاريخ " (14/320/1 - 2) عن إسحاق بن بشر. أخبرني سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرفوعا. قلت: وإسحاق هذا كذاب، سواء كان هو البخاري صاحب " كتاب المبتدأ " أو الكاهلي الكوفي، فكلاهما كذاب وضاع، والعجب من السيوطي كيف يخفى عليه هذا؟ فأورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم يتعقبه بشيء! وروي بعضه موقوفا على أنس، أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/62) من طريق أبي عمران سعيد بن ميسرة البكري الموصلي عن أنس بن مالك أنه دخل عليه شاب قد سكن عليه شعره فقال هل: مالك والسكينة؟ ! افرقه أوجزه، فقال له رجل: يا أبا حمزة! فيمن كانت السكينة؟ قال: في قوم لوط، كانوا يسكنون شعورهم، ويمضغون العلك في الطرق والمنازل، ويخذفون، ويفرجون أقبيتهم إلى خواصرهم. قلت: وهذا موضوع أيضا، سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات ". وقال الحاكم: " روى عن أنس موضوعات ". قلت: وهذا الحديث والذي قبله مما سود به الشيخ الغماري كتابه " مطابقة الاختراعات العصرية " (ص 61 و62) وكم له من مثلهما في هذا الكتاب الذي لو اقتصر فيه على ما صح عنه صلى الله عليه وسلم لكان آية في بابه. وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو موضوع أيضا وهو: " عشرة من أخلاق قوم لوط: الخذف في النادي، ومضغ العلك، والسواك على ظهر الطريق، والصفر، والحمام، والجلاهق، والعمامة التي لا يتلحى بها، والسكينة، والطريف بالحناء، وحل أزرار الأقبية، والمشي في الأسواق والأفخاذ بادية ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 أخرجه الديلمي (2/301) عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، إسماعيل هذا كذاب. وجويبر متروك. 1234 - " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من سيام رجل وقيامه في أهله ألف سنة، السنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألف سنة ". موضوع رواه ابن ماجه (2/176) والعقيلي في " الضعفاء " (149) وأبو يعلى في " مسنده " (3/1060) وابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " (ق 67/2) وابن عساكر (7/112/1) عن سعيد بن خالد بن أبي الطويل قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع، فإن سعيدا هذا اتهمه غير واحد فقال البخاري: " فيه نظر ". وقال أبو حاتم: " لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق ". وقال الحاكم: " روى عن أنس أحاديث موضوعة ". قلت: وهذا منها، قال المنذري في " الترغيب " (2/154) : " رواه ابن ماجه، ويشبه أن يكون موضوعا ". وقال الذهبي بعد أن ساق له هذا الحديث: " فهذه عبارة عجيبة لوصحت لكان مجموع ذلك الفضل ثلاثمائة ألف ألف سنة ". قلت: وهو عند العقيلي دون قوله: " السنة ثلاثمائة.. " ثم قال: الحديث: 1234 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 " لا يتابع عليه وقد روي من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا ". قلت: كأنه يشير إلى حديث عثمان مرفوعا بلفظ: " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها ". وإسناده كما قال: أصلح من هذا، لكنه ضعيف فيه مصعب بن ثابت قال الحافظ: " لين الحديث ". وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (2/154) . 1235 - " لعن الله الراشي والمرتشي، والرائش الذي يمشي بينهما ". منكر أخرجه الحاكم (4/103) وأحمد (5/279) والبزار (1353) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 1495) عن ليث عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم به. واللفظ للحاكم، وقال الآخرون: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ". وقال الحاكم: " إنما ذكرت ليث بن أبي سليم في الشواهد لا في الأصول ". وأقول: لقد ذكر ليث في هذا الحديث زيادة لم يروها غيره وهي " الرائش ... " كما ذكر البزار، فهي زيادة منكرة لتفرد ليث بها، وهو ضعيف لاختلاطه. وشيخه أبو الخطاب؛ قال البزار وتبعه المنذري في " الترغيب " (3/143) : " لا يعرف ". وقال الذهبي: " مجهول ". أما الحديث بدون هذه الزيادة فصحيح، وله طرق ذكرتها في " إرواء الغليل " " كتاب القضاء " رقم الحديث (2620) . تنبيه: أورد المنذري الحديث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم ". وقال: الحديث: 1235 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 " رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في " صحيحه " والحاكم وزادوا: (والرائش يعني الذي يسعى بينهما) ". وليس لهذه الزيادة أصل في حديث أبي هريرة عند أحد من الثلاثة المذكورين، ولا عند غيرهم فيما علمت، فاقتضى التنبيه. ثم إن هذه الزيادة الأخرى: " في الحكم "، في إسنادها عندهم عمر بن أبي سلمة، وهو صدوق يخطىء. لكن لهذه الزيادة شاهد من حديث أم سلمة، قال المنذري: " رواه الطبراني بإسناد جيد ". فهي قوية بهذا الشاهد. والله أعلم. 1236 - " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا، إلا أخذوا بالرعب ". ضعيف أخرجه أحمد (4/205) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن محمد بن راشد المرادي عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد مسلسل بالعلل: الأولى: الانقطاع بين المرادي وعمرو. قال الحافظ في " التعجيل ": " وقد سقط رجل بين محمد وعمرو، فقد ذكر ابن يونس في المصريين محمد بن راشد المرادي، روى عن رجل عن عبد الله بن عمرو، وذكر البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في " الثقات ": محمد بن راشد بن أبي سكينة، روى عن أبيه، وعنه حرملة بن عمران المصري، قال البخاري: " حديثه في المصريين ". وأنا أظن أنه هذا والله أعلم ". الثانية: جهالة المرادي هذا، قال الحسيني: " مجهول غير معروف ". الثالثة: عبد الله بن سليمان وهو أبو حمزة البصري الطويل. قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". الحديث: 1236 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 الرابعة: ابن لهيعة، وهو عبد الله سييء الحفظ. واعلم أن في الأخذ بالسنين حديثا آخر بلفظ: " ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم.. ". وهو مخرج في " الصحيحة " (106) . 1237 - " إذا أنا مت، فاغسلوني بسبع قرب، من بئري بئر غرس ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (1468) : حدثنا عباد بن يعقوب: حدثنا الحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه ابن النجار أيضا في " التاريخ " (10/129/1) . قال البوصيري في " الزوائد " (ق 92/1) : " هذا إسناد ضعيف، عباد بن يعقوب الرواجني أبو سعيد قال فيه ابن حبان: " كان رافضيا داعية، ومع ذلك روى المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك ". وقال ابن طاهر في " التذكرة ": " عباد بن يعقوب من غلاة الروافض، روى المناكير عن المشاهير، وإن كان البخاري روى له حديثا واحدا في " الجامع "، فلا يدل على صدقه، وقد أوقفه عليه غيره من الثقات، وأنكر الأئمة عليه روايته عنه، وترك الرواية عن عباد جماعة من الحفاظ ". قلت: إنما روى البخاري لعباد هذا مقرونا بغيره، وشيخه الحسين بن زيد مختلف فيه ". انتهى ما في " الزوائد ". قلت: والحسين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " في حديثه ما يعرف وينكر ". وكذلك أورد عبادا فيه وضعفه بما قال ابن حبان فيه. والحديث أورده الحافظ في " الفتح " (5/270) وسكت عليه! ولذلك خرجته، لأن سكوته يعني أنه حسن عنده كما هو القاعدة عندهم، وليست مضطرة فتنبه! الحديث: 1237 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 1238 - " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا ". منكر أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (3/110/4964) وابن أبي شيبة (2/312) - مختصرا - والطحاوي في " شرح المعاني " (1/143) والدارقطني (ص 178) والحاكم في " الأربعين " وعنه البيهقي (2/201) وكذا البغوي في " شرح السنة " (3/123/639) وابن الجوزي في " الواهية " (1/444 - 445) وأحمد (3/162) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: " كنت جالسا عند أنس بن مالك، فقيل له: إنما قنت رسول الله شهرا، فقال: " فذكره. وقال البغوي: " قال الحاكم: إسناده حسن ". وقال البيهقي: " قال أبو عبد الله: هذا إسناد صحيح سنده، ثقة رواته، والربيع بن أنس تابعي معروف.. " وأقره! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " كيف يكون سنده صحيحا وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي متكلم فيه، قال ابن حنبل والنسائي: ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال الفلاس: سييء الحفظ، وقال ابن حبان: يحدث بالمناكير عن المشاهير ". وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (1/99) : " فأبو جعفر قد ضعفه أحمد وغيره، وقال ابن المديني: كان يخلط. وقال أبو زرعة: كان يهم كثيرا.. وقال لي شيخنا ابن تيمية قدس الله روحه: وهذا الإسناد نفسه هو إسناد حديث: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهو رهم " حديث أبي بن كعب الطويل، وفيه: وكان روح عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم، فأرسل تلك الروح إلى مريم عليها السلام حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فأرسله الله في صورة بشر فتمثل لها بشرا سويا ، قال: فحملت الذي يخاطبها الحديث: 1238 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 فدخل من فيها. وهذا غلط محض، فإن الذي أرسل إليها الملك الذي قال لها: " إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ". ولم يكن الذي خاطبها بهذا هو عيسى ابن مريم، هذا محال. والمقصود أن أبا جعفر صاحب مناكير لا يحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة ". وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": " صدوق سييء الحفظ الحفظ خصوصا عن مغيرة ". وقال الزيلعي في " نصب الراية " (2/132) بعد أن خرج الحديث: " وضعفه ابن الجوزي في " التحقيق "، وفي " العلل المتناهية " وقال: هذا حديث لا يصح، فإن أبا جعفر الرازي واسمه عيسى بن ماهان قال ابن المديني: كان يخلط ... ". لكن قال البيهقي في " المعرفة " كما في " الزيلعي ": " وله شواهد عن أنس ذكرناها في (السنن) ". قلت: فوجب النظر في الشواهد المشار إليها هل هي صالحة للاستشهاد بها أم لا؟ وهما شاهدان: الأول: يرويه إسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس قال: " قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم - وأحسبه قال: رابع - حتى فارقتهم ". أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال: " لا نحتج بإسماعيل المكي ولا بعمرو بن عبيد ". قلت: إسماعيل ضعيف الحديث، وقال الخطيب في " الكفاية " (372) : " متروك الحديث ". وكذلك قال النسائي، وتركه جماعة. وعمرو متهم بالكذب مع كونه من المعتزلة، ثم إن الحسن البصري مع جلالته، فهو مدلس وقد عنعنه. فلو صح السند إليه فلا يحتج به، فكيف وقد رواه عنه متروكان؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 الثاني: يرويه خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس بن مالك قال: " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقنت، وخلف عمر فقنت، وخلف عثمان فقنت ". أخرجه البيهقي شاهدا، وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: يحتاج أن ينظر في أمر خليد هل يصلح أن يستشهد به أم لا؟ فإن ابن حنبل وابن معين والدارقطني ضعفوه. وقال ابن معين مرة: ليس بشيء. وقال النسائي : ليس بثقة. وفي " الميزان ": عده الدارقطني من المتروكين. ثم إن المستغرب من حديث الترجمة قوله: " ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا ". وليس ذلك في حديث خليد، وغنما فيه أنه عليه السلام قنت، وذلك معروف، وإنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا. فعلى تقدير صلاحية خليد للاستشهاد به كيف يشهد حديثه لحديث أنس؟ ". قلت: وللحديث شاهد آخر، يرويه دينار بن عبد الله خادم أنس عن أنس قال: " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات ". أخرجه الخطيب في " كتاب القنوت " له، وشنع عليه ابن الجوزي بسببه لأن دينارا هذا قال ابن حبان فيه: " يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ". وقد دافع عن الخطيب العلامة عبد الرحمن المعلمي في كتابه " التنكيل " في فصل خاص عقده لذلك، دافع فيه عن رواية الخطيب لهذا الحديث ونحوه من أوجه سبعة بينها. ولكنه رحمه الله مال إلى تقوية الحديث فقال عقب الشاهد المذكور: " فقد ورد من وجهين آخرين أوأكثر عن أنس، صحح بعض الحفاظ بعضها، وجاء نحو معناه من وجوه أخرى، راجع " سنن الدارقطني " و" سنن البيهقي "، وبمجموع ذلك يقوى الحديث ". فأقول: قد استقصينا في هذا التحقيق جميع الوجوه المشار إليها وهي كلها واهية جدا، سوى الوجه الأول، فإنه ضعيف فقط، ولكنه منكر لما سيأتي بيانه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 والوجه الثاني: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد المعتزلي وهما متروكان. والوجه الثالث: فيه خليد بن دعلج، وهو ضعيف على أن حديثه شاهد قاصر لأنه لم يقل فيه: " قنت في الفجر حتى فارق الدنيا "! والوجه الرابع: فيه دينار بن عبد الله، وهو متهم كما عرفت ذلك من عبارة ابن حبان السابقة، وقد أقره الشيخ المعلمي رحمه الله، فمع هذا الضعف الشديد في كل هؤلاء الرواة على التفصيل المذكور كيف يصح أن يقال: " وبمجموع ذلك يقوى الحديث "؟ ! وظني أنه إنما حمله على هذا التساهل في تقوية هذا الحديث المنكر، إنما هو تحمسه الشديد في الرد على ابن الجوزي، والدفاع عن الخطيب والبغدادي، وكان يكفيه في ذلك أن يذكر ما هو معلوم عنده أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده فقد برئت عهدته منه، ولا لوم عليه في ذلك حتى ولوكان موضوعا، وابن الجوزي الذي له كتاب " الموضوعات " هو نفسه قد يفعل ذلك في بعض مصنفاته، مثل كتابه " تلبيس إبليس "، بل رأيته ذكر في غيره ما لا أصل له من الحديث، وبدون إسناد، مثل حديث " صلاة النهار عجماء ". ذكره في " صيد الخاطر " كما نبهت عليه في التخريج المختصر له الملحق بآخره. وأما أن الحديث منكر، فلأنه معارض لحديثين ثابتين: أحدهما: عن أنس نفسه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعى لقوم أودعى على قوم ". أخرجه الخطيب نفسه في كتابه " القنوت " من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه. والآخر: عن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعولقوم، أوعلى قوم ". قال الزيلعي (2/130) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 " أخرجه ابن حبان عن إبراهيم بن سعد عن سعيد وأبي سلمة عنه. قال صاحب " التنقيح ": وسند هذين الحديثين صحيح، وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة ". وحديث أنس عزاه الحافظ في " التلخيص " (1/245) لابن خزيمة في " صحيحه " من طريق سعيد به. وحديث ابن حبان لم يورده الهيثمي في " موارد الظمآن ". وقال الحافظ في " الدراية " (ص 117) عقب الحديثين: " وإسناد كل منهما صحيح ". وقال في " التلخيص " عقب ما سبق ذكره من الأحاديث عن أنس: " فاختلفت الأحاديث عن أنس، واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة ". يعني حديث أبي جعفر الرازي هذا. ثم قال: " (تنبيه) : عزا هذا الحديث بعض الأئمة إلى مسلم فوهم، وعزاه النووي إلى " المستدرك " للحاكم، وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في القنوت، ونقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم، فظن الشيخ أنه في (المستدرك) ". (فائدة) : جاء في ترجمة أبي الحسن الكرجي الشافعي المتوفى سنة (532) أنه كان لا يقنت في الفجر، ويقول: " لم يصح في ذلك حديث ". قلت: وهذا مما يدل على علمه وإنصافه رحمه الله تعالى، وأنه ممن عافاهم الله عز وجل من آفة التعصب المذهبي، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه. 1239 - " إن لله ضنائن من عباده، يغذوهم في رحمته، ويحييهم في عافيته، وإذا توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم وهم منها في عافية ". ضعيف رواه الطبراني في " الكبير " (3/201/1 - 2) والعقيلي في " الضعفاء " الحديث: 1239 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 (405) وأبو نعيم في " الحلية " (1/6) والخطيب في " التلخيص " (ق 68/2) والهروي في " ذم الكلام " (4/83/1) من طريقين عن إسماعيل بن عياش: حدثني مسلمة بن عبد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. قال العقيلي: " مسلمة بن عبد الله مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، والرواية في هذا الباب لينة ". وقد روي الحديث من طريق أخرى مختصرا بلفظ: " إن لله عز وجل عبادا يحييهم في عافية، ويميتهم في عافية، ويدخلهم الجنة في عافية ". رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 3255) : حدثنا بكر: حدثنا إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس: حدثنا حماد بن سلمة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعا. وقال: " لا يروى عن أبي مسعود إلا بهذا الإسناد، ولا يحفظ لحماد عن الأعمش إلا هذا ، وقد روى حماد عن الحجاج بن أرطاة عن الأعمش، ولا ينكر أن يكون قد سمع من الأعمش، لأنه قد روى عن جماعة من الكوفيين منهم سلمة بن كهيل وحماد بن سليمان وعاصم بن بهدلة وأبو حمزة الأعور وغيرهم ". قلت: لكن الراوي عنه إبراهيم بن البراء متهم بالكذب. قال ابن عدي: " ضعيف جدا حدث بالبواطيل ". وقال ابن حبان: " يحدث عن الثقات بالموضوعات ". 1240 - " يوم كلم الله موسى عليه السلام، كانت عليه جبة صوف، وسراويل صوف، وكساء صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكي ". ضعيف جدا أخرجه الترمذي (1/323) والحسن بن عرفة في " جزئه " (9 - 10) والعقيلي في " الضعفاء " (97) وابن عدي في " الكامل " (79/2) وابن شاهين في الحديث: 1240 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 " الأمالي " (66/2) وأبو موسى المديني في " منتهى رغبات السامعين " (1/256/2) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/125/2) وكذا الحاكم في " المستدرك " ( 2/379) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/161/1) والذهبي في " الميزان من طرق عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود مرفوعا. وقال ابن عدي: " حميد هذا أحاديثه غير مستقيمة، ولا يتابع عليها ". وقال العقيلي: " حميد بن علي الأعرج منكر الحديث ". وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج، وحميد هو ابن علي الكوفي، قال: سمعت محمدا يقول: حميد بن علي الأعرج منكر الحديث، وحميد بن قيس الأعرج المكي صاحب مجاهد ثقة. قال أبو عيسى: (الكمة) القلنسوة الصغيرة ". قلت: وأما الحاكم فقال: " هذا حديث صحيح على شرط البخاري "! وإنما قال ذلك لأنه وقع في إسناده: " حميد بن قيس " أي المكي الثقة، وذلك من أوهامه، ولذا تعقبه الذهبي في " تلخيصه " بقوله: " قلت: بل ليس على شرط (خ) ، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس، كذا، وهو خطأ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي، أوابن عمار، أحد المتروكين ، فظنه المكي الصادق ". قلت: فالسند ضعيف جدا، من أجل تفرد حميد هذا الواهي به، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " يروي عنه خلف بن خليفة، واه ". وقال في موضع آخر: " متروك.. قال أحمد: ضعيف، وقال أبو زرعة عنه: واه، وقال الدارقطني: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 متروك، وقال ابن حبان: يروي عن ابن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها كلها موضوعة، وقال النسائي: ليس بالقوي ". ثم ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث هذا أحدها. ثم رأيت في " منتخب ابن قدامة " (11/209/2) : " قال مهنا: سألت أحمد عن حديث خلف بن خليفة عن حميد الأعرج.. فذكره فقال: منكر ليس بصحيح، أحاديث حميد عن عبد الله بن الحارث منكرة ". وقد وقع لابن بطة الحنبلي وهم فاحش في متن هذا الحديث، فقد رواه عن إسماعيل ابن محمد الصفار: حدثنا الحسن بن عرفة: حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج به وزاد في آخره: ".. فقال: من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة؟ قال: أنا الله "! هكذا ساقه من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/192) وقال: " لا يصح، وكلام الله لا يشبه كلام المخلوقين، والمتهم به حميد ". فتعقبه الحافظ في " اللسان " (4/113) ثم السيوطي في " اللآلي المصنوعة " ( 1/163) فقال: " كلا والله، بل حميد بريء من هذه الزيادة المنكرة فقد أخبرنا به الحافظ.. أنا إسماعيل بن محمد الصفار.. ". قلت: فذكره كما تقدم من تخريج الجماعة بدون الزيادة، وجزء ابن عرفة هو من رواية الصفار هذا، وليس فيه الزيادة، وكذلك هو عند بعض من ذكرنا من المخرجين من غير طريق الصفار عن خلف بن خليفة به دون الزيادة، وكذلك رواه أبو يعلى في " مسنده " عن خلف. ثم قال الحافظ: " وقد رويناه من طرق ليس فيها هذه الزيادة، وما أدري ما أقول في ابن بطة بعد هذا، فما أشك أن إسماعيل بن محمد الصفار لم يحدث بهذا قط، والله أعلم بغيبه ". قلت: يمكن أن يقال أن هذا من أوهام ابن بطة، فقد قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " إمام، لكنه ذو أوهام ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 ثم ساق له حديثين قال في كل منهما: " باطل ". يعني بخصوص الإسناد الذي رواه ابن بطة به. ثم قال: " ومع قلة إتقان ابن بطة في الرواية كان إماما في السنة، إماما في الفقه، صاحب أحوال وإجابة دعوة رضي الله عنه ". وقال في " العلو للعلي الغفار " (ص 141 طبع الأنصار) : " صدوق في نفسه، تكلموا في إتقانه ". وقال في " الضعفاء ": " يهم ويغلط ". ثم رأيت الحافظ قد استظهر ما ذكرنا فقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة " (1/229) بعد أن ذكر كلام الحافظ الذي نقلته عن " لسانه ": " قلت: قال الذهبي في " تلخيصه " (يعني: تلخيص الموضوعات) : تفرد بها ابن بطة، وإلا فهو في نسخة الصفار عن الحسن بن عرفة عن خلف بدونها، انتهى. ورأيت بخط الحافظ ابن حجر على حاشية " مختصر الموضوعات " لابن درباس: هذا الحديث في نسخة الحسن بن عرفة رواية إسماعيل الصفار عنه، وليس فيه هذه الزيادة الباطلة التي في آخره، والظاهر أن هذه الزيادة من سوء حفظ ابن بطة انتهى ". وعلق عليه بعض من قام على التعليق على " تنزيه الشريعة " وأظنه الشيخ عبد الله محمد الصديق الغماري فقال: " ولم لا تكون من وضعه؟ ". قلت: لأنه عالم فاضل صالح بلا خلاف، والخطأ لا يسلك منه إنسان، ولمجرد وقوع خطأ واحد في مثله لا يجوز أن ينسب إلى الوضع حتى يكثر منه، ويظهر مع ذلك أنه قصد الوضع، وهيهات أن يثبت ذلك عنه! على أن بعض أهل العلم من المحققين المعاصرين (1) قد ذهب إلى أن هذه   (1) هو العلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن العلمي اليماني ذكر ذلك في ترجمته لابن بطة رقم (153) من كتابه العظيم " التنكيل ". وقد مضت كلمة حوله ذكر ذلك ردا على الكوثري = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 الزيادة إنما ذكرها ابن بطة " على وجه الاستنباط والتفسير، واعتمد في رفع الالتباس على قرينة حالية، مع علمه بأن الحديث مشهور، فجاء من بعده فتوهم أنه ذكر ذلك الكلام على أنه جزء من الحديث.. ". وهذا الجواب وإن كان ليس بالقوي في وجهة نظري، فهو أولى من نسبة الإمام ابن بطة إلى أنه تعمد وضعها، مع ثبوت فضله وصلاحه عند أهل العلم (1) . ثم إن وصف الشيخ المعلمي الحديث بأنه مشهور عند ابن بطة، الظاهر أنه يعني به الشهرة اللغوية التي لا تتنافى مع الضعف، وهو كذلك في " علم المصطلح " حتى إنهم ليطلقونه على ما لا إسناد له. فتنبه. 1241 - " كلم الله موسى ببيت لحم ". ضعيف جدا رواه ابن عساكر في " التاريخ " (5/341/1) من طريق تمام الحافظ: نا علي بن يعقوب بن شاكر: نا أحمد بن أبي رجاء: نا سعيد بن محمد المصيصي: نا يحيى بن صالح: نا سعيد بن عبد العزيز عن مسلم عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، مسلم هذا هو ابن كيسان الكوفي الملائي وهو ضعيف جدا، قال ابن معين: " ليس بثقة ". وقال البخاري: " يتكلمون فيه "، وقال في موضع آخر: " ذاهب الحديث لا أروي عنه ". وقال النسائي: " متروك ". وسعيد بن عبد العزيز وهو التنوخي وهو ثقة لكنه كان اختلط.   = الذي زعم أن هذه الزيادة من وضع ابن بطة موافقا فيه الغماري وكلاهما من أهل الأهواء على علمهما " ومن يضلل الله فما له من هاد ". اهـ. (1) وراجع لهذا آخر ترجمة ابن بطة في " التنكيل ". اهـ. الحديث: 1241 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 ومن دون يحيى بن صالح - وهو الوحاظي ثقة - لم أجد لهم ترجمة، ما عدا تمام فهو حافظ مشهور. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه. ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! 1242 - " لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ: " قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون ". الآيات ". منكر أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (218/2) والحاكم (2/392) وكذا الترمذي (2/201) وأحمد (1/34) والعقيلي في " الضعفاء " (4/460) من طريق عبد الرزاق: نا يونس بن سليم قال: أملى علي يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل، فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة، ورفع يديه قال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، [وأعطنا] ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: ... " فذكره. وقال العقيلي في ترجمة يونس بن سليم هذا وهو الصنعاني: " لا يتابع على حديثه هذا، ولا يعرف إلا به ". وقال النسائي: " هذا حديث منكر لا نعلم أن أحدا رواه غير يونس بن سليم، ولا نعرفه ". وأقره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " وأما مختصره الصابوني؛ فقد دلس على قرائه - كعادته - فأورد الحديث خلافا لشرطه في مقدمته أولا، وحذف تضعيف النسائب له وإقرار الحافظ إياه ثانيا، وجعل تخريج الحافظ له في حاشيته موهما أنه من علمه، ثالثا! وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد ". وتعقبه الذهبي فقال: الحديث: 1242 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 " قلت: سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا؟ فقال: أظنه لا شيء ". 1243 - " من سبح دبر كل صلاة مكتوبة مائة مرة، وكبر مائة مرة، وهلل مائة مرة، غفر الله له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر ". منكر أخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (رقم 141) ومحمد بن الحسن الطبري في " الأمالي " (4/1) والسياق له من طريق يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عطاء ابن أبي علقمة بن الحارث بن نوفل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطاء بن أبي علقمة بن الحارث مجهول كما في " التقريب ". ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح مثله، وبه أعله النسائي. وقد خالفه الحجاج بن الحجاج فرواه عن أبي الزبير عن أبي علقمة عن أبي هريرة به بلفظ: " من سبح دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة ... " الحديث لم يذكر التكبر مائة مرة. أخرجه النسائي (1/199) وفي " اليوم والليلة " أيضا (140) . وأبو علقمة هو المصري مولى بني هاشم. قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم، إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، فيخشى أن يكون تلقاه عن ضعيف مثل يعقوب هذا ثم دلسه، وكأن الحافظ رحمه الله يميل إلى هذا، فقد ذكر في ترجمة عطاء بن أبي علقمة حديثه هذا، ثم ذكر رواية الحجاج عن أبي الزبير، ثم قال: " فكأن الصواب: يعقوب بن عطاء عن أبي علقمة إن شاء الله تعالى ". والمحفوظ في هذا الحديث إنما هو بلفظ: " ثلاثا وثلاثين " كما رواه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا، وهو مخرج في " الأحاديث الصحيحة " رقم (101) . الحديث: 1243 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 1244 - " من قال إذا أصبح: سبحان وبحمده ألف مرة، فقد اشترى نفسه من الله تبارك وتعالى، وكان من آخر يومه عتيقا من النار ". ضعيف أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (8/224/2) عن الحارث بن أبي الزبير المدني مولى النوفليين قال: حدثني أبو يزيد اليمامي عن طاووس بن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، طاووس بن عبد الله لم أجد من ذكره، وكذا الراوي عنه أبو يزيد اليمامي. وأما الحارث بن أبي الزبير المدني، فقال ابن أبي حاتم (1/2/75) عن أبيه: " هو شيخ بقي حتى أدركه أبو زرعة وأصحابنا، وكتبوا عنه ". قلت: فكأنه ثقة، وأما الأزدي فقال: " ذهب علمه ". وساق له حديثا من روايته عن إسماعيل بن قيس. وتعقبه الذهبي بقوله: " إسماعيل تالف ". الحديث: 1244 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 1245 - " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (102/2) وأبو بكر الخباز في " الأمالي " (16/2 ) من طريق أبي صالح العبدي خلف بن يحيى قاضي الري: حدثنا أبو مقاتل عن عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن عدي: " وهذا منكر إسنادا ومتنا، وعبد العزيز بن أبي رواد عن ابن طاووس ليس بمستقيم، وأبو مقاتل ليس هو ممن يعتمد على رواياته ". قال الذهبي: " وهاه قتيبة شديدا، وكذبه ابن مهدي.. ". ثم ساق له هذا الحديث من مناكيره. الحديث: 1245 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " 0 3/86) من طريق ابن عدي، وذكر إعلاله المتقدم، وزاد: " وقال عبد الرحمن بن مهدي: والله ما تحل الرواية عنه ". وتعقبه السيوطي في " اللآلىء " (2/295 - 296) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/296) فقالا: " إن البيهقي أخرجه في " الشعب " من هذا الطريق، وقال: إسناده غير قوي ". قلت: وهذا التعقب واه لا يساوي شيئا، ما دام أن فيه ذاك الكذاب، ولذلك فقد أحسن الشوكاني صنعا حين أورد الحديث في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (231/37) من الرواية نفسها وقول ابن عدي المذكور دون أن يعرج على التعب المذكور. على أنه لوسلم من الكذاب المشار إليه، فإن خلفا وهو الراوي عنه ليس خيرا منه ، فقد قال ابن أبي حاتم (1/2/372) عن أبيه: " متروك الحديث، كان كذابا، لا يشتغل به ولا بحديثه ". 1246 - " من دخل المقابر، فقرأ سورة (يس) خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات ". موضوع أخرجه الثعلبي في " تفسيره " (3/161/2) من طريق محمد بن أحمد الرياحي: حدثنا أبي: حدثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم هالك مسلسل بالعلل: الأولى: أبو عبيدة. قال ابن معين: " مجهول ". الثانية: أيوب بن مدرك متفق على ضعفه وتركه، بل قال ابن معين: " كذاب ". وفي رواية: " كان يكذب ". وقال ابن حبان: الحديث: 1246 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 " روى عن مكحول نسخة موضوعة، ولم يره "!. قلت: فهو آفة هذا الحديث. الثالثة: أحمد الرياحي، وهو أحمد بن يزيد بن دينار أبو العوام، قال البيهقي: " مجهول ". كما في " اللسان ". وأما ابنه محمد، فصدوق له ترجمة في " تاريخ بغداد " (1/372) . وقال الحافظ السخاوي في " الفتاوى الحديثية " (ق 19/1) : " رواه أبو بكر عبد العزيز صاحب الخلال بإسناده عن أنس مرفوعا. كما في " جزء وصول القراءة إلى الميت " للشيخ محمد بن إبراهيم المقدسي، وقد ذكره القرطبي، وعزاه للطبراني عن أنس، إلا أنني لم أظفر به إلى الآن. وهو في " الشافي " لأبي بكر عبد العزيز صاحب الخلال الحنبلي كما عزاه إليه المقدسي، وأظنه لا يصح ". قلت: لووقف على إسناده لجزم بعدم صحته، فالحمد لله الذي أوقفنا عليه، حتى استطعنا الكشف عن علته. فله الحمد والمنة. وقد روي الحديث بلفظ آخر يقال عند المحتضر وهو موضوع أيضا، وسيأتي برقم ( 5219) . 1247 - " هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ إن بعد ما بينهما إما واحدة، أو اثنتان أوثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سموات، ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال، بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ". ضعيف أخرجه أبو داود (20/276) وعنه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 399 طبع السعادة) وابن ماجه (1/83) وأحمد (1/206) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 69) وعثمان الدارمي في " النقض على بشر المريسي " (ص 90 - 91) عن الوليد ابن أبي ثور، والترمذي (4 - 205 - تحفة) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 68) الحديث: 1247 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 عن عمرو بن أبي قيس، وأبو داود وعنه البيهقي عن إبراهيم بن طهمان ثلاثتهم عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال: " كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت بهم سحابة ، فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب، قال: " والمزن؟ " قالوا: والمزن، قال: " والعنان؟ " قالوا: والعنان، قال: " هل تدرون.. ". وخالفهم في الإسناد والمتن شعيب بن خالد فقال: حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن عباس به، فأسقط منه الأحنف، فهذه مخالفته في السند. وأما مخالفته في المتن، فقال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة ". أخرجه الحاكم (2/378) وأحمد (1/206) من طريق يحيى بن العلاء عن عمه شعيب ابن خالد. قلت: وشعيب هذل ليس به بأس كما قال النسائي وغيره. فالعلة من ابن أخته يحيى ابن العلاء فإنه متروك متهم كما تقدم غير مرة، فلا يعتد بمخالفته، وقول الحاكم عقبه: " صحيح الإسناد "! فمن أوهامه، وليس ذلك غريبا منه، وإنما الغريب موافقة الذهبي إياه على تصحيحه، مع أنه قد أورد ابن العلاء هذا في " الميزان " وذكر نقولا كثيرة عن الأئمة في توهينه، منها قول أحمد: " كذاب يضع الحديث ". ويقابل هذا بعض الشيء إعلال الحافظ المنذري للحديث في " مختصر السنن " بقوله ( 7/93) : " وفي إسناده الوليد بن أبي ثور، ولا يحتج بحديثه ". وليس ذلك منه بجيد، فقد تابعه إبراهيم بن طهمان، وهو ثقة محتج به في " الصحيحين "، وهذه المتابعة في " سنن أبي داود " الذي اختصره المنذري فكيف خفيت عليه؟ ! ولذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " (7/92) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 " أما رد الحديث بالوليد بن أبي ثور ففاسد، فإن الوليد لم ينفرد به.. ". ثم ذكر متابعة ابن طهمان وعمرو بن أبي قيس ثم قال: " فأي ذنب للوليد في هذا؟ ! وأي تعلق عليه؟ ! وإنما ذنبه روايته ما يخالف قول الجهمية، وهي علته المؤثرة عند القوم ". قلت: لا شك أنه لا ذنب للوليد في هذا الحديث بعد متابعة من ذكرنا له، ولكن الحديث لا يثبت بذلك حتى تتوفر فيمن فوقه شروط رواة الحديث الصحيح أوالحسن على الأقل، وذلك ما لم نجده، فإن عبد الله بن عميرة لم تثبت عدالته، فقال الذهبي في " كتاب العلو" (ص 109) عقب الحديث: " تفرد به سماك بن حرب عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة، ويحيى بن العلاء متروك، وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن سماك، وإبراهيم ثقة ". وقال في ترجمة ابن عميرة من " الميزان ": " فيه جهالة، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أحنف بن قيس ". والبخاري بقوله هذا كأنه يشير إلى جهالته، وكذلك مسلم، فقال في " الوحدان ": " تفرد سماك بالرواية عنه ". وصرح بذلك إبراهيم الحربي فقال: " لا أعرفه ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته المعروفة وقال (1/109 - 110) : " عبد الله بن عميرة بن حصين القيسي من بني قيس بن ثعلبة، كنيته أبو المهاجر، عداده في أهل الكوفة، يروي عن عمر وحذيفة، وهو الذي روى عن الأحنف بن قيس، روى عنه سماك بن حرب، وهو الذي يقول فيه إسرائيل: عبد الله بن حصين العجلي ". قلت: وأورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/2/124 - 125) لكن جعلهم ثلاثة: " عبد الله بن عميرة، عن الأحنف. عبد الله بن عمير أبو المهاجر القيسي عن عمر. عبد الله بن عميرة بن حصين كوفي أبو سلامة، ويقال: عبد الله ابن حصن العجلي، روى عن حذيفة ". وذكر أن ثلاثتهم روى عنهم سماك بن حرب لا غير. وذهب الحافظ في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 " التقريب " إلى أن الصواب أنهم واحد كما قال ابن حبان، ويعكر عليه عندي أن ابن حصين كنيته أبو سلامة، بينما القيسي الذي روى عن عمر كنيته أبو المهاجر، فلعلهما اثنان، أحدهما عبد الله بن عميرة راوي هذا الحديث. والله أعلم. وخلاصة القول: أن ابن عميرة هذا غير معروف عند أئمة الحديث، ولذلك فقول الترمذي عقبه: " حديث حسن غريب ". ينبغي أن يعد من تساهله الذي عرف به، حتى قال الذهبي من أجل مثل هذا التساهل: " ولذلك لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ". وأما قول صاحب " تحفة الأحوذي " رحمه الله عقب قول الترمذي المذكور: " وأخرجه أبو داود من ثلاث طرق، اثنتان منها قويتان ". فوهم محض، فإنه لا طريق له إلا هذه الطريق المجهولة، كما صرح بذلك الذهبي رحمه الله فيما تقدم. ومثل ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموعة فتاواه " (3/192) : " هذا الحديث مع أنه رواه أهل السنن كأبي داود وابن ماجه والترمذي وغيرهم، فهو مروي من طريقين مشهورين، فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر ". لكن هناك في كلامه قرينة تدل على أنه لم يرد الطريقين إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو المتبادر من الإطلاق، وإنما أراد طريقين إلى الراوي عن ابن عميرة ، يفهم هذا من التخريج السابق وقوله بعدما تقدم: " فقال (يعني بعض المعارضين به) : أليس مداره على ابن عميرة، وقد قال البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف، فقلت: قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب " التوحيد " الذي اشترط فيه أنه لا يحتج به إلا بما نقله العدل عن العدل موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: والإثبات مقدم على النفي، والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد، كانت معرفته وإثباته مقدما على نفي غيره، وعدم معرفته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 قلت: وفي هذا الجواب ما لا يخفى، ومثله إنما يفيد مع المقلد الذي لا علم عنده بطرق إعلال الحديث والجرح والتعديل، أومن لم يقف على إسناده الذي به يتمكن من نقده إن كان من أهله، أومن لم يطلع على كلام أهل النقد في بعض رجاله ، أما بعد أن عرف إسناد الحديث، وأنه تفرد به عبد الله بن عميرة، وتفرد سماك بالرواية عنه، وقول الحربي فيه: لا أعرفه، وإشارة مسلم إلى جهالته، وتصريح الذهبي بذلك كما سبق، فلا يفيد بعد الاطلاع على هذا أن ابن خزيمة أخرجه، لا سيما وهو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن أنه متساهل في التصحيح، على نحوتساهل تلميذه ابن حبان، الذي عرف عنه الإكثار من توثيق المجهولين ثم التخريج لأحاديثهم في كتابه " الصحيح "! ولعله تأسى بشيخه في ذلك، غير أنه أخطأ في ذلك أكثر منه. وقد يكون من المفيد أن نذكر أمثلة أخرى من الأحاديث الضعيفة التي وردت في " كتاب التوحيد " لابن خزيمة مع بيان علتها، ليكون القارىء على بينة مما ذكرنا من تساهل ابن خزيمة رحمه الله تعالى. الحديث الأول: 1248 - " إن الله تبارك وتعالى قرأ (طه) و (يس) قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليهم، وطوبى لألسن تتكلم بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا " منكر أخرجه الدارمي (2/456) وابن خزيمة في " التوحيد " (109) وابن حبان في " الضعفاء " (1/108) والواحدي في " الوسيط " (3/16/2) وابن عساكر في " التاريخ " (5/308/2 و12/30/2) عن إبراهيم بن المهاجر بن مسمار قال: حدثنا عمر بن حفص بن ذكوان عن مولى الحرقة (قال ابن خزيمة: وهو عبد الله بن يعقوب ابن العلاء بن عبد الرحمن) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا متن موضوع كما قال ابن حبان، وإسناده ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: إبراهيم، قال الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث: الحديث: 1248 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 " قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وروى عثمان بن سعيد عن يحيى: ليس به بأس. قلت: انفرد بهذا الحديث ". قلت: وفي ترجمته أورده ابن حبان وقال: " منكر الحديث جدا ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف "! والأخرى: شيخه عمر بن حفص بن ذكوان. أورده ابن أبي حاتم (3/1/102) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثم أورد بعده: " عمر بن حفص أبو حفص الأزدي البصري.. سمعت أبي يقول.. هو منكر الحديث ". قال الذهبي في " الميزان ": " وهو عمر بن حفص بن ذكوان، قال أحمد: تركنا حديثه وحرقناه، وقال علي: ليس بثقة. وقال النسائي: متروك.. ". وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (3/141) بعد أن عزاه لابن خزيمة: " هذا حديث غريب، وفيه نكارة، وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تكلم فيهما ". قلت: وأما عبد الله بن يعقوب بن العلاء بن عبد الرحمن، فلم أعرفه، والظاهر أن في الأصل تحريفا، فإنه في " تفسير ابن كثير ": " ... مولى الحرقة يعني عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة ". قلت: وهذا هو الصواب، فإن عبد الرحمن بن يعقوب، له رواية عن أبي هريرة. وعنه عمر بن حفص بن ذكوان. وهو والد العلاء بن عبد الرحمن ". الحديث الثاني مما في " التوحيد " لابن خزيمة من الأحاديث الضعيفة: 1249 - " يمكث رجل في النار فينادي ألف عام: يا حنان يا منان! فيقول الله تبارك وتعالى: يا جبريل! أخرج عبدي فإنه بمكان كذا وكذا، فيأتي جبريل النار، فإذا أهل النار منكبين على مناخرهم، فيقول: يا جبريل! الحديث: 1249 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 اذهب فإنه في مكان كذا وكذا، فيخرجه، فإذا وقف بين يدي الله تبارك وتعالى، يقول الله تبارك وتعالى: أي عبدي كيف رأيت مكانك؟ قال: شر مكان، وشر مقيل، فيقول الرب سبحانه وتعالى: ردوا عبدي، فيقول: يا رب ما كان هذا رجائي، فيقول الرب سبحانه وتعالى: أدخلوا عبدي الجنة ". ضعيف جدا أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " (ص 205 - 206) من طريق سلام بن مسكين قال: حدثنا أبو ظلال القسملي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، أبو ظلال واسمه هلال بن ميمون، قال الذهبي: " واه بمرة، قال ابن معين والنسائي: ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال البخاري: عنده مناكير ". ومن ضعاف " المختارة " للضياء: 1250 - " إن أناسا من أمتي سيتفقهو ن في الدين، ويقرؤن القرىن، ويقولون: نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا. قال محمد بن الصباح: كأنه يعني الخطايا " ضعيف أخرجه ابن ماجه (255) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن عبيد الله بن أبي بردة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وإسناده ضعيف من أجل عبيد الله هذا، وهو عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة، قال الذهبي: " تفرد عنه أبو شيبة يحيى بن عبد الرحمن الكندي ". ومعنى هذا أنه مجهول، وكيف لا ولم يوثقه أحد حتى ابن حبان؟ ! نعم أخرجه الضياء في " المختارة " (63/5/1) ومقتضاه أن يكون عبيد الله عنده ثقة كما قال الحافظ الحديث: 1250 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 في " التهذيب ". قلت: لكن الضياء متساهل في التخريج في الكتاب المذكور كما ثبت لنا بالتتبع (1) ، فإنه يروي للكثير من المجاهيل كهذا، ولذلك لم يعرج عليه الحافظ نفسه في " التقريب "، فقال: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. كما نص عليه في المقدمة. نعم قال المنذري في " الترغيب " (3/151) : " رواه ابن ماجه، ورواته ثقات ". فهذا من أوهامه أوتساهله رحمه الله تعالى. 1251 - " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له كاذب ". ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (393) وأبو داود (4971) وابن عدي في " الكامل " (204/2) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 151) والبيهقي (10/199 ) وفي " الشعب " 0 2/49/1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/341/2) من طريق بقية بن الوليد عن ضبارة بن مالك الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أباه حدثه أن سفيان بن أسيد الحضرمي حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ثم ساقه ابن عدي من طريق محمد بن ضبارة بن مالك الحضرمي سمع أباه يحدث عن أبيه عن عبد الرحمن بن جبير به. وقال: " وهذا الحديث لا أعلمه يرويه غير بقية عن ضبارة ". كذا قال، وهو عجب، فقد رواه محمد بن ضبارة أيضا عن أبيه ضبارة كما ساقه هو، فهل نسي أم ماذا؟ وعلة هذا الإسناد إنما هي ضبارة هذا فإنه مجهول كما في " الميزان "،   (1) وقد حققت من كتابه المذكور " مسند الخلفاء الراشدين "، يسر الله لي إخراجه للناس مطبوعا محققا كاملا، بفضله وكرمه. اهـ الحديث: 1251 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 و" التقريب "، وليست هي بقية بن الوليد كما أشار إلى ذلك في " فيض القدير " نقلا عن المنذري، فإن بقية إنما يخشى منه التدليس، وقد صرح بالتحديث عند ابن عدي والقضاعي وابن عساكر، فأمنا بذلك شر تدليسه، وقد تابعه محمد بن ضبارة كما تقدم، ولكني لم أجد لمحمد هذا ترجمة. ولا يقوي الحديث أن له شاهدا من حديث النواس بن سمعان مرفوعا به. أخرجه الإمام أحمد (4/183) : حدثنا عمر بن هارون عن ثور بن يزيد عن شريح بن جبير بن نفير الحضرمي عنه. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي أيضا وأبو نعيم في " المستخرج " (1/8/2) وفي " الحلية " (6/99) وقال: " غريب من حديث ثور، تفرد به عمر بن هارون البلخي ". قلت: وهو متروك كما قال الحافظ في " التقريب ". فقول الحافظ العراقي فيما نقله المناوي: " سنده جيد " ليس بجيد، كيف والبلخي هذا قد كذبه ابن معين وغيره كما تقدم في الحديث (288) ؟ ! قلت: فلشدة ضعفه لا يصلح أن يستشهد بحديثه. والله الموفق. 1252 - " الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة ". موضوع رواه ابن عساكر (19/274/1) عن إبراهيم بن محمد: نا محمد بن مخلد: نا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن {شعوذ} بن عبد الرحمن عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت مرفوعا. وقال: " رواه غيره عن خالد، فجعله من قول كعب وهو أشبه ". ثم ساق إسناده بذلك. والحديث ساقه الذهبي في ترجمة محمد بن مخلد الرعيني الحمصي وقال: الحديث: 1252 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 " رواه أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي الخطيب في " فضائل بيت المقدس " بإسناد مظلم إلى إبراهيم بن محمد عن محمد بن مخلد وهو كذب ظاهر ". وقال في ترجمة محمد بن مخلد: " حدث بالأباطيل من ذلك ... ". ثم ساق له حديثين هذا أحدهما. وقال ابن حجر في " اللسان ": " قال ابن عدي: منكر الحديث عن كل من روى عنه (1) ، وقال الدارقطني في غرائب مالك: متروك الحديث ". ولقد شددت الرحل إلى بيت المقدس لأول مرة بتاريخ (23/5/1385 هـ) حين اتفقت حكومتا الأردن وسوريا على السماح لرعاياهما بدخول أفراد كل منهما إلى الأقصى، وزرت الصخرة للاطلاع فقط؛ فإنه لا فضيلة لها شرعا، خلافا لزعم الجماهير من الناس ومشايعة الحكومات لها، ورأيت مكتوبا على بابها من الداخل حديثا فيه أن الصخرة من الجنة، ولم يخطر في بالي آنئذ أن أسجله عندي لدراسته، وإن كان يغلب على الظن أنه موضوع كهذا. وأما حديث " العجوة والصخرة من الجنة ". فهو ضعيف لاضطرابه كما بينته في " إرواء الغليل " رقم (2763) طبع المكتب الإسلامي. 1253 - " أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، وذلك في قول الله: " ن. والقلم وما يسطرون "، ثم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: ما كان وما هو كائن من عمل أوأجل أوأثر، فجرى القلم بما هو كائن   (1) الذي في ترجمة محمد بن مخلد من " كامل ابن عدي " (371/1) : " يحدث عن مالك وغيره بالبواطيل ". اهـ الحديث: 1253 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 إلى يوم القيامة، ثم ختم على في القلم فلم ينطق، ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق العقل فقال الجبار: ما خلقت خلقا أعجب إلي منك، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك فيمن أبغضت، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان وأعملهم بطاعته ". باطل رواه ابن عدي (313/1) وابن عساكر (16/48/2) عن محمد بن وهب الدمشقي: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " وهذا بهذا الإسناد باطل منكر ". قال الذهبي: " وصدق ابن عدي في أن الحديث باطل ". قلت: وآفته محمد بن وهب هذا، وهو محمد بن وهب بن مسلم القرشي، قال ابن عساكر: " ذاهب الحديث ". وهو غير محمد بن وهب بن عطية الذي أخرج له البخاري، وقد ترجم له ابن عساكر أولا، ثم ترجم لابن مسلم هذا، وساق له هذا الحديث. فأصاب. وأما ابن عدي فذكره في ترجمة الأول، ظنا منه أنه هو صاحب الحديث. قال الحافظ في " التهذيب ": " وليس كما ظن، وقد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب ". قلت: ويبدو أن الدارقطني أيضا توهم أنه هو، ففي " اللسان " أن الدارقطني أورد الحديث في " الغرائب " وقال: " هذا حديث غير محفوظ عن مالك ولا عن سمي، والوليد بن مسلم ثقة، ومحمد بن وهب، ومن دونه ليس بهم بأس، وأخاف أن يكون دخل على بعضهم حديث في حديث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 قلت: ومنشأ الوهم أن كلا من الرجلين دمشقي، وكلاهما يروي عن الوليد بن مسلم ، وعنهما الربيع بن سليمان الجيزي، ولم يقع في إسناد هذا الحديث منسوبا إلى جده بل كما تقدم " محمد بن وهب الدمشقي "، فاشتبه الأمر على ابن عدي والدارقطني والمعصوم من عصمه الله. على أنهما قد اتفقا على إنكار الحديث، وذلك مما يدل اللبيب على دقة نقد المحدثين للمتون، فإنهما مع ظنهما أن راوي الحديث هو محمد بن وهب بن عطية الثقة فقد أنكراه عليه، وحاول الدارقطني أن يكتشف العلة بقوله: " وأخاف.. "، لكن الله تعالى ادخر معرفتها للحافظ ابن عساكر، مصداقا للمثل السائر: كم ترك الأول للآخر! وإذا عرفت هذا فقد أخطأ الإمام القرطبي خطأ فاحشا في عزوه هذا الحديث لرواية الوليد بن مسلم فقال في " تفسيره " (18/223) : " روى الوليد بن مسلم قال: حدثنا مالك.. " إلخ. فإن جزمه بأن الوليد روى ذلك معناه أن من دون الوليد ثقات محتج بهم، وكذلك من فوقه كما هو باد للعيان، فينتج من ذلك أن إسناد الحديث صحيح، ولا يخفى ما فيه! ويشبه صنيع القرطبي هذا، عزوالجويني لحديث " الاغتسال بالماء المشمس يورث البرص ". وهو باطل كهذا (1) عزاه للإمام مالك، فأنكر العلماء ذلك عليه، فقال الحافظ بان حجر في " التلخيص ": " واشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية مالك! والعجب من ابن الصباغ كيف أورده في " الشامل " جازما به، فقال: " روى مالك عن هشام ". وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد ". ثم تذكرت أن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة كما قال الدارقطني آنفا؛ لكنه كثير التدليس والتسوية كما قال الحافظ في " التقريب "، وتدليس التسوية هو أن يسقط من السند رجلا من فوق شيخه، كأن يكون مثلا بين مالك وسمي رجل فيسقطه، فهذا الفعل يسمى تدليس التسوية عند المحدثين، والوليد معروف بذلك عندهم، فالمحققون لا يحتجون   (1) راجع الكلام عليه في كتابنا " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " رقم (18) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 بما رواه الوليد إلا إذا كان مسلسلا بالتحديث أوالسماع. والله أعلم. وعليه ففي الحديث علة أخرى وهي العنعنة. وقد وجدت له شاهدا من رواية الحسن بن يحيى الخشني عن أبي عبد الله مولى بني أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به، دون قوله: " ثم قال صلى الله عليه وسلم: فأكملهم.. ". أخرجه الواحدي في " تفسيره " (4/157/2) وابن عساكر في " تاريخه " (17/247/1 ) ، ومن طريقه فقط ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " مجتزأ من إسناده على قوله: " عن أبي عبد الله.. " مشيرا بذلك إلى أنه علة الحديث. وقد فتشت عنه في كتب الرجال، فلم أجده، فهو مجهول غير معروف. على أنه كان يحسن بالحافظ ابن كثير بل يجب عليه أن يبتدئ بإسناده من عند الخشني الراوي عن هذا المجهول، لكي لا يتوهم الواقف عليه أنه لا علة فيه غير المجهول المشار إليه، كيف والخشني هذا متروك متهم برواية الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها! وقد سبق أحدها برقم (201) ، فراجعه والذي قبله. نعم قد صح من الحديث طرفه الأول: " إن أول شيء خلقه الله القلم، وأمره فكتب كل شيء ". وهو مخرج في السلسلة الأخرى برقم (133) . 1254 - " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة، وحتى توجد المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يؤمئذ الذي يقول: لونحيتها عن الطريق قليلا، فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر ". ضعيف جدا أخرجه الحاكم (4/495) من طريق القاسم بن الحكم العرني: حدثنا سليمان بن أبي سليمان: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره وقال: الحديث: 1254 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل سليمان هالك، والخبر شبه خرافة ". قلت: وكأنه يعني ما في آخره من المبالغة في أنه مثل أبي بكر وعمر، وإلا فسائر الحديث صحيح عن أبي هريرة وغيره، ولذلك أوردته في " الصحيحة " تحت رقم (475) . وفي الحديث علة أخرى وهي ضعف القاسم بن الحكم العرني قال في " التقريب ": " صدوق فيه لين ". 1255 - " استفرهو اضحاياكم، فإنها مطاياكم على الصراط ". ضعيف جدا رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (33/2) عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته يحيى؛ وهو ابن عبيد الله بن عبد الله بن موهب المدني قال أحمد: ليس بثقة. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدا. وقال مسلم والنسائي: متروك الحديث. وأما أبو هـ عبيد الله فمجهول، قال الشافعي وأحمد واللفظ له: " لا يعرف ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " فقال: " روى عنه ابنه يحيى، لا شيء. وأبو هـ ثقة، وإنما وقع المناكير في حديثه من قبل ابنه يحيى ". ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في " التلخيص " (4/138) : " أخرجه صاحب " مسند الفردوس " من طريق يحيى بن عبيد الله بن موهب ... ويحيى ضعيف جدا ". وتقدم الحديث بلفظ: " عظموا ضحاياكم.. " وأنه لا أصل له. انظر رقم (74) إن شئت. الحديث: 1255 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 1256 - " ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا، كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له: من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له، ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وان يبارك له، ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له ". ضعيف رواه ابن منده في " المنتخب من الفوائد " (265/2) والثقفي في " الفوائد " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج9 رقم 17) وكذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (119/1) والبيهقي (10/319) وكذا الطبراني في " الأوسط " (5050) عن عمرو بن عاصم الكلابي: نا جدي: عبيد الله بن الوازع عن أيوب السختياني عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو القاسم الحامض في " حديثه كما في " المنتقى منه " ( 3/10/1) ، وقال الطبراني كما في " مجمع البحرين " (166/2) : " لم يروه عن أيوب إلا عبيد الله تفرد به عمرو ". قلت: وهو صدوق في حفظه شيء كما في " التقريب " وقد أخرجه الشيخان. وجده عبيد الله بن الوازع مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "، وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله في ترجمته: " ما علمت له راويا غير حفيده ". قلت: وأبو الزبير مدلس معروف بالتدليس وقد عنعنه، فالعجب من الذهبي حيث قال في " المهذب " كما في " فيض القدير ": " إسناده صالح مع نكارته عن أيوب ". الحديث: 1256 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 1257 - " يا علي مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت، فلما دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات ولد، ولا هي ذات حمل. ومثل المصلي الحديث: 1257 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأس ماله، كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة ". ضعيف أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/387) وأبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب " (ق 196/1) وأبو يعلى في " مسنده " (1/90) الشطر الأول منه من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال البيهقي: " موسى بن عبيدة لا يحتج به، قد اختلف عليه في إسناده، فرواه زيد بن الحباب وأسباط بن محمد هكذا، ورواه سليمان بن بلال عن موسى بن عبيدة عن صالح بن سويد عن علي مرفوعا، وهو إن صح.. ". ثم ساق إسناده إلى سليمان به. وقد وصله ابن شاذان في " الفوائد " (1/119/2) وابن بشران في " الفوائد " (26/105/2) والرامهرمزي في " الأمثال " (70/1 - 2) . وأعله الهيثمي (2/132) بالربذي هذا فقال: " ضعيف "، وأشار المنذري (1/183) إلى تضعيفه. وزاد أبو يعلى في أوله: " نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ وأنا راكع ". وقد خالفه في إسنادها إبراهيم بن عبد الله بن حنين فقال عن أبيه أنه سمع علي ابن أبي طالب يقول: فذكرها دون حديث الترجمة، وجعله من سماع عبد الله بن حنين من علي دون ذكر أبيه بينهما. أخرجه مسلم (2/48 و49) وأحمد (1/114 و123 و136) وأبو يعلى (1/119 و121 و157 و175 و176) . نعم قد ذكر مسلم خلافا آخر في إسناده على عبد الله بن حنين، لا يضر في هذه القطعة من الحديث، لا سيما ولها طرق أخرى في " مسند " أحمد وأبي يعلى وغيرهما. وقد شاع الاستدلال بالشطر الأخير منه " المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة " على ما يفتي به كثير من المشايخ من كان مبتلى بترك الصلاة وإخراجها عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 وقتها عامدا بوجوب قضائها مكان السنن الراتبة فضلا عن غيرها، ويقولون: إن الله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تصلى الفريضة! وهذا الحديث مع ضعفه لا يدل على ما ذهبوا إليه لوصح، إذ إن المقصود به فريضة الوقت مع نافلته، ففي هذه الحالة لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة، فلوأنه صلاهما معا كفريضة الظهر ونافلتها مثلا في الوقت مع إتيانه بسائر الشروط والأركان، كانت النافلة مقبولة كالفريضة، ولوأنه كان قد ترك صلاة أوأكثر عمدا فيما مضى من الزمان. فمثل هذه الصلاة لا مجال لتداركها وقضائها، لأنها إذا صليت في غير وقتها فهو كمن صلاها قبل وقتها ولا فرق، ومن العجائب أن العلماء جميعا متفقون على أن الوقت للصلاة شرط من شروط صحتها، ومع ذلك فقد وجد من قال في المقلدين يسوغ بذلك القول بوجوب القضاء: المسلم مأمور بشيئين: الأول الصلاة، والآخر وقتها ، فإذا فاته هذا بقي عليه الصلاة! وهذا الكلام لو صح أولوكان يدري قائله ما يعني لزم منه أن الوقت للصلاة ليس شرطا، وإنما هو فرض، وبمعنى آخر هو شرط كمال، وليس شرط صحة، فهل يقول بهذا عالم؟ ! وجملة القول: أن القول بوجوب قضاء الصلاة على من فوتها عن وقتها عمدا مما لا ينهض عليه دليل، ولذلك لم يقل به جماعة من المحققين مثل أبي محمد بن حزم والعز بن السلام الشافعي وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم. ولابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام ممتع في رسالة " الصلاة " فليراجعها من شاء، فإن فيها علما غزيرا، وتحقيقا بالغا لا تجده في موضع آخر. وبديهي جدا أن النائم عن الصلاة أوالناسي لها لا يدخل في كلامنا السابق، بل هو خاص بالمتعمد للترك، وأما النائم والناسي، فقد أوجد الشارع الحكيم لهما مخرجا، فأمرهما بالصلاة عند الاستيقاظ أوالتذكر، فإن فعلا تقبل الله صلاتهما وجعلها كفارة لما فاتهما، وإن تعمدا الترك لأدائها حين الاستيقاظ والتذكر كانا آثمين كالمتعمد الذي سبق الكلام عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من نسي صلاة أونام عنها فليصلها حين يذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك ". أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه. فقوله: " لا كفارة لها إلا ذلك " أي إلا صلاتها حين التذكر. فهو نص على أنه إذا لم يصلها حينذاك فلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 كفارة لها، فكيف يكون لمن تعمد إخراجها عن وقتها المعتاد الذي يمتد أكثر من ساعة في أضيق الصلوات وقتا، وهي صلاة المغرب، كيف يكون لهذا كفارة أن يصليها متى شاء وهو آثم مجرم، ولا يكون ذلك للناسي والنائم وكلاهما غير آثم؟ ! فإن قال قائل: لا نقول إن صلاته إياها قضاء هي كفارة له، قلنا: فلماذا إذا تأمرونه بالصلاة إن لم تكن كفارة له، ومن أين لكم هذا الأمر؟ فإن كان من الله ورسوله فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وإن قلتم: قياسا على النائم والناسي. قلنا: هذا قياس باطل لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه وهو من أفسد قياس على وجه الأرض. وحديث أنس أوضح دليل على بطلانه إذ قد شرحنا آنفا أنه دليل على أن الكفارة إنما هي صلاتها عند التذكر وأنه إذا لم يصلها حينئذ فليست كفارة، فمن باب أولى ذاك المتعمد الذي لم يصلها في وقتها المعتاد وهو ذاكر. فتأمل هذا التحقيق فعسى أن لا تجده في غير هذا المكان على اختصاره، والله المستعان وهو ولي التوفيق. والذي ننصح به من كان قد ابتلى بالتهاون بالصلاة وإخراجها عن وقتها عامدا متعمدا، إنما هو التوبة من ذلك إلى الله تعالى توبة نصوحا، وأن يلتزم المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة في المسجد، فإنها من الواجب، ويكثر مع ذلك من النوافل ولا سيما الرواتب لجبر النقص الذي يصيب صلاة المرء كما وكيفا لقوله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كان أكملها، وإلا قال الله عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع، قال: أكملوا به الفريضة ". أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم (810 - 812) . 1258 - " بارك في عسل " بنها " ". منكر أخرجه الدوري في " التاريخ والعلل " (رقم - 5273 - تحقيق الدكتور نور الحديث: 1258 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 سيف) قال: سمعت يحيى (ابن معين) يقول: يروي ليث عن ابن شهاب قال: فذكره مرفوعا. قلت ليحيى: حدثك به عبد الله بن صالح؟ قال: نعم. قال يحيى: بنها: قرية من قرى مصر. قلت: وهذا مع كونه مرسلا أومعضلا، فإن عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث فيه كلام معروف. 1259 - " لن تزول قدما شاهد الزور حتى يوجب الله له النار ". موضوع أخرجه ابن ماجه (2373) والحاكم (4/98) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 354) من طريق محمد بن الفرات عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأقره المنذري في " الترغيب " (3/166) ! وكل ذلك من إهمال التحقيق، والاستسلام للتقليد، وإلا فكيف يمكن للمحقق أن يصحح مثل هذا الإسناد، ومحمد بن الفرات ضعيف بالاتفاق، بل هو واه جدا. قال أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن عمار: " كذاب ". وقال البخاري: " منكر الحديث، رماه أحمد بالكذب ". وقال أبو داود: " روى عن محارب أحاديث موضوعة منها عن ابن عمر في شاهد الزور ". كما في " التهذيب ". والذهبي نفسه أورده في " الميزان " من أجل هذه النصوص وساق له هذا الحديث. وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 146/2) : " هذا إسناد ضعيف، محمد بن الفرات أبو علي الكوفي متفق على ضعفه، وكذبه الإمام أحمد. ورواه الحاكم وقال: " صحيح الإسناد " والطبراني في " الأوسط " وابن الحديث: 1259 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 عدي في " الكامل " وعنه البيهقي في " السنن الكبرى " وأبو يعلى الموصلي من طريق محمد بن الفرات ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن ماجه وحده، ورمز له بالصحة، واغتر به مؤلف " التاج الجامع للأصول الخمسة " الشيخ منصور علي ناصف فقال (4/67) : " رواه ابن ماجه بسند صحيح "! وأما المناوي فبيض له في " شرحيه "، ولم يتكلم عليه بشيء خلافا لعادته! فاقتضى ذلك كله هذا البحث والتحقيق. ثم إن الحديث ليس عند الطبراني في " الأوسط " من هذه الطريق كما يوهمه كلام البوصيري، ولا بهذا اللفظ، بل هو عنده من طريق أخرى وبلفظ آخر وهو: " إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض، وتحرك أذنابها من هو ل يوم القيامة، وما يتكلم شاهد الزور، ولا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار ". 1260 - " إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض، وتحرك أذنابها من هو ل يوم القيامة، وما يتكلم شاهد الزور، ولا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار ". منكر رواه الطبراني في " الأوسط " (7766) : حدثنا محمد بن إسحاق: حدثنا أبي: حدثنا سعيد بن الصلت: حدثنا أبو الجهم القرشي: حدثنا عبد الملك بن عمير عن محارب بن دثار: سمعت ابن عمر يقول: فذكره مرفوعا وقال: " لم يروه عن عبد الملك إلا أبو الجهم، ولا عنه إلا سعيد ". قلت: ولم أجد له ترجمة وكذا شيخه أبو الجهم القرشي وقد أشار لهذا الهيثمي بقوله (4/200) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه من لم أعرفه ". ثم رأيت العقيلي رواه في " الضعفاء " (453) وابن عساكر (16/135/2) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن شاذان قال: حدثنا سعد بن الصلت قال: حدثنا هارون بن الجهم أبو الجهم القرشي به، وقال العقيلي: الحديث: 1260 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 " هارون بن الجهم بن ثوير بن أبي فاختة يخالف في حديثه وليس بمشهور بالنقل " قال: " وليس له من حديث عبد الملك بن عمير أصل، وإنما هذا حديث محمد بن الفرات الكوفي عن محارب بن دثار عن ابن عمر، حدثناه الصائغ عن شبابة عن محمد ابن الفرات ". ولذا قال الذهبي في هذا الحديث: " إنه منكر ". وأقره الحافظ. 1261 - " كان رجل في بني إسرائيل تاجرا، وكان ينقص مرة، ويزيد أخرى، قال: ما في هذه التجارة خير، ألتمس تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعة وترهب فيها، وكان يقال له: جريج، فذكر نحوه ". ضعيف أخرجه أحمد (2/434) من طريق عمر (1) بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته عمر هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه ابن معين. وقال النسائي: ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". قلت: فقول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/286) : " رواه أحمد وإسناده جيد "؛ غير جيد، ولا سيما أن قصة جريج في " الصحيحين " وغيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا، وليس فيها هذا الذي رواه عمر هذا ، فقد تفرد هو به، فيكون منكرا من منكراته عن أبيه، فقد قال الذهبي في ترجمته: " ولعمر عن أبي مناكير، وقد علق له البخاري قصة جريج والراعي فقال: وقال عمر بن أبي سلمة عن أبيه ". (تنبيه) : قوله في آخر حديث الترجمة: " فذكره نحوه " يعني حديث قصة جريج المذكور قبل هذا في " المسند ". وهي المرونة في " الصحيحين " كما سبق آنفا.   (1) الأصل (عمرو) وهو خطأ مطبعي. اهـ. الحديث: 1261 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 1262 - " لا يقرأ في الصبح بدون عشرين آية، ولا يقرأ في العشاء بدون عشر آيات ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 4538) : حدثنا المقدام بن داود: حدثنا أسد بن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن خلاد بن السائب عن رفاعة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: ابن لهيعة، واسمه عبد الله، وهو ضعيف لسوء حفظه واحتراق كتبه، إلا من رواية العبادلة عنه كعبد الله بن وهب وغيره، وليس هذا منها. والخرى: المقدام بن داود، قال النسائي: " ليس بثقة ". والحديث اقتصر الهيثمي في " المجمع " (2/119) على إعلاله بابن لهيعة وقال: " اختلف في الاحتجاج به ". والصواب أنه ليس بحجة إلا في رواية أحد العبادلة عنه كما ذكرنا مرارا. الحديث: 1262 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 1263 - " يا أيها الناس من ولي منكم عملا فحجب بابه عن ذي حاجة المسلمين حجبه الله أن يلج باب الجنة، ومن كانت الدنيا نهمته حرم الله عليه جواري، فإني بعثت بخراب الدنيا، ولم أبعث بعمارتها ". ضعيف رواه الطبراني في " الكبير ": حدثنا جبرون بن عيسى المغربي: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفري: حدثنا فضيل بن عياض عن سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه: أن معاوية بن أبي سفيان ضرب على الناس بعثا، فخرجوا، فرجع أبو الدحداح، فقال له معاوية: ألم تكن خرجت مع الناس؟ قال: بلى، ولكني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فأحببت أن أضعه عندك مخافة ألا تلقاني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. الحديث: 1263 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير جبرون، قال ابن ماكولا في " الإكمال " (3/208) : " توفي سنة أربع وتسعين ومائتين ". والجعفري، أورده السمعاني في مادة (الجفري) بضم الجيم وسكون الفاء، وهي بناحية البصرة، ثم ساق جماعة ينسبون إليها، ثم قال: " وأبو زكريا يحيى بن سليمان الإفريقي المعروف بالجفري نسبه في قريش، وظني أنه موضع بإفريقية، والله أعلم، حدث، وآخر من حدث عنه جبرون بن عيسى بن يزيد، توفي سنة 237 ". وأما الذهبي فأورده في " المشتبه ": " الحفري " بحاء مضمومة وقال: " عن فضيل بن عياض وعباد بن عبد الصمد، وعنه جبرون بن عيسى ". وكذلك وقع في نسخة مخطوطة جيدة من " الميزان " (الحفري) بالمهملة المضمومة وقال: " ما علمت به بأسا "، ووقع في " الميزان " المطبوع في مصر سنة (1325) " الجفري " بالجيم، وهو تصحيف لمخالفته المخطوطة و" المشتبه "، وإن كان هو الموافق للصواب، فقد ذكر الحافظ ابن ناصر الدين في " التوضيح " (1/142/2) أن الذهبي تبع ابن ماكولا والفرضي في ضبطه بضم الحاء المهملة. ثم قال: " وقد وجدته في " تاريخ ابن يونس " بخط الحافظ أبي القاسم بن عساكر وسماعه على الحافظ أبي بكر بن أبي نصر اللفتواني الأصبهاني وعليه خطه، وجدته ( الجفري) بالجيم منقوطة مضمومة وكذلك وجدته في " المستخرج " لأبي القاسم بن منده، وهو الأشبه بالصواب، ولعله منسوب إلى " جفرة عتيب " اسم قبيلة في بلاد المغرب ". ثم ذكر الحافظ ابن ناصر الدين أن يحيى بن سليمان هذا روى عنه أيضا ابنه عبد الله بن يحيى، ولم يذكر فيه تجريحا ولا تعديلا، فالرجل عندي مستور وإن قال فيه الذهبي: " ما علمت به بأسا " كما سبق، ولعل ابن حبان أورده في " كتاب الثقات "، فقد رأيت المنذري يشير إلى توثيقه، فقد قال في " الترغيب " (3/142) عقب هذا الحديث: " رواه الطبراني، ورواته ثقات، إلا شيخه جبرون بن عيسى فإني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل ". وأما الهيثمي فقال في " المجمع " (5/211) : الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 " رواه الطبراني عن شيخه جبرون بن عيسى عن يحيى بن سليمان الجفري ولم أعرفهما ، وبقية رجاله رحال الصحيح ". فهذا يشعر أنه لم يره في " ثقات ابن حبان ". فالله أعلم. قلت: ولعل سبب هذا الاختلاف، إنما هو اختلاف وجهة نظرهما في الذي ترجم له ابن حبان في " الثقات " هل هو هذا أم غيره؟ وقد وجدت في " أتباع التابعين " منه المجلد التاسع ترجمتين، أحدهما: يحيى بن سلام الإفريقي المصري (ص 261) ، والأخرى يحيى بن سليمان الجعفي (ص 263) ، وهذا مترجم في " التهذيب "، وليس بظاهر أن أحدهما هو (الجفري) . فالله أعلم. ثم رأيت الحافظ ابن حجر أورد الحديث في ترجمة أبي الدحداح من " الإصابة " من رواية أبي نعيم أيضا، ثم قال: " ولا يصح، جبرون واهي الحديث ". 1264 - " إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم، فقد تودع منهم ". ضعيف أخرجه الحاكم (4/96) وأحمد (2/163 و189 - 190) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " (6/65/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 185/2 و187/2) من طريق الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وذهلا عن كونه منقطعا، وبه أعله البيهقي، فقال المناوي في " الفيض " متعقبا عليهما: " لكن تعقبه البيهقي نفسه بأنه منقطع حيث قال: محمد بن مسلم هو أبو الزبير المكي، ولم يسمع من ابن عمرو ". قلت: وبه أعله ابن عدي كما يأتي، فقد أخرجه آنفا من طريق سنان بن هارون عن الحسن بن عمرو به إلا أنه قال: عن جابر. بدل " عن ابن عمرو " وقال: " وهذا رواه جماعة عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو. الحديث: 1264 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 وأبو الزبير عن عبد الله بن عمرو يكون مرسلا، وقد رواه أبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو. وهذا أيضا مرسل لأن عمرا لم يلق عبد الله بن عمرو. فأما الإسناد الآخر الذي رواه سنان بن هارون عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن جابر.. فلا نعرفه إلا من حديث سنان، وأبو الزبير لا يروي هذا عن جابر، وإنما يرويه عن عبد الله بن عمرو، ولسنان بن هارون أحاديث، وليست بالمنكرة عامتها، وأرجو أنه لا بأس به ". قلت: وقد أشار إلى أن بعض أحاديثه منكرة، وهذا منها عنده أيضا فقد قال في المكان الأول الذي سبقت الإشارة إليه: " هكذا يروى عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو، ومن قال: عن جابر فقد أغرب ". والحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (7/262) من رواية ابن عمرو ثم قال: " رواه أحمد والبزار بإسنادين، ورجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح، وكذلك رجال أحمد ". وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للطبراني في " الأوسط " من حديث جابر. وقال المناوي في " فيض القدير ": " وفيه سيف بن هارون ضعفه النسائي والدارقطني ". قلت: كذا وقع في " الفيض " " سيف "، ولا أدري أهكذا وقعت الرواية عند الطبراني أم هو تحريف من بعض النساخ، فإن سيفا هذا على ضعفه قد رواه عن الحسن ابن عمرو عن أبي الزبير عن ابن عمرو كما رواه الجماعة عن الحسن، أخرجه ابن عدي ، وإنما رواه عن الحسن عن أبي الزبير عن جابر أخوه سنان بن هارون، ولا يعرف إلا من حديث سنان كما قال ابن عدي؛ كما تقدم. فالله تعالى أعلم. ثم تبينت بعد الرجوع إلى " أوسط الطبراني " (7989) أنه تحرف، وأن الصواب ما تقدم " سنان "، وقال الطبراني: " لم يروه عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير إلا سنان ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 1265 - " من رأى من مسلم عورة فسترها، كان كمن أحيا موؤدة من قبرها ". ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (758) وأبو داود (4891) والطيالسي في " المسند " (1005) وابن شاهين في " جزء من حديثه " (ق 205/2 - محمودية) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 42/1) من طريق عبد الله بن المبارك: حدثنا إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم قال: " جاء قوم إلى عقبة بن عامر فقالوا: إن لنا جيرانا يشربون ويفعلون، أفنرفعهم إلى الإمام؟ قال: لا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:.. " فذكره. والسياق للبخاري. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي الهيثم وهو المصري مولى عقبة بن عامر الجهني واسمه كثير، قال الذهبي: " لا يعرف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث. وتابع ابن المبارك عبد الله بن وهب: أخبرني إبراهيم بن نشيط به إلا أنه لم يذكر فيه " عقبة بن عامر " فلا أدري أسقط ذلك من الناسخ أم هكذا وقعت الرواية عنده؟ (1) أخرجه الحاكم (4/384) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وقد علمت أن كثيرا هذا مجهول بشهادة الذهبي نفسه! وقال ابن شاهين: " حديث غريب من حديث إبراهيم بن نشيط ". قلت: هو ثقة، ولم يتفرد به كما يأتي، وإنما علة الحديث أبو الهيثم كثير هذا. وقد اضطرب فيه على كعب بن علقمة، فقال ابن المبارك وابن وهب: عن ابن نشيط عنه هكذا. وقال ليث بن سعد: عن إبراهيم بن نشيط الخولاني عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن دخين كاتب عقبة قال:   (1) انظر التعليق على " بغية الحازم " ترجمة كثير هذا. اهـ الحديث: 1265 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 " قلت لعلقمة: إن لنا جيرانا يشربون الخمر، وأنا داع لهم الشرط فيأخذونهم، فقال: لا تفعل، ولكن عظهم وتهددهم، قال: ففعل، فلم ينتهو ا، قال: فجاء دخين فقال: إني نهيتهم فلم ينتهو ا، وأنا داع لهم الشرط، فقال عقبة: ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:.. " فذكره. أخرجه أبو داود (4892) وأحمد (4/153) والخلال في " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (ق 7 - 8) ، لكن سقط منه أومن خطي الذي نقلت عنه حرف " عن " بين أبي الهيثم ودخين، فصار هكذا " عن أبي الهيثم دخين " وكذلك وقع في " الترغيب " (3/175) لكن على التقديم والتأخير " دخين أبي الهيثم " وعزاه لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم، ثم قال: " رجال أسانيدهم ثقات، لكن اختلف فيه على إبراهيم بن نشيط اختلافا كثيرا ذكرت بعضه في مختصر (السنن) ". قلت: فالظاهر أن ما في " الأمر بالمعروف " وجه من وجوه الاختلاف الذي أشار إليه المنذري، وكتاب ابن حبان قد رتبه الهيثمي مقتصرا على زوائده على الصحيحين، ومن المفروض أن يكون الحديث فيه، لكن لا تطوله الآن يدي. وأما النسائي فإنما أخرجه في " الكبرى " له وهي غير مطبوعة، وفي المكتبة الظاهرية أجزاء قليلة منها. ثم رأيت الحديث في " زوائد ابن حبان " (1492) من طريق الليث فإذا هو مثل ما جاء في " الترغيب ". ومما يرجح الرواية الأولى التي لم يذكر فيها " دخين " اتفاق ابن المبارك وابن وهب عليها عن إبراهيم بن نشيط، وأن ابن لهيعة قد تابع إبراهيم عليها، فقال: حدثنا كعب بن علقمة عن مولى لعقبة بن عامر يقال له: أبو كثير قال: لقيت عقبة ابن عامر، فأخبرته أن لنا جيرانا يشربون الخمر.. الحديث. كذا قال، وهو من أوهام ابن لهيعة، والصواب كثير كما تقدم. أخرجه أحمد (4/147 و158) . وعلى كل حال فمدار الحديث على كثير وهو مجهول، فهو علة الحديث كما سبق. ورواه إسحاق بن سعيد الأركون القرشي: نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 إسماعيل بن عبيد الله - وكان ثبتا - عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني وجابر ابن عبد الله مرفوعا به نحوه. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/426/1) . قلت: وهذا إسناد واه، فإنه مع احتمال أن يكون شيخ إسماعيل الذي لم يسم هو أبا الهيثم نفسه، ففي الطريق إليه ابن سعيد الأركون، قال أبو حاتم: " ليس بثقة ". وقال الدارقطني: " منكر الحديث ". وله طريقان آخران عن جابر: الأولى: عن أبي معشر عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا. أخرجه أبو سهل القطان في " الفوائد المنتقاة " (ق 97/1) . قلت: وأبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف من قبل حفظه. والأخرى: عن طلحة عن الوضين بن عطاء عن بلال بن سعد عنه. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/233 - 234) وابن عساكر (14/364/2) وقال أبو نعيم: " تفرد به طلحة ". قلت: وهو ابن زيد الرقي قال أحمد وأبو داود: " يضع الحديث ". وضعفه آخرون. وبالجملة، فليس في هذه الطرق ما يمكن الاطمئنان إليه في تقوية الحديث. والله أعلم. وفي معناه حديث " من ستر على مسلم عورة فكأنما أحيا ميتا ". طب والضياء عن شهاب. كذا في " الجامع الصغير "، وقال الهيثمي (6/247) بعد أن عزاه للطبراني من طريق مسلم بن أبي الذيال عن أبي سنان المدني: " لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات ". والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 ثم رأيت الحافظ ذكره في ترجمة (شهاب) غير منسوب من " الإصابة ". " وقال أبو عمر: هو أنصاري. روى الطبراني من طريق مسلم عن أبي الذيال عن أبي سفيان سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل مصر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من ستر على مؤمن عورة، فكأنما أحيا ميتا ". وروى ابن منده من طريق حفص الراسبي قال: قال جابر بن عبد الله لرجل يقال له: شهاب: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر نحوه؟ قال: فقال: نعم. فقال له جابر: أبشر فإن هذا حديث لم يسمعه غيري وغيرك. وزعم ابن منده أن حفصا هذا هو أبو سنان. قلت: وفيه نظر ، فقد أخرجه الحسن بن سفيان من طريق أبي همام الراسبي - وكان صدوقا - حدثنا حفص أبو النضر عن جابر به وأتم منه ". قلت: ولم أعرف حفصا هذا. وكذلك مسلم عن أبي الذيال لم أعرفهما. ولا يبعد أن يكون الأصل " مسلم بن أبي الذيال " ومع ذلك لم أعرفه. ثم وقفت على إسناده عند الطبراني في " المعجم الكبير "، وقد طبع منه في بغداد إلى حرف (الظاء) من أسماء الصحابة، فإذا به يقول: (7/374/7231) : حدثنا محمد بن معاذ الحلبي: حدثنا القعنبي: حدثنا معتمر بن سليمان عن سلم بن أبي الذيال عن أبي سنان رجل من أهل المدينة سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل مصر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا يبين أن ما في " الإصابة " محرف في ثلاثة مواطن، وأن صواب الإسناد: " سلم بن أبي الذيال عن أبي سنان ". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون كلهم من رجال مسلم من القعنبي فصاعدا غير أبي سنان هذا، وفي الرواة من يكنى بأبي سنان من رجال " التهذيب " و" اللسان " جماعة ليس فيهم مدني سوى يزيد بن أمية أبو سنان الدؤلي المدني، روى عن علي وابن عباس وأبي واقد الليثي، وهو ثقة، فإن يكن هو، فالسند صحيح إلا محمد بن معاذ الحلبي، فإني لم أجد له ترجمة، لكنه من شيوخ الطبراني الذين يكثر عنهم، فقد روى له في " المعجم الأوسط " (1/128/1 - 129/2) نحوعشرين حديثا عن شيوخ له عدة، أحدها في " المعجم الصغير " برقم (842 - الروض النضير) . والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 1266 - " من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له ". ضعيف أخرجه الحاكم (4/216 و417) وعبد الله بن وهب في " الجامع " (111) من طريق حيوة بن شريح قال: حدثنا خالد بن عبيد المعافري أنه سمع أبا مصعب مشرح بن هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! كذا قالا! وخالد بن عبيد المعافري أورده ابن أبي حاتم في كتابه (1/342) من رواية حيوة هذا عنه ليس إلا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والظاهر أنه لا يعرف إلا في هذا الحديث، فقد قال الحافظ في " التعجيل ": " وثقه ابن حبان. قلت: ورجال حديثه موثقون ". كأنه يعني حديثه هذا. ويشير بقوله: " موثقون " إلى أن في بعض رواته كلاما، وهو مشرح بن هاعان، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " تكلم فيه ابن حبان ". قلت: لكن وثقه ابن معين، وقال عثمان الدارمي: " صدوق ". وقال ابن عدي في " الكامل " (403/1) : " أرجوأنه لا بأس به ". قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى، وإنما علة هذا الحديث جهالة خالد بن عبيد هذا. وقد صح الحديث عن عقبة بن عامر بإسناد آخر بلفظ: " من علق تميمة فقد أشرك ". وهو في الكتاب الآخر برقم (488) . والحديث قال المنذري (4/157) : " رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وقال: صحيح الإسناد "! الحديث: 1266 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 1267 - " من كتم شهادة إذا دعي كان كمن شهد بالزور ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4335) عن عبد الله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي بردة عن أبيه مرفوعا وقال: " لم يروه عن العلاء إلا معاوية ولا عنه إلا عبد الله ". قلت: وهو ضعيف. أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " كاتب الليث، قال أحمد: كان متماسكا ثم فسد، وأما ابن معين، فكان حسن الرأي فيه، وقال أبو حاتم: أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد بن نجيح وكان يصحبه، ولم يكن أبو صالح ممن يكذب، كان رجلا صالحا، وقال النسائي: ليس بثقة ". وأما قول المنذري في " الترغيب " (2/167) : " حديث غريب، رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد احتج به البخاري ". فليس بجيد، فلم يحتج به البخاري، وغنما روى له تعليقا، كما رمز له في " الخلاصة " وغيرها مثل " التقريب " للحافظ ابن حجر وقال: " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". والعلاء بن الحارث صدوق، لكنه كان قد اختلط. والحديث قال الهيثمي (4/200) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه عبد الله بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب بن الليث، فقال: ثقة مأمون، وضعفه جماعة ". الحديث: 1267 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 1268 - " إن أناسا من أهل الجنة يتطلعون إلى أناس من أهل النار، فيقولون: بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم؟ فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعل ". الحديث: 1268 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 97) وعنه ابن عساكر (17/434/2) عن زهير ابن عباد الرواسي: حدثنا أبو بكر الداهري بن عبد الله بن حكيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن الوليد بن عقبة مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد إلا أبو بكر الداهري ". قلت: وهو متروك، وقال الهيثمي (7/276) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه أبو بكر الداهري وهو ضعيف جدا ". وأشار المنذري في " الترغيب " (3/174) إلى تضعيفه. 1269 - " من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أونصراني أوممن يتخذه خمرا، فقد تقحم النار على بصيرة ". باطل رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1/236) والطبراني في " الأوسط " (5488) والسهمي (299) عن عبد الكريم بن عبد الكريم عن الحسن بن مسلم عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا. وقال الطبراني: " لا يروى عن بريدة إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا، وآفته الحسن بن مسلم وهو المروزي التاجر، قال ابن حبان: " لا أصل لهذا الحديث من حديث الحسين بن واقد، فينبغي أن يعدل بالحسن عن سنن العدول لروايته هذا الحديث منكر ". وقال الذهبي: " أتى بخبر موضوع في الخمر. قال أبو حاتم: حديثه يدل على الكذب ". قلت: فذكر الحديث هو وابن الجوزي في " التحقيق " (3/22) من طريق ابن حبان وأقره. ولقد أخطأ الحافظ ابن حجر في هذا الحديث خطأ فاحشا فسكت عليه في " التلخيص " (239) ، وقال في " بلوغ المرام " (169/37) : الحديث: 1269 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد حسن "! وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/389/1165) : " سألت أبي عن هذا الحديث فقال: حديث كذب باطل، قلت: تعرف عبد الكريم هذا؟ قال: لا، قلت: فتعرف الحسن بن مسلم، قال: لا، ولكن تدل على روايته ( الأصل: روايتهم) على الكذب ". وعبد الكريم هذا مترجم في " تاريخ جرجان " وفي " اللسان " وذكرت كلامهما في " تخريج أحاديث الحلال والحرام " (ص 56) . 1270 - " الطابع معلق بقائمة عرش الرحمن، فإن انتهكت الحرمة، وعمل بالمعاصي، واجترىء على الدين، بعث الله الطابع، فيطبع على قلوبهم، فلا يعقلون بعد ذلك شيئا ". موضوع رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1/332) وابن عدي في " الكامل " (ق 160/2) وكذا البزار (4/103/3298) والبيهقي في " الشعب " (2/377/2) والديلمي ( 2/265) عن سليمان بن مسلم: حدثنا سليمان بن مسلم: حدثنا سليمان التيمي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: " حديث منكر جدا، وسليمان بن مسلم الخشاب قليل الحديث وشبه المجهول، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما ". وقال البزار: " لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سليمان بن مسلم ". قلت: قال البيهقي عقبه: " تفرد به الخشاب وليس بالقوي ". وقال ابن حبان: " لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص ". وذكره الذهبي في " الميزان "، وساق له حديثين هذا أحدهما، وقال: الحديث: 1270 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 " هما موضوعان في نقدي ". وأقره الحافظ في " اللسان ". وأشار الحافظ المنذري في " الترغيب " (3/178) إلى تضعيفه وقال: " رواه البزار والبيهقي ". 1271 - " الطهارات أربع: قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار والسواك ". ضعيف رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (214/2) والبزار (2/370/4967) عن معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، معاوية بن يحيى وهو الصدفي، قال الحافظ: " ضعيف ". وكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/168) ونسبه أيضا للطبراني في " الكبير "، وتبعه المناوي في " شرحيه ". الحديث: 1271 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 1272 - " إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو، وإذا كثر الزنا كثر السبا، وإذا كثر اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الكبير " (1752) عن نعيم بن حماد قال: حدثنا عبد الخالق ابن زيد بن واقد عن أبيه، قال: سمعت بسر بن عبيد الله يذكر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا عبد الخالق هذا قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وهذا معناه عنده أنه في منتهى الضعف كما هو مشروح في الحديث: 1272 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 " المصطلح "، فقول المنذري في " الترغيب " (3/198) : " ضعيف ولم يترك "؛ ليس بصواب. ثم إن الراوي عنه نعيم بن حماد ضعيف أيضا. 1273 - " شمي عوارضها، وانظري إلى عرقوبيها ". منكر أخرجه الحاكم (2/166) وعنه البيهقي (7/87) من طريق هشام بن علي: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه. " أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة، فبعث امرأة لتنظر إليها فقال: (فذكره) . قال: فجاءت إليهم فقالوا: ألا نغديك يا أم فلان! فقالت: لا آكل إلا من طعام جاءت به فلانة، قال: فصعدت في رف لهم فنظرت إلى عرقوبيها ثم قالت: أفليني يا بنية! قال: فجعلت تفليها، وهي تشم عوارضها، قال: فجاءت فأخبرت ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي! وغمز من صحته البيهقي فقال عقبه: " كذا رواه شيخنا في " المستدرك "، ورواه أبو داود السجستاني في " المراسيل " عن موسى بن إسماعيل مرسلا مختصرا دون ذكر أنس. ورواه أيضا أبو النعمان عن حماد مرسلا. ورواه محمد بن كثير الصنعاني عن حماد موصولا. ورواه عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس موصولا ". قلت: وعلة إسناد الحاكم هشام بن علي وهو شيخ شيخه علي بن حمشاذ العدل ولم أجد له ترجمة في شيء من المصادر التي عندي. وقد خالفه أبو داود، فقال في " المراسيل " (ق 11/2) : حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد بن سلمة عن ثابت مرسلا. فالصواب المرسل. ويؤيده رواية أبي النعمان عن حماد مرسلا. وأبو النعمان هو محمد بن الفضل عارم السدوسي، وهو ثقة ثبت تغير في آخر عمره واحتج به الشيخان. وأما محمد ابن كثير الصنعاني الذي رواه عن حماد موصولا فهو ضعيف، قال الحافظ: " صدوق كثير الغلط ". الحديث: 1273 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 قلت: فمخالفة هذا وهشام بن علي لأبي داود وأبي النعمان، مما يجعل روايتهما شاذة بل منكرة. ولا تتأيد برواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس التي علقها البيهقي ووصلها أحمد (3/231) ، لأن عمارة هذا ضعيف أيضا. قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". ولذلك قال في " التلخيص " (3/147) بعد أن عزاه لمن ذكرنا وزاد الطبراني (1) : " واستنكره أحمد، والمشهور فيه طريق عمارة عن ثابت عنه ". ثم ذكر طريق الحاكم الموصولة وقال: " وتعقبه البيهقي بأن ذكر أنس فيه وهم ". والخلاصة أن الحديث مرسل فهو ضعيف، لا سيما مع استنكار أحمد إياه. والله أعلم. (تنبيه) أورد الشيخ محمد الحامد في كتابه " ردود على أباطيل " (ص 44) ونقل تخريجه عن تلخيص الحافظ دون أن يشير إلى ذلك، وحذف منه إعلاله للحديث واستنكار أحمد إياه! ! أورده تحت عنوان " ما يباح النظر إليه من الخاطب إلى مخطوبته "، واستدل به على جواز إرسال امرأة إلى المخطوبة لتراها، ثم تصفها للخاطب. وأن القول بجواز النظر من الخاطب إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل. ولم يتعرض لذكر الأحاديث المؤيدة لهذا القول الذي أبطله بدون حجة شرعية سوى التأييد لمذهبه. وقد رددت عليه في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (95 - 99 ) ، وخرجت فيها أربعة أحاديث فيها أمره صلى الله عليه وسلم للرجل أن ينظر إلى من يريد خطبتها، وفي بعضها: " أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها " وأن بعض رواته من الصحابة كان يتخبأ ليرى منها ما يدعوه إلى تزوجها، فراجعها تزدد علما وفقها. (تنبيه) : كنت ذكرت في المصدر المذكور (1/156) نقلا عن " تلخيص الحبير " لابن حجر العسقلاني (ص 291 - 292) من الطبعة الهندية رواية عبد الرزاق وسعيد بن   (1) قلت: لم يعزه الهيثمي (4/276) إلا لأحمد والبزار، وقد راجعت له " المعاجم الثلاثة " للطبراني فلم أره في شيء منها. فالله أعلم. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 منصور وابن أبي عمر (الأصل: أبي عمرو وهو خطأ) عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم.. القصة، وفيها أن عمر رضي الله عنه كشف عن ساقيها. وقد اعتبرتها يؤمئذ صحيحة الإسناد، اعتمادا مني على ابن حجر - وهو الحافظ الثقة - وقد أفاد أن راويها هو ابن الحنفية، وهو أخوأم كلثوم، وأدرك عمر ودخل عليه، فلما طبع " مصنف عبد الرزاق " بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ووقفت على إسنادها فيه (10/10352) تبين لي أن في السند إرسالا وانقطاعا، وأن قوله في " التلخيص ": ".. ابن الحنفية " خطأ لا أدري سببه، فإنه في " المصنف ": " ... عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال:.. " وكذلك هو عند سعيد بن منصور (3 رقم 520) كما ذكر الشيخ الأعظمي، وأبو جعفر هذا اسمه محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد جاء مسمى في رواية ابن أبي عمر بـ " محمد ابن علي " كما ذكره الحافظ نفسه في " الإصابة "، وساقه كذلك ابن عبد البر في " الاستذكار " بإسناده إلى ابن أبي عمر، وعليه فراوي القصة ليس ابن الحنفية، لأن كنيته أبو القاسم، وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كما تقدم، لأنه هو الذي يكنى بأبي جعفر، وهو الباقر. وهو من صغار التابعين ، روى عن جديه الحسن والحسين وجد أبيه علي بن أبي طالب مرسلا، كما في " التهذيب " وغيره، فهو لم يدرك عليا بله عمر، كيف وقد ولد بعد وفاته بأكثر من عشرين سنة، فهو لم يدرك القصة يقينا، فيكون الإسناد منقطعا، فرأيت أن من الواجب علي - أداء للأمانة العلمية - أن أهتبل هذه الفرصة، وأن أبين للقراء ما تبين لي من الانقطاع. والله تعالى هو المسؤول أن يغفر لنا ما زلت له أقلامنا، ونبت عن الصواب أفكارنا، إنه خير مسؤول. 1274 - " من زنى أوشرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ". ضعيف أخرجه الحاكم (1/22) من طريق سعيد بن أبي أيوب: حدثنا عبد الله بن الحديث: 1274 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 الوليد عن ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " [صحيح] على شرط مسلم، فقد احتج بعبد الرحمن بن حجيرة وعبد الله بن الوليد وهما شاميان ". كذا قال، ووافقه الذهبي. وقد وهما من وجوه: الأول: أن ابن حجيرة هنا ليس هو عبد الرحمن بل ابنه عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة، فإنه هو الذي يروي عنه عبد الله بن الوليد. كما جاء في ترجمتيهما. وعلى هذا ففي الإسناد إشكال، ذلك لأن عبد الله هذا ليس له رواية عن أبي هريرة ولا عن غيره من الصحابة، وكل ما قالوه في ترجمته أنه روى عن أبيه لا غير. وعلى هذا فكأنه سقط من الإسناد قوله: " عن أبيه ". والله أعلم. الثاني: أن عبد الله بن الوليد وابن حجيرة ليسا شاميين، وإنما هما مصريان. الثالث: أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ليس من رجال مسلم أصلا. وكذا عبد الله بن الوليد، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وضعفه الدارقطني فقال: " لا يعتبر بحديثه ". وقال الحافظ: " لين الحديث ". ومنه يتبين أن الإسناد ضعيف. نعم قد جاء الحديث بإسناد صحيح لكن بلفظ: " إذا زنى العبد خرج منه الإيمان وكان كالظلة، فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان ". وهو في " الأحاديث الصحيحة " (509) . ومثل حديث الترجمة في الضعف ما رواه عمرو بن عبد الغفار: حدثنا العوام بن حوشب: حدثني علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنى العبد نزع منه سربال الإيمان، فإن تاب رد عليه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/119/1 - 2) . وعمرو هذا قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال ابن عدي: " اتهم بوضع الحديث ". 1275 - " من جرد ظهر أخيه بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (2524) : نا إبراهيم: نا محمد بن صدقة الجبلاني : نا اليمان بن عدي عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا وقال: " لم يروه عن محمد بن زياد إلا اليمان ". قلت: وهو لين الحديث كما في " التقريب " ضعفه أحمد والدارقطني، وقال أبو أحمد الحاكم: " ليس بالقوي عندهم ". وقال البخاري: " في حديثه نظر ". وأما أبو حاتم فقال: " شيخ صدوق ". وبقية رجاله ثقات غير إبراهيم وهو ابن محمد بن عرق ولم أجد له ترجمة. ومنه تعلم أن قول المنذري (3/207) ثم الهيثمي (4/253) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وإسناده جيد "؛ غير جيد - واغتر بهما المناوي في التيسير، والغماري في " كنزه " - ولذا قال الحافظ في " فتح الباري ": " في سنده مقال ". ثم وقفت على إسناده في " الكبير " (7536) ، فإذا هو بإسناد " الأوسط " نفسه إلا أنه قال: " محمد بن إبراهيم بن عرق الحمصي " والظاهر أنه انقلب على بعض النساخ، الحديث: 1275 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 فإنه ليس في شيوخه إلا إبراهيم بن محمد بن عرق، لا في " الصغير " ولا في " الأوسط " (2/4/1 - 192/2) . وأيضا فقد ساق في " الكبير " بعد حديث الترجمة بحديث واحد حديثا آخر (7538) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: حدثنا.. ويراجع لترجمته " تاريخ ابن عساكر " فإني أكتب هذا وأنا في (عمان الأردن) . 1276 - " من كانت فيه واحدة من ثلاث زوجه الله من الحور العين: من كانت عنده أمانة خفية شهية فأداها من مخافة الله عز وجل، أورجل عفا عن قاتله، أورجل قرأ " قل هو الله أحد " دبر كل صلاة ". ضعيف رواه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " (124/2) : حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى بني هاشم: أنبأنا أبي: أنبأنا رواد بن الجراح: أنبأنا محمد ابن مسلم عن عبد الله بن الحسن عن أم سلمة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علل: الأولى: الانقطاع بين عبد الله بن الحسن وهو أبوهاشم المدني العلوي وأم سلمة. الثانية: ضعف رواد. قال الحافظ: " صدوق اختلط بآخره فترك ". الثالثة: محمد بن عبد الرحمن لم أجد له ترجمة، وكذا أبو هـ. ولعل الطبراني رواه من هذا الوجه فقد قال الهيثمي (6/302) : " رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم ". ثم رأيته في " المعجم الكبير " للطبراني (23/395/945) من طريق أخرى عن رواد ابن الجراح: حدثنا عبد الله بن مسلم به. قلت: كذا وقع فيه: " عبد الله بن مسلم " مكان " محمد بن مسلم "، ولم يتبين لي الصواب. والله أعلم. وله شاهد من حديث جابر تقدم برقم (654) ، وهو ضعيف جدا، فلا يستفيد الحديث منه قوة. الحديث: 1276 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 1277 - " إذا وقف العباد للحساب، جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما، فازدحموا على باب الجنة، فقيل: من هؤلاء؟ قال: الشهداء كانوا أحياء مرزوقين ، ثم نادى مناد: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. قال: ومن ذا الذي أجره على الله؟ قال: العافون عن الناس، ثم نادى الثالثة: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. فقام كذا وكذا ألفا فدخلوها بغير حساب ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (354) وابن أبي عاصم في " الجهاد " (ق 91/2) والطبراني في " الأوسط " (2192) وأبو نعيم في " الحلية " (6/187) من طريق الفضل بن يسار عن غالب القطان عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال أبو نعيم: " حديث غريب من حديث الحسن تفرد به الفضل بن غالب ". قلت: وفي ترجمة الفضل أورده العقيلي وقال: " ولا يتابع من وجه يثبت ". وقال أيضا: " هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا ". قلت: ويشير بذلك إلى قضية العافين عن الناس، ولم أقف على الإسناد الذي يشير إليه، وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " الأهو ال " (83/1) من الوجه الأول. والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3/210) بهذا السياق عن أنس وقال: " رواه الطبراني بإسناد حسن ". كذا قال، وهو سهو منه أوتساهل، فإنه عند الطبراني من الطريق السابق وقد عرفت ضعفه، فقد قال الهيثمي في " المجمع " (5/295) : " رواه الطبراني في " الأوسط ".. وفي إسناده الفضل بن يسار، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه ". الحديث: 1277 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 1278 - " ينادي مناد يوم القيامة: لا يقوم اليوم إلا أحد له عند الله يد، فيقول الخلائق: سبحانك لك اليد، فيقول ذلك مرارا، فيقول: بلى من عفا في الدنيا بعد قدرة ". منكر رواه ابن عدي في " الكامل " (242/1) عن عمر بن راشد: حدثنا عبد الرحمن بن عقبة بن سهل عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " عمر بن راشد هذا ليس بالمعروف، وأحاديثه كلها مما لا يتابعه الثقات عليها ". قلت: وهو عمر بن راشد مولى مروان بن أبان بن عثمان، قال ابن عدي: " شيخ مجهول كان بمصر يحدث عنه مطرف أبو مصعب المدني وأحمد بن عبد المؤمن المصري ويعقوب بن سفيان الفارسي ". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. قلت: وعمر هذا هو الجاري المدني المترجم في " الميزان " و" التهذيب "، وصرح بذلك الذهبي في " الضعفاء " وهو صنيع الحافظ في " اللسان " فإنه ساق في ترجمته بعض الأحاديث التي أوردها ابن عدي في ترجمة المولى، وهذا منها. الحديث: 1278 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 1279 - " ينادي ملك من بطنان العرش يوم القيامة، يا أمة محمد، الله قد عفا عنكم جميعا المؤمنين والمؤمنات فتواهبوا المظالم، وادخلوا الجنة برحمتي ". موضوع رواه البغوي في " شرح السنة " (4/252/2) عن الحسين بن داود البلخي: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا حميد عن أنس رفعه. ومن هذا الوجه رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (37/2) . قلت: وهذا موضوع آفته البلخي هذا، قال الخطيب: " لم يكن بثقة، فإنه روى نسخة عن يزيد عن حميد عن أنس أكثرها موضوع ". قلت: وهذا منها. الحديث: 1279 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 1280 - " مكارم الأخلاق من أعمال أهل الجنة ". منكر أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " (3/12) وابن الأعرابي في " معجمه " (ق 62 - 63) وتمام الرازي في " الفوائد " (ق 210/1) والطبراني في " الأوسط " (6646) والسلفي في " الطيوريات " (284/1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/41/2) والضياء المقدسي في " جزء من حديثه " بخطه (121/1) كلهم من طريق طلق بن السمح المصري: حدثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل قال: " دخلنا على أنس بن مالك نعوده من وجع أصابه، فقال لجاريته: اطلبي لأصحابنا ولوكسرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، طلق بن السمح قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/1/491) : " سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ مصري ليس بمعروف ". وقال الذهبي في " الميزان " عقبه: " وقال غيره: محله الصدق إن شاء الله ". وأورده في " الضعفاء " وقال: " فيه ضعف ". ومن طريقه رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (2/112) وقال: " قال أبي: هذا حديث باطل، وطلق مجهول ". وأقره الحافظ في ترجمة " طلق " من " التهذيب " ولم يذكر فيه توثيقه عن أحد. ولهذا قال في " التقريب ": " مقبول " يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص في " المقدمة ". ومما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب ": " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد "؛ غير جيد، وإن تابعه عليه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8/177) ، وقلدهما المناوي في " شرحيه "، والغماري في " كنزه "؛ فإن طلقا هذا مجهول الحال، وإن روى عنه جماعة، لأنه لم يوثقه أحد، هذا مع حكم أبي حاتم على الحديث بالبطلان. الحديث: 1280 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 1281 - " ما محق الإسلام محق الشح شيء ". موضوع أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (2/882 - 883 - مخطوطة الهند " والطبراني في " الأوسط " (487 - حرم) وتمام الرازي في " الفوائد " (ق 271/2) من طريق عمرو ابن الحصين العقيلي: حدثنا علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمرو بن الحصين متروك اتفاقا، وقال الخطيب: " كان كذابا ". وشيخه علي بن أبي سارة ضعيف. وقال المناوي في " فيض القدير " تعليقا على قول السيوطي: " رواه أبو يعلى عن أنس ": " وضعفه المنذري، وقال الهيثمي: " فيه علي بن أبي سارة، وهو ضعيف "، وقال في محل آخر: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن الحصين وهو مجمع على ضعفه ". قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى، ولكنها لا تزيد الحديث إلا وهنا، أخرجه الحجاج بن يوسف بن قتيبة الأصبهاني في " نسخة الزبير بن عدي " (ق 2/1) من طريق بشر بن الحسين: نا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا به. وهذا سند هالك، بشر هذا قال أبو حاتم: " يكذب على الزبير ". وقال ابن حبان: " يروي بشر بن الحسين عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا ". الحديث: 1281 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 1282 - " إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، فلا يصلح لدينكم إلا السخاء وحسن الخلق، ألا فزينوا دينكم بهما ". موضوع أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/91/1 - من " زوائد المعجمين ") عن عمرو بن الحصين العقيلي: حدثنا إبراهيم بن أبي عطاء عن أبي عبيدة عن الحسن عن عمران ابن حصين مرفوعا وقال الطبراني: الحديث: 1282 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 " تفرد به عمرو ". قلت: وهو كذاب كما تقدم مرارا. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/127) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك ". والحديث أورده المنذري (3/248) من رواية الطبراني والأصبهاني وأشار إلى تضعيفه. وقال المناوي في " الفيض " عقب كلام الهيثمي: " وله طرق عند الدارقطني في " المستجاد " والخرائطي في " المكارم " من حديث أبي سعيد وغيره أمثل من هذا الطريق، وإن كان فيها لين كما بينه الحافظ العراقي، فلوجمعها المصنف، أوآثر ذلك لكان أجود ". وأقول: ما أظن أن في شيء من تلك الطرق ما يتقوى الحديث به، ولذلك ضعفه المناوي في " التيسير "، ومن ذلك أن الأصبهاني أخرجه في " الترغيب والترهيب " (ق 118/1 و156/1) من طريق عبد الله بن وهب الدينوري بسنده عن مجاعة بن الزبير عن الحسن به. وهذا إسناد واه بمرة، آفته الدينوري هذا؛ فإنه مع كونه حافظا رحالا؛ فقد قال الدارقطني: " كان يضع الحديث ". ومجاعة بن الزبير مختلف فيه. وبينهما من لم أعرفه. ورواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 7 و53) من حديث جابر، من طريقين عن محمد بن المنكدر عنه به دون قوله: ألا فزينوا.. ". وفي الأولى من لم أعرفه، وفي الأخرى عبد الملك بن مسلمة البصري، ومن طريقه أخرجه أبو حاتم في ترجمته من " الجرح والتعديل " (2/2/371) وابن حبان في " الضعفاء " (2/134) وقال: " يروي المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن ". وقال أبو حاتم: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 " حدثني بحديث في الكرم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، بحديث موضوع ". يعني هذا. 1283 - " خلق الله جنة عدن، وغرس أشجارها بيده، فقال لها: تكلمي، فقالت: " قد أفلح المؤمنون " ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/1837) من طريق العلاء بن العباس بن محمد الدوري: حدثنا علي بن عاصم: أنبأ حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي في " التلخيص " بقوله: " قلت: بل ضعيف ". قلت: وعلته علي بن عاصم هذا كان سيء الحفظ كثير الخطأ، وإذا بين له لا يرجع عنه، ولذلك ضعفه جمهور أئمة الحديث، وكذبه ابن معين وغيره وفي ترجمته أورد الذهبي هذا الحديث وقال: " وهذا حديث باطل، ولقد أساء ابن عدي في إيراده هذا في ترجمة علي، فالعلاء متهم بالكذب ". قلت: قد تابعه العباس الدوري عند الحاكم كما سبق، فبرئت منه عهدة العلاء، وثبت الحمل فيه على علي، كما فعل ابن عدي. وقد تابعه أيضا أبو سالم المعلى بن مسلمة الرؤاسي عن علي به. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (10/118) . وقد روي الحديث بلفظ آخر هو: الحديث: 1283 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 1284 - " خلق الله جنة عدن بيده، ودلى فيها ثمارها، وشق فيها أنهارها، ثم نظر إليها فقال: " قد أفلح المؤمنون "، قال: وعزتي لا يجاورني فيك بخيل ". الحديث: 1284 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/174/2) و" الأوسط " (5648) من طريق حماد بن عيسى العبسي عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن ابن عباس يرفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حماد بن عيسى العبسي، قال الذهبي في " الميزان ": " فيه جهالة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور، وقيل: هو الذي قبله ". يعني حماد بن عيسى الجهني الواسطي غريق الجحفة، فإذا كان هو فهو معروف بالضعف ، قال الحاكم والنقاش: " يروي عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". لكن للحديث طريق أخرى. فقال المنذري في " الترغيب " (3/247 و4/252) وتبعه الهيثمي (10/297) واللفظ له: " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وأحد إسنادي الطبراني في " الأوسط " جيد ". قلت: وفيما قالا نظر من وجهين: الأول: أن الإسناد الآخر فيه ضعف أيضا، وقد أخرجه الطبراني في " الأوسط " (324) و" الكبير " أيضا (3/122/1) وعنه الضياء في " المختارة " (63/13/2) وتمام الرازي في " الفوائد " وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/340/1 و15/70/4) من طريق هشام بن خالد: حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي فقالت: " قد أفلح المؤمنون " ". فهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة بقية، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره ": " بقية عن الحجازيين ضعيف ". كذا قال، وبقية صدوق في نفسه، وإنما عيبه أنه كان يدلس عن الضعفاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 والمتروكين، فإذا صرح بالتحديث وكان من فوقه ثقة، ومن دونه ثقة فهو حجة، وإلا فلا. وقد رأيت الحديث في " صفة الجنة " لأبي نعيم (3/1 - 2) أخرجه من هذا الوجه، لكنه قال: حدثنا بقية: حدثني ابن جريج به. وكذلك وقع في " الأوسط " فإن كان محفوظا عن هشام بن خالد، فلا يحتج به أيضا، لأن هشاما وهو الأزرق كان يروج عليه الخطأ فيقول في كل خبر يرويه عن بقية: حدثنا، وبقية لم يقل: حدثنا، كما في رواية الأكثرين. وتقدم له حديث آخر بلفظ: " من أصيب بمصيبة.. " الحديث (198) . والآخر: أن متن الإسناد الآخر يختلف عن متن الأول، فإنه: أولا: ليس فيه " قال: وعزتي.. ". وثانيا: أن القائل فيه: " قد أفلح المؤمنون " هي الجنة، وفي الأول هو الله تعالى. فلا يجوز القول في المتن الأول: " رواه الطبراني.. بإسنادين أحدهما جيد ". والإسناد الجيد - إن سلم بجودته - متنه مختلف عن متن الإسناد الضعيف! فتأمل هذا فإنك قد لا تراه في مكان آخر. وقد روي الحديث بأتم منه وهو: 1285 - " خلق الله جنة عدن بيده، لبنة من درة بيضاء، ولبنة من ياقوتة حمراء، ولبنة من زبرجدة خضراء، وملاطها مسك، وحشيشها الزعفران، حصباؤها اللؤلؤ، وترابها العنبر، ثم قال لها: انطقي، قالت: " قد أفلح المؤمنون "، فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " " ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " كما في " الترغيب " (3/247 و4/252) و" تفسير ابن كثير "، وأبو نعيم في " صفة الجنة " له (3/1 - 2) من طريق محمد بن زياد بن الكلبي: حدثنا يعيش بن حسين (وفي أبي نعيم: بشر بن حسن) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 1285 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 قلت: وهذا إسناد ضعيف محمد بن زياد بن الكلبي، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين: لا شيء ". ويعيش بن حسين، أوبشر بن حسن لم أعرفه، وأغلب الظن أنه وقع محرفا في " التفسير " ومنه نقلت، وفي " صفة الجنة " لأبي نعيم كما سبق الإشارة إلى ذلك . والله أعلم. 1286 - " من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره، سره الله يوم القيامة ". منكر أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/159) : حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن أبي بزة قال: حدثنا الحكم بن عبد الله أبو حمدان البصري - وكان قدريا - قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 244) وابن عدي في " الكامل " (ق 68/2) وقال: " هذا حديث منكر بهذا الإسناد ". وقال الطبراني: " تفرد به ابن أبي بزة ". قلت: واسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المكي، قال الذهبي في " الميزان ": " إمام في القراءة ثبت فيها. قال الإمام أحمد: لين الحديث. وقال العقيلي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث لا أحدث عنه. وقال ابن أبي حاتم : روى حديثا منكرا ". وأورده في " الضعفاء " وقال: " تفرد بحديث (الديك الأبيض حبيبي وحبيب حبيبي) ". قلت: فهو علة الحديث. الحديث: 1286 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 وله علة أخرى وهي عنعنة الحسن وهو البصري فإنه وإن كان قد سمع من أنس بن مالك فإنه كان يدلس. ويمكن استخراج علة ثالثة، فإن ابن عدي أورده في ترجمة الحكم بن عبد الله وهو أبو النعمان، ووقع عند ابن عدي في سند هذا الحديث " أبو مروان " وقد ذكر في ترجمته أنه يكنى بهذا، وبأبي النعمان، ولم يذكر أنه يكتني بأبي حمدان. فلعلها تحرفت في " الكنى " من الناسخ أوالطابع، ولم يذكر فيه توثيقا ولا تجريحا غير أنه ساق له أحاديث استنكرها، هذا منها كما تقدم. وقال: " لا يتابعه عليها أحد ". ولكنه من رجال البخاري، ووثقه الخطيب وابن حبان إلا أنه قال: " ربما أخطأ "، وقال أبو حاتم: " كان يحفظ وهو مجهول ". وذكر الحافظ في " التهذيب ": " ويهجس في خاطري أن الراوي عن سعيد (بن أبي عروبة) هو أبو مروان، وهو غير أبي النعمان الراوي عن شعبة. فالله أعلم ". قلت: وإذا تبين لك حال هذا الحديث وما فيه من العلل، فلا تغتر بقول المنذري (3/252) : " رواه الطبراني في " الصغير " بإسناد حسن، وأبو الشيخ في (كتاب الثواب) ". وكذا قول الهيثمي (8/193) : " رواه الطبراني في " الصغير " وإسناده حسن ". فإن ذلك من تساهلهما، ومن أجل ذلك رأيت أن أحرر القول في إسناده، وأبين حقيقة أمره لكي لا يغتر بتحسينها من لا علم عنده كالغماري في " كنزه ". والله الموفق. 1287 - " لا يدخل ولد الزنا الجنة، ولا شيء من نسله، إلى سبعة آباء ". باطل رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 145) عن الحسين بن إدريس الحلواني: نا سليمان بن أبي هو ذة: نا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن المهاجر عن الحديث: 1287 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " لم يروه عن إبراهيم إلا عمرو ". قلت: وهو صدوق له أوهام، لكن شيخه إبراهيم بن المهاجر وهو ابن جابر البجلي صدوق لين الحفظ، فهو علة الحديث. وأما إعلال الهيثمي للحديث بقوله (6/257) : " وفيه الحسين بن إدريس وهو ضعيف ". فلا وجه له، لأن الحسين هذا وثقه الدارقطني وأخرج له ابن حبان في " صحيحه " وكان من الحفاظ كما قال ابن ماكولا، وغاية ما جرح به قول ابن أبي حاتم فيه: " كتب إلي بجزء من حديثه، فأول حديث منه باطل، والثاني باطل، والثالث ذكرته لعلي بن الجنيد فقال: أحلف بالطلاق أنه حديث ليس له أصل، وكذا هو عندي فلا أدري البلاء منه أومن خالد بن هياج ". فقد تردد ابن أبي حاتم في اتهام الرجل بهذه البواطيل فينبغي التوقف عن الجزم بأنه المتهم، حتى يأتي البيان وقد وجدنا الحافظ ابن عساكر قال: " البلاء في الأحاديث المذكورة من خالد بلا شك ". ومما يؤكد أن الحسين بن إدريس بريء العهدة من هذا الحديث أنه لم يتفرد به كما يشعر بذلك قول الطبراني المتقدم، وقال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 189/2) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد الرازي: حدثنا عمرو بن أبي قيس به. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/111) ، وقال - وتبعه السيوطي في " اللآلىء " - 2/193) : " لا يصح، إبراهيم بن مهاجر ضعيف، قال الدارقطني: اختلف على مجاهد في هذا الحديث على عشرة أوجه، فتارة يروى عن مجاهد عن أبي هريرة، وتارة عن مجاهد عن ابن عمر، وتارة عن مجاهد عن ابن أبي ذباب، وتارة عن مجاهد عن ابن عمرو موقوفا، إلى غير ذلك، وكله من تخليط الرواة ". قلت: وقد بين أبو نعيم في " حلية الأولياء " (3/307 - 309) هذه الوجوه العشرة من الاضطراب، وزاد عليها فأفاد وأجاد، فمن شاء فليرجع إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 وللحديث طرق أخرى بنحوه كلها معلولة، وقد ساق ابن الجوزي بعضها وبين عللها ثم قال: " إن هذه الأحاديث مخالفة للأصول، وأعظمها قوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ". وزاد عليه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/228) : " قلت: ولقوله صلى الله عليه وسلم " ولد الزنا ليس عليه إثم أبو يه شيء ". أخرجه الطبراني من حديث عائشة. قال السخاوي: وسنده جيد. والله أعلم ". قلت: وقد تكلم على الحديث جماعة من العلماء كالحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " (4/176/210) والسخاوي في " المقاصد الحسنة " (470/1322) وابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 109) وابن القيم في " المنار " (ص 48) ، واتفقوا جميعا على أنه ليس على ظاهره، وعلى أنه ليس له إسناد صالح للاحتجاج به، وغاية ما ادعاه بعضهم ردا على ابن طاهر وابن الجوزي أنه ليس بموضوع! ولذلك تكلفوا في تأويله حتى لا يتعارض مع الأصل المتقدم، بما تراه مشروحا في كثير من المصادر المتقدمة. وأنا أرى أنه لا مسوغ لتكلف تأويله بعد ثبوت ضعفه من جميع طرقه، ولذلك فقد أحسن صنعا من حكم عليه بالوضع كابن طاهر وابن الجوزي. والله أعلم. ثم بدا لي تقييد هذا الحكم، بهذا اللفظ المخرج هنا بتمامه، وأما طرفه الأول منه، فقد روي نحوه من طرق أخرى يقوي بعضها بعضا، وصحح أحدها ابن حبان في حديث خرجته في " الصحيحة " برقم (672) ، وذكرت هناك المعنى المراد منه فراجعه. 1288 - " من تمام التحية الأخذ باليد ". ضعيف روي من حديث عبد الله بن مسعود، وأبي أمامة، والبراء بن عازب: 1 - حديث ابن مسعود. يرويه يحيى بن سليم عن سفيان عن منصور عن خيثمة عن رجل عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الترمذي (2/121) وأبو أحمد الحاكم في " الفوائد " (11/70/2) وقال الترمذي: الحديث: 1288 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 " هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم ". قلت: وهو الطائفي وهو سيىء الحفظ، وبقية الرجال ثقات غير الرجل الذي لم يسم. ولهذا قال الحافظ في " الفتح " (11/47) : " وفي سنده ضعف ". وحكى الترمذي عن البخاري أنه رجح أنه موقوف على عبد الرحمن بن يزيد النخعي أحد التابعين. وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/307) عن أبيه: " هذا حديث باطل ". 2 - حديث أبي أمامة. وله عنه طريقان: الأولى: من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته، أوعلى يده فيسأله: كيف هو ؟ وتمام تحياتكم بينكم المصافحة ". أخرجه الترمذي (2/122) وأحمد (5/260) وكذا الروياني في " مسنده " (30/219 و220/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 236/1) ومحمد بن رزق الله المنيني في " حديث أبي علي الفزاري " (85/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/59/2) وقال الترمذي: " هذا إسناد ليس بذاك. قال محمد (يعني البخاري) : وعبيد الله بن زحر ثقة، وعلي بن يزيد ضعيف، والقاسم بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية، وهو ثقة، والقاسم شامي ". وقال الحافظ في " الفتح " (11/46) بعد أن عزاه للترمذي: " سنده ضعيف ". وقال في " بذل الماعون " (3/1/ الملزمة 11) : " سنده لين ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 والأخرى: عن بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عنه مرفوعا بالجملة الأخيرة منه فقط. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (117/1) . وهذا إسناد ضعيف بشر وبكار مجهولان كما قال أبو حاتم، واتهمهما ابن حبان. ولكنهما قد توبعا، فأخرجه تمام أيضا من طريق عمر بن حفص عن عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول به. وهذه متابعة واهية جدا، عثمان هذا وهو الوقاصي قال الذهبي: " تركوه ". وعمر بن حفص هو المدني لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه جماعة. وله طريق أخرى: عن يحيى بن سعيد المدني عن القاسم به دون قوله: " وتمام.. ". أخرجه ابن السني (530) . ويحيى هذا متروك. 3 - حديث البراء. أخرجه أبو محمد الخلدي في جزء من " الفوائد " (46 - 50) : أخبرنا القاسم: حدثنا جبارة قال: أنا حماد بن شعيب عن أبي جعفر الفراء عن الأغر أبي مسلم عنه به. وهذا إسناد ضعيف، حماد بن شعيب وهو الحماني قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه النسائي وغيره ". وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن زكريا فقال: عن أبي جعفر الفراء عن عبد الله ابن يزيد عن البراء بن عازب قال: " من تمام التحية أن تصافح أخاك ". فأوقفه، وهو الصواب، لأن إسماعيل بن زكريا ثقة محتج به في " الصحيحين " فروايته أصح من مثل حماد بن شعيب، وبقية رجال الإسناد ثقات كلهم، فالسند صحيح موقوف. وكذلك أخرجه ابن عساكر (17/274/1) عن ليث بن أبي سليم عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي قال: فذكره موقوفا. وليث ضعيف. وقد رواه غيره عن عبد الرحمن بن يزيد، فقال الترمذي عقب ما نقلته عنه في الحديث الأول: " قال محمد (يعني البخاري) : وإنما يروى عن منصور عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أوغيره قال: من تمام التحية الأخذ باليد ". قلت: وجملة القول أن طرق هذا الحديث كلها واهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض، فليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه كشاهد صالح، فالذي أستخير الله فيه أنه ضعيف مرفوعا، صحيح موقوفا. والله أعلم. 1289 - " يطهر الدباغ الجلد، كما تخلل الخمرة فتطهر ". لا أصل له كما في " التحقيق " لابن الجوزي، و" التنقيح " لابن عبد الهادي (1/15/2) . والأحاديث في أن الإهاب يطهره الدباغ صحيحة معروفة في مسلم والسنن والمسانيد وغيرها، مثل حديث ابن عباس مرفوعا " أيما إهاب دبغ فقد طهر " وهو مخرج في " غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام " (28) ، وإنما أوردته من أجل الشطر الثاني منه الدال على أن الخمرة نجسة في الأصل، فليس في الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ما يؤيد أن الخمرة نجسة، ولذلك ذهب جماعة من الأئمة إلى أنها طاهرة، وأنه لا تلازم بين كون الشيء محرما وكونه نجسا. ومن هؤلاء الليث بن سعد وربيعة الرأي وغيرهم ممن سماهم العلامة القرطبي في " تفسيره "، فليراجعه من شاء، وهو اختيار الإمام الشوكاني في " السيل الجرار " (1/35 - 37) وغيره. الحديث: 1289 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 1290 - " من مر بالمقابر فقرأ " قل هو الله أحد " إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجره للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات ". موضوع أخرجه أبو محمد الخلال في " فضائل الإخلاص " (ق 201/2) والديلمي في " مسند الفردوس " عن عبد الله بن أحمد بن عامر: حدثنا أبي: حدثنا علي الحديث: 1290 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 بن موسى عن أبي موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عن أبيه الحسين عن أبيه علي مرفوعا. قال في " الميزان ": " عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة، ما تنفك عن وضعه أووضع أبيه ". ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 144) . وقال الحافظ السخاوي في " الفتاوي الحديثية " له (ق 19/2 شيخ الإسلام) : " رواه القاضي أبو يعلى بإسناده عن علي، ورواه الدارقطني أيضا والنجاد كما ذكره الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي في " جزء فيه وصول القراءة إلى الميت "، وعزاه القرطبي في " تذكرته " للسلفي. وأسنده صاحب " مسند الفردوس " أيضا كلاهما من طريق عبد الله بن أحمد بن عامر الطائفي عن أبيه عن علي بن موسى الرضى.. عن علي. لكن عبد الله وأبو هـ كذابان، ولوأن لهذا الحديث أصلا لكان حجة في موضوع النزاع ولارتفع الخلاف، ويمكن أن تخريج الدارقطني له [ إنما هو] في " الأفراد " لأنه لا وجود له في " سننه ". والله أعلم ". والحديث أورده العجلوني في " كشف الخفاء " (2/282/2630) وقال: " رواه الرافعي في " تاريخه " عن علي ". كذا قال فلم يصنع شيئا بسكوته عنه، وذلك لعدم علمه بحاله! ومثله يتكرر منه كثيرا في هذا الكتاب الذي تمام اسمه ينبىء عن موضوعه: " ... ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس "! فإن هذا الحديث مع شهرته ولهج القبوريين به، لم يتبين للشيخ حاله. وهو موضوع بشهادة الحافظين السخاوي والسيوطي. ولا يخدج على هذا أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الكبير " ( 2/298/1) من رواية الرافعي، ومنه نقله العجلوني! فإن جامعه هذا جمع فيه ما هب ودب، بخلاف كتابه الآخر " الجامع الصغير " فإنه ذكر في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع. ومع ذلك فإنه لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 يستطع القيام بهذا، فوقع فيه كثير من الموضوعات، كما يتبين لمن يتتبع ما ننشره في هذه " السلسلة " (1) ، أما هذا الحديث فقد وفق لصيانة كتابه منه. أحاديث في الزهد 1291 - " الزهادة في الدنيا تريح القلب والبدن ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (459) وابن عدي في " الكامل " (ق 23/2) والطبراني في " الأوسط " (6256 - بترقيمي) من طريق أشعث بن براز عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف. وأشعث بن براز ضعيف جدا، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك الحديث ". وضعفه متفق عليه. (وبراز) بضم الباء ثم راء ثم زاي، وتحرف على الحافظ الهيثمي فقال في " المجمع " (10/286) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه أشعث بن نزار، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، على ضعف في بعضهم ". هكذا وقع له " نزار "، وليس في الرواة " أشعث بن نزار " ولذلك لم يعرفه، فهو معذور، ولكن كيف نعلل قول المنذري في " الترغيب " (4/96) : " رواه الطبراني، وإسناده مقارب "؟ فهل نقول: إنه لم يعرفه أيضا، ثم أحسن الظن به، فقال في إسناده: " مقارب " ! أم نقول: إنه عرفه وأنه ابن براز المتروك؟ غالب الظن الأول، فإن ابن براز لا يمكن أن يقال   (1) وأبين من ذلك الرجوع إلى كتابي " ضعيف الجامع الصغير " وهو مطبوع في ثلاث مجلدات. اهـ. الحديث: 1291 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 في سند هو فيه: " مقارب " وقد اتهمه البخاري بقوله فيه: " منكر الحديث " كما هو معروف عنه. وأما ابن جدعان فهو خير منه بكثير، فمثله يحتمل أن يقال في إسناده: " مقارب " دون ابن براز. ولكن إن جاز ذلك فيهما، فكيف يجوز لهما أن يقولا ذلك في إسناد الطبراني، وفيه شيخه محمد بن زكريا الغلابي وهو وضاع عن يحيى بن بسطام وهو مختلف فيه، حتى قال أبو داود: " تركوا حديثه "؟ ! وللحديث شاهد مرسل، يرويه محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وزاد: ".. والرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن ". أخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 9/1) : حدثني الهيثم بن خالد البصري قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا محمد بن مسلم. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن مسلم وهو الطائفي وهو ضعيف لسوء حفظه. ثم رواه ابن أبي الدنيا (34/2) من طريق إبراهيم بن الأشعث عن الفضيل بن عياض يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره مثل حديث طاووس. قلت: وهذا مع كونه معضلا، فإبراهيم بن الأشعث فيه ضعف من قبل حفظه. وأخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 18/2) عن أبي عتبة أحمد بن الفرج قال : نا بقية بن الوليد عن بكر بن خنيس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا مثله ، وزاد: " والبطالة تقسي القلب ". وهذا إسناد ضعيف جدا، لضعف أحمد بن الفرج، وعنعنة بقية فإنه مدلس، وبكر ابن خنيس أورده في " الضعفاء " وقال: " قال الدارقطني: متروك ". ثم روى ابن أبي الدنيا (10/1) عن عبد الله الداري قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 " كان أهل العلم بالله عز وجل والقبول عنه يقولون.. " فذكره دون الزيادة الأخيرة. فهذا هو الصواب في الحديث أنه موقوف من قول بعض أهل العلم، رفعه بعض الضعفاء عمدا أوسهو ا. والله أعلم. 1292 - " أزهد الناس من لم ينس القبر والبلى، وترك أفضل زينة الدنيا، وآثر ما يبقى على ما يفنى، ولم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في الموتى ". ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 11/1 - 2) عن سليمان بن فروخ عن الضحاك بن مزاحم قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله من أزهد الناس؟ قال: من لم ينس ... قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي. قال الحافظ: " صدوق، كثير الإرسال ". وسليمان بن فروخ أورده ابن أبي حاتم (2/1/135) قائلا: " روى عنه أبو معاوية وقريش بن حبان العجلي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فأورده على قاعدته في " الثقات " (2/111) من رواية قريش عنه! والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي فقط في " الشعب " عن الضحاك مرسلا. وقال المناوي في " الفيض ": " رمز لضعفه ". وقال في " التيسير ": " وإسناده ضعيف ". الحديث: 1292 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 1293 - " ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا ". موضوع رواه أبو يعلى في " مسنده " (98/1 - 2) عن سليمان الشاذكوني: حدثنا الحديث: 1293 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 إسماعيل ابن أبان: حدثنا علي بن الحزور قال: سمعت أبا مريم يقول: سمعت عمار بن ياسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: هذا إسناد هالك مسلسل بالعلل السوداء! 1 - أبو مريم وهو الثقفي. قال الحافظ: " مجهول ". 2 - علي بن الحزور. قال: " متروك شديد التشيع ". 3 - إسماعيل بن أبان وهو الغنوي الخياط الكوفي. قال الحافظ: " متروك رمي بالوضع ". 4 - سليمان الشاذكوني وهو ابن داود. متهم بالوضع والكذب في الحديث. أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين: كان يكذب. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: متروك ". ومن هذا البيان والنقد تعلم تقصير الهيثمي حين قال في " مجمع الزوائد " ( 10/286) : " رواه أبو يعلى، وفيه سليمان الشاذكوني وهو متروك "! وأشار المنذري في " الترغيب " (4/96) إلى تضعيفه! 1294 - " يا عائشة! إن أردت اللحوق بي، فليكفك من الدنيا كزاد الركب، ولا تستخلقي ثوبا حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء ". ضعيف جدا أخرجه الترمذي (1/329) وابن سعد في " الطبقات " (8/1/52) وابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 10/2) والحاكم (4/312) وابن عدي في " الكامل " (ق 198/1) والبغوي في " شرح السنة " (3/307/1) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن صالح بن حسان عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعا. وقال الترمذي: الحديث: 1294 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 " هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان وسمعت محمدا (يعني البخاري) يقول: هو منكر الحديث ". وقال ابن عدي: " صالح بن حسان بعض أحاديثه فيه إنكار، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". قلت: وقول البخاري المتقدم فيه يشعر أنه في منتهى الضعف عنده، على ما عرف من اصطلاحه في هذه الكلمة. ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". ولذلك فقد أخطأ الحاكم خطأ فاحشا حين قال: " هذا حديث صحيح الإسناد "! واغتر به الفقيه الهيتمي، فصححه في كتابه " أسنى المطالب في صلة الأقارب " (ق 41/1) ولم يدر أن الذهبي قد تعقبه بقوله: " قلت: الوراق عدم ". وهو كما قال، لكن الوراق لم يتفرد به فيما يبدو، فقد رأيت الحديث في " أحاديث محمد بن عاصم " لعبد الغني المقدسي (ق 152/1) من طريق أبي يحيى الحماني: حدثنا صالح بن حسان به. وأبو يحيى اسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطىء من رجال الشيخين، فهو خير بكثير من مثل الوراق، فإعلال الذهبي الحديث به دون حسان مما لا يخفى ما فيه! وقال المنذري في " الترغيب " (4/98) : " رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من طريقه وغيرها كلهم من رواية صالح بن حسان وهو منكر الحديث عن عروة عنها. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، وذكره رزين، فزاد فيه: قال عروة: فما كانت عائشة تستجد ثوبا حتى ترقع ثوبها وتنكسه، ولقد جاءها يوما من عند معاوية ثمانون ألفا فما أمسى عندها درهم، قالت لها جاريتها: فهلا اشتريت لنا منه لحما بدرهم؟ قالت: لوذكرتني لفعلت ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 1295 - " من تواضع لله رفعه الله، وقال: انتعش رفعك الله، فهو في نفسه صغير، وفي أعين الناس عظيم، ومن تكبر خفضه الله، وقال: اخسأ خفضك الله، فهو في نفسه كبير، وفي أعين الناس صغير، حتى يكون أهو ن عليهم من كلب ". موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم 8472) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (7/129) والحسن بن علي الجوهري في " مجلس من الأمالي " (ق 66/2) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2/110) من طريق سعيد بن سلام العطار: حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " يا أيها الناس تواضعوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... " فذكره. وقال الطبراني وأبو نعيم والخطيب واللفظ لهما: " غريب من حديث الثوري تفرد به سعيد بن سلام ". قلت: وهو كذاب كما في " المجمع " (8/82) وعزاه للطبراني في " الأوسط ". وسكت عليه المنذري (4/15) فأساء. الحديث: 1295 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 1296 - " ائتوا المساجد حسرا ومقنعين، فإن ذلك من سيما (وفي لفظ: فإن العمائم تيجان) المسلمين ". موضوع رواه ابن عدي (ق 338/2) عن مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى الجزار باللفظ الأول، وعن عبد الرحمن بن أبي ليل باللفظ الآخر عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال: " ومبشر هذا بين الأمر في الضعف، وعامة ما يرويه غير محفوظ ". قلت: قال الإمام أحمد: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (3/30) : الحديث: 1296 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 " يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ". قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورده فيه من رواية ابن عدي باللفظ الأول، وأورده في " الجامع الكبير " باللفظ الآخر من رواية ابن عدي وابن عساكر، وقد أخرجه هذا في جزء " أربعين حديثا في الطيلسان " (ق 54/1 رقم الحديث 28) ، من طريق مبشر هذا. ولم يتنبه المناوي لهذا، فإنه بعد أن أعل اللفظ الأول بأن فيه مبشر بن عبيد وقال نقلا عن العراقي أنه متروك قال: " ومن ثم رمز المؤلف لضعفه، لكن يشهد له ما رواه ابن عساكر بلفظ ... ". فذكره باللفظ الآخر! ومداره كالأول على ذاك الوضاع. وخفي هذا على اللجنة القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فنقلوا كلام المناوي هذا وأقروه! فهكذا فليكن التحقيق، ومن لجنة من العلماء المتخصصين كما قال الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار في تقديمه للكتاب (1/1/3) وليس من محقق واحد! ! ومع أن المناوي أفاد عن العراقي أن مبشرا متروك كما تقدم وذلك يعني أن الإسناد ضعيف جدا، فإنه لم يلتزم ذلك فإنه قال في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " الذي هو كالمختصر لـ " فيض القدير " له: " رواه ابن عدي عن علي أمير المؤمنين بسند ضعيف "! ولعل ذلك كان بسبب ما توهمه من الشاهد المزعوم، فالله المستعان، ومن عصمه فهو المعصوم. 1297 - " لتقاتلن المشركين حتى تقاتل بقيتكم الدجال، على نهر بالأردن، أنتم شرقيه، وهم غربيه، وما أدري أين الأردن يؤمئذ من الأرض ". ضعيف أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (7/422) وابن أبي خيثمة في " التاريخ " (2/206 - مصورة الجامعة الإسلامية) وابن أبي عاصم في " الآحاد " (265/2 الحديث: 1297 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 - مصورة الجامعة أيضا) والبزار في " مسنده " (4/138 - كشف الأستار) والطبراني في " مسند الشاميين " (ص 123 - الجامعة) وأحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي في " الأفراد والغرائب " (6/256/1) وابن منده في " المعرفة " (2/201/2) والديلمي في " مسند الفردوس " (4/186) من طرق عن محمد بن أبان القرشي عن يزيد بن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن نهيك بن صريم السكوني مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن أبان القرشي قال الذهبي في " الميزان ": " ضعفه أبو داود وابن معين، وقال البخاري: ليس بالقوي ". ووافقه العسقلاني في " اللسان " ونقل تضعيفه عن أئمة آخرين منهم ابن حبان، ونص كلامه في " الضعفاء والمتروكين " (2/260) : " كان ممن يقلب الأخبار، وله الوهم الكثير في الآثار ". وأما قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (7/349) : " رواه الطبراني والبزار، ورجال البزار ثقات ". وأقره الشيخ الأعظمي في تعليقه على " كشف الأستار " وذلك من أوهامهما، فإنه عند البزار من طريق محمد بن أبان القرشي أيضا. وفي اعتقادي أن سبب الوهم هو أنهما ظنا أنه محمد بن أبان بن وزير البلخي وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري، وليس به. كتبت هذا لما كثر السؤال عنه بمناسبة احتلال اليهود للضفة الغربية من الأردن أو حزيران الماضي سنة 1967 م، أخزاهم الله وأذلهم، وطهر البلاد منهم ومن أعوانهم. 1298 - " أبشر فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله ". منكر رواه الحاكم (2/12) عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن طلحة عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة عن عمه اليسع بن المغيرة قال: الحديث: 1298 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل بالسوق يبيع طعاما بسعر هو أرخص من سعر السوق، فقال: تبيع في سوقنا بسعر هو أرخص من سعرنا؟ قال: نعم. قال: صبرا واحتسابا؟ قال: نعم. قال: فذكره. سكت عليه الحاكم! وقال الذهبي: " قلت: خبر منكر، وإسناد مظلم ". وأعله الحافظ العراقي بقوله في " تخريج الإحياء " (4/189) : " وهو مرسل ". قلت: بل هو معضل، فإن اليسع هذا يروي عن عطاء بن أبي رباح وابن سيرين، ثم هو مع إرساله قال أبو حاتم فيه: " ليس بالقوي ". وقال الحافظ: " لين الحديث ". وعبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة لم أجد من ذكره، ولعله من أجل ذلك وصف الذهبي إسناده بأنه مظلم! وأما محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن طلحة، ففي الرواة محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة التيمي، فلعله هو ولكن تحرف على بعض النساخ أوالرواة لفظ (ابن) إلى (عن) . والله أعلم، وقد قال الذهبي فيه: " وثق ". وقال أبو حاتم: " لا يحتج به ". ثم رأيت ما يشهد لما قلته من التحريف، وهو أن الحافظ المزي ذكر في ترجمة محمد ابن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة أنه روى عنه إسماعيل بن أبي أويس. وهذا الحديث من روايته عنه كما ترى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 1299 - " إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات.. ". ضعيف أخرجه البخاري (6478 فتح) وأحمد (2/334) والمروزي في " زوائد الزهد " ( 4393) والبيهقي في " الشعب " (2/67/1) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: سوء حفظ عبد الرحمن هذا مع كونه قد احتج به البخاري، فقد خالفوه وتكلموا فيه من قبل حفظه، وليس في صدقه. 1 - قال يحيى بن معين: " حدث يحيى القطان عنه، وفي حديثه عندي ضعف ". رواه العقيلي في " الضعفاء " (2/339/936) ، وابن عدي في " الكامل " (4/1607 ) . 2 - قال عمرو بن علي: لم أسمع عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) يحدث عنه بشيء قط. رواه ابن عدي. 3 - وقال أبو حاتم: " فيه لين، يكتب حديثه ولا يحتج به ". رواه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/4/254) . 4 - قال ابن حبان في " الضعفاء " (2/51) : " كان ممن ينفرد عن أبيه بما لا يتابع عليه مع فحش الخطأ في روايته، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، كان يحيى القطان يحدث عنه، وكان محمد بن إسماعيل البخاري ممن يحتج به في كتابه ويترك حماد بن سلمة ". 5 - وقال ابن عدي في آخر ترجمته بعد أن ساق له عدة أحاديث: " بعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء ". الحديث: 1299 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 6 - وقال الدارقطني: " خالف فيه البخاري الناس، وليس بمتروك ". 7 - وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " وثق، وقال ابن معين: في حديثه ضعف ". وتبنى في " الكاشف " قول أبي حاتم في تليينه. 8 - ولخص هذه الأقوال ابن حجر في " التقريب " فقال: " صدوق يخطىء ". ولا يخالف هؤلاء قول ابن المديني: " صدوق ". وقول البغوي: " صالح الحديث " ، لأن الصدق لا ينافي سوء الحفظ. وأما قول البغوي فشاذ مخالف لمن تقدم ذكرهم فهم أكثر وأعلم، وكأنه لذلك لم يورده الحافظ في ترجمة عبد الرحمن هذا من " مقدمة الفتح " (ص 417) بل ذكر قول الدارقطني وغيره من الجارحين، ولم يستطع أن يرفع من شأنه إلا بقوله: " ويكفيه رواية يحيى القطان عنه ". وقد ساق له حديثا (ص 462) مما انتقده الدارقطني على البخاري لزيادة تفرد بها ، فقال الدارقطني: " لم يقل هذا غير عبد الرحمن، وغيره أثبت منه وباقي الحديث صحيح ". ولم يتعقبه الحافظ بشيء بل أقره فراجعه إن شئت. وبالجملة فضعف هذا الراوي بعد اتفاق أولئك الأئمة عليه أمر لا ينبغي أن يتوقف فيه باحث، أويرتاب فيه منصف. وإن مما يؤكد ذلك ما يلي: والأخرى: مخالفة الإمام مالك إياه في رفعه، فقال في " موطئه " (3/149) : عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال: فذكره موقوفا عليه وزاد: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 " في الجنة ". فرواية مالك هذه موقوفا مع هذه الزيادة يؤكد أن عبد الرحمن لم يحفظ الحديث فزاد في إسناده فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونقص من متنه ما زاده فيه جبل الحفظ الإمام مالك رحمه الله تعالى. وثمة دليل آخر على قلة ضبطه أن في الحديث زيادة شطر آخر بلفظ: " وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهو ي بها في جهنم ". فقد أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال: ".. ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ". وعند الترمذي وحسنه بلفظ: ".. لا يرى بها بأسا يهو ي بها سبعين خريفا في النار ". وقد خرجت هذه الطريق الصحيحة مع شاهد لها في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " برقم (540) . ثم خرجت له شاهدا من غير حديث أبي هريرة برقم (888) . وبعد فقط أطلت الكلام على هذا الحديث وراويه دفاعا عن السنة ولكي لا يتقول متقول، أويقول قائل من جاهل أوحاسد أومغرض: إن الألباني قد طعن في " صحيح البخاري " وضعف حديثه، فقد تبين لكل ذي بصيرة أنني لم أحكم عقلي أورأيي كما يفعل أهل الأهواء قديما وحديثا، وإنما تمسكت بما قاله العلماء في هذا الراوي وما تقتضيه قواعدهم في هذا العلم الشريف ومصطلحه من رد حديث الضعيف، وبخاصة إذا خالف الثقة. والله ولي التوفيق. 1300 - " آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة ". ضعيف رواه الترمذي (2/326) وابن حبان (1041) وأبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (68 - 69) عن سلم بن جنادة قال: حدثني أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذي: الحديث: 1300 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث جنادة عن هشام بن عروة، قال: تعجب محمد بن إسماعيل من حديث أبي هريرة هذا ". وقال المناوي في " فيض القدير ": " رمز المصنف لضعفه، وهو كما قال، فإن الترمذي ذكر في " العلل " أنه سأل عنه البخاري؟ فلم يعرفه، وجعل يتعجب منه، وقال: كنت أرى أن جنادة هذا مقارب الحديث انتهى. وقد جزم بضعف جنادة المذكور جمع منهم المزي وغيره ". قلت: وفي " التهذيب ": " قال أبو زرعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث؛ ما أقربه من أن يترك حديثه، عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر. وذكره ابن حبان في " الثقات ". قلت: وقال الساجي: حدث عن هشام بن عروة حديثا منكرا ". قلت: ولعله يعني هذا. ثم ذكر أنه وثقه ابن خزيمة أيضا، وكأن ابن حبان أخذ توثيقه عنه فإنه شيخه، وهما متساهلان في التوثيق، كما هو معلوم عند أهل العلم والتحقيق، فتضعيف من ضعفه أولى بالاعتماد منهما. 1301 - " طلب الحلال جهاد، وإن الله يحب المؤمن المحترف ". ضعيف أخرجه محمد بن مخلد في " فوائده " من طريق ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. وكذا رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (9/2/89/2) وكتب بعض الحفاظ وأظنه ابن المحب، كتب على الهامش بجانبه: " ساقط ". قلت: وعلته ليث وهو ابن أبي سليم، ضعيف كان اختلط. ومن طريقه أخرج الشطر الأول منه ابن عدي في " الكامل " (312/1) لكنه جعله من مسند ابن عمر. وهو رواية لابن مخلد بالشطر الثاني فقط. وكذلك أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2/128) وقال عن أبيه: الحديث: 1301 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 " هذا حديث منكر ". وللشطر هذا طريق أخرى عن ابن عمر أخرجه ابن عدي (24/1) من طريق أبي الربيع السمان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عنه. وكذلك أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/193/2) وفي " الأوسط " (رقم - 9097 ) والباغندي في " حديث شيبان وغيره " (190/1) وقال الطبراني: " لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو الربيع ". قلت: واسمه أشعث بن سعيد السمان وهو متروك كما في " التقريب ". ومن هذا التخريج يتبين تقصير الهيثمي بإعلاله الحديث بعاصم فقط! قال في " المجمع " (4/62) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف "! وإن كان لابد من الاقتصار في الإعلال على أحدهما فإعلاله بأبي الربيع أولى لأنه أضعف الرجلين. وقد ساق الذهبي الحديث في ترجمته في جملة ما أنكر عليه من الأحاديث. 1302 - " آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء ". موضوع رواه الطبراني في " الكبير " (2688) والقضاعي في " مسند الشهاب " (8/2) عن محمد بن عبد الله أبو رجاء الحبطي عن أبي إسحاق عن الحارث أن عليا رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعا. ثم رواه هو وأبو بكر الأبهري في " الفوائد المنتقاة " (ق 136/2 - 138/2) عن حماد بن عمرو النصيبي أبي إسماعيل عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي به وزاد: الحديث: 1302 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 " وآفة الظرف الصلف، وآفة الجود السرف، وآفة الدين الهو ى ". قلت: وكتب أحد المحدثين - وأظنه ابن المحب - على الهامش أنه حديث موضوع. قلت: وذلك لظهو ر الصنع والوضع في متنه، وآفته الحارث؛ وهو الأعور الهمداني ضعيف متهم. وفي الطريق الأخرى النصيبي وهو وضاع. والسري بن خالد مجهول. وأخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/77) من طريق ابن لال عن محمد بن بكير الحضرمي حدثنا الحسن بن عبد الحميد الكوفي عن أبيه عن جعفر بن محمد به. والحسن هذا متهم، قال الذهبي: " لا يدرى من هو، روى عنه محمد بن بكير حديثا موضوعا في ذكر علي عليه السلام ". وكذا في " اللسان ". والحديث من أحاديث " الجامع الصغير " الموضوعة وما أكثرها فيه، فكن على ذكر منها وحذر. 1303 - " آفة العلم النسيان، وإضاعته أن تحدث به غير أهله ". ضعيف رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (222/1) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (24/2) عن علي بن الحسين قال: حدثنا أبو داود عن الأعمش قال: كان يقال: فذكره ولم يرفعه. قلت: والوقف أصح، والمرفوع ضعيف معضل. الحديث: 1303 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 1304 - " آل محمد كل تقي ". ضعيف جدا وهو من حديث أنس، وله عنه ثلاث طرق: الحديث: 1304 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 الأولى: عن نافع أبي هرمز قال: سمعت أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله من آل محمد؟ قال: كل تقي. أخرجه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (2/19/2) وأبو الشيخ في " عواليه " (2/34/1) وتمام في " الفوائد " (239/2) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (149/1) وكذا العقيلي في " الضعفاء " (435) وقال: " لا يتابع عليه - يعني أبا هرمز - الغالب على حديثه الوهم ". قلت: قال الذهبي في " الميزان ": " ضعفه أحمد وجماعة، وكذبه ابن معين مرة، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة ". ثم ساق له هذا الحديث. الثانية: قال أبو بكر الشافعي: حدثنا محمد بن سليمان: حدثنا أبو نعيم: حدثنا مصعب بن سليم الزهري قال: سمعت أنس بن مالك به. قلت: وهذا إسناد واه جدا، رجاله ثقات، رجال مسلم غير محمد بن سليمان هذا وهو ابن هشام أبو جعفر الخزاز المعروف بابن بنت مطر الوراق، وهو متهم. قال الذهبي: " ضعفوه بمرة. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي: يوصل الحديث ويسرق ". ثم ساق له أحاديث من أكاذيبه! الثالثة: عن نعيم بن حماد: حدثنا نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك به وزاد: " إن أولياؤه إلا المتقون ". أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 63) وقال: " تفرد به نعيم ". قلت: وهو ضعيف. لكن شيخه نوح بن أبي مريم كذاب فهو آفته. لكن تابعه محمد بن مزاحم: حدثنا النضر بن محمد الشيباني عن يحيى بن سعيد به. أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/75) وسكت عنه الحافظ في مختصره، ومحمد بن مزاحم وهو أخوالضحاك بن مزاحم؛ متروك الحديث كما قال أبو حاتم، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 وشيخه النضر بن محمد الشيباني لم أعرفه. وجملة القول أن الحديث ضعيف جدا، لشدة ضعف رواته وتجرده من شاهد يعتبر به. 1305 - " أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة ". ضعيف أخرجه الترمذي (3/346 - تحفة) وابن ماجه (2/587) قالا: حدثنا عباس بن محمد الدوري البغدادي، وابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 9/1) حدثني أبو الفضل مولى بني هاشم قالا: نا يحيى بن أبي بكير: نا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي وحده: " حدثنا سويد بن نصر أنا عبد الله عن شريك عن عاصم عن أبي صالح أورجل آخر عن أبي هريرة نحوه، ولم يرفعه وحديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح، ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك ". قلت: يحيى هذا ثقة محتج به في الصحيحين، فلا مجال للغمز منه، ولا سيما وفوقه شريك وهو ابن عبد الله النخعي القاضي وهو سيء الحفظ كما مر في هذه السلسلة مرارا، فهو علة الحديث، ويؤكد ذلك اضطرابه فيه فتارة يرفعه وأخرى يوقفه، وتارة يجزم في إسناده فيقول: عن أبي صالح، وتارة يشك فيه فيقول: " عن أبي صالح أوعن رجل آخر "، وذلك من علامات قلة ضبطه وسوء حفظه فلا جرم ضعفه أهل العلم والمعرفة بالرجال، فالحديث ضعيف مرفوعا وموقوفا. نعم قد صح بعضه عن أبي هريرة موقوفا، أخرجه مالك في " الموطأ " (3/156) عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: " أترونها حمراء كناركم هذه؟ لهي أسود من القار. والقار الزفت ". الحديث: 1305 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ولولا أنه يحتمل أن يكون من الإسرائيليات لقلت - كما قال غيري - إنه في حكم الموضوع. والله أعلم. والحديث قال ابن كثير في تفسيره (4/544) بعد أن ذكره من المصدرين السابقين: " وقد روي هذا من حديث أنس، وعمر بن الخطاب ". قلت: حديث أنس ضعيف الإسناد، ومع ذلك فهو مختصر ليس فيه إلا الجملة الأخيرة منه في حديث آخر بلفظ: " ونار جهنم سوداء مظلمة ". قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/388) : " رواه البزار، ورجاله ضعفاء على توثيق لين فيهم ". قلت: فيه تساهل ظاهر، فإن من رجاله زائد بن أبي الرقاد كما تبين من الرجوع إلى " كشف الأستار " (3489) . وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال البخاري: منكر الحديث ". وأما حديث عمر فواه جدا، بل آثار الوضع عليه لائحة فلابد من ذكره على طوله، وهو الآتي بعده. هذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي ضخم بها الشيخ الصابوني الحلبي كتابه " مختصر تفسير ابن كثير " (3/670) وما كنت لأهتم بذلك لولا أنه تشبع بما لم يعط وزعم في مقدمته أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وواقع الكتاب يكذبه. وقد كنت بينت ذلك بيانا شافيا، مع بعض الأمثلة في مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة "، وهذا الحديث من الأمثلة الجديدة على ذلك، وتقدم غيره. ثم اطلعت على " مختصر تفسير ابن كثير " للشيخ نسيب الرفاعي الحلبي، فإذا به قد سبق ابن بلده إلى هذا الزعم الكاذب في مقدمته، وأخل به كإخلاله أوأشد، فقد زاد عليه في التشبع بما لم يعط: أنه وضع في آخر كل مجلد فهرسا لأحاديثه صدر كل حديث منها بذكر مرتبته بقوله: " صح "، " حسن " وأحيانا " مرسل " " ض " كل ذلك بمحض رأيه غير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 مستند في ذلك إلى عالم بهذا الفن حتى ولا إلى ابن كثير نفسه ، ولا مجال الآن لضرب الأمثلة، وقد مر شيء منها، ثم إني أذكر أنني خرجت مثالا واحدا منها صححه بجهل بالغ، وفي إسناده عند ابن كثير من قال فيه ابن معين: كذاب يضع الحديث، وسيأتي هذا الحديث برقم (5655) بإذن الله تعالى. كتبت هذا نصحا للقراء وتحذيرا، والله المستعان من المتاجرين بادعاء العلم في آخر الزمان. 1306 - " يا جبريل مالي أراك متغير اللون؟ فقال: ما جئتك حتى أمر الله عز وجل بمفاتيح النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم، فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شررها، ولا يطفأ لهبها ، والذي بعثك بالحق لوأن ثوبا من ثياب النار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره، والذي بعثك بالحق لوأن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه، والذي بعثك بالحق لوأن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لا رفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي فأموت قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي، فقال: تبكي يا جبريل؟ وأنت من الله بالمكان الذي أنت به! قال: ومالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء لعلي أن أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها، وما أدري لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به إبليس، فقد كان من الحديث: 1306 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 الملائكة، وما يدريني لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت، قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام، فما زالا يبكيان حتى نوديا: أن يا جبريل ويا محمد: إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصيا. فارتفع جبريل عليه السلام، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون، فقال: أتضحكون ووراءكم جهنم؟ ! لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولما أسغتم الطعام والشراب، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل. فنودي : يا محمد: لا تقنط عبادي، إنما بعثتك ميسرا، ولم أبعثك معسرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا، وقاربوا ". موضوع بهذا السياق والتمام أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 9/1) والطبراني في المعجم الأوسط (2750 - بترقيمي لمصورة الجامعة الإسلامية) عن سلام الطويل عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن عدي بن عدي الكندي قال: قال: عمر بن الخطاب: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وقال الطبراني: " لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به سلام ". قلت: وقال الهيثمي (10/386 - 387) بعد ما عزاه للطبراني: " وهو مجمع على ضعفه ". قلت: وقد اتهمه غير واحد بالكذب والوضع كما تقدم غير ما مرة، وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين ": " يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها ". قلت: وفي هذا الحديث ما يؤكد ما اتهموه به أعظمها قوله في إبليس: " كان من الملائكة " وهذا خلاف القرآن: " وكان من الجن ففسق عن أمر ربه ". ثم إن الملائكة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 خلقت من نور كما في " صحيح مسلم "، وهو مخرج في " الصحيحة " (458) ، وأما إبليس فخلق من نار كما في القرآن والحديث. ونحوه قوله: " ما ابتلي به هاروت وماروت، فإنه يشير إلى ما يروى من قصتهما مع الزهرة ومراودتهما إياها وشربهما الخمر وقتلهما الصبي، وهي قصة باطلة مخالفة للقرآن أيضا كما سبق بيانه في المجلد الأول برقم (170) . ولا يفوتني التنبيه أن قوله: " لوتعلمون ... " إلى قوله: " تجأرون إلى الله عز وجل " قد جاء طرفه الأول في " الصحيحين "، والباقي عند الحاكم وغيره، فانظر الحديث الآتي إن شاء الله برقم (4354) . وتخريج " فقه السيرة " (ص 479) . 1307 - " استعيذوا بالله من المغاقر، قيل: وما المغاقر؟ قال: الإمام الجائر الذي إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يتجاوز، ومن جار السوء الذي عينه تراك وقلبه يرعاك، وإن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرا أذاعه ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 174/1) عن أحمد بن إسماعيل المدني: حدثنا سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " وهذا أخاف أن يكون البلاء فيه من أحمد بن إسماعيل المدني، وهو الذي يقال له: أبو حذافة، ضعيف جدا، لا من سعد بن سعيد ". وتعقبه الذهبي بقوله في أحمد هذا في " الميزان ": " لم ينقم على أبي حذافة متن، بل إسناد، ولم يكن ممن يتعمد ". يعني الكذب. قلت: فالأرجح أن آفة هذا الحديث هو أخوسعد هذا المذكور في الإسناد، واسمه عبد الله بن سعيد المقبري فقد قال فيه يحيى بن سعيد: " استبان لي كذبه في مجلس ". وقال الذهبي: " ساقط بمرة ". الحديث: 1307 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعا نحوه، وإسناده ضعيف جدا أيضا، وسيأتي بيان ذلك برقم (3412) . 1308 - " من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ووجبت له الجنة ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة كتب الله له ألف حسنة وأربعا وعشرين حسنة، قالوا: يا رسول الله إذا لا يهلك منا أحد؟ قال: بلى، إن أحدكم ليجيء بالحسنات لو وضعت على جبل أثقلته، ثم تجيء النعم، فتذهب بتلك، ثم يتطاول الرب بعد ذلك برحمته ". موضوع أخرجه الحاكم (4/251) من طريق أحمد بن شريح أنبأ محمد بن يونس السامي (1) . حدثنا يحيى بن شعبة بن يزيد: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " صحيح الإسناد شاهد لحديث سليمان بن هرم ". قلت: ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامه، فإن يحيى بن شعبة بن يزيد، وأحمد ابن شريح لم أجد لهما ترجمة. ومحمد بن يونس؛ هو الكديمي، وهو واه جدا، اتهمه غير واحد بالكذب والوضع، فأنى لحديثه الصحة، ولا سيما من فوقه ومن دونه مجهول.   (1) الأصل (اليمامي) والتصحيح من " التهذيب " و" تاريخ الخطيب " و" المشتبه " للذهبي. اهـ الحديث: 1308 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 1309 - " ثلاثون خلافة نبوة، وثلاثون نبوة وملك، وثلاثون ملك وتجبر، وما وراء ذلك فلا خير فيه ". ضعيف أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " (2/361) والطبراني في " المعجم الأوسط " (9424 - بترقيمي) من طريق مطر بن العلاء الفزاري قال: حدثنا عبد الملك بن يسار الثقفي قال: حدثني أبو أمية الشعباني - وكان قد أدرك الجاهلية - قال: حدثني معاذ بن جبل مرفوعا، واللفظ ليعقوب، وليس عند الطبراني الثلاثون الأولى الحديث: 1309 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 وقال: " لا يروى عن أبي أمية إلا بهذا الإسناد، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن ". قلت: هو ثقة، لكن شيخه مطر بن العلاء الفزاري شبه مجهول، لم يذكروا له راويا غير سليمان هذا، وقال ابن أبي حاتم (4/1/289) عن أبيه: " هو شيخ ". وترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (16/295 - 296) ولم يذكر فيه سوى قول أبي حاتم هذا. وأما ابن حبان فذكره في تبع أتباع التابعين من " ثقاته " ( 9/189) . ولم يقف الهيثمي له على ترجمة فقال (5/190) بعد أن عزاه لأوسط الطبراني: " وفيه مطر بن العلاء الرملي ولم أعرفه، وبقية رجاله الثقات ". وفي الإسناد علة أخرى، وهي أبو أمية الشعباني واسمه (يحمد) وهو مجهول الحال كما يبدو من ترجمته في " التهذيب "، فإنه ذكره من رواية ثلاثة عنه غير معروفين: عمرو بن جارية اللخمي، وعبد الملك بن سفيان الثقفي، وعبد السلام ابن مكلبة، ولم يوثقه غير ابن حبان ذكره (5/558) من رواية الأول فقط عنه، وفي " التقريب ": " مقبول ". والأول منهم لم يوثقه أيضا غير ابن حبان (7/218) ، وقال فيه الحافظ: " مقبول ". وبيض له الذهبي في " الكاشف ". والثاني عبد الملك بن سفيان الثقفي لم أجد له ترجمة ولا في " ثقات ابن حبان ". والثالث عبد السلام بن مكلبة لم أجده إلا برواية واحد عنه عند ابن أبي حاتم (3/1/47) فقط. ثم إن في متن الحديث نكارة من وجوه أهمها قوله في آخره: " وما وراء ذلك فلا خير فيه "، فإنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بعد أن ذكر الملك الجبري: " ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت ". وهو مخرج في " الصحيحة " (5) . 1310 - " أفضل الأعمال الحب في الله، والبغض في الله ". ضعيف أخرجه أبو داود (4599) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن الحديث: 1310 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 رجل عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسهم فهو مجهول. وأيضا فإن يزيد ابن أبي زياد وهو القرشي الهاشمي مولاهم الكوفي ضعيف لسوء حفظه. وسيأتي من رواية أحمد بلفظ: " أحب الأعمال ... " (1833) . 1311 - " مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله ". ضعيف أخرجه أحمد (5/242) والبزار (رقم - 2 كشف الأستار) عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البزار: " شهر لم يسمع من معاذ ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، شهر ضعيف لسوء حفظه، ثم إنه منقطع بين شهر ومعاذ، كما أفاده البزار. وإسماعيل بن عياش ثقة، ولكنه ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن شيخه ابن أبي حسين مكي. الحديث: 1311 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 1312 - " جاءني جبريل فقال: يا محمد! إذا توضأت فانتضح ". منكر أخرجه الترمذي (1/71/50) وابن ماجه (1/157/463) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 85) من طريق الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة: " أن جبريل عليه السلام علم النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء فقال.. " فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث غريب. وسمعت محمدا (يعني: البخاري) يقول: الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث ". قلت: وهو متفق على تضعيفه. وقال العقيلي: " لا يتابع عليه من هذا الوجه، وقد روي بغير هذا الإسناد بإسناد صالح ". الحديث: 1312 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 قلت: وكأنه يعني ما رواه ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن عروة قال: حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علمني جبرائيل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد الوضوء ". أخرجه ابن ماجه (رقم 462) والبيهقي (1/161) وأحمد (4/161) من طرق عن ابن لهيعة به، والسياق لابن ماجه، وسياق الآخرين ليس فيه الأمر بالنضح، وإنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم، وكأن هذا الاختلاف، إنما هو من ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ، وقد تابعه على رواية الفعل رشدين بن سعد إلا أنه خالفه في السند فقال: عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد أن جبريل عليه السلام.. الحديث نحوه من فعله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 41) وأحمد (5/203) وليس في سنده " وقرة ". فالحديث الفعلي حسن بمجموع الطريقين عن عقيل، واختلاف ابن لهيعة وابن سعد في إسناده لا يضر لأنه على كل حال مسند، فإن أسامة بن زيد صحابي كأبيه. وأما الحديث القولي فمنكر. والله أعلم. 1313 - " الرفث: الإعرابة والتعريض للنساء بالجماع، والفسوق: المعاصي كلها، والجدال: جدال الرجل صاحبه ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/102/2) : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح: نا سوار بن محمد بن قريش العنبري البصري: نا يزيد بن زريع: نا روح بن القاسم عن ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " قال: فذكره. وبهذا الإسناد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 174) في ترجمة سوار هذا ونسبه العنبري وقال: " ولا يتابع على رفع حديثه، بصري كان بمصر ". ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية قال: حدثنا روح بن القاسم به موقوفا وقال: الحديث: 1313 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 " هذا أولى ". وقال الذهبي في ترجمة سوار هذا: " محله الصدق، رفع حديثا فأخطأ ". يعني هذا الحديث، فقد ساقه الحافظ العسقلاني بعد كلمة الذهبي هذه، من طريق العقيلي، ونقل عنه ما حكيناه عنه آنفا. وأورده الضياء في " المختارة " (62/282/1) من طريق الطبراني به. ثم رواه من طريق سهل بن عثمان: حدثنا يزيد بن زريع به موقوفا. وهذا يؤكد خطأ سوار في رفعه لهذا الحديث. ثم رواه من طريق سفيان بن عيينة عن ابن طاووس به موقوفا، وقال: " أرى أن الموقوف أولى من المرفوع، وروى البخاري نحوهذا تعليقا ". 1314 - " ليس منا من خصى، أواختصى، ولكن صم ووفر شعر جسدك ". موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/117/1) عن معلى الجعفي عن ليث عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس قال: " شكى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم العزوبة؛ فقال: ألا أختصي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ليس منا.. ". قلت وهذا إسناد موضوع آفته المعلى هذا وهو ابن هلال الحضرمي ويقال: الجعفي الطحان الكوفي، وهو كذاب وضاع، شهد بذلك كبار الأئمة مثل السفيانين وابن المبارك وابن المديني وغيرهم، وقال الحافظ في " التقريب ": " اتفق النقاد على تكذيبه ". وبه أعله الهيثمي (4/254) وقال فيه: " متروك ". قلت: فيا عجبا للسيوطي كيف لم يخجل من تسويد كتابه " الجامع الصغير " بهذا الحديث؟ ! وليس هذا فحسب، بل قواه أيضا فيما زعم شارحه المناوي: الحديث: 1314 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 " ورواه البغوي في " شرح السنة " بسند فيه مقال، ورمز المصنف لحسنه "! ثم إنني أخشى أن يكون في عزوالمناوي إياه للبغوي شيء من الوهم، أوالتساهل، فقد روى البغوي حديثا آخر مطولا فيه الشطر الأول من هذا، من حديث عثمان بن مظعون، لا من رواية ابن عباس، وهو الذي في إسناده مقال كما كنت نقلته في تعليقي على " المشكاة " (724) . وأقول الآن بعد أن تم طبع كتاب البغوي: " شرح السنة "، فإنه أورده (2/370) من طريق رشدين بن سعد: حدثني ابن أنعم عن سعد بن مسعود أن عثمان بن مظعون أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذن لنا في الاختصاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من خصى ولا اختصى، إن اختصاء أمتي الصيام.. " الحديث فهذا الإسناد فيه علتان: الأولى: الإرسال، فإن سعد بن مسعود تابعي لم يدرك القصة ولم يسندها كما هو ظاهر، وقد خفيت هذه العلة على المعلق على " الشرح " فلم يتعرض لها بذكر. والثانية: ضعف رشدين وابن أنعم؛ واسمه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وقد سبق تضعيفهما أكثر من مرة. ومع ضعف إسناده فليس فيه الشطر الثاني من الحديث كما رأيت. ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين أن المناوي أخطأ مرتين: الأولى: أنه عزا حديث الترجمة للبغوي، والذي عنده حديث آخر متنا ومخرجا. والأخرى: أنه أقر السيوطي على رمزه - كما قال - له بالحسن، وكان اللائق به أن يتعقبه بأن فيه ذاك الكذاب الوضاع. على أنه لم يكتف بالإقرار المذكور، بل صرح في " التيسير " بأن إسناد الطبراني حسن! وقلده الغماري كما سبق في المقدمة (22 - 23) ! 1315 - " من سبح الله مائة بالغداة، ومائة بالعشي، كان كمن حج مائة مرة، ومن حمد الله مائة بالغداة، ومائة بالعشي، كان كمن حمل على مائة فرس في سبيل الله، أوقال: غزا مائة غزوة، ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة الحديث: 1315 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحد بأكثر مما أتى، إلا من قال مثلما قال، أوزاد على مثل ما قال ". ضعيف أخرجه الترمذي (2/259) من طريق أبي سفيان الحميري - هو سعيد بن يحيى الواسطي - عن الضحاك بن حمرة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " حديث حسن غريب ". قلت: بل هو ضعيف الإسناد منكر المتن في نقدي، فإن ابن حمرة بضم الحاء وفتح الراء ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " ولذلك تعقب الذهبي الترمذي بقوله: " وحسنه فلم يصنع شيئا ". 1316 - " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبل، فيغفرها لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ". منكر بهذا اللفظ تفرد به حرمي بن عمارة: حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه (يعني أبا موس الأشعري) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد آخره: " فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك ". أخرجه مسلم (8/105) من هذا الوجه، وأخرجه من طريق طلحة بن يحيى وعون بن عتبة وسعيد بن أبي بردة نحوه دون قوله: " ويضعها.. " وكذلك أخرجه أحمد ( 4/391) عن عون وسعيد، و (4/402) عن بريد وهو ابن عبد الله بن أبي بردة، و (4/407) عن عمارة ومحمد بن المنكدر، و (4/408) عن معاوية بن إسحاق، و (4/410) عن طلحة بن يحيى أيضا، كلهم قالوا: عن أبي بردة به نحوه دون قوله : " ويضعها.. " ومن ألفاظهم عند مسلم: " إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أونصرانيا فيقول: هذا فكاكك من النار ". هكذا رواه الجماعة عن أبي بردة دون تلك الزيادة، فهي عندي شاذة بل منكرة الحديث: 1316 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 لوجوه: أولا: أن الراوي شك فيها، وهو عندي شداد أبو طلحة الراسبي، أوالراوي عنه حرمي بن عمارة، ولكن هذا قد قال - وهو أبو روح -: " لا أدري ممن الشك " فتعين أنه الراسبي، لأنه متكلم فيه من قبل حفظه، وإن كان ثقة في ذات نفسه، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا. وقال العقيلي: له أحاديث لا يتابع عليها ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". وليس له في مسلم إلا هذا الحديث. قال الحافظ في " التهذيب ": " لكنه في الشواهد ". ثانيا: ولما كان قد تفرد بهذه الزيادة التي ليس لها شاهد في الطرق السابقة، وكان فيه ما ذكرنا من الضعف في الحفظ، فالقواعد الحديثية تعطينا أنها زيادة منكرة، كما لا يخفى على المهرة. ثالثا: أن هذه الزيادة مخالفة للقرآن القائل في غير ما آية: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ولذلك اضطر النووي إلى تأويلها بقوله: " معناه: أن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم، فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين، ولابد من هذا التأويل لقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى "، وقوله: " ويضعها " مجاز، والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم.. "! وأقول: لكن التأويل فرع التصحيح، وقد أثبتنا بهذا التخريج والتحقيق أن الحديث بهذه الزيادة منكر، فلا مسوغ لمثل هذا التأويل. وليس كذلك أصل الحديث فإنه صحيح قطعا، ومعناه كما قال النووي: " ما جاء في حديث أبي هريرة: لكل أحد منزل في الجنة، ومنزل في النار، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار، لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى ( فكاكك من النار) أنك كنت معرضا لدخول النار، وهذا فكاكك، لأن الله تعالى قدر عددا يملؤها، فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين ". والله أعلم. 1317 - " أتاني جبريل عليه السلام لثلاث بقين من ذي القعدة فقال: دخلت العمرة إلى الحج إلى يوم القيامة، فعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى ". ضعيف جدا رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (4/168/2) : حدثنا أحمد (يعني ابن عبد الله بن سيف) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى: حدثنا علي بن معبد: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عمرو بن عبيد عن أبي جمرة عن ابن عباس مرفوعا. وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/184/1) من طريق عبيد وهو المعتزلي قال ابن حبان: " كان يكذب في الحديث وهما لا تعمدا ". وفي " التقريب ": " اتهمه جماعة، مع أنه كان عابدا ". ويبدو أن المناوي لم يقف على علة الحديث، ولذلك لم يزد على قوله: " رمز المؤلف لحسنه "! ثم قلده في ذلك فقال في " التيسير ": " وهو حسن "! ومن أجل ذلك خرجته، ولما فيه من التأريخ. وأما الشطر الثاني من الحديث فصحيح ثابت من حديث جابر الطويل في " مسلم " وغيره، ومن حديث ابن عباس، وهما مخرجان في " الإرواء " (4/152 و201 - 203) . الحديث: 1317 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 1318 - " من صلى ركعتين لا يراه إلا الله عز وجل والملائكة كانت له براءة من النار ". الحديث: 1318 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 موضوع. رواه ابن عساكر (12/264/1) عن محمد بن مروان عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، محمد بن مروان وهو السدي الصغير، قال الذهبي: " تركوه، واتهمه بعضهم بالكذب ... ". وقال الحافظ: " متهم بالكذب ". وهذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه " مع الأسف، ومن الظاهر أن المناوي لم يقف على إسناد ابن عساكر، ولذلك لم يتعقبه بشيء، سوى أنه قال: " ورواه أيضا أبو الشيخ والديلمي، فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد ". وهذا التعقب ليس فيه كبير فائدة إلا لوكان من طريق أخرى، وهذا مما لم يبينه ، أولم يعلمه، وإلا لوجب أن يبينه، ولذلك بيض في " التيسير " له! 1319 - " إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم ". ضعيف أخرجه أبو داود (1/264) والحاكم (1/408 - 409) والضياء المقدسي في " المختارة " (67/112/1) من طريقين عن يحيى بن يعلى المحاربي: حدثنا أبي: حدثنا غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: " والذين يكنزون الذهب والفضة.. " قال: كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر رضي الله عنه: أنا أفرج عنكم، فانطلق، فقال: يا نبي الله! إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، فكبر عمر، ثم قال له: " ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأقره ابن كثير (2/351) . الحديث: 1319 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/36) : " سنده صحيح ". كذا قالوا، وفيه نظر عندي، أما كونه " على شرط الشيخين " فهو من الأوهام الظاهرة، لأن غيلان - وهو ابن جامع - ليس من رجال البخاري، وإنما روى له مسلم وحده. وأما كونه صحيحا، فهو ما يبدو لأول وهلة، ولكني قد وجدت له علة، وهي الانقطاع، فأخرجه الحاكم (2/333) من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي: حدثنا أبي: حدثنا غيلان بن جامع عن عثمان ابن القطان الخزاعي عن جعفر بن إياس به. وقال: " صحيح الإسناد ". وتعقبه الذهبي فقال: " قلت: عثمان لا أعرفه، والخبر عجيب ". وأقول: ورجال إسناده ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير إبراهيم بن إسحاق الزهري وهو ثقة كما قال الدارقطني، وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (6/25 - 26) وقال: " وكان ثقة خيرا فاضلا دينا صالحا، مات سنة (277) وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة ". قلت: فقد زاد في الإسناد بين غيلان وجعفر (عثمان) هذا فهي زيادة مقبولة، ولا سيما وقد توبع عليها كما يأتي، فوجب أن نعرف حاله، وقد رأيت قول الذهبي فيه آنفا: " لا أعرفه ". ولم يورده هو في " الميزان " ولا الحافظ في " اللسان ". فمن المحتمل أن يكون هو عثمان بن عمير أبو اليقظان الكوفي الأعمى المترجم في " التهذيب "، فقد أورد الحافظ ابن كثير (2/351) هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي: حدثنا حميد بن مالك: حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي: حدثنا أبي: حدثنا غيلان ابن جامع المحاربي عن عثمان بن أبي اليقظان عن جعفر به، وهكذا رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (ق 182/2 - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 183/1) نا الترقفي: نا يحيى بن يعلى به. ولا نعلم في الرواة " عثمان بن أبي اليقظان " فلعل لفظة (بن) زيادة من بعض النساخ سهو ا، والأصل: (عثمان أبي اليقظان) ، ويؤيده أن المناوي ذكر في " الفيض " أن الذهبي قال في " المهذب ": " فيه عثمان أبو اليقظان، ضعفوه ". قلت: و" المهذب " هذا للذهبي، وهو كالمختصر لـ " السنن الكبرى " للبيهقي، ولكنه يتكلم على أحاديثه تصحيحا وتضعيفا بأوجز عبارة، كما رأيت آنفا، فهو مثل " تلخيصه " على " المستدرك ". وهذا الحديث قد أخرجه البيهقي في " سننه " (4/83) من طريق الصفار: حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث فذكره فقال: " عثمان أبي اليقظان ". ثم ساقه من روايته عن شيخه الحاكم بإسناده من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري المتقدم.. وقال البيهقي: " فذكره بمثل إسناده، وقصر به بعض الرواة عن يحيى فلم يذكر في إسناده عثمان أبا اليقظان ". قلت: وفي قول البيهقي هذا فائدتان هامتان: الأولى: أن قول الحاكم في هذا الإسناد المتقدم: " عثمان بن القطان الخزاعي " هو من أخطائه الكثيرة التي وقعت في " مستدركه "، فحق للذهبي وغيره أن لا يعرفه، لأنه وهم لا حقيقة له. والأخرى: خطأ روايته الأولى التي ليس فيها ذكر لعثمان هذا، وأنه سقط من بعض الرواة، وعليه فتصحيح من صححه خطأ أيضا، كما هو ظاهر، فالحمد لله الذي وافق حكمي حكم الإمام البيهقي من حيث السقط، وأيد بكلامه الصريح الاحتمال المتقدم مني أن هذا الساقط هو عثمان بن عمير أبو اليقظان. ويؤيده قول الضياء عقب الحديث: " رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي وسليمان بن الشاذكوني عن يحيى بن يعلى بن الحارث عن أبيه عن غيلان بن جامع عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن جعفر بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 إياس ". قلت: فزاد في الإسناد (ابن عمير أبي اليقظان) ، فهذا يحملنا على الجزم بأن من قال فيه " عثمان بن القطان "، أوعثمان بن أبي اليقظان " فقد أخطأ. والخلاصة: أن علة الحديث عثمان بن عمير أبو اليقظان، وهو متفق على تضعيفه كما يشعر بذلك قول الذهبي المتقدم في " المهذب ": " ضعفوه ". وكذلك قال في " الكاشف " و" الميزان " و" الضعفاء "، وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، واختلط، وكان يدلس، ويغلوفي التشيع ". قلت: هذا الحديث جاء في بعض نسخ " الجامع الصغير " مرموزا له بالصحة، واغتر بذلك اللجنة القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فقالوا (2/1600) : الحديث في الصغير برقم 1774 ورمز لصحته "! وقد أنبأناك مرارا أن رموز " الجامع " لا يعتد بها، وهذا من الأمثلة العديدة على ذلك. ومن عجيب أمر هذه اللجنة أنها تركن إلى الرمز، ولا تعتمد على تضعيف الحافظ الذهبي الذي نقله المناوي في شرحه وهو من مراجعهم، والرقم الذي ذكروه هو رقم الحديث في شرحه. فهل يعني إعراضهم عن تضعيف المناوي له تبعا للذهبي أن تصحيحهم للأحاديث ذوقي، وليس على المنهج العلمي الحديثي؟ ! ثم إنه قد وقع عندهم مرموزا للحديث بـ (ش د ع ك ن) ، و (ن) في اصطلاح السيوطي إنما يعني النسائي، وليس عنده مطلقا، وإنما هو محرف من (ق) أي البيهقي، ولوكان عند النسائي لقدم في الذكر على (ع ك) كما هي عادته تبعا لعرف المحدثين لتقدمه عليهما طبقة وعلما. (تنبيه) : هذا الحديث مما صححه الشيخ نسيب الرفاعي والشيخ الصابوني في " مختصر تفسير ابن كثير " بإيرادهما إياه فيه، وزاد الأول على الآخر بأنه صرح بصحته في فهرسه الذي وضعه في آخر المجلد الثاني (ص 227) ولئن كان من الممكن الاعتذار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 عنهما بأنهما اغترا بسكوت ابن كثير على تصحيح الحاكم المتقدم، فما عذرهما في غيره من الأحاديث التي صححاها دون الناس جميعا أوعلى الأقل دون ابن كثير وأسانيدها بينة الضعف؟ ! وقد تقدم بعضها، والحديث التالي مثال آخر بالنسبة للرفاعي، ثم رأيت الغماري قد سلك سبيل هؤلاء فأورده في " كنزه "، والله المستعان. 1320 - " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها من السماء، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك منها ". ضعيف أخرجه أبو داود (1/258 - 259) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/304 - 305) والبيهقي (4/174) والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق 69/1 - 2 زوائده) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومي، فقلت: يا رسول الله! أعطني من صدقاتهم، ففعل، وكتب لي بذلك كتابا، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! أعطني من الصدقات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه يعقوب الفسوي في " التاريخ " (2/495) والطبراني في " المعجم الكبير " (5/302/5285) مطولا وفيه عندهما قصة. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن هذا، فقد ضعفوه كما قال الذهبي في " الضعفاء ": " مشهور جليل، ضعفه ابن معين والنسائي، وقال الدارقطني: " ليس بالقوي "، ووهاه أحمد ". وقال الحافظ في " التقريب ": " كان ضعيفا في حفظه، وكان رجلا صالحا ". وبه أعله المناوي في " شرحيه ". وأشار البغوي في " شرح السنة " (6/90) إلى تضعيفه، وذكر السيوطي في " الجامع الكبير " (4975) أنه رواه الدارقطني وضعفه. الحديث: 1320 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 إذا عرفت هذا يتبين لك تهو ر الشيخ نسيب الرفاعي بإقدامه على تصحيح هذا الحديث بإيراده إياه في " مختصر تفسير ابن كثير " وقد التزم في مقدمته أن لا يورد فيه إلا الصحيح أوالحسن أحيانا! بل أقول: حتى ولولم يلتزم ذلك لم يجز له أن يورده إلا ببيان ضعفه الذي ذكره ابن كثير نفسه بقوله (2/364) : " رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وفيه ضعف ". والحق - والحق أقول - لقد كان موقف ابن بلده الصابوني تجاه هذا الحديث خيرا من الرفاعي، فإنه لم يورده في " مختصره " وإن كنت لا أدري إذا كان ذلك منه وقوفا مع تضعيف ابن كثير ووفاءا بشرطه، أم بدافع الاختصار فقط؟ وقد مضى حديث آخر لعبد الرحمن هذا برقم (35) هو جزء من القصة المشار إليها آنفا. 1321 - " لأن يتصدق الرجل في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته ". ضعيف رواه أبو داود (2866) وابن حبان (821) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (198/1 - 2) والضياء في " المختارة " (10/98/2) عن ابن أبي فديك: أنبأ ابن أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات غير شرحبيل وهو ابن سعد أبو سعد المدني، وهو ضعيف، يكاد يكون من المجمع على ضعفه، وقد اتهمه بعضهم، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق اختلط بآخره ". ومنه تعلم أن قول المناوي: " ثم قال: أعني ابن حبان: حديث صحيح، وأقره ابن حجر ". فإنما صدر عن غير تحقيق، فإن ابن حبان ليس من عادته أن يعقب على الأحاديث بقوله: " حديث صحيح "، ولا نقله الهيثمي في " موارد الظمآن " عقب هذا الحديث ، وإنما أوقعه في هذا الخطأ قول الحافظ في " الفتح " (5/374) في هذا الحديث: " رواه أبو داود، وصححه ابن حبان ". الحديث: 1321 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 وهذا لا يعني أنه قال: " حديث صحيح " لما ذكرنا، وغنما يعني: رواه ابن حبان. في " صحيحه " وهذا شيء معروف عند أهل العلم، وجره هذا الخطأ إلى التصريح بصحة سنده في " التيسير ". وتقدم غيره. نقول هذا بيانا للواقع، وإلا فلا فرق عند الباحثين والعارفين بتساهل ابن حبان بين إخراجه للحديث في " صحيحه " وسكوته عنه، وبين ما لوقال فيه: " حديث صحيح " فإنه لابد في الحالتين من التأكد من صحة حكمه بالصحة، وقد فعلنا ، فنقلنا قول الحافظ فيه الدال على ضعفه، وأن إقراره لتصحيح ابن حبان لحديثه لا حجة فيه بعد معرفة ضعف راويه، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " اتهمه ابن أبي ذئب، وضعفه الدارقطني وغيره ". ثم رأيت الغماري قلد المناوي - كعادته - فأورد الحديث في " كنزه ". 1322 - " مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع ". ضعيف أخرجه أبو داود (3968) والنسائي (2/125) والترمذي (2/17) والدارمي ( 2/413) وابن حبان (1219) وأحمد (5/197 و6/448) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 28/1) وابن الأعرابي في " المعجم " (ق 190/2) عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي قال: " أوصى إلي أخي بطائفة من ماله، فلقيت أبا الدرداء، فقلت: إن أخي أوصى إلي بطائفة من ماله، فإن ترى لي وضعه في الفقراء أوالمساكين أوالمجاهدين في سبيل الله، فقال: أما أنا فلوكنت لم أعدل بالمجاهدين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... "، فذكره والسياق للترمذي وقال: " حديث حسن صحيح ". كذا قال. وأبو حبيبة هذا في عداد المجهولين، فإنه لا يعرف له راوغير أبي إسحاق، ولذلك قال الحافظ فيه: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، ولم يتابع فيما علمت. ولذلك قال الذهبي في " الميزان ": " لا يدرى من هو؟ وقد صحح له الترمذي ". الحديث: 1322 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 فتحسين الحافظ لإسناده في " الفتح " (5/374) غير حسن، وإن وافقه المناوي وقلده الغماري، وأقره المعلق على " شرح السنة " (6/172) . والله المستعان. 1323 - " يعظم أهل النار في النار، حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد ". ضعيف أخرجه أحمد (2/26) : حدثنا وكيع: حدثني أبو يحيى الطويل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا سند ضعيف، أبو يحيى القتات، مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه، وهو لين الحديث. ومثله أبو يحيى الطويل واسمه عمران بن زيد التغلبي لين أيضا، كما في " التقريب ". ومع هذا الضعف صححه الغماري، فأورده في " كنزه ". ويعارض هذا الحديث ما عند مسلم في " صحيحه " (8/154) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ضرس الكافر أوناب الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث ". ويعارضه أيضا حديث: " إن بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين خريفا ... ". أخرجه أحمد بإسناد صحيح كما بينته في الكتاب الآخر (560) . الحديث: 1323 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 1324 - " أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، واضربوا الهام، تورثوا الجنان ". ضعيف أخرجه الترمذي (1/340) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الجمحي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به وقال: " حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن زياد عن أبي هريرة ". كذا قال! والجمحي هذا، لم يوثقه أحد، بل قال البخاري: " مجهول ". وقال أبو حاتم: الحديث: 1324 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 " ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به ". واعتمده الحافظ في " التقريب ". وللحديث طريق أخرى دون الفقرة الثالثة، يرويه قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال: " قلت: يا رسول الله! إذا رأيتك طابت نفسي، وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء ، فقال: " كل شيء خلق من ماء ". قال: قلت: يا رسول الله! أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة، قال: " أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام ". أخرجه ابن حبان (642) وأحمد (2/295 و323 - 324 و493) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الدارقطني: " أبو ميمونة عن أبي هريرة، وعنه قتادة؛ مجهول يترك ". لكن قوله: " أفش السلام ... " إلخ قد صح من حديث عبد الله بن سلام مرفوعا وهو مخرج في " الصحيحة " (569) . (تنبيه) : قد وقع للسيوطي ثم للمناوي خبط في لفظ هذا الحديث وسياقه بينته في المصدر الآنف الذكر برقم (571) . وكذلك أخطأ الغماري بإيراده في " كنزه "، ومعزوا لابن ماجه. ثم رأيت الحديث في " المستدرك " (4/129) من الوجه المذكور وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! مع أن هذا أورد أبا ميمونة في " الميزان " ونقل عن الدارقطني ما ذكرته عنه آنفا من التجهيل! وأقره! وأما الحاكم فلعله ظن أن أبا ميمونة هذا هو الفارسي وليس أبا ميمونة الأبار، أوأنه ظن أنهما واحد، والراجح التفريق، وإليه ذهب الشيخان وأبو حاتم وغيرهم كالدارقطني؛ فإنه وثق الفارسي في " كناه "، قال الحافظ في " التهذيب " عقبه: " وهذا مما يؤيد أنه غير الفارسي ". ووقع في ابن حبان " هلال بن أبي ميمونة ". وهو خطأ مطبعي أومن النساخ. والله أعلم. ثم رأيت ابن كثير جرى في " التفسير " على عدم التفريق، فقال عقب الحديث وقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 ساقه من رواية أحمد (3/177) : " وهذا إسناد على شرط الصحيحين، إلا أن أبا ميمونة من رجال " السنن " واسمه سليم، والترمذي يصحح له. وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا. والله أعلم. ". قلت: وهذه علة أخرى وهي الإرسال. والله أعلم. والحديث مما صححه الرفاعي في " مختصره " (3/40/30) فما أكثر تعديه، وظلمه لنفسه وقرائه؟ ! وشاركه في ذلك بلديه الصابوني (2/506) وزاد عليه أنه عزا التخريج إلى نفسه حين جعله في الحاشية، وذلك من ديدنه كما كنت نبهت عليه في مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة "، فعد إليه إن شئت أن تعرف حقيقته. 1325 - " إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول ليلة من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجا تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا ". منكر أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم 6943) وتمام في " الفوائد " (ج1 رقم 34) وابن عساكر في " فضل رمضان " (ق /171 - 2) من طريق الوليد بن الوليد: نا ابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال الطبراني: " لم يروه عن ابن ثوبان إلا الوليد ". قلت: وهو القلانسي واه. قال الذهبي في " الميزان ": " قال أبو حاتم: صدوق. وقال الدارقطني وغيره: متروك. وروى له نصر المقدسي في " أربعينه " حديثا منكرا، وقال: تركوه ". قلت: يعني هذا الحديث، فقد رواه الذهبي في " تذكرة الحفاظ " من هذا الوجه ثم قال (3/88) : الحديث: 1325 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 قال نصر المقدسي: تفرد به الوليد بن الوليد القلانسي، وقد تركوه. قلت: وهاه الدارقطني وقواه أبو حاتم ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الواهيات " (2/46) من رواية الدارقطني في " الأفراد " وقال الدارقطني: " إنه تفرد به وهو منكر الحديث ". وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1886) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 179/2 ) من حديث جرير بن أيوب البجلي عن الشعبي عن نافع بن بردة عن أبي مسعود الغفاري مرفوعا به وزاد: " قال: فما من عبد يصوم يوما في رمضان إلا زوج زوجة من الجور العين، في خيمة من درة مما نعت الله " حور مقصورات في الخيام " على كل امرأة سبعون حلة ليس منها حلة على لون الأخرى، تعطي سبعين لونا من الطيب، ليس منه لون على ريح الآخر، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها.. " إلخ الحديث. وفيه من مثل هذه المبالغات ما يدل على نكارته ووضعه ولذلك لم يسلم به ابن خزيمة فإنه قال: " إن صح الخبر، فإن في القلب من جرير بن أيوب البجلي ". وعقب عليه الحافظ المنذري بقوله (2/72) : " جرير بن أيوب البجلي واه، ولوائح الوضع عليه. والله أعلم ". قلت: ومع هذا الحكم الصريح بالوضع على هذا الحديث فقد صدره بصيغة (عن) المشعرة عنده بأنه فوق الضعيف كما نص عليه في المقدمة، وهذا من تناقضه الذي أوضحته في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " فراجعها فإنها مهمة جدا. وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/188 - 189) وقال: " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به جرير بن أيوب . قال يحيى: ليس بشيء، وقال الفضل بن دكين: يضع الحديث. وقال النسائي والدارقطني: متروك ". وعقب عليه السيوطي في " اللآلىء " (2/100) بما لا طائل تحته. وذهل عنه ابن عراق فلم يورده في " تنزيه الشريعة " لا في الفصل الأول، ولا في الفصل الثاني . والقول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 فيه قول ابن الجوزي والمنذري. ثم إن من الممكن ربط علة الحديث بنافع بن بردة؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر. وشيخه أبو مسعود الغفاري أورده في " الإصابة " في (الكنى) وقال يأتي في (المبهمات) وليس عنده (المبهمات) ، ووقع في " الموضوعات " (عبد الله بن مسعود) وفي " ترغيب الأصبهاني " و" اللآلىء ": (ابن مسعود) ، وهذا لا ينافي أنه الغفاري لأنه أبو مسعود بن مسعود الغفاري كما في " الإصابة ". والله أعلم. 1326 - " نعم السحور التمر، ونعم الإدام الخل، ورحم الله المتسحرين ". ضعيف رواه أبو عوانة في " صحيحه " (8/185/1) : حدثني أبو محمد بن العباس القطان الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد العمري عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (19/79/1) في ترجمة القطان هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، العمري هذا قال الذهبي: " كذبه أبو حاتم ويحيى، قال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات ". ثم ساق له بعض الموضوعات، وليس منها هذا، فإن الجملة الأولى منه لها طريق أخرى صحيحة عن أبي هريرة أوردتها في " الصحيحة " (562) ، والجملة الثانية في " صحيح مسلم " من حديث جابر وعائشة، وهو مخرج هناك برقم (2220) . وأما الجملة الأخيرة، فأخرجها الطبراني في " الكبير " (6689) من حديث السائب بن يزيد مرفوعا مع الجملة الأولى، وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو ضعيف، كما في " المجمع " (3/151) و" التقريب ". ولم أجد لهذه الفقرة الأخيرة شاهدا آخر أشد به من عضدها، ولذلك أوردته هنا، وإنما صحت بلفظ: الحديث: 1326 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 " إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ". ولذلك أوردته في " صحيح الترغيب والترهيب " (1058) . 1327 - " من صام يوما لم يخرقه كتبت له عشر حسنات ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (7653 - بترقيمي) عن عبد الرحمن بن عبد الوهاب الصيرفي: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن أبي جناب الكلبي عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب مرفوعا وقال: " لم يروه عن طلحة إلا أبو جناب، ولا عنه إلا إسحاق الأزرق، تفرد به عبد الرحمن بن عبد الوهاب ". قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/28) وقال: " غريب من حديث طلحة، تفرد به إسحاق الأزرق ". قلت: والراوي عنه عبد الرحمن بن عبد الوهاب الصيرفي يبدو أنه العمي وهو بصري ، ترجمه ابن أبي حاتم (2/2/262) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكنه قال: " روى عنه أبو زرعة وموسى بن إسحاق الأنصاري ". وأبو زرعة لا يروي إلا عن ثقة، ومن فوقه ثقات أيضا غير أبي جناب الكلبي واسمه يحيى بن أبي حية وهو ضعيف مدلس، فهو علة الحديث. والحديث عزاه في " الجامع " لـ " الحلية " وحده فقصر. الحديث: 1327 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 1328 - " قل: اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم، يا حي يا قيوم! أنم عيني، وأهدىء ليلي ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " (4817) من طريق عمرو بن الحصين العقيلي: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة: حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: سمعت عبد الملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت قال: أصابني أرق من الليل، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (فذكره) فقلتها فذهب عني. الحديث: 1328 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عمرو بن الحصين متروك متهم، وابن علاثة فيه ضعف ، وبالأول فقط أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/128) . 1329 - " لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصوم ". ضعيف روي من حديث أبي هريرة وسهل بن سعد. 1 - أما حديث أبي هريرة، فأخرجه وكيع في " الزهد " (3/82/2) : حدثنا موسى بن عبيدة عن جمهان عنه موقوفا. ورواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3/7) وابن ماجه (رقم 1745) وابن عدي في " الكامل " (ق 303/1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 157/2 ) من طريق ابن المبارك وغيره عن موسى بن عبيدة به مرفوعا. قال البوصيري في " الزوائد " (2/79 - بيروت) : " هذا إسناد ضعيف، موسى بن عبيدة - وهو الربذي - متفق على تضعيفه ". وخالف يحيى بن عبد الحميد فقال: نا ابن المبارك عن الأوزاعي عن جمهان به. أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 155/1 - ظاهرية) . قلت: وذكره الأوزاعي مكان موسى منكر، تفرد به يحيى هذا وهو الحماني. قال الذهبي في " الضعفاء ": " حافظ منكر الحديث، وقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: كان يكذب جهارا. وقال النسائي: ضعيف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " اتهموه بسرقة الحديث ". ولم يتنبه البوصيري لهذه المخالفة، فجعل رواية الحماني عن ابن المبارك عن موسى بن عبيدة! وفيه علة أخرى وهي جمهان، ترجمه في " التهذيب " برواية اثنين آخرين عنه ووثقه ابن حبان (4/118) ، وقال في " التقريب ": " مقبول ". لكن ذكر البخاري في " تاريخه " (2/1/250) عن علي بن المديني أن هذا الذي الحديث: 1329 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 روى عنه موسى بن عبيدة هو غير الذي روى عنه الاثنان المشار إليهما، وأحدهما عروة ابن الزبير. والله أعلم. ولعله لذلك بيض له الذهبي في " الكاشف "، فلم يتبين له حاله. 2 - أما حديث سهل، فيرويه حماد بن الوليد عن سفيان الثوري عن أبي حازم عنه مرفوعا. أخرجه ابن مخلد في " المنتقى من أحاديثه " (2/89/2) وابن عدي في " الكامل " (73/1) والطبراني في " المعجم الكبير " (6/237/5973) وابن الجوزي في " الأحاديث الواهية "، وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن الثوري غير حماد، ولحماد أحاديث غرائب وأفرادات عن الثقات، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ". وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/254) : " يسرق الحديث، ويلزق بالثقات ما ليس من أحاديثهم ". وقال ابن الجوزي: " هذا حديث لا يصح ". ثم ذكر كلام ابن حبان والجملة الأخيرة من كلام ابن عدي. وقال الهيثمي (3/182) بعدما عزاه للطبراني: " وفيه حماد بن الوليد، وهو ضعيف ". وقال الذهبي في " ضعفائه ": " متروك ساقط ". 1330 - " من صام يوما ابتغاء وجه الله تعالى، بعده الله عز وجل من جهنم كبعد غراب طار وهو فرخ حتى مات هرما ". ضعيف أخرجه أحمد (2/526) : حدثنا عبد الله بن يزيد: حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن لهيعة أبي عبد الله عن رجل قد سماه: حدثني سلمة بن قيس عن أبي هريرة الحديث: 1330 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات، غير شيخ لهيعة الذي لم يسم. ولهيعة هو والد عبد الله بن لهيعة لم يوثقه غير ابن حبان وقال الأزدي: " حديثه ليس بالقائم ". وقال ابن القطان: " مجهول الحال ". وهذا هو الذي اعتمده الحافظ من الأقوال فقال: " مستور ". وقد اختلف في إسناده على ابن لهيعة وأبيه، فرواه خالد بن يزيد عنه هكذا وقال الطبراني في " الأوسط " (3270) : حدثنا بكر - هو ابن سهل -: حدثنا عبد الله بن يوسف وشعيب بن يحيى قالا: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا زبان بن فائد عن لهيعة بن عقبة عن عمرو بن ربيعة الحضرمي: سمعت سلامة بن قيصر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وقال: " لا يروى عن سلام إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة ". قلت: وهو ضعيف في غير رواية عبد الله بن يزيد المقرئ - وهي الأولى - وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب، وأما رواية غير هؤلاء الثلاثة عنه فهي ضعيفة، لأنهم رووا عنه بعد احتراق كتبه، وتحديثه من حفظه، وهو فيه ضعيف، لكن شيخ الطبراني بكر بن سهل ضعيف أيضا، بل إنهم وضعوه، وشيخ ابن لهيعة زبان بن فائد ضعيف، فهو إسناد مظلم كما ترى، فيه عدة علل تترى، واقتصر الهيثمي على بيان علة واحدة منها، فقال (3/181) بعد أن ذكره من حديث سلمة بن قيصر: " رواه أبو يعلى والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " إلا أنه قال: سلامة بن قيصر، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام "! قلت: قال الحافظ في " الإصابة ": " سلامة بن قيصر، ويقال: سلمة؛ نزل مصر، قال أحمد بن صالح: له صحبة. ونفاها أبو زرعة. وقال ابن صالح: سلمة عندنا أصح، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري: لا يصح حديثه. وأخرجه حديثه مطين، والحسن بن سفيان والطبراني من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 طريق عمرو بن ربيعة الحضرمي سمعت سلامة بن قيصر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام.. ومداره على ابن لهيعة، فرواه ابن وهب وجل أصحابه عنه هكذا، ورواية ابن وهب في " مسند أبي يعلى " وقال عبد الله بن يزيد المقرىء عنه بهذا الإسناد عن سلمة بن قيصر عن أبي هريرة وعنه أخرجه أحمد في مسنده، ورجح أبو زرعة هذه الزيادة، وأنكرها أحمد بن صالح ". قلت: وفي قوله: " بهذا الإسناد.. " نظر، فإن إسناد أحمد عن عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة يختلف كل الاختلاف عن إسناد سائر أصحاب ابن لهيعة عنه كما سبق بيانه. وجملة القول: أن الحديث لا يصح كما قال البخاري، لأن مداره على ابن لهيعة، وقد اختلفوا عليه في إسناده كما أوضحته بأتم توضيح والله تعالى ولي التوفيق. (تنبيه) : وقع في " المسند " كما رأيت " سلمة بن قيس " والصواب " سلمة بن قيصر " كما يفهم من كلام الحافظ المتقدم، وكذلك ذكره في " تعجيل المنفعة "، وهذا الخطأ عينه وقع في " المشكاة " من رواية البيهقي في " الشعب "، وقد نبه عليه القاري في " المرقاة ". ثم وقفت على خلاف آخر على ابن لهيعة، فأخرجه البزار في " مسنده " (1037 - كشف الأستار) من طريق عبد الله بن يزيد أيضا عن ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن أبي الشعثاء عن سلمة بن قيصر عن أبي هريرة. قلت: فأسقط من إسناده الرجل الذي لم يسم، فلا أدري أهذا من ابن لهيعة، أم سقط من الناسخ أوالطابع؟ فقد قال المنذري في " الترغيب " (2/61) وتبعه الهيثمي: " رواه أحمد والبزار، وفي إسناده رجل لم يسم "! 1331 - " أشعرت يا بلال! أن الصائم تسبح عظامه، وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده ". موضوع أخرجه ابن ماجه (1749) والبيهقي في " شعب الإيمان " ومن طريقه الحديث: 1331 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3/232/2 و10/330 - ط) من طريق أبي عتبة عن بقية: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن بريدة [عن أبيه] قال: " دخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الغداء يا بلال! قال: إني صائم يا رسول الله] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نأكل رزقنا، وفضل رزق بلال في الجنة، أشعرت ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ محمد بن عبد الرحمن هو القشيري، قال ابن عدي: " منكر الحديث ". ذكره الذهبي وقال: " وفيه جهالة، وهو متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث ". قلت: وكذلك قال أبو حاتم الرازي، وكأن الذهبي فاته ذلك، وإلا لما عدل عنه إلى الأزدي المنتقد في نقده، فقد ترجمه ابنه في " الجرح والتعديل " (3/2/325 ) وقال: " وسألته عنه، فقال: متروك الحديث، كان يكذب ويفتعل الحديث ". وإذن فلا وجه لقول الذهبي: " فيه جهالة ". فالرجل معروف، ولكن بالكذب في الحديث، فمثله يكون حديثه موضوعا ولا كرامة. وبقية، مدلس، ولكنه قد صرح هنا بالتحديث، وليس به حاجة إلى التدليس، فالشيخ الذي قد يدلسه، لن يكون شرا من هذا القشيري! ولكن الراوي عنه أبو عتبة، ليس سالما من القدح كما تراه في ترجمته من " الميزان " و" اللسان " إلا أنه لم يتفرد به، فقد قال ابن ماجه في " سننه " (1749) : حدثنا محمد بن المصفى: حدثنا بقية به. فآفة الحديث من القشيري. (تنبيه) : وقع في نسخة " التاريخ " سقط في هذا الحديث، من الناسخ، فاستدركته من " مشكاة المصابيح " (2082) فإنه ذكره من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " عن بريدة، وهو كعادته لم يتكلم بشيء على إسناده، فحققت القول عليه هنا، وذكرت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 خلاصته في تعليقي عليه للمرة الثانية، أتيت فيها على الأحاديث التي لم يتيسر لي الكلام عليها في المرة الأولى، فحققت القول فيها أيضا، عسى أن يعاد طبعه مرة أخرى إن شاء الله تعالى. 1332 - " إن الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة حتى يفرغوا، وربما قال: حتى يقضوا أكلهم ". ضعيف أخرجه الترمذي (1/150) والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 62/2) والدارمي ( 2/17) وابن خزيمة في " صحيحه " (2138 - 2140) وابن ماجه (1748) من طريق ابن أبي شيبة وهذا في " المصنف " (3/86) وابن المبارك في " الزهد " ( 500/1424) وفي الجزء الثاني من " حديثه " (ق 104/2) وأحمد (6/365 و439) وابن سعد في " الطبقات " (8/415 - 416) والبغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 1/477/899) وأبو يعلى في " مسنده " (4/1704) وعنه ابن حبان (953 - موارد ) والطبراني في " المعجم الكبير " (25/30/49) وأبو نعيم في " الحلية " ( 2/65) والبيهقي (4/305) كلهم من طريق حبيب بن زيد الأنصاري قال: سمعت مولاة لنا يقال لها: ليلى، تحدث عن جدته أم عمار بنت كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فدعت له بطعام، فقال لها: " كلي "، فقالت: إني صائمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأقره المناوي في " شرحيه ": " الفيض " و" التيسير "، وكأنه لم يرجع إلى إسناده، فإن ليلى هذه لا تعرف، فقد أوردها الذهبي في فصل " النسوة المجهولات " وقال: " تفرد عنها حبيب بن زيد ". وقال الحافظ فيها: " مقبولة ". يعني عند المتابعة، وإلا فلينة الحديث، وما عرفت لها متابعا، بل إن من الممكن أن يقال: إنها قد خولفت فرواه أبو أيوب عن عبد الله بن عمرو موقوفا مختصرا بلفظ: الحديث: 1332 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 " الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة ". أخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن المبارك من طريق قتادة عن أبي أيوب عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو موقوف في حكم المرفوع، ويشهد له دعاء الضيف: " أفطر عندكم الصائمون.. وصلت عليكم الملائكة " الحديث، وهو مخرج في " آداب الزفاف " (ص 91 - 92) . فإن الصلاة هنا جملة دعائية كالجملتين الأخريين، وإنما يدعى بشيء يمكن أن يقع إذا توفر سببه، وهذا ما أكده ابن عمرو رضي الله عنه بحديثه هذا. والله أعلم. ثم إن الحديث رواه شريك عن حبيب بن زيد بلفظ: " الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلت عليه الملائكة حتى يمسي ". أخرجه الترمذي وابن خزيمة بإسناد واحد عن شريك وليس عند الترمذي: " حتى يمسي ". وهو بهذه الزيادة منكر، لأن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي سيىء الحفظ، وبهذه الزيادة رواه الطبراني أيضا (رقم 50) . والحديث علقت عليه اللجنة القائمة بتحقيق " الجامع الكبير " للسيوطي (5652) بأن السيوطي رمز في " الجامع الصغير " لحسنه، وكفى! كما أورده الغماري في " كنزه ". 1333 - " من فطر صائما من كسب حلال، صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها، وصافحه جبريل، ومن يصافحه جبريل يرق قلبه، وتكثر دموعه. قال رجل: يا رسول الله! فإن لم يكن ذاك عنده؟ قال: قبضة من طعام. قال: أرأيت من لم يكن ذاك عنده؟ قال: ففلقة خبز. قال: أفرأيت إن لم يكن ذاك عنده؟ قال: فمذقة من لبن. قال : أفرأيت من لم يكن ذاك عنده؟ قال: فشربة من ماء ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 69/2) عن حكيم بن خذام الحديث: 1333 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 العبدي: نا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف لسوء حفظه. والأخرى: حكيم هذا قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". قلت: وهذا منه تضعيف شديد له، كما هو اصطلاحه. لكن تابعه الحسن بن أبي جعفر عند ابن عدي أيضا (87/1) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 179/2) ، وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن علي بن زيد إلا الحسن بن أبي جعفر وحكيم بن خذام ". قلت: وثلاثتهم ضعفاء، وحكيم أشدهم ضعفا، فالحديث ضعيف. ومن طريق الحسن أخرجه الطبراني مختصرا، والبزار نحوه كما في " مجمع الزوائد " (3/156) . قلت: في عزوه للبزار نظر لأسباب أهمها أنه ليس في " كشف الأستار عن زوائد البزار " للهيثمي أيضا، وهو أصل ما يعزوه للبزار في " المجمع " وكذلك ليس هو في " زوائد البزار " للحافظ ابن حجر. وأما الطبراني فقد أخرجه في " الكبير " (6162) من طريق الحسن بن أبي جعفر، باختصار، ورواه قبيله (6161) من طريق حكيم بن خذام أيضا أخصر منه. (تنبيه) : (خذام) بكسر المعجمة الأولى كما في " الإكمال " (3/130) لابن ماكولا، ومثله في " تاريخ البخاري " و" الجرح والتعديل " و" الكامل " وغيرها، ووقع في " اللسان " و" الطبراني ": حزام "،! بالحاء المهملة وهو تصحيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 1334 - " فضل القرآن على سائر الكلام، كفضل الرحمن على سائر خلقه ". ضعيف أخرجه أبو يعلى في " معجم شيوخه " (ق 34/1) وابن عدي في " الكامل " (ق/246/1) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 238) من طريق عمر الأبح عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة - زاد البيهقي: عن الأشعث الأعمى - عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال البيهقي: " تفرد به عمر الأبح وليس بالقوي ". قلت: بل هو ضعيف جدا كما يفيده قول البخاري فيه: " منكر الحديث ". ومع ذلك فقد اقتصر الحافظ في " الفتح " (9/54) على قوله فيه: " وهو ضعيف ". ولعل ذلك لعدم تفرد الأبح به كما يأتي. وشهر بن حوشب ضعيف من قبل حفظه. وأما الأشعث الأعمى فهو ابن عبد الله الحداني أبو عبد الله الأعمى، وهو صدوق . وقد اختلف في إسناده، فقال البيهقي: " وروي عن يونس بن واقد البصري عن سعيد دون ذكر الأشعث في إسناده. ورواه عبد الوهاب بن عطاء ومحمد بن سواء عن سعيد عن الأشعث دون ذكر قتادة فيه ". ثم قال الحافظ ابن حجر: " وأخرجه ابن الضريس من وجه آخر عن شهر بن حوشب مرسلا، ورجاله لا بأس بهم ". قلت: وكذلك أخرجه الدارمي (2/441) : حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن سلمة عن أشعث الحداني عن شهر بن حوشب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... والحداني صدوق، ومن دونه ثقات. وبالجملة فالحديث ضعيف لاضطرابه، وإرساله وضعف راويه. وقد أشار الحديث: 1334 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 البخاري في " أفعال العباد " (ص 91) ، إلى أنه لا يصح مرفوعا. وقد أخرجه العسكري عن طاووس والحسن من قولهما كما في " الفتح "، وكذلك رواه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 71) عن شهر بن حوشب وأبي عبد الرحمن السلمي، وعلقه البخاري في " الأفعال " (ص 72) عن السلمي، وقد روي عنه عن عثمان مرفوعا. أخرجه البيهقي من طريق يعلى بن المنهال السكوني: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن الجراح بن الضحاك الكندي عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان مرفوعا به. وهكذا أخرجه ابن الضريس عن الجراح به كما في " الفتح ". والجراح صدوق كما في " التقريب "، وقال الذهبي: " صويلح "! وبقية رجاله ثقات غير يعلى بن المنهال أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/2/305) من رواية حاتم ابن أحمد بن الحجاج المروزي فقط عنه، ولم يذكر فيه توثيقا ولا تجريحا. وقد تابعه الحماني عن إسحاق به مرفوعا. أخرجه البيهقي أيضا وقال: " ويقال: إن الحماني أخذ ذلك من يعلى والله أعلم ". يعني أنه سرقه منه، فإنه متهم بسرقة الحديث، كما تقدم في الحديث (1329) . وقد خالفهما يحيى بن أبي طالب، فرواه عن إسحاق بن سليمان به إلى أبي عبد الرحمن موقوفا عليه من قوله. وتابعه على ذلك غيره كما قال البيهقي. وقال الحافظ (9/54) : " وقد بين العسكري أنها من قول أبي عبد الرحمن السلمي ". وجملة القول أن الحديث ضعيف لا يصح من طريقيه، فالأولى ضعيفة جدا، والأخرى ضعيفة، والصواب الوقف. وقد روي من طريق أخرى مرفوعا في عجز الحديث الآتي: 1335 - " يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضلا كلام الله على سائر الكلام، الحديث: 1335 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 كفضل الله على خلقه ". ضعيف أخرجه الترمذي (2/152) واللفظ له، والدارمي (2/441) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 71) والعقيلي في " الضعفاء " (375) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 238) من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". قلت: بل هو ضعيف، فإن عطية وهو العوفي ضعيف. ومحمد بن الحسن بن أبي يزيد متهم، وبه أعله العقيلي فقال: " وقال أحمد: ضعيف الحديث، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: يكذب ". وكذلك كذبه أبو داود كما في " الميزان " وساق له هذا الحديث ثم قال: " حسنه الترمذي فلم يحسن ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2/82) عن أبيه: " هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن ليس بالقوي ". قلت: وكذلك لم يحسن الحافظ حين قال في " الفتح " (9/54) : " أخرجه الترمذي ورجاله ثقات إلا عطية العوفي ففيه ضعف ". فذهل عن الهمداني هذا وهو أشد ضعفا من عطية، وقد قال العقيلي: " ولا يتابع عليه ". لكن خالفه البيهقي فقال: " قلت: تابعه الحكم بن بشير، ومحمد بن مروان عن عمرو بن قيس ". قلت: فإذا صح السند بهذه المتابعة، فهي متابعة قوية، يبرأ محمد بن الحسن هذا من عهدة الحديث، فالحكم بن بشير صدوق، كما في " التقريب "، ومحمد بن مروان إن كان هو العقيلي البصري، فهو صدوق أيضا لكن له أوهام، وإن كان هو السدي الأصغر فهو متهم وكلاهما من طبقة واحدة. والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 وبالجملة، فقد انحصرت علة الحديث في العوفي. وقد روي الحديث بشطره الأول عن عمر وحذيفة. أما حديث عمر، فأخرجه البخاري في " خلق أفعال العباد " (ص 93 - هند) : حدثنا ضرار: حدثنا صفوان بن أبي الصهباء عن بكير بن عتيق عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، ضرار وهو ابن صرد - بضم المهملة وفتح الراء - وشيخه صفوان بن أبي الصهباء ضعيفان، والأول أشد ضعفا، فقد قال البخاري نفسه: " متروك ". وكذبه ابن معين. وأما الآخر، فقال الذهبي: " ضعفه ابن حبان وقال: يروي ما لا أصل له، ولا يجوز الاحتجاج بما انفرد به ". ثم ذكره في " الثقات " أيضا! وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول، اختلف فيه قول ابن حبان ". والحديث قال في " الفتح " (9/54) : " وأخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني في " مسنده " من حديث عمر بن الخطاب، وفي إسناده حذيفة فأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/313) وابن عساكر في " فضيلة ذكر الله عز وجل " (ق 2/2) بإسنادين عن أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد: حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن ربعي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني ". وقالا: " حديث غريب تفرد به أبو مسلم ". قلت: وثقه ابن حبان. وقال ابن عدي: " يحدث بالمناكير عن الثقات، ويسرق الحديث ". وقال الحافظ: " صدوق يغلط ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، فالإسناد حسن عندي، لولا ما يخشى من سرقة عبد الرحمن بن واقد، أوغلطه والله أعلم. 1336 - " من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال ". شاذ أخرجه الترمذي (2/145) : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم به. حدثنا محمد بن بشار: حدثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة بهذا الإسناد نحوه. قال أبو عيسى: " هذا حديث حسن صحيح ". قلت: الحديث صحيح بغير هذا اللفظ، وأما هذا، فشاذ أخطأ فيه شعبة أومن دونه ، وقد أخطأ شعبة في موضع آخر منه، فالأول قوله: " ثلاث " والصواب: " عشر " . فقال أحمد (6/446) : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج: حدثنا شعبة به بلفظ: " من قرأ عشر آيات من آخر الكهف عصم من فتنة الدجال ". وهكذا أخرجه مسلم (2/199) : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر به ولم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ هشام الدستوائي قبله عن قتادة وهو بلفظ: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال ". ثم قال مسلم عقب سياقه لسند شعبة: " قال شعبة: " من آخر الكهف "، وقال همام: " من أول الكهف "، كما قال هشام ". قلت: وهذا معناه أن رواية شعبة عند مسلم متفقة مع رواية همام وهشام في لفظة " العشر "، ومخالفة لها في لفظة " أول " وهي عند مسلم والترمذي وكلاهما من طريق ابن بشار، ومع ذلك فقد اختلفت روايتاهما عنه في اللفظ الأول، فمسلم قال : " العشر " والترمذي قال: " ثلاث " كما اختلفت في الحرف الأول، فعند مسلم " آخر الكهف "، وعند الترمذي " أول الكهف "، وفي كل من الروايتين صواب وخطأ ، فقوله: " ثلاث " خطأ الحديث: 1336 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 مخالف لعامة الرواة الثقات عن قتادة، وكلهم قالوا: " عشر ". وقد ذكرت أسماءهم في " السلسلة الأخرى " (582) وقوله: " أول الكهف " صواب لموافقته الثقات، ويبدو لي أن شعبة نفسه كان يضطرب في رواية هذا الحديث فتارة كان يقول: " عشر " كما هي رواية أحمد ومسلم عنه، وتارة يقول: " ثلاث " كما في رواية الترمذي هذه، وهي شاذة قطعا، وتارة يقول: " آخر الكهف " كما روايتهما، وأخرى يقول: " أول الكهف " وهي الصواب كما بينته في المصدر المشار إليه آنفا، وكان الغرض هنا بيان الشذوذ في المكان الأول، وقد يسر الله لنا ذلك فله الحمد والمنة. ثم وجدت لرواية " آخر الكهف " شاهدا من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا وموقوفا، خرجته في " الصحيحة " برقم (2651) ، وملت هناك إلى العمل بأيهما شاء القاريء ، والله أعلم. (تنبيه) : لم يتنبه الحافظ ابن كثير لشذوذ رواية الثلاث، فذكرها من رواية الترمذي وأقره على تصحيحها، فقلده مختصره الشيخ الرفاعي فصرح بصحتها في " فهرسه " (2/563/615) ولقد كان بلديه الصابوني موفقا في هذه المرة لأنه لم يوردها في " مختصره "! وكذلك أقره المنذري في " الترغيب " والمناوي في " شرحه "، وكان هذا من دواعي هذا التخريج والتحقيق. والله تعالى ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم طريق. 1337 - " ثلاثة تحت العرش يوم القيامة: القرآن يحاج العباد، له ظهر وبطن، والأمانة، والرحم تنادي: ألا من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 366) وحميد بن زنجويه في " كتاب الأدب " كما في " هداية الإنسان " (ق 99/2) والسياق له، ومن طريقه البغوي في " شرح السنة " (13/22/3433) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا كثير بن عبد الله اليشكري: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن عوف القرشي عن أبيه مرفوعا. الحديث: 1337 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 أورده العقيلي في ترجمة اليشكري هذا وقال: " ولا يصح إسناده، والرواية في الرحم والأمانة من غير هذا الوجه بأسانيد جياد بألفاظ مختلفة، وأما القرآن، فليس بالمحفوظ ". قلت: وأورده ابن أبي حاتم (3/2/154) من رواية أربعة من الثقات، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وثمة خامس روى عنه أيضا وهو زيد بن الحباب كما جاء في " الإصابة "، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (7/354) ، فمثله قد يحسن حديثه إذا كان من دونه ومن فوقه ثقة. وشيخه الحسن بن عبد الرحمن، لا يعرف، فقد أورده ابن أبي حاتم أيضا (1/2/23) من رواية اليشكري هذا فقط! وكذلك صنع ابن حبان في " الثقات " (4/142) فهو في عداد المجهولين، فهو علة الحديث عندي، وليس اليشكري كما يشعر به كلام العقيلي المتقدم، وقلده فيه المعلق على " شرح السنة "، ومن قبله المناوي في " الفيض ". (تنبيه) : وقع في ابن حبان: " الحسن بن عبد الرحمن بن عوف الزهري " وفي إسناد هذا الحديث (القرشي) مكان " الزهري " وكذلك هو عند ابن أبي حاتم وقال: " وليس هو بابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، لكنه آخر بصري ". وعلى هذا جرى الحافظ في " الإصابة " فإنه ترجم أولا لعبد الرحمن بن عوف الزهري ثم قال: " عبد الرحمن بن عوف؛ آخر إن لم يذكر إلا في هذا الحديث بهذا الإسناد فلا تثبت صحبته، بل هو أيضا لا يعرف، وعلى هذا فهذه علة ثانية. والله سبحانه وتعالى أعلم. 1338 - " هل تدرون ما يقول ربكم عز وجل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قالها ثلاثا: قال: قال عز وجل: وعزتي لا يصليها عبد لوقتها إلا أدخلته الجنة، ومن صلى لغير وقتها إن شئت رحمته، وإن شئت عذبته ". الحديث: 1338 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 منكر. أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 134) من طريق يزيد بن قتيبة الجرشي : حدثنا الفضل بن الأغر الكلابي عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فقال لهم: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، الفضل بن الأغر وأبو هـ لم أجد من ترجمهما. ويزيد بن قتيبة الجرشي، أورده ابن أبي حاتم (4/2/284) وقال: " روى عن الفضل الأغر الكلابي، روى عنه مسلم بن إبراهيم " ولم يزد. ووقع عنده (الحرشي) بالحاء المهملة. والله أعلم. 1339 - " " يوم يكشف عن ساق "، قال: عن نزر عظيم يخرون له سجدا ". منكر أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (4/1751) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 347 - 348) عن روح بن جناح عن مولى عمر بن عبد العزيز عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق.. ". قلت: وهذا سند واه جدا، مولى عمر بن عبد العزيز مجهول، وروح بن جناح قال الحافظ: " ضعيف اتهمه ابن حبان ". وقال في " الفتح " (8/538) : " أخرجه أبو يعلى بسند فيه ضعف "! ولا يخفى ما في هذا التعبير من التساهل في تليين الضعف! وأبعد منه عن الصواب قول الهيثمي في " المجمع " (7/128) : " رواه أبو يعلى، وفيه روح بن جناح وثقه دحيم وقال فيه: ليس بالقوي وبقية رجاله ثقات ". وذلك لأن في بقية ذلك المولى المجهول، فمن أين لتلك البقية الثقة؟ ! وقد صح في تفسير هذه الآية خلاف هذا الحديث المنكر بلفظ: الحديث: 1339 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة.. " الحديث. وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (583) ، فراجعه ففيه بحث هام حول هذه الصفة وطعن الكوثري في ثقات رواتها والرد عليه وبيان بعده عن النقد العلمي النزيه. 1340 - " إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الاستجابة فليقل: الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات، ومن أبطأ عنه من ذلك شيء فليقل: الحمد لله على كل حال ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 136 - 137) من طريق عمرو بن محصن ابن علي الفهري (الأصل: النهري) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، محصن هذا مجهول الحال، كما قال ابن القطان. وقال الحافظ: " مستور من السادسة ". وهذا يعني أنه لم يسمع من أبي هريرة، فهو منقطع، وقد أشار ابن حبان إلى مثل هذا حين قال في " ثقات التابعين ": " يروي المراسيل ". وقد روى له الحاكم (1/208) حديثا آخر عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة وقال: صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامهما، وقد وصف الذهبي نفسه محصنا هذا بالجهالة في " الميزان " نقلا عن ابن القطان وأقره! فالعجب منه ما أكثر تناقض كلامه في " التلخيص " مع كلامه في غيره وهو الحافظ النقاد، الأمر الذي يحملني على أن أعتقد أنه من أوائل مؤلفاته، وأنه لم يتح له أن يعيد النظر فيه، والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في جامعيه للبيهقي في " الدعوات " عن أبي هريرة، ولم نقف على هذا الكتاب بعد، وإن كنت أظن أن إسناده هو نفس الإسناد المذكور نقلا عن " الأسماء والصفات ". الحديث: 1340 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 ولم يتكلم عليه المناوي بشيء، فكأنه لم يقف عليه، ولذلك انصرف إلى الكلام عن غيره فقال عقب الحديث: " وللحاكم نحوه من حديث عائشة، قال الحافظ العراقي: وإسناده ضعيف ". وقلده المعلقون على " الجامع الكبير " (1940) فنقلوه عنه، دون أن يعزوه إليه! وزادوا على ذلك فقالوا - كعادتهم -: رمز السيوطي في " الجامع الصغير " لضعفه! وحديث عائشة الذي أشار إليه المناوي حديث آخر، لا يمكن اعتباره شاهدا لهذا، فإنه من فعله صلى الله عليه وسلم، وقد أورده السيوطي في " باب كان وهي الشمائل الشريفة " وضعفه المناوي هناك أيضا برقم (6028) وخفي عليه أن له شواهد تقويه كما بينته في " الصحيحة " برقم (265) ، وبناء عليه ذكرته في " صحيح الجامع الصغير " (4516) ، ولا أدري ماذا سيكون حكم المعلقين المشار إليهم آنفا عليه، إذا ما جاء دور تعليقهم عليه؟ لأنهم لا يزالون إلى الآن في حرف الألف من " الجامع " فيما وصلني من أجزائه التي طبعوها، وإن كان يغلب على الظن أنهم سيضعفونه تقليدا لمناويهم، ولكني لا أجزم بذلك إلى أن نرى تعليقهم عليه. والله ولي التوفيق. 1341 - " يا عمر! أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن اتباعه، اذهب به يا عمر! وأعطه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته ". منكر أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (47/51) قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي: حدثنا أبي (ح) ،: وحدثنا أحمد بن علي الأبار: حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عن عبد الله بن سلام قال: " إن الله لما أراد هدى زيد بن سعنة، قال زيد بن سعنة: ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه الحديث: 1341 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 من جهله. قال زيد بن سعنة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله! إن بصري قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق غدا وقد أصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث، فأنا أخشى يا رسول الله! أن يخرجوا من الإسلام طمعا، كما دخلوا فيه طمعا، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت. فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! ما بقي منه شيء. قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت: يا محمد! هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: " لا يا يهودي! ولكني أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا، ولا تسمي حائط بني فلان ". قلت: بلى فبايعني. فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا. فأعطاها الرجل فقال: " اغد عليهم فأعنهم بها ". فقال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أوثلاثة أتيته، فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ فقلت له: ألا تقضيني يا محمد حقي ؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، ونظرت إلى عمر وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره فقال: يا عدوالله! أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع؟ وتصنع به ما أرى ؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك! ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: فذكره. قال زيد: فذهب بي عمر رضي الله عنه فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر. فقلت: ما هذه الزيادة يا عمر؟ فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك، قلت: وتعرفني يا عمر؟ قال: لا، من أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة. قال: الحبر؟ قلت: الحبر. قال: فما دعاك أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت وقلت له ما قلت؟ قلت: يا عمر! لم تكن من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فقد خبرتهما، فأشهدك يا عمر أني رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، وأشهدك أن شطر مالي - وإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد. فقال عمر رضي الله عنه: أوعلى بعضهم فإنك لا تسعهم. قلت: أوعلى بعضهم. فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة. ثم توفي زيد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر، رحم الله زيدا. قلت: وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (81 - 83) بتمامه: أخبرنا ابن أبي عاصم النبيل: نا الحوطي: نا الوليد بن مسلم.. وحدثنا الحسن بن محمد: نا أبو زرعة: نا محمد بن المتوكل: نا الوليد بن مسلم به. وأخرجه ابن حبان (2105 - موارد) وأبو نعيم في " دلائل النبوة " (1/52) والحاكم (3/604 - 605) والبيهقي (6/52) وفي " دلائل النبوة " (6/278) من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني به وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: ما أنكره وأركه! لا سيما قوله: " مقبلا غير مدبر "، فإنه لم يكن في غزوة تبوك قتال ". قلت: وعلته حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، فإنه ليس بالمعروف ولذلك بيض له الذهبي في " الكاشف "، وقال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في مقدمة " التقريب "، وكأنه لجهالته لم يورده البخاري في " التاريخ " ولا ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (4/170) على قاعدته في توثيق المجهولين التي نبهنا عليها مرارا في هذا الكتاب وغيره، حتى صار ذلك معلوما عند عامة طلاب هذا العلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 الشريف، وكان ذلك من قبل نسيا منسيا. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وقد ذهل الحافظ عن علة الحديث هذه، وعن النكارة التي أشار إليها الذهبي في آخره، فقال في ترجمة زيد بن سعنة من " الإصابة ": " رجال إسناده موثقون، وقد صرح الوليد فيه بالتحديث، ومداره على محمد بن أبي السري، وثقه ابن معين، ولينه أبو حاتم، وقال ابن عدي: محمد كثير الغلط ". قلت: وفات الحافظ أنه لم يتفرد به محمد هذا، بل تابعه عبد الوهاب بن نجدة الحوطي عند أبي الشيخ والطبراني، وهو ثقة، فالعلة ممن فوقهما، وقد عرفتها ، والله تعالى هو الموفق. (تنبيه) : قد أخرج الحاكم طرفا من الحديث، وهو المتعلق بالتقاضي في مكان آخر من " المستدرك "، لكن سقط منه محمد بن حمزة، فظهر إسناده إسناد آخر، كما حققته في " أحاديث البيوع " وبالله التوفيق. (تنبيه) : لقد علمت مما تقدم أن الذهبي رد على الحاكم في تصحيحه للحديث، ولقد دهشت حقا حين وقع بصري على قول الدكتور قلعجي المعلق على " الدلائل " ( 6/280) : " وقال الذهبي: صحيح ". وهذا كذب على الذهبي، ولا أقول إنه عن عمد، فقد يكون عن جهل وسوء فهم أو غفلة، فإن الذهبي قال ما نصه بالحرف: " صحيح. قلت: ما أنكره وأركه.. " إلخ. فقوله: " صحيح " هو حكاية من الذهبي لتصحيح الحاكم، وليس تصحيحا من الذهبي كما زعم الدكتور، بدليل رده عليه بقوله: " قلت: ما أنكره.. " إلخ. وهذا واضح جدا عند كل من له معرفة باللغة العربية، ومعرفة ما بإسلوب الذهبي في تعقبه على الحاكم، فإنه يحكي قوله أولا، ثم يعقب عليه بما عنده من نقد إن كان عنده، فلا أدري - والله - تعليلا لهذه الكذبة، وأي شيء خطر في البال فأحلاه مر! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 وسيأتي أمثلة أخرى تدل على مبلغ علم هذا الدكتور، فانظر مثلا الحديث (2208) . 1342 - " " إذا زلزلت " تعدل نصف القرآن، و" قل يا أيها الكافرون " تعدل ربع القرآن، و" قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن ". منكر أخرجه الترمذي (2/147) والحاكم (1/566) من طريق يمان بن المغيرة العنزي: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وضعفه الترمذي بقوله: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة ". قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ". بل قال فيه البخاري: " منكر الحديث ". وهذا منه في منتهى التضعيف له. وقال النسائي: " ليس بثقة ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد "! فتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: بل يمان ضعفوه ". قلت: وقد روي الحديث عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه. أخرجه الترمذي (2/146) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 89) عن الحسن بن سلم بن صالح العجلي: حدثنا ثابت البناني عنه. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن سلم ". قلت: وقال العقيلي: " الحسن هذا مجهول، وحديثه غير محفوظ. وقد روي في " قل هو الله أحد " أحاديث صالحة الأسانيد من حديث ثابت، وأما في " إذا زلزلت " و" قل يا أيها الكافرون " أسانيدها تقارب هذا الإسناد ". وقال الذهبي في الحسن هذا: الحديث: 1342 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 " لا يكاد يعرف، وخبره منكر. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات ". قلت: والفقرة الأولى من الحديث قد رويت من طريق أخرى عن أنس بلفظ: " ربع القرآن " وسنده ضعيف، وقد أوردته شاهدا في السلسلة الصحيحة الأخرى (588) وقد قواه بعضهم أعني اللفظ المذكور، فقد ذكر الشيخ زكريا الأنصاري في " الفتح الجليل " (ق 248/1) الحديث بلفظ: " من قرأ سورة " إذا زلزلت الأرض " أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله ". وقال: " رواه الثعلبي بسند ضعيف، لكن يشهد له ما رواه ابن أبي شيبة مرفوعا: " إذا زلزلت " تعدل ربع القرآن ". وذكر نحوه الخفاجي في حاشيته (8/390) وزاد: " فظهر أنه حديث صحيح، ليس كغيره من أحاديث الفضائل ". قلت: ولم يظهر لي ذلك لأن الشاهد الذي عزاه لابن أبي شيبة ما أظنه إلا من طريق سلمة بن وردان عن أنس مرفوعا وسلمة ضعيف، وقد خرجته في " السلسلة الأخرى " (588) شاهدا كما سبقت الإشارة إليه، ولأن سند الثعلبي لم أقف عليه . فالله أعلم. ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه أبو أمية الطرسوسي في " مسند أبي هريرة " (195/2) عن عيسى بن ميمون: حدثنا يحيى عن أبي سلمة عنه. قلت: لكنه إسناد ضعيف جدا؛ عيسى بن ميمون الظاهر أنه المدني المعروف بالواسطي ، ضعفه جماعة، وقال أبو حاتم وغيره: " متروك الحديث ". وأبو أمية نفسه صدوق، كما قال الحافظ، فلا يصلح شاهدا. وأما الفقرة الثانية فلها شواهد عدة، ولذلك خرجتها في " الصحيحة " (586) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 وأما الفقرة الثالثة: " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ". فهو حديث صحيح مشهور من رواية جمع من الصحابة، في " الصحيحين " وغيرهما، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1314) و" الروض 1024 "، " التعليق الرغيب " (2/225) . 1343 - " أنزل القرآن بالتفخيم كهيئة الطير: " عذرا أونذرا "، و" الصدفين " و" ألا له الخلق والأمر " وأشباه هذا في القرآن ". منكر أخرجه الحاكم (2/231 و2/242) من طريق بكار بن عبد الله: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف: حدثني أبو الزناد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: لا والله، العوفي مجمع على ضعفه، وبكار ليس بعمدة، والحديث واه منكر ". قلت: وأخرجه ابن الأنباري في " الإيضاح " (ق 3/1) من طريق عمار بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز القرشي قاضي المدينة قال: حدثنا أبو الزناد دون قوله: " كهيئة.. ". وهذا القاضي العوفي ضعيف جدا. قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". وعمار بن عبد الملك اثنان، والظاهر أنه الذي روى عن بقية، وهو متروك الحديث عند الأزدي. والله أعلم. وممن ضعف الحديث المناوي، فإنه قال بعد أن نقل رد الحافظ الذهبي على الحديث: 1343 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 الحاكم المتقدم: " وأنت بعد إذ عرفت حاله علمت أن المصنف في سكوته عليه غير مصيب ". قلت: ولقد كان موقف السيوطي في " الجامع الكبير " خيرا من ذلك، فإنه قال عقب عزوه للحاكم: " وتعقب ". يشير بذلك إلى تعقب الذهبي السابق. ثم إن كلام المناوي المذكور صريح في أن السيوطي لم يرمز له في " الصغير " بشيء ، ومع ذلك نرى عقب الحديث في شرح المناوي أنه رمز له بـ (صح) فلا أدري ماذا كان موقف لجنة " الجامع الكبير " هل اعتمدوا على هذا الرمز، أم على تضعيف المناوي إياه مع إشارة السيوطي فيه إلى تضعيفه كما هو المرجو؟ فإن كان كذلك فهل اعتبروا بذاك الرمز المناقض للتضعيف فلا يعتمدون بعد على رموز " الصغير "؟ ذلك ما نتمناه لهم. ثم رأيتهم قد حققوا الأمنية (ص 1426) فنصحوا، وعساهم أن يستمروا. 1344 - " أعربوا القرآن ". ضعيف أخرجه أبو علي الصواف في " الفوائد " (3/161/2) وأبو علي الهروي في " الأول من الثاني من الفوائد " (18/2) عن ليث عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف. وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا به، ولكنه واه جدا. أخرجه أبو بكر الشيرازي في " سبعة مجالس من الأمالي " (8/1) عن حفص بن سليمان : نا سعيد بن المرزبان عن الضحاك بن مزاحم عنه. وقال: " قال الحاكم: لم نكتبه من حديث أبي سعد البقال إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا فيه علل: 1 - الضحاك لم يسمع من ابن عباس. 2 - وسعيد بن المرزبان، وهو أبو سعد البقال ضعيف مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 1344 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 3 - وحفص بن سليمان وهو الأسدي الغاضري قال الحافظ: " متروك الحديث مع إمامته في القراءة ". ثم رأيت حديث ابن مسعود في " معجم الطبراني الكبير " من طريق ليث به موقوفا، ومرفوعا (8684 و8685) وزاد في المرفوع: " فإنه عربي ". وزاد بعد هذه الزيادة من طريق أخرى: " فإنه سيجيء قوم يثقفونه، وليسوا بخياركم ". وإسناده هكذا (8686) : حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن سيار أبي الحكم عن ابن مسعود قال: فذكره موقوفا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله هذا قال ابن عدي في " الكامل " (4/1568) : " حدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل، فإما أن يكون مغفلا، لا يدري ما يخرج من رأسه، أومتعمدا، فإني رأيت له غير حديث غير محفوظ ". وبه أعله الهيثمي (7/165) ، وأعل ما قبله بليث بن أبي سليم، ووهم المناوي في " الجامع الأزهر " فزعم أن في هذا أيضا ابن أبي سليم! وله شاهد آخر، ولكنه واه جدا، وفي متنه زيادة مستنكرة وهو الآتي بعده: 1345 - " أعربوا القرآن، والتمسوا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده ". ضعيف جدا أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/57/1) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 306/1) وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 98/2) والحاكم (2/439) والخطيب في " التاريخ " (8/77 - 78) وأبو بكر الأنباري في " الوقف والابتداء " (ق 4/2 إسكندرية) وأبو الفضل الرازي في " معاني أنزل القرآن على.. " (68 - 69) والسلفي في " معجم السفر " (ق 124/1) عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال الحاكم: الحديث: 1345 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 522 " صحيح الإسناد على مذهب جماعة من أئمتنا "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل أجمع على ضعفه ". قلت: وآفته عبد الله هذا، فإنه شديد الضعف. وقال الهيثمي (7/163) بعدما عزاه لأبي يعلى: " وهو متروك ". وأما قول المناوي في " الفيض ": " وقال المناوي: فيه ضعيفان ". فخطأ، إذ ليس فيه إلا هذا، وأما أبو هـ فثقة من رجال الشيخين. نعم رواه عن عبد الله بعض الضعفاء بزيادة على ما رواه الثقات عنه وهو: 1346 - " أعربوا القرآن، واتبعوا غرائبه، وغرائبه فرائضه، وحدوده، فإن القرآن نزل على خمسة أوجه، حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال ". ضعيف جدا رواه ابن جبرون المعدل في " الفوائد العوالي " (1/28/1) والثقفي في " الثقفيات " (ج9 رقم 14 نسختي) عن معارك بن عباد: حدثني عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري: حدثني أبي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في جزء له بخطه (ق 43/2) وسكت عليه، وهو ضعيف جدا كما تقدم في الذي قبله، لكنه الراوي عنه هنا معارك بضم الميم - ضعيف أيضا كما قال الدارقطني، وقال البخاري: " منكر الحديث ". لكن قال الحافظ ابن ناصر: " له شاهد عن عبد الله بن مسعود ". الحديث: 1346 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 523 ثم ذكره مرفوعا بلفظ: " كان الكتاب الأول ينزل.. " فذكره نحوه، لكن ليس فيه طرفه الأول إلى قوله: وحدوده، وهو من نصيب الكتاب الآخر (589) والحمد لله تعالى. 1347 - " أعربوا الكلام، كي تعربوا القرآن ". منكر أخرجه أبو عبيد في " غريب الحديث " (99/1) : حدثنا نعيم بن حماد عن بقية بن الوليد عن الوليد بن محمد بن زيد قال: سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن نعيم أخرجه أبو بكر الأنباري في " الوقف والابتداء " (ق 6/1) . قلت: وهذا إسناد مرسل أومعضل مظلم، لم أعرف منه إلا نعيم بن حماد وبقية بن الوليد وهما ضعيفان، وهذا مدلس وقد عنعنه، والوليد بن محمد الظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين. وقال المناوي في " الفيض " عن أبي جعفر هذا: " هو أبو جعفر الأنصاري الذي قال: رأيت أبا بكر ورأسه ولحيته كأنهما جمر الغضا ". قلت: ولا أدري مستنده فيما ذكره، ولوثبت ذلك لكان الحديث مرسلا وهو ينافي قوله أصله - أعني السيوطي - في " الجامع الصغير ": " رواه ابن الأنباري في " الوقف " والمرهبي في " فضل العلم " عن أبي جعفر معضلا ". فلوكان أبو جعفر هو ذاك الأنصاري عند السيوطي لم يجعله معضلا. فالله أعلم. الحديث: 1347 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 1348 - " إن لكل شيء سناما، وسنام القرآن سورة البقرة، فيها آية سيدة آي القرآن، لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي ". ضعيف أخرجه الترمذي (رقم 2881) وابن نصر في " قيام الليل " (68) والحاكم (1/560) وعبد الرزاق في " المصنف " (6019) والحميدي في " مسنده " (رقم 994) وابن عدي في " الكامل " (ق 69/1) من طريق حكيم بن جبير عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وضعفه الترمذي بقوله: الحديث: 1348 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 " لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير، وقد تكلم شعبة في حكيم وضعفه ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد، والشيخان لم يخرجا عن حكيم لوهن في رواياته، وإنما تركاه لغلوه في التشيع ". فأقول: ليس كما قال وإن وافقه الذهبي في " تلخيصه "؛ فإن أقوال الأئمة فيه، إنما تدل على أنهم تركوه لسوء حفظه، وليس لفساد مذهبه، فقال أحمد: " ضعيف الحديث، مضطرب الحديث ". وقال عبد الرحمن بن مهدي: " إنما روى أحاديث يسيرة، وفيها منكرات ". وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، منكر الحديث ". ولذا قال الذهبي في " الكاشف ": " ضعفوه، وقال الدارقطني: متروك ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف رمي بالتشيع ". وبالجملة فالحديث ضعيف، غير أن طرفه الأول قد وجد ما يشهد له من حديث عبد الله بن مسعود، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (588) . 1349 - " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن، سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 115) وابن حبان (رقم 1727 - موارد) من طريق أبي يعلى وهذا في " مسنده " (4/1826) وأبو نعيم في " أخبار الحديث: 1349 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 525 أصبهان " (1/101) عن خالد بن سعيد المدني عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أورده العقيلي في ترجمة خالد هذا، وقال: " لا يتابع على حديثه ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2/72) على قاعدته في توثيق المجهولين. وهو خالد بن سعيد بن أبي مريم التيمي كما في " اللسان " وقد جهله ابن القطان ، وقال ابن المديني: " لا نعرفه ". ولم نجد للحديث شاهدا نقويه به إلا طرفه الأول منه، وهو مخرج في " السلسلة الأخرى " كما ذكرت آنفا في الحديث الذي قبله. 1350 - " لكل شيء عروس، وعروس القرآن [الرحمن] ". منكر أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " شعب الإيمان "، وكذا في " المشكاة " (2180) وقد كشف عن علته المناوي فقال في " الفيض ": " وفيه أحمد (1) بن الحسن (دبيس) عده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال الدارقطني: ليس بثقة ". قلت: وترجمه الخطيب في " تاريخه " (4/88) وقال: " وكان منكر الحديث.. قرأت بخط الدارقطني.. ليس بثقة ". وإن من عجائب المناوي أن يخالف بنفسه هذا التضعيف الذي استفدناه منه، فيقول في " التيسير ": " وإسناده حسن "!   (1) الأصل " علي " والتصحيح من نسخة مخطوطة. اهـ الحديث: 1350 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 526 1351 - " من قرأ " قل هو الله أحد " عشرين مرة بنى الله له قصرا في الجنة ". منكر أخرجه حميد بن زنجويه في " كتاب الترغيب " له من طريق حسين بن أبي زينب عن أبيه عن خالد بن زيد رفعه. ذكره الحافظ في ترجمة خالد هذا من " الإصابة " وحكى أنه غير أبي أيوب الأنصاري ، ولم يتكلم على إسناده بشيء، وكذلك صنع المناوي في " فيض القدير "، وكأن ذلك لجهالته، فإن الحسين هذا - وفي " الفيض ": الحسن - وأباه لم أجد من ذكرهما. وفي المتن نكارة، فقد جاء الحديث من ثلاثة أوجه بلفظ: " عشر مرات ". وقد خرجته في " الصحيحة " (589) . الحديث: 1351 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 1352 - " سيليكم أمراء يفسدون، وما يصلح الله بهم أكثر، فمن عمل منهم بطاعة الله فلهم الأجر، وعليكم الشكر، ومن عمل منهم بمعصية الله فعليهم الوزر، وعليكم الصبر ". ضعيف جدا رواه الداني في " الفتن " (ق 164/1) وابن عدي (69/2) عن حكيم بن خذام: حدثنا عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، وقال ابن عدي: " حكيم بن خذام قال البخاري: منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". ومن طريقه أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " كما في " فيض القدير " وقال: قال الحافظ العراقي: " ضعيف ". واعتمده في " التيسير ". ثم رأيت الحديث قد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2/414) ، وقال عن أبيه : " هذا حديث منكر، وحكيم متروك الحديث ". الحديث: 1352 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 1353 - " سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله، فلا تعتلوا بربكم ". ضعيف بهذا اللفظ أخرجه الحاكم (3/357) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (5/329) من طريق مسلم بن خالد - وفي " الزوائد ": يحيى بن مسلم وأظنه تحريفا - عن ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة بن الصامت قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: ومسلم بن خالد فيه ضعف من قبل حفظه، لكن ذكر الحاكم أنه تابعه زهير بن معاوية، ويحتمل أن يكون يحيى بن مسلم الذي في طريق عبد الله بن أحمد هو غير مسلم بن خالد، ولكني لم أعرفه. وقد أخرجه أحمد (5/325) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خثيم: حدثني إسماعيل بن عبيد الأنصاري به إلا أنه لم يقل: عن أبيه. وإسماعيل بن عياض ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها. وقد روي عنه بإسناد آخر، أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (246) من طريق هشام ابن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره بنحوه وقال: " عبد العزيز؛ قال يحيى - يعني ابن معين -: ضعيف لم يحدث عنه إلا إسماعيل بن عياش ". قلت: وهو شامي حمصي، فحديثه هو المحفوظ من رواية إسماعيل بن عياش ولكنه ضعيف لما عرفت من حاله. وقد قال العقيلي في الحديث: " أما هذا اللفظ: " فلا تعتلوا "، فلا يحفظ إلا في هذا الحديث. وقد روي في هذا المعنى بخلاف هذا اللفظ رواية أحسن من هذه ". قلت: وقد فاته رواية إسماعيل بن عبيد المتقدمة، وهي أجود من هذه، غير أن إسماعيل هذا في عداد المجهولين كما أشار إلى ذلك الذهبي بقوله: الحديث: 1353 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 528 " ما علمت روى عنه سوى عبد الله بن عثمان بن خثيم ". قلت: ومع ذلك، فقد اختلفوا عليه في إسناده، فمنهم من قال: " عن أبيه " ومنهم من لم يقل، فهو علة الحديث. والله أعلم. وأما اللفظ الذي أشار إليه العقيلي فالظاهر أنه يعني حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برىء، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع "، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا ما صلوا ". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (3007) . (تنبيه) : قوله: " فلا تعتلوا " كذا وقع في حديث عبادة عند أحمد وابنه عبد الله، ووقع في " المستدرك " و" تلخيصه ": " فلا تعتبوا "! ! وفي " مجمع الزوائد " (5/226) : " فلا تقبلوا "! وفي " الجامع الكبير - المصورة " " فلا تضلوا "! وزاد في المخرجين " الشاشي ". وهذا اختلاف شديد في هذه اللفظة، ولعل الصواب فيها الوجه الأول لاتفاق رواية أحمد مع رواية ابنه عليها، ولموافقته لرواية العقيلي في حديث ابن عمرو بن العاص. وقد خفي أمر هذه الكلمة على الدكتور القلعجي، فلم يستطع أن يقرأها على الصواب في مخطوطة " ضعفاء العقيلي " الذي حققه في زعمه، فجاءت في مطبوعته (3/22) في موضعين منها بلفظ: " فلا تقتلوا برأيكم "! وعلق عليه بقوله: " في هامش الأصل: فلا تغلبوا ". وهكذا فليكن تحقيق الدكتور! وكم له في تعليقاته من مثل هذا وغيره من الأخطاء والأوهام التي تدل على مبلغه من العلم. والله المستعان. 1354 - " ما من امرىء يقرأ القرآن، ثم ينساه إلا لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم ". الحديث: 1354 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 529 ضعيف. أخرجه أبو داود (1474) من طريق ابن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: أولا: يزيد بن أبي زياد وهو الهاشمي مولاهم أبو عبد الرحمن كما قال المنذري ( 2/213) وهو ضعيف، تغير في كبره فصار يتلقن كما في " التقريب ". ثانيا: عيسى بن فائد - بالفاء - قال ابن المديني: " مجهول، لم يروعنه غير يزيد بن أبي زياد ". ثالثا: الانقطاع. قال ابن عبد البر: " هذا إسناد رديء، وعيسى بن فائد لم يسمع من سعد بن عبادة ولا أدركه ". قلت: ويؤيد ما قال، أن شعبة رواه عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى عن رجل عن سعد ابن عبادة به. أخرجه أحمد (5/284) والدارمي (2/437) وابن نصر في " قيام الليل " (74) . وتابعه خالد وهو ابن عبد الله الطحان عند أحمد (5/285) ، فذكر الرجل بين عيسى وسعد. 1355 - " من علم أن الله ربه، وأني نبيه صادقا من قلبه - وأومأ بيده إلى خلدة صدره - حرم الله لحمه على النار ". ضعيف أخرجه البزار (رقم - 14) وابن خزيمة في " التوحيد " (226) وأبو نعيم في الحلية (6/182) من طريق أيوب بن سليمان بن سيار الحارثي صاحب الكرى قال: حدثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان الحارسي عن معدان القصير عن عبد الله بن أبي القلوص عن مطرف عن عمران بن حصين قال: ألا أحدثكم بحديث ما حدثت به أحدا منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ : فذكره. وقال البزار: " ليس له إلا هذا الطريق، وابن أبي القلوص بصري، وعمر بن محمد بصري لا بأس به ". الحديث: 1355 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 530 قلت: وهذا إسناد ضعيف عبد الله بن أبي القلوص ومن دونه - غير القصير - غير مشهورين، أوردهم ابن أبي حاتم (2/2/142 و3/1/132 و1/1/249) ولم يذكر فيهم جرحا ولا تعديلا. ولا أستبعد أن يكون ابن حبان قد أوردهم في " كتاب الثقات " له على قاعدته المعروفة. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (1/22) : وقال: " رواه البزار، وفي إسناده عمران القصير وهو متروك، وعبد الله بن أبي القلوص ". وعلى هامشه ما نصه - وأظنه للحافظ ابن حجر -: " عمران القصير أخرج له الشيخان، ووثقه جماعة، وما علمت أحدا تركه، وعبد الله بن أبي القلوص ما علمت أحدا وثقه. كما في هامش الأصل ". وأورده الهيثمي في مكان آخر (1/19) وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " وفي إسناده عمر بن محمد بن عمر بن صفوان وهو واهي الحديث "! كذا قال! وإنما هو ابن معدان، ولعله تصحف عليه أوعلى ناسخ " الكبير " الذي كان عنده، فإني لا أعرف في الرواة من يدعى عمر بن محمد بن عمر بن صفوان، ولكن من أين أخذ الهيثمي وصفه إياه بأنه " واهي الحديث "؟ فلابد أن يكون وقع له فيه وهم، لم يتبين لي إلى الآن سببه، ولا سيما والبزار قال فيه: " لا بأس به " كما سبق. ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " (18/124/253) بعد أن طبع بتحقيق أخينا حمدي السلفي، فإذا هو فيه ".. ابن معدان " على الصواب. والحمد لله على توفيقه وأسأله المزيد من فضله. 1356 - " من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم لي عليه لحم. قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعته فاستجر به الملوك، واستمال به الناس. الحديث: 1356 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 531 ورجل قرأ القرآن فأقام حروفه، وضيع حدوده، كثر هؤلاء من قراء القرآن لا كثرهم الله. ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره، فأقاموا به في مساجدهم، بهؤلاء يدفع الله بهم البلاء، ويزيل الأعداء ، وينزل غيث السماء، فوالله لهؤلاء من قرء القرآن أعز من الكبريت الأحمر ". موضوع أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/148) من طريق أحمد بن ميثم بن أبي نعيم الفضل بن دكين: حدثنا علي بن قادم عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بردة عن أبيه مرفوعا. وقال ابن حبان: " لا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحمد هذا يروي عن علي بن قادم المناكير الكثيرة، وعن غيره من الثقات الأشياء المقلوبة ". وأقره الذهبي في " الميزان " والعسقلاني في " اللسان " ومن قبلهما ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " وقد رواه (1/148) وقال: " لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى عن الحسن البصري ". قلت: ولوائح الصنع والوضع ظاهرة عليه، ولقد أحسن السيوطي بإيراده إياه في كتابه " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 29) من رواية ابن حبان وساق كلامه عليه ، وكلام ابن الجوزي. وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/300) . ثم تناقض السيوطي فأورد الجملة الأولى من الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " وزاد في " الجامع الكبير ": ابن حبان في " الضعفاء "، فتعقبه المناوي في فيض القدير " بما تقدم عن ابن حبان وابن الجوزي ، ثم نسي هذا أوتناساه فاقتصر في التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! (تنبيه) : وقع في " الفيض " خطآن: الأول: " ابن أبي حاتم " مكان " ابن حبان "، وهو خطأ مطبعي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 532 والآخر: " ضبير " محل " ميثم "، وقام في نفسي أول الأمر أنه خطأ مطبعي أيضا ولكني وجدته كذلك في مخطوطة الظاهرية من " فيض القدير ". والله أعلم. 1357 - " ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر ". موضوع رواه الترمذي (2/293) والدولابي في " الكنى " (2/99) والحاكم (3/190) وكذا العقيلي في " الضعفاء " (241) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1/190) وابن عدي في " الكامل " (ق 224/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13/29/1) من طريق عبد الله بن داود التمار قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي محمد ابن المنكدر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال أبو بكر أما إنك إن قلت ذاك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بذاك ". قلت: وعلته التمار أوشيخه عبد الرحمن، وفي ترجمة الأول أورده ابن عدي، وبالثاني أعله العقيلي فقال: " لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " لا يكاد يعرف، ولا يتابع على حديثه ". ثم ساقه. وأعله بالأول أيضا فقال في جزء " موضوعات من المستدرك ": " قلت: عبد الله هالك، وهذا باطل ". وقال في ترجمته من " الميزان ": " قال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان ". ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال: " هذا كذب ". الحديث: 1357 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 533 ولما قال الحاكم: " صحيح الإسناد " تعقبه الذهبي بقوله: " عبد الله ضعفوه، وعبد الرحمن تكلم فيه، والحديث شبه موضوع ". وقال ابن الجوزي: " هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يتابع عبد الرحمن عليه، ولا يعرف إلا به، وأما عبد الله بن داود فقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، يروي المناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بروايته ". ثم إن الحديث ظاهر البطلان، لمخالفته لما هو مقطوع به: أن خير من طلعت عليه الشمس إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الرسل والأنبياء، ثم أبو بكر، وقد جاء من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ". أخرجه جمع من المحدثين منهم عبد بن حميد والخطيب وغيرهما، وهو أصح من الأول سندا ومتنا كما ترى، وقد حسنه بعضهم، ولكن الطرق المشار إليها بحاجة إلى دراسة دقيقة، وهذا مما لم يتيسر لي بعد. والله الموفق. 1358 - " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبو اب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولوبعد حين ". ضعيف أخرجه الترمذي (2/280) وابن ماجه (1752) وابن خزيمة (1901) وابن حبان (2407 و2408) وأحمد (2/304 - 305 و445 و477) من طريق سعد أبي مجاهد عن أبي مدلة عن أبي هريرة به. وقال الترمذي: " حديث حسن، وأبو مدلة هو مولى أم المؤمنين عائشة، وإنما نعرفه بهذا الحديث ". قلت: إذا كان كذلك فالقواعد تقتضي أنه رجل مجهول، وذلك ما صرح به بعض الأئمة، فقال ابن المديني: الحديث: 1358 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 534 " لا يعرف اسمه، مجهول، لم يروعنه غير أبي مجاهد ". قلت: فمثله لا يحسن حديثه، ولا سيما أنه مخالف لحديث آخر عن أبي هريرة خرجته في " الصحيحة " (596) ؛ ولذلك فما أحسن الغماري بإيراده إياه في " كنزه " (1545) . (تنبيه) : أبو مدلة هو مولى عائشة كما سبق عن الترمذي، وكذلك هو في " الجرح والتعديل " (4/2/444) و" التهذيب " وغيرهما، وشذ ابن خزيمة فقال: " وهو مولى أبي هريرة "! (وانظر صحيح ابن ماجه / " كتاب " الصيام " بقلمي، وهو وشيك الصدور) . 1359 - " القبلة حسنة، والحسنة عشرة ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (11/2) وأبو نعيم في " الحلية " (7/255) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر قال: " جاء أبو سعيد الخدري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابنه فقبله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن عدي: " هذا حديث باطل بهذا الإسناد ". وقال أبو نعيم: " غريب، تفرد به إسماعيل ". قلت: وهو ابن يحيى التيمي كذاب مجمع على تركه، وهو من الأحاديث التي شان بها السيوطي " الجامع الصغير " وبيض المناوي له فلم يبين حاله! لا في " الفيض " ولا في " التيسير ". ومن أحاديثه التي لا تعرف إلا من طريقه وشان بها أيضا السيوطي " جامعه ": الحديث: 1359 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 1360 - " التسويف شعاع الشيطان يلقيه في قلوب المؤمنين ". موضوع أخرجه ابن عدي (11/2) والديلمي في " مسند الفردوس " (2/1/50) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر عن حميد بن سعد عن أبي سلمة عن أبيه رفعه، وقال: الحديث: 1360 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 " إسماعيل يحدث عن الثقات بالبواطيل ". قلت: وفيه علتان أخريان: إحداهما: الانقطاع بين أبي سلمة وأبيه عبد الرحمن بن عوف فإنه لم يسمع منه. والأخرى: حميد بن سعد لم أعرفه، وبه أعله المناوي وقد عزاه أصله للديلمي فقط، فقال: " قال الذهبي في " الضعفاء ": مجهول ". قلت: الذي في " الضعفاء " و" الميزان " و" اللسان " حميد بن سعيد، وهذا ابن سعد. (تنبيه) : وقع في " الجامع الصغير ": " شعار " والصواب ما أثبتنا، وهو نص الديلمي كما ذكر المناوي وكذلك هو في " الجامع الكبير ". ومن أكاذيب ذاك التيمي: " قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب ". 1361 - " قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب ". موضوع أخرجه ابن عدي (11/2) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا سفيان الثوري قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال ابن عدي: " وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ليس يرويه غير إسماعيل ". قلت: وقد عرفت أنه كذاب، ولقد شان السيوطي كتابه " الجامع " بإيراده فيه هذا الحديث، وأمثاله مما تقدم التنبيه عليه، وقد أخذ المناوي عليه إيهامه بسكوته عليه أن ابن عدي خرجه وسكت عليه! فقال: " الأمر بخلافه، بل قال: هذا الحديث.. باطل ليس يرويه غير إسماعيل بن مسعدة (!) (1) وكان يحدث عن الثقات بالبواطيل. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن   (1) كذا ولعله خطأ مطبعي والصواب " إسماعيل بن يحيى " كما سبق. اهـ الحديث: 1361 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 536 الأثبات، لا تحل الرواية عنه ". ثم تجاهل هذا كله المناوي في " التيسير " فاقتصر على تضعيفه فقط! ! 1362 - " ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع ". ضعيف أخرجه الترمذي (4/292 - تحفة و22/126/1 - مخطوط) وابن حبان (2402) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (348/2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (13/248/2) وابن عدي في " الكامل " (331/2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/289) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (1/501) من طرق عن قطن ابن نسير: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث غريب، ورواه غير واحد عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ولم يذكروا فيه: عن أنس. حدثنا صالح بن عبد الله قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.. ". قلت: فذكره دون قوله: " كلها ". وزاد مكانها: " حتى يسأله الملح، وحتى يسأله.. ". قلت: وهكذا مرسلا رواه ابن عدي أيضا من طريق القواريري: حدثنا جعفر به (1) . دون الزيادة. وزاد عقبه: " فقال رجل للقواريري: إن لي شيخا يحدث به عن جعفر عن ثابت عن أنس؟ فقال القواريري: باطل. وهذا كما قال ". قلت: يعني أن وصله باطل، وأن الصحيح إرساله. وقال الضياء عقب الحديث:   (1) قلت: لكن وقع في النسخة موصولا أيضا، وهو خطأ من الناسخ كما يدل عليه كلام ابن المديني الآتي ذكره، وقد نقله الذهبي عنه على الصواب، وكذا الحافظ في " التهذيب ". اهـ الحديث: 1362 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 537 " وقد ذكره علي بن المديني من مناكير جعفر بن سليمان، قلت: ولا أعلم رفعه إلا قطن بن نسير ". قلت: وهو مختلف فيه، روى له مسلم في " صحيحه " حديثا واحدا، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وضعفه أبو زرعة، وقال ابن عدي: " يسرق الحديث ويوصله ". وقال ابن أبي حاتم (3/2/138) : " سئل أبو زرعة عنه؟ فرأيته يحمل عليه. ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس مما أنكر عليه ". قلت: فالحديث من مناكيره، لا من مناكير شيخه جعفر، فما قاله ابن المديني فيه نظر. هذا وقد كنت حسنت الحديث فيما علقته على " المشكاة " رقم (2251 - 2252) وكانت تعليقات سريعة لضيق الوقت، فلم يتح لي يومئذ مثل هذا التوسع في التتبع والتخريج الذي يعين على التحقيق والكشف عن أخطاء الرواة، وأقوال الأئمة فيهم وفي أحاديثهم المنكرة منها. والله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي وعمدي، وكل ذلك عندي! (تنبيه) : لم يرد الحديث في طبعة بولاق من " سنن الترمذي "، فلا أدري أسقط منها أومن أصلها إطلاقا؟ أم من المكان الذي هو فيه في المخطوطة ونسخة " التحفة "؟ وهو آخر كتاب الدعوات، وهو فيه في طبعة الدعاس رقم (3607) والله أعلم. (تنبيه آخر) : إن الحديث من الطريق المرسلة التي فيها الزيادة، قد رواها البزار موصولا من حديث أنس، فقال الهيثمي في " المجمع " (10/150) . " ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة ". ونقل هذا عنه المناوي وأقره، وفي ذلك كله نظر، فإن سيارا هذا حاله مثل حال قطن تماما، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال القواريري: كان معي في الدكان، لم يكن له عقل، قيل: أتتهمه؟ قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 538 لا. وقال غيره: صدوق سليم الباطن ". فهو من الضعفاء الذين لا يحفظون، فيقعون في الخطأ، ولا يتعمدونه. ثم هو من الرواة عن جعفر بن سليمان شيخ قطن في هذا الحديث، فالظاهر أنه متابع لقطن في وصله، ولكني لا أقطع بذلك لأني لم أقف على إسناد البزار، ولقول الضياء المتقدم: " ولا أعلم رفعه إلا قطن ". والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم وقفت على إسناد البزار بطريق " كشف الأستار " - كتاب الأدعية - قال: حدثنا سليمان بن عبيد الله الغيلاني: حدثنا سيار بن حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس به وزاد: " وحتى يسأله الملح ". وقال الحافظ ابن حجر في " زوائده " (ص 305) : " وإسناده حسن ". قلت: وفيما قاله نظر من وجهين: الأول: مخالفته للذين أرسلوه، منهم صالح بن عبد الله - وهو الباهلي الترمذي ، والقواريري، واسمه عبيد الله بن عمر - كما تقدم، وكلاهما ثقة. والآخر: أن سيارا فيه ضعف كما تقدم عن القواريري، وقد أشار إلى ذلك الحافظ نفسه بقوله فيه في " التقريب ": " صدوق له أوهام ". فمن كان مثله في الوهم لا يرجح وصله على إرسال من أرسله من الثقات، كما لا يخفى على عارف بعلم مصطلح الحديث، بل لوقيل فيه: إنه لا يحتج به مطلقا ولو لم يخالف لم يكن بعيدا عن الصواب، وإلى ذلك يشير كلام الحافظ في مقدمة كتابه المذكور في فصل (المراتب) . لا يقال: قد تابعه قطن بن نسير كما تقدم، لأننا نقول: قد عرفت من قول ابن عدي المتقدم فيه: أنه يسرق الحديث ويوصله. فمن الممكن أن يكون سرقه من سيار هذا. والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 539 وقد جاء الحديث عن عائشة رضي الله عنها نحوه موقوفا عليها، فلا يصلح شاهدا، ولكن البعض ذكروه في المرفوع فوجب الكلام عليه، وهو التالي: " سلوا الله كل شيء، حتى الشسع، فإن الله إن لم ييسره، لم يتيسر ". 1363 - " سلوا الله كل شيء، حتى الشسع، فإن الله إن لم ييسره، لم يتيسر ". موقوف أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (216/2) : حدثنا محمد بن عبد الله: حدثنا هاشم ابن القاسم عن محمد بن مسلم بن أبي الوضاح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " سلوا الله.. ". قلت: وهذا سند موقوف جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وفي ابن أبي الوضاح كلام يسير لا يضر إن شاء الله تعالى. ومحمد بن عبد الله هو ابن نمير كما في إسناد حديث عنده قبل هذا. ومن طريق أبي يعلى رواه ابن السني في " اليوم والليلة " (349) موقوفا. وقد أورده السيوطي في " الجامع " مرفوعا طبعا، وتبعه المناوي ونقل عن الهيثمي أنه قال: " رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن المنادي (كذا) وهو ثقة ". فلا أدري أسقط من نسختنا المصورة من " أبي يعلى " رفعه، أم وقع فيها مرفوعا في مكان آخر؟ ذلك ما سيتبين بعد فراغي من قراءة " مسند أبي يعلى " كله إن شاء الله تعالى. ثم فرغت من قراءة " المسند " كله، فلم أعثر على الحديث في موضع آخر منه، ثم رجعت إلى " مجمع الزوائد " للحافظ الهيثمي، فإذا به قد ذكره (10/150) من طريق أبي يعلى موقوفا أيضا، وقال في رجاله ما نقله المناوي عنه. فتأكدت من كون الحديث موقوفا عنده وازددت تأكدا حين رأيت ابن السني في " اليوم والليلة " (349) رواه عنه موقوفا، فعلمت أن السيوطي وهم في إيراده إياه في " الجامع الصغير "، وأن المناوي ذهل عنه. كما أنني أنا نفسي كنت أخطأت أيضا في ذكري إياه مرفوعا تحت الحديث المتقدم برقم (21) (ص 29) ، وكان ذلك اعتمادا على " الجامع الصغير " وشرحه قبل أن الحديث: 1363 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 540 أقف على إسناد أبي يعلى، فلما وقفت عليه بادرت إلى تحقيق الكلام فيه، وانتهى ذلك إلى أنه موقوف على السيدة عائشة رضي الله عنها. ثم رأيت السيوطي قد ذكر ذلك في " الجامع الكبير " (رقم 14719 - طبع مصر - تحقيق اللجنة) فقال بعد أن ذكر الحديث بنحوه: " رواه هب وضعفه عن أبي هريرة، هب عن عائشة موقوفا ". فصرح أن حديث عائشة موقوف، لكن فاته أنه عند أبي يعلى وابن السني. (تنبيه) : وقع في " المجمع " (.. ابن المنادي) وتبعه عليه المناوي وهو خطأ كما أشرت إليه، والصواب (ابن نمير) كما ذكرت آنفا، ويؤكده أنه وقع مصرحا به في رواية ابن السني المتقدمة عن أبي يعلى، وخفي هذا الخطأ على لجنة " الجامع الكبير " فنقلوه عن " المجمع " على خطئه! وعن المناوي كذلك، ولكنهم وقعوا في خطأ آخر فقالوا فيه: " ابن المناوي "! وهو خطأ مطبعي لم يتنبهو اله.! 1364 - " خمس دعوات يستجاب لهن: دعوة المظلوم حتى ينتصر، ودعوة الحاج حتى يصدر، ودعوة المجاهد حتى يقفل، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب ". موضوع أخرجه أبو محمد المخلدي في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (71 - 72) ومحمد بن يوسف بن إلياس في " مشيخته " (180/2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (51/2) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. وقال الضياء: " قال - يعني شيخ شيخه أبا بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي -: حديث عزيز صحيح حسن عال "! قلت: أنى له الحسن، بله الصحة؛ وعبد الرحيم هذا كذاب كما قال ابن معين؟ ! وقال البخاري: تركوه. وقد مضى له عدة أحاديث. وأبو هـ زيد العمي ضعيف أيضا، ولكنه خير من ابنه. وبه أعله المناوي، وهو الحديث: 1364 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 541 تقصير، موهم سلامته من علة أخرى أكبر! وتعقب أصله السيوطي الذي عزاه للبيهقي في " شعب الإيمان " فقط، بأن الحاكم رواه عنه أيضا، ومن طريقه أورده البيهقي مصرحا فكان عزوه إليه أولى. قلت: ولم أره عند الحاكم الآن ولا بعد أن وضعت له فهرسا عاما لجميع أحاديثه وآثاره وغير ذلك وسميته " بغية الحازم في فهارس مستدرك أبي عبد الله الحاكم " فلعله في بعض كتبه الأخرى، وفي آخره عند البيهقي: " وأسرع هذه الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب ". وقد روي الحديث بإسناد آخر عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب.. " الحديث. وسيأتي تخريجه وبيان علته برقم (3602) . لكن هناك شواهد لدعوة المظلوم، ودعوة الأخ لأخيه في الغيب، فراجعها إن شئت في " الصحيحة " (767 و1339) . 1365 - " من حلق على يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليتركها، فإن تركها كفارتها ". منكر أخرجه ابن ماجه (1/648) عن عون بن عمارة: حدثنا روح بن القاسم عن عبيد الله ابن عمرو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره. قلت: لكنه لم يتفرد به، فقال الطيالسي في " مسنده " (221 - منحة) : حدثنا خليفة الخياط ويكنى أبا هبيرة عن عمرو بن شعيب به إلا أنه قال: " فليأتها فهي كفارتها ". وأخرجه أحمد (2/185 و210 - 211) من هذا الوجه بهذا اللفظ دون قوله: " فليأتها "، هذا في الموضع الآخر، وقال في الموضع الأول: " فتركها كفارتها ". وتابعه أيضا عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب به بلفظ: الحديث: 1365 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 542 " فليدعها وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها ". أخرجه أبو داود (2/76) وعنه البيهقي (10/33 - 34) . لكن أخرجه النسائي (2/141) من هذا الوجه بلفظ: " فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير ". فكان بعض الرواة عنده جرى فيه على الجادة! لكن يشهد له أنه روي كذلك من طريق أخرى عن ابن عمرو، فقال الإمام أحمد في " المسند " وابنه في " زوائده " (2/204) : حدثنا الحكم بن موسى: حدثنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عنه به. وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مسلما هذا وهو الزنجي فيه ضعف من قبل حفظه، وقد مشاه بعض الأئمة، وأخرج حديثه هذا ابن حبان في " صحيحه " (1180 - موارد) . عدنا إلى حديث عمرو بن شعيب، فرواه عنه عبد الرحمن بن الحارث مختصرا بلفظ: " من حلف على معصية الله فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له ". أخرجه البيهقي وقال: " وقد روي في هذا الحديث زيادة تخالف الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ". ثم ساق رواية عبيد الله بن الأخنس المتقدمة من طريق أبي داود. وقد روي الحديث عن عائشة وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة: 1 - أما حديث عائشة، فيرويه حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عنها مرفوعا بلفظ: " من حلف في قطيعة رحم، أوفيما لا يصلح، فبره أن لا يتم على ذلك ". أخرجه ابن ماجه (1/648) وقال البوصيري (ق 130/2) : " هذا إسناد ضعيف، لضعف حارثة بن أبي الرجال ". قلت: وقد روي من طريق أخرى عنها مرفوعا باللفظ المعروف، وهو مخرج في " إرواء الغليل " (2144) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 543 2 - وأما حديث أبي سعيد فيرويه ابن لهيعة: حدثنا دراج عن أبي الهيثم عنه بلفظ " فكفارتها تركها ". أخرجه أحمد (3/75 - 76) وإسناده ضعيف، ابن لهيعة وشيخه ضعيفان. 3 - وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البيهقي من طريق يحيى بن عبيد الله عن أبيه عنه به مرفوعا بلفظ: " فأتى الذي هو خير فهو كفارته ". وبعد هذا التخريج أقول: إن الحديث بهذا اللفظ المذكور أعلاه، والألفاظ الأخرى التي في معناه مما لم يطمئن القلب لصحته، لأن جميع طرقه ضعيفة كما رأيت، وخيرها الأولى منها وهي طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لكن الرواة قد اختلفوا عليه، وهو نفسه قد خالفه الزنجي عن هشام بن عروة كما سبق فلم ينشرح الصدر للأخذ بشيء من ذلك إلا برواية النسائي: " فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير "، لأنها هي الموافقة لسائر الأحاديث في الباب عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثرهم لحديثه عدة طرق عنه، وقد خرجتها في المصدر السابق، وهي صريحة في وجوب الكفارة خلافا لهذا اللفظ فإنه لا يثبتها، بل ظاهره يدل على أن مجرد ترك اليمين هو الكفارة، وعليه يكون الحديث بهذا اللفظ منكرا أوشاذا على الأقل، وفي كلمة البيهقي المتقدمة ما يشير إلى ذلك. والله أعلم. ولوصح الحديث لكان من الممكن تأويله على وجه لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة فقد قال السندي في تعليقه على حديث عائشة المتقدم: " قوله: (فبره أن لا يتم على ذلك) ظاهره أنه البر شرعا فلا حاجة معه إلى كفارة أخرى كما في صورة البر، لكن الأحاديث المشهورة تدل على وجوب الكفارة، فالحديث إن صح يحمل على أنه بمنزلة البر في كونه مطلوبا شرعا، فإن المطلوب في الحلف هو البر، إلا في مثل هذا الحلف، فإن المطلوب فيه الحنث، فصار الحنث فيه كالبر، فمن هذه الجهة قيل: إنه البر، وهذا لا ينافي وجوب الكفارة. وهذا هو المراد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 544 في الحديث الآتي إن صح أن يراد بالكفارة البر. فليتأمل ". قلت: يعني هذا الحديث، وهو كلام وجيه متين لوصح الحديث، فإذا لم يصح فلا داعي للتأويل، لأنه فرع التصحيح كما لا يخفى. 1366 - " كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أونهي عن منكر، أوذكر الله ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/1/261) والترمذي (2/66) وابن ماجه ( 2/274) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 5) وابن أبي الدنيا وأبو يعلى في " مسنده " (4/1701) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 199/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 22/2) والبيهقي في " الشعب " ( 1/316 - هند) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 246/2) والخطيب في " التاريخ " (12/434) كلهم من طريق محمد بن يزيد بن خنيس المكي: حدثنا سعيد بن حسان قال : حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به. وفي رواية عن ابن خنيس قال: كنا عند سفيان الثوري نعوده، فدخل عليه سعيد بن حسان المخزومي - وكان قاص جماعتنا، وكان يقوم بنا في شهر رمضان - فقال له سفيان: كيف الحديث الذي حدثتني عن أم صالح؟ قال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (فذكره بلفظ: " كلام ابن.. " دون قوله: " كل ") قال محمد بن يزيد: قلت: ما أشد هذا؟ فقال: وما شدة هذا الحديث؟ إنما جاءت به امرأة عن امرأة [عن امرأة] ، هذا في كتاب الله عز وجل الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم، فقرأ: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال: " والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ". وقال: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أومعروف أوإصلاح بين الناس " الآية. الحديث: 1366 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 545 أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/246/484) والحاكم (2/512 - 513) والسياق له والخطيب (12/321) . وفي رواية أخرى له عن ابن خنيس قال: دخلت مع سعيد بن حسان على سفيان الثوري نعوده، فقال: كيف الحديث الذي حدثتني به؟ فقلت: حدثتني أم صالح.. فذكره وفيه الزيادة التي يسن المعكوفتين، وقال مكان: " أوذكر الله ": " أوالصلح بين الناس ". وهذه الرواية شاذة متنا وسندا: أما المتن فظاهر. وأما السند، فلأنه جعله من تحديث ابن خنيس عن أم صالح، والصواب أنه من تحديثه عن سعيد بن حسان عنها كما في الروايتين المتقدمتين. وعلى كل حال فالحديث بجميع رواياته ضعيف لا يصح، لأن مدارها على ابن خنيس، وقد أعل به، وإنما العلة عندي ممن فوقه، فقال الترمذي: " حديث غريب (وفي نسخة: حسن غريب) لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خنيس ". وقال الحافظ المنذري في " الترغيب " (4/10) : " رواته ثقات، وفي محمد بن يزيد كلام قريب لا يقدح، وهو شيخ صالح ". قلت: وما ذكره في ابن يزيد هو قول أبي حاتم فيه، وقد تبناه الذهبي في " الكاشف "، ولذلك قال في " الميزان ": " هو وسط ". قلت: وأما قول المنذري آنفا: " رواته ثقات " فليس على إطلاقه بصواب، لأن أم صالح هذه لم يوثقها أحد فيما علمت، بل أشار الذهبي إلى أنها مجهولة، فقال في " الميزان ": " تفرد عنها سعيد بن حسان المخزومي ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 546 وقال الحافظ في " التقريب ": " لا يعرف حالها ". قلت: فهي مجهولة العين، فهي علة الحديث. والله أعلم. (تنبيه) : لقد أورد الغماري هذا الحديث في جملة من الأحاديث الضعيفة والمنكرة التي غص بها " كنزه "! دونما بحث أوتحقيق، بل ران عليه الجمود والتقليد كما سبق التنبيه عليه مرارا تعليما وتحذيرا، وهنا اغتر بكلام المنذري السابق وتوهم منه سلامة السند من الجهالة التي بينتها ... والله المستعان. 1367 - " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس ". ضعيف رواه ابن شاهين في " الترغيب " (284/2) وأبو نعيم في " الحلية " (6/268) وأبو يعلى واللفظ له (204/1) والبيهقي في " الشعب " (1/326 - هندية) من طريق عدي بن أبي عمارة الذراع: حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك مرفوعا . وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (9/307) : " غريب ". وقال الهيثمي (7/149) : " رواه أبو يعلى، وفيه عدي بن أبي عمارة وهو ضعيف ". قلت: وشيخه زياد النميري ضعيف أيضا كما في " التقريب " ولذلك أشار المنذري إلى تضعيف الحديث في " الترغيب والترهيب " (2/230 - 231) وصرح بذلك الحافظ كما يأتي. وقد عزاه صاحب " المشكاة " (2281) للبخاري تعليقا من حديث ابن عباس مرفوعا. وهو خطأ من وجوه عديدة: الأول: أنه عند البخاري في آخر " التفسير " عن ابن عباس موقوفا، وهذا مرفوع. والثاني: أنه بلفظ: " الوسواس: إذا ولد خنسه الشيطان، فإذا ذكر الله عز وجل ذهب، وإذا لم يذكر الحديث: 1367 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 547 الله ثبت على قلبه ". فهذا غير حديث الترجمة كما هو ظاهر. الثالث: قال الحافظ في صورة تعليق البخاري لهذا الحديث: " قوله: وقال ابن عباس: الوسواس.. كذا لأبي ذر، ولغيره. " ويذكر عن ابن عباس " وكأنه أولى لأن إسناده إلى ابن عباس ضعيف.. ". ولم يعلق الشيخ علي القارىء في " المرقاة " (3/11) على هذا العزوبشيء! 1368 - " والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى، ووارثي ". فقال: يا رسول الله! وما أرث منك؟ قال: " ما أورثت الأنبياء " . قال: وما أورثت الأنبياء قبلك؟ قال: " كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: " إخوانا على سرر متقابلين "، " الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض ". موضوع أخرجه الطبراني في " الكبير " (5146) من طريق عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي: حدثنا يزيد بن معن: حدثني عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة فجعل يقول: " أين فلان بن فلان؟ " فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده فقال: " إني محدثكم بحديث فاحفظوه، وعوه وحدثوا به من بعدكم: إن الله اصطفى من خلقه خلقا " ثم تلا هذه الآية: " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف منكم من أحب أن أصطفيه ومواخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة، قم يا أبا بكر! فقام فجثا بين يديه فقال: " إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها، فلوكنت متخذا الحديث: 1368 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 548 خليلا لاتخذتك خليلا، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي ". وحرك قميصه بيده ". ثم قال: " ادن يا عمر! " فدنا فقال: " قد كنت شديد الشغب علينا أبا حفص! فدعوت الله أن يعز الدين بك أوبأبي جهل، ففعل الله ذلك بك، وكنت أحبهما إلي، فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة ". ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر. ثم دعا عثمان فقال: " ادن يا عثمان ادن يا عثمان! " فلم يزل يدنومنه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نظر إليه ثم نظر إلى السماء فقال: " سبحان الله العظيم " ثلاث مرات ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة فزررها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: " اجمع عطفي ردائك على نحرك ، فإن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب دما فأقول : من فعل هذا بك؟ فتقول: فلان وفلان، وذلك كلام جبريل عليه السلام، وذلك إذ هتف من السماء: ألا إن عثمان أمين على كل خاذل ". ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: " إن يا (كذا الأصل، ولعل الصواب: أنت) أمين الله والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة وقد أخرتها ". قال: خر لي يا رسول الله قال: " حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر الله مالك ". قال: وجعل يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان. ثم دخل طلحة والزبير فقال: " ادنوا مني " فدنوا منه فقال: " أنتما حواريي كحواريي عيسى ابن مريم عليه السلام " ثم آخى بينهما. ثم دعا سعيد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال: " يا عمار! تقتلك الفئة الباغية " ثم آخى بينهما. ثم دعا عويمرا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال: " يا سلمان! أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر والكتاب الأول والكتاب الآخر "، ثم قال: " ألا أرشدك يا أبا الدرداء؟ " قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: " إن تنقد ينقدوك، وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك "، فآخى بينهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 549 ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: " أبشروا وقروا عينا فأنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ". ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي يهدي من الضلالة ". فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي، وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري، فإن كان من سخطة علي، فلك العتبى والكرامة، فقال: (فذكره) . قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ الرجل من قريش لم يسم. واللذان دونه لم يترجم لهما أحد. وعبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي، قال ابن أبي حاتم (3/66) عن أبيه: " ضعيف الحديث ". وقال البخاري في " التاريخ الكبير " (3/2/117) وقد ساق له حديثا آخر: " لا يتابع عليه ". قلت: ولوائح الصنع والوضع لائحة على هذا الحديث. والله أعلم. 1369 - " كان إذا جلس مجلسا فأراد أن يقوم استغفر الله عشرا، إلى خمس عشرة ". موضوع أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (ق 91/2) وعنه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (446) وابن عدي في " الكامل " (53/1) من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته جعفر هذا، فقد كذبه شعبة. وقال البخاري: " تركوه ". وقد مضى له جملة من الأحاديث، وقال ابن عدي: " وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ". الحديث: 1369 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 550 1370 - " كان إذا قام من المجلس استغفر عشرين مرة فأعلن ". ضعيف أخرجه ابن السني (447) أخبرني أبو أيوب الخزاعي: حدثنا أبو علقمة نصر بن خزيمة: أخبرني أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ عن ابن عائذ قال: قال ابن ناسخ عبد الله الحضرمي رضي الله عنه: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، عبد الله بن ناسخ - بمهملتين - لا تصح له صحبة كما قال أبو نعيم. ونصر بن خزيمة أورده ابن أبي حاتم (4/1/473) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، ولا ذكر له راويا سوى شيخ ابن السني هذا وسماه سليمان بن عبد الحميد الحمصي . وأبو هـ هو خزيمة بن عبادة - وفي نسخة جنادة - بن محفوظ، ذكره في " التهذيب " في الرواة عن نصر بن علقمة، وأنه روى عنه نسخة كبيرة، ولم أجد له ترجمة وسائر الرواة ثقات، وابن عائذ اسمه عبد الرحمن. الحديث: 1370 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 551 1371 - " اللهم لا يدركني زمان، ولا تدركوا زمانا، لا يتبع فيه العليم، ولا يستحيى فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب ". ضعيف أخرجه أحمد (5/340) وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص 275 - 276) وأبو عمرو الداني في " كتاب السنن الواردة في الفتن " (8/2) عن ابن لهيعة: حدثنا جميل الأسلمي عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل: الأولى: الانقطاع، فإن جميلا هذا لم يثبت لقاؤه لأحد من الصحابة مع كونه مجهول الحال، فقد ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/516 - 517) من رواية ثلاثة عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأورده ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " (6/147) وقال: " شيخ يروي المراسيل، روى عنه عمرو بن الحارث ". الثانية: جهالة حال جميل هذا كما سبق. الحديث: 1371 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 551 الثالثة: سوء حفظ ابن لهيعة، وقد خولف في إسناده، فقال: عمرو بن الحارث عن جميل بن عبد الرحمن الحذاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أخرجه الحاكم (4/510) وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! كذا قالا ، ومع أن فيه العلتين الأوليين، فهو أصح من الأول لأن عمرو بن الحارث ثقة، فهو أحفظ من ابن لهيعة. 1372 - " الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده ". ضعيف أخرجه البغوي في " شرح السنة " (144/2) والخطابي في " غريب الحديث " (67/1) من طريق قتادة عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه بين قتادة وابن عمرو، فقد قال الحاكم: " لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس ". وعن أحمد مثله. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لأبي يعلى والبيهقي في " شعب الإيمان "، وأعله بالانقطاع في شرح التقريب " كما نقله عنه المناوي. الحديث: 1372 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 552 1373 - " استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع، ومن طمع حيث لا مطمع ". ضعيف أخرجه أحمد (5/232 و247) وأبو عبيد في " الغريب " (ق 102/2) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 16/2) والهيثم بن كليب في " مسنده " (ق 166/1) والبزار أيضا (4/64/3208) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 20/93/179) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 60/2) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل مرفوعا به . ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (1/533) وقال: " مستقيم الإسناد ". ووافقه الذهبي! قلت: وهذا من عجائبه، فإنه قال في ترجمة الأسلمي هذا من " الميزان ": " ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني، وقال يحيى: " ليس بشيء " وقال البخاري: الحديث: 1373 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 552 " يتكلمون في حفظه ". وسئل عنه ابن المديني فقال: ذاك عندنا ضعيف ضعيف ". ثم لم يحك عن أحد توثيقه. ولذلك قال في " الكاشف ": " ضعيف ". وكذا قال الحافظ في " التقريب "، ومن قبله شيخه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/144) وبه أعل الحديث، وبه استدرك المناوي في " الفيض " على الذهبي إقراره المتقدم للحاكم فأصاب، ثم رجع عنه في " التيسير " فذكر قول الحاكم: " مستقيم الإسناد " وأقره! وقلده الغماري كعادته فأورده في " كنزه ". ثم رأيت البخاري قال في " التاريخ الكبير " (4/2/266) : " قال إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: نا عمرو بن الحارث قال: نا عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن جبير أن أباه حدثهم أن عوف ابن مالك خرج إلى الناس فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تتعوذوا من ثلاث.. فذكرها. وقال أبو نعيم عن عبد الله بن عامر.. (فساق إسناده المتقدم) . وقال وكيع: عن عبد الله بن عامر عن الوليد عن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل والأول أصح ". يعني رواية أبي نعيم الموصولة، لمتابعة جمع من الثقات لأبي نعيم على الوصل. ويشهد للموصول حديث عوف بن مالك الذي علقه أولا، وقد وصله الطبراني في " الكبير " (18/52/94) من طريقين عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء. وهو صدوق يهم كثيرا، كما قال الحافظ في " التقريب ". ولعله مما يدل على وهمه أن إسماعيل بن عياش قال: حدثني سليمان بن سليم الكناني عن يحيى بن جابر عن عوف بن مالك الأشجعي مرفوعا به. فلم يذكر بين يحيى بن جابر وعوف بن مالك عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، فهو منقطع، قال في " التهذيب ": " أرسل يحيى عن عوف ". أخرجه الطبراني (18/69/127 - 128 و2/274/647) من طرق عن إسماعيل بن عياش، وهو ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها، فالسند صحيح لولا الانقطاع. وله علة أخرى، وهي الاضطراب عليه في إسناده، فبعضهم قال: عن يحيى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 553 عن عوف، وهو الأكثر. وبعضهم قال: عنه عن المقدام بن معدي كرب. وهذا أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " أيضا (ص 276 - المصورة) . وبالجملة فقد اضطرب الرواة في ضبط إسناد هذا الحديث، ويمكن تلخيص ذلك بالوجوه التالية: الأول: عبد الله بن عامر الأسلمي بسنده عن جبير بن نفير عن معاذ. وفي رواية عنه لم يذكر معاذا فأرسله. الثاني: إسحاق بن إبراهيم بإسناده عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك. فذكر عوفا مكان معاذ! الثالث: إسماعيل بن عياش بسنده عن يحيى بن جابر عن عوف بن مالك. فأسقط من بين يحيى وعوف عبد الرحمن بن جبير وأباه، وفي رواية جعل المقدام مكان عوف. وأصح هذه الوجوه الأخير منها على انقطاعه واضطرابه. والخلاصة: أن الحديث ضعيف لا تطمئن النفس لشيء من هذه الطرق لاضطرابها وضعف بعض رواتها. والله سبحانه وتعالى أعلم. 1374 - " ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافع ومشفع، من لم يبلغ اثني عشر سنة ، ومن بلغ ثلاث عشرة سنة فعليه وله ". موضوع رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (90/2) : نا محمد بن غالب: حدثني عبد الصمد: نا ركن أبو عبد الله عن مكحول عن أبي أمامة رفعه. ومن طريق أبي بكر رواه ابن عساكر (6/139/1) في ترجمة ركن هذا، وروى عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: " حديثه ليس بالقائم ". وعن ابن معين: " ليس بثقة ". وعن النسائي: " متروك الحديث ". وقال الحاكم: " يروي عن مكحول أحاديث موضوعة ". الحديث: 1374 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 554 وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/15) وعنه الديلمي في " مسنده " ( 156) من طريق أخرى عن محمد بن غالب به إلا أنه قال: " اثنتي عشرة سنة ". وكذا هو في " الجامع الصغير " من رواية أبي بكر الشافعي وابن عساكر، وهو في " التاريخ " كما في " الفوائد ". والله أعلم. والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد بين في " الجامع الكبير " (14132) أن فيه ركن بن عبد الله؛ ربيب مكحول متروك. ومع ذلك تظل اللجنة القائمة على نشر " الجامع " والتعليق عليه تتعلق برموز " الجامع الصغير " فتقول نقلا عنه: " ورمز له بالحسن "! فما فائدة الركون إلى الرمز - لوصح أنه من السيوطي - وهو يصرح بنقيضه، وهو بين أيديهم وتحت أبصارهم، وفي الكتاب الذي كلفوا بالقيام بتحقيقه، أم هم لا يعلمون أن معنى قول السيوطي في الراوي: " متروك " يعني أنه شديد الضعف وأن ذلك ينافي الحسن؟ ! فإذا كان كذلك فهلا رجعوا إلى المناوي ليروا ما نقله عن أهل العلم وأئمة الجرح والتعديل؟ فقال في ركن هذا: " قال في " الميزان ": وهاه ابن المبارك، وقال النسائي والدارقطني: متروك . ثم ساق له هذا الخبر. وفي " اللسان " عن الحاكم: أنه يروي أحاديث موضوعة ". ولهذا قال في " التيسير ": " إسناده واه ". (تنبيه) : وقع في إسناد الحديث: " ركن أبو عبد الله "، وفي إسناد حديث آخر عند ابن عدي (3/1020) " ركن بن عبد الله " كما تقدم عن " الجامع الكبير "، وهكذا ترجمه ابن عدي، ولا منافاة بينهما كما قد يظن، فهو ركن بن عبد الله أبو عبد الله. والله أعلم. 1375 - " اذهب فاقلع نخله ". ضعيف أخرجه أبو داود (3636) من طريق أبي جعفر محمد بن علي عن سمرة بن جندب: الحديث: 1375 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 555 " أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرجل أهله، قال: فكان سمرة يدخل إلى نخله، فيتأذى به، ويشق عليه، فطلب إليه أن يبيعه ، فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له، فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه، فأبى، فطلب إليه أن يناقله، فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا، أمرا رغبه فيه، فأبى، فقال: أنت مضار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: ". فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم غير أن أبا جعفر هذا وهو الباقر لم يسمع من سمرة، فقد مات هذا سنة ثمان وخمسين. وولد أبو جعفر سنة ست وخمسين، وقيل: سنة ستين. وكل من القولين وجههما الحافظ في " التهذيب " . وأيهما كان الأرجح فهو لم يسمع من سمرة قطعا، وقد صرح بذلك بعضهم. 1376 - " صاحب الدين مأسور في قبره يشكوإلى الله الوحدة ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الأوسط " (880 - بترقيمي) والرافقي في " حديثه " (30/1 ) والروياني في " مسنده " (97/1) ونعيم بن عبد الملك الإستراباذي في " مجلس من الأمالي " (ق 160/1) والبغوي في " شرح السنة " (8/203) عن مبارك بن فضالة عن كثير أبي محمد عن البراء مرفوعا. وكذا أخرجه ابن عساكر في " حديث عبد الخلاق الهروي " (ق 235/1) وقال الطبراني: " لا يروى عن البراء إلا بهذا الإسناد، تفرد به مبارك ". قلت: وهو ضعيف لتدليسه، وأشار المنذري إلى إعلاله به في " الترغيب " (3/37 ) ، وقال الهيثمي في " المجمع " (4/129) : " وثقه عفان وابن حبان، وضعفه جماعة ". قلت: وشيخه كثير أبو محمد، أورده البخاري في " التاريخ " (4/1/26/913) وابن أبي حاتم في " الجرح " (3/2/159) وابن حبان في " الثقات " (5/332) من رواية ابن فضالة فقط عنه، وعطف عليه في " التهذيب " حماد بن سلمة أيضا، فإن صح ذلك فهو مجهول الحال، وإلا فهو مجهول العين. والله أعلم. الحديث: 1376 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 556 1377 - " صاحب الدين مغلول في قبره حتى يقضى عنه دينه ". ضعيف رواه ابن عدي (207/2) والديلمي (151) من طريقين عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو سفيان هذا اسمه طريف بن شهاب الأشل، وفي ترجمته أورده ابن عدي وقال في آخرها: " وقد روى عنه الثقات، وإنما أنكر عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأت بها غيره ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي عن أبي سعيد به إلا أن قال: " لا يفكه إلا قضاء دينه ". وقال المناوي: " وفيه أحمد بن يزيد أبو العوام، قال الذهبي في " الذيل ": مجهول ". قلت: فيه: أولا: أن ابن عدي رواه من غير طريقه كما أشرت إليه أعلاه. ثانيا: في " الديلمي ": " أحمد بن يزيد العوام " والصواب ما في " المناوي " لما يأتي. ثالثا: لم أجد ترجمة لأبي العوام هذا في شيء مما عندي من كتب الجرح والتعديل ، وإنما ذكره الخطيب ووثقه، فقال في " تاريخ بغداد " (5/227) : " أحمد بن يزيد أبو العوام الرياحي. حدث عن مالك بن أنس وهشيم بن بشير و ... و ... و ... ، روى عنه ابنه محمد، وكان ثقة، وكان يستملي على إسماعيل بن علية ". وإنما أوردت الحديث في هذه السلسلة للفظة " مغلول "، وإلا فالحديث صحيح نحوه بلفظ: " مأسور " وقد جاء فيه حديثان صحيحان، خرجتهما في " أحكام الجنائز " (ص 14 - 15) . الحديث: 1377 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 557 1378 - " للسائل حق، وإن جاء على فرس ". ضعيف روي من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله ابن عباس، وأنس بن مالك، والهرماس بن زياد، وأبي هريرة. 1 - أما حديث الحسين، فيرويه مصعب بن محمد عن يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت الحسين عن حسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/2/416) وأبو داود (1665) وأحمد (1/201 ) وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/186/2) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 317/2 ) والطبراني (رقم - 2893) وابن زنجويه في " الأموال " (13/21/1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومن جوده فقد أخطأ، فإن يعلى بن أبي يحيى مجهول كما قال أبو حاتم وتبعه الحافظ. ومصعب بن محمد، وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: " يكتب حديثه ولا يحتج به ". قلت: وقد اختلف عليه في إسناده، فرواه سفيان عنه كما ذكرنا. وقال ابن المبارك: عنه عن يعلى بن أبي يحيى مولى لفاطمة ابنة الحسين عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله فلم يذكر فاطمة في السند وإنما المولى. وقال ابن جريج: عنه عن يعلى عن سكينة بنت الحسين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل. أخرجهما ابن زنجويه. وروي على وجه آخر وهو: 2 - حديث علي: يرويه زهير عن شيخ - قال: رأيت سفيان عنده - عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. أخرجه أبو داود (1666) والقضاعي في " مسند الشهاب " (19/2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضا لجهالة هذا الشيخ الذي لم يسم، والظاهر أنه يعلى بن أبي يحيى الذي في الطريق الأولى، وقد عرفت جهالته. وقد رواه محمد بن زكريا الغلابي البصري: حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن الحديث: 1378 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 558 علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن أمه أم الحسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن ابن علي عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين به. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (ق 278/2) . والغلابي هذا كذاب وضاع. 3 - حديث ابن عباس، يرويه إبراهيم بن عبد السلام المكي: حدثنا إبراهيم بن يزيد عن سليمان عن طاووس عنه يرفعه. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (8/2) في ترجمة إبراهيم المكي هذا وقال: " وهذا الحديث إنما يعرف بغير إبراهيم هذا عن إبراهيم بن يزيد، سرقه ممن هو معروف به، وسليمان المذكور في هذا الإسناد هو سليمان بن أبي سليمان الأحول المكي، وإبراهيم هذا هو في جملة الضعفاء ". وقال في مطلع ترجمته: " ليس يعرف، حدث بالمناكير، وعندي أنه يسرق الحديث ". قلت: وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي المكي وهو متروك الحديث. وأما سليمان الأحول هذا فلم أعرفه. وبالجملة فالسند ضعيف جدا. 4 - حديث أنس، يرويه أبو هدبة عنه مرفوعا بلفظ: " إن أتاك السائل على فرس باسط كفه، فقد وجب الحق ولوبشق تمرة ". أخرجه أبو جعفر الرزاز في " ستة مجالس من الأمالي " (ق 119/1) وكذا الديلمي ، ومن طريقه أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 199) . وذلك لأن أبا هدبة هذا واسمه إبراهيم بن هدبة، قال الذهبي: " حدث ببغداد وغيرها بالأباطيل. قال أبو حاتم وغيره: كذاب ". 5 - حديث الهرماس. أورده الهيثمي في " المجمع " (3/101) بلفظ الترجمة وقال: " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وفيه عثمان بن فائد وهو ضعيف ". قلت: لم يورده الهيثمي في " زوائد المعجمين " ولا أنا في ترتيب " الصغير " منهما، فلا أدري أسقط مني أم من الناسخ؟ والسيوطي إنما عزاه في " الجامع الصغير " لـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 559 (طب) يعني الطبراني في " المعجم الكبير ". فالله أعلم. ثم رأيته في " المعجم الكبير " (22/203/535) من طريق عثمان المذكور. وقد جزم صاحبنا الشيخ حمدي السلفي في تعليقه على تخريج الهيثمي المتقدم بنفي رواية الصغير له، وقطع بأنه في " الأوسط ". ولم أره في فهرسه الذي كنت وضعته للنسخة المصورة التي عندي منه، وفيها خرم. فالله أعلم. ثم رأيت الحديث في ترجمة عثمان بن زائدة من " ثقات ابن حبان " قال (7/195) : حدثنا محمد بن خالد البردعي، بمكة من كتابه قال: حدثنا عبد العظيم بن إبراهيم السالمي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا عثمان بن زائدة: حدثنا عكرمة بن عمار قال: سمعت الهرماس بن زياد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بلفظ: " للضيف حق.. " إلخ. وقال ابن حبان عقبه: " أخاف أن يكون هذا عثمان بن فائد ". قلت: هذا أورده ابن حبان في " الضعفاء " (2/101) وقال: " روى عنه سليمان بن عبد الرحمن، يأتي عن الثقات بالأشياء المعضلات حتى يسبق إلى القلب أنه كان يعملها تعمدا ". قلت: وهذا الحديث من رواية سليمان كما ترى عند ابن حبان، وكذلك هو في " كبير الطبراني " كما تقدم مصرحا بأنه (ابن فائد) ، ولذلك قال ابن حبان: " أخاف.. " إلخ. قلت: وهذا مما يذكر اللبيب بتساهل ابن حبان في التوثيق، فإن هذه الترجمة وحديث صاحبها، تعني أنه لا يعلم شيئا عنه سوى وروده في هذه الرواية مع خوفه أن يكون اسمه تصحف على أحد رواته من " عثمان بن فائد " الضعيف إلى " عثمان بن زائدة " الذي لا يعرف إلا في هذه الرواية على شكه وخوفه المذكور. فتأمل! 6 - حديث أبي هريرة. قال ابن عدي في " الكامل " (216/2) : حدثنا علي بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 560 سعيد ابن بشير: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي: حدثنا معلى بن منصور: حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي صالح عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أعطوا السائل.. " الحديث. أورده في ترجمة عبد الله هذا وقال: " وهو مع ضعفه يكتب حديثه، على أنه قد وثقه غير واحد ". قلت: وفي " التقريب ": " صدوق فيه لين ". وقد خولف في إسناده، فرواه مالك في " الموطأ " (2/996/3) عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مرسلا، وهو الصواب. قال ابن عبد البر: " لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك، وليس فيه مسند يحتج به ". وقد روي عن زيد بن أسلم مرسلا على وجه آخر، أخرجه ابن زنجويه (13/21/1 - 2) عن عثمان بن عثمان الغطفاني عنه عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ورجاله ثقات غير عثمان هذا، قال الحافظ: " صدوق ربما وهم ". ثم رواه من طريق الهيثم بن جماز عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا مع إرساله ضعيف جدا، فإن الهيثم هذا متروك متهم بالكذب. ثم إن في طريق حديث أبي هريرة المتقدمة علي بن سعيد بن بشير قال الدارقطني: " ليس بذاك ". وقال ابن يونس: " تكلموا فيه ". وقد روي من طريق أخرى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا، ولا يصح كما يأتي بيانه برقم () . وله طريق أخرى، أخرجه ابن عدي (243/2) عن عمر بن يزيد عن عطاء عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 561 أبي هريرة به. وقال: " هذا الحديث عن عطاء غير محفوظ، وعمر بن يزيد منكر الحديث ". والحديث قال المناوي: " أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وتبعه القزويني، لكن رده ابن حجر كالعلائي ". قلت: رد الوضع مسلم، وأما الضعف فهو قائم، لأنه لا يوجد في كل هذه الطرق ما يمكن أن يشتد بعضه ببعض من المسندات، وإنما صح إسناده مرسلا عن زيد بن أسلم، كما رأيت، والمرسل من قسم الضعيف. والله أعلم. (تنبيهان) : الأول: لم أر الحديث في " اللآلي المصنوعة " للسيوطي، ولا في كتابه الآخر: " التعقبات على الموضوعات "، ولم يذكره ابن عراق في " تنزيه الشريعة ". والآخر: أن الشوكاني أورده في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " بلفظ الترجمة وقال: قال القزويني: " موضوع "، ثم أورده بلفظ حديث أنس (رقم 4) وقال: " ذكره في " الذيل " وفي " الوجيز "، قال العراقي: أخرجه أحمد في " مسنده " عن الحسين بن علي بسند جيد، وأخرجه أبو داود عنه، وعن علي رضي الله عنه ". فلوأن الشوكاني قال هذا في تخريج اللفظ الأول، لأصاب. وأما قول الحافظ العراقي: " بسند جيد "؛ فغير جيد؛ لما فيه من الجهالة والاضطراب كما سبق بيانه. والله تعالى هو الموفق للصواب. 1379 - " تهادوا الطعام بينكم، فإن ذلك توسعة في أرزاقكم، وعاجل الخلف من جسيم الثواب يوم القيامة ". موضوع رواه ابن عدي (261/2) من طريق هاشم بن محمد أبي الدرداء المؤدب: حدثنا عمرو ابن بكر: أخبرنا ميسرة بن عبد ربه عن غالب القطان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا وقال: الحديث: 1379 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 562 " غالب بن خطاف القطان الضعف على أحاديثه بين ". قلت: لكن الحمل في هذا الحديث على الراوي عنه ميسرة بن عبد ربه؛ فإنه وضاع باعترافه، ولذلك فإن السيوطي أساء بإيراده الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي! وسكت عنه المناوي في " الفيض "، وقال في " التيسير ": " إسناده ضعيف "! ثم إن السيوطي لم يذكر فيه قوله: " عاجل الخلف.. " بينما أورده بتمامه في " الجامع الكبير " (12877) لكن من رواية الديلمي عن ابن عباس، فلوأنه أورده في " الصغير " من روايته أيضا لكان أقرب، لأنه أخرجه (2/1/37) من طريق هاشم ابن محمد عن عمرو بن بكر عن غالب به. وعمرو بن بكر وهو السكسكي الشامي متروك، ولكنه يروي عن ميسرة بن عبد ربه فلعله تلقاه عنه ثم دلسه، أوأنه سقط من الناسخ لـ " مسند الديلمي "، وهذا هو الأقرب، لأنه عند ابن عدي من طريق هاشم نفسه كما سبق، وسكتت اللجنة القائمة على " الجامع الكبير " تبعا لسكوت المناوي في " الفيض " كما هي عادتها معه سلبا وإيجابا، لكنها زادت عليه فقالت: " رمز له السيوطي بالضعف! يعني في " الجامع الصغير "! وهذا مبلغ علمهم وتحقيقهم! 1380 - " ما أفلح صاحب عيال قط ". باطل أخرجه ابن عدي في " الكامل " (1/193) وعنه السهمي في " تاريخ جرجان " ( 284/488) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/281) عن أحمد بن حفص السعدي: حدثني أحمد بن سلمة الكسائي: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال ابن عدي: " هذا الكلام من قول ابن عيينة، وهذا منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأحمد بن سلمة حدث عن الثقات بالبواطيل، ويسرق الحديث ". وقال في أحمد بن حفص: الحديث: 1380 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 563 " حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليها ". ثم ساق له عدة أحاديث كلها من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بأسانيد لأحمد بن حفص إليه مختلفة كما قال الحافظ في " اللسان ". وقال ابن الجوزي عقب الحديث: " هذا حديث باطل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله قط، وأقواله على ضد هذا ". ثم ذكر ما تقدم عن ابن عدي. وأقره السيوطي في " اللآلي " (2/180 - 181) وابن عراق في " تنزيه الشريعة " وغيرهم. ورواه الديلمي في " مسند الفردوس " (39 - 40) من طريق ابن عدي بإسناده عن أيوب بن نوح المطوعي: حدثني أبي: حدثني محمد بن عجلان (الأصل: محمد بن محمد ابن عجلان) عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا به. وبهذه الرواية ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 175 - 176) وقال: " قال ابن عدي: هذا منكر ". وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/203) قرنه مع حديث عائشة رضي الله عنها، ولم يتكلما على إسناده بشيء، وكذلك فعل السخاوي في " المقاصد الحسنة "، وهو إسناد مظلم جدا، كل من دون ابن عجلان لم أجد لهم ذكرا في شيء من كتب التراجم، ومنها الكامل " لابن عدي، ولا وجدت هذا الحديث فيه، خلاف ما يوهمه صنيع السيوطي في نقله عن ابن عدي إنكاره إياه، فهو إنما قال هذا في حديث عائشة كما تقدم. ثم إن الحديث قال فيه الزرقاني في " مختصر المقاصد " (رقم 865 - تحقيق الأستاذ الصباغ) : " ضعيف جدا ". فأقول: يبدو لي أن الزرقاني في هذا القول نظر فقط إلى سند الحديث دون متنه، فإنه لما لم يجد في إسناده من صرحوا برميه بالكذب والوضع، وبخاصة إسناد الديلمي - اقتصر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 564 على التضعيف المذكور، وهذا ليس بجيد عند الأئمة النقاد كابن تيمية وابن القيم والذهبي وغيرهم، فإنهم في هذه الحالة لا يتوقفون عن الحكم على الحديث بالوضع إذا كان باطلا في معناه، وهذا هو واقع هذا الحديث، وقد أشار إلى ذلك ابن الجوزي ومن تبعه بقوله: " ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، وأقواله على ضد هذا ". يشير بهذا إلى الأحاديث الواردة في فضل الإنفاق على الزوجة والعيال، وهي كثيرة معروفة في " الترغيب " (3/79 - 83) وغيره منها قوله صلى الله عليه وسلم: " أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله ". أخرجه مسلم (994) والبخاري في " الأدب المفرد " (748) والترمذي (1967) وصححه وابن ماجه (2760) وأحمد (5/284) من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزادوا جميعا إلا ابن ماجه: " قال أبو قلابة [من قبله] : وبدأ بالعيال. ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم، أوينفعهم الله به ويغنيهم ". وما بين المعكوفتين لأحمد. (تنبيه) قول أبي قلابة هذا هو موقوف عليه ليس من تمام الحديث كما تراه مصرحا مفصولا عن الحديث، وقد وهم السخاوي رحمه الله فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإبطال حديث الترجمة، فقال عقبه: " وصح قوله صلى الله عليه وسلم: وأي رجل أعظم أجرا من رجل.. " إلخ! ونقله عنه الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " (2177) ، ثم الأستاذ الصباغ في تعليقه على " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " (رقم 396) ! 1381 - " خير لهو المؤمن السباحة، وخير لهو المرأة المغزل ". موضوع رواه ابن عدي في " الكامل " (57/1) : حدثنا جعفر بن سهل: حدثنا جعفر بن نصر : حدثنا حفص: حدثنا ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به. الحديث: 1381 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 565 قلت: وهذا إسناد ظلمات فوق بعض، وهو موضوع، وآفته جعفر بن نصر هذا، قال ابن عدي: " حدث عن الثقات بالبواطيل، وليس بالمعروف، وهذا الحديث ليس له أصل في حديث حفص بن غياث، وله غير ما ذكرت من الأحاديث موضوعات على الثقات ". وقال الذهبي: " متهم بالكذب ". ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا منها، ثم قال: " وهذه أباطيل ". وأقره الحافظ في " اللسان "، وسبقهم ابن الجوزي فأورده في " الموضوعات " ( 2/268) وقال: " لا يصح ". قال المناوي: " وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات ". قلت: وأما في اللآلي " فتعقبه بما لا طائل تحته فقال (2/168) : " قلت: قال أبو نعيم.. ". قلت: فذكر الحديث الآتي عقبه، وهو مع أنه شاهد قاصر كما سترى، لأنه لا يشهد إلا للشطر الثاني من الحديث؛ ففيه من هو كذاب أيضا، وآخر متهم، فكيف يستشهد بمثله؟ ! والعجب من المناوي! فإنك تراه في " الفيض " يحكم على الحديث بالوضع مقرا لابن الجوزي عليه، فإذا به يقول في " التيسير ": " إسناده ضعيف "! والحديث المشار إليه هو: 1382 - " نعم لهو المراة المغزل ". موضوع رواه الرامهرمزي في " الفاصل بين الراوي والواعي " (ص 142) : حدثنا موسى بن زكريا: حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا ابن علاثة قال: خصيف: حدثنا عن الحديث: 1382 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 566 مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عمرو بن الحصين وهو كذاب، وخصيف ضعيف. وقد توبع من مثله عن مجاهد مرسلا أوموقوفا، فقد ذكر ابن قدامة المقدسي في " المنتخب " (10/194/2) من طريق حنبل: حدثنا أبو عبد الله: نا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد موقوفا عليه. قال أبو عبد الله: " كان في كتابه (يعني ابن فضيل) : عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى أن يرفعه، وقال : إنه سنع، يعني ابن فضيل ". قلت: كذا الأصل: " سنع " ولعل الصواب: " نسي ". والله أعلم. وتمام الحديث في " المنتخب: " ونعم لهم المؤمن السباحة ". وقد تقدم الكلام عليه آنفا. وليث هو ابن أبي سليم، وكان قد اختلط. ولعل الصواب في الحديث أنه موقوف على مجاهد. والله أعلم. وللحديث طريق آخر، فقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر عمر بن محمد بن السري بن سهل عن عبد الله بن أحمد الجصاص عن يزيد بن عمرو الغنوي عن أحمد بن الحارث الغساني عن بسام بن عبد الرحمن عن أنس رفعه بالجملة الأولى فقط دون زيادة " المنتخب ". ذكره السيوطي في " اللآلي " (20/168 - 169) شاهدا للحديث الذي قبله وسكت عليه فأساء، لأن إسناده ظلمات بعضها فوق بعض! فعمر بن محمد بن السري قال الذهبي: " هالك اتهمه أبو الحسن بن الفرات، وقال الحاكم: كذاب، رأيتهم أجمعوا على ترك حديثه، وكتبوا على ما كتبوا عنه: كذاب ". وأحمد بن الحارث؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/47) عن أبيه: " متروك الحديث ". واتهمه البخاري بقوله: " فيه نظر ". وكذا قال الدولابي. وبقية الرواة لم أعرفهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 567 أفبمثل هذا الإسناد يدافع السيوطي عن الموضوعات؟ ! 1383 - " من فتح على نفسه بابا من السؤال فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر ". لا أصل له بهذا اللفظ وقد أورده الغزالي في " الإحياء " (2/57) فقال مخرجه العراقي: " رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري: " ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر " وقال: " حسن صحيح ". قلت: هكذا أخرجه الترمذي (3/262 - 263) ، وكذا أحمد (4/231) ، وفيه يونس ابن خباب، وهو متهم، لكن له شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن على الأقل، فأخرجه أحمد (رقم 1674) من حديث ابن عباس ولفظه: " من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به، أوعيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب ". قال المنذري في " الترغيب " (2/3) : " رواه البيهقي، وهو حديث جيد في الشواهد ". الحديث: 1383 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 568 1384 - " ثلاثة لا ينفع معهن عمل: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 1420) من طريق يزيد بن ربيعة: نا أبو الأشعث عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يزيد بن ربيعة؛ قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال هو والدارقطني: " متروك ". وقال البخاري: الحديث: 1384 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 568 " أحاديثه منكرة ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1/104) : " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه يزيد بن ربيعة ضعيف جدا ". قلت: ولذا أشار المنذري في " الترغيب " (2/183) لضعف الحديث. قلت: وقد ساق الطبراني بهذا الإسناد عدة أحاديث لعلي أوفق لذكر ما ليس له شاهد منها قريبا إن شاء الله تعالى، فانظر الأحاديث الآتية (1400 - 1402) . 1385 - " كان يدعو: اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري ". ضعيف جدا أخرجه الحاكم (1/542) من طريق عيسى بن ميمون مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وقال: " هذا حديث حسن الإسناد والمتن، إلا أن عيسى بن ميمون لم يحتج به الشيخان ". قلت: ولا غيرها! ولذلك تعقبه الذهبي بقوله: " قلت: عيسى متهم ". قلت: لكن الظاهر أنه لم يتفرد به، فقد قال الهيثمي في " المجمع " (10/182) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ". ثم وقفت على إسناده في " الأوسط " (3755 - مصورتي) فإذا هو عنده من طريق عيسى ابن ميمون الذي في سند الحاكم، فبقي الحديث على ضعفه الشديد، فنقلته إلى هنا بعد أن كنت أوردته في الكتاب الآخر، تقليدا لتحسين الهيثمي، أواتباعا له كما يقول الصنعاني في رسالته " تيسير الاجتهاد "، وبناء على ذلك أوردته في " صحيح الجامع الصغير " برقم (1266) ، فيرجى نقله من هناك إلى " ضعيف الجامع الصغير "، " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا ". الحديث: 1385 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 569 1386 - " قلت: يا جبريل أيصلي ربك؟ قال: نعم، قلت: ما صلاته؟ قال: سبوح قدوس، سبقت رحمتي غضبي، سبقت رحمتي غضبي ". موضوع بهذا التمام رواه الطبراني في " الصغير " (ص 10) من طريق عمرو بن عثمان قال: حدثنا أبو مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا أبو مسلم ". قلت: وهو متهم كما أشار إليه البخاري بقوله: " في حديثه نظر ". وقال أبو داود: " عنده أحاديث موضوعة ". وقال ابن حبان: " كثير الخطأ، فاحش الوهم، ينفرد عن الأعمش وغيره بما لا يتابع عليه ". ثم تناقض ابن حبان فأورده في " الثقات "! وقال (7/147) : " يخطىء "! واغتر بهذا الهيثمي فإنه قال في " المجمع " (10/213) بعد أن ساق الحديث: " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " ورجاله وثقوا "! كذا قال، وأبو مسلم هذا متفق على تضعيفه، بل اتهمه من ذكرنا من الأئمة، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان في القول الآخر، والأول هو المعتمد لأنه جرح، ولموافقته لأقوال الأئمة. ثم إن عمرو بن عثمان الراوي عن أبي مسلم أورده في " اللسان " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فمن أين جاء الهيثمي بتوثيقه إياه بقوله: " ورجاله وثقوا "؟ ! لعله في " ثقات ابن حبان " أيضا! ثم رأيته فيه (8/484) ، وقال: " ربما خالف ". الحديث: 1386 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 570 وبالجملة فالحديث لا يصح بهذا السياق، وإنما صحت الجملة الأخيرة منه بلفظ: " لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه - فهو موضوع عنده - إن رحمتي تغلب (وفي لفظ: سبقت) غضبي ". رواه البخاري (4/73، 8/176، 187) ومسلم (8/95) وغيرهما من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه، ثم خرجته في " الصحيحة " (1629) وغيره. وإذا عرفت ضعف الحديث الشديد، يظهر لك ما في عمل السيوطي في " اللآلي " ( 1/22) حين أورد الحديث شاهدا لحديث مرسل بمعناه؛ أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وهو: " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة قال له جبريل: رويدا فإن ربك يصلي! قال: وهو يصلي؟ قال: نعم. قال: وما يقول؟ قال: يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي ". 1387 - " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة قال له جبريل: رويدا فإن ربك يصلي! قال: وهو يصلي؟ قال: نعم. قال: وما يقول؟ قال: يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي ". منكر أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/119) من طريق محمد بن يحيى الحفار: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي: حدثني أبي عن ابن جرير عن عطاء قال: فذكره، وقال ابن الجوزي: " رجاله ثقات، موقوف على عطاء، فلعله سمعه ممن لا يوثق به، ولا يثبت مثل هذا بهذا ". قلت: وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1/22) فقال: " قلت: قال في " الميزان ": " محمد بن يحيى الحفار لا يدرى من ذا " وأورد له هذا الحديث وقال: " هذا منكر " انتهى. لكن رأيت له طريقا آخر ". قلت: ثم ساقه السيوطي من رواية ابن نصر بإسناد صحيح عن ابن جريج عن عطاء: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به.. الحديث نحوه، وليس فيه " إن ربك يصلي " وهو الشيء المستنكر في الحديث. وأنا أقول: إن إعلال الحديث بعنعنة ابن جريج أولى من إعلاله بإرسال عطاء له، الحديث: 1387 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 571 ذلك لأن الإرسال وإن كان علة قائمة بنفسها كافية في تضعيف الحديث، فإن ابن جريج كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولذلك قال الإمام أحمد: " بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها "، كما سبق نقله مرارا. ثم ذكر السيوطي للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة، وهو الذي قبله، وقد ذكرت هناك علته، وقد روي بلفظ آخر وهو: 1388 - " قال بنوإسرائيل لموسى: هل يصلي ربك؟ فتكابد موسى لذلك، فقال الله تعالى: ما قالوا لك يا موسى؟ فقال: الذي سمعت. قال: فأخبرهم أني أصلي، وأن صلاتي تطفىء غضبي ". ضعيف ذكره السيوطي في " اللآلي " (1/22) شاهدا للذي قبله من حديث أبي هريرة يرفعه، ولم يذكر من خرجه، إلا أنه نقل عن الفيروزابادي صاحب " القاموس " أنه قال: " وإسناده جيد، ورجاله ثقات يحتج بهم في الصحيحين، وليس فيه علة غير أن الحسن رواه عن أبي هريرة، ولم يسمع منه عند الأكثرين ". قلت: فإذن فيه علة، فأنى له الجودة؟ ! على أنه لوسلم بثبوت سماعه منه في الجملة لجاءت علة أخرى، وهي عنعنة الحسن، فقد كان مدلسا، كما سبق مرارا، فالإسناد ضعيف إذن. ولعل الحديث من الإسرائيليات، أخطأ بعض الرواة فرفعه إليه صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم. ثم رأيت السيوطي في " الجامع الكبير " عزاه للديلمي وابن عساكر. وهو عنده في " تاريخ دمشق " (17/190/1) من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 1388 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 572 1389 - " كان إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده ". الحديث: 1389 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 572 موضوع. أخرجه هكذا أبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه " (ص 75) : حدثنا أبو يعلى: نا الأزرق بن علي: نا يحيى بن أبي بكير: نا عباد بن كثير عن ثابت عن أنس به. قلت: وهذا إسناد واه جدا، آفته عباد بن كثير، وهو البصري، قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ". والحديث أورده الهيثمي (2/295 - 296) من رواية أبي يعلى بزيادة طويلة في آخره، وقال: " وفيه عباد بن كثير، وكان رجلا صالحا، ولكنه ضعيف الحديث متروك لغفلته ". وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى مختصرا كرواية أبي الشيخ، وتعقبه المناوي بما نقلته عن الهيثمي، والأولى تعقبه بما صنعه السيوطي نفسه في " اللآلي " (2/404 - 405) فإن الحديث أورده بتمامه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/206 - 207) من رواية ابن شاهين، ثم قال ابن الجوزي: " موضوع، والمتهم به عباد ". فأقره السيوطي على ذلك، ونقل كلام الهيثمي المتقدم، ثم قال: " وقال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية ": تفرد به عباد بن كثير، وهو واه، وآثار الوضع عليه لائحة ". وأقره أيضا، ومع ذلك أورده في " الجامع "! وأما المناوي فله موقفان مختلفان باختلاف كتابيه، فهو في " الفيض " نقل كلام الهيثمي وأقره، وذلك معناه عنده أنه ضعيف جدا، وأما في " التيسير " فقد قال: " إسناده ضعيف "! ومما لا شك فيه أن الأول أقرب إلى الصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم. 1390 - " اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير ". ضعيف. تمام في " فوائده " (2/62/1) : أخبرنا أبو زرعة محمد بن سعيد بن الحديث: 1390 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 573 أحمد القرشي يعرف بابن التمار: حدثنا علي بن عمرو بن عبد الله المخزومي: حدثنا معاوية بن عبد الرحمن: حدثنا حريز بن عثمان: حدثنا عبد الله بن بسر المازني مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف، من دون حريز لم أعرف أحدا منهم غير معاوية بن عبد الرحمن، فقد أورده هكذا ابن أبي حاتم في " الجرح " (4/1/387) وقال: " روى عن عطاء، وعنه محمد بن إسحاق، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: ليس بمعروف ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (7/468) على قاعدته المعروفة! والحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية تمام وابن عساكر عن عبد الله بن بسر، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء سوى أنه قال: " رمز لضعفه "! ثم رأيت الحديث في " الأحاديث المختارة " للضياء (105/2) رواه من طريق تمام! وهذا مما يدل على تساهله في الاختيار، وقد مضى له أحاديث أخرى من هذا النوع أقربها برقم (1319) . 1391 - " لكل شيء معدن، ومعدن التقوى قلوب العارفين ". موضوع أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/171 - 172) من رواية الخطيب (4/11) بسنده عن وثيمة بن موسى بن الفرات: حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن سمعان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مرفوعا. وقال ابن الجوزي: " لا يصح، ابن سمعان كذبه مالك ويحيى، ووثيمة؛ قال ابن أبي حاتم: حدث عن سلمة بموضوعات ". قال السيوطي في " اللآلي " (1/124) : " كذا قال في " الميزان ": إن هذا الحديث موضوع. أورده في ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان، ثم في ترجمة وثيمة، واتهم به في " اللسان " ابن سمعان خاصة، وقد أخرجه البيهقي في " الشعب " من هذا الطريق إلا أنه قال: " عن رجل ذكره عن ابن شهاب " لم يسم ابن سمعان وقال: الحديث: 1391 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 574 هذا منكر، ولعل البلاء وقع من الرجل الذي لم يسم انتهى. ووجدت له طريقا آخر: قال الطبراني (يعني في " المعجم الكبير " 3/193/1) : حدثنا أبو عقيل أنس بن سلمة الخولاني: حدثنا محمد بن رجاء السختياني.. ". قلت: وساق سنده إلى ابن عمر مرفوعا به، وسكت عليه، وليس بجيد، فإن أبا عقيل هذا لم يذكروه، ومحمد بن رجاء متهم، قال الذهبي: " روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد خبرا باطلا في فضل معاوية اتهم بوضعه ". وأقره الحافظ في " اللسان " فهو علة هذا الطريق، فلا ينبغي أن يستشهد به، ولا يخرج به الحديث عن الوضع الذي وصفه به ابن الجوزي ثم الذهبي والعسقلاني. 1392 - " لن تخلوالأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن، بهم يعافون، وبهم يرزقون، وبهم يمطرون ". موضوع أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (2/61) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/150 - 152) عن عبد الرحمن بن مرزوق: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. أورده ابن حبان في ترجمة ابن مرزوق هذا، وقال: " كان يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه ". وقال ابن الجوزي: " لا يصح ". ثم ذكر قول ابن حبان المذكور، وزاد: " وعبد الوهاب بن عطاء قال أحمد: هو ضعيف الحديث، مضطرب ". قلت: هذا وإن كان فيه ضعف، فقد وثقه بعضهم، وأخرج له مسلم، فالأغلب أنه لا دخل له في هذا الحديث، وإن كان أقره السيوطي على ذلك كله في " اللآلي " (2/331) ، فالآفة ابن مرزوق، كما هو ظاهر كلام ابن حبان، وتابعه الذهبي، فأورد الحديث: 1392 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 575 الحديث في ترجمته من " الميزان " وقال: " وهذا كذب ". ووافقه العسقلاني في " اللسان "، ولكنه مال إلى توثيق ابن مرزوق هذا، فقال : " فكأن هذا الحديث أدخل عليه، فإنه باطل ". ومع هذا كله وإقرار السيوطي لابن الجوزي على وضعه، فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن حبان، فتعقبه المناوي في " فيضه " بقوله بعد أن ذكر قول ابن حبان المتقدم: " وحكاه عنه في " الميزان " وأورد له هذا الخبر، ثم قال: هذا كذب. اهـ. وبه يعرف اتجاه جزم ابن الجوزي بوضعه، ومن ثم وافقه على ذلك المؤلف في " مختصر الموضوعات " مع بيان ضعفه، وما صنعه المؤلف هنا من عزوه لمخرجه ابن حبان وسكوته عما عقبه به غير صواب ". وأقول: هذا التعقب وإن كان سليما في ذاته، ولكنه شكلي بالنسبة للمناوي، فلا يكون له قيمة، ذلك لأن في " الجامع " حديثا آخر بعد هذا برواية (طس) عن أنس مثله إلا أنه قال: " أربعين بدل ثلاثين " وزاد: " ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر ". وقد قال السيوطي في " الجامع الكبير ": " وحسن ". يشير بذلك إلى الهيثمي، فإنه هو الذي حسنه، فقال في مجمع " الزوائد " (10/63) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ". ونقله عنه السيوطي في رسالته " الأبدال " (2/460 - الفتاوى) وكذلك نقله المناوي في " الفيض " وتبنى تحسينه إياه في كتابه الآخر " التيسير " فقال دون أن يعزوه لأحد: " وإسناده حسن "! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 576 قلت: فإذا كان حسنا عنده؛ فما فائدة ذلك النقد الذي وجهه للحديث الأول وهو موجود متنا في هذا الذي قواه، بل وفي زيادة على الأول كما رأيت؟ ولكن هل أصاب الهيثمي ومن تبعه في تحسين إسناده أم أخطأوا؟ ذلك ما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى برقم (4341) ، وهو ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم طريق. واعلم أن أحاديث الأبدال كلها ضعيفة لا يصح منها شيء، وبعضها أشد ضعفا من بعض، وقد سبق من حديث عبادة بن الصامت برقم (936) ، وتحته حديث عوف بن مالك، وسيأتي من حديث علي بن أبي طالب برقم (2993) . ثم تتبعت أحاديث كثيرة من أحاديث الأبدال التي جمعها السيوطي في رسالته التي سماها " الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال "، وتكلمت على أسانيدها وكشفت عن عللها التي سكت السيوطي عنها، وذلك في آخر هذا المجلد برقم (1474 - 1479) . 1393 - " كان يعجبه النظر إلى الأترج، وكان يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر ". موضوع وقد روي عن أبي كبشة، وعلي، وعائشة، وأنس، وطاووس مرسلا. 1 - أما حديث أبي كبشة، فيرويه بقية: حدثني أبو سفيان الأنماري عن حبيب بن عبد الله بن أبي كبشة عن أبيه عن جده رفعه. أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " (2/357) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/9) وابن حبان في " الضعفاء " (3/148) وأبو العباس الأصم في " حديثه " (1/140/) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12/299/2) وكذا الطبراني في " المعجم الكبير " (22/339) . ذكره ابن حبان في ترجمة أبي سفيان هذا، وقال: " يروي الطامات من الروايات ". وبه أعله ابن الجوزي وزاد: الحديث: 1393 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 577 " وقال أبو حاتم الرازي: مجهول ". وكذا قال الذهبي في " الميزان " والحافظ في " اللسان ". قلت: وحبيب بن عبد الله بن أبي كبشة لم أجد له ترجمة، وذكره الحافظ في " التهذيب " تمييزا، ولم يذكر فيه شيئا، فهو في عداد المجهولين، ولم يورده في " التقريب ". وقد خالفه إسماعيل بن أوسط البجلي عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه عن جده مرفوعا به دون الشطر الأول منه. أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/50) . كذا وقع فيه: " عن جده " ولعلها زيادة من بعض النساخ، أووهم من البجلي فإن فيه ضعفا، قال الذهبي: " هو الذي قدم سعيد بن جبير للقتل، لا ينبغي أن يروى عنه، ووثقه ابن معين وغيره ". وزاد الحافظ في " اللسان ": " وقال الساجي: كان ضعيفا ". وذكره ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " (6/30 - 31) . ويرجح الأول؛ أن لإسماعيل هذا حديثا آخر يرويه عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه قال: لما كانت غزوة تبوك.. الحديث، لم يذكر فيه: " عن جده ". أخرجه الدولابي والطبراني (22/340 - 341) وكذا أحمد (4/231) والبخاري في " التاريخ " (1/1/346) ، أورده في ترجمة إسماعيل، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما محمد بن أبي كبشة؛ فذكره البخاري (1/1/176) برواية إسماعيل فقط عنه، وأما ابن حبان فقال في " الثقات " (5/371) : " يروي عن أبيه، وله صحبة - واسم أبي كبشة: سعد بن عمر، ويقال: عمر بن سعد - وهو أخوعبد الله بن أبي كبشة، روى عن محمد بن أبي كبشة سالم بن أبي الجعد، وقد قدم محمد بن أبي كبشة الكوفة، فكتب عنه ختناه إسماعيل بن أوسط البجلي (الأصل: (العجلي) وهو خطأ) وسالم بن أبي الجعد ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 578 ونقله الحافظ في " التعجيل "، ولم يزد عليه شيئا. وبالجملة فهذه الطريق علتها الجهالة، ولم أجد من تكلم عليها. والله سبحانه وتعالى أعلم. 2 - حديث علي؛ يرويه عيسى بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبي عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال: فذكره. أخرجه ابن حبان (2/122) ومن طريقه ابن الجوزي وقالا: " روى عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ". وقال ابن عدي في " الكامل " (5/1883) : " روى أحاديث ليست مستقيمة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ". وقال أبو نعيم: " روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " قال الدارقطني: متروك ". 3 - حديث عائشة؛ يرويه عمرو بن شمر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عنها به. أخرجه ابن الجوزي (3/9) من طريق الحاكم بسنده عنه، وقال: " عمرو بن شمر؛ قال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي: كذاب، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي الطامات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ". قلت: ولعله سرقه منه يحيى بن عبد الحميد الحماني، فإنه معروف بالسرقة، فقد قال العقيلي في " ضعفائه " (4/413) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال: قلت لأبي : بلغني أن ابن الحماني حدث عن شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الحمام، فأنكروه عليه، فرجع عن رفعه، فقال: " عن عائشة "، فقال أبي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 579 " هذا كذب، إنما كنا نعرف بهذا حسين بن علوان. يعني أنه وضعه على هشام ". زاد ابن قدامة في " المنتخب " (10/165/2) : " قلت: إن بعض أصحاب الحديث زعم أن أبا زكريا السيلحيني رواه عن شريك؟ فقال: كذب، السيلحيني لا يحدث بمثل هذا، هذا حديث باطل ". 4 - حديث أنس، يرويه غنيم بن سالم عنه مرفوعا به إلا أنه لم يذكر الشطر الأول ، وذكر بديله: " وكان يعجبه القرع ". أخرجه الخطيب في " الموضح " (2/257) وقال: " وهو يغنم بن سالم بن قنبر ". قلت: وهو متهم، قال ابن حبان في " الضعفاء " (3/145) : " شيخ، يضع الحديث على أنس بن مالك، روى عنه نسخة موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه على سبيل الاعتبار ". وقال ابن يونس: " حدث عن أنس فكذب ". 5 - حديث طاووس يرويه عبد الرحمن بن بحر: حدثنا حازم بن جبلة بن أبي نضرة: حدثني سالم الأصبهاني عن طاووس به. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/338) تعليقا فقال: حدث عمران بن عبد الرحيم: حدثنا عبد الرحمن بن بحر. قلت: وهذا إسناد مظلم مع إرساله، ذكره في ترجمة سالم هذا، وقال: " روى عنه حازم بن جبلة بن أبي نضرة وقال: أراه سالم بن عبد الله ختن سعيد بن جبير، ذكره ابن منده ". قلت: في " تاريخ البخاري الكبير " (2/2/115 و184 - 186) و" الجرح والتعديل " (2/2/18 و120) جماعة يسمون (سالم بن عبد الله) وبعضهم لا ينسبون، وليس فيهم من روى عن طاووس، فالله يعلم من هو وما حاله؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 580 وحازم بن جبلة؛ لم أجد له ترجمة. وأما عمران بن عبد الرحيم؛ فقد ترجمه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " ( ترجمة 314 - نسختي) فقال: " كان يرمى بالرفض، كثير الحديث، حدث عن عمرو بن حفص وغيره بعجائب ". وذكر أن وفاته كانت سنة (281) . وفي " الميزان " و" اللسان ": " قال السليماني: فيه نظر، وهو الذي وضع حديث أبي حنيفة عن مالك رحمهما الله تعالى ". قلت: فلعله هو المتهم في هذا الحديث بهذا الإسناد المظلم، والله سبحانه وتعالى أعلم. وجملة القول أن طرق هذا الحديث كلها واهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ولذلك حكم ابن الجوزي بوضعه من الطرق الثلاثة الأولى، وليس خيرا منها ما بعدها، وقال الإمام أحمد: " كذب ". وأقر ذلك كله السيوطي في " اللآلي " (2/229 - 230) فلم يتعقبه بشيء، وكذلك صنع المناوي في " فيض القدير "، فإنه أقر ابن الجوزي على وضعه، ثم تناقضا، فأورده السيوطي في " الجامع الصغير "! وقال المناوي في " التيسير ": " إسناده واه "! (تنبيه) : تقدم أن في حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا: " وكان يعجبه القرع ". فاعلم أن هذه الجملة منه صحيحة عنه من طرق سقت بعضها في " الصحيحة " (2127) ، وانظر كتابي الجديد " مختصر الشمائل المحمدية " (135 و136) . 1394 - " لكل أمر مفتاح، ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء، وهم جلساء الله يوم القيامة ". الحديث: 1394 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 581 موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/2375) وابن حبان في " الضعفاء " (1/146 - 147) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات (3/141) من طريق أحمد بن داود بن عبد الغفار: حدثنا أبو مصعب: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن حبان: " موضوع "، وأحمد بن داود كان يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل الإبانة عن أمره، لينكب حديثه ". وكذا قال ابن الجوزي وزاد: " وقال الدارقطني: هذا الحديث وضعه عمر بن راشد الجاري (الأصل: الحارثي) عن مالك، وسرقه منه هذا الشيخ فوضعه على أبي مصعب ". قلت: أبو مصعب هذا اسمه مطرف بن عبد الله المدني، وفي ترجمته ساق الحديث ابن عدي مع أحاديث أخرى منكرة، وقال عقبه: " هذا منكر بهذا الإسناد جدا ". فتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: هذه أباطيل حاشا مطرفا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عدي؟ فقد كذبه الدارقطني، ولوحولت هذه إلى ترجمته كان أولى ". وذكر نحوه الحافظ في ترجمة مطرف من " التهذيب ". ومطرف هذا وثقه ابن سعد وابن حبان والدارقطني، وأخرج له البخاري، وقال أبو حاتم: " مضطرب الحديث صدوق ". فمثله لا يتحمل هذا الحديث وإنما البلاء من الراوي عنه أحمد بن داود كما قال الذهبي والعسقلاني، فإنه لم يوثق مطلقا، بل قال فيه ابن حبان كما تقدم: " كان يضع الحديث ". وكذا قال ابن طاهر، ولذا قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " وتبعه الحافظ في " اللسان ": الجزء: 3 ¦ الصفحة: 582 " هذا الحديث من أكاذيبه ". وقد تقدم في كلام الدارقطني أنه سرقه من عمر بن راشد الجاري، وقد ذكر السيوطي في " اللآلي " أن رواية الجاري هذه رواها أبو الحسن بن صخر في " عوالي مالك " والخطيب في " رواة مالك " بإسناديهما عنه. قال (2/324) : " وأخرجه ابن لال في " مكارم الأخلاق " وابن عدي ". قلت: ابن عدي لم يخرجه من طريق الجاري، وإنما من طريق أحمد بن داود كما تقدم ، وقد قال فيه الحاكم وأبو نعيم: " يروي عن مالك أحاديث موضوعة ". وقال الدارقطني: " كان يتهم بوضع الحديث على الثقات ". والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فذكره فيه برواية ابن لال فقط مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه كما تقدم! وكذلك أقره المناوي في " الفيض " بقوله: " وأورده ابن الجوزي من عدة طرق، وحكم عليه بالوضع ". لكن قوله: " من عدة طرق " ليس بدقيق، لأنه ليس له إلا الطريق التي وضعها الجاري عن مالك، ثم سرقها منه أحمد بن داود فرواه عن أبي مصعب عن مالك، فهل يقال في مثل هذا: " من عدة طرق "؟ والأعجب من ذلك أنه لم يصرح بوضعه في " التيسير " وإنما اقتصر على قوله: " وفيه متهم "! (تنبيه) : ذكرت فيما سبق أن مطرفا أبا مصعب ثقة، فما وقع في التعليق على ترجمته في " الكامل " معزوا للتهذيب: " كذبه الدارقطني "! فهو كذب مخالف للواقع في " التهذيب " وغيره، فقد تقدم ما قاله الذهبي في أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 583 البلاء في هذا الحديث من أحمد بن داود. قال: فقد كذبه الدارقطني. وقلت ثمة : وذكر نحوه الحافظ.. والآن أذكر نص كلامه في ذلك ليتبين القارىء كيف وقع هذا الخطأ الفاحش! قال الحافظ في ترجمة مطرف (10/175 - 176) : " ذكره ابن عدي في " الكامل " وقال: يأتي بمناكير. ثم ساق له أحاديث بواطيل من رواية أحمد بن داود أبي صالح الحراني عنه، وأحمد كذبه الدارقطني، والذنب له فيها لا لمطرف ". 1395 - " أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس ". ضعيف رواه الطبراني في الجزء الثاني من كتابه " مختصر مكارم الأخلاق " (ورقة 158 - مجموع الظاهرية - 81) ورقم (139 - طبعة المغرب) من طريق الوليد بن سفيان القطان البصري: حدثنا عبيد بن عمرو الحنفي عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: ابن جدعان، فإنه ضعيف معروف به. والأخرى: عبيد بن عمرو الحنفي ضعفه الدارقطني والأزدي، قال الذهبي: " أورد له ابن عدي حديثين منكرين ". قلت: وهذا أحدهما، ولفظه: " رأس العقل بعد.. " إلخ. وسيأتي برقم (3631) . والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني في " المكارم " ، وبيض له المناوي في " فيض القدير " فلم يتكلم عليه بشيء، وأما في " التيسير " فقال: " إسناده حسن "! وهذا مما لا وجه له البتة كما يتبين للقارىء من التحقيق المتقدم، وهو من الأدلة الكثيرة على أن كتابه هذا ليس في الدقة وتحري الصواب ككتابه الأول: " الفيض "، بل الحديث: 1395 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 584 هو في كثير من الأحيان، يخالف فيه تحقيقه في الأول. والمعصوم من عصمه الله عز وجل. 1396 - " للمرأة ستران: القبر والزوج. قيل: وأيهما أفضل؟ قال: القبر ". موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/271/2) وفي " الصغير " (448 - الروض النضير) ، وابن عدي في " الكامل " (ق 115/2) واللفظ له، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (14/372/1) وكذا ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3/237) عن خالد بن يزيد: حدثنا أبو روق الهمداني عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. وقال ابن الجوزي: " حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، المتهم به خالد، وهو خالد ابن يزيد عن أسد القسري، قال ابن عدي: أحاديثه كلها لا يتابع عليها لا متنا ولا سندا ". قلت: وكذلك قال العقيلي في " الضعفاء " (2/15/424) : " لا يتابع على حديثه ". وقال أبو حاتم: " ليس بالقوي ". وذكر الطبراني أنه تفرد به. وفيه علة أخرى، وهي الانقطاع بين الضحاك - وهو ابن مزاحم - وابن عباس؛ فإنه لم يلقه؛ كما تقدم غير مرة. وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي بأن له شاهدا من حديث علي رضي الله عنه، وما أظن ذلك يفيده قوة كما يأتي بيانه في الحديث التالي: الحديث: 1396 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 585 1397 - " للنساء عشر عورات، فإذا زوجت المرأة ستر الزوج عورة، وإذا ماتت المرأة ستر القبر تسع عورات ". منكر أخرجه الديلمي من طريق إبراهيم بن أحمد الحسني: حدثنا الحسين بن الحديث: 1397 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 585 محمد الأشقر عن أبيه محمد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن أبيه الحسن بن الحسن ابن علي عن الحسن عن علي مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلي " (2/438) شاهدا للذي قبله، وسكت عنه هو وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/372 - 373) . وأقول: إسناده مظلم، من دون محمد الأشقر لم أعرفهم، وشيخه عبد الله بن محمد؛ الظاهر أنه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أبو محمد العلوي قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث. ومن فوقهم من أهل البيت معروفون بالصدق، ومترجمون في " التهذيب "، فالعلة ممن دونهم. 1398 - " لودعي بهذا الدعاء على شيء بين المشرق والمغرب في ساعة من يوم الجمعة لاستجيب لصاحبه: لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان! يا بديع السماوات والأرض ! يا ذا الجلال والإكرام! ". موضوع رواه الخطيب في " التاريخ " (4/116) عن خالد بن يزيد العمري أبي الوليد: حدثنا ابن أبي ذئب قال: حدثنا محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، رجاله كلهم ثقات غير خالد هذا، قال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/284 - 285) : " شيخ ينتحل مذهب أهل الرأي، منكر الحديث جدا، أكثر عنه أصحاب الرأي، لا يشتغل بذكره لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات ". وقال العقيلي في " الضعفاء " (2/18) : " يحدث بالخطأ، ويحكي عن الثقات ما لا أصل له ". الحديث: 1398 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 586 وقال ابن عدي في " الكامل " (3/890) : " عامة أحاديثه مناكير ". وقال الذهبي: " كذبه أبو حاتم ويحيى ". وساق له في " الميزان " و" اللسان " بعض بلاياه ووضعه! وهذا من أحاديث " الجامع الصغير "، وبيض له المناوي في " شرحيه "، فكأنه لم يقف على إسناده. 1399 - " إذا مدح الفاسق غضب الرب، واهتز لذلك العرش ". منكر رواه أبو الشيخ الأصبهاني في " العوالي " (2/32/1) عن أبي يعلى وابن عدي في " الكامل " (3/1307) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/277) والخطيب في " التاريخ " (7/298 و8/428) والبيهقي في " الشعب " (2/59/1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7/2/2) من طريق سابق بن عبد الله عن أبي خلف خادم أنس عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: أبو خلف هذا، قال الذهبي في " الميزان ": " كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ". وقال الحافظ في " التقريب ": " قيل: اسمه حازم بن عطاء، متروك، ورماه ابن معين بالكذب ". قلت: فقول الحافظ في " الفتح " (10/478) - وعزاه لأبي يعلى وابن أبي الدنيا في " الصمت " -: " وفي سنده ضعف ". فهو منه تساهل أوتسامح في التعبير، لأنه لا يعطي أنه شديد الضعف كما يعطيه قوله في ترجمة أبي خلف: " متروك ". وما نقله المناوي عنه أنه قال: " سنده ضعيف "؛ لعله في مكان آخر من " الفتح " وإلا فهو تصرف من المناوي غير جيد. الثانية: سابق بن عبد الله، رجح الحافظ في " اللسان " أنه واه، وأنه غير الرقي، الحديث: 1399 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 587 وفي ترجمته ساق الذهبي حديثه هذا في كل من " الميزان " و" الضعفاء " ، وقال: " وهذا خبر منكر ". هذا، ولفظ أبي نعيم: " إن الله عز وجل يغضب إذا مدح الفاسق ". وهو رواية للبيهقي. وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3/139) : " رواه ابن أبي الدنيا في " الصمت " والبيهقي في " الشعب " من حديث أنس، وفيه أبو خلف خادم أنس؛ ضعيف ". وزاد في التخريج في موضع آخر: " ابن عدي وأبو يعلى ". ولم أره في " مسند أبي يعلى " ولا في " مجمع الهيثمي " وهو على شرطه، فالظاهر أنه في " مسنده الكبير " وقد عزاه إليه الحافظ في " المطالب العالية " (3/3) . والحديث روي هكذا مختصرا دون ذكر اهتزاز العرش من حديث بريدة مرفوعا. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/1917) من طريق محمد بن صبيح الأغر (الأصل: الأعز وهو خطأ مطبعي) : حدثنا حاتم بن عبد الله عن عقبة الأصم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ساقه في جملة أحاديث لعقبة - وهو ابن عبد الله الأصم الرفاعي البصري - وقال فيه: " وله غير ما ذكرت، وبعض أحاديثه مستقيمة، وبعضها مما لا يتابع عليه ". وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " ليس بشيء ". وفي رواية: " وليس بثقة ". وعن عمر بن علي قال: " كان ضعيفا واهي الحديث، ليس بالحافظ ". قلت: والراوي عنه حاتم بن عبد الله أورده ابن حبان في " الثقات " (8/211) وقال: " يخطىء ". ووقع عند ابن أبي حاتم (1/2/260) وأبي نعيم فيما يأتي " حاتم بن عبيد الله "، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 588 وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " نظرت في حديثه، فلم أر فيه مناكير ". ومحمد بن صبيح الأغر قال الخطيب في " التاريخ " (5/373) : " يكنى أبا عبد الله، ويعرف بـ (الأغر) ، وهو موصلي لا بغدادي، حدث عن المعافى بن عمران وسابق الحجام، والعباس بن الفضل الأنصاري. روى عنه علي بن حرب الموصلي وكانت وفاته في سنة ثمان وعشرين ومائتين ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأنا أظن أنه الذي في " الميزان " و" اللسان ": " محمد بن صبيح، عن عمر بن أيوب الموصلي، قال الدارقطني: ضعيف الحديث ". ولعل مما يدل على ضعفه أنه قد خالفه في متن هذا الحديث ولفظه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن يزيد الأخوين قال: حدثنا حاتم بن عبيد الله: حدثنا عقبة ابن عبد الله الأصم.. فذكره بلفظ: " إذا قال الرجل للفاسق: يا سيدي فقد أغضب ربه ". أخرجه الحاكم والخطيب في " التاريخ ". وهو بهذا اللفظ صحيح، لأنه قد تابعه قتادة عن عبد الله بن بريدة به نحوه، وهو مخرج في " الصحيحة " (371 و1389) . ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين خطأ عزوالسيوطي لحديث الترجمة لرواية ابن عدي عن بريدة ومتابعة المناوي إياه، فقد علمت أنه ليس في حديثه ذكر العرش مطلقا فاقتضى التنبيه. وشيء آخر، فقد وقع في متن " التيسير ": (عد، عن أبي هريرة) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 589 فذكر أبا هريرة بدل بريدة، وهو خطأ مطبعي، والله أعلم. وخطأ مطبعي آخر وقع في تعليق الشيخ الأعظمي على " المطالب العالية "، فإنه عزاه للحاكم (2/154) ، وليس له ذكر في هذا المجلد وصفحته، والصواب ( 4/311) . (تنبيه) : لقد سبق تخريج هذا الحديث برقم (596) ولكن قدر الله أن أعيد تخريجه هنا بزيادة تذكر، وفائدة أكثر، والحمد لله عز وجل. 1400 - " ألا إن رحى الإسلام دائرة، قيل: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: اعرضوا حديثي على الكتاب، فما وافقه فهو مني، وأنا قلته ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 1429) بإسناد الحديث المتقدم ( 1384) عن ثوبان. وهو إسناد ضعيف جدا كما سبق بيانه هناك. وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " للطبراني وسمويه عن ثوبان، وأورد في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني وحده الشطر الثاني منه، وهو اختصار لا وجه له، بل كان عليه أن لا يورده فيه مطلقا، لأن هذا القدر منه باطل يقينا، فإنه من وضع الزنادقة والملاحدة، أوممن تأثر بهم واستجابوا لضلالتهم، شعروا بذلك أولم يشعروا! كطائفة الخوارج والإباضية، ومن جرى مجراهم في تحكيمهم لأهو ائهم، فقد أورده الربيع بن حبيب إمام الإباضية في كتابه الذي سماه بعضهم - على قاعدة: يسمونها بغير اسمها -: " الجامع الصحيح - مسند الإمام الربيع " ، واعتمد عليه المسمى عز الدين بليق، فنقل منه أحاديث كثيرة، منها هذا الحديث فأورده في منهاجه الذي سماه على القاعدة المذكورة " منهاج الصالحين "! (رقم 1387) ، وهو كتاب ضخم عجيب في أسلوب تأليفه أوطريقة جمعه، فإنه عبارة عن فصول مختلفة مسروقة من كتب متعددة مصورة منها تصويرا ببعض الآلات الحديثة مثل (الأوفست) ، ولذلك تراه كشكولا من حيث نوعية أحرفه وسطوره، فبعضه كبير وبعضه صغير، وبعضه طويل وبعضه فصير! ! ولذلك نجد فيه من البحوث المتناقضة العجب العجاب، لأنها لا تمثل رأي ملفقها (بليق) وإنما الحديث: 1400 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 590 الذين سرقها منهم، ولذلك فمنها النافع ومنها الضار، ومن أبرز ما فيه من النوع الثاني وأسوئه كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيه، ومن مكره إن لم نقل كذبه أنه كساها ثوب الصحة بزعمه في مقدمته: إنه استبعد منه الأحاديث الضعيفة والموضوعة! ولذلك كنت شرعت في الرد عليه في هذه الدعوى الكاذبة وغيرها حين وجدت المناسبة والظروف المواتية، وتعهد بعضهم بنشره، وفعلا نشر من أوله ثلاث مقالات متتابعة في جريدة (الرأي) ، ثم لم يتح لبقيتها النشر لأسباب لا تخفى على أهل العلم، ولقد كان مما انتقدته منها هذا الحديث الباطل المخالف للكتاب والسنة معا كما بينه علماؤنا رحمهم الله تعالى. من ذلك قول ابن عبد البر في " باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له " من كتابه القيم " جامع بيان العلم وفضله " ، قال (2/190 - 191) : " وقد أمر الله عز وجل بطاعته واتباعه أمر مجملا لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ، قال عبد الرحمن بن مهدي: " الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث.. " فذكره بنحوه ثم قال: " وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا. نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال ". ولقد أطال النفس في الكلام على طرق هذا الحديث، وبيان بطلانه، وأنه من وضع الزنادقة؛ الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " (2/76 - 82) فشفى وكفى جزاه الله خيرا، ومن ذلك قوله: " إنه لا يقول هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق، إنا لله وإنا إليه راجعون على عظم المصيبة بشدة مطالبة الكفار لهذه الملة الزهراء، وعلى ضعف بصائر كثير من أهل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 591 الفضل يجوز عليهم مثل هذه البلايا؛ لشدة غفلتهم، وحسن ظنهم لمن أظهر لهم الخير ". ولقد صدق رحمه الله وأجزل ثوابه، فهذا هو المثال بين يديك، فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " الذي ادعى في مقدمته أنه صانه عما تفرد به وضاع أوكذاب! ولما ذكره في " الجامع الكبير " (3487) برواية الطبراني أيضا لم يزد على ذلك إلا قوله: " وضعف "! وتبعه المناوي على ذلك في " شرحيه "! ثم اللجنة الأزهرية القائمة على التعليق على " الجامع الكبير "! فاعتبروا يا أولي الأبصار. 1401 - " يقبل الجبار تعال يوم القيامة، فيثني رجله على الجسر، فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني ظالم، فينصف الخلق بعضهم من بعض، حتى إنه لينصف الشاة الجماء من العضباء بنطحة نطحتها ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " بالسند المشار إليه قبله. لكن جملة الشاة صحيحة، جاءت في أحاديث عديدة بعضها صحيح، وقد سبقت الكثير الطيب منها في " الصحيحة "، فانظرها برقم (1588، 1966) . وقوله فيه: " فيثني رجله " منكر جدا في نقدي، فإني لا أعرف له شاهدا فيما عندي، ولا أجد فيه طلاوة الكلام النبوي، والله سبحانه وتعالى أعلم. الحديث: 1401 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 592 1402 - " سيكون أقوام من أمتي يتعاطون فقهاؤهم عضل المسائل، أولئك شرار أمتي ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني بالإسناد المشار إليه آنفا. الحديث: 1402 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 592 1403 - " لوجاءت العسرة حتى تدخل هذا الجحر، لجاءت اليسرة حتى تخرجه، فأنزل الله تبارك وتعالى: " إن مع العسر يسرا " " الحديث: 1403 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 592 ضعيف جدا. رواه البزار (2288) وابن عدي في الكامل (80/2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/107) والحاكم (2/255) عن حميد بن حماد: حدثنا عائذ بن شريح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ينظر إلى جحر بحيال وجهه فقال: فذكره وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن عائذ غير حميد بن حماد، وهو يحدث عن الثقات بالمناكير، وهو على قلة حديثه لا يتابع عليه ". وقال الحاكم: " حديث عجيب، غير أن الشيخين لم يحتجا بعائذ بن شريح ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ ". وقد روي عن ابن مسعود، ولكنه واه جدا. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/59/1) عن يزيد بن هارون: أنا أبو مالك النخعي عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عنه به نحوه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو مالك النخعي وهو الواسطي متروك كما قال الحافظ. وذكر الحافظ ابن كثير في " التفسير " أن شعبة رواه عن معاوية بن قرة عن رجل عن عبد الله بن مسعود موقوفا. رواه ابن جرير في " تفسيره " (30/151) . ورجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم. وأما حديث: " لن يغلب عسر يسرين " فقد جاء مرسلا، وسيأتي تخريجه برقم (4342) مع بيان جهل من صححه ممن اختصر تفسير ابن كثير، وهو الشيخ الصابوني الحلبي. وقد صنع مثله ابن بلده الشيخ الرفاعي فأورد حديث عائذ هذا في " مختصره " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 593 أيضا (4/404) ، مع تصريحه أيضا في مقدمته بأنه التزم فيه الصحيح من الحديث، بل إن صنيعه أسوأ من صنيع الصابوني؛ لأن هذا الحديث قد ضعفه ابن كثير وبين علته بقوله عقبه وقد عزاه لابن أبي حاتم والبزار الذي قال: " لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح "؛ فقال ابن كثير: " قلت: وقد قال فيه أبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف ". فأين الالتزام المزعوم يا نسيب؟ فاتق الله في حديث نبيك صلى الله عليه وسلم، ولا تدع ما لا تحسنه. 1404 - " كل مشكل حرام، وليس في الدين إشكال ". موضوع رواه الروياني في " مسنده " (ق 163/2) والطبراني في " المعجم الكبير " (1259 - بغداد) وابن عدي في " الكامل " (ق 96/1) وإسحاق بن إسماعيل الرملي في " حديث آدم بن أبي إياس " (ق 4/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 10/2 ) عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن تميم الداري مرفوعا، وقال ابن عدي: " لا يروى إلا عن حسين هذا بهذا الإسناد، وهو ضعيف منكر الحديث، وضعفه بين على حديثه ". قلت: وقد كذبه مالك وأبو حاتم وابن الجارود. وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (1/244) : " يروي عن أبيه عن جده بنسخة موضوعة ". ثم ساق له هذا الحديث وقال: " وليس تحفظ هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح ". الحديث: 1404 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 594 1405 - " تسحروا ولوبشربة من ماء، وأفطروا ولوعلى شربة ماء ". موضوع رواه ابن عدي (96/1) عن أبي بكر بن أبي أويس عن حسين بن الحديث: 1405 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 594 عبد الله عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. وقال ابن عدي: " الحسين هذا ضعيف منكر الحديث، وضعفه بين على حديثه ". قلت: ولذلك كذبه جماعة من الأئمة كما تقدم في الحديث السابق. نعم، الجملة الأولى منه صحيحة، فقد روي من حديث أنس في " المختارة " للمقدسي ، وابن عمرو عند ابن حبان في " صحيحه " (884) ، وأبي سعيد الخدري عند أحمد (3/12 و44) ، وجابر عند ابن أبي شيبة (2/147/1) والطبراني في " الأوسط " (3911) ، وأبي أمامة عند الخلال في " جزء من أدركهم من أصحاب ابن منده " ( 148/2) ، وابن عساكر عن عبد الله بن سراقة كما في " الجامع "، وأسانيدها وإن كانت لا تخلومن ضعف فمجموعها يعطي لها قوة، لا سيما وإسنادها عند ابن حبان حسن، والله أعلم. 1406 - " في أبو ال الإبل وألبانها شفاء للذربة بطونهم ". ضعيف جدا رواه الطبراني (3/185/1) عن ابن لهيعة: نا عبد الله بن هبيرة عن حنش عن ابن عباس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو نعيم في " الطب " (9 - 10 نسخة السفرجلاني) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. وفيه علتان: الأولى: حنش هذا اسمه الحسين بن قيس، وهو متروك كما قال الحافظ في " التقريب ". والأخرى: ابن لهيعة واسمه عبد الله وهو ضعيف. الحديث: 1406 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 595 1407 - " عليكم بأبو ال الإبل البرية وألبانها ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الطب " (4/10/1 - 2) من طريق دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب الخير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف، دفاع وشيخه عبد الحميد كلاهما ضعيف. الحديث: 1407 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 595 1408 - " من احتجم يوم السبت والأربعاء، فرأى وضحا، فلا يلومن إلا نفسه ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (98/2) من طريق حسان بن سياه مولى عثمان بن عفان : حدثنا ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أورده في جملة أحاديث ساقها لحسان هذا ثم قال: " وعامتها لا يتابعه غيره عليه، والضعف يتبين على رواياته وحديثه ". قلت: وقال ابن حبان في " الضعفاء " (1/267) : " منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لما ظهر من خطئه في روايته على ظهو ر الصلاح منه ". قلت: فهو بهذا الإسناد ضعيف جدا وقد روي من حديث أبي هريرة أيضا، ولا يصح كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى (1524) . الحديث: 1408 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 596 1409 - " من احتجم يوم الخميس، فمرض فيه؛ مات فيه ". منكر جدا رواه ابن عساكر (2/397/2) عن أحمد بن محمد بن نصر الضبعي: نا أحمد بن محمد ابن الليث: نا منصور بن النضر: حدثنا إسحاق بن يحيى بن معاذ قال: كنت عند المعتصم أعوده فقلت: يا أمير المؤمنين أنت في عافية. قال: كيف تقول وقد سمعت الرشيد يحدث عن أبيه المهدي عن أبي جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم، مسلسل بمن لا تعرف حالهم: 1 - إسحاق هذا، أورده الحافظ في ترجمته ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2 - ومنصور بن النضر، قال الخطيب (3/82) : " من شيعة المنصور ". ثم ساق له حديثا آخر، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 3 - وأحمد بن محمد بن الليث، كناه الخطيب (5/84) أبا الحسن، ثم ساق له الحديث: 1409 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 596 حديثا آخر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 4 - وأحمد بن محمد بن نصر الضبعي كناه الخطيب (5/108) أبا بكر، وقال: " روى عنه عبد الله بن عدي الجرجاني وذكر أنه سمع منه بالرقة ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ". والحديث عندي منكر جدا. والله أعلم. وقد أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء في كل من كتابيه " الفيض " و" التيسير "! فكأنه لم يقف على إسناده. 1410 - " من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر، كان دواء لداء السنة ". منكر أخرجه ابن عدي (144/2) وعنه البيهقي (9/340) من طريق سلام بن سلم الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البيهقي: " سلام الطويل متروك، وروي عن زيد كما أخبرنا.. ". ثم ساقه بإسناده عن هشيم عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن أنس رفعه.. فذكره. قلت: وزيد العمي ضعيف، وهشيم ثقة، ولكنه مدلس. فقول الذهبي في " المهذب ": " إسناده جيد مع نكارته ". نقله المناوي في " الفيض " وأقره! فغير جيد، كيف وهو قد أورد زيدا هذا في " كتاب الضعفاء والمتروكين " وقال: " ليس بالقوي "! ثم قال البيهقي: " ورواه أبو جزي نصر بن طريف بإسنادين له عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، وهو متروك لا ينبغي ذكره ". وسيأتي الحديث بزيادة في التخريج والتحقيق برقم (5575) . الحديث: 1410 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 597 1411 - " إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه ". ضعيف أخرجه البيهقي (9/341) من طريق عبد الله بن صالح: حدثنا عطاف بن خالد، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقالا: " عطاف ضعيف ". قلت: ومثله عبد الله بن صالح، وهو كاتب الليث المصري فإنه قد تكلموا فيه من قبل حفظه. ثم قال البيهقي: " وروى يحيى بن العلاء الرازي وهو متروك بإسناد له عن الحسين بن علي فيه حديثا مرفوعا، وليس بشيء ". قلت: قد وقفت عليه وهو: الحديث: 1411 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 598 1412 - " إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات ". موضوع أخرجه أبو يعلى (317/2) : حدثنا جبارة: حدثنا يحيى بن العلاء عن زيد بن أسلم عن طلحة بن عبيد الله العقيلي عن الحسين بن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته يحيى بن العلاء، قال أحمد: " كذاب يضع الحديث ". وقد ذكرت له فيما سبق غير ما حديث، منها: " أحبوا العرب لثلاث .... " (360) . وهو متفق على تضعيفه. وتقدم آنفا قول البيهقي فيه: " متروك "، وفي حديثه هذا: " ليس بشيء ". ولذلك فقد أصاب ابن الجوزي بإيراده لهذا الحديث في " الموضوعات " بقدر ما الحديث: 1412 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 598 أخطأ السيوطي في ذكره إياه في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى. ولم يصنع شيئا بتعقبه ابن الجوزي بقوله في " اللآلي " (2/411) وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/359) : " قلت: له شاهد. قال البيهقي.. ". ثم ساق الحديث الذي قبله، لأنه مع ضعفه، ليس فيه ذكر الموت، خلافا لهذا. فتأمل. 1413 - " ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: حتى يدخل والدي معي ". موضوع رواه ابن عدي (98/2) من طريق أبي يعلى عن عمرو بن حصين: حدثنا حسان بن سياه : حدثنا عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعا وقال: " لا يرويه عن عاصم غير حسان بن سياه، وعامة حديثه لا يتابع عليه والضعف بين على رواياته ". قلت: وكلام ابن حبان فيه يدل على أنه شديد الضعف، وقد ذكرته قريبا تحت الحديث (1409) . لكن الراوي عنه عمرو بن حصين شر منه، فقد اتهم بالوضع كما تقدم غير مرة، ولذلك فقد أساء السيوطي بذكره للحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي! ولكنه أساء مرة أخرى، فإنه لم يورده بتمامه، وإنما إلى قوله: " الولود "! فأوهم أنه كذلك عند ابن عدي، وشاركه في هذا المناوي فإنه قال: " وزاد أبو يعلى في روايته: فإني مكاثر ... ". فأوهم أن هذه الزيادة ليست عند ابن عدي! فكأنه لم يقف عليه عنده، أوأنه لم يتنبه أنه تلقاه من أبي يعلى، والأول أقرب عندي. والله تعالى أعلم. ثم تعقب السيوطي لسكوته عليه، فقال بعد أن ذكر تجريح ابن عدي المذكور لحسان نقلا عن " اللسان ": " وبه يعرف أن سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله الحديث: 1413 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 599 غير صواب ". قلت: ومثل هذا السكوت يكثر من السيوطي رحمه الله تعالى ومن غيره أيضا، وهذا شيء ابتلي به المتأخرون كثيرا، ولا يكاد ينجومنه إلا القليل، وليس ذلك من النصح في شيء. والله تعالى هو المستعان. 1414 - " أقل الحيض ثلاث، وأكثره عشر ". منكر رواه الطبراني في " الأوسط " (ق 36/1 - رقم 593 - مصورتي) : حدثنا أحمد قال: حدثنا محرز بن عون والفضل بن غانم قالا: نا حسان بن إبراهيم عن عبد الملك عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " لم يروه عن مكحول إلا العلاء ". قلت: وقع في الإسناد أنه العلاء بن كثير كما ترى، وفي " المعجم الكبير " خلافه فقال (8/152/7586) : حدثنا أحمد بن بشير الطيالسي: حدثنا الفضل بن غانم: حدثنا حسان بن إبراهيم عن عبد الملك عن العلاء بن حارث عن مكحول به. ولم يتنبه الهيثمي لهذا الاختلاف الذي وقع في المعجمين في اسم والد العلاء، فجعله واحدا في كلامه على إسنادهما فقال في " مجمع الزوائد " (1/280) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عبد الملك الكوفي عن العلاء ابن كثير، لا ندري من هو؟ ". وقلده المعلق على " المعجم الأوسط " (1/356) فنقله عنه بالحرف الواحد ولم يزد عليه حرفا واحدا، وهكذا كل أوجل تعليقاته عليه ليس فيها شيء من العلم الذي يستحق به أن يكتب عليه: تحقيق الدكتور فلان، فالله المستعان على تحقيقات بل تجارات دكاترة آخر الزمان! ! واعلم أن الفرق بين العلاءين فرق شاسع، فابن كثير وهو الليثي الدمشقي متهم، قال الحافظ في " التقريب ": " متروك رماه ابن حبان بالوضع ". وأما ابن الحارث، وهو الحضرمي الدمشقي؛ فهو ثقة، قال الحافظ: الحديث: 1414 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 600 " صدوق، فقيه لكن رمي بالقدر وقد اختلط ". قلت: والراجح عندي أنه الأول، وذلك لسببين: الأول: أن السند بذلك صحيح إلى حسان بن إبراهيم فإن راويه عنه محرز بن عون ثقة من رجال مسلم، وكذلك شيخ الطبراني أحمد الراوي عنه، وهو أحمد بن القاسم بن مساور أبو جعفر الجوهري ثقة، مترجم في " تاريخ بغداد " (4/349 - 350) ، بخلاف إسناد " كبير الطبراني " فإنه لا يصح إلى حسان، فقال المناوي في " الفيض ": " وفيه أحمد بن بشير الطيالسي، قال في " الميزان ": لينه الدارقطني، والفضل بن غانم قال الذهبي: قال يحيى: ليس بشيء، ومشاه غيره، والعلاء بن الحارث قال البخاري: منكر الحديث ". قلت: وهذا الأخير منه وهم، فإن البخاري إنما قال ما ذكر في العلاء بن كثير، وليس العلاء بن الحارث. والآخر: أن العلماء أعلوا الحديث بابن كثير، وابن حبان ذكره في ترجمته من كتابه " الضعفاء " فقال (2/181 - 182) : " العلاء بن كثير مولى بني أمية، من أهل الشام، يروي عن مكحول وعمرو بن شعيب ، روى عنه أهل الشام ومصر، وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيها الثقات، ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث، وليس كذلك لأن العلاء بن الحارث حضرمي من اليمن، وهذا من موالي بني أمية، وذاك صدوق، وهذا ليس بشيء في الحديث، وهو الذي روى عن مكحول عن أبي أمامة.. ". قلت: فذكر الحديث بأتم منه. ثم ساق إسناده هو وابن عدي في " الكامل " (ق 99/1) والدارقطني في " سننه " (ص 80) وعنه ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (1/384) والبيهقي ( 1/326) من طرق عن حسان بن إبراهيم الكرماني قال: نا عبد الملك قال: سمعت العلاء قال: سمعت مكحولا به مطولا ولفظه: " أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب التي أيست من المحيض ثلاثا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 601 وأكثر ما يكون الحيض عشرة أيام، فإذا زاد الدم أكثر من عشرة فهي مستحاضة، يعني ما زاد على أيام أقرائها، ودم الحيض لا يكون إلا دما أسود عبيطا يعلوه حمرة، ودم المستحاضة رقيق تعلوه صفرة، فإن كثر عليها في الصلاة فلتحتش كرسفا، فإن غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قطر، ويأتيها زوجها، وتصوم ". وقال الدارقطني وتبعه البيهقي وابن الجوزي: " عبد الملك هذا مجهول، والعلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث، ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا ". وأما ابن عدي فأعله بالكرماني، فإنه أورده في ترجمته فيما أنكر عليه وقال: " وهو عندي من أهل الصدق، إلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يظن به أنه يتعمد في باب الرواية إسنادا ومتنا، وإنما هو وهم منه، وهو عندي لا بأس به ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". قلت: فالعلة - والله أعلم - ممن فوقه، إما عبد الملك شيخه، وهو مجهول، وإما العلاء بن كثير المتهم، وهو ليس عليه بكثير. وقد ابتلي بهذا الحديث بعض متعصبة الحنفية من المتقدمين والمتأخرين، منهم ابن التركماني فقد حاول أوعلى الأقل أوهم أنه صحيح! فقال في " الجوهر النقي " متعقبا على البيهقي قوله المتقدم: " والعلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث ": " قلت: لم ينسب العلاء في هذه الرواية، وقول الدارقطني: هو ابن كثير يعارضه أن الطبراني روى هذا الحديث، وفيه العلاء بن حارث، وقال أبو حاتم: ثقة لا أعلم أحدا من أصحاب مكحول أوثق منه.. " إلخ. قلت: وهذه المعارضة لا قيمة لها البتة، وذلك بين مما شرحته آنفا لولا التعصب المذهبي الأعمى، الذي يحاول قلب الحقائق العلمية لتتفق مع الأهواء المذهبية دائما، ولكن لا بأس من تلخيص ذلك من وجوه: الأول: أن الطبراني له إسنادان إلى العلاء، في أحدهما التصريح بأنه ابن كثير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 602 الواهي، وفي الآخر أنه ابن الحارث الثقة، فإطلاق العزوللطبراني بهذا لا يخفى على اللبيب ما فيه من الإيهام المخالف للواقع! الثاني: أن إسناده إلى ابن الحارث ضعيف، بخلاف إسناده إلى ابن كثير؛ فإنه صحيح على ما سبق بيانه. الثالث: أن أئمة الجرح والتعديل بينوا أنه ابن كثير؛ الواهي، فلا قيمة لرأي مخالفهم من المتأخرين، وبخاصة إذا كان الحامل له على ذلك التعصب المذهبي. الرابع: هب أنه ابن الحارث الثقة، ولكنه كان قد اختلط كما تقدم عن الحافظ، فمثله لا يحتج به إلا إذا عرف أنه حدث به قبل الاختلاط، وهيهات. الخامس: افترض أنه عرف ذلك أوأن اختلاطه يسير لا يضر فما فائدة ذلك والراوي عنه عبد الملك مجهول، كما تقدم عن الدارقطني وغيره، وابن التركماني مقر به وإلا لعلق عليه، فحرصه على ترجيح أنه ابن الحارث حرص ضائع. ومنهم الشيخ علي القارىء، فإنه نقل في " الأسرار المرفوعة " عن ابن قيم الجوزية قوله في " المنار " (ص 122/275 - حلب) : " وكذلك تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة، ليس فيها شيء صحيح، بل كله باطل ". فتعقبه الشيخ القاريء بقوله (481 - بيروت) : " قلت: وله طرق متعددة، رواه الدارقطني وابن عدي وابن الجوزي، وتعدد الطرق ولوضعفت، يرقي الحديث إلى الحسن، فالحكم بالوضع عليه لا يستحسن ". قلت: وقد سبقه إلى هذه الدعوى ابن الهمام في " فتح القدير " (1/143) ثم العيني في " البناية شرح الهداية " (1/618) وزاد ضغثا على إبالة قوله: " على أن بعض طرقها صحيحة "! ثم قلدهم في ذلك الكوثري الحلبي في تعليقه على " المنار "، فإنه قال بعد أن نقل كلام الشيخ علي المتقدم: " وقد ذكر العلامة القاري تلك الطرق المشار إليها في كتابه " فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية " (1: 202 - 203) الذي حققته وطبع بحلب سنة (1387) ، فانظره ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 603 ولو أنه أراد خدمة السنة والإنصاف للعلم لأحال في ذلك على كتاب " نصب الراية " لأنه أشهر عند أهل العلم، ولأن مؤلفه الزيلعي أقعد بهذا الفن وأعرف به من كل من ذكرناهم من الحنفية، فإنه بحث هذه الأحاديث بحثا حرا، ونقدها نقدا حديثيا مجردا عن العصبية المذهبية، خلافا لهؤلاء الذين جاؤوا من بعده، فإنهم لا يلتزمون القواعد الحديثية، فانظر إليهم كيف يقولون: " وتعدد الطرق ولوضعفت يرقي الحديث إلى الحسن ". فإنهم يعلمون أن هذا ليس على إطلاقه، بل ذلك مقيد بأن لا يشتد ضعفه كما هو مذكور في " مصطلح الحديث " (1) ، وهذا الشرط غير متوفر في هذا الحديث، لأن مدار طرقه كلها على كذابين ومتروكين ومجهولين لا تقوم بهم حجة، وهاك بيانها: 1 - حديث معاذ، يرويه أسد بن سعيد البجلي عن محمد بن الحسن {الصدفي} عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم عنه مرفوعا بلفظ: " لا حيض أقل من ثلاث، ولا فوق عشر ". أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (375) وقال: " محمد بن الحسن ليس بمشهور بالنقل، وحديثه غير محفوظ ". وقال ابن حزم في " المحلى " (2/197) : " وهو مجهول، فهو موضوع بلا شك ". وأقول: لا أستبعد أن يكون محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 291/2) من طريق أخرى عن محمد بن سعيد الشامي قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم به. فأسقط من الإسناد عبادة بن نسي، ولعل هذا من أكاذيبه، فإنه كذاب وضاع معروف بذلك، وقد قال فيه سفيان الثوري: " كذاب ". وقال عمرو بن علي: " يحدث بأحاديث موضوعة ".   (1) انظر " علوم الحديث " لابن الصلاح، و" الاختصار " لابن كثير، وحاشية الشيخ علي القارىء على " شرح نخبة الفكر ". اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 604 وقال ابن عدي بعد أن روى هذا وغيره من أقوال الأئمة في تجريحه وساق له أحاديث مما (أخذ) عليه: " وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ". ولا يقال: إن محمد بن الحسن الصفدي غير محمد بن سعيد الشامي؛ فإنه قد قيل فيه: بأنهم قد قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى. والراوي عنه أسد بن سعيد البجلي غير معروف، ومن المحتمل أنه الذي في " اللسان ": " أسد بن سعيد أبو إسماعيل الكوفي، قال ابن القطان: " لا يعرف ". فيمكن أن يكون هو الذي قلب اسم هذا الكذاب. 2 - حديث أنس، يرويه الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة عنه مرفوعا بلفظ: " الحيض ثلاثة أيام وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة، فإذا جاوز العشرة فمستحاضة ". أخرجه ابن عدي (ق 85/1) وقال: " هذا الحديث معروف بالجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس ". يعني موقوفا. قلت: وهو أعني الجلد متروك كما يأتي، أما الحسن بن دينار فهو كذاب كما قال أبو حاتم وأبو خيثمة وغيرهما، وترجمته في " اللسان " من أسوأ ما تكون تجريحا وتكذيبا. وقد روي موقوفا، وهو حديث الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس به. أخرجه الدارمي (1/209) والدارقطني (77) والبيهقي (1/322) من طرق عنه. وكذلك رواه ابن عدي في ترجمته. وروى تضعيفه عن الشافعي وأحمد، وعن ابن المبارك قال: " أهل البصرة يضعفون الجلد ". وكذا رواه العقيلي وزاد: " قال ابن المبارك: شيخ ضعيف ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 605 وعن ابن عيينة قال: " حديث الجلد بن أيوب في الحيض حديث محدث لا أصل له ". وعن يزيد بن زريع قال: " ذاك أبو حنيفة لم يجد شيئا يحدث به في حديث الحيض إلا بالجلد "! وروى الدارقطني عن أبي زرعة الدمشقي قال: " رأيت أحمد بن حنبل ينكر حديث الجلد بن أيوب هذا، وسمعت أحمد بن حنبل يقول: لوكان هذا صحيحا لم يقل ابن سيرين: استحيضت أم ولد لأنس بن مالك، فأرسلوني أسأل ابن عباس رضي الله عنه ". وهذا يعني بوضوح لا خفاء فيه أن أنسا رضي الله عنه لم يحدث بهذا الذي رواه الجلد عنه. وهذا معناه أنه ضعيف جدا، وهذا ما يشير إليه الدارقطني في " الضعفاء والمتروكين " (168/141 - مكتبة المعارف - الرياض) : " متروك ". وروى البيهقي عن أحمد بن سعيد الدارمي قال: سألت أبا عاصم عن الجلد بن أيوب؟ فضعفه جدا، وقال: " كان شيخا من مشايخ العرب تساهل أصحابنا في الرواية عنه ". وله طريق أخرى عن أنس شديدة الضعف أيضا، يرويه إسماعيل بن داود بن مخراق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس قال: " هي حائض فيما بينها وبين عشرة، فإذا زادت فهي مستحاضة ". وآفة هذه الطريق - مع وقفها - هو إسماعيل هذا، فإنه ضعيف جدا، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث جدا ". 3 - حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا مثل حديث الترجمة، رواه محمد بن أحمد بن أنس الشامي: حدثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 606 أخرجه الدارقطني (ص 81) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهية " (1/385) وقالا: " ابن منهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف ". قلت: وفيه علتان أخريان: الأولى: ضعف محمد بن راشد وهو المكحولي الخزاعي الدمشقي، قال ابن حبان في " الضعفاء " (2/253) : " كثرت المناكير في روايته فاستحق الترك ". وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (1/192) . وقال الحافظ: " صدوق يهم ". والأخرى: الانقطاع، فإن مكحولا لم يسمع من واثلة كما قال البخاري، وقد روي عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة كما تقدم مع بيان وهائه. 4 - حديث أبي سعيد الخدري وغيره، قال يعقوب بن سفيان: أبو داود النخعي اسمه سليمان بن عمرو، قدري، رجل سوء كذاب، كان يكذب مجاوبة ، قال إسحاق: أتيناه فقلنا له: أيش تعرف في أقل الحيض وأكثره وما بين الحيضتين من الطهر؟ فقال: الله أكبر، حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري، وجعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به وزاد: " وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما ". رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9/20) ومن طريقه ابن الجوزي. ذكره الخطيب في ترجمة النخعي هذا وروى عن جمع غفير من الأئمة أنه كذاب يضع الحديث. وفي آخر ترجمته من " اللسان ": " قال ابن عبد البر: هو عندهم كذاب يضع الحديث وتركوا حديثه. قلت: الكلام فيه لا يحصر، فقد كذبه ونسبه إلى الوضع من المتقدمين والمتأخرين ممن نقل كلامهم في الجرح والعدالة - فوق الثلاثين نفسا ". قلت: وقد رواه بعض المتروكين عنه عن يزيد بن جابر عن مكحول عن أبي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 607 أمامة به نحوه. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/333) من طريق إبراهيم بن زكريا الواسطي: حدثنا سليمان بن عمرو به. ذكره في ترجمة سليمان هذا وقال فيه: " كان رجلا صالحا في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعا، وكان قدريا لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاختبار ". وقال في ترجمة الواسطي هذا (1/115) : " يأتي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات إن لم يكن بالمتعمد لها، فهو المدلس عن الكذابين، لأني رأيته قد روى أشياء عن مالك موضوعة، ثم رواها أيضا عن موسى ابن محمد البلقاوي عن مالك ". أقول: هذه هي الطرق التي زعم الشيخ القارىء أن الحديث يرقى بها إلى مرتبة الحسن، وهي بعينها التي ساق أحاديثها في " فتح باب العناية " (1/202 - 204) ساكتا عن كل هذه العلل الفاضحة، وعن أقوال أئمة الحديث فيها ليقول في نهاية بحثه: " فهذه عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بطرق متعددة ترفع الضعيف إلى الحسن "! ! فليت شعري ما قيمة هذه الطرق إذا كان مدارها على الكذابين والمتروكين والمجهولين؟ ! وهم يعلمون من علم المصطلح أنها لا تعطي الحديث قوة، بل تزيده وهنا على وهن. ومن العجائب حقا أن يتابعه في ذلك كوثري اليوم، فيحيل القراء عليه متبجحا كما تقدم، وهو الذي يكتب في بعض تعليقاته أن يجب الرجوع في كل علم إلى أهل التخصص فيه. فما باله هنا خالف فعله قوله، فأعرض عن أقوال أئمة الحديث بل إجماعهم على رد هذا الحديث، وتمسك بقول المخالف لهم من الحنفية المتعصبة؟ ! أفلا يحق لي أن أقول: إن كنت لا تدري فتلك مصيبة * * * أوكنت تدري فالمصيبة أعظم؟ ! وزيادة في الفائدة على ما تقدم أقول: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 608 قال البيهقي في " سننه " عقب حديث الجلد: " وقد روي في أقل الحيض وأكثره أحاديث ضعاف، قد بينت ضعفها في (الخلافيات) ". وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث فأجاب بقوله: " باطل، بل هو كذب موضوع باتفاق علماء الحديث ". نقلته من " مجموع فتاويه " (21/623) . وقال الشوكاني في " السيل الجرار " (1/142) : " لم يأت في تقدير أقل الحيض وأكثره ما يصلح للتمسك به، بل جميع الوارد في ذلك إما موضوع، أوضعيف بمرة ". قلت: وهذا أعدل وأوجز ما يقال كخلاصة لهذا التحقيق الممتع الذي وفقني الله إليه، راجيا المثوبة منه. (فائدة) لقد اختلف العلماء في تحديد أقل الحيض وأكثره والأصح كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (19/237) أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض، وإن قدر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وأما إذا استمر الدم بها دائما، فهذا قد علم أنه ليس بحيض؛ لأنه قد علم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهرا، وتارة تكون حائضا، ولطهرها أحكام ، ولحيضها أحكام. وراجع تمامه فيه إن شئت. وهذا الذي رجحه ابن تيمية مذهب ابن حزم في " المحلى "، وقد أطال النفس - كعادته - في الاستدلال له، والرد على مخالفيه، فراجعه في المجلد الثاني منه (ص 200 - 203) . 1415 - " من أم قوما وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه، لم يزل في سفال إلى يوم القيامة ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الأوسط " (1/29/2 - زوائد المعجمين) الحديث: 1415 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 609 وابن عدي (100/1) وابن السماك في " الأمالي " (2/103/1) عن الحسين بن علي بن يزيد الصدائي: حدثنا أبي عن حفص بن سليمان عن الهيثم بن عقاب عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. وقال الطبراني. " لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحسين ". قلت: وهو صدوق، لكن أباه فيه لين، وحفص بن سليمان هو الغاضري وهو متروك الحديث مع إمامته في القراءة كما تقدم. والهيثم بن عقاب قال عبد الحق في " أحكامه " (41/1) : " كوفي مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ ". وبه فقط أعل الحديث! وهو تابع في ذلك للعقيلي كما يأتي ثم تبعهما المناوي! وقول الطبراني: " تفرد به الحسين " ليس بصواب، فقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (451) من طريق سليمان بن توبة النهرواني قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي به. وقال: " الهيثم بن عقاب مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به ". 1416 - " من جحد أية من القرآن فقد حل ضرب عنقه، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فلا سبيل لأحد عليه، إلا أن يصيب حدا، فيقام عليه ". منكر أخرجه ابن ماجه (2539) وابن عدي (101/1) والهروي في " ذم الكلام " (2/25/1 - 2) من طريق حفص بن عمر بن ميمون العدني: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عدي: " والحكم بن أبان، وإن كان فيه لين، فإن حفصا هذا ألين منه بكثير، والبلاء منه لا من الحكم، وعامة حديثه غير محفوظ ". وفي " التقريب ": الحديث: 1416 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 610 " الحكم بن أبان صدوق عابد، وله أوهام. وحفص بن عمر العدني ضعيف " وذكر له الذهبي في " الميزان " هذا الحديث من منكراته. 1417 - " من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر ". ضعيف رواه ابن ماجه (1862) وابن عدي (164/2) وعنه ابن عساكر (4/284/1) عن سلام بن سوار: حدثنا كثير بن سليم عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت أنس بن مالك قال: فذكره مرفوعا. وقال ابن عدي: " لا أعلم رواه عن كثير بن سليم عن الضحاك عن ابن عباس إلا سلام هذا، وغيره قال: عن كثير بن سليم عن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وروي عن نهشل عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسلام بن سوار هو عندي منكر الحديث. قلت: ونحوه شيخه كثير بن سليم وهو الضبي، وقد جزم بضعفهما الحافظ في " التقريب ". ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (3/67) لضعفه. ونقل المناوي عنه أنه قال: " حديث ضعيف ". وهذا ليس عنده إلا إشارة كما ذكرنا، والله أعلم. والحديث ذكره البخاري في " التاريخ الكبير " (4/2/404) معلقا في ترجمة يونس ابن مرداس عن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال: " وروى عنه أحمد بن يوسف العجلي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال محققه - وهو اليماني - رحمه الله تعالى: " هذه الترجمة من (قط) ، ولم أجده ولا الراوي عنه فيما عندنا من الكتب. فالله أعلم ". الحديث: 1417 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 611 1418 - " شر الناس شرار العلماء ". ضعيف رواه ابن عدي (101/2) عن حفص بن عمر أبي إسماعيل: حدثنا ثور بن يزيد عن خالد ابن معدان عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال: كنت أطوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! من أشر الناس؟ فأعرض الحديث: 1418 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 611 عني، ثم سألته فأعرض عني، ثم سألته فقال: " شرار العلماء ". وقال: " لا أعرفه إلا من حديث حفص بن عمر الأبلي، وأحاديثه كلها؛ إما منكر المتن، أومنكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب ". قلت: وكذبه أبو حاتم والساجي، ولكنه لم يتفرد به، فقد رواه البزار (167 ) عن الخليل بن مرة عن ثور بن يزيد به نحوه. وأورده المنذري في " الترغيب " (1/77) وقال: " رواه البزار وفيه الخليل بن مرة، وهو حديث غريب ". قلت: الخليل هذا ضعفه الجمهور، وهو من أتباع التابعين. وله شاهد مرسل أخرجه الدارمي (1/104) : أخبرنا نعيم بن حماد: حدثنا بقية، عن الأحوص بن حكيم عن أبيه قال: " سأل رجل النبي عن الشر؟ فقال: لا تسألوني عن الشر، واسألوني عن الخير، يقولها ثلاثا. ثم قال: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء ". قلت: وهذا مرسل، حكيم أبو الأحوص تابعي، وهو صدوق يهم. ومن دونه كلهم ضعفاء! 1419 - " تدرون ما يقول الأسد في زئيره؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: يقول: اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف ". منكر أخرجه الطبراني في " مختصر مكارم الأخلاق " (1/13/1) ومن طريقه الديلمي (2/1/40) : حدثنا محمد بن داود الصدفي: حدثنا الزبير بن محمد العثماني: حدثنا علي بن عبد الله بن الحباب المدني عن محمد بن عبد الرحمن بن داود المدني عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ما بين الطبراني وابن عجلان ثلاثتهم مجهولون لم يذكروا في شيء من كتب الرجال المعروفة، حتى ولا في " الأنساب " للسمعاني. والحديث منكر ظاهر النكارة. والله تعالى أعلم. الحديث: 1419 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 612 1420 - " إذا أحببت رجلا فلا تماره، ولا تجاره، ولا تشاره، ولا تسأل عنه، فعسى أن توافق له عدوا، فيخبرك بما ليس فيه، فيفرق ما بينك وبينه ". منكر أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (3/434 - بيروت) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 196) وأبو نعيم في " الحلية " (5/136) من طريق غالب بن وزير، قال: حدثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو نعيم: " غريب من حديث جبير بن نفير عن معاذ متصلا، وأرسله غير ابن وهب عن معاوية ". وقال العقيلي: " غالب حديثه منكر لا أصل له، ولم يأت به عن ابن وهب غيره، ولا يعرف إلا به ". ثم قال: " هذا يروى من كلام الحسن البصري ". قلت: وهو به أشبه. وقال الذهبي: " هذا حديث باطل ". الحديث: 1420 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 613 1421 - " من أخذ على القرآن أجرا، فذاك حظه من القرآن ". موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/142) من طريق إسحاق بن العنبري: حدثنا عبد الوهاب الثقفي: حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " غريب من حديث الثوري، تفرد به إسحاق ". قلت: قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " كذاب ". ولذلك قال المناوي عقبه: الحديث: 1421 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 613 " فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ". يعني " الجامع الصغير " للسيوطي. وبهذا الكذاب أعله في " التيسير ". 1422 - " من أخذ على القرآن أجرا، فقد تعجل حسناته في الدنيا، والقرآن يخاصمه يوم القيامة ". منكر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4/20) عن الحسن بن علي بن الوليد: حدثنا عبد الرحمن بن نافع - درخت - حدثنا موسى بن رشيد عن أبي عبيد الشامي عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " غريب من حديث طاووس، لم يروه عنه إلا أبو عبد الله الشامي وهو مجهول وفي حديثه نكارة ". قلت: وهذا إسناد مظلم، من دون طاووس لم أعرف أحدا منهم! وقوله في السند: " أبي عبيد الشامي " كذلك وقع في الأصل، ووقع في تعقيب أبي نعيم عليه: " أبو عبد الله الشامي ". وكتب الطابع على الهامش: " كذا سماه هنا في الأصول الثلاثة ". فالله أعلم بالصواب. الحديث: 1422 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 614 1423 - " كره السؤال في الطريق ". ضعيف جدا أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (3/1/178/561) : قال ابن حميد: حدثنا يحيى بن واضح عن أبي مجاهد، سمعت عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته ابن حميد، وهو محمد الرازي قال الذهبي في " الكاشف ": " وثقه جماعة، والأولى تركه، قال يعقوب بن شيبة: " كثير المناكير ". وقال البخاري: الحديث: 1423 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 614 " فيه نظر ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". مات سنة 248. وأبو مجاهد اسمه عبد الله بن كيسان المروزي، قال الذهبي: " ضعفه أبو حاتم ". وفي ترجمته أورد الحديث البخاري، ولعله أشار بذلك إلى أنه حديث منكر، وقال فيه: " وله ابن، نسبهما إسحاق، منكر ليس من أهل الحديث ". كذا وقع فيه، وفي نقل الحافظ المزي في " التهذيب ": " له ابن يسمى إسحاق، منكر الحديث ". ولعل هذا هو الصواب. 1424 - " إذا دخل الرجل على أخيه فهو أمير عليه حتى يخرج من عنده ". موضوع رواه ابن عدي (53/2) عن عثمان بن عبد الرحمن عن عنبسة عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. أورده في ترجمة جعفر هذا في جملة من أحاديث له، وقال في آخرها: " وله أحاديث غير ما ذكرت عن القاسم، وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ". قلت: كذبه شعبة. وقال البخاري: " تركوه ". لكن من دونه شر منه، فإن كلا من عنبسة وهو ابن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد القرشي وعثمان بن عبد الرحمن وهو القرشي الوقاصي وضاع. وكأن المناوي لم يقف على هذا الإسناد التالف فاقتصر على قوله فيه: الحديث: 1424 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 615 " ضعيف "! ولم يكتف بهذا بل أتبعه بقوله: " لكن يقويه ما رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا: " إذا دخل قوم منزل رجل، كان رب المنزل أميرهم، حتى يخرجوا من منزله، وطاعته عليهم واجبة " انتهى. أي: متأكدة بحيث تقرب من الوجوب ". قلت: وهذا أعجب ما رأيت للمناوي، فإن حديث أبي هريرة هذا موضوع أيضا، وما جاءه هذا الخبط والخلط؛ إلا من قلة التحقيق، وعدم مراجعة الأسانيد، وإلا لم يخف ذلك على مثله إن شاء الله تعالى. وقد بينت وضع حديث أبي أمامة، فلنبين وضع حديث أبي هريرة هذا، فأقول: " إذا دخل قوم منزل رجل كان رب المنزل أمير القوم حتى يخرجوا من منزله طاعته عليهم واجبة ". 1425 - " إذا دخل قوم منزل رجل كان رب المنزل أمير القوم حتى يخرجوا من منزله طاعته عليهم واجبة ". موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/245) والديلمي (1/1/114) عن سهل بن عثمان: حدثنا المعلى: حدثنا ليث عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته المعلى وهو ابن هلال الطحان الكوفي، وهو كذاب وضاع، اتفق النقاد على ذلك كما سبق ذكره عند الحديث (341) . وليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف. وقد ساق الذهبي في ترجمة الأول عن هذا حديثا آخر عن ابن عباس قال: " التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا يتوكأ عليها ويأمر بالتوكؤ عليها ". وقد مضى برقم (916) . الحديث: 1425 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 616 1426 - " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ". منكر أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/47/1) : حدثنا ابن فضيل عن أبي نصر عبد الله بن عبد الرحمن عن مساور الحميري عن أمه قالت: سمعت أم سلمة الحديث: 1426 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 616 تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1/217) وابن ماجه (1854) والثقفي في " الثقفيات " (ج9 رقم 30) والحاكم (4/173) وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". قلت: وكل ذلك بعد عن التحقيق، فإن مساورا هذا وأمه مجهولان كما قال ابن الجوزي في " الواهيات " (2/141) ، وقد صرح بذلك الحافظ ابن حجر في الأول منهما، وسبقه إليه الذهبي فقال في ترجمته من " الميزان ": " فيه جهالة، والخبر منكر ". يعني هذا. وقال في ترجمة والدة مساور: " تفرد عنها ابنها ". يعني أنها مجهولة. قلت: فتأمل الفرق بين كلاميه في الكتابين، والحق، أن كتابه " التلخيص " فيه أوهام كثيرة، ليت أن بعض أهل الحديث - على عزتهم في هذا العصر - يتتبعها، إذن لاستفاد الناس فوائد عظيمة، وعرفوا ضعف أحاديث كثيرة صححت خطأ. وبالجملة فالحديث منكر لا يصح لجهالة الأم والولد. 1427 - " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ". ضعيف أخرجه أبو داود (2263) والنسائي (2/107) والدارمي (2/153) وابن حبان ( 1335) والحاكم (2/202 - 203) والبيهقي (7/403) من طريق يزيد بن الهاد عن عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية المتلاعنين: فذكره. وقال الحاكم: الحديث: 1427 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 617 " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وذلك من أوهامهما، فإن عبد الله بن يونس هذا، لم يخرج له مسلم أصلا، ثم هو لا يعرف، كما أشار إلى ذلك الذهبي نفسه بقوله في " الميزان ": " ما حدث عنه سوى يزيد بن الهاد ". ونحوه في " الكاشف ". وصرح بذلك في " الضعفاء " فقال: " تابعي مجهول ". وقول الحافظ في " التقريب ": " مجهول الحال ". ينافي ما تقرر في " المصطلح " أن من لا يعرف إلا برواية واحد فهو مجهول العين. وقد قال في " الفتح " بعدما عزاه لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن يونس: " ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد " (1) . نعم تابعه يحيى بن حرب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري به نحوه. أخرجه ابن ماجه (2743) من طريق موسى بن عبيدة عنه. لكن يحيى هذا حاله كحال متبوعه عبد الله بن يونس. قال الذهبي: " فيه جهالة، ما حدث عنه سوى موسى بن عبيدة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". قلت: وموسى بن عبيدة ضعيف، وفي " الضعفاء والمتروكين " للذهبي: " ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه ". قلت: فهذه المتابعة واهية، لا تعطي الحديث قوة، فيظل على ضعفه، ومن الغرائب أن الدارقطني صححه في " العلل " مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري، وأنه لا يعرف إلا به!   (1) نقله عنه المناوي في " الفيض ". اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 618 1428 - " إذا شرب أحدكم فليمصه مصا، فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ ". ضعيف أخرجه ابن شاذان الأزجي في " الفوائد المنتقاة " (2/126/1) من طريق عبد الواحد السوري قال: حدثنا أبو عصام عن أنس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الواحد السوري لم أعرفه، و (السوري) نسبة إلى (سورية) وهي نسبة غريبة لم يذكروها في " الأنساب "، على شهرتها اليوم، وقد ذكرها ياقوت في " معجم البلدان " فقال: " سورية: موضع بالشام بين خناصرة وسلمية ". قلت: فإذا ثبت أن عبد الواحد هذا نسب إلى (سورية) فمن المحتمل حينئذ أنه الذي في " الجرح والتعديل " (3/1/23) : " عبد الواحد بن قيس، والد عمر بن عبد الواحد الشامي صاحب الأوزاعي، روى عن أبي هريرة، مرسل، وعن عروة بن الزبير وقد أدركه. روى عنه الأوزاعي وثور ابن يزيد ... ". وهو مختلف فيه، كما تراه مبسوطا في " تهذيب التهذيب "، وقد لخص ذلك الحافظ في " التقريب " بقوله: " صدوق، له أوهام ومراسيل ". وأما الذهبي فقال في " الكاشف ": " منكر الحديث ". لكنه قد توبع بلفظ: " مصوا الماء مصا، ولا تعبوه عبا ". أخرجه ابن عدي في " الكامل " (116/2) والبيهقي في " الشعب " (2/206/1) من طريق عبد الوارث عن أبي عصام عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أورده في ترجمة أبي عصام هذا، وسماه خالد بن عبيد، وقال عن البخاري: " في حديثه نظر ". وساق له أحاديث منها هذا، ومنها حديثه عن أنس أيضا قال: الحديث: 1428 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 619 " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنفس في الإناء ثلاثا ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ " (1) وختمها بقوله: " وليس في حديثه حديث منكر جدا ". لكن في الرواة اثنان، كل منهما يعرف بأبي عصام، ومن طبقة واحدة، أحدهما ثقة ، والآخر ضعيف، وابن عدي جرى على عدم التفريق بينهما، خلافا لابن حبان وأبي أحمد الحاكم، والصواب أنهما اثنان كما قال الحافظ في " التهذيب "، وعليه جرى الذهبي في " الميزان "، فقال في " الأسماء " منه (1/634) : " وقد وهم ابن عدي، فتوهم أن هذا هو أبو عصام ذاك الثقة الذي حدث عنه شعبة وعبد الوارث، فساق في الترجمة حديث " النفس ثلاثا " الذي أخرجه مسلم، وحديث " مصوه مصا "، وهو خبر محفوظ ". كذا وقع فيه " خبر محفوظ "، وهذا مما لا يلتقي مع ما ادعاه من التوهيم، فلعل الطابع وهم، والصواب: " غير محفوظ "، لأن هذا هو المناسب مع الدعوى، وهو كالدليل عليه. والله أعلم. وعلى التفريق المذكور جرى أيضا في كتابه " الضعفاء "، وفي " الكاشف " أيضا، ولكنه قال في كنى " الميزان ": " والفرق بينهما يعسر ". وعليه جرى الحافظ في " التقريب " أيضا، فقال: " خالد بن عبيد العتكي أبو عصام البصري، نزيل مرو، متروك الحديث مع جلالته ". وقال في " كنى التقريب ": " أبو عصام، هو خالد بن عبيد، تقدم، وقيل: هو الذي قبله ". يعني " أبو عصام البصري، قيل: اسمه ثمامة، مقبول. من الخامسة ". وهذا التردد والاختلاف إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الموضوع غامض   (1) أخرجه مسلم (6/111) من الطريق المذكورة لحديث ابن عدي! وهو مخرج في " الصحيحة " (378) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 620 غير واضح عند الحافظ وغيره، وهو حري بذلك، فليس هناك ما يحمل على القطع بشيء من ذلك، ولورواية ضعيفة. وكأنه لذلك اقتصر المناوي على قوله في " الفيض ": " رواه البيهقي في " الشعب " عن أنس: وفي سنده لين ". فلم يعرج على بيان السبب خلافا لعادته. والله أعلم. فإن قيل: فإذا كان المناوي لم يبين علته لأنه لم يتبين له من أبو عصام هذا؟ فلماذا ضعف إسناده؟ فأقول - والله أعلم -: لأنه إذا لم يتبين له أنه أبو عصام الثقة، فالإسناد من الوجهة العملية، مجهول الصحة؛ والحالة هذه. وما كان كذلك من الأسانيد، فهو في حكم الضعيف، ومن أجل ذلك أوردته أنا في " السلسلة "، فإن ظهر لنا شيء يقتضي صحته نقلناه إلى " السلسلة " الأخرى. والله أعلم. ثم روى البيهقي من طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا شرب تنفس ثلاثة أنفاس، ونهى عن العب نفسا واحدا، ويقول: ذلك شرب الشيطان. وقال: " هذا مرسل، وروينا عن معمر عن ابن أبي حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا شرب أحدكم فليمص مصا ولا يعب عبا، فإن الكباد من العب ". ثم رواه من طريق أحمد بن منصور: حدثنا عبد الرزاق: أنا معمر فذكره. وهو في " مصنف عبد الرزاق " (10/428) بهذا الإسناد. وابن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن المكي، وهو تابعي ثقة، فهو مرسل صحيح، كالذي قبله. فلعل الحديث يقوى بهما، والله سبحانه وتعالى أعلم. وتقدم حديثان آخران في المص، أحدهما قولي، والآخر فعلي، فراجعهما إن شئت (940، 941) . 1429 - " بر الوالدين يزيد في العمر، والكذب ينقص من الرزق، والدعاء يرد البلاء، ولله في خلقه قضاآن، فقضاء نافذ، وقضاء ينتظر، الحديث: 1429 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 621 وللأنبياء على العلماء فضل درجتين، وللعلماء على الشهداء فضل درجة ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " التاريخ " (ص 323) عن السري بن مسكين عن الوقاصي عن أبي سهيل بن مالك عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. وبهذا الإسناد أخرجه في " الفوائد " أيضا (81/2) دون قوله: " وفي خلقه ". قلت: وهذا إسناد موضوع؛ الوقاصي هذا بفتح الواووتشديد القاف هو عثمان بن عبد الرحمن أبو عمرو كان ممن يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به. كذا في " الأنساب " للسمعاني وهذا التجريح هو نص ابن حبان في " الضعفاء " (2/98) . وروى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12/239/1) عن صالح بن محمد الحافظ أنه قال فيه: " كان يضع الحديث، وعلي بن عروة أكذب منه ". قلت: والسري بن مسكين، قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة كما هو اصطلاحه في المقدمة، وقد تابعه خالد بن إسماعيل المخزومي عن عثمان بن عبد الرحمن لكنه قال: عن أبي سهيل وهو نافع بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة به. أخرجه ابن عدي (120/1) في ترجمة المخزومي في جملة أحاديث له وقال: " وعامة حديثه موضوعات ". قلت: لكن متابعة السري له، تبرئ عهدة المخزومي من الحديث، وتعصب الجناية في شيخه الوقاصي. ويبدو لي أن المناوي لم يقف على علته، فإنه قال تعليقا على قول السيوطي في " الجامع ": " رواه أبو الشيخ في " التوبيخ " وابن عدي عن أبي هريرة ": " ضعفه المنذري "! ولم يزد على هذا! والمنذري ذكره في " الترغيب " (4/29) من رواية الأصبهاني إلى قوله: " يرد القضاء " دون ما بعده، وأشار لضعفه. ومما حققناه يتبين لك أنه موضوع، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 622 فكان على المنذري أن يبينه، وعلى السيوطي أن يحذفه من كتابه، وفاء منه بوعده! وتابعه أيضا يحيى بن المغيرة عن أبي عن عثمان بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به. أخرجه الأصبهاني في " ترغيبه " (ق 47/1) والديلمي في " مسنده " (2/1/4) . ويحيى هذا صدوق، لكن أبو هـ وهو المغيرة بن إسماعيل بن أيوب المخزومي مجهول كما قال الذهبي. وبالجملة فمدار هذه الروايات كلها على عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو وضاع كما عرفت، وقد تقدمت له أحاديث عديدة تدل على حاله، أقربها الحديث (877) . 1430 - " ليس للنساء سلام ولا عليهن سلام ". منكر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/58) : حدثت عن أبي طالب: حدثنا علي بن عثمان النفيلي: حدثنا هشام بن إسماعيل العطار: حدثنا سهل بن هشام عن إبراهيم ابن أدهم عن الزبيدي عن عطاء الخراساني يرفع الحديث قال: فذكره. قال الزبيدي: أخذ على النساء ما أخذ على الحيات: أن ينحجرن في بيوتهن! قلت: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه في أعلاه، وفي أدناه على جهالة فيه وضعف. أما الأول: فلأن عطاء الخراساني، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، يهم كثيرا، ويرسل ويدلس، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ". يعني ومائة، فهو تابعي صغير. وأما الآخر، فظاهر من قول أبي نعيم: " حدثت عن أبي طالب " فلم يذكر الذي حدثه، وأبو طالب هذا هو ابن سوادة كما في إسناد آخر قبل هذا، ولم أعرفه. وبقية الرجال ثقات غير سهل بن هشام، فلم أعرفه أيضا. لكن الظاهر أن فيه خطأ مطبعيا، والصواب سهل بن هاشم وهو الواسطي البيروتي، فقد ذكروا في ترجمته أنه روى عن إبراهيم بن أدهم، وهو ثقة. والله أعلم. الحديث: 1430 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 623 1431 - " لذكر الله بالغداة والعشي، خير من حطم السيوف في سبيل الله ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 124/2) والديلمي في " مسند الفردوس " من طريق الحسن بن علي العدوي: حدثنا خراش: حدثنا مولاي أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن عدي: " وخراش هذا مجهول، ليس بمعروف، وما أعلم حدث عنه ثقة أوصدوق، والعدوي كنا نتهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب ". وأورده السيوطي في " زوائد الجامع الصغير " و" الجامع الكبير " من رواية الديلمي، وكذلك أورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 49) ! ! وعزاه في " الكبير " لابن شاهين في " الترغيب في الذكر " عن ابن عمرو، وابن أبي شيبة عنه موقوفا بزيادة " ومن إعطاء المال سحا ". الحديث: 1431 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 624 1432 - " ما احتلم نبي قط، إنما الاحتلام من الشيطان ". باطل أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 127/2) من طريق سليمان بن عبد العزيز الزهري : حدثني أبي عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورده في ترجمة داود هذا وقال: " وهذا الحديث ليس البلاء [فيه] من داود، فإن داود صالح الحديث، إذا روى عنه ثقة، والراوي عنه ابن أبي حبيبة قد مر ذكره في هذا الكتاب في ضعفاء الرجال، فالبلاء منه ". قلت: وسليمان بن عبد العزيز هذا لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي في " اللسان ": " سليمان بن عبد العزيز، عن الحسن بن عمارة، وعنه عبد الله بن سويد أبو الخصيب، جهله ابن القطان ". قلت: وقد خالفه الثقة إبراهيم بن المنذر الحزامي فقال: حدثنا عبد العزيز بن أبي الحديث: 1432 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 624 ثابت عنه عن ابن عباس قال: فذكره موقوفا عليه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/126 - 127) و" الأوسط " (ق 9/2 - مجمع البحرين) وابن المظفر في " الفوائد " (ق 99/2) وقال الطبراني: " لم يروه عن داود إلا ابن أبي حبيبة، ولا عنه إلا عبد العزيز ". قلت: وهو شديد الضعف كما يشهد بذلك أقوال الحفاظ؛ المتقدمين منهم والمتأخرين، فقال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ". زاد الثاني: " جدا ". وقال الذهبي في " الكاشف " و" الضعفاء ": " تركوه ". وقال الحافظ: " متروك ". قلت: فهو آفة هذا الحديث سواء كان حدث به موقوفا كما في رواية الحزامي عنه، أومرفوعا كما في رواية ابنه سليمان عنه، وليست الآقة من ابن أبي حبيبة كما تقدم عن ابن عدي، لأن هذا أحسن حالا من عبد العزيز. فالحديث ضعيف جدا موقوفا، وباطل مرفوعا، لتفرد سليمان المجهول برفعه ومخالفته للحزامي الثقة في وقفه. 1433 - " إذا حج رجل بمال من غير حله فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله: لا لبيك ولا سعديك، هذا مردود عليك ". ضعيف رواه ابن دوست في " الفوائد العوالي " (1/14/1) وابن عدي (130/1) والديلمي في " مسنده " (1/1/161) وابن الجوزي في " الواهية " (2/75) وكذا الأصبهاني في " الترغيب " (ق 107/1) عن أبي الغصت الدجين بن ثابت - من بني يربوع - عن أسلم مولى عمر بن الخطاب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف أبو الغصن هذا قال ابن عدي: " مقدار ما يرويه ليس بمحفوظ ". الحديث: 1433 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 625 ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه سئل عن دجين بن ثابت، قال يحيى: ليس بشيء، والنسائي: غير ثقة ". قلت: ونقل هذا المناوي في " الفيض " وأقره، وأما في " التيسير " فقد أفسده بقوله: " وإسناده ضعيف، لكن له شواهد "! ولا أعلم له من الشواهد إلا حديث أبي هريرة مرفوعا بمعناه أتم منه. ولا يصلح شاهدا لشدة ضعفه، فإن فيه سليمان بن داود اليمامي قال فيه البخاري: " منكر الحديث ". وقد تقدم من هذه الطريق برقم (1092) و (1091) من الطريق التي قبل هذه. (تنبيه) : هذا الحديث في المصادر التي خرجته منها هو من مسند عمر، وكذلك هو في " الجامع الكبير " للسيوطي، وكذا في بعض نسخ " الجامع الصغير ". ووقع في النسخة التي تحتها " شرح المناوي " (ابن عمر) وكذلك وقع في " الفتح الكبير " للنبهاني، ثم في " ضعيف الجامع الصغير " رقم (559) ، فليصححه من كان عنده نسخة منه. 1434 - " إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما، واستبشرت أرواحهما في السماء، وكتب عنه الله برا ". ضعيف أخرجه الدارقطني في " السنن " (272) وابن شاهين في " الترغيب " (299/1) وأبو بكر الأزدي الموصلي في " حديثه " (1 - 2) عن أبي أمية الطرسوسي: حدثنا أبو خالد الأموي: نا أبو سعد البقال عن عطاء بن أبي رباح عن زيد بن أرقم قال: قال الحديث: 1434 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 626 رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا سند ضعيف: أبو سعد البقال - هو سعيد بن مرزبان - ضعيف مدلس كما في " التقريب ". وأبو خالد الأموي لم أعرفه. وذكر المناوي أنه أبو خالد الأحمر. وفيه بعد وأبو أمية الطرسوسي، واسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم. قال الحافظ: " صدوق صاحب حديث يهم ". وقد توبع أبو سعد البقال من قبل عيسى بن عمر: حدثنا عطاء بن أبي رباح به ولفظه: " من حج عن أبو يه، ولم يحجا، أجزأ عنهما وعنه، وبشرت أرواحهما في السماء ... ". أخرجه الثقفي في " الثقفيات " (ج4 رقم الحديث 34 - نسختي) : حدثنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق: نا محمد بن عمر بن حفص: حدثنا إسحاق بن إبراهيم - شاذان - حدثنا سعد بن الصلت: حدثنا عيسى بن عمر به. قلت: وهذه متابعة قوية، فإن عيسى هذا - وهو الأسدي الهمداني - ثقة، كما في " التقريب "، لكن الطريق إليه مظلم، فإن أبا الفرج هذا وشيخه محمد بن عمر بن حفص لم أجد من ترجمهما. وسعد بن الصلت ترجمه ابن أبي حاتم (2/1/86) برواية ثلاثة عنه، أحدهم شاذان هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قلت: وهو على شرط ابن حبان فلعله ذكره في " الثقات ". وأما شاذان، فترجمه ابن أبي حاتم (1/1/211) ، وذكر أنه ابن ابنة شيخه سعيد ابن الصلت وقال: " كتب إلى أبي، وإلي، وهو صدوق ". وبالجملة، فالحديث ضعيف من الطريقين، وقوله في الآخر منهما: " ولم يحجا " . منكر، لأن ظاهره أنه يسقط الحج عنهما بحج ولدهما، ولوكانا قادرين عليه، وأما إن كان المقصود به إذا كانا غير قادرين فلا نكارة فيه، لحديث الخثعمية المعروف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 627 في " الصحيحين " وغيرهما ". والله أعلم. هذا ما كنت كتبته منذ نحوعشر سنين أوأكثر، وقبل طبع كتاب " الثقات " لابن حبان رحمه الله، فلما مرت تجربة هذا الحديث تحت يد الأخ علي الحلبي لتصحيح أخطائها المطبعية كتب بجانبه مذكرا - جزاه الله خيرا - ما خلاصته: 1 - أن سعد بن الصلت ذكره ابن حبان في " الثقات " (6/378) ، فصدق بذلك ما كنت ظننته. 2 - أن أبا الفرج عثمان بن أحمد وشيخه محمد بن عمر قد وثقهما السمعاني في " الأنساب "، ذكر الأول منهما في مادة (البرجي) ، والآخر في مادة (الجرجيري ) ، وأن الذهبي ذكرهما عرضا في " تذكرة الحفاظ " واصفا لكل منهما بأنه " مسند أصبهان ". قلت: فعلى هذا فالطريق إلى عيسى بن عمر نظيف، إن سلم من سعد بن الصلت، فإن فيه جهالة كما يشعر به صنيع ابن أبي حاتم المتقدم، وبخاصة أن ابن حبان قد قال فيه: " ربما أغرب ". والله أعلم. وقد روي الحديث عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا نحوه، ولا يصح أيضا، وهو: 1435 - " من حج عن والديه، أوقضى عنهما مغرما بعثه الله يوم القيامة مع الأبرار ". ضعيف جدا أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (99/2) والطبراني في " الأوسط " (رقم - 7964) والدارقطني (272) وابن عدي في " الكامل " (202/2) وأبو بكر الأزدي في " حديثه " (3/2) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 58/2 و285/2) عن صلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد ضعيف جدا، صلة بن سليمان هذا قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " تركوه ". وذكر له في " الميزان " من مناكيره حديثين، هذا أحدهما. وأقره الحافظ في الحديث: 1435 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 628 " اللسان " ونقل عن ابن معين وأبي داود أنهما قالا فيه: " كذاب " وقد ذكر الطبراني أنه: " لم يروه عن ابن جريج إلا صلة " هذا. وفي ترجمته أورده ابن حبان في " الضعفاء " (1/376) وقال فيه: " يروي عن الثقات المقلوبات، وعن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات ". 1436 - " إذا قدم أحدكم من سفر فليهد إلى أهله، وليطرفهم ولوكانت حجارة ". ضعيف جدا أخرجه الدارقطني في " السنن " (289) وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2/97 ) من طريق محمد بن المنذر بن عبيد الله بن المنذر بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن الجوزي: " لا يصح ". قلت: وهذا إسناد هالك، رجاله ثقات غير ابن المنذر هذا قال ابن حبان: " لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار ". وقال الحاكم: " يروي عن هشام أحاديث موضوعة ". وقال أبو نعيم: " يروي عن هشام أحاديث منكرة ". وله شاهد من حديث وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ: " ... فليطرف أهله، ولم أن يلقي حجرا في مخلاته ". أخرجه أبو القاسم بن أبي العقب في " حديث القاسم بن الأشيب " (ق 7/1) : حدثنا إبراهيم بن أحمد اليماني قال: حدثني محمد بن زياد عن يحيى بن بسطام الأصفر: حدثنا سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: حدثني وحشي بن حرب ... قلت: وهذا إسناد مظلم هالك، ليس فيهم موثق من معتبر، حرب بن وحشي، مستور. وابنه وحشي بن حرب مجهول. وسعيد بن عبد الجبار ضعيف. الحديث: 1436 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 629 ويحيى بن بسطام مختلف فيه، قال أبو حاتم " صدوق "، وقال ابن حبان: " لا تحل الرواية عنه ". ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ". ومحمد بن زياد لم أعرفه، ويحتمل أن يكون زياد تحرف في الأصل أوفي نقلي عنه - عن " زكريا "، وهو محمد بن زكريا الغلابي، فقد ذكر العقيلي في " الضعفاء " (459) أنه روى عن يحيى هذا، فإن يكن هو فهو وضاع. وإبراهيم بن أحمد اليماني، لم أعرفه أيضا. وله شاهد آخر من حديث ابن عمر، ولكن في إسناده كذاب أيضا، وهو: " إذا قدم أحدكم من سفر فلا يدخل ليلا، وليضع في خرجه ولوحجرا ". 1437 - " إذا قدم أحدكم من سفر فلا يدخل ليلا، وليضع في خرجه ولوحجرا ". موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/120 و2/338) ومن طريقه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/74) عن أبي الحسن أحمد بن إسحاق المديني: حدثنا الهيثم ابن بشر بن حماد: حدثنا أبو صالح إسحاق بن نجيح عن الوضين بن عطاء عن مكحول عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته إسحاق هذا وهو الملطي كذاب وضاع. وقد تابعه غياث بن إبراهيم التميمي، لكنه قال: " عن الوضين عن محفوظ بن علقمة عن أبي الدرداء رفعه بلفظ: (.. فليقدم معه بهدية، ولويلقي في مخلاته حجرا) ". أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 0 15/94/2) . وغياث وضاع أيضا. ومن دون إسحاق ترجمهما أبو نعيم، ولم يذكر فيهما توثيقا. قلت: لكن الشطر الأول منه ثبت في الصحيحين من حديث جابر نحوه. الحديث: 1437 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 630 1438 - " ما من يوم إلا ينزل مثاقيل من بركات الجنة في الفرات ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي في " الكامل " (132/2) عن الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: الحديث: 1438 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 630 " لا أعرفه إلا من حديث الربيع بن بدر ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن عدي في آخر ترجمته: " وعامة حديثه مما لا يتابعه أحد عليه ". وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " تركه الدارقطني وغيره ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وبه أعله في " الفيض " وزاد: " قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه الربيع، يروي عن الثقات المقلوبات، وعن الضعفاء الموضوعات ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن مردويه عن ابن مسعود، ففاته هذا المصدر العالي! ومن أحاديث هذا الهالك: 1439 - " إن الله لا يهتك ستر عبد فيه مثقال ذرة من خير ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (132/2) عن الربيع بن بدر: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته الربيع هذا، وقد عرفت حاله آنفا. ومنها: " الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أوغيبة ". الحديث: 1439 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 631 1440 - " الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أوغيبة ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي والطبراني في " الأوسط " (رقم 4673) من طريق الربيع بن بدر عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. وقالا: " لم يروه عن يونس إلا الربيع ". قلت: وهو ضعيف جدا، كما بينته آنفا. الحديث: 1440 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 631 1441 - " إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك، (وفي رواية) : فارفعوا أيديكم ". ضعيف جدا رواه الترمذي (1/354) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 104/2) وتمام في " الفوائد " (ق 104/2) والبغوي في " شرح السنة " (3/69/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/131/1) عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، وقال الترمذي والبغوي: " أبوهارون العبدي اسمه عمارة بن جوين، ضعفه شعبة ". قلت: بل ضعفه جدا، فقال: " لأن أقدم فيضرب عنقي، أحب إلي من أن أحدث عن أبي هارون العبدي ". رواه العقيلي (3/313) بسند صحيح عنه. ولهذا قال الذهبي في " الميزان ": " تابعي، لين بمرة ". وقال في " الكاشف ": " متروك ". وكذا قال الحافظ في " التقريب " وزاد: " ومنهم من كذبه ". الحديث: 1441 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 632 1442 - " أفضل الصدقة اللسان، قالوا: وما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة؛ يفك بها الأسير، ويحقن بها الدم، ويجر بها المعروف والإحسان إلى أخيك المسلم، وتدفع عنه الكريهة ". ضعيف أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 194/1) : نا عبد الله (يعني ابن أيوب المخرمي) : نا مروان (يعني ابن جعفر بن سعد بن سمرة) : حدثني محمد بن هاني عن محمد بن يزيد عن المستلم بن سعيد عن أبي بكر عن الحسن عن سمرة مرفوعا. وأخرجه البيهقي في " الشعب " (2/453/1) من طريق أخرى عن مروان به، الحديث: 1442 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 632 لكن سقط منه بعض رجال إسناده. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه علل: الأولى: عنعنة الحسن، وهو البصري، فقد كان مدلسا. الثانية: ضعف أبي بكر، وهو الهذلي، قال الحافظ: " متروك الحديث ". الثالثة: جهالة حال محمد بن هاني، وهو والد أبي بكر الأثرم، ترجمه ابن أبي حاتم (4/1/117) ثم الخطيب (3/370) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. الرابعة: مروان بن جعفر؛ مختلف فيه، قال أبو حاتم: " صالح الحديث ". وقال ابنه: " صدوق ". وخالفهما الأزدي فقال: " يتكلمون فيه ". ومن أجل هذا القول أورده الذهبي في " الضعفاء " فلم يحسن، لأن الأزدي نفسه متكلم فيه، فلا يعتد بقوله مع مخالفته لأبي حاتم وابنه، نعم قال الذهبي في ترجمة مروان من " الميزان ": " له نسخة عن قراءته على محمد بن إبراهيم فيها ما ينكر، رواها الطبراني ". لكن لعله لم يتفرد به، فقد أخرجه الطبراني في " الكبير " (6962) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 104/1) من طريق محمد بن أبي نعيم الواسطي قال: نا محمد بن يزيد به. بيد أن محمدا هذا، وهو ابن موسى بن أبي نعيم، قال الحافظ: " صدوق، لكن طرحه ابن معين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " والبيهقي في " شعب الإيمان "، وقال المناوي: " قال الهيثمي: فيه أبو بكر الهذلي، ضعيف، ضعفه أحمد وغيره، وقال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 633 البخاري : ليس بالحافظ، ثم أورد له هذا الخبر ". وأقول: فيه أيضا عند البيهقي مروان بن جعفر السمري، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال الأزدي: يتكلمون فيه "! 1443 - " يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي، ولا يبلغ الميت، فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر ووثب له رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على رجليه، فرحا بقدومه ". موضوع أخرجه الحاكم (3/241) من طريق محمد بن عمر: أن أبا بكر بن عبد الله بن أبي سبرة: حدثه موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى عبد الله بن الزبير عن عبد الله ابن الزبير قال: لما كان يوم فتح مكة، هرب عكرمة بن أبي جهل، وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عاقلة، أسلمت، ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمان لزوجها، فأمرها برده، فخرجت في طلبه، وقالت له: جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس، وقد استأمنت لك، فأمنك، فرجع معها، فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: فذكر الحديث. قلت: سكت عليه الحاكم والذهبي، وإسناده واه جدا، بل موضوع، آفته ابن أبي سبرة، أومحمد بن عمر، وهو الواقدي، وكلاهما كذاب وضاع، وأبو حبيبة لا يعرف، أورده ابن أبي حاتم (4/2/3459) فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكنه قال: " أبو حبيبة، مولى الزبير، صاحب عبد الله بن الزبير، روى عن الزبير، روى عنه موسى بن عقبة، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن ". قلت: وإنما خرجت هذا الحديث لما فيه من نسبة القيام إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل، فقد لهج المتأخرون بالاستدلال على جواز بل استحباب القيام للداخل، فأحببت أن أبين وهاءه وأظهر عواره، حتى لا يغتر به من يريد انصح لدينه، ولا سيما، الحديث: 1443 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 634 وهو مخالف لما دلت السنة العملية عليه من كراهته صلى الله عليه وسلم لهذا القيام، كما حققته في غير هذا المقام. ونحوه ما ذكره الأستاذ عزت الدعاس في تعليقه على " الشمائل " المحمدية " (ص - 175 - طبع حمص) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم - (الأصل: ابن أم كلثوم!) ويفرش له رداءه ليجلس عليه ويقول: أهلا بالذي عاتبني ربي من أجله، ولا أعلم لهذا الحديث أصلا يمكن الاعتماد عليه، وغاية ما روي في بعض الروايات في " الدر المنثور " أنه صلى الله عليه وسلم كان يكرم ابن أم مكتوم إذا دخل عليه. وهذا إن صح لا يستلزم أن يكون إكرامه صلى الله عليه وسلم إياه بالقيام له، فقد يكون بالقيام إليه، أوبالتوسيع له في المجلس ، أوبإلقاء وسادة إليه، ونحوذلك من أنواع الإكرام المشروع. وبهذه المناسبة لا بد لي من التنبيه على بعض الأخطاء التي وقعت للأستاذ المذكور في تعليقه على حديث أنس: " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك "، فقد ذكر أن هذا الحديث الصحيح لا ينافي القيام لأهل الفضل من الصالحين، والدليل: 1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكره قيام بعضهم لبعض. 2 - وأنه أمر أسرى بني قريظة فقال لهم: قوموا لسيدكم، يعني سعد بن معاذ. 3 - أنه قام لعكرمة بن أبي جهل. 4 - وكان يقوم لعدي بن حاتم كلما دخل عليه. 5 - وكان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم ... 6 - وقد ورد أن الصحابة قاموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والجواب: أنه لا يصح شيء من هذه الأدلة مطلقا، وهى على ثلاثة أنواع: الأول: ما لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة، كالدليل الأول، بل ولا علمت أحدا من العلماء المتقدمين ذكره حديثا، وكأنه رأي رآه بعضهم، فجاء غيره فتوهمه حديثا! ويعارضه قول الشيخ علي القاري في " شرح الشمائل ": إن الأصحاب ما كان يقوم بعضهم لبعض، واستدل عليه بحديث أنس المذكور آنفا، وهذا هو اللائق بهم رضي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 635 الله عنهم، لحرصهم المعروف على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل كبير وصغير، خلافا لبعض المعاصرين الذين يقولون في مثل هذه المسألة: هذه قشور لا قيمة لها! ونحوذلك من العبارات التي تصد الشباب المؤمن عن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، بل وتحمله على مخالفته، لأن الأمر كما قيل : نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر! الثاني: ما له أصل ولكنه غير ثابت كالدليل الثالث والرابع والخامس، فكل ذلك مما لا يصح من قبل إسناده والمثال بين يديك، وهو الدليل الثالث، ومثله حديث قيامه صلى الله عليه وسلم لأخيه في الرضاعة، فهو ضعيف أيضا كما سبق بيانه برقم (1120) ، ومثله قيامه لعدي، وأما الدليل الخاس، فلم أقف عليه كما سبق، وقد اعترف غير ما واحد بضعف هذا النوع، منهم ابن حجر الهيتمي، ولكنهم ركنوا في الرد على من عارضهم بما ذكرنا من الضعف إلى قولهم المعروف بينهم، والواهي عند المحققين من العلماء: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " ! فنقول: فأين الدليل على أن هذا القيام من فضائل الأعمال، حتى يصدق فيه قولهم المذكور إن صح؟ ! وقد تنبه لهذا الشيخ القاريء، فقال: " إن هذا الرد مدفوع؛ لأن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال المعروفة في الكتاب والسنة، لكن لا يستدل به على إثبات الخصلة المستحبة ". قلت: وهذه حقيقة يغفل عنها جماهير العلماء والمؤلفين، فضلا عن غيرهم، وبيانه مما لا يتسع له المجال هنا. والنوع الثالث والخير: ما له أصل أصيل من حيث الثبوت، ولكن طرأ عليه شيء من التحريف والتغيير لفظا أومعنى أوكليهما معا ولوبدون قصد، من ذلك الدليل الثاني؛ فقد وقع فيه تحريفان: قديم وحديث، أما القديم، فهو أن نص الحديث في البخاري وغيره: " قوموا إلى سيدكم " فجعله السيد عزت وغيره " ... لسيدكم "، وتأكد التحريف برواية أخرى قوية بلفظ: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " وهذا مفصل في " الصحيحة " (رقم - 67) فلا نطيل القول فيه. وأما التحريف الجديد، فقد اختص به السيد المذكور، وهو قوله: أنه صلى الله عليه وسلم أمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 636 أسرى بني قريظة.. والحقيقة أن الأمر كان موجها إلى الأنصار الذين هم قوم سعد وهو أميرهم وسيدهم فعلا، وأنه كان لإنزاله لأنه كان مريضا ، ولذلك جاء النص: " قوموا إليه " وليس: " قوموا له " وأكده زيادة الرواية الأخرى: " فأنزلوه " فلا علاقة للحديث بموضع النزاع. ومن ذلك قيامه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة إذا دخلت عليه، وقيامها إليه صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها، فإنه صحيح الإسناد، ولكن ليس في القيام المتنازع فيه، لأنه قام إليها ليجلسها في مجلسه، وقامت إليه لتجلسه في مجلسها، وهذا مما لا خلاف فيه. ألست ترى القائلين باستحباب القيام المزعوم لا يقوم أحدهم لابنه ولوكان عالما فاضلا؟ ! بل قال العصام الشافعي كما في شرح المناوي على " الشمائل ". " وقد اتفق الناس في القديم والحديث على استهجان قيام الوالد لولده، وإن عظم، ولووقع ذلك من بعض الآباء لاتخذه الناس ضحكة وسخروا منه "! وخلاصة القول أنه لا يوجد دليل صحيح صريح في استحباب هذا القيام، والناس قسمان: فاضل ومفضول، فمن كان من القسم الأول فعليه أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكره القيام من غيره له، ومن كان من القسم الآخر، فعليه أن يقتدي بأصحابه صلى الله عليه وسلم، فلا يقوم لمن كان من القسم الأول فضلا عن غيره! ويعجبني في هذا الصدد ما ذكره الشيخ جسوس في شرحه على " الشمائل " نقلا عن ابن رشد في " البيان " قال: " القيام للرجل على أربعة أوجه: 1 - وجه يكون فيه محظورا لا يحل، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن يحب أن يقام له تكبرا وتجبرا على القائمين له. 2 - ووجه يكون فيه مكروها، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب أن يقام له، ولا يتكبر على القائمين له، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة وما يخشى أن يدخله من تغيير نفس المقوم له. 3 - ووجه يكون فيه جائزا، وهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك، ولا يشبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 637 حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم له لذلك، وهذه صفة معدومة إلا فيمن كان بالنبوة معصوما. 4 - ووجه يكون فيه حسنا، وهو أن يقوم إلى القادم عليه من سفر فرحا بقدومه يسلم عليه، أوالقادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه، وما أشبه ذلك، فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار، ولا يتعارض شيء منها ". ولقد صدق رحمه الله وأحسن مثواه. 1444 - " المدينة خير (وفي رواية: أفضل) من مكة ". باطل رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/160/476) والمفضل الجندي في " فضائل المدينة " (رقم 12 من منسوختي) والطبراني في " الكبير " (4450) عن محمد بن عبد الرحمن العامري عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: خطب مروان بن الحكم بمكة، فذكر مكة وفضلها، فأطنب فيها، ورافع بن خديج عند المنبر فقال: ذكرت مكة وفضلها وهي على ما ذكرت، ولم أسمعك ذكرت المدينة، أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، علته محمد بن عبد الرحمن العامري، وهو الرداد، قال أبو حاتم: " ليس بقوي ". وقال أبو زرعة: " لين ". وقال ابن عدي: " رواياته ليست محفوظة ". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، وقال الذهبي بعد أن ذكره: " ليس هو بصحيح، وقد صح: صلاة في مكة ... ". يشير إلى حديث " أن الصلاة في مكة أفضل من الصلاة في المدينة " فكيف تكون المدينة أفضل من مكة؟ ويعارضه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم لمكة: الحديث: 1444 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 638 " والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله.. ". وهو مخرج في المشكاة (2725) . والحديث ضعفه أيضا عبد الحق في " أحكامه " (108/2) فقال: " ومحمد بن عبد الرحمن هذا ليس حديثه بشيء عندهم ". والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " والدارقطني في " الأفراد " عن رافع، وقال في رسالته " الحجج المبينة في التفضيل بين مكة والمدينة " (ق 68/2) : " وهو ضعيف، كما قال ابن عبد البر ". 1445 - " إني سألت ربي عز وجل فقلت: اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي، فأنزلني أحب الأرض إليك، فأنزلني المدينة ". موضوع أخرجه الحاكم (3/277 - 278) من طريق الحسين بن الفرج: حدثنا محمد بن عمر: وحدثني الضحاك بن عثمان: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير: سمعت عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام يحدث عن أبيه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته، وهو واقف على راحلته، وهو يقول: " والله إنك لخير الأرض وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " . قال: فقلت: يا ليتنا لم نفعل، فارجع إليها فإنها منبتك ومولدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره. أخرجه الحاكم في ترجمة الحارث بن هشام هذا رضي الله عنه، وسكت عن إسناده، هو والذهبي، وهو إسناد هالك، آفته محمد بن عمر، وهو الواقدي، فإنه كذاب، كما قال غير واحد من الأئمة، على أن الراوي عنه الحسين بن فرج قريب منه، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " قال ابن معين: يسرق الحديث ". وقال في " الميزان ": الحديث: 1445 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 639 " قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، ومشاه غيره، وقال أبو زرعة: ذهب حديثه ". قال الحافظ في " اللسان ": " قوله: مشاه غيره، ما علمت من عنى ". ثم نقل عن جمع آخر من الأئمة تضعيفه، وعن أبي حاتم أنه تركه. والحديث له طريق أخرى عند الحاكم أيضا (3/3) عن موسى الأنصاري: حدثنا سعد ابن سعيد المقبري: حدثني أخي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري ". وتعقبه الذهبي بقوله: " لكنه موضوع، فقد ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة، وسعد ليس بثقة ". قلت: تعصيب الجناية بأخيه عبد الله أولى، فإنه أشد ضعفا من سعد، وقد أوردهما الذهبي في " الضعفاء "، فقال في سعد: " مجمع على ضعفه ". وقال في أخيه: " تركوه ". وقد قال أبو حاتم في الأول منهما: " هو في نفسه مستقيم، وبليته أنه يحدث عن أخيه عبد الله، وعبد الله ضعيف، ولا يحدث عن غيره ". وموسى الأنصاري لم أعرفه، ويحتمل أنه موسى بن شيبة بن عمرو الأنصاري السلمي المدني، قال أحمد: " أحاديثه مناكير ". وقال أبو حاتم: " صالح الحديث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 640 1446 - " حد الساحر ضربة بالسيف ". ضعيف أخرجه الترمذي (1/276) والدارقطني (ص 336) والحاكم (4/360) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 1665) والرامهرمزي في " الفاصل " (ص 141) وابن عدي في " الكامل " (8/2) وعنه البيهقي (8/136) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث ، والصحيح عن جندب موقوف ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد؛ وإن كان الشيخان تركا حديث إسماعيل بن مسلم؛ فإنه غريب صحيح "! قلت: ووافقه الذهبي! وهذا هو الغريب حقا، فإن الذهبي نفسه قد أورد إسماعيل هذا في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " متفق على ضعفه ". وقال في " الكاشف ": " ضعفوه، وتركه النسائي ". وقد وجدت له متابعا، يرويه محمد بن الحسن بن سيار أبو عبد الله: حدثنا خالد العبدي عن الحسن به. أخرجه الطبراني (1666) وأبو سهل القطان في " حديثه " (4/245/2) . لكنها متابعة واهية، فإن خالدا هذا، لم أجد من ترجمه، وكذلك الراوي عنه، فلا يعضد بها، على أن مدار الطريقين على الحسن، وهو مدلس وقد عنعن. ولذلك فمن رام تحسين الحديث فما أحسن، لا سيما والصحيح عن جندب موقوف كما تقدم عن الترمذي، وقد أخرجه الحاكم (4/361) من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن: " أن أميرا من أمراء الكوفة دعا ساحرا يلعب بين يدي الناس فبلغ جندب، فأقبل بسيفه، واشتمل عليه، فلما رآه ضربه بسيفه، فتفرق الناس عنه، فقال: أيها الناس لن تراعوا، إنما أردت الساحر - فأخذه الأمير فحبسه. فبلغ ذلك سلمان، فقال: بئس ما صنعا! لم يكن ينبغي لهذا وهو إمام يؤتم به يدعوساحرا يلعب بيد يديه، ولا ينبغي لهذا الحديث: 1446 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 641 أن يعاتب أميره بالسيف ". قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح إلى الحسن. وقد توبع، فقال هشيم: أنبأنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي: " أن ساحرا كان يلعب عند الوليد بن عقبة، فكان يأخذ سيفه فيذبح نفسه، ولا يضره، فقام جندب إلى السيف فأخذه فضرب عنقه، ثم قرأ: " أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ". أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/19/1 و2) والسياق له من طرق عن هشيم به. وهذا إسناد صحيح موقوف، صرح فيه هشيم بالتحديث. وله طريق أخرى عند البيهقي عن ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود: " أن الوليد بن عقبة كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر، وكان يضرب رأس الرجل، ثم يصيح به، فيقوم خارجا، فيرتد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله، يحيى الموتى! ورآه رجل من صالح المهاجرين، فنظر إليه، فلما كان من الغد، اشتمل على سيفه فذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنقه، فقال: إن كان صادقا فليحي نفسه! وأمر به الوليد دينارا صاحب السجن - وكان رجلا صالحا - فسجنه، فأعجبه نحوالرجل، فقال: أتستطيع أن تهرب؟ قال: نعم، قال: فاخرج لا يسألني الله عنك أبدا ". قلت: وهذا إسناد صحيح إن كان أبو الأسود أدرك القصة فإنه تابعي صغير، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة. قلت: ومثل هذا الساحر المقتول، هؤلاء الطرقية الذين يتظاهرون بأنهم من أولياء الله، فيضربون أنفسهم بالسيف والشيش، وبعضه سحر وتخييل لا حقيقة له ، وبعضه تجارب وتمارين، يستطيعه كل إنسان من مؤمن أوكافر إذا تمرس عليه وكان قوي القلب، ومن ذلك مسهم النار بأفواههم وأيديهم، ودخولهم التنور، ولي مع أحدهم في حلب موقف تظاهر فيه أنه من هؤلاء، وأنه يطعن نفسه بالشيش، ويقبض على الجمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 642 فنصحته، وكشفت له عن الحقيقة، وهددته بالحرق إن لم يرجع عن هذه الدعوى الفارغة! فلم يتراجع، فقمت إليه وقربت النار من عمامته مهددا ، فلما أصر أحرقتها عليه، وهو ينظر! ثم أطفأتها خشية أن يحترق هو من تحتها معاندا. وظني أن جندبا رضي الله عنه، لورأى هؤلاء لقتلهم بسيفه كما فعل بذلك الساحر " ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ". 1447 - " من خلال المنافق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. ولكن المنافق إذا حدث وهو يحدث نفسه أنه يكذب، وإذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يكذب (لعله: يخلف) ، وإذا ائتمن وهو يحدث نفسه أنه يخون ". منكر بهذا التمام أخرجه الطبراني في " الكبير " (6186) من طريق مهران بن أبي عمر: حدثنا علي ابن عبد الأعلى عن أبي النعمان: حدثني أبو الوقاص: حدثني سلمان الفارسي قال: " دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكر الشطر الأول منه) فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ثقيلان، فلقيتهما، فقلت: ما لي أراكما ثقيلين؟ قالا: حديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره) قال: أفلا سألتماه؟ قالا: هبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: لكني سأسأله. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: لقيني أبو بكر وعمر، وهما ثقيلان. ثم ذكرت ما قالا. فقال: قد حدثتهما، ولم أضعه على الموضع الذي يضعانه، ولكن المنافق.. " الحديث. قلت: وإسناده ضعيف، أبو النعمان وأبو وقاص كلاهما مجهول كما قال الترمذي ثم الذهبي، ثم العسقلاني. فقول هذا في " الفتح ": " وإسناده لا بأس به، ليس فيهم من أجمع على تركه ". أقول: يكفي في ضعف السند أن يكون فيه مجهول واحد فكيف وهما مجهولان؟ ! فلعل الحافظ نسي أولم يستحضر الجهالة التي اعترف بها في " التقريب "، الحديث: 1447 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 643 فكون السند سالما ممن أجمع على تركه لا يستلزم القول بأنه لا بأس بإسناده كما يخفى على العارفين بهذا العلم. ولذلك ضعف الحديث الترمذي كما يأتي. ثم إن فيه علة أخرى وهي تفرد ابن عبد الأعلى، وقد قال فيه الذهبي: " صويلح الحديث، قال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال أحمد والنسائي: ليس به بأس ". وقال في " الكاشف ": " صدوق، قال أبو حاتم: ليس بالقوي ". وقال الحافظ: " صدوق، ربما وهم ". قلت: فمثله يترشح ليكون حسنا، فإذا توبع من مثله جزم بحسنه، ولكنه تفرد به كما جزم بذلك الذهبي في " الميزان ". وقد اختلف عليه في إسناده فرواه مهران عنه بإسناده المتقدم. وخالفه إبراهيم بن طهمان عنه عن أبي النعمان عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجىء للميعاد فلا إثم عليه ". أخرجه أبو داود (4995) والترمذي (2635) وقال: " حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى ثقة، ولا يعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص، وهما مجهولان ". ولعل رواية ابن طهمان أصح من رواية ابن أبي عمر وهو العطار الرازي، فإن الأول أخرج له الشيخان، وقال فيه الحافظ: " ثقة يغرب ". والآخر لم يخرج له الشيخان شيئا، وقال فيه الحافظ: " صدوق له أوهام سيىء الحفظ "! الجزء: 3 ¦ الصفحة: 644 وجملة القول أن الحديث ضعيف للجهالة والاضطراب. ثم إن في قوله: " ولكن المنافق.. " إلخ نكارة لمخالفته لحديث أبي هريرة وابن عمرو مرفوعا (1) بنحوالشطر الأول منه دون هذه الزيادة المفسرة للمراد بـ " المنافق "، وهو خلاف المتبادر من إطلاق الحديث الصحيح، فإنه يشمل من كان في نيته أن يفي، ثم لم يف، ومن لم يكن في نيته أن يفعل، خلافا لما نقله الحافظ عن الغزالي. والله أعلم. 1448 - " احضروا موتاكم، ولقنوهم لا إله إلا الله، وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع، وإن الشيطان لأقرب ما يكون عند ذلك المصرع، والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يألم كل عرق منه على حياله ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/186) من طريق إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " غريب من حديث مكحول لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل ". قلت: وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن أبا معاذ هذا بصري، ومع ذلك ففي حفظه - أعني أبا معاذ - شيء كما يشعر بذلك قول الحافظ فيه: " صدوق له أوهام ". ومكحول وهو الشامي، وإن كان سمع من واثلة، فإنه موصوف بالتدليس، فمثله يتحفظ من حديثه المعنعن كهذا. والحديث أورده السيوطي في زيادته على " الجامع الصغير " وسكت عليه في   (1) انظر " مختصر البخاري " (24 و25) . اهـ الحديث: 1448 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 645 " الحاوي للفتاوي " (2/119) ! وقد ذكر فيه بعضه شاهدا فقال: " وأخرج الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " من مرسل عطار بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، وما من مؤمن يموت إلا وكل عرق منه يألم على حدة، وأقرب ما يكون عدوالله منه تلك الساعة. مرسل جيد الإسناد ". (فائدة) : وأما ما نقله الغزالي في " الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة " من فتنة الموت، وأن إبليس لعنه الله وكل أعوانه يأتون الميت على صفة أبو يه على صفة اليهودية، فيقولان له: مت يهوديا، فإن انصرف عنهم جاء أقوام آخرون على صفة النصارى حتى يعرض عليه عقائد كل ملة، فمن أراد الله هدايته أرسل إليه جبريل فيطرد الشيطان وجنده، فيبتسم الميت ... إلخ، فقال السيوطي: " لم أقف عليه في الحديث ". 1449 - " من قرأ في إثر وضوئه: " إنا أنزلناه في ليلة القدر " مرة واحدة كان من الصديقين، ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء، ومن قرأها ثلاثا حشره الله محشر الأنبياء ". موضوع رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق أبي عبيدة عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأبو عبيدة مجهول. كذا في " الحاوي للفتاوي " للسيوطي (2/11) وفيه علة أخرى وهي عنعنة البصري. وأما الحديث فلوائح الوضع عليه ظاهرة، وظني أن الآفة من هذا المجهول أوممن دونه، لكن السيوطي لم يسق من إسناده إلا ما ذكرت. والله أعلم. وقد كنت ذكرت الحديث مختصرا برقم (68) ونقلت عن الحافظ السخاوي أنه قال: " لا أصل له "، فلما وقفت على لفظه وشيء من سنده بادرت إلى تخريجه والكشف الحديث: 1449 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 646 عن علته، لكي لا يفهم قول السخاوي: " لا أصل له " بمعنى لا إسناد له كما هو المتبادر عند المتأخرين. 1450 - " ليهبطن عيسى ابن مريم حكما عدلا، وإماما مقسطا، وليسلكن فج [الروحاء] حاجا أومعتمرا، أوليثنينهما (1) ، وليأتين قبري حتى يسلم علي، ولأردن عليه ". منكر بهذا التمام وأخرجه الحاكم (2/595) من طريق يعلى بن عبيد: حدثنا محمد بن إسحاق عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكذكره، وقال: " صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة ". ووافقه الذهبي. وأقول: كلا، بل هو ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: جهالة عطاء هذا قال الذهبي نفسه في ترجمته من " الميزان ": " لا يعرف، تفرد عنه المقبري ". الثانية: عنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس مشهور بذلك. الثالثة: الاختلاف عليه في إسناده، فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2/413) : " سألت أبا زرعة عن حديث اختلف فيه عن محمد بن إسحاق، فيروي محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فذكره) . وروى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو زرعة: قد اختلف فيه عن محمد بن سلمة في هذا الحديث، حدثنا أحمد بن أبي شعبة، فقال فيه: عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة: وحدثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني عن محمد بن سلمة عن ابن   (1) الأصل: " بنيتهما ". والتصحيح من " صحيح مسلم ". اهـ. الحديث: 1450 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 647 إسحاق عن عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح ". قلت: ويؤيده رواية يعلى بن عبيد عن ابن إسحاق به. والله أعلم. وإنما أوردت الحديث هنا، من أجل شطره الثاني، وأما شطره الأول فصحيح، أخرجه مسلم (4/60) وغيره من طريق أخرى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده، ليهلن ابن مريم.. " الحديث دون قوله: " وليأتين قبري.. 1451 - " ليس صدقة أعظم أجرا من الماء ". ضعيف جدا أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/1/152 - طبع دمشق) من طريق البيهقي بسنده عن داود بن عطاء عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن أبيه عن يزيد بن خصيفة عن يزيد بن رومان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. ومن طريق البيهقي أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، فقال المناوي: " رمز لحسنه (!) وفيه داود بن عطاء أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " قال البخاري: متروك ". ويزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفوه. وسعيد بن أبي سعيد قال ابن عدي: " مجهول ". انتهى كلام المناوي. قلت: سعيد هذا هو المقبري ما في ذلك ريب، وهو معروف بالإكثار من الرواية عن أبي هريرة، وهو ثقة، لا دخل له في هذا الحديث، وإنما العلة من اللذين ذكرهما قبله. وقال في " التيسير ": " وإسناده ضعيف، وقول المؤلف: " حسن " ممنوع ". الحديث: 1451 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 648 1452 - " خمس ليال لا ترد فيهن الدعوة: اول ليلة من رجل، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفطر، وليلة النحر ". موضوع أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/275 - 276) من طريق أبي سعيد بندار بن عمر بن محمد الروياني بسنده عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي قعنب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورده في ترجمة بندار هذا، وروى عن عبد العزيز النخشبي أنه قال: " لا تسمع منه، فإنه كذاب ". قلت: وإبراهيم بن أبي يحيى كذاب أيضا كما قال يحيى وغيره. وهو من شيوخ الشافعي الذين خفي عليه حالهم. وأبو قعنب، لم أعرفه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من هذا الوجه فأساء! ويبدو أن المناوي لم يقف على إسناده، فلم يتكلم عليه بشيء، ولكنه قال: " ورواه عن أبي أمامة أيضا الديلمي في " الفردوس "، فما أوهمه صنيع المصنف من كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد، ورواه البيهقي من حديث ابن عمر، وكذا ابن ناصر والعسكري. قال ابن حجر: وطرقه كلها معلولة ". قلت: ومن هذه الطرق ما أخرجه أبو بكر بن لال في " أحاديث أبي عمران الفراء " (ق 64/2) وابن عساكر أيضا (3/217/2) من طريق إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني: حدثنا عبد القدوس بن الحجاج بن مرداس: حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن ابن معتب عن أبي أمامة به. كذا وقع عند ابن لال: " ابن معتب "، وعن ابن عساكر: " أبو قعيب " وعنده في الطريق الأولى: " أبي قعنب "، وكل ذلك مما لم يوجد، ولعل الصواب أبو معتب وهو ابن عمرو الأسلمي، ذكره أبو حاتم في " الصحابة " ولا يثبت كما قال ابن منده. وعبد القدوس بن الحجاج الظاهر أنه أبو المغيرة الخولاني وهو ثقة، لكني لم أر من سمى جده مرداسا. الحديث: 1452 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 649 وأما الراوي عنه ابن برة، فلم أعرفه، ولم يترجمه الحافظ في " التبصير " كعادته. وبالجملة فمدار هذه الطريق على إبراهيم بن أبي يحيى الكذاب. ثم رأيته في " مسند الفردوس " في نسخة مصورة مخرومة (ص 130) من طريق إبراهيم ابن محمد بن مرة (كذا) الصنعاني: حدثنا عبد القدوس بن مرداس: حدثنا إبراهيم ابن أبي يحيى به. وفي " الجرح والتعديل " (3/1/56) : " عبد القدوس بن إبراهيم بن عبيد الله بن مرداس العبدري من بني عبد الدار الصنعاني روى عن إبراهيم بن عمر الصنعاني. روى عنه إسماعيل بن أبي أويس حديث المائدة ". فلعله هو هذا، لكن وقع منسوبا لجده، وقوله في الطريق المتقدمة: " ابن الحجاج " من زيادات بعض النساخ. ثم إن في " الديلمي ": " أبي قعنب " كما في الطريق الأولى. والله أعلم. 1453 - " سادة السودان أربعة: لقمان الحبشي، والنجاشي، وبلال، ومهجع ". ضعيف أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/1/330) من طريق أحمد بن شبويه: نا سليمان بن صالح: حدثني عبد الله يعني ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله؛ فيه أحمد بن شبويه مجهول كما قال الحافظ في " اللسان "، وساق له حديثا من روايته عن محمد بن سلمة بإسناده إلى ابن عباس وقال: " والحديث باطل مركب على هذا الإسناد، والآفة منه أومن شيخه، فإنه ضعيف ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من طريق ابن عساكر، ويبدو أن المناوي لم يتنبه لهذه الجهالة، فقال مستدركا عليه: الحديث: 1453 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 650 " ابن عساكر في " تاريخه " في ترجمة بلال من طريق ابن المبارك مصرحا فلوعزاه المصنف إليه لكان أولى "! قلت: كيف يصح عزوه إليه، والسند غير صحيح إليه، وهو لم يخرجه - فيما علمت - في شيء من مصنفاته الثابتة النسبة إليه، مثل " الزهد " مثلا؟ ! وقد روي من وجه آخر معضلا بلفظ: " خير السودان أربعة: لقمان، والنجاشي، وبلال، ومهجع ". 1454 - " خير السودان أربعة: لقمان، والنجاشي، وبلال، ومهجع ". ضعيف أخرجه ابن عساكر (10/330/331) من طريق أبي صالح عن معاوية عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد معضل كما قال السيوطي في " الجامع " لأن الأوزاعي واسمه عبد الرحمن بن عمرو من أتباع التابعين. قلت: والسند إليه فيه ضعف لأن؛ أبا صالح وهو عبد الله أبي صالح كاتب الليث متكلم فيه من قبل حفظه. قال الحافظ: " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". وقد روي الحديث عن الأوزاعي موصولا بلفظ آخر وهو: الحديث: 1454 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 651 1455 - " خير السودان ثلاثة: لقمان، وبلال، ومهجع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ". منكر أخرجه الحاكم (3/284) : أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني: حدثنا جدي: حدثنا الحكم عن الهقل بن زياد عن الأوزاعي: حدثني أبو عمار عن واثلة ابن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " صحيح الإسناد ". وتعقبه الذهبي بقوله: الحديث: 1455 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 651 " كذا قال: " مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا أعرف ذا ". قلت: يشير إلى نكارة هذا القول، ولكنه لم يتكلم على الإسناد بشيء فأوهم سلامته من قادح، وليس كذلك، فإن إسماعيل الشعراني هذا قد أورده الذهبي نفسه في " الميزان " وقال: " من شيوخ الحاكم، قال الحاكم: ارتبت في لقيه بعض الشيوخ. ثم قال: حدثنا إسماعيل: حدثنا جدي.. ". قلت: فذكر له بإسناد آخر عن أنس حديث " طلب العلم فريضة على كل مسلم " وقال: " غريب فرد ". فكأن الحاكم يشير بهذا إلى شكه في سماع إسماعيل من جده الفضل. والفضل نفسه فيه كلام أيضا، فقد قال ابن أبي حاتم (3/2/69) : " كتبت عنه بالري، وتكلموا فيه ". ومن أجل هذا ذكره الذهبي أيضا في " الميزان " لكنه أتبع ذلك بقوله: " وقال الحاكم: كان أديبا فقيها عابدا، عارفا بالرجال، كان يرسل شعره. قلت : عرف بالشعراني، وهو ثقة، لم يطعن فيه بحجة، وقد سئل عنه الحسين القتباني ؟ فرماه بالكذب. قال: وسمعت أبا عبد الله بن الأخرم يسأل عنه، فقال: صدوق إلا أنه كان غاليا في التشيع قلت: مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين ". قلت: وبالجملة فعلة هذا الإسناد، إنما هي إسماعيل الشعراني، فإنه مع تكلم الحاكم في سماعه لا أعلم أحدا وثقه. مع النكارة التي في متنه، كما تقدم عن الذهبي، وتبعه على ذلك الحافظ فإنه أورد مهجعا هذا في القسم الأول من " الإصابة " وقال: " هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره الحاكم في " صحيحه " من طريق الهقل بن زياد.. (فذكر الحديث وقال:) قلت: وأخشى أن يكون الذي بعده ". قلت: والذي بعده: " مهجع العكي مولى عمر بن الخطاب. قال ابن هشام: أصله من (عك) ، فأصابه سباء، فمن عليه عمر فأعتقه، وكان من السابقين إلى الإسلام، وشهد بدرا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 652 واستشهد بها، وقال موسى بن عقبة: كان أول من قتل ذلك اليوم ". فقد أخطأ الشعراني فجعل مهجعا هذا حبشيا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عكي عربي مولى عمر. والله أعلم. 1456 - " إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم ". ضعيف جدا أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (63) وكذا الطبراني في " الكبير " وابن عدي (ق 155/2) من طريق سليمان أبي إدام قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، سليمان هذا وهو ابن زيد المحاربي قال ابن معين: " ليس بثقة، كذاب، ليس يسوى حديثه فلسا ". وقال النسائي: " متروك الحديث ". وقال أبو حاتم: " ليس بقوي ". وقال الهيثمي في " المجمع " (8/151) : " رواه الطبراني، وفيه أبو إدام المحاربي وهو كذاب ". الحديث: 1456 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 653 1457 - " من سأل في المساجد فاحرموه ". لا أصل له كما قال السيوطي في " الحاوي للفتاوي " (1/120) ، وهو من الأحاديث التي وقعت في كتاب " المدخل " لابن الحاج (1/310) ، وكم فيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وما لا أصل له، وهو في هذا شبيه بكتاب " الإحياء " للغزالي، كما لا يخفى على من درس الكتابين من أهل العلم. ثم قال السيوطي: " وإنما قلنا بالكراهة أخذا من حديث النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويلحق به ما في معناه، من البيع والشراء ونحوها، وكراهة رفع الصوت في الحديث: 1457 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 653 المسجد بالعلم وغيره ". وقد استدل السيوطي على جواز السؤال والتصدق عليه في المسجد بالحديث الآتي وقواه، ولما كان ضعيف الإسناد كان لا بد من أن أورده لأكشف عن علته فقلت: " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها منه، فدفعتها إليه ". 1458 - " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها منه، فدفعتها إليه ". منكر أخرجه أبو داود (1/265) والحاكم (1/412) وعنه البيهقي (4/199) من طريق مبارك بن فضالة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا من عجائبهما، ولا سيما الذهبي؛ فإنه أورد المبارك هذا في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " ضعفه أحمد والنسائي، وكان يدلس ". فأنت تراه قد عنعنه، ثم هو مع ذلك ليس من رجال مسلم! ! ومن هذا تعلم أن قول النووي في " شرح المهذب ": " رواه أبو داود بإسناد جيد " ليس بجيد وإن أقره السيوطي في " الحاوي للفتاوي " (1/118) ! ! ومما يؤكد ضعف الحديث بهذا السياق أنه قد صح من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه. وليس فيه أن تصدق أبي بكر رضي الله عنه كان في المسجد، أخرجه مسلم وغير، وهو مخرج في الكتاب الآخر " الصحيحة " (رقم 88) . وإذا عرفت ذلك فلا يستقيم استدلال السيوطي بالحديث على أن الصدقة على السائل في المسجد ليست مكروهة، وأن السؤال فيه ليس بمحرم، والله أعلم. الحديث: 1458 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 654 1459 - " ليس لقاتل وصية ". موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (1/152/2 - مجمع البحرين) والدارقطني في " سننه " (4/236/115) والبيهقي (6/281) عن بقية عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن عاصم عن زر عن علي، وقال الطبراني: " لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية ". قلت: وهو مدلس، ومثله حجاج بن أرطاة، لكن الآفة من الذي بينهما، وبه أعله الدارقطني فقال: " مبشر بن عبيد متروك الحديث يضع الحديث ". وقال البيهقي: " تفرد به مبشر بن عبيد الحمصي وهو منسوب إلى وضع الحديث، وإنما ذكرت هذا الحديث لتعرف روايته ". قلت: وقال الإمام أحمد: " روى عنه بقية وأبو المغيرة أحاديث موضوعة كذب ". وقال مرة: " يضع الحديث ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (3/30) : " روى عن الثقات الموضوعات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ". ومما ذكرنا عن هؤلاء الأئمة يظهر تقصير الهيثمي أوتساهله في قوله في " المجمع " (4/214) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه بقية، وهو مدلس "! وأسوأ منه عملا السيوطي؛ فإنه أورد الحديث في " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته أنه صانه عما تفرد به وضاع أوكذاب! وقد تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله: الحديث: 1459 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 655 " قال (يعني الذهبي) في " المهذب ": (فيه مبشر بن عبيد؛ منسوب إلى الوضع، وقال أحمد: أحاديثه منكرة، وقال البخاري: منكر الحديث) ". فمن العجيب حقا أن يتساهل المناوي أيضا وبعد أن نقل هذا، فيقول في " التيسير ": " ضعيف؛ لضعف مبشر (الأصل: بشر) بن عبيد "! 1460 - " الله الله فيمن ليس له [ناصر] إلا الله ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 137/1) : حدثنا أحمد بن عمر بن المهلب أبو الطيب المصري: حدثنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود: حدثنا رشدين بن سعد عن إبراهيم بن نشيط عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي هريرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " وهذا الحديث كتبته عن جماعة عن عيسى بن مثرود، ولم يقل في هذا الإسناد أحد : " عن أبي هريرة " إلا ابن المهلب هذا، وغيره يرسله ". قلت: وابن المهلب هذا لم أجد له ترجمة، والإسناد ضعيف مسندا ومرسلا، وعيسى بن إبراهيم بن مثرود ذكره ابن أبي حاتم (3/1/272) برواية ابن خزيمة عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وشيخه رشدين بن سعد معروف بالضعف لسوء حفظه، وفي " التقريب ": " ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة. وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه، فأدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث ". والحديث قال المناوي في " الفيض ": " رمز المصنف لضعفه، وهو مما بيض له الديلمي ". قلت: ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، فكأنه لم يقف عليه. الحديث: 1460 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 656 1461 - " كان يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم يتألفه بذلك ". ضعيف أخرجه الترمذي في " الشمائل " (2/189) من طريق محمد بن إسحاق عن زياد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي عن عمرو بن العاص قال: فذكره وزاد: " فكان يقبل بوجهه وحديثه علي، حتى ظننت أني خير القوم! فقلت: يا رسول الله ! أنا خير أوأبو بكر؟ فقال: أبو بكر، فقلت: يا رسول الله! أنا خير أم عمر ؟ فقال: عمر. فقلت: يا رسول الله! أنا خير أم عثمان؟ فقال: عثمان. فلما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصدقني ". قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس معروف بذلك. ولهذا فقول الهيثمي في " المجمع " (9/15) بعد أن ساق الحديث بتمامه: " رواه الطبراني، وإسناده حسن ". ففيه نظر بين إلا أن يكون ابن إسحاق قد صرح بالتحديث عند الطبراني. والله أعلم. وزياد هذا هو المخزومي المدني وهو ثقة. الحديث: 1461 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 657 1462 - " فرخ الزنا لا يدخل الجنة ". ضعيف رواه ابن عدي (189/1) : حدثنا حمزة بن داود الثقفي: حدثنا محمد بن زنبور: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " يعرف بسهيل ". قلت: إنما يعرف عنه بلفظ: " ولد الزنا شر الثلاثة ". هكذا أخرجه الطحاوي وأبو داود وغيرهما من طرق عدة عن سهيل به. وفي لفظ للطحاوي: " فرخ الزنا شر الثلاثة "، لكن في إسناده حسان بن غالب وهو متروك. فالمحفوظ اللفظ الذي قبله، ولذلك خرجته في " الصحيحة " (671) . وأما هذا فعلته محمد بن زنبور، فإن فيه ضعفا، فلا يقبل منه ما خالف فيه الثقات، الحديث: 1462 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 657 وحمزة بن داود الثقفي لم أجد له ترجمة. 1463 - " ثلاثة لا يدخلون الجنة، مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر، ومن مات مدمنا للخمر سقاه الله عز وجل من نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات، يؤذي أهل النار ريح فروجهم ". ضعيف أخرجه ابن حبان (1380 و1381) والحاكم (4/146) وأحمد (4/399) وأبو نعيم في " أحاديث مشايخ أبي القاسم الأصم " (ق 31/1) عن الفضيل بن ميسرة عن أبي حريز أن أبا بردة حدثه عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وفيه نظر، فإن أبا حريز هذا، واسمه عبد الله بن الحسين، قال الذهبي نفسه في " الميزان ": " فيه شيء ". ولذلك أورده في " الضعفاء " وقال: " قال أبو داود: ليس حديثه بشيء، وقال جماعة: ضعيف، ووثقه أبو زرعة ". وفي " التقريب ": " صدوق يخطىء ". الحديث: 1463 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 658 1464 - " لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا كاهن، ولا منان ". ضعيف أخرجه أحمد (3/14 و83) والخطيب في " الموضح " (2/59) بالأولى منها فقط والسهمي في " تاريخ جرجان " (255) من طريق عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: ورجاله ثقات رجال البخاري غير عطية وهو العوفي وهو ضعيف. لكن الحديث قد جاء مفرقا في عدة أحاديث، إلا المتعلق منه " بالكاهن " فإني لم أجد ما يقويه، ولذلك خرجته هنا. الحديث: 1464 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 658 وأما قوله: " ولا مؤمن بسحر "، فهو في الحديث الذي قبله. وأما سائره فهو مخرج في عدة أحاديث خرجت بعضها في الكتاب الآخر (672 - 675) . 1465 - " من أهان سلطان الله [في الأرض] أهانه الله ". ضعيف أخرجه الطيالسي في " مسنده " (رقم 887) : حدثنا حميد بن مهران عن سعد بن أوس عن زياد بن كسيب قال: " خرج ابن عامر فصعد المنبر، وعليه ثياب رقاق، فقال بلال: انظروا إلى أميركم يلبس لباس الفساق! فقال أبو بكرة من تحت المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... " فذكره. وأخرجه الترمذي (2/35) عن الطيالسي، وأحمد (5/42 و49) وابن حبان في " الثقات " (4/259) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 35/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (9/231/2) من طرق أخرى عن حميد به وزاد أحمد والقضاعي: " ومن أكرم سلطان الله أكرمه الله ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". كذا قال! وزياد بن كسيب هذا مجهول الحال لم يروعنه غير سعد بن أوس هنا ومستلم بن سعيد، ولم يوثقه غير ابن حبان، وفي ترجمته ساق الحديث، ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث عند التفرد، ولما لم أجد له متابعا أو شاهدا، أوردته في هذه " السلسلة ". وسعد بن أوس هو العدوي أوالعبدي كما في بعض طرق الحديث، قال الحافظ: " صدوق له أغاليط ". قلت: وهو غير العبسي، هذا ثقة أخطأ الأزدي في تضعيفه كما قال الحافظ. الحديث: 1465 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 659 وقد روي الحديث بزيادة جملة في أوله بلفظ: " السلطان ظل الله في الأرض ". وقد أخرجته فيما يأتي برقم (1661) . ثم وجدت لحديث الترجمة شاهدا من حديث أبي بكرة، فنقلته إلى الصحيحة برقم (2297) . 1466 - " إن الله عز وجل يقول: أنا الله لا إله إلا أنا، مالك الملوك، وملك الملوك ، قلوب الملوك في يدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة، فساموهم سوء العذاب، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك، ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع [إلي] أكفكم ملوككم ". ضعيف جدا أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (3/76) والطبراني في " الأوسط " (9195 - بترقيمي) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (2/388) عن علي بن معبد الرقي: حدثنا وهب بن راشد: نا مالك بن دينار عن خلاس بن عمرو عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقالا: " لم يروه عن مالك إلا وهب ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن حبان: " شيخ يروي عن مالك بن دينار العجائب، لا تحل الرواية عنه ". وقال الدارقطني: " متروك ". وقال أبو حاتم: " منكر الحديث، حدث ببواطيل ". قلت: والمقدام ضعيف أيضا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " صويلح، قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه، قال ابن القطان: قال الدارقطني: الحديث: 1466 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 660 ضعيف ". والحديث قال الهيثمي (5/249) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه وهب (الأصل: إبراهيم) بن راشد وهو متروك ". 1467 - " ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال الذي ينزل وحده، ويمنع رفده، ويجلد عبده ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (448) والحاكم (4/269 - 270) من طريق محمد بن معاوية: حدثنا مصادف بن زياد المديني - قال: وأثنى عليه خيرا - قال: سمعت محمد بن كعب القرظي.. قال: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وسكت عليه وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: محمد بن معاوية كذبه الدارقطني، فبطل الحديث ". قلت: ومصادف بن زياد مجهول كما في " الميزان ". وقد وجدت له متابعين ثلاثة: الأول: أبو المقدام هشام بن زياد، ولكنه متروك كما قال الذهبي. أخرجه الحاكم شاهدا للذي قبله، ولا يصلح لذلك لشدة ضعفه. والثاني: القاسم بن عروة، ولم أعرفه، وفي الطريق إليه أحمد بن عبد الجبار العطاردي وهو ضعيف. أخرجه أبو عثمان الصابوني في " عقيدة السلف " (ج1/120 - 121 من المجموعة المنيرية) . الثالث: عيسى بن ميمون المدني، وهو ضعيف جدا، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان: " يروي أحاديث كلها موضوعات ". أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/97/2) . الحديث: 1467 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 661 1468 - " عليكم بالحزن فإنه مفتاح القلب، قالوا: وكيف الحزن؟ قال: أجيعوا أنفسكم بالجوع وأظمئوها ". ضعيف رواه الطبراني (3/132/1) : حدثنا جبرون بن عيسى المقرىء: نا يحيى بن سليمان الحفري: نا فضيل بن عياض عن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، يحيى بن سليمان الحفري هو القرشي، قال أبو نعيم في " الحلية ": " فيه مقال "، كما سبق ذكره في الحديث رقم (316) . والراوي عنه جبرون لم أعرفه، كما بينت هناك. فقول الهيثمي في " المجمع " ( 10/310) : " إسناده حسن " غير حسن، وإن أقره المناوي في " الفيض "، وقلده في " التيسير "! ! والحفري هذا مولع برواية أحاديث الجوع! فقد ساق له الطبراني ثلاثة منها هذا أحدها والآخران تقدما برقم (315، 316) ، فلعله كان من المتصوفة الذين يحرمون على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم! الحديث: 1468 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 662 1469 - " عليكم بالحناء فإنه ينور وجوهكم، ويطهر قلوبكم، ويزيد في الجماع ". موضوع رواه ابن عدي (ق 321/2) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهية " (2/201) : حدثنا أحمد بن عامر: حدثني عمر بن حفص الدمشقي: حدثني أبو الخطاب معروف الخياط: حدثنا واثلة بن الأسقع مرفوعا. ورواه ابن عساكر (12/353/1) من طريق أخرى عن ابن عامر به وقال ابن عدي: " معروف الخياط عامة أحاديثه لا يتابع عليه ". وقال الذهبي في ترجمته: الحديث: 1469 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 662 " هذا موضوع بيقين، والبلية من عمر بن حفص، لأن معروفا قل ما روى ". وقال في ترجمة عمر بن حفص الدمشقي: " أعتقد أنه وضع على معروف الخياط أحاديث، كما سيأتي في ترجمة معروف، وقد زعم أنه بلغ مائة وستين سنة ". وأقره الحافظ في الترجمتين، ولكنه وهم في ترجمة معروف فذكر فيها أنه بلغ مائة.. إلخ ما ذكره الذهبي في ترجمة عمر، وبناء على وهمه هذا قال في ترجمة معروف من " التقريب ": " وكان معمرا عاش مائة و ... " إلخ. وقال ابن الجوزي عقب الحديث: " لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عدي: لمعروف بن عبد الله أحاديث منكرة جدا، عامة ما يروي لا يتابع عليه، وهذا حديث منكر ". قال ابن الجوزي: " قلت: وفي الإسناد عمر بن حفص، وقد قال أحمد: حرقنا حديثه، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث ". ونقل المناوي في " الفيض " الشطر الأول من كلامه، وأعرض عن الآخر فأخطأ، لأن عمر هذا هو آفة هذا الحديث كما تقدم في كلام الذهبي، فتعصيب الآفة بمعروف منكر لا يليق بالمعروف! وكذلك عدوله عن الحكم على الحديث بالوضع الذي تقدم عن الحافظين إلى قوله في " التيسير ": " حديث منكر "؛ مما لا مسوغ له، ولعله من آثار إعراضه المذكور. والله أعلم. 1470 - " إذا أردت سفرا فقل لمن تخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (136/2) من طريق محمد بن أبي السري: حدثنا رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 1470 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 663 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رشدين بن سعد وابن أبي السري ضعيفان. وقد خالفهما في متنه الليث بن سعد وسعيد بن أبي أيوب فقالا: عن الحسن بن ثوبان أنه سمع موسى بن وردان يقول: أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول عند الوداع؟ قلت: بلى ، قال: قل: أستودعكم الله ... إلخ. أخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " 0 508) وابن السني أيضا (499) وكذا أحمد (2/403) إلا إنه لم يذكر فيه سعيد بن أبي أيوب. وهذا إسناد حسن. وانظر " الصحيحة " (16 و2547) والتعليق على " الكلم الطيب " (ص 93) . والحديث عزاه في " الفتح الكبير " تبعا لـ " الزيادة " للحكيم فقط! 1471 - " إن الله يبغض الشيخ الغربيب. قال رشدين: الذي يخضب بالسواد ". ضعيف أخرجه ابن عدي (137/2) عن رشدين بن سعد عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن قسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: ورشدين ضعيف كما تقدم آنفا. ومن طريقه أخرجه الديلمي (1/2/243 - 244) لكنه قال: عن عبد الرحمن بن عمر عن عثمان بن عبيد الله بن رافع (!) عن أبي هريرة. الحديث: 1471 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 664 1472 - " قصوا أظافركم، وادفنوا قلاماتكم، ونقوا براجمكم، ونظفوا لثاثكم من الطعام، واستاكوا، ولا تدخلوا علي قحرا، بخرا ". ضعيف رواه الترمذي الحكيم من حديث عبد الله بن بسر رفعه. وفي سنده راومجهول؛ كما في " فتح الباري " (10/278) . وقال شيخه العراقي: الحديث: 1472 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 664 " فيه عمر بن بلال غير معروف كما قاله ابن عدي ". وأقول: فيه أيضا عمر بن أبي عمر، قال الذهبي عن ابن عدي: مجهول. وإبراهيم ابن العلاء لا يعرف. كذا في " فيض القدير ". (تنبيه) : قوله: (قحرا) كذا وقع في " الجامع الصغير " طبعة الحلبي، وكذا وقع في متن " فيض القدير " وشرحه، وفي " التيسير " أيضا. وكذلك وقع في " الجامع الكبير " للسيوطي، ولم أجد لهذه اللفظة معنى هنا، وقول المناوي في " شرحيه ": " أي مصفرة أسنانكم من شدة الخلوف ". فهو تفسير صحيح يقتضيه السياق، وليس هو معنى هذه اللفظة، فالصواب أنها محرفة من (قلحا) فإنه بهذا المعنى، ففي " النهاية " لابن الأثير: " (قلح) فيه: " مالي أراكم تدخلون علي قلحا؟ ! "، القلح: صفرة تعلو الأسنان ووسخ يركبها ". قلت: وهذه الجملة طرف حديث أخرجه أحمد (1/214 و3/442) عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وفي إسناده جهالة واضطراب لا مجال الآن لبيانه. 1473 - " سألت ربي أبناء العشرين من أمتي؛ فوهبهم لي ". ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا قال: حدثنا القاسم بن هاشم السمسار: حدثنا مقاتل بن سليمان الرملي عن أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. كذا في " الحاوي " (2/411) . قلت: وهذا إسناد واه، أبو معشر؛ واسمه نجيح ضعيف، ومقاتل بن سليمان الرملي، أظنه البلخي الخراساني صاحب التفسير وهو كذاب، وعليه فقوله: " الرملي " محرف من " البلخي "، فإن يكن هو فالحديث موضوع. والله أعلم. وأما السمسار فصدوق، وله ترجمة في " تاريخ بغداد ". والحديث مما بيض له المناوي في " فيض القدير "، وأما في " التيسير " فقال: " رواه ابن أبي الدنيا، بإسناد ضعيف ". الحديث: 1473 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 665 من أحاديث الأبدال: 1474 - " ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال؛ الذين هم قوام الدنيا وأهلها: الرضا بالقضاء، والصبر عن محارم الله، والغضب في ذات الله ". موضوع قال أبو عبد الرحمن السلمي في " سنن الصوفية ": حدثنا أحمد بن علي بن الحسن: حدثنا جعفر بن عبد الوهاب السرخسي: حدثنا عبيد بن آدم عن أبيه عن أبي حمزة عن ميسرة بن عبد ربه عن المغيرة بن قيس عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس ". كذا نقله السيوطي في " الحاوي " (2/463) ، وهو أول حديث في " المسند " تحت " حرف الثاء المثلثة ". قلت: وهذا موضوع آفته ميسرة بن عبد ربه، فإنه كذاب وضاع مشهور بذلك وتقدمت له أحاديث أقربها برقم (1459) . وشهر بن حوشب ضعيف. وجعفر بن عبد الوهاب السرخسي لم أعرفه. وأبو عبد الرحمن السلمي نفسه متهم، واسمه محمد بن الحسين بن محمد، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " متكلم فيه، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الحديث للصوفية ". والحديث أعله المناوي بابني عبد ربه وحوشب فقط! وسود السيوطي به " الجامع الصغير "! مع اطلاعه على إسناده! الحديث: 1474 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 666 1475 - " علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئا أبدا ". موضوع أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الأولياء " (114/59) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن بكر بن خنيس يرفعه: فذكره. الحديث: 1475 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 666 ونقله في " الحاوي " (2/466) . قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، بل هو معضل، فإن بكر بن خنيس قال الحافظ: " صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان، من السابعة ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ... عن التابعي، قال الدارقطني: متروك ". وقال في " الكاشف ": " واه ". وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال الحافظ: " لا بأس به، وكان يدلس، قاله أحمد ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ثقة، قال ابن معين: له عن المجهولين مناكير ". قلت: وهذا المتن منكر دون شك أوريب، بل هو موضوع، فإن اللعن، قد صدر منه صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، وقد أخبر عن ذلك هو نفسه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث، وقد خرجت طائفة منها في السلسلة الأخرى (83 و85 و1758) ، فهل الأبدال أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! 1476 - " الأبدال من الموالي، ولا يبغض الموالي إلا منافق ". منكر أخرجه أبو داود في " أسئلة أبي عبيد الآجري له " وعنه الحاكم في " الكنى "، ومن طريقه الذهبي في " الميزان " بسنده عن الرجال بن سالم عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أورده الذهبي في ترجمة الرجال هذا وقال: " لا يدرى من هو؟ والخبر منكر ". ثم ذكره. وتعقبه الحافظ في " اللسان " فقال: الحديث: 1476 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 667 " والذي في " الإكمال " وتبعه المصنف في " المشتبه ": " أبو الرجال: سالم بن عطاء " فهو كنية له لا اسم، وسالم اسمه لا اسم أبيه، وعطاء أبو هـ لا شيخه ". والحديث أورده السيوطي في " الحاوي " (2/466) وفي " الجامع الصغير " من رواية الحاكم دون الشطر الثاني منه! 1477 - " إن أبدال أمتي لم يدخلوا الجنة بالأعمال، إنما دخلوها برحمة الله، وسخاوة النفس، وسلامة الصدور، ورحمة لجميع المسلمين ". ضعيف جدا أخرجه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (11/1 - 2 رقم 11) والبيهقي في " شعب الإيمان " من طريق ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى: أنا سلمة بن رجاء - كوفي - عن صالح المري عن الحسن عن أبي سعيد الخدري أو غيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، وقال: " رواه عثمان عن محمد بن عمران، فقال عن أبي سعيد، لم يقل: (أوغيره) وقيل: عن صالح المري عن ثابت عن أنس ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، صالح المري، وهو ابن بشير ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب "، وقال فيا يأتي: " متروك الحديث ". وهو الأقرب إلى الصواب. وقد اختلف عليه في إسناده كما ترى. والحسن هو البصري وهو مدلس وقد عنعنه. وقد روي مرسلا، أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب السخاء " والبيهقي في " شعب الإيمان " والترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " كما في " الحاوي " (2/464 و465) . ورواه بعض الضعفاء عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ: " إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصوم ولا بصلاة، ولكن بسلامة الصدور، ونصيحة المسلمين ". الحديث: 1477 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 668 رواه الديلمي (1/2/272) من طريق ابن لال معلقا عن محمد بن عبد العزيز الدينوري: حدثنا عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف عن الحسن عن أنس مرفوعا. قلت: عثمان بن الهيثم ثقة، لكنه تغير فصار يتلقن. ومحمد بن عبد العزيز الدينوري قال الذهبي: " منكر الحديث ضعيف ". وساق له الحافظ في " اللسان " من منكراته هذا الحديث. ثم قال عقبه: " ورواه أيضا عن عثمان أيضا عن صالح بن بشير المري أبو بشر البصري عن ثابت عن أنس. وإنما يعرف هذا من رواية صالح المري عن الحسن مرسلا. وصالح متروك الحديث ". 1478 - " لا يزال أربعون رجلا من أمتي، قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، يدفع الله بهم عن أهل الأرض، يقال لهم: (الأبدال) ، إنهم لن يدركوها بصلاة ولا صوم ولا صدقة. قالوا: يا رسول الله فبم أدركوها؟ قال: بالسخاء والنصيحة للمسلمين ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10390) وعنه أبو نعيم في " الحلية " ( 4/173) : أنا أحمد بن داود المكي: حدثنا ثابت بن عياش الأحدب: حدثنا أبو رجاء الكلبي: حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث الأعمش عن زيد، ما كتبناه إلا من حديث أبي رجاء ". قلت: اسمه روح بن المسيب قال ابن عدي: " أحاديثه غير محفوظة ". وقال ابن حبان (1/299) : " يروي عن الثقات الموضوعات، ويرفع الموقوفات، لا تحل الرواية عنه ". وأشار ابن معين إلى تضعيفه بقوله: الحديث: 1478 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 669 " صويلح ". وثابت بن عياش الأحدب لم أعرفه. وكذا الراوي عنه. ولن يعرف الهيثمي أبا رجاء أيضا فقال (10/63) : " رواه الطبراني عن ثابت بن عياش الأحدب عن أبي رجاء الكلبي، وكلاهما لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح "! كذا قال! وهو يعني من فوق أبي رجاء، دون شيخ الطبراني، وهذه عادة له، فكن منها على ذكر. 1479 - " إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة، وإذا مات السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت، ويدفع البلاء ". موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/8 - 9) والذهبي في " الميزان " من طريق عبد الرحيم بن يحيى الأرمني: حدثنا عثمان بن عمارة: حدثنا المعافى بن عمران عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزاد أبو نعيم: الحديث: 1479 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 670 " قيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستقون فيسقون، ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء ". أورده الذهبي في ترجمة عثمان بن عمارة وقال: " وهو كذب، فقاتل الله من وضع هذا الإفك ". وأقره الحافظ في " اللسان ". لكنه استدرك عليه فقال: " وسبق في ترجمة عبد الرحيم قوله: أتهمه به أوعثمان ". يعني أن التهمة في وضع هذا الحديث تتردد بين عبد الرحيم الأرمني وعثمان هذا، فإنهما مجهولان لا يعرفان إلا في هذا الحديث الباطل. (تنبيه) : (الأرمني) هكذا وقع في " الحلية " وفي " الحاوي " (2/464) نقلا عنه. ووقع في " الميزان ": " الأدمي ". فالله أعلم. (فائدة) نقلت أكثر أسانيد الأحاديث المتقدمة من رسالة السيوطي " الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال ". وقد حشاها بالأحاديث الضعيفة، والآثار الواهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض كما يدلك هذا التخريج، ومن عجيب أمره أنه لم يذكر فيها ولا حديثا واحدا في القطب المزعوم، ويسميه تبعا للصوفية بالغوث أيضا، وكذلك لم يذكر في الأوتاد والنجباء أي حديث مرفوع ، وإنما هي كلها أسماء مخترعة عند الصوفية، لا تعرف عند السلف، اللهم إلا اسم البدل فهو مشهور عندهم كما تقدم. والله أعلم. ثم نقل السيوطي عن اليافعي أنه قال: " وقال بعض العارفين: والقطب هو الواحد المذكور في حديث عبد الله بن مسعود أنه على قلب إسرافيل "! فنقول: أثبت العرش ثم انقش، فالحديث كذب كما يمعت عن الذهبي والعسقلاني، فالعجب من السيوطي - لا اليافعي - أن يخفى ذلك عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 671 1480 - " تعرض الأعمال يوم الاثنين ويوم الخميس على الله، وتعرض على الأنبياء، وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضا وإشراقا، فاتقوا الله، ولا تؤذوا أمواتكم ". موضوع أخرجه الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. كذا في " الحاوي للفتاوي " (2/360) . قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به عبد الغفور هذا، واسم جده سعيد الأنصاري كما في بعض الأسانيد التي في ترجمته من " الميزان "، وحكى عن البخاري أنه قال : " تركوه ". وهذا عنده معناه أنه متهم وفي أشد درجات الضعف، كما هو معروف عنه، وأفصح عن ذلك ابن حبان فقال (2/148) : " كان ممن يضع الحديث على الثقات ". وقال ابن معين: " ليس حديثه بشيء ". وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث ". ومنه تعلم أن السيوطي قد أساء بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " وباستشهاده به على ما جزم به في " الحاوي " أن الأموات على علم بأحوال الأحياء ، وبما هم فيه! وقد ساق في هذه المسألة أحاديث أخرى، لا يحتج بشيء منها مثل حديث " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات.. " الحديث، وقد مضى (867) . والحديث بيض له المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء فكأنه لم يقف على إسناده، فالحمد لله الذي أطلعني عليه، ولوبواسطة السيوطي نفسه! ثم إن الحديث وقع في " الجامع الصغير " من رواية الحكيم عن والد عبد العزيز غير مسمى، وقد تقدم أن اسمه سعيد الأنصاري، وقد أورده في " الإصابة " باسم " سعيد الحديث: 1480 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 672 الشامي "، وقال: " جاءت عنه عدة أحاديث من رواية ولده عنه، تفرد بها عبد الغفور أبو الصباح بن عبد العزيز عن أبيه عبد العزيز عن أبيه سعيد.. " ثم ذكر له أحاديث. وقد ساق بعضها ابن عدي في ترجمة عبد الغفور هذا وقال في آخر ترجمته: " الضعف على ترجمته ورواياته بين، وهو منكر الحديث ". 1481 - " لغزوة في سبيل الله أحب إلي من أربعين حجة ". ضعيف أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في " تاريخ داريا " (ص 90 - 91) : حدثنا محمد بن أحمد بن عمارة: حدثنا المسيب بن واضح: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن يزيد بن السمط عن النعمان بن المنذر عن مكحول قال: " كثر المستأذنون إلى الحج في غزوة تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، المسيب بن واضح. قال الدارقطني: " ضعيف ". وبين سببه أبو حاتم فقال: " صدوق يخطىء كثيرا ". ومثله قول الجوزجاني: " كان كثير الخطأ والوهم ". وسائر رجاله ثقات من رجال " التهذيب " غير محمد بن أحمد بن عمارة وقد ترجمه ابن عساكر في " التاريخ " (14/334/2) ، وذكر أنه توفي سنة 323 عن 96 سنة. وجاء وصفه في بعض الأسانيد عنده بأنه: " الثقة الأمين كرم الله وجهه وأسكنه جنته ". الحديث: 1481 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 673 1482 - " إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص، ولا يرده كره كاره، وإن الله تعالى بحكمته وجلاله جعل الروح والفرج في الرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ". الحديث: 1482 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 673 موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (10/41) وأبو عبد الرحمن السلمي في " طبقات الصوفية " (ص 68 - 69) من طريق أحمد بن الحسن بن محمد بن سهل البصري المعروف بابن الحمصي قال: حدثنا علي بن جعفر البغدادي، قال: قال أبو موسى الدؤلي (وفي الطبقات: الديبلي) : حدثنا أبو يزيد البسطامي: حدثنا أبو عبد الرحمن السدي عن عمرو بن قيس الملائي عن عطية عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال أبو نعيم: " وهذا الحديث مما ركب على أبي يزيد، والحمل فيه عبى شيخنا ابن الحمصي فقد عثر منه على غير حديث ركبه! ". قلت: وفي " الميزان ": " قيل: يتهم بوضع الحديث. قاله الضياء ". ثم أخرجه أبو نعيم (5/106) من طريق علي بن محمد بن مروان وهو السدي: حدثنا أبي: حدثنا عمرو بن قيس الملائي به. وقال: " حديث غريب من حديث عمرو، تفرد به علي بن محمد بن مروان عن أبيه ". قلت: ومحمد بن مروان السدي متهم بالكذب، معروف به. وأما ابنه علي فلم أعرفه، وقد ذكره في " التهذيب " في جملة الرواة عن أبيه، فهو آفته أوأبو هـ، وهو الأقرب. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " شعب الإيمان " (1/152 - 153) أخرجه من طريق أخرى عن أبي عبد الرحمن السدي، ومن طريق علي بن محمد بن مروان، حدثنا أبي به. فتأكدنا من أن الآفة من أبي عبد الرحمن محمد السدي. 1483 - " آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (6/118) من طريق محمد بن فضيل: حدثنا الربيع بن بدر، ومن طريق معلى بن أسد العمي: حدثنا حماد بن الربيع بن بدر عن أبي الزبير عن جابر قال: " استأجرت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرتين إلى (جرس) ، كل الحديث: 1483 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 674 سفرة بقلوص ". هذا لفظ حديث المعلى، ولفظ ابن فضيل هو المذكور أعلاه. قلت: وهذا إسناد ضعيف لأن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه. ولفظ الترجمة ضعيف جدا، لأن الربيع بن بدر متروك، كما قال الحافظ في " التقريب "، ولا سيما قد خالفه في المتن حماد وهو ابن مسعدة وهو ثقة - فقال: " سفرتين، كل سفرة بقلوص ". وقد أخرجه الحاكم أيضا (3/182) بهذا اللفظ عن حماد والربيع وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وكأنه لم يتنبه لعنعنة أبي الزبير، وكذلك صنع ابن القيم في أول " الزاد " وابن كثير في " البداية " (2/295) ، فإنهما أعلاه بالربيع، وفاتهما أنه متابع من قبل حماد بن مسعدة، ولا سيما وابن القيم أورده بلفظه وليس بلفظ الربيع! ! وعكس ذلك المعلق على " زاد المعاد "، فأعله بأبي الزبير فقط للمتابعة فأصاب، ولكنه لم يتنبه للفرق بين لفظيهما! 1484 - " آية الكرسي ربع القرآن ". ضعيف أخرجه أحمد (3/221) : حدثنا عبد الله بن الحارث قال: حدثني سلمة بن وردان أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته فقال: أي فلان هل تزوجت ؟ قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به، قال: أبي معك " قل هو الله أحد "؟ قال: بل، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " قل يا أيها الكافرون "؟ قال : بلى، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " إذا زلزلت الأرض "؟ قال: بلى ، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " إذا جاء نصر الله "؟ قال: بلى، قال : ربع القرآن، قال: أبي معك آية الكرسي: " الله لا إله إلا هو "؟ قال: بلى، قال: ربع القرآن، قال: تزوج، تزوج، تزوج. ثلاث مرات ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، سلمة بن وردان قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". ومن طريقه أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 170/2) أورده في جملة ما أنكر الحديث: 1484 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 675 على سلمة من الأحاديث، وتبعه الذهبي، وقال: " وقال الحاكم: " رواياته عن أنس أكثرها مناكير "، وصدق الحاكم ". ومما يدل على نكارة الحديث أنه مخالف لحديث الصحيحين وغيرهما عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا: " " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن ". وقد أخرجه الترمذي (2/147) من طريق أخرى عن سلمة بن وردان به دون ذكر آية الكرسي وقال في روايته: " " قل هو الله أحد " ثلث القرآن " ثم قال : " حديث حسن "! وحديث الترجمة، أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ في " كتاب الثواب " عن أنس وزاد عليه المناوي: " والطبراني "، وفاتهما " المسند "! ثم أعله بسلمة فقال: " أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقد حسنه المؤلف، ولعله لاعتضاده ". قلت: رحم الله من قال: اجعل لعل عند ذاك الكوكب! أوكما قال، فإن الحديث لم نره إلا من هذه الطريق الواهية، والسيوطي معروف بالتساهل، على أن تحسينه وكذلك تصحيحه وتضعيفه إنما هو بالرمز بحرف (صح) و (ح) و (ض) مما لا يوثق به لغلبة تحريف النساخ كما قال المناوي نفسه (1/41) . (تنبيه) : قوله: " " قل يا أيها الكافرون " ربع القرآن؛ ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمجموع طرقه، وقد خرجت طائفة منها في الكتاب الآخر (588) . 1485 - " آدم في السماء الدنيا، تعرض عليه أعمال ذريته، ويوسف في السماء الثانية، وابنا الخالة يحيى وعيسى في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة، وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السماء السادسة، وإبراهيم في السماء السابعة ". منكر رواه ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا كما في " الجامع الصغير "، وقال شارحه المناوي: " وإسناده ضعيف، لكن المتن صحيح، فإنه قطعة من حديث الإسراء الذي الحديث: 1485 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 676 خرجه الشيخان عن أنس، لكن فيه خلف في الترتيب ". قلت: ليس عند الشيخين قوله: " تعرض عليه أعمال ذريته "، ولم أره في أحاديث الباب، لا عندهما، ولا عند غيرهما؛ فهي زيادة منكرة، وأما المخالفة في الترتيب؛ فهي كما قال المناوي، فإن الحديث قطعة من حديث الإسراء، وهو عند البخاري (7/160 - 172 - فتح) ومسلم (1/103) والنسائي (1/76 - 77) وغيرهم من حديث صعصعة بن مالك مرفوعا بطوله، وفيه أنه رأى في السماء الثانية يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف. وكذا وقع في حديث أنس عند مسلم (1/99 - 101) والنسائي (1/77 - 78) وغيرهما، خلافا لبعض الأحاديث الأخرى التي أشار إليها الحافظ في " الفتح "، وقال في حديث صعصعة وأنس: " وهو أثبت ". 1486 - " آمروا النساء في بناتهن ". ضعيف أخرجه أبو داود (1/327) وعنه البيهقي (7/115) من طريق إسماعيل بن أمية: حدثني الثقة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة " الثقة "، فإن مثل هذا التوثيق لشخص مجهول العين عند غير الموثق غير مقبول كما هو مقرر في " الأصول "؛ ولذلك فرمز السيوطي لحسنه غير حسن إن صح ذلك عنه، فإن المناوي قد نص في مقدمة " فيض القدير " على ما يجعل الواقف على الرموز لا يثق بها، ومع ذلك فكثيرا ما يقول : كما قال في هذا الحديث: " ورمز المؤلف لحسنه "! ويقره وهو غير مستحق له ، كما ترى، بل قلده فيه في الكتاب الآخر فقال في " التيسير ": ".. بإسناد حسن "! الحديث: 1486 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 677 1487 - " آمين خاتم رب العالمين، على لسان عباده المؤمنين ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/2432) والديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/76) عن مؤمل بن عبد الرحمن: حدثنا أبو أمية بن يعلى عن سعيد الحديث: 1487 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 677 المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال ابن عدي: " لا يرويه عن أبي أمية بن يعلى - وإن كان ضعيفا - غير مؤمل هذا، وعامة حديثه غير محفوظ ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامعين " لابن عدي والطبراني في " الدعاء " وقال المناوي في " الفيض ": " وفيه مؤمل الثقفي، أورده الذهبي في " الضعفاء "، عن أبي أمية بن يعلى الثقفي، لا شيء. ومن ثم قال المؤلف (السيوطي) في " حاشية الشفاء ": إسناده ضعيف. ولم يرمز له هنا بشيء ". قلت: ولذلك جزم بضعف إسناده الشيخ زكريا الأنصاري في " فتح الجليل " (ق 14/2) ، وقال الحافظ ابن حجر في " مختصر الديلمي ": " قلت: أبو أمية ضعيف ". (تنبيه) : قول المناوي: " ولم يرمز له هنا بشيء " يدلنا على أن نسخة " الجامع الصغير " المطبوعة في أعلى " فيض القدير " ليس هي النسخة التى اعتمد عليها شارحه المناوي، لأنه وقع فيها الرمز بالضعف لهذا الحديث، وعليها يعتمد المعلقون على " الجامع الكبير " في رموز الأحاديث تصحيحا وتحسينا وتضعيفا دون أن ينتبهو اإلى ما نبهنا عليه مرارا تبعا للمناوي أنه لا يجوز الاعتماد عليها لما وقع فيها من التحريف وغيره، وهكذا فعلوا في هذا الحديث فقالوا في تعليقهم عليه (1/1/26) : " وهو في " الصغير " برقم 20، ورمز له المصنف بالضعف ". دون أن يرجعوا إلى كلام المناوي المصرح بأنه لم يرمز له بشيء. وكذلك يفعلون في كل أحاديث الكتاب يعتمدون على رموزه كما ذكرنا دون أن يتثبتوا من صحة نسبة الرمز إلى المصنف أولا ، ولمطابقة الرمز للنقد العلمي ثانيا. والله المستعان. 1488 - " آمين قوة للدعاء ". ضعيف جدا رواه ابن عدي (83/2) عن عبد الله بن بزيع عن الحسن بن عمارة: حدثني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 1488 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 678 قلت: وهذا سند ضعيف جدا وفيه علتان: الأولى: ابن عمارة، قال الحافظ: " متروك "، بل قال الإمام أحمد: " كان منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة ". الثانية: عبد الله بن بزيع فإنه ضعيف، وقال ابن عدي عقب الحديث: " إنه غير محفوظ ". والحديث من الأحاديث التي خلا منها الجوامع الثلاثة: " الجامع الكبير " و" الجامع الصغير " للسيوطي وكذا " الزيادة عليه " له و" الجامع الأزهر " للمناوي! 1489 - " يا حرملة! ائت المعروف، واجتنب المنكر، وانظر ما يعجب أذنك أن يقول لك القوم إذا قمت من عندهم فأته، وانظر الذي تكرهه أن يقول لك القوم إذا قمت من عندهم فاجتنبه ". ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (222) و (ق 20/2 من المخطوطة) و (ص 34 ) من الهندية) وابن سعد في " الطبقات " (1/320 - 321) من طريق عبد الله بن حسان العنبري قال: حدثنا حبان بن عاصم - وكان حرملة أبا أمه - فحدثتني صفية ابنة عليبة ودحيبة ابنة عليبة - وكان جدهما حرملة أبا أبيهما - أنه أخبرهم [عن] حرملة بن عبد الله: " أنه خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان عنده حتى عرفه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ارتحل، قلت في نفسي: والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم حتى أزداد من العلم، فجئت أمشي، حتى قمت بين يديه، فقلت: ما تأمرني أعمل؟ قال ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد في ثبوته نظر من وجهين: الأول: أن عبد الله بن حسان العنبري مجهول الحال، لم يوثقه أحد، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وقد توبع، لكن مع المخالفة في إسناده كما يأتي. الحديث: 1489 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 679 الآخر: أن نسخ " الأدب المفرد " مختلفة في إثبات حرف (عن) قبل (حرملة) فقد ثبت في النسختين المطبوعتين المشار إليهما، ولم تثبت في المخطوطة، ولذلك وضعته بين المعكوفتين، والسند، يختلف الحكم عليه باختلاف النسخ، فعلى إثباته يكون الحديث من رواية ابنتي عليبة عن عليبة عن حرملة. وعلى حذفه يكون من روايتهما عن جدهما حرملة. وعلى الإثبات يكون الحديث معلولا بالجهالة، فإن عليبة هذا مجهول العين، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/2/40) ولم يزد على قوله: " روى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه ضرغامة ". وعلى حذفه فهل سمع ابنتا عليبة من جدهما؟ ليس عندنا ما يثبت ذلك، إلا هذا الإسناد، ومداره على عبد الله بن حسان، وقد عرفت أنه مجهول الحال فلا تقوم الحجة به، ولا سيما قد خولف في إسناده فقال أبو داود الطيالسي في " مسنده " (1207) : حدثنا قرة قال: حدثنا ضرغامة قال: حدثني أبي عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركب من الحي، فلما أردت الرجوع قلت: يا رسول الله أوصني قال: " اتق الله، وإذا كنت في مجلس وقمت منه، وسمعتهم يقولون ما يعجبك، فأته، فإذا سمعتهم يقولون ما تكره فلا تأته ". وأخرجه ابن سعد (7/34) من طريقين آخرين عن قرة. فهذا الإسناد يشهد أن الحديث من رواية عليبة عن حرملة لأن ضرغامة هذا هو ابن عليبة بن حرملة العنبري كما في كتاب ابن أبي حاتم (2/1/470) ، فعليه فيمكن القول بأن النسخة التي أثبتت (عن) أرجح من الأخرى، فيكون الإسناد متصلا معللا بالجهالة، على أن ضرغامة هذا يشبه أباه في الجهالة، فإن ابن أبي حاتم لم يزد فيه على قوله: " روى عن أبيه، روى عنه قرة بن خالد السدوسي ". ومما يرجح نسخة الإثبات والوصل، أن الذين ترجموا لحرملة هذا في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 680 " الصحابة " كابن عبد البر وغيره كلهم ذكروا أن الحديث من رواية صفية ودحيبة عن أبيهما عنه، وقد عزاه أحدهم للأدب المفرد والطيالسي، وهو الحافظ ابن حجر (1) ، وتبعه السيوطي، فقال في " الجامع الكبير " (1/4/1) : " رواه البخاري في " الأدب " وابن سعد والباوردي والبغوي والبيهقي في " شعب الإيمان " من طريق صفية ودحيبة ابنتي عليبة بن حرملة بن عبد الله بن أوس عن أبيهما عن جدهما رضي الله عنه. قال البغوي: ولا أعلم له غيره ". ولكن يعارض هذا أن ابن أبي حاتم قال في ترجمة حرملة من كتابه (1/2/272) : " بصري له صحبة، روى عنه صفية ودحيبة ابنتا عليبة، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمد: روى عنه حبان بن عاصم ". وعلى هذا جرى الحافظ في " التهذيب " وغيره، خلافا لصنيعه في " الإصابة " كما سبقت الإشارة إليه، ولا أعلم مستندا لهذا سوى رواية عبد الله بن حسان هذه، وهي مضطربة كما رأيت، ولعل ذلك منه؛ فإنه غير معروف بالضبط والحفظ، ولا سيما قد خولف من ضرغامة كما سبق. وجملة القول: أن الحديث ضعيف لا يثبت، لأنه منقطع أومجهول. فقول الحافظ في " الإصابة ": " وحديثه في " الأدب المفرد " للبخاري و" مسند أبي داود الطيالسي " وغيرهما بإسناد حسن ". فهو غير حسن، كيف وهو الذي قال في عبد الله بن حسان: " مقبول " كما تقدم؟ ! فإن قيل: إنما حسنه بمجموع الطريقين أحدهما عند البخاري والآخر عند الطيالسي. قلت: يمنع من ذلك الاختلاف الذي بينهما، كما سبق شرحه، وتلخيص ذلك أن رواية ابن حسان إن كان المحفوظ فيها إسقاط عليبة من الإسناد، فقد خالفه ضرغامة، وليس فيهما حافظ ليصار إلى ترجيح رواية أحدهما على رواية الآخر، وإن كان المحفوظ   (1) انظر " الاستيعاب " (1/139) و" أسد الغابة " (1/397) و" الإصابة " (2/2) . اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 681 فيها إثبات عليبة فهو مجهول، فمن أين للإسناد الحسن؟ ! والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا ما وصل إليه علمي، " وفوق كل ذي علم عليم " فمن كان عنده شيء نستفيده منه قدمه إلينا إن شاء الله، وجزاه الله خيرا. 1490 - " جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق؟ لا تنبغي الصنيعة إلا لذي حسب أودين، وجئتم تسألوني عن الرزق وما يجلبه على العبد؟ فاستجلبوه واستنزلوه بالصدقة ، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء؟ فإن جهاد الضعفاء الحج والعمرة، وجئتم تسألوني عن جهاد النساء؟ وإن جهاد المرأة حسن التبعل، وجئتم تسألوني عن الرزق؟ ومن يأتي؟ وكيف يأتي؟ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم ". منكر رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (99/1) ومن طريقه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 48/1) : نا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي: نا جدي حرملة قال: حدثني عمر بن راشد المدني قال: حدثني مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: " احتج أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فتماروا في شيء، فقال لهم علي: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جئنا يا رسول الله نسألك عن شيء، فقال: إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم أخبرتكم بما جئتم له، قالوا: أخبرنا، قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمر بن راشد المدني؛ هو أبو حفص الجاري: قال أبو حاتم: " وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي: " منكر الحديث ". وأحمد بن طاهر، قال الدارقطني: " كذاب ". قال الذهبي: الحديث: 1490 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 682 " وأتى بحديث منكر متنه (أبى الله أن يرزق المؤمن إلا من حيث لا يعلم) ". قلت: وأخرجه الحاكم في " تاريخه " بإسناده عن عمر بن خلف المخزومي: حدثنا عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما جالسا في مجلسه، فاطلع علي بن أبي طالب.. ". قلت: فذكره، وقال الحاكم: " هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المديني عزيز الحديث جدا ". قلت: هو مختلف فيه، وإنما الآفة من عمر بن راشد، وقد عرفت حاله، ومن طريقه أخرج الديلمي (1/1/80) الجملة الأخيرة منه. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/152 - 153) من طريق ابن حبان، وهذا في " الضعفاء " (1/147) بسنده عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب قال : حدثني مالك عن جعفر بن محمد به، وقالا: " موضوع، آفته أحمد بن داود بن عبد الغفار ". وقال السيوطي عقبه في " اللآلي " (2/71) : " وقال ابن عبد البر: هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن، لكنه منكر عندهم عن مالك، لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه ". ثم ذكر له السيوطي طريقا أخرى عن علي وفيها هارون بن يحيى الحاطبي، ذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال ابن عبد البر: " لا أعرفه ". وقال البيهقي: " لا أحفظه على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ". 1491 - " ابتدروا الأذان، ولا تبتدروا الإمامة ". ضعيف رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/95/2) : حدثنا وكيع عن علي بن مبارك عن يحيى بن أبي كثير مرفوعا. الحديث: 1491 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 683 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه وإن كان رجاله كلهم ثقاتا رجال الشيخين، فإنه معضل، وليس بمرسل كما قال السيوطي وأقره المناوي؛ فإن يحيى بن أبي كثير، إنما له رؤية لأنس، ولم يسمع منه، ولا من صحابي آخر كما في " التهذيب " عن ابن حبان وغيره. وأما قول المناوي في " شرحيه ": " وله شواهد ". فلا أعلم شيئا منها. والله أعلم. 1492 - " أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة، حتى يدع بدعته ". منكر أخرجه ابن ماجه (رقم 50) وابن أبي عاصم في " السنة " (ق 4/2) والديلمي ( 1/1/80) من طريق أبي الشيخ عن بشر بن منصور الحناط، عن أبي زيد عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالمجهولين، قال أبو زرعة: " لا أعرف أبا زيد ولا شيخه ولا بشرا ". وقال الذهبي في أولهم: " يجهل ". وقال في الآخرين: " لا يدرى من هما ". ووافقه البوصيري في " الزوائد " (1/11) . وقد جاء بإسناد شر من هذا بلفظ آخر، وهو: الحديث: 1492 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 684 1493 - " لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا صلاة، ولا صدقة، ولا حجا، ولا عمرة ، ولا جهادا، ولا صرفا ولا عدلا، يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ". موضوع أخرجه ابن ماجه (49) من طريق محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الله ابن الديلمي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 1493 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 684 قلت: وهذا موضوع آفته ابن محصن هذا فإنه كذاب كما قال ابن معين وأبو حاتم، وقال الحافظ في " التقريب ": " كذبوه ". وتساهل البوصيري فيه فقال في " الزوائد " (1/10) : " هذا إسناد ضعيف، فيه محمد بن محصن، وقد اتفقوا على ضعفه ". ووجه التساهل أن الراوي قد يتفق على ضعفه، وليس بكذاب، وحينئذ فذكر الاتفاق دون ذكر السبب لا يكون معبرا عن واقع الراوي. فتأمل. 1494 - " من يعمل سوءا يجز به في الدنيا ". ضعيف أخرجه الحاكم (3/552 - 553) وابن عدي في " الكامل " (142/2) وأحمد (1/6 ) وابن مردويه عن زياد الجصاص عن علي بن زيد عن مجاهد قال: قال لي عبد الله ابن عمر: " انظر إلى المكان الذي فيه ابن الزبير مصلوبا، فلا تمرن عليه قال: فسها الغلام، فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير، فقال: يغفر الله لك ( ثلاثا) ، أما والله ما علمتك إلا صواما قواما وصالا للرحم، أما والله إني لأرجومع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها، قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، والسياق لابن مردويه والحاكم، لكن وقع فيه تحريف وسكت عنه. وأقول: إسناده ضعيف، زياد - وهو ابن أبي زياد الجصاص - ضعيف، وكذا علي بن زيد وهو ابن جدعان. وذكر له ابن كثير شاهدا من رواية البزار في " مسنده (3/46 - الكشف) عن عبد الرحمن بن سليم بن حيان: حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام، قال بسطام: " كنت مع ابن عمر، فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب، فقال: رحمة الله عليك أبا خبيب، سمعت أباك يعني الزبير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بزيادة " والآخرة " وقال: " لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه ". الحديث: 1494 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 685 قلت: وهو ضعيف، لم أعرف أحدا منهم؛ غير حيان بن بسطام، وقد أشار الذهبي إلى أنه مجهول فقال: " تفرد عنه ابنه سليم ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! ثم ذكر ابن كثير من طريق موسى بن عبيدة: حدثني مولى ابن سباع قال: سمعت ابن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر! ألا أقرئك آية أنزلت علي؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! فأقرأنيها، فلا أعلم أني قد وجدت انفصاما في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك يا أبا بكر؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! وأينا لم يعمل السوء؟ وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة ". أخرجه ابن مردويه والترمذي وقال: " وموسى بن عبيدة يضعف، ومولى ابن سباع مجهول ". قلت: وجملة القول: إن الحديث ضعيف؛ لضعف رواته وجهالة بعضهم، واختلافهم على ابن عمر في ضبط لفظه، فبعضهم ذكره كما في الترجمة، وبعضهم زاد " وفي الآخرة "، وابن عبيدة رواه بلفظ آخر مغاير تمام المغايرة لما قبله. والله أعلم. لكن قد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " لما نزلت " من يعمل سوءا يجز به " بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا، وسددوا؛ ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها ". أخرجه مسلم (8/16) وأحمد (2/248) والحميدي (1148) . وله شاهد من حديث عائشة نحوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 686 أخرجه الترمذي (2994) وقال: " حديث حسن غريب ". 1495 - " إن في الجنة لنهرا، ما يدخله جبريل من دخلة فيخرج منه فينتفض، إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه ملكا ". موضوع أخرجه ابن عدي (142/2) والديلمي في " المسند " (1/2/287) من طريق زياد بن المنذر عن عطية عن أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " حديث غير محفوظ ". قلت: آفته زياد هذا قال في " الميزان ": " قال ابن معين: كذاب. وقال النسائي وغيره: متروك ". وقال ابن حبان (1/306) : " كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي فضائل أهل البيت، لا تحل كتابة حديثه ". وشيخه عطية وهو العوفي ضعيف مدلس. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/205/2) لأبي الشيخ في " العظمة " والحاكم في " تاريخه " والديلمي عن أبي سعيد. الحديث: 1495 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 687 1496 - " ألا إن الكذب يسود الوجه، والنميمة (يعني فيه) عذاب القبر ". موضوع أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (4/1797) وعنه ابن حبان في " صحيحه " (104 - موارد) وابن عدي (143/1) والبيهقي في " الشعب " (2/48/1) عن زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث قال: حدثنا أبو برزة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي: " في هذا الإسناد ضعف "! قلت: بل هو موضوع أيضا، آفته زياد هذا؛ فإنه كذاب كما سبق آنفا، والعجب من الحديث: 1496 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 687 ابن حبان كيف أخرجه في " صحيحه " وقد قال في زياد: " يضع الحديث " كما عرفت؟ ! فلعله توهم أنه غيره. والحديث ذكره في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي فقط، وتعقبه المناوي بقوله: " وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل أعله فقال عقبه: " في هذا الإسناد ضعف ". اهـ. وقد تساهل في إطلاقه عليه الضعف، وحاله أفظع من ذلك، فقد قال الهيثمي وغيره: " فيه زياد بن المنذر وهو كذاب ". اهـ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ". قلت: يعني أن السيوطي كان يجب عليه حذفه وفاء بشرطه في أول الكتاب أنه صانه مما تفرد به كذاب أووضاع. وهذا الشرط قد أخل به السيوطي عشرات المرات، وكتابنا هذا هو الوحيد في الكشف عن ذلك، ولكن إذا كان المناوي يرى أن هذا الحديث موضوع - وهو الصواب - فلماذا رجع عن ذلك في كتابه الآخر " التيسير " فقال فيه مقلدا للبيهقي: " رواه البيهقي عن أبي برزة ثم قال: إسناده ضعيف "؟ ! وقد نسبه بسبب قوله هذا إلى التساهل كما رأيت. فتأمل. ثم أخرج أبو يعلى بهذا الإسناد عن أبي برزة مرفوعا: " إن بعدي أئمة إن أطعتموهم أكفروكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، أئمة الكفر، ورؤس الضلالة ". وقال الهيثمي (5/238) : " رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه زياد بن المنذر، وهو كذاب متروك ". 1497 - " خصال لا تنبغي في المسجد: لا يتخذ طريقا، ولا يشهر فيه سلاح، ولا ينبض فيه بقوس، ولا ينثر فيه نبل، ولا يمر فيه بلحم نيء، ولا يضرب فيه حد، ولا يقتص فيه من أحد، ولا يتخذ سوقا ". الحديث: 1497 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 688 ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (748) وابن عدي (145/1) عن زيد بن جبيرة الأنصاري عن داود ابن الحصين عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ، وزيد بن جبيرة عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ". قلت: وهو ضعيف جدا كما يشعر بذلك قول الحافظ فيه: " متروك ". وقال البوصيري في " الزوائد " (1/95) : " إسناده ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف زيد بن جبيرة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف ". وبه أعله ابن القيم في كلامه المنقول في " المجموع " (5485/112/1) . لكن قوله: " لا يتخذ طريقا " قد جاء من طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعا أتم منه، وإسناده حسن كما بينته في " الصحيحة " (1001) . 1498 - " خير نسائكم العفيفة الغلمة ". ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (145/1) عن عبد الملك بن محمد الصنعاني: حدثنا زيد بن جبيرة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل ابن جبيرة؛ فإنه متروك كما تقدم آنفا. وعبد الملك بن محمد الصنعاني من صنعاء دمشق، وهو لين الحديث كما قال الحافظ. والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " فقط! بزيادة: " عفيفة في فرجها، غلمة على زوجها ". فقال المناوي: " وفيه عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به، عن الحديث: 1498 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 689 زيد بن جبيرة، قال الذهبي: تركوه. ورواه ابن لال، ومن طريقه أورده الديلمي مصرحا، فلوعزاه المصنف للأصل لكان أصوب ". قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى، ولكنها معلولة أيضا، فقال ابن أبي حاتم (1/396) : " وسألت أبي عن حديث حدثنا به محمد بن عوف الحمصي قال: حدثنا أبو اليمان قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس.. (فذكره) . فسمعت أبي يقول : إنما يروونه عن زيد بن جبيرة عن يحيى بن سعيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزيد بن جبيرة ضعيف الحديث ". قلت: وعلة هذه الطريق إسماعيل بن عياش، فإنه ضعيف في غير روايته عن الشاميين ، وهذه منها. 1499 - " فلق البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (144/2 و163/1) من طريق أبي يعلى وغيره عن سلام الطويل عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وقال في الموضع الأول منهما في ترجمة زيد: " ولعل البلاء فيه من سلام أومنهما جميعا، فإنهما ضعيفان ". وقال في الموضع الآخر في ترجمة سلام: " عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه ". قلت: هو كذاب، ومن فوقه كلاهما ضعيف، فهو الآفة ". وفي " فيض القدير ": " قال ابن القطان: فيه ضعيفان، وقال الهيثمي: فيه يزيد الرقاشي وفيه كلام كثير ". قلت: ومعنى هذا الحديث ثابت في " الصحيحين " أنه من كلام اليهود، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: " قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم الحديث: 1499 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 690 صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم ". زاد مسلم: " وغرق فرعون وقومه ". الحديث وفيه قوله: " فأنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه ". وفي " المسند " (2/359) من حديث أبي هريرة قال: " مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء، فقال: ما هذا الصوم؟ قالوا: هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح وموسى شكرا لله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أحق.. ". الحديث. وفي إسناده حبيب بن عبد الله الأزدي قال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". ولذلك فلم يحسن صنعا حين سكت عليه في " الفتح " (4/214) . قلت: فمن المحتمل لدي أن يكون أحد أولئك الضعفاء، لما بلغه كلام اليهود الوارد في حديث ابن عباس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سكت عليه، عد سكوته صلى الله عليه وسلم إقرارا له، واستجاز نسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وليس يخفى على أهل العلم؛ أن ذلك مما لا يجوز، لأنه من التقول الذي حرمه صلى الله عليه وسلم في قوله: " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " . والله أعلم. 1500 - " استحي الله استحياءك من رجلين من صالحي عشيرتك ". ضعيف جدا رواه ابن عدي (53/2 و203/1) عن صغدي بن سنان: حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، أورده ابن عدي في الموضع الأول في ترجمة جعفر بن الزبير وقال: " عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ". ثم روى عن البخاري والنسائي أنهما قالا: " متروك الحديث ". وأورده في الموضع الثاني في ترجمة صغدي وقال: الحديث: 1500 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 691 " وهذا الحديث بهذا الإسناد ليس يرويه غير الصغدي، وهو خير من جعفر، ويتبين على حديثه ضعفه، قال ابن معين: ليس بشيء ". فالحديث واه جدا، فقول المناوي في شرحيه: " وإسناده ضعيف " - ولم يزد - قصور، لعله جاءه من أنه لم يتيسر له الاطلاع على سنده. وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا، وبلفظ: " رجل " مكان: " رجلين ". وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (741) .   انتهى المجلد الثالث من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " والحمد لله تعالى والمنة. ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الرابع وأوله: 1501 - (إن للشيطان كحلاً ... ) "وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 692 المقدمة : بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ". " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ". " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " (1) .   (1) هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلًمها أصحابه أن يقولوها بين يدي كلامهم في أمور دينهم، سواء كان في خطبة نكاح، أو جمعة، أوعيد، أو محاضرة، ولي فيها رسالة مطبوعة مراراً، وهذه الخطبة مع الأسف مهجورة من أكثر الخطباء والمدرسين، وإن كنا بدأنا نشعر بعد نثر الرسالة بسنين أن كثيراً من الخطباء، وبخاصة السلفيين منهم، قد تبنوها، وبذلك أحيوا سنة أماتها من لا يهتم بإحياء السنن، وإماتة البدع، جزاهم الله خيرا. وبهذه المناسبة أقول: إن من أسوأ التعليقات التي وقفت عليها في هذه الآونة الأخيرة، والتي تدل على أن كاتبها لم يُؤت من الحكمة شيئاً مذكوراً، ما طبعه المدعو شرف حجازي المصري على كتابي " صحيح الكلم الطيب "؛ الذي سرقه وطبعه بتعليقات أضافها من عنده، كان منها قوله (ص 85) ناقلاً عن النووي: "هذه الخطبة سنة، لو لم يأت بشيء منها؟ صح النكاح باتفاق العلماء". = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1 أما بعد؛ فإليكم أيها القراء الكرام! المجلد الرابع من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، وفيه أنواع جديدة من الأحاديث الواهية، التي يجب على كل مسلم- وبخاصة أهل العلم وطلابه- أن يكون على حذر منها. لكي لا يقول على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يعلم أنه قاله، فيقع- لا سمح الله- في وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار"، نعوذ بالله تعالى من النار، ومن كل أسبابها. ولقد يسر الله عزَّ وجل- وله الفضل والمنة- أن لا يتأخر عن سابقه صدوراً إلا قليلًا، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات حمداً كثيراً. وكانت مقدمة المجلد السابق عامرة- بفضل الله- بالبحوث العلمية، والردود الفقهية والحديثية، على بعض الحاقدين والحاسدين من الصوفية والطرقية، الذين يتهمون الأبرياء بما ليس فيهم، من أولئك الشيخ عبد الله الغُماري المغربي، الذي غَمِر صدرُهُ، وعمي بالهوى قلبُه، فطعن في جماهير المسلمين من أهل السنة سلفاً وخلفاً، واتهمهم بمخالفة سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثه، وأثنى خيراً بكل صراحة على الشيعة انتصاراً لبدعته، (المقدمة ص 9- 12) . وصحح مع ذلك كله بغير علم بعض الأحاديث الضعيفة والباطلة، ورمى الحافظَين الجليلين الذهبي والعسقلاني بالتعنت الشديد، لأنهما أبطلا   = أقول: فإن مثل هذا التعليق إنما يحسُن ذكره في سُنة معروفة؛ يخشى من مواظبة الناس عليها أن يقعوا في الغلو فيها، وليس في سنة كهذه الخطبة التي لا يعرفها أكثر الخاصة، فضلًا عن العامة، حتى كادت أن تصبح نسياً منسيا، حتى عند بعض الناشرين الذين يدَّعون السلفية عقيدة أو تجارة (الله أعلم بما في نفوسهم) ، وقد بينت شيئاً من هذا في مقدمتي للطبعة الثامنة من الكتاب المذكور: "صحيح الكلم الطب "، وقد صدر حديثا والحمد لله في طبعة أنيقة مزيدة منقحة. والله ولي التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 حديثاً من تلك الأحاديث التي صححها هو تكلفاً وتشيعاً! وقد نبهت على بعضها في تلك المقدمة (ص 22- 25 و 33- 39) ، وعلى غيرها في صُلب المجلد كالحديث (1042) وغيره كثير وكثير، مما يؤكد لكل باحث أنه في هذا العلم كما قيل: "لا في العير ولا في النفير"، وقد نبهت على بعضها في فهرست "1- المواضيع والبحوث " منه، ِ فمن شاء تتبُّعها رجع إليه. هذا في المجلد الثالث. وستمر بك أيها القارىء الكريم في هذا المجلد الرابع، أمثلة أخرى من تلك الأحاديث الضعيفة التي صححها الغُماري أيضاً، ضِغثاً على إبَّالة، فلا بأس من الِإشارة إلى أرقامها هنا، ليزداد القراء معرفة بهذا الغُماري، ومدى انحرافه عن جادة هذا العلم وقواعده، وأقوال أئمة الجرح والتعديل: (1504 و 1514 و 1566 و 1782،) وهو موضوع (و 1821 و 1828 و 1833 و 1844 و 1933) . (تنبيه) : كنت بينت في مقدمة المجلد الثالث من هذه السلسلة حال عبد الله الغماري في عدائه لأهل السنة، ومحاربته إياهم، واتهامه إياي شخصياً بشتى التهم الباطلة، وجهلَه بعلم الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، ونبهت في تضاعيفه على جملة من الأحاديث الضعيفة التي صححها بجهل بالغ، وأوردها في كتابه الذي سماه "الكنز الثمين "، وهي من الكثرة بحيث يظن كثير من المتعصبة له، والمغرورين به، أن في نقدي إياه تحاملا عليه بحكم العداء المذهبي، كما هو معهود منه في مخالفه، والله سبحأنه نسأل أن يعصمنا من الوقوع في مثل ما وقع فيه، وأن لا نقول فيه وفي أمثاله من المبتدعة إلا ما ندين الله به، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 متأدبين في ذلك بأدب قوله تعالى: "ولا يجرِمَنَّكُم شنآنُ قومٍ على أنْ لا تَعْدِلوا اعدِلوا هو أقربُ للتَّقوى". والمقصود أن الرجل أصدر حديثاً كتابا ترجم فيه لنفسه عنوأنه: "سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق " تأليف: العلامة الحافظ التفنن أبي الفضل عبد الله بن الصديق الغماري "! عقد فيه (ص 96) فصلاً بعنوان: (مؤلفاتي في السجن) ، يعني: سجن جمال عبد الناصر، مكث فيه من سنة 1959 إلى سنة 1969- وهذه السنة هي التي صدر فيها كتابي "صحيح الجامع "-، ثم ذكر أنه ألف فيه عدة كتب سماها؛ منها الكتاب المذكور: "الكنز الثمين "، ثم قال ما نصه بالحرف الواحد: "غير أن كتاب "الكنز الثمين " لست راضياً عنه، لأني كتبته في حال تضييق وتشديد كما سبق، وعدم وجود مراجع، فجاءت فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، ولو وجدت فراغاً لنقحته وهذبته وحذفت منه ما فيه من الضعيف ". قلت: فالحمد لله الذي شهد على نفسه بكثرة الأحاديث الضعيفة فيه، وقد كنا نبهنا على طائفة كبيرة منها، ولا نزال بفضل الله تعالى. نصحاً للأمة، وتحذيراً لهم أن لا يغزوا بما قاله في مقدمة "كنزه " (صفحة ح) : "جردت فيه الأحاديث الثابتة من الجامع الصغير". وقال (صفحة ع) : "ليس فيه أحاديث ضعيفة أو واهية". ولكن ... ألا يتساءل الفراء معي أنه إذا كان صادقاً في قوله: أنه ألفه في السجن حيث لا مراجع لديه كما زعم، فكيف جاز له أن يجزم هذا الجزم القاطع بأن كل أحاديثه ثابتة، وأنه ليس فيه أحاديث ضعيفة..؟! أليس في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 ذلك غشٌّ وتضليلٌ للأمة؟! لو أن ذلك كان في أحاديث معدودة لعذرناه، لكنا من الكثرة بحيث يصعب إحصاؤها، فإن في حرف الألف منه فقط نحو مئتي حديث ضعيف أو موضوع، من أصل أربع مئة وألف حديث تقريباً كما كنت ذكرت ذلك في المقدمة المشار إليها آنفاً (ص 23) . وفي ظني أن الذي حمله على ذلك الجزم بغير علم إنما هو الحسد والغيرة من كتابي: "صحيح الجامع الصغير"، فجمع هو" كنزه " مضاهاة له، وقد طبع قبله بنحو عشر سنين، ويظهر أنه توجهت إليه انتقادات كثيرة من بعض الناصحين؛ غير ما في هذه السلسلة، كمثل ما جاء في مقدمة "ترتيب صحيح الجامع الصغير.. " لبعض إخواننا (ص 14) : "كتاب "الكنز الثمين.. " محشو بالأحاديث الضعيفة، وسبب ذلك أنه اعتمد على تصحيح الحاكم والترمذي وابن حبان، وعلى الأحاديث التي قيل فيها: رواته ثقات، أو رجاله موثقون، وهذا الحكم كما لا يخفى فيه نظر عند أهل الحديث بينوه في مؤلفاتهم ". وتفصيل هذا الِإجمال يجده القراء في عشرات بل مئات الأمثلة في هذا المجلد، والذي قبله والآتية بعده إن شاء الله تعالى، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون. ومن أعاجيب تقديرات الله تعالى أن يضطر الغماري إلى الاعتراف بشيء من الفضل تحت مطارق أدلة الحق، فقد ذكرني الغماري هذا (ص 49) من " ترجمته " في جملة من عاصره من أهل الحديث، وقال: "يعرف الحديث معرفة جيدة، إلا أنه يعتمد على المناوي وعلي القاري الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 .. " إلخ ما رماني به كعادته. وهذا الاعتماد الذي رماني به إنما هو صفته في الحقيقة كما أثبتُّ ذلك في الأمثلة المشار إليها آنفاً، وكأن هذا الاعتراف بالحق والاتهام بالباطل ورثه من أخيه الأكبر أحمد، فقد اطلعت على خطابين له أرسلهما إلى أحد أصحابه، الأول بتاريخ 29 صفر سنة 1380، والآخر في 22 ربيع الأول من السنة نفسها، قال في الأول منهما: "وناصر الدين الألباني قدم إلى دمشق، وتعلم العربية، وأقبل على علم الحديث، فأتقنه جداً جداً، وأعانته مكتبة الظاهر المشتملة على نفائس المخطوطات في الحديث، حتى إني لما زرتها في العام الماضي كان هو الذي يأتيني بما أطلبه، ويعرفني بما فيها، وهو خبيث الطبع، وهابي تيمي جلد ... ولولا خبث مذهبه وعناده لكان من أفراد الزمان في معرفة الحديث، مع أنه لا يزال فاتحاً دكان الساعات، وقعت لنا معه مناظرة يطول ذكرها". وقال في الخطاب الآخر: "والحبشي الذي يرد على الألباني طبع في الرد عليه ثلاثة (!) رسائل، وهو كسائر أهل الوقت يراجع كتب الحديث، وينقل منها. أما الألباني فمن الأفراد في معرفة الفن (هنا جملة غير مقروءة من سوء الخط والتصوير) ، إلا أنه في العناد- والعياذ بالله- خلف الزمزمي ... " إلخ. نقلت هذه النصوص للتاريخ أولاً، وليكون القراء على علم بمثل هذه الاعترافات من مثل هؤلاء المبتدعة، لأن لها قيمة لا تقدر، فهي كما قيل قديمًا: "والفضل ما شهدت به الأعداء"! الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وأما الاتهام بالعناد وغيره فهو كما يتهمنا الكفار أو المنحرفون عن الشرع بالتعصب، والحقيقة أنه التعصب للحق الذي جاء به الدين. وأما الاتهام بالتوهب فجواب عليه ما قاله بعض الموحدين المتبعين لسنة سيد المرسلين: إن كان تابعُ أحمد متوهباً *** فأنا اُلمقِر بأنَّني وهَّابي! وهناك أشخاص آخرون ظهروا في ساحة التأليف والكتابة فيما لا يحسنون، وأخص بالذكر منهم الشيخين الحلبيَّين اللذين اختصر كل منهما "تفسير الحافظ ابن كثير"؛ سبق أن نبهت في المجلد السابق على شيء من الأحاديث الضعيفة التي صححاها بجهل بالغ، وفي هذا المجلد أحاديث أخرى من ذاك القبيل، فانظرها إن شئت بأرقامها الآتية: (1543 و 1637 و 1642 و 1937) . وهناك شيخ حلبي ثالث، يُثبت سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث موضوع، رقم (1816) . ونحوه بعض الدكاترة، فانظر الحديث (1612) و (1821) . وثمة ناشئ جديد- فيما علمت- له جهود مشكورة في إخراج "مسند أبي يعلى" إلى عالم المطبوعات، ولو أنه لم يتم بعد، له عليه تعليقات كثيرة في تخريج أحاديثه وتصحيحها وتضعيفها، فأنصح له أن يقف في جهوده عند التخريج فقط، وأنه إن صحح أو ضعف فبالاعتماد على الحفاظ المعروفين بالتمكن في هذا المجال، فقد رأيته صحح حديثاً مع ضعف أحد رواته عنده أيضاً، لأن له متابعاً بزعمه، وادعى أن إسناده صحيح لتوهمه أن بعض رواته من الثقات، وليس كذلك لأنه اختلط عليه راوٍ بآخر، ثم هو لو صح إسناده لم يجز تقوية الضعيف به الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 لأنه موقوف، بل هو علة أخرى فيه، ولأنه مختصر عنه، كما ستراه فيما يأتي (1783) . لهذه الأمثلة وغيرها أنصح لكل من يكتب في مجال التصحيح والتضعيف، أن يتئد، ولا يستعجل في إصدار أحكامه على الأحاديث؛ إلا بعد أن يمضي عليه دهر طويل في دراسة هذا العلم في أصوله، وتراجم رجاله، ومعرفة علله، حتى يشعر من نفسه أنه تمكن من ذلك كله؛ نظراً وتطبيقاً، بحيث يجد أن تحقيقاته- ولو على الغالب- توافق تحقيقات الحفاظَ المبرزين في هذا العلم، كالذهبي، والزيلعي، والعسقلاني، وغيرهم. أنصح بهذا لكل إخواننا المشتغلين بهذا العلم، حتى لا يقعوا في مخالفة قول الله تبارك وتعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ". ولكي لا يصدق عليهم المثل المعروف: "تَزَبَّبَ قبلَ أن يتحصرم "! ولا يصيبهم ما جاء في بعض الحكم: "من استعجل الشيء قبل أوأنه؛ ابتُلي بحرمانه ". ذاكراً مع هذا ما صح من قول بعض السلف: "ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ويؤخذ من قوله وُيترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ". (انظر "صفة الصلاة" ص 28- الخامسة) . أسأل الله تبارك وتعالى أن يُسدد خطانا، ويصلح أعمالنا ونوايانا؛ إنه سميع مجيب. عمان 2 شوال 1407 هـ محمد ناصر الدين الألباني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 1501 - " إن للشيطان كحلا ولعوقا ونشوقا، فأما لعوقه فالكذب وأما نشوقه فالغضب وأما كحله فالنوم ". ضعيف جدا. أخرجه الخرائطي في " مساوىء الأخلاق " (2 / 14 / 2) وأبو علي الهروي في الجزء الأول من الثاني من " الفوائد " (9 / 2) والقاسم ابن عبد الرحمن ابن عبد العزيز الحلبي في " حديث السقا " (3 / 1 - 2) وأبو نعيم في الحلية (6 / 309) والبيهقي في الشعب (2 / 44 / 2) والأصبهاني في " الترغيب " (243 / 2) من طرق عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ضعيف جدا. قال النسائي وغيره: " متروك ". وضعفه آخرون. والربيع بن صبيح ضعيف. وأعله المناوي بعاصم بن علي أيضا، وليس بشيء فإنه قد تابعه سفيان الثوري عند الخرائطي وغيره. وتابعه عمر بن حفص العبدي عن يزيد الرقاشي به. أخرجه ابن عدي (246 / 1) . والعبدي هذا متروك كما قال النسائي أيضا. الحديث: 1501 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 1502 - " سيد القوم خادمهم ". ضعيف. روي من حديث ابن عباس وأنس بن مالك وسهل بن سعد. 1 - أما حديث ابن عباس، فيرويه يحيى بن أكثم القاضي عن المأمون قال: حدثني أبي عن جده عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا. وفيه قصة. أخرجه أبو القاسم الشهرزوري في " الأمالي " (ق 180 / 2) وأبو عبد الرحمن السلمي الحديث: 1502 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 في " آداب الصحبة " (ق 139 / 1 مجموع 107) والخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 187) من طرق عن يحيى به. وقد اختلفوا عليه، فبعضهم رواه هكذا، وبعضهم جعل عكرمة مكان الجد، وبعضهم جعله من مسند عقبة بن عامر. ولهذا قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة ": " وفي سنده ضعف وانقطاع ". 2 - وأما حديث أنس، فيرويه حم بن نوح: حدثنا سلم بن سالم عن عبد الله بن المبارك عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ: " خادم القوم سيدهم، وساقيهم آخرهم شربا ". أخرجه المخلص في قطعة من " الفوائد " (284) وابن أبي شريح الأنصاري في " جزء بيبى " (169 / 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، علته سلم بن سالم وهو البلخي الزاهد، أجمعوا على ضعفه كما قال الخليلي. وقال ابن حاتم: " لا يصدق ". وحم بن نوح، ترجمة ابن أبي حاتم (1 / 2 / 319) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث قال السيوطي في " الجامع الصغير ": " رواه أبو نعيم في " الأربعين الصوفية " عن أنس ". فتعقبه المناوي بقوله: " في صنيعه إشعار بأن الحديث لا يوجد مخرجا لأحد من الستة، وإلا لما أبعد النجعة، وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور عن أبي قتادة، ورواه أيضا الديلمي ". وأقول: ليس هو عند ابن ماجه بتمامه، وإنما له منه: " ساقي القوم آخرهم شربا ". أخرجه (3434) من طريق أخرى عن أبي قتادة مرفوعا. وهذا القدر منه صحيح، فقد أخرجه مسلم أيضا (2 / 140) من هذا الوجه في حديث نومهم عن صلاة الفجر في السفر. ويبدو لي أن المناوي قلد الديلمي في هذا العزو، فقد قال السخاوي في آخر الكلام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 على حديث الترجمة: " (تنبيه) : قد عزاه الديلمي للترمذي وابن ماجه عن أبي قتادة فوهم ". وقلده السيوطي أيضا، فعزاه في " الجامع الكبير " (2 / 51 / 2) لابن ماجه عن أبي قتادة. وأما في " الجامع الصغير " فبيض له، فإنه قال: " عن أبي قتادة "! ولم يذكر مصدره، فقال المناوي: " وعزاه في " الدرر المشتهرة " لابن ماجة من حديث قتادة. وفي " درر البحار " للترمذي! وللحديث طريق أخرى عن أنس مرفوعا بلفظ: " يا ويح الخادم في الدنيا، هو سيد القوم في الآخره ". وهو موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " معلقا، فقال (8 / 53) : " وحدث أحمد بن عبد الله الفارياناني: حدثنا شقيق بن إبراهيم عن إبراهيم بن أدهم عن عباد ابن كثير عن الحسن عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره "، وقال: " هذا مما تفرد به الفارياناني بوضعه، وكان وضاعا، مشهورا بالوضع ". واتهمه ابن حبان أيضا بالوضع، فاقتصار الحافظ السخاوي على قوله: " وإسناده ضعيف جدا "، لا يخلومن تساهل، وذكر أنه منقطع أيضا، يعني بين الحسن وأنس قلت: وعباد بن كثير هو البصري، وقال البخاري: " تركوه ". وقال النسائي: " متروك ". وفي لفظ آخر: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد على رؤوس الأولين والآخرين: من كان خادما للمسلمين في دار الدنيا، فليقم وليمض على الصراط، آمنا غير خائف، وادخلوا الجنة أنتم ومن شئتم من المؤمنين، فليس عليكم حساب، ولا عذاب ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 رواه أبو نعيم بإسناده السابق وهو موضوع كما عرفت، ولوائح الوضع عليه لائحة، وإني لأشم منه أن واضعه صوفي مقيت! 3 - وأما حديث سهل بن سعد، فقد أخرجه الحاكم في " التاريخ " بسند ضعيف كما حققته في تعليقي على " المشكاة " (3925) . 1503 - " فضل الصلاة التي يستاك لها، على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفا ". ضعيف. أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 21 / 2) والحاكم (1 / 146) وأحمد (6 / 146) والبزار في " مسنده " (1 / 244 / 501 - كشف الأستار) من طريق محمد بن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأشار ابن خزيمة إلى ضعف إسناده بقوله: " إن صح الخبر ". ثم قال: " إنما استثنيت صحة هذا الخبر، لأني خائف أن يكون ابن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه ". وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا من أوهامهما، أوتساهلهما، فإن ابن إسحاق مع كونه مدلسا وقد عنعنه، فإن مسلما لم يحتج به، وإنما روى له متابعة. ومن الجائز أن يكون ابن إسحاق تلقاه عن بعض الضعفاء ثم دلسه، فقد أخرجه أبو يعلى (3 / 1162) والبزار (1 / 244 / 502) من طريقين عن معاوية بن يحيى عن الزهري به، ولفظه: " ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ". الحديث: 1503 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 وقال البزار: " لا نعلم رواه إلا معاوية ". قلت: وهو الصدفي، قال الحافظ: " ضعيف ". وقد وجدت له طريقا أخرى عن عروة، فقال الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (18 / 2 - زوائده) : حدثنا محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن أبي يحيي عن أبي الأسود عن عروة به. لكن محمد بن عمر هذا - وهو الواقدي - كذاب، فلا يفرح بروايته! وقد روي الحديث عن غير عائشة، كابن عباس وجابر وابن عمر، خرجها كلها الحافظ في " التلخيص الحبير "، وقال: " وأسانيدها معلولة ". 1504 - " نهى أن يدخل الماء إلا بمئزر ". ضعيف. أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 38 / 2) والحاكم (1 / 162) عن الحسن بن بشر الهمداني عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! وقال الذهبي: " على شرط مسلم ". وأقول: بل هو ضعيف الإسناد، لأن الهمداني هذا لم يخرج له مسلم، وهو مختلف فيه، قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وأبو الزبير - وإن أخرج له مسلم - فهو مدلس، وقد عنعنه. قلت: ولعل المناوي لم يتنبه لهاتين العلتين، أوأنه قلد الحاكم والذهبي، فقال في " التيسير ": الحديث: 1504 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 " إسناده صحيح "! واغتر به الغماري، فقلده كما هي عادته في " كنزه "، فأورد الحديث فيه (4193) ! 1505 - " اختضبوا بالحناء، فإنه يسكن الروع، ويطيب الريح ". ضعيف. رواه أبو يعلى في " مسنده " (من المطبوع 6 / 305) وتمام في " الفوائد " (96 / 1) عن الحسن بن دعامة: حدثني عمر بن شريك - يعني ابن أبي نمرة - عن أبيه عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحسن بن دعامة وعمر بن شريك مجهولان. الحديث: 1505 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 1506 - " إذا ظهرت البدع، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فلينشره، فإن كاتم العلم يومئذ لكاتم ما أنزل الله على محمد ". منكر. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 298 / 1) عن محمد بن عبد الرحمن بن رمل الدمشقي: أخبرنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير ابن رمل هذا، ترجمة ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد تابعه محمد بن عبد المجيد المفلوج: حدثنا الوليد بن مسلم به نحوه، ولفظه: " إذا ظهرت الفتن والبدع، وسب أصحابي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل ذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا ". رواه ابن رزقويه في " جزء من حديثه " (ق 2 / 2) . والمفلوج هذا، قال الذهبي: " ضعفه محمد بن غالب: تمتام، ومن مناكيره ... ". ثم ساق له أحاديث هذا أولها. الحديث: 1506 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 وأخرجه الديلمي (1 / 1 / 66) من طريقين عن علي بن بندار: حدثنا محمد بن إسحاق الرملي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم به. وهشام فيه ضعف، والرملي لم أعرفه، وابن بندار صوفي متهم عند محمد بن طاهر وضعفه غيره. وقد روي من حديث جابر نحوه ولفظه: " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا، فقد كتم ما أنزل الله ", 1507 - " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا، فقد كتم ما أنزل الله ". ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجة (263) : حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني: حدثنا خلف بن تميم عن عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال البوصيري في " الزوائد ": " في إسناده حسين بن أبي السري كذاب، وعبد الله بن السري ضعيف، وفي " الأطراف " أن عبد الله بن السري لم يدرك محمد بن المنكدر، وذكر أن بينهما وسائط، ففيه انقطاع أيضا ". قلت: لكن الحسين لم يتفرد به، فقد أخرجه البخاري في " التاريخ " (2/1/180، وابن أبي عاصم في " السنة " (994 - بتحقيقي) ، وأبو عمرو الداني في " الفتن " (ق24/2) ، والعقيلي في " الضعفاء " (208) ، وابن بطة في " الإبانة " (1/130/2 - 131) ، وابن عدي (220/2) ، والخطيب في " التاريخ " (9/471) ، وعبد الغني المقدسي في " العلم " (ق28/2) ، وابن عساكر (5/331/2) من طرق أخرى عن خلف بن تميم به أتم منه. وقال العقيلي: " عبد الله بن السري لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقد رواه غير خلف، فأدخل بين ابن السري وابن المنكدر رجلين مشهورين بالضعف ". وقال ابن عدي: الحديث: 1507 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 " قال لنا ابن صاعد: وقد رواه سريج بن يونس وقدماء شيوخنا عن خلف بن تميم هكذا، وكانوا يرون أن عبد الله بن السري هذا شيخ قديم، ممن لقي ابن المنكدر وسمع منه، ومن صنف المسند فقد رسمه باسمه في الشيوخ الذين رووا عن ابن المنكدر، فحدثنا به عن شيخ خلف بن تميم، فإذا هو أصغر منه وإذا خلف قد أسقط من الإسناد ثلاثة نفر! حدثناه موسى بن النعمان أبو هارون بمصر: حدثنا عبد الله بن السري بأنطاكية: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر ... قال لنا ابن صاعد: وقد حدثونا عن الشيخ الذي حدث به عنه شيخ خلف بن تميم. قال ابن صاعد: حدثناه محمد بن معاوية الأنماطي: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر ... حدثناه الحسين بن الحسن بن سفيان - ببخارى -: حدثنا أحمد بن نصر: حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي: حدثنا سعيد بن زكريا المدائني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر ... ". وأخرجه العقيلي من طريق أحمد بن إسحاق البزاز صاحب السلعة: حدثنا عبد الله بن السري عن عنبسة بن عبد الرحمن به. ثم قال: " وهذا الحديث بهذا الإسناد أشبه وأولى ". رواه ابن عساكر، وكذا الخطيب (9/472) ، من طريق الطبراني: نا أحمد بن خليد الحلبي: نا عبد الله بن السري الأنطاكي به. قلت: فتبين من هذه الروايات أن مدار الحديث على عنبسة وابن زاذان، وهما متروكان متهمان بالكذب، وقد أسقط الثاني منهما بعض الضعفاء، فقد أخرجه ابن بطة من طريق نعيم بن حماد قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا المدائني قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن المنكدر به. (تنبيه) : لقد أورد هذا الحديث الدكتور القلعجي المعلق على " ضعفاء العقيلي " في فهرس الأحاديث الصحيحة الذي وضعه في آخر الكتاب بعنوان: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 " 2- الأحاديث الصحيحة، ويدخل فيها الأحاديث التي سردها المصنف عن ضعفاء بإسنادهم الضعيف، أومن وجه غير محفوظ، ثم ذكر أن لها إسنادا قويا، أو رويت من طرق قوية ووجوه صحيحة "! ولا وجه البتة لإيراده هذا الحديث في هذا الفهرس (ص 503) ، فإن العقيلي رحمه الله لم يذكر له إسنادا آخر قويا، وليس له طريق بله طرق أخرى، فما الذي حمله على هذه الضلالة أن ينسب إليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقل؟ الذي أراه - والله أعلم - أنه فهم صحته من قول العقيلي المتقدم: " وهذا الحديث بهذا الإسناد أشبه وأولى ". وهو إنما يعني أن ذكر الرجلين الضعيفين بين عبد الله بن السري، ومحمد بن المنكدر أشبه وأولى من رواية خلف التي لم يذكرا فيها، ولا يعني مطلقا صحة الحديث، كيف ومدار الروايات كلها على ابن السري هذا وهو ضعيف؟ وإنما أوقع الدكتور في هذا الخطأ الفاحش افتئاته على هذا العلم، وظنه أنه يستطيع أن يخوض فيه تصحيحا وتضعيفا بمجرد أنه نال شهادة الدكتوراة 1508 - " إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها: إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود أن لا تؤذينا، فإن عادت فاقتلوها ". ضعيف الإسناد. أخرجه أبو داود (2 / 351) والترمذي (1 / 281 طبع بولاق) واللفظ له من طريق ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبو ليلى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ابن أبي ليلى ". قلت: وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي القاضي، وهو صدوق سيء الحفظ جدا، فالإسناد من أجل ذلك ضعيف. (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في " الجامع " من رواية الترمذي عن ابن أبي ليلى الحديث: 1508 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 وأوضحه الشارح المناوي بقوله: " عن عبد الرحمن (ابن أبي ليلى) الفقيه الكوفي قاضيها: لا يحتج به، وأبو ليلى له صحبة واسمه يسار ". فأوهما أن الحديث ينتهي إسناده إلى ابن أبي ليلى وليس كذلك، بل فوقه تابعيان وصحابي، وزاد المناوي في الإيهام أن زعم أن عبد الرحمن بن أبي ليلى هو الفقيه القاضي، وهو الذي لا يحتج به، وكل هذا خطأ، وإنما هو ابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كما سبقت الإشارة إليه، وأما والده عبد الرحمن بن أبي ليلى فثقة حجة من رجال الشيخين، وأما جزمه بأن اسم أبي ليلى يسار فغير جيد، فقد ذكر الحافظ في " التقريب " خمسة أقوال في اسمه هذا رابعها، ولم يجزم مع ذلك بواحد منها. وإن مما يؤكد وهم المناوي الأول، أنه جعل الحديث في " التيسير " أيضا من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه الكوفي! 1509 - " ما من شيء إلا وهو ينقص إلا الشر يزداد فيه ". ضعيف. رواه أبو عمرو الداني في " الفتن " (29 / 1) عن بقية عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن زيد بن أرطاة قال: حدثنا إخواننا عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل ابن أبي مريم، فقد كان اختلط. وبقية مدلس وقد عنعنه، لكنه لم يتفرد به، فقال أحمد (6 / 441) : حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثني أبو بكر به إلا أنه قال: " عن بعض إخوانه ". ولذلك قال الهيثمي (7 / 220) : " رواه أحمد والطبراني وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، ورجل لم يسم ". قلت: وابن مصعب - وهو القرقساني - صدوق كثير الغلط، فلعله متابع عند الطبراني، ولذلك سكت عنه الهيثمي! ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 1509 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 " ما من يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ". رواه البخاري. 1510 - " إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعوعليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة ". ضعيف بهذا التمام. أخرجه أبو داود (4253) : حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني أبي: قال ابن عوف: وقرأت في أصل إسماعيل قال: حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك - يعني الأشعري - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع بين شريح - وهو ابن عبيد الحضرمي المصري - وأبي مالك الأشعري، فإنه لم يدركه كما حققه الحافظ في " التهذيب "، فكأنه ذهل عن هذه الحقيقة حين قال في " بذل الماعون " (25 / 1) : " وسنده حسن، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين، وهي مقبولة. وله شاهد من حديث أبي بصرة الغفاري، أخرجه أحمد، ورجاله ثقات إلا أن في سنده راويا لم يسم ". قلت: هو شاهد قاصر، لأنه ليس فيه مما في حديث الترجمة إلا الفقرة الأخيرة منه، وهو في " المسند " (6 / 396) . وقد رواه إسماعيل بن عياش بإسناد آخر، فقال: عن يحيى عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (45 / 2) من طريق علي بن معبد قال: حدثنا إسماعيل بن عياش به. ويحيى هذا لعله ابن عبيد الله بن عبد الله بن موهب المدني، فإن يكن هو فهو متروك، وإن يكن غيره، فلم أعرفه. الحديث: 1510 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 ثم تأكدت أنه هو حين رأيت الداني ساق حديثا آخر (55 / 2) عن علي بن معبد به صرح فيه بأنه ابن عبيد الله. وبالجملة فالحديث ضعيف الإسناد لانقطاعه، وفقدان الشاهد التام الذي يأخذ بعضده، ويشد من قوته. ثم رأيت حديث الترجمة قد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 262 / 3440) وفي " مسند الشاميين " (ص 331) : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش به، وزاد: " فهؤلاء أجاركم الله منهن. وربكم أنذركم ثلاثا: الدخان، يأخذ المؤمن منه كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ، ويخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال ". وهذه زيادة منكرة تفرد بها هاشم هذا، وليس بشيء كما نقله الذهبي عن ابن حبان. والله أعلم. لكن جملة الإجماع لها طرق أخرى فتتقوى بها، ولذلك أوردتها في " الصحيحة " (1331) وانظر " ظلال الجنة " (رقم 80 - 85 و92) . 1511 - " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الآخرون أرذل ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 105 / 2 - 106 / 1) والحاكم (3 / 191) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: أخبرنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن جده عن جعدة بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ثم أخرجه الطبراني من طريق أبي كريب: أخبرنا ابن إدريس به. وسكت الحاكم عنه، وقال الحافظ في " الفتح " (7 / 5) : " رواه ابن أبي شيبة والطبراني، ورجاله ثقات، إلا أن جعدة مختلف في صحبته ". الحديث: 1511 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 وقال الهيثمي (10 / 20) : " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة. والله أعلم ". كذا قال، والحديث عند الطبراني وكذا الحاكم من رواية عبد الله بن إدريس عن أبيه إدريس عن جده، واسمه يزيد بن عبد الرحمن الأودي، فهو متصل، ولكنه مرسل لما عرفت من الاختلاف في صحبة جعدة، بل قد رجح الحافظ في ترجمته من " التهذيب " أنه تابعي، وبه جزم أبو حاتم الرازي. والله أعلم. ثم إن الأودي هذا روى عنه ابنه الآخر: داود ويحيى بن أبي الهيثم العطار، ووثقه العجلي وابن حبان، وقال الحافظ: " مقبول ". (تنبيه) : لفظ الحاكم " أردى " مكان " أرذل ". وكذلك أورده الحافظ في " الفتح ". 1512 - " الهرة لا تقطع الصلاة، لأنها من متاع البيت ". ضعيف مرفوعا. أخرجها ابن ماجة (369) والمخلص في " حديثه " كما في " المنتقى منه " (12 / 64 / 2) وابن خزيمة في " صحيحه " (828) وابن عدي في " الكامل " (229 - 230) والحاكم (1 / 254 - 255) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم، لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزناد مقرونا بغيره ". ووافقه الذهبي. قلت: والصواب أنه ليس على شرط مسلم ما دام أنه تفرد به عبد الرحمن وهو لم يخرج له إلا مقرونا، ثم إن في حفظه كلاما، فالحديث حسن فقط، إن سلم من الوقف والشطر الآخر منه أخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (295 / 1) والترقفي في " حديثه " (ق 43 / 1) وعنه ابن عدي (101 / 1) من حديث حفص بن عمر العدني: حدثنا الحديث: 1512 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة به. قلت: وهذا سند ضعيف. وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 71) من حديث أنس مرفوعا نحوه. وإسناده ضعيف أيضا. ثم وجدت للحديث علة، نبه عليها الإمام ابن خزيمة في " صحيحه " فإنه بعد أن قال: " إن صح الخبر، فإن في القلب من رفعه "، ساقه من هذا الوجه المذكور أعلاه. ثم رواه من طريق ابن وهب عن ابن أبي الزناد بهذا الحديث موقوفا غير مرفوع، ثم قال: " ابن وهب أعلم بحديث أهل المدينة من عبيد الله بن عبد المجيد ". وهو كما قال رحمه الله تعالى، وإن كان خالفه مهدي بن عيسى فرواه عن ابن أبي الزناد به مرفوعا. رواه البزار (ص 54) . فإن المهدي هذا مجهول الحال كما قال ابن القطان. والراوي عنه فردوس الواسطي شيخ البزار لم أعرفه. ونحوهذا الحديث في الضعف ما أخرجه أحمد (2 / 327) وغيره عن عيسى بن المسيب: حدثني أبو زرعة عن أبي هريرة قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دار قال: فشق ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله! سبحان الله! تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن في داركم كلبا، قالوا: فإن في دارهم سنورا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن السنور سبع ". وعيسى هذا ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. 1513 - " الهوى مغفور لصاحبه ما لم يعمل به أويتكلم ". منكر. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2 / 259 و7 / 261) من طريق المسيب بن واضح: حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " تفرد بهذا اللفظ المسيب عن ابن عيينة، وخالفه أصحاب قتادة منهم شعبة وهمام الحديث: 1513 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 وهشام وأبان وشيبان وأبو عوانة وحماد بن سلمة و.. و.. و.. فرووه عنه بلفظ: " إن الله تجاوز عن أمتى ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أوتتكلم ". قلت: وهذا هو الصحيح المحفوظ، وأما لفظ المسيب فمنكر، لأنه ضعيف الحفظ مع مخالفته للثقات. وقد وجدت له طريقا أخرى يرويه مهنا بن يحيى السامي: حدثنا أبو أسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به. أخرجه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 288 / 2) . قلت: وهذا إسناد هالك، آفته أبو أسلم هذا ، واسمه محمد بن مخلد الرعيني الحمصي. قال ابن عدي: " حدث بالأباطيل ". وقد مضى له بعض الأحاديث الباطلة، فانظر الحديث (410 و1252) . 1514 - " عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن ". ضعيف. رواه ابن ماجه (2 / رقم 3452) والحاكم (4 / 200 و403) وابن عدي (147 / 1) والخطيب (11 / 385) وابن عساكر (12 / 5 / 2) عن زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. قلت: وإنما هو على شرط مسلم، فإن أبا الأحوص - وهو عوف بن مالك الجشمي - لم يحتج به البخاري في صحيحه، لكن أبو إسحاق هذا مدلس مع أنه كان اختلط، لكن رواه شعبة عنه عند الخطيب في " تاريخه "، فبقيت علة العنعنة، مع المخالفة في رفعه، فقد أخرجه الحاكم من طريق وكيع عن سفيان به موقفا. وكذلك رواه أحمد بن الفرات الرازي في " جزئه " كما في " المنتقى منه " للذهبي الحديث: 1514 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 (4 / 1 - 2) موقوفا، فقال: أخبرنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن خيثمة عن الأسود عن عبد الله قال: فذكره موقوفا. وكذلك رواه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 3 / 1 و111 / 2) والواحدي (145 / 2) من طريق أخرى عن ابن مسعود موقوفا. وكذا رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 61 / 2) : أبو معاوية عن الأعمش به. وفي رواية له من طريق أبي الأسود عن عبد الله قال: " العسل شفاء من كل داء، القرآن شفاء لما في الصدور ". ولذلك قال البيهقي في " شعب الإيمان " كما في " المشكاة " (4571) : " والصحيح موقوف على ابن مسعود ". وقد روي مرفوعا نحوهذا ولفظه: " عليكم بالشفاء، العسل شفاء من كل داء، والقرآن شفاء لما في الصدور ". رواه ابن عدي (183 / 2) عن سفيان بن وكيع: حدثنا أبي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا. وقال: " هذا يعرف عن الثوري مرفوعا من رواية زيد بن الحباب عن سفيان، وأما من حديث وكيع مرفوعا لم يروه عنه غير ابنه سفيان، والحديث في الأصل عن الثوري بهذا الإسناد موقوف ". قلت: وبالإضافة إلى الوقف، فإن في المرفوع علة أخرى، وهي عنعنة أبي إسحاق وهو السبيعي، فقد كان مدلسا، ولذلك فالحديث من حصة هذه السلسلة: " الضعيفة " والله أعلم. وخفي هذا التحقيق على المناوي، ففي " التيسير " أقر الحاكم على تصحيحه! واغتر بذلك الغماري فأورده في " كنزه " برقم (2182) وأما في " الفيض " فعقب تصحيح الحاكم بتصحيح البيهقي وقفه، فأصاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 1515 - " كان إذا أراد أمرا قال: اللهم خر لي واختر لي ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 266) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (591) وابن عدي (151 / 2) وكذا تمام في " الفوائد " (ق 277 / 1) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ق 228 / 2) من طريق زنفل بن عبد الله العرفي عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ... وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث زنفل، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ولا يتابع عليه ". وذكر ابن عدي نحوه، وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني : ضعيف ". وقول الدارقطني هذا هو الذي اعتمده الحافظ في " الإصابة ". الحديث: 1515 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 1516 - " إن الله أعطاني ثلاث خصال لم يعطها أحدا قبلي: الصلاة في الصفوف، والتحية من تحية أهل الجنة وآمين، إلا أنه أعطى موسى أن يدعو، ويؤمن هارون ". ضعيف جدا. رواه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 166 / 2) ورقم (1586 - مطبوعة) وابن عدي (152 / 2) والحارث بن أبي أسامة (19 / 1 - 2 زوائده) عن زربي مولى آل مهلب قال: سمعت أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " وأحاديث زربي وبعض متون أحاديثه منكرة ". وقال ابن حبان: " منكر الحديث على قلته، ويروي عن أنس ما لا أصل له فلا يحتج به ". وضعفه البخاري جدا، فقال: " فيه نظر ". الحديث: 1516 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 1517 - " إن الله أعطاني فارس ونساءهم وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم، وأعطاني الروم ونساءهم وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم، وأمدني بحمير ". ضعيف. رواه ابن عساكر (9 / 178 / 2) عن بقية بن الوليد عن يحيى (كذا ولعله بحير) بن سعد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن سعد أنه قال: فذكره مرفوعا. أورده في ترجمة عبد الله بن سعد - وهو الأنصاري الحزامي - وذكر أن له صحبة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بقية بن الوليد مدلس، وقد عنعنه. والحديث رواه أيضا نعيم بن حماد في " الفتن "، وابن منده، وأبو نعيم في " المعرفة " كما في " الجامع الكبير " (1 / 141 / 1) . الحديث: 1517 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 1518 - " إذا اغتاب أحدكم أخاه فليستغفر الله له، فإن ذلك كفارة له ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (153 / 1) والسكن بن جميع في " حديثه " (421) والواحدي في " تفسيره " (4 / 82 / 1) من طريق سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره. قلت: سليمان هذا هو أبو داود النخعي، وهو كذاب مشهور، وفي ترجمته أورده ابن عدي في أحاديث أخرى، وقال: " وهذه الأحاديث عن أبي حازم، كلها مما وضعه سليمان عليه ". قلت: ويبدو أن بعض من يشبهه في الكذب قد سرقه منه، فقد رأيته في " مفتاح المعاني " لأبي بكر الكلاباذي (ق 109 / 2) من طريق عمرو بن الأزهر عن أبان عن أبي حازم به. وأبان - وهو ابن أبي عياش - متروك. الحديث: 1518 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 وعمرو بن الأزهر قال البخاري: " يرمى بالكذب ". وقال النسائي وغيره: " متروك ". وقال أحمد: " كان يضع الحديث ". وقد روي الحديث من طريق أخرى بلفظ آخر، وهو الآتي بعده. (تنبيه) : قد جاء الحديث في " الجامع الكبير " للسيوطي بلفظ: " من اغتاب أخاه المسلم فاستغفر له، فإنها كفارة ". وقال في تخريجه: " رواه الخطيب في " المتفق والمفترق " عن سهل بن سعد، وفيه سليمان بن عمرو النخعي، كذاب ". وبهذا اللفظ رواه السكن بن جميع، لكن وقع في متنه خطأ مطبعي فاحش مفسد للمعنى، لم يتنبه له محققه الدكتور تدمري، فإنه قال: " ولم يستغفر الله له "! والظاهر أن الأصل: " واستغفر.. ". فانقلب حرف الألف على الطابع إلى " لم "! 1519 - " كفارة من اغتبت أن تستغفر له ". ضعيف. روي عن أنس من طرق: الأولى: عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن خالد بن يزيد اليمامي عنه مرفوعا. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " زوائد المسند " (261) وابن أبي الدنيا في " الصمت " (2 / 8 / 1) والخرائطي في " مساوىء الأخلاق " (2 / 4 / 1) وأبو بكر الدينوري في " المجالسة " (26 / 9 / 1) وأبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (19 / 2) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته " (141 / 2) وأبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي الحديث: 1519 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 " (ص 120) . قلت: وعنبسة هذا، قال البخاري: " ذاهب الحديث ". وقال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " صاحب أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ". وفي " التقريب ": " متروك، رماه أبو حاتم بالوضع ". وخالد بن يزيد اليمامي لم أعرفه. الثانية: عن أشعث بن شبيب: حدثنا أبو سليمان الكوفي حدثنا ثابت عن أنس به. أخرجه الخرائطي، وأخرجه الحاكم في " الكنى " كما في " اللآلي " (2 / 303) من هذا الوجه إلا أنه قال: " أبو سليمان الكوفي عنبسة "، وزاد في آخره: " تقول: اللهم اغفر لنا وله ". وعزاه في " المشكاة " (4876) للبيهقي في " الدعوات الكبير "، وذكر أنه ضعفه. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، لم أعرف أبا سليمان هذا، ولا الراوي عنه، وسكت السيوطي عنه، وقال السخاوي في " المقاصد ": " وهو ضعيف أيضا ". الثالثة: عن دينار بن عبد الله عنه مرفوعا. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (7 / 303) . قلت: وهذا موضوع، دينار هذا قال الذهبي عنه: " ذاك التالف المتهم، قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة ". وقد روي الحديث بلفظ آخر، وهو: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 1520 - " من اغتاب رجلا ثم استغفر له غفرت له غيبته ". موضوع. رواه أبو بكر الدقاق في " حديثه " (2 / 39 / 2 و41 / 2) عن حفص بن عمر بن ميمون عن المفضل بن لاحق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته حفص هذا وهو الأبلي. قال أبو حاتم: " كان شيخا كذابا ". وقال الساجي: " كان يكذب ". وقال العقيلي: " يحدث عن الأئمة بالبواطيل ". وذكر السيوطي عن الدارقطني أنه قال: " تفرد به حفص، وهو ضعيف ". قلت: وفي هذا التضعيف المطلق ما لا يخفى من التساهل، فالرجل أسوأ حالا مما ذكر، وقد اغتر به السخاوي، فقال: " وحفص ضعيف ". ثم بنى على ذلك قوله: " وبمجموع هذا يبعد الحكم عليه بالوضع ". ويعنى بذلك مجموع حديث سهل، وأنس بطريقيه، وحديث جابر هذا. وفيما قاله نظر عندي، فإن جميع طرقه لا تخلومن كذاب، أومتهم بالكذب، باستثناء الطريق الأخرى عن أنس، مع احتمال أن يكون أبو سليمان الكوفي المسمى عنبسة هو عنبسة بن عبد الرحمن الوضاع، ولكني لم أر من كناه بأبي سليمان، ولا من نسبه كوفيا. والله أعلم. وكذلك فإني أرى أن ابن الجوزي لم يبعد عن الصواب حين أورد هذه الأحاديث الثلاثة في " الموضوعات ". الحديث: 1520 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 1521 - " خير الرزق ما كان يوما بيوم كفافا ". موضوع. رواه ابن لال في " حديثه " (116 / 1 - 2) وابن عدي (153 / 1) عن عيسى بن موسى الغنجار عن أبي داود عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أنس بن مالك مرفوعا. وذكره في جملة أحاديث لأبي داود النخعي سليمان بن عمرو، ثم قال: " كلها موضوعة، وضعها هو ". قلت: والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس، وقال شارحه المناوي: " وفيه مبارك بن فضالة أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: ضعفه أحمد والنسائي ". قلت: وهذا ليس في طريق ابن لال وابن عدي، فلعله في إسناد الديلمي. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن نقادة الأسدي مرفوعا، ولكنه ضعيف أيضا وسيأتي برقم (4868) . الحديث: 1521 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 1522 - " أربع من الشقاء: جمود العين وقسوة القلب والأمل والحرص على الدنيا ". ضعيف. رواه ابن عدي (193 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 246) عن سليمان بن عمرو بن وهب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " وهذا الحديث وضعه سليمان على إسحاق ". قلت: لكن له طريق أخرى عند أبي نعيم في " الحلية " (6 / 175) عن الحسن بن عثمان: حدثنا أبو سعيد المازني حدثنا حجاج بن منهال عن صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به. وقال: " تفرد برفعه متصلا عن صالح حجاج ". الحديث: 1522 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 قلت: وصالح ضعيف، ومثله يزيد الرقاشي. وأورده ابن كثير في " التفسير " (1 / 114) من رواية البزار عن أنس، وسكت عنه، وقد وقفت على إسناده، فقد أخرجه في " مسنده " (ق 305 / 1) من طريق هانىء بن المتوكل: حدثنا عبد الله بن سليمان عن أبان عن أنس به. وقال: " عبد الله بن سليمان حدث بأحاديث لا يتابع عليها ". قلت: هو عبد الله بن سليمان بن زرعة الحميري المصري الطويل. قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". وإعلاله بشيخه أبان - وهو ابن أبي عياش - أولى لأنه متروك. على أن هانىء بن المتوكل قريب منه، فقال ابن حبان في " الضعفاء ": " كان يدخل عليه لما كبر فيجيب، فكثر المناكير في روايته، فلا يجوز الاحتجاج به بحال ". وقد ساق له الذهبي مناكير هذا أحدها، لكن وقع فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة كما في الطريق الأولى مكان أبان. وقال الذهبي وتبعه العسقلاني: " هذا حديث منكر ". وبه أعله الهيثمي (10 / 226) ، فقال: " وهو ضعيف ". 1523 - " استغنوا بغناء الله عز وجل، قيل: وما هو؟ قال: عشاء ليلة وغداء يوم ". ضعيف. أخرجه ابن السني في " القناعة " (241 / 2) عن زهير بن عباد حدثنا داود بن هلال عن حبان بن علي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، داود بن هلال أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 427) من الحديث: 1523 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 رواية زهير هذا فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وزهير بن عباد ضعيف، كما قال ابن عبد البر وغيره. وحبان بن علي مثله، كما في " التقريب ". وقد تابعه أبو داود النخعي عن محمد بن عمرو به. أخرجه ابن عدي (153 / 1) . وأبو داود اسمه سليمان بن عمرو النخعي، وهو وضاع، فلا يفرح بمتابعته. وللحديث شاهد مرسل، أخرجه المعافى بن عمران في " الزهد " (256 / 2) : حدثنا عنبسة بن سعيد النهدي عن الحسن مرفوعا به. قلت: وعنبسة هذا لم أعرفه، إلا أن يكون هو النضري، تحرف على الناسخ إلى " النهدي "، فإن كان النضري فهو ضعيف. وله شاهد آخر، قال ابن أبي الدنيا في " القناعة " (2 / 1 / 2) : أخبرت عن نصر بن علي حدثنا أحمد بن موسى الخزاعي حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن رجاء بن حيوة - فيما أعلم - قال: " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه الانقطاع بين ابن أبي الدنيا ونصر بن علي. وأحمد بن موسى الخزاعي لم أعرفه. 1524 - " من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت، فراى وضحا، فلا يلومن إلا نفسه ". ضعيف. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (154 / 1) والحاكم (4 / 409 - 410) والبيهقي (9 / 340) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 1524 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " سليمان متروك ". وقال البيهقي: " سليمان بن أرقم ضعيف ". قلت: وتابعه ابن سمعان عن الزهري به. أخرجه ابن عدي (208 / 2) وقال: " هذا الحديث غير محفوظ، وابن سمعان عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان القرشي، الضعف على حديثه بين ". وعلقه البيهقي، وقال: " وهو أيضا ضعيف ". قلت: وتابعه الحسن بن الصلت عن سعيد بن المسيب به. أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 2 رقم 147 - نسختي) قال: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني أخبرنا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: ابن الصلت هذا لم أجد له ترجمة، وهو شامي كما صرح الطبراني في حديث آخر مضى (758) . الثانية: العسقلاني، صدوق له أوهام كثيرة. الثالثة: بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي. وعلقه البيهقي أيضا من هذا الوجه، وقال: " وهو أيضا ضعيف، والمحفوظ عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعا. والله أعلم ". قلت: ولعله من رواية معمر عن الزهري، فقد قال المنذري في " الترغيب " (4 / 161) : وعن معمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 " رواه أبو داود هكذا وقال: قد أسند ولا يصح ". قلت: وليس هذا في " كتاب السنن "، فالظاهر أنه في " المراسيل ". ثم تأكدت من هذا الذي كنت استظهرته من سنين حين رجعت إلى نسخة مصورة لدي من كتاب " المراسيل "، منحني إياها مع غيرها من المصورات القيمة أحد إخواننا الطلاب في الجامعة الإسلامية - جزاه الله خيرا -، فوجدت الحديث في " الطب " منه (ق 23 / 1) من طريق عبد الرزاق، وهذا أخرجه في " المصنف " (11 / 29 / 19816) قال: أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ. فتبين أنه من رواية معمر عن الزهري كما كنت ظننت من قبل، وأن في " الترغيب " سقطا وتحريفا لا يخفى على القارىء اللبيب، وأن الحديث مرسل أومعضل. وقال المناوي في " الفيض ": " وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات ". وذكره في " اللسان " من حديث ابن عمرو، وقال: قال ابن حبان: ليس هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقد تعقب السيوطي في " اللآليء " (2 / 408 - 410) ابن الجوزي، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 358) بهذه الطرق وغيرها، وهي إن ساعدت على رفع الحكم على الحديث بالوضع، فلا تجدي في تقويته شيئا، لشدة ضعف أكثرها، وقد مضى له شاهد ضعيف جدا من حديث أنس رقم (1408) . وإن من عجائب المناوي التي لا أعرف لها وجها، أنه في كثير من الأحيان يناقض نفسه، فقد قال في " التيسير ": " وإسناده صحيح "! فهذا خلاف ما في " الفيض ". وسيأتي الحديث عن الزهري مرسلا بزيادة في المتن برقم (1672) . 1525 - " إذا توضأ أحدكم فلا يغسلن أسفل رجليه بيده اليمنى ". موضوع. رواه ابن عدي (154 / 2) عن محمد بن القاسم الأسدي حدثنا سليمان بن أرقم عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: الحديث: 1525 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 " سليمان بن أرقم، عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وهو ضعيف جدا كما سبق آنفا، لكن الأسدي الراوي عنه شر منه، فقد كذبه أحمد، وقال في رواية: " أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ". 1526 - " يجزي من السترة مثل مؤخرة الرحل ولوبدق شعرة ". باطل. أخرجه ابن خزيمة (93 / 2) : أخبرنا محمد بن معمر القيسي أخبرنا محمد بن القاسم أبو إبراهيم الأسدي أخبرنا ثور بن يزيد عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن يزيد بن جابر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " أخاف أن يكون محمد بن القاسم وهم في رفع هذا الخبر ". قلت: مثل هذا يقال فيمن كان ثقة ضابطا، وابن القاسم هذا ليس كذلك، فقد كذبه أحمد كما تقدم، فكأن ابن خزيمة خفي عليه أمره. والحديث في " صحيح مسلم " وغيره من حديث طلحة وعائشة بمعناه دون قوله: " ولوبدق شعرة "، فهي زيادة باطلة. الحديث: 1526 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 1527 - " من قرأ في إثر وضوئه " إنا أنزلناه في ليلة القدر " مرة واحدة كان من الصديقين ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ومن قرأها ثلاثا حشره الله محشر الأنبياء ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. وأبو عبيدة مجهول ". كذا في " الحاوي للفتاوي " للسيوطي (2 / 61) وأورده في " جامعه الكبير " (2 / 284 / 1) . قلت: وفيه علة أخرى، وهي عنعنة الحسن البصري، ولوائح الوضع ظاهرة على الحديث: 1527 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 متن الحديث، وقد قال فيه البخاري: " لا أصل له ". فانظر الحديث (68) . 1528 - " إذا أبغض المسلمون علماءهم وأظهروا عمارة أسواقهم وتناكحوا على جمع الدراهم، رماهم الله عز وجل بأربع خصال: بالقحط من الزمان والجور من السلطان والخيانة من ولاة الأحكام والصولة من العدو". منكر. أخرجه الحاكم (4 / 325) عن محمد بن عبد ربه أبي تميلة: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن ابن أبي مليكة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " صحيح الإسناد إن كان عبد الله بن أبي مليكة سمع من أمير المؤمنين عليه السلام ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل منكر، منقطع، وابن عبد ربه لا يعرف ". قلت: ولم أر أحدا ترجمه! ولعله نسب إلى جده، فقد أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 88 - 89) من طريق موسى بن محمد بن موسى الأنصاري: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد ربه: حدثنا أبو بكر بن عياش ... والأنصاري هذا لم أعرفه. والله أعلم. (تنبيه) : كتب بعض الطلاب الحمقى وبالحبر الذي لا يمحى، عقب قول الذهبي المتقدم - نسخة الظاهرية: " قلت: بل صحيح جدا ". وكأن هذا الأحمق يستلزم من مطابقة معنى الحديث الواقع أنه قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث: 1528 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 وهذا جهل فاضح، فكم من مئات الأحاديث ضعفها أئمة الحديث وهي مع ذلك صحيحة المعنى، ولا حاجة لضرب الأمثلة على ذلك، ففي هذه السلسلة ما يغني عن ذلك، ولوفتح باب تصحيح الأحاديث من حيث المعنى، دون التفات إلى الأسانيد، لاندس كثير من الباطل على الشرع، ولقال الناس على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. ثم تبوءوا مقعدهم من النار والعياذ بالله تعالى. 1529 - " أوسعوه (يعني: المسجد) تملؤوه ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 226) وابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 142 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (378) من طريق محمد بن درهم: حدثني كعب بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه عن أبي قتادة قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من الأنصار، وهم يبنون مسجدا، فقال لهم: فذكره ". قلت: وهذا سند ضعيف، محمد بن درهم مختلف فيه، قال شبابة: ثقة. وقال ابن معين: ليس بشيء. وفي رواية: ليس بثقة. وذكره العقيلي وغيره في " الضعفاء " وقال: " ولا يعرف إلا به ". وقد اختلف عليه في إسناده، فقال بعضهم عنه هكذا، وقال غيرهم: عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال: فذكر الحديث. أخرجه ابن عدي (ق 301 / 1) ، وقال الذهبي: " والأول أشبه ". قلت: وكعب هذا هو ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، روى عن أبيه عن أبي قتادة، روى عنه محمد بن درهم المدائني. كذا في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 162) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك صنع البخاري، ولكنه فرق بين كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن أبي قتادة، وكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه. والله أعلم. الحديث: 1529 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 1530 - " من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف وأن يبرد الصبي الشيخ ". ضعيف. رواه ابن خزيمة في " صحيحه " رقم (1329) والطبراني (3 / 36 / 2) عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال: لقي ابن مسعود رجلا فقال: السلام عليك يا ابن مسعود! فقال ابن مسعود: صدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الحكم هذا، فإنه ضعيف كما في " التقريب ". وقد خولف في سنده، فرواه الطبراني من طريق منصور عن سالم بن أبي الجعد قال: دخل ابن مسعود المسجد، فقال عبد الله: فذكره بنحوه مقتصرا على الجملة الأولى منه. وهذا منقطع، لأن سالما لم يلق ابن مسعود كما قال علي بن المديني. وله طريق أخرى، أخرجه الطبراني عن عمر بن المغيرة عن ميمون أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به نحوه بتمامه وزاد: " وحتى يبلغ التاجر الأفقين فلا يجد ربحا ". وهذا سند ضعيف جدا، أبو حمزة ضعيف، وعمر بن المغيرة، قال البخاري: " منكر الحديث، مجهول ". والخلاصة، أن الحديث بهذا التمام ضعيف، لضعف إسناده، أوانقطاعه، وقصور الشاهد من الطريق الأخرى عن تقويته لشدة ضعفه. وإنما أوردته هنا من أجل الجملة الأخيرة منه في الإبراد، وأما سائره فثابت في أحاديث، فانظر الكتاب الآخر (647 و648 و649) . الحديث: 1530 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 1531 - " لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلوالخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلوإلى يوم القيامة ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 446) من طريق شعبة عن حصين عن عبد الأعلى بن الحكم - رجل من بني عامر - عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: دخلت مع عبد الله يوما المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة ... وقال: " صحيح الإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحا ". قلت: كلا، وأعله الذهبي بأنه موقوف وليس بشيء، وإنما علته أمران: الأول: جهالة حال عبد الأعلى بن الحكم، وخارجة بن الصلت، فقد ترجمهما ابن أبي حاتم (1 / 2 / 374 و3 / 1 / 25) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا. والآخر: الاختلاف في إسناده، فقد رواه شعبة هكذا، وتابعه زائدة: أخبرنا حصين به نحوه مقتصرا على الفقرة الأولى منه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 36 / 2) . وخالفهما الثوري، فقال: عن حصين عن عبد الأعلى قال: " دخلت المسجد مع ابن مسعود فركع ... " الحديث نحوه بتمامه. أخرجه الطبراني. والثوري أحفظ من شعبة، لكن هذا معه زائدة، ومعهما زيادة، فالواجب قبولها. وبالجملة فالحديث علته الجهالة، وإنما أوردته من أجل قوله: " وحتى تغلوالخيل ... " إلخ، فإني لم أجد له شاهدا مفيدا يقويه، وأما سائره فصحيح ثابت من طرق فانظر الكتاب الآخر رقم (647 - 649) . الحديث: 1531 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 1532 - " إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه ". شاذ. أخرجه أبو داود (3842) والنسائي (2 / 192) وابن حبان (1364) والبيهقي (9 / 353) وأحمد (2 / 232 - 233 و265 و490) من طريق معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وفي رواية لأحمد عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، وليس كذلك، لأن معمرا - وإن كان ثقة - فقد خولف في إسناده ومتنه. أما الإسناد فرواه جماعة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن؟ فقال: انزعوها وما حولها فاطرحوه ". أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 971 / 20) عن ابن شهاب به. ومن طريقه أخرجه البخاري (1 / 70 و4 / 19) والنسائي (2 / 192) والبيهقي (9 / 353) وأحمد (6 / 335) كلهم من طرق عن مالك به. وتابعه سفيان بن عيينة قال: حدثنا الزهري به. أخرجه أحمد (6 / 329) والحميدي في " مسنده " (312) قالا: حدثنا سفيان به. ومن طريق الحميدي أخرجه البخاري (4 / 18) وكذا البيهقي. وأخرجه هذا وأبو داود (3841) والنسائي والترمذي (1 / 332) والدارمي (2 / 188) من طرق أخرى عن سفيان به. وتابعهما الأوزاعي عن الزهري به. أخرجه أحمد (6 / 330) : حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي ... وتابعهم معمر أيضا في رواية عنه، فقال النسائي: أخبرنا خشيش بن أصرم قال الحديث: 1532 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني عبد الرحمن بن بوذويه أن معمرا ذكره عن الزهري به. وأخرجه أبو داود (3843) : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق به. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى معمر بذلك. ولا يشك من كان عنده علم ومعرفة بعلل الحديث، أن رواية معمر هذه أصح من روايته الأولى لموافقتها لرواية مالك ومن تابعه ممن ذكرنا وغيرهم، ممن لم نذكر، وأن روايته تلك شاذة لمخالفتها لرواياتهم. وقد أشار إلى ذلك الحميدي في روايته عن سفيان، فقال: " فقيل لسفيان، فإن معمرا يحدثه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة؟ قال سفيان: ما سمعت الزهري يحدثه إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعته منه مرارا ". قلت: كأنه يشير إلى تخطئة معمر في ذلك، وهو الذي يطمئن القلب إليه، وجزم به الإمام البخاري والترمذي كما يأتي. هذا ما يتعلق بالمخالفة في الإسناد. وأما المخالفة في المتن، فقد رواه الجماعة عن الزهري باللفظ المتقدم: " انزعوها وما حولها فاطرحوه ". ليس فيه التفصيل الذي في رواية معمر: " فإن كان جامدا فألقوها ... " إلخ. لكن في رواية أخرى عنه، أخرجها ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عنه مثل رواية الجماعة بغير تفصيل. وهذا هو الصواب لما سبق بيانه عند الكلام على إسناده الذي وافق فيه رواية الجماعة، وكأنه لذلك قال الترمذي بعد أن ذكر الحديث معلقا: " وهو حديث غير محفوظ، وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني: البخاري) يقول: وحديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه أنه سئل عنه؟ فقال: إذا كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه. هذا خطأ أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة ". يعني باللفظ الآخر المطلق. وقد أشار البخاري في " صحيحه " إلى أنه المحفوظ، بأن روى عقبه بإسناده الصحيح عن يونس عن الزهري عن الدابة تموت في الزيت والسمن، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 وهو جامد أوغير جامد، الفأرة أوغيرها؟ قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل، عن حديث عبيد الله بن عبد الله ". قلت: فلم يفرق الزهري بين الجامد والمائع، فلوكان في حديثه التفريق لم يخالفه إن شاء الله تعالى، أفلا يدل هذا على خطأ معمر في روايته التفريق عنه؟ ولذلك قال الحافظ في " الفتح " (9 / 577) : " هذا ظاهر في أن الزهري كان في هذا الحكم لا يفرق بين السمن وغيره، ولا بين الجامد منه والذائب، لأنه ذكر ذلك في السؤال، ثم استدل بالحديث في السمن، فأما غير السمن، فإلحاقه به في القياس عليه واضح. وأما عدم الفرق بين الذائب والجامد، فلأنه لم يذكر في اللفظ الذي استدل به، وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب ... وليس الزهري ممن يقال في حقه: لعله نسي الطريق المفصلة المرفوعة، لأنه كان أحفظ الناس في عصره، فخفاء ذلك عنه في غاية البعد ". واعلم أنه وقع عند النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وصف السمن بأنه " جامد ". وهي رواية شاذة أيضا لمخالفتها لرواية الجماعة عن مالك، ولرواية الجمهور عن الزهري. بل هي مخالفة لرواية أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي نفسه! وهذا مما خفي على الحافظ فإنه ذكر رواية النسائي عنه، ولم يذكر رواية أحمد هذه عنه! ووقع ذلك أيضا في رواية الأوزاعي المتقدمة. لكن الراوي لها عنه ضعيف، وهو محمد بن مصعب القرقساني، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الغلط ". ولم ينبه على ضعف هذه الرواية في " الفتح "، ولا أشار إلى ذلك أدنى إشارة! من فقه الحديث: قال الحافظ في شرح المتن المحفوظ من هذا الحديث: " واستدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد، أن المائع إذا حلت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير، وهو اختيار البخاري، وقول ابن نافع من المالكية، وحكي عن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 مالك، وقد أخرج أحمد عن إسماعيل بن علية عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن فأرة ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها، فقلت: إن أثرها كان في السمن كله؟ قال: إنما كان وهي: حية، وإنما ماتت حيث وجدت. ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه أحمد من وجه آخر، وقال فيه: عن جر فيه زيت، وقع فيه جرذ. وفيه: " أليس جال في الجر كله؟ قال: إنما جال وفيه الروح، ثم استقر حيث مات ". وفرق الجمهور بين المائع والجامد، عملا بالتفصيل المتقدم ذكره. واستدل بقوله في الرواية المفصلة: " وإن مائعا فلا تقربوه "، على أنه لا يجوز الانتفاع به في شيء، فيحتاج من أجاز الانتفاع به في غير الأكل كالشافعية، وأجاز بيعه كالحنفية إلى الجواب، أعني الحديث، فإنهم احتجوا به في التفرقة بين الجامد والمائع ". انتهي كلام الحافظ رحمه الله. 1533 - " أكثر جنود الله في الأرض الجراد، لا آكله ولا أحرمه ". ضعيف. أخرجه أبو مسلم الكجي في " جزء الأنصاري " (2 / 2) وعنه البيهقي (9 / 257) : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره. قلت: هذا إسناد صحيح لولا أنه مرسل، وقد روي موصولا، من طريق محمد بن الزبرقان: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد، فقال "، فذكره دون قوله: " في الأرض ". أخرجه أبو داود (3813) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (9 / 2 / 1) والبيهقي وابن عساكر (7 / 194 / 1) وقال أبو داود: " رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر سلمان ". ومن طريق أبي العوام الجزار عن أبي عثمان النهدي عن سلمان. أخرجه أبو داود (3814) وابن ماجة (3219) وقال أبو داود: الحديث: 1533 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 " رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر سلمان ". قلت: وأبو العوام هذا اسمه فائد بن كيسان، ليس بالمشهور، قال الذهبي: " ما علمت فيه جرحا، بل وثقه ابن حبان ". وجملة القول أن الحديث اختلف في وصله وإرساله على أبي عثمان، فأرسله سليمان التيمي عنه في رواية ثقتين عنه هما الأنصاري والمعتمر بن سليمان، وخالفهما محمد بن الزبرقان فرواه عنه موصولا. ومما لا ريب فيه أن روايته مرجوحة، لأنه فرد، ولاسيما وقد قيل فيه: إنه قد يخطىء، فينتج من ذلك أن المحفوظ عن سليمان التيمي مرسل. وخالف التيمي أبو العوام فوصله. وروايته مرجوحة أيضا، لأنه غير مشهور كما ذكرنا، فلا يقرن مع التيمي ليفاضل بينهما! والخلاصة أن الحديث ضعيف لإرساله. والله أعلم. وقد أشار البيهقي إلى تضعيفه بقوله. " إن صح هذا ففيه أيضا دلالة على الإباحة فإنه إذا لم يحرم فقد أحله، وإنما لم يأكله تقذرا. والله أعلم ". 1534 - " أوصيك يا أبا هريرة! خصال أربع لا تدعهن ما بقيت، أوصيك بالغسل يوم الجمعة والبكور إليها ولا تغلوأولا تلهو، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه صوم الدهر، وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما وإن صليت الليل كله، فإن فيهما الرغائب، قالها ثلاثا ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (158 / 2) من طريق أبي يعلى عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: جاء أبو هريرة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويعوده في شكواه، فأذن له، فدخل عليه فسلم الحديث: 1534 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 وهو نائم، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم مستندا إلى صدر علي بن أبي طالب، وقال: قال علي بيده على صدره ضامه إليه والنبي صلى الله عليه وسلم باسط رجليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ادن يا أبا هريرة! فدنا، ثم قال: ادن يا أبا هريرة! فدنا، ثم قال: ادن يا أبا هريرة! فدنا حتى مست أصابع أبي هريرة أطراف أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: اجلس يا أبا هريرة! فجلس، فقال: أدن طرف ثوبك، فمد أبو هريرة ثوبه وأمسكه بيده يفتحه وأدناه من وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وفي آخره: ضم إليك ثوبك، فضم ثوبه إلى صدره فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أسر هذا أم أعلنه؟ قال: بل أعلنه يا أبا هريرة! قال ثلاثا. وقال ابن عدي: " سليمان بن داود، عامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وقال البخاري: " منكر الحديث ". قال الذهبي: " وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك ". 1535 - " ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته: تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفوعمن ظلمك ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (158 / 2) عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " سليمان بن داود عامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه ". قلت: ومن طريقه أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا في " ذم الغضب "، والطبراني في " الأوسط "، والبزار، والحاكم (2 / 518) وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: الحديث: 1535 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 " قلت: سليمان ضعيف ". قلت: بل هو أسوأ حالا، كما عرفت من قول البخاري فيه في الحديث السابق. ولذلك قال الهيثمي كما في " الفيض ": " متروك ". 1536 - " الخير كثير وقليل فاعله ". ضعيف. أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 40) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (6 / 70 / 1) وابن عدي في " الكامل " (159 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 203) والخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 177) والبيهقي في " الشعب " (2 / 455 / 2) من طريق أحمد بن عمران الأخنسي، إلا ابن أبي عاصم، فمن طريق حسين الأحول كلاهما عن أبي خالد الأحمر عن إسماعيل بن أبي خالد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن عدي: " لا أعلمه يرويه عن إسماعيل غير أبي خالد الأحمر، وهو صدوق، ليس بحجة ". قلت: المتقرر فيه بعد النظر في أقوال الأئمة فيه أنه وسط حسن الحديث، وقد احتج به الشيخان، وإنما علة الحديث ممن فوقه، فإن عطاء بن السائب كان اختلط. وإسماعيل بن أبي خالد متأخر الوفاة عنه بنحوعشر سنين، فمن المحتمل أنه سمعه منه في اختلاطه. وأحمد بن عمران الأخنسي أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال البخاري: يتكلمون فيه ". وفي " الميزان ": " وقال أبو زرعة: كوفي تركوه، وتركه أبو حاتم ". فهو ضعيف جدا، لكن متابعة حسين الأحول - وهو ابن ذكوان المعلم - إياه ترفع التهمة عنه، فإن المعلم ثقة. (تنبيه) : كل من ذكرنا وقع الحديث عنده باللفظ المذكور، إلا ابن أبي عاصم فإنه عنده بلفظ: الحديث: 1536 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 " الخير كثير، ومن يعمل به قليل ". وكذلك رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عمرو كما في " الجامع ". وقال المناوي: " قال الهيثمي: فيه الحسن بن عبد الأول ضعيف ". 1537 - " إذا أخذ أحدكم مضجعه، فليقرأ بأم الكتاب وسورة، فإن الله يوكل به ملكا يهب معه إذا هب ". ضعيف. رواه ابن عساكر (8 / 3 / 2) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن رجل عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن رجل من أهل بلقين قال: وأحسبه من بني مجاشع عن شداد بن أوس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ظاهر الضعف، لجهالة الرجل البلقيني شيخ مطرف، وكذا الراوي عنه. لكنه لم يتفرد به، فقد قال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (8 / 233 / 1) : حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا سالم بن نوح عن الجريري عن أبي العلاء عن رجل من مجاشع عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، إلا أنه قال: " سورة من كتاب الله ". ورجاله ثقات غير الرجل المجاشعي، وأبو العلاء اسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير، وهو أخومطرف المذكور في الطريق الأولى. وبالجملة، فالحديث ضعيف لجهالة تابعيه. والله أعلم. الحديث: 1537 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 1538 - " ما كانت نبوة قط إلا كان بعدها قتل وصلب ". ضعيف. أخرجه ابن عدي (3 / 1132) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 63 / 1) وعنه الضياء في " المختارة " (1 / 285) عن سليمان بن أيوب بن عيسى: حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه مرفوعا. قلت: وهو إسناد ضعيف فيه عدة علل: سليمان هذا قال الذهبي: الحديث: 1538 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 " صاحب مناكير، وقد وثق ". وأبو هـ وجده لم أجد من ترجمهما، وإليهما أشار الهيثمي بقوله (7 / 307) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه ". 1539 - " الناكح في قومه، كالمعشب في داره ". ضعيف. أخرجه الطبراني وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 140) وعنه الضياء بإسناد الذي قبله. وفيه عدة علل كما بينا. وبهذا الإسناد حديث آخر ولفظه: " كان لا يكاد يسئل شيئا إلا فعله ". ضعيف. أخرجه الطبراني (1 / 13 / 2) وعنه الضياء (1 / 286) . الحديث: 1539 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 1540 - " أعطوا المساجد حقها، قيل: وما حقها؟ قال: ركعتان قبل أن تجلس ". ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 101 / 2) وابن خزيمة في " صحيحه " رقم (1824) عن محمد بن إسحاق (: أخبرنا) عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، وعلته عنعنة ابن إسحاق فإنه كان يدلس. وقد خالفه في المتن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم به بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ". هكذا أخرجه الشيخان وغيرهما كالبيهقي في " السنن الكبرى " (3 / 53) وهو المحفوظ، وهو مخرج في " إرواء الغليل " (2 / 220 / 467) . الحديث: 1540 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 1541 - " كان يكتحل بإثمد وهو صائم ". ضعيف. ابن خزيمة (207 / 2) عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: حدثني أبي عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع قال: فذكر نحوه، وقال: " أنا أبرأ من عهدة هذا الإسناد لمعمر ". قلت: هو ضعيف جدا، كما يعطيه قول البخاري فيه: " منكر الحديث ". لكنه لم يتفرد به، فقد تابعه حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع به. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 484) والطبراني في " المعجم الكبير " وابن عدي في " الكامل " (108 / 1) وعند البيهقي (4 / 262) . قلت: وحبان هو العنزي، وهو ضعيف أيضا، ولكن إعلال الحديث بمحمد بن عبيد الله أولى لتفرده به. وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 167) : " رواه الطبراني في " الكبير " من رواية حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وقد وثق، وفيهما كلام كثير ". الحديث: 1541 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 1542 - " إن من التواضع لله، الرضا بالدون من شرف المجلس ". ضعيف. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 63 / 1) : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " (1 / 285) وابن عدي في " الكامل " (160 / 1) من طريق أحمد بن الفضل بن عبيد الله الصائغ قالا: حدثنا سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله: حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله: " أنه أتى مجلس قوم، فأوسعوا له من كل ناحية، فجلس في صدر المجلس في أدناه، ثم قال لهم: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ذكره ابن عدي في ترجمة سليمان هذا مع أحاديث أخرى، وقال: الحديث: 1542 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 " لا يتابع سليمان عليها أحد ". وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " له مناكير عدة ". وساق له في " الميزان " من منكراته أحاديث، هذا أحدها. وأبو هـ، وهو أيوب بن سليمان بن عيسى، وجده عيسى لم أجد لهما ترجمة، إلا أن الأول منهما قد أورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 248) من رواية ابنه سليمان فقط! ولم يذكر توثيقا ولا تجريحا فهو مجهول. وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 14) : " الخرائطي في " مكارم الأخلاق "، وأبو نعيم في " رياضة المتعلمين " من حديث طلحة بن عبيد الله بسند جيد ". كذا قال ولست أدري إذا كان طريق الخرائطي وأبي نعيم هي نفس طريق سليمان بن أيوب، أوغيرها؟ فإن كتاب " رياضة المتعلمين " لم أقف عليه مع الأسف، وأما " المكارم " للخرائطي، فالمطبوع منه جزء، وفي مخطوطة الظاهرية الجزء الثامن منه، ولم يطبع وليس الحديث في هذا منه، ولا في ذاك. 1543 - " إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها، ولكن زيادة العمر ذرية صالحة يرزقها الله العبد، فيدعون له من بعده، فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر ". منكر. رواه العقيلي في " الضعفاء " (2 / 134) وابن عدي (160 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 331) عن سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي عن أبي الدرداء قال: ذكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: فذكره. وقال: " لا يتابع عليه بهذا اللفظ ". يعني سليمان هذا، ويروى عن البخاري أنه قال فيه: الحديث: 1543 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 " في حديثه بعض المناكير ". وفي " الميزان "، قال أبو حاتم: " ليس بالقوي ". واتهمه ابن حبان وغيره. وذكره ابن كثير (3 / 550) من رواية ابن أبي حاتم من طريق سليمان به، ولكنه وقع فيه (عثمان) مكان (سليمان) وهو خطأ مطبعي، فقد ذكر ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 10) من شيوخه سليمان بن عطاء هذا. وقال فيه ابن حبان: " روى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات، فلست أدري التخليط فيها منه، أومن مسلمة بن عبد الله؟ ". ثم ساق له أحاديث منكرة هذا منها. وهذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي سود بها الحلبيان كتابيهما " مختصر تفسير الحافظ ابن كثير "، اللذان التزما ألا يوردا فيهما إلا الأحاديث الصحيحة، وأنى لهما ذلك؟ وهما - مع الأسف - من أجهل من كتب في هذا المجال فيما علمت، وبخاصة الرفاعي منهما، فإنه أجرؤهما إقداما على التصحيح بجهل بالغ، فهو مع إخلاله بذلك الالتزام، فقد وضع فهرسا في آخر كل مجلد من مجلداته الأربعة لأحاديث الكتاب، يصرح غالبا بالتصحيح، ونادرا بالتحسين لتلك الأحاديث وهذا منها (3 / 422) ولا حول ولا قوة إلا بالله. 1544 - " آيات المنافق: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قال الهيثمي (1 / 108) : " وفيه زنفل العرفي، كذاب ". الحديث: 1544 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 قلت: لم أر من رماه بالكذب وأسوأ ما قيل فيه: " ليس بثقة ". وقد مضى في الحديث (1515) . ويغني عن هذا الحديث حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " أية المنافق ثلاث إذا حدث ... " إلخ. أخرجه الشيخان. انظر " كتاب الإيمان " لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص 95) . 1545 - " آيتان هما قرآن وهما يشفعان، وهما مما يحبهما الله، الآيتان في آخر سورة البقرة ". ضعيف جدا. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة مرفوعا. قال المناوي: " وفيه محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، فإن كان الفروي فصدوق، أوالكيال فوضاع كما في " الميزان " ". قلت: وأغلب الظن أنه الآخر. والله أعلم. ثم وقفت على إسناده في " مختصر الديلمي " للحافظ (1 / 1 / 77) فإذا هو من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة به. وقال الحافظ: " قلت: ابن أبي يحيى ضعيف ". قلت: بل هو متروك، كما قال هو نفسه في " التقريب ". الحديث: 1545 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 1546 - " آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه ". ضعيف. أخرجه أبو بكر بن الأنباري في " المصاحف " والخطيب في " التاريخ " وابن عساكر، عن ابن عباس. كذا في " الجامع الصغير "، و" الكبير " (1 / 3 / 2) ولم أره في " فهرس الخطيب " وقد ذكر المناوي في شرحه أن في سنده عند ابن الأنباري أبا بكر الهذلي. قلت: وهو متروك الحديث: 1546 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 الحديث كما في " التقريب "، وأن إسناد الخطيب وابن عساكر ضعيف، ورواه عنه الفاكهي وابن منده. قلت : قد وقفت على إسناد الفاكهي بواسطة " الإصابة " (8 / 156) رواه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والكلبي متهم بالكذب. 1547 - " آية العز: " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " الآية ". ضعيف. رواه أحمد (3 / 439) والواحدي في " تفسيره " (2 / 192 / 1) عن رشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند فيه ضعف، زبان بن فائد متكلم فيه من قبل حفظه، وقد يحسن حديثه. وقال الحافظ: " ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته ". ورشدين بن سعد ضعيف أيضا. وقد تابعه ابن لهيعة عند أحمد وهو ضعيف كذلك. وفي " الفيض ": " قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف. وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني من طريقين، في أحدهما رشدين بن سعد وهو ضعيف. وفي الأخرى ابن لهيعة وهو أصلح منه، وقد رمز المؤلف لحسنه ". الحديث: 1547 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 1548 - " ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكا، فإذا فتحها فاحتلها، فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة: رجالهم ونساؤهم وصبيانهم وعبيدهم، فمن احتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد، ومن احتل بيت المقدس فهو في جهاد ". ضعيف. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1 / 270) من طريق ابن حمير عن سعيد البجلي عن شهر بن حوشب عن أبي الدرداء مرفوعا. الحديث: 1548 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل شهر، قال الحافظ: " كثير الإرسال والأوهام ". وسعيد البجلي لم أعرفه. ورواه هشام بن عمار: أخبرنا أبو مطيع معاوية بن يحيى عن أرطاة بن المنذر عمن حدثه عن أبي الدرداء به، دون ذكر الفتح وبيت المقدس. وهذا ضعيف أيضا، لضعف أبي مطيع، وجهالة شيخ أرطاة. 1549 - " إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: علي منهم، يقول ذلك ثلاثا، وأبو ذر وسلمان والمقداد ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (ص 31 - الكنى) والترمذي (2 / 299) وابن ماجة (149) وأبو نعيم في " الحلية " (1 / 172) والحاكم (3 / 130) وأحمد (5 / 356) من طريق شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث شريك ". قلت: وهو ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه، فأنى لحديثه الحسن؟ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا عابدا، شديدا على أهل البدع ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " قال القطان: ما زال مخلطا، وقال أبو حاتم: له أغاليط، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ". وذكر في " الميزان " أن مسلما أخرج له متابعة. ومن هذا تعلم خطأ قول الحاكم عقب الحديث: 1549 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 الحديث: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ولم يتعقبه الذهبي إلا بقوله: " قلت: ما خرج (م) لأبي ربيعة "! وهذا تعقب لا طائل تحته، لأن القارىء لا يخرج منه بحكم واضح على الحديث، لأن عدم إخراج مسلم لأبي ربيعة لا يجرحه كما هو معلوم، والذهبي لم يضعفه، فقد يؤخذ منه أنه غير مجروح، وليس كذلك، فقد قال الذهبي نفسه في " الكنى " من " الميزان ": " قد ذكر مضعفا ". يعني في " الأسماء "، وقال هناك: " قال أبو حاتم: منكر الحديث ". فكان الواجب إعلال الحديث به، وبشريك أيضا لما عرفت من ضعفه، وعدم احتجاج مسلم به، لكي لا يتورط أحد ممن لا تحقيق عنده بكلامه، فيتوهم أنه سالم مما يقدح في ثبوته، وليس كذلك كما ترى. ولذلك رأينا المناوي في " فيضه " لم يزد في كلامه على الحديث على أن نقل عن الذهبي تعقبه المذكور، بل زاد عليه فقال: " وهو صدوق ". يعني أبا ربيعة. وهذا مما يشعر بأنه سالم من غيره، ولعل هذا كله، بالإضافة إلى تحسين الترمذي، كان السبب في تورط الشيخ الغماري حين أورد الحديث في " كنزه " (666) ! وساعده على ذلك أنه يشم منه رائحة التشيع! وقد سرق بعض الوضاعين هذا الحديث فرواه بلفظ: " إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي، وقال: أحبهم، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ". وهو موضوع. أخرجه ابن عدي (161 / 1) عن سليمان بن عيسى السجزي: حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " سليمان بن عيسى يضع الحديث ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 وكذلك قال غيره كما يأتي. وذكر الذهبي أن هذا الحديث من بلاياه! وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " (4706) . ومن موضوعات هذا الكذاب الحديث الآتي بعد حديث. 1550 - " أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، لعنها كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر، إلا أن يرضى عنها زوجها ". موضوع. الديلمي (1 / 2 / 353 - 354) من طريق أبي نعيم عن أبي هدبة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، أبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - متروك، حدث بالأباطيل عن أنس. وقد مضى الحديث بنحوه برقم (1020) . الحديث: 1550 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 1551 - " من تمنى الغلاء على أمتي ليلة أحبط الله عمله أربعين سنة ". موضوع. رواه ابن عدي (161 / 1) وعنه الخطيب (4 / 60) وعن غيره عن سليمان بن عيسى السجزي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال ابن عدي: " سليمان بن عيسى يضع الحديث، وأحاديثه كلها أو عامتها موضوعة ". وقال الخطيب: " منكر جدا، لا أعلم رواه غير سليمان بن عيسى السجزي، وكان كذابا يضع الحديث ". قلت: ومن طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 145) وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 188) . الحديث: 1551 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 قلت: وقد سرقه من السجزي بعض الكذابين من أمثاله، فقد رواه ابن عساكر (16 / 122 / 2) عن مأمون بن أحمد السلمي: أخبرنا أحمد بن عبد الله الشيباني أخبرنا بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع أيضا، أورده ابن عساكر في ترجمة مأمون هذا، وقال فيه: " أحد المشهورين بوضع الحديث، وذكره بعض أهل العلم فقال: هروي كذاب ". قلت: وشيخه أحمد بن عبد الله الشيباني أكذب منه، وهو الجويباري. قال ابن حبان: " دجال من الدجاجلة، روى عن الأئمة ألوف حديث ما حدثوا بشيء منها ". وقال الذهبي: " هو ممن يضرب المثل بكذبه ". قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي بهذا الحديث " الجامع الصغير "، فأورده فيه من رواية ابن عساكر هذه مع أنه قال في " اللآلي " (2 / 145) بعد أن ساقه: " مأمون وشيخه كذابان ". فليت شعري كيف أورده مع علمه بحال الراويين؟! فهل نسي ذلك أم ماذا؟ والعجب من المناوي أنه انتقد السيوطي في عدوله في " الجامع " عن عزوالحديث إلى ابن عدي. وفي سنده كذاب واحد! إلى عزوه إلى ابن عساكر وفيه الكذابان. ثم نسي المناوي ذلك، فقال في " التيسير " في سند ابن عساكر: " وفيه وضاع "!! 1552 - " أترعوا الطسوس، وخالفوا المجوس ". ضعيف جدا. رواه الخطيب في " التاريخ " (5 / 9) وعنه ابن عساكر (2 / 85 / 2) والديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 37 - مختصره) والبيهقي في " الشعب " (2 / 182 / 2) عن أبي صالح خلف بن محمد بن إسماعيل ... المعروف بالخيام: حدثنا أبو هارون الحديث: 1552 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 سهل بن شاذويه الحافظ حدثنا جلوان بن سمرة البابني حدثنا عصام أبو مقاتل النحوي عن عيسى بن موسى - غنجار - عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال البيهقي: " إسناده ضعيف ". قلت : بل إسناده ساقط، خلف هذا متهم، قال الحاكم: " سقط حديثه برواية حديث: (نهى عن الوقاع قبل الملاعبة) ". قلت: وقد مضى هذا الحديث برقم (426) . وما بين خلف وغنجار لم أجد من ترجمهم، وقال المناوي تعليقا على قول السيوطي: " رواه البيهقي والخطيب والديلمي عن ابن عمر ": " وضعفه البيهقي وقال: في إسناده من يجهل، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل، لكنه ورد بمعناه في خبر جيد رواه القضاعي في " مسند الشهاب " عن أبي هريرة بلفظ: " اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ". وقال الحافظ العراقي: إسناده لا بأس به. وروى البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا: لا ترفعوا الطسوس حتى تطف، اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ". قلت: وفي تجويد إسناده نظر لابد من بيانه، تحقيقا للأمر، فانظر الحديث الآتي: 1553 - " لا ترفعوا الطست حتى تطف، واجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ". ضعيف. أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (59 / 1) والبيهقي في " الشعب " (2 / 182 / 2) من طريق أبي علي هشام بن علي السيرافي قال: أخبرنا محمد بن سليمان بن محمد بن كعب أبو عمرو الصباحي قال: أخبرنا عيسى بن شعيب عن عمار بن أبي عمار عن أبي الحديث: 1553 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وضعفه البيهقي بقوله: " هذا إسناد فيه بعض من يجهل، وروي معناه بإسناد آخر ضعيف ". يعني الذي قبله. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عيسى بن شعيب هذا، ظننت في أول الأمر أنه ابن ثوبان مولى بني الديل المدني، فإنه من هذه الطبقة لكنهم لم يذكروا في شيوخه عمارا هذا، ولا في الرواة عنه أبا عمرو الصباحي، وقد ترجم الصباحي هذا ابن أبي حاتم (3 / 2 / 269) ولم يذكر في شيوخه ابن شعيب هذا، وقال عن أبيه: " صالح ". فملت إلى أنه غيره، ثم تأكدت من ذلك حين رأيت السمعاني يقول في " الصباحي ": " روى عن عيسى بن شعيب القسملي وعاصم بن سليمان الكوفي، روى عنه القاسم بن نصر المخزومي، وهشام بن علي السيرافي ". ولم يزد. قلت: فقوله في عيسى: " القسملي ". نبهني إلى أنه غير الديلي ، فهو إذن عيسى آخر، مجهول لا يعرف. والله أعلم. ولوفرض أنه الديلي، فهو مثله في الجهالة، قال الذهبي فيه: " لا يعرف ". ثم ساق له حديثا وقال: " هذا خبر موضوع ". وفي الطريق إليه أبو علي السيرافي ولم أجد له ترجمة. ومما سبق يتبين للقارىء خطأ من جود إسناد هذا الحديث كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 1554 - " العدة عطية ". ضعيف. أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (3 / 21 / 2) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 34) من طريقين عن يونس عن الحسن: " أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فلم تجده عنده، فقالت: عدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، لاسيما وهو من مراسيل الحسن البصري، وقد قال فيها بعض الأئمة: إنها كالريح! وقد روي مسندا من حديث ابن مسعود، وقباث بن أشيم الليثي. 1 - حديث ابن مسعود، يرويه بقية عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال: " إذا وعد أحدكم حبيبه فلينجز له، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: .... " فذكره. أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (2 / 1 - 2) وكذا أبو نعيم في " الحلية " (8 / 259) وقال: " غريب من حديث الأعمش، تفرد به الفزاري، ولا أعلم رواه عنه إلا بقية ". قلت: وهو مدلس وقد عنعنه. ومن هذا الوجه ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " وقال (2 / 437) : " سمعت أبي يقول: هذا حديث باطل ". 2 - حديث قباث، يرويه أصبغ بن عبد العزيز بن مروان الحمصي: حدثنا أبي عن جدي عن أبان بن سليمان عن أبيه عنه مرفوعا به. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 152 / 1 - مجمع البحرين) وقال: " لا يروى عن قباث إلا بهذا الإسناد، تفرد به أصبغ ". قلت: قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 166 - 167) : الحديث: 1554 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 " قال أبو حاتم: مجهول ". قلت: وأزيد على الهيثمي فأقول: وأبان بن سليمان مجهول الحال، كناه ابن أبي حاتم بأبي عمير الصوري، ولم يزد في بيان حاله على قوله: " وكان من عباد الله الصالحين، يتكلم بالحكمة ". وأما أبو هـ سليمان، فلم أجد له ترجمة. 1555 - " الأمانة غنى ". ضعيف. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 1) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ". الحديث: 1555 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 1556 - " إذا نزل أحدكم منزلا، فقال فيه، فلا يرتحل حتى يصلي الظهر، وإذا أراد أحدكم أن يسافر يوم الجمعة، وزالت الشمس، فلا يسافر حتى يجمع، إلا أن يكون له عذر، وإذا هجم على أحدكم شهر رمضان فلا يمجد مثله إلا أن يكون له عذر ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (161 / 1) من طريق سليمان بن عيسى: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهو موضوع، آفته سليمان هذا، قال فيه ابن عدي وغيره: " يضع الحديث ". كما تقدم مرارا، أقربها في الحديث (1550) . والحديث أورد السيوطي في " جامعيه " طرفه الأول منه بلفظ: " ركعتين "! بدل " الظهر ". ودون ما بعده، وتابعه على ذلك المناوي في " الفيض " وبيض لإسناده! وأما في " التيسير " فقال: الحديث: 1556 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 " وهو ضعيف ". والله أعلم. (تنبيه) : قوله: (تمجد) كذا بإهمال أوله وقع في مخطوطة " الكامل " في الظاهرية، ولم أفهمها، وفي المطبوعة (يمجد) بإعجام الأول منه بالمثناة، والمعنى غير ظاهر. 1557 - " السماح رباح، والعسر شؤم ". منكر. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 2) عن عبد الله بن إبراهيم: أخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، بل موضوع، فإن عبد الله بن إبراهيم - وهو الغفاري - قال الحافظ: " متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع ". وقال الحاكم: " روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة، لا يرويها غيره ". وعبد الرحمن بن زيد - وهو ابن أسلم - ضعيف جدا، وقد اتهم، وهو صاحب حديث توسل آدم عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم (25) . والحديث رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أبي هريرة، كما في " الجامع "، وكذا ابن نصر وابن لال. وعنهما أورده الديلمي، قال المناوي: " فلوعزاه المصنف للأصل لكان أولى، وفيه حجاج بن فرافصة، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: قال أبو زرعة: ليس بالقوي. اهـ. ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: حديث منكر ". الحديث: 1557 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 1558 - " القرآن غنى لا فقر بعده، ولا غنى دونه ". ضعيف. رواه ابن نصر في " قيام الليل " (72) وأبو يعلى (2 / 738) والطبراني (1 / 65 / 2) وابن عساكر (15 / 256 / 2 و16 / 232 / 1) عن شريك عن الحديث: 1558 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 الأعمش عن يزيد بن أبان عن الحسن عن أنس مرفوعا. ومن طريق الطبراني رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (135 / 2) . ورواه محمد بن محمد بن مخلد البزاز في " حديث ابن السماك " (1 / 178 / 1) عن شريك عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به، إلا أنه قال : " والأمانة غنى "، بدل " ولا غنى دونه ". ورواه القضاعي في " مسند الشهاب " (18 / 1) من طريق أبي الحسن علي بن عمر البغدادي قال: حدث الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا وقال: " قال الدارقطني: ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن الحسن مرسلا، وهو أشبه بالصواب ". قلت: وهو ضعيف مرسلا وموصولا، لأن مداره على الرقاشي، وهو ضعيف، ومدار الموصول عليه من رواية شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، ضعيف. 1559 - " القرآن هو الدواء ". ضعيف جدا. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 2) عن الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي الحسيني قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الأودي قال: أخبرنا محمد بن عتبة قال: أخبرنا علي بن ثابت الدهان عن معاذ عن الحارث عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل الحارث هذا - وهو الأعور - فإنه متهم. وفيه أيضا من لم أعرفه كالأودي. والحسن بن رشيق قال الذهبي في " الميزان ": " لينه الحافظ عبد الغني بن سعيد قليلا، ووثقه جماعة، وأنكر عليه الدارقطني أنه كان يصلح في أصله ويغير ". الحديث: 1559 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 1560 - " التدبير نصف العيش والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين ". ضعيف. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (4 / 1) عن إسحاق بن إبراهيم الشامي قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود الهاشمي قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن علي عليه السلام مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة - واسمه عبد الله - ضعيف. وإسحاق بن إبراهيم الشامي، لم أعرفه، ويحتمل أن يكون واحدا من هؤلاء: 1 - إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي المعروف بابن زبريق. 2 - إسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو النضر الدمشقي مولى عمر بن عبد العزيز. والأول ضعيف، والآخر حسن الحديث، وقد جزم المناوي بأنه هو، ولم يظهر لي وجهه. والله أعلم. والحديث رواه أيضا الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس بن مالك، قال المناوي: " قال العراقي: فيه خلاد بن عيسى، جهله العقيلي، ووثقه ابن معين ". قلت: هو عند الديلمي (2 / 1 / 50) وكذا الخطيب بعضه (12 / 11) من طريق أبي الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم المخرمي: حدثنا علي بن عيسى كاتب عكرمة القاضي حدثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس مرفوعا به. وفيه علة أخرى، وهي ضعف يعقوب هذا، فقد ترجمه الخطيب (14 / 290) وروى عن الدارقطني أنه ضعيف. وعن ابن المنادي: " كتبنا عنه في حياة جدي، ثم ظهر لنا من انبساطه في تصريح الكذب ما أوجب الحديث: 1560 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 التحذير عنه، وذلك بعد معاتبة وتوقيف متواتر، فرمينا كل ما كتبنا عنه، نحن وعدة من أهل الحديث ". وعلي بن عيسى، كأنه مجهول، فإن الخطيب أورده في " التاريخ " (12 / 11) من أجل هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 1561 - " الرضاع يغير الطباع ". منكر جدا. رواه ابن الأعرابي في " المعجم " (24 / 1) : أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح الأنطاكي - كتابة -: أخبرنا أبو مروان عبد الملك بن مسلمة أخبرنا صالح بن عبد الجبار عن ابن جريج عن عكرمة عن ابن عباس مرفو عا. ومن طريق ابن الأعرابي رواه القضاعي (4 / 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علل: 1 - عنعنة ابن جريج، فإنه كان يدلس. 2 - صالح بن عبد الجبار، مجهول لا يعرف، قال الذهبي في " الميزان ": " أتى بخبر منكر جدا، رواه ابن الأعرابي ... " ، ثم ساق هذا، وقال: 3 - " وعبد الملك مدني ضعيف ". والحديث رواه أبو الشيخ عن ابن عمر. الحديث: 1561 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 1562 - " كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين غضت عن محارم الله عز وجل وعين سهرت في سبيل الله وعين خرج منها مثل رأس الذباب دمعة من خشية الله عز وجل ". ضعيف جدا. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 163) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 141) من طريقين عن عمر بن صهبان عن صفوان عن أبي سلمة عن أبي الحديث: 1562 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال أبو نعيم: " غريب من حديث صفوان وأبي سلمة، تفرد به عمر بن صهبان ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " تركوه ". وأما الحافظ فقال في " التقريب ": " ضعيف ". وما ذكره الذهبي أصح. والحديث بيض له المناوي، فلم يزد على قوله: " رمز المصنف لحسنه "! ثم صرح في " التيسير " بأن إسناده حسن! فكأنه لم يقف على إسناده. 1563 - " أفضل الدعاء دعاء المرء لنفسه ". ضعيف. أخرجه الحاكم (1 / 543) من طريق المبارك بن حسان عن عطاء عن عائشة رضى الله عنها قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أفضل؟ قال: " دعاء المرء لنفسه ". وقال: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: مبارك واه " وفي " التقريب ": " لين الحديث ". الحديث: 1563 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 1564 - " قال إبليس لربه عز وجل: يا رب! قد أهبط آدم، وقد علمت أنه سيكون له كتاب ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال الله عز وجل: رسلهم الملائكة، والنبيون منهم، وكتبهم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. قال: فما كتابي؟ قال: كتابك الوشم وقرآنك الشعر ورسلك الكهنة وطعامك ما لم يذكر اسم الله عز وجل عليه، وشرابك من كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك الحمام ومصائدك النساء ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق ". منكر. أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 155) من طريق الطبراني، وهذا في " المعجم الكبير " (3 / 112 / 2) قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا يحيى ابن بكير قال: حدثني يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " تفرد به يحيى بن صالح ". قلت: قال العقيلي: " روى عن إسماعيل عن عطاء مناكير ". وقال ابن عدي: " أحاديثه غير محفوظة ". قلت: وقد ثبت من الحديث قوله: " وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه ". صح ذلك من طريق أخرى عن ابن عباس، وقد خرجته في الكتاب الآخر (708) . الحديث: 1564 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 1565 - " أيما مؤمن استرسل إلى مؤمن، فغبنه، كان غبنه ذلك ربا ". ضعيف جدا. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 187) من طريق موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وفي لفظ له: " غبن المسترسل الحديث: 1565 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 حرام ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، موسى بن عمير هو القرشي الجعدي مولاهم أبو هارون الأعمى، متفق على تضعيفه، وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث كذاب ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقد مضى الحديث باللفظ الثاني رقم (667) . 1566 - " كان يستفتح دعاءه بـ " سبحان ربي الأعلى الوهاب ". ضعيف. أخرجه الحاكم (1 / 498) وابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 17 / 1) وأحمد (4 / 54) من طريق عمر بن راشد اليمامي قال: حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع الأسلمي عن أبيه قال: " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء إلا استفتحه بـ ... ". هكذا الحديث عندهم جميعا، وإنما أوردته باللفظ المذكور أعلاه تبعا للسيوطي في " الجامع ". ثم قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وهو مردود بقوله في " الضعفاء والمتروكين " عن عمر هذا: " ضعفوه ". وكذا قال في " الميزان "، وساق له مما أنكر عليه أحاديث هذا أحدها، وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". الحديث: 1566 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 156) : " رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عمر بن راشد اليمامي، وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح ". ونقل هذا وما قبله المناوي في " الفيض "، واقتصر في " التيسير " على قوله في تصحيح الحاكم: " وتعقب ". ومن الظاهر أنه لم يرتض التصحيح، وأما مقلده الغماري فقد خالفه في هذه المرة فصحح الحديث فأورده في " كنزه " (2844) ! 1567 - " كرامة الكتاب ختمه ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " كما في " المجمع "، وأبو الحسين محمد بن الحسن الأصفهاني في " المنتقى من الجزء الثاني من (الفوائد) " (2 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 1) والثعلبي في " تفسيره " (3 / 12 / 1) من طريق محمد بن مروان السدي قال: أخبرنا محمد بن السائب عن أبي صالح، (وقال أبو الحسين وغيره: عن ابن جريج عن عطاء) عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته السدي هذا، وهو متهم بالكذب. وقد سبق له غير ما حديث. وقال الهيثمي (8 / 99) : " وفيه محمد بن مروان السدي الصغير، وهو متروك ". الحديث: 1567 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 1568 - " من أدى زكاة ماله، فقد أدى الحق الذي عليه، ومن زاد فهو أفضل ". ضعيف جدا. أخرجه أبو داود في " المراسيل " (ق 7 / 2) ومن طريقه البيهقي (4 / 84) عن عذافر البصري عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. الحديث: 1568 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 قلت: وهذا إسناد ضعيف، عذافر هذا قال الذهبي: " لا يدرى من هو؟ ذكره أحمد بن علي السليماني فيمن يضع الحديث ". وقال الحافظ: " مستور ". قلت: وقد روى عن الحسن موصولا، أخرجه ابن عدي (163 / 2) عن سلام بن أبي خبزة: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وقال: " لا أعلم يرويه عن سعيد غير سلام هذا ". قلت: قال الذهبي: " قال ابن المديني: يضع الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني ضعيف ". 1569 - " أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ". منكر. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (172) وابن عدي (165 / 1) والخطيب في " الموضح " (2 / 77) والديلمي (1 / 1 / 10 - 11) وابن عساكر (8 / 506 / 1) عن سلام بن سوار عن مسلمة بن الصلت عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال العقيلي: " لا أصل له من حديث الزهري ". قلت: وقال ابن عدي: " وسلام (ابن سليمان بن سوار) هو عندي منكر الحديث، ومسلمة ليس بالمعروف ". وكذا قال الذهبي. ومسلمة قد قال فيه أبو حاتم: " متروك الحديث " كما في ترجمته من " الميزان "، ويأتي له حديث آخر برقم (1580) . الحديث: 1569 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 1570 - " إن الله بعثني ملحمة ومرحمة ولم يبعثني تاجرا ولا زارعا، وإن شرار الناس يوم القيامة التجار والزراعون إلا من شح على دينه ". منكر. أخرجه ابن المظفر في " حديث حاجب بن أركين " (1 / 255 / 1) وابن السماك في " حديثه " (2 / 90 - 91) وتمام في " الفوائد " (154 / 1) وأبو محمد القاري في " الفوائد " (5 / 34 / 2) وابن عدي (165 / 1) وابن عساكر (5 / 57 / 2) ومحمد بن عبد الواحد المقدسي في " المنتقى من حديثه " (40 / 86 / 2) كلهم من طريق سلام بن سليمان قال: حدثنا حمزة الزيات قال: حدثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وضعفه القاري بقوله: " حديث غريب ". وابن عدي بقوله: " وهذا عن حمزة غير محفوظ، وسلام بن سليمان منكر الحديث ". وأقول: هذا إسناد ضعيف جدا، وله ثلاث علل: 1 - الانقطاع، فإن الضحاك - وهو ابن مزاحم الهلالي - لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة كما قال الحافظ المزي. 2 - الأجلح بن عبد الله فيه ضعف، وفي " التقريب ": " صدوق ". 3 - سلام بن سليمان ضعيف كما سبق عن ابن عدي. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي، وقال: " لا يصح، سلام متروك، والأجلح كان لا يدري ما يقول، ومحمد بن عيسى ضعيف " يعني الراوي عن سلام، فتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 143) وتبعه ابن الحديث: 1570 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 191) : " بأن الدارقطني أخرجه في " الأفراد " من طريق أخرى عن سلام. وبأن أبا نعيم أخرجه من طريق أخرى عن ابن عباس ". قلت: هذه المتابعة لا تجدي، لأنه لا يزال فوقها العلل الثلاث التي شرحنا. وطريق أبي نعيم فيها مجهول كما يأتي بيانه في الحديث بعده. وحديث الترجمة قد أعضله أبو الأسود نصير القصاب فقال: عن الضحاك بن مزاحم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 51 / 121) بإسناده عنه. ونصير هذا أورده البخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 116) وابن أبي حاتم برواية أخرى عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وشيخ الطبري فيه عمرو بن عبد الحميد الآملي لم أعرفه. 1571 - " بعثت مرحمة وملحمة، ولم أبعث تاجرا ولا زراعا، ألا وإن شرار هذه الأمة التجار والزراعون، إلا من شح على نفسه ". ضعيف. أخرجه أبو الشيخ في " الطبقات " (ق 87 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 72) وفي " أخبار أصبهان " (2 / 31) من طريق أبي موسى اليماني عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وضعفه بقوله: " حديث غريب ". قلت: وعلته أبو موسى هذا، فإنه مجهول، كما قال الذهبي والعسقلاني. الحديث: 1571 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 1572 - " انتظار الفرج بالصبر عبادة ". موضوع. روي من حديث عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وعلي بن أبي طالب. 1 - حديث ابن عمر، يرويه عمرو بن حميد القاضي، قال: أخبرنا الليث بن سعد عن الحديث: 1572 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه ابن جميع في " معجم الشيوخ " (ص 377) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف بمرة، آفته ابن حميد هذا ، قال الذهبي: " هالك، أتى بخبر موضوع اتهم به، وقد ذكره السليماني في عداد من يضع الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث. 2 - حديث ابن عباس، يرويه أبو موسى عيسى بن مهران، قال: أخبرنا حسن بن حسين قال: أخبرنا سفيان بن إبراهيم عن حنظلة المكي عن عامر عنه به. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته ابن مهران هذا، قال الذهبي: " كذاب جبل! قال ابن عدي: حدث بأحاديث موضوعة، محترق في الرفض. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال الخطيب: كان من شياطين الرافضة ومردتهم، وقع إلي كتاب من تصنيفه في الطعن على الصحابة وتكفيرهم، فلقد قف شعري، وعظم تعجبي مما فيه من الموضوعات والبلايا ". وحسن بن حسين، الظاهر أنه العرني الكوفي، قال أبو حاتم: " لم يكن بصدوق عندهم، وكان من رؤساء الشيعة، وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات ". وسفيان بن إبراهيم هو الكوفي، ذكره الأزدي، فقال: " زائغ ضعيف ". 3 - حديث أنس، يرويه محمد بن محمد بن سليمان: حدثنا سليمان بن سلمة أخبرنا بقية حدثنا مالك عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به دون قوله: " بالصبر ". أخرجه ابن عدي (44 / 1) والخطيب (2 / 155) وقال الأول: " وهذا حديث باطل عن مالك بهذا الإسناد، لا يرويه عنه غير بقية ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 قلت: وهو مشهور بالتدليس، ولا يغتر بتصريحه بالتحديث هنا، لأن الراوي عنه سليمان بن سلمة - وهو الخبائري - كذاب. وقد قال الذهبي في ترجمته بعد أن ساق له حديثا آخر موضوعا من طريق مالك: " وسمع منه الباغندي حديثا فأنكر عليه وهو ... ". ثم ذكر هذا. ثم إن ابن عدي أعاد تخريجه في ترجمة الخبائري (161 / 2) بهذا السند إلا أنه قال فيه: " بقية عن مالك "، فلم يذكر عنه التحديث، وقال: " لا أعلم يرويه عن بقية غير سليمان، وهو منكر من حديث مالك ". قلت: وقد رواه بعض الضعفاء عن ابن محمد - وهو الباغندي - على وجه آخر، رواه الخطيب عن محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلى عنه قال: نبأنا أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي قال: نبأنا مالك بن أنس به. وقال: " وهم هذا الشيخ على الباغندي وعلى من فوقه في هذا الحديث وهما قبيحا، لأنه لا يعرف إلا من رواية سليمان بن سلمة الخبائري، عن بقية بن الوليد عن مالك، وكذلك حدث به الباغندي ". ثم ساقه، وقال عن الباغندي: " أنكرته عليه أشد الإنكار، وقلت: ليس شيء من هذا البته، وكان أمر سليمان هذا شيئا عجيبا، الله أعلم به، وقد رواه شيخ كذاب كان بـ (عسكر مكرم) عن عيسى بن أحمد العسقلاني عن بقية. وأفحش في الجرأة على ذلك، لأنه معروف أن الخبائري تفرد به. والله أعلم ". 4 - حديث علي، وهو الآتي بعده. وبالجملة، فالحديث موضوع من جميع هذه الطرق، فليت أن السيوطي لم يسود به " الجامع الصغير "! الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 1573 - " انتظار الفرج من الله عبادة، ومن رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل ". ضعيف جدا. رواه البيهقي في " الآداب " (ص 405 - 406 مصورة) وابن عساكر (16 / 150 / 1) من طريق ابن أبي الدنيا: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب بن خالد المدني: أخبرنا إسحاق بن محمد الفروي: حدثني سعيد بن مسلم بن بانك عن أبيه أنه سمع علي بن الحسين يقول عن أبيه: عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عبد الله بن شبيب قال الذهبي: " واه ". وسعيد بن مسلم بن بانك ثقة، لكن أباه مسلم بن بانك، أورده البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 1573 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 1574 - " الرفق رأس الحكمة ". ضعيف. أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 77) وعنه القضاعي في " مسند الشهاب " (6 / 1) : حدثنا علي بن الأعرابي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور عن إبراهيم عن هلال بن يساف عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله كلهم ثقات معروفون من رجال الشيخين، غير علي بن الأعرابي، وهو علي بن الحسن بن عبيد بن محمد أبو الحسن الشيباني المعروف بابن الأعرابي، حدث عن علي بن عمرو س وجماعة. قال الخطيب (11 / 273) : " وكان صاحب أدب ورواية للأخبار، روى عنه عبد الله بن أبي سعد الوراق، والقاضي أبو عبد الله المحاملي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ولا وفاة، وقد كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب المقدسي - على هامش " المكارم ": " موضوع ". وما أجد في إسناده من أتهمه به سوى ابن الحديث: 1574 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 الأعرابي هذا، لكن ذكر المناوي أنه رواه أبو الشيخ وابن شاذان والديلمي من حديث جابر. والله أعلم. ثم رأيت الحديث عند الديلمي (2 / 178) من طريق أبي الشيخ، وهذا من طريق ابن أبي شيبة، وهذا في " المصنف " (8 / 512) : حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة: الرفق.. الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى عروة والد هشام، بلاغا عن التوراة! وهذا مما يعل به الحديث المرفوع كما لا يخفى. ثم لا أدري إذا كان المناوي وهم في قوله: " عن جابر "، أوأنه عنى رواية أخرى عند الديلمي غير هذه، وهذا ما أستبعده. والله سبحانه وتعالى أعلم. 1575 - " ابتغوا الرفعة عند الله، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تحلم عمن جهل عليك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك ". ضعيف جدا. رواه ابن شاهين في " الترغيب " (293 / 2) عن عثمان بن عبد الرحمن: حدثنا الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي أيوب قال: وقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا ، الوازع هذا متهم بالوضع كما تقدم بيانه تحت الحديث (24) . وعثمان بن عبد الرحمن هو الطرائفي الجزري، وفيه ضعف، وإنما العلة من شيخه والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 5 / 1) دون قوله: " وتصل من قطعك ". وقال: " رواه ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه الوازع بن نافع متروك ". قلت: فالظاهر أن الوازع كان يرويه تارة عن أبي أيوب، وأخرى عن ابن عمر، وذلك منه مردود لشدة ضعفه. وقوله: " وتصل ... " ثابت في " ابن عدي " (7 / 2557) . الحديث: 1575 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 1576 - " البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا ينام، فكن كما شئت، كما تدين تدان ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (79) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (210) من طريق عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل أن أبا قلابة - واسمه عبد الله بن زيد الجرمي - تابعي وقد أرسله. وله علة أخرى وهي الوقف، فقال عبد الله بن أحمد في " الزهد " (ص 142) : حدثنا أبي حدثنا عبد الرزاق بإسناده عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: البر لا يبلى ... إلخ. ورواه المروزي في " زوائد الزهد " (1155) من طريق عبد الله بن مرة قال: قال أبو الدرداء ... فذكره موقوفا عليه. وهذا صورته صورة المنقطع، ولذلك قال المناوي: " وهو منقطع مع وقفه ". وقال: " ورواه أبو نعيم والديلمي مسندا عن ابن عمر رفعه، وفيه محمد بن عبد الملك الأنصاري ضعيف، وحينئذ، فاقتصار المصنف على رواية إرساله قصور، أوتقصير ". قلت: أخرجه الديلمي (2 / 1 / 19) من طريق مكرم بن عبد الرحمن الجوزجاني عن محمد بن عبد الملك عن نافع عن ابن عمر به. ومكرم هذا لم أجد له ترجمة. ومحمد بن عبد الملك أسوأ حالا مما ذكر المناوي، فقد قال فيه الإمام أحمد: " يضع الحديث ". وقال الحاكم: " روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات ". الحديث: 1576 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 1577 - " اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أكنافهم، فإن فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم، فإنهم ينتظرون سخطي ". ضعيف. رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 55) : حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القيسي - بمصر -: حدثنا موسى بن محمد حدثنا محمد بن مروان وعبد الملك بن الخطاب قالا: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، محمد بن مروان هو السدي الصغير، وهو كذاب. ومتابعه عبد الملك بن الخطاب مجهول الحال كما قال ابن القطان، وفي " التقريب ": " مقبول " وموسى بن محمد وعبد الرحمن بن معاوية لم أعرفهما. وقد أخرجه أبو الشيخ في " التاريخ " (199) وفي " أحاديثه " (2 / 2) وأبو عبد الله بن منده في " الأمالي " (3 / 27 / 2) وأبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (16 / 2) والقضاعي (58 / 2) كلهم من طريق أبي عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند به. وأبو عبد الرحمن هذا هو محمد بن مروان الكذاب، وقد وقع عند العقيلي محرفا، فذكره في " الضعفاء " (241) من طريق عبد الرحمن السدي عن داود به. كذا وقع له، فأورده في ترجمة " عبد الرحمن السدي "، وقال: " مجهول لا يتابع على حديثه، ولا يعرف من وجه يصح ". وإنما هو أبو عبد الرحمن، كما وقع عند كل من خرجه، وكذلك رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 286) وكذلك رواه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (2 / 340 - 341) وجزم الحافظ بأن رواية العقيلي خطأ، وأن لا وجود لعبد الرحمن السدي. وقال: " على أن محمد بن مروان لم ينفرد به، بل تابعه عبد الملك بن الخطاب وعبد الغفار بن الحديث: 1577 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 الحسن بن دينار، وله شاهد من حديث علي في (مستدرك الحاكم) ". قلت: أما متابعة ابن الخطاب، فقد تقدمت في رواية الخرائطي مقرونة مع رواية ابن مروان، وقد أخرجها ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (1 / 51 / 1) من طريق محمد بن سنان قال: أخبرنا هانيء بن المتوكل الإسكندراني قال: أخبرنا عبد الملك بن الخطاب به. وهانيء كثير المناكير، ومحمد بن سنان ضعيف. وأما متابعة عبد الغفار بن الحسن بن دينار - ويكنى بأبي حازم - فأخرجها تمام في " الفوائد " (183 / 1) والقضاعي عنه قال أخبرني داود بن أبي هند به. وقال تمام: " هكذا في كتاب ابن فضالة (يعني: شيخه أحمد بن محمد) وقد رواه غيره، فأدخل بين أبي حازم وداود رجلا ". وقال القضاعي: " تفرد به عبد الغفار بن الحسن بن دينار وهو غريب ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الجوزجاني: " لا يعتبر به ". وقال الأزدي: " كذاب ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " لا بأس بحديثه ". أقول: ولعل الرجل الذي بين أبي حازم وداود، هو ابن مروان أوابن الخطاب، وحينئذ، فلا يصح أن تعتبر رواية ابن دينار هذه متابعة لروايتهما. وقد وجدت له متابعا آخر، لكن الطريق إليه واهية، أخرجه العقيلي (245) عن عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا الليث بن سعد عن داود عن بصرة بن أبي بصرة عن أبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 سعيد مرفوعا نحوه. وقال: " عبد العزيز بن يحيى المديني يحدث عن الثقات بالبواطيل، ويدعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدمين ". وقال عقب الحديث: " ليس له أصل عن ثقة ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي عن السدي، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 76 - 77) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 132 - 133) بالمتابعات التي ذكرنا، وبالشاهد الذي أشار إليه الحافظ عن علي وأقول: أما المتابعات، فهي كلها واهية، لأنها لا تسلم من مجهول أو مطعون، وخفي بعض ذلك على ابن عراق، فقال في متابعة الليث: " وناهيك به. أخرجه أبو الحسن الموصلي في " فوائده " انتخاب السلفي ". وخفي عليه أن راويه عنه عبد العزيز بن يحيى مطعون فيه، كما خفي عليه وعلى السيوطي قبله تخريج العقيلي إياها، وقوله فيه: " يحدث بالبواطيل ". نعم ذكر السيوطي متابعا خامسا، وهو عباد بن العوام في " تاريخ الحاكم ". لكنه لم يسق إسناده إليه لينظر فيه، وغالب الظن أنه لا يصح. وأما الشاهد، فهو واه جدا، فيه ثلاثة ضعفاء على التسلسل، اثنان منهما متهمان، وإليك لفظه في الحديث التالي. ثم وقفت على إسناد حديث عباد، أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12 / 218 / 2) من طريق خلف بن يحيى: أخبرنا عباد بن العوام عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد به. وخلف هذا كذبه أبو حاتم، فلا يفرح بمتابعة ترد من طريقه! فصح بذلك ما غلب على ظني، والحمد لله على توفيقه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 1578 - " يا علي! اطلبوا المعروف من رحماء أمتي، تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي! إن الله تعالى خلق المعروف وخلق له أهلا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء في الأرض الجدبة لتحيى به، ويحيى بها أهلها، يا علي! إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ". ضعيف جدا. أخرجه الحاكم (4 / 321) من طريق حبان بن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: صحيح الإسناد "! ورده الذهبي فقال: " قلت: الأصبغ واه، وحبان ضعفوه ". وأقول: الأصبغ قد كذبه أبو بكر بن عياش، وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وقد فات الذهبي أن سعد بن طريف شر منه، فإنه مع اتفاقهم على ضعفه وتصريح بعضهم بأنه متروك الحديث، فقد قال ابن حبان: " كان يضع الحديث ". فالحديث بهذا السياق إن لم يكن موضوعا، فهو ضعيف جدا. والله أعلم. لكن الجملة الأخيرة منه: " إن أهل المعروف.. " قد صحت بروايات أخرى، بعضها في " الأدب المفرد " وقد خرجت بعضها في " الروض النضير " (1020 و1082) . الحديث: 1578 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 1579 - " آتي يوم القيامة باب الجنة، فيفتح لي، فأرى ربي وهو على كرسيه، أوسريره، فيتجلى لي، فأخر له ساجدا ". ضعيف. أخرجه الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي في " الرد على المريسي " (ص 14) ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " (ق 113 / 1) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير علي بن زيد - وهو ابن جدعان - فإنه ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ". وقد ذكره الذهبي في " العلو" من رواية البخاري عن أنس مختصرا جدا، إلا أنه قال: " وأخرجه أبو أحمد العسال في " كتاب المعرفة " بإسناد قوي عن ثابت عن أنس ... "، فذكره مثل حديث الترجمة. قلت: ولم أقف على إسناده، ولذلك لم أتكلم عليه في كتابي " مختصر العلو" (ص 87 - 88) ، فإذا ثبت بإسناده ولفظه وجب نقله إلى الكتاب الآخر. والله أعلم. الحديث: 1579 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 1580 - " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له ". ضعيف. أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 190) من طريق ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عمار بن نصر قال: حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، الهيثم بن مالك هو أبو محمد الشامي الأعمى، تابعي ثقة. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف لاختلاطه. وبقية مدلس. الحديث: 1580 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 1581 - " آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (14 / 405) من طريق مسلمة بن الصلت: حدثنا أبو الوزير صاحب ديوان المهدي حدثنا المهدي أمير المؤمنين عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مسلمة هذا متروك الحديث كما تقدم (1569) وفوقه من لا يعرف حاله في الحديث. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الخطيب، وقال: " لا يصح، مسلمة متروك ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 484 - 485) فلم يتعقبه بشيء يذكر، سوى أنه روي من طريق أخرى عن المهدي به موقوفا. قلت: ومع وقفه إسناده ضعيف، وكذلك أقره في " الجامع الكبير "، فقال (1 / 3 / 1) : " رواه وكيع في " الغرر "، وابن مردويه في " تفسيره "، والخطيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه مسلمة بن الصلت متروك، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات "، ورواه الطيوري من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا ". وقال الحافظ في ترجمته من " اللسان ": " ورأيت له حديثا منكرا، رواه أبو الحسن علي بن نجيح العلاف: حدثنا ... ". ثم ذكر هذا الحديث. وقد روي الحديث بلفظ: " يوم الأربعاء يوم نحسن مستمر ". أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " أيضا من طرق، وكلها واهية شديدة الضعف، فما أبعد ابن الجوزي عن الصواب! وما أحسن السيوطي بإيراده إياه في " الزيادة على الجامع "! الحديث: 1581 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 1582 - " آل القرآن آل الله ". باطل. أخرجه الخطيب في " رواة مالك " من طريق محمد بن بزيع المدني عن مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه. وقال: " ابن بزيع مجهول ". وقال في " الميزان ": " هو خبر باطل ". كذا في " الجامع الكبير " (1 / 3 / 1) . قلت: وكذلك قال العسقلاني في " اللسان "، ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير "! لكني قد وجدت لابن بزيع متابعا، وكذلك للزهري. أما الأول، فتابعه محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: حدثنا مالك بن أنس به، بلفظ: " إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم؟ قال: أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته ". أخرجه لاحق بن محمد الإسكاف في " شيوخه " (115 / 2) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2 / 311) وفي " الموضح " (2 / 202) وروي عن الدارقطني أنه قال: " تفرد به ابن غزوان، وكان كذابا، فلا يصح عن مالك، ولا عن الزهري، وإنما يروى هكذا عن بديل بن ميسرة عن أنس ". قلت: وفات الدارقطني متابعة ابن بزيع. وأما الزهري، فتابعه بديل بن ميسرة، يرويه عنه ابنه عبد الرحمن بن بديل العقيلي عن أنس بهذا اللفظ الثاني. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2124) : حدثنا عبد الرحمن بن بديل العقيلي به. ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 63) . وأخرجه ابن ماجة (215) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 70) والحاكم (1 / الحديث: 1582 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 556) وأحمد (3 / 127 و127 - 128 و242) وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 11 / 1) وأبو نعيم أيضا (9 / 40) والخطيب (5 / 357) وابن عساكر (2 / 422 / 2) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن بديل به. وقال الحاكم: " قد روي هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس، هذا أمثلها ". وكذا قال الذهبي، ولم يفصحا عن حال هذا الإسناد. وهو في نقدي جيد، فإن بديل بن ميسرة ثقة من رجال مسلم. وابنه عبد الرحمن، قال ابن معين وأبو داود والنسائي: " ليس به بأس ". وقال الطيالسي: " ثقة صدوق ". وذكره ابن حبان في " الثقات ". ولم يضعفه أحد غير ابن معين في رواية، وهو جرح غير مفسر فلا يقبل، لاسيما مع مخالفته لروايته الأولى الموافقة لقول الأئمة الآخرين. وأما قول الأزدي: " فيه لين "، فهو اللين، لأنهم تكلموا فيه هو نفسه، فلا يقبل جرحه، لاسيما عند المخالفة، وكأنه لذلك قال البوصيري في " الزوائد ": " إسناده صحيح ". وخلاصة القول: إن الحديث بلفظه الأول باطل، وبلفظه الآخر صحيح ثابت. والله أعلم. فهذا هو التحقيق في هذا الحديث، وأما استدارك العلقمي في " شرحه على الجامع الصغير " على الحافظ الذهبي قوله فيه: " خبر باطل " بقوله: " قلت: لكن ذكر المؤلف له في " الجامع الصغير " يدل على أنه ليس بموضوع، لقوله في ديباجة الكتاب: (وصنته عما تفرد به وضاع أوكذاب) ". فمما لا ينفق سوقه في هذا الباب، لكثرة الأحاديث الموضوعة التي وقعت في الكتاب، والكثير منها، حكم بوضعها السيوطي نفسه في غير " الجامع الصغير "، ومنها هذا الحديث، فقد أقر هو الذهبي على إبطاله إياه في " الجامع الكبير " كما رأيت. وقد فصلت القول في هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 في مقدمة كتابي " صحيح الجامع الصغير وزيادته " و" ضعيف الجامع الصغير وزيادته ". وقد يسر الله تعالى لنا طبعه. وله الحمد والمنة. 1583 - " خشية الله رأس كل حكمة، والورع سيد العمل، ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله عز وجل إذا خلا بها، لم يعبإ الله بسائر عمله شيئا ". ضعيف. أخرجه ابن أبي الدنيا في " الورع " (159 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 387) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 2) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (595) عن القاسم بن هاشم السمسار قال: حدثتنا سعيدة بنت حكامة قالت: حدثتني أمي حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال أبو نعيم: " رواه أبو يعلى المنقري عن حكامة عن أبيها عن مالك عن ثابت عن أنس ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عثمان بن دينار، قال العقيلي في " الضعفاء " (289) : " تروي عنه حكامة ابنته أحاديث بواطيل، ليس لها أصل ". ثم قال: " أحاديث حكامة تشبه حديث القصاص ليس لها أصول ". قلت: وأوردها الذهبي في " فصل النساء المجهولات ". الحديث: 1583 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 1584 - " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنى العبد نزع منه سربال الإيمان، فإذا تاب رد عليه ". ضعيف جدا. أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 190) من طريق يحيى بن أبي طالب قال: حدثنا عمر [و] بن عبد الغفار قال: حدثنا العوام بن حوشب قال: حدثنا علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 1584 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات، على كلام في يحيى لا يضر، غير عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي. قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال ابن عدي: " اتهم بوضع الحديث ". وقال العقيلي وغيره: " منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 163 / 2) من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " وابن مردويه عن أبي هريرة، ولكنه أساء بذكره إياه في " الزيادة على الجامع ". 1585 - " ابتغوا الخير عند حسان الوجوه ". كذب. روي عن أبي هريرة وغيره من الصحابة وله عنه طرق: 1 - عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن عمران بن أبي أنس عنه مرفوعا به. أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج "، والدارقطني في " الأفراد ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين عمران وأبي هريرة، فإن بين وفاتيهما نحوثمان وخمسين سنة. والأخرى: ضعف النوفلي، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " ضعفوه ". وقال الحافظ: " ضعيف ". 2 - عن محمد بن الأزهر البلخي قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " اطلبوا الخير ... ". رواه العقيلي في " الضعفاء " (228) في ترجمة عبد الرحمن هذا، وهو القاص البصري، الحديث: 1585 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " ليس بشيء ". وقال في الحديث: " ليس له إسناد يثبت ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي، وقال: " عبد الرحمن ليس بشيء، ومحمد بن الأزهر يحدث عن الكذابين ". 3 - عن طلحة بن عمرو: سمعت عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 246 - 247) ، وقال الهيثمي (8 / 195) : " وطلحة بن عمرو متروك ". وأما بقية الطرق عن الصحابة المشار إليهم، فقد تجمع عندي كثير منها، وأورد ابن الجوزي والسيوطي قسما طيبا منها، وكلها معلولة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ولعل الله تعالى ييسر لي جمعها وبسط الكلام عليها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى. وجملة القول فيه، أنه كما تقدم عن العقيلي: " ليس له إسناد ثابت ". ونقل ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 196 / 1) عن الإمام أحمد أنه قال: " وهذا الحديث كذب ". 1586 - " أعطوا أعينكم حظها من العبادة: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه ". موضوع. رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (153 / 1) من طريق ابن رجب بسنده عن حفص بن عمرو بن ميمون عن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قال الحافظ ابن رجب: " هذا لا يثبت رفعه ". قلت: وآفته عنبسة بن عبد الرحمن، قال البخاري: الحديث: 1586 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 " تركوه ". وقال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " هو صاحب أشياء موضوعة ". وحفص بن عمرو بن ميمون لم أعرفه، ولعل واو" عمرو " زيادة من بعض النساخ، والصواب حفص بن عمر بن ميمون، وهو العدني، له ترجمة في " التهذيب " و" الميزان " وغيرهما، وهو ضعيف كما في " التقريب ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الحكيم، والبيهقي في " الشعب " عن أبي سعيد وتعقبه المناوي بقوله: " وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قال: إسناده ضعيف ". وكذا قال العراقي في " المغني " (4 / 424) بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا، ومن طريقه أبو الشيخ ابن حيان في " كتاب العظمة ". وفي هذا القول تساهل كبير بعد أن علمت ما قيل في عنبسة! . 1587 - " أبردوا بالطعام، فإن الطعام الحار غير ذي بركة ". ضعيف. وقد عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي عن ابن عمر والحاكم عن جابر وعن أسماء ومسدد عن أبي يحيى والطبراني في " الأوسط " عن أبي هريرة وأبو نعيم في " الحلية " عن أنس. قلت: وفي هذا التخريج ملاحظات: أولا: أن حديث أسماء لفظه: " إنه أعظم للبركة "، وهذا خلاف قوله في حديث الترجمة: " غير ذي بركة "، كما لا يخفى. الحديث: 1587 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 ثانيا: أنه لم يرد في الطعام الحار، وإنما في الطعام الذي لم يذهب فوره ودخانه، وبينهما فرق، فإن الذي ذهب فوره لا يزال حارا. ثالثا: حديث أنس، لم أقف عليه في " فهرس الحلية " لأنظر في إسناده، وقد ذكر المناوي أن لفظه: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة تفور، فرفع يده منها، وقال: إن الله لم يطعمنا نارا، ثم ذكره ". قلت: ولم يتكلم عليه بشيء. رابعا: أن أبا يحيى هذا الذي رواه عنه مسدد لم أعرفه، ولم يذكره في " الجامع الكبير " (5 / 2) من حديثه أصلا، وإنما ذكره من حديث ابن عمر من رواية مسدد والديلمي. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " الحلية " عن أنس بإسناد ضعيف جدا في ضمن حديث سيأتي برقم (1598) . ثم إن في إسناده عند الديلمي (1 / 1 / 18 - مختصره) إسحاق بن كعب، قال المناوي: " قال الذهبي: " ضعف "، عن عبد الصمد بن سليمان. قال الدارقطني: متروك، عن قزعة بن سويد. قال أحمد: مضطرب الحديث. وأبو حاتم : لا يحتج به، عن عبد الله بن دينار، غير قوي ". قلت: ولفظ حديث جابر عند الحاكم: " أبردوا الطعام الحار، فإن الطعام الحار غير ذي بركة ". ذكره شاهدا، ولا يصلح لذلك، لأن فيه محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو شديد الضعف، قال الذهبي والعسقلاني: " متروك ". وفي إسناد حديث أبي هريرة عبد الله بن يزيد البكري قال الهيثمي (5 / 20) : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 " وقد ضعفه أبو حاتم ". قلت: ولوقال: " ضعفه جدا " لكان أقرب إلى لفظ أبي حاتم، فإنه قال: " ضعيف الحديث، ذاهب الحديث " كما في كتاب ابنه عنه (2 / 2 / 201) فقد فسر قوله: " ضعيف الحديث " بقوله: " ذاهب الحديث "، وهو كناية عن شدة ضعفه. والله أعلم. وبالجملة، فالحديث عندي ضعيف، لعدم وجود شاهد معتبر له. والله أعلم. وفي الباب عن عائشة بلفظ: " بردوا طعامكم يبارك لكم فيه ". ولكن إسناده ضعيف جدا، كما سيأتي تحقيقه برقم (1654) . 1588 - " أبشركم بالمهدي، يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادي، فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وأحرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفسا، أوعجز عني ما وسعهم، قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أوثمان سنين أوتسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده، أوقال: لا خير في الحياة بعده ". ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 37 و52) من طريق المعلى بن زياد: حدثنا العلاء بن بشير عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 1588 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 قلت: وهذا إسناد ضعيف، العلاء بن بشير مجهول، كما قال ابن المديني، وتبعه الحافظ وغيره، لم يروعنه سوى المعلى بن زياد كما في " الميزان ". نعم قد جاء الحديث من طريق أخرى عن أبي الصديق، ولكنه مختصر، ليس فيه هذا التفصيل الذي رواه العلاء، وإسناده صحيح، ولذلك خرجته في الكتاب الآخر (711) . 1589 - " أبشروا يا أصحاب الصفة! فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما فيه، فإنه من رفقائي يوم القيامة ". ضعيف جدا. رواه أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي في " الأربعين في أخلاق الصوفية " (2 / 2) وعنه الديلمي (1 / 1 / 24) : أخبرنا محمد بن سعيد الأنماطي أخبرنا الحسن بن علي بن يحيى بن سلام أخبرنا محمد بن علي الترمذي أخبرنا سعيد بن حاتم البلخي أخبرنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي حمزة السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على أصحاب الصفة، فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مظلم، فإن مخرجه السلمي نفسه متهم بأنه كان يضع الأحاديث للصوفية، وما بينه وبين أبي حمزة السكري لم أعرفهم، غير محمد بن علي الترمذي، وهو صوفي مشهور، صاحب كتاب " نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول "، وهو مطعون فيه من حيث عقيدته، فأنكروا عليه أشياء، منها أنه كان يفضل الولاية على النبوة، وقد تبعه في هذا ابن عربي صاحب " الفصوص " وغيرها، كما يعلم ذلك من اطلع على كتبه. والله المستعان. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 6 / 1) للسلمي في " سنن الحديث: 1589 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 الصوفية " والخطيب، والديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأورده في " الزيادة على الجامع الصغير ". ولم أره في فهرس " تاريخ بغداد " وهو المراد عند إطلاق العزوإلى " الخطيب " كما نص عليه في المقدمة. والله أعلم. 1590 - " الأمانة تجر الرزق، والخيانة تجر الفقر ". ضعيف. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (7 / 2) عن إسماعيل بن الحسن البخاري الزاهد قال: أنبأنا أبو حاتم محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو ذر أحمد بن عبيد الله بن مالك الترمذي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الشامي قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود الهاشمي قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عامر عن عبد الله ابن الزبير عن أبيه عن علي عليه السلام مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، ابن لهيعة ضعيف، ومن دون إسحاق بن إبراهيم الشامي لم أجد لهم ترجمة. وأما الشامي هذا فالظاهر أنه أبو النضر الفراديسي، وهو ثقة من شيوخ البخاري. والحديث، كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على هامش الحديث: " موضوع ". وأما قول المناوي: " إسناده حسن "، فمما لا وجه له. (تنبيه) : الحديث في " الجامع الكبير " (1 / 232 / 2) بهذا اللفظ من رواية القضاعي وحده، وفي " الصغير " بلفظ: " تجلب " مكان: " تجر " في الموضعين، من رواية الديلمي عن جابر، والقضاعي عن علي. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " مختصر مسند الديلمي " للحافظ ابن حجر (1 / 2 / 368) من طريق إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا بلفظ: الحديث: 1590 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 " الأمانة تجلب الرزق ... ". والغفاري هذا مجهول، كما في " التقريب ". 1591 - " الأمانة في الأزد، والحياء في قريش ". ضعيف. رواه منده في " المعرفة " (2 / 266 / 2) والحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (23 / 1 - 2) من طريق الطبراني قال: حدثنا موسى بن جمهو ر التنيسي حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا علي بن الحسين عن عبد الرحمن بن خالد بن عثمان عن أبيه خالد بن عثمان عن أبيه عثمان بن محمد عن أبيه محمد بن عثمان عن أبيه عثمان بن أبي معاوية عن أبي معاوية بن عبد اللات من يمن الأزد، قال: فذكره مرفوعا. وقال الحافظ العراقي: " هذا حديث في إسناده جهالة، ولم أر لبعضهم ذكرا في مظان وجودهم ". وقال تلميذه الهيثمي (10 / 26) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ". (تنبيه) : الحديث في " المعجم الكبير " للطبراني (22 / 394 / 979) بهذا الإسناد، لكن سقط منه أربعة رواة، أشرت إليهم بالحاصرتين أوالمعكوفين [] . والجملة الأولى منه تأتي في رواية في الحديث التالي. الحديث: 1591 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 1592 - " العلم في قريش، والأمانة في الأنصار ". ضعيف. رواه الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (23 / 1) من طريق الطبراني قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثني أبي حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب عن ابن جزء الزبيدي وهو عبد الله بن الحارث بن جزء مرفوعا. وقال الحافظ: " هذا حديث حسن، رواه الطبراني في " المعجم الكبير " هكذا، ورواه في " الأوسط " الحديث: 1592 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 فقال فيه: والأمانة في الأزد، وقال: لم يروه عن عبد الله بن الحارث بن جزء إلا يزيد بن أبي حبيب، تفرد به ابن لهيعة ". قلت: وهو ضعيف لاختلاطه، وقد قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء، مقرون ". أقول: فتحسين حديثه - والحالة هذه - لا يخلو من تساهل، إلا أن يكون من رواية أحد العبادلة الثلاثة، ذكر الحافظ اثنين منهم، والثالث: عبد الله بن يزيد المقرىء. على أن يحيى بن عثمان بن صالح فيه كلام أيضا، قال الحافظ: " صدوق، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله ". هذا، وكأن الهيثمي تبع شيخه العراقي، فقال في " المجمع " (10 / 25) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وإسناده حسن "! وقلده المناوي! قلت: أنى له الحسن مع الضعف الذي بينا في سنده، والاختلاف الذي بينه العراقي في متنه بين رواية " الكبير " و" الأوسط "؟! وهذا الاختلاف إنما هو من ابن لهيعة نفسه، حدث به هكذا مرة، وهكذا أخرى، كما ذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 364) من رواية عثمان بن صالح، وقال عن أبيه: " إنما يرويه ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: وموسى بن وردان، فيه كلام أيضا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه ابن معين، ووثقه أبو داود ". وقال الحافظ: " صدوق ربما أخطأ ". وجملة القول أن الحديث ضعيف، لأن مداره على ابن لهيعة، وهو ضعيف، مع اضطرابه في سنده ومتنه. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " أوسط الطبراني " (6375 - بترقيمي) ، فإذا هو ليس من رواية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 أحد العبادلة، وإنما من رواية عمران بن هارون الرملي: حدثنا ابن لهيعة به. واسم (هارون) غير ظاهر في نسختي المصورة، ولكنه الذي غلب على ظني، فإن يكن هو فهو صدوق كما قال أبو زرعة، وانظر " لسان الميزان ". 1593 - " العمائم تيجان العرب والاحتباء حيطانها وجلوس المؤمن في المسجد رباطه ". منكر. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (8 / 1) عن موسى بن إبراهيم المروزي قال: أخبرنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي مرفوعا. قلت: وكتب أحد المحدثين على هامش الحديث - وأظنه ابن المحب -: " ساقط ". قلت: وذلك لأن المروزي هذا كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: " متروك ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للقضاعي والديلمي في " مسند الفردوس " عن علي. فقال المناوي: " قال العامري: غريب. وقال السخاوي: سنده ضعيف. أي وذلك لأن فيه حنظلة السدوسي، قال الذهبي: تركه القطان وضعفه النسائي. ورواه أيضا أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمي، فلو عزاه المصنف للأصل كان أولى ". قلت: ليس في إسناد القضاعي حنظلة هذا كما ترى، فالظاهر أنه يعني أنه في إسناد أبي نعيم، ولم يخرجه في كتابه " الحلية "، فالظاهر أنه في كتاب آخر له. والله أعلم. وفي الباب أحاديث أخرى، منها عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوا العمائم وضعوا عزهم ". أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس ". وفي لفظ عنده: " العمائم وقار المؤمن وعز العرب، فإذا وضعت العرب عمائمها، فقد خلعت عزها " قال السخاوي في " المقاصد " (291 / 717) : الحديث: 1593 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 " وكله ضعيف، وبعضه أوهى من بعض ". ثم وقفت على إسناد الديلمي في نسخة مصورة، فتبين لي أن في كلام المناوي المتقدم أوهاما يحسن التنبيه عليها، فإن الديلمي أخرجه (2 / 315) من طريق أبي نعيم عبد الملك بن محمد: حدثنا أحمد بن سعيد بن خثيم حدثني حنظلة السدوسي عن طاووس عن عبد الله بن عباس مرفوعا به. وبيانا لما أشرت إليه أقول: أولا: إعلاله للحديث بحنظلة السدوسي فقط يشعر بأنه سالم ممن دونه وليس كذلك، فإن أحمد بن سعيد هذا وجده لم أجد لهما ترجمة فيما لدي من المصادر، فمن الممكن أن تكون الآفة من أحدهما. ثانيا: أنه عنده من حديث العباس، وليس من حديث علي، رضي الله عنهما. ثالثا: أن المناوي عزاه لأبي نعيم، والمراد به عند الإطلاق في فن التخريج مؤلف " الحلية "، ولذلك قلت آنفا: " لم يخرجه في (الحلية) "، واسم أبي نعيم هذا أحمد بن عبد الله الأصبهاني، توفي سنة (430) ، وأما أبو نعيم الذي تلقاه عنه الديلمي فاسمه - كما ترى - عبد الملك بن محمد، وهو الجرجاني الحافظ، مات سنة (323) ، وهما مترجمان في " تذكرة الحفاظ " وغيره. (تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث الكثيرة التي خلا منها " الجامع الكبير " للسيوطي، و" الجامع الأزهر " للمناوي. 1594 - " أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فمن أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة ". ضعيف. رواه أبو علي ابن الصواف في " حديثه " (85 / 1) عن إسماعيل بن يزيد الأصبهاني: أخبرنا علي بن جعفر بن محمد حدثني معتب - مولى جعفر بن محمد - عن جعفر بن الحديث: 1594 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 محمد عن أبيه عن الحسن بن علي عن الحسين بن علي عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، معتب هذا، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " كذبه الأزدي ". وعلي بن جعفر بن محمد، مجهول الحال، لم يوثقه أحد، وأخرج له الترمذي حديثا واستغربه. وإسماعيل بن يزيد الأصبهاني، لم أجد له ترجمة. وله طريق أخرى عن علي في حديثه الطويل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الترمذي في " الشمائل " (رقم 329 - حمص) وسنده ضعيف، كما بينته في " مختصره " (رقم 6) . والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (5 / 210) من حديث أبي الدرداء بلفظ: " من أبلغ ذا سلطان ... " الحديث، وقال: " رواه البزار في حديث طويل، وفيه سعيد البراد، وبقية رجاله ثقات ". قلت: ولم أعرف سعيدا هذا. والحديث أورده السيوطي في " جامعيه " من رواية الطبراني عن أبي الدرداء. وتعقبه المناوي فقال: " ثم إن المؤلف تبع في عزوه للطبراني الديلمي. قال السخاوي: وهو وهم، والذي فيه عنه بلفظ: " رفعه الله في الدرجات العلى في الجنة ". وأما لفظ الترجمة فرواه البيهقي في " الدلائل " عن علي، وفيه من لم يسم. انتهى، فكان الصواب عزوه للبيهقي عن علي ". قلت: وحديث الطبراني، ضعف إسناده الهيثمي (8 / 192) . 1595 - " يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين عاما ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 140 / 2) من طريق سعد أبي غيلان الشيباني قال: سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز الأزدي عن عكرمة عن الحديث: 1595 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 ابن عباس مرفوعا به. وخالفه إسنادا ومتنا جعفر بن عون فقال: أخبرنا عفان بن جبير الطائي عن عكرمة به إلا أنه أسقط أبا حريز من الإسناد، وقال: " صباحا " بدل: " عاما ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4901 - مصورتي) ، و" مجمع البحرين " (1 / 194 / 1) وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف عندي لأن مداره على أبي حريز الأزدي واسمه عبد الله بن حسين، قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وعفان بن جبير الطائي، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 30) من رواية أبي غيلان الشيباني وجعفر بن عون المذكورين في الإسناد، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال. وأما سعد أبو غيلان الشيباني، فأورده هكذا (2 / 1 / 99) دون أن ينسب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده قبل ذلك في " باب الطاء " وسمى أباه طالبا، وقال عن أبيه: " شيخ صالح، في حديثه صنعة ". وعن أبي زرعة: " لا بأس به ". وخفي هذا على الهيثمي فلم يعرفه كما يأتي، وقد أورده في " المجمع " (5 / 197) باللفظ الأول: " عاما "، ثم قال: " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه سعد أبو غيلان الشيباني، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". قلت: في هذا التخريج نظر من وجوه: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 الأول: أن اللفظ لـ " الكبير "، ولفظ " الأوسط " مخالف له كما تقدم. الثاني: أن أبا غيلان هو في إسناد " الكبير " أيضا وحده، وتابعه في " الأوسط " جعفر بن عون وهو أوثق منه، فقد احتج به الشيخان. الثالث: أن أبا غيلان معروف كما تقدم، فكأنه خفي عليه أن ابن أبي حاتم أورده في المكان الآخر الذي حكى فيه توثيقه. وأما المنذري فأورده في " الترغيب " (3 / 135) بسياقه " الكبير " أيضا، لكن بلفظ: " صباحا "! وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وإسناد الكبير حسن ". كذا قال، ولا يخفى ما فيه من التساهل، وإن تبعه الحافظ العراقي، فقد أورده الغزالي في " الإحياء " بلفظ: " ليوم من سلطان عادل، أفضل من عبادة سبعين سنة ". فقال العراقي في " تخريجه " (1 / 155) : " رواه الطبراني من حديث ابن عباس بسند حسن بلفظ: ستين ". 1596 - " فضل العالم على غيره، كفضل النبي على أمته ". موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 107) : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن علي - من لفظه - قال: حدثني أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ - بانتقاء ابن المظفر -: حدثني أبو طلحة الوساوسي حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سلمة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم موضوع، وفيه آفات: الأولى: سليمان هذا، قال الذهبي: " لا يكاد يعرف، روى عنه العوام بن حوشب وحده ". الحديث: 1596 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 الثاني: أبو طلحة الوساوسي، لم أعرفه. الثالثة: أبو الفتح الأزدي، متكلم فيه على حفظه. الرابعة: أبو عبد الله الحسين بن محمد، هو الصيرفي المعروف بابن البزري. قال الخطيب: " قال لي أبو الفتح المصري: لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ، غير أربعة منهم الحسين بن محمد البزري ". قال الصوري: " وقد اشتهر بمصر بالتهتك في الدين، والدخول في الفساد ". وقال الذهبي: " كذاب ". وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا به، إلا أنه قال: " العابد " مكان " غيره ". أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 21) من طريق محمد بن الفضل بن عطية قال: حدثني زيد العمي عن جعفر العبدي عنه. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، زيد العمي ضعيف، ومحمد بن الفضل كذاب أيضا. وجعفر العبدي هو جعفر بن زيد العبدي. قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 480) : " روى عنه صالح المري، وسلام بن مسكين، وحماد بن زيد. قال أبي: ثقة ". قلت: والظاهر أنه لم يسمع من أبي سعيد فيكون منقطعا أيضا. 1597 - " فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش ". باطل. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 69 - 70) من طريق الإسماعيلي، وهذا في " معجمه " (84 / 1) : أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن مصعب النخعي أبو علي - ببغداد، وكان قد غلب عليه البلغم، شيخ كبير -: حدثنا العباس بن الوليد الخلال الحديث: 1597 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 حدثنا مروان بن محمد حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أورده في ترجمة الحسين هذا، ولم يذكر فيها أكثر مما جاء في هذا الحديث. وقال الذهبي: " عمر، وتغير، لا يعتمد عليه، وأتى بخبر باطل ". ثم ساق هذا الحديث. وتعقبه الحافظ بقوله: " هذا لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد، وهو ابن بشير. والله أعلم ". قلت: ويؤكد ما قاله الحافظ أن الرجل لم يتفرد به، فقد قال الطبراني في " المعجم الأوسط " (6959 - بترقيمي) وفي " مسند الشاميين " (ص 502) : حدثنا محمد بن هارون حدثنا العباس بن الوليد الخلال به. ومحمد هذا هو ابن هارون بن محمد بن بكار بن بلال الدمشقي، لم أجد له ترجمة، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخ دمشق " فليراجع، ويبدو لي أنه ثقة لكثرة ما روى له الطبراني في " الأوسط " (6925 - 6965) أي نحو أربعين حديثا، فهو متابع قوي للحسين شيخ الإسماعيلي. والله أعلم. 1598 - " كان يكره الكي، والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد فإنه ذوبركة، ألا وإن الحار لا بركة فيه، وكانت له مكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثا ثلاثا ". ضعيف جدا. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 252) من طريق عبد الله بن خبيق: حدثنا يوسف بن أسباط عن العرزمي عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك قال: فذكره مرفوعا. وقال: " غريب من حديث صفوان، لم نكتبه إلا من حديث يوسف ". الحديث: 1598 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، لكن شيخه العرزمي أشد ضعفا منه، واسمه محمد بن عبيد الله العرزمي، قال الحافظ: " متروك ". وعبد الله بن خبيق، ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 2 / 46) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 1599 - " لوكان جريج الراهب فقيها عالما، لعلم أن إجابة أمه أفضل من عبادة ربه ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (13 / 3 - 4) عن أبي العباس محمد بن يونس بن موسى القرشي: حدثنا الحكم بن الريان اليشكري قال: حدثنا ليث بن سعد حدثني يزيد بن حوشب الفهري عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال: " روى هذا الحديث إبراهيم بن المستمر العروقي، ومحمد بن الحسين الحنيني عن الحكم بن الريان هكذا ". ورواه الحسن بن سفيان في " مسنده "، والترمذي في " النوادر "، وقال ابن منده: " غريب، تفرد به الحكم بن الريان ". قلت: ومن الغريب أن كتب الجرح والتعديل لم تتعرض للحكم هذا بذكر، حتى كتاب " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم، ومثله يزيد بن حوشب، وكذلك أبو هـ، فإنهم لا يعرفون إلا في هذا الحديث، ولهذا قال المناوي: " قال البيهقي: هذا إسناد مجهول. اهـ. وقال الذهبي في " الصحابة ": هو مجهول. اهـ. وفيه محمد بن يونس القرشي الكديمي، قال ابن عدي: متهم بالوضع ". قلت: لم ينفرد به، بل تابعه اثنان كما تقدم نقله عن الخطيب، فالعلة من شيخه، أوشيخ الليث المجهولين. والله أعلم. الحديث: 1599 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 ثم إن الحديث عندي كأنه موضوع، لأنه يشبه كلام الفقهاء، فالله أعلم بحقيقة الحال. 1600 - " ليس في الأرض من الجنة إلا ثلاثة أشياء: غرس العجوة وأواق تنزل في الفرات كل يوم من بركة الجنة، والحجر ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (1 / 55) : أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي - بالبصرة - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الختلي قال: حدثني عبد الله بن محمد بن علي البلخي قال: أخبرنا محمد بن أبان قال: أخبرنا أبو معاوية عن الحسن بن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد غريب، رجاله ثقات، ليس فيهم من ينظر في حاله غير اثنين: الأول: الحسن بن سالم، فلم أر من ذكره غير ابن أبي حاتم من رواية جمع عنه، وروى عن ابن معين أنه قال: " صالح ". والآخر: محمد بن أبان، وهو بلخي، وهما اثنان من هذه الطبقة: الأول: محمد بن أبان بن وزير البلخي، وهو ثقة من رجال البخاري. والآخر: محمد بن أبان بن علي البلخي، وهو مستور كما قال الحافظ، ولعله هو علة هذا الحديث الغريب، فإنه لم يترجح لي أيهما المراد الآن. ولم أر من صرح بإعلال الحديث، أوتضعيفه، اللهم إلا ما ذكره السيوطي في مقدمة " الجامع الكبير "، أن مجرد عزوالحديث إلى " تاريخ الخطيب " ونحوه، يكفي للإشارة إلى تضعيف الحديث، وقد أورد الحديث في " جامعيه " من رواية الخطيب وحده. ومما يلفت النظر أن المناوي بيض للحديث، ولم يتكلم عليه بشيء، وأما في " التيسير " فجزم بأن إسناده ضعيف. فلعله منه بناء على ما ذكرته آنفا. ومن دون محمد بن أبان ثلاثتهم ثقات، مترجمون في " التاريخ " فراجعهم إن شئت (10 / 93 - 94 و290 - 291 و12 / 451 - 452) . ولقد استنكرت من هذا الحديث طرفه الأول، لما فيه من النفي مع ثبوت قوله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 1600 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 " سيحان وجيحان، والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة ". أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (100) . وقوله: " الحجر الأسود من الجنة "، وما فيه من أن العجوة من الجنة، قد صح من حديث أبي هريرة وغيره كما بينته في " تخريج المشكاة " (4235) . وأما نزول البركة في الفرات من الجنة، فلم أجد ما يشهد له، سوى ما أخرجه الخطيب أيضا من طريق الربيع بن بدر عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل في الفرات كل يوم مثاقيل من بركة الجنة ". ضعيف جدا، فإن الربيع بن بدر هذا متروك، وقد روي عنه بلفظ آخر مضى برقم (1438) . 1601 - " سحاق النساء زنا بينهن ". ضعيف. أخرجه الهيثم بن خلف الدوري في " ذم اللواط " (160 / 2) وابن عدي (ق 290 / 2) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 200) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، عنبسة هذا متهم بالوضع، وتابعه سليمان بن الحكم بن عوانة عن العلاء بن كثير عن مكحول به. أخرجه الخطيب (90 / 30) . لكن سليمان هذا، قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال النسائي: " متروك ". ثم إن العلاء بن كثير ليس خيرا منه، فقد قال أبو زرعة: الحديث: 1601 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 " ضعيف الحديث، واهي الحديث، يحدث عن مكحول عن واثلة بمناكير ". وقال أبو حاتم: " منكر الحديث، هو مثل عبد القدوس بن حبيب وعمر بن موسى الوجيهي في الضعفاء ". قلت: وهذان الأخيران كذابان، وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات ". وقد تابعه أيوب بن مدرك، ولكنه متروك، وفي حديثه زيادة في أوله، ولفظه يذكر بعده. وتابعه بكار بن تميم، وعنه بشر بن عون، مجهولان، ولفظهما أتم كما يأتي. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، في موضعين منه من رواية الطبراني في " الكبير " عن واثلة. وقال شارحه المناوي: " قال الهيثمي: رجاله ثقات ". لكن أورده الذهبي في " الكبائر " ولم يعزه لمخرج، بل قال: " يروى "، ثم قال: " وهذا إسناد لين ". ثم إن السيوطي أورده في الموضع الأول بلفظ الترجمة: " سحاق ... "، وفي الموضع الآخر: " السحاق.." بالتعريف. وهذا اللفظ للطبراني بخلاف الأول فليس عنده، وإنما لأبي يعلى وغيره، وهو في " مسنده " (4 / 1806) و" كبير الطبراني " (22 / 63 / 153) من طريق بقية بن الوليد عن عثمان بن عبد الرحمن القرشي قال: حدثني عنبسة بن سعيد القرشي عن مكحول به. وقد أورده الهيثمي (6 / 256) باللفظين، وعزا كل واحد لمن ذكرنا، وقال: " ورجاله ثقات ". وتعقبه صاحبنا الشيخ السلفي في " تعليقه على الطبراني " بقوله: " قلت: كيف يكون " رجاله ثقات " وفيهم عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو متروك، وكذبه ابن معين. وعنبسة ضعيف؟! ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 وأقول: عثمان هذا ليس هو الوقاصي. بل هو الحراني المعروف بالطرائفي، فإنه هو الذي يروي عن عنبسة بن سعيد القرشي وعنه بقية بن الوليد، وهو من أقرانه كما في " تهذيب الحافظ المزي "، وإذا عرف هذا، فالتوثيق الذي ذكره الهيثمي له وجه، لولا أن الطرائفي قد ضعف، لكن بسبب لا ينافي صدقه كما يستفاد من ترجمته في " التهذيب " وغيره، وقد لخصها الحافظ في " التقريب " بقوله: " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". وعنبسة بن سعيد هو القرشي، كما هو صريح رواية أبي يعلى وهو ثقة، وتوهم الشيخ أنه القطان الواسطي، فضعفه، فالعلة عنعنة بقية ومكحول أيضا. ومما يؤكد أن عثمان هذا ليس هو الوقاصي، أنه لا يروي عن مكحول إلا بواسطة عنبسة هذا، والوقاصي يروي عن مكحول مباشرة كما في " الضعفاء " لابن حبان وغيره. 1602 - " لا تذهب الدنيا حتى يستغني النساء بالنساء، والرجال بالرجال، والسحاق زنا النساء فيما بينهن ". ضعيف جدا. أخرجه تمام في " الفوائد " (184 / 2) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 207 / 1) وابن عساكر في " التاريخ " (3 / 142 / 2) من طريق أيوب ابن مدرك عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به. قلت: وأيوب هذا متفق على تضعيفه، بل قال ابن معين: " كذاب ". وقال أبو حاتم والنسائي: " متروك ". وقال ابن حبان: " روى عن مكحول نسخة موضوعة ". الحديث: 1602 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 قلت: وتابعه بشر بن عون الشامي عن بكار بن تميم عن مكحول به. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 190) ، وقال: " بشر له نسخة فيها ستمائة حديث، كلها موضوعة، منها هذا الحديث ". وأقره السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 150 / 749 - بترقيمي) . وتابعه العلاء بن كثير مختصرا، لكن السند إليه لا يصح، كما بينته في الحديث السابق. 1603 - " لومرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدىء، من غير أن ينقص من أجره شيء ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب (7 / 131) عن بشير بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سعيد المقبري، قال الذهبي: " تركوه. وبشير بن زياد منكر الحديث، ولم يترك ". الحديث: 1603 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 1604 - " لمعالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب (3 / 252) من طريق أبي بكر محمد بن قاسم البلخي: حدثنا أبو عمرو الأبلي عن كثير عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته محمد بن قاسم هذا وهو الطالقاني، كان يضع الحديث كما قال الحاكم وغيره. وكثير هو ابن عبد الله الأبلي وهو متروك. وأما أبو عمرو الأبلي فلم أعرفه. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الخطيب، وقال: " لا يصح، كثير متروك، ومحمد بن قاسم كان يضع الحديث، وإنما يروي عن الحسن ". قلت: رواه ابن المبارك في " الزهد ": أنبأنا حريث بن السائب الأسدي: حدثنا الحديث: 1604 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الموت وغمه وكربه وعاره، فقال: " ثلاثمائة ضربة بالسيف ". ذكره السيوطي في " اللآليء " (2 / 416) . وإسناده مع إرساله ضعيف، لضعف الحريث هذا. وأشد ضعفا منه ما ذكره السيوطي أيضا من رواية الحارث في " مسنده ": حدثنا الحسن بن قتيبة حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ". ذكره شاهدا لحديث الترجمة، ولا يصلح لذلك، لأنه مع إرساله شديد الضعف، فإن الحسن بن قتيبة، قال الذهبي: " هالك ". 1605 - " اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيِّي ". موضوع. أخرجه الواحدي في " أسباب النزول " (ص 136) والديلمي (1 / 1 / 84) من طريق مسلمة قال: حدثني زيد بن واقد عن القاسم بن نجيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، القاسم بن نجيد لم أجد له ترجمة، ولعل (نجيدا) قد تحرف على الناسخ أو الطابع. ومسلمة، هو ابن علي الخشني، وهو ضعيف اتفاقا، وتركه جماعة، وقال الحاكم: " روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات ". والحديث رواه البيهقي في " كتاب البعث "، والحكيم، والديلمي، وابن عساكر من هذا الوجه، وضعفه البيهقي، وقال المناوي: " وحكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: تفرد به مسلمة الخشني، وهو متروك، والحمل فيه عليه. ونوزع بأن مجرد الضعف أوالترك لا يوجب الحكم بالوضع ". الحديث: 1605 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 قلت: مسلمة قد اتهمه الحاكم - على تساهله - بالوضع، فليس بعيدا ما صنعه ابن الجوزي من الحكم على حديثه بالوضع، ولذلك لم يستطع السيوطي أن يتعقبه بأكثر من قوله (1 / 272) : " قلت: أخرجه البيهقي في " الشعب "، ومسلمة من رجال ابن ماجة. والله أعلم ". وهذا لا شيء كما ترى، وإن شايعه عليه ابن عراق (1 / 333) وزاد قوله: " والخشني وإن ضعف فلم يجرح بكذب ". فقد علمت تجريح الحاكم إياه بالوضع، وهو شر من الكذب في الجرح، كما لا يخفى على أهل العلم. ثم إنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا ". رواه مسلم، وهو مخرج في " الإرواء " (286) . 1606 - " كان إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 276) وفي " الطبقات " (25) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (33 / 1) والبغوي في " شرح السنة " (24 / 2) عن أبي بكر عبد القدوس بن محمد: أخبرنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي الأسود عن أنس بن مالك رفعه، وقال البغوي: " عنبسة هذا ضعيف ". قلت: بل هو كذاب يضع الحديث، وهو القرشي. ومن طريقه رواه الخطيب في " تاريخه " (4 / 137) وعنه ابن الجوزي في " العلل " (2 / 193) من طريق داود بن بكر: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا عنبسة به. وقال ابن الجوزي: " لا يصح، وعنبسة مجروح، قال ابن حبان: والأنصاري يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ". قلت: والظاهر أن الأنصاري هو الخزرجي كما وقع في رواية الأولين. ثم إن ابن الجوزي قد تساهل في إيراده للحديث في " العلل " دون " الموضوعات "، مع الحديث: 1606 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 أن فيه هذا المتهم وذاك الوضاع، وأكثر تساهلا منه المناوي، فإنه مع كونه نقل كلامه في " الفيض " وارتضاه، عاد عنه في " التيسير "، فقال: " إسناده ضعيف "!! 1607 - " ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره، خير من كثير لا تطيقه، أما ترضى أن تكون مثل نبي الله، فوالذي نفسي بيده لوشئت أن تسيل معي الجبال فضة وذهبا لسالت ". ضعيف جدا. أخرجه الواحدي في " أسباب النزول " (ص 191 - 192) وغيره من طريق معان بن رفاعة السلامي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي: " أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يرزقني مالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مالا لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارزق ثعلبة مالا. فاتخذ غنما فنمت كما ينموالدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحى عنها، فنزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلاة إلى الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود، حتى ترك الجمعة، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل ثعلبة؟ فقالوا: اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة ... فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة ... وقال لهما: مرا بثعلبة، وبفلان رجل من بني سليم، فخذا صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا؟ انطلقا ... حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآهما قال: يا ويح ثعلبة، قبل أن يكلمهما ... فأنزل الله عز وجل: " ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن "، إلى قوله تعالى: " بما كانوا يكذبون "،.. فخرج ثعلبة حتى أتى النبي عليه السلام، فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: إن الله منعني الحديث: 1607 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 أن أقبل صدقتك،.. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئا ... " الحديث، وفيه أنه أتى أبا بكر في خلافته فلم يقبلها منه، وهكذا عمر في خلافته وعثمان في خلافته. قلت: وهذا حديث منكر على شهرته، وآفته علي بن يزيد هذا، وهو الألهاني متروك، ومعان لين الحديث، ومن هذا الوجه أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في " الدلائل " و" الشعب "، وابن مردويه كما في " تفسير ابن كثير " وغيره، وقال العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 135) : " سنده ضعيف ". وقال الحافظ في " تخريج الكشاف " (4 / 77 / 133) : " إسناده ضعيف جدا ". 1608 - " كان يكثر من أكل الدباء، فقلت: يا رسول الله! إنك تكثر من أكل الدباء، قال: إنه يكثر الدماغ، ويزيد في العقل ". موضوع. رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 231) عن نصر بن حماد: أخبرنا يحيى بن العلاء عن محمد بن عبد الله قال: سمعت أنسا قال: فذكره. قلت: وهذا سند موضوع، آفته نصر بن حماد ويحيى بن العلاء ، وهما كذابان. الحديث: 1608 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 1609 - " لها ما في بطونها، وما بقي فهو لنا طهور ". ضعيف. أخرجه ابن ماجة (1 / 186) والطحاوي في " مشكل الآثار " (3 / 267) والبيهقي (1 / 258) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة، فقالوا: يا رسول الله! يردها السباع والكلاب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطحاوي: " هذا الحديث لا يحتج به، لأنه إنما دار على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحديثه الحديث: 1609 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف ". قلت: وهو كما قال رحمه الله تعالى، وهو أدق من قول البيهقي: " عبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بمثله ". وقال البوصيري (39 / 2) : " هذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن زيد، قال فيه الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة من قول الحسن ". وقد رواه عبد الرزاق (1 / 77 / 253) عن ابن جريج بلاغا. 1610 - " تعلموا العلم، وتعلموا للعلم الوقار ". ضعيف جدا. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 342) من طريق حبوش بن رزق الله: حدثنا عبد المنعم بن بشير عن مالك وعبد الرحمن بن زيد كلاهما عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " غريب من حديث مالك عن زيد، لم نكتبه إلا من حديث حبوش عن عبد المنعم ". قلت: حبوش لم أعرفه، وعبد المنعم جرحه ابن معين واتهمه، وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال الحاكم: " يروي عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات ". وقال الخليلي في " الإرشاد ": " هو وضاع على الأئمة ". قلت: فحديثه موضوع، لكن قد روي من طريق أخرى من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: الحديث: 1610 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 " ... وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه ". قال الهيثمي (1 / 129 - 130) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عباد بن كثير وهو متروك الحديث ". قلت: ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (1 / 67) إلى تضعيفه، وهو ضعيف جدا. 1611 - " إذا خطب أحدكم المرأة، فليسأل عن شعرها، كما يسأل عن جمالها، فإن الشعر أحد الجمالين ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 110) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي عن عبد الله بن إدريس المديني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته إسحاق هذا، قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وعبد الله بن إدريس المديني لم أعرفه. وللحديث طريق أخرى عند الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفيه الحسن بن علي العدوي، وهو كذاب وضاع، ومن هذه الطريق أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " فأصاب، وذكر له السيوطي في " اللآلىء " (رقم 1870) طريقا هي التي قبل هذا، وقال: " إسحاق بن بشر الكاهلي كذاب "، ثم تناقض فأورده من هذا الوجه في " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع! ولذلك تعقبه المناوي في شرحه بما نقلته عنه من كلامه في " اللآلىء "، وأورده ابن عراق في " الفصل الأول من كتاب النكاح " من " تنزيه الشريعة " (300 / 1) هذا الفصل الذي نص في مقدمة كتابه أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف. فاعتبر السيوطي موافقا لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع، فانظر ما أشد تناقض السيوطي عفا الله عنا وعنه! الحديث: 1611 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 1612 - " إذا خفيت الخطيئة لم يضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة ". موضوع. رواه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " (64 / 1) عن مروان بن سالم عن عبد الرحمن بن عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (7 / 268) و" الجامع "، ورمز له بالحسن! وقلده صاحب " التاج " (5 / 238) فتعقبه المناوي بقوله: " رمز لحسنه وهو غير صواب، فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه مروان بن سالم الغفاري متروك ". قلت: وقال أبو عروبة الحراني: " يضع الحديث ". وأشار الحافظ إلى هذا بقوله في " التقريب ": " متروك، ورماه الساجي وغيره بالوضع ". قلت: ولهذا فقد أساء المناوي وتساهل حين قال في " التيسير ": " وفيه ضعف خلافا لقول المؤلف: حسن ". وذلك لأن مثل هذا التضعيف، إنما يقال فيمن كان صدوقا سيء الحفظ، وقد عرف هو نفسه أن فيه متروكا متهما، ومثله أحسن أحواله أن يكون ضعيفا جدا. على أن رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا يوثق بها لأسباب ذكرتها في مقدمة " صحيح الجامع " و" ضعيف الجامع "، فليراجع من شاء. وأسوأ من ذلك أن شيخ الإسلام ابن تيمية أورد الحديث في " السياسة الشرعية " (ص 75 - دار الكتاب العربي بمصر - الطبعة الرابعة) ساكتا عليه دون أي تخريج. ليغتر به وبرمز السيوطي الدكتور فؤاد في تعليقه على " الأمثال " (ص 85) ، فيصف الحديث بقوله: " ضعيف ". وعلى الرغم من نقله عن الهيثمي إعلاله إياه بمروان المتروك، وتعميته الحديث: 1612 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 حكمي على الحديث بالوضع، رد ذلك كله بسكوت ابن تيمية، وقال: " فهو ليس موضوعا ولا شديد الضعف "!! 1613 - " اتخذوا مع الفقراء أيادي، فإن لهم في غد دولة، وأي دولة ". كذب. قال ابن تيمية في " الفتاوى " (2 / 196) : " كذب لا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة ". قلت: وقد عزاه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 170) لأبي نعيم في " الحلية " من حديث الحسين بن علي بسند ضعيف بلفظ: " اتخذوا عند الفقراء أيادي، فإن لهم دولة يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة، نادى مناد: سيروا إلى الفقراء، فيعتذر إليهم، كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا ". قلت: ولم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للسيد عبد العزيز بن محمد بن الصديق. والله أعلم. وكذلك عزاه للحلية السيوطي في " الجامع الصغير ". قال المناوي: " ورمز المصنف لضعفه، لكن ظاهر كلام الحافظ ابن حجر أنه موضوع، فإنه قال: لا أصل له. وتبعه تلميذه السخاوي، فقال بعد ما ساقه وساق أخبارا متعددة من هذا الباب: وكل هذا باطل كما بينته في بعض الأجوبة، وسبق إلى ذلك الذهبي وابن تيمية وغيرهما، قالوا: ومن المقطوع بوضعه حديث: اتخذوا مع الفقراء أيادي، قبل أن تجيء دولتهم. ذكره المؤلف وغيره عنه ". قلت: أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 1188 - نسختي) . وقد وجدته في " الحلية " (4 / 71) من قول وهب بن منبه. وهو به أشبه. ومع ذلك ففيه أصرم بن حوشب، وهو كذاب. الحديث: 1613 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 1614 - " كان يلعن القاشرة، والمقشورة ". ضعيف. أخرجه الإمام أحمد (6 / 250) : حدثنا عبد الصمد قال: حدثتني أم نهار بنت رفاع قالت: حدثتني آمنة بنت عبد الله أنها شهدت عائشة، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 169) : " وفيه من لم أعرفه من النساء ". قلت: يعني آمنة، وأم نهار. أما آمنة، فهي القيسية، أوردها الحسيني، وقال: " روى عنها جعفر بن كيسان، لا تعرف ". فقال الحافظ في " التعجيل ": " قد روى أحمد من طريق أم نهار ... حديثا آخر ... فيكون لها راويان ". قلت: وذلك مما لا يخرجها عن الجهالة الحالية، كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم الشريف. وأما أم نهار فلم أجد من ترجمها، وهي على شرط الحافظ في " التعجيل "، ولكنه ذهل، فلم يوردها. وقد روي الحديث موقوفا من طريق أخرى، أخرجه أحمد (6 / 210) عن كريمة بنت همام قالت: سمعت عائشة تقول: " يا معشر النساء! إياكن وقشر الوجه. فسألتها امرأة عن الخضاب؟ فقالت: لا بأس بالخضاب، ولكني أكرهه، لأن حبيبي صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه ". وأخرجه أبو داود (4164) والنسائي (2 / 280) دون ذكر القشر. وهذا إسناد ضعيف أيضا، رجاله ثقات غير كريمة هذه، فلم يوثقها أحد، وقد روى عنها جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبولة ". الحديث: 1614 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 يعني عند المتابعة، وإلا فلينة الحديث. والحديث أورده ابن الجوزي في " الباب الحادي والسبعون " من " الزوائد على كتاب البر والصلة " (ق 3 / 1) بلفظ: " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن السالقة والحالقة والخارقة والقاشرة ". ولم يعزه لأحد، ولا ساق إسناده كما هي عادته فيه، وفي كثير من مصنفاته! ثم قال: " القاشرة، هي التي تقشر وجهها بالدواء ليصفولونها ". وفي " القاموس ": " القشور - كصبور - دواء يقشر به الوجه ليصفو". وفي " النهاية ": " القاشرة التي تعالج وجهها، أووجه غيرها بالغمرة ليصفولونها، والمقشورة التي يفعل بها ذلك، كأنها تقشر أعلى الجلد ". و (الغمرة) بالضم: الزعفران. كما في " القاموس ". وبالجملة، فالحديث ضعيف الإسناد مرفوعا وموقوفا، والوقف أصح، والله أعلم. وكان الداعي إلى كتابة هذا، أنني رأيت العلامة المودودي في " تفسير سورة النور " (ص 192) ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والقاشرة والمقشورة ... ". ثم قال بعد سطور: " وهذه الأحكام مروية بطرق صحيحة في " الصحاح الستة " و" المسند " للإمام أحمد، عن أجلاء الصحابة منهم عائشة و ... ". قلت: فهذا الإطلاق، لما كان يوهم صحة إسناد حديث المسند عن عائشة، وكان الواقع خلاف ذلك، وأنه ضعيف، كما رأيته محققا، رأيت أنه لابد من نشره نصحا للأمة، وراجيا من كل باحث فقيه أن لا يقيم أحكاما شرعية على أحاديث غير ثابتة. والله المستعان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 1615 - " أحب الأعمال إلى الله حفظ اللسان ". ضعيف. رواه أبو عبد الله القطان في " حديثه " (60 / 2) : حدثنا علي بن إشكاب قال: حدثنا عمر بن محمد البصري قال: حدثنا زكريا بن سلام عن المنذر بن بلال عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: فسكتوا، فلم يجبه أحد. فقال: هو حفظ اللسان ". ومن طريق القطان رواه الحافظ ابن حجر في " الأربعين العوالي " (رقم 38) وقال: " هذا حديث حسن غريب، أخرجه البيهقي في " الشعب " من هذا الوجه ". قلت: هو في " شعب الإيمان " (2 / 65) من طريق آخر عن ابن إشكاب به إلا أنه قال: " عمرو بن محمد البصري " بفتح العين، ولعله الصواب. فإني لم أجد في الرواة البصريين " عمر بن محمد "، وأما عمرو بن محمد، فهو الخزاعي مولاهم البصري، وهو صدوق ربما أخطأ، كما في " التقريب ". وكذا أخرجه الثقفي في " الثقفيات " (9 / رقم 19) . ولكن المنذر بن بلال هذا، لم أجد من ترجمه. وزكريا بن سلام ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 2 / 598) من رواية جماعة من الثقات عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد ذكره ابن حبان في " الثقات ". والحديث قال المنذري (4 / 3) : " رواه أبو الشيخ ابن حيان، والبيهقي، وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله ". قلت: والظاهر أنه يعني المنذر هذا. والله أعلم. وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي فقط في " الشعب " ورمز له بالضعف، وبيض له المناوي في " الفيض "، فلم يتكلم عليه بشيء. وأما في " التيسير " فقال: " إسناده حسن "! فكأنه قلد فيه الحافظ، ولم يتنبه لجهالة المنذر، والله أعلم. الحديث: 1615 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 1616 - " انتهاء الإيمان إلى الورع، من قنع بما رزقه الله عز وجل دخل الجنة، ومن أراد الجنة لا شك، فلا يخاف في الله لومة لائم ". موضوع. أخرجه الدارقطني في " الأفراد " (ج 2 رقم 35 - منسوختي) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن المعلى بن عرفان عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " حديث غريب من حديث أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود، تفرد به المعلى بن عرفان عنه، وتفرد به عنبسة بن عبد الرحمن عن المعلى ". قلت: وهما متروكان، والآخر أشد ضعفا من الأول، فالمعلى قال فيه البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك الحديث ". وأما الآخر، فقال فيه أبو حاتم: " متروك الحديث، كان يضع الحديث ". وقال النسائي أيضا: " متروك ". وقال الأزدي: " كذاب ". وقال ابن حبان: " هو صاحب أشياء موضوعة ". قلت: ومع هذه البلايا، فقد سود السيوطي بهذا الحديث " جامعه "! الحديث: 1616 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 1617 - " أشد الناس - يعني عذابا - يوم القيامة، من قتل نبيا، أوقتله نبي، أوقتل أحد والديه، والمصورون، وعالم لم ينتفع بعلمه ". ضعيف جدا. رواه أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 196 / 1) عن أبي غسان مالك بن الخليل: حدثنا عبد الرحيم أبو الهيثم عن الأعمش عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. وهذا إسناد واه، آفته عبد الرحيم هذا، وهو ابن حماد الثقفي، قال العقيلي في " الضعفاء " (278) : " حدث عن الأعمش مناكير، وما لا أصل له من حديث الأعمش ". ثم ساق له أحاديث، ونقلها الذهبي عنه، ثم قال: " ولا أصل لها من حديث الأعمش "، ثم قال: " عبد الرحيم هذا شيخ واه، لم أر لهم فيه كلاما، وهذا عجيب ". قال الحافظ في " اللسان ": " وأشار البيهقي في " الشعب " إلى ضعفه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " صاحب مناكير ". والحديث عزاه صاحب " المشكاة " (4509) للبيهقي في " شعب الإيمان ". وعزاه المناوي في " الفيض " (1 / 518) للحاكم في " المستدرك " بهذا اللفظ، دون قوله: " أوقتل أحد والديه "، ولم أره في " المستدرك ". والله أعلم. ثم استعنت عليه بالفهرس الذي وضعته له أخيرا، فلم أره أيضا، وبفهرس الدكتور المرعشلي - على ما فيه - فلم أعثر عليه فيه. وقد ثبت الحديث من رواية ابن مسعود مرفوعا دون جملة الوالدين، وكذا جملة العالم. وهذه قد رويت من طريق أخرى من حديث أبي هريرة، وسيأتي برقم (1634) . أما حديث ابن مسعود فهو مخرج في " الصحيحة " (281) . الحديث: 1617 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 1618 - " أحد هذا جبل يحبنا ونحبه، إنه على باب من أبواب الجنة، وهذا عير جبل يبغضنا ونبغضه، إنه على باب من أبواب النار ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 127 / 1) وابن بشران في " الأمالي " (92 / 2) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: حدثني عثمان بن إسحاق عن عبد المجيد بن أبي عبس الحارثي عن أبيه عن جده مرفوعا. وقال الطبراني : " لا يروى عن أبي عبس إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن أبي فديك ". قلت: وهو صدوق، لكن عبد المجيد بن أبي عبس نسب في هذه الرواية لجده، واسم أبيه محمد، قال الذهبي: " لينه أبو حاتم ". ثم ساق له هذا الحديث. وأبو هـ محمد بن أبي عبس لم أجد له ترجمة، وقد أشار لهذا الهيثمي بقوله (4 / 13) : " رواه البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عبد المجيد بن أبي عبس لينه أبو حاتم، وفيه من لم أعرفه ". وأخرجه ابن معين في " التاريخ والعلل " (96 - 97) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن مكنف عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه، دون قوله: " يبغضنا ونبغضه ". وهذا سند ضعيف جدا، ابن مكنف مجهول كما في " التقريب ". وابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. ثم رأيت الحديث في " معجم الصحابة " لابن قانع، أورده في ترجمة أبي عبس عبد الرحمن بن جبر من طريق ابن أبي فديك، لكن وقع فيه: أخبرنا عثمان بن إسحاق بن أبي عبس بن جبر عن أبيه عن جده أبي عبس به. والله أعلم. (تنبيه) : الجملة الأولى صحت عن جمع من الصحابة من طرق أحدها في " صحيح البخاري "، فانظر " تخريج فقه السيرة " (291) . الحديث: 1618 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 1619 - " أحسنها (يعني: الطيرة) الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك ". ضعيف الإسناد. أخرجه أبو داود (2 / 159) من طريق سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن عامر قال: ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وأخرجه ابن السني (رقم 288) من طريق الأعمش عن حبيب به، إلا أنه قال: " عقبة بن عامر الجهني " بدل: " عروة بن عامر ". وأظنه تصحيفا من بعض الرواة. وهذا إسناد ضعيف، وإن كان رجاله ثقات، فإن حبيب بن أبي ثابت كثير التدليس، ولم يصرح بالتحديث، وعروة بن عامر ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، فالحديث مرسل، وقيل: إن له صحبة، وقال الحافظ في " التهذيب ": " أثبت غير واحد له صحبة، وشك فيه بعضهم، وروايته عن بعض الصحابة لا تمنع أن يكون صحابيا، والظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة ". وقال في " الإصابة " بعد أن ساق الحديث من طريق أبي داود وغيره: " رجاله ثقات، لكن حبيب كثير الإرسال ". الحديث: 1619 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 1620 - " إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند الله، فانظروا ما يتبعه من الثناء ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (4 / 297 / 1) عن عبد الله بن سلمة بن (الأصل: عن) أسلم عن أبيه عن حسن بن محمد بن علي قال: قال أبي - وكان حسن بن محمد من أوثق الناس عند الناس - عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سلمة بن أسلم، ضعفه الدارقطني وغيره. وقال أبو نعيم: " متروك ". الحديث: 1620 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 وقد أخرجه مالك في " الموطأ " (3 / 96 - الحلبية) بسند صحيح عن كعب الأحبار أنه قال: فذكره موقوفا. وهذا هو الصواب، ورفعه خطأ. 1621 - " إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 12 / 2) : حدثنا عيسى بن يونس عن زمعة بن صالح عن عيسى بن أزداد عن أبيه مرفوعا. وكذا أخرجه ابن ماجة (1 / 137) وأحمد (4 / 347) من طرق أخرى عن زمعة به. وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 25 / 1) : " رواه أبو داود في " المراسيل " عن عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه، وأزداد - ويقال: يزداد - لا تصح له صحبة، وزمعة ضعيف ". قلت: لم يتفرد به، فقد تابعه زكريا بن إسحاق عن عيسى بن يزداد في رواية لأحمد، ورواه البيهقي (1 / 113) عنه مقرونا مع زمعة، لكن جعل متنه من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " كان إذا بال نتر ذكره ثلاث نترات ". رواه من طريق ابن عدي وقال عنه: " مرسل، لا يصح ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 42) : " قال أبي: هو عيسى بن يزداد بن فساء، وليس لأبيه صحبه، ومن الناس من يدخله في " المسند " على المجاز، وهو وأبوه مجهولان ". قلت: وكذلك قال ابن معين: " لا يعرف عيسى هذا ولا أبوه ". حكاه عنه ابن عبد البر في " الاستيعاب " (4 / 1589 / 2825) وتعقبه بقوله: " وهو تحامل منه "! ولا وجه لهذا التعقب ألبتة، لاسيما وهو - أعني: ابن عبد البر - لم يعرفه إلا من الوجه الحديث: 1621 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 الأول، فقال عقبه: " لم يروعنه غير عيسى ابنه، وهو حديث يدور على زمعة بن صالح، قال البخاري: ليس حديثه بالقائم ". فإذا كان لم يروعنه غير ابنه، وكان هذا لا يعرف، كما في " الضعفاء " للذهبي، أومجهول الحال كما في " التقريب "، وكان أبو هـ لم يصرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأي تحامل - مع هذا - في قول ابن معين المذكور، لاسيما وهو موافق لقول أبي حاتم؟! 1622 - " إذا بلغ الماء أربعين قلة لم يحمل الخبث ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (361) عن القاسم بن عبد الله بن عمر العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. وقال: " القاسم بن عبد الله كثير الوهم، قال أحمد: ليس بشيء، وقال مرة أخرى: هو عندي كان يكذب. وقال البخاري: سكتوا عنه ". قلت: وفي رواية عن أحمد: " كذاب كان يضع الحديث، ترك الناس حديثه ". ومن طريقه رواه ابن عدي (265 / 2) وعنه البيهقي (1 / 262) والدارقطني (10) وقال ابن عدي: إنه منكر. ثم أخرجه العقيلي بسند صحيح عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمرو موقوفا عليه، ومن طريق أيوب عن محمد بن المنكدر من قوله. وقال البيهقي عن أبي علي الحافظ: " والصحيح عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمرو قوله. وبمعناه قال الدارقطني، قال: ووهم فيه القاسم، وكان ضعيفا كثير الخطأ ". نعم صح الحديث عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ". وهو مخرج في " الإرواء " (23) . الحديث: 1622 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 1623 - " إذا خرج أحدكم إلى سفر، فليودع إخوانه، فإن الله جاعل له في دعائهم البركة ". موضوع. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 1 رقم 139 من نسختي) والديلمي (1 / 1 / 108) وابن عساكر (16 / 203 / 1) وابن قدامة في " المتحابين في الله " (ق 111 / 2) عن بكر بن سهل الدمياطي: أخبرنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مزاحم بن زفر التميمي حدثني أيوب بن خوط عن نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته نفيع هذا، وهو أبو داود الأعمى، كذبه قتادة، وقال ابن معين: " يضع، ليس بشيء ". وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات الموضوعات توهما، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال الحاكم: " روى عن بريدة وأنس أحاديث موضوعة ". وأيوب بن خوط، قال البخاري: " تركه ابن المبارك وغيره ". وقال يحيى: " لا يكتب حديثه ". وقال النسائي والدارقطني وجماعة: " متروك ". وقال الأزدي: " كذاب ". وقال الساجي: " أجمع أهل العلم على ترك حديثه، كان يحدث بأحاديث بواطيل ". الحديث: 1623 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وقال ابن حبان: " كان يروي المناكير عن المشاهير، كأنها مما عملت يداه ". وبكر بن سهل الدمياطي ضعيف. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي في " مسند الفردوس "، وقال المناوي: " وفيه نافع بن الحارث، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال البخاري: لا يصح حديثه ". قلت: ونافع هذا الذي ذكره، هو غير نفيع المذكور في سند الحديث، فإنه كوفي وذاك بصري، كما صرح به الحافظ في " اللسان "، وعليه فإعلال المناوي الحديث بنافع هذا وهم منه، ولعله وقع في نسخته من ابن عساكر أوالمسند مسمى نافعا فظن أنه الكوفي، وهو الذي قال فيه البخاري ما ذكره، والحق أنه البصري، وهو نفيع، ويقال فيه: نافع، وهو الذي يروي عن زيد ابن أرقم، وأما الكوفي فلا نعرف له رواية إلا عن أنس، وهذا من حديث زيد بن أرقم كما رأيت، فتعين أنه البصري الكذاب. قلت: وبناء على وهم المناوي المذكور اقتصر في كتابه " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! 1624 - " إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك، كتب الله لك جوارا من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مت من ليلتك، كتب الله لك جوارا من النار ". ضعيف. أخرجه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1 / 162 / 1 - 2) من طريق الحارث بن مسلم بن الحارث التميمي أن أباه حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. ثم قال: الحديث: 1624 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 " هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود، وأبو القاسم البغوي، والنسائي في " الكبرى "، والطبراني وابن حبان في (صحيحه) ". ثم ذكر الحافظ أن بعض الرواة قلب اسم الحارث بن مسلم وأبيه، فقال: مسلم بن الحارث عن أبيه، ثم أخرجها. ثم قال بعد أن ذكر بعض الرواة الذين رووه على الرواية الأولى: " ورجح أبو حاتم وأبو زرعة هذه الرواية، وصنيع ابن حبان يقتضي خلاف ذلك، فإنه أخرج الحديث في " صحيحه " عن أبي يعلى كما أخرجته، فكأنه ترجح عنده أن الصحابي في هذا الحديث هو الحارث بن مسلم ". قلت: رحم الله الحافظ، لقد شغله تحقيق القول في اسم الصحابي، عن بيان حال ابنه الراوي عنه، الذي هو علة الحديث عندي، فإنه غير معروف، فتحسين حديثه حينئذ، بعيد عن قواعد هذا العلم، ومن العجيب أنه كما ذهل عن ذلك هنا، ذهل عنه في " التقريب " أيضا، فإنه في ترجمة الحارث بن مسلم، أحال على مسلم بن الحارث، فلما رجعنا إليه فإذا به يقول: " مسلم بن الحارث، ويقال: الحارث بن مسلم التميمي، صحابي، قليل الحديث ". قلت: فأين ترجمة ولده سواء أكان اسمه مسلما أوحارثا؟ وقد جزم الحافظ في " الإصابة " بأن الراجح في اسم أبيه أنه مسلم، وقال ابن عبد البر: " وهو الصحيح ". وكذلك صنع الحافظ في " تهذيب التهذيب "، فلم يجعل للولد ترجمة خاصة، ولكنه ذكره في ترجمة أبيه، ونقل عن الدارقطني أنه مجهول، وذكر أنه لم يجد فيه توثيقا، إلا ما اقتضاه صنيع ابن حبان، حيث أخرج الحديث في " صحيحه "، وما رأيته إلا من روايته. قال الحافظ: " وتصحيح مثل هذا في غاية البعد، لكن ابن حبان على عادته في توثيق من لم يروعنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 إلا واحد، إذا لم يكن فيما رواه ما ينكر ". وهذا معناه أن الرجل مجهول، وهو ما صرح به الدارقطني كما في " الميزان "، وقال أبو حاتم: " لا يعرف حاله ". كما في " الفيض "، ومع ذلك ذكره الغماري في " كنزه " (265) ! والحديث في أبي داود (2 / 326) وابن حبان (2346) وكذا البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 253) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 136) وأحمد (4 / 234) ومحمد بن سليمان الربعي في " جزء من حديثه " (214 / 1 - 2) وابن عساكر (4 / 165 / 1 و16 / 234 / 2) وعزاه المنذري (1 / 167) ثم السيوطي في " الجامع الصغير " للنسائي أيضا، ولم أره في " السنن الصغرى " له، وهو المراد عند إطلاق العزوإليه، فلعله في " الكبرى " له، أو " عمل اليوم والليلة " له. ثم رأيته فيه (111) . 1625 - " إذا صليتم خلف أئمتكم، فأحسنوطهوركم، فإنما ترتج على القارىء قراءته لسوء طهر المصلي ". كذب. رواه السلفي في " الطيوريات " (21 / 2) من طريق علي بن أحمد العسكري: أخبرنا عبد الله بن ميمون العبدساني أخبرنا عبد الله بن عوف بن محرز قال: لما قدم أبو نعيم الفضل بن دكين سنة ثمان عشرة ومائتين اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا: لا نفارقك حتى تموت هزالا أوتحدثنا بحديث الارتجاج في الصلاة! فقال: ما كتبته ولا دونته في كتبي، فقالوا: لا نفارقك أو تموت هزالا! فلما عاف (كذا الأصل، ولعله: خاف) على نفسه قال: حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة الصبح فقرأ بنا فيها بسورة الروم فارتج عليه قراءته ارتجاجا شديدا، فلما قضى صلاته، أقبل بوجهه الكريم على الله عز وجل ثم علينا، فقال: الحديث: 1625 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 " معاشر الناس إذا صليتم ... ". وقال: " هذا حديث غريب عجيب ". قلت: ومن دون ابن دكين لم أجد لهم ترجمة. لكن قال في " الفيض " بعدما عزاه أصله للديلمي: " وفي " الميزان ": خبر كذب، وعبد الله بن ميمون مجهول ". ولم أر هذا في " الميزان ". والله أعلم. 1626 - " إذا صليتم فارفعوا سبلكم، فكل شيء أصاب الأرض من سبلكم ففي النار ". ضعيف جدا. رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 2 / 400 - 401) والعقيلي في " الضعفاء " (338) وكذا ابن حبان (2 / 118) عن عيسى بن قرطاس قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " عيسى بن قرطاس، كان من الغلاة في الرفض ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال في موضع آخر: " ليس تحل الرواية عنه ". وقال الساجي: " كذاب ". وفي " التقريب ": " متروك ". الحديث: 1626 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 ومن طريقه رواه أبو نعيم في " تسمية الرواة عن الفضل بن دكين " (54 / 1) . قلت: ومفهو م هذا الحديث، أنه لا يجب رفع الإزار عن الأرض خارج الصلاة، وهذا خلاف الأحاديث الصحيحة التي تنهى عنه مطلقا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبخاري في " التاريخ "، والطبراني في " المعجم الكبير "، والبيهقي في " شعب الإيمان ". قال المناوي: " قال الزين العراقي: فيه عيسى بن قرطاس، قال النسائي: متروك. وابن معين: غير ثقة. وقال الهيثمي: فيه عيسى بن قرطاس، ضعيف جدا ... فرمز المؤلف لحسنه إنما هو لاعتضاده ". قلت: فيه المفهو م المخالف للأحاديث الصحيحة، فليس بمعتضد. وكأن المناوي تنبه لهذا بعد، فقال في " التيسير ": " رمز لحسنة، وليس كما قال ". 1627 - " إذا ضاع للرجل متاع أوسرق له متاع، فوجده في يد رجل يبيعه، فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن ". ضعيف. رواه ابن ماجة (2 / 54) والدارقطني (301) عن حجاج عن سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سمرة بن جندب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير أن الحجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس، وقد عنعنه، وبهذا أعله البوصيري في " الزوائد ". وقد روي الحديث من طريق آخر عن سمرة بلفظ: " من وجد عين ماله ... " وسيأتي في محله. (تنبيه) : كذا وقع في إسناد ابن ماجة " سعيد بن عبيد بن زيد " وفي الدارقطني " سعيد بن زيد " بإسقاط عبيد من بينهما، وهو الصواب كما في " التهذيب ". والله أعلم. الحديث: 1627 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 1628 - " تصدقوا، فإن الصدقة فكاككم من النار ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 89 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 403) والدارقطني في " الأفراد " (ج 2 رقم 6 - نسختي) من طريق محمد بن زنبور: حدثنا الحارث بن عمير عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني والدارقطني: " تفرد به الحارث بن عمير ". قلت: وفيه ضعف، وقد وثقه جماعة، منهم ابن معين، لكن قال الذهبي بعد أن ذكر ذلك عنهم: " وما أراه إلا بين الضعف، فإن ابن حبان قال في " الضعفاء " روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات. وقال الحاكم: روى عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". ولذلك أورده في كتابه الآخر: " الضعفاء "، وقال: " ليس بالقوي، قال ابن حبان: كان يروي الموضوعات ". وقال الحافظ في " التقريب ": " وثقه الجمهور، وفي أحاديثه مناكير، ضعفها بسببها الأزدي وابن حبان وغيرهما، فلعله تغير حفظه في الآخر ". ومحمد بن زنبور، فيه كلام أيضا، وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ". وقد اختار العلامة عبد الرحمن المعلمي أن الحارث ثقة، وأن ما كان من إنكار في حديثه من رواية ابن زنبور عنه، فليس ذلك منه، وإنما من ابن زنبور نفسه، وذلك محتمل. والله أعلم. والحديث قال في " الفيض ": الحديث: 1628 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 " قال الهيثمي: رجاله ثقات. اهـ. وكأنه لم يصدر عن تحرير، فقد قال الدارقطني: تفرد به الحارث بن عمير عن حميد، قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: يروي عن الأثبات الموضوعات ". 1629 - " فهلا بكرا تعضها وتعضك ". ضعيف. أخرجه الآجري في " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " (رقم 5 - نسختي) من طريق داود بن الزبرقان عن مالك بن مغول عن الربيع بن كعب بن أبي كعب عن كعب بن مالك قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فعرست ذات ليلة، ثم غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يسأل رجلا رجلا : أتزوجت يا فلان؟ أتزوجت يا فلان؟ ثم قال: أتزوجت يا كعب؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: أبكر أم ثيب؟ قلت: ثيب، قال: فذكره ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، داود بن الزبرقان متروك. والربيع بن كعب بن أبي كعب. هكذا وجدته في نسختي، وأصلها مما لا تطوله الآن يدي، لأنظر هل الخطأ منه أومن ناسخها. فقد أورده البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 248) وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 454) هكذا: " ربيع بن أبي بن كعب الأنصاري "، وزاد ابن أبي حاتم: " ويقال: ربيع بن كعب بن عجرة ". وذكرا أنه روى عن أبيه، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، غير أن البخاري قال: " قال أبو عبد الله: موسى بن دهقان: يقولون: تغير بآخرة ". قلت: وموسى هذا لم يذكرا سواه راويا عن الربيع بن أبي. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (4 / 259) من رواية الطبراني عن الربيع بن كعب بن عجرة عن أبيه وقال: " ولم أجد من ترجم لربيع، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف، وقد وثقهم الحديث: 1629 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 ابن حبان ". قلت: وقد رواه البخاري في " التاريخ " (2 / 1 / 272) وكذا الطبراني في " الكبير " (19 / 149 / 328) من طريق موسى سمع الربيع بن كعب بن عجرة عن أبيه به. وفي رواية للبخاري عن موسى عن الربيع بن أبي بن كعب عن أبيه. ثم وقفت على النسخة المطبوعة من " تحريم النرد " بتحقيق محمد بن سعيد ، فوجدتها مطابقة للأصل الذي نقلت عنه، ولكن المحقق لم يتنبه للفرق بينها وبين ما في " التاريخ " و" الجرح " مع أنه عزاه إليهما؟ وادعى أن البخاري سكت عنه! وقد عرفت أنه ذكر أنه تغير! فالربيع هذا، هو علة الحديث، لاضطراب الرواة في نسبه، المنبئ عن جهالته. ولاسيما وكان تغير بآخرة. 1630 - " إذا أراد الله عز وجل برجل من أمتى خيرا، ألقى حب أصحابي في قلبه ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 41) والديلمي في " مسنده " (1 / 1 / 98) عن أبي نصر عمران: حدثنا محمد بن سلمة البصري - بفارس -: حدثنا محمد بن كثير (ووقع في المسند: بشير) العبدي: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من دون العبدي، لم أجد من ترجمهما، ومن فوقهما فمن رجال مسلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. وقال شارحه المناوي: " لم يرمز له بشيء، فهو ضعيف، لكن له شواهد "! ثم لم يذكر ولا شاهدا واحدا، وكأنه يعني شواهد عامة، وإلا فإني لا أعلم له شاهدا خاصا. والله سبحانه وتعالى أعلم. الحديث: 1630 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 1631 - " إذا تم فجور العبد، ملك عينيه، فبكى بهما ما شاء ". منكر. رواه ابن عدي (72 / 1 و211 / 2) عن حجاج بن سليمان المعروف بابن القمري عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعا. وقال بعد أن ساق بهذا السند أحاديث أخر: " وهذه الأحاديث ينفرد بها حجاج عن ابن لهيعة، ولعلنا قد أتينا من قبل ابن لهيعة، لا من قبل الحجاج، فإن ابن لهيعة له أحاديث منكرات يطول ذكرها، وإذا روى حجاج هذا عن غير ابن لهيعة، فهو مستقيم إن شاء الله ". ونقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال: " حديث لا يصح ". ولذلك جزم في " التيسير " بأن إسناده ضعيف. الحديث: 1631 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 1632 - " إذا قالت المرأة لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط، فقد حبط عملها ". موضوع. رواه ابن عساكر (16 / 140 / 1) عن سلام بن رزين (الأصل: رزيق) عن عمر بن سليم عن يوسف بن إبراهيم عن أنس عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، آفته يوسف هذا، قال ابن حبان: " يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه ". وقال البخاري: " صاحب عجائب ". وسلام بن رزين، قال الذهبي: " لا يعرف، وحديثه باطل ". ثم ساق له حديثا غير هذا بسنده الصحيح عن ابن مسعود، وقال: الحديث: 1632 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 " قال أحمد: هذا موضوع، هذا حديث الكذابين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي وابن عساكر عن عائشة، وتعقبه المناوي في " الفيض " بقول ابن حبان المذكور في يوسف بن إبراهيم، ثم اقتصر في " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! 1633 - " إذا مضى للنفساء سبع، ثم رأت الطهر، فلتغتسل ولتصل ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (82) ومن طريقه البيهقي (1 / 342) : حدثنا أبو سهل بن زياد حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا عبد السلام بن محمد الحمصي - ولقبه سليم -: حدثنا بقية بن الوليد: أنبأنا علي بن علي بن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قال سليم: فلقيت علي بن علي فحدثني عن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال الدارقطني: " الأسود، هو ابن ثعلبة، شامي ". وأخرجه البيهقي أيضا، وكذا الديلمي (1 / 1 / 152) من طريق الحاكم - وهذا في المستدرك (1 / 176) -: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد النحوي ببغداد: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي به، إلا أنه أسقط من الإسناد علي بن علي. وقال البيهقي: " والأول أصح، وإسناده ليس بالقوي ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: إن كان ذلك لأجل بقية فهو مدلس، وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذا صرح بذلك فهو مقبول ". الحديث: 1633 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 قلت: ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي، أن سليما لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سلميا هذا، وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي لإسناده، لأنه ليس بالمشهور كثيرا، حتى أن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله، فإنه أورده في " اللسان " قائلا: " روى عن بقية ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم وعبد الله بن سالم الأشعري وطبقتهم، روى عنه محمد بن عوف الحمصي وطبقته ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا عجيب منه، فإن ابن أبي حاتم قد أورده في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 48 - 49) ووصفه بـ " المعروف بسليم " وزاد في شيوخه " بشر بن شعيب "، وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال: " صدوق ". قلت: فمثله مما تطمئن النفس لحديثه، ويكون حسنا. ثم استدركت فقلت: إنما ضعفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني: " لا يعرف "، كما في " الميزان ". وذكر له في " التهذيب " عن عبادة بن الصامت قال: " علمت ناسا من أهل الصفة القرآن ... " الحديث. وعنه عبادة بن نسي. قال ابن المديني: " لا أحفظ عنه غير هذا الحديث ". قلت: ويستدرك عليهم هذا الحديث، فإنه ثابت الإسناد إليه، وقال الحاكم فيه: " شامي معروف، والحديث غريب "! ووافقه الذهبي. وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نقل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجعه (1 / 258) ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهو مه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضا، لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 1634 - " أشد الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه ". ضعيف الإسناد جدا. أخرجه الطبراني في " الصغير " (103) من طريق عثمان بن مقسم البري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن المقبري إلا عثمان البري ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن معين: " ليس بشيء ، هو من المعروفين بالكذب، ووضع الحديث ". كما في " الميزان "، وأطال في ترجمته، ثم ساق له هذا الحديث وقال الهيثمي (1 / 185) : " رواه الطبراني في الصغير وفيه عثمان البري، قال الفلاس: صدوق كثير الغلط، صاحب بدعة، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني ". وقال شيخه العراقي في أول كتابه " المغني ": " رواه الطبراني في " الصغير "، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن أبي هريرة بإسناد ضعيف ". وكذلك ضعفه المنذري (1 / 78) ورواه ابن عدي أيضا، كما في " الجامع " وقال الشارح المناوي: " قال ابن حجر: غريب الإسناد والمتن ". ثم قال المناوي: " لكن للحديث أصل أصيل ". ثم ساق الحديث الماضي برقم (1617) بلفظ: " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ... " الحديث، وفيه: " وعالم لا ينتفع بعلمه ". عزاه للحاكم ولم نجده، كما ذكرت هناك، فلعله لذلك لم يزد في " التيسير " على قوله: " ضعفه المنذري وغيره ". والحديث أخرجه الدارمي (1 / 82) موقوفا على أبي الدرداء بلفظ: " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، عالم لا ينتفع بعلمه ". الحديث: 1634 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وإسناده هكذا أخبرنا إسماعيل بن أبان عن ابن القاسم بن قيس قال: حدثنا يونس بن يوسف الحمصي: حدثنا أبو كبشة السلولي قال: سمعت أبا الدرداء يقول: فذكره. وهذا سند رجاله ثقات، غير ابن القاسم بن قيس فلم أعرفه، وأخشى أن يكون قد وقع في النسخة تحريف فإنها محرفة جدا، كما يظهر ذلك للناقد. وقد كان الشيخ زهري النجار - حفظه الله - قد كتب إلي من مصر أن الأستاذ أحمد محمد شاكر قال له: إنه يريد أن يطبع " سنن الدارمي " طبعة جيدة مصححة بقلمه، فلعله وفق لذلك. والحديث رواه الخطيب البغدادي أيضا في " الكفاية في علم الرواية " (6 - 7) وابن عبد البر في " الجامع " (1 / 162) من طريق عثمان بن مقسم المذكور. 1635 - " كان يخرج يهريق الماء، فيتمسح بالتراب، فأقول: يا رسول الله! إن الماء قريب، فيقول: ما يدريني لعلي لا أبلغه ". ضعيف جدا. أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (292) : أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش عن ابن عباس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات غير حنش هذا، واسمه الحسين بن قيس الرحبي، وهو متروك، كما في " التقريب ". وهو إنما يروي عن ابن عباس بواسطة عكرمة، فهو منقطع أيضا إلا أن يكون سقط من الناسخ أوالطابع قوله: " عن عكرمة ". والله أعلم. وأخرج الحاكم (1 / 180) والبيهقي (1 / 224) من طريق محمد بن سنان القزاز: حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقال له: مربد الغنم ". وقال الحاكم: " حديث صحيح، تفرد به عمرو بن محمد بن أبي رزين، وهو صدوق، وقد أوقفه الحديث: 1635 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 يحيى ابن سعيد الأنصاري وغيره عن نافع عن ابن عمر ". قلت: ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامه، فإن عمرو بن محمد هذا، وإن كان صدوقا، فإن الراوي عنه القزاز متهم، وقد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " كذبه أبو داود وابن خراش ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". ولعله لذلك قال البيهقي: " وليس بمحفوظ ". ثم أخرجه هو والحاكم من طرق عن نافع عن ابن عمر: " أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة ". قال الشافعي: الجرف قريب من المدينة. ثم أخرج البيهقي (1 / 233) من طريق الوليد بن مسلم قال: " قيل لأبي عمرو - يعني: الأوزاعي -: حضرت الصلاة، والماء حائز عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه؟ قال: حدثني موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر، فتحضره الصلاة، والماء منه على غلوة أوغلوتين ونحو ذلك، ثم لا يعدل إليه ". وسنده صحيح. (فائدة) : " الغلوة " بالفتح: قدر رمية سهم. 1636 - " أحب البيوت إلى الله، بيت فيه يتيم مكرم ". ضعيف جدا. أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (199 - 200) والعقيلي في " الضعفاء " (31) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 201 / 2) وابن عدي في الحديث: 1636 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 " الكامل " (17 / 1) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (75) وابن بشران في " الأمالي " (152 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 337) والقضاعي في " مسند الشهاب " (102 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (160 / 2) من طريق إسحاق الحنيني: حدثنا مالك عن يحيى بن محمد بن طحلاء - وقال بعضهم: محمد بن عجلان - عن أبيه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم والعقيلي: " تفرد به الحنيني عن مالك ". قلت: وهو إسحاق بن إبراهيم، متفق على ضعفه، كما قال الذهبي في " الضعفاء "، وقال في " الميزان ": " صاحب أوابد ". ثم ساق له أحاديث هذا منها. وقال العقيلي عقبه: " لا أصل له ". ثم روى عن البخاري أنه قال في الحنيني: " في حديثه نظر ". وهذا من الإمام كناية عن أنه شديد الضعف عنده، كما هو معلوم. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " الشعب " بلفظ: " أحب بيوتكم ... ". وقال: " تفرد به إسحاق عن مالك "، كما في " الفيض ". ثم رأيت ابن أبي حاتم يذكر في " العلل " (2 / 176) أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: " قال أبي: هذا حديث منكر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 1637 - " خير بيت في المسلمين، بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين، بيت فيه يتيم يساء إليه ". ضعيف. أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (رقم 654 - طبع الهند) وعنه ابن ماجة (3679) والبخاري في " الأدب المفرد " (137) من طريق يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى هذا لين الحديث، كما في " التقريب "، ولذا أشار المنذري في " الترغيب " (3 / 230) إلى تضعيف الحديث، وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 184) : " وفيه ضعف ". وقال البوصيري في " الزوائد ": " في إسناده يحيى بن أبي سليمان، قال فيه البخاري: منكر الحديث . وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث. وذكره ابن حبان في " الثقات "، وأخرج ابن خزيمة حديثه في " صحيحه "، وقال: في النفس من هذا الحديث شيء، فإني لا أعرف يحيى بعدالة ولا جرح، وإنما خرجت خبره، لأنه يختلف العلماء فيه ". قلت: قد ظهر للبخاري وأبي حاتم ما خفي على ابن خزيمة، فجرحهما مقدم على من عدله ". قلت: وهذا هو الحق، ولاسيما أن ابن حبان - الذي ذكره في " الثقات " (3 / 604 و610) - معروف بتساهله في التوثيق، كما نبه عليه الحافظ في مقدمة " اللسان ". وذكرت نماذج من المجهولين الذين وثقهم في " الرد على الشيخ الحبشي "، فليراجعها من شاء. (تنبيه) : هذا الحديث أورده الحافظ ابن كثير في " تفسيره - الفجر " من رواية ابن المبارك بسنده المتقدم، وسكت عنه، فتوهم الحلبيان من سكوته أنه صحيح عنده، ولذلك صححاه! فأورده كل منهما في " مختصره "، والأمر بخلاف ذلك، كما سبق التنبيه عليه مرة أوأكثر. والله المستعان. الحديث: 1637 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 1638 - " إذا مدح المؤمن في وجهه، ربا الإيمان في قلبه ". ضعيف. رواه الطبراني (1 / 23 / 1) : حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني: حدثني أبي: أخبرنا ابن لهيعة عن صالح بن أبي عريب عن خلاد بن السائب قال: دخلت على أسامة بن زيد فمدحني في وجهي، فقال: إنه حملني أن أمدحك في وجهك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (3 / 597) وسكت عنه، وكذا الذهبي. وهذا إسناد ضعيف، من أجل ابن لهيعة، فإنه سيء الحفظ، إلا من رواية العبادلة عنه، وهذه ليست منها. وشيخه صالح بن أبي عريب، قال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". وقال الحافظ: " مقبول ". وفي " مجمع الزوائد " (8 / 119) : " رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، وبقية رجاله وثقوا ". وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 229 - طبعة دار المعرفة ببيروت) : " سنده ضعيف ". وقد روي الحديث عن أبي هريرة مرفوعا نحوه، ولكنه لا يثبت أيضا، وهو: الحديث: 1638 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 1639 - " إذا علم أحدكم من أخيه خيرا، فليخبره، فإنه يزداد رغبة في الخير ". ضعيف. رواه الدارقطني في " العلل " من رواية ابن المسيب عن أبي هريرة، وقال: " لا يصح عن الزهري، وروي عن ابن المسيب مرسلا ". ذكره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 229 - طبعة دار المعرفة ببيروت) وهو من الأحاديث التي فاتت " الجوامع ": " الكبير " و" الصغير " و" الزيادة عليه " و" الجامع الأزهر "!! الحديث: 1639 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 1640 - " إن الله من على قوم، فألهمهم الخير، فأدخلهم في رحمته، وابتلى قوما، فخذلهم وذمهم على أفعالهم، فلم يستطيعوا أن يرحلوا عما ابتلاهم به، فعذبهم، وذلك عدله فيهم ". ضعيف. أخرجه الدارقطني في " الأفراد "، والديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أبي هريرة كما في " زوائد الجامع الصغير ". وهو في " الأفراد " (ج 2 رقم 46) وفي " طبقات الأصبهانيين " (ق 76 / 1 - 2) ، و" أخبار أصفهان " (1 / 326) من طريق سعيد بن عيسى الكريزي البصري: حدثنا أبو عمر الضرير حدثنا حماد بن زيد ويزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين عن أبي هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره دون قوله: " فخذلهم وذمهم على أفعالهم "، وقال مكانها: " ذكر كلمة " وقال: " غريب من حديث يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، تفرد به أبو عمر الضرير، حفص بن عمر بهذا الإسناد، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا إسناد كل من فوق الكريزي ثقات رجال الشيخين إلا هو، فقد قال الدارقطني: " ضعيف "، كما في " الميزان ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وهذا هو سعيد بن عثمان المتقدم ". وقال الذهبي هناك: " حدث بأصبهان بمناكير ". وهذا أخذه من أبي نعيم في ترجمته. قلت: فهو علة هذا الإسناد. الحديث: 1640 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 1641 - " أرقاؤكم إخوانكم، فأحسنوا إليهم، استعينوهم على ما غلبكم، وأعينوهم على ما غلبوا ". ضعيف. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (190) : حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو بشر قال: سمعت سلام بن عمرو يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا. ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري في " صحيحه " غير سلام بن عمرو، قال الذهبي " ما علمت حدث عنه سوى أبي بشر بن أبي وحشية ". قلت: وذكره مع ذلك ابن حبان في " الثقات " على قاعدته، وفي " التقريب " أنه: " مقبول ". ومن طريقه أخرجه أحمد (5 / 371) دون لفظة: " أرقاؤكم ". وفي " الصحيحين " من حديث أبي ذر نحوه، لكن ليس فيه: " استعينوهم على ما غلبكم ". وهو مخرج في " الإرواء " (2176) . الحديث: 1641 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 1642 - " مثل عروة - يعني: ابن مسعود الثقفي - مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه ". ضعيف. أخرجه الحاكم (3 / 615 - 616) ومن طريقه البيهقي في " دلائل النبوة " (5 / 299) عن محمد بن عمرو بن خالد: حدثنا أبي حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة ابن الزبير قال: لما أتى الناس الحج سنة تسع، قدم عروة بن مسعود الثقفي عم المغيرة بن شعبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 1642 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 " إني أخاف أن يقتلوك ". قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى قومه مسلما، فقدم عشاء، فجاءته ثقيف، فدعاهم إلى الإسلام، فاتهموه وعصوه، وأسمعوه ما لم يكن يحتسب، ثم خرجوا من عنده، حتى إذا أسحروا وطلع الفجر، قام عروة في داره فأذن بالصلاة وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، ابن لهيعة ضعيف لاختلاطه بعد احتراق كتبه. ومحمد بن عمرو بن خالد، لم أجد له ترجمة. وروي مرسلا من طريق أخرى عند ابن أبي حاتم - كما في " تفسير ابن كثير " (3 / 568) - من طريق ابن جابر - هو محمد - عن عبد الملك - يعني: ابن عمير - قال: قال عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني أخاف أن يقتلوك ".. الحديث نحوه. قلت: وهذا كالذي قبله، ضعيف مع إرساله، فإن محمد بن جابر - وهو ابن سيار الحنفي اليمامي - ضعيف أيضا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة ". ورواه البيهقي عن موسى بن عقبة مرسلا أومعضلا. وذكره ابن إسحاق في " السيرة " بغير إسناد كما في " سيرة ابن هشام " (4 / 194) . والحديث من الأحاديث الضعيفة التي أوردها الرفاعي في " مختصره " خلافا لالتزامه الذي نص عليه في مقدمته، بل صرح بتصحيحه في فهرسه الذي وضعه في آخر المجلد الثالث (ص 440) ! الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 1643 - " استقيموا لقريش ما استقاموا لكم، فإن لم يفعلوا فضعوا سيوفكم عن عواتقكم، فأبيدوا خضراءهم ". ضعيف. رواه أحمد (5 / 277) والخلال في " مسائل الإمام أحمد " (1 / 7 / 2 نسخة المتحف البريطاني) وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (125 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 124) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 39) والخطيب (12 / 147) والخطابي في " الغريب " (71 / 1) عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مرفوعا، وزاد الطبراني وابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 159) : " فإن لم تفعلوا، فكونوا حينئذ زراعين أشقياء، تأكلون من كد أيديكم ". وقال الخطابي. " الخوارج ومن يرى رأيهم، يتأولونه في الخروج على الأئمة، ويحملون قوله: " ما استقاموا لكم " على العدل في السيرة، وإنما الاستقامة هاهنا، الإقامة على الإسلام، يقال: أقام واستقام بمعنى واحد، كما يقال: أجاب واستجاب، قال الله تعالى: " ادعوني أستجب لكم "، والمعنى استقيموا لهم ما أقاموا على الشريعة ولم يبدلوها ". ثم أيد هذا المعنى بأحاديث أخرى، منها قولهم: " ... قالوا: يا رسول الله! أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا الصلاة ". قلت: حديث ثوبان هذا، لا يصح من قبل إسناده، وابن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، فهو منقطع، فإذا ثبت ضعف الحديث، فلا حاجة إلى تكلف تأويله، لأنه يوهم صحته. وقال الخلال: " قال حنبل: سمعت أبا عبد الله قال: الأحاديث خلاف هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اسمع وأطع، ولولعبد مجدع "، وقال: " السمع والطاعة في عسرك ويسرك وأثرة عليك "، فالذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث خلاف حديث ثوبان، وما أدري ما وجهه؟ ". ثم روى الخلال: الحديث: 1643 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 " عن مهنا قال: سألت أحمد عن هذا الحديث؟ فقال: ليس يصح، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان. وسألته عن علي بن عابس يحدث عنه الحماني عن أبي فزارة عن أبي صالح مولى أم هانىء عن أم هانىء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل حديث ثوبان.. فقال: ليس يصح، هو منكر ". وكذا في " المنتخب " لابن قدامة المقدسي (10 / 200 / 2) . 1644 - " أغبوا في العيادة ". ضعيف جدا. رواه الخطيب في " تاريخه " (11 / 334) وعنه ابن عساكر (11 / 419 / 2) عن عقبة بن خالد السكوني عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وسنده ضعيف جدا، موسى هذا، قال يحيى: " ليس بشيء، ولا يكتب حديثه ". وقال الدارقطني: " متروك ". وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، منكر الحديث، وأحاديث عقبة بن خالد عنه من جناية موسى، ليس لعقبة فيها جرم ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 241) عن أبيه: " حديث منكر كأنه موضوع، وموسى ضعيف الحديث جدا، وأبوه محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من جابر ". والحديث عزاه في " الجامع " لأبي يعلى، وزاد الشارح وابن أبي الدنيا، قال الحافظ العراقي: " إسناده ضعيف ". الحديث: 1644 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 1645 - " أغبوا العيادة، وخير العيادة أخفها، إلا أن يكون مغلوبا فلا يعاد، والتعزية مرة ". موضوع. رواه الخطيب في " الموضح " (5 / 235) عن أبي عصمة عن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " أبو عصمة هذا هو نوح بن أبي مريم ". قلت: وضاع، معروف بالوضع، واعترف هو نفسه به. نسأل الله السلامة. الحديث: 1645 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 1646 - " أغنى الناس حملة القرآن ". ضعيف. رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (135 / 2 - 136 / 1) من طريق أبي نعيم عن عيسى بن حرب الوسقندي: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب حدثنا جنادة حدثنا الحارث بن النعمان قال: سمعت الحسن يحدث قال: أتيت أبا ذر بالربذة، فأنشأ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه: " أي الناس أغنى؟ قالوا: أبو سفيان، وقال آخر: عبد الرحمن بن عوف، وقال آخر: عثمان بن عفان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ولكن.. " فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الحارث بن النعمان، وهو الليثي الكوفي، ضعيف كما في " التقريب ". وعيسى بن حرب الوسقندي، لم أجد من ترجمه. والوسقندي - بالفتح ثم السكون وفتح القاف وسكون النون ودال - نسبة إلي وسقند من قرى الري كما في " معجم البلدان "، وقد فاتت هذه النسبة على السمعاني فلم يوردها في كتابه، ولا استدركها عليه ابن الأثير في " لبابه "!! والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر عن أبي ذر، وعن أنس، وبيض له المناوي في " الفيض "، فلم يتكلم على إسناده بشيء! وأما في " التيسير " فجزم بضعف إسناده. الحديث: 1646 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 1647 - " افرشوا لي قطيفتي في لحدي، فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء ". ضعيف. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (ج 2 ق 2 ص 75) : أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن عقبة بن أبي الصهباء قال: سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح، لكنه مرسل، فإن الحسن هو البصري، والشطر الثاني من الحديث صحيح له شاهد، بل شواهد، فانظر الترغيب (2 / 281 - 282) . الحديث: 1647 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 1648 - " نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين ". موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (24 / 155 / 399) من طريق علي بن عروة عن عبد الملك عن داود بن أبي عاصم عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته ابن عروة هذا، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 106) ، والسخاوي في " المقاصد ": " وهو كذاب ". قلت: وهو مما سود به السيوطي " الجامع الصغير "! وانظر " الصحيحة " (747) . الحديث: 1648 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 1649 - " أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم ". ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (3671) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 76) وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (289 / 2) والخطيب (8 / 288) وابن عساكر (6 / 8 / 2 و7 / 161 / 2) عن سعيد بن عمارة عن صفوان: حدثنا الحارث بن النعمان ابن أخت سعيد بن جبير قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، الحارث، روى العقيلي عن البخاري أنه قال فيه: الحديث: 1649 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 " منكر الحديث ". وساق له هذا الحديث. وسعيد بن عمارة قال الأزدي: " متروك ". وقال ابن حزم: " مجهول ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وأما الذهبي فقال في " الميزان ": " جائز الحديث "! والأقرب قوله في " الكاشف ": " مستور ". 1650 - " الزموا الجهاد تصحوا وتستغنوا ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (34 / 1) عن بشر بن آدم: حدثنا صالح بن موسى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " بشر بن آدم، قال ابن معين: " لا أعرفه ". ولم أر له حديثا منكرا جدا ". قلت: هو من شيوخ البخاري في " صحيحه "، ووثقه جماعة، وفي " التقريب ": إنه صدوق. وإنما علة الحديث شيخه صالح بن موسى، وهو الطلحي، وهو متروك كما في " التقريب "، فالسند ضعيف جدا، فقول المناوي: إنه " ضعيف " فقط، قصور. ثم رأيت ابن أبي حاتم قد ذكر الحديث في " العلل " (1 / 320) من هذا الوجه وقال: " قال أبي: هذا حديث باطل، وصالح الطلحي ضعيف الحديث ". الحديث: 1650 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 1651 - " اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدوومن بوار الأيم ومن فتنة المسيح الدجال ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 139 / 1) وفي " الصغير " (ص 218) وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " (66 / 83 / 1) والدارقطني في " الأفراد " (2 رقم 15 - نسختي) والخطيب في " التاريخ " (12 / 450) من طرق عن عباد بن زكريا الصريمي: حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .... " فذكره، وقال الدارقطني: " غريب من حديث هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس، تفرد به عباد بن زكريا، ولم يروه عنه غير أبي يوسف القلوسي ". قلت: قد رواه غيره عنه، كما أشرنا إلى ذلك، فعلة الحديث إنما هو الصريمي، ولم أجد له ترجمة. وقال الهيثمي (10 / 143) : " ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". (تنبيه) : إنما أوردت الحديث من أجل جملة البوار، وإلا فسائره صحيح، في " الصحيحين " وغيرهما، فانظر " غاية المرام " (347) . الحديث: 1651 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 1652 - " لولا أن بني إسرائيل استثنوا، فقالوا: " وإنا إن شاء الله لمهتدون " ما أعطوا، ولكن استثنوا ". ضعيف. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (11 / 2) عن سرور بن المغيرة بن أخي منصور بن زاذان الواسطي عن عباد بن منصور الناجي عن الحسن عن ابن رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عباد بن منصور، مدلس وكان تغير بآخرة. وسرور بن المغيرة، تكلم فيه الأزدي، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال " روى عنه أبو سعيد الحداد الغرائب ". والمعروف في الحديث الوقف، كذلك رواه غير واحد، كما تراه في " الدر المنثور ". الحديث: 1652 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 1653 - " ائتزروا كما رأيت الملائكة تأتزر عند ربها إلى أنصاف سوقها ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا، وفيه المثنى ابن الصباح، وثقه ابن معين وضعفه أحمد وجمهو ر الأئمة حتى قيل: إنه متروك، ويحيى بن السكن ضعيف جدا. كذا في " مجمع الزوائد " (5 / 123) . وأورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وذكر المناوي أنه من حديث عمران القطان عن المثنى بن الصباح عن عمرو به. ثم ذكر أن الديلمي خرجه من طريق الطبراني، فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى. والحديث أورده الغماري في " المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير "، وهو أول حديث فيه، ولوائح الوضع عليه ظاهرة. ثم وقفت على سند الحديث في " مختصر الديلمي " للحافظ (1 / 1 / 46) ، فإذا هو من طريق ابن السني - لا الطبراني - بسنده عن يحيى بن السكن عن عمران القطان به. وقال الحافظ: " قلت: المثنى ضعيف ". وأقول: إعلاله بيحيى بن السكن - وهو البصري - أولى لأنه لم يوثق، بل قال أبو الوليد (النيسابوري) : " يكذب "، وقال صالح جزرة: " لا يساوي فلسا ". كما في " تاريخ الخطيب " (14 / 146) . الحديث: 1653 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 1654 - " بردوا طعامكم يبارك لكم فيه ". منكر. رواه ابن عدي (40 / 2) عن بزيع بن عبد الله الخلال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: كذا وقع في الأصل: " بزيع بن عبد الله الخلال " وابن عدي إنما ساقه في جملة أحاديث ذكرها في ترجمة بزيع بن حسان الخصاف، فلا أدري هل تحرف اسمه في سند هذا الحديث على الناسخ، أم كذلك الرواية فيه؟ والراجح عندي الأول، ثم قال ابن عدي: الحديث: 1654 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 " وهذه الأحاديث عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مع أحاديث أخر - يروي ذلك كله بزيع أبو الخليل - مناكير كلها لا يتابعه عليها أحد ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي، ولم يتكلم المناوي على سنده بشيء، فكأنه لم يطلع عليه. وأما في " التيسير " فجزم بضعف إسناده، فكأن ذلك منه بناء على تفرد ابن عدي به، وهو أسوأ مما قال، كما ستعرف من حال راويه، وكما سبق التصريح به تحت الحديث المتقدم (1587) . وبزيع بن حسان هذا أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " متروك ". 1655 - " من سره أن ينجوفليلزم الصمت ". ضعيف. رواه العقيلي في " الضعفاء " (283) عن سليمان بن عمر بن يسار قال: حدثني أبي عن ابن أخي الزهري قال: حدثنا الزهري عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال: " لا يتابع عليه عمر بن سيار، وإنما يعرف بالوقاصي واسمه عثمان بن عبد الرحمن الزهري، ليس هو من حديث ابن أخي الزهري، وقد حدث عمر بن سيار هذا عن ابن أخي الزهري بما لا يعرف عنه ولا يتابع عليه، وقد روي في الصمت أحاديث بأسانيد جياد بغير هذا اللفظ ". قلت: من ذلك حديث: " من صمت نجا ". وهو مخرج في " الصحيحة " (536) . وانظر إن شئت " الترغيب " (4 / 2 - 11) . وقال الذهبي في عمر هذا: " ليس بالمتين ". قلت: ابنه سليمان لم أعرفه. وحديث الوقاصي أخرجه تمام في " الفوائد " (15 / 1) والقضاعي (30 / 2) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عمر بن حفص عنه عن الزهري به. الحديث: 1655 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 239) من هذا الوجه، وقال: " قال أبي: عمر بن حفص مجهول، وهذا الحديث باطل ". قلت: وآفته عثمان بن عبد الرحمن وهو الزهري الوقاصي متهم بالوضع. ونسبه الهيثمي في " المجمع " (10 / 298) لأبي يعلى والطبراني، وأعله بالوقاصي. 1656 - " نهى أن يخصى أحد من بني آدم ". باطل. رواه تمام في " الفوائد " (23 / 1) وابن عدي (336 / 2) وابن عساكر (17 / 133 / 1) عن أبي عمران موسى بن الحسن السقلي: حدثنا معاوية بن عطاء بن رجاء ابن بنت أبي عمران الجوني: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله مرفوعا. ورواه الطبراني (3 / 68 / 1) : حدثنا أحمد بن داود المكي: أخبرنا معاوية بن عطاء الخزاعي به، وعلقه العقيلي في " الضعفاء " (414) وقال: " وهذا باطل لا أصل له ". وقال في معاوية هذا: " في حديثه مناكير وما لا يتابع على أكثره ". وقال ابن عدي: " وهذا عن الثوري باطل ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (6 / 250) وأقره المناوي: " رواه الطبراني، وفيه معاوية بن عطاء الخزاعي، وهو ضعيف ". الحديث: 1656 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 1657 - " إن الذي يسجد قبل الإمام ويرفع رأسه قبله، إنما ناصيته بيد الشيطان ". ضعيف. أخرجه تمام في " الفوائد " (29 / 1) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 186 / 1) من طريق زهير بن عباد: حدثنا أبو عمر حفص بن ميسرة عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 1657 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 قلت: وهذا إسناد ضعيف، زهير بن عباد قال ابن حبان: " يخطيء ويخالف ". وقال ابن عبد البر: " ضعيف ". وقد خولف في إسناده، فقال أبو سعد الأشهلي: حدثني محمد بن عجلان عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله الخطمي عن أبي هريرة به مرفوعا. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 31 / 1) . قلت: وأبو سعد هذا لم أعرفه، وكذلك مليح بن عبد الله، ولعلهما في " ثقات ابن حبان "، فقد قال المنذري في " الترغيب " (1 / 181) وتبعه الهيثمي في " المجمع " (2 / 78) : " رواه البزار والطبراني في " الأوسط " وإسناده حسن ". كذا قالا! وقد أخرجه مالك في " الموطأ " (1 / 92 / 57) عن محمد بن عمرو بن علقمة به موقوفا على أبي هريرة. قال الحافظ في " الفتح " (2 / 146) : " وهو المحفوظ ". ثم وقفت على إسناد البزار في " كشف الأستار " (475) ، فإذا هو من طريق عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو به. فتأكدت من خطأ زهير في إسناده المتقدم، لمتابعة عبد العزيز - وهو الدراوردي - لابن عجلان، وتبينت أن رواية البزار كرواية الطبراني من حيث إن مدارهما على مليح بن عبد الله، وقد ذكر البزار عقبها أنه ما روى عن أبي هريرة غير هذا. قلت: كأنه يشير إلى قلة حديثه، ولم يذكره ابن أبي حاتم (4 / 1 / 367) إلا برواية محمد بن عمرو هذه، وكذلك ابن حبان في " ثقاته " (5 / 450) الأمر الذي يدل على جهالته، ويمنع من تحسين إسناده، مع وقف مالك إياه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 1658 - " الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير، وقدم على ربه بشر ". موضوع. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (24 / 1) عن إبراهيم بن أحمد بن بشير العسكري قال: أخبرنا قتادة بن الوسيم أبو عوسجة الطائي قال: أخبرنا عبيد بن آدم العسقلاني قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وإبراهيم هذا وشيخه قتادة مجهولان، وقد ساق الحديث الذهبي في ترجمة قتادة ابن الوسيم، ثم قال: " هذا وإن كان معناه حقا، فهو موضوع، رواه عن قتادة إبراهيم بن أحمد العسكري، مجهول مثله ". وأقره الحافظ في " اللسان ". والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر. وأعله المناوي بما نقلته عن " الميزان " و" اللسان ". وهو خطأ، لأن إسناده غير إسناد القضاعي، فإن الديلمي أخرجه (3 / 144) عن محمد بن الحسين القطان بسنده الصحيح عن عبيد الله بن عمر عن نافع به، لم يرفعه. قلت: والقطان - وهو ابن شهريار - اتهمه ابن ناجية بالكذب، وقال الدارقطني: " ليس به بأس ": كما في " تاريخ الخطيب " (2 / 232) ودونه من لم أعرفه. الحديث: 1658 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 1659 - " أول الأرضين خرابا، يسراها ثم يمناها ". ضعيف. رواه تمام في " الفوائد " (48 / 1) وابن جميع في " معجمه " (258) وابن عساكر (15 / 36 / 2 و256 / 2) عن حفص بن عمر بن الصباح الرقي - سنجة -: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود حدثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله مرفوعا. وكذا رواه الطبراني في " الأوسط " (3663 - بترقيمي) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، حفص بن عمر هذا فيه ضعف، قال الذهبي في " الميزان ": " شيخ معروف، من كبار مشيخة الطبراني، مكثر عن قبيصة وغيره، قال أبو أحمد الحديث: 1659 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 الحاكم: حدث بغير حديث لم يتابع عليه ". وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: " ربما أخطأ ". وبقية رجال الإسناد ثقات رجال البخاري، غير أن أبا حذيفة هذا، قد تكلم فيه من قبل حفظه، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " لينه الإمام أحمد، وقال ابن خزيمة: لا أحدث عنه ". وقال في " الميزان ": " أحد شيوخ البخاري، صدوق إن شاء الله، يهم، تكلم فيه أحمد، وضعفه الترمذي.. ". ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، سيء الحفظ، وكان يصحف ". قلت: فهو علة الحديث، إن سلم من الرقي. والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر فقط! فتعقبه المناوي بقوله: " وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو غفلة، فقد رواه الطبراني وأبو نعيم والديلمي وغيرهم باللفظ المزبور عن جرير المذكور ". ولم يتكلم على إسناده بشيء، وقال الهيثمي في " المجمع " (7 / 289) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه حفص بن عمر بن صباح الرقي، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح ". كذا قال، ولم يتنبه لما قيل في أبي حذيفة! وقد أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 112) من طريق الطبراني بلفظ: " أسرع الأرض خرابا يسراها ثم يمناها ". وقال: " غريب من حديث الثوري، لم نكتبه عاليا إلا من حديث أبي حذيفة ". ثم إن ظاهر الحديث منكر عندي، لأن الأرض كروية قطعا، كما تدل عليه الحقائق العلمية، ولا تخالف الأدلة الشرعية، خلافا لمن يماري في ذلك، وإذا كان الأمر كذلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 فأين يمنى الأرض ويسراها؟! فهما أمران نسبيان كالشرق والغرب تماما. 1660 - " الصلاة نور المؤمن ". ضعيف. رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (215 / 2) : حدثنا أبو خالد (يعني: الأحمر) عن عيسى بن ميسرة عن أبي الزناد عن أنس مرفوعا. ومن طريق الأشج رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (1 / 24 / 1) وكذا تمام (82 / 1) ورواه أبو عروبة الحراني في " جزئه " (101 / 1) والخطيب في " الموضح " (1 / 83) وكذا أبو يعلى في " مسنده " (178 / 2) والبيهقي في " الشعب " (2 / 286 / 1) وابن نصر في " الصلاة " (30 / 2) عن أبي خالد به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عيسى بن ميسرة، هو الحناط أبو موسى الغفاري متروك كما في " التقريب ". لكن أخرجه ابن نصر من طريق واقد بن سلامة عن الرقاشي عن أنس. والرقاشي وواقد ضعيفان. والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للقضاعي وابن عساكر فقط! وتعقبه المناوي بقوله: " ورواه عنه أبو يعلى والديلمي باللفظ المزبور، فلوعزاه إليهما لكان أولى. قال العامري في " شرح الشهاب ": صحيح ". كذا قال! وكأنه يعني صحيح المعنى، وفي " صحيح مسلم " من حديث أبي مالك الأشعري: " الطهور شطر الإيمان و ... والصلاة نور، والصدقة برهان و ... ". الحديث: 1660 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 1661 - " السلطان ظل الله في الأرض ". منكر. رواه الخطابي في " غريب الحديث " (155 / 1) من طريق العباس الترقفي: أخبرنا سعيد بن عبد الملك الدمشقي أخبرنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس مرفوعا. وقال: الحديث: 1661 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 " معنى الظل العز والمنعة ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن عبد الملك الدمشقي، الظاهر أنه أخو سليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك، ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 44 - 45) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والربيع بن صبيح، ضعيف لسوء حفظه. وذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 409) من طريق أبي عون بن أبي ركبة، وفي رواية: عون بن أبي ركبة عن غيلان بن جرير عن أنس مرفوعا. وقال: " حديث منكر، وابن أبي ركبة مجهول ". قلت: وأورده السيوطي في " الجامع " من رواية أبي الشيخ عن أنس بزيادة: " فإذا دخل أحدكم بلدا ليس به سلطان، فلا يقيمن به ". وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء، والظاهر أنه لا يتعدى أحد السندين السابقين. 1662 - " السلطان ظل الله في الأرض، فمن أكرمه أكرمه الله، ومن أهانه أهانه الله ". ضعيف. رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (99 / 2) عن سلم بن سعيد الخولاني: حدثنا حميد بن مهران عن سعد بن أوس عن زياد بن كسيب عن أبي بكرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زياد بن كسيب مجهول الحال كما تقدم (1465) . وسلم بن سعيد الخولاني لم أجد من ترجمه، وقد توبع من جماعة على رواية الحديث دون طرفه الأول، وقد مضى في المكان المشار إليه. والحديث عزاه السيوطي للطبراني في " الكبير "، والبيهقي في " الشعب " عن أبي بكرة، وقال المناوي: " وفيه سعد بن أوس فإن كان هو العبسي، فقد ضعفه الأزدي، وإن كان البصري، الحديث: 1662 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 فضعفه ابن معين. ذكرهما الذهبي في " الضعفاء " ". قلت: هو البصري قطعا، فقد جاء منسوبا في بعض الطرق العبدي، وهو البصري، وهو صدوق له أغاليط كما قال الحافظ، والظن أنه لا دخل له في الحديث وإنما علته من شيخه زياد بن كسيب كما سبق. وقد توبع في الجملة الثانية، فأوردتها في " الصحيحة " (2297) وحسنته في " الظلال " (1017 - 1018) . 1663 - " السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه الضعيف، وبه ينتصر المظلوم، ومن أكرم سلطان الله عز وجل في الدنيا، أكرمه الله يوم القيامة ". ضعيف. رواه أبو محمد بن يوسف في " جزء من الأمالي " (143 / 1) ومن طريقه ابن النجار (10 / 101 / 2) عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: حدثني عمي عبد الله بن وهب عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، إلا أن أحمد بن عبد الرحمن هذا، قد طعنوا فيه، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " شيخ مسلم، قال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، حدث بما لا أصل له ". وساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث أنكرت عليه، منها حديث له من روايته عن عمه ابن وهب بسنده الصحيح إلى ابن عمر مرفوعا، وقال: " فهذا موضوع على ابن وهب ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار فقط، وبيض له المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء! هذا في " الفيض "، وأما في " التيسير "، فقال: " إسناده ضعيف ". الحديث: 1663 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 1664 - " السلطان ظل الله في الأرض، فإن أحسنوا فلهم الأجر وعليكم الشكر، وإن أساءوا فعليكم الصبر وعليهم الإصر، لا يحملنكم إساءته على أن تخرجوا من طاعته، فإن الذل في طاعة الله، خير من خلود في النار، لولاهم ما صلح الناس ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " فضيلة العادلين من الولاة " (227 / 2) عن عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن سعيد بن معبد الأنصاري وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي طوالة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب، وخضعت له الأجساد ما هو؟ قال: " هو ظل الله ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي، قال ابن عدي في " الكامل " (275 / 1) : " ليس بالثبت في الحديث، حدث بالمناكير في فضائل علي وغيره، وهو متهم إذا روى شيئا من الفضائل، وكان السلف يتهمونه بأنه يضع في فضائل أهل البيت، وفي مثالب غيرهم ". الحديث: 1664 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 1665 - " أسد الأعمال ذكر الله على كل حال والإنصاف من نفسك ومواساة الأخ في المال ". ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد " (189 / 1 من الكواكب 575 ورقم 744 - طبع الهند) وابن أبي شيبة في " المصنف " (13 / 230 / 16187) وهناد في " الزهد " (2 / 509 / 1048) عن حجاج بن أرطاة عن أبي جعفر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله، الحجاج مدلس وقد عنعنه. الحديث: 1665 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 والحديث أورده السيوطي في " الجامع " بنحوه، من رواية ابن المبارك وهناد والحكيم عن أبي جعفر مرسلا، وأبي نعيم في " الحلية " عن علي موقوفا. ولم يتكلم المناوي على إسناد المرسل بشيء، وأما الموقوف فأعله بقوله: " وفيه إبراهيم بن ناصح، عده الذهبي في " الضعفاء " قال أبو نعيم: متروك الحديث. ومن ثم رمز لضعفه ". 1666 - " بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا مرضا مفسدا وهرما مفندا أوغنى مطغيا أوفقرا منسيا، أوموتا مجهزا، أوالدجال، فشر منتظر، أوالساعة، والساعة أدهى وأمر ". ضعيف. رواه الترمذي (3 / 257) والعقيلي في " الضعفاء " (425) وابن عدي (341 / 1) عن محرز بن هارون قال: سمعت الأعرج يحدث عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " محرز بن هارون، قال البخاري: " منكر الحديث "، وقد روي هذا الحديث بغير هذا الإسناد من طريق أصلح من هذا ". وقال الترمذي: " هذا حديث غريب حسن ". كذا قال، ولعله يعني الحسن لغيره للطريق التي أشار إليها العقيلي، وهو ما أخرجه الحاكم (4 / 321) من طريق عبد الله عن معمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا ... " الحديث، مثله دون قوله: " بادروا بالأعمال سبعا ". وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا في ظاهر السند، الحديث: 1666 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 ولكني قد وجدت له علة خفية، فإن عبد الله الراوي له عن معمر هو عبد الله بن المبارك، وقد أخرجه في كتابه " الزهد " وعنه البغوي في " شرح السنة " بهذا الإسناد إلا أنه قال: " أخبرنا معمر بن راشد عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة ... ". فهذا يبين أن الحديث ليس من رواية معمر عن المقبري، بل بينهما رجل لم يسم. ويؤيد ذلك أنهم لم يذكروا في شيوخ معمر المقبري ولا في الرواة عن هذا معمرا، ولوكان ذلك معروفا لذكروه لجلالة كل منهما، فهذا الرجل المجهول هو علة هذا السند. والله أعلم. 1667 - " بادروا بالعمل هرما ناغصا، أوموتا خالسا، أومرضا حابسا، أوتسويفا مؤيسا ". ضعيف. رواه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (2 / 19 / 2) عن يوسف بن عبد الصمد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عبد الرحمن هذا ضعيف لسوء حفظه، ولم يدرك أبا أمامة، فلعل بينهما أباه عبد الرحمن بن أبي ليلى. ويوسف بن عبد الصمد مجهول. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبيهقي في " الشعب "، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، غير أنه قال: " ورواه الديلمي في " الفردوس " عن أنس ". قلت: أخرجه (2 / 1 / 2) من طريق الحسين بن القاسم عن إسماعيل عن أبان عنه. وهذا إسناد ضعيف جدا، أبان هو ابن أبي عياش، متروك، ومن دونه لم أعرفهما. الحديث: 1667 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 1668 - " باكروا في طلب الرزق والحوائج، فإن الغدوبركة ونجاح ". ضعيف. رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (10 / 18 / 1) وابن عدي (11 / 1) وأبو نعيم في " الأمالي " (158 / 2) وكذا البغوي كما في " جزء أبي طالب العشاري عنه الحديث: 1668 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 (66 / 1 - 2) والطبراني في " الأوسط " (1 / 134 / 1 - 2) عن إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن هشام إلا إسماعيل ". وقال ابن عدي: " وعامة ما يرويه منكر ". قلت: قال الهيثمي (4 / 61) : " وهو ضعيف " ومن طريقه رواه البزار (رقم - 1247) . 1669 - " بحسب امرىء إذا رأى منكرا لا يستطيع له غيرا أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره ". ضعيف. رواه حرب بن محمد الطائي في " حديثه " (5 / 1) وابن عساكر في " كتاب الدعاء لابن غزوان الضبي " (67 / 1) عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة قال: سمعت من ابن مسعود كلمة ما سمعت بعد آية من كتاب الله أوحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب إلي منها، سمعته يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح، ولكنه موقوف، وقد رواه الربيع بن سهل بن الركين بن الربيع بن عميلة عن سعيد بن عبيد سمع الركين عن أبيه عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم به. ذكره البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 254 / 951) وفي " التاريخ الصغير " (188) ووصله الطبراني في " الكبير "، وقال البخاري وقد ذكر الربيع بهذا الحديث: " وروى غير واحد عن الركين وغيره عن أبيه عن عبد الله قوله، يخالف في حديثه ". وحكاه ابن عدي في " الكامل " (134 / 1) عن البخاري. وقال الذهبي في " الضعفاء ": " الربيع بن سهل ضعفوه ". الحديث: 1669 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 ونقل المناوي عن الهيثمي أنه قال في إسناد الطبراني: " وفيه الربيع بن سهل، وهو ضعيف ". قلت: ومع ضعفه فقد خولف في رفعه كما تقدم، والصواب الوقف. 1670 - " بحسب امرىء من الشر أن يشار إليه في دينه ودنياه، إلا من عصمه الله ". ضعيف. رواه ابن عدي (277 / 2) عن كلثوم بن محمد بن أبي سندرة الحلبي: حدثنا عطاء بن أبي مسلم الخراساني عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " كلثوم هذا يحدث عن عطاء الخراساني بمراسيل، وغيره، بما لا يتابع عليه ". قلت: وقال أبو حاتم: " يتكلمون فيه ". وعطاء الخراساني، قال الحافظ: " صدوق يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس ". والحديث رواه البيهقي في " الشعب " (2 / 337 / 1) من طريقين، هذا أحدهما، والطريق الآخر علقه عن عبد العزيز بن حصين، وضعفه يحيى والناس، وقال البيهقي: " والإسناد ضعيف ". ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث، (انظر تخريج الإحياء: 3 / 276) . قلت: وصله الطبراني في " الأوسط " (7033 - بترقيمي) عن عبد العزيز عن عبد الكريم أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة، وأعله الهيثمي بقوله في " مجمع الزوائد " (10 / 297) : " وفيه عبد العزيز بن حصين، وهو ضعيف ". قلت: وعبد الكريم ضعيف أيضا، والحسن مدلس. وله شاهد من حديث أنس، ولكنه لا يغني فتيلا، أخرجه البيهقي أيضا، قال المناوي: الحديث: 1670 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 " وفيه يوسف بن يعقوب، فإن كان النيسابوري، قال أبو علي الحافظ: ما رأيت بنيسابور من يكذب غيره، وإن كان القاضي باليمن فمجهول، وابن لهيعة ضعيف ". وله شاهد آخر من حديث عمران، ولكن فيه متهم أيضا كما سيأتي بيانه برقم (2430) . وقال ابن وهب في " الجامع " (ص 78) : وأخبرني من سمع الأوزاعي يحدث عن يحيى بن أبي كثير أن رسول الله عليه السلام قال: " كفى بالمرء من الشر أن يشير الناس إليه بالأصابع في دين أودنيا، فقيل: وإن يك خيرا؟ فقال: وإن يك خيرا، فهو مزلة إلا ما عصم الله، وإن يك شر فهو شر ". قلت: وهذا مع إعضاله فيه شيخ ابن وهب الذي لم يسم. 1671 - " براءة من الكبر: لبوس الصوف ومجالسة فقراء المسلمين وركوب الحمار واعتقال العنز ". ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 229) عن القاسم بن عبد الله العمري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " هذا حديث غريب لم نسمعه مرفوعا إلا من حديث القاسم عن زيد ". قلت: والقاسم هذا كذاب، يضع الحديث، كما قال أحمد وغيره، وقد خالفه خارجة بن مصعب فقال: عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرسله. أخرجه وكيع بن الجراح في " الزهد " (2 / 68 / 2) وعنه ابن عدي (121 / 1) . وخارجة واه أيضا، قال في " التقريب ": " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقال السيوطي في " اللآلىء " (2 / 265) بعد أن ذكره من طريق " الحلية ": " وأخرجه البيهقي (يعني في " الشعب ") ، وقال: كذا رواه القاسم من هذا الوجه مرفوعا، وروي أيضا عن أخيه عاصم عن زيد كذلك مرفوعا. وقد قيل: عن زيد عن جابر الحديث: 1671 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 مرفوعا. والله أعلم ". قلت: وعاصم أخو القاسم بن عبد الله لم أعرفه، وأخشى أن يكون اشتبه عليه بعاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، فإنه يروي أيضا عن زيد بن أسلم، وهو ضعيف جدا. والله أعلم. 1672 - " من احتجم أواطلى يوم السبت أوالأربعاء، فلا يلومن إلا نفسه من الوضح ". ضعيف. رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (171 / 2) : حدثنا علي حدثنا عبد العزيز بن عبد الله عن عون مولى أم حكيم عن الزهري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله، فيه جهالة، عون هذا - وهو مولى أم حكيم ابنة يحيى بن الحكم المديني - قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 386) : " عون مولى أم حكيم امرأة هشام بن عبد الملك، روى عن الزهري. روى عنه الماجشون وابن أبي ذئب وابنه محمد بن عون ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا والحديث علقه البغوي في " شرح السنة " (3 / 364) نحوه، فقال: " وروي عن عون مولى لأم حكيم عن الزهري.. ". وقد مضى موصولا برقم (1524) من طريق أخرى عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا، دون الطلي يوم السبت. الحديث: 1672 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 1673 - " لا قطع في زمن مجاعة ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 319) عن عامر بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم: حدثنا أبي وعمي عن جدي حدثنا زياد بن طلحة عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. أورده في ترجمة زياد هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك بيض له أبو الشيخ الحديث: 1673 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 ابن حيان في " طبقات الأصبهانيين " (119 / 95) . وأما عامر بن إبراهيم بن عامر فقال في ترجمته (2 / 38) : إنه ثقة توفي سنة (306) . وجده عامر بن إبراهيم ترجمه (2 / 36) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وعلى كل حال فزياد هذا مجهول، لم أره عند غير أبي نعيم، فهو علة الحديث، ولا يفيده أنه تابعه عبد القدوس عن مكحول به. أخرجه الخطيب (6 / 261) من طريق زيد بن إسماعيل الصائغ: حدثنا أبي حدثنا عبد القدوس عن مكحول به. أقول: لا يفيده هذا لأنه إسناد مظلم، أورده في ترجمة والد زيد هذا وهو إسماعيل بن سيار بن مهدي، ولم يذكر في ترجمته جرحا ولا تعديلا، ولا أي شيء سوى هذا الحديث، مما يشعر بأنه مجهول. ومثله ابنه زيد، فإني لم أجد له ترجمة. وأما عبد القدوس وهو ابن حبيب الشامي، فهو متهم بالكذب. 1674 - " ابنوا المساجد، واتخذوها جما ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 100 / 2) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (19 / 2) والبيهقي (2 / 439) عن هريم عن ليث عن أيوب عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، قال عبد الحق في " الأحكام " (35 / 1) : " ولم يتابع ليث على هذا وهو ضعيف، وغيره يرويه عن أيوب عن عبد الله بن شقيق قوله ". قلت: وهريم - بالتصغير - صدوق من رجال الشيخين. وتابعه أبو حمزة السكري عند ابن عدي في " الكامل " (ق 339 / 2) ، والبيهقي. الحديث: 1674 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 وتابعه أيضا زياد بن عبد الله البكائي عند أبي نعيم في " حديث الكديمي وغيره " (35 / 2) . 1675 - " ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، قال رجل: وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهو ر حور العين ". ضعيف. رواه الطبراني (1 / 119 / 2) : حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة: أخبرنا أيوب بن علي حدثنا زياد بن سيار عن عزة بنت عياض قالت: سمعت أبا قرصافة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم، من دون أبي قرصافة ليس لهم ذكر في شيء من كتب الرجال، حاشا محمد بن الحسن بن قتيبة، فإنه حافظ ثقة ثبت كما في " الشذرات " (2 / 261) وقد تابعه الحافظ ابن جوصا عند ابن عساكر (2 / 27 / 1) وغيره عند أبي بكر الشافعي في " الفوائد " (2 / 23 / 2) وابن منده في " المعرفة " (2 / 259 / 1) . وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 9) بعدما عزاه للطبراني: " وفي إسناده مجاهيل ". وذكره السيوطي في " اللآلىء " (2 / 240) شاهدا لحديث يأتي بلفظ: " كنس المساجد مهو ر الحور العين ". وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى برقم (4147) . الحديث: 1675 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 1676 - " أبو بكر خير الناس، إلا أن يكون نبيا ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 122) والديلمي (1 / 1 / 77) عن إسماعيل بن زياد الأبلي: حدثني عمر بن يونس بن القاسم عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه مرفوعا. الحديث: 1676 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 وكذا رواه ابن عساكر (9 / 319 / 1) والذهبي في ترجمة إسماعيل بن أبي زياد الشقري الخراساني، وقال: " تفرد به إسماعيل هذا، فإن لم يكن هو وضعه، فالآفة ممن دونه، مع أن معنى الحديث حق ". قلت: إسماعيل هذا ابن زياد الأبلي (وفي " الميزان " و" اللسان " (الأيلي) بالمثناة التحتية) لم أعرفه، وقد راجعت له " الإكمال " لابن ماكولا، و" الموضح " للخطيب (1 / 401 - 418) والذهبي إنما أورده في ترجمة الشقري، ويبدو أنه غير هذا، ولذلك عقب الحافظ عليه بقوله: " هكذا نقلت من خط المؤلف هذا الحديث في أثناء ترجمة إسماعيل بن أبي زياد، والصواب أن إسماعيل بن زياد الأيلي غير إسماعيل بن أبي زياد، فيحرر هذا ". قلت: ولم يتحرر لي فيه شيء حتى الآن، وأما الهيثمي فقد قال في " مجمع الزوائد " (9 / 44) : " رواه الطبراني، وفيه إسماعيل بن زياد وهو ضعيف "! فمن أين أخذ تضعيفه؟! فإنه إن كان يعني ما دل عليه ظاهر كلام ابن عدي في " الكامل " (1 / 308 - 309) أنه السكوني قاضي الموصل، فحقه أن يقول فيه: " ضعيف جدا "، فقد قال فيه: " منكر الحديث، عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه، إما إسنادا وإما متنا " وقال البرقاني في " سؤالاته " (13 / 4) عن الدارقطني: " ... السكوني متروك يضع الحديث ". وقد ساق له ابن عدي من مناكيره عدة أحاديث ليس منها هذا، بل رأيته قد ساقه في ترجمة عكرمة بن عمار (5 / 1914) من طريق أخرى عن إسماعيل بن زياد الأبلي قال: حدثنا عمر بن يونس به. فكان الأجدر به أن يذكره في ترجمة الأبلي، فإنه ختم ترجمة عكرمة بقوله: " وهو مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 فلا أدري وجه إيراده لهذا الحديث في ترجمة عكرمة، والراوي له عنه غير ثقة عنده؟! ثم إنني لم أر الحديث في النسخة المطبوعة من " المعجم الكبير " للطبراني، لا في " مسند سلمة "، ولا في " مسند أبي بكر "، فإن من عادته أن يروي أحيانا في " مسند الصحابي " أحاديث ليست من روايته، تتعلق بفضله أوترجمته. 1677 - " أنا ابن الذبيحين ". لا أصل له. ولذلك بيض له الزيلعي في " تخريج الكشاف "، وتبعه الحافظ بن حجر في " تخريجه " (4 / 141 / 294) ، ثم تلميذه السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص 14) . ويذكرون بهذه المناسبة ما أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (23 / 54) والحاكم (2 / 554) من طريق عمر بن عبد الرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه: حدثني عبد الله بن سعيد عن الصنابحي قال: " حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابني إبراهيم، فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل، وقال بعضهم: بل إسحاق الذبيح، فقال معاوية: سقطتم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه الأعرابي، فقال: يا رسول الله! خلفت البادية يابسة، والماء يابسا، هلك المال، وضاع العيال، فعد علي بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين! وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم، نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم، فأسهم بينهم، فخرج السهم لعبد الله فأراد ذبحه، فمنعه أخواله من بني مخزوم، وقالوا: أرض ربك، وافد ابنك. قال ففداه بمائة ناقة. قال: فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني ". سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: الحديث: 1677 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 " قلت: إسناده واه ". وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (4 / 18) : " وهذا حديث غريب جدا ". وبين علته السيوطي فقال في " الفتاوى " (2 / 35) : " هذا حديث غريب، وفي إسناده من لا يعرف حاله ". قلت: وأما ما نقله العجلوني في " كشف الخفاء " (1 / 199 / 606) عن الزرقاني في " شرح المواهب " أنه قال: " والحديث حسن، بل صححه الحاكم والذهبي، لتقويه بتعدد طرقه. انتهى ". فوهم منه على الزرقاني رحمه الله تعالى، فإنه لم يذكر شيئا من ذلك في هذا الحديث، وإنما قاله في حديث آخر معارض لهذا، نصه: " الذبيح إسحاق ". فقد خرجه من طرق أحدها عن ابن مسعود ثم قال (1 / 98) : " فهذه أحاديث يعضد بعضها بعضا، فأقل مراتب الحديث الأول (يعني: " الذبيح إسحاق ") أنه حسن، فكيف وقد صححه الحاكم والذهبي، وهو نص صريح لا يقبل التأويل بخلاف حديث معاوية، فإنه قابل له؟ ". فهذا نص صريح منه أنه لا يعني بما نقله العجلوني عنه حديث معاوية، كيف وهو قد جعله مخالفا لحديث ابن مسعود الذي قواه بتعدد طرقه؟ على أن هذه التقوية ليست قوية عندي، لأن الطرق المشار إليها واهية جدا، كما بينته فيما تقدم من هذه السلسلة (332) . إذا عرفت ما ذكرنا، فقول العجلوني عقب ما سبق نقله عنه عن الزرقاني: " وأقول: فحينئذ لا ينافيه ما نقله الحلبي في " سيرته " عن السيوطي أن هذا الحديث غريب، وفي إسناده من لا يعرف. انتهى ". فهو ساقط الاعتبار، لأنه بني على وهم، وما كان كذلك فهو وهم بداهة، وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟! الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 1678 - " إن أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها ". ضعيف. أخرجه الإمام أحمد (3 / 424) وأبو العباس الأصم في " حديثه " (1 / 140 / 1) ومن طريقه الحاكم (4 / 231) وكذا البيهقي (9 / 168) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3 / 197 / 1) من طريق عثمان بن زفر الجهني: حدثني أبو الأشد (وقال الأصم: أبو الأسد) السلمي عن أبيه عن جده قال: " كنت سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأمرنا أن نجمع لكل رجل منا درهما، فاشترينا أضحية بسبعة دراهم، فقلنا: يا رسول الله! لقد أغلينا بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رجل برجل، ورجل برجل، ورجل بيد، ورجل بيد، ورجل بقرن، ورجل بقرن، وذبحها السابع، وكبرنا عليها جميعا ". سكت عليه الحاكم، وأما الذهبي فقال في " تلخيصه ": " قلت: عثمان ثقة "! فوهم، وأوهم!! أما الوهم، فإن عثمان هذا ليس بثقة، بل هو مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان! ولعل الذهبي توهم أنه عثمان بن زفر التيمي، فهذا ثقة، ولكنه آخر دون هذا في الطبقة، من شيوخ أبي حاتم وأبي زرعة وغيرهما. وأما الإيهام، فهو بسبب توثيقه لعثمان، وسكوته عمن فوقه، فإنه بذلك يوهم أنه ليس فيهم من يعل به الحديث، وليس كذلك، فإن أبا الأشد مجهول أيضا، وبه أعله الهيثمي فقال في " المجمع " (4 / 21) : " رواه أحمد، وأبو الأشد، لم أجد من وثقه ولا جرحه، وكذلك أبوه، وقيل: إن جده عمرو بن عبس ". وأورده الحافظ في " التعجيل "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث أورده البيهقي في " باب الرجل يضحي عن نفسه وعن أهل بيته "! وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين " (3 / 502) : الحديث: 1678 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 " نزل هؤلاء النفر منزلة أهل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم، لأنهم كانوا رفقة واحدة ". وأقره في " عون المعبود " (3 / 57) ، وفيه نظر من وجهين: الأول: أن الحديث لا يصح لما عرفت. والثاني: أنه لوصح لكان دليلا على جواز الاشتراك في الشاة الواحدة من سبعة نفر، كما هو الشأن في البقرة، ولوكانوا من غير بيت واحد، على أن الحديث لم ينص فيه على الشاة، فيحتمل أن الأضحية كانت بقرة، ولو أن هذا فيه بعد. والله أعلم. 1679 - " إن لأبي طالب عندي رحما، سأبلها ببلالها ". ضعيف. رواه السراج في " حديثه " (201 / 1) : حدثنا محمد بن طريف أبو بكر الأعين حدثنا الفضل بن موفق حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي عن بيان عن قيس عن عمرو بن العاص مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير الفضل بن موفق فهو ضعيف، كما قال أبو حاتم وغيره. ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " مستخرجه "، وكذا الإسماعيلي لكنه أبهم لفظه كما في " الفتح " (10 / 345) وقد تابعه محمد بن عبد الواحد بن عنبسة: حدثنا جدي به. ولكني لم أجد لمحمد بن عبد الواحد هذا ترجمة. ومحمد بن طريف هو محمد بن أبي عتاب: طريف البغدادي. وهو ثقة أخرج له مسلم في مقدمة " الصحيح ". الحديث: 1679 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 1680 - " إن أتخذ منبرا، فقد اتخذه أبي إبراهيم، وإن أتخذ العصا فقد اتخذها أبي إبراهيم ". منكر. رواه أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج في " جزء من حديثه " (213 / 1) والهيثم بن كليب في " مسنده " (166 / 2) وابن عساكر (2 / 173 / 1) وكذا أبو نعيم الحديث: 1680 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 في " أخبار أصبهان " (2 / 175) وكذا البزار (633 - الكشف) والطبراني (20 / 167 / 354) كلهم عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن السلولي عن معاذ مرفوعا. وقال البزار: " لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا، موسى هذا منكر الحديث كما قال الحافظ تبعا لغيره من الأئمة، وقال الدارقطني: " متروك ". وذكر له ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 241) أحاديث هذا أحدها، وقال عن أبيه: " هذه أحاديث منكرة، كأنها موضوعة، وموسى ضعيف الحديث جدا ". وأورده الهيثمي في " المجمع " (2 / 181) وقال: " رواه البزار والطبراني في " الكبير "، وفيه موسى بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وهو ضعيف جدا ". وقد مضى حديث آخر في اتخاذ العصا، ولكنه موضوع كما بينته هناك (535) . 1681 - " إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا ". منكر. رواه الترمذي (2 / 56) والبغوي في " شرح السنة " (3 / 559) . من طريقين عن شداد أبي طلحة الراسبي عن أبي الوازع عن عبد الله بن مغفل قال: " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! والله إني لأحبك، فقال: انظر ما تقول، قال: والله إني لأحبك، فقال: انظر ما تقول، قال: والله إني لأحبك، ثلاث مرات، فقال: فذكر ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، وأبو الوازع الراسبي اسمه جابر بن عمرو، وهو بصري ". قلت: وهو من رجال مسلم، وكذا شداد أبو طلحة، ولكن في الشواهد، وقد تكلم بعض الأئمة فيهما، فقال ابن معين في الأول منهما: الحديث: 1681 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 " ليس بشيء ". وقال النسائي: " منكر الحديث ". ووثقه أحمد وابن معين. وكذلك وثقا الآخر، وضعفه عبد الصمد بن عبد الوارث. وقال العقيلي: " له غير حديث لا يتابع عليه ". وقال الدارقطني: " يعتبر به ". وقال الحاكم أبو أحمد: " ليس بالقوي عندهم ". قلت: فالراجح عندي أن هذا هو علة الحديث، وأنه حديث منكر. والله أعلم. وقد أوردهما الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال في الأول: " قال النسائي: منكر الحديث ". وقال في الآخر: " قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وقال العقيلي: له أحاديث لا يتابع عليها ". وقال فيه الحافظ: " صدوق يخطيء ". وقال في الأول: " صدوق يهم ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامعين " لـ " مسند أحمد " ولم أره فيه، ولا أورده أخونا السلفي في " فهرسه ". 1682 - " إن عمار بيوت الله هم أهل الله عز وجل ". ضعيف. أخرجه عبد بن حميد في " المسند " (142 / 1 - منتخبه) والعقيلي في " الضعفاء " (186) وأبو حفص الزيات في " حديثه " (ق 264 / 1) وتمام في " الفوائد " الحديث: 1682 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 (93 / 2) والطبراني في " المعجم الأوسط " (24 / 1 - زوائده) عن صالح المري عن ثابت البناني (زاد بعضهم: وميمون بن سياه وجعفر بن زيد) عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن ثابت إلا صالح ". قلت: وهو ضعيف، وقال العقيلي عقب حديثه هذا: " لا يتابع عليه، وفيه رواية أخرى تشبه هذه في الضعف ". قلت: ويشير بالرواية الأخرى - فيما أظن - إلى حديث: " إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ". وهو ضعيف أيضا، كما أشار إليه العقيلي، وقد بينت علته في " المشكاة " (723) ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن أنس مرفوعا بلفظ آخر نحوه، وسنده جيد، وقد خرجته في " الصحيحة " برقم (2728) . فهو يغني عن هذا. 1683 - " من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به ومن لم يفعل فهو أفضل، لأن الوضوء نور يوم القيامة مع سائر الأعمال ". ضعيف جدا. تمام الرازي في " فوائده " (6 / 112 / 2) وابن عساكر (17 / 246 / 1) من طريق أبي عمرو ناشب بن عمرو: حدثنا مقاتل بن حيان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته ناشب هذا، فقد قال البخاري: " منكر الحديث ". وضعفه الدارقطني. وهذا الحديث أصل القول الذي يذكر في بعض الكتب، وشاع عند المتأخرين أن الأفضل للمتوضئ أن لا ينشف وضوءه بالمنديل لأنه نور! وقد عرفت أنه أصل واه جدا فلا يعتمد عليه. الحديث: 1683 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 1684 - " أتى سائل امرأة وفي فمها لقمة، فأخرجت اللقمة فلفظتها فناولتها السائل، فلم تلبث أن رزقت غلاما، فلما ترعرع جاء ذئب فاحتمله، فخرجت أمه تعدو في أثر الذئب وهي تقول: ابني ابني، فأمر الله ملكا: الحق الذئب، فأخذ الصبي من فيه، وقال لأمه: إن الله يقرئك السلام، وقال: هذه لقمة بلقمة ". ضعيف. رواه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " (494 / 1 - 2) : حدثنا جعفر بن محمد وافاد أنبأنا علان منعما حدثنا يزيد بن أبي حكيم العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحكم بن أبان فيه ضعف من قبل حفظه، وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ثقة، قال ابن المبارك: ارم به ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق عابد، وله أوهام ". وعلان هذا لم أعرفه، ولم أستطع قراءة اللفظة التي بعده من المخطوطة. وجعفر بن محمد وافاد لم أجد له ترجمة. والحديث أورده السيوطي في " زوائده على الجامع الصغير " كما في " الفتح الكبير "، من رواية ابن صصرى في " أماليه " عن ابن عباس. وهو من زوائده على " الجامع الكبير " أيضا. الحديث: 1684 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 1685 - " أتاني جبريل بقدر فأكلت منها، فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع ". باطل. رواه ابن سعد (1 / 374) عن أسامة بن زيد عن صفوان بن سليم مرفوعا. قلت: وهذا مرسل أومعضل، ورجاله ثقات، وقد وصله الحربي، فقال في " غريب الحديث: 1685 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 الحديث " (5 / 43 / 1) : حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن أسامة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " أتاني جبريل بقدر يقال لها: الكفيت، فأكلت منها أكلة، فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع ". ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 376) وقال: " غريب من حديث صفوان، تفرد به وكيع ". قلت: لكن ابنه سفيان ساقط الحديث، كما أفاده الحافظ في " التقريب "، وقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 253) : " قال فيه أبو زرعة: كان يتهم بالكذب. وقال الخطيب: والحديث باطل ". وهو من الأحاديث التي سود بها السيوطي " الجامع الصغير "! ثم روى ابن سعد عن مجاهد وطاووس مرفوعا الشطر الثاني من الحديث. 1686 - " أتاني جبريل بهريسة من الجنة، فأكلتها، فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (165 / 1) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 17) من طريق سلام بن سليمان: حدثنا نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " ولسلام غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه حسان، إلا أنه لا يتابع عليه ". وقال في أول ترجمته: " وهو عندي منكر الحديث ". قلت: وهو المدائني الطويل، قال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". قلت: وشيخه نهشل - وهو ابن سعيد الورداني - مثله أوشر منه قال الحافظ: الحديث: 1686 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 " متروك، وكذبه إسحاق بن راهو يه ". وقال أبو سعيد النقاش: " روى عن الضحاك الموضوعات ". قلت: وهذا منها، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق ابن عدي وقال: " نهشل كذاب، وسلام متروك، مرمي، وأحدهما سرقه من محمد بن الحجاج، وركب له إسنادا ". وابن الحجاج هذا هو الذي اشتهر بهذا الحديث ووضع له عدة أسانيد. قال ابن الجوزي وغيره: " وضعه محمد بن الحجاج اللخمي، وكان صاحب هريسة، وغالب طرقه تدور عليه، وسرقه منه كذابون ". نقله عنه السيوطي في " اللآلىء " (2 / 234) وأقره. لكنه لم يلبث أن تعقبه في بعض طرقه الأخرى، فقد أورده من طريق الأزدي: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن زبالة: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا عمرو بن بكر عن أرطاة عن مكحول عن أبي هريرة قال: " شكى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل قلة الجماع، فتبسم جبريل حتى تلألأ مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من بريق ثنايا جبريل، ثم قال: أين أنت عن أكل الهريسة؟ قال: فيها قوة أربعين رجلا ". قال ابن الجوزي: " قال الأزدي: إبراهيم ساقط، فنرى أنه سرقه وركب له إسنادا ". فتعقبه السيوطي بقوله: " قلت: إبراهيم روى له ابن ماجة، وقال في " الميزان ": قال أبو حاتم وغيره: صدوق. وقال الأزدي وحده: ساقط. قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 في الجرح رهقا. انتهى، وحينئذ فهذا الطريق أمثل طرق الحديث، وقد أخرجه من طريقه ابن السني وأبو نعيم في الطب، وله طرق أخرى عن أبي هريرة ". قلت: لقد شغله نهمة التعقب على ابن الجوزي عن معرفة علة الحديث الحقيقية، وهي عمرو بن بكر وهو السكسكي الشامي. قال ابن عدي: " له أحاديث مناكير ". وقال ابن حبان: " روى عن ابن أبي عبلة وابن جريج وغيرهما الأوابد والطامات، التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أومقلوبة ". وقال الذهبي في " الميزان ": " قلت: أحاديثه شبه موضوعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". قلت: فهو آفة هذه الطريق، وقد وقع في " اللآلىء: " " عمر بن بكر " بضم العين، فإن كان هكذا وقع في أصل السيوطي في " موضوعات ابن الجوزي "، فيكون هو السبب في عدم انتباهه لهذه العلة، وهذا مما أستبعده. والله أعلم. على أن في الإسناد علة أخرى، وهي ابن زبالة، فقد قال فيه الذهبي: " مجهول ". وقال ابن حبان: " يأتي عن المدنيين بالأشياء المعضلات، فبطل الاحتجاج به ". وأما الطرق الأخرى عن أبي هريرة التي أشار إليها السيوطي، فهي مع كونها معلولة كلها، فإن اللفظ فيها مخالف لحديث الترجمة، لأن نصه: " أمرني جبريل بأكل الهريسة لأشد بها ظهري، وأتقوى على عبادة ربي ". فأين هذا مما جاء في رواية ابن زبالة من الشكوى من قلة الجماع، وأن في الهريسة قوة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 أربعين رجلا؟! ومع ذلك، فقد حكى السيوطي نفسه عن الخطيب وغيره أنه قال في حديث أبي هريرة هذا: " حديث باطل ". وهو الصواب، ولذلك فإن ابن عراق لم يحسن صنعا حين ذكر الحديث في " الفصل الثاني " من كتابه " تنزيه الشريعة " (2 / 253) مشيرا بذلك إلى متابعته للسيوطي في تعقبه على ابن الجوزي! 1687 - " أتاني جبريل عليه السلام فقال: أقرىء عمر السلام، وقل له: إن رضاه حكم وإن غضبه عز ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 163 / 2) عن خالد بن يزيد العمري: أخبرنا جرير بن حازم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته العمري هذا، قال الذهبي في " الميزان ": " كذبه أبو حاتم ويحيى، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات ". ثم ساق له حديثا من بلاياه! وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر، وقال: " فهذا من وضع خالد "! وزيد العمي ضعيف. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9 / 69) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه خالد بن يزيد العمري وهو ضعيف ". كذا قال، فسهل فيه القول، وحقه أن يقول: متهم بالكذب أوالوضع، ونحوذلك. وقوله: في " الأوسط ". لعله سهو، أوخطأ من الناسخ، وإلا فهو في " الكبير " ، في الموضع المشار إليه كما رأيت، وهو من موضوعات " الزيادة على الجامع الصغير "! الحديث: 1687 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 1688 - " أتاني ملك برسالة من الله تعالى، ثم رفع رجله فوضعها فوق السماء، والأخرى في الأرض لم يرفعها ". ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل " (201 / 1) والثعلبي في " التفسير " (3 / 84 / 2) والواحدي في " الوسيط " (3 / 199 / 2) عن صدقة بن عبد الله عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل صدقة هذا، فإنه ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب ". بل قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد والبخاري: ضعيف جدا ". وقال ابن عدي في آخر ترجمته: " وأكثر أحاديثه مما لا يتابع عليه، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". قلت: ولذلك فقد أصاب السيوطي في رمزه للحديث بالضعف، وإن كان لم يقع ذلك في كثير من نسخ " الجامع "، وأخطأ المناوي في قوله: " رمز المصنف لضعفه، وهو تقصير، بل حقه الرمز لحسنه، فإنه وإن كان فيه صدقة بن عبد الله الدمشقي، وضعفه جمع، لكن وثقه ابن معين ودحيم وغيرهما، وهو أرفع من كثير من أحاديث رمز لحسنها "! قلت: هذه مناقشة بطريق الإلزام، وذلك غير لازم بالنسبة لغير السيوطي كالمناوي كما هو ظاهر، فإن الحديث يجب أن ينقد بالنظر إلى إسناده فقط لا بالنسبة للأحاديث التي رمز لها السيوطي بالحسن! فإذا أدى النظر إلى أنه ضعيف كما هو الواقع الذي بينا، فلا يجوز رده بأن السيوطي حسن ما دونه، كما لا يخفى. وأما استناده على توثيق ابن معين ودحيم، ففيه نظر من وجهين: الأول: أن ابن معين ضعفه مع الجمهور كما في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 429) و" الميزان " و" التهذيب " وغيرها، ولم أجد أحدا ذكر عنه التوثيق! الحديث: 1688 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 والآخر: أن دحيما، ذكروا عنه فيه ثلاث روايات: الأولى: التوثيق. والثانية: مضطرب الحديث، ضعيف. والثالثة: لا بأس به. فإذا اختلفت الرواية عنه، فالأخذ بما وافق منها أقوال الأئمة الآخرين هو الواجب، ولاسيما، وهي جارحة، والجرح مقدم على التعديل، ثم هو جرح مفسر بقول دحيم نفسه: " مضطرب الحديث "، ونحوه قول مسلم فيه: " منكر الحديث ". فقوله في " التيسير " بناء على كلامه المذكور في " الفيض ": " فهو حسن ". خطأ بين، وإن تبعه العزيزي في " شرحه " كما نقله عنه المعلقون على " الجامع الكبير " (1 / 106) مقلدين له، والله المستعان. وقد ذكره الذهبي تبعا لابن عدي فيما أنكر على صدقة! 1689 - " أنا أعربكم، أنا من قريش، ولساني لسان بني سعد بن بكر ". موضوع. رواه ابن سعد (1 / 113) : أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا زكريا بن يحيى بن يزيد السعدي عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند تالف، محمد بن عمر هذا، هو الواقدي، وهو كذاب، ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، من رواية ابن سعد هذه! ولم يتكلم المناوي عليه بشيء! وزكريا بن يحيى وأبوه لم أجد من ذكرهما. الحديث: 1689 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 1690 - " أنزل الله علي أمانين لأمتي " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "، إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 181) عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عباد بن يوسف عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعا، وضعفه بقوله: " هذا حديث غريب، وإسماعيل بن مهاجر يضعف في الحديث ". قلت: وشيخه عباد بن يوسف مجهول كما في " التقريب ". وبالأول أعله المناوي أيضا في " الفيض "، وجزم بضعف إسناده في " التيسير ". الحديث: 1690 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 1691 - " دعوا الدنيا لأهلها، من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر ". ضعيف. عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لابن لال عن أنس، وتعقبه المناوي بأنه: رواه من هو أشهر منه وهو البزار، وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه. قال المنذري: ضعيف. وقال الهيثمي كشيخه العراقي: فيه هانىء بن المتوكل ضعفوه ". قلت: قد رواه من غير طريقه تمام الرازي في " الفوائد " (6 / 118 / 1) وعنه ابن عساكر (15 / 460 / 1) من طريق قاسم بن عثمان الجوعي: حدثنا جعفر بن عون عن مسلم الملائي عن أنس بن مالك به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته مسلم هذا وهو ابن كيسان الضبي الملائي. قال الحافظ: " ضعيف ". بل قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": الحديث: 1691 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 " تركوه ". والحديث أورده السيوطي أيضا بلفظ: " اتركوا الدنيا ... " إلخ، من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. فقال المناوي: " رمز المصنف لضعفه، وذلك لأن فيه من لا يعرف، لكن فيه شواهد تصيره حسنا لغيره ". قلت: ولا أعلم له شاهدا واحدا، فضلا عن شواهد! فنحن مع الضعف الظاهر حتى الآن إلى أن يظهر لنا ما يشهد له فينقل إلى الكتاب الآخر. وقد وقفت على إسناده عند الديلمي، فوجدته عنده (1 / 1 / 15 - مختصره) من طريق أبي الفيض ختن الأوزاعي عن الأوزاعي عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس به. وأبو الفيض هذا يظهر أنه يوسف بن السفر، وهو متهم بالكذب، لكني لم أر من ذكر أنه كان ختنا للأوزاعي، يعني زوج ابنته، وإنما ذكروا أنه كان كاتبه. والله أعلم. قلت: ومقتضى كلام المناوي المتقدم، أن الحديث حسن عنده، ولكنه في " التيسير " رأيته قد ضعفه ولم يحسنه، وهو الصواب الذي غفل عنه لجنة تحقيق " الجامع الكبير "، فنقلوا كلام المناوي المتقدم في تحسينه، وأقروه!! 1692 - " المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا سقمت المعدة صدرت العروق بالسقم ". منكر. رواه العقيلي (ص 16) وتمام في " الفوائد " (48 / 1) وابن عساكر (17 / 93 / 2) عن يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي الحراني: حدثنا إبراهيم بن جريج الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: الحديث: 1692 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 " هذا الحديث باطل لا أصل له. وهذا الكلام يروى عن ابن أبجر وهو عبد الملك بن سعيد عن أبيه ". ثم ساق سنده من كلامه. وقال الذهبي: " هذا منكر، وإبراهيم ليس بعمدة ". ونقل الحافظ في اللسان كلام العقيلي هذا وأقروه، وسبقه إلى ذلك شيخه العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 90) . ويحيى البابلتي ضعيف أيضا كما في " التقريب ". والحديث رواه البيهقي أيضا في " شعب الإيمان " كما في " المشكاة " (4566) . 1693 - " آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث والجراد والخيل والبغال كلها والبقر وغير ذلك، آجالها في التسبيح، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (444) وعنه ابن عساكر (17 / 456 / 1) عن الوليد بن موسى الدمشقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن الحسن عن أنس مرفوعا، وقال: " الوليد بن موسى الدمشقي أحاديثه بواطيل لا أصول لها، ليس ممن يقيم الحديث، منها: ". ثم ساق له حديثين هذا أحدهما، وقال: " لا أصل له من حديث الأوزاعي ولا غيره ". وأقره ابن عساكر. وقال الحافظ في " اللسان ": " وهذا منكر جدا ". وقال الذهبي: الحديث: 1693 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 " وله حديث موضوع ". قلت: وأظن أنه عنى هذا، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 222) من طريق العقيلي فأصاب. وجعجع حوله السيوطي في " اللآلىء " (2 / 421) دون طائل، وإن تبعه ابن عراق (2 / 366) ، فإن العقيلي ومن وافقه، أعلم منه بهذا الفن وأكثر. وقال ابن عراق: " قلت: وقع في " النكت البديعات " أن الوليد الذي في سند هذا الحديث هو الوليد بن مسلم، وتعقبه بأن الوليد بن مسلم من رجال " الصحيحين "، وهو وهم، فإنما هو الوليد بن موسى، وفي ترجمته في " اللسان " أورد الحافظ ابن حجر الحديث، وقال: منكر جدا. والله أعلم ". 1694 - " إن الله جعل رزق هذه الأمة في سنابك خيلها، وأزجة رماحها ما لم يزرعوا، فإذا زرعوا صاروا من الناس ". ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (5 / 335) : حدثنا وكيع أخبرنا سفيان عن برد عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، وبرد - وهو ابن سنان الشامي - ضعفه ابن المديني وأبو حاتم، ووثقه الجمهور. ومكحول هو الشامي، قال الحافظ: " ثقة فقيه كثير الإرسال ". فعلة الحديث الإرسال. وقد استنكرت منه قوله: " ما لم يزرعوا ... " إلخ. فإنه ينافي الأحاديث التي فيها الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة، تجد الكثير الطيب منها في " الترغيب " (3 / 244 - 245) وبعضها في " غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام " (رقم 157 - 159) . الحديث: 1694 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 والشطر الأول منه يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ... " الحديث. وهو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة " (104) و" الإرواء " (1269) . ثم إن حديث الترجمة مما فات السيوطي في " جامعيه ": " الصغير " و" ذيله " و" الجامع الكبير "، والمناوي في " الجامع الأزهر "، والله سبحانه ولي التوفيق. 1695 - " اتخذوا الديك الأبيض فإنه صديقي وعدوعدوالله، وكل دار فيها ديك أبيض لا يقربها الشيطان ولا ساحر ". موضوع. رواه الحازمي في " الفيصل " (41 / 2) عن شفام قال: حدثنا معلل بن {نفيل} قال: أخبرنا محمد بن محصن قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي عبلة عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده غير واحد من المجهولين والضعفاء ". قلت: شفام ومعلل لم أعرفهما. لكن محمد بن محصن، نسب إلى جده واسم أبيه إسحاق، قال الدارقطني: " يضع الحديث ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الأوسط "، وقال الهيثمي (5 / 117) : " فيه محمد بن محصن العكاشي كذاب ". نقله المناوي وأقره، ومع ذلك سود السيوطي بالحديث " الجامع "! وسكت عنه في " التيسير "!! الحديث: 1695 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 1696 - " اتق الله فيما تعلم ". ضعيف. رواه الترمذي (3 / 381) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (53 / 2) عن سعيد بن أشوع عن يزيد بن سلمة أنه قال: يا رسول الله! إني قد سمعت منك حديثا كثيرا، أخاف أن ينسيني أوله آخره، فحدثني بكلمة تكون جماعا، فقال: فذكره. الحديث: 1696 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 وكذا رواه البيهقي في " الزهد الكبير " (ق 109 / 1) وقال الترمذي: " هذا حديث ليس إسناده بمتصل، هو عندي مرسل، ولم يدرك عندي ابن أشوع يزيد بن سلمة ". قلت: وسعيد هو ابن عمرو بن أشوع، وهو ثقة، ولكنه لم يدرك يزيد بن سلمة الجعفي، كما أفاده الترمذي وصرح به المزي، فالحديث ضعيف لانقطاعه، وبه أعله السيوطي في " الجامع الكبير ". 1697 - " اتق يا علي دعوة المظلوم، فإنما يسأل الله حقه، وإن الله لن يمنع ذا حق حقه ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9 / 301 - 302) من طريق صالح بن حسان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل صالح بن حسان هذا، ترجمه الخطيب وروى تضعيفه عن جماعة من الأئمة كابن معين والبخاري وأبي داود وغيرهم، وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". والحديث عزاه في " المشكاة " (5134) للبيهقي في " شعب الإيمان ". الحديث: 1697 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 1698 - " اتقوا أبواب السلطان وحواشيها، فإن أقرب الناس من السلطان وحواشيها أبعدهم من الله، ومن آثر سلطانا على الله جعل الله الفتنة في قلبه ظاهرة وباطنة، وأذهب عنه الورع، وتركه حيران ". موضوع. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 42) والديلمي في " المسند " (1 / 1 / 44 - مختصره) عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن عبد الله بن أبي الأسود الحديث: 1698 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 الأصبهاني عن ابن عمر مرفوعا. أورده في ترجمة عبد الله هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وعنبسة بن عبد الرحمن القرشي متهم بالكذب، فهو آفة الحديث. والحديث عزاه في " الفتح الكبير " للحسن بن سفيان والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر، وأشار في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس " إلى إعلاله بعنبسة هذا. 1699 - " اتقوا الحجر الحرام في البنيان، فإنه أساس الخراب ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 155، 313) والخطيب (5 / 106) والديلمي (1 / 1 / 44) والقضاعي (56 / 2) وابن عساكر (16 / 395 / 1) عن معاوية بن يحيى عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل معاوية بن يحيى وهو الصيرفي، قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". قلت: وهو منقطع أيضا، فإن حسانا هذا إنما يروي عن ابن عمر بواسطة مولاه نافع. ولذلك قال ابن الجوزي: " حديث لا يصح، ومعاوية ضعيف، وحسان لم يسمع من ابن عمر ". نقله عنه المناوي وتعقبه بقوله: " لكن له طرق وشواهد، وممن رواه البيهقي والديلمي وابن عساكر والقضاعي في " الشهاب " وقال شارحه: غريب جدا ". وما أشار إليه من الطرق والشواهد، لم أجد له أثرا، ولعله يعني شواهد عامة في الأمر بالكسب الحلال، والنهي عن الكسب الحرام، ولا يخفى أن مثل هذا لا يجدي في تقوية مثل هذا اللفظ، ولعله لذلك لم يعتمده في " التيسير "، بل أقر فيه ابن الجوزي في قوله المتقدم: " لا يصح ". الحديث: 1699 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 1700 - " اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (274 / 1) والبيهقي في " السنن الكبرى " (10 / 211) والديلمي في " المسند " (1 / 1 / 43) عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده مرفوعا، وقال: " كثير هذا عامة أحاديثه لا يتابع عليها ". قلت: وهو ضعيف جدا، وفي " الضعفاء " للذهبي: " قال الشافعي: ركن من أركان الكذب. وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. وقال آخرون: ضعيف ". ومن طريقه رواه الحلواني أيضا، كما في " الجامع الصغير "، وقال شارحه المناوي: " سكت عليه، فلم يرمز له بضعف وغيره، ومن قال: إنه رمز لضعفه، فقد وهم، فقد وقفت على نسخته بخطه، ولا رمز فيها، إن سلم عدم وضعه، فقد علمت القول في كثير، وقال الزين العراقي: رواه ابن عدي من حديث عمرو بن عوف هذا وضعفه. انتهى. فعزوالمصنف الحديث لابن عدي وسكوته عما أعله به غير مرضي، ولعله اكتفى بإفصاحه بكثير ". قلت: وسكت عنه المناوي أيضا في " التيسير "، أفلا يقال فيه ما قاله هو في السيوطي؟! هذا، ولعل أصل الحديث موقوف، فرفعه كثير عمدا أوخطأ، فقد رأيت الشطر الأول منه من قول معاذ بن جبل رضي الله عنه، في مناقشة هادئة رائعة بين ابن مسعود وأبي مسلم الخولاني التابعي الجليل، لا بأس من ذكرها لما فيها من علم وخلق كريم، ما أحوجنا إليه في مناظراتنا ومجادلاتنا، وأن المنصف لا يضيق ذرعا مهما علا وسما إذا وجه إليه سؤال أو أكثر في سبيل بيان الحق، فأخرج الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 298) بسند جيد عن الخولاني: أنه قدم العراق فجلس إلى رفقة فيها ابن مسعود، فتذاكروا الإيمان، فقلت: أنا مؤمن. فقال ابن مسعود: أتشهد أنك في الجنة؟ فقلت: لا أدري مما يحدث الليل والنهار. الحديث: 1700 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 فقال ابن مسعود: لو شهدت أني مؤمن لشهدت أني في الجنة. قال أبو مسلم: فقلت: يا ابن مسعود! ألم تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أصناف: مؤمن السريرة مؤمن العلانية، كافر السريرة كافر العلانية، مؤمن العلانية كافر السريرة؟ قال: نعم. قلت: فمن أيهم أنت؟ قال: أنا مؤمن السريرة مؤمن العلانية. قال أبو مسلم: قلت: وقد أنزل الله عز وجل: " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن "، فمن أي الصنفين أنت؟ قال: أنا مؤمن. قلت: صلى الله على معاذ. قال: وما له؟ قلت: كان يقول: " اتقوا زلة الحكيم ". وهذه منك زلة يا ابن مسعود! فقال: أستغفر الله. وأقول: رضي الله عن ابن مسعود ما أجمل إنصافه، وأشد تواضعه، لكن يبدو لي أنه لا خلاف بينهما في الحقيقة، فابن مسعود نظر إلى المآل، ولذلك وافقه عليه أبو مسلم، وهذا نظر إلى الحال، ولهذا وافقه ابن مسعود، وأما استغفاره، فالظاهر أنه نظر إلى استنكاره على أبي مسلم كان عاما فيما يبدو من ظاهر كلامه. والله أعلم. 1701 - " أتتكم الأزد أحسن الناس وجوها وأعذبه أفواها وأصدقه لقاء ". موضوع. رواه ابن منده في " المعرفة " (2 / 26 / 2) عن الطبراني، وهذا في " الأوسط " (2964 - بترقيمي) بسنده عن سليمان الشاذكوني: أخبرنا محمد بن حمران أخبرنا أبو عمران محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده وكانت له صحبة، قال: " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصابة قد أقبلت، قال: أتتكم الأزد أحسن الناس ... الحديث، ونظر إلى كبكة قد أقبلت، فقال: من هذه؟ قالوا: هذه بكر بن وائل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أجبر كسرهم. الحديث، وقد ذكر في محله ". وقال الطبراني: " تفرد به الشاذكوني بهذا الإسناد ". الحديث: 1701 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 قلت: وهذا سند واه بمرة، سليمان هو ابن داود الشاذكوني، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ". " قال ابن معين: كان يكذب. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: متروك ". وأبو عمران وأبو هـ لا يعرفان، كما قال الحافظ في ترجمة عبد الرحمن والد عبد الله من " الإصابة ". وعزاه الهيثمي (10 / 46) للطبراني في " الكبير " أيضا، وقال: " ... الشاذكوني ضعيف "! 1702 - " أتحسبون الشدة في حمل الحجارة؟ إنما الشدة أن يمتلئ أحدكم غيظا ثم يغلبه ". ضعيف. رواه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (740) وابن وهب في " الجامع " (ص 65) وأبو عبيد (4 / 1) بسند صحيح عن عامر بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بناس يتجاذون مهراسا فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله. الحديث: 1702 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 1703 - " إذا كان أحدكم على وضوء فأكل طعاما فلا يتوضأ، إلا أن يكون لبن الإبل، إذا شربتموه فتمضمضوا بالماء ". ضعيف. أخرجه تمام في " الفوائد " (122 / 2) والطبراني (7646) عن سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا عبد الرحمن بن سوار الهلالي حدثنا حصين بن الأسود الهلالي حدثنا أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن وحصين الهلاليان لم أجد لهما ترجمة. وسليمان بن عبد الرحمن هو الدمشقي، كما صرح المؤلف به في " الصغير " (741 - الروض) و" الأوسط " (59 و64 و69 - ط) في أحاديث أخرى، وهو ابن بنت شرحبيل، صدوق يخطىء، ولم يعرفه الهيثمي، فقال في " المجمع " (1 / 252) : الحديث: 1703 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 " رواه الطبراني في " الكبير "، ورجاله لم أر من ترجم أحدا منهم "! والحديث عزاه في " الفتح الكبير " للطبراني أيضا والضياء! 1704 - " ما من أحد يلبس ثوبا ليباهي به، لينظر الناس إليه، لم ينظر الله إليه حتى ينزعه ". ضعيف جدا. أخرجه تمام في " الفوائد " (125 / 1) وكذا الطبراني في " الكبير " (23 / 283 / 618) من طريق عبد الخالق بن زيد بن واقد عن أبيه عن محمد بن عبد الملك بن مروان عن أبيه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، قال الذهبي في " الميزان ": " أنى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الأفاعيل؟! ". وقال الحافظ في " التقريب ": " كان طالب علم قبل الخلافة، ثم اشتغل بها، فتغير حاله، ملك ثلاث عشرة سنة استقلالا، وقبلها منازعا لابن الزبير تسع سنين ". والأخرى: عبد الخالق بن زيد. قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني، فقال المناوي: " وضعفه المنذري. قال الهيثمي: فيه عبد الخالق بن زيد بن واقد وهو ضعيف. وبه عرف ما في رمز المؤلف لحسنه ". الحديث: 1704 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 1705 - " خللوا لحاكم وأظفاركم، إن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر ". موضوع. رواه أبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " (188 / 1 مجموع 24) وعنه ابن عساكر (15 / 232 / 1) وتمام الرازي (8 / 122 / 1) من طريق عيسى بن عبد الله عن عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الخطيب في السادس من " الجامع "، كما في " المنتقى منه " (19 / 2) . قلت: وهذا موضوع، آفته عثمان بن عبد الرحمن، وهو الزهري الوقاصي، روى ابن عساكر (12 / 239 / 1) عن صالح بن محمد الحافظ أنه قال: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " كان يروي عن الثقات الموضوعات ". وعيسى بن عبد الله، لم يتبين لي الآن من هو؟ والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب في " الجامع " وابن عساكر عن جابر. وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء!! الحديث: 1705 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 1706 - " خلقان يحبهما الله، وخلقان يبغضهما الله، فأما اللذان يحبهما الله فالسخاء والسماحة، وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله على قضاء حوائج الناس ". موضوع. ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في الشعب عن ابن عمرو، وزاد المناوي في تخريجه: " وأبو نعيم والديلمي والأصبهاني وغيره ". ثم لم يتكلم على إسناده بشيء. الحديث: 1706 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 وقد وقفت عليه في " جزء أحاديث عن شيوخ الإجازة " تخريج القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي (152 / 1 مخطوط الظاهرية 37 مجموع) خرجه من طريق محمد بن يونس الكديمي: حدثنا أبو عاصم الكلابي حدثنا جدي عبيد الله بن الوازع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. ثم وجدته في " المنتقى من حديث أبي بكر بن سلمان الفقيه " (101 / 2) من هذا الوجه، إلا أنه قال: " عمرو بن عاصم " بدل: " أبو عاصم "، ثم وجدته في " حديث الكديمي " (32 / 1) رواية أبي نعيم مثل رواية أبي بكر الفقيه، وهو الصواب، فإن عمرو بن عاصم هو الكلابي وجده عبيد الله بن الوازع، وجده مجهول. والكديمي وضاع معروف. ثم رأيته في " شعب الإيمان " للبيهقي (2 / 249 / 2) والأصبهاني في " الترغيب والترهيب " (114 / 1) والديلمي أيضا من طريق أبي نعيم (2 / 135) من هذا الوجه. 1707 - " خليلي من هذه الأمة أويس القرني ". منكر. رواه ابن سعد في " الطبقات " (6 / 113) وعنه ابن عساكر (3 / 107 / 2) عن سلام بن مسكين قال: حدثني رجل قال: فذكره مرفوعا. قلت: ورجاله ثقات، لكنه مرسل، لأن سلام بن مسكين من أتباع التابعين، فالرجل الذي حدثه أحسن أحواله أنه تابعي، ولا يمكن أن يكون صحابيا فثبت أنه مرسل. ثم إن الحديث منكر عندي لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور: " ... وإني أبرأ إلى الله أن يكون لي فيكم خليل، وإن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولوكنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا ". الحديث رواه مسلم وغيره. الحديث: 1707 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 1708 - " خمس تفطر الصائم وتنقض الوضوء: الكذب والغيبة والنميمة والنظر بالشهو ة واليمين الفاجرة ". موضوع. رواه أبو القاسم الخرقي في " عشر مجالس من الأمالي " (224 / 2) عن عثمان بن سعيد: حدثنا بقية بن الوليد عن محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس مرفوعا. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من هذه الطريق، وقال: " موضوع " وأقره السيوطي في " اللآلىء " (2 / 106) وزاد ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (272 / 1) ، فقال: " قلت: رواه أبو الفتح الأزدي في " الضعفاء " في ترجمة محمد بن الحجاج الحمصي، وأعله به وقال: لا يكتب حديثه، وقال ابن أبي حاتم في العلل (1 / 258 - 259) : " سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث كذب. انتهى، واقتصر الشيخ الإمام تقي الدين السبكي في " شرح المنهاج " على تضعيفه. والله أعلم ". قلت: هذا الاقتصار قصور، سيما وهو مخالف لحكم إمام من الأئمة النقاد، ألا وهو أبو حاتم، وقد تبعه عليه ابن الجوزي ثم السيوطي على تساهله الشديد الذي عرف به! على أنه لم يسلم موقفه تجاه الحديث من التناقض، فقد أورد الحديث في الجامع الصغير من رواية الأزدي في " الضعفاء "، وقد علمت من كلام ابن عراق أن الطريق واحد! الحديث: 1708 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 1709 - " بريء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأعطى في النائبة ". ضعيف. رواه الطبراني (1 / 205 / 2) من طريق عمر بن علي المقدمي عن مجمع بن يحيى بن جارية قال: سمعت عمي خالد بن زيد الأنصاري قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن خالد بن زيد، وهو ابن حارثة الأنصاري لم تثبت صحبته. قال الحافظ في " الإصابة " (1 / 405) بعدما عزاه لأبي يعلى والطبراني: الحديث: 1709 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 " إسناده حسن، لكن ذكره البخاري، وابن حبان في (التابعين) ". ونقله المناوي وأقره، ولم يزد عليه بشيء، وعزاه أصله لهناد، يعني في " الزهد " (رقم: 1060) . وأنا أقول: إن كان مدار الحديث عنده وعند أبي يعلى من طريق عمر بن علي المقدمي الذي في طريق الطبراني، ففيه علة أخرى غير الإرسال، وهي تدليس المقدمي هذا، قال الحافظ: " كان يدلس شديدا "! قلت: ويعني به تدليس السكوت، كأن يقول: " حدثنا " أو" سمعت "، ثم يسكت، ثم يقول: " هشام بن عروة " أو" الأعمش " موهما أنه سمع منهما، وليس كذلك! وانظر الحديث (921) . ثم وجدت في مسودتي أن الحديث أخرجه ابن حبان في كتاب " الثقات " (4 / 202) من طريق أبي يعلى بسنده عن ابن المبارك عن مجمع بن يحيى به، وقال: " مرسل ". وأنه رواه أبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (26 / 2) عن سليمان بن شرحبيل: حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا عمارة بن غزية الأنصاري عن عمه عمر بن حارث عن أنس بن مالك مرفوعا به، دون قوله: " وأعطى في النائبة ". ومن هذا الوجه رواه الثعلبي أيضا في " تفسيره " (3 / 181 / 1 - 2) . قلت: وهذا إسناد غريب، عمر بن حارث عم عمارة بن غزية، لم أجد له ترجمة، ولم يذكروا في ترجمة عمارة بن غزية أنه يروي عن عمه هذا، وإنما عن أبيه غزية بن الحارث! وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن المدنيين، وهذه منها. وسليمان بن شرحبيل، وكتب كاتب " الفوائد " على " شرحبيل " " شراحيل " كأنه يعني نسخته. ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه سليمان بن شرحبيل أوشراحيل. ثم رأيت الحديث في " الزهد " لهناد (1060) من طريق آخر عن مجمع بن يحيى. فانحصرت العلة في الإرسال في هذا الوجه. والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 1710 - " خمس من العبادة: قلة الطعام عبادة والقعود في المساجد عبادة والنظر في المصحف من غير قراءة عبادة، والنظر في وجه العالم عبادة، وأظنه قال: والنظر في وجه الوالدين عبادة ". ضعيف جدا. رواه عفيف الدين أبو المعالي في " فضل العلم " (115 / 1) عن سليمان بن الربيع النهدي: حدثنا همام بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سليمان بن الربيع النهدي تركه الدارقطني. ومثله شيخه همام بن مسلم. الحديث: 1710 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 1711 - " ائتدموا ولوبالماء ". ضعيف. أخرجه تمام في " الفوائد " (ق 162 / 1) والطبراني في " جزء من حديثه " (ق 27 / 1) والخطيب في " التاريخ " (7 / 430) من طريق غزيل بن سنان الموصلي: حدثنا عفيف بن سالم عن سفيان عن ليث عن طاووس عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته ليث وهو ابن أبي سليم، وهو ضعيف لاختلاطه. وأما عفيف بن سالم فصدوق كما في " الميزان " و" التقريب ". وأما غزيل بن سنان الموصلي، فلم أعرفه، ولعله الذي في " الجرح والتعديل " (2 / 3 / 59) : " غضير (وفي نسخة: غصين) ابن سنان الضبي، روى عن ... (بياض) سمع منه أبي، وسألته عنه فقال: لا بأس به ". والحديث عزاه السيوطي لـ " أوسط الطبراني "، فقال المناوي: " وكذا أبو نعيم والخطيب. قال الهيثمي: وفيه غزيل بن سنان لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه مجهول، وآخر ضعيف ". الحديث: 1711 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 وما نقله المناوي عن الهيثمي هو في كتاب " الأطعمة " من " المجمع " (5 / 35) وقوله: " وبقية رجاله ثقات " ذهو ل عن ليث، فإنه ضعيف معروف الضعف، فتنبه! 1712 - " أتدرين ما خرافة؟ كان رجلا في بني عذرة، أسرته الجن، فمكث فيهم دهرا ثم ردوه إلى الإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة ". ضعيف. رواه الترمذي في " الشمائل " (2 / 58 - 59) وأحمد (6 / 157) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (9 / 234 / 2) عن مجالد بن سعيد عن عامر عن مسروق عن عائشة قالت: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نساءه حديثا فقالت امرأة منهن: يا رسول الله هذا حديث خرافة، قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير مجالد بن سعيد، فإنه ليس بالقوي كما في " التقريب ". فإذا عرفت ضعف الحديث، فلا وجه لما نقله فيه " المقاصد الحسنة " عن أبي الفرج النهرواني أنه قال في " الجليس الصالح " له: " عوام الناس يرون أن قول القائل هذه خرافة، معناه أنه حديث لا حقيقة له، ولا أصل له وقد بين ذلك الصادق المصدوق ". قال السخاوي: " ونحوه قول ابن الأثير في " النهاية ": أجروه على كل ما يكذبونه من الأحاديث وعلى كل ما يستملح، ويتعجب منه، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خرافة حق ". قلت: لقد أحسن ابن الأثير بإشارته إلى ضعف الحديث بتصديره إياه بقوله: " ويروى "، وكان الواجب على السخاوي أن يوضح ذلك ويكشف عن علته كما فعلنا، لأن كتابه موضوع لذلك! ومن عجيب أمره أنه قال: الحديث: 1712 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 " رواه الترمذي في " السمر " من " جامعه "، بل وفي " الشمائل النبوية " وأحمد وأبو يعلى في " مسنديهما " كلهم من حديث عامر الشعبي ... ". فكان عليه أن يقول: " كله من حديث مجالد بن سعيد عن عامر الشعبي "، لأن مجالدا هو علة الحديث فأغفلها. والله المستعان. ثم إن الحديث لم يروه الترمذي في " جامعه "، فاقتضى التنبيه. 1713 - " أتدرين ما حديث خرافة؟ إن خرافة كان رجلا من بني عذرة فأصابته الجن فكان فيهم حينا، فرجع إلى الإنس، فجعل يحدثهم بأشياء تكون في الجن، وبأعاجيب لا تكون في الإنس، فحدث أن رجلا من الجن كانت له أم، فأمرته أن يتزوج، فقال: إني أخشى أن يدخل عليك من ذلك مشقة أوبعض ما تكرهين، فلم تزل به حتى زوجته، فتزوج امرأة لها أم، فكان يقسم لامرأته ولأمه، ليلة عند هذه، وليلة عند هذه، قال: وكانت ليلة امرأته، فكان عندها، وأمه وحدها، فسلم عليها مسلم، فردت السلام ثم قال: هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: فهل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: فهل من محدث يحدثنا؟ قالت: نعم، أرسل إلى ابني يحدثكم، قال: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: هذه إبل وغنم ... ". ضعيف جدا. ابن أبي الدنيا في " ذم البغي " (34 / 1 - 2) عن عثمان بن معاوية عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، عثمان بن معاوية. قال ابن حبان: " شيخ يروي الأشياء الموضوعة التي لم يحدث بها ثابت قط ، لا تكتب روايته إلا على سبيل القدح ". الحديث: 1713 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 ثم ساق له هذا الحديث. وتعقبه الحافظ في " اللسان "، فقال: " وهذا الحديث الذي أنكره ابن حبان على هذا الشيخ، قد أورده ابن عدي في " الكامل " في ترجمة علي بن أبي سارة من روايته عن ثابت عن أنس، فتابع عثمان بن معاوية. وعلي بن أبي سارة ضعيف، وقد أخرج له النسائي ". وأقول: هذه المتابعة لا تجدي لأن ابن أبي سارة ضعفه البخاري جدا بقوله: " فيه نظر ". كما رواه ابن عدي عنه. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال: (287 / 2) : " كلها غير محفوظة وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضا ". ثم إن نص حديثه يختلف عن نص المشهو د له، فإنه قال في أوله: " حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة مرة حديثا، فقالت: لولا أنك حدثتني بهذا يا رسول الله لظننت أنه حديث خرافة، فقال لها: يا عائشة! وهل تدرين ما خرافة؟ قالت : لا، قال: فإن خرافة كان رجلا من بني عذرة، سبته الجن، فكان معهم، فإذا استرقوا السمع من السموات حدث بعضهم بعضا بذلك، فسمعه خرافة منهم، فيحدث به بني آدم، فيحدثونه كما يقول. وذكر الحديث ". 1714 - " ابن آدم أطع ربك تسمى عالما، ولا تعصه فتسمى جاهلا ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 345) والخطيب في " الفوائد الصحاح والغرائب " (جـ 2 رقم الحديث 10 - نسختي) من طريق علي بن زياد المتوثي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رجاء حدثنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وليس عند أبي نعيم (ابن آدم) . وقال: (عاقلا) مكان: (عالما) ، وقالا: هو والخطيب، واللفظ لهذا: الحديث: 1714 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 " حديث غريب جدا من حديث مالك بن أنس، تفرد بروايته عنه عبد العزيز بن أبي رجاء ". قلت: قال الذهبي في " الميزان ": " قال الدارقطني: متروك. له مصنف موضوع كله ". ثم ساق له هذا الحديث، وقال: " هذا باطل على مالك ". وأقره الحافظ في " اللسان ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 104 / 2) من رواية الخطيب في " رواة مالك " دون قوله " ابن آدم "، أي مثل رواية أبي نعيم. وأورده في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم، بلفظ الترجمة المخالفة للتي ذكرتها آنفا. وتعقبه المناوي بعدما نقل كلام الذهبي بقوله: " وقد اقتصر المؤلف على الرمز لتضعيفه، وكان الأولى حذفه ". ثم تردد المناوي في هذا الحكم فقال في " التيسير ": " وهو ضعيف بل قيل: موضوع ". 1715 - " ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان، فمن الشيطان ". ضعيف. أخرجه أحمد (1 / 237 و335) وابن سعد في " الطبقات " (8 / 24 - أوربا) عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: " لما ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون، فبكت النساء على رقية، فجاء عمر بن الخطاب فجعل يضربهن بسوطه، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال: دعهن يا عمر يبكين، ثم قال: (فذكره) ، فقعدت فاطمة على شفير القبر الحديث: 1715 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت تبكي، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه ". قلت: وهذا سند ضعيف، علي بن زيد هو ابن جدعان، جزم الحافظ في " التقريب " أنه " ضعيف ". 1716 - " ابن أختكم منكم وحليفكم منكم ومولاكم منكم، إن قريشا أهل صدق وأمانة، فمن بغى لها العواثر، أكبه الله في النار لوجهه ". ضعيف. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (75) والسري بن يحيى في: " حديث الثوري " (200 / 2) وابن أبي عاصم في " السنة " (147 / 2) والحاكم (4 / 73) وأحمد (4 / 340) والشافعي الشطر الثاني منه (1845 - ترتيبه) من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعه عن أبيه عن جده قال: " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فقال: هل فيكم من غيركم؟ قالوا: لا، إلا ابن أختنا وحليفنا ومولانا، فقال: .... " فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وهو القائل في إسماعيل هذا: " ما علمت روى عنه سوى عبد الله بن عثمان بن خثيم ". ولهذا قال الحافظ " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. قلت: وقد وجدت للشطر الثاني منه شاهدا من حديث جابر مرفوعا به، إلا أنه قال: " إلا كبه الله عز وجل لمنخريه ". أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " (3 / 320 / 1 - 2) من طريق المسور بن عبد الملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع المخزومي عن زيد بن عبد الرحمن بن عمرو بن نفيل - من بني عدي - عن أبيه قال: " جئت جابر بن عبد الله الأنصاري في فتيان من قريش، فدخلنا عليه بعد أن كف الحديث: 1716 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 بصره، فوجدنا حبلا معلقا في السقف، وأقراصا مطروحة بين يديه أو خبزا، فكلما استطعم مسكين قام جابر إلى قرص منها، وأخذ الحبل حتى يأتي المسكين فيعطيه، ثم يرجع بالحبل حتى يقعد، وقلت له: عافاك الله! نحن إذا جاء المسكين أعطيناه، فقال: إني أحتسب المشي في هذا، ثم قال: ألا أخبركم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: سمعته يقول: فذكره ". قلت: وهذا سند ضعيف، من دون جابر لم أعرفهم، غير المسور بن عبد الملك ترجمه ابن أبيه حاتم (4 / 1 / 298) من رواية جمع من الثقات ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي " الميزان " عن الأزدي: " ليس بالقوي ". قلت: فهذا القدر من الحديث حسن بمجموع الطريقين، ولذلك أوردته في " الصحيحة " (1688) كما أخرجت في (776) الجملة الأولى منه، والجملة الثالثة (1613) . والله أعلم. 1717 - " إياكم والحمرة، فإنها أحب الزينة إلى الشيطان ". ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (18 / 148 / 317) من طريق بكر بن محمد بن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن البصري عن عمران بن حصين مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحسن البصري مدلس وقد عنعنه. وسعيد بن بشير ضعيف، كما في " الإصابة " وغيره. وقد اختلف عليه في إسناده. فرواه بكر عنه هكذا. وأخرجه الحسن بن سفيان في " مسنده " من طريق يحيى بن صالح الوحاظي ومحمد بن عثمان كلاهما عنه فقال: عن " عبد الرحمن بن يزيد بن رافع " بدل: " عمران بن حصين ". وأخرجه ابن أبي عاصم من طريق محمد (بن) بلال عن سعيد بهذا الإسناد، لكنه سمى جده راشدا. الحديث: 1717 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 وكذا أخرجه ابن منده من طريق الوحاظي، كما في " الإصابة ". وأخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (ق 263 / 2) عن سعيد بن بشير مثل رواية ابن سفيان عنه. 1718 - " إن الشيطان يحب الحمرة، فإياكم والحمرة، وكل ثوب ذي شهرة ". ضعيف جدا. رواه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (283 / 2) والطبراني في " الأوسط " (7858 - بترقيمي) عن ابن جريج: أخبرني أبو بكر الهذلي عن الحسن عن رافع بن يزيد الثقفي مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه ابن عدي (169 / 2) والجوزقاني في " الأباطيل " (646) وقال: " باطل ". وقال ابن عدي: " أبو بكر الهذلي في حديثه ما لا يحتمل ولا يتابع عليه ". وعنه علقه ابن منده في " المعرفة " (2 / 198 / 1) . وقال ابن حجر الهيثمي في " أحكام اللباس " (7 / 1) : " إنه ضعيف ". وأقول: بل هو ضعيف جدا، فإن الهذلي هذا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " مجمع على ضعفه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الحاكم في " الكنى "، وابن قانع والبيهقي في " الشعب ". وذكر المناوي أن الطبراني رواه أيضا من طريق الهذلي. وأن الحافظ الحديث: 1718 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 قال في " الفتح ": " الحديث ضعيف، وبالغ الجوزقاني فقال: إنه باطل، وقد وقفت على كتاب الجوزقاني وترجمه بـ " الأباطيل "، وهو بخط ابن الجوزي، وقد تبعه على أكثره في " الموضوعات "، لكن لم يوافقه على هذا الحديث، ولم يذكره فيها فأصاب. انتهى ". قلت: والصواب أنه ضعيف كما قال الحافظ، لأن الجوزقاني رواه من طريق أخرى فيه اضطراب، وسعيد بن بشير، وهو ضعيف كما تقدم في الذي قبله. والله أعلم. 1719 - " إن الله تعالى بنى الفردوس بيده، وحظرها على كل مشرك وكل مدمن للخمر سكير ". ضعيف. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (10 / 177 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (3 / 94 - 95) والديلمي (1 / 2 / 225 - 226) من طريق أبي الطاهر بن السرح قال: حدثنا خالي أبو رجاء عبد الرحمن بن عبد الحميد قال: حدثني يحيى بن أيوب عن داود بن أبي هند عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث داود عن أنس رضي الله تعالى عنه، لم يروه عنه إلا يحيى بن أيوب المعافري المصري، تفرد به عنه أبو رجاء ". قلت: ورجاله كلهم ثقات، في بعضهم كلام لا يضر، وإنما علته الانقطاع بين داود وأنس. فإنه وإن كان رآه، فلم يثبت أنه سمع منه. قال ابن حبان: روى عن أنس خمسة أحاديث لم يسمعها منه. وقال الحاكم: لم يصح سماعه من أنس. وخفيت هذه العلة على المناوي، فأخذ يتكلم على بعض الرواة بما لا يقدح، ولولاها لكان الحديث ثابتا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبيهقي في " الشعب " وابن عساكر. الحديث: 1719 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 1720 - " إن من القرف التلف ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 159) وأحمد (3 / 451) من طريق يحيى بن عبد الله بن بحير قال: أخبرني من سمع فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله! أرض عندنا يقال لها: أرض أبين، هي أرض ريفنا وميرتنا، وإنها وبئة، أو قال: وباؤها شديد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعها عنك، فإن من القرف التلف ". قلت: وهذا سند ضعيف، لجهالة من سمعه من فروة. الحديث: 1720 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 1721 - " لوأمسك الله عز وجل المطر عن عباده خمس سنين، ثم أرسله، لأصبحت طائفة من الناس كافرين، يقولون: سقينا بنوء المجدح ". ضعيف. رواه النسائي (1 / 227) والدارمي (2 / 314) وابن حبان (606) وأحمد (3 / 7) والطبراني في " الدعاء " (ق 111 / 2) عن عمرو بن دينار عن عتاب بن حنين عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، وزاد الدارمي في آخره: " قال: المجدح كوكب يقال له: الدبران ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عتاب بن حنين، أورده ابن أبي حاتم برواية يحيى بن عبد الله بن صيفي وعمرو هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولذلك قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة كما هو اصطلاحه. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! والمحفوظ في الباب الحديث القدسي: " ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح منهم بها كافرين ... " الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (681) . الحديث: 1721 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 1722 - " إن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربهم، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم - وما فيهم من دني - على كثبان المسك والكافور، وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم ... (الحديث بطوله، وفيه:) ثم ننصرف إلى منازلنا، فيتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحبا وأهلا، لقد جئت، وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 89 - 90) وابن ماجة (4336) وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 785 - بتحقيقي) وتمام في " الفوائد " (13 / 241 - 242 / 2) من طرق عن هشام بن عمار: حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين: حدثنا الأوزاعي حدثنا حسان بن عطية عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبي هريرة، فقال أبو هريرة: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة، فقال سعيد: أفيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الترمذي مضعفا: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وعلته عبد الحميد هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي: ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، ربما أخطأ، قال أبو حاتم: كان كاتب ديوان، ولم يكن صاحب حديث ". وهشام بن عمار، وإن أخرج له البخاري ففيه كلام، قال الذهبي في " الميزان ": الحديث: 1722 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 " صدوق مكثر، له ما ينكر، قال أبو حاتم: صدوق قد تغير، فكان كلما لقن تلقن ". ونحوه في " التقريب ". وأخرجه ابن أبي عاصم (786) وتمام من طريق سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي به. لكن سويد هذا ضعيف جدا، قال البخاري: " فيه نظر لا يحتمل ". وذكره الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد: متروك الحديث ". 1723 - " أنا شفيع لكل رجلين تحابا في الله، من مبعثي إلى يوم القيامة ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 368) من طريق عمرو بن خالد الكوفي: حدثنا أبو هاشم الرماني عن زاذان أبي عمر الكندي عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عمرو بن خالد هذا، فقد كذبه أحمد ويحيى والدارقطني وغيرهم، وقال وكيع: " كان في جوارنا يضع الحديث، فلما فطن له تحول إلى واسط ". قلت: ثم رواه عنه كذاب آخر، ووضع له إسنادا آخر، وهو يحيى بن هاشم، فقال: حدثنا أبو خالد الواسطي عن زيد بن علي عن أبيه علي عن جده الحسين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه تمام في " الفوائد " (12 / 219 / 2) . قلت: وأبو خالد الواسطي، هو عمرو بن خالد الكذاب، الذي في الطريق الأولى، ويحيى بن هاشم هو أبو زكريا السمسار الغساني الكوفي، كذبه ابن معين وصالح جزرة، وقال الحديث: 1723 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 ابن عدي: " كان ببغداد يضع الحديث، ويسرقه ". والحديث أورده السيوطي في " زوائد الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم فقط عن سلمان! 1724 - " اللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك، اللهم فأعطنا منها ما يرضيك عنا ". ضعيف جدا. أخرجه تمام في " الفوائد " (12 / 223 / 1) من طريق دلهاث بن جبير: حدثنا الوليد بن مسلم: أنبأ الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، دلهاث هذا، قال الأزدي: " ضعيف جدا ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر فقط! واستدرك عليه المناوي المستغفري في " الدعوات "، وقال: " قال المصنف: وهذا الحديث متواتر "! وأنا أظن أن هذا خطأ مطبعي، وأن محله في غير هذا الحديث. فإنه ليس له طريق أخرى، فضلا عن أن يكون متواترا!! ولم ترد هذه العبارة في " الجامع الكبير " (544 - 9794) . الحديث: 1724 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 1725 - " إذا آخيت رجلا فسله عن اسمه واسم أبيه، فإن كان غائبا حفظته وإن كان مريضا عدته، وإن مات شهدته ". ضعيف جدا. قال في " الجامع ": رواه البيهقي في " الشعب " عن ابن عمر ورمز لضعفه، وبين السبب في ذلك شارحه المناوي، فقال: الحديث: 1725 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 " قال مخرجه البيهقي: تفرد به مسلمة بن علي بن عبيد الله، وليس بالقوي. انتهى، ومسلمة أورده الذهبي رحمه الله في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: قال الدارقطني وغيره: " متروك ". قلت: ومنه تعلم تساهله في " التيسير " بقوله: " وفي إسناده ضعف قليل "! وقال الترمذي: " ولا يصح إسناده ". كما يأتي في الحديث الذي بعده. وقد أخرجه تمام في " الفوائد " (12 / 215 / 2) عن مسلمة بن علي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: " رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أتلفت، فقال لي: مالك يا عبد الله؟ قلت: يا رسول الله! رجل أحببته، فأنا أطلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ". 1726 - " إذا آخى الرجل الرجل فليسأله عن اسمه واسم أبيه، وممن هو، فإنه أوصل للمودة ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 314) وابن سعد في " الطبقات " (6 / 65) وعبد بن حميد (ق 53 / 2) والترمذي (2 / 63) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 181) من طريق عمران بن مسلم القصير عن سعيد بن سلمان عن يزيد بن نعامة الضبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا نعرف ليزيد بن نعامة سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوهذا الحديث، ولا يصح إسناده ". يشير إلى الحديث الذي قبله. فعلة الحديث الإرسال، وشذ البخاري فقال: " يزيد بن نعامة له صحبة ". وقد خطؤوه في ذلك. وله علة أخرى، وهي جهالة الراوي عن سعيد بن سلمان، ويقال: سليمان. قال الذهبي: الحديث: 1726 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 " روى عنه عمران القصير فقط، ذكره ابن حبان في (ثقاته) ". وفي " التقريب ": " مقبول ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن سعد في " الطبقات "، والبخاري في " تاريخه "، والترمذي فقط! ورمز له بالضعف. 1727 - " إذا اتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء، وزلزلة وخسفا ومسخا وقذف، وآيات تتابع، كنظام بال قطع سلكه فتتابع ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 33) من طريق رميح الجذامي عن أبي هريرة مرفوعا، وقال مضعفا: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: ورميح هذا مجهول، كما في " التقريب ". ونحو هذا الحديث ما سيأتي بلفظ: " إذا فعلت أمتي خمس عشر خصلة ". الحديث: 1727 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 1728 - " بادروا أولادكم بالكنى، لا تغلب عليهم الألقاب ". موضوع. رواه ابن عدي (34 / 1) والديلمي (2 / 1 / 2) من طريق أبي الشيخ عن أبي علي الدارسي: حدثنا حبيش بن دينار عن زيد بن أسلم عن ابن عمر الحديث: 1728 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 مرفوعا. وقال ابن عدي: " أبو علي الدارسي بشر بن عبيد منكر الحديث ". قلت: وكذبه الأزدي. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان، وقال: " لا يصح، حبيش يروي عن زيد العجائب لا يجوز الاحتجاج به ". قلت: وإعلاله بحبيش هو الصواب لأن الدارسي صدوق كما بينته في ترجمته من " تيسير الانتفاع "، وبه أعله ابن الجوزي كما رأيت. وتعقبه السيوطي في " اللآلىء " بقوله (1 / 111) : " قلت: أخرجه الدارقطني في " الأفراد "، وابن عدي، وقال: (فذكر ما تقدم عنه) ، وأورده صاحب " الميزان " في ترجمته، وقال: إنه غير صحيح. وقال ابن حجر في " كتاب الألقاب ": سنده ضعيف، والصحيح عن ابن عمر قوله. انتهى، وله طريق آخر، قال الشيرازي في " الألقاب ": أنبأنا ... حدثنا إسماعيل بن أبان: أخبرني جعفر الأحمر عن أبي حفص عن أنس بن مالك مرفوعا به. إسماعيل متروك، وجعفر ثقة ينفرد. والله أعلم ". قلت: وهذا التعقب لا طائل تحته، لأن إسماعيل هذا وهو الغنوي كان يضع الحديث كما قال ابن حبان. وقال أحمد: " روى أحاديث موضوعة ". ولذلك تعقبه ابن عراق بقوله (1 / 199) : " قلت: إسماعيل بن أبان كان يضع، كما مر في المقدمة ". 1729 - " ذكر علي عبادة ". موضوع. رواه ابن عساكر (12 / 153 / 2) عن الحسن بن صابر الهاشمي: أخبرنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا، الحسن هذا متهم، قال الذهبي: " قال ابن حبان: منكر الحديث. ثم ساق له ... عن عائشة مرفوعا: لما خلق الله الفردوس، قالت: رب زيني، قال: قد زينتك بالحسن والحسين. وهذا كذب ". الحديث: 1729 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان، وقال: " الحسن بن صابر منكر الرواية جدا ". ثم ساق له ابن الجوزي طريقا أخرى، فيها لوط أبو مخنف والكلبي، قال: " وهما كذابان ". وساق له السيوطي (1 / 389) طريقا ثالثا رواه الطبراني وفيه عباد بن صهيب، قال السيوطي: " وهو أحد المتروكين ". ثم إن الحديث الأول أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن عائشة. وأعله المناوي بقول ابن حبان المتقدم في ابن صابر، وذلك يقتضي أن إسناده ضعيف جدا كما تقدم، فقوله في " التيسير ": " إسناده ضعيف ". غاية في التقصير، ومتنه ظاهر الوضع. 1730 - " أتيت بمقاليد الدنيا (وفي رواية: بمفاتيح خزائن الدنيا) على فرس أبلق [جاءني به جبريل عليه السلام] عليه قطيفة من سندس ". ضعيف. رواه أحمد (3 / 327 - 328) وابن حبان (2138) وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (290) والرواية الأخرى مع الزيادة له، وأبو حامد الحضرمي في " حديثه " (159 / 1) عن حسين بن واقد عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم، لكن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه، فهو من أجلها ضعيف. الحديث: 1730 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 1731 - " ابنوا مساجدكم جما، وابنوا مدائنكم مشرفة ". ضعيف. أورده هكذا السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن أبي شيبة عن ابن عباس مرفوعا. والذي رأيته في " المصنف " في باب " في زينة المساجد وما جاء فيها " (1 / 209) : خلف بن خليفة عن موسى عن رجل عن ابن عباس قال: " أمرنا أن نبني المساجد جما، والمدائن شرفا ". الحديث: 1731 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة الرجل الذي لم يسم، وموسى الراوي عنه لم أعرفه. 1732 - " أصدق الرؤيا بالأسحار ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 44 - 45) والدارمي (2 / 125) وأبو يعلى في " مسنده " (2 / 509 / 383) وابن حبان (1799) وابن عدي في " الكامل " (ق 131 / 1 - 2) والحاكم (4 / 392) والخطيب في " التاريخ " (8 / 26 و11 / 342) من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم به، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه المناوي، ثم الغماري، ومن قبلهما الذهبي! مع أنه أورد دراجا هذا في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير ". ولهذا ذكر ابن عدي أن هذا الحديث مما أنكر من أحاديث دراج هذا. وأما الترمذي فسكت عنه! الحديث: 1732 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 1733 - " إني فيما لم يوح إلي كأحدكم ". موضوع. أخرجه ابن شاهين في " فضائل العشرة " من " السنة " رقم (32 - نسختي) والإسماعيلي في " المعجم " (94 / 1 - 2) من طريق أبي يحيى الحماني عن أبي القطوف جراح بن المنهال عن الوضين بن عطاء عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجهه إلى اليمن، وثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكلموا، فقال أبو بكر: يا رسول الله! لوأنك أذنت لنا بالكلام ما كان لنا أن نتكلم معك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره، وزاد) : فتكلموا، فتكلم أبو بكر، وأمر بالرفق، فقال الحديث: 1733 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ما ترى؟ فقال بخلاف ما قال أبو بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله من فوق سمائه يكره أن يخطأ أبو بكر ". قلت: وهذا إسناد واه بمرة، الجراح هذا، قال البخاري ومسلم: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان: " كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر ". والحديث قال الهيثمي (9 / 46) : " رواه الطبراني، وأبو القطوف لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف ". قلت: كأنه لم يقع في الطبراني مسمى وهو الجراح بن المنهال كما رأيت، والخلاف الذي ذكره في بعض رواته كأنه يعني به أبا يحيى الحماني، فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، لكن الآفة من شيخه الجراح! ثم رأيت الحديث في " الطبراني " (20 / 67 / 124) من الوجه المذكور عن أبي القطوف غير مسمى، فلذلك لم يعرفه الهيثمي كما تقدم، ومع أن المناوي نقل كلامه في " الفيض "، وأقره، وذلك يستلزم ضعفه، عاد في " التيسير "، فحسن إسناده! فكيف وقد عرف أنه الجراح المتروك؟! 1734 - " أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى ". كذب. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (11 / 384) من طريق أبي القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا بشر بن دحية حدثنا قزعة بن سويد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أورده في ترجمة الشاعر هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك صنع الذهبي، وساق له هذا الحديث، وقال: " خبر كذب، هو المتهم به ". قلت: نعم هو كذب واضح، ولكن المتهم به هو غيره، فقد ذكر الذهبي نفسه في الحديث: 1734 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 ترجمة عمار بن هارون المستملي أن ابن عدي أخرجه من طريقه: حدثنا قزعة بن سويد به. وعقبه الذهبي بقوله: " قلت: هذا كذب، قال ابن عدي: حدثناه ابن جرير الطبري حدثنا بشر بن دحية حدثنا قزعة بنحوه. قلت: ومن بشر؟! قال ابن عدي: قد حدث به أيضا مسلم بن إبراهيم عن قزعة. وقزعة ليس بشيء ". قلت: ففيما ذكرنا ما يوضح أن أبا القاسم الشاعر بريء الذمة من هذا الحديث المكذوب. وأن التهمة منحصرة في بشر بن دحية أوشيخه قزعة، وكان يمكن تبرئة الأول منهما من عهدته برواية المستملي إياه عن قزعة، كما فعل الحافظ في ترجمة بشر، ولكن المستملي هذا متروك الحديث، كما قال موسى بن هارون، وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه غير محفوظ، كان يسرق الحديث ". فيمكن أن يكون سرقه من بشر هذا، ثم رواه عن شيخه قزعة. وعليه فلا نستطيع الجزم بتبرئته منه، فهو آفته، أوشيخه قزعة. والله أعلم. 1735 - " غطوا حرمة عورته، فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير، ولا ينظر الله إلى كاشف عورة ". موضوع. رواه الحاكم في " المستدرك " (3 / 257) عن أحمد بن محمد بن ياسين: حدثنا محمد بن حبيب السماك حدثنا عبد الله بن زياد الثوباني - من ولد ثوبان - عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ليث مولى محمد بن عياض الزهري عن محمد بن عياض قال: " رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغري وعلي خرقة، وقد كشفت عن عورتي فقال: ... " فذكره "، وسكت عنه! ورده الذهبي في " تلخيصه " بقوله: " قلت: إسناده مظلم، ومتنه منكر ". وقال في " موضوعات من مستدرك الحاكم ": الحديث: 1735 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 " قلت: إسناده ظلمات، وابن ياسين تالف، وابن لهيعة لا يحتمل هذا، ومحمد بن عياض لا يدرى من هو ". وقال في ترجمة ابن ياسين من " الميزان ": " قال السلمي: سألت الدارقطني عن أبي إسحاق بن ياسين الهروي؟ فقال: شر من أبي بشر المروزي، وأكذبهما. وقال الإدريسي: كان يحفظ، سمعت أهل بلده يطعنون فيه، لا يرضونه ". وأجمل القول في إسناده الحافظ في " الإصابة "، فقال: " وفي السند مع ابن لهيعة غيره من الضعفاء ". ومن عجائب الذهبي أنه مع طعنه في إسناد الحديث لما أورد محمد بن عياض في " التجريد "، قال: " ذكره الحاكم في " مستدركه " في (الصحابة) قال: رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغري وأنا في خرقة ". كذا قال، ولم يزد! وهو من موضوعات " الجامع الصغير "! 1736 - " السلام قبل الكلام، ولا تدعوا أحدا إلى الطعام حتى يسلم ". موضوع. أخرجه الترمذي (2 / 117) وأبو يعلى في " مسنده " (115 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 78) عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث منكر، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسمعت محمد (يعني: البخاري) يقول: عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف في الحديث، ذاهب، ومحمد بن زاذان منكر الحديث ". قلت: قال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 1736 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 " هو متروك، وعنبسة متروك، رماه أبو حاتم بالوضع ". قلت: ولم يقع للأول ذكر في إسناد أبي يعلى. والحديث عزاه السيوطي لأبي يعلى فقط، وإنما عزا للترمذي منه الشطر الأول فقط، وهو عنده بتمامه. ولم يتنبه لذلك المناوي، وعليه جاء كلامه مختلفا، فقال في الشطر الأول: " وحكم ابن الجوزي بوضعه، وأقره عليه ابن حجر، ومن العجب أنه ورد بسند حسن، رواه ابن عدي في " كامله " من حديث ابن عمر باللفظ المذكور، وقال الحافظ ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به، فأعرض المصنف عن الطريق الجيد، واقتصر على المضعف المنكر، بل الموضوع، وذلك من سوء التصرف ". قلت: السند الحسن ليس لابن عيد كما بينته في " الصحيحة " (816) . ثم قال في حديث أبي يعلى: " قال الهيثمي: في إسناده من لم أعرفه ". قلت: إنما قال الهيثمي هذا في حديث آخر لجابر نصه: " لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام، وهو حديث صحيح لطرقه وشواهده، ولذلك خرجته في الكتاب الآخر (817) . 1737 - " إذا كتبت فبين (السين) في " بسم الله الرحمن الرحيم " ". ضعيف. رواه أبو الغنائم الدجاجي في " حديث ابن شاه " (129 / 2) عن الفضل بن سهل ذي الرياستين: سمعت جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي يقول: سمعت أبي يحيى ابن خالد يقول: سمعت أبي خالد بن برمك يقول: سمعت عبد الحميد بن يحيى كاتب بني أمية يقول: سمعت سالم بن هشام يقول: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: سمعت زيد بن ثابت يقول مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الكازروني في " المسلسلات " (120 / 2) وكذا الخطيب في التاريخ (12 / 340) والديلمي (1 / 1 / 146) وابن عساكر (9 / 404 / 1) الحديث: 1737 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 وأورده في ترجمة عبد الحميد هذا، وأما الخطيب فأورده في ترجمة ذي الرياستين ولم يذكرا فيهما جرحا ولا تعديلا. وجعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، الوزير بن الوزير، وهما على شهرتهما في الوزارة لهارون الرشيد، فلا يعرفان في الرواية. وبالجملة، فالإسناد ضعيف مظلم. وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء. هذا في " الفيض "، وأما في " التيسير " فجزم بأنه ضعيف. 1738 - " إذا كتب أحدكم كتابا، فليتربه، فإنه أنجح للحاجة، [وفي التراب بركة] ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 119) والعقيلي في " الضعفاء " (104) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 238) من طريق حمزة بن أبي حمزة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث منكر، لا نعرفه عن أبي الزبير إلا من هذا الوجه، وحمزة - وهو النصيبي - ضعيف الحديث ". قلت: بل هو متروك متهم بالوضع كما في " التقريب ". وقال العقيلي: " لا يحفظ هذا الحديث بإسناد جيد ". قلت: وقول الترمذي : لا نعرفه ... إنما هو بالنظر لما وصل إليه علمه. وإلا، فقد تابعه عمر بن أبي عمر وأبو أحمد عن أبي الزبير به نحوه، وهو ضعيف كما قال الذهبي والعسقلاني، ويأتي لفظه في الذي بعده. ثم إن في الإسناد علة أخرى، وهي عنعنة أبي الزبير. وقد وجدت له شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به. الحديث: 1738 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 أخرجه ابن عدي في " الكامل " (10 / 2) من طريق بقية عن ابن عياش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه. أورده في ترجمة ابن عياش هذا، وهو إسماعيل وقال في آخرها: " وهذه الأحاديث من أحاديث الحجازيين كيحيى بن سعيد ومحمد بن عمرو.. و.. و.. ومن حديث العراقيين إذا رواه ابن عياش عنهم، فلا يخلومن غلط ... وحديثه عن الشاميين إذا روى عنه ثقة، فهو مستقيم، وفي الجملة، إسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه، ويحتج به في حديث الشاميين خاصة ". قلت: وهذا من حديثه عن الحجازيين، فلا يحتج به، لاسيما والراوي له عنه، إنما هو بقية، وقد عنعنه. ولبقية فيه إسناد آخر، ولفظ آخر، وهو: " تربوا صحفكم، أنجح لها، إن التراب مبارك ". 1739 - " تربوا صحفكم، أنجح لها، إن التراب مبارك ". منكر. رواه أبو بكر بن أبي شيبة " في الأدب " (1 / 152 / 1) وعنه ابن ماجة (3774) عن يزيد بن هارون عن بقية عن أبي أحمد الدمشقي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. ورواه ابن عدي (242 / 2) وابن عساكر (13 / 174 / 2) والضياء المقدسي في " المختارة " (10 / 99 / 2) عن عمار بن مضر أبي ياسر: حدثنا بقية عن عمر بن أبي عمر عن أبي الزبير به. وهكذا رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (69 / 1) وقال ابن عساكر: قال الدارقطني: " تفرد به بقية عن عمر بن أبي عمر ". وروى ابن عدي (43 / 2) عن أحمد بن أبي يحيى البغدادي قال: " سألت أحمد بن حنبل في السجن عن حديث يزيد بن هارون (قلت: فذكره) فقال: الحديث: 1739 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 هذا منكر، وما رواه بقية عن بحير وصفوان وثقاته يكتب، وما روى عن المجهولين لا يكتب ". ثم رواه ابن أبي شيبة عن يزيد قال: حدثنا أبو شيبة عن رجل عن الشعبي مرفوعا به نحوه، وعنه أيضا: أنبأ أبو عقيل حدثنا أبو سلمة بن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: فذكره موقوفا نحوه. والحديث من الأحاديث التي وردت في " المشكاة " (4657) وحكم القزويني بوضعه. ورده الحافظ ابن حجر في رسالته التي طبعت في آخر " المشكاة " بالطريقين المذكورين عن أبي الزبير، وقال: " فلا يتأتى الحكم عليه بالوضع مع وروده من جهة أخرى، وقد أخرجه البيهقي من طريق عمر بن أبي عمر عن أبي الزبير أيضا ". روى الخطيب في " الجامع " (4 / 159 / 1) عن ابن عبد الوهاب الحجبي قال: " كنت في مجلس بعض المحدثين ويحيى بن معين إلى جنبي فكتبت صحفا فذهبت لأتربه، فقال لي: لا تفعل فإن الأرضة تسرع إليه، قال: فقلت له: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أتربوا الكتاب فإن التراب مبارك وأنجح للحاجة. قال: ذاك إسناد لا يسوي شيئا. 1740 - " إذا كتب أحدكم إلى أحد فليبدأ بنفسه ". ضعيف. أخرجه الطبراني، وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10 / 142 - 143 طبع المجمع العلمي) : حدثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال الدمشقي أخبرنا أبي أخبرنا أبو محمد بشير بن أبان بن بشير بن النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري عن أبيه عن جده قال: " كتب مروان بن الحكم إلى النعمان بن بشير يخطب على ابنه عبد الملك بن مروان أم أبان بنت النعمان، وكان كتابه إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، من مروان بن الحكم إلى الحديث: 1740 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 النعمان بن بشير سلام عليكم ... فلما قرأ النعمان الكتاب كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى مروان بن الحكم، بدأت باسمي سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده ابن عساكر في ترجمة بشير بن أبان هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد وقع منسوبا لجده، واسم أبيه النعمان بن أبان ابن بشير بن النعمان بن بشير ... الأنصاري، ولم أجد له ترجمة. والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للطبراني في " المعجم الكبير "، وقال المناوي: " وفيه مجهول، وضعيف ". قلت: أما المجهول، فهو بشير بن أبان هذا أوأبو هـ. وأما الضعيف فلم أعرف من هو الذي يعنيه، فإن محمد بن هارون لم أجده في " الميزان ". و" اللسان "، ولا رأيت له ترجمة في غيرهما. وأما أبو هـ هارون بن محمد فقال أبو حاتم: " صدوق ". والنسائي: " لا بأس به ". والله أعلم. وللحديث شاهد ولكن إسناده هالك فانظر الحديث الآتي (2702) . 1741 - " بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب ". ضعيف جدا. رواه الخطيب في " الجامع " كما في " المنتقى منه " (19 / 1) عن علي بن العباس: حدثنا عباد بن يعقوب أخبرنا عمر بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر محمد بن علي مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء والعلل، فإنه مع كونه مرسلا أومعضلا سقط من إسناده الصحابي والتابعي على الأقل، فإن كل من دون أبي جعفر وهو الباقر متكلم فيهم. 1 - فرات بن أحنف، أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: الحديث: 1741 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 " ضعفه النسائي وغيره ". 2 - عمر بن مصعب، أورده العقيلي ثم الذهبي في " الضعفاء ". 3 - عباد بن يعقوب، وهو الرواجني، قال الذهبي في " الميزان ": " من غلاة الشيعة. ورؤوس البدع، لكنه صدوق في الحديث، وعنه البخاري في " الصحيح " مقرونا بآخر ". وقال في " الضعفاء ": " قال ابن حبان: رافضي داعية ". 4 - علي بن عباس، لم أعرفه. والحديث بيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء، ولعله اكتفى بإعلاله بالإرسال أوالإعضال، وبالتالي أعله السيوطي في " الجامع ". 1742 - " أبو بكر وعمر خير الأولين وخير الآخرين وخير أهل السماوات وخير أهل الأرض، إلا النبيين والمرسلين ". موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 62 / 1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (5 / 253) من طريق جبرون بن واقد: حدثنا مخلد بن حسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أورده ابن عدي في ترجمة جبرون هذا، مع حديث آخر له، ثم قال: " ولا أعرف له غير هذين الحديثين، وهما منكران ". وقال الذهبي في " الميزان ": " متهم، فإنه روى بقلة حياء ... ". فذكر هذا الحديث، والحديث الآخر المشار إليه، ثم قال: " وهما موضوعان ". وأقره الحافظ في " اللسان ". الحديث: 1742 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 والحديث الآخر في " المشكاة " (195) ، وقد تكلمت عليه هناك. قلت: وجدت له طريقا آخر، رواه الديلمي في " مسنده " (1 / 1 / 78) من طريق السري بن يحيى: حدثنا أبي حدثنا مخلد بن الحسين به مختصرا بلفظ: " أبو بكر وعمر خير أهل السماوات والأرض، وخير من بقي إلى يوم القيامة ". لكن يحيى والد السري لم أعرفه، فلعله آفته، وأما ابنه فثقة. 1743 - " أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة ". ضعيف. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (4 / 53) والحاكم (3 / 255) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولكنه مرسل. وهو بظاهره مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: " الحسن والحسين سيدا شباب ... ". وهو مخرج في " الصحيحة " (796) . الحديث: 1743 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 1744 - " أبو هريرة وعاء العلم ". ضعيف. أخرجه الحاكم (3 / 509) عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وسكت عليه هو والذهبي، وكأنه لظهو ر ضعفه، فإن زيدا هذا وهو ابن الحواري أبو الحواري، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". والحديث في " الفتح الكبير " معزوا لـ " (ن) عن كذا ". الحديث: 1744 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 لم يذكر اسم الصحابي، وكأنه كان ممحوا في الأصل الذي نقل عنه السيوطي، ثم أشار إلى ذلك بقوله: " عن كذا ". وقوله: (ن) يعني النسائي، أخشى أن يكون محرفا من (ك) أي الحاكم، فليس الحديث عند النسائي، ثم تأكدت من التحريف بالرجوع إلى مخطوطة " الزيادة على الجامع ". والله أعلم. 1745 - " أتاني جبريل، فأخذ بيدي، فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي، فقال أبو بكر: يا رسول الله! وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه، فقال: أما إنك يا أبا بكر! أول من يدخل الجنة من أمتي ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 265) وابن شاهين في " السنة " (رقم 21 - نسختي) والحاكم (3 / 73) من طريق أبي خالد الدالاني عن أبي خالد مولى آل جعدة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! كذا قالا، وذلك من أوهامهما، فإن الدالاني هذا وشيخه لم يخرج لهما الشيخان شيئا، ثم الأول منهما ضعيف، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد: لا بأس به. وقال ابن حبان: فاحش الوهم، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطيء كثيرا، وكان يدلس ". والآخر منهما مجهول، كما قال الحافظ، بل قال الذهبي نفسه: " لا يعرف ". لكن وقع في " المستدرك ": " عن أبي حازم "، فلا أدري أهكذا وقعت الرواية للحاكم، فكان ذلك من دواعي ذلك الخطأ، أم هو تصحيف من الناسخ أوالطابع؟! والله أعلم. الحديث: 1745 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 1746 - " أتاني جبريل، فقال: إن ربي وربك يقول لك: تدري كيف رفعت لك ذكرك؟ قلت: الله أعلم، قال: لا أذكر، إلا ذكرت معي ". ضعيف. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " وابن حبان (1772) وابن جرير في " تفسيره " (30 / 235) وأبو بكر النجاد الفقيه في " الرد على من يقول: القرآن مخلوق " (ق 96 / 1) وابن النجار في " ذيل التاريخ " (10 / 29 / 2) عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل أبي السمح، واسمه دراج، فإن فيه ضعفا، كما تقدم مرارا، وأما الحافظ يقول فيه: " صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف ". الحديث: 1746 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 1747 - " اتركوا الترك ما تركوكم، فإن أول من يسلب أمتي ما خولهم الله عز وجل بنو قنطورا من كركرا ". موضوع. رواه الطبراني (3 / 76 / 1) والخلال في أصحاب ابن منده (152 / 2) عن عثمان بن يحيى القرقساني: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد حدثنا مروان بن سالم الجزري عن الأعمش عن زيد بن وهب وشقيق بن سلمة عن ابن مسعود مرفوعا. ورواه أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " (ص 4) عن مروان بن سالم قال: حدثنا الأعمش عن أبي وائل وزيد بن وهب عن حذيفة بن اليمان به. قلت: وهذا إسناد هالك في الضعف، وفيه ثلاث علل: الأولى: الجزري. قال البخاري ومسلم وأبو حاتم: " منكر الحديث ". الحديث: 1747 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 وقال أبو عروبة الحراني: " يضع الحديث ". الثانية: عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، مختلف فيه، وفي " التقريب ": " صدوق يخطيء، وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك ". الثالثة: عثمان بن يحيى القرقساني، لم أجد له ترجمة. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (7 / 312) . " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه عثمان بن يحيى القرقساني، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". كذا قال: وذهل عن آفته الكبرى: (الجزري) مع أنه تنبه لها في مكان آخر منه، فقال (5 / 304) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه مروان بن سالم، وهو متروك ". وقال المناوي عقب هذين النقلين عنه: " وقال السمهو دي: المقال إنما هو في سند " الكبير "، أما " الأوسط " و" الصغير " فإسنادهما حسن، ورجالهما موثقون. انتهى. وبه يعرف أن اقتصار المؤلف على العزولـ " الكبير " غير جيد، وكيفما كان، لم يصب ابن الجوزي حيث حكم بوضعه، وقد جمع الضياء فيه جزءا ". قلت: فيه نظر من وجوه: الأول: أن الطبراني لم يخرجه في " الصغير "، وأنا من أعرف الناس به، فقد رتبته على مسانيد الصحابة، ثم رتبت أحاديثهم جميعا على حروف المعجم، فعزوه إليه وهم. الثاني: أن جزمه بأن إسناده حسن، وأن المقال إنما هو في " الكبير "، يخالف جزم الهيثمي بأن في إسناد " الأوسط " أيضا مروان بن سالم المتروك، وهو أعرف به من السمهو دي. الثالث: أن ابن الجوزي قد أصاب في حكمه عليه بالوضع، ما دام أن مروان بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 سالم قد اتهم بالوضع كما سبق. فلا وجه لتعقبه في ذلك. والضياء إنما جمع الجزء المشار إليه في الطرف الأول من الحديث، بغض النظر عن تمامه، والطرف المذكور، حقا إنه لا مجال للقول بوضعه، لأن له شواهد تمنع من ذلك أورد بعضها الهيثمي، فليراجعه من شاء. ومن ذلك ما رواه ابن لهيعة عن كعب بن علقمة قال: أخبرنا حسان بن كريب الحميري قال: سمعت ابن ذي الكلاع: سمعت معاوية بن أبي سفيان مرفوعا به. أخرجه ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (267) . ثم رأيت ترجمة القرقساني في " ثقات ابن حبان " (9 / 455) وذكر أنه مات سنة (258) . ومن طريقه أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " أيضا (5764 - بترقيمي) ، فسقط كلام السمهو دي يقينا، وما قلده المناوي فيه، ثم تراجع عن بعضه، فقد رأيته يقول في " التيسير ": " ضعيف لضعف مروان بن سالم ". قال هذا بعد أن عزاه للمعاجم الثلاثة! 1748 - " استاكوا، لا تأتوني قلحا، لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " الجامع " (ق 19 / 2 من المنتقى منه) عن يحيى بن عبد الحميد: حدثنا قيس بن الربيع عن عيسى الزراد عن تمام بن معبد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن عبد الحميد وهو الحماني، وقيس بن الربيع ضعيفان من قبل حفظهما. وعيسى الزراد وتمام بن معبد لم أجد لهما ترجمة. والحديث رواه سفيان عن أبي علي الزراد قال: حدثني جعفر بن تمام بن عباس عن أبيه قال: أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، أوأتي، فقال: الحديث: 1748 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 " ما لي أراكم تأتوني قلحا؟! استاكوا، لولا أن أشق .... ". أخرجه أحمد (1 / 214) . قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، تمام بن العباس ذكره ابن حبان في " التابعين " من " الثقات ". وأبو علي الزراد ترجمه الحافظ في " التعجيل " وقال: " قال أبو علي بن السكن: مجهول ". قلت: وقد اختلف الرواة عليه في إسناده اختلافا كثيرا، كما بينه الحافظ في ترجمة تمام بن العباس من " التعجيل "، وزاده بيانا الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (3 / 246 - 248) ، وانتهى إلى القول: " ومجموع هذه الروايات عندي يدل على صحة هذا الحديث ". قلت: ومدارها كلها على الزراد هذا، وقد علمت قول ابن السكن فيه، لكن الشيخ شاكر رحمه الله تعالى قال عقبه: " وينبغي أن يحكم بتوثيقه، فقد نقل في " التهذيب " (10 / 313) في ترجمة منصور بن المعتمر عن الآجري عن أبي داود: " كان منصور لا يروي إلا عن ثقة ". ورواية منصور عنه ثابتة في أسانيد سنذكرها ". ومن وجوه الاختلاف المشار إليها ما رواه أحمد (3 / 442) : حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان عن أبي علي الصيقل عن قثم بن تمام أوتمام بن قثم عن أبيه قال: " أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بالكم تأتوني قلحا لا تسوكون؟! لولا ... ". قال الهيثمي في " المجمع " (1 / 221) : " رواه أحمد، وفيه أبو علي الصيقل، قيل فيه: إنه مجهول ". وذكر الحافظ أن هذه الرواية شاذة، وأن المحفوظ الرواية المتقدمة عن سفيان ... عن جعفر بن تمام بن عباس عن أبيه مرسلا. قلت: ولست أميل إلى الأخذ بما ذهب إليه الشيخ أحمد من صحة الحديث، لأن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 الحديث مضطرب اتفاقا، ولم يذكر الشيخ دليلا يمكن به ترجيح وجه من وجوه الاضطراب ثم تصحيحه بخصوصه! نعم وجدت له شاهدا، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 148) من طريق العلاء بن أبي العلاء: حدثني مرداس عن أنس مرفوعا به نحوه. لكن العلاء هذا لم أعرفه، ومرداس لعله الذي في " الميزان " و" اللسان ": " مرداس بن أدية أبو بلال، تابعي يعد من كبار الخوارج ". والحديث أورده في " الجامع الكبير " (1 / 96 / 1) من رواية الدارقطني في " الأفراد " عن العباس بن عبد المطلب. ووقع في " الفتح الكبير " عن ابن عباس، وكأنه تحريف. ومن رواية الحكيم عن تمام بن عباس. ووقع في " الفتح " الحكيم وابن عساكر عن تمام. فالله أعلم. وهذا كله في الشطر الأول من الحديث. وأما الشطر الآخر، فهو صحيح، بل متواتر، جاء عن جمع من الصحابة في " الصحيحين " وغيرهما، وقد خرجت بعضها في " الإرواء " (70) و" صحيح أبي داود " (36 و37) . 1749 - " كان يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب، وعلى التمر إذا لم يكن رطب، ويختم بهن، ويجعلهن وترا ثلاثا أوخمسا أوسبعا ". ضعيف جدا. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (105 / 1) ومن طريقه الخطيب في تاريخه (3 / 354) : حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي - سنة ست وسبعين (وفي التاريخ: وتسعين) ومائتين -: حدثني الحكم بن موسى حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن الفزاري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وعلته الفزاري هذا، واسمه محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك، كما في " التقريب ". وشيخ أبي بكر الشافعي فيه ضعف، قال الخطيب: الحديث: 1749 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 " حدث أحاديث مستقيمة، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ". قلت: ويستدرك هذا على: " الميزان "، و" الذيل عليه "، و" لسانه "، فإنهم لم يوردوه. والحديث أخرجه ابن عدي (281 / 2) من طريق محمد بن سلمة به، وقال: " ومحمد بن سلمة الحراني في عامة ما يروي عن محمد بن عبيد الله العرزمي يقول: " عن الفزاري "، فيكني عنه ولا يسميه لضعفه، وأحيانا يسميه وينسبه ". وقال: " حديث غير محفوظ، والعرزمي عامة رواياته غير محفوظة ". 1750 - " كان يتنور في كل شهر، ويقلم أظفاره في كل خمس عشرة ". ضعيف. رواه الخطيب في " السادس " من " الجامع " كما في " المنتقى منه " (19 / 2) وعنه ابن عساكر (15 / 338 / 1 - 2) : أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر الحفار أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا محمد بن صالح الأنماطي حدثنا العباس بن عثمان المعلم: حدثني الوليد عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهلال هذا ترجمه الخطيب في " التاريخ " (13 / 75) وقال: " كتبنا عنه، وكان صدوقا ". وإسماعيل الصفار ثقة كما في " الميزان ". وكذا محمد بن صالح الأنماطي وكذا العباس بن عثمان المعلم ثقات كلهم، وفي الأخير كلام يسير. والوليد هو ابن مسلم وهو ثقة من رجال الشيخين ولكنه يدلس تدليس التسوية. ولولا ذلك لحكمت على هذا الإسناد بالجودة فإن عبد العزيز بن أبي رواد صدوق ربما وهم، واحتج به مسلم. ونافع أشهر من أن يذكر. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر وحده. وبيض له المناوي، وجزم السيوطي في " الحاوي " (1 / 341 - طبع الدمشقي) بضعف إسناده. الحديث: 1750 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 1751 - " البادىء بالسلام بريء من الصرم ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 134 و9 / 25) من طريق عبد الرحمن بن عمر - رستة -: حدثنا ابن مهدي حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه من طريقين عن رستة. وخالفهما العباس بن الفضل الأسفاطي: حدثنا رستة الأصبهاني به، إلا أنه قال: " الكبر " مكان: " الصرم ". أخرجه الخطيب في " الجزء السابع " من " الجامع " كما في " المنتقى منه " (19 / 2) والأسفاطي هذا لم أعرفه، وهو من شيوخ الطبراني في " المعجم الصغير " (رقم 7 - " الروض ") ، و" المعجم الأوسط "، وله فيه أربعة وعشرون حديثا، وقد ذكره ابن الأثير في " اللباب " (1 / 54) ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا. فلفظه هذا شاذ أومنكر لمخالفته الطريقين فيه. ثم قال أبو نعيم: " غريب، تفرد به عن الثوري عبد الرحمن بن مهدي ". وقال في الموضع الآخر: " غريب من حديث الثوري عن أبي إسحاق، كأنه غير محفوظ، والمشهور ما حدثناه حبيب بن الحسن: حدثنا يوسف القاضي حدثنا ابن أبي بكر حدثنا ابن مهدي حدثنا سفيان عن أبي قيس عن عمروبن ميمون عن [ابن] مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ". قلت: الإسناد الأول عندي أقوى، لولا أمران اثنان: الأول: أنهم قالوا في ترجمة رستة هذا: " وغرائب حديثه تكثر ". والآخر: أن أبا إسحاق، وهو السبيعي، مدلس، وقد عنعنه. والحديث أعله المناوي بعلة غريبة، فقال: " وفيه أبو الأحوص، قال ابن معين: ليس بشيء، وأورده الذهبي في (الضعفاء) " الحديث: 1751 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 ولخص ذلك في " التيسير "، فقال: " وفيه أبو الأحوص، وهو ضعيف ". قلت: وهذا خطأ فاحش، فأبو الأحوص في الحديث ليس هو الذي ضعفه الذهبي، هذا مجهول الاسم والعدالة، وتمام كلام الذهبي: " ما روى عنه غير الزهري ". وأنت ترى الحديث من رواية أبي إسحاق عنه، وأبو الأحوص الذي يروي عنه أبو إسحاق إنما هو عوف بن مالك الجشمي، وهو ثقة من رجال مسلم، فلوأن أبا إسحاق صرح بسماعه منه لهذا الحديث لكان حديثا جيدا. والله أعلم. 1752 - " إسماع الأصم صدقة ". ضعيف جدا. رواه مكي المؤذن في " حديثه " (238 / 1) ومحمد بن عبد الواحد المقدسي في " المنتقى من حديث أبي علي الأوقي " (1 - 2) : حدثنا أحمد بن حبيب النهرواني حدثنا أبو أيوب أحمد بن عبد الصمد حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الخطيب في " الجامع " كما في المنتقى منه " (20 / 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه ثلاث علل: 1 - إسماعيل بن قيس بن سعد، قال البخاري والدارقطني: " منكر الحديث ". وساق له ابن عدي عدة أحاديث، ثم قال: " وعامة ما يرويه منكر ". 2 - أحمد بن عبد الصمد، ساق له الذهبي حديثا، ثم قال: " لا يعرف، والخبر منكر ". 3 - أحمد بن حبيب النهرواني لم أجد له ترجمة. الحديث: 1752 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 1753 - " أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون " ". ضعيف. أخرجه أحمد (4 / 218) من طريق ليث عن شهر بن حوشب عن عثمان بن أبي العاص قال: " كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، إذ شخص ببصره، ثم صوبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض، قال: ثم شخص ببصره، فقال: فذكره ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان: الأولى: شهر بن حوشب، ضعيف من قبل حفظه، قال الحافظ: " صدوق، كثير الإرسال، والأوهام ". والأخرى: ليث، وهو ابن أبي سليم، مثله في الضعف. قال الحافظ: " صدوق اختلط أخيرا، ولم يتميز حديثه فترك ". قلت: وقد خولف في إسناده، فقال عبد الحميد: حدثنا شهر حدثنا عبد الله بن عباس قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته بمكة إذ مر به عثمان بن مظعون ... " الحديث، وفيه قصة إيمان ابن مظعون، وفيه: " أتاني رسول الله آنفا، وأنت جالس، قال: رسول الله؟ قال: نعم، قال: فما قال لك؟ قال: " إن الله يأمر بالعدل ... " ". وعبد الحميد هو ابن بهرام، وهو صدوق، كما قال الحافظ، فهو أوثق من ليث، فروايته أرجح من رواية ليث، فمن الغريب قول الحافظ ابن كثير في روايته (2 / 583) : " إسناد جيد متصل حسن "! وقوله في رواية ليث: الحديث: 1753 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 " وهذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر من الوجهين ". ونحوه قول الهيثمي (7 / 49) : " رواه أحمد، وإسناده حسن ". فأقول: أنى له الحسن، وفيه شهر؟! وعنه ليث، وقد زاد في متنه ما لم يذكره عبد الحميد في روايته عن شهر. (تنبيه) : وقع في " المجمع ": " عن عمرو بن أبي العاص " وهو خطأ مطبعي، والصواب: " عثمان بن أبي العاص ". 1754 - " أتاني جبريل عليه السلام فقال: إذا أنت عطست فقل: الحمد لله ككرمه، والحمد لله كعز جلاله، فإن الله عز وجل يقول: صدق عبدي، صدق عبدي، صدق عبدي، مغفورا له ". ضعيف جدا. أخرجه ابن السني (254) من طريق معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: حدثنا أبي محمد عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع رضي الله عنه قال: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته يريد المسجد، وهو آخذ بيدي ، فانتهينا إلى البقيع، فعطس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلى يدي، ثم قام كالمتحير، فقلت: يا نبي الله! بأبي وأمي، قلت شيئا لم أفهمه، قال: نعم، أتاني جبريل ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، معمر بن محمد بن عبيد الله وأبو هـ، كلاهما منكر الحديث، كما قال البخاري. الحديث: 1754 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 1755 - " أتاني جبريل، فقال: إذا توضأت فخلل لحيتك ". ضعيف جدا. أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 11) عن الهيثم بن جماز عن يزيد بن أبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. كذا وقع في المطبوعة من " المصنف ": " عن يزيد بن أبان " لم يذكر صحابيه، وفي الحديث: 1755 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 " الجامع الصغير ": " ابن أبي شيبة عن أنس "، فلا أدري إذا كان سقط من المطبوعة ذكر أنس، أو في نقل " الجامع " عن " المصنف " وهم. ثم إن الإسناد ضعيف جدا، سواء كان مسندا عن أنس، أومرسلا عن يزيد بن أبان، فإن هذا والهيثم بن جماز كليهما متروك. ويغني عن الحديث ما رواه الوليد بن زوران عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني ربي عز وجل ". وهو حديث صحيح، كما حققته في " صحيح أبي داود " (133) . 1756 - " أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تدعو بهولاء الكلمات، فإني معطيك إحداهن: اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك، أوصبرا على بليتك، أوخروجا من الدنيا إلى رحمتك ". ضعيف. أخرجه ابن حبان (2437) والحاكم (1 / 522) من طريق زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! كذا قالا، وزهير بن محمد هو التميمي الخراساني ، أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " فقال: " ثقة فيه لين ". وقال الحافظ: " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها. قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عن الشاميون آخر. وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه، فكثر غلطه ". قلت: وهذا من رواية أهل الشام عنه! الحديث: 1756 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 والحديث أورده السيوطي في " زيادة الجامع الصغير "، وفي " الجامع الكبير " (68 / 278) من رواية المذكورين عنها بلفظ: " أتاني جبريل فقال: ... ". فكأنه أورده بالمعنى! 1757 - " كان أحب الريحان إليه الفاغية ". ضعيف. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 37 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (250) والبيهقي في " الشعب " (1 / 214 / 2) عن سليمان أبي داود عن عبد الحميد ابن قدامة عن أنس مرفوعا. وقال: " قال البخاري: لا يتابع عليه ". يعني عبد الحميد هذا. ونقل المناوي عن ابن القيم أنه قال: " الله أعلم بحال هذا الحديث، فلا نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا نعلم صحته ". قلت هذا كلام جميل متين، ليته كان ملتزما من كل المؤلفين وفي كل الأحاديث، وهو في كتابه القيم " زاد المعاد " وسكت عن الحديث المعلقان عليه (4 / 349) ولا خرجاه كما هي عادتهما في كثير من - إن لم أقل: أكثر - أحاديثه. الحديث: 1757 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 1758 - " كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد من الخبز، والثريد من التمر، يعني الحيس ". ضعيف. رواه أبو داود (3783) وابن سعد (1 / 393) عن عمر بن سعيد عن رجل من أهل البصرة عن عكرمة عن ابن عباس قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة الرجل البصري، ولذلك قال أبو داود عقبه: " حديث ضعيف ". وأما الحاكم، فقد صححه! وذلك لأنه أخرجه (4 / 116) من هذا الوجه، لكن لم الحديث: 1758 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 يقع عنده: " عن رجل من أهل البصرة "! وعلى ذلك قال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأقرهما المناوي في " الفيض "، وبناء عليه قال في " التيسير ": " وإسناده صحيح "! فخفيت عليهم علة الحديث التي لا تظهر إلا بتتبع طرقه. والحمد لله على توفيقه. 1759 - " كان أحب الفاكهة إليه الرطب والبطيخ، وكان لا يأكل القثاء إلا بالملح، وكان يأكل الخربز بالتمر، وكان يعجبه مرق الدباء ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (238 / 1) عن عباد بن كثير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا، وقال: " عباد بن كثير عامة حديثه لا يتابع عليه ". قلت: وهو متروك. وبه أعله العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 370) . وقد أخرجه النوقاني في " كتاب البطيخ " عن أبي هريرة أيضا. كما في " الجامع الصغير ". ونقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال في الطريقين: " وكلاهما ضعيف جدا ". الحديث: 1759 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 1760 - " مثل الذي يتكلم يوم الجمعة، والإمام يخطب مثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت، لا جمعة له ". ضعيف. رواه أحمد (1 / 230) وابن أبي شيبة (2 / 125) والطبراني (3 / 167 / 2) والبزار (644 - الكشف) وبحشل في " تاريخ واسط " (ص 138) والرامهرمزي في " الأمثال " (ص 91 - باكستان) كلهم عن ابن نمير عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. وقال البزار: " لا نعلمه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن نمير عن مجالد ". الحديث: 1760 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل مجالد، وهو ابن سعيد، قال الحافظ وغيره: " ليس بالقوي ". وكأنه لذلك ضعفه المنذري في " الترغيب " (1 / 257) . وأعله المناوي به وبعلة أخرى، فقال بعد ما عزاه أصله لأحمد وحده: " رمز لحسنه، وفيه محمد بن نمير، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه الدارقطني "، ومجالد الهمداني، قال أحمد: ليس حديثه بشيء، وضعفه الدارقطني ". قلت: وفي هذا الإعلال نظر من وجوه: الأول: أنه ليس في الرواة من اسمه محمد بن نمير مضعفا من قبل الدارقطني. وإنما هنا آخر يعرف بالفاريابي، قال الذهبي في " الميزان ": " لا أعرفه، عده السليماني فيمن يضع الحديث ". الثاني: أنه لا يوجد في " ضعفاء الذهبي " ما نقله المناوي عنه أصلا، وإنما فيه " محمد بن نصير الواسطي عن حبيب بن أبي ثابت، ضعفه الدارقطني ". ونحوه في " الميزان "، فالظاهر أن اسم " نصير " تحرف على المناوي إلى " نمير "! الثالث: أن ابن نصير هذا أعلى طبقة من ابن نمير الذي روى هذا الحديث كما يأتي. الرابع: أن محمد بن نمير - أيا كان - ليس له ذكر في إسناد أحمد، فإنه قال: حدثنا ابن نمير عن مجالد ... وإنما له ذكر في الطبراني فإنه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: أخبرنا أبي عن مجالد ... ومن هذا يتبين أن ابن نمير شيخ أحمد، ليس هو محمد بن نمير كما ظن المناوي، وإنما هو عبد الله بن نمير، وهو ثقة من رجال الشيخين. وكذلك ابنه محمد بن عبد الله بن نمير، بل هو أثبت من أبيه كما قال أبو داود. وبالجملة، فليس في الحديث، سوى مجالد بن سعيد، وهو كاف في تضعيف الحديث، فالعجب من المناوي كيف قال في " التيسير ": الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 " إسناده حسن "؟! (تنبيه) : يشهد للجملة الأخيرة من الحديث تصديقه صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب في قوله لمن تكلم أثناء الخطبة: " مالك من صلاتك إلا ما لغوت ". انظر " صحيح الترغيب " (1 / 303 - 304) . 1761 - " مثل الذي يجلس يسمع الحكمة، ثم لا يحدث عن صاحبه إلا بشر ما يسمع، كمثل رجل أتى راعيا، فقال: يا راعي! أجزرني شاة من غنمك، قال: اذهب فخذ بأذن خيرها، فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم ". ضعيف. رواه ابن ماجة (4172) وأحمد (2 / 353 و405 و508) وابن الأعرابي في " معجمه " (239 / 1) وأبو الشيخ في " الأمثال " (291) وعبد الغني المقدسي في " العلم " (19 / 1) عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة مرفوعا. ثم رواه المقدسي عن يزيد بن هارون: حدثنا حماد بن سلمة به، إلا أنه قال: عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مرفوعا. ثم قال المقدسي: " هذا إسناد حسن "! كذا قال، وعلي بن زيد ضعيف، وهو ابن جدعان. وقوله في رواية يزيد: " يوسف بن مهران شاذ، فإنه عند أحمد من هذا الوجه مثلما وقع في الوجوه الأخرى: " أوس بن خالد ". وأوس هذا مجهول، كما في " التقريب "، فهذه علة أخرى. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أحمد وابن ماجة، فقال المناوي: " رمز لحسنه. قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وبينه تلميذه الهيثمي، فقال: فيه علي بن زيد (الأصل: يزيد) مختلف في الاحتجاج به ". الحديث: 1761 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 1762 - " مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح ". ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد " (181 / 2 من الكواكب 575 رقم 572 طبع الهند) والبزار (3 / 291 - الكشف) والبغوي في " شرح السنة " (158 / 2) والقضاعي (109 / 2) وأبو القاسم الحلبي في " حديثه " (3 / 1) عن إسماعيل المكي عن الحسن عن أنس مرفوعا. وزادوا: قال الحسن: فقد ذهب ملحنا فكيف نصنع؟ . قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل المكي هذا، وعنعنة البصري. ورواه أبو يعلى، والبزار كما في " بذل النصح والشفقة للتعريف بصحبة السيد ورقة " (11 / 1) وقال: " وقال شيخنا الحافظ شهاب الدين البوصيري: وله شاهد من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه رواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه ". قلت: وقال الهيثمي (10 / 18) : " وإسناد الطبراني حسن "! كذا قال، وفيه جعفر بن سعد، وهو ضعيف، عن خبيب بن سليمان، وهو مجهول، عن سليمان بن سمرة، وهو مجهول الحال. والحديث أورده السيوطي من رواية أبي يعلى فقط، وقال المناوي: " رمز المصنف لحسنه، وهو غير حسن، قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف ". والحديث رواه أبو طاهر عمر بن شعيب النسوي (وفي نسخة الدستوائي قلت: أوهو خطأ) عن علي بن الحسن بن شقيق، وسلمة بن سليمان، وعبدان عن ابن المبارك عن سالم المكي عن الحسن به. قال ابن أبي حاتم (2 / 354) : " قال أبي: هذا خطأ، إنما هو إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخطأ فيه أبو الطاهر ". قلت: وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم في " الجرح " (1 / 1 / 419 - 420) ، فروايته شاذة. الحديث: 1762 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 1763 - " لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيم بن مسعود في القبر نزع الأخلة بفيه [يعني العقد] ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (3 / 407) من طريق عباس بن محمد الدوري: حدثنا سريج بن النعمان حدثنا خلف يعني ابن خليفة - قال: سمعت أبي يقول - أظنه سمعه من مولاه، ومولاه معقل بن يسار - فذكره. وقال البيهقي: " قوله: " أظنه "، أحسبه من قول الدوري ". وأقول: كلا، بل هو من قول خلف بن خليفة، فقد قال ذلك في رواية ابن أبي شيبة أيضا، فقد أخرجه في " المصنف " (3 / 326) : حدثنا خلف بن خليفة عن أبيه، أظنه سمعه من معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.. والزيادة له. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل. الأولى: خلف بن خليفة، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، اختلط في الآخر، وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد ". الثانية: أبو هـ خليفة، وهو الواسطي مولى أشجع، لا يعرف، أورده البخاري (2 / 1 / 191) وابن أبي حاتم (1 / 2 / 376) وابن حبان في " الثقات " (4 / 209) من رواية ابنه خلف فقط. الثالثة: شك خلف في إسناد أبيه للحديث عن معقل كما تقدم، بل إنه قد أرسله عنه في بعض الروايات، فقال أبو داود في " المراسيل " (ق 21 / 2) : حدثنا عباد بن موسى وسليمان بن داود العتكي - المعنى - أن خلف بن خليفة حدثهم عن أبيه قال: بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع نعيم بن مسعود - قال عباد في حديثه - الأشجعي في القبر ... الحديث. وجملة القول، أن الحديث مرسل ضعيف الإسناد. ومثله ما أخرجه البيهقي عقبه من طريق عبد الوارث عن عقبة بن سيار (الأصل: الحديث: 1763 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 يسار) ، قال: حدثني عثمان بن أخي سمرة قال: مات ابن لسمرة - وذكر بالحديث - قال: فقال: انطلق به إلى حفرته، فإذا وضعته في لحده، فقل: بسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أطلق عقد رأسه، وعقد رجليه. قلت: وإسناده موقوف ضعيف، علته عثمان هذا، وهو ابن جحاش ابن أخي سمرة بن جندب، لا يعرف، أورده البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان (5 / 155) من رواية عقبة بن سيار فقط عنه. (تنبيه) : إن مما يؤكد ضعف حديث الترجمة، وعدم حفظ خلف لمتنه أيضا أنه وصف نعيم بن مسعود بأنه الأشجعي، وهو قد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم دون خلاف بينهم، ولذلك ادعى الحافظ في " الإصابة " أن المذكور في الحديث هو غير الأشجعي، فكأنه لم يتنبه لتصريح عباد بن موسى - وهو الختلي الثقة - بأنه الأشجعي، فهذا يبطل دعواه، ويدل على أن الحديث منكر. والله أعلم. هذا، وروى ابن أبي شيبة عن رجل عن أبي هريرة قال: " شهدت العلاء الحضرمي، فدفناه، فنسينا أن نحل العقد حتى أدخلناه قبره، قال: فرفعنا عنه اللبن، فلم نر في القبر شيئا ". ثم ساق في الباب آثارا أخرى عن بعض التابعين لا تخلومن ضعف، لكن مجموعها يلقي الاطمئنان في النفس أن حل عقد كفن الميت في القبر كان معروفا عند السلف، فلعله لذلك قال به الحنابلة تبعا للإمام أحمد، فقد قال أبو داود في " مسائله " (158) : " قلت لأحمد (أوسئل) عن العقد تحل في القبر؟ قال: نعم ". وقال ابنه عبد الله في " مسائله " (144 / 538) : " مات أخ لي صغير، فلما وضعته في القبر، وأبي قائم على شفير القبر، قال لي: يا عبد الله! حل العقد، فحللتها ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 1764 - " حسن الوجه مال وحسن الشعر مال وحسن اللسان مال، والمال مال ". موضوع. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 111) ومن طريقه الديلمي في " مسنده " (2 / 86) عن يحيى بن عنبسة حدثنا حميد حدثنا أنس مرفوعا به. قلت: وهذا موضوع، يحيى هذا كذاب دجال كما يأتي. وساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها، ثم قال: " هذا كله من وضع هذا المدبر ". وفي " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (299 / 2) تبعا لأصله " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (رقم 851) : " رواه ابن عساكر من حديث أنس بن مالك، وفيه يحيى بن عنبسة. قال ابن حبان والدارقطني: دجال وضاع ". ومع ذلك شان به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورده فيه من رواية ابن عساكر هذه! والعجب من المناوي، فإنه لم يتعقبه بشيء سوى أنه استدرك عليه المصدرين المتقدمين دون أن ينبه أن الديلمي تلقاه عن أبي نعيم، وأن هذا أخرجه في " الأخبار "! وأما في " التيسير " فإنه اقتصر على تضعيفه فقط!! الحديث: 1764 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 1765 - " تضاعف الحسنات يوم الجمعة ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (48 / 2 من ترتيبه) عن حامد بن آدم: حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قال الطبراني: " لم يروه عن محمد بن عمرو إلا الفضل ". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، وشيخه حسن الحديث، وإنما الآفة من حامد بن الحديث: 1765 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 آدم، فقد كذبه الجوزجاني وابن عدي، وعده أحمد بن علي السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث. 1766 - " تصافحوا فإن المصافحة تذهب بالشحناء، وتهادوا فإن الهدية تذهب بالغل ". ضعيف. رواه العقيلي في " الضعفاء " (379) وابن عدي (361 / 1) وعنه ابن عساكر (15 / 171 / 2) وعبد العزيز الكتاني في " حديثه " (237 / 2) عن هشام بن عمار قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن سميع قال: أخبرنا محمد بن أبي الزعيزعة عن نافع عن عبد الله بن عمر مرفوعا. وقال العقيلي: " محمد بن أبي الزعيزعة، قال البخاري: منكر الحديث ". قال العقيلي: " وهذا الكلام يروى بغير هذا الإسناد، وخلاف هذا اللفظ من طريق أصلح من هذا "، قال الذهبي: " ومن مناكيره هذا الحديث ". وقال ابن عدي: " وابن سميع لا بأس به وابن أبي الزعيزعة عامة ما يرويه لا يتابع عليه ". والحديث قال ابن أبي حاتم (2 / 296) عن أبيه: " حديث منكر ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي عن ابن عمر بلفظ: " تصافحوا يذهب الغل عن قلوبكم "! ورواه مالك في " الموطأ " (2 / 908 / 16) عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني مرفوعا معضلا. الحديث: 1766 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 1767 - " إن رجلا دخل الجنة، فرأى عبده فوق درجته، فقال: يا رب! هذا عبدي فوق درجتي! قال: نعم، جزيته بعمله وجزيتك بعملك ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 154 / 1 - مجمع البحرين) وعنه الخطيب في " التاريخ " (7 / 129) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 53) وابن عدي في " الكامل " (ق 34 / 2) من طريق بشير بن ميمون أبي صيفي: حدثنا مجاهد بن جبر عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال الطبراني: " لم يروه عن مجاهد إلا أبو صيفي ". قلت: وفي ترجمته أورده الأخيران في جملة أحاديث، وقالا: " هذه الأحاديث غير محفوظة، ولا يتابع عليها ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك، متهم ". (تنبيه) : هذا الحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3 / 59) مشيرا لضعفه من رواية الطبراني بلفظ: " إن عبدا ... "، وهو خطأ مخالف لرواية من ذكرنا، ومن العجيب أن الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 240) تبعه على ذلك، مع أنه أورده في " مجمع البحرين " على الصواب كما رأيت! وله من مثل هذه المتابعة للمنذري شيء كثير مما كون في نفسي اعتقاد أنه يقلده في ذلك دون أن يراجع أصوله، وقد سبقت له أمثلة أخرى. والله الموفق. ومن أحاديث ذاك المتهم بالإسناد المتقدم: " أول سابق إلى الجنة عبد أطاع الله، وأطاع مواليه ". وهو مخرج في " الروض النضير " (429) . ومنها حديث: الحديث: 1767 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 " ما من صدقة أفضل من صدقة تصدق بها على مملوك، عند مليك سوء ". وسيأتي إن شاء الله تعالى برقم (2857) . 1768 - " كان إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع بصره إلى السماء ". ضعيف. رواه أبو داود (4837) وابن عساكر (13 / 129 / 2) والضياء (58 / 176 / 2) عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر بن عبد العزيز عن يوسف بن عبد الله بن سلام مرفوعا. وكذا رواه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 361) والباغندي في " مسند عمر بن عبد العزيز " (ص 2) وقال: حدثني سفيان بن وكيع: أخبرنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة به إلا أنه زاد: " عن أبيه ". وهذا إسناد ضعيف، لأن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه عند الجميع، إلا في رواية سفيان بن وكيع، ولكنه مع مخالفته فيما زاد عليهم في السند، فإنه ليس بحجة، قال الحافظ: " كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه ". الحديث: 1768 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 1769 - " ليس من المروءة الربح على الإخوان ". منكر. رواه ابن عساكر (17 / 233 / 1) عن ميمون بن إسماعيل الدمشقي: سمعت سالم بن جنادة يقول: سمعت أبي يروي عن أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... قلت: وهذا إسناد مظلم، أورده ابن عساكر في ترجمة ميمون هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 1769 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 وسالم بن جنادة لم أعرفه، وكذلك أبو هـ. ويحتمل أن يكون (سالم) محرف من (سلم) ، فإن كان كذلك فهو ثقة، وأبو هـ صدوق له أغلاط كما في " التقريب ". وأبو حنيفة في حفظه ضعف، وقد سبق بيان أقوال أئمة الحديث فيه بتفصيل عند الحديث (458) . والحديث قال المناوي: " قال الذهبي في " مختصر التاريخ ": وهو منكر ". وتبناه في " التيسير ". 1770 - " من أسف على دنيا فاتته اقترب من النار مسيرة ألف سنة، ومن أسف على آخرة فاتته اقترب من الجنة مسيرة ألف سنة ". ضعيف جدا. رواه أبو عبد الله الرازي في مشيخته (168 / 2) عن هاشم بن محمد بن يزيد المؤذن حدثهم: حدثنا عمرو بن بكر عن المغيرة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علل. الأولى: المغيرة هذا هو ابن قيس البصري. قال أبو حاتم: منكر الحديث. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". الثانية: عمرو بن بكر هو السكسكي الشامي، قال الحافظ: متروك. الثالثة: هاشم بن محمد لم أجد له ترجمة، وقد ذكر الحافظ في " التهذيب " أنه رواية السكسكي، ولعله في " تاريخ ابن عساكر "، فإن نسخة الظاهرية منه ليس فيها من اسمه هاشم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الرازي هذا، وبيض له المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء. الحديث: 1770 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 1771 - " رحم الله من حفظ لسانه وعرف زمانه واستقامت طريقته ". موضوع. أخرجه الحاكم في " تاريخه " عن ابن عباس مرفوعا كما في " الجامع الكبير " للسيوطي (2 / 39 / 1) وعزاه في " الجامع الصغير " للديلمي فقط! قال المناوي في " فيض القدير ": " وفيه محمد بن زياد اليشكري الميموني، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال أحمد: كذاب خبيث يضع الحديث. وقال الدارقطني: كذاب. ورواه الحاكم أيضا، وعنه تلقاه الديلمي، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى ". قلت: بل لوحذفه منه كان أولى، وبما نص عليه في " مقدمته " ; أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع، أحرى. الحديث: 1771 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 1772 - " يا ابن عوف! إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله يطلق قدميك. قال: فما أقرض الله؟ قال: تتبرأ مما أنت فيه، قال: يا رسول الله! من كله أجمع؟ قال: نعم. فخرج ابن عوف وهو يهم بذلك، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتاني جبريل فقال: مر ابن عوف فليضف الضيف وليطعم المسكين وليعط السائل وليبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه ". ضعيف جدا. أخرجه ابن سعد (3 / 131 - 132) والطبراني، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 334) ومن طريق أخرى (1 / 99) والحاكم (3 / 311) والسياق له من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره، وقال: الحديث: 1772 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: خالد ضعفه جماعة، وقال النسائي: ليس بثقة ". وقال الحافظ: " ضعيف مع كونه فقيها، وقد اتهمه ابن معين ". 1773 - " خير الماء الشبم، وخير المال الغنم، وخير المرعى الأراك والسلم إذا أخلف كان لجينا، وإذا سقط كان درينا، وإذا أكل كان لبينا ". موضوع. رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث " (1 / 135 / 1) وعنه الديلمي في " مسند الفردوس " (2 / 116) مختصرا، فقال في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جرير بن عبد الله عن منزله بـ (بيشة) فوصفها جرير، فقال : سهل ودكداك، وسكم ولداك (!) وحمض وعلاك، بين نخلة ونحلة، ماؤنا ينبوع، وجنابنا يريع، وشتاؤنا ربيع، فقال له: يا جرير! إياك وسجع الكهان. هكذا قال ابن داب، فأما غيره فيخالفه في بعض هذه الألفاظ. حدثني أبي : حدثني إبراهيم بن مسلم عن إسماعيل بن مهران عن الديان بن عباد المذحجي عن عمر بن موسى [عن] الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس أنه قال: شتاؤنا ربيع، وماؤنا يميع أويريع لا يقام ماتحها، ولا يحسر صابحها، ولا يعزب سارحها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير الماء ... الحديث. قلت: وهذا إسناد مظلم موضوع، آفته عمر بن موسى وهو الوجيهي وهو كذاب وضاع. ومن دونه لم أعرفهم. وانظر إسماعيل بن مهران الكوفي في " اللسان ". و (ابن داب) بلا همزة كما في " التبصير "، وهو في " القاموس " (دأب) بالهمزة، وذكر أنهم ثلاثة: الحديث: 1773 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 1 - عبد الرحمن بن دأب. (م) . 2 - ومحمد بن دأب، كذاب. 3 - وعيسى بن يزيد بن دأب، هالك. وكذا في " التبصير "، إلا أنه لم يذكر الأول، وذكر مكانه بكر بن داب الليثي والأول مع أن صاحب " القاموس " أشار إلى أنه معروف، فإني لم أعرفه. وأما بكر بن داب، ففي " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 385) أنه روى عن أسامة بن زيد الليثي، ولم يزد، وزاد البخاري (1 / 2 / 89) : " حديثه في أهل المدينة ". والحديث من موضوعات " الجامع الصغير "! ومما سكت عن إسناده المناوي في " شرحيه "! 1774 - " أتاني جبريل، فقال: يا محمد! ربك يقرأ عليك السلام، ويقول: إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى، ولوأفقرته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر، ولوأغنيته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم، ولوأصححته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالصحة، ولوأسقمته لكفر ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (6 / 15) من طريق أبي محمد أحمد بن محمد بن حبيب: حدثنا محمد بن أبي محمد المروزي حدثنا ابن عيسى الرملي - يعني يحيى -: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن كثير بن أفلح عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن عيسى الرملي، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " صدوق يهم، ضعفه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 1774 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 " صدوق يخطيء ". قلت: اللذان دونه لم أجد من ترجمهما. 1775 - " قال الله تبارك وتعالى: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، ما ترددت في شيء أنا فاعله ما ترددت في قبض المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه، ما تقرب عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا، دعاني فأجبته، وسألني فأعطيته، ونصح لي فنصحت له، وإن من عبادي لمن يريد الباب من العبادة فأكفر عنه لا يدخله العجب فيفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر، ولوأغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولوأسقمته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولوأصححته لأفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم. إني عليم خبير ". ضعيف جدا. رواه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 121 - مصر) وأبو صالح الحرمي في " الفوائد العوالي " (17 / 2 / 2) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 142 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (190 - 191) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (76 - 77) عن الحسن بن يحيى الخشني قال: حدثنا صدقة بن عبد الله عن هشام الكتاني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن ربه تبارك وتعالى قال.. ورواه البغوي أيضا عن عمر بن سعيد الدمشقي: أخبرنا صدقة بن عبد الله به، وزاد بعد قوله: " بارزني بالمحاربة ": " وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرد ". الحديث: 1775 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: هشام الكتاني، لم أجد له ترجمة، وانظر " الصحيحة " (4 / 188 - 189) . والأخرى: صدقة بن عبد الله، وهو السمين. قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال البخاري وأحمد: ضعيف جدا ". والحسن بن يحيى الخشني ضعيف أيضا. قال الحافظ: " صدوق كثير الغلط ". قلت: لكنه قد تابعه عمر بن سعيد الدمشقي كما رأيت، لكن قال الذهبي: " تركوه ". وقد خالفهما سلامة بن بشر فقال: أخبرنا صدقة عن إبراهيم بن أبي كريمة عن هشام الكتاني به. أخرجه ابن عساكر (2 / 245 / 1) وقال: " رواه الحسن بن يحيى الخشني البلاطي عن صدقة عن هشام، ولم يذكر فيه إبراهيم ابن أبي كريمة ". ثم ساقه بسنده عن الحسن هذا. قلت: وسلامة هذا صدوق كما في " التقريب ". وإبراهيم هذا لم أعرفه، فهو علة ثالثة في الحديث. والله أعلم. وقد أورده الهيثمي من حديث ابن عباس نحوه، وقال (10 / 270) : " رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم ". وطرفه الأول دون قوله: " ونصح ... "، أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، وفيه راويان فيهما مقال، لكن ذكر له الحافظ (11 / 292 - 293) شواهد عديدة ضعفها جلها، ولم يتسن لي حتى الآن دراسة أسانيدها دراسة علمية دقيقة لننظر في ضعفها هل هو مما يصلح الاستشهاد بمثله أم لا، فأرجوأن يتاح لي ذلك. ثم تيسر لي ذلك - والحمد لله - وتتبعت طرقه البالغة تسعا، وخرجتها طريقا طريقا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 توصلت ببعضها إلى تقوية حديث أبي هريرة المشار إليه آنفا، ولذلك خرجته في " الصحيحة " (1640) . 1776 - " أتاني جبريل فقال: يا محمد! إن أمتك مختلفة بعدك، قال: فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟ قال: فقال: كتاب الله تعالى، به يقصم الله كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، مرتين، قول فصل، وليس بالهزل، لا تختلقه الألسن، ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ ما كان قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما هو كائن بعدكم ". ضعيف جدا. أخرجه أحمد (1 / 91) عن ابن إسحاق قال: وذكر محمد بن كعب القرظي عن الحارث بن عبد الله الأعور، قال: قلت: لآتين أمير المؤمنين فلأسالنه عما سمعت العشية، قال: فجئته بعد العشاء فدخلت عليه، فذكر الحديث، قال: ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: الحارث هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " مختلف فيه، مع أن حديثه في الأربعة، قال ابن المديني: كذاب، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، ومنهم من وثقه ". والعلة الأخرى: رواية ابن إسحاق إياه بصيغة " قال "، وهي في المعنى مثل صيغة (عن) ، وهو مدلس، فلا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالتحديث، ولكنه قد توبع، فرواه الحسين الجعفي عن حمزة الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث به نحوه. أخرجه الدارمي (2 / 435) وابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 61 / 1) والترمذي (4 / 51 - 52) وقال: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول، وفي حديث الحديث: 1776 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 الحارث مقال ". قلت: أبو المختار الطائي مجهول، وقال الذهبي: " حديثه في فضائل القرآن منكر ". ثم أخرجه الدارمي من طريق أبي البختري عن الحارث به ". قلت: وأبو البختري هذا اسمه سعيد بن فيروز، وهو ثقة من رجال الشيخين، والسند إليه صحيح، فعلة الحديث الحارث هذا. 1777 - " أتاني جبريل فقال: يا محمد! كن عجاجا ثجاجا ". ضعيف. عزاه في " الجامع " لأحمد والضياء عن السائب بن خلاد. وهو في " المسند " (4 / 56) من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن السائب بن خلاد: " أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كن عجاجا ثجاجا، والعج التلبية، والثج نحر البدن ". هذا لفظ أحمد، فلا أدري إذا كان لفظ الضياء هكذا، فيكون السيوطي تصرف في لفظه، أوأنه عنده باللفظ المذكور أعلاه. وعلى كل حال فالسند ضعيف لعنعنة ابن إسحاق. لاسيما وقد رواه غيره بلفظ آخر ليس فيه: " كن عجاجا ثجاجا "، فانظر " المشكاة " (2549) . الحديث: 1777 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 1778 - " أتدرون أي الصدقة أفضل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المنيحة أن يمنح أحدكم أخاه الدرهم أوظهر الدابة أولبن الشاة أولبن البقرة ". ضعيف. أخرجه أحمد (1 / 463) من طريق إبراهيم الهجري قال: سمعت أبا الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 1778 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 قلت: وهذا سند ضعيف، إبراهيم، وهو ابن مسلم لين الحديث، رفع موقوفات كما في " التقريب ". وأما قول الهيثمي (3 / 133) : " رواه أحمد وأبو يعلى وزاد: " الدينار أوالبقرة "، والبزار والطبراني في " الأوسط "، ورجال أحمد رجال الصحيح ". قلت: فهذه مجازفة من الحافظ الهيثمي كما قال المحقق أحمد شاكر رحمه الله تعالى: " فإن إبراهيم هذا ضعيف، وخاصة في روايته عن أبي الأحوص، ثم هو ليس من رجال الصحيح، بل لم يروله أحد من أصحاب الكتب الستة غير ابن ماجة ". 1779 - " إني أخاف على أمتي اثنتين: القرآن واللبن، أما اللبن فيبتغون الريف، ويتبعون الشهو ات، ويتركون الصلوات، وأما القرآن فيتعلمه المنافقون، فيجادلون به المؤمنين ". ضعيف. أخرجه أحمد (4 / 156) : حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو السمح حدثني أبو قبيل أنه سمع عقبة بن عامر يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير أبي السمح واسمه دراج، وهو ضعيف والحديث قال الهيثمي (1 / 187) : " رواه أحمد والطبراني في " الكبير "، وفيه دراج أبو السمح، وهو ثقة مختلف في الاحتجاج به ". وأورده السيوطي في " زوائد الجامع الصغير " من رواية الطبراني بلفظ: " أتخوف على أمتى اثنتين: يتبعون الأرياف والشهو ات، ويتركون ... " الحديث. وقد صح الحديث بلفظ آخر أودعته في " الصحيحة " (2778) . الحديث: 1779 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 1780 - " إني أرى ما لاترون وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجد، والله لوتعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات، تجأرون إلى الله ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 259) وابن ماجة (2 / 547) والطحاوي في " المشكل " (2 / 44) وأحمد (5 / 173) من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورق عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزادوا في آخره: " لوددت أني كنت شجرة تعض ". وفصله أحمد عن الحديث فقال: " قال: فقال أبو ذر: والله لوددت .... ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، ويروى من غير هذا الوجه أن أبا ذر قال: لوددت أني كنت شجرة تعضد ". قلت: وإبراهيم هذا ضعيف لسوء حفظه، وقد رواه وكيع في " الزهد " (رقم 31 ج 1 - نسختي) عنه به موقوفا، وهو الأشبه. والله أعلم. لكن جل الحديث قد صح من طرق أخرى، فقوله: " لوتعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا "، أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة. وما قبله، ورد من حديث حكيم بن حزام وغيره، فراجع " الصحيحة " (852 و1059 - 1060) . الحديث: 1780 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 1781 - " ليس للنساء نصيب في الخروج إلا مضطرة، - يعني ليس لها خادم - إلا في العيدين الأضحى والفطر، وليس لهن نصيب من الطريق إلا الحواشي ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (189 / 2) عن سوار عن عطية عن ابن عمر مرفوعا وقال: " سوار بن مصعب عامة ما يرويه ليس بمحفوظ، وهو ضعيف كما ذكروه ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " كما في " الفيض "، وقال: " قال الهيثمي: وهو متروك الحديث ". الحديث: 1781 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 1782 - " اتقوا البول، فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر ". موضوع. أخرجه ابن أبي عاصم في " الأوائل " (رقم 93 - نسختي) : حدثنا دحيم حدثنا عبد الله بن يوسف عن الهيثم بن حميد، قال: سمعت رجلا يحدث مكحولا عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم. والحديث قال المنذري في " الترغيب " (1 / 88) : " رواه الطبراني في " الكبير " بإسناد لا بأس به ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1 / 209) : " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله موثقون ". قلت: وفي قوليهما إشعار لطيف بأن إسناده لا يخلو من ضعف، ولاسيما قول الهيثمي: " ورجاله موثقون "، فإنه لا يقول هذا عادة، إلا فيمن كان فيه توثيق غير معتبر، فقول المناوي في " فيض القدير ": " رمز المصنف لحسنه، وهو أعلى من ذلك ". الحديث: 1782 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 ثم ذكر قول المنذري والهيثمي المتقدم، فأقول: إنه لا وجه لتحسينه، بله تصحيحه! لما ذكرنا، ومن المؤسف أن الجزء الذي فيه مسند أبي أمامة من " المعجم الكبير " ليس موجودا في المكتبة الظاهرية عمرها الله تعالى. ولذلك فإني غير مطمئن لتحسين السيوطي للحديث، فضلا عن تصحيح المناوي له، لاسيما مع كشف إسناد ابن أبي عاصم عن علته. والله أعلم. ثم طبع " المعجم الكبير " بهمة أخينا الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي، فرأيت الحديث فيه (8 / 157 / 7605) ، قال: حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبد الله بن يوسف بإسناده المتقدم عند ابن أبي عاصم. وبهذا الإسناد أخرجه الطبراني أيضا في " مسند الشاميين " (ص 655) وقد عرفت علته، وهي الرجل الذي لم يسم. وقد سماه إسماعيل بن إبراهيم فقال: حدثنا أيوب عن مكحول به. أخرجه الطبراني أيضا (رقم 7607) . وإسماعيل هذا هو أبو إبراهيم الترجماني، وهو من رجال النسائي، وقال هو وغيره: " لا بأس به ". وشيخه أيوب هو ابن مدرك الحنفي كما في " الميزان "، وقال: " قال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة: كذاب. وقال النسائي وأبو حاتم: متروك ". وبهذا يتبين خطأ قول المنذري والهيثمي المتقدم، بله ميل المناوي إلى تصحيحه! فقد تبين أن الرجل الذي لم يسم في الطريق الأولى إنما هو أيوب بن مدرك في الطريق الأخرى، وهو متهم. ولعل المناوي تبين له هذا الذي ذكرته بعد الذي قاله في " الفيض "، فقد رأيته قد بيض للحديث في " التيسير "، ولم يحسنه! ومنشأ هذا الخطأ في نقدي، أنهم رأوا (أيوب) هذا جاء في السند غير منسوب، فتوهموا أنه أيوب بن أبي تميمة، وهو ثقة حجة، وساعدهم على ذلك أنهم رأوا الراوي عنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 إسماعيل بن إبراهيم، فتوهموا أيضا أنه إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المعروف بـ (ابن علية) وهو ثقة حافظ، لأنهم رأوا في ترجمته أنه روى عن أيوب وهو السختياني وكل ذلك خطأ، وإنما إسماعيل هذا أبو إبراهيم الترجماني كما تقدم، وشيخه أيوب هو ابن مدرك وليس السختياني كما جاء مصرحا بهذا كله في " الطبراني " في حديث آخر قبيل هذا، وهو مخرج في " الإرواء " (1201) . ولأيوب هذا حديث آخر موضوع، مضى برقم (159) : فاغتنم هذا التحقيق، فإنه مما قد لا تراه في غير هذا الموضع رغم أنف الحاقدين الحاسدين. ثم إن للحديث علة أخرى عند ابن حبان، ألا وهي الانقطاع، فقد قال في ترجمة ابن مدرك هذا من كتابه " الضعفاء " (1 / 168) : " يروي المناكير عن المشاهير، ويدعي شيوخا لم يرهم، ويزعم أنه سمع منهم، روى عن مكحول نسخة موضوعة، ولم يره ". واعلم أيها القارىء الكريم، أن مثل هذا التحقيق يكشف لطالب هذا العلم الشريف أهمية تتبع طرق الحديث، والتعرف على هوية رواته، فإن ذلك يساعد مساعدة كبيرة جدا على الكشف عن علة الحديث التي تستلزم الحكم على الحديث بالسقوط، وهذا ما لا يفعله جماهير المشتغلين بهذا العلم قديما وحديثا، وحسبك دليلا على هذا الذي أقول، موقف المنذري والهيثمي والمناوي من هذا الحديث وتقويتهم إياه. وقد اغتر بهم بعض المتأخرين من المقلدين، فهذا هو الشيخ عبد الله الغماري قد أورد الحديث في كتاب له جمعه من " الجامع الصغير " زعم في مقدمته (ص ح) : " وهذا كتاب جردت فيه الأحاديث الثابتة من الكتاب المذكور، وسميته: الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين ". ثم أكد التجريد المذكور أنه قال في صدد بيان مزايا الكتاب (ص ع) : " ومنها: أنه ليس فيه أحاديث ضعيف أوواهية "! وهذه دعوى عريضة، يعلم من اطلع على كتابه هذا من أهل العلم أنها دعوى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 باطلة، لأنه وقع فيه كثير من الأحاديث الضعيفة الواهية، بل وفيه بعض الموضوعات، ويقطع أنه لم يجر في أحاديث كتابه هذا - وقد بلغ عددها (4626) حديثا - أي بحث أوتحقيق، وإنما هو مقلد فيها لغيره، وهذا الحديث من الأدلة الكثيرة على ذلك، وهو فيه برقم (47) وقد سبق في المجلد الثالث أمثلة كثيرة، وستمر بك أمثلة أخرى إن شاء الله تعالى. وقد اعترف هو بذلك في الجملة، فراجع مقدمة هذه المجلدة. 1783 - " اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ". ضعيف. أخرجه الترمذي (3 / 65) وأحمد (1 / 269 و293 و323 و327) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 126 / 2) وابن جرير في " التفسير " (1 / 77 / 73 - 76) والواحدي في " أسباب النزول " (ص 4) والبغوي في " شرح السنة " (117 - 119) - دون الجملة الأولى كابن جرير -، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (14 / 355 / 2) من طرق عن عبد الأعلى أبي عامر الثعلبي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي، وتبعه البغوي: " حديث حسن ". كذا قال، والمفهو م من قاعدة الترمذي في مثل قوله هذا أنه يعني أنه حسن لغيره، وإذا كان كذلك، ففيه أمران: الأول: أنه يؤخذ عليه أننا لا نعلم للشطر الأول والأخير منه ما يشهد له. أما الشطر الأوسط فهو صحيح متواتر، كما هو معلوم. والآخر: أن إسناده ضعيف، وهو كذلك، وعلته الثعلبي هذا، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أحمد وأبو زرعة ". وقال الحافظ في التقريب: " صدوق، يهم ". الحديث: 1783 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 وفي سند الترمذي سفيان بن وكيع، لكنه قد توبع من جماعة، ولذلك قال المناوي: " رمز المصنف لحسنه، اغترارا بالترمذي، قال ابن القطان: وينبغي أن يضعف، إذ فيه سفيان بن وكيع، قال أبو زرعة: متهم بالكذب. لكن ابن أبي شيبة رواه بسند صحيح. قال - أعني ابن القطان -: فالحديث صحيح من هذا الطريق، لا من الطريق الأول. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في ضربه صفحا عن عزوه لابن أبي شيبة، مع صحته عنده ". قلت: ولست أدري إذا كان ابن القطان صحح طريق ابن أبي شيبة لخلوه من الثعلبي، أو لأنه لا يرى الثعلبي هذا ضعيفا، فإن كان الأول - وهو الظاهر - فذلك مما أستبعده جدا، وإن كنت ملت إليه واستشهدت بكلامه في تعليقي على هذا الحديث من " المشكاة " (232) ، وكان ذلك قبل تتبعي لطرق الحديث ومخارجه التي سبق ذكرها، فلما تتبعتها، استبعدت أن يكون طريق ابن أبي شيبة من غير طريق الثعلبي، وأما إن كان لا يرى ضعفه، فهو خطأ كما يدلك عليه ما نقلته عن الذهبي والعسقلاني. والله أعلم. ثم رأيت ابن أبي شيبة قد أخرج في " المصنف " (10 / 66 / 2) الجملة الأخيرة من الحديث من طريق وكيع عن عبد الأعلى به، لكنه أوقفه. فترجح عندي ما استبعدته. والله أعلم. ومن طريق الثعلبي المذكور أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (2 / 673) بلفظ: " من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار، ومن قال في القرآن بغير علم جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار ". فقول المنذري في " الترغيب " (1 / 73) وتبعه الهيثمي (1 / 163) : " رواه أبو يعلى ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح ". فهو وهم ظاهر، لأن الثعلبي مع ضعفه ليس من رجال " الصحيح "، فتنبه. (تنبيه) : بعد مضي زمن طويل على كتابة هذا، طبعت مجلدات من " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين سليم أسد، فرأيته قد علق على هذا الحديث بقوله: (4 / 228) : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 " إن عبد الأعلى لم يتفرد به، وإنما تابعه بكر بن سوادة عند الطبري في " التفسير " (1 / 35) من طريق عبد بن حميد قال: حدثنا جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن المسيب (!) به. وجرير هو ابن عبد الحميد، وليث هو ابن سعد.. وهذا إسناد صحيح ". فأقول: نعم، هو صحيح لوكان الأمر كما ذكر في رواته، وليس كذلك، مع أوهام أخرى لابد لي من بيان ذلك كله، عسى أن يكون في ذلك عبرة لهؤلاء الناشئين المتعلقين بهذا العلم، ويعلموا أن التحقيق فيه ليس بالسهو لة التي يتصورونها: أولا: قوله في الإسناد: ".. المسيب " خطأ، ولعله سبق قلم، والصواب: ".. جبير "، كما هو ظاهر من سياق كلامه وكما هو الواقع في " تفسير الطبري "، والأمر في مثل هذا سهل قلما ينجومنه كاتب أوباحث. ثانيا: قوله: " وليث هو ابن سعد "، ليس باللازم، لأن كل مستنده في ذلك إنما هو أنهم ذكروا الليث بن سعد في الرواة عن بكر. فلقائل أن يقول: من الممكن أن يكون هو ليث بن أبي سليم الضعيف، فإنهم ذكروه في شيوخ جرير بن عبد العزيز دون الليث بن سعد. فالله أعلم. ثالثا: قوله: " عبد بن حميد " خطأ مزدوج، وذلك لأنه: 1 - لم يسم الرجل في " الطبري " وإنما قال: " ابن حميد "، فالتسمية بـ " عبد " من المعلق. 2 - أنها تسمية خطإ منه، وإنما هو محمد بن حميد الرازي، فإنه هو المعروف عند العلماء برواية الطبري عنه، والإكثار عنه، وهو تارة يسميه، وتارة يكتفي بنسبته لأبيه، وقد قال في حديث آخر (10) : حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد. فإذا عرفت هذا فالإسناد ضعيف أيضا. 3 - لوصح السند إلى بكر بن سوادة لم يجز أن يقال عند العارفين بهذا العلم إنه متابع لعبد الأعلى، لأنه: أولا: لم يروالحديث بتمامه، وإنما الجملة الأخيرة منه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 وثانيا: أنه خالفه في رفعه وأوقفه على ابن عباس. فلو صح الإسناد، كان دليلا آخر على ضعف الحديث. والله أعلم. 1784 - " اتقوا النار ولوبشق تمرة، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 191) مختصرا، وابن عدي (202 / 2) بتمامه، عن صلة بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " صلة بن سليمان عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الناس ". قلت: هو كذاب كما قال ابن معين وأبو داود، وضعفه غيرهما. ورواه الخطابي في " غريب الحديث " (67 / 1) من طريق شرحبيل بن سعد عن جابر عن أبي بكر مرفوعا. وهذا سند واه، شرحبيل بن سعد أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال ابن أبي ذئب: كان متهما. وقال مالك: ليس بثقة. وقال النسائي: ضعيف ". والحديث أورده في " الجامع الكبير " (1 / 17 / 1) من رواية البزار عن أبي بكر بلفظ: " اتقوا النار ولوبشق تمرة، فإنها تقيم المعوج، وتقع من الجائع ما تقع من الشبعان ". ثم ذكره بنحوه وزيادة: " وتسد الخلل، وتدفع ميتة السوء ". وقال: " رواه أبو يعلى والدارقطني في " العلل " وضعفه، والديلمي عن أبي بكر ". وقد أخرجه الديلمي في " مسنده " (1 / 1 / 43) من طريق أبي يعلى، وهذا في " مسنده " (رقم 85) حدثنا محمد بن إسماعيل الوساوسي حدثنا زيد بن الحباب عن عبد الرحمن بن سليمان عن شرحبيل بن سعد عن جابر عن أبي بكر الصديق. الحديث: 1784 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، شرحبيل بن سعد قال الحافظ: " صدوق اختلط بآخرة ". والوساوسي قال البزار: " كان يضع الحديث. وقال الدارقطني وغيره ضعيف ". قلت: ومن طريقه البزار (933) ، وقال: " لا نعلم أحدا حدث به عن زيد إلا الوساوسي، ولا يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد ". قلت: يعني بهذا اللفظ والتمام، ولذلك خرجته هنا، وإلا فشطره الأول في " الصحيحين " وغيرهما من طرق أخرى عن جمع من الصحابة، فانظر " صحيح الجامع " (113) . 1785 - " اتقوا خداج الصلاة، إذا ركع الإمام فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا ". ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 43) من طريق حسين بن محمد، والطبراني في " الأوسط " (1 / 31 / 2) من طريق قتيبة بن سعيد كلاهما عن أيوب بن جابر عن عبد الله بن عصم الحنفي عن أبي سعيد الخدري قال: " صلى رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: من فعل هذا؟ قال: أنا يا رسول الله، أحببت أن أعلم تعلم ذلك أم لا؟ فقال ". فذكره، وقال الطبراني: " لم يروه عن ابن عصم إلا أيوب، تفرد به قتيبة "! كذا قال وقد تابعه حسين بن محمد كما رأيت. وأيوب بن جابر ضعيف كما في " التقريب "، فالحديث ضعيف. وأما عبد الله بن عصم، ويقال: ابن عصمة. فثقة ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 2 / 126) وذكر عن أبيه أنه قال: شيخ. وعن أبي زرعة: ليس به بأس. ووثقه ابن معين. وقال الحديث: 1785 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". والحديث قال في " المجمع " (2 / 77) : " رواه أحمد والطبراني في الأوسط " وفيه أيوب بن جابر، قال أحمد: حديثه يشبه حديث أهل الصدق. وقال ابن عدي: حديثه يحمل بعضه بعضا، وضعفه ابن معين وجماعة ". 1786 - " اتقوا هذا القدر، فإنه شعبة من النصرانية ". ضعيف جدا. أخرجه المخلص في " الفوائد " (9 / 200 / 1) وابن بشران في " الأمالي " (ق 78 / 2) وابن عدي (ق 285 / 1) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 131 / 2) وأبو نعيم في " الرواة عن أبي نعيم الفضل بن دكين " (2 / 1) واللالكائي في " السنة " (1 / 144 / 1) وأحمد بن المهندس في " حديثه عن عافية وغيره " (ق 132 / 1) عن القاسم بن حبيب عن نزار بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا به، وقال ابن عباس: اتقوا هذه الأرجاء فإنها شعبة من النصرانية. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، نزار هذا قال الذهبي في " الميزان ": " فيه لين ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3 / 56 - 57) : " قليل الرواية، منكر الحديث جدا، يأتي عن عكرمة بما ليس من حديثه، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك ". ثم ساق له هذا الحديث. والقاسم بن حبيب، قال ابن معين: " لا شيء ". الحديث: 1786 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 1787 - " اتقي الله يا فاطمة! وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك، فإذا أخذت مضجعك، فسبحي ثلاثا وثلاثين واحمدي ثلاثا وثلاثين وكبري أربعا وثلاثين، فتلك مائة، فهي خير لك من خادم ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 34) من طريق أبي الورد عن ابن أغيد قال: قال لي علي رضي الله عنه: " ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم، فقلت: لوأتيت أباك فسألتيه خادما، فأتته، فوجدت عنده حداثا، فرجعت، فأتى من الغد، فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله! جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما، يقيها حر ما هي فيه، قال ... (فذكر الحديث) . قالت: رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ". قلت: وهذا إسناد ضعيف. ابن أغيد، واسمه علي مجهول كما قال الحافظ. وأبو الورد هو ابن ثمامة بن حزن القشيري البصري. قال: " مقبول ". والحديث في " الصحيحين " وغيرهما دون طرفه الأول. الحديث: 1787 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 1788 - " أتي بإبراهيم عليه السلام يوم النار إلى النار، فلما بصر بها، قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 19) : حدثنا القاضي عبد الله بن محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد (كذا) : أنبأنا الحديث: 1788 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 أبو بكر بن عياش عن حميد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، ابن عياش فمن فوقه من رجال البخاري، واللذان دونه ترجمهما الخطيب في " التاريخ " (10 / 36 و11 / 86) . والقاضي عبد الله بن محمد بن عمر، ترجمه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 88) ، وذكر أن وفاته كانت سنة (362) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو علة هذا الإسناد. وقد خولف في متنه، فأخرجه الخطيب (11 / 86) من طريق عبد الله بن العباس الشطوي: حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن زيد السكري ... بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي يوم أحد، فقيل: يا رسول الله! (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) ، فقال: " حسبنا الله ونعم الوكيل ". فأنزل الله تعالى: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ". ورجاله ثقات، غير الشطوي هذا، فلم أعرفه. وإبراهيم بن موسى الجوزي، ويقال: (التوزي) وثقه الخطيب أيضا (6 / 187) وقد جاء من طريق أخرى عنه، فقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن معمر حدثنا إبراهيم بن موسى التوزي به. ذكره ابن كثير في تفسير الآية. لكن محمد بن معمر هذا مجهول أيضا، فقد ساق له الخطيب حديثا (3 / 304) عن يحيى بن حفص ابن أخي هلال الكوفي بسنده عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " من شارك ذميا فتواضع له.. " الحديث. وقال عقبه: " حديث منكر لم أكتبه إلا بهذا الإسناد ". واتهم الذهبي به ابن معمر هذا أوشيخه، فقال في ترجمته: " لا يعرف ... ". ثم ساق له هذا الحديث، وقال: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 " آفته يحيى، وإلا فالسامي، فإنه مجهول الحال أيضا ". وأقول: لعل تعصيب الآفة بيحيى أولى، لأن السامي قد روى عنه اثنان، أحدهما: محمد بن مخلد العطار الراوي لهذا عنه، والآخر: ابن مردويه كما تقدم. وقد خولف ابن زياد أوزيد في إسناد الحديث ومتنه، فقال أحمد بن يونس: حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس: (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: " إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ". أخرجه البخاري (4563) والحاكم (2 / 298) وقال: " صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي! قلت: وقد وهما وهما ظاهرا، وهو استدراكه على البخاري وقد أخرجه! ووهما وهما آخر، تصحيحه على شرط مسلم أيضا، فإن أبا بكر هذا لم يخرج له مسلم شيئا إلا في المقدمة، وقد تكلموا فيه كثيرا، فقال الذهبي في " الميزان ": " أحد الأئمة الأعلام، صدوق ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم، وقد أخرج له البخاري، وهو صالح الحديث ". وقال الحافظ ابن حجر: " ثقة عابد، إلا أنه لما كابر ساء حفظه، وكتابه صحيح ". وقد تابعه على بعضه إسرائيل عن أبي حصين به، ولفظه: " كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: (حسبي الله ونعم الوكيل) ". أخرجه البخاري (4564) : حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل. وهذا اللفظ هو في رواية الحاكم المتقدمة عن أبي بكر. وخالف مالكا في إسناده ومتنه سلام بن سليمان الدمشقي، فقال: حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 قلت: وسلام هذا قال الذهبي في " الكاشف ": " له مناكير ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". قلت: فمثله لا يصلح للاستشهاد به، وقد خالف الثقة في السند، فجعله من مسند أبي هريرة، وتابعيه أبا صالح! وفي المتن، فرفعه، وهو موقوف برواية الثقتين: أبي بكر وإسرائيل. وبالجملة، فحديث الترجمة الصحيح فيه الوقف، لمخالفة أحد رواته رواية البخاري الصحيحة عن أبي بكر، ومتابعة إسرائيل إياه. والله أعلم. 1789 - " تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته، وتجمر ثيابه، ويذرر، وتحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها، وتجمر ثيابها، وتذرر ". موضوع. رواه ابن عدي (173 / 1) عن محمد بن موسى الحرشي حدثنا: هبيرة بن حدير العدوي حدثنا: سعد الحذاء عن عمير بن مأموم عن الحسن بن علي قال: سمعت أبي: وحدثني - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال: " سعد بن طريف أحاديثه كلها لا يرويها غيره، وهو ضعيف جدا ". قلت: وقال ابن معين: " لا يحل لأحد أن يروي عنه ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الفور ". قلت: وعمير بن مأموم، ويقال: مأمون، قال الدارقطني: " لا شيء ". وهبيرة بن حدير العدوي قال يحيى بن معين: " لا شيء ". ومحمد بن موسى الحرشي قال الحافظ: " لين ". الحديث: 1789 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن الحسن بن علي مرفوعا. وقال شارحه المناوي: " قال البيهقي عقبه: وسعد غيره أوثق منه ". قلت: بل هو شر من ذلك كما تبين مما سبق. ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي وغيره مختصرا، وسيأتي برقم (2596) . 1790 - " أثردوا، ولوبالماء ". ضعيف. أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 18) والطبراني في " الأوسط " (رقم 7289) عن عباد بن كثير عن أبي عقال. والطبراني أيضا (1104) والبيهقي في " الشعب " (2 / 195 / 2) عن عاصم بن طلحة قال: سمعت أنس بن مالك به مرفوعا. وقال ابن أبي حاتم: " قال أبي: عباد بن كثير هذا مضطرب الحديث، ظننت أنه أحسن حالا من عباد بن كثير البصري، فإذا هو قريب منه ". قلت: عباد هذا هو الرملي الفلسطيني ضعيف، وأما البصري فمتروك كما في " التقريب "، وقد اضطرب في إسناده كما ترى، وفي " العلل " اضطراب آخر. وقال الهيثمي في " المجمع " (5 / 19) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عباد بن كثير الرملي، وثقه ابن معين، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات ". وذكر أن الطبراني رواه عن أنس أيضا بإسناد قال: " فيه جماعة لم أجد من ترجمهم ". قلت: كلهم معروف، وهو يعني طريق عاصم بن طلحة، وهو مجهول، كما في " اللسان "، وعنه عباد، وقد عرفت ضعفه، وعنه أبو جعفر النفيلي، واسمه عبد الله بن محمد، ثقة، وعنه أحمد شيخ الطبراني، واسم أبيه عبد الرحمن بن عقال الحراني، وهو ضعيف، لكنه متابع عند البيهقي. والخلاصة أن علة الحديث ضعف عباد، واضطرابه في إسناده. الحديث: 1790 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 1791 - " لن تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (3 / 48 / 1) عن حنش عن عطاء عن ابن عمر عن ابن مسعود: " أنه كان في بستان من بساتين المدينة، وهو يقرئ ابنيه، فمر به طائران غرابان أوحمامان لهما حفيف، فنظر إليهما ابن مسعود، فقال: والله ما أنا بأشد على هذين حزنا لوماتا، إلا كحزني على هذين الطائرين لو وقعا ميتين، وإني لأجد لهما ما يجد الوالد لولده، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، حنش هذا - واسمه الحسين بن قيس - متروك كما قال الحافظ، والهيثمي في " المجمع " (7 / 327) وأقره المناوي في " فيضه "، ولكنه قصر في " تيسيره "، فقال: " سنده ضعيف "! والحديث رواه البزار (4 / 150 / 3416) من هذا الوجه، مختصرا دون القصة. الحديث: 1791 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 1792 - " ما تقرب العبد إلى الله تعالى بشيء أفضل من سجود خفي ". ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد " رقم (154) ومن طريقه الديلمي والقضاعي (105 / 2) عن أبي بكر بن أبي مريم قال: أخبرنا ضمرة بن حبيب بن صهيب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو بكر بن أبي مريم، وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي، قال الحافظ: " ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط ". وضمرة بن حبيب بن صهيب، تابعي ثقة، فهو مرسل. الحديث: 1792 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 1793 - " أحبوا صهيبا حب الوالدة لولدها ". ضعيف جدا. رواه الحاكم (3 / 401) وابن عساكر (8 / 193 / 2) عن يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده [عن أبي جده عن] الحديث: 1793 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 صهيب مرفوعا، وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: " قلت: سنده واه ". وأقول: يوسف هذا أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال البخاري: فيه نظر ". وقال في أبيه: " قال البخاري: مختلف فيه ". 1794 - " ما أكل العبد طعاما أحب إلى الله من كد يده، ومن بات كالا من عمله بات مغفورا له ". منكر. رواه ابن عساكر (4 / 324 / 1) عن الحسن بن يوسف أخبرنا: هشام بن عمار أخبرنا بقية بن الوليد أخبرنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو باسط يديه، وهو يقول: فذكره. أورده في ترجمة الحسن بن يوسف وهو أبو سعيد الطرميسي مولى الحسن بن علي، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومن فوقه ثقات غير أن هشاما فيه ضعف، وقد قال عن بقية: " أخبرنا بحير ... "، فأخشى أن يكون تصريحه بسماع بقية من بحير وهما من هشام. والله أعلم. ثم رأيت ابن عساكر رواه (4 / 337 / 2) من طريق ثقتين قالا: أخبرنا بقية عن بحير بن سعد به دون الشطر الثاني من الحديث. فهذه علة الحديث عنعنة بقية، لكن رواه أحمد (4 / 131) عنه مصرحا بالتحديث دون الزيادة، فالعلة تفرد الحسن بن يوسف بها. والشطر الأول من الحديث صحيح رواه ثور بن يزيد عن خالد بن معدان به وزاد: " وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ". أخرجه البخاري وغيره وجعل هذه الزيادة مكان قوله في هذا الحديث: " ومن بات كالا ... ". فهو منكر بهذا اللفظ. الحديث: 1794 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 1795 - " منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره ". موضوع. قال في " الجامع ": رواه الحاكم عن علي ورمز لصحته، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء. قلت: وهو في مستدرك الحاكم (2 / 622) من طريق محمد بن محمد [بن] الأشعث الكوفي: حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد حدثني أبي عن أبيه عن أبيه عن جده عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عن جده الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. " أن يهو ديا كان يقال له: جريجرة كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانير فتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: له: يا يهو دي! ما عندي ما أعطيك، قال: فإني لا أفارقك يا محمد! حتى تعطيني، فقال صلى الله عليه وسلم: إذا أجلس معك، فجلس معه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهددونه ويتوعدونه، ففطن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله! يهو دي يحبسك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما رحل النهار قال اليهو دي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وقال: شطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة " محمد بن عبد الله مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا متزي بالفحش ولا قول الخنا " أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، هذا مالي فاحكم فيه بما أراك الله، وكان اليهودي كثير المال ". سكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " حديث منكر بمرة وآفته من موسى أوممن بعده ". قلت: إن كان يعني موسى بن جعفر فآفته ممن بعده حتما، لأن ابن جعفر ثقة إمام كما قال أبو حاتم، وقد قواه الذهبي في " الميزان "، واعتذر عن إيراده فيه بقوله: " وإنما أوردته لأن العقيلي ذكره في كتابه وقال: " حديثه غير محفوظ "، يعني في الإيمان. قال: الحمل فيه على أبي الصلت الهروي. قلت: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصلت الحديث: 1795 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 فما ذنب موسى تذكره؟! ". وإن كان يعني موسى بن إسماعيل بن موسى فإني لم أجد من ترجمه. قلت: وإنما آفته من الراوي عن ابن الأشعث، فإن له نسخة فيها أحاديث موضوعة، هو المتهم بها عند الذهبي وغيره، كان جمعها في كتاب بهذا الإسناد العلوي، قال الذهبي في " الميزان ": " قال الدارقطني: آية من آيات الله، وضع ذاك الكتاب ". يعني: " العلويات ". 1796 - " ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود، إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله أكثر ". ضعيف. رواه ابن عساكر (8 / 182 / 1) عن محمد بن الفضل عن الصلت بن بهرام عن شقيق عن البراء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، آفته محمد بن الفضل، وهو ابن عطية، وهو كذاب كما تقدم مرارا. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه على خلاف ما اشترط على نفسه في مقدمته! وبيض له المناوي فلم يتعقبه بشيء، فكأنه لم يقف على سنده. ثم أوقفني بعض إخواننا - جزاه الله خيرا - على طريق أخرى للحديث في بعض المطبوعات الجديدة، وهو كتاب " الزهد " لهناد، قال (1 / 249 / 431) : حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن مرفوعا. قلت: وهذا مع إرساله من الحسن البصري، فإن الراوي عنه إسماعيل بن مسلم - وهو المكي - ضعيف. الحديث: 1796 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 1797 - " اثنان خير من واحد وثلاث خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة، فإن الله عز وجل لن يجمع أمتي على ضلالة ". موضوع. أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (5 / 145) قال: حدثنا أبو اليمان حدثنا ابن عياش عن البختري بن عبيد بن سليمان عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الحديث: 1797 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته البختري، هذا قال أبو نعيم: " روى عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات ". وكذا قال ابن حبان: " ذاهب، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد، وليس بعدل، فقد روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب ". وقال الأزدي: " كذاب ساقط ". ولخص ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ": " ضعيف متروك ". قلت: وأبوه عبيد بن سليمان، لا يعرف، قال أبو حاتم: " مجهول ". وابن عياش، وهو إسماعيل الحمصي، ضعيف في روايته عن الشاميين، وهذه منها. والحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 177) : " رواه أحمد، وفيه البختري بن عبيد بن سليمان، وهو ضعيف ". قلت: عزوه لأحمد خطأ، تبعه عليه السيوطي في " الجامع "، ومشى ذلك على المناوي! والصواب عزوه لابنه عبد الله، فإنه من حديثه، وليس من حديث أبيه ثم إنه وقع في إسناده عند المناوي تحريف غير مطبعي، فالبختري صار عنده " أبو البختري ". ووقع فيه خطأ مطبعي آخر، فقال: " وأبو عبيدة تابعي لا يعرف ". وإنما هو: " وأبو هـ عبيد "! لكن الجملة الأخيرة من الحديث صحيحة لها شواهد ذكرت بعضها في " ظلال الجنة " (80 - 84) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 1798 - " أتيت بالبراق، فركبت خلف جبريل عليه السلام، فسار بنا إذا ارتفع ارتفعت رجلاه، وإذا هبط ارتفعت يداه، قال: فسار بنا في أرض غمة منتنة، حتى أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة، فقلت: يا جبريل! إنا كنا نسير في أرض غمة منتنة، ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة، قال: تلك أرض النار، وهذه أرض الجنة. قال: فأتيت على رجل قائم يصلي، فقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا أخوك محمد، فرحب بي، ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، قال: فسرنا، فسمعت صوتا وتذمرا، فأتينا على رجل، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك محمد، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك موسى، قلت: على من كان تذمره وصوته؟ قال: على ربه! قلت: على ربه؟! قال: نعم، قد عرف ذلك من حدته، قال: ثم سرنا، فرأينا مصابيح وضوء، قال: قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه شجرة أبيك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أتدنومنها؟ قلت: نعم، فدنونا، فرحب بي، ودعا لي بالبركة، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فنشرت لي الأنبياء، من سمى الله عز وجل منهم ومن لم يسم، فصليت بهم إلا هؤلاء النفر الثلاثة: إبراهيم وموسى وعيسى، عليهم الصلاة والسلام ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 406) وأبو يعلى (8 / 449 / 70 / 5036) والبزار (59) من طريق حماد بن سلمة حدثنا أبو حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن الحديث: 1798 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الحاكم: " تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور وقد اختلفت أقاويل أئمتنا فيه ". وقال الذهبي: " قلت ضعفه أحمد وغيره ". وأورده في " الضعفاء " وقال: " قال أحمد: متروك ". والحديث أورده الهيثمي هكذا في " المجمع " وقال (1 / 74) : " رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح ". قلت: ولم أره في " مسند ابن مسعود " من " الكبير " وإن كانت النسخة وقع في أول المسند خرم ولكنه في أخبار ابن مسعود وليس في أحاديثه، فإذا كان عنده من هذا الوجه - كما يغلب على الظن - فأبو حمزة ليس من رجال الصحيح على شدة ضعفه، فلعل الهيثمي توهم أنه أبو حمزة محمد بن ميمون السكري وليس به، لأنه لم يذكروا في شيوخه إبراهيم - وهو النخعي - ولا ذكروا في الرواة عنه حماد بن سلمة وإنما ذكروا ذلك في الأعور والله أعلم. وله طريق أخرى يرويه الحسن بن عرفة في " جزئه " رقم (70 - منسوختي) من طريق قنان بن عبد الله النهمي حدثنا أبو ظبيان الجنبي عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به نحوه يزيد وينقص. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه وقنان هذا فيه ضعف. وذكره بن كثير في " تفسيره " من هذا الوجه وقال (3 / 16) : " إسناد غريب وفيه من الغرائب سؤال الأنبياء عنه عليه السلام ابتداء، ثم سؤاله عنهم بعد انصرافه والمشهور في الصحاح - كما تقدم - أن جبريل كان يعلمه بهم أولا ليسلم عليهم سلام معرفة وفيه أنه اجتمع بهم في السماوات ثم نزل إلى بيت المقدس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 ثانيا، وهم معه، وصلى بهم فيه، ثم إنه ركب البراق وكر راجعا إلى مكة ". 1799 - " الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة مضت من الشهر دواء السنة ". موضوع. رواه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 448) وابن عدي (163 / 1) عن سلام الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعا، وقال: " سلام الطويل عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وهو متروك كذا شيخه زيد العمي، والأول شر من الآخر، فقد قال ابن حبان: " روى عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المتعمد لها ". وقال الحاكم: " يروي أحاديث موضوعة ". والحديث ذكره صاحب " المشكاة " وقال (4574) : " رواه حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد، وليس إسناده بذاك. هكذا في " المنتقى " ". وقال: " 4575 - وروى رزين نحوه عن أبي هريرة ". قلت: ولم أقف على إسناده عن أبي هريرة، ورزين فيما ينقله غرائب، وقوله في حديث معقل: " ليس إسناده بذاك "، فيه تساهل كبير كما لا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف. ثم وقفت على إسناده عن أبي هريرة في " كامل ابن عدي " (7 / 2498) وقال: " ليس بالمحفوظ ". قلت: فيه مسلم بن حبيب أبو حبيب مؤذن مسجد بني رفاعة، ولم أعرفه: حدثنا نصر بن طريف ... وهو متروك. الحديث: 1799 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 1800 - " مثل الرافلة في غير أهلها، كالظلمة يوم القيامة لا نور لها ". ضعيف. رواه الترمذي (1 / 218) وأبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال " (رقم 265) والخطابي في " غريب الحديث " (17 / 2) عن موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن خالد عن ميمونة بنت سعد - وكانت خادما للنبي صلى الله عليه وسلم - مرفوعا. وقال الترمذي: " هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وهو يضعف في الحديث ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " مشهور، ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، ولاسيما في عبد الله بن دينار، وكان عابدا ". قال الخطابي: " الرافلة: أي المتبرجة بالزينة لغير زوجها ". الحديث: 1800 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 1801 - " كان يدخل الحمام، وكان يتنور ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (3 / 300 / 2) عن سليمان بن سلمة الحمصي: حدثنا بقية حدثنا سليمان بن باشرة الألهاني قال: سمعت محمد بن زياد الألهاني يقول: كان ثوبان جارا لنا وكان يدخل الحمام فقلت له: فقال: فذكره. قلت: وهذا سند واه بمرة، سليمان بن سلمة هو الخبائري وهو متهم بالكذب، وسليمان بن باشرة لم أجد له ترجمة، ووقع في " فتاوى السيوطي " (2 / 63) : " ناشرة " بالنون. والله أعلم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن واثلة. وقال المناوي: " بسند ضعيف جدا بل واه بالمرة ". الحديث: 1801 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 1802 - " إن الغسل يوم الجمعة ليسل الخطايا من أصول الشعر استلالا ". منكر. أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 198) : حدثنا أبي عن محمد بن يحيى بن حسان عن أبيه عن مسكين أبي فاطمة عن حوشب عن الحسن قال: كان أبو أمامة يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " فقال أبي: هذا منكر، الحسن عن أبي أمامة لا يجيء، ووهن أمر مسكين عندي بهذا الحديث ". وقال في مكان آخر (1 / 210) عن أبيه: " هذا حديث منكر، ثم قال: الحسن عن أبي أمامة، لا يجيء هذا إلا من مسكين ". وذكر نحو ذلك في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 329) في ترجمة مسكين بن عبد الله أبي فاطمة. وذكر الحافظ في " اللسان " عن الدارقطني أنه قال فيه: " ضعيف الحديث ". وسائر رواة الحديث ثقات، ومحمد بن يحيى بن حسان هو التنيسي، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: " شيخ صالح ". والحسن هو البصري وهو مدلس، ولم يصرح بسماعه من أبي أمامه، بل جزم أبو حاتم بأنه لم يسمع منه، وذلك قوله: " الحسن عن أبي أمامة لا يجيء ". إذا عرفت هذا، فقول المنذري (1 / 252) ثم الهيثمي (2 / 174) في هذا الحديث: " رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات ". الحديث: 1802 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 فيه ما لا يخفى، إلا أن يكون عند الطبراني من طريق آخر، وذلك مما أستبعده. والله أعلم. ثم تبين أنه عند الطبراني (7996) من الطريق نفسه! فتأكدنا من خطئهما أو تساهلهما، كيف لا وفيه الضعيف والمدلس؟! وقد اغتر بهما المناوي، فأقرهما في " الفيض "، ونتج من وراء ذلك خطأ أفحش، وهو قوله في " التيسير " : " إسناده صحيح "! وقلده الغماري - كعادته - فأورد الحديث في " كنزه " (861) ! 1803 - " إن الله يبغض المؤمن لا زبر له ". منكر. رواه العقيلي في " الضعفاء " (429) وعنه ابن عساكر (16 / 250 / 1) عن مسمع بن محمد الأشعري قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا. قال قتادة: يعني الشدة في الحق. وقال العقيلي: " مسمع بن محمد لا يعرف بالنقل ولا يتابع عليه بهذا الإسناد، ولا أحفظ هذا اللفظ إلا في حديث عياض بن حمار لمجاشعي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له "، ونقل هذا عن العقيلي الذهبي، وقال في آخره: " والزبر: العقل ". قال الحافظ: " والحديث المذكور عند مسلم ". الحديث: 1803 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 1804 - " إذا دعا أحدكم فليؤمن على دعاء نفسه ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (205 / 1) عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، طلحة بن عمرو وهو الحضرمي متروك كما في " التقريب "، وفي ترجمته أورده ابن عدي في جملة أحاديث ساقها له وقال فيها: " وعامتها مما فيه نظر ". وإن من عجائب المناوي أنه بعد أن اقتصر على تضعيف إسناده دون أن يبين وجهه، استدرك فقال: " لكن يقويه رواية الديلمي له بلفظ (فذكره نحوه، وقال:) وبيض لسنده "! ولا يخفى وجه العجب على أحد، إذ كيف يصح تقوية الضعيف بما لا سند له؟! الحديث: 1804 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 1805 - " إن الله يبغض ثلاثة: الغني الظلوم والشيخ الجهو ل والعائل المختال ". ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 145 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 206) عن إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن أبي إسحاق إلا إسماعيل ". قلت: وهو صدوق، لكن السند من فوقه ضعيف جدا، الحارث وهو الأعور ضعيف متهم. وأبو إسحاق هو السبيعي مختلط مدلس. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " دون لفظة: " ثلاثة " من رواية الطبراني في الأوسط عن علي، وقال المناوي: " قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وبينه تلميذه الهيثمي، فقال: فيه الحارث الأعور وهو ضعيف ". الحديث: 1805 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 1806 - " إن الله يطلع في العيدين إلى الأرض، فابرزوا من المنازل تلحقكم الرحمة ". موضوع. رواه ابن عساكر (15 / 451 / 2) عن محمد بن محمد بن الحسين الطوسي: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقري أنبأنا هبة الله بن موسى بن الحسين الموصلي بها حدثنا أحمد بن علي بن المثني حدثنا شيبان بن فروخ عن سعيد بن سليمان الضبي عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال: " لم أجد هذا الحديث في مسند أبي يعلى، لا من رواية ابن حمدان، ولا رواية ابن المقري ". أورده في ترجمة الطوسي هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 1806 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 وأبو علي الحسن بن علي هو الأهوازي، وهو كذاب، صنف كتابا في الصفات أتى فيه بموضوعات وفضائح كما قال الذهبي. وهبة الله بن موسى، قال الذهبي: " يعرف بابن قبيل لا يعرف ". ثم ساق له حديثا تقدم بلفظ: " إذا كثرت ذنوبك ... ". قلت: فأحد هؤلاء الثلاثة هو آفة هذا الحديث، والأقرب أنه أبو علي الأهوازي، فإن بقية رجال الإسناد ثقات معروفون. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه عن أنس. وبيض له المناوي، وكأنه لم يقف على إسناده، ولم يورده الغماري في " المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير "، مع أنه من شرطه! وجزم المناوي في " التيسير " بأن سنده ضعيف. وكأن ذلك منه بناء على القاعدة فيما تفرد به ابن عساكر، ولووقف على إسناده لأعطاه ما يستحق من النقد! 1807 - " لوأن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لخرج عمله للناس كائنا ما كان ". ضعيف. رواه أحمد (3 / 28) وأبو يعلى في " مسنده " (2 / 521 / 404) وأبو محمد الضراب في " ذم الرياء " (1 / 280 / 2) وابن بشران في " الأمالي " (27 / 1) وأبو عمرو ابن منده في " المنتخب من الفوائد " (267 / 1 - 2) والحسن بن رشيق في " المنتقى من الأمالي " (43 / 2) وابن حبان (1942) والحاكم (4 / 314) عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! الحديث: 1807 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 وليس كما قالا، فإن دراجا هذا أورده الذهبي في " الميزان "، وقال: " قال أحمد: أحاديثه مناكير، ولينه. وقال يحيى: ليس به بأس، وفي رواية: ثقة. وقال فضلك الرازي: ما هو ثقة ولا كرامة. وقال أبو حاتم: ضعيف.. إلخ ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف ". قلت: وهذا من روايته عنه، ومن ذلك تعلم أن قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 225) : " رواه أحمد وأبو يعلى وإسنادهما حسن " ليس بحسن. ونقله المناوي وأقره! كما نقل تصحيح الحاكم والذهبي وأقره! ثم جمع بينهما في " التيسير "، فقال: " إسناده حسن صحيح "!! وكذلك أقر التحسين والتصحيح المذكورين المعلقون على " الجامع الكبير " (730 - 17632) ! 1808 - " الغيرة من الإيمان، والمذاء من النفاق ". ضعيف. رواه ابن بطة في " الإبانة " (5 / 47 / 1) عن أبي مرحوم عن عمرو بن عوف قال: أخبرنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. فقال رجل لزيد: ما المذاء؟ قال: الذي لا يغار يا عراقي! ورواه البزار في " مسنده " (1490 - كشف الأستار) من طريق أبي عامر: حدثنا أبو مرحوم الأرطباني حدثنا زيد بن أسلم به. وأبو مرحوم هذا اسمه عبد الرحيم بن كردم بن أرطبان ابن عم عبد الله بن عون كذا ساقه ابن أبي حاتم (2 / 2 / 339) ومنه يتعين أن في نسخة الإبانة سقطا وتحريفا، ثم ذكر ابن أبي حاتم جماعة رووا عنه، وقال عن أبيه: " مجهول ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (7 / 133) ولكنه قال: " كان يخطيء "! وأما قول الهيثمي (4 / 327) : الحديث: 1808 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 " رواه البزار، وفيه أبو مرحوم، وثقه النسائي وغيره، وضعفه ابن معين، وبقية رجاله رجال الصحيح ". قلت: فهذا من أوهامه، فإن هذا غير الأول، واسمه عبد الرحيم بن ميمون المدني أبو مرحوم المصري، ولم يتنبه المناوي لتغايرهما، فنقل كلام الهيثمي، وتجهيل أبي حاتم لأبي مرحوم، وأقرهما! ثم تبنى - فيما يبدو - كلام الهيثمي، فاستنتج منه أن الحديث قوي، فقال في " التيسير ": " إسناده حسن "! وقلده الغماري - كعادته - فأورد الحديث في " كنزه " (2259) ! 1809 - " الغيلان سحرة الجن ". ضعيف. رواه ابن وهب في " الجامع " (106) : أخبرني جرير بن حازم أن عبد الله بن عبيد بن عمير حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الغيلان فقال: هم سحرة الجن. قلت: وهذا سند صحيح لولا أنه مرسل. والحديث أورده في " الجامع " من رواية ابن أبي الدنيا في " مكايد الشيطان " عن عبد الله بن عبيد بن عمير هذا مرسلا. وبيض له المناوي. وقد وصله أبو الشيخ في " العظمة " فقال (12 / 23 / 2) : حدثنا عبد الوهاب بن عصمة حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن هراسة حدثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن جابر قال: فذكره. قلت: لكن إبراهيم هذا ضعيف جدا، وكذبه بعضهم، فلا يعتد بوصله. الحديث: 1809 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 1810 - " أجلوا الله يغفر لكم ". ضعيف. رواه أحمد (5 / 199) والبخاري في " الكنى " (ص 63 / 558) والخولاني في " تاريخ داريا " (ص 90) وأبو نعيم في " الحلية " (1 / 226) وابن عساكر (16 / 222 / 1) (19 / 75 / 1) عن عمير بن هانىء عن أبي العذراء عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة أبي العذراء هذا، فقد أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 الحديث: 1810 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 / 420) وذكر له هذا الحديث، وهذا الراوي عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الذهبي في " الميزان ": " مجهول ". يعني كذا قال أبو حاتم، أي مجهول، وهذا اصطلاح منه كما نص عليه في ترجمة أبان بن حاتم (1 / 5) . وصرح بذلك الحافظ ابن حجر، فقال في " التعجيل ": " قال أبو حاتم: مجهول ". 1811 - " من أعطاه الله عز وجل حفظ كتابه، فظن أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي، فقد غمط أفضل النعم ". ضعيف جدا. رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 284) : قال أحمد بن الحارث: حدثتنا ساكنة بنت الجعد الغنوية قالت: سمعت رجاء الغنوي وكانت أصيبت يده يوم الجمل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، وله ثلاث علل: الأولى: الإرسال والجهالة. فإن رجاء الغنوي، أورده البخاري بهذا الإسناد والحديث، ولم يذكر له صحبة. وكذلك صنع ابن أبي حاتم (2 / 1 / 500) لكنه لم يسق إسناده، ولا ذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قال الحافظ في " الإصابة ": " وأما ابن حبان فذكره في (ثقات التابعين) ، وقال: يروي المراسيل، وقال أبو عمر: لا يصح حديثه ". الثانية: ساكنة هذه لم أجد لها ترجمة. الثالثة: أحمد بن الحارث. قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال البخاري: " فيه نظر ". الحديث: 1811 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 1812 - " يا سعد! اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم 6640 - نسختي) : حدثنا محمد بن عيسى بن شيبة حدثنا الحسن بن علي الاحتياطي حدثنا أبو عبد الله الحورخاني - رفيق إبراهيم بن أدهم -: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا "، فقام سعد بن أبي وقاص، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره، وزاد في آخره: " وأيما عبد نبت لحمه من السحت فالنار أولى به ". وقال: " لا يروى عن ابن جريج إلا بهذا الإسناد، تفرد به الاحتياطي ". قلت: ولم أعرفه، ومثله شيخه أبو عبد الله، والراوي عنه محمد بن عيسى بن شيبة، وهو المصري، كما في أول حديث له في " الأوسط " (6622) . و (الحورخاني) كذا في الأصل، ولم أجدها في " أنساب السمعاني "، ولا في " لباب ابن الأثير "، وفي " مجمع البحرين " (492) ونسخته سيئة: (الجرجاني) ولم يذكر أبو عبد الله هذا في هذه النسبة. والنسبة الأولى أقرب ما تكون إلى (الجوزجاني) لأن الفرق في النقط فقط، ولكنه لم يذكر فيها أيضا. وأما (الاحتياطي) فقد جاء في " أنساب السمعاني ": " هذه النسبة عرف بها أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن عباد.. الاحتياطي، حدث عن: جرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وغيرهم، روى عنه: الهيثم بن خلف الدوري، والقاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، وغيرهما. قال أبو أحمد بن عدي الحافظ: يسرق الحديث، منكر عن الثقات، ولا يشبه حديث أهل الصدق ". الحديث: 1812 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 قلت: له ترجمة مطولة في " كامل ابن عدي " (2 / 746 - 747) وهكذا وقع فيه أيضا: " الحسن بن عبد الرحمن "، وكذلك جاء في " تاريخ بغداد " (7 / 327) وغيرهما، وذكر الخطيب أن بعض الرواة سماه " الحسين "، وقد ترجم له هناك أيضا، وكذلك فعل الحافظ في " اللسان "، وقال فيه الذهبي: " ليس بثقة ". وقال في " الضعفاء ": " متهم ". قلت: فالظاهر أنه هو الراوي لهذا الحديث، وتسمية أبيه فيه بـ (علي) خطأ من ابن شيبة الراوي عنه إن كان ثقة، وإلا فلا يبعد أن يكون مقصودا منه تعمية لأمره. والله أعلم. والحديث أشار المنذري في " الترغيب " (3 / 12) لضعفه، وقال: " رواه الطبراني في (الصغير) "! وكذلك قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 291) وقال: " وفيه من لم أعرفهم ". قلت: ولم أره في " الروض النضير " الذي رتبت فيه " المعجم الصغير "، فلعله وقع في بعض النسخ، وعلى كل حال فعدم عزوهما الحديث لـ " المعجم الأوسط " مما يؤخذ عليهما. (تنبيه) : الزيادة التي جاءت في آخر الحديث، إنما لم ألحقها به لأنها صحيحة بشواهدها الكثيرة عن جابر وكعب بن عجرة وأبي بكر الصديق، وقد خرجها المنذري (3 / 15) . 1813 - " اجثوا على الركب، وقولوا: يا رب يا رب! ". منكر. رواه البخاري في " التاريخ " (3 / 2 / 457) والعقيلي في " الضعفاء " (315) وابن حبان في " الثقات " (5 / 194) والبزار (1 / 319 - 320) من طرق عن حفص بن النضر السلمي: حدثنا عامر بن خارجة عن جده سعد بن مالك: أن قوما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فقال: (فذكره) ، قال: ففعلوا فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم. الحديث: 1813 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 وقال البزار: " لا يروى إلا عن سعد، وليس له عنه إلا هذا الطريق، وعامر لا أحسبه سمع من جده شيئا ". قلت: وصله في " الأوسط " (6119 - بترقيمي) من طريق عبيد الله بن حفص: حدثنا حفص بن النضر حدثنا عامر بن خارجة بن سعد عن أبيه عن جده. فزاد: (عن أبيه) وهي شاذة أومنكرة، فإني لم أعرف عبد الله. وأبو هـ هو خارجة بن عبد الله بن سعد، انظر " تيسير الانتفاع ". وقال البخاري، ووافقه العقيلي: " عامر بن خارجة بن سعد، قال البخاري: في إسناده نظر ". يعني هذا الحديث، ولهذا قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 320) عن أبيه: " إسناده منكر ". قلت: ومن عجائب ابن حبان أنه لما أورد هذا الرجل في " كتاب الثقات " قال: " يروي عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا منكرا في المطر، روى عنه حفص بن النضر، لا يعجبني ذكره ". قلت: ثم ذكره! وهذا من الأدلة الكثيرة على تساهله، فالرجل أحق بأن يورده في كتابه " الضعفاء "، وليس " الثقات "! 1814 - " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار ". ضعيف. أخرجه الدارمي في " سننه " (1 / 57) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله، فإن عبيد الله هذا من أتباع التابعين، مات سنة 136، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم واسطتان أو أكثر. الحديث: 1814 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 1815 - " من أجرى الله على يديه فرجا لمسلم، فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ". موضوع. رواه الخطيب (6 / 174) وابن عساكر (9 / 60 / 2) عن المنذر بن زياد الطائي: حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده الحديث: 1815 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته المنذر هذا، سمع منه عمرو بن علي الفلاس، وقال: " كان كذابا ". وقال الساجي: " يحدث بأحاديث بواطيل، وأحسبه كان ممن كان يضع الحديث ". وقال ابن قتيبة: " إن أهل الحديث مقرون بأنه وضع غير ما حديث واحد ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخطيب فقط. وتعقبه المناوي بقوله: " وفيه المنذر بن زياد الطائي، قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك ". ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم عند مسلم (8 / 71) : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ". 1816 - " من قلم أظفاره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها ". موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (50 / 1 من ترتيبه) عن أحمد بن ثابت فرخويه الرازي: حدثنا العلاء بن هلال الرقي حدثنا يزيد بن زريع عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن أيوب إلا يزيد، ولا عنه إلا العلاء، تفرد به فرخويه ". قلت: وهو كذاب. قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 44) : " سمعت أبا العباس بن أبي عبد الله الطبراني يقول: كانوا لا يشكون أن فرخويه كذاب ". وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال ابن أبي حاتم: كذاب ". ومنه تعلم أن قول المناوي (4 / 518) فيه: " ضعيف ". فيه تساهل كبير، ولعله صدر منه بدون مراجعة. وإذا عرفت وضع الحديث، فمن الجهل البالغ الاستدلال به على سنية قص الظفر يوم الجمعة، كما فعل صاحب " تعاليم الإسلام " (ص 234) ، فقال تحت عنوان: " سنن الجمعة إحدى عشرة سنة ": الحديث: 1816 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 " (5) تقليم أظفار اليدين والرجلين يوم الجمعة لقوله صلى الله عليه وسلم: من قلم ... " فذكر الحديث. وقد روي الحديث عن ابن عباس مرفوعا بنحوه، وسنده ضعيف جدا كما سيأتي بيانه برقم (2021) . 1817 - " ما من عبد من أمتي صلى علي صادقا بها من قبل نفسه، إلا صلى الله عليه بها عشر صلوات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحى عنه بها عشر سيئات ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 373) من طريق وكيع عن سعيد بن سعيد التغلبي (الأصل: المهلبي، وهو تصحيف) عن سعيد بن عمير الأنصاري عن أبيه - وكان بدريا - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " لا أعلم رواه بهذا اللفظ إلا سعيد عن سعيد ". قلت: وهما في عداد المجهولين، لم يوثقهما غير ابن حبان، بل اتهمهما الذهبي بروايتهما عن ابن عمر مرفوعا: " يا علي أنا أخوك في الدنيا والآخرة ". وقال: " وهذا موضوع ". والحديث أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 459) ، فقال: " قال أبو أسامة: عن سعيد بن سعيد به "، إلا أنه قال: " عن عمه أبي بردة " مكان: " عن أبيه ". فالحديث مضطرب الإسناد أيضا مع جهالته. وقد صح من حديث أنس مرفوعا نحوه دون قوله: " صادقا بها من قبل نفسه "، فانظر " المشكاة " (922) . الحديث: 1817 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 1818 - " أحد أبو ي بلقيس كان جنيا ". ضعيف رواه ابن عدي (177 / 1) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " لا أعلم رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير، ولا أرى بما يروي عنه سعيد بن بشير بأسا، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق ". قلت: وفيه خلاف كبير، وفي " التقريب " أنه ضعيف. وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " وثقه شعبة، وفيه لين، قال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: " فاحش الخطأ ". وساق له في " الميزان " جملة أحاديث أنكرت عليه، هذا أحدها. وعزاه السيوطي لأبي الشيخ في " العظمة " وابن مردويه في " التفسير " وابن عساكر، واستنكره المناوي تبعا للذهبي. الحديث: 1818 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 1819 - " أحد ركن من أركان الجنة ". ضعيف. رواه أبو حفص الكتاني المقرىء في " حديثه " (132 / 2) وابن عدي (215 / 2) من طريق أبي يعلى، وهذا في " مسنده " (4 / 1812) عن عبد الله بن جعفر قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد مرفوعا، وقال ابن عدي: " عبد الله بن جعفر والد علي بن المدني عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، يقال: تغير حفظه بأخرة ". الحديث: 1819 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " (5813) ، وقال المناوي في " الفيض ": " وقال الجوزجاني: واه، ثم أورد له مناكير هذا منها، وبالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه ". قلت: تعقبه السيوطي في " اللآلىء " (1 / 93) بأن عبد الله هذا لم يبلغ أمره إلى أن يحكم على حديثه بالوضع. 1820 - " إن أحدا جبل يحبنا ونحبه، وهو على ترعة من ترع الجنة، وعير على ترعة من ترع النار ". ضعيف جدا. أخرجه ابن معين في " التاريخ والعلل " (96 - 97) وابن ماجة (3115) عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن مكنف: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: ابن مكنف هذا، قال الذهبي: " مجهول ". وقال ابن حبان: " لا يحتج به ". وقال البخاري: " في حديثه نظر ". وقول الحافظ السيوطي في " اللآلىء ": " ضعيف " فقط، قصور. الثانية: عنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس. وقد مضى نحوه من حديث أبي عبس بن جبير (1618) وسبق هناك التنبيه على صحة الجملة الأولى من الحديث. الحديث: 1820 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 1821 - " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله ". ضعيف. روي من حديث أبي سعيد الخدري وأبي أمامة الباهلي وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وثوبان. 1 - أما حديث أبي سعيد، فيرويه عمرو بن قيس عن عطية عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه الحسن بن عرفة في " جزئه " (00 / 00) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 281) وكذا السلمي في " طبقات الصوفية " (156) وكذا الخطيب في " التاريخ " (7 / 242) وكذا ابن الجوزي في " صفة الصفوة " (2 / 126 / 2) والبخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 354) والترمذي (4 / 132) وابن جرير في " التفسير " (14 / 31) والعقيلي في " الضعفاء " (396) وأبو الشيخ في " الأمثال " (127) والماليني في " الأربعين الصوفية " (3 / 1) وأبو نعيم أيضا (10 / 282) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4 / 337 / 1 - 2) من طرق عن عمرو به. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف من أجل عطية العوفي، فإنه ضعيف مدلس. وأعله العقيلي بعلة أخرى، فإنه رواه من طريق سفيان عن عمرو بن قيس الملائي قال: " كان يقال " فذكره، وقال: " هذا أولى ". ورواه الخطيب (3 / 191) عن العقيلي، وقال: " وهو الصواب، والأول وهم ". 2 - وأما حديث أبي أمامة، فيرويه أبو صالح عبد الله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عنه به. أخرجه الطبراني، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 118) وابن عدي في " الكامل " الحديث: 1821 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 (ق 220 / 1) وعبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2 / 229 / 2) والخطيب في " التاريخ " (5 / 99) وابن عبد البر في " الجامع " (1 / 196) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (32 / 2 و127 / 2) من طرق عنه، وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن راشد بن سعد غير معاوية، وعنه أبو صالح، وأبو صالح هو عندي مستقيم الحديث، إلا أنه يقع في حديثه، في أسانيده ومتونه غلط، ولا يتعمد الكذب ". قلت: وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد: كان متماسكا، ثم فسد. وأما ابن معين فكان حسن الرأي فيه. وقال أبو حاتم: أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه، مما افتعل خالد بن نجيح، وكان يصحبه، ولم يكن أبو صالح ممن يكذب، كان رجلا صالحا. وقال النسائي: ليس بثقة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". قلت: ومنه يتبين أن قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 268) : " رواه الطبراني، وإسناده حسن ". فهو غير حسن. ومثله قول السيوطي في " اللآلىء " (2 / 330) : " فإنه بمفرده على شرط الحسن، وعبد الله بن صالح لا بأس به "! إذ كيف يكون ابن صالح لا بأس به، وحديثه حسنا، مع كثرة غلطه، وبالغ غفلته، حتى أدخلت الأحاديث المفتعلة في كتبه، فيحدث بها وهو لا يدري! 3 - وأما حديث أبي هريرة، فيرويه أبو معاذ الصائغ عن الحسن عن أبي هريرة. أخرجه أبو الشيخ (126) وابن بشران في " مجلسين من الأمالي " (210 - 211) وابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 329 - 330) وقال: " لا يصح، أبو معاذ هو سليمان بن أرقم متروك ". 4 - وأما حديث ابن عمر، فيرويه فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 أخرجه ابن جرير في " التفسير " (34 / 32) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 94) وقال: " غريب من حديث ميمون، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن الجوزي: " الفرات، متروك ". وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال البخاري: منكر الحديث، تركوه ". 5 - وأما حديث ثوبان، فيرويه سليمان بن سلمة: حدثنا مؤمل بن سعيد بن يوسف: حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي قال: حدثني وهب بن منبه عن طاووس عنه مرفوعا بلفظ: " احذروا فراسة المؤمن ... "، وزاد: " وينطق بتوفيق الله ". أخرجه ابن جرير (34 / 32) وأبو الشيخ في " الأمثال " (128) ، و" طبقات الأصبهانيين " (223 - 224) وأبو نعيم في " الأربعين الصوفية " (ق 62 / 1) و" الحلية " (4 / 81) وقال: " غريب من حديث وهب ، تفرد به مؤمل عن أسد ". قلت: وهو واه جدا، وفيه علل: الأولى: أسد بن وداعة قال الذهبي: " من صغار التابعين، ناصبي يسب، قال ابن معين: كان هو وأزهر الحرازي وجماعة يسبون عليا، وقال النسائي: ثقة ". الثانية: المؤمل هذا، قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 375) عن أبيه: " هو منكر الحديث، وسليمان بن سلمة منكر الحديث ". الثالثة: سليمان بن سلمة، وهو الخبائري، سمعت قول أبي حاتم فيه آنفا. وقال أيضا: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 : " متروك لا يشتغل به ". وقال ابن الجنيد: " كان يكذب، ولا أحدث عنه ". وذكر له الذهبي حديثا موضوعا. قلت: ومن الغريب أن السيوطي أورد هذه الطريق في جملة ما أورده متعقبا به على ابن الجوزي حكمه على الحديث بالوضع، ثم سكت عنه، كأنه لا يعلم ما فيه من هذه العلل التي تجعله غير صالح للاستشهاد به، لشدة ضعفه، وكذلك سائر طرقه، فقوله: إن الحديث حسن صحيح. يعني بمجموعها، مردود عليه لما ذكرنا، وإن تبعه المناوي وغيره. وجملة القول، أن الحديث ضعيف، لا حسن ولا موضوع، وإليه مال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة ". والله أعلم. (تنبيه) : الحديث أورده الغماري في " كنزه " رقم (55) الذي زعم أن كل ما فيه صحيح، والدكتور القلعجي في فهرس " الأحاديث الصحيحة " الذي وضعه في آخر كتاب " ضعفاء العقيلي " جهلا منه بمعنى قوله المتقدم: " هذا أولى "! وله من هذا النوع أمثلة أخرى، لعله تقدم أو يأتي بعضها إن شاء الله تعالى. 1822 - " اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم، وبين الله عز وجل ". ضعيف جدا. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 197) والبيهقي (3 / 90) عن حسين بن نصر: حدثنا سلام بن سليمان حدثنا عمر بن عبد الرحمن بن يزيد عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي: " إسناده ضعيف ". قلت: وفيه علل: الحديث: 1822 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 الأولى: عمر بن عبد الرحمن بن يزيد، لم أعرفه، ووقع عند الدارقطني (عمر) غير منسوب، فقال عقبه: " هذا عندي عمر بن يزيد قاضي المدائن ". قلت: والمدائني قال فيه ابن عدي (5 / 1687) : " منكر الحديث ". الثانية: سلام بن سليمان، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ". ولذا قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". الثالثة: حسين بن نصر. لا يعرف كما قال ابن القطان. وقد روي الحديث من طريق أخرى من حديث مرثد بن أبي مرثد الغنوي مرفوعا نحوه، وهو الآتي بعده: 1823 - " إن سركم أن تقبل صلاتكم، فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم، وبين ربكم ". ضعف. أخرجه الدارقطني (ص 197) وابن منده في " المعرفة " (2 / 174 / 2) والحاكم (3 / 222) من طريق يحيى بن يعلى الأسلمي عن عبد الله بن موسى عن القاسم السامي - من ولد سامة بن لوي - عن مرثد بن أبي مرثد الغنوي - وكان بدريا - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الدارقطني: " إسناد غير ثابت، وعبد الله بن موسى ضعيف ". قلت: هو التيمي المدني، قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". قلت: وشيخه القاسم السامي لم أجد له ترجمة. الحديث: 1823 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 والراوي عنه يحيى بن يعلى الأسلمي ضعيف كما في " التقريب " و" المجمع " للهيثمي (2 / 64) وعزاه للطبراني في " الكبير " وهو عنده (20 / 328) بلفظ : " علماؤكم " بدل: " خياركم ". قلت: وهو بهذا اللفظ منكر. وقد رواه إسماعيل بن أبان الوراق، فقال: أخبرنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن القاسم الشيباني عن أبي أمامة مرفوعا به دون قوله: " فإنهم ... ". فجعله من مسند أبي أمامة، وأسقط من السند عبد الله بن موسى، وأظنه من الأسلمي الضعيف، لا من الوراق، فإنه ثقة. وقد روي الحديث من طريق أخرى مختصرا، بلفظ: " إن سركم أن تزكوا صلاتكم، فقدموا خياركم ". أخرجه الدارقطني (ص 132) وابن عدي في " الكامل " (ق 199 / 2) من طريق أبي الوليد خالد بن إسماعيل عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال الدارقطني: " أبو الوليد ضعيف "! كذا قال، والصواب قول ابن عدي فيه: " يضع الحديث على ثقات المسلمين ". وقد سرقه منه بعض الكذابين، فرواه محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي قال: نبأنا أبو عامر عمرو بن تميم بن سيار الطبري قال: نبأنا هو ذة بن خليفة البكراوي عن ابن جريج به. أخرجه الخطيب في ترجمة الرازي هذا من " تاريخ بغداد " (2 / 51) وقال: " هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ورجاله كلهم ثقات، والحمل فيه على الرازي، وكان غير ثقة ". ثم ساق له أحاديث، وقال: " إنها باطلة ". وروى عن أبي القاسم الطبري الحافظ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 أنه كذبه. ورواه موسى بن إبراهيم، فقال : أخبرنا موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. أخرجه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي " (ق 71 / 1) . وهذا إسناد واه جدا، موسى بن إبراهيم هذا هو أبو عمران المروزي، قال الذهبي: " كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: متروك ". ثم ساق له من بلاياه أحاديث! 1824 - " إن الأرض لتستغفر للمصلي بالسراويل ". منكر. رواه أبو الشيخ في " الطبقات " (295) وعنه أبو نعيم (1 / 330) وعنه الديلمي في " مسنده " (1 / 166 - 167) : حدثنا سعيد بن يعقوب قال: حدثنا عمار بن يزيد القرشي البصري قال: حدثنا الحسن بن موسى قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عيسى بن طهمان عن مالك بن عتاهية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند واه، وعلته ابن لهيعة فإنه ضعيف. وفي الطريق إليه عمار بن يزيد القرشي البصري ولم أعرفه، وفي " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 392) : " عمار بن يزيد، روى عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، روى سعيد بن أبي أيوب عن خالد بن يزيد عنه ". وفي " الميزان ": " عمار بن يزيد عن موسى بن هلال، قال الدارقطني: مجهول ". وزاد في " اللسان ": " وفي ثقات ابن حبان: عمار بن يزيد يروي المقاطيع والمراسيل. روى عنه خالد بن يزيد المصري، فلعله هذا ". الحديث: 1824 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 قلت: وسواء كان هو أوغيره، فهو مجهول، ولكني أستبعد جدا أن يكون هو القرشي البصري، لأن ابن حبان أورده في " أتباع التابعين " (7 / 285) ، والقرشي متأخر عنه كما ترى. وسعيد بن يعقوب هو أبو عثمان سعيد بن يعقوب بن سعيد القرشي. قال أبو الشيخ: " يحدث عن بندار ومحمد بن أبي الوزير الواسطي والأصبهانيين ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 162 / 1) للديلمي وحده! ورواه أبو نعيم - أي في " المعرفة " كما في " الإصابة " - من طريق ابن لهيعة بسند آخر عن مالك بن عتاهية. والظاهر أن ابن لهيعة اضطرب في سنده. والله أعلم. 1825 - " أملكوا العجين، فإنه أعظم للبركة ". منكر جدا. رواه ابن عدي (166 / 2) عن سلامة بن روح عن عقيل عن الزهري حدثني أنس به مرفوعا، وفي لفظ له: " فإنه أحد الريعين ". وقال: " وهذا وإن روي بغير هذا الإسناد فهو منكر جدا ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي عن أنس: وتعقبه المناوي بقوله: " ظاهر كلام المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة سلامة بن روح الأيلي، وقال: قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: منكر الحديث ". قلت: كذا في النسخة المطبوعة، ومن الواضح أنه سقط من النسخة قوله بعد " الأيلي ": " وقال: فهو منكر جدا " كما يدل عليه ما نقلته عن ابن عدي . وكذا سقط بعد الحديث: 1825 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 قوله: " وقال " لفظة: " الذهبي "، فإنه هو القائل ذلك في " الميزان ". وقال في " التيسير " نقلا عن ابن عدي: " حديث منكر ". وقال الحافظ: " سلامة هذا صدوق، له أوهام ". (فائدة) : قوله: " أملكوا " معناه أنعموا عجنه وأجيدوه. 1826 - " إذا كبر العبد سترت تكبيرته ما بين السماء والأرض من شيء ". موضوع. رواه الخطيب (11 / 86) وعنه ابن عساكر (6 / 222 / 2) عن إسحاق بن نجيح الملطي عن زنكل بن علي السلمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا . قلت: وهذا موضوع آفته إسحاق بن نجيح وضاع دجال. ومن عجائب السيوطي وتناقضه أنه ذكر في خاتمة " اللآليء " (ص 473) أن إسحاق هذا من كبار الوضاعين ، ومع ذلك أورد حديثه هذا في " الجامع الصغير "!! بل إنه ازداد تناقضا فأورد الحديث في كتابه " ذيل الأحاديث الموضوعة " التي استدركها على " موضوعات ابن الجوزي "! فقال (ص 149) : " قال الذهبي في " الميزان ": إسحاق الملطي قال أحمد: هو من أكذب الناس، وقال يحيى: معروف بالكذب، ووضع الحديث، وقال الفلاس: كان يضع الحديث صراحا ". هذا كله يقع من السيوطي - عفا الله عنا وعنه - ومع ذلك فلا يزال ناس يدعون العلم وحضور مجالس أهله، ينقمون علينا انتقادنا إياه، وينشرون الرسائل العديدة في إثارة العامة علينا بالافتراء والتقول، فالله حسيبهم، وهو المستعان. والحديث رده المناوي في " الفيض " بقوله: " وفيه إسحاق الملطي، قال الذهبي: كذاب ". وأما في " التيسير " فبيض له! الحديث: 1826 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 1827 - " إذا كثرت ذنوبك، فاسق الماء على الماء، تتناثر كما يتناثر الورق من الشجر في الريح العاصف ". منكر. رواه الخطيب في " تاريخه " (6 / 403 - 404) : حدثنا أبو العلاء، إسحاق بن محمد التمار في سنة ثمان وأربعمائة: حدثنا أبو الحسن هبة الله بن موسى بن الحسن بن محمد المزني المعروف بابن قتيل - بالموصل -: حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثني حدثنا شيبان بن فروخ الأبلي حدثنا سعيد بن سليم الضبي حدثنا أنس ابن مالك مرفوعا. قلت: أورده في ترجمة أبي العلاء هذا، وقال : " كان لا بأس به ". وبقية رجاله ثقات، غير هبة الله بن موسى. قال الذهبي : " لا يعرف ". ثم ساق له هذا الحديث. وتقدم له حديث آخر بلفظ: " إن الله يطلع في العيدين ... " رقم (1806) إلا أن السند إليه واه بمرة. الحديث: 1827 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 1828 - " إذا كذب العبد، تباعد عنه الملك ميلا من نتن ما جاء به ". منكر. أخرجه الترمذي (1 / 357) وابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " (ص 32) وابن عدي في " الكامل " (302 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 137) وأبو نعيم في " الحلية " (8 / 197) من طريق عبد الرحيم بن هارون: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره، وقال الترمذي: " حديث حسن جيد غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، تفرد به عبد الرحيم ". وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى: " وله غير ما ذكرت، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما، وإنما ذكرته، لأحاديث رواها مناكير الحديث: 1828 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 عن قوم ثقات ". وقال أبو نعيم: " تفرد به عبد الرحيم ". قلت: وهو ضعيف جدا، أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " كذبه الدارقطني ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، كذبه الدارقطني " . لكن ما ذكروه من التفرد إنما هو بالنسبة لما أحاط به علمهم، وإلا فقد أخرجه ابن عدي أيضا في مقدمة كتابه: " الكامل " (ص 32 - طبع بغداد) من طريق سليمان بن الربيع بن هشام النهدي: حدثنا الفضل بن عوف - عم الأحنف - حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد به. وقال ابن عدي: " ويروى من [غير] هذا الوجه ". قلت : كأنه يشير إلى حديث ذاك الواهي عبد الرحيم. وأما هذا، فعلته سليمان النهدي ، تركه الدارقطني. والفضل بن عوف لم أعرفه، ولا أستبعد أن يكون وقع في المطبوعة تصحيف أوتحريف فإنها طبعة سيئة جدا كأن محققه الفاضل لم يشرف على تصحيح تجاربها، فقوله مثلا في الحديث: " من نتن " وقع فيها " ثم بين "! فضاع المعنى! ونحوذلك وقع في طبعة " دار الفكر " البيروتية: " ثم نتن "! مع أنه ذكره على الصواب في التعليق نقلا عن " الفتح الكبير "! ومن عجيب أمر ابن حبان وجنفه أنه أورد الحديث في ترجمة عبد العزيز بن أبي رواد على أنه من مناكيره ، بل موضوعاته، فقال: " روى عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر، نسخة موضوعة لا يحل ذكرها إلا على سبيل الاعتبار منها ... "، فذكر هذا الحديث. وقد كان الأولى به أن يورده في ترجمة الراوي عنه: عبد الرحيم، ولكنه أتي من خطأ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 آخر وقع له، وهو أنه أورد عبد الرحيم هذا في " الثقات " (8 / 413) وقال: " يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات من كتابه، فإن فيما حدث من غير كتابه بعض المناكير "! فمن كان هذا شأنه كيف يوثق أولا؟ ثم كيف يتهم شيخه ابن أبي رواد بما رواه عنه، وقد وثقه جمع واحتج به مسلم؟! وقد أشار الذهبي إلى إنكاره لهذا الصنيع منه في ترجمة عبد العزيز بقوله: " ثم أسند ابن حبان له حديثين منكرين أحدهما لعبد الرحيم بن هارون - أحد التلفى -، والآخر لزافر بن سليمان عنه ". قلت: وزافر هذا أورده ابن حبان في " الضعفاء " أيضا (1 / 315) ، فهذا من جنفه أيضا، لأنه لا يجوز والحالة هذه تعصيب الجناية به في الحديث الذي أشار إليه الذهبي، ما دام أنه من رواية ضعيف عن ضعيف عنده، فالعدل في هذه الحالة التوقف، وهذا هو الذي أعرفه من ابن حبان في كثير من " ضعفائه "، فهذا مثلا سليمان ابن جنادة يقول فيه (1 / 329) : " روى عنه بشر بن رافع ، منكر الحديث، فلست أدري البلية في روايته منه، أومن بشر بن رافع؟ لأن بشرا ليس بشيء في الحديث. ومعاذ الله أن نطلق الجرح على مسلم بغير علم بما فيه، واستحقاق منه له، على أنه يجب التنكب عن روايته على كل الأحوال ". فهذا هو الصواب، أن لا تعصب جناية حديث في راوضعيف إذا كان دونه ضعيف آخر ، فكيف إذا كان الأول ثقة، أوعلى الأقل خيرا منه؟ (تنبيه) : لقد اغتر بتحسين الترمذي وتجويده للحديث جمع، منهم المنذري في " الترغيب " (4 / 29) ، فإنه أقر الترمذي على تحسينه، وصدره بصيغة (عن) المشعرة بحسنه! وتبعه الغماري فأورده في " كنزه " (308) ! ولعله اغتر بسكوت المناوي في " التيسير " على قول الترمذي: " جيد غريب ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 وهذا من المناوي عجيب غريب، فإنه قال في " الفيض " بعد أن نقل عن الدارقطني تكذيبه لعبد الرحيم، واستنكار ابن عدي لأحاديثه: " وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه تبعا لتجويد الترمذي "!! ومن أحاديث ذاك الواهي: " الصائم في عبادة، ما لم يغتب ". 1829 - " الصائم في عبادة، ما لم يغتب ". منكر. أخرجه ابن عدي (302 / 1) من طريق الحسن بن منصور حدثنا عبد الرحيم بن هارون أبو هشام الغساني حدثنا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: عبد الرحيم هذا. وقد عرفت حاله في الحديث السابق. والأخرى: الحسن بن منصور، قال ابن الجوزي في " العلل ": " غير معروف الحال ". نقله المناوي في " الفيض " وأقره، وفيه نظر، فإن الحسن هذا، ويسميه بعضهم " الحسين " ، قد روى عنه جماعة من الثقات، منهم البخاري في " صحيحه "، وقال الخطيب في " تاريخه " (8 / 11) : " وكان ثقة ". فعلة الحديث إنما هي من عبد الرحيم. والحديث أورده السيوطي في " جامعيه " برواية الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا به ، وزاد: " مسلما، أويؤذه ". وأعله المناوي بالعلتين السابقتين، وقد عرفت أن إحداهما هي العلة القادحة. وهو في " مختصر الديلمي " (2 / 257) . وما نقله عن ابن الجوزي من الإعلال بالجهالة ليس في " العلل " المطبوع (2 / 50 ) بل ولا له ذكر في إسناده لأنه نقله عن الدارقطني معلقا على عبد الرحيم! وإنما أعله بالوقف على أبي العالية. والله أعلم. الحديث: 1829 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 ومن أحاديث الغساني: " من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قصر علمه، ودنا عذابه ". أخرجه ابن عدي والخطيب في " تاريخه " (6 / 52) عن عبد الرحيم بن هارون الغساني بإسناد الحديث الآنف الذكر. وهو ضعيف جدا كما سبق بيانه. والحديث استنكره ابن عدي في جملة أحاديث ساقها لعبد الرحيم هذا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك قبل حديث. 1830 - " اجلدوا في قليل الخمر وكثيره، فإن أولها [حرام] ، وآخرها حرام ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (8 / 313) من طريق هشام بن عمار: حدثنا الوليد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عروة أنه حدث عمر بن عبد العزيز عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة سيء الحفظ. والوليد وهو ابن مسلم كان يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث في جميع أماكن العنعنة. وهشام بن عمار كان يلقن فيتلقن. الحديث: 1830 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 1831 - " أجيفوا أبو ابكم واكفئوا آنيتكم وأوكوا أسقيتكم وأطفئوا سرجكم، فإنه لم يؤذن لهم بالتسور عليكم ". ضعيف. أخرجه أحمد (5 / 262) : حدثنا أبو النضر حدثنا الفرج حدثنا لقمان قال: سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن الفرج هذا وهو ابن فضالة ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ". الحديث: 1831 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 وقال الذهبي في " الميزان ": " ضعيف من قبل حفظه ". وقال في " الضعفاء ": " ضعفوه ". وقال الهيثمي في " المجمع " (8 / 111) : " رواه أحمد، ورجاله ثقات، غير الفرج بن فضالة، وقد وثق ". قلت: ونقله المناوي في " الفيض " عن الهيثمي، لكن لم يذكر قوله: " غير الفرج.. ". فلا أدري أهو سهو منه، أم كذلك هو في نسخته من " المجمع "؟ وقد ترتب عليه خطأ فاحش منه، فإنه قال عقب ذلك: " ورمز المؤلف لحسنه، غير حسن، بل حقه الرمز لصحته ". ثم لخص ذلك في " التيسير " فقال: " وإسناده صحيح، خلافا لقول المؤلف: حسن ". وقد عرفت أنه لا يستحق الحسن، فضلا عن الصحة، وإنما أوقعه في هذا الخطأ، تقليده لما نقله بدون تحقيق منه. وإنما أوردت الحديث هنا للجملة الأخيرة منه لضعف إسنادها، وعدم وجود شاهد يقويها، وإلا فما قبلها قد جاء نحوه من حديث جابر، وهو مخرج في " الصحيحة " (رقم 37) . 1832 - " أحب الأعمال إلى الله عز وجل، تعجيل الصلاة لأول وقتها ". ضعيف. أخرجه الدارقطني (92) والحاكم (1 / 191) وأحمد (6 / 375) عن الليث بن سعد: حدثنا عبد الله بن عمر بن حفص عن القاسم بن غنام عن جدته الدنيا أم أبيه عن جدته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الأعمال الحديث: 1832 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 يوما، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، جدة القاسم بن غنام مجهولة، والقاسم نفسه ليس بالمشهور . وعبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر وهو ضعيف، وقد توبع بلفظ: " أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها ". وله شاهد من حديث ابن مسعود بسند صحيح، ولذلك خرجته في " صحيح أبي داود " (452) و" إرواء الغليل " (1198) ، فهو صحيح لغيره بهذا اللفظ، وأما اللفظ الأول فضعيف. والله أعلم. 1833 - " أحب الأعمال إلى الله الحب في الله، والبغض في الله ". ضعيف. أخرجه أحمد (5 / 146) عن يزيد بن عطاء عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر قال: " خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: أتدرون أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال قائل: الصلاة والزكاة ، وقال قائل: الجهاد، قال: إن أحب .... ". وتابعه خالد بن عبد الله : حدثنا يزيد بن أبي زياد به مختصرا بلفظ: " أفضل الأعمال ... ". وقد مضى (1310) برواية أبي داود. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسم. ويزيد بن أبي زياد عن مجاهد، هو الهاشمي مولاهم ضعيف. ويزيد بن عطاء هو اليشكري لين الحديث. والحديث سكت عليه الحافظ في " الفتح " (1 / 40) . وقال المناوي: " قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، ويزيد بن أبي زياد، قال ابن المبارك: ارم به. وسوار العنبري، (قلت: هذا ليس في رواية أحمد) ، قال ابن الجوزي: ليس بشيء. انتهى، وبه يعرف أن تحسين المصنف له ليس في محله ". الحديث: 1833 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 قلت: فالعجب من المناوي كيف عدل عن هذا النقد العلمي الصحيح، إلى متابعته للسيوطي فيما أنكره عليه. فقال في " التيسير ": " وإسناده حسن "! ثم قلده الغماري كعادته، فأورده في " كنزه " (79) ! 1834 - " أحب العمل إلى الله تعالى الحال المرتحل، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل ". ضعيف. أخرجه الترمذي (4 / 64) وابن نصر في " قيام الليل " (ص ... ) والحاكم (1 / 568) من طرق عن صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس قال: " قال رجل: يا رسول الله! أي العمل أحب إلى الله! قال: الحال .... ". ثم أخرجه الترمذي من طريق أخرى عن صالح به نحوه، إلا أنه أرسله، فلم يذكر فيه ابن عباس. وقال الترمذي: " وهذا عندي أصح من حديث الهيثم بن الربيع ". قلت: قد تابعه جماعة على وصله كما أشرت إليه آنفا، فالموصول أصح ، وقد أخرجه الدارمي أيضا (2 / 469) مرسلا. وهو ضعيف على كل حال، لأن صالحا المري ضعيف كما في " التقريب ". وفي " الضعفاء " للذهبي: " قال النسائي وغيره: متروك ". وقال الحاكم عقب الحديث: " هو من زهاد أهل البصرة ، إلا أن الشيخين لم يخرجاه ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: صالح متروك ". الحديث: 1834 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 وذكر له الحاكم شاهدا من طريق مقدام بن داود بن تليد الرعيني: حدثنا خالد بن نزار حدثني الليث بن سعد حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة قال: فذكره. قال الذهبي: " لم يتكلم عليه الحاكم، وهو موضوع على سند الشيخين، ومقدام متكلم فيه، والآفة منه ". 1835 - " أحب اللهو إلى الله عز وجل: إجراء الخيل والرمي بالنبل ولعبكم مع أزواجكم ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (297 / 2) عن سليمان بن إسحاق أبي أيوب الهاشمي : حدثنا محمد بن الحارث الحارثي عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رفعه، وقال في ترجمته الآتي: " محمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ ". قلت: وشيخه محمد بن عبد الرحمن البيلماني أشد ضعفا منه فقد قال ابن حبان: " حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتي حديث كلها موضوعة ". انظر الحديث (57) . وسليمان بن إسحاق لم أجد له ترجمة. والحديث أورده في " الجامع " من رواية ابن عدي عن ابن عمر بهذا اللفظ، لكن لم يذكر: " بالنبل، ولعبكم مع أزواجكم "! وقال المناوي: " وإسناده ضعيف ". ولم يزد! فكأنه لم يقف على إسناده، وإلا لأعطاه حقه من النقد، ولنبه على السقط الذي وقع في أصله: " الجامع الصغير "، وكذلك وقع في " الجامع الكبير " (30 / 614) وقلدته في ذلك كله اللجنة القائمة على تحقيقه! الحديث: 1835 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 1836 - " أحبوا العرب وبقاءهم في الإسلام وصلاحهم، فإن صلاحهم نور في الإسلام، وفسادهم ظلمة في الإسلام ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 340) قال: حدثنا أبو محمد بن حيان، وهذا في " طبقات الأصبهانيين " (441 / 641) : حدثنا أبو زفر الهذيل بن عبد الله الضبي حدثنا أحمد بن يونس الضبي حدثنا محمد بن عبد الصمد حدثنا أبي عبد الصمد بن جابر عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا به . قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: عبد الصمد بن جابر، قال الذهبي في " الميزان ": " ضعفه يحيى بن معين، له حديث أوحديثان ". قلت : أحدهما هذا، والآخر: " إن هم أسلموا فهو خير لهم، وإن لم يسلموا، فالإسلام أوسع أوعريض ". والأخرى: ابنه محمد بن عبد الصمد، قال الذهبي أيضا: " صاحب مناكير، ولم يترك حديثه ". والحديث رواه أبو الشيخ (ابن حيان) في " الثواب " كما في " الفتح الكبير "، وعنه الديلمي في " مسنده " ( 1 / 1 / 36 - 37 ) عن منصور بن أبي مزاحم: حدثنا محمد بن الخطاب عن عطاء بن أبي ميمونة به. بيض له الحافظ في " مختصر الديلمي ". ومحمد بن الخطاب مجهول الحال كما سبق بيانه تحت الحديث (163) . الحديث: 1836 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 1837 - " إن الله عز وجل إذا غضب على أمة لم ينزل بها العذاب، غلت أسعارها وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارتها، وحبس عنها أمطارها، ولم تغزر أنهارها، وسلط عليها شرارها ". ضعيف جدا. رواه الديلمي في " مسنده " (1 / 224) وابن عساكر (9 / 67 / 2) وابن النجار (10 / 174 / 2) والسياق له، عن الحسين بن أبي الحجاج: حدثنا مندل الحديث: 1837 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 بن علي العنزي عن محمد بن طريف، وهو أبو غسان المدني عن مسمع بن الأسود عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، الأصبغ هذا متروك كما قال الحافظ. ومسمع لم أعرفه. وأبو غسان ثقة. ومندل بن علي ضعيف. والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر بلفظ أخصر من هذا ، وعزاه المناوي للديلمي بهذا اللفظ ولم يتكلم على إسناده بشيء! كالسيوطي نفسه في " الجامع الكبير " (184 - 4669) واللجنة القائمة على طبعه! سكتوا عن رواية الديلمي وابن النجار، وأما رواية ابن عساكر المختصرة، فقال السيوطي (188 - 4673) : " وفي سنده ضعيف ". وفي نسخة: " ... ضعفاء ". قلت: وهذا أقرب إلى الصواب. 1838 - " أحبوا الفقراء وجالسوهم، وأحب العرب من قلبك وليردك عن الناس ما تعلم من قلبك ". ضعيف. أخرجه الحاكم (4 / 332) : أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروزي حدثنا محمد بن غالب حدثنا عمر بن عبد الوهاب الرياحي عن الحجاج بن الأسود عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وقال: " صحيح الإسناد، إن كان عمر الرياحي سمع من حجاج بن الأسود ". وقال الذهبي: " حجاج ثقة ". قلت: هو كما قال الذهبي، ولكنه لم يحم حول العلة التي أشار إليها الحاكم، وهي الانقطاع، لا نفيا، ولا إثباتا ، ولم تتبين لي، فإن الرياحي ثقة أيضا من رجال مسلم، وقد روى عن إبراهيم بن سعد، وجويرية بن أسماء وغيرهما من هذه الطبقة، وقد رويا عن بعض التابعين مثل نافع والزهري وصالح بن كيسان وغيرهم، وحجاج بن الأسود من طبقتهما ، فإنه روى عن التابعين أيضا مثل ثابت البناني وأبي نضرة وجابر بن زيد، فهو ممن يمكن للرياحي أن يلقاه ويسمع منه، فلماذا شك الحاكم في سماعه منه؟ لست أدري، الحديث: 1838 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 ولكن القلب لم ينشرح لصحة الحديث، فإن عليه طابع التصوف! ويمكن أن تكون العلة من محمد بن غالب، فإنه وإن كان ثقة، فقد وهم في أحاديث كما قال الدارقطني، على أني لم أعرف أبا بكر المروزي هذا. وأما المناوي فقال في " فيضه ": " قال الحاكم: صحيح. وأقره الذهبي، وتبعهما المصنف، فرمز لصحته ". قلت: فهذا خطأ على الحاكم، لأنه أعله بالانقطاع كما رأيت، والذهبي لم يصححه. وأما السيوطي فلا قيمة لرمزه! والله أعلم. والفقرة الوسطى منه رويت في عجز حديث موضوع كما سيأتي برقم (1865) . 1839 - " مقام أحدكم في سبيل الله ساعة، خير من عمله في أهله عمره ". ضعيف. ابن عساكر (19 / 32 / 2) عن زياد بن ميناء عن أبي سعد بن أبي فضالة وكانت له صحبة، قال: " اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام ندب أبو بكر السعور (كذا الأصل تقريبا وبياض قبله، ولعله: ليالي ندب أبو بكر الصديق) ، فقال له سهيل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، قال: فأنا مقيم في سبيل الله حتى أموت لا أرجع إلى مكة أبدا ". ومن هذا الوجه رواه ابن سعد (5 / 453 و7 / 405) والحاكم أيضا (3 / 282) وسكت عليه هو والذهبي. ومن الواضح أن الحديث من مسند سهيل بن عمرو عند ابن عساكر كغيره، ولقد أخطأ السيوطي في " الجامع الكبير " حيث قال (2 / 206 / 1) : " رواه ابن عساكر عن أبي سعد بن فضالة والحاكم عنه عن سهيل بن عمرو ". فأنت ترى أنه عند ابن عساكر عن أبي سعد عن سهيل أيضا. والسند ضعيف، لأن زياد بن ميناء قال الأزدي: " فيه لين ". وقال ابن المديني: " زياد مجهول ". وفي صحبة أبي سعد بن أبي فضالة نظر. ويقال: أبو سعيد، ويقال: ابن فضالة. الحديث: 1839 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 1840 - " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت، وحضر الشياطين، فإذا كان بينهما ولد، كان للشيطان فيه شريك ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " كما في ترتيبه (167 / 2) من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن أبي المنيب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن يحيى إلا أبو المنيب الجرشي ولا عنه إلا عبيد الله، تفرد به يحيى ". قلت: وعبيد الله بن زحر وأبو المنيب واسمه عبيد الله بن عبد الله ضعيفان، والأول أشدهما ضعفا. وهذا الحديث أصل ما يقال في بعض البلاد: إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين. الحديث: 1840 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 1841 - " إذا أتى أحدكم باب حجرته فليسلم، فإنه يرجع قرينه الذي معه من الشيطان، فإذا دخلتم حجركم فسلموا يخرج ساكنها من الشياطين، فإذا رحلتم فسوا على أول حلس تضعونه على دوابكم لا يشرككم في مركبها، فإن أنتم لم تفعلوا شرككم، وإذا أكلتم فسموا حتى لا يشرككم في طعامكم، فإنكم إن لم تفعلوا شرككم في طعامكم، ولا تبيتوا القمامة معكم في حجركم فإنها مقعده، ولا تبيتوا معكم المنديل ( هو الذي تتمسح به المرأة والرجل، كما في الهامش) في بيوتكم فإنها مضجعه، ولا تفترشوا الولايا التي تلي ظهو ر الدواب، ولا تسكنوا بيوتا غير مغلقة، ولا تبيتوا على سطوح غير محوطة، وإذا سمعتم نباح الكلاب أونهيق الحمار فاستعيذوا بالله، فإنه لا ينهق حمار ولا ينبح كلب حتى يراه ". ضعيف جدا. رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (119 / 2 - 120 / 1) عن حرام بن عثمان عن ابني جابر عن أبيهما مرفوعا. الحديث: 1841 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 قلت: وحرام هذا، قال الشافعي وابن معين فيه: " الرواية عن حرام حرام ". وقال مالك: " ليس بثقة ". ذكره في " الميزان "، ثم ساق له مما أنكرت عليه أحاديث هذا أحدها. لكن فقرة الاستعاذة صحيحة من طرق أخرى، وهي مخرجة في " التعليق على الكلم الطيب " (113 / 164) . والتسمية على الطعام في " صحيح مسلم " (6 / 108) والأمر بغلق الأبو اب عند الشيخين، وهو مخرج في " الإرواء " (39) . 1842 - " إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه عز وجل فليقرأ ". ضعيف جدا. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (7 / 239) والديلمي (1 / 1 / 90) من طريق أبي القاسم جابر بن عبد الله بن المبارك الجلاب الموصلي: حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الملطي - بها -: حدثنا الحسن بن زيد - قال جابر : سألت أبا يعلى عنه؟ فقال: كان رجلا حل عندنا على جهة الجهاد، وكتبنا عنه - قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد واه، أورده الخطيب في ترجمة جابر هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحسين بن محمد الملطي، لم أجد له ترجمة، ولم يورده السمعاني في مادة (الملطي) ولكنه ذكر عن الحافظ عبد الغني بن سعيد أنه قال: " ليس في الملطيين ثقة "! والحسن بن زيد، الظاهر أنه الحسن بن زيد الهاشمي، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: الحديث: 1842 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 " ضعفه ابن معين ". وقال الحافظ: " صدوق، يهم ". ووقع في " المناوي ": " الحسين بن زيد "، والظاهر أنه خطأ مطبعي، فإنه وقع في " تيسيره " على الصواب. والله أعلم. قلت : ولذلك قال الفقيه ابن عبد الهادي الحنبلي في " هداية الإنسان " (2 / 32 / 1 ) : " إسناده مظلم، ولا يثبت مرفوعا ". قلت: ولا موقوفا، فإنه لم يرد إلا من هذا الوجه الواهي! 1843 - " أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 2 / 338) والترمذي (4 / 340) من طريق يوسف بن إبراهيم أنه سمع أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا، وقال: " حديث غريب ". يعني: ضعيف، وعلته يوسف هذا، ضعفوه. وبه أعله في " الفيض "، وحكى أقوال الجارحين له بعد أن نقل عن الترمذي أنه حسنه! ثم تناقض فأقره في " التيسير "! واغتر به الغماري - كعادته - فأورده في " كنزه " (81) ! الحديث: 1843 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 1844 - " أحب أهلي إلي فاطمة ". ضعيف. أخرجه الترمذي (4 / 350) والحاكم (2 / 417) من طريق عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: أخبرني أسامة بن زيد قال: " كنت جالسا إذ جاء علي والعباس يستأذنان، فقالا: يا أسامة استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله علي والعباس يستأذنان، قال: أتدري ما جاء بهما؟ قلت: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لكني أدري. ائذن لهما ، فدخلا، فقالا: يا رسول الله! جئناك نسألك: أي أهلك أحب إليك؟ قال:.. " فذكره. وفيه: قالا: الحديث: 1844 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 ما جئناك نسألك عن أهلك (وقال الحاكم: عن فاطمة) ، قال: أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد، قالا : ثم من؟ قال: ثم علي بن أبي طالب، فقال العباس: يا رسول الله! جعلت عمك آخرهم، قال: إن عليا قد سبقك بالهجرة ". قال الترمذي: " هذا حديث حسن، وكان شعبة يضعف عمر بن أبي سلمة ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: عمر ضعيف ". وقال الحافظ: " صدوق يخطيء ". قلت: ومما سبق تعلم أن المناوي قد خالف المنهج العلمي في هذا الحديث، فإنه أقر الترمذي على تحسينه، والحاكم على تصحيحه!! ثم زعم في " التيسير " أن إسناده صحيح!! واغتر به الغماري - كعادته - فأورده في " كنزه " (80) ! 1845 - " إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي، ففعلت، فقال لي جبريل: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤ قصب، بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشددة بالذهب، وجعل سقوفها من زبرجد أخضر، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (267) : حدثنا محمد بن يوسف الضبي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: حدثنا بشر بن الوليد الهاشمي قال: حدثنا عبد النور المسمعي عن شعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال : حدثني مسروق عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. ذكره في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي، وقال: " كان ممن يغلوفي الرفض، لا يقيم الحديث، وليس من أهله ". ثم ساق له هذا الحديث، ثم عقبه بقوله: الحديث: 1845 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 " وذكر حديثا طويلا لا أصل له وضعه عبد النور ". ولخص الذهبي كلام العقيلي هذا بقوله: " كذاب، وقال العقيلي: كان يغلوفي الرفض، ووضع هذا عن شعبة ... ". وتعقبه الحافظ في " اللسان " فقال: " ولفظ العقيلي: " لا يقيم الحديث، وليس من أهله، والحديث موضوع لا أصل له ". وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " ... وكأنه ما اطلع على هذا الحديث الذي له عن شعبة فإنه موضوع، ورجاله من شعبة فصاعدا رجال الصحيح، فينظر من دون عبد النور، وأما جزم الذهبي بأنه هو الذي وضع هذا موهما أنه كلام العقيلي ففيه ما فيه ". قلت: ليس فيه أي شيء، فإن كلام العقيلي الذي نقلته من كتابه صريح في جزم العقيلي أنه - المسمعي هذا - هو الذي وضع الحديث، واللفظ الذي حكاه الحافظ عن العقيلي، مغاير بعض الشيء لما في نسختنا من الكتاب، فلعل ذلك من اختلاف النسخ، فإن المطبوعة بتحقيق القلعجي لم يرد الحديث فيها، ولا كلام العقيلي المتقدم. ثم إن رجال الإسناد كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب "، غير بشر بن الوليد الهاشمي، فلعله الكندي الفقيه صاحب أبي يوسف، فإنه من طبقته وهو ضعيف من قبل حفظه، ولكني لم أجد من نسبه هاشميا. والله أعلم. والحديث أخرج الطبراني في " الكبير " (3 / 72 / 1) طرفه الأول من طريق إسماعيل بن موسى السدي: أخبرنا بشر بن الوليد الهاشمي به. وقال الهيثمي في " المجمع " (9 / 204) : " ورجاله ثقات "! قلت: وأقره المناوي في " كتابيه " اغترارا بتوثيق ابن حبان، وغفلة منهما عن حكم العقيلي والذهبي بوضعه، وسبقه ابن الجوزي أيضا، فأورده في " الموضوعات " (1 / 415 - 416) من طريق العقيلي، وأقره السيوطي في " اللآلىء " (1 / 396) ، فلم يتعقبه بشيء سوى قوله: " أخرجه الطبراني ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 وهذا ليس بشيء كما ترى، فقد أساء بذكره إياه في " الجامع الصغير "! ولعبد النور هذا حديث آخر زاد فيه أشياء خلافا للثقات، وسيأتي إن شاء الله تعالى. 1846 - " الغيبة أشد من الزنا، إن الرجل يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ". ضعيف جدا. رواه السلفي في " الطيوريات " (173 / 1) وابن عبد الهادي في " جزء أحاديث ... " (227 / 2) عن أسباط بن محمد: أخبرنا أبو رجاء الخراساني عن عباد بن كثير عن الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري مرفوعا. ورواه أبو موسى المديني في " اللطائف " (4 / 1) عن داود بن المحبر: حدثنا عباد بن كثير به، إلا أنه قال: " عن أبي سعيد عن جابر بن عبد الله "، وقال: " حديث غريب لا أعرفه هكذا إلا من هذا الوجه، ورواه أبو رجاء عبد الله بن واقد الهروي عن عباد فقال: عن جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: داود متهم بالكذب، فلا عبرة بمخالفته، وأسباط وأبو رجاء ثقتان، وإنما علة الحديث عباد بن كثير وهو الثقفي البصري، قال الحافظ: " متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ". والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 92) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ، وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو متروك ". وقال الحافظ المنذري في " الترغيب " (3 / 300) : " رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الغيبة "، والطبراني في " الأوسط "، والبيهقي، عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري. ورواه البيهقي أيضا عن رجل لم يسم عن أنس. ورواه عن سفيان بن عيينة غير مرفوع، وهو الأشبه. والله أعلم ". وقد روي الحديث بلفظ: " إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا، قيل: يا رسول الله! وكيف الغيبة أشد من الحديث: 1846 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 الزنا؟ قال: الرجل يزني فيتوب، فيتوب الله عز وجل عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ". رواه الدينوري في " المجالسة " (27 / 8 / 2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (23 / 2) عن أسباط بن محمد قال: حدثنا أبو رجاء الخراساني عن عباد بن كثير عن الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري مرفوعا. ورواه الواحدي في " تفسيره " (4 / 81 / 2) من هذا الوجه عن جابر وحده، إلا أنه وقع فيه: " عن أبي الزبير " بدل: " أبي نضرة " ، ولعله تحريف من بعض الرواة وهكذا على الصواب أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 120) وقال: " فقلت لأبي: هذا الحديث منكر؟ قال: كما تقول، ( الأصل: يكون) أسأل الله العافية، يجيء عباد بن كثير البصري بمثل هذا؟! ". والحديث عند الطبراني في " الأوسط " (4 / 485 - مجمع البحرين) والبيهقي في " الشعب " (2 / 305 / 2) والأصبهاني في " الترغيب " (582) عن عباد به. 1847 - " افتتحت القرى بالسيف، وافتتحت المدينة بالقرآن ". منكر. رواه العقيلي في " الضعفاء " (276) والقاضي الحسين بن محمد الفلاكي في " فوائده " (ورقة 91 / 1 من مجموع 163) من طريق محمد بن الحسن المخزومي: حدثني مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال العقيلي: " محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي قال ابن معين: ليس بثقة ، كان يسرق الحديث، وقال في موضع آخر: كان كذابا ولم يكن بشيء ". وقال البخاري في " الضعفاء الصغير " (30) : " عنده مناكير ". وقال النسائي (27) : الحديث: 1847 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 " متروك الحديث ". ثم قال العقيلي: " لا يتابعه إلا من هو مثله أودونه ". وقال البزار في " مسنده ": " تفرد به ابن زبالة وكان يلين لأجله وغيره ". قال ابن رجب: " ومن الناس من اتهمه بوضعه، ومنهم من قال: وهم فيه ، هذا من كلام مالك نفسه، فجعله مرفوعا لسوء حفظه وعدم ضبطه، ومثل ذلك وقع كثيرا لأهل الغفلة وسوء الحفظ غلطا لا تعمدا ". كذا في " هداية الإنسان " لابن عبد الهادي (2 / 21 / 2) . ثم قال: " ومعنى هذا الكلام أن المدينة لم يقاتل أهلها بالسيف وإنما أسلموا بمجرد سماع القرآن وتلاوته عليهم ". 1848 - " لوكان حسن الخلق رجلا يمشي في الناس لكان رجلا صالحا ". ضعيف جدا. رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 6 - 7) : حدثنا علي بن حرب حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن القاسم عن عائشة رضوان الله عليها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند واه جدا، آفته عبد الرحمن أبو محمد هذا، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة المدني. قال أحمد والبخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك الحديث ". الحديث: 1848 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 وقال ابن حبان: " ينفرد عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ". قلت: وهذا من تلك الأحاديث التي لا تشبه حديث الثقات، وابنه محمد ضعيف أيضا، فأحدهما آفته. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخرائطي، وسكت عليه المناوي! وانظر الحديث الآتي (3889) . 1849 - " لقد أشبع سلمان علما ". ضعيف. رواه ابن سعد (4 / 84 - 85) بسند صحيح عن أبي صالح قال: نزل سلمان على أبي الدرداء، وكان أبو الدرداء إذا أراد أن يصلي منعه سلمان، وإذا أراد أن يصوم منعه، فقال: أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي لربي؟! فقال: إن لعينك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا مرسل، وبه أعله الحافظ في " فتح الباري " (4 / 211) ، وقد روي مسندا، فقال أبو نعيم في " الحلية " (1 / 187) : حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء حدثنا أحمد بن عمرو البزار (كذا) : حدثنا السري بن محمد الكوفي حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا عمار بن رزيق (الأصل: زريق) عن أبي صالح عن أم الدرداء عن أبي الدرداء: أن سلمان دخل عليه ... فذكر القصة نحوه، لكنه خالفه في لفظ حديث الترجمة، فقال: " لقد أوتي سلمان من العلم ". وقال أبو نعيم: الحديث: 1849 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 " رواه الأعمش عن ابن شمر بن عطية (كذا الأصل) عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء ". قلت: وصله الطبراني في " الأوسط " (2 / 182 / 1 رقم 7787 - بترقيمي) من طريق الحسن بن جبلة: أخبرنا سعد بن الصلت عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء قالت: أتاني سلمان الفارسي يسلم علي، وعليه عباءة قطوانية مرتديا بها، فطرحت له وسادة، فلم يردها، ولف عباءته فجلس عليها، فقال: بحسبك ما بلغك المحل، ثم حمد الله ساعته وكبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أين صاحبك ؟ يعني أبا الدرداء. فقلت: هو في المسجد، فانطلق إليه، ثم أقبلا جميعا وقد اشترى أبو الدرداء لحما بدرهم فهو في يده معلقة، فقال: يا أم الدرداء اخبزي واطبخي، ففعلنا، ثم أتينا سلمان بالطعام، فقال أبو الدرداء: كل مع أم الدرداء فإني صائم! فقال سلمان: لا آكل حتى تأكل، فأفطر أبو الدرداء، وأكل معه، فلما كانت الساعة التي يقوم فيها أبو الدرداء ذهب ليقوم أجلسه سلمان، فقال أبو الدرداء: أتنهاني عن عبادة ربي؟! فقال سلمان: إن لعينك عليك حقا ، وإن لأهلك نصيبا، فمنعه، حتى إذا كان وجه الصبح، قاما، فركعا ركعات، وأوترا، ثم خرجا إلى صلاة الصبح، فذكرا أمرهما للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما لسلمان ثكلته أمه؟ لقد أشبع من العلم ". وقال الطبراني: " لم يروه عن الأعمش إلا سعد بن الصلت، تفرد به الحسن بن جبلة ". قلت: لم أجد له ترجمة. وقال الهيثمي (9 / 344) : " ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات "! كذا قال! وشهر مختلف فيه، والظاهر من أقوال جارحيه أنه كان سيء الحفظ، وقد ذكر له ابن عدي عدة مناكير منها: " لوكان العلم بالثريا.. ". والصحيح المحفوظ: " لوكان الإيمان .... ". وفي رواية: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 " لوكان الدين ... ". وسيأتي حديثه المشار إليه برقم (2054) ، ثم قال ابن عدي في آخر ترجمته: " وشهر ليس بالقوي في الحديث، وهو ممن لا يحتج بحديثه، ولا يعتبر به ". وبالجملة، فهذه الطريق ضعيفة، لضعف شهر، وجهالة الحسن بن جبلة، والإسناد الذي قبله عن أبي صالح موصولا أصح منه، لولا أني لم أعرف عبد الله بن محمد بن عطاء شيخ أبي نعيم. وشيخه أحمد بن عمرو البزاز (أظنه البزار بالراء بعد الزاي) وهو الحافظ المشهور صاحب المسند المعروف به، وهو ثقة في حفظه شيء. وشيخه السري بن محمد، لم أعرفه، لكني أظن أن (محمد) محرف من (يحيى) ، فهو السري بن يحيى الكوفي، فقد ذكره ابن أبي حاتم (2 / 1 / 285) فيمن روى عن قبيصة، وقال: " وكان صدوقا ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (8 / 302 ) . ثم إن لفظ هذا الإسناد الأصح أقرب إلى الصواب من لفظ حديث الترجمة، وقريب منه ما ذكره الحافظ في ترجمة سلمان من " الإصابة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء: " سلمان أفقه منك ". ولم يذكر من أخرجه. والخلاصة، أن الرواة اضطربوا في ضبط هذه الجملة من الحديث، فأقربها ما عند الحافظ، ثم لفظ رواية أبي صالح المسندة، ثم لفظ حديث الترجمة، بل هو منكر عندي لما فيه من المبالغة، ولمخالفته للألفاظ الأخرى. بل هي كلها مخالفة لرواية البخاري لهذه القصة في " صحيحه " (1968) بنحوما تقدم، وفي آخرها قوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء: " صدق سلمان ". فهذا مما يجعلنا نرتاب في ثبوت شيء من الألفاظ المذكورة، وبخاصة لفظ الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 1850 - " أحب العباد إلى الله تعالى الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن شهدوا لم يعرفوا، أولئك هم أئمة الهدى، ومصابيح العلم ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 15) من طريق شاذ بن فياض حدثنا أبو قحذم عن أبي قلابة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: " مر عمر بمعاذ بن جبل رضي الله عنهما، وهو يبكي، فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالعلل: الأولى: الانقطاع، فإن أبا قلابة - واسمه عبد الله بن زيد الجرمي - لم يسمع من ابن عمر، كما قال أبو زرعة. الثانية: ضعف أبي قحذم، واسمه النضر بن معبد. أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال النسائي: ليس بثقة ". الثالثة: شاذ بن فياض، قال الذهبي في " الضعفاء ": " كان البخاري يحط عليه. وقال ابن حبان: لا يشتغل بروايته ". وقال الحافظ : " كان اسمه هلال، فغلب عليه شاذ، صدوق له أوهام وأفراد ". وللحديث طريق أخرى عن معاذ مرفوعا به نحوه، وزاد في أوله: " إن يسير الرياء شرك ... ". وإسناده ضعيف أيضا كما بينته في " تخريج الترغيب " (1 / 34) ومن هذا الوجه أخرجه الطحاوي في " المشكل " (2 / 317) وأبو نعيم أيضا (1 / 5) . وسيأتي الكلام عليه مفصلا مع تخريجه مبسطا برقم (2975) مع الرد على من صححه، وإعادة تخريج هذا بمصادر أخرى كثيرة. الحديث: 1850 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 1851 - " إن الله إذا أنزل عاهة من السماء على أهل الأرض، صرفت عن عمار المساجد ". ضعيف. رواه ابن عدي (151 / 2) وابن عساكر (5 / 333 / 2) عن زافر بن سليمان عن عبد الله ابن أبي صالح عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال: " وزافر بن سليمان عامة ما يرويه لا يتابع عليه، ويكتب حديثه مع ضعفه ". قلت: وشيخه عبد الله بن أبي صالح، وهو المدني، ضعيف أيضا، قال في " التقريب ": " لين الحديث ". ثم إنه منقطع، فإن عبد الله هذا روى عن أبيه وسعيد بن جبير ، وعليه فهو منقطع بينه وبين أنس. ثم إن الحديث بظاهره مخالف للحديث الصحيح : " إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم ". أخرجه البخاري (9 / 47 - نهضة) ومسلم (8 / 165) وأحمد (2 / 40) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا. فهذا بعمومه يشمل عمار المساجد وغيرهم. فتأمل. الحديث: 1851 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 1852 - " من عال أهل بيت من المسلمين يومهم وليلتهم غفر الله له ذنوبه ". موضوع. رواه ابن عساكر (4 / 217 / 1) عن المنذر بن زياد: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت : وهذا موضوع آفته المنذر هذا. قال الدارقطني: " متروك ". وقال الفلاس: " كان كذابا ". الحديث: 1852 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 وقال الساجي: " يحدث بأحاديث بواطيل وأحسبه ممن كان يضع الحديث ". وذكر ابن قتيبة عن أهل الحديث أنهم مقرون بأن المنذر هذا وضع حديثين ذكرهما. قلت: فالعجب من السيوطي كيف سود كتابه " الجامع الصغير " بهذا الحديث من رواية ابن عساكر هذه؟! مع أنه في " الجامع الكبير " بين علته، فقال : " رواه أبو بكر عبد الله بن حبان في " فضائل أعمال البر "، وابن عساكر، والرافعي، عن علي، وفيه المنذر بن زياد، متروك ". وأما المناوي فقد بيض له ولم يتكلم عليه بشيء. 1853 - " الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر ". ضعيف. أخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 107) والحاكم (3 / 343 - 344 ) والديلمي (3 / 145) من طريق أبي الشيخ، وابن عساكر (19 / 21 / 1) عن شريك عن أبي المحجل عن معفس بن عمران بن حطان عن أبي السنية قال: " رأيت أبي ذر جالسا في المسجد وحده محتبيا بكساء صوف، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، وقد سكت عليه الحاكم، وقال الذهبي في " تلخيصه ": " قلت: لم يصح، ولا صححه الحاكم ". وزعم المناوي في " التيسير " أنه صححه الحاكم! وأما في " الفيض "، فقال عقب قول الذهبي: " وقال ابن حجر: سنده حسن، لكن المحفوظ أنه موقوف على أبي ذر ". وأقول: أنى له الحسن؟ وفيه ما يأتي: أولا: شريك وهو ابن عبد الله القاضي ، وهو سيء الحفظ، وقال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 1853 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 " صدوق يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". قلت: فمثله لا يحسن حديثه، لاسيما مع المخالفة التي أشار إليها ابن حجر بقوله: " لكن المحفوظ أنه موقوف ". ثانيا: معفس بن عمران بن حطان، مجهول الحال، أورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 433) وذكر أنه روى عنه ثلاثة سماهم: أحدهم أبو المحجل هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فأورده في أتباع التابعين من " الثقات " (2 / 280) . ثالثا: أبو السنية هذا لم أجد له ذكرا فيما عندي من كتب التراجم، ولم يذكره الذهبي في " المقتنى في الكنى ". والله أعلم. وقد وقع تحريف كثير في سند الحديث هنا في المصادر المذكورة التي عزونا الحديث إليها، استطعت تصحيحه من التأمل فيها ومراجعة كتب الرجال، فهو في " الكنى " هكذا: " ... عن معفس بن عمر بن الخطاب عن أبي السنية قال: ..... ". وفي المستدرك ": " عن صدقة بن أبي عمران بن حطان قال: ... "، وفي الديلمي: " عن السنية ". فهو مع هذا التحريف الشديد ليس فيه " عن أبي السنية "، ولا شيء منه! وفي ابن عساكر: " عن معفس بن عمران الشنية قال: ". وهذا تحريف شديد كما ترى، وقد صححت اسم معفس من " الجرح والتعديل " و" كتاب الثقات " ولكنهما لم يذكرا في ترجمته كنيته، أوأي شيء يمكن أن نصحح منه كنية شيخه أبي السنية هذا. فأضفت هذه الزيادة من " الكنى ": " عن أبي السنية " إلى السند، نظرا لأنه زيادة على المصدين الآخرين، ولأن معفسا هذا من أتباع التابعين كما سبق، فلابد أنه بينه وبين أبي ذر واسطة، فلعله أبو السنية هذا. والله أعلم. وقد تقدم عن الحافظ أن المحفوظ في هذا الحديث الوقف على أبي ذر. وقد رواه ابن عساكر (19 / 20 / 2) من طريق يونس بن عبيد أن رجلا أتى أبا ذر فقال: أنت أبو ذر؟ قال نعم: قال: فسكت وسكت، ثم قال: فذكر بنحوه. ورجاله ثقات لكنه منقطع بين يونس بن عبيد وأبي ذر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 1854 - " مروا أبا ثابت يتعوذ، قلت: يا سيدي! والرقى صالحة؟ فقال: لا رقية إلا في نفس، أوحمة، أولدغة ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 154) والحاكم (4 / 413) وأحمد (3 / 486 ) وابن السني (380) من طريق عبد الواحد بن زياد: حدثنا عثمان بن حكيم : حدثتني جدتي الرباب قالت: سمعت سهل بن حنيف يقول: مررنا بسيل قد خلت فاغتسلت فيه فخرجت محموما، فنما ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وفيه نظر، فإن عثمان بن حكيم وجدته الرباب غير مشهورين بالعدالة، وهما من المقبولين عند الحافظ في " تقريبه "، وذلك عند المتابعة، كما نص عليه في المقدمة. وقد توبعا على الشطر الثاني منه، فانظر " المشكاة " (4557 - 4559) . الحديث: 1854 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 1855 - " مع كل فرحة ترحة ". ضعيف. رواه الخطيب في تاريخه (3 / 116) والضياء المقدسي في " جزء من حديثه " (141 / 2) عن مسروق: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا. وقال المقدسي: " مسروق هو ابن المرزبان ، قال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي ". قلت: والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود ، فقال ابن المبارك في " الزهد " (347 / 976) : أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به موقوفا. ثم رأيته في " معجم أبي سعيد بن الأعرابي " (ق 126 / 2) من هذا الوجه مرفوعا، وفي آخره: الحديث: 1855 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 " قال أبو الفضل: هذا باطل، وكتبناه من كتابه، مرفوع ". ثم وجدته في " الزهد " للإمام أحمد موقوفا على ابن مسعود. أخرجه (163) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به. وكذا هو موقوف في " الزهد " لوكيع (3 / 819 / 506) . 1856 - " معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، إن الله يباهي به الملائكة ". موضوع. رواه الحاكم في " المستدرك " (3 / 271) من طريق عبيد بن تميم : حدثنا الأوزاعي عن عبادة بن نسي عن ابن غنم سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت، ونحن عند أبي عبيدة يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وسكت عليه، وتعقبه الذهبي بقوله في " تلخيصه ": " قلت: أحسبه موضوعا، ولا أعرف عبيدا هذا ". وقال الذهبي في " موضوعات المستدرك ": " قلت: كأنه من وضع عبيد هذا. فالله أعلم ". وذكر نحوذلك في ترجمة عبيد من " الميزان "، وأقره الحافظ في " اللسان ". الحديث: 1856 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 1857 - " ارفع إزارك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى (وفي رواية: وأنقى) ". ضعيف. أخرجه الترمذي في " الشمائل " (1 / 211 - 212) وأحمد (5 / 364) وابن سعد (6 / 44) والبيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 224 / 2) عن الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها قال: " بينا أنا أمشي بالمدينة إذا إنسان يقول: (فذكره) ، قال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إنما هي بردة ملحاء. فقال: أما لك في أسوة؟ فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عمة الأشعث اسمها رهم بنت الأسود، قال الحافظ: الحديث: 1857 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 " لا تعرف ". وعمها اسمه عبيد بن خالد المحاربي، وهو مذكور في الصحابة. لكن للحديث شاهد قاصر من حديث الشريد بن سويد، مخرج في " الصحيحة " (1441) فراجعه. 1858 - " كان يصافح النساء وعلى يده ثوب ". ضعيف. أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (3 / 24 / 1) من طريق سفيان عن منصور عن إبراهيم مرفوعا، وعن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم مرفوعا نحوه. قلت: وهذان إسنادان مرسلان. ورواه أبو داود في " المراسيل " (ق 19 / 1) بسند صحيح عن الشعبي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتي ببرد قطري، فوضعه على يده، وقال: لا أصافح النساء ". وسكت عنه الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 169 / 140) . قلت: وقد وقفت عليه موصولا، ولكنه واه، أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 5 - من " زوائد المعجمين ") من طريق عتاب بن حرب أبي بشر المري: أنبأنا المضاء الخراز عن يونس بن عبيد عن الحسن عن معقب بن يسار مرفوعا: " كان يصافح النساء من تحت الثوب ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عتاب هذا ضعفه الفلاس جدا. وقال ابن حبان: " كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات على قلته ، فلا يحتج به ". والمضاء هذا أورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 403) بهذه الرواية له وعنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 1858 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 والحسن هو البصري، وكان مدلسا. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (6 / 39) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه عتاب بن حرب، وهو ضعيف "، وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء! لكنه قوله: " لا أصافح النساء ". صحيح ، له شواهد في " عبد الرزاق " (20685) وغيره، فانظر " الصحيحة " (529) 1859 - " أحب شيء إلى الله تعالى الغرباء، قيل: ومن الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم، يبعهثم الله يوم القيامة مع عيسى ابن مريم عليهما السلام ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1 / 25) وعنه الديلمي (1 / 1 / 86) من طريق سفيان بن وكيع: حدثنا عبد الله بن رجاء عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره . قلت: وهذا إسناد ضعيف، سفيان بن وكيع قال الذهبي عنه في " الضعفاء ": " قال أبو زرعة: كان متهما بالكذب ". وقال الحافظ في " التقريب ": " كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح، فلم يقبل ، فسقط حديثه ". وابن جريج مدلس، وقد عنعنه. وعبد الله بن رجاء هو المكي أبو عمران البصري، وهو ثقة. الحديث: 1859 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 1860 - " الصبر والاحتساب هن عتق الرقاب، ويدخل الله صاحبهن الجنة بغير حساب ". ضعيف جدا. رواه الطبراني (1 / 326 / 1 - 2) عن سليمان بن سلمة الخبائري : حدثنا بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير مرفوعا. الحديث: 1860 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الخبائري وعيسى بن إبراهيم، وهو الهاشمي متروكان، وبينهما بقية، وهو مدلس، وقد عنعنه. ثم روى الطبراني بهذا الإسناد عن الحكم بن عمير مرفوعا بلفظ: " أحب الأعمال إلى الله عز وجل ، من أطعم مسكينا من جوع، أووضع عنه مغرما، أوكشف عنه كربا ". ضعيف جدا ، وقد سبق بيانه آنفا. 1861 - " ألا أخبركم بخياركم؟ الذين إذا رؤوا ذكر الله، أفلا أخبركم بشراركم ؟ المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت ". ضعيف. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (48) وأحمد في " المسند " (6 / 459) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعا. وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات، غير شهر بن حوشب، وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام كما في " التقريب ". وقال شيخه العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 162) : " رواه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بسند ضعيف ". ورواه ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن شهر كما في " الترغيب " (3 / 295) . وروى ابن ماجة (2 / 528) الشطر الأول منه. وهذا القدر له شاهد مخرج في " الصحيحة " (1646 و1733) . وقد اضطرب شهر في إسناده، فمرة يرويه عن أسماء هذه، ومرة عن عبد الرحمن بن غنم بلفظ: " خيار عباد الله ... ". كما يأتي. قال المنذري: " ورواه الطبراني من حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وابن أبي الدنيا في كتاب الحديث: 1861 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 " الصمت " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث عبد الرحمن أصح، وقد قيل: إن له صحبة ". ولفظ حديث ابن غنم: " خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة، الباغون البرآء العنت ". أخرجه أحمد (4 / 227) وابن منده في " المعرفة " (ق 27 / 1) عن ابن أبي الحسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا سند ضعيف لضعف شهر، وبقية رجال السند ثقات رجال الستة. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مخرج في " الروض " (1084) وفي " غاية المرام " (434) من رواية ابن أبي الدنيا في " الصمت "، وقلت هناك في آخر تخريج هذا الحديث: " فلعل الحديث بهذا الشاهد يصير حسنا. والله أعلم ". 1862 - " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ". ضعيف. رواه ابن عدي (90 / 1) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (36 / 2) وابن عساكر (4 / 322 / 2 - 14 / 124 / 1) عن الحسن بن يحيى الخشني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الهروي (99 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 235) ، وقال في الخشني: " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما لا أصل له، والحديث باطل موضوع ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، الحسن بن يحيى هذا متروك كما قال الدارقطني وغيره، وقد روى أحاديث موضوعة سبق ذكر بعضها، فانظر الحديث رقم (199) . وهذا الحديث من جملة أحاديث أوردها ابن عدي في " الكامل " (90 / 1) في ترجمة الخشني، ثم قال : " وهي أنكر ما رأيت له، وهذا لا يعرف إلا به ". هذا كل ما جرح به ابن عدي هذا الحديث، وهو وإن كان ليس بالأمر الهين، فهو لا الحديث: 1862 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 يطابق ما حكاه ابن الجوزي عنه في " الموضوعات "، فقد ساق الحديث من طريق ابن عدي، ثم قال (1 / 271) : " قال ابن عدي: موضوع، الخشني يروي عن الثقات ما لا أصل له، وإنما يعرف نحوهذا من قول الفضيل ". فلعل ابن عدي ذكر هذا في مكان أوكتاب آخر. والله أعلم. وقد تعقبه السيوطي بأقوال حكاها عن بعض الأئمة لا تخرج عن كون الرجل ضعيفا لسوء حفظه، وهذا لا ينافي الضعف الشديد الذي تبين لغيرهم ممن حكينا أقوالهم فيه وغيرهم، ولذلك فهو تعقب لا طائل تحته. ثم قال السيوطي: " وقد توبع على هذا الحديث فأخرجه ابن عساكر في " تاريخه " (8 / 500 / 2) : أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا الحسن بن علي أنبأنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الشخير أخبرنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي حدثنا أحمد بن سفيان حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن هشام بن عروة به. وهذه متابعة قوية ". قلت: لا شك في قوة هذه المتابعة، لأن الليث بن سعد إمام جليل لا يسأل عن مثله، لكن ينبغي النظر في صحة السند إليه، ولقد بحثت عن تراجم رجاله وأحوالهم واحدا بعد واحد، فلم أجد فيهم ما يمكن إعلال السند به إلا أن يكون العباس بن يوسف هذا، وقد ترجمه الخطيب في " تاريخه " (12 / 153 - 154) ، ثم ابن عساكر (8 / 500 / 2) وذكرا عنه رواة كثيرين، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، اللهم إلا قول الخطيب: " وكان صالحا متنسكا ". وما أعتقد أن هذه العبارة تفيد توثيق الرجل في الرواية، إذ لا تلازم بين كون الرجل صالحا متنسكا، وبين كونه ثقة ضابطا، فكم في الصالحين من ضعفاء ومتروكين، كما هو معروف لدى من له عناية بهذا العلم الشريف، ولهذا فإن القلب لم يطمئن لصحة هذا السند، ولاسيما أن السيوطي نفسه قد نص في مقدمة كتابه " الجامع الكبير "، أن كل ما عزاه للعقيلي وابن عدي والخطيب وابن عساكر، وللحكيم الترمذي في " نوادر الأصول "، أو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 للحاكم في " تاريخه "، أولابن النجار في " تاريخه "، أو للديلمي في " مسند الفردوس " ; فهو ضعيف. وأما سائر رجال السند فثقات كلهم ، فالذين فوق العباس هذا من رجال " التهذيب " وأما ابن الشخير فترجمه الخطيب ( 2 / 333) وقال: " كان صدوقا ". وأما الحسن بن علي فهو أبو محمد الجوهري ترجمه الخطيب أيضا (7 / 393) وقال: " كتبنا عنه، وكان ثقة أمينا كثير السماع ". وأما محمد بن عبد الباقي فترجمه ابن عساكر (15 / 293 / 1 - 295 / 1) لكن ورقتان منها بياض! وله ترجمة طيبة في " اللسان " (5 / 241 - 243) . ثم رأيت الحديث في " ذم الكلام " للهروي (99 / 1) من طريق آخر عن ابن الشخير به. فالعلة شيخه العباس بن يوسف الشكلي، والله أعلم. ثم الحديث أورده ابن الجوزي من طرق أخرى واهية منها عن أبي نعيم في " الحلية " (5 / 218) عن أحمد بن معاوية بن بكر: حدثنا عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر مرفوعا. وقال: " غريب من حديث خالد تفرد به عيسى عن ثور ". قلت: لكن أحمد هذا قال ابن الجوزي: " حدث بالأباطيل ". وهو أخذه عن ابن عدي وتمام كلامه: " وكان يسرق الحديث ". ثم رواه أبو نعيم (6 / 97) وابن عساكر (9 / 247 / 1) ويوسف بن عبد الهادي في " جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر " (9 / 1) من طريقين عن بقية بن الوليد عن - وفي " الحلية " وابن عساكر: حدثنا - ثور عن خالد عن معاذ مرفوعا به. وكذلك رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (20 / 96 / 188) . وقال أبو نعيم: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 " كذا رواه بقية ، فقال: عن معاذ، ورواه عيسى بن يونس عن ثور عن خالد عن عبد الله بن بسر مثله ". يعني الرواية التي قبلها، وقد عرفت سقوطها، فلا تنهض لمعارضة هذه الرواية ورجالها ثقات، لولا ما يخشى من تدليس بقية، ولكنه قد صرح بالتحديث عند من ذكرنا، وكذلك رواه الحسن بن سفيان في " مسنده " كما في " اللآلىء " ( ص 151) وعنه رواه أبو نعيم، فإذا كان سماع بقية له من ثور محفوظا، فالسند قوي لوسلم من الانقطاع بين خالد ومعاذ، وقد غفل عنه في " المجمع " (1 / 188) ، فأعله بضعف بقية فقط!! وعزاه في " الجامعين " لـ (طب) عن عبد الله بن بسر، وأظنه وهما. وأما قول ابن عبد الهادي عقبه: " إسناد جيد ". فليس بجيد بالنظر لطريقه الذي عنعن فيه بقية مع الانقطاع المشار إليه. ثم قال ابن عبد الهادي: " وروي من طرق عديدة مرسلا عن إبراهيم بن ميسرة ومحمد بن مسلم وابن عيينة وغيرهم ". قلت: وقد رواه اللالكائي في " شرح أصول السنة " (1 / 35 / 1) عن ابن ميسرة موقوفا عليه. ورواه ابن الأعرابي في " المعجم " (193 / 2) عن الحسن موقوفا. لكن فيه داود بن المحبر وهو كذاب. 1863 - " احتجموا لخمس عشرة أولسبع عشرة أوتسع عشرة أوإحدى وعشرين، لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم ". ضعيف. رواه ابن جرير في " تهذيب الآثار " (2 / 116) والبزار (3023 - كشف الأستار) والطبراني (3 / 108 / 2) والجرجاني (286) عن يعقوب القمي عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. الحديث: 1863 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف لسوء حفظه واختلاطه. ويعقوب القمي، وهو ابن عبد الله صدوق يهم كما في " التقريب ". وإنما يصح الحديث من رواية أنس من فعله صلى الله عليه وسلم دون قوله: " لا يتبيغ ". وهو مخرج في " الصحيحة " (908) ومن قوله نحوه دون: (التبيغ) ، فانظر رقم (1847) ومن حديث أبي هريرة نحوه رقم (622) وليس فيها كلها قوله: " لخمس عشرة "، لكن جملة (التبيغ) قد جاءت من طريق أخرى بلفظ: " إذا هاج بأحدكم الدم ... ". خرجته في " الصحيحة " برقم (2747) . وقد رواه البزار من طريق الليث أيضا كما في " المجمع " (5 / 93) وفاته أنه في " كبير " الطبراني فلم يعزه إليه، وقلده السيوطي في " الجامع " فلم يعزه إلا للبزار وأبي نعيم في " الطب "! وله شاهد قاصر ، يرويه ابن ماجة، ولكنه واه، ولفظه: " من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر أوتسعة عشر أوإحدى وعشرين ولا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله ". 1864 - " من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر أوتسعة عشر أوإحدى وعشرين ولا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله ". ضعيف جدا. قال ابن ماجة (2 / 351) : حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عثمان بن مطر عن زكريا بن ميسرة عن النهاس بن قهم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا كل من دون أنس ضعيف ، وبعضهم أشد ضعفا من بعض. الأول: النهاس بن قهم. قال الذهبي في " الضعفاء ": " تركه القطان، وضعفه النسائي ". الحديث: 1864 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". الثاني: زكريا بن ميسرة، قال الحافظ: " مستور ". الثالث: عثمان بن مطر ، قال الذهبي: " ضعفوه ". وقال الحافظ: " ضعيف ". الرابع: سويد بن سعيد . قال الذهبي: " قال أحمد: متروك الحديث. وقال ابن معين: كذاب، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال البخاري: كان قد عمي فلقن ما ليس من حديثه. وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس. وقال الدارقطني: ثقة، غير أنه كبر، فربما قرىء عليه حديث فيه النكارة فيجيزه ". وقال الحافظ: " صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول ". ومن هذا البيان تعلم أن اقتصار البوصيري في " الزوائد " على إعلال الحديث بالنهاس فقط، قصور شديد. وقوله: " رواه الشيخان وأبو داود والترمذي من حديث أنس أيضا ، كما رواه ابن ماجة خلا قوله: " يتبيغ بأحدكم " إلى آخره. ورواه البزار في " مسنده " من حديث ابن عباس، كما رواه ابن ماجة. ورواه الحاكم في " المستدرك " من طريق معاذ عن أنس، وقال: صحيح على شرط الشيخين ". فيه أمور: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 أولا: أنه لم يخرجه الشيخان عن أنس أصلا. ثانيا: أنه عن أنس من فعله صلى الله عليه وسلم كما سبق التنبيه عليه في الحديث الذي قبله. ثالثا: أني لم أره في " المستدرك " إلا من فعله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ذكرت فيما قبله أنه مخرج في " الصحيحة " (908) . والله أعلم. قلت: لكن الحديث الذي قبله بمعناه، فينجوبه من الضعف الشديد الذي دل عليه إسناده، لكن قوله: " لخمس عشرة " منكر، لتفرد الضعيف به كما تقدم، والله أعلم. 1865 - " سيد بنى دارا، واتخذ مأدبة، وبعث داعيا، فالسيد الجبار، والمأدبة القرآن، والدار الجنة، والداعي أنا، فأنا اسمي في القرآن محمد، وفي الإنجيل أحمد، وفي التوراة أحيد، وإنما سميت أحيد لأني أحيد عن أمتي نار جهنم، وأحبوا العرب بكل قلوبكم ". موضوع. رواه ابن عدي (16 / 2) عن إسحاق بن بشر الخراساني حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال: " إسحاق روى عن ابن جريج والثوري وغيرهما ما لا يرويه غيره، وأحاديثه غير محفوظة كلها، وهي منكرة، إما إسنادا أومتنا لا يتابعه أحد عليه ". وقال الذهبي: " تركوه، وكذبه علي بن المديني والدارقطني، وقال ابن حبان: لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب. قلت : يروي العظائم عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري ". قلت: والجملة الأخيرة منه جاءت في الحديث المتقدم برقم (1838) . الحديث: 1865 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 1866 - " من لا حياء له فلا غيبة له ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (15 / 306 / 1) من طريق أبي بكر الخرائطي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السراج الرقي: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن بن شرحبيل حدثنا الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي حدثنا عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن الحديث: 1866 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 عطاء [عن] ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، ابن جريج مدلس وقد عنعنه. والحكم بن يعلى، قال أبو حاتم: " متروك الحديث منكر الحديث ". وقال أبو زرعة: " ضعيف الحديث منكر الحديث ". كما في " الجرح والتعديل " ( 1 / 2 / 130 - 131 ) . وقال البخاري في " التاريخ الكبير ": " قال لي سليمان بن عبد الرحمن (يعني الراوي لهذا الحديث عنه) : عنده عجائب، منكر الحديث ، ذاهب، تركت أنا حديثه ". كذا في " اللسان ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخرائطي في " مساوىء الأخلاق " وابن عساكر عن ابن عباس. وبيض له المناوي! 1867 - " كان يحتجم على هامته وبين كتفيه، ويقول: من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 151) وابن ماجة (2 / 351) عن الوليد بن مسلم: حدثنا ابن ثوبان عن أبيه عن أبي كبشة الأنماري مرفوعا. وهذا إسناد حسن لولا ما فيه من الانقطاع، فإن ابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان العنسي الدمشقي. لم يذكروا لأبيه سماعا من أحد من الصحابة وقد ذكره ابن حبان في أتباع التابعين من " الثقات " (6 / 125) وكذا قال في " التقريب ": " إنه ثقة من السادسة ". يعني من الطبقة التي لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة. كما صرح بذلك في المقدمة. وكأن المناوي لم يتنبه لهذه العلة، فحسن إسناده في " التيسير "، وقد كنت أوردته في " صحيح الجامع "، فلا أدري أكان ذلك عن وهم ، أم لشاهد لا يحضرني الآن، غير جملة: (بين كتفيه) ، فلها شاهد مخرج في " الصحيحة " (908) . الحديث: 1867 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 1868 - " حبك الشيء يعمي ويصم ". ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 157) وأبو داود ( 5130) وأحمد (5 / 194 و6 / 650) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 28 / 1) والدولابي في " الكنى " (1 / 101) وابن عدي في " الكامل " (ق 37 / 2) والقضاعي في " مسند الشهاب " (12 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 193 / 1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5 / 178 / 2 و3 / 249 / 2) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 20) من طريق الخرائطي عن أبي بكر بن أبي مريم عن خالد بن محمد عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل أبي بكر هذا، فإنه كان اختلط مع سوء حفظ، وقد اختلفوا عليه في إسناده، فرواه جماعة عنه هكذا مرفوعا، ورواه بعضهم عنه موقوفا. فقال أحمد عقب الحديث: " وحدثناه أبو اليمان لم يرفعه ". وقال البخاري عقبه أيضا: " وقال الوليد: عن أبي بكر عن بلال عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم ". فأسقط من السند خالد بن محمد، وهو الثقفي. وأبو بكر مع ضعفه المذكور، قد خولف في رفعه. فرواه حريز بن عثمان عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء قال: فذكره موقوفا عليه. وتابعه أم الدرداء عن أبي الدرداء به. أخرجه البخاري في " التاريخ "، فقال: " وقال سعيد بن أبي أيوب عن حميد بن مسلم سمع أم الدرداء ". وقد وصله البخاري، وعنه ابن عساكر في ترجمة حميد هذا (5 / 178 / 2) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع ابن أبي حاتم في كتابه (1 / 2 / 229) . وفي سند الموقوف قبله بكر بن فرقد أبو أمية التميمي، ولم أجد من ترجمه. الحديث: 1868 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 وعلى كل حال فالموقوف أقوى من المرفوع، ولهذا قال السيوطي في " الدرر " كأصله: " الوقف أشبه ". كما نقله المناوي في " الفيض ". نعم قد رواه عبد الله بن هانىء مرفوعا، فقال: أخبرنا أبي أخبرنا إبراهيم بن أبي عبلة عن بلال بن أبي الدرداء به مرفوع. أخرجه ابن عساكر (17 / 209 / 2) . لكن ابن هانىء هذا قال الذهبي: " اتهم بالكذب ". وعزاه في " الجامع الكبير " (2 / 13) لابن عساكر عن أبي حنيفة عن عبد الله بن أنيس، والخرائطي في " اعتلال القلوب " عن أبي برزة الأسلمي. 1869 - " أحد جبل يحبنا ونحبه، فإذا أحببتموه فكلوا من شجره، ولومن عضاهه ". ضعيف. رواه ابن شبة في " تاريخ المدينة " (1 / 84) عن سفيان بن حمزة، والطبراني في " الأوسط " (1 / 103 / 2 - مصورة الجامعة) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن كثير بن زيد عن عبد الله بن تمام مولى أم حبيبة عن زينب بنت نبيط عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " لم يروعن زينب إلا بهذا الإسناد تفرد به الدراوردي ". قلت: وهو ثقة، لكن قد تابعه ابن حمزة كما ترى، فالعلة من ابن تمام هذا فقد أورده ابن أبي حاتم (2 / 2 / 19) بهذه الرواية ولم يذكر فيه جرحا، وأما الهيثمي فأعله بغيره فقال (4 / 14) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه كثير بن زيد، وثقه أحمد وغيره، وفيه كلام ". وأقره المناوي! وإنما العلة من شيخ كثير كما ذكرنا. ثم رواه ابن شبة عن عبد العزيز عن ابن سمعان عن عبد الله بن محمد بن عبيد عن زينب بنت نبيط به. الحديث: 1869 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 وهذا إسناد واه بمرة، عبد العزيز وهو ابن عمران المدني متروك، ومثله بل وأسوأ منه ابن سمعان، واسمه عبد الله بن زياد اتهمه بالكذب أبو داود وغيره. وشيخه ابن عبيد لم أعرفه. وقد تقدمت أحاديث أخرى في (أحد) وهذه أرقامها: (1618 و1819) وراجع التنبيه المذكور في آخر الكلام على الحديث الأول. 1870 - " أحذركم من سبع فتن تكون بعدي: فتنة تقبل من المدينة وفتنة في مكة وفتنة تقبل من اليمن وفتنة تقبل من الشام وفتنة تقبل من المشرق وفتنة تقبل من المغرب وفتنة من بطن الشام، وهي السفياني ". ضعيف جدا. أخرجه الحاكم (4 / 468) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا الوليد بن عياش أخوأبي بكر بن عياش عن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال: " فقال ابن مسعود: منكم من يدرك أولها، ومن هذه الأمة من يدرك آخرها. قال الوليد بن عياش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة الزبير، وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: هذا من أوابد نعيم ". أي: من غرائبه وعجائبه. قلت: هو متهم بالكذب، فالحديث ضعيف جدا كما يشعر بذلك قول الذهبي هذا. الحديث: 1870 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 1871 - " احذروا البغي فإنه ليس من عقوبة هي أحضر من عقوبة البغي ". ضعيف جدا. رواه ابن أبي الدنيا في " ذم البغي " (31 / 1 - 2) عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا. الحديث: 1871 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الحارث هو الأعور، وهو ضعيف جدا، كما تقدم مرارا. والحديث عزاه السيوطي لابن عدي وابن النجار عن علي، وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء. 1872 - " احذروا كل مسكر، فإن كل مسكر حرام ". ضعيف. رواه ابن عساكر (8 / 42 / 1) عن شعيب بن رزيق عن عطاء الخراساني عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف: عطاء هو ابن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني قال الحافظ: " صدوق يهم كثيرا، ويرسل ويدلس ". قلت: وقد عنعنه. وشعيب بن رزيق هو الشامي أبو شيبة المقدسي، قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". والحديث عزاه في " الجامع الكبير " (93 / 675) للطبراني في " الأوسط " أيضا، وكذا في " الفتح الكبير " ولم أره فيه بعد البحث عنه مع العلم أن في النسخة خرما لكن لم يورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " والله أعلم. (تنبيه) : وقع في مخطوطة (ابن عساكر) : (منكر) في الموضعين، وعليهما حرف التضبيب (صـ) إشارة من الناسخ إلى أنه وجدها كذلك في أصله. والشطر الثاني من الحديث صحيح من طرق مخرجة في " الإرواء " (2373) وغيره. الحديث: 1872 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 1873 - " أحسنوا إذا وليتم واعفوا عما ملكتم ". موضوع. رواه القضاعي (60 / 1) والديلمي (1 / 1 / 25) عن إسماعيل بن يحيى قال: أخبرنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا. الحديث: 1873 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 قلت: وهذا إسناد موضوع آفته إسماعيل بن يحيى، وهو كذاب وضاع، وعطية وهو العوفي ضعيف مدلس. والحديث عزاه السيوطي للخرائطي في " مكارم الأخلاق " عن أبي سعيد، وقال المناوي: " وكذا رواه الديلمي وغيره، وفيه ضعف ". كذا قال، ولست أدري إذا كان عند الخرائطي من غير طريق إسماعيل هذا، أوهو لم يتنبه له. 1874 - " من أصبح وهمه التقوى ثم أصاب فيما بين ذلك ذنبا، غفر الله له ". موضوع. رواه ابن عساكر (15 / 320 / 1) عن أبي الحسام محمد بن عبد الواحد ابن محمد الكسائي الطبري: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد الأسدي الطبري: أنبأنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الإستراباذي: حدثنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أبان المصري الأيلي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا أبو عامر بن يسار - بعبادان -: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. أورده في ترجمة أبي الحسام هذا وساق له هذا الحديث ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وآفة الحديث أحمد بن الحسن هذا، قال ابن حبان: " كذاب دجال يضع الحديث على الثقات ". وقال الدارقطني: " حدثونا عنه وهو كذاب ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه وبيض له المناوي في " الفيض "! وأما في " التيسير " فقال: " ضعيف "! الحديث: 1874 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 قلت: ومن الظاهر أنه لم يقف على علته الموجبة الحكم عليه بالوضع كما رأيت، وإنما جرى في تضعيفه على الجادة المعروفة فيما رواه ابن عساكر وحده! 1875 - " من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما جنى ". ضعيف جدا. رواه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (142 / 2) : حدثنا أبو نصر حبشون بن موسى الخلال حدثنا عبد الله بن أيوب حدثنا داود بن المحبر حدثنا هياج بن بسطام عن إسحاق بن مرة عن أنس بن مالك مرفوعا. ورواه ابن الأعرابي في " معجمه " (191 / 2) : أخبرنا عبد الله بن أيوب به. ومن طريق ابن الأعرابي رواه القضاعي (36 / 1) ورواه الخطيب في " تاريخه " (3 / 325) من طريق محمد بن مصعب عن الهياج بن بسطام به. وهذا سند ضعيف جدا، إسحاق بن مرة، قال أبو الفتح الأزدي: " متروك الحديث ". وهياج بن بسطام متروك الحديث أيضا كما قال أحمد وغيره. لكنه قد توبع فأخرجه الأزدي من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة به. لكن قال الحافظ في " اللسان ": " وعيينة ضعيف جدا ". الحديث: 1875 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 1876 - " من أصبح لا يهم بظلم أحد غفر له ما اجترم ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (15 / 240 / 1) عن بقية بن الوليد عن عمار بن عبد الملك عن أبي بسطام عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا ، عمار هذا قال الذهبي: " أتى بعجائب، قال الأزدي: متروك الحديث ". وساق له الأزدي هذا الحديث. الحديث: 1876 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 وبقية مدلس وقد عنعنه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر عن أنس ورمز له في بعض النسخ بالضعف، وأما المناوي فقال في " الفيض ": " إنه رمز لحسنه ". وهذا لا وجه له ألبتة. وأما في " التيسير " فجرى على الجادة فقال: " وإسناده ضعيف "! ثم ذكر أن ابن عساكر رواه في " تاريخه " من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة عن أنس . قلت: وهذه طريق أخرى غير ما قبلها، وقد أخرجها الأزدي كما ذكرته فيما تقدم آنفا، فلا أدري إذا كان ابن عساكر رواه من هذا الوجه أيضا أم هو سهو من المناوي؟ . 1877 - " ما صيد من صيد، ولا قطع من شجر إلا بتضييعه التسبيح ". موضوع. رواه أبو نعيم (7 / 240) من طريق محمد بن عبد الرحمن القشيري: حدثنا مسعر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " غريب تفرد به القشيري ". قلت: وهو كذاب كما قال الذهبي وغيره، ومع ذلك أورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير "! وتعقبه المناوي بقول الذهبي المذكور، ثم قال: " وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير صواب ". قلت: وقد وجدت له شاهدا من حديث أبي بكر الصديق، أخرجه ابن عساكر (6 / 149 / 2) عن أبي علي الحسين بن جبر بن حيوة بن يعيش بن الموفق بن أبي النعمان الطائي الحمصي - بحمص -: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن يحيى بن أبي النقاش أخبرنا الحديث: 1877 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 عبد الله بن عبد الجبار الخبائري: أنبأنا الحكم بن عبد الله بن خطاف حدثنا الزهري عن أبي واقد بن حبيب قال: بينا أنا عند أبي بكر إذ أتي بغراب، فلما رآه بجناحين ، حمد الله ثم قال: فذكره مرفوعا. ثم قال: " هذا حديث منكر، والحكم بن عبد الله بن خطاف ضعيف، والخبائري ضعيف، والرجلان اللذان قبلهما حمصيان مجهولان ". قلت: الخبائري عبد الله بن عبد الجبار، لم أجد من سبق ابن عساكر إلى تضعيفه، بل قال أبو حاتم: " ليس به بأس، صدوق ". وقال ابن وضاح: " لقيته بحمص، وهو ثقة مأمون ". وذكره ابن حبان في " الثقات " كما في " التهذيب ". والحكم بن عبد الله بن خطاف حاله شر مما قال ابن عساكر، فقد قال فيه أبو حاتم : " كذاب متروك الحديث، الذي رواه باطل ". وقال الدارقطني: " كان يضع الحديث ". وقد ذكره السيوطي في " الفتاوى " (2 / 126) مع أحاديث أخرى في معناه سكت عنها كلها! وما يصح منها شيء. 1878 - " حق كبير الإخوة على صغيرهم، كحق الوالد على ولده ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 122) عن أحمد بن محمد بن إبراهيم: حدثنا محمد بن مشكان حدثنا عبد الرحمن بن أيوب حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 1878 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 أورده في ترجمة أحمد هذا، ويكنى أبا عمرو الأبرش، وقال: " توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، كان أديبا فاضلا حسن المعرفة بالحديث ". قلت: ومحمد بن مشكان لم أعرفه. وعبد الرحمن بن أيوب، لعله السكوني الذي يروي عن العطاف بن خالد، قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعيف ". وقد خالفه داود بن رشيد الثقة، فقال : حدثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن السائب البكري قال: سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا مرسل ، ومحمد بن السائب البكري لم أعرفه، لكني أخشى أن يكون (البكري) محرفا من ( الكلبي) ، فإن محمد بن السائب الكلبي من هذه الطبقة، فإن يكن هو، فهو كذاب. ثم رجعت إلى " مراسيل أبي داود " المخطوطة (ق 25 / 1) ، فرأيت الحديث قد سقط طرف إسناده الأول، وبقي منه قوله: " حدثنا محمد بن السائب البكري عن أبيه عن سعيد بن عمرو.. ". فزاد في السند: " عن أبيه ". فانكشفت لي علته، وتحقق ما خشيته من التحريف، وتبين أن (البكري) مصحف من (النكري) ، فقد قال الذهبي في " الميزان ": " السائب النكري والد محمد، لا يعرف ". وأقره الحافظ في " التهذيب "، وصرح في " التقريب " بأنه: " مجهول ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 وأشار فيهما إلى أنه من رجال أبي داود في " المراسيل ". ثم رجعت إلى ترجمة محمد بن السائب النكري في " الميزان "، فإذا به يقول: " شويخ للوليد بن مسلم، قال الأزدي : يتكلمون فيه، وقال الخطيب: هو الكلبي، وقد غلط من جعلهما اثنين ". قلت: كأنه يشير إلى ابن حبان، فإنه أورد هذا في " الثقات " (7 / 435) وأورد الكلبي في " الضعفاء "، انظر ما علقته عليه في كتابي الجديد " تيسير الانتفاع ". والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 195) : " رواه أبو الشيخ في " كتاب الثواب " من حديث أبي هريرة، ورواه أبو داود في " المراسيل " من رواية سعيد بن عمرو بن العاص مرسلا، ووصله صاحب " مسند الفردوس " فقال: عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص، وإسناده ضعيف ". قلت: ووصله البيهقي أيضا في " شعب الإيمان " كما في " المشكاة " (4946) . ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " (2 / 87 - 88) ، فإذا هو من طريق البكري المذكور، والظاهر أن البيهقي رواه من طريقه. 1879 - " احرموا أنفسكم طيب الطعام، فإنما قوي الشيطان أن يجري في العروق بها ". موضوع. رواه أبو الحسن القزويني في " الأمالي " (مجموع 22 / 7 / 1) عن أزهر بن جميل مولى بني هاشم، قال: حدثنا بزيع أبو الخليل الخفاف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وكذا رواه ابن الزيات في " حديثه " (1 / 2) . قلت: وكتب بعض الحفاظ على هامش نسخة " الأمالي ": " هذا حديث ضعيف واه ". الحديث: 1879 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: المتهم به بزيع أبو الخليل، ووافقه السيوطي في " اللآلىء " (320 / 2) ، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (320 / 2) ولم يورده السيوطي في " جامعيه "، فأحسن، لأنه ظاهر البطلان لمخالفته القرآن. 1880 - " أحسنوا إلى الماعزة، وامسحوا عنها الرغام، فإنها دابة من دواب الجنة ". ضعيف. رواه ابن السماك في " الفوائد " (9 / 211 / 2) عن سعيد بن محمد الزهري: حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وسعيد هذا ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 58) وقال عن أبيه: " ليس بمشهور، وحديثه مستقيم، إنما روى حديثا واحدا ". والشطر الثاني له طرق أخرى هو بها قوي، لذلك أوردته في المجلد الثالث من " الصحيحة " (1128) . الحديث: 1880 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 1881 - " أحسنوا الأصوات في القرآن ". ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 170 / 2) عن نعيم بن حماد أخبرنا عبدة بن سليمان عن سعيد أبي سعد البقال عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا ، الضحاك وهو ابن مزاحم لم يسمع من ابن عباس. وسعيد وهو ابن مرزبان العبسي ، ضعيف مدلس. ونعيم بن حماد ضعيف متهم. ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " زينوا القرآن بأصواتكم ". انظر " صحيح الجامع " (رقم 3574 - 3575) . الحديث: 1881 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 1882 - " أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن يتحزن به ". ضعيف. رواه الطبراني (3 / 101 / 1) عن ابن لهيعة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن ابن لهيعة سيء الحفظ. الحديث: 1882 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 1883 - " من أعيته المكاسب فعليه بتجارة الأنبياء - يعني الغنم - إنها إذا أقبلت (كذا الأصل) ، وإذا أدبرت أقبلت ". موضوع. رواه ابن عساكر (17 / 156 / 1 - 2) عن إسحاق بن بشر: أنبأنا مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، مقاتل - وهو ابن سليمان البلخي المفسر - وإسحاق بن بشر كلاهما كذاب، فأحدهما آفته. والضحاك - وهو ابن مزاحم - لم يسمع من ابن عباس. الحديث: 1883 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 1884 - " من أعيته المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي منها ". ضعيف. رواه ابن عساكر (17 / 112 / 1) عن سليم بن منصور: أخبرنا أبي أخبرنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء: الأول: ابن لهيعة سيء الحفظ. الثاني: منصور وهو ابن عمار الواعظ، قال الذهبي في آخر ترجمته من " الميزان " بعد أن ذكر كثيرا من النقول الجارحة: " وساق له ابن عدي أحاديث تدل على أنه واه في الحديث ". الحديث: 1884 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 الثالث: سليم بن منصور، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " تكلم فيه بعض البغداديين ". والحديث بيض له المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء! وأما في " التيسير "، فجرى على الجادة ، فقال: " وإسناده ضعيف ". 1885 - " الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين خمسمائة عام ". منكر بلفظ: " خمسمائة ". رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (5695 - بترقيمي) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 305) من طريق يحيى الحماني : حدثنا شريك عن محمد بن جحادة عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، شريك وهو ابن عبد الله القاضي ضعيف لسوء حفظه. ومثله يحيى، وهو ابن عبد الحميد الحماني. وقد خولف في متنه، فقال أحمد (2 / 292) : حدثنا يزيد أنبأنا شريك بن عبد الله به، إلا أنه قال: " مائة عام ". وكذلك أخرجه الترمذي (3 / 325) من طريق أخرى عن يزيد به، وقال: " حديث حسن ". زاد في نسخة: " صحيح ". وهو بعيد جدا عن حال شريك في الحفظ، لكن قد جاء ما يشهد له كما يأتي. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (10 / 419) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف " وكذلك عزاه السيوطي للطبراني فقط، فتعقبه المناوي بقوله: " هذا من المصنف كالصريح في أن هذا الحديث لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه، وإلا لما عدل عنه، وأعظم به من غفلة، فقد خرجه سلطان المحدثين البخاري الحديث: 1885 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 وكذا أحمد والترمذي باللفظ المزبور. وزادوا: والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجرت أنها الجنة الأربعة ، وفوق ذلك يكون العرش ". وأقول: هذا وهم من المناوي رحمه الله تعالى، فلم يروه البخاري والترمذي باللفظ المزبور أصلا، وإنما بلفظ: " ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض "، وهذا شيء، وما في الحديث: " ... خمسمائة عام " شيء آخر، ولاسيما أن في الرواية الأخرى: " مائة عام "، وهي أرجح كما سبقت الإشارة إليه، وقد شرحت القول فيها في " الأحاديث الصحيحة "، فراجع رقم (921 - 922) . ومن غفلة المناوي التي اتهم بها السيوطي - وإن كان هذا لم ينج منها، ولا يمكن أن ينجومنها أحد إلا من عصم الله - أن السيوطي أورد الحديث بلفظ البخاري معزوا لابن مردويه فقط! فتعقبه المناوي بقوله: " وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وإلا لما أبعد النجعة، وهو عجب، فقد خرجه الحاكم باللفظ المزبور وقال: على شرطهما ". فذهل المناوي عن كون الحديث عند البخاري باللفظ المذكور، وأن الحاكم وهم في استدراكه له على البخاري. 1886 - " إن في الجنة مائة درجة، لوأن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم ". ضعيف. أخرجه الترمذي (3 / 326) وأحمد (3 / 29) وابن عساكر (6 / 29 / 1) من طريق ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي مضعفا: " حديث غريب ". قلت: وذلك لأن ابن لهيعة ودراجا ضعيفان، ونقل المناوي عنه في " شرحيه " أنه قال : " حسن صحيح "! وأقره، وهو خطأ مزدوج، فإنه مع منافاته لحال إسناده ، مخالف لكل نسخ الترمذي التي وقفنا عليها، ومنها نسخة " تحفة الأحوذي " التي منها نقلت استغرابه، وهو الحديث: 1886 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 كذلك في " المشكاة " (5633) واغتر بهذا الخطأ الغماري، فأورد الحديث في " كنزه " (992) ! وعزاه في " المرقاة " (5 / 294 ) لابن حبان من وجه آخر، وصححه! وهذا خطأ آخر! 1887 - " لأن يؤدب الرجل ولده، أوأحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع ". ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (2 / 131 - تحفة) والحاكم (4 / 462) وأحمد (5 / 96 و102) وعنه الطبراني في " المنتقى من حديثه " (4 / 6 / 2) والسهمي في " تاريخ جرجان " (352 - 353) من طرق عن ناصح أبي عبد الله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث غريب، وناصح بن علاء الكوفي، ليس عند أهل الحديث بالقوي ، ولا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه ". وقال عبد الله بن أحمد عقب الحديث: " لم يخرجه أبي في " مسنده " من أجل ناصح، لأنه ضعيف الحديث، وأملاه علي في (النوادر) ". وقال في المكان الآخر: " ما حدثني أبي عن ناصح غير هذا الحديث ". قلت: وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت : ناصح هالك ". وقال في " الضعفاء ": " قال ابن معين وغيره: ليس بثقة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 240 - 241) وقال عن أبيه: " هذا حديث منكر، وناصح ضعيف الحديث ". الحديث: 1887 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 1888 - " من اغتيب عنده أخوه المسلم، وهو يستطيع نصره فنصره، نصره الله في الدنيا والآخرة، فإن استطاع نصره، فلم ينصره، أدركه الله به في الدنيا والآخر ". ضعيف جدا. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 68) : حدثني الحارث بن نبهان عن أبان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبان وهو ابن أبي عياش متروك، وكذلك الحارث بن نبهان. لكن هذا قد توبع، فأخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (2 / 5 / 1) وابن عدي في " الكامل " (ق 25 / 1 و2) والبغوي في " شرح السنة " (3 / 441 - نسخة المكتب) ، من طرق أخرى عن أبان به. وأدخل ابن أبي الدنيا بين أبان وأنس العلاء بن أنس، وهو رواية لابن عدي، وقال في أبان: " هو بين الأمر في الضعف، وأرجوأنه ممن لا يتعمد الكذب، إلا أنه يشتبه عليه ويغلط، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". الحديث: 1888 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 1889 - " إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى فليمطه عنه ". ضعيف جدا. رواه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (730) وعنه الترمذي ( 1 / 351 - بولاق) وابن أبي شيبة (8 / 584) والسمناني في " الفوائد المنتقاة " (2 / 1) وأبو الحسن الحربي في " الفوائد المنتقاة " (4 / 2 / 2 ) وابن عساكر (14 / 248 / 1 و18 / 82 / 2) عن يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبي قال: سمعت أبا هريرة يقول مرفوعا. وقال الترمذي: " ويحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة، وفي الباب عن أنس ". قلت: يحيى هذا متروك، وأفحش الحاكم فرماه بالوضع، كما في " التقريب ". الحديث: 1889 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 ومن طريقه أخرجه ابن منيع بلفظ: " المسلم مرآة المسلم، فإذا رأى به شيئا فليأخذه ". كما في " فيض القدير ". وقد أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 30) وعنه البخاري في " المفرد " (238 ) من طريق أخرى عن أبي هريرة موقوفا عليه بلفظ: " المؤمن مرآة المؤمن، إذا رأى فيه عيبا أصلحه ". ورجاله ثقات غير سليمان بن راشد، وهو مستور كما قال الحافظ، فهو أصح من المرفوع. (تنبيه) : من الأخطاء الفاحشة التي وقعت لبعضهم في هذا الحديث، قول المعلق على " سنن الترمذي " (6 / 175 - طبعة حمص) : " أخرجه البخاري ومسلم بلفظ: " المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخوالمؤمن ، يكف عنه ضيعته ويحوطه من ورائه "، وكذلك رواه أبو داود ... ". قلت: وفيه مؤاخذتان إحداهما أسوأ من الأخرى: الأولى: عزوه لمسلم، وهذا خطأ محض. الأخرى: إطلاق العزوللبخاري يوهم أنه في " صحيحه "! وليس فيه، وإنما رواه في " الأدب المفرد " (239) وإسناده حسن، وهو مخرج في " الصحيحة " (926) . 1890 - " من رابط فواق ناقة حرمه الله على النار ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (165) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني قال: حدثنا سليمان بن مرقاع الجندعي عن مجاهد عن عائشة مرفوعا، وقال: " منكر، لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". يعني ابن مرقاع هذا، وقال فيه: " منكر الحديث، ولا يتابع على حديثه ". والجدعاني متروك الحديث. الحديث: 1890 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 وله طريق آخر رواه العقيلي أيضا (ص 6) والخطيب (7 / 203) وأبو حزم بن يعقوب الحنبلي في " الفروسية " (1 / 8 / 1) عن محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا أنس بن عبد الحميد قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال العقيلي: " هذا حديث منكر، وقد رأيت له غير حديث من هذا النحو، فإن كان ابن حميد ضبط عنه، فليس هو ممن يحتج به ". قلت: وفي كلامه إشارة إلى أن ابن حميد غير ضابط، وهو كما قال، ففي " التقريب ": " حافظ ضعيف ". وأقول: بل هو متهم أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال : " قال أبو زرعة: كذاب. وقال صالح: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني ". وقد تقدم الحديث برقم (626) بأخصر مما هنا، فتركته لما فيه من زيادة فائدة. 1891 - " من حمل جوانب السرير الأربع، كفر الله عنه أربعين كبيرة ". منكر. رواه ابن عدي في " الكامل " (ق 287 / 2) والطبراني في " الأوسط " (79 / 1 من ترتيبه) من طريق محمد بن عقبة السدوسي: حدثنا علي بن أبي سارة: سمعت ثابتا البناني سمعت أنس بن مالك مرفوعا. وقال: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به علي ". قلت: وهو ضعيف جدا. قال البخاري: " في حديثه نظر ". وقال أبو داود: " تركوا حديثه ". الحديث: 1891 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 وقال ابن حبان: " غلب على روايته المناكير فاستحق الترك ". وساق الذهبي مما أنكر عليه هذا الحديث. ومحمد بن عقبة السدوسي صدوق يخطىء كثيرا. قلت: لكنه قد توبع، فأخرجه أبو يعلى (2 / 883) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 104) من طريقين آخرين عن علي بن أبي سارة، فهو الآفة. وسيأتي له حديث آخر برقم (5186) . وللحديث طريق أخرى وشاهد، أما الطريق فرواه الأزدي بسنده عن إبراهيم بن عبد الله الكوفي عن عبد الله بن قيس عن حميد الطويل عن أنس به. ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات "، وقال: " لا أصل له، إبراهيم وشيخه كذابان ". وتعقبه السيوطي في " اللآلىء " (2 / 405) ، ثم ابن عراق (386 / 2) بالطريق الأولى ، ولا وجه له لما عرفت من شدة ضعفه. وأما الشاهد فأخرجه ابن عساكر (8 / 521 / 1) من طريق تمام: حدثني أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي - من حفظه -: أخبرنا أبو قصي إسماعيل بن محمد بن إسحاق العذري حدثني أبي وعمي قالا: أخبرنا معروف الخياط عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به. قلت: وهذا سند مظلم، ما بين واثلة وتمام لم أعرف أحدا منهم، غير معروف الخياط، وهو معروف بالضعف، قال أبو حاتم: " ليس بالقوي ". وقال ابن عدي: " له أحاديث منكرة جدا وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ". وعم أبي قصي اسمه عبد الله بن إسحاق، وفي ترجمته أورد ابن عساكر الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والفضل بن جعفر التميمي يحتمل أنه أبو القاسم بن أبي المنادي أخوأبي الحسين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 أحمد، فإن يكن هو فقد ترجمه الخطيب (12 / 374) ولكنه لم ينسبه تميميا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد فات السيوطي هذا الشاهد فلم يورده في " اللآلىء "! مع أنه أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر، ولم يتكلم على إسناده المناوي، بل إنه أوهم أن الطبراني رواه عن واثلة، وإنما هو عنده عن أنس كما سبق. ثم إنه عزاه لـ " كبير " الطبراني، ولم أره فيه، ولا عزاه إليه الهيثمي (3 / 26) . 1892 - " أنزل الناس منازلهم من الخير والشر، وأحسن أدبهم على الأخلاق الفاضلة ". ضعيف. رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 8) عن بكر بن سليمان أبي معاذ عن أبي سليمان الفلسطيني عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: أبو سليمان هذا قال البخاري: " له حديث طويل منكر في القصص ". والأخرى: بكر بن سليمان ، لم أجد من ذكره. الحديث: 1892 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 1893 - " أنزلت علي الليلة سورة مريم، فسمها مريم ". ضعيف. رواه الدولابي (1 / 53) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ولدت لي الليلة جارية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. فكان يكنى بأبي مريم. قلت: وهذا سند ضعيف، أبو بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط. والحديث مما خلا منه " الجوامع ": " الصغير "، و" الزيادة عليه "، و" الكبير "، و" الجامع الأزهر "! الحديث: 1893 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 1894 - " أنزلوا الناس منازلهم ". ضعيف. رواه ابن عساكر (12 / 200 / 1) عن نوح بن قيس عن سلامة الكندي عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب قال: جاءه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك، فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك، وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك، فقال علي : اكتب على الأرض فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك، فكتب: إني محتاج، فقال علي: علي بحلة، فأتي بها، فأخذها الرجل فلبسها، ثم أنشأ يقول: كسوتني حلة تبلى محاسنها * * * فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة * * * ولست تبقى بما قد قلته بدلا إن الثناء ليحيى ذكر صاحبه * * * كالغيث يحي نداه السهل والجبلا لا تزهد الدهر في زهد تواقعه * * * فكل عبد سيجزى بالذي عملا فقال علي: علي بالدنانير! فأتي بمائة دينار فدفعها إليه، فقال الأصبغ: فقلت : يا أمير المؤمنين! حلة ومائة دينار؟ قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قال: وهذه منزلة هذا الرجل عندي. قلت: وهذا إسناد واه جدا، آفته الأصبغ هذا، فإنه متروك متهم بالكذب. وسلامة الكندي ، كأنه مجهول، أورده ابن أبي حاتم من رواية نوح بن قيس هذا فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والقصة تلوح عليها لوائح الوضع. وأما الحديث المترجم له، فقد أخرجه أبو داود، وأبو الشيخ في " الأمثال " (241) عن عائشة مرفوعا، وإسناده خير من هذا، ولكن فيه علل ثلاثة بينتها في " تخريج المشكاة " رقم (4989 - التحقيق الثاني) . وأحدها الانقطاع، وبه أعله أبو داود نفسه، وأيده المنذري في " مختصره " (4675) وحسنه السخاوي لشواهد ذكرها، منها حديث معاذ المتقدم قبل حديث، وهو مع ضعفه البين هناك يختلف معناه عن هذا. وأما الحاكم فجزم في " علوم الحديث " (ص 49) بصحة الحديث! ولعل منشأ هذا الوهم أن مسلما علقه في " مقدمة الصحيح "،وقد أشار لضعفه. الحديث: 1894 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 1895 - " المرء كثير بأخيه ". ضعيف رواه القضاعي (2 / 8 / 1) عن المسيب بن واضح قال: أخبرنا سليمان بن عمرو النخعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت : وهذا سند موضوع، المسيب ضعيف، وشيخه النخعي كذبه غير واحد، وجزم ابن عدي بأنه وضع على إسحاق هذا حديثا آخر سيأتي بلفظ: " الناس كأسنان المشط ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن أبي الدنيا في " الإخوان " عن سهل بن سعد. وسكت المناوي عن إسناده، وقال: " ورواه الديلمي والقضاعي عن أنس . قال شارحه المعامري: وهو غريب ". ثم وقفت على إسناد حديث سهل عند أبي بكر الشيروي في " العوالي الصحاح " (211 / 2) أخرجه من طريق أبي صالح كاتب الليث : حدثنا الحسن بن الخليل بن مرة: حدثني أبي عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعا به في حديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي صالح، فإنه ضعيف من قبل حفظه . ومثله بل شر منه الخليل بن مرة، فإنه ضعيف كما في " التقريب "، وأشار البخاري إلى تضعيفه جدا بقوله: " فيه نظر ". وابنه الحسن بن الخليل بن مرة لم أجد من ذكره، ولم يذكره الحافظ في الرواة عن أبيه الخليل، وإنما ذكر أخاه علي بن الخليل، ولم أجد له ترجمة أيضا. الحديث: 1895 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 1896 - " ليستتر أحدكم في الصلاة بالخط بين يديه، وبالحجر، وبما وجد من شيء، مع أن المؤمن لا يقطع صلاته شيء ". منكر. رواه ابن عساكر (2 / 395 / 1) من طريق حمزة بن يوسف إجازة قال : قال أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف: أخبرنا أبي أخبرنا إسحاق بن أبي عمران الإستراباذي أخبرنا الحديث: 1896 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 حيون بن المبارك البصري - بمصر -: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا أبي عن جدي عن أنس مرفوعا. وهذا سند رجال كلهم ثقات معروفون، غير حيون هذا أورده الذهبي لهذا الحديث، وقال: " رواته ثقات غير حيون، والخبر منكر ". والحديث المذكور هو في " تاريخ جرجان " لحمزة بن يوسف السهمي (ص 474 رقم 1073) معلقا كما رواه عنه ابن عساكر: قال أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف ... وفي الخط حديث آخر مخرج في " ضعيف أبي داود " ( 107 - 108 ) والجملة الأخيرة منه تخالف أحاديث صحيحة، فانظر " صحيح الجامع " (7984 - 7978) . 1897 - " إن في الجنة لعمدا من ياقوته، عليها غرف من زبرجد، تبص كما يبص الكوكب الدري، قلنا: من يسكنها؟ قال: المتحابون في الله عز وجل، والمتلاقون في الله، والمتباذلون في الله، أوكلمة نحوها ". ضعيف. رواه الحسين المروزي في زوائد " الزهد " لابن المبارك (120 / 2 من " الكواكب " 575 رقم 1481 ط) والبزار (3592 - الكشف) وتمام في " الفوائد " (74 / 1 - 2) عن محمد بن أبي حميد عن موسى ابن وردان عن أبي هريرة مرفوعا . قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن أبي حميد هذا، قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وكذا قال شيخه الهيثمي في " المجمع " (10 / 278) وقد عزاه للبزار. وأشار المنذري في " الترغيب " (4 / 49) إلى أن الحديث ضعيف. وعزاه في " المشكاة " (5026) للبيهقي في " شعب الإيمان "، وكذا السيوطي في " الجامع " قال: " وابن أبي الدنيا في (كتاب الإخوان) ". ورواه ليث عن موسى بن وردان به. الحديث: 1897 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 132) عن أبيه: " لا أعلم روى ليث عن موسى بن وردان، وهذا وهم، وهذا الحديث يرويه محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان، لا أعلم رواه غيره ". 1898 - " إن في الجنة نهرا يقال له: رجب، [ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل] ، من صام من رجب يوما واحدا، سقاه الله من ذلك النهر ". باطل. رواه أبو محمد الخلال في " فضل شهر رجب " (11 / 1) والديلمي (1 / 2 / 281) والأصبهاني في " الترغيب " (224 / 1 - 2) عن منصور بن يزيد الأسدي: حدثنا موسى بن عمران قال: سمعت أنس بن مالك يقول ... ، فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول، موسى بن عمران لم أعرفه، ووقع عند الديلمي: " موسى بن عبد الله بن يزيد ". ومنصور بن يزيد قال الذهبي: " لا يعرف، والخبر باطل، قرأته ... ". ثم ساقه بإسناده إلى منصور به، إلا أنه وقع فيه: " موسى بن عبد الله الأنصاري ". والله أعلم. وقد أقره الحافظ في " اللسان ". وأما في " تبيين العجب "، فقد قال (ص 5 - 7) : " لا يتهيأ الحكم عليه بالوضع ". قلت: ولعله يعني من جهة السند. والله أعلم. الحديث: 1898 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 1899 - " الدعاء جند من أجناد الله تبارك وتعالى، مجند يرد القضاء بعد أن يبرم ". موضوع. رواه ابن عساكر (7 / 264 / 1 و17 / 324 / 2) عن سلم بن يحيى الحجراوي: أخبرنا نمير بن الوليد بن نمير بن أوس الأشعري: أخبرنا أبي عن جدي مرفوعا. وقال: الحديث: 1899 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 " هذا مرسل، نمير بن أوس ليست له صحبة، وهو تابعي، وكان قاضيا بدمشق ". قلت: وهذا إسناد تالف، نمير هذا اتهمه الذهبي بحديثين ذكرهما له، ونقل عن أبي سعد الماليني أنه قال: " يقال: إن نميرا تفرد بهذين الحديثين ". قال الذهبي: " وهما موضوعان، ونمير ما عرفته، وأما أبو هـ وجده فمعروفان ". والحديثان المشار إليهما سبقا بلفظ: " أكرموا الخبز .... " ، و" اللهم متعنا بالإسلام والخبز ... ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه المرسلة، فقال المناوي: " ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد، وإلا لما عدل لرواية إرساله، وهو ذهو ل، فقد رواه أبو الشيخ ثم الديلمي من حديث أبي موسى الأشعري ". قلت: ولم يتكلم على إسنادهما لا المرسل ولا الموصول، والظاهر أن الموصول من طريق نمير أيضا، والله أعلم. ثم تأكدت مما استظهرته حين رأيت الحديث في " مسند الديلمي " (2 / 146) من طريق أبي الشيخ عن نمير بن الوليد به عن جده عن أبي موسى. 1900 - " الخلق كلهم عيال الله، فأحب خلقه إليه، أنفعهم لعياله ". ضعيف. روي من حديث أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة. 1 - أما حديث أنس، فيرويه يوسف بن عطية الصفار عن ثابت عنه مرفوعا. أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (ص 77) والمخلص في " المجلس الأول من المجالس السبعة " (48 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (115 / 1) وكذا البيهقي الحديث: 1900 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 في " الشعب "، وأبو يعلى والبزار والطبراني والحارث بن أبي أسامة والعسكري وغيرهم، كما في " المقاصد الحسنة ". ويوسف هذا متروك كما في " التقريب ". وقال الذهبي في " الميزان ": " مجمع على ضعفه ... ومن مناكيره ... ". ثم ساق له أحاديث، هذا أحدها. 2 - وأما حديث ابن مسعود، فيرويه موسى بن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد عنه مرفوعا به. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 324 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 102 و4 / 237 ) والخطيب في " التاريخ " (6 / 334) وكذا البيهقي في " الشعب "، وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن الحكم غير موسى بن عمير، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه ". قلت: وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث، كذاب ". 3 - وأما حديث أبي هريرة، فيرويه بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه رفعه بلفظ: " الخلق كلهم عيال الله، وتحت كنفه، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله ". أخرجه الديلمي. وبشر هذا ضعيف الحديث كما قال الحافظ في " التقريب ". وذكره الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " ليس بحجة ". وقد ثبت الشطر الثاني من الحديث بلفظ: " خير الناس أنفعهم للناس ". وهو مخرج في " الصحيحة " (427) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 1901 - " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار، والصلاة نور المؤمن، والصيام جنة من النار ". ضعيف. رواه ابن ماجه (4210) وأبو يعلى في مسنده (179 / 2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (1 / 24 / 1 - 2) وأبو طاهر الأنباري في " المشيخة " (ق 138 / 2) عن محمد بن أبي فديك عن عيسى بن أبي عيسى الحناط عن أبي الزناد عن أنس بن مالك مرفوعا. وكذا رواه أبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن في " نسخة أبي مسهر ... " (63 / 1) وابن أخي ميمي في " الفوائد المنتقاة " (2 / 82 / 2) والقضاعي (ق 194 / 2) والخطيب في " الموضح " (1 / 83 - 84) وابن عساكر في " التاريخ " (9 / 90 / 1 و10 / 323 / 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الحناط هذا متروك كما في " التقريب ". والشطر الأول منه أخرجه القضاعي (88 / 1) عن عمر بن محمد بن حفصة أبي حفص الخطيب قال: أخبرنا محمد بن معاذ بن المستملي - بحلب - قال: أخبرنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وعمر هذا، لا يعرف، ذكره في " الميزان " ولم يذكر فيه شيئا سوى هذا الحديث من طريق القضاعي، وقال: " فهذا بهذا الإسناد باطل " وأقره الحافظ في " اللسان ". قلت: ومحمد بن معاذ بن المستملي، لم أعرفه، ويحتمل أن يكون هو محمد بن معاذ بن فهد الشعراني أبو بكر النهاوندي الحافظ، فقد كان يقول إنه لقي جماعة من القدامة منهم القعنبي، فإن يكن هو، فهو واه كما قال الذهبي. وله شاهد يرويه محمد بن الحسين بن حريقا البزار قال: أنبأنا الحسن بن موسى الأشيب: حدثنا أبو هلال عن قتادة عن أنس مرفوعا به. الحديث: 1901 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 أخرجه ابن شاذان الأزجي في " الفوائد المنتقاة " (1 / 126 / 2) والخطيب في " التاريخ " (2 / 227) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسبي، قال الحافظ: " صدوق، فيه لين ". ومحمد بن الحسين هذا لم أعرفه، وفي ترجمته أورده الخطيب، ولم يذكر فيها شيئا سوى هذا الحديث، ومع ذلك فقد حسن العراقي إسناده في " تخريج الإحياء " (1 / 45) ! واقتصر على تضعيف إسناد ابن ماجه! والله أعلم. وله شاهد من حديث أبي هريرة وهو الآتي بعده: وجملة الصدقة لها شواهد تتقوى بها، فانظر " الترغيب " (2 / 22) وجملة الصلاة تقدمت برقم (1660) وجملة الصيام ثابتة أيضا من حديث جابر وعائشة. انظر " الترغيب " ( 2 / 60) . 1902 - " إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ". ضعيف. رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (153 - 154) والبخاري في " التاريخ " (1 / 1 / 272) وأبو داود (2 / 4903) وابن بشران في " الأمالي " (143 / 2 و183 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " ( 376 / 2) عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. وقال البخاري: " لا يصح ". قلت: ورجاله موثقون غير جد إبراهيم وهو مجهول لأنه لم يسم. الحديث: 1902 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 1903 - " ملعون من ضار مسلما أوماكره ". ضعيف. رواه ابن عدي (265 / 1) عن عنبسة بن سعيد: حدثنا فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر الصديق مرفوعا. الحديث: 1903 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 ورواه الترمذي (1 / 352 - بولاق) من طريق أبي سلمة الكندي: حدثنا فرقد به، وقال: " حديث غريب ". قلت: وعلته فرقد هذا ضعيف، قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال البخاري: في " حديثه مناكير " كما في الميزان، وساق له من مناكيره هذا. وأعله المناوي بأبي سلمة الكندي أيضا، قال: قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال البخاري: " تركوه " . وقد تابعه عنبسة كما ترى وهو واه كما قال الذهبي. وتابعه همام أيضا عن فرقد به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 49) من طريق عبد العزيز بن أبان عنه. لكن ابن أبان هذا متروك، وكذبه ابن معين وغيره، كما قال الحافظ في " التقريب ". وتابعه غيره أيضا، فقد ساقه ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 287) بإسناده عن الهيثم بن جميل عن عثمان بن واقد عن فرقد السبخي به، وقال: " فسمعت أبي يقول: أخطأ من قال في هذا الحديث: " عثمان بن واقد "، إنما هو عثمان بن مقسم البري، والهيثم بن جميل لم يلق عثمان بن واقد، وعثمان بن واقد لم يسمع من فرقد. قال: وعثمان بن مقسم البري ضعيف الحديث ". 1904 - " أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: فقال: يا رب إن فيها عبدا لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم، فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط ". ضعيف جدا. رواه ابن الأعرابي في " معجمه " (199 / 1) عن عبيد بن إسحاق العطار: أخبرنا عمار بن سيف - وكان شيخ صدق - عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن الحديث: 1904 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عمار بن سيف أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال الدارقطني وغيره: متروك ". قلت: وما وقع في هذا الإسناد أنه شيخ صدق، فمما لا قيمة له، لأن الظاهر أنه من قول الراوي عنه عبيد بن إسحاق العطار، قال الذهبي أيضا في " الضعفاء ": " ضعفوه ". 1905 - " كادت النميمة أن تكون سحرا، وكاد الفقر أن يكون كفرا ". موضوع. رواه عفيف بن محمد الخطيب في " المنظوم والمنثور " (188 / 2) عن محمد بن يونس القرشي: حدثنا المعلى بن الفضل الأزدي حدثنا سفيان بن سعيد حدثنا الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته محمد بن يونس، وهو الكديمي، وهو وضاع. والمعلى بن الفضل الأزدي ويزيد الرقاشي ضعيفان. ومن هذا الوجه أخرجه ابن لال عن أنس، كما في " فيض القدير ". والشطر الثاني منه له طرق أخرى واهية سيأتي تخريجها برقم (4080) . الحديث: 1905 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 1906 - " من سعادة ابن آدم استخارته الله ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله عز وجل ". ضعيف. أخرجه أحمد (1444) والترمذي (3 / 203) والحاكم (1 / 518) وابن عساكر (16 / 232 / 1) من طريق محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن الحديث: 1906 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده سعد بن أبي وقاص مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، فوهما بشهادة الذهبي نفسه حيث قال في ترجمة محمد بن أبي حميد هذا: " ضعفوه ". ثم ساق له هذا الحديث. وممن ضعفه الترمذي ، فقال عقب الحديث: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد، ويقال له أيضا: حماد بن أبي حميد، وهو إبراهيم المديني، فليس هو بالقوي عند أهل الحديث ". وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": " إنه ضعيف ". ومنه تعلم أن قوله في " الفتح " (11 / 153) : " أخرجه أحمد وسنده حسن "، غير حسن، بل هو ضعيف كما علمت. وقد أشار لهذا المنذري في " الترغيب " (1 / 244 ) حيث عقب تصحيح الحاكم بقوله: " كذا قال "، ولكنه لم يسلم من التناقض أيضا حيث صرح بتصحيح هذا السند بحديث آخر لابن أبي حميد، وهو: (من سعادة ابن آدم ثلاث، ومن شقوة ابن آدم ثلاث: من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء) . أخرجه أحمد (رقم 1445) والحاكم (2 / 144) بإسناد الحديث الذي قبله، وصححه الحاكم أيضا، وكذا الذهبي. وهو من أوهامهما كما سبق بيانة. وكذلك وهم فيه المنذري والهيثمي، أما الأول فقال (3 / 68) : " رواه أحمد بإسناد صحيح، والطبراني والبزار والحاكم وصححه ... وابن حبان في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 صحيحه "، وهو نفسه قد انتقد الحاكم في تصحيحه إسناد الحديث الذي قبله، والسند هو هو! وأما الهيثمي فقال (2 / 272) : " رواه أحمد والبزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال أحمد رجال الصحيح "! وابن أبي حميد ليس من رجال الصحيح مطلقا. نعم لحديثه الآخر طريق أخرى هي خير من هذه، ولكنه بلفظ: " أربع من السعادة ... "، فانظر " الصحيحة " (282) . 1907 - " من اعتذر إلى أخيه بمعذرة فلم يقبلها، كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس ". ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2 / 401) وأبو حاتم ابن حبان في " روضة العقلاء " (159 - 160) عن وكيع عن الثوري عن ابن جريج عن العباس بن عبد الرحمن بن مينا عن جودان مرفوعا به. وقال أبو حاتم: " أنا خائف أن يكون ابن جريج رحمه الله دلس هذا الخبر، فإن (كان) سمعه من العباس بن عبد الرحمن، فهو حديث حسن ". قلت: كلا، فإن فيه عللا أخرى كما سترى: وقال المنذري (3 / 293) : " رواه أبو داود في " المراسيل "، وابن ماجه بإسنادين جيدين ". كذا قال، وليس بجيد، لتدليس ابن جريج، وكلامه يوهم أن له طريقين وإسنادين عن جودان وليس كذلك، ثم إن العباس بن عبد الرحمن بن مينا ليس بالمشهور، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". وجودان لم تثبت له صحبة، وقال أبو حاتم: الحديث: 1907 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 " جودان مجهول، وليست له صحبة ". وفي " التقريب ": " مختلف في صحبته، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين ". وله شاهد من حديث جابر أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وفيه إبراهيم بن أعين، وهو ضعيف كما في " المجمع " (8 / 81) . وله طريق أخرى عنه فيه متهم، وسيأتي ذكره نحوه برقم (2039) . وقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 315 - 316) موقوفا عليه من طريق أبي صالح كاتب الليث عن الليث عمن حدثه عن أبي الزبير عن جابر. ثم قال المنذري: " روى عن جماعة من الصحابة، وحديث جودان أصح، وجودان مختلف في صحبته ولم ينسب ". 1908 - " سلوا الله حوائجكم البتة في صلاة الصبح ". ضعيف. رواه الروياني في " مسنده " (25 / 142 / 2) : أخبرنا ابن إسحاق ( يعني محمدا) : أخبرنا محمد بن بكير أخبرنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن خالد بن يزيد عن أبي رافع مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، غير خالد بن يزيد ولم أعرفه ويحتمل أنه الذي في " الجرح " (1 / 2 / 356) : " خالد بن يزيد بن موهب أبو عبد الرحمن، روى عن أبي أمامة ومعاوية، روى عنه معاوية بن صالح ". قلت: فإن يكن هو، فهو مجهول. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية أبي يعلى، وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء، وعزاه للديلمي أيضا، وليس هو في " الغرائب الملتقطة " لابن حجر. الحديث: 1908 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 1909 - " المجلس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس، مجلس يسفك فيه دم حرام، ومجلس يستحل فيه فرج حرام، ومجلس يستحل فيه مال من غير حق ". ضعيف. أخرجه أبو داود (2 / 297) وأحمد (3 / 342 - 343) وأبو جعفر الطوسي في " الأمالي " (33) واللفظ لأحمد، وهو أتم، كلاهما عن عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن أخي جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله مرفوعا. ورجاله ثقات رجال مسلم، غير ابن أخي جابر فقد أغفلوه ولم يوردوه لا في " التهذيب " ولا في " الخلاصة " ولا في " التقريب " ولا في " الميزان " في فصل: " فيمن قيل ابن أخي فلان ". والحديث قال العراقي في " التخريج " (2 / 157) : " رواه أبو داود من حديث جابر، من رواية ابن أخيه غير مسمى عنه ". فالحديث ضعيف الإسناد لجهالة ابن أخي جابر. ومنه تعلم أن رمز السيوطي لحسنه ليس بحسن، وإن وافقه المناوي في " التيسير "! وقد رويت الجملة الأولى منه من حديث علي رضي الله عنه. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (90) والقضاعي في " مسند الشهاب " (2 / 1) والخطيب (11 / 169) من طريق حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا بل موضوع. حسين هذا كذبه مالك. وقال أبو حاتم: " متروك الحديث كذاب ". وقال أحمد: " لا يساوي شيئا ". الحديث: 1909 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 وقال ابن معين: " ليس بثقة ولا مأمون ". وقال البخاري: " منكر الحديث، ضعيف ". وقال أبو زرعة: " ليس بشيء، اضرب على حديثه ". كذا في " الميزان "، ووالده عبد الله بن ضميرة، وجده لم أجد من ترجمهما. لكن لها شاهد في حديث آخر سيأتي برقم (3224) ولذلك كنت حسنته في: " صحيح الجامع " (6554) . لكن الحديث قد جاء بإسناد آخر، وفيه زيادة وهو: " المجالس بالآمانة، ولا يحل لمؤمن أن يؤثر على مؤمن - أوقال: عن أخيه المؤمن - قبيحا ". أخرجه الخطيب (14 / 23) من طريق مسعدة بن صدقة العبدي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يحدث عن أبيه عن جده عن أبيه عن جده علي مرفوعا به. وهذا سند ضعيف جدا، مسعدة بن صدقة قال الدارقطني: متروك كما في " الميزان "، وساق له حديثا بلفظ: " إذا كتبتم الحديث ... "، وقال: " حديث موضوع ". وقد مضى ذكره تحت الحديث (1173) : " من حدث حديثا كما سمع.. ". 1910 - " لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق ". ضعيف. روي من حديث أبي ذر وأنس بن مالك وعقبة بن مالك وعلي بن أبي طالب. الحديث: 1910 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 1 - أما حديث أبي ذر، فله طريقان: الأولى: عن الماضي بن محمد عن علي بن سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه ابن ماجه (2 / 554) . وقال البوصيري في " الزوائد " (260 / 1) : " هذا إسناد ضعيف لضعف الماضي بن محمد الغافقي المصري ، رواه الإمام أحمد في " مسنده " من حديث أبي ذر أيضا ". قلت: لم أره في " المسند "، ولا عزاه إليه السيوطي في " الجامع ". وعلي بن سليمان شامي مجهول كما في " التقريب ". والأخرى: إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني: حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني به، في حديث طويل. أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (94) وأبو نعيم في " الحلية " (1 / 166 - 168) وقال الهيثمي في " الموارد ": " إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، قال أبو حاتم وغيره: كذاب ". وتابعه إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي سليمان الفلسطيني عن القاسم بن محمد به أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 8) . وإسماعيل هذا متروك كذبوه. وأبو سليمان الفلسطيني مجهول. وظني أنه علي بن سليمان نفسه الذي في الطريق الأولى. والله أعلم. 2 - وأما حديث أنس، فيرويه أبو حاجب الضرير: حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عنه مرفوعا به. أخرجه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (19 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 343) والدامغاني الفقيه في " الأحاديث والأخبار " (1 / 108 - 109) وقال: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 " أبو حاجب هذا صخر بن محمد الحاجبي ". قلت: وهو كذاب كما قال ابن طاهر. وقال الحاكم: " روى عن مالك وغيره من الثقات أحاديث موضوعة ". وقال الدارقطني: " يضع الحديث على مالك ونظائره من الثقات ". وقال ابن عدي: " حدث عن الثقات بالبواطيل، فمن ذلك هذا الحديث ". وذكر أبو نعيم أنه تفرد به عن مالك. 3 - وأما حديث عقبة بن عامر، فيرويه شافع بن نافع: أخبرنا محمد بن محمد المروزي: أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد الحاجي أخبرنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عنه. أخرجه محمد بن حمزة الفقيه في " أحاديثه " (214 / 1) . قلت: وهذا سند ضعيف، ابن لهيعة سيء الحفظ. ومن دونه لم أجد لهم ترجمة، ويحتمل أن يكون وقع في السند تحريف ما. والله أعلم. وأما حديث علي، ففيه كذاب، وفي حديثه زيادات مستنكرة، فقد أفردته بالتخريج، وسيأتي إن شاء الله تعالى برقم (5428) . 1911 - " خير ما أعطي الإنسان خلق حسن، وشر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 518 / 5383) ابن منده (2 / 278 / 2) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (18 / 1) عن أبي إسحاق عن رجل من جهينة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف: الرجل الجهني لا يدرى أصحابي هو أم تابعي؟ وأبو إسحاق هو السبيعي وهو مدلس مختلط. الحديث: 1911 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 وللشطر الأول منه شاهد من حديث أسامة بن شريك مرفوعا بإسناد صحيح، انظر " المشكاة " (5079) . وعزاه في " المشكاة " (5078) للبيهقي في " شعب الإيمان " عن رجل من مزينة. 1912 - " من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمنا وإيمانا ". ضعيف. رواه البخاري في " التاريخ " (3 / 2 / 123) والطبري في " تفسيره " (7 / 216 / 7842) والعقيلي في " الضعفاء " (264) من طريق أحمد بسنده عن عبد الجليل عن عم له عن أبي هريرة في قوله " " والكاظمين الغيظ "، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره في ترجمة عبد الجليل هذا، وقال: " قال البخاري: لا يتابع عليه ". قلت: وعمه لا يعرف. ومن أوهام المناوي قوله في " التيسير ": " وإسناده حسن "! مع أنه في " الفيض " تعقب رمز السيوطي لحسنه بإعلال الحافظ العراقي إياه بالراوي الذي لم يسم، ثم زاد في الوهم أنه عزاه لأبي داود، وإنما هو عنده من حديث معاذ بن أنس بلفظ آخر. انظر " صحيح الجامع " (6398) . ثم قال العقيلي: " وقد روي من غير هذا الطريق بإسناد صالح ". قلت: كأنه يشير إلى حديث ابن عمر: " ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله ". أخرجه أحمد (2 / 128) بإسنادين عنه، أحدهما صحيح. الحديث: 1912 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 1913 - " لكل شيء أس، وأس الإيمان الورع، ولكل شيء فرع، وفرع الإيمان الصبر، ولكل شيء سنام، وسنام هذه الأمة عمي العباس، ولكل شيء سبط، وسبط هذه الأمة حبيباي الحسن والحسين، ولكل شيء جناح، وجناح هذه الأمة أبو بكر وعمر، ولكل شيء مجن، ومجن هذه الأمة علي بن أبي طالب ". الحديث: 1913 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 موضوع. رواه ابن عساكر (8 / 471 / 2) من طريق أبي بكر الخطيب بسنده عن إبراهيم بن (الحكم بن) ظهير عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. وقال الخطيب: " الحكم بن ظهير ذاهب الحديث ". قلت: وقال صالح جزرة: " يضع الحديث ". وقال البخاري: " متروك الحديث، تركوه ". وقال يحيى: " كذاب ". قلت: وابنه إبراهيم ليس خيرا منه، فقد قال فيه أبو حاتم: " كذاب ". والحديث أورده السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 53) ، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (177 / 2) من رواية الديلمي فقط من هذه الطريق، وأعلاه بإبراهيم هذا فقط وهو قصور. ثم إن السيوطي تناقض حيث أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب وابن عساكر هذه! . وأما المناوي فخفي عليه أن الحديث من رواية هذين الكذابين، فقال: " ورواه الديلمي، وفيه من لا يعرف ". وأما في " التيسير " فقد بيض له المناوي! ثم إن إطلاق السيوطي العزو للخطيب يشعر أنه في " تاريخه " كما نص عليه في مقدمة " الجامع الصغير "، وليس فيه، ولعله استلزم من رواية ابن عساكر له من طريق الخطيب أنه في " تاريخه "، وليس ذلك بلازم كما لا يخفي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 1914 - " لا يزال الرجل يذهب بنفسه، (وفي رواية: يتكبر) ، ويذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين، فيصبه ما أصابهم ". ضعيف. رواه الترمذي (1 / 360) وابن لال في " حديثه " (123 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (7 / 23 / 6254) والرواية الثانية له، وابن الجوزي في " جامع المسانيد " (ق 8 / 1 - 2) عن عمر بن راشد عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وأقره العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 337) ! كذا قالا: وعمر بن راشد - وهو اليمامي - ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب " وقال الذهبي في " الضعفاء " : " ضعفوه ". وقال في " الكاشف ": " لينه جماعة ". الحديث: 1914 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 1915 - " من شر الناس منزلة من أذهب آخرته بدنيا غيره ". ضعيف. رواه ابن ماجه (3966) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 56) والقضاعي (93 / 2) والحافظ عبد الغني المقدسي في " الثالث والتسعين من تخريجه " (48 / 1) عن عبد الحكم بن ذكوان عن شهر عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، شهر - وهو ابن حوشب - ضعيف لسوء حفظه. وعبد الحكم بن ذكوان قال ابن معين: " لا أعرفه ". قلت: وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقد روى عنه ثلاثة من الثقات. والله أعلم. الحديث: 1915 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 1916 - " من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته، ومن اعتذر إلى أخيه قبل الله معذرته ". ضعيف جدا. رواه العقيلي في " الضعفاء " (115) عن عبد السلام بن هاشم قال : حدثنا خالد بن برد عن قتادة عن أنس مرفوعا. وفي رواية قال: حدثنا خالد بن برد العجلي عن أبيه عن أنس مرفوعا. نحوه، وقال: " هذا أولى ". ذكره في ترجمة خالد هذا، وقال: " في حديثه اضطراب ". وقال الذهبي: " مجهول، وعنه عبد السلام بن هاشم بخبر منكر ". قلت: كأنه يشير لهذا، ثم قال في ترجمة " عبد السلام بن هاشم ": " الأعور شيخ مقل حدث بعد المائتين، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال عمرو بن علي الفلاس: لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (8 / 70) دون الفقرة الأخيرة منه. وأخرجه بتمامه البيهقي في " الشعب " كما في " المشكاة " (5121) والحكيم الترمذي كما في " الجامع الكبير ". وأشار المنذري (4 / 3) إلى تضعيف الحديث، وعطف على رواية " الأوسط "، فقال: " وأبو يعلى ولفظه ": (من خزن لسانه ستر الله عورته، ومن كف غضبه كف الله عنه عذابه، ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره) ثم قال عقبه: الحديث: 1916 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 " ورواه البيهقي مرفوعا وموقوفا، على أنس، ولعله الصواب ". وقال الهيثمي في هذا المرفوع (10 / 298 ) : " رواه أبو يعلى، وفيه الربيع بن سليمان الأزدي، وهو ضعيف ". قلت: وفيه علة أخرى (3 / 1071) من طريق ابن أبي شيبة: أخبرنا زيد بن الحباب قال: حدثني الربيع بن سليمان قال: حدثني أبو عمرو ومولى أنس بن مالك أنه سمع أنس بن مالك به مرفوعا. قلت: فأبو عمرو هذا غير معروف، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 410) بهذه الرواية، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك أورده الدولابي في " الكنى " (2 / 44) ولم يزد على أن ساق له هذا الحديث من طريق أخرى عن الربيع به. (تنبيه) : وروى البيهقي في " الشعب " (2 / 73 / 2) عن ابن عون عن عطاء البزاز عن أنس مرفوعا وموقوفا بلفظ: " لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه ". فإن كان المنذري عنى هذا بما عزاه للبيهقي فهو حديث آخر. وعطاء هذا، قال ابن معين: " ليس بشيء ". ثم رواه من طريق أخرى مرفوعا ، وفيه عطاء بن عجلان وهو متروك. لكن له طريق آخر خير منه في " الروض " ( 141) وسيأتي بيان علته في المجلد الخامس رقم (2027) . 1917 - " من دخل البيت دخل في حسنة، وخرج من سيئة مغفورا له ". ضعيف. رواه ابن خزيمة في " صحيحة " (1 / 294 / 2) والبزار (2 / 43 / 1161 - الكشف) وتمام (195 / 2) والبيهقي في " سننه " (5 / 158) عن سعيد بن سليمان: حدثنا عبد الله بن المؤمل عن عبد الرحمن بن محيص عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. الحديث: 1917 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 ومن هذا الوجه رواه الطبراني (3 / 121 / 1 و124 / 1) والسهمي (166) من طريق ابن عدي: إلا أنه قال: محمد بن عبد الرحمن بن محيصن. ثم قال: " قال ابن عدي: كذا قال: محمد بن عبد الرحمن بن محيصن وإنما هو عمر ". قلت: ولم أعرفه سواء كان عمر بن عبد الرحمن، أومحمد بن عبد الرحمن، أو عبد الرحمن بن محيصن. وقال البيهقي: " تفرد به عبد الله بن المؤمل، وليس بالقوي ". وعقب عليه المناوي بقوله في " التيسير ": " وقال الطبراني: حسن "! كذا، ولا أدري من أين وقع له هذا التحسين؟! ورواه الدولابي (1 / 144 ) من قول مجاهد. ورجاله ثقات غير شيخ الدولابي أحمد ابن فضيل أبي الحسن العكي ولم أجد له ترجمة، ولا في " تاريخ ابن عساكر ". ويزيد بن جابر الراوي له عن مجاهد هو يزيد بن يزيد بن جابر، وهو ثقة، ترجمه ابن حبان في " الثقات " (2 / 309) . ثم رأيته في " الكامل " لابن عدي (209 / 2) من الوجه المذكور أعلاه، لكنه قال: " ابن محيصن لم يسم "، وقال: " حديث غير محفوظ ". ولفظه. " دخول البيت دخول في حسنة، وخروج من سيئة ". وعزاه السيوطي لابن عدي والبيهقي في " الشعب ". ومن عجائب الأوهام قول المناوي عقبة: " وفيه محمد بن إسماعيل البخاري، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: قدم بغداد سنة خمسمائة، قال ابن الجوزي: كان كذابا، وفيه عبد الله بن المؤمل، قال الذهبي: ضعفوه ". واقتصر في " التيسير " على قوله: " فيه كذاب "! قلت: ووجه العجب أن كل طالب لهذا العلم الشريف يعلم أن اللذين عزا الحديث السيوطي إليهما وهما ابن عدي والبيهقي لم يكونا حيين سنة (500) ! فقد مات ابن عدي (365) والبيهقي سنة (458) ، فلا أدري من أين جاء المناوي بهذا البخاري في هذا الحديث، وهو طبعا غير البخاري الإمام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 1918 - " إن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل ". ضعيف. رواه تمام (101 / 2) في " الفوائد " عن هشام بن عمار: حدثنا أبو بكر مخيس بن تميم الأشجعي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 207 / 2) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 31 / 2) . قلت: وهذا سند ضعيف ، مخيس هذا مجهول كما في " الميزان ". وهشام بن عمار فيه ضعف. والحديث عزاه في " المشكاة " (5118) للبيهقي في " شعب الإيمان ". الحديث: 1918 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 1919 - " إذا لم يبارك للعبد في ماله جعله الله في الماء والطين ". ضعيف جدا. رواه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (2 / 21 / 2) وعنه الديلمي (1 / 1 / 148) عن عبد الأعلى بن أبي المساور عن خالد الأحول عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الأعلى هذا، قال الحافظ: " متروك، وكذبه ابن معين ". وخالد الأحول لم أعرفه. والحديث رواه البيهقي في " الشعب " من طريق ابن أبي المساور كما في " فيض القدير "، وقال المناوي: " تركه أبو داود ". فقوله في " التيسير ": " إسناده ضعيف ". فيه تساهل ظاهر. الحديث: 1919 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 1920 - " إن الله يحب أبناء الثمانين ". ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (2 / 229 / 1) عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. الحديث: 1920 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عبد الرحمن هذا هو المليكي ضعيف جدا، قال البخاري: " ذاهب الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء، كأنه لم يقف على سنده. وقد روي بلفظ: " السبعين " مكان: " الثمانين "، وزيادة: " ويستحي من أبناء الثمانين ". وسيأتي إن شاء الله تعالى برقم (3121) . 1921 - " إذا إنتاط غزوكم وكثرت العزائم واستحلت الغنائم، فخير أعمالكم الرباط ". ضعيف. رواه ابن حبان في " صحيحه " (1625) وابن أبي عاصم في " الجهاد " (2 / 102 / 1) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (7 / 22 / 1) والخطيب (12 / 135) عن سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول عن خالد بن معدان عن عتبة بن الندر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سويد هذا قال ابن معين والنسائي: " ليس بثقة ". وقال البخاري: " فيه نظر لا يحتمل ". الحديث: 1921 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 وقال الحافظ في " التهذيب ": " وضعفه ابن حبان جدا، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: وهو ممن أستخير الله فيه لأنه يقرب من الثقات ". قلت: ومن طريقه رواه الطبراني أيضا في " الكبير " كما في " المجمع " (5 / 290) وقال: " وهو متروك ". وقد روي بإسناد خير من هذا ولكنه موقوف وهو بلفظ: " يأتي على الناس زمان أفضل الجهاد الرباط، ذلك إذا اطاط (كذا) الغزو وكثرت العزائم واستحلت الغنائم، وأفضل الجهاد يومئذ الرباط ". رواه بن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 153 / 2) : أخبرنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: أخبرنا خالد بن معدان قال: سمعت أبا أمامة وجبير بن نفير يقولان: فذكره موقوفا عليهما. قلت: وهذا إسناد صحيح، ولكنه موقوف. ولكن هل هو في حكم المرفوع؟ ذلك ما لم يظهر لي الآن. والله أعلم. وقد روي مرفوعا مرسلا بلفظ: " يأتي على الناس زمان يكون أفضل الجهاد فيه الرباط، والرباط أصل الجهاد وفرعه ". رواه أبو حزام بن يعقوب الحنبلي في " الفروسية " (1 / 9 / 1) عن الحجاج بن فرافصة عن الزهري مرفوعا. قلت: وهذا مع إرساله ضعيف، لأن الحجاج هذا قال الحافظ: " صدوق عابد يهم ". وأبو حزام نفسه لم أجد له ترجمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 1922 - " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن حبنا أهل البيت ". باطل بهذا اللفظ. أخرجه الطبراني في " الكبير " (ج 3 ورقة 112 وجه 2) : حدثنا الهيثم بن خلف الدوري: أخبرنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم مولى بني هاشم حدثني حسين بن الحسن الأشقر أخبرنا هشيم بن بشير عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات غير حسين الأشقر فضعفه الجمهور، ورماه بعضهم بالكذب، وهو شيعي غال، وروايته هذه الزيادة في آخر الحديث مما يؤكد صدق من كذبه، وخطأ من وثقه كابن حبان وابن معين! والهيثم بن خلف ثقة، وقد وثق شيخه أحمد هذا كما ذكر ذلك الخطيب في " تاريخه " (5 / 119 - 120) وترجم أيضا للهيثم وقال (14 / 63) : " إنه كان من الأثبات ". وبقية رجال السند من رجال " التهذيب ". لكن له علة أخرى وهي عنعنة هشيم بن بشير، فإنه كان كثير التدليس كما قال الحافظ في " التقريب ". وقد سرق بعض الكذابين هذا الحديث فركب عليه إسنادا آخر إلى ابن عباس به. رواه عبد القاهر بن عبد السلام العباسي في " الهاشميات " (6 / 109 / 1 - 2) عن محمد (هو بن زكريا الغلابي) : حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا. والغلابي هذا وضاع معروف. وركب له أحد المجهولين إسنادا آخر، فجعله من مسند أبي ذر، ونقص منه السؤال عن العمر، ولفظه: الحديث: 1922 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه؟ وعن حبنا أهل البيت. فقيل: يل رسول الله! ومن هم ؟ فأومى بيده إلى علي بن أبي طالب ". أخرجه بن عساكر (12 / 126 / 1) عن يعقوب بن إسحاق القلوسي أخبرنا الحارث بن محمد المكفوف أخبرنا أبو بكر بن عياش عن معروف (الأصل: حروف) بن خربوذ عن أبي الطفيل عن أبي ذر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، معروف بن خربوذ متكلم فيه، قال الذهبي: " صدوق شيعي، ضعفه يحيى بن معين. وقال أحمد: ما أدري كيف حديثه؟ وقال أبو حاتم: يكتب حديثه . قلت: وهو مقل ". وقال في " التقريب ": " صدوق ربما وهم ". والحارث بن محمد المكفوف لم أجد له ترجمة، فلعله هو الآفة، فإن الحديث بذكر أهل البيت فيه منكر، وقد خالفه الثقة أسود بن عامر إسناد ومتنا، فقال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن سعيد بن عبد الله بن جريج عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره دون جملة حب البيت، وقال بدلها: " وعن جسمه فيما أبلاه ". وزاد في أوله " عن عمره فيما أفناه ". وكذلك روي عن ابن مسعود ومعاذ، وقد خرجت أحاديثهم في " الصحيحة " (946) . 1923 - " إذا رأيتم الرجل قد أعطي زهدا في الدنيا وقلة منطق، فاقتربوا منه، فإنه يلقى الحكمة ". ضعيف. رواه البخاري في " التاريخ " (الكنى 27 - 28) وابن ماجه (رقم 4101) والطبراني (84 / 1 - المنتقى منه) وابن عساكر (5 / 121 و15 / 187 / 1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (121 / 2) عن هشام بن عمار: حدثنا الحكم بن الحديث: 1923 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 هشام حدثنا يحيى بن سعيد بن أبان القرشي عن أبي فروة عن أبي خلاد وكانت له صحبة، قال: فذكره مرفوعا. ورواه أبو عبد الله بن منده في " معرفة الصحابة " (37 / 195 / 2) عن كثير بن هشام: حدثنا الحكم بن هشام به ، وقال: " رواه هشام بن عمار عن الحكم بن هشام نحوه ". قلت: ورواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 405) عن عبد الله بن عبد الوهاب عن أبي مسهر عن الحكم بن هشام به. ورواه ابن عساكر (15 / 97 / 1) من طريق آخر عن الحكم بن هشام به. قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع، فإن أبا فروة هذا اسمه يزيد بن سنان بن يزيد الرهاوي قال الحافظ: " ضعيف من كبار السابعة ". يعني أنه لم يسمع من أحد من الصحابة، بل هو من أتباع التابعين. ثم رأيت ابن أبي حاتم قد أورد الحديث في " العلل " (2 / 115) كما أوردته، ثم قال: " قال أبي: حدثنا بهذا الحديث ابن الطباع عن يحيى بن سعيد الأموي عن أبي فروة يزيد بن سنان عن أبي مريم عن أبي خلاد ". فأدخل بينهما أبا مريم، ولم أعرفه، وهو رواية للبخاري ، وصحح الأول، وقال ابن أبي حاتم: " قلت لأبي: يصح لأبي خلاد صحبة؟ فقال : ليس له إسناد ". قلت: وأبو خلاد هذا هو غير السائب بن خلاد، وعبد الرحمن بن زهير، هذا لا يسمى. وله ترجمة في " الإصابة ". وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 317) : حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن طاهر ابن حرملة حدثنا جدي حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب حدثنا سفيان بن عيينة: حدثني رجل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 قصير من أهل مصر يقال له عمرو بن الحارث عن ابن حجيرة عنه. وقال: " غريب بهذا الإسناد من هذا الوجه عن ابن وهب ". قلت: وهو إسناد مركب باطل، افتعله أحمد بن طاهر فإنه كذاب كما قال الدارقطني وتبعه الهيثمي (10 / 302) وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن جعفر مرفوعا مختصرا بلفظ: " إذا رأيتم من يزهد في الدنيا فادنوا منه فإنه يلقى الحكمة ". ولكنه واه جدا، قال أبو يعلى في " مسنده " (4 / 1607) : حدثنا إسماعيل بن سيف البصري: حدثنا عمر بن هارون البلخي عن سفيان عن عبد الله بن عبد الله بن جعفر عن أبيه. قال الهيثمي (10 / 286) : " رواه أبو يعلى، وفيه عمر بن هارون البلخي وهو متروك ". قلت: وعبد الله بن عبد الله بن جعفر لم أعرفه، ولعل في النسخة تحريفا. وإسماعيل بن سيف، وهو ضعيف يسرق الحديث ، وسيأتي له حديث آخر (2523) . 1924 - " خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا: من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله الله به عليه، كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه، فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ". ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد " (180 - رواية نعيم) وعنه الترمذي (2 / 83) وكذا البغوي في " شرح السنة " (14 / 293 / 4102) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (304) عن ابن ثوبان كلاهما عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. الحديث: 1924 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 وقال البغوي: " هكذا رواه الخلال وسويد بن نصر عن ابن المبارك عن المثنى بن الصباح عن عمرو ابن شعيب عن جده - ولم يذكرا: " عن أبيه " -، ورواه علي بن إسحاق عن المبارك عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه ". قلت: يشير البغوي إلى إعلال الحديث بالانقطاع والاضطراب. لكن رواية ابن السني ترجح الاتصال، لأنها توافق رواية من ذكر عن ابن المبارك زيادة: " عن أبيه "، ومن المحتمل أن يكون الاضطراب من المثنى نفسه، فإنه ضعيف اختلط في آخره كما في " التقريب ". ومنه تعلم أن قول الترمذي عقبه: " حديث حسن غريب ". فهو غير حسن، على أن قوله: ".. حسن "، لم يثبت في بعض النسخ، وهو الصواب، ولذلك كله جزم المناوي بضعف إسناده. 1925 - " من رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل، وانتظار الفرج من الله عبادة ". ضعيف جدا. رواه أبو بكر الأزدي في " حديثه " (4 - 5) عن عبد الله بن شبيب: أخبرنا إسحاق الفروي قال: أخبرنا سعيد بن مسلم بن بانك أنه سمع علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن شبيب، قال الذهبي: " واه، قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث ... ". وقال في " الضعفاء ": " مجمع على ضعفه ". وإسحاق الفروي هو ابن محمد من شيوخ البخاري، لكنه ضعيف من قبل حفظه، وبه أعله المناوي. الحديث: 1925 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 قلت: لكني وجدت له طريقا أخرى، فقال أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (23 / 1) : أخبرنا الملاحمي (محمد بن أحمد بن موسى البخاري) قال: حدثنا أبو إسحاق محمود بن إسحاق المطوعي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الآملي قال: حدثنا الربيع بن روح قال: حدثنا سلم بن سالم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته سلم بن سالم وهو البلخي الزاهد، ضعفه أحمد والنسائي، وأشار الأصم إلى تكذيبه. وفقرة الانتظار لها طرق أخرى سبق تخريجها برقم (1573) وبعدها هذا الحديث من الطريق الأولى من مصدرين آخرين. 1926 - " يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأنبياء بأربعين خريفا ". باطل بهذا اللفظ. أخرجه أحمد (3 / 324) من طريق عمرو بن جابر أبي زرعة الحضرمي قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عمرو هذا قال الذهبي : " هالك، قال أحمد: روى عن جابر مناكير، وبلغني أنه كان يكذب، وقال النسائي: ليس بثقة ". قلت: ومن مناكيره هذا اللفظ: " الأنبياء ". فإن المعروف إنما هو بلفظ: " الأغنياء ". وهكذا وقع في " سنن الترمذي " (2 / 57) من هذا الوجه، فلا أدري أهو تحريف من بعض النساخ لما رآه باللفظ الأول واستنكره عدل به إلى اللفظ الآخر، أوأن الرواية وقعت للترمذي هكذا؟ ومما يرجح هذا أنه قال عقبة: " هذا حديث حسن ". فلوكان عنده باللفظ الأول، لما حسنه، بل لاستنكره. والله أعلم. وقد روي باللفظ الآخر من حديث أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: " يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ". الحديث: 1926 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 أخرجه ابن عدي في " الكامل " (80 / 2) من طريق ابن الخوار: حدثنا مغيرة بن زياد حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء قال: سمعتها تروي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، فذكره. أورده في ترجمة ابن الخوار هذا واسمه حميد بن حماد، وقال: " يحدث عن الثقات بالمناكير، وهو قليل الحديث، وبعض أحاديثه على قلته لا يتابع عليه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " لين الحديث ". والمغيرة بن زياد صدوق له أوهام. والمحفوظ أن هذه المدة: " أربعين خريفا " إنما قالها صلى الله عليه وسلم في فقراء المهاجرين، وأما فقراء المسلمين - عامة - فيدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة. انظر " المشكاة " (5243 - 5258) . 1927 - " من جاع واحتاج فكتمه الناس حتى يفضى به إلى الله عز وجل، فتح الله له رزق سنة من حلال ". منكر. رواه تمام (29 / 1) عن إسماعيل بن رجاء: حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير إسماعيل بن رجاء ضعفه الدارقطني، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " والعقيلي في " الضعفاء " والطبراني في " الأوسط " وسليم الرازي في " فوائده " والبيهقي في " شعب الإيمان "، عن أبي هريرة. وقال ابن حبان (1 / 130) : " هذا حديث باطل، لم يحدث به الأعمش، ولا رواه سعيد ولا حدث به أبو هريرة رضي الله عنه، ولا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، آفته إسماعيل بن رجاء الحصني ". الحديث: 1927 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 وتبعه ابن الجوزي، فأقره في " الموضوعات " (2 / 152) وتعقبه السيوطي في " اللآلئ " (2 / 72) بقول البيهقي: " ضعيف، تفرد به إسماعيل وهو ضعيف ". ورواه الخطيب في " المتفق والمفترق "، وقال: " غريب، لم نكتبه إلا من رواية إسماعيل بن رجاء عن موسى " . نقلته من " اللسان "، و" الجامع الكبير " (2 / 239 / 2) وذكر الأول في ترجمة إسماعيل أن العقيلي ذكره في " الضعفاء "، وأورد له من المناكير هذا الحديث. ولم أجد هذه الترجمة في نسخة " الضعفاء " المحفوظة في المكتبة الظاهرية، فلعلها سقطت من الناسخ، ويحتمل أنه استدركها بعد في قصاصة ورق، ثم سقطت القصاصة عند التجليد أوغيره. ولم ترد أيضا في النسخة المطبوعة بتحقيق القلعجي، ولم يذكر الحديث في الفهرست، على ما فيه من أخطاء وخلط ونقص! ثم ذكر السيوطي للحديث شاهدا قاصرا، وسنده ضعيف أيضا، كما سيأتي برقم (4452) . والله أعلم. 1928 - " أثيبوا أخاكم، قالوا: وما إثابته؟ قال: تدعون الله له، فإن في الدعاء إثابة له ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 84) عن خلاد بن يحيى: حدثنا يوسف بن ميمون الصباغ عن عطاء عن ابن عمر قال: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام هو وأصحابه، فلما طعموا قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يوسف بن ميمون الصباغ، قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وفي " الميزان " أن البخاري قال فيه: " منكر الحديث جدا ". وله شاهد من حديث جابر مرفوعا. لكن في إسناده مدلس ورجل لم يسم. انظر تعليقنا على الحديث (193) من " الكلم الطيب ". الحديث: 1928 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 1929 - " من كانت له سريرة صالحة أوسيئة، نشر الله منها رداء يعرف به ". ضعيف جدا. رواه ابن عدي (100 / 2) والقضاعي (43 / 2) والضياء في " المنتقى من مسموعات من مرو" (62 / 1) عن صالح بن مالك الأزدي حدثنا حفص بن سليمان حدثنا علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: سمعت عثمان بن عفان يقول على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا. وقال ابن عدي: " لا يرويه عن علقمة غير حفص، وعامة حديثه غير محفوظ ". قلت: وقال الحافظ في " التقريب ". " متروك الحديث مع إمامته في القراءة ". وصالح بن مالك أورده ابن أبي حاتم (2 / 1 / 416) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا لكن رواه القضاعي من طريق محمد بن بكار قال: أخبرنا حفص بن سليمان عن علقمة ابن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي به. الحديث: 1929 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 1930 - " شيبتني هو د وأخواتها، وما فعل بالأمم قبلي ". ضعيف. رواه ابن سعد (1 / 435) : أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن علي بن أبي علي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أنا أكبر منك مولدا وأنت خير مني وأفضل! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله، فيه علي بن أبي علي وهو القرشي. قال ابن عدي: " مجهول، منكر الحديث ". والحديث صحيح دون قوله: " وما فعل ... " وقد خرج في " الصحيحة " (955) . الحديث: 1930 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 1931 - " أجل، شيبتني (هو د) وأخواتها. قال أبو بكر: بأبي وأمي وما أخواتها؟ قال: (الواقعة) و (القارعة) و (سأل سائل) و (إذا الشمس كورت) (و (الحاقة)) ". ضعيف. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 435) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 58) من طريق أبي صخر أن يزيد الرقاشي حدثه قال: سمعت أنس بن مالك يقول: " بينما أبو بكر وعمر جالسان في نحر المنبر، إذ طلع عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض بيوت نسائه، يمسح لحيته، ويرفعها فينظر إليها، قال أنس، وكانت لحيته أكثر شيبا من رأسه، فلما وقف عليهما سلم، قال أنس: وكان أبو بكر رجلا رقيقا، وكان عمر رجلا شديدا، فقال أبو بكر، بأبي وأمي لقد أسرع فيك الشيب، فرفع لحيته بيده، فنظر إليها، وترقرقت عينا أبي بكر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره. قال أبو صخر: فأخبرت هذا الحديث ابن قسيط، فقال: يا أحمد! ما زلت أسمع هذا الحديث من أشياخي فلم تركت: الحاقة وما الحاقة؟ ". قلت: وهذا سند ضعيف، لأن يزيد هذا، هو ابن أبان ضعيف كما في " التقريب ". وقد روي عنه بلفظ: " شيبتني (هو د) وأخواتها: (الحاقة) و (الواقعة) و (عم يتساءلون) و (هل أتاك حديث الغاشية) ". أخرجه الواحدي في " تفسيره " (2 / 35 / 2) عن محمد بن يونس: حدثنا حاتم بن سالم القزاز حدثنا عمرو بن أبي عمرو العبدي حدثنا يزيد بن أبان عن أنس بن مالك عن أبي بكر الصديق قال: " قلت يا رسول الله! عجل إليك الشيب، قال ... ": فذكره. قلت: وهذا إسناد هالك، محمد بن يونس الكديمي وضاع. وحاتم بن سالم القزاز لين أيضا. الحديث: 1931 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 وعمرو بن أبي عمرو العبدي لم أعرفه، ويحتمل أن يكون عمرو بن شمر، وهو متروك. راجع " الميزان ". نعم، قد صح الحديث من رواية ابن عباس مرفوعا دون ذكر (القارعة) و (سأل سائل) و (الحاقة) . وذكر مكانها: (هو د) و (المرسلات) و (عم يتساءلون) . وقد خرج في المصدر السابق. 1932 - " ذكر الأنبياء من العبادة، وذكر الصالحين كفارة الذنوب، وذكر الموت صدقة، وذكر النار من الجهاد، وذكر القبر يقربكم من الجنة، وذكر النار يباعدكم من النار، وأفضل العبادة ترك الجهل، ورأس مال العالم ترك الكبر، وثمن الجنة ترك الحسد، والندامة من الذنوب التوبة الصادقة ". موضوع. رواه الديلمي (2 / 82 / 1) من طريق أبي علي بن الأشعث: حدثنا شريح ابن عبد الكريم حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسيني أبو الفضل في " كتاب العروس ": حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا محمد بن راشد عن مكحول عن معاذ بن جبل مرفوعا. وابن الأشعث كذبوه. كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 194 - 195) . قلت: ومع ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي هذه عن معاذ! ومن غرائبه أنه أورد منه طرفه الأول الحاوي على الجمل الخمسة دون الرابعة منها، فأوهم أنه ليس عند الديلمي بهذا التمام! ثم إن ابن الأشعث اسمه محمد بن محمد بن الأشعث، قال الدارقطني: " آية من آيات الله، وضع ذاك الكتاب - يعني العلويات - ". وساق له ابن عدي جملة موضوعات. وأعله المناوي بعلتين أخريين لا وزن لهما هنا، ثم اقتصر في " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! الحديث: 1932 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 1933 - " الدنيا دار من لا دار له، (ومال من لا مال له) ، ولها يجمع من لا عقل له ". ضعيف. رواه أحمد في " المسند " (6 / 71) من طريق دويد عن أبي إسحاق عن عروة (وفي الأصل: زرعة) عن عائشة مرفوعا. وقال ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 1 / 2) : " هذا حديث منكر ". قلت: وأبو إسحاق الظاهر أنه السبيعي، وهو مدلس مختلط. ودويد، وهو ابن نافع. قال الحافظ: " مقبول " . كذا قال، وفيه نظر، فقد روى عنه جمع، منهم الليث بن سعد، ووثقه الذهلي وغيره، وقال ابن حبان: " مستقيم الحديث ". وكذا قال الذهبي: وقد تابعه أبو سليمان النصيبي عند ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 29 / 2) ، فالعلة السبيعي. ولذلك فإنه لم يصب من جود إسناده كالمنذري في " الترغيب " (4 / 104 ) والعراقي في " التخريج " (3 / 202) وتبعهم المناوي والزرقاني، وقلدهم الغماري كعادته في " كنزه " (1799) وكأنهم لم يقفوا على شهادة إمام السنة بنكارته، كما تقدم. وقد أحسن صنعا الحافظ السخاوي في " المقاصد " في اقتصاره على قوله (217 / 494) : " ورجاله ثقات "، وسبقه إلى ذلك الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10 / 288) ، فلم يصححاه، خلافا لفهم الزرقاني في " مختصر المقاصد " (108 / 464) : " صحيح "! ومثل هذا الفهم الكلمة: " رجاله ثقات " خطأ شائع مع الأسف كما نبهنا عليه في غير ما موضع. الحديث: 1933 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 هذا، والحديث رواه أحمد في " الزهد " (ص 161) عن مالك بن مغول قال: قال عبد الله: فذكره موقوفا على عبد الله، وهو ابن مسعود. ورجاله ثقات أيضا، ولكنه منقطع، مالك هذا تابع تابعي، روى عن السبيعي ونحوه. والحديث عزاه السيوطي لأحمد والبيهقي في " الشعب " عن عائشة. والبيهقي فيه عن ابن مسعود موقوفا. فمن أخطاء المناوي قوله عقبه في " التيسير ": " بأسانيد صحيحة "! 1934 - " من كان موسرا لأن ينكح، فلم ينكح، فليس مني ". ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 1 / 2) والطبراني في " الأوسط " (1 / 162 / 1) والبيهقي في " السنن " (7 / 78) وفي " شعب الإيمان " (2 / 134 / 2) والواحدي في " الوسيط " (3 / 114 / 2) عن ابن جريج عن عمير بن مغلس عن أبي نجيح مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف وفيه علل : الأولى: الإرسال فإن أبا نجيح هذا تابعي ثقة واسمه يسار. الثانية: ضعف عمير بن مغلس أورده العقيلي في " الضعفاء " (ص 317) وقال: " روى عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ". ثم ساق له حديثا يأتي بلفظ: " لا ينقطع دولة ولد فلان ... ". وقال الذهبي فيه: " شامي لا يعرف "، فقول الهيثمي (4 / 251 - 252) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وإسناده مرسل حسن كما قال ابن معين ". فهو غير حسن، كيف وفيه علة أخرى وهي عنعنة ابن جريج؟ لكنه قد صرح الحديث: 1934 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 بالتحديث عند البيهقي، فانتفت شبهة تدليسه. وانحصرت العلة فيما تقدم، وبالأولى أعله البيهقي فقال: " هذا مرسل ". 1935 - " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء ". ضعيف. روي من حديث أسامة الهذلي والد أبي المليح وشداد بن أوس وعبد الله بن عباس: 1 - أما حديث أسامة الهذلي، فيرويه عباد بن العوام عن الحجاج عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أخرجه أحمد (5 / 75) . وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه، وقد اختلف عليه في إسناده فرواه عباد هكذا، وتابعه حفص بن غياث عن الحجاج به. أخرجه البيهقي (8 / 325) من طريق إبراهيم بن الحجاج عن حفص به. وقال البيهقي: " الحجاج بن أرطاة لا يحتج به ". وخالفهما محمد بن فضيل فرواه على وجه آخر، لكن خولف إبراهيم فيه عن حفص، وهو الآتي: 2 - وأما حديث شداد فيرويه ابن فضيل عن الحجاج بن أرطاة عن أبي المليح عنه به. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (7112) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7 / 263 / 2) وتابعه حفص بن غياث برواية عارم أبي النعمان: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج به. رواه الطبراني (7113) . الحديث: 1935 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 وخالفهم جميعا عبد الواحد بن زياد، فقال: حدثنا الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب مرفوعا به. أخرجه البيهقي وقال: " وهو منقطع ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 247) بعد أن ذكره من طريق حفص وعبد الواحد: " قال أبي: الذي أتوهم أن حديث مكحول خطأ، وقد رواه النعمان بن المنذر عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الختان سنة ... ". قلت: يعني أن الصواب مرسل. وبالجملة فالحديث من طريق الحجاج ضعيف لعنعنته واضطرابه في إسناده، لكن قد يقويه مرسل مكحول، فإن النعمان بن المنذر صدوق. 3 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه الوليد بن الوليد: أخبرنا ابن ثوبان عن محمد بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 128 / 1) أو (11590) والبيهقي (8 / 324 - 325) وقال: " هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوف ". قلت: رجاله موثقون، غير الوليد بن الوليد، وهو العنسي القلانسي الدمشقي، قال ابن أبي حاتم: (4 / 2 / 19) : " سألت أبي عنه؟ فقال: هو صدوق، ما بحديثه بأس، حديثه صحيح ". وقال الذهبي في " الميزان ": " قال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطني وغيره: متروك ". وقال الحافظ في " اللسان ": الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 " قلت: هو الوليد بن موسى، وموسى أظنه جده، فهو رجل واحد جعلهما الذهبي اثنين ". قلت: وقال الذهبي في ابن موسى: " قال الدارقطني: منكر الحديث. وقواه أبو حاتم. وقال غيره: متروك. ووهاه العقيلي وابن حبان. له حديث موضوع ". قال الحافظ عقب كلام أبي حاتم المتقدم: " وقال الحاكم: روى عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان أحاديث موضوعة. وبين الكلامين تباين عظيم ". قلت: ولم يترجح عندي الأقرب إلى الصواب منهما، ولذلك فلم يستقر الرأي على الاستشهاد بحديثه، ولاسيما أنه روي موقوفا، فأخرجه الطبراني في " الكبير " (12009) من طريق خلف بن عبد الحميد: أخبرنا عبد الغفور عن أبي هاشم الرماني عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: فذكره موقوفا عليه. ولكنه إسناد واه جدا، عبد الغفور هذا هو أبو الصباح الأنصاري، قال ابن حبان: " كان ممن يضع الحديث ". وقال البخاري: " تركوه ". وخلف بن عبد الحميد. لم أعرفه ، وليس هو خلف بن عبد الحميد السرخسي الذي في " الميزان "، فإن السرخسي أعلى طبقة منه. وله طريق أخرى موقوفا أيضا خير من هذه، أخرجه الطبراني أيضا (12828) والبيهقي (8 / 325) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس به. ورجاله ثقات غير سعيد بن بشير، وهو ضعيف كما في " التقريب ". وجملة القول: أن الحديث ضعيف مرفوعا وموقوفا، والموقوف أصح، وهو معنى قول البيهقي المتقدم: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 " والمحفوظ موقوف ". (تنبيه) نقل صاحبنا الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي - بارك الله في جهو ده في خدمته لكتب السنة - عن الحافظ ابن الملقن في " البدر المنير " حول هذا الحديث وطرقه منها، حديث ابن عباس هذا الثالث المرفوع من طريق الوليد بن الوليد، عزاه للطبراني والبيهقي، لكن وقع فيما نقله عنه: الوليد بن مسلم. فلا أدري أهكذا رآه صاحبنا في " البدر "، أم هو أخطأ عليه؟ فليس لابن مسلم ذكر في هذا الحديث، ومن العجيب أنه عزاه إلى نسخة الطبراني المخطوطة المحفوظة في المكتبة الظاهرية بمجلدتها وورقتها ووجهها كما تقدم مني، ولم يعزه إلى المطبوعة التي حققها هو! وكذلك ذكر المجلد والصفحة المتقدمة لسنن البيهقي، ومع ذلك وقع هذا الخطأ منه. والمعصوم من عصمه الله تعالى. ومما سبق تعلم أن ما في " المرقاة " (4 / 456) : " رواه أحمد بسند حسن " غير حسن. 1936 - " سيأتي على الناس زمان لا يبقي من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، يقسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة، خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة، وإليهم تعود ". ضعيف جدا. أخرجه الديلمي في " مسنده " (107 / 1) من طريق الحاكم بسنده عن خالد بن يزيد الأنصاري عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت : خالد هذا الظاهر أنه العمري المكي، فإنه يروي عن ابن أبي ذئب، كذبه أبو حاتم ويحيى، وقال ابن حبان (1 / 258) : " يروي الموضوعات عن الأثبات ". ثم رواه الديلمي من طريق إسماعيل بن أبي زياد عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ نحوه. الحديث: 1936 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 قلت: وهذا - كالذي قبله - موضوع، آفته إسماعيل هذا، وهو السكوني القاضي، قال ابن حبان (1 / 129) : " شيخ دجال، لا يحل ذكره في الحديث إلا على سبيل القدح فيه ". وقد وجدت له طريقا ثالثا، فقال ابن أبي الدنيا في كتاب " العقوبات ": أخبرنا سعيد بن زنبور قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن عبد الله بن دكين عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه، عبد الله بن دكين مختلف فيه ، وفي ترجمته ساق الحديث الذهبي مشيرا إلى نكارته. وهذا هو الوجه عندي إن كان قد صح رواية يزيد له عنه، فإن سعيد بن زنبور لم أجد من ترجمه. وقد خالفه محمد بن مسلمة فقال: حدثنا يزيد بن هارون به لكنه أوقفه على علي رضي الله عنه . أخرجه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " (19 - 20 مخطوط حلب) : حدثنا يزيد بن هارون.. ومحمد بن مسلمة هو الواسطي صاحب يزيد بن هارون، مختلف فيه، والأكثرون على تضعيفه، بل قال أبو محمد الخلال. " ضعيف جدا ". وقال الذهبي : " أتي بخبر باطل اتهم به ". لكن الدينوري نفسه متهم، فراجع ترجمته في " الميزان ". وجملة القول أن هذا الحديث بهذه الطرق الثلاث، يظل على وهائه لشدة ضعفها، وإن كان معناه يكاد المسلم أن يلمسه، بعضه أوجله في واقع العالم الإسلامي، والله المستعان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 1937 - " من أعان ظالما سلطه الله عليه ". موضوع. رواه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (141 - 142) : حدثنا أبو سعيد (هو الحسن بن علي العدوي) : أخبرنا سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي أبو عثمان: أخبرنا حماد ابن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعا. قلت : وهذا إسناد موضوع، رجاله كلهم ثقات غير العدوي هذا وهو كذاب، فهو آفته، قال ابن عدي: " يضع الحديث، وعامة ما حدث به - إلا القليل - موضوعات، وكنا نتهمه بل نتيقن أنه هو الذي وضعها ". والحديث سود به السيوطي " جامعه الصغير "! وقد عزاه لابن عساكر وحده، وقد تعقبه المناوي بأن فيه العدوي المذكور، قال: " قال السخاوي: هو متهم بالوضع فهو آفته ". وقصر الحافظ ابن كثير فأورده في " التفسير " (2 / 176) من طريق سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي.. إلخ، وكان الأولى به، بل الواجب عليه أن يقول: من طريق الحسن بن علي العدوي .. إلخ، حتى يتبين للباحث حقيقة إسناده، وأن لا يحذف منه ما يدل على وضعه، ولا يشفع له ما صنع قوله عقب الحديث: " وهذا حديث غريب ". فإنه لا يكشف به عن وضعه لدى عامة القراء، بل وبعض الخاصة أيضا، ولذلك اغتر به مختصره الصابوني فأورد كلام ابن كثير هذا في حاشية كتابه (1 / 619) ولم يزد! ولا حقق في سنده، وأنى له ذلك! وكل أحاديث مختصره هكذا: ينقل كلام ابن كثير من " تفسيره " فيجعله هو في حاشية " مختصره " موهما القراء أنه من تخريجه! فالله المستعان. الحديث: 1937 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 1938 - " أكثر القبائل في الجنة مذحج ". ضعيف. رواه ابن وهب في " الجامع " (ص 1) عن عتبة بن أبي حكيم الهمداني عن ابن شهاب رفعه. وهذا سند مرسل ضعيف، فإن عتبة هذا ضعيف، وابن شهاب تابعي صغير، أكثر روايته عن كبار التابعين كابن المسيب وغيره، ويروي أحيانا عن صغار الصحابة كأنس ونحوه، فهو مرسل أومعضل. الحديث: 1938 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 1939 - " لا تلعنوا تبعا فإنه قد كان أسلم ". ضعيف. رواه ابن وهب في " الجامع " (ص 1) : حدثني ابن لهيعة أن عمرو بن جابر الحضرمي حدثه أنه سمع سهل بن سعد الساعدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الحضرمي فإنه شيعي ضعيف . وقد أخرجه أحمد في " مسنده " (5 / 340) من طريق أخرى عن ابن لهيعة به، ولفظه: " لا تسبوا ... ". قلت: وهو بهذا اللفظ ثابت، لأن له شواهد، ذكرته من أجلها في " الصحيحة " برقم (2427) . الحديث: 1939 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 1940 - " من تبرأ من ولده أتا يوم القيامة معقودا بين طرفيه ". ضعيف. رواه ابن وهب في " الجامع " (2) بسند صحيح عن ابن شهاب مرفوعا . قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله أوإعضاله. وهو مما خلت منه " الجوامع ": " الجامع الكبير "، و" الجامع الصغير "، و" الزيادة عليه "، والجامع الأزهر "! وكذلك الأحاديث الثلاثة التالية. الحديث: 1940 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 1941 - " من العباد عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يطهرهم ولا ينظر إليهم: المتبرىء من والديه رغبة عنهما، والمتبرىء من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم ". ضعيف. رواه ابن وهب في " الجامع " (2 - 3) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زبان بن فائد قال الحافظ: " ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته ". والحديث من الأحاديث التي خلت منها " الجوامع " كما تقدم التنبيه عليه آنفا. الحديث: 1941 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 1942 - " كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام ". ضعيف. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 5) وابن سعد في " الطبقات " (1 / 51) عن ابن لهيعة عن ابن أنعم عن أخي بكر بن سوادة أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، فابن رباح تابعي ثقة. وأخوبكر بن سوادة لم أعرفه. وابن أنعم ضعيف، واسمه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي. الحديث: 1942 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 1943 - " إن مثل الأشعريين في الناس كصرار المسك ". ضعيف. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 4) : وأخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك قال: سمعت علي بن رباح يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم، فإنما علته الإرسال. الحديث: 1943 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 1944 - " احفظوني في العباس، فإنه بقية آبائي، وإن عم الرجل صنوأبيه ". ضعيف. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 68) عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث قال: حدثني عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يزيد بن أبي زياد هو الهاشمي مولى عبد الله بن الحارث قال الحافظ: " ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن ". وأخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 119) من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما مرفوعا به دون قوله: " وإن عم الرجل ... ". وإسناده ضعيف فيه من لا يعرف، ومن ضعف، كما شرحته في " الروض النضير " رقم (289) . وكذلك أخرجه ابن عدي وغيره من حديث علي رضي الله عنه ، وإسناده ضعيف جدا، وقد روي باللفظ الآتي: (تنبيه) : قوله: " إن عم الرجل صنوأبيه ". صحيح جاء في حديث لمسلم عن أبي هريرة، مخرج في " الإرواء " (858) . الحديث: 1944 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 1945 - " استوصوا بالعباس خيرا، فإنه عمي وصنوأبي ". ضعيف جدا. رواه ابن وهب في " الجامع " (ص 15) وابن عدي (197 / 2) وعنه ابن عساكر (8 / 463 / 1) وابن السماك في " جزء من حديثه " (67 / 1) وعنه ابن عساكر أيضا، عن حسين بن عبد الله بن ضمرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، الحسين هذا كذبه مالك وأبو حاتم وغيرهما. وقال ابن معين: الحديث: 1945 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 " ليس بثقة ولا مأمون ". وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني (3 / 110 / 1) عن زيد بن الحريش: أخبرنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. ولكنه ضعيف جدا، عبد الله بن خراش قال الحافظ: " ضعيف، وأطلق عليه ابن عمار الكذب ". وزيد بن الحريش قال ابن حبان في " الثقات " (8 / 251) : " ربما أخطأ ". وقال ابن القطان: " مجهول الحال ". 1946 - " رحم الله والدا أعان ولده على بره، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: يقبل إحسانه، ويتجاوز عن إساءته ". ضعيف. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 21) قال: بلغني عن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله وانقطاعه. وقد روي موصولا، أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (147 / 1) عن أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة: حدثنا أبي حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه مرفوعا به، دون قوله: " قالوا ... ". وهذا إسناد واه جدا، ابن صدقة هذا أورده الذهبي، فقال: " عن أبيه عن علي بن موسى الرضا. وتلك نسخة مكذوبة، اتهمه الدارقطني بوضع الحديث، وما علمت للرضا شيئا يصح عنه ". وأبو هـ علي بن مهدي بن صدقة، لم أعرفه، ولم يورده الذهبي ولا العسقلاني في كتابيهما. والحديث دون الزيادة قال العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 193) : الحديث: 1946 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 رواه أبو الشيخ ابن حيان في " كتاب الثواب " من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف، ورواه النوقاني من رواية الشعبي مرسلا ". 1947 - " إن روحي المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم، وما رأى أحدهما صاحبه (قط) ". ضعيف. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 27) وأحمد في " المسند " (2 / 175 و220) والبخاري في " الأدب المفرد " (261) من طريق دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، عيسى بن هلال الصدفي في النفس من حديثه شيء، وقد وثقه ابن حبان، وأشار الذهبي في " الكاشف " إلى تضعيف توثيقه بقوله: " وثق ". وقال الحافظ: " صدوق ". ودراج ضعيف، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير ". وبهذا أعله المناوي، ولكنه أعله بابن لهيعة أيضا، وليس بشيء لأنه متابع عند ابن وهب والبخاري. الحديث: 1947 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 1948 - " لوبغى جبل على جبل، لجعل الله عز وجل الباغي منهما دكا ". ضعيف. رواه ابن لال عن أبي هريرة مرفوعا، كما في " الجامع الكبير " (2 / 142 / 1) وكذا في " الجامع الصغير " أيضا، لكنه ذكره بلفظ: " لوبغى جبل على جبل، لدك الباغي منهما ". فلا أدري أي اللفظين منهما هو لفظ ابن لال عن أبي هريرة! وأما إسناده، فلم أقف عليه، وبيض له المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء، ولكنه تعقب السيوطي بقوله: الحديث: 1948 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 " وظاهره أن المصنف لم يره مخرجا لأشهر منه، ولا أمثل، وهو ذهو ل عجيب، فقد خرجه البخاري في " الأدب المفرد " باللفظ المذكور عن ابن عباس، وكذا البيهقي في " الشعب " وابن حبان وابن المبارك وابن مردويه وغيرهم، فاقتصاره على ابن لال من ضيق العطن ". قلت: وفي هذا التعقب تحامل ظاهر على السيوطي، بل فيه إيهام فاحش، من وجوه: الأول: أنه يوهم أن هؤلاء جميعا أخرجوه مرفوعا، وليس كذلك، فالبخاري مثلا إنما أخرجه موقوفا كما يأتي. الثاني أنه يوهم أنهم أخرجوه كلهم عن ابن عباس، وهو خلاف الواقع، فابن حبان أخرجه في " الضعفاء " (1 / 155) عن أنس، في ترجمة أحمد بن محمد بن الفضل، وقال: " إنه كان يضع الحديث ". وابن مردويه رواه عن ابن عمر كما في " المقاصد الحسنة " (ص 342 / 888) وكذا ابن عدي في " الكامل " (12 / 1) ومنه تبين أن فيه إسماعيل بن يحيى التيمي، وهو كذاب وضاع. وابن المبارك رواه في " الزهد " عن فطر بن خليفة عن أبي يحيى عن مجاهد مرسلا. وكذلك ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 341) ، وقال: " اختلف فيه على أبي يحيى القتات، ورواه الثوري وإسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس. فقال أبي: حديث مجاهد عن ابن عباس قوله أصح ". قلت: وهكذا موقوفا عليه أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (588) : حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا فطر عن أبي يحيى سمعت مجاهدا عن ابن عباس به. وهكذا رواه البيهقي في " الشعب ". وأما ابن مردويه فرواه من طريق فطر به مرفوعا. قلت: وأبو يحيى القتات لين الحديث، فهو ضعيف مرفوعا وموقوفا، لكنه قد توبع على وقفه، فقال ابن وهب في " الجامع " (ص 44) : أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 زحر عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: فذكره. وسليمان هو الأعمش، وابن زحر ضعيف، لكنه قد توبع، فقال علي بن حرب الطائي في " حديثه " (79 / 1) : حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش به. وتابعه الثوري عن الأعمش به. رواه ابن مردويه. وهذا إسناد صحيح. فالصواب في الحديث الوقف. وبالله التوفيق. 1949 - " من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفه ". منكر. رواه أحمد في " المسند " (2 / 71) وعبد بن حميد في " المنتخب من مسنده ". (91 / 2) وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (265 و292) من طرق عن ابن لهيعة: حدثنا أبو طعمة قال: كنت عند ابن عمر إذ جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أقوى على الصيام في السفر؟ فقال: فذكره مرفوعا. وخالفهم قتيبة بن سعيد فقال: عن ابن لهيعة عن رزيق الثقفي عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر مرفوعا. أخرجه أحمد (4 / 158) وابن منده في " المعرفة " (2 / 92 / 2) وكذا الطبراني في " الأوسط " (1 / 104 / 2) وقال: " لا يروى عن عقبة إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن لهيعة ". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، وقد اضطرب في إسناده كما ترى، وكأن الهيثمي لم يتنبه لهذا، فإنه بعد أن ساقه من الوجه الأول (3 / 162) وحسن إسناده، ساقه من هذا الوجه، وقال: " رواه أحمد، والطبراني في " الأوسط "، وفيه رزيق الثقفي، ولم أجد من وثقه ولا جرحه، وبقية رجاله ثقات "! كذا قال، وهو من تساهله المعروف، فابن لهيعة فيه كلام كثير لسوء حفظه، واضطرابه في هذا الحديث يؤيد ذلك، ولذلك قال البخاري في حديثه هذا كما في " الميزان "، الحديث: 1949 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 وأقره: " منكر ". قلت: ومنه يعلم أن قول الحافظ المنذري عن شيخه الحافظ أبي الحسن: أنه قال: " إسناد أحمد حسن ". فليس بحسن، لضعف ابن لهيعة، واضطرابه في إسناده، واستنكار الإمام البخاري إياه، وإن كان العراقي حسنه أيضا كما نقله عنه المناوي، وتبعه في " التيسير ". 1950 - " ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها: البغي والمكر والنكث، ثم قرأ " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " وقال: " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم " وقرأ " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 71) وعنه الخطيب (8 / 450) عن النضر بن هشام: حدثنا مروان بن صبيح حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مروان بن صبيح قال الذهبي في " الميزان ": " لا أعرفه، وله خبر منكر ". ثم ساق له هذا من طريق أبي نعيم ، وقال عقبه: " النضر، قال ابن أبي حاتم: أصبهاني صدوق ". ووقع في " اللسان ": " النضر، قال ابن أبي حاتم: مروان الأصبهاني صدوق ". وهذا خطأ مطبعي، والصواب ما في " الميزان " كما يشهد له ما في " الجرح والتعديل " (4 / 1 / 481) ولم يورد مروان هذا أصلا. والحديث رواه أبو الشيخ أيضا وابن مردويه معا في " التفسير " من هذا الوجه كما في " الجامع الصغير "، وقال في " التيسير ": " إسناده ضعيف ". الحديث: 1950 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 1951 - " ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من اعتقد لواء في غير حق، أوعق والديه، أومشى مع ظالم لينصره فقد أجرم، يقول الله سبحانه: " إنا من المجرمين منتقمون " ". ضعيف. رواه الثعلبي (3 / 89 / 1) والواحدي في " الوسيط " (3 / 203 / 2) عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير عبد العزيز بن عبيد الله، وهو ابن حمزة ابن صهيب، قال الذهبي: " واه، ضعفه أبو حاتم وابن معين وابن المديني، وما روى عنه سوى إسماعيل بن عياش ". ومن طريقه رواه ابن منيع " في المعجم "، وابن جرير، وابن أبي حاتم كما في " الجامع الكبير ". والطبراني في " الكبير " (20 / 61 / 112) وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (7 / 90) وأقره المناوي في " الفيض "، ومن ثم جزم بضعف إسناده في " التيسير ". الحديث: 1951 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 1952 - " ثلاث من كن فيه وقي شح نفسه: من أدى الزكاة وقرى الضيف وأعطى في النائبة ". ضعيف. رواه الطبراني (1 / 205 / 2) عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن مجمع بن يحيى عن عمه خالد بن زيد بن جارية مرفوعا. قال الهيثمي (3 / 68) : " وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعيف ". قلت: وله طريق أخرى أخرجه في " الصغير " (ص 25) عن زكريا بن يحيى الوقار: حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر مرفوعا. وقال: الحديث: 1952 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 " لم يروه عن الأوزاعي ، إلا بشر، تفرد به زكريا ". قلت: وهو ضعيف أيضا كما قال الهيثمي، بل هو هالك فقد كذبه غير واحد. لكن تابعه عمر بن علي المقدمي عن مجمع بن يحيى بن جارية به بلفظ: " برىء من الشح من أدى ... " الحديث. والمقدمي هذا ثقة، ولكنه كان يدلس شديدا كما قال الحافظ، لكنه توبع كما يأتي. والحديث أورده السيوطي باللفظ الثاني من رواية هناد وأبي يعلى والطبراني عن خالد ابن زيد بن جارية. وعزاه الحافظ في " الإصابة " للأخيرين فقط من طريق مجمع بن يحيى به، وقال: " إسناده حسن، لكن ذكره (يعني خالد بن زيد) البخاري وابن حبان في التابعين ". قلت: فهذه علة أخرى في الحديث، ألا وهي الإرسال. وأما تحسين الحافظ لإسناده، فلعله عند أبي يعلى من غير الطريقين المتقدمين عن مجمع، وذلك ما أستبعده. والله أعلم. ثم صدق ظني حين رأيت ابن حبان قد أخرج الحديث في " الثقات " (4 / 202) من طريق أبي يعلى - وهو شيخه - بسنده عن ابن المبارك عن مجمع بن يحيى به لم يجاوز خالدا. وهكذا رواه هناد في " الزهد " ( 2 / 514 / 1060) من طريق أخرى عن مجمع به. وقال ابن حبان: " مرسل ". 1953 - " إن الله عند لسان كل قائل، فاتقى الله امرؤ وعلم ما يقول ". ضعيف. رواه القضاعي (93 / 1) عن عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عمر بن ذر عن أبيه مرفوعا. وهو في " الزهد " لابن المبارك " (171 / 1 - 2 من الكواكب 575، برقم 367 - ط) الحديث: 1953 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 ورواه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 352، 9 / 44) والخطيب في " تاريخه " (9 / 329) من طرق عن عمر بن ذر به. وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه معضل، فإن ذرا لم يسمع من أحد من الصحابة. وقد روي موصولا، أخرجه أبو نعيم (8 / 160) من طريق وهيب بن الورد المكي عن محمد بن زهير عن ابن عمر مرفوعا به. وقال: " غريب لم نكتبه متصلا مرفوعا إلا من حديث وهيب ". قلت: ومحمد بن زهير هذا مجهول كما قال الذهبي. ورواه ابن وهب في " الجامع " (54) : حدثني مسلمة (يعني ابن علي) عن العدوي عن رجل عن أبيه عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا به. وهذا إسناد هالك، مسلمة وهو الخشني متهم، ومن فوقه مجاهيل. 1954 - " ما كرهت أن تواجه به أخاك فهو غيبة ". ضعيف. رواه ابن عساكر (14 / 339 / 2) عن أحمد بن صالح بن أرسلان الفيومي - بمكة -: حدثنا أبو الفيض ذوالنون بن إبراهيم المصري: حدثني يونس - يعني ابن زيد - حدثني الزهري عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أحمد بن صالح هذا أظنه المكي، السواق ضعفه الدارقطني وغيره. لكن وقع في الرواة عن ذي النون المصري من " اللسان ": أحمد بن صبيح الفيومي. وقع ذلك في موضعين منه، فلا أدري هل الصواب هذا، أم ما في " التاريخ ". وابن صبيح لم أجد له ترجمة. وذوالنون قال الدارقطني: " روى عن مالك أحاديث فيها نظر ". وقد خولف في إسناد هذا الحديث، فقال ابن وهب في " الجامع " (ص 54) : الحديث: 1954 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 " وحدثني من سمع عقيل بن خالد يحدث عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره ". قلت: فأرسله. ولعله الصواب. وقد رواه ابن وهب من طريق أخرى، بلفظ آخر، يأتي بعد حديث، وهو أصح. والحديث أورده السيوطي من رواية ابن عساكر، وبيض له المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء في كل من كتابيه، فالظاهر أنه لم يقف على إسناده. 1955 - " ما كان ولا يكون إلى يوم القيامة مؤمن، إلا وله جار يؤذيه ". موضوع. رواه ابن شاهين في " الترغيب " (298 / 1) : حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني حدثنا داود بن سليمان القزويني حدثنا علي بن موسى الرضا حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين ابن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رفعه. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته داود بن سليمان القزويني، وهو الجرجاني الغازي، قال الذهبي: " كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال، فهو شيخ كذاب، له نسخة موضوعة عن الرضا، رواه علي بن محمد بن جهرويه القزويني الصدوق عنه ... " ثم ذكر له بهذا الإسناد حديثين غير هذا. ولقد أبعد المناوي النجعة، فأعله بالرضا، فقال: " وفيه علي بن موسى الرضا. قال ابن طاهر: يأتي عن آبائه بعجائب. وقال الذهبي: الشأن في صحة الإسناد إليه "! قلت: فلم يصنع المناوي شيئا، وإنما العلة من الراوي عن الرضا كما عرفت. والحديث في " الجامع " من رواية الديلمي فقط! وهو أخرجه (3 / 29 / 1) من طريق ابن شاهين. الحديث: 1955 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 1956 - " خير ما أعطي الإنسان الخلق الحسن، وإن شر ما أعطي الإنسان الخلق السيء في الصورة الحسنة، وما كرهت أن يعلمه الناس إذا عملته، فلا تعمله ". ضعيف. أخرجه ابن وهب في " الجامع " (ص 65) : أخبرني أشهل بن حاتم عن شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق عن رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذي لم يسم، وما استظهره المناوي أنه صحابي، ليس بظاهر، كيف ولوكان كذلك لصرح أبو إسحاق - وهو السبيعي - بذلك، بل إن عدم تصريحه بذلك يدل على أنه لم يعرف كونه صحابيا، وإلا لم يعمه علينا إن شاء الله تعالى. وأشهل بن حاتم صدوق يخطىء كما في " التقريب ". والحديث أورده السيوطي من رواية ابن أبي شيبة دون الشطر الثاني منه. لكن طرفا الحديث قد ثبتا من طرق أخرى، من حديث أسامة بن شريك، والأول إسناده صحيح وصححه ابن حبان والحاكم كما في تخريجي " للمشكاة " (5079) ، والآخر حسن لغيره كما بينته في الكتاب الآخر (1055) . الحديث: 1956 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 1957 - " ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما، وإن البر ليذر على رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه - يعني القرآن ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 150) وأحمد (5 / 268) وابن نصر في " الصلاة " (ق 30 / 2) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (156 / 2) من طريق بكر بن خنيس عن ليث بن أبي سليم عن زيد بن أرطاة عن أبي أمامة مرفوعا. وقال الترمذي: الحديث: 1957 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك، وتركه في آخر عمره. وقد روي هذا الحديث عن زيد بن أرطاة عن جبير بن نفير عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: ثم ساق إسناده بذلك إلى جبير بن نفير مرسلا مرفوعا بالجملة الأخيرة فقط بلفظ: " إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل ... ". وقد أورده الهيثمي في " المجمع " (2 / 250) بتمامه عن جبير بن نفير (وفي الأصل نوفل وهو تصحيف) مرسلا مرفوعا. وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه ليث بن أبي سليم وفيه كلام ". والحديث روى الجملة الأخيرة منه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 71) من طريق شيخ أحمد فيه هاشم بن القاسم: حدثنا بكر بن خنيس به. والحديث المرسل أخرجه الترمذي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية عن العلاء ابن الحارث عن زيد بن أرطاة به. وهذا مع إرساله فيه العلاء بن الحارث، وكان قد اختلط. وقد وصله عبد الله بن صالح، فقال: حدثني معاوية بن صالح بإسناده عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعا به. أخرجه الحاكم (2 / 441) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وفيه أن عبد الله بن صالح فيه ضعف، فلا يحتج به إذا تفرد فكيف إذا خالف؟ فكيف إذا كان المخالف الحافظ الثقة ابن مهدي، فقد أرسله كما رأيت، فأنى له الصحة؟ ولاسيما أن مداره موصولا ومرسلا على العلاء ، وقد عرفت حاله، وقد قال الإمام البخاري في " خلق أفعال العباد " (ص 91) بعد أن ذكر الحديث معلقا: " لا يصح، لإرساله وانقطاعه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 ثم رأيت الحاكم قد أخرجه في مكان آخر (1 / 555) وعنه البيهقي في " الأسماء " (ص 236) من طريق سلمة بن شبيب: حدثني أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي بإسناده المتقدم عن جبير بن نفير، فزاد: عن أبي ذر الغفاري مرفوعا به. وقال " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! قلت: وهذا إن صح السند إلى سلمة بن شبيب علته العلاء بن الحارث فقط. والله أعلم. هذا وقد كنت غفلت عن هذه العلة فأوردت الحديث في " الصحيحة " (961) وخرجته هناك بنحومما هنا دون أن أتنبه لها، فمن وقف على ذلك فليضرب عليه." ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا ". 1958 - " أربع لا يصبن إلا بعجب: الصمت وهو أول العبادة والتواضع وقلة الشيء وذكر الله عز وجل ". موضوع. رواه تمام في " الفوائد " (رقم 2559) عن العوام بن جويرية عن الحسن عن أنس قال فذكره موقوفا عليه. ورفعه يحيى بن يحيى: حدثنا أبو معاوية عن العوام بن جويرية عن الحسن عن أنس مرفوعا. أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (ص 22 - 23) والحاكم (4 / 311) وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 37 / 1) وابن عدي في " الكامل " (81 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (2 / 196) من طريقتين آخرين عن أبي معاوية به وقال ابن عدي: " وهذا الحديث الأصل فيه موقوف من قول أنس ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: قال ابن حبان في العوام: يروي الموضوعات ". الحديث: 1958 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 والحديث أورده السيوطي في " الجامع "، فتعقبه المناوي، فقال: " سكت المصنف عليه، فأوهم أنه لا علة فيه، وهو اغترار بقول الحاكم: صحيح. وغفل عن تشنيع الذهبي في " التلخيص "، والمنذري والحافظ العراقي عليه، بأن فيه العوام ابن جويرية، قال ابن حبان وغيره: يروي الموضوعات ". ثم ذكر له هذا الحديث. اهـ. وأورده الذهبي في " الميزان " في ترجمة العوام، وتعجب من إخراج الحاكم له. ومن ثم أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل كعادته ". قلت: واغتر به ابن عراق أيضا، فأورده في " الفصل الثاني " من " تنزيه الشريعة " (2 / 303) ولعله سبق قلم منه، فإن هذا الفصل خاص فيما تعقب فيه ابن الجوزي كما نص في " مقدمته "، فهو بالفصل الأول الذي خصه فيما لم يخالف فيه ابن الجوزي أولى كما هو ظاهر. ثم إن المناوي أفسد التحقيق السابق بقوله في " التيسير ": " أسانيده ضعيفه "! فإنه لا سند له إلا الذي فيه العوام! والحديث رواه ابن وهب في " الجامع " (ص 71) من طريق أخرى عن الحسن أنه كان يقول: فذكره من قوله موقوفا عليه. وقد سقط إسناده من النسخة، فلم نعرف حاله ورواه ابن المبارك في " الزهد " (629) : أخبرنا وهيب، قال: قال عيسى بن مريم، فذكره فعاد الحديث إلى أنه من الإسرائيليات. وهو بها أشبه. 1959 - " خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 4 و5) والحاكم (4 / 209) وأبو عبيد في " الغريب " (39 / 2) عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "! وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي، وليس كما قالوا، لأن عباد بن منصور كان تغير في آخره، ثم هو مدلس كما في " التقريب "، وقد عنعنه. الحديث: 1959 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 نعم، الحديث في الحجامة صحيح، وقد خرجته في الكتاب الآخر (1053 و1054) . 1960 - " كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمح أورمحين ". ضعيف. رواه ابن عدي (82 / 2) عن معاوية بن هشام: حدثنا الحسن بن عمارة عن أبيه عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا ، الحسن هذا قال الحافظ: " متروك ". بل قال الإمام أحمد: " كان منكر الحديث ، وأحاديثه موضوعة ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن السني وأبي نعيم في " الطب " عن ابن أبي أوفى. وقال شارحه المناوي: " قال ابن حجر في " الفتح ": وسنده واه ". وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه: " لا تديموا النظر إلى المجذومين، وإذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح ". وقد خرجته في الكتاب الآخر (1064) من أجل الجملة الأولى، فإن لها إسنادا حسنا وشواهد. وبينت هناك ضعف إسناد هذا الحديث، وقد أخرجه أيضا ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 17 / 47) من طريق أبي فضالة، وهو الفرج بن فضالة الذي من طريقه خرج هناك. وقد بدا لي الآن أن فيه علة أخرى لم أتنبه لها هناك ، فوجب بيانها هنا، وهي اختلاف الرواة على ابن فضالة: فمنهم من قال: عن فاطمة بنت حسين عن حسين عن أبيه فجعله من مسند علي، وهي رواية عبد الله بن أحمد. ومنهم من قال: عنها عن أبيها حسين بن علي، فجعله من مسند الحسين، وهي رواية الحديث: 1960 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 أبي يعلى. ومنهم من قال: عنها عن أبيها حسين بن علي عن أمه فاطمة قالت - فيما أرى - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعله من مسند فاطمة الكبرى رضي الله عنها، وهي رواية الطبري. وكلهم قالوا: " عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أم فاطمة بنت حسين ... إلا عبد الله بن أحمد فقال: عن عبد الله بن عمرو ... إلخ. سقط منه " محمد ابن " والصواب إثباته كما في رواية الآخرين، ولعله سقط من حفظ ابن فضالة أوشيخه عبد الله بن عامر، فإنهما ضعيفان كما ذكرت هناك. والصواب في الحديث أنه من رواية محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت الحسين عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه. كذلك رواه عبد الله بن سعيد ابن أبي هند وابن أبي الزناد عن محمد بن عبد الله به كما تراه مخرجا في " الصحيحة " في المكان المشار إليه آنفا. (تنبيه) : لم يتنبه المعلقان على " التهذيب " أن حديث فاطمة الكبرى هو عين حديث علي وابنه الحسين، إلا أن الرواة اختلفوا في إسناده، فقال المعلق: " لم أقف عليه "! 1961 - " تسحروا من آخر الليل، وكان يقول: هو الغداء المبارك ". ضعيف. رواه ابن عدي (170 / 2) عن سلمة بن رجاء: حدثنا الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن عتبة بن عبد السلمي وأبي الدرداء مرفوعا. وقال: " سلمة بن رجاء أحاديثه أفراد وغرائب ويحدث بأحاديث لا يتابع عليها ". وقال الحافظ ابن حجر فيه: " صدوق، يغرب ". لكن الأحوص بن حكيم ضعيف الحفظ. الحديث: 1961 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 والحديث قال الهيثمي (3 / 151) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه جبارة بن مغلس وهو ضعيف ". وقد تابعه على الشطر الثاني من الحديث عبد الله بن سالم (الأصل سلام) عن راشد عن أبي الدرداء وحده. أخرجه ابن حبان (881) من طريق عمرو بن الحارث بن الضحاك عنه. لكن عمرو بن الحارث هذا قال الذهبي: " لا تعرف عدالته ". وراشد بن سعد ثقة، لكن قال الحافظ: " في روايته عن أبي الدرداء نظر ". يشير إلى أنه لم يثبت سماعه منه، فإن بين وفاتيهما أكثر من سبعين سنة . وله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب عن أحمد (4 / 132) بسند حسن، وآخر من حديث العرباض عند أبي داود والنسائي وابن خزيمة (1938) وابن حبان (882) . وكنت حسنت إسناده في " المشكاة " (1997) والآن تبين لي أنه وهم، فإن فيه مجهولا كما بينته في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " ولكن هذا الشطر بمجموع طرقه صحيح. 1962 - " كان لداود نبي الله عليه السلام من الليل ساعة يوقظ فيها أهله، فيقول: يا آل داود! قوموا فصلوا، فإن هذه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء، إلا لساحر، أوعشار ". ضعيف. أخرجه أحمد (4 / 22 و218) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 7 / 1 - 2) من طريق علي بن زيد عن الحسن قال: " مر عثمان بن أبي العاص على كلاب بن أمية، وهو جالس على مجلس العاشر الحديث: 1962 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 بالبصرة (وفي رواية: بالأبلة) ، فقال: ما يجلسك ههنا؟ قال: استعملني هذا على هذا المكان - يعني زيادا - فقال له عثمان: ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : بلى، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين الحسن وعثمان بن أبي العاص، فإن الحسن وهو البصري مدلس، ولم يصرح بسماعه من عثمان. والأخرى: ضعف علي بن زيد، وهو ابن جدعان. وبه أعله الهيثمي (3 / 88 و10 / 153) . وأما المناوي، فمع أنه نقل هذه العلة عن الهيثمي في " الفيض "، فإنه أسقطها في " التيسير " بقوله: " ورجاله ثقات "! فهو وهم منه أوتساهل. وقد اضطرب في متنه المرفوع، فمرة رواه هكذا، ومرة أخرى رواه بلفظ: " ينادي مناد كل ليلة: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مستغفر، فيغفر له، حتى ينفجر الفجر ". أخرجه أحمد أيضا والطبراني. فأنت ترى أنه لم يذكر فيه الاستثناء في آخره: " إلا لساحر أوعشار ". وهذا هو الصواب لموافقته لأحاديث النزول إلى السماء الدنيا وهي متواترة. لكن قد رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " بسند صحيح عن عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : " إلا زانية تسعى بفرجها أوعشارا ". وهو مخرج في " الصحيحة " (1073) . (فائدة) : قال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني في كتابة " الحجة " (ق 42 / 2) وقد ذكر حديث النزول الصحيح: " رواه ثلاثة وعشرون من الصحابة، سبعة عشر رجلا ، وست امرأة ". وقد خرجته في " الإرواء " عن ستة منهم، فمن شاء رجع إليه (2 / 195 - 199) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 1963 - " إن الله يدنومن خلقه، فيستغفر لمن استغفر إلا البغي بفرجها، والعشار ". ضعيف. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (171 / 1 - 2) عن سلمة بن سليمان: حدثنا خليد بن دعلج عن كلاب بن أمية أنه لقي عثمان بن أبي العاص، فقال: ما جاء بك؟ قال: استعملت على عشور الإبل، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: كلاب بن أمية، لم أجد له ترجمة. الثانية: خليد بن دعلج ضعيف كما في " التقريب ". الثالثة: سلمة بن سليمان وهو الموصلي الأزدي، وفي ترجمته ساقه ابن عدي، وقال في آخرها: " ليس بذاك المعروف ". قلت: لكنه قد توبع، فقال الطبراني في " المعجم الكبير " (9 / 44 / 8371) : حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي: أخبرنا أبو الجماهر أخبرنا خليد بن دعلج به. قلت: وأبو الجماهر اسمه محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي، وهو ثقة، فبرئت عهدة سلمة من الحديث ، وتعصبت برقبة شيخه، أوشيخ شيخه. نعم قد ورد الحديث بلفظ آخر دون جملة الدنو، وإسناده صحيح، ولذلك خرجته في الكتاب الآخر (1073) ونبهت فيه على بعض الأخطاء التي وقعت من بعض العلماء حوله، ثم مني. والله تعالى هو الموفق والهادي. الحديث: 1963 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 1964 - " إن الله عز وجل يدخل بالحجة الواحدة ثلاثة نفر الجنة: الميت، والحاج عنه، والمنفذ ذلك ". ضعيف. أخرجه البيهقي في " سننه " (5 / 180) من طريق علي بن الحسن بن أبي عيسى: حدثنا إسحاق - يعني ابن عيسى بن الطباع -: حدثنا أبو معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ... وقال: الحديث: 1964 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 " أبو معشر هذا نجيح السندي مدني ضعيف ". قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " لأنه ذكره من طريق ابن عدي بسنده إلى إسحاق بن إبراهيم السختياني: حدثنا إسحاق بن بشر: حدثنا أبو معشر به، وقال: " لا يصح، إسحاق يضع ". وتعقبه السيوطي في " اللآلىء المصنوعة " (2 / 73) ، فقال: " قلت: أخرجه البيهقي في " سننه " واقتصر على تضعيفه، وفي " شعب الإيمان " قال: (قلت: فإن إسناده مثل إسناده في السنن إلى علي بن الحسن، إلا أنه قال:) حدثنا إسحاق أظنه ابن عيسى: حدثنا أبو معشر به ". قلت: والأقرب أنه إسحاق بن بشر لسببين: الأول : أنه جاء كذلك منسوبا مقطوعا به غير مظنون في رواية ابن عدي بخلاف رواية البيهقي، ولاسيما والقائل: " أظنه " فيما هو المتبادر هو الراوي عنه علي بن الحسن بن أبي عيسى ولم أعرفه. والآخر: أن ابن بشر هو المشهور بالرواية عن أبي معشر بخلاف ابن الطباع، لكن الحمل في الحديث ليس عليه بل على أبي معشر، لأن له طريقا أخرى إليه. فقال السيوطي متمما لكلامه السابق: " وأخرجه أيضا ( يعني البيهقي في " الشعب ") من طريق ابن عدي: حدثنا المفضل بن محمد الجندي: حدثنا سلمة بن شبيب: حدثنا عبد الرزاق عن أبي معشر به، وله شاهد من حديث أنس ، لكن في إسناده جهالة كما يأتي بيانه برقم (1979) . ثم رأيت الحديث في " طبقات الأصبهانيين " لأبي الشيخ، أخرجه (ق 72 / 1) من طريق صالح بن سهل قال: حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي به. فهذا مما يرجح أن إسحاق الراوي عن أبي معشر هو ابن بشر، وهو متهم، لكنه قد توبع كما تقدم، فالحديث ضعيف، وليس بموضوع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 1965 - " يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبعث إليهم جيش من الشام فيخسف بهم في البيداء، فإذا رأى الناس ذلك أتته أبدال الشام، وعصائب العراق فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب، فيبعث إليه المكي بعثا فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، يمكث تسع سنين أوسبع ". ضعيف. رواه أحمد (6 / 316) وأبو داود (4286) ومن طريقهما ابن عساكر (1 / 280) من طريق هشام عن قتادة عن أبي الخليل عن صاحب له عن أم سلمة مرفوعا. قلت: ورجاله كلهم ثقات غير صاحب أبي خليل، ولم يسم، فهو مجهول. ثم أخرجه أبو داود والطبراني في " الأوسط " (9613) من طريق أبي العوام قال: أخبرنا قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا. وقال الطبراني: " لم يروهذا الحديث عن قتادة إلا عمران ". قلت: فسمى الرجل المجهول " عبد الله بن الحارث "، وهو ابن نوفل المدني، وهو ثقة محتج به في الصحيحين، لكن في الطريق إليه أبو العوام، وهو عمران بن داور القطان، وفيه ضعف من قبل حفظه، قال البخاري: " صدوق يهم ". وقال الدارقطني: " كان كثير المخالفة والوهم ". واعتمد الحافظ في " التقريب " قول البخاري فيه، فزيادته على الثقة مما لا تطمئن النفس لها، وقد أخرجه من طريقه الحاكم (4 / 431) ولفظه: الحديث: 1965 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 " يبايع لرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر، فيأتيه عصب العراق، وأبدال الشام، فيأتيه جيش من الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب فيهزمهم الله، قال: وكان يقال: إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ". وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: " أبو العوام عمران ضعفه غير واحد، وكان خارجيا ". ثم رأيت الحديث في " موارد الظمآن " (1881) من طريق أبي يعلى (4 / 1651) عن محمد بن يزيد بن رفاعة: حدثنا وهب بن جرير حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أم سلمة به. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن رفاعة وهو أبو هشام الرفاعي، فإنه ضعيف، وقد زاد في السند مجاهدا، فلا يعتد بزيادته. ثم وجدت له متابعا أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1164) من طريق عبيد الله بن عمرو عن معمر عن قتادة عن مجاهد به. وقال: " قال عبيد الله بن عمرو: فحدثت به ليثا، فقال: حدثني به مجاهد ". وقال الطبراني: " لم يروهذا الحديث عن معمر إلا عبيد الله ". قلت: وهو ثقة كسائر رجاله. ولكنهم قد اختلفوا في إسناده على قتادة على وجوه أربعة: الأول: قتادة عن أبي الخليل عن صاحب له عن أم سلمة. وهو رواية هشام الدستوائي عنه. الثاني: مثله إلا أنه سمى الصاحب بـ (عبد الله بن الحارث) . الثالث: مثله إلا أنه سماه (مجاهدا) . الرابع: مثله إلا أنه أسقط بين قتادة ومجاهد أبا الخليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 وهذا اختلاف شديد، فلابد من النظر والترجيح، ومن الظاهر أن الوجوه الثلاثة الأولى متفقة على أن بين قتادة وأم سلمة واسطتين، بخلاف الرابع فبينهما واسطة فقط، فهو بهذا الاعتبار مرجوح لمخالفته لرواية الجماعة. ثم أمعنا النظر في الوجوه الثلاثة، فمن الواضح جدا أن الثالث منهم ساقط الاعتبار لضعف ابن رفاعة. والوجه الثاني قريب منه لسوء حفظ عمران كما سبق، فبقي الوجه الأول هو الراجح من بين جميع الوجوه، ولما كان مداره على صاحب أبي الخليل غير مسمى في طريق معتبر سالم من علة كان هو العلة. والله أعلم. وقد جاء الحديث من طرق أخرى عن أم سلمة وغيرها مختصرا ليس فيه قصة البيعة والأبدال ولا بعث كلب إلخ، وهو مخرج في " الصحيحة " (1924) . 1966 - " الآيات بعد المائتين ". موضوع. رواه ابن ماجه (4057) والعقيلي في " الضعفاء " (322) والقطيعي في " جزء الألف دينار " (35 / 1) والحاكم (4 / 428) عن محمد (هو ابن يونس بن موسى) قال: حدثنا عون بن عمارة العنبري قال: حدثنا عبد الله بن المثني عن ثمامة عن أنس بن مالك عن أبي قتادة مرفوعا. وقال العقيلي: " قال البخاري: عون بن عمارة " تعرف وتنكر " ولا يعرف إلا به، وقد روي عن ابن سيرين من قوله ". قلت: وتمام كلام البخاري بعد أن ساق الحديث: " فقد مضى مائتان ولم يكن من الآيات شيء ". ولهذا جزم ابن القيم في " المنار " (ص 41) بوضعه، وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط الشيخين "! قلت: وهذا من أوهامه الفاحشة، فإن عونا هذا مع ضعفه لم يخرج له الشيخان شيئا، وقد تعقبه الذهبي بقوله: الحديث: 1966 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 " قلت: أحسبه موضوعا، وعون ضعفوه ". قال المناوي عقبة: " وسبقه إلى الحكم بوضعه ابن الجوزي، وتعقبه المصنف فما راح ولا جاء! ". وقال في " التيسير ": " صححه الحاكم. فأنكروا عليه وقالوا: واه جدا. بل قيل بوضعه ". 1967 - " إنه كان يبغض عثمان فأبغضه الله ". موضوع. رواه الترمذي (2 / 297) والسهمي في " تاريخ جرجان " (60) عن محمد بن زياد عن ابن عجلان عن أبي الزبير عن جابر قال: دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة يصلي عليه فلم يصل عليه، قالوا: يا رسول الله! ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلا على هذا؟ قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ومحمد بن زياد صاحب ميمون بن مهران ضعيف في الحديث جدا ". قلت: وهو اليشكري الطحان قال الحافظ: " كذبوه ". وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. الحديث: 1967 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 1968 - " يخرج الدجال على حمار أقمر، ما بين أذنيه سبعون عاما، معه سبعون ألف يهودي عليهم الطيالسة بالحضر، حتى ينزلوكوم ابن الحمراء ". ضعيف جدا. رواه الحسن بن رشيق العسكري في " المنتقى من الأمالي " (42 / 2) : حدثنا علي بن سعيد بن بشير حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا سليمان بن بلال عن محمد أبو الحديث: 1968 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 عقبة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد العزيز بن يحيى المدني، قال الحافظ: " متروك، كذبه إبراهيم بن المنذر ". والحديث أورده في " المشكاة " (5493) دون قوله: " معه سبعون ألف ". وقال: " رواه البيهقي في كتاب (البعث والنشور) ". قلت: وهذه الزيادة في " صحيح مسلم " (8 / 207) عن أنس مرفوعا بلفظ: " يتبع الدجال من يهو د أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة ". وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الدجال في صورته رؤيا عين ليس رؤيا منام، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال فقال: رأيته فيلمانيا أقمر هجانا ... أخرجه أحمد (1 / 374) بسند حسن. وقد جاءت الجملة الأولى في حديث آخر إسناده خير من هذا، دون قوله: " أقمر "، ولكنه ضعيف أيضا، مع الاختلاف في بعد ما بين أذني الحمار، وهو الحديث الآتي بعده: 1969 - " يخرج الدجال في خفة من الدين وإدبار من العلم، وله أربعون يوما يسيحها، اليوم منها كالسنة واليوم كالشهر واليوم كالجمعة، ثم سائر أيامه مثل أيامكم، وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا، يأتي الناس، فيقول: أنا ربكم وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر، يقرأه كل مؤمن، كاتب وغير كاتب، يمر بكل ماء ومنهل، إلا المدينة ومكة، حرمهما الله عليه، وقامت الملائكة بأبوابها ". ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 367) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 31 - 32) والحاكم (4 / 530) من طريق إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. الحديث: 1969 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 قلت: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، فهي علة الحديث. وقد سكت عنها في " المجمع " (7 / 344) وادعى أنه رواه أحمد بإسنادين! وإنما روى منه قوله: " مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن ". أخرجه (3 / 327) من طريق حسين بن واقد: حدثني أبو الزبير حدثنا جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وإسناده جيد. وهذا القدر منه صحيح، بل متواتر، جاء عن جمع من الصحابة، منهم: أنس، وبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. رواهما مسلم (8 / 193) وابن عمر عند ابن حبان (1896 - موارد) وانظر " الفتح " (13 / 100) و" المجمع " (7 / 327 - 350) . وقوله: " يأتي الناس.. " إلخ، ثابت في أحاديث صحيحة مشهورة. 1970 - " مثل هذه الدنيا مثل ثوب شق من أوله إلى آخره، فبقي معلقا بخيط في آخره ، فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع ". ضعيف. رواه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (2 / 13 / 1) عن يحيى بن سعيد: حدثنا أبو سعيد خلف بن حبيب عن أنس بن مالك رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن سعيد، وهو العطار ضعيف كما قال الحافظ. وأبو سعيد خلف بن حبيب لم أعرفه. وتابعه أبان عن أنس به. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 131) وقال: " أبان بن أبي عياش لا يصح حديثه، لأنه كان نهما بالعبادة، والحديث ليس من شأنه ". الحديث: 1970 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 1971 - " شرب اللبن محض الإيمان، من شربه في منامه فهو على الإسلام والفطرة، ومن تناول اللبن بيده فهو يعمل بشرائع الإسلام ". موضوع. رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أبي هريرة وإسناده ظلمات فيه إبراهيم الطيان وهو متهم عن الحسين بن قاسم وهو مثله عن إسماعيل بن أبي زياد وهو كذاب يضع الحديث. الحديث: 1971 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 كذا في " تنزيه الشريعة " (357 / 2) تبعا لأصله " ذيل اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (رقم 854 - بترقيمي) . ثم ذهل فأورده في " الجامع الصغير "! من طريق الديلمي! والعجب من المناوي، فإنه مع إشارته في " الفيض " إلى أن في إسناده أولئك المتهمين الثلاثة، اقتصر في " التيسير " على تضعيفه!! ومثل هذا يتكرر منه كثيرا، وتقدمته نماذج أقربها (ص 428) . 1972 - " شعار أمتي إذا حملوا على الصراط: لا إله إلا الله ". ضعيف. رواه العقيلي في " الضعفاء " (416) والطبراني في " الأوسط " (159 - بترقيمي) عن عبدوس بن محمد المصري عن منصور بن عمار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا. وقال: " منصور بن عمار القاص لا يقيم الحديث، وكان فيه تجهم من مذهب جهم ". قلت: وابن لهيعة ضعيف أيضا . والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الشيرازي عن ابن عمرو نحوه. وبيض المناوي لإسناده فلم يتكلم عليه بشيء! ومن رواية الطبراني في " المعجم الكبير "، وقال المناوي: وكذا " الأوسط "، وفيه من وثق على ضعفه، وعبدوس بن محمد لا يعرف ". قلت: هذا قول الهيثمي في " المجمع " (10 / 359) بشيء من التصرف. الحديث: 1972 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 1973 - " شعار المسلمين يوم القيامة على الصراط: رب سلم، رب سلم ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 70) والحاكم (2 / 375) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (50 / 1) والحربي في " الغريب " (5 / 30 / 1) عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن النعمان بن سعد عن المغيرة مرفوعا. قال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ". ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (234 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (229) وروى تضعيف عبد الرحمن هذا، وهو أبو شيبة الواسطي عن ابن معين وأحمد، ثم قال: الحديث: 1973 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 " والحديث فيه رواية من وجه لين ". قلت: كأنه يعني الذي قبله، وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وهو وهم منهما سببه أنه وقع في إسناده " عبد الرحمن بن إسحاق القرشي ". والقرشي هذا ثقة من رجال مسلم، لكن وصفه بذلك في الإسناد وهم من الناسخ أوبعض الرواة، لأن الذي يروي عن النعمان بن سعد إنما هو الأول أبو شيبة الواسطي، وهو أنصاري. ثم إن النعمان بن سعد مجهول لم يروله مسلم أصلا، ولا أحد من الستة سوى الترمذي، وقال الذهبي: " ما روى عنه سوى عبد الرحمن بن إسحاق أحد الضعفاء ". قلت: فتأمل مبلغ تناقض الذهبي! لتحرص على العلم الصحيح، وتنجومن تقليد الرجال. وخلاصة القول أن الحديث ضعيف كالذي قبله، على الاختلاف الذي بينهما. نعم، ثبت في " صحيح مسلم " عن حذيفة بن اليمان مرفوعا في حديث الشفاعة: " ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم ... ". فهو من دعائه صلى الله عليه وسلم يومئذ. 1974 - " ردوا مذمة السائل ولوبمثل رأس الذباب ". موضوع. رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 37) عن عثمان بن عبد الرحمن قال : حدثنا إسحاق بن نجيح عن عطاء عن عائشة مرفوعا. ذكره في ترجمة إسحاق بن نجيح هذا، وروى عن ابن معين أنه قال: " كان ببغداد قوم يضعون الحديث، كذابين منهم إسحاق بن نجيح الباهلي ". وعن أحمد أنه قال: " هو من أكذب الناس ". وعن البخاري: الحديث: 1974 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 " منكر الحديث ". وفي " التهذيب ": " وقال ابن الجوزي: أجمعوا على أنه كان يضع الحديث ". وقد زعم الذهبي أن إسحاق هذا راوي الحديث ليس هو الملطي الوضاع، فقال بعد أن ذكره من طريق العقيلي: " قلت: ما هذا بالملطي، ذا آخر، والآفة من عثمان الوقاصي ". قلت: قد ذكر الحافظ في " التهذيب " من شيوخه عطاء الخراساني وهذا الحديث من روايته عن عطاء كما ترى، والظاهر أنه الخراساني، وعليه فإسحاق بن نجيح هو الملطي الوضاع، وعليه جرى العقيلي كما سبق، وهو الأقرب إلى الصواب. والله أعلم. وعلى كل حال فإنه إن سلم من الملطي فلن يسلم من عثمان بن عبد الرحمن وهو الوقاصي كما قال الذهبي ، وهو كذاب أيضا. فالعجب من السيوطي كيف أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية العقيلي هذه! دون أن يذكر - كما هي عادته - كلام مخرجه في راويه! وأعجب منه أن الحافظ العراقي سكت عنه أيضا في " المغني " (1 / 226) على خلاف غالب عادته فيه! وقال المناوي: " قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، والمتهم به إسحاق بن نجيح، قال أحمد: ... ". فذكر ما تقدم عنه. ومن المصائب أنه وقع متن الحديث في " شرح المناوي " مرموزا له بالصحة! وهذا من الأمثلة الكثيرة، على أن رموز الجامع لا يوثق بها، وقد ذكرت بعض الأمثلة الأخرى في مقدمة كتابي " ضعيف الجامع الصغير وزيادته ". 1975 - " وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد أن لا يعذبهم ". منكر. رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (4 / 1) وابن عدي (246 / 1 ) والحاكم (3 / 150) عن الخليل بن عمر العبدي قال: حدثني عمر الأبح عن سعيد بن الحديث: 1975 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " وقوله: " في أهل بيتي " في هذا المتن منكر بهذا الإسناد ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل منكر لم يصح ". قلت: وعلته الأبح هذا وهو عمر بن حماد بن سعيد، قال الذهبي في " الضعفاء ": " جرحه ابن حبان، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ". وفي " الميزان ": " قال البخاري: منكر الحديث ". 1976 - " وعدني ربي تعالى أن يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا، فاستزدته، فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، وما أرى بقي من أمتي شيء ". ضعيف. رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (97 / 1) : حدثني أحمد بن يوسف البصري أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب قال: وأخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله، ورجاله موثوقون غير أحمد بن يوسف البصري فلم أعرفه. والحديث بهذه الزيادة التي في آخره: " وما أرى بقي.. ". منكر عندي جدا، ومن أجلها أوردت الحديث هنا، وإلا فهو دونها صحيح، مخرج في " ظلال الجنة " (588 و589) وغيره. الحديث: 1976 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 1977 - " إن رجلين ممن دخل النار اشتد صياحهما، فقال الرب: أخرجوهما، فأخرجا، فقال لهما: أي شيء اشتد صياحهما؟ قالا: فعلنا ذلك لترحمنا، قال: رحمتي لكما أن تنطلقا، فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار، قال: فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه، فيقول الرب: ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك؟ فيقول: رب إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني، فيقول الرب: لك رجاؤك، فيدخلان الجنة جميعا ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 99) وابن أبي الدنيا في " حسن الظن " (2 / 192 / 1) عن رشدين قال: حدثني بن أنعم عن أبي عثمان أنه حدثه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذي: " إسناد هذا الحديث ضعيف، لأنه عن رشدين بن سعد، وهو ضعيف عند أهل الحديث، عن ابن أنعم وهو الإفريقي، وهو ضعيف عندهم ". الحديث: 1977 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 1978 - " يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ". موضوع. رواه ابن ماجه (رقم 4313) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 331) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 30) ونصر المقدسي في " جزء من حديثه " (255 / 1) وابن عساكر (9 / 391 / 1) عن عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة القرشي عن علاق بن أبي مسلم عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان مرفوعا. أورده العقيلي في ترجمة عنبسة هذا، وقال: " لا يتابع عليه ". وروى عن البخاري أنه قال فيه: " تركوه ". قلت: وقال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". الحديث: 1978 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 قلت: ومنه تعلم تساهل العراقي في قوله في " تخريج الإحياء " (1 / 6) : " إسناده ضعيف "! وأسوأ منه السيوطي، ثم المناوي، فإن هذا قال في " فيضه ": " رمز المصنف لحسنه، وهو عليه رد، فقد أعله ابن عدي والعقيلي بعنبسة، ونقل عن البخاري أنهم تركوه ". ثم نكل المناوي عن هذا، فقال في " التيسير ": " إسناده حسن "! وقلده الغماري كعادته (4579) ! 1979 - " حجة للميت ثلاثة: حجة للمحجوج عنه وحجة للحاج وحجة للوصي ". ضعيف. قال الدارقطني: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى حدثنا محمد بن سليمان ابن فارس حدثنا الحسن بن العلاء البصري حدثنا مسلمة بن إبراهيم حدثنا هشام بن سعيد عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... كذا في " اللآلىء المصنوعة " (2 / 73) ذكره شاهدا للحديث المتقدم (1964) بلفظ: " إن الله يدخل بالحجة الواحدة ... ". وسكت عليه. وهو سند ضعيف، فيه من لم أجد له ترجمة، وهم كل من دون هشام بن سعيد، حاشا شيخ الدارقطني إبراهيم بن محمد بن يحيى، فإنه ثقة، وهو أبو إسحاق المزكي النيسابوري، انظر ترجمته في " تاريخ بغداد " (6 / 168 - 169) . وابن فارس - وهو الدلال - ترجمته في " الأنساب "، وذكر عن الأخرم أنه قال فيه: " ما أنكرنا عليه إلا لسانه فإنه كان فاحشا ". وأما الاثنان اللذان فوقه فإني لم أجد لهما ذكرا في كتب التراجم التي عندي. وللحديث طريق آخر غفل عنه السيوطي، ومن الغريب أنه في " سنن البيهقي " التي نقل السيوطي نفسه عنها الحديث المشار إليه آنفا، فسبحان من لا يسهو ولا ينسى. فأخرجه في " سننه " (5 / 180) من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا زاجر بن الصلت الطاحي حدثنا زياد ابن سفيان عن أبي سلمة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في رجل أوصى بحجة: " كتبت له أربع حجج: حجة للذي كتبها وحجة للذي أنفذها وحجة للذي الحديث: 1979 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 أخذها وحجة للذي أمر بها ". وقال: زياد بن سفيان هذا مجهول، والإسناد ضعيف ". قلت: والراوي عنه زاجر بن الصلت لم أجد له ترجمة. 1980 - " ثلاثة لا يسألون عن نعيم المطعم والمشرب: المفطر والمتسحر وصاحب الضيف. وثلاثة لا يلامون على سوء الخلق: المريض والصائم حتى يفطر والإمام العادل ". موضوع. أخرجه الديلمي في " مسنده " (2 / 35 / 2) من طريق مجاشع بن عمرو عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته مجاشع هذا، قال ابن حبان في " الضعفاء " (3 / 18) : " كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ". والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " بهذا المصدر، وسكت عنه، ولا غرابة في ذلك، فإنه يسكت عن مثله في " الجامع الصغير "، وقد تعهد في مقدمته أن يصونه عما تفرد به كذاب أووضاع! وكذلك سكتت عنه اللجنة القائمة على التعليق عليه (2 / 11 / 1357) ! والشطر الأول منه قد رواه وضاع آخر، لكنه قال في الثالث: " والمرابط في سبيل الله " . وتقدم تخريجه والتعليق عليه في المجلد الثاني برقم (631) . الحديث: 1980 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 1981 - " من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة ". منكر بهذا السياق. ذكره ابن هشام في " السيرة " (3 / 252) عن ابن إسحاق ، قال: فذكره هكذا معلقا بغير إسناد، والمحفوظ منه الشطر الثاني فقط من حديث ابن عمر قال: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب: الحديث: 1981 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ". أخرجه الشيخان والسياق للبخاري (4119) . وفي آخره: " فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم. وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم ". (تنبيه) : يحتج بعض الناس اليوم بهذا الحديث على الدعاة من السلفيين وغيرهم الذي يدعون إلى الرجوع فيما اختلف فيه المسلمون إلى الكتاب والسنة، يحتج أولئك على هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر خلاف الصحابة في هذه القصة، وهي حجة داحضة واهية، لأنه ليس في الحديث إلا أنه لم يعنف واحدا منهم، وهذا يتفق تماما مع حديث الاجتهاد المعروف، وفيه أن من اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، فكيف يعقل أن يعنف من قد أجر؟! وأما حمل الحديث على الإقرار للخلاف فهو باطل لمخالفته للنصوص القاطعة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، كقوله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرا وأحسن تأويلا ". وقوله " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الآية. وإن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يزعمون أنهم يدعون إلى الإسلام، فإذا دعوا إلى التحاكم إليه قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: " اختلاف أمتي رحمة "! وهو حديث ضعيف لا أصل له كما تقدم تحقيقه في أول هذه السلسلة، وهم يقرؤون قول الله تعالى في المسلمين حقا: " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ". وقد بسط القول في هذه المسألة بعض الشيء، وفي قول أحد الدعاة: نتعاون على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، في تعليق لي كتبته على رسالة " كلمة سواء " لأحد المعاصرين لم يسم نفسه! لعله يتاح لي إعادة النظر فيه وينشر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 1982 - " إن في الجنة سوقا لا شراء فيه ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء، فإذا اشتهى الرجل صورة دخلها، وفيها مجتمع الحور العين يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلهن، يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ونحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا، فطوبى لمن كان لنا وكنا له ". ضعيف. رواه الترمذي (2 / 90 - 93) والمروزي في " زوائد الزهد " (1487 ورقم 1487 - ط) وتمام في " الفوائد " (66 / 1) والثقفي في " الثقفيات " (4 / 29 / 1) والضياء المقدسي في " صفة الجنة " (3 / 81 / 2) عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن النعمان بن سعد عن علي مرفوعا. وقال الترمذي مضعفا: " حديث غريب ". قلت: يعني أنه ضعيف، وعلته عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو ضعيف، نقل النووي والزيلعي اتفاق العلماء على تضعيفه. وللطرف الأول منه دون ذكر مجتمع الحور العين ... إلخ شاهد من حديث جابر بن عبد الله، ولكنه ضعيف جدا كما بينه الهيثمي في أثناء " عقوق الوالدين " (8 / 149) وأشار المنذري إلى تضعيف الحديثين (3 / 222 و4 / 266، 268) . وسيأتي لفظه والكلام عليه برقم (5369) . الحديث: 1982 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 1983 - " سيعزي الناس بعضهم بعضا من بعدي، التعزية بي ". ضعيف. رواه ابن سعد (2 / 275) وأبو يعلى (4 / 1824) والطبراني (6 / 166 / 5757) عن موسى بن يعقوب الزمعي قال: أخبرنا أبو حازم بن دينار عن سهل بن سعد مرفوعا. قال: فكان الناس يقولون: ما هذا؟ فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الناس بعضهم بعضا يعزي بعضهم بعضا برسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث: 1983 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن يعقوب الزمعي، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي وغيره: ليس بالقوي ". والحديث قال الهيثمي (9 / 38) : " رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير موسى بن يعقوب الزمعي، ووثقه جماعة! ". كذا قال! وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق سيء الحفظ ". 1984 - " إنما تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح ". ضعيف جدا. أخرجه ابن سعد (2 / 293) عن إبراهيم بن يزيد عن يحيى بن بهماه مولى عثمان بن عفان قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يحيى بن بهماه مجهول، وإبراهيم بن يزيد ، وهو الخوزي، متروك. ولعله يغني عن هذا الحديث الواهي قوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد: " ادفنوا القتلى في مصارعهم ". وهو حديث صحيح مخرج في " أحكام الجنائز " (ص 14) . الحديث: 1984 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 1985 - " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره، مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وجوه يومئذ ناضرة " ". ضعيف. أخرجه الترمذي (3 / 334 - تحفة) والحاكم (2 / 509 - 510) وأحمد (2 / 13 و64) وأبو يعلى (3 / 1371 و4 / 1376) وأبو عبد الله القطان في الحديث: 1985 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 " حديثه عن الحسن بن عرفة " (ق 144 / 1 - 2) وابن الأعرابي في " الرؤية " (254 / 1) وأبو بكر بن سلمان الفقيه في " الفوائد المنتقاة " (16 / 2 و18 / 1) والخطيب في " الموضح " (2 / 9) من طرق عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الحاكم : " حديث مفسر في الرد على المبتدعة، وثوير، وإن لم يخرجاه، فلم ينقم عليه غير التشيع ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: بل هو واهي الحديث ". وقال الترمذي: " ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر موقوفا، ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله، ولم يرفعه ". قلت : هو عند أحمد من طريق ابن أبجر عن ثوير به مرفوعا. وثوير ضعيف كما في " التقريب "، فلا يصح الحديث لا مرفوعا ولا موقوفا. وقد أخرجه ابن أبي الدنيا موقوفا، والبيهقي - يعني في " البعث " - مرفوعا وزاد في لفظ له كما في " الترغيب " (4 / 249) : " وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى الله عز وجل في وجهه في كل يوم مرتين ". 1986 - " إن الكافر ليجر لسانه يوم القيامة فرسخين يتوطأه الناس ". ضعيف. رواه الترمذي (3 / 341 - تحفة) وأحمد (2 / 92) وابن أبي الدنيا في " كتاب الأهو ال " (86 / 2) والخطيب (12 / 363) عن أبي العجلان المحاربي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: فذكره مرفوعا، وكلهم قالوا: عن أبي العجلان غير الترمذي فقال: " عن أبي المخارق "، وقال: الحديث: 1986 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 " إنما نعرفه من هذا الوجه، وأبو المخارق ليس بمعروف ". وقال الذهبي: " والصواب بدله عن أبي عجلان، لا يعرف ". 1987 - " أشقى الناس ثلاثة: عاقر ناقة ثمود، وابن آدم الذي قتل أخاه، ما سفك على الأرض من دم إلا لحقه منه لأنه أول من سن القتل ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " الحلية " (4 / 307 - 308) والواحدي في " الوسيط " (1 / 209 / 1) وابن عساكر (14 / 157 / 1) عن محمد بن إسحاق عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. من أجل عنعنة ابن إسحاق. وحكيم بن جبير ضعيف كما في " التقريب " . وفي " الفيض ": " قال الهيثمي وغيره: فيه ابن إسحاق مدلس، وحكيم بن جبير وهو متروك ". ونقل عنه أنه قال: " سقط من الأصل: الثالث، والظاهر أنه قاتل علي كرم الله وجهه كما ورد في خبر رواه الطبراني أيضا ". قلت: الخبر المشار إليه صحيح، خرجته في الكتاب الآخر (1088) . ثم إن الجملة الأخيرة من حديث الترجمة قد جاءت في حديث آخر بلفظ: " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل ". أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (1 / 48) . الحديث: 1987 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 (تنبيه) : عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " و" الكبير " أيضا (1 / 102) للحاكم في " المستدرك "، وحتى الآن لم أعثر عليه فيه، ولا ذكر المناوي موضعه منه، خلافا لعادته. والله أعلم. 1988 - " إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته، ما منهم ملك يقطر دمعه من عينيه إلا وقعت ملكا قائما يصلي، وإن منهم ملائكة سجودا، منذ خلق الله السماوات والأرض، لم يرفعوا رؤسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، وإن منهم ركوعا لم يرفعوا رؤوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض، فلا يرفعونها إلى يوم القيامة، فإذا رفعوا رؤوسهم، ونظروا إلى وجه الله قالوا: سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك ". ضعيف. أخرجه ابن نصر في " الصلاة " (46 / 2) عن عباد بن منصور قال: سمعت عدي بن أرطاة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال: سمعت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره، يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عباد بن منصور، قال الحافظ: " صدوق وكان يدلس، وتغير بآخره ". الحديث: 1988 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 1989 - " ليس الجهاد أن يضرب بسيفه في سبيل الله، إنما الجهاد من عال والديه، وعال ولده، فهو في جهاد، ومن عال نفسه يكفها عن الناس، فهو في جهاد ". ضعيف. رواه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 300 - 301) وعنه ابن عساكر (7 / 144) عن محمد بن علان: أخبرنا أحمد بن محمد القرشي أخبرنا أحمد بن محمد العمي أخبرنا أبو روح سعيد بن دينار أخبرنا الربيع عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. الحديث: 1989 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 قلت: وهذا سند ضعيف، الربيع هو ابن صبيح، لا الربيع بن وبرة، وإن توهم بعض الرواة أنه الربيع بن وبرة، كما قال أبو نعيم، وابن صبيح سيء الحفظ. وسعيد هذا مجهول كما قال أبو حاتم والذهبي وغيرهما. وأحمد بن محمد العمي لم أعرفه. وأحمد بن محمد القرشي ومحمد بن علان ترجمهما الخطيب في تاريخه (5 / 12، 3 / 141) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر وحده، فتعقبه المناوي بقوله: " قضية تصرف المصنف أن هذا لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجب، فقد خرجه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور عن أنس المذكور، فكان ينبغي عزوه إليهما معا ". قلت: فشغله التعقب عما هو أهم منه، وهو بيان علله وضعفه، واقتصر في " التيسير " على قوله: " وإسناده ضعيف ". 1990 - " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء. فأفقههم في دين الله، فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وأحسنهم وجها، فإن كانوا في الصباحة والحسن - أحسبه قال: سواء - فأكبرهم حسبا ". ضعيف جدا. رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (324 - 325) من طريق الباغندي حدثنا حفص بن عمر الأيلي حدثنا أبو المقدام وابن أبي ذئب قالا: حدثنا الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة وأبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، حفص بن عمر الأيلي كذبه أبو حاتم وغيره. الحديث: 1990 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 وأبو المقدام متروك ، لكنه مقرون بابن أبي ذئب، فالعلة من الأيلي. والحديث منكر بهذه الزيادة: " فأصبحهم ... "، فقد أخرجه مسلم (2 / 123) وغيره من حديث أبي مسعود البدري مرفوعا نحوه بدون الزيادة، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (594) و" إرواء الغليل " (494) . نعم قد رويت هذه الزيادة من طرق أخرى عن عائشة وغيرها، خرجها السيوطي في " اللآلىء " (2 / 12) وابن عراق (2 / 103) ومع أنها كلها معلولة، فليس فيها أيضا: " ... فأكبرهم حسبا "! 1991 - " قرأ هذه الآية: " ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب "، قال: لما قالها يوسف عليه السلام، قال له جبريل عليه السلام: يا يوسف! اذكر همك، قال: " وما أبرئ نفسي " ". منكر. أخرجه الحاكم في " تاريخه " وابن مردويه والديلمي عن أنس رضي الله عنه مرفوعا. كذا في " الدر المنثور " (4 / 23) . وقد وقفت على إسناد الحاكم. أخرجه من طريقه الديلمي في " مسند الفردوس " (2 / 81 / 1) بسنده عن المؤمل بن إسماعيل: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس.. قلت: وهذا إسناد ضعيف علته المؤمل هذا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق سيء الحفظ ". وقد أورده الذهبي في " الميزان "، وحكى أقوال الأئمة فيه، وذكر له حديثا استنكره، وأعتقد أن هذا الحديث من مناكيره أيضا لأنه مع ضعفه قد خالف الثقات في رفعه، فقد رواه عفان بن مسلم وزيد بن حباب فقالا: عن حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن : فذكره موقوفا عليه مقطوعا. والحسن هو البصري. أخرجه ابن جرير الطبري في " تفسيره " (6 / 145 - شاكر) . الحديث: 1991 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وأبي الهذيل نحوه موقوفا. وهذا هو الصواب: الوقف، ورفعه باطل، فإنه مخالف لسياق القصة في القرآن الكريم، فقد ذكر الله تعالى عن الملك أنه: " قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء. قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين. ذلك ليعلم (تعني الملك) أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم ". فقوله: " وما أبرئ نفسي " هو من تمام كلام امرأة العزيز، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه ابن كثير في " تفسيره " فراجعه إن شئت. 1992 - " إن مريم سألت الله عز وجل أن يطعمها لحما ليس فيه دم، فأطعمها الجراد ". ضعيف. رواه العقيلي في " الضعفاء " (435) وتمام في " الفوائد " (98 / 1) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (89 / 2) وابن عساكر (19 / 267 / 2) عن حفص بن عمر أبي عمر المازني: حدثنا النضر بن عاصم أبو عباد الهجيمي عن قتادة عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الجراد؟ فقال: فذكره. وقال العقيلي: " النضر بن عاصم لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ". وقال الأزدي: " متروك الحديث ". قال الذهبي: " وله إسناد آخر ". الحديث: 1992 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 قلت: ثم ساقه من طريق أبي الفضل بن عساكر عن أبي عتبة الحمصي حدثنا بقية بن الوليد حدثنا نمير بن يزيد القيني عن أبيه: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: فذكره مرفوعا، وزاد: فقلت: اللهم أعشه بغير رضاع، وتابع بنيه بغير شياع. فقلت (القائل هو الذهبي) : يا أبا الفضل ( يعني ابن عساكر شيخه) : ما الشياع؟ قال: الصوت. قال الذهبي: " فهذا الإسناد على ركاكة متنه أنظف من الأول، ويريبني فيه هذا الدعاء، فإنها ما كانت لتدعوبأمر واقع، وما زال الجراد بلا رضاع ولا شياع! ". قال الحافظ: " وهذا الإشكال غير مشكل لجواز أن يكون الجراد ما كان موجودا قبل "! قلت: وحفص بن عمر المازني في الطريق الأول لم أعرفه، وفي الطريق الثاني أبو عتبة الحمصي، واسمه أحمد بن الفرج قال الذهبي: " ضعفه محمد بن عوف الطائي، قال ابن عدي: لا يحتج به هو وسط، وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق، ونمير بن يزيد القيني قال الذهبي: " قال الأزدي: ليس بشيء، قلت: تفرد عنه بقية ". قلت: فهو مثل النضر بن عاصم، فلا أدري ما وجه قول الذهبي في السند أنه أنظف من الإسناد الأول! والطريق الثاني أخرجه ابن قتيبة في " غريب الحديث " (1 / 103 / 2) من طريق عمرو بن عثمان عن بقية به. وعمرو هذا صدوق، وقد تابعه عيسى بن المنذر عند الحربي في " الغريب " (5 / 106 / 1 - 2) فقد برئت من الحديث عهدة أبي عتبة، وانحصرت الشبهة في بقية أوفي شيخه نمير، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 1993 - " لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة ". ضعيف. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (3 / 16) : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أشعت قال: سئل الحسن: أيغسل الشهداء؟ قال: نعم، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير أشعث، وهو ابن عبد الملك الحمراني، وهو ثقة، لكنه مرسل، فإن الحسن هو البصري، ولكنه من أقوى المراسيل، لأن مرسله قد احتج به كما ترى، فهو عنده صحيح قطعا، ولكن ذلك مما لا يحملنا على اعتقاد صحته، لجهالة الواسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو مقرر في علم المصطلح، لاسيما وهو معروف بالرواية عن الضعفاء والتدليس عنهم، فقد حدث مرة بحديث حدثه به علي بن زيد بن جدعان، ثم لما حدث به لم يذكر أنه تلقاه عن ابن جدعان! وكأنه لذلك قال الدارقطني: " مراسيله فيها ضعف ". نعم ، قد رواه مسندا معلى بن عبد الرحمن الواسطي حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثنا محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس قال: " قتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غسلته الملائكة ". أخرجه الحاكم (3 / 195) وقال: " صحيح الإسناد ". قلت: لكن رده الذهبي بقوله: " قلت: معلى هالك ". وأورده في " الضعفاء "، وقال ": " قال الدارقطني: كذاب ". الحديث: 1993 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 1994 - " ما أخاف على أمتي إلا ضعف اليقين ". ضعيف. أخرجه ابن نصر في " الصلاة " (172 / 1) والبخاري في " التاريخ " (3 / 1 / 264) وابن أبي الدنيا في " اليقين " (ق 2 / 1) والكلاباذي في " مفتاح المعاني " (234 / 1) وابن عساكر (14 / 375 / 1) من طريق سعيد بن أبي أيوب عن عبد الرحمن بن بزرج سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن بزرج، فأورده ابن أبي حاتم (2 / 2 / 216) من رواية سعيد هذا وابن لهيعة عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع البخاري. وأما ابن حبان، فذكره في " الثقات " (5 / 95) . الحديث: 1994 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 1995 - " اتقوا محاش النساء ". ضعيف جدا. الديلمي (1 / 1 / 45) عن عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا ابن أبي فديك عن علي بن أبي علي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. بيض له الحافظ، وإسناده ضعيف، علي هذا وهو اللهبي المدني: " قال أحمد: له مناكير . وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال ابن معين: ليس بشيء ". كذا في " الميزان "، وساق له من مناكيره أحاديث هذا أحدها. الحديث: 1995 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 1996 - " أثبتكم على الصراط أشد حبا لأهل بيتي وأصحابي ". موضوع. الديلمي (1 / 1 / 84) من طريق أبي نعيم عن الحسين بن علان: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان حدثنا الحسين بن حمران. حدثنا القاسم بن بهرام عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعا. الحديث: 1996 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، القاسم بن بهرام قال الذهبي: " له عجائب عن ابن المنكدر، وهاه ابن حبان وغيره ". والحسين بن حمران ومن دونه لم أعرفهم، لكن قال في " الفيض ": " وهو ضعيف، وسببه أن فيه الحسين بن علان، قال في " اللسان " عن أصله كابن الجوزي: وضع حديثا عن أحمد بن حماد ". قلت: ولم أجد هذا في " اللسان "، ولا في أصله " الميزان "، ولا في " الموضوعات " لابن الجوزي. فالله أعلم. ثم وجدته في " ( الحسن بن علان) - " اللسان " (2 / 221) . ومن عجائبه - أعني المناوي - أنه ينقل اتهام ابن علان بالوضع، ثم يقتصر على تضعيف الحديث كما رأيت، وكذا في كتابه الآخر: " التيسير "! وللحديث طريق أخرى عن جعفر بن محمد به. وفيه متهم عند ابن عدي (6 / 2303) وهو ابن الأشعت المتقدم تحت الحديث (1795) ولم يتكلم المناوي عليها بشيء! 1997 - " اثنان لا ينظر الله إليهما يوم القيامة، قاطع الرحم وجار السوء ". موضوع. الديلمي (1 / 1 / 85) عن أحمد بن داود عن محمد بن مهدي البصري عن أبيه عن أبان عن أنس مرفوعا. قلت: هذا إسناد موضوع، أبان - وهو ابن أبي عياش - كذبه شعبة، وقال: " لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان ". وقال ابن حبان: " روى عن أنس أكثر من ألف وخمسمائة حديث، ما لكبير شيء منها أصل يرجع إليه " ومحمد بن مهدي، لم أعرفه. وأبو هـ مهدي، هو ابن هلال البصري، كذبه يحيى بن سعيد، وقال ابن معين: الحديث: 1997 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 " يضع الحديث ". وأحمد بن داود إن كان ابن عبد الغفار الحراني المصري، أوابن أخت عبد الرزاق، فكلاهما متهم بالكذب . فالأول كذبه الدارقطني وغيره، وذكر له الذهبي من أكاذيبه أحاديث. والآخر قال أحمد: كان من أكذب الناس. 1998 - " أحبكم إلى الله تعالى أقلكم طعما، وأخفكم بدنا ". ضعيف. الديلمي (1 / 1 / 86) عن حفص بن عمر الفقيه الزاهد: حدثنا أبو بكر ابن عياش عن عباد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عباد هو ابن منصور الناجي ضعيف مدلس. وحفص بن عمر الفقيه الزاهد لم أعرفه. وقد أبعد المناوي النجعة، فضعف الحديث بأبي بكر بن عياش، وهو ممن احتج به البخاري! فقال: " ومن ثم رمز المؤلف لضعفه "! وهو خطأ مزدوج، فإن الحديث لا يعل بمن احتج به البخاري، وبخاصة إذا كان شيخه ضعيفا، ولا يجوز أن ينسب مثل هذا الإعلال إلى مثل السيوطي! ثم أفاد أنه رواه الحاكم في " تاريخه "، ثم أخطأ مرة أخرى فأطلق العزوللحاكم في " تيسيره "، فأوهم أنه في " مستدركه "! الحديث: 1998 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 1999 - " احذروا الشهرتين: الصوف والحمرة ". موضوع. الديلمي (1 / 1 / 21) عن محمد بن الحسين السلمي: أخبرنا الحسين ابن أحمد الصفار حدثنا أحمد بن عيسى الوشا حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا سفيان عن معمر عن الزهري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث: 1999 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 مرفوعا. بيض له الحافظ، وأحمد بن عيسى الوشا لم أعرفه، ويحتمل أن يكون هو التستري المصري الحافظ، وهو كما قال الذهبي: " موثق "! مع كونه من رجال الشيخين! لكن الراوي عنه الحسين بن أحمد الصفار، قال الحاكم: " كذاب لا يشتغل به ". ومحمد بن الحسين السلمي هو أبو عبد الرحمن الصوفي. قال الذهبي: " تكلموا فيه، وليس بعمدة. وفي القلب مما يتفرد به ". وقال الخطيب: " قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الأحاديث للصوفية ". قلت: فأنا أخشى أن يكون هذا من وضعه إن سلم من شيخه! قلت: مع كل هذه الآفات في إسناد هذا الحديث ، فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " وفي " الجامع الكبير " أيضا، وكان فيه أقرب إلى الصواب لأنه قال: " وضعف "! فرده المناوي بقوله: " وفيه أحمد بن الحسين الصفار، كذبوه ". كذا وقع فيه على القلب، ولم تتنبه له اللجنة القائمة على " الجامع الكبير "، فنقلته عنه مقلوبا، والصواب " الحسين بن أحمد الصفار "، كما سبق. 2000 - " ما امعرّ حاج قط ". ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 110 / 2) عن شريك عن محمد بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا، وقال: " لم يروه عن ابن المنكدر إلا محمد بن زيد ". قلت: وهو محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ وهو ثقة، لكن الراوي عنه شريك وهو الحديث: 2000 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 ابن عبد الله القاضي ضعيف لسوء حفظه، ولذلك أخرج له مسلم متابعة، فلا تغتر بقول من أطلق فقال: " ورجاله رجال الصحيح "، كالمنذري (2 / 114) والهيثمي (3 / 280) ومن قلدهما كالمناوي والغماري، فإنه ذكر الحديث في " كنزه "! ولم يتفرد به محمد بن زيد، فقد أخرجه ابن عساكر (5 / 327 / 2) من طريق محمد بن خالد بن عثمة: أخبرنا عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه به. وعبد الله بن محمد بن المنكدر لم أجد من ترجمه، ولم يذكره الحافظ في الرواة عن أبيه، وإنما ذكر ابنيه يوسف والمنكدر فقط. وفي الطريق إليه جماعة لا يعرفون. وعلي بن أحمد بن زهير التميمي قال الذهبي: " ليس يوثق به "   انتهى المجلد الرابع من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة ". ويليه بإذن الله تبارك وتعالى المجلد الخامس وأوله: 2001 - (احذروا الشهو ة الخفية. . .) والله عز وجل هو المسؤول أن ييسر لي طبع بقية المجلدات، وهي تتم اثني عشر مجلداً، بل تزيد " وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا، وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ". " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ". " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ". أما بعد، فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل مُحْدَثة بدعةٌ، وكل بدعة ضلالةٌ، وكل ضلالة في النار. وبعد، فإن بين يدي القارئ الكريم المجلدَ الخامسَ من كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيّئ في الأمة "، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 نقدمه اليوم إلى قرائنا حاوياً- كما هي العادة- خمسمئة حديث رئيس بين ضعيف وما دونه، فضلاً عما يحويه التخريج والفوائد من أحاديث أخرى ضعيفة، وأحاديث صحيحة؛ سيقت لبيان البديل عن الحديث الضعيف، المترجَم، أو لدعم فكرة عولجت، أو ما شابه ذلك مما يضطرنا إليه التخريجُ والبحثُ والتحقيقُ، بالإضافة إلى بعض الآثار عن السلف؛ نوردها للاستئناس بها حيناً، ولغير ذلك أحياناً أخرى. ثم إن هذا المجلد قد حوى الكثير من الأحاديث الضعيفة التي يوجد في السنة الصحيحة ما يغني عنها، وإنما خُرِّجت هنا لزيادةٍ منكرة في بعضها، أو نكارة في ألفاظها كلاً أو جزءاً، أو مخالفةِ بعضها للأحاديث الصحيحة، أو أنها تحمل في طواياها تشريعاً مُحْدثاً لا أصل له في الشريعة.. إلى غير ذلك من المخالفات التي يلحظها المتأمل في فقهها ودلالتها، ويحسبها الجاهلُ أو الغافلُ من الأحاديث الصحيحة، بل إن بعضها قد يلهج بها من يظنه بعضُ الناسِ أنه من كبار الدعاة إلى الإسلام كالحديث (2176) كما يأتي. ويمكنك أخي القارئ تتبّع أمثلة من هذا في الأحاديث ذوات الأرقام (2013 و 2016 و 2017 و 2030 و 2042 2412 و 2173 و 2766 و 2305 و 2322) وغيرها كثير وكثير جداً. هذا، وقد تضمن الكتاب- بفضل الله- الكثير من الأبحاث والتحقيقات الحديثية والفقهية- وقد أُشيرَ إلى بعضها في هذه المقدمة-، وبعض الردود العلمية، والفوائد الكثيرة التي يجدها القارئ مبثوثة في طياته، ويمكن الاستعانة على تتبعها بواسطة فهرس المواضيع والفوائد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 فمن الأبحاث الحديثية الهامة ما جاء في تخريج الحديث (2112- اختن إبراهيم وهو ابن عشرين ومئة ... ) من بيان أن قاعدةَ تقوية الحديث بكثرة طرقه ليست على إطلاقها، وأنه لا يستطيع ة تطبيقها إلاَ أهل المعرفة المتمكَنين في هذا العلم، وهذا الحديث أوضح مثال على ذلك -لبيان فهم هذه القاعدة. ومن هذا القبيل أيضاً الحديث (2328- إن الجنة تشتاق إلى أربعة..) . ومن الأبحاث الفقهية ما جاء تحت الحديثين (2107 و 2355) من بيان أن السنةَ التي جرى عليها عملُ السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إعفاءُ اللحية إلا ما زاد على القبضة؛ فيُقصَ، وتأييد ذلك بنصوص عزيزة عن بعض السلف، وبيان أن إعفاءها مطلقاً هو من قبيل ما سماه الإمام الشاطبي بـ (البدع الإضافية) . ومنها أيضاً ما جاء تحت الحديث (2176- لهم ما لنا، وعليهم ما علينا) من بيان مخالفةِ هذا الحديثِ للنصوصِ القطعية من قرآنٍ وسنةٍ صحيحة، ومع هذا فهو منتشر بين خاصة المسلمين، فضلاً عن عامَتهم، وكأنه تشريع صحيح، وبيان أنه صحَ فيمن أسلم من المشركين! فما بال كثير من الكتاب والدعاة الإسلاميين اليوم يشيعونه بين الشباب المسلم، ويتوسعون في تطبيقه توسعاً فاقَ التزامَهم بالكثير مما هو صحيح صريح؟! لعمر الله! إن في هذا مصداقَ ما عَنْوَنَا به كتابنا هذا: " الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة "، فهذا من الأسباب التي تحملني على بيأنها، ونشرِ الوعي والمعرفةِ بها، ومثلُ هذا الحديث في أثره السيَئ في الأمة ما لا يُعد ولا يُحصى؛ كما لا يخفى، فإن بإمكان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 الكثيرين أن يلمسوا هذا الأثر في حياتهم العامة والخاصة، ويعُوا مبلغَ تأثيرِ انتشارِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ والعملِ بها، والله المستعان! ومن الردودِ العلميةِ في هذا المجلد، ما يجدهُ القارىءُ تحت الأحاديث (2017 و 2150 و 2209 و،2234.. وغيرها) ، وهي تدورُ حولَ الردِّ على من صحح حديثَ نهي الرجال عن تعليم النساء الكتابةَ كالهيثمي والشوكاني والكتاني! والردَ على الدكتور القلعجي، وبيان ما وقع له من الخبط والخلط في تصحيح حديث في فضل (ابن سمية) ، والرد على الغماري في إيراده الأحاديث الضعيفة في " كنزه "! ويجد في طياته الكثير من التحقيقات حول تراجم بعض الرجال بشكل مبسط تحت الأحاديث (2039 و 2145 و 2151 و 2164 و 2175 و 2499 و ... غيرها) ، هذا فضلاً عن التراجم المعتادة التي لا بد منها. وللأسف! فإنك تجد في هذا المجلد الكثير من الأحاديث الموضوعة والموقوفة مما أودعه السيوطي رحمه الله في " جامعه "، وهو خلاف شرطه! أمثال الأحاديث (2006 و 2010 و 2165 و 2192 و ... ) وغيرها كثير، وكذلك تجد العديد من الأحاديث صححها الحاكم، ووافقه الذهبي في بعضها! وفي كثير منها خالفه؛ فأصاب. هذا وإن مما قد يحسن الإشارة إليه أن هذا المجلد حوى تخريج العديد من الأحاديث من مصادرَ عزيزة مخطوطة أمثال الأحاديث (2034 و2040 و 2059 و 2071 و 2077 و ... غيرهًا) . وكذلك مما يحسن التنبيه إليه أنه سيمر بالقراء الكرام العزو مني كثيراً إلى " ضعيف أبي داود " بالأرقام، وربما إلى قسيمه " صحيح أبي داود " الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 أيضاً، فينبغي الانتباه أن المقصود بكل منهما هو أمّ " الضعيف " و " الصحيح " الذي في كل منهما بسط الكلام على أسانيدهما ورجالهما، وليس المطبوع منهما باسم " صحيح أبي داود " وضعيف أبي داود " اللذين ليس فيهما إلا الإشارة إلى مرتبتهما فقط من صحة أو ضعف، وليكن هذا قاعدة مضطردة في كل عزو يُرَدُّ إليهما في شيء من كتبي. ومن الجدير بالذكر أخيراً أن أقول: إنه وبعد مضي السنوات الطويلة على دعوتنا إلى وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وإلى مبدأ (التصفية) بصورة خاصة، تصفية الإسلام من البدع والمنكرات والأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ التي حجبت نور الإسلام بعض الوقت، وبددتْ جهود المسلمين في سُبُل عاقت مسيرتهم وتقدمهم، وجلِ الله القائل: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون "، والتي كان من وسائل تحقيق تلك الدعوة نشر " السلسلتين ": " الصحيحة " و " الضعيفة "؛ نجد أننا بدأنا نلمس انتشار الوعي بين عامة المسلمين، فضلاً عن خاصتهم، وذلك ببزوغ نزعة التحري والتثبت فيما إذا كان الحديث الذي يسمعونه أو يقرؤونه صحيحاً أم ضعيفاً، وما ذلك في ظني إلا بدايات إثمار البذور والغراس التي بذرناها وغرسناها منذ نحو نصف قرن من الزمان، ولازلنا- بحمد الله وفضله- مستمرين على هذا، مؤكدين دوماً وجوبَ الأخذ بما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وترك كل ما هو غير صحيح؛ مع لزوم معرفته خشية اعتباره ديناً، فإن معرفة الصحيح من الضعيف سِكَّتان متوازيتان على خط واحد، لا تلتقيان؛ نعرف الصحيح ونلتزمه وندعو إليه، ونعرف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 الضعيف فنحذره ونحذّر منه، ولله درّ حذيفة رضي الله عنه حيث قال: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، ورحم الله القائل: عرفت الشر لا الشر *** لكن لتوقّيه ومن لا يعرف الخير *** من الشر يقع فيه أقول: هذه الصحوة، والحمد لله أصبحت ظاهرة تلمسها وتسمع عنها، فكثير من الكتّاب والمدرسين والخطباء تجدهم يعْنَون بهذا الأمر، ويحرصون على التزام ما صح من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر إمكاهم، ناهيك عن ظهور العديد من طلاب العلم الذين أخذوا تخصصون في هذا العلم، والذين نرجو لهم الثبات والفلاح، والإخلاص في طلبهم العلم لله، ومع هذا فإن في الساحة مع الأسف بوادرَ سيئةً جداً من تسلط الكثير من الشباب على هذا العلم؛ للشهرة أو المال، وساعدهم على ذلك بعض الطابعين أو الناشرين الذين لا هَمّ لهم إلا تكثير مطبوعاتهم، وإملاء جيوبهم، ولعلي تعرّضت لهم في بعض ما كتبتُ. واَخر ما وقفتُ عليه من ذلك ما قام بطبعه ثلاثةٌ من دور النشر! بتعليق ثلاثةٍ من المحققين - زعموا- لكتاب " الترغيب " للحافظ المنذري في أربع مجلدات كبار، كل مجلد في أكثر من سبعمئة صفحة! أتيح لي الاطلاع على كتاب الحج منه في المجلد الثاني، فأنا ذاكر للقراء الكرام بعض النماذج التي تيسر لي نقدها، وتبين أنهم مع الأسف من أولئك الشباب! 1- قالوا (ص 154) شارحين: " بجَمْع: بعرفات "! والطلاب الصغار يعرفون أن (جَمْع) : مزدلفة. (انظر " الضعيفة " 6613) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 2- (ص 115) ضعّفوا الحديث (1663) مع نقلهم عن الهيثمي أنه قال: " ورجاله رجال الصحيح "، وكذا قال المنذري، ولم يبينوا سبب التضعيف، وقد أصابوا- وكان ذلك منهم رمية من غير رام- لأنهم لا يرجعون إلى الأصول ودراسة الأسانيد، والحكم عليها بما تقتضيه القواعد العلمية لجهلهم بها، يدلك على ذلك أنهم (ص 150) حسنوا الحديث (1726) ، وقد أخطأوا مع نقلهم عن الهيثمي أنه قال أيضاً: " ورجاله رجال الصحيح "! ويرون أمامهم قول المنذري: " رواه الطبراني بإسناد صحيح "! فما هو السبب في اختلاف موقفهم تجاه توثيق هذين الحافظين؟! نحن لا نُلزمُهم بالتقليد إن كانوا من أهل العلم والاجتهاد في هذا المجال، لكن عليهم على الأقل أن يبينوا سبب المخالفة هنا وهناك؛ وعبارتهما واحدة، أو أن يقلدوا ولا يجتهدوا، وهم بعد لما يتحصرموا! لأنهم في كثير مما حسّنوا أخطاؤا، فانظر مثلاً الحديث الآتي (2004) ، فقد حسنوه وفيه مجهول! 3- لقد حسنوا بالشواهد- زعموا- الحديث المنكر: " غبار الدينة شفاء من الجذام "، وليس له إلا إسنادان مرسلان واهيان جداً مع اختلافهما في المتن، وقد بينت ذلك مفصلاً في " الضعيفة " برقم (3957) ، فهم مثال صالح جديد لما نبهت عليه آنفاً: أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وأنه لا يُحْسِن تطبيقها إلا.. المتمكنون في هذا العلم. والله المستعان. 4- وعلى العكس من ذلك، فهم يضعّفون الأحاديث الصحيحة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 لجهلهم بالقواعد العلمية وتطبيقها، وبأقوال العلماء المرضية وفهمها، وقصر باعهم بتتبع الطرق والشواهد والحكم عليها، ومن الأمثلة على ذلك الحديث الخرج في " الصحيحة " (3333) ، والكلام عليهم طويل الذيل جداً، وبما ذكرت من الأمثلة تحصل العبرة والذكرى لمن أراد أن يتذكر. يضاف إلى ذلك أننا لا نزال مع الأسف نجد الكثيرين، ولا سيما خطباء المساجد، يسوقون أحاديث ضعيفة، ويستدلون بها، ويبنون عليها أحكاماً شرعية! غير آبهين ولا عابئين بمسؤولية هذا الأمر عليهم أمام ربهم، وأمام من ينصت إليهم، بل ربما يظنون أنهم يحسنون صنعاً! وإني لأعجب أشد العجب من الخطباء بصورة خاصة؛ كيف يعدّ أحدهم خطبة صلاة الجمعة، ولا يستحضر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من كَذَبَ عليَّ متعمداً، فليتبوأ مقعدَه من النار "، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن كَذِباً عليّ ليسَ ككذبٍ على أحدٍ، فمن كذبَ عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار ". فنقول لهؤلاء: هذا قولٌ صحيحٌ صريحٌ في التحذيرِ من التحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد التثبت، فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ومما ينبغي أن يعلم أن الحديث المذكور ة " من كذب علي متعمداً ... " قد ورد مخرجاً في هذا المجلد، برقم (2030) ، لكن بزيادة: " ليضل به الناس "، وبينت هناك أنها زيادةٌ مستغربةٌ، وإسنادها ضعيف؛ في بحثٍ يحسُن الرجوع إليه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 وبهذه المناسبة وعلى سبيل العبرة، أذكر ما سمعته نهار أمس (30 رجب سنة 1416) من خطيب المسجد، وهو يحثّ الناسَ على التعاون، وقضاء حاجة المسلم، ويقرأ لهم من ورقتين أحاديثَ كتبها، أو كُتِبتْ له، وأكثرُها ضعيف لا يصحّ، وكان يعلق على بعضها من ذاكرته، ويرفع بذلك صوتَه، فذكر جملةً متداولة اليوم؛ وهي: " الدين المعاملة "، فكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونسبها إليه أكثر من مرة، بل إنه زاد في الطين بلة، فزعم أنها من مفاخر الإسلام، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حصر الإسلام في كلمتين فقط: " الدين المعاملة "! ولعله لجهله اشتبه عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الدين النصيحة "! ولا أصل لذلك، ولا في الأحاديث الموضوعة! والله المستعان. ولا يفوتني أن أذكّر بما يأتي: طال ما أقول مذكراً إخواني: إن العلم لا يقبل الجمود، أكرر ذلك في مجالسي ومحاضراتي، وفي تضاعيف بعض مؤلفاتي (1) ، وذلك مما يوجب على المسلم أن يتراجع عن خطئه عند ظهوره، وأن لا يجمد عليه، أسوة بالأئمة الذين كان للواحد منهم في بعض الرواة أكثر من قول واحد توثيقاً وتجريحاً، وفي المسألة الفقهية الواحدة أقوال عديدة، وكل ذلك معروف عند العلماء. من أجل ذلك فإنه لا يصعب علي أن أتراجع عن الخطأ إذا تبين لي، و " ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُون ". ولذلك فإني أقول:   (1) انظر مقدمة الطبعة الجديدة للمجلد الأول من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " ومقدمة المجلد السادس من " سلسلة الأحاديث الصحيحة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 سيجد القراء الكرام أني نقلت إلى هذا المجلد من " السلسلة الصحيحة " الحديثين (2303- تكون إبل للشياطين..) و (2304- إن الله يبغض كل جعظري جوَّاظ ... ) ، وقد كانا فيها برقم (93) و (195) . وقد جعلتهما هنا لعلة مبينة في التخريج الآتي. أقول هذا أداء للأمانة، ونصحاً للأمة، وبياناً لمن ألقى السمع، غير اَبه لتقول المتقوِّلين، وافتراء المفترين، أمثال من عدا علينا، وغمطنا حقنا، ولولا خشية الإطالة والإملال لبينت هذا ببعض البيان، لكن فيما عزوتُ إليه في الهامش آنفاً غُنية وكفاية. وختاماً أقول ... لعنك أخي القارئ تعود إلى قراءة مقدمة الطبعة الأولى من المجلد الأول من هذه السلسلة، بما فيه (تمهيد في الأحاديث الضعيفة والموضوعة) ، ومقدمة المجلد الثاني منها أيضاً؛ لاستكمال الفائدة من هذا الكتاب وغيره مما هو في موضوعه، سائلاً المولى سبحأنه وتعالى أن يتقبل مني خدمتي لحديث نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأن يجعله خالصاً لوجهه، وأن يدخر لي أجره ليوم القيامة " يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ". وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أنْ لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. عمان- منتصف الأحد 2 شعبان سنة (1416) محمد ناصر الدين الألباني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 2001 - " احذروا الشهو ة الخفية: الرجل يتعلم العلم يحب أن يجلس إليه ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/21) عن الفضل بن عبد الله اليشكري: حدثنا مالك بن سليمان : حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن محمد بن عجلان عن أبي صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحافظ في " مختصره ": " قلت: ابن أبي يحيى ضعيف، و". كذا نقلته عن خطه، لم يذكر المعطوف على ابن أبي يحيى، ولعله أراد أبا صالح مولى التوأمة، فإنه ضعيف أيضا، لكن ابن أبي يحيى أضعف منه، فإنه متهم بالكذب. أومالك بن سليمان، وهو الهروي؛ قال العقيلي والسليماني: " فيه نظر ". وضعفه الدارقطني. والفضل بن عبد الله اليشكري شر منه. قال ابن حبان: " يروي عن مالك بن سليمان وغيره العجائب. لا يجوز الاحتجاج به بحال ". الحديث: 2001 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 2002 - " مثل بلال كمثل نحلة غدت تأكل من الحلووالمر، ثم هو حلوكله ". ضعيف رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/147/181 - مكتبة الحديث: 2002 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 المعارف) ، ومن طريقه ابن عساكر (3/233/1 و10/333 - طبع المجمع) عن عبد الله بن سليمان عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم عن ابن حجيرة عن أبي هريرة رفعه. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل أبي السمح، فإنه صاحب مناكير، وبخاصة في روايته عن أبي الهيثم. وعبد الله بن سليمان - وهو الحميري - قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الحكيم عن أبي هريرة. وقال المناوي: " ورواه عنه الطبراني باللفظ المزبور، فلوعزاه إليه كان أولى. قال الهيثمي : وإسناده حسن اهـ. فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه من ضيق العطن. وقد ذكر المصنف عن ابن الصلاح والنووي أن الكتب المبوبة أولى بالعزوإليها والركون لما فيها من المسانيد وغيرها، لأن المصنف على الأبو اب إنما يورد أصح ما فيه، فيصلح الاحتجاج به ". أقول: ليس هذا بمضطرد، فكم من أحاديث ضعيفة في الكتب المبوبة، يعلم ذلك كل من مارس فن التخريج والتحقيق، وهذا منه. والحديث في " مجمع الزوائد " (9/300) برواية " الأوسط "، وحسنه كما تقدم! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 2003 - " من لم يدرك الغزومعي؛ فليغز في البحر، فإن غزوة البحر أفضل من غزوتين في البر، وإن شهيد البحر له أجر شهيدي البر، إن أفضل الشهداء عند الله أصحاب الوكوف، قالوا: وما أصحاب الوكوف؟ قال: قوم تكفأ بهم مراكبهم في سبيل الله ". ضعيف رواه ابن أبي شيبة (5/314 - 315) : نا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز، عن علقمة بن شهاب مرسلا. وكذا رواه ابن المبارك " في الجهاد " (196) ، ومن طريقه ابن عساكر ( 11/400/1) عن سعيد به. وسعيد هذا سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، ووثقه ابن حبان (5/212) . وأخرجه عبد الرزاق (5/286) من طريق آخر عن علقمة مرفوعا نحوه، وفيه عبد القدوس بن حبيب الكلاعي، وهو متهم. وقد وصله بعض الضعفاء، فجعله من مسند واثلة بن الأسقع. أخرجه ابن عساكر من طريق الطبراني، وهذا في " الأوسط " (2/227/2/8517 و9/161/8348 - ط) عن عمروبن الحصين: نا محمد بن عبد الله بن علاثة عن سعيد بن عبد العزيز عن علقمة بن شهاب عن واثلة بن الأسقع مرفوعا مختصرا، دون قوله: " فإن غزوة البحر ... ". قال الطبراني: الحديث: 2003 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 " تفرد به عمروبن الحصين ". قلت: وهو كذاب كما قال الخطيب، واتهمه غيره. وتساهل الهيثمي فقال في " المجمع " (5/281) ، وتبعه المناوي: " وهو ضعيف "! أشار لضعف الحديث المنذري في " الترغيب " (2/281) . 2004 - " الشهداء أربعة: رجل مؤمن جيد الإيمان، لقي العدوفصدق الله فقتل، فذلك الذي ينظر الناس إليه هكذا: ورفع رأسه حتى سقطت قلنسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوقلنسوة عمر. والثاني رجل مؤمن لقي العدو، فكأنما يضرب ظهره بشوك الطلح، جاءه سهم غرب، فقتله، فذاك في الدرجة الثانية. والثالث رجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا، لقي العدو، فصدق الله عز وجل حتى قتل، قال : فذاك في الدرجة الثالثة. والرابع رجل مؤمن أسرف على نفسه إسرافا كثيرا، لقي العدو، فصدق الله حتى قتل، فذلك في الدرجة الرابعة ". ضعيف رواه الترمذي (3/8 - 9 - تحفة) وحسنه، وأحمد (رقم 146 و150) ، وأبو يعلى (1/216 - 217/252) من طريق ابن لهيعة: سمعت عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني أنه سمع فضالة بن عبيد يقول: سمعت عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو يزيد الخولاني مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " تبعا للذهبي، حيث قال في " الميزان ": " لا يعرف ". الحديث: 2004 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 قلت: وابن لهيعة ضعيف أيضا، لكن رواه الحربي في " غريب الحديث " (5/114/2) ، وكذا البيهقي في " شعب الإيمان " (4/29/4262) من طريق ابن المبارك عن عبد الله بن عقبة عن عطاء بن دينار به. وابن عقبة هو عبد الله بن لهيعة نسب في هذه الرواية لجده. وقال ابن كثير في " مسند الفاروق " (2/465 - 466) بعد أن ساق إسناد أحمد: " وهكذا رواه علي بن المديني عن أبي داود الطيالسي عن ابن المبارك عن ابن لهيعة به، وقال: هذا حديث مصري، وهو صالح "! ! وابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة، ومنهم عبد الله بن المبارك، وهذا من روايته كما ترى، فعلة الحديث أبو يزيد الخولاني لجهالته، فتحسين الشيخ أحمد شاكر لهذا الحديث تبعا للترمذي غير حسن، بل هو من تساهله، لا سيما وقد اعترف بجهالة الخولاني هذا! وأما تحسين المعلقين الثلاثة على الطبعة الجديدة لكتاب " الترغيب " (2/297) فمما لا يلتفت إليه، لأنهم مجرد نقلة، بل إنهم لا يحسنون النقل عن العلماء ولا الفهم عنهم، والكلام فيهم طويل الذيل، فانظر المقدمة. 2005 - " كفر بالله العظيم جل وعز عشرة من هذه الأمة: الغال، والساحر، والديوث، وناكح المرأة في دبرها، وشارب الخمر، ومانع الزكاة، ومن وجد سعة ومات ولم يحج، والساعي في الفتن، وبائع السلاح أهل الحرب، ومن نكح ذات محرم منه ". موضوع رواه ابن عساكر (15/143/1) عن محمد بن خالد الدمشقي: الحديث: 2005 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 حدثنا مطر بن العلاء عن حنظلة بن أبي سفيان عن أبيه عن البراء بن عازب مرفوعا. أورده في ترجمة محمد بن خالد هذا، وذكر أنه الفزاري قرابة مطر بن العلاء، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي طبقته من " الميزان " و" لسانه ": " محمد بن خالد الدمشقي عن الوليد بن مسلم؛ قال أبو حاتم: كان يكذب ". فالظاهر أنه هذا. وشيخه مطر بن العلاء ترجمه ابن عساكر (16/295/2) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، غير أنه روى عن أبي حاتم أنه قال فيه: " شيخ ". والحديث أورده السيوطي من رواية ابن عساكر هذه، وتبعه المناوي في " الفيض " بقوله: " وظاهر صنيع المؤلف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر، مع أن الديلمي أخرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور من هذا الوجه ". ولم يتكلم عليه بشيء؛ تضعيفا أوتصحيحا، وكذلك فعل في " التيسير "! 2006 - " سموا أسقاطكم، فإنهم من أفراطكم ". موضوع رواه أبو الحسين الكلابي في " نسخة أبي العباس طاهر التميمي "، وابن عساكر ( 12/249/2) عن هشام بن عمار قال: نا البختري بن عبيد: - قال هشام: " وذهبنا إليه إلى (القلمون) - في موضع يقال له: (الأفاعي) " - قال: نا أبي: قال : نا أبو هريرة مرفوعا. قلت: والبختري هذا متهم. قال أبو نعيم والحاكم والنقاش: الحديث: 2006 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 " روى عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات ". وقال ابن حبان: " ضعيف ذاهب لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد، وليس بعدل، فقد روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب " كما في " التهذيب "، وهو في كتاب ابن حبان ( 1/203) نحوه. وقال الأزدي: " كذاب ساقط ". وفي " المغني " و" التقريب ": " متروك ". قلت: ومع هذا كله، أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر وحده! وبيض لإسناده المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء! وقد خفي هذا الحديث على ابن الملقن، فقال في " العقيقة " من كتابه الكبير " البدر المنير ": " غريب " كما في " خلاصته " (2/391/2711) ، ويعني أنه لا يعلم من رواه كما نص عليه في المقدمة (1/4) . وتبعه على ذلك الحافظ ابن حجر، فقال في " التلخيص " (4/147) : " لم أره هكذا ". ثم ذكر أحاديث ليس فيها الأمر بالتسمية، لا يصح أكثرها، منها حديث: " إذا استهل الصبي صارخا سمي، وصلي عليه ... " الحديث. وهو مخرج في " الإرواء " (6/147) تحت الحديث (1707) . فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 2007 - " الغدووالرواح إلى المساجد من الجهاد في سبيل الله ". موضوع رواه الطبراني في " الكبير " (8/208/7739) ، وعنه ابن عساكر (5/64/2) : نا الحسين التستري: نا الحسين بن أبي السري العسقلاني: حدثنا محمد بن شعيب: حدثنا يحيى بن الحارث الذماري عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. أورده ابن عساكر في ترجمة العسقلاني هذا، وهو الحسين بن المتوكل، وروى عن أخيه محمد بن أبي السري أنه قال: " لا تكتبوا عن أخي، فإنه كذاب ". يعني الحسين بن أبي السري، وعن أبي عروبة أنه قال: " هو خال أمي، وهو كذاب ". قلت: فهو علة الحديث، وقد ذهل عنها الهيثمي، فأعله بما ليس بعلة، فقال ( 2/29) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه القاسم بن عبد الرحمن، وفيه اختلاف "! وأقره المناوي، فلم يعله بغير القاسم! وسبقهما إلى ذلك المنذري (1/129) ! ثم أخرجه ابن عساكر (18/25/1) عن ابن أبي السري: نا الوليد بن مسلم عن يحيى ابن الحارث به. وقد رواه إسماعيل بن عياش عن يحيى بن الحارث الذماري عن القاسم بإسناده.. فذكر حديثا غير هذا مرفوعا. ثم عقبه بقوله: " وقال أبو أمامة: الغدووالرواح ... "، فذكره موقوفا عليه، وهو الصواب. وإسناده حسن. الحديث: 2007 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 2008 - " إن آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه، وأمله خلفه، فلما أصاب الذنب، جعل الله أمله بين عينيه، وأجله خلفه، فلا يزال يأمل حتى يموت ". منكر رواه ابن عساكر (2/324/2) عن جماعة، قالوا: أنا أبو بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي الفقيه - نزيل هراة قدم مرو-: نا أبو الفضل منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت الكاغدي: أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج الشاشي: نا عيسى بن أحمد: نا النضر بن شميل: أنا عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ أبو سعيد الشاشي فمن فوقه، أما الكاغدي وأبو بكر الشاشي، فلم أعرف حالهما، والأول قال فيه ابن العماد في " الشذرات ": " مسند ما وراء النهر ". وأما الشاشي؛ ففقيه شافعي مشهور، له ترجمة في " الشذرات " (3/375) . والحديث رفعه منكر عندي فقد رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 48) ، وابن عساكر من طرق عن الحسن، قال: فذكره موقوفا عليه، وهو الأشبه، ولعله من الإسرائيليات. وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء! الحديث: 2008 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 2009 - " إن إبليس ليضع عرشه على البحر دونه الحجب، يتشبه بالله عز وجل، ثم يبث جنوده، فيقول: من لفلان الآدمي؟ فيقوم اثنان، فيقول: قد أجلتكما سنة، فإن أغويتماه وضعت عنكم التعب، وإلا صلبتكما ". ضعيف رواه أبو نعيم في " الحلية " (2/28 - 29) ، وابن عساكر (8/65/2) عن يحيى ابن طلحة اليربوعي: حدثنا أبو بكر بن عياش عن حميد - يعني الكندي - عن عبادة ابن نسي عن أبي ريحانة مرفوعا. قال: فكان يقال لأبي ريحانة: لقد صلب فيك كثيرا! قلت: وهذا سند ضعيف. يحيى بن طلحة لين الحديث كما في " التقريب ". وحميد الكندي؛ لا يعرف إلا برواية أبي بكر بن عياش عنه. كذلك أورده ابن أبي حاتم (1/2/232) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره على قاعدته في " الثقات " (6/192) بهذه الرواية أيضا! والحديث قال في " المجمع " (1/114) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه يحيى بن طلحة اليربوعي، ضعفه النسائي، وذكره ابن حبان في (الثقات) (1) ".   (1) ج9/262، وقال: " كان يغرب ". وخلط بينه وبين يحيى بن طلحة بن عبيد الله القرشي - الثقة - محقق " الإحسان "، فجعلهما في فهرسه (ص 268) واحدا! وفرق بينهما في التخريج، وهو الصواب. اهـ. الحديث: 2009 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 (تنبيه) : أبو ريحانة اسمه (شمعون) بالشين المعجمة، وقيل بالمهملة، ولم أره في النسخة المطبوعة من " المعجم الكبير "، ولا في " الأسماء والكنى ". والله سبحانه وتعالى أعلم. 2010 - " ما أنعم الله تعالى على عبد من نعمة، فقال: الحمد لله؛ إلا وقد أدى شكرها ، فإن قالها الثانية؛ جدد الله له ثوابها، فإن قالها الثالثة؛ غفر الله له ذنوبه ". موضوع أخرجه الحاكم (1/507 - 508) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (4/98/4402) ، والديلمي (4/30) من طريق أبي معاوية عبد الرحمن بن قيس: حدثنا محمد بن أبي حميد عن جابر رضي الله عنه مرفوعا، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: ليس بصحيح؛ قال أبو زرعة: عبد الرحمن بن قيس كذاب ". وقال في ترجمته من " الميزان ": " كذبه ابن مهدي وأبو زرعة، وقال البخاري: ذهب حديثه، وقال أحمد: لم يكن بشيء، وخرج له الحاكم في " المستدرك " حديثا منكرا، وصححه ". ثم ساق هذا الحديث. والحديث رمز له في " الجامع الصغير " بالصحة، وكأنه تبع في ذلك الحاكم، وقد أخطأ. أقول هذا مع الشك في كون هذه الرموز من السيوطي نفسه كما تراه مبينا في مقدمتي له " صحيح الجامع الصغير " و" ضعيف الجامع الصغير ". الحديث: 2010 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 وقال المنذري في " الترغيب " (2/251) متعقبا له: " في إسناده عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية الزعفراني؛ واهي الحديث، وهذا الحديث مما أنكر عليه ". 2011 - " ما أنعم الله على عبد نعمة، فحمد الله عليها؛ إلا كان ذلك أفضل من تلك النعمة وإن عظمت ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الكبير " (7794) من طريقين عن سويد بن عبد العزيز عن ثابت ابن عجلان عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وسويد بن عبد العزيز متروك. وكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10/95) . وقال المنذري: " رواه الطبراني، وفيه نكارة ". قلت: لكنه قد روي بإسناد آخر خير من هذا نحوه، دون قوله: " وإن عظمت "، ولفظه: " ما أنعم الله على عبد نعمة، فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ ". أخرجه ابن ماجه (2/422) ، وابن السني (رقم 350) ، والخرائطي في " فضيلة الشكر " (1/2) ، والضياء (ق 130/2) من طريق أبي عاصم عن شبيب بن بشر، عن أنس مرفوعا. ولفظ الخرائطي: " إلا كان الحمد أكثر من النعمة ". الحديث: 2011 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، ثقة من رجال الستة، وشبيب بن بشر: صدوق يخطىء كما في " التقريب ". وفي " زوائد ابن ماجه ": " إسناده حسن. شبيب بن بشر مختلف فيه ". 2012 - " ما أنعم الله على عبد نعمة في مال، أوأهل، أوولد، فقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، فيرى فيها آفة دون الموت، وقرأ: " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ". ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في " الشكر " (رقم 1) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (4/124) ، والطبراني في " الصغير " (ص 122) ، وفي " الأوسط " ( 1/257/1/4421 - بترقيمي) ، وابن السني (رقم 351) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 161) ، والخطيب في " التاريخ " (3/199) من طريق عمر بن يونس اليمامي: حدثنا عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس مرفوعا. وليس عند ابن السني قوله: " ثم قرأ.. إلخ ". وكذلك أورده السيوطي في " الجامع "، وقال: " رواه أبو يعلى، والبيهقي في (الشعب) "، ثم رمز له بالضعف. وقال الطبراني في " الصغير ": " لا يروى إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو إسناد ضعيف. قال الأزدي: الحديث: 2012 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 " عيسى بن عون عن عبد الملك لا يصح حديثهما عن أنس ". وقال في " المجمع " (10/140) : " وفيه عبد الملك بن زرارة، وهو ضعيف ". وبالراويين أعله المناوي في " فيض القدير "، ولذلك جزم بضعف إسناده في " التيسير ". وزاد ابن أبي الدنيا وغيره بينهما (حفص بن الفرافصة) ، وهو مجهول؛ وإن وثقه ابن حبان (6/195) . 2013 - " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، فإن خرج الدجال، عصم منه ". ضعيف جدا أخرجه الضياء في " المختارة " (1/155) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي: حدثنا عبد الله بن مصعب بن منظور بن زيد ابن خالد عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعا به. وقال: " عبد الله بن مصعب لم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم في كتابيهما ". قلت: وكذلك لم يذكره ابن حبان في " ثقاته "، مع احتوائه لمئات الرواة المجهولين الذين لا ذكر لهم في الكتب الأخرى! وقد ذكره المزي في شيوخ (سعيد ابن محمد الجرمي) . لكن إبراهيم المخرمي هذا؛ قال الدارقطني: " ليس بثقة، حدث عن الثقات بأحاديث باطلة ". الحديث: 2013 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 قلت: فمثله لا يليق أن يكون من رجال " الأحاديث المختارة "! ولذلك فإني أقول: لم يحسن الشيخ المعلق على مطبوعة " المختارة " (2/50) بسكوته عنه؛ لما فيه من إيهامه سلامة السند من العلة القادحة. وقد صح الحديث من طريق أخرى عن أبي سعيد نحوه دون ذكر " ثمانية أيام ". وهو مخرج في المجلد السادس من " الصحيحة " (رقم 2651) ، وهو تحت الطبع. وسيخرج قبل هذا إن شاء الله تعالى. 2014 - " من قرأ آية الكرسي، لم يتول قبض نفسه إلا الله تعالى ". موضوع أخرجه الخطيب (6/174) من طريق محمد بن كثير بن مروان الفهري: حدثنا عبد الله ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد ضعيف جدا، بل هو موضوع، وعلته محمد بن كثير هذا، فإنه متروك كما قال الحافظ في " التقريب ". وقال ابن عدي: " روى أباطيل والبلاء منه ". وشيخه ابن لهيعة سيىء الحفظ، لكن البلاء من الراوي عنه. الحديث: 2014 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 2015 - " ما أذن الله عز وجل في شيء أفضل من ركعتين أوأكثر، والبر يتناثر فوق رأس العبد ما كان في صلاة، وما تقرب عبد إلى الله عز وجل بأفضل مما خرج منه يعني القرآن ". الحديث: 2015 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 ضعيف. رواه الطبراني (1614) عن أبي بكر بن عياش عن ليث عن عيسى عن زيد ابن أرطاة عن جبير بن نفير (1) مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف مرسل بينته في " المشكاة " (1332) ، ثم توسعت في ذلك وفي تخريجه فيما تقدم برقم (1957) . 2016 - " سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: المستهترون في ذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافا ". منكر جدا بهذا التمام رواه الترمذي (2/279) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (1/390/506) عن عمر ابن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " هذا حديث حسن غريب ". وأقول: بل هو منكر جدا بهذا التمام، فقد أخرجه الحاكم (1/495) ، وأحمد (2/323) ، والخرائطي في " فضيلة الشكر " (ق 129/1) عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: فذكره مرفوعا بلفظ: " يهترون " دون قوله: " يضع الذكر.. ". فهذه زيادة منكرة تفرد بها عمر بن راشد، وهو اليمامي؛ ضعيف جدا. قال النسائي: " ليس بثقة ".   (1) الأصل: (نوفل) ، ولعله خطأ مطبعي. اهـ. الحديث: 2016 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 وقال أحمد: " حديثه ضعيف ليس بمستقيم. حدث عن يحيى بن أبي كثير بأحاديث مناكير ". وقد خالفه علي بن المبارك في موضعين، وهو ثقة محتج به في " الصحيحين ": الأول: في متنه، فلم يذكر فيه هذه الزيادة. الثاني: في إسناده، فقال: " عبد الرحمن بن يعقوب " بدل أبي سلمة. وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة. رواه مسلم (8/63) بدون الزيادة، فأكد ذلك نكارتها. وهو مخرج مع طريق علي بن المبارك في " الصحيحة " (1317) . ثم رأيت الإمام البخاري قد أورد الحديث في " التاريخ " (4/2/448) من طريق علي ابن المبارك، ثم من طريق عمر بن راشد، وقال: " والأول أصح ". وقد رويت الزيادة بنحوها من حديث أبي الدرداء. قال الهيثمي (10/75) : " رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف ". قلت: بل هو أسوأ حالا، فقد قال ابن عدي في ترجمته من " الكامل " (4/1568) : " يحدث عن الفريابي وغيره بالأباطيل ". ثم ساق له أحاديث، ثم قال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 " وابن أبي مريم هذا إما أن يكون مغفلا لا يدري ما يخرج من رأسه، أومتعمدا، فإني رأيت له غير حديث - مما لم أذكره هنا - غير محفوظ ". وله في " معجم الطبراني الأوسط " ستة أحاديث (2/227/1 - 2/2423 - 2428) . 2017 - " لا تسكنوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسورة النور ". موضوع أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (2/302) ، والخطيب (14/224) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (2/477 - 478/2454) من طريق محمد بن إبراهيم أبي عبد الله الشامي: حدثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال البيهقي: " وهو بهذا الإسناد منكر ". قلت: وهو عندي موضوع، محمد بن إبراهيم هذا؛ قال الدارقطني: " كذاب ". وقال ابن عدي: " عامة أحاديثه غير محفوظة ". وقال ابن حبان: " لا تحل الرواية عنه إلا عند الاعتبار، كان يضع الحديث ". قال الذهبي في " الميزان ": " صدق الدارقطني رحمه الله، وابن ماجه؛ فما عرفه ". الحديث: 2017 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 يعني: ولذلك روى عنه. ثم ساق له أحاديث، هذا منها. قلت: وقد تابعه من هو مثله، وهو عبد الوهاب بن الضحاك، ولعل أحدهما سرقه من الآخر. أخرجه الحاكم (2/396) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (2453) عنه: حدثنا شعيب بن إسحاق به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " بل موضوع، وآفته عبد الوهاب، قال أبو حاتم: كذاب ". ثم رأيت في ترجمته من " الميزان " أن ابن حبان قال فيه: " كان محمد يسرق الحديث ". فيترجح أنه هو الذي سرقه من الكذاب الأول. وقال المناوي في " الفيض " (3/488) : " وخرجه البيهقي في " الشعب " عن الحاكم، ثم خرجه بإسناد آخر بنحوه وقال: هو بهذا الإسناد منكر. قال المؤلف (السيوطي) : فعلم منه أنه بغير هذا الإسناد غير منكر، وبه رد على ابن الجوزي دعواه وضعه ". قلت: وهذا تعقب لا طائل تحته، لأن كلام البيهقي ليس نصا فيما ذهب إليه السيوطي، ولوكان ما ذهب إليه صوابا، كان وجد في الحفاظ من أبدى لنا ذلك الإسناد ليرد به على النقاد، كابن الجوزي والذهبي وغيرهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 وتمام كلام المناوي: " نعم، قال الحافظ ابن حجر في " الأطراف " بعد قول الحاكم: صحيح. بل عبد الوهاب أحد رواته؛ متروك ". قلت: فلوكان هناك لهذا الحديث إسناد خير من هذا لما سكت الحافظ، ولبينه كما هي العادة، فذلك كله يدل على أن كلام البيهقي رحمه الله لا مفهو م له، والله أعلم. وللقطعة الأخيرة من الحديث شاهد بإسناد ضعيف، بلفظ: " علموا رجالكم سورة المائدة، وعلموا نساءكم سورة النور ". وسيأتي تخريجه في المجلد الثامن برقم (3879) . ومن العجائب أن يذهل عن حال هذا الحديث جماعة من المتأخرين، ويذهبوا إلى تصحيحه تصريحا أوتلويحا، فقد سئل عنه ابن حجر الهيتمي هل هو صحيح أوضعيف؟ فأجاب بقوله: " هو صحيح، فقد روى الحاكم وصححه، والبيهقي عن عائشة رفعه ". قلت: فذكره، وكأنه اغتر بتصحيح الحاكم إياه، وغفل عن تعقب الذهبي والحافظ ابن حجر له. وقال الإمام الشوكاني في " النيل " (8/177) عند شرح حديث الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة، فقال: " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة؟ ". وهو حديث صحيح الإسناد كما سبق بيانه في الصحيحة برقم (178) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 فقال الشوكاني: " فيه دليل على جواز تعليم النساء الكتابة، وأما حديث: " ولا تعلموهن الكتابة.. "، فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من تعليمها الفساد ". أقول: هذه الخشية لا تختص بالنساء، فكم من رجل كانت الكتابة عليه ضررا في دينه وخلقه، أفينهى عن الكتابة الرجال أيضا للخشية ذاتها؟ ! ثم إن التأويل فرع التصحيح، فكأن الشوكاني توهم أن الحديث صحيح، وليس كذلك كما علمت، فلا حاجة للتأويل إذن. وأعجب من ذلك أن ينقل كلام الشيخين المذكورين من طبع تحت اسم كتابه: " حافظ العصر ومحدثه.. مسند الزمان ونسابته ... " (1) ثم يقرهما على ذلك، ولا يتعقبهما بشيء مطلقا مما يشير إلى حال الحديث وضعفه، بل وضعه، وإنما يسود صفحات في تأويل الحديث والتوفيق بينه وبين حديث الشفاء، بل ويزيد على ذلك بأن أورد آثارا - الله أعلم بثبوتها - عن عمر وعلي في نهي النساء عن الكتابة، ويختم ذلك بقوله، وذلك في كتابه " التراتيب الإدارية " (1/50 - 51) : ولله در السباعي حيث يقول: ما للنساء وللكتا * * * بة والعمالة والخطابة هذا لنا، ولهن منا * * * أن يبتن على جنابة!   (1) وهو الشيخ عبد الحي بن محمد الكتاني، ولست أشك في شدة حفظه، وطول باعه في علم الحديث وغيره من العلوم، ولكن ظهر لي في هذا الكتاب أن عنايته كانت متوجهة إلى الحفظ دون النقد، ولذلك وقعت في كتابه هذا أحاديث كثيرة ضعيفة دون أن ينبه عليها، وليس هذا مجال ذكرها، بل إنه صحح حديثا لا يرقى إلى أن يكون ضعيفا، فراجع حديث: " ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته.. ". اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 2018 - " ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويل للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال ". ضعيف جدا رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (106/2) ، وابن عدي (121/1) ، والحاكم (2/159 و4/559) ، وابن أبي الدنيا في " الإشراف في منازل الأشراف " (119/32) عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي في الموضعين، فقال في أحدهما: " قلت: خارجة ضعيف ". وقال في الموضع الآخر: " خارجة واه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " هو متروك، وكان يدلس عن الكذابين ". قلت: وقد عنعنه هنا كما ترى، فالحديث ضعيف جدا. الحديث: 2018 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 2019 - " لأن أطعم أخا لي لقمة؛ أحب إلي من أن أتصدق على مسكين عشرة، ولأن أهب لأخ لي عشرة؛ أحب إلي من أن أتصدق على مسلم بمائة ". موضوع رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (1/22) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان - مولى خزاعة - قال: أبنا عبد الله بن المبارك عن عبيد الله بن الوليد عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه مرفوعا. الحديث: 2019 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته ابن غزوان هذا. أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال ابن عدي: هو فيمن يتهم بالوضع. وقال الدارقطني: كان يتهم بالوضع ". وإن مما يوهنه ويؤكد تهمته؛ أنه قال على الإمام ابن المبارك ما لم يقل، فقد قال في كتابه " الزهد " (258/748) : أخبرنا عبيد الله الوصافي ابن الوليد [ عن أبي جعفر] مرفوعا. فأعضله ولم يذكر في إسناده (عليا) ، وهو ابن الحسين ابن علي والد (أبي جعفر) ، وقال: " درهم " مكان " عشرة " في الشطر الأول. والوصافي ضعيف. وعلي بن الحسين تابعي، لكن ذكره المنذري في " الترغيب " (3/50) من حديث أبيه (الحسين بن علي) معزوا لأبي الشيخ في " الثواب " موقوفا عليه، وفي إسناده ليث بن أبي سليم. قلت: وهو ضعيف أيضا والزيادة بين المعقوفتين [] استدركتها من " الكواكب " كما تقدم تحت الحديث (308) ، ومن كتاب " الإخوان " لابن أبي الدنيا ( 214/175) . وقد روي بإسنادين آخرين بلفظين مختلفين، تقدم تخريجهما برقم (307 و308) . 2020 - " اليمين الفاجرة تعقم الرحم ". ضعيف رواه الخطيب (7/272) ، وابن عساكر (6/113/2) عن محمد بن هارون بن منصور المنصوري: نا سليمان بن أبي الشيخ: حدثني أبي: نا حجر الحديث: 2020 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 بن عبد الرحمن عن الفضل بن الربيع عن أبيه الربيع عن أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المنصوري هذا. قال ابن عساكر: " يضع الحديث ". وقد سبق الكلام عليه في غير مكان، منها الحديث (808) . ثم وجدت له شاهدا من حديث أبي سود. أخرجه أحمد (5/79) ، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (2/421/1214) ، والطبراني (22/381/990) ، والدولابي في " الكنى " (1/36) بسند صحيح إلى معمر عن شيخ من بني تميم عن شيخ لهم يقال له: أبو سود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال في " المجمع " (4/179) : " رواه أحمد والطبراني في " الكبير "، وفيه رجل لم يسم ". قلت: فهو علة الحديث. ولعله لذلك أعله أبو أحمد الحاكم في " الكنى " ( 1/216/2) بالإرسال، فقال: " مرسل، قاله ابن المبارك عن معمر عن شيخ من بني تميم عن أبي سود ". وأقره الذهبي في " المقتنى ". فكأنه لم يعتد بتصريح (أبو سود) بسماعه لعدم ثبوت ذلك عنه. وقد أبدى الحافظ في " الإصابة " وجها لذلك، فراجعه. 2021 - " من قلم أظافيره يوم الجمعة قبل الصلاة، أخرج الله منه كل داء، وأدخل مكانه الشفاء والرحمة ". ضعيف جدا رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/247) عن أبي داود: الحديث: 2021 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 حدثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، طلحة هذا متروك؛ متهم بالوضع. وقد تقدم نحوه من حديث عائشة، وفي سنده كذاب (1816) . 2022 - " استعينوا على النساء بالعري ". ضعيف جدا رواه ابن عدي في " الكامل " (13/1 و1/313 - ط) ، والطبراني في " الأوسط " (2/223/2/8452 - بترقيمي و9/133/8283 - ط) عن إسماعيل بن عباد المزني: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا، وقال ابن عدي: " وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر، لا يرويه عن سعيد غير إسماعيل هذا، وليس بذلك المعروف ". قلت: وقال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان: " لا يجوز الاحتجاج به بحال ". وأعله الهيثمي (5/138) بشيخ الطبراني: موسى بن زكريا: ضعيف. قلت: وهو مردود، فإنه متابع عند ابن عدي، والعلة ما ذكرنا. ورواه العقيلي بلفظ آخر: " إن من النساء عيا ... "، فانظر رقم (2389) . وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي بزيادة: " فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها وأحسنت زينتها أعجبها الخروج ". وليست هذه الزيادة عند ابن عدي في ترجمة إسماعيل هذا. الحديث: 2022 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " (4/420) عن عمر أنه قال: " استعينوا على النساء بالعري، إن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج ". قلت: وفيه أبو إسحاق، وهو السبيعي مدلس مختلط. وقد روي الحديث مرفوعا من حديث مسلمة بن مخلد نحوه، وسنده ضعيف جدا أيضا، وسيأتي تحقيق الكلام عليه في المجلد السادس برقم (2827) . 2023 - " أقل من الدين تعش حرا، وأقل من الذنوب يهن عليك الموت، وانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العرق دساس ". ضعيف جدا رواه ابن عدي في " الكامل " (ق 298/1 و6/179 - ط) ، والقضاعي (638) ، والبيهقي في " الشعب " (2/145/2) عن عبيد الله بن العباس بن الربيع الحارثي - من أهل نجران - قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل البيلماني هذا محمد بن عبد الرحمن، فإنه متهم بالوضع، كما تقدم في الحديث (54) . وقال البيهقي: " في إسناده ضعف ". وأشار المنذري (3/32) إلى ضعفه، ولوائح الوضع عليه ظاهرة. ووجدت له طريقا أخرى عند الديلمي (1/1/54) عن القاسم بن محمد: حدثنا أبو بلال الأشعري: حدثنا كدام بن مسعر بن كدام عن أبيه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به. الحديث: 2023 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 وكدام بن مسعر لم أجد من ترجمه. وأبو بلال الأشعري، والقاسم بن محمد، وهو ابن حماد الدلال ضعفهما الدارقطني. ثم وجدت (كداما) في " الجرح " (3/2/174) برواية يحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن داود الخريبي، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يورده ابن حبان في " الثقات "، وهو على شرطه! 2024 - " التاجر الجبان محروم، والتاجر الجسور مرزوق ". موضوع رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 14/2) عن علي بن الحسين بن إسماعيل: قال : نا محمد بن الخطاب: قال: نا حجاج: قال: نا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس مرفوعا. قلت: وحجاج هذا لم أعرفه. ومحمد بن الخطاب: الظاهر أنه الأزدي، كتب عنه أبو حاتم بمصر سنة (210) ، ولم يذكر فيه ابنه في " الجرح والتعديل " (3/2/246) توثيقا ولا تجريحا. وعلي بن الحسين بن إسماعيل: لا يمكن أن يكون هو المحاملي المترجم في " تاريخ بغداد " (5/400) ، لأنه توفي سنة (386) ، فلم يدرك محمد بن الخطاب. والله أعلم. ومن هذا التخريج نعلم أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف، فقول العامري فيما نقله المناوي في " الفيض ": " حسن " غير حسن، وإن قلده في " التيسير "! ثم تبين لي أن الحجاج هو ابن المنهال، ذكره الحافظ المزي في الرواة عن حماد بن سلمة، وهو ثقة من رجال الشيخين. الحديث: 2024 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 ثم نبه بعض الإخوان - جزاه الله خيرا - بأن محقق " مسند القضاعي " أعله بشيخ القضاعي: محمد بن منصور التستري فقال: " وهو كذاب ". قلت: وهذا إعلال سليم من هذا المحقق الفاضل جزاه الله خيرا أيضا. والحديث في طبعته (1/169/243) ، والذي توبع أولا، فقد ذكره الديلمي في " الفردوس " (2/74/2448) ، ولم يورده الحافظ في " الغرائب الملتقطة "، بخلاف " تسديد القوس "، فقد ذكره فيه (ق 103/2) ساكتا عنه كعادته. ومن الغريب أن الحافظ السخاوي تبعه في " المقاصد الحسنة " فلم يتكلم عليه بشيء خلافا لعادته! 2025 - " بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف ". ضعيف رواه ابن عدي (211/2 و4/148 - ط) ، والبيهقي في " الشعب " (7/91/9588) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب: أن أبا الخير أخبره: أنه سمع عقبة بن عامر يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة، فإنه سيىء الحفظ. والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للبيهقي في " الشعب "، وزاد المناوي: " والطبراني. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح؛ غير ابن لهيعة ". قلت: في هذه الزيادة نظر من وجوه: الأول: أن إطلاق العزوللطبراني يوهم أنه رواه في " المعجم الكبير " لأنه الحديث: 2025 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 القاعدة، وليس فيه، وقد عزاه إليه الحافظ أيضا في " تسديد القوس " (ق 99/2 ) ، ولم يورده في " الغرائب الملتقطة "، ولا أظن أنه في المعجمين الآخرين! الثاني: أن تعقيبه عليه بقول الهيثمي: " رجاله ... " صريح في أنه أراد الطبراني، وهذا خطأ آخر، فإن الهيثمي إنما قال (8/175) : " رواه أحمد، ورجاله.. " إلخ. الثالث: أن لفظه عند أحمد مخالف، لأنه بلفظ: " لا خير فيمن لا يضيف ". وهو في " مسنده " (4/155) ، وبهذا اللفظ أخرجه الحربي في " إكرام الضيف " (34/54) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (1/209/294) . 2026 - " بئس العبد عبد هو اه يضله، بئس العبد عبد رغب (1) يذله ". ضعيف رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (1/10 - 11) ، والطبراني (ق 81/1 - المنتقى منه) ، والبيهقي في " الشعب " (6/288/8182) عن طلحة بن زيد عن ثور بن يزيد عن يزيد بن شريح عن نعيم بن همار الغطفاني مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، طلحة بن زيد؛ متروك متهم بالوضع. لكن الحديث قطعة من حديث أخرجه الترمذي وغيره عن أسماء بنت عميس، لكن إسناده ضعيف، كما بينته في " تخريج المشكاة " (5115 - التحقيق الثاني) .   (1) الرغب: الشره والحرص على الدنيا. اهـ. الحديث: 2026 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 والحديث عزاه في " الجامع " للطبراني في " الكبير "، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن نعيم هذا. وفي " المجمع " (10/234) : " رواه الطبراني، وفيه طلحة بن زيد الرقي، وهو ضعيف ". كذا قال، وهو تساهل منه، فإن حاله أسوأ كما سبق. قال الحافظ: " متروك. قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث ". 2027 - " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الصغير " ص (200) ، وعنه الضياء في " المختارة " (ق 217/1) من طريق زهير بن عباد الرؤاسي: حدثنا داود بن هلال عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " تفرد به زهير بن عباد ". قلت: وثقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال الدارقطني: " مجهول "، وفيه نظر؛ كما في " اللسان ". ومن فوقه من الرواة ثقات؛ غير داود بن هلال، ولم أجد له توثيقا في شيء من كتب الرجال التي عندي، حتى ولا في " ثقات ابن حبان "! ولم يذكر له ابن أبي حاتم راويا غير (زهير) هذا، فهو في حكم المجهول. وقد قال الهيثمي (10/302) : " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط "، وفيه داود بن هلال، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه ضعفا، وبقية رجاله رجال الصحيح ". الحديث: 2027 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 قلت: وهذا الإطلاق غير صحيح، لأن زهير بن عباد ليس من رجال الصحيح، ولا من رجال أحد السنن الأربعة. وزعم المناوي في " التيسير شرح الجامع الصغير " أن إسناده حسن، وليس بحسن، فإن داود بن هلال لم يوثقه أحد كما تقدم، وغاية ما قال فيه الهيثمي ما سمعت: " ولم يذكر فيه ضعفا "، وهذا ليس بتوثيق، والله أعلم. وقد تقدم من طريق أخرى عن أنس مرفوعا نحوه تحت الحديث (1916) ، فراجعه إن شئت. 2028 - " إذا أدخل الله الموحدين النار أماتهم فيها، فإذا أراد أن يخرجهم منها أمسهم ألم العذاب تلك الساعة ". موضوع رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/92) ، وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (106/2) : حدثنا أبو الفضل الشهيد: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي: حدثنا الحسن بن علي بن راشد: أنا يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمروعن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، وآفته العدوي هذا. قال السيوطي: " هو أحد المعروفين بالوضع ". قلت: وقد سبقت ترجمته وبعض الأحاديث مما وضعه - قبحه الله -، فانظر الحديث (رقم 131 و132) . والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير "، وعزاه للديلمي في " مسند الفردوس "، وتعقبه المناوي، فأبعد النجعة حيث قال: الحديث: 2028 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 " قال الهيتمي - كذا بالتاء المثناة -: فيه الحسن بن علي بن راشد، صدوق؛ رمي بشيء من التدليس، وأورده الذهبي في (الضعفاء) ". قلت: وهذا يوهم أن ليس في السند من هو أولى بإعلال الحديث به من ابن راشد هذا ، وليس كذلك؛ لما عرفت من حال العدوي الكذاب! ثم إن ما عزاه للهيتمي من ترجمة ابن راشد إنما هو كلام الحافظ ابن حجر بالحرف الواحد في " التقريب "، فلعله سبق قلم من المؤلف، أوخطأ من الناسخ أوالطابع . وانظر خرافة تحديث إلياس أخي الخضر أحد المجهولين بمعنى هذا الحديث ثم غاب عنه! في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار (17/211 - ط) . 2029 - " يا سلمان! لا تبغضني، فتفارق دينك، قلت: كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال : تبغض العرب فتبغضني ". ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي (2/227) ، والحاكم (4/86) ، والطيالسي (ص 91 رقم 658) ، وأحمد (5/440) ، والخطيب (9/248) من طريق شجاع بن الوليد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن سلمان به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني الإمام البخاري) يقول: أبو ظبيان لم يدرك سلمان، مات سلمان قبل علي ". قلت: فهو منقطع، وبين وفاتي سليمان وأبي ظبيان نحوستين سنة. وفيه علة أخرى، وهي أن قابوس بن أبي ظبيان تكلم فيه لسوء حفظه، ففي " الميزان ": الحديث: 2029 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 " كان ابن معين شديد الحط عليه، على أنه قد وثقه، وقال أبو حاتم: " لا يحتج به "، وقال النسائي: " ليس بالقوي "، وقال ابن حبان: " رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المرسل وأسند الموقوف "، وقال ابن عدي: " أحاديثه متقاربة، وأرجوأنه لا بأس به "، وقال أحمد: ليس بذاك، لم يكن من النقد الجيد ". وفي " التقريب ": " فيه لين ". وأما الحاكم فقال بعد أن ساق الحديث: " صحيح الإسناد ". فرده الذهبي بقوله: " قلت: قابوس متكلم فيه ". ثم وجدت له طريقا أخرى موصولة، ولكنها واهية جدا، يرويه أحمد بن علي بن محمد العمي: حدثنا خالد بن عبد الرحمن: حدثنا مسعر عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أغرس الفسيل، فأعانني، فلم يضع لي فسيلة إلا نبتت، وقال: فذكره. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/270) ، وقال: " تفرد به العمي عن خالد عن مسعر ". قلت: العمي هذا لم أجد له ترجمه. وخالد بن عبد الرحمن، وهو المخزومي المكي، وهو متهم؛ قال البخاري وأبو حاتم: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 " ذاهب الحديث ". وزاد البخاري: " رماه عمروبن علي بالوضع ". لكنه مع ذلك قد توبع على قصة الفسيل، فهي صحيحة، فقد رواها علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عن سلمان، وابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه قال: كنت رجلا فارسيا.. الحديث بطوله، وفيه قصة إسلامه رضي الله عنه، وهي طويلة جدا، وفي آخرها قصة مكاتبة سلمان وفك رقبته من الرق، وإعانة النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك، ووضعه الفسيل بيده، قال سلمان: " فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة ". أخرجه أحمد (5/441 - 444) بطوله، وسنده جيد، وأخرجه (5/440) من الطريق التي قبله مختصرا جدا. 2030 - " من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار، ثم قال بعد ذلك: من كذب علي متعمدا ليضل به الناس، فليتبوأ مقعده من النار ". ضعيف رواه أبو نعيم في " المستخرج على مسلم " (1/9/1) ، والحاكم في " المدخل " ( ص 97 - تحقيق الدكتور ربيع) ، والطبراني في " طرق حديث: من كذب " (100/98) ، وابن عدي في " الكامل " (1/6) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1/96) ؛ كلهم عن محمد بن عبيد الله عن طلحة الحديث: 2030 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب مرفوعا، وقال أبو نعيم: " حديث معلول، قال: والواهم فيه محمد بن عبيد الله، وهو العرزمي؛ متروك الحديث، مجمع عليه ". وقال الحاكم: " وهذا الحديث واه ". ثم رواه أبو نعيم والحاكم وابن عدي، وعبد الغني المقدسي في " العلم " (20/33/1) من طريق يونس بن بكير عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن عمروبن شرحبيل عن عبد الله مرفوعا بالشطر الثاني. ثم أعله أبو نعيم والحاكم بأن يونس بن بكير وهم فيه في موضعين من إسناده: أحدهما إيصاله ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو غير مرفوع. ثم قال: " المحفوظ ما رواه زهير أبو خيثمة عن الأعمش عن طلحة عن أبي عمار عن عمروبن شرحبيل مرفوعا مرسلا ". ورواه ابن عدي والطبراني، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (16/304 - ط ) ، وكذا الحافظ ابن حجر في " الأربعين العوالي " (رقم 38) عن محمد بن حميد : حدثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده مرفوعا، بالشطر الثاني، ثم قال الحافظ: " هذا حديث غريب، تفرد به الصباح بن محارب بهذا الإسناد ". قلت: والصباح بن محارب؛ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ربما خالف ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 وإنما العلة من شيخه عمر بن عبد الله، فإنه ضعيف. ومثله أبو هـ عبد الله بن يعلى. ثم قال الحافظ: " ورواه الدارمي عن محمد بن حميد بهذا الإسناد دون قوله: " ليضل الناس "، وهي زيادة مستغربة، ورويت هذه الزيادة أيضا من حديث ابن مسعود وحذيفة بن اليمان والبراء بن عازب، وفي أسانيدها مقال، وقد تعلق به بعض أهل الجهل ممن جوز وضع الحديث في فضائل الأعمال من الكرامية وغيرهم، وقالوا: إن اللام للتعليل، فعل هذا: إنما يدخل في الوعيد المذكور من قصد الإضلال! وهذا التعلق باطل، فإن المندوب قسم من الأقسام الشرعية، فمن رتب على عمل ثوابا، فقد نسب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يقولاه، وهذا من الإضلال. وللزيادة المذكورة على تقدير صحتها معنيان: أحدهما: أن اللام للتأكيد، وهو كقوله تعالى: " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم "، فأخبر به (1) على أن الكذب محرم مطلقا ، سواء قصد به الإضلال أم لا. الثاني: أن اللام للعاقبة والصيرورة، أي: إن عاقبة هذا الكذب ومصيره إلى الإضلال، ومثله " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا "، وهم لم يلتقطوه لذلك، بل كان عاقبة أمرهم أن صار كذلك. وأصل الحديث بدون هذه الزيادة المذكورة اتفق عليه الشيخان من رواية علي، وأبي هريرة، وأنس، والمغيرة.   (1) هذه الكلمة لم أتمكن من قراءتها جيدا، والمثبت أقرب شيء إليها. اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 وأخرجه البخاري من رواية الزبير، وسلمة بن الأكوع، وابن عمروبن العاص. وأخرجه مسلم من حديث أبي سعيد. والترمذي وابن ماجه من حديث ابن مسعود. وابن ماجه أيضا من حديث جابر، وأبي قتادة. وأحمد من حديث عثمان، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن عمر، وواثلة بن الأسقع. وهذه الطرق كلها على شرط الصحيح. ورويناه بأسانيد لنا حسان يحتج بمثلها من حديث طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد، وعقبة بن عامر، وسلمان الفارسي، وعمران بن حصين، وخالد بن عرفطة، وطارق الأشجعي، وعبد الله بن عباس، والسائب بن يزيد، وأبي قرصافة، وعائشة. ورويناه من طرق ضعيفة عن نحوخمسين صحابيا غير هؤلاء. وقد جمع طرقه جماعة من الحفاظ، فمن أقدمهم إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثم أبو بكر البزار، ثم يحيى بن محمد بن صاعد، ثم أبو القاسم الطبراني (1) ثم أبو بكر ابن مردويه، ثم أبو القاسم بن منده، ثم محمد بن أحمد بن عبد الوهاب النيسابوري، ثم أبو الفرج بن الجوزي، ثم يوسف بن خليل، ثم أبو علي البكري.   (1) في جزء محفوظ في ظاهرية دمشق (مجموع 81/29 - 47) . ثم طبع بتحقيق الأخ علي الحلبي. اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 ويجتمع من مجموع ما ذكره هؤلاء كلهم زيادة على مائة صحابي، وحكى النووي في " شرح مسلم " أنه رواه مائتان من الصحابة ". انتهى كلام الحافظ. قلت: فاتفاق هذه الطرق المتواترة على عدم ذكر تلك الزيادة: " ليضل به الناس " أكبر دليل على بطلانها، مع إمكان تأويلها لوصحت فيه كما بينه الحافظ رحمه الله تعالى. ويشبه هذه الزيادة من حيث عدم صحتها من جهة إسنادها وإمكان تأويلها بنحوما تقدم زيادة: " لا يرضاها الله ورسوله " في حديث: " من ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله .... ". أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (42) وغيره. ورواه ابن ماجه دون الزيادة ، وهو الموافق للأحاديث التي في معناه، فانظر " الترغيب والترهيب " (1/47 - 48) . 2031 - " إن العبد ليذنب الذنب، فيدخل به الجنة، قيل: كيف؟ قال: يكون نصب عينيه ثابتا قارا حتى يدخل به الجنة ". ضعيف رواه ابن المبارك في " الزهد " (163/2 من الكواكب 575 ورقم 162 طبع الهند) أبنا المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد في " الزهد " (ص 396) . قلت: وهذا سند ضعيف لإرساله. والمبارك بن فضالة قال الحافظ: الحديث: 2031 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 " يدلس، ويسوي ". وقد عنعنه. 2032 - " ليس مني إلا عالم أومتعلم ". ضعيف رواه ابن النجار في " تاريخه "، والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر ، كذا في " الجامع الصغير ". قال المناوي: " وفيه مخارق بن ميسرة، قال الذهبي في " الضعفاء ": لا يعرف ". قلت: وأصله قول العقيلي فيه وقد ساق له حديثا آخر في " الضعفاء " (4/229) : " إسناده مجهول غير محفوظ ". الحديث: 2032 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 2033 - " ليس من والي أمة قلت أوكثرت لا يعدل فيها، إلا كبه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار ". ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/220 و15/234/19568) ، وأحمد (5/25) ، والطبراني (20/221 - 223) من طريق إسماعيل البصري عن ابنة معقل بن يسار عن أبيها معقل مرفوعا. وابنة معقل هذه لم أجد من وثقها أوضعفها، فهي مجهولة. وقد ذكرها الحافظ في آخر " تعجيل المنفعة " (ص 565) بهذه الرواية، ولم يذكر فيها جرحا ولا تعديلا. الحديث: 2033 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 وإسماعيل البصري - وفي رواية للطبراني: " الأودي " - لم أعرفه، ولم يفرده الحافظ في " التعجيل " بترجمة، وهو على شرطه، إلا أن يكون من رجال " التهذيب " فلم أهتد إليه، مع أن الطبراني نسبه في رواية فقال: " إسماعيل بن إبراهيم " ، فيحتمل أن يكون هو ابن علية. فالله أعلم، وهو الهادي. (فائدة) : توهم بعض إخواننا الطلبة أن الحديث يشهد له رواية الحسن البصري عن معقل بن يسار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ". أخرجه البخاري (رقم 7150 و7151) ، ومسلم (1/88 و6/9) ، والدارمي ( 2/324) ، وأحمد أيضا، وصرح الحسن بما يقتضي سماعه للحديث من معقل، فزالت شبهة تدليسه. فأقول: وليس يخفى على من تأمل في هذا السياق أنه لا يشهد لحديث الترجمة، لأنه مخالف له لفظا ومعنى، وإن كان يلتقي معه في الترهيب من الظلم، والترغيب في العدل، فهذا وحده لا يكفي للشهادة، فتنبه! 2034 - " الفقهاء أمناء الرسل؛ ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل يا رسول الله! وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك، فاحذروهم على أديانكم ". ضعيف رواه أبو عبد الله الضبي في " المجلس الخمسون " من " الأمالي " (مجموع 22/136/1 - 2 ) عن موسى بن إسماعيل: حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعا. الحديث: 2034 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ موسى بن إسماعيل وأبو هـ وجده لم أعرفهم، ويظهر أنهم من أهل البيت، وأخشى أن يكون أسفل منهم متهم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للعسكري عن علي. قال المناوي: " ورمز لصحته "! ولم يتعقبه بشيء! وأما في " التيسير " فقال: " إسناده حسن "! ورموز السيوطي لا يعتد بها؛ لأسباب ذكرتها في مقدمة " ضعيف الجامع الصغير ". وقد ذكره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (300/746) من رواية العسكري من حديث العوام بن حوشب عن أبي صادق عن علي مرفوعا. وقال: " وهو ضعيف السند ". قلت: أبو صادق عن علي مرسل كما في " التقريب ". وقد روي الحديث عن أنس وغيره مختصرا ومطولا، وسيأتي برقم (2670 و3949) . 2035 - " الذكر نعمة من الله تعالى، فأدوا شكرها ". موضوع رواه أبو نعيم في " نسخة نبيط بن شريط " عن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط ابن شريط بسند آبائه عن جده نبيط بن شريط مرفوعا. قال الذهبي في " الميزان ": الحديث: 2035 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 " أحمد بن إسحاق .... حدث عن أبيه عن جده بنسخة فيها بلايا، لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب ". كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 201) ، ومع هذا فقد أورده أيضا في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن نبيط بن شريط! قال المناوي: " ورواه عنه أيضا أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمي مصرحا، فإهمال المصنف الأصل ، واقتصاره على الفرع غير جيد ". قلت: ولم أجد هذا الحديث في " نسخة نبيط بن شريط " التي عندي، وهي من رواية أبي علي الحداد عن أبي نعيم، سماع أحمد بن أبي الفضائل الدخميس. والله سبحانه وتعالى أعلم. 2036 - " نعم العبد الحجام، يذهب بالدم، ويخف الصلب، ويجلوالبصر ". ضعيف رواه الترمذي (2/5) ، وابن ماجه (3478) ، والطبراني (11893) ، والحاكم (4/212) ، وابن الضريس في " الجزء الثالث من حديثه " (151/1) عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه محمد بن محمد بن مخلد في " حديث ابن السماك " (1/184/1) ، وابن عدي (238/2) ، وقال: " وعباد بن منصور هو في جملة من يكتب حديثه ". وقال الترمذي: الحديث: 2036 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 " حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عباد بن منصور ". قلت: قال الحافظ: " صدوق، وكان يدلس، وتغير بأخرة ". فقول الحاكم: " صحيح الإسناد ". مردود، وإن وافقه الذهبي، فإنه من أوهامه، كيف لا، وقد وفق للصواب في مكان آخر، أخرجه فيه الحاكم أيضا (4/410) ، فلما صححه، رده الذهبي بقوله: " قلت: لا ". 2037 - " من خرج في طلب العلم، فهو في سبيل الله حتى يرجع ". ضعيف رواه الترمذي (2/108) ، وابن عبد البر (1/55) ، والطبراني في " الصغير " (76) ، وأبو نعيم في " الحلية " (10/290) ، و" أخبار أصبهان " (1/102 - 103) ، والآجري في " أخلاق العلماء " (ص 39) ، والعقيلي (2/17) ، والضياء في " المختارة " (6/رقم 2119 و2120 و2121) من طريق خالد بن يزيد عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس مرفوعا. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وقال الطبراني: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو جعفر وخالد بن يزيد ". قلت: لكن إسناده ضعيف؛ خالد بن يزيد؛ قال العقيلي: الحديث: 2037 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 " لا يتابع على كثير من حديثه ". ثم ساق له هذا الحديث. وقال أبو زرعة: " لا بأس به ". وفي " التقريب ": " صدوق يهم ". وشيخه أبو جعفر الرازي صدوق سيىء الحفظ. والربيع بن أنس صدوق له أوهام، كما في " التقريب "، وقال ابن حبان في " الثقات ": " والناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا ". وهذه منها. فالحديث عندي ضعيف، وقد رواه بعضهم، فلم يرفعه كما قال الترمذي، ولعله الصواب. وقد روي بلفظ: " طالب العلم كالغادي والرائح في سبيل الله ". ولكنه واه جدا، وسيأتي برقم (3286) . 2038 - " نعم العطية كلمة حق تسمعها، ثم تحملها إلى أخ لك مسلم، فتعلمها إياه ". ضعيف جدا رواه الطبراني (12421) عن عمروبن الحصين العقيلي: الحديث: 2038 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 نا إبراهيم بن عبد الملك السلمي عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عمروهذا: متروك متهم. وقد رواه ابن المبارك في " الزهد " (1386) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره نحوه. قلت: وهذا مرسل. وعبد الرحمن: متروك. وأخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (3/98) من طريق صلة بن سليمان عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن مكحول عن ابن عباس به. قلت: صلة هذا قال ابن أبي حاتم: " قال ابن معين: كان يكذب. وقال أبي: متروك الحديث ". وقال أبو داود: " كذاب ". 2039 - " بروا آباءكم؛ تبركم أبناؤكم، وعفوا؛ تعف نساؤكم، ومن انتصل إليه فلم يقبل؛ لم يرد علي الحوض يوم القيامة ". ضعيف رواه العقيلي في " الضعفاء " (299) ، والحاكم (4/154) ، وأبو نعيم ( 6/335) ، والخطيب (6/311) عن علي بن قتيبة الرفاعي: حدثنا مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. وقال العقيلي: " ليس له أصل من حديث مالك، ولا من وجه يثبت "، وقال: " علي بن قتيبة الرفاعي بصري يحدث عن الثقات بالبواطيل، وما لا أصل له ". الحديث: 2039 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 قلت: قال الدارقطني: " كان ضعيفا ". وقال الخليلي: " يتفرد عن مالك بأحاديث، وليس هو بالقوي ". وقال الذهبي متعقبا الحاكم في سكوته عليه: " قلت: علي، قال ابن عدي: روى الأباطيل ". وقال المناوي: " قال ابن الجوزي: موضوع، علي بن قتيبة يروي عن الثقات البواطيل أهـ. وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا ". وأورده في " الميزان " في ترجمة علي بن قتيبة الرفاعي، وقال: " قال ابن عدي: له أحاديث باطلة عن مالك، ثم أورد له هذا الخبر ". قلت: والشاهد المشار إليه إسناده ضعيف، وبه ينجوالحديث من الوضع الذي ترجمه ابن الجوزي، ثم هو أتم منه، وهو الآتي بعد ثلاثة أحاديث. وأورده المنذري في " الترغيب " (3/215) عن ابن عمر مرفوعا به دون قوله: " ومن انتصل إليه، .... ". وقال: " رواه الطبراني بإسناد حسن ". وقال الهيثمي (8/138) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال الصحيح؛ غير شيخ الطبراني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 أحمد؛ غير منسوب، والظاهر أنه من المكثرين من شيوخه، فلذلك لم ينسبه، والله أعلم ". قلت: يبدو أن أحمد هذا تلقاه عن علي بن قتيبة السابق ذكره، فقد رأيت السيوطي قال في " اللآلىء " (2/190) : " قال الطبراني في " الأوسط ": حدثنا أحمد: حدثنا علي: حدثنا مالك عن مالك ( كذا) عن ابن عمر .... ". قلت: ولا يظهر أنه غير علي بن قتيبة. والله أعلم. ووقع خطأ مطبعي في إسناده في " اللآلىء "، فليصحح. ثم رأيت الحديث في " المعجم الأوسط " للطبراني (1/55/2/980 و2/8/1009 - ط) قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا علي قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر به. قلت: وأحمد هذا هو ابن صالح مالكي (!) أبو عبد الله، ولم أجد له ترجمة، وإنما لم يسمه الطبراني لأنه - كما هي عادته في هذا " المعجم " - سماه في أول حديث ساقه له من أحاديثه، وعددها فيه نحوستة وثلاثين حديثا. ثم تبينت أن (ابن صالح مالكي) محرف؛ صوابه (ابن داود المكي) ، وهكذا وقع في " المعجم الصغير " في حديث آخر مخرج في " الروض " (751) ، وفي أحاديث أخرى ساقها في " الأوسط " عقب حديث الترجمة كالحديث (1016 - ط) وقع على الصواب (أحمد بن داود المكي) ، ومن طريقه في " الحلية "، وسيأتي تخريجه برقم (6586) . ثم هو ثقة كما بينه صاحبنا الشيخ حماد الأنصاري في كتابه " بلغة القاصي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 والداني في تراجم شيوخ الطبراني " (39/72) ، وقد صدر حديثا، نفع الله به. وخفي هذا التحقيق على الدكتور الطحان في تعليقه على " الأوسط "، فلم يعرف ( أحمد) هذا. 2040 - " نعم العون على الدين قوت سنة ". ضعيف رواه أبو علي النيسابوري في " جزء من فوائده " (70/2) عن أحمد بن محمود بن نعيم: نا حمر بن نوح عن عبد الله بن معدان عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف. عبد الله بن معدان كنيته أبو معدان، وهو بها أشهر، قال ابن معين: " صالح ". وروى عنه جماعة؛ لكن من دونه لم أعرفهما. والحديث رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث معاوية بن حيدة مرفوعا به، وفيه محمد بن داود بن دينار. قال ابن عدي: " كان يكذب ". كما في " فيض القدير ". فقوله في " التيسير ": " إسناده ضعيف "؛ تساهل غير مرض. ثم رأيته في " زهر الفردوس " (4/94) . الحديث: 2040 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 2041 - " نعم العون على الدين المرأة الصالحة ". لا أصل له أورده الغزالي (4/90) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي: الحديث: 2041 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 " لم أجد له إسنادا ". وتبعه الشيخ تاج الدين السبكي في " فصل جمع فيه جميع ما في " الإحياء " من الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا " من كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " (4/172) . 2042 - " نعم العون على تقوى الله المال ". ضعيف السند قال العراقي (4/90) : " رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من رواية محمد بن المنكدر عن جابر، ورواه أبو القاسم البغوي من رواية ابن المنكدر مرسلا، ومن طريقه رواه القضاعي في " مسند الشهاب " هكذا مرسلا ". قلت: وهو في " مسند الشهاب " (2/260/1317) من طريق البغوي عن عبد الرحمن بن صالح: حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر مرسلا. ورجال إسناده ثقات، فهو صحيح لولا أنه مرسل. ورواه الديلمي في " المسند " (3/95) من طريق صالح بن عمروبن هشام بن أبي كريمة عن محمد بن سوقة به، إلا أنه زاد: " عن جابر ". ومن طريق ثوبان بن سعيد: حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن سوقة به. يعني مسندا عن جابر. لكن في إسناده عبد الله بن أحمد بن عمر بن شوذب الواسطي - شيخ ابن لال -، ولم أعرفه. وصالح بن عمرو- في الذي قبله - لم أعرفه أيضا، ولولا ذلك لحسنت الحديث. والله أعلم. الحديث: 2042 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " نعم المال الصالح للرجل الصالح ". أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (299) ، وأحمد (4/197 و202 - 203) ، وابن حبان (1089) ، والبغوي في " شرح السنة " (10/91) ، وغيرهم. وإسناده صحيح على شرط مسلم، والكلام الذي في موسى بن علي بن رباح يسير لا ينزل حديثه عن مرتبة الصحة، ولذلك لما صححه الحاكم (2/2) على شرط مسلم؛ وافقه الذهبي. 2043 - " عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلا؛ فليقبل ذلك منه محقا كان أومبطلا، فإن لم يفعل؛ لم يرد علي الحوض ". ضعيف الإسناد أخرجه الحاكم (4/154) من طريق سويد أبي حاتم عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " صحيح الإسناد ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: بل سويد ضعيف ". والمنذري (3/293) ، فقال: " بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز؛ واه ". ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/48) دون الشطر الثاني منه. وقد روي من حديث عائشة مرفوعا، ولفظه: الحديث: 2043 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 " عفوا؛ تعف نساؤكم، وبروا آباءكم؛ تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه، فلم يقبل عذره لم يرد علي الحوض ". وهذا موضوع الإسناد. قال في " المجمع " (8/81 و139) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه خالد بن يزيد العمري، وهو كذاب ". وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن الطبراني، فاعترض عليه المناوي بكلام الهيثمي هذا، ثم قال: " فكان ينبغي حذفه " يعني: من " الجامع "، حيث اشترط في مقدمته أنه صانه مما رواه وضاع أوكذاب. ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في " الفوائد " (81/2) عن خالد بن يزيد العمري عن يحيى بن عبد الله الزبيري قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير قال : سمعت عائشة به؛ دون الشطر الثاني منه. والزبيري هذا لم أعرفه. ثم رجعت إلى " مجمع البحرين " (5/148/7/282) فتبين أنه ( [عبد الملك بن] يحيى بن الزبير) ، سقط من سنده (عبد الملك بن) ، وقد وثقه ابن حبان (7/95) . والجملة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/285) من طريق هشام بن خالد: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا صدقة بن يزيد: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف، صدقة بن يزيد؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وضعفه غيره، ووثقه بعضهم. والوليد بن مسلم: يدلس تدليس التسوية. وهشام بن خالد؛ قال الذهبي: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 " من ثقات الدماشقة، لكنه يروج عليه ". وأخرجها ابن عدي (6/11) من طريق إسحاق بن نجيح الملطي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. والملطي هذا: كذاب وضاع. وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/412) : " سألت أبي عن أحاديث رواها أبو يوسف المديني، فذكرت منها حديثا حدثنا به يوسف (كذا) عن محمد بن المنكدر: قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (فذكره) . قال أبي: أبو يوسف هذا اسمه يعقوب، والوليد (كذا) ضعيف الحديث، وهذا حديث باطل ". 2044 - " بل نبيا عبدا. ثلاثا ". ضعيف رواه البيهقي في " الزهد " (50 - 51) عن الحسن بن بشر: حدثنا سعدان بن الوليد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وجبريل معه على الصفا، فقال له محمد صلى الله عليه وسلم: والذي بعثك بالحق، ما أمسى لآل محمد كف سويق، ولا شق دقيق، فلم يكن كلامه بأسرع من أن سمع هدة من السماء أفظعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمر الله عز وجل القيامة أن تقوم؟ فقال: لا، ولكن هذا إسرافيل عليه السلام نزل إليك حين سمع الله كلامك، فأتاه إسرافيل، فقال: إن الله سمع ما ذكرت، فبعثني إليك بمفاتيح الأرض، وأمرني أن أعرض عليك: إن أحببت أن أسير معك جبال تهامة زمردا وياقوتا وذهبا وفضة، فعلت، وإن شئت نبيا ملكا، وإن شئت نبيا عبدا، فأومى إليه جبريل عليه السلام: أن تواضع لله، فقال: فذكره ". الحديث: 2044 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 قلت: وهذا إسناد ضعيف. سعدان بن الوليد؛ لم أجد من ترجمه. والحسن بن بشر إن كان الهمداني الكوفي، فصدوق يخطىء. وإن كان السلمي النيسابوري الراوي عن مسلم، فهو صدوق. والأقرب أنه الأول. والله أعلم. 2045 - " يا عائشة! لوشئت؛ لسارت معي جبال الذهب، أتاني ملك وإن حجزته لتساوي الكعبة، فقال: إن ربك يقري عليك السلام، ويقول لك: إن شئت نبيا ملكا، وإن شئت نبيا عبدا، فأشار إلي جبريل ضع نفسك، فقلت: نبيا عبدا. قالت: وكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئا، ويقول: آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد ". ضعيف رواه أبو يعلى (8/4920) ، وابن سعد (1/281) ، والبغوي في " شرح السنة " (3683) عن أبي معشر عن سعيد المقبري عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. أبو معشر، واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي؛ قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". نعم؛ الحديث صحيح دون جملة الحجزة، وبلفظ: " بل عبدا رسولا "، فقد جاء كذلك من حديث أبي هريرة بسند صحيح، كما بينته في " الصحيحة " (1002) . الحديث: 2045 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 والمشيئة المذكورة في أوله لها شاهد من طريق أخرى يتقوى بها، خرجته في " الصحيحة " أيضا برقم (2484) . والحديث عزاه في " مختصر مشكاة المصابيح " (رقم 70) للإمام أحمد. وهو وهم! 2046 - " والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دنياكم شراركم ". ضعيف أخرجه الترمذي (2/26) ، وابن ماجه (4043) ، وأحمد (5/389) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب ". قلت: الأشهلي هذا؛ قال ابن معين: " لا أعرفه ". فلا يعتد بتوثيق ابن حبان إياه (5/14) ، وبخاصة أن الذهبي قال في " الميزان ": " عنه عمروبن أبي عمروفقط، له حديث منكر ". الحديث: 2046 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 2047 - " الناس معادن، والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء ". ضعيف رواه ابن عدي (302/2) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (7/455/10974) ، والخطيب (4/29 - 30) عن محمد بن سليمان بن مسمول: حدثني عبيد الله بن سلمة ابن وهرام عن أبيه عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: الحديث: 2047 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 " وابن مسمول هذا عامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده، ولا في متنه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه غير واحد ". وعبيد الله بن سلمة بن وهرام؛ لا يعرف كما قال ابن المديني، ولينه أبو حاتم كما في " الميزان " و" لسانه ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " عن ابن عباس، وأعله المناوي بابن مسمول هذا، ونقل عن ابن الجوزي أنه قال: " حديث لا يصح ". 2048 - " كان إذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله عز وجل، والحمد لله، والكبرياء والعظمة لله، والخلق والأمر، والليل والنهار، وما سكن فيهما لله عز وجل، اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحا، وأوسطه نجاحا، وآخره فلاحا، يا أرحم الراحمين ". ضعيف جدا أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب " (472/530) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (14/36) ، والطبراني في " الدعاء " (2/928/296) ، وابن عدي في " الكامل " (6/26) من طرق عن أبي الورقاء: حدثنا ابن أبي أوفي قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو الورقاء: اسمه فائد بن عبد الرحمن الكوفي. قال الحافظ: " متروك، اتهموه ". الحديث: 2048 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 (تنبيه) : وقع هذا الحديث في " مصنف ابن أبي شيبة " (10/239/9326) بالسند التالي: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال: فذكره. وهذا إسناد جيد، ولكنه لمتن آخر لفظه: " كان إذا أصبح قال: أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص.. " الحديث. هكذا رواه ابن أبي شيبة أيضا في مكان آخر (9/77/6591) ، وأحمد وغيره بهذا الإسناد نفسه، وهو مخرج في " الصحيحة " (2919) ، فالظاهر أنه دخل على الناسخ أوالطابع حديث في حديث، ولم يتنبه لهذا المعلق على " الدعاء "، فجرى على الظاهر، وذكر ما يمكن أن يكون شاهدا لحديث الترجمة! فاقتضى التنبيه. 2049 - " قل: اللهم اعف عني، فإنك عفوتحب العفو، وأنت عفوكريم ". ضعيف جدا أخرجه أبو يعلى (2/300/1023) ، وابن عدي (7/227) ، والطبراني في " الأوسط " (2/190/7906) من طريق يحيى بن ميمون: حدثنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! علمني دعاء أصيب به خيرا. قال: " ادنه "، فدنا حتى كادت ركبته تمس ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : فذكره. وقال الطبراني: " لم يروه عن علي بن زيد إلا يحيى بن ميمون ". الحديث: 2049 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 قلت: كلاهما ضعيف، وأحدهما أشد ضعفا من الآخر، والأول هو ابن جدعان. والآخر هو التمار، وهو متروك كما في " التقريب "، بل قال البخاري في " التاريخ الصغير " (207) : " قال لي عمروبن علي: كذاب ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3/121) : " روى ما لم يتابع عليه مما لا يشك أنها معمولة، لا تحل الرواية عنه والاحتجاج به بحال ". ثم تناقض فذكره في " الثقات " (7/603) . انظر " التهذيب ". وقد صح منه قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة إذا رأت ليلة القدر: " اللهم إنك عفوتحب العفوفاعف عني ". وصححه الترمذي وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (3337) . 2050 - " إن الله تبارك وتعالى يقول: إني لست على كل كلام الحكيم أقبل، ولكني أقبل على همه وهو اه، فإن كان همه وهو اه فيما يحب الله ويرضى؛ جعلت صمته حمدا لله ووقارا، وإن لم يتكلم ". ضعيف جدا. رواه ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/49/1) عن بقية: حدثني صدقة بن عبد الله بن صهيب: حدثني المهاجر بن حبيب بن صهيب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ لأن صدقة هذا لم أجد من ترجمه، فهو من شيوخ بقية المجهولين. وكذلك المهاجر بن حبيب لم أجد له ذكرا، وما أظنه من الصحابة، وقد قال المناوي في " الفيض ": الحديث: 2050 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 " لم أره في الصحابة في (أسد الغابة) ولا في (التجريد) ". ثم تبين لي أنه مصحف، وأن الصواب المهاصر بن حبيب؛ كذلك رواه ابن وهب في " الجامع " (ص 51 - 52) قال: وأخبرني خالد بن حميد عمن حدثه عن المهاصر بن حبيب يرفع الحديث قال: فذكره. قلت: والمهاصر هذا يروي عن أبي ثعلبة الخشني وأبي سلمة بن عبد الرحمن. قال ابن أبي حاتم (4/1/440) : " سئل أبي عنه، فقال: لا بأس به ". وذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " ( 5/454) و" وأتباعهم " (7/525) . قلت: فالحديث مرسل أومعضل، مع الجهالة التي في سنده. وخالد بن حميد هو المهري الإسكندراني. قال الحافظ: " لا بأس به ". 2051 - " لا تضربوا الرقيق، فإنكم لا تدرون ما توافقون ". ضعيف رواه أبو يعلى في " مسنده " (4/1379) ، وعنه ابن عدي في " الكامل " (5/577 ) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (6/377/8585) ، والعقيلي في " الضعفاء " (333) عن عكرمة بن خالد المخزومي: حدثنا أبي عن ابن عمر مرفوعا. وقال العقيلي: " عكرمة بن خالد؛ قال البخاري: منكر الحديث ". وقال ابن عدي: " وهذا الحديث لا يرويه غير عكرمة ". الحديث: 2051 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/238 - 239) بعد أن عزاه لأبي يعلى والطبراني. " وهو ضعيف ". ونقله المناوي في " الفيض "، وأقره. 2052 - " من دخل في هذا الدين، فهو عربي ". ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/9 و2/367) من طريق سوار بن مصعب عن غياث بن عبد الحميد عن الشعبي عن النعمان بن بشير مرفوعا في آخر حديث أوله: " رأيت في منامي غنما سودا تتبعها غتم عفر، فأولتها في منامي أنها العرب، ومن تبعها من الأعاجم، ومن دخل ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سوار بن مصعب؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد والدارقطني: متروك ". وغياث بن عبد الحميد: مجهول كما قال العقيلي. وأما أول الحديث، فصحيح جاء من طرق كما بينته في " الصحيحة " (1018) ، وليس في شيء منها هذه الزيادة التي في آخره، فهي زيادة منكرة. الحديث: 2052 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 2053 - " إذا ابتاع أحدكم الجارية، فليكن أول ما يطعمها الحلوى، فإنها أطيب لنفسها ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الأوسط " (1/154 - 155) : حدثنا محمد بن يونس العصفري: حدثنا رزق الله بن موسى: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: حدثنا سعيد بن عبد الجبار عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعا، وقال: " لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عثمان ". قلت: وهو ثقة، وكذلك سائر الرواة؛ غير محمد بن يونس العصفري، فلم أجد له ترجمة، ولا أدري إذا كان الهيثمي وقف على ترجمته موثقا، أم اكتفى بعدم ورود ذكره في " الميزان " كما يشير إلى ذلك أحيانا، فإنه قال في هذا الحديث (4/236) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده أقل درجاته الحسن ". وعندي احتمال أن يكون محمد بن يونس هذا هو الكديمي الكذاب المعروف. فإنه من هذه الطبقة. فقد روى له الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 176) حديثا آخر عنه، وقال فيه: " حدثنا محمد بن يونس البصري العصفري ". والكديمي بصري أيضا، ولكني لم أجد من نسبه إلى " العصفر "، ولا من ذكره في شيوخ الطبراني ، وأيضا شيوخه غير شيوخ الكديمي، ومنهم (عمروبن علي) ، وهو الفسوي الحافظ، و (مجزأة بن سفيان) كما في ترجمتهما من " تهذيب المزي "، وقد روى له الطبراني في " الأوسط " نحوثلاثين حديثا (7/26 - 41/6040 - 6067 - طبعة المعارف) ، فترجح عندي أنه غير الكديمي، وأنه لا بأس به إن شاء الله تعالى، وهو مما فات الشيخ الأنصاري، فلم يذكره في شيوخ الطبراني! الحديث: 2053 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 ثم وجدت له متابعا قويا. فقال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (1/545/572 - مطبعة المدني) : حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد الغبري: نا مسعود بن مسروق السكري: نا عثمان بن عبد الرحمن القرشي الحراني: نا سعيد بن عبد الجبار الزبيدي عن أبي سلمة عن عبادة بن نسي ... وهذا إسناد رجاله كلهم مترجمون في " التهذيب "؛ غير (مسعود بن مسروق) هذا، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال (9/191) : " لم أر في حديثه إلا ما يشبه حديث الثقات ". ثم تنبهت لما كنت عنه غافلا، وهو أن علة الحديث الحقيقية، إنما هي (سعيد بن عبد الجبار الزبيدي) ، فإنه متفق على ضعفه، بل رماه أبو أحمد الحاكم بالكذب، وشذ ابن حبان، فذكره في " الثقات " (6/365) ! وسيأتي له حديث آخر (6108) . 2054 - " لوكان العلم معلقا بالثريا، لتناوله قوم من أبناء فارس ". ضعيف رواه أحمد (2/420 و422 و469) ، والحارث في " مسنده " (124/1 - زوائده) ، والغطريف كما في " جزء منتقى منه " (45/2 - 46/1) ، وابن عدي (197/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/4) ، و" الحلية " (6/64) عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة مرفوعا. وهكذا رواه أبو المظفر الجوهري في " العوالي الحسان " (3/1) ، والشاموخي في " جزئه " (1/2) ، والدامغاني الفقيه في " الأحاديث والأخبار " (1/115/2) ، والسلفي في " الطيوريات " (235/1) ، وابن عساكر (8/69/2) و (14/344/1 ) ، وفي رواية له: الحديث: 2054 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 " الدين ". قلت: وشهر ضعيف. لكن رواه إسحاق بن بشر في " كتاب المبتدأ " (5/122/1) عن الحسن عن أبي هريرة به. لكن إسحاق هذا كذاب. ورواه البغوي في " شرح السنة " (3999) عن إسحاق الدبري: حدثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن جعفر الجزري عن يزيد الأصم عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال: " رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق ". قلت: لكن عنده (7/191) بلفظ: " لوكان الدين عند الثريا، لذهب به رجل ... ". وكذا رواه أحمد (2/309) عن عبد الرزاق به، وهو مخرج في الكتاب الآخر (1017) . ورواه ابن حبان في " صحيحه " (2309) ، وأبو نعيم في " الأخبار " (1/5) ، والعقيلي في " الضعفاء " (460) عن يحيى بن أبي الحجاج المنقري: حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ: " العلم "، وقال: " يحيى بن أبي الحجاج؛ قال يحيى: ليس بشيء ". وقال الحافظ في " التقريب ": " لين الحديث ". وتابعه السكن بن نافع عن ابن عون به. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 أخرجه أبو نعيم من طريقين عن صالح بن الأصبغ: حدثنا أحمد بن الفضل: حدثنا السكن بن نافع به. قلت: وهذا إسناد مظلم: السكن بن نافع وصالح بن الأصبغ؛ لم أعرفهما. وأحمد بن الفضل؛ الظاهر أنه الذي في " الجرح والتعديل " (1/1/67) : " أحمد بن الفضل العسقلاني أبو جعفر، ويعرف بالصائغ، روى عن بشر بن بكر ورواد بن الجراح ويحيى بن حسان، كتبنا عنه ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال ابن حزم: " مجهول ". وله عنده طريق أخرى: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن جبير عن أبي هريرة به. ورجاله ثقات غير جبير، والظاهر أنه الذي في " الجرح " (1/1/513) : " جبير أبو صالح، روى عن أبي هريرة، روى عنه يزيد بن أبي زياد ". وجملة القول: إن الحديث ضعيف بهذا اللفظ: " العلم ". وإنما الصحيح فيه " الإيمان " و" الدين "، كما بين في الكتاب الآخر. والله أعلم. 2055 - " أما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض؛ أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله عز وجل؟ وإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء والأرض ما أخفي لها من قرة أعين، فإذا وضعت، لم يخرج من لنها جرعة، ولم يمص من ثديها مصة؛ إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة، فإن أسهرها ليلة؛ الحديث: 2055 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهم في سبيل الله عز وجل.سلامة! تدرين لمن أعني هذا؟ هذا للمتعففات الصالحات المطيعات لأزواجهن، اللواتي لا يكفرن العشير ". موضوع. رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (70/375/6729 - ط) ، والديلمي (1/2/218) ، وابن عساكر (12/300/2) عن عمروبن سعيد الخولاني عن أنس بن مالك عن سلامة حاضنة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله إنك تبشر الرجال بكل خير، ولا تبشر النساء، قال: أصويحباتك دسسنك لهذا؟ قالت: أجل، هن أمرنني، قال: فذكره. وقال الطبراني: " لا يروى إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو حديث موضوع، لوائح الوضع عليه ظاهرة، آفته الخولاني هذا. قال الذهبي: " حدث بموضوعات ". ثم ساق له هذا الحديث. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/274) من رواية الطبراني في " الأوسط "، وقال: " قال ابن حبان، عمروبن سعيد الذي يروي هذا الحديث الموضوع عن أنس؛ لا يحل ذكره إلا على جهة الاعتبار للخواص ". وأقره السيوطي في " اللآلىء " (2/175) . ومن طريق الخولاني هذا رواه ابن منده في " المعرفة " (2/329/2) ، وكذا الحسن بن سفيان في " مسنده " كما في " الفيض ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 2056 - " كل سنن قوم لوط قد فقدت إلا ثلاث: جر نعال السيوف، وخصف (1) الأظفار، وكشف عن العورة. وشرب بيده على فخذه ". موضوع رواه الهيثم بن كليب في " المسند " (ق 10/1) ، ومن طريقه ابن عساكر ( 14/320/1) عن هارون بن محمد أبي الطيب: حدثنا روح بن غطيف عن صالح بن عبد الله عن ابن الزبير عن الزبير مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا: هارون هذا؛ قال ابن معين: " كذاب ". وقال الساجي: " الغالب على حديثه الوهم ". وروح بن غطيف؛ قال النسائي: " متروك ". وقال أبو حاتم: " ليس بثقة ". وهو صاحب حديث " تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم "، وقد قال فيه البخاري : " باطل " كما في " الميزان " و" لسانه ". وقال ابن أبي حاتم (1/2/495) عن أبيه: " ليس بالقوي، منكر الحديث جدا ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الشاشي وابن عساكر عن الزبير، ولم يتعقبه المناوي إلا بقوله:   (1) كذا في ابن عساكر ومتن " الجامع الصغير "، ووقع في شرحه " خضب "، وكذا في " كنز العمال " (16/36/43829) ، ومطبوعة " مسند الهيثم " (1/109/49) . اهـ الحديث: 2056 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 " قضية كلام المصنف أنه لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، والأمر بخلافه، فإن أبا نعيم والديلمي خرجاه باللفظ المزبور عن الزبير المذكور ". 2057 - " إن الله عز وجل سائل كل راع استرعاه رعية قلت أوكثرت، حتى يسأل الزوج عن زوجته، والوالد عن ولده، والرب عن خادمه؛ هل قام فيهم بأمر الله ". ضعيف جدا رواه ابن عساكر (9/221/2) عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس مرفوعا. قلت: هذا سند ضعيف جدا من أجل خارجة. قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقد ثبت مختصرا نحوه من حديث أنس، وهو في الكتاب الآخر. الحديث: 2057 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 2058 - " كل مؤدب يحب أن تؤتى مأدبته، ومأدبة الله القرآن، فلا تهجروه ". موضوع أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/352/2012) من طريق أبي علي إسماعيل بن محمد الصفار: حدثنا الحسن بن مكرم: حدثنا غياث: حدثنا مطرف بن سمرة بن جندب عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته غياث، وهو ابن إبراهيم النخعي، وهو كذاب خبيث كما قال ابن معين وغيره، وهو الذي حدث (المهدي) بخبر: " لا سبق إلا في نصل أو خف أوحافر "، وزاد فيه: " أوجناح "؛ إرضاء للمهدي، فلما قام الحديث: 2058 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 قال المهدي : " أشهد أن قفاك قفى كذاب "؛ كما في " موضوعات ابن الجوزي " (1/42 و3/78) وغيره. وشيخه مطرف بن سمرة، لم أجد له ترجمة. ثم إنه يغلب على ظني أن في الإسناد سقطا بين الحسن بن مكرم وغياث، فإن بينهما نحوقرن من الزمان، فإن الأول مات سنة (274) ، والآخر - وإن كنت لم أقف على سنة وفاته، فهو - كان في زمان (المهدي) ، وقد توفي سنة (169) كما في " السير " وغيره. والحسن بن مكرم والصفار الراوي عنه وثقهما الخطيب في " التاريخ ". والله سبحانه وتعالى أعلم. 2059 - " أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأشرف الحديث ذكر الله جل وعلا، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء صلى الله عليهم، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى الضلالة ضلالة بعد الهدى، وخير العمل ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب. واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة عند حضرة الموت، وشر الندامة نادمة يوم القيامة، وشر الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنا غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما ألقي الحديث: 2059 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جمر (كذا) جهنم، والسكر من النار، والشعر من إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر الكسب كسب الربا، وشر المال أكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أذرع، والأمر إلى آخرة، وملاك الأمر فرائضه، وشر الرؤيا رؤيا الكذب، وكل ما هو آت قريب. سباب المسلم فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله جل وعز، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن تألى على الله كذبه، ومن يغفر يغفر الله له، ومن سمع المستمع سمع الله به، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يضم يضاعفه الله، ومن يعص الله يعذبه الله، اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي - ثلاث مرات -. أستغفر الله لي ولكم ". ضعيف. رواه أبو القاسم بن أبي قعنب في " حديث القاسم بن الأشيب " (ق 5/2 - 6/1) من طريقين عن عبد الله بن نافع الصائغ: أخبرني عبد الله بن مصعب بن خالد بن زيد ابن خالد الجهني عن أبيه عن جده زيد بن خالد، قال: تلقيت هذه الخطبة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتبوك قال: سمعته: يقول.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن مصعب وأبو هـ فيهما جهالة؛ كما قال الذهبي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 وعبد الله بن نافع الصائغ، ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين، كما قال الحافظ. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الدلائل "، وابن عساكر عن عقبة بن عامر الجهني، وأبي نصر السجزي في " الإبانة " عن أبي الدرداء، وابن أبي شيبة في " المصنف " عن ابن مسعود موقوفا. وزاد المناوي في تخريجه فقال: " رواه العسكري والديلمي عن عقبة، وأبو نعيم في " الحلية "، والقضاعي في " الشهاب " عن أبي الدرداء، قال بعض شرائحه: حسن غريب ". وقال في " التيسير " في حديث ابن مسعود الموقوف: " وإسناده حسن ". قلت: وفي إسناد حديث عقبة عند الديلمي (1/2/216 - 217) عبد العزيز بن عمران ، وهو متروك. ويعقوب بن محمد الزهري وأبو أمية الطرسوسي، وهما ضعيفان. 2060 - " لا وضوء كامل لمن لم يسم الله عليه ". لا أصل له بهذا اللفظ كما ذكره ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (7/2) ، قال: " هذه الرواية غريبة ". قلت: والثابت بدون لفظة " كامل "، وقد ذكر طرقه ابن الملقن، والزيلعي في " نصب الراية "، وابن حجر في " التلخيص "، فمن شاء الوقوف عليها فليرجع إليها. الحديث: 2060 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 وكذلك أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 70/2/79/1) عن كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده مرفوعا. وقد ذكرتها بنصها في " صحيح أبي داود " (90) ، و" إرواء الغليل " (81) . 2061 - " من وجد عين ماله عند رجل؛ فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه ". منكر بهذا اللفظ رواه أبو داود (2/108) ، والنسائي (2/233) ، والدارقطني (301) ، والطبراني في " الكبير " (6/207/6860) عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات، ولكنه معنعن، قتادة والحسن مدلسان، على أن الحسن - وهو البصري - في سماعه من سمرة خلاف مشهور، فقول الحافظ في " الفتح " (5/49) : " أخرجه أحمد وأبو داود، وإسناده حسن " غير حسن لوجهين: الأول: ما عرفته من التدليس، ولهذا لما نقل صديق خان في " الروضة " (2/239 ) تحسين الحافظ هذا تعقبه بقوله: " ولكن سماع الحسن عن سمرة فيه مقال معروف ". الثاني: أن الحديث عند أحمد (5/10) دون قوله: " ويتبع البيع من باعه "، وقال: " مفلس " بدل: " رجل ". رواه من طريق عمر بن إبراهيم: حدثنا قتادة به. وعمر هذا هو العبدي، وهو صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف؛ كما قال الحافظ في " التقريب "، فأنى لإسناده الحسن؟ ! الحديث: 2061 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 نعم؛ الحديث صحيح بلفظ أحمد لأن له شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا في " الصحيحين " وغيرهما، وقد تقدم في لفظ: " من أفلس ... "، وأما الحديث مع الزيادة التي في آخره، فهو منكر. وقد روي الحديث من طريق آخر عن سمرة بلفظ: " إذا ضاع للرجل متاع ... ". وقد مضى برقم (1627) . والحديث قال الخطابي في " المعالم " (5/184) : " هذا في الغصوب ونحوها إذا وجد ماله المغصوب والمسروق عند رجل، كان له أن يخاصمه فيه، ويأخذ عين ماله منه، ويرجع المأخوذ منه على من باعه إياه ". 2062 - " من زوج كريمته من فاسق؛ فقد قطع رحمها ". موضوع رواه ابن عدي (89/2) ، وابن حبان في " المجروحين " (1/238) عن الحسن بن محمد البلخي: حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال ابن عدي: " هذا الحديث منكر مسندا، وإنما يروى عن الشعبي قوله، والحسن بن محمد ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات، لا يجوز الرواية عنه ". ثم غفل فأورده في " الثقات " (8/168) ! وقال أبو سعيد النقاش: الحديث: 2062 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 " حدث عن حميد عن أنس أحاديث موضوعة ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/260) ، وأقره السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (2/90 - طبع الأدبية) من رواية ابن حبان (يعني في " الضعفاء ") ، وقال: " قال ابن حبان: الحسن يروي الموضوعات، وإنما هذا من كلام الشعبي، ورفعه باطل. قلت: وكذا قال الذهبي ". قلت: وتبعهما ابن عراق، فأورده في " الفصل الأول " من " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " (2/200) . ومن الغرائب قول صاحب " مختصر المشكاة " (1098) : " رواه ابن حبان بإسناد صحيح "! ولا أدري من الذي سبقه إلى هذا الخطأ الفاحش، ثم قلده! 2063 - " إني لأبغض المرأة تخرج من بيتها تجر ذيلها تشكوزوجها ". ضعيف جدا رواه ابن صاعد في " الأمالي " (ق 84/1) ، والطبراني في " الأوسط " (1/170/2 و7/6/6004 - ط) عن يحيى بن يعلى الأسلمي عن سعد الإسكاف عن عبد الله بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن أبي عبد الله الجدلي عن أم سلمة مرفوعا، وقال الطبراني: " لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى ". قلت: وهو ضعيف، كما في " التقريب ". لكن شيخه سعد الإسكاف شر منه، واسم أبيه طريف، قال الحافظ: الحديث: 2063 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 " متروك، ورماه ابن حبان بالوضع ". 2064 - " إن الإسلام بدأ جذعا، ثم ثنيا، ثم رباعيا، ثد سديسا، ثم بازلا ". ضعيف. أخرجه أحمد (3/463 و5/52) ، وأبو يعلى (1/192) ، وابن نصر في " الصلاة " (361) عن عوف عن علقمة بن عبد الله المزني قال: حدثني فلان أنه شهد عمر بن الخطاب يقول لرجل من جلسائه: يا فلان، كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام؟ فقال: سمعته يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير " فلان " شيخ المزني، فإنه مجهول لم يسم. وبه أعله الهيثمي (7/279) . الحديث: 2064 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 2065 - " اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن إبليس طلاع ورصاد، صياد، وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء، من فخوخه في النساء ". موضوع رواه الديلمي (1/1/45) عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصره للديلمي "، وسعيد بن سنان؛ قال في " التقريب ": " متروك، رماه الدارقطني وغيره بالوضع ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " هالك ". الحديث: 2065 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 2066 - " احذروا زلة العالم، فإن زلته تكبكبه في النار ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/20) عن أبي بكر محمد بن عبيد الله بن السمين: حدثنا الحسين بن علي بن المغيرة عن محمد بن ثابت عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصره ". ومحمد بن ثابت ضعيف، وهو العبدي البصري. ومن دونه لم أعرفهما. الحديث: 2066 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 2067 - " احذروا صفر الوجوه، فإنه إن لم يكن من علة أوسهر، فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين ". موضوع رواه الديلمي (1/1/21) عن أبي سعيد أحمد بن محمد بن مهدي عن أحمد بن محمد بن الحسن البلخي عن رجاء بن نوح البلخي عن زيد بن الخفاف عن عمران بن حدير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. بيض له الحافظ أيضا، وكذا السخاوي في " المقاصد الحسنة " (24/34) ، ومن تلاه من بعده، مثل العجلوني في " كشف الخفاء "؛ كلهم تتابعوا على السكوت عنه، وأغربهم صنعا قول الزرقاني في " مختصر المقاصد " (51/32) : " وارد "، ولم يزد! ! وليته قال: " روي "! وأما المناوي، فأعله في " فيض القدير " بـ (زيد بن حبان) - كذا وقع عنده (حبان) -، وذكر أن ابن حبان قال: " يخالف في حديثه "، ولم يتنبه لكونه من رواية البلخي الكذاب، ولذلك تساهل في " التيسير "، فقال في الحديث: " فيه ضعف "! الحديث: 2067 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 وهو موضوع، من دون عمران بن حدير لم أعرفهم؛ غير أحمد بن محمد بن الحسن البلخي، فقال فيه أبو القاسم الأزهري: " كذاب ". وقال الخطيب: " كان يظهر النسك والصلاح، ولم يكن في الحديث ثقة ". وقد روي من حديث أنس بنحوه، وهو موضوع أيضا كما سيأتي بيانه في المجلد الرابع عشر إن شاء الله تعالى برقم (6576) . 2068 - " احملوا النساء على أهو ائهن ". موضوع رواه ابن عدي (297/2) عن محمد بن الحارث: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. وقال: " ومحمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ ". ثم قال في ترجمة شيخه ابن البيلماني (298/1) : " وإذا روى عن ابن البيلماني محمد بن الحارث فجميعا ضعيفان، والضعف على حديثهما بين ". قلت: وابن البيلماني روى عن أبيه نسخة موضوعة؛ كما قال ابن حبان. الحديث: 2068 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 2069 - " من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية ". لا أصل له بهذا اللفظ كما أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على ابن المطهر الحلي في " منهاج السنة " (1/26 - 27) ، وقال الحافظ الذهبي في مختصره: " المنتقى " (ص 28) تبعا لأصله: " المنهاج ": الحديث: 2069 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 " والله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا ". كما تقدم (1/525) . قلت: والشيعة في كتبهم يتناقلون هذا الحديث تقليدا منهم لـ (الحلي) ، لكن بعضهم يدلس، بل يكذب على المسلمين ليضلوهم، فهذا هو المدعو: روح الله الخميني يقول في كتابه: " كشف الأسرار " (ص 197) : " وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة منقول عن النبي يقول:.. " فذكره. وهذا الذي عزاه لأهل السنة من اختلاقه، وله من مثله الشيء الكثير، كما ترى في المجلد العاشر من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " ابتداء من (4881 - 4975) ، فقد رأيت الذهبي ومن قبله ابن تيمية يجزمان بأنه لا أصل له. ويشير بقوله: " هكذا " إلى أن له أصلا بلفظ: " من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية ". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (984) . 2070 - " أكرموا المعزى، وصلوا في مراحها، وامسحوا الرغام عنها؛ فإنها من دواب الجنة (1) ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/35) عن يزيد بن عبد الملك النوفلي. سمعت عمار بن عمارة بن فيروز يحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال الحافظ: " قلت: يزيد بن عبد الملك؛ ضعيف ".   (1) الأصل في النسختين " الأرض ". اهـ الحديث: 2070 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 قلت: ومن طريقه رواه البزار في " مسنده " (1330) ، لكن وقع عنده " داود بن فراهيج " مكان عمار بن عمارة بن فيروز. وقال: " يزيد ليس بالحافظ، وأشار إلى تفرده به، وهو ضعيف ". كذا في " زوائده " لابن حجر. وله طريق آخر عن أبي هريرة تقدم نحوه برقم (1880) . ورواه العقيلي في " الضعفاء " (288) عن عمر بن راشد قال: حدثني يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه عن جده المغيرة، قال: مررت بأبي ذر وهو في قصره بعيد (1) ، فقال: فذكره مرفوعا به دون قوله: " أكرموا المعزى ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ عمر بن راشد هذا هو المديني. قال العقيلي: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي: " وأما (الصلاة في مراح الغنم) ، فقد روي بإسناد جيد، وأما: (الغنم من دواب الجنة) ، ففيه رواية من غير هذا الوجه فيها لين ". قلت: لكن له عدة طرق بدون هذه الزيادة " أكرموا المعزى "، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (1128) . ثم رأيت الحديث في " المنتخب من المسند " لعبد بن حميد (108/2) من   (1) غير مقروءة في الأصل، وأسقطها الطابع أوالمحقق القلعجي (3/159) . اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 طريق أخرى عن النوفلي، فقال: حدثني خالد بن مخلد: حدثني يزيد بن عبد الملك: سمعت عبد الرحمن بن أبي محمد يحدث عن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. فهذا يدل على ضعف النوفلي هذا، فإنه اضطرب في روايته، فتارة يجعله من مسند أبي هريرة، وتارة من مسند أبي ذر، وأخرى من مسند أبي سعيد الخدري. وللزيادة طريق آخر عن أبي هريرة بلفظ: " أحسنوا إلى الماعزة.. "، ومضى تخريجه برقم (1880) ، وعزاه ابن القيم في " الزاد " للنسائي في " سننه "، وما أراه إلا وهما، وقال المعلقان عليه ( 4/374 - المؤسسة) : " لم نقف عليه، ولعله في (سننه الكبرى) ". 2071 - " أخاف على أمتي بعدي ثلاثا: ضلالة الأهو اء، واتباع الشهو ات، والغفلة بعد المعرفة ". موضوع رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " (ق 1/8/2) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي : حدثنا يحيى بن بسطام: حدثنا يوسف بن خالد: حدثنا سلم بن بشير أنه سمع حبيبا المدني يحدث أنه سمع أفلح مولى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، يوسف بن خالد وهو السمتي؛ كذاب. والغلابي مثله. ولعله قد توبع، فقد عزاه الحافظ في " الإصابة " لابن منده والحكيم الترمذي وابن شاهين، وأعله بالسمتي فقط، وقال: " وهو متروك الحديث ". الحديث: 2071 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 وقد وجدت له شاهدا مرسلا بنحوه، ولفظه: " أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهو ة البطن والفرج ". رواه أبو عمروالداني في " الفتن " (ق 189/1 - 2) عن علي بن معبد: حدثنا مهاجر بن عبد الله أبو أحمد القرشي عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، رجاله ثقات؛ غير مهاجر بن عبد الله هذا فلم أجد له ترجمة. 2072 - " اختضبوا؛ فإنه يزيد في جمالكم وشبابكم ونكاحكم ". موضوع رواه أبو نعيم في " المعرفة " (ق1/224/2) ، وعنه الديلمي (1/1/40) عن يحيى ابن ميمون أبي أيوب القرشي: حدثنا درهم بن زياد بن درهم عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته يحيى بن ميمون، قال الفلاس: " كتبت عنه، وكان كذابا ". وقال أحمد: " خرقنا حديثه ". وقد خرجه البزار في " مسنده " (2978 - زوائده) قال: حدثنا الحسن بن الصباح : حدثنا يحيى بن ميمون أبو أيوب التمار: حدثنا عبد الله بن المثنى عن جده يعني ثمامة عن أنس مرفوعا به، وقال: " رواه يحيى، ولم يتابع عليه ". قال الهيثمي (5/160) : " وهو متروك ". الحديث: 2072 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 2073 - " أخبرني جبريل أن الله عز وجل بعثه إلى أمنا حواء حين دميت، فنادت ربها: جاء مني دم لا أعرفه، فناداها: لأدمينك وذريتك، ولأجعلنه كفارة وطهورا ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/87 - 88) من طريق الدارقطني عن محمد بن جعفر بن [دس] عن أبي علقمة الفروي عن يحيى بن عبد الملك الهديري عن أبيه عن جده محرز بن عبد الله عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصر الديلمي "، وإسناده ضعيف، يحيى بن عبد الملك الهديري عن أبيه عن جده محرز بن عبد الله؛ لم أعرفهم. وأبو علقمة الفروي هو الصغير، واسمه عبد الله بن هارون بن موسى بن أبي علقمة الكبير عبد الله بن محمد. قال الذهبي: " منكر الحديث. قاله أبو أحمد الحاكم، وقال ابن أبي حاتم: تكلم فيه ". والحديث عزاه في " الفتح الكبير " للدارقطني في " الأفراد " عن عمر. الحديث: 2073 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 2074 - " اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون، سألوني أن أسكنهم، فأسكنت المسلمين الجلس، وأسكنت المشركين الغور ". ضعيف جدا رواه أبو الشيخ في " العظمة " (12/28/1) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (1/358/1143) عن كثير بن عبد الله بن عمروبن عوف المزني عن أبيه عن جده عن بلال بن الحارث، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فخرج لحاجته، وكان إذا خرج لحاجته يبعد، فأتيته بإداوة من ماء، فانطلق، فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم أسمع مثلها، فجاء، فقال: بلال؟ قلت: بلال، قال: أمعك ماء؟ قلت: نعم، قال: أصبت، فأخذه مني، فتوضأ، فقلت: يا رسول الله، سمعت عندك خصومة رجال ولغطا الحديث: 2074 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 ما سمعت أحد من ألسنتهم، قال: فذكره. قال عبد الله بن كثير: قلت لكثير: " ما الجلس وما الغور؟ قال: الجلس: القرى والجبال، والغور: ما بين الجبال والبحار، قال كثير: ما رأينا أحد أصيب بالجلس إلا سلم، ولا أصيب أحد بالغور إلا لم يكد يسلم ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، كثير بن عبد الله هذا متروك. وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (1/203) . 2075 - " أخرجوا منديل الغنر من بيوتكم، فإنه بيت الخبيث، ومجلسه ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/26) عن سعيد بن خثيم: حدثنا حرام بن عثمان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا به. قال الحافظ: " قلت: حرام متروك ". قلت: وسعيد بن خثيم؛ وثقه ابن معين. وقال الأزدي: " منكر الحديث ". وقال ابن عدي: " مقدار ما يرويه غير محفوظ "؛ كما في " الميزان ". الحديث: 2075 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 2076 - " ليأتين على الناس زمان عضوض، يعض المؤمن على ما في يديه، وينسى الفضل وقد قال الله تعالى: " ولا تنسوا الفضل بينكم "، شرار يبايعون كل مضطر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، فإن كان عندك خير فعد به على أخيك، ولا تزده هلاكا على هلاكه، فإن المسلم أخوالمسلم ، لا يحزنه، ولا يحرمه ". ضعيف جدا رواه ابن مردويه - كما في ابن كثير - عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: عبيد الله الوصافي، فإنه ضعيف اتفاقا، بل تركه بعضهم، فقال ابن عدي في " الكامل " (4/1631) بعد أن ساق له أحاديث منكرة، منها طرف من حديث الترجمة كما يأتي: " وله غير ما ذكرت، وهو ضعيف جدا، يتبين ضعفه على حديثه ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/63) : " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، حتى إذا استمع المستمع سبق إلى قلبه أنه كالمتعمد لها، فاستحق الترك ". وصرح النسائي وغيره بأنه متروك، كما تقدم تحت الحديث (1211) . قلت: ولعله مما يدل على ضعفه أنه اضطرب في روايته سندا ومتنا، فقال محمد بن خالد الوهبي - وهو ثقة -: حدثنا الوصافي عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث: 2076 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 " أنه نهى عن بيع الغرر، وعن بيع المضطر ". أخرجه ابن عدي في " الكامل " (4/323) . والأخرى: الانقطاع بين عبد الله بن عبيد وعلي، فإنه ابن عبيد - وهو ابن عمير - مات سنة (113) ، ومات علي سنة (40) ، فبين وفاتيهما ثلاث وسبعون سنة. ولذلك لم يذكروا له رواية عن علي رضي الله عنه. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن شيخ من بني تميم قال: " خطبنا علي بن أبي طالب قال: .... " فذكره موقوفا عليه. أخرجه أبو داود (3382) وغيره. وهذا الشيخ - كما ترى - لم يسم، فهو مجهول، فيمكن أن يكون هو الواسطة بين ابن عبيد وعلي. والله أعلم. (تنبيه) : هذا الحديث مما أورده الشيخان الحلبيان في " مختصر تفسير ابن كثير " زاعمين أنه صحيح! وذلك مما يدل على أنه لا علم عندهما؛ لكثرة ما يصححان من الأحاديث الواهية بغير علم ولا كتاب منير. والله المستعان. وأما أهل المعرفة بهذا الفن؛ فهم لا يشكون في ضعف مثل هذا الحديث، فهذا هو الشيخ الفاضل مقبل بن هادي اليماني يقول في تخريجه على " ابن كثير " (1/513) بعد أن تكلم على رجال إسناده بإيجاز مفيد فردا فردا: " والحديث ضعيف من أجل الانقطاع، وضعف عبيد الله بن الوليد الوصافي ". نعم؛ قد صح من الحديث النهي عن بيع الغرر، وهو مخرج في " الإرواء " (1294) ، و" أحاديث البيوع ". وقوله: " المسلم أخوالمسلم ". ورد في " الصحيحين " وغيرهما عن جمع من الصحابة، وهو مخرج في " إرواء الغليل " (1321 و2490) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 2077 - " ما من رجلين اصطرما فوق ثلاث إلا طويت عنهما صحيفة الزيادات. قلت: يا رسول الله! وما صحيفة الزيادات؟ قال: الصلاة النافلة، وما كان من التطوع ما لم يشاكل الفرض ". منكر أخرجه الدولابي في " الذرية الطاهرة " (ق 20/2) عن عمر بن أبي الحريش: حدثني إبراهيم بن رشيد عن الحارث بن حمران عبد الله بن حسن بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم. من دون عبد الله بن حسن بن حسن ثلاثتهم لم أعرفهم، وكذا رأيته في الأصل: " الحارث بن حمران عبد الله بن حسن.. "، سقط من بينهما الواسطة أوأداة التحديث (عن) . ويحتمل أن يكون (حمران) محرفا من (عمران) فإن ثبت ذلك فهو (الحارث بن عمران الجعفري المدني) ، وهو ضعيف، بل قال ابن حبان (1/225) : " كان يضع الحديث على الثقات ". الحديث: 2077 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 2078 - " حدثني جبريل أن الله أهبط إلى الأرض ملكا، فأقبل ذلك الملك يمشي حتى انتهى إلى باب رجل ينادي على باب الدار، فقال الملك للرجل: ما جاء بك إلى هذه الدار ؟ فقال: أخ لي مسلم زرته في الله، قال: آلله ما جاء بك إلا ذلك؟ قال: آلله ما جاء بي إلا ذلك، قال الملك: فإني رسول الله إليك، وهو يقريك السلام، ويقول: وجبت لك الجنة، وأيما مسلم زار مسلما، فليس إياه يزور، بل إياي يزور وثوابه علي الجنة ". موضوع أخرجه الدولابي في " الذرية الطاهرة " (ق 23/1) من طريق الحديث: 2078 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 حفص بن عمر الفراء عن أبي داود المكفوف عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الحسن بن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته إما جابر - وهو ابن يزيد الجعفي - وهو ضعيف متهم. وإما أبو داود المكفوف - وهو أبو داود الأعمى: نفيع بن الحارث - وهو به ألصق، فإنه متروك، كذبه ابن معين. وحفص بن عمر الفراء؛ لم أعرفه. 2079 - " يا مسلم! اضمن لي ثلاثا أضمن لك الجنة: إن أنت عملت بما افترض الله عليك؛ فأنت أعبد الناس، وإن قنعت بما رزقك؛ فأنت أغنى الناس، وإن أنت اجتنبت ما حرم الله عليك؛ فأنت أورع الناس ". موضوع رواه الدولابي في " الذرية الطاهرة " (24/1 - 2) من طريق سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة عن الحسن بن علي مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته سعد الإسكاف، وهو ابن طريف الحنظلي؛ قال الحافظ: " متروك، ورماه ابن حبان بالوضع، وكان رافضيا ". والأصبغ؛ متروك أيضا. الحديث: 2079 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 2080 - " أحسن علاقة سوطك، فإن الله جميل يجب الجمال ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (18/366/936) ، وفي " الصحابة " من طريق ابن جريج عن أبيه عن عثمان بن محمد بن قيس قال: الحديث: 2080 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 " رأى أبي في يدي سوطا لا علاقة له، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ... " فذكره. قال الحافظ في ترجمة قيس هذا من " الإصابة ": " كذا أورده أبو نعيم عن الطبراني، وتبعه أبو موسى، وظاهره أن الحديث من رواية محمد بن قيس، إلا إن كان أطلق على الجد أبا، فيكون الحديث من رواية عثمان عن قيس، ورأيت في نسخة قديمة بين عثمان ومحمد ضبة، فكأنه كان عن عثمان عن محمد بن قيس عن أبيه ". قلت: وسواء كان هذا أوذاك، فالإسناد ضعيف، عثمان هذا وأبو هـ لم أجد من ترجمهما. ووالد ابن جريج مجهول، وقال الحافظ: " لين ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/134) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ". 2081 - " أحسنوا، فإن غلبتم فكتاب الله وقدره، لا تدخلوا (اللو) ؛ فإن من أدخل ( اللو) عليه، دخل عليه عمل الشيطان ". ضعيف جدا أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12/255) عن عمار بن نصر: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله أن (الأصل: ابن) صفوان بن سليم أخبره، أن عطاء بن يسار أخبره عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب مرفوعا. قلت: هذا إسناد ضعيف جدا، إسحاق بن عبد الله؛ الظاهر أنه ابن أبي فروة المدني، وهو متروك كما قال الحافظ. الحديث: 2081 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 2082 - " إنكم قادمون على إخوانكم، فأحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، إن الله لا يحب الفحش والتفحش ". ضعيف أخرجه أبو داود (2/379 - 380 - طبع الحلبي) ، والحاكم (4/183) ، وأحمد ( 4/180) ، وكذا ابن المبارك في " الزهد " (رقم 853) ، وابن أبي شيبة ( 5/345) ، والطبراني في " الكبير " (6/94/ رقم 5616) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/249) من طريق هشام بن سعد عن قيس بن بشر التغلبي قال: " كان أبي جليسا لأبي الدرداء رضي الله عنه بدمشق، وبها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار يقال له ابن الحنظلية، وكان متوحدا، قلما يجالس الناس، إنما هو في صلاة، فإذا انصرف، فإنما هو تكبير وتسبيح وتهليل، حتى يأتي أهله، فمر بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء، فسلم ، فقال أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك! فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. والسياق للحاكم، وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وهذا من عجائبه، فقد قال في ترجمة قيس ابن بشر: " عن أبيه، لا يعرفان "! وانظر تعليقي على " رياض الصالحين " (ص 331 - 332/ الطبعة الأولى الشرعية) . (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في " الجامع " دون طرفيه، وعزاه للحاكم وحده ، ولم أره عنده بغير اللفظ المذكور أعلاه. وهو من الأحاديث التي حذفها ( حسان) من طبعته لـ " الرياض " دون أن ينبه على ذلك، وله من مثله كثير! ! الحديث: 2082 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 2083 - " احضروا موتاكم، ولقنوهم لا إله إلا الله، وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع، وإن الشيطان لأقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع، والذي نفسي بيده؛ لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، والذي نفسي بيده؛ لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يألم كل عرق منه على حياله ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/186) عن أحمد بن أبي الطيب أبي سليمان: حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل ". قلت: وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن أبا معاذ هذا بصري، وهو صدوق له أوهام. وأحمد بن أبي الطيب، قال الحافظ: " صدوق حافظ، له أغلاط ضعفه بسببها أبو حاتم، وما له في البخاري سوى حديث واحد متابعة ". الحديث: 2083 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 2084 - " أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار، سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر ". موضوع بلفظ (مؤنسي) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4/303 و5/25 - 26) ، والديلمي في " مسنده " (1/1/77 - 78 - مختصره) ، وابن عساكر في " التاريخ " (9/327) عن محمد بن يونس بن موسى عن الحديث: 2084 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 إسماعيل بن سنان أبي عبيدة العصفري قال: حدثنا مالك عن طلحة ابن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا، وقال أبو نعيم: " غريب من حديث سعيد وطلحة ومالك، لم نكتبه إلا من حديث أبي عبيدة ". قلت: قال ابن أبي حاتم (1/1/176) عن أبيه: " ما بحديثه بأس ". لكن الراوي عنه محمد بن يونس - وهو الكديمي - متهم بالوضع، فالحديث واه بمرة ، لكن يبدو أن الكديمي لم يتفرد به، فقد قال الهيثمي في " المجمع " (9/42) وقد ساق الحديث: " رواه عبد الله، ورجاله ثقات ". قلت: ولا يعقل أن يكون عند عبد الله - يعني ابن الإمام أحمد - من طريق الكديمي، ثم يخفى حاله على الهيثمي! ثم إن الحديث لم أره في " المسند "، ولا هو في ترجمة (طلحة بن مصرف..) من " جامع السنن والمسانيد " لابن كثير (30/272 - 275) ، وإنما رواه عبد الله في زوائد " فضائل أبيه " (1/396/603) ، ومن طريق الكديمي أيضا. والله أعلم. واعلم أنني إنما أوردت الحديث هنا لقوله: " مؤنسي "، وإلا فسائره صحيح مشهور: أما الصحبة؛ فبنص القرآن الكريم. وأما جملة الخوخة؛ ففي حديث ابن عباس قال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه.. الحديث ثم قال: " إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر ". أخرجه البخاري (467) ، والنسائي في " الكبرى " (5/35/8102) ، وابن حبان (6821) ، وغيرهم ممن ذكروا في " الصحيحة " (2214) ، وعزاه المعلق على " فضائل الصحابة للإمام أحمد " (1/71) للترمذي، وما أراه إلا وهما، وإنما عنده حديث أبي سعيد الذي أذكره قريبا. وأما أحاديث الصحبة؛ فكثيرة، من أصحها حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: " إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولوكنت متخذا خليلا.. " الحديث نحوالذي قبله. أخرجه الشيخان، والترمذي (3661) ؛ وصححه، والنسائي (8103) ، وابن حبان (6822) ، وابن سعد (2/227) ، وابن أبي شيبة (12/6/11975) ، وأحمد (3/18) . 2085 - " إني عند الله (وفي رواية: عبد الله) في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم ". الحديث: 2085 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 ضعيف. أخرجه أحمد (4/128) ، والبزار (كشف - 2365) ، والطبري في " تفسيره " ( رقم 2071 - 2073) ، وأبو نعيم في " الحلية " (6/89 - 90) ، والحاكم ( 2/600) ، وابن عساكر (1/157) من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن سعيد بن سويد عن العرباض بن سارية مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: أبو بكر ضعيف ". قلت: وقد خولف في إسناده كما يأتي. وسعيد بن سويد، قال ابن أبي حاتم عن أبيه (2/1/240) : " صدوق، وكان يدلس، يكثر ذاك. يعني التدليس ". قلت: وقد عنعنه. وتابعه معاوية بن صالح، لكنه خالفه في إسناده، فقال: عن سعيد بن سويد الكلبي عن عبد الأعلى (وقال بعضهم: عبد الله) بن هلال السلمي عن عرباض بن سارية به. أخرجه ابن حبان (2093 - الموارد) ، وأحمد (4/127) ، وابن سعد في " الطبقات " (1/149) ، والطبري، وابن عساكر. قلت: وعبد الأعلى هذا أورده ابن أبي حاتم (3/25) من رواية ابن سويد هذا فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فالإسناد ضعيف. وذكره ابن حبان في " الثقات " (5/128) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 وقد أخرج الحاكم من طريق ابن إسحاق قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: يا رسول الله! أخبرنا عن نفسك، فقال: " دعوة أبي إبراهيم ... " الحديث نحوه؛ دون قوله: " وكذلك ... ". وهي رواية عبد الأعلى المتقدمة. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وإنما هو حسن فقط للخلاف المعروف في ابن إسحاق. نعم؛ الحديث صحيح بدون الزيادة الأخيرة: " وكذلك ترى ... "، فانظر حديث: " أنا دعوة إبراهيم ... " (1546 و1925) من " الصحيحة ". 2086 - " أنا رسول من أدركت حيا، ومن يولد بعدي ". ضعيف رواه ابن سعد (1/191) عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وسنده صحيح، ولكنه مرسل، والحسن هو البصري، وهو سيىء الإرسال. الحديث: 2086 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 2087 - " إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وتمام محاسن الأفعال ". ضعيف رواه البغوي في " شرح السنة " (3622 و3623) عن يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل يوسف هذا. قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". الحديث: 2087 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو زرعة: صالح الحديث ". ويغني عنه حديث أبي هريرة: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". وهو مخرج في " الصحيحة " (رقم 45) . 2088 - " اتقوا صاحب هذا الوجع: الجذام، كما يتقى السبع؛ إذا هبط واديا فاهبوا غيره ". ضعيف أخرجه ابن سعد (4/117) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (1/52 - 53) من طريقين عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: " أمرني يحيى بن الحكم على (جرش) ، فقدمتها، فحدثوني أن عبد الله بن جعفر حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لصاحب هذا الوجع الجذام: " اتقوه كما ... "، فقلت لهم: والله لئن كان ابن جعفر حدثكم هذا ما كذبكم، فلما عزلني عن (جرش) ، قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن جعفر، فقلت: يا أبا جعفر، ما حديث حدثني به عنك أهل (جرش) [ثم حدثته الحديث] ؟ قال: فقال: كذبوا والله، ما حدثتهم هذا، ولقد رأيت عمر بن الخطاب يؤتى بالإناء فيه الماء، فيعطيه معيقيبا، وكان رجلا قد أسرع فيه ذلك الوجع، فيشرب منه، ثم يتناوله عمر من يده، فيضع فمه موضع فمه، حتى يشرب منه، فعرفت [أنه] إنما يصنع عمر ذلك فرارا من أن يدخله شيء من العدوى ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، فهو إسناد جيد، قد صرح فيه ابن إسحاق الحديث: 2088 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 بالتحديث ، لولا جهالة الذين حدثوا محمودا بالحديث عن عبد الله بن جعفر، وتكذيب هذا إياهم، ومع كونه ليس صريحا بأنهم كلهم تلقوه عنهم مباشرة، ولم يأخذه بعضهم عن بعض. أقول هذا، لأنهم لوأخذوه عنه مباشرة؛ لم تضرهم الجهالة، لكونهم جماعة، ومن التابعين، ولم يضرهم أيضا التكذيب المذكور، لأنه يحتمل أن عبد الله بن جعفر بعد أن حدث بالحديث نسيه، وحفظه أولئك عنه، وله أمثلة قد ذكرت بعضها في كتب المصطلح، وألف في ذلك الخطيب البغدادي كتابا خاصا، لا سيما وعبد الله بن جعفر رضي الله عنه استند في التكذيب على صنيع عمر، وليس فيه ما يوجب تكذيب الحديث - لوثبت - لأمرين اثنين: الأول: أنه موقوف، والحديث مرفوع، والترجيح في هذه الحالة للمرفوع، ولا عكس. والآخر: أن الموقوف يحمل على قوة التوكل والاعتماد على الله كما في حديث " كل ثقة بالله وتوكلا على الله "، قاله للمجذوم، وأكل معه في قصعة واحدة، وإن كان إسناده ضعيفا كما بينته فيما تقدم (1144) . ويؤيد ما ذكرنا أنه قد صح قوله صلى الله عليه وسلم: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " كما بينته في " الصحيحة " (783) ، فإن لم يحمل فعل عمر على ما ذكرنا ؛ تضارب مع هذا الحديث الصحيح، فإن لم يوفق بينهما بنحوما ذكرنا، فالحجة مع الحديث كما لا يخفى، وهو شاهد قوي في المعنى لحديث الترجمة، لولا أن فيه زيادة في اللفظ، ألا وهو قوله: " إذا هبط واديا، فاهبطوا غيره ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 فهذا مع ما سبق بيانه من الجهالة وغيره، هو الذي دعاني إلى إيراد الحديث في هذا الكتاب، دون الكتاب الآخر. والله أعلم. 2089 - " احفظ ود أبيك، لا تقطعه، فيطفىء الله نورك ". ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (40) : حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: " مر أعرابي في سفر، فكان أبو الأعرابي صديقا لعمر رضي الله عنه، فقال للأعرابي (1) : ألست ابن فلان؟ قال: بلى، فأمر له ابن عمر بحمار كان يستعقب ، ونزع عمامته عن رأسه، فأعطاه، فقال بعض من معه: أما يكفيه درهمان؟ فقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن صالح، فهو من رجال البخاري وحده، وفيه ضعف معروف من قبل حفظه. ومما يدلك على ذلك؛ أنه قد خالفه في إسناده ومتنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، فقال: حدثنا أبي والليث بن سعد جميعا عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينما هو يوما على ذلك الحمار، إذ مر به أعرابي، فقال: [له ابن عمر] : ألست ابن فلان بن فلان؟ قال: بلى، فأعطاه الحمار، وقال: اركب هذا، والعمامة؛ قال: اشدد بها رأسك. فقال له بعض أصحابه: غفر الله   (1) الأصل (الأعرابي) ، والتصحيح من الزيادة الآتية في حديث مسلم، وهي لأحمد، ومن رواية " الشعب " للبيهقي. اهـ. الحديث: 2089 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 لك: أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن من البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي ". وإن أباه كان صديقا لعمر. أخرجه مسلم (8/6) ، وأحمد (2/88 و91) ، والبخاري في " الأدب المفرد " عقب حديث الترجمة. فهذا هو المحفوظ من لفظ الحديث، أخطأ فيه عبد الله بن صالح، فرواه باللفظ الأول، ولعله اشتبه عليه بما حدث به سعد بن عبادة الزرقي أن أباه قال: " كنت جالسا في مسجد المدينة مع عمروبن عثمان، فمر بنا عبد الله بن سلام متكئا على ابن أخيه، فنفذ عن المجلس، ثم عطف عليه، فرجع عليهم، فقال: ما شئت عمروبن عثمان! مرتين أوثلاثا، فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق إنه لفي كتاب الله عز وجل، مرتين -: لا تقطع من كان يصل أباك، فيطفأ بذلك نورك ". أخرجه البخاري في " الأدب " أيضا (42) ؛ ورجاله ثقات، إلا أن ابن عبادة هذا لم يوثقه غير ابن حبان، فهذا أصل الحديث، أي أنه من الإسرائيليات. والله سبحانه وتعالى أعلم. وحديث الترجمة رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/246/2/8797 - بترقيمي) من الوجه المذكور، وعلقه البيهقي في " الآداب " (ص 31 - 32) ، وعزاه الأخ المعلق عليه لـ " البيهقي في (السنن) "، ولم أره فيه، فلعله خطأ مطبعي، فإنه وصله في " الشعب " (6/200/7898) بتمامه. وقال الهيثمي (8/147) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن "! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 2090 - " أبو بكر مني، وأنا منه، [وأبو بكر] أخي في الدنيا والآخرة ". موضوع رواه الديلمي (1/1/78) عن عبد الرحمن بن عمروبن جبلة: حدثتنا عباسة المجاشعية: سمعت أم حبيبة الرقاشية تحدث عن عائشة مرفوعا. وقال الحافظ في " مختصره ": " قلت: عبد الرحمن كذبوه ". قلت: وقال الدارقطني: " متروك يضع الحديث ". الحديث: 2090 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 2091 - " أبعد الناس من الله يوم القيامة القاضي الذي يخالف إلى غير ما يأمر به ... " الحديث بطوله. ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/81) عن محمد بن الحسين العسقلاني عن محمد بن أحمد المقرئ عن عبد الله بن أبان بن شداد عن أبي الدرداء هاشم بن محمد عن عمروبن بكر عن ثور عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمروبن بكر، وهو السكسكي الشامي، اتفقوا على تضعيفه، وقال ابن حبان: " روى الأوابد والطامات التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة ". وقال الذهبي في " الميزان ": " واه ". الحديث: 2091 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 ثم ساق له أحاديث مما أنكر عليه، ثم قال: " قلت: أحاديثه شبه موضوعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وأبو الدرداء هاشم بن محمد لم أجد له ترجمة كما كنت ذكرت تحت الحديث المتقدم ( 197) ، وهو رواية السكسكي هذا كما في " التهذيب "، فالظاهر أنه معروف، فينبغي أن تكون له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر "، ولكن النسخة التي في " الظاهرية " منه فيها خرم، فإن المجلد السابع عشر ينتهي بترجمة " هارون ابن عمر ... "، والمجلد الثامن عشر يبتدىء بترجمة " لاحق بن الحسين "! ومن دونه لم أعرفهم. والحديث أعله المناوي بالسكسكي هذا، فقال: " أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال ابن عدي: له مناكير، واتهمه ابن حبان بالوضع ". ثم وجدت ترجمة هاشم بن محمد هذا في " ثقات ابن حبان " (9/244) برواية اثنين آخرين عنه؛ فإن الفضل هذا متهم بالكذب. 2092 - " [يا] أيها الناس! مروا بالمعروف، وانهو اعن المنكر قبل أن تدعوا الله؛ فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه؛ فلا يغفر لكم، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدفع رزقا، ولا يقرب أجلا، الحديث: 2092 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 وإن الأحبار من اليهو د والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لعنهم الله على لسان أنبيائهم ثم عموا بالبلاء ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/217/1389) ، ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (8/287) ، والأصبهاني في " الترغيب " (1/157/299) من طريق إبراهيم بن إبراهيم بن دنوقا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي: حدثنا عبد الله ابن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا. والسياق للأصبهاني، والزيادة للطبراني، وقال: " تفرد به ابن دنوقا ". قلت: وهو ثقة. كما قال الدارقطني وابن حبان، ومن فوقه ثقات؛ غير ( الرازي) هذا، فلم أجد له ترجمة، وقد ذكره المزي في الرواة عن (عبد الله بن عبد العزيز العمري) . وقال المنذري (3/171) : " رواه الأصبهاني عن ابن عمر مرفوعا ". وأشار إلى ضعفه. وقال الهيثمي (7/266) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه من لم أعرفهم ". قلت: كلهم ثقات غير (الرازي) ، فتنبه. وقد جاء مفرقا في أحاديث، فانظر: " ألا لا يمنعن أحدكم ... "، وهو صحيح مخرج في " الصحيحة " (168) . و" كان من كان قبلكم من بني إسرائيل ... "، ومضى تخريجه برقم (1105) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 2093 - " خير الناس أتقاهم للرب، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر ". ضعيف رواه أحمد (6/431 - 432) ، وابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (54/2) ، والبيهقي في " الزهد " (107/1) عن شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة بنت أبي لهب عن درة بنت أبي لهب، قالت: قلت : يا رسول الله! من أخير الناس؟ قال: أتقاهم للرب ... ، الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: الأولى: زوج درة لم أعرفه. الثانية: عبد الله بن عميرة، وهو الكوفي مجهول. الثالثة: شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، وهو ضعيف لسوء حفظه. (تنبيه) : زاد أحمد في أوله: " أقرؤهم ". الحديث: 2093 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 2094 - " رحم الله أبا بكر؛ زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله. رحم الله عمر؛ يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وماله صديق. رحم الله عثمان؛ تستحييه الملائكة، رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار ". ضعيف جدا رواه الترمذي (2/298) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 420) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (1232 و1246 و1286) مفرقا، وكذا الحاكم (3/72 و124 و125 ) ، وأبو نعيم في " المعرفة " (1/23/2) ، وابن الحديث: 2094 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 عبد البر في " التمهيد " (3/37/1) ، والقاضي أبو يعلى الفراء في " الخامس من الأمالي " (29 - 30) ، وابن عساكر (12/179/1 و13/16/1) عن المختار بن نافع عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو منصور بن عساكر في " الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين " (38/ الحديث 24) ، وقال: " هذا حديث حسن صحيح (كذا الأصل) ". كذا قال، والمختار بن نافع؛ قال النسائي وغيره: " ليس بثقة ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا ". ثم ساق له هذا الحديث. وقال العقيلي: " لا يعرف إلا به ". ولذلك ضعفه الترمذي بقوله: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والمختار بن نافع شيخ بصري كثير الغرائب، وأبو حيان التيمي: اسمه يحيى بن سعيد بن حيان التيمي، كوفي ثقة ". وأما الحاكم فقال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 " صحيح على شرط مسلم ". فتعقبه الذهبي في الموضع الآخر، فقال: " كذا قال، ومختار ساقط. قال النسائي وغيره: ليس بثقة ". ورواه ابن عساكر (11/91/1) من طريق الحاكم بإسناد آخر له عن علي بن عاصم: نا أبو حيان التيمي عن حبة بن جون العرني قال: قال علي بن أبي طالب مرفوعا بتمامه. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للترمذي بزيادة: " وجهز جيش العسرة، وزاد في مسجدنا حتى وسعنا " بعد قوله: " الملائكة "، وليست هذه الزيادة عند الترمذي، ولا عند غيرنا ممن ذكرنا، وقد عزاه في " الجامع الكبير " لأبي نعيم أيضا في " معرفة الصحابة "، وإنما هي عند ابن عساكر من الطريق الأخرى، التي فيها (علي بن عاصم) ، وهو الواسطي. قال الحافظ: " صدوق يخطىء ويصر ". 2095 - " ولدت في زمن الملك العادل. يعني أنوشروان ". باطل لا أصل له قال البيهقي في " شعب الإيمان " (2/97/1) : " يرويه بعض الجهال عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وتكلم في بطلانه الحليمي رحمه الله. وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ (صاحب المستدرك) قد تكلم أيضا في بطلان هذا الحديث، ثم رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فحكى له ما قال أبو عبد الله، فصدقه في تكذيب هذا الحديث وإبطاله، وقال: ما قلته قط ". الحديث: 2095 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 2096 - " لا تجعلوا آخر طعامكم ماء ". لا أعرف له أصلا وإن اشتهر في العصر الحاضر على الألسنة، وكثر السؤال عنه، ويخالفه حديث أبي هريرة قال: خرجت يوما من بيتي إلى المسجد، لم يخرجني إلا الجوع، فوجدت نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقالوا: يا أبا هريرة، ما أخرجك هذه الساعة؟ فقلت: ما أخرجني إلا الجوع، فقالوا: نحن والله ما أخرجنا إلا الجوع، فقمنا ؛ فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما جاء بكم هذه الساعة؟ فقلنا: يا رسول الله، جاء بنا الجوع، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطبق فيه تمر، فأعطى كل رجل منا تمرتين، فقال: " كلوا هاتين التمرتين، واشربوا عليهما من الماء، فإنهما ستجزيانكم يومكم هذا ". قال أبو هريرة: فأكلت تمرة، وجعلت تمرة في حجرتي (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة، لم رفعت هذه التمرة؟ فقلت: رفعتها لأمي ، فقال: " كلها، فإنا سنعطيك لها تمرتين "، فأكلتها فأعطاني لها تمرتين. أخرجه ابن سعد (4/328 - 329) عن محمد بن هلال عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: ورجاله ثقات؛ غير هلال والد محمد، وهو ابن أبي هلال المدني؛ قال الذهبي: " لا يعرف ".   (1) كذا الأصل بالراء، والظاهر الذي يقتضيه السياق أنه بالزاي، وهي الإزار من الوسط، وموضع التكة من السراويل. اهـ. الحديث: 2096 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 2097 - " من أمر بمعروف، فليكن أمره بمعروف ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/99/7603) من طريق أبي العباس بسنده عن سلم بن ميمون الخواص عن زافر: حدثني المثنى بن الصباح عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء: الأول: المثنى بن الصباح؛ قال الحافظ: " ضعيف، اختلط بأخرة، وكان عابدا ". الثاني: زافر، وهو ابن سليمان الإيادي؛ قال الحافظ: " صدوق كثير الأوهام ". الثالث: سلم هذا، شديد الضعف. قال ابن عدي: " ينفرد بمتون بأسانيد مقلوبة، وهو من كبار الصوفية. قال: ولعله كان يقصد أن يصيب فيخطئ في الإسناد والمتن، فإن الحديث لم يكن من عمله ". وقال أبو حاتم: " لا يكتب حديثه ". والحديث عزاه العراقي في " تخريج الإحياء " (2/292) للبيهقي في " الشعب " من رواية عمروبن شعيب ... وسكت عمن دونه من الضعفاء، فما أصاب. وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2/228/1) للديلمي فقط عن ابن عمرو! وفي " الصغير " لـ " الشعب ". الحديث: 2097 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 وقد سبق تخريجه من رواية أبي العباس الأصم برقم (590) ، وهو شيخ شيوخ البيهقي فيه، وقد قدر لي إعادة تخريجه هنا سهو ا؛ لأضم إليه طريقا أخرى عثرت عليها في كتاب ابن وضاح القرطبي " البدع والنهي عنها " (ص 92) لأتكلم عليها. أخرجه من طريق بقية قال: أنا إسحاق بن مالك الحضرمي قال: حدثني أبو نزار القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهذا إسناد مظلم. أبو نزار لم أعرفه. والحضرمي، قال في " الميزان ": " هو من شيوخ بقية، قال الأزدي: ضعيف ". 2098 - " إن الله يحب ابن عشرين إذا كان شبيه ابن الثمانين، ويبغض ابن الستين إذا كان شبه عشرين ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/248) عن داهر بن نوح عن درست بن زياد عن علي بن الجهم عن شداد بن أوس البصري عن عمر بن عثمان بن عفان عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه، داهر بن نوح ودرست بن زياد ضعيفان. وعلي نب الجهم وشداد بن أوس البصري - وهو غير الصحابي - لم أجد من ترجمهما. وعمر بن عثمان، الصواب: عمروبن عثمان، وهو ثقة. الحديث: 2098 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 2099 - " إذا أراد الله بقوم خيرا مد لهم في العمر، وألهمهم الشكر ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/96) عن عنبسة بن سعيد عن أشعث الحداني عن أبي يزيد عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عنبسة هذا وهو القطان الواسطي أوالبصري؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال الفلاس: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف ". الحديث: 2099 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 2100 - " ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وأخلاط الشعير بالبر للبيت ؛ لا للبيع ". منكر رواه ابن ماجه (2289) ، والعقيلي في " الضعفاء " (258 و276) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/166/2) عن نصر بن القاسم: حدثنا عبد الرحيم بن داود عن صالح بن صهيب عن أبيه مرفوعا، وقال العقيلي: " عبد الرحيم بن داود: مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". وقال في الموضع الآخر: " إسناده مجهول فيه نظر ". وقال الذهبي: " لا يعرف، وحديثه يستنكر، تفرد عنه نصر بن قاسم ". وقال في موطن آخر (2/251) : " إسناد مظلم، والمتن باطل ". الحديث: 2100 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 قلت: ونصر مجهول أيضا كما في " التقريب ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/248 - 249) من طريق العقيلي، وقال: " موضوع ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/152) ، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2/195) بإخراج ابن ماجه إياه، وقول الذهبي: " إنه حديث واه "! قلت: وهذا تعقب هزيل لا يساوي شيئا، فابن ماجه لم يدع أن كتابه معصوم من الموضوع، ولوادعى؛ فالواقع يخالفه، فإن فيه غير ما حديث موضوع، والذهبي قد قال فيه أيضا: منكر. وقال: باطل. ولا منافاة بين أقواله الثلاثة، كما لا يخفى على أهل المعرفة، فإنه يعني: ضعيف السند، باطل المتن منكره. وقد الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام ": " رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف ". 2101 - " اجتنبوا الكبر، فإن العبد لا يزال يتكبر حتى يقول الله: اكتبوا عبدي هذا من الجبارين ". ضعيف جدا رواه ابن عدي في " الكامل " (5/165) ، والديلمي (1/1/40) عن عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، علي بن يزيد، وهو الألهاني؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي والدارقطني: متروك ". الحديث: 2101 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 وعثمان بن أبي عاتكة؛ قال الذهبي: " صويلح، ضعفه النسائي وغيره ". وذكر في " الميزان " عن الإمام أحمد أنه قال: " لا بأس به، بليته من علي بن يزيد ". والحديث أخرجه أبو بكر بن لال في " مكارم الأخلاق "، وعبد الغني بن سعيد في " إيضاح الإشكال "، وابن عدي من هذا الوجه عن أبي أمامة؛ كما في " فيض القدير ". 2102 - " احفظ ما بين لحييك وبين رجليك ". ضعيف بهذا اللفظ أخرجه الضياء المقدسي في " المختارة " (51/4/1) من طريق أبي يعلى عن إبراهيم ابن إسحاق: حدثنا عقال بن شبة: حدثني أبي عن جدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: فذكره، قال: فوليت وأنا أقول: حسبي. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، عقال بن شبة ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8/526 - 527 ) بروايته عن أبيه، وقال: " روى عنه إبراهيم بن إسحاق بن رواحة المزني ". قلت: ولم يترجم لإبراهيم هذا! فهو مجهول عن مجهول. أما أبو عقال، فهو شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي. قال ابن أبي حاتم (2/1/385) : " روى عن أبيه عن جده. روى عنه إبراهيم بن إسحاق المدني ". الحديث: 2102 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 كذا قال، وإنما روى إبراهيم هذا عن عقال بن شبة، وليس عن شبة نفسه؛ كما تراه في هذا الإسناد. وعليه فقوله فيه: " عن جدي "، يعني عقال بن صعصعة، وذكره ابن حبان أيضا في " الثقات " (5/284) . وأبو هـ (صعصعة بن ناجية) ذكروه في الصحابة، ومنهم ابن حبان، وعلق له هذا الحديث (3/194) . والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لأبي يعلى وابن قانع وابن منده والضياء عن صعصعة المجاشعي، وبيض لإسناده المناوي. وعزاه لأبي يعلى الحافظ أيضا في " المطالب العالية " (3/191/3225) . وذلك يعني أنه في " المسند الكبير " لأبي يعلى، ولهذا لم يقع في " المسند " المطبوع، ولم يذكره الهيثمي في " المقصد العلي " خلافا لعادته. والله أعلم. ورواه ابن الأعرابي في " معجمه " من هذا الوجه كما في " الإصابة " بلفظ: " من ضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة ". وهو بهذا اللفظ صحيح، له شاهد من حديث سهل بن سعد الساعدي مرفوعا به، إلا أنه قال: من يضمن ... "، والباقي مثله سواء ". أخرجه البخاري (4/125) . 2103 - " احفظوني في أصحابي، فمن حفظني فيهم، كنت له يوم القيامة وليا وحافظا ". ضعيف أخرجه ابن عدي (ق 58/1 و2/158 - ط) : حدثنا جعفر بن أحمد بن بيان: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا أبو معاوية الضرير عن محمد بن خالد الضبي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. وقال: الحديث: 2103 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 " وهذا الحديث يرويه أبو معاوية مرسلا، ولا يذكر في إسناده " عن ابن عباس " ، وغنما أوصله (!) جعفر بن بيان هذا. (قال:) وعامة أحاديثه موضوعة ". قلت: ونعيم بن حماد متهم أيضا، ولكن جزم ابن عدي بوروده مرسلا؛ منع من الحكم عليه بالوضع، لا سيما وقد رواه الشيرازي في " الألقاب " عن أبي سعيد مرفوعا نحوه كما في " الجامع الكبير " (1/25/2) ، وزاد: " ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله منه، ومن تخلى منه يوشك أن يأخذه ". لكن قوله: " احفظوني في أصحابي " صحيح، ثبت في حديث آخر من رواية عمر رضي الله عنه، وهو مخرج في " الصحيحة " (1116) . 2104 - " احفظوني في أصحابي وأصهاري، فمن حفظني فيهم؛ حفظه الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم يحفظني فيهم؛ تخلى الله عنه، ومن تخلى الله عنه، أوشك أن يأخذه ". موضوع رواه الديلمي (1/1/22) عن محمد بن القاسم عن أبي عبيدة الحداد عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عياض الأنصاري مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصره "، وقد ذكر في ترجمة محمد بن القاسم من " الإصابة " أنه الأسدي أحد الضعفاء، وأنه أخرجه من طريقه أيضا الطبراني وغيره. وقال فيه في " التقريب ": " كذبوه ". وعبد الله بن عبد الرحمن هو الأنصاري المدني، وهو مجهول؛ وإن ذكره ابن حبان في " الثقات ". الحديث: 2104 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 والحديث في " المعجم الكبير " للطبراني (17/369/1012) من طريق الأسدي المذكور بسند آخر له عن عياض الأنصاري، وقال الهيثمي في " المجمع " (10/16) : " رواه الطبراني، وفيه ضعفاء جدا، وقد وثقوا "! وانظر الاستدراك الذي في آخر الذي قبله. 2105 - " أحق ما صليتم عليه أطفالكم ". ضعيف أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1/292) ، والبيهقي في " السنن " (4/9) عن عبد السلام بن حرب عن ليث عن عاصم عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عاصم لم أعرفه. وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف لاختلاطه. وفي " الفيض ": " رمز المؤلف لصحته، وهو زلل، فقد تعقبه الذهبي في " المهذب "، فقال: ليث لين، وعاصم لا يعرف. فالصحة من أين؟ ! بل والحسن من أين؟ ! " قلت: وقد أشار البيهقي نفسه إلى تضعيفه كما يأتي، ولعل الصواب فيه الوقف، فقد أخرجه البيهقي بإسناد رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: " صلوا على أطفالكم، فإنهم أحق من صليتم عليه ". وهو منقطع بين سعيد وأبي بكر. ثم قال البيهقي: الحديث: 2105 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 " وقد روي هذا من وجه آخر مرفوعا ". ثم ساقه من الوجه الأول، وقد أشار بهذا القول إلى تضعيفه، وهو ظاهر. وفي الباب ما يغني عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ".. والطفل يصلى عليه ". وهو مخرج في " أحكام الجنائز " (ص 73) . 2106 - " ما من دعاء أحب إلى الله من قول العبد: اللهم ارحم أمة محمد رحمة عامة ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (238) ، وابن عدي (ق 234/2 و4/313 - ط) ، والخطيب (6/157) عن عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " عبد الرحمن هذا مجهول بالنقل لا يقيم الحديث. وفي هذا رواية من غير هذا الوجه أيضا يقارب في الضعف ". وفي " الميزان ": " لا يعرف، وله رواية عن أبيه ". وقال ابن عدي: " يحدث بالمناكير "، ثم ساق له هذا الحديث، وقال: " كأنه موضوع ". الحديث: 2106 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 2107 - " احفوا الشوارب، وأعفوا اللحى، ولا تشبهو اباليهو د ". ضعيف أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1/333) عن أبي جعفر المديني، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف. أبو جعفر هذا هو عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي ابن المديني، وهو ضعيف كما جزم به الحافظ. والحديث في " صحيح مسلم " (1/153) من حديث ابن عمر مرفوعا به دون قوله: " ولا تشبهو اباليهو د "، وزاد في رواية له في أوله: " خالفوا المشركين ". وهي عند البخاري أيضا، وعند مسلم أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا: " جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس ". قال الحافظ في " الفتح " (10/296) : " وهو المراد في حديث ابن عمر، فإنهم كانوا يقصون لحاهم، ومنهم من كان يحلقها ". قلت: وفيه إشارة قوية إلى أن قص اللحية - كما تفعل بعض الجماعات - هو كحلقها من حيث التشبه، وأن ذلك لا يجوز. والسنة التي جرى عليها السلف من الصحابة وغيرهم إعفاؤها إلا ما زاد على القبضة؛ فتقص الزيادة. وقد فصلت هذا في غير ما موضع تفصيلا، واستدللت له استدلالا قويا يحضرني منه الآن تحت الحديث الآتي (2355) ، والحديث (6203) . الحديث: 2107 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 2108 - " ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف، وينه عن المنكر ". ضعيف أخرجه الترمذي (1/350) من طريق شريك عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " حديث حسن غريب ". كذا قال، وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، وكذلك شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - لكن هذا قد توبع، فقال عبد الله بن الإمام أحمد في " مسند " أبيه ( 1/257) : حدثني أبي: حدثنا عثمان بن محمد - وسمعته أنا من عثمان بن محمد: حدثنا جرير عن ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن عكرمة به. لكنه أدخل بين ليث وعكرمة عبد الملك بن سعيد، وهذا، لأن جريرا - وهو ابن عبد الحميد الضبي - أحفظ من شريك. ومن طريق جرير رواه البزار في " مسنده " (2/401/1955 - كشف الأستار) . لكن وقع عنده: " عبد الملك بن أبي بشير "، وهو من تخاليط (ليث) . وعلى كل حال؛ فعلة هذا الإسناد إنما هو ليث. لكن قد روي عن جرير عن غير ليث ، فقال ابن حبان في " صحيحه " (1913) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير عن عكرمة وعن أبي بشر عن عكرمة عن ابن عباس به. هكذا وقع في " الموارد ": " جرير عن عكرمة "، وجرير لم يدرك عكرمة. لكن وقع فيها بعد " وعن أبي بشر عن عكرمة "، وأبو بشر اسمه بيان بن بشر، وهو ثقة من رجال الشيخين، وقد روى عنه جرير، وكذلك سائر الرواة ثقات رجال الحديث: 2108 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 البخاري؛ غير عمران بن موسى بن مجاشع، فإني لم أعرفه، وقد خالف في إسناده الإمام أحمد وابنه عبد الله، فقد روياه عن عثمان بن محمد - وهو ابن أبي شيبة - عن جرير عن ليث. وهذا رواه عن جرير عن عكرمة، ولعله سقط من الناسخ أوالطابع " عن ليث " بينهما - وزاد -: - وعن جرير عن أبي بشر. فزاد شيخا آخر لجرير. فالقلب لا يطمئن لصحة الزيادة. والله أعلم. ثم طبع فيما بعد " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان " فإذا الحديث فيه (2/203) هكذا: ".. عن عبد الملك بن أبي بشر عن عكرمة عن ابن عباس "، قد سقط منه أيضا (ليث) ، وليس فيه: " وعن أبي بشر عن عكرمة ". والله أعلم. وقد رأيته من طريق أخرى عن ابن عباس دون الزيادة، ولكن السند واه، فانظر " الصحيحة " (2196) ، فإن الحديث مخرج فيه عن غيره دونها أيضا. 2109 - " اخضبوا لحاكم، فإن الملائكة تستبشر بخضاب المؤمن ". موضوع رواه ابن عدي (176/2) عن داود بن المحبر عن أبي عبيدة السعدي عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مرفوعا، وقال: " وأبو عبيدة السعدي هو سعيد بن زربي، وعامة أحاديثه لا يتابعه عليها أحد ". قلت: وقال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال البخاري: " عنده عجائب ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان: " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ". الحديث: 2109 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 قلت: وشيخه علي بن زيد ضعف، وهو ابن جدعان، والراوي عنه داود بن المحبر متهم بالوضع. فقول المناوي: " إسناده ضعيف "، فيه تساهل كبير. ثم قال: " لكن له شواهد ". قلت: فلتنظر هذه الشواهد هل فيها الاستبشار المذكور في الحديث، وهل هي تصلح شاهدا، وإلا فالحديث موضوع. 2110 - " اخبر تقله، وثق بالناس رويدا ". ضعيف رواه أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في " جزء من فوائده " (ق 1/2) ، والقضاعي (636) عن عبد الله بن واقد عن أبي بكر بن أبي مريم عن سعد بن عبد الله الأغطش عن أبي الدرداء رفعه. ورواه ابن عدي (37/2) ، وعنه القضاعي (635) ، وأبو نعيم في " الحلية " ( 5/154) من طريق بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن أبي الدرداء به ؛ دون الجملة الثانية. وقال ابن عدي: " أبو بكر بن أبي مريم الغالب على حديثه الغرائب، وقل ما يوافقه عليه الثقات ، وأحاديثه صالحة، وهو ممن لا يحتج بحديثه، ولكن يكتب حديثه ". وقال الحافظ: " ضعيف، وكان قد سرق بيته، فاختلط ". الحديث: 2110 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 وقد اضطرب في إسناده، فمرة قال: عن سعد بن عبد الله الأغطش؛ وهو لين الحديث، ومرة قال: عن عطية بن قيس؛ وهو ثقة، وهو الكلابي الشامي. وقد خولف في رفعه، فقد رواه ابن المبارك في " الزهد " (185) : حدثنا سفيان قال: قال أبو الدرداء: فذكره موقوفا معضلا. 2111 - " أول من يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء ". موضوع أخرجه البزار (3471) ، والخطيب في " التاريخ " (11/177 - 178) ، والديلمي في " المسند " (1/1/7) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن علاق بن أبي مسلم عن أبان بن عثمان عن أبيه عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عنبسة بن عبد الرحمن، وهو الأموي. قال الحافظ: " متروك، رماه أبو حاتم بالوضع ". وعلاق بن أبي مسلم؛ مجهول. الحديث: 2111 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 2112 - " اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ". موضوع رواه ابن عساكر (15/247/2) عن الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وإن كان يظهر للمبتدئ في هذا العلم أنه الحديث: 2112 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 صحيح، وليس كذلك، لا سيما وقد خولف في رفعه، فقد رواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد به موقوفا على أبي هريرة. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1249) بإسناد صحيح على شرط " الصحيحين ". وتابعه حماد بن سلمة وأبو معاوية؛ كلاهما عن يحيى به موقوفا. أخرجه الحاكم (2/551) . وإنما صح مرفوعا بلفظ: " اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم ". أخرجه البخاري (6/276 و11/74 - 75 - فتح) ، وفي " الأدب المفرد " (1244) ، ومسلم (7/97) ، وأحمد (2/322 و418) من طرق عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به. وتابعه عجلان عن أبي هريرة به. أخرجه أحمد (2/435) : حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال: سمعت أبي ... وإسناده جيد، على ما في محمد بن عجلان من ضعف يسير. وتابعه أبو سلمة عن أبي هريرة به. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (10/383/5981) من طريق ابن إسحاق، وابن عساكر (2/167/1) من طريق أبي أسامة؛ كلاهما عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 وهذا إسناد حسن، وفي أوله زيادة عند ابن عساكر، كنت قديما خرجتها في " الصحيحة " (725) ، والآن داخلني شك في رفعها. قلت: فهذه الطرق الصحيحة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين تدل على بطلان الرواية التي نحن في صدد الكلام عليها، فالصواب فيها الوقف، فلا داعي بعد هذا التحقيق إلى التوفيق بينها وبين الحديث الصحيح كما فعل بعضهم، مثل الكمال بن طلحة، وقد رد عليه ابن العديم فأحسن، وصرح بأنها ليست بصحيحة، كما تراه مشروحا في " الفتح " (11/74) . وبعد كتابة ما تقدم بسنين طبعت بعض الكتب الحديثية، فوجدت فيها ما ينبغي تحرير القول فيه. أولا: أخرجه ابن حبان (8/29/6171) من طريق ابن جريج عن يحيى بن سعيد بحديث الترجمة. ورجاله ثقات كلهم، ولا أجد فيه مغمزا، إلا ما عرف به ابن جريج من التدليس، وقد عنعنه. أضف إلى ذلك مخالفته للثقات الثلاثة الذين أوقفوه على أبي هريرة كما تقدم، وهم: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية. ثم رواه (6172) من طريق الليث عن ابن عجلان عن أبيه به. وهذا شاذ أومنكر مخالف لرواية يحيى المتقدمة عند أحمد، ويحيى هو ابن سعيد القطان الحافظ الثقة النقاد، لكن الليث - وهو ابن سعد - هو مثله أوقريب منه ، فلا أستبعد أن يكون الخطأ من ابن عجلان نفسه. والله أعلم. ثانيا: روى الطبراني في كتاب " الأوائل " (36/11) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب: حدثنا سلمة بن رجاء عن محمد بن عمروعن أبي سلمة به مرفوعا بلفظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 " أول من اختتن إبراهيم، وقد أتت عليه مائة وعشرون سنة، واختتن بالقدوم: موضع بالشام ". وبهذا الإسناد رواه ابن أبي عاصم في " الأوائل " أيضا (19) ، لكن وقع فيه: " على رأس ثلاثين ومائة سنة ". فلا أدري أهو خطأ من الناسخ أوالطابع، أو هكذا وقعت الرواية عنده؟ وهي على كل حال أنكر من التي قبلها، والعلة من سلمة بن رجاء، فإنه مع مخالفته لرواية ابن إسحاق وأبي أسامة المتقدمة، فقد قال فيه الحافظ: " صدوق يغرب ". على أن الراوي عنه يعقوب بن حميد، قال الحافظ: " صدوق ربما وهم ". فيحتمل أن يكون الوهم منه. والله أعلم. ثالثا: روى البيهقي في " الشعب " (6/395/8639) من طريق عاصم بن علي: نا أبو أويس: حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " كان إبراهيم أول من اختتن وهو ابن عشرين ... " الحديث. ثم ساقه من طريق جعفر بن عون مثل رواية الجماعة عن يحيى بن سعيد به موقوفا، وقال: " هذا هو الصحيح؛ موقوف ". قلت: وعلة هذا إما من أبي أويس - واسمه عبد الله بن عبد الله المدني - وإما من عاصم بن علي، فالأول قال فيه الحافظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 " صدوق يهم ". والآخر قال فيه: " صدوق، ربما وهم ". ومجمل القول: إن حديث الترجمة منكر، وإن تعددت طرقه، وكثر رواته، لمخالفتهم لمن هم أكثر عددا، وأقوى حفظا، فلا جرم أن أعرض عنه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، وهو مثال صالح من الأمثلة الكثيرة التي تؤكد أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وأن تطبيقها لا يتيسر أولا يجوز إلا لمن كان على معرفة قوية بأسانيد الأحاديث ورواتها. كما يدل من جهة أخرى على تساهل ابن حبان في " صحيحه " بإخراجه لهذا الحديث المنكر فيه، ويبدو لي أن الهيثمي قد ذهل عن مخالفته لحديث " الصحيحين "، فإنه لم يورده في كتابه " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان "، إلا أن يكون سها عنه كما سها عن غيره، وقد استدركت عليه أحاديث كثيرة - هذا أحدها - في كتابي الجديد المتعلق بتقسيم " الموارد " إلى قسمين: " صحيح موارد الظمآن " و" ضعيف موارد الظمآن " يسر الله لي إتمامه بمنه وكرمه . ثم يسر الله ذلك، وهما الآن تحت الطبع. (تنبيه) : ذكر الحافظ في " الفتح " (6/391) رواية ابن حبان المتقدمة، وقال عقبها: " والظاهر أنه سقط من المتن شيء، فإن هذا القدر (يعني: مائة وعشرين سنة) ، هو مقدار عمره ". فأقول: هذا مما لا دليل عليه، وادعاء السقط يرده أنه عند غير ابن حبان كذلك ! ومن هؤلاء ما جاء في تمام قول الحافظ المذكور: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 " ووقع في آخر " كتاب العقيقة " لأبي الشيخ من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب موصولا مثله، وزاد: " وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ". فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة، والله أعلم ". ولي على هذا الكلام ملاحظتان: إحداهما: أنني أظن أن رواية أبي الشيخ عن الأوزاعي هي رواية ابن عساكر المذكورة في صدر هذا التخريج، وإن كانت من غير طريق أبي الشيخ. والأخرى: أن رواية ابن حبان فيها أيضا تلك الزيادة خلافا لما يشعر به كلامه، فتنبه. وقد عرفت أنها شاذة أومنكرة. 2113 - " اختضبوا، وافرقوا، وخالفوا اليهو د ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 64/1 و2/195 - ط) عن الحارث بن عمران عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أورده في ترجمة الحارث هذا؛ وهو الجعفري، وقال في آخرها: " والضعف بين على رواياته ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الثقات ". وضعفه الآخرون. ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (6/76) من هذا الوجه، وقال: الحديث: 2113 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 " وهذا إسناد حسن ثقات كلهم "! وأقره عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام الصغرى " (2/814) الذي اشترط فيه الصحة! وهذا من غرائبهما، فإن (الحارث) هذا متفق على تضعيفه، فلعله اشتبه عليهما بغيره. وقد صح في غير ما حديث الأمر بصبغ الشعر وخضبه؛ مخالفة لأهل الكتاب، فانظر " جلباب المرأة المسلمة " (ص 185 و187 - 188) . وأما الأمر بفرق الشعر، فلا أعلمه إلا في هذا الحديث الموضوع. وإنما صح الفرق من فعله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس في " الصحيحين " وغيرهما، وهو مخرج في " الجلباب " (192 - 193) ، و" مختصر الشمائل " (36/24) ، وعزاه في " الأحكام الصغرى " (2/813) لمسلم وحده! ومن طريقه ابن عبد البر في " التمهيد " 0 6/69 - 71) ، لكن أعله بالإرسال. وروى عن أحمد أنه قال: " وهذا خطأ، وإنما هو عن ابن عباس ". وصوبه ابن عبد البر. 2114 - " أخرجوا صدقاتكم، فإن الله قد أراحكم من الجبهة، والسجة، والبجة ". ضعيف رواه أبو عبيد في " الغريب " (1/9) : حدثنا نعيم بن حماد عن ابن الدراوردي المديني عن أبي حزرة القاص يعقوب بن مجاهد عن سارية الخلجي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " وفسرها أنها كانت آلهة يعبدونها في الجاهلية ". وقال: الحديث: 2114 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 " وهذا خلاف ما يفيد الحديث الأول، والتفسير في الحديث، والله أعلم أيهما المحفوظ من ذلك ". ويعني بالحديث الأول حديث: " ليس في الجبهة ... "، وقد ذكر في الذي بعده. ومن طريق أبي عبيد أخرجه البيهقي في (4/118) من طرق أخرى، وقال: " أسانيد هذا الحديث ضعيفة ". وأقول: أما هذا ففيه علتان: الأولى: الإرسال والجهالة، فإن سارية هذا لم يروعنه غير يعقوب هذا، فهو مجهول، وإن وثقه ابن حبان، انظر " تيسير الانتفاع ". والأخرى: نعيم بن حماد ن فإنه ضعيف، بل اتهمه بعضهم. وأما الحديث الآخر فيأتي الكلام عليه في التالي. 2115 - " ليس في الجبهة، ولا في النخة، ولا في الكسعة صدقة ". ضعيف رواه أبو عبيد في " الغريب " (2/1 - 2) : حدثناه ابن أبي مريم عن حماد بن زيد عن كثير بن زياد الخراساني يرفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل، ورجاله ثقات، وقد أخرجه أبو داود في " المراسيل " (114) عن كثير بن زياد أبي سهل عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووصله البيهقي (4/118) من طريق سليمان بن أرقم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا. ومن طريقه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ: " عفوت لكم عن صدقة الجبهة والكسعة والنخة ". الحديث: 2115 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 رواه بقية بن الوليد عنه بهذا اللفظ، وقال بقية: " (الجبهة) : الخيل، و (الكسعة) : البغال والحمير، و (النخة) : المربيات في البيوت ". وقال البيهقي: " سليمان بن أرقم متروك الحديث لا يحتج به، وقد اختلف عليه في إسناده ". 2116 - " أخرجوا صدقة الفطر صاعا من طعام، وكان طعامنا يومئذ البر (وفي لفظ: الأقط) والتمر والزبيب ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (613) ، والدارقطني (ص 223) من طريقين عن محمد بن بكر البرساني: نا عمر بن صهبان عن الزهري عن مالك بن أوس ابن الحدثان عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عمر بن صهبان ضعفه جماعة، وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني وغيره: " متروك الحديث ". ومحمد بن بكر البرساني؛ قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وقد ورد من طرق يقوي بعضها بعضا، أن البر صدقته نصف صاع، فانظر الكتاب الآخر " أدوا صاعا من بر أوقمح بين اثنين ... " رقم (1177) . (تنبيه) : قال الهيثمي في " المجمع " (3/81) : الحديث: 2116 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه عبد الصمد بن سليمان الأزرق، وهو ضعيف ". وهذا خطأ، ولعله من الناسخ أوالطابع، فليس فيه عبد الصمد هذا. 2117 - " إذا أراد الله بقوم خيرا، أهدى إليهم هدية. قالوا: يا رسول الله، وما تلك الهدية؟ قال: الضيف؛ ينزل برزقه، ويرحل؛ وقد غفر الله لأهل المنزل ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/95) عن أبي الشيخ معلقا عن أيوب بن علي بن الهيصم: حدثنا زياد بن سيار عن عزة بنت أبي قرصافة عن أبيها مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم ليس فيهم موثق توثيقا معتبرا، فعزة وهي بنت عياض بن أبي قرصافة، لم أجد لها ترجمة. وزياد بن سيار وأيوب بن علي بن الهيصم، ترجمهما ابن أبي حاتم (1/2/534 و1/1/252) ، ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا، إلا أنه قال في أيوب: " قال أبي: شيخ ". و (زياد بن سيار) ذكره ابن حبان في " الثقات " (4/255) . الحديث: 2117 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 2118 - " إن الهل عز وجل رحيم، لا يضع رحمته إلى على رحيم، ولا يدخل الجنة إلا رحيما. قالوا: إنا لنرحم أموالنا وأهلينا، قال: ليس بذلك، ولكن ما قال الله عز وجل: " حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " ". الحديث: 2118 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 ضعيف. أخرجه أحمد في " الزهد " (393 - 394) عن أبي راشد عن أبي صالح الحنفي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، أبو صالح الحنفي إن كان هو عبد الرحمن بن قيس الكوفي؛ فهو تابعي ثقة، وإن كان هو سميع الزيات؛ فهو مجهول الحال، وهو من أتباع التابعين. وأبو راشد، لم أعرفه. 2119 - " تجد المؤمن يجتهد فيما يطيق، متلهفا على ما لا يطيق ". ضعيف أخرجه أحمد في " الزهد " (393) عن شريك عن عبيد الله بن الوليد عن عبد الله ابن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا مع إرساله ضعيف، فإن عبيد الله بن الوليد - وهو الوصافي - ضعيف، وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ. الحديث: 2119 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 2120 - " من اعتز بالعبيد أذله الله ". ضعيف رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (390) ، وعنه أبو نعيم (2/174) ، والعقيلي في " الضعفاء " (210) ، والحكيم الترمذي في " الأكياس والمغتربين " (45 - 46) ، والقضاعي (350) عن عبد الله بن عبد الله الأموي قال: حدثنا الحسن بن الحر أنه سمع يعقوب بن عتبة قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ... فذكره مرفوعا، وقال العقيلي: " عبد الله لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " مجهول ". الحديث: 2120 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 2121 - " ما من مسلمين يموت لهما أربعة أولاد؛ إلا أدخلهما الله الجنة [بفضل رحمته إياهما] ، قالوا: يا رسول الله، وثلاثة؟ قال: وثلاثة، قالوا: يا رسول الله، واثنان؟ قال: واثنان، وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها، وإن من أمتي لمن يدخل بشفاعته الجنة أكثر من مضر ". ضعيف أخرجه أحمد (4/212 و5/312 - 313) ، والحاكم (1/71 و4/593) ، وابن ماجه (2/588) الشطر الثاني منه عن عبد الله بن قيس عن الحارث بن أقيش مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وهو من غرائبه، فإن عبد الله بن قيس هذا - وهو النخعي - أورده في " الميزان "، وقال: " تفرد عنه داود بن أبي هند، ولعله الذي قبله ". والذي قبله: " عبد الله بن قيس عن ابن عباس، لا يدرى من هو، تفرد عنه أبو إسحاق ". ولذلك قال الحافظ في ترجمة كل منهما من " التقريب ": " مجهول ". وذكر في ترجمة الأول منهما من " التهذيب ": " قال ابن المديني: مجهول، لم يروعنه غير داود، ليس إسناده بالصافي ". قلت: ومع ذلك ذكره ابن حبان في " الثقات " (5/42) ! وللجملة الأخيرة منه شاهد من رواية الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحديث: 2121 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 " ليخرجن من النار بشفاعة رجل ما هو نبي أكثر من ربيعة ومضر ". أخرجه أحمد في " الزهد " (343) بإسناد رجاله ثقات، ولكنه مرسل. ثم رواه ابنه عبد الله (344) بإسناد آخر عن الحسن به نحوه بلفظ: " ... رجل من أمتي.. ". لكنه قد صح مسندا عن أبي أمامة وغيره بنحوه. وهو مخرج في " الصحيحة " (2178) . 2122 - " ما من عبد يخطب خطبة إلا الله عز وجل سائله عنها: ما أراد بها ". ضعيف أخرجه أحمد في " الزهد " (323) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/287/1787) ، وابن أبي الدنيا في " الصمت " (253/510) عن الحسن، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا ضعيف، لأن الحسن هو البصري، فالحديث مرسل، ورجاله ثقات. وقال المنذري في " الترغيب " (1/77) : " رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي مرسلا بإسناد جيد ". وإلى البيهقي وحده في " الشعب " عزاه السيوطي في " الجامع "! وقد روي الحديث موصولا عن ابن مسعود مرفوعا، ولفظه: " ما من عبد يخطوخطوة إلا سئل عنها ما أراد بها؟ ". أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/376 و4/107 و8/212) ، الحديث: 2122 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 وعنه الديلمي (4/4) معلقا عليه؛ من طريق محمد بن هارون بن محمد بن بكار الدمشقي: حدثنا محمد بن سليمان القشيري الرقي قال: سمعت ابن السماك يقول: أخبرني الأعمش عن أبي وائل شقيق عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، وقال: " غريب من حديث الأعمش، تفرد به ابن السماك، واسمه محمد، وهو الواعظ الكوفي ". قلت: وهو ابن صبيح بن السماك، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال ابن نمير: ليس بشيء ". قلت: لكنه ذكر في " الميزان " أن ابن نمير قال مرة: " صدوق ". وزاد في " اللسان ": " وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: مستقيم الحديث، وكان يعظ الناس في مجلسه. وقال الحاكم عن الدارقطني: لا بأس به ". فالعلة من اللذين دونه، فإني لم أعرفهما، وابن بكار على شرط ابن عساكر، ولم أره في " تاريخه ". والله أعلم. 2123 - " أفضل الصدقة حفظ اللسان ". موضوع رواه الديلمي (1/1/126) عن خصيب بن جحدر عن النعمان عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الخصيب هذا، قال الذهبي: " كذبه شعبة، والقطان، وابن معين، وقال البخاري: كذاب استعدى عليه شعبة ". الحديث: 2123 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 قلت: لكن للحديث شاهد بإسناد آخر من حديث سمرة بأتم من هذا، لكن فيه تفسير ( الحفظ) بالشفاعة؛ يفك بها الأسير.. إلخ. وإسناده ضعيف، تقدم بيانه برقم ( 1442) . 2124 - " إذا أراد الله بعبد خيرا؛ جعل له واعظا من نفسه يأمره وينهاه ". ضعيف أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (ص 93 - زهر الفردوس) من طريق علي بن عبد الحميد: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الفقيه: حدثنا القاسم بن أبي صالح: حدثنا أزهر بن (بياض بالأصل) وأبو حاتم قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن ابن سيرين عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف عندي؛ فإن القاسم بن أبي صالح هذا فيه كلام، أورده الحافظ في " اللسان "، وسمى أباه: بندار بن إسحاق بن أحمد الزرار الحذاء، أحد الأدباء الهمداني، وقال: " روى عن أبي حاتم الرازي وإبراهيم بن ديزل وغيرهما، روى عنه إبراهيم بن محمد بن يعقوب، وصالح بن أحمد الحافظ، وأبو بكر بن لال الفقيه. قال صالح: " كان صدوقا متقنا لحديثه، وكتبه صحاح بخطه، فلما وقعت الفتنة، ذهبت عنه كتبته، فكان يقرأ من كتب الناس، وكف بصره، وسماع المتقدمين عنه أصح. وقال عبد الرحمن الأنماطي: " كنت أتهمه بالميل إلى التشيع ". توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ". الحديث: 2124 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 قلت: وتوفي أبو بكر الفقيه - وهو المشهور بابن لال - سنة (398) ، فبين وفاتيهما ستون سنة، فيحتمل أن يكون سمع منه أخيرا بعد ذهاب كتبه. على أنه إن ثبت أنه سمعه منه قديما، ففي الطريق إليه علي بن عبد الحميد، ولم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر، وهو غير علي بن عبد الحميد المعني الثقة ، وعلي بن عبد الحميد جار قبيصة المجهول، وكلاهما كوفي، وغير علي بن عبد الحميد الغضائري، فإنهم متقدمون على المترجم، وأكبرهم الغضائري، فإنه توفي سنة (313) بحلب كما في " تذكرة الحفاظ " (2/767 - معارف الثالثة) . ولابن لال جزء صغير من حديثه عن شيوخه ليس فيه هذا الحديث، ولا هو من رواية ابن عبد الحميد هذا، وقد روى فيه حديثين آخرين عن شيخه القاسم (ق 116/2 و121/2) ، وهو محفوظ في ظاهرية دمشق المحروسة (مجموع 11) . من أجل ذلك لم تطمئن النفس لتقوية الحافظ العراقي الحديث بقوله في " تخريج الإحياء " (4/282) : " رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أم سلمة بإسناد حسن "! لا سيما وابن سيرين لم يذكروا له رواية عن أم سلمة مطلقا، وقد ذكروا له رواية عن جمع من الصحابة، ممن يمكنه السماع منهم، مثل كعب بن عجرة المدني؛ مات بعد الخمسين، وعائشة ماتت سنة (57) ، وأبي برزة، وهو بصري كابن سيرين؛ مات سنة (65) ، أي بعد وفاة أم سلمة بثلاث سنين، ومع ذلك كله نفوا سماعه من أحد من هؤلاء الثلاثة، فسماعه من أم سلمة غير ثابت في نقدي. أضف إلى ذلك علة أخرى، ألا وهي الوقف، فقد قال أحمد في " الزهد " الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 (ص 306) : حدثنا أسود بن عامر: حدثنا حماد عن حبيب عن ابن سيرين، قال:.. فذكره موقوفا، وسنده صحيح. وهذا هو الصواب أنه من قول ابن سيرين، ليس فيه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا أم سلمة. والله أعلم. ثم رأيت الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد في تعليقه على " الأمثال والحكم " للماوردي قد حسن الحديث (ص 49) مقلدا في ذلك للعراقي في تجويده لإسناده، مع أنه نقل تضعيف العجلوني إياه، وتضعيفي أنا في " ضعيف الجامع الصغير " (429) ، وهذا مما يدل القارئ على أن الدكتور لا يزيد على كونه مجرد قماش، نقال! وسيأتي له أمثلة أخرى، فانظر مثلا الحديث (2864) . وأما لجنة " الجامع الكبير "، فلم تزد على نقل تجويد العراقي لإسناده، نقلا عن المناوي، ونص كلامه في " فيض القدير ": " قال الحافظ العراقي وغيره: " إسناده جيد ". كذا جزم به في " المغني "، ولم يرمز له المؤلف بشيء ". وقد تبادر إلى ذهن الدكتور فؤاد أن المقصود بـ " المغني " في الفقه الحنبلي لابن قدامة المقدسي! وبناء عليه تصرف في كلام المناوي، فقال الدكتور (ص 49) : " وقال المناوي: إن الحافظ العراقي وغيره قرر أن إسناده جيد، وكذلك جزم به ابن قدامة في " المغني ". فيض القدير "! وإنما المراد به كتابه في تخريج " الإحياء " الذي تقدم النقل عنه، فإن اسمه الكامل " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار "! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 2125 - " أبي الدهر كله غدا؟ ". موضوع أخرجه ابن سعد (4/245) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه قال: " قال جعال بن سراقة وهو يتوجه إلى أحد: يا رسول الله! إنه قيل لي: إنك تقتل غدا، وهو يتنفس مكروبا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره، وقال: ... " فذكره. قلت: وهذا موضوع مع إرساله، آفته محمد بن عمر، وهو الواقدي؛ متهم بالكذب. الحديث: 2125 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 2126 - " إذا جاء الموت لطالب العلم، وهو على هذه الحال، مات وهو شهيد ". ضعيف جدا أخرجه البزار (138) ، والخطيب في " التاريخ " (9/247) عن هلال بن عبد الرحمن الحنفي عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي ذر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره، وقال البزار: " لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ". وقال الهيثمي: " هلال متروك ". وبهذا الإسناد عنهما قالا - موقوفا عليهما -: " كتاب من العلم يتعلمه الرجل أحب إلي من ألف ركعة ". الحديث: 2126 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 زاد الخطيب: " وباب من العلم نعمل به أولا نعمل به؛ أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا ". قلت: وهذا باطل، ظاهر البطلان. 2127 - " اجتنبوا دعوات المظلوم ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/1/139) ، وأبو يعلى في " مسنده " (1337) عن عطية عن أبي سعيد عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:.. فذكره. زاد أبو يعلى: وقال عطية: قال رجل من أهل خراسان: قال أبو هريرة: " ما بينهما وبين الله حجاب ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطية ضعيف ومدلس. وفي الباب ما يغني عنه مثل حديث أبي هريرة مرفوعا: " ثلاث دعوات مستجابات.. "، وفيه: " دعوة المظلوم ". وهو مخرج في " الصحيحة " (598 و1797) . الحديث: 2127 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 2128 - " الناس ثلاثة: سالم، وغانم، وشاجب (1) ". ضعيف أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " عن عقبة بن عامر وأبي سعيد، وقال المناوي: " ورواه أيضا أبو يعلى، قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وقال شيخه العراقي: ضعفه ابن عدي ".   (1) أي هالك. قال ابن الأثير: " أي إما سالم من الإثم، وإما غانم للأجر، وإما هالك آثم ". اهـ الحديث: 2128 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 قلت: وفيه أمور: الأول: أن أبا يعلى أخرجه (1394) من طريق ابن لهيعة: نا دراج أبو السمح أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلم يذكر (عقبة) في إسناده. وكذلك رواه أحمد (3/75) . الثاني: أن ابن لهيعة قد توبع عند أبي يعلى نفسه، فقال (1062) : حدثنا أبو كريب: نا رشدين عن عمروبن الحارث عن أبي السمح به. ومن هذا الوجه أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3/153) . وعمروثقة، لكن رشدين ضعيف. الثالث: أن إعلاله بابن لهيعة وحده يوهم أنه ليس فوقه من يعل به، وليس كذلك ؛ فإن أبا السمح ضعيف ذومناكير. الرابع: أن لفظ أبي يعلى من الطريقين إنما هو: " المجالس ثلاثة ... ". وكذلك رواه ابن حبان (83 - موارد) ، وابن عدي أيضا (3/113) من طريق ابن وهب: أخبرني عمروبن الحارث بهذا اللفظ الأخير. فتحرر أن اللفظ المذكور أعلاه ليس لأبي يعلى، ولذلك لم يعزه إليه السيوطي، وأن إعلاله بابن لهيعة خطأ، لأنه قد توبع عنده وعند غيره. وأما رواية الطبراني فعلتها ممن دون ابن وهب، فقال الطبراني (17/303/837) : حدثنا أحمد بن رشدين: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي: حدثنا ابن وهب: أخبرني عمروبن الحارث عن دراج عن أبي القاسم عن أبي سعيد بلفظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 " الناس.. ". وأحمد هذا؛ هو ابن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري، قال ابن عدي: " كذبوه، وأنكرت عليه أشياء ". قلت: وقد خالف في هذا الإسناد، فقال: " أبي القاسم " مكان " أبي الهيثم "! وقد صح الحديث موقوفا مفسرا بلفظ: " الناس ثلاثة أثلاث: فسالم، وغانم، وشاحب، فالسالم: الساكت، والغانم : الذي يأمر بالخير، وينهى عن المنكر، والشاحب: الناطق بالخنا، والمعين على الظلم ". رواه أحمد في " الزهد " (206) ، وابن عساكر (5/211/1) من طريق البيهقي، وهذا في " الشعب " (4/272/5072) من طريق أبي عبيد في " الغريب " (2/437) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (14/22/17428) عن شيبان عن آدم بن علي قال: سمعت أخا بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. هكذا لم يرفعه. واسم أخي بلال خالد بن رباح؛ ذكره ابن حبان في " الصحابة " (3/104) . وقد رفعه بعض الضعفاء والمجهولين عن أبي هريرة. وسيأتي (6577) . 2129 - " من يرد الله به خيرا؛ يفقه في الدين، ويلهمه رشده ". ضعيف بهذه الزيادة أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (161) ، وعنه الطبراني في " الكبير " (10445) ، وأبو بكر القطيعي في جزئه الحديث: 2129 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 المعروف بـ " الألف دينار " من " الفوائد " (1/5/1) ، وعنهما أبو نعيم في " الحلية " (4/107) : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه البزار في " مسنده " (137 - زوائده) ، وقال: " لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أحمد بن محمد بن أيوب، وهو الوراق صاحب المغازي. قال الذهبي: " صدوق، لينه ابن معين، وأثنى عليه أحمد وعلي، وله ما ينكر، فمن ذلك مما ساقه ابن عدي ... "، فذكر هذا الحديث. وليس فيه عند الطبراني: " ويلهمه رشده ". قلت: يعني من طريق ابن أيوب كما تقدم. وكذا أخرجه هو (8756) ، وزهير بن حرب في " العلم " (110/3) من طريق أبي عبيدة عن عبد الله قال: فذكره موقوفا عليه. وإسناده منقطع، أبو عبيدة لم يسمع عن أبيه. ففي ثبوت هذه الزيادة عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقفة عندي حتى نجد ما يشهد لها، ويأخذ بعضدها، وأما الحديث بدونها، فصحيح قطعا؛ لوروده في " الصحيحين " وغيرهما من حديث معاوية بن أبي سفيان مرفوعا. وأما ما رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (3/2) عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك مرفوعا به. فلا يصلح الاستشهاد به لشدة ضعفه، فإن أبان بن أبي عياش متروك متهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 قد رواه زهير بن حرب في " كتاب العلم " (122/57) بسند صحيح عن عبيد بن عمير موقوفا عليه من قوله. فالصواب أن الحديث بهذه الزيادة موقوف، ولا يصح رفعه. والله أعلم. 2130 - " إن طالب العلم تبسط له الملائكة أجنحتها، وتستغفر له ". موضوع بزيادة الاستغفار رواه البزار في " مسنده " (135 - زوائده) من طريق محمد بن عبد الملك عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: محمد بن عبد الملك كذاب؛ كما قال الهيثمي. والحديث أورده السيوطي في " الزيادة على الجامع " بهذا اللفظ من رواية البزار عنها، وبلفظ: " إن الملائكة تبسط أجنحتها لطالب العلم " من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " عنها. قلت: هو في " الشعب " (2/264/1700) بسند رجاله ثقات؛ غير (الحسين بن أبي السري) ، وهو ضعيف. وهذا اللفظ الثاني الخالي من زيادة " وتستغفر له " ثابت من حديث صفوان بن عسال وغيره، فانظر كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " (رقم 67 و80) ، وفي الأول منهما أن الاستغفار للعالم، وفي حديث ثالث (رقم 78) : " معلم الخير " . وهذا صحيح خرجته في " الصحيحة " (3024) . الحديث: 2130 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 2131 - " من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد، فقولوا: فض الله فاك، (ثلاث مرات) ، ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد، فقولوا: لا وجدتها، (ثلاث مرات) ، ومن رأيتموه يبيع أويبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1454) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (150) - الجملة الأولى فقط - من طريق عباد بن كثير عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن جده ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عباد بن كثير، وهو الثقفي البصري؛ متروك، ويحتمل أنه الرملي الفلسطيني، وهو نحوه في الضعف. وقد خالفه في إسناده ومتنه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فقال: أخبرنا يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة به؛ دون الفقرة الأولى منه. أخرجه الترمذي وغيره، وصححوا إسناده كما بينته في " الإرواء " (1295) . وقال الحافظ في " الإصابة ": " وهو المحفوظ ". يعني أن قول عباد في إسناده: " عن أبيه عن جده ثوبان " خطأ، والصواب قول الدراوردي: " عن أبي هريرة ". قلت: وكذا قوله في متن الحديث: " ... فقولوا: فض الله فاك " زيادة منكرة؛ لتفرد عباد بها. الحديث: 2131 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 (تنبيه) : وقع في هذا الحديث أوهام لبعض العلماء: 1 - قال الحافظ في " الإصابة ": " روى ابن منده من طريق محمد بن حمير عن عباد ابن كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ... ". قلت: فسقط من إسناده يزيد بن خصيفة شيخ عباد بن كثير، وترتب عليه خطأ آخر، وهو: 2 - قال الحافظ: " وعباد فيه ضعف، وخالفه يزيد بن خصيفة، فقال: عن محمد ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وهو المحفوظ، أخرجه النسائي والترمذي ". قلت: وإنما المخالف الدراوردي، لأن مدار الروايتين على ابن خصيفة كما رأيت، ومنشأ هذا الخطأ ذلك السقط الذي سبق بيانه. 3 - وقع الحديث معزوا للترمذي والنسائي في " الفتح الكبير " (3/193) تبعا لأصله " الزيادة على الجامع الصغير " (ق 109/1) ، وهو خطأ محض، سببه - والله أعلم - أن السيوطي قال في أصله: " الجامع الكبير " (2/247/2) : " رواه الطبراني في " الكبير " وابن السني وابن منده عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن أبيه عن جده، والترمذي والنسائي عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قالوا: وهو المحفوظ ". قلت: والترمذي والنسائي، إنما أخرجا الحديث من الوجه المذكور بدون الزيادة التي في أوله كما سبق ذكره، وبغير هذا اللفظ. فيبدو أن السيوطي رحمه الله لما ألف " الزيادة " نقل الحديث من " الجامع الكبير "، ولم ينتبه أنه عند الترمذي والنسائي مختصر، وبغير لفظ الطبراني، فعزاه إلى روايتهما عن أبي هريرة، وإنما هو من رواية الطبراني فقط عن ثوبان أبي عبد الرحمن، وعند ابن السني الفقرة الأولى فقط، فاقتضى التنبيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 2132 - " إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر ". موضوع السند أخرجه ابن ماجه (1/421) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل " (2/561) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (3/378 - 379) ، و" فضائل الأوقات " (24) من طريق ابن أبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مجمع على ضعفه، وهو عندي موضوع؛ لأن ابن أبي سبرة رموه بالوضع كما في " التقريب ". وقال البوصيري في " الزوائد ": " إسناده ضعيف لضعف ابن أبي سبرة، واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة. قال فيه أحمد بن حنبل وابن معين: يضع الحديث ". وقال ابن رجب في " لطائف المعارف " (ص 143) : " إسناده ضعيف ". وأشار إلى ذلك المنذري في " الترغيب " (2/81) . الحديث: 2132 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 2133 - " إذا قصر العبد في العمل ابتلاه الله بالهم ". ضعيف أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 10) ، وعنه الخطيب في " التاريخ " (7/111) : حدثنا بيان بن الحكم: حدثنا محمد بن الحديث: 2133 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 حاتم أبو جعفر عن بشر بن الحارث: أنبأنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل. وتابعه أحمد بن عمران الأخنسي: سمعت أبا بكر بن عياش وعبد الرحمن المحاربي عن ليث به. أخرجه البيهقي في " الشعب " (7/182/9927) . و (الأخنسي) متروك. الحكم هو ابن عتيبة، وهو تابعي ثقة، والليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، و (بيان بن الحكم) لا يعرف؛ كما قال الذهبي في " الميزان ". وأما قوله عقب الحديث: " معضل "، فلا وجه له عندي، ومثله جعل الحافظ العسقلاني إياه في " تسديد القوس " (ق /28/2) من حديث (الحكم بن عمير) ، وذلك لأمرين: أحدهما: أنه في " الفردوس " (الحكم) . لم ينسب. والآخر: أن (الحكم بن عمير) صحابي مترجم في " الإصابة " و" اللسان " ( 2/337) ، ولم يذكروا في الرواة عنه (ليثا) ، ولا هو ممن أدرك عهد الصحابة . والله أعلم. (تنبيه) : عزاه السيوطي لأحمد في " الزهد "! وتبعه على ذلك المناوي، وإنما هو لابنه عبد الله كما ذكرنا. وقد رواه ليث عن مجاهد عن عائشة مرفوعا نحوه. وهو مخرج فيما سيأتي برقم (2695) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 2134 - " ثلاث لا يحاسب بهن العبد: ظل خص يستظل به، وكسرة يشد بها صلبه، وثوب يواري عورته ". ضعيف أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 12) ، وعنه الديلمي (2/60) : حدثنا بيان بن الحكم: حدثنا محمد بن حاتم: حدثني بشر بن الحارث: حدثنا عيسى بن يونس عن هشام عن الحسن مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف: (بيان بن الحكم) لا يعرف كما تقدم، والحسن هو البصري، وهو كثير الإرسال. ورواه المعافى بن عمران في " الزهد " (255/1) : حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن به. الحديث: 2134 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 2135 - " لا خير في مال لا يرزأ منه، وجسد لا ينال منه ". ضعيف جدا أخرجه ابن سعد (8/149 - 150) : أخبرنا هشام بن محمد: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي قال: " جاء رجل من بني سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن لي ابنة من جمالها وعقلها ما إني لأحسد الناس عليها غيرك، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، ثم قال: وأخرى يا رسول الله، لا والله ما أصابها عندي مرض قط، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في ابنتك، تجيئنا تحمل خطاياها، لا خير ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فإنه مع كونه مرسلا؛ فإن هشام بن محمد، وهو الكلبي المفسر؛ متروك كما قال الدارقطني. وعبيد الله بن الوليد الوصافي ضعيف. الحديث: 2135 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 ثم وجدت له طريقا أخرى مسندة، فقال ابن أبي الدنيا في " الكفارات " (ق 88/2) : حدثني حسين بن علي العجلي: حدثنا عمروبن محمد العنقزي: نا زافر بن سليمان عن عبيد الله قال: سمعت الحسن يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كبرت سني، وسقم جسدي، وذهب مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، إلا أنه قال " يبلى " بدل " ينال منه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، زافر بن سليمان، وهو القهستاني؛ صدوق كثير الأوهام كما في " التقريب "، ومثله العجلي، قال الحافظ: " صدوق يخطىء كثيرا ". 2136 - " يا بني! كل الكرفس؛ فإنها بقلة الأنبياء، مفعول عنها، وهي طعام الخضر وإلياس، والكرفس يفتح السدد، ويذكي القلب، ويورث الحفظ، ويطرد الجنون ، والجذام، والبرص، والجن ". موضوع أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (3/280 - الغرائب الملتقطة) من طريق محمد ابن هشام: حدثنا الوليد بن محمد بن الوليد الأنطاكي: حدثنا عيسى بن سليمان عن الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم عن الحسن بن علي رفعه. قلت: وهذا متن موضوع، لعله من وضع بعض المتصوفة المتزهدة، أوالأطباء الجهلة، وإسناده مظلم، وقد أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 139) ، وبيض له فلم يتكلم عليه بشيء! فتعقبه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " فقال (2/263) : الحديث: 2136 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 " قلت: لم يبين علته، وفيه عيسى بن سليمان، فإن كان هو (أبو طيبة الدارمي) فقد ضعفه ابن معين، وقال: " لا أعلم أنه كان يتعمد الكذب؛ ولعله شبه عليه "، وإن كان غيره فلا أعرفه. والوليد بن محمد بن الوليد الأنطاكي لا أعرفه. والله تعالى أعلم ". وأقول: وفيما قال نظر من وجوه: أولا: قوله: ".. وقال: لا أعلم.. " إلخ. جعله من تمام قول ابن معين، وهو وهم، وإنما هو من قول ابن عدي، فإنه في أول ترجمة (أبي طيبة الدارمي) هذا روى عن ابن معين أنه قال (5/256) : " أحمد بن أبي طيبة الجرجاني ثقة، وأبو هـ (أبو طيبة) ضعيف ". ثم قال في آخر الترجمة (ص 258) : " وأبو طيبة هذا كان رجلا صالحا، ولا أظن أنه كان يتعمد الكذب.. " إلخ. وإلى ابن عدي عزاه الذهبي في " الميزان ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (7/234) : " يخطىء ". ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا. ثانيا: هناك احتمال آخر في (عيسى بن سليمان) ، وهو أنه (القرشي الحمصي) المترجم في " ثقات ابن حبان " (8/494) ، وقال فيه ابن أبي حاتم عن أبيه: " شيخ حمصي، يدل حديثه على الصدق ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 قلت: ولعل الأقرب أنه هذا، بقرينة أن الراوي عنه شامي أنطاكي كما يأتي، ومن هذه الطبقة أيضا. ثالثا: لعل علة هذا الحديث (الوليد بن محمد بن الوليد الأنطاكي) ، فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر، وأستبعد أن يكون الذي في " التاريخ " لابن عساكر (13/892) . " الوليد بن محمد بن العباس بن الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس أبو العباس القساني.. ". ثم ترجمه برواية جمع من الحفاظ عنه، وذكر وفاته سنة (326) . فهذا يعني أنه متأخر الوفاة حتى عهد بعض طبقة الرواة عن (محمد بن هشام) ، وهذا ابن ملاس الدمشقي، الراوي عن (الوليد الأنطاكي) ، فقد روى عنه - أعني ابن هشام هذا، كما ذكر ابن حبان في " الثقات " (9/123) : (محمد بن المنذر بن سعيد) ، وتوفي سنة (303) ، وروى عنه أيضا ابن أبي حاتم، وتوفي سنة (327) . فهو غير الأنطاكي، فهو علة الحديث. والله أعلم. (فائدة) : الكرفس: عشب يشبه البقدونس معروف في بعض البلاد كالحجاز وفلسطين ، وقد ذكر له بعض المنافع ابن القيم في " الطب " من كتابه " زاد المعاد "، شيء منها منصوص عليه في هذا الحديث، ولم يتعرض له بذكر، ولكنه ذكر فيه حديثا آخر بلفظ: " من أكله ثم نام عليه؛ نام ونكهته طيبة، وينام آمنا من وجع الأضراس والأسنان "، وقال عقبه: " وهذا باطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن البستاني منه يطيب النكهة جدا.. ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 وهو في " ذيل الموضوعات " أيضا (ص 141) من رواية الطيوري في حديث طويل. 2137 - " لأن أتصدق بخاتمي أحب إلي من ألف درهم أهديها إلى الكعبة ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (2/300/1524 - ط) : حدثنا أحمد قال: حدثنا أحمد ابن الحسن: حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود: حدثنا أبو عوانة عن أبي العنبس عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أحمد بن الحسن شيخ أحمد - وهو (ابن محمد بن صدقة) حافظ ثقة - لم أعرفه. وأبو العنبس هو العدوي الكوفي، وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". وأما الهيثمي، فجعله علة الحديث، فقال (3/113) : " وفيه أبو العنبس، وفيه كلام "! ولا أعلم أحدا تكلم فيه، وهو خلاف ما جرى عليه من اعتداده بتوثيق ابن حبان، وبخاصة إذا لم يخالف كما هنا. والله أعلم. الحديث: 2137 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 2138 - " ثلاثة لا يريحون رائحة الجنة: رجل ادعى إلى غير أبيه، ورجل كذب على نبيه، ورجل كذب على عينيه ". ضعيف جدا أخرجه البزار (1/116/214) ، والديلمي (2/69) الحديث: 2138 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 عن يحيى بن حسان: حدثنا عبد الرزاق بن عمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: فذكره. وقال البزار: " لا نعلم هذا اللفظ يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الرزاق ، وهو دمشقي، وقيل، وقيل فيه: أيلي ". قال الشيخ الهيثمي: " المجمع " (1/148) : " ضعيف، ولم يوثقه أحد ". كذا قال: وقد أورده في " الميزان "، ولم يزد على قوله فيه: " قال أبو حاتم: صدوق متعبد، يعد من الأبدال. وقال يزيد بن محمد: ثقة ". ثم تبينت أنهما اثنان، كلاهما دمشقي: الأول: وهو أبو بكر الثقفي، وهو صاحب هذا الحديث. والآخر: العابد الصغير، وهو الذي تقدم توثيقه. وأما الثقفي فقد ترجمه الذهبي في " الميزان " أيضا ترجمه سيئة، فقال: " قال النسائي: ليس بثقة ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الحافظ المزي في " التهذيب " (2/415) : " وهو من الضعفاء، ضعفه غير واحد ". وقد ثبت الحديث بلفظ آخر، فانظر " الصحيحة " (3063) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 2139 - " بين كل أذانين صلاة؛ إلا المغرب ". منكر أخرجه البزار (1/334/693) : حدثنا عبد الواحد بن غياث: حدثنا حيان بن عبيد الله: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره، وقال: " لا نعلم رواه إلا حيان، وهو بصري مشهور ليس به بأس، ولكنه اختلط ". وذكره ابن عدي في " الضعفاء ". قلت: وقد صح الأمر بهاتين الركعتين، وهو مخرج في " الصحيحة " (233) . الحديث: 2139 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 2140 - " بين العالم والعابد سبعون درجة، بين كل درجتين مسيرة مائة سنة حضرة (1) الفرس السريع ". ضعيف جدا رواه ابن شاهين في " الترغيب " (290/1) وابن عدي في " الكامل " (4/134) من طرق عن عبد الله بن محرر، عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن عدي: " منكر، لا أعلمه يرويه عن الزهري إلا ابن محرر، ومحمد بن عبد الملك، وجميعا ضعيفان ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن محرر؛ قال أحمد: " ترك الناس حديثه ". وقال الجوزجاني:   (1) من الحضر: العدو. اهـ. الحديث: 2140 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 " هالك ". وقال الدارقطني وجماعة: " متروك ". كذا في " الميزان "، وساق له مناكير هذا أحدها. والحديث أخرجه أبو نعيم أيضا في " أخبار أصفهان " (2/150) ، والديلمي في " مسند الفردوس " (2/1/14 - مختصره) ؛ كلاهما معلقا عن عبد الله بن محرر به؛ دون قوله: " بين كل ... ". وخالف الخليل بن مرة، فرواه عن مبشر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه مرفوعا به، إلا أنه قال: ".. ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (2/163/856) ، وعنه ابن عدي في " الكامل " ( 3/60 - 61 ) . و (الخليل بن مرة) مختلف فيه، وقد ضعفه جماعة، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". وإسناده لهذا الحديث يدل على ضعفه، فإنه خالف تلك الطرق، فجعله من مسند (عبد الرحمن بن عوف) ، وأسقط علة الحديث (عبد الله بن محرر) . وقد روي من حديث ابن عمر بزيادة منكرة في متنه، وسيأتي الكلام عليه برقم (6578) . 2141 - " بئس القوم قوم يمشي الرجل فيهم بالتقية والكتمان ". ضعيف جدا رواه الديلمي (2/1/12) عن يحيى بن سعيد العطار: الحديث: 2141 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 حدثنا سوار بن مصعب عن عمرو ابن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الانقطاع بين ابن مسعود وابنه أبي عبيدة، فإنه لم يسمع منه. الثانية: سوار بن مصعب؛ ضعيف جدا، قال في " الميزان ": " قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال أبو داود : ليس بثقة ". ثم ساق من مناكيره هذا الحديث. الثالثة: يحيى بن سعيد العطار؛ ضعفه ابن معين وغيره. 2142 - " غفر الله لزيد بن عمروورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم ". موضوع أخرجه ابن سعد (3/381) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا موسى بن شيبة عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت سعيد بن المسيب يذكر زيد بن عمرو ابن نفيل، فقال: " توفي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، ولقد نزل به وإنه ليقول: أنا على دين إبراهيم، فأسلم ابنه سعيد ابن زيد أبو الأعور، واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن زيد بن عمرو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، قال: فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر إلا ترحم واستغفر له. ثم يقول سعيد بن المسيب: رحمه الله وغفر له ". الحديث: 2142 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 قلت: وهذا إسناد موضوع، محمد بن عمر، وهو الواقدي؛ متهم بالكذب. وموسى بن شيبة؛ وهو ابن عمروبن عبد الله بن كعب بن مالك؛ ليس الحديث كما في " التقريب ". وخارجة بن عبد الله بن كعب؛ مجهول. 2143 - " كل نادبة كاذبة، إلا نادبة حمزة ". ضعيف أخرجه ابن سعد (3/18) من طريق محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال: " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد، فمر على بني عبد الأشهل، ونساء الأنصار يبكين على هلكاهن، يندبنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكن حمزة لا بواكي له "، قال: فدخل رجال من الأنصار على نسائهم، فقالوا: حولن بكاءكن وندبكن على حمزة. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطال قيامه يستمع، ثم انصرف، فقام على المنبر من الغد، فنهى عن النياحة كأشد ما نهى عن شيء قط، وقال: ..... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه (ابن أبي حميد) ، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " ضعفوه ". وقال الحافظ: " ضعيف ". (تنبيه) : عزاه السيوطي لابن سعد عن سعد بن إبراهيم مرسلا. ولم أره في " ابن سعد " إلا من الطريق المتقدمة، ولعله عنده من الطريق الأخرى في الحديث: 2143 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 القسم الذي لم يطبع من " الطبقات "، فإن في المطبوعة منه خرما في أكثر من موضع واحد. 2144 - " كان إذا اجتلى النساء أقعى وقبل ". ضعيف أخرجه ابن سعد (8/146) ، والطحاوي في " مشكل الآثار " (1/264 - 265) عن موسى بن عبيدة: حدثني عمر بن الحكم: حدثني أبو أسيد قال: " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من الجون، فأمرني أن آتيه بها، فأتيته بها، فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! قد جئتك بأهلك، فخرج يمشي وأنا معه، فلما أتاها أقعى، وأهو ى ليقبلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتلى ... فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: لقد عذت معاذا، فأمرني أن أردها إلى أهلها، ففعلت ". قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل موسى بن عبيدة، فإنه واه. وأشد من هذا الحديث ضعفا ما أخرجه ابن سعد أيضا (8/145 - 146) ، والحاكم ( 4/37) من طريق محمد بن عمر: أخبرنا هشام بن محمد: حدثني ابن الغسيل عن حمزة ابن أبي أسيد الساعدي عن أبيه - وكان بدريا - قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية، فأرسلني، فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة، أوعائشة لحفصة: اخضبيها أنت، وأنا أمشطها. ففعلن، ثم قالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه، وأغلق الباب، وأرخى الستر مد يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال بكمه على وجهه، فاستتر به، وقال: عذت معاذا. الحديث: 2144 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 (ثلاث مرات) . قال أبو أسيد: ثم خرج علي فقال: يا أبا أسيد، ألحقها بأهلها، ومتعها برازقيتين. يعني كرباستين، فكانت تقول: ادعوني الشقية. قلت: سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: " قلت: سنده واه ". قلت: بل هو بهذا السياق موضوع، لأن هشام بن محمد؛ وهو الثعلبي متروك، ومحمد بن عمر، وهو الواقدي؛ كذاب. وقد خولفا في متنه، فقال البخاري (9/311) : حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن غسيل به مختصرا، وليس فيه ذكر لحفصة وعائشة مطلقا، ولا قول إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة ... إلخ. وقد استغل عبد الحسين الشيعي هذه الزيادة الموضوعة فطعن بها على السيدة عائشة رضي الله عنها، فراجع إن شئت كتابه " المراجعات " (ص 248) ، والحديث الآتي برقم (4964) لتتيقن من موقف هذا الشيعي من أهله صلى الله عليه وسلم. 2145 - " كان يقول في سجوده إذا سجد: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء بنعمتك علي، هذه يداي وما جنيت على نفسي ". ضعيف أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 76) ، والبزار (1/264/543) عن عبيد الله بن موسى: حدثنا حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره، وقال: الحديث: 2145 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 " لا نعلمه عن عبد الله إلا من هذا الوجه ". قال الشيخ (الهيثمي) في " المجمع " (2/128) : " رجاله ثقات ". فتعقبه الحافظ بقوله في " مختصر الزوائد " (1/265/386) : " قلت: بل حميد - هو ابن قيس الأعرج - منكر الحديث جدا ". كذا قالا، وكلاهما مخطئ - وجل من لا يخطئ - فإن حميدا هذا؛ ليس هو ابن قيس الأعرج، ولا هو بالذي يصح أن يقال فيه: " منكر الحديث جدا "، فإنه ثقة محتج به في " الصحيحين "! وإنما هو (حميد الأعرج الكوفي) - وذاك مكي - وهو القاص الملائي، قال فيه البخاري في " التاريخ " (1/2/354) : " منكر الحديث ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وقال في (ابن قيس) : " ليس به بأس ". وقد ذكروا في ترجمة الضعيف أنه الذي يروي عنه عبيد الله بن موسى، وخلف بن خليفة، وقد أخرج الحديث من طريق خلف هذا الحاكم (1/533 - 534) مطولا، وابن عدي (2/273) حديث الترجمة، وقال ابن عدي: " ولحميد عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود غير هذه الأحاديث، وهي ليست بمستقيمة، ولا يتابع عليها ". وقال الحاكم: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 " صحيح الإسناد، إلا أن الشيخين لم يخرجا عن (حميد الأعرج الكوفي) ، إنما أخرجا حميد بن قيس المكي ": " وتعقب تصحيحه الذهبي، فقال في " تلخيصه ": " قلت: حميد متروك ". وقد روي الحديث عن عائشة مطولا من طريقين عنها؛ متن أحدهما أنكر من الآخر، ولذلك فهما لا يصلحان للشهادة، والأخصر منهما فيه علل أربعة، وهو المذكور آتيا، وقد سقت لفظه، وأعدت تخريجه موسعا برقم (6579) . وله شاهد ضعيف جدا من طريق محمد بن عثيم أبي ذر الحضرمي قال: حدثني عثيم عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عائشة به مطولا دون قوله: " أبوء بنعمتك علي ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (8/121 - 122) . وهذا إسناد واه جدا مسلسل بالعلل: 1 - محمد بن عثيم؛ متروك متهم. 2 - وعثيم؛ لم أعرفه سواء كان والد محمد أوغيره. 3 - وعثمان بن عطاء الخراساني؛ ضعيف. 4 - وأبو هـ عطاء الخراساني؛ فيه كلام من قبل حفظه، ولم يسمع من عائشة. 2146 - " كان إذا خطب المرأة، قال: اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة ". موضوع. قال ابن سعد في " الطبقات " (8/162) : أخبرنا محمد بن الحديث: 2146 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 عمر: حدثنا عبد الله ابن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم قال: فذكره. أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قلت: وهذان إسنادان مرسلان، ومحمد بن عمر؛ هو الواقدي، وهو متهم بالكذب. 2147 - " كان إذا خطب، فرد؛ لم يعد، فخطب امرأة، فقالت: استأمر أبي، فلقيت أباها ، فأذن لها، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له، فقال: قد التحفنا لحافا غيرك ". موضوع قال ابن سعد (8/161) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني الثوري عن جابر عن مجاهد قال: فذكره. قلت: هذا موضوع، آفته محمد بن عمر، وقد عرفت آنفا أنه الواقدي المتهم. وجابر هو ابن يزيد الجعفي، وهو متروك. (تنبيه) : هكذا لفظ الحديث في المكان المشار إليه من " ابن سعد "، وقد عزاه إليه في " الجامع " بلفظ: " فخطب امرأة فأبت، ثم عادت، فقال: ... "، والباقي مثله سواء، فالظاهر أن السيوطي رواه بالمعنى. الحديث: 2147 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 2148 - " كان إذا جلس، جلس إليه أصحابه حلقا حلقا ". موضوع أخرجه البزار (1/92/157) عن سعيد بن سلام: حدثنا خالد بن الحديث: 2148 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 ميسرة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان .... ، وقال: " لا نعلم رواه عن خالد إلا سعيد، وهو ليس الحديث ". قلت: بل هو كذاب؛ كما قال أحمد، وقال البخاري: " يذكر بوضع الحديث ". ولذلك قال المناوي في " شرح الجامع ": " سكوت المصنف على هذا الحديث غير جيد، فقد قال الحافظ الهيثمي (1/132) وغيره: فيه سعيد بن سلام كذبه أحمد. أهـ ". 2149 - " بين الركن والمقام ملتزم؛ ما يدعوبه صاحب عاهة إلا برىء ". ضعيف جدا رواه الطبراني (رقم 11873) عن شاذ بن الفياض: نا عباد بن كثير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عباد بن كثير؛ هو الثقفي البصري؛ متروك كما قال الهيثمي (3/246) . الحديث: 2149 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 2150 - " كان إذا توضأ، فضل ماء حتى يسيله على موضع سجوده ". ضعيف رواه الطبراني رقم (2739) ، وابن عساكر (6/300/2) عن عبد الله بن محمد بن سالم المفلوج: نا حسين بن زيد بن علي عن الحسن بن زيد عن أبيه عن الحسن بن علي مرفوعا. الحديث: 2150 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله موثقون، لكنه معلول بالانقطاع وغيره كما يأتي. وبهذا الإسناد أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (12/153/6782) ، إلا أنه قال: " عن الحسين بن علي ". وقال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " (396) : " رواه أبو جعفر الطبري في " تهذيب الآثار " قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاري : أخبرنا عبد الله بن محمد بن سالم: حدثني حسين بن زيد بن علي عن الحسن بن زيد ابن الحسن عن أبيه عن الحسن بن علي مرفوعا. وقال أبو جعفر: وهذا عندنا خبر صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما لعلتين: إحداهما: أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد، وجب التثبت فيه. والثانية: أن ذلك مما لا تعرفه العامة، وهو عمل من أعمال الطهارة، ولو كان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تجهله العامة. كذا قال أبو جعفر في هذا، ولم أجد في " تاريخ البخاري "، ولا في " تاريخ ابن أبي حاتم " سماعا ولا رواية لزيد بن الحسن عن أبيه، إنما ذكروا روايته عن ابن عباس أنه تطيب بالمسك، لم يذكروا رواية عن غيره. والله أعلم. وقال أبو أحمد الجرجاني: الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب روى عن أبيه وعكرمة أحاديث معضلة، وروايته عن أبيه أنكر مما هي عن عكرمة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 وأما البخاري وابن أبي حاتم؛ فلم يذكروا فيه أكثر من روايته عن أبيه وعكرمة " أهـ. قلت: ولعل قوله: " أبيه " و" عكرمة " مقحم من الناس، فإن إثباتهما في ما تقدم من كلامه، والصواب: " ابن عباس " مكان " عكرمة ". والله أعلم. ثم إني لأعجب أشد العجب من أسلوب الإمام الطبري في تصحيح الأحاديث في كتابه المذكور " تهذيب الآثار "، فقد رأيت له فيه عشرات الأحاديث يصرح بصحتها عنده، ولا يتكلم على ذلك بتوثيق، بل يتبعه بحكايته عن العلماء الآخرين تضعيفه، وبكلامهم في إعلاله، ولا يرده، بحيث أن القارىء يميل إليهم دونه! فما أشبهه فيه بإسلوب الرازي في رده على المعتزلة في " تفسيره "؛ يحكي شبهاتهم على أهل السنة، ثم يعجز عن ردها! والواقع أن النفس لم تطمئن لهذا الحديث؛ لغرابته، وشبهة الانقطاع بين زيد ابن الحسن وأبيه، فإن هذا مات سنة (50) وزيد في (120) ، ما يبعد ثبوت سماعه منه. وأما ابن عباس فمات (68) . وأيضا فـ (حسين بن زيد) أورده الذهبي في " المغني "، وقال: " قال أبو حاتم: تعرف وتنكر ". وأيضا فـ (زيد بن الحسن) نفسه على جلالته، لم يوثقه غير ابن حبان (4/245) ، ولم يروعنه كبير ثقة! ومنه يتبين تساهل الهيثمي بقوله في كل من رواية الطبراني وأبي يعلى (1/234) : " وإسناده حسن "! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 والله سبحانه وتعالى أعلم. 2151 - " إن أرواح المؤمنين في السماء السابعة، ينظرون إلى منازلهم في الجنة ". موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/166) تعليقا، والديلمي في " مسند الفردوس " (1/2/270) عن أبي مقاتل السمرقندي: حدثنا أبو سهل عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع. آفته أبو مقاتل السمرقندي؛ قال الذهبي: " أحد التلفى، اسمه حفص بن سلمة ". وقال في " الأسماء ": " وهاه قتيبة شديدا، وكذبه ابن مهدي لكونه روى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: " من زار قبر أمه كان كعمرة ". وقال السليماني: حفص بن سلمة الفزاري صاحب كتاب " العالم والمتعلم " في عداد من يضع الحديث ". وأبو سهل؛ هو حسام بن مصك؛ قال الحافظ: " ضعيف يكاد يترك ". الحديث: 2151 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 2152 - " إن أرحم ما يكون العبد إذا وضع في حفرته ". موضوع. رواه الديلمي (1/2/281) عن محمد بن يونس: حدثنا أحمد بن مخلد الأهوازي: حدثنا نوح بن خالد عن يغنم بن سالم عن أنس مرفوعا. قال الحافظ في " مختصره ": الحديث: 2152 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 " قلت: يغنم بن سالم كذبوه ". قلت: ونوح بن خالد لم أعرفه. ولعله وقع فيه تحريف، فقد أعله المناوي بأن فيه نوح بن سالم، قال الذهبي: قال ابن معين: ليس بشيء. وهو مترجم في " الجرح والتعديل " (4/1/485) ، لكن بيض فيه لشيوخه ولمن روى عنه. ومحمد بن يونس، وهو الكديمي؛ وضاع. 2153 - " ستفتح مشارق الأرض ومغاربها على أمتي، ألا وعمالها في النار؛ إلا من اتقى الله، وأدى الأمانة ". ضعيف أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ق 1/1 - عام و277 - ط) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (6/199) عن سيار: حدثنا جعفر: حدثنا حوشب عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، والحسن هو البصري، وسيار هو ابن حاتم العنزي . قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". الحديث: 2153 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 2154 - " جزاء الغني من الفقير النصيحة والدعاء ". ضعيف أخرجه ابن سعد (8/307) ، والطبراني (25/162/392) عن حبابة بنت عجلان الخزاعية عن أمها عن أم حفص بنت جرير عن أم حكيم بنت وادع قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما جزاء الغني من الفقير؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالمجاهيل: حبابة بنت عجلان لا تعرف هي ولا أمها، ولا أم حفص؛ واسمها صفية؛ كما في " الميزان ". الحديث: 2154 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لأبي يعلى والطبراني في " الكبير ". وقال المناوي في " الفيض ": " قال الهيثمي: فيه رواية أربع نسوة بعضهن عن بعض، وهو مما يعز وجوده أهـ. أي: فيكون هذا من لطائف إسناده ". قلت: هذا انشغال بما لا يهم عن المهم، وهو بيان حاله في الصحة أوالضعف! 2155 - " إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية، غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فأتى الناس المهدي، فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء مطرها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ". منكر أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (15/199) : عبد الله بن نمير قال: حدثنا موسى الجهني قال: حدثني عمر بن قيس الماصر قال: حدثني [مجاهد قال: حدثني] فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن المهدي .... إلخ. قلت: وهذا متن منكر، مع كونه موقوفا، وإسناده نظيف، لا يبدو لي فيه علة سوى الوقف، وما بين المعقوفتين زيادة من نسخة (م) كما جاء في التعليق عليه ، ولم أدر ما هذه النسخة التي أشار إليها، فإنه في أول المجلد السادس لم يذكر إلا نسختين ليس هذه إحداهما، وصرح بأنه يرمز إلى الأولى منهما بـ (الأصل) وإلى الأخرى بـ (النسخة) . وقد رأيته في المجلد السادس (ص 24) قد صحح كلمة من الأصل، وقال في التعليق: الحديث: 2155 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 " من المحلى، وفي (الأصل) و (النسخة) : " نسل " كذا ". ونحوه في (ص 28) . ثم رأيته يقول (ص 61) : " وفي (الأصل) و (م) للحسن الدين ... والتصحيح من (المحلى) .. ". وبذلك اندفع ما ألقى في النفس أول مرة أنه لعله يعني بهذا الرمز (م) " المحلى "، ففي النفس من صحة هذه الزيادة في النسخة المشار إليها شيء، ولعلها النسخة التي اعتمد عليها السيوطي في " الدر المنثور " (6/58) ، فقد عزاه فيه لابن أبي شيبة عن مجاهد ... وكذلك ذكره في " العرف الوردي في أخبار المهدي " ( ص 223 ج2) . والله سبحانه وتعالى أعلم. و (النفس الزكية) لقب محمد بن عبد الله بن حسن الهاشمي، وقد قيل: إن أهل بيته سموه بالمهدي (1) ، فلا يبعد أن يكون هذا الأثر من وضع بعض أتباعه وأنصاره في قيد حياته إنذارا لأعدائه، أوبعيد وفاته، وقد قتله أبو جعفر المنصور، لما خرج عليه بالمدينة، فبعث إليه عيسى بن موسى فقتله. رحمه الله، وعامل الظالمين بما يستحقون. 2156 - " لا تفعلي يا قيلة! إذا أردت أن تبتاعي شيئا، فاستامي به الذي تريدين، أعطيت أومنعت، وإذا أردت أن تبيعي شيئا، فاستامي الذي تريدين، أعطيت أو منعت ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/2/418) تعليقا، وابن   (1) انظر ترجمته في " الأعلام " للزركلي. اهـ الحديث: 2156 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 ماجه (2/21) ، وابن سعد (8/311) من طريق يعلى بن شبيب عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن قيلة أم بني نمار قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض عمره عند المروة، فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أبيع وأشتري، فإذا أردت أن أبتاع الشيء، سمت به أقل مما أريد، ثم زدت، ثم زدت حتى أبلغ الذي أريد، وإذا أردت أن أبيع الشيء ، سمت به أكثر من الذي أريد، ثم وضعت حتى أبلغ الذي أريد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومنقطع؛ قال البوصيري في " الزوائد " (136/2) : " قال المزي في " الأطراف ": ابن خثيم عن قيلة فيه نظر. وقال الذهبي في " الكاشف ": قيلة أم رومان، روى عنه ابن خثيم مرسلا ". قلت: ويعلى بن شبيب لين الحديث؛ كما في " التقريب ". 2157 - " اتقوا الله، وصلوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة ". ضعيف أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (7/521/8422) : حدثنا بشر بن معاذ: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ": ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن معاذ ، وهو صدوق. وسعيد هو ابن أبي عروبة. ويزيد هو ابن زريع. الحديث: 2157 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 2158 - " أخشى ما أخشى على أمتي كبر البطن، ومداومة النوم، والكسل، وضعف اليقين ". موضوع رواه الديلمي (1/1/88) من طريق الدارقطني عن محمد بن القاسم الأزدي عن الحسن ابن علي بن محمد بن المغيرة عن محمد بن ثابت عن النعمان بن زائدة والنعمان بن سالم عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته محمد بن القاسم هذا؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أحمد والدارقطني: كذاب ". وقال الحافظ: " كذبوه ". وشيخه الحسن بن علي بن محمد بن المغيرة؛ لم أعرفه. ومحمد بن ثابت؛ الظاهر أنه ابن أسلم البناني؛ ضعيف. والنعمان بن زائدة؛ لم أعرفه. والحديث عزاه في الجامع للدارقطني في " الأفراد "، وأعله المناوي بابن القاسم. الحديث: 2158 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 2159 - " اخلعوا نعالكم عند الطعام، فإنها سنة جميلة ". موضوع أخرجه الحاكم (3/351) عن يحيى بن العلاء: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن أنس مرفوعا. سكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: يحيى وشيخه متروكان ". الحديث: 2159 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 قلت: والأول أورده في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد: كذاب يضع الحديث ". 2160 - " أخلص دينك، بكفك القليل من العمل ". ضعيف أخرجه الحاكم (4/306) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/323/2) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/244) ، والأصبهاني في " الترغيب " (ص 30 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق عبيد الله بن زحر عن ابن أبي عمران عن عمرو ابن مرة عن معاذ بن جبل. قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ عمروبن مرة لم يدرك معاذا، بين وفاتيهما مئة سنة، وبذلك أعله البيهقي. وعبيد الله بن زحر؛ ضعيف. وشيخه ابن أبي عمران اسمه خالد. لكن وقع في " المستدرك ": " الوليد بن عمران "، ولم أعرفه، ولعله تحرف على الحاكم أوأحد رواته. فقد أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/51) من طريق النضر بن عبد الجبار: حدثنا إبراهيم عن خالد بن أبي عمران به. وإبراهيم هذا لم أعرفه. والحديث عزاه المنذري (1/23) للحاكم، وقال: " وقال: صحيح الإسناد ". ولم أر هذا التصحيح في نسخة " المستدرك " المطبوعة. ثم أشار إلى رده بقوله: " كذا قال ". الحديث: 2160 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 2161 - " أخلصوا عبادة ربكم، وأقيموا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم ، وصوموا شهركم، وحجوا بيتكم، تدخلوا جنة ربكم. ويحرك يده ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/166) ، وابن عساكر (18/189/1 - 2) عن صدقة بن عبد الله عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد عن أبي الدرداء: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما عصمة هذا الأمر، وعراه، ووثائقه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقد:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، صدقة بن عبد الله، وهو السمين، قال الحافظ: " ضعيف ". وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد والبخاري: ضعيف جدا ". والوضين بن عطاء سيىء الحفظ. الحديث: 2161 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 2162 - " أدبوا (1) أولادكم على ثلاث خصال: على حب نبيكم، وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، مع أنبيائه وأصفيائه ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/24) عن جعفر بن محمد بن الحسين: حدثنا حسن بن الحسين: حدثنا صالح بن [أبي] الأسود عن مخارق بن عبد الرحمن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعا.   (1) الأصل " أدمنوا ". كذا في المخطوطة التي هي بخط الحافظ، وفي المصورة. اهـ الحديث: 2162 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 بيض له الحافظ في " مختصره "، وإسناده ضعيف جدا، فيه علل: الأولى: مخارق بن عبد الرحمن؛ لم أجد له ترجمة. الثانية: صالح بن أبي الأسود؛ قال الذهبي: " واه ". الثالثة: حسن بن الحسين، هو العرني الكوفي؛ قال أبو حاتم: " ليس بصدوق ". الرابعة: جعفر بن محمد بن الحسين. الظاهر أنه الذي في " الميزان ": " جعفر بن محمد بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي عن يزيد بن هارون وأبي نعيم وغيرهما، روى عنه شريح بن عبد الكريم وغيره. قال الجوزقاني (1) في " الأباطيل ": مجروح ". 2163 - " إن أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10/11079) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي: نا شريك عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء:   (1) كذا وقع في هذا المكان وغيره من " اللسان " بالزاء، ورجح بعض المحققين أنه (الجورقاني) بالراء، ورجحه بعضهم، فانظر تفصيله في مقدمة " الأباطيل " للجورقاني بقلم محققه الأخ الفاضل عبد الرحمن الفريوائي (ص 66 - 70) . اهـ الحديث: 2163 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 ليث وهو ابن أبي سليم، وشريك وهو ابن عبد الله القاضي، وإسماعيل بن عمروالبجلي. 2164 - " ما أحسن القصد في الغنى، ما أحسن القصد في الفقر، وأحسن القصد في العبادة ". ضعيف جدا أخرجه البزار (3604 - كشف الأستار) من طريق إبراهيم بن محمد بن ميمون: حدثنا سعيد بن حكيم عن مسلم بن حبيب عن بلال - يعني العبسي - عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحافظ ابن حجر في " زوائده " (ص 324 - المصورة) : " إسناد حسن ". كذا قال، وقد فتشت كتب القوم، فلم أر لمسلم بن حبيب فيها ذكرا. وقد قال الهيثمي - وهو شيخه - في " مجمع الزوائد " (10/252) : " ومسلم لم أجد من ذكره إلا ابن حبان في ترجمة سعيد الراوي عنه، وبقية رجاله ثقات ". كذا قال، وسعيد بن حكيم لم يوثقه غير ابن حبان (6/361) ، ولم يروعنه كبير أحد، وقال أبو حاتم: " شيخ ". وإبراهيم بن محمد بن ميمون شيعي جلد. قال الذهبي: " روى عن علي عن عابس خبرا عجيبا ". ثم قال: " إبراهيم بن محمد بن ميمون؛ لا أعرفه، روى حديثا موضوعا فاسمعه ". الحديث: 2164 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 ثم ساقه من روايته عن علي بن عابس في فضل علي رضي الله عنه. وهو إبراهيم بن محمد نفسه كما حققه الحافظ في " اللسان "، وقال: " ونقلت من خط شيخنا أبي الفضل (يعني العراقي) الحافظ أن هذا الرجل ليس بثقة ". قلت: وهذا معناه: أن حديثه ضعيف جدا، فالعجب من الحافظ كيف حسن إسناده وهذه حاله، وشيخه سعيد بن حكيم في حكم المجهولين. والله أعلم. وأما مسلم بن حبيب؛ فقد تبين لي أن سبب عدم معرفة الهيثمي إياه أنه وقع في اسمه تحريف، فقد جاء في ترجمة سعيد من " الثقات ": " حبيب بن سليم "، وفي نسخة كما أفاد محققه: " سليمان " مكان " سليم "، وفاته أن هذا هو الصواب، وقد ذكره ابن حبان أيضا في " أتباع التابعين " (6/182) ، فقال: " حبيب بن سليم العبسي من أهل الكوفة، روى عن بلال بن يحيى. روى عنه عبيد الله بن موسى وأبو نعيم ". وعلق المحقق، فقال: " ومثله في " التاريخ الكبير "، ووقع في الأصل: - سليمان - مصحفا ". قلت: وكذلك هو في " الجرح والتعديل " و" التهذيب " وغيره، وهو من رجال ابن ماجه والترمذي، وحسن له، وقال الحافظ فيه: " مقبول ". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف جدا، وأن تحسينه زلة عالم، ولا سيما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 وقد ذكر ابن كثير في " تفسيره " (3/325 - 326) عن أبي بكر البزار أنه قال عقب الحديث: " لا نعرفه يروى إلا من حديث حذيفة ". ومع ذلك كله أورده الرفاعي في " مختصره " (3/194) الذي زعم في مقدمته أنه التزم أن لا يذكر فيه إلا الصحيح من الحديث! ومن جهله بهذا العلم ورجاله أنه اختصر قول ابن كثير: " وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا ... إلخ بقوله: " روى أبو بكر عن حذيفة ". فعمى على القراء مخرجه، لأن المشهور في المصنفين بكنية أبي بكر إنما هو ابن أبي شيبة: عبد الله بن محمد صاحب " المصنف "، فكان عليه أن يقول: " البزار ". رحمه الله وغفر لنا وله. 2165 - " علي عيبة علمي ". موضوع رواه ابن عدي (204/2) ، وعنه ابن عساكر (12/161/1) عن ضرار بن صرد: نا يحيى بن عيسى بن يحيى الرملي عن الأعمش عن عباية عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند تالف، ضرار هذا شيعي، قال البخاري والنسائي: " متروك ". وكذبه ابن معين. ومع ذلك أورد حديثه هذا السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي هذه! الحديث: 2165 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 2166 - " إذا تزوج أحدكم، ودخل على أهله، فليضع يده على رأسها، وليقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقني منها، وارزقها مني، واجمع بيننا ما جمعت من خير، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير ". موضوع رواه الرئيس الثقفي في " الفوائد " (10/7/1) عن مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار المؤذن: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا الأعمش عن شقيق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، وآفته الصفار هذا، فإن رجاله كلهم ثقات غيره. قال الدارقطني: " متروك "؛ كما في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث من طريق الثقفي. وقال في " تلخيص المستدرك " عقب حديث في مناقب فاطمة من روايته: " هذا من وضع مسلم بن عيسى ". وسيأتي تخريجه في المجلد الحادي عشر برقم (5027) . الحديث: 2166 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 2167 - " لا وضوء لمن لم يصل علي ". منكر رواه ابن أبي عاصم في " الصلاة على النبي " صلى الله عليه وسلم (61/80) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (6/147/5697) ، وابن حجر في " نتائج الأفكار " (54/1) من طريقين عن عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره، ثم قال ابن حجر: الحديث: 2167 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 " هذا حديث غريب، ولفظ المتن أغرب، وأخرجه الطبراني، وعبد المهيمن ضعيف، والمحفوظ عنه بهذا الإسناد: " لا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ". أخرجه ابن ماجه، وأخرجه الطبراني عن أبي بن العباس، وهو أخوعبد المهيمن ". قلت: وبنحوه رواه الروياني في " مسنده " (200/2) من طريق محمد بن عمر: نا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة عن عباس بن سهل به، وزاد: " ولا صلاة لمن لم يصل على نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار ". وهذا إسناد واه بمرة. محمد بن عمر؛ الواقدي. وشيخه عبد الحكيم روى عنه ابن المبارك وغيره من الثقات، ووثقه أبو حاتم وغيره كما بينت في كتابي " تيسير الانتفاع "، وخفي حاله على بعض الحفاظ، فقال العقيلي (3/103) : " لا يعرف إلا بالواقدي "! وأقره الذهبي في " الميزان "! وقال: " صويلح، قال الدارقطني: مقل؛ يعتبر به "! قلت: وهذه الترجمة لم ترد في " لسان الحافظ "، وهي على شرطه. وبالجملة، فآفة هذه الطريق الواقدي. وأما ما عزاه الحافظ لابن ماجه والطبراني، فهو محفوظ - كما قال - لشواهده، وقد حسنته في " الإرواء " (1/122/81) وغيره، لكن صنيع الحافظ يشعر بأنه ليس عندهما حديث الترجمة، والواقع خلافه فهو عندهما بعد الفقرة الثانية، برقم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 (400) عند ابن ماجه، و (5699) عند الطبراني. وكذلك رواه الحاكم ( 1/269) ، وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: عبد المهيمن واه ". 2168 - " لا يلغ أحدكم كما يلغ الكلب، ولا يشرب باليد الواحدة كما يشرب القوم الذين سخط الله عليهم، ولا يشرب بالليل في إناء حتى يحركه إلا أن يكون إناء مخمرا، ومن شرب بيده وهو يقدر على إناء يريد التواضع؛ كتب الله له بعدد أصابعه حسنات، وهو إناء عيسى ابن مريم عليهما السلام، إذ طرح القدح، فقال: أف، هذا مع الدنيا ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (3431) من طريق بقية عن مسلم بن عبد الله عن زياد بن عبد الله عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب على بطوننا - وهو الكرع - ونهانا أن نغترف باليد الواحدة؛ وقال:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف. قال السندي: " وفي الزوائد: في إسناده بقية، وهو مدلس، وقد عنعنه. وقال الدميري: هذا حديث منكر، وزياد بن عبد الله المذكور لا يكاد يعرف ". الحديث: 2168 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 2169 - " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل، فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله، فقال لهم: " ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين " ". الحديث: 2169 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 ضعيف. رواه أحمد (3/390 - 391) ، وابن أبي الدنيا في " حسن الظن بالله " (1/183/1 ) عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. وابن أبي ليلى، واسمه محمد بن عبد الرحمن؛ ضعيف. والجملة الأولى منه صحيحة، أخرجها مسلم (8/165) ، وأحمد، وغيرهما من طريقين - أحدهما عن أبي الزبير - عن جابر. وصرح بسماعه منه في رواية لأحمد ( 3/334) ، وسنده صحيح على شرطهما. 2170 - " من اقتصد أغناه الله، ومن بذر أفقره الله، ومن تواضع رفعه الله، ومن تجبر قصمه الله) . ضعيف أخرجه البزار في " كشف الأستار " (4/232 - 233) ، ومن طريقه الأصبهاني في " الترغيب " (66/2) : حدثنا عمران بن هارون البصري - وكان شيخا مستورا، وكان عنده هذا الحديث وحده، وكان الناس ينتابونه في هذا الحديث، وكانوا يكتبون عنه قبل أن نولد - قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي: حدثنا محمد بن طلحة ابن يحيى بن طلحة عن أبيه عن جده عن طلحة بن عبيد الله، قال: تمشى معنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو صائم، فأجهده الصوم، فحلبنا له ناقة لنا في قعب، وصببنا عليه عسلا؛ نكرم به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فطره، فلما غابت الشمس ناولناه القعب، فلما ذاقه، قال بيده، كأنه يقول: ما هذا؟ قلنا: لبنا وعسلا، أردنا أن نكرمك به، أحسبه قال: " أكرمك الله بما أكرمتني "، أودعوة هذا معناها، ثم قال:.. فذكره. وقال: الحديث: 2170 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 لم نسمعه إلا من عمران ". قال الحافظ في " مختصره " (ص 324/ المصورة) : " وعمران وشيخه مجهولان ". وكذا قال الذهبي في " الميزان ". قلت: وغفلا عن شيخ الشيخ (محمد بن طلحة بن يحيى) ، فإنه مجهول أيضا لا يعرف إلا بهذه الرواية، وقد أورده الحافظ في " تهذيبه " تمييزا، وقال: " وعنه عبد الله بن محمد القرشي، قال ابن القطان: لا يعرف حاله ". وكذا قال في " التقريب "، فهو مجهول العين كما هو ظاهر، وقد أشار الهيثمي إلى جهالة هؤلاء الثلاثة إشارة لطيفة، فقال (10/253) : " رواه البزار، وفيه ممن أعرفه اثنان "! يعني طلحة بن يحيى وأباه. (تنبيه) : سقط هذا الحديث من مطبوعة " مختصر الزوائد " مع نحوخمسة أحاديث أخرى، محلها فيها عقب الحديث (2294) ، وهو في " البحر الزخار " (3/160 - 161) . 2171 - " أمرت بحب أربعة من أصحابي، وأخبرني الله تعالى أنه يحبهم. قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: علي، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي ". ضعيف أخرجه أحمد (5/356) ، وفي " الفضائل " (2/689/1172) ، والروياني في " مسنده " (4/2) عن شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2171 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 قلت: وهذا إسناد ضعيف. أبو ربيعة؛ اسمه عمر بن ربيعة، قال أبو حاتم: " منكر الحديث ". وشريك، وهو ابن عبد الله القاضي؛ ضعيف سيىء الحفظ. 2172 - " إنما الخاتم لهذه وهذه. يعني الخنصر والبنصر ". ضعيف جدا أخرجه الروياني في " مسنده " (23/106/1) عن الحسن بن ندبة عن محمد بن عبيد الله عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى قال: " رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقلب خاتمي في السبابة والوسطى، فقال: .... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، محمد بن عبيد الله الظاهر أنه العرزمي، وهو متروك، والحسن بن ندبة لم أعرفه. والحديث قال الهيثمي (5/153) : " رواه الطبراني، وفيه محمد بن عبيد الله، فإن كان العرزمي؛ فهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات ". وقد عارضه حديث علي رضي الله عنه: " نهاني أن أتختم في هذه وهذه. يعني الخنصر والإبهام ". ولكنه شاذ لا يصح، والصحيح بلفظ: " هذه أوهذه، السبابة أوالوسطى "، هكذا على الشك رواه مسلم وغيره، كما سيأتي تحقيق ذلك كله برقم (5499) . وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم في خنصره. رواه البخاري (5874) وغيره. انظر " الإرواء " (3/298) . الحديث: 2172 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 2173 - " إن أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ومنع فضل الماء، ومنع الفحل ". ضعيف رواه البزار (1/71) عن صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " لا نعلم رفعه إلا بريدة، ولا رواه عن صالح إلا عمر ". قلت: عمر؛ هو ابن علي المقدمي، وهو ثقة من رجال الشيخين، لكنه كان يدلس تدليسا شديدا كما في " التقريب "، وهذا النوع من التدليس يعني أنه لوصرح المدلس بالتحديث فذلك مما لا يفيد الاتصال، فراجع ترجمته في " التهذيب "، إلا أن هذا ليس هو علة الحديث، وإنما هو صالح بن حيان، وبه أعله الهيثمي، فقال (1/105) . " رواه البزار، وفيه صالح بن حيان، وهو ضعيف، ولم يوثقه أحد ". قلت: ولذا جزم الحافظ بضعفه في " التقريب "، وقال الذهبي في " المغني ": " قال النسائي وغيره: متروك ". وإنما خرجت الحديث هنا من أجل النصف الثاني منه، وإلا فأوله معروف الصحة من حديث أبي بكرة وغيره، وهو مخرج في " غاية المرام " (257) . الحديث: 2173 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 2174 - " الكذب كله إثم؛ إلا ما نفع به مسلم، أودفع به عن دين ". ضعيف أخرجه الروياني (24/126/2) ، والبزار (2061 - كشف) عن الحديث: 2174 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن هبيرة بن عبد الرحمن الهمداني عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم. هبيرة بن عبد الرحمن الهمداني لم أعرفه. وعتبة بن حميد؛ هو أبو معاوية البصري؛ صدوق له أوهام، كما في " التقريب ". وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم؛ هو الأفريقي؛ ضعيف. ومثله رشدين بن سعد. والحديث بيض المناوي لإسناده فلم يتكلم عليه بشيء، وإنما قال: " رمز المؤلف لحسنه "! . ثم اغتر به وقلده، فقال في " التيسير ": " الروياني بإسناد حسن "! ! 2175 - " رأس الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولدينه، ولأئمة المسلمين، وللمسلمين عامة ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/2/10) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (1095 - بتحقيقي) ، والثقفي في " الثقفيات " (5/26/1 - نسخة السفرجلاني) ، والروياني في " مسنده " (135/1) ، والطبراني في " الأوسط " (1/106 - 107 - معارف) عن أيوب بن سويد: حدثني أمية الحديث: 2175 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 بن يزيد عن أبي مصبح الحمصي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف: أيوب بن سويد ضعيف، وقال البخاري عقبه: " يتكلمون فيه ". قال الذهبي في " الميزان " بعد أن حكى تضعيفه عن جمع من الأئمة: " والعجب من ابن حبان ذكره في " الثقات "، فلم يصنع جيدا، وقال: رديء الحفظ ". ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (1/87) ، وقال: " وهو ضعيف لا يحتج به ". و (أمية بن يزيد) وهو القرشي الشامي، قال البخاري: " قال يحيى بن حسان: هو أمية بن أبي عثمان - وذكر من فضله ". وأورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/302) ، وقال: " روى عن أبي المصبح ومكحول، روى عنه أيوب بن سويد وبقية بن الوليد وابن المبارك ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في " الثقات " (6/70) . والمحفوظ في هذا الحديث بلفظ: " إنما الدين النصيحة ... لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم ". أخرجه مسلم، وغيره كالروياني (262/2) عن تميم الداري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 2176 - " لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. يعني أهل الذمة ". باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة، وإنما يذكره بعض الفقهاء المتأخرين ممن لا دراية لهم في الحديث. قال الزيلعي في " نصب الراية، لأحاديث الهداية " (4/55) : " قال المصنف: وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث: فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم. قلت: لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، وهو في " كتاب الزكاة "، وحديث بريدة وهو في " كتاب السير "، وليس فيها ذلك ". وأقره الحافظ في " الدراية " (2/162) . قلت: وقد جاء ما يشهد ببطلان الحديث، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " ليس في أهل الذمة، وإنما في الذين أسلموا من أهل الكتاب والمشركين، كما جاء في حديث سلمان وغيره، رواه مسلم وغيره. وهو مخرج في " الإرواء " (1247) وغيره. وإن مما يؤكد بطلانه مخالفته لنصوص أخرى قطعية كقوله تعالى: " أفنجعل المسلمين كالمجرمين. ما لكم كيف تحكمون "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل مسلم بكافر "، وقوله: " للمسلم على المسلم خمس: إذا لقيته فسلم عليه ... " الحديث، وقوله: " لا تبدؤا اليهو د والنصارى بالسلام.. ". وكل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها. الحديث: 2176 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 ومن هنا يظهر جليا صدق عنوان كتابنا هذا في الأحاديث الضعيفة: " وأثرها السيئ في الأمة "، فطالما صرفت كثيرا منهم على مر الدهو ر والعصور عن دينهم، لا فرق في ذلك بين العقائد والأحكام والأخلاق والسلوك، وليس ذاك في العامة فقط، بل وفي بعض الخاصة، وها هو المثال بين يديك، فإن هذا الحديث الباطل، قد تلقاه بالقبول بعض الدعاة والكتاب الإسلاميين، وأشاعوه بين الشباب المسلم في كتاباتهم ومحاضراتهم، وبنوا عليه من الأحكام ما لم يقل به عالم من قبل! فهذا هو كاتبهم الكبير الشيخ محمد الغزالي يقول فيما سماه بـ " السنة النبوية.. " (ص 18) : " وقاعدة التعامل مع مخالفينا في الدين ومشاركينا في المجتمع: لهم ما لنا وعليهم ما علينا. فكيف يهدر دم قتيلهم؟ ! ". وهو تابع في ذلك للأستاذ حسن البنا رحمه الله، فهو الذي أشاعه بين شباب الأخوان وغيرهم، وهذا هو سيد قطب عفا الله عنه يقول مثله، ولكن بجرأة بالغة على تصحيح الباطل: " وهؤلاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا بنص الإسلام الصحيح "! ! كذا في كتابه " السلام العالمي " (ص 135 - طبع مكتبة وهبة الثانية) . وقد جرى على هذه الوتيرة من المخالفة للنصوص الصحيحة، اعتمادا على الأحاديث الضعيفة غير هؤلاء كثير من الكتاب المعاصرين، لجهلهم بالسنة، وتقليدهم لبعض الآراء المذهبية، ومن هؤلاء الأستاذ المودودي رحمه الله، وقد تقدم الرد عليه في تسويته بين المسلم والذمي في الحقوق العامة تحت الحديث المتقدم برقم (460) . وإن مما يحسن لفت النظر إليه أن الأحناف الذين تفردوا بهذا الحديث الباطل، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 لم يأخذوا به إلا في المبايعات كما تقدم ذكره عن كتابهم " الهداية "، خلافا لهؤلاء الكتاب الذي توسعوا في تطبيقه توسعا خالفوا به جميع العلماء. فاعتبروا يا أولي الألباب! بعد كتابة هذا أخبرني أحد الإخوان بأن هذا الحديث قد تقدم الكلام عليه برقم (1103) ، ولدى المقابلة وجدت هنا من الفوائد ما لم يذكر هناك، فبدا لي الإبقاء عليه وعدم حذفه. وبالله التوفيق. 2177 - " إن أخوف ما أخاف على أمتي الهو ى وطول الأمل، فأما الهو ى؛ فيصد عن الحق، وأما طول الأمل؛ فينسي الآخرة، وهذه الدنيا مرتحلة، وهذه الآخرة قادمة، ولكل واحدة منها بنون، فكونوا بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا، فإنكم اليوم في دار العمل، وأنتم غدا في دار جزاء ولا عمل ". ضعيف جدا أخرجه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (1/1/2) ، وأبو بكر الشافعي في " مجلسان " (2/1 - 2) ، وعبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري في " الأحاديث المائة " (1/21/2) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/328) كلهم من طرق عن علي بن علي اللهبي قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا، اللهبي هذا؛ قال في " الميزان ": " له مناكير. قاله أحمد، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك، وقال ابن معين : ليس بشيء ". الحديث: 2177 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 وأورده الدارقطني في " الضعفاء والمتروكين " (ص 134/408) . وذكر المناوي عن العراقي أنه قال: " سنده ضعيف ". وذكر أن الحاكم رواه أيضا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لابن عساكر والديلمي عن جابر بتمامه، وعزى الجملة الأولى منه لابن عدي. وعزاه في " أخوف ما ... " منه لابن النجار عنه، ولابن عساكر عن علي موقوفا، وقال: " وفيه يحيى بن مسلمة بن قعنب، قال العقيلي: حدث بالمناكير ". وذكره مختصرا عن علي مرفوعا بلفظ: " إن أشد ما أتخوف عليكم.. "، وقال: " رواه ابن النجار ". وفاته أنه رواه من هو أعلى وأشهر منه، وهو ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (1/1/2) من طريق محمد بن الحسن الأزدي: حدثني اليمان بن حذيفة عن علي بن أبي حنظلة مولى علي بن أبي طالب عن أبيه عن على بن أبي طالب مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: 1 - علي بن أبي حنظلة؛ وأبو هـ لم أجد لهما ترجمة، وقال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/329) : " ليسا بمعروفين ". 2 - اليمان بن حذيفة؛ ذكره الدارقطني في " الضعفاء والمتروكين " (182/608) ، وذكر أنه بصري. وقال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 " وقيل: يمان أبو حذيفة ". وقال الذهبي في " الميزان ": قلت: هو ابن المغيرة، وسيأتي، وقد اختلف في أبيه ". ثم قال: " يمان بن المغيرة أبو حذيفة العنزي عن عبد الكريم أبي أمية، وعنه حجاج بن نصير، قال البخاري: منكر الحديث. وقال يحيى: ليس حديثه بشيء ". قلت: وهذا من رجال " التهذيب "، وقال في " التقريب ": " ضعيف ". ولم يتعرض لذكر الذي قبله، وقد فرق بينهما الدارقطني، فذكره قبل المترجم، والله أعلم. 3 - محمد بن الحسن الأزدي، ويقال الأسدي؛ صدوق فيه لين؛ كما في " التقريب ". والحديث هذا قد أخرجه ابن الجوزي أيضا في " العلل " من طريق ابن أبي الدنيا بسنده المذكور، لكن بتمامه كحديث الترجمة، وقال في كل منهما: " لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ثم تكلم عليهما بنحوما ذكرنا. هذا، وقد روي حديث علي الموقوف من غير طريق ابن قعنب، أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (86/255) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (13/281) ، وأحمد في " الزهد " (ص 130) ، وابن أبي الدنيا أيضا في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 " قصر الأمل "، وأبو نعيم في الحلية " (1/76) من طريق مهاجر العامري، قال: قال علي بن أبي طالب به. وعلق بعضه البخاري في " صحيحه " (81 - الرقائق /4 - باب الأمل) ، وقال الحافظ في " الفتح " (11/236) : " ومهاجر العامري ما عرفت حاله ". قلت: هو معروف، وقد نسبه أبو نعيم في روايته فقال: " مهاجر بن عمير "، ومن المحتمل أن يكون هو الذي في " التاريخ الكبير " (4/1/382) و" الجرح والتعديل " (4/1/261) : " مهاجر بن عميرة، روى عن علي، روى عنه عدي بن ثابت الأنصاري ". وكذا ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " (5/428) ، وساق له أثرا آخر عن علي في ضرب الشارب وإيجاعه. ويحتمل احتمالا كبيرا أن يكون هو الذي في " التاريخ " أيضا (4/1/381) : " مهاجر بن شماس العامري عن عمه. روى عنه فضيل بن غزوان ". وهذا ذكره ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " (9/179) . وقد جزم بأنه هو ابن أبي حاتم، وأنا أنقل كلامه لما فيه من الفائدة العزيزة التي خفيت على الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقال بعد ترجمة ابن عميرة بثلاث تراجم: " مهاجر بن شماس، وهو مهاجر العامري، كوفي، روى عن عمه، روى عنه فضيل بن غزوان، ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: مهاجر العامري ثقة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 قلت: وعلى هذا، فإسناد ابن أبي شيبة وغيره ثقات، فهو صحيح إن كان العامري سمعه من علي، لكن قوله فيه: " قال: قال علي " صورته صورة المرسل، ويؤيده إيراد ابن حبان للعامري في أتباع التابعين. والله أعلم. وبالجملة؛ فالحديث لا يصح، لا مرفوعا، ولا موقوفا. (تنبيه) : قال الماوردي في " الأمثال " (104) : " روى اليماني عن حذيفة عن علي بن أبي حفصة عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ... "، فذكر الحديث مرفوعا. فخرجه محققه الدكتور فؤاد باختصار نقلا عن غيره، كما هي عادته من حديث علي وجابر، من " كنز العمال "، ثم قال: قال العراقي في " المغني ": " وكلاهما ضعيف ". ولم يتكلم على الخطأ الذي وقع في اسم الراوي عن علي بن أبي حفصة في " الأمثال " كما رأيت: " اليماني عن حذيفة "! والصواب: " اليمان بن حذيفة " كما تقدم في تخريجنا، وهذا إنما يدل على أن الدكتور ليس له فيه من التحقيق الذي نسبه لنفسه إلا الاسم! والأدلة على هذا كثيرة، وقد ذكر بعضها في غير موضع، وانظر مثلا الحديث (1226) . 2178 - " " إدبار النجوم ": الركعتان قبل الفجر، و" إدبار السجود ": الركعتان بعد المغرب ". ضعيف. أخرجه الترمذي (2/222) عن محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن الحديث: 2178 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 فضيل عن رشدين بن كريب. وسألت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) عن محمد ورشدين بن كريب أيهما أوثق؟ قال: ما أقربهما! ومحمد عندي أرجح، وسألت عبد الله بن عبد الرحمن ( يعني الدارمي) عن هذا؟ فقال: ما أقربهما عندي، ورشدين بن كريب أرجحهما عندي. والقول عندي ما قال أبو محمد (يعني الدارمي) عن هذا؟ فقال: ما أقربهما عندي، ورشدين بن كريب أرجحهما عندي. والقول عندي ما قال أبو محمد ( يعني الدارمي) ، ورشدين أرجح من محمد وأقدم، وقد أدرك رشدين ابن عباس ورآه ". قلت: والصواب عندي الذي لا شك فيه عندنا أن الأرجح محمد بن فضيل، كيف لا وهو قد احتج به الشيخان وغيرهما، وأما رشدين فمتفق على تضعيفه. وبعد كتابة هذا تبينت أن المفاضلة المذكورة ليست بين محمد بن فضيل ورشدين، وإنما هي بين محمد بن كريب وأخيه رشدين، وعليه فصواب العبارة: " ... عن محمد ورشدين ابني - بالتثنية - كريب ". ثم إن الحديث قد رواه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 29) عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي، وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موقوفا عليهم، فالظاهر أن رشدين وهم في رفعه، فالصواب الوقف. والله أعلم. 2179 - " ادفنوا دماءكم، وأشعاركم، وأظفاركم، لا تلعب بها السحرة ". موضوع رواه الديلمي (1/1/19) عن الحسن بن الحسين بن دوما: حدثنا أبو سعيد بن رميح : حدثنا محمد بن عقيل: حدثني إبراهيم بن محمد بن الحسين: حدثنا أبي: حدثنا عيسى بن موسى عن الحسن بن دينار عن مقاتل بن حيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قال الحافظ في " مختصره ": الحديث: 2179 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 " قلت: الحسن بن دينار وابن رميح وابن دوما "! قلت: كذا في الأصل، وكذا هو في نسخة " مختصر الديلمي " التي هي بخط الحافظ، ويكثر مثل هذا البياض فيه، وكأنه كان لا يستحضر بدقة حالة هؤلاء الرواة، فيبيض لهم إلى أن يراجع، ثم عاجلته المنية، فلم يتمكن من ذلك. والإسناد واه بمرة، فإن الحسن بن دينار؛ كذبه أحمد ويحيى وأبو خيثمة وغيرهم. وابن دوما؛ اتهمه الخطيب بتزوير سماعه، فقال في ترجمته (7/300) : " كتبنا عنه، وكان كثير السماع، إلا أنه أفسد أمره بأن ألحق لنفسه السماع في أشياء لم تكن سماعه ". وشيخه ابن رميح؛ لم أجد له ترجمة، وقد ذكره الخطيب في شيوخ ابن دوما. 2180 - " ادفنه، لا يبحث عنه كلب. يعني دم الحجامة ". ضعيف رواه ابن سعد (1/448) : أخبرنا محمد بن مقاتل، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا الأوزاعي عن هارون بن رئاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم، ثم قال لرجل:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله؛ بل إعضاله، فإن هارون بن رئاب قد اختلف في سماعه من أنس، فإذا لم يثبت سماعه منه ترجح الإعضال، لأن أنسا متأخر الوفاة كما هو معروف، فإذا لم يسمع منه، فلأن لا يصح له السماع من غيره أولى. ومحمد بن مقاتل؛ هو المروزي، وهو ثقة، وكذلك من فوقه. الحديث: 2180 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 2181 - " ادفنوا الأظفار والدم والشعر، فإنه ميتة ". موضوع رواه ابن الجوزي في " التحقيق في مسائل التعليق " (1/17/1) من طريق ابن عدي، وهذا في " الكامل " (219/1) بسنده عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثني أبي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال ابن الجوزي: " قال ابن عدي: لعبد الله بن عبد العزيز أحاديث لم يتابع عليها. قال أبو حاتم الرازي: أحاديثه منكرة، وليس محله الصدق عندي، وقال علي بن الحسين بن الجنيد: لا يساوي فلسا، يحدث بأحاديث كذب ". الحديث: 2181 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 2182 - " أدمان في إناء! لا أكله ولا أحرمه ". ضعيف رواه الحاكم (4/122) ، والضياء في " المختارة " (131/2) عن عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب: حدثنا عمي صالح بن عبد الكبير بن شعيب : حدثني عبد السلام بن شعيب عن أبيه عن أنس قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقعب أوقدح فيه لبن وعسل، فقال: فذكره. وقال الضياء: " سئل البخاري عنه فأنكره ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل منكر، ولم أر فيهم مجروحا ". الحديث: 2182 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 قلت: لكن يكفي أن يكون فيهم من يجهل، وهو صالح بن عبد الكبير، فقد قال الذهبي نفسه في " الميزان ": " ما علمت له راويا غير ابن أخيه عبد القدوس بن محمد ". قلت: ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". 2183 - " إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم، كما يحب أن تعدلوا بين أنفسكم ". ضعيف جدا رواه الدارقطني في " السنن " (ص 306) عن جابر عن الشعبي عن النعمان: " أن أمه أرادت أباه بشيرا على أن يعطي النعمان ابنه حائطا من نخل، ففعل، فقال: من أشهد لك؟ فقالت: النبي صلى الله عليه وسلم. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ولد غيره؟ قال : نعم، قال: فأعطيتهم كما أعطيته؟ قال: لا، قال: ليس مثلي يشهد على هذا، إن الله تعالى ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، جابر - وهو ابن يزيد الجعفي - متروك. وروي بلفظ: " اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يساووا بينكم في البر ". رواه تمام في " الفوائد " (46/2) عن آدم بن أبي إياس: حدثنا ورقاء عن جابر عن الشعبي، وورقاء عن المغيرة عن الشعبي، وورقاء عن حصين عن الشعبي، وشعبة عن مجالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير أنه كان يقول: الحديث: 2183 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 أراد أبي أن ينحلني شيئا، ويشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني لا أشهد عليه إذا، ثم قال:.. فذكره. فلينظر لمن هذا اللفظ من بين هذه الطرق الثلاث عن الشعبي، جابر أوالمغيرة أو مجالد، وجابر قد عرفت حاله، ومجالد، وهو ابن سعيد؛ ليس بالقوي، وأما المغيرة؛ وهو ابن مقسم الضبي؛ فهو ثقة من رجال الشيخين، ولكنه مدلس، فالطرق هذه معلولة. وأما الطريق الرابع: (ورقاء عن حصين) فهو غريب، ففي الرواة ثلاثة (حصين) كلاهم يروون عن الشعبي، أحدهم ثقة، وهو ابن عبد الرحمن السلمي، والآخران مجهولان، ومع ذلك لم يذكروا (ورقاء) في الرواة عن أحدهم! وعلى كل حال، فالحديث عند الشيخين من طرق عن الشعبي بألفاظ متقاربة، ليس في شيء منها قوله: " كما يحب أن ... "، أو" كما تحبون أن ... ". والله أعلم. 2184 - " إن الأذان سهل سمح، فإن كان أذانك سهلا، وإلا فلا تؤذن ". ضعيف جدا أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (325/2) ، وابن حبان في " الضعفاء " (1/137 ) ، والدارقطني (197) عن إسحاق بن أبي يحيى الكعبي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الكعبي هذا؛ قال الذهبي: الحديث: 2184 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 " هالك، يأتي بالمناكير عن الأثبات ... ومن مناكيره عن ابن جريج ... ". فذكر هذا الحديث. وقال ابن حبان عقبه: " ليس لهذا الحديث أصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ". 2185 - " [أدبني] ربي، ونشأت في بني سعد ". ضعيف رواه الجرجاني (147) عن الحسن بن يحيى بن نصر بـ (طوس) : حدثنا العباس بن عيسى العقيلي قال: حدثني محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب الزبيري: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن الزهري عن أبيه عن جده، قال: قال رجل من بني سليل: يا رسول الله أيدالك الرجل امرأته؟ قال: " نعم إذا كان ملفجا "، فقال له أبو بكر: يا رسول الله ما قال لك، وما قلت له؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه قال: أيماطل الرجل أهله؟ فقلت له: نعم؛ إذا كان مفلسا "، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لقد طفت في العرب، وسمعت فصحاءهم، فما سمعت أفصح منك، فمن أدبك؟ قال: " ربي ... " الحديث. أورده في ترجمة الحسن بن يحيى هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا؛ إلا وصفه بأنه كان من أهل السنة، ومن فوقه لم أعرف أحدا منهم سوى الزبيري، وهو صدوق مترجم في " التهذيب "، ومن طريق شيخه أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " كما في " الجامع الكبير " (1/29/1) للسيوطي، ونقل عنه المناوي أنه قال: " سنده ضعيف ". الحديث: 2185 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 وروي بلفظ " أدبني ربي وأحسن تأديبي ". ولا يعرف له إسناد ثابت، لكن المعنى صحيح، كما قال ابن تيمية في " المجموع " (18/375) . 2186 - " من أكل كراء بيوت مكة؛ أكل نارا ". ضعيف أخرجه الدارقطني (289) عن محمد بن أبي السري: نا المعتمر بن سليمان عن ابن إسرائيل عن عبيد الله بن أبي زياد عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو- رفع الحديث - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبيد الله بن أبي زياد، وهو القداح، ومحمد بن أبي السري، وهو ابن المتوكل؛ ضعيفان. وابن إسرائيل؛ لم أعرفه. ثم بدا لي أنه لعل الصواب (أبي إسرائيل) تحرف لفظ (أبي) إلى (ابن) على الناسخ أوالطابع، فإن كان الأمر كذلك، فهذه علة أخرى في هذا الإسناد، فإن أبا إسرائيل - واسمه إسماعيل بن خليفة - قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ ". ثم ذكر أنه من الطبقة السابعة. قلت: وهذا مما يساعد على تقبل الاحتمال الذي ذكرته، فإن عبيد الله بن أبي زياد من الطبقة الخامسة، والمعتمر بن سليمان من الطبقة التاسعة، فأبو إسرائيل بينهما بإمكانه أن يروي عن عبيد الله، وأن يروي عنه المعتمر. فهذا محتمل، والله تعالى أعلم. وقد تابعه أبو حنيفة عن عبيد الله بلفظ آخر سيأتي برقم (4836) . الحديث: 2186 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 وقد روي من طرق أخرى عن عبيد الله موقوفا، فالظاهر أنه كان يضطرب فيه، فتارة يرفعه، وتارة يوقفه، فلا يصح لا مرفوعا ولا موقوفا، لا سيما وفي " الصحيح " ما يخالفه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " وهل ترك لنا عقيل من رباع أودار؟ ". متفق عليه، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم (1754) ، وترجم له البخاري بقوله: " باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها ". فراجع له " فتح الباري " (3/450 - 451) . 2187 - " من مات في هذا الوجه من حاج أومعتمر، لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له ادخل الجنة ". منكر رواه الدارقطني (288) عن محمد بن الحسن الهمداني: نا عائذ المكتب عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الهمداني هذا؛ قال النسائي: " متروك "، وضعفه غيره. لكنه قد توبع، فالعلة من شيخه. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (8/79/4608) ، والعقيلي في " الضعفاء " (3/310 ) ، وابن عدي في " الكامل " (5/354) من طرق أخرى عن عائذ بن نسير به، وقال العقيلي في (عائذ) هذا: " منكر الحديث، قال ابن معين: ليس به بأس، ولكن روى أحاديث مناكير ". وساق له ابن عدي أحاديث أخرى، وقال: الحديث: 2187 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 " هذه الأحاديث غير محفوظة ". تنبيه: (نسير) بالنون مصغرا، هكذا قيد في " التبصير "، وكذلك هو في " الميزان " و" المغني ". ووقع في " الجرح " و" اللسان " (بشير) بالباء الموحدة من تحت. والله أعلم. 2188 - " أدخل رجل في قبره، فأتاه ملكان، فقالا له: إنا ضاربوك ضربة، فقال لهما: على ما تضرباني؟ فضرباه ضربة امتلأ قبره منها نارا، فتركاه حتى أفاق، وذهب عنه الرعب، فقال لهما: على ما ضربتماني؟ فقالا: إنك صليت صلاة وأنت على غير طهور، ومررت برجل مظلوم ولم تنصره ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 13610) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: نا أيوب بن نهيك، قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أيوب بن نهيك، ويحيى بن عبد الله البابلتي؛ كلاهما ضعيف. وأعله الهيثمي في " المجمع " (10/198) بالبابلتي وحده! مع أنه خير من أيوب كما يشعر بذلك صنيع الحافظ في " اللسان "، وقد ذكر لهما حديثا آخر عن ابن عمر ، فقال في ترجمة أيوب: " ويحيى ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا ". لكن للحديث شاهد بلفظ أتم منه في " الصحيحة " (2774) ، وأشرت هناك إلى هذا. الحديث: 2188 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 2189 - " والذي بعثني بالحق، لوقرأها موقن على جبل لزال يعني آية: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " ". ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2/163/673) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/255 - 256) ، قال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي بحديث حدثنا به خالد بن إبراهيم أبو محمد المؤذن قال: حدثنا سلام بن رزين - قاضي أنطاكية - قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال: بينما أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرقات المدينة، إذا برجل قد صرع ، فدنوت منه، فقرأت في أذنه، فاستوى جالسا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ماذا قرأت في أذنه يا ابن أم عبد؟ ! " " فقلت: فداك أبي وأمي، قرأت: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. أورده العقيلي في ترجمة (سلام) هذا، وقال عقبه: " [قال عبد الله:] قال أبي: هذا الحديث موضوع، هذا حديث الكذابين ". قلت: كأنه يتهم به (سلاما) هذا. والراوي عنه (خالد بن إبراهيم أبو محمد المؤذن) لم أجد له ترجمة، وكأن العقيلي يعرفه، ولذلك ذكر الحديث في ترجمة (سلام) ، وتبعه على ذلك الذهبي في " الميزان "، والحافظ في " اللسان "، وأقروا الإمام أحمد على حكمه على الحديث بالوضع، ولخص الذهبي كلامه في ترجمة (سلام) من " المغني "، فقال: " لا يعرف، وحديثه كذب "! الحديث: 2189 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 وهذا عجيب منهم، أما الإمام أحمد، فيمكن أن يكون عذره أنه لم يطلع على طريقه الأخرى السالمة من الضعف الشديد، بخلاف الحفاظ المذكورين الذين جاؤوا من بعدهم ؛ كيف لم يتعقبوه بالطريق الأخرى عن ابن مسعود، كما فعل السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (1/247) ، فإنه تعقبه بما عند أبي يعلى في " مسنده " (8/458/5045) - ومن طريقه ابن السني في " عمله " (203/625) - قال: حدثنا داود بن رشيد : حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش الصنعاني عن عبد الله: أنه قرأ في أذن مبتلى، فأفاق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما قرأت في أذنه؟ ". قال: الحديث مثله (1) . وقال السيوطي عقبه: " وهذا الإسناد رجاله رجال الصحيح؛ سوى ابن لهيعة وحنش، وحديثهما حسن ". وكذا قال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/294) ، وأورده في " الفصل الثاني " الذي خصه بما تعقب فيه ابن الجوزي. وفيما قالاه في ابن لهيعة وحنش نظر، خالفهما في أحدهما الهيثمي بقوله في " مجمع الزوائد " (5/115) : " رواه أبو يعلى، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح ".   (1) وهكذا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/7) من طريق أخرى عن داود به. اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 قلت: فأشار إلى أن (حنشا) من رجال (الصحيح) أيضا، وهو الصواب، وهو ثقة أيضا. وأما قولهم في (ابن لهيعة) أن حديثه حسن. فهو تساهل، اللهم إلا فيما رواه عنه أحد العبادلة، فهو كذلك أوأعلى، وقد رواه عنه أحدهم، لكنه أرسله كما يأتي بيانه. وقد فاتهم التنبيه على أن (الوليد بن مسلم) وإن كان من رجال ( الصحيح) فإنه كان يدلس تدليس التسوية. لكنه قد توبع، فقال ابن أبي حاتم في " التفسير " (7/4/2 - آخر سورة المؤمنون) : حدثنا بحر بن نصر الخولاني: حدثنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن حنش بن عبد الله: أن رجلا مصابا مر به على ابن مسعود، فقرأ في أذنه.. الحديث. وهكذا عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم لكن وقع تحريف في أكثر من موضع في إسناده. وأخرجه الخطيب في " التاريخ " (12/312 - 313) من طريق أبي عمروعفيف بن سالم ، والبغوي في " تفسيره " (5/432) من طريق بشر بن عمر قالا: أخبرنا ابن لهيعة به. قلت: ويلاحظ القراء معي أن هؤلاء الثلاثة: (ابن وهب) و (عفيف) و (بشر) ، وثلاثتهم ثقات، بل والأول حديثه عن ابن لهيعة صحيح - قالوا: " عن حنش بن عبد الله أن رجلا.. "، فأرسلوه، بخلاف الوليد بن مسلم، فإنه قال: " عن حنش عن عبد الله أنه قرأ.. "، فجعله من مسند ابن مسعود، وإن مما لا شك فيه أن الإرسال هو الصواب؛ لاتفاق الثلاثة عليه، وقد خلط السيوطي في تخريجه للحديث بين المرسل والمسند، فإنه ساق أولا رواية الوليد المسندة، ثم عطف عليها سائر الروايات التي خرجها، وفيها رواية ابن وهب وعفيف بن سالم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 المرسلتين، وخرج روايتين أخريين عطفهما أيضا على الرواية المسندة، ولا أدري حالهما، لأني لم أقف على إسنادهما، وغالب الظن أنهما مرسلتان أيضا لرواية بشر بن عمر التي لم يذكرها السيوطي. وبناء على هذا الخلط ساق الحديث في " الدر المنثور " (5/17 ) من مسند ابن مسعود معزوا لبن أبي حاتم وغيره ممن رواه مرسلا، فاقتضى التنبيه. والخلاصة؛ أن علة هذا الشاهد إنما هو الإرسال، وإسناده صحيح، فلا يجوز أن يحكم على الحديث بالوضع. والله أعلم. 2190 - " أد الزكاة المفروضة، فإنها طهرة تطهرك، وآت صلة الرحم، واعرف حق السائل ، والجار، والمسكين، وابن السبيل، ولا تبذر تبذيرا ". ضعيف أخرجه الحاكم (2/360) ، وأحمد (3/136) من طريق الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن رجلا قال: يا رسول الله، إني ذومال كثير، وذوأهل وولد، فكيف يجب لي أن أصنع أوأنفق؟ قال:.. " فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وأقول: كلا، فإن (سعيد بن أبي هلال عن أنس) ؛ منقطع؛ كما في " التهذيب " ؛ وكان مع ذلك قد اختلط، ولهذا قال ابن حزم في " الفصل في الملل والنحل " ( 2/95) : " ليس بالقوي، قد ذكره بالتخليط يحيى وأحمد بن حنبل ". الحديث: 2190 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 2191 - " إذا قرأ الرجل القرآن، وتفقه في الدين، ثم أتى باب السلطان تملقا إليه، وطمعا لما في يده؛ خاض بقدر خطاه في نار جهنم ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/70) عن أبي الشيخ تعليقا عن إبراهيم بن رستم عن أبي بكر الفلسطيني عن برد عن مكحول عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: الأولى: الانقطاع بين مكحول ومعاذ؛ فإنه لم يسمع منه. الثانية: أبو بكر الفلسطيني؛ لم أعرفه. الثالثة: إبراهيم بن رستم؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال ابن عدي: منكر الحديث ". الحديث: 2191 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 2192 - " أد ما افترضه الله عليك تكن أعبد الناس، وازهد فيما حرم الله عليك تكن أورع الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ". ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " (2/109 - 110) ، فقال: " سألت أبي عن حديث رواه موسى بن سهل الرملي عن محمد بن زياد المقدسي عن يوسف بن جوان - من أهل فلسطين - قال: خرجنا نريد العزف (1) ، فمررت بحمص فقيل لي: ههنا رجل يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته، فإذا هو أبو أمامة الباهلي، فسمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره) . قال أبي: هذا حديث باطل ".   (1) كذا الأصل، ولم يتبين لي معناه هنا. اهـ الحديث: 2192 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 قلت: وعلته يوسف هذا، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/2/220) من روايته عن أبي أمامة، وعنه محمد بن زياد، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومحمد بن زياد؛ قال في الكتاب المذكور (3/2/258) : " سألت أبي عنه؟ فقال: أدركته، ولم يقدر لي أن أكتب عنه، قلت: ما حاله؟ قال: صالح ". وموسى بن سهل الرملي؛ ثقة. والحديث أورده السيوطي في " الجامعين " من رواية ابن عدي عن ابن مسعود. قلت: وليس هذا من شرطه؛ فإنه موقوف، فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 5/220) في ترجمة (العلاء بن خالد الأسدي الكاهلي) عن أبي وائل عن عبد الله قال: فذكره موقوفا، ولذلك رواه هناد في " الزهد " (2/501/1032) ، وعنه الدارقطني في " العلل " (5/84 - 85/ س 729) ، والبيهقي في " الشعب " (1/218 - 219) كلهم من طريق قبيصة عن سفيان عن العلاء به. والدارقطني لما ذكره مرفوعا من طريقه لم يسنده، وعقب عليه بقوله: " ورفعه وهم، والصحيح من قول ابن مسعود ". وهكذا نقله عنه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/322) وأقره. ونقله عن ابن الجوزي المناوي في " الفيض "، ثم ذهل عن هذا في " التيسير "، فقال عطفا على رواية ابن عدي: " ورواه البيهقي، وإسناده ضعيف "! فأوهم أيضا أنه مرفوع! أما الضعف؛ فهو في (العلاء) هذا، لكن وثقه جمع، واحتج به مسلم، ووثقه الذهبي والعسقلاني، والله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 وقد جاء الحديث مرفوعا بلفظ الجملة الأخيرة، وبنحوما قبلها من حديث أبي هريرة، وفيه زيادة جيدة، وهو مخرج في " الصحيحة " (930) . 2193 - " إذا قرأ القارىء فأخطأ، أولحن، أوكان أعجميا؛ كتبه الملك كما أنزل ". ضعيف. رواه الديلمي (1/1/69) عن حمزة بن عمارة بن حمزة: حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حمزة هذا لم أعرفه، وهشيم، وهو ابن بشير؛ مدلس، وقد عنعنه، وأبو بشر؛ اسمه جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري، وهو معروف من رجال " التهذيب "، وليس بمجهول كما زعم المناوي. الحديث: 2193 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 2194 - " أدن العظم من فيك، فإنه أهنأ وأمرأ ". ضعيف أخرجه أبو داود (2/141 - التازية) ، وأحمد (3/401 و6/466) ، والحاكم ( 4/113) ، والطبراني في " الكبير " (رقم 7333) من طريق عبد الرحمن بن معاوية عن عثمان بن أبي سليمان عن صفوان بن أمية قال: " كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فآخذ اللحم من العظم، فقال: " فذكره. وقال أبو داود: " عثمان لم يسمع من صفوان ". قلت: ومع انقطاعه، ففيه ضعف عبد الرحمن بن معاوية، وهو ابن الحويرث؛ قال الحافظ: الحديث: 2194 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 " صدوق سيىء الحفظ ". وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال مالك: ليس بثقة. وقال ابن معين وغيره: لا يحتج به ". ثم غفل عن هذا كله من غفل، فقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! ! وللحديث طريق آخر، يرويه عبد الكريم أبو أمية عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: " زوجني أبي في إمارة عثمان، فدعا نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء صفوان بن أمية، وهو شيخ كبير، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " انهسوا اللحم نهسا، فإنه أهنأ وأمرأ، أوأشهى وأمرأ ". قال سفيان: الشك مني. أخرجه الترمذي (1/337) ، والدارمي (2/106) ، وأحمد (3/400 و6/464 - 465 ) ، وابن سعد (5/25) ، وابن عدي (252/2) من طريق سفيان بن عيينة عنه. وقال الترمذي: " لا نعرفه إلا من حديث عبد الكريم، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه - منهم أيوب السختياني - من قبل حفظه ". قلت: المعروف عن أيوب أنه اتهمه بالكذب، فقد روى مسلم في مقدمة " صحيحه " ( 1/16) بإسناده الصحيح عن معمر قال: " ما رأيت أيوب اغتاب أحدا قط إلا عبد الكريم - يعني أبا أمية - فإنه ذكره، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 فقال رحمه الله: كان غير ثقة، لقد سألني عن حديث لعكرمة، ثم قال: سمعت عكرمة! ". ولذلك قال الذهبي في " الضعفاء ": " كذبه أيوب السختياني، وضرب أحمد على حديثه، وهو يشبه المتروك، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث ". 2195 - " إذا ابتلي أحدكم بالقضاء بين المسلمين، فلا يقض وهو غضبان، وليسوبينهم في النظر والمجلس والإشارة، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين فوق الآخر ". ضعيف جدا أخرجه أبو يعلى في " المسند " (10/264/5867) و (12/356/6924) عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن أبي عبد الله عن عطاء بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عباد بن كثير، وهو البصري؛ قال الحافظ: " متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ". وشيخه أبو عبد الله؛ لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي روى عنه بكر بن سوادة المصري كما في " التهذيب "، وأما جزم المعلق على " نصب الراية " (4/74) بذلك فلا أجد ما يرجحه، فإن ثبت؛ فهو مجهول كما قال الذهبي والعسقلاني، وقد سماه الطبراني في رواية له (23/284/620) : (سالم أبي عبد الله) . وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذا منها، لكنه توبع. وقال الهيثمي (4/197) : الحديث: 2195 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 " رواه أبو يعلى والطبراني في " الكبير " باختصار، وفيه عباد بن كثير الثقفي ، وهو ضعيف ". وأخرجه الدارقطني في " السنن " (4/205) ، والبيهقي (10/135) من طريقين آخرين عن عباد بن كثير به نحوه، وقال: " هذا إسناد فيه ضعف ". ثم وجدت للحديث طريقا أخرى، فقال ابن راهو يه في " مسنده " (208/1) : أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني أبو محمد المحرلى عن أبي بكر مولى بني تميم عن عطاء بن يسار به. وهذا إسناد مظلم، شيخ بقية أبو محمد المحرلى - كذا الأصل مهمل - لم أعرفه، وكذا شيخه أبو بكر التميمي مولاهم. وقول الزيلعي عقبه (4/74) : " وبهذا السند والمتن رواه الطبراني في (معجمه) "؛ وهم، فإنه إنما رواه (23/284 - 285/621 و622) من طريق عباد المذكور. وسكت الحافظ عن الحديث في " الدراية " (2/169) ، وأعله الهيثمي (4/197) بضعف عباد. 2196 - " إن الله تصدق بإفطار الصيام على مرضى أمتي ومسافريهم، أفيحب أحدكم أن يتصدق على أحد بصدقة ثم يظل يردها عليه؟ ! ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/226) عن الطبراني عن عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد عن إسماعيل بن رافع عن ابن عمر: " أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر؟ فقال: لن أفطر، وقال: إني الحديث: 2196 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 أقوى على الصوم! فقال:.. " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف: إسماعيل بن رافع، هو أبو رافع المدني؛ ضعيف. وأبو بكر بن محمد؛ مجهول؛ قاله عبد الحق في " الأحكام " كما في " اللسان " (6/349) . وقد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (7/122 - 123) : أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أبي بكر أبو غاضرة العنزي قال: بينما أنا في المسجد الحرام، إذ مر شيخ معمم بعمامة بيضاء يتوكأ على عصا أراها من عروق القثاء، فقال أهل المسجد: هذا أبو رافع المدني، فلحقته، فقلت له: يا أبا رافع، حدثني بعض أحاديثك التي تروي، فقال: قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره دون الشطر الثاني منه. فيبدو لي أن محمد بن أبي بكر هذا هو أبو بكر بن محمد في روايته الأولى، انقلب على بعض الرواة، ولا أدري أيهما الصواب، فإني لم أجد له ترجمة. نعم أورده الدولابي في " الكنى " (2/77 و78 - 79) ، وساق بإسناده عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد هذه القصة، لكن متن الحديث: " من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات "، ولم يذكر فيه شيئا من توثيق أو تجريج، فهو في عداد المجهولين. ورواه الفريابي في " الصيام " رقم (103) بسند جيد عن ابن عمر موقوفا مختصرا بنحوه. وفيه قصة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 2197 - " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم لمسلم مخرجا، فخلوا سبيله ، فإن الإمام أن يخطئ في العفوخير من أن يخطئ بالعقوبة ". ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي (1/267 - طبع بولاق) ، والدارقطني في " سننه " (ص 324) ، والحاكم (4/384 - 385) ، والخطيب (5/331) من طريق محمد بن ربيعة عن يزيد ابن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وقال الترمذي: " لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي، قال: ويزيد بن زياد الدمشقي يضعف في الحديث ". قلت: وهو متفق على تضعيفه، بل قال أبو حاتم: " كأن حديثه موضوع ". ومع ذلك، فقد كان رفيعا في الفقه والصلاح؛ كما قال ابن شاهين في " الثقات " عن وكيع. ومن ذلك تعلم أن قول الحاكم: " صحيح الإسناد "؛ ليس بصحيح، وقد رده الذهبي بقوله: " قلت: قال النسائي: يزيد بن زياد؛ شامي متروك ". وقد ساق له الذهبي في " ميزانه " حديثين قال في أحدهما: " سئل أبو حاتم عن هذا الحديث؟ فقال: باطل موضوع ". ثم إن الحديث اضطرب فيه يزيد، فرواه تارة مرفوعا كما في هذه الرواية، وتارة موقوفا. رواه الترمذي من طريق وكيع عنه نحوه، ولم يرفعه، وقال: الحديث: 2197 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 " ورواية وكيع أصح، وقد روي نحوهذا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا مثل ذلك ". قال المناوي في " الفيض ": " قال الذهبي رحمه الله: وأجود ما في الباب خبر البيهقي: " ادرءوا الحد والقتل عن المسلمين ما استطعتم ". قال: " هذا موصول جيد ". قلت: هو عند البيهقي في " السنن " (8/238) بسند حسن عن ابن مسعود موقوفا عليه. 2198 - " أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن المجن. وكان يقوم دينارا ". ضعيف رواه الطحاوي في " شرح المعاني " (2/93) ، والطبراني (1/266/849) عن معاوية بن هشام عن سفيان عن منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، لكن معاوية بن هشام كثير الغلط؛ كما قال الإمام أحمد، وقال الحافظ: " صدوق له أوهام ". ومن طريقه أخرجه النسائي (2/259) ، إلا أنه قال: عن مجاهد عن عطاء ... ولفظه: عن أيمن قال: " لم يقطع النبي صلى الله عليه وسلم السارق إلا في ثمن المجن، وثمن المجن يومئذ دينار ". وتابعه عنده عبد الرحمن ومحمد بن يوسف عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن أيمن قال:.. فذكره. وتابعه علي بن صالح والحسن بن حي عن منصور به. الحديث: 2198 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 وخالفهم شريك فقال: عن منصور به، إلا أنه قال: أيمن بن أم أيمن يرفعه؛ قال: " لا يقطع إلا في ثمن المجن، وثمنه يومئذ دينار ". وشريك سيىء الحفظ. ومن هذه الطرق يتبين أن معاوية بن هشام وشريكا أخطآ في هذا الحديث على أيمن الحبشي، فهو إنما حكى فيه الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فصيراه عنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤيده ما رواه الطبراني (850) من طريق محمد بن مصفى: حدثنا معاوية بن حفص عن أبي عوانة عن منصور عن الحكم عن عطاء عن أيمن الحبشي قال: " كانت اليد تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمن المجن ". قلت: وهذا علته (محمد بن مصفى) وهو الحمصي؛ صدوق له أوهام؛ كما قال الحافظ في " التقريب "، وهو أصح من حديث الترجمة. على أن الحديث شاذ على كل حال، لأنه قد ثبت القطع في ربع دينار قولا وفعلا، في " الصحيحين " وغيرهما من حديث عائشة وابن عمر، ومن شاء زيادة تحقيق في هذا فليراجع " التنكيل " للعلامة اليماني (2/93 - 143) ، و" إرواء الغليل " (8/60 - 62) ، و" الروض النضير " (783) . 2199 - " إذا أتى أحدكم أهله، فأراد أن يعود فليغسل فرجه ". ضعيف أخرجه البيهقي (7/192) من طريق ليث عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. وضعفه البيهقي بقوله: " وليث بن أبي سليم لا يحتج به ". الحديث: 2199 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 و (أبو المستهل) لم أجد له ترجمة؛ إلا أن يكون (الكميت بن زيد الأسدي الكوفي) الشاعر المشهور، فهذه كنيته، له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " ( 14/595 - 603 ) و" تاريخ الإسلام " (8/210 - 213) فإذا كان هو فلم يذكروا له رواية عن عمر، وقد ولد بعد وفاته! وفي " المجمع " (4/295) : " رواه أبو يعلى في " الكبير "، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس "! كذا قال، وليس من عادته أن يخرج لأبي يعلى في " المسند الكبير "، وإنما ذلك في كتابه " المقصد العلي "، والحديث فيه (1/343/777) ، مشيرا إلى ذلك بحرف (ك) كما هي عادته فيه. وقد أشار الحافظ إلى ما ذكرت أيضا في مقدمة " المطالب العالية " (1/4) . وأيضا فقوله: " مدلس " خطأ نبهت عليه مرارا. وعزاه في " الجامع الكبير " (1/31/1) للترمذي أيضا في " العلل "، وأطلق العزوإليه في " الزيادة على الجامع الصغير "؛ كما في " الفتح الكبير " (1/64 ) ، فلم يحسن، لأنه يوهم أنه أخرجه في " السنن "، ولذلك فقد أضعت وقتا كثيرا في البحث عنه فيه، ولكن سدى! 2200 - " إذا أتى على العبد أربعون سنة يجب عليه أن يخاف الله تعالى ويحذره ". موضوع رواه الديلمي (1/89) من طريق الذراع بسنده عن إبراهيم بن محمد بن جابر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن معاوية بن أبي سفيان: حدثني علي بن أبي طالب - وصدق علي - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وهذا موضوع، لوائح الوضع عليه ظاهرة؛ آفته (الذراع) هذا، واسمه الحديث: 2200 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 (أحمد بن نصر بن عبد الله) قال الذهبي في " المغني ": " شيخ بغدادي وضاع مفتر، له جزء مشهور، قال الدارقطني: دجال ". وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (5/184) ، وقال السيوطي في " اللألي " ( 1/138) : " الذارع كذاب ". وإبراهيم بن محمد بن جابر؛ لم أعرفه. 2201 - " إذا أمنك الرجل على دمه، فلا تقتله ". ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (2/1/295) ، وابن ماجه (2689) ، وأحمد ( 6/394) عن عبد الله بن ميسرة أبي ليلى عن أبي عكاشة الهمداني قال: قال رفاعة البجلي: " دخلت على المختار بن أبي عبيد قصره، فسمعته يقول: ما قام جبريل إلا من عندي قبل، فهممت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثا حدثناه سليمان بن صرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... (فذكره) قال: وكان قد أمنني على دمه، فكرهت دمه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن ميسرة ضعيف، ويكنى بغير هذه الكنية أيضا. وأبو عكاشة مجهول. وقد خالفه في إسناده ومتنه عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد قال: كنت أقوم على رأس المختار، فلما تبينت لي كذباته، هممت - ايم الله - أن أسل سيفي، فأضرب عنقه، حتى تذكرت حديثا حدثنيه عمروبن الحمق، قال: الحديث: 2201 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أمن رجلا على نفسه، فقلته؛ أعطي لواء الغدر يوم القيامة ". وأخرجه محمد وغيره بسند صحيح؛ كما بينته في الكتاب الآخر (440) . 2202 - " إذا أحب الله عبدا ابتلاه؛ ليسمع تضرعه ". ضعيف جدا رواه هناد في " الزهد " (1/239/405) ، وابن حبان في " الضعفاء " (3/122) ، والديلمي (1/1/90) عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. يحيى بن عبيد الله - وهو ابن موهب التيمي - متروك، وأبو هـ عبيد الله؛ لا يعرف. ورواه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي " (1/1/2) عن موسى بن إبراهيم: نا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد واه جدا. موسى بن إبراهيم، وهو المروزي؛ كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: " متروك ". قلت: وروي الحديث عن أبي أمامة مرفوعا بأتم من هذا، وفيه متروك أيضا، وهو مخرج برواية جمع فيما يأتي برقم (4994) . لكن الحديث صحيح دون قوله: " ليسمع تضرعه "، وهو مخرج في الحديث: 2202 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 " المشكاة " (1566) ، و" الصحيحة " (146) . 2203 - " إذا اختلف الناس، فالخير (وفي رواية: فالحق) في مضر) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة (12/198) ، وعنه ابن أبي عاصم في " السنة " (ق 149/2) ، وكذا أبو يعلى في " مسنده " (2519) : حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله ابن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس رفعه. وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (11/178/11418) من طريق ابن الأصبهاني - وهو ثقة ثبت - عن حميد به؛ إلا أنه قال: عن عبد الله بن المؤمل عن عكرمة عن ابن عباس به. فجعل (عكرمة) مكان عطاء. وقال: " عبد الله بن المؤمل عامة أحاديثه الضعف عليه بين ". قلت: هذا الاختلاف مما يدل على ضعفه، مع أن أحمد بن رَشَد (1) ساق له الذهبي خبرا في ذكر بني العباس، وقال: " باطل اختلقه أحمد بن رشد ". وقال في عبد الله بن المؤمل: " ضعفوه ". وله متابع، أخرجه تمام الرازي في " مسند المقلين " (رقم 13) عن محمد بن الفضل عن نصر بن سيار عن عكرمة به.   (1) بفتحتين كما في " التبصير ". الحديث: 2203 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، محمد بن الفضل، وهو ابن عطية، كذبوه. ونصر ابن سيار - وهو أمير خراسان - مجهول الحال في الرواية. (تنبيه) وقع هذا الحديث في " المطالب العالية " (4/145) معزوا لأبي داود! وهو خطأ ظاهر، فليس هو في (أبي داود) ، ولا " المطالب " من شأنه أن يعزو لـ (السنن) ، فمن الغريب أن يخفى هذا على المعلق على " مسند أبي يعلى " فينقله ويقره، مع أن الشيخ الأعظمي قد نبه في تعليقه على " المطالب " أنه من تحريفات الناسخين. 2204 - " إذا اختلف الزمان، واختلفت الأهو اء، فعليك بدين الأعرابي ". موضوع رواه الديلمي (1/1/159) عن محمد بن الحارث: حدثنا ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، المتهم به ابن البيلماني؛ واسمه محمد بن عبد الرحمن البيلماني. ومحمد بن الحارث ضعيف أيضا، لكن الآفة من شيخه، كما سبق بيانه برقم (54) بلفظ آخر قريب من هذا، وذكرت هناك من قال بوضعه من العلماء. الحديث: 2204 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 2205 - " إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط، قيل للعابد: ادخل الجنة وتنعم بعبادتك قبل العالم، وقيل للعالم: ههنا فاشفع لمن أحببت، فإنك لا تشفع لأحد إلا شفعت، فقام مقام الأنبياء ". منكر رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/158 - 159 - مختصره) عن حمزة بن عبيد الله الثقفي: حدثنا عثمان بن موسى: حدثنا أبو عمر الحديث: 2205 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 القرشي - قاضي البصرة -: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا به. إسناده ضعيف، أبو عمر القرشي لم أعرفه، وعثمان بن موسى الظاهر أنه الذي في " الميزان ": " عثمان بن موسى المزني عن عطاء؛ له حديث منكر، وقد حدث عنه عبد الرحمن بن مهدي ". وبه أعله المناوي، وقال: " رمز المؤلف لضعفه ". وحمزة بن عبيد الله الثقفي، لا يعرف، والظاهر أنه الذي في " الجرح والتعديل " (1/2/312) : " حمزة بن عبد الله بن أبي تيماء الثقفي، روى عن ... ، روى عنه عبد الملك بن أبي زهير بن عبد الرحمن ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2206 - " إذا أذن المؤذن يوم الجمعة حرم العمل ". موضوع رواه الديلمي (1/1/155) عن سعيد بن ميسرة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، سعيد بن ميسرة قال في " الميزان ": " قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات. وقال الحاكم : روى عن أنس موضوعات، وكذبه يحيى القطان ". قلت: ويغني عن هذا الحديث قوله الله تبارك وتعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع.. " الآية. الحديث: 2206 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 وقد اختلفوا في الأذان المحرم للعمل: أهو الأول أم الآخر؟ والصواب أنه الذي يكون والإمام على المنبر، لأنه لم يكن غيره في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يصح حمل الآية على الأذان الذي لم يكن ولم يوجد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وقد بسطت القول في ذلك في رسالتي: " الأجوبة النافعة "، فراجعها. 2207 - " إذا أذن في قرية آمنها الله من عذابه ذلك اليوم ". ضعيف رواه الطبراني (رقم 746) ، وفي الصغير (رقم 499) ، وفي " الأوسط " (54/2 ) ، وأبو موسى المديني في " اللطائف " (40/2) عن بكر بن محمد القرشي: حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك مرفوعا . وقال الطبراني: " لم يروه عن صفوان إلا عبد الرحمن، تفرد به بكر أبو همام ". قلت: ولم أجد من ترجمه، وشيخه عبد الرحمن بن سعد ضعيف، كما في " التقريب " ، وبه أعله الهيثمي (1/328) ، ومع ذلك سكت عن الحديث في " التلخيص " (1/208) . وخالفه عبد الرزاق، فقال في " المصنف " (1/481/1873) : عن صفوان بن سليم عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام قال: " ما أذن في قوم بليل إلا أمنوا العذاب حتى يصبحوا، ولا نهارا إلا أمنوا العذاب حتى يمسوا ". قلت: وهذا موقوف ضعيف؛ محمد بن يوسف لا يتابع على حديثه؛ كما قال البخاري، وليس له رواية عن جده. الحديث: 2207 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 ورفعه حبان بن أغلب بن تميم عن أبيه بسنده عن معقل بن يسار مرفوعا. أخرجه الطبراني (20/215/498) . وحبان بن أغلب ضعيف، وأبو هـ أشد ضعفا. قال البخاري: " منكر الحديث ". 2208 - " إذا أحب الله عبدا؛ قذف حبه في قلوب الملائكة، وإذا أبغض الله عبدا؛ قذف في قلوب الملائكة، ثم يقذفه في قلوب الآدميين ". ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/77) عن معمر بن سهل قال: حدثنا يوسف بن عطية قال: حدثنا مطر الوراق عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " هذا حديث صحيح ثابت من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، غريب من حديث مطر وأنس ، لم نكتبه إلا من حديث معمر عن يوسف ". قلت: ويوسف بن عطية متروك، ومطر الوراق فيه ضعف، وروايته عن أنس مرسلة؛ لم يسمع منه؛ كما قال أبو زرعة. ومعمر بن سهل لم أجد من ترجمه، فالإسناد ضعيف جدا، مع نكارة في متنه كما يأتي. وأما حديث أبي صالح الذي أشار إليه أبو نعيم، فهو صحيح، وهو بمعنى هذا، لكن ليس فيه ذكر قلوب الملائكة، ومن أجل هذه الزيادة خرجته هنا، وهو من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه. أخرجه مالك (2/953/15) ، ومسلم (8/40 - 41) ، والترمذي الحديث: 2208 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 (2/198) ، وأحمد (2/267 و341 و413 و509) من طرق عنه. ولفظ الترمذي: " إذا أحب الله عبدا، نادى جبريل: إني قد أحببت فلانا، فأحبه، قال فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "، وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل: إني قد أبغضت فلانا، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض ". وإسناده هكذا: حدثنا قتيبة: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح. وقال: " حسن صحيح ". وقد أخرج مسلم إسنادها، ولم يسق اللفظ، وذكر له الحافظ في " الفتح " ( 10/386) شاهدا من حديث ثوبان عند الطبراني. وللحديث طريق أخرى عند البخاري (6/220 و10/385 - 386 و13/387) ، وأحمد ( 2/514) عن نافع عن أبي هريرة به دون قضية البغض. وهو رواية مالك. والحديث رواه أبو مسعود الزجاج عن معمر عن سهيل بن أبي صالح به، دون ذكر الآية وما بعدها، وزاد: " فعند ذلك يلقى عليه القبول في الأرض، ويوضع على الماء، يشربه البر والفاجر، فيحبه البر والفاجر، وإذا أبغض عبدا، فمثل ذلك ". أخرجه ابن جميع في " معجمه " (327) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 قلت: ذكر الماء والبر والفاجر منكر، لعدم وروده في شيء من الطرق المشار إليها عن سهيل، ومنها طريق معمر عند عبد الرزاق (10/450/19673) ، وعنه أحمد (2/267) بلفظ: " إذا أحب الله عبدا دعا جبريل عليه السلام، فقال: إني قد أحببت فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل، قال: ثم ينادي في السماء، إن الله قد أحب فلانا فأحبوه، فيحبونه. قال: ثم يضع الله له القبول في الأرض، فإذا أبغض؛ فمثل ذلك ". قلت: وعلة تلك الزيادة أبو مسعود الزجاج واسمه عبد الرحمن بن الحسن؛ قال أبو حاتم: " لا يحتج به ". 2209 - " إذا اختلف الناس، كان ابن سمية مع الحق ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10071) من طريق ضرار بن صرد: نا علي بن هاشم عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات؛ غير ضرار بن صرد، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي وغيره: متروك ". وقد خولف في إسناده، فرواه معاوية بن هشام عن عمار بن رزيق عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله به، ولم يذكر علقمة. أخرجه الطبراني أيضا عقبه؛ كأنه يشير إلى تخطئة ضرار في إسناده، وإلى الحديث: 2209 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 إعلال الحديث بالانقطاع؛ فإن سالما لم يلق ابن مسعود؛ كما قال علي بن المديني. ورجال الإسناد الثاني موثقون من رجال مسلم. والحديث قال الهيثمي (7/243) : " رواه الطبراني، وفيه ضرار بن صرد، وهو ضعيف ". وكأنه لم ينتبه للطريق الأخرى. والمعصوم من عصمه الله. ثم وجدت لمعاوية بن هشام متابعا، أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (6/422) من طريق أبي الجواب: حدثنا عمار بن رزيق به. وأبو الجواب - اسمه الأحوص بن جواب الكوفي - ثقة من رجال مسلم. وأما قول الدكتور القلعجي في تعليقه على " الدلائل ": " أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3: 391) من طريق أبي البختري وصححه، ووافقه الذهبي "! قلت: ففي هذا التخريج أمور تدل على جهل بهذا العلم، وافتئات عليه؛ أذكر بعضها: 1 - من الواضح أن ضمير قوله: " أخرجه " إنما يعود إلى حديث عبد الله - وهو ابن مسعود - فماذا يقول القارىء إذا كان الحديث الذي رواه الحاكم في الموضع الذي أشار إليه الدكتور ليس من رواية ابن مسعود، وإنما هو عن حذيفة! 2 - ما فائدة قوله: " من طريق أبي البختري "، وليس له ذكر في حديث ابن مسعود عند البيهقي، فإنه لا يقال مثله في فن التخريج إلا إذا كان الرجل في طريق الحديث المخرج! وإلا كان الكلام لغوا، لا معنى له! ولوأنه قال: " من حديث حذيفة "، لكان أقرب إلى الصواب، وكان مفيدا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 3 - إن تخريجه يشعر أن الحاكم رواه مرفوعا، وليس كذلك؛ فإنه أخرجه من طريق مسلم الأعور عن حبة العرني قال: دخلنا مع أبي مسعود الأنصاري على حذيفة أسأله عن الفتن، فقال: دوروا مع كتاب الله حيث ما دار، وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية، فاتبعوها ، فإنه يدور مع كتاب الله حيثما دار. فقلنا له: ومن ابن سمية؟ قال: عمار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: " لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية، تشرب شربة ضياح (1) تكن آخر رزقك من الدنيا ". قلت: فهذا كما ترى موقوف من كلام حذيفة رضي الله عنه، وشتان بينه وبين حديث الترجمة الذي عزاه الدكتور للحاكم! ! 4 - لقد أقر الحاكم والذهبي على تصحيحهما، وهو يرى بعينه أن فوق أبي البختري مسلم الأعور، وهو ضعيف جدا، لكن الظاهر أنه لم يعرفه، لأنه وقع في " المستدرك ": " مسلم بن عبد الله الأعور "، وإنما هو مسلم أبو عبد الله الأعور، واسم أبيه كيسان، وله ترجمة سيئة في " الضعفاء " للعقيلي الذي زعم الدكتور أنه " حققه ووثقه "! ومما جاء فيه (4/154) : " عن عمروبن علي قال: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن مسلم الأعور، وهو مسلم أبو عبد الله، وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه، وهو منكر الحديث جدا ".   (1) بالفتح: اللبن الخائر يصب فيه الماء ثم يخلط. نهاية. والحديث قد صح نحوه من طريق أخرى، وهو مخرج في " الصحيحة " (3217) . اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 ثم ذكر نحوه عن البخاري وغيره، ولذلك قال الذهبي نفسه في " الضعفاء ": " تركوه ". ومثل هذا التخريج وغيره يدل دلالة واضحة على أن الدكتور ليس أهلا للتخريج؛ بله التحقيق، وراجع على سبيل المثال تنبيهي في آخر الحديث المتقدم برقم ( 1341) تجد فيه أنه نسب إلى الذهبي تصحيحه إياه بعد تصحيح الحاكم، والذهبي قد رد تصحيح الحاكم في نفس الجزء والصفحة التي نسب ذلك فيها إليه! ! 2210 - " إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم؛ فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة، وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل؛ فاخرجوا منها، فصلوا، فإنها جن ، من جن خلقت، ألا ترى أنها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها؟ ! ". ضعيف جدا أخرجه الشافعي (1/63) ، ومن طريقه البيهقي (2/449) ، والبغوي (504) : أبنا إبراهيم بن محمد عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا: الحسن - وهو البصري - مدلس، وقد عنعنه. وإبراهيم بن محمد - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي - متروك. لكنه قد توبع فأخرجه أحمد (5/55) من طريق ابن إسحاق: حدثني عبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز به، ولفظه: الحديث: 2210 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 " لا تصلوا في عطن الإبل؛ فإنها من الجن خلقت، ألا ترون عيونها وهبابها إذا نفرت؟ وصلوا في مراح الغنم، فإنها هي أقرب من الرحمة ". وابن إسحاق ثقة إذا صرح بالتحديث، فبرئت عهدة إبراهيم منه، ولم يبق إلا تدليس الحسن، وقد أخرجه أحمد (4/86 و5/54 و55 و56 و57) من طوق أخرى عن الحسن به مختصرا بلفظ: " صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشياطين ". وأخرجه ابن حبان أيضا (1702) ، وابن ماجه (769) . وهو بهذا اللفظ صحيح، له شاهد من حديث البراء مخرج في " صحيح أبي داود " رقم (177) . (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في " الزيادة على الجامع الصغير " (62/1) بلفظ: " إن لم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل؛ فصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشياطين ". وقال: " رواه ابن ماجه عن أبي هريرة ". فاعلم أن حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (768) ليس فيه الجملة الأخيرة: " فإنها خلقت من الشياطين ". وغنما هي عنده في حديث عبد الله بن مغفل كما تقدم ، وهو عنده عقب حديث أبي هريرة، فكأن السيوطي دخل عليه حديث في حديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 2211 - " إذا ادعت الرمأة طلاق زوجها، فجاءت على ذلك بشاهد عدل، استحلف زوجها، فإن حلف بطلت شهادة الشاهد، وإن نكل، فنكوله بمنزلة شاهد آخر، وجاز طلاقه ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/628) ، وابن أبي حاتم في " العلل " (1/432) ، والخطيب (2/45) من طريق زهير بن محمد عن ابن جريج عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. وقال ابن أبي حاتم: " سألت أبي عنه؟ فقال: حديث منكر ". قلت: وعلته زهير بن محمد، وهو الخراساني؛ ضعيف من قبل حفظه؛ كما تقدم مرارا، فقول البوصيري في " الزوائد " (ق 127/2) : " هذا إسناد حسن، رجاله ثقات ". فهو مردود؛ لا سيما وفيه أيضا عنعنة ابن جريج! الحديث: 2211 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 2212 - " إذا ادهن أحدكم؛ فليبدأ بحاجبيه، فإنه يذهب بالصداع ". ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (171) عن بقية بن الوليد عن أبي نبيه النميري عن خليد بن دعلج عن قتادة بن دعامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله مسلسل بالعلل: الأولى: ضعف خليد بن دعلج، قال الحافظ: ضعيف. الحديث: 2212 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 الثانية: أبو نبيه النميري؛ لم أجد له ترجمة، فالظاهر أنه من مشايخ بقية المجهولين. الثالثة: بقية؛ مدلس، وقد عنعنه. وقد وصله الديلمي في " مسند الفردوس " عن قتادة عن أنس كما في " الجامع "، قال شارحه المناوي: " قال في الأصل (يعني الجامع الكبير) : " وسنده ضعيف "؛ لأن فيه بقية، والكلام فيه معروف، وخليد بن دعلج ضعفه أحمد والدارقطني ثم الذهبي ". قلت: هو في " مسند الديلمي " (1/80/2) من طريق ابن السني، فذكر أنس فيه خطأ من بعض من دون ابن السني عنه. والله أعلم. 2213 - " إذا أخذ المؤذن في أذانه، وضع الرب يده فوق رأسه، فلا يزال كذلك حتى يفرغ من أذانه، وإنه ليغفر له مد صوته، فإذا فرغ قال الرب عز وجل: صدقت عبدي، وشهدت بشهادة الحق، فأبشر ". موضوع رواه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " من طريق محمد بن يعلى عن عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن زيد العمي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 103) ، وقال: " عمر بن صبح يضع الحديث، وزيد العمي ضعيف ". قلت: ثم غفل السيوطي عن هذا، فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية الحاكم في " التاريخ " والديلمي في " مسند الفردوس "! وقال المناوي: الحديث: 2213 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 " ورواه أيضا أبو الشيخ في " الثواب "، ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا ، فلوعزاه له كان أولى. ثم إنه رمز لضعفه، وسببه أن فيه محمد بن يعلى السلمي، ضعفه الذهبي وغيره ". قلت: بل كان الأولى؛ بل الواجب حذفه من الكتاب، لتفرد ذاك الوضاع به، والعجب من المناوي كيف خفي عليه حاله، ولم يتنبه لضعف زيد العمي أيضا. وفاته هو والسيوطي أن (محمد بن يعلى) - وهو الملقب بـ (زنبور) - ضعيف جدا، قال البخاري: " ذاهب الحديث ". (تنبيه) : " تاريخ أصبهان " المذكور ما أظنه إلا أنه " أخبار أصبهان " المطبوع في (ليدن) ، ولم أجد الحديث فيه، وإنما فيه حديث آخر عن أبي هريرة مرفوعا نحوه بلفظ: " إذا أذن المؤذن لوقته، ولم يأخذ عليه أجرته؛ وضع الله عز وجل يده على أم رأسه تعجبا من أذانه.. " الحديث. أخرجه (2/336) في ترجمة (واصل بن فضلان الشيرازي) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ولا رأيته عند غيره. وشيخه وشيخ شيخه لم أعرفهما أيضا. نعم؛ إنما صح من الحديث جملة المغفرة، فقد جاءت في أحاديث، فانظر " المشكاة " (667) ، و" صحيح الترغيب " (1/170/226 و227) . 2214 - " إذا أراد أحد منكم سفرا؛ فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرا ". موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (2863) ، وأبو يعلى (12/ الحديث: 2214 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 6686) ، والسلمي في " آداب الصحبة " (151/2) عن عمروبن الحصين العقيلي: حدثنا يحيى بن العلاء الرازي البجلي: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن سهيل إلا يحيى، تفرد به عمرو". قلت: وهو متهم بالوضع، ومثله شيخه يحيى بن العلاء، فأحدهما هو الذي افتعله. 2215 - " إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره؛ سلب ذوي العقول عقولهم حتى ينفذ فيهم قضاءه وقدره ". ضعيف رواه الخطيب (14/99) ، والديلمي (1/1/100) ؛ كلاهما عن أبي نعيم، وهذا في " أخبار أصبهان " (2/332) : حدثنا أبو عمر لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد البغدادي قدم علينا: [حدثنا] أبو سعيد محمد بن عبد الحكيم الطائفي - بها -: حدثنا محمد بن طلحة بن محمد بن مسلم الطائفي: حدثنا سعيد بن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قال: وفي رواية علي: فإذا مضى [أمره ] رد إليهم عقولهم، ووقعت الندامة. بيض له الحافظ في " مختصره ". قلت أورده الخطيب في ترجمة لاحق هذا، وقال فيه: " روى عن خلق لا يحصون أحاديث مناكير وأباطيل، قال أبو سعد الإدريسي: كان كذابا أفاكا يضع الحديث على الثقات .... ووضع نسخا لأناس لا تعرف أساميهم في جملة رواة الحديث، مثل طرغال، وطريال، وكركدن، الحديث: 2215 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 وشعبوب ... ولا نعلم رأينا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة، مع قلة الدراية ". واتهمه غير ما واحد بالوضع والكذب، فهو آفة هذا الحديث. وأعله المناوي بعلة أخرى دون هذه، فقال: " وفيه سعيد بن سماك بن حرب؛ متروك كذاب، فكان الأولى حذفه من الكتاب. وفي " الميزان ": خبر منكر ". قلت: لم أر أحدا من الأئمة رماه بالكذب، وكل ما جرح به إنما هو قول أبي حاتم فيه: " متروك الحديث ". رواه ابنه (2/1/32) ، ولم يزد الذهبي في ترجمته عليه شيئا، وأما الحافظ فزاد: " وذكره ابن حبان في (الثقات) ... ". فإلحاق التهمة بلا حق أولى؛ كما لا يخفى على أولي النهى. وما نقله المناوي عن الذهبي من قوله: " خبر منكر "؛ إنما قاله في ترجمة راو آخر؛ روى هذا الحديث من طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعا به. رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (1408) من طريق محمد بن محمد بن سعيد المؤدب: حدثنا محمد بن محمد البصري قال: نا أحمد بن محمد الهزاني قال: نا الرياشي قال: نا الأصمعي قال: نا أبو عمروبن العلاء عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. وهذا سند ضعيف؛ قال الذهبي في ترجمة المؤدب: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 " لا أعرفه، وأتى بخبر منكر ". ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال: " فالآفة المؤدب أوشيخه ". 2216 - " نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملا؛ ثار في قلبه نور ". ضعيف رواه الطبراني في " الكبير ": حدثنا الحسين بن إسحاق التستري: حدثنا إبراهيم ابن المستمر العروقي: حدثنا حاتم بن عباد الجرشي: حدثنا يحيى بن قيس الكندي عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. كذا وجدته في نسخة مخطوطة في المكتبة الظاهرية (مجموع 6/16/1 - 2) ناقصة من أولها وآخرها، فلم أدر صاحبها ولا كاتبها، ينقل فيها عن " المستدرك " و" معجم الطبراني الكبير ". ثم طبع مجلده فرأيته فيه (6/5942) ، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/255) ، وقال: " غريب، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا سند ضعيف، يحيى بن قيس الكندي أورده ابن أبي حاتم (4/2/182) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". وحاتم بن عباد لم أجد له ترجمة، وبه فقط أعله الهيثمي (1/61 و109) ! لكنه زاد في الموضع الثاني: " وبقية رجاله ثقات "! ونقل المناوي عن العراقي أنه ضعفه من طريقه. الحديث: 2216 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 وأخرجه الخطيب في " التاريخ " (9/237) من طريق سليمان النخعي عن أبي حازم به دون قوله: " فإذا عمل ... ". وسليمان النخعي؛ هو ابن عمرو، وكان من أكذب الناس كما قال أحمد. والجملة الأولى منه أخرجها البيهقي في " شعب الإيمان " (5/343 ط) قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان: أنا أحمد بن عبيد الصفار عن ثابت عن أنس مرفوعا به. هكذا وقع إسناده في المطبوعة، وكذا في بعض المصورات. وظاهر جدا أن فيه سقطا ، وقال البيهقي عقبه: " هذا إسناد ضعيف ". 2217 - " إن مت مت شهيدا، أوقال: من أهل الجنة. قاله لمن أوصاه إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر ". ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (712) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر ، وقال: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ضعيف. الحديث: 2217 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 2218 - " إذا أراد الله أن يخلق خلقا للخلافة، مسح على ناصيته بيمينه ". موضوع أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 417) ، وابن عدي في الحديث: 2218 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 " الكامل " (ق 387/2) ، والخطيب في " التاريخ " (10/147) ، وعنه وعن غيره الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/99) عن مصعب بن عبد الله النوفلي عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. وقال العقيلي: " مصعب مجهول بالنقل، حديثه - يعني هذا - غير محفوظ، ولا يتابع عليه ". وقال ابن عدي: " وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، والبلاء فيه من مصعب بن عبد الله النوفلي هذا، ولا أعلم له شيئا آخر ". وأخرجه الخطيب (2/150) ، وعنه الديلمي من طريق أبي شاكر مسرة بن عبد الله مولى المتوكل على الله (بإسناده) عن إبراهيم بن جعفر الأنصاري - المعروف بالراهب - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. وقال الخطيب: " مسرة بن عبد الله ذاهب الحديث ". وقال في ترجمته من " التاريخ " (13/271) : " وكان غير ثقة "، ثم ساق له حديثا آخر، وقال: " هذا كذب موضوع، وإسناده كلهم ثقات أئمة؛ سوى مسرة، والحمل عليه فيه، على أنه ذكر سماعه من أبي زرعة بعد موته بأربع سنين! ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من هذين الوجهين، فتعقبه المناوي بأن الحاكم أخرجه من طريق ابن عباس بلفظ: " إن الله .... ". قال الحاكم: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 " رواته هاشميون ". قال ابن حجر في " الأطراف ": " إلا أن شيخ الحاكم ضعيف، وهو من الحفاظ ". قلت: الآفة ممن فوقه من الوضاعين؛ كما سبق تحقيقه برقم (806) . ثم وجدت له طريقا أخرى، فقال المحاملي في " الأمالي " (4/48/2) : حدثنا عبد الله بن شبيب: قال: حدثني ذؤيب بن عمامة قال: حدثني موسى بن شيبة الأنصاري قال: حدثني سليمان بن معقل بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما استخلف الله عز وجل خليفة حتى يمسح الله ناصيته بيمينه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ مسلسل بالعلل! الأولى: سليمان بن معقل هذا؛ لم أجد له ترجمة. الثانية: موسى بن شيبة الأنصاري؛ قال أحمد: " أحاديثه مناكير "، وقال أبو حاتم: " صالح الحديث ". الثالثة: ذؤيب بن عمامة؛ قال الذهبي: " ضعيف، ولم يهدر ". الرابعة: عبد الله بن شبيب؛ قال الذهبي: " إخباري علامة، لكنه واه، قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث ". قلت: فلعله هو آفة الحديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 2219 - " إذا أديت زكاة مالك، فقد أذهبت عنك شره ". ضعيف أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1/249/2) ، والحاكم (1/390) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (5/106) عن عبد الله بن وهب: أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.. فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت أما أنه على شرط مسلم؛ فنعم، وأما أنه صحيح؛ ففيه نظر، لأن أبا الزبير وابن جريج مدلسان، وقد عنعناه، وقد قال الذهبي في ترجمة الأول منهما: " وفي " صحيح مسلم " عدة أحاديث لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء ". ثم ذكر من ذلك أمثلة، فما بالك وهذا الحديث ليس في " صحيح مسلم "، ففي القلب منه ما فيه؛ لا سيما وقد صح عن أبي الزبير موقوفا على جابر، فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/186/2) : " أبو داود الطيالسي عن هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر به موقوفا ". ثم وجدت للحديث شاهدا من رواية أبي هريرة بسند حسن، ومن أجله كنت أوردته في " صحيح الترغيب " (8 - صدقات) ، فهو به قوي، وينقل إلى " الصحيحة ". الحديث: 2219 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 2220 - " إذا أراد الله بعبد خيرا؛ فقهه في الدين؛ وبصره عيوب خلقه؛ وزهده في الدنيا ". ضعيف جدا رواه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي " (ق 73/1) عن موسى بن إبراهيم: نا موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. الحديث: 2220 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، موسى بن إبراهيم؛ هو المروزي؛ متروك كما تقدم مرارا. والحديث أورده السيوطي من تخريج البيهقي في " الشعب " عن أنس، وعن محمد بن كعب القرظي مرسلا. قلت: لم أره في " الشعب " (7/347/10535) إلا من حديث محمد بن كعب، يرويه عنه (موسى بن عبيدة) ، وهو ضعيف. وأخرجه الديلمي (1/93) من حديث الأنصاري عن مالك بن دينار عن أنس مرفوعا به. والأنصاري هذا هو (محمد بن عبد الله أبو سلمة) ، قال الذهبي في " المغني ": " قال ابن حبان: " منكر الحديث جدا ". وقال محمد بن طاهر: " هو كذاب "، وله طامات ". ثم ساق له حديث: " من كسح مسجدا.. ". وهذا أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (2/266) . 2221 - " إذا أراد الله بقوم خيرا؛ أكثر فقهاءهم، وقلل جهالهم، حتى إذا تكلم العالم؛ وجد أعوانا، وإذا تكلم الجاهل قهر. وإذا أراد الله بقوم شرا؛ أكثر جهالهم، وقلل فقهاءهم، حتى إذا تكلم الجاهل ؛ وجد أعوانا، وإذا تكلم الفقيه؛ قهر ". ضعيف رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (23 - 24) عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن حبان بن أبي جبلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... الحديث: 2221 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، حبان هذا تابعي ثقة، وابن أنعم ضعيف. ورواه الديلمي عن ابن عمر، وذكر المناوي أن فيه بقية، وهو غير حجة. 2222 - " إذا أراد الله بعبد خيرا؛ جعل صنائعه ومعروفه في أهل الحفاظ، وإذا أراد بعبد شرا؛ نكسه ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/92) عن عثمان بن عبد الرحمن عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قال: فقال حسان بن ثابت: إن الصنيعة لا تكون صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صدقت ". قلت: وهذا إسناد واه. عثمان بن عبد الرحمن؛ إن كان القرشي الوقاصي؛ فهو متروك متهم، وإن كان الجمحي؛ فهو ضعيف. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي عن جابر بلفظ: " ... وإذا أراد الله بعبد شرا جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ ". مكان قوله: " وإذا أراد بعبد شرا نكسه ". فالظاهر أنها رواية أخرى للديلمي ذهلت عنها حين مررت بالمجلدين الأولين منه. وقال المناوي في " شرحه ": " ورواه عنه أيضا ابن لال، وعنه ومن طريقه عنه خرجه الديلمي، فلوعزاه له كان أولى. ثم إن فيه خلف بن يحيى؛ قال الذهبي عن أبي حاتم: كذاب، فمن زعم صحته فقد غلط ". الحديث: 2222 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 2223 - " إن لله تسعة وتسعين اسما، كلهن في القرآن، من أحصاها دخل الجنة ". منكر جدا بزيادة " كلهن في القرآن " أخرجه ابن جرير الطبري في " التفسير " (15/121) من طريق حماد بن عيسى بن ( الأصل: عن) عبيدة بن طفيل الجهني، قال: حدثنا ابن جريج عن عبد العزيز عن مكحول عن عراك بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، حماد هذا ضعفه جمع، وقال الحاكم والنقاش: " يروي عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". والحديث في " الصحيحين " وغيرهما من طرق عن أبي هريرة دون هذه الزيادة المنكرة، وقد أشرت إلى بعض طرقه عند أحمد في التعليق على " المشكاة " (2288) . الحديث: 2223 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 2224 - " إذا أراد اله بعبد خيرا؛ صير حوائج الناس إليه ". موضوع رواه الديلمي (1/1/95) عن يحيى بن شبيب: حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، يحيى بن شبيب؛ قال ابن حبان: " لا يحتج به بحال، يروي عن الثوري ما لم يحدث به قط ". وقال الخطيب: " روى أحاديث باطلة ". وساق له الذهبي ثلاثة أحاديث قال في أحدها: " وهذا كذب ". وقال في آخر: " هو مما وضعه على حميد "! الحديث: 2224 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 2225 - " طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الدجى، تتجلى عنهم كل فتنة ظلماء ". موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/15 - 16) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/324/1) من طريق أبي معاوية عمروبن عبد الجبار السنجاري: حدثنا عبيدة بن حسان عن عبد الحميد بن ثابت بن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عن جدي قال: " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا، فقال: ... " فذكره. وهذا موضوع. آفته عبيدة بن حسان؛ قال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ". وقال الدارقطني: " ضعيف ". وعمروبن عبد الجبار؛ قال ابن عدي: " روى عن عمه مناكير ". وعبد الحميد بن ثابت بن ثوبان؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه أخو (عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان) الصدوق، إن لم يكن من اختلاق (ابن حسان) ، أومن أوهامه على الأقل. والحديث أشار المنذري في " الترغيب " (1/23) إلى تضعيفه، وعزاه للبيهقي فقط. الحديث: 2225 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 2226 - " إذا أراد الله بعبد خيرا؛ عاتبه في منامه ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/95) عن وهب بن راشد عن ضرار بن الحديث: 2226 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 عمروعن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يزيد الرقاشي ضعيف، ومن دونه أشد ضعفا. فضرار ابن عمرو- وهو الملطي - قال ابن معين: " لا شيء ". وقال الدولابي: " فيه نظر ". ووهب بن راشد، وهو الرقي؛ قال ابن عدي: " ليس حديثه بالمستقيم، أحاديثه كلها فيها نظر ". وقال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن حبان: " لا يحل الاحتجاج به بحال ". 2227 - " إذا أراد الله بعبد خيرا؛ فتح له قفل قلبه، وجعل فيه اليقين، وجعل قلبه وعاء واعيا لما سلك فيه، وجعل قلبه سليما، ولسانه صادقا، وخليقته مستقيمة ، وجعل أذنه سميعة، وعينه بصيرة ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/94) عن شرحبيل بن الحكم عن عامر بن نايل عن [كثير] بن مرة عن أبي ذر الغفاري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، شرحبيل وشيخه مجهولان، قال ابن خزيمة: " أنا أبرأ من عهدتهما ". الحديث: 2227 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 2228 - " إذا أراد الله بقرية هلاكا؛ أظهر فيهم الزنى ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/99) عن حفص بن غياث عن داود عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. الحسن؛ هو البصري، وهو مدلس، وقد عنعنه. وداود - هو ابن أبي هند - ثقة من رجال مسلم. وحفص بن غياث؛ هو أبو عمر النخعي القاضي، وهو ثقة من رجال الشيخين، فيه ضعف يسير من قبل حفظه. وتردد المناوي في حفص هذا بين أن يكون القاضي المذكور، أوالراوي عن ميمون، فمجهول. ولا وجه لهذا التردد عندي، فإن الذي يروي عن داود إنما هو القاضي. الحديث: 2228 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 2229 - " إن من أسوأ الناس منزلة من أذهب آخرته بدنيا غيره ". ضعيف أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2398) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/332/1) : حدثنا عبد الحكم بن ذكوان عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف. شهر ضعيف لسوء حفظه. الحديث: 2229 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 وعبد الحكم بن ذكوان قال ابن معين: " لا أعرفه ". وقال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة، ولم أجد به متابعا. وقد رواه ابن ماجه وغيره من طريق آخر بلفظ: " من شر الناس ... "، والباقي مثله. وقد تقدم ( 1915) . 2230 - " مثل المؤمن كالبيت الخرب في الظاهر، فإذا دخلته وجدته مؤنقا، ومثل الفاجر كمثل القبر المشرف المجصص يعجب من رآه، وجوفه ممتلىء نتنا ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/332/1) عن إبراهيم بن أبي يحيى: حدثنا شريك ابن أبي نمر عن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، إبراهيم هذا هو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. الحديث: 2230 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 2231 - " كفى بالمرء إثما أن يشار إليه بالأصابع، وإن كان خيرا فهو مزلة، إلا من رحم الله، وإن كان شرا فهو شر ". ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/247) ، والبيهقي في " الشعب " (2/337/1) من طريق كثير بن مروان المقدسي: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وساج عن عمران بن حصين مرفوعا. وقال البيهقي: الحديث: 2231 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 " كثير بن مروان هذا غير قوي ". قلت: بل هو واه جدا، فقد كذبه يحيى وأبو حاتم، وأسقطه أحمد وغيره. ومضى للحديث شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة؛ إسناده ضعيف أيضا (رقم 1670) . 2232 - " أهل الجور وأعوانهم في النار ". منكر رواه العقيلي في " الضعفاء " (418) ، والحاكم في " المستدرك " (4/89) عن مروان بن عبد الله بن صفوان بن حذيفة بن اليمان عن أبيه عن حذيفة مرفوعا، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: منكر "، وعمدته قول العقيلي في مروان هذا: " مجهول بالنقل هو وأبو هـ، وحديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". الحديث: 2232 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 2233 - " التوبة من الذنب أن لا تعود إليه أبدا ". ضعيف أخرجه أبو القاسم الحرفي في (عشر مجالس من " الأمالي ") (230) ، والبيهقي في " الشعب " (2/347/2) عن بكر بن خنيس عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم - وهو ابن مسلم الهجري - لين الحديث. وبكر بن خنيس؛ صدوق له أغلاط؛ أفرط فيه ابن حبان. قلت: وتابعه علي بن عاصم قال: أنا الهجري به نحوه. الحديث: 2233 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 أخرجه أحمد (1/446) . وعلي بن عاصم؛ ضعيف أيضا، ولهذا جزم البيهقي (10/200) بأن سنده ضعيف. ورواه البيهقي من طريق أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود موقوفا عليه، وقال: " وهو الصحيح، ورفعه ضعيف ". وأخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (2/1/48) من طريق ابن منده عن بكر بن خنيس به. وأخرجه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (49/2) عن سعيد بن سليمان عن منصور عن إبراهيم الهجري به. 2234 - ".. كفى بالمرء من الشح أن يقول: آخذ حقي ولا أترك منه شيئا ". ضعيف أخرجه الحاكم (2/20 - 21) من طريق هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الرقي: حدثنا أبي العلاء بن هلال: حدثني أبي هلال بن عمر: حدثني أبي عمر بن هلال: حدثني أبو غالب عن أبي أمامة مرفوعا. وقال الحاكم: " هذا إسناد صحيح، فإن آباء هلال بن العلاء أئمة ثقات، وهلال إمام أهل الجزيرة في عصره ". ووافقه الذهبي. هكذا وقع في نسخة " تلخيص المستدرك " المطبوع في حاشية " المستدرك "، وهو ينافي ما نقله المناوي عنه، فإنه بعد أن نقل عن الحاكم تصحيحه للحديث أتبعه بقوله: الحديث: 2234 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 ".. فرده الذهبي أن هلال بن عمر وأباه لا يعرفان، فالصحة من أين؟! ". قلت: ولعل هذا الذي نقله المناوي عن الذهبي هو الصواب، لأنه المناسب لحال الإسناد، فإنه مسلسل بالعلل: الأولى: هلال بن العلاء بن هلال؛ فإنه وإن كان صدوقا كما قال أبو حاتم، وذكره ابن حبان في " الثقات " (9/248) ، وقال النسائي: " صالح "، فقد قال في موضع آخر: " ليس به بأس، روى أحاديث منكرة عن أبيه، فلا أدري الريب منه أومن أبيه ". الثانية: العلاء بن هلال عن عمر، سبق آنفا، تردد النسائي في لصق الريب في تلك الأحاديث المنكرة بينه وبين ابنه هلال، لكن الأب يبدو أنه أصلح حالا منه ، فقد وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن حبان، لكن هذا عاد فذكره في " الضعفاء " أيضا (2/184) . فالله أعلم. الثالثة: هلال بن عمر، قال ابن أبي حاتم (4/2/78) عن أبيه: " ضعيف الحديث ". وأقره الذهبي في " الميزان "، و" الضعفاء "، ولم يرد له ذكر في " اللسان ". الرابعة: عمر بن هلال، ذكره ابن حبان في " ثقاته " (7/185) من رواية ابنه هلال المذكور قبله. فهو مجهول. والخلاصة: أن الحديث منكر ضعيف، لتفرد هؤلاء به، لكن يظهر أن الآفة ممن دون الهلال بن العلاء. والله أعلم. ومع هذه العلل لم يتورع الشيخ الغماري عن إيراد الحديث في " كنزه " الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 (2451) ، الأمر الذي يؤكد للباحثين أنه لا يجري فيه على طريقة المحدثين في تصحيح الأحاديث، وإنما على الاختيار الشخصي أوالذوقي الصوفي، وإلا فالمبتدئون في هذا العلم لا يقعون في مثل هذا الخطأ! (تنبيه) : وضعت بين يدي الحديث نقطتين.. إشارة إلى أن في أوله تتمة، ونصها في " المستدرك ": " كفى بالمرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع، وكفى.. ". ولما كانت هذه الفقرة منه صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره كما هو مخرج في " الصحيحة " (2025) ، لذلك لم أستحسن ذكرها في الحديث ، وقد أخرجها القضاعي في " مسنده " (1415) وحدها من هذا الوجه الواهي. ثم رجعت إلى " مختصر استدراك الحافظ الذهبي على.. الحاكم " لابن الملقن، لعلي أجد فيه ما نقله المناوي عن الذهبي، فلم أجد، فلا أدري أذهل ابن الملقن عنه، أم أن نسخته من " التلخيص " هي موافقة لما في المطبوعة من الموافقة؟ والله أعلم. 2235 - " إن لكل قوم فارسة، وإنما يعرفها الأشراف ". ضعيف أخرجه الحاكم (3/418 - 419) من طريق ابن إسحاق: حدثني يزيد بن رومان وعاصم ابن عمر بن قتادة عن عروة بن الزبير، ومن طريق أبي علاثة حدثنا أبي: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أهل البادية، وهو يتوجه إلى بدر، لقيه بـ (الروحاء) ، فسأله القوم عن خبر الناس؟ فلم يجدوا عنده خيرا، فقالوا له: سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أوفيكم رسول الله ؟ قالوا: نعم، قال الأعرابي: فإن الحديث: 2235 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 كنت رسول الله فأخبرني ما في بطن ناقتي هذه ! فقال له سلمة بن سلامة بن وقش - وكان غلاما حدثا -: لا تسأل رسول الله، أنا أخبرك، نزوت عليها! ففي بطنها سخلة (1) منك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [مه، أ] فحشت على الرجل يا سلمة! ". ثم أعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل (وفي رواية: عن سلمة) فلم يكلمه كلمة حتى قفلوا، واستقبلهم المسلمون بـ (الروحاء) يهنئونهم، فقال سلمة بن سلامة: يا رسول الله! ما الذي يهنئونك به، والله إن رأينا [إلا] عجائز صلعا كالبدن المعقلة فنحرناها، فـ[تبسم] رسول الله [ثم قال] :.. فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد، وإن كان مرسلا ". ووافقه الذهبي. قلت: في ذلك نظر من وجهين: أحدهما: أن (أبا علاثة) لم أعرفه، واسمه (محمد بن عمروبن خالد) ، ذكره الخطيب (3/217) في شيوخ (أبي جعفر البغدادي) شيخ الحاكم في هذا الحديث، وقال عقبه: " واللفظ له "، واسمه (محمد بن محمد بن عبد الله) ، وذكره المزي في الرواة عن أبيه (عمروبن خالد) ، ولم أجد له ترجمة، وأبو هـ ثقة. والآخر: أن ابن إسحاق ليس عنده حديث الترجمة، وقد ساق القصة في " السيرة " مفرقا في موضعين (2/252 و286) ، وإنما قال: " فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أي ابن أخي! أولئك الملأ ". ثم هو مرسل، فلوصح السند إلى عروة فعلته الإرسال.   (1) بفتح فسكون، هي في الأصل: الصغيرة من ولد الضأن، فاستعارها هنا للصغيرة من ولد النوق. اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 2236 - " كفارة الذنب الندامة ". ضعيف أخرجه أحمد (1/289) ، والطبراني في " الكبير " (12795) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (77) ، والبيهقي في " الشعب " (5/387/7038) من طريق يحيى بن عمروبن مالك النكري، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا. وهذا سند ضعيف. والحديث قال الحافظ العراقي (4/12) : " رواه أحمد والطبراني والبيهقي في " الشعب " من حديث ابن عباس، وفيه يحيى ابن عمروبن مالك النكري (وفي الأصل: اليشكري، وهو تصحيف) ؛ ضعيف ". قلت: وكتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على هامش " القضاعي ": " يحيى متهم ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، ويقال: إن حماد بن زيد كذبه ". قلت: وقد خالفه حماد بن زيد، فقال: عن عمروبن مالك النكري عن أبي الجوزاء قال: فذكره موقوفا. أخرجه البيهقي أيضا (5/388/7039) . قلت: وهذا هو الصحيح موقوف. والحديث أورده ابن كثير في " تفسيره " (4/59) من رواية أحمد بإسناده المتقدم ، وسكت عليه لسوقه إسناده، فتوهم الحلبيان في " مختصرهما " أنه تصحيح منه له فأورداه في كتابيهما، وقد تعهدا في المقدمة أن لا يوردا إلا الصحيح، وأنى لهما ذلك؟ ! الحديث: 2236 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 2237 - " صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد الحسنة كتبها له عشر أمثالها، وإذا عمل سيئة؛ قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: أمسك، فيمسك عنه سبع ساعات من النهار، فإن استغفر؛ لم تكتب عليه، وإن لم يستغفر؛ كتبت سيئة واحدة ". موضوع رواه البيهقي في " الشعب " (5/291/7050) ، وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (45/1) ، والواحدي في " تفسيره " (4/85/1) عن بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، بشر بن نمير قال الحافظ: " متروك متهم ". قلت: وقد تابعه جعفر بن الزبير - وهو مثله أوشر منه - عن القاسم به. أخرجه البيهقي أيضا (5/390/7049) ، والطبراني في " الكبير " (7971) . وقال الهيثمي في " المجمع " (10/208) : " وفيه جعفر بن الزبير. ولكنه موافق لما قبله، وليس فيه شيء زائد، غير أن الحسنة يكتبها بعشر أمثالها، وقد دل القرآن والسنة على ذلك ". قلت: يشير إلى حديث الطبراني أيضا من طريق أخرى عن القاسم به مختصرا بلفظ: " إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطىء أوالمسيء، فإن ندم واستغفر منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة ". الحديث: 2237 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 وإسناده حسن كما حققته في الكتاب الآخر (1209) ، وبالتأمل في هذا اللفظ الثابت: يتبين أن في اللفظ الأول الواهي أشياء زائدة عليه: أولا: أن صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال. ثانيا: أن صاحب الشمال يمسك عن كتابة الذنب بأمر صاحب اليمين. ثالثا: أن زمن رفع القلم سبع ساعات، وفي هذا ست! وقد وجدت للحديث طريقا أخرى، ولكنها واهية جدا، فلا يفرح بها، أخرجه أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " عن الحسن بن زياد قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. محمد بن إسحاق - هو صاحب المغازي - ثقة مدلس، وقد عنعنه، ولكن الآفة من الحسن بن زياد، وهو اللؤلؤي؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " كذبه ابن معين وأبو داود في حديثه ". (تنبيه) : قال المناوي تحت هذا الحديث: " واعلم أن للطبراني هنا ثلاث روايات: إحداها مرت في حرف الهمزة. وهذه الثانية، وهما جيدتان. وله طريق ثالثة فيها جعفر بن الزبير، وهو كذاب كما بسطه الحافظ الهيثمي ". قلت: وفي هذا التعليم خطأ من وجهين: الأول: أنه ليس للحديث طريق جيدة إلا التي أشرنا إلى حسن إسنادها. والآخر: أن الطريق الثالثة التي فيها جعفر إنما هي بهذه الرواية. وبالجملة، ففي كلامه تقوية الحديث المذكور أعلاه، وهو جد واه، فاقتضى التنبيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 2238 - " من استفتح أول نهاره بخير، وختمه بالخير، قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب ". ضعيف رواه الضياء في " المختارة " (110/2) عن الطبراني: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: حدثنا محمد بن مصفى: حدثنا الجراح بن يحيى المؤذن: حدثنا عمر بن عمروبن عبد الأحموسي عن عبد الله بن بسر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ لم أعرف أحدا منهم بعد الصحابي؛ غير ابن مصفى؛ قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". وغير الأحموسي؛ قال ابن أبي حاتم (3/1/127) عن أبيه: " لا بأس به، صالح الحديث من ثقات الحمصيين ". وأما الحمصي؛ فهو الذي في " الميزان " و" اللسان ": " إبراهيم بن محمد الحمصي شيخ للطبراني غير معتمد ... ". ثم ساق له حديثا آخر أخطأ في تسمية شيخه فيه. وقال الهيثمي في " المجمع " (10/112) : " رواه الطبراني من طريق الجراح (الأصل: الحجاج) بن يحيى المؤذن عن الحديث: 2238 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 عمر بن عمروبن عبد الأحموسي، والجراح بن يحيى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، لم يرو عن عمر بن عمرو إلا الجراح بن مليح البهراني الشامي، فإن كان هو إياه؛ فهو ثقة ". قلت: ولعل الحافظ المنذري كان يرى هذا الذي ذكره الهيثمي احتمالا، فقد قال في " الترغيب " (1/231) : " رواه الطبراني، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى ". ولم أجد ما يؤيد هذا الاحتمال، وإن كان ابن أبي حاتم ذكر في ترجمة (الجراح ابن مليح البهراني) (1/1/524) أنه روى عنه (عمر بن عمروالأحموسي) ، فإنه لا تلازم بين الأمرين كما هو ظاهر؛ لاختلاف النسبة، فهذا (ابن يحيى المؤذن) ، وذاك (ابن مليح البهراني) . وقد يشتركان في الرواية عن الشيخ الواحد؛ كما يقع كثيرا مما هو معروف عند الممارسين لهذا العلم الشريف. على أنه يبقى في الحديث علة أخرى، وهي ضعف شيخ الطبراني. وقد وجدت للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/349) من طريق سليمان بن سلمة الخبائري (الأصل : الحاجري) : حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي عن عطاء عنه. قلت: و (الخبائري) متهم بالكذب. 2239 - " ما من حافظين يرفعان إلى الله تبارك وتعالى؛ يرى الله في أول الصحيفة خيرا، وفي آخرها خيرا؛ إلا قال الله تعالى لملائكته: أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة ". الحديث: 2239 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 ضعيف جدا. أخرجه الترمذي (1/183) ، وأبو يعلى في " مسنده " (146/2) ، وعنه ابن عساكر (10/441 - 442) ، وأبو طاهر المخلص في الأول من " الفوائد المنتقاة " (2/1) ، وعنه ابن النجار (10/123/2) ، والبيهقي في " الشعب " (2/349/4) عن مبشر بن إسماعيل عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. وكذا رواه ابن شاذان في " المنتقى من حديثه " (5/239/1) ، وابن عدي (45/1 ) ، وقال: " لا أعلم يرويه عن الحسن غير تمام، وتمام غير ثقة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. وقال البيهقي: " فيه نظر ". وبيانه: أن الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه. وتمام بن نجيح؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال ابن عدي: غير ثقة ". وقال الحافظ: " ضعيف ". وأشار المنذري في " الترغيب " (1/234) إلى إعلاله بتمام بن نجيح. 2240 - " ما من ذي غنى إلا سيود يوم القيامة أنه كان أوتي في الدنيا قوتا ". موضوع رواه ابن ماجه (4140) ، وأحمد (3/117 و167) ، والثقفي في " الفوائد " ( ج3 رقم 12 - منسوختي) ، وهناد في " الزهد " (596) ، وأبو يعلى (7/303) ، وابن عدي (7/2524) ، وأبو نعيم (10/69 - 70) ، الحديث: 2240 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 وابن حبان في " المجروحين " (3/56) ، وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/131) عن أبي داود عن أنس مرفوعا. وقال الثقفي: " وأبو داود هو الأعمى، واسمه نفيع بن الحارث السبيعي الكوفي ". قلت: وهو متهم بالوضع، قال ابن معين: " يضع، ليس بشيء ". وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات الموضوعات توهما، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال الساجي: " كان منكر الحديث، يكذب "، ثم ساق له هذا الحديث، وقال: " وهذا الحديث يصحح قول قتادة فيه: إنه كان سائلا، لأن هذا حديث السؤال ". وقال الحاكم: " روى عن بريدة وأنس أحاديث موضوعة ". قلت: وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/313) بما لا يجدي؛ بما رواه الخطيب (4/7 - 8) في ترجمة (أحمد بن إبراهيم القطيعي) ، ولم يذكر فيه شيئا سوى حديثه! قال: حدثنا عباد بن العوام (بسنده) عن عبد الله مرفوعا: " ما من أحد إلا.. " الحديث نحوه. فهو مجهول، وقد خالف الحفاظ، فقال ابن أبي شيبة (13/301) ، وأحمد في " الزهد " (ص 155) : أنبأنا عباد بن العوام به. وهذا هو الصحيح موقوف على ابن مسعود. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 2241 - " خياركم كل مفتن تواب ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/364/2) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الذهبي في " الضعفاء ": " عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي ضعفوه، والنعمان بن سعد كوفي مجهول ". ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد " المسند " من طريق أخرى واهية جدا، وقد مضى برقم (96) . وقد صح بلفظ: " إن المؤمن خلق مفتنا توابا.. " الحديث. وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (2276) . الحديث: 2241 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 2242 - " إن للقلوب صدأ كصدأ الحديد، وجلاؤها الاستغفار ". موضوع رواه ابن عدي (346/1) ، والبيهقي في " الشعب " (1/364) ، والديلمي ( 1/2/292 - 293 ) ، وابن عساكر (17/285/2) ؛ كلهم من طريق الوليد بن سلمة الطبراني عن نضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن أنس مرفوعا، وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ ". قلت: وعلته النضر هذا؛ قال الذهبي: " مجهول ". الحديث: 2242 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 وقال ابن حبان: " لا يحتج به ". بل آفته الوليد بن سلمة كما يأتي، وقد تفرد به كما قال الطبراني. والحديث عزاه المنذري (2/269) للبيهقي، وأشار لضعفه، ووقع عند البيهقي بلفظ " النحاس " مكان " الحديد "، وهو رواية لابن عدي (7/2540) ، وقد تحرف في " كنز العمال " (1/486/4102) لفظ " النحاس " إلى " الناس "! وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2418/7031) باللفظ الأول " الحديد " لابن عدي ، والخطيب في " المتفق والمفترق "، وابن عساكر. وعزاه في " الصغير " للحكيم وابن عدي، وهو في " ضعيف الجامع " برقم (1964) . وزاد المناوي في تخريجه: " والطبراني في " الأوسط " و" الصغير "، قال الهيثمي: وفيه الوليد بن سلمة الطبراني، وهو كذاب ". قلت: وهو كما قال، فإعلاله به أولى، وبذلك يصير الحديث موضوعا، فمن الغريب حقا أن المناوي - الذي يعود إليه فضل التنبيه على هذه العلة - اقتصر في كتابه الآخر " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "! فلا أدري أنسي أم تناسى؟ ! وللحديث شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بنحوه، وسيأتي إن شاء الله تعالى برقم (6096) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 ثم هو في " المعجم الصغير " للطبراني (رقم 42 - الروض النضير) ، وفي " الأوسط " (2/131/1/7537 - بترقيمي) بإسنادين عن الوليد بن سلمة الطبراني به. 2243 - " إن الله ينهاكم عن التعري، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم؛ الكرام الكاتبين، الذين لا يفارقونكم إلا عند حالتين (وفي رواية: ثلاث حالات) : الغائط والجنابة والغسل، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء، فليستتر بثوبه أوبجذمة حائط [أوببعيره] ". ضعيف جدا رواه السراج في حديثه (67/1) ، والبزار في " مسنده " (1/160/317) : حدثنا محمد بن كرامة: حدثنا عبيد الله بن موسى: حدثنا حفص بن سليمان المكتب عن علقمة بن مرثد عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. وقال البزار (والرواية الأخرى والزيادة له) : " لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وحفص لين الحديث ". قلت: بل هو متروك الحديث مع إمامته في القراءة كما قال الحافظ. وقد خالفه سفيان ومسعر، فقالا: عن علقمة بن مرثد عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأرسله بلفظ: " أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين: الجنابة والغائط. فإذا اغتسل أحدكم؛ فليستتر بجذم (الأصل " بجرم ") حائط، أو ببعيره، أوليستره أخوه ". أخرجه ابن أبي حاتم في " تفسيره "؛ كما في " تفسير ابن كثير " (4/482) ، وقال عقبه في " تاريخه " (1/51) : الحديث: 2243 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 " هذا مرسل، وقد وصله البزار في " مسنده " من طريق جعفر (!) بن سليمان - وفيه كلام - عن علقمة عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: كذا وقع فيه: " جعفر "، وهو خطأ مطبعي فيما أرى؛ لمخالفته لما تقدم في إسناد السراج والبزار، وهكذا على الصواب وقع في " تفسير ابن كثير " من رواية البزار، والعجيب أن هذا الخطأ نفسه وقع فيما نقله الهيثمي في " المجمع " (1/268) عن البزار في كلامه الذي ذكرته آنفا، وبناء عليه قال: " قلت: جعفر بن سليمان من رجال " الصحيح "، وكذلك بقية رجاله، والله أعلم ". وجاء في التعليق عليه في الحاشية: " (فائدة) : جعفر بن سليمان ليس هو الضبعي الذي أخرج له مسلم. وإنما هو حفص ابن سليمان، وهو ضعيف بمرة، فكأنه تصحف على الشيخ كما في هامش الأصل ". قلت: وهو من تعليقات الحافظ ابن حجر كما يغلب على الظن، وهو حق ظاهر، وأعجب مما سبق تعقيب الشيخ الأعظمي على كلام الهيثمي المتقدم بقوله: " قلت: ليس في إسناده جعفر، بل حفص، وحفص بن سليمان من رجال الصحيح "! وهذا خطأ فاحش، ولعله سبق قلم، فإن حفصا هذا متروك كما تقدم، وليس من رجال " الصحيح ". والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 وقد روي الحديث مختصرا نحوه من حديث ابن عمر، وفيه ليث بن أبي سليم، وقد ترك بسبب اختلاطه، وهو مخرج في " الإرواء " (64) ، وقد قواه بعض من انتقدنا ممن أوتي حفظا، ولم يؤت علما، فانظر الحديث الآتي برقم (6006) . 2244 - " الإيمان [بالقدر] نظام التوحيد ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/359) عن مزاحم بن العوام عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مزاحم بن العوام؛ لم أجد من ترجمه، وقد مضى له حديث آخر في الإيمان بالقدر (806) . الحديث: 2244 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 2245 - " الإيمان بالله والعمل قرينان، لا يصلح واحد منهما إلا مع صاحبه ". ضعيف رواه العدني في " كتاب الإيمان " (ق 235/1) : قال: حدثنا حكام بن سلم عن ابن سنان عن عمروبن مرة الجملي عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. ورواه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (2/197/1527) من طريق آخر عن حكام به. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، ورجاله ثقات رجال مسلم، وفي ابن سنان - واسمه سعيد أبو سنان الشيباني - بعض الكلام من قبل حفظه. الحديث: 2245 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 ومحمد بن علي؛ هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب؛ أبو جعفر الباقر. ثم رواه ابن جرير عن عبد الوهاب بن مجاهد عن مجاهد، مرسلا نحوه مختصرا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن شاهين في " السنة " عن محمد بن علي مرسلا. وقد أسنده بعض التلفاء عن ابن سنان بلفظ: 2246 - " الإيمان والعمل شريكان في قرن، لا يقبل الله أحدهما إلا بصاحبه ". موضوع رواه الديلمي (1/2/361) عن أصرم بن حوشب: حدثنا أبو سنان: حدثنا عمروبن مرة عن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع من قبل أصرم بن حوشب، فإنه كذاب خبيث؛ كما قال يحيى . وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث ". وقد رواه غيره عن أبي سنان به، لم يتجاوز محمد بن علي؛ كما تقدم في الذي قبله. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن شاهين في " السنة " عن علي. والمناوي في " شرحه " للحاكم "، ولم أره في " مستدركه ". والله أعلم، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء! ثم رأيته في" الجامع الكبير " معزوا للحاكم في " تاريخه "، فتبين خطأ أوتساهل المناوي في إطلاق العزوإليه. الحديث: 2246 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 2247 - " الإيمان بالله باللسان، والتصديق له بالعمل ". موضوع رواه الديلمي (1/2/359) عن عيسى بن إبراهيم: حدثنا الحكم بن عبد الله عن الزهري [عن عروة] ... عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الحكم بن عبد الله، وهو الأيلي، وعيسى بن إبراهيم، وهو ابن طهمان الهاشمي، فإنهما هالكان؛ كما قال الذهبي. والأول؛ قال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ". وقال السعدي وأبو حاتم: " كذاب ". والآخر؛ قال البخاري والنسائي: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". والحديث عزاه السيوطي في " اللآلي " (1/36) ، للشيرازي في " الألقاب " عن عائشة، ومنه استدركت الزيادة، وسقط منه " الحكم بن عبد الله ". الحديث: 2247 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 2248 - " بشر من شهد بدرا بالجنة ". ضعيف رواه الديلمي (2/1/17) من طريق الطبراني عن الحارث بن حصيرة عن تميم بن حذيم عن عقبة بن حميري عن أبي بكر الصديق مرفوعا. الحديث: 2248 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 قلت: هذا إسناد ضعيف. من دون أبي بكر الصديق لم أعرفهم؛ غير الحارث بن حصيرة ، وهو شيعي مختلف فيه، فوثقه بعضهم، وضعفه آخرون، وقال ابن عدي: " وهو مع ضعفه يكتب حديثه ". والحديث عزاه السيوطي للدارقطني في " الأفراد "، وبيض به المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء. ويغني عن الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " لن يدخل النار رجل شهد بدرا والحديبية ". وهو مخرج في الصحيحة " (2160) . 2249 - " بعثت داعيا ومبلغا؛ وليس إلي من الهدى شيء، وخلق إبليس مزينا؛ وليس إليه من الضلالة شيء ". موضوع أخرجه الدولابي (2/157) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 116) ، وابن عدي في " الكامل " (ورقة 119/1) ، وأبو الشيخ في " التاريخ " (ص 323) ؛ وأبو إسحاق المزكي في " الثاني من الفوائد كما في جزء منتخب منها " (53/2) ، وأبو عثمان البجيرمي في " الفوائد " (3/13/2) واللالكائي في " السنة " (1082) ، والجرجاني (354) ، وابن عساكر (16/71/1) ، وأبو محمد الحسن بن محمد بن إبراهيم في " أحاديث منتقاة " (ق 145/1) ، والديلمي في " مسنده " (2/1/5) ، والسلفي في " معجم السفر " (163/1) عن خالد بن عبد الرحمن العبدي أبي الهيثم عن سماك بن حرب عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب مرفوعا. وقال العقيلي: الحديث: 2249 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 " خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم؛ ليس بمعروف بالنقل، وحديثه غير محفوظ، ولا يعرف له أصل ". ثم ساق له هذا فقط، وقال ابن عدي: " وفي قلبي من هذا الحديث شيء، ولا أدري أسمع خالد من سماك أولقيه، أم لا ". قال: " وخالد ليس بذاك ". قلت: والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي حاكيا لكلامه المذكور، فتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1/131) بكلام ابن عدي المذكور أيضا الذي ظاهره أن ليس في الحديث إلا الانقطاع؛ فقال السيوطي: " وخالد الخراساني روى له أبو داود والنسائي، ووثقه ابن معين، فحينئذ ليس في الحديث إلا الإرسال ". قال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (138/2) : " قلت: وفرق الحافظ الدارقطني والمزي والذهبي وابن حجر بين الخراساني والذي في هذا الإسناد، وقالوا: إن هذا هو العبدي العطار الكوفي، وقال الدارقطني وابن حجر: إنه مجهول. والله أعلم ". قلت: وقال الدارقطني كما في " الميزان ": " لا أعلمه روى غير هذا الحديث الباطل ". يعني هذا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 2250 - " التوبة النصوح: الندم على الذنب حين يفرط منك، فتستغفر الله بندامتك عند الحافر، ثم لا تعود إلي أبدا ". موضوع رواه الخطابي في " الغريب " (1/472) ، وكذا ابن أبي حاتم عن الوليد بن بكير أبي جناب (1) عن عبد الله بن محمد العدوي عن أبي سنان البصري عن أبي قلابة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح، فقال: " هو الندم ... ". وقال الخطابي: " عند الحافر: معناه عند مواقعة الذنب، لا تؤخرها فتكون مصرا ". قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته العدوي هذا؛ قال وكيع: " يضع الحديث ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". والوليد بن بكير. قال الذهبي: " ما رأيت من وثقه غير ابن حبان، قال أبو حاتم: شيخ ". لكن نقل الحافظ عن الدارقطني أنه قال: " متروك الحديث ". فتوثيق ابن حبان مردود.   (1) كذا في مسودتي، وكذلك هو في " تفسير ابن كثير " من رواية ابن أبي حاتم و" تهذيب التهذيب ". وفي " الميزان ": " أبو خباب " بالخاء المعجمة ثم باء موحدة. وكذا في " تهذيب المزي "، وهو الصواب كما في " الإكمال " و" التوضيح "، وقالا: " متروك الحديث ". اهـ الحديث: 2250 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 والحديث عزاه السيوطي لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء! ورواه هناد في " الزهد " (2/453 - 454) ، وعنه الطبري في " التفسير " ( 28/107) ، وابن أبي شيبة (13/279) ، والحاكم (2/495) وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/367 - هندية) عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه نحوه. 2251 - " يوم الثلاثاء يوم الدم، فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم ". ضعيف رواه أبو داود (2/151 - تازية) ، والعقيلي في " الضعفاء " (55) عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال: حدثتني عمتي كيسة أن أبا بكرة كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوم الدم ويقول: " فيه ساعة ... ". ذكره العقيلي في ترجمة بكار هذا، وقال: " لا يتابع عليه، وليس في هذا الباب في اختيار يوم للحجامة شيء يثبت ". وروى عن ابن معين أنه قال في بكار هذا: " ليس بشيء ". وقال في " التقريب ": " صدوق يهم ". قلت: وكيسة مجهولة، تفرد عنها ابن أخيها بكار بن عبد العزيز، كما في " الميزان "، فقول الحافظ: " لا يعرف حالها " ليس بدقيق، وحقه أن يقال: " لا تعرف "، أو: " مجهولة "، لأنها مجهولة العين، لا مجهولة الحال فقط! الحديث: 2251 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 2252 - " أكثروا الصلاة علي، فإن صلاتكم علي مغفرة لذنوبكم، واطلبوا لي الدرجة الوسيلة، فإن وسيلتي عند ربي شفاعة لكم ". ضعيف جدا رواه ابن عساكر (17/246/1) ، عن ناشب بن عمروالشيباني: نا مقاتل بن حيان عن أبي صالح عن الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، ناشب بن عمروالشيباني، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني: " ضعيف ". والحديث بيض به المناوي. الحديث: 2252 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 2253 - " أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء، واليوم الأزهر، فإن صلاتكم تعرض علي ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (243 من ترتيبه) عن عبد المنعم بن بشير الأنصاري : حدثنا أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لا يروى عن محمد عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو مودود ". قلت: وهو ثقة، كما قال أحمد وابن معين وأبو داود وابن المديني وغيرهم، فقول الحافظ فيه: " مقبول "؛ غير مقبول، ولعله سبق قلم منه أومن النساخ. الحديث: 2253 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 لكن الراوي عنه عبد المنعم بن بشير الأنصاري متهم، بل وضاع، قال الذهبي: " جرحه ابن معين واتهمه، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا ". وقال الحاكم: " يروي عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات ". وقال الخليلي في " الإرشاد ": " هو وضاع على الأئمة ". ومنه يتبين تساهل الهيثمي في اقتصاره على قوله فيه (2/169) : " وهو ضعيف ". والحديث عزاه في " الجامع " للبيهقي في " الشعب " عن أبي هريرة، وابن عدي عن أنس، وسعيد بن منصور عن الحسن، وخالد بن معدان مرسلا. قلت: وحديث أنس مخرج في " الصحيحة " (1407) ، من رواية ابن عدي، وليس فيه " الليلة الزهراء واليوم الأزهر "، وإنما قال: " ليلة الجمعة، ويوم الجمعة ". وحديث ابن معدان المرسل لفظه: " أكثروا الصلاة علي في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ". هكذا ذكره السخاوي في " القول البديع " (ص 159 - بيروت) من رواية سعيد بن منصور في " سننه ". ومن ذلك يتبين للقارىء تساهل السيوطي في عزوالحديث بلفظ الترجمة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 لابن منصور وابن عدي! والحديث أورده السخاوي (159) عن عمر بن الخطاب مرفوعا به، وزاد: " فأدعولكم وأستغفر "، وقال: " ذكره ابن بشكوال بسند ضعيف ". ثم أورده عن ابن شهاب الزهري رفعه مرسلا دون الزيادة. أخرجه النميري. 2254 - " إذا تجشأ أحدكم أوعطس فلا يرفعن بهما الصوت، فإن الشيطان يحب أن يرفعه بهما الصوت ". ضعيف رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/156 - 157) ، وابن عساكر (18/189/1) ، عن أبي عتبة أحمد بن الفرج: نا بقية: نا الوضين عن يزيد بن مرثد، أدرك ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وواثلة بن الأسقع قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وهذا إسناد ضعيف، أحمد بن الفرج قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعيف، ضعفه محمد بن عوف ". والوضين هو ابن عطاء، قال أحمد: " ما كان به بأس "، ولينه غيره. قاله الذهبي في المصدر السابق. وقال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ ". الحديث: 2254 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 ورواه أبو داود في " مراسيله " (524) عن يزيد بن مرثد. وأما حديث: " كف عنا جشاءك.. " فصحيح بمجموع طرقه، وقد خرجته لذلك في " الصحيحة " (343) . 2255 - " إذا تمنى أحدكم، فلينظر ماذا يتمنى، فإنه لا يدري ما يكتب من أمنيته ". ضعيف رواه الطيالسي في " مسنده " (2341) ، وكذا أحمد (2/357 و387) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (794) ، والترمذي (3605) ، وحسنه، وأبو يعلى ( 5907) ، وابن عدي (244/2) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (2/385/1) عن عمر ابن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن عدي: " وهذا الحديث لا بأس به، وعمر بن أبي سلمة متماسك الحديث، لا بأس به ". قلت: قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي ". وفي " التقريب ": " صدوق يخطىء ". الحديث: 2255 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 2256 - " إذا وقعت كبيرة، أوهاجت ريح مظلمة، فعليكم بالتكبير، فإنه يجلي العجاج الأسود ". الحديث: 2256 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 موضوع. رواه أبو يعلى في " المسند " (1947) ، وابن السني في " عمل اليوم " (379) ، وابن حبان في " المجروحين " (2/179) عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرجه ابن عدي (302/1) ، وقال: " محمد بن زاذان منكر الحديث، لا يكتب حديثه ". قلت: الجملة الأولى منه قالها الترمذي أيضا، والأخرى قالها البخاري، فهو شديد الضعف. لكن الراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن الأموي شر منه، فقد قال أبو حاتم: " متروك الحديث، كان يضع الحديث ". وقال البخاري: " تركوه ". وقال الأزدي: " كذاب ". قلت: وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (10/138) . 2257 - " إلياس والخضر أخوان، أبو هما من الفرس، وأمهما من الروم ". موضوع رواه الديلمي (1/2/214) عن أحمد بن غالب: حدثنا عبد الرحمن بن محمد: حدثنا إسحاق بن عيسى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 2257 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عبد الرحمن هذا أوالراوي عنه. قال الحافظ في " اللسان ": " عبد الرحمن بن محمد اليحمدي، ويقال التميمي؛ شيخ مجهول. روى عنه أحمد بن محمد بن غالب المعروف بغلام خليل، وهو تالف ". ثم ساق له حديثا آخر من طريق أحمد هذا عنه عن مالك ... وأنت ترى أنه روى هذا الحديث عنه بواسطة إسحاق بن عيسى، وهو ثقة، فيحتمل أن يكون عبد الرحمن هذا هو ابن محمد أبو سبرة المدني. قال الحاكم أبو أحمد: " له مناكير ". والحديث أشبه شيء بالإسرائيليات، وقد رواه ابن عساكر بإسناده إلى السدي من قوله كما في " تاريخ ابن كثير " (1/330) ، وهذا يؤيد ما ذكرنا. والله أعلم. 2258 - " الهو اوالعبوا؛ فإني أكره أن يرى في دينكم غلظة ". موضوع رواه الديلمي (1/1/19) عن أبي بكر الذهبي عن محمد بن عبد السلام عن يحيى بن يحيى عن عبد العزيز بن محمد عن عمروبن أبي عمروعن المطلب بن عبد الله مرفوعا. قال الحافظ: " الذهبي اسمه ............ و ......... "! كذا في الأصل بياض، وآفة هذا الإسناد عندي محمد بن عبد السلام، وهو ابن النعمان. قال الذهبي: الحديث: 2258 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 " بصري، كتب عنه ابن عدي، ورماه بالكذب، وأنه يروي ما لم يسمعه ". ويحيى بن يحيى: الظاهر أنه الغساني الواسطي، قال ابن حبان: " لا تجوز الرواية عنه، لأنه أكثر من مخالفة الثقات فيما يرويه عن الأثبات ". وبه أعله المناوي، وبالانقطاع. يعني: الإرسال، لأن المطلب بن عبد الله تابعي كثير التدليس والإرسال. ثم توقفت في كون يحيى هذا هو الغساني، بل الراجح أنه يحيى بن يحيى بن بكر الحنظلي أبو زكريا النيسابوري الثقة الإمام، فد رأيت في ترجمته من " تهذيب المزي " أنه روى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي. 2259 - " إن الأرض لتعج إلى ربها من الذين يلبسون الصوف رياء ". باطل رواه الديلمي (1/2/266) عن نوح بن عبد الرحمن: حدثنا محمد بن عبيد الهمداني : حدثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، عباد بن منصور ضعيف. ومن دونه لم أعرفهما. وقد أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (3/156) ، والشجري في " الأمالي " ( 2/223) من طريق أبي حكيم الأزدي عن عباد به. وقال ابن حبان: " أبو حكيم؛ شيخ يروي المناكير عن أقوام ضعاف، ويأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه. وعباد قد تبرأنا من عهدته ". الحديث: 2259 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 والحديث ذكره السيوطي من رواية الديلمي عن ابن عباس. فتعقبه المناوي بقوله: " ورواه عنه أيضا الحاكم، وعنه ومن طريقه خرجه الديلمي مصرحا، فعزوالمصنف الحديث للفرع، وإضرابه عن الأصل تقصير أوقصور. وفي " الميزان " ما محصوله أنه خبر باطل، ولعله لأن فيه سهل بن عمارة، قال في " الضعفاء ": رماه الحاكم بالكذب. وعباد بن منصور قد ضعفوه ". قلت: ليس في مسودتي ذكر لسهل بن عمار في إسناد الديلمي، وأنا نقلته من " مختصره " للحافظ ابن حجر، ولست أطوله الآن لأعيد النظر في إسناده، لأنه في دار الكتب المصرية، وأنا أكتب هذا في دمشق، والذهبي إنما أبطله لرواية ( أبي حكيم الأزدي) ، ووافقه العسقلاني. 2260 - " من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة، فليتزوج أم أيمن ". ضعيف أخرجه ابن سعد (8/224) عن فضيل بن مرزوق عن سفيان بن عقبة قال: " كانت أم أيمن تلطف النبي صلى الله عليه وسلم، وتقوم عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، فتزوجها زيد بن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد ". قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير سفيان بن عقبة، ولم أجد له ترجمة، وليس هو أخوقبيصة الذي روى عن الثوري كما زعم المناوي، فإنه متأخر عن هذا، وهذا تابعي كما يدل عليه ظاهر الإسناد، ولذلك قال في الحديث: 2260 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 " الجامع الصغير ": " إنه مرسل ". 2261 - " عجب ربكم من ذبحكم الضأن في يوم عيدكم هذا ". موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/234) ، والبيهقي في " الشعب " ( 2/394/2) ، والديلمي في " مسند الفردوس " (2/295 - زوائده) عن سليمان بن داود المنقري: حدثنا ابن أبي فديك عن شبل بن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته المنقري، وهو الشاذكوني، فإنه مع حفظه اتهمه غير واحد بالكذب بالحديث. وقال الذهبي في " الضعفاء ": " قال ابن معين: كان يكذب، وقال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: متروك ". ويظهر أن المناوي خفيت عليه هو ية سليمان هذا، لأنه لم ينسب في رواية البيهقي ، فأخذ يعله بمن فوقه: بشبل بن العلاء، بل وبأبيه العلاء بن عبد الرحمن، مع أنه ثقة من رجال مسلم، فقال: " والعلاء بن عبد الرحمن أورده أيضا (يعني الذهبي) في (الضعفاء) ". وهذا منه عجيب، فإن الذهبي لم يقتصر فيه على مجرد إيراده إياه، بل أتبعه بقوله: " صدوق، قال ابن عدي: ما أرى به بأسا ". وأعله أيضا بابن أبي فديك، واسمه محمد بن إسماعيل بن مسلم، فقال: " قال ابن سعد: ليس بحجة ". الحديث: 2261 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 قلت: لم يجرحه غيره، وقد قال ابن معين: ثقة، والنسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في " الثقات "، واحتج به الشيخان، فمثله لا يؤثر فيه جرح من جرحه بدون سبب مفسر جارح، ولذلك قال الذهبي في " الميزان ": " صدوق مشهور، محتج به في الكتب الستة، قال ابن سعد وحده: ليس بحجة، ووثقه جماعة ". 2262 - " سيد الفوارس أبو موسى ". ضعيف أخرجه ابن سعد (4/107) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا نعيم بن يحيى التميمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل، نعيم هذا من أتباع التابعين؛ قال ابن أبي حاتم (4/1/462) : " روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد والحسن بن عمروالفقيمي. روى عنه زيد ابن حباب، وأحمد بن عبد الله بن يونس ويحيى الحماني وابنه عبيد صاحب شهاب ابن عباد ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في " الثقات " (9/218) . الحديث: 2262 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 2263 - " همة العلماء الرعاية، وهمة السفهاء الرواية ". موضوع رواه الخطيب في " اقتضاء العلم العمل " (ق 5/1) ، وابن عساكر (19/78/2) عن أحمد بن القاسم بن نصر: نا محمد بن سليمان بن حبيب لوين: حدثني أبو محمد الأطرابلسي عن أبي معمر عن الحسن قال: فذكره موقوفا عليه، ثم قال الخطيب: الحديث: 2263 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 " رواه محمد بن هارون بن حميد بن المجدر عن لوين، فقال: عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. قلت: ابن المجدر هذا ثقة، ولكني لم أقف على إسناده إليه هكذا مرفوعا، لا عند ابن عساكر ولا عند غيره، وقد عزاه إليه مرفوعا السيوطي في " الجامع "، ولا يصح عندي مرفوعا ولا موقوفا، لأن مداره على أبي محمد الأطرابلسي، وفي ترجمته أورده ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو في عداد المجهولين. والحسن هو البصري، فهو مرسل إن صح السند إليه مرفوعا، بل إن رفعه باطل عندي، ليس عليه نور النبوة. 2264 - " لا تسبوا السلطان، فإنه فيء الله في أرضه ". ضعيف جدا أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (1013) بتحقيقي، والبيهقي في " الشعب " ( 2/401/2 و7372 - ط) عن موسى بن يعقوب الزمعي عن عبد الأعلى بن موسى بن عبد الله بن قيس بن مخرمة: أن إسماعيل بن رافع مولى المزنيين أخبره: أن زيد ابن أسلم أخبره: أن أباه أسلم أخبره: أنه خرج إلى عمر بن الخطاب حين قدم إلى أبي عبيدة بن الجراح وهو بباب الجابية ، فقال أبو عبيدة: يا أسلم، هل استعملك عمر على مواليه وأهله؟ فقلت: لا. قال: فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، إسماعيل بن رافع المزني ضعيف جدا. قال الذهبي في " المغني في الضعفاء ": " ضعفوه جدا ". والزمعي فيه ضعف. وشيخه ومن فوقه قال في " الميزان ": الحديث: 2264 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 " عبد الأعلى بن عبد الله شيخ لموسى بن يعقوب الزمعي، لا يعرف من هو. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وشيخه إسماعيل مولى مزينة نحوه. يعني لا يعرف ". قلت: لم يقع عند العقيلي (3/60) (إسماعيل) منسوبا إلى أبيه (رافع) ، فلم يعرفه! والحديث أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (4/148) من طريق الواقدي، وهو متروك متهم. 2265 - " إياكم والدين، فإنه هم بالليل، ومذلة بالنهار ". ضعيف جدا رواه أبو الحسن الحربي في الثاني من " الفوائد " (169/1) : حدثنا ابن عبدة: حدثنا أبو كامل: حدثنا الحارث بن نبهان عن يزيد بن عبد الله عن أبي أيوب - قال : أبو كامل: لا أدري ذكره عن أنس أولا - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهكذا رواه الحربي أيضا في " جزء فيه نسخة عبد العزيز بن المختار عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة " (161/1) . قلت: وهذا إسناد موضوع. ابن عبدة هذا هو محمد بن عبدة بن حرب القاضي البصري ، قال الذهبي: " قال البرقاني وغيره: هو من المتروكين، وقال ابن عدي: كذاب، حدث عمن لم يرهم ". قلت: لكن رواه القضاعي (958) من طريق عبد الله بن وهب، قال: نا الحارث بن نبهان به. الحديث: 2265 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 فالآفة من الحارث هذا؛ فإنه متروك كما في " التقريب ". ومن طريقه أخرجه أبو عثمان البحيري في " الفوائد " (36/1) ، والواحدي في " الوسيط " (1/103/1) ، والديلمي في " المسند " (1/2/347) . 2266 - " أيما نائحة ماتت قبل أن تتوب؛ ألبسها الله سربالا من نار، وأقامها للناس يوم القيامة ". منكر رواه أبو يعلى في " مسنده " (4/1430) ، والعقيلي في " الضعفاء " (344) ، وابن عدي (320/1) ، وابن حبان في " المجروحين " (2/186) عن عبيس بن ميمون : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " عبيس: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن أحاديث حدثنا بها خلف بن هشام البزار عن عبيس بن ميمون؟ فقال أبي: أحاديث عبيس أحاديث مناكير ". ثم ساق به عبد الله أحاديث هذا منها، ثم قال: " قال أبي: هذه كلها مناكير ". وقال البخاري: " منكر الحديث "، ثم قال العقيلي: " ولا يتابع عليه ". وذكر ابن عدي نحوه، ثم قال: " وعامة ما يرويه غير محفوظ ". وقال ابن حبان: " ويروي عن الثقات الموضوعات توهما لا تعمدا ". الحديث: 2266 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 قلت: فهو ضعيف جدا، لا ضعيف فقط كما ترجمه الحافظ في " التقريب ". 2267 - " الإيماء خيانة، ليس لنبي أن يومئ ". ضعيف أخرجه ابن سعد (2/141) من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن أبي سرح يوم الفتح، وفرتنا وابن الزبعري وابن خطل، فأتاه أبو برزة، وهو متعلق بأستار الكعبة، فبقر بطنه، وكان رجل من الأنصار قد نذر إن رأى ابن أبي سرح أن يقتله، فجاء عثمان ، وكان أخاه في الرضاعة، فشفع له عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ الأنصاري بقائم السيف ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم متى يومئ إليه أن يقتله، فشفع له عثمان حتى تركه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: هلا وفيت بنذرك؟ فقال: يا رسول الله! وضعت يدي على قائم السيف أنتظر متى تومئ فأقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان؛ سيئ الحفظ. لكن الشطر الثاني منه قد جاء من طريقين آخرين أحدهما حسن كما قد بينته في الكتاب الآخر: " الصحيحة " برقم (1723) ، والآخر مخرج في " صحيح أبي داود " (2405) ، وفيهما القصة بنحوها. الحديث: 2267 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 2268 - " اليمن حسن الخلق ". ضعيف رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (54) من طريق الخرائطي، الحديث: 2268 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 وهذا في " المكارم " (ص 7 - 8 و10) بسنده عن أبي بكر بن أبي مريم قال: نا حبيب بن عبيد عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف. أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، ولهذا كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على هامش النسخة بحذاء الحديث: ضعيف. وضعفه العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء " (3/50) . 2269 - " إذا كان يوم القيامة، أتي بالوالي، فيوقف على جسر جهنم، فيأمر الله الجسر ، فينتفض انتفاضة يزول كل عظم من مكانه، ثم يأمر الله العظام [أن] ترجع إلى أماكنها، ثم يسأله، فإن كان مطيعا، أخذ بيده، وأعطاه كفلين من رحمته، وإن كان عاصيا، خرق به الجسر، فهو ى في جهنم مقدار سبعين خريفا ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/402/2 و383 - ط) عن حشرج بن نباتة عن هشام بن حبيب عن بشر بن عاصم عن أبيه: " أنه بعث إليه عمر بن الخطاب يستعمله على بعض الصدقة، فأبى أن يعمل له، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:.. " فذكره، فقال عمر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع؟ فقال: نعم، وكان سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري، قال سلمان: أي والله يا عمر بن الخطاب، ومع السبعين سبعين خريفا في واد من نار تلهب التهابا، فقال عمر بيده على جبهته: إنا لله وإنا إليه راجعون، من يأخذها بما فيها؟ فقال سلمان: من سلت الله أنفه، وألزق خده بالأرض. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حشرج بن نباتة، قال الحافظ: " صدوق يهم ". الحديث: 2269 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 وشيخه هشام بن حبيب لم أجد له ترجمة. وبشر بن عاصم هو ابن سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث الثقفي الطائفي؛ ثقة. وكذالك أبو هـ عاصم، وهو تابعي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يقول في الحديث: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ والجواب - والله أعلم - أنه سقط من الراوي أوالناس قوله: " عن أبيه " للمرة الثانية، يعني سفيان بن عبد الله، وهو صحابي معروف، وكان عامل عمر على الطائف. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر عن بشر بن عاصم أيضا بلفظ: " أيما وال ولي من أمر المسلمين شيئا وقف به على جسر جهنم، فيهتز به الجسر حتى يزول كل عضو". وبيض لإسناده المناوي والزبيدي في " الإتحاف " (7/76 - 77) ! 2270 - " أيما وال ولي أمر أمتي بعدي أقيم على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته، فإن كان عادلا؛ نجاه الله عز وجل بعدله، وإن كان جائرا؛ انتفض به الصراط انتفاضة تزايل بين مفاصله حتى يكون بين عضوين من أعضائه مسيرة مائة عام، ثم ينخرق به الصراط، فأول ما يتقي به النار أنفه وحر وجهه ". ضعيف رواه ابن بشران في " الأمالي " (2/12/1) : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد ابن علي بن مروان الأنصاري - بالكوفة -: حدثنا علي بن أحمد بن الحديث: 2270 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 عمروالجنيني: حدثنا محمد بن منصور: حدثنا حسن بن يحيى: حدثنا عمر بن علي بن عمر: حدثني الثقة عن أبي سهل عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن الثقة لم يسم. والراوي عنه عمر بن علي بن عمر لم أعرفه. وحسن بن يحيى الظاهر أنه الخشني، فإنه من هذه الطبقة. وهو صدوق كثير الغلط كما في " التقريب ". والراوي عنه لم أعرفه أيضا. وأما ابن مروان الأنصاري؛ فثقة ترجم له الخطيب (5/289) ترجمة جيدة. وأما أبو سهل؛ فهو محمد بن عمروبن عطاء أبو عبد الله المدني، وهو حسن الحديث. والحديث مما بيض له المناوي والزبيدي أيضا. 2271 - " الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان ". موضوع أخرجه ابن ماجه (رقم 65) ، وابن السماك في " حديثه " (2/88/2) ، والعقيلي في " الضعفاء " (406) ، والدولابي في " الكنى " (2/11) ، وابن جرير الطبري في " التهذيب " (2/196/1524 و1525) ، والآجري في " الشريعة " (ص 130 - 131 ) ، والبيهقي في " الشعب " (1/12) ، وأبو بكر الخبازي الطبري في " الأمالي " (10/2) ، وأبو نعيم في " أخبار الحديث: 2271 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 أصبهان " (1/138) ، والخطيب (10/343 - 344 و11/47) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/128) ، وابن عبد الهادي في " جزء أحاديث وحكايات " (329/2) ؛ كلهم من طريق أبي الصلت الهروي: حدثنا علي نب موسى الرضا: حدثنا أبي موسى بن جعفر: حدثنا أبي جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال العقيلي: " موسى بن جعفر حديثه غير محفوظ، ولا يتابع عليه إلا من جهة تقاربه، والحمل فيه على أبي الصلت الهروي ". قلت: اسمه عبد السلام بن صالح، قال الذهبي في " الضعفاء ": " اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة. وقال ابن عدي: متهم . وقال غيره: رافضي ". وفي " التقريب ": " صدوق، له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذاب ". قلت: لم ينفرد بذلك العقيلي، بل تابعه محمد بن طاهر، فقال أيضا: " كذاب "؛ كما نقله الحافظ نفسه في " التهذيب ". وذكر فيه عن أبي الحسن - وهو الدارقطني -: " وهو متهم بوضعه - يعني هذا الحديث - لم يحدث به إلا من سرقه منه، فهو الابتداء في هذا الحديث ". وقال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " (ق 3/1 - 2) : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 " وعبد السلام هذا ضعيف لا يحتج به، وقد رواه عن علي بن موسى الهيثم بن عبد الله، وهو مجهول، وداود بن سليمان القزويني وعلي بن الأزهر السرخسي وهما ضعيفان. ورواه الحسن بن علي العدوي عن محمد بن صدقة ومحمد بن تميم - وهما مجهولان - عن موسى بن جعفر والد علي. والحسن هو ابن علي بن زكريا بن صالح أبو سعيد البصري، وكان يضع الحديث. ولا يتيسر هذا الحديث من وجه صحيح ". قلت: متابعة الهيثم بن عبد الله هي من رواية العدوي أيضا، وقد أخرجها ابن عدي في " الكامل " (ق 93/2) من طريقه عنه، وعن ابني صدقة وتميم، ثم قال: " وهذا عن علي بن موسى الرضا قد رواه عنه أبو الصلت الهروي، وداود بن سليمان الغازي القزويني، وعلي بن الأزهر السرخسي وغيرهم، وهؤلاء أشهر من الهيثم ابن عبد الله الذي روى عنه العدوي؛ لأن الهيثم مجهول، وأما روايته عن محمد ابن صدقة ومحمد بن تميم، فإنهما مجهولان، فروى عنهما [عن] موسى بن جعفر والد الرضا، فلم أسمع به، ولم يحدث به غير العدوي، وعامة ما حدث به إلا القليل موضوعات، بل نتيقن أنه هو الذي وضعها على أهل البيت وغيرهم ". وأخرجه تمام في " الفوائد " (110/1) من طريق الهروي، ومن طريق العدوي عن محمد بن صدقة به. ومتابعة داود بن سليمان الغازي القزويني، أخرجها ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/128) ، وابن عبد الهادي في " جزئه " المذكور. وداود هذا كذاب؛ كما في " الضعفاء " للذهبي. وتابعه عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد به. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 أخرجه تمام. وعباد هذا كذاب هالك؛ كما قال الذهبي. وتابعه عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة: نا عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد: حدثني أخي علي بن موسى به. أخرجه أبو موسى المديني في " اللطائف " (85/2) . وابن زبالة جرحه ابن حبان وغيره. وتابعه أحمد بن العباس الزهري: حدثنا علي بن موسى الرضا به. أخرجه أبو بكر الطبري. وأحمد هذا هو الصنعاني، ضعفه جدا ابن عدي عن شيخه محمد بن محمد الجهني. وبالجملة؛ فهذه المتابعات كلها واهية جدا، فلا يزداد الحديث بها إلا وهنا، لا سيما مع جزم الإمام الدارقطني أنهم سرقوه من المتهم بوضعه، ألا وهو الهروي . وزعم بعض المعاصرين من المشتغلين بالحديث أن الحديث صحيح، وأن عبد السلام ابن صالح ثقة، وإنما تكلم فيه لتشيعه؛ مردود بأن الكلام فيه إنما هو لكونه روى أحاديث أنكرت عليه هذا أحدها، وقد صرح بذلك الخطيب البغدادي فقال: " قلت: وقد ضعف جماعة من الأئمة أبا الصلت، وتكلموا فيه بغير هذا الحديث ". ولذلك فلم يبعد ابن الجوزي عن الصواب حين حكم على الحديث بالوضع، وقد أقره عليه السخاوي في " المقاصد " (ص 140) ، وتبعه ابن القيم في " تهذيب السنن " (8/59) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 وأخرجه الخطيب (1/255 - 256) من طريقين آخرين عن علي بن موسى الرضا به. وفيهما من لم أعرفه. ثم رواه (9/386) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " عن عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي: حدثني أبي: حدثنا علي بن موسى به. وعبد الله هذا متهم. وكذا أبو هـ. (تنبيه) : أخرجه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (1/138) من طريق أبي علي أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت، وزاد في آخره: " وقال أبو علي: قال لي أحمد بن حنبل: إن قرأت هذا الإسناد على مجنون برىء من جنونه، وما عيب هذا الحديث إلا جودة إسناده "! قلت: وهذا لا يصح عن أحمد. أبو علي هذا مجهول، لم يزد أبو نعيم في ترجمته على قوله: " سكن نيسابور "! ثم ساق له هذا الحديث، وحديثا آخر منكر جدا بلفظ: " كونوا دراة، ولا تكونوا رواة، حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه ". ساقه عن أبي علي بالسند المذكور. وقد عزاه في " الجامع " لـ " الحلية " عن ابن مسعود، ولم أره في " فهرسه "، ولا تكلم على إسناده المناوي، ولوائح الوضع عليه لائحة. 2272 - " الإيمان (1) عفيف عن المحارم، عفيف عن المطامع ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/224) عن عمارة بن راشد عن محمد بن النضر الحارثي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال:   (1) الأصل " الإمام "، والتصحيح من " الجامع ". اهـ الحديث: 2272 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 " هذا مما لا يعرف له طريق عن غير محمد بن النضر ". وقال في آخر ترجمته: " وكان محمد بن النضر وضرباؤه من المتعبدين، لم يكن من شأنهم الرواية، كانوا إذا أوصوا إنسانا أووعظوه ذكروا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إرسالا ". وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/1/110) ، وقال: " روى عن الأوزاعي. روى عنه عبد الله بن المبارك وأبو نصر التمار وعبد الرحمن بن مهدي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وعمارة بن راشد لم أعرفه، وفي كتاب ابن أبي حاتم (3/1/365) : " عمارة بن راشد بن كنانة الليثي، ويقال ابن راشد بن مسلم، روى عن أبي هريرة مرسل، وسمع أبا إدريس وجبير بن نفير، وروى عن زياد عن معاوية. روى عنه عتبة بن أبي حكيم والإفريقي وعبد الله بن عيسى، قال أبي: مجهول ". قلت: وهذا متقدم عن الأول، فلا يظهر أنه هو. والله أعلم. 2273 - " كان يكره أن يرى الرجل جهيرا، رفيع الصوت، ويحب أن يراه خفيض الصوت ". موضوع رواه ابن وهب في " الجامع " (55 - 56) ، والمخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 8/15/2) ، وابن عدي (320/1) ، والطبراني في " الكبير " (8/208/ رقم 7736 ) عن مسلمة بن علي: حدثني يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا، وقال ابن عدي: الحديث: 2273 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 " لا أعلم يرويه عن يحيى غير مسلمة ن وكل أحاديثه، أوعامتها غير محفوظة ". قلت: وفي " الضعفاء " للذهبي: " تركوه ". قلت: وهو متهم كما سبق مرارا. 2274 - " كان يكره أن يرى المرأة ليس بيدها أثر الحناء والخضاب ". ضعيف رواه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (136/1) ، والبيهقي في " سننه " ( 7/311) عن أبي عقيل عن بهية، قالت: سمعت عائشة تقول: فذكرته مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بهية لا تعرف، وأبو عقيل - اسمه يحيى بن المتوكل - ضعيف. الحديث: 2274 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 2275 - " إن أفواهكم طرق القرآن، فطهروها بالسواك ". ضعيف جدا رواه ابن ماجه (291) موقوفا، وابن الأعرابي في " معجمه " (177/1) ، وأبو نعيم في " الحلية " (4/296) ، وأبو أحمد الحاكم في " الكنى " (ق 212/1) عن بحر السقاء عن عثمان بن ساج عن سعيد بن جبير عن علي مرفوعا. وقال الحاكم: " منكر جدا، لم يدرك سعيد عليا ". وقال أبو نعيم: الحديث: 2275 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 " غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلا من حديث بحر ". قلت: وهو ابن كنيز السقاء. قال الذهبي: " متفق على تركه ". وعثمان بن ساج؛ فيه ضعف، وقال البوصيري في " الزوائد " (23/1) : " إسناده ضعيف؛ لانقطاعه بين سعيد وعلي، ولضعف بحر.رواه البزار بسند جيد لا بأس به مرفوعا، ولعل [رواية] من أوقفه أشبه، ورواه البيهقي في " الكبرى " من طريق عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفا ". قلت: إسناده صحيح، ولكنه بلفظ: عن علي قال: أمرنا بالسواك، وقال: " إن العبد إذا قام يصلي أتاه الملك.. " إلخ. وهذا وإن كان ظاهره الوقف، فيمكن القول بأنه في حكم المرفوع؛ لأن قوله: أمرنا. بالبناء للمجهو ر، ومعناه: أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقرر في الأصول، فقوله: " وقال ... " يمكن عطفه على " الرسول صلى الله عليه وسلم " المفهو م من الفعل المبني للمجهول. ويؤيده أن في بعض طرق الحديث زيادة في آخره: " قال: قلت: هو عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم إن شاء الله تعالى ". وقد مضى تخريجه في " الصحيحة " برقم (1213) . 2276 - " إن المؤذنين والملبين يخرجون من قبورهم؛ يؤذن المؤذن، ويلبي الملبي ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الأوسط " (25/1 - بترتيبه) : حدثنا خلف بن عبد الله الضبي : حدثنا عمروبن الرضي بن نصر بن الرضي البصري: حدثنا الحديث: 2276 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 عبد الله بن عبد الملك الذماري: حدثنا أبو الوليد الضبي عن أبي بكر الهذلي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا، وقال: " لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو واه جدا، أبو بكر الهذلي قال الحافظ: " متروك ". وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. ومن دونهما لم أعرفه أحدا منهم. والحديث قال الهيثمي (1/327) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه مجاهيل لم أجد من ذكرهم ". قلت: فأين أنت من أبي بكر الهذلي المتروك؟ وتدليس أبي الزبير، الذي يمكن أن يكون أخذه عن بعض الكذابين، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1/106) من طريق علي (!) بن سويد عن نفيع أبي داود عن جابر به، إلا أنه لم يسقه بتمامه ، وقال بعد أن أشار إلى أن علة إسناده إلى نفيع غنما هو (ابن سويد) : " قال أبي: ونفس الحديث كأنه موضوع ". وأشار المنذري في " الترغيب " (1/109) إلى تضعيفه. ثم رأيت الحديث في " أخبار أصبهان " لأبي نعيم (1/338) من طريق المعلى بن هلال: حدثنا أبو داود الدارمي عن جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: " إن المؤذنين المحتسبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة وهو يؤذنون ". والمعلى بن هلال، وهو ابن سويد؛ قال الحافظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 " اتفق النقاد على تكذيبه ". ومن طريقه ذكره ابن أبي حاتم، إلا أنه وقع له (علي بن سويد) ، وهو معلى بن هلال بن سويد كما جزم به ابن أبي حاتم. وأبو داود الدارمي هو نفيع، وهو كذاب، فمن المحتمل أن يكون أبو الزبير تلقاه عنه، ثم دلسه. وللحديث طريق آخر، رواه ابن جميع في " معجم الشيوخ " (303 - 304) من طريق علي بن عيسى الرازي: حدثنا سعيد أبو عثمان: حدثنا ابن السماك عن سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن أنس مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد واه أيضا، ابن السماك اسمه محمد بن صبيح. قال الذهبي في " المغني ": " صدوق، وليس حديثه بشيء ". وسعيد أبو عثمان، الظاهر أنه الذي أورده أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/326) قال: " سعيد بن عثمان بن عيسى الكريزي أبو عثمان من ولد عبد الله بن عامر، روى عن حفص بن غياث، ويحيى القطان ومحمد بن جعفر - غندر - بمناكير ". ويقال فيه: سعيد بن عيسى الكريزي، قال الدارقطني: " ضعيف ". انظر " الأنساب " للسمعاني، و" اللسان " للعسقلاني. وعلي بن عيسى الرازي لم أعرفه الآن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 2277 - " إن المؤمن يؤجر في هدايته السبيل، وإماطته الأذى عن الطريق، وفي تعبيره بلسانه عن الأعجمي، وإنه ليؤجر في إتيانه أهله، حتى إنه ليؤجر في السلعة، فتكون في طرف الثوب، فيلتمسها، فيخطئها كفه، فيخفق لها فؤاده، فترد عليه، فيكتب له أجرها ". ضعيف بهذا اللفظ أخرجه ابن نصر في " الصلاة " أو" الإيمان " (224/2) ، والبزار في " مسنده " (1/454/957 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (3473) ، والطبراني في " الأوسط " (4/318/3554 - ط) عن منهال بن خليفة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث ما فرحنا بشيء منذ عرفنا الإسلام فرحنا به. قال: فذكره. وقال الطبراني: " تفرد به المنهال بن خليفة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير المنهال هذا، فقال ابن معين والنسائي: " ضعيف ". وقال البخاري: " فيه نظر ". وشذ البزار فقال: " لا نعلم رواه عن ثابت إلا المنهال، وهو ثقة "! والشطر الأول من الحديث قد جاء مفرقا في أحاديث خرجت بعضها في المجلد الثاني من " الصحيحة " (572 - 577) ، وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد (5/154) ، ورجاله ثقات. الحديث: 2277 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 2278 - " من نظر إلى أخيه نظر مودة ليس في قلبه عليه إحنة؛ لم ينصرف حتى يغفر به ما تقدم من ذنبه، وما من مسلم يصافح أخاه ليس في قلب أحد منهما على أخيه إحنة؛ لم تفترق أيديهما حتى يغفر الله لهما ". ضعيف جدا رواه ابن عدي (189 - 190) ، والطبراني في " الأوسط " (9/118 - 119 - ط) ، والبيهقي في " الشعب " (2/288/1 و6624 - ط) عن سوار بن مصعب عن كليب بن وائل عن ابن عمر مرفوعا، وقال: " سوار بن مصعب عامة ما يرويه ليس بمحفوظ، وهو ضعيف كما ذكروه ". قلت: وهو متروك كما قال النسائي وغيره. الحديث: 2278 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 2279 - " من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها؛ أخافه الله يوم القيامة ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/417/2 و7468 - ط) من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار عن رجل من بني سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن طريق إسرائيل: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمروقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف من قبل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو الإفريقي، فإنه ضعيف لسوء حفظه، والاختلاف المذكور في إسناده منه، فإن سفيان وإسرائيل ثقتان حافظان. وثمة اختلاف آخر عليه، فأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (5/139/ الحديث: 2279 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 9187) عن هشيم عن يعلى بن عطاء عن عبد الرحمن بن زياد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وذكره. 2280 - " ما من عبد يظلم رجلا مظلمة في الدنيا، لا يقتص من نفسه؛ إلا أقصه الله منه يوم القيامة ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/420/1 و7484 - ط) عن علي بن عاصم عن أبي هارون العبدي قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو هارون العبدي متروك، وعلي بن عاصم ضعيف. الحديث: 2280 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 2281 - " من قضى نسكه، وسلم المسلمون من لسانه ويده؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ". ضعيف رواه ابن عدي (38/2) ، وابن عساكر (15/348/2) عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيدة عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، موسى بن عبيدة ضعيف، وأما أخوه عبد الله بن عبيدة فمختلف فيه. قال الذهبي: " وثقه غير واحد، وأما ابن عدي فقال: الضعف على حديثه بين، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال أحمد: لا يشتغل به، ولا بأخيه، وقال ابن حبان: لا راوي له غير أخيه، فلا أدري البلاء من أيهما، وقال ابن معين: لم يسمع من جابر ". الحديث: 2281 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 ثم ساق له هذا الحديث. ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد كما في " فيض القدير ". 2282 - " من أراد أمرا، فشاور فيه، وفقه الله لأرشد الأمور ". ضعيف أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/430/1 و7538 - ط) عن العباس بن سهل بن أبي فديك عن عمروبن حفص عن أبي عمران الجوني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. وقال: " لا أحفظه إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو مظلم، من دون الجوني لم أعرفهما. وقد روي من حديث ابن عباس مرفوعا عند الطبراني في " الأوسط " (9/153/8329 - ط ) ، وابن حبان في " المجروحين " 0 2/280) ؛ وقال الطبراني: " تفرد به عمروبن الحصين ". قلت: وهو متروك، وبه أعله الهيثمي (8/96) ، ولعله (عمروبن حفص) الذي عند البيهقي؛ تحرف اسم أبيه على الناسخ. الحديث: 2282 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 2283 - " مروا بالمعروف، وانهو اعن المنكر، وإن لم تنتهو اعنه ". ضعيف جدا رواه ابن عدي (317/2) : حدثنا محمد: حدثنا الحسن بن عرفة: حدثنا المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " وهذا من حديث العلاء بهذا الإسناد غير محفوظ ". ذكره في ترجمة شيخه محمد هذا، وهو ابن أحمد بن عيسى أبو الطيب {المروزي} وقال فيه: " يضع الحديث ". الحديث: 2283 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 لكن رواه ابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف " (54/1) ، والبيهقي في " الشعب " (2/436/1 و7570 - ط) من طريق طلحة بن عمروعن عطاء به، وزاد: " .. وإن لم تعملوا به كله ". لكن طلحة هذا متروك الحديث، وأشار البيهقي إلى تضعيفه. وروي من حديث أنس أيضا، وهو ضعيف جدا أيضا. لكن معنى الحديث صحيح؛ خلافا لما قد يظن، وبيان ذلك في " الروض النضير " ( 103) . 2284 - " خذوا على أيدي سفهائكم ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/437/2 و7577 - ط) من طريق أحمد بن عبيد: نا إسماعيل بن الفضل البلخي: حدثنا سهل بن عثمان عن حفص عن الأعمش عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن عبيد، وهو ابن ناصح، قال الذهبي في " الميزان " (2/662) : " ليس بعمدة ". وقال الحافظ: " ليس الحديث ". والحديث رواه الطبراني أيضا في " الكبير "، والديلمي كما في " فيض القدير ". والديلمي رواه من طريق الطبراني كما في " تسديد القوس " (ق 122/1) ، ولم أره في " مجمع الزوائد ". الحديث: 2284 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 وإسماعيل بن الفضل البلخي، وثقه الدارقطني والخطيب في " تاريخ بغداد " (6/290 - 291) . 2285 - " أفضل الزهد في الدنيا [ذكر الموت] (1) ، وأفضل العبادة [ذكر الموت] (2) ، فمن أثقله ذكر الموت، وجد قبره روضة من رياض الجنة ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/128) عن روح عن أبان عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبان - وهو ابن أبي عياش - متروك. وروح الظاهر أنه ابن المسيب الكلبي. قال ابن عدي: " أحاديثه غير محفوظة ". وقال ابن معين: " صويلح ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات، لا تحل الرواية عنه ". وأشار الحافظ في " تسديد القوس " (ق 43/2) إلى إعلاله بـ (أبان) . الحديث: 2285 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 2286 - " الاستغفار في الصحيفة يتلألأ نورا ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/366) عن نصر بن علي الكتاني المروزي: حدثنا النضر بن شميل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا.   (1، 2) سقطتا من الأصل، واستدركتهما من " الفردوس " (1/357/1441) . اهـ الحديث: 2286 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير نصر بن علي الكتاني المروزي، فلم أعرفه. والحديث رواه ابن عساكر أيضا كما في " الجامع "، ولم يعله المناوي بغير بهز ، وليس بعلة قادحة، فإنه حسن الحديث. 2287 - " الاستغفار ممحاة للذنوب ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/367) عن عبيد بن كثير بن عبد الواحد التمار: حدثنا سفيان ابن بشر الآمدي: حدثنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي عن أبيه سمعت حذيفة يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن خراش: قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث ". وعبيد بن كثير؛ متروك؛ كما في " المجروحين " (2/176) و" اللسان ".. وشيخه (الآمدي) لم أعرفه. الحديث: 2287 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 2288 - " إذا عاد أحدكم مريضا، فلا يأكل عنده شيئا، فإنه حظه من عيادته ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/68 - الغرائب الملتقطة) عن القاسم [بن] الليث الرسعني: حدثنا موسى بن مروان: حدثنا يحيى عن عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. الحديث: 2288 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 قلت: هذا إسناد ضعيف جدا - إن لم يكن موضوعا -، آفته (عثمان بن عبد الرحمن) ، وهو (الوقاصي) ، روى عن مكحول، قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، كذبه ابن معين ". و (يحيى) هو ابن بشر الأسدي، ثقة. ثم هو منقطع بين مكحول وأبي أمامة؛ فإنه لم يره كما قال أبو حاتم، على أنه مدلس، وقد عنعنه. والحديث بيض له الحافظ في " الغرائب "، وسكت عنه في " تسديد القوس " كعادته. (تنبيه) كان في الأصل المصور بعض الأخطاء مثل (موسى بن وردان) ، فصححته من ترجمة القاسم بن الليث، كما أنه كان سقط منه لفظ (ابن) فاستدركت ذلك من " تهذيب المزي ". 2289 - " إذا ظهرت الفاحشة؛ كانت الرجفة، وإذا جار الحكام؛ قل المطر، وإذا غدر بأهل الذمة؛ ظهر العدو". ضعيف رواه ابن عدي (7/248) ، والديلمي (1/1/67) عن عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا يحيى بن يزيد [عن أبيه] عن عبد الله بن عبيد الله بن عمر عن أبيه عن جده ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: " يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي هو ووالده ضعيف ". وقال أبو حاتم: " منكر الحديث، لا أدري أمنه أومن أبيه؟ ". قال الذهبي: الحديث: 2289 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 " قلت: وأبو هـ مجمع على ضعفه ". ثم ساق مما أنكر عليه هذا الحديث. 2290 - " إن المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاثة أيام، فينسئه إلى ثلاثين سنة ، وإنه ليقطع الرحمن وقد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيغيره الله إلى ثلاثة أيام ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/296) من طريق أبي الشيخ معلقا عن حسين بن جعفر: حدثنا عكرمة بن إبراهيم عن زائدة بن أبي الرقاد: حدثني موسى بن الصباح: عن عبد الله بن عمرومرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، موسى بن الصباح، لم أعرفه، ومثله عكرمة بن إبراهيم، ويحتمل أنه الأزدي، وإن يكنه فهو ضعيف. وزائدة بن أبي الرقاد قال في " الميزان ": " ضعيف. وقال البخاري: منكر الحديث ". وتبعه العسقلاني. وحسين بن جعفر، الظاهر أنه الحسين بن علي بن جعفر الأحمر. قال أبو حاتم: " لا أعرفه ". الحديث: 2290 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 2291 - " ما عظمت نعمة الله عز وجل على عبد إلا عظمت مؤنة الناس عليه، فمن لم يحتمل تلك المؤنة، فقد عرض نعمة الله عز وجل للزوال ". ضعيف رواه ابن عدي (1/174) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (6/ الحديث: 2291 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 119/7666) ، وابن حبان في " المجروحين " (1/142 و2/280) ، وابن الجوزي في " العلل " (2/27) ، وأبو القاسم بن أبي قعنب في " حديث القاسم بن الأشيب " (5/2) ، والخطيب في " التاريخ " (5/181 - 182) ، والقضاعي (رقم 798 - 799) ، والبيهقي في " الشعب " (2/450/2) و (7666 - ط) والسلفي في الحادي عشر من " المنتخبة البغدادية " (44/1) عن محمد بن وزير الواسطي: نا أحمد بن معدان العبدي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أحمد بن معدان العبدي؛ قال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن عدي: " لا يعرف، وهذا الحديث يروى من وجوه، وكلها غير محفوظة ". وتابعه عمروبن الحصين الكلابي: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن ثور بن يزيد به. أخرجه البيهقي في " الشعب " (7664) ، وقال: " وهذا كلام مشهور عن الفضيل بن عياض ". وابن علاثة فيه ضعف، لكن عمروبن الحصين متروك متهم كما تقدم مرارا. وقال البيهقي في كل من الطريقين: " إسناد ضعيف ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 وللحديث شاهد من حديث عائشة نحوه. قال المنذري في " الترغيب " (3/251) : " رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما ". قلت: في إسناده عند ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (82/48) سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، قال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف، وأحاديثه ساقطة ". وأشار إلى تضعيفه، ولم يورده الهيثمي، لكن قد روي بلفظ آخر من حديث ابن عمر وابن عباس، وهما مخرجان في الكتاب الآخر (1692) . 2292 - " لكل نبي رفيق في الجنة، ورفيقي فيها عثمان بن عفان ". ضعيف رواه ابن ماجه (109) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/589/1289) ، وعبد الله بن أحمد في زوائد " فضائل الصحابة " (1/466/757) ، والعقيلي في " الضعفاء " (3/199) ، وابن العسكري في آخر كتاب " الكرم والجود " (114/2) ، وأبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (91/1) ، وابن عساكر (11/100/1) ، والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (97/2) عن أبي مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثني أبي عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " عثمان بن خالد العثماني؛ الغالب على حديثه الوهم، وهذا الحديث لا يعرف إلا به "، وقال البخاري: الحديث: 2292 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 " ضعيف؛ عنده مناكير ". وقال هو وأبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال الحاكم أبو عبد الله وأبو نعيم الأصبهاني: " حدث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة ". وقال ابن حبان: " يروي المقلوبات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به ". وساق له هذا الحديث. وقال الحافظ: " متروك الحديث ". ثم رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (1/74) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/589/ رقم 1288) ، والحاكم (3/98) ، وأبو يعلى في " الكبير "، انظر " المقصد العلي " (1778) ، والعقيلي في " الضعفاء " (3/479) عن القاسم بن الحكم الأنصاري: حدثنا أبو عبادة الزرقي الأنصاري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عثمان يوم حصر قال: يا طلحة أنشدك الله: أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره؟ قال طلحة: اللهم نعم، فذكر حديثا طويلا. كذا قال العقيلي، ثم عقبه بقوله: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 " هذا يروى بإسناد أصلح من هذا ". ذكره في ترجمة القاسم هذا، وقال: " قال البخاري: لم يصح حديث أبي عبادة "، يعني هذا. وقال الذهبي: " قال أبو حاتم: مجهول، قلت: محله الصدق ". وقال الحافظ في " التقريب ": " لين ". ولما قال الحاكم: " صحيح الإسناد "؛ رده الذهبي بقوله: " قلت: قاسم هذا قال البخاري: لا يصح حديثه، وقال أبو حاتم: مجهول ". رواه الترمذي (2/295) وابن عساكر عن يحيى بن يمان عن شيخ من قريش عن رجل من الأنصار يقال [له] الحارث عن طلحة بن عبيد الله مرفوعا به. وقال الترمذي: " حديث غريب، ليس إسناده بالقوي، وهو منقطع ". قلت: إسناده كله علل آخذ بعضها برقاب بعض: الأولى الانقطاع الذي أشار إليه الترمذي، وهو بين طلحة والحارث، وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب، فإنه لم يسمع من طلحة. الثانية: الحارث نفسه؛ صدوق يهم كما في " التقريب ". الثالثة: جهالة الشيخ القرشي. الرابعة: ضعف يحيى بن يمان، قال الحافظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 " صدوق عابد، يخطىء كثيرا، وقد تغير ". قلت: وقلبه أحد الكذابين فقال: " أبو بكر " مكان " عثمان ". أخرجه الغطريفي في " جزئه " (ص 33 - ط) بسند له افتعله عن ابن عمر! 2293 - " لوعاش إبراهيم، لوضعت الجزية عن كل قبطي ". موضوع رواه ابن سعد (1/144) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مسلم قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم يحدث عمي - يعني الزهري - قال: فذكره مرفوعا. قلت: آفته (محمد بن عمر) ، وهو الواقدي، قال النسائي: " كان يضع الحديث ". الحديث: 2293 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 2294 - " إذا أراد الله بعبد شرا خضر له في اللبن والطين حتى يبني ". ضعيف رواه الطبراني في " الصغير " (رقم 1127) ، و" الكبير " (رقم 1755) ، و" الأوسط " (10/170 - 171 - ط) ، وعنه الخطيب (11/381) : حدثنا أبو ذر هارون بن سليمان المصري: حدثنا يوسف بن عدي: حدثنا المحاربي عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح؛ غير هارون بن سليمان المصري، فلم أجد من وثقه، وليس له في " الأوسط " إلا هذا الحديث، مما يشعر أنه ليس بمشهور، وقد توبع، فرواه الخطيب من طريق علي بن الحسين بن خلف الحديث: 2294 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 المخرمي: قال : أخبرني محمد بن هارون الأنصاري: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي: حدثنا يوسف بن عدي به. لكن محمد بن هارون الأنصاري؛ قال الذهبي: " كان يتهم "، فلا قيمة لهذه المتابعة. على أن علة الحديث من فوق، وهي عنعنة أبي الزبير، فإنه كان يدلس. فقول المنذري (3/56) : " رواه الطبراني في " الثلاثة " بإسناد جيد ". فليس بجيد، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/69) : " رواه الطبراني في الصحيح خلا شيخ الطبراني، ولم أجد من ضعفه "! قلت: أولا: فهل وجدت من وثقه، فإن كل من لا يعرف يصدق عليه أن يقول القائل: لم أجد من ضعفه! ثانيا: من الظاهر أن في عبارته سقطا من الناسخ، وقد أشار إلى ذلك ناشره القدسي بقوله: " كذا الأصل ". وأنا أظن أن صواب العبارة: " رواه الطبراني في [الثلاثة، ورجاله رجال] (الصحيح) خلا.. " إلخ. هذا، وقد كنت خرجت الحديث في تعليقي على " المعجم الصغير " للطبراني المسمى بـ " الروض النضير " (رقم 189) ، وذكرت فيه أن الحافظ العراقي عزا الحديث لأبي داود بإسناد جيد عن عائشة، وأني لم أجده في " سنن أبي داود ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 قلت: هذا قبل أكثر من ثلاثين سنة قبل صدور بعض المؤلفات والفهارس التي تساعد على الكشف عن الحديث، والآن أنا أكتب هذا سنة (1403) قد راجعت له بعضها، ومنها " تحفة الأشراف " للحافظ المزي، فازداد ظني بخطأ ذلك العزو، ولعله اشتبه عليه بحديث عائشة الآخر بلفظ: " إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسوالحجارة واللبن ". وقد رواه مسلم بنحوه وهو مخرج في " آداب الزفاف " (ص 112 - الطبعة القديمة) . والله أعلم. 2295 - " إذا أراد الله بعبد هو انا؛ أنفق ماله في البنيان، أوف يالماء والطين ". ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (3/21/2) ، وابن حبان في " الثقات " ( 1/205) عن سلمة بن شريح عن يحيى بن محمد بن بشير الأنصاري عن أبيه مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الأوسط " (1/149/1 - 2) ، والضياء في " المسموعات بمرو" (8/1) ، وقال الطبراني: " لا يروى عن أبي بشير إلا بهذا الإسناد ". وقال ابن حبان: " هذا مرسل، وليس بمسند ". يعني أرسله محمد بن بشير الأنصاري، ذكره في " ثقات التابعين " وابنه يحيى لم أجد من ترجمه، ومثله سلمة بن شريح. بل قال الذهبي: " مجهول ". ولذا قال الهيثمي (4/69) : الحديث: 2295 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 " وفيه من لم أعرفه ". وله طريق آخر أخرجه ابن عدي (148/1) عن أبي يحيى الوقار: حدثنا العباس بن طالب الأزدي عن أبي عوانة عن قتادة عن أنس مرفوعا. وقال: " هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، والعباس بن طالب صدوق بصري لا بأس به ". قلت: والآفة من أبي يحيى الوقار؛ فإنه كان من الكذابين الكبار كما قال صالح جزرة، واسمه زكريا بن يحيى. 2296 - " إن العبد يدعو الله وهو يحبه، فيقول الله عز وجل: يا جبريل! اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها؛ فإني أحب أن لا أزال أسمع صوته، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه، فيقول الله عز وجل: يا جبريل! اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها؛ فإني أكره أن أسمع صوته ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/233/1/8607) ، و" الدعاء " ( 2/821/87) من طريق سويد بن عبد العزيز قال: نا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. وقال: " لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، تفرد به سويد بن عبد العزيز ". قلت: كذا قال، ولم يتفرد سويد - على أنه ضعيف -، بل تابعه يحيى بن حمزة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة به، وزاد: الحديث: 2296 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 " وعن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا ". أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/768) . وإليه فقط عزاه السيوطي في " الجامع الكبير "، وقال: " وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة - متروك ". وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (10/151) بعد ما عزاه للطبراني. ثم عزاه السيوطي لابن النجار عن أنس من طريق ابن أبي فروة. وجملة: " إني أحب أن أسمع صوته " قد رويت في حديث أبي أمامة بسياق آخر، سيأتي برقم (4994) . 2297 - " إذا أردت أن يحبك الله فابغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبك الناس؛ فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم ". ضعيف أخرجه الخطيب في " التاريخ " (7/270) وعنه ابن عساكر (2/377) عن أبي الفضل جعفر بن محمد العسكري: حدثنا محمد بن يزيد: أخبرني موسى بن داود الضبي: حدثني معاوية بن حفص قال: إنما سمع إبراهيم بن أدهم من منصور حديثا، فأخذ به فساد أهل زمانه، قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: حدثنا منصور عن ربعي بن حراش قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عمل يحبني الله عليه، ويحبني الناس، فقال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل، ورجاله ثقات معروفون؛ غير محمد بن يزيد، فلم يتبين لي من هو؟ ومثله أبو الفضل جعفر بن عامر العسكري، وليس هو الذي في الحديث: 2297 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 " ثقات ابن حبان " (8/162) : " جعفر بن عامر ... العسكري البغدادي أبو يحيى "، فإنه يختلف عنه كنية وطبقة، فإنه ذكره في الطبقة الرابعة، مثل شيخ شيخه (موسى بن داود الضبي) . وفي " الميزان " آخر يدعى (جعفر بن عامر البغدادي، روى عن أحمد بن عمار أخي هشام بن عمار بخبر كذب اتهمه به ابن الجوزي. والحديث المشار إليه تقدم في المجلد الثاني برقم (796) ، فيحتمل أن يكون هو هذا لقرب طبقته منه. والله أعلم. وربعي بن حراش تابعي جليل مشهور مات سنة مائة. ورواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 13/2) عن إبراهيم فأعضله. ورواه المفضل بن يونس عن إبراهيم بن أدهم عن منصور عن مجاهد: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه بلفظ: " أما ما يحلك الله عليه فالزهد في الدنيا.. "، والباقي نحوه. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/41 - 42) . ثم رواه من طريق أخرى مسندا عن مجاهد عن أنس، وأعله بوهم أحد رواته، وقال: " رواه الأثبات عن الحسن بن الربيع فلم يجاوزوا به مجاهدا ". قلت: فهو بهذا اللفظ مرسل جيد، وشاهد قوي لحديث سهل بن سعد المخرج في " الصحيحة " (944) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 2298 - " لأن أذكر الله مع قوم بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها، ولأن أذكر الله مع قوم بعد صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها ". ضعيف أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/218) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 1/409/559) والسياق له من طريق يحيى بن عيسى الرملي: حدثنا الأعمش قال: اختلفوا في القصص، فأتوا أنس بن مالك رضي الله عنه، فقالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص، فقال: إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، ولكن قد سمعته يقول: فذكره. أورده ابن عدي في ترجمة الرملي هذا، وروى تضعيفه عن غير واحد، وختم ترجمته بقوله: " وعامة رواياته مما لا يتابع عليه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". قلت: والأعمش مدلس، وقد رواه بصيغة التعليق، فهو العلة. وقد رواه قتادة عن أنس نحوه، لكن بلفظ: " أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ". أخرجه أبو داود (3667) ، والطبراني في " الدعاء " (2/1638/1878) وغيرهما ، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (2916) . الحديث: 2298 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 2299 - " ألا يستحي أحدكم من ملكيه اللذين معه؛ كما يستحي من رجلين صالحين من جيرانه ، وهما معه بالليل والنهار؟ ! ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/462/2) عن المعارك بن عباد النصري عن أبي عباد عن جده أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " إسناده ضعيف، وله شاهد ضعيف ". قلت: بل إسناده ضعيف جدا؛ إن لم يكن موضوعا، فإن أبا عباد هذا هو عبد الله ابن سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ متهم بالكذب. والمعارك بن عباد. قال الذهبي في " الميزان ": " قال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. قلت: وشيخه عبد الله واه ". وأما الشاهد الذي أشار إليه البيهقي، فهو الحديث الآتي: الحديث: 2299 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 2300 - " ألم أنهكم عن التعري؟ ! إن معكم من لا يفارقكم في نوم ولا يقظة، إلا حين يأتي أحدكم أهله، أوحين يأتي الخلاء، ألا فاستحيوا لها فأكرموها ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/462/2) عن الحسن بن أبي جعفر: حدثنا ليث عن محمد بن عمروعن أبيه عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث وهو ابن أبي سليم كان اختلط. الحديث: 2300 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 والحسن بن أبي جعفر ضعيف، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". 2301 - " من اتقى الله كل لسانه، ولم يشف غيظه ". منكر رواه ابن أبي الدنيا في " الورع " (166/1) : نا محمد بن بشير: نا عبد الرحمن ابن حريز: نا أبو حازم عن سهل بن سعد مرفوعا. ومن طريق ابن أبي الدنيا رواه السلفي في " الأربعين البلدانية " (21/2) ، وأبو القاسم بن عساكر في " طرق الأربعين " (56/2) ، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/57/2) . ومن طريق محمد بن بشير أبي جعفر الزاهد رواه العقيلي في " الضعفاء " (230) ، وقال: " ابن حريز هذا مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه، وفيه رواية من وجه آخر نحوهذا أويقاربه في الضعف ". وفي " الميزان ": " لا يعرف، وعنه محمد بن بشير الزاهد مثله ". وأقره الحافظ. وقال ابن عساكر: " هذا حديث غريب، وهو مشهور من قول أمير المؤمنين عمر ". وكذا كتب على هامش " الأربعين " محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب. الحديث: 2301 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 2302 - " ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام، لا يجد ريحها مختال، ولا منان بعمله، ولا مدمن خمر ". ضعيف جدا رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/283) والسياق له، والشجري في " الأمالي " (1/32 و2/308) ، وابن الجوزي في " جامع المسانيد " (65/1) عن الربيع بن بدر عن هارون بن رئاب عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الربيع بن بدر متروك. ولفظ الشجري: " خمسمائة عام ". وقد روي بهذا اللفظ من حديث ابن عباس نحوه، وسيأتي برقم (3651) . الحديث: 2302 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 2303 - " تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، فأما إبل الشياطين، فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنيبات معه قد أسمنها، فلا يعلوبعيرا منها، ويمر بأخيه قد انقطع به، فلا يحمله. وأما بيوت الشياطين؛ فلم أرها ". ضعيف رواه أبو داود في " الجهاد " رقم (2568) من طريق ابن أبي فديك: حدثني عبد الله بن أبي يحيى عن سعيد بن أبي هند قال: قال أبو هريرة: ... فذكره مرفوعا به، وزاد: " وكان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي تستر الناس بالديباج ". قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن أبي يحيى، وهو عبد الله بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي الملقب بـ " سحبل "، وهو ثقة، وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل، وفيه كلام يسير. الحديث: 2303 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 ثم تبين أن فيه انقطاعا بين سعيد وأبي هريرة، قال ابن أبي حاتم في " المراسيل " (ص 52) عن أبيه: " سعيد لم يلق أبا هريرة "، ونقله عنه العلائي (224/246) ، وأقره. وقد كنت أوردت الحديث في " الصحيحة " برقم (93) قبل أن يتبين لي الانقطاع المذكور، فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. 2304 - " إن الله يبغض كل جعظري جواظ، سخاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار ، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة ". ضعيف رواه ابن حبان في " صحيحه " (72 - الإحسان) : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي: أنبأنا عبد الرزاق: أنبأنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم؛ غير شيخ ابن حبان أحمد بن الحسن، وهو أبو حامد النيسابوري المعروف بابن الشرقي؛ قال الخطيب (4/426 - 427) : " وكان ثقة ثبتا متقنا حافظا ". وتابعه أبو بكر القطان: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي به. أخرجه البيهقي (10/194) . ثم تبين أنه منقطع بين سعيد وأبي هريرة كما تقدم في الحديث الذي قبله، فراجعه . وقد كان في " الصحيحة " أيضا (195) . الحديث: 2304 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 وقال العراقي في " تخريج الإحياء " (2/44) : " رواه أبو بكر بن لال في " مكارم الأخلاق " من حديث أبي هريرة بسند ضعيف ". وقد وجدت له طريقا أخرى، إلا أنها واهية جدا، فلا يستشهد بها. أخرجه الأصبهاني في " الترغيب والترهيب " (ق 200/2) من طريق محمد بن عبد الله بن إبراهيم بسنده عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة به. قلت: والمقبري هذا متروك، وابن إبراهيم هو الأشناني؛ قال الخطيب في " التاريخ " (5/439) : " روى عن الثقات أحاديث باطلة، وكان كذابا يضع الحديث. قال الدارقطني: كذاب ، دجال ". لكنه تابعه ثقة عند أبي الشيخ في " الأمثال "، فالآفة من المقبري، والله أعلم. قلت: وما أشد انطباق هذا الحديث - على ضعفه - على هؤلاء الكفار الذين لا يهتمون لآخرتهم، مع علمهم بأمور دنياهم، كما قال تعالى فيهم: " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون "، ولبعض المسلمين نصيب كبير من هذا الوصف، الذين يقضون نهارهم في التجول في الأسواق والصياح فيها، ويضيعون عليهم الفرائض والصلوات، " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهو ن . الذين هم يراؤن. ويمنعون الماعون ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 2305 - " إذا أراد أحدكم أمرا فليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت غلام الغيوب. اللهم إن كان كذا وكذا - من المر الذي يريد - لي خيرا في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري، [فاقدره لي، ويسره لي، وأعني عليه] ، وإلا فاصرفه عني، واصرفني عنه، ثم قدر لي الخير أينما كان، لا حول ولا قوة إلا بالله ". ضعيف أخرجه أبو يعلى في مسنده (رقم 1342) ، وابن حبان (686) ، والبيهقي في " الشعب " (1/151) من طريق ابن إسحاق: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمروبن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وإسناده حسن؛ لولا أن عيسى هذا قال ابن المديني: " مجهول، لم يروعنه غير محمد بن إسحاق ". ولذا قال في " التقريب ": " مقبول ". لكن قد روى عنه جمع من الثقات ترتفع بهم الجهالة عنه، ولذلك ملت في " تيسير الانتفاع " إلى أنه حسن الحديث ما لم يخالف؛ كما في حديث آخر له في (الصلاة) ، ذكر فيه (التورك بين السجدتين) دون (التشهد) ! وكما في هذا، فإنه زاد في آخره (الحوقلة) مخالفا في ذلك كل أحاديث الاستخارة: فقد أخرجه ابن حبان (685 و687) من حديث أبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة مرفوعا نحوه دون هذه الزيادة. وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10012) من طريق صالح بن الحديث: 2305 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 موسى الطلحي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا نحوها بدونها. لكن الطلحي هذا متروك. وكذلك أخرجه البخاري وغيره من حديث جابر مرفوعا، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (رقم 1376) وغيره. وقد استنكر بعضهم حديث جابر هذا، ولا وجه لذلك عندي، وهذه شواهد لحديثه تدعمه، وتشهد لثبوته، في الوقت الذي تشهد لنكارة هذه الزيادة في حديث أبي سعيد هذا، ولذلك خرجته هنا. وحديث أبي هريرة عند ابن حبان (687 - الموارد) من طريق حمزة بن طلبة: حدثنا ابن أبي فديك: حدثنا أبو المفضل بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عنه به. وحمزة بن طلبة ذكره ابن حبان في " ثقاته " (8/210) ، وقد توبع، فقد أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2/2/257 - 258) قال: قال لي إبراهيم بن المنذر: عن ابن أبي فديك به. ورجاله ثقات رجال الصحيح؛ غير أبي المفضل هذا؛ قال ابن حبان عقب الحديث: " اسمه شبل بن العلاء بن عبد الرحمن، مستقيم الأمر في الحديث ". وقال في " الثقات " (6/452) : " روى عن ابن أبي فديك بنسخة مستقيمة، حدثنا بها المفضل بن محمد العطار بأنطاكية. قال: حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي قال: حدثنا ابن أبي فديك: حدثنا شبل بن العلاء عن أبيه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 قلت: فهذه متابعة أخرى لحمزة بن طلبة، فالإسناد حسن، وهو شاهد قوي لحديث جابر، وشاهد على نكارة الزيادة في حديث أبي سعيد الخدري، والله تعالى أعلم. 2306 - " إذا أراد الله بقوم نماء أوبقاء رزقهم العفاف والقصد، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح عليهم، حتى إذا فرحوا بما أوتوا ... الحديث ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/97) من طريق أبي الشيخ عن عراك بن خالد: حدثنا أبي: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن عباد مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عراك هو ابن خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي. قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أبو حاتم: ليس بالقوي ". وقال الحافظ: " لين ". قلت: وأبو هـ شر منه؛ قال الذهبي: " قال النسائي: ليس بثقة ". الحديث: 2306 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 2307 - " إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة حتى يريك الله منه المخرج، أوحتى يجعل الله لك مخرجا ". ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (888) ، والخرائطي في الحديث: 2307 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 " مكارم الأخلاق " (2/688/735) من طريق الطيالسي - وليس هو في " مسنده " المطبوع - والبيهقي في " الشعب " (2/68/1187) ؛ كلاهما من طريق ابن المبارك عن سعد بن سعيد الأنصاري عن الزهري عن رجل من بلي قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي، فناجى أبي دوني، قال: فقلت لأبي: ما قال لك؟ قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل سعد بن سعيد؛ وهو ابن قيس بن عمروالأنصاري، قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ ". والحديث عزاه المناوي للطيالسي أيضا، والخرائطي، والبغوي، وابن أبي الدنيا، والبيهقي في " الشعب "، وقال: " رمز المؤلف لحسنه، وفيه سعد بن سعيد، ضعفه أحمد والذهبي، لكن له شواهد كثيرة ". قلت: ليته ذكر ولوبعضها، فإني لا أستحضر شيئا منها، فإن وجد له شاهد معتبر نقلته إلى الكتاب الآخر، وأما الحديث الآتي فلا يصلح شاهدا لشدة ضعفه وهو: 2308 - " إذا أردت أمرا فتدبر عاقبته، فإن كان خيرا فأمضه، وإن كان شرا فانته ". موضوع رواه ابن المبارك في " الزهد " (159/2 من " الكواكب " 575) ، الحديث: 2308 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 وهناد (519) ، ووكيع (16) ، وابن المبارك (14) ؛ كلهم في الزهد، والمروزي في " زياداته " (15) : حدثنا سفيان عن خالد بن أبي كريمة قال: سمعت أبا جعفر - قال ابن صاعد: أبو جعفر هذا يقال له: عبد الله بن مسور الهاشمي، وليس بمحمد ابن علي - يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بارك الله للمسلمين فيك، فخصني منك بخاصة بخاصة خير، قال: أمستوص أنت؟ أراه قال ثلاثا ، قال: نعم، قال: اجلس، إذا أردت ... الحديث. وهذا موضوع، آفته عبد الله بن مسور الهاشمي؛ قال الذهبي: " ليس بثقة، قال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة ". وقال العراقي في " تخريج الإحياء " (3/185) : " ضعيف جدا ". قلت: ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/305) ، لكن جعله عن ابن مسعود! 2309 - " أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: إنك لن تتقرب إلي بشيء أحب إلي من الرضا بقضائي، ولم تعمل عملا أحبط لحسناتك من الكبرياء، يا موسى! لا تضرع إلى أهل الدنيا فأسخط عليك، ولا تخف بدينك لدنياهم فأغلق عليك أبو اب رحمتي، يا موسى! قل للمذنبين النادمين: أبشروا، وقل للعاملين المعجبين: اخسروا ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/45 و7/127) قال: حدثنا الحديث: 2309 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 سليمان بن أحمد: حدثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي: حدثنا يونس بن عبد الأعلى: حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود الإسكندراني عن سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " غريب من حديث الثوري عن منصور عن مجاهد، لم نكتبه إلا من حديث أبي الربيع ". قلت: وهو ثقة اتفاقا، وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ سليمان بن أحمد - وهو الطبراني - علي بن سعيد الرازي، فإنه مع حفظه متكلم فيه، فجاء في " سؤالات حمزة السهمي للدارقطني " (244/348) : " سألت الدارقطني عنه؟ فقال: ليس في حديثه بذاك، سمعت بمصر أنه كان والي قرية، وكان يطالبهم بالخراج، فما كانوا يعطونه فيجمع الخنازير في المسجد! فقلت: كيف هو في الحديث؟ قال: قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها. ثم قال: في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر، وأشار بيده، وقال: هو كذا وكذا، ونفض بيده، يقول: ليس بثقة ". ونقله الذهبي في " السير " (14/146) ، والحافظ في " اللسان "، وأقراه، وصححت منهما بعض الأحرف. وزاد الحافظ: " وقال ابن يونس في " تاريخه ": تكلموا فيه، وكان من المحدثين الأجلاء، وكان يصحب السلطان، ويلي بعض العمالات ". ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء "، وأوجز فيه الكلام - كعادته - فقال: " قال الدارقطني: ليس بذاك، تفرد بأشياء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 والحديث لم يورده السيوطي في " جوامعه "، ولا الهيثمي في " مجمعه "، وهو في " فردوس الديلمي " (1/143/509) ، وليس هو في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس ". 2310 - " من سب عليا فقد سبني، ومن سبني سبه الله ". منكر رواه ابن عساكر (12/203/1) عن إسماعيل بن الخليل عن علي بن مسهر عن أبي إسحاق السبيعي قال: حججت وأنا غلام، فمررت بالمدينة، فرأيت الناس عنقا واحدا، فاتبعتهم، فأتوا أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعتها وهي تقول: يا شبيب بن ربيع! فأجابها رجل جلف جاف: لبيك يا أمه! فقالت: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم؟ فقال: إنا نقول شيئا نريد عرض هذه الحياة الدنيا، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وإسماعيل بن الخليل ثقة من رجال الشيخين، وقد خولف في إسناده، فرواه أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " (ص 52 - 53) من طريق أحمد، وهذا في " المسند " (6/323) : حدثنا يحيى بن أبي بكر قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أيسب ... الحديث. دون قوله: " ومن سبني سبه الله ". ورواه الحاكم (3/121) بسند أحمد مثل رواية ابن عساكر، وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر من وجهين: الحديث: 2310 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 الأول: أن أبا إسحاق السبيعي كان اختلط، لا يدري أحدث به قبل الاختلاط أن بعده، والراجح الثاني، لأن إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق - وهو حفيد السبيعي إنما سمع منه متأخرا. ولعل من آثار ذلك اضطرابه في إسناده ومتنه. أما الإسناد؛ فظاهر مما تقدم، فإنه في رواية إسرائيل جعل بينه وبين أم سلمة (أبا عبد الله الجدلي) ، وفي رواية إسماعيل بن الخليل صرح بأنه سمع من أم سلمة! إلا أن يكون سقط من " التاريخ " ذكر (الجدلي) هذا. وأما المتن؛ فقد رواه فطر بن خليفة عنه عن الجدلي عن أم سلمة موقوفا دون الشطر الثاني منه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/322 - 323) . وفطر هذا ثقة من رجال البخاري، وروايته هي المحفوظة، لأن لها طريقا أخرى عن أم سلمة، وقد خرجتها في " الصحيحة " (3332) . الثاني: أن أبا إسحاق مدلس، وقد عنعنه. (تنبيه) : يبدو من رواية أحمد أن في رواية ابن عساكر سقطا، فإنه لم يرد فيها ذكر لأبي عبد الله الجدلي، فالظاهر أنه سقط من الناسخ. والله أعلم. 2311 - " طلحة والزبير جاراي في الجنة ". ضعيف رواه الترمذي (2/302) ، والدولابي (2/70) ، والحاكم (3/365) وعبد الله ابن أحمد في " السنة " (ص 199) ، وابن عساكر (8/280/2) عن أبي عبد الرحمن النضر بن منصور العنزي عن عقبة بن علقمة قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: فذكره مرفوعا. وقال الترمذي: الحديث: 2311 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وعلته النضر وعقبة، فإنهما ضعيفان كما في " التقريب ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد ". فرده الذهبي بقوله: " قلت: لا ". 2312 - " بئس البيت الحمام: بيت لا يستر، وماء لا يطهر ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/468/1) عن أبي جناب يحيى بن أبي حية عن عطاء ابن أبي رباح عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، [قالت] وما يسر عائشة أن لها مثل أحد ذهبا، وأنها دخلت الحمام، وقالت: لوأن امرأة أطاعت ربها، وحفظت فرجها ثم آذت زوجها بكلمة باتت الملائكة تلعنها. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو جناب هذا ضعيف مدلس. ثم رواه من طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة: حدثني عبد الله بن جعفر: أنه بلغه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الحمام لا يستر، وماء لا يطهر ... ". وقال: " هذا منقطع ". الحديث: 2312 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 2313 - " لا تدعوا صلاة الليل ولوحلب شاة ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (61/1 - من ترتيبه) عن عطية بن بقية بن الوليد: حدثنا أبي: حدثنا جرير بن يزيد عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. وقال: الحديث: 2313 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 " لم يروه عن ابن المنكدر غير جرير بن يزيد، تفرد به بقية ". قلت: بقية إنما يخشى من تدليسه، وقد صرح بالتحديث، فالعلة من شيخه جرير بن يزيد؛ قال الذهبي: " تفرد عنه بقية، لا يعتمد عليه لجهالته ". ولم يتنبه الهيثمي لهذه العلة، فراح يعله بما لا يقدح، فقال في " المجمع " ( 2/252) ، وتبعه المناوي: " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه بقية بن الوليد، وفيه كلام كثير "! 2314 - " لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا ". ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (45/1) عن سلمة بن شبيب أنه حدث عن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا محمد بن النضر الحارثي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل، الحارثي هذا من أتباع أتباع التابعين مع كونه مجهولا؛ فقد قال ابن أبي حاتم (4/1/110) : " روى عن الأوزاعي، روى عنه عبد الله بن المبارك، وأبو نصر التمار، وعبد الرحمن بن مهدي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهو في " ثقات ابن حبان " (9/71 - 72) ، وقال: " ما له حديث مسند ". الحديث: 2314 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 2315 - " العباس مني، وأنا منه، لا تسبوا أمواتنا؛ فتؤذوا أحياءنا ". ضعيف رواه ابن سعد في " الطبقات " (4/24) ، والنسائي (4775) ، وابن عساكر ( 7/144/2 و8/460/2) عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن رجلا وقع في قرابة للعباس كان في الجاهلية، فلطمه العباس، فجاء قومه فقالوا: لنلطمنه كما لطمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأخرجه الترمذي (2/305) ، والحاكم (3/325) من هذا الوجه الشطر الأول منه ، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح غريب ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! ! فوهموا؛ لأن عبد الأعلى - وهو ابن عامر - ضعفه أحمد وغيره. ثم رواه الحاكم (3/329) من هذا الوجه بتمامه، وصححه أيضا هو والذهبي! ! وأما في " السير " فوفق للصواب حين قال (2/99) : " إسناده ليس بقوي ". وقال في موضع آخر (ص 102) : الحديث: 2315 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 " عبد الأعلى الثعلبي - لين ". ووافقه المعلق عليه في الموضعين، ولكنه في موضع سابق حسنه، وأقر الذهبي على موافقة الحاكم! فقال (ص 89) : " رواه أحمد في " مسنده " (1/300) بسند حسن. ورواه ابن سعد. وصححه الحاكم . ووافقه الذهبي "! ! قلت: ومثل هذا التناقض في المجلد الواحد، وعلى تقارب صفحات المتناقضات مما يؤكد رأي بعض المتتبعين لها: أن التعليقات التي على هذا الكتاب وغيره باسم الشيخ شعيب، ليست كلها بقلمه، وإنما بقلم بعض المتمرنين تحت يده، والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم إن الشطر الثاني منه له شواهد من حديث المغيرة بن شعبة وغيره يتقوى بها، وقد خرجت بعضها في " الصحيحة " (2397) و" التعليق الرغيب " (4/175) وغيرهما. 2316 - " إذا استأجر أحدكم أجيرا فليعلمه أجره ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/164) من طريق الدارقطني عن أحمد بن محمد بن أنس عن عمروبن محمد بن الحسن عن أبي مسعود الجرار عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ابن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو مسعود الجرار - برائين - اسمه عبد الأعلى بن أبي المساور الزهري مولاهم، قال الحافظ: " متروك، وكذبه ابن معين ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الدارقطني في " الأفراد ". الحديث: 2316 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 2317 - " إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (3747) عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: عنعنة أبي الزبير، فإنه كان مدلسا. والأخرى: ضعف ابن أبي ليلى، وهو محمد بن عبد الرحمن القاضي، قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ ". والحديث لم يتكلم المناوي على إسناده بشيء سوى أنه قال: " وقد رمز المؤلف لصحته "! قلت: وفي النسخة التي طبع عليها شرحه الرمز له بالحسن! ولا يوثق بذلك كله، انظر " التيسير "، فالسند ضعيف كما شرحنا. الحديث: 2317 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 2318 - " إذا استشاط السلطان، تسلط الشيطان ". ضعيف رواه أحمد (4/226) ، وعنه ابن عساكر (15/337/2) ، والقضاعي (113/1) عن إبراهيم بن خالد الصنعاني قال: نا أمية بن شبل وعمرو بن عوف عن عروة بن محمد عن أبيه عن جده عطية السعدي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عروة بن محمد قال ابن حبان في " الثقات ": " كان يخطىء ". وعمرو بن عوف لم أعرفه. الحديث: 2318 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 وأمية بن شبل. قال الذهبي: " له حديث منكر ". والحديث قال المناوي: " قال الهيثمي: رجاله ثقات، وذكره في موضع آخر، وقال: فيه من لم أعرفه. وقد رمز المؤلف لحسنه ". قلت: وفي متن شرح المناوي رمز له بالصحة. فلا تغتر بشيء من ذلك، فإن التحقيق أنه ضعيف. 2319 - " إذا أراد أحدكم السلام فليقل: السلام عليكم، فإن الله هو السلام، ولا يبدأ قبل الله بشيء ". ضعيف جدا رواه أبو يعلى (6574) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (229) ، والدينوري في " المنتقى من المجالسة " (243/1) عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سعيد - وهو ابن أبي سعيد المقبري - متروك متهم. الحديث: 2319 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 2320 - " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا ". ضعيف أخرجه أبو داود (1/2) والطيالسي (519) ، والحاكم (3/465 - 466) ، والبيهقي في " السنن " (1/93) من طريق شعبة عن أبي التياح: حدثني شيخ قال: لما قدم عبد الله بن عباس البصرة فكان يحدث عن أبي موسى، فكتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى: الحديث: 2320 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 أني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثا (1) في أصل جدار، فبال ، ثم قال صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهذا إسناد ضعيف لجهالة الشيخ الذي لم يسم، وقال المنذري في " مختصره " ( 1/15) : " فيه مجهول ". مع أنه سكت أبو داود عليه، لكن قال النووي: " وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر! ". ومنه تعلم أن رمز السيوطي له بأنه حسن؛ غير حسن، وأما المناوي فقال: " رمز المؤلف لحسنه، فإن أراد لشواهده فمسلم، وإن أراد لذاته فقد قال البغوي وغيره: " حديث ضعيف "، ووافقه الولي العراقي، فقال: " ضعيف لجهالة راويه ". قلت: ولم أجد له شواهد؛ بل ولا شاهدا يأخذ بعضده، فلست أدري ما هي الشواهد التي أشار إليها المناوي، ويؤيد ما ذكرته أنه لوكان له ما يقويه لما قال البغوي: " حديث ضعيف ". نعم وجدت لبعضه الذي هو من فعله ما قد يشهد له على ضعفه، فانظر (كان يتبوأ.. ) فيما يأتي (2459) . قلت: وفي جزم البغوي وغيره بضعف الحديث إشارة إلى أن كون الراوي المجهول في إسناده يرويه شعبة لا تزول به الجهالة عنه؛ خلافا لقول الكوثري:   (1) الدمث: المكان السهل الوطيء اللين. اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 " شعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في روايته، والمعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في سند روايته "! وقد رددت عليه في تقوله هذا على أهل الحديث، وفي غيره مبسطا في الكلام على حديث معاذ في الاجتهاد بالرأي فيما يأتي (4858) . 2321 - " إذا استقر أهل الجنة في الجنة اشتاق الإخوان إلى الإخوان، فيسير سرير ذا إلى سرير ذا، فيلتقيان، فيتحدثان ما كان بينهما في دار الدنيا، ويقول: يا أخي تذكر يوم كذا كنا في دار الدنيا في مجلس كذا، فدعونا الله فغفر لنا ". ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/49) ، وعبد الغني المقدسي " الجواهر " (ق 252/1) عن إبراهيم بن أدهم قال: روى الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث إبراهيم والربيع ". قلت: تابعه سعيد بن عبد الله الدمشقي: حدثنا الربيع بن صبيح به. أخرجه عباس الترقفي في " حديثه " (41/1 و53/1) ، وعنه ابن الأعرابي في " معجمه " (182/2) ، وابن قدامة في " المتحابين في الله " (ق 111/2) من طريق آخر كلاهما عن سعيد به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه. والربيع بن صبيح صدوق سيىء الحفظ كما في " التقريب ". الحديث: 2321 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 2322 - " إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما، أوأربعين ليلة بعث إليها ملكا، فيقول: يا رب ما رزقه؟ فيقال له: فيقول: يا رب ما أجله؟ فيقال له، فيقول : يا رب ذكر أوأنثى؟ فيعلم، فيقول: يا رب شقي أوسعيد؟ فيعلم ". ضعيف أخرجه أحمد (3/397) ، والطحاوي في " مشكل الآثار " (3/279) من طريق خصيف عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. وخصيف، وهو ابن عبد الرحمن الجزري؛ قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ، خلط بأخرة ". قلت: وظاهر الحديث مع ضعف إسناده مخالف لحديث ابن مسعود مرفوعا: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات ... " الحديث. متفق عليه، وهو مخرج في " ظلال الجنة " (175) . فهذا صريح في أن الملك إنما يرسل بعد الأربعين الثالثة. وقد يتوهم البعض أن هذا مخالف أيضا لحديث حذيفة بن أسيد الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله؟ ... " الحديث. الحديث: 2322 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 أخرجه مسلم (8/45) . فأقول: لا مخالفة بينهما لأن بعث الملك فيه إنما هو لأجل تصوير النطفة وتخليقها، وأما الكتابة فهي فيما بعد بدليل قوله: " ثم قال: يا رب.. "، فإن " ثم " تفيد التراخي كما هو معلوم، فيمكن تفسيره بحديث ابن مسعود، كما أن حديث هذا يضم إليه ما أفاده حديث حذيفة من التصوير والتخليق مما لم يرد له ذكر في حديث ابن مسعود، وبذلك تجتمع الأحاديث ولا تتعارض. نعم في رواية عند مسلم، والطحاوي في " المشكل " (3/278) ، وأحمد (4/7) عن حذيفة بمعنى حديث الترجمة، ولفظه: " يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أوخمسة وأربعين ليلة ، فيقول: يا رب أشقي أوسعيد؟ فيكتبان ... " الحديث. فهذا بظاهره يشهد للحديث، لكن لابد من فهمه على ضوء اللفظ الذي قبله وتفسيره به، وذلك بأن يقال: إن دخول الملك بعد الأربعين من أجل التصوير والتخليق، وأما الكتابة فبعد الأطوار الثلاثة كما سبق، ففي اللفظ اختصار يفهم من اللفظ المتقدم ومن حديث ابن مسعود. والله تعالى أعلم. 2323 - " إذا شربتم الماء فاشربوه مصا، ولا تشربوه عبا، فإن العب يورث الكباد. يعني داء الكبد ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/61) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. سكت عليه الحافظ في " مختصره "، وإسناده ضعيف جدا، المروزي هذا قال الذهبي في " الميزان ": " كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: متروك ". الحديث: 2323 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 2324 - " إن الله يحب المتبذل الذي لا يبالي ما لبس ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/228/1 - 2) ، والديلمي (1/2/247) والضياء في " المنتقى من حديث الأمير أبي أحمد وغيره " (268/1) من طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن عقيل عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وأعله البيهقي بالإرسال. قلت: يعني الانقطاع بين يعقوب بن عتبة وأبي هريرة. (تنبيه) : هذا الحديث مما لم يطلع عليه الحافظ العراقي، فإنه قال في تخريجه للإحياء (4/200) : " لم أجد له أصلا "! الحديث: 2324 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 2325 - " إن الله يبغض الوسخ والشعث ". موضوع رواه البيهقي في " الشعب " (2/234/1) ، والديلمي (1/2/245) عن عبد الرحمن ابن خالد بن نجيح: حدثنا أبي عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: هذا موضوع، آفته خالد بن نجيح، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال أبو حاتم: كذاب ". وابنه عبد الرحمن ضعيف جدا. قال ابن يونس: " منكر الحديث ". الحديث: 2325 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 وقال الدارقطني: " متروك الحديث ". 2326 - " نهى عن الشهرتين: رقة الثياب وغلظها، ولينها وخشونتها، وطولها وقصرها ، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصار ". موضوع أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/234/2) من طريق مخلد بن يزيد عن أبي نعيم عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وزيد بن ثابت مرفوعا . وقال: " أبو نعيم هذا؛ لا نعرفه ". قلت: هو عمر بن الصبح بن عمران التميمي العدوي أبو نعيم الخراساني، فقد ذكروا في الرواة عنه مخلد بن يزيد هذا، وساق له الدولابي في " الكنى " (2/138 - 139) حديثا آخر من طريقه عنه مصرحا بكنيته واسمه. وسيأتي في المجلد التاسع (4643) . فإذا عرف هذا فهو هالك، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " كذاب، اعترف بالوضع ". ثم روى البيهقي من طريق عمروبن الحارث عن سعيد بن هارون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشهرتين: أن يلبس الثياب الحسنة التي ينظر إليه فيها أو الزينة، أوالرثة التي ينظر إليه فيها. قال عمرو: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمر بين أمرين، وخير الأمور أوساطها ". وقال: " هذا مرسل، وقد روي النهي عن الشهرتين من وجه آخر، بإسناد مجهول موصولا ". الحديث: 2326 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 يعني رواية أبي نعيم المتقدمة، وقد عرفت أنه إسناد موضوع، لا مجهول. 2327 - " لوكنت مؤمرا أحدا من غير مشورة منهم، لأمرت عليهم ابن أم عبد ". ضعيف جدا أخرجه الترمذي (2/312) ، وابن ماجه (137) ، وأحمد (1/95) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا. وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق به. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (3/1/109 - أوربا) . وتابعه أيضا منصور بن المعتمر عن أبي إسحاق به. أخرجه الترمذي، وأحمد (1/107 و108) ، والخطيب في " التاريخ " (1/148) ، والبغوي في " شرح السنة " (4/172/1) من طريق زهير بن معاوية الجعفي عنه. وخالفه القاسم بن معن عن منصور بن المعتمر فقال: عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي. فجعل عاصما مكان الحارث. أخرجه المخلص في " بعض الجزء الخامس من الفوائد الغرائب " (254/1) والحاكم ( 3/318) ، وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: عاصم ضعيف ". كذا قال، والمتقرر فيه أنه حسن الحديث، وقال الحافظ: " صدوق "، والصواب في تضعيفه الاعتماد على رواية زهير بن معاوية لأنه أوثق من القاسم بن الحديث: 2327 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 معن، ولموافقتها لرواية سفيان، وهو الثوري؛ فإنه أحفظهم عن أبي إسحاق، وهو غنما رواه عنه عن الحارث، فالحديث حديثه لا دخل لعاصم فيه، وقد أشار إلى هذا الترمذي بقوله عقبه: " حديث غريب، إنما نعرفه من حديث الحارث عن علي ". وكذا قال البغوي، والحارث - وهو الأعور - ضعيف، بل كذبه ابن المديني وغيره، فهو علة الحديث. 2328 - " إن الجنة تشتاق إلى أربعة: علي وسلمان وعمار والمقداد ". ضعيف رواه الطبراني في " الكبير " (6/263 - 264/6045) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/142) ، و" أخبار أصبهان " (1/49) ، وعنه رواه ابن عساكر (17/75/1 - 2 ) عن سلمة الأبرش: حدثنا عمران الطائي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا، وقال أبو نعيم: " عمران هو ابن وهب، رواه عنه أيضا إبراهيم بن المختار ". قلت: عمران هذا، ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: " ما أظنه سمع من أنس شيئا ". قلت: وفي هذا الحديث صرح بسماعه منه. فالله أعلم. وسلمة الأبرش هو ابن الفضل، قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". الحديث: 2328 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 لكن تابعه إبراهيم بن المختار كما تقدم عن أبي نعيم، وهو صدوق ضعيف الحفظ كما في " التقريب "، وقد وصله عنه أبو نعيم في " صفة الجنة " (14/1 - 2) ، وفي " الحلية " (1/190) عن محمد بن حميد: حدثنا إبراهيم بن المختار: حدثنا عمران بن وهب عن أنس. ومحمد بن حميد؛ هو الرازي؛ قال في " التقريب ": " حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ". ثم رواه ابن عساكر من حديث ابن عباس مرفوعا به، إلا أنه جعل مكان سلمان أبا ذر. وفي إسناده محمد بن مصبح البزار: نا أبي. قال الذهبي: " لا أعرفهما ". وشيخ أبيه قيس - وهو ابن الربيع - ضعيف. ومن حديث علي مرفوعا به، إلا أنه جعل مكان عمار أبا ذر. وفيه نهشل بن سعيد. قال الحافظ: " متروك، وكذبه إسحاق بن راهو يه ". وأخرجه (7/204/2) من حديث حذيفة مرفوعا به، إلا أنه جعل مكان المقداد أبا ذر. وفيه إسماعيل بن يحيى بن طلحة، وهو أبو يحيى التيمي، وهو كذاب مجمع على تركه. وبالجملة: فالحديث ضعيف، لأن طرقه كلها واهية شديدة الضعف، ليس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 فيها ما يمكن أن يجبر به الضعف الذي في الطريق الأولى، مع الاختلاف في ذكر (أبي ذر) . نعم له طريق أخرى عن أنس مرفوعا بلفظ " ثلاثة " دون ذكر المقداد وأبي ذر، وقد صححه الحاكم وغيره. وهو عندي ضعيف الإسناد كما بينته في " تخريج المشكاة " (6225 - التحقيق الثاني) ، لكنه حسن بمجموع الطريقين. والله أعلم. وقد ركب بعض الهلكى على هذا الحديث قصة، فقال النضر بن حميد الكندي عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إن الله يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم: علي بن أبي طالب، وأبو ذر، والمقداد بن الأسود. قال: فأتاه جبريل فقال له: يا محمد! إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة من أصحابك. وعنده أنس بن مالك، فرجا أن يكون لبعض الأنصار. قال: فأراد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، فهابه، فخرج فلقي أبا بكر فقال: يا أبا بكر إني كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا، فأتاه جبريل.. (فذكره كما تقدم، قال:) فهل لك أن تدخل على نبي الله صلى الله عليه وسلم فتسأله؟ فقال: إني أخاف أن أسأله فلا أكون منهم، ويشمت بي قومي. ثم لقيني عمر بن الخطاب، فقال له مثل قول أبي بكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 قال: فلقي عليا، فقال له علي: نعم، إن كنت منهم فأحمد الله، وإن لم أكن منهم حمدت الله. فخل على نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أنسا حدثني أنه كان عندك آنفا، وأن جبريل أتاك فقال: يا محمد (فذكر الحديث) قال: فمن هم يا نبي الله؟ قال: " أنت منهم يا علي! وعمار بن ياسر - وسيشهد معك مشاهد بين فضلها، عظيم خيرها - وسلمان، وهو منا أهل البيت، وهو ناصح/، فاتخذه لنفسك ". أخرجه أبو يعلى (12/142 - 144) ، والبزار (3/184/2524) من طريق النضر بن حميد الكندي عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده. وقال البزار: " لا نعلمه يروى عن أنس إلا بهذا إسناد والنضر وسعد الإسكاف لم يكونا بالقويين في الحديث ". كذا قال، وهما أسوأ حالا من ذلك، فسعد الإسكاف قال فيه ابن حبان في " الضعفاء " (1/357) : " كان يضع الحديث على الفور ". 2329 - " إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي ". منكر رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (2/227) ، وابن عدي (208/2) عن صدقة الدمشقي عن زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا، وقال ابن عدي: الحديث: 2329 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 " عبد الله بن محمد بن عقيل يكتب حديثه ". قلت: هو حسن الحديث، والعلة ممن دونه، وقال ابن أبي حاتم: " قال أبو زرعة، ذا حديث منكر، لا أدري كيف هو! ". قلت: زهير بن محمد هو أبو المنذر الخراساني الشامي. قال الحافظ: " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر. وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه، فكثر غلطه ". قلت: وصدقة الدمشقي؛ هو ابن عبد الله السمين أبو معاوية، وهو ضعيف أيضا. ولوأنه كان ثقة، لكان أبو المنذر هو العلة دونه! 2330 - " اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، فإنهما حبل الله الممدود، فمن تمسك بهما، فقد تمسك بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ". ضعيف رواه ابن عساكر (9/323/2) من طريق الطبراني: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي: نا محمد بن نصر الفارسي: نا أبو اليمان الحكم بن نافع: نا إسماعيل ابن عياش عن المطعم بن المقدام الصنعاني عن عنبسة بن عبد الله الكلاعي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو اليمان ومن فوقه ثقات معروفون؛ غير عنبسة بن عبد الله الكلاعي، فلم أعرفه، وفي طبقته ما في " الجرح والتعديل " (3/1/400) : " عنبسة بن سعيد بن غنيم الكلاعي، روى عن مكحول، روى عنه الحديث: 2330 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 إسماعيل بن عياش و ... سمعت أبي يقول: ليس بالقوي ... ". ومن دون أبي اليمان لم أعرفهما. وفي " المجمع " (9/53) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ". قلت: لكن الطرف الأول منه صحيح - رغم أنف الهدام -، فإن له شواهد كثيرة بعضها قوي الإسناد، وهي مخرجة في " الصحيحة " (1233) . 2331 - " إذا اشتد الحر، فاستعينوا بالحجامة؛ لا يتبيغ دم أحدكم فيقتله ". ضعيف أخرجه الحاكم (4/212) من طريق محمد بن القاسم الأسدي: حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي، وهذا من عجائبه، فإن الأسدي هذا أورده هو نفسه في " الضعفاء "، وقال: " قال أحمد والدارقطني: كذاب "! والربيع بن صبيح فيه ضعف. والحسن وهو البصري مدلس، وقد عنعنه. ومن الغرائب أن يخفى حال هذا الإسناد الواهي على عبد الرؤوف المناوي، فينقل تصحيح الحاكم إياه وإقرار الذهبي له، ثم يسكت عليه! ! ! ثم وجدت للحديث طريقا آخر عن أنس، فقال ابن جرير الطبري في الحديث: 2331 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 " تهذيب الآثار " (2/106/1277) : حدثني موسى بن سهل الرملي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال : حدثنا سليمان بن حيان قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس بلفظ: " إذا هاج بأحدكم الدم، فليحتجم؛ فإن الدم إذا تبيغ بصاحبه يقتله ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبد العزيز - وهو الرملي - فمن رجال البخاري، وموسى بن سهل الرملي ثقة، ولولا ما في محمد الرملي هذا من الكلام في حفظه لقلت: إسناده قوي، فقد قال فيه أبو زرعة: " ليس بقوي ". وقال أبو حاتم: " لم يكن عندهم بالمحمود، وهو إلى الضعف ما هو ". وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: " ربما خالف ". قلت: فمثله ينبغي أن يكون حسن الحديث، ولكن القلب لم يطمئن بعد لتحسين الحديث إلا إذا وجد له شاهد. والله أعلم. وقد وجدت له شاهدا، ولكنه شديد الضعف أيضا كما سيأتي بيانه برقم (2363) . لكن جملة التبيغ منه لها شاهد من حديث ابن عباس لا بأس به، لذلك أوردتها في " الصحيحة " (2747) . 2332 - " إذا أشرع أحدكم بالرمح إلى الرجل، فكان سنانه عند ثغرة حلقه، فقال: لا إله إلا الله، فليرفع عنه الرمح ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/71/1) ، وعنه أبو الحديث: 2332 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 نعيم في " الحلية " (4/209) من طريق الصلت بن عبد الرحمن الزبيدي: حدثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن قتادة عن أبي مخلد عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال أبو نعيم: " غريب من حديث الثوري، لم نكتبه إلا من حديث الصلت ". قلت: وهو مجهول كما قال العقيلي. وقال الأزدي: " لا تقوم به حجة ". وأبو عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه. 2333 - " إذا أصبح أحدكم ولم يوتر، فليوتر ". ضعيف أخرجه الحاكم (1/303 - 304) ، وعنه البيهقي (2/478) من طريق محمد بن فليح عن أبيه عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، وليس كما قالا، وبيانه من وجوه ثلاثة: الأول: أن محمد بن فليح لم يخرج له مسلم شيئا. الثاني: أنه - مع كونه من رجال البخاري - فقد تكلم فيه بعضهم، فأورده الذهبي نفسه في " الضعفاء "، وقال: " ثقة، قال أبو حاتم: ليس بذاك ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". الحديث: 2333 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 الثالث: أن فليحا وهو ابن سليمان المدني، أورده الذهبي أيضا في " الضعفاء " ، وقال: " له غرائب، قال النسائي وابن معين: ليس بقوي ". وقال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". قلت: فمثله يكون حديثه ضعيفا، لا سيما إذا لم يخرجه الشيخان كهذا. ولوصح الحديث حمل على المعذور، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أوتروا قبل أن تصبحوا ". رواه مسلم. وفي رواية: " من نام عن وتره أونسيه، فليصله إذا ذكره ". رواه أبو داود بسند صحيح كما حققته في " الإرواء " (2/153) . 2334 - " إذا أصبحت، فقل: اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحت وأصبح المللك لله، لا شريك له. ثلاث مرات، وإذا أمسيت، فقل مثل ذلك، فإنهن يكفرن ما بينهن ". ضعيف جدا أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (63) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الملك بن عمير عن أبي قرة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الرحمن هذا هو أبو شيبة الواسطي، وقد اتفقوا على تضعيفه كما قال النووي وغيره. وأبو قرة هذا ترجمه ابن سعد (6/148) ، وذكره ابن حبان في " الثقات " (5/587) . الحديث: 2334 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 2335 - " إذا أعتقت الأمة وهي تحت العبد، فأمرها بيدها، فإن هي أقرت حتى يطأها، فهي امرأته، لا تستطيع فراقه ". ضعيف أخرجه أحمد (4/65 و66 و5/378) من طريق ابن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن الفضل بن الحسن بن عمروبن أمية الضمري قال سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة، فهو سيىء الحفظ. الحديث: 2335 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 2336 - " إذا أفصح أولادكم، فعلموهم لا إله إلا الله، ثم لا تبالوا متى ماتوا، وإذا أثغروا فمروهم بالصلاة ". ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (417) عن أبي أمية - يعني عبد الكريم - عن عمروبن شعيب قال: وجدت في كتاب الذي حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو أمية عبد الكريم؛ هو ابن أبي المخارق البصري، وهو ضعيف كما في " التقريب ". الحديث: 2336 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 2337 - " إذا اشتريت نعلا فاستجدها، وإذا اشتريت ثوبا فاستجده، وإذا اشتريت دابة فاستفرهها، وإذا كانت عندك كريمة قوم فأكرمها ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (1/137/1) عن حاتم بن سالم: حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي: حدثنا نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال: الحديث: 2337 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 " لم يروه عن نافع إلا أبو أمية، تفرد به حاتم ". قلت: وهو ضعيف. قال أبو زرعة: " لا أروي عنه ". وأشار البيهقي إلى لين روايته. وأبو أمية بن يعلى ضعيف أيضا. ولم ينفرد به حاتم، بل تابعه الفيض بن وثيق بالنصف الأول منه. أخرجه الطبراني في " الأوسط " أيضا (1823 - ط) ، لكنه قال: حدثنا أبو أمية ابن يعلى الثقفي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. والفيض مقارب الحال كما قال الذهبي، فالعلة من أبي أمية، ضعفه الدارقطني. 2338 - " إذا استفتح أحدكم، فليرفع يديه، وليستقبل ببطانهما القبلة، فإن الله أمامه ". ضعيف جدا رواه الطبراني في " الأوسط " (35/1 - من ترتيبه) : حدثنا محمود بن محمد: حدثنا محمد بن حرب: حدثنا عمير بن عمران عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقال: " لم يروه عن ابن جريج إلا عمير، تفرد بن محمد بن حرب ". قلت: هو النشائي، وهو صدوق، لكن شيخه عمير بن عمران؛ قال ابن عدي (252/1 ) : " حدث بالبواطيل عن الثقات، وخاصة عن ابن جريج ". الحديث: 2338 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 2339 - " إذا أصابت أحدكم الحمى، فإن الحمى قطعة من النار، فليطفئها عنه بالماء، فليستنقع نهرا جاريا ليستقبل جرية الماء، فيقول: بسم الله، اللهم اشف عبدك، وصدق رسولك؛ بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، فليغتمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام، فإن لم يبرأ في ثلاث فخمس، وإن لم يبرأ في خمس فسبع، فإن لم يبرأ في سبع فتسع، فإنها لا تكاد أن تجاوز تسعا بإذن الله ". ضعيف رواه الترمذي (رقم 2084) ، وأحمد (5/281) ، والطبراني (رقم 1450) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (562) عن مرزوق أبي عبد الله الشامي عن سعيد الشامي قال: سمعت ثوبان يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. سعيد هذا: هو ابن زرعة الحمصي، قال أبو حاتم، وتبعه الذهبي: " مجهول ". ونحوه قول الحافظ: " مستور ". الحديث: 2339 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 2340 - " إذا ابتاع أحدكم الجارية، فليكن أوما يطعمها الحلوى، فإنها أطيب لنفسها ". ضعيف جدا أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (1/545/572) ، والطبراني في " الأوسط " (1/155/1) ، والسياق له من طريق عثمان الحديث: 2340 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 بن عبد الرحمن الطرائفي: حدثنا سعيد ابن عبد الجبار عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عثمان ". قلت: وهو كما قال الحافظ: " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". قلت: وشيخه سعيد بن عبد الجبار هو أبو عثمان، ويقال أبو عثيم بن أبي سعيد الحمصي الزبيدي، قال الحافظ: " ضعيف، كان جرير يكذبه ". قلت: ومن هذا التخريج تبين لك خطأ قول الهيثمي في " المجمع " (4/236) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده أقل درجاته الحسن ". ولعله ظن أن سعيد بن عبد الجبار هذا إنما هو الكرابيسي البصري، فإنه ثقة من رجال مسلم، ولكنه وهم خالص، فإنه متأخر الطبقة عن هذا، فإنه عند الحافظ من الطبقة العاشرة، وهذا من الثامنة، ثم هو بصري، وهذا حمصي! وشيخه أبو سلمة كذلك، وهو ثقة، ولم تعرفه الدكتورة (سعاد) في تعليقها على " المكارم "! وإن مما يؤكد خطأ الهيثمي أنه وقع عند الخرائطي منسوبا هكذا (سعيد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 عبد الجبار الزبيدي) ، وهكذا ذكره السيوطي في " اللآلي " (2/239) من رواية " المكارم ". والموفق الله. (تنبيه) : جاء هذا الحديث في " الجامع الصغير " معزوا لابن ماجه عن معاذ بلفظ : " إذا اشترى أحدكم ... " الحديث. وهو عزوخطأ، فليس الحديث عند ابن ماجه مطلقا، ومن الغريب أنه ورد كذلك في متن " الجامع الصغير " المطبوع، الذي تحته شرح المناوي، ولم يرد له ذكر أصلا في شرحه، وأما متنه المخطوط المحفوظ في " المكتبة الظاهرية "، فلم يرد فيه مطلقا. وجاء عزوه في " الجامع الكبير " (1/40/2) على الصواب معزوا لـ " الأوسط "، لكن بلفظ: " إذا اشترى .... "، فالله أعلم. وقد وجدت للحديث شاهدا من حديث عائشة مرفوعا نحوه، ولكنه واه جدا كما سيأتي بيانه برقم (2399) . ثم تبينت أن هذا الحديث تقدم تخريجه برقم (2053) ، ولما وجدنا أن في كل من التخريجين فائدة ليست في التخريج الآخر؛ فقد رأينا الإبقاء عليهما. 2341 - " إذا اشترى أحدكم لحما، فليكثر مرقته، فإن لم يصب أحدكم لحما، أصاب من مرقته؛ فإنه أحد اللحمين ". ضعيف رواه الترمذي (1/337) ، وابن عدي (296/2) ، والحاكم (4/130) ، والبيهقي في " الشعب " (5/95/5920) عن محمد بن فضاء الجهضمي: حدثني أبي عن علقمة بن عبد الله المزني عن أبيه مرفوعا. وقال الترمذي: الحديث: 2341 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث محمد بن فضاء، - وهو المعبر - وقد تكلم فيه سليمان بن حرب ". قلت: وقال البيهقي: " تفرد به محمد بن فضاء، وليس بالقوي ". وفي " التقريب "؛ أنه ضعيف. وأبو هـ فضاء - وهو ابن خالد البصري - مجهول. 2342 - " إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله، تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها ". ضعيف رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (3/23/1) ، وعنه الخطيب في " التاريخ " (4/56) ، والبزار (3231) ، والواحدي في " التفسير " (4/14/1) عن يحيى الحماني: نا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أم كلثوم ابنة العباس عن العباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: جهالة أم كلثوم هذه، فإنهم لم يترجموها، ولذلك قال الهيثمي: " لم أعرفها ". الأخرى: الحماني، وهو يحيى بن عبد الحميد. قال الحافظ: " حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث ". والحديث عزاه السيوطي لسمويه، والطبراني في " الكبير ". ثم رأيت الطبراني قد أخرجه (ق 49/1 - المنتقى منه) ، وكذا البيهقي الحديث: 2342 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 في " الشعب " (1/491/803) من طريق يحيى بن عبد الحميد وضرار بن صرد؛ قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد به. وضرار هذا قال الحافظ: " صدوق له أوهام وخطأ ". وأشار المنذري في " الترغيب " (4/128 و140) إلى تضعيف الحديث. وقال المناوي في " الفيض ": " قال المنذري والعراقي: سنده ضعيف، وبينه الهيثمي فقال: فيه أم كلثوم بنت العباس رضي الله عنه؛ لم أعرفها، وبقية رجاله ثقات ". وأقول: كل هذه الأقوال من هؤلاء الأئمة النقاد، لم يعبأ بشيء منها الدكتور فؤاد في تعليقه على " الأمثال " (ص 85) ، فقال: " حسن - أخرجه البيهقي، وأبو الشيخ في " الثواب ". الترغيب والترهيب 4: 128 ". ومع أن هذا التحسين لا وجه له من حيث الصناعة الحديثية، وإنما هو تحسين بالهو ى، فإنه يوهم أنه من الحافظ المنذري، والواقع أنه ضعفه كما سبق. ولقد بدا لي من تتبعي لتعليقاته على الكتاب المذكور أنه سن سنة سيئة في التعليق على الأحاديث، ألا وهي الاعتماد على التحسين العقلي، فما أشبهه بالمعتزلة. ويأتي له أمثلة أخرى، ولعله مضى بعض آخر منها. 2343 - " إذا أقل ارجل الطعم ملىء جوفه نورا ". موضوع رواه الديلمي (1/1/102) عن إبراهيم بن مهدي الأيلي ببغداد: حدثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء بن المسيب: حدثنا إسماعيل بن عياش عن برد عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 2343 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته ابن العلاء هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء " ، وقال: " قال الدارقطني: كذاب ". وإبراهيم بن مهدي؛ قال الذهبي: " متهم بالوضع ". 2344 - " إذا التقى المسلمان، فتصافحا، وحمدا الله، واستغفرا؛ غفر لهما ". ضعيف رواه البخاري في " التاريخ " (2/1/396 - 397) وأبو داود (2/644 - الحلبية) ، وأبو يعلى في " مسنده " (1673) ، وعنه ابن السني في " اليوم والليلة " (189) عن هشيم عن أبي بلج عن زيد بن أبي الشعثاء العنزي عن البراء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زيد بن أبي الشعثاء العنزي؛ قال الذهبي: " روى عنه أبو بلج وحده، لا يعرف، وقيل: بينه وبين البراء رجل ". قلت: وذكره ابن حبان على قاعدته في " الثقات " (4/248) . وأبو بلج هذا اسمه يحيى بن سليم بن بلج، قال الحافظ: " صدوق ربما أخطأ ". وهشيم؛ هو ابن بشير، ثقة من رجال الشيخين، ولكنه يدلس. وقد جاء الحديث من طرق أخرى بلفظ آخر نحوه دون قوله: " وحمدا الله الحديث: 2344 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 واستغفرا "، يدل مجموعها على أن له أصلا، ولذلك خرجته في الكتاب الآخر (525) . 2345 - " أنا الشاهد على الله أن لا يعثر عاقل إلا رفعه، ثم لا يعثر إلا رفعه، ثم لا يعثر إلا رفعه، حتى يصيره إلى الجنة ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 175) ، وابن أبي الدنيا في " العقل وفضله " (ص 9) من طريق محمد بن عمر بن عبد الله بن الرومي: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عمر بن عبد الله هذا لين الحديث. كما في " التقريب "، وقد تفرد به كما قال الطبراني، وقال الهيثمي في " المجمع " (8/29) : " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط "، وفيه محمد بن عمر بن الرومي، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات ". وقال في موضع آخر (6/282) : " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وإسناده حسن ". كذا قال! ومحمد بن مسلم الطائفي، وإن أخرج له مسلم استشهادا، فما ذلك إلا لأن في حفظه ضعفا. وأحاديث العقل ليس فيها ما يصح، بل قال ابن تيمية: " كلها موضوعة ". الحديث: 2345 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 2346 - " كان إذا دخل شهر رمضان شد مئزره، ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (3/310/3624) من طريق عمرو، عن المطلب بن ( الأصل: عن) عبد الله، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات، غير أن عبد المطلب بن عبد الله، كان كثير التدليس والإرسال، كما في " التقريب ". والشطر الأول منه صحيح بلفظ: " كان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله ". رواه الشيخان. وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (برقم 1246) . الحديث: 2346 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 2347 - " اعتموا، خالفوا على الأمم قبلكم ". موضوع أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/238/1 - 2) عن محمد بن يونس: حدثنا سفيان عن ثور عن خالد بن معدان قال: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب من الصدقة، فقسمها بين أصحابه، فقال: " فذكره. وقال: " وهذا منقطع ". قلت: يعني أنه مرسل، لأن خالد بن معدان تابعي، لكن في الطريق إليه محمد بن يونس وهو الكديمي؛ وهو كذاب. (تنبيه) : قوله: " اعتموا " بكسر همزة الوصل وشد الميم؛ أي: البسوا الحديث: 2347 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 العمائم، وضبطه المناوي بفتح همزة القطع وكسر المثناة وضم الميم، أي صلوا العشاء في العتمة. وتبعه على هذا الضبط جماعة منهم " الفتح الكبير "، وهو خطأ سببه عدم الانتباه لسبب ورود الحديث، فإن ذكر الثياب فيه قرينة ظاهرة على أن المقصود ما ذكرنا، ويؤيد ذلك أن مخرجه البيهقي أورده في " فصل في العمائم "! 2348 - " أعربوا القرآن؛ فإن من قرأ القرآن، فأعربه، فله بكل حرف عشر حسنات، وكفارة عشر سيئات، ورفع عشر درجات ". موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (8/282 - 283/7570 - ط) من طريق نهشل عن الضحاك عن أبي الأحوص عن ابن مسعود. قال الهيثمي (7/163) : " وفيه نهشل، وهو متروك ". قلت: وهو ابن سعيد الورداني، قال الطيالسي وابن راهو يه: " كذاب ". وقال أبو سعيد النقاش: " روى عن الضحاك الموضوعات ". قلت: وقد روي الحديث من طرق أخرى عن ابن مسعود وغيره بألفاظ قريبة من هذا، ويزيد بعضهم على بعض، ولا يصح شيء منها، وبعضها أشد ضعفا من بعض، وقد سبق تخريج طائفة منها عن ابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة برقم (1344 - 1347) بلفظ: " أعربوا.. " ويأتي تخريج طائفة أخرى من حديث عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعائشة بلفظ: " من قرأ القرآن فأعربه.. " برقم (6582 - 6584) مع فائدة في معنى (الإعراب) . الحديث: 2348 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 2349 - " كيف تهلك أمة أنا أولها، وعيسى آخرها، والمهدي في وسطها ". منكر رواه ابن عساكر (2/95/2) عن أحمد بن محمد بن عبيد الله الدمشقي: أخبرني طاهر ابن علي: نا علي بن هاشم: نا أبو الهيثم محمد بن إبراهيم أن أمير المؤمنين أبا جعفر حدثه عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند مظلم، أحمد هذا أورده ابن عساكر بهذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وطاهر بن علي؛ هو الطبراني؛ لم أعرفه. وأبو جعفر؛ هو الخليفة العباسي المشهور، لا يعرف حاله في الرواية. وأبو الهيثم محمد بن إبراهيم لعله محمد بن إبراهيم المعروف بالإمام ابن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس؛ ترجمه الخطيب (1/384 - 386) ، وذكر أنه روى العلم عن جماعة، منهم عمه أبو جعفر المنصور، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثم تأكد لدي أنه هو حين رأيت ابن عساكر رواه في مكان آخر (14/53/2) من طريق خالد بن يزيد القشيري: حدثنا محمد بن إبراهيم الهاشمي به. والحديث منكر عندي، لأن ظاهره أن بين المهدي وعيسى سنين كثيرة مع أنه صح في غير ما حديث أنهما يلتقيان في دمشق، ويأتم عيسى بالمهدي عليهما السلام، فكيف يقال: إن المهدي في وسطها وعيسى في آخرها؟ ! والحديث رواه ابن عساكر أيضا من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمروعن عبد الرحمن بن نفير عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمروبن العاص مرفوعا به، دون الجملة الوسطى. الحديث: 2349 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 وهذا وإن كان أقرب إلى الصواب؛ فإنه ضعيف جدا، فإن عبد الوهاب قال فيه أبو حاتم: " كذاب ". 2350 - " إذا بدا خف المرأة بدا ساقها ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/105) عن عقبة بن الزبير: حدثنا عبد الله بن محمد القداح: حدثنا يونس بن محمد بن فضالة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. بيض له الحافظ في " مختصره "، وإسناده مظلم. محمد بن فضالة، وابنه يونس، وعبد الله بن محمد القداح؛ ترجمهم ابن أبي حاتم (4/1/55 و4/2/246 و2/2/158) ، ولم يذكر فيهم جرحا ولا تعديلا، فهم في عداد المجهولين، وقال الذهبي في (القداح) : " مستور، ما وثق ولا ضعف، وقل ما روى ". وعقبة بن الزبير، لم أر من ذكره. الحديث: 2350 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 2351 - " نهى عن ذبيحة نصارى العرب ". ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/55) عن إبراهيم بن أدهم عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير أدهم والد إبراهيم، واسم أبيه منصور؛ لم أجد من ترجمه. وللحديث طريق أخرى ابن عدي (4/249/1 و5/320 - 321 الحديث: 2351 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 ط) ، وعنه البيهقي (9/217) عن جبارة: حدثني عبد الحميد بن بهرام: حدثني شهر بن حوشب: حدثني ابن عباس به. وقال البيهقي: " هذا إسناد ضعيف، وقد روي عن ابن عباس خلافه ". ثم روى من طريق مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب؟ فقال: لا بأس بها، وتلا هذه الآية " ومن يتولهم منكم فإنه منهم ". قلت: وإسناد هذا الموقوف صحيح، وهو مما يؤكد ضعف المرفوع، وشهر بن حوشب، وجبارة وهو ابن مغلس؛ ضعيفان، وقال ابن عدي: " عبد الحميد هو في نفسه لا بأس به، وإنما عابوا عليه كثرة روايته عن شهر بن حوشب، وشهر ضعيف جدا ". 2352 - " نهى عن ذبيحة المجوسي، وصيد كلبه وطائره ". ضعيف أخرجه الدارقطني في " السنن " (ص 549) من طريق شريك عن الحجاج عن القاسم بن أبي بزة وأبي الزبير عن سليمان اليشكري عن جابر قال: فذكره. وأخرجه البيهقي (9/245) من هذا الوجه، إلا أنه لم يذكر في إسناده أبا الزبير، وقال: " الحجاج بن أرطاة لا يحتج به ". قلت: لأنه مدلس، وقد عنعنه، وشريك، وهو ابن عبد الله القاضي؛ ضعيف أيضا لسوء حفظه. الحديث: 2352 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 2353 - " الشيبة نور، من خلع الشيبة، فقد خلع نور الإسلام، فإذا بلغ الرجل أربعين سنة، وقاه الله الأدواء الثلاثة: الجنون والجذام والبرص) . موضوع رواه العقيلي في " الضعفاء " (444) ، وابن حبان في " المجروحين " (3/82) ، والجرجاني في " الفوائد " (131/2) ، وابن عساكر (17/456/1) عن الوليد بن موسى الدمشقي: حدثنا عبد الرحمن بن عمروالأوزاعي عن يحيى ابن أبي كثير عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن حبان، وأقره ابن عساكر: " هذا لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقال العقيلي: " الوليد بن موسى يروي عن الأوزاعي أحاديث بواطيل لا أصول لها، ليس ممن يقيم الحديث ". وأورده ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/200 - 201) من طريق العقيلي، ثم قال: " حديث لا يصح، قال ابن حبان: ... ". فذكر كلامه، لكن وقع فيه خلل، وقد كان من حقه أن يورده في " الموضوعات " كما فعل في حديث آخر من رواية الوليد هذا ، وسيأتي برقم (6114) . الحديث: 2353 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 2354 - " من شاب شيبة في سبيل الله؛ تباعدت منه جهنم مسيرة خمسمائة عام ". ضعيف جدا رواه ابن عساكر (11/423/2) عن المسيب بن واضح الحديث: 2354 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 بن سرحان: نا أبو إسحاق الفزاري عن زائدة عن أبان عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا: أبان؛ هو ابن أبي عياش، وهو متروك. والمسيب بن واضح ضعيف. 2355 - " خذ من لحيتك ورأسك ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/263/1 و6440 - ط) من طريق أبي مالك النخعي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: " رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مجفل الرأس واللحية، فقال: ما شوه أحدكم أمس (كذا الأصل) قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لحيته ورأسه يقول: ... " فذكره، وقال: " أبو مالك عبد الملك بن الحسين النخعي غير قوي، وقد روينا عن حسان بن عطية عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعث والوسخ، لم يذكر الأخذ من اللحية والرأس. والله أعلم ". قلت: أبو مالك النخعي ضعيف جدا، وقال في " التقريب ": " متروك ". وحديث حسان بن عطية قد خرجته في " الصحيحة " (493) . واعلم أنه لم يثبت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ من اللحية ، لا قولا، كهذا، ولا فعلا كالحديث المتقدم برقم (288) . نعم ثبت ذلك عن بعض السلف، وإليك المتيسر منها: الحديث: 2355 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 1 - عن مروان بن سالم المقفع قال: " رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف ". رواه أبو داود وغيره بسند حسن؛ كما بينته في " الإرواء " (920) ،و" صحيح أبي داود " (2041) . 2 - عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج، لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج. وفي رواية: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أوعمرة أخذ من لحيته وشاربه. أخرجه مالك في " الموطأ " (1/353) . وروى الخلال في " الترجل " (ص 11 - المصورة) بسند صحيح عن مجاهد قال: رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر، ثم قال للحجام: خذ ما تحت القبضة. قال الباجي في " شرح الموطأ " (3/32) : " يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه، وقد استحب ذلك مالك رحمه الله، لأن الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال، والاستئصال لهما مثلة ". 3 - عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: " وليقضوا تفثهم ": " التفث: حلق الرأس، وأخذ الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الأظفار، والأخذ من العارضين، (وفي رواية: اللحية) ، ورمي الجمار، والموقف بعرفة والمزدلفة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 رواه ابن أبي شيبة (4/85) وابن جرير في " التفسير " (17/109) بسند صحيح. 4 - عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: " ثم ليقضوا تفثهم " ، فذكر نحوه بتقديم وتأخير، وفيه: وأخذ من الشاربين واللحية ". رواه ابن جرير أيضا، وإسناده صحيح، أوحسن على الأقل. 5 - عن مجاهد مثله بلفظ: " وقص الشارب ... وقص اللحية ". رواه ابن جرير بسند صحيح أيضا. 6 - عن المحاربي (وهو عبد الرحمن بن محمد) قال: سمعت رجلا يسأل ابن جريج عن قوله: " ثم ليقضوا تفثهم "، قال: " الأخذ من اللحية ومن الشارب ... ". 7 - في " الموطأ " أيضا أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم، دعا بالجملين، فقص شاربه وأخذ من لحيته قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرما. 8 - عن أبي هلال قال: حدثنا شيخ - أظنه من أهل المدينة - قال: رأيت أبا هريرة يحفي عارضيه: يأخذ منهما. قال: ورأيته أصفر اللحية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 رواه ابن سعد في " الطبقات " (4/334) . قلت: والشيخ المدني هذا أراه عثمان بن عبيد الله، فإن ابن سعد روى بعده أحاديث بسنده الصحيح عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبيد الله قال: رأيت أبا هريرة يصفر لحيته ونحن في الكتاب. وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " (3/177) ، فالسند عندي حسن. والله أعلم. قلت: وفي هذه الآثار الصحيحة ما يدل على أن قص اللحية، أوالأخذ منها كان أمرا معروفا عند السلف، خلافا لظن بعض إخواننا من أهل الحديث الذين يتشددون في الأخذ منها، متمسكين بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " وأعفوا اللحى "، غير منتبهين لما فهموه من العموم أنه غير مراد لعدم جريان عمل السلف عليه وفيهم من روى العموم المذكور، وهم عبد الله بن عمر، وحديثه في " الصحيحين "، وأبو هريرة، وحديثه عن مسلم، وهما مخرجان في " جلباب المرأة المسلمة " (ص 185 - 187/ طبعة المكتبة الإسلامية) ، وابن عباس، وحديثه في " مجمع الزوائد " (5/169) . ومما لا شك أن راوي الحديث أعرف بالمراد منه من الذين لم يسمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، وأحرص على اتباعه منهم. وهذا على فرض أن المراد بـ (الإعفاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 التوفير والتكثير كما هو مشهور، لكن قال الباجي في " شرح الموطأ " (7/266) نقلا عن القاضي أبي الوليد: " ويحتمل عندي أن يريد أن تعفى اللحى من الإخفاء. لأن كثرتها أيضا ليس بمأمور بتركه، وقد روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ . قيل لمالك: فإذا طالت جدا؟ قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص. وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة ". قلت: أخرجه عنهما الخلال في " الترجل " (ص 11 - مصورة) بإسنادين صحيحين، وروى عن الإمام أحمد أنه سئل عن الأخذ من اللحية؟ قال: كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة، وكأنه ذهب إليه. قال حرب: قلت له : ما الإعفاء؟ قال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان هذا عنده الإعفاء. قلت: ومن المعلوم أن الراوي أدرى بمرويه من غيره، ولا سيما إذا كان حريصا على السنة كابن عمر، وهو يرى نبيه صلى الله عليه وسلم - الآمر بالإعفاء - ليلا نهارا. فتأمل. ثم روى الخلال من طريق إسحاق قال: " سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " احفوا الشوارب، وأعفوا اللحى "؟ قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه. ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن تحت حلقه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 قلت: لقد توسعت قليلا بذكر هذه النصوص عن بعض السلف والأئمة؛ لعزتها، ولظن الكثير من الناس أنها مخالفة لعموم: " وأعفوا اللحى "، ولم يتنبهو القاعدة أن الفرد من أفراد العموم إذا لم يجر العمل به، دليل على أنه غير مراد منه، وما أكثر البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ (البدع الإضافية) إلا من هذا القبيل، ومع ذلك فهي عند أهل العلم مردودة، لأنها لم تكن من عمل السلف، وهم أتقى وأعلم من الخلف، فيرجى الانتباه لهذا فإن الأمر دقيق ومهم. 2356 - " كان يكثر القناع، ويكثر دهن رأسه، ويسرح لحيته بالماء ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/266/1) عن أبي بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا بشر بن مبشر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وبشر بن مبشر؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " مجهول ". ومحمد بن هارون قال الدارقطني: " ليس بالقوي ". (تنبيه) عزا المناوي الحديث للترمذي أيضا في " الشمائل "، وهو وهم، فإن الترمذي إنما أخرجه من حديث أنس بن مالك، وإسناده ضعيف أيضا كما بينته في تخريج " المشكاة " (4445) ، ثم في " مختصر الشمائل " برقم (26) . الحديث: 2356 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 2357 - " كان يأمر بدفن الشعر والأظفار ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (22/32/73) ، والبيهقي في الحديث: 2357 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 " الشعب " (2/269/2) من طريق محمد بن الحسن: حدثنا أبي: حدثنا قيس بن الربيع عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه مرفوعا، وقال البيهقي: " هذا إسناد ضعيف، وروي من أوجه كلها ضعيفة ". قلت: وفي هذا الإسناد ثلاث علل: الأولى: الانقطاع؛ فإن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه. الثانية: ضعف قيس بن الربيع لسوء حفظه. الثالثة: محمد بن الحسن، وهو ابن الزبير الأسدي الكوفي لقبه التل، قال الحافظ: " صدوق فيه لين ". ومن الأوجه التي أشار إليها البيهقي ما أخرجه هو في " الشعب " (5/232/ رقم 6487) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (4/2/45) ، ومن طريقه الدارقطني في " المؤتلف والمختلف " (4/2094 - 2095) ، وابن عدي (6/208) ، والخلال في " الترجل " (ص 20) ، والبزار (3/370/ رقم 2968 - زوائده) ، والطبراني في " الكبير " (20/322/ رقم 762) ، و" الأوسط " (6/436/5934 - ط) عن محمد ابن سليمان بن مسمول حدثني: عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه قال: حدثتني ميل بنت مشرح الأشعرية أن أباها مشرح - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قص أظفاره فجمعها، ثم دفنها، ثم قال: " هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ". وقال الطبراني: " تفرد به ابن مسمول ". وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده ولا متنه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 وأقره الذهبي في " الميزان ". وقال الحافظ في " الإصابة " (3/421) : " محمد بن سليمان ضعيف جدا ". قلت: وفيه علل أخرى: الأولى: ميل هذه لم أعرفها. الثانية: سلمة بن وهرام؛ ضعفه أبو داود كما في " الضعفاء " للذهبي. الثالثة: عبيد الله بن سلمة؛ لينه أبو حاتم. ومن ذلك ما ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الحكيم عن عائشة مرفوعا بلفظ: " كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان: الشعر والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والعلقة، والمشيمة ". وقال المناوي في " شرحه ": " وظاهر صنيع المصنف أن الحكيم خرجه بسنده كعادة المحدثين، وليس كذلك، بل قال: وعن عائشة، فساقه بدون سند كما رأيته في كتابه " النوادر "، فلينظر ". وفي دفن دم الحجامة خاصة حديث موضوع فيه آفات سيأتي تخريجه برقم (6327) ، وتقدم آخر برقم (713) ، وفيه دفن الشعر أيضا والأظفار. وفي تعليق الأخ (مشهور) على كتاب " الخلافيات " (1/250 - 253) أحاديث أخرى ، وخرجها وبين عللها، فمن شاء التوسع رجع إليه، وقد أشار البيهقي إلى تضعيفها كلها، ولذلك قال أحمد: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 " يدفن الشعر والأظفار، وإن لم يفعل لم نر به بأسا ". رواه عنه الخلال في " الترجل " (ص 19) . 2358 - " بيت لا صبيان فيه؛ لا بركة فيه، وبيت لا خل فيه؛ قفار لأهله ". ضعيف. رواه الديلمي (2/1/13) من طريق أبي الشيخ عن عبد الله بن هارون الفروي: حدثنا قدامة بن محمد بن حشرم عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبيه (1) عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف: قدامة بن محمد بن {خشرم} ، قال الذهبي: " تكلم فيه ابن حبان، ومشاه غيره، قال ابن عدي: له أحاديث غير محفوظة ". وعبد الله بن هارون الفروي، قال الذهبي: " له مناكير، ولم يترك، ذكره ابن عدي وطعن فيه ".   (1) كذا بالأصل بتكرار " أبيه " الحديث: 2358 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 2359 - " من سعادة المرء حسن الخلق ". موضوع رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (رقم 300) عن الخرائطي، وهذا في " المكارم " (رقم 37) ، وعنه ابن عساكر (15/1038) قال: أنا أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي: نا هشام بن عمار قال: نا القاسم بن عبد الله قال: نا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. الحديث: 2359 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 قلت: وهذا سند موضوع، وآفته القاسم بن عبد الله، وهو العمري؛ قال أحمد: " كان يكذب ويضع الحديث ". وسائر رجال السند ثقات؛ غير أبي الحارث هذا، ترجمه ابن عساكر بروايته عن جمع غير هشام، وعنه الخرائطي فقط، وقال: " وأظنه مات في الغربة ". ولم يذكر فيه جرحا. وقد توبع، فأخرجه البيهقي في " الشعب " (6/249/8039) من طريق الحسن بن سفيان: نا هشام بن عمار به، وزاد: " ومن شقوته سوء الخلق ". وقال المناوي: " قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف، وذلك لأن فيه الحسن بن سفيان، أورده الذهبي في " ذيل الضعفاء "، وقال: قال البخاري: لم يصح حديثه عن هشام بن عمار. قال أبو حاتم: صدوق تغير، عن القاسم بن عبد الله بن عمر العمري قال في " الضعفاء " قال أحمد: كان يكذب ويضع، ورواه عنه الخرائطي في المكارم ". قلت: ثم إن الحسن بن سفيان هذا ليس هو صاحب " الأربعين "، فهذا ضعيف، وذاك حافظ ثقة. وللحديث طريق آخر عن ابن المنكدر، يرويه إسحاق بن بشر الكاهلي: حدثنا عمار ابن سيف عن محمد بن أبي حميد عنه بلفظ: " من سعادة ابن آدم حسن الخلق، ومن شقاوة ابن آدم سوء الخلق ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 أخرجه الخطيب في " الموضح " (1/239 - 240) ، وقال: " وهو إسحاق بن مقاتل الأسدي الذي روى عنه أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار ". قلت: هو إسحاق بن بشر بن مقاتل أبو يعقوب الكاهلي الكوفي، كذبه ابن أبي شيبة وموسى بن هارون وأبو زرعة، وقال الدارقطني: " هو في عداد من يضع الحديث ". وعمار بن سيف، مختلف فيه. ومحمد بن أبي حميد هو المدني، قال الحافظ: " ضعفوه ". ثم إن الخرائطي رواه (39) عن شيخه المتقدم (محمد بن مصعب الدمشقي) بإسناد آخر له عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا به دون الزيادة، وفيه عنعنة بقية بن الوليد ، عن شيخه (إسماعيل) - لم ينسب -، فهو من شيوخه المجهولين، وقول الدكتورة المعلقة على " المكارم " أنه (إسماعيل بن أبي خالد البجلي) مجرد دعوى، بل إني أخشى أن يكون مقحما في الإسناد، فإنه من رواية بقية عنه عن محمد بن أبي جميلة، ففي " الجرح ": " محمد بن أبي جميلة.. روى عنه بقية.. مجهول ". وانظر " تيسير الانتفاع ". 2360 - " الأكل بأصبع واحد أكل الشيطان، وبالاثنين أكل الجبابرة، وبالثلاثة أكل الأنبياء ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/367) من طريق أبي أحمد الغطريفي الحديث: 2360 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 وهذا في " جزئه " (رقم 41) عن رشدين عن أبي حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو حفص المكي الظاهر أنه عمر بن حفص القرشي المكي، فقد ذكر له الذهبي في ترجمته بهذا الإسناد حديثا آخر في الجهر بالبسملة، وقال: " لا يدرى من ذا، والخبر منكر ". ورشدين - وهو ابن سعد - ضعيف سيىء الحفظ. 2361 - " استعيذوا بالله من الرغب ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/48) عن إسماعيل بن رافع عن محمد بن يحيى بن حبان عن واسع ابن حبان عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وأشار الحافظ إلى إعلاله بإسماعيل، وهو ضعيف. الحديث: 2361 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 2362 - " استغفروا لأخيكم جعفر، فإنه شهيد، وقد دخل الجنة وهو يطير فيها بجناحين من ياقوت، حيث يشاء من الجنة ". موضوع أخرجه ابن سعد (4/37) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن صالح عن عاصم ابن عمر بن قتادة. قال: وحدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن عمروبن حزم - زاد أحدهما على صاحبه - قال: " لما أخذ جعفر بن أبي طالب الراية جاءه الشيطان، فمناه الحياة الدنيا، وكره له الموت، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا؟ ! ثم الحديث: 2362 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 مضى قدما حتى استشهد، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذان إسنادان موضوعان، آفتهما محمد بن عمر - وهو الواقدي - وهو متهم بالكذب. وشيخه الآخر مجهول كما في " الجرح والتعديل " (3/1/32) ، ومع تلك الآفة فالإسنادان - مع ضعفهما الشديد - مرسلان! ! لكن قد صح مرفوعا طيران جعفر رضي الله عنه في الجنة مع الملائكة بجناحين. جاء ذلك من طرق عن جمع من الصحابة بعضها صحيح؛ كما تقدم بيان ذلك في " الصحيحة " (1226) . 2363 - " استعينوا في شدة الحر بالحجامة، فإن الدم ربما تبيغ (1) بالرجل فقتله ". موضوع رواه الديلمي (1/25/1) عن إسماعيل بن حفص بن عمر بن دينار [عن أبيه] (2) : حدثنا عبد الواحد بن صفوان: نا مجاهد: حدثنا ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأشار الحافظ إلى إعلاله بإسماعيل هذا، وليس بشيء، فإن إسماعيل لا بأس به كما قال أبو حاتم على ما في " الميزان "، وقال الساجي: " أحسبه لحقه ضعف أبيه ".   (1) تبيغ الدم: ثار وهاج. اهـ. (2) سقطت من الأصل، وإثباتها مما لابد منه، لأن عبد الواحد بن صفوان إنما يروي عنه حفص بن عمر أبو إسماعيل كما يأتي، وليس إسماعيل نفسه. اهـ الحديث: 2363 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 قلت: فالعلة من أبيه، وهو حفص بن عمر بن دينار الأيلي، قال أبو حاتم: " كان شيخا كذابا ". وقال العقيلي: " يحدث عن الأئمة بالبواطيل ". وعبد الواحد بن صفوان؛ قال في " الميزان ": " عن يحيى: ليس بشيء، حدث عنه حفص بن عمر ... وروى الكوسج عن ابن معين: صالح ". وقد مضى للحديث طريق آخر، ولكنه شديد الضعف أيضا، إلا جملة التبيغ، فراجع ما تقدم برقم (2331) . 2364 - " العين حق، ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم ". ضعيف أخرجه أحمد (2/439) ، وعنه الطبراني في " مسند الشاميين " (1/265/459) ، وهذا عن أبي مسلم الكشي أيضا، كلاهما عن ثور بن يزيد عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الهيثمي (5/107) : " رجاله رجال الصحيح ". قلت: لكنه منقطع، فإن مكحولا عن أبي هريرة مرسل كما في " الميزان " للذهبي. وسكت عنه الحافظ في " الفتح " (10/200) ، ولعله لشواهد الجملة الأولى منه، فانظر " الصحيحة " (1248 - 1251) . وقد أبعد السيوطي النجعة، فعزا الحديث إلى الكجي فقط في " سننه "! الحديث: 2364 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 2365 - " لا يزال المسروق منه في تهمة ممن هو بريء منه حتى يكون أعظم جرما من السارق ". منكر أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/302/2) من طريق أبي النضر: حدثنا أبو سهل: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو سهل هذا لا يعرف إلا في هذا الحديث، وهو الخراساني، ذكره الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث، وقال: " هذا حديث منكر، رواه عنه أبو النضر هاشم ". قلت: وقد صح عن ابن مسعود موقوفا، عند البخاري في " الأدب المفرد " (1289) ، ولا وجه لمن استنكره؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن يقصد مجرد التفرد، وحينئذ فلا ضير، كما هو الشأن في حديث البخاري عن جابر في صلاة الاستخارة، وقد سبقت الإشارة إليه تحت الحديث (2305) . الحديث: 2365 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 2366 - " لا ينامن أحدكم في معصفرة، فإنها محتضرة ". موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (17/178 - 179) : حدثنا أحمد بن رشدين المصري: حدثنا خالد بن عبد السلام الصدفي: حدثنا الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي قال: فذكر أحاديث مرفوعة هذا أحدها (474) . وهذا موضوع. آفته الفضل بن المختار، فإنه منكر الحديث، وذكر له ابن الجوزي حديثا غير هذا في " الموضوعات "، وقد تقدم في المجلد الأول برقم (284) . الحديث: 2366 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 والحديث ذكره الديلمي في " مسند الفردوس " (3/198) معلقا من رواية أبي نعيم : أخبرنا الطبراني به. 2367 - " ما شر أحدكم لوكان في بيته محمد، ومحمدان، وثلاثة ". ضعيف أخرجه ابن سعد (5/54) : أخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري قال: حدثنا محمد بن عثمان العمري عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، العمري هذا وأبو هـ لم أعرفهما، والظاهر أنه مرسل. وأما قول المناوي في أبيه: " هو عثمان بن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العمري المدني، نزيل البصرة؛ قال في " التقريب ": صدوق ربما وهم ". فلا يظهر لي صوابه، لأنهم لم يذكروا في ترجمته ابنه محمدا في الرواة عنه. والله أعلم. الحديث: 2367 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 2368 - " ألا يا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة. ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا، طاعمة ناعمة يوم القيامة. ألا يا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين. ألا يا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم. ألا يا رب متخوض ومتنعم في ما أفاء الله على رسوله ما له عند الله من خلاق. ألا وإن عمل النار سهلة بسهو ة. ألا يا رب شهو ة ساعة أورثت حزنا طويلا ". الحديث: 2368 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 ضعيف جدا. رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (3 رقم 36 من نسختي) ، وابن سعد في " الطبقات " (7/423) ، وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 38) ، والديلمي ( 1/2/343) ؛ كلهم عن بقية: حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي البجير - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أصاب يوما النبي صلى الله عليه وسلم الجوع، فوضع على بطنه حجرا، ثم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سعيد بن سنان - هو أبو مهدي الحمصي - متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع؛ كما قال الحافظ. 2369 - " كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه ". ضعيف أخرجه ابن حبان (483 - الإحسان) ، وأحمد (2/365) ، وعلي بن الجعد في " الجعديات " (1063/3072) ، وعنه ابن أبي الدنيا في " العقل وفضله " (ص 10) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 4) ، والدارقطني في " السنن " ( 3/303/214) ، والحاكم في " المستدرك " (1/123 و2/162) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (2/25/1) ، وفي " السنن " (7/136 و10/195) ، والقضاعي (190) من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". وتعقبه الذهبي بقوله: " الزنجي ضعيف "، فأصاب. وفي التقريب: الحديث: 2369 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 " هو صدوق كثير الأوهام ". قلت: فتحسين المعلق على " مسند أبي يعلى " (11/334) لإسناده تحسين مرفوض، وقد أشار البيهقي إلى تضعيفه بقوله: " هذا يعرف بمسلم بن خالد، وقد روي من وجهين آخرين ضعيفين عن أبي هريرة ". قلت: أحدهما يرويه معدي بن سليمان عن ابن عجلان عن أبيه عنه به، وزاد زيادة منكرة. أخرجه أبو يعلى بتمامه (11/333/6451) ، وعنه القضاعي في " مسند الشهاب " (1/197/297) ، وابن حبان في " الضعفاء " (3/41) بالزيادة فقط، وقال: " معدي بن سليمان كان ممن يروي المقلوبات عن الثقات، والملزقات عن الأثبات ". والآخر: أخرجه الحاكم أيضا من طريق أحمد بن المقدام: حدثنا المعتمر عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن جده عن أبي هريرة به. وعبد الله بن سعيد متروك شديد الضعف فلا يستشهد به. 2370 - " إن الناس ليحجون ويعتمرون، ويغرسون النخل بعد خروج يأجوج ومأجوج ". ضعيف بهذا التمام أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (941) : حدثنا روح بن عبادة: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 2370 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، فقد قال الحاكم: " لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس ". وكذا قال أحمد. قلت: ويؤيده أن بعض الثقات قد ذكر بين قتادة وأبي سعيد (عبد الله بن أبي عتبة) ، دون جملة الغرس، فهي منكرة. رواه البخاري وغيره، وتقدم تخريجه في " الصحيحة " تحت الحديث (2430) . 2371 - " قال الله عز وجل: إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري ". ضعيف رواه البيهقي في " الشعب " (2/11/1) عن مهنأ بن يحيى، وابن عساكر (5/350/1 ) من طريق الطبراني، وهذا في " مسند الشاميين " (2/93/974) : نا خير بن عرفة المصري: نا حيوة بن شريح الحمصي كلاهما قال: نا بقية بن الوليد: حدثني صفوان بن عمرو: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير وشريح بن عبيد الحضرميان عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: أورده ابن عساكر في ترجمة خير بن عرفة، وذكر أنه توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين وقد أسن، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وهذا إسناد رجاله ثقات، وبقية قد صرح بالتحديث، ولكنه منقطع، فإن عبد الرحمن بن جبير وشريح بن عبيد لم يدركا أبا الدرداء، فعلة الحديث الانقطاع. وأما إعلال المناوي إياه بتدليس بقية، وجهالة مهنأ بن يحيى، فمردود بأن الحديث: 2371 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 بقية قد صرح بالتحديث في الطريقين، وأن مهنأ بن يحيى ليس مجهولا، فقد قال الأزدي: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني: " ثقة نبيل ". وقال ابن حبان في " الثقات " (9/204) : " مستقيم الحديث ". وإنما المجهول مهنأ بن عبد الحميد. ومع ذلك فقد وثقه أبو داود. والحديث عزاه السيوطي للحكيم الترمذي والبيهقي فقط، وزاد عليه المناوي الحاكم، ولم أره في مستدركه "، وهو المراد عند إطلاق العزوإليه. وذكر المناوي أيضا أن الحكيم لم يذكر له سندا، فكان اللائق عدم عزوه إليه. ثم راجعت له " فهرس المستدرك " الذي وضعته حديثا، فلم أره فيه. ثم رأيت السيوطي في " الجامع الكبير " عزاه للحاكم في " التاريخ "، فزال الإشكال والحمد لله. وكما أخطأ المناوي في الإطلاق المذكور؛ أخطأ المعلق على " الفردوس " (3/166) ، فأطلق العزوإلى (الترمذي) ! فأوهم أنه أبو عيسى صاحب السنن! ! والله أعلم. 2372 - " الآخذ بالشبهات يستحل الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والبخس بالزكاة ". موضوع ولوائح وضع بعض المتفقهة عليه ظاهرة. رواه الديلمي (1/2/366) من طريق أبي الشيخ عن بشار بن قيراط: حدثنا علي بن صالح المكي عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده مرفوعا. الحديث: 2372 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته بشار بن قيراط؛ كذبه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: " لا يحتج به ". 2373 - " من رضي من الله بالقليل من الرزق؛ رضي الله عنه بالقليل من العمل ". ضعيف رواه ابن شاهين في " الترغيب " (300/1) ، والخطيب في " الموضح " (1/252) ، والبيهقي في " الشعب " (2/14/1) عن إسحاق الفروي: حدثني سعيد بن مسلم بن بانك: أنه سمع علي بن حسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل إسحاق هذا، وهو ابن محمد الفروي. قال الذهبي: " صدوق في الجملة، صاحب حديث: قال أبو حاتم: صدوق ذهب بصره فربما لقن، وكتبه صحيحة. وقال مرة: مضطرب، وقال العقيلي: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها، وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: لا يترك. وقال أيضا: ضعيف، قد روى عنه البخاري، ويوبخونه على هذا ". وللحديث شاهد، يرويه موسى بن إبراهيم: نا موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. أخرجه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي " (ق 71/1) . وهذا إسناد ضعيف جدا، موسى بن إبراهيم - وهو المروزي - متروك. الحديث: 2373 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 2374 - " ما أبالي ما رددت به عني الجوع ". ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في " الجوع " (9/2) من طريق ابن المبارك، وهذا في " الزهد " (571) : أخبرنا الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله. الحديث: 2374 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 2375 - " ألا أدلكم على الخلفاء مني ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي؟ هم حملة القرآن والأحاديث عني وعنهم [لله] وفي الله ". موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/134) ، وعنه الديلمي (1/2/340) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (330) عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، ولوائح الوضع عليه ظاهرة، والآفة من عبد الغفور هذا، وهو أبو الصباح الواسطي، قال الذهبي: " قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. وقال البخاري: تركوه ". الحديث: 2375 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 2376 - " أيما إمام سها، فصلى باقوم وهو جنب، فقد مضت صلاتهم، ثم ليغتسل هو، ثم ليعد صلاته، وإن صلى بغير وضوء، فمثل ذلك ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/354) من طريق الدارقطني، وهذا في " السنن " (1/364) عن بقية عن عيسى بن إبراهيم عن جويبر عن الضحاك عن البراء بن عازب مرفوعا. الحديث: 2376 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. بقية مدلس وقد عنعنه. وعيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي - متروك. ومثله جويبر. والضحاك لم يلق البراء كما قال الحافظ. 2377 - " تقربوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، والقوهم بوجوه مكفهرة، والتمسوا رضا الله بسخطهم، وتقربوا إلى الله بالتباعد منهم، قالوا: يا نبي الله فمن نجالس؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ومن يرغبكم في الآخرة عمله ". ضعيف رواه ابن شاهين في " الترغيب " (316/2) ، وعنه الديلمي (2/1/33) : حدثنا علي بن الحسن بن أحمد الحراني: حدثنا أبي: حدثنا يحيى بن عبد الله الحراني: حدثنا عمر - يعني ابن سالم الأفطس - عن أبيه عن الحسن، وعن عروة عن ابن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عمر بن سالم الأفطس شبه مجهول، ترجمه المزي في " التهذيب " (2/505/2) برواية ثقتين عنه، ولم يحك توثيقه إلا عن ابن حبان. ويحيى بن عبد الله الحراني - وهو البابلتي - ضعيف، استشهد به البخاري. وعلي بن الحسن - هو علي بن عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني - لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر الآن، ولعله في " تاريخ ابن عساكر ". وأبو عبد الله بن الحسن؛ قال الذهبي: الحديث: 2377 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 " معمر صدوق، روى عن البابلتي وعفان ... ". والحديث عزاه السيوطي لابن شاهين في " الأفراد "، وبيض له المناوي. 2378 - " خذ الأمر بالتدبر، فإن رأيت في عاقبته خيرا، فأمضه، وإن خفت غيا فأمسك ". ضعيف جدا رواه البيهقي في " الشعب " (2/24/1) عن عبد الرزاق، وهذا في " مصنفه " ( 11/165/20212) ، ومن طريقه ابن عدي (1/385) ، والبغوي في " شرح السنة " ( 3600) ، والديلمي (2/111) عن أبان عن أنس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبان - وهو ابن أبي عياش - متهم، وتساهل البيهقي فقال عقب الحديث: " أبان بن أبي عياش ضعيف في الرواية "! وتقدم نحوه (2308) من حديث ابن مسعود. الحديث: 2378 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 2379 - " العلم خليل المؤمن، والعقل دليله، والعمل قيمه، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق والده، واللين أخوه ". موضوع أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/25/2) عن سوار بن عبد الله العنبري: حدثنا عبد الرحمن بن عثمان أبي بحر البكراوي: حدثني عبد الرحمن بن يزيد العمي عن أبيه عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل موضوع، عبد الرحمن بن يزيد العمي لم أعرفه، وأخشى أن يكون تحرف على الناسخ، والصواب عبد الرحيم بن زيد العمي، فإنه الحديث: 2379 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 معروف بالإكثار من الرواية عن أبيه، وهو كذاب كما قال يحيى، وقال البخاري: " تركوه ". وأبو هـ ضعيف. وأبو بحر البكراوي ضعيف، قال أحمد: " طرح الناس حديثه ". وسوار العنبري، قال الثوري: " ليس بشيء ". ورواه القضاعي في " مسند الشهاب " (152) من طريق محمد بن إبراهيم قال: نا رواد بن إبراهيم قال: نا أبو يحيى عبد الحكم - هو ابن ميسرة - عن مالك عن محمد ابن عبيد الله عن أبي الدرداء مرفوعا به، بتقديم وتأخير، وقال: " والبر أخوه " مكان: " واللين أخوه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عبيد الله؛ إن كان العرزمي، فهو متروك، ولم يدرك أبا الدرداء، وإن كان غيره، فلم أعرفه، وقيل عن مالك عن محمد بن عبد الله كما يأتي. وعبد الحكم بن ميسرة، قال أبو موسى المديني: " لا أعرفه ". ومن دونه لم أعرفهم. وضعفه العراقي في " تخريج الإحياء " (3/186) هو وحديث أبي هريرة الآتي. وعزاه لأبي الشيخ في كتاب " الثواب " من حديث أنس بسند ضعيف. وقد أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (270) عن أبي الهيثم خالد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 399 بن رقاد: حدثنا أبي وعبد الحكم بن ميسرة عن مالك بن أنس عن محمد بن عبد الله عن أبي الدرداء. ومن دون عبد الحكم لم أعرفهم أيضا. وقد رواه القضاعي (153) من طريق محمد بن فور بن عبد الله بن مهدي: حدثنا معاذ بن عيسى: حدثنا عمر بن محمد الطنافسي عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. قال الذهبي في ترجمة (ابن فور) هذا، وأقره العسقلاني: " هذا حديث موضوع على الطنافسي، فالآفة هذا أوشيخه ". وبعد، فإن لوائح الصنع والوضع على الحديث ظاهرة، لا سيما وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: " أحاديث العقل كلها موضوعة ". 2380 - " الحسد في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فقام به، وأحل حلاله، وحرم حرامه ، ورجل آتاه الله مالا، فوصل به أقرباءه ورحمه، وعمل بطاعة الله، تمنى أن يكون مثله. ومن يكن فيه أربع فلا يضره ما زوي عنه من الدنيا: حسن خليقة، وعفاف، وصدق حديث، وحفظ أمانة ". ضعيف رواه ابن عساكر (17/149/1) عن روح بن صلاح المصري: نا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عبد الله بن عمروبن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث: 2380 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن روح بن صلاح ضعيف الحديث كما قال الدارقطني، وضعفه غيره كما سبق تحقيقه تحت الحديث (23) . وجملة الحسد قد صحت باختصار في " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود وغيره، وهو مخرج في " الروض النضير " (8977) . 2381 - " كان إذا جاء الشتاء، دخل البيت ليلة الجمعة، وإذا جاء الصيف؛ خرج ليلة الجمعة، وإذا لبس ثوبا جديدا؛ حمد الله وصلى ركعتين، وكسا الخلق ". ضعيف رواه الخطيب (8/414) ، وعنه ابن عساكر (6/113/2) عن محمد بن الحسن بن سهل : حدثنا عبد الله بن عامر التميمي: حدثنا الربيع الحاجب: حدثني أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده قال: فذكره مرفوعا. أورداه في ترجمة الربيع هذا، وهو ابن يونس حاجب المنصور، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، ومن فوقه غالبهم لا يعرف حالهم، ومن دونه لم أجد من ترجمهم، وقد أشار إلى هذا المناوي في " الفيض " بقوله: " وهو من رواية الربيع هذا المذكور عن الخليفة المنصور عن أبيه عن جده، وبه عرف حال السند "! ثم رواه الخطيب (3/196 - 197) عن خزيمة بن خازم عن الفضل بن الربيع عن المهدي عن المنصور به دون قضية اللبس. وقال: " غريب جدا من حديث المهدي عن آبائه، وعجيب من رواية الفضل بن الحديث: 2381 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 401 الربيع بن يونس الحاجب عن المهدي، وعزيز من حديث خزيمة بن خازم القائد عن الفضل، لم أكتبه إلا بهذا الإسناد ". ثم رواه (14/434) عن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: قالت لي زينب ابنة سليمان عن أبيها (سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس) عن جدها عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وقد روي من طريق آخر عن ابن عباس بسند فيه متروك، وآخر غير معروف، وليس فيه جملة اللباس. وكذلك روي من حديث عائشة، وفيه وضاع، وقد خرجتهما فيما يأتي برقم (5924) . 2382 - " إذا أصابت أحدكم مصيبة، فليقل: " إنا لله وإنا إليه راجعون "، اللهم عندك أحتسب مصيبتي، فآجرني فيها، وأبدل لي بها خيرا منها ". ضعيف أخرجه أبو داود (3119) ، وابن السني (573) ، والحاكم (4/16 - 17) ، وأحمد (6/317) من طرق عن حماد بن سلمة: أخبرنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد، فإن ابن عمر الذي لم يسمه حماد بن سلمة في هذا الحديث سماه غيره سعيد بن عمر بن أبي سلمة "! الحديث: 2382 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 402 قلت: ووافقه الذهبي، فلم يصنع شيئا، لأن مجرد تسمية الراوي لا يزيل عنه الجهالة العينية، فضلا عن جهالة الحال كما لا يخفى على أهل العلم، والذهبي نفسه قد أورد ابن عمر هذا في " الميزان "، وقال: " لا يعرف "، لا سيما وهو قد اضطربوا عليه في إسناده على وجوه: الأول: ما تقدم من رواية الجماعة عنه. الثاني: قال أحمد (6/313) : حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة بن إلا أنه قال عن أم سلمة قالت: قال أبو سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره من مسند أبي سلمة! وتابعه روح قال: حدثنا حماد بن سلمة به. أخرجه أحمد أيضا (4/27) . الثالث: قال الترمذي (2/265) : حدثنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا عمروبن عاصم: حدثنا حماد بن سلمة به مثل الوجه الثاني، إلا أنه قال: " عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة "، لم يذكر ابن عمر في إسناده! وقال: " حديث غريب من هذا الوجه ". الرابع: أخرجه الخطيب في " التاريخ " (11/355) عن زهير بن العلاء: حدثنا ثابت البناني عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة مرفوعا. لكن زهيرا هذا قال أبو حاتم: " أحاديثه موضوعة ". وأما ابن حبان، فذكره في " الثقات "! ومما يرجح الوجه الثاني: أنه من حديث أم سلمة عن أبي سلمة، رواية عبد الملك ابن قدامة الجمحي عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة أن أبا سلمة حدثها: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 " ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله " إنا لله ... " " الحديث نحوه. أخرجه ابن ماجه (1598) . لكن عبد الملك هذا ضعيف كما قال الحافظ. ويرجحه أيضا ما روى عمروبن أبي عمروعن المطلب عن أم سلمة قالت: " أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا فسررت به، قال: " لا تصيب أحدا من المسلمين مصيبة، فيسترجع عند مصيبته ... " الحديث نحوه. أخرجه أحمد (4/27 - 28) . ورجاله ثقات، لكن المطلب هذا - وهو ابن عبد الله بن المطلب المخزومي - كثير التدليس. وفي " صحيح مسلم " 0 3/38) وغيره من طريق أخرى عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بنحوه. وهو أصح، وقد خرجته في " أحكام الجنائز " (23) . والله أعلم. 2383 - " الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر، وإن مت بالحضر ". ضعيف أخرجه أحمد (2/224 - 225) عن العلاء بن عبد الله بن رافع: حدثنا حنان بن خارجة عن عبد الله بن عمروقال: " جاء أعرابي ملوي جريء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: أخبرنا الحديث: 2383 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 عن الهجرة إليك أينما كنت، أولقوم خاصة، أم إلى أرض معلومة، أم إذا مت انقطعت؟ قال: فسكت عنه يسيرا، ثم قال: أين السائل؟ قال : ها هو ذا يا رسول الله، قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حنان هذا قال الذهبي: " لا يعرف، تفرد عنه العلاء بن عبد الله بن رافع، أشار ابن القطان إلى تضعيفه للجهل بحاله ". والحديث رواه غير أحمد أيضا، فانظر " ضعيف أبي داود " (434) . 2384 - " إذا مت أنا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان؛ فإن استطعت أن تموت فمت ". ضعيف أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1/345) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/280) ، وابن عساكر (ص 166 / ترجمة عثمان - ط) من طريق سلم بن ميمون الخواص عن سليمان بن حيان الأحمر أبي خالد، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " غريب من حديث إسماعيل بن أبي خالد، لم يروه عنه فيما أعلم إلا أبو خالد ". قلت: وهو صدوق يخطىء كما قال الحافظ، واحتج به الشيخان، لكن الراوي عنه سلم الخواص في ترجمته أورده ابن حبان وقال: " بطل الاحتجاج به ". وأقره الذهبي في " الضعفاء ". الحديث: 2384 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 ومن هذا الوجه أخرجه الإسماعيلي وغيره مطولا، وسيأتي تخريجه تحت الحديث (6191) . 2385 - " إذا التقى المسلمان، فسلم أحدهما على صاحبه؛ كان أحبهما إلى الله تعالى أحسنهما بشرا بصاحبه، ونزلت بينهمامائة رحمة، للبادي تسعون، وللمصافح عشرة ". ضعيف جدا رواه السهمي في " تاريخ جرجان " (360 - 361) ، والإسماعيلي في " المعجم " ( ق 38/1) ، وابن شاهين في " الترغيب " (ق 310/2) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (2/820/909) ، والدولابي في " الكنى " (1/152) ، والديلمي ( 1/1/159) من طريق أبي الشيخ معلقا، وابن قدامة في " المتحابين في الله " ( 108/2) ، والضياء المقدسي في " المصافحة " (32/1) عن عمر بن عامر التمار عن عبيد الله بن الحسن عن الجريري عن أبي عثمان عن عمر بن الخطاب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، آفته عمر بن عامر التمار، وهو أبو حفص السعدي، اتهمه الذهبي بروايته حديثا باطلا سيأتي برقم (6586) ، وقال عقبه: " قلت: العجب من الخطيب كيف روى هذا، وعنده عدة أحاديث من نمطه، ولا يبين سقوطها في تصانيفه؟ ! ". وأخرجه البزار في " مسنده " (2003/ كشف الأستار عن زوائد البزار) : حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير: حدثنا عمر بن عمران السعدي: حدثنا عبيد الله بن الحسن به، وقال: " لا نعلمه إلا من هذا الوجه ولم يتابع عمر بن عمران عليه ". الحديث: 2385 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 406 قلت: كذا وقع في " زوائد البزار " للهيثمي: (عمر بن عمران) ، وكذا في أصله " البحر الزخار " (1/437/308) ، فالظاهر أنه من أوهام شيخه (محمد بن مرزوق) ، فإنه مع كونه ثقة من شيوخ مسلم، فقد ذكر الحافظ أن له أوهاما، وإلا فهو من أوهام البزار نفسه. وقال في " مجمع الزوائد " (8/37) : " رواه البزار، وفيه من لم أعرفهم ". قلت: ليس فيه غير (عمر) هذا، وسائر الرجال ثقات من رجال مسلم. ثم ذكره الهيثمي من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إن المسلمين إذا التقيا، فتصافحا وتساءلا أنزل الله بينهما مائة رحمة، تسعة وتسعون لأبشهما وأطلقهما وأبرهما وأحسنهما سائلة بأخيه ". وقال الهيثمي: " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحسن بن كثير بن عدي، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". قلت: سيأتي تخريجه، وبيان ما في إسناده من الجهالة والاضطراب برقم (6585) . 2386 - " إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا، وتكاشرا بود ونصيحة، تناثرت خطاياهما بينهما ". ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (191) ، وابن عدي في " الكامل " (274/2) عن عمروبن حمزة القيسي: حدثنا المنذر بن ثعلبة عن يزيد بن عبد الله ابن الشخير عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: الحديث: 2386 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 407 " لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصافحته، فقلت: يا رسول الله هذا من أخلاق العجم، أوهذا يكره؟ فقال: " فذكره، ولفظ ابن عدي: " كنت أحسب أن هذا من زي العجم؟ فقال: نحن أحق بالمصافحة منهم، ما من مسلمين التقيا، فتصافحا، إلا تساقطت ذنوبهما بينهما ". وقال ابن عدي: " عمروبن حمزة؛ مقدار ما يرويه غير محفوظ ". وقال الدارقطني وغيره: " ضعيف ". 2387 - " أكثروا من المعارف من المؤمنين، فإن لكل مؤمن شفاعة عند الله يوم القيامة ". موضوع رواه الديلمي (1/1/30) من طريق الحاكم عن أحمد بن خالد بن حماد: حدثنا أصرم ابن حوشب: حدثنا إسحاق بن الجعد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. سكت عليه الحافظ في " الغرائب الملتقطة "! وهو عجيب، فإن أصرم بن حوشب هذا وضاع معروف، قال الذهبي في " الميزان ": " هالك، قال يحيى: كذاب خبيث، وقال البخاري ومسلم والنسائي: متروك، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات ". ولذلك أورد السيوطي الحديث في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم (917 - ترقيمي) . الحديث: 2387 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 2388 - " أصل كل داء البردة (1) ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (61 و1/169 - ط) عن إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء مرفوعا. ذكره في ترجمة تمام هذا، وروى عن البخاري أنه قال فيه: " فيه نظر "، ثم قال: وقد روى غير حديث منكر لا أصل له ". ورواه ابن عدي (45/1 و2/83 - ط) عن محمد بن جابر عن تمام به، إلا أنه جعله من مسند أنس، وقال: " لا أعلم رواه عن الحسن غير تمام بن نجيح، وعن تمام محمد بن جابر الحلبي، وليس بالمعروف، وروي هذا الحديث عن مبشر بن إسماعيل أيضا عن تمام بن نجيح، وهو في الجملة منكر، ولعل البلاء في هذا الحديث من محمد بن جابر الحلبي، لأنه مجهول، ومن أجله أتي ". قلت: كيف يصح هذا، وقد ذكرت أنه قد تابعه مبشر بن إسماعيل؟ ! وتابعه أيضا إسماعيل بن عياش كما في رواية العقيلي؟ ! ورواه ابن عدي (320/2 و6/317 - ط) عن مسلمة بن علي عن ابن جريج عن رجل عن ابن عباس مرفوعا، وقال: " مسلمة هذا كل أحاديثه أوعامتها غير محفوظة ". وأورده ابن قتيبة في " غريب الحديث " (2/225) من قول ابن مسعود، وقال:   (1) التخمة. اهـ الحديث: 2388 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 " يرويه الأعمش عن خيثمة عنه "، وزاد: " فقال الأعمش. سألت أعرابيا من كلب عن البردة، فقال: هي التخمة. ولست أحفظ هذا من علمائنا. فإن كان الحرف صحيحا لم يقع فيه تغير، فالمعنى جيد حسن ". ورواه ابن عدي (3/114 - ط) ، وابن عساكر (15/461/1 و15/916 - مصورة) عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا ضعيف؛ لحال دراج، وبخاصة فيما يرويه عن أبي الهيثم، وأما ابن عدي فقال: " هو بهذا الإسناد باطل ". ونسب الوهم فيه إلى شيخه (عبد الرحمن بن القاسم الكوفي) ، وقد تابعه (عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي) عند ابن عساكر، فلا أدري هو هذا أم غيره، وقد ترجم ابن عساكر لكل منهما. والله أعلم. 2389 - " إن من النساء عيا وعورة، فكفوا عيهن بالسكوت، وواروا عوراتهن بالبيوت ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 29) ، وكذا ابن حبان (1/123) من طريق زكريا بن يحيى الخزاز: حدثنا إسماعيل بن عباد قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك مرفوعا. ذكره في ترجمة إسماعيل هذا، وقال: " حديثه غير محفوظ ". وفي " الميزان ": الحديث: 2389 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 410 " قال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال ". وأورد له ابن حبان هذا الحديث وغيره، وقال: " كتبنا عنه نسخة بهذا الإسناد، ولا تخلوعن المقلوب والموضوع ". وأما زكريا بن يحيى الخزاز، فهو من رجال البخاري، قال في " التقريب ": " صدوق له أوهام، لينه بسببها الدارقطني ". والحديث ذكره ابن حبان أيضا (1/120 - 121) معلقا من رواية إسماعيل بن مسلم المكي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا نحوه. وقال: " إسماعيل هذا ضعيف، ضعفه ابن المبارك، وتركه يحيى القطان وابن معين ".. وأورده ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/143) من الوجهين، وقال: " لا يصح.. ". ثم ضعف (الإسماعيلين) ! ورواه الشجري في " الأمالي " (1/44) بسند مظلم عن الحسن بن علي رضي الله عنه مرفوعا. 2390 - " إن في المسجد لبقعة قبل هذه الأسطوانة، لويعلم الناس ما صلوا فيها إلا أن تطير لهم قرعة ". منكر رواه الطبراني في " الأوسط " (866) : حدثنا أحمد - يعني ابن يحيى الحلواني - : حدثنا عتيق بن يعقوب: حدثنا عبد الله ومحمد ابنا المنذر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكرته) ، وعندها جماعة من أبناء الصحابة، فقالوا: يا أم المؤمنين، وأين هي؟ فاستعجمت عليهم ، فمكثوا عندها ساعة، ثم خرجوا وثبت عبد الله بن الزبير، فقالوا: إنها ستخبره بذلك الحديث: 2390 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 المكان، فارمقوه في المسجد حتى تنظروا حيث يصلي، فخرج بعد ساعة فصلى عند الأسطوانة التي صلى إليها ابنه عامر بن عبد الله بن الزبير، وقيل لها: أسطوانة القرعة، قال عتيق: وهي الأسطوانة التي واسطة بين القبر والمنبر عن يمينها إلى المنبر أسطوانتين (كذا) ، وبينها وبين المنبر أسطوانتين (كذا) ، وبينها وبين الرحبة أسطوانتين (كذا) ، وهي واسطة بين ذلك، وهي تسمى أسطوانة القرعة. وقال: " لم يروه عن هشام إلا ابنا المنذر، تفرد به عتيق ". قلت: وهو ثقة، وثقه الدارقطني وابن حبان، لكن محمد بن المنذر ضعيف جدا. قال ابن حبان (2/259) : " كان ممن يروي عن الأثبات الأشياء الموضوعات، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار ". وقال الحاكم: " يروي عن هشام أحاديث موضوعة ". وأما أخوه عبد الله، فلم أجد له ترجمة. 2391 - " اشتدي أزمة تنفرجي ". موضوع رواه القضاعي (748) ، والديلمي (1/1/116) عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. قلت: والحسين هذا متهم بالكذب، قال الذهبي في " الميزان ": " كذبه مالك، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كذاب، وقال أحمد: لا الحديث: 2391 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 يساوي شيئا، وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون، وقال البخاري: منكر الحديث ضعيف، وقال أبو زرعة: ليس بشيء، اضرب على حديثه ". ثم ساق له أحاديث أنكرت عليه هذا أحدها. 2392 - " يقول الله عز وجل: اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/111/2228) ، و" الصغير " (رقم 718 - الروض النضير) ، ومن طريقه الديلمي (1/1/115 - 116) عن مسعر بن الحجاج النهدي: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا به. وقال الطبراني: " لم يروه عن أبي إسحاق إلا شريك تفرد به مسعر بن الحجاج ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل: الأولى: الحارث - وهو الأعور - متهم بالكذب. الثانية: أبو إسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط. الثالثة: شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - ضعيف الحفظ. الرابعة: مسعر بن الحجاج النهدي كذا في المصادر المذكورة، ولم أجد له ترجمة . وفي " الميزان " و" اللسان ": " مسعر بن يحيى النهدي، لا أعرفه، وأتى بخبر منكر ". ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن عباس، والظاهر أنه هو هذا. والله أعلم. الحديث: 2392 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 2393 - " إياكم والكذب، فإن الكذب مجانب للإيمان ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/343) عن ابن لال: حدثنا إسماعيل الصفار: حدثنا محمد بن إسحاق وعباس الدوري قالا: حدثنا يعلى بن عبيد: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق مرفوعا. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، لكن أخرجه أحمد (1/5) ، وابن عدي (1/29) من طريق زهير بن معاوية قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد به موقوفا على أبي بكر. وأخطأ السيوطي فعزاه في " الجامع " لأحمد وأبي الشيخ في " التوبيخ " وابن لال في " مكارم الأخلاق " عن أبي بكر مرفوعا. وإنما رواه أحمد موقوفا كما ذكرنا. ونقل المناوي عن العراقي أنه قال: " وإسناده حسن ". كذا قال: وكأنه يعني غير إسناد ابن لال هذا. ثم قال المناوي: " وقال الدارقطني في " العلل ": الأصح وقفه. ورواه ابن عدي من عدة طرق، ثم عول على وقفه ". ثم رأيت البيهقي أخرجه في " الشعب " (2/47/2) عن أبي إسحاق إبراهيم بن بكر المروزي: حدثنا يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد به موقوفا. ومن طريق محمد بن عبيد بن عتبة الكوفي أبي جعفر: حدثنا أسيد بن زيد: حدثنا جعفر الأحمر عن إسماعيل به مرفوعا. الحديث: 2393 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 ومن طريق ابن عدي بسنده عن هارون بن حاتم: حدثنا ابن أبي غنية الكوفي عن إسماعيل به. وقال: " قال أبو أحمد: لا أعلم رفعه عن إسماعيل بن أبي خالد غير ابن أبي غنية الكوفي وجعفر الأحمر ". وقال البيهقي عقب رواية جعفر الأحمر. " هذا إسناد ضعيف، والصحيح أنه موقوف ". قلت: جعفر الأحمر؛ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يتشيع ". لكن الراوي عند أسيد بن زيد ضعيف؛ أفرط ابن معين فكذبه، فهو علة هذه الطريق. وابن أبي غنية في الطريق الأخرى اسمه عبد الملك بن حميد، وهو ثقة من رجال الشيخين، فهي متابعة قوية للرواية الأولى المرفوعة من طريق يعلى بن عبيد، لولا أن الراوي عنه هارون بن حاتم؛ قال النسائي: " ليس بثقة ". والله أعلم. وبالجملة، فلم يطمئن القلب لصحة الحديث مرفوعا مع اتفاق زهير بن معاوية وإبراهيم بن بكر المروزي على وقفه، وتابعهما علي بن عاصم عند البيهقي، فلا جرم اتفق الحفاظ على ترجيح الموقوف كما تقدم. وجزم بوقفه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " (ص 85) ، فالصحيح موقوف كما قال البيهقي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 2394 - " إن للشيطان كحلا ولعوقا، فإذا كحل الإنسان من كحله، ثقلت عيناه، وإذا لعقه من لعوقه ذرب لسانه بالشر ". ضعيف رواه البزار (3035) ، وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (ق 263/2) : أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي: حدثنا الحسن بن بشر البجلي: حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا. وقال الروياني في " مسنده " (26/154/1) : نا ابن إسحاق: نا الحسن بن بشر به. ورواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/204 - 205) عن ابن بشر. وتابعه سعيد بن بشير عن قتادة به. أخرجه ابن عدي (177/1) ، وقال: " وهذا وإن كان قد رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير، فإنه عزيز ". وقال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون في فضل الطاعون " (34/1 - 2) بعد أن عزاه للبزار: " في سنده ضعف يسير، وله شاهد من حديث أنس ". قلت: حديث أنس إسناده ضعيف جدا كما تقدم بيانه برقم (1501) . وأما هذا، فضعيف، الحسن - وهو البصري - وقتادة كلاهما مدلس وقد عنعناه. وفي الطريق الأولى عنه الحكم بن عبد الملك - وهو القرشي - ضعيف. والحسن بن بشر البجلي صدوق يخطىء. الحديث: 2394 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 وفي الطريق الأخرى سعيد بن بشير، وهو ضعيف. 2395 - " إن الكذب يكتب كذبا؛ حتى تكتب الكذيبة كذيبة ". ضعيف أخرجه أحمد (6/438) ، وابن أبي الدنيا في " الصمت " (256/520) ، والبيهقي في " الشعب " (2/49/1) من طريق يونس بن يزيد الأيلي قال: حدثنا أبو شداد عن مجاهد عن أسماء بنت عميس قالت: " كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة قالت: فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن، قالت فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية، فقلنا: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خذي منه، فأخذته على حياء، فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: لا تجمعن جوعا وكذبا، قالت: فقلت: يا رسول الله ! إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه يعد ذلك كذبا؟ قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير أبي شداد هذا فإنه مجهول الحال لم يوثقه أحد، وأورده ابن أبي حاتم (4/2/389) من رواية ابن جريج ويونس هذا لا غير، وقال عن أبي زرعة: لا أعرف اسمه. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يذكره ابن حبان في " الثقات ". وله طريق آخر، يرويه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " (3 - 4/296) عن أبي ليلى الكوفي عن إبراهيم بن منصور العجلي: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن أسماء بنت عميس به مختصرا دون حديث الترجمة، ولا ذكرت (عائشة) ، وإنما قالت: " بعض نسائه "، وهذا هو الأقرب؛ لأن أسماء بنت عميس كانت في الحبشة يوم زفاف عائشة كما قال العراقي في " تخريج الإحياء " (3/141) ، وصوب أنها أسماء بنت يزيد كما في " المسند " وغيره من رواية شهر عنها. وهو الحديث: 2395 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 مخرج في " آداب الزفاف " (ص 91 - 92 / طبعة المكتبة الإسلامية) ، وليس فيه حديث الترجمة أيضا، ولذا تركته على ضعفه بخلاف سائره، فهو حسن لغيره، وسكت العراقي عن إسناد أبي الشيخ، وفيه من لم أعرفه. 2396 - " أبغض خليقة الله إليه يوم القيامة الكذابون، والمستكبرون، والذين يكنزون البغضاء لإخوانهم في صدورهم، فإذا لقوهم تحلفوا لهم، والذين إذا دعوا إلى الله وإلى رسوله، كانوا بطأ، وإذا دعوا إلى الشيطان وأمره، كانوا سراعا ". ضعيف رواه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " (140/298) ، وابن عساكر (2/243/2) عن سيار بن حاتم العنزي عن جعفر بن برقان: نا إبراهيم بن عمروالصنعاني عن الوضين بن عطاء مرفوعا. وقال ابن عساكر: " كان (جعفر) غير منسوب، ثم ألحق به " ابن برقان "، وهو وهم، لأن سيار بن حاتم يروي عن (جعفر بن سليمان الضبعي) الكثير، وقد رواه الخرائطي في " اعتلال القلوب "، وقال: " جعفر بن سليمان "، وإبراهيم هذا لا أعرفه، وإنما المعروف إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني من صنعاء اليمن، ولا أعرف لليماني رواية عن الوضين بن عطاء ". قلت: الذي في " المساوئ " (جعفر بن برقان) ، ولعل هذا الاضطراب في نسبه ( جعفر) إنما هو من (سيار بن حاتم العنزي) فإن له أوهاما كما قال الحافظ في " التقريب ". ثم إن ابن عمر وابن عمروكلاهما مستور كما في " التقريب "، والوضين بن عطاء من أتباع التابعين، فالحديث معضل. وروى الشطر الأول من الحديث القاسم السرقسطي في " غريب الحديث " (2/162/2) بلفظ: الحديث: 2396 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 418 " أبغض خليقة الله إلى الله يوم القيامة السقارون، وهم الكذابون ". وسنده هكذا: نا موسى بن هارون قال: نا أبي قال: نا سيار قال: نا جعفر به. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " للخرائطي في " مساوي الأخلاق " عن الوضين بن عطاء. وهو مما فات على الحافظ العراقي تخريجه، فقال في " المغني " (3/158) : " لم أقف له على أصل "! وتبعه التاج السبكي في " فصل قال: جمعت فيه جميع ما وقع في كتاب الإحياء من الأحاديث التي لم أجد بها إسنادا "! انظر " الطبقات الكبرى " المجلد الرابع ( ص 145 - 182) ، والحديث في صفحة (165) . 2397 - " إذا أويت إلى فراشك، فقل: الحمد لله الذي من علي وأفضل، الحمد لله رب العاملين، رب كل شيء، وإله كل شيء، أعوذ بك من النار ". ضعيف جدا أخرجه البزار (3112 - زوائده) من طريق يحيى بن كثير أبي النضر: حدثنا أبو مسعود الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف تقول يا أبا حمزة إذا أويت إلى فراشك؟ قال: أقول: كذا وكذا، أحسبه قال: ...... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن كثير؛ قال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، ذاهب الحديث جدا ". الحديث: 2397 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 419 وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال الساجي: " ضعيف الحديث جدا، متروك الحديث، عن الثقات بأحاديث بواطيل ". 2398 - " إذا أويت إلى فراشك قل: باسمك الله وضعت جنبي، وطهر قلبي، وطيب كسبي، واغفر ذنبي ". ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (703) عن محمد بن خلف العصفراني: حدثنا بشير بن حبيب السعدي - وكان لا بأس به -: حدثنا حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه حمزة: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من دون المعلم لم أجد من ترجمهما. والشطر الأول من الحديث قد صح من حديث أبي هريرة وبزيادة، فانظر " الكلم الطيب " (37 - 38/ بتخريجي) ، و" صحيح الجامع " (400) . الحديث: 2398 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 2399 - " من ابتاع مملوكا، فليحمد الله، وليكن أول ما يطعمه الحلو، فإنه أطيب لنفسه ". موضوع رواه ابن عدي (65/2) عن الحكم بن عبد الله: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة مرفوعا، وقال: " الحكم أحاديثه كلها موضوعة، وما هو منها معروف المتن، فهو باطل، بهذا الإسناد، وما أمليت له عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه، وضعفه بين على حديثه ". الحديث: 2399 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 قلت: وهو الأيلي، وقد كذبه أبو حاتم وغيره. وقد مضى الحديث بإسناد خير من هذا عن معاذ بن جبل نحوه، ولكنه واه جدا، فراجعه رقم (2340) . والحديث عده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: الحكم كذاب. وأقره المناوي ، وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/239) بحديث معاذ المشار إليه! 2400 - " إذا تخوف أحدكم السلطان، فليقل: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، كن لي جارا من شر فلان، ومن شر الإنس والجن وأتباعهم أن يفرط علي أحد منهم، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك ". ضعيف رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 9795) ، وعبد الغني المقدسي في كتابه " السنن " (ق 234/2) من طريق أبي الشيخ، كلاهما عن جنادة عن عبيد الله ابن عمر عن عتبة بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن جده عن ابن مسعود مرفوعا به. قال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون " (ق 40/1) : " سنده حسن ". كذا قال، وجنادة - وهو ابن سلم العامري - أورده الذهبي في " الميزان "، وقال: " ضعفه أبو زرعة، ووثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: ما أقربه أن يترك! ثم قال: عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة، فحدث بها عن عبيد الله بن عمر ". الحديث: 2400 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 واقتصر في " المغني " على قول أبي زرعة، ولذلك قال فيه الحافظ نفسه في " التقريب ": " صدوق، له أغلاط ". وقال المنذري في " الترغيب " (3/149) : " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا جنادة بن سلم، وقد وثق، ورواه الأصبهاني وغيره موقوفا على عبد الله؛ لم يرفعوه ". ونحوه قول الهيثمي (10/137) : " رواه الطبراني، وفيه جنادة بن سلم، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وأقول: عتبة جد عتبة بن عبد الله بن مسعود، ليس من رجال " الصحيح "، بل لم أر أحدا ذكره، والمعروف أن عبد الله بن عتبة إنما يروي عن عبد الله بن مسعود مباشرة. والله أعلم. والموقوف الذي أشار إليه المنذري قد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/4/2 ) ، وإسناده هكذا: حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة المحلمي عن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله: فذكره نحوه. إلا أن أبا معاوية زاد فيه: " قال الأعمش: فذكرته لإبراهيم، فحدث عن عبد الله بمثله، وزاد فيه: من شر الجن والإنس ". قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ثمامة بن عقبة، وهو ثقة. لكنه موقوف، إلا إنه يحتمل أن يكون في حكم المرفوع. والله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 2401 - " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/156) من طريق الطبراني عن النضر بن شميل: حدثنا الأموي: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. مجالد - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي. والأموي، لم أعرفه، وهم جماعة ينسبون هذه النسبة فمن هو منهم؟ والحديث عزاه السيوطي للشيرازي في " الألقاب " عن ابن عباس وعلي، وقال المناوي: " وفيه هشيم بن بشير؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: حجة حافظ يدلس، وهو في الزهري لين، وحكم ابن الجوزي بوضعه ". الحديث: 2401 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 2402 - " من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره؛ أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة ". ضعيف رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (422) ، وكذا أحمد (3/487) ، وابن الجوزي في " جامع المسانيد " (ق 5/1) عن ابن لهيعة: حدثنا موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وابن لهيعة ضعيف، وتابعه عبد الله بن عباس الغساني: حدثني موسى بن جبير عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2402 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/446/2) . وعبد الله بن عباس الغساني؛ لم أعرفه. وموسى بن جبير؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد قال فيه: " كان يخطىء ويخالف "! وقال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". 2403 - " إذا أويت إلى فراشك، فقل: اللهم رب السموات وما أظلت، والأرضين وما أقلت، والشياطين وما أضلت، كن لي جارا من شر خلقك كلهم جميعا، أن يفرط علي أحد منهم أويبغي، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك ". ضعيف جدا رواه الترمذي في " سننه " (3518) ، وابن عدي (67/2) عن الحكم بن ظهير الفزاري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: شكا خالد بن الوليد بن المغيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: ما أنام الليل من الأرق، فقال نبي الله: فذكره. وقال الترمذي: " ليس إسناده بالقوي، والحكم قد ترك حديثه بعض أهل الحديث ". وقال ابن عدي: " لا يحدث به عن علقمة إلا الحكم بن ظهير. وعامة أحاديثه غير محفوظة ". قلت: وهو متروك، واتهمه ابن معين كما في " التقريب ". الحديث: 2403 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 2404 - " إن اطيب الكسب كسب التجار؛ الذين إذا حدثوا؛ لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا؛ لم يخونوا، وإذا وعدوا؛ لم يخلفوا، وإذا اشتروا؛ لم يذموا، وإذا باعوا ؛ لم يطروا، وإذا كان عليهم؛ لم يمطلوا، وإذا كان لهم؛ لم يعسروا ". ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " (1/385) ، وابن عدي (ق 47 - 48) ، والبيهقي في " الشعب " (2/54/2) عن هشام بن عبد الملك أبي التقى: حدثنا بقية: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن أبي حاتم: " قال أبي: هذا حديث باطل، ولم يضبط أبو تقى عن بقية، وكان بقية لا يذكر الخبر في مثل هذا ". قلت: وأبو تقى هذا مختلف فيه، وقال الحافظ: " صدوق ربما وهم ". ومراد أبي حاتم بقوله: " لا يذكر الخبر ": أن بقية كان لا يصرح بالتحديث عن ثور، وإنما يرويه بالعنعنة، وهو مدلس، فرواه أبو التقى عنه بالتحديث، وهما منه وقلة ضبط. وتابعه جحدر عن بقية عن ثور بن يزيد عن محمد بن سعد عن خالد بن معدان به. أخرجه الديلمي (1/2/283) . وجحدر لقب، واسمه أحمد بن عبد الرحمن، قال ابن عدي: " ضعيف يسرق الحديث ". الحديث: 2404 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 2405 - " التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة ". موضوع رواه الأصبهاني في " الترغيب والترهيب " (ص 204 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، والديلمي (2/1/48) عن أبي جعفر محمد بن محمد بن حفص: حدثنا يحيى بن شبيب : حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع. آفته يحيى بن شبيب، قال الحاكم وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم: " يروي عن الثوري وغيره أحاديث موضوعات ". وقال الخطيب: " روى أحاديث باطلة ". وساق له الذهبي حديثا آخر من روايته عن سفيان عن حميد عن أنس. وقال: " وهذا كذب، وفيما وضع على حميد الطويل بإسناده.. ". ثم ساق له حديث استغفار الملائكة يوم الجمعة لأصحاب العمائم البيض! وقد مضى برقم (395) مع حديثين آخرين قبله! ومحمد بن محمد بن حفص لم أعرفه الآن. والحديث ذكره المنذري في " الترغيب " (3/28) مشيرا لضعفه، وقال: " رواه الأصبهاني وغيره ". الحديث: 2405 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 2406 - " السر أفضل من العلانية، والعلانية أفضل ممن أراد الاقتداء ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (290) ، ومن طريقه ابن الجوزي الحديث: 2406 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 في " العلل " (2/338/1377) ، والديلمي (2/119/1) عن طريق ابن جرير الطبري، عن بقية عن عبد الملك بن مهران عن عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال: " عثمان بن زائدة حديثه غير محفوظ، وعبد الملك بن مهران متروك ". قلت: وبقية مدلس، وقد عنعنه. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " فقط عن ابن عمر، وأعله المناوي ببعض هذه العلل، وبأن فيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي كان يضع للصوفية الأحاديث ". قلت: لكنه ليس في طريق العقيلي هذه، فبرئت عهدته من هذا الحديث. 2407 - " السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله عز وجل ". ضعيف رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (رقم 312) عن عبد الرحمن بن قريش: حدثنا إدريس بن موسى الهروي قال: حدثنا موسى بن ناصح قال: نا ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، إدريس بن موسى الهروي لم أجد له ترجمة. وعبد الرحمن بن قريش ترجمه الخطيب (10/282) ، وقال: " في حديثه غرائب أفراد، ولم أسمع فيه إلا خيرا ". لكن قال الذهبي في " الميزان ": " اتهمه السليماني بوضع الحديث ". الحديث: 2407 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427 وأما موسى بن ناصح، فذكره ابن حبان في " الثقات " (9/159) ، وروى عنه جمع من الثقات، فانظر " التيسير " و" تاريخ بغداد ". وللحديث طريق أخرى من رواية ابن الهاد عن المطلب عن أبيه مرفوعا به. أخرجه الخطيب (6/16 - 17) . وعزاه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/315) لإبراهيم الحربي في " كتاب ذكر الموت " من هذا الوجه، وقال: " ووالد المطلب بن عبد الله بن حنطب (الأصل: حوطب) مختلف في صحبته ". قلت: والمطلب نفسه صدوق، لكنه كثير التدليس كما في " التقريب ". 2408 - " عثمان بن عفان وليي في الدنيا والآخرة ". موضوع رواه عبد الله بن أحمد في " فضائل الصحابة " (رقم 821 و868) ، وأبو يعلى في " مسنده " (4/44/2051) ، وعنه ابن حبان في " المتروكين " (1/383) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/334) ، وابن عساكر (8/261/1 - 2 و11/99/1) عن طلحة بن زيد عن عبيدة بن حسان عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (3/97) ، إلا أنه قال: " عن عطاء الكيخاراني " بدل: " عن محمد بن المنكدر "، وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل ضعيف، فيه طلحة بن زيد - وهو واه - عن عبيدة بن حسان؛ شويخ مقل ". الحديث: 2408 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428 قلت: وهذا القول في عبيدة فيه تساهل كبير، وهاك ما ذكره في ترجمته من " الميزان ": " قال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، وقال الدارقطني: ضعيف ". وقال ابن الجوزي: " موضوع، طلحة لا يحتج به، وعبيدة يروي الموضوعات عن الثقات ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1/317) بقوله: " قلت: الحديث أخرجه أبو نعيم في " فضائل الصحابة "، والحاكم في " المستدرك "، وقال: صحيح. وتعقبه الذهبي ... ". ثم ذكر ما نقلته عنه آنفا. وهذا التعقب من السيوطي لا طائل تحته، لما عرفت من حال عبيدة. وأيضا فإن طلحة بن زيد قد قال فيه ابن المديني: " يضع الحديث ". فكان الصواب أن لا يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " وفاء بشرطه الذي ذكره في " المقدمة ". 2409 - " إن من الناس مفاتيح لذكر الله، إذا رؤوا ذكر الله ". ضعيف جدا رواه الطبراني (رقم 10476) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: نا عمي القاسم: نا زيد بن الحباب: نا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن عبد الله مرفوعا. الحديث: 2409 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. آفته من قبل القاسم هذا، وهو ابن محمد بن أبي شيبة العبسي أخوالحافظين أبي بكر وعثمان، وعنه أبو زرعة وأبو حاتم، ثم تركا حديثه. وقال الخليلي: " ضعفوه، وتركوا حديثه ". وابن أخيه محمد بن عثمان؛ فيه كلام. وقال الهيثمي في " المجمع " (10/78) : " رواه الطبراني، وفيه عمروبن القاسم، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". كذا قال، وأقره المناوي في " فيض القدير "، ولم يتنبه لأمرين: الأول: أن عمروبن القاسم شخص لا وجود له، وإنما تحرف على الهيثمي قوله في الإسناد: " عمي: القاسم " إلى عمروبن القاسم "! والآخر: أن محمد بن أبي شيبة ليس من رجال الصحيح! واعلم أن الحديث قد صح بلفظ: " إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر.. " الحديث. وهو مخرج في " ظلال الجنة " (1/127 - 129) . وثبت الشطر الثاني منه بلفظ: " أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ". وقد مضى برقم (1646 و1733) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 2410 - " إذا طلب أحدكم من أخيه حاجة، فلا يبدأه بالمدحة فيقطع ظهره ". ضعيف جدا رواه البيهقي في " الشعب " (2/57/2) ، والديلمي (1/1/65 - 66) معلقا عن ابن لال عن محمد بن عيسى بن حيان المدائني: حدثنا الحسن بن قتيبة: حدثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود مرفوعا. سكت عليه الحافظ، ومحمد بن عيسى والحسن بن قتيبة متروكان. الحديث: 2410 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 2411 - " إذا لقيت الحاج، فسلم عليه وصافحه، ومره أن يستغفر لك قبل أن يدخل بيته، فإنه مغفور له ". موضوع رواه أحمد (2/69 و128) ، وابن حبان في " المجروحين " (2/265) ، وأبو الشيخ في " التاريخ " (ص 177) عن محمد بن الحارث عن ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته ابن البيلماني، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني؛ وهو متهم بوضع نسخة كما تقدم تحت الحديث (54) . ومحمد بن الحارث ضعيف. الحديث: 2411 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 2412 - " أمرني جبريل أن لا أنام إلا على قراءة " حم السجدة "، و" تبارك الذي بيده الملك " ". ضعيف رواه الديلمي (1/2/215) عن عمر بن صالح: حدثنا مقاتل بن الحديث: 2412 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 حيان عن مكحول عن علي بن أبي طالب وأنس بن مالك قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مكحول لم يدرك عليا، ثم إنه مدلس، وقد عنعنه. وعمر بن صالح لم أعرفه، ويحتمل أنه محرف (صبح) ، فقد ذكر المزي (عمر بن صبح) في الرواة عن مقاتل بن حيان، وكان يضع الحديث. 2413 - " رحم الله أخي يحيى حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير، فقال: أللعب خلقنا؟ ! فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله ". موضوع ابن عساكر (11/44/2) عن إسحاق بن بشر: أنا ابن سمعان عن مكحول عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته ابن سمعان، واسمه عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي؛ قال الحافظ: " متروك، اتهمه بالكذب أبو داود وغيره ". أوإسحاق بن بشر، قال الذهبي: " تركوه، وكذبه علي بن المديني، وقال الدارقطني: كذاب متروك ". الحديث: 2413 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 2414 - " رحم الله امرأ (وفي رواية: رجلا) أصلح من لسانه ". موضوع رواه العقيلي في " الضعفاء " (338) ، وابن عدي في " الكامل " (5/251) ، وابن بشران في " فوائد منتخبة من أحاديث أبي علي الصفار " (ق الحديث: 2414 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 62/2) ، وعنه الخطيب في " الجامع " (2/24/1066) ، عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن عمر رضي الله عنه مر بقوم قد رموا رشقا، فقال: بئس ما رميتم، قال: إنا قوم متعلمين، قال: ذنبكم في لحنكم أشد من ذنبكم في رميكم! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال الذهبي في " الميزان "، وتبعه الحافظ في " اللسان ": " هذا ليس بصحيح، والحكم أيضا هالك ". يشير إلى أن عيسى بن إبراهيم هالك أيضا، وقد نقل عن البخاري والنسائي أنهما قالا فيه: " منكر الحديث ". وعن أبي حاتم: " متروك الحديث ". وقال في الحكم: " كان يفتعل الحديث ". وقد خالفه نوح بن عباد عن الحكم بن عبد الله الأيلي به موقوفا على عمر. رواه الخطابي في " غريب الحديث " (1/5/1) ، ونوح هذا ترجمه ابن أبي حاتم ( 4/1/484) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال أبو زرعة في " تاريخه " (72/1) : " وسمعت أحمد بن حنبل يقول: الحكم بن عبد الله الأيلي أحاديثه موضوعة. قال أبو زرعة: والحكم هذا هو الذي يحدث عنه يحيى بن حمزة تلك الأحاديث المنكرات، وهو رجل متروك الحديث ". وللحديث طريق أخرى عند القضاعي في " مسند الشهاب " (580) ، وأبي بكر الأنباري في " الوقف والابتداء " (ق 6/1) عن يحيى بن هاشم الغساني قال: نا إسماعيل بن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 433 " مر عمر بن الخطاب ... " الحديث. لكن يحيى هذا كذاب، وقال ابن عدي: " كان يضع الحديث ويسرقه ". وله شاهد من رواية عمار بن الحسن: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس مرفوعا به. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/189/1 و19/79/1) . وابن هدبة كذاب أيضا. 2415 - " إذا تأهل الرجل في بلد فليصل به صلاة المقيم ". ضعيف رواه أحمد (1/62) ، والحميدي في " المسند " (7/2 - مخطوط، 36 مطبوع) : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا عكرمة بن إبراهيم الباهلي: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه عن عثمان بن عفان أنه صلى بأهل منى أربعا، فأنكر الناس عليه ذلك، فقال: إني تأهلت بأهلي لما قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن هذا الوجه رواه عبد الغني المقدسي في " سننه " (62/1) ، والديلمي في " مسنده " (1/1/156) . قلت: هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن أبي ذباب، واسمه عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب الدوسي المدني، أورده في " التعجيل " كما جاء في هذا الإسناد " عبد الرحمن بن أبي ذباب " من رواية ابنه عبد الله عنه. وقال: " وكذا ذكره البخاري في " تاريخه "، وكذا ذكره ابن حبان في (الثقات) ". الحديث: 2415 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 434 ولم يزد على ذلك شيئا! ولم أره في " التاريخ الكبير " للبخاري، ولا في " الجرح والتعديل "، ولكنه في ترجمة ابنه عبد الله، أعله بالانقطاع بين أبيه وعثمان، فقال (2/2/94) : " وروى عن أبيه عن عثمان رضي الله عنه مرسل ". وعكرمة بن إبراهيم الباهلي، قال الحسيني: " ليس بالمشهور ". وقال أبو زرعة ابن الحافظ العراقي: " لا أعرف حاله ". وتعقبه الحافظ في " التعجيل " بقوله: " بل هو مشهور، وحاله معروفة ". ثم أطال في ترجمته بما خلاصته أنه معروف بالضعف عند الأئمة، وأنه كان على قضاء الموصل، وأنه عكرمة بن إبراهيم الأزدي، وأنهم اتفقوا على أنه أزدي، فينظر فيمن نسبه باهليا. وناقشه في هذا الأخير العلامة أحمد شاكر، ولم يرتض أنه الأزدي، واختار أنه غيره بدليل أنه باهلي، وهو الأقرب عندي، وسواء كان هذا أوذاك، فهو إما مجهول، أومعروف بالضعف. والله أعلم. 2416 - " أشراف أمتي حملة القرآن، وأصحاب الليل ". موضوع رواه الطبراني (رقم 12612) ، والإسماعيلي في " معجمه " (1/319 - 320) ، وابن عدي (3/358 و7/57 - 58) ، والسهمي في " تاريخ الحديث: 2416 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 435 جرجان " (177 و450) ، والبيهقي في " الشعب " (2/556/2703) ، والخطيب في " التاريخ " (4/124 و8/80) ، وابن عساكر (2/372/2 و14/371/2 9) عن سعد بن سعيد الجرجاني عن نهشل أبي عبد الله الراسبي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (174/2) ، وقال: " سعد بن سعيد كان رجلا صالحا، حدث عن الثوري وغيره بما لا يتابع عليه، ولم يكن ذلك تعمدا منه، بل لغفلة كانت تدخل عليه، وهكذا الصالحون ". وفي " الميزان ": " قال البخاري: لا يصح حديثه - يعني هذا - وشيخه نهشل هالك ". وسيأتي لسعد هذا حديث آخر موضوع بلفظ: " قال الله: أيها الشاب ... " رقم (6588) . قلت: وتعصيب الجناية في هذا الحديث بنهشل أولى؛ فإنه كان كذابا كما قال أبو داود الطيالسي وابن راهو يه، وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب ". وقال الحاكم: " روى عن الضحاك المعضلات ". وقال أبو سعيد النقاش: " روى عن الضحاك الموضوعات ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 قلت: وهذا الحديث من روايته عن الضحاك كما ترى. ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني والبيهقي في " الشعب "؛ على خلاف شرطه الذي ذكره في " المقدمة ": " وقد صنته عما تفرد به كذاب أووضاع "! وخفي على شارحه المناوي أن فيه نهشلا هذا، فأعل الحديث تبعا للهيثمي بالجرجاني فقط! وقد روي الحديث بهذا السند نحوه مطولا بلفظ آخر وأكمل، وهو: " ثلاثة لا يكترثون للحساب، ولا يفزعهم الصيحة، ولا يحزنهم الفزع الأكبر. 1 - حامل القرآن المؤديه إلى الله بما فيه، يقدم على ربه سيدا شريفا حتى يوافق المرسلين. 2 - ومؤذن أذن سبع سنين، لا يأخذ على أذانه طمعا. 3 - وعبد مملوك أدى حق الله، وحق مواليه من نفسه ". 2417 - " ثلاثة لا يكترثون للحساب، ولا يفزعهم الصيحة، ولا يحزنهم الفزع الأكبر. 1 - حامل القرآن المؤديه إلى الله بما فيه، يقدم على ربه سيدا شريفا حتى يوافق المرسلين. 2 - ومؤذن أذن سبع سنين، لا يأخذ على أذانه طمعا. 3 - وعبد مملوك أدى حق الله، وحق مواليه من نفسه ". موضوع بهذا السياق أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (154 - 155 - خط، 2/118 - ط) ، والبيهقي في " الإيمان " (2/555/2702) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (494/1000 - عالم الكتب) بإسناد الحديث الذي قبله، وقال العقيلي عقب هذا في ترجمة (سعد بن سعيد الجرجاني) : " لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ". الحديث: 2417 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 قلت: وإعلاله بشيخه (نهشل) أولى، لأنه كان كذابا كما ذكرت في الحديث الذي قبله. ثم قال العقيلي: " فأما " من أذن سبع سنين "، فقد روي بغير هذا الإسناد، فيه لين أيضا. والعبد المملوك، ففيه رواية صالحة الإسناد ". قلت: يشير بهذا إلى حديث أبي هريرة مرفوعا: " نعما لأحدهم أن يطيع الله ويؤدي حق سيده. يعني المملوك ". رواه الشيخان وغيرهما، وصححه الترمذي، وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (3/59) . وأما جملة المؤذن، فهو يشير إلى حديث الترمذي وغيره بلفظ: " من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار ". وضعفه الترمذي بقوله: " غريب ". وقد مضى تخريجه برقم (850) . (تنبيه) : قول العقيلي هذا الذي فيه الإشارة إلى الحديثين، مما سقط من النسخة المطبوعة، وأصلها مخطوطة الظاهرية كما ذكر ذلك محققها القلعجي، فلا أدري كيف ذلك؟ 2418 - " إذا تاب العبد من ذنوبه أنسى الله الحفظة ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومقامه من الأرض حتى يلقى الله يوم القيامة، وليس عليه شاهد من الله بذنب ". الحديث: 2418 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 438 ضعيف. رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 343/2) ، والأصبهاني في " الترغيب " (2/328/751) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/647) عن أبي بكر محمد بن خشنام البلخي: حدثنا أبو صالح العباس بن زياد: حدثنا سعدان - هو الحلبي - عن سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعا. وعن بكر هذا رواه ابن عساكر في المجلس الثاني والثلاثين في " التوبة " من " الأمالي " (ق 4/1 - 2) ، وسمى سعدان يعلى بن نصر. والله أعلم. ورواه في " التاريخ " (4/325/2) من طريق أخرى عن محمد بن خشنام هذا، وقال: سعدان بن سعيد بن أبي العوجاء الحلبي. وهذا إسناد ضعيف مظلم، فإن من دون سعيد - وهو ابن أبي عروبة - لم أعرف أحدا منهم، ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (4/75) لضعفه، وقال: " رواه الأصبهاني ". يعني في كتابه " الترغيب والترهيب ". وعزاه السيوطي في " الجامع " لابن عساكر. وقيده المناوي بقوله: " في تاريخه "؛ قال: " والحكيم في نوادره ". ثم رأيت في " الميزان ": " سعدان بن يحيى الحلبي؛ قال الدارقطني: ليس بذاك ". فلعله هذا، اختلف الرواة في تسمية أبيه. 2419 - " إذا تأنيت (وفي رواية: بينت) أصبت، أوكدت تصيب، وإذا استعجلت، أخطأت ، أوكدت تخطىء ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " السنن " (10/104) عن سعيد بن الحديث: 2419 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. قال أبو حاتم: " سعيد بن سماك متروك الحديث ". 2420 - " إذا تثاءب أحدكم، فليضع يده على فيه، ولا يعوي؛ فإن الشيطان يضحك منه ". موضوع بهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه (968) عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الله بن سعيد هذا، فإنه متهم بالكذب، وقد رواه جمع عن أبيه سعيد المقبري وغيره عن أبي هريرة دون قوله: " ولا يعوي ". فهو مما تفرد به عبد الله المقبري، فهو موضوع، فروى ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إن الله عز وجل يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فمن عطس فحمد الله فحق على من سمعه أن يقول: يرحمك الله، وإذا تثاءب أحدكم، فليرده ما استطاع، ولا يقل : آه، آه، فإن أحدكم إذا فتح فاه، فإن الشيطان يضحك منه أوبه ". أخرجه أحمد (2/428) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، والبخاري (4/165) دون قوله " ولا يقل: آه، آه "، وكذلك أخرجه في " بدء الخلق " (2/333) باختصار. وأخرجه مسلم (8/226) ، وابن حبان (4/44/2354) ، وأحمد (3/37 و93 و96 ) وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا نحوحديث الحديث: 2420 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 الترجمة، إلا أنه قال: " فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب "، واللفظ لأحمد. وزاد هو ومسلم والترمذي ( 370) ، وابن حبان (2353) ، وصححه الترمذي في " الصلاة ". 2421 - " إذا تخففت أمتي بالخفاف ذات المناقب؛ الرجال والنساء، وخصفوا نعالهم؛ تخلى الله عنهم ". موضوع رواه الطبراني (3/122/2) عن عثمان بن عبد الله الشامي: نا سلمة بن سنان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته عثمان هذا، قال ابن عدي: " دار البلاد، يروي الموضوعات عن الثقات ". وقال الحاكم: " حدث عن مالك والليث و ... وغيرهم بأحاديث موضوعة، والحمل فيها عليه ". وشيخه سلمة بن سنان لم أعرفه. الحديث: 2421 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 2422 - " الوحدة خير من الجليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة. وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر ". ضعيف رواه الدولابي (2/107) ، والقضاعي (رقم 1266) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (1/467/475) ، وعنه ابن عساكر في " التاريخ " (19 الحديث: 2422 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 /21/1) عن الهيثم بن جميل قال: نا شريك عن أبي المحجل عن معفس بن عمران بن حطان عن ابن الشنية قال: رأيت أبا ذر وحده قاعدا في المسجد محتبيا بكساء صوف، فقال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يكفي أن فيه شريكا، وهو ابن عبد الله القاضي، وهو ضعيف لسوء حفظه، قال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": " صدوق، يخطىء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء ". فلا أدري ما وجه قوله - أعني ابن حجر في " الفتح " (11/331) -: " سنده حسن، لكن المحفوظ أنه موقوف على أبي ذر ". فأنى له الحسن، وفيه من يخطىء كثيرا؟ ! كيف وشيخه أبو المحجل، لم أجد له ترجمة، وذكر الدولابي عن ابن معين أن اسمه الرديني! ومعفس بن عمران بن حطان أورده ابن أبي حاتم (4/1/433) من رواية اثنين آخرين عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في " الثقات " (7/525) . وابن الشنية، لم أعرفه. وقد ذكر ابن أبي حاتم في شيوخ (معفس) عبد الله بن شيبة، فرجعت إلى قسم العبادلة من كتاب باب الثاء والسين والشين، فلم أر فيهم من يسمى عبد الله بن الثنية، أوابن الشنية سوى واحد يدعى عبد الله بن شيبة وهو أدني من هذه الطبقة، روى عنه أبو زرعة، والمترجم تابعي. والحديث أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3/343) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/72/1) من هذا الوجه، لكن وقع في إسناده تغيير، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 فقال: " عن أبي المحجل عن صدقة بن أبي عمران بن حطان (وفي البيهقي: صدقة بن أبي عمران عن عمران بن حطان) قال: أتيت أبا ذر: ... الحديث. وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: " لم يصح، ولا صححه الحاكم ". والموقوف الذي أشار إليه الحافظ أخرجه البيهقي قبيل هذا من طريق أبي عامر صالح ابن رستم عن عبيد بن هلال عن الأحنف قال: جلست إلى أبي ذر وهو يسبح، فأقبل علي فقال: فذكره موقوفا نحوه. وصالح بن رستم هذا قال في " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ ". ورواه الخرائطي (476) عن عباد بن عباد المهلبي: حدثنا يونس بن عبيد أن رجلا أتى أبا ذر. ويونس بن عبيد ثقة إن كان هو ابن عبيد، فإنهم لم يذكروه في ترجمة المهلبي، وإنما ذكروا فيها يونس بن خباب، وهو صدوق يخطىء، ويروي عن التابعين، فإن كان هو فالرواية معضلة، وإن كان الأول فهي مرسلة. والله أعلم. 2423 - " ما ولد في أهل بيت غلام، إلا أصبح فيهم عز لم يكن ". منكر رواه أبو الشيخ في " التاريخ " (248) ، وابن الأعرابي في " معجمه " (ق 35/2 ) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/115) عن هاشم بن صبيح عن أبي أنس المكي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر مرفوعا. الحديث: 2423 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 443 قلت: وهذا إسناد ضعيف، من دون ابن جريج مجهولان، قال البيهقي بعد أن خرجه: " لم أكتبه إلا من حديث هاشم، وهو عند أهل العلم بالحديث منكر، وأبو أنس لا أدري من هو؟ ". 2424 - " الصمت حكم، وقليل فاعله ". ضعيف رواه القضاعي (رقم 240) عن زكريا بن يحيى المنقري: حدثنا الأصمعي قال: نا علي بن مسعدة عن قتادة عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زكريا بن يحيى المنقري، ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/255) ، وكناه بأبي يعلى البصري، وكان من جلساء الأصمعي. ووقع في " الميزان ": المقري "، وأظنه محرفا، وقال: " ضعفه ابن يونس ". ووقعت كنيته في " اللسان " (أبا يحيى) ، وأظنه محرفا أيضا، وعلى الصواب ذكره المزي في الرواة عن الأصمعي. وعلي بن مسعدة مختلف فيه، وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ". وتابعه عثمان بن سعيد الكاتب عن أنس به مرفوعا. أخرجه ابن عدي (5/169) ، وعنه البيهقي في " الشعب " 0 2/76/2) ، وقال: " غلط في هذا عثمان بن سعيد، والصحيح رواية ثابت ". يعني ما أخرجه هو وابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 43) من طريقين الحديث: 2424 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 عن حماد بن سلمة: حدثنا ثابت عن أنس: أن لقمان قال: " إن الصمت من الحكم، وقليل فاعله ". وقال البيهقي: " هذا هو الصحيح عن أنس؛ أن لقمان قال: ... ". وأقره العراقي في " تخريج الإحياء " (3/108 - 109) . وكذلك أخرجه وكيع في " الزهد " (79) : حدثنا عمر بن سعد قال سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره موقوفا عليه. وعمر بن سعد هذا لم أعرفه. (تنبيه) : لقد وهم صاحب " منهاج الصالحين " في هذا الحديث وهما فاحشا، فعزاه لابن حبان مطلقا، فأوهم أنه رواه في " صحيحه " مرفوعا، وإنما هو عنده في " الروضة " من قول لقمان كما علمت، وكم له من مثل هذا الوهم؟ ! 2425 - " إن الله ليعمر للقوم الديار، ويكثر لهم الأموال، وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: بصلتهم أرحامهم ". ضعيف رواه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (ق 303/2) عن عمران بن وهب (كذا) الرملي: حدثنا سليمان بن حيان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. ورواه الطبراني (رقم 12556) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (4/331) ، وكذا الضياء في " المختارة " (284/2) عن جماعة من شيوخه قالوا: عن عمران بن هارون الرملي به. الحديث: 2425 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 ومن هذا الوجه رواه أيضا تمام في " الفوائد " (277/2) ، والواحدي في " الوسيط " (1/147 - 148) ، والحاكم (4/161) ، وقال: " عمران الرملي من زهاد المسلمين وعبادهم، [فإن] كان حفظ الحديث، فإنه غريب صحيح ". وكذا قال الذهبي في " تلخيصه ". وقال في ترجمة عمران بن هارون الرملي من " الميزان ": " صدقة أبو زرعة، ولينه ابن يونس ". قلت: ولا منافاة بين الأمرين، فهو صدوق في نفسه، لين في حفظه، وذلك معنى قول ابن حبان في " ثقاته ": " يخطىء ويخالف ". فمثله لا يحتج به عند التفرد. وقد قال أبو نعيم: " إنه تفرد به ". 2426 - " ألا أدلكم على أشراف أهل الجنة؟ هم علماء أمتي؛ الكواكب زينة السماء، والعلماءزينة أمتي ". منكر أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (172/215) من طريق يحيى بن سلام عن المثنى ابن الصباح عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، المثنى بن الصباح، قال الحافظ: " ضعيف اختلط بأخرة، وكان عابدا ". الحديث: 2426 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 ويحيى بن سلام، وهو البصري؛ قال الذهبي في " المغني ": " حدث بإفريقية عن ابن أبي عروبة ومالك، ضعفه الدارقطني ". وقد وثقه بعضهم، فانظر " اللسان ". 2427 - " الناس رجلان: عالم ومتعلم، ولا خير فيما سواهما ". موضوع رواه الطبراني (10461) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (1/376) عن سليمان ابن داود الشاذكوني: نا الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله يرفعه. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الشاذكوني، وهو كذاب. والربيع بن بدر متروك. وأخرجه في " الأوسط " (8/283/7571 - ط) من طريق نهشل عن الضحاك عن أبي الأحوص عن ابن مسعود. قلت: ونهشل بن سعيد كذاب أيضا. انظر " مجمع الزوائد " (1/122) . الحديث: 2427 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 2428 - " من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة؛ لم يقبل له صلاة تلك الليلة ". منكر أخرجه أحمد (4/125) ، والبزار (2094 - كشف) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 324) ، وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/261) ، والبيهقي في " الشعب " (2/82/2) ، والطبراني في " الكبير " (7/335/7133) من طريق قزعة بن سويد الباهلي عن عاصم بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال العقيلي: الحديث: 2428 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 " لا يتابع عاصم بن مخلد عليه، ولا يعرف إلا به ". قلت: وهو مجهول وإن وثقه ابن حبان، انظر " التيسير ". لكنه قد توبع، فقال البيهقي: " وكذلك رواه عبد القدوس بن حبيب عن أبي الأشعث ". قلت: وصله البغوي في " الجعديات " (2/1188/3585) ، لكن هذا إسناد واه، قزعة هذا ضعيف كما في " التقريب ". وعبد القدوس بن حبيب متروك، فلا تفيد متابعته. قلت: وقد روي مرفوعا من طريق آخر عن الصنعاني عن ابن عمرو. ففي " علل ابن أبي حاتم " (2/263) : " سألت أبي، وذكر حديثا رواه موسى بن أيوب عن الوليد بن مسلم عن الوليد بن سليمان عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبد الله بن عمرويرفعه قال: من قرض ... ( الحديث) . قال أبي: هذا خطأ. الناس يروون هذا الحديث لا يرفعونه، يقولون: عن عبد الله بن عمروفقط. قلت: الغلط ممن هو؟ قال: من موسى، لا أدري من أين جاء بهذا مرفوعا "! ! قلت: موسى بن أيوب هذا هو الأنطاكي، روى عنه أبو زرعة وغيره، وهو ثقة، وكذلك من فوقه، فيحتمل أن تكون العلة في عنعنة الوليد بن مسلم فإنه كان يدلس تدليس التسوية. قلت: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق عن (أبي الأشعث) مما لا يساعد على الحكم على الحديث بالوضع كما فعل ابن الجوزي في " موضوعاته " (1/261) متشبثا بجهالة (عاصم) ، والضعف الذي في (قزعة) ، ولذلك تعقبه الحافظ في " القول المسدد " (2 - حديث) ، فقال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 " ليس في شيء من هذا ما يقضي على الحديث بالوضع، إلا أن يكون استنكر عدم القبول من أجل فعل المباح؛ لأن قرض الشعر مباح، فكيف يعاقب فاعله بأن لا تقبل له صلاة؟ ! فلوعلل بهذا لكان أليق به من تعليله بـ (عاصم) و (قزعة) ". ثم أفاض في الكلام عليهما، وفي بعضه نظر، يضيق المجال لبيانه، وفيما ذكرنا خير وكفاية. 2429 - " إن الله قال: أنا خلقت الخير والشر، فطوبى لمن قدرت على يده الخير، وويل لمن قدرت على يده الشر ". ضعيف جدا رواه الطبراني (12/173/12797) عن أحمد بن سلم العميري: نا مالك بن يحيى بن عمروالنكري عن أبيه عن جده عمروبن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء: أولا: عمروبن مالك، قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". ثانيا: يحيى بن عمروبن مالك. قال الحافظ: " ضعيف، ويقال: إن حماد بن زيد كذبه ". وجزم بهذا الذهبي في " الضعفاء "، فقال: " كان حماد بن زيد يكذبه ". ثالثا: مالك بن يحيى بن عمرو، ضعيف، قال البخاري: " فيه نظر ". الحديث: 2429 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد عن الثقات بما لا أصل له ". قلت: وألان القول فيه الهيثمي، فقال في " المجمع " (8/192) ، بعد أن ذكر عزاه للطبراني: " وهو ضعيف ". رابعا: أحمد بن سلم العميري؛ لم أجد له ترجمة. ويحتمل أنه (أحمد بن سالم السقا الحلبي، فإنه من هذه الطبقة. انظر " ثقات ابن حبان " (8/42) ، و" الجرح والتعديل " (1/1/54) . 2430 - " الغناء ينبت النفاق في القلب ". ضعيف رواه أبو داود (رقم 4927) ، وابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي " (5/1) عن سلام بن مسكين عن شيخ شهد أبا وائل في وليمة، فجعلوا يلعبون، يتلعبون، يغنون ، فحل أبو وائل حبوته، وقال: سمعت عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات؛ غير شيخ (سلام) الذي لم يسم، فهو مجهول. وقد رواه ابن أبي الدنيا (4/2) ، والبيهقي في " الشعب " (2/83/1 - 2) بإسناد صحيح عن إبراهيم عن عبد الله موقوفا عليه. وهذا أصح. وقال البيهقي: " وقد روي هذا مسندا بإسناد غير قوي ". الحديث: 2430 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 ثم ساقه البيهقي من طريق عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد: حدثنا إبراهيم ابن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله هذا قال أبو حاتم وغيره: " أحاديثه منكرة ". وقال ابن الجنيد: " لا يساوي فلسا ". ثم رأيت ابن القيم قال في " إغاثة اللهفان " (1/248) : " هو صحيح عن ابن مسعود من قوله، وقد روي عنه مرفوعا ". قلت: وقد تكلمت على الحديث في عدة مواضع من كتابي " تحريم آلات الطرب " - وهو تحت الطبع - مؤكدا ضعفه مرفوعا، وصححته موقوفا، مع التخريج، فأغنى عن الإطالة هنا بأكثر مما ذكرنا. 2431 - " من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزا وكرامة، فهو عاشرهم في النار ". ضعيف رواه أحمد (4/134) ، وأبو يعلى (1439) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/325 و2/363) ، والبيهقي في " الشعب " (2/88/1) ، وابن عساكر (8/65/1) عن أبي بكر بن عياش عن حميد الكندي عن عبادة بن نسي عن أبي ريحانة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير حميد الكندي؛ قال ابن أبي حاتم ( 1/2/232) : " شامي روى عن عبادة بن نسي. روى عنه أبو بكر بن عياش ". الحديث: 2431 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي طبقته حميد بن مهران الخياط الكندي، وهو ثقة بصري. 2432 - " إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفا، فينجوالعالم منها بعلمه ". ضعيف رواه أبو نعيم في " الحلية " (8/41) ، والقضاعي (رقم 1056) ، وابن عساكر (2/186/2) ، وابن النجار (10/167/1) عن عطية بن بقية بن الوليد قال: نا أبي: حدثني إبراهيم بن أدهم قال: نا أبو إسحاق الهمداني عن عمارة بن غزية الأنصاري عن أبي هريرة مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث أبي إسحاق الهمداني وإبراهيم بن أدهم، لم نكتبه إلا من حديث عطية عن أبيه بقية ". قلت: وعطية هذا غير مشهور بالثقة أورده ابن حبان فقط في " الثقات "، وقال: " يخطىء ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة ". الحديث: 2432 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 2433 - " إن الصداع والمليلة لا تزال بالمؤمن - وإن ذنبه مثل أحد - فما تدعه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل ". ضعيف رواه أحمد (5/198) ، وابن أبي الدنيا في " الكفارات " (69/2 و85/2) ، وابن عساكر (3/91/1) عن ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل ابن أنس الجهني عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء الحديث: 2433 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 مرفوعا. وقال ابن عساكر: (سهل بن معاذ) على القلب. واستصوبه الحافظ في " التعجيل "، ومعاذ هذا لا يعرف. ثم رواه أحمد (5/199) ، والطبراني في " الأوسط " (4/99/3143 - ط) عن ابن لهيعة: حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن أبي الدرداء. ثم رواه هو (1/370/635) ، وابن عساكر - والزيادة له - من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني: حدثنا سعيد بن عبد العزيز [عن يزيد بن أبي حبيب] عن معاذ بن سهل بن أنس عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء. قلت: وابن لهيعة وزبان ضعيفان. وإبراهيم بن هشام كذبه أبو زرعة وأبو حاتم. وخالفهم الليث بن سعد، فقال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب وغيره قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره نحوه. أخرجه ابن أبي الدنيا. قلت: فرجع الحديث إلى أنه من مرسل يزيد بن أبي حبيب وغيره، فإن رجاله كلهم ثقات. ولا يقويه ما رواه أبو يعلى في " مسنده " (11/6150) ، وعنه ابن عدي (ق 204/2) : حدثنا سويد بن سعيد: نا ضمام عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به نحوه. أقول: لا يقويه؛ لأن سويد بن سعيد كان عمر، وعمي، فربما لقن مما ليس من حديثه، وإن كان صادقا في نفسه، ولذلك ضعفه البخاري وغيره جدا. فقال البخاري: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 " فيه نظر، عمي فتلقن ما ليس من حديثه ". قلت: فأخشى أن يكون هذا الحديث مما تلقنه. لا سيما وقد كذبه ابن معين. وقال أحمد: " متروك الحديث ". ومن ذلك تعلم تساهل الحافظ المنذري (4/153) ، ثم الهيثمي (2/301) في قولهما: " رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات "! ! 2434 - " إن لقيتم عاشرا، فاقتلوه ". ضعيف رواه أحمد (4/234) ، والحربي في " غريب الحديث " (5/32/1) ، والبخاري في " التاريخ " (4/1/302) ، والروياني في " مسنده " (ق 251/1) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حسان عن مخيس بن ظبيان [عن رجل من بني جذام] عن مالك بن عتاهية مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف. الجذامي لم يسم فهو مجهول، ومثله في الجهالة الراوي عنه مخيس بن ظبيان، وكذا عبد الرحمن بن حسان، وقد سقط من " التاريخ "، أوأن الرواية هكذا وقعت فيه، وقد وقع في إسناد الحديث اضطراب بينه الحافظ في ترجمة (مالك بن العتاهية) من الإصابة، فلعل منه هذا السقوط، وعلى كل حال فمدار ذلك كله على ابن لهيعة، وهو مشهور بالضعف. الحديث: 2434 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 2435 - " خمس هن قواصم الظهر: عقوق الوالدين، والمرأة يأتمنها زوجها تخونه، والإمام يطيعه الناس ويعصي الله عز وجل، ورجل وعد عن نفسه خيرا فأخلف، واعتراض المرء في أنساب الناس ". ضعيف أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/60/1) عن محمد بن جعفر الأنباري: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي: حدثنا أبي: حدثنا الحارث بن النعمان: حدثنا أبو زرعة الحجري عن سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو زرعة الحجري اسمه وهب الله بن راشد المصري؛ قال الذهبي في " الميزان ": " غمزه سعيد بن أبي مريم وغيره، قال أبو حاتم: محله الصدق. وفضل ابن وارة عليه عنبسه بن خالد ". وفي " اللسان " أنه توفي سنة (211) . والحارث بن النعمان هو أبو النضر البزاز، ويقال الأكفاني؛ ترجمه الخطيب (8/207 - 208) ، وذكر أنه روى عن جماعة منهم سميه الحارث بن النعمان بن أخت سعيد بن جبير. وعنه جمع، منهم أبو العوام أحمد بن يزيد الرياحي، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الذهبي: " صدوق ". وأحمد بن يزيد؛ وثقه الخطيب (5/227) ، وترجم لابنه محمد ترجمة جيدة (1/372) ، ونقل عن عبد الله بن أحمد والدارقطني أنه: صدوق. الحديث: 2435 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 455 ومحمد بن جعفر الأنباري أورده الخطيب (2/134) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا توثيقا. (تنبيه) : ذهل المناوي عن الفرق بين الحارثين، فتوهم أنه المتقدم منهما طبقة ، فأعل الحديث به، فقال: " وفيه الحارث بن النعمان؛ أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال أبو حاتم: غير قوي ". قلت: وهذا إنما هو ابن أخت سعيد بن جبير، وهو تابعي صغير. فأنى لهذا أن يروي عن أبي زرعة الحجري الذي توفي سنة (211) كما تقدم؟ ! ورواه محمد بن يونس: نا عبد الله بن يزيد المقرىء: نا سعيد بن أبي أيوب: أخبرني عمر بن عبد الله عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا. أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " (ق 61/1 - 2) . ومحمد بن يونس - هو الكديمي - متهم بالكذب. 2436 - " إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أمرتكم، فضيعتم ما عهدت إليكم فيه، ورفعتم أنسابكم، فاليوم أرفع نسبي، وأضع أنسابكم، أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ". ضعيف جدا رواه الحاكم (2/463) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (2/89/1) ، والواحدي في " تفسيره " (4/82/2) عن محمد بن الحسن المخزومي: حدثتني أم سلمة بنت العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيها عن جدها عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الحاكم: الحديث: 2436 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 " حديث عال غريب الإسناد والمتن ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: المخزومي ابن زبالة ساقط ". قلت: وأم سلمة هذه لم أجد من ذكرها. ثم ساق له الحاكم شاهدا من طريق طلحة بن عمروعن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به نحوه موقوفا، وقال البيهقي: " هذا هو المحفوظ بهذا الإسناد، موقوف ". قلت: ومع وقفه فلا يصلح للشهادة؛ لأن طلحة بن عمرومتروك شديد الضعف. 2437 - " إن أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصل لا خير فيه ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/106/2) عن حكيم بن نافع: حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " تفرد حكيم بن نافع بإسناده هذا، وقد روي من وجه آخر عن ثابت عن أنس مرفوعا ". قلت: حكيم هذا ضعيف الحديث كما قال أبو حاتم. وأخرجه ابن عساكر (17/361/1) عن أبي حازم عامر بن يحيى الغوثي: نا واصل بن عبد الله السلامي عمن حدثه به مرفوعا، وفيه زيادة. قلت: وهذا إسناد مظلم، لم أعرف أحدا منهم. الحديث: 2437 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 2438 - " إذا تسارعتم إلى الخير، فامشوا حفاة، فإن المحتفي يضاعف أجره على المنتعل ". موضوع أخرجه الطبراني في " الأوسط " (5/104/4195) ، وعنه الخطيب في " تاريخ بغداد " (11/378) من طريق سليمان بن عيسى السجزي: حدثنا سفيان الثوري عن ليث عن طاووس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته السجزي، قال الذهبي: " هالك، قال الجوزجاني: كذاب مصرح، وقال أبو حاتم: كذاب. وقال ابن عدي: يضع الحديث ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/217) من طريق الخطيب، وقال: " موضوع، سليمان كذاب يضع ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (1/194) ، ومع ذلك سود به " الجامع الصغير ". الحديث: 2438 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 2439 - " إذا تصدقت بصدقة، فأمضها ". ضعيف أخرجه أحمد (2/173) عن رشدين: حدثني عمروبن الحارث أن توبة بن نمر حدثه أن أبا [عفير] عريف بن سريع حدثه: " أن رجلا سأل ابن عمروبن العاص، فقال: يتيم كان في حجري، الحديث: 2439 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 تصدقت عليه بجارية، ثم مات، وأنا وارثه؟ فقال له عبد الله بن عمر: سأخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمل عمر بن الخطاب على فرس في سبيل الله، ثم وجد صاحبه قد أوقفه يبيعه، فأراد أن يشتريه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عنه، وقال: ... الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عريف بن سريع أبو عفير، لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يروعنه غير توبة بن نمير، فهو علة الحديث، وليست هي (رشدين) كما ادعى الهيثمي (4/166) ، فإنه قد تابعه ابن وهب: أخبرني عمروبه. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/2/156) . 2440 - " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/161/7620) : حدثنا يحيى بن عبد الباقي الأذني قال: حدثنا محمد بن عوف الحمصي قال: حدثنا سعيد بن روح قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة قال: " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفيه يلبسهما، فلبس أحدهما، ثم جاء غراب ، فاحتمل الآخر، فرمى به، فخرجت منه حية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، شرحبيل بن مسلم، قال الحافظ: " صدوق، فيه لين ". وسعيد بن روح؛ لم أجد له ترجمة، ولعل الحافظ العراقي أشار إليه بقوله في " تخريج الإحياء " (2/259) : الحديث: 2440 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 459 " رواه الطبراني، وفيه من لا يعرف ". لكنه لم يتفرد به، فقد أورد الحديث الهيثمي في " المجمع " (5/140) ، وقال: " رواه الطبراني، وفيه هاشم بن عمرو، ولم أعرفه، إلا أن ابن حبان ذكر في " الثقات ": هاشم بن عمروفي طبقته، والظاهر أنه هو، إلا أنه لم يذكر روايته عن إسماعيل بن عياش، وشيخ إسماعيل في هذا الحديث شامي، فرواته ثقات، وهو صحيح إن شاء الله ". كذا قال: وقد عرفت ما في شيخ إسماعيل من اللين الذي يمنع من الحكم على الحديث بالحسن. فضلا عن الصحة. ثم بدا لي أنه ليس في إسناد الطبراني (هاشم بن عمرو) ، وإنما هو عنده في حديث آخر قبيل هذا (7619) ، فالظاهر أنه انتقل بصره إليه عند الكتابة! 2441 - " ما أتقاه ما أتقاه ما أتقاه! راعي غنم على رأس جبل، يقيم فيها الصلاة ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " (8/197/7707) عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل عفير هذا، فإنه ضعيف جدا كما تقدم تحت الحديث (293) عن الهيثمي، ونقل المناوي عنه في تخريجه لهذا الحديث أنه قال: " وهو مجمع على ضعفه ". قال المناوي: " ومنه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه ". الحديث: 2441 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 460 2442 - " إن لكل أمة سياحة، وإن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله عز وجل، وإن لكل أمه رهبانية، ورهبانية أمتي الرباط في نحور العدو". ضعيف جدا أخرجه الطبراني برقم (7708) بإسناد الذي قبله. لكن جملة " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " (قد جاءت من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وهي مخرجة في " المشكاة " (724) ، و" صحيح أبي داود " ( 1247) ، والجملة الأخرى رويت في أحاديث بلفظ " الجهاد "، وهو مخرج في " الصحيحة " (555) . الحديث: 2442 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 2443 - " عليكم بالتواضع، فإن التواضع في القلب، ولا يؤذين مسلم مسلما، فلرب متضاعف في أطمار، لوأقسم على الله عز وجل لأبره ". موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 7768) من طريق محمد بن سعيد عن عروة بن رويم عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته محمد بن سعيد هذا، وهو المصلوب في الزندقة، وهو كذاب معروف بوضع الحديث، وبه أعله المناوي نقلا عن الهيثمي. الحديث: 2443 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 2444 - " ثلاثة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، رجل حيث توجه علم أن الله معه، ورجل دعته امرأة إلى نفسها، فتركها من خشية [الله] ، ورجل أحب لجلال الله ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " (رقم 7935) ، والديلمي الحديث: 2444 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 (2/62) عن بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، بشر بن نمير؛ قال الحافظ: " متروك، متهم ". ويشهد للفقرة الثانية والثالثة حديث " الصحيحين " بلفظ: " سبعة يظلهم الله تحت ظله.. " الحديث، وفيه: " ... ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله.. ". وهو مخرج في " الإرواء " (887) . 2445 - " من صلى العشاء في جماعة، فقد أخذ بحظه من ليلة القدر ". موضوع أخرجه الطبراني في " الكبير " (رقم 7745) من طريق سليمان بن سلمة قال: حدثنا بقية عن مسلمة بن علي عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته مسلمة بن علي، وهو الخشني، متهم بالوضع، كما سبق تحت الحديث (141) . ومثله سليمان بن سلمة، وهو الخبائري. وبقية مدلس، وقد عنعنه. والحديث قال الهيثمي (1/40) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه مسلمة بن علي، وهو ضعيف "! ! الحديث: 2445 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 462 2446 - " ست من جاء بواحدة منهن، جاء وله عهد يوم القيامة، تقول كل واحدة منهن: قد كان يعمل بي: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الأمانة، وصلة الرحم ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (رقم 7993) عن عبيد بن يعيش: حدثنا يونس بن بكير قال: حدثنا يحيى بن أبي حية عن أبي العالية قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن أبي حية، قال الحافظ: " ضعفوه لكثرة تدليسه ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1/46) ، وتبعه المناوي في " الفيض ": " رواه الطبراني في " الكبير "، وفي إسناده يونس بن أبي حثمة (وفي المناوي : خيثمة) ، ولم أر أحدا ذكره "! قلت: إنما هو يونس بن بكير، تحرف على الهيثمي أوعلى ناسخ نسخته من " الكبير ". ويؤيد ما ذكرت أن يونس بن بكير قد ذكر في شيوخ عبيد بن يعيش. وقد أخرجه أبو جعفر الطوسي في " الأمالي " (ص 6) عن يونس بن بكير به. الحديث: 2446 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 2447 - " إن أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة، فسلوهما الله عز وجل ". ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/106/2) عن كثير بن يحيى: حدثني قزعة: حدثنا داود بن أبي هند قال: لقيت شيخا بأيلة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2447 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل: 1 - جهالة الشيخ الأيلي، فإنه لم يسم. 2 و3 - ضعف قزعة، وهو ابن سويد الباهلي، وكثير بن يحيى، وهو صاحب البصري. 2448 - " من وقي شر لقلقه، وقبقبه، وذبذبه، فقد وقي الشر كله، أما (لقلقه) فاللسان، (وقبقبه) فالفم، و (ذبذبه) فالفرج ". ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (4/361/5409) من طريق أبي شجاع أحمد بن مخلد الصيدلاني: حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات: حدثنا عبد الحكم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي: " وفي إسناده ضعف ". قلت: وعلته عبد الحكم هذا، وهو ابن عبد الله ويقال: ابن زياد القسملي البصري، متفق على ضعفه، بل قال ابن حبان في " الضعفاء " (2/143) : " كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه، ولا أعلم له معه مشافهة، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ". وإبراهيم بن سليمان الزيات - وهو البلخي - مختلف فيه، فقال ابن عدي (1/265) : " ليس بالقوي ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (8/67 - 68) ، وقال: " مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات، وهو الذي يروي عن عبد الحكم عن أنس بصحيفة، لم ندخله في أتباع التابعين؛ لأن عبد الحكم لا شيء ". الحديث: 2448 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 464 وأما الصيدلاني فلم أعرفه. والحديث أورده الغزالي في " الإحياء " (3/109) باللفظ المذكور أعلاه، فقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " أخرجه أبو منصور الديلمي من حديث أنس بسند ضعيف بلفظ: (فقد وجبت له الجنة) ". قلت: ففاته أنه عند البيهقي، وبلفظ " الإحياء "! ومن تناقضات السيوطي أنه عزاه في " الجامع الصغير " للبيهقي لكن بلفظ " الإحياء " الذي عند الديلمي! وأما في " الجامع الكبير " فأورده بلفظ البيهقي الذي أعلاه. ولم يتنبه لذلك كله المناوي في " فيض القدير "، ولا في " التيسير ". والله هو الموفق. ثم إن في ترجمة ابن حبان لعبد الحكم القسملي المتقدمة والراوي عنه ما يدل أنه ضعيف جدا عنده، وهو ما يفيده قول البخاري فيه في " التاريخ الكبير " (3/2/129) : " منكر الحديث ". ولا أدري لم لم يذكر الحافظ في " التهذيب " هذا النص من الإمام البخاري في ترجمة عبد الحكم هذا، فإنه مهم جدا كما لا يخفى على العلماء. ثم إن الحديث علقه ابن حزم في جملة ما علق من الأحاديث الواهية في كتابه " طوق الحمامة " (ص 123) بلفظ حديث الترجمة، ولكنه قال: " فقد وقى شر الدنيا بحذافيرها ". ولم أقف عليه بهذا اللفظ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 465 ويغني عن هذا الحديث من حيث المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: " من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة ". رواه الترمذي وابن حبان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة " (510) ، وأما الزبيدي في " شرح الإحياء " (7/450) فجعله شاهدا للحديث، وليس بجيد، لأنه شاهد قاصر، ولا سيما من الناحية اللفظية. كما هو ظاهر. 2449 - " إذا عاهة نزلت من السماء، صرفت عن عمار المساجد ". منكر رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/159) عن زافر بن سليمان عن عبد الله ابن أبي صالح عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زافر بن سليمان مختلف فيه، ويبدو من مجموع ما قيل فيه أنه صدوق في نفسه ضعيف في حفظه، يعتبر به، وذكر به في " الميزان " حديثين مما أنكر عليه، هذا أحدهما. الحديث: 2449 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 2450 - " إن الأنبياء ليتكاثرون بأمتهم وبكثرتهم، وإني لأرجوأن أكون أكثرهم، ولقد أعطي موسى بن عمران خصلات لم يعطهن نبي، إنه مكث يناجي ربه أربعين يوما ، ولا ينبغي لمتناجين أن يتناجيا أطول من مناجاتهما ". ضعيف رواه ابن حبان في ترجمة جبير بن نفير بن عامر الحضرمي من كتابه " الثقات " (4/111) : حدثنا العباس بن الخليل بن جابر الطائي أبو الخليل بحمص من كتابه: حدثنا نصر بن خزيمة بن علقمة بن محفوظ بن علقمة الحديث: 2450 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 الحضرمي: حدثنا أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ بن علقمة بن عائذ حدثني جبير بن نفير عن عوف بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، العباس هذا قال أبو أحمد الحاكم في " الكنى " ( 4/330/2034) : " فيه نظر ". ونصر بن خزيمة، أورده ابن أبي حاتم (4/1/473) برواية سليمان بن عبد الحميد الحمصي عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأبو هـ خزيمة لم أجد من ذكره. ولطرفه الأول شواهد بنحوه، ولذلك خرجته في " الصحيحة " (1589) . 2451 - " أتاني جبريل عليه السلام، فقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم "، فجهر فيها ". موضوع أخرجه الدارقطني في " السنن " 0 1/307/18) ، ونظام الملك في " جزء فيه مجلسان من أماليه " (ق 11/2) من طريق محمد بن الحسن أبي بكر المقريء: حدثنا محمد بن الفضل الطبري: حدثنا هارون البزاز: حدثنا الفضل بن دكين: حدثنا خالد بن إلياس عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: وهذا إسناد تالف، والمتهم به (خالد بن إلياس) ، فإنه متروك؛ كما قال الحافظ تبعا للحفاظ المتقدمين، بل قال ابن حبان في " المجروحين " (1/279) : " يروي الموضوعات عن الثقات، حتى يسبق إلى القلب أنه الواضع لها ". الحديث: 2451 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 467 قلت: ولا يصح في الجهر بالبسملة حديث، وكل ما ورد في الباب لا يصح إسناده، وفي الصحيح خلاف ذلك، فراجع: " نصب الراية " وغيرها. 2452 - " قم فصل، فإن في الصلاة شفاء ". ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/345) ، وأحمد (2/390 و403) من طريق ذواد بن علبة عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة قال: هجر النبي صلى الله عليه وسلم فهجرت، فصليت، ثم جلست، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشكمت (وفي المسند: أشكنب) درر؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن ليثا هو ابن أبي سليم وهو ضعيف، وكذا الراوي عنه ذواد بن علبة، وقد خولف، فقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " والأصح ما رواه المحاربي عن ليث عن مجاهد مرسلا، ومعناه اشتكى بطنك؟ ". نعم تابعه من لا تساوي روايته فلسا. فرواه ابن عدي (343/1) عن عثمان بن عبد الرحمن: حدثنا مجاشع بن عمروعن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه مضطجعا ... الحديث مثله. وقال: " هذا إنما يعرف بذواد بن علبة عن ليث مسندا، ورواه عبد السلام بن حرب وغيره عن ليث موقوفا عن أبي هريرة أن أبا هريرة قال لمجاهد: اشنكب دردر ". قلت: مجاشع بن عمرومتهم بالكذب، ومثله عثمان بن عبد الرحمن، وهو الوقاصي. الحديث: 2452 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 468 وللحديث شاهد ولكنه ضعيف جدا، فلا يأخذ الحديث به قوة. رواه ابن عدي (8/1) عن إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك: حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الدرداء قال: رآني رسول الله وأنا نائم مضطجع على بطني، فضربني برجله، فقال اشكمت ورد، يعني تشتكي بطنك؟ قلت: نعم، قال: فذكره، وقال: " وإبراهيم بن البراء هذا أحاديثه كلها مناكير موضوعة، ومن اعتبر حديثه على أنه ضعيف جدا، وهو متروك الحديث ". وقد أشار إلى ضعف الحديث الطبري في " تفسيره " (2/13/851) ، فقال: " روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى أبا هريرة ... ". 2453 - " لست من دَدٍ (1) ولا دد مني ". ضعيف رواه البخاري في " الأدب المفرد " (785) ، والدولابي (1/179) ، والبزار ( 2402 - كشف) ، والعقيلي في " الضعفاء " (467) ، والطبراني في " الأوسط " ( ص 310 - حرم) ، والدارقطني في " الأفراد " (رقم 37 ج2) عن يحيى بن محمد بن قيس أبي زكير عن عمروبن أبي عمروعن أنس مرفوعا، وقال: " يحيى بن محمد بن قيس لا يتابع على حديثه، وتابعه على هذا من هو دونه ". قلت: وهو منكر الحديث كما سبق بيانه في الحديث (229) . وقد تابعه عمر بن الصلت البصري عند ابن عساكر (11/51/1) ، ولم أعرفه.   (1) الدد: اللهو واللعب. اهـ. الحديث: 2453 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 469 وفي " العلل " (2/266) : " سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو زكير (فذكره) ؟ فقالا: هكذا رواه أبو زكير، ورواه الدراوردي عن عمروعن المطلب بن عبد الله عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لأبي زرعة: أيهما عندك أشبه؟ قال: الله أعلم، ثم تفكر ساعة، فقال: حديث الدراوردي أشبه. وسألت أبي؟ فقال: حديث معاوية أشبه ". قلت: وعلته عنعنة المطلب بن عبد الله، فإنه كان كثير التدليس والإرسال، كما قال الحافظ في " التقريب ". ورواه الإسماعيلي في " معجمه " (1/341/23) بسند مجهول عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر. وابن جريج وأبو الزبير مدلسان. 2454 - " كان يكتحل بالإثمد قبل أن ينام كل ليلة ". ضعيف رواه أصحاب السنن، والطبراني (11888) عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وإسناده ضعيف، رجاله ثقات، غير أن عباد بن منصور كان يدلس، وقد تغير بأخرة. وهو مخرج في " إرواء الغليل " (1/119/76) . الحديث: 2454 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 2455 - " كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة ". ضعيف رواه ابن سعد (1/451) ، وابن خزيمة (1766) ، وأبو الشيخ في " أخلاف النبي " (ص 100) ، والبيهقي في " السنن " (3/247 و280) ، الحديث: 2455 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 والأصبهاني في " الترغيب " (51/2) عن حجاج عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حجاج هو ابن أرطاة: مدلس، وقد عنعنه. وفي رواية للبيهقي من هذا الوجه: " كان له برد يلبسها في العيدين والجمعة ". وفي أخرى لابن سعد عن حجاج عن أبي جعفر محمد بن علي مرفوعا مرسلا بلفظ: " كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر، ويعتم يوم العيدين ". وأخرجه الشافعي في " الأم " (1/206) ، - ومن طريقه البيهقي - وأبو الشيخ عن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد. وجعفر هذا هو ابن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فيكون جده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فيكون مرسلا أيضا، لكن إبراهيم شيخ الشافعي - وهو ابن محمد بن أبي يحيى المدني - متروك. وقد ثبت الحديث من حديث ابن عباس دون ذكر العيدين، وقد خرجته في الكتاب الآخر رقم (1279) . 2456 - " كان يكثر دهن رأسه ويسرح لحيته بالماء ". ضعيف جدا رواه عباس الدوري في " كتاب التاريخ والعلل لابن معين " الحديث: 2456 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 471 (6/2) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (5/226/6463) قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان الثوري عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا. وقال: " لم نسمع هذا الحديث من إنسان غير قبيصة ". قلت: وهو ابن عقبة السوائي الكوفي، وهو ثقة. ورواه ابن سعد (1/484) عنه، فقال: أخبرنا قبيصة بن عقبة به. وقد تابعه ابن كثير: حدثنا سفيان به. أخرجه البيهقي أيضا. وتابعه وكيع عن الربيع بن صبيح به. أخرجه الترمذي في " الشمائل " (1/100 - بالشرح) ، وأبو الشيخ في " الأخلاق " (ص 149) ، والبيهقي. قلت: فعلة الحديث يزيد الرقاشي، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " قال النسائي وغيره: متروك ". 2457 - " كان يلبس قميصا فوق الكعبين، مستوى الكمين بأطراف أصابعه ". ضعيف جدا رواه ابن الأعرابي في " المعجم " (21/2) : نا الحسن بن عفان [هو ابن علي بن عفان] : نا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. رواه أبو الشيخ في " الأخلاق " (ص 90 - 91) ، وأبو نعيم في " أخبار الحديث: 2457 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 472 أصبهان " (2/347) عن الحسن بن علي: حدثنا معاوية بن هشام به، إلا أنهما زادا في السند: عن علي بن صالح عن مسلم عن مجاهد به. وهكذا أخرجه الحاكم (4/195) من طريق المعافى بن عمران عن علي بن صالح بن حي عن مسلم الملائي عن مجاهد به نحوه، وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: مسلم تالف ". قلت: وهو ابن كيسان البراد الأعور. وقال في " الضعفاء ": " تركوه ". وأما الحافظ، فقال: " ضعيف ". وقد روي عنه بلفظ آخر، وهو: " كان يلبس قميصا قصير الكمين والطول ". 2458 - " كان يلبس قميصا قصير الكمين والطول ". ضعيف رواه ابن سعد (1/459) ، وابن ماجه (3577) ، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (71/1) ، وأبو الشيخ في " الأخلاق " (91) ، والطبراني في " الكبير " (رقم 11136) ، والخطيب في " الجامع " (1/153/199) عن الحسن بن صالح عن مسلم الملائي عن مجاهد عن ابن عباس رفعه. الحديث: 2458 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 473 وخالفه خالد بن عبد الله، فقال: عن مسلم الأعور عن أنس قال: فذكره مرفوعا بلفظ: " كان قميصه قطنا، قصير الطول، قصير الكمين ". أخرجه ابن سعد (1/458) ، والبيهقي في " الشعب " (6168) . والأعور متروك؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله. وأخرج أبو داود (4027) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (5/154/6167) ، والترمذي (3/63 - تحفة) ، وفي " الشمائل " (ص 134) ، وعنه البغوي في " شرح السنة " (12/7/3072) ، والنسائي في " الكبرى " (5/481/9665) من طريق بديل بن ميسرة عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت: " كان كم يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". قلت: وشهر ضعيف لسوء حفظه، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، كثير الإرسال والأوهام ". قلت: وهذا الحديث مما يؤكد ذلك، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (رقم 155) ، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 102 - النهضة) ، وعنه البغوي (رقم 3073) بلفظ: " أسفل من الرسغ "! فزاد: " أسفل "! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 474 وهذا يدل على عدم حفظه وضبطه. ولا يصح تقويته بما رواه محمد بن ثعلبة بن سواء: حدثنا عمي محمد بن سواء: حدثنا همام عن قتادة عن أنس مرفوعا بلفظ (شهر بن حوشب) المختصر. أخرجه البزار (3/362/2946) ، وأبو الشيخ أيضا (ص 91) ، والبيهقي أيضا ( 6169) ، وقال البزار: " لا نعرفه عن أنس إلا بهذا الإسناد ". قلت: ورجاله ثقات؛ غير محمد بن ثعلبة فلم يوثقه أحد، بل قال أبو حاتم: " أدركته، ولم أكتب عنه "! لكن روى عنه أبو زرعة، فلعله لذلك قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ". قلت: فإن سلم منه فالعلة من عنعنة قتادة، فإنه رمي بالتدليس، وشهر من شيوخه ، فيمكن أن يكون قد دلسه. وقد خفيت هذه العلة على الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله، فجعل حديث قتادة هذا شاهدا - في كتابه " تنبيه القاري " (17 - 18) - لحديث شهر! ولا غرابة في ذلك، فإنه ليس من رجال هذا المجال، ولا معرفة لديه بالعلل، وبخاصة ما كان منها من العلل الخفية كهذه، وكل ما صنعه في هذا الذي سماه شاهدا؛ أنه وثق رجاله اعتمادا على " التقريب "، وعلى قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " 0 5/121) : " رجاله ثقات "! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 475 ثم رأيت في " كامل ابن عدي " (2/314) في ترجمة الحسن بن صالح بن حي بن مسلم ابن حيان بسنده عنه عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال: فذكر حديث الترجمة دون لفظ " الطول ". ومسلم هذا - هو ابن كيسان الأعور - وهو متروك، وقد روى عنه بزيادة: " بأطراف أصابعه "، لكن جعله من مسند ابن عباس! وتقدم تخريجه، وهو الذي قبله. (تنبيه) : أورد حديث الترجمة الدكتور محمد عبد العزيز عمروفي كتابه " اللباس والزينة " (ص 308) ، وقال: " أخرجه الحاكم وابن حبان، وصححاه، فيض القدير (5/246) ، ونسبه السيوطي لابن عساكر، ورمز لضعفه ". فأقول: فيه أمور: أولا: لا يوجد في الصفحة المذكورة من المجلد المذكور التخريج المزبور! ثانيا: ولم يخرجه ابن حبان في " صحيحه "، ولذلك ليس له ذكر في " إحسان الأمير الفارسي " ولا في " زوائد الهيثمي ". ثالثا: سكت عن تصحيح الحاكم، وقد تعقبه الذهبي بذاك المتروك، وهذا السكوت من الأدلة الكثيرة على أنه لم يعط أحاديث كتابه حقها من البحث والتحقيق، فهو كغيره في هذا الميدان؛ حواش قماش. رابعا: قوله: " ورمز لضعفه " يشعر بأنه لا يدري أنه لا يعتد برموز السيوطي في " الجامع الصغير " لأسباب كنت بينتها في مقدمتي على " ضعيف الجامع الصغير " ، وهو مطبوع، فليراجعها من شاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 476 2459 - " كان يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله ". ضعيف رواه ابن عدي (178/1 و3/378 - ط) عن يزيد بن سنان: حدثنا أبو عاصم: حدثنا سعيد بن زيد عن واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عبيد عن أبيه مرفوعا، وقال: " سعيد بن زيد أخوحماد بن زيد، ليس له متن منكر لا يأتي به غيره، وهو عندي في جملة من ينسب إلى الصدق ". ورواه ابن سعد (1/383) : أخبرنا مسلم بن إبراهيم: أخبرنا سعيد بن زيد به. ورواه ابن منده في " المعرفة " (2/37/2) عن سعيد به، إلا أنه قال: " يحيى بن عبيد الجهضمي ". ثم رواه ابن عدي (243/2 و5/31 - ط) عن عمر بن هارون عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه مرفوعا، وقال: " لا أعلم رواه عن الأوزاعي غير عمر بن هارون ". قلت: وهو متروك متهم. ومن الوجه الأول رواه الطبراني في " الأوسط " (4/69/3088 - ط) ، لكنه قال: ".. عن أبيه عن أبي هريرة ". وقال الهيثمي في " المجمع " (1/204) : " ويحيى بن عبيد عن أبيه لم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون ". كذا قال، وهما من رجال " التهذيب "، فيحيى بن عبيد - وهو مولى السائب بن أبي السائب المخزومي - وثقه النسائي وابن حبان. الحديث: 2459 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 477 وعبيد ذكره ابن حبان في " الثقات " (5/139) ، لكن قال الذهبي في " الميزان ": " ما روى عنه سوى ابنه يحيى ". ولذا قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". لكنه في " الإصابة " أفاد أنه ليس هو راوي هذا الحديث، وإنما (عبيد بن رحى) بمهملتين مصغرا (الجهضمي) . وهكذا هو في رواية ابن سعد كما تقدم. وحكى الحافظ عن بعضهم أن له صحبة، وعن أبي زرعة أنه مرسل كما يأتي، ثم ذكر له هذا الحديث، ولكنه لم يذكر ما يدل على ثبوت صحبته، لا سيما وهو عند الطبراني من روايته عن أبي هريرة. والله أعلم. قلت: وخالفهم أيضا أبو زرعة، فقال في هذا الحديث: " هذا مرسل ". كما في " علل ابن أبي حاتم " (رقم 87) . وأشار البغوي في " شرح السنة " ( 1/375) إلى تضعيف الحديث. 2460 - " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ". منكر قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/6) : " رواه البيهقي في " الزهد " من حديث جابر، وقال: هذا إسناد فيه ضعف ". وقال الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " (4/114 - رقم 33) : بعد أن حكى كلام البيهقي فيه: الحديث: 2460 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 478 " وهو من رواية عيسى بن إبراهيم عن يحيى بن يعلى عن ليث بن أبي سليم، والثلاثة ضعفاء، وأورده النسائي في " الكنى " من قول إبراهيم بن أبي عبلة أحد التابعين من أهل الشام ". قلت: عيسى بن إبراهيم هو البركي، وقد قال فيه الحافظ في " التقريب ": " صدوق ربما وهم "، فإطلاقه الضعف عليه - كما سبق - ليس بجيد. وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه من قول إبراهيم هذا، فقد قال السيوطي في " الدرر " (ص 170) : " قال الحافظ ابن حجر في " تسديد القوس ": هو مشهور على الألسنة، وهو من كلام إبراهيم بن أبي عبلة في " الكنى " للنسائي ". ثم تعقبه السيوطي بحديث جابر الآتي من رواية الخطيب، ولوتعقبه برواية البيهقي السابقة لكان أولى؛ لخلوها من متهم، بخلاف رواية الخطيب ففيها كذاب! كما يأتي قريبا بلفظ: " قدمتم خير مقدم.. ". ونقل الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " (ق 110/1) عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: " لا أصل له ". وأقره. وقال في مكان آخر (202/1) : " رواه البيهقي وضعف إسناده، وقال غيره: لا أصل له ". وأما قول الخفاجي في " حاشيته على البيضاوي " (6/316) : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 479 " وفي سنده ضعف مغتفر في مثله ". فغير مستقيم؛ لأن ظاهره أنه حسن، وكيف ذلك وفي سنده ثلاثة ضعفاء، وقد اتفق من تكلم فيه على ضعفه؟ ! ثم بعد سنين، وقفت على الحديث في " الزهد " للبيهقي (42/1) ، فإذا هو بلفظ: " قدمتم خير مقدم، قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر: مجاهدة العبد هو اه ". وكذلك رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد المنتقاة " (13/83/1) من طريق عيسى ابن إبراهيم البركي قال: نا يحيى بن يعلى قال: نا ليث عن عطاء عن جابر قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم عراة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف لاختلاطه، ويحيى بن يعلى؛ الظاهر أنه الأسلمي، وهو ضعيف أيضا، وبقية رجاله ثقات. والحديث رواه الخطيب أيضا في " تاريخه " (13/523 - 524) من طريق الحسن بن هاشم عن يحيى بن أبي العلاء، قال: حدثنا ليث به. والحسن بن هاشم؛ لم أجد له ترجمة. ويحيى بن أبي العلاء لعله يحيى بن العلاء الكذاب، ولكن يغلب على الظن أنه يحيى بن يعلى المذكور في سند أبي بكر الشافعي والبيهقي، تحرف اسم أبيه على ناسخ " التاريخ "، فإنه المذكور في الرواة عن ليث. ويؤيده أن السيوطي أورد الحديث في " الدرر " (ص 170) من رواية الخطيب متعقبا به على الحافظ ابن حجر جزمه بأن الحديث من قول إبراهيم بن أبي عبلة، فلوكان في سند الخطيب الوضاع المذكور؛ لما تعقب به السيوطي إن شاء الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 480 ثم رأيته على الصواب في " ذم الهو ى " لابن الجوزي (ص 39) من طريق الخطيب، بدلالة أحد الإخوان جزاه الله خيرا. والحديث قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوي " (11/197) : " لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وجهاد الكفار من أعظم الأعمال، بل هو أفضل ما تطوع به الإنسان.. ". ثم ذكر بعض الآيات والأحاديث الدالة على أنه من أفضل الأعمال، فكأنه رحمه الله يشير بذلك إلى استنكار تسميته بالجهاد الأصغر. 2461 - " إن ورك المؤمن اليسرى لفي الجنة، وذلك أنه لا تتم له صلاة حتى يتورك عليها ". موضوع أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/126) من طريق هارون بن هارون أبي عبد الله التيمي: سمعت عبد الرحمن الأعرج يحدث عن أبي هريرة مرفوعا به. أورده في ترجمة (هارون) هذا، وقال: " أحاديثه عن الأعرج وغيره مما لا يتابعه الثقات عليه ". وروى نحوه عن البخاري. وفي رواية قال: " ليس بذاك ". وقال ابن حبان في " المجروحين " (3/94) : الحديث: 2461 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 481 " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار؛ لأهل الصناعة فقط ". قلت: وسيأتي له حديث آخر موضوع برقم (6589) . 2462 - " إن الله اختار لكم من الكلام أربعا ليس القرآن، وهن من القرآن: سبحان الله ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (ق 51/2 مجموع 6) ، والبزار (3071) من طريق إسحاق بن سليمان عن معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، معاوية بن يحيى - وهو الصدفي - ضعيف كما قال الحافظ . لكن قد صح بلفظ: " أحب الكلام إلى الله أربع.. " فذكرها، رواه مسلم وغيره من حديث سمرة بن جندب، وهو مخرج في " الإرواء " (1177) . الحديث: 2462 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 482 2463 - " إن للشيطان مصالي وفخوخا، وإن مصالي الشيطان وفخوخه البطر بأنعم الله، والفخر بأعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهو ى في غير ذات الله ". ضعيف رواه الديلمي (1/291) ، وابن عساكر في " مدح التواضع " (93/1 - 2) عن إسماعيل بن عياش: حدثني يزيد بن أيهم عن الهيثم بن مالك الطائي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر: إن للشيطان ... الحديث. هكذا وقع عند ابن عساكر موقوفا لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الديلمي " مرفوعا. وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن ابن عساكر، يعني مرفوعا فلعله سقط رفعه من الأصل الذي نقلته منه، وهو مخطوط محفوظ في ظاهرية دمشق. الحديث: 2463 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 482 ثم وجدته في " فضيلة الشكر " للخرائطي (ق 135/1) من هذا الوجه موقوفا أيضا، ومن طريق الخرائطي رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/297/1) موقوفا. ومن طريق غيره مرفوعا. وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 553) موقوفا أيضا، وكذا في " التاريخ الكبير " (4/2/321) في ترجمة يزيد بن أيهم - وهو شامي -، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع ابن أبي حاتم (4/2/252) ، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/618) ، لكن روى عنه ثقتان آخران، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". وبالجملة، فالحديث ضعيف مرفوعا، ويحتمل التحسين موقوفا. والله أعلم. ثم رأيت الحافظ الفسوي قد أخرجه مرفوعا أيضا في " المعرفة والتاريخ " (2/446 ) قال حدثنا أبو اليمان: حدثنا إسماعيل بن عياش به. وعزاه إليه الحافظ ابن كثير في " البداية " (8/245) بسنده، وسكت عليه. 2464 - " الشباب شعبة من الجنون، والنساء حبائل الشيطان ". ضعيف رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (55 و116) عن عبد الله بن نافع الصائغ قال : نا عبد الله بن مصعب بن خالد بن زيد الجهني عن أبيه عن جده زيد بن خالد قال: تلقفت هذه الخطبة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، سمعته يقول: وذكره في خطبة طويلة. قلت: وهذا سند ضعيف؛ عبد الله هذا قال الذهبي: الحديث: 2464 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 483 روى عن أبه عن جده خطبة منكرة، وفيه جهالة ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وقد جهل ابن القطان عبد الله بن مصعب وأباه ". قلت: ولهذا كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على هامش النسخة بجنب الحديث: " ضعيف منكر ". ثم روى بهذا السند مرفوعا: " الخمر جماع الإثم ". وهذا القدر رواه الدارقطني أيضا في " السنن " (4/247) من الوجه المذكور. قلت: وهو وحديث الترجمة قطعة من حديث زيد بن خالد الطويل في " خطبة النبي صلى الله عليه وسلم " في (تبوك) ، وقد سبق تخريجها بتمامها برقم (2059) . وقد أخرجها البيهقي في " الدلائل " (5/241 - 242) من طريق أخرى من حديث عقبة ابن عامر، وفيه (عبد العزيز بن عمران) ، وهو ابن أبي ثابت الزهري، وهو متروك. 2465 - " الأكل في السوق دناءة ". ضعيف رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (155/1) ، والعسكري في " مسند أبي هريرة " (69/2) ، وابن عدي (290/2) ، والخطيب في " التاريخ " (3/163 و7/283) عن محمد بن الفرات التميمي: حدثني سعيد بن لقمان عن عبد الرحمن الأنصاري عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال ابن عدي: " محمد بن الفرات، الضعف بين على ما يرويه ". الحديث: 2465 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 484 وقال الحافظ في " التقريب ": " كذبوه ". وله طريق أخرى عند الخطيب (10/125) عن عبد الله بن محمد بن خرمان الصفار: حدثنا أبو بشر الهيثم بن سهل: حدثنا مالك بن سعير عن الأعمش عن أبي صالح عنه. أورده في ترجمة الصفار هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والهيثم ضعفه الدارقطني وغيره. وله شاهد ولكنه واه جدا، فقال أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (35/2) : نا عبد الله بن إسحاق الخصيب: نا لوين: نا بقية: حدثني عمر بن موسى: حدثني القاسم مولى بن يزيد (1) عن أبي أمامة مرفوعا به. ورواه الطبراني (8/297 - 298) ، وابن عدي (240/2) عن لوين به، وقال: " عمر بن موسى الوجيهي يضع الحديث ". ومن طريقه رواه ابن عساكر أيضا في " التاريخ " (13/182/1) . ثم رواه ابن عدي (44 - 45) عن سويد بن سعيد: حدثنا بقية عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة. ومن هذا الوجه عن بقية: حدثني من سمع القاسم به، وعن سويد قال: حدثت بقية ، وكتبه عني عن محمد بن الفرات عن سعيد بن لقمان عن عبد الرحمن الأنصاري عن أبي هريرة به. قلت: وجعفر بن الزبير متهم بالكذب.   (1) كذا في الأصل. اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 485 2466 - " الاقتصاد نصف العيش، وحسن الخلق نصف الدين ". ضعيف أخرجه الخطيب في " تاريخه " (12/11) : أخبرني علي بن أحمد الرزاز: حدثني عثمان بن أحمد الدقاق: أخبرنا أبو الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم المخرمي: حدثنا علي بن عيسى الكوفي - كاتب عكرمة القاضي -: حدثنا خلاد بن عيسى العبدي عن ثابت عن أنس مرفوعا. قال المناوي: " إسناده ضعيف ". قلت: وذلك لضعف يعقوب بن إسحاق هذا. ترجمه الخطيب (14/290) وقال: " قال الدارقطني: هو ضعيف، وقال ابن المنادي: كتبنا عنه في حياة جدي، ثم ظهر لنا من انبساطه في تصريح الكذب ما أوجب التحذير عنه، وذلك بعد معاتبة وتوقيف متواتر، فرمينا كل ما كتبنا عنه نحن وعدة من أهل الحديث ". وبقية رجال الإسناد موثقون. والجملة الأولى من الحديث رويت بإسناد آخر عن أنس في حديث له، يأتي برقم ( 3631) ، وضعفه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/255 - 256/8061) . ورواها الطبراني في " الأوسط " (7/381/6740) بسند ضعيف عن ابن عمر، وقال أبو حاتم في " العلل " (2/284) : " حديث باطل ". الحديث: 2466 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 486 2467 - " الأزد أسد الله في الأرض، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلا أن يرفعهم ، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليت كان أبي أزديا، يا ليت أمي كانت أزدية ". ضعيف رواه الترمذي (رقم 3937) ، وابن جميع في " معجم الشيوخ " (ص 181) ، والضياء في " المختارة " (131/2) ، وابن عساكر (2/55/1) ، وعبد الرحمن ابن محمد بن ياسر في " حديث أبي القاسم علي بن يعقوب " (108/1) عن أبي بكر عبد القدوس بن محمد بن [عبد] الكبير (كذا) ابن شعيب بن الحجاب: حدثني عمي صالح بن عبد الكبير: حدثني عمي عبد السلام بن شعيب عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الترمذي مشيرا لضعفه: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروي عن أنس بهذا الإسناد موقوفا، وهو عندنا أصح ". ثم ساقه بسند صحيح عنه موقوفا بلفظ: " إن لم نكن من الأزد، فلسنا من الناس ". وصالح بن عبد الكبير - هو ابن شعيب بن الحبحاب - وهو مجهول كما في " التقريب "، وقال في " الميزان ": " وما علمت له راويا غير ابن أخيه عبد القدوس بن محمد ". (تنبيه) : قد علمت أن الترمذي ضعف هذا الحديث مرفوعا، وقد وهم الدكتور عمر تدمري في تعليقه على " المعجم "، فقال (ص 181) : الحديث: 2467 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 487 " أخرجه الترمذي رقم (3933) في المناقب باب في فضل اليمن، وقد صححه: " الأزد.. " إلخ. ومن الغريب أنه قال عقبه: " في سنده صالح بن عبد الكبير، وهو مجهول، وقال الترمذي: هذا حديث غريب.. ". فمن أين جاء بعزوالتصحيح إليه؟ ! لعله فهم ذلك من قول الترمذي المتقدم: " وهو عندنا أصح ". فإن كان كذلك، فهو فهم غريب عجيب، لأنه يعني الموقوف، كما هو صريح كلامه، ثم إن لفظه مختصر جدا، ومخالف للفظ المرفوع كما بينته آنفا. ومن ذلك يظهر خطأ السيوطي أيضا في " الجامع الكبير " (837 - 10090) ، فإنه قال عقب الحديث: " وروي عنه موقوفا، وهو أصح ". فأوهم أن لفظ الموقوف مثل لفظ المرفوع، وليس كذلك كما سبق. 2468 - " الاستئذان ثلاث، فبالأولى يستنصتون، والثانية يستصلحون، والثالثة يأذنون أويردون ". ضعيف جدا رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (150/1) : أبنا علي بن عمر الحافظ (هو الدارقطني) : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن صالح الأزدي: حدثنا العباس بن يزيد: حدثنا عمر (الأصل: محمد) بن عمران: حدثنا دهثم بن قران عن يحيى بن أبي كثير عن عمروبن عثمان عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 2468 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 488 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. دهثم هذا متروك. وعمر بن عمران ن وهو السدوسي؛ مجهول، وقال الأزدي: " منكر الحديث " كما في " الميزان "، ثم ساق له هذا الحديث. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للدارقطني في " الأفراد ". 2469 - " الإسلام ذلول، لا يركبه إلا ذلول ". ضعيف جدا رواه أحمد (5/145) ، وابن عساكر (16/326/1) عن إسماعيل بن عياش عن معان بن رفاعة عن أبي خلف عن أنس بن مالك عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو خلف هذا - هو الأعمى - قال الذهبي: " كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ". واعتمده الهيثمي فأعله به (1/62) . ومعان بن رفاعة، مدني فيه ضعف. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها. الحديث: 2469 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 489 2470 - " الإسلام نظيف فتنظفوا، فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف ". ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (5/464/4890 - ط) عن أحمد بن سهيل الوراق الواسطي قال: حدثنا نعيم بن مورع العنبري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا؛ وقال: " تفرد به أحمد بن سهيل الوراق ". الحديث: 2470 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 489 قلت: هو الواسطي، ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/51) ، وقال أبو أحمد الحاكم: " في حديثه بعض المناكير " كما في " الميزان ". و (نعيم بن مورع) ضعيف يسرق الحديث، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " ( 5/132) ، ومن طريقه رواه ابن حبان في " الضعفاء " بلفظ: " تنظفوا.. "، ويأتي تحت الحديث (3264) . 2471 - " الأصابع تجري مجرى السواك إذا لم يكن سواك ". ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/224/6433) من طريق أبي غزية محمد بن موسى، قال: حدثني كثير بن عبد الله بن عمروبن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعا، وقال: " لم يروه عن كثير بن عبد الله المزني إلا أبو غزية ". قلت: اتفقوا على تضعيفه، بل اتهمه الدارقطني بالوضع؛ كما في " اللسان "، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/289) : " كان ممن يسرق الحديث ويحدث به، ويروي عن الثقات أشياء موضوعات، حتى إذا سمعها المبتدىء في الصناعة سبق إلى قلبه أنه كان المتعمد لها ". قلت: ومثله أوأسوأ منه شيخه كثير بن عبد الله المزني، فقد كذبه جمع منهم أبو داود وابن حبان ن وتقدمت له أحاديث، ومن طريقه رواه أبو نعيم كما في " التلخيص " (1/70) ، وقال: " ضعفوه ". الحديث: 2471 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 490 قلت: والحديث مما تساهل الهيثمي في نقده، فقال في " مجمع الزوائد " (2/100 - 101) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وكثير ضعيف، وقد حسن الترمذي حديثه "! قلت: وهذا من تساهل الترمذي أيضا، بل إنه قد يصحح حديثه أحيانا، ولذلك قال الذهبي: " فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ". انظر " الميزان ". فغفل الهيثمي عن قاعدة (الجرح مقدم على التعديل) ، وعن اتهام الدارقطني لـ ( محمد بن موسى أبي غزية) بالوضع. وقد روي الحديث عن أنس بن مالك مرفوعا مختصرا، وله عنه طريقان؛ يرويهما عيسى بن شعيب، فقال مرة: عن عبد الحكم القسملي عن أنس مرفوعا بلفظ: " تجزي من السواك الأصابع ". أخرجه ابن عدي (5/334) ، ومن طريقه البيهقي في " السنن " (1/40) ، وقال ابن عدي: " عبد الحكم عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه، وقال البخاري: منكر الحديث ". وقال عيسى بن شعيب مرة أخرى: حدثنا ابن المثنى عن النضر بن أنس عن أبيه به. أخرجه البيهقي، وقال: " تفرد به عيسى بالإسنادين جميعا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 491 قلت: و (عيسى) هذا قال فيه البخاري: " صدوق ". وبيض له ابن أبي حاتم، فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فجرحه جرحا شديدا، فقال في " الضعفاء " (2/120) : " كان ممن يخطىء حتى فحش خطؤه، فلما غلب الأوهام على حديثه استحق الترك ". واعتمده الذهبي في " المغني "، فلم يذكر غيره. وأما الحافظ فجمع بين القولين ولخصهما - كعادته - بقوله: " صدوق له أوهام ". وقال في " التلخيص " عقب الحديث - وقد عزاه لابن عدي أيضا والدارقطني -: " وفي إسناده نظر، وقال الضياء المقدسي: لا أرى بسنده بأسا، وقال البيهقي : المحفوظ عن ابن المثنى: عن بعض أهل بيته عن أنس نحوه. ورواه أيضا من طريق ابن المثنى عن ثمامة عن أنس ". قلت: هذه الطريق عند البيهقي من رواية أبي أمية الطرسوسي: حدثنا عبد الله بن عمر الحمال: حدثنا عبد الله بن المثنى به. وهذا إسناد ضعيف، أبو أمية هذا اسمه (محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي) ، قال الحافظ: " صدوق، صاحب حديث، يهم ". وشيخه (عبد الله بن عمر الحمال) لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي في " تاريخ بغداد " (10/23) : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 492 " عبد الله بن عمروالجمال (كذا بالجيم) ، أحسبه من أهل المدينة، قدم بغداد ، وحدث بها.. روى عنه محمد بن أبي العوام الرياحي.. ". ثم ساق له حديثا واحدا، ولم يزد، فهو مجهول. وأما الطريق التي قبلها، ففيها ذاك المجهول الذي لم يسم من أهل بيت المثنى، ولا يفيد تسميته في طريق (عيسى بن شعيب) بالنضر بن أنس، لما عرفت من سوء حال (عيسى) ، وبالتالي لا فائدة من قول الضياء: " لا أرى بسنده بأسا "، ولا في قول الحافظ العراقي أوابنه أبو زرعة في " طرح التثريب " (2/68) : " والنضر بن أنس ثقة "، فتنبه، ولذلك جزم البيهقي في صدر الحديث بأنه حديث ضعيف. والله أعلم. وهناك حديث آخر بمعناه من حديث عائشة، ولكنه منكر، وهو مخرج في " تمام المنة " (ص 90) . 2472 - " أيما امراة قعدت على بيت أولادها، فهي معي في الجنة، وأشار بإصبعه السبابة والوسطى ". ضعيف رواه ابن بشران في " الأمالي " (183/1) عن مالك النهشلي: حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل مالك هذا، قال الذهبي: " لا يعرف ". الحديث: 2472 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 493 قلت: وتابعه عبيس بن ميمون عن ثابت به أتم منه؛ بلفظ: " أيما امرأة قامت نفسها على ثلاث بنات لها، إلا كانت معي في الجنة، وأهو ى بإصبعيه. وأيما رجل أنفق على ثلاث بنات أومثلهن من الأخوات، كان معي في الجنة هكذا، وأهو ى بإصبعيه ". أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب أبيه " العلل " (2/342) ، وسأله عن هذا الحديث؟ فقال أحمد: " هذا حديث منكر ". قلت: وآفته عبيس هذا، قال البخاري تبعا لأحمد: " منكر الحديث ". 2473 - " أيما امرأة صامت بغير إذا زوجها، فأرادها على شيء، فامتنعت عنه، كتب الله عليها ثلاثا من الكبائر ". منكر رواه الطبراني في " الأوسط " (1/107/2) عن بقية بن الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " لم يروه عن الأوزاعي إلا بقية ". قلت:: وهو ثقة، ولكنه مدلس، وقد عنعنه، وبه أعله الهيثمي (3/200) . ومن المحتمل أن يكون تلقاه عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي به، ثم أسقطه ودلسه ، فإن له مثل هذه العادة، فقد سبقت له بعض الأحاديث رواها عن الأوزاعي وبينهما يوسف هذا، وهو متهم بالكذب، انظر على سبيل المثال الحديث (622) ، وقد قال المنذري في هذا الحديث (2/90) : الحديث: 2473 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 494 " رواه الطبراني في " الأوسط " من رواية بقية، وهو حديث غريب، وفيه نكارة ". 2474 - " إياكم واستماع المعازف والغناء، فإنهما ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ". ضعيف جدا رواه أبو الحسن الحلبي في " الفوائد المنتقاة " (1/7/2) عن أبي جعفر محمد بن سنان: نا إبراهيم بن حبان: نا شعبة بن الحجاج عن عمروبن مرة عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، آفته إبراهيم هذا، وهو ابن البراء بن النضر بن أنس بن مالك الأنصاري، قال ابن عدي: " حدث بالبواطيل ". وقال العقيلي: " يحدث عن الثقات بالبواطيل ". الحديث: 2474 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 495 2475 - " إياك وما يسوء الأذن. ثلاث مرات ". ضعيف رواه ابن سعد في " الطبقات " 0 8/312) ، وابن أبي عاصم في " الآحاد " (2/459 و6/259) ، وأبو نعيم في " المعرفة " (ق 393/1) من طريق الطبراني، وابن بشران في " الأمالي " 0 37/2) عن تمام بن بزيع أبي سهل: حدثنا العاص بن عمروالطفاوي عن عمته: أنها دخلت في أناس من قومها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، حدثني حديثا ينفعني الله عز وجل به، قال: فذكره. الحديث: 2475 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 495 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، العاص بن عمروالطفاوي لا يعرف إلا برواية تمام هذا، وبها ذكره ابن حبان في " الثقات " (7/305) ، وقال: " يعتبر حديثه من غير رواية تمام عنه ". وتمام بن بزيع، قال الدارقطني: " متروك ". وفي " مسند أحمد " (4/76) : حدثنا عبد الله: حدثني أبي قال: حدثني الصلت ابن مسعود الجحدري قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال: " خرج أبو الغادية وحبيب بن الحارث وأم أبي العالية مهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، فقالت المرأة: أوصني يا رسول الله! قال: فذكره دون قوله: " ثلاث مرات ". قلت: وهذا إسناد معضل، فإن الطفاوي هذا من شيوخ أحمد الذين جلهم من أتباع أتابع التابعين، وفيهم قلة من أتباع التابعين. ثم إنه رواه عنه بواسطة الجحدري، والجحدري هذا من شيوخ ابنه عبد الله بن أحمد ، فهل هذا من رواية الأكابر عن الأصاغر، أم أن قوله في الإسناد: " حدثني أبي " زيادة من بعض النساخ؟ والثاني هو الذي يترجح عندي، لأنهم لم يذكروا الجحدري هذا في شيوخ أحمد، وإنما في شيوخ ابنه. والله أعلم. ثم تأكدت مما رجحت حين رأيته مطابقا لما في " جامع المسانيد " لابن كثير (14/333) ، فإنه ليس في إسناده " حدثني أبي قال "، فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله. وكذلك عزاه الهيثمي (8/95) لعبد الله دون أبيه، ولكنه عطف عليه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 496 (الطبراني) ، ولم أره في " معاجمه الثلاثة "، ولم يعزه إليه ابن كثير (14/335) ، وإنما إلى (أبي نعيم) ، وهذا قد أخرجه في " معرفة الصحابة " (ق281/1) من طريق أخرى عن الصلت عن الطفاوي قال: سمعت العاص بن عمروالطفاوي قال: خرج أبو الغادية.. الحديث. وهذا يبين أن في رواية (عبد الله بن أحمد) سقطا. والله أعلم. 2476 - " إياكم والتعمق في الدين، فإن الله عز وجل قد جعله سهلا، فخذوا منه ما تطيقون، فغن الله عز وجل يحب ما دام من عمل صالح، وإن كان يسيرا ". ضعيف جدا رواه ابن بشران في " الأمالي " (2/11/2) عن عباد بن أحمد بن عبد الرحمن العرزمي: حدثني عمي عن أبيه عن جابر عن يزيد بن مرة عن سويد بن غفلة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عباد بن أحمد العرزمي؛ قال الدارقطني: " متروك ". وأبو هـ أحمد بن عبد الرحمن العرزمي؛ لم أجد له ترجمة. وعمه لم أعرفه اسمه. وما أبو عمه، فهو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي؛ ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: " ليس بالقوي ". والحديث بيض له المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء. الحديث: 2476 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 497 2477 - " إياكم ومشارة الناس، فإنها تدفن الغرة، وتظهر العرة ". ضعيف رواه تمام في " الفوائد " (ج1/ رقم 39) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6/342 - 343/8443 و8444) ، والقضاعي (956) عن الوليد بن سلمة: حدثني الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. ومن طريق تمام رواه ابن الأكفاني في جزء من حديثه (70/2) . قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الوليد بن سلمة، وهو الطبراني، وقد تفرد به كما قال البيهقي. قال أبو حاتم: " ذاهب الحديث ". وقال دحيم وغيره: " كذاب ". وقال ابن حبان: " يضع الحديث على الثقات ". وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الأشراف " (1/71/2 ) والعقيلي (175 - 176) ، والطبراني في " الصغير " (رقم 412 - الروض) من طريق محبوب بن محرز التميمي عن سيف بن أبي المغيرة عن مجالد عن الشعبي عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مجالد وسيف ومحبوب ثلاثتهم ضعفاء. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (8/75) : " رواه الطبراني في " الصغير " عن شيخه [محمد] بن الحسن بن هريم، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات "! كذا قال! وأقره المناوي في " فيض القدير "! وقد عرفت ما فيه من الضعفاء. الحديث: 2477 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 498 2478 - " إياكم والقسامة، قالوا: وما القسامة؟ قال: الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا ومن حظ هذا ". ضعيف رواه أبو داود (2748) ، وابن خزيمة في " حديث علي بن حجر السعدي "، فقال ( 4/ رقم 13) : حدثنا علي: حدثنا إسماعيل: حدثنا شريك عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. ورواه أبو سعد الجنزروذي في العاشر من " أحاديث هشام بن عمار " (8/1 - 2) عن أنس بن عياض: حدثنا شريك به. ورواه البغوي في " شرح السنة " رقم (2494) من طريق أخرى عن علي بن حجر به، وقال: " هذا حديث مرسل، ويروى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ". وقال البغوي: " (القسامة) مضمومة القاف اسم لما يأخذه القسام لنفسه في القسمة، كالنشارة: اسم لما ينشر، والعجالة: اسم لما يعجل للضيف من الطعام، والفئام: الجماعات. وليس في هذا تحريم أجرة القسام إذا أخذها بإذن أرباب الأموال. إنما هذا فيمن ولي أمر قوم، فكان عريفا عليهم، فإذا قسم عليهم سهمانهم أمسك منها شيئا لنفسه، وذلك حرام ". قلت: رواية ابن ثوبان الموصولة التي أشار إليها البغوي لفظها: " إياكم والقسامة، قيل: وما القسامة؟ قال الشيء يكون بين الناس فينتقص منه ". وصله أبو داود (2783) ، وعنه الخطابي في " غريب الحديث " (1/574) ، الحديث: 2478 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 499 والبيهقي في " السنن " (6/356) : نا الزمعي عن الزبير بن عثمان بن عبد الله ابن سراقة: أن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أخبره أن أبا سعيد الخدري أخبره بذلك. قلت: والزبير هذا مجهول كما قال الذهبي، فلا يعتد بوصله. (فائدة) : " المحدثون يقولون: (القسامة) بفتح القاف، والقسامة من قسم اليمين، وإنما هي القسامة بضم القاف، وهو ما يأخذه القسام لأجرته فيعزل من رأس المال جزءا معلوما لنفسه، كالسقاطة اسما لما يسقط، والنشارة ... وإنما المكروه من ذلك ما يقتات به على أرباب المال من غير إذن منهم فيه على ما تواضعه الباعة، وارتسمه السماسرة فيما بينهم من أخذهم من عرض المال شيئا معلوما، من كل ألف درهم عشرين درهما أونحوه، وإنما يلزم في هذا أجر المثل بالغا ما بلغ ، ولا أعلم أحدا كره أجر القسام إلا ما يروى عن بعض السلف أنه كان يذهب في ذلك إلى أنها لا تحل من أجل أنه زعم كالحاكم، وإنما أجره في بيت المال ". قاله الخطابي. 2479 - " إياكم والفتن، فإن اللسان فيها مثل وقع السيف ". ضعيف جدا أخرجه ابن ماجه (3968) عن محمد بن الحارث: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني. متهم كما تقدم مرارا. وأبو هـ ضعيف، وكذا الراوي عنه. الحديث: 2479 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 500 ولكنه قد توبع، فرواه خالد بن أبي عمران عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ستكون فتنة صماء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف ". أخرجه أبو داود (4264) . وخالد بن أبي عمران صدوق كما في " التقريب "، فهذا إسناده خير من الذي قبله، ولكنه ضعيف على كل حال. 2480 - " إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا سفرا قطع، ولا ظهرا أبقى، فاعمل عمل امرىء يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذرا يخشى أن يموت غدا ". ضعيف أخرجه البيهقي (3/19) ، وفي " الشعب " (3886) من طريق أبي صالح: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمروبن العاص مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف لجهالة المولى الذي لم يسم، وضعف في أبي صالح، وهو عبد الله بن صالح. وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا به دون قوله: " فاعمل.. إلخ ". أخرجه البزار (74) ، والحاكم في " معرفة علوم الحديث " (95 و96) ، الحديث: 2480 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 501 والقضاعي (1147 و1148) ، وأبو الشيخ في " الأمثال " (رقم 229) ، والقزويني في " التدوين " (1/237 - 238) ، والخطابي في " العزلة " (ص 97) ، والبيهقي (3/18) من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عنه. وقال الحاكم: " حديث غريب الإسناد والمتن ". قلت: وعلته أبو عقيل هذا؛ ضعيف كما في " التقريب ". وخالفه عيسى بن يونس، فقال: حدثنا محمد بن سوقة قال: حدثني ابن محمد بن المنكدر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/102 - 103) ، وقال: " هذا أصح من الأول ". قلت: لأن عيسى بن يونس ثقة، فأرسله عن ابن محمد بن المنكدر، واسمه (المنكدر بن محمد بن المنكدر) ، وهو لين الحديث. وقال الهيثمي في " المجمع " (1/62) : " رواه البزار، وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب ". قلت: لم أقف على من أطلق فيه الكذب، وقد أورد الحافظ في " التهذيب " أقوال الأئمة فيه، وكلها متفقة على تضعيفه، اللهم إلا رواية عن ابن معين، فقال: " ليس به بأس "، وإلا قول ابن حبان: " ينفرد بأشياء ليس لها أصول، لا يرتاب الممعن في الصناعة أنها معمولة ". ولعل هذا القول هو مستند الهيثمي في إطلاقه الكذب عليه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 502 وللطرف الأول من الحديث شاهد يرويه عمروبن حمزة: حدثنا خلف أبو الربيع إمام مسجد سعيد بن أبي عروبة: حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره دون قوله: " ولا تبغض إلى نفسك.. إلخ. أخرجه أحمد (3/199) قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني عمروبن حمزة.. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عمروبن حمزة هو القيسي، قال الدارقطني وغيره: " ضعيف ". قلت: ولم يتهم، فحديثه بما قبله حسن دون قوله: " ولا تبغض.. " إلخ. والله أعلم. 2481 - " إن هذا العلم دين، فلينظر أحدكم ممن يأخذ دينه ". ضعيف جدا رواه تمام (3/42/2) ، وابن عدي في مقدمة " الكامل " (1/148) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (430) ، والهروي في " ذم الكلام " (136/1) ، والديلمي في " مسند الفردوس " (1/2/302) من طريق خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، خليد بن دعلج متروك. ورواه القاضي عياض في " الإلماع " (10/2) عن أبي نعيم: نا شافع بن محمد: نا يعقوب بن حجر: نا محمد بن سليمان: نا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس به وقال: " قال أبو نعيم: والصحيح وقفه على محمد بن سيرين ". الحديث: 2481 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 503 قلت: ومن دون يزيد لم أعرفه، وقد أخرجه مسلم (1/14) في مقدمة " صحيحه " من طريق ثالث موقوفا على ابن سيرين. وكذلك رواه ابن سمعون في " الأمالي " ( 173/1) ، وابن عدي في " المقدمة " (1/149) ، والهروي أيضا، والسلفي في " الطيوريات " (10/122/1) ، وقال الهروي: " هذا كلها عجائب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضي الله عنهم، وهو عن التابعين أثبت ". ثم ساقه من طرق عن ابن سيرين قوله، وعن زيد بن أسلم، والحسن البصري، والضحاك بن مزاحم، وإبراهيم النخعي موقوفا عليهم. ورواه قبيل ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة موقوفا عليهما، وأشار إلى تضعيف إسنادهما كما تقدم. 2482 - " ألا أخبركم بسورة ملأت عظمتها ما بين السماء والأرض؟ ولقارئها من الأجر مثل ذلك، ومن قرأها غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام ؟ قالوا: [بلى] قلا: سورة الكهف ". ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/337) عن عبد الرحمن بن هشام المخزومي: حدثنا أبي عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. هشام المخزومي - هو ابن عبد الله بن عكرمة المخزومي - قال ابن حبان: " ينفرد بما لا أصل له من حديث هشام بن عروة، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ". الحديث: 2482 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 504 وابنه عبد الرحمن؛ لم أجد له ترجمة الآن. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن مردويه عنها بزيادة: " ومن قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه بعثه الله أبي الليل شاء ". 2483 - " أهل شغل الله في الدنيا هم أهل شغل الله في الآخرة، وأهل شغل أنفسهم في الدنيا هم أهل شغل أنفسهم في الآخرة ". موضوع رواه الديلمي (1/2/326) عن محمد بن القاسم بن محمد عن الحسن بن علي عن محمد ابن ثابت عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون ابن عون لم أعرفهم، ومحمد بن ثابت جمع، فلا أدري أيهم هو؟ والحسن بن علي يحتمل أن يكون ابن زكريا محمد بن القاسم بن مجمع الطايكاني، تصحف على الناسخ " مجمع " إلى " محمد "، فإن يكن هو، فهو كذاب وضاع. والحديث عزاه السيوطي " لأفراد " الدارقطني " أيضا، وقال المناوي: " سنده ضعيف ". ولوائح الوضع عليه ظاهرة. والله أعلم. الحديث: 2483 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 505 2484 - " اهتز العرش لموت سعد بن معاذ حتى تخلعت أعواده ". ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (466) عن يحيى بن كثير أبي النضر عن محمد بن عمروعن أبي سلمة عن أبي هريرة. وعنه عن أبي جمرة عن إبراهيم عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا. قال سعد: " وذاك أول ما سمعنا أن للعرش أعوادا ". وقال: " يحيى بن كثير صاحب البصري منكر الحديث. والحديث معروف من غير هذا الوجه، وليس يحفظ " حتى تخلعت أعواده " من وجه صحيح ". قلت: ويحيى هذا قال أبو حاتم: " ضعيف، ذاهب الحديث جدا ". وقال الدارقطني: " متروك ". والحديث بدون الزيادة صحيح كما أشار العقيلي، وهو مخرج في " الإرواء " (703) . الحديث: 2484 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 506 2485 - " أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة ". منكر جدا رواه ابن ماجه (104) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 1245) بتحقيقي، وعبد الله بن أحمد في " الفضائل " (1/408/630) ، وابن الجوزي في " العلل " (1/192/308) ، وابن عساكر (13/38) عن داود بن عطاء المدني عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب مرفوعا. الحديث: 2485 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 506 قلت: وهذا سند ضعيف جدا. داود بن عطاء؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أحمد: " ليس بشيء "؛ كما في " الميزان " للذهبي، وساق له هذا الحديث ثم قال: " هذا منكر جدا ". ثم رواه ابن عساكر من طرق أحدها من طريق ابن عدي، وهذا في " الكامل " (7/65 - 66) عن محمد بن أبي حميد الأنصاري عن ابن شهاب به. ومحمد هذا ضعيف. ثم رواه ابن عساكر، وكذا الحاكم (3/84) عن الفضل بن جبير الوراق: نا إسماعيل بن زكريا عن يحيى بن سعيد بن المسيب به. والفضل هذا قال العقيلي: " لا يتابع على حديثه ". والحديث قال السيوطي في " الحاوي للفتاوي " (2/226) : " سنده ضعيف ". وأما الذهبي فقال في " تلخيص المستدرك ". " قلت: موضوع، وفي إسناده كذاب ". ولم أدر من هو الكذاب الذي يعنيه؟ نعم لما أورده ابن الجوزي في " العلل " من الطريق الأولى، ثم من طريق أبي البختري وهب بن وهب عن محمد بن أبي حميد عن ابن شهاب به. قال: " هذا حديث لا يصح، أما الطريق الأول، فقال أحمد ويحيى: داود بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 507 عطاء ليس بشيء، وقال ابن حبان: لا يحتج به بحال. وأما الثاني، ففيه أبو البختري الكذاب، ومحمد بن أبي حميد قال النسائي: ليس بثقة ". قلت: وأبو البختري هذا ليس في سند الحاكم، وإنما هو عند ابن عدي وابن عساكر. ثم تنبهت إلى أن الذهبي يشير إلى الراوي عن الفضل بن جبير، وهو شيخ الحاكم (أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي) ، فقد أورده في " الميزان "، وتبعه في " اللسان "، وساق له حديثا آخر، وقال: " باطل، ذكره ابن طاهر ". قلت: وهو متعقب بأمرين: أحدهما: أنه متابع عند ابن عساكر. والآخر: أن الجعفي هذا ترجمه الخطيب (5/54) برواية جمع من الثقات، وقال: " وذكره الدارقطني فقال: صالح الحديث ". قلت: فالظاهر أن الحديث الذي أبطله ابن طاهر علته من غيره، كما هو الشأن في حديثنا هذا. والله أعلم. 2486 - " إن الله جعل العلم قبضات، ثم بثها في البلاد، فإذا سمعتم بعالم قد قبض من الأرض، فقد رفعت قبضة، فلا يزال يقبض حتى لا يبقى منه شيء ". منكر رواه الديلمي (1/2/227) من طريق أبي نعيم بسنده عن أبي زهر: حدثنا السري عن عاصم عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعا. الحديث: 2486 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 508 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون مسروق لم أعرفهم. ويحتمل عندي أن يكون (عاصم) محرفا من (عامر) ، وهو الشعبي، فإنه معروف بالرواية عنه، وعليه يحتمل أن يكون (السري) هو ابن إسماعيل الكوفي ابن عم الشعبي، وهو متروك. والله أعلم. 2487 - " التمسوا الرزق بالنكاح ". ضعيف رواه الواحدي في " الوسيط " (3/116/2) ، والديلمي (1/1/42) عن مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا. وقال الحافظ في " مختصر الديلمي ": " مسلم فيه لبس، وشيخه "! كذا الأصل، بيض لشيخه، ولم أعرفه، وأما مسلم بن خالد، فهو المعروف بالزنجي قال في " التقريب ": " صدوق كثير الأوهام ". قلت: وفي معناه حديث: " تزوجوا النساء، فإنهن يأتين بالمال "، وسيأتي برقم (3400) . الحديث: 2487 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 509 2488 - " اطلبوا الخير دهركم، واهربوا من النار جهدكم، فإن الجنة لا ينام طالبها، وإن النار لا ينام هاربها، وإن الآخرة محففة بالمكاره.. ". ضعيف جدا رواه البيهقي في " الزهد " (90/1 - 2) عن يعلى بن الحديث: 2488 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 509 الأشدق: حدثنا عبد الله بن جراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جدا، يعلى بن الأشدق، قال البخاري: " لا يكتب حديثه ". وقال ابن حبان: " وضعوا له أحاديث، فحدث بها ولم يدر ". 2489 - " اطلبوا الرزق في خبايا الأرض ". منكر أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (207/2) : حدثنا مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري: حدثني هشام بن عبد الله بن عكرمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/491/499 و9/43 - 44 - ط) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/313) ، والبيهقي في " الشعب " ( 2/87/1233) ، وقال: " إن صح ". قلت: وهذا إسناد واه، هشام بن عبد الله؛ قال ابن حبان (3/91) : " يروي عن (هشام بن عروة) ما لا أصل له من حديثه، كأنه هشام آخر! لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن هشام عن أبيه ... ". ثم ساق هذا الحديث. قلت: لكني وجدت له متابعا، فقال أبو نعيم في " الأخبار " (2/243) : حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف: حدثنا محمد بن أحمد بن راشد: حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة به. الحديث: 2489 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 510 وأبو أسامة - واسمه حماد بن أسامة - وابن جنادة ثقتان، لكني لم أر من وثق ابن راشد هذا، وقد أورده الخطيب (1/302) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وروى عنه أبو الحسين بن المنادي. والحديث قال الهيثمي (4/63) : " رواه أبو يعلى والطبراني في " الأوسط "، وفيه هشام بن عبد الله بن عكرمة ضعفه ابن حبان ". ونقل ابن الجوزي في " العلل " (2/113) عن النسائي أنه قال: " حديث منكر، وقد روي من قول عروة ". 2490 - " اطلبوا العلم يوم الاثنين، فإنه ميسر لطالبه ". ضعيف رواه أبو الشيخ (ص 142) ، وعنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/348) ، والديلمي في " مسنده " (1/1/15) ، والشجري في " أماليه " (1/54) ، وابن الجوزي في " العلل الواهية " (1/323) من طريق أبي الشيخ وغيره عن موسى بن أيوب عن عثمان بن عبد الرحمن عن حمزة الزيات عن حميد عن أنس مرفوعا. ورواه الخطيب في " التلخيص " (1/123) من طريق محمد بن سلام البخاري عن عثمان ابن عبد الرحمن الحراني عن حميد الطويل به، فأسقط من بينهما حمزة الزيات، وقال: " محمد بن سلام البخاري شيخ في عداد المجهولين ". قلت: وشيخه الحراني قال الحافظ: الحديث: 2490 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 511 " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". وموسى بن أيوب ثقة، وهو النصيبي الأنطاكي. وله طريق أخرى عن حميد الطويل. فأخرجه ابن عساكر (14/117/1) عن أحمد بن محمد المعروف بابن الدهان: حدثنا محمد بن الحجاج عن أحمد بن عبد الله عن يحيى بن حميد الطويل عن أبيه عن أنس به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يحيى بن حميد الطويل؛ قال ابن عدي: " أحاديث غير مستقيمة ". ومحمد بن الحجاج، جماعة لم يتبين لي من هو منهم. وكذلك لم أعرف ابن الدهان الراوي عنه. وله طريق ثالثة عن أنس مرفوعا به. أخرجه القاضي عياض في " الإلماع " (9/1) عن مجاشع بن عمرو: نا كثير بن مسلم : سمعت أنس بن مالك به. قلت: وهذا موضوع، مجاشع أحد الكذابين؛ كما قال ابن معين. وكثير بن مسلم لم أعرفه، ولعله كثير بن سليم - مصغرا - فإنه معروف بالرواية عن أنس، وهو منكر الحديث كما قال البخاري. وقد روي له شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 512 2491 - " اطلبوا العلم كل اثنين وخميس، فإنه ميسر لمن طلب، وإذا أراد أحدكم حاجة، فليبكر إليها، فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها " موضوع رواه ابن عدي في " الكامل " (4/1 - 2 و1/364 - ط) عن محمد بن أيوب بن سويد: حدثني أبي: حدثني الأوزاعي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أيوب بن سويد - وهو الرملي - صدوق يخطىء كما في " التقريب ". وابنه شر منه، قال ابن حبان: " لا تحل الرواية عنه ". وقال أبو زرعة: " رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة ". ذكره الذهبي في " الميزان "، ثم ساق له من موضوعاته حديثا غير هذا. والجملة الأخيرة قد صحت عن جمع من الصحابة، فانظر " صحيح الجامع " برقم (1311 - الطبعة الأولى الشرعية) : " اللهم بارك لأمتي في بكورها ". الحديث: 2491 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 513 2492 - " إذا حدثتم الناس، فلا تحدثوهم بما يفزعهم ويشق عليهم ". ضعيف رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (58/2) ، وعنه أبو القاسم الحديث: 2492 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 513 الأصبهاني في " الحجة " (136/1) وابن عدي (7/80) ، والديلمي (1/1/107) من طريق الحسن بن سفيان، وأبو الحسن القزويني في " مجلس من الأمالي " (198/2) ، والهروي في " ذم الكلام " (4/71/2) عن بقية بن الوليد عن الوليد بن كامل البجلي عن نصر بن علقمة الحضرمي عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن المقدام بن معدي كرب الكندي مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أبو موسى المديني في " اللطائف " (16/1) من طريق الطبراني، وقال: " لا يروى عن المقدام إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية ". قلت: هو ثقة مدلس، ولكنه قد صرح بالتحديث عند الهروي، فالعلة من شيخه الوليد بن كامل؛ قال ابن عدي: " قال البخاري: عنده عجائب ". وقال الذهبي: " ضعفه أبو الفتح الأزدي، ومن قبله أبو حاتم ". 2493 - " إذا حسدتم فلا تبغوا، وإذا ظننتم فلا تحققوا، وإذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا ". ضعيف جدا رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (4/39/2) ، وابن عدي (235/1 و4/315 - ط) ، عن عبد الرحمن بن سعد: حدثني عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سعيد المقبري متهم بالكذب. وعبد الرحمن بن سعد، وهو ابن عمار بن سعد القرظ؛ قال الذهبي: " ليس بذاك، قال ابن معين: ضعيف ". الحديث: 2493 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 514 ثم وجدت له شاهدا مرسلا، ولكنه واه يرويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه إسحاق بن إبراهيم البستي في " التفسير " - مخطوط. قلت: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك ن وتقدمت له أحاديث منها في توسل آدم بالنبي عليهما السلام. 2494 - " أظهروا النكاح، وأخفوا الخطبة ". ضعيف رواه الديلمي (1/1/27) عن عبد الرحمن بن حمدان الجلاب: حدثنا عثمان بن خرزاذ : حدثنا هارون بن عمر بن زياد الدمشقي - سنة عشرين ومائة -: حدثنا محمد بن خالد عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. سكت عليه الحافظ في " مختصره "، وسنده ضعيف، أم علقمة، واسمها مرجانة؛ مجهولة الحال، ومن دون الدراوردي فيه من لم أعرفه. والجملة الأولى لها طريق آخر عن عائشة في " علل ابن أبي حاتم " (1/425) ، و" سنن البيهقي " (7/290) ، وضعفه، و" تاريخ الخطيب " (4/137) . لكنها صحت بلفظ: " أعلنوا.. ". وهو مخرج في " آداب الزفاف " (ص183 - 184 - المكتبة الإسلامية) . الحديث: 2494 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 515 2495 - " تعاهدوا نعالكم عند أبو اب المساجد ". موضوع أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (5/278) ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل " (1/403) من طريق علي بن عمر الحافظ (هو الدارقطني) الحديث: 2495 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 515 عن يحيى بن هاشم السمسار : حدثنا مسعر بن كدام عن يزيد الفقير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: قال علي بن عمر: " غريب من حديث مسعر عن يزيد الفقير. تفرد به يحيى بن هاشم ". قلت: وهو كذاب. والحديث أورده العلامة ابن القيم في رسالة له في الأحاديث الضعيفة الموضوعة من رواية الدارقطني في " الأفراد "، وقال (ق 112/2) : " قال يحيى: هو (يعني السمسار) دجال هذه الأمة، قيل له: أتراه وضع هذه الأحاديث؟ فقال: هو لا يحسن يضع هذه الأحاديث! ولكن وضعت له. وقال أحمد ابن حنبل: لا يكتب عنه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال محمد بن عبد الرحيم: كان يضع الحديث. وقال أبو علي الحافظ: كان يكذب. وقال ابن عدي: كان ببغداد يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات ". قلت: وروي مرسلا، فقال عبد الرزاق في " المصنف " (1/388/1515) : عن يحيى ابن العلاء عن طلحة عن عطاء رفعه. وهذا - مع إرساله - ضعيف جدا؛ يحيى متروك، وطلحة إن كان ابن عبيد الله العقيلي؛ فمجهول، وإن كان ابن عبيد الله بن كريز؛ فثقة. وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " (2/417) بسند صحيح عن الحسن - وهو البصري - مرفوعا بلفظ: " تعاهدوا نعالكم؛ فإن رأى أحدكم فيهما أذى فليمطه، وإلا فليصل فيهما ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 516 ورواه عبد الرزاق (1514) عن ابن جريج عن عطاء مرسلا نحوه. وفي معناه قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أوأذى فليمسحه، وليصل بهما ". رواه أبو داود وغيره بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري. وهو مخرج في " الإرواء " (284) . 2496 - " رحم الله قوما يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى ". ضعيف رواه المعافى بن عمران في " الزهد " (243/2) عن مبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا نحوه. وذكره بهذا اللفظ السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن المبارك عن الحسن مرسلا. ثم وجدته في " الزهد " (161/1 من الكواكب 575 و30/92 - ط) لابن المبارك: حدثنا المبارك بن فضالة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه عنعنة ابن فضالة، فإنه كان مدلسا. الحديث: 2496 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 517 2497 - " رحم الله قيسا، رحم الله قيسا، إنه كان على دين إسماعيل بن إبراهيم خليل الله عز وجل، يا قيس حي يمنا، يا يمن حي قيسا، إن قيسا فرسان الله في الأرض، والذي نفسي بيده، ليأتين على الناس زمان ليس لهذا الدين ناصر غير قيس ، إن لله فرسانا في الأرض موسومين، وفرسانا في الأرض معلمين، ففرسان الله في الأرض قيس، إنما قيس بيضة تفلقت عنها أهل البيت، إن قيسا ضراء الله في الأرض ، يعني أسد الله ". الحديث: 2497 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 517 ضعيف. رواه البخاري في " التاريخ " (4/1/98/436) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (18/265/663) ، و" الأوسط " 0 9/9/8011) ، وابن منده في " معرفة الصحابة " (2/117/1) ، وابن عساكر (8/405/1) من طريقين عن قتيبة بن سعيد: أنا عبد المؤمن بن عبد الله أبو الحسن: نا عبد الله بن خالد العبسي عن عبد الرحمن ابن مقرن المزني عن غالب بن أبجر قال: ذكرت قيس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، عبد المؤمن بن عبد الله؛ قال أبو حاتم: " مجهول ". وقال العقيلي: " حديثه غير محفوظ "، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " 0 8/417) على قاعدته في توثيق المجهولين. واللذان فوقه في " ثقات ابن حبان " (7/18 و5/111) ، لكن (ابن مقرن) هو (معقل بن مقرن) نسب إلى جده. ولذلك قال الهيثمي في " المجمع " (10/49) : " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، ورجاله ثقات "! (تنبيه) : قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/1/66) : " عبد المؤمن بن عبد الله أبو الحسن الكوفي، وهو ابن عبد الله بن خالد العبسي ... ". فقوله: " وهو ابن عبد الله " وهم منه أومن الناسخ؛ فإن عبد الله هذا إنما هو شيخه كما ترى في هذا السند عند جميع مخرجيه، وقد ترجم له ابن أبي حاتم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 518 (2/2/44) ، وذكر أنه روى عن جمع منهم (عبد الرحمن بن مقرن) هنا، وكذا في " ثقات ابن حبان " (7/18) ، وذكرا أنه روى عنه الأعمش والثوري، ولم يذكرا أبيه المزعوم هذا! (تنبيه آخر) : أورد الحديث السيوطي في " الجامع الصغير " و" الفتح الكبير " من رواية الطبراني بلفظ " قسا " مقتصرا على الطرف الأول منه، وهو وهم جرى عليه المناوي في " شرحه "، وساق حديث: أيكم يعرف القس بن ساعدة ... ! وتبعهما على هذا الوهم من علق على الكتاب، وهم " نخبة من العلماء الأجلاء " كما جاء في طرة الكتاب! والصواب " قيسا "، كما في المصادر المتقدمة، وكذلك ساقه الحافظ العراقي في " محجة القرب " (52/1 - 2) من طريق الطبراني، وقال: " هذا حديث حسن غريب، ورجاله ثقات ". كذا قال، وفيه ما عرفت من جهالة (عبد المؤمن) ، ولكنه اعتد بتوثيق ابن حبان إياه، وتبعه تلميذه الهيثمي فوثقه كما تقدم! ! 2498 - " الأبدال أربعون رجلا، وأربعون امرأة، كلما مات رجل أبدل الله رجلا مكانه، وإذا ماتت امرأة، أبدل الله مكانها امرأة ". ضعيف رواه الخلال في " كرامات الأولياء " (ق 1/2) ، والديلمي في " مسنده " ( 1/2/364) عن إبراهيم بن الوليد بن أيوب: حدثني أبو عمر الغداني: حدثنا أبو سلمة الخراساني عن عطاء عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون عطاء لم أعرف أحدا منهم. الحديث: 2498 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 519 والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/152) من طريق الخلال هذه، وقال: " فيه مجاهيل ". وتعقبه السيوطي في " اللآلىء " 0 3/332) بأن له طرقا أخرى عن أنس. قلت: لكن لا يصح منها شيء، وألفاظها مختلفة جدا كما يتبين للقارىء بالاطلاع عليها في رسالة السيوطي المطبوعة في " الحاوي للفتاوي " (2/455 - 472) ، بحيث لا يمكن القول بأن متنا معينا منها بعينه حسن لغيره. غاية ما في الأمر، أن هذه الروايات وغيرها مما روي تلتقي كلها على الاعتراف بوجود الأبدال، ويشهد لذلك استعمال أئمة الحديث كالشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم لهذا اللفظ، فنجدهم كثيرا ما يقولون: فلان من الأبدال. ونحوذلك. وأما عددهم ومكانهم، فالروايات مضطربة جدا، لا يمكن الاعتماد على شيء منها ؛ ولذلك قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (11/441) في حديث الأبدال: " الأشبه أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ". والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للمصدرين المذكورين أعلاه، وكذا في " الحاوي " (2/203) ، وسكت عليه! ومن طرق الحديث ما رواه ابن عدي (5/220 - 221) ، والديلمي أيضا (2/1/23) من طريق العلاء بن زيدك عن أنس مرفوعا بلفظ: " البدلاء أربعون، اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات واحد منهم، بدل الله مكانه آخر، فإذا جاء الأمر، قبضوا كلهم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 520 قلت: وهذا موضوع، آفته العلاء هذا: قال الذهبي: " تالف، قال ابن المديني: كان يضع الحديث ". (فائدة) : قال ابن تيمية في تفسير (الأبدال) : " فسروه بمعان: منها: أنهم أبدال الأنبياء. ومنها أنه كلما مات منهم رجل أبدل الله مكانه رجلا. ومنها: أنهم أبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم وعقائدهم بحسنات. وهذه الصفات لا تختص بأربعين، ولا بأقل، ولا بأكثر، ولا تحصر بأهل بقية من الأرض ". ويشر في كلامه الأخير إلى حديث: " الأبدال في أهل الشام.. ". وقد مضى برقم (940) من حديث عوف بن مالك، وسيأتي بأتم منه برقم (2993) من حديث علي. 2499 - " ريح الولد من ريح الجنة ". ضعيف أخرجه الطبراني في " الصغير " ص (169) ، و" الأوسط " (6/401/5856 - ط) ، وابن حبان في " الضعفاء " (3/25 - 26) من طريقين عن أحمد بن يونس: حدثنا مندل بن علي العنزي عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به مرفوعا. وقال الطبراني: " تفرد به مندل بن علي ". قلت: وهو ضعيف؛ كما في " التقريب ". الحديث: 2499 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 521 وبقية رجال الإسناد ثقات رجال " الصحيحين ". وقال الهيثمي (8/156) : " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " عن شيخه محمد بن عثمان بن سعيد، وهو ضعيف ". وقال شيخه العراقي (2/194) : " رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وابن حبان في " الضعفاء "، وفيه مندل بن علي، وهو ضعيف ". قلت: فهو علة الحديث، وأما إعلال الهيثمي بشيخ الطبراني فمردود لوجهين: أحدهما: أنه ظنه (محمد بن عثمان بن سعيد بن عبد السلام بن أبي السوار المصري ) الذي في " الميزان "، وفيه أن أبا سعيد بن يونس قال فيه: " لم يكن بثقة " ، وليس به، بل هو (محمد بن عثمان بن سعيد أبو عمر الضرير الكوفي) ، وفي ترجمته أورد الطبراني حديثه هذا، ونسبه في " الأوسط ": (الأموي) ، وكذا في " سؤالات الحاكم للدارقطني " (149/175) ، وقال: " ثقة ". والآخر: أنه قد توبع كما أشرت في التخريج بقولي: " من طريقين عن أحمد بن يونس ". على أن أحمد هذا قد تابعه (علي بن عبد الحميد أبو الحسن) : حدثنا مندل بن علي ... أخرجه البيهقي في " الشعب " (7/479) . وعلي بن عبد الحميد هذا ثقة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 522 وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس، وشاهد من حديث عائشة رضي الله عنهما. أما الطريق الأول، فأخرجه أبو الشيخ في " التاريخ " (ص 177) عن عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا سليمان بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. سليمان هذا، هو القافلاني؛ قال الذهبي: " متروك الحديث، بصري مقل ". وعيسى بن إبراهيم، الظاهر أنه ابن طهمان الهاشمي، وهو متروك أيضا. وأما الطريق الآخر، فأخرجه عبد العزيز الكناني في " حديثه " (ق 237/1) ، وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 212/2) عن خارجة بن مصعب عن عبد المجيد بن سهل عن محمد بن عباد بن حفص عنه. قلت: وهذا كالذي قبله في الضعف. خارجة بن مصعب، قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". ومحمد بن عباد بن حفص لم أعرفه. وأما الشاهد، فأخرجه ابن عدي (294/2 و6/160 - ط) عن محمد بن عبد الملك الأنصاري: حدثنا عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة مرفوعا به وقال: " وهذا غير محفوظ، ومحمد بن عبد الملك كل أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه ، وهو ضعيف جدا ". قلت: وبالجملة فالحديث ضعيف، لشدة ضعف طرقه وشاهده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 523 2500 - " إذا توضأت، فسال من قرنك إلى قدمك، فلا وضوء عليك. بعني الباصور ". منكر رواه أبو عبيد في " الطهور " (ق 2/1) ، والعقيلي في " الضعفاء " (241) ، وابن عدي في " الكامل " (5/307) ، والطبراني في " الكبير " (11/109/11202) عن بقية عن عبد الملك بن مهران عن عمروبن دينار عن ابن عباس، قال: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن بي الباصور؛ إذا توضأت سال مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال العقيلي: " عبد الملك بن مهران صاحب مناكير، غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئا من الحديث ". وساق له ثلاثة أحاديث هذا أحدها ثم قال: " كلها ليس لها أصل، ولا يعرف منها شيء من وجه يصح ". وقال ابن عدي: " منكر، لا أعلم رواه عن عمروبن دينار، غير عبد الملك بن مهران، وهو مجهول ". قلت: وبقية مدلس وقد عنعنه. وقال أبو عبيد: " هذا حديث مرفوع، وهو عن شيخ مجهول، فلا أدري أمحفوظ هو أم لا؟ ".   انتهى بفضل الله وكرمه المجلد الخامس من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة " ويليه إن شاء الله تعالى المجلد السادس، وأوله الحديث: 2501 - " إذا توضأت وأنا جنب. . . " " وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الحديث: 2500 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 524 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم، وعلى آله وأصحابه الغُز الميامين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم للدين، " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ". أما بعد، فهذا هو المجلد السادس من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة"، وسيليها قريباً إن شاء الله المجلد السابع، وكنا قد استلمنا أصولهما من الوالد الكريم منذ ثلاث سنوات تقريبا، وهيأنا له تجربة من كل منهما ليطلع عليهما ويراجعهما ويبدي ملاحظاته الأخيرة، كدأبه في كل مؤلفاته التي تأخذ طريقها نحو للطبع، وكان الوالد أثناءها منكبا بهمة وجلَد عجيبين على المراجعة الأخيرة لـ " صحيح الترغيب وللترهيب " و " ضعيفه "- حتى أًتمهما والحمد لله- ثم فاجأه المرض، ونال منه ما نال، واستمر به بين شدّة واستقرار، وكان- شفاه الله وقواه، ومتعنا به ومتعه بقواه- يستغل كل وقت يجد في نفسه شيئاً من قوة لينصرف إلى متابعة عمله في التحقيق والتأليف، وكنت آنست منه فترة طيبة من نشاط وهمة، فعرضت عليه أن يطلع على المئة الأولى من هذا المجلد قدر استطاعته، ولو كان يسيراً، فقام- والحمد لله- بمراجعتها كما يفعل دائماً ودائماً في مَدد لا ينتهي مهما قدمنا له من تجارب متتابعة، ومدّه الله بتوفيقه، وبارك له في وقته، فأضاف عليها إضافات هامة، وهكذا ... كلما أنهى مئة أعطيته التالية حتى أتم هذا المجلد، ثم بدأ بالمجلد للسابع حتى وقف عند بداية المئة للرابعة، ولا زلت أنتظر فرصة ليُتمَه كاملا- إن شاء الله- وقد رافق ذلك الجهد فترات من ضعف وقوة، كنا بين مشفقين عليه داعين له بالشفاء والعافية، وبين مغتبطين لعمله وممارسته له؛ لعلمنا بشغفه به وإخلاصه له. ئم زاده المرض وهناً- جعله الله طهوراً- فانقطع فترة، رغم أنه ما فَتِىء يحاول الاستفادة من أي سانحة يجد فيها بعض النشاط- حتى لو كانت خمس دقائق، لا بل حتى لو كانت جملة أو كلمة كان قد وقف عندها، فيجلس ليتمها- متحاملاً على ضعفه وأوجاعه ... الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 وحتى لا أمضي في للسرد بعيدا، أعود لأقول: إن معظم أحاديث هذا المجلد وغيره مما سيليه قد مضى على تخريجه وكتابته سنوات طويلة ربما جاوزت أربعين سنة! ومع أن الوالد الكريم كان دوماً في مراجعة مستمرة للأحاديث للتي صنفها بقسميها "الصحيح " و " الضعيف "، وتقليب دائم للأوراق والكتب في بحثه وتحقيقه وإضافة تعليقاته في كل ما يستجد عنده من توابع هذا العلم الشريف، إلا أنه وكما هو معلوم عند جميع طلاب للعلم، وكما نسمع من الوالد دائماً: (العلم لا يقبل الجمود) ، ومثله ما سمعت منه مرات عدة في جلساتي معه، حين يصل إلى فك رموز مسألة، أو حل معضلة ... يقول وعيناه أدمعهما الأسى وللسرور معاً: (الله أكبر.. كيف يقول البعض: إن علم الحديث قد نضج واحترق؟!!!) . لذا، ما انفكَّ الوالد يزيد في هذا العلم ويستزيد، متتبعا في عالم المطبوعات في هذا المجال كل جديد، إذ إنه- وكما يذكر غالبا في مقدمات مؤلفاته الجديدة أن كثيرا من الأصول والمصنفات التي كانت من أهم مراجعه لسنوات طويلة ماضية، والتي كانت مخطوطة أو محالاً عليها من بعض المصنفين القدامى، ومن جاء بعدهم، والذين كثيرا ما كان يعتمد عليهم في حكمه على الأحاديث؛ أن كثيرا منها قد طبع الآن، وظهر إلى حيز الوجود ما كان عسير المنال، لذا دأب الوالد على إعادة للنظر دوما في كل ما حققه من قبل، سواء ما كان منه عَرَضاً أثناء البحث، أم قصدا وتوجهاً، فاتسعت مساحة التحقيق، وازدادت دقة، وكان من ذلك خير عميم، وفضل كبير، والحمد لله. ويحسن هنا الإشارة إلى أن القارئ الكريم سيجد في هذا المجلد- كسابقيه- الكثير من الأبحاث والتحقيقات الحديثية والفقهية، وفي تضاعيف بعضها ردودا علمية، والكثير من الفوائد. فمن الأبحاث الحديثية ما جاء تحت الأحاديث (2521 و 2535 و 2838 و 2544 و 2644 و 2645 و 2670 و 2688 و 2742 و 2750 و 2819 و 2827 و 2864 و 2910. . . .) ، وخاصة منها ما يعتبر مثالاً جيداً على أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة طرقه ليست على إطلاقها، بل لها قيود يمكن للباحث تلمُّسها، فانظر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 مثلا الأحاديث (2521- افعلا للمعروف ... ) ، و (2855- اطلبوا الخير عند حسان الوجوه) ، و (2870- أقيلوا السخي زلته ... ) ، و (2885- أكرموا الخبز ... ) ، و (2955 - أنا مدينة للعلم وعلى بابها) ، وهذا الأخير في متنه ما يدل على وضعه؛ فضلاً عن أن طرقه- كلها- بعضها أشد ضعفاً من بعض! وكذلك يجد القارئ الكثير من التحقيقات الموسعة حول تراجم بعض الرجال، فانظر مثلاً ما جاء تحت الأحاديث (2511 و 2514 و 2614 و 2644 و 2645 و 2670 و 2678 و 2701 و 2742 و 2827 و 2901 و ... ) . ومن الأبحاث الفقهية ما جاء تحت الحديث (2538) من بيان أن ستر الرأس من الزينة عند المسلمين، و (2539) بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في صلاة الكسوف .... ، وغيرها من الفوائد المختلفة المبثوثة في تضاعيف الكتاب كما جاء تحت الأحاديث (2501 و 2576 و 2590 و 2667 و 2873 و 2925 و 2972 ... ) . ومن الردود العلمية مد يراه القارئ تحت الأحاديث (2538 و 2556 و 2620 و 2631 و 2678 و 2688 و 2783 و 2901 و 2910 و 2955 ... ) ، وتتناول الرد على الكوثري والغماري وغيرهما. وفي هذا المجلد الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي أودعها السيوطي في "جامعه " وهي خلاف شرطه، كالأحاديث (2502 و 2547 و 2550 و 2566 و 2678 ... ) ، وأحاديث أخرى تحتها بيان تساهل المناوي في تقويته للأحاديث مثال: (2526 و 2631 و 2742 و 2819 و 2891 ... ) ، وغيرها كثير. وهناك العديد من الأحاديث صححها الحاكم ووافقه للذهبي! كالأحاديث (2510 و 2556 و 2576 و 2662) ، وفي كثير غيرها خالفه فأصاب. ويحسن- أيضاً- التنبيه هنا إلى قاعدة عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان، ومَنْ على رأيه ممن سبق ولحق، وأن توضيح قاعدته ومناقشتها تفصيلياً سيكون بعون الله في كتاب الوالد المفيد " تيسير انتفاع الخلان " ومقدمته، وفي هذا المجلد جملة كبيرة من الأحاديث جاء تحتها بيان ذلك منها: (2511 و 2701 و 2911 ... ) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 وأخيراً، فهناك مجموعة من الأحاديث الضعيفة وفي الصحيح ما يغني عنها، انظر مثلاً الأحاديث (2509 و 2525 و 2633 و 2648 و 2661 و 2733 و 2800 ... ) ، وأحاديث أخرى يرددها الناس على أنها أحِاديث صحيحة وهي ليست كذلك، كالأحاديث (2742- ارجعن مأزورات غير مأجورات) ، و (2750- أزهد الناس في العالِم أهله وجيرأنه) ، و (2855- اطلبوا الخير عند حسان الوجوه) ... وغيرها كثير مما تجده في ثنايا الكتاب، وراجع لها الفهارس تُقَرِّب لك كثيرا منها. وختاماً؛ لا بد في هذا المقام أن ندعو الله عز وجل أن يجزي خيرا كل من ساهم في إخراج هذا العمل للعلمي في كل مراحله، بما فيها إتمام جميع فهارسه العلمية بالصورة التي انتهجها الوالد للكريم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. أسأل الله للعظيم رب العرش العظيم أن يشفيه ويعافيه، ويمد في عمره في قوة، ويبارك في عمله، إنه سميع مجيب. و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". عمان - غرة جمادى الآخرة 1420 هـ أم عبد الله * كنت قد كتبت هذا في تاريخه، ثم كان أمر الله قدراً مقدورا، فتوفى الله والدنا الحبيب وأستاذنا الجليل عصرَ الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجُرنا في مصيبتنا، واخلف لنا خيراً منها. واغفر له اللهم وارحمه، أنت أرحم الراحمين ... آمين! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 2501 - (إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت، ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل) . ضعيف رواه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 45/2) ، والدارقطني (ص 44) ، والبيهقي (1/89) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة بن أبي الكنود عن عبد الله بن مالك الغافقي: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمر بن الخطاب؛ فذكره. وقال البيهقي: " ورواه الواقدي عن عبد الله بن سليمان هكذا ". قلت: وهذا سند ضعيف عبد الله بن سليمان الظاهر أنه أبو حمزة المصري الطويل؛ لم يوثقه غير ابن حبان (2/156) ، وقال البزار: " حدث بأحاديث لم يتابع عليها ". وثعلبة بن أبي الكنود؛ وثقه ابن حبان أيضا (1/8) ، وترجمه ابن أبي حاتم (1/1/463) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. تلك هي علة الحديث، وأما شمس الحق الأبادي فأعله بقوله: " قلت: ابن لهيعة ضعيف، والواقدي متروك ". فلم يصنع شيئا؛ لأن ابن لهيعة وإن كان سيىء الحفظ، فهو صحيح الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة، وهو كذلك هنا فمن الرواة عنه عبد الله بن وهب عند البيهقي، فزالت التهمة عنه، والواقدي لم يتفرد به كما سبق. وروى أبو عبيد عن عمر: أنه كره للجنب أن يقرأ شيئا من القرآن. وسنده صحيح. ومن طرق عن عامر بن السمط عن أبي الغريف قال: الحديث: 2501 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 " سئل علي عن الجنب: أيقرأ القرآن؟ فقال: لا، ولا حرفا ". وهذا سند فيه ضعف من أجل (أبي الغريف) . انظر: " ضعيف أبي داود " (32) - وفي أثر عمر كفاية، فنرى أنه يكره للجنب أن يقرأ القرآن. يؤيده كراهة النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد السلام وهو على غير وضوء، وهذا ظاهر لا يخفى. أما تحريم القراءة فلا دليل عليه. 2502 - (إذا جاءكم الأكفاء فأنكحوهن، ولا تربصوا بهن الحدثان) . موضوع رواه الديلمي (1/1/106) من طريق الحاكم عن معلى بن هلال عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته المعلى هذا، قال الذهبي: " رماه السفيانان بالكذب، وقال ابن المبارك وابن المديني: كان يضع الحديث، وقال ابن معين: هو من المعروفين بالكذب والوضع ... ". قلت: ومع ذلك فقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير " بهذا الحديث!. الحديث: 2502 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 2503 - (لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن والقرآن) . ضعيف رواه أبو بكر المقرىء في " الفوائد " (1/107/2) ، والحازمي في " الفيصل " (87/2) عن سعيد بن المغيرة قال: حدثنا عبد الغفار بن عبد الله قال: حدثنا عفيف عن سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الغفار هذا لم أجد له ترجمة، وقد ذكره المزي في ترجمة كل من عفيف؛ وهو ابن سالم الموصلي، وسعيد بن المغيرة؛ وهو الحديث: 2503 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير التمار الموصلي. وسعيد بن المغيرة أورده المزي (1/254/1) تمييزا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". وروي الحديث عن ابن عمر، وسيأتي تخريجه برقم (4789) . 2504 - (إذا مررت ببلدة ليس فيها سلطان فلا تدخلها، إنما السلطان ظل الله ورمحه في الأرض) ضعيف رواه عباس الترقفي في " حديثه " (41/1) - وعنه البيهقي في " السنن " (8/162) و " شعب الإيمان " (6/18/7375) -: حدثنا سعيد بن عبد الله الدمشقي: حدثنا الربيع بن صبيح عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الربيع بن صبيح ضعيف؛ كما قال ابن معين والنسائي وغيرهما. وسعيد بن عبد الله الدمشقي؛ لم اجد به ترجمة، ويراجع له " تاريخ ابن عساكر ". ثم رجعت إليه؛ فوجدته (21/170 - 172) قد ذكر له أحاديث ليس هذا منها، وروى عن أبي حاتم أنه (مجهول) ، ويقال فيه: (سعيد بن دينار) نسبة إلى جده. ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/149) ، وعزاه السيوطي للبيهقي في " الشعب "، وأعله المناوي بالربيع بن صبيح؛ ونقل عن الذهبي: أنه ضعيف؛ ثم قال: الحديث: 2504 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 " ولذلك أطلق عليه السخاوي الضعف ". 2505 - (إذا رأيتم الرجل يقتل صبرا، فلا تحضروا مكانه؛ لعله أن يقتل مظلوما فتنزل السخطة فيصيبكم معه) . ضعيف رواه ابن سعد (7/501) معلقا، ووصله أحمد (4/167) والطبراني في " المعجم الكبير " (4/219/4181) وابن منده في " معرفة الصحابة " (قطعة منه، ق2/1 في المكتبة الظاهرية 4442 - عام) من طريقين عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن خرشة بن الحارث صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل ابن لهيعة، فإنه ضعيف في غير رواية العبادلة عنه وهذه منها. الحديث: 2505 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 2506 - (إذا رأيتم العبد ألم الله به الفقر والمرض فإن الله يريد أن يصافيه) . موضوع رواه الديلمي (1/1/57) عن أبي إسحاق إبراهيم بن الحسن بن داود العطار: حدثنا محمد بن خلف بن عبد السلام: حدثنا موسى بن إبراهيم: أخبرنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصره "، وهو موضوع، آفته موسى بن إبراهيم المروزي؛ قال الذهبي: " كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: متروك فمن بلاياه ... ". ثم ذكر له حديث: " من أراد أن يؤتيه الله حفظ العلم فليكتب هذا الدعاء.. اللهم إني الحديث: 2506 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 أسألك ... وأسألك بحق محمد وإبراهيم وموسى. الحديث بطوله ". وهذا كذب ظاهر! 2507 - (إذا رددت على السائل ثلاثا فلا عليك أن تزبره) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (1/89/1 من الجمع بين المعجمين) ، وابن النجار (10/152/1) عن حبان بن علي عن طلحة بن عمرو متروكان، وقول ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (264//) إنهما ضعيفان؛ فيه تساهل مخل. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الدارقطني عن ابن عباس؛ وقال: تفرد به الوليد بن الفضل العنزي. وتعقبه السيوطي بأن لحديث ابن عباس طريقا ليس فيه الوليد، أخرجه الديلمي. وأقول: وهذا تعقب لا طائل تحته، لأنه من رواية طلحة بن عمرو، عن ابن عباس. وطلحة متروك؛ كما في " التقريب ". وأما الوليد بن الفضل العنزي فهو ممن يروي الموضوعات كما قال ابن حبان والحاكم وغيرهما. الحديث: 2507 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 2508 - (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (14/1 - من ترتيبه) عن محمد بن أبي داود الأنباري: حدثنا هاشم بن القاسم عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن الحديث: 2508 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 أنس عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " لم يروه عن أبي جعفر إلا هاشم؛ تفرد به محمد ". قلت: لم أجد له ترجمة، ومن المحتمل أن يكون في " الثقات " لابن حبان. وهاشم بن القاسم؛ الظاهر أنه أبو النضر البغدادي، ثقة حافظ من رجال الشيخين. ثم وجدناه في " الثقات " لابن حبان؛ بل وترجمه في " التهذيب " واسم أبيه سليمان. وهو صدوق. وإنما علة الحديث أبو جعفر الرازي؛ فإنه سيىء الحفظ. وأما قول الهيثمي (1/295) : " ورجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود فإني لم أجد من ترجمه، وقد ذكر ابن حبان في " الثقات ": محمد بن أبي داود البغدادي؛ فلا أدري هو هذا أم لا؟ ". قلت: يظهر لي لأنه هذا؛ لأن شيخه بغدادي أيضا كما رأيت، وقد ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (5/292) ووثقه. وهو من شيوخ أبي داود، ومترجم في " التهذيب " وغيره. وقوله: " موثقون "؛ فيه إشارة إلى تليين توثيق بعضهم، وليس هو إلا الرازي. 2509 - (من أحب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6/169/10378) وابن بطة في " الإبانة " (2/117/1) ؛ والبيهقي في " السنن " (7/78) عن ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن جريج مدلس وقد عنعنه. الحديث: 2509 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 وعبيد بن سعد؛ لم أعرفه، ويحتمل أنه عبيد بن سعيد الذي روى عن مجاهد، وعنه معتمر بن سليمان، قال ابن أبي حاتم (2/2/408) عن أبيه: " لا أعرفه ". ثم قال البيهقي: " وروي ذلك عن أبي حرة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/2549) . قلت: الحسن - وهو البصري - مدلس، ومثله أبو حرة؛ واسمه واصل بن عبد الرحمن، قال الحافظ: " صدوق عابد، وكان يدلس عن الحسن ". ثم رأيت الحديث في " مجمع الزوائد " من الطريق الأولى؛ وقال (4/252) : " رواه أبو يعلى ورجاله ثقات إن كان عبيد بن سعد صحابيا، وإلا فهو مرسل ". ثم رأيته عند أبي يعلى (5/2748) : حدثنا أبو خيثمة: أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ في ترجمته من " الإصالة ": " وذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " مثل ما ترجم له البخاري سواء، ويغلب على الظن أنه تابعي، لأنه لم يصرح بسماعه ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 قلت: والحديث محفوظ بلفظ: " .... فمن رغب عن سنتي فليس مني ". أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس، وأخرجه البيهقي أيضا في " السنن "، وفي " الشعب " (2/123/2) وقال: " وروينا من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب فطرتي ... ". (تنبيه) : عزاه الحافظ السيوطي في " الجامع " للبيهقي عن أبي هريرة، وكان الأولى به أن يعزوه إليه عن عبيد بن سعد وحده؛ لأنه قد ساق إسناده إليه بخلاف حديث أبي هريرة فقد علقه عنه كما عرفت. 2510 - (شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار) . ضعيف رواه أبو يعلى في " مسنده " (3/1361 - مصورة المكتب) ، والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ص 109 - من زوائده) ، والعقيلي في " الضعفاء " (395) ، والخطيب في " التاريخ " (2/403) ، وابن عساكر (16/136/1) عن محمد بن الفرات: حدثنا محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. وقال العقيلي: " محمد بن الفرات؛ قال يحيى: ليس بشىء، وقال البخاري: منكر الحديث، رماه أحمد] بالكذب [". وقال أبو داود: " روى عن محارب أحاديث موضوعة منها عن ابن عمر في شاهد الزور ". وذكره البخاري في " التاريخ الصغير " (ص 195) وساق له هذا الحديث وعقبه بقوله السابق: " منكر الحديث ". ومن طريقه أخرجه الحاكم في " المستدرك " (4/98) وقال: الحديث: 2510 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وهذا من عجائبه؛ فإنه في " الميزان " ساقه فيما أنكر على ابن الفرات فأصاب، ثم كأنه نسي هذا فوافق الحاكم على تصحيحه! وكم له من مثل هذا الوهم رحمه الله. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (290/2) - وعنه البيهقي في " السنن " (10/122) - وقال: " لا أعلم يرويه غير محمد بن الفرات، والضعف بين على ما يرويه ". وضعفه البيهقي أيضا. قلت: قد أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/264) عن محمد بن خليد: حدثنا خلف بن خليفة: حدثنا مسعر عن محارب به؛ وقال: " تفرد به محمد بن خليد عن خلف ". قلت: وهما ضعيفان. وله طريق أخرى؛ أخرجها الخطيب (11/63) ، وابن عساكر (9/400/1) عن الحسن بن زياد اللؤلؤي: أخبرنا أبو حنيفة عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. والحسن هذا كذاب؛ كما قال ابن معين ويعقوب بن سفيان والعقيلي وغيرهم. وأبو حنيفة؛ ليس هناك في الحديث. ثم رواه ابن عساكر (15/336/2) في ترجمة محمد بن عصمة بن حمزة السعدي الخراساني من حديث ابن عمر أيضا، لكن سقط من النسخة سنده من السعدي إلى ابن عمر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 والحديث أشار الحافظ ابن عبد البر إلى تضعيفه في " التمهيد " (5/73) . 2511 - (شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم) . ضعيف رواه العقيلي في " الضعفاء " (3/356) عن برد بن سنان عن مكحول عن عطية بن بسر الهلالي عن عكاف بن وداعة الهلالي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عكاف! ألك امرأة؟ قال: لا، قال: فجارية؟ قال: لا، قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم، قال فأنت إذا من إخوان الشياطين، إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم، وإن كنت منا فإن من سنتنا النكاح، يا ابن وداعة ... " فذكر الحديث بطوله. وسأذكره بتمامه قريبا إن شاء الله تعالى، وأعله العقيلي بقوله: " عطية لا يتابع عليه ". وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6/171/10387) ، وعنه أحمد (5/163) ، وعنه ابن الجوزي في " الواهية " (2/118) من طريق محمد بن راشد عن مكحول عن رجل عن أبي ذر قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: عكاف بن بشر التميمي؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا عكاف! هل لك من زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: ولا جارية. قال: وأنت موسر بخير؟ قال: وأنا موسر بخير. قال: " أنت إذن من إخوان الشياطين، لو كنت في النصارى كنت من رهبانهم، إن سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبالشياطين تتمرسون؟! ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء؛ إلا المتزوجون، أولئك الحديث: 2511 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 المطهرون المبرؤون من الخنا. ويحك يا عكاف! إنهن صواحب أيوب ويوسف وكرسف ". فقال له بشر بن عطية (1) : ومن كرسف يا رسول الله؟ فقال: " رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام، يصوم النهار، ويقوم الليل، ثم إنه كفر بالله العظيم بسبب امرأة عشقها، وترك ما كان عليه من عبادة الله عز وجل، ثم استدرك الله ببعض ما كان منه فتاب عليه. ويحك يا عكاف! تزوج وإلا فأنت من المذبذبين ". قال: زوجني يا رسول الله! قال: " قد زوجتك كريمة بنت كلثوم الحميري ". قلت: وهذا متن منكر جدا، وإسناد ضعيف، محمد بن راشد - وهو المكحولي - قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". وشيخه الذي لم يسم لعله الذي في الرواية الأولى عطية بن بسر الهلالي، قال البخاري - في رواية العقيلي عنه -: " لم يقم حديثه ". ومن عجائب ابن حبان أنه أورده في كتابه " الثقات " (5/261) ؛ ومع ذلك قال فيه:   (1) هو المازني، أنظر ما يأتي بعد صفحة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 " روى عنه مكحول في (التزويج) ، متن منكر، وإسناد مقلوب "! قلت: فلا أدري كيف يكون ثقة من روى مثل هذا الحديث المنكر، ولم يذكر له هو ولا غيره من الأحاديث حتى يمكن أن يقال فيه - مثلا -: إنها مستقيمة، ومن أجلها وثقه، ولم يضره تفرده بهذا الحديث المنكر؛ كان يمكن أن يقال هذا، ولكن أين له مثل هذه الأحاديث؟! والحق أن هذا مثال من عشرات الأمثلة إن لم أقل: مئاتها التي تدل على تساهل ابن حبان في التوثيق، والنية متوجهة لتفصيل القول في ذلك في مقدمة كتابي الجديد الذي أنا في صدد تحضيره بعنوان " تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان " يسر الله لي إتمامه ثم نشره بمنه وكرمه. ثم إن الحديث قد روي من طريق أخرى عن عطية بن بسر المازني قال: " جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكاف! ألك زوجة؟ .... " الحديث بتمامه. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (4/1626) ، وبحشل في " تاريخ واسط " (ص 201) والطبراني في " المعجم الكبير " (18/85 - 86) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (2/134/1) من طريق بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازني .... وقال البيهقي عقبه: " لفظ حديث ابن عبدان؛ غير أنه قال: (عطية بن قيس) ، وإنما هو عطية بن بسر أخو عبد الله بن بسر ". قلت: يشير إلى أنه - كأخيه - صحابي، وهو ما صرح به جمع، منهم ابن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 حبان نفسه، فقد قال في " الثقات " (3/307) : " عطية بن بسر المازني، له صحبة ". لكن ذلك مما لا يعطي الحديث قوة، لأن السند إليه لا يصح؛ فيه علل: الأولى: عنعنة مكحول، فإنه معدود في المدلسين. الثانية: معاوية بن يحيى - وهو الصدفي - وهو ضعيف كما في " التقريب "، وقال الذهبي في " الكاشف ": " ضعفوه ". الثالثة: بقية بن الوليد؛ فإنه مدلس أيضا، وقد تابعه الوليد بن مسلم عنه. أخرجه العقيلي، ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهية " (2/118 - 120) . لكن الوليد مدلس أيضا تدليس التسوية، واقتصر ابن الجوزي على إعلال هذا الطريق بمعاوية بن يحيى؛ وقال: " قال ابن معين: ليس بشيء ". ونقل قول العقيلي المتقدم؛ ثم قال: " قالوا: لا يصح من هذا شيء ". ونحوه قال الحافظ في ترجمة عكاف من " الإصابة ": " والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطراب ". (تنبيه) : ذكر الحافظ: أن عبد الرزاق رواه عن محمد بن راشد عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن أبي ذر قال جاء عكاف بن بشر التميمي. وقال عقبه: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 " قلت: وقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا الإسناد. والله أعلم ". وأقول: هذا وهم؛ فإن غضيفا لم يسم في رواية عبد الرزاق. ولا في رواية أحمد عنه، ولا في رواية ابن الجوزي من طريقه؛ كما سبق في تخريجي إياه، ولذلك قال الهيثمي (4/250) : " رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات ". كذا قال! وقد عرفت أن فيه محمد بن راشد؛ وقول الحافظ ابن حجر فيه. وعزا رواية عطية بن بشر لأبي يعلى والطبراني؛ وقال: " وفيه معاوية بن يحيى الصدفي؛ وهو ضعيف ". هذا وقد رويت الجملة الأولى من حديث الترجمة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولكن إسناده ساقط بمرة، فرواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 115/1) ، والطبراني في " الأوسط " (1/162/1) ، وابن عدي (119/2) ، والواحدي في " الوسيط " (3/114/2) عن خالد بن إسماعيل المخزومي عن عبيد الله بن عمر عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من أجلي إلا يوم واحد إلا لقيت الله بزوجة؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره؛ وقال: " لم يروه عن عبيد الله إلا خالد ". قلت: وهو كذاب. قال ابن عدي: " كان يضع الحديث على الثقات ". وساق له الذهبي من أباطيله حديثين هذا أحدهما. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 والحديث قال الهيثمي (4/251) : " رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي؛ وهو متروك ". قلت: وزاد عليه كذاب آخر بإسناد ركبه عليه، وهو يوسف بن السفر، عن الوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به، وزاد: " ركعتان من متأهل خير من سبعين ركعة من غير متأهل ". أخرجه ابن عدي (7/163) في جملة أحاديث لابن السفر، وقال: " وهي موضوعة كلها ". وأقره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/258) ، ثم السيوطي في " اللآلي ". ومع ذلك أورده في " الجامع الصغير " خلافا لشرطه فيه! 2512 - (اغتنموا الدعاء عند الرقة؛ فإنها رحمة) . ضعيف رواه ابن شاهين في " الترغيب " (284/1) : حدثنا أحمد بن محمد بن شيبة: حدثنا الحسن بن سعيد البزار: حدثنا شبابة عن أبي غسان المدني محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم قال: قرأ أبي بن كعب عند النبي صلى الله عليه وسلم فرقوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، والحسن بن سعيد البزار والراوي عنه؛ لم أعرفهما، ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/41) ؛ وقال الحافظ في " مختصره ": " قلت: فيه انقطاع، وا ". كذا الأصل بياض. الحديث: 2512 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 ورواه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 58/1) عن يعقوب الروزمي قال: أخبرنا شبابة به. قلت: والروزمي هذا لم أعرفه. ثم طبع " مسند الشهاب "، فإذا الحديث فيه (1/402/696) ، من طريق محمد بن حامد بن السري: حدثنا يعقوب الدورقي. والدورقي هذا ثقة حافظ، لكن ابن السري هذا لم أعرفه. والله أعلم. 2513 - (اغتنموا دعوة المؤمن المبتلى) . موضوع رواه الديلمي (1/1/41) عن أبي الشيخ تعليقا عن الحسين بن الفرج: حدثنا معتمر بن سليمان: سمعت الفرات بن سلمان يحدث عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فإن الفرات بن سلمان لم يدرك أبا الدرداء. والحسين بن الفرج؛ قال ابن معين: " كذاب يسرق الحديث ". وقال أبو زرعة: " ذهب حديثه ". الحديث: 2513 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 2514 - (أفضل أمتي الذين يعملون بالرخص) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/125) من طريق ابن لال معلقا: حدثنا حامد بن عبد الله الحلواني: حدثنا أحمد بن القاسم الطائي: حدثنا الحديث: 2514 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 عبد الملك بن عبد ربه: حدثنا عطاء عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الملك بن عبد ربه؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " حديثه منكر ". ونحوه في " الميزان "؛ وزاد: " وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع ". وتعقبه الحافظ في " اللسان " بقوله: " ذكره ابن حبان في " الثقات "، والظاهر أنه غير الذي روى عن الوليد بن مسلم، فإن ابن حبان قال فيه: يروي عن شريك، وعنه السراج، وقد مضى كلام الإسماعيلي في عبد الملك بن زيد ". قلت: قال الحافظ فيه: " عبد الملك بن زيد الطائي، لا أعرفه؛ لكن ذكر ابن عبد البر في " التمهيد " في ترجمة عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم؛ أن عبد الملك بن زيد هذا روى عن عطاء بن يزيد مولى سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه حديث: " ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ". قال عطاء: ورأيت عمر يحفي شاربه. قال ابن عبد البر: هذا حديث كذب موضوع، وضعه عبد الملك هذا. والله أعلم. وقال الإسماعيلي في " مسند عمر بن الخطاب ": أخبرني أحمد ين محمد ين الجعد: حدثنا عبد الملك بن عبد ربه: حدثنا عطاء بن يزيد: حدثني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 سعيد - هو ابن المسيب - عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين قبري وأسطوانة التوبة روضة من رياض الجنة ". وأخرج أبو بكر بن لال في " مكارم الأخلاق " من طريق عبد الملك بن عبد ربه الطائي ... ". قلت: فذكر هذا الحديث، لكن وقع في إسناده سقط وتحريف. ويتلخص منه؛ أن عبد الملك هذا يقال فيه: ابن عبد ربه، وابن زيد الطائي، وأنه متهم بالوضع. والله أعلم. 2515 - (أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن) . ضعيف رواه القضاعي (104/2) عن إسحاق بن عبد الواحد قال: أخبرنا المعافى بن عمران عن عباد عن محمد بن جحادة عن النعمان بن بشير مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عباد هو ابن كثير، فإن كان الثقفي؛ فهو متروك، وإن كان الرملي؛ فضعيف. وإسحاق بن عبد الواحد واه، كما قال الذهبي، ولكن الظاهر أنه لم يتفرد به، فقد رواه البيهقي في " الشعب " من طريق الحاكم، وهذا في " التاريخ "، قال المناوي في " شرح الجامع الصغير ": " رمز المصنف لضعفه، وهو فيه تابع للحافظ العراقي حيث قال: سندهما ضعيف. انتهى. وسببه أن فيه العباس بن الفضيل الموصلي، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال ابن معين: [ليس بثقة] . ومسكين بن بكير؛ قال الذهبي: قال الحاكم: له مناكير كثيرة. وعباد بن كثير؛ فإن كان الثقفي، فقال الحديث: 2515 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 الذهبي: قال البخاري: تركوه. أو الرملي، فقال: ضعفوه، ومنهم من تركه ". والحديث رواه الحكيم الترمذي عن عبادة بن الصامت مرفوعا به. وزاد في آخره: " نظرا ". وإسناده ضعيف، أو أشد، لتفرد الحكيم به. ثم رأيت في مسودتي أن الحديث أخرجه الديلمي أيضا في " مسنده " (1/1/126) من طريق السلمي بسنده عن عباد بن كثير به. وحجية؛ هو ابن عدي. قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وقد روي الحديث من طريق أخرى بلفظ: 2516 - (أفضل العبادة قراءة القرآن) . ضعيف رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " (1/10/2) : حدثنا محمد بن خالد بن يزيد السلمي بالبصرة: حدثنا مهلب بن العلاء: حدثنا سعيد بن بيان: حدثنا أبو طالب عن أبي العالية عن أسير بن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون أبي العالية لم أعرف أحدا منهم، ومن رجال أبي داود محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده، وكانت له صحبة؛ وهو مجهول، لكن طبقته أعلى من طبقة راوي هذا الحديث، فلعل راويه من أحفاده. والحديث رواه الحسن بن سفيان، وأبو نصر السجزي في " الإبانة "، الحديث: 2516 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 والديلمي عن أنس كما في " الجامع الكبير " - القسم الثاني - (2/64/2 - 65/1 - المصورة) ، وقال المناوي: " ورواه أيضا أبو نعيم في " فضائل القرآن " عن النعمان بن بشير وأنس معا بلفظ: " أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن ". قال الحافظ العراقي: وإسنادهما ضعيف ". قلت: أخرجه الديلمي (1/1/126) من طريق عمرو بن كثير عن أبي العلاء عن أنس مرفوعا به. وأبو العلاء هذا لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي روى عن أبي أمامة؛ وهو شامي لا يعرف؛ كما قال الذهبي. وعمرو بن كثير؛ لعله القيسي الراوي عن أبي الزناد؛ مجهول. ثم وقفت على نسخة أخرى مصورة من " معجم ابن قانع " فيها (الليلي) مكان (السلمي) ، و (شعيب بن بيان) مكان (سعيد بن بيان) ، و (أبو ظلال) مكان (أبو طالب) . قلت: وبذلك انكشفت العلة، فأبو ظلال اسمه هلال بن أبي هلال؛ وهو ضعيف. وشعيب بن بيان نحوه، وفي " التقريب ": " صدوق يخطىء ". 2517 - (أفضل العيادة سرعة القيام) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في " المرض والكفارات " (165/1) - ومن الحديث: 2517 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 طريقه البيهقي في " الشعب " (6/542/9221) : حدثني أبو محمد العتكي قال: حدثنا عمر بن عبيد عن شيخ من البصرتين عن سعيد بن المسيب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله؛ فيه الشيخ البصري الذي لم يسم. وأبو محمد العتكي؛ لم أعرفه. وقد روي مسندا، أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/129) عن محمد بن يوسف الرقي: حدثنا ابن وهب عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جابر مرفوعا به بلفظ: " أفضل العيادة أجرا سرعة القيام من عند المريض ". لكن الرقي هذا كذاب؛ كما قال الخطيب، وقال الذهبي: " وضع على الطبراني حديثا باطلا في حشر العلماء بالمحابر ". 2518 - (أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم) . ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (301 - مخطوط) عن إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي قال: حدثنا أبي عن أبي سنان الشيباني عن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة عن ربيعة بن كعب مرفوعا. وقال: " حديثه غير محفوظ، لا يعرف إلا به، ولا يثبت في هذا المتن عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ". قلت: يعني عمرو بن بكر السكسكي؛ وهو واه؛ كما قال الذهبي قال: " قلت: أحاديثه شبه موضوعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 2518 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 " متروك ". وكذلك قال الذهبي في ابنه إبراهيم. ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/362) . 2519 - (أفلح من كان سكوته تفكرا، ونظره اعتبارا، أفلح من وجد في صحيفته استغفارا كثيرا) ضعيف رواه الديلمي (1/1/123) عن علي بن حكيم: حدثنا حبان بن علي عن حصين بن منصور عن أبي الخطيب عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: 1 - أبو الخصيب؛ اسمه زياد بن عبد الرحمن القيسي البصري، قال الذهبي: " لا يعرف، وذكره ابن حبان في (الثقات) ". 2 - حصين بن منصور؛ وهو ابن حيان الأسدي الكوفي، قال الحافظ عن الذهبي: " لا يدرى من هو ". 3 - حبان بن علي - وهو العنزي - ضعيف كما في " التقريب ". الحديث: 2519 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 2520 - (أفضل الناس موسر مزهد) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/126) عن الحسين بن محمد الفلاكي الحديث: 2520 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 الريحاني: حدثنا الحسين بن هارون: حدثنا علي بن عبد العزيز في كتاب أبي عبيد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير الحسين بن هارون؛ فلم أعرفه. وعلي بن عبد العزيز؛ ثقة حافظ، وتردد فيه المناوي؛ فقال: " فإن كان البغوي فثقة؛ لكنه كان يطلب على التحديث، أو الكاتب؛ فقال الخطيب: لم يكن في دينه بذاك ". قلت: بل هو الأول، فقد أورده الخطيب (12/403) في الرواة عن أبي عبيد القاسم بن سلام. والحسين بن محمد الفلاكي الريحاني؛ الظاهر أنه الذي في " التاريخ " (8/11) : " الحسين بن أحمد بن محمد أبو عبد الله الريحاني البصري، سكن بغداد وحدث بها عن .... " ثم ذكر أنه كان ثقة، توفي سنة (387) . وللحديث علة أخرى، فقد أورده أبو عبيد في " غريب الحديث " (40/1) معلقا بدون إسناد! وكتابه هذا " الغريب " هو الذي أشير إليه في إسناد الحديث بكلمة " كتاب أبي عبيد ". والله أعلم. 2521 - (افعلوا المعروف إلى من هو أهله، وإلى من ليس من أهله، فإن أصبتم أهله، وإن لم تصيبوا أهله؛ فأنتم أهله) . ضعيف أخرجه الشافعي في " سننه " (2/466 - ترتيبه) ، وأبو القاسم الحديث: 2521 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 الحسيني في " الأمالي " (ق 55/1) عن سعيد بن مسلمة الكلبي عن جعفر بن محمد عن أبيه مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله؛ لم نجد لسعيد بن مسلمة الكلبي ترجمة، وقد وصله عنه يحيى الحماني فقال: حدثنا سعيد بن مسلمة بن عبد الملك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... فذكره. أخرجه الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (115/1) . والحماني ضعيف. لكن تابعه هارون بن معروف قال: أخبرنا سعيد بن مسلمة به. أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (64/1) . وهارون هذا ثقة، فالعلة جهالة سعيد بن مسلمة. على أنه قد توبع مرسلا وموصولا؛ فرواه جهم بن عثمان عن جعفر بن محمد عن ابيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مرسلا. أخرجه أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرىء في جزء له (23/2) . وجهم هذا؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/522) عن أبيه: " مجهول ". ووصله موسى بن إبراهيم المروزي قال: أخبرنا موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي مرفوعا. أخرجه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر " (73/2) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 لكن المروزي هذا؛ متروك متهم بالكذب. وتابعه علي بن موسى الرضا عن أبيه به. أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (147/1) عن أحمد بن علي بن مهدي: حدثنا أبي [عن] علي بن موسى الرضا به. وأحمد هذا؛ اتهمه الدارقطني بوضع الحديث. وتابعه عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي: حدثني علي بن موسى الرضى عن آبائه به. أخرجه ابن النجار؛ كما في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 145 رقم 705 بترقيمي) . وعبد الله هذا؛ متهم أيضا. وتابعه محمد بن جهضم عن عبد الله بن مسلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (1/22) . وهذا إسناد جيد؛ فإن محمد بن جهضم ترجمه ابن أبي حاتم (2/3/223) وروى عن أبي زرعة أنه قال: " صدوق لا بأس به ". ومن فوقه ثقات معرفون، ولكنه مرسل أيضا؛ لأن جد جعفر هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل ولا جده علي بن أبي طالب. وجملة القول: أن الحديث ضعيف، وإن تعددت طرقه لشدة ضعف أكثرها، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 وخلو المرسل من شاهد موصول معتبر، وقد ذكر له السيوطي في " الجامع " شاهدا من رواية ابن عمر مرفوعا. أخرجه الخطيب في " رواة مالك "، ولكنه واه أيضا لا يعتضد به، فقد أخرجه الدارقطني أيضا في " الغرائب " من طريق عبد الرحمن بن بشير الأزدي عن أبيه بشير بن يزيد عن مالك عن نافع عنه. قال الذهبي: " إسناد مظلم، وخبر باطل، أطلق الدارقطني على رواته الضعف والجهالة ". وأقره الحافظ في " اللسان "، ثم المناوي في " الفيض ". ومن عجائبه أنه لم يتكلم على حديث علي بشيء مع كثرة طرقه كما رأيت، وعزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار وحده عنه، مع أنه أورده في " الذيل "! وفاتته الطرق الأخرى! وأخرجه الرافعي أيضا في " تاريخ قزوين " (1/203 - 204) من طريق عبد الرحمن عن أبيه عن مالك به. 2522 - (اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة) . ضعيف جدا رواه الطبراني (3/124/1) ، وفي " الأوسط " (1/130/1) عن عمر بن قيس عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ عمر هذا هو المعروف بسندل؛ قال أحمد: " متروك، ليس يسوى حديثه شيئا، لم يكن حديثه بصحيح، حديثه بواطيل ". وقال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ". الحديث: 2522 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 2523 - (اقرؤوا القرآن بحزن فإنه نزل بالحزن) . ضعيف جدا رواه الخلال في " الأمر بالمعروف " (20/2) : أخبرنا عثمان بن صالح الأنطاكي قال: حدثني إسماعيل بن سيف بن عطاء الرياحي قال: حدثنا عون بن عمرو - أخو رياح القيسي أبو عمرو وكان ثقة عمشتا عيناه من كثر البكاء - قال: حدثني سعيد بن إياس عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا. ورواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (124/1) : أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي: أخبرنا إسماعيل بن سيف بن عطاء الرياحي: أخبرنا عوين بن عمرو القيسي به. قال جعفر: ويقال: إن عوينا كان قد عمشتا عيناه من البكاء، سألت أبا داود عن رياح القيسي وعوين بن عمرو؟ قال: كان رياح يتهم بالقدر، وكان عوين صاحب سنة ". قلت: ولكنه ضعيف جدا. قال ابن معين: " لا شيء ". وقال البخاري: " منكر الحديث مجهول ". ويقال فيه: عون أيضا كما في رواية الخلال. وإسماعيل بن سيف هذا؛ قال الذهبي: " بصري يروي عنه عبدان الأهوازي، وقال: كانوا يضعفونه. وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث، روى عن الثقات أحاديث غير محفوظة ". الحديث: 2523 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 قلت: ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الأوسط " (163/1/3048) ، وأبو نعيم في " الحلية " (6/196) ، والآجري في " أخلاق حملة القرآن " (78/86) ، وأبو الحسين محمد بن الحسن الأصفهاني في " جزء منتقى من الجزء الثاني من الفوائد " (1/2) ، وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " و " الكبير " لأبي يعلى، وسبقه إلى ذلك الحافظ في " المطالب العالية " (3/288/3498) ، والظاهر أنه في " مسنده الكبير "، فإنه ليس في " مسنده " المطبوع، وليس فيه عن بريدة إلا حديث واحد (3/6 - 8) ، ولذلك لم يعزه الهيثمي إليه في " مجمع الزوائد " (7/169 - 170) ، فقال: " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه إسماعيل بن سيف وهو ضعيف ". وهذا إعلال قاصر، فمن فوقه أسوأ حالا منه، أعني (عونا) ، وذكر نحوه المناوي في " الفيض "، وعقب عليه بقوله: " وكان ينبغي على المصنف الإكثار من مخرجيه إشارة إلى جبر ضعفه، فممن خرجه العقيلي في " الضعفاء "، وابن مردويه في " تفسيره "، وغيرهم ". قلت: وهذا تعقيب غريب؛ لأن الإكثار من مخرجي الحديث مما لا يجبر ضعفه؛ إذا كان السند عندهم واحدا كما هنا، فإن العقيلي أخرجه (3/422) من طريق إسماعيل هذا. وعنه أبو يعلى أيضا كما في " الميزان ". نعم في القراءة بحزن غير هذه الطريق بلفظ آخر يأتي (6511) ، إن شاء الله تعالى. 2524 - (اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه) . ضعيف رواه الديلمي في " مسنده " (1/1/54) من طريق الطبراني عن الحديث: 2524 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. قال الحافظ في " مختصر المسند ": " قلت: عبيد الله ضعيف ". كذا قال في النسختين (عبيد الله) ، والذي في السند (عبد العزيز بن عبيد الله) ، فلعله أراد أن يقول: (ابن عبيد الله) فسقط من قلمه لفظة (ابن) . وهو كما قال: " ضعيف "، وبه جزم في " التقريب " وزاد: " ولم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش ". قلت: وهو حمصي، فإعلال المناوي إياه بأن فيه إسماعيل بن عياش أيضا ليس بشيء، لأن إسماعيل ثقة في روايته عن الشاميين؛ كما قرره الأئمة كالبخاري وغيره. وشهر بن حوشب؛ ضعيف أيضا. وبه أعله المنذري في " الترغيب " (1/77/12) ، وتبعه الهيثمي، وقلدهما المعلقون الثلاثة على طبعتهم المنمقة لـ " الترغيب "، وهي مغتصة بالجهالات التي لا يمكن حصرها إلا في كتاب! من مثل تصحيح الأحاديث الضعيفة، وتضعيف الأحاديث الصحيحة، وقد كشفت عن كثير من جهالاتهم في تعليقي على " صحيح الترغيب "، وسيصدر قريبا إن شاء الله في ثلاثة مجلدات. ورواه محمد بن كثير الكوفي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير يرفعه فذكره. أخرجه الخطيب في " تاريخه " (3/192) من طريق ابن الجنيد قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 " قلت: ليحيى بن معين: محمد بن كثير كوفي؟ قال: ما كان به بأس، قدم فنزل ثم عند نهر (كرخايا) . قلت: إنه روى أحاديث منكرات؟! قال: ما هي؟ قلت: عن إسماعيل بن أبي خالد ... " [قلت: فذكر حديثين هذا أحدهما] ، فقال: من روى هذا عنه؟ فقلت: رجل من أصحابنا، فقال: عسى هذا سمعه من السندي ابن شاهك، وإن كان الشيخ روى هذا فهو كذاب، وإلا فإني قد رأيت حديث الشيخ مستقيما ". ومحمد بن كثير هذا؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". وللحديث شاهد مرسل، أخرجه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 24/1) : حدثنا أحمد بن عثمان عن ابن المبارك عن يحيى أو عيسى بن عبد الرحمن عن محمد بن أبي لبيبة قال: حدثني نافع أبو سهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. قلت: وابن أبي لبيبة هذا هو ابن عبد الرحمن بن أبي لبيبة وهو ضعيف كثير الإرسال. ثم رواه عن الحسن بن علي موقوفا عليه من قوله. 2525 - (إذا رأى أحدكم بأخيه بلاء؛ فليحمد الله عز وجل ولا يسمعه ذلك) . ضعيف. رواه أبو جعفر الرزاز البحتري في " الأمالي " (64/2) ، ومن طريقه أبو الحسن البزار بن مخلد (64/2) ، وابن النجار (10/215/2) عن يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله مرفوعا. الحديث: 2525 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 قلت: وهذا إسناد ضعيف، يوسف بن محمد هذا؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو زرعة: صالح الحديث ". وقال الحافظ: " ضعيف ". وعزاه السيوطي لابن النجار عن جابر. ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! وروي الحديث بلفظ آخر وسيأتي تخريجه برقم (6889) . وقد صح التحميد لمن رآى مبتلى بلفظ آخر، مخرج في " الصحيحة " (602 و 2437) . 2526 - (إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة؛ فاعلم أنه لص) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/57) عن عبد الواحد بن عمر بن أحمد النهرواني: حدثنا أحمد بن محمد بن تمام: أخبرنا فضيل بن عياض عن صـ عن الزهري عن سالم عن أبي هريرة مرفوعا. بيض له الحافظ. ومن دون فضيل بن عياض لم أجد من ترجمهما؛ وشيخه ساقط من الأصل، ففي مكانه بياض، وأما المناوي فقال: " إسناده جيد "! الحديث: 2526 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 2527 - (إذا رأيتم أمرا لا تستطيعون تغييره؛ فاصبروا حتى يكون الله الذي يغيره) . الحديث: 2527 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 ضعيف جدا رواه ابن عدي (260/2) ، وعنه البيهقي في " الشعب " (7/149/9802) عن عفير بن معدان: حدثني سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا، وقال ابن عدي: " عفير بن معدان عامة رواياته غير محفوظة ". وهو ضعيف جدا، كما تقدم مرارا. ومن طريقه أخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " (46/1) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (8/192/7685) . 2528 - (إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك، وإذا رأيت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته عسر عليك؛ فاعلم أنك على حال حسنة، وإذا رأيت كلما طلبت شيئا من الآخرة وابتغيته عسر عليك، وإذا طلبت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته يسر لك؛ فأنت على حال قبيحة) . ضعيف رواه ابن المبارك في " الزهد " (161/1 - من الكواكب 575) : حدثنا ابن لهيعة عن سعيد بن أبي سعيد: أن رجلا قال: يا رسول الله! كيف لي أن أعلم كيف أنا؟ قال: .... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، ولكنه مرسل. وقد وصله البيهقي في " الشعب " كما في " الجامع " عن عمر بن الخطاب. وتعقبه المناوي بقوله: " ظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره، ولا كذلك، بل تعقبه بما نصه: هكذا جاء منقطعا. أهـ. فحذف ذلك من كلامه، غير صواب، ورمزه لحسنه غير الحديث: 2528 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 حسن، إلا أن يريد أنه لغيره ". ونعيم بن حماد ضعيف. قلت: لم نجد له ما يقويه، والذي أسنده عن عمر (نعيم بن حماد) عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: أن عمر بن الخطاب قال: فذكره مرفوعا. والانقطاع الذي أشار إليه البيهقي هو بين ابن يزيد وعمر. 2529 - (إذا ركبتم هذه الدواب فأعطوها حظها من المنازل، ولا تكونوا عليها شياطين) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/58) عن خارجة بن مصعب عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، خارجة هذا قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". والحديث عزاه في " الجامع " للدارقطني في " الأفراد "، فتعقبه شارحه المناوي بقوله: " ظاهر صنيع المؤلف أن مخرجه الدارقطني خرجه وأقره، ولا كذلك، بل تعقبه بأن خارجة بن مصعب أحد رواته ضعيف. وقال الذهبي: واه ". الحديث: 2529 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 2530 - (إذا ركب أحدكم الدابة فليحملها على ملاذها) . ضعيف رواه الخطابي في " غريب الحديث " (130/2) : حدثنيه بعض أصحابنا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن عدي: أخبرنا جعفر بن محمد بن نوح الأذني: أخبرنا محمد بن عيسى: أخبرنا شعيب بن مبشر: أخبرنا معقل بن عبيد الله عن نافع عن ابن الحديث: 2530 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 عمر عن عمرو بن العاص مرفوعا. وقال الخطابي: " قوله: (فليحملها على ملاذها) أي: ليحملها من الطريق على الجد وردمات الطرق التي تستلذ بها الدواب، ولا يحملها الوعوثة والحزونة التي يشتد عليها السير فيها فلا تستلذه ". قلت: وإسناده ضعيف، علته شعيب بن مبشر هذا؛ ذكره ابن حبان في " الضعفاء " وقال: " ينفرد عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ". ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء "، ومن عجائبه أنه لما ذكره في " الميزان " قال: " حسن الحديث، ذكره ابن حبان في (الضعفاء) ". والحديث رواه الدارقطني في " الأفراد " كما في " الجامع " بزيادة: " فإن الله تعالي يحمل على القوي والضعيف ". وقال شارحه المناوي: " بإسناد ضعيف ". 2531 - (إذا رعف أحدكم في صلاته؛ فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه وليستقبل صلاته) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (154/2) والطبراني في " المعجم الكبير " (11/165/11374) ، والدارقطني في " السنن " (ص 55) عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن ابن عباس مرفوعا به، إلا أن الدارقطني قال: " عن عطاء " مكان " عن الحسن "؛ وقال: الحديث: 2531 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 " سليمان بن أرقم متروك ". 2532 - (أربع خصال من خصال آل قارون: لباس الخفاف المقلوبة، ولباس الأرجوان، وجر نعال السيوف، وكان الرجل لا ينظر إلى وجه خادمه تكبرا) . موضوع رواه الديلمي (1/1/166) عن علي بن عروة عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته علي بن عروة وهو الدمشقي؛ قال ابن حبان: " يضع الحديث "، وكذبه صالح جزرة وغيره. والحديث أورده الذهبي في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن القرشي عن علي بن عروة به. والقرشي كذاب أيضا. الحديث: 2532 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 2533 - (أربع دعوات لا ترد: دعوة الحاج حتى يرجع، ودعوة الغازي حتى يصدر، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب، وأسرع هؤلاء الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب) . رواه الديلمي (1/1/167) من طريق عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن جده عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الرحيم هذا؛ وهو العمي. قال البخاري: " تركوه ". وقال يحيى: " كذاب ". الحديث: 2533 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 وجملة الدعاء لأخيه بظهر الغيب، ثابتة في غير ما حديث صحيح، فانظر " الصحيحة " (1339) . 2534 - (الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب فيها مالا من حله وأنفقه في حقه؛ أثابه الله عليه وأورده جنته، ومن اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حقه؛ أحله الله دار الهوان. ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة، يقول الله: (كلما خبت زدناهم سعيرا)) . ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/141/1 - مخطوط) من طريق بشر بن آدم: حدثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن المتوكل ضعيف، وبشر بن آدم صدوق فيه لين كما في " التقريب ". لكن الجملة الأولى وجملة التخوض ثابتة في أحاديث أخرى؛ خرجت بعضها في الكتاب الآخر برقم (1592) . الحديث: 2534 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 2535 - (الخبث سبعون جزءا؛ فجزء في الجن والإنس، وتسع وستون في البربر) . ضعيف أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة والتاريخ " (2/489) ، والطبراني في " الأوسط " (2/249/8835 - بترقيمي) ، وابن قانع في " معجم الصحابة " من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح: حدثني الليث عن الحديث: 2535 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 يزيد بن أبي حبيب عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عثمان بن عفان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين يزيد بن أبي حبيب وأبي قيس؛ فإن هذا مع كونه تابعيا فهو قديم الوفاة؛ مات سنة (54) ، وكانت ولادة يزيد سنة (53) ! والأخرى: ضعف أبي صالح؛ وهو كاتب الليث، ومن ضعفه أنه اضطراب في إسناده، ففي رواية للطبراني من الطريق المذكورة عن الليث [عن يزيد بن أبي حبيب] : حدثنا أبو هانىء حميد بن هانىء عن عبد الله بن يعمر الكلاعي عن أبي بكر بن قيس عن أبيه عن عثمان بن عفان به بلفظ: " قسم الله الخبث على سبعين جزءا ... " والباقي نحوه. وقال الطبراني: " لا يروى عن عثمان إلا بهذا الإسناد، تفرد به يزيد بن أبي حبيب عن أبي هانىء حميد بن هانىء ". قلت: كلاهما ثقة، لكن النظر فيمن فوقهما والذي دونهما أعني به كاتب الليث، وأما شيخ أبي هانىء (عبد الله بن يعمر الكلاعي) ؛ فلم أجد له ترجمة. وأما أبو بكر بن قيس؛ ففي كنى " اللسان ": " أبو بكر بن قيس بن محمد بن قيس أو ابن أبي قيس ". ولم يزد! فكأنه كتبه في مسودته ليلحق بها ما قد يقف عليه مما قيل فيه، ثم لم يعثر على شيء! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 وبالجملة؛ فالإسناد ضعيف، لضعف كاتب الليث، وقد اضطرب في إسناده، وجاء في الرواية الأخرى برجال لا يعرفون، فلا أدري بعد ذلك وجه قول الهيثمي في " المجمع " (4/234) - بعد أن ساق الحديث بلفظيه من رواية الطبراني -: " وفي إسناد الأول عبد الله بن صالح كاتب الليث؛ وقد ضعفه جماعة ووثقه آخرون، وبقية رجاله ثقات، وفيه أيضا ابن شعيب؛ قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا سوى حديث (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه) ". قلت: وفيما قاله نظر من وجوه: الأول: أنه غاير بين إسناد اللفظ الأول، واللفظ الآخر، فأوهم أن كاتب الليث ليس في إسناد اللفظ الآخر، وليس كذلك كما نقلناه لك من " المعجم الأوسط " مباشرة، وكذلك نقله الهيثمي نفسه في " مجمع البحرين " (1/155/1 - مخطوطة الظاهرية) . الثاني: أنه سكت عن الانقطاع الذي بيناه في الرواية الأولى. الثالث: أنه سكت عن حال إسناد الرواية الأخرى وما فيه من الجهالة. الرابع: أن ابن شعيب قد تابعه على اللفظ الأول الحافظ الفسوي، فالعلة فيه ابن صالح والانقطاع. ثم إن في قول الطبراني المتقدم: " تفرد به يزيد بن أبي حبيب عن أبي هانىء ". ما يقتضي أن يكون يزيد مذكورا في إسناد اللفظ الآخر، ولم يقع في نسختنا من " الأوسط "، لكنه ذكر فيه؛ فيما نقله الهيثمي في " مجمع البحرين "، ولذلك وضعتها في السند بين المعكوفتين، فالله أعلم، فإنهم لم يذكروا في الرواة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 عن أبي هانىء يزيد هذا، وإنما الليث بن سعد، فهذا يقتضي أن يكون الحديث من روايته عن أبي هانىء مباشرة؛ إن كان كاتبه حفظ ذلك عنه. وروي الحديث من طريق وهب الله بن راشد المعافري: حدثنا حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعا به. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (17/299/824) : حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: حدثنا وهب بن راشد المعافري. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مشرح بن هاعان مختلف فيه، فقد وثقه جماعة من المتقدمين، وقال ابن حبان في " الضعفاء ": " يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها، والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات، والاعتبار بما وافق الثقات ". ولخص ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وقد تابعه أبو قيس في الطريق الأولى، ولولا ما فيها من الانقطاع والضعف لرأيت أن الحديث يصير حسنا. والله أعلم. ومع ذلك فإن في هذه الطريق وهب الله بن راشد؛ وهو متكلم فيه، فقال أبو حاتم: " محله الصدق ". وقال ابن حبان في " الثقات ": الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 " يخطىء ". وقال ابن يونس: " لم يكن النسائي يرضى وهب بن راشد ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " غمزه سعيد بن أبي مريم ". وإسماعيل بن الحسن الخفاف؛ لم أجد له ترجمة. وقال الهيثمي في " المجمع " (4/235) : " رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الحكم؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف ". وقوله: " عبد الله بن عبد الرحمن ... " خطأ وقع في نسخته من " الطبراني "، أو انقلب عليه، ولذلك جاء في هامش " المجمع ": " في هامش الأصل صوابه: عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم ". كذا وقع فيه: (ابن الحكم) والصواب (ابن عبد الحكم) كما تقدم. ولما صحح صاحبنا حمدي السلفي هذا الخطأ من كلام الهيثمي وقع هو في خطأ، حيث أوهم القراء أن الهيثمي لم يعرف عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم! ولولا أنه انقلب عليه لعرفه؛ لأنه من رجال " التهذيب " الموثقين فيه. وهو مؤلف كتاب " فتوح مصر وأخبارها "، وقد أخرج الحديث فيه (287) بإسناده المذكور. (تنبيه) : سقط من مطبوعة " المعرفة " لفظ (الجن) من الحديث، ووقع فيه لفظ (البربر) : (البر) ! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 2536 - (الدنيا سجن المؤمن وسنته، فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة) . ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد " (183/2 - من الكواكب 575) ، وابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (22/1) ، والحاكم (4/315) ، وأحمد (2/197) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/177) عن عبد الله بن جنادة المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي: حدثه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وهكذا رواه البغوي في " شرح السنة " (4/196/2) ، وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (247/1) . قلت: وهذا سند ضعيف، عبد الله بن جنادة؛ أورده ابن أبي حاتم (2/2/25) فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2/151) على قاعدته! وسكت عليه الحاكم والذهبي! الحديث: 2536 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 2537 - (الدنيا سجن المؤمن، والقبر حصنه، والجنة مصيره، والدنيا جنة الكافر، والقبر سجنه، وإلى النار مصيره) . ضعيف رواه البيهقي في " الزهد " (51/2 - 52/2) عن عبد الله بن كثير بن جعفر: حدثني أبي عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن كثير هذا قال الذهبي: " لا يدرى من ذا ". قلت: وكذلك أبوه كثير بن جعفر. الحديث: 2537 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 2538 - (كان يلبس قلنسوة بيضاء) . ضعيف رواه العقيلي في " الضعفاء " (200) ، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "، والبيهقي في " الشعب " (2/238/1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/192 - الفكر) عن عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي عن ابن عمر مرفوعا. وقال العقيلي: " عبد الله بن خراش؛ قال البخاري: " منكر الحديث "، ولا يتابعه على هذا الحديث إلا من هو دونه أو مثله ". وأما البيهقي فقال: " تفرد به ابن خراش هذا، وهو ضعيف ". ومن طريقه رواه الطبراني كما في " المجمع " (5/121) . ورواه ابن عساكر (4/193) من حديث عائشة مرفوعا به وزاد: " لاطئة ". وفيه عاصم بن سليمان الكرزي - الأصل اللوزي - قال الذهبي في " المغني ": " كذبه غير واحد ". لكني وجدتها في حديث آخر يرويه يحيى بن حميد بإيذج: أخبرنا عثمان بن عبد الله القرشي: أخبرنا بقية عن الأوزاعي عن حريز بن عثمان قال: " لقيت عبد الله بن بسر فقلت: أخبرني! قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وله قلنسوة طويلة، وقلنسوة لها أذنان، وقلنسوة لاطئة ". أخرجه أبو الشيخ في " اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (125 - 126) . قلت: وهذا سند ضعيف؛ بقية مدلس، ومن دونه لم أعرفهما. الحديث: 2538 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 ثم روى عن سلم بن سالم عن العرزمي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا: " كان له ثلاث قلانس: قلنسوة بيضاء مضرية، وقلنسوة برد حبرة، وقلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر، وربما وضعها بين يديه إذا صلى ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، العزومي اسمه محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان؛ وهو متروك كما في " التقريب "، وسلم بن سالم ضعيف. وعزاه السيوطي للروياني وابن عساكر عن ابن عباس بأتم منه. (تنبيه) : لقد اقتطع الشيخ عبد الله الغماري في رسالته " إزالة الالتباس " من رواية العرزمي المتقدمة الجملتين الأخيرتين منه، وجعلهما حديثا مستقلا بلفظ: عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر، وربما وضعها بين يديه إذا صلى ". وقال عقبه: " رواه الطبراني وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب ". قلت: وهذا خلط غريب، لكن صدوره من الغماري ليس بعجيب، فإن ذلك من عادته في كثير من كتيباته، حتى ما كان منها لا يتجاوز عدد أوراقها الأربعين ومن القياس الصغير جدا كرسالته هذه، فلينظر القارىء الكريم معي الآن ما في هذا التخريج - على إيجازه - من اللخطبة إن لم نقل الكذب المتعمد؛ لحاجة في نفسه! أولا: ليس في حديث ابن عمر زيادة وضع القلنسوة بين يديه صلى الله عليه وسلم كما رأيت في تخريجي إياه، وإنما هي في حديث ابن عباس. ثانيا: ليست الزيادة المذكورة عند الطبراني والبيهقي كما زعم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 ثالثا: أن إسنادهما عند أبي الشيخ ضعيف جدا لتفرد العرزمي بها، ومن أجل ذلك أراد الغماري بتخريجه المذكور؛ أن حديث ابن عمر يشهد لحديث ابن عباس الذي ساقه عقب حديث ابن عمر وقال عقبهما: " فظاهر هذين الحديثين أنه كان يعري رأسه أحيانا في الصلاة، وهما وإن كانا ضعيفين فالأصل يؤيدهما "!!. قلت: فقد تبين أنه ليس هناك إلا حديث واحد، وأن إسناده واه جدا، دلس الغماري على القراء فجعلهما حديثين كتمهيد لتقوية أحدهما بالآخر إذا لم يستفد شيئا من قوله: " ... فالأصل يؤيدهما "! ولا فائدة له منه، بل هو من تهاويله وأضاليله، فإنه يعني أن الأصل في الأشياء الإباحة، وهي قاعدة أصولية معروفة، لكن الغماري يعمي على القراء، لأن هذا الأصل غاية ما يفيد جواز الصلاة حاسر الرأس، ولم يكن البحث بينه وبين المتعلمين الذين أشار إليهم في المقدمة الجواز أو عدمه، وإنما فيما هو الأفضل اللائق بالمصلي، فحاد عن ذلك، وأخذ يجادل بالباطل، كقوله: " إن المسألة تختلف باختلاف العادات والتقاليد، فمن البلاد من يكون من عادة أهلها تعرية رأسها حين مقابلة العظماء "! فأقول: نعم، ولكن عادة من هذه يا ... آلمسلمين أم النصارى الذين نقلوا هذه العادة إلى بعض البلاد الإسلامية فتأثر بها من تأثر من المسلمين، والذين لا يزالون إذا دخلوا كنيسة حسروا عن رؤوسهم؟! فبدل أن تحذر المسلمين من تقليدهم في ذلك أقررتهم عليه وألزمت الشافعية منهم بأنه يسن في حقهم تعرية الرأس في الصلاة!؟ فهلا قلت لهم في الحسر كما قلت في التمثيل: " إنه لا يعرف إلا عن طريق الأوربيين، وهم الذين أظهروه في الشرق ... الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 ونهينا عن التشبه بهم في كل ما لا نفع فيه "؟! ونحو ما تقدم قياسه المصلي غير المحرم على المحرم، وهذا مما لا يخفي بطلانه عليه هو نفسه فضلا عن غيره، ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: " أخوف ما أخاف على أمتي .... ". وإن مما يؤكد لك أن مجادلته بالباطل أنه يقرر في كثير من رسائله أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال ويثبت به الاستحباب عنده، وقد ذكر في رسالته: " الإزالة " (ص 21) أحاديث ستة في فضل الصلاة في العمامة، وضعفها جدا إلا الحديث الأول منها، وهو عن جابر مرفوعا بلفظ: " ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة ". ونقل عن السخاوي أنه قال فيه: " لا يثبت "، وعن المناوي: " حديث غريب "، وقال عقبه مقلدا لهما: " قلت: وهذا الحديث مع ضعفه أقوى ما ورد في هذا الباب ". قلت: فإذا كان الأمر كذلك عندك، فمعناه أنه ليس شديد الضعف عندك، وحينئذ يلزمك أن تثبت به استحباب ستر الرأس بناء على مذهبك في استحباب العمل بالحديث الضعيف! فلماذا تركت مذهبك وقاعدتك في هذه، وسودت صفحات لترد بها على أولئك النفر المتعلمين، أليس موقفك من باب اللعب على الحبلين، أو الوزن بكيلين، وكما قال رب العالمين: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون. وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين) ؟! أقول هذا مخاطبا لك بما اعتقدت من ضعف الحديث، وإلا فهو عندي كالأحاديث الأخرى - موضوع، كما حققته في " الضعيفة " (5699) ، ويغنينا عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له ". وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (645) ، فإن ستر الرأس من الزينة عند المسلمين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 الذين لم يتأثروا بعادات الكافرين كما تقدم. والله سبحانه وتعالى أعلم. 2539 - (إذا جلس القاضي في مكانه، هبط عليه ملكان يسددانه ويوقفانه ويرشدانه ما لم يجر، فإذا جار عرجا وتركاه) . موضوع أخرجه البيهقي في " السنن " (10/88) ، والخطيب في " التاريخ " (8/176 و 14/120) من طريق العلاء بن عمرو الحنفي: حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الحنفي هذا فإنه كذاب، وقد حدث بأحاديث موضوعة، تقدم بعضها؛ منها " أحبوا العرب لثلاث .... " (رقم 160) . والأشعري هو يحيى بن بريد بالباء، ووقع في " السنن " يزيد؛ بالياء المثناة من تحت؛ وهو تصحيف كما قال الذهبي، وهو ضعيف باتفاقهم، وروى الخطيب عن صالح جزرة أنه قال فيه: " يروي عن جده أحاديث مناكر، وحديث " إذا جلس القاضي " ليس له أصل، ابن جريج لا يحتمل هذا ". وقال الذهبي: " هذا منكر ". قلت: وهو من الأحاديث الكثيرة الباطلة التي تحتج بها الفئة القاديانية الضالة على بعض ما يذهبون إليه مما خلفوا فيه الكتاب والسنة وإجماع المة؛ ألا وهو قولهم ببقاء النبوة والوحي، ونزول الملائكة به بعد خاتم النبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ومع الحديث: 2539 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 أن الحديث ليس صريحا في ذلك، فهم يجادلون به، مع علمهم أنه من رواية هذا الكذاب، لأن علم الحديث وقواعده مما لا يلتفتون إليه، شأن أهل الأهواء جميعا، فكل حديث وافق مذهبهم وأهواءهم فهو صحيح عندهم، ولو كان راويه مسيلمة الكذاب! 2540 - (يا بريدة! إذا جلست في صلاتك فلا تتركن التشهد والصلاة علي، فإنها زكاة الصلاة، وسلم على جميع أنبياء الله ورسله وسلم على عباد الله الصالحين) . ضعيف جدا أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 136) من طريق عمرو بن شمر عن جابر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " عمرو بن شمر وجابر ضعيفان ". قلت: بل عمرو بن شمر متروك كما في " الضعفاء " للذهبي. وجابر هو ابن يزيد الجعفي، مختلف فيه، والراجح أنه متروك أيضا. ثم وجدت لعمرو متابعا، فقال البزار (1/255/527) : حدثنا عباد بن أحمد العرزمي: حدثني عمي عن أبيه عن جابر الجعفي به أتم منه؛ فيه ذكر دعاء الاستفتاح وقراءة ما تيسر والتسبيح في الركوع والسجود والذكر بينهما مع زيادات منكرة. وقال: " لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن بريدة ". قلت: وهو شديد الضعف، فعباد بن أحمد العرزمي متروك كما تقدم بيانه الحديث: 2540 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 تحت الحديث (316) . وعمه هو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي؛ وهو ضعيف كما تقدم هناك. وأبوه محمد بن عبيد الله العرزمي متروك أيضا. فهو إسناد ظلمات بعضها فوق بعض. فمن الغرائب أن الهيثمي لم يعله إلا بعباد وجابر؛ مقتصرا على تضعيفهما، فكأنه لم يعرف عم عباد، ولا أبا عمه! وقلده على ذلك الشيخ الأعظمي في تعليقه على " الكشف "، فكم كان بعيدا عن الصواب الطابع الذي طبع الكتاب تحت عنوان: " تحقيق ... " مكان " تعليق " فإنه ليس فيه من التحقيق شيء يذكر، وإنما هو محض التقليد!. 2541 - (إذا جلستم فاخلعوا نعالكم - أحسبه قال:- تسترح أقدامكم) . ضعيف جدا أخرجه البزار في " مسنده " (ص 171 - زوائده) من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال: " لا نعلم رواه إلا أنس، وموسى ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا، اورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال الدارقطني: متروك ". وقال البخاري والنسائي وأبو أحمد الحاكم: " منكر الحديث ". وضعفه آخرون. الحديث: 2541 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 2542 - (إذا جهل على أحدكم وهو صائم فليقل: أعوذ بالله منك إني صائم) . ضعيف جدا أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (426) عن موسى بن محمد المديني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا لما عرفت من شدة ضعف موسى بن محمد المديني في الحديث السابق. الحديث: 2542 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 2543 - (إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى رميضا) . ضعيف أورده في " الإحياء " (3/139) وقال مخرجه العراقي: " رواه ابن المبارك في " الزهد والرقائق " من رواية يحيى بن جابر مرسلا ". قلت: فهو ضعيف لإرساله، بل هو معضل لأن يحيى بن جابر لم ينقل أنه لقي أحدا من الصحابة فهو تابعي التابعين. ثم إن الحديث ليس من رواية المروزي عن ابن المبارك؛ كما يوهم ذلك إطلاق العزو إليه، وإنما هو من زوائد نعيم بن حماد عليه (13/52) . ونعيم معروف بالضعف. فهذه علة أخرى. (تنبيه) : رميضا. هو بالراء ووقع في " الإحياء " والتخريج (وميضا) بالواو وهو تحريف، قال في " النهاية ": " الرميض الحديد الماضي فعيل بمعنى مفعول من رمض السكين يرمضه: إذا دقه بين حجرين ليرق ". الحديث: 2543 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 2544 - (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/211/1) : حدثنا سليمان بن الحسن العطار قال: حدثنا أبو كامل الجحدري قال: حدثنا الفضيل بن سليمان قال: حدثنا محمد بن أبي يحيى قال: " رأيت عبد الله بن الزبير - ورأى رجلا رافعا يديه قبل أن يفرغ من صلاته، فلما فرغ منها قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن .... ". أورده في ترجمة محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن ابن الزبير. وقال الهيثمي (10/169) بعد أن ساقه من رواية الطبراني: " ورجاله ثقات "! قلت: وفيه نظر من وجهين: الأول: أن فضيل بن سليمان - وهو النميري - وإن كان أخرج له الشيخان، فقد ضعفه الجمهور، ولم يطلق التوثيق عليه غير ابن حبان. بل وقال فيه ابن معين: " ليس بثقة "! ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق له خطأ كثير ". وقال الذهبي في " المغني ": " فيه لين ". الحديث: 2544 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 وقد حاول بعض المتأخرين أن يشد من عضد هذا الحديث بما رواه علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه بعد ما سلم وهو مستقبل القبلة فقال: " اللهم خلص الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين؛ الذين لا يستطيعون من حيلة ولا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار ". أخرجه البزار (3172) ، وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " فيما نقله الشيخ المباركفوري في " تحفة الأحوذي " (1/245) وقال: " علي بن زيد بن جدعان متكلم فيه ". قلت: بل هو ضعيف، جزم بذلك الحافظ ابن حجر وغيره، ومنهم الشيخ حبيب الرحمن الفيضي في مقاله المنشور في العدد الرابع من السنة الرابعة من مجلة " صوت الجامعة السلفية " (ص 67 - 69) ، ولكنه قال: إنه ليس شديد الضعف، ولذلك فهو يعتبر به. وأقول: هو كذلك إذا لم يتبين خطؤه في سياقه للحديث، وهذا الشرط مفقود هنا، وبيانه من وجهين: الأول: أنه تناقض في سنده ومتنه، فرواه مرة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ المذكور. ورواه مرة أخرى قال: عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر: اللهم خلص الوليد، وسلمة بن هشام.. الحديث، نحو روايته عن سعيد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 رواه ابن جرير. قلت: وهذا اضطراب واضح في السند والمتن. أما السند؛ ففي الأول قال: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وفي هذا قال: عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي عن أبي هريرة. وأما المتن؛ ففي الأول قال: " رفع يديه بعد ما سلم "، وفي هذا قال: " دبر صلاة الظهر ". وهذا ليس صريحا في أنه بعد السلام؛ فإن قوله: " دبر " يحتمل أنه آخر الصلاة قبل السلام، ويحتمل أنه بعد السلام، ولو أن عليا هذا كان ثقة لحملنا روايته هذه على الأولى من باب حمل المجمل على المفصل، ولكنه لما كان ضعيفا سيىء الحفظ؛ لم يضبط الحديث فاضطرب فيه هكذا وهكذا سندا ومتنا. ولو فرضنا أنه لم يضطرب في متنه أو ساغ حمل الأخرى على الأولى؛ فالجواب من الوجه التالي وهو: الآخر: أن عليا هذا مع ضعفه قد خالفه في متنه جبل الحفظ الإمام الزهري فقال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنهما سمعا أبا هريرة يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام ... " الحديث. أخرجه البخاري في " التفسير "، ومسلم في " الصلاة "، وابن حبان (1969) ، وابن جرير (7821) وغيرهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 وقال الزهري أيضا: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به. أخرجه البخاري في " الأذان ". وتابعه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وحده به. أخرجه مسلم وأبو عوانة في " صحيحيهما "؛ وأبو داود، وقد خرجته في " صحيح أبي داود " رقم (1296) . وتابع أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا سلمة بن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة به. أخرجه البخاري في " الاستسقاء ". فقد تبين برواية هؤلاء الثقات الحفاظ عن أبي هريرة أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للوليد بن الوليد ومن ذكر معه إنما كان في الصلاة قبل السلام، أي في القنوت بعد الركوع، فأخطأ ابن جدعان على ابن المسيب عن أبي هريرة فقال: " بعد ما سلم ". وكل من كان على شيىء من المعرفة بعلم مصطلح الحديث يعلم أن الضعيف إذا خالف الثقة في لفظ ما؛ يكون حديثه منكرا مردودا، فكيف وهو قد خالف الثقات الآخرين الذين رووه عن أبي هريرة مثل رواية سعيد بن المسيب عنه، وهو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والأعرج واسمه عبد الرحمن بن هرمز؟ ! فثبت من هذا التحقيق أن حديث ابن جدعان لا يصلح شاهدا لحديث الترجمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 ثم إن للحديث مفهوما ومنطوقا، فمفهومه ليس صريحا في أن الرفع كان بعد الفراغ من الصلاة، بل هذا محتمل، كما أنه بعد ذلك، فهو ليس مسوقا لتحديد أن الرفع كان بعد السلام، وإنما لنفي الرفع في الصلاة، وعليه فالاستدلال به على إثبات الرفع بعد السلام - لو ثبت - ليس قويا. على أن النفي المذكور منكر أيضا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه يدعو في صلاة الكسوف من حديث عبد الرحمن بن سمرة عند مسلم وغيره، وهو مخرج عندي في " جزء صلاة الكسوف ". وثبت أنه رفع يديه أيضا في دعائه على الذين قتلوا القراء فى صلاة الفجر بعد الركوع، عند أحمد وغيره من حديث أنس، وهو مخرج في " الروض النضير ". وجملة القول، إنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الصلاة - إذا دعا، وأما دعاء الإمام وتامين المصلين عليه بعد الصلاة - كما هو المعتاد اليوم في كثير من البلاد الإسلامية - فبدعة لا أصل لها كما شرح ذلك الإمام الشاطبي في " الاعتصام " شرحا مفيدا جدا لا أعرف له نظيرا، فليراجع من شاء البسط والتفصيل. 2545 - (إذاحلفت على معصية فدعها، واقذف ضغائن الجاهلية تحت قدمك، وإياك وشرب الخمر، فإن الله تبارك وتعالى لم يقدس شاربها) . موضوع. أخرجه الحاكم (3/481) من طريق مسعدة بن اليسع عن الخصيب بن جحدر عن النضر بن شفي عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2545 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 قلت: وهذا موضوع، والعجب من سكوت الحاكم عليه، وأعجب منه متابعة الذهبي إياه على ذلك، وهو مسلسل بالعلل: الأولى: النضر بن شفي؛ قال الذهبي: " يدرى من ذا ". الثانية: الخصيب بن جحدر؛ قال الذهبي: " كذبه شعبة والقطان وابن معين ". ولذا قال الحافظ فيه: " أحد الكذابين ". الثالثة: مسعدة بن اليسع؛ قال الذهبي: " هالك، كذبه أبو داود ". وقال أحمد: " حرقنا حديثه منذ دهر ". والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الضغير "! 2546 - (إذا خاف الله العبد؛ أخاف منه كل شيىء، وإذا لم يخف العبد الله؛ أخافه الله من كل شيىء) . موضوع رواه العقيلي في " الضعفاء " (305) عن عمرو بن زياد الثوباني: حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وروى عن ابن معين أنه قال: الحديث: 2546 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 " عمرو بن زياد كذاب". وكذا قال أبو حاتم كما في " ضعفاء الذهبي ". وقال الدارقطني: " يضع الحديث ". وساق له في " الميزان " عدة أحاديث من وضعه. وروي من طريق أخرى واهية جدا تقدمت بلفظ: " من خاف الله .... ". وأورده ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/334) وقال: " لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ". ثم ذكر قول الدارقطني المذكور وقال: " قال أبو زرعة: كذاب، وأحاديثه موضوعة ". وتقدم الحديث برقم (485) . وهو مما سود به السيوطي أيضا " جامعه "! 2547 - (إذا دخل الضيف على قوم دخل برزقه، وإذا خرج خرج بمغفرة ذنوبهم) . ضعيف. رواه الديلمي (1/1/113) عن معروف بن حسان: حدثنا زياد الأعلم عن الحسن عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحسن - وهو البصري - مدلس؛ وقد عنعنه. ومعروف بن حسان؛ قال ابن عدي: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: الحديث: 2547 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 " مجهول ". ولهذا قال السخاوي في " المقاصد " (62) : " وسنده ضعيف ". ثم ذكر له شواهد ولكنها واهية، منها ما أخرجه الديلمي (2/267) من حديث إسحاق بن نجيح عن عطاء الخراساني عن أبي ذر رفعه: " الضيف يأتي برزقه، ويرتحل بذنوب القوم، يمحص عنهم ذنوبهم ". ومن حديث عبد الله بن همام عن أبي الدرداء مرفوعا مثله، لكن بلفظ " أهل البيت " بدل " القوم " دون ما بعده ". قلت: وإسحاق بن نجيح هو الملطي؛ وهو كذاب وضاع. 2548 - (إذا ختم أحدكم فليقل: اللهم آنس وحشتي في قبري) . موضوع رواه الديلمي (1/1/111) عن الليث بن محمد: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن خالد: حدثنا الوليد بن مسلم عن سالم الحناط عن الحسن عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أحمد بن عبد الله بن خالد وهو الجويباري أحد المشهورين بوضع الحديث؛ ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 25) ، ومع ذلك أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي هذه، فما أشد تناقضه؟!! وخفي وضعه على المناوي، فأخذ يعله بما هو دون العلة المذكورة بكثير؛ فقال: الحديث: 2548 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 " فيه ليث بن محمد، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال ابن أبي شيبة: متروك. وسالم الخياط؛ قال يحيى: ليس بشيء "! 2549 - (إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة؛ أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون له طويلا، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم، قد جعلنا عدتكم فداءكم من النار) . ضعيف جدا أخرجه ابن ماجه (2/575) : حدثنا جبارو بن المغلس: حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، ابن أبي المساور قال الحافظ: " متروك، وكذبه ابن معين ". وجبارة بن المغلس ضعيف، وبه أعله البوصيري في " الزوائد " (ق 265/1) . وهو قصور واضح. والحديث في " صحيح مسلم " (8/104) ، وأحمد (4/402 و 410) من طرق عن أبي بردة به مرفوعا بلفظ: " إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول: هذا فكاكك من النار ". وله عندهما ألفاظ أخرى. الحديث: 2549 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 2550 - (إذا ختم العبد القرآن صلى عليه عند ختمه ستون ألف ملك) . الحديث: 2550 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 موضوع. رواه الديلمي (1/1/112) عن الحسن بن علي بن زكريا: حدثنا شيبان بن فروخ: حدثنا يزيد بن زياد: حدثنا عبد الله بن سمعان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا موضوع أيضا، أورده السيوطي في " الذيل " (ص 25) وقال: " ابن سمعان كذاب، والحسن بن علي بن زكريا هو أبو سعيد العدوي؛ أحد المشهورين بوضع الحديث ". وخفي ذلك أيضا على المناوي فأعله بما لا يدل على وضعه فقال: " وفيه شيبان بن فروخ؛ قال الذهبي في " ذيل الضعفاء ": ثقة يرى القدر، اضطر الناس إليه آخرا عن يزيد بن زياد، أورده الذهبي في (الضعفاء) "! قلت: والحديث مما تناقض فيه السيوطي أيضا، فأورده في " الجامع الصغير " الذي صانه بزعمه عما تفرد به كذاب أو وضاع! فهذا كما ترى فيه بشهادته كذاب. وآخر وضاع!! 2551 - (إذا خرج الحاج من بيته فسار ثلاثا؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وكان سائر أيامه درجات) . موضوع رواه الديلمي (1/1/109) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن تسعة أو ثمانية أخبروه عن أبي ذر مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الرحيم هذا؛ وهو كذاب كما قال يحيى بن معين، وقد مر له بعض الأحاديث الموضوعة. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1/53/1) بزيادة: الحديث: 2551 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 " ومن كفن ميتا كساه الله من ثياب الجنة، ومن غسل ميتا خرج من ذنوبه، ومن حثا عليه التراب في قبره كانت له بكل هباة أثقل في ميزانه من جبل من الجبال ". وقال: " رواه البيهقي في " الشعب " وضعفه عن أبي ذر رضي الله عنه ". قلت: هو في " شعب الإيمان " (3/478/4114) من الطريق المتقدمة، وقال: " تفرد به عبد الرحيم، وليس بالقوي "! ويعارضه من " الموضوعات " ما أورده السيوطي في " الذيل " (ص 122) من رواية الديلمي أيضا بسنده عن عائشة مرفوعا. " إذا خرج الحاج من بيته كان في حرز الله، فإن مات قبل أن يقضي نسكه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنفاقه الدرهم الواحد يعدل ألف درهم فيما سواه من سبيل الله تعالى " وقال: " قال الحافظ ابن حجر في " زهر الفردوس ": هذا موضوع ". 2552 - (إذا أتى أحدكم البراز فليكرمن قبلة الله، فلا يستقبلها، ولا يستدبرها، ثم ليستطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب، ثم ليقل: الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وأمسك علي ما ينفعني) . ضعيف أخرجه الدارقطني في " السنن " (21) ، والبيهقي في " معرفة الحديث: 2552 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 السنن والآثار " (ص 104) من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام قال: سمعت طاوسا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ زمعة بن صالح ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ". وشيخه سلمة بن وهرام فيه ضعف، وأما الحافظ فقال فيه: " صدوق ". والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/5/2) من هذا الوجه الجملة الأخيرة منه فقط بلفظ: " إذا خرج أحدكم من الخلاء فليقل: الحمد لله الذي أذهب عني .... " إلخ. 2553 - (إذا خطب أحدكم المرأة وهو يخضب بالسواد، فليعلمها أنه يخضب بالسواد) . موضوع رواه الديلمي (1/1/111) عن عيسى بن ميمون أبي هشام عن القاسم بن محمد عن عائشة: إذا .... هكذا في النسختين لم يرفعه. قلت: وهذا حديث موضوع، آفته عيسى بن ميمون هذا، وهو القرشي المدني مولى القاسم بن محمد، قال عبد الرحمن بن مهدي: " استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروي عن القاسم عن عائشة؟ ! فقال: لا أعود ". وقال البخاري: " منكر الحديث " وقال ابن حيان: " يروي أحاديث كلها موضوعات ". الحديث: 2553 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 2554 - (إذا خرج الرجل من باب بيته - أو من باب داره - كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: بسم الله، قالا: هديت، وأذا قال: لا حول ولا قوة ألا بالله، قالا: وقيت، وإذا قال: توكلت على الله، قالا: كفيت. قال: فيلقاه قريناه، فيقولان: ماذا تريد ان رجل قد هدي وكفي ووقي؟ !) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3886) من طريق هارون عن الأعراج عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، هارون هذا، قال الذهبى فى " الميزان ". " قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الا حتجاج به ". ورواه عمرو بن عطية عن أبيه عن أبى سعيد الخدري مرفوعا نحوه. أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (ق 303 / 2) . وهذا إسناد ضعيف من أجل عمرو بن عطية وأبيه، فإنهما ضعيفان. نعم للحديث إسناد صحيح عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه دون ذكر الملكين والقرينين، عند ابن حبان (2375) وغيره، وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (2/264) ، و "المشكاة " (2443) ، و " الكلم الطيب " (61) . الحديث: 2554 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 2555 - (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين، وإذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين، فإن الله جاعل له من ركعتيه في بيته خيرا) . الحديث: 2555 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 منكر. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 24) ، وأبو أمية الطرسوسي في " جزء من مسنده " (196/2) ، وابن عدي في " الكامل " (ق 3/2) من طريق إبراهيم بن يزيد قديد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال العقيلي: " إبراهيم بن يذيد هذا فى حديثه وهم وغلط ". قلت: وفي ترجمته أورد البخاري حديثه هذا في " التاريخ الكبير " (1/1/336) وقال: " لا أصل له ". وقال ابن عدي عقبه: " وهو بهذا الإسناد منكر ". والشطر الأول من الحديث قد صح برواية أخرى عن أبي هريرة وغيره، فانظر تخريجها في " الإرواء " (467) وغيره. 2556- إذا خرصتم فخذوا ودعوا، (دعوا) الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) . ضعيف أخرجه أبو داود (1605) ، والنسائي (1/344) ، والترمذي (1 /125) ، والدارمي (2/271-272) ، وابن خزيمة في " صحيحه " (1/235/2) ، وابن حبان (798) ، وأبو عبيد فى " الأموال " (485/1448) ، وكذا ابن زنجويه (1073/1992) ، وابن أبى شيبة (3/194) ، والحاكم (1/402) , والطيالسى (1234) ، وأحمد (3/448 و 4/2و3) الحديث: 2556 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 من طريق شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن قال: سمعت عبد الرحمن بن مسعود ابن نيار يقول: جاء سهل بن أبي خيثمة إلى مجلسنا، فحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:. . فذكره، والزيادة للدارمي وأحمد، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وهذا من عجائبه؛ فإنه أورد ابن نيار هذا في " الميزان " وقال: " لا يعرف، وقد وثقه ابن حبان على قاعدة ابن حبان (!) تفرد عنه خبيب ابن عبد الرحمن ". قلت: ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فليّن الحديث كما نصَّ عليه في المقدمة. قلت: ومن تلاعب الشيخ الكوثري في باب الجرح والتعديل: أنه ضعَّف هذا الحديث بابن نيار هذا فقال في " النكت الطريفة " (ص 101) : " وهو مجهول، قال الذهبي: لا يعرف، وإن. . . ". مع أن هذا الحديث من رواية شعبة عن خبيب عنه كما ترى، وقد قال في حديث معاذ الآتي في الاجتهاد بالرأي (4858) : " وقد روي هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث. . . شعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية، والمعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في سند روايته "! قلت: فلمَ لم تزل الجهالة عن ابن نيار هذا وهو في سند رواية شعبة؟ ! والجواب معلوم عند من يعرفون الكوثري وتعصبه لمذهبه واستغلاله العلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 بالحديث ورجاله واتباعه لهواه تصحيحا وتضعيفا، فتراه تارة يوثق الرجل في حديث، ويضعفه أو يجهله في مكان آخر، فإن كان الحديث مخالفا لمذهبه وهواه؛ ضعفه كهذا الحديث، وإن كان موافقا له؛ صححه مع أن مدراهما على رجل واحد كما تراه هنا، فإن الحديث لم يأخذ به أبو حنيفة فضعفه بعلة الجهالة، وأما حديث معاذ فصححه مع أن فيه جهالة أيضاً، فاحتال عليها بادعاء زوال الجهالة لكونه في إسناده شعبة وهذا المجهول في إسناد شعبة أيضاً! وكم له من مثل هذا التلاعب. وسيأتي بيان شيء منه هند حديث معاذ المشار إليه آنفاً. والله أعلم 2557 - (إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها، فليتفل عن يساره ثلاث مرات، ثم ليقل: اللهم إني أعوذ بك من عمل الشيطان، وسيئات الأحلام، فإنها لا تكون شيئا) . ضعيف جدا أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (766) من طريق المسيب بن شريك عن إدريس بن يزيد الأودي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فإن المسيب بن شريك متروك؛ كما قال الإمام مسلم وغيره. وقال البخاري: " سكتوا عنه ". الحديث: 2557 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 2558 - (إذا خرج أحدكم من بيته فليقل: بسم الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، توكلت على الله، حسبي الله ونعم الوكيل) . الحديث: 2558 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 ضعيف. أخرجه الطبراني (ق 84/1 - المنتقى منه) من طريق يحيى بن يزيد عن أبيه عن يزيد بن حصيفة عن أبيه عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى والثانية: والد يزيد بن خصيفة وجده غير معروفين كما يأتي في كلام العلائي، وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة الكندي المدني، ينسب لجده. الثالثة: يزيد والد يحيى - وهو ابن عبد الملك النوفلي - ضعيف كما في " المجمع " (10/128) وغيره. الرابعة: يحيى بن يزيد؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه ابن عدي ". والحديث أعله الهيثمي بالعلة الثالثة فقط، وهو قصور، وكذلك صنع الحافظ في " الإصابة "، ولكنه أتبع ذلك بقوله: " وقال العلائي شيخ شيوخنا في كتاب " الوشي ": إن كان يزيد بن خصيفة هذا هو يزيد بن عبد الله بن خصيفة الثقة المشهور الراوي عن السائب بن يزيد؛ فلا أعرف لأبيه ذكرا في أسماء الرواة ولا لجده خصيفة ذكرا في الصحابة، وإن كان غيره؛ فلا أعرفه، ولا أباه ولا جده. قلت: هو المشهور، فقد ذكر المزي في " التهذيب " يزيد بن عبد الملك في الرواة عنه، وذكر أن اسم والد خصيفة عبد الله بن يزيد. وقيل: هو خصيفة بن يزيد، وعلى هذا فصحابي هذا الحديث هو خصيفة، وقد ذكر المزي في ترجمة يزيد بن عبد الله [بن] خصيفة أن اسم والد خصيفة: يزيد، وقيل: عبد الله بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 (تنبيه) : وقد الحديث في " المجمع " هكذا: " وعن زيد بن عبد الله بن خصيفة عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج من منزله (في نسخة: بيته) : بسم الله، لا حول ..... " إلخ. كذا قال، فجعله من فعله صلى الله عليه وسلم لا من أمره، فلا أدري أسقط من قلم الناسخ أو الطابع لفظة " أحدكم " و " فليقل "، أم هو رواية أخرى عند الطبراني؟! والذي يترجح عندي الأول، وإلا لكان الهيثمي الذي أشار إلى الرواية الأخرى كما هي عادته. والله أعلم، وقوله: " زيد " خطأ مطبعي، وقوله: " ابن عبد الله " لعلها زيادة توضيحية من الهيثمي لأنها لم تقع في إسناد الطبراني كما تقدم. 2559 - (إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا: أكثر الله مالك وولدك) . ضعيف جدا رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2/15 - 16) ، وابن عدي (215/2) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/289) ، وعنه الديلمي (1/1/114) ، وابن عساكر (15/465/2) عن عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن دينار قال: لا أراه إلا عن عبد الله بن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي: " عبد الله بن جعفر عامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه يكتب حديثه ". قلت: هو والد الحافظ علي بن المديني، وفي " الميزان ": " متفق على ضعفه، قال يحيى: ليس بشيء، وقال ابن المديني: أبي ضعيف. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدا. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الحديث: 2559 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 الجوزجاني: واه ". ولعل أصل هذا الحديث الوقف، فوهم الراوي فرفعه، فقد روى البخاري في " الأدب المفرد " (1112) وغيره عن عقبة بن عامر الجهني: أنه مر برجل هيئته هيئة مسلم، فسلم، فرد عليه، فقال له الغلام: إنه نصراني! فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال: إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر مالك وولدك. وسنده حسن كما في " الإرواء " (5/115) . وانظر ما يستفاد منه فيما علقته عليه في " صحيح الأدب المفرد " (430/847/1112) . 2560 - (إذا دخل أحدكم على أخيه فأراد أن يفطر فليفطر إلا أن يكون صومه ذلك رمضان، أو قضاء رمضان، أو نذرا) . ضعيف رواه أبو الحسين الكلابي في " حديثه " (247 - 248) : حدثنا أبو المغيرة: حدثنا السكوني - سميته -: حدثني محمد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. كذا في الأصل: " سميته " وكذا هو في نسخة أخرى (178/1) لكن عليها إشارة (صـ) يعني كذا الأصل، وعل هامشها: " حدثنا بقية " كأنه تصحيح، وهو بخط مغاير للأصل. ويؤيد هذا التصحيح، أن الطبراني أخرجه في " المعجم الكبير " (3/200/2) من طريق أبي تقي الحمصي: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني محمد الكوفي عن عبيد الله بن عمر به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن عبد الرحمن الظاهر أنه ابن أبي ليلى القاضي، ويؤيده أن في رواية الطبراني " محمد الكوفي " فإن ابن أبي ليلى كوفي؛ وهو ضعيف، قال الحافظ: الحديث: 2560 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 " صدوق سيىء الحفظ جدا ". هذه هي علة الحديث، وقد غفل عنها بعضهم، وذهب يعله بما لا يقدح فقال الهيثمي في " المجمع " (3/201) وتبعه المناوي في " الفيض ": " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس ". قلت: إنما يضر في حديثه إذا ما رواه معنعنا، أما وهو قد صرح بالتحديث في الطريقين؛ فلا يجوز إعلاله بالتدليس؛ كما هو مقرر في علم الحديث، فلعل الهيثمي شت بصره عن التحديث. والله أعلم. وللحديث شاهد، ولكنه واه جدا، فإنه يرويه محمد بن الفضل عن عبد الكريم عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه محمد بن الحسن الطبري في " الأمالي " (6/1) . وابن الفضل هذا متهم بالكذب، وقد تقدم مرارا. وعبد الكريم؛ إن كان ابن مالك الجزري فهو ثقة، وإن كان ابن أبي المخارق أبا أمية البصري فهو ضعيف، وكلاهما يروي عن مجاهد. 2561 - (القراء عرفاء أهل الجنة) . موضوع رواه ابن جميع في " معجمه " (ص 144) : حدثنا محمد بن منصور: حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا. ومن طريق ابن جميع رواه الضياء في " المختارة " (116/1) . قلت: وهذا سند رجاله كلهم موثقون غير محمد بن منصور وهو أبو بكر الواسطي كما صرح به الضياء في روايته؛ وهو في عداد المجهولين؛ فقد أورده الحديث: 2561 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 الذهبي في " الميزان " فلم يترجمه بشيء غير أنه ساق له هذا الحديث وقال: " هو المتهم به ". وأقره الحافظ في " اللسان ". ولم يرجع إليهما الدكتور عمر تدمري - كعادته - في تعليقه على " المعجم " فقال فيه: " لم أجد له ترجمة "! وقد روي الحديث بلفظ آخر سيأتي إن شاء الله تعالى برقم (3497) ، وبلفظ ثالث تراه في " ضعيف الجامع " (2106) . 2562 - (إذا سأل أحدكم الرزق فليسأل الحلال، فإن الله يرزق الحلال والحرام) . ضعيف رواه ابن عدي (207/2) عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو سفيان هذا اسمه طريف بن شهاب؛ وهو ضعيف كما في " التقريب ". الحديث: 2562 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 2563 - (إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة غير واحد، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجب له الجنة، إنه وتر يحب الوتر: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، السلام ... إلى قوله: الرشيد الصبور) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (10/380) من طريق أبي العباس الحديث: 2563 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 القاسم بن القاسم السياري: حدثنا أحمد بن عباد بن سلم - وكان من الزهاد -: حدثنا محمد بن عبيدة النافقاني: حدثنا عبد الله بن عبيدة العامري: حدثنا سورة بن شداد الزاهد عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال في آخره: " مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة. حديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه. وحديث الثوري عن إبراهيم فيه نظر، لا صحة له ". قلت: وموسى بن يزيد لم أعرفه. ومثله سورة الزاهد وعبد الله العامري وأحمد بن عباد بن سلم! وأما محمد بن عبيدة النافقاني؛ فقال أبو نصر بن ماكولا: " صاحب مناكير ". فهذا الحديث من منكراته. قلت: وحديث الأعرج الذي أشار إليه أبو نعيم والمتفق عليه؛ ليس فيه " ما من عبد ... " إلخ، ولا فيه سرد الأسماء، وإنما جاءت الأسماء في بعض الطرق الواهية كما بينته في " تخريج المشكاة " (2288) . 2564 - (إذا سلم الإمام فردوا عليه) . ضعيف رواه ابن ماجه (921) ، والطبراني (6899) ، وابن عدي (168/1) عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا وقال: الحديث: 2564 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 " رواه عن قتادة مع أبي بكر تاهذلي سعيد بن بشير ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه ثلاثة علل: الأولى: عنعنة الحسن البصري. الثانية: أبو بكر الهذلي؛ متروك، وهو بصري. الثالثة: إسماعيل بن عياش؛ ضعيف في روايته عن غير الشاميين؛ وهذه منها. لكن قد جاء عن قتادة من غير هذه الطريق الواهية، فقد رواه سعيد بن بشير عنه كما علقه ابن عدي، ووصله الطبراني (6890) ، وكذا أبو داود (1001) ؛ وهو وإن كان ضعيفا فقد تابعه همام عن قتادة به نحوه، ولفظه: " قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسلم على أئمتنا، وأن يسلم بعضنا على بعض ". رواه ابن ماجه (922) . قلت: فانحصرت العلة في عنعنة الحسن البصري. والله أعلم. 2565 - (إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام، وإذا سلم رمضان سلمت السنة) . موضوع أخرجه المخلص في " المجلس السابع " (51/2) ، وعنه علي بن أبي طالب المكي في " حديثه عنه " (1/1) ، وأبو طاهر الأنباري في " مشيخته " (146/2) ، وأبو نعيم في " الحلية " (7/140) ، وابن عدي في " الكامل " (5/288) ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (3/340/3708/2) ، الحديث: 2565 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 والخطيب في " الموضح " (2/121) ، والحاكم أبو أحمد في " الكنى " (ق 132/1) من طريق عبد العزيز بن أبان أبي خالد القرشي عن سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به. وقال أبو أحمد الحاكم: " هذا حديث منكر شبيه بالموضوع ". وقال ابن عدي: " هذا الحديث عن الثوري باطل ليس له أصل ". وأقره البيهقي. ومن هذا الوجه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الدارقطني ثم قال: " تفرد به عبد العزيز وهو كذاب ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/104) بأن البيهقي أخرجه في " الشعب " من طريقه، وأن أبا نعيم أخرجه أيضا من طريق أحمد بن جمهور القرقساني: حدثنا علي بن المديني عن يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري به دون الجملة الثانية وزاد: " وما من سهل ولا جبل ولا شيىء إلا ويستعيذ بالله من يوم الجمعة ". وقال: " غريب من حديث الثوري، لم نكتبه إلا من حديث أحمد بن جمهور ". قال السيوطي عقبه: " وأحمد بن جمهور متهم بالكذب. وقال البيهقي أيضا: أنبأنا ... : حدثنا أبو مطيع: حدثنا سفيان الثوري به. قال البيهقي: هذا الحديث لا يصح عن هشام، وأبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي ضعيف، وإنما يعرف هذا الحديث من حديث عبد العزيز بن أبان أبي خالد القرشي، وهو أيضا ضعيف بمرة. والله أعلم ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 قلت: وبالجملة، فالحديث رواه ثلاثة من الضعفاء عن الثوري، وهم: عبد العزيز بن أبان، وأحمد بن جمهور، وأبو مطيع البلخي، والأولان كذابان كما سبق، والأخير ضعف اتفاقا، ويبدو من مجموع ما قيل فيه أنه شديد الضعف، وفي كلام البيهقي السابق ما يشير إلى ذلك، وفيه أيضا تصريحه ببطلان الحديث، ولكن السيوطي اختصره، فقد قال عقب قوله: " ضعيف بمرة ": " وهو عن الثوري باطلا لا أصل له ". كذا ذكره المناوي عنه في " الفيض ". ثم تعقب السيوطي بقوله: " ولما أورده ابن الجوزي في الموضوع، تعقبه المؤلف بوروده من طرق، ولا تخلو كلها عن كذاب أو متهم ". ومنه يبدو أن تعقب السيوطي لا طائل تحته. 2566 - (لا تجعلوا على العاقلة من قول معترف شيئا) . موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم "، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (5/177) من طريق الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن رجاء بن حيوة عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " غريب من حديث رجاء وجنادة مرفوعا، تفرد به الحارث عن محمد بن سعيد ". قلت: ابن سعيد هذا هو المصلوب على الزندقة؛ وهو كذاب. والحارث بن نبهان متروك، فقد أساء السيوطي بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "! ولم يقتصر على ذلك، بل إنه رمز لحسنه! قال المناوي: الحديث: 2566 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 " وهو هفوة ... ". ثم أعله بنحو ما ذكرنا نقلا عن الهيثمي والعسقلاني. 2567 - (إن العجب ليحبط عمل سبعين سنة) . موضوع رواه أبو بكر الشافعي في " مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي " (71/1) ، والديلمي (1/2/286) عن محمد بن خلف بن عبد السلام: حدثنا موسى بن إبراهيم: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه عن الحسين بن علي مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ موسى بن إبراهيم هو المروزي؛ متروك. ومحمد بن خلف بن عبد السلام مروزي أيضا؛ كذبه يحيى بن معين. قال ابن الجوزي - وساق له حديثا آخر في فضل علي -: " هذا موضوع، آفته محمد بن خلف ". ووافقه السيوطي في " اللآلي " (1/320) . ثم غفل عنه، فأورد له حديث الترجمة في " الجامع الصغير "! كما غفل عنه المناوي، فأعل الحديث بشيخه موسى بن إبراهيم فقط! الحديث: 2567 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 2568 - (إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكرا) . ضعيف جدا رواه الطبراني (3/119/2) ، والوحدي في " الوسيط " (1/7/2) عن يحيى بن كثير أبي النصر: أخبرنا عبد الكريم: أخبرنا عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق البصري أبو أمية المعلم؛ وهو ضعيف، وله ذكر في مقدمة مسلم. الحديث: 2568 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 ويحيى بن كثير أبو النضر متروك؛ كما قال الدارقطني، وبه وحده أعله المناوي تبعا للهيثمي! 2569 - (إذا سمعت النداء فأجب، وعليك السكينة، فإن أصبت فرجة وإلا فلا تضيق على أخيك، واقرأ بما تسمع أذنيك، ولا تؤذ جارك، وصل صلاة مودع) . ضعيف جدا أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 183/2) ، وابن دوست العلاف في " الأمالي " (127/1) ، والضياء في " المختارة " (7/113/2) ، والديلمي (1/1/60) عن سعيد بن عبد الله بن دينار عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصر المسند "، وقد قال في " التقريب ": " الربيع بن صبيح ... صدوق سيىء الحفظ ". قلت: وسعيد بن عبد الله بن دينار؛ لم أجد له ترجمة. ثم رأيت ابن حبان قال في " ثقاته " (2/1/1) : " يأتي بما لا أصل له عن الأثبات ". والحديث عزاه السيوطي: لأبي نصر السجزي في " الإبانة "، وابن عساكر عن أنس، وأعله المناوي بالربيع بن صبيح. الحديث: 2569 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 2570 - (إذا سمعتم المؤذن أذن فقولوا: اللهم افتح أقفال قلوبنا لذكرك، وأتمم علينا نعمتك وفضلك، واجعلنا عليها من عبادك الصالحين) . الحديث: 2570 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 ضعيف. رواه ابن حبان في ترجمة عمر بن خالد الوهبي من " الثقات " (1/146) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (98) ، وعنه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/59) : حدثنا عبد الصمد بن سعيد - بحمص -: حدثنا أحمد بن إبراهيم: حدثنا الحسن بن حاتم الألهاني: حدثنا عمر بن خالد الوهبي: حدثنا أنس بن مالك مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف مجهول، فإن عمر هذا لم أر من ذكره غير ابن حبان، ومثله الحسن بن حاتم الألهاني. 2571 - (إذا شرب أحدكم فليمص مصا ولا يعب عبا، فإن الكباد من العب) . ضعيف رواه أبو نعيم في " الطب " (9/2 - نسخة السفرجلاني) عن عبد الله بن محمد بن أسماء: حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن أبي حسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله أو إعضاله؛ فإن ابن أبي حسين - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن - تابعي صغير ثقة. وعلقه البيهقي في " الشعب " (5/115/6012) . وقد وصله بعض الضعفاء من حديث علي، وقد مضى برقم (2323) ، وروي عن أنس مختصرا، وتقدم برقم (1428) . الحديث: 2571 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 2572 - (إذا سميتم فكبروا. يعني على الذبيحة) . ضعيف جدا رواه الطبراني في " الأوسط " (1/130/1 - 2) عن سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا محمد بن حمران عن عثمان بن سعد الكاتب: الحديث: 2572 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 سمعت أنس بن مالك مرفوعا؛ وقال: " تفرد به الشاذكوني ". قلت: وهو متهم بالكذب، كذبه ابن معين وصالح جزرة. وعثمان بن سعد الكاتب؛ ضعيف كما قال ابن معين وغيره. 2573 - (إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه، وأوسعوا له في المجلس، ولا تقبحوا له وجها) . ضعيف جدا رواه ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/81/1) عن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي: حدثنا علي بن موسى بسنده المسلسل بأهل البيت إلى جدهم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم مرفوعا. قلت: وهذا إسناد هالك، أحمد بن عامر اتهمه الذهبي؛ فقال في ترجمة ابنه عبد الله بن أحمد بن عامر: " عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة الباطلة ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه ". وللحديث طريق أخرى، رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " (3/90) ، والديلمي (1/1/60) عن أبي الحسن محمد بن علي بن الحسن العلوي: حدثني أبي أبو إسماعيل علي بن الحسين: حدثني أبي الحسين بن الحسن قال: حدثني جدي محمد بن القاسم عن أبيه عن زيد بن الحسن عن أبيه عن علي به. قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول، ما بين زيد بن الحسن ومحمد بن علي العلوي؛ لم أجد من ترجمهم، وأما العلوي؛ فترجمه الخطيب وروى عن أبي سعد الحديث: 2573 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 الإدريسي أنه كان يجازف في الرواية في آخر عمره. مات سنة (395) . وله طريق أخرى عن علي مرفوعا بلفظ: " إذا سميتموه محمدا فعظموه ووقروه وبجلوه، ولا تذلوه ولا تحقروه ولا تجبهوه تعظيما لمحمد صلى الله عليه وسلم ". رواه ابن بكير في " فضائل من اسمه أحمد ومحمد " (59/2) ، وابن النجار (10/91/2) عن عبد الله بن داهر الرازي: حدثنا عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ عمرو بن جميع كذاب وضاع، والرازي متهم. 2574 - (إذا سميتموه محمدا فلا تجبهوه، ولا تحرموه، ولا تقبحوه، بورك في محمد، وفي بيت فيه محمد، ومجلس فيه محمد) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/60) عن يحيى بن محمد بن يحيى النهاوندي: حدثنا سفيان بن هارون القاضي: حدثنا سفيان بن وكيع: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. بيض له الحافظ في " مختصر الديلمي "، وهو إسناد ضعيف فيه علل: الأولى: عنعنة أبي الزبير؛ فإنه كان مدلسا. الثانية: ضعف سفيان بن وكيع؛ وهو ابن الجراح، قال الحافظ: " كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه ". الحديث: 2574 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 الثالثة: سفيان بن هارون القاضي؛ ترجمه الخطيب (9/186) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد روي طرفه الأول من حديث أبي رافع كما يأتي (2649) . 2575 - (إذا صلى أحدكم فليصل صلاة مودع، صلاة من لا يظن أنه يرجع إليها أبدا) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/ 63 - 64) عن خالد بن إلياس عن عبد الله بن نافع عن أم سلمة مرفوعا. سكت عنه الحافظ في " مختصره "، وقد قال في " التقريب ": " خالد بن إلياس أو إياس بن صخر ... متروك الحديث ". أي شديد الضعف. والحديث أورده السيوطي من رواية الديلمي وحده، فتعقبه المناوي بقوله: " وفي إسناده ضعف، لكن له شواهد، واقتصاره على الديلمي يؤذن بأنه لم يخرجه أحد من الستة، وهو عجب، فقد خرجه ابن ماجه من حديث أبي أيوب، ورواه الحاكم والبيهقي ". قلت: وفيه ملاحظات: الأولى: قوله في حديث أبي أيوب؛ " خرجه ابن ماجه "، وليس عند ابن ماجه، إلا الفقرة الأولى منه، وفيه زيادة ليست في حديث الترجمة. الثانية: أن الشواهد التي أشار إليها ليس فيها أيضا قوله: " صلاة من لا يظن ... ". الحديث: 2575 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 الثالثة: " وفي إسناده ضعف " ليس دقيقا يعبر عن حقيقة ضعفه، لأن معناه أن ضعفه ليس شديدا، وقد عرفت من ترجمة " التقريب " لراويه بأنه متروك الحديث؛ وأنه يعني أنه شديد الضعف. 2576 - (إن لله [باردة] يبعثها على رأس مئة سنة تقبض روح كل مؤمن) . منكر أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/2/101) - والزيادة له -، والبزار (1/122/129 - كشف) ، والحاكم (4/457) من طريق بشير بن المهاجر عن عبيد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: هذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشير بن المهاجر فهو من رجال مسلم وحده، ولكن فيه ضعف قال الحافظ: " صدوق، لين الحديث ". وترجمه الذهبي في " الميزان "، ونقل عن أحمد أنه قال: " منكر الحديث، يجيء بالعجب ". ثم ساق له من منكراته هذا الحديث. ومنه تعلم ما في قول الحاكم: " صحيح الإسناد "! وإن وافقه الذهبي! ولا سيما وقد اضطرب في متنه، فرواه البزار أيضا (رقم 228) بسنده الصحيح عنه بسنده المذكور بلفظ: " لا ينقضي مئة سنة وعين تطرف ". يعني ممن هو على الأرض يومئذ، كما يأتي، ليس فيه ذكر الريح. وأنا أظن أنه دخل على (بشير) في هذا الحديث؛ الحديث: 2576 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 حديث الريح التي ترسل في آخر الزمان فتقبض روح كل مؤمن، فلا يبقى على وجه الأرض إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة. كما في حديث النواس الطويل عند مسلم (8/197 - 198) وغيره. قلت: وهذا هو الأشبه، فإن له شواهد كثيرة، أقربها إلى هذه اللفظ حديث عقبة بن عمرو الأنصاري وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقد استدرك علي على عقبة بن عمرو زيادة هامة بلفظ: " ممن هو حي اليوم ". وقد خرجته في " الصحيحة " برقم (2906) ، فليراجعه من شاء. 2577 - (إذا عطس أحدكم فقال: الحمد لله، قالت الملائكة: رب العالمين، فإذا قال: رب العالمين، قالت الملائكة: رحمك الله) . ضعيف جدا رواه الطبراني في " الكبير " (3/155/1 - 12284 - ط) ، وفي " الأوسط " (1/192/1/3512 - بترقيمي) ، ومن طريقه الضياء في " المختارة " (249/1) ، وابن السني (256) عن عبيد بن محمد: حدثنا صباح المزني هو ابن يحيى عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه علل: الأولى: عطاء بن السائب، كان اختلط. الثانية: صباح بن يحيى، قال الذهبي: " متروك، بل متهم ". قلت: وقد أفاد الطبراني في " الأوسط " أنه تفرد برفعه. الحديث: 2577 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 الثالثة: عبيد بن محمد؛ وهو النحاس كما في رواية ابن السني؛ قال ابن عدي: " له أحاديث مناكير ". الرابعة: أبو كريب؛ قال المناوي: قال الذهبي: " مجهول ". قلت: ومن هذا التحقيق تعلم تساهل الهيثمي في قوله (5/57) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط "! فقد عرفت أن إعلاله بمن دونه أولى لشدة ضعفه؛ أعني الراوي عنه صباح بن يحيى، ولا سيما وقد خالفه أبو عوانة الثقة؛ فرواه عن عطاء به موقوفا على ابن عباس. وأبو عوانة سمع منه بعد الاختلاط. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (920) . ومن ذلك تعلم أيضا تساهل الحافظ في قوله في " الفتح " (10/600) : " وللمصنف أيضا في " الأدب المفرد " والطبراني بسند لا بأس به عن ابن عباس قال: ... " فذكره موقوفا. فقد عرفت أنه لا يصح لا موقوفا ولا مرفوعا. وإن من شؤم التقليد والغفلة عن الفرق بين الموقوف والمرفوع أن الشيخ الجيلاني في شرحه على " الأدب المفرد " قال (2/376) : " أخرجه الطبراني بسند لا بأس به ". فحمل كلام الحافظ في إسناد " الأدب " الموقوف على إسناد الطبراني المرفوع؛ وقد علمت أن فيه كل البأس! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 2578 - (إذا عظمت أمتي الدنيا نزعت منها هيبة الإسلام، وإذا تركت أمتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي) . ضعيف رواه عبد الغني المقدسي في " الأمر بالمعروف " (95/2) عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل يقول: ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إعضاله؛ فيه إبراهيم بن الأشعث خادم الفضيل بن عياض، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/1/88) : " سألت أبي عنه، وذكر له حديثا رواه عن معن عن ابن أخي الزهري عن الزهري؟ فقال: هذا حديث باطل موضوع، كنا نظن بإبراهيم بن الأشعث الخير، فقد جاء بمثل هذا! ". والحديث أورده السيوطي من رواية الحكيم الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا به وزاد: والحديث أورده السيوطي من رواية الحكيم الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا به وزاد: " وإذا تسابت أمتي سقطت من عين الله ". ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء. الحديث: 2578 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 2579 - (إن الله يستحيى من ذي الشيبة إذا كان مسددا لزوما للسنة أن يسأله فلا يعطيه) . ضعيف رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 23) من طريق صالح بن راشد عن أبي عتيك عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2579 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو عتيك هذا لم أعرفه. ثم تبين أن (أبو عبيد) ؛ كما في مجمع " المعجم الأوسط " (5282) ، و " مجمع البحرين " (4625) - للهيثمي -، وهو من رجال مسلم. وصالح بن راشد الظاهر أنه أبو عبد الله العبسي، ترجمه البخاري في " التاريخ الكبير " (2/2/279) ، وابن أبي حاتم (2/1/401) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. 2580 - (إن مغير الخلق كمغير الخلق، إنك لا تستطيع أن تغير خلقه حتى تغير خلقه) . ضعيف رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (192) ، وابن عدي في " الكامل " (1/298) ، والديلمي (1/2/295) عن عمرو بن عثمان: حدثنا بقية عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها. وأشار ابن عدي إلى أنه تفرد به. وبقبة - وهو ابن الوليد - مدلس وقد عنعنه. الحديث: 2580 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 2581 - (الطير يوم القيامة ترفع مناقيرها وتضرب بأذنابها وتطرح ما في بطونها وليس عندها طلبة، فاتقه) . موضوع رواه ابن عدي (290/2) عن محمد بن الفرات: سمعت محاربا يقول: سمعت ابن عمر يقول: فذكره مرفوعا، وقال: " لا أعلم يرويه غير محمد بن الفرات " قال: " والضعف بيِّن على ما يرويه ". الحديث: 2581 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 قلت: في " الميزان ": " كذبه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة، وقال أبو داود: روى عن محارب بن دثار أحاديث موضوعة. وقال البخاري: منكر الحديث ". ولذلك أورده ابن الجوزي في " الموضوعات ". 2582 - (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم خصماء الله، وهم القدرية) . ضعيف أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (336) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " (6/317/6510) من طريق بقية: حدثنا حبيب بن عمر عن أبيه عن ابن عمر عن أبيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حبيب بن عمر - وهو الأنصاري -؛ قال الدارقطني: " مجهول ". قلت: وأبوه عمر الأنصاري لم أعرفه. والحديث في " المجمع " (7/206) من رواية الطبراني في " الأوسط " وقال الهيثمي: " وبقية مدلس، وحبيب بن عمرو - كذا - مجهول ". قلت: بقية قد صرح بالتحديث فبرئت ذمته منه، فالعلة من شيخه. الحديث: 2582 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 2583 - (إذا كان يوم القيامة؛ ينادي مناد من بطنان العرش: ليقم من أعظم الله أجره، فلا يقوم إلا من عفا عن ذنب أخيه) . الحديث: 2583 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 ضعيف. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (11/198 - 199) من طريق أبي العباس الكديمي: حدثنا عمر بن حبيب القاضي قال: (قلت: فذكر قصة له مع المأمون، وفيها) فقلت: يا أمير المؤمنين! اسمع مقالتي: إن أباك حدثني عن جدك عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته الكديمي هذا هو كذاب. وشيخه عمر بن حبيب القاضي كذبه ابن معين، وقال النسائي وغيره: " ضعيف ". وقال البخاري: " يتكلمون فيه ". وأخرجه الديلمي (1/1/137) من طريق أبي الشيخ معلقا عن نهشل عن الضحاك عن ابن عباس به نحوه. ونهشل - وهو ابن سعيد البصري - كذاب أيضا كما قال ابن راهويه. والضحاك - وهو ابن مزاحم - لم يسمع من ابن عباس. وروي من حديث المبارك بن فضالة: حدثنا الحسن عن عمران بن الحصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره؛ وفيه القصة. أخرجه الخطيب أيضا (6/145) . قلت: وإسناده ضعيف: الحسن هو البصري؛ وهو مدلس. والمبارك بن فضالة صدوق يدلس، وقد صرح بالتحديث، لكن من دونه جماعة لم أعرفهم. وفي معناه ما في " الفتح الكبير " و " الجامع الكبير " من حديث أنس مرفوعا: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 " إذا أوقف الله العباد نادى مناد: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. قيل: من ذا الذي أجره على الله؟ قال: (العافون عن الناس) ، فقام كذا وكذا ألفا، فدخلوا الجنة بغير حساب ". رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الغضب " عنه. قلت: ولم أقف على إسناده، وما أظنه يصح، والله أعلم. 2584 - (إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله عز وجل: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير)) . ضعيف جدا رواه المخلص في " قطعة من حديثه " (82/2 - مجموع 74) ، والبيهقي في " الزهد " (73/1) ، والرامهرمزي في " الأمثال " (49/2) عن إبراهيم بن الفضل عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. ورواه الثعلبي في " التفسير " (3/158/2) من طريق ابن أبي فديك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ إبراهيم بن الفضل - وهو المخزومي المدني - متروك كما قال الحافظ. والظاهر أنه سقط من نسخة " تفسير الثعلبي ". الحديث: 2584 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 2585 - (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: لا يرفعن أحد من هذه الأمة كتابه قبل أبي بكر وعمر) . الحديث: 2585 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 ضعيف جدا. رواه ابن عساكر (13/20/2) عن الفضل بن جبير الوراق: أخبرنا داود بن الزبرقان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: بينما عمر يمر في الطريق إذ هو برجل يكلم امرأة فعلاه بالدرة، فقال: يا أمير المؤمنين! إنما هي امرأتي، فقام عمر فانطلق، فلقي عبد الرحمن بن عوف فذكر ذلك له، فقال: يا أمير المؤمنين! إنما أنت مؤدب وليس عليك شيء، وإن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ داود بن الزبرقان قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال أبو زرعة: " متروك ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال الجوزجاني: " كذاب ". والفضل بن جبير الوراق؛ قال العقيلي: " لا يتابع على حديثه ". 2586 - (إذا دخل البصر فلا إذن) . ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1082 و 1089) ، وأبو داود (2/635) والبيهقي في " السنن " (8/339) عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير كثير بن زيد؛ وهو الأسلمي المدني؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه النسائي وغيره ". الحديث: 2586 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 وقال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وأما في " الفتح " (11/24) فحسن سنده! 2587 - (حق الجار: إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصاب خيرا هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك فوق بناءه فتسد عليه الريح، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها) . ضعيف رواه الطبراني في " الكبير " (19/419/1014) ، و (ق 122/1) من " جزء ما انتقاه ابن مردويه على الطبراني " عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله! ما حق جاري علي؟ قال: " إن مرض عدته ... " الحديث. وقال الحافظ الذهبي في " حقوق الجار " (15/1 - 2) . " سند واه ". قلت: وذلك لأن أبا بكر الهذلي متروك كما قال الحافظ، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين وهذه منها. وقال الهيثمي (8/165) : " رواه الطبراني وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف ". ثم ذكره من طريق سويد بن عبد العزيز عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه. الحديث: 2587 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 قلت: أخرجه الخرائطي في " المكارم " (ص 40) ثم قال الذهبي: " سويد ضعيف كعثمان بن عطاء، وروي نحوه عن يزيد بن بزيع عن عطاء الخراساني عن معاذ بن جبل مرفوعا؛ وهو منقطع ". ثم ذكره من طريق إسماعيل بن رافع عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا نحوه مختصرا؛ فيه ذكر الاستعانة وقضية القدر؛ ثم قال: " إسماعيل واه ". قلت: حديث أبي هريرة أخرجه الأصبهاني في " الترغيب والترهيب " (2/362) من طريق إسماعيل بن رافع به. وحديث معاذ عند أبي الشيخ في " التوبيخ " (59/25) من طريق عثمان بن مطر عن يزيد بن بزيغ به. قلت: وابن بزيغ هذا متفق على تضعيفه، بل قال الذهبي: " هو من الدجاجلة ". 2588 - (الزبانية أسرع إلى فسقة القرآن منهم إلى عبدة الأوثان، فيقولون: يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان؟ ! فيقال لهم: ليس من علم كمن لا يعلم) . منكر أخرجه الطبراني في " ما انتقاه ابن مردويه عليه من حديثه لأهل البصرة " (ق 122/1) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (8/286) : حدثنا أبو هارون موسى بن محمد بن كثير السيريني: حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز العمري عن أبي طوالة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وقال أبو نعيم: الحديث: 2588 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 " غريب من حديث أبي طوالة، تفرد به عنه العمري ". قلت: وهو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي العمري الزاهد المدني؛ وهو ثقة كما قال النسائي والحافظ وغيرهما. وسائر رجال الإسناد ثقات رجال البخاري، غير السيريني هذا؛ قال الذهبي: " وعنه الطبراني بخبر منكر في عذاب فسقة القرآن، علقته في " التاريخ " في ترجمة عبد الله العمري ". قلت: فهو علة الحديث، ولم تنكشف للمنذري، بل إنه أوهم أن العلة ممن فوقه فقال (1/76) - بعد أن ساق كلمة أبي نعيم السابقة -: " يعني عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الزاهد. ولهذا الحديث مع غرابته شواهد ... ". وقوله: " ابن عمر " مقحم، ولعله سبق قلم من المؤلف أو الناسخ، أو خطأ من الطابع. والشاهد الذي أشار إليه المنذري، إنما هو حديث أبي هريرة في " الصحيح ": " إن أول من يدعى به يوم القيامة رجل جمع القرآن ... " الحديث. قلت: وهو شاهد قاصر، لأنه إنما يشهد للطرف الأول من الحديث دون سائره كما هو ظاهر. وقولة: " في (التاريخ) " لعله سبق قلم، فإنه لم يذكر شيئا من ترجمته في " التاريخ " سوى سنة وفاته، وإنما أورد الحديث في ترجمته في " السير " (8/335) ، وقال ما تقدم من استنكاره للحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 2589- (إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله عز وجل معك حيث كنت) . ضعيف أخرجه الطبراني في " ما انتقاه ابن مردويه عليه " (ق 122/2) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (6/124) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا عثمان بن كثير بن دينار عن محمد بن المهاجر عن عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث عروة، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن مهاجر ". قلت: وهو الأنصاري الشامي؛ وهو ثقة، وكذلك سائر الرواة غير نعيم بن حماد فهو ضعيف من قبل حفظه، بل اتهمه بعضهم. وعثمان؛ هو ابن سعيد بن كثير الحمصي. الحديث: 2589 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 2590 - (حضر ملك الموت عليه السلام رجلا يموت فلم يجد فيه خيرا، وشق عن قلبه فلم يجد فيه شيئا، ثم فك عن لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله، فغفر الله له بكلمة الإخلاص) . منكر رواه المحاملي في " الثالث من الأمالي " (30/1) ، والخطيب في " التاريخ " (9/125) ، والديلمي (2/97) ، والضياء في " المختارة " (10/98/1) عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر: حدثنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة قال: أخبرني رجل من ولد عبادة بن الصامت كان ثقة: أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا. الحديث: 2590 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 ورواه أبو حاتم الرازي في " كتاب الزهد " (2/2) من طريق الأويسي قال: حدثنا ابن أبي الزناد به. دون قوله في السند: " وكان ثقة ". وكذا رواه ابن أبي الدنيا في " المحتضرين " (2/2) : حدثنا محمد بن الصباح: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد به؛ إلا أنه قال: عن رجل من آل عمارة. قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل، وقد سمي في طريق أخرى أخرجها أبو نعيم في " ما انتقاه ابن مردويه على الطبراني " (ق 124/1) وهذا أخرجه في " الدعاء " (3/1486) (1) : حدثنا الحسن بن علي المعمري: حدثنا أبو المغلس عبد ربه بن خالد النميري: حدثنا فضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيةى بن طلحة عن أبي هريرة به. قلت: وإسحاق هذا - وهو التيمي - ضعيف. وفضيل بن سليمان النميري صدوق له خطأ كثير؛ كما في " التقريب ". وعبد ربه بن خالد لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع من الحفاظ. طريق ثالث: رواه أبو الحسين بن المهتدي في " المشيخة " (2/20) عن مبادل بن أيوب قال: حدثنا خالد بن عبد الله: حدثني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير مبادل بن أيوب فلم أعرفه. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن أبي الدنيا في " المحتضرين "، والبيهقي فقط في " شعب الإيمان "، وبيض المناوي لإسناده فلم يتكلم عليه بشيء.   (1) ومنه صححت بعض الأخطاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 وهو عند البيهقي في " الشعب " (2/9/1015) من طريق الحسن بن علي بن زياد: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثنا ابن أبي الزناد مثل رواية أبي حاتم. وللحسن هذا حديث آخر بإسناده هذا، وسيأتي إن شاء الله تعالى في " المجلد الثالث عشر " برقم (6150) . ثم إن الحديث منكر عندي يناقض بعضه آخره، لأن قوله: لا إله إلا الله، لا ينفعه ما دام لم يوجد في قلبه شيء من الإيمان إلا على مذهب بعض المرجئة الغلاة الذين لا يشترطون مع القول الإيمان القلبي. فتأمل. 2591 - (حفظ الغلام كالوسمة في الحجر، وفي رواية: كالنقش في حجر، وحفظ الرجل بعدما كبر ككتاب على الماء) . ضعيف رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (214/2) ، والديلمي (2/94 - 95) عن أبي العباس إسحاق بن محمد بن مروان: حدثنا أبي: حدثنا إسحاق بن وزير عن عبد الملك بن موسى عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ عبد الملك بن موسى لم أعرفه، ويحتمل أن يكون الطويل الذي روى عن أنس؛ قال الذهبي: " لا يدرى من هو، وقال الأزدي: منكر الحديث ". وإسحاق بن وزير؛ قال الذهبي: " لا يدرى من ذا؟ قال أبو حاتم: مجهول ". الحديث: 2591 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 وإسحاق بن محمد بن مروان - وهو الكوفي القطان - أخو جعفر؛ قال الدارقطني: " ليسا ممن يحتج بحديثهما ". والحديث عزاه السيوطي للخطيب في " الجامع " عن ابن عباس. وبيض المناوي لإسناده فلم يتكلم عليه بشيء. 2592 - (جهد البلاء كثرة العيال مع قلة الشيء) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " ما انتقاه ابن مردويه على الطبراني " (124/1) من طريق إسماعيل بن عياش عن حسان بن عبيد الله عن إياس بن معاوية بن قرة] عن أبيه [قال: سمعت] عبد الله بن [عمر رضي الله عنهما يقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حسان بن عبيد الله لم أعرفه. وإسماعيل ضعيف في روايته عن غير الشاميين ولعل هذه منها، فإني لم أدر نسبة حسان هذا. والحديث عزاه السيوطي للحاكم في " التاريخ " عن ابن عمر. وبيض لإسناده المناوي فلم يتكلم عليه بشيء. ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي (2/40/2 - الغرائب الملتقطة) . الحديث: 2592 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 أخرجه من طريق الحاكم: حدثنا أبو نعيم الجرجاني - وهو غير أبي نعيم الأصبهاني، ومتقدم عليه - بسنده عن ابن عياش به. ووقع فيه (حسان بن عبد الله) مكبرا، والله أعلم. ومنه استدركت الزيادتين، ولا أدري أسقطتا من قلمي أم من الأصل؛ فإنه في دار الكتب الظاهرية مما كنت نسخته من عشرات السنين. (فائدة) : ذكر السيوطي في مقدمة " الجامع الكبير ": أن كل ما كان معزوا عنده للعقيلي في " الضعفاء "، وابن عدي في " الكامل "، وابن عساكر في " التاريخ "، أو للحكيم الترمذي في " نوادر الأصول "، أو الحاكم في " تاريخه "، أو للديلمي في " مسند الفردوس "؛ فهو ضعيف، قال: فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه. وهذه فائدة من هذا الحافظ ينبغي حفظها، ولكنها غالبية عندي غير مضطردة. 2593 - (كيف بكم إذا كنتم من دينكم كرؤية الهلال) . ضعيف رواه تمام في " الفوائد " (255/2 - رقم 2482) عن نصر بن قتيبة: حدثنا داود بن رشيد: حدثنا الوليد بن مسلم عن صدقة بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وعن تمام رواه ابن عساكر (17/275/2) وإليه وحده عزاه السيوطي! وبيض له المناوي! قلت: وهذا إسناد ضعيف، صدقة بن يزيد - وهو الخراساني - ضعفه أحمد وغيره، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان: الحديث: 2593 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 " لا يجوز الاشتغال بحديثه، ولا الاحتجاج به ". ونصر بن قتيبة؛ لم أعرفه. ومن طريق الخراساني رواه ابن عساكر أيضا بلفظ: " كيف أنتم إذا كنتم من دينكم في مثل القمر ليلة البدر، لا يبصره منكم إلا البصير ". وبه أعله المناوي. 2594 - (كيف أنتم إذا جارت عليكم الولاة؟) . ضعيف أخرجه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (2/26/2) ، وابن عدي (248/2) وابن حبان في " الثقات " (6/205) في ترجمة " حجاج بن محمد بن سليمان الخولاني " والطبراني في " المعجم الأوسط " (5/145 - 146) من طريق عمر بن بلال أبي الفضل القرشي قال: رأيت عبد الله بن بسر المازني في المسجد - يعني مسجد حمص - فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ، لأن عمر بن بلال هذا ينفرد به، وعمر ليس بالمعروف ". قلت: ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الكبير " كما في " فيض القدير " وقال في " التيسير ": " إسناد ضعيف، وقول المؤلف: " حسن " غير حسن ". الحديث: 2594 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 2595 - (من علم آية من كتاب الله، أو بابا من علم، أنمى الله أجره إلى يوم القيامة) . الحديث: 2595 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 ضعيف. رواه ابن عساكر (16/394/1) عن معاوية بن يحيى أبي مطيع الدمشقي عن محمد بن عبد الرحمن عن ليث عن يحيى بن عباد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف مختلط. وأبو مطيع الدمشقي؛ صدوق له أوهام؛ كما في " التقريب ". ومحمد بن عبد الرحمن؛ لعله ابن عرق اليحصبي الحمصي وهو صدوق. والحديث مما بيض له المناوي. قلت: وفي معناه حديث آخر يغني عن هذا خرجته في الصحيحة (1335) . وروى أبو نعيم في " الحلية " (8/224) من طريق يحيى بن عمر الثقفي عن محمد بن النضر عن الوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من علم آية من كتاب الله أو كلمة من دين الله جنى الله له من الثواب جنيا، وليس شيء أفضل من شيء يليه بنفسه ". وهذا إسناد ضعيف معضل مظلم؛ من دون الأوزاعي لم أعرفهما، وقد أورده أبو نعيم في ترجمة محمد بن النضر هذا وهو الحارثي، أورده ابن أبي حاتم (4/1/110) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2596 - (تحفة الصائم الدهن والمجمر) . موضوع رواه الترمذي (1/153) ، وأبو جعفر الرزاز في " حديثه " (4/82/1) ، والطبراني (1/274/1) ، والبيهقي في " الشعب " (3/420 - 421) عن أبي معاوية عن سعد بن طريف عن عمير بن مأمون بن زرارة - هكذا قال أبو معاوية - عن الحسن بن علي بن أبي طالب مرفوعا. وكذا رواه ابن الحديث: 2596 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 عدي (173/1) وقال ابن عدي: " سعد بن طريف أحاديثه كلها لا يرويها غيره وهو ضعيف جدا ". وقال الترمذي: " حديث غريب ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث سعد بن طريف، وهو يضعف ". قلت: وقال ابن معين: " لا يحل لأحد أن يروي عنه ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث على الفور ". قلت: وعمير بن مأمون؛ قال الدارقطني: " لا شيء ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الترمذي والبيهقي عن الحسن بن علي، وقال شارحه المناوي: " قال الديلمي: وسعد وعمير ضعيفان، وقال ابن الجوزي: لا يعرف إلا من حديث سعد، وقد قال يحيى: لا تحل الرواية عنه، وقال ابن حبان: يضع الحديث، وقال الذهبي: تركه واتهمه ابن حبان ". والحديث مضى برقم (1789) بلفظ أتم منه. 2597 - (إذا دعا أحدكم بدعوة فلم يستجب له، كتبت له حسنة) . ضعيف أخرجه الخطيب في " التاريخ " (12/205) عن عباس بن محمد الدوري: حدثنا عمرو بن أيوب - إمام مسجد عصام وكان من العباد -: حدثنا الحديث: 2597 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 جرير بن عبد الحميد عن منصور عن هلال بن يساف قال: حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، هلال بن يساف؛ تابعي ثقة. وعمرو بن أيوب؛ ساق له الخطيب هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأشار الذهبي إلى جهالته بقوله: " ما روى عنه سوى عباس بهذا ". وتبعه الحافظ. 2598 - (إن الذكر في سبيل الله تعالى يضعف فوق النفقة بسبع مئة ضعف) . ضعيف أخرجه أحمد (3/438) ، والطبراني (ق 78/1) من طرق عن ابن لهيعة: حدثني زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل زبان بن فائد، قال الحافظ: " ضعيف مع صلاحه وعبادته ". قلت: وابن لهيعة ضعيف أيضا من قبل حفظه، وقد اضطرب في إسناده فرواه مرة هكذا، ومرة قال: حدثنا خير بن نعيم الحضرمي القاضي عن سهل بن معاذ به! إلا أنه قال: " بسبع مئة ألف ضعف "! أخرجه أحمد (3/440) ، والطبراني إلا أنه قال: " مئة ضعف ". الحديث: 2598 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 وقد تابعه على الوجه الأول رشدين عن زبان بن فائد به. أخرجه الطبراني، وكذا أحمد (3/438) إلا أنه سقط من إسناده رشدين وهو ابن سعد؛ وهو ضعيف أيضا. 2599 - (إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته، فليأت أهله، فإن البضع واحد، ومعها مثل الذي معها) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه الخطيب في ترجمة الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب أبي عبد الله البزار يعرف بابن القادسي؛ فقال في " تاريخه " (8/16) : سمعته في " جامع المدينة " يقول: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك - إملاء -: حدثنا محمد بن يونس بن موسى: حدثنا أيوب بن عمر أبو سلمة الغفاري: حدثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ثم أطال في ترجمته بما يؤخذ منها أنه كان يكذب ويحدث بالأحاديث الموضوعة. ومن الغريب أن الذهبي ثم العسقلاني لم يترجما له في كتابيهما. ثم إن محمد بن يونس بن موسى - وهو الكديمي - وضاع أيضا. وأيوب بن عمر الغفاري؛ لم أعرفه. ويزيد بن عبد الملك النوفلي؛ وهو ضعيف. وفي الباب ما يغني عن هذا الحديث فانظر " المشكاة " (3105 و 3108) . الحديث: 2599 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 2600 - (من فقه الرجل المسلم أن يصلح معيشته، وليس من حبك الدنيا طلب ما يصلحك) . موضوع أخرجه ابن عدي (ق 175/1) ، وعنه البيهقي في " الشعب " الحديث: 2600 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 (2/279/1 - 2) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة عن عبد الله بن عمر مرفوعا. وقال البيهقي: " تفرد به سعيد بن سنان هذا ". قلت: وهو متهم، قال الحافظ: " متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع ". وللشطر الأول منه شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: " .... رفقه في معيشته ". أخرجه أحمد (5/194) ، وابن عدي (37/2) ، وعنه البيهقي (2/279/2) من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو بكر هذا كان اختلط. ثم إنه منقطع بين ضمرة وأبي الدرداء، وقد جاء عنه موقوفا فانظر الرقم المتقدم (556) . 2601 - (إذا راح منا سبعون رجلا إلى الجمعة، كانوا كسبعين موسى الذين وفدوا إلى ربهم؛ أو أفضل) . موضوع أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/51) عن أحمد بن بكر البالسي: حدثنا خالد بن يزيد القسري عن وائل بن داود عن الحسن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " لم يروه عن وائل إلا خالد؟، تفرد به أحمد ". قلت: قال الأزدي: " كان يضع الحديث ". وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (2/176) . الحديث: 2601 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 والقسري؛ ضعيف. والحسن - وهو البصري - مدلس؛ وقد عنعنه. 2602 - (إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك، فيقول: يارب! قد عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم به، وقرأ ابن عباس: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان) إلى آخر الآية) . موضوع رواه الطبراني (3/153 - 154) وفي " المعجم الصغير " (133 - هندية) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: أخبرنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، أظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته ابن غزوان هذا، قال الذهبي: " حدث بوقاحة عن مالك وشريك وضمام بن إسماعيل ببلايا، قال الدارقطني وغيره: كان يضع الحديث، وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل ". وقال الحاكم: " روى عن مالك وإبراهيم بن سعد أحاديث موضوعة ". وشريك؛ هو ابن عبد الله القاضي؛ وهو سيىء الحفظ. الحديث: 2602 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 2603 - (إذا رأيتم الحريق فكبروا فإنه يطفئه) . ضعيف رواه العقيلي في " الضعفاء " (219) : حدثنا أحمد بن زكريا الحديث: 2603 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 العائدي قال: حدثنا أبو جعفر ميمون بن الأصبغ النصيبي قال: سمعت ابن أبي مريم يقول: أخبرنا القاسم بن عبد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قال ابن أبي مريم: " هذا الحديث سمعه ابن لهيعة من زياد بن يونس الحضرمي - رجل كان يسمع معنا الحديث - عن القاسم بن عبد الله بن عمر، وكان ابن لهيعة يستحسنه، ثم إنه بعد قال: إنه يرويه عن عمرو بن شعيب ". قلت: القاسم هذا كذاب؛ كما قال ابن معين. وقال أحمد: " يكذب ويضع الحديث ". وبقية رجال الإسناد ثقات؛ غير العائدي هذا فإني لم أجد له ترجمة، فإذا ثبت هذا السند فيكون من وراه عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به، قد دلسه ابن لهيعة، ولعله لهذا وصفه ابن حبان بأنه " كان يدلس عن أقوام ضعفاء على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فألزق تلك الموضوعات بهم ". قلت: ولعل ابن لهيعة لم يفعل ذلك عمدا بل خطأ لسوء حفظه. والله أعلم. وقد أخرجه ابن عدي (211/2) عن محمد بن معاوية النيسابوري: حدثني ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به، وقال: " لا أعلم يرويه غير ابن لهيعة وعبد الرحمن بن الحارث ". ورواه الطبراني في " الدعاء " (2/1266/1002) ، والثقفي في " الثقفيات " (ج 10 رقم 34) عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب: حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عياش المخزومي عن عمرو بن شعيب به. وكذا رواه ابن عساكر (14/340/1) ، وابن السني (رقم 289 - 292) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 والقاسم هذا متروك؛ رماه أحمد بالكذب، كما قال الحافظ في " التقريب ". وله شاهد من حديث أبي النضر يحيى بن كثير صاحب البصري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا. أخرجه الدولابي (2/137) . وأبو النضر هذا ضعيف؛ كما في " التقريب ". وروي من حديث ابن عمر؛ أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (373) عن أبي الحريش أحمد بن عيسى الكيلاني: حدثنا أحمد بن عبد الله المخرمي: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن أبيه وعمه عن نافع عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عبد الرحمن بن عبد الله هذا؛ قال الذهبي: " هالك ". وأبوه ضعيف، ومن دونهما لم أعرفهما. ومن حديث أبي هريرة؛ يرويه عثمان بن طالوت بن عباد: حدثنا أيوب بن نوح المطوعي قال: حدثني أبي: حدثني محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عنه مرفوعا. أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " (ق 79/2) ، والطبراني في " الدعاء " (1001) ، و " الأوسط " كما في " المجمع " (10/138) للهيثمي وقال: " وفيه من لم أعرفهم ". يشير إلى أيوب بن نوح المطوعي وأبيه، فإني لم أجد لهما ترجمة لا في " الجرح " ولا في " ثقات ابن حبان "! ثم أخرجه الطبراني (1003) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب به. وهذه متابعة هزيلة للقاسم بن عبد الله بن عمر من أخيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، وهو مثله في الوهاء، قال أحمد في " العلل " (2/157) : " كان كذابا ". وفي " التقريب ": " متروك ". قلت: فلا أدري لم سكت عنه المعلق على أسانيد الحديث عند الطبراني دون هذا! 2604 - (أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من منعك، وتصفح عمن شتمك) . ضعيف أخرجه أحمد (3/438) ، والطبراني (78/2) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 105/1) من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل زبان بن فائد. الحديث: 2604 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 2605 - (لكل شيء مفتاح، ومفتاح السماوات قول: لا إله إلا الله) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " (ق 79/2 - المنتقى منه) عن داود بن بكر التستري: حدثنا حبان بن أغلب بن تميم: حدثنا أبي: حدثنا المعلى بن زياد عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2605 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، له ثلاث علل: الأولى: أغلب بن تميم؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال ابن حبان: " منكر الحديث، خرج عن حد الاحتجاج به لكثرة خطئه ". وبه وحده أعله الهيثمي كما نقله المناوي. الثانية: ابنه حبان؛ وهاه أبو حفص الفلاس. وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث ". الثالثة: داود بن بكر التستري؛ لم يترجموه. 2606 - (أيما قوم نودي فيهم بالأذان صباحا إلا كانوا في أمان الله حتى يمسوا، وأيما قوم نودي فيهم بالأذان مساء إلا كانوا في أمان الله حتى يصبحوا) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني (20/214/498) بإسناد الذي قبله عن معقل بن يسار مرفوعا. وقال الهيثمي في " المجمع " (1/328) : " وفيه أغلب بن تميم وهو ضعيف ". قلت: هو أسوأ حالا مما ذكر، وفيه علتان أخريان كما سبق آنفا. الحديث: 2606 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 2607 - (كل ما توعدون في مئة سنة) . ضعيف أخرجه البزار في " مسنده " (235 - زوائده) من طريق عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البزار أو مختصره الهيثمي: " صحيح "! وقال في " مجمع الزوائد " (7/257) : " رواه البزار وإسناده حسن "! قلت: وكل ذلك بعيد عن الصواب، فإن عباد بن منصور هذا ضعيف؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، رمي بالقدر، وكان يدلس، وتغير بآخره ". وقال المناوي في " الفيض ": " ورواه ابن الجوزي، وأعله ". كذا، ولم يزد وقد عرفت العلة. الحديث: 2607 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 2608 - (كل بنيان وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا - وأشار بكفه - وكل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الكبير " (ق 81/2 - المنتقى منه) عن هاني بن المتوكل الإسكندراني: حدثنا بقية بن الوليد عن الأوزاعي عن مكحول الحديث: 2608 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ مكحول وبقية مدلسان؛ وقد عنعناه. وهاني بن المتوكل؛ قال أبو حاتم: " أدركته ولم أكتب عنه ". قلت: وهذا كناية عن شدة ضعفه. وقال ابن حبان: " كان تدخل عليه المناكير، وكثرت، فلا يجوز الاحتجاج به بحال ". وقد أشار المنذري في " الترغيب " (1/78) إلى إعلال الحديث به. 2609 - (شر المجالس الأسواق والطرق، وخير المجالس المساجد، فإن لم تجلس في المسجد، فالزم بيتك) . موضوع أخرجه الطبراني في " الكبير " (81/2 - المنتقى منه) من طريق بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الترجماني: حدثنا أيوب بن مدرك، كلاهما عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وهذا موضوع من الطريقين؛ بشر بن عون؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " له نسخة باطلة عن بكار بن تميم عن مكحول ". وكأنه أخذه من قول ابن حبان: " له نسخة نحو مئة حديث كلها موضوعة ". وبكار بن تميم؛ قال في " الضعفاء ": الحديث: 2609 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 " لا يعرف ". وأيوب بن مدرك؛ قال ابن حبان: " روى عن مكحول نسخة موضوعة، لم يره ". قلت: ولعله سرقها منه بشر بن عون المتقدم، أو العكس. 2610 - (طوبى لمن أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله، فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة، كل حسنة منها عشرة أضعاف، مع الذي له عند الله من المزيد، قيل: يا رسول الله! أفرأيت النفقة؟ فقال: النفقة على قدر ذلك) . ضعيف أخرجه الطبراني (87/2 - منتقى منه) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني يحيى بن أيوب عن رجل: حدثه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الرجل الذي لم يسم؛ فهو مجهول. وبه وحده أعله المنذري (2/157) ، والهيثمي (5/282) !! الثانية: عبد الله بن صالح؛ قال الحافظ: " صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". الثالثة: بكر بن سهل؛ وهو أبو محمد الدمياطي، قال الذهبي: " حمل الناس عنه، وهو مقارب الحال، قال النسائي: ضعيف ". الحديث: 2610 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 2611 - (أعظم الخطايا اللسان الكذوب) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/123) من طريق ابن لال معلقا عن سليمان بن أبي شيخ: حدثنا أبي: حدثنا الحسن بن عمارة عن عبد الرحمن بن عابس عن عامر بن ربيعة عن ابن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ الحسن بن عمارة متروك باتفاق؛ كما قال الذهبي في " الضعفاء ". وسليمان بن أبي شيخ وأبوه؛ لم أعرفهما. ثم إن فيه انقطاعا، وعامر بن ربيعة صحابي، ولم يدركه ابن عابس. ورواه ابن عدي في مقدمة " الكامل " (ص 76 - بغداد) ، وعنه الضياء في " المختارة " (10/105/1) من طريق أيوب بن سويد عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا به. وقال ابن عدي: " ولا أعلم يروي هذا الحديث عن الثوري غير أيوب بن سويد ". قلت: قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه أحمد وغيره ". وروي من حديث عقبة بن عامر مرفوعا به. أخرجه ابن عدي، والقضاعي (109/1 - 2) من طريق عبد العزيز بن عمران قال: أخبرنا عبد الله بن مصعب بن منظور قال: أنبأنا أبي قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره. قلت: وعبد العزيز بن عمران هذا - وهو الزهري المدني - متروك؛ كما قال النسائي وغيره. الحديث: 2611 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 2612 - (إذا رجف قلب المؤمن في سبيل الله تحاتت خطاياه كما تحاتت عذق النخلة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/367) عن عمرو بن الحصين: حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته عمرو بن الحصين هذا؛ وهو كذاب؛ كما قال الخطيب وغيره، وقال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه ". وعبد العزيز بن مسلم هو القسملي؛ وهو ثقة من رجال الشيخين، روى عن الأعمش وغيره. وليس هو الأنصاري الذي قال فيه الذهبي: " فيه جهالة "، كما ظن المناوي، فإنهم لم يذكروا له رواية عن الأعمش. والله أعلم. الحديث: 2612 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 2613 - (إذا رجع أحدكم من سفره، فليرجع إلى أهله بهدية، وإن لم يجد إلا أن يلقي في مخلاته حجرا أو حزمة حطب، فإن ذلك مما يعجبهم) . ضعيف جدا أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/28) من طريق أبي إسماعيل حفص بن عمر الأبلي قال: حدثنا ثور بن يزيد قال: حدثني يزيد بن مرثد عن أبي رهم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ آفته حفص هذا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه، وهو العدني، يعرف بـ (الفرخ) ، قال النسائي: ليس بثقة ". الحديث: 2613 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/58/2) لابن شاهين في " الأفراد " وابن النجار عن أبي رهم. وفي معناه حديثان آخران واهيان تقدما (1436 و 1437) . ثم رأيت الحديث عند ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " أخرجه (10/24/2) من طريق ابن شاهين: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب الشيباني بدمشق: حدثنا إبراهيم بن مرزوق عن يزيد بن مرثد به. والشيباني هذا لم أعرفه، فيراجع ترجمته في " تاريخ دمشق " لابن عساكر فإن نسخة الظاهرية فيها خرم. 2614 - (علماء حكماء كادوا من صدقهم أن يكونوا أنبياء) . منكر رواه أبو سعد النيسايوري في " الأربعين " وهو الحديث التاسع والثلاثون، وأبو نعيم في " الحلية " (9/279) عن أحمد بن علي الخزاز قال: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: حدثني شيخ بساحل دمشق يقال له: علقمة بن يزيد الأزدي: حدثني أبي عن جدي قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة من قومي فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه ما رأى من سمتنا وزينا فقال: ما أنتم؟ قلنا: مؤمنين، فتبسم رسوال الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن لكل قول حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟ " قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا رسلك أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية ونحن عليها إلا أن تكره منها شيئا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 2614 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 " وما الخمس التي أمرتكم رسلي أن تؤمنوا بها؟ ". (قلت: فذكروا أركان الإيمان ثم أركان الإسلام الخمسة المعروفة) . قال: " وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ ". قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق في مواطن اللقاء، والصبر عند شماته الأعداء، وإكرام الضيف. فقال النبي صلى الله عيه وسلم: فذكر الحديث. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأنا أزيدكم خمسا، فيتم لكم عشرون خصلة: إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تكسبون، ولا تنافسوا في شيء غدا عنه تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون ". قال أبو سليمان: قال لي علقمة بن يزيد: فانصرف القوم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظوا وصيته وعملوا بها، ولا والله يا أبا سليمان ما بقي من أولئك النفر وأولادهم أحد غيري. قال: وبقي إلى أيام قلائل ثم مات رضي الله عنه. ثم قال النيسابوري عن شيخه أبي مسعود البجلي: " غريب من حديث أحمد بن عبد الله بن ميمون بن أبي الحواري عن أبي سليمان الزاهد تفرد به أحمد علي الخزاز ". قلت: كلا، بل تابعه الحسين بن علي بن محمد الخزاز قال: سمعت أحمد ابن أبي الحواري به. أخرجه الضياء في الثالث من " الحكايات المنثورة " (149-150) ولكني أخشى أن يكون في النسخة تحريف، فقد قال أبو نعيم أيضا: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 " لم نكتبه إلا من حديث أبي سليمان تفرد به عنه أحمد بن أبي الحواري ". قلت: وهو ثقة كما في " التقريب "، وأما شيخه أبو سليمان الداراني واسمه عبد الرحمن بن أحمد - فهو رجل مشهور بالصلاح والزهد ولكنهم لم يذكروا حاله في رواية الحديث، ويبدو أنه قليل الحديث جدا، فقد ترجمة ابن أبي حاتم (2/2/214) ، وأبو نعيم في " الحلية " (9/254-280) ،والخطيب (10/248-250) ، والسمعاني في " الأنساب " (216/2) ، وابن عساكر (9/410/2-420/1) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، وإنما وصفوه بنحو ما ذكرنا في أول الترجمة. وقال الخطيب: " ولا أحفظ له حديثا مسندا غير حديث واحد، لكن له حكايات كثيرة يرويها عنه أحمد بن أبي الحواري الدمشقي ". ثم ساق له الحديث الآتي (4616) بلفظ: " من صلى قبل الظهر أربعا غفر له ذنوبه يومه ذلك ". واستدرك عليه الحافظ ابن عساكر هذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه، وهو حديث منكر ولعل الآفة من شيخه، فقد أورده في " الميزان " فقال: " عن أبيه عن جده، لا يعرف، وأتى بخبر منكر، فلا يحتج به ". وأقره الحافظ في " اللسان " ولعلهما يشيران إلى هذا الحديث. ثم رأيته في " تاريخ قزوين " (2/74) من طريق أحمد بن خلف الدمشقي سمعت أحمد بن أبي الحواري به. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 2615 - (إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع أليتيك بين قدميك، وألزق ظاهر قدميك بالأرض) . موضوع أخرجه ابن ماجه (896) عن العلاء أبي محمد قال: سمعت أنس بن مالك يقول قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته العلاء هذا وهو ابن زيدل، قال الذهبي في " الضعفاء ": " قال ابن المديني: كان يضع الحديث ". وقوله: " وألزق ظاهر قدميك بالأرض " باطل مخالف لسنة نصب اليمنى كما هوظاهر. الحديث: 2615 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 2616 - (ما من قاض من قضاة المسلمين إلا معه ملكان يسد دانه إلى الحق ما لم يرد غيره وجار متعمدا تبرأ منه الملكان ووكلاه إلى نفسه) . موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (18/240/602) من الطريق يحيى بن يزيد عن زيد بن أبي أنيسة عن نفيع بن الحارث عن عمران بن حصين مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته نفيع هذا - وهو أبو داود الأعمى - وهو كذاب، كما قال الهيثمي (4/194) . ويحيى بن يزيد - وهو الرهاوي - مختلف فيه، وقال الحافظ: " مقبول ". الحديث: 2616 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 وقد روي الحديث باسناد آخر خير من هذا عن أنس مختصرا، وقد مضى برقم (1154) . وقريبا (2539) . 2617 - (أكثروا ذكر الله على كل حال، فإنه ليس عمل أحب إلى الله تعالى، ولا أنجى لعبد من كل سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله تعالى) . موضوع أخرجه الضياء في " المختارة " (7/112/1) من طريق بكر بن خنيس عن أبي عبد الرحمن عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وتمامه: فقال قائل: ولا القتال في سبيل الله يارسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا ذكر الله تعالى لم نؤمر بالقتال في سبيل الله، ولو اجتمع الناس على شيء مما أمروا به من ذكر الله ما كتب الله القتال على عباده، وإن ذكر الله تعالى لا يمنعكم من القتال في سبيله، بل هو عون لكم على ذلك، فقولوا: لا إله إلا الله والله أكبر، وقولوا: سبحان الله، وقولوا: الحمد لله، وقولوا: تبارك الله، فإنهن خمس لا يعدلهن شيء، عليهن فطر الله عز وجل ملائكته، ومن أجلهن رفع سماءه، ودحا أرضه، ولهن جبل إنسه وجنه، وفرض عليهن فرائضه، ولا يقبل الله ذكره إلا ممن اتقى وطهر قلبه، وأكرموا الله أن يرى ما نهاكم عنه ". فقالوا: يا رسول الله! فإن ذكر الله لا يكفينا من الجهاد؟ ، فقال: " ولا الجهاد يكفي من ذكر الله، ولا يصلح الجهاد إلا بذكر الله. . . ". الحديث بطوله. الحديث: 2617 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 قلت: وهذا موضوع، آفته أبو عبد الرحمن هذا وهو الشامي، قال الأزدي: " كذاب ". واعتمده الذهبي في " الضعفاء "، وقال في " الميزان ": " قلت: لعله المصلوب ". وأقره الحافظ في " اللسان ". ثم رأيت حديث الترجمة أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (1/318-319) من طريق بن زرارة الأنصاري عن أبي عبد الرحمن بن غنم به، لم يزكر فيه عبادة. وأخرجه البيهقي في " الشعب " (1/319) من طريق مروان بن سالم عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به مختصرا، وقال: " تفرد به مروان بن سالم ". قلت: وهو الغفاري الجزري، قال الحافظ: " متروك، ورماه الساجي وغيره بالوضع ". 2618 - (إذا كنتم في سفر فأقلوا المكث في المنازل) . موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/52) ، وعنه الديلمي في " مسنده " (1/1/145) عن يحيى بن أبي بكير: حدثنا المعلى عن عبد الله آبن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته المعلى - وهو ابن هلال الطحان - فإنه يروي عن ابن أبي نجيح كثيرا، كما قال الحافظ في " اللسان "، وقال في " التقريب ": الحديث: 2618 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 اتفق النقاد على تكذيبه ". وقال الذهبى في "الضعفاء ": " هو ممن يضع الحديث ". ولم يتنبه له المناوي، فأخذ يعل الحديث بمن دونه، فقال: " وفيه الحسن بن علي الأهوازي: اتهمه وكذبه ابن عساكر ". 2619 - (ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا) . ضعيف رواه الطبراني (3/206/1) عن مصعب بن سعيد أبي خيثمة عن موسى بن أعين: أخبرنا أبو شهاب الحناط عن فطر عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إستاذ ضعيف من أجل مصعب هذا، فإنه ضعيف. وله شاهد من حديث أنس أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/93/2- زوائده) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/245) من طريقين عن يوسف بن أسباط: حدثنا عائذ بن شريح عنه مرفوعا، وقالا: " لم يروه عن عائذ إلا يوسف ". ورواه الحكيم الترمذي " الرياضة " (115) ، وأبو نعيم من طريق أبي الأحوص: حدثنا يوسف بن أسباط عن رجل عن أنس به. قلت: ويوسف بن أسباط أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " وثقه يحيى، وقال أبو حاتم: لا يحتج به ". وعائذ بن شريح، قال الذهبي في " الضعفاء ": الحديث: 2619 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 " مجمع على ضعفه، ولم يترك ". والحديث أشار المنذري في " الترغيب " (2/17) إلى تضعيفه من الوجهين عن ابن عمر وأنس وعزى الثاني لابن حبان أيضا في " الضعفاء ". 2620 - (إذا رد الله إلى العبد المسلم نفسه من الليل فسبحه واستغفره ودعاه، تقبل منه) . ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (749) عن سعيد بن زربي عن الحسن عن جبير بن ثور، أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فزكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، جبير بن ثور، لم أعرفه. والحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه. وسعيد بن زربي، قال البخاري: " عنده عجائب ". وكذا قال أبو حاتم وزاد: " من المناكير ". وقال ابن حبان: " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته ". (تنبيه) : هكذا وقع الحديث عند ابن السني، وقد عزاه في " الفتح الكبير " إليه وإلى الخرائطي في " مكارم الأخلاق " عن أبي هريرة بلفظ: " إذا رد الله على العبد المسلم روحه من الليل، فسبحه، ومجده، واستغفره؛ غفر له ما تقدم من ذنبه، وإن هو قام فتوضأ وصلى، فذكره، واستغفره ودعاه؛ تقبل منه ". فلعل هذا لفظ الخرائطي وحده، فإن لفظ ابن السني مختصر ويختلف عنه في الحديث: 2620 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 بعض الحرف كما ترى. ثم رأيت الحديث في " مكارم الأخلاق " (2/909/1011) . فإذا هو عنده بهذا اللفظ. لكن بإسناد آخر؛ من طريق أبي جعفر: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، فذكره مرفوعا. قلت: وأبو جعفر هذا هو المؤذن الأنصاري، وهو مجهول كما نص عليه غير واحد، وهو راوي حديث " إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره ". وهو مخرج في " ضعيف أبي داود " (97) وغيره. ومن الأوهام الفاحشة ما زعمته الدكتورة (سعاد) في تعليقها على " المكارم " أن أبا جعفر هذا هو (محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر) الثقة، وعلى ذلك قالت: " إسناده صحيح رجاله ثقات "! هذا مع تصريح الحافظ وغيره بأنه ليس به، وأنه لم يسمع من أبي هريرة، فأنى له الصحة! 2621 - (إن لكل شيء أنفة، وإن أنفة الصلاة التكبيرة الأولى، فحافظوا عليها) . ضعيف أخرجه البزار (ص 60 - زوائده) ، وأبو نعيم في " الحلية " (5/177) من طريق يزيد بن سنان أبي فروة: حدثنا أبو عبيد الحاجب قال: سمعت شيخا في المسجد الحرام يقول: قال أبو الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) قال أبو عبيد: فحدثت به رجاء بن حيوة، فقال: حدثتنيه أم الدرداء عن أبي الدرداء [عن النبي صلى الله عليه وسلم] ، وقالا: " لا نعلمه يروى مرفوعا إلا بهذا الإسناد ". قال البزار: الحديث: 2621 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 " وقد روي بعض كلامه بغير لفظ "! قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي؛ ضعيف. وقول البزار المتقدم يبدو أن في النسخة سقطا أو تحريفا فإنها سيئة جدا، ولعل المراد أنه روي بعضه من كلام أبي الدرداء موقوفا عليه بلفظ آخر. فقد أخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/88/2) من طريق سالم قال: قال أبو الدرداء: " لكل شيء شعار، وشعار الصلاة التكبير ". ورجاله ثقات رجال البخاري، لكنه منقطع، فإن سالما هذا - وهو ابن أبي الجعد - لم يدرك أبا الدرداء كما قال أبو حاتم. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (2/103) مرفوعا ثم قال: " رواه البزار والطبراني في " الكبير " بنحوه موقوفا، وفيه رجل لم يسم ". (تنبيه) : عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لابن أبي شيبة والطبراني في " الكبير " عن أبي الدرداء، يعني مرفوعا. وقد عرفت من هذا التخريج أنه عندهما موقوف، وأن المرفوع إنما هو عند البزار وأبو نعيم، فلو أنه عزاه إليهما لكان أصاب. وقد زاد في " الجامع الكبير " (1/210/2) على المصدرين السابقين: البيهقي في " الشعب " - وهو فيه برقم (2907) ، مرفوعا -؛ فلعل السيوطي استجاز أن يضم إليه المصدرين المذكورين تسامحا منه، ثم هو عندما أورده في " الصغير " نسي ذلك فاختصر من المخرجين الثلاثة البيهقي، فكان هذا الخطأ والله تعالى يغفر لنا وله. 2622 - (إذا زالت الشمس فصلوا) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/185/1) من طريقين الحديث: 2622 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب: حدثني خباب قال: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء، فما أشكانا، وقال: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو إسحاق؛ وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ وهو مدلس على اختلاطه. وظاهر الحديث يخالف قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم ". فتأمل. 2623 - (إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم، وإن كان أصغركم، وإذا أمكم فهو أميركم) . ضعيف أخرجه البزار في " مسنده " (54 - زوائده) : حدثنا محمد بن حميد القطان الجنديسابوري: حدثنا عبد الله بن رشيد: حدثنا محمد بن الزبرقان: حدثنا ثور بن يزيد عن مهاصر بن حبيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة بهذا الإسناد ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير عبد الله بن رشيد وهو الجنديسابوري؛ قال ابن حبان في " الثقات ": " مستقيم الحديث ". الحديث: 2623 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 وقال البيهقي: " لا يحتج به ". ومحمد بن حميد القطان هذا؛ لم أعرفه، وكأن الحافظ الهيثمي أشار إليه بقوله في " المجمع " (5/255) : " رواه البزار، وفيه من لم أعرفه " ومنه يتبين أن قوله في مكان آخر (2/64) : " رواه البزار، وإسناده حسن) . أنه غير حسن. والحديث أخرجه الديلمي أيضا (1/1/162) . 2624 - (إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الأرض، عسى الله أن يفك عنه الغل يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/38/2) عن علي بن محمد بن عبيد النحاس: حدثني جدي عبيد بن محمد عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " لم يروه عن الزهري إلا ابن أبي ذئب ". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، لكن الراوي عنه عبيد بن محمد؛ قال ابن عدي في " الكامل " (ق 316/1) : " له أحاديث مناكير، يرويها عن ابن أبي ذئب وغيره، يروي تلك الأحاديث ابنه محمد بن عبيد بن محمد ". الحديث: 2624 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 كذا قال، وهذا الحديث من رواية حفيده علي بن محمد بن عبيد عنه، فلا أدري أخفي ذلك على ابن عدي أم هو وهم في قوله: " ابنه "، والصواب " حفيده "؟ والله أعلم. والحديث أعله الهيثمي (2/126) بعبيد هذا. 2625 - (سيكون قوم يتفقهون في الدين، يقرؤن القرآن، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم السلطان فأصبتم من دنياهم واعتزلتموهم بدينكم، ولا يكون ذلك كما لا يجنى من القتاد إلا الشوك، وكذا لا يجنى من قربهم إلا الخطايا) . ضعيف رواه ابن ماجه (1/112) ، والمروزي في " أخبار الشيوخ " (3/36/2) عن الوليد بن مسلم عن يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبيد الله هذا لم يرو عنه غير يحيى بن عبد الرحمن الكندي، فهو مجهول، ولم يوثقه أحد. والكندي هذا؛ وثقه الطبراني وابن حبان. لكن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (18/79/1) ، وإليه وحده عزاه السيوطي في " الجامع "! الحديث: 2625 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 2626 - (من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/134/1) من طريق إبراهيم بن سلم: حدثنا هاشم بن موسى الخصاف؛ حدثنا سليمان بن علي بن عبد الله الحديث: 2626 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 بن عباس: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به إبراهيم ". قلت: قال ابن عدي: " منكر الحديث، لا يعرف ". وذكره ابن حبان في " الثقات ". وهاشم بن موسى الخصاف؛ لم أجد له ترجمة. وسليمان بن علي؛ قال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وقال ابن حجر: " مقبول ". وقد أشار المنذري في " الترغيب " (3/4) لضعفه، وعزاه للأصبهاني أيضا. وقال الهيثمي (4/63) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه جماعة لم أعرفهم ". والأصبهاني أخرجه في " الترغيب " (1/454 - 455/1075) من طريق إبراهيم بن رشيد، قال: حدثني أخي العلاء بن رشيد: حدثنا داود بن علي بن عبد الله بن عباس به. قلت: و (داود بن علي) ، قال الذهبي في " المغني ": " ليس حديثه بحجة، قال ابن معين: أرجو أنه لا يكذب ". ومن دونه لم أجد لهما ترجمة. وأورده الغزالي في " الإحياء " بلفظ: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 " من أمس وانيا من طلب الحلال بات مغفورا له، وأصبح الله عنه راضيا ". لا نعرف له أصلا بهذا اللفظ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ العراقي بقوله في تخريجه: " أخرجه الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس: " من أمسى كالا ... ". وفيه ضعف ". (تنبيه) : وقع الحديث في " الترغيب " مصدرا بقوله: " وروي عن عائشة ... "؛ فذكر الحديث، ثم قال في تخريجه: " رواه الطبراني في " الأوسط "، والأصبهاني من حديث ابن عباس ". وهذا خلط عجيب، والحديث حديث ابن عباس، وبه كان ينبغي أن يصدر، ولا أصل له عن عائشة. 2627 - (إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها عنهم وحولها إلى غيرهم) . ضعيف أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/450) عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن نصر اللباد: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثني الوليد بن مسلم عن الوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة (زاد في رواية: عن نافع) عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي الحسن اللباد هذا فلم أعرفه، إلا أن الوليد بن مسلم مدلس تدليس التسوية وقد عنعنه. وقد رواه محمد بن حسان السمتي: حدثنا عبد الله أبو عثمان الحمصي عن الأوزاعي به؛ دون الزيادة. الحديث: 2627 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (رقم 5) ، وأبو نعيم في " الحلية " (6/115 و 110/215) وقال: " أبو عثمان هو عبد الله بن زيد الكلبي، تفرد عن الأوزاعي بهذا الحديث. ورواه أحمد بن يونس الضبي عن أبي عثمان، وسماه معاوية بن يحيى ". ثم ساقه (6/116) بإسناده عنه: حدثنا معاوية بن يحيى أبو عثمان: حدثنا الأوزاعي مثله. ومعاوية بن يحيى أبو عثمان؛ غير معروف في الرواة، ولعل تسميته بمعاوية بن يحيى خطأ من بعض الرواة، وإنما هو عبد الله بن زيد كما في الطريق التي قبلها؛ وهو حمصي؛ قال الأزدي: " ضعيف ". والراوي عنه محمد بن حسان السمتي؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال الدارقطني: ليس بالقوي ". 2628 - (إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه) . ضعيف أخرجه أحمد (3/42 - 43 و 54) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن موهب: حدثني عمي يعني عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن مولى لأبي سعيد الخدري: أنه كان مع أبي سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يفطن، قال: فالتفت إلى أبي سعيد، فقال: فذكره. الحديث: 2628 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب قال أحمد: " أحاديثه مناكير، لا يعرف ". وعبيد الله بن عبد الله؛ هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب، قال الحافظ: " ليس بالقوي ". 2629 - (إذا صليتم خلف أئمتكم، فأحسنوا طهوركم، فإنما يرتج على القارىء قراءته بسوء طهر المصلي خلفه) . موضوع رواه الديلمي (1/1/63) من طريق أبي الطيب محمد بن الفرخان بن روزنة: حدثنا علي بن أحمد العسكري: حدثنا عبد الله بن ميمون - من أهل بغداد -: أخبرنا عبد الله بن عون بن محرز: حدثنا أبو نعيم: حدثني الثوري عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بسورة الروم فارتج عليه، فلما قضى صلاته قال: .... " فذكره. قلت: كذا الأصل المصور: عبد الله بن عون بن محرز؛ ولم أعرفه، وقال المناوي: " وفيه محمد بن الفرخان، قال الخطيب: غير ثقة، وفي " الميزان ": خبر كذب، وعبد الله بن ميمون مجهول ". قلت: وقوله: " وفي " الميزان ": خبر كذب "؛ لا يعني هذا الحديث، وإنما حديثا آخر. الحديث: 2629 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 وكان في الأصل بعض الكلمات غير ظاهرة لسواد في أصله، فاستدركتها من " الفيض "، وكتب الرجال. 2630 - (إذا صليتم الصبح فافزعوا إلى الدعاء، وباكروا في طلب الحوائج، اللهم بارك لأمتي في بكورها) . ضعيف جدا رواه ابن عساكر (8/450/1) من طريق الخطيب؛ وهذا في تاريخه (12/155) عن العباس بن أحمد الشافعي البغدادي: حدثنا القاسم بن جعفر العلوي: حدثنا أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ القاسم هذا؛ قال الخطيب (12/443) : " حدث عن أبيه عن جده عن آبائه نسخة أكثرها مناكير ". والعباس بن أحمد؛ روى الخطيب عن أبي أحمد السراج قال: " لم يكن صدوقا ولا ثقة ولا مأمونا ". الحديث: 2630 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 2631 - (إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير) . موضوع رواه الروياني في " مسنده " (25/141/2) ، والبزار (3125) : أخبرنا أبو الخطاب: أخبرنا معمر بن محمد: أخبرني أبي عن جدي عن أبي رافع مرفوعا. ورواه الطبراني في " الصغير " (ص 229 - هندية) و " الأوسط " (9222) ، والشجري في " الأمالي " (1/129) من طريق أخرى عن معمر به. الحديث: 2631 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ وفيه علتان: الأولى: محمد هذا - وهو ابن عبيد الله بن أبي رفاع - وهو ضعيف جدا. الثانية: ابنه معمر؛ وهو أيضا ضعيف جدا، قال البخاري: " منكر الحديث ". قلت: ولكنه قد توبع، فأخرجه ابن أبي عاصم في " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (62/81) ، وابن حبان في " الضعفاء " (2/250) ، والطبراني في " الكبير " (1/48/2) عن حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله به. وحبان هو العنزي؛ وهو ضعيف. ومن طريقه أخرجه أبو موسى المديني في " اللطائف " (6/93/2) ، وكذا العقيلي في " الضعفاء " (390) وقال: " ليس له أصل، محمد بن عبيد الله بن أبي رافع قال البخاري: منكر الحديث، قال يحيى: ليس بشيء ". وقال الدارقطني: " متروك له معضلات ". ومن طريقه رواه ابن عدي (285/1) وابن حبان في المجروحين (2/250) . والحديث أورده ابن قيم الجوزية في " المنار " (ص 25) في فصل من فصول أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا فقال: " ومنها أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق "، فذكر أحاديث هذا أحدها وقال: " وكل حديث في طنين الأذن فهو كذب ". وتعقبه أبو غدة الكوثري الحلبي في تعليقه عليه (ص 65 - 66) فقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 " قلت: هذه الكلية معترضة بثبوت هذا الحديث المذكور، وهو حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: الحافظ الهيثمي في" مجمع الزوائد " (10/138) : " رواه الطبراني في - المعاجم - الثلاثة، والبزار باختصار كثير، وإسناد الطبراني في الكبير حسن ". وقال المناوي في " فيض القدير " (1/399) بعد نقله قول الهيثمي هذا: " وبه بطل قول من زعم ضعفه فضلا عن وضعه. بل أقول: المتن صحيح، فقد رواه ابن خزيمة في " صحيحه " باللفظ المذكور عن أبي رافع. وهو ممن التزم تخريج الصحيح، وبه شنعوا على ابن الجوزي ". قلت: ويعني لأن ابن الجوزي أورده في " الموضوعات " وهو الصواب عندي. وكلام المناوي الذي اغتر به ذاك الكوثري مما لا طائل تحته، بل هو (بقبقة في زقزقة) ، لأنه قائم على مجرد التقليد، الذي ليس فيه أي تحقيق؛ وبيانه من وجهين: الأول: أن الهيثمي وهم في تحسين إسناد " الكبير "، لأن مداره أيضا على محمد بن عبيد الله بن أبي رافع - كما رأيت -، وقد قال في " الصغير " و " الأوسط ": " لا يروى عن رافع إلا بهذا الإسناد "! والآخر: أن ابن خزيمة إن كان رواه بهذا الإسناد كما هو الغالب فلا قيمة له، وقد يكون هو نفسه قد أعله، كما هي عادته في " صحيحه " أحيانا، وإن كان رواه من طريق أخرى - وهذا بعيد جدا - فما هو؟ وقد بسطت الكلام على هذا في كتابي " الروض النضير " (960) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 2632 - (أترعون عن ذكر الفاجر، اذكروه ليعرفه الناس) . موضوع عزاه السيوطي للخطيب في " رواة مالك "، وذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة (أحمد ين سليمان الحراني الأرمني) ، وقال: " ليس بعمدة ". ثم ساق إسناده فقال: قال ابن الضريس: حدثنا إبراهيم بن مخلد: حدثنا أحمد بن سليمان الحراني: حدثنا مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعا به. ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن مالك أيضا عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " النوم خدر، الغشيان حدث ". وقال الذهبي وأقره العسقلاني: " فهذان موضوعان ". قلت: وحديث الترجمة أورده السيوطي في " الجامع الكبير " أيضا، وزاد أنه نقل عن الذهبي قوله فيه: إنه موضوع. وأقره. ومع ذلك سود به " الجامع الصغير "! والحديث معروف من رواية الجارود بن يزيد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. والجارود هذا متهم أيضا، وحديثه مخرج في " الروض النضير " برقم (877) . وممن رواه البيهقي في " الشعب " وقال عقبه (7/109) : " فهذا حديث يعد في أفراد الجارود بن يزيد عن بهز. وقد روي عن غيره؛ وليس بشيء ". الحديث: 2632 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 (تنبيه) لقد خلط المناوي في الكلام على حديث الترجمة خلطا عجيبا فقال في تخريجه: " وأخرجه البيهقي في " الشعب " من حديث الجارود عن بهز بن حكيم عن أبي عن جده مرفوعا. ثم قال: هذا يعد من أفراد الجارود وليس بشيء (!) وهو كما قال البخاري: " منكر الحديث "، وكان أبو أسامة يرميه بالكذب. هذا كلام الخطيب، فنسبته لمخرجه واقتطاعه من كلامه ما عقبه به من بيان حاله؛ غير مرضي. وقد قال في " الميزان ": إنه موضوع! والخلط ظاهر، فإن قول الميزان المذكور، إنما هو في حديث الترجمة، والجارود إنما هو في حديث بهز بن حكيم، فما رمى به السيوطي من الاقتطاع، ظلم. 2633 - (إذا علم العالم ولم يعمل كان كالمصباح يضيء للناس ويحرق نقسه) . موضوع عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لابن قانع في " معجمه " عن سليك الغطفاني. ولم يتكلم على إسناده شارحه المناوي، وكأنه لم يقف عليه، وقد رأيته في " مشيخة القاضي دانيال رواية محمد الكنجي " (107/2) رواه بسنده عن عبد الباقي بن قانع القاضي: حدثنا الحسين بن علي بن الأزهر بالكوفة: حدثنا عباد بن يعقوب: حدثنا أبو داود النخعي: حدثنا علي بن عبيد الله الغطفاني عن سليك به. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو داود النخعي؛ واسمه سليمان بن عمرو؛ كذاب كما قال الذهبي. ثم طبع " معجم الصحابة " لابن قانع فرأيت عنده (1/321/39) في الحديث: 2633 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 ترجمة (سليك الغطفاني) كما رواه عنه القاضي دانيال. لكن قد روي من طريق بلفظ: " مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه، مثل الفتيلة تضيء على الناس وتحرق نفسها ". وقد خرجتها في " الصحيحة " ضمن الحديث رقم (3379) . 2634 - (إذا فرغ أحدكم من طهوره فيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم يصلي علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الجنة) . موضوع رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/198) عن علي بن محمد بن عبد الوهاب المروذي: حدثنا يحيى بن هاشم: حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يحيى بن هاشم وهو السمسار؛ كذبه ابن معين. وقال ابن عدي: " كان يضع الحديث ". الحديث: 2634 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 2635 - (علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف) . منكر رواه الطيالسي في " مسنده " (3536) ، وابن بشران في " الكراس الأخير من الجزء الثلاثين " (4/1) ، ورواه ابن بشران في " الأمالي الفوائد " (2/127/1) ، وعبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2/227/1) ، وابن عبد البر في " الجامع " (1/128) ، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (247/1) ، وعفيف الدين أبو المعالي في " فضل العلم " (117/1) عن إسماعيل بن عياش الحمصي: حدثنا حميد بن أبي سويد عن عطاء بن أبي رباح عن الحديث: 2635 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (79/2) وقال: " وحميد بن أبي سويد أحاديثه عن عطاء غير محفوظة ". وفي " التقريب ": إنه مجهول. وفي " الميزان ": روى عنه إسماعيل بن عياش أحاديث منكرة لعل النكارة من إسماعيل ". ونقل المناوي عن البيهقي أنه قال في " الشعب ": " تفرد به حميد هذا وهو منكر الحديث ". 2636 - (إذا فاءت الأفياء، وهبت الأرياح، فارفعوا إلى الله حوائجكم فإنها ساعة الأوابين، (إنه كان للأوابين غفورا)) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/227) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن العباس البزاز - بأنطاكية -: حدثنا عثمان بن خرزاذ: حدثنا عبد الجبار بن العلاء: حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " غريب من حديث مسعر، لم نكتبه إلا عنه ". قلت: وهو ثقة، لكن شيخه إبراهيم السكسكي - وهو ابن عبد الرحمن - ضعيف الحفظ؛ كما قال الحافظ في " التقريب ". وعبد الله بن إبراهيم هذا لم أجد له ترجمة، وسائر الرواة ثقات. والحديث عزاه السيوطي لعبد الرزاق أيضا عن أبي سفيان مرسلا، وتعقبه المناوي بقوله: " أبو سفيان في التابعين متعدد، فكان ينبغي تمييزه ". قلت: الظاهر أنه (أبو سفيان بن أبي أحمد) ؛ فإن عبد الرزاق أخرجه من الحديث: 2636 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 طريق داود بن الحصين عنه. وداود هذا معروف بالرواية عن أبي سفيان هذا. وهو ثقة. لكن هذا لا يفيد هنا، لأن الراوي عن داود إنما هو (إبراهيم بن محمد) وهو ابن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. وعزاه السيوطي في " الزيادة على الجامع الصغير " وفي " الجامع الكبير " للبيهقي في " الشعب " عن علي رضي الله عنه بنحوه، وقد بحثت عنه كثيرا في مجلدات " الشعب " السبعة، واستعنت عليه بالفهرس الذي وضعه له الأخ المرعشلي فلم أعثر عليه. والله أعلم. 2637 - (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليسو موضع سجوده ولا يدعه حتى إذا هوى ليسجد نفخ ثم سجد، فليسجد أحدكم على جمرة خير له من أن يسجد على نفخة) . موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (45/1 - من ترتيبه) عن عبد المنعم بن بشير الأنصاري: حدثنا أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " تفرد به أبو مودود " قلت: وهو ثقة كما قال أحمد وجمع من الأئمة، وقول الحافظ فيه: " مقبول " فقط غير مقبول منه، ولعله سبق قلم، فالرجل ثقة كما ذكرنا. لكن الراوي عنه عبد المنعم بن بشير الأنصاري متهم بالوضع، وقال الخليلي في " الإرشاد ": " هو وضاع على الأئمة ". وقال الهيثمي في " المجمع " (2/83) : الحديث: 2637 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عبد المنعم بن بشير وهو منكر الحديث ". 2638 - (إذا ما استيقظ الرجل من منامه فقال: سبحان الله الذي يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير، قال الله: صدق عبدي وشكر، ويقول عند ذلك: اللهم اغفر لي ذنبي يوم تبعثني من قبري، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) . ضعيف أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 79) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية وهو ابن سعد العوفي؛ مدلس ضعيف. وفضيل بن مرزوق؛ صدوق يهم؛ كما في " التقريب ". الحديث: 2638 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 2639 - (ويحك لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك تدري ما الله عز وجل؟ إن عرشه على سماواته وأرضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة - وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب) . ضعيف رواه أبو دواد (2326) ، وابن خزيمة في " التوحيد " (103-104) والطبراني (رقم 1547) من طرق عن وهب بن جرير: حدثني أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق: يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: الحديث: 2639 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يارسول الله! جهدت الأنفس وضاع العيال، وهلكت الأموال ونهكت الأنعام فاستسقي الله لنا فإنا نستشفع بك على الله عز وجل ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ومن هذا الوجه رواه ابن منده في " التوحيد " (117-1-2) وقال: " وهذا الحديث رواه بكر بن سليمان وغيره، وهو إسناد صحيح متصل ". قلت: كلا فإن ابن سليمان مدلس وق عنعنه، وبكر بن سليمان الذي ذكر ابن منده أنه روى هذا الحديث هو من الرواة عن ابن إسحاق فمدار الحديث عليه، ولم يصرح بسماعه فيه، فهو علة الحديث، ولذلك استغربه الحافظ ابن كثير في تفسيره لآية الكرسي. 2640 - (المقام المحمود يوم ينزل الله تعالى على كرسيه يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به، وهو كسعة ما بين السماء والأرض، ويجاء بكم حفاة، عراة، غرلا، فيكون أول من يكسى إبراهيم، يقول الله تعالى: اكسوا خليلي، فيؤتى بريطتين بيضاوين من رياط الجنة، ثم أكسى على أثره، ثم أقوم عن يمين الله مقاما يغبطني الأولون والآخرون) . ضعيف أخرجه الدرامي (2/325) : حدثنا محمد بن الفضل: حدثنا الصعق بن حزن عن علي بن الحكم عن عثمان بن عميرعن أبي وائل عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قيل له: ما المقام المحمود؟ قال: ذاك يوم.. الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عثمان بن عمير وهو أبو اليقظان، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال الحديث: 2640 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 " ضعفه الدارقطني وغير واحد ". وقال الحافظ في " التقريب ". " ضعيف ". ومن دونه ثقات على ضعف يسير في الصعق بن حزن. ومحمد بن الفضل هو أبو الفضل السدوسي الملقب بعارم، قال الحافظ: " ثقة ثبت تغير في آخر عمره ". 2641 - (إن الله لطف الملكين الحافظين حتى أجلسهما على الناجذين (1) ، وجعل لسانه قلمهما، وريقه مدادهما) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في " طبقات الأصيهانيين " (ق 51/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/1 /1) ، والديلمي (1/2/236) عن نعيم بن المورع عن علي بن سالم عن مكحول عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته نعيم هذا، قال النسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن عدي: " يسرق الحديث، وعامة ما يرويه غير محفوظ ". وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش: " روى عن هشام أحاديث موضوعة ". وعلي بن سالم، إن كان ابن شوال فضعيف. وإن كان علي بن أبي طلحة:   (1) يعني سنَّيْه الضاحكين، وهما اللذان بين الناب والأضراس. " نهاية " الحديث: 2641 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 سالم مولى بني العباس الذي يروي عن ابن عباس ولم يره فهو صدوق قد يخطىء، كما قال الحافظ. 2642 - (الصيام جنة ما لم يخرقه بكذبه أو بغيبة) . ضعيف جدا أخرجه أبو الشيخ في " أحاديثه " (ق 15/2) ، والأصبهاني في " الترغيب " (214/2) من طريق الربيع بن بدر عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الربيع بن بدر متروك، كما قال الحافظ الهيثمي في " المجمع " (3/171) ، وخرجه من رواية الطبراني في " الأوسط " (3/128/1546- مجمع البحرين ط) . وقد روي الشطر الأول منه من حديث أبي عبيدة، وإسناده ضعيف خلافا لمن حسنه، كما بينته في " تخريح الترغيب " (2/97) ، و " الضعيفة " أيضا (6438) . وأما قوله: " الصيام جنة " فقد صح عن أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في " الإوراء " (18) وغيره. الحديث: 2642 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 2643 - (إذا سئل أحدكم: أمؤمن أنت؟ فلا يشك) . منكر أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (2/186) ، قال: حدثني، وأبو نعيم في " الحلية " (7/238) من طريق أحمد بن حماد بن سيفان قالا: حدثنا أحمد بن بديل: حدثنا أبو معاوية: حدثنا مسعر، عن زياد بن علاقة، عن عبد الله بن يزيد الأنصاري مرفوعا. وقال أبو نعيم: الحديث: 2643 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 " تفرد برفعه أحمد بن بديل عن أبي معاوية ". قلت: يشير إلى نكارة رفعه، وذلك لسببين: أحدهما - وهو الأقوى - أن أحمد بن بديل مضعف من قبل حفظه، كما قال ابن عدي في " الكامل " (1/186) . " له أحاديث لا يتابع عليها عن قوم ثقات، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه ". وقد خالفه ثقة حافظ من رجال الشيخين، فقال ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " (9-10/27-بتحقيقي) : حدثنا وكيع عن مسعر به موقوفا على (عبد الله بن يزيد) . وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، الراجح عندي أنه (الخطمي) ، صحابي صغير، ولي الكوفة لابن الزبير. والحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (1/55) من حديث عبد الله بن يزيد - كذا - الأنصاري مرفوعا، وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " وفي إسناده أحمد بن بديل، وثقه النسائي وأبو حاتم، وضعفه آخرون ". قلت: وفيما ذكر نظر من وجهين: الأولى: التوثيق، ففيه خطأ وتسامح. أما الخطأ، فقوله: " أبو حاتم "، والصواب: (ابن أبي حاتم) ، فإنه لم يحك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 عن أبيه شيئا في (أحمد بن بديل) ، ولا عن غيره، وإنما قال هو من عنده (1/43) : " ومحله الصدق ". وكذلك غزوه إليه في " التهذيب ". وأما التسامح، فهو نسبته التوثيق إليهما، فقد عرفت آنفا ما قال ابن أبي حاتم فيه، وذلك لا يساوي عنده أنه ثقة، بل هو دونه كما نص عليه في مقدمة كتابه (1/37) ، وذلك يساوي عندي أنه وسط حسن الحديث عنده. ونحو يقال فيما نسب إلى النسائي، فإنه لم يوثقه، وإنما قال: لا بأس به ". كما قال في " التهذيب ". وذلك يساوي أيضا أنه وسط. ولذلك قال الحافظ الذهبي في " الكاشف ": " قال (س) : لا بأس به، ولسنه ابن عدي والدارقطني، وكان عابدا ". ولخص ذلك الحافظ في " التقريب ": " صدوق له أوهام ". قلت: ورفعه لهذا الحديث - خلافا للثقة الحافظ - مما يؤكد وهمه. وأما الوجه الآخر: فقوله: " عبد الله بن زيد "، وقد أشرت آنفا إليه، وذلك لأن (زيد) تحريف (يزيد) خلافا لزعم الأخ الداراني، فإنه أثبت المحرف (زيد) في طبعته لـ " مجمع الزوائد " وعلق عليه بقوله (1/354) : " في (مص) وعند أبي نعيم " يزيد "، وهو تحريف "! وهذا من عجائب تعليقاته، وبالغ أخطائه، وبيان ذلك من الوجوه الآتية: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 أولا: لم يذكر عمدته فيما ادعاه من التحريف. ثانيا: ما عند أبي نعيم موافق لما في " كتاب الإيمان " كما سبق. ثالثا: ومطابق أيضا لرواية أخرى عنده (10/32) من طريق الشيباني، عن ابن علاقة، عن عبد الله بن يزيد النصاري قال: " تسموا باسمكم الذي سماكم الله به؛ بـ (الحنيفية) و (الإسلام) ، و (الإيمان) ". وإسناده صحيح. رابعا: وهو رواية الطبراني أيضا، ولم يققف عليها الداراني. خامسا: وهو كذلك في " الجامع الكبير " للسيوطي (1/62) برواية الطبراني. سادسا: قوله: " في (مص) وعند أبي نعيم.. " إلخ. قلت: كل ما سبق من الوجوه مما يبطل زعم الأخ الداراني التحريف المذكور يعود جلها إلى عدم اطلاعه عليها، فالخطب سهل، ولكن العجب من مخالفته لما في (مص) ، وهو رمز يشير به إلى النسخة المصرية التي اعتمد عليها في تحقيق " مجمع الزوائد "، وحق له ذلك، فإنها أصح النسخ المخطوطة عنده، لأنها قرئت على المؤلف الهيثمي من قبل ثلاثة من العلماء أحدهم الحافظ ابن حجر العسقلاني تلميذ الهيثمي، كما نص على ذلك في المقدمة (45) ، فكيف استجاز مخالفتها، ودون أن يذكر عمدته في ذلك إلا مجرد الدعوى؟ ! وإن من أوهامه أنه وثق أحمد بن بديل، وقد عرفت الضعف الذي فيه الدال على أنه جرح مفسر، فإعراضه عنه، مما يدل على جهله أو تجاهله لما عليه العلماء من القواعد العلمية، وهذا شائع - مع الأسف - في تعليقاته بصورة رهيبة جدا، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 يضاف إلى ذلك أنه ليس لديه ثقافة عامة وحفظ للأحاديث النبوية، ولا معرفة - بالأولى - بالآثار السلفية، فإن ذلك مما يساعد الباحث على أن يكون أبعد ما يمكن عن التتابع والوقوع في الأخطاء. وها هو المثال بين أيدينا: (أحمد بن بديل) ، فقد دلتنا أقوال أئمة الجرح أنه (وسط) ، فمن كان كذلك، فحديثه معرض للوهن والضعف والنكارة بالمخالفة كما سبق. وهنا شيء آخر، وهو أنه مخالف للآثار السلفية المجمعة على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن زيادته بالطاعة، وقد تفرع منه جواز الاستثناء فيما إذا سئل المؤمن - كما في الآثار -: هل أنت مؤمن؟ أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. خلافا لما في حديث ابن بديل. وذلك مشروح في كتب السنة والعقيدة، ومنها كتاب الإمام الطبري المتقدم " تهذيب الآثار "، وغيرها، فليرجع إليها من شاء، فمن كان على علم بها مسبقا،؟ كان عونا له على تحقيق القول في حديث ابن بديل والقطع بأنه حديث منكر. والله الموفق. هذا؛ ولفظ الحديث عند الطبراني كلفظة الترجمة، وقد أورده السيوطي في " جامعيه " بزيادة: " في إيمانه "، وعزاه في " الكبير " للطبراني وأبي نعيم، وفي " الصغير " للطبراني وحده! وقد عرفت أنه لا أصل لها عند المصدرين المذكورين، فلعلها سبق قلم من السيوطي رحمه الله تعالى. 2644 - (إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه، وطعمه، ولونه) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (521) ، والدارقطني في " سننه " (ص 11) ، والبيهقي (1/295) من طريق رشدين بن سعد: أنبأنا معاوية بن صالح عن الحديث: 2644 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلي (وفي رواية للدارقطني: عن ثوبان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وليس في حديث ثوبان ذكر اللون. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير رشدين بن سعد، قال الحافظ: " ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة، وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه فأدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث ". ولذلك قال الدارقطني عقبه: " لم يرفعه غير رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح؛ وليس بالقوي، والصواب في قول راشد ". كذا الأصل، ولعله صوابه: " والصواب أنه من قول راشد ". فقد قال البيهقي: " ورواه أبو أسامة عن الأحوص عن ابن عون وراشد بن سعد من قولهما والحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافا ". قلت: لكن لم يتفرد به رشدين، فقد رواه الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1/9) . وهذا شاهد لا بأس به في الجملة، فإن الأحوص بن حكيم ضعيف الحفظ كما قال الحافظ، وقد أرسله، فلم يذكر في إسناده أبا أمامة. وتابعه عطية بن بقية بن الوليد: حدثنا أبي عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 عن أبي أمامة مرفوعا به. أخرجه البيهقي (1/259 - 260) . قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم غير عطية بن بقية، قال ابن أبي حاتم (3/1/381) : " كتبت عنه، ومحله الصدق، وكانت فيه غفلة ". وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: " يخطىء ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة ". قلت: فليس لهذا الإسناد علة قادحة غير عنعنة بقية. وتابعه حفص بن عمر: حدثنا ثور بن يزيد به. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 101/2) والبيهقي، وقال ابن عدي: " وهذا الحديث ليس يوصله عن ثور إلا حفص بن عمر، ورواه رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة موصولا أيضا، ورواه الأحوص بن حكيم مع ضعفه عن راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ولا يذكر أبا أمامة ". قلت: وحفص بن عمر هو الأيلي واه جدا؛ كذبه أبو حاتم وغيره، فلا يستشهد به، وإني لأخشى أن يكون بقية تلقاه عنه ثم دلسه! وبالجملة؛ فالحديث ضعيف لعدم وجود شاهد معتبر له تطمئن النفس إليه، فإن مدار الحديث على راشد بن سعد كما رأيت، وقد اختلف عليه، فمنهم من رفعه عنه، ومنهم من أوقفه، ومن رفعه؛ منهم من أسنده، ومنهم من أرسله، وكل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 من المسند والمرسل ضعيف لا يحتج بحديثه، على أنه لو كان المرسل ثقة، ولكان علة قادحة في الحديث، فكيف ومرسله ضعيف؟ ! ومن هذا التحقيق يتبين أن قول العلامة السيد محمد بن إدريس القادري في رسالته " إزالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له " (ص 4) : " وهذا الحديث عندي حسن لغيره، أو لنفسه، فإن رشدين أحد رواته الذي ضعفوا الحديث لأجله هو وإن ضعفه ابن حبان وقال: إنه متروك ... فقد حسن له الترمذي، وقال المنذري: مختلف في الاحتجاج به، وقال الإمام أحمد أيضا فيه: ليس به بأس في الرقائق، أرجو أنه صالح الحديث ". قلت: فهذا التحسين بنوعيه فيه نظر عندي: أما الأول، فلما سبق بيانه من فقدان الشاهد المعتبر له، ومن غرائب هذا السيد أنه قال عقب كلامه السابق: " وللحديث شواهد منها حديث أحمد والطبراني في " الوسط " عن عائشة مرفوعا: " الماء لا ينجسه شيء " قال الأسيوطي: حسن، ومنها حديث الدارقطني في " الأفراد " عن ثوبان مرفوعا: " الماء طهور إلا ما غلب على ريحه وطعمه "، ومنها حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعا في شأن الحجر الأسود وكان أبيض كالماء كما يأتي ". قلت: ووجه الغرابة من وجوه: أولا: أن حديث عائشة ليس فيه ذكر اللون؛ وهو محل الشاهد في الحديث عنده، ومثله حديث ثوبان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 ثانيا: أن حديث عائشة قد جاء من حديث أبي سعيد أيضا وابن عباس، فاقتصاره على ذكر حديثها قصور ظاهر، راجع " صحيح أبي داود ". ثالثا: أن حديث ثوبان لا يصح جعله شاهدا لحديث أبي أمامة، لأن مدارهما على رشدين كما عرفت، وهو من ضعفه جعله مرة من حديث هذا، ومرة من حديث هذا. رابعا: أن حديث ابن عباس ضعيف، ومع ذلك قوله: " كالماء "، تحرف عليه تبعا للمناوي وهذا تبعا للسيوطي في " جامعيه "، والصواب " كالمهاة "، هكذا هو في " كبير الطبراني " و " أوسطه "، وكذلك رواه أبو الحجاج الأدمي من طريق أبي نعيم الأصبهاني؛ وقد خرجته في " الصحيحة " تحت الحديث (2619) شاهدا. 2645 - (من تحبب إلى الناس بما يحبون، وبارز الله بما يكرهون لقي الله وهو عليه غضبان) . موضوع أخرجه الطبراني في " الوسط " (رقم - 2965 - مصورتي، و " زوائد المعجمين " 4/484 - مصورة الجامعة) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا محمد بن سليمان بن مشمول المخزومي: حدثنا مطيع بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال: " لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد تفرد به محمد بن سليمان ". قلت: قال ابن أبي حاتم (3/2/267) عن أبيه: " ليس بالقوي ضعيف الحديث، كان الحميدي يتكلم فيه ". قلت: والشاذكوني كذاب، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/224) : الحديث: 2645 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو متروك ". ولذا أشار الحافظ المنذري في " الترغيب " (1/32) إلى تضعيف الحديث. ثم ذكره الهيثمي من حديث عبد الله بن عصمة بن فاتك مرفوعا وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف ". قلت: هو أسوأ حالا من ذلك، وقد تقدمت ترجمته تحت حديث له آخر تقدم برقم (284) ، وأورده المنذري أيضا من حديث عبد الله بن عصمة بن فاتك (3/154) مشيرا إلى ضعفه أيضا وقال: " رواه الطبراني ". هكذا أطلقه ولم يقيده بـ " الأوسط " وذلك يعني أنه في " المعجم الكبير "، ولا يوجد في مخطوطات الظاهرية المجلد الذي فيه عبد الله بن عصمة، ولا رأيته مطبوعا في جملة ما طبع من مجلداته في العراق حتى الان. وأما " الوسط " فقد بحثت عنه فيه بواسطة الفهارس التي وضعتها له، فلم أجده فيه إلا عن أبي هريرة، بل لم أجد في فهرس أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث " الأوسط " عبد الله بن عصمة هذا. ولولا أن النسخة فيها خرم لجزمت بأن الأمر فيه شيء من كتب الرجال لا في الصحابة ولا في غيرهم. ثم تابعت البحث والتحقيق فرأيت السيوطي قد أورد الحديث في " الجامع الكبير " برواية (طب - عن عصمة بن مالك) . فدلنا هذا التخريج على أمرين: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 الأولى: أن الحديث في " المعجم الكبير " وليس في " الأوسط "، هو يرجح ما في " الترغيب " على ما في " المجمع ". والآخر: أن صحابي الحديث ليس هو عبد الله بن عصمة بن فاتك، وإنما هو عصمة بن مالك، ويؤيده أن هذا مذكور في الصحابة. وقال الحافظ في " الإصابة ": " له أحاديث أخرجها الدارقطني والطبراني وغيرهما، مدارها على الفضل بن مختار وهو ضعيف جدا ". قلت: وقد عرفت من تخريج الهيثمي المتقدم أن الحديث من طريق الفضل هذا. فذلك يؤكد أن صحابي الحديث عصمة بن مالك، وأن المنذري والهيثمي وهما حين جعلاه: عبد الله بن عصمة بن فاتك، وهو شخص خيالي لا وجود له في الصحابة. ومن المحتمل أن يكون الحديث عند الطبراني من رواية عبد الله بن عصمة عن أبيه، فلم يتنبه المنذري لكلمة (عن أبيه) فعزاه لابنه عبد الله، ثم قلده الهيثمي كما هي عادته على الغالب، والجزم بهذا الاحتمال أو نفيه متوقف على صدور مجلد الطبراني " الكبير " ولعل ذلكل يكون قريبا. ولتمام البحث رجعت للمرة الثانية إلى فهرسي المشار إليه آنفا في صحابة " المعجم الأوسط " فراجعته لعلي أجد فيه عصمة بن مالك، فلم أره. والله أعلم. ثم وجدت حديث عصمة بن مالك في " المعجم الكبير " للطبراني، فاقتضى ذلك إعادة تخريج الحديث برقم (6654) . 2646 - (إذا عطس الرجل والإمام يخطب يوم الجمعة فيشمت) . ضعيف جدا أخرجه البيهقي (3/223) من طريق الشافعي وهذا في الحديث: 2646 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 " مسنده " (ص 24) : أنبأ إبراهيم عن هشام عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فإنه مع كونه مرسلا فيه إبراهيم - وهو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي - وهو متهم، وقال الحافظ: " متروك ". 2647 - (إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه، فإنه مما يسلي بنفس المصاب) . ضعيف جدا أخرجه ابن سعد (1/141 - 142) من طريق طلحة بن عمرو عن عطاء قال: لما سوي جدثه (يعني إبراهيم بن محمد عليه السلام) كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى كالحجر في جانب الجدث، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي بأصبعه ويقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ فإن طلحة بن عمرو - وهو الحضرمي المكي - متروك كما قال الحافظ، ثم هو مرسل. الحديث: 2647 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 2648 - (إذا كان الغلام لم يطعم الطعام صب على بوله، وإذا كانت الجارية غسله) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (11/2 - من ترتيبه) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أمه عن أم سلمة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن الحسن عن أمه إلا إسماعيل ". الحديث: 2648 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 قلت: وهو المكي؛ وهو ضعيف. وقد صح عن أم سلمة موقوفا عليها من فعلها، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (403) ، والأحاديث المرفوعة ليس فيه ذكر الطعام، وقد خرجت بعضها في المصدر المذكور (398 - 400) . 2649 - (إذا سميتم محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه) . ضعيف أخرجه البزار في " مسنده " (243) : حدثنا غسان بن أبي عبد الله: حدثنا يوسف بن نافع: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه مرفوعا به. قال الشيخ (يعني الهيثمي) : " غسان فيه ضعف ". قلت: ولم أعرف غسانا هذا من يكون؟ فإني لم أر فيمن يسمى به منسوبا إلى أبي عبد الله.ثم إن شيخه يوسف بن نافع لم أعرفه أيضا، ويحتمل احتمالا قويا أن يكون هو الذي في " الجرح والتعديل " (4/2/232) : " يوسف بن نافع، روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، روى عنه جعفر بن عبد الواحد ". وهذا مجهول كما ترى. ثم رأيت في " كشف الأستار " (2/412) : " حدثنا غسان بن عبيد الله ... ". وفي مجمع الزوائد (8/48) : الحديث: 2649 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 " رواه البزار عن شيخه (غسان بن عبيد) وثقه ابن حبان وغيره، وفيه ضعف ". قلت: فهذا هو الصواب (غسان بن عبيد) ، وهكذا هو في " ثقات ابن حبان " (9/1) وهو موصلي، وكذا هو في " الجرح والتعديل " (3/2/51) برواية جمع، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. و " الكامل " لابن عدي (6/8 - 9) وقال: " والضعف على حديثه بين ". وله ترجمة مبسطة في " الميزان " و " اللسان ". 2650 - (إذا استوحشت الإنسية وتمنعت؛ فإنه يحلها ما يحل الوحشية، ارجعوا إلى بقرتكم وكلوها) . ضعيف جدا أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (509) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/246) عن حرام عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر عن أبيهما أنه قال: " مرت علينا بقرة ممتنعة نافرة، لا تمر على أحد إلا نطحته، وشدت عليه، فخرجنا عليه نكدها، حتى بلغنا الصماء، ومعنا غلام قبطي لبني حرام، ومعه مشتمل فشدت عليه لتنطحه، فضربها أسفل من المنحر، وفوق مرجع الكتف، فركبت ردعها، فلم يدرك لها ذكاة، قال جابر: فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنها فقال: فذكره، فرجعنا إليها فاجتزرناها. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، حرام هذا هو ابن عثمان الأنصاري المدني؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": الحديث: 2650 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 " متروك باتفاق ". 2651 - (إن لكل شىء دعامة، ودعامة هذا الدين الفقه، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد) . موضوع أخرجه الخطيب في " التاريخ " (2/402) من طريق خلف بن يحيى: حدثنا إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم (عن عطاء) بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد هالك، آفته خلف بن يحيى، وهو الخراساني، قال ابن أبي حاتم (1/2/372) عن أبيه: " متروك الحديث، كان كذابا، لا يشتغل به ولا بحديثه ". وأبراهيم بن محمد لم أعرفه، ولعله إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك أيضا، وقد ذكر الذهبي في ترجمة خلف هذا أنه روى عن أبراهيم بن أبي يحيى. لكن تعقبه في " اللسان " بقوله: " كذا فيه: إبراهيم بن أبي يحيى، والصواب إبراهيم بن حماد ". وعمدته في هذا التصويب أن ابن أبي حاتم لم يذكر في شيوخ خلف غير إبراهيم بن حماد. ولا يخفى أن ذلك لا ينفي أن يكون له شيخ آخر وهو إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى الذي وقع في إسناد هذا الحديث. والله أعلم. وإبراهيم بن حماد هذا له ترجمة في " اللسان " وذكر عن الدارقطني أنه كان ضعيفا. وأخرجه ابن عدي (24/1) من طريق أبي الربيع السمان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال: الحديث: 2651 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 " لاأعلم رواه عن أبي الزناد غير أبي الربيع السمان ". قلت: واسمه أشعث بن سعيد، وهومتهم. قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال هشيم: " كان يكذب ". وقد رواه كذاب آخر عن صفوان بن سليم بزيادة في متنه، وسيأتي برقم (6912) . 2652 - (إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل) . ضعيف أخرجه البيهقي (2/223) من طريق سالم بن غيلان عن يزيد ابن أبي حبيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال: فذكره. وقال: " حديث منقطع ". قلت: يعني مرسل، فإن يزيد بن أبي حبيب تابعي ثقة. وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: ظاهر كلامه أنه ليس في هذا الحديث إلا الانقطاع، وسالم متروك، حكاه صاحب " الميزان " عن الدارقطني ". قلت: وظاهر هذا التعقب أن صاحب " الميزان " لم يحك في المترجم غير ما حكاه عن الدارقطني، وليس كذلك، فقد قال عقبه: " قال أحمد: ما أرى هـ بأسا، وقال دس: لا بأس به. وذكره ابن حبان في (الثقات) ". الحديث: 2652 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة أولى بالاعتماد عليه من جرح الدارقطني، لأنه جرح غير مفسر، فكأنه لذلك لم يورده الذهبي في " الضعفاء "، ولا في " ذيله "، وقال الحافظ في " التقريب ": " ليس به بأس ". فعلة الحديث الإرسال فقط. والله أعلم. 2653 - (كان يصلي في المكان الذي يبول فيه الحسن والحسين، فقالت عائشة: يا رسول الله! ألا تنظر مكانا أنظف من هذا؟ قال: يا حميراء! أما علمت أن العبد إذا سجد سجدة لله تعالى طهر له موضع سجوده إلى سبع أرضين) . موضوع رواه أبو حفص ابن الزيات في " حديثه " (1/2) ، وابن عدي (40/2) عن بزيع بن حسان أبي الخليل الخصاف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. ذكره ابن عدي في ترجمة بزيع هذا في جملة أحاديث له عن هشام وقال: " كلها مناكير لا يتابعه عليها أحد ". ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الأوسط " (21/1 - من زوائده) وقال: " لم يروه عن هشام إلا بزيع ". قلت: وقال عبد الحق في " الأحكام الكبرى " (26/1) : " وهذا حديث منكر لم يتابع عليه بزيع، وبزيع قال فيه ابن أبي حاتم: ذاهب الحديث ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي ثم قال: الحديث: 2653 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 " موضوع، تفرد به بزيع وهو متروك. قال ابن حبان: يأتي عن الثقات بأشياء موضوعات كأنه المتعمد لها ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (ص 307 - 308 - هند) بقوله: " قلت: أخرجه الطبراني أيضا: حدثنا مطلب بن شعيب: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني الليث عن زهرة بن معبد عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله! كان يصلي [حيث] ما دنا من البيت، فقالت له: يا رسول الله! ربما صليت في المكان الذي تمر فيه الحائض؟ فلو اتخذت مسجدا تصلي فيه، فقال: واعجبا لك يا عائشة! أما علمت أن المؤمن تطهر سجدته موضعها إلى سبع أرضين. قال الطبراني: لم يروه عن معبد إلا ابنه، تفرد به الليث، ولم يرو معبد عن عائشة غير هذا ". قلت: سكت عنه السيوطي، ومعبد هذا - وهو ابن عبد الله بن هشام بن زهرة والد أبي عقيل - مجهول، كما يشير إليه قول الذهبي: " تفرد عنه ابنه ". وعبد الله بن صالح فيه ضعف، لكنه لم يتفرد به كما زعم الطبراني، فقد خرج له ابن عراق في " التنزيه " (2/100) متابعا قويا، ولكنه لم يصب كل الإصابة في قوله: " وهذا المتن مع نكارته إسناده حسن، فمعبد قال في " التقريب ": مقبول ... ". قلت: قول الحافظ: " مقبول ". معناه في اصطلاحه، غير مقبول! لأنه قد بين في المقدمة من " التقريب " أن قوله هذا فيه إنما يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث. فأنى للإسناد الحسن، لاسيما مع قول الذهبي المتقدم: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 " تفرد عنه ابنه ". فهو مجهول العين. وتوثيق ابن حبان إياه لا يخرجه عن الجهالة، لما هو معروف به من التساهل في التوثيق، كما شرحه الحافظ في مقدمة " لسان الميزان "، وكما عرفنا ذلك منه بالتجربة، وبينته في رسالتي في الرد على " التعقيب الحثيث ". ثم إن تعقب السيوطي لا يفيد لأنه في الصلاة في مكان مرور الحائض، وحديث الترجمة في مكان بول الحسن والحسين، وشتان ما بينهما! 2654 - (ما قبض نبي قط حتى يؤمه رجل من أمته) . ضعيف أخرجه أحمد (1/13) ، والبزار في " مسنده " (3/211/2591 - الكشف) والسياق له - من طريق عاصم بن كليب: حدثني شيخ: حدثني فلان وفلان، حتى عد سبعة أحدهم عبد الله بن الزبير عن عمر قال:سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: فذكره مرفوعا. وقال البزار: " لا نعلمه يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم أحدا سمى الرجل الذي روى عنه عاصم، فلذلك ذكرناه ". قلت: فهو مجهول، ولذلك أوردته هنا. وقال الهيثمي في " المجمع " (4/207) : " رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح ". قلت: هو عند أحمد في حديث طويل، وقد فات الهيثمي أن يشير إلى رواية البزار هذه المختصرة. وقد أخرجها ابن سعد في " الطبقات " (2/222) من الحديث: 2654 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 حديث محمد إبراهيم التيمي، وحديث محمد بن قيس، وكلاهما مرسل، وفي الأول محمد بن عمر، وهو الواقدي متهم، وفي الآخر أبو معشر، وهو ضعيف. وقد صح اقتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك كما في " صحيح مسلم " وغيره، وهو مخرج في " الإرواء " (2/259) فلعل رواي حديث الترجمة أراد هذه القضية، فجاء بلفظ عام شمل جميع الأنبياء، فوهم. والله أعلم. 2655 - (حواري من الرجال الزبير، وحواري من النساء عائشة) . منكر بهذا التمام أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (6/365) من طريق الزبير بن بكار قال: حدثني يحيى بن أكثم عن وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي الخير مرثد بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قال الحافظ في " الفتح " (7/80) بعدما عزاه للزبير بن بكار: " ورجاله موثقون، لكنه مرسل ". قلت: وهو مع إرساله منكر المتن عندي، لأن الجملة الأولى قد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر وغيره من الصحابة، وهو مخرج في " الصحيحة " (1877) ، وليس في شيء من طرفه الشطر الثاني منه فكان منكرا. وأيضا فقد صح عن ابن عمر: أنه سمع رجلا يقول: يا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير، وإلا فلا. الحديث: 2655 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 وهومخرج في كتابي " صحيح كشف الأستار " (المناقب) ، يسر الله إتمامه. وفي رواية لابن عساكر في " التاريخ " (6/365) : " فقد كذبت ". لكن في إسناده عبد العزيز بن أبان، وهو متروك. 2656 - (لحجة أفضل من عشر غزوات، ولغزوة أفضل من عشر حجات) . ضعيف جدا أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (4/12/4222) من طريق سعيد بن عبد الجبار: أخبرنا أبو عبد العزيز قال: حدثني مرداس الليثي عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وفيه علتان: الأولى: سعيد بن عبد الجبار، وهو الحمصي، قال الذهبي في " المغني ": " قال النسائي: ليس بثقة ". وكان جرير يكذبه، كما في " التهذيب ". والأخرى: عبد الله بن عبد العزيز، وهو الليثي، قال الذهبي أيضا: " ضعفوه ". وفي " التقريب ": " ضعيف، واختلط بأخرة ". وأما مرداس الليثي، فذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " (5/449) ، وروى عنه جمع. الحديث: 2656 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 وقد روي الحديث عن ابن عمرو بنحوه أتم منه عند البيهقي وغيره، وقد سبق تخرجه برقم (1230) . وروي عن ابن عمر بلفظ أنكر منه، وسيأتي برقم (3481) . 2657 - (إني محدثكم بحديث فاحفظوه، وحدثوا به من بعدكم: إن الله تبارك وتعالى اصطفى من خلقه خلقا، ثم تلا هذه الآية: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) خلقا قد خلقهم للجنة، وإني أصطفي منكم من أحب أن أصطفيه، ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة. قم يا أبا بكر! فقام. . . الحديث. وهو طويل جدا في ثلاث صفحات. وفيه قصة مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين بعض الصحابة، كالمؤاخاة بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وسعد وعمار، وأبي الدرداء وسلمان، ويتخللذلك ذكر بعض فضائلهم، منها ما يصح، وهو قليل، كقوله في أبي بكر: " لو كنت متخذا خليلا، لا تخذتك خليلا " ومنها ما لا يصح، وهو الأكثر، كقوله لسلمان: " أنت منا أهل البيت،قد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر، والكتاب الأول والكتاب الآخر "! وفي آخر الحديث المؤاخاة بينه وبين علي، وأنه قال له: " والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت عندي بمنزلة الحديث: 2657 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووزيري ووارثي. . ما أورثت الأنبياء، كتاب الله، وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة. . . ") الحديث بطوله. منكر جدا بل موضوع ظاهر الوضع. أخرجه البزار في في " مسنده " (3/215/217) ، وعبد الله بن أحمد في " الفضائل " (2/638/1085) ، والقطيعي في " زياداته عليه " (2/666/667) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (5/251/353) من طريقين عن عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي: حدثنا يزيد بن معن - وقال الآخر: زيد بن معن - حدثني عبد الله بن شر حبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دحلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة، فجعل يقول: " أن فلان؟ أين فلان؟ " فلم يزل يتفقدهم، ويبعث إليهم، حتى اجتمعوا عنده، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، مسلسل بالعلل: الأولى: عبد المؤمن العبدي هذا، ال ابن أبي حاتم (3/1/66) عن أبيه: " ضعيف الحديث ". وقال البخاري: " لا يتابع على حديثه ". وذكره الساجي وابن الجارود في " الضعفاء " كما في " اللسان ". وشذ ابن حبان فذكره في " الثقات " (8/117) . الثانية: زيد أو يزيد بن معن، لم أعرفه، ويحتمل أن يكون محرفا من (يحيى ابن معن) ، تحرف على (العبدي) ، فقد جاء في " الميزان " وذيوله: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 " يحيى بن معن، عن سعد بن شراحيل، مجهول، كشيحه ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وفي " الثقات " لابن حبان [ (9/260) في طبقة تبع أتباع التابعين] : " يحيى بن معن الأنصاري عن أبيه عن سعيد بن المسيب، وعنه أهل المدينة ". قلت (الحافظ) : فيحتمل أن يكون هو: يحيى بن المنذر الكندي، عن إسرائيل، ضعفه الدارقظني وغيره، وقال العقيلي: في حديثه نظر ". الثالثة: عبد الله بن شر حبيل، وهو ابن حسنة، ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " (5/14) برواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه البخاري وابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا. الرابعة: الرجل القرشي الذي لم يسم، فهو مجهول. ثم رأيت الحديث قد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2/361/2598) بأسناد يختلف عن هذا فقال: " سألت أبي عن حديث رواه حسان بن حسان عن إبراهيم بن بشر عن يحيى ابن معين (!) عن إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال. . . فذكره مختصرا ملخصا. وقال: " قال أبي: هذا حديث منكر، وفي إسناده مجهولون ". 2658 - (ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا، حتى يجعل الله له من ذلك فرجا) . منكر أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/266-267/8104) الحديث: 2658 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 من طريق أبي عبد الله الحافظ " بسنده " عن عنبسة بن عبد الواحد، عن أبي عمران عن أبي فاطمة الإيادي مرفوعا. وقال: " قال أبو عبد الله: لم نكتبه عنه إلا بهذا الإسناد وأنما نعرف هذا الكلام عن محمد ابن الحنفية من قوله ". قلت: وعلة هذا المرفوع أبو عمران هذا، فإنه لا يعرف إلا بهذه الرواية، ولم يذكروه في شيوخ (عنبسة بن عبد الواحد) وهو ثقة، ولا في الرواة عن (أبي فاطمة الإيادي) وهو مذكور في الصحابة. وأما الموقوف على ابن الحنفية، فهو صحيح، أخرجه الحسن بن عرفة في " جزئه " (50/15) ، ومن طريقه البيهقي (8105) ، وابن عساكر في " التاريخ " (15/731) ، والذهبي في " السير " (4/117) . قال ابن عرفة: حدثنا عبد الله بن المبارك عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات. قلت: عرفت مما سبق أن البيهقي رواه عن شيخه أبي عبد الله الحافظ - وهو الحاكم صاحب " المستدرك " - ولم يعزه السيوطي في " الجامع " إلا للبيهقي، فتعقبع المناوي في " فيض القدير " بقوله - عطفا على البيهقي -: " وكذا الحاكم، وعنه ومن طريقه خرجه البيهقي مصرحا، فلو عزاه للأصل كان أحق ". فأقول: كذا أطلق العزو للحاكم، وسلفه في ذلك الحافظ السخاوي في " المقاصد " (351/912) ، وذلك مما يوهم أنه أخرجه في كتابه " المستدرل "، وليس كذلك، فالظاهر أنه أخرجه في غيره من كتبه، ولعله في " تاريخ نيسابور"، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 فقد رأيت الحافظ الذهبي قال في " معجم شيوخه الكبير " عقب أثر ابن الحنفية المذكور: " رواه الحاكم في (تاريخ بلده) ". وعليه كان على المناوي أن لا يطلق العزو إليه، ذفعا للوهم المشار إليه. والله الموفق. 2659 - (إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وعلي، وحسن، وحسين، وأبو بكر، وعمر، والمقداد، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر، وحذيفة، وسليمان، وعمار، وبلال) . منكر أخرجهالترمذي (9/390/3787) وحسنه، والطحاوي في " مشكل الآثار " (4/17-18- هند) ، وأحمد (1/148) ، وفي " فضائل الصحابة " (1/228/227و2/715/1225) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/617/1421) ، والبزالر في " مسنده " (3/220-221- الكشف) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/128) ، وابن عدي في " الكامل " (6/66-67) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/516- المصورة و 10/321- ط) من طرق عن كثير بن نافع النواء قال: سمعت عبد الله بن مليل، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. والسياق لأحمد. ورواه سفيان بن عيينة، فقال: عن كثير النواء عن أبي إدريس - وفي رواية لم يقل: عن أبي إدريس - عن المسيب بن نجبة عن علي به. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (6/264/6047 و 6048) ، وابن عساكر في رواية. الحديث: 2659 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 قلت: وهذا من اضطراب (كثير النواء) فإنه ضعيف باتفاق الجمهور، بل قال السعدي: " متروك " كما في " الكامل " وإلى ذلك أشار أبو حاتم بقوله فيه: " ضعيف الحديث "، بابة (سعد بن طريف) ". وكذا قال في سعد هذا وزاد: " متروك الحديث ". وقال الذهبي في " المغني ": " شيعي جلد، ضعفوه ". وذكر له في " الميزان " تبعا لابن عدي حدثين مما أنكر عليه هذا أحدهما والآخر سيأتي تخريجه تحت الحديث (6267) . ومن الطريق المشارأليها ما رواه إسماعيل بن زكريا عن كثير النواء به، مختصرا دون تسمية وزرائه صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في " زوائده " (1/88) . ورواه سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة قال: بلغني عن عبد الله بن مليل [هذا الحديث] ، فغدوت إليه، فوجدته في جنازة، فحدثني رجل عن عبد الله بن مليل قال: سمعت عليا يقول: فذكره بنحوه موقوفا. أخرجه أحمد (1/142) ، وفي " الفضائل " (1/228/275) ، وابنه عبد الله فيه (276) ،والسياق له وهو رواية للطحاوي، والزيادة له. وسالم بن أبي حفصة صدوق في الحديث، وإن كان شيعيا غاليا كما في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 " التقريب "، ولكن شيخه الذي حدثه عن عبد الله بن مليل لم يسم، فهو مجهول، ويغلب على الظن أنه كثير النواء، فإن كان غيره، فعبد الله بن مليل مجهول أيضا لم يوثقه غير ابن حبان (7/55) ، وجهالته إما حالية، أو عينية، على ما بينته في " تيسير الانتفاع ". (تنبيه) : وقع اسم والد (عبد الله بن مليل) في كل طرق حديث " مشكل الآثار ": (منين) فوثقه المعلق عليه الشيخ (الحسن النعماني) ، نقلا عن " تقريب العسقلاني " ولم ينتبه أنه تحرف على ناسخ " المشكل "، وعلى الصواب وقع في طبعة المؤسسة (7/196-199) . 2660 - (إن الله يبغض العفريت النفريت الذي لا يرزأ في ولده، ولا يصاب في ماله) . ضعيف. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق 33/1) حدثنا يحيى بن إسحاق: أنبأ عبد الواحد بن زياد عن عاصم الأحوال عن ابي عثمان النهدي قال: دخل على النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي جسيم أو جسمان عظيم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:متى عهدك بالحمى؟ قال: لا أعرفها. قال: فالصداع؟ قال: لا أدري ماهو. قال: فأصبت بمالك؟ قال: لا. قال: فرزئت بولدك؟ قال: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يحيى بن إسحاق - وهو السيلحيني - فهو من شيوخ مسلم. وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل، وهو من كبارالتابعين، فالحديث مرسل، وكذلك ذكره ابن قتيبة الحديث: 2660 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 في " غريب الحديث " كما رواه عنه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 90/2) ، وقد روي موصولا، فقال الرامهرمزي في " الأمثال" (ص 160- حيدر أباد) : حدثنا عبدان بن عبد الرحمن الشافعي: حدثنا هلال بن يحيى بن مسلم: حدثنا عبد الواحد بن زياد بسنده المتقدم عن النهدي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع الناس وفيهم رجل دحسمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم. . . فذكره نحوه. لكن عبدان هذا وشيخه هلال بن يحيى لم أجد لهما ترجمة، فيبقى الحديث على الإرسال، فهو ضعيف. والله أعلم. 2661 - (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يمسي على أربع، وعلى ظهره الحسن والحسين، وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما) . منكر جدا بهذا السياق أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/247) ، والرامهرمزي في " الأمثال " (201/98) ، وابن عدي في " الكامل " (5/259) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (3/46/2621) ، وابن حبان في " الضعفاء " (3/19) ، وابن الجوزي في " العلل " (1/254-255 9، وكذا الدولابي في " الكني " (2/6) ،وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/511-512) من طريق مسروح أبي شهاب هن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال: فذكره. وقال العقيلي: " مسروح لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وقد روي بأسناد أصلح من هذا، وبخلاف هذا اللفظ ". الحديث: 2661 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 وقال ابن حبان: " يروي عن الثوري ما لا يتابع عليه، لا يجوز الا حتجاج بخبره، لمخالفته الأثبات في كل ما يرويه ". وقال الدولابي: " قال أبو عبد الرحمن النسائى: هذا الحديث منكر، يشبه أن يكون باطلا ". وقال ابن أبي حاتم (4/1/424) : " سألت ابي عنه، وعرضت عليه بعض حديثه؟ فقال: " لا أعرفه " وقال: يحتاج أن يتوب إلى الله عز وجل من حديث باطل رواه عن الثوري ". " إي والله، هذا هو الحق: أن كل من روى حديثا يعلم أنه غير صحيح فعليه التوبه أو يهتكه ". وأفاد الحافظ العسقلاني في " اللسان " أن أبا حاتم يعني هذا الحديث. ونقل عن ابن عدي أنه قال في (مسرح) هذا: " مجهول ". وعليه يدل كلام العقيلي وأبي حاتم، فقول الذهبي في " السير " (3/256) عقب الحديث: " مسروح لين "، ونحوه قول الهيثمي (9/182) : " ضعيف "! فهو غير منسجم مع كلامهما. فتأمل. وقول العقيلي المتقدم: " وقد روي بإسناد أصلح. . . " يشير إلى حديث عمر أو غيره بلفظ آخر نحوه بلفظ: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 " على عاتقي النبي صلى الله علبه وسلم ". ليس فيه التشبيه المنكر. وقد خرجته في " الصحيحة " (3320) محسنا إياه لطرفه. (تنبيهات) : أحدهما: لفظ الحديث في كل المصادر المتقدمة: " الجمل جملكما " بالجيم في اللفظين، إلا في " كامل " ابن عدي، فهما فيه بالحاء المهملة! وكذلك وقع في تاريخ ابن كثير " البداية " (8/36- السعادة) ، فإن طابعها لم يتشبع بما تشبع به طابع " الكامل " بقوله مزينا الوجه الأول به: " تحقيق الدكتور فلان، ودققها على المخطوطات فلان خريج جامعة أم القرى "! هذا في الطبعة الثالثة التي إليها العزو، واما الطبعة الأولى منه فكانت العبارة فيه هكذا: " تحقيق وضبط ومراجعة لجنة من المختصين بإشراف الناشر "! بدعة ابتداعها بعض الناشرين ترويجا للبضاعة وزرها أول من ابتدعها. والآخر: أن الحديث وقع في " التاريخ " معزوا للترمذي عن أبي الزبير عن جابر. وهو خطأ فاحش لعله من الطابع أو الناسخ. وأفحش منه قوله عقبه: " على شرط مسلم، ولم يخرجوه "! فقد عرفت أنه تفرد به مسروح، وأنه مع جهالته ليس من رجال مسلم. نعم عند الترمذي حديث ابن عباس بلفظ: " ونعم الراكب هو ". وسأذكره إن شاء الله في الموضع المشار إليه من " الصحيحة "، وقد عزاه في " التاريخ " لأبي يعلى، وسبقه إلى ذلك ابن عساكر، ولم أره في " المسند " المطبوع لأبي يعلى، ولا عزاه إليه الهيثمي وغيره، وإنما عند أبي يعلى في " المسند الكبير " حديث عمر المشار إليه آنفا. ولله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 2662 - (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة، أو في غداة باردة فذهبت ثم جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف، فطرح علي طرف ثوبه [فصرنا ثلاثة] ) . موضوع أخرجه الحاكم (3/364) ، والبزار (3/212/2595) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/611/1394) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/374) من طرق عن إسحاق بن إدريس: حدثنا أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: فذكره. والسياق للبزار، وقال: " لا نعلم له إسنادا غير هذا، ولا تابع إسحاق عليه أحد ". قلت: وهوالأسواري، قال البخاري: " تركه الناس ". وتبنى هذا الذهبي في " المغني ". وفي " الميزان ": " وقال يحيى بن معين: كذاب يضع الحديث ". ومع هذا قال الحاكم عقب الحديث: " صحيح الإسناد "! والظاهر أنه خفي عليه حال الأسواري هذا، لكن الغريب أن الذهبي أقره ولم يتعقبه بشيء! والأعجب من ذلك أن الزيادة في آخر المتن هي عند الحاكم من طريق محمد بن سنان القزاز، قال الذهبي في " المغني ": " رماه بالكذب أبو داود وابن خراش ". والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9/152) : الحديث: 2662 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 " رواه البزار، وفيه إسحاق بن إدريس، وهو متروك ". وأما ما نقله الدكتور محفوظ الرحمن في تعليقه على " البحر الزخار" (3/184) عن الهيثمي أنه قال في نفس الموضع الذي أشرت إليه: " رواه البزار، وإسناده حسن "! فهو وهم محض، سببه أنه انتقل بصره حين النقل عنه إلى قول الهيثمي عقب الحديث الذي يلي هذا عنده مباشرة، وهو قوله: " وعن ابن عمر: أن الزبير استأذن عمر في الجهاد؟ فقال: اجلس فقد جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البزار، وإسناده حسن ". على أن هذا التحسين غير مسلم، لأن البزار أخرجه عقب حديث الترجمة برقم (2596) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر، وهذا إسناد معروف ضعفه، وهو إسناد حديث: " اللهم بحق السائلين عليك. . . " المتقدم تخريجه وبيان ضعفه في المجلد الأول برقم (24) ، والرد في مقدمته على الشيخ إسماعيل الأنصاري، الذي انتصر لشيخ الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالباطل، والاعتداء على المؤلف ببهته والافتراء عليه، وتكلف تكلفا ظاهرا في تقويه الحديث، فراجعها فإنها مهمة. نعم لحديث ابن عمر هذا طريق آخر يرويه قيس بن أبي حازم: أن الزبير استأذن عمر. . . فذكره. أخرجه البزار أيضا (2597) ، وهو في " مسند عمر " من " البحر الزخار " (1/466/332) وقال: " وهذا الإ سناد أحسن من إسناد حديث فضيل ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 وقال الحافظ عقبه في " مختصر الزوائد " (2/324) : " قلت: وأصح، بل هو صحيح مطلقا ". وهو كما قال رحمه الله. ورواه حبلة بن سحيم عن عبد الله بن عمر به، وأتم منه. أخرجه ابن عساكر (6/380) ، وفيه رجل لم يسم. ثم رأيت حديث الترجمة في " العلل " لابن أبي حاتم (2/371) وقال عقبه: " قال أبو زرعة: لا أعلم رواه غير إسحاق بن إدريس، وهو واه ". 2663 - (أمرت بهدم الطبل والمزمار) . ضعيف رواه الديلمي (1/2/219) عن محمد بن عبد الله بن بزرة: حدثنا همام عن عاصم بن علي عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبر بن مالك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، جبر بن الك لم أعرفه. ومثله همام ومحمد بن عبد الله بن بزرة وروى ابن عدي في " الكامل " (1/2) من طريق إبراهيم بن اليسع التميمي المكي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا بلفظ: " أمرني ربي بنفي الطنبور والمزمار ". وقال: " هذا الحديث لم يتابع إبراهيم عليه أحد، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف ". الحديث: 2663 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 2664 - (إذا شهدت أمة من الأمم، وهم أربعون فصاعدا أجاز الله شهادتهم. أو قال: صدق شهادتهم) . منكر أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/26/1) - وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " (1/454) -: حدثنا إبراهيم بن عمر الوكيعي: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي: حدثنا سوادة بن أبي الأسود: أخبرنا صالح بن هلال عن أبي المليح بن أسامة الهذلي: حدثني أبي رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير الوكيعي هذا فلم أعرفه؛ وغير صالح بن هلال، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/1/418-419) من رواية سوادة هذا وحده عنه، وقال: " سئل أبي عنه فقال: (شيخ) ". قلت: كأنه يشير إلى جهالته، وقد خالفه في إسناده ومتنه من هو مثله، ألا وهو مبشر بن أبي المليح عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " ما من رجل يصلي عليه مئة إلا غفر له ". أخرجه الطبراني عقب الذي قبله، ومن طريقه: أبو نعيم في " الحلية " (8/391) ، وقال الضياء بعد أن ساقه: " ويحتمل أن يكون أبو المليح سمعه من أبيه ومن ابن عمر، والله أعلم ". قلت: هذا الاحتمال وجيه، لو كان الراوي لكل من الوجهين ثقة، وليس كذلك، فقد عرفت أن راوي الأول صالح بن هلال مجهول، ومثله مبشر بن أبي مليح، قال ابن أبي حاتم (4/1/342) : " روى عنه شعبة ". ولم يزد! الحديث: 2664 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 ولم يقف على هذا الهيثمي فقال في " المجمع " (3/36) : " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه مبشر بن أبي المليح ولم أجد من ذكره ". وقد خالفهما أبو بكار الحكم بن فروخ قال: " صلى بنا أبو المليح على جنازة فظننا أنه قد كبر، فأقبل علينا بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم، ولتحسن شفاعتكم، قال أبو المليح: حدثني عبد الله - وهو ابن سليط - عن إحدى أمهات المؤمنين - وهي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: أخبرني النبي صلىاللع عليه وسلم قال: ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه. فسألت أبا المليح عن " الأمة "؟ فقال " أربعون ". أخرجه النسائي (1/282) ، وأحمد (6/331و334) . والحكم بن فروخ ثقة، فروايته أصح، لكن عبد الله بن سليط ما روى عنه غير أبي المليح كما حققه الحافظ في " التهذيب "، وذكره ابن حبان في " الثقات ". وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا نحوه بلفظ: " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه ". رواه مسلم وغيره، وخرجته في " الجنائز " (ص 99) فهو شاهد قوي للفظ الترجمة، لولا أنه في الصلاة على الميت، وهذا في الشهادة له، فهو بهذا اللفظ منكر. وللفظ مبشر بن أبي المليح في الصلاة على الميت شاهد أيضا من حديث عائشة وأنس وأبي هريرة، وهو مخرج هناك أيضا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 (تنبيه) : قال المناوي: " قال الهيثمي: وفيه صالح بن هلال؛ مجهول على قاعدة أبي حاتم، أي دون غيره، ففي تجهيله خلف، فالأوجه تحسين الحديث ". قلت: لا وجه لتحسينه، ولا خلاف في تجهيله، فإنه لا يلزم من كونه مجهولا عند أبي حاتم؛ أن يكون مقبولا عند غيره. إذ إننا نعلم بالضرورة أن كثيرا ممن جهلهم أبو حاتم هم كذلك عند غيره، وليس هنا نقل على خلافه، فوجب التسليم له، لأنه إمام هذا الشأن. 2665 - (إذا قعد أحدكم إلى أخيه فليسأله تفقها، ولا يسأله تعنتا) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/135) عن المسيب بن شريك عن عبد الله بن يزيد عن مكحول عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، المسيب بن شريك قال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه ". وعبد الله بن يزيد؛ الظاهر أنه النخعي الصهباني الكوفي، وهو ثقة. ومكحول؛ ثقة أيضا، لكنه لم يسمع من علي. الحديث: 2665 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 2666 - (إذا كان اثنان صليا معا، فإذا كانوا ثلاثة تقدمهم أحدهم) . ضعيف أخرجه الدارقطني في " سننه " (1/278 - طبع مصر) ، الحديث: 2666 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 والديلمي (1/1/140-141) عن الحسن بن حبيب بن ندبة عن إسماعيل المكي عن الحسن عن سمرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان: الأولى: عنعنة الحسن؛ وهو البصري فإنه كان يدلس. والأخرى: إسماعيل المكي؛ وهو ابن مسلم ضعيف. لكن معنى الحديث صحيح مطابق للسنة العملية في قصة جابر وجبار حيث أقامهما صلى الله عليه وسلم خلفه. كما في مسلم وغيره. وهو مخرج في " الإرواء " (539) وغيره. 2667 - (إذا كان مطر وابل، فصلوا في رحالكم) . منكر بذكر (وابل) أخرجه الحاكم (1/293) ، وأحمد (5/62) عن ناصح بن العلاء: حدثني عمار بن أبي عمار قال: " مررت بعبد الرحمن بن سمرة يوم الجمعة وهو على نهر يسيل الماء مع غلمانه ومواليه، فقلت له: يا أبا سعيد الجمعة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " ناصح بن العلاء بصري ثقة، إنما المطعون فيه ناصح أبو عبد الله المحلمي الكوفي فإنه روى عنه سماك بن حرب المناكير ". وتعقبه الذهبي بقوله: " ضعفه النسائي وغيره، وقال البخاري: منكر الحديث، ووثقه ابن المديني وأبو داود، ما خرج له أحد ". الحديث: 2667 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 وقال الحافظ: " لين الحديث ". (فائد) : الوابل: المطر الشديد الضخم القطر. كما في كتب اللغة. ولم أجد في أحاديث الرخصة بالصلاة في الرحال هذا الشرط، بل في بعضها: " فأصابهم مطر لم تبتل أسفل نعالهم ". صحيح أبي داود (969) . وانظر " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " (ص 330) . 2668 - (إذا كان يوم الخميس بعث الله - عز وجل - ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون يومالخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على محمد صلى الله عليه وسلم) . موضوع رواه تمام في " الفوائد " (194/1) ، وابن عساكر (12/248/2) عن سليمان بن داود: حدثنا عمرو بن جرير البجلي: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. . قلت: وهذا موضوع، آفته من عمرو بن جرير البجلي؛ فقد كذبه أبو حاتم، وقال الدارقطني: " متروك الحديث ". ويحتمل أن تكون الآفة من سليمان بن داود وهو الشاذكوني، فقد قال البخاري: " فيه نظر ". وكذبه ابن معين. وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". الحديث: 2668 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 2669 - (إذا كان يوم القيامة أتي بالموت كالكبش الأملح، فيوقف بين الجنة والنار، فيذبح وهم ينظرون، فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة، ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار) . ضعيف أخرجه الترمذي (رقم 2561) : حدثنا سفيان بن وكيع: حدثنا أبي عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد يرفعه قال: فذكره. وقال: " هذا حديث حسن " زاد في بعض النسخ: " صحيح ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطية - وهو ابن سعد العوفي - مدلس وضعيف، وسفيان بن وكيع ضعيف أيضا. ثم رواه الترمذي (3155) من طريق أخرى عن أبي سعيد به؛ وفيه النضر بن إسماعيل وليس بالقوي كما في " التقريب "، وقد خالفه الثقات كما في " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي صالح عن أبي سعيد مرفوعا به نحوه، دون قوله: " فلو أن أحدا مات ... " فهو منكر، ولقد أخطأ صديقنا الفاضل الأستاذ الدعاس في تعليقه على الترمذي حيث أطلق عزو الحديث إلى البخاري ومسلم، فأوهم أنه عندهما بتمامه، فاقتضى التنبيه. نعم قد وردت هذه الزيادة من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: " إذا صار أهل الجنة إلى الجنة ... " الحديث، وفيه: " فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم ". أخرجه أحمد (2/118 و 120 - 121) ، والشيخان عنه. الحديث: 2669 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 2670 - (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، ويدخلوا في الدنيا، فإذا خالطوا ودخلوا في الدنيا فقد خانوا الرسل، فاعتزلوهم واحذروهم) . ضعيف أخرجه العقيلي كما في " جامع بيان العلم " (1/185) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (2/445) ، والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 99/2) من طريق إبراهيم بن رستم: حدثنا حفص الإبري عن إسماعيل بن سميع عن أنس مرفوعا به. وقال العقيلي: " حفص هذا كوفي حديثه غير محفوظ ". قلت: لم أجد هذه الترجمة ولا لحديث في " الضعفاء " للعقيلي من نسخة الظاهرية، ويظهر أن فيها خرما، فقد ذكرها ابن حجر في " اللسان " لكلام العقيلي المذكور فيه؛ وتعقبه بقوله: " قلت: هو عمر بن حفص، غلط في اسمه بعض الرواة، وسيأتي ". وذكر هناك أنه عمر بن حفص بن ذكوان العبدي. قال أحمد: " تركنا حديثه، وحرقناه ". وقال علي: " ليس بثقة ". وقال النسائي: " متروك ". قلت: ويؤيد ما ذكره من الغلط أن ابن أبي حاتم أورد الحديث في " العلل " (2/137) من طريق أخرى عن إبراهيم بن رستم قال: حدثنا أبو حفص الإبري الحديث: 2670 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 به. وكذلك رواه الحاكم في " تاريخه " كما في " اللآلي المصنوعة " (13 - هند) ، إلا أنه قال: " العبدي " مكان " الإبري ". فهذا كله يؤيد أنه أبو حفص، وليس حفصا كما في الرواية الأولى. وقد عرفت مما نقلناه عن الأئمة فيه أنه شديد الضعف، فمن الغريب أن ابن أبي حاتم لم يعل الحديث به، فإنه قال عقبه: " هذا حديث منكر، يشبه أن يكون في الإسناد رجل لم يسم، وأسقط ذلك الرجل ". فيبدو - والله أعلم - أن أبا حفص هذا ليس هو عند أبي حاتم العبدي المجروح، وإلا لأعل الحديث به، فقد ضعفه هو أيضا كما نقله عنه ابنه في " الجرح والتعديل " (3/103) ، ولعل السبب هو أنه وقع في روايته أنه " الإبري " - نسبة إلى بيع الإبر وعملها - وأبو حفص عمر بن حفص العبدي لم ينسب هذه النسبة، فمن هو هذا الإبري؟ لم أجد أحدا ترجمه بكنيته أبي حفص؛ وبهذه النسبة " الإبري "، وإنما ترجمه العقيلي باسم " حفص الإبري " وهو خطأ من بعض الرواة كما تقدم عن الحافظ، وإذا كان كذلك فهو أبو حفص العبدي الإبري، له نسبتان الأولى نسبة إلى الجد، والأخرى إلى الصنعة. ولا مانع من مثل هذا الجمع، فقد يتوفر في بعض الرواة أكثر من نسبة واحدة، بل ومن نسبتين، فهذا - مثلا - سمي المترجم عمر بن رياح العبدي أبو حفص البصري الضرير، لما ترجمه الحافظ في " التهذيب " قال في حاتمتها: " فتحصلنا على أنه ينسب ألوانا: عبدي، وسعدي، وباهلي "! قلت: وأنا لا أستبعد أن يكون هو المترجم نفسه لأنه في طبقته وقد روى عن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 ثابت وهو من شيوخه، ويكون نسبته إلى حفص، ورياح من قبيل نسبته إلى الأب؛ دون الجد، أو العكس. أعني أن أحدهما أبوه والآخر جده، والباهلي هذا متروك أيضا. والله أعلم. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1) من طريق الحاكم وقال: " تابعه محمد بن معاوية النيسابوري عن محمد بن يزيد عن إسماعيل، والعبدي متروك، وإبراهيم (يعني ابن رستم) لا يعرف، ومحمد بن معاوية كذاب ". ورده السيوطي في " اللآلي " بأن إبراهيم بن رستم معروف، وثقه ابن معين وغيره. وهو كما قال على خلاف فيه. ثم ذكر أن له شواهد كثيرة؛ صحيحة وحسنة، فوق الأربعين حديثا، وأنه يحكم له على مقتضى صناعة الحديث بالحسن. وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/267 - 268) . قلت: وأنا في شك كبير من صواب الحكم المذكور، لا سيما وهو يخالف مقدمة كلامه، لأنه إذا كان - حقا - له شواهد صحيحة، فلماذا يكون حسنا فقط، ولا يكون صحيحا؟! وانتقادي هذا إنما ينصب على ظاهر كلامه الدال على أنه أراد الحديث بتمامه، فإني لا أعرف له ولا شاهدا واحدا، ولا ذكره السيوطي نفسه في " الجامع الكبير " (1/360/1) إلا من حديث أنس هذا. وأما إن كان يريد طرفه الأول " العلماء أمناء الرسل " فمن الممكن أن يكون ثابتا، وذلك يحتاج إلى بحث وتحقيق، فلنفعل:   (1) وأقره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء ": (1 / 60) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 لقد سبق في كلام ابن الجوزي أن محمد بن معاوية النيسابوري قد رواه عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن سميع، وأن ابن معاوية كذاب، وهو كما قال لكن يبدو أنه لم يتفرد به، فقد أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/48/1) من طريق أبي عمرو أحمد بن الحسن بن يحيى الروياني: أخبرنا أبو عمر محمد بن عيسى الواسطي: أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري به مقتصرا على الطرف الأول منه: " العلماء أمناء الله على خلقه ". وروى الخطيب في " التاريخ " (3/271) عن ابن حبان قال: " وجدت في كتاب أبي بخط يده: ذكر لأبي زكريا (يعني يحيى بن معين) : أن محمد بن معاوية النيسابوري حدث عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن سميع عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرسل أمناء الله؟ فقال أبو زكريا: هذا باطل وكذب، ما حدث محمد بن يزيد عن إسماعيل بن سميع بشيء ولا سمع منه، ولا سمع إسماعيل بن سميع (الأصل: ابن رافع) من أنس شيئا، ومحمد بن معاوية حدث بأحاديث كثيرة كذب، ليس لها أصول .... ". قلت: لكن لم يتفرد به ابن معاوية، فقد قال ابن الأعرابي في " معجمه " (56/2) ، ومن طريقه القضاعي في " مسند الشهاب " (1/2 - الكراس الثاني) : أخبرنا محمد بن عيسى: أخبرنا محمد بن الصباح الجرجرائي: أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل بن سميع به بلفظ: " العلماء أمناء الله على خلقه ". وهذه متابعة قوية؛ لأن الجرجرائي هذا؛ وثقه أبو زرعة وغيره، وقال الحافظ: " صدوق ". وسائر الرجال ثقات أيضا، ومحمد بن عيسى هو الواسطي المعروف بابن أبي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 قماش؛ له ترجمة في " تاريخ بغداد " (2/400) . وأما محمد بن يزيد؛ فلم أعرفه، وقد جزم ابن معين فيما تقدم بأنه لم يسمع من إسماعيل بن سميع شيئا، وهذا يشعر بأنه معروف لديه، فلعله محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي الجزري؛ وقد قال الحافظ: " ليس بالقوي ". وكذلك جزم ابن معين بأن ابن سميع لم يسمع من أنس، فلعله من أجل ذلك كتب بعض المحدثين على هامش " القضاعي " وأظنه ابن المحب المقدسي: " منكر ". وقد وجدت له شاهدا من حديث معاذ بن جبل مرفوعا بلفظ: " العالم أمين الله في الأرض ". ولكنه واه جدا، أخرجه أبو الفضل السهلكي في " حديثه " (1/2) ، وابن عبد البر في " الجامع " (1/52) من طريق عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن الحكم بن عبد الله: أخبرنا عبادة بن نسي (1) عن عبد الرحمن بن غنم عنه. قلت: وهذا إسناد هالك، عيسى هذا وشيخه الحكم بن عبد الله - وهو الأيلي - كلاهما هالك؛ كما قال الذهبي، والآخر شر من الأول. فقد قال فيه أبو حاتم وغيره: " كذاب ". وقال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ". ومن هذا التحقيق يتبين أن الحافظ العراقي لم يعطه حقه من النقد حين قال   (1) الأصل: الحكم بن عبيد الله: نا عبادة بن قيس. والتصحيح من كتب الرجال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 في " تخريج الإحياء " (1/6) : " رواه ابن عبد البر من حديث معاذ بسند ضعيف "! فإن من لا علم عنده بالرواة قد يتكىء على مثل هذا التضعيف اللين لحديث معاذ هذا فيعتبره شاهدا، وهو لا يصلح لذلك لشدة ضعفه، ولذلك فالحديث باق على ضعفه لعدم وقوفنا على شاهد معتبر له، ولا لطرفه الأول. والله أعلم. 2671 - (إذا كنتم في القصب، أو الثلج، أو الرداغ فحضرت الصلاة؛ فأومئوا إيماء) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (13/199/473) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، قال: حدثنا محمد بن فضاء، عن أبيه عن علقمة بن عبد الله المزني، عن أبيه مرفوعا، ومن هذا الوجه أخرجه في " الأوسط " (8/46/7913) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، (فضاء) والد (محمد) فيه جهالة كما في " المغني ". وولده (محمد) ضعفه ابن معين. وإسماعيل بن عمرو البجلي ضعفه ابن عدي وجماعة، لكن ذكر الطبراني في " الأوسط " أنه تابعه معدي بن سليمان (الأصل: سنان، والتصحيح من " تهذيب الكمال " و " ميزان الاعتدال " وغيرهما) وهو متفق على ضعفه، وتقدم له حديث منكر برقم (2369) . والحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/11) : الحديث: 2671 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وفيه (محمد بن فضاء) ، وهو ضعيف "! (القصب) : كل نبات كانت ساقه أنابيب وكعوبا، ومنه (قصب السكر) . " المعجم الوسيط ". (الرداغ) : (الردغة) بسكون الدال وفتحها: طين ووحل كثير، ويجمع على (ردغ) . كذا في " النهاية ". 2672 - (إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف مختمة فيقول الله عز وجل: اقبلوا هذا وردوا هذا، فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، فيقول: صدقتم إن عمله كان لغير وجهي، وإني لا أقبل اليوم إلا ما كان لوجهي) . ضعيف جدا رواه السلفي في " معجم السفر " (50/2) عن عمر بن يحيى الأبلي: حدثنا الحارث بن غسان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث بن غسان مجهول. وعمر بن يحيى الأبلي (1) ؛ اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث عن يحيى بن بسطام؛ وهو ضعيف جدا.   (1) كذا في مسودتي بالباء الموحدة قبل اللام، وفي " اللسان ": (الأيلي) بالمثناة التحتية الحديث: 2672 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 2673 - (الجماعة بركة، والثريد بركة، والسحور بركة، والطعام المكيل بركة، تسحروا تزدادوا قوة، تسحروا تصيبوا السنة، تسحروا ولو بجرعة ماء، صلوات الله على المتسحرين) . الحديث: 2673 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 ضعيف. رواه أحمد بن المهندس في " حديث عافية وغيره " (132/2) عن عمرو بن بزيع الأزدي عن الحارث عن علي مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، الحارث - وهو الأعور بن عبد الله - ضعيف، والحارث بن الحجاج الأزدي مجهول، وكذا الراوي عنه ابن بزيع الأزدي؛ واسمه عمر كما في " الميزان " و " اللسان "، فلعل ما في رواية ابن المهندس " عمرو " خطأ من بعض النساخ. والله أعلم. وله شاهد من حديث أنس مرفوعا به دون قوله: " والطعام المكيل بركة ... " إلخ. ولكنه واه جدا. رواه ابن شاذان في " المشيخة الصغيرة " (رقم 63) عن أبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا العدوي: أخبرنا إبراهيم بن سليمان السلمي: أخبرنا سلم بن مسلم قال: سمعت أنسا يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العدوي هذا؛ فإنه كذا وضاع، ولذلك فقد أساء السيوطي بإيراد هذا الحديث من رواية ابن شاذان هذه في " الجامع الصغير "؛ وإن كان معناه ثابتا من طرق أخرى كما سبق في الصحيحة (1045) " البركة في ثلاثة ... ".لكن قد جاء معناه من حديث أبي هريرة وغيره، وقد خرجته في الموضع المثار إليه آنفا. 2674 - (التمسوا الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق) . ضعيف جدا رواه الطبراني (1/220/2) ، والقضاعي (60/1) عن الحديث: 2674 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أخبرنا أبان بن المحبر عن سعيد بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ مسلسل بالعلل: الأولى: سعيد هذا - وهو ابن معروف بن راقع بن خديج - قال الأزدي: " لا تقوم به حجة ". الثانية: أبان بن المحبر؛ قال الذهبي: " متروك ". الثالثة: عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي؛ قال الحافظ: " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". 2675 - (الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل) . ضعيف رواه الخطيب في " الجامع " (22/1 - من المنتقى منه) عن عبد الغفار بن عبيد الله بن السري الحصيني: أخبرنا أحمد بن نصر الباهلي: أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأحمري: أخبرنا عبد الله بن حماد الأنصاري عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون أبي جعفر - وهو الصادق - لم أعرفهم، غير الأحمري؛ فأورده الحافظ في " اللسان " وقال: الحديث: 2675 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 " ذكره الطوسي في " رجال الشيعة " وقال: كان ضعيفا في حديثه ". وعبد الغفار هذا ليس هو عبد الغفار بن عبيد الله بن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز القرشي، فإنه متقدم الطبقة على هذا، وترجمه ابن أبي حاتم (3/1/54) وقال: " روى عنه أبي ومحمد بن مسلم بن وارة "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث سكت على إسناده السخاوي في " المقاصد " (ص 84) بعد أن عزاه لـ " جامع الخطيب "! وقال في الطريق المتقدمة: " وابن المحبر متروك، وهو وسعيد لا تقوم بهما حجة. ولكن له شاهد، رواه العسكري فقط من حديث عبد الملك بن سعيد الخزاعي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي ... ". قلت: فذكر متنه بنحوه، وسكت عليه أيضا، وكأنه لظهور ضعفه؛ فإن عبد الملك بن سعيد هذا لا يعرف؛ فإنهم أغفلوه ولم يترجموه، ثم إنني لا أدري إذا كان السند إليه ثابتا أم لا؟ ثم ذكر من رواية الخطيب أيضا من طريق عبد الله بن محمد اليمامي عن أبيه عن جده قال: قال خفاف بن ندبة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكر حديثا فيه مرفوعا: " يا خفاف! ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر لم يضرك، وإن احتجت إليه نفعك ". وقال: " وكلها ضعيفة ". قلت: واليمامي هذا مجهول؛ كما قال ابن أبي حاتم (2/2/158) عن أبيه، وتبعه الذهبي والعسقلاني. ثم قال السخاوي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 " ولكن بانضمامها تقوى ". وفيه عندي نظر، لأن الطريق الأولى واهية جدا فلا تقويها الشواهد؛ كما هو معلوم من " المصطلح "، وبقية الطرق مظلمة مجهولة، على أن الأخير منها قاصر ليس فيه: " الجار قبل الدار ". والله أعلم. 2676 - (ما انتعل أحد قط ولا تخفف ولا لبس ثوبا ليغدو في طلب علم يتعلمه إلا غفر الله عز وجل له حيث يخطو عتبة باب بيته) . موضوع. رواه ابن عدي في " الكامل " (12 / 1) ، والطبراني في " الأوسط " (6 / 37 / 5722 - حرمين) ، وتمام في " الفوائد " (272 / 1 - 2) ، وابن عساكر (2 / 373 / 1) عن إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله أبي علي التيمي: ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي مرفوعا. ورواه عفيف الدين في " فضل العلم " (122 / 2) عن المحاربي ثنا فطر به. وقال ابن عدي: " وهذا باطل ليس يرويه عن فطر غير إسماعيل، وعامة ما يرويه بواطيل عن الثقات وعن الضعفاء ". وقد روي بإسناد آخر له بلفظ: الحديث: 2676 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 2677 - (من انتعل يتعلم علما، غفر له قبل أن يخطوَ) موضوع. رواه ابن شاهين في " الترغيب " (ق 191 / 1) ، وأبو الفضل السهلكي في " حديثه " (94 / 2) عن إسماعيل بن يحيى: حدثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي عن الأسود عن عائشة مرفوعا. الحديث: 2677 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 قلت: وهذا موضوع؛ إسماعيل بن يحيى وهو أبو يحيى التيمي كان يضع الحديث كما قال صالح جزرة، وكذبه الدراقطني وغيره، وعرفت قول ابن عدي فيه آنفاً. (تنبيه) : الحديث في الجامع الصغير بلفظ، " انتقل " من الانتقال وعليه شرح المناوي، وهو تصحيف، والصواب ما في روايتنا: " انتَعَلَ " أي لبس نعله، بدليل قوله: " قبل أن يخطو "، وهذا بيَّن لا يخفى، ويؤيده الرواية السابقة: " ما انتعل أحد قط. . . "، وعلى الصواب وقع في الجامع الكبير (2 / 228 / 2) وأعلَّه بإسماعيل هذا! فكيف استجاز إيراده في " الجامع الصغير "؟! 2678 - (أكرموا العلماء، فإنهم ورثة الأنبياء، من أكرمهم فقد أكرم الله ورسوله " موضوع. أخرجه ابن جبرون المعدل في " الفوائد العوالي " (1/15/2) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (4/437 - 438) ، والديلمي (1/1/32) عن الضحاك بن حجوة الفريابي عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: أشار الحافظ إلى إعلاله بالضحاك هذا، ولكنه لم يذكر من حاله شيئا. وقد قال الدارقطني: " كان يضع الحديث ". وذكره الذهبي في " الميزان "، ثم قال: " ومن مصائبه هذا الحديث "! ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 182 - بترقيمي) ، كما أورده في " الجامع الصغير " فما أشد تناقضه! الحديث: 2678 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 وأورده فيه أيضا من رواية ابن عساكر عن ابن عباس! دون الشطر الثاني، وتساهل المناوي في " التيسير " فقال في حديث الترجمة: " ضعيف لضعف الضحاك بن حجوة، لكن يعضده حديث ابن عباس ". وهذه غفلة شديدة منه تبعه عليها الشيخ الغماري في " المداوي " (2/182 - 183) ، وكأنهما لم يقفا على إسناده عند ابن عساكر، فقد أخرجه في ترجمة (عبد الملك بن محمد بن يونس أبي عقيل السمرقندي) (37/103 - 104) بإسناده عن أحمد بن عيسى اللخمي، عن إبراهيم بن مالك: أخبرنا شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وهذا كالذي قبله موضوع. أحمد بن عيسى اللخمي هو التنيسي المصري كما في " تهذيب التهذيب "، أورده ابن حبان في " الضعفاء " (1/146) وقال: " يروي عن المجاهيل الأشياء المناكير، وعن المشاهير الأشياء المقلوبة، لا يجوز عندي الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار ". ثم ذكر له حديثين آخرين وقال: " جميعا موضوعان ". وذكر له ابن عدي (1/194) أحاديث بواطيل. وشيخه إبراهيم بن مالك هو الأنصاري، ذكر له ابن عدي (1/252 - 253) . وساق له أحاديث وقال: " وهذه الأحاديث مع أحاديث سواها لإبراهيم بن مالك موضوعة، كلها مناكير "، وقد حقق الذهبي والعسقلاني أنه (إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك الأنصاري) ، عن شعبة والحمادين، قال ابن عدي: " ضعيف جدا، حدث بالبواطيل ". فراجع " اللسان ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 لكن جملة " العلماء ورثة الأنبياء " ثبتت عند ابن حبان وغيره، وبعض أسانيده مقبولة؛ كما في " التعليق الرغيب " (1/53/2) . 2679 - (أكرموا حملة القرآن، فمن أكرمهم فقد أكرمني) . منكر رواه الديلمي (1/1/34) من طريق الدارقطني عن خلف الضرير: حدثنا وكيع عن الأعمش عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. أشار الحافظ إلى إعلاله بخلف هذا، ولكنه لم يذكر من حاله شيئا، وقد قال الذهبي: " فيه جهالة؛ قال ابن الجوزي: روى حديثا منكرا ". وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 39 - رقم 184 - بترقيمي) وأعله بما ذكرنا. الحديث: 2679 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 2680 - (أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة (1/130/2) ، والحاكم (1/313) ، والديلمي (1/1/33) عن الطبراني والضياء في " المختارة " (6/309 - 310) عن عبد الله بن فروخ عن ابن جريج عن عطاء عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحافظ: " أخرجه الحاكم من هذا الوجه وصححه "! قلت: عبارة الحاكم: " لفظه عجب، وعبد الله بن فروخ صدوق "! الحديث: 2680 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 وتعقبه الذهبي بقوله: " قال ابن عدي: أحاديثه غير المحفوظة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يغلط ". 2681 - (إن لله عز وجل في الخلق ثلاث مئة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله تعالى خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله تعالى مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله تعالى مكانه من الثلاث مئة، وإذا مات من الثلاث مئة أبدل الله تعالى مكانه من العامة، فبهم يحيي ويميت، ويمطر وينبت ويدفع البلاء) . موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/8 - 9) ، وابن عساكر في " التاريخ " (1/70/2) ، والذهبي في " الميزان " من طريق عبد الرحيم بن الحديث: 2681 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 يحيى الأدمي: حدثنا عثمان بن عمارة: حدثنا المعافى بن عمران عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء. وقال الذهبي في ترجمة عثمان بن عمارة هذا: " وهو كذب ". ثم قال: " فقاتل الله من وضع هذا الإفك ". وقال في ترجمة عبد الرحيم: " أتهمه به أو بعثمان ". وأقره الحافظ في الترجمتين من " اللسان ". 2682 - (التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق) . موضوع أخرجه الأزرقي في " أخبار مكة " (291) من طريق الواقدي عن عبد الحميد بن عمران عن خالد بن كيسان عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته الواقدي فإنه كذاب. وعبد الحميد بن عمران هو أبو الجويرية الكوفي نزيل المدينة؛ ترجمه ابن أبي حاتم (3/1/16) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وخالد بن كيسان؛ قال الحافظ: الحديث: 2682 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 " حجازي مقبول ". والحديث روي عن ابن عباس من طريق أخرى ضعيفة أيضا بلفظ: " آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم ". وهو مخرج في " إرواء الغليل " (1125) . 2683 - (نعم البئر بئر غرس؛ هي من عيون الجنة، وماؤها أطيب المياه) . موضوع أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1/504) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا عاصم بن عبد الله الحكمي عن عمر بن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الواقدي فإنه كذاب؛ كما تقدم مرارا. وعاصم بن عبد الله الحكمي لم أعرفه؛ ويحتمل أنه جعفر بن عبد الله بن الحكم، فإنه ابن أخي عمر بن الحكم الذي هو شيخه في هذا الإسناد. وعليه فقوله: " عاصم " محرف من " جعفر ". والله أعلم. وجعفر هذا ثقة، وكذلك عمه عمر، وهو تابعي؛ فالحديث مرسل. وللواقدي إسناد آخر؛ فقال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " بئر غرس من عيون الجنة ". قلت: وهذا أشد ضعفا من الأول، فإن شيخ الواقدي أبا بكر بن أبي سبرة قال الحافظ: الحديث: 2683 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 " رموه بالوضع ". 2684 - (الحجر الأسود نزل به ملك من السماء) . موضوع أخرجه الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 232) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إبراهيم هذا، فإنه متهم بالكذب. الحديث: 2684 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 2685 - (الحجر في الأرض يمين الله عز وجل، فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله عز وجل ألا يعصيه) . موضوع رواه أبو محمد القاري في حديثه (2/202/2) عن أبي سالم الرواس العلاء بن مسلمة: حدثنا أبو حفص العبدي عن أبان عن أنس مرفوعا. ثم قال: " حديث غريب تفرد بروايته عن أبان أبو حفص عمر بن حفص العبدي، ولا نحفظه إلا من حديث أبي سالم الرواس ". قلت: قال فيه ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ". وقال ابن طاهر: " كان يضع الحديث ". قلت: ومع ذلك فقد سود السيوطي بحديثه هذا كتابه " الجامع الصغير "، أورده من رواية الديلمي في " مسند الفردوس "، وتعقبه المناوي بأن فيه الرواس هذا قال الذهبي: متهم بالوضع. الحديث: 2685 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 قلت: وفاته أن فيه عمر بن حفص العبدي؛ قال علي: " ليس بثقة ". وقال النسائي: " متروك ". وقد روي موقوفا؛ فقال الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 229) : حدثني مهدي بن أبي المهدي: حدثنا الحكم بن أبان قال: حدثني أبي عن عكرمة قال: " إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الركن فقد بايع الله ورسوله ". قلت: إسناده مقطوع ضعيف، الحكم بن أبان صدوق له أوهام. لكني لم أر من ذكر له رواية عن أبيه، ولا رأيت أحدا ترجم لوالده، وأغلب الظن أنه سقط من السند اسم الراوي عن الحكم بن أبان؛ وهو إبراهيم بن الحكم بن أبان، وعليه فالضمير في قوله: " عن أبيه " إنما يعود إلى أبي إبراهيم وهو الحكم بن أبان نفسه. ويؤيده أن الحكم مشهور بالرواية عن عكرمة. والله أعلم. وإبراهيم بن الحكم؛ ضعيف كما في " التقريب ". ومهدي بن أبي المهدي؛ قال ابن أبي حاتم (4/1/335) : " شيخ ليس بمنكر الحديث ". 2686 - (أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل، فاستودعها الحديث: 2686 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 الجبال، وأجراها الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله تعالى (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض) ، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله تعالى جبريل فرفع من الأرض القرآن، والعلم كله، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء فذلك قوله تعالى: (وإنا على ذهاب به لقادرون) ، فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدين وخير الدنيا) . موضوع. رواه ابن عدي في " الكامل " (380/1) ، والخطيب في " تاريخه " (1/57 - 58) عن مسلمة بن علي عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: " رواه مسلمة عن مقاتل، وهو غير محفوظ، بل هو منكر المتن ". قلت: ومسلمة بن علي - وهو الخشني - متهم بالكذب كما تقدم مرارا، فالحديث موضوع، ولوائح الوضع ظاهرة عليه. 2687 - (استفرهوا ضحاياكم، فإنها مطاياكم على الصراط) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/49) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (3/219) عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحافظ في " مختصره ": " قلت: يحيى ضعيف ". الحديث: 2687 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 قلت: بل هو متروك؛ كما قال الحافظ نفسه في " التقريب " قال: " وأفحش الحاكم فرماه بالوضع ". 2688 - (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب: يا أهل الجمع! غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم حتى تمر) . موضوع روي من حديث علي، وأبي هريرة، وأبي أيوب الأنصاري، وعائشة. 1- أما حديث علي؛ فيرويه العباس بن الوليد بن بكار الضبي وعبد الحميد بن بحر الزهراني عن خالد بن عبد الله الواسطي عن بيان عن الشعبي عن أبي جحيفة عنه مرفوعا. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/12/1) ، وابن الأعرابي في " معجمه " (54/1 و 98/2) ، وتمام في " الفوائد " (71/1 - 2) ، وأبو الحسين البوشنجي في " المنظوم والمنثور " (181/2) ، والدينوري في " المجالسة " (27/5/2) ، والقطيعي في " الجزء المعروف بالألف دينار " (27/1) ، وابن منده في " معرفة الصحابة " (2/293/2) ، والحاكم (3/153 و 161) وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: لا والله، بل موضوع، والعباس قال الدارقطني: كذاب. وعبد الحميد قال ابن حبان: كان يسرق الحديث ". وزاد في " الميزان ": الحديث: 2688 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 " وكذا قال ابن عدي ". 2- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه عمرو بن زياد الثوباني: أخبرنا عبد الملك بن سليمان عن عطاء عنه مرفوعا به. أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (6/69/1) . قلت: والثوباني هذا - وهو الباهلي - كذاب. 3- وأما حديث أبي أيوب؛ فيرويه محمد بن يونس: أخبرنا حسين بن الأشقر: أخبرنا قيس بن الربيع عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عنه مرفوعا به وزاد: " فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ". قلت: وهذا موضوع أيضا، مسلسل بالوضاعين؛ أو المتهمين بالوضع: الأول: الأصبغ بن نباتة؛ قال الحافظ: " متروك، رمي بالرفض ". قلت: وكذبه أبو بكر بن عياش. الثاني: سعد بن طريف؛ قال الحافظ: " متروك، رماه ابن حبان بالوضع ". الثالث: محمد بن يونس وهو الكديمي؛ قال الحافظ: " ضعيف ". كذا قال! وهو أسوأ مما ذكر، فقد قال ابن عدي: " قد اتهم الكديمي بالوضع ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 ونحوه قال الدارقطني: " يتهم بوضع الحديث، وما أحسن فيه القول إلا من لم يخبر حاله ". وقال ابن حبان: " لعله قد وضع أكثر من ألف حديث ". ثم إن حسين الأشقر قيس بن الربيع ضعيفان، لكن الآفة من غيرهما. 4- وأما حديث عائشة؛ فيرويه الحسين بن معاذ بن حرب أبو عبد الله الأخفش الحجبي، واضطرب عليه في إسناده، فقال أحمد بن سلمان النجاد: حدثنا حسين بن معاذ بن أخي عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي: حدثنا شاذ بن فياض عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي الخراساني: حدثنا أبو عبد الله الأخفش المستملي: حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني قال: حدثني جار لحماد بن سلمة قال: حدثنا حماد بن سلمة ... فذكره. أخرجه الخطيب في ترجمة الأخفش هذا من " التاريخ " (8/141 - 142) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وطعن فيه الذهبي فقال عقب الحديث: " فالحسين قد اضطرب في إسناده، فإن اللذين روياه عنه ثقتان، ومع اضطرابه أتى بمثل هذا الخبر المنكر ". وأقره الحافظ في " اللسان ". وذكر ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/418) عن الذهبي أنه قال في " تلخيص الواهيات " عن الحسين هذا: " ليس بثقة ". وقال في حديثه المذكور: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 " إنه باطل ". ثم قال ابن عراق: " وتابعه على الرواية الثانية أبو عبد الله الأخفش المستملي. أخرجه الخطيب ". قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله؛ فإن أبا عبد الله هذا هو الحسين بن معاذ نفسه كما رأيت. ثم ذكر أنه أخرجه أبو الفتح الأزدي في " الضعفاء "، من حديث أبي هريرة أيضا. وفيه عمير بن عمران ومحمد بن عبيد الله العرزمي. ومن حديث أبي سعيد أخرجه الأزدي أيضا من طريق داود بن إبراهيم العقيلي، ثم قال: " حديث أبي هريرة من الطريقين لا يصلح للاستشهاد، وكذا ما بعده ". قلت: أما الطريق الأولى فقد عرفت علتها. وأما الأخرى؛ فلأن عمير بن عمران قال ابن عدي فيه: " حدث بالبواطيل ". والعرزمي متروك. وأما داود بن إبراهيم العقيلي؛ فكذبه الأزدي، ونص عبارته كما في " اللسان ": " مجهول كذاب، لا يحتج به ". ثم ساق الحديث عن أبي سعيد. ثم قال الأزدي: " هذا منكر لا يحتمله هذا الإسناد ". وبالجملة؛ فالحديث موضوع من جميع طرقه، فما أبعد عن الصواب من أورده في " الموضوعات " كابن الجوزي خلافا للسيوطي فإنه قد تعقبه! قال المناوي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 " فلم يأت بشيء سوى أن له شاهدا ". قلت: يعني حديث أبي هريرة وغيره. ثم أقول: لقد وقفت للشيخ أحمد الغماري على كلام عجيب في هذا الحديث يدل على انحرافه عن أهل الحديث والسنة، وميله إلى التشيع ومحاباته لأهل البيت ولو بتقوية الأحاديث الموضوعة، فقد ذكر في " المداوي " (1/451 - 542) أسماء الصحابة الذين روي الحديث عنهم دون أن يسوق أسانيدهم - على خلاف عادته من تسويد صفحات بها - ودون أن يبين من فيها من الكذابين والسراقين، اللهم إلا حديث علي رضي الله عنه، فقد ساق إسناده، ولكنه خنس عنه، ولم يبين علته، مع أن فيه (العباس بن بكار الضبي) ، وهو كذاب كما تقدم عن الإمام الدارقطني. وإن من انحرافه واتباعه لهواه أنه أجمل الكلام فيها وألانه، ورمى رواة الحديث وأئمتهم الذين أعرضوا عن رواية هذه الموضوعات في كتبهم بالنصب ومعاداة أهل البيت - حاشاهم -، فقال: " والطرق التي ذكرها المصنف (يعني السيوطي في " الجامع ") وإن كانت كلها ضعيفة (!) إلا أن زهد النواصب (!) ونفور غيرهم من التهمة بالرفض إذا رووا فضائل أهل البيت، كما كان معروفا في عصر الرواية، هو الذي جعل الضعفاء ينفردون بمثل هذا، والأمر لله "! فأقول والله المستعان: قوله: " الضعفاء " كلمة مضللة للقراء كما هو ظاهر من التخريج. وفاطمة رضي الله عنها أرفع وأغنى أن تمدح بالكذب على أبيها صلى الله عليه وسلم، وأهل السنة وأئمة الحديث ليسوا بـ (النواصب) كيف وهم الذين رووا بالأسانيد الصحيحة في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 فضلها أنها بضعة منه صلى الله عليه وسلم يريبه ما يريبها، ويؤذيه ما يؤذيها، وأنها سيدة نساء العالمين، وأنها سيدة نساء أهل الجنة، إلا مريم ... إلى غير ذلك من الفضائل. 2689 - (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليقبل عليها حتى يفرغ منها، وإياكم والالتفات في الصلاة، فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في الصلاة) . موضوع أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/44/2- زوائده) عن محمد بن عمر الواقدي: حدثنا نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن يزيد بن رومان عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " لم يروه عن يزيد إلا نافع، تفرد به الواقدي ". قلت: وهو كذاب، كذبه أحمد والنسائي وغيرهما، واقتصار الهيثمي على قوله فيه (2/80) : " ضعيف "، تقصير وتساهل وبين. الحديث: 2689 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 2690 - (إذا كان يوم القيامة دعى الله عز وجل بعبد من عبيده فيقف بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله) . موضوع رواه الدينوري في " المجالسة " (ص 4/ المصورة) ، وتمام (17/2) ، والطبراني في " الصغير " (6) ، والخطيب (8/99) ، وابن عساكر (14/373/1) عن أحمد بن خليد بن يزيد بن عبد الله الكندي: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن يونس الأفطس: حدثنا سليمآن بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا. الحديث: 2690 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/168) من رواية ابن حبان عن يوسف هذا، وقال: " قال ابن حبان: يوسف يروي عن سليمان ما ليس من حديثه، لا يجوز الا حتجاج به إذا انفرد. قال: وهذا لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عدي: كل ما روى يوسف عن الثقات منكر ". وتعقبه السيوطي (2/83) ثم ابن عراق (265/2) بما لا يجدي. 2691 - (إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه، ولا يتميل تميل اليهود، فإن تسكين الأطراف من تمام الصلاة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (9/304) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (16/56/1) من طريق معاوية بن يحيى الطرابلسي: حدثنا الحكم بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان قالت: رآني أبو بكر أتميل في الصلاة، فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي، ثم قال: سمعت، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته الحكم بن عبد الله - وهو الأيلي - وهو كذاب؛ كما قال أبو حاتم وغيره. وقال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ". ومعاوية بن يحيى الطرابلسي؛ صدق له أوهام، وهو أقوى من معاوية بن يحيى الصدفي، وعكس الدارقطني كما في " التقريب ". وتردد المناوي في أيهما هو راوي الحديث، فقال: الحديث: 2691 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 " ومعاوية هو إمام الصدفي أو الطرابلسي وكلاهما ضعيف " وكأنه لم يقف على تصريح أبي نعيم - في إحدى روايتيه - بأنه الطرابلسي، ومما يدل على ذلك أنه أعله برجل آخر دونه وهو الهيثم بن خالد؛ قال في " الميزان ": " يروي الأباطيل ". وهو في الرواية الأخرى منهما، وهي الأولى عنده، فالظاهر أن بصرالمناوي وقف عندها، ولم يتجاوزها إلى الأخرى، وهي من غير طريق الهسثم هذا. ولذلك فعلة الحديث الحقيقية إنما هي الحكم بن عبد الله الأيلي. فتنبه. 2692 - (إذا قام لك رجل من مجلسه فلا تجلس فيه، أو قال: لا تقم رجلا من مجلسه، ثم تجلس فيه، ولا تمسح يدك بثوب من لا تملك) . ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسيفي " مسنده " (871) ، وعنه البيهقي (3/233) : حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت أبا عبد الله يحدث عن سعيد بن أبي الحسن أبا بكرة دخل عليهم في شهادة، فقام له رجل من مجلسه، فقال أبوبكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عبد الله هذا وهومولى آل أبي بردة الأشعري؛ وهو مجهول كما في " التقريب ". وقد خالفه في بعض متنه مسلم بن إبراهيم فقال: حدثنا شعبة به بلفظ: ". . . مجلسه، فأبى أن يجلس فيه وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذا، ونهى النبي أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه ". الحديث: 2692 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 أخرجه أبو دواد في " سننه " (4827) ، وعنه البيهقي وقال: " وهكذا رواه جماعة عن شعبة. ورواه عنه الطيالسي بالشك في متنه ". قلت: ثم ساقه عنه كما تقدم؛ ثم قال: " فيحتمل أن يكون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الأقامة، كما رواه الحافظ عن ابن عمر وجابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ابن عمر وأبا بكرة كأنا ينزهان عن الجلوس، وإن قاموا لهما تبرعا، دون الإقامة ". قلت: وقد روي الحديث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم ". أخرجه أحمد (2/483) من طريق فليح عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الأنصاري عن يعقوب بن أبي يعقوب عنه. ورجاله ثقات غير فليج - وهو ابن سليمان المدني - وهو من رجال الشيخين، ولذلك كنت ذهبت قديما إلى تقوية الحديث، ثم تنبهت بعد لأي أن في بعض رجالهما من تكلم فيه غيرهما من الأئمة بجرح مفسر، ومنهم فليح هذا؛ ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " له غرائب، قال النسائي وابن معين: ليس بقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ ". 2693 - (إذا قال العبد: يارب - أربعا -، قال الله تبارك وتعالى: لبيك عبدي سل تعط) . الحديث: 2693 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 ضعيف جدا. أخرجه البزار (ص 308- زوائده) : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف: حدثنا يعقوب بن محمد (كذا) : حدثنا الحكم بن سعيد: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره؛ وقال: " لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ". قال الشيخ - يعني الهيثمي -: " الحكم ضعيف ". قلت: بل هو أسوء حالا من ذلك، فقد قال فيه البخاري: " منكر الحديث ". ومن المعلوم أنه لا يقول هذا إلا فيمن هو في أدنى درجات الضعف. ويعقوب بن محمد؛ الظاهر أنه ابن عيسى الذهري المدني؛ قال الحافظ: " صدق، كثير الوهم والرواية عن الضعفاء ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن أبي الدنيا وحده في " الدعاء "؛ قال المناوي: " مرفوعا وموقوفا، وأيا ما كان، ضعيف، لأنه فيه يعقوب الزهري لا يعرف عن الحكم الأموي مضعف، لكن يقويه خبر البزار: إذا قال العبد. . . ". قلت: وهذا من عجائبه؛ فإنه يقوي الحديث الضعيف بنفسه! فقد عرفت أن إسناد البزار هو عين إسناد ابن أبي الدنيا، غير أننا استفدنا منه تسمية والد يعقوب، واستفدنا من إسناد ابن أبي الدنيا أنه زهري فتأكدت بذلك من صحة ما استظهرته أنه عيسى الذهري المدني، وظاهر بعد ذلك أن المناوي لم يقف على إسناد البزار، وإلا لما قوى به إسناد ابن أبي الدنيا وهو هو!! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 2694 - (إذا قام الرجل في صلاته أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت قال: يا ابن آدم! إلى من تلتفت، إلى من هو خير لك مني؟! أقبل إلي، فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، فإذا التفت الثالثة صرف الله وجهه عنه) . ضعيف أخرجه البزار (57- زوائده) من طريق الفضل بن عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره؛ وقال: " لا نعلم رواه إلا جابر، ولا عنه إلا ابن المنكدر، ولا عنه إلا الفضل، والفضل خال المعتمر بصري قصاص، وأحسب أنه كان يذهب إلى القدر، ولا نكتب عنه إلا ما نجده عند غيره، أجمعوا على ضعفه ". قلت: ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (1/191) إلى تضعيف هذا الحديث. ثم ذكر البزار له شاهدا من طريق إبراهيم بن يزيد عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به نحوه. وقال: " رواه طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا، وإبراهيم بن يزيد الخوزي ضعيف جدا ". قلت: ومثله طلحه بن عمرو. الحديث: 2694 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 2695 - (إذا كثرت ذنوب العبد فلم يكن له من العمل ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه) . ضعيف رواه أحمد (6/157) ، وابن أبي الدنيا في " الهم والحزن " الحديث: 2695 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 (ق 2/1) ، والبزار (4/87/3260- الكشف) ، وأبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " (283) ، والثقفي في " الفوائد " (ج 9 ق 5 / 2) ، ومحمد بن عاصم الثقفي في " أحاديثه " (1/2) ، ومحمد بن المظفر في آخر " غرائب مالك " (77/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/189و3/388-389) ، وعبد الغني المقدسي في " أحاديث محمد بن عاصم " (1/2) عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل ليث بن أبي سليم فإنه ضعيف مختلط. وأما قول الهيثمي في " المجمع " (2/291) : " رواه أحمد، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات ". فهو من أوهامه المتكررة فإنه ليثا لم يتهمه أحد بالتدليس! ثم رأيته قد أعاد الحديث (10/192) وقال: " رواه أحمد والبزار وإسناده حسن "! كذا قال! فهذا وهم آخر؛ فإني لا أعلم أحدا يحسن حديث الليث هذا ولو كان من المتساهلين. ونحوه قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/32) بعدما عزاه لأحمد: " وفيه ليث بن أبي سليم؛ مختلف فيه "! فإني لا أعلم أحدا وثقه، إلا رواية عن يحيى بن معين، قال أيوب: سألت يحيى عن ليث؟ فقال: " لا بأس به ". وهي معارضة برواية معاوية بن صالح عن ابن معين: " ضعيف، إلا أنه يكتب حديثه ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 وهذه الرواية أولى بالقبول لموافقتها لأقوال الأئمة الآخرين؛ فإنها متفقة على تضعيف الرجل من وجهة حفظه، بل قال الحاكم: " مجمع على سوء حفظه ". فالقول فيه: " مختلف فيه "؛ لا يخلو من تسامح، وكأن سلفه في ذلك الحافظ المنذري فإنه قال في خاتمة " الترغيب " (4/290) : " فيه خلاف. . . ". ثم ذكر أقوال الأئمة فيه تجريحا؛ وقال: " وضعفه يحيى بن معين. . . ووثقه في رواية ". ولعل من آثار ذلك أن المناوي بعد أن نقل كلام العراقي والهيثمي وقال: " وقد رمز المصنف (السيوطي) لحسنه "، تبنى تحسينه؛ فقال في " التيسير ": " إسناده حسن "! 2696 - (أتتكم القريعاء. قلنا: وما هى يا رسول الله! قال: فتنة يكون فيها مثل البيضة) . منكر أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (13/70/171) : حدثنا أحمد بن رشدين، قال: حدثنا محمد بن سفيان الحضرمي، قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. ققلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: ابن لهيعة معروف بالضعف. الحديث: 2696 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 ومحمد بن سفيان الحضرمي لم أعرفه، إلا أن يكون الذي في " ثقات ابن حبان " (9/106) : " محمد بن سفيان العامري من أهل مصر، يروي عن بكر بن مضر، والليث ابن سعد، روى عنه أبو جعفر الترمذي المتفقه الذي كان في بغداد ". فإنه من هذه الطبقة. وعليه يكون (الحضرمي) محرف من (المصري) . وأحمد بن رشدين ضعيف أيضا. والحديث أعله الهيثمي بقوله (7/307) : " وفيه محمد بن سفيان الحضرمي؛ ولم أعرفه. وابن لهيعة لين ". 2697 - (إذا كان الفيء ذراعا ونصفا إلى ذراعين فصلوا الظهر) . موضوع رواه أبو يعلى في " مسنده " (9/377-378) ، وعنه ابن حبان في " الضعفاء " (1/183) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 43) ، وابن عدي في " الكامل " (27/2) عن أصرم بن حوشب [عن زياد بن سعد] عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال العقيلي: " لايتابع عليه، ولا يعرف به، ليس له أصل من جهة تثبت ". وكر عن البخاري أنه قال: " متروك الحديث ". وكذا قال مسلم والنسائي. وقال ابن عدي: " هو في عداد الضعفاء الذين يسرقون الحديث ". الحديث: 2697 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 وقال ابن معين: " كذاب خبيث ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث ". 2698 - (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أقرؤهم لكتاب الله عزوجل، فإن كانوا في القراءة سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا سواء فأحسنهم وجها) . منكر أخرجه البيهقي (3/121) من طريق عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز أبي خالد القاضي - من ولد عتاب بن أسيد - أنبأ أبو عاصم: أنبأ عزرة بن ثابت عن علباء بن أحمر عن أبي زيد الأنصاري - وهو عمرو بن أخطب - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وأشار إلى تضعيفه بقوله: " إن صح الخير ". قلت: وعلته أبو خالد القاضي؛ فقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، واستنكر له هذا الحديث فقال: " هذا منكر لا أصل له، ولعله أدخل عليه، وما عدا هذا من حديثه يشبه حديث الأثبات ". وأشار أبو أحمد الحاكم إلى ذلك بقوله: " روى عن أبي عام النبيل ما لا يتابع عليه ". قلت: وقد روي موقوفا على عائشة رضي الله عنها. الحديث: 2698 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 أخرجه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 12/1) : حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو عبد الجليل عن عبد الله بن فروخ عنها. وقال: " لا أراها أرادت إلا حسن السمت والهدي ". قلت: لا حاجة إلى مثل هذا التأويل، لأنه يشعر بثبوت ذلك عنها وليس كذلك، فإن أبا عبد الجليل هذا مجهول كما قال ابن أبي حاتم (4/2/406) عن أبيه. وساق له هذا الأثر. 2699 - (إذا كتب أحدكم: بسم الله الرحمن الرحيم فليمد الرحمن) . موضوع رواه الخطيب في " الجامع " (4/156/2) عن أحمد بن أيوب بن علي: حدثنا محمد بن عباد أبو حرب الهروي: حدثنا عبد الصمد بن محمد عن مستغفر بن محمد الحمصي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن أنس بن مالك مرفوعا. ورواه الجرجاني (397) من طريق حامد بن محمد القومسي: حدثنا محمد بن عباد به؛ وقال: " عبد الصمد بن محمد بن مقاتل ". قلت: وهذا سند مظلم؛ من دون جعفر بن برقان لم أجد من ترجمهم، غير أن عبد الصمد بن محمد يحتمل أن يكون هو الذي في " اللسان ": " روى عن أبي الطاهر بن السرح ... وعنه الفضل بن عبيد الله الهاشمي قال الدارقطني: ليس بالقوي ". ومن طريقه أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/146 - الحديث: 2699 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 مختصره) ، وقال المناوي عقبه: " قال الذهبي: فيه كذاب "! قلت: فمن هو من هؤلاء؟ 2700 - (إذا لبس أحدكم ثوبا جديدا فليقل: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي واتجمل به في الناس) . ضعيف رواه بان أبي شيبة في " المصنف " (12/45/1) : أخبرنا وكيع عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرفوعا. ورواه ابن سعد (1/460) عن ابن أبي ليلى به قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا أو قال: إذا لبس أحدكم ثوبا .... فذكره. قلت: وهذا ضعيف الإسناد مع إرساله؛ فإن ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - ضعيف لسوء حفظه. الحديث: 2700 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 2701 - (إذا كنت بين الأخشبين من منى - ونفخ بيده نحو المشرق - فإن هناك واديا يقال له: السرر، به شجرة (1) سر تحتها سبعون نبيا) . ضعيف أخرجه مالك (1/371) ، وعنه النسائي (2/44) ، وكذا البيهقي (5/139) عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلمي عن محمد بن   (1) كذا في " الموطأ " وعند غيره " سرحة " ولعله الصواب. ثم رأيته في " التمهيد " كذالك، وفسر (السرحة) بالشجرة؛ وهي الطويلة لها شعب وظل. الحديث: 2701 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 عمران الأنصاري عن أبيه: أنه عدل إلي عبد الله بن عمر، وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة، فقال: ما أنزلك تحت هذه السرحة؟ فقلت: أردت ظلها، فقال: هل غير ذلك؟ فقلت: لا؛ ما أنزلني إلا ذلك، فقال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/336) من طريق أخرى عن محمد بن عمرو بن حلحلة به، وقال: " رواه القعنبي والناس عنه (1) في " الموطأ " مثله، ولا أعلم أحدا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة غير ابن عمر ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عمران الأنصاري قال الذهبي: " لا يدرى من هو ولا أبوه؟ ". وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر في " التمهيد " (13/67) . وقال الحافظ في الابن: " مجهول ". وفي الأب: " مقبول ". قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى مختصرا؛ فقال أبو يعلى في " مسنده " (4/1373) : حدثنا الحسن بن حماد الكوفي: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن ذكوان عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد سر في ظل سرحة سبعون نبيا، لا تسرف، ولا تجرد ولا تعبل ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن حماد الكوفي؛ وهو ثقة. فالإسناد صحيح لولا أن أبا حاتم قال في ابن ذكوان:   (1) كذا، وهو يشعر بأنه عنده عن مالك أيضاً، فلعله سقط ذكرهُ من المطابع. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 " روى عن ابن عمر ولم يره ". قلت: ويؤيد ذلك أن ابن عمر توفي سنة (73) ؛ وكان لابن ذكوان يؤمئذ نحو (13) سنة، فيبعد أن يكون قد سمع منه، وكأن ابن حبان أشار إلى ذلك بإيراده إياه في " من روى عن التابعين " في كتابه " الثقات " (7/14) وقال: " وليس بأبي الزناد ". وقال: " يخطىء ". وكذلك فرق بينهما ابن عدي في " الكامل " (4/130) وقال: " قال البخاري: منكر الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث. ثم طبع " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين سليم أسد، فإذا به يعلق على الحديث بقوله (10/87) : " وهذا إسناد أقل ما يقال فيه: إنه حسن "! ثم ترجم لمحمد بن عمران الأنصاري دون أبيه بأن البخاري وابن أبي حاتم لم يجرحاه، وبأن ابن حبان وثقه! ولا يخفى على أحد عرف هذا العلم الشريف أن الاسترواح إلى ما ذكره يخالف ما عليه العلماء تأصيلا وتفريعا من أن عدم التجريح لا يستلزم التوثيق، وأن توثيق ابن حبان فيه تساهل كثير، كما نبهنا عليه مرارا وتكرارا، فلا داعي للعود فيه، ثم أحال على تعليق له في المجلد (9/199 - 201) ذهب فيه إلى أن المجهول الذي وثقه ابن حبان يحتج به؛ شأنه في ذلك شأن بعض الرواة الذين روى لهم البخاري في " الصحيح "، وهذا مما لا يخفى فساده على العارف بهذا العلم، ولا أعتقد أن المعلق نفسه يستطيع أن يلتزم ذلك في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 تخريجاته، بل هي تدل على أنه لا يعتد بتوثيق ابن حبان للمجهولين؛ وهذا هو الصواب الذي جرى عليه النقاد كالذهبي والعسقلاني وغيرهما كما لا يخفى. 2702 - (إذا كتب أحدكم إلى أناس فليبدأ بنفسه، وإذا كتب فليترب كتابه فإنه أنجح) . ضعيف جدا رواه ابن عساكر (14/358/1) عن إبراهيم بن عرق: حدثنا أبو أيوب سليمان بن سلمة: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا سند واه جدا؛ سليمان هذا - هو الخبائري - وهو كذاب. ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (8/99) . وللشطر الأول منه شاهد بإسناد خير من هذا وقد مضى (1740) . الحديث: 2702 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 2703 - (إذا كتب أحدكم إلى أخيه كتابا فلا يبدأ به كائنا من كان، فإذا فرغ من الكتاب فليطرح عليه من التراب؛ فإنه أنجح له في تقدير ما قدر، وإذا طوى الكتاب فليطينه فإنه أكرم له عند صاحبه) . موضوع رواه ابن عدي (312/2) عن محمد بن يعلى - زنبور -: حدثنا عمر بن صبح عن أبي حيان عن نافع وزيد عن ابن عمر مرفوعا. وقال: " هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ومحمد بن يعلى يروي عن ... ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أحاديث لا يتابع عليها ". قلت: قال الحافظ: " زنبور صدوق له أوهام ". الحديث: 2703 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 وشيخه أسوأ حالا منه؛ قال الذهبي: " ليس بثقة ولا مأمون، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث ". وقال الحافظ: " متروك؛ كذبه ابن راهويه ". 2704 - (أول من دخل الحمام وصنعت له النورة سليمان بن داود، فلما دخله فوجد غمه وحره قال: أوه من عذاب الله، أو قبل أن لا تكون أوه) . ضعيف جدا رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/362) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 23 و 29) ، والطبراني في " الأوائل " (رقم 12) ، وابن السني في " اليوم والليلة " (311) ، وابن أبي ثابت في " حديثه " (1/131/2) ، وابن عدي (8/2) ، والبيهقي في " الشعب " (2/469/1) ، والثعلبي في تفسيره (88/1 - 2) ، ومشرق بن عبد الله الفقيه في " حديثه " (60/2) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/60) ، وابن عساكر (7/295/1) عن عمر بن عبد الرحمن عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال العقيلي: " إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به، قال البخاري: لا يتابع عليه، وفيه نظر ". وقال أبو نعيم: " تفرد به إسماعيل ". قلت: وهو ضعيف جدا؛ كما يشعر بذلك قول البخاري المتقدم: الحديث: 2704 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 " فيه نظر ". وقال الأزدي: " منكر الحديث ". 2705 - (إذا لقي المؤمن المؤمن كان كهيئة البناء يشد بعضه بعضا) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (8/2) عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا لما سبق من حال الأودي هذا قريبا. الحديث: 2705 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 2706 - (إذا مات صاحب بدعة فقد فتح في الإسلام فتح) . موضوع أخرجه الخطيب (4/159) ، والديلمي (1/1/151 - 152) عن أبي بكر التمار: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا عمرو بن مرزوق عن عمران القطان عن قتادة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه؛ آفته أبو بكر التمار واسمه محمد بن السري كما وقع في إسناد الخطيب؛ لكن أصابه تحريف من الطابع. قال الذهبي: " يروي المناكير والبلايا، ليس بشيء، روى له الدارقطني حديثا فخبط، فقال: لعل هذا الشيخ دخل عليه حديث في حديث ". لكنه لم يتفرد به، فقد رواه الخطيب من طريق أحمد بن روح أبي يزيد: حدثنا عمرو بن مرزوق به؛ وقال: " الإسناد صحيح، والمتن منكر، وكنت أظن أحمد بن روح هذا تفرد بروايته، حتى أخبرني ... ". قلت: ثم ساقه من طريق التمار. الحديث: 2706 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 وقوله: " الإسناد صحيح "، لعله يعني من فوق ابن روح هذا، وإلا فهو مجهول كما قال الذهبي، لكنه قال: " تابعه أبو إسماعيل الترمذي ". فتعقبه الحافظ بقوله: " ولكن المتابعة من رواية محمد بن السري بن عثمان التمار عن أبي إسماعيل، وابن السري كان مخلطا ". والحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 48) عن الخطيب بطريقيه، ثم قال: " وأخرجه ابن الجوزي في " الواهيات " وقال: مدار الطريقين على عمران القطان، قال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف الحديث. وأما عمرو بن مرزوق فكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ". قلت: عمرو بن مرزوق من رجال البخاري وهو صدوق له أوهام؛ كما قال الحافظ، فلا يعل الحديث به، ونحوه عمران القطان؛ فإنه حسن الحدي، فالعلة ممن دونهما، والعجب من السيوطي كيف سكت عن هذا الإعلان الخاطىء. وعجب آخر منه؛ وهو أنه حكم عبى الحديث بالوضع - من حيث إسناده، فإن السند لا يساعد عليه - ثم أورده في " الجامع الصغير "! 2707 - (إذا مات الميت تقول الملائكة: ما قدم؟ وتقول الناس: ما خلف؟) . ضعيف رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (7/328/10475) والديلمي الحديث: 2707 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 (1/1/151) عن روح بن الفرج عن يحيى بن سليمان عن المحاربي عن الثوري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري غير روح بن الفرج؛ وهو صدوق كما في " التقريب "، ويحيى بن سليمان - وهو أبو سعيد الجعفي - فيه كلام يسير لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن، وهو عند الذهبي ثقة كما صرح في " الضعفاء "، وقال الحافظ: " صدوق يخطىء ". ثم استدركت؛ فقلت: إن الإسناد ضعيف، لأن المحاربي واسمه عبد الرحمن بن محمد الكوفي - وإن كان لا بأس به كما قال الحافظ - فقد كان يدلس كما قال أحمد وغيره، وقد عنعنه. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " الشعب " (7/328/10475) ، وإليه وحده عزاه السيوطي في " الجامع الصغير "، وبيض له الشيخ أحمد الغماري في " المداوي " (1/463/415) فلم يتكلم عليه بشيء! 2708 - (إذا كان يوم القيامة عرف (1) الكافر بعمله. فجحد وخاصم، فيقال له: جيرانك يشهدون عليك، فيقول: كذبوا، فيقال: أهلك وعشيرتك، فيقول: كذبوا، فيقال: احلفوا، فيحلفون، ثم يصمتهم الله، ويشهد عليهم ألسنتهم، فيدخلهم النار) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ص 386) ، وابن جرير في " التفسير " (18/105) ، وابن أبي حاتم في " التفسير " أيضا (7/30/2)   (1) في " المستدرك: غيَّر الحديث: 2708 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 والحاكم (4/605) من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقال الهيثمي في " المجمع " (10/605) : " رواه أبو يعلى بإسناد حسن على ضعف فيه ". قلت: يشير إلى تضعيف دراج - وهو أبو السمح -؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير ". فالعجب منه كيف أنه مع هذا يوافق الحاكم على تصحيحه لهذا الحديث، مع أن العهد به أنه يخالفه في غير هذا الحديث، ويعله بدراج هذا، انظر مثلا حديث: " أكثروا ذكر الله .... " المتقدم رقم (517) . 2709 - (إذا لقيتم عاشرا فاقتلوه) . منكر أخرجه أحمد (4/234) ، والطبراني (19/301/671) ، وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص 231) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن أبي حسان عن مخيس بن ظبيان عن رجل من بني جذام عن مالك بن عتاهية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وزاد في رواية: " يعني بذلك الصدقة يأخذها على غير حقها ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل ثلاث: الأولى: جهالة الرجل الجذامي. الحديث: 2709 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 الثانية: جهالة الراوي عن الجذامي؛ قال الحافظ في " التعجيل " عن الحسيني: " مجهول كشيخه ". الثالثة: ضعف ابن لهيعة. وفيه علة رابعة؛ وهي الاضطراب في إسناده كما بينه الحافظ في ترجمة مالك بن عتاهية من " الإصابة " (6/28) . وقال الهيثمي في " المجمع " (3/87 - 88) : " رواه أحمد والطبراني في " الكبير "، وفيه رجل لم يسم "! وفيه من القصور ما لا يخفى! 2710 - (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قلت: يا رسول الله! وما رياض الجنة؟ قال: المساجد، قلت: وما الرتع يا رسول الله؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/265) من طريق حميد المكي مولى ابن علقمة أن عطاء بن أبي رباح حدثه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " هذا حديث حسن غريب ". قلت: بل هو ضعيف؛ لأن حميدا هذا مجهول كما قال الحافظ. الحديث: 2710 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 2711 - (إذا مرض العبد المؤمن قال الله عز وجل لصاحب اليمين: أجر لعبدي صالح ما كان عليه، وقال لصاحب الشمال: اقبض عن عبدي ما كان في وثاقي) . الحديث: 2711 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 ضعيف. رواه الحسن بن علي الجوهري في " فوائد منتقاة " (31/2) عن يحيى (هو ابن عبد الله البابلتي) : حدثنا الأوزاعي قال: حدثني حسان بن عطية عن أبي هريرة قال: فذكره موقوفا عليه. قلت: وهذا مع وقفه ضعيف الإسناد من أجل يحيى البابلتي؛ قال الحافظ: " ضعيف ". والحديث رواه ابن عساكر بنحوه عن مكحول مرسلا؛ كما في " الجامع الصغير ". ثم رأيت الحديث في " المرض والكفارات " لابن أبي الدنيا (42/14) ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (7/188/9948) : حدثنا أحمد بن جميل قال: حدثنا عبد الله بن المبارك الأوزاعي به. وأحمد بن جميل قال ابن معين: سمع من ابن المبارك وهو غلام. ووثقه ابن معين وغيره. لكن قال يعقوب بن شيبة: " صدوق لم يكن بالحافظ ". قلت: فإن كان حفظه فالعلة الوقف. والله أعلم. 2712 - (إذا مرض العبد ثلاثة أيام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) . ضعيف جدا رواه ابن أبي الدنيا في " المرض والكفارات " (164/2) : عن سلمة بن شبيب قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم - يعني ابن أبان - قال: حدثني أبي عن عكرمة عن أنس مرفوعا. الحديث: 2712 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 ورواه الطبراني في " الأوسط " (69/2 - من ترتيبه) ، وفي " الصغير " (107) من طريق آخر عن سلمة به؛ وقال: " لم يروه عن عكرمة إلا الحكم تفرد به إبراهيم ". قلت: وهو ضعيف جدا؛ كما بينته في " الروض النضير " (113) . 2713 - (من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم) . ضعيف جدا أخرجه الترمذي (1/151) ، وابن عدي (1/348) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/266) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (45/2) من طريق أيوب بن واقد الكوفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث منكر، لا نعرف أحدا من الثقات رواه عن هشام بن عروة، وقد روى موسى بن داود عن أبي بكر المدني الذي روى عن جابر بن عبد الله اسمه الفضل بن مبشر، وهو أوثق من هذا وأقدم ". قلت: وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة العامري المدني، قال الحافظ: " رموه بالوضع ". ولفظ حديثه: " إذا نزل الرجل بقوم، فلا يصوم إلا بإذنهم ". الحديث: 2713 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 أخرجه ابن ماجه (1763) . وأيوب بن واقد؛ متروك كما في " التقريب ". ثم وجدت له شاهدا مرسلا؛ وإسناده واه، يرويه عبد الصمد بن محمد: حدثني جعفر بن محمد بن جعفر: حدثنا مخلد بن مالك عن سفيان بن عيينة عن الزهري قال: " دخلنا على علي بن الحسين بن علي (فذكر قصة، وفيها أنه قال:) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... " فذكر الحديث. قلت: وجعفر هذا؛ الظاهر أنه الذي في " اللسان ": " جعفر بن محمد بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي، عن يزيد بن هارون ... قال الجورقاني في " كتاب الأباطيل ": مجروح ". وعبد الصمد بن محمد؛ الظاهر أنه الهمداني؛ قال الدارقطني: " ليس بالقوي ". 2714 - (إذا نزل بأحدكم هم، أو غم، أو سقم، أو أزل، أو لأواء فليقل: الله، الله ربي، لا أشرك به شيئا) . ضعيف أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (5/457) من طريق أبي بكر الشافعي: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتي القاضي: حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث: حدثنا أبو معاوية عن محمد بن عبد الله عن مسعر بن كدام عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده عن أسماء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث: 2714 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 " هل في البيت إلا أنتم يا بني عبد المطلب؟ قلنا: لا يا رسول الله، قال: " فذكره؛ وقال: " هكذا رواه الشافعي عن البرتي، ووهم فيه إذ قدم محمد بن عبد الله على مسعر، وصوابه: عن أبي معاوية - وهو شيبان بن عبد الرحمن - عن مسعر عن محمد، وكذلك رواه غير الشافعي عن البرتي ". ثم ساق إسناده بذلك، وزاد في آخره: (ثلاث مرات) . قلت: ومحمد بن عبد الله مجهول؛ كما قال الحافظ الذهبي في " الميزان ". لكن الحديث ثبت عن أسماء بنت عميس مختصرا، وفيه القول عند الكرب: " الله، الله ربي، لا أشرك به شيئا ". وفي رواية أنها تقال سبعا. ولكنها ضعيفة. انظر " الكلم الطيب " (73/122) ، والحديث الآتي برقم (5604) . والمختصر له شاهد من حديث عائشة وهو مخرج في " الصحيحة " (2755) . والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10/137) من حديث ابن عباس نحوه؛ وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير "، وفيه صالح بن عبد الله أبو يحيى؛ وهو ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا، فقد قال فيه البخاري: " فيه نظر ". وهذا معناه أنه في أحط درجات الضعف عنده. وعزاه السيوطي للبيهقي في " الشعب " عن ابن عباس، فقال المناوي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 " رمز لحسنه، وليس كما قال؛ إذ فيه كما قال الهيثمي ... " ثم ذكر ما سبق عنه. قلت: وهو في " شعب الإيمان " (7/258/10230) من طريق صالح أبي يحيى، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعضادتي الباب ثم قال: " يا بني عبد المطل إذا نزل بكم كرب، أو جهد، أو بلاء فقولوا: الله الله ربنا لا شريك له ". وهكذا هو في " كبير الطبراني " (12/170/12788) ، و " الأوسط " (8/226/8474) . 2715 - (إذا نسى أحدكم صلاة فذكرها وهو في صلاة مكتوبة فليبدأ بالتي هو فيها فإذا فرغ صلى التي نسي) . ضعيف رواه ابن عدي (242/2) ، وعنه البيهقي (2/222) عن بقية: حدثنا عمر بن أبي عمر عن مكحول عن ابن عباس مرفوعا؛ وقال: " عمر هذا ليس بالمعروف، منكر الحديث عن الثقات، والحديث بهذا السند غير محفوظ ". وقال الذهبي: " وأحسبه عمر بن موسى الوجيهي، ذاك الهالك، ويقال: إنما هو أبو أحمد بن علي الكلاعي الذي روى له ابن ماجه حديث: تربوا الكتاب ... وكذا سماه، ولم يرو عنه غير بقية. قلت: بكل حال هو ضعيف ". الحديث: 2715 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 2716 - (إذا نظر الوالد إلى ولده فسره كان للولد عتق نسمة، قيل: وإن نظر في اليوم ثلاثمائة وستين نظرة؟ قال: الله أكبر) . منكر جدا أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " (ص 59) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (11/239/11608) ، وفي " الأوسط " (2/247/2/8810) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (6/186/7857) ، والشجري في " الأمالي " (2/123) كلهم من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث: حدثني إبراهيم بن أعين العجلي البصري عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قال عبد الله بن صالح: وحدثني به إبراهيم بن أعين. وقال الطبراني: " لم يروه عن الحكم إلا إبراهيم، تفرد به الليث، ولا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ". كذا قال: وقد تابع الليث عبد الله بن صالح عند ابن أبي الدنيا كما رأيت، وكذا عند الشجري ولفظه: " وسمعت هذا الحديث من إبراهيم بن أعين ". قلت: وقد ذكره المزي في الرواة عنه مع شيخه الليث، وهو ضعيف؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/87) عن أبيه: " هذا شيخ بصري ضعيف الحديث، منكر الحديث، وقع إلى مصر ". قلت: واعتمد قوله هذا الذهبي في " المغني " و " الكشاف "، وكذا الحافظ فقال في " التقريب ": " ضعيف ". الحديث: 2716 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 وعبد الله بن صالح؛ وإن كان من شيوخ البخاري ففيه ضعف. وأما الهيثمي فقال في " المجمع " (8/156) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " وقال فيه: " لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد "، وإسناده حسن؛ فيه إبراهيم بن أعين، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره ". قلت: وضعفه هو المعتمد؛ لأن ابن حبان متساهل في التوثيق كما هو معروف. واعلم أن هناك راويين كل منهما يسمى إبراهيم بن أعين، أحدهما هذا؛ وهو العجلي البصري كما في " الجرح " و " ثقات ابن حبان " (8/57) تبعا للبخاري في " التاريخ "، وذكروا أنه روى عن الحكم بن أبان، وقال ابن حبان: " وكان راويا للحكم بن أبان ". وهذا هو الذي قال فيه أبو حاتم ما تقدم عنه. وذكر له البخاري حديثا آخر في " الحكرة " وقال: " فيه نظر في إسناده ". وقد تكلمت عليه في " التعليق الرغيب " (3/26 - 27) ؛ وأنه حديث منكر. ثم قال البخاري: " قال لنا عبد الله بن صالح: حدثني الليث سمع إبراهيم. قال عبد الله: وقد سمعت من إبراهيم، وسمع منه أبو همام بن شجاع ". وكذا في " الجرح " و " الثقات " أنه روى عنه أبو همام هذا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 ولم يذكر البخاري متن الحديث الذي سمعه الليث من إبراهيم، ويغلب على ظني أنه هذا الحديث؛ بدليل أن في رواية الشجري وابن أبي الدنيا هذا الذي ذكره البخاري من سماع عبد الله من إبراهيم. والله أعلم. وزاد ابن أبي حاتم على البخاري وابن حبان فأضاف " الشيباني " إلى " العجلي البصري ". والآخر: إبراهيم بن أعين. أفرده ابن أبي حاتم عن الذي قبله؛ فقال: " روى عن الثوري (وهذا كوفي) ، روى عنه أبو سعيد الأشج وقال: كان من خيار الناس ". لكن الحافظ جعل هذا والذي قبله واحدا؛ فقال عقب هذا: " فيظهر لي أن الذي روى عنه الأشج غير الشيباني، وقد فرق بينهما ابن حبان في (الثقات) ". فذكر ما تقدم في أن ابن حبان تبعا لمن قبله وصف الأول بالعجلي البصري، وبرواية أبي همام عنه؛ ثم قال الحافظ: " فهذا هو شيخ الأشج، وقد أخرج له ابن خزيمة في " صحيحه "، ثم قال ابن حبان: " إبراهيم بن أعين الشيباني عداده في أهل الرملة، روى عنه هشام بن عمار؛ يغرب "، فهذا هو الذي ضعفه أبو حاتم. والله أعلم ". قلت: ولي على هذا الكلام ملاحظتان: الأولى: أن جزمه بأن هذا الشيباني الرملي هو الذي ضعفه أبو حاتم؛ مردود، بتصريح ابنه أن الذي ضعفه أبوه هو: العجلي البصري ثم المصري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 والأخرى: أنه لم يأت بأي حجة على ما ادعاه أن إبراهيم بن أعين الذي روى عنه الأشج؛ هو هذا العجلي البصري. كيف وهو قد وصف شيخ الأشج هذا بأنه كوفي؟! وكأنه أخذ ذلك من روايته عن الثوري وهو كوفي كما تقدم مني. نعم؛ قد تفرد ابن أبي حاتم بوصف العجلي بالشيباني أيضا دون البخاري، ويبدو أن الجمع بينهما خطأ، وأن الصواب حذف نسبة (الشيباني) عن (العجلي) لأنهما لا يجتمعان كما أفاده الدكتور بشار؛ فيما نقله في تعليقه على " تهذيب المزي " (2/53 - 54) عن العلامة مغلطاي؛ وعن الحافظ الخطيب، فراجعه إن شئت. وعليه يكون إبراهيم بن أعين الشيباني الرملي هو غير العجلي البصري، والله سبحانه وتعالى أعلم. وجملة القول: أن علة حديث الترجمة العجلي هذا؛ لما تقدم بيانه. وقد توبع ممن هو خير منه بنحوه، لكن السند إليه لا يصح لأن فيه بعض الضعفاء، مع أنهم قلبوا أول المتن؛ فجعلوا الولد هو الذي ينظر! رواه محمد بن حميد: أخبرنا زافر بن سليمان: أخبرنا المستلم بن سعيد عن الحكم بن أبان به مرفوعا بلفظ: " ما من ولد بار ينظر نظرة رحمة إلا كتب الله بكل نظرة حجة مبرورة ". قالوا: وإن نظر كل يوم مائة مرة؟ قال: " نعم، الله أكبر وأطيب ". أخرجه البيهقي في " الشعب " (7856) . قلت: وهذا أنكر من الأول، وهو مسلسل بالعلل: 1- محمد بن حميد؛ وهو الرازي الحافظ؛ قال الذهبي في " الكاشف ": الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 " وثقه جماعة؛ والأولى تركه ". وقال في " المغني ": " ضعيف لا من قبل الحفظ "! ويعني أنه متهم بالكذب، ثم ذكر أقوال الجارحين له؛ ومنها: " وقال صالح جزرة: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني ". القول فيه ما قال الحافظ في " التقريب "، فقال: " حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ". 2- زافر بن سليمان؛ قال الذهبي: " فيه ضعف، وثقه أحمد ". وقال الحافظ: " صدوق كثير الأوهام ". 3- المستلم بن سعيد؛ وهو خير منهما، قال الذهبي: " صدوق ". وقال الحافظ: " صدوق عابد، ربما وهم ": قلت: فالآفة إذن من محمد بن حميد الرازي، ولعله سرقه من بعض الكذابين، رواه بسند آخر عن ابن عباس؛ وهو نهشل بن سعيد - وهو كذاب - عن الضحاك عن ابن عباس به. وقد خرجته فيما سيأتي برقم (6273) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 2717 - (إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليدفنها أو ليمطها عنه) . ضعيف رواه البزار في " مسنده " (48) ، والطبراني في " الأوسط " (20/2 - من ترتيبه) عن خالد بن يوسف السمتي: حدثنا أبي: حدثني زياد عن عتبة الكوفي عن عكرمة مولى ابن عباس عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الطبراني: " لم يروه عن زياد إلا يوسف تفرد به ابنه عنه ". وقال البزار: " لا نعلمه روي إلا من رواية أبي هريرة بهذا الإسناد، وعتبة بن يقظان مشهور ". وقال الهيثمي: " ويوسف ضعيف ". قلت: بل هو شر من ذلك؛ ففي " التقريب ": " تركوه، وكذبه ابن معين ". وقريب منه ابنه خالد؛ قال الذهبي في ترجمته: " أما أبوه فهالك؛ وأما هو فضعيف ". وللحديث إسناد آخر ضعيف. فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/81/1) عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن رجل من الأنصار مرفوعا بلفظ: " إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها ". ورجاله ثقات؛ غير الأنصاري فهو مجهول لم يسم، ولو ثبت أنه صحابي لم تضره الجهالة، ولكن الراجح أنه تابعي لأن الحضرمي لم يدرك أحدا من الصحابة، الحديث: 2717 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 فقد ذكر في ترجمته من " التهذيب " أنه روى عن ابن عباس وابن عمر مرسلا، فإن ذهب أحد إلى أن من الممكن أن يكون صحابيا، وإلى هذا يشير صنيع الإمام أحمد؛ فإنه أخرجه في " مسنده " (5/410) ، فالجواب أنه حينئذ يكون منقطعا بين لاحق والرجل! فالإسناد ضعيف على كل حال، وقد قال البيهقي في " السنن الكبرى " (2/294) بعد أن أخرجه عن يحيى بن أبي كثير به: " هذا مرسل حسن في مثل هذا ". والحديث عزاه السيوطي لسعيد بن منصور عن رجل من بني خطمة. وذكر المناوي أنه رواه الحارث بن أبي أسامة أيضا والديلمي. 2718 - (إذا وضع الطعام فليبدأ أمير القوم، أو صاحب الطعام، أو خير القوم) . ضعيف رواه أبو بكر السلمي في " المنتقى من حديث أبي الدحداح التميمي " (179/12) ، وعنه ابن عساكر (3/290/1) من طريق محمد بن كثير عن الأوزاعي عن ثابت عن أبي إدريس عائذ الله مرفوعا. وزاد في آخره: ثم أخذ بيد أبي عبيدة، قال: فكانوا يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صائما. أورده ابن عساكر في " ترجمة " ثابت هذا؛ وهو ابن معبد أخو عطية بن معبد المحاربي؛ وقال: " سمع أبا أمامة الباهلي وروى عن تميم الداري مرسلا وأبي إدريس الخولاني وجابر المحاربي، روى عنه الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وكان واليا على الساحل ". ولم يذكر فيه توثيقا ولا تجريحا. الحديث: 2718 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 ونحوه في " الجرح والتعديل " (1/1/457) لابن أبي حاتم. قلت: فالإسناد ضعيف لإرساله، وجهالة ثابت هذا. 2719 - (إذا وجد أحدكم لأخيه نصحا في نفسه فليذكره) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 3/2) عن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره؛ وقال: " وإبراهيم بن محمد هذا ليس بكثير الحديث، وعامة ما يرويه مناكير كما قاله البخاري، ولا يشبه حديثه حديث أهل الصدق ". وقال البخاري فيه: " منكر الحديث "، وقال: " سكتوا عنه ". الحديث: 2719 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 2720 - (إن لكل شيء بابا، وإن باب العبادة الصيام) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (1423) : أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم قال: حدثني ضمرة بن (1) حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ ضمرة بن حبيب تابعي ثقة. وأبو بكر بن أبي مريم؛ ضعيف مختلط. ومن هذا الوجه أخرجه القضاعي (ق 87/1) .   (1) الأصل ابن أبي. وهو خطأ مطبعي. الحديث: 2720 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 2721 - (إذا وقعت في ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء) . موضوع أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (331) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (1/320) عن عمرو بن شمر عن أبيه قال: سمعت يزيد بن مرة يقول: سمعت سويد بن غفلة يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي! ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها؟ قلت: بلى جعلني الله فداك، كم من خير قد علمتنيه! قال: " فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو هذا، قال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". الحديث: 2721 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 2722 - (اذكروا الله ذكرا خاملا، فقيل: وما الذكر الخامل؟ قال: الذكر الخفي) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (155) : أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، ضمرة تابعي من الطبقة الرابعة عند ابن حجر. وأبو بكر بن أبي مريم؛ ضعيف مختلط. الحديث: 2722 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 2723 - (إذا مررتم بأهل الشرة فسلموا عليهم؛ تطفأ عنكم شرتهم وثائرتهم) . موضوع أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/461/8901) من طريق الفياض بن ثابت الموصلي، عن أبان، عن أنس بن مالك مرفوعا. ثم رواه بهذا الإسناد عن أنس قال: شكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إن المنافقين يلحظوننا بأعينهم، ويلفظوننا بألسنتهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوهم بسهام الله ". قالوا: وما سهام الله يا رسول الله؟ قال: " السلام ". وقال البيهقي: " أبان هذا هو ابن أبي عياش؛ متروك ". قلت: وبه أعله المناوي في " الفيض ". وأما في " التيسير " فسكت عنه ولم يعله! ثم إنه في الشرح الأول خلط بين الروايتين، فجعل قصة الشكوى في الرواية الأخرى لمتن الرواية الأولى!! الحديث: 2723 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 2724 - (الثابت في مصلاه في صلاة الصبح حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضارب في الأمصار) . موضوع رواه أبو الشيخ في " الطبقات " (75/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/363) ، وفي " أحاديث أبي القاسم الأصم " (7/2) ، وعنه الحديث: 2724 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 الديلمي (2/70) عن ثابت بن موسى: حدثنا أبو داود النخعي عن خالد بن سلمة المخزومي عن أبان بن عثمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا موضوع، آفته النخعي هذا - واسمه سليمان بن عمرو - وهو كذاب. وثابت بن موسى؛ ضعيف. 2725 - (الحق مع عمار ما لم يغلب عليه دلهة الكبر) . منكر رواه أبو الشيخ في " الطبقات " (ق 77/1) ، والعقيلي في " الضعفاء " (427) عن سيف بن عمر التميمي عن مبشر بن فضيل عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه مرفوعا؛ وقال: " مبشر بن الفضيل مجهول بالنقل ". قلت: وسيف بن عمر متهم، فالحديث ضعيف جدا. الحديث: 2725 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 2726 - (ما من عبد ولا أمة استغفر في كل يوم سبعين مرة إلا غفر الله له سبعمائة ذنب، وقد خاب عبد أو أمة عمل في اليوم والليلة أكثر من سبعمائة ذنب) . ضعيف أخرجه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " (ق 83/1) ، والخطيب في " التاريخ " (6/393) ، والبيهقي في " الشعب " (1/365) ، والأصبهاني في " الترغيب " (ص 55) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (3/149) من طريق الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن الحسن عن أنس قال: الحديث: 2726 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فقال: استغفروا، فاستغفرنا، فقال: أتموها سبعين مرة، فأتممناها سبعين مرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: عنعنة الحسن - وهو البصري - فقد كان مدلسا. الأخرى: الحسن بن أبي جعفر؛ فإنه ضعيف كما جزم الحافظ. والحديث قال المنذري في " الترغيب " (2/269) مشيرا لتضعيفه: " رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي والأصبهاني ". 2727 - (من تمسك بالسنة دخل الجنة، قالت عائشة: وما السنة؟ قال: حب أبيك وصاحبه. يعني عمر) . ضعيف رواه ابن الجوزي في " العلل " (1/194) ، وكذا ابن عساكر (9/301/2) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (4/242 - 243) من طريق الدارقطني: حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الملحمي: حدثني محمد بن حماد المصيصي بالرملة: أخبرنا سعيد بن رحمة: أخبرنا محمد بن شعيب بن شابور: أخبرنا عمر مولى غفرة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قال الدارقطني: " غريب من حديث عمر عن هشام، لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ بهذا الإسناد ". قلت: وهو إسناد تالف؛ عمر هذا هو ابن عبد الله؛ وهو ضعيف كما في " التقريب ". وسعيد بن رحمة؛ قال ابن حبان: " لا يجوز أن يحتج به لمخالفته الأثبات ". الحديث: 2727 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 قلت: والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الدارقطني في " الأفراد " عن عائشة. وقال الشارح المناوي: " قال ابن الجوزي في " العلل ": وعمر ضعيف، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ولا يحتج به ". ومن طريقه أخرجه الهروي في " ذم الكلام " (149/1) . ورأيت في كتاب أحمد إلى مسدد بن مسربل الذي رواه ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " (1/341) في ترجمة مسدد أنه كتب إلى أحمد: اكتب إلي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه بما طلب؛ وفيه قوله رحمه الله: " بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها ". وذكره الشاطبي في " الاعتصام " (1/87) معزوا لابن وهب! وقد وصله ابن بطة في " الإبانة " (1/343/215) من طريق أبي صالح كاتب الليث قال: حدثني الليث قال: حدثني محمد بن عجلان عن عبد الملك بن مسلم اللخمي من أهل الشام قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: فلعل ابن وهب رواه من هذا الوجه، فإن الليث وهو ابن سعد المصري من شيوخه. 2728 - (إذا وقف السائل على الباب وقفت الرحمة معه؛ قبلها من قبلها، وردها من ردها، ومن نظر إلى مسكين نظر رحمة؛ نظر الله إليه نظر رحمة، ومن أطال الصلاة خفف الله عنه القيام يوم القيامة، (يوم يقوم الناس لرب العالمين) ، ومن أكثر الدعاء قالت الملائكة: صوت معروف، ودعاء مستجاب، وحاجة مقضية) . الحديث: 2728 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/95) من طريق إسحاق بن جميل: حدثنا علي بن مسلم: حدثنا سيار: حدثنا جعفر: حدثني رجل عن ثور يرفع الحديث قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل؛ فإن ثورا هذا - وهو ابن يزيد الحمصي - من أتباع التابعين. وفي الطريق إليه عدة علل: الأولى: جهالة الرجل الذي لم يسم. الثانية: ضعف سيار؛ وهو ابن حاتم العنزي؛ قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". الثالثة: إسحاق بن جميل؛ لم أعرفه. 2729 - (أذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين؟! إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة) . ضعيف أخرجه أحمد وابنه في " زوائد المسند " (1/178) من طريق المجالد عن زياد بن علاقة عن سعد بن أبي وقاص قال: " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، جاءته جهينة فقالوا: إنك قد نزلت بين أظهرنا، فأوثق لهم، فإسلموا، قال: فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب، ولا نكون مائة، وأمرنا أن نغير على حي من بني كنانة إلى جنب جهينة، فأغرنا عليهم، وكانوا كثيرا، فلجأنا إلى جهينة، فمنعونا، وقالوا: لم نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ فقال بعضنا: نأتي نبي الله صلى الله عليه وسلم فنخبره، وقال قوم: لا، بل نقيم ههنا، وقلت أنا في أناس معي: لا؛ بل نأتي عير قريش الحديث: 2729 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 فنقتطعها، فانطلقنا إلى العير، وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له، فانطلقنا إلى العير وانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه، فقام غضبانا محمر الوجه، فقال: (فذكره) ، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم، أصبركم على الجوع والعطش. فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي، فكان أول أمير أمر في الإسلام ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ المجالد هو ابن سعيد الكوفي قال الحافظ: " ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره ". 2730 - (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحس من الناس بغفلة من الموت جاء بعضادتي الباب، ثم هتف ثلاثا: يا أيها الناس! يا أهل الإسلام! أتتكم الموتة راتبة لازمة، جاء الموت بما جاء به، جاء بالروح والراحة، والكرة المباركة لأولياء الرحمن، من أهل دار الخلود الذين كان سعيهم ورغبتم فيها لها، ألا أن لكل ساع غاية، وغاية كل ساع الموت، سابق ومسبوق) . منكر أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان " (7/356/10569) من الطريق الخضر بن أبان: حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني: حدثنا الوضين بن عطاء قال: فذكره. قالت: وهذا إسناد متصل ضعيف، الوضين بن عطاء قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، سيىء الحفظ، ورمي بالقدر من السادسة ". الحديث: 2730 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 يعني أنه من أتباع التابعين الذين لم يلقوا أحدا من الصحابة والخضر بن أبان ضعفه الحاكم وغيره، وتكلم فيه الدراقطني، كما في " لسان الميزان ". وسيأتي من طريق أخرى (3118) . 2731 - (اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال، ولا تمسوا ذراريهم، لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزيناكم عقالا) . ضعيف أخرجه أبو داود (3612) عن عمار بن شعيب (الأصل: شعيب) ابن عبد الله بن الزبيب العنبري: حدثني أبي قال: سمعت جدي الزبيب يقول: " بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى بني العنبر، فأخذوهم بـ: (ركبة) (1) من ناحية الطائف فاستاقوهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فركبت، فسبقتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جندك فأخذونا، وقد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النعم، فلما قدم بلعنبر قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: " هل لكم بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام "؟ قلت: نعم، قال: " من بينتك "؟ قلت: سمرة رجل من بني العنبر، ورجل آخر سماه له، فشهد الرجل؛ وأبي سمرة أن يشهد، فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم: " قد أبي أن يشهد لك، فتحلف مع شاهدك الآخر؟ " قلت: نعم، فاستحلفني. فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا، وخضرمنا آذان النعم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) . قال الزبيب: فدعتني أمي فقالت: هذا الرجل أخذ   (1) موضع بالحجاز بين (غمرة) و (ذات عرق) ، " نهاية ". الحديث: 2731 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 زربيتي (1) ، فانصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني فأخبرته، فقال لي: " أحسبه "، فأخذت بتلبيبه، وقمت معه مكاننا، ثم نظر إلينا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائمين، فقال: ما تريد بأسيرك، فأرسلته من يدى، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال للرجل: " رد على هذا زربية أمه التي أخذت منها "، فقال: يا نبي الله! إنها خرجت من يدي. قال: فاختلع نبي الله صلى الله عليه وسلم سيف الرجل فأعطانيه وقال للرجل: " اذهب فزده آصعامن طعام ". قال: فزادني آصعا من شعير. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمار بن شعيث لم يوثقه أحد؛ ولم يرو عنه سوى اثنين؛ أحدهما ابنه سعد ولم أعرفه! وقال الحافظ في المترجم: " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث عند التفرد كما هنا. فتحسين ابن عبد البر إياه في " الاستيعاب " غير حسن. ثم إن في إسناد اختلافا، فقد رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (5/267-268-5299 و 5300) ولفظه: حدثني شعيث: حدثني عبيد الله بن زبيب ابن ثعلبة: أن أباه ثعلبة حدثه. 2732 - (أربع ركعات تركعهن حين تزول الشمس عن كبد السماء تعدل إحياء ليلة في شهر حرام في يوم حرام) . موضوع رواه الديلمي (1/1/167) من طريق أبي الشيخ عن سويد بن   (1) الزريبة: الطنفسة، وقيل: البساط ذو الخمل، وتكسر زايها، وتضم وتفتح، وجمعها (زرابي) . " نهاية ". الحديث: 2732 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 سعيد: حدثنا محمد بن عمر بن صالح الكلاعي عن طاوس عن حذيفة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الكلاعي هذا؛ قال ابن حبان: " منكر الحديث جدا ". وقال الحاكم: " روى عن الحسن وقتادة حديثا موضوعا، روى عنه سويد بن سعيد ". قلت: وسويد ضعيف؛ قال الحافظ: " صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/90/2) لأبي الشيخ في " الثواب " عن حذيفه. 2733 - (أراكم ستشرفون مساجدكم بعدي كما شرفت اليهود كنائسها، وكما شرفت النصاري بيعها) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (740) : حدثنا جبارة بن المغلس: حدثنا عبد الكريم ابن عبد الرحمن البجلي عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف. ومثله أو شر منه جبارة بن المغلس. وقد صح الحديث عن ابن عباس بإسناد آخر عنه مرفوعا بلفظ: الحديث: 2733 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 " ما أمرت بتشيد المساجد "، قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصاري. وهو مخرج في " صحيح أبي داود (474) . 2734 - (اربطوا أوساطكم بأرديتكم، وعليكم بالهرولة) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3119) ، وابن خزيمة (1/255/1) ، والحاكم (1/442) ، وتمام الرازي في " الفوائد " (145/1) ، وابن عدي في " الكامل " (109/2) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/338و2/291) من طريق يحيى بن يمان عن حمزة بن حبيب الزيات عن حمران بن أعين عن أبي الطفيل عن أبي سعيد قال: فذكره. واللفظ لأبي نعيم وابن عدي، ولفظ ابن ماجه والحاكم: " بأزركم ومشى خلط الهرولة ". وكذا قال تمام؛ إلا أنه شك وزاد فقال: " ومشى أو قال: مشينا خلط الهرولة حتى أتينا مكة ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! قلت: وهو مردود بقول البوصيري في " الزوائد " (212/2) . " هذا إسناد ضعيف، حمران بن أعين الكوفي قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة. ويحيى بن يمان العجلي وإن روى له مسلم فقد اختلط بأخرة، ولم يتميزحال من روى عنه هل هو قبل الاختلاط أو بعده ". الحديث: 2734 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 وقال الدميري: " انفرد به المصنف، وهو ضعيف منكر، مردود بالأحاديث الصحيحة التي تقدمت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا مشاة من المدينة إلى مكة ". 2735 - (أربع أنزلت من كنز تحت العرش: أم الكتاب، وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، والكوثر) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/166) عن الوليد بن جميل عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الوليد بن جميل لين الحديث كما قال أبو زرعة. وقال أبو حاتم: " روى عن القاسم أحاديث منكرة ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " (8/280/7920) ، والضياء في المختارة؛ كما في " فيض القدير ". الحديث: 2735 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 2736 - (أربعة من كن فيه كان من المسلمين؛ وبنى الله له بيتا في الجنة أوسع من الدنيا وما فيها: من كان عصمة أمره لا إله إلا الله، وإذا أصاب ذنبا قال: أستغفر الله، وإذا أعطي نعمة قال: الحمد الله، وإذا أصاب مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون) . منكر أخرجه الرافعي في " تاريخه " (3/405-406) تعليقا عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المراغي الرازي في " ثواب الأعمال " بسنده عن علي بن محمد بن الخليل القزويني بسنده عن أبي القاسم الحسين بن محمد الحديث: 2736 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 التفليسي بسنده عن عبد الله بن عمر عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف؛ أورده في ترجمة ابن الخليل القزويني، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا كغالب عادته، ولا رأيته في شيء من كتب الجرح والتعديل. ومثله الحسين بن محمد التفليسي. ومثله الشيخ المراغي! وأما عبد الله بن عمر؛ فهو العمري؛ ضعيف من قبل حفظه. 2737 - (أربعة من كنوز الجنة: إخفاء الصدقة، وكتمان المصيبة، وصلة الرحم، وقول لاحول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف جدا أخرجه الخطيب في " التاريخ " (1/186) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي صلىالله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور - ضعيف واتهمه بعضهم. وأبو إسحاق هو السبيعي؛ وكان اختلط. الحديث: 2737 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 2738 - (أربع دعوتهم مستجابة: الإمام العادل، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب، ودعوة المظلوم، ورجل يدعو لوالديه) . ضعيف جدا رواه ابن منده في " المعرفة " (2/207/1) ، والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (127/1) عن حفص بن أبي داود عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن واثلة بن الأسقع مرفوعا. الحديث: 2738 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ حفص هذا هو ابن سليمان الغاضري القاري؛ قال الحافظ: " متروك الحديث مع إمامته في القراءة ". قلت: وخفي حاله على المناوي، فأخذ يعل الحديث في " الفيض " بمن دون حفص هذا من الضعفاء! وعزاه في " الجامع " لأبي نعيم في " الحلية "، ولم يذكره الغماري في فهرسه. والله أعلم. 2739 - (أربع قبل الظهر كعدلهن بعد العشاء، وأربع بعد العشاء كعدلهن من ليلة القدر) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (58/2 - من ترتيبه) : حدثنا إبراهيم هو ابن (بياض في الأصل) : حدثنا محرز بن عون: حدثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعا. وقال: " لم يروه عن ابن جحادة إلا يحيى ". قلت: وهو كذاب؛ كما قال ابن معين. وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " يفتعل الحديث ". وأخرج الطبراني أيضا (56/2 - زوائده) عن ناهض بن سالم الباهلي: حدثنا عمار أبو هاشم عن الربيع بن لوط عن عمه البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى قبل الظهر أربع ركعات كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن الحديث: 2739 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 بعد العشاء كن كمثلهن من ليلة القدر ". قلت: وناهض هذا لم أجد من ذكره؛ وكذلك قال الهيثمي (2/221) . 2740 - (أربعة لا ينظر الله إليهم: عاق، ومنان، ومدمن خمر، ومكذب بقدر) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (1/32/2) من طريق بشر بن نمير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال في آخر ترجمة بشر هذا: " وعامة ما يرويه عن القاسم وغيره لا يتابع عليه، وهو ضعيف كما ذكروه ". قلت: وهو شديد الضعف متروك، لكنه لم يتفرد به، فقال الهيثمي في " المجمع " (7/206) : " رواه الطبراني بإسنادين، في أحدهما بشر بن نمير وهو متروك، وفي الآخر عمر بن يزيد وهو ضعيف ". قلت: هو عمر بن يزيد النضري الشامي، ووقع في " المعجم الكبير " (8/140/7547) ، (ابن زيد) - وهو خطأ مطبعي - قال ابن حبان في " المجروحين " (2/89) : " كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به على الإطلاق، وإن اعتبر بما يوافق الثقات فلا ضير ". الحديث: 2740 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 2741 - (أربع لا تقبل في أربع: نفقة من خيانة، ولا سرقة، ولا غلول، ولا مال يتيم، لا يقبل حج، ولا عمرة، ولا جهاد، ولا صدقة) . الحديث: 2741 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 ضعيف. أخرجه ابن عدي (337/2) ، والديلمي (1/1/169) عن الكوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذكره ابن عدي في ترجمة الكوثر هذا؛ وقال في آخرها: " وعامة ما يرويه غير محفوظ ". قلت: قال أحمد: " أحاديثه بواطيل ". وقال الدارقطني وغيره: " متروك ". والحديث رواه سعيد بن منصور أيضا عنمكحول مرسلا كما في " الجامع الصغير ". 2742 - (ارجعن مأزورات؛ غير مأجورات) . ضعيف روي من حديث علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. 1- أما حديث علي؛ فيرويه إسماعيل بن سلمان عن دينارأبي عمر عن محمد ابن الحنفية عن علي قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا نسوة جلوس، فقال: ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة، قال: هل تغسلن؟ قلن: لا، قال: هل تحملن؟ قلن: لا، قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، قال: ..... " فذكره. أخرجه ابن ماجه (1578) ، وابن حبان في " الثقات " (9/290) ، وابن بشران في " الفوائد المنتخبة " (62/1) ، والبيهقي (3/77) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته إسماعيل بن سلمان هذا - وهو الأزرق الحديث: 2742 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 التميمي الكوفي - وهو ضعيف باتفاقهم؛ ولذلك جزم الحافظ في" التقريب " بضعفه، بل قال ابن نمير والنسائي: " متروك ". وأما ما نقله السندي عن " الزوائد " أنه قال: " في إسناده دينار بن عمر أبو عمر وهو وإن وثقه وكيع وذكره ابن حبان في الثقات؛ فقد قال أبو حاتم: ليس بالمشهور. وقال الأزدي: متروك، وقال الخليلي في " الإرشاد ": كذاب، وإسماعيل بن سليمان (كذا) قال فيه أبو حاتم: صالح. لكن ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال يخطىء ". قلت: ففيه أن صاحب " الزوائد " دخل عليه ترجمة في أخرى، فإن الذي قال فيه أبو حاتم " صالح " ليس هو المترجم، وإنما هو إسماعيل بن سليمان الكحال الضبي البصري، ففي ترجمته ذكر ابنه (1/1/176) عنه أنه قال فيه: " ضعيف الحديث ". ونقله عنه الحافظ في " التهذيب ". فالرجل ضعيف بلا خلاف، وإيراد ابن حبان إياه في " الثقات " (4/19) مع قوله فيه: " يخطىء " لا يخرجه عما ذكرنا كما لا يخفى، على أنه لو لم يجرحه بالخطأ، فمعلوم أنه متساهل في التوثيق، فلا يعتد به عند التفرد به فكيف مع المخالفة؟ ! 2- وأما حديث أنس؛ فله عنه طريقان: الأولى: عن الحارث بن زياد عنه قال: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأى نسوة، فقال: أتحملنه؟ قلن: لا، قال: تدفنه؟ قلن: لا، قال: .... " فذكره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 أخرجه أبو يعلى (3/1060) : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي: أخبرنا محمد بن حمدان: أخبرنا الحارث بن زياد. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث بن زياد قال الذهبي: " ضعيف مجهول ". ووافقه الحافظ في " اللسان ". وبه أعله الهيثمي (3/28) . ومحمد بن حمدان؛ لم أعرفه، ولعله محمد بن حمران القيسي البصري، فإن يكن هو؛ فهو صدوق فيه لين كما في " التقريب ". والأخرى: عن أبي هدية عنه به نحوه وزاد: " مفتنات الأحياء، مؤذيات الأموات ". أخرجه الخطيب في " التاريخ " (6/201) . قلت: وأبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - كذاب خبيث؛ كما قال ابن معين. وقال الخطيب: " حدث عن أنس بالأباطيل ". (تنبيه) : ذكر المناوي في " الفيض " عن ابن الجوزي أنه قال في طريق علي: " جيد الإسناد "، بخلاف طريق أنس عند أبي يعلى ". ثم نقل المناوي تضعيف الهيثمي تبعا للذهبي للحارث راويه كما تقدم. قال: " وقال الدميري: حديث ضعيف تفرد به ابن ماجه، وفيه إسماعيل بن سليمان (كذا) الأزرق؛ ضعفوه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 ثم اتبعه المناوي بقوله: " وبهذا التقرير انكشف أن رمز المصنف لصحته صحيح في حديث علي، لا في حديث أنس، فخذه منقحا ". قلت: ما نقحت شيئا، بل خبطت خبط عشواء، فمن أين لحديث علي الصحة بل الجودة وفيه ذلك الأزرق المتفق على ضعفه و (دينار أبو عمر) وقد كذب؟ ! ومن عجيب أمر المناوي أنه بعد أن نقل تجويد ابن الجوزي لإسناده أتبعه بنقل تضعيفه عن الدميري، ثم سكت على هذا التناقض دون أن يرجح أحد النقلين على الاخر ثم قال: " فخذه منقحا "! وبناء على زعمه هذا قال في " التيسير ": " إسناده صحيح "!! 2743 - (أربعة لا يجتمع حبهم في قلب منافق، ولا يحبهم إلا مؤمن: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) . ضعيف جدا أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (11/107/1) من طريق أبي عبد الله البكاء عن أبي خلف عن أنس بن مالك مرفوعا به. ومن طريق أبي عامر التوري عن عطاء الخراساني عنه مرفوعا به نحوه دون قوله: " ولا يحبهم إلا مؤمن ". قلت: والإسناد الأول هالك؛ أبو خلف كذبه يحيى بن معين. وأبو عبد الله البكاء قال الأزدي: " متروك الحديث ". والإسناد الآخر ضعيف؛ عطاء الخراساني قال الحافظ: الحديث: 2743 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 " صدوق يهم كثيرا ويدلس ". وأبو عامر التوري؛ لم أعرفه. 2744 - (مهنة إحداكن في بيتها تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله) . ضعيف رواه أبو يعلى في " مسنده " (168/1) ، والبزار (2/182/1475) ، والطبراني في " الأوسط " (1/170/2) ، وابن شاهين في " الترغيب (313/1) ، وأبو الحسن السكري الحربي في " الثاني من الفوائد " (164/2) عن أبي رجاء الكلبي يعني روح بن المسيب: حدثنا ثابت عن أنس قال: " أتى النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، فدلنا على شيء ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله؟ فقال: فذكره. وقال البزار: " لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح، وهو بصري مشهور ". ومن هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " وقال: " روح بن المسيب يروي الموضوعات عن الأثبات ". وقال ابن معين: " صويلح ". وقال أبو حاتم: " صالح، ليس بالقوي ". وسكت عنه ابن كثير في " تفسيره "، واغتر بسكوته الصابوني في " مختصر " مشعرا قراءه بأنه صحيح!! الحديث: 2744 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 2745 - (أزكى الأعمال كسب المرء بيديه) . باطل بهذا اللفظ أخرجه ابن عدي (41/1) من طريق بهلول بن عبيد الكندي: حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أزكى؟ قال: فذكره؛ وقال: " بهلول أحاديثه فيها نظر، ليس مما يتابعه الثقات عليها ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/390) بعد أن ذكر الحديث من هذه الطريق: " قال أبي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، بهلول ذاهب الحديث ". قلت: والحارث - وهو الأعور - متهم أيضا. الحديث: 2745 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 2746 - (أرهقوا القبلة) . ضعيف أخرجه العسكري في " تصحيفات المحدثين " (1/318) ، والعقيلي (4/196) ، وأبو يعلى (1084) ، والبزار (54 - زوائده) ، وأبو بكر المقري في " الأربعين " (145 - 146) ، وابن عدي (34/2) ، والبيهقي في " الشعب " (2/111/1) من طريق مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناده ضعيف؛ مصعب بن ثابت لين الحديث كما في " التقريب ". وقال المناوي: " وقد ضعفوا حديثه، ومن ثم رمز لضعفه ". (أرهقوا) أي: ادنوا من السترة. الحديث: 2746 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 2747 - (أرواح المؤمنين طيور خضر في حجر من الجنة، يأكلون من الجنة، ويشربون، ويتعارفون، يقولون: ربنا ألحق بنا إخواننا، وآتنا ما وعدتنا، وأرواح أهل النار في حجر من النار، يأكلون من النار ويشربون من النار، يقولون: ربنا لا تلحق بنا إخواننا، ولا تؤتنا ما وعدتنا) . ضعيف رواه ابن منده في " المعرفة " (2/349/1) عن الفرج بن عبيد: أخبرنا مروان عن علي بن الوليد عن عبد الله بن يزيد عن أم مبشر بنت البراء قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي في نفر من أصحابه يأكل من طعام صنعته لهم، فسألوه عن الأرواح، فذكرها بذكر امتنع القوم من الطعام؛ ثم قال من بعد: .... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون أم مبشر لم أعرف أحدا منهم. وقد صح الحديث عن كعب بن مالك وأم مبشر طرفه الأول منه دون قوله: " ويشربون .... " إلخ. انظر المشكاة (1631) . الحديث: 2747 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 2748 - (أريت بني مروان يتعاورون على منبري، فساءني ذلك، ورأيت بني العباس يتعاورون منبري فسرني ذلك) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني (146/1) عن يزيد بن ربيعة قال: حدثنا أبو الأشعث عن ثوبان مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا؛ ابن ربيعة هذا هو الرحبي الدمشقي؛ قال الدارقطني: " متروك ". وكذا قال النسائي، وقال مرة: " ليس بثقة ". الحديث: 2748 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 2749 - (أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة، فإما أن تكون هجرا، أو تكون يثرب) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/400) والطبراني في " الكبير " (8/36 - 37/7296) والبيهقي في " الدلائل " (2/522) عن يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا حصين بن حذيفة: حدثني أبي وعمومتي عن سعيد بن المسيب عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! كذا قالا، وهو عجب منهما لا سيما الذهبي؛ فإنه أورد الحصين هذا في " الميزان " وقال: " مجهول ". وسلفه في ذلك ابن أبي حاتم (1/2/191) عن أبيه. ويعقوب بن محمد الزهري؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " ضعفه أبو زرعة، وقال أحمد: ليس بشيء ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء ". الحديث: 2749 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 2750 - (أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه) . موضوع روي من حديث جابر، وأبي الدرداء، وأبي هريرة. 1- أما حديث جابر؛ فيرويه ابن عدي في " الكامل " (328/1) من طريق عباد بن محمد بن عباد بن صهيب: حدثنا يزيد بن النضر المجاشعي عن المنذر الحديث: 2750 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 بن زياد: حدثنا محمد بن المنكدر عنه مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المنذر هذا؛ قال الفلاس: " كان كذابا ". وذكر له الحافظ في " اللسان " بعض موضوعاته. ومن دونه لم أعرف أحدا منهم. ورواه محمد بن صدران: حدثنا المنذر بن زياد به موقوفا على جابر. أخرجه ابن شاهين في " السنة " (18/49/2) . 2- وأما حديث أبي الدرداء؛ فيرويه إسماعيل بن اليسع الكندي عن عمرو بن شمر عن محمد بن سوقة قال: سمعت عبد الواحد الدمشقي قال: " رأيت أبا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم، وولده إلى جنبه وأهل بيته جلوس في جانب يتحدثون! فقيل له: ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم وأهل بيتك جلوس لاهين؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. أخرجه الديلمي في " المسند " (1/1/173) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/294/2) والسياق له ولفظه: " أزهد الناس في الأنبياء وأشدهم عليهم الأقربون ". قلت: وهذا موضوع أيضا؛ آفته عمرو بن شمر؛ وهو كذاب، كما قال الجوزقاني. وقال ابن حبان: " رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 وعبد الواحد الدمشقي؛ قال الذهبي: " لا يدرى من ذا، ولا حدث عنه سوى محمد بن سوقة ". وإسماعيل بن اليسع الكندي؛ أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/1/204) ؛ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 3- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه الحسين بن حفص: حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده عنه مرفوعا به. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/84 و 171) وقال: " إبراهيم هذا في حديثه نكارة، وفي مذهبه فساد ". قلت: هو كذاب؛ كما قال ابن معين وغيره. والحسين بن حفص؛ لم أعرفه. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي وقال: " موضوع، المنذر كذاب ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (ص 126 - طبع الهند) بأن له طريقا أخرى: قال أبو نعيم .... فساق حديث أبي الدرداء كما تقدم، إلا أنه سقط من إسناده عمرو بن شمر الذي هو آفة الحديث! ومع ذلك فقد سكت عليه مع ما فيه من الجهالة! وأعله المناوي بقوله: " وعبد الواحد ضعفه الأزدي "! وكذلك أعله به ابن عراق في " تنزيه الشريعة " بكلام الذهبي المتقدم، ثم قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 " وبقية رجاله محتج بهم. والله أعلم ". ولا يخفى ما فيه. وجملة القول؛ أن الحديث موضوع من جميع طرقه، وقد حدث وضعه بعد القرن الأول، ولم يكن معروفا لديهم بأنه حديث مرفوع، وعندي مما يدل عليه ثلاث روايات: الأولى: عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " كان يقال: .... " فذكره. أخرجه ابن أبي خيثمة في " العلم " (رقم 91) بسند صحيح. الثانية: عن عون بن عبد الله قال: " كان يقال: .... " فذكره. أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (368) عن المسعودي عنه. الثالثة: عن سليمان الأحول قال: " لقيت عكرمة ومعه ابن له، فقلت: أيحفظ هذا من حديثك شيئا؟ فقال: إنه يقال: .... فذكره. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (11/390/1) بسند صحيح عنه. فلو كانت هذه الجملة حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما أغفل ذلك هؤلاء السلف، ولجأوا إلى هذا التعبير " يقال "، فإن مثله لا يقال في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالظاهر أنها من الإسرائيليات، ويؤيده ما قاله المناوي: " وذكر كعب أن هذا في التوراة ". والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 2751 - (استرني وولني ظهرك) . ضعيف أخرجه أحمد (1/317) ومن طريقه الطبراني (11/291/11773) من طريق شريك عن حسين بن عبد الله عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه أمر عليا فوضع له غسلا، ثم أعطاء ثوبا فقال: .... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل حسين بن عبد الله - وهو ابن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب - ضعيف. ومثله شريك بن عبد الله القاضي. الحديث: 2751 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 2752 - (استعد للموت قبل نزول الموت) . موضوع اخرجه الحاكم (4/312) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 37) ، وابن بشران في " الأمالي " (19/2 و 113/1) ، وأبو عروبة الحراني في " حديثه " (3/1) ، وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1/203/1) ، والسلفي في " الطيوريات " (250/1) عن إسحاق بن ناصح عن قيس (وقال الحاكم: حدثنا شيبان، ثم اتفقوا) عن منصور عن ربعي بن حراش عن طارق بن عبد الله المحاربي مرفوعا به. وقال العقيلي: " ليس بمحفوظ من حديث قيس ولا غيره، ولا يتابع هذا الشيخ عليه أحد ". يعني إسحاق بن ناصح، وقد قال ابن أبي حاتم (1/1/235) : " سمعت أبي وذكر حديثا رواه إسحاق بن ناصح عن قيس بن الربيع، فقال: كذب على قيس بن الربيع ". قلت: وأما الحاكم فقال: الحديث: 2752 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 " صحيح "! ووافقه الذهبي! وهو من عجائبه؛ وهو القائل في ترجمة إسحاق هذا في كتابه " الضعفاء ": " كذاب مفتر "! 2753 - (استعينوا بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها تذهب سبعين بابا من الضر أدناها الهم) . منكر رواه أبو نعيم في " الحلية " (3/156) ، و " أخبار أصبهان " (2/93 - 94) عن محمد بن يحيى بن أبي عمر: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بلهط بن عباد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا وقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بلهط بن عباد وثقه الطبراني وابن حبان؛ وقال الذهبي: " لا يعرف، والخبر منكر ". يعني هذا. وعبد المجيد بن عبد العزيز؛ قال في " التقريب ": " صدوق يخطىء / وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك ". والحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 88) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 60 - 61) من هذا الوجه بلفظ: " استكثروا من لا حول .... " الحديث، وقال العقيلي: " بلهط مجهول في الرواية، حديثه غير محفوظ، ولا يتابع عليه " قال: " وهذا اللفظ لا يصح فيه شيء ". الحديث: 2753 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 2754 - (استعينوا على الرزق بالصدقة) ضعيف رواه الديلمي (1/1/47) عن محمد بن خالد المخزومي: حدثنا بكر بن عبد الله المزني عن أبيه مرفوعا. وقال الحافظ: " قلت: محمد بن خالد ضعيف، وسيأتي بلفظ: " استنزلوا الرزق بالصدقة "، من حديث أبي هريرة، وفيه سليمان بن عمرو متروك ". والمخزومي هذا كأنه مجهول، فإنه لم يتكلم فيه غير ابن الجوزي فقال: " مجروح ". وأما ابن حبان فذكره على قاعدته في " الثقات ". وأما سليمان بن عمرو فهو كذاب؛ وهو النخعي. لكن ذكر السيوطي أنه رواه باللفظ الثاني البيهقي في " الشعب " عن علي، وابن عدي عن جبير بن مطعم. قلت: وإسنادهما مما لا يفرح به لشدة ضعفها؛ أما الأول ففيه عند البيهقي في حديث له (2/74) هارون بن يحيى الحاطبي، روى أحاديث منكرة، وقال العقيلي في " الضعفاء ": " لا يتابع على حديثه ". فلا جرم أن البيهقي ضعفه جدا، فقال: " لا أحفظه إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ". وأما حديث جبير بن مطعم؛ فأخرجه ابن عدي في جملة أحاديث لحبيب بن الحديث: 2754 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 أبي حبيب كاتب مالك، وقال (2/411 - 412) : " كلها موضوعة ". وصدرها بقوله في مطلع الترجمة: " كاتب مالك بن أنس، يضع الحديث ". 2755 - (استعتبوا الخيل تعتب) . موضوع ذكره ابن عدي في ترجمة محمد بن إبراهيم بن العلاء: زبريق الحمصي من " الكامل " (375/2) ، فروى عن محمد بن عوف أنه ذكر له حديث إبراهيم بن العلاء عن بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعا بهذا الحديث؛ فقال: " رأيته على ظهر كتابه ملحوقا، فأنكرته وقلت له، فتركه ". فقال ابن عوف: " وهذا من عمل ابنه محمد بن إبراهيم كان يسرق الأحاديث، فأما أبوه فشيخ غير متهم، لم يكن يفعل من هذا شيئا ". قال ابن عدي: " وإبراهيم بن العلاء هذا حديثه مستقيم، ولم يرم إلا بهذا الحديث، ويشبه أن يكون من عمل ابنه كما ذكره ابن عوف ". قلت: وكذا في ترجمة إبراهيم بن العلاء من " تاريخ ابن عساكر " (2/244/2) ، ويبدو أن فيها خرما. الحديث: 2755 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 واعلم أن الذهبي ترجم محمد بن إبراهيم هذا في " الميزان " ولم يزد فيه على قوله: " قال محمد بن عوف: كان يسرق الحديث، فأما أبوه فغير متهم. قلت: وتكلم فيه أيضا ابن عدي ". فتعقبه الحافظ في " اللسان " (5/21) بقوله: " ولم يتكلم ابن عدي في هذا الحمصي، وإنما تكلم وترجم لمحمد بن إبراهيم الشامي .... ". قلت: خفي على الحافظ رحمه الله كلام ابن عدي الذي نقلته آنفا، وهو قوله: " ويشبه أن يكون من عمل ابنه ..... ". فهذا هو الذي عناه الذهبي بقوله: " وتكلم فيه أيضا ابن عدي ". وأما الشامي؛ فهو راو آخر، وقد ترجم له ابن عدي أيضا (ق 373/1) وقد كذبه الدارقطني وغيره. ثم رأيت الحديث قد وصله أبو أحمد الحاكم في " الكنى " (30/2) من طريق أحمد بن عمير بن يوسف: أخبرنا محمد بن عوف.. فذكره كما تقدم عن ابن عدي، إسنادا وإعلالا. 2756 - (استشرت جبريل في الشاهد واليمين فأمرني) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/174) عن حبيب بن أبي حبيب: حدثنا الحديث: 2756 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 إبراهيم بن الحسين عن أبيه عن جده مسلمة بن قيس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه أيضا أبو نعيم وابن منده في " المعرفة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون مسلمة بن قيس لم أجد لهم ترجمة، وفيمن يسمى حبيب بن أبي حبيب جماعة أكثرهم غير معتمد، ولم يتبين لي الآن من هو منهم. 2757 - (أشد الناس عذابا يوم القيامة المكفي الفارغ) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/117) عن يحيى بن يحيى: حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن قرة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عبد الله بن قرة لم أعرفه، ولعله تحرف على الناسخ. وابن لهيعة؛ مشهور بالضعف. ويحيى بن يحيى؛ الظاهر أنه الذي في " الميزان ": " يحيى بن أبي زكريا: يحيى الغساني، واسطي روى عن هشام بن عروة، قال ابن حبان: لا تجوز الرواية عنه لما أكثر من مخالفة الثقات فيما يرويه عن الأثبات ". الحديث: 2757 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 2758 - (استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبالقيلولة على قيام الليل) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1693) ، وابن نصر في " قيام الليل " (ص الحديث: 2758 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 40) ، وابن خزيمة في " صحيحه " (ق 56/1 - 2) ، والطبراني في " الكبير " (3/129/1) ، والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (3/151/1) ، وابن عدي (150/2 و 171/2) ، والحاكم (1/425) ، والبيهقي في " الشعب " (2/34/1) ، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/15/2) ، وغيرهم عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال الحاكم: " زمعة بن صالح وسلمة بن وهرام ليسا بالمتروكين اللذين لا يحتج بهما ". وكذا قال الذهبي في " تلخيصه ". ولكنه أورد زمعة في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " ضعفه أحمد وأبو حاتم والدارقطني ". ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون ". والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1/241) من طريق علي بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي يزيد الجزري عن المور (كذا) عن أبي هريرة مرفوعا به وقال: " سألت أبي عنه؟ فقال: هؤلاء مجهولان ". 2759 - (عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدي لك) . ضعيف رواه محمد بن المظفر في " المنتقى من حديث هشام بن عمار " (161/2) عنه عن رجل من الأنصار، يقال له أبو ميسرة قال: أخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 2759 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 ورواه يحيى بن معين في " التاريخ والعلل " (ق 16/2) : حدثنا حماد بن أسامة أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أيوب بن ميسرة مرفوعا. وقال: " أيوب بن ميسرة هذا مدني ". ورواه الخطيب في " الموضح " (1/140 - 141) من طريق ابن معين. وهو والبخاري في " التاريخ " (1/1/400) من طرق أخرى عن هشام بن عروة به. قلت: فالإسناد ضعيف لإرساله، ولأن مرسله أيوب بن ميسرة لا يعرف، ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/257) ترجمة مختصرة كعادته في مثله، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2760 - (كان إذا أصابه خصاصة نادى أهله: يا أهلاه! صلوا صلوا) . ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " (3/171) قال: حدثنا أبي: حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني: حدثنا سيار: حدثنا جعفر عن ثابت قال: فذكره. قال ثابت: " وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ كلهم من رجال " التهذيب ". إلا أنه مرسل، لأن ثابتا - هو البناني - تابعي معروف مكثر عن أنس، ومع هذا صححه الشيخ الرفاعي في " مختصره "، وتبعه بلديه الصابوني، وغالب الظن أنهما لم يعرفا من هو ثابت؟ ثم رأيت الحديث في " شعب الإيمان " للبيهقي (3/155/3185) من طريق أخرى عن سيار بن حاتم به معضلا. الحديث: 2760 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 على أن سيارا هذا قال فيه الحافظ: " صدوق له أوهام ". 2761 - (استعن بيمينك. وأومى بيده إلي الخط) . ضعيف رواه الترمذي (3/375- تحفة) ، وابن الأعرابي في " معجمه " (57/2) ، وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (235/1-2) ، وأبو حفص الكتاني (140/1) ، وابن عدي (122/1) ، والخطيب في " كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " (4/152/1) عن الخليل بن مرة عن يحيى ابن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال: " كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمع من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لأسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. وقال الترمذي: " ليس إسناد هـ بذلك القائم، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: الخليل بن مرة منكر الحديث ". قلت: وشيخه يحيى بن أبي صالح مجهول. وقد وجدت له طريقا أخرى؛ رواه البغوي في " أحاديث طالوت بن عباد " (106/1) وعنه ابن عدي (123/2) عن الربيع بن مسلم: حدثنا الخصيب بن جحدر عن أبي صالح به، ورواه العقيلي في " الضعفاء " (258) ، وابن أبي حاتم في " العلل " (2/339) من طريق عد الصمد بن سليمان عن الخصيب بن جحدر به. وروى العقيلي عن البخاري أنه قال في عبد الصمد هذا: الحديث: 2761 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 " منكر الحديث ". وقال الدراقطني: " متروك ". لكن تابعه الربيع بن مسلم وهو ثقة؛ فالآفة من شيخهما ابن جحدر فإنه كذاب. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " هذا حديث منكر وخصيب ضعيف الحديث ". 2762 - (استغنوا بغناء الله عز وجل، قيل: وما هو؟ قال: عشاء ليلة وغداء يوم) . ضعيف رواه أبو بكر ابن السني في " القناعة " (ق 241/2) عن زهير بن عباد: حدثنا داود بن هلال عن حبان بن علي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. ورواه ابن عدي (153/1) من طريق أبي داود النخعي عن محمد بن عمرو به. ورواه ابن أبي الدنيا في " القناعة " أيضا (2/1/2) قال: أخبرت عن نصر بن علي: حدثنا أحمد بن موسى الخزاعي: حدثنا واصل مولى أبي عيينة عن رجاء بن حيوة - فيما أعلم - قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: فذكره. ورواه المعافى بن عمران في " الزهد " (256/2) : حدثنا عنبسة بن سعيد النهدي عن الحسن مرفوعا به. قلت: وهذا مع كونه مرسلا؛ فإن عنبسة بن سعيد - وهو الواسطي النضري (ولعل النهدي محرف النضري) - ضعيف. الحديث: 2762 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 والذي قبله مع كونه مرسلا أيضا؛ ومع كونه منقطعا بين ابن أبي الدنيا ونصر بن علي وهو الجهضمي؛ فإن أحمد بن موسى الخزاعي مجهول الحال؛ ذكره ابن أبي حاتم (1/1/75) من رواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ولا يقويه الموصول الذي قبله لشدة ضعفه، فإن زهير بن عباد ضعيف كما قال ابن عبد البر؛ وهو الرؤاسي. وشيخه داود بن هلال؛ وهو النصيبي لا يعرف، أورده ابن أبي حاتم (1/2/427) من رواية الرؤاسي فقط عنه؛ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وحبان بن علي؛ وهو العنزي. ومتابعة أبي داود النخعي لا تقويه لأنه كذاب؛ واسمه سليمان بن عمرو. وبالجملة؛ فالحديث ضعيف من جميع طرقه، ومن الغريب أن السيوطي لم يعزه في " جامعيه " إلا لابن عدي وحده، وأن المناوي بيض له. فلم يبين أن فيه ذاك الكذاب، فكأنه لم يقف على سنده. 2763 - (استكثر من الناس من دعاء الخير لك، فإن العبد لا يدري على لسان من يستجاب له أو يرحم، ولذلك جعل الله عز وجل المسلمين شفعاء بعضهم لبعض) . باطل رواه تمام في " الفوائد " (262/1) عن زكريا بن يحيى: حدثنى نصير بن أبي عتبة البالسي الدقاق: حدثنا علي بن عيسى الغساني: حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: كان آخر ما أوصاني به النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 2763 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الغساني والبالسي مجهولان؛ كما قال الخطيب والذهبي. وقد أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك "، والخطيب في " الرواة عن مالك " كلاهما من طريق زكريا بن يحيى الساجي به. وقال الدارقطني: " لم يروه عن مالك إلا علي بن عيسى وهو مجهول و [كذا] الذي قبله ". وقال الذهبي: " الخبر باطل ". وأقره الحافظ. 2764 - (أسري بي في قفص من لؤلؤ، وفراشه من ذهب) . منكر جدا رواه الديلمي (1/1/174) من طريق البغوي في " معجمه ": حدثني أبو بكر محمد بن عتاب الأعين: حدثنا علي بن جعفر الأحمر: حدثنا إسحاق بن منصور عن جعفر الأحمر عن هلال الصيرفي عن أبي كثير الأنصاري عن عبد الله بن سعد بن زرارة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو كثير الأنصاري ذكره ابن أبي حاتم (4/2/429) من رواية إسماعيل بن مسلم العبدي عنه، سمع علي بن أبي طالب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وسائر الرجال موثقون من رجال " التهذيب " غير علي بن جعفر الأحمر؛ ترجمه ابن أبي حاتم أيضا (3/1/178) وقال عن أبيه: " وكان ثقة صدوقا ". وفي إسناد الحديث اضطراب ذكره الحافظ في ترجمة ابن زرارة هذا من الحديث: 2764 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 " الإصابة " من طرق ذكرها ثم قال: " ومعظم الرواة في هذه الأسانيد ضعفاء، والمتن منكر جدا ". 2765 - (أسعد الناس يوم القيامة العباس) . ضعيف رواه ابن عساكر (8/470/2) بإسناد رجاله ثقات عن ابن جريج عن رجل عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل الرجل الذي لم يسم. الحديث: 2765 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 2766 - (أسفروا بصلاة الغداة ينظر الله لكم) . منكر رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/95) عن أحمد بن مهران: حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل: سمعت زيد بن أسلم يحدث عن أنس مرفوعا. أورده في ترجمة ابن مهران هذا وهو أبو جعفر الأصبهاني، وقال: " كان لا يخرج من بيته إلا إلى الصلاة، توفي بـ " يزد " سنة أربع وثمانين ومئتين ". وتابعه إسحاق بن صدقة عن خالد بن مخلد به. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/26) ، وقال الحافظ في " مختصره ": " يزيد بن عبد الملك ضعيف، وإسحاق بن صدقة ". كذا بياض في الأصل قدر كلمتين، ولعله تركه حتى يراجع ترجمته ثم لم الحديث: 2766 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 يتسن له العودة إلى تسويده، وقد ذكر في " اللسان " تبعا لأصله أن الحاكم روى عن الدارقطني أنه ضعفه. وقد خولف في متنه؛ فقال البزار في " مسنده " (ص 43 - زوائده) : حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي: حدثنا خالد بن مخلد بلفظ: " فإنه أعظم للأجر "، وقال: " واختلف فيه على زيد ..... " ثم بين ذلك. وهذا اللفظ هو الأقرب إلى الصحة لأنه ثبت من طرق عن رافع بن خديج مرفوعا به، وقد خرجته في " الإرواء " (258) . 2767 - (أسلم الناس (1) إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده) . شاذ أخرجه ابن حبان (27) من طريق محمد بن معمر: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، لكن يبدو أن ابن معمر هذا - وهو أبو عبد الله البصري البحراني - وهم في أول متنه، فقد أخرجه مسلم في " الصحيح " (1/48) دون الشطر الأول منه فقال: حدثنا الحسن الحلواني وعبد بن حميد جميعا عن أبي عاصم بلفظ: " المسلم من سلم ...... ".   (1) في " الإحسان " (1 / 210) : " أسلم المسلمين " الحديث: 2767 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 وقد تابعه ابن أبي ليلى عن أبي الزبير به؛ لكنه زاد في أوله بلفظ: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ..... يا رسول الله! فأي المسلمين أفضل؟ قال: .... " فذكره. أخرجه أحمد (3/391) . وابن أبي ليلى - هو محمد بن عبد الرحمن - سيىء الحفظ، لكنه لم يتفرد بهذه الزيادة، فقد روى الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام أفضل؟ قال: .... " فذكره. أخرجه الطيالسي (1777) ، وأحمد (3/372) ، والدارمي (2/299) . قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ومثل هذه الزيادة في الشذوذ بل النكارة زيادة أخرى رواها محمد بن سنان القزاز: حدثنا أبو عاصم بهذا الإسناد بلفظ: " أكمل المؤمنين من سلم ..... ". أخرجه الحاكم (1/10) وقال: " إنها زيادة على شرط مسلم "! قلت: وهو وهم، فإن مسلما لم يخرج للقزاز هذا شيئا؛ ثم هو ضعيف كما جزم الحافظ. ويشهد لزيادة ابن أبي ليلى ومن تابعه حديث أبي موسى الأشعري قال: " قلت: يا رسول الله! أي الإسلام (وفي رواية: المسلمين) أفضل؟ قال: من سلم .... " الحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 أخرجه البخاري (1/46 -47 - فتح، وسلم، والنسائي (2/268) ، والترمذي (3/318و362) ، وأحمد (4/391) . وقال الترمذي: " حديث صحيح غريب ". وأخرجه أحمد (2/160و187و191و195) من حديث عبد الله بن عمرو مثل الرواية الأولى منهما، وهو عنده من طريق عنه صحح الحاكم (1/11) بعضها. وأخرجه الشيخان من طريق أخرى عنه بلفظ: " أي الإسلام خير؟ " والباقي مثله. وكذلك أخرجه النسائي. ثم رأيته من طريق أخرى بلفظ قريب من لفظ الترجمة؛ وهو: 2768 - (أسلم المسلمين من سلم الناس من لسانه ويده) . منكر بهذا اللفظ رواه ابن عساكر (13/280/2) عن أبي الحسن عمرو ابن دحيم: حدثنا محمد بن مصفى: أخبرنا بقية بن الوليد: أخبرنا أبو زرعة الفلسطيني - وهو يحيى بن أبي عمرو السيباني - عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي زر قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أسلم؟ قال: من سلم .... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في محمد بن مصفى غير عمرو هذا فلا يعرف حاله، وفي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكره فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 2768 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 2769 - (أسلم سلمهم الله من كل آفة إلا الموت، فإنه لا يسلم عليه، وغفار غفر الله لها، ولا حي أفضل من الأنصار) . الحديث: 2769 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 ضعيف. رواه الديلمي (1/1/174) من طريق أبي نعيم وهذا في " معرفة الصحابة " (2/73/1) من طريق سليمان بن ميسرة الخزاعي: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان عن أبيه عن جده عن عمر بن يزيد الكعبي قال: " كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان مما حفظت من كلامه أن قال: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده في " المعرفة " أيضا كما في " الإصابة ". قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف؛ لم أجد لمن دون الكعبي ترجمة. 2770 - (أسلمت عبد القيس طوعا، وأسلم الناس كرها، فبارك الله في عبد القيس وموالي عبد القيس) . ضعيف رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " قال: حدثنا سليمان بن نافع العبدي - بحلب - قال: قال لي أبي: وفد المنذر بن ساوى من البحرين فذكره قدومه مع وفد عبد القيس، وفيه: فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. ورواه الطبراني في " المعجم الأوسط " فقال: " لا يروى عن نافع العبدي إلا بهذا الإسناد تفرد به إسحاق ". ذكره العراقي في " محجة القرب "؛ ولم يتكلم عليه بشيء. قلت: وإسناده ضعيف؛ لأن نافع أورده ابن أبي حاتم (2/1/147) ولم يذكره فيه جرحا ولا تعديلا. وقد قال الذهبي فيه: " وهو غير معروف ". الحديث: 2770 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 2771 - (أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وتجيب أجابت الله عز وجل) . الحديث: 2771 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 ضعيف. رواه البزار (3/309/2817- كشف) والديلمي (1/1/173) من طريق الطبراني عن عمرو بن خالد: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن سندر الجذامي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (10/46) : " وعن ابن سندر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... (فذكره) رواه الطبراني، ورواه البزار بنحوه، وإسنادهما حسن "! وقال الحافظ في " مختصر الزوائد " (2/380) : " قلت: ابن لهيعة ضعيف، واللفظ الآخر منكر ". 2772 - (اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء) إلى آخره) . موضوع رواه الطبراني (3/177/1) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: أخبرنا جعفر بن جسر بن فرقد: أخبرنا أبي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الغلابي هذا، قال الدارقطني: " كان يضع الحديث ". وجعفر بن جسر وأبوه ضعيفان، وأبوه أشد ضعفا منه. الحديث: 2772 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 قلت: وقد ثبت أن اسم الله الأعظم في فاتحة آل عمران، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1343) ، و " الصحيحة " (746) . 2773 - (اسم الله الأعظم في ست آيات في آخر سورة الحشر) . ضعيف رواه الواحدي في تفسيره (4/138/2) ، والديلمي (1/1/173) عن يحيى بن ثعلبة: حدثني الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير (وقال الديلمي: ميمون بن مهران) عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن ثعلبة ضعفه الدارقطني. الحديث: 2773 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 2774 - (اسم الله على فم كل مسلم) . موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (1/130/2) ، وابن عدي (6/385) ، وعنه البيهقي (9/240) عن مروان بن سالم عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يذبح وينسى أن يسمي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني: " لم يروه عن الأوزاعي إلا مروان ". وقال ابن عدي: " وعامة ما يرويه مما لا يتابعه الثقات عليه ". قلت: وقال أحمد وغيره: " ليس بثقة ". وقال الدراقطني: " متروك ". وقال الشيخان وأبو حاتم: الحديث: 2774 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 " منكر الحديث ". وقال أبو عروبة الحراني: " يضع الحديث ". وقال البيهقي عقبه: " وهذا الحديث منكر بهذا الإسناد ". وقال عبد الحق الأشبيلي في " الأحكام الكبرى " (192/2) : " حديث ضعيف ". وقال ابن كثير في " التفسير " (2/170) : " إسناده ضعيف، فإن مروان بن سالم القرقساني ضعيف تكلم فيه غير واحد من الأئمة ". 2775 - (اسم الله الأعظم؛ الذي إذا دعي به أجاب؛ وإذا سئل به أعطى؛ الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/505-506) عن أحمد بن عمرو بن بكر السكسكي: حدثني أبي عن محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هل أدلكم على اسم الله الأعظم ... ". فقال رجل: يا رسول الله! هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمع قول الله عز وجل (ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ، وقال رسول الله عليه وسلم: " أيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات الحديث: 2775 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 في مرضه ذلك؛ أعطي أجر شهيد، وإن برأ وقد غفر له جميع ذنوبه ". سكت عنه الحاكم، وكذا الذهبي؛ مع أنه أورد عمرو بن بكر السكسكي في " الميزان " وقال: " واه، أحاديثه شبه موضوعة ". وقال في " الضعفاء ": " اتهمه ابن حبان ". وقد تابعه على بعضه علي بن زيد عن سعيد بن المسيب به دون قوله: " أيما مسلم دعا بها ... " وزاد: " فهو شرط من الله لمن دعاه به ". أخرجه ابن جرير في " التفسير " (17/82) . 2776 - (اشتد غضب الله على الزناة) . ضعيف رواه أبو الشيخ ابن حيان في " العوالي " (1/24/1) ، وعنه الديلمي (1/1/115) عن عباد بن كثير عن عمران القصير عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أو ضعيف جدا، لأن عباد بن كثير إن كان الثقفي البصري - وهو الأقرب - فهو متروك، وإن كان الرملي الفلسطيني فضعيف، وإنما استقربت أنه الثقفي البصري؛ لأن شيخه (عمران القصير) وهو ابن مسلم، بصري أيضا، والله أعلم. الحديث: 2776 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 2777 - (اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/116) عن بشر الهذيل الكوفي: حدثني أبو إسرائيل عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا. قلت: وها إسناد ضعيف، عطية - وهو العوفي - ضعيف مدلس، ومثله في الحديث: 2777 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 الضعف أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة، قال الحافظ: " صدوق سيىء الحفظ، نسب إلى الغلو في التشيع ". وبشر بن الهذيل؛ أورده ابن أبي حاتم (1/1/370) ولم يزد فيه على قوله: " حدثنا عنه محمد بن ثواب الهباري الكوفي، وقا: كان عجبا في الفضل ". ثم وقفت للحديث على شاهد واه شديد الضعف لا يفرح به؛ أخرجه ابن عدي (6/302) في ترجمة محمد بن محمد بن الأسعث أبي الحسن الكوفي المصري قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد: حدثني أبي عن أبيه عن جده جعفر عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعا به، إلا أنه قال: " وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي ". وابن الأشعث هذا متهم بالوضع كما تقدم بيانه تحت الحديث (1795) ، والسيوطي مع تساهله المعروف، فقد ساق له عدة أحاديث في كتابه " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 113-هندية) ، منها هذا الحديث، ونقل كلام الذهبي وابن عدي فيه، وقول الدراقطني: " آية من آيات الله، وضع ذاك الكتاب يعني العلويات ". وقد مضى له حديث موضوع برقم (1795) ، وحديث آخر برقم (1996) . 2778 - (أسمع صلاصل، ثم أسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تفيض) . الحديث: 2778 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 ضعيف. أخرجه أحمد (2/222) والطبراني في " المعجم الكبير " (13/16/22) عن أبيه لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمرو بن الوليد - وهو السهمي المصري - مجهول، قال الذهبي في " الميزان ": " ما روى عنه سوى يزيد بن أبي حبيب ". وابن لهيعة ضعيف لسوء حفظه. والحديث قال في " المجمع " (8/256) : " رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن "! 2779 - (استهلال الصبي العطاس) . موضوع رواه البزار في " مسنده " (ص 143- زوائده) عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قال الشيخ - يعني الهيثمي -: " محمد بن عبد الرحمن له مناكير، وهو ضعيف عند أهل العلم ". وفي " الأحكام الكبرى " (168/2) لعبد الحق قال: " البيلماني ضعيف عندهم ". الحديث: 2779 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 قلت: بل هو شديد الضعف متهم بالكذب؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (54) . 2780 - (اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم ولدا ليس منهم، يطلع على عوراتهم، ويشركهم في أموالهم) . ضعيف جدا أخرجه البزار (2/141/1386) وابن عدي (1/229) عن إبراهيم بن يزيد: حدثنا أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره. قال: " لا نعلمه عن ابن عمر إلا بهذا إلاسناد، وإبراهيم لين الحديث، وإنما يكتب (كذا، ولعله: يتنكب) من حديثه ما تفرد به ". قال الشيخ - يعني الهيثمي -: " وهو الخوزي ضعيف ". قلت: بل هو متروك الحديث؛ كما في " التقريب ". الحديث: 2780 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 2781 - (أشد الحربِ (1) النساء، وأبعد االلقاء الموت، وأشد منهما الحاجة إلى الناس) . ضعف جدا أخرجه الخطيب في " التاريخ " (13/120-121) وعنه ابن الجوزي في " العلل المنتاهية " (2/10/827) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (4/106) من طريق أبي داود عبد الله بن ضرار بن عمرو عن أبيه عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. فذكره.   (1) وفي بعض الرويات: (الحزن) . انظر " فيض القدير ". الحديث: 2781 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ مسلسل بالضعفاء؛ يزيد الرقاشى وعبد الله ابن ضرار ضعيفان، ومن بينهما أشد ضعفا، فقد قال البخاري: " ضرار فيه نظر " وقال أبو نعيم: " له عن يزيد الرقاشي عن أنس عن تميم حديث منكر " 2782 - (أشد الناس عذابا يوم القيامة من يُري الناس أنَّ فيه خيرا ولا خير فيه) موضوع رواه أبو عبد الرحمن السلمي في (الأربعين في أخلاق الصوفية) (4/2) وعنه الديلمي (1/1/116) : أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن أحمد الرازي حدثنا علي بن سعيد العسكري حدثنا عباد بن الوليد حدثنا أبو شيبان كثير بن شيبان حدثنا الربيع بن بدر عن راشد بن محمد قال قال ابن عمر .... فذكره مرفوعا قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا بل موضوع لأن السلمي نفسه متهم بوضع الأحاديث للصوفية والربيع بن بدر متروك والراوي عنه لم أعرفه الحديث: 2782 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 2783 - (أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ثم قرأ: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) إلى أن انتهى إلى قوله -: (وما لهم من ناصرين) ثم قال: ياأبا عبيدة! قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مئة واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم الحديث: 2783 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم؛ فهم الذين ذكرهم الله في كتابه) . منكر جدا. رواه ابن جرير الطبري في " تفسيره " (6/285/6780) ، وابن أبي حاتم في التفسير (1/243/2) ومحمد بن محمد الطائي أبو الفتوح في " الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين " (21-22- الحديث 10) عن محمد بن حميد: حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن قبيصة ابن زؤيب الخزاعي عن أبي عبيده بن الجراح رضى الله عنه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: رجل .... وقال أبو الفتوح: " حديث حسن ". كذ قال، وأبو الحسن هذا مجهول كما في " اللسان ". نعم صح من الحديث طرفه الأول عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ: " أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا، أو قتله نبي.. "، وهو مخرج في " الصحيحة " (281) . (تنبيه) : ساق الحافظ ابن كثير حديث الترجمة من رواية ابن جرير وابن أبي حاتم بإسنادهما، ساكتاعنه، فاغتر به الحلبيان في اختصارهما إياه، فأورداه، وقد التزما فيه الصحة! وزاد الشيخ الصابوني، فذكر في التعليق: " رواه ابن أبي حاتم وابن جرير "! موهما القراء أنه من تخريجه! وأما الآخر، فصرح في فهرس المجلد الأول بأنه " صح "! والله المستعان. 2784 - (أشد الناس عليكم الروم، وإنما هلكتهم مع الساعة) . الحديث: 2784 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 ضعيف. أخرجه أحمد (4/230) من طريق ابن لهيعة: حدثنا الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير: أن المستور قال: " بينا أنا عند عمرو بن العاص، فقلت له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره) فقال له عمرو: ألم أزجرك عن مثل هذا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. وأنا أظن أنه أخطأ في لفظ الحديث وأن أصله ما رواه عبد الكريم بن الحارث: أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقوم الساعة والروم أكثر الناس ". قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص، فقال: ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال المستورد: قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال عمرو: لئن قلت ذلك، إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأجبر الناس عند مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم ". أخرجه مسلم (8/176 - 177) . وأخرجه هو وأحمد من طريق موسى بن علي عن أبيه عن المستورد به نحوه. ومما سبق تعلم خطأ السيوطي في رمزه للحديث بالحسن على ما في بعض نسخ " الجامع الصغير "، وإقرار المناوي إياه عليه، وتقليد المعلقين على " الجامع الكبير " (1/9/1013/3270) له، وتصريح المناوي في " التيسير " بحسنه! 2785 - (أشهدوا هذا الحجر خيرا، فإنه يوم القيامة شافع مشفع، له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه) . الحديث: 2785 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/118/1) عن إسماعيل بن عياش: حدثنا الوليد بن عباد عن خالد الحذاء عن عطاء عن عائشة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن خالد إلا الوليد ". قلت: وهو كما قال الذهبي: " مجهول؛ قال ابن عدي: لا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش ". قلت: وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته المعروفة في توثيق المجهولين، فقال (2/288) : " يروي عن الحسن، روى عنه إسماعيل بن عياش " ونسبه أزديا ". وقال المنذري في " الترغيب " (2/123) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، ورواته ثقات إلا أن الوليد بن عباد مجهول ". قلت: إسماعيل بن عياش ثقة إذا روى عن الشاميين؛ وما أظن الوليد هذا منهم 2786 - (إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة) . ضعيف رواه ابن سعد (5/370) ، والطبراني في " الكبير " (3/98/1) ، وابن بشران في " الكراس الأخير من الجزء الثلاثين " (ق 1/1) ، وأبو حفص الكتاني في جزء من " حديثه " (137/2) ، والحاكم (4/269) ، والقضاعي (86/1) عن أبي المقدام هشام بن زياد: أخبرنا محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه العقيلي في " الضعفاء " (448) وله عنده تتمة؛ وقال: " هشام بن زياد قال أحمد: ضعيف الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء ". الحديث: 2786 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 وقال الذهبي: " متروك ". وقد تابعه عيسى بن ميمون المدني عن محمد بن كعب القرظي. أخرجه العقيلي (337) وقال: " تابعه من هو نحوه في الضعف ". كأنه يعني أبا المقدام، وروى في ترجمة عيسى عن ابن معين: أنه ليس حديثه بشيء، وعن البخاري: منكر الحديث ... وتابعه صالح بن حسان عن محمد بن كعب به. أخرجه ابن عدي (198/1) وقال: " صالح بن حسان بعض حديثه فيه إنكار وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ". وتابعه محمد بن معاوية: حدثنا مصادف بن زياد المدني - قال: وأثنى عليه خيرا - قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، به. أخرجه الحاكم (4/269 - 270) وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني؛ فبطل الحديث ". 2787 - (أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم) . ضعيف جدا رواه ابن ماجه (4212) ، وابن عدي (200/2) عن صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله: حدثني معاوية الحديث: 2787 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة مرفوعا. وقال: " صالح بن موسى عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". (تنبيه) : وقع الحديث في " الجامع الصغير " و " الكبير " معزوا للترمذي مع ابن ماجه، وفي " ذخائر المواريث " (2/278) لمسلم وابن ماجه، وفي " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث " (1/204) لمسلم وأبي داود والترمذي وأحمد! وكل ذلك خطأ، والصواب عزوه لابن ماجه فقط من بين الستة؛ كما فعل المنذري في " الترغيب " (3/343) ، والمزي في " تحفة الأشراف " (7/99/1) . 2788 - (أصابتكم فتنة الضراء فصبرتم، وإن أخوف ما أخاف عليكم فتنة السراء من قبل النساء؛ إذا تسورن بالذهب، ولبس ريط الشام وعصب اليمن، وأتعبن الغني، وكلفن الفقير ما لا يجد) . ضعيف جدا أخرجه الخطيب (3/190) من طريق عبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي: حدثنا عبد العزيز بن سليمان الحرملي: حدثنا محمد بن قيس البغدادي: حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا مسعر عن أشعث عن أبي البقاء عن رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أورده الخطيب في ترجمة البغدادي هذا؛ ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث فهو مجهول، وهو مما فات الذهبي ثم العسقلاني فلم يترجموه! الحديث: 2788 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 وأبو البقاء مثله لم يترجموه. ومثله عبد العزيز بن سليمان الحرملي؛ وقد أورده السمعاني في هذه النسبة (1) ، وقال: " يروي عن يعقوب بن كعب الحلبي، روى عنه أبو القاسم الطبراني "! وأما عبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي؛ فقال الذهبي في " الميزان ": " قال الأزهري: ليس بحجة، ومنهم من يتهمه ". 2789 - (نية المؤمن خير من عمله (2) ، ونية الفاجر شر من عمله) . موضوع رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (4/2/2) عن عثمان بن عمر النصيبي قال: أخبرنا عثمان بن عبد الله الشامي قال: أخبرنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان الكلابي مرفوعا. وهذا موضوع، الشامي هذا كان يضع الحديث. والنصيبي لم أعرفه. والجملة الأولى منه أوردها الضبي في " كتاب الأمثال " (4/1) فقال: " وقولهم: نية المؤمن خير من عمله. فيه قولان: يقال: المؤمن ينوي من العمل أكثر مما يطيق فيكتب أجر نيته. وقال أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي: نية المؤمن من عمله خير؛ كأنه قال: نية المؤمن من بعض حسناته .... ". ويبدو أنه لا يعرفه حديثا، فقد ذكر حديثا آخر مصدرا إياه بقوله: يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المدينة فقال: من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ... لا يقبل منه   (1) نسبة إلى " الحرملة ". قال السمعاني " وهي قرية من قرى أنطاكية فيما أظن ". (2) يعني نية المؤمن منفردة عن العمل خير من عمل خال عن نية، كما قال تعالى: " ليلة القدر خير من ألف شهر " ليس فيها ليلة القدر. كذا في " شرح السنة ". (2 / 129 / 1) الحديث: 2789 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 صرف ولا عدل .... "، وقال (17/2) : " وقولهم: اطلبوا الخير من حسان الوجوه، يروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ". ثم رواه القضاعي من طريق يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس دون الشطر الثاني منه. قلت: ويوسف بن عطية متروك. وهو في " مسند الربيع بن حبيب " أول حديث فيه: حدثني أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عن جابر بن زيد الأزدي عن عبد الله بن عباس مرفوعا الشطر الأول منه. وهذا إسناد ضعيف بمرة؛ مسلم هذا مجهول كما قال أبو حاتم والذهبي. والربيع بن حبيب - وهو الفراهيدي البصري - إباضي مجهول ليس له ذكر في كتب أئمتنا، ومسنده هذا هو " صحيح الإباضية "! وهو مليء بالأحاديث الواهية والمنكرة، وانظر الحديث الآتي (6044) و (6045) . ثم رأيت الحديث في " معجم الطبراني الكبير " (6/228/5942) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (3/255) من طريق حاتم بن عباد بن دينار الحرشي: حدثنا يحيى بن قيس الكندي: حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا به دون الجملة الأخرى، وزاد: " وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملا ثار في قلبه ". وحاتم هذا لم أعرفه، وانظر الحديث (6045 و 6507) . وقال الحافظ العراقي في تخريج الجملة الأولى من " المغني " (2/366) : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 " أخرجه الطبراني من حديث سهل ومن حديث النواس، وكلاهما ضعيف ". قلت: وهذا تساهل كبير، يعرف مما تقدم. ثم قدر الله أن أعدت تخريج الحديث برقم (6045) ، وفيه فوائد لم تذكر هنا؛ والله الموفق. 2790 - (أشهد بالله، وأشهد لله، لقد قال لي جبريل عليه السلام: يا محمد! إن مدمن الخمر كعابد وثن) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/204) ، وعبد الحفيظ الفاسي في " الأحاديث المسلسلات " (ص 44) من طريقه: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد القزويني ببغداد قال: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة (وعند الفاسي: ابن صاعد) قال: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني القاسم بن العلاء (وفي الفاسي: ابن علي) الهمداني قال: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني محمد بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن السبط الشهيد سيد شباب أهل الجنة مولانا الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وعليهم السلام: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن محمد: أشهد بالله، وأشهد لله لقد الحديث: 2790 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 حدثني أبي محمد بن علي: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن موسى، أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي موسى: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي جعفر: أشهد بالله، وأشهد لله: لقد حدثني أبي محمد: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي علي: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي الحسين: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن أبي طالب: قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال أبونعيم: " هذا حديث صحيح ثابت، روته العترة الطيبة، ولم نكتبه على هذا الشرط بالشهادة بالله ولله إلا عن هذا الشيخ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق ". وأقول: إن كان يعني الصحة للجملة الأخيرة منه " مدمن الخمر .... " ولغيره فمسلم، فإن لهذا القدر منه شواهد وطرقا خرجت بعضها في الكتاب الآخر، وإن كان يعني صحة الإسناد لذاته فهيهات؛ فإن شيخه القزويني هذا لم أعرفه؛ ويحتمل أن يكون الذي في " تاريخ بغداد " (12/69) علي بن محمد بن مهرويه أبو الحسن القزويني، قال الخطيب: " قدم بغداد وحدث بها ... " ثم ذكر شيوخه، ولم يذكر فيهم محمد بن عبد الله هذا، والرواة عنه، ولم يذكر فيهم أبا نعيم الأصبهاني، ولو كان هو لذكره فيهم إن شاء الله، وذكر في آخرها عن الحافظ صالح بن أحمد أنه كان شيخا مسنا، ومحله الصدق. وابن قضاعة أو ابن صاعد، وابن العلاء أو ابن علي، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد بن علي؛ أربعتهم؛ لم أجد من ترجمهم. وأما محمد بن علي بن موسى بن جعفر؛ فترجمه الخطيب (3/54 - 55) ترجمة تدل على أنه مجهول الحال في الرواية، فلم يزد على قوله: " وقد أسند الحديث عن أبيه "! وفي كلام ابن السمعاني الآتي في ترجمة أبيه ما يشعر بضعفه عنده. وأما سائر الرواة فمعروفون بالثقة والعدالة، مترجمون في " التهذيب " وغيره، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 إلا أنه أطال الكلام في علي بن موسى بن جعفر، وذكر عن ابن حبان أنه قال فيه: " يروي عن أبيه العجائب، كأنه كان يهم ويخطىء ". وأورد له ابن حبان بسنده عن آبائه مرفوعا أحاديث عدة، ظاهرة النكارة، قال ابن النباتي: " وحق لمن يروي مثل هذا أن يترك ويحذر ". لكن قال ابن السمعاني: " والخلل في رواياته من رواته، فإنه ما روى عنه إلا متروك ". وفي قوله: " إلا متروك "، ما شعر بضعف ابنه محمد الجواد بن علي بن موسى كما سبقت الإشارة إليه. وبالجملة فهذا الإسناد واه لا تقوم به حجة، وكونه من طريق أهل البيت رضي الله عنهم لا يستلزم صحته، ما دام أن من دونهم وبعض الأدنيين منهم لا يعرفون - ولذلك فإن الحافظ السخاوي لما تكلم على تسلسله؛ ونفى عنه الصحة - كما نقله الفاسي - لم يكن مخطئا. والله أعلم. 2791 - (أصحاب الأعراف قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم، فمنعهم قتلهم في سبيل الله عن النار، ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة) . منكر أخرجه ابن جرير الطبري في " التفسير " (8/139) والمحاملي في " الأمالي " (8/162/1) ، وابن قانع في " معجم الصحابة "، وسعيد بن منصور من طريق أبي معشر عن يحيى بن شبل مولى بن هاشم عن محمد بن الحديث: 2791 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 عبد الرحمن عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف؟ فقال: قوم .... الحديث. وقال ابن جرير: " لا يصح ". قلت: وفيه علل: الأولى: أبو معشر؛ وهو نجيح السندي ضعيف. والثانية: يحيى بن شبل؛ ترجمه ابن أبي حاتم (4/2/157) برواية جمع عنه. وسمى شيخه (عمر بن عبد الرحمن المزني) ؛ فقال: " عمر " مكان (محمد) . فالله أعلم بالصواب، فإني لم أجد ما يساعدني على الترجيح. وأفاد الحافظ في " التهذيب " أن يحيى هذا مدني، وأن لهم (يحيى بن شبل) شيخ آخر بلخي. ولم يذكر في " التقريب " غير البلخي: وقال: " مقبول ". والثالثة: محمد بن عبد الرحمن؛ أو عمر بن عبد الرحمن؛ لم أعرفه، ومثله أبوه. ووقع في " تفسير ابن كثير " (2/216) بعد أن ساقه برواية سعيد بن منصور: حدثنا أبو معشر به، وقع فيه " يحيى بن عبد الرحمن المدني "، فقال: " يحيى " مكان " محمد " أو " عمر "! ثم وجدت ما يرجح أنه " عمر " فقد رأيته في " تفسير ابن أبي حاتم " (سورة الأعراف) أخرجه من طريق أبي معشر أيضا، فقال فيه: " عن ابن عبد الرحمن المزني. يعني عمر ". فهذا يوافق ما تقدم عن كتابه " الجرح ". وكذلك أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (7/23 - 24) فقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 " وعن عمر بن عبد الرحمن المدني عن أبيه ... " الحديث. وقال: " رواه الطبراني، وفيه أبو معشر نجيح، وهو ضعيف ". وإذا ثبت ما ذكرت من الترجيح؛ فمن يكون عمر بن عبد الرحمن هذا؟ يظهر لي أنه الذي في " التاريخ الكبير " للبخاري (3/2/172) : " عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن دلاف المزني المديني ". وكذا في " الجرح والتعديل " (3/121) . وذكرا أنه روى عن أبيه. وعنه عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره. ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. ولم يذكره ابن حبان في " الثقات " وهو على شرطه. 2792 - (أصحاب البدع كلاب النار) . ضعيف. رواه ابن البناء في " الرد على المبتدعة " (3/1) عن بقية بن الوليد عن أبي عبد الرحمن القرشي عن أبي () (1) أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو عبد الرحمن القرشي لم أعرفه، وفي " الميزان ": " أبو عبد الرحمن الشامي، عن عبادة بن نسي، قال الأزدي: كذاب. قلت: لعله المصلوب ". قلت: فلعله هذا. وبقية مدلس؛ وقد عنعنه.   (1) كذا في الأصل يوجد خرق الحديث: 2792 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 2793 - (الاستغفار في الصحيفة يتلألأ نورا) . الحديث: 2793 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 موضوع. رواه ابن عساكر (7/268/1) من طريق سليمان بن أحمد بن يحيى: أخبرنا أبو نصر ليث بن محمد بن ليث بن عبد الرحمن المروزي: أخبرنا محمد بن علي بن مهدي الآملي: أخبرنا نصر بن العلاء المروزي: أخبرنا النضر بن شميل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا. أورده في ترجمة سليمان هذا؛ وهو أبو أيوب الملطي؛ ووصفه بالحافظ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، مع أن الحافظ الدارقطني والخطيب البغدادي كذباه كما في " اللسان "، ولعل السيوطي خفي عليه هذا حتى استساغ أن يسود بحديثه هذا كتابه " الجامع الصغير "، كما خفي ذلك على شارحه المناوي فلم يعله إلا بأن فيه بهز بن حكيم! 2794 - (كان يتعوذ في دبر الصلاة من الأربع: من عذاب القبر، وعذاب النار، وشر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن الأعور الكذاب) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/2/119) من طريق البراء بن يزيد قال: حدثنا أبو نضرة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ البراء هذا هو ابن عبد الله بن يزيد الغنوي، وهو ضعيف؛ كما في " التقريب ". الحديث: 2794 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 2795 - (يا معاذ! أطع كل أمير، وصل خلف كل إمام، ولا تسبن أحدا من أصحابي) . ضعيف أخرجه ابن عدي (80/2) والطبراني في " الكبير " (20/173/370) والبيهقي في " السنن " (8/185) . من طريق إسماعيل بن عياش: حدثنا حميد بن مالك اللخمي عن مكحول عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2795 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 قلت: وهذا إسناد ضعيف، حميد بن مالك قال الذهبي: " ضعفه يحيى وأبو زرعة وغيرهما، وقال النسائي: لا أعلم روى عنه غير إسماعيل بن عياش ". وقال البيهقي: " وهذا منقطع بين مكحول ومعاذ ". وأشار إلى هذا الطبراني، لأنه أورده تحت عنوان: " المراسيل عن معاذ "، ولهذا قال الهيثمي (2/67) : " ومكحول لم يسمع من معاذ ". لكن الفقرة الأخيرة قد صحت عن أبي سعيد الخدري وغيره بلفظ: " لا تسبوا أصحابي ... " الحديث رواه الشيخان. وهو مخرج في " ظلال الجنة " (988 - 991) . 2796 - (اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه، فإن قضاها قضاها بوجه طلق، وإن ردها ردها بوجه طلق) . موضوع رواه الطبراني في " ما انتقاه ابن مردويه عليه " (123/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/309 و 2/214) عن خلف بن يحيى قاضي الري: حدثنا مصعب بن سلام عن العباس بن عبد الله القرشي عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا. قلت: وأعله ابن الجوزي بـ (مصعب بن سلام) فقال: " ضعفه ابن المديني، ويحيى، وأبو داود ". الحديث: 2796 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 لكن قال الحافظ في " التقريب ". " صدوق له أوهام ". والجملة الأولى من الحديث أخرجها العقيلي (163) ، وابن عدي (3/1138) ، وأبو نعيم في " الحلية " (3/156) ، عن سليمان بن كزاز: حدثنا عمر بن صهبان عن محمد بن المنكدر عن جابر. وقال العقيلي: " سليمان هذا الغالب على حديثه الوهم، وليس في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يثبت ". قلت: أورده أبو نعيم في ترجمة خلف هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد كذبه أبو حاتم كما في " الميزان " و " اللسان ". والعباس بن عبد الله القرشي؛ لم أعرفه. 2797 - (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، وتسموا بخياركم، وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه) . ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (156) ، وعنه ابن عساكر (7/270/1) وابن الجوزي في " الموضوعات " (2/162) عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وروى العقيلي عن البخاري أن سليمان بن أرقم: " تركوه "؛ وعن أحمد: " ليس بشيء ". وفي موضع آخر: " ليس يسوى فلسا ". ولذلك قال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه ". الحديث: 2797 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 2798 - (اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات الله، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوه أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/36/2) ، والقضاعي (59/1) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 150) ، و " الشعب " (2/42/1121) ، والبغوي في " شرح السنة " (2/81/2) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (5/339) وأبو الفضل الكوكبي في " مجلس من الأمالي " (194/1) ، وابن عساكر في " التاريخ " (8/165/1) ، وعبد الغني المقدسي في " الدعاء " (ق 142/2) ، و " السنن " (228/1) ، وابن عساكر أيضا (15/25/1) ، والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (101/2) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (3/192) من طرق عن يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى بن إياس بن بكير عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال البغوي: " حديث غريب ". وقال المقدسي عبد الغني: " قال الطبراني: لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن أيوب ". قلت: وهو صدوق ربما أخطأ كما في " التقريب "، وقد خولف في إسناده كما يأتي. وشيخه عيسى بن موسى؛ هو عيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن بكير، هكذا ذكره ابن أبي حاتم (3/1/285) وقال: " سئل أبي عنه؟ فقال: ضعيف ". الحديث: 2798 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! وأورده الذهبي في " الضعفاء " لقول أبي حاتم المذكور. ثم قال المقدسي: " رواه عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن رجل من أشجع عن أبي هريرة ". وتابعه محمد بن رمح: أنبأ الليث به. لكن أخرجه البيهقي (1123) والمقدسي من طريقين آخرين صحيحين عن الليث بن سعد عن عيسى بن موسى بن إياس بن البكير عن رجل من أشجع به، لم يذكر فيه صفوان، ولعله أصح. وهو على كل حال أصح من رواية يحيى بن أيوب، لأن الليث أحفظ منه. والله أعلم. وعليه ففي الحديث علة أخرى؛ وهي جهالة الأشجعي هذا. (تنبيه) : أعل المناوي الحديث بما لا يقدح فقال: " وفيه حرملة بن يحيى التجيبي، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وأورده الذهبي في (الضعفاء والمتروكين) ". قلت: وهذا ليس بشيء؛ لأن حرملة هذا لم يتفرد به كما أشرت إليه في أول التخريج بقولي: " من طرق عن يحيى بن أيوب "، وإنما العلة القادحة؛ الضعف والجهالة. ثم قال المناوي: " رمز المصنف لضعفه، وقول البغدادي: حسن صحيح. غير صحيح ". 2799 - (اطلع في القبور، واعتبر بالنشور) . الحديث: 2799 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 موضوع. رواه الديلمي (1/1/51) عن محمد بن المغيرة: حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكاإليه قسوة القلب فقال: .... " فذكره. بيض له الحافظ في " مختصر الديلمي "، ومحمد بن المغيرة هذا الظاهر أنه الشهرزوري، فقد قال ابن عدي: " كان يسرق الحديث، وهو عندي ممن يضع الحديث ". وهذا الحديث معروف من رواية الكديمي قال: حدثنا مكي بن إبراهيم به. أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (2/314) وذكره الذهبي فيما أنكر على الكديمي؛ واسمه محمد بن يونس وهو كذاب وضاع، وبه أعل المناوي الحديث، وقد عزاه السيوطي للبيهقي في " الشعب ". فالظاهر أيضا أن محمد بن المغيرة سرقه من الكديمي. والله أعلم. وهو في " الشعب " (7/16/9292 و 9293) من طريقين عن الكديمي. 2800 - (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء) . ضعيف أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في " زائد المسند " (2/173) كلاهما من طريق شريك عن أبي إسحاق عن السائب بن مالك عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - وهو سيىء الحفظ. وأبو إسحاق - هو السبيعي - وهو مختلط مدلس وقد عنعنه. وجود المنذري (4/85) إسناده؛ فوهم. الحديث: 2800 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 نعم الحديث صحيح، لكن بدون قوله: " الأغنياء "، فقد ثبت عن جمع من الصحابة حاشا هذه الزيادة، منهم عمران بن حصين؛ عند البخاري (9/245 و 11/233 - فتح) ، وأحمد (4/429 و 443) ، والترمذي (3/349 - تحفة) وقال: " حديث حسن صحيح ". وهو عند مسلم (8/88) مختصرا بلفظ: " إن أقل ساكني الجنة النساء ". ومنهم عبد الله بن عباس؛ عند أحمد ومسلم، وعلقه البخاري (11/233) ، وصححه الترمذي. ومنهم أبو هريرة؛ عند أحمد (2/297) بإسناد صحيح. ومنهم أسامة بن زيد مرفوعا بلفظ: " قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين ... " الحديث نحوه. أخرجه الشيخان. فالحديث بهذه الزيادة منكر لتفرد هذا الإسناد الضعيف بها. نعم قد رويت من طريق أخرى، ولكنها واهية جدا، أخرجه أحمد (5/259) من طريق مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا نحوه. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء؛ من دون القاسم، وبعضهم أشد ضعفا من بعض. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 2801 - (اطووا ثيابكم ترجع إليها أرواحها، فإن الشيطان إذا وجد ثوبا مطويا لم يلبسه، وإذا وجده منشورا لبسه) . موضوع رواه الطبراني في " الأوسط " (6/31/5702) من طريق عمر بن موسى، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا، وقال: " لم يروه عن أبي الزبير إلا عمر بن موسى بن وجيه، ولا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو موضوع. قال الهيثمي (5/135) : " وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو وضاع ". قال ابن حجر الهيتمي في " أحكام اللباس " (ق 6/2) بعد أن نقله عنه: فأشار إلى أنه موضوع أو شديد الضعف ". ثم قدر لي تخريج الحديث مرة أخرى بأتم مما هنا برقم (5904) . الحديث: 2801 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 2802 - (مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم، قيل: وما الغراب الأعصم؟ قال: الذي إحدى رجليه بياض) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/237 - 238/7817) من طريق مطرح عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن يزيد وهو الألهاني؛ وقد مضى مرارا. الحديث: 2802 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 ومطرح هو ابن يزيد الكوفي الشامي؛ قال الذهبي: " مجمع على ضعفه ". قلت: وممن ضعفه ابن معين، غير أن ابن حبان ناقش هذا التضعيف بحجة أنه لا يروي إلا عن علي الألهاني وعبيد الله بن زحر؛ وكلاهما ضعيف، فلا يمكن الحكم عليه بضعف أو توثيق ما دام أنه لا يروي عن ثقة حتى يتبين حديثه؛ هل وافق الثقات أو خالفهم؟ فراجع كلامه فإنه جيد متين، وإن كانت النتيجة أنه يعامل معاملة الضعفاء شأن كل المجهولين الذين لم يضعفوا. والله أعلم. وقد روي الحديث بلفظ: " مثل المؤمنة كمثل غراب أبقع في غربان كثيرة، أو قال: الغراب الأعصم " قلنا يا رسول الله! أفتنا فيهن، قال: " إن منهن ما إن أعطين لم يشكرن، وإن لم يعطين اشتكين ". أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في " الأمثال " (238) من طريق سعيد بن زربي عن الحسن عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن زربي قال الحافظ: " منكر الحديث ". والحسن - هو البصري - وهو مدلس. وأما حديث: " لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان يعني غرابا أعصم أحمر المنقار والرجلين ". فهو حديث صحيح، سبق تخريجه في " الصحيحة " برقم (1850) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 2803 - (من أحب قوما حشره الله في زمرتهم) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/3/2519) من طريق أيوب عن زياد عن عزة بنت عياض قالت: سمعت أبا قرصافة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول، من دون أبي قرصافة مجهول لا يعرف، إلا أن ابن حبان ذكر (زيادا) وهو ابن سيار في " الثقات " (4/255) . وأيوب هو ابن علي بن الهيصم، هو كناني؛ قال ابن أبي حاتم: " روى عنه أبي، وسئل عنه؟ فقال: شيخ ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10/281) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه ". وقد تقدم بهذا الإسناد حديث آخر برقم (1675) . الحديث: 2803 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 2804 - (من مات في طريق مكة، لم يعرضه الله عز وجل يوم القيامة ولم يحاسبه) . موضوع أخرجه الحارث في " مسنده " (89 - زوائده) ، وابن عدي في " الكامل " (1/342) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/217) ، وأبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب " (1/440 - 441/1036) كلهم من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي: حدثنا أبو معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر به مرفوعا. أورده ابن عدي في ترجمة (الكاهلي) هذا في أحاديث أخرى له، ثم قال: الحديث: 2804 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 " وهو في عداد من يضع الحديث ". وقال ابن الجوزي: " لا يصح، والمتهم به إسحاق بن بشر، وقد كذبه ابن أبي شيبة، وقال الدارقطني: هو في عداد من يضع الحديث. وقد روى هذا الحديث عائذ بن نسير عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن معين: عائذ ضعيف، روى أحاديث مناكير. وقال ابن عدي: تفرد به عائذ عن عطاء. وقال ابن حبان: كان كثير الخطأ، لا يحتج بما انفرد به ". قلت: في حديث عائشة زيادة: " وقيل له: ادخل الجنة ". وقد مضى تخريجه برقم (2187) . ولفظ رواية الأصبهاني: " من مات في طريق مكة ذاهبا أو راجعا، لم يعرض ولم يحاسب، أو غفر له ". شك أبو يزيد. قلت: (وأبو يزيد) هو عصمة بن يزيد الهروي كما في إسناده ولم أجد له ترجمة. ومثله شيخه (عمران بن سهل أو سعيد البلخي) الراوي عن إسحاق بن بشر الكاهلي عنده. وقد تساهل في إسناده الحديث رجلان، وثالث، فقد أورده الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " (1/325 - 326) من رواية الحارث ساكتا عليه كما هي غالب عادته فيه، فقال الشيخ الأعظمي رحمه الله تعالى في تعليقه عليه: " في إسناده أبو معشر (!) وهو ضعيف، وقال البوصيري، رواه الحارث عن إسحاق بن بشر، وهو ضعيف "! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 وأما الثالث، فهو السيوطي، فقد تعقب في " اللآلي " (2/138 - 139) تكذيب ابن الجوزي لإسحاق بقوله: " قلت له طريق آخر، أخرجه الحارث في " مسنده " عن داود بن المحبر، عن حماد، عن أبي الزبير عن جابر. وآخر عن ابن عمر، أخرجه أبو عبد الله بن منده في " أخبار أصبهان " ... علي بن قرين: حدثنا: خالد بن عبد الواسطي: عن محمد بن إسحاق عن نافع عنه به " وزاد: " ودخل الجنة ". قلت: وهذا التعقب لا يساوي فلسا، فإن (داود بن المحبر) كذاب معروف، وهو صاحب كتاب " العقل ". وعلي بن قرين؛ قال الذهبي في " المغني ": " كذبه غير واحد، وتركه أبو حاتم ". لكن حديث جابر قد روي من طريق أخرى عن أبي الزبير عنه مختصرا بلفظ: " من مات في أحد الحرمين مكة أو المدينة بعث آمنا ". أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/412/5879) ، وفي " المعجم الصغير " (ص 170 - هندية) ، وابن عدي في " الكامل " (4/136) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/218) ، من طريق موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزبير به. وقال الطبراني: " لم يروه عن أبي الزبير إلا عبد الله بن المؤمل، تفرد به زيد بن الحباب ". قلت: وهو ثقة من رجال مسلم، والعلة من عبد الله بن المؤمل، فإنه ضعيف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 الحديث؛ كما في " التقريب " أو من شيخه أبي الزبير؛ فإنه معروف بالتدليس عن جابر. وقد أخطأ في هذا الإسناد حافظان ناقدان على طرفي نقيض! أحدهما ابن الجوزي في قوله: " فيه عبد الله بن المؤمل، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وموسى بن عبد الرحمن قال ابن حبان: " دجال يضع الحديث "! وهذا خطأ فاحش لم يتنبه له السيوطي، وإلا لوجب عليه المسارعة إلى رده كما هي عادته فيما دونه، فإن (موسى بن عبد الرحمن) هذا هو المسروقي كما صرحت بذلك رواية الطبراني، وهو ثقة بلا خلاف، وممن وثقه ابن حبان (9/164) . وما نقله ابن الجوزي عنه، إنما قاله في ترجمة (موسى بن عبد الرحمن الصنعاني) من كتابه " الضعفاء " (2/242) ، وكأن ابن الجوزي - إذا غضضنا الطرف عن تسرعه المعروف في النقد والإجحاف - رأى (موسى) هذا في رواية ابن عدي غير منسوب إلى جده (مسروق) فتوهم أنه هذا الصنعاني الدجال! على أنه قد فاته أنه لم يتفرد به، فقد رواه أبو الأزهر: زيد بن الحباب به. أخرجه البيهقي في " الشعب " (3/497/4181) ، وأشار إلى ضعفه كما يأتي. وأبو الأزهر اسمه (أحمد بن الأزهر النيسابوري) ، وهو صدوق. وعلى نقيض ابن الجوزي تحسين الهيثمي لإسناده، فإنه قال في " المجمع " (2/319) : " رواه الطبراني في الصغير " و " الأوسط "، وفيه موسى بن عبد الرحمن المسروقي، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أحمد وغيره، وإسناده حسن "! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 قلت: وفيه ما يأتي: أولا: تجاهل عنعنة أبي الزبير، وهذا مما ينافي التحسين. ثانيا: اعتمد توثيق ابن حبان مع أنه تناقض فذكره في " الضعفاء " أيضا؛ كما حققه الحافظ في " التهذيب ". وأما غيره ممن وثقه فهم مع قلتهم فليسوا في العلم بالجرح والتعديل بمنزلة الذين ضعفوه، مع كثرتهم، اللهم إلا يحيى بن معين، ولكنه قد ضعفه أيضا في رواية عنه، فهي أولى بالقبول. ثالثا: اعتماده التوثيق ينافي قاعدة " الجرح المفسر مقدم على التعديل "، وقد صحر بعضهم ببيان السبب مثل قول أحمد المتقدم: " أحاديثه مناكير ". ومثله، أو أوضح منه قوله ابن عدي: " أحاديثه عليها الضعف بين ". رابعا: قوله في المسروقي: " ذكره ابن حبان في الثقات " قد يشعر بأنه مما تفرد بتوثيقه، أو أنه ليس هناك من وثقه غيره ممن هو أعلى بذكره والاعتماد على توثيقه، والواقع خلافه كما سبق الإشارة إلى ذلك، ومنهم الحافظ النقاد أبو حاتم الرازي! فاقتضى التنبيه. واعلم أنه لا يقوي حديث ابن المؤمل هذا حديث سلمان مرفوعا به. لأن فيه (عبد الغفور بن سعيد الأنصاري) ، وهو متهم بالوضع، كما سيأتي رقم (6830) ، وقول البيهقي عقبه: " عبد الغفور هذا ضعيف، وروي بإسناد أحسن من هذا ". ثم ساق حديث ابن المؤمل. فهذا من تساهله كما سيأتي بيانه هناك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 2805 - (من تخطى حلقة قوم بغير إذنهم فهو عاص) . ضعيف جدا أو موضوع أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/293/7963) من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ لما عرف من حال جعفر بن الزبير، وأنه متهم. وقال الهيثمي في " المجمع " (8/63) : " رواه الطبراني، وفيه جعفر بن الزبير وهو متروك ". الحديث: 2805 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 2806 - (من ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثر همه سقم بدنه، ومن لاحى الرجال ذهبت كرامته، وسقطت مروءته) . ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " الطب " (ق 42/1) من طريق الحارث ابن أبي أسامة: حدثنا حلبس الحنظلي البصري: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا سلام - أو أبو سلام - الخراساني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أعله المناوي بقوله: " وفيه سلام أو أبو سلام الخراساني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أعله المناوي بقوله: " وفيه سلام أو أبو سلام الخراساني، قال الذهبي: قال أبو حاتم: متروك ". قلت: لفظ أبي حاتم: " متروك الحديث.. روى عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أنس ... ". ولم يذكر أنه خراساني، فإن يكن هو راوي هذا الحديث فيكون منقطعا معضلا بينه وبين أبي هريرة. وحفص بن عمر؛ لعله الرازي البصري، قال ابن حبان في " الثقات " (8/199) : الحديث: 2806 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 " أصله من الري، وسكن البصرة، روى عنه أهلها ". وقد ضعفه غير واحد، ولذا قال في " التقريب ": " ضعيف ". وحلبس الحنظلي البصري؛ قال ابن عدي (2/862) : " منكر الحديث عن الثقات ". 2807 - (إن الله عز وجل لم يحل في الفتنة شيئا حرمه قبل ذلك، ما بال أحدكم يأتي أخاه فيسلم عليه، ثم يأتي بعد ذلك فيقتله؟ !) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/221/7777) من طرق عن هشام بن عمار: حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني: حدثنا ابن جابر عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الملك الصنعاني هذا قال الحافظ في " التقريب ": " لين الحديث ". وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (7/298) وقال: " وثقه أيوب بن سليمان وغيره، وفيه ضعف ". قلت: وهشام بن عمار مع كونه من شيوخ البخاري فقد كان يتلقن، كما تقدم ذلك مرارا. الحديث: 2807 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 2808 - (من ستر على مؤمن عورة فكأنما أحيا ميتا) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (7/374/7231) ، ومن طريقه أبو نعيم في " المعرفة " (1/317/2) من طريق سلم بن أبي الذيال عن أبي سنان - رجل من أهل المدينة - سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب - رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل مصر - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو سنان هذا لم نجد له ترجمة، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (6/247) : " رواه الطبراني من طريق مسلم بن أبي الذيال عن أبي سنان المدني؛ ولم أعرفهما ". قلت: تحرف عليه (سلم) إلى (مسلم) فلم يعرفه، وسلم ثقة من رجال مسلم. وأخرجه ابن منده كما في " الإصابة " من طريق حفص الراسبي قال: قال جابر.. فذكره نحوه. وقال الحافظ: " وزعم ابن منده أن حفصا هذا أبو سنان. قلت: وفيه نظر؛ فقد أخرجه الحسن بن سفيان من طريق أبي همام الراسبي - وكان صدوقا -: حدثنا حفص أبو النضر عن جابر به وأتم منه ". قلت: حفص هذا لم أعرفه، ومثله أبو همام الراسبي، ولم يذكرا في " الكنى ". والله أعلم. ويحتمل أن يكون أبو سنان هذا هو القسملي، فقد قال يحيى بن أبي الحديث: 2808 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 الحجاج: عن أبي سنان عن رجاء بن حيوة قال: سمعت مسلمة بن خالد يقول: بينا أنا على مصر إذ أتى البواب فقال: إن أعرابيا على بعير على الباب يستأذن، فقلت: من أنت؟ قال: جابر بن عبد الله الأنصاري، فأشرفت عليه فقلت: أنزل إليك أو تصعد؟ قال: لا تزل، ولا أصعد، حديث بلغني أنك ترويه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن جئت أسمعه، قلت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من ستر على مؤمن فكأنما أحيا موؤودة "، فضرب بعيره راجعا. وقال: " لم يروه عن رجاء إلا أبو سنان ". قلت: وهو عيسى بن سنان الحنفي الفلسطيني البصري، وهو لين الحديث كما في " التقريب ". ومثله يحيى بن أبي الحجاج. وكون أبي سنان هذا فلسطينيا بصريا من جهة يبعد الاحتمال المذكور، وكونه تابع تابعي من جهة أخرى. والله أعلم. وللحديث طريق أخرى عن جابر؛ يرويه أبو معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ستر على أخيه عورة فأنما أحيا موؤدة ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " أيضا (2/210/1/8251) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (3/167) ، وقال الطبراني: " لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا أبو معشر ". قلت: اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي وهو ضعيف من قبل حفظه، وسائر رواته ثقات، فأرى أن الحديث بهذا اللفظ: " موؤودة " حسن على الأقل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 باجتماع رواية أبي معشر هذه مع رواية القسملي التي قبلها، مع عدم منافاة حديث الترجمة له كما هو ظاهر. والله أعلم. ثم وجدت له شاهدا من حديث عقبة بن عامر مرفوعا بزيادة: " من قبرها ". أخرجه الحاكم وغيره؛ وصححه هو والذهبي. لكن فيه مجهول كما بينته فيما تقدم برقم (1265) . 2809 - (من آوى يتيما أو يتيمين، ثم صبر واحتسب؛ كنت أنا وهو في الجنة كهاتين. وحول أصبعيه: السبابة والوسطى) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/235/2/8642) : حدثنا معاذ: حدثنا علي: حدثنا عمران قال: سمعت الحكم يحدث عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " تفرد به علي بن عثمان ". قلت: وهو ثقة؛ كما في " اللسان ". والعلة من شيخه عمران؛ وهو ابن عبيد الله مولى عبيد الصيد؛ كما في حديث قبله في " الأوسط "؛ وتقدم تخريجه في " الصحيحة " (2879) ، وقد ضعفه ابن معين، وقال البخاري: " فيه نظر ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (8/497) ، لكن وقع فيه: ابن عبد الله "، وكذا في " الميزان "، وسقطت ترجمته من " اللسان ". الحديث: 2809 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 والحديث قال الهيثمي (8/162) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه من لم أعرفهم ". كذا قال، وهو يشير بذلك إلى علي وعمران، وخفي حالهما عليه لأنهما لم ينسبا في إسناد هذا الحديث، وقد نسبا في الحديث الآخر المشار إليه آنفا، ولذلك عرفهما حين تكلم على رجال إسناده، فقال: " ورجاله وثقوا "، كما تقدم هناك. 2810 - (إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات؛ الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع، ثم قال: وما رابع أربعة من الله ببعيد) . ضعيف رواه ابن ماجه (1094) ، وابن أبي عاصم في السنة (621) ، والطبراني (3/60/1) ، وأبو سهل القطان في " الفوائد المنتقاة " (94/1) ، وابن أبي حاتم عن أبيه (1/210) كلهم قالوا: حدثنا كثير بن عبيد الحذاء: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن معمر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: رحت مع عبد الله بن مسعود يوم الجمعة ووجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة من الله ببعيد، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال ابن أبي حاتم: " فسمعت أبي يقول: قلت لكثير بن عبيد: إنهم يروون عن عبد المجيد عن مروان بن سالم عن الأعمش هذا الحديث؟ فقال: هكذا حدثنا به عن معمر عم الأعمش. ومروان بن سالم منكر الحديث، ضعيف الحديث جدا، ليس له حديث قائم، [لا] يكتب حديثه ". الحديث: 2810 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، لكن عبد المجيد في حفظه ضعف حتى بالغ ابن حبان فقال: " يستحق الترك، منكر الحديث جدا، يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير ". وقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (415) : حدثنا محمد بن هارون: حدثنا عبد الله بن أبي غسان قال: حدثنا عبد المجيد عن مروان بن سالم عن الأعمش به. وقال: " مروان بن سالم أحاديثه مناكير لا يتابع عليها إلا من طريق يقاربه، قال أحمد: ليس هو بثقة ". قلت: وقال الساجي وأبو عروبة: " يضع الحديث ". فهذا يعل الطريق الأولى عن عبد المجيد، لكن في هذه عنه عبد الله بن أبي غسان؛ قال الحافظ في " اللسان ": " سمع مالكا وأتى عنه بخير باطل ". قلت: لكن في قول أبي حاتم المتقدم: " يروون عن عبد المجيد ... "؛ إشعار قوي أن ابن أبي غسان لم يتفرد به. ومحمد بن هارون يخ العقيلي هو ابن مجمع أبو الحسن المصيصي، ترجمه الخطيب (3/357) وقال: " وكان ثقة صالحا معروفا بالخير ". وجملة القول: أن عبد المجيد بن أبي رواد اضطرب في إسناد هذا الحديث، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 فتارة رواه عن معمر عن الأعمش، وتارة عن مروان بن سالم عن الأعمش، فجعل مروان مكان معمر، والأول متهم بالوضع كما سبق، والآخر ثقة، ومن حسن الحديث كالمنذري في " الترغيب " (1/255) ؛ وقلده المعلق على " زاد المعاد " (1/409) فإنما نظر إلى طريقه، وخفيت عليه هذه العلة القادحة في ثبوته، ألا وهي الاضطراب في إسناده، والتردد في الراوي له عن الأعمش، وذلك مما يدل على ضعف عبد المجيد أو سوء حفظه الذي وصف به كما تقدم. والله أعلم. وقد روي موقوفا من طريق المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: فذكره نحوه. قال الذهبي في " العلو " (ص 60) : " موقوف حسن ". كذا قال، ويرده قول المنذري: " رواه الطبراني في الكبير، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، وقيل: سمع منه ". قلت: والمسعودي كان اختلط. 2811 - (إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، ويفرق بين اثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه في النار) . ضعيف جدا رواه أحمد (3/417) ، وابن أبي خيثمة في " التاريخ " (ص 13- مصورة الجامعة الإسلامية) ، والحاكم (3/504) ، وابن بشران أيضا في " الأمالي " (173-174) ، والطبراني في " الكبير " (1/285/908) ، وأبو نعيم في " المعرفة " (1/79/1) عن هشام بن زياد عن عمار بن سعد عن الحديث: 2811 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 عثمان بن الأرقم المخزمي عن أبيه الأرقم مرفوعا. قلت: هذا إسناد ضعيف جدا؛ هشام بن زياد - وهو أبو المقدام المدني - متروك كما قال الحافظ. وعمار بن سعد؛ هو المعروف بابن عابد المؤذن، وقد روى عنه جماعة، ووثقه ابن حبان، وغمره البخاري بقوله: " لا يتابع على حديثه ". وعثمان بن الأرقم؛ قال ابن أبي حاتم (3/144) : " روى عنه عطاف بن خالد وعمار بن سعد ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2812 - (من قرأ: (قل هو الله أحد) مرة بورك عليه، فإن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهله، فإن قرأها ثلاثا بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه، وإن قرأها اثنتي عشرة مرة بنى الله له بها اثني عشر قصرا في الجنة وتقول الحفظة: انطلقوا بنا ننظر إلى قصور أخينا، فإن قرأها مئة مرة كفر عنه ذنوب خمس وعشرين سنة؛ ما خلا الدماء والأموال، فإن قرأها مئتي مرة كفر عنه ذنوب خمسين سنة؛ ما خلا الدماء والأموال، وإن قرأها ثلاث مئة مرة كتب له أجر اربع مئة شهيد كل قد عقر جواده وأهريق دمه، وأن قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مكانه من الجنة أو يرى له) . موضوع رواه ابن عساكر (5/149/1) عن محمد بن مروان عن أبان بن الحديث: 2812 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 أبي عياش عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا: موضوع؛ آفته محمد بن مروان - وهو السدي الصغير - وهو كذاب، وأبان بن أبي عياش متروك. ولا أعلم في فضل قراءة (قل هو أحد) ألف مرة حديثا ثابتا، بل كل ما روي فيه واه جدا، وقد وجدت في جزء " فضائل سورة الإخلاص " للحافظ أبي محمد الخلال حديثين لا بأس بذكرهما: " من قرأ (قل هو الله أحد) ألف مرة كان أحب إلى الله عز وجل من ألف فرس ملجمة مسرجة في سيبل الله ". أخرجه الخلال (ق 195/2) : حدثنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار: حدثنا أحمد بن محمد المكي: حدثنا محمد بن يوسف بن أخي حجاج بن الشاعر: حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أحمد بن محمد المكي لم أعرفه، وكذا محمد بن يوسف، فأحدهما آفته، فإن من فوقهما من رجال الشيخين، والصفار ثقة كما قال الخطيب (10/40) . والحديث الآخر بلفظ: " من قرا: (قل هو الله أحد) إحدى وعشرين ألف مرة، فقد اشترى نفسه من الله عز وجل، وهو من خاصة الله عز وجل ". أخرجه الخلال (199/2) عن دينار قال: سمهت مولاي أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 ودينار هذا تالف متهم؛ قال ابن حبان: " يروي عن أنس أشياء موضوعة ". وقد أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخياري في " فوائده " عن حذيفة مرفوعا به دون قوله: " وهو من خاصة الله عز وجل " وقال: " ألف مرة ". ولم يتكلم عليه المناوي بشيء. 2813 - (أطيب اللحم لحم الظهر) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/312) والحاكم (4/111) ، وأحمد (1/203-204) ، والحميدي (549) وأبو نعيم في " الحلية " (7/225) ، والبغوي في " شرح السنة " (11/299) من طريق مسعر قال: أخبرني رجل من فهم (زاد أحمد وغيره: قال: وأظنه يسمى محمد بن عبد الرحمن، قال: وأظنه حجازيا) قال: كنا عند عبد الله بن الزبير بالمزدلفة، فنحر لنا جزورا، فقال عبد الله بن جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلقى اللحم (وفي رواية: والقوم يلقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم اللحم) ، قال: وقال رسول صلى الله عليه وسلم: فذكره. وتابعه المسعودي قال: حدثنا شيخ قدم علينامن الحجاز قال: " شهدت عبد الله بن الزبير ... " الحديث نحوه. أخرجه احمد (1/205) . وتابعه أيضا رقبة بن مصقلة عن رجل من بني فهم عن عبد الله بن جعفر به مرفوعا. الحديث: 2813 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 أخرجه الحاكم وقال: " قد صح الخبر بالإسنادين ". قلت: مدارهما على الرجل الفهمي، فإن صدق ظن مسعر أن اسمه محمد ابن عبد الرحمن، لم يفد شيئا لأنه لا يعرف، كما يشير إلى ذلك قول أبي نعيم عقب الحديث: " محمد بن عبد الرحمن مدني، تفرد بالرواية (يعني لهذا الحديث) عن عبد الله بن جعفر، ولا أعلم روايا عنه غير مسعر ". قلت: وهو من الرواة الذين فات المصنفين في التراجم ذكره في كتبهم! وما ذكره أبو نعيم من التفرد مردود بقول أحمد في " المسند " (1/204) ك حدثنا نصر ابن باب عن حجاج عن قتادة عن عبد الله بن جعفر مرفوعا. ولكنه إسناد واه جدا؛ حجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس، وطذلك قتادة. ونصر بن باب؛ أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " قال االبخاري: يرمونه بالكذب ". ولضعف هذا الإسناد الشديد؛ فلا يصلح شاهدا للذي قبله، فيبقى الحديث على ضعفه حتى نجد له شاهدا معتبرا. وقد وجدت له شاهدا آخر، ولكنه كسابقه في الضعف أو أشد، فإن فيه أصرم ابن حوشب وهو كذاب خبيث كما قال ابن معين، أخرجه الطبراني والحاكم من طريقه، وهو مخرج في " الروض " (376) . لكن ذكر له الهيثمي (5/36) شاهدا آخر من حديث عبد الله بن محمد قال: " ... وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام، فأقبل القوم يلقمونه اللحم فقال رسول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره، وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف ". قلت: هو متهم بسرقة الحديث؛ كما قال الحافظ في " التقريب "، فيخشى أن يكون سرقه من بعض الضعفاء، فلا يستشهد أيضا بحديثه. والله أعلم. ثم وجدت فيه علة أخرى غفل عنها الهيثمي أو تساهل، فإن إسناده في " أوسط الطبراني " (2/308/2/9634) هكذا: حدثنا يعقوب بن إسحاق: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبد الله بن عمر به. ووقع في الأصل خطأ في اسم عبد الرحمن بن زيد فصحتحه من " مجمع البحرين " ومن ترجمة الراوي عن يحيى الحماني وهو ابن عبد الحميد. وعبد الرحمن هذا متروك. 2814 - (أعبد الناس أكثرهم تلاوة للقرآن) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/122) عن الهيثم بن جماز عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الهيثم بن جمار؛ قال النسائي وغيره: " متروك الحديث ". وقال الساجي: " متروك جدا، ذكره البرقي في الكذابين ". وضعفه آخرون. والحديث قال المناوي بعد عزو السيوطي إياه للديلمي: " وفيه ضعف ". الحديث: 2814 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 قلت: وكأنه قال ذلك بناء على القاعدة المعروفة أن ما تفرد به الديلمي فهو ضعيف. وإلا لو وقف على سنده، وعرف شدة ضعف روايه لم يقل ذلك إن شاء الله تعالى. ويؤيد أنه لم يقف عليه، أن السيوطي ذكره بعده من رواية المرهبي عن يحيى بن أبي كثير مرسلا بزيادة " وأفضل العبادة الدعاء " فقال المناوي عقبه: " وأردف المسند بهذا المرسل إشارة إلى تقويته به ". قلت: وأنت ترى أن المسند هو من طريق يحيى بن أبي كثير، غاية ما في الأمر أن بعضهم أرسله خلافا للهيثم الذي وصله، ففي هذه الحالة لا يجوز تقوية الموصول بالمرسل، لأنه من قبيل تقوية الضعيف بنفسه، ومثل هذا لا يخفى على المناوي، ولكنه لم يقف على إسناد الموصول كما ذكرنا، فوقع في مثل هذا الخطأ، والمعصوم من عصمه الله. ثم رأيت الحديث قد أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (8/90/2) عن الهيثم بن جماز به مرسلا لم يذكر أبا هريرة، وفيه الزيادة. 2815 - (اعبد الله لايشرك به شيئا، وزل مع الحق حيث زال، واقبل الحق ممن جاء به ضغير أو كبير، وإن كان بغيضا بعيد، واردد الباطل ممن جاء به صغير أو كبير، وإن كان حبيبا قريبا) . موضوع رواه الديلمي (1/1/53) من طريق عبد القدوس بن حبيب: حدثني مجاهد عن عبد الله بن مسعود قال: " قلت: يا رسول الله! (وفي نسخة الحافظ: للنبي صلى الله عليه وسلم) علمني كلمات جوامع موانع، فقال: ... " فذكره. الحديث: 2815 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 ثم روى من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! علمني، قال: اذهب فتعلم القرآن، حتى أتاه ثلاثا كل ذلك يقول (ص) ، فلما أتاه الرابعة قال: نعم؛ اقبل الحق ممن أتاك به.. فذكره ". قلت: وهذا موضوع، آفته من الطريق الأولى عبد القدوس بن حبيب - وهو الشامي الوحاظي - قال عبد الرزاق: " ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله: كذاب، إلا لعبد القدوس ". وقال الفلاس: " أجمعوا على ترك حديثه ". وقد صرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. وفي الطريق الأخرى محمد بن زياد - وهو الطحان اليشكري - وهو كذاب وضاع. 2816 - (أطيب الشراب الحلو البارد) . ضعيف أخرجه الترمذي في " السنن " (2/115) من طريق معمر ويونس عن الزهري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الشراب أطيب؟ قال: " الحلو البارد ". قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وقد وجدته موصولا من طريق زمعة بن صالح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه ابن عدى (151/1) : حدثنا المفضل الجندي: حدثنا يونس بن محمد الحديث: 2816 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 العدني: حدثنا يزيد بن أبي حكيم عنه. قلت: والعدني هذا لم أجد له ترجمة. وزمعة بن صالح ضعيف؛ فلا يحتج به، لا سيما وقد خالفه الثقتان معمر ويونس. نعم له شاهد من طريق إسماعيل بن أمية عن رجل عن ابن عباس مرفوعا به. أخرجه أحمد (1/338) . ولكنه ضعيف لجهالة الرجل. والحديث روي عن معمر موصولا من فعله صلى الله عليه وسلم، فقال أحمد (6/38) ، والحميدي (257) : حدثنا سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة: " كان أحب الشراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحلو البارد ". ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي أيضا في " السنن " وفي " الشمائل " (1/302) ، والحاكم (4/137) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وأما الترمذي فأعله بالإرسال فقال: " والصحيح ما روى الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ". ثم ساقه من طريق عبد الله بن المبارك: حدثنا معمر ويونس عن الزهري به كما تقدم. وقال: " وهكذا روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهذا أصح من حديث ابن عيينة ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 وله طريق أخرى عن عروة، ولكنها واهية. أخرجه الحاكم من طريق عبد الله ابن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه به. ذكره شاهدا للطريق التي قبلها، وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: عبد الله هالك ". 2817 - (أظل الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ من أنظر معسرا أو ترك لغارم) . ضعيف رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد مسند أبيه " (1/73) ، والعقيلي في " الضعفاء " (141) عن هشام بن زياد قال ك حدثني أبي عن محجن مولى عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال: " لا يتابع عليه ". يعني زيادا، وروى عن البخاري أنه قال: " حديث ليس بالمرضي ". ثم قال العقيلي: " وقد روي بأسانيد جياد من غير هذا الوجه ". قلت: لكن ليس في شيء منها ذكر (الغارم) ، واللفظ الموجود: " الغريم "، وهما مختلفان معنى؛ راجع إن شئت الباب (14) من " الصدقات " من كتابي " صحيح الترغيب ". الحديث: 2817 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 2818 - (من إكفاء الدين تفصح النبط، واتخاذهم القصور الأمصار) . منكر أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/183/1) بسند قوي الحديث: 2818 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 عن عمران بن تمام: أخبرنا أبو جمرة نصر بن عمران عن ابن عباس قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:.. " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله كلهم ثقات غير عمران هذا، فقد ضعفه أبو حاتم بهذا الحديث فقال ابنه (3/1/295) عنه: " سألت أبي عنه؟ فقال: كان عندي مستورا، إلى أن حديث عن أبي جمرة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث منكر أنه قال:..". قلت: فذكره. قال الحافظ في " اللسان " عقبه: " يعني فافتضح ". قلت: فقد أشار إلى أنه ضعيف جدا. والله أعلم. 2819 - (اعتموا تزدادوا حلما) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني (1/26/2) ، وابن عدي (333/2) وأبو عبد الله الضبي في " المجلس الحادي والستون من الأمالي " (2/2) ، وابن الزفتي في " حديث هشام بن عمار " (ق 83/2) ، والحاكم (4/193) ، والبيهقي في " الشعب " (2/235/1) ، وابن عساكر (5/341/1) من طرق عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن أبيه مرفوعا به. وزاد ابن عدي - وعنه البيهقي -: " والعمائم تيجان العرب ". وهي عند الضبي من هذا الوجه عن علي بن أبي طالب من قوله. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبيد الله بن أبي حميد؛ قال البخاري وأبو حاتم: الحديث: 2819 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 " منكر الحديث ". وقال البخاري مرة: " يروي عن أبي المليح العجائب ". قلت: وهذا منها. وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك الحديث ". ولذلك لما قال الحاكم عقبه: " صحيح الإسناد ". تعقبه الذهبي بقوله: " عبيد الله تركه أحمد ". قلت: وقد اختلف عليه في إسناده، فرواه من ذكرنا عنه هكذا، غير ابن الزفتي، فرواه من طريق هشام بن عمار: أخبرنا سعيد (يعني ابن يحيى اللخمي) عنه لم يذكر فيه " عن أبيه " فأرسله. وخالفهم عتاب بن حرب فقال: حدثنا عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس مرفوعا به دون الزيادة. أخرجه البزار في " مسنده " (ص 169 - زوائده) وأبو الشيخ في " الأمثال " رقم - 248) وقال: " لا نعلم له طريقا عن ابن عباس إلا هذا، واختلف فيه على أبي المليح (!) فرواه عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن أبيه، وإنما أتى الاختلاف من عبيد الله لأنه لم يكن حافظا ". قال الحافظ ابن حجر في " الزوائد " عقبه: " قال الشيخ (يعني الهيثمي) : وعبيد الله متروك ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 قلت: وعتاب بن حرب - وهو المزني البصري - ضعفه عمرو بن علي؛ كما قال ابن أبي حاتم (3/2/12) عن أبيه. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ خلافا لما ذكر البزار، فقد قال الطبراني في " المعجم الكبير " (3/183) : حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي: أخبرنا هلال بن بشر: أخبرنا عمران بن تمام عن أبي جمرة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لما علمت من قول أبي حاتم في عمران هذا من روايته الحديث الذي قبله. والنرسي هذا وهو ابن أخي العباس بن الوليد النرسي؛ كما في " معجم الطبراني الصغير " (ص 177 ورقم 147 من " الروض ") ، لم أجد له ترجمة. قلت: وفت على وهمين في هذا الحديث لبعض الأفاضل: الأول: قال الحافظ في " الفتح " (10/232) وقد ذكر الحديث من الطريق الأولى بدون الزيادة. " أخرجه الطبراني والترمذي في " العلل المفرد "، وضعفه البخاري، وقد صححه الحاكم فلم يصب، وله شاهد عند البزار عن ابن عباس ضعيف أيضا ". ووجه الوهم فيه أن إسناد البزار هو من طريق المشهود له عبيد الله بن أبي حميد المتروك كما تقدم بيانه، بخلاف طريق الطبراني فإنها من طريق أخرى كما رأيت، فلعل قوله: " البزار " من طغيان القلم، أراد أن يكتب الطبراني فكتب البزار. على أنه لا يصلح عندي شاهدا لشدة ضعف عمران بن تمام. والله أعلم. والآخر: أن المناوي قال في " فيض القدير " وقد أورد السيوطي الحديث بالزيادة من رواية ابن عدي والبيهقي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 " ثم قال - أعني البيهقي -: لم يحدث به إلا إسماعيل بن عمرو ... (ثم حكى تضعيف العلماء له ولشيخه يونس بن أبي إسحاق، ثم قال:) ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه، ولم يتعقبه المؤلف إلا بأن له شاهدا. وأصله قول ابن حجر في (الفتح) ... ". ثم ساق كلام " الفتح " المتقدم. قلت: فأوهم المناوي أن الشاهد فيه الزيادة أيضا، وليس كذلك، ولذلك كان حقه أن ينقل كلام " الفتح " تحت الحديث الذي أورده السيوطي من رواية الطبراني عن أسامة بن عمير، والطبراني والحاكم عن ابن عباس بدون الزيادة، وأورده قبيل رواية ابن عدي والبيهقي بدون الزيادة، فلو أنه فعل ذلك لما أوهم. ولقد أوهم شيئا آخر؛ وهو أنه ليس في طريق الزيادة سوى إسماعيل بن عمرو، مع أن فيها عبيد الله بن أبي حميد كما تقدم في أول هذا التخريج. على أن إسماعيل بن عمرو وشيخه يونس لا يبلغ بهما الوهن إلى الضعف الشديد، فإعلال الحديث بهما دون عبيد الله المتروك؛ مما لا يخفى فساده عند العارفين بهذا العلم الشريف. وجملة القول أن الحديث ضعيف جدا أصلا وزيادة. ثم وجدت لابن أبي حميد متابعا؛ وهو أبو بكر الهذلي قال: عن أبي المليح عن أبيه مرفوعا بلفظ: " سافروا تصحوا، واعتموا تحلموا ". أخرجه ابن عدي (3/334) ، وابن وضاح كما في " الجامع الكبير " (14553) . وأبو بكر هذا متروك الحديث؛ فلا تنفع متابعته. ومن غرائب السيوطي أنه لما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 ساق الحديث من رواية ابن وضاح قال: عن أبي المليح ... ولم يبدأ فيه بذكر أبي بكر الهذلي! 2820 - (أعدى عدوك زوجتك التي تصاحبك، وما ملكت يمينك) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/122) عن أبي بكر السامري: حدثنا إبراهيم بن [الجنيد] : حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي مالك الأشعري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علل: الأولى: الانقطاع بين سعيد وأبي مالك الأشعري، فإنهم ذكروا في ترجمة سعيد أنه لم يسمع من جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وجابر مات بعد السبعين، وأبو مالك الأشعري مات سنة ثماني عشرة. الثانية: اختلاط سعيد نفسه؛ رماه بذلك أحمد وغيره. الثالثة: إبراهيم بن الجنيد وهو الرقي؛ مجهول. الرابعة: أبو بكر السامري؛ لم أعرفه. والحديث بيض له المناوي، فكأنه لم يقف على إسناده. الحديث: 2820 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 2821 - (أعط السائل وإن جاءك على فرس) . ضعيف رواه أبو عبد الله الخلال في جزء " من أدركهم من أصحاب ابن منده " (148/1) عنه: أخبرنا عبد الله بن يعقوب بن إسحاق: حدثنا محمد بن الحديث: 2821 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 أبي يعقوب الكرماني: حدثنا عاصم بن سليمان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير عبد الله بن يعقوب هذا - وهو الكرماني -؛ قال الذهبي: " ضعيف ". ويؤيد ضعفه؛ أن مالكا أخرجه في " الموطأ " عن زيد بن أسلم مرسلا وهو الصواب، وإن كان وصله غير الكرماني من الضعفاء كما تقدم بيانه برقم (1378) . 2822 - (تخلقوا بأخلاق الله) . لا أصل له أورده السيوطي في " تأييد الحقيقة العلية " (89/1) دون عزو. وتأولوه بأن معناه اتصفوا بالصفات المحمودة وتنزهوا عن الصفات المذمومة، وليس معناه أن تأخذ من صفات القدم شيئا. ثم رأيت الحديث في " نقض التأسيس " لابن تيمية ذكره في فصل عقده للكلام على معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم على صورته ". الحديث: 2822 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 2823 - (إذا سألتم الحوائج فسألوها الناس، قالوا: يا رسول الله! ومن الناس؟ قال: أهل القرآن، ثم أهل العلم، ثم صباح الوجوه) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/61) عن محمد بن عبد الله بن أحمد: الحديث: 2823 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 حدثنا أبو معن ثابت بن نعيم بن هشام بن سلمة: حدثنا آدم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. قلت: سكت عليه الحافظ في " مختصر الديلمي ". وإسناده ضعيف؛ أبو معن هذا لم أعرفه. ومحمد بن عبد الله بن أحمد؛ الظاهر أنه الأسدي؛ قال ابن منده: " حدث عن عبد السلام بن مطهر بمناكير ". 2824 - (أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون) . ضعيف رواه الطبراني (3/160/2) عن محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي: أخبرنا أبي: حدثني عمر بن الخطاب - رجل من أهل الكوفة - عن سفيان بن زياد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الواسطي هذا ضعيف؛ كما قال الحافظ في " التقريب ". الحديث: 2824 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 2825 - (أعطيت آية الكرسي من تحت العرش) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/249) معلقا: وروى يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عن محمد بن نوح عن الحسن: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن الحسن - وهو البصري - قد أرسله. الحديث: 2825 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 ومحمد بن نوح؛ قال أبو حاتم: " مجهول ". والحديث أورده السيوطي من رواية (تخ وابن الضريس) عن الحسن مرسلا. فتعقبه المناوي بقوله: " قضية صنيع المؤلف أنه لم يره مسندا، وهو عجيب، فقد رواه الديلمي مسلسلا بقوله: ما تركتها منذ سمعتها من حديث أبي أمامة عن علي كرم الله وجهه ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت ... إلخ ... ". قلت: لكن إسناده واه لا يصلح للشهادة، فقد ذكر الشيخ عبد الحفيظ الفاسي في " الأحاديث المسلسلات " (1/21) عن الشيخ عابد السندي أنه قال في " حصر الشارد " بعد إيراده: " [فيه عثمان] ابن أبي عاتكة ضعفه ابن معين، وعلي بن يزيد (الأصل: زيد) كثير المناكير، خصوصا فيما رواه عن القاسم عن أبي أمامة. (يعني وهذا من روايته عنه) ، لكن أخرجه أبو عبيد وابن أبي شيبة والدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس عن علي رضي الله عنه قال ... إنما أعطيها نبيكم صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش، ولم يعطها أحد قبل نبيكم ... انتهى. قلت: ورواه الديلمي عن الإمام علي مرفوعا. أما ابن الضريس؛ فقد أورده السيوطي في " جامعه " من طريقه عن الحسن مرسلا لا عن علي ". أقول: رجعت إلى الدارمي فوجدته لم يرو هذا الحديث أصلا، وإنما روى (2/449) عمن سمع عليا يقول: " ما كنت أرى أن أحدا يعقل ينام حتى يقرأ هؤلاء الآيات من آخر سورة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 348 البقرة، وإنهن لمن كنز تحت العرش ". فهذا حديث آخر ليس في آية الكرسي كما هو ظاهر. وله شاهد من رواية رجل عن أبيه عن معقل بن يسار مرفوعا نحوه. وهذا سند ظاهر الجهالة. أخرجه أحمد (5/26) . 2826 - (أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة) . ضعيف رواه ابن عساكر (18/110/2) ، ويوسف بن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (ق 23/1) عن سعيد يحيى اللخمي: أخبرنا عبيد الله بن أبي حميد الهذلي عن أبي المليح الهذلي عن معقل بن يسار المزني مرفوعا. وأخرجه ابن السني في " اليوم والليلة " (678) مختصرا، وكذا الحاكم (1/559 و2/259) وقال: " صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: عبيد الله قال أحمد: تركوا حديثه ". ومن طريقه أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 68) . ووجدت له شاهدا بإسناد لا يصح، أخرجه الواحدي في " الوسيط " (3/163/2) من طريق يحيى بن يعلى بن منصور: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا أبي بن أبي بكر عن عكرمةعن ابن عباس به؛ إلا أنه قال: " ويس " مكان " والطواسين ". الحديث: 2826 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 وهذا إسناد ضعيف؛ يحيي بن يعلى بن منصور لم أعرفه. وإسماعيل بن أبي أويس فيه ضعف، وهو يروي عن أبيه واسمه عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس. وعن أخيه أبي بكر واسمه عبد الحميد، ولم يظهر لي أيهما المقصود هنا، فإن قوله " أبي بن أبي بكر " فيه شىء كما هو ظاهر، ولذلك وضع الناسخ ضبة عليه، فإن كان عن أبيه فمن هو ابن أبي بكر؟ وإن كان عن أخيه فهو لم يدرك عكرمة. فالله أعلم. 2827 - (أعروا النساء يلزمن الحجال) . ضعيف جدا أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " (3/149/1) و (رقم 140- منسوختي) ، وعنه الخطيب في " التاريخ " (9/368) ، وابن جميع في " معجم الشيوخ " (ص 105) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا أبو يحيى شعيب بن يحيى التجيبي: حدثنا يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث عن مجمع ابن كعب عن مسلمة بن مخلد مرفوعا به. وبهذا الإسناد أخرجه الطبراني (19/438/1063) ، وعنه ابن منده في " المعرفه " (2/162/1) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (119/1) ، وعنه القضاعي في " مسنده " (ق 57/2) ، والسلفي في " الطيوريات " (217/2) ، والخطيب أيضا (9/368و12/319و13/491) ، وابن عساكر (8/313/2و11/231/1) ، والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (113/1) . قلت: وهو إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: مجمع بن كعب؛ أورده ابن أبي حاتم (4/1/297) فقال: " روى عن مسلمة بن مخلد، روى عنه جعفر بن ربيعة ". الحديث: 2827 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ولذا قال ابن القطان في " النظر في أحكام النظر " (ق 70/1) : " لا يعرف ". وقال الهيثمي في " المجمع " (5/138) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " وفيه مجمع بن كعب ولم أعرفه، وبقيه رجاله ثقات ". قلت: وكأنه لم يقف على ترجمته في " الجرح " وإلا لم يقل: لم أعرفه، وإن كان هو في الواقع غير معروف، لأن هذا القول إنما هذا يقال فيمن لا ترجمة له. كما هو معروف عند أهل العلم بهذا الفن الشريف. ثم إن اقتصاره على إعلاله الحديث بابن كعب هذا يشعر بأنه ليس فيه علة أخرى، وليس كذلك كما يأتي. والأخرى: بكر بن سهل - وهو الدمياطي - قال النسائي: " ضعيف ". وقال مسلمة بن قاسم: " تكلم الناس فيه، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن سعيد بن كثير عن يحيى بن أيوب عن مجمع بن كعب عن مسلمة بن مخلد رفعه: أعروا النساء يلزمن الحجال ". كذا في " اللسان "؛ وفيه نظر في موضعين منه: الأول: أنه ذكر سعيد بن كثير مكان شعيب بن يحيى، فلا أدري أهو رواية عن بكر بن سهل، أو أنه خطأ من بعض النساخ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 والآخر: أنه لم يذكر في إسناده عمرو بن الحارث، فلعله سقط من بعض النساخ. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: " لا يصح، شعيب بن يحيى قال أبو حاتم: ليس بمعروف. وقال إبراهيم الحربي: ليس لهذا الحديث أصل ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1/351) ، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/213) بأن شعيبا عرفه غير أبي حاتم؛ قال ابن يونس: عابد صالح، وقال الذهبي: مصري صدوق، أخرج له النسائي فحديثه حسن. قال ابن عراق: " وقال الذهبي في " تلخيص الموضوعات ": ينبغي أن يخرج من الموضوعات، أكثر ما تعلق أبو الفرج في سنده على شعيب بقوله أبي حاتم: ليس بمعروف،وماذا بجرح، فإن النسائي احتج به. انتهى. لكن رأيت الحافظ الهيثمي في " المجمع " أعل الحديث بمجمع بن كعب، وقال: لا أعرفه، وبقية رجاله ثقات. انتهى.فدخل شعيب في " الثقات "، وبقي النظر في مجمع فليحرر ". قلت: قد عرفت مما سلف أنه مجهول الحال لأنه روى عنه ثقتان: عمرو بن الحارث كما في هذا الحديث، وجعفر بن ربيعة كما تقدم عن ابن أبي حاتم، ولم يوثق. فبقي على الجهالة. ولكن العلة الحقيقية ممن دارت عليه كل طرق المخرجين ألا وهو بكر بن سهل؛ فقد تكلموا فيه من أجل روايته لهذا الحديث كما سبق عن مسلمة، ومن الغريب أن يغفل السيوطي ومن تلاه عن هذه العلة، وأغرب منه أن المناوي تنبه لها ولكنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 وقع في خطأ فاحش، فقد قال بعد أن حكى عن ابن الجوزي أنه أورده في " الموضوعات ": " وتبعه علفى ذلك المؤلف في " مختصر الموضوعات " ساكتا عليه غير متعقب له، فلعله لم يقف على تعقب الحافظ ابن حجر له بأن ابن عساكر خرجه من وجه آخر في " أماليه " وحسنه وقال: بكر بن سهل؛ وإن ضعفه جمع لكنه لم ينفرد به كما ادعاه ابن الجوزي، فالحديث إلى الحسن أقرب. وأيا ما كان فلا اتجاه لحكم ابن الجوزي عليه بالوضع "! هذا كلام المناوي، وقد مزج فيه قوله بقول ابن حجر، مزجا لا يتميز احدهما عن الآخر، فقوله (كما ادعاه ابن الجوزي ... " هو من عنده، وما قبله للحافظ، ولكنه إنما قال ذلك في حديث آخرغير هذا، ذكره في " لسان الميزان " على أنه في " الميزان في ترجمة بكر هذا بإسناد آخر له عن أنس مرفوعا بلفظ: " ما من معمر عمر في الإسلام ... " الحديث، ثم نقل الحافظ كلام مسلمة بن قاسم الذي سبق نقله عنه، وفيه حديث الترجمة كما رأيت، فقال الحافظ عقبه: " قلت: والحديث الذي أورده المصنف (أي الذهبي، ويعني حديث أنس المشار إليه) لم ينفرد به، بل رواه أبو بكر المقري في " فوائده " عن .... أملاه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ... " أماليه "، وقال: إنه حديث حسن، وأما حديث مسلمة (يعني حديث الترجمة) فأخرجه الطبراني عنه ". فتأمل كيف اختلط على المناوي حديث مسلمة بحديث أنس؛ فتوهم أن كلام الحافظ يعني به حديثه، وهو إنما يعني حديث أنس! وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف جدا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 وقد روي معناه عن أنس مرفوعا، وسنده ضعيف جدا أيضا، وقد مضى برقم (2022) . (تنبيه) : قد عرفت مما سبق تخليط المناوي فيما نقله عن الحافظ العسقلاني وقوله من عنده: " فالحديث إلى الحسن أقرب "! فاغتر به الدكتور عمر تدمري في تعليقه على " معجم الشيوخ "؛ فإنه بعد أن صرح بضعف إسناده استدرك فقال: " لكن له طرق ترقيه إلى درجة الحسن "! وأحال في ذلك على المناوي (1/170) ، ويعني به شرحه الصغير: " التيسير " فإذا فيه الاستدراك المذكور بالحرف الواحد! فقد أودى به تخليط آخر أقبح من الأول، فإنه لم يذكر فيه أن للحديث طرقا، وإنما متابعة واحدة، وهي لغير هذا الحديث. ثم إنه لم يجزم بحسنه، بل قال: ".. إلى الحسن أقرب ". فتأمل الفرق بين العبارتين، وما في كتابيه من التخليط والبعد عن التحقيق، الذي لم يتنبه له القائمون على نشر " الجامع الكبير " للسيوطي؛ فإنهم بدورهم قلدوه فيما ذكره في " فيض القدير " فنقلوا كلامه فيه وسكتوا عنه! والله المستعان. والحديث أشار إلى تضعيفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله في رسالة " لباس المرأة في الصلاة " (ص 31-الطبعة الخامسة) ، وهو الآن تحت يدي إعدادا له لطبعة جديدة، فيها تحقيقات حديثية، وتصحيحات مفيدة لم تكن في الطبعات الأخرى، يسر الله لنا طبعها بمنه وكرمه. وقال ابن القطان في الكتاب السابق " النظر ": الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 " ليس بصحيح ". ثم أعله بمجمع كما تقدم، وقال: " ويحيى بن أيوب ضعيف، وفي إسناده أيضا دونه من لا يعرف حاله كذلك، والله الموفق ". 2828 - (اعملي ولا تتكلي على شفاعتي، فإن شفاعتي للاهين من أمتي) . ضعيف رواه أبو نعيم في " المنتخب من حديث يونس " (142/2) ، وابن عدي في " الكامل " (ق 276/1) عن عمرو بن مخرم أبي قتادة الليثي البصري: أخبرنا محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن عدي - ليس في سنده محمد بن دينار الطاحي وإنما سفيان بن عيينة -: " وهذا عن ابن عيينة عن يونس بن عبيد باطل، لا يرويه إلا عمرو بن مخرم هذا، وقد حدث عن ابن عيينة وغيره بالبواطيل ". وأخرجه الطبراني (23/369/872) . كما رواه أبو نعيم على ما في " الميزان ". ثم أخرجه ابن عدي من طريق أيوب بن سليمان: حدثنا محمد بن دينار به وقال: " وهذا غير محفوظ أيضا ". قلت: وعلة هذه الطريق أيوب بن سليمان؛ وهو من وادي القرى؛ قال الذهبي: الحديث: 2828 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 " لا يعرف ". ومدار الطريقين على محمد بن دينار الطاحي؛ وهو صدوق سيىء الحفظ، وتغير قبل موته؛ كما في " التقريب ". 2829 - (أعظم الظلم ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه، فليست حصاة من الأرض أخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها) . ضعيف أخرجه أحمد (1/396و397) والطبراني (10/266-268/10516) من طريق عبد الله بن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن ابن مسعود قال: " قلت: يا رسول الله! أى الظلم أعظم؟ قال: زراع .... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير ابن لهيعة؛ فإنه ضعيف لسوء حفظه. وأما قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/175) : " رواه أحمد والطبراني في " الكبير " وإسناده أحمد حسن ". قلت: فهذا من تساهله، أو ذهوله؛ فابن لهيعة ضعيف؛ كما صرح هو به في غير موضع من كتابه. نعم الحديث صحيح بغير هذا السياق، وبدون ذكر الحصاة مخرج في " الصحيحين " وغيرهما. وقد أعيد تخريج الحديث برقم (6762) بزيادة من التحقيق، وفيه الرد على من حسنه من المعاصرين وغيرهم. الحديث: 2829 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 2830 - (خير جلسائكم من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقة، وذكركم الآخرة عمله) . ضعيف أخرجه ابن النجار في " الذيل " (10/159/2) عن مبارك بن حسان عن عطاء عن ابن عباس قال: " قيل: يا رسول الله! أي جلسائنا خير؟ قال: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مبارك بن حسان لين الحديث؛ كما قال الحافظ في " التقريب ". الحديث: 2830 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 2831 - (ثلاث من لم يكن فيه، فإن الله عز وجل يغفر له ما سواه؛ لمن شاء: من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يكن ساحرا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه) . ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (413) ، والخطيب في " التاريخ " (2/4) ، وابن النجار في " الذيل " (10/164/2) والبيهقي في " شعب الإيمان " (5/268/6614) من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي قزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث ضعيف مختلط. الحديث: 2831 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 2832 - (أفضل الغزاة في سبيل الله خادمهم الذي يأتيهم بالأخبار، وأخصهم عند الله منزلة الصائم) . منكر رواه الطبراني في " الأوسط " (1/107/2) عن يحيى بن المتوكل: حدثنا عنبية بن مهران الحداد: حدثنا الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. الحديث: 2832 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: عنبسة بن مهران الحداد؛ قال أبو حاتم: " منكر الحديث ". والأخرى: يحيى بن المتوكل؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه غير واحد ". والحديث أعله الهيثمي (5/290) بعنبسة هذا فقط! وقال: " وهو ضعيف ". 2833 - (أفضل الأعمال الكسب من الحلال) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/123) عن داود بن سليمان عن إسماعيل ابن عمر عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية - وه ابن سعد العوفي - ضعيف. ومثله إسماعيل بن عمرو (وفي الأصل: ابن عمر) وهو البجلي. وداود بن سليمان؛ لم أعرفه. الحديث: 2833 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 2834 - (أفضل الحسنات تكرمة الجلساء) . موضوع رواه القضاعي (105/1) : أخبرنا محمد بن منصور التستري قال: أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن يحيى بن إسماعيل الضبعى الأهوازي قال: أخبرنا الحسن بن زياد أبو عبد الله الكوفي قال: أخبرنا ابن أبي بشر قال: أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي وأئل عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. الحديث: 2834 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 قلت: وهذا موضوع، آفته شيخ القضاعي محمد بن منصور التستري؛ فقد قال فيه أبو إسحاق الحبال الحافظ: " كذاب ". كما قال في " الميزان " و " اللسان ". وما بينه وبين وكيع لم أعرفهم. والحديث بيض له المناوي! 2835 - (أفشوا السلام فإنه لله رضا) . ضعيف جدا رواه ابن عدي (ق 172/1) عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع عن ابن عمر مرفوعا؛ وقال: " سالم معروف بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ربط في إصبعه خيطا، وقد أنكره عليه ابن معين وغيره، وحدث عن عطاء أيضا بأشياء أنكروها عليه ". قلت: وقد اتهمه غير واحد بالوضع، فانظر الحديث المشار إليه برقم (264) . الحديث: 2835 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 2836 - (اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامسة فتهلك) . ضعيف رواه البزار (ص 21- زوائده) ، وعبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " (2/227/1) ، والطبراني في " الصغير " (162- هند) ، وفي " الأوسط " (5/231/5171) ، وأبو نعيم في " الحلية " (7/236-237) والخطيب في " التاريخ " (12/294-295) والبيهقي في " الشعب " (2/265/1709) ، وعبد الغني المقدسي في " العلم " (8/2) عن عطاء بن مسلم الخفاف عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعا. الحديث: 2836 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطاء بن مسلم الخفاف؛ قال الحافظ: " صدوق يخطىء كثيرا ". وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " ضعفه أبو داود وغيره ". قلت: وأخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (19/50/1) عن عبد الله بن مسعود موقوفا عليه. وقال الهيثمي في " المجمع " (1/122) : " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود ". وقال في حديث الترجمة: " رواه الطبراني في الثلاثة والبزار ورجاله موثقون "! كذا قال! 2837 - (اغدوا في طلب العلم؛ فإن الغدو بركة ونجاح) . موضوع أخرجه الخطيب في " التاريخ (13/270) من طريق أبي بكر مطرف بن جمهور الأشروسني: حدثنا حمدان بن ذي النون: حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات: حدثنا معلى بن هلال عن محمد عن عطاء عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته معلى بن هلال قال الذهبي في " الضعفاء ": " يضع الحديث ". وقال الحافظ: الحديث: 2837 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 " اتفق النقاد على تكذيبه ". والخطيب أورده في ترجمة مطرف هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأخرجه الطبراني في " الأوسط " عنها مرفوعا بلفظ: " اغدوا في طلب العلم، فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها ويجعل ذلك يوم الخميس ". قال الهيثمي (1/132) : " وفيه أيوب بن سويد وهو يسرق الحديث ". ورواه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا بلفظ: " باكروا طلب الرزق؛ فإن الغدو بركة ونجاح ". أخرجه البزار (128) ، والطبراني في " الأوسط " (1/134/1-2) ، وابن عدي (11/1) وقالا: " لم يروه عن هشام إلا إسماعيل ". وقال البزار: " حديث غريب، وإسماعيل صالح الحديث ". قال الحافظ ابن حجر متعقبا عليه: " قلت: بل ضعفه جماعة ". وقال ابن عدي: " لا يرويه غير إسماعيل بن قيس، وعامة ما يرويه منكر ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 2838 - (أفضل الدعاء أن يقول العبد: اللهم ارحم أمة محمد رحمة الله) . موضوع رواه الديلمي (1/1/124) من طريق الحاكم عن مقاتل بن صالح الهاشمي: حدثنا عمرو الأعشم: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته الأعشم هذا - وهو عمرو بن محمد بن الأعشم - قال ابن حبان: " يروي عن الثقات المناكير، وروى عنه أحمد بن الحسين بن عباد البغدادي أحاديث كلها موضوعة ". قلت: ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. وقال النقاش والحاكم: " روى أحاديث موضوعة ". والحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 156) من رواية الحاكم،وقال: " قال الحاكم: عمرو الأعشم روى عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبيه أحاديث موضوعة. قال: ولا أعلم لعبد الرحمن هذا راويا غيره. وكذا قال أبو نعيم ". قلت: وتعقبه الحافظ في " اللسان " بقوله: " قلت: هذا يوهم أن عبد الرحمن لا وجود له، أطلق اسمه الأعشم، وليس الحديث: 2838 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 كذلك؛ فقد تقدم في ترجمته أن غير الأعشم روى عنه ". قلت: وقال هناك في ترجمته تبعا لأصله: " لا يعرف ... وقال ابن عدي: يحدث بالمناكير ". ثم ذكر له هذا الحديث من رواية عمرو بن محمد بن الحسن البصري به؛ وقال: " كأنه موضوع ". قلت: ومن الظاهر أن عمرو بن محمد بن الحسن هذا هو الأعشم، فثبت أن قول الحافظ: " أن غير الأعشم روى عنه "؛ وهم منه. والله أعلم. 2839 - (ما من عبد يسجد فيقول: رب اغفر لي! ثلاث مرات؛ إلا غفر له قبل أن يرفع رأسه) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/383/8197) من طريق بقية بن الوليد: حدثني محمد بن حمير عن محمد بن جابر عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة محمد بن جابر هذا، قال في " مجمع الزوائد " (2/129) : " رواه الطبراني من رواية محمد بن جابر عن أبي مالك هذا، ولم أر من ترجمها ". كذا قال، وهو غريب منه، فإن أبا مالك هذا قد ساق له الطبراني جملةأحاديث تحت ترجمة (طارق بن أشيم الأشجعي) فهو اببه يقينا، واسمه سعد الحديث: 2839 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 ابن طارق، وهو ثقة من رجال مسلم. وأما محمد بن جابر؛ فيحتمل عندي أن يكون أبا عبد الله الحنفي اليمامي، فإنه كوفي الأصل، فإن يكن ففيه ضعف من قبل حفظه، وإلا فهو مجهول. وأما بقية بن الوليد؛ فقد صرح بالتحديث فأمنا بذلك شر تدليسه، إلا على مذهب من يرميه بتدليس التسوية، فلا بد عنده من تصريحه بالتحديث في كل السلسلة. والله أعلم. 2840 - (أفضل الصدقة المنحة؛ أن يمنح أخاه دراهم، أو ظهر الدابة، أو لبن الشاة، أو لبن البقرة) . ضعيف أخرجه أحمد في " الزاهد " (311) عن إبراهيم الهجري قال: سمعت أبا الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتدرون أي الصدقة أفضل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المنحة .... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم - وهو ابن مسلم الهجري - لين الحديث. وتابعه عمر بن يحيى الأبلي: أخبرنا حفص بن جميع عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله به. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/61/1) . قلت: وحفص بن جميع ضعيف. والأبلي هذا؛ اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث. الحديث: 2840 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 2841 - (أفضل الصلاة عند الله المغرب، ومن صلى بعدها ركعتين بنى الله له بيتا في الجنة، يغدو فيه ويروح) . الحديث: 2841 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 ضعيف. رواه الطبراني في " الأوسط " (43/1-من ترتيبه) عن الزبير بن عباد المدني: حدثنا عبيد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن هشام إلا عبيد الله ". قلت: ولم أجد له ترجمة. والزبير بن عباد المدني؛ أورده ابن أبي حاتم (1/2/584) من رواية ابنه يحيى عنه ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. 2842 - (أفضل العلم لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الأستغفار) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/128) عن إبراهيم بن العلاء بن زبريق: حدثنا إسماعيل بن عياش: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن ابن أنعم عن عبد الرحمن ابن رافع عن عبد الله بن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زياد وهو الإفريقي، ومثله شيخه عبد الرحمن بن نافع. الحديث: 2842 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 2843 - (أفضل الناس عند الله يوم القيامة المؤمن المعمر) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/127) عن هارون بن عيسى بن سلول: حدثنا بكار بن محمد بن سعيد: حدثنا حيان: حدثني أبي: حدثنا بكر بن عبد الملك الاعنق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون محمد بن المنكدر لم أجد من ترجمهم. الحديث: 2843 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 2844 - (أفضل الناس في المسجد الإمام، ثم المؤذن، ثم من على يمين الإمام) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/127) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا مويى بن جعفر عن أبيه عن حده عن علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، المروزي هذا متروك كما تقدم مرارا. الحديث: 2844 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 2845 - (لا تكرعوا، ولكن اغسلوا أيديكم ثم اشربوا فيها، فإنه ليس إناه أطيب من اليد) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/338) ، والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (8/11/2) ، وابن أبي حاتم في " العلل " (2/256) ، والبيهقي في " الشعب " (5/119/6030) عن ليث بن سعيد بن عامر عن ابن عمر قال: " مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ليث وهو ابن أبي سليم كما قال البوصيري في " الزوائد " (207/1-الحلبية) ، وقال ابن أبي حاتم: " قال أبي: هذا الحديث منكر، قلت: ممن هو؟ قال: من ليث، وسعيد لا يعرف ". قلت: روى في " الجرح والتعديل " (2/1/48) عن ابن معين أنه قال فيه: " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في " الثقات ". الحديث: 2845 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 قلت: سماه شعبة: سعيد بن علي، فقال الحسن بن عمرو: حدثنا شعبة عن سعيد بن علي عن ابن عمر به. أخرجه ابن المظفر في " حديث حاجب بن أركين " (2/258/2) ، وفي " غرائب شعبة " (14/1) من طريقين عن الحسن بن عمرو. لكن الحسن بن عمرو هذا - وهو أبو علي العبيدي - متروك؛ كما في " التقريب ". ولم أرأحد ذكر سعيد بن علي هذا. وقد رواه معمر عن رجل عن ابن عمر به. أخرجه أحمد (2/137) . وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف الإسناد، لجهالة تابعيه، واضطراب الرواة في اسمه. وقد وجدت له شاهدا؛ ولكنه واه جدا، يرويه أيوب بن خوط عن الحسن بن أبي الحسن عن أبي موسى الأشعري قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير .... " الحديث. أخرجه ابن عدي (18/1) وقال: " أيوب بن خوط هو عندي - كما ذكره عمرو بن علي - كثير الغلط والوهم، وليس من أهل الكذب ". قلت: والمتقرر فيه أنه متروك الحديث، ضعيف جدا، كذبه عيسى بن يونس والأزدي، وتركه ابن المبارك وغيره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 2846 - (أفضل الناس رجلان: رجل غزا في سبيل حتى يهبط موصعا يسوء العدو، ورجل بناحية البادية يقيم الصلوات الخمس، ويؤدي حق ماله، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين) . ضعيف أخرجه أحمد (2/522) من طريق عبد الله بن حسان العنبري (الأصل: المنبري) عن القلوص أن شهاب بن مدلج نزل البادية فساب ابنه رجلا؛ فقال: يا ابن الذي تعرب بعد الهجرة، فأتى شهاب المدينة، فلقي أبا هريرة فسمعه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، فجثا على ركبتيه قال: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة، يقول له (!) قال: نعم، فأتى باديته، فأقام بها. ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2/2/236) ولكنه لم يسق لفظه، وقال: " القلوص هذه لم أجد من ترجمها. وعبد الله بن حسان؛ لم يوثقه أحد، وروى عنه جمع، وفي " التقريب ": " مقبول ". الحديث: 2846 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 2847 - (بسم الله الرحمن الرحيم، أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، من شر ما تجد، يا عثمان! تعوذ بها، فما تعوذ متعوذ بمثلها) . ضعيف أخرجه ابن السني (547) : أخبرنا أبو يعلى: حدثنا موسى بن محمد بن حيان: أنبأنا أبو عتاب الدلال: حدثنا حفص بن سليمان: حدثنا علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: الحديث: 2847 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 " مرضت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فعوذني يوما فقال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ حفص بن سليمان - هو أبو عمر البزاز القارىء - وهو متروك الحديث مع إمامته في القراءة. وابن حيان هذا؛ قال الذهبي في " الميزان ": " ضعفه أبو زرعة، ولم يترك ". قلت: كذا قال! وفيه نظر، لأن أبا زرعة قد قال ابن أبي حاتم في " الجرح ": " ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأه علينا، كان قد أخرجه قديما في (فوائده) ". نعم ذكره ابن حبان في " الثقات " (9/161) وقال: " ربما خالف ". فلعل قول الذهبي المذكور هو من باب التوفيق بين الترك والتوثيق. وقد أخرج له ابن حبان في " صحيحه " ستة أحاديث، تراجع ممن أرادها بواسطة فهرس (المؤسسة) لرجال " الإحسان ". والحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/110) : رواه أبو يعلى في " الكبير " عن شيخه (موسى بن حيان) ، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح "! كذا قال: وقلده الشيخ الأعظمي في تعليقه على " المطالب العالية " (2/351) ، وتبعه المعلق على " المقصد العلي " (3 و 4/302) . فأقول: سبب هذا الخطأ وعدم المعرفة؛ أن الإسناد وقع في " مستند أبي يعلى " هكذا: " حدثنا موسى بن حيان: حدثنا أبو عتاب الدلال: حدثني جعفر بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 سليمان: حدثنا علقمة بن مرثد ... ". كذا في " المقصد العلي " و " المطالب العالية " المسندة (ق 37/1) ؛ فشيخ أبي يعلى نسب إلى جده (حيان) فلم يعرفه! وشيخ الدلال وقع فيه (جعفر) والصواب (حفص) كما تقدم، و (جعفر بن سليمان) هو الضبعي، وهو من هذه الطبقة، وهو ثقة من رجال " الصحيح "، لكنه ليس له ذكر في الرواة عن (علقمة بن مرثد) ، وإنما ذكر فيهم (حفص بن سليمان الأسدي) المتقدم. نعم قد ذكروا في شيوخ (أبي عتاب الدلال) واسمه (سهل بن حماد) (جعفر بن سليمان الضبعي) فربما لاحظ الهيثمي هذا، وهو محتمل، والأمر بحاجة إلى مزيد من التحقيق، فمن كان عنده علم فليتفضل به وجزاه الله خيرا. 2848 - (اغتسلوا يوم الجمعة، فإنه من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (7/135/7087) ، و " الكبير " (8/209/7740) ، وابن أبي حاتم في " العلل " (1/208) من طريق سويد بن عبد العزيز عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث: 2848 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سويد بن عبد العزيز لين الحديث؛ كما في " التقريب "، وبه أعله في " مجمع الزوائد " (2/173) وقد خالفه عمر بن عبد الواحد، فقال: عن يحيى بن الحارث عن القاسم يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسله. ذكره ابن أبي حاتم وقال عن أبيه: " هذا أشبه ". 2849 - (إن الله تعالى جعل للمعروف وجوها من خلقه، حبب إليهم المعروف، وحبب إليهم فعاله، ووجه طلاب المعروف إليهم، ويسر عليهم إعطاءه، كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة ليحييها ويحيي بها أهلها. وإن الله جعل للمعروف أعداء من خلقه، بغض إليهم المعروف، وبغض إليهم فعاله، وحذر عليهم إعطاءه، كما يحذر الغيث عن الأرض الجدبة ليهلكها ويهلك بها أهلها، وما يعفو أكثر) . ضعيف جدا أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (رقم 4) من طريق الحارث النميري عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو هارون واسمه عمارة بن جوين العبدي قال الحافظ: " متروك، ومنهم من كذبه ". والحارث النميري لم أعرفه، ويبدو أنه محرف، فقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 291) من طريق عثمان بن سماك عن أبي هارون العبدي به نحوه، وقال: " عثمان بن سماك مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". الحديث: 2849 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 ثم استبعدت التحريف فقد رأيت في " مسند الديلمي " (1/2/274) من طريق أبي الشيخ عن الحارث النميري به مختصرا بلفظ: " إن أحب عباد الله إلى الله من حبب إليه المعروف، وحبب إليه فعاله ". وكذلك أخرجه ابن أبي الدنيا في رواية له رقم (3) . وقد وجدت له طريقا أخرى، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/281 - 282) من طريق حفص بن عمر الحبطي: حدثنا أبو مطرف السامي عن زياد بن عبد الرحمن النميري عن عبد الله بن عمر عن أبي بن كعب قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبي! إن الله عز وجل جعل للمعروف .... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ من أجل الحبطي قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال مرة: " ليس بثقة ولا مأمون، أحاديثه كذب ". والنميري هذا لم أعرفه؛ ويحتمل أنه زياد بن عبد الرحمن القيسي أبو الخصيب البصريالذي أخرج له أبو داود من رواية عقيل بن طلحة عنه عن ابن عمر، فإن يكن هو فهو مجهول. 2850 - (تعفو، فإن عاقبت فعاقب بقدر الذنب، واتق الوجه) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الكبير " (1/218/2 - النسخة القديمة) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح: أن أسد الحديث: 2850 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 372 بن وداعة: حدثه أن رجلا يقال له: جزي: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أهلي يغضبوني، فبم أعاقبهم؟ فقال: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأول - عبد الله بن صالح؛ فيه ضعف وغفلة مع كونه من شيوخ البخاري. الثانية - بكر بن سهل وهو الدمياطي؛ ضعيف كما قال النسائي، وتكلم فيه مسلمة بن قاسم وغمزه بحديث: " أعروا النساء .... "، وقد مضى برقم (2827) . وأسد بن وداعة؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/337) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا؛ وقال الذهبي: " من صغار التابعين، ناصبي يسب، قال ابن معين: كان هو وأزهر الحرازي وجماعة يسبون عليا، وقال النسائي: ثقة ". ومع هذه العلل الواضحة؛ فقد بيض المناوي لإسناده، ولعله لم يقف عليه. 2851 - (أفضل الدعاء أن تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا، ثم أعطيتهما في الآخرة، فقد أفلحت) . ضعيف أخرجه الترمذي (4/264) ، وابن ماجه (2/434) ، وأحمد (3/127) من طريق سلمة بن وردان المدني قال: سمعت أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي الدعاء أفضل؟ قال: الحديث: 2851 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ثم أتاه من الغد، فقال: يا رسول الله! أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ثم أتاه اليوم الثالث فقال يا رسول الله! أي الدعاء أفضل؟ قال: " تسأل ربك ... " الحديث. والسياق لأحمد، قال الترمذي: " حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان ". قلت: وهو ضعيف؛ كما جزم الحافظ في " التقريب "، وضعفه الدارقطني وغيره كما قال الذهبي في " الضعفاء "، فلا وجه لتحسينه. وقد صح الأمر بسؤال العفو والعافية مختصرا عن أبي بكر الصديق وغيره، عند الترمذي وغيره، وهو مخرج في " الروض النضير " (917) . 2852 - (أفضل الناس رجل يعطي جهده) . ضعيف أخرجه الطيالسي (1852) : حدثنا أبو عتبة عن عبد الله بن دينار عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: أي الناس خير؟ قالوا: يا رسول الله! رجل يعطي ماله ونفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل هذا، وليس به، ولكن أفضل الناس ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عتبة هذا هو إسماعيل بن عياش الحمصي؛ ضعيف في روايته عن الحجازيين وهذه منها. والحديث أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/217) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش به بلفظ: الحديث: 2852 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 " خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده ". وعبد الوهاب هذا؛ قال أبو حاتم: " كذاب ". وبهذا اللفظ أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " ونقل شارحه المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال: " سنده ضعيف جدا ". 2853 - (أفضل المؤمنين رجل سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء، سمح الاقتضاء) . موضوع أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/136/2-137/1) من طريق الشاذكوني: حدثنا سلم بن قتيبة: حدثنا عبد الله بن عبد الله الهدادي - وكان ثقة - عن أبي العلاء سمع أبا سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.. فذكره. وقال: " أبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير، لم يروه عنه إلا الهدادي، تفرد به الشاذكوني ". قلت: وهو كذاب عند أحمد وابن معين وغيرهما من الأئمة، وقال البخاري: " فيه نظر ". فمن العجيب قول المنذري في " الترغيب " (3/19) وتبعه الهيثمي في " المجمع " (4/75) ثم المناوي في " الفيض "!! : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله ثقات "! الحديث: 2853 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 375 2854 - (أفضل الرباط انتظار الصلاة، ولزوم مجالس الذكر، وما من عبد يصلى ثم يقعد في مقعده إلا لم تزل الملائكة تصلي عليه حتى يحدث أو يقوم) . ضعيف أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2510) : حدثنا محمد بن [أبي] حميد قال: حدثنا سعيد بن المقبري (الأصل: المهري) عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن أبي حميد - وهو المدني الملقب ب " حماد " - قال الذهبي: " ضعفوه ". وقال الحافظ: " ضعيف ". لكن الشطر الثاني منه في انتظار قد صح من حديث أبي هريرة فانظر إن شئت " صحيح الترغيب " (5/22/1) . الحديث: 2854 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 2855 - (أطلبوا الخير عند حسان الوجوه) . موضوع روي من حديث عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر ابن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وأبي بكرة. 1- أما حديث عائشة؛ فله عنها طريقان: الطريق الأولى: يرويه إسماعيل بن جعفر عن خيرة بنت محمد بن ثابت بن سباع عن أمها عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا. أخرجه أبو يعلى في " مسنده (ق 226/1) . وخالفه إسماعيل بن عياش فقال: عن جبرة بنت محمد عن أبيها عنها. الحديث: 2855 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/51و157) ، وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (ص 83 رقم 51) . وتابعه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن امرأته جبرة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة جبرة أو خيرة وأمها؛ فإني لم أجد من ترجمها. وأما أبوها محمد بن ثابت بن سباع فهو صدوق كما قال الحافظ، وذكره ابن حبان في " الثقات "؛ وروى عنه جمع. الثانية: يرويه الحاكم بن عبد الله: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عنها. أخرجه ابن عدي (ق 65/2) في جملة أحاديث للحكم هذا وهو الأيلي، وقال: " كلها موضوعة، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد، وضعفه بين على أحاديثه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " متروك متهم ". 2- وأما حديث ابن عباس؛ فله طرق: الأولى: عن عصمة بن محمد الأنصاري عن هشام بن عروة عن أبيه عنه أخرجه العقيلي (325) ؛ وقال: " عصمة بن محمد الأنصاري يحدث بالبواطيل عن الثقات، ليس ممن يكتب حديثه إلا على جهة الاعتبار، وسئل عنه ابن معين؟ فقال: كذاب يضع الحديث ". الثانية: عن حفص بن عمر: حدثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 377 أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/59) . قلت: وطلحة بن عمرو؛ متروك كما في " التقريب ". وحفص هذا لم أعرفه، ولكنه لم يتفرد به. فتابعه سفيان الثوري عن طلخة بن عمرو به. أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (130/2) ، والخطيب في " التاريخ " (11/43و13/158) من طريقين عنه، أحدهما هعن مالك بن سلام البغدادي: حدثنا مالك بن أنس: حدثني أخي: سفيان الثوري به. الثالثة: عن مصعب بن سلام التميمي عن عباد القرشى عن عمرو بن دينار عنه. أخرجه الخطيب (7/11) وابن الجوزي في " الموضوعات " (2/159-160) من طريق يحيى بن يزيد أبي زكريا الخواص عنه، ويحيى لا يعرف كما قال الذهبي، وقد خولف في إسناده؛ كما يأتي في حديث جابر. قلت: وعباد القرشي؛ لم أعرفه. ومصعب بن سلام؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " تكلم فيه ابن حبان ". قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". الرابعة: عن منصوربن عمار. أخبرنا أبو حفص الأبار عن ليث عن مجاهد عنه. أخرجه الخطيب (4/ 185) من طريق أحمد بن سلمة المدائني صاحب المظالم عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 378 وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف. ومثله منصور بن عمار وهو الواعظ. وأحمد هذا؛ قال الذهبي وتبعه العسقلاني: " متهم بالكذب ". وأما الخطيب ففي ترجمته أورد الحديث، ولم يزد! ولكنه أعقبه بقوله: " كذا قال، وفي أصل المدأئني (يعني الراوي عنه عيسى بن خشنام) أحمد ابن محمويه بن أبي سلمة، وما أظن هذا الحديث إلا عنه فإنه يروي عن منصور ابن عمار، وسنورد حديثه بعد في موضعه ". قلت: ثم أورده هناك (5/162) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وتابعه عبد الله بن خراش عن العوام بن خوشبعن مجاهد به. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/110/1) . وابن خراش هذا ضعيف جدا كما قال الساجى، وزاد: " ليس بشيء، كان يضع الحديث ". وقال محمد بن عمار الموصلي: " كذاب ". 3- وأما حديث ابن عمر؛ فيرويه محمد بن عبد الرحمن بن المجبر عن نافع عنه. أخرجه العقيلي (390) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (343) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 56/1) ، والخطيب (11/296) ؛ وقال العقيلي: " محمد بن عبد الرحمن؛ قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: سكتوا عنه ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 قلت: وهو مجمع على تضعيفه؛ سوى أحمد فوثقه، ومن الغرائب ما ذكره ابن قدامة الموفق في " المنتخب " (10/196/1) عن مهنا أنه قال: " قلت (يعني لأحمد) : حدثنا يزيد بن هارون: أنبا محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا (فذكر الحديث) ، فقال: محمد بن عبد الرحمن ثقة، وهذا الحديث كذب "! وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "؛ وقال: " وثقه أحمد، وقال النسائي وغيره: متروك ". 4 - وأما حديث جابر؛ فله طرق: الأولى: عن سليمان بن كراز: حدثنا عمر بن صهبان: حدثنا محمد بن المنكدر عنه. أخرجه العقيلي (163) ، وتمام في " الفوائد " (13/231) ، وابن عدي (161/1) ، وأبو نعيم في " الحلية " (3/156) ، و " أخبار أصبهان " (1/151) وقال: " غريب من حديث جابر، لم نكتبه إلا من حديث سليمان عن عمر ". وقال العقيلي: " سليمان هذا الغالب على حديثه الوهم، وليس في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يثبت ". وقال ابن عدي: " سليمان بن كراز الطفاوي بصري يكنى أبا داود ". ثم ذكر له حديثا منكرا؛ ثم قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380 " وعمر بن صهبان ضعيف ". قلت: وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "؛ وقال: " تركوه ". وفي هذه الطريق زيادة سبق تخريجه من أجلها برقم (2797) . الثانية: عن يحيى بن خلف القاضي: حدثنا مصعب بن سلام عن العباس بن عبد الله القرشي عن عمرو بن دينار عنه. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/214) . قلت: ويحيى بن خلف كذبه أبو حاتم، وقد روي عنه بزيادة في متنه كما تقدم برقم (2796) . والعباس بن عبد الله القرشي؛ لم أعرفه. الثالثة: عن محمد بن خليد الحنفي قال: حدثنا مالك بن أنس عن سفيان الثوري عن طلحة بن عمرو عن عطاء عنه. أخرجه الخطيب في " الفوائد " رقم (16 - نسختي) ، وابن عساكر في " التاريخ " (16/123/2) ؛ وقال الخطيب: " هذا حديث غريب من حديث سفيان الثوري عن طلحة بن عمرو، وعجيب من رواية مالك بن أنس عن الثوري، لا أعلم رواه عنه غير محمد بن خليد الحنفي. وتابعه مالك بن سلام، وليس قولهما بشيء ". قلت: قد رواه هو عنه به، إلا أنه جعله من مسند ابن عباس كما تقدم في حديثه - الطريق الثانية. وابن سلام هذا قال الخطيب في ترجمته: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381 " في حديثه نكرة ". قلت: وتابعه نصر بن سلام المدني عن مالك بن أنس به. أخرجه تمام (269/2) . ثم بدا لي أنه هو مالك بن سلام نفسه كما في " الميزان ". والله أعلم. ومحمد بن خليد؛ قال أبو زرعة: " حدث بأباطيل ". وطلحة بن عمرو؛ متروك كما سبق. 5 - وأما حديث ابن عمرو؛ فيرويه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أخرجه ابن عدي (305/1) وقال: " وهذا يستغرب بهذا الإسناد عن عمرو عن أبيه عن جده ". قلت: وآفته محمد هذا؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". 6 - وأما حديث أنس؛ فله عنه طريقان: الأولى: عن أبي بكر محمد بن محمد بن أحمد الطرازي: حدثنا أبو سعيد العدوي: حدثنا خراش: حدثنا مولاي أنس بن مالك به. أخرجه الخطيب (3/226) ، وابن عساكر. قلت: وهذا إسناد هالك بمرة؛ خراش هذا قال الذهبي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382 " ساقط عدم ". وأبو سعيد العدوي - واسمه الحسن بن علي - كذاب. والطرازي نحوه، وفي ترجمته أورد الخطيب الحديث وقال: " وكان فيما بلغني يظهر التقشف، وحسن المذهب؛ إلا أنه روى مناكير وأباطيل تدل على وهي حاله، وذهاب أحاديثه ". الثانية: عن المبارك بن سعيد بن المبارك البعلبكي: أخبرنا ناعم بن السري: أخبرنا قبيصة بن عقبة: أخبرنا الثوري: أخبرنا ابن أبي ذئب عن مالك بن أنس عن الزهري عن أنس مرفوعا به. أخرجه ابن عساكر (16/123/2) وقال: " هذا حديث غريب، وإسناد عجيب، وإنما يروى هذا الحديث عن الثوري كما ... ". ثم ساقه عن محمد بن خليد الخثعمي: أخبرنا مالك بن أنس عن سفيان الثوري عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن جابر مرفوعا؛ كما تقدم في الطريق الثالثة من الحديث (4) . وآفة هذه الطريق المبارك هذا فإنه مجهول، وفي ترجمته ساق ابن عساكر له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وفي قوله عقبه: " حديث غريب .... " ما يشير إلى ضعفه. وشيخه ناعم بن السري؛ لم أجد له ترجمة، وهو على شرط ابن عساكر، فقد ذكر في ترجمة المبارك بن سعيد أنه الطرسوسي. والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383 7 - وأما حديث أبي هريرة؛ فله طريقان: الأولى: عن عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه. أخرجه العقيلي في ترجمة عبد الرحمن هذا وهو القاص البصري؛ وقال (228) : " قال ابن معين: ليس بشيء ". وقال في الحديث: " ليس له إسناد يثبت ". والأخرى: عن عقيل بن يحيى: حدثنا أبو داود: حدثنا طلحة بن عمرو: سمعت عطاء عنه. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/246 - 247) . قلت: وعقيل بن يحيى؛ لم أعرفه. وطلحة بن عمرو؛ متروك كما تقدم، وهذا وجه آخر من وجوه الاختلاف عليه في إسناده، وهي: أولا: عنه عن عطاء عن ابن عباس. ثانيا: عنه عن عطاء عن جابر. ثالثا: عنه عن عطاء عن أبي هريرة. وهذا اضطراب شديد يسقط الحديث به لو كان المضطرب ثقة؛ فكيف وهو متروك؟ ! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 8 - وأما حديث أبي بكرة؛ فأخرجه تمام في " الفوائد " (130/2) : حدثني أبو علي محمد بن هارون بن شعيب: حدثنا أحمد بن خليد الكندي - بحلب -: حدثنا أبو يعقوب الأفطس: حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ أبو علي هذا كان يتهم؛ كما قال عبد العزيز الكتاني. وأحمد بن خليد؛ لم أعرفه. وأبو يعقوب الأفطس؛ اسمه يوسف بن يونس الطرسوسي؛ قال الذهبي: " ليس بثقة ولا مأمون ". والمبارك بن فضالة؛ صدوق يدلس، وقد عنعنه. والحسن - وهو البصري - مدلس أيضا. وبالجملة؛ فالحديث طرقه كلها ضعيفة، وبعضها أشد في ذلك من بعض كما صرح به السخاوي في " المقاصد " (ص 81) ، وكشفناه لك بهذا التخريج، ولذلك فلا يميل القلب إلى تقويته بكثرة طرقه، لا سيما وقد صرح الإمام أحمد - كما سبق - بأنه حديث كذب، مع ظنه أن راويه ثقة! وقال المحقق العلامة ابن القيم في رسالة " المنار " (ص 24) : " كل حديث فيه ذكر " حسان الوجوه " أو الثناء عليهم، أو الأمر بالنظر إليهم، أو التماس الحوائج منهم، أو أن النار لا تمسهم، فكذب مختلق، وإفك مفترى ". وإذا عرفت هذا، فلا اعتداد بعده بما حشره الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 المقدسي في رسالة " تحسين الطرق والوجوه في قوله عليه السلام: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " فإنه ساق كل ما روي من الأحاديث في هذا الباب، دون أي تحقيق، سوى قوله: " روى فلان، روى فلان "!! مما دل على أنه ليس من أهل العلم بهذا الفن الشريف، نعم لقد استغرب حكم ابن الجوزي بالوضع على الحديث، ثم نقل كلام السيوطي في تعقبه عليه، وغالب طرقه لا تخلو من متروك أو متهم. ونقل عنه أنه قال: " وأصلح طرقه حديث عائشة، وحديث ابن عباس ". وقد مضى أن لحديث عائشة طريقين في أولهما جهالة راويين، غفل عنهما السيوطي؛ فأخذ يتكلم على من دونهما وهو المليكي وإسماعيل بن عياش، ويقوي أحدهما بالآخر! والعلة ممن فوقهما! وأما حديث ابن عباس؛ فاحتج السيوطي بأن طلحة بن عمرو الذي في الطريق الثانية، ومصعب بن سلام الذي في الثالثة؛ يصلحان للمتابعة. وكنه غفل عما قيل في الأول مما هو صريح في أنه لا يصلح للمتابعة كقول أحمد والنسائي: " متروك الحديث ". وقول ابن سعد: " ضعيف جدا ". وتقدم قول الحافظ ابن حجر فيه: " متروك "، فمثله لا يصلح للمتابعة ولا كرامة. وأما مصعب بن سلام؛ فلعله كما قال؛ على أن البزار قال فيه: " ضعيف جدا ". ومع ذلك فقد خفي على السيوطي أن فوقه ومن دونه من لا يعرف؛ كما تقدم. ثم زعم السيوطي بأن أحسن طرق الحديث طريق الطبراني المذكورة في الرابعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 متابعة من عبد الله بن خراش فقال: " أخرجه الطبراني في " الكبير " بسند رجاله ثقات إلا عبد الله بن خراش، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وهذه الطريق على انفرادها على شرط الحسن "! 2856 - (أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفع عمن ظلمك) . ضعيف أخرجه أحمد (3/438) ، والطبراني (20/188/313 و 314) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 48) من طريقين عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف، زبان بن فائد؛ قال الحافظ: " ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته ". الحديث: 2856 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 2857 - (ما من صدقة أفضل من صدقة تصدق [بها] على مملوك، عند مليك سوء) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/95/1) ، وابن عدي (34/2) عن بشير بن ميمون أبي صيفي: سمعت مجاهدا أبا الحجاج: يحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني: " لم يروه عن مجاهد إلا أبو صيفي ". قلت: قال البخاري: الحديث: 2857 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 " منكر الحديث ". وقال في موضع آخر: " متهم بالوضع ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (4/238) من رواية " الأوسط "؛ ولم يتكلم على إسناده بشيء خلافا لعادته، فلعله سقط ذلك من الناسخ أو الطابع. ثم وجدت ما يشهد لما ذكرت، فقد نقل المناوي عنه أنه قال: " فيه بشير بن ميمون، وهو ضعيف ". (تنبيه) : أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية " الأوسط " أيضا بلفظ: " أفضل الصدقة ما تصدق به على مملوك عند مالك سوء ". وهو كما ترى مخالف للفظ " الأوسط " وكذا ابن عدي، ومخالف للفظ " المجمع " أيضا. فتأمل. 2858 - (أكمل المؤمنين من سلم المسلمون من لسانه ويده) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/10) من طريق محمد بن سنان القزاز: حدثنا أبو عاصم: أنبأنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سمع جابر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. وقال: " صحيح على شرط مسلم "! وأقره الذهبي! وأقول: محمد بن سنان القزاز؛ لم يخرج له مسلم شيئا، ثم هو ضعيف كما في " التقريب "، وقد خالفه في لفظه جماعة فقال مسلم في " صحيحه " (1/48) : الحديث: 2858 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 حدثنا حسن الحلواني وعيد بن حميد جميعا عن أبي عاصم به بلفظ: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ". 2859 - ( ................................... ) (1)   (1) هنا حديث نقل إلى " الصحيحة "، ولم نتمكن من وضع البديل بعد وفاة الشيخ رحمه الله رحمة واسعة، وانظر (ص: 405) الآتية وفهرس الكتاب (ص: 597) الحديث: 2859 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 2860 - (أفلح من رزق لبا) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/1/181) معلقا، ووصله الطبراني في " المعجم الكبير " (19/33 - 34/70) عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: أخبرني شيخ بالساحل عن رجل من بني قشير يقال له قرة بن هبيرة: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إنه كانت لنا أرباب تعبد من دون الله فبعثك الله، فدعوناهن فلم يجبن، وسألناهن فلم يعطين، وجئناك فهدانا الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أفلح من رزق لبا. قال: يا رسول الله! اكسني ثوبين من ثيابك قد لبستهما، فكساه، فلما كان بالموقف في عرفات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعد علي مقالتك، فأعاد عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الشيخ القشيري. والحديث أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/24/2) من طريق البخاري. ثم وصله من طريق سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن نشيط: أن قرة بن هبيرة العامري قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكر قصة - فلما أدبر قال رسول الله الحديث: 2860 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 صلى الله عليه وسلم: " قد أفلح من رزق لبا ". قلت: وسعيد بن نشيط؛ شيخ لابن لهيعة لا يعرف كما في " الميزان ". وأخرج ابن أبي الدنيا في " العقل " (ص 11 - 12) من طريق صفوان بن عيسى عن إسماعيل المكي عن القاسم بن أبي بزة: " أن رجلا من بني قشير أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما كنا نعبد في الجاهلية أوثانا، وكنا نرى أنها تضر وتنفع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح من جعل الله عز وجل له عقلا ". وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه إسماعيل - وهو ابن مسلم المكي - وكان ضعيف الحديث على فقهه. 2861 - (اقتلوا ما ظهر منها، فإن من قتلها قتل كافرا، ومن قتلته كان شهيدا) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (22/308 - 309) ، وابن منده في " المعرفة " (2/205/1) عن أحمد بن الحارث: حدثتنا ساكنة بنت الجعد عن سرا بنت نبهان وكانت ربة بيت في الجاهلية قالت: سأل نصيب مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحيات ما يقتل منها؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ أحمد بن الحارث - وهو الغساني - قال البخاري: " فيه نظر ". الحديث: 2861 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/45) : وفيه أحمد بن الحارث الغساني، وهو متروك ". 2862 - (اقبلوا الكرامة، وأفضل الكرامة الطيب، أخفه محملا، وأطيبه ريحا) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الأوسط " (6/239/6289) ، والديلمي (1/1/23) من طريق بشر بن عبيس بن مرحوم: حدثنا نافع بن خارجة بن نافع مولى آل جحش عن أبيه عن جده عن محمد بن عبد الله بن جحش عن زينب بنت جحش مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون محمد بن عبد الله بن جحش - وهو صحابي صغير - لم أجد لهم ترجمة سوى (بشر بن عبيس بن مرحوم) فهو صدوق يخطىء. والحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " (5/158) للطبراني في " الأوسط " وقال: " وفيه من لم أعرفهم ". الحديث: 2862 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 2863 - (اقرأ القرآن على كل حال ما لم تكن جنبا) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي (121/2) عن أبي الحجاج يعني خارجة الحديث: 2863 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 بن مصعب عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي عن علي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ خارجة هذا قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". 2864 - (إنما بعثت فاتحا وخاتما، وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه، واختصر لي الحديث اختصارا، فلا يهلكنكم المتهوكون) . ضعيف رواه الهروي في " ذم الكلام " (3/64/1) ، والبيهقي في " الشعب " (2/98/1) عن عبد الرزاق؛ وهذا في " المصنف " (20062) : أنبأ معمر عن أيوب عن أبي قلابة أن عمر رضي الله عنه مر برجل يقرأ كتابا فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال: أتكتب لي من هذا الكتاب؟ قال: نعم، فاشترى أديما فهنأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقرأ عليه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتلون، فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال: ثكلتك أمك با ابن الخطاب! ألا ترى إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: فذكره. قلت: ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع بين أبي قلابة وعمر، فهو ضعيف. وروى الجملة الثانية والثالثة منه الدارقطني في " السنن " (144/ج4) من طريق زكريا بن عطية: أخبرنا سعيد بن خالد: حدثني محمد بن عثمان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ محمد بن عثمان ومن دونه لم أعرفهم، وفي " الميزان " و " اللسان ": الحديث: 2864 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 392 " زكريا بن عطية عن عثمان بن عطاء الخراساني، قال أبو حاتم: منكر الحديث ". وفي " الضعفاء " للعقيلي (2/85 - بيروت) : " زكريا بن عطية الحنفي؛ مجهول النقل ". قلت: فلعله هذا. (تنبيه) : عزا الحديث السيوطي في " الجامع الكبير " للبيهقي فقط عن أبي قلابة مرسلا، ففاته " المصنف " و " ذم الكلام ". وعزا اللفظ المختصر لـ " هب عن عمر، قط عن ابن عباس ". وفي نسخة " الجامع الكبير " (التي يقوم على طبعها مجمع البحوث الإسلامية بتعليق لجنة من المجمع رقم الحديث (3517) : " ع، هب عن عمر ...... " إلخ. فزاد في العزو (ع) أي أبو يعلى في مسنده. وهذا العزو وقع في " الجامع الصغير " أيضا، وكنت ذكرت في التعليق على " ضعيف الجامع " (1048) أني لم أره في نسختين من " الجامعين " وأنه لم يذكره الهيثمي في " المجمع "، والآن تبينت أنه في الرواية المطولة التي اعتمد عليها الحافظ من " مسند أبي يعلى "، ولذلك عزاه هو في " المطالب العالية " لأبي يعلى (4/28 - 29) ، ورواه من طريقه الضياء المقدسي في " المختارة " في " مسند عمر " (رقم 108 - بتحقيقي) وفيه مجهول، وآخر ضعيف كما بينته هناك. ولذلك فقد أخطأ العزيزي في " السراج المنير " تبعا للمناوي في " التيسير " إذ قال: " إسناده حسن ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 وهذا مما لا وجه له البتة، ولعلهما اغترا بما في بعض النسخ من " الجامع الصغير " من الرمز له بـ (ح) أي الحسن كما اغتر به اللجنة المشار إليها آنفا؛ فقالوا في تعليقهم: " ورمز له في " الصغير " بالحسن "! وأقروه، ذلك مبلغهم من العلم! كما اغتر بذلك المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد في تعليقه على " الأمثال والحكم " للماوردي فقال تعليقا على الحديث وقد ذكره الماوردي مختصرا بلفظ ابن عباس (ص 30) : " حسن، رواه أبو يعلى في " مسنده " عن ابن عمر " الجامع الصغير وضعيفه " للألباني برقم 1048، كما رواه عن ابن عمر البيهقي في " شعب الإيمان "، والدارقطني عن ابن عباس؛ " فيض القدير " للمناوي 1: 563 ". قلت: وفي هذا التخريج على إيجازه أخطاء: " أولا: قوله: " حسن " دون أن يبين وجهه، أو أن ينقله عن أحد من أهل العلم ممن يوثق بمعرفته بهذا الفن! ثانيا: نقله عني التضعيف المعارض لتحسينه دون أن يرده بحجة تبرر له عدم اعتماده عليه! ثالثا: جعله الحديث عن ابن عمر عند أبي يعلى والبيهقي، وهو خطأ مزدوج، فإن ابن عمر لا علاقة له مطلقا بهذا الحديث، وإنما هو عن أبيه عمر عند أبي يعلى، وعن أبي قلابة مرسلا عند البيهقي كما تقدم بيانه بالنقل عن كتابيهما مباشرة، والحمد لله الذي يسر لنا ذلك فله الفضل والمنة! وإنما وقع الدكتور المشار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 394 إليه في هذه الأخطاء لتسرعه في النقل والإكثار منه دون تأن وتبصر وتحقيق، فإنه اغتر بما وقع في متن " فيض القدير " للمناوي في تخريج الحديث هكذا (ع عن ابن عمر) ، وكذا وقع في " السراج المنير " للعزيزي وهو خطأ مطبعي صوابه (ع عن عمر) ، لم يتنبه له الدكتور رغم أنه وقع هكذا على الصواب في " الجامع الصغير " المطبوع فوق شرح المناوي. وفي " ضعيف الجامع الصغير " أيضا. وترتب على ذاك الخطأ والغفلة عنه خطأ آخر بسبب قول المناوي عقب التخريج السابق: " ورواه عنه أيضا البيهقي في شعب الإيمان ". فرجع ضمير (عنه) إلى ابن عمر، والصواب أن مرجعه إلى عمر. على أن قول المناوي هذا خطأ أيضا؛ لأن البيهقي إنما رواه عن أبي قلابة مرسلا، كما عرفت مما سبق، وهو في ذلك الخطأ تابع للسيوطي في " الجامع الكبير "، كما تقدم نقله عنه، وانظر الحديث (2124) . 2865 - (اقرؤوا القرآن فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) . ضعيف جدا رواه تمام في " الفوائد " (266/2) ، وابن عساكر (267/1) عن مسلمة بن علي: حدثنا حريز بن عثمان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، مسلمة بن علي - وهو الخشني - متروك؛ كما في " التقريب ". الحديث: 2865 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 2866 - (اقض بينهم، فإن الله تبارك وتعالى مع القاضي ما لم يحف عمدا) . موضوع أخرجه الحاكم (3/577) ، وأحمد (5/26) من طريق أبي داود عن معقل بن يسار المزني رضي الله عنه قال: الحديث: 2866 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي بين قومي فقلت: ما أحسن القضاء، قال: افصل بينهم. فقلت: ما أحسن الفصل. فقال: " فذكره. قلت: أبو داود هذا نفيع بن الحارث الأعمى؛ قال الحافظ: " متروك، وقد كذبه ابن معين ". قلت: وقال الحاكم: " روى عن بريدة وأنس أحاديث موضوعة ". ومن طريق أبي داود - هذا - أخرجه الطبراني أيضا في " الكبير " (20/230/539 و 540) و " الأوسط " (6/316/3508) - وكذا في " مجمع الهيثمي " (4/193) وقال -: " وهو كذاب ". 2867 - (أقل ما يوجد في آخر الزمان في أمتي درهم من حلال، أو أخ يوثق به) . ضعيف جدا أخرجه ابن عدي في " الكامل " (371/2) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد بن سنان بن يزيد: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أيوب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر رفعه؛ وقال: " لا يرون بهذا الإسناد إلا يزيد بن سنان، وقد أتي هذا الحديث منه، لا من محمد بن أيوب الرقي؛ وهو عزيز الحديث، ومحمد بن أيوب ليس له من الحديث إلا مقدار خمسة أو ستة، ويزيد بن سنان الرهاوي له حديث كثير، وفيه ما لا يوافقه الثقات عليه ". الحديث: 2867 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 396 أورده في ترجمة محمد بن يزيد بن سنان أبي فروة، ومع ذلك فإن لم يذكر فيه شيئا كما ترى؛ سوى هذا الحديث يرويه عن محمد بن أيوب. ومع ذلك فأبن عدي في كلامه المذكور يجعله من رواية يزيد بن سنان وليس من رواية ابنه محمد ابن يزيد بن سنان والد يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان. والظاهر أنه خطأ من ابن عدي، فقد رأيت الحديث في " تاريخ ابن عساكر " (15/436/1) من طريق محمد بن قبيصة: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الجزري عن محمد بن أيوب الرقي به. فالحديث حديث محمد بن يزيد بن سنان عن الرقي، وليس من حديث يزيد ابن سنان كما وهم ابن عدي، والله أعلم. ويؤيده أنهم لم يذكروا في الرواة عن الرقي يزيد بن سنان، وأنما ابنه محمد. ومحمد بن يزيد هذا؛ ليس بالقوي كما في " التقريب ". وشيخه محمد بن أيوب الرقي أسوأ حالا منه؛ قال فيه ابن أبي حاتم (3/2/197) عن أبيه: " ضعيف الحديث ". وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث ". 2868 - (أقلوا الدخول على الأغنياء؛ فإنه أخرى أن لا تزدروا نعمة الله عز وجل) . ضعيف جدا رواه العقيلي في " الضعفاء " (321/322) وابن عدي في " الكامل " (5/76) ، والسفلي في " الطيوريات " (176/1) ، والديلمي الحديث: 2868 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 397 (1 / 1 / 37) عن عمار بن زربي: أخبرنا بشر بن منصور عن شعيب بن الحبحاب عن أبي العالية عن مطرف عن أبيه مرفوعا. وقال العقيلي: (عمار بن زربي الغالب على حديثه الوهم ولا يعرف إلا به ". قال الذهبي: " وقد سمع من عمار بن زربي عبدان الأهوازي وتركه ورماه بالكذب ". والحديث عزاه السيوطي للحاكم والبيهقي عن عبد الله بن الشخير، وهو في " المستدرك " (4/312) وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي، لكن سقط منهما إسناده، فلم نعرف هل هو من هذه الطريق أم من الطريق أم من طريق أخرى، وأن كان يغلب على ظني حين رأيته في " الشعب " (7/273-274/10287) من طريق الحاكم عن عمار بن زربي به. 2869 - (أقم الصلاة، وأد الزكاة، وصم رمضان، وحج البيت، واعتمر، وبر والديك، وصل رحمك، وأقر الضيف، أمر بالمعروف، وانه عن المنكر، وزل مع الحق حيث زال) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/2/29-30) ، وأبو يعلى في " المفاريد " (ق 12/1) ، وعنه ابن حبان (1202) ، والطبراني (20/322-323/763) والحاكم (4/159) من طريق محمد بن سليمان بن مسمول: حدثنا القاسم بن مخول البهزي: سمع أباه يقول: " قلت: يا رسول الله! أوصني، قال: " فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: الحديث: 2869 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 398 " قلت: ابن مسمول ضعيف ". قلت: القاسم بن مخول لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابن مسمول، وبيض له ابن أبي حاتم، وأما ابن حبان فذكره له في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين. (تنبيه) : وقع في إسناد الحاكم بعد " البهزي ": " عن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " وكأنه مقحم من بعض النساخ أو الطابع. والله أعلم. 2870 - (أقيلوا السخي زلته، فإن الله آخذ بيده كلما عثر) . ضعيف أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 55) : حدثنا أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي: حدثنا محمد بن عبيد الله السراج: حدثنا المبارك بن عبد الخالق المدني: حدثنا سعيد بن محمد المدني: حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط. ومن دون فضيل لم أعرف أحدا منهم. وأبو الحارث هذا؛ أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/521/2 - 522/1) وقال: " روى عنه أبو بكر الخرائطي، ولم أجد للدمشقيين عنه رواية، وأظنه مات في الغربة ". ثم ساق له أحاديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ولا وفاة، فهو في عداد المجهولين. الحديث: 2870 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 لكن قد جاء من طرق أخرى عن فضيل؛ فأخرجه أبو عثمان البجيرمي في " الفوائد " (ق 31/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/166) ، وفي " الحلية " أيضا (10/4) ، والخطيب في " التاريخ " (14/98) ، والسلفي في " أحاديث وحكايات " (ق 78/1) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (61/2) عن أبي الفيض ذي النون المصري: حدثنا فضيل بن عياض به. وأخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/185/2) ، وأبو نعيم في " الأخبار " (2/319) ، وفي " الحلية " (10/4) من طريق محمد بن عقبة المكي: حدثنا الفضيل بن عياض به. وقال الطبراني: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن عقبة ". كذا قال، وقد تابعه من عرفت، فعلة الحديث ليث بن أبي سليم، ولفظ الطريقين الآخرين عنه: " تجافوا (وفي رواية: تجاوزا) عن ذنب السخي ... " الحديث. وبالرواية الأخيرة؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط " أيضا (1/185/1) ، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (5/59) من طريق بشر بن عبيد الله الدراسي: أخبرنا محمد بن حميد العتكي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعا وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا محمد بن حميد، تفرد به بشر ". قلت: وهو ضعيف جدا؛ قال ابن عدي: " منكر الحديث عن الأئمة، بين الضعف جدا ". وساق له بالذهبي مما أنكر عليه أحاديث قال في أحدها: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 400 " وهذا موضوع ". وشيخه محمد بن حميد العتكي؛ لم أعرفه. وأما الهيثمي فقد اقتصر في " المجمع " (6/282) على إعلاله بالدارسي فقال: " وهو ضعيف "! وقد وجدت للعتكي متابعا؛ أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4/108) : حدثنا محمد بن حميد: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعيد الدستوائي: حدثنا إبراهيم بن حماد الأزدي: حدثنا عبد الرحمن بن حماد البصري قال: حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله به. وقال: " غريب من حديث الأعمش لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: يعني من حديث الأعمش عن أبي وائل، وإلا فقد كتبه من غير هذا الوجه عنه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله كما تقدم. وهذا إسناد ضعيف أيضا؛ عبد الرحمن بن حماد البصري فيه كلام، وقد أخرج له البخاري ثلاثة أحاديث، ومن دونه لم أعرفهم. وروي من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه. أخرجه ابن عساكر (15/439/2) عن أبي علي الحسن بن أحمد بن محمد بن يونس بن الحسن الطائي: حدثنا محمد بن كثير: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ثم أنشد محمد بن كثير لنفسه: كن سخيا ولا تبال ابن من كنت * * * فما الناس غير أهل السخاء لن ينال البخيل مجدا ولو نال * * * بيافوخه نجوم السماء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 قلت: ومحمد بن كثير - وهو الصنعاني - فيه ضعف. والراوي عنه لم أعرفه. وأخرج أبو بكر بن المرزبان في " المروءة " (2/1) من طريق الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة قال: " رفع إلى عمر بن الخطاب رجل جنى جناية، فقيل له: يا أمير المؤمنين إن له مروءة، قال: استوهبوه من خصمه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .... فذكره بلفظ: " تجاوزوا لذوي المروءة عثراتهم، فوالذي نفسي بيده إن أحدهم ليعثر، وإن يده لفي يد الله عز وجل ". قلت: وهذا مع انقطاعه؛ فإن ابن أبي سبرة متهم بالكذب، ومثله الواقدي. وبالجملة فطرق الحديث كلها واهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ليس فيها ما يأخذ بعضد الآخر، وقد قال الهيتمي الفقيه في " أسنى المطالب " (27/2) : " ورواه ابن الجوزي في " الموضوعات "، والحق أنه ضعيف ". (تنبيه) : ألفاظ الحديث في هذه الطرق كلها متقاربة - باستثناء حديث الواقدي - غير حديث ابن عباس عند الخطيب؛ فإنه بلفظ: " تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم، وسطوة السلطان العادل، فإن الله تعالى آخذ بأيديهم كلما عثر عاثر منهم ". فهو عندي باطل بهذا اللفظ، لأنه مع كونه من رواية ليث بن أبي سليم كما تقدم، فإنه لم تقع هذه الزيادة في شيء من طرقه، ولا طرق غيره، إلا في رواية الخطيب هذه، وفيها هناد بن إبراهيم أبو المظفر النسفي؛ قال الذهبي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 " روى الكثير بعد الخمسين وأربعمئة إلا أنه راوية للموضوعات والبلايا وقد تكلم فيه ". قلت: فهذا من موضوعاته. والله أعلم. ثم إن الحديث في " نسخة نبيط بن شريط الموضوعة " (ق 158/1) وهو ثاني حديث فيها بلفظ: " أقيلوا الحسن الخلق السخي زلته فإنه [لا] يعثر حتى يأخذ الله عز وجل بيده " وقد أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 201) . 2871 - (أكبر الكبائر حب الدنيا) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/130) عن أبي جعفر محمد بن عبد الله بن عيسى بن إبراهيم: حدثنا الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال الستة، غير أبي جعفر محمد بن عبد الله بن عيسى بن إبراهيم فلم أعرفه. الحديث: 2871 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 2872 - (صلت الملائكة على آدم، فكبرت عليه أربعا، وقالت: هذه سنتكم يا بني آدم) . ضعيف أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/75/1) ، والدارقطني (190) ، والبيهقي (4/36) من طريق عثمان بن سعد عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. الحديث: 2872 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل عثمان هذا؛ فإنه ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب ". ورواه داود بن المحبر: حدثنا رحمة بن مصعب عن عثمان بن سعد به موقوفا على أبي. قلت: وهذا الإسناد مع كونه ضعيفا جدا لحال داود بن المحبر؛ فلعله أصح لأنه ورد بإسناد آخر صحيح عن الحسن به نحوه كما يأتي. وتابعه خارجة عن يونس عن عتي به. أخرجه الدارقطني. لكن خارجة هذا - وهو ابن مصعب بن خارجة الخراساني السرخسي - قال الحافظ: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقد أخرجه أبو داود الطيالسي عنه بأتم منه وليس فيه التكبير، فقال (549) : حدثنا خارجة بن مصعب عن يونس عن الحسن عن عتي السعدي عن أبي بن كعب. قال أبو داود: حدثنا ابن فضالة عن لحسن رفع الحديث: " لما نزل بآدم الموت، قال: أي بني! إني أشتهي من ثمر الجنة، فانطلق بنوه يلتمسون له، فرأتهم الملائكة، فقالوا: أين تريدون يا بني آدم؟ فقالوا: اشتهى أبونا من ثمر الجنة فانطلقنا نطلب ذلك له، فقالوا: ارجعوا فقد أمر بقبض أبيكم، فأقبلوا حتى انتهوا إلى آدم عليه السلام، فلما رأتهم حواء عرفتهم، فلصقت بآدم، فقال: إليك عني، فمن قبلك أتيت، دعيني وملائكة ربي، فقبضوه وهم ينظرون، وغسلوه وهم ينظرون، وكفنوه وهم ينظرون، وصلوا عليه ثم أقبلوا عليهم فقالوا: يا بني آدم! هذه سنتكم في موتاكم، وهذا سبيلكم ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404 قلت: وهذا صحيح ثابت عن الحسن لم يتفرد به خارجة. فقال الإمام أحمد في " المسند " (5/136) : حدثنا هدبة بن خالد: حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن به نحوه. وأخرجه ابن عساكر في " التاريخ " (2/328/1) عن أحمد. وهذا إسناد صحيح موقوف. وتابعه يونس بن عبيد؛ فقال ابن سعد في " الطبقات " (1/33 - 34) : أخبرنا سعيد بن سليمان: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن حسن قال: أخبرنا عتي السعدي به. وهذا صحيح أيضا؛ صرح فيه الحسن - وهو البصري - بالتحديث. ثم أخرجه ابن سعد من طريق إسحاق بن الربيع (وهو الأبلي العطاردي) عن الحسن به. وقد جاء مرفوعا؛ أخرجه الحاكم (1/344 - 345) من طريق إسماعيل عن يونس عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .... فذكره نحو لفظ الطيالسي؛ وقال: " صحيح الإسناد ". وهو كما قال، فإن عتيا هذا - وهو ابن ضمرة السعدي - قد روى عنه ابنه عبد الله أيضا، ووثقه ابن سعد وغيره. ثم أخرجه الحاكم (2/545) من طريق موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن الحسن به مرفوعا مختصرا بلفظ: " لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترا، وألحدوا له، وقالوا: هذه سنة آدم في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 ولده ". وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وأخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/75/1) ، وابن عساكر (2/328/1) من طريق روح بن أسلم: حدثنا حماد بن سلمة به. وقال الطبراني: " لم يروه عن حماد إلا روح ". قلت: يرد عليه رواية الحاكم، فتنبه. وجملة القول؛ أن الحديث عن أبي صحيح مرفوعا وموقوفا، ولكن ليس في شيء من الروايات الثابتة ذكر التكبير عليه أربعا كما في حديث الترجمة. نعم روى ابن عدي (288/1) ، وأبو نعيم في " الحلية " (4/96) ، وابن عساكر (2/328/2) من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كبرت الملائكة على آدم أربعا ". لكن محمد بن زياد هذا - وهو الطحان اليشكري - كذاب يضع الحديث كما قال أحمد، فلا يستشهد به ولا كرامة. ولعله من طريقه أخرجه الشيرازي في " الألقاب " من حديث ابن عباس بلفظ: " إن الملائكة صلة على آدم، فكبرت عليه أربعا ". هكذا عزاه إليه في " الجامع الصغير "، وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء، ولكنه عزاه للخطيب أيضا باللفظ المذكور. وخالفه فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 406 " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وكبر عليه أربعا .... وكبرت الملائكة على آدم أربعا ". وفرات هذا متروك أيضا؛ وقد قال فيه الإمام أحمد: " قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون، يتهم بما يتهم به ذاك ". وقد وجدت الحديث في " أخبار أصبهان " لأبي نعيم (2/25) في ترجمة علي بن مانك البلخي: حدث عن محمد بن أحمد الفرائضي: حدثنا محمد بن علي: حدثنا محمد بن محمود القاضي: حدثنا أحمد بن يعقوب القاري: حدثنا شقيق بن إبراهيم عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. فذكره دون قوله: " وقالت: .... " وقال مكانه: " وسلموا تسليمتين ". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ شقيق بن إبراهيم - وهو البلخي - من كبار الزهاد؛ لكنه منكر الحديث كما في " الميزان "؛ وقال في " الضعفاء ": " لا يحتج به ". ومن دونه لم أجد من ترجمهم، وعلي بن مانك لم يذكر فيه أبو نعيم جرحا ولا تعديلا. والخلاصة أن الحديث ضعيف. والله أعلم. وانظر ما سيأتي (3010) . 2873 - (علي أصلي، وجعفر فرعي) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/42 - 43) من طريق الحديث: 2873 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 407 الطبراني وغيره؛ عن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر: حدثني عمي موسى بن جعفر عن صالح بن معاوية عن أخيه عبد الله بن معاوية، عن أبيه معاوية بن عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وفيه علل: الأولى: عبد الله بن معاوية؛ مجهول الحال في الرواية، وابن حزم يقول فيه: " كان رديء الدين معطلا يصحب الدهرية ". الثانية: صالح بن معاوية؛ مجهول لم يترجموه! الثالثة: محمد بن إسماعيل بن جعفر؛ مجهول أيضا. ولذلك قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: " فيه من لم أعرفهم ". 2874 - (أكبر أمتي الذين لم يعطوا فيبطروا، ولم يقتر عليهم فيسألوا) . ضعيف رواه الخطيب في " الموضح " (2/206) عن شريك بن أبي نمر عن رجل من الأنصار يقال له ابن الجدع عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير ابن الجدع هذا فلم أعرفه. ومن طريقه رواه ابن شاهين كما في ترجمة الجدع الأنصاري من " الإصابة " (1/239) . الحديث: 2874 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 408 2875 - (اكتم الخطبة ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم صل ما كتب الله لك، ثم احمد ربك وجده ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، فإن رأيت لي في فلانة - سمها باسمها - خيرا في دنياي وآخرتي فاقض لي بها، أو قال: فاقدرها لي) . ضعيف رواه أحمد (5/423) ، وابن خزيمة في " صحيحه " (1/132/2) ، وعنه ابن حبان (685) ، والحاكم (2/165) ، وعنه البيهقي (7/147 - 148) ، وابن عساكر (5/214/1) والطبراني (1/195/1) عن ابن وهب: أخبرني حيوة بن شريح عن الوليد بن أبي الوليد أن أيوب بن خالد بن أبي أيوب: حدثه عن أبيه عن جده أبي أيوب الأنصاري مرفوعا به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وليس كما قالا، فإن خالد بن أبي أيوب أورده ابن أبي حاتم (1/2/322) بهذا السند ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول العين. وأما ابن حبان فوثقه (4/198) ! وابنه أيوب بن خالد قال الحافظ: " فيه لين ". والوليد بن أبي الوليد - وهو أبو عثمان المدني - وثقه أبو زرعة كما في " الجرح " (4/2/20) ؛ وقال الحافظ: " لين الحديث ". ورواه أحمد (5/423) من طريق ابن لهيعة عن الوليد بن أبي الوليد، به وفي الباب ما يغني عنه مثل حديث جابر وغيره: (إذا هم أحدكم الحديث: 2875 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 409 بالأمر. .) وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1376) وغيره. 2876 - (أكثر من الدعاء فإن الدعاء يرد القضاء المبرم) . ضعيف جدا رواه الخطيب في " التاريخ " (13/36) ، وعبد الغني المقدسي في " الترغيب في الدعاء " (81/1) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (3/181 و 4/133) عن يعقوب بن يوسف: حدثنا موسى بن محمد أبو هارون البكاء: حدثنا كثير بن عبد الله أبو هاشم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ... فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ أبو هاشم هذا قال ابن أبي حاتم (3/2/154) عن أبيه: " منكر الحديث، ضعيف الحديث جدا، شبه المتروك، بابة زياد بن ميمون ". وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك الحديث ". وأبو هارون البكاء؛ نقل الخطيب عن أحمد أنه قال: " ليس بثقة ولا أمين، ولا كرامة ". والحديث عزاه في " الجامع " لأبي الشيخ في " الثواب عن أنس " وقال المناوي: " وفيه عبيد الله بن عبد المجيد، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال ابن الحديث: 2876 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 معين: ليس بشيء، ورقم [له] علامة الشيخين، ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لأبي الشيخ مع وجوده لبعض المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو الخطيب في " التاريخ " باللفظ المزبور عن أنس المذكور ". قلت: وأنت ترى أن (عبيد الله بن عبد المجيد) ليس في إسناد الخطيب؛ فهل هو في سند أبي الشيخ، أم هو من أوهام المناوي؟ 2877 - (أكثر من أن تقول: سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، جللت السماوات والأرض بالعزة والجبروت) . منكر أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (1082) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (633) عن درمك بن عمرو عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فشكا إليه الوحشة، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ درمك هذا قال أبو حاتم: " مجهول ". وقال العقيلي: " لا يتابع على حديثه ". قال الحافظ: " وهو هذا ". وأخرجه الطبراني وقال: " لا يعرف إلا به، وقال أبو حاتم أيضا: منكر الحديث ". ولهذا قال الذهبي في " الضعفاء ": الحديث: 2877 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 411 " له حديث واحد تفرد به ". وقال في " الميزان ": " خبر منكر ". 2878 - (أكثروا استلام هذا الحجر، فإنكم يوشك أن تفقدوه بينما الناس ذات ليلة يطوفون به إذ أصبحوا وقد فقدوه، إن الله لا ينزل شيئا من الجنة إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 243 - 244) ، وعنه الديلمي (1/1/32) : حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن زهير بن محمد عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: أشار الحافظ إلى إعلاله بعثمان بن ساج، ولكنه لم يذكر من حاله شيئا؛ وقد قال فيه في كتابه " التقريب ": " ضعيف ". وزهير بن محمد - وهو الخراساني الشامي - وفيه ضعف أيضا. ثم روى الأزرقي عن عثمان قال: " وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول ما يرفع الركن، والقرآن، ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ". الحديث: 2878 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 2879 - (أكثروا ذكر الموت، فإن ذلك تمحيص للذنوب، وتزهيد في الدنيا، الموت القيامة، الموت القيامة) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/30) عن عنبسة بن عبد الرحمن عن الحديث: 2879 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 محمد بن زاذان عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الحافظ ابن حجر: " قلت: عنبسة وشيخه واهيان ". قلت: وقال في " التقريب " في كل منهما: " متروك ". وزاد في الأول: " رماه أبو حاتم بالوضع ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " متروك متهم ". والحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن أبي الدنيا عن أنس، دون قوله: " الموت .... "؛ وزاد: " فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم ". ونقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال: " إسناده ضعيف جدا ". 2880 - (أكثروا ذكر الموت، فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيى الله قلبه وهون عليه الموت) . موضوع رواه الديلمي (1/1/30) عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش عن نصر بن القاسم بن رشيد عن محمد بن يوسف المصيصي عن بشر بن سليمان الأشعبي عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحافظ: الحديث: 2880 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 " قلت: النقاش فيه مقال ". قلت: لقد سهل الحافظ القول فيه، وحاله أسوأ من ذلك، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " متهم بالكذب ". وقال في " الميزان ": " كذاب ". ومحمد بن يوسف المصيصي؛ قال الذهبي: " لا أعرفه ". وبشر بن سليمان الأشعبي؛ لم أجد من ذكره. 2881 - (أكثروا في الجنازة قول: لا إله إلا الله) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/32) عن عبد الله بن محمد بن وهب: حدثني يحيى بن محمد بن صالح: حدثنا خالد بن مسلم القرشي: حدثنا يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. بيض له الحافظ في " مختصر الديلمي "، وسنان بن سعد؛ ويقال: سعد بن سنان؛ قال في " التقريب ": " صدوق له أفراد ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفوه ". ومن دون يحيى بن أيوب؛ لم أجد من ذكرهم. الحديث: 2881 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 414 2882 - (أكثروا من تلاوة القرآن في بيوتكم، فإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، يقل خيره، ويكثر شره، ويضيق على أهله) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/27 - 28) عن الدارقطني في " الأفراد " تعليقا عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن بزيع عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس وجابر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال الحافظ: " قال الدارقطني: .... " كذا لم يذكر مقوله! والظاهر أنه قوله في عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم؛ ففيه ما يقتضي تضعيفه، فقد عزاه السيوطي في " الجامع " للدارقطني؛ فتعقبه المناوي بقوله: " ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه أورده من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن بزيغ؛ وضعفه، فرمز المصنف لحسنه غير حسن ". قلت: ومحمد بن إسحاق - وهو ابن يسار صاحب السيرة - مدلس؛ وقد عنعنه، فأنى للحديث الحسن؟ ! ورواه عمر بن نبهان عن الحسن عن أنس به. أخرجه البزار (3/93/2321) وقال: " لم يروه إلا أنس ". قلت: ولكنه لا يصح، فإن الحسن - وهو البصري - مدلس. وعمر بن نبهان ضعفه أبو حاتم وغيره. الحديث: 2882 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 415 2883 - (أكثروا من ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز الجنة ومن أكثر منه نظر الله إليه، ومن نظر الله إليه فقد أصاب خير الدنيا الآخرة) . موضوع رواه ابن عساكر (6/123/2) عن رجاء بن عبد الرحيم الهروي: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو الباهلي قال: وحدثتنا سلامة بنت سليم قالت: سمعت أمي أم رشيد بنت سعيد تقول: سمعت أبا بكر الصديق يقول: فذكره مرفوعا. أورده في ترجمة رجاء هذا؛ وروى عن أبي عبد الله الحاكم أنه قال: " وهو كثير المناكير ". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقد تابعه محمود بن أحمد الجرجاني: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو البصري به. أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (431) في ترجمة محمود هذا؛ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فالعلة - فيما أظن - من عبد الرحمن بن عمرو الباهلي؛ قال أبو حاتم: " كان يكذب، فضربت على حديثه ". وقال الدارقطني: " متروك يضع الحديث ". ومن فوقه من البنت وأمها لم أجد من ذكرهما. ثم وجدت له متابعا آخر؛ فقال الطبراني في كتاب " الدعاء " (ق 180/1) : حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة به. الحديث: 2883 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 416 والعسكري هذا توفى سنة (289) كما في " تاريخ الإسلام " (21/217) . فانحصرت العلة في (عبد الرحمن بن عمرو) . 2884 - (أكرموا الخبز، ومن كرامته أن لا ينتظر الأدم) . ضعيف رواه ابن عساكر (15/436/1) عن محمد بن قبيصة الأسفرائيني: حدثنا بشر العبدي قال: ذهبت مع أمي إلى وليمة فيها غالب القطان فوضع الخوان فأمسكوا أيديهم فقال: مالكم؟ فقالوا: حتى يجيء، فقال غالب: حدثتني كريمة بنت هشام الطائية عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، كريمة هذه مجهولة الحال؛ لم يوثقها أحد. وبشر العبدي؛ لم أعرفه، واحتمال كونه بشر بن الحكم بن حبيب العبدي أبو عبد الرحمن النيسابوري الثقة بعيد؛ لأنه مات سنة (237) أو (238) وهو من شيوخ الشيخين، ويبعد أن يكون أدرك غالب القطان وهو ابن خطاف؛ وهو من أتباع التابعين، وقد قيل إنه روى عن أنس! ومحمد بن قبيصة الأسفرائيني؛ لم أجد له ترجمة، ولكنه قد توبع، فأخرجه الحاكم (4/122) والبيهقي (5/85/5871) من طريق محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي: حدثنا بشر بن المبارك الراسبي (وقال البيهقي: العبدي) قال: ذهبت مع جدي في وليمة فيها غالب القطان ... الحديث مثله. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". وأقره الذهبي بقوله: " قلت: المرفوع منه أكرموا الخبز ". قلت: يعني أن تمام الحديث " ومن كرامته ..... " مدرج فيه ليس منه. وهو الحديث: 2884 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 خلاف الظاهر من الروايتين. لكن بشر بن المبارك الراسبي لم أجد من ذكره، وقد ذكره في " اللآلي " (2/215) من رواية البيهقي دون الزيادة فوقع فيه بشر بن المبارك العبدي؛ ولعله الصواب بشهادة الرواية التي قبلها. وقد روي الحديث بزيادة أخرى من طرق وهو: 2885 - (أكرموا الخبز، فإن الله تعالى أنزل له بركات السماء، وأخرج له بركات الأرض) . ضعيف روي من حديث الحجاج بن علاط، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن أم حرام، وأبي هريرة، وأبي سكينة، وموسى الطائفي، ومكحول مرسلا. 1- أما حديث الحجاج؛ فيرويه مروان بن سالم عن إسماعيل بن أمية عن بعض ولد الحجاج بن علاط عن الحجاج بن علاط مرفوعا. أخرجه الرافقي في " جزئه " (31/1) . وهذا إسناد موضوع، مروان بن سالم وهو الغفاري الجزري؛ قال الحافظ: " متروك، ورماه الساجي وغيره بالوضع ". 2- وأما حديث أبي موسى؛ فيرويه نمير بن الوليد عن أبيه عن جده عنه وزاد: " والبقر، والحديد، وابن آدم "، وقال: " سخر له " مكان " أنزل له ". أخرجه الرافقي أيضا، والمخلص في " بعض الخامس من الفوائد " (257/2) ، وعنه ابن عساكر في " التاريخ " (17/457/1) ، وتمام في " الفوائد " (86/1) ، وأبو سعيد الماليني وقال: الحديث: 2885 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 418 " يقال: إن نميرا تفرد بهذين الحديثين ". قلت: يعني هذا، وآخر بلفظ: " اللهم متعنا بالإسلام والخبز ... " قال الذهبي: " وهما موضوعان، ونمير ما عرفته، وأما أبوه وجده فمعروفان ". قلت: يعني هذا، وآخر بلفظ: " اللهم متعنا بالإسلام والخبز ... " قال الذهبي: " وهما موضوعان، ونمير ما عرفته، وأما أبوه وجده فمعروفان ". قلت: أخرج لهما البخاري في " الأدب المفرد "، والأب مجهول - كابنه - لم يرو عنه غير ابنه والوليد بن مسلم، وأما الجد فثقة. 3- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عنه. أخرجه ابن قتيبة في " كتاب العرب، أو الرد على الشعوبية " (ص 288 - 289) وقال ابن عساكر: " هذا حديث غريب ". قلت: ومحمد بن زياد - وهو الطحان اليشكري - كذاب. 4- واما حديث ابن عمرو؛ فيرويه طلحة بن زيد: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الله بن يزيد عنه. أخرجه تمام (133/1) ، وأبو الحسن الحمامي في " جزء الاعتكاف " (99/2) وقال: " غريب من حديث طلحة بن زيد ". قلت: وهو متروك؛ وقد اضطرب في سنده فرواه مرة هكذا، ومرة قال: عن زيد الحضرمي عن ثور عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا به. ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية المخلص؛ وقال: " طلحة متروك ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 وقد خولف في إسناده وهو: 5- وأما حديث عبد الله بن أم حرام؛ فرواه أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن كنيز: حدثني عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري أبو العباس - وكان صدوقا -: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت عبد الله بن أم حرام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره؛ وزاد: " ومن تتبع ما يسقط من السفرة غفر له ". أخرجه أبو تمام في " الفوائد " (13/133/1) هكذا، والطبراني (ق 40/1 - مجموع 6) ، البزار (2877 - كشف) إلا أنه قال: " عبد الملك (الأصل: عبد الله) بن عبد الرحمن الكناني ". وأخرجه العقيلي في " الضعفاء " (246) من طريق المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا عبد الملك بن عبد الرحمن أبو العباس الشامي عن إبراهيم بن أبي عبلة به دون الزيادة؛ وقال الغلابي: " قال يحيى بن معين: أول هذا الحديث حق، وآخره باطل ". وروى العقيلي عن البخاري أن عبد الملك هذا منكر الحديث؛ ضعفه عمرو بن علي جدا، ثم روى عن عمرو بن علي أنه قال فيه: " كذاب ". قلت: وأنت ترى أن عمرو بن علي قد قال في رواية تمام عنه: " وكان صدوقا ". وقد نقلوا عنه أنه قال في موضع آخر: " وكان ثقة ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 420 وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى أنهما اثنان؛ الأول: عبد الملك بن عبد الرحمن بن هشام أبو هشام الذماري الأبناوي؛ وهو الذي وثقه عمرو بن علي. والآخر: عبد الملك بن عبد الرحمن الشامي أبو العباس؛ وهو الذي ضعفه عمرو بن علي وغيره. واستظهر الذهبي أنهما واحد، وهو الذي ينشرح له صدري لأن هذا الحديث مداره على عبد الملك بن عبد الرحمن، فوقع في طريق تمام أنه الذماري، وفي طريق العقيلي أنه الشامي، وفي الطريقين معا أن كنيته أبو العباس. وهذا ينافي تخصيص المضعف بهذه الكنية كما فعل الحافظ، فالظاهر أنه رجل واحد، وإنما اضطر الحافظ إلى جعلهما رجلين لاختلاف قول عمرو بن علي فيه. والخطب في مثله سهل، فقد يختلف اجتهاد الحافظ في الراوي حسب ما يبدو له ويرد إليه مما يحمله على التوثيق أو التضعيف، وعلى كل حال فالعلماء مطبقون على أن صاحب هذا الحديث إنما هو الذي ضعفه عمرو بن علي جدا، وقال فيه البخاري: " منكر الحديث "؛ كما رواه العقيلي عنه فيما تقدم. وكذلك رواه عنه ابن عدي (ق 306/1) ؛ وذكر أن له أحاديث مناكير عن الأوزاعي. وتابعه غياث بن إبراهيم: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة به دون الزيادة. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/246) ، والخطيب في " التاريخ " (12/323) ، والطبراني أيضا، ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: " لا يصح، غياث كذاب ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2/214) . 6- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم: حدثني أبو حربة أحمد بن الحكم - من أهل البلقاء - عن عبد الله بن إدريس قال: وفد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 421 على مولاي نجا ملك البجة رجل من أهل الشام يستميحه يقال له عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، فقدم إليه طعاما على مائدة، فتحركت القصعة على المائدة فأسندها الملك برغيف، فقال له عبد الرحمن بن هرمز: حدثني أبو هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا خرجتم من حج أو عمرة فتمتعوا لكي تنكلوا (!) ، واكرموا الخبز فإن الله تعالى سخر له بركات السماء والأرض، ولا تسندوا القصعة بالخبز، فإنه ما أهانه قوم إلا ابتلاهم الله بالجوع ". أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (10/4) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حربة، ويقال: أبو حزبة؛ لا يعرف كما في " الميزان ". وأبو الفيض ذو النون - وهو المصري - ضعفه الدارقطني بقوله: " روى عن مالك أحاديث فيها نظر ". قلت: ولعله أدركته غفلة الصالحين! 7- وأما حديث أبي سكينة؛ فيرويه خلف بن يحيى قاضي الري عن إسماعيل بن جعفر عن حميد بن عبد الله عنه مرفوعا بلفظ: " أكرموا الخبز، فإن الله أكرمه، فمن أكرم الخبز فقد أكرم الله ". أخرجه الطبراني، وسكت عليه في " اللآلي " (2/215) فلم يحسن، لأن خلفا هذا (ووقع فيه " خالد " وهو خطأ مطبعي) كذبه أبو حاتم، وتساهل الهيثمي في الاقتصار على تضعيفه فقال: " رواه الطبراني، وفيه خلف بن يحيى قاضي الري وهو ضعيف. وأبو سكينة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 422 قال ابن المديني: لا صحبة له ". 8- وأما حديث موسى الطائفي؛ فيرويه منهال بن عيسى العبدي: أخبرنا معان أبو صالح: حدثني موسى الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكرموا الخبز، .... " فذكر الحديث. هكذا أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/2/12) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، موسى الطائفي لم أجد له ترجمة، وليس صحابيا، فإن معانا الراوي عنه ذكروا أنه روى عن أبي حرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة .... فهو تابعي أو تابع تابعي. ومعان أبو صالح ذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال: " حديثه غير محفوظ، ولا يتابع عليه ". ومنهال بن عيسى العبدي؛ أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/3581) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع البخاري قبله، وفي ترجمته ساق هذا الحديث. ونقل ابن علان في " شرح الأذكار " (5/152) عن أبي حاتم أنه قال: مجهول. والله أعلم. 9- وأما مرسل مكحول؛ فيرويه محمد بن راشد عن الفضل بن عطاء عنه مرفوعا به وزاد: " وإذا وضعت المائدة فأربعوا، ومن يأكل ما يسقط حول المائدة يغفر له ". أخرجه حميد بن زنجويه في " ترغيبه " كما في " اللآلي " وسكت عليه؛ وكأنه لوضوح ضعفه؛ فإنه مع إرساله فيه الفضل بن عطاء وهو مجهول. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 423 ومحمد بن راشد؛ إن كان المكحولي الدمشقي فصدوق يهم، وإن كان المكفوف البصري فمقبول عند الحافظ. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف من جميع طرقه، لشدة ضعف أكثرها واضطراب متونها، اللهم إلا طرفه الأول " أكرموا الخبز "، فإن النفس تميل إلى ثبوتها، لاتفاق جميع الطرق عليها، ولعل ابن معين أشار إلى ذلك بقوله المتقدم، " أول هذا الحديث حق، وآخره باطل ". ولأن حديث عائشة الذي قبله يمكن اعتباره شاهدا له لا بأس به لخلوه من الضعف الشديد، بل قد صححه الحاكم والذهبي كما تقدم، ونقل الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " عن شيخه (يعني الحافظ ابن حجر) أنه قال فيه: " فهذا شاهد صالح ". والله سبحانه وتعالى أعلم. 2886 - (أكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت أحدا من الأنبياء أحوط على أمتي منه) . منكر رواه ابن عساكر (17/193/1) عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن يزيد بن أبي مالك عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لاختلاط التنوخي هذا مع ثقته وفضله. لكن يزيد - وهو ابن عبد الرحمن - بن أبي مالك الدمشقي فيه لين. الحديث: 2886 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 424 2887 - (صلاة المرأة وحدها تفضل صلاتها في الجمع خمسا وعشرين درجة) . الحديث: 2887 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 424 منكر. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/58) من طريق بقية بن الوليد: حدثني أبو عبد السلام: حدثني نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، آفته أبو عبد السلام - وهو الوحاظي - وهو في مشيخة (بقية) العوام المجهولين، والخبر منكر؛ كذا في " الميزان "، ولعله يعني هذا الخبر. 2888 - (إن الله يحب المداومة على الإخاء القديمة، فداوموا عليها) . ضعيف جدا رواه أبو الشيخ في " التاريخ " (ص 212) ، وأبو الحسن الحربي في " أحاديثه " المعروفة بـ " الحربيات " (2/47/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/58) ، والديلمي (1/2/249) عن عبد الله بن محمد عن داود بن إبراهيم (وهو الواسطي) قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أعله أبو الشيخ وأبو نعيم بعبد الله بن محمد - وهو ابن سلام أبو بكر - قالا: " وكان شيخا فيه لين ". وقال الذهبي - بعد أن ساقه من طريق أبي نعيم -: " هذا منكر بمرة، ما أظن سفيان حدث به قط ". الحديث: 2888 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 425 2889 - (من اتقى الله عز وجل عاش قويا، وسار في بلاد عدوه الحديث: 2889 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 425 آمنا) . ضعيف رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/63/247 - 248) عن عبد الله بن سخت: حدثنا الخليل بن عمر بن إبراهيم: حدثنا صالح المري عن الحسن عن سمرة مرفوعا. أورده في ترجمة ابن سخت ولم يزد فيها على أن ذكر له هذا الحديث؛ وآخر بلفظ: " يا ابن آدم ارض بالقوت .... ". قلت: فهو إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن سخت هذا. وضعف صالح المري؛ وهو ابن بشير البصري القاص الزاهد، وعنعنة الحسن البصري. وأخرجه في " الحلية " (2/175) من طريق إسحاق بن العنبر قال: حدثنا نصر بن ثابت عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب مرفوعا به إلا أنه قال: " بلاده " مكان " بلاد عدوه ". ولكن الإسناد ضعيف جدا، نصر بن ثابت قال الذهبي: " تركه جماعة، وقال البخاري: يرمونه بالكذب ... ". وإسحاق بن العنبر كذبه الأزدي؛ وقال: " لا تحل الرواية عنه ". والحديث بيض المناوي لإسناده ولم يتكلم عليه بشيء، وقد عزاه السيوطي للحلية. وزاد المناوي: والعسكري عن سمرة. 2890 - (الجنة لكل ثابت، والرحمة لكل واقف) . الحديث: 2890 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 426 ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/84) عن حجاج بن نصير: حدثنا مقاتل عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مقاتل هذا - وهو ابن سليمان الخراساني صاحب التفسير - قال الحافظ: " كذبوه، وهجروه، ورمي بالتجسيم ". وحجاج بن نصير؛ ضعيف كان يقبل التلقين. والحديث مما بيض له المناوي! 2891 - (أكثر الناس ذنوبا، أكثرهم كلاما فيما لا يعنيه) . ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (346) ، وابن بطة في " الإبانة " (2/127/2) ، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/136/2) ، وعنه أبو علي البنا في رسالة " السكوت ولزوم البيت " (ق 6/2) ، والديلمي (1/1/130) من طريق عصام بن طليق عن شعيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال العقيلي: " عصام بن طليق، قال يحيى (يعني ابن معين) : ليس بشيء، وشعيب مجهول بالنقل، وقد تابعه (يعني عصاما) من هو دونه أو مثله ". وقال البخاري فيه: " مجهول، منكر الحديث ". وروى ابن النجار عن الدارقطني قال: " كتب إلي أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستي قال: عصام بن طليق شيخ يروي عن الحسن، روى عنه البصريون ... وكان ممن يأتي بالمعضلات عن أقوام أثبات ". الحديث: 2891 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 427 قلت: ولعل الصواب فيه الوقف، فقد أخرجه ابن وهب في " جامعه " (ص 52) ، ووكيع في " الزهد " (2/64/1) والبيهقي في " الشعب " (7/416/10808) من طريق صالح بن خباب عن حصين بن عقبة الفزاري قال: قال عبد الله: ... فذكره موقوفا؛ إلا أنه قال: " أكثرهم خوضا في الباطل ". ورجاله كلهم ثقات، غير صالح بن خباب؛ فأورده ابن أبي حاتم (2/1/400) هكذا وقال: " مولى بني الديل، روى عن عطاء بن أبي رباح، وروى عنه جعفر بن ربيعة وابن لهيعة ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأورده البخاري في " التاريخ " (2/2/287) هكذا: " صالح بن عطاء بن خباب مولى بني الديل، عن عطاء ..... ". وكذلك هو في " ثقات ابن حبان " و " ابن ماكولا " كما في حاشية الشيخ اليماني رحمه الله على الكتابين. وكذلك هو في " ثقات العجلي " بترتيب السبكي رقم (568) وقال: " حجازي ثقة ". فالسند موقوف جيد إن شاء الله تعالى. ثم رواه وكيع عن شمر بن عطية عن سلمان موقوفا عليه بلفظ: " كلاما في معصية ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 428 وشمر هذا ثقة، ولكنه لم يدرك سلمان. ورواه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (4/41/2) عن أبي جعفر الرازي عن قتادة مرفوعا مرسلا. قلت: وهذا مع إرساله ضعيف؛ لسوء حفظ الرازي. والحديث عزاه في " الجامع " لابن لال وابن النجار عن أبي هريرة. والسجزي في " الإبانة " عن عبد الله بن أبي أوفى، وأحمد في " الزهد " عن سلمان موقوفا. فقال المناوي في " شرحه ": " رمز المصنف لضعفه، وفيه كلامان: الأول: أنه قد انجبر بتعدد طرقه كما ترى، وذلك يرقيه إلى درجة الحسن بلا ريب. وقد وقع له الإشارة إلى حسن أحاديث [في] هذا الكتاب أوهى إسنادا من هذا بمراحل لاعتضاده بما دون ذلك. الثاني: أن له طريقا جيدة أغفلها، فلو ذكرها واقتصر عليها أو ضم إليها هذا لكان أصوب، وهي ما رواه الطبراني بلفظ: أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل. قال الهيثمي: رجاله ثقات ". قلت: وفي هذا التعقب نظر. أولا: أن السيوطي ذكره من ثلاث طرق: الأولى: عن أبي هريرة؛ وقد عرفت ضعفها. الثانية: عن ابن أبي أوفى؛ ولم نقف على إسنادها، ولا تكلم المناوي عليها بشيء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 429 الثالثة: موقوفة؛ والموقوف لا يصلح شاهدا للمرفوع كما هو ظاهر، فجزمه بأن الحديث يرتقي إلى درجة الحسن، هو من زلة القلم بلا شك، لأنه يعلم أن قاعدة انجبار الحديث الضعيف بكثرة الطرق ليس على إطلاقها كما بينه النووي وابن الصلاح وغيرهما. ثانيا: قد عرفت أن السيوطي لم يذكر له غير طريق واحد مرفوعا، وهذا مع احتماله كونه شديد الضعف، فأين كثرة الطرق حتى ينجبر به الضعف؟ ! ثالثا: وإذا كان السيوطي قد تساهل كثيرا فحسن أحاديث هي أوهى إسنادا من هذا، فذلك لا يسوغ لنا أن نتساهل مثله، بل ذلك ينبغي أن يكون لنا عبرة، فلا نقع في مثل ما وقع هو فيه من التساهل! رابعا: أن صنيعه يوهم أن الطريق الجيدة التي أغفلها السيوطي ورواها الطبراني هي مرفوعة. وليس كذلك؛ بل هي موقوفة على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. كذلك ذكرها الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/303) وأظن أنها من طريق صالح بن خباب المتقدمة، فإذا كان كذلك فهي أن تكون شاهدا على ضعف الحديث وعلى أن راويه أخطأ في رفعه - كما سبقت الإشارة إليه - أقرب من أن تكون شاهدا له يقويه. فتأمل. ثم صدق ظني حين رجعت إلى " الطبراني " (9/108/8547) فإذا هو من طريق صالح بن خباب (موقوفا) . 2892 - (أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة يوم القيامة) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/1/29) عن الحسن بن سعيد الموصلي الحديث: 2892 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 430 عن إبراهيم بن حيان عن حماد بن سلمة عن برد بن سنان عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا. قال الحافظ: " إبراهيم بن حيان "! كذا بياض في الأصل، وقد ذكر في " اللسان " تبعا لأصله: " قال ابن عدب: أحاديثه موضوعة ". وبرد بن سنان صدوق؛ لكنه لم يسمع من أبي أمامة، بينهما مكحول، فقد أورده المنذري في " الترغيب " (2/281) بزيادة - في وسطه -: " فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ". وقال: " رواه البيهقي بإسناد حسن، إلا أن مكحولا قيل: لم يسمع من أبي أمامة ". قلت: وكذا ذكر السخاوي في " القول البديع " (ص 158) دون أن يعزوه للمنذري! ثم قال عقبه: " نعم في " مسند الشاميين " للطبراني التصريح بسماعه منه، وقد رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " له، فأسقط منه ذكر مكحول وسنده ضعيف، ولفظه عند الطبراني: من صلى علي، صلى عليه ملك حتى يبلغنيها. وقد تقدم في الباب الثاني ". قلت: ونص كلامه هناك (ص 113) : " رواه الطبراني في " الكبير " من رواية مكحول عنه. قلت: وقد قيل: إنه لم يسمع منه، إنما رآه رؤية. والراوي له عن مكحول موسى بن عمير؛ وهو الجعدي الضرير كذبه أبو حاتم ". قلت: ينظر في إسناد الطبراني الذي صرح مكحول فيه بسماعه من أبي أمامة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 431 هل يصح عنه؟ فقد جزم أبو حاتم بأنه لم يره. وعلى فرض الثبوت، فلا يلزم منه ثبوت اتصال هذا الإسناد عنه؛ لأنه كان مدلسا. فتنبه. ثم رجعت إلى " مسند الشاميين " فرأيت فيه تصريحه بسماعه من أبي أمامة في حديث آخر. لكن في الطريق إليه (3415) محمد بن الفضل وهو ابن عطية كذبوه. لكن فيه (3448) بإسناد آخر جيد: أنه دخل على أمامة بحمص ... بحديث آخر. والجواف قد عرف. ثم إن تحسين المنذري إياه يشعر بأنه ليس فيه عند البيهقي إبراهيم بن حيان. فلينظر. ثم رجعنا إلى " سنن البيهقي " (3/249) فإذا فيه (إبراهيم بن الحجاج) ، وهو ثقة، ولذلك حسنه المنذري، وما أظن (الحجاج) إلا تحريف (حيان) فقد ساق ابن عدي (1/254) لإبراهيم بن حبان هذا حديثا آخر عن حماد بن سلمة بإسناده المذكور، وكذلك وقع في إسناد الديلمي كما ترى، وهو الذي روى عن حماد، وعنه الحسن بن سعيد الموصلي كما في " المغني "، وقال: " ساقط متهم ". 2893 - (أكثروا من القرينتين: سبحان الله وبحمده) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/29) من طريق الحاكم عن محمد بن علي بن إبراهيم بن عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: حدثنا الحسين بن عبد الله بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون زيد بن علي لم أجد من ترجمهم. الحديث: 2893 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 432 وأما المناوي فقال في " شرح الجامع ": " رمز المصنف لضعفه، ووجهه أن فيه جماعة من رجال الشيعة كلهم متكلم فيهم ". 2894 - (من طلق البتة ألزمناه ثلاثا، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره) . موضوع رواه ابن النجار (10/169/2) عن عثمان بن مطر عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي رضي الله عنه قال: [سمع] رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا طلق البتة فغضب وقال: تتخذون دين الله - أو قال: تتخذون الله تعالى - هزوا ولعبا؟ ! من طلق.. الحديث. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عبد الغفور هذا - وهو أبو الصباح الواسطي - قال البخاري: " تركوه ". وقال ابن حبان: " كان ممن يضع الحديث ". وعثمان بن مطر؛ مثله أو نحوه؛ فقال ابن حبان: " كان ممن يضع الحديث ". وعثمان بن مطر؛ مثله أو نحوه؛ فقال ابن حبان: " كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ". لكن تابعه قتيبة بن مهران: حدثنا عبد الغفور به؛ ولفظه: " من طلق البتة اتخذ دين الله هزوا ولعبا، وألزمناه ثلاثا، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، يدخل بها بلا خداع ". أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/164 - 165) في ترجمة قتيبة الحديث: 2894 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 433 هذا. وذكر أنه روى عنه جمع، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا. وفي " الميزان " أنه أصبهاني مشهور، أثنى عليه يونس بن حبيب، وأنه كان جليلا. فالآفة من عبد الغفور المذكور. وروى أبو الصلت إسماعيل بن أبي أمية الذراع من حفظه: حدثنا حماد بن زيد: أخبرنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: سمعت معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... فذكره مختصرا بلفظ: " من طلق للبدعة ألزمناه بدعته ". أخرجه البيهقي (7/327) ، وكذا الدارقطني (ص 433) وقال: " إسماعيل بن أبي أمية هذا كوفي ضعيف الحديث ". وروى البيهقي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي: أنبأنا أبو الحسن الدارقطني الحافظ قال: " إسماعيل بن أبي أمية المصري (كذا) متروك الحديث ". (تنبيه) : تصحف هذا الحديث على الشيخ النبهاني في كتابه " الفتح الكبير " فوقع فيه (3/210) : " من طلب البدعة ..... "! وحديث أنس ذكره ابن حزم في " المحلى " (10/164) من طريق إسماعيل هذا، لكنه جعله من مسنده لم يذكر معاذا فيه؛ وقال: " حديث موضوع بلا شك ". 2895 - (عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة، وإياكم والصف بين السواري) . الحديث: 2895 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 434 ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (3/143/1) ، و " الأوسط " (1/33/1) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/192) : حدثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي يزيد المديني عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن مسلم - وهو المكي - ضعيف الحديث كما في " التقريب ". (تنبيه) : وقع الحديث في " مجمع الزوائد " (2/92) موقوفا على ابن عباس من رواية " المعجمين "، وهو فيهما مرفوع كما ذكرنا، فالظاهر أنه سقط رفعه من الناسخ أو الطابع. (فائدة) : الشطر الثاني من الحديث قد ثبت عن ابن مسعود موقوفا: " لا تصفوا بين السواري ". رواه البيهقي (2/279) ، والطبراني. وإسناده حسن على ما قال الهيثمي (2/95) . وهو مردود كما سيأتي بيانه إن شاء الله برقم (5834) . وثبت عن أنس أنهم كانوا يتقون الصلاة بين السواري على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الحاكم (1/210) وصححه. ووافقه الذهبي. 2896 - (إن أمتي لن تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم) . ضعيف رواه ابن ماجه (3950) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 84 - بتحقيقي) ، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (133/2) ، واللالكائي في " أصول أهل السنة " (1/105/653) عن معان بن رفاعة الحديث: 2896 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 435 السلامي عن أبي خلف الأعمى عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ أبو خلف الأعمى قال الحافظ: " متروك، ورماه ابن معين بالكذب ". وقال الدارقطني في " الأفراد ": تفرد بهذا الحديث. ومعان بن رفاعة؛ لين الحديث. وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/208) من طريق بقية بن الوليد عن عتبة بن أبي حكيم عن أرطاة بن المنذر عن أبي عون الأنصاري عن سمرة بن جندب مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وفيه علل: الأولى: الانقطاع بين أبي عون الأنصاري وسمرة بن جندب، فإن أبا عون هذا لم يذكروا له رواية عن الصحابة، بل قال ابن عبد البر: " روى عن عثمان مرسلا ". الثانية: جهالة حال أبي عون هذا؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول " يعني عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث. الثالثة: ضعف عتبة بن أبي حكيم؛ قال الحافظ: " صدوق يخطىء كثيرا ". الرابعة: عنعنة بقية؛ فإنه كان مدلسا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 436 2897 - (أكل الطين حرام على كل مسلم) . ضعيف جدا رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/101) ، والديلمي (1/1/131) عن عمر بن شبة: حدثنا إبراهيم بن بكر عن أبي عاصم العباداني عن أبان عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد هالك؛ مسلسل بالعلل: الأولى: أبان - وهو ابن أبي عياش - وهو متروك. الثانية: أبو عاصم العباداني؛ قال الذهبي: " ليس بحجة، يأتي بعجائب، قال العقيلي: منكر الحديث ". الثالثة: إبراهيم بن بكر - وهو الشيباني - قال أحمد: " رأيته وأحاديثه موضوعة ". وقال الدارقطني: " متروك ". وله طريق أخرى؛ يرويها خالد بن غسان: حدثنا أبي: حدثنا حماد بن سلمة: حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا به. أخرجه ابن عدي (120/1) ، ومن طريقه السلفي في " معجم السفر " (159/1) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3/32) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ غسان - وهو ابن مالك بن عباد البصري - قال ابن أبي حاتم (3/2/50) عن أبيه: وخالد بن غسان؛ قال الدارقطني: الحديث: 2897 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 437 " متروك الحديث ". وقال ابن عدي: " حدث عن أبيه بحديثين باطلين، وأبوه معروف، ولا بأس به ". ثم ساقهما، هذا أحدهما والآخر بلفظ: " من مات وفي بطنه مثال من طين أكبه الله على وجهه في النار ". وإسنادهما واحد. وفي الباب أحاديث أخرى بنحوه، أخرج بعضها البيهقي في " السنن الكبرى " (10/11) وقال: " لا يصح منها شيء ". وروى عن ابن المبارك أنه أنكر هذا الحديث وقال: " لو علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لحملته على الرأس والعين والسمع والطاعة ". 2898 - (أكرموا الشهود، فإن الله يستخرج بهم الحقوق، ويدفع بهم الظلم) . منكر أخرجه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " (ص 308) ، والعقيلي في " الضعفاء " (3/84) ، والخطيب في " التاريخ " (5/94 و 6/138 و 10/300) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 62/2) ، والديلمي (1/1/34) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/52/2) ، والدامغاني الفقيه في " الأحاديث والأخبار " (1/107/1) ، والقاضي أبو يعلى في " المجلس الثاني من الأمالي " (48/1) كلهم من طريق عبد الصمد بن موسى قال: حدثني عمي إبراهيم بن محمد عن عبد الصمد بن علي عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا. وقال الخطيب والديلمي والدامغاني عن الدارقطني: الحديث: 2898 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 438 " هذا حديث غريب، تفرد به عبد الصمد بن موسى بهذا الإسناد ". ونحوه قول العقيلي: " حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". وقال الخطيب في حديث يأتي برقم (5722) : " ضعفوه ". وعمه إبراهيم بن محمد؛ نحوه في الضعف، وقد أخرجه العقيلي في ترجمته أيضا (1/65) وقال: " حديثه غير محفوظ ". وقال الذهبي في ترجمته: " وقع لنا حديثه عاليا في " جزء البانياسي " عن عبد الصمد بن علي عن آبائه: أكرموا الشهود ... وهذا منكر، وإبراهيم ليس بعمدة. ذكره العقيلي ". قال الحافظ عقبه: " لفظ العقيلي: إبراهيم حديثه غير محفوظ، ولا أصل له ". قلت: ليس في نسختنا من العقيلي قوله: " ولا أصل له ". والله أعلم. وعبد الصمد بن علي؛ أورده الذهبي لهذا الحديث وقال: " وهذا منكر، وما عبد الصمد بحجة، ولعل الحفاظ سكتوا عنه مداراة للدولة ". وتعقبه الحافظ بأن العقيلي أورده في " الضعفاء " وساق له هذا الحديث؛ وقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 439 " حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". وله حديث آخر يأتي برقم (5722) . 2899 - (اكفلوا لي بست خصال. وأكفل لكم بالجنة: الصلاة، والزكاة، والأمانة، والفرج، والبصر، واللسان) . ضعيف رواه الطبراني في " الأوسط " (13/2 - من ترتيبه) عن عبد الله بن عمر بن أبان: حدثنا يحيى بن حبان الطائي: حدثنا عصمة بن زامل عن أبيه: سمعت أبا هريرة يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: " لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ". قلت: وقال الهيثمي (1/293) بعدما عزاه لأوسط الطبراني: " قلت: وإسناده حسن ". ونقل المناوي عنه أنه قال: " فيه حماد الطائي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". كذا وقع فيه " حماد " وهذا اسم والد الراوي كما ترى، فلا أدري سقط اسم الراوي نفسه من المناوي أو من نسخة الطبراني خاصة الهيثمي (1) . ثم إنني لم أجد في الرواة من يسمى يحيى بن حماد الطائي، وكأن ناسخ " زوائد الأوسط " وهي بخط الحافظ السخاوي؛ شك في هذا الاسم " يحيى "   (1) ثم رأيته قد ذكره في موضع آخر من المجمع (10 / 301) فقال: " رزاه الطبراني في " الصغير " و " الأوسط " وفيه يحيى بن حماد الطائي ولم أعرفه. . . " فتبين أن السقط من المناوي أو من ناسخه. ثم إن عزوه لـ " الصغير " سهو؛ فإنه ليس فيه. والله أعلم. الحديث: 2899 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 440 فوضع عليها ضبة مشيرا إلى أن الأصل هكذا، فلا أدري السهو فيه ممن؟ ! فإن الصواب فيه " جميل بن حماد الطائي " هكذا ذكره ابن أبي حاتم (1/1/519) وقال: " روى عن عصمة بن زامل، وروى عنه عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح القرشي ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك ذكره في ترجمة عصمة بن زامل الطائي (3/3/20) ولم يذكر فيها أيضا جرحا ولا تعديلا. وكذا في " اللسان " (4/168 - 169) وقال: " قال البرقاني: قلت للدارقطني: جميل بن حماد عن عصمة بن زامل فذكر هذا الإسناد؟ فقال: إسناد بدوي، يخرج اعتبارا ". وزامل؛ هو ابن أوس الطائي، كذا ذكره ابن حبان في " الثقات " (1/58) ، ولم ينسبه ابن أبي حاتم (1/2/617) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قلت: ومن هذا التحقيق يتبين أن هذا الإسناد ضعيف مسلسل بالمجهولين؛ فتحسينه ليس بحسن، وكذلك قول المنذري (1/143 و 263) : " لا بأس به ". نعم؛ إذا صح قوله في الموضع الثاني: " وله شواهد كثيرة " كان حسنا لغيره، وما يترجح ذلك عندي الآن. والله أعلم. وإنما ثبت بلفظ آخر، فراجع " الصحيحة " (1525) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 441 2900 - (أكل الليل أمانة) . ضعيف عزاه في " الجامع الصغير " لأبي بكر بن أبي دواد في " جزء من حديثه "، والديلمي في " ميند الفردوس " عن أبي الدرداء. وقد وقفت على إسناده في قطعة من أربعين حديثا يغلب على الظن أنها للحافظ الذهبي أو ابن المحب المقدسي في " المجموع - 107 " الحديث الثاني عشر، ساقه بإسناده إلى أبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث: حدثنا كثير بن عبيد: حدثنا بقية عن مهدي بن الواليد بن عامر اليزني عن يزيد بن خمير عن أبي الدرداء مرفوعا. وكذا أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/131) عن كثير بن عبيد به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مهدي بن الواليد هذا؛ قال في " الجرح " (4/1/337) : " روى عن أبيه عن يزيد بن خمير. روى عنه بقية سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمد: روى عنه ابنه المؤمل بن مهدي. سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعلم روى عنه غير بقية ". قلت: فهو مجهول، وهو مما يستدرك على الذهبي ثم العسقلاني، فإنهما لم يورداه في كتابيهما. ثم إن ابن أبي حاتم ذكر آنفا أنه روى عن أبيه عن يزيد بن خمير، وليس في إسناد هذا الحديث " عن أبيه " والله أعلم. وبقية - وهو ابن الواليد - مدلس وقد عنعنه. وأما يزيد بن خمير؛ فهو حمصي صدوق كما قال الحافظ. وقال الذهبي: الحديث: 2900 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 442 " تابعي قديم، صويلح ". ولم يعرفه المناوي فقال في إعلامه للحديث: " مجهول "! 2901 - (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فبغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله يوشك أن يأخذه) . ضعيفأخرجه البخاري في التاريخ (3/131/389) ، والترمذي (3861) ، وابن حبان (2284- موارد) ، وأحمد (4/87 و 5/54-55) ، وفي " الفضائل " (1/47/1 و 3) ، وابنه عبد الله في " زوائده " (1/48/2و4) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/479/992) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/287) ، والعقيلي (2/272) ، وابن عدي (4/167) ، والبيهقي في " الشعب " (2/191/1511) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (9/123) ؛ كلهم من طريق عن سعد بن إبراهيم - وقال بعضهم: إبراهيم بن سعد -: حدثنا عبيد بن أبي رائطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي: " حديث [حسن] غريب، لانعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وقوله: " حسن " زيادة في بعض النسخ دون بعض؛ كما ذكر ذلك الأستاذ الدعاس في تعليقه عليه، وفي ثبوتها في " الترمذي " نظر عندي، ولا الحديث: 2901 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 443 سيما وهو مناف لحال أحد رواته في نقدي لما يأتي، فقد عزاه جمع للترمذي منهم العراقي في " تخريج الإحياء " (1/93) ، ومن قبله الحافظ المزي في " التحفة " فلم يذكروا عنه تحسينه إياه، وكذلك في ترجمة عبد الرحمن بن زياد من " التهذيب ". وتبعهم السيوطي في " الجامع الكبير "، ومن قبله ابن كثير في " التفسير / الأحزاب "، لكني قد وجدت التحسين قد ذكره في عبارة الترمذي المتقدمة من أقدم من هؤلاء جميعا وأكثر معرفة بكتاب الترمذي، ألا وهو الحافظ البغوري في " شرح السنة " (14/71) ، فالظاهر أن التحسين ثابت عن الترمذي في بعض نسخ كتابه القديمة، فإن صح عنه فهو من تساهله المعروف، فقد قال شيخه البخاري عقب الحديث: " فيه نظر ". قلت: ولعل ذلك - والله أعلم - من قبل راويه عبد الرحمن بن زياد؛ فإنه لا يعرف إلا بهذه الرواية من طريق ابن أبي رائطة عنه. ولذلك قال الذهبي في " الميزان ". " لا يعرف، قال البخاري: فيه نظر ". وأقره الحافظ في " اللسان "؛ وذكر أنه اختلف في اسمه، وأنه مفسر في " التهذيب " في ترجمة عبد الرحمن بن زياد. وهناك روى عن ابن معين أنه قال فيه: " لا أعرفه ". والاختلاف الذي أشار إليه، قد تتبعته في المصادر التقدمة فوجدته على الوجوه الأربعة التالية: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 444 1- عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي. 2- عبد الرحمن بن أبي زياد. 3- عبد الرحمن بن زياد 4- عبد الرحمن بن زياد أو غبد الرحمن بن عبد الله. فأقول: إن هذا الاختلاف مما يؤكد ما سبق عن الحافظ أنه لا يعرف. وعلى الوجه الأول وقع " كامل ابن عدي "، ولكنه شذ عن الجماعة، فأورد الحديث بإسناده تحت ترجمة (عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي) ، وروى فيها قول البخاري المتقدم في (عبد الله بن عبد الرحمن) : " فيه نظر ". فأوهم ابن عدي بصنيعه هذا أن الحديث حديث الطائفي هذا، ولا علاقه له به مطلقا، فقد تبعه على ذلك المعلق عليه! وخالف الطرق المشار إليها آنفا حمزة بن رشيد الباهلي فقال: حدثنا إبراهيم ابن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة عن عمر بن بشر عن أنس بن مالك أو عمن حدثه عن أنس بن مالك - إبراهيم شك - عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. أخرجه العقيلي (2/273) . قلت: وهذه رواية شاذة بل منكرة؛ فإن حمزة هذا - مع مخالفته للثقات - لم أجد له ترجمة فيما لدي من كتب الرجال. ثم قال العقيلي: " وفي هذا الباب أحاديث جيدة الإسناد من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 445 قلت: وكأنه يشير إلى نكارته، وهو بها حري. ومن تلك الأحاديث التي أشار إليها قوله صلى الله عليه وسلم: " ولا تسبوا أصحابي .... " الحديث؛ وهو مخرج في " ظلال الجنة " (2/478-479) برواية الشيخين وغيرهما. وله شواهد خرجت بعضها في " الصحيحة " (4/556/1923) . (تنبيه) : لقد خلط الأخ الداراني المعلق على " موارد الظمآن " في هذا الحديث بين راويه (عبد الله بن عبد الرحمن) وبين آخر في طبقته وهو (عبد الله ابن عبد الرحمن الرومي) وكلاهما في " ثقات ابن حبان "، الأول هو فيه برقم (5/46) ، والآخر برقم (5/17) برواية آخر عنه وهو حماد بن زيد، وذاك كما سبق برواية عبيدة بن أبي رائطة، فجعلهما المومى إليه واحدا، وبناء على ذلك حسن إسناده! وقال (7/226) : " وقد روى عنه أكثر من واحد، وذكره ابن حبان في " الثقات " (5/17) ، وحسن الترمذي حديثه "! قلت: فالرقم (5/17) يشير إلى ترجمة الرومي الذي روى عنه حماد بن زيد كما سبق، ولا علاقة له بهذا الحديث، فهو بذلك قد خالف جميع الحفاظ المتقدمين منهم والمتأخرين في تفريقهم بين الترجمتين. وإنما أوفعه في ذلك إعجابه برأيه، واغتراره بما وقع في مطبوعة " الثقات " من زيادتين بين معكوفتين، أظهر التحقيق الذي أجريته عليه أنهما زيادتان منقولتان سهوا من بعض النساخ من الترجمة الأخري! وأودعت ذلك في كتابي " تسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان " يسر الله إتمامه. وأما قوله: " وحسن الترمذي حديثه " فقد عرفت من التخريج أن نسخ الترمذي مختلفة في إثبات التحسين، وأن أكثر الحفاظ نقلوا عنه استغرابه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 446 للحديث دون التحسين، وهو اللائق بحال راويه المجهول عند الحفاظ كابن معين وغيره ممن تقدم ذكره على الاختلاف في ضبط اسمه كما تقدم بيانه. ومن غرائب المومى إليه أنه بعد أن نقل عن الترمذي قوله: " حسن غريب " أتبعه بقوله: " وانظر " تحفة الأشراف " برقم ... وجامع الأصول برقم ... وابن كثير 5/514 ". وقد عرفت مما سبق أن " التحفة " و " ابن كثير " إنما نقلا عنه الاستغراب فقط! وأما " جامع الأصول " فليس فيه إلا قوله: " أخرجه الترمذي "! فهل في ذلك تدليس على القراء وإيهامهم بما يخالف الواقع، أم هي الحداثة في هذا العلم؟ أم هو تكثير السطور وتضخيم الكتاب بدون فائدة؟ ! ثم رأيت المناوي في " التيسير " قد لخص الكلام جدا في الإشارة إلى علة الحديث فقال: " وفي إسناده اضطراب وغرابة ". ثم رأيت ابن حبان قد سبق إلى ذاك الوهم؛ فقال عقب الحديث في " الإحسان " (9/189) : " هذا عبد الله بن عبد الرحمن الرومي، بصري روى عنه حماد بن زيد ". فخالف بهذا التفريق الذي جرى عليه في " ثقاته " تبعا للامام البخاري وغيره، كما سبق بيانه. وقد نبه على هذا المعلق على " الإحسان " (16/245) ، مشيرا إلى ذلك بالرقمين المتقدمين (5/17و46) ، ولكنه لم يتنبه للخلط الذي وقع في الترجمة الأولى كما تقدم التنبيه عليه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 447 2902 - (الله الله فيما ملكت أيمانكم، ألبسوا ظهورهم، وأشبعوا بطونهم، وألينوا لهم القول) . ضعيف جدا أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (2/254) ، والطبري في " التهذيب " (مسند علي 167/264) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (316) والطبراني في " المعجم الكبير " (19/41-42) عن عبيد الله ابن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة (زاد الأول:) عن كعب بن مالك قال: " أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم أفاق، فقال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل علي بن يزيد وهو الألهاني، وعبيد الله بن زحر؛ قال فيه ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر في إسناد خبر عبيد الله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لم يمكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم ". قلت: القاسم هذا صدوق حسن الحديث، فالآفة ممن دونه، وبذلك أعله الهيثمي فقال في " المجمع " (4/237) : " رواه الطبراني وفيه عبيد الله بن زحر وعلي بن زيد، وهما ضعيفان ". الحديث: 2902 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 448 2903 - (اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي، واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك، وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من الدنيا فأقر عيني من عبادتك) . الحديث: 2903 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 448 ضعيف. رواه الديلمي (1/2/192-193) عن إبراهيم بن الحسين عن عبد الله بن صالح عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل؛ وعبد الله بن صالح؛ هو أبو صالح كاتب الليث، وفيه ضعف. وإبراهيم بن الحسين؛ هو ابن ديزيل الكسائي المعروف ب " دابة عفان " وهو من الحفاظ المعروفين. وأخرجه أبو نعيم في" الحلية " (8/282) من طريق عباد الخواص: حدثني أبو بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو.. فذكره. قلت: وهذا ضعيف أيضا أو أشد، فإنه مع إرسال الطائي له - وهو ثقة تابعي - فيه أبو بكر بن أبي مريم وكان اختلط. وعباد - وهو ابن عباد الخواص - قال الحافظ: " صدوق يهم، أفحش ابن حبان فقال: يستحق الترك ". 2904 - (الزم هذا البيت، ولو لم تصب شيئا تأكله إلا المسك. أي الإهاب) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/54) عن حفص بن عمر: أخبرنا سعيد بن عمرو: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الجعفي: أخبرنا أبو نعيم - بالشام - () الصيرفي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: قال خليلي أبو القاسم: فذكره. الحديث: 2904 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 449 وبيض له الحافظ. قلت: وهو إسناد ضعيف مظلم، أبو نعيم هو الفضل بن دكين وهو ثقة ثبت. ذكره الحافظ ابن عساكر في شيوخ الجعفي هذا من " تاريخ دمشق " (15/297/1 - 2) وهو محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي أبو بكر الجعفي الكوفي ابن أخي حسين بن علي الجعفي. وقد ترجم له في " التهذيب "، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: " مستقيم الحديث، حدثهم بالشام بالغرائب ". والصيرفي هذا لم أعرفه. وهكذا وقع في مسودتي " أبو نعيم - بالشام - الصيرفي " فالظاهر أن في العبارة سقطا، فلا أدري أهكذا هو في الأصل، أم السقط مني؟ ومن دون الجعفي لم أعرفهما. والحديث عزاه السيوطي في " الزيادة على الجامع الصغير " (ق 31/2) لابن لال عن أبي الطفيل. ولم يورده في " الجامع الكبير " أيضا (1/125/2) . 2905 - (اللهم ارزقني عينين هطالتين، تشفيان القلب بذروف الدمع من خشيتك، قبل أن يكون الدمع دما، والأضراس جمرا) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2/196 - 197) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (11/120) من طريق عبد السلام بن صالح أبي الصلت قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ثابت بن سرح أبو سلمة عن سالم عن ابن عمر قال: " كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... " فذكره. وقال: الحديث: 2905 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 450 " رواه دحيم عن الوليد، ولم يجاوز به سالما ". قلت: وكذلك رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 10) : حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا ثابت أبو سلمة الدوسي عن سالم بن عبد الله قال: فذكره. وكذلك رواه الحسين المروزي في " زوائد زهد ابن المبارك " (رقم 480) : أخبرنا الوليد بن مسلم به. وكذلك رواه ابن عساكر من طرق عن الوليد. قلت: وهذا هو الصواب مرسل. لأن أبا الصلت صدوق له مناكير كما في " التقريب "، فمخالفته للإمام أحمد والمروزي وللجماعة لا تقبل. ثم إن ثابت بن سرح - وفي " الجرح والتعديل " (1/1/453) " سرج " بالجيم - روى عنه محمد بن شعيب بن شابور أيضا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وروى ابن عساكر عن أبي زرعة أنه قال: " مجهول، لا أعرفه إلا في حديث رواه عنه الوليد بن مسلم عن سالم، ولا أحسبه (سالم بن عبد الله بن عمر) ، هو عندي (سالم بن عبد الله المحاربي) أشبه، وإن كان مرسلا ". قلت: والمحاربي صالح الحديث كما في " الجرح ". فالحديث ضعيف للإرسال والجهالة. 2906 - (اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك، وارزقني طاعتك وطاعة رسولك، وعملا بكتابك) . ضعيف رواه الدولابي (2/150) والطبراني في " المعجم الأوسط " (2/ الحديث: 2906 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 451 72/12886 و 5/289/5341) عن محمد بن سواء عن مغيرة بن سلمة عن أبان بن القاسم عن الحارث الأعور عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبان بن القاسم لم أجد من ترجمه. والحارث الأعور ضعيف، ومن طريقه أورده الهيثمي في " المجمع (10/182) من رواية الطبراني في " الأوسط " وقال أيضا: " ضعيف ". 2907 - (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/30) ، و " الصغير " (130 - 131) ، وابن حبان (2424 و 2425) ، وأحمد في " المسند "، وابنه في " زوائده " (4/181) ، وابن عدي (ق 32/2) ، والطبراني في " الدعاء " (3/1471/1436) ونصر المقدسي في " الأربعين " (رقم 23) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/146/1 و 15/67/1) من طرق عن محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس قال: سمعت أبي يقول: سمعت بسر بن أرطاة يقول: فذكره مرفوعا. وقال المقدسي: " هذا حديث حسن غريب، تفرد به محمد بن أيوب ". قلت: ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقد روى عنه جمع من الثقات، وقال ابن أبي حاتم (3/2/197) عن أبيه: " صالح لا بأس به، ليس بالمشهور ". الحديث: 2907 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 452 وأبوه أيوب بن ميسرة؛ وثقه ابن حبان أيضا، روى عنه ابنه محمد وغيره. قال أبو مسهر: كان أفقه (يعني من أخيه يونس) ، وكان يفتي في الحلال والحرام، وكان عامل عمر بن عبد العزيز على ديوانه؛ كما في " التعجيل ". وقال في " اللسان ": " رأيت له ما ينكر ". قلت: فهو مجهول مغموز، وقد تابعه يزيد بن أبي يزيد مولى بسر بن أرطاة عن بسر به. أخرجه ابن عدي، والحاكم (3/591) ؛ وسكت عليه هو والذهبي. ويزيد هذا لم أعرفه. وبسر بن أرطاة - وقيل: ابن أبي أرطاة - مختلف في صحبته. وقال ابن عدي عقب هذا الحديث وحديث آخر ساقه له: " مشكوك في صحبته ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين: رجل سوء. قلت: ذا صحابي! ". وقد أطال ابن عبد البر ترجمته في " الاستيعاب "، وذكر فيها بعض مساويه. فالله أعلم. 2908 - (كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة بعونك من النار) . الحديث: 2908 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 453 ضعيف جدا. أخرجه الحاكم (1/525) من طريق خلف بن خليفة: حدثنا حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: فذكره؛ وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت: لكن خلف بن خليفة متكلم فيه من قبل حفظه حتى اتهمه بعضهم، فقال الذهبي نفسه في " الضعفاء ": " صدوق، قال ابن عيينة: يكذب ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، اختلط في الآخر، وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد ". قلت: فمثله ضعيف الحديث حتى يتبين انه حدث به قبل الاختلاط، أو يأتي ما يشهد له، وذلك مما لم نقف عليه، اللهم إلا في حديث صلاة الحاجة الذي أخرجه الترمذي (2/344 - شاكر) وغيره من طريق فائد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعا بلفظ: " من كانت له إلى الله حاجة ... " الحديث وفيه هذا الدعاء دون قوله " والفوز ... ". وضعفه الترمذي وغيره؛ وذلك لأن فائدا هذا متروك. ثم إن الحديث أخرجه الحاكم أيضا (1/533 - 534) من طريق خلف بن خليفة بزيادة في أوله وآخره؛ وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 454 " قلت: حميد متروك ". قلت: فتأمل كيف تناقض الذهبي فضلا عن الحاكم، على أن تناقض هذا أيسر من الذهبي! وعلى كل حال فهذه علة أخرى أهم من الأولى؛ لشدة ضعف حميد الأعرج هذا. ومما ينبغي أن يستفاد بهذه المناسبة أن حميدا هذا؛ هو غير حميد بن قيس الأعرج، فهذا مكي ثقة محتج به في " الصحيحين "، وذاك كوفي واهي. 2909 - (اللهم إن قلوبنا ونواصينا بيدك، لم تملكنا منها شيئا، فإذا فعلت ذلك بها، فكن أنت وليها، واهدها إلى سواء السبيل) . ضعيف جدا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/367) ، والخطيب في " التاريخ " (13/199) من طريق أبي علي أحمد بن الحسن بن علي المقري - دبيس -: حدثنا نصر: حدثنا نصر بن داود الخليجي: حدثنا خلف [بن هشام] المقري قال: " كنت أسمع معروفا الكرخي يدعو بهذا الدعاء كثيرا يقول: (فذكره) ، فقلت: يا أبا محفوظ! أسمعك تدعو بهذا الدعاء كثيرا، هل سمعت فيه حديثا؟ قال: نعم، حدثني بكر بن خنيس عن سفيان الثوري [عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء] ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ دبيس هذا ترجمه الخطيب (4/88) وقال: " وكان منكر الحديث، قرأت بخط الدارقطني: ليس بثقة ". الحديث: 2909 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 455 وسائر الرواة ثقات معروفون على عنعنة أبي الزبير؛ غير معروف الكرخي - وهو الزاهد المشهور - له ترجمة حافلة عند الخطيب، ولكنه لم يذكر حاله في الرواية، وليس هو من رجال أحد الستة، ولا روى له أحمد في " المسند "، ولم يترجم له البخاري في " التاريخ الكبير "، وكذا ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "، ولم يذكره الذهبي في " الميزان " ولا استدركه عليه الحافظ في " اللسان "، فهو مجهول الحال في الرواية. والله أعلم. 2910 - (اللهم أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال، وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك) . ضعيف أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 136 - 137) عن محمد بن النضر الحارثي عن الأوزاعي قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: .... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله، ولأن الحارثي هذا مجهول الحال؛ ترجمه ابن أبي حاتم (4/1/110) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث أخرجه أبو نعيم في " الحلية " من هذا الوجه كما في " فيض القدير "، والحكيم الترمذي من حديث أبي هريرة، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، ولم يورده الغماري في فهرس " الحلية ". والله أعلم. ثم رأيت الغماري في " المداوي " (2/223) لم يتعقب المناوي إلا في قوله: " الأوزاعي تابعي ثقة جليل " بقوله: " ما هو تابعي، ولكنه من كبار أتباع التابعين ". الحديث: 2910 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 456 2911 - (يا سلمان! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن، وترغب إليه فيهن، وتدعو بهن في الليل والنهار، قل: اللهم إني أسألك صحة في إيمان، وإيمانا في حسن خلق، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك، وعافية ومغفرة منك ورضوانا) . ضعيف أخرجه أحمد (2/321) ، والحاكم (1/523) من طريق عبد الله بن الوليد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى سلمان الخير فقال: فذكره، وقال: " صحيح الإسناد ". ولم يتعقبه الذهبي بشيء، وعبد الله بن الوليد - وهو التجيبي - ضعفه الدارقطني جدا فقال: " لا يعتبر بحديثه ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "، وتوسط الحافظ بينهما فقال: " لين الحديث ". وأما شيخه الهيثمي فقال في " المجمع " (10/174) - بعد عزوه لأحمد -: " ورجاله ثقات، ورواه الطبراني في الأوسط ". قلت: هو عنده أيضا (9/132/9333) من طريق (عبد الله بن الوليد) . الحديث: 2911 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 457 2912 - (اللهم إني أسألك غناي، وغنى مولاي) . ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (662) ، وأحمد (3/453) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (22/329/828) عن محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. الحديث: 2912 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 457 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير لؤلؤة فإنها مجهولة؛ لم يرو عنها غير محمد بن يحيى بن حبان هذا، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبولة ". وقد أسقطها ابن حبان من الإسناد في رواية لأحمد؛ وكذا رواه بان أبي شيبة (1/208) ، ولذلك قال الهيثمي (10/178) : " رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذلك الإسناد الآخر وإسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصار وهي ثقة ". ولا أدري عمدته في توثيقها! إلا أن يكون رآها في " الثقات " لابن حبان فاعتمده، ولا يخفى ما فيه. وقال ابن أبي حاتم في الرواية الأخرى لأحمد (2/202) : " هذا خطأ، والصحيح عن محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة، ومعنى قوله: " غنى مولاي " يعني العصبة، قال الله تبارك وتعالى: (وإني خفت الموالي من ورائي) قال: العصبة ". ثم وجدت للحديث شاهدا موقوفا بإسناد واه، أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (5/143/4849) من طريق أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي: حدثنا أبو الهيثم خالد بن القاسم: حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان يقول حين يضطجع: " اللهم إني أسألك غنى الأهل والمولى، وأعوذ بك أن تدعو علي رحم قطعتها ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا إن لم يكن موضوعا؛ آفته خالد هذا، قال ابن حبان في " الضعفاء " (1/282) : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 458 " كان يوصل المقطوع، ويرفع المرسل، ويسند الموقوف، وأكثر ما فعل ذلك بالليث بن سعد، لا تحل كتابة حديثه ". وقال ابن عدي في " الكامل " (2/10) : " تركه أحمد وعلي، وقال البخاري: متروك، تركه الناس. وقال السعدي: كذاب، يزيد في الأسانيد ". وقد طول الحافظ ترجمته في " اللسان "، وذكر عن ابن راهويه أنه قال: " كان كذابا. وعن ابن أبي عاصم أنه قال في " كتاب الرحم " له: حدثنا أحمد بن الفرات: حدثنا خالد المدائني: حدثنا الليث عن يونس عن الزهري عن خارجة بن زيد أن أباه كان يدعو بدعاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك أن تدعو علي رحم قطعتها. ثم قال ابن أبي عاصم: وخالد متروك الحديث ". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف لجهالة لؤلؤة، والاضطراب في إسناده؛ فتارة تذكر فيه وتارة تسقط، وتارة قال الراوي بديلا عنها: " عن مولى لهم " في رواية للبخاري عقب الرواية الأولى، ولشدة ضعف شاهده المذكور. والله أعلم. وقد جاء الحديث مقطوعا عند ابن أبي شيبة (9243) : حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " كان الرجل إذا دعا قال: اللهم أغنني وأغن مولاي. وهذا إسناد صحيح مقطوع. فلعل هذا أصل الحديث رفعه الرواة وهما أو عمدا. والله أعلم. وقد وهم الهيثمي وهما فاحشا فقال في حديث زيد بن ثابت (10/125) : " رواه الطبراني، وإسناده جيد "! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 459 2913 - (أربع من كن فيه حرمه الله على النار، وعصمه من الشيطان: من ملك نفسه حين يرغب، وحين يرهب، وحين يشتهي، وحين يغضب) . ضعيف رواه الديلمي (1/1/166 -167) من طريق ابن السني معلقا عن شعيب بن يعيش بن يحيى عن جده يحيى بن عبد الله عن عمر بن سالم عن محمد بن عجلان عن أبان بن عمر بن عثمان عن أبيه مرفوعا. وذكر أن ابن لال رواه بإسناده عن الحسن موقوفا عليه نحوه. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون محمد بن عجلان لم أعرفهم، ويحتمل أن يكون يحيى بن عبد الله هو البابلتي الضعيف. والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي بأتم منه للحكيم الترمذي من حديث أبي هريرة. وقال المناوي: " إسناده ضعيف ". الحديث: 2913 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 460 2914 - (اللهم إني أعوذ بك من شر الأعميين) . منكر رواه ابن منده في " المعرفة " (2/335/2) من طريق الطبراني - وهذا في " المعجم الكبير " (24/344/858) - عن أحمد بن النعمان الفراء المصيصي: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي عن أبيه عن أمه عائشة بنت قدامة قالت: يمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره) قيل: يا رسول الله وما الأعميان؟ قال: السيل والبعير الصؤول. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عثمان الحاطبي وهو ابن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي؛ قال ابن أبي حاتم (3/1/144) عن أبيه: الحديث: 2914 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 460 " روى عنه ابنه عبد الرحمن أحاديث منكرة. قلت: فما حاله؟ قال: يكتب حديثه، وهو شيخ ". وابنه عبد الرحمن ضعيف أيضا؛ قال ابن أبي حاتم (2/2/264) عن أبيه أيضا: " هو ضعيف الحديث، يهولني كثرة ما يسند ". والحديث قال الهيثمي (10/144) : " رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي وهو ضعيف ". 2915 - (كان يدعو: اللهم إني أسألك عيشة نقية، وميتة سوية، ومردا غير مخزي، ولا فاضح) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/541) والبزار في " مسنده " (4/57/3186 - كشف الأستار) عن شريك عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره. وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: وشريك ليس بالحجة ". ووقع في " المجمع " (10/179) (ابن عمرو) وقال: " رواه الطبراني والبزار، وإسناد الطبراني جيد ". قلت: فلعل إسناد الطبراني من غير طريق شريك، وهو ما أستبعده. والله أعلم. ورواه أحمد (4/381) من طريق ليث عن مدرك عن عبد الله بن أبي أوفى الحديث: 2915 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 461 في آخر حديث له. وليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط. ومدرك هو ابن عمارة، وثقه ابن حبان (5/445) . 2916 - (اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم بها شعثي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي .... ) الحديث بطوله. ضعيف أخرجه الترمذي (2/250) ، وابن خزيمة في " صحيحة " (1/122/1-2) ، والحربي في " غريب الحديث " (5/61/2) ، وابن عدي (127/1) ، وأبو نعيم " الحلية " (3/209) من طريق ابن أبي ليلى عن دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس قال: سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول ليلة حين فرغ من صلاته (وفي رواية: الركعتين قبل الفجر) يقول: فذكره. وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ليلى من هذا الوجه ". وكذا قال أبو نعيم، وهذا على ما أحاط به علمهم، وإلا فقد تابعه نصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة الحمصي: حدثنا أبي: حدثنا داود بن علي بن عبد الله ابن عباس به، إلا أنه قال: " فلما ركع الركعة الأخيرة فاعتدل قائما من ركوعه قنت؛ فقال: " فذكره. أخرجه تمام في " الفوائد " (ق 199/2-200/2) . قلت: ونصر بن محمد هذا قال ابن أبي حاتم (4/1/471) عن أبيه: " أدركته ولم أكتب عنه، وهو ضعيف الحديث لا يصدق ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". الحديث: 2916 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 462 وأبوه محمد بن سليمان بن أبي ضمرة؛ ذكره ابن حبان في " الثقات " أيضا. وقال ابن أبي حاتم (3/2/268) عن أبيه: " حدثنا الوحاظي عنه بأحاديث مستقيمة ". ومدار الحديث على داود بن علي هذا، ومع ضعف الطريق إليه؛ فإن داودنفسه ليس بحجة كما قال الذهبي، على أنه قد توبع على بعضه، رواه عيسى بن يزيد عن عمر بن أبي حفص عن ابن عباس رضي الله عنه: " أنه انصرف ليلة صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فسمعه يدعو في الوتر، فقال: " فذكره مختصرا. أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 110) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (159-160) . ولكنه إسناد ضعيف جدا، عيسى بن يزيد - وهو ابن داب الليثي المدني - قال الذهبي: " كان أخباريا علامة نسابة، لكن حديثه واه. قال خلف الأحمر: كان يضع الحديث. وقال البخاري وغيره: منكر الحديث ". وعمر بن أبي حفص؛ لم أعرفه. نعم؛ قد صح منه دعاء النور، أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما. ثم رأيت الذهبي قال في ترجمة داود بن علي هذا من " سير الأعلام " (5/444) ؛ مشيرا إلى هذا الحديث: " له حديث طويل في الدعاء، تفرد به عنه ابن أبي ليلى وقيس، وما هو بحجة، والخبر يعد منكرا، ولم يقحم أولو النقد على تليين هذا الضرب لدولتهم "! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 463 2917 - (كان يقول: اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري واجعله الوارث مني، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/261) ، والحاكم (1/3580) ، وابن عدي (2/104) ، والخطيب في التاريخ (2/137) من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت: فذكره وقال الترمذي: (حديث حسن غريب سمعت محمدا (يعني البخاري) يقول حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئا والله أعلم) قلت: وهو ثقة جليل فقيه ولكنه كان كثير التدليس كما في التقريب، وقد أدرك ابن عمر وغيره من الصحابة فلأن يدرك عروة بن الزبير من باب أولى، فلولا أنه مدلس لكان الإسناد متصلا قويا وقال الحاكم عقبه: (صحيح الإسناد إن سلم سماع حبيب من عروة) وتعقبه الذهبي بأن فيه عنده بكر بن بكار، قال النسائي: (ليس بثقة) قلت: لكن طريق الجماعة سالمة منه فالعلة العنعنة فقط. الحديث: 2917 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 464 2918 - (اللهم لك الحمد كالذي تقول، وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي، وإليك مآبي، ولك رب تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الحديث: 2918 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 464 الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح) . ضعيف أخرجه الترمذي (4/265-266- تحفة) ، وابن خزيمة في " صحيحة " (280/1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/221-222) من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن علي بن أبي طالب قال: أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف .... ) فذكره، وقال الترمذي: " حديث غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بقوي ". وقال ابن خزيمة: " إن ثبت الخبر، ولا إخال ". قلت: وعلته قيس؛ فإنه ضعيف لسوء حفظه. 2919 - (ألهم إبراهيم الخليل عليه السلام هذا اللسان العربي إلهاما) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/343-344) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (1/2/105/2) من طريق الفضل بن محمد الشعراني: حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله المدني: حدثني إبراهيم بن سعد عن سيفان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: الحديث: 2919 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 465 هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين، إن كان الفضل بن محمد حفظه متصلا عن أبي ثابت، فقد حدثناه أبو علي الحافظ: أنبأ أبو عبد الرحمن النسائي: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري: حدثنا عمي عن أبيه عن سفيان عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا نحوه ". ووافقه الذهبي. وأقول: إسناد المرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ ماعدا النسائي وأبا علي الحافظ فهما ثقتان حافظان مشهوران. وأما المسند فلا يصح؛ لأن الفضل بن محمد الشعراني فيه ضعف، وقد وثقه الحاكم وغيره، لكن قال ابن أبي حاتم (3/2/69) عن أبيه: " تكلموا فيه ". فمثله لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات الأثبات، والحاكم نفسه قد شك في إسناده لهذا الحديث بقوله المتقدم: " إن كان الفضل بن محمد حفظه متصلا ". ويبدو أنه سرقه منه بعض الضعفاء، فرواه إبراهيم بن إسحاق الغسيلي: حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري: حدثنا عمي: حدثنا أبي عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا (قرآنا عربيا لقوم يعلمون) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألهم إسماعيل هذا اللسان إلهاما "، كذا قال " إسماعيل ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 466 أخرجه الحاكم (2/439) وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: حقه أن يقول (م) (يعني أنه على شرط مسلم) ولكن مدار الحديث على إبراهيم بن إسحاق الغسيلي، وكان ممن يسرق الحديث ". ومن الغريب أن الحاكم نفسه الذي صحح هذا الإسناد، قد حكم على الغسيلي هذا بالجهالة، فقد حكى الحافظ في " اللسان " في هذه الترجمة أنه قال: " أنا أتعجب من شيخا (يعني ابن الأخرم) كيف حدث عن هذا الشيخ في " الصحيح "، وليس في كتابه من أشباهه من المجهولين أحد، وكتابه " الصحيح نظيف بمرة ". قلت: وليت كتاب " المستدرك " كان نظيفا كذلك من أمثال هذا! (تنبيه) : أورده السيوطي في " الجامع " باللفظ الثاني " إسماعيل "، وقال: " رواه الحاكم والبيهقي في " الشعب " عن جابر ". فقال المناوي: " الذي وقفت عليه في أصول قديمة من " شعب البيهقي " و " المستدرك " وتلخصيه للذهبي بخطه: " إبراهيم " بدل " إسماعيل "، فليحرر ". وقال البيهقي عقب إيراده: " المحفوظ مرسل ". قلت: فلعل اللفظ الثاني من رواية الغسيلي في " المستدرك " هي في بعض نسخه، ومنها نقل السيوطي وعليها المطبوعة، ولعل اللفظ الأول في " المستدرك " لم يقف عليه السيوطي. والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 467 2920 - (إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية) . ضعيف رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/8/6694) وابن شمعون الوعظ في " الأمالي " (1/53/1) ، وعنه القضاعي (120/2) عن رشدين عن موسى بن حبيب عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه الخلعي في " الفوائد " (2/58/2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل رشدين بن سعد؛ قال في " التقريب ": " ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة، وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه، فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث ". وموسى بن حبيب لم أعرفه، ولعله موسى بن أبي حبيب الحمصي فإنه من طبقته؛ قال ابن أبي حاتم (4/1/140) عن أبيه: " حمصي قدم الكوفة، فحدثنا عنه الحسن بن عطية وعبد العزيز بن الخطاب، وهو ضعيف الحديث ". والحديث عزاه السيوطي للطبراني في " الأوسط " والبيهقي في " الشعب " عن أبي هريرة. قال المناوي: " قال مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه: في إسناده ضعف. انتهى. وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: إسناده حسن "! وهو في " شعب الإيمان " للبيهقي (3/2/187/1- المصورة) . الحديث: 2920 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 468 2921 - (إليك رب حببني، وفي نفسي لك أذلِلْني، وفي أعين الناس عظمني، ومن سيىء الأخلاق جنبني) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/115-116) عن محمد بن الفضل ابن عطية عن زيد العمي عن مرة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، زيد العمي ضعيف، ومحمد بن الفضل بن عطية متهم. الحديث: 2921 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 469 2922 - (أما إن ربك تبارك وتعالى يحب المدح) . ضعيف أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (342) ، وأحمد (3/435) من طريق علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة: أن الأسود بن سريع قال: [كنت شاعرا ف] أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إني قد حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح، وإياك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، هات ما امتدحت به ربك، قال: فجعلت أنشده، فجاء رجل، فاستأذن - أدلم أصلع، أعسر أيسر - قال: فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم - ووصف لنا أبو سلمة كيف استنصته، قال: كما صنع بالهر -، فدخل الرجل، فتكلم ساعة، ثم خرج، ثم أخذت أنشده أيضا، ثم رجع بعد، فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ووصفه أيضا - فقلت: يا رسول الله! من ذا الذي استنصتني له؟ فقال: " هذا رجل لا يحب الباطل، هذا عمر بن الخطاب ". وفي رواية لأحمد (4/24) من هذا الوجه عنه قال: " قلت: يا رسول الله! إني قد مدحت الله بمدحة، ومدحتك بأخرى، فقال الحديث: 2922 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 469 النبي صلى الله عليه وسلم: هات، وابدا بمدحة الله عز وجل ". وهذا إسناد ضعيف، علي بن زيد وهو ابن جدعان؛ قال الحافظ: " ضعيف ". قلت: وقد روي من وجه آخر لا يصح أيضا، يرويه الحسن قال: قال الأسود ابن سريع: " يا رسول الله! ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى؟ فقال: إن ربك تبارك وتعالى يحب الحمد ". زاد في رواية: " ولم يستزده على ذلك ". أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (4/416/7745) ، وأحمد (3/430) ، والطبراني في " الكبير " (1/42/1) ، والحاكم (3/614) والزيادة له وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي. قلت: وهو منه عجيب، فقد قال في ترجمة الحسن هذا - وهو البصري -: " كان كثير التدليس، فإذا قال فى حديث: " عن فلان " ضعف احتجاجه، ولا سيما عمن قيل: إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في جملة المنقطع ". قلت: وهذا الحديث منقطع لأنه لم يصرح بالسماع؛ ثم وجدت تصريحه من طريقين فخرجته في " الصحيحة " (3179) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 470 2923 - (أما إن ملكا بنكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له: بل أنت، وأنت أحق به، وإذا قال له: عليك السلام، قال: لا، بل لك، أنت أحق به) . ضعيف أخرجه أحمد (5/445) عن الأعمش عن أبي خالد الوالبي عن النعمان بن مقرن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وسب رجل عنده؛ قال: فجعل الرجل المسبوب يقول: عليك السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لكن أبو خالد هذا لم يسمع من النعمان؛ كما يقيده قول الحافظ في " التهذيب ": " أرسل عن عمر بن الخطاب والنعمان بن مقرن ". وأخرج البخاري في " الأدب المفرد " (419) من طريق عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس قال: " استب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسب أحدهما، والآخر ساكت، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، ثم رد الآخر، فنهض النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: لم نهضت؟ قال: نهضت الملائكة فنهضت معهم، إن هذا ما كان ساكتا ردت الملائكة على الذي سبه، فلما رد نهضت الملائكة ". قلت: وعبد الله بن كيسان - وهو أبو مجاهد المروزي - ضعيف أيضا، قال الحاقظ: " صدوق، يخطىء كثيرا ". الحديث: 2923 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 471 2924 - (أما أنت يا أبا بكر والؤمنون؛ فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الترمذي (4/94) ، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 2/2- نسخة المكتب) من طريق موسى بن عبيدة قال: أخبرني مولى ابن سباع قال: سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه هذه الآية (من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ألا أقرئك آية أنزلت عليه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت في ظهري انقصاما لها، فتمطأت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنك يا أبا بكر؟ قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي وأينا لم يعمل سوءا، وإنا لمجزيون بما عملنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. وقال الترمذي: " حديث غريب، في إسناده مقال، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ومولى ابن سباع مجهول، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس به إسناد صحيح أيضا، وفي الباب عن عائشة ". قلت: وكأنه يشير إلى ما أخرجه أحمد (1/11) من طريق أبي بكر بن أبي زهير قال: أخبرت أن أبا بكر قال: يا رسول الله! كيف الصلاح بعد هذه الآية (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) فكل سوء عملنا جزينا به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك ي أب بكر! ألست تمرض، ألست تنصب، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: بلى، قال: الحديث: 2924 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 472 فهو ما تجزون به ". وهذا إسناد ضعيف لظهور انقطاعه، ولأن ابن أبي زهير هذا مجهول الحال، وأما الحاكم فرواه (3/74) دون قوله " أخبرت " وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقد وصله (1/6) من طريق زياد الجصاص عن علي بن أبي زيد عن مجاهد عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يعمل سوءا يجز به) في الدنيا. وهذا ضعيف أيضا؛ من أجل زياد وهو ابن أبي زياد الجصاص؛ قال الحافظ: " ضعيف ". وعلي بن أبي زيد لم أعرفه، ولم يذكره الحافظ في " التعجيل " فالله أعلم. ثم رأيت الحديث في " تفسير الطبري " (9/241/10522) من هذا الوجه، إلا أنه قال: " علي بن زيد " فتبين أنه في " المسند " محرف، وهو ابن جدعان؛ وهو سيىء الحفظ. وله إسناد آخر فقال: عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) وعن هذه الآية (من يعمل سوءا يجز به) ؟ فقالت: ما سألني عنهما أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما، فقال: " يا عائشة! هذه متابعة الله عز وجل العبد بما يصيبه من الحمة والنكبة والشوكة، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضينه، حتى إن المؤمن ليخرج من زنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 473 أخرجه أحمد (6/218) ، وابن جرير (10531) . وهذا إسناد ضعيف أيضا؛ فإنه مع ضعف ابن جدعان؛ لا يعرف حال أمية هذه. وتابعه أبو عامر الخزاز قال: حدثنا ابن أبي مليكة عن عائشة به مختصرا بلفظ: قالت: قلت: يا رسول الله! إني لأعلم أشد آية في القرآن. فقال: ما هي يا عائشة؟ قلت: هي هذه الآية يا رسول الله (من يعمل سوءا يجز به) ، فقال: " هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها ". أخرجه ابن جرير (10530و 10532) . وأبو عامر هذا اسمه صالح بن رستم المزني؛ وفيه ضعف. وللحديث شاهد قوي من حديث أبي هريرة قال: " لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة بنكبها، أو الشوكة يشاكها ". أخرجه مسلم (7/16) ، والترمذي (4/94) ، وأحمد (2/248) ، وابن جرير (10520) ؛ وقال الترمذي: " حسن غريب ". وأخرج أبو نعيم في " الحلية " (8/119) من طريق محمد بن عبد بن عامر: حدثنا يحيى النيسابوري: حدثنا الفضيل بن عياض عن سليمان بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 474 مهران الكاهلي عن مسلم بن صبيح عن مسروق بن الأجدع قال: قال أبو بكر الصديق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء ". وقال أبو نعيم: " عزيز من حديث فضيل، ما كتبته إلا من هذا الوجه ". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبد بن عامر هذا؛ وهو السمر قندي؛ قال الذهبي: " معروف بوضع الحديث ". لكنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه ابن جرير (10529) من طريقين عن أبي معاوية عن الأعمش به؛ إلا أنه لم يذكر في سنده مسروقا، فلا أدري إذا كان سقط من قلم الناسخ، أو هكذا وقعت الرواية لابن جرير! . ويؤيد الأول أن السيوطي في " الدر المنثور " (2/226-227) عزاه لابن جرير في آخرين من طريق مسروق فقال: " وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير ,ابو نعيم في " الحلية " وابن مردويه عن مسروق قال: قال أبو بكر: يا رسول الله ما أشد هذه الآية (من يعمل سوء يجزبه) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المصائب ... ". وسعيد بن منصور من طبقة يحيى بن يحيى النيسابوري، فهو متابع له متابعة تامة أو قاصرة، وبذلك يسلم الحديث من السمر قندي المذكور، وقد رواه ابن مردويه - كمافي ابن كثير (2/558) - من طريق محمد بن عامر السعدي: حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري به. فيبدو لأول وهلة أن السعدي متابع للسمرقندي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 475 هذا، ولكن الظاهر أنهما واحد، تحرف السمرقندي إلى السعدي، ونسب الى جده عامر، فبدا أنه غيره، وهو هو. والله أعلم. وجملة القول في هذه الطريق؛ أن رجالها ثقات، وأن لا علة فيها إلا الإرسال، وهو صحيح بالشواهد التي قبله. وأما حديث الترجمة؛ فيبدو أن نصفه الأول قوي بها، وأما النصف الآخر فلم أجد ما يشهد له، فيبقى على ضعفه. ثم رأيت في " المستدرك " (2/308) من طريق أبى المهلب قال: " رحلت إلى عائشة رضي الله عنها في الآية (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) ؟ قالت: هو ما يصيبكم في الدنيا ". وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. 2925 - (الفقر أمانة فمن كتمه كان عبادة، ومن باح به فقد قلد إخوانه المسلمين) . لا يصح رواه ابن حمكان في " الفوائد " (1/162/1-2) ، وعنه ابن عساكر (12/251/1) وكذا ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/319/1345) : حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطرسوسي (1) - قدم حاجا بهمدان - قال: حدثنا أبو الحسن راجح بن الحسين - بحلب - قال: وحدثنا يحيى بن معين عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن السائب - ابن يزيد - عن عمر مرفوعا.   (1) كذا في " الفوائد " و " العلل " وفي ابن عساكر: " الطوسي ": وذكر أنه الكازري من قرية من قرى طوس. الحديث: 2925 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 476 قلت: وهذا سند ضعيف، أورده ابن عساكر في ترجمة علي بن محمد هذا، وذكبر أنه رحل في طلب الحديث إلى العراق والحجاز والشام. توفي بمكة سنة (362) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وبقية رجاله ثقات؛ غير راجح بن الحسين فلم أجد من ترجمه، ولم يورده ابن عساكر مع أنه من شرطه! وقال المناوي: " قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وفيه راجح بن الحسين مجهول ". قلت: وهذه فائدة لا توجد في كتب الرجال لا في " الميزان " ولا في " لسانه "؛ حتى ولا في كتاب " الضعفاء والمتروكين " لابن الجوزي نفسه! فتستدرك. 2926 - (لا تشهد على شهادة حتى تكون أضوأ من الشمس) . ضعيف رواه ابن عدي (302/2) ، والبيهقي في " السنن " (10/156) عن محمد بن سليمان بن مشمول المخزومي عن عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا؛ وقال ابن عدي: " وابن مشمول هذا عامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده ومتنه ". وقال البيهقي: " تكلم فيه الحميدي، ولم يرو من وجه يعتمد عليه ". قلت: وشيخه عبيد الله بن سلمة بن وهرام؛ ليس خيرا منه، فقد لينه أبو حاتم فيما رواه الكتاني عنه. وقال ابن المديني: الحديث: 2926 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 477 " لا أعرفه ". وقال الأزدي: " منكر الحديث ". وأبوه سلمة؛ فيه ضعف. 2927 - (أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، منهم من يولد مؤمنا ويموت مؤمنا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا) الحديث بطوله. ضعيف أخرجه الترمذي (3/218 - 219 - تحفة) ، والحاكم (4/505 - 506) ، وأحمد (3/19) من طريق حماد بن سلمة قال: أنبأنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس بما هو كائن إلى يوم القيامة، حفظها منا من حفظها، ونسيها منا من نسي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن ". قلت: وكأنه يعني لشواهده كما نص عليه في آخر كتابه، وإلا فإن علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف كما في " التقريب ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " حسن الحديث، صاحب غرائب، احتج به بعضهم، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال أحمد: ليس بشيء ". وأقول: الجمهور على تضعيفه، وقال ابن خزيمة: الحديث: 2927 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 478 " لا يحتج به لسوء حفظه ". ورماه شعبة وغيره بالاختلاط. فمن الغريب قول الذهبي فيه: " حسن الحديث "، وكذلك قوله في " تلخيص المستدرك ". " صالح الحديث "، والعجيب أن الحاكم مع تساهله لم يجرؤ على تقوية حديثه؛ فقال عقبه: " هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي عن أبي نضرة، والشيخان لم يحتجا بعلي بن زيد ". قلت: وقد أخرج مسلم الطرف الأول من دون سائره من طريق أخرى عن أبي نضرة به وزاد: " فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء "؛ وهو مخرج في " الصحيحة " (911) . 2928 - (أما لدنياك؛ فإذا صليت الصبع فقل بعد الصلاة الصبح: سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثلاث مرات، يوقيك الله من بلايا أربع؛ من الجذام، والجنون، والعمى، والفالج. فأما لآخرتك؛ فقل: اللهم اهدني من عندك، وأفض علي من فضلك، وانشر علي رحمتك، وأنزل علي من بركاتك. والذي نفسي بيده لئن وافى بهن يوم القيامة لم يدعهن، ليفتحن له أربعة أبواب من الجنة، يدخل من أيها شاء) . ضعيف جدا أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (130) من طريق رزق الله بن سلام المروزي: حدثنا محمد بن خالد الحبطي: حدثنا عبد الله بن الحديث: 2928 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 479 العلاء البصري عن نافع بن عبد الله السلمي عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل شيخ يقال له قبيصة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك، وقد كبرت سنك، ودق عظمك؟ فقال: يا رسول الله كبرت سني، ودق عظمي، وضعفت قوتي، واقترب أجلي. فقال: أعد علي قولك، فأعاد عليه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بقي حولك شجر ولا حجر ولا مدر إلا بكى رحمة لقولك، فهات حاجتك، فقد وجب حقك، فقال: يا رسول الله! علمني شيئا ينفعني الله به في الدنيا والآخرة، ولا تكثر علي، فإني شيخ نسي، قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ وفيه علل: الأولى: نافع بن عبد الله السلمي - وهو نافع بن هرمز أبو هرمز - قال الذهبي: " ضعفه أحمد وجماعة، وكذبه ابن معين مرة، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة ". الثانية: محمد بن خالد - وفي نسخة: خلف - الحبطي؛ لم أجد من ترجمه. الثالثة: رزق الله بن سلام المروزي؛ الظاهر أنه رزق الله بن سلام الطبري، قال الذهبي في " الضعفاء ": " له حديث لا يتابع عليه ". 2929 - (أما بعد؛ فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني أمرت بشيء فاتبعته) . الحديث: 2929 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 480 منكر. أخرجه النسائي في " خصائص علي " (ص 9) ، وأحمد (5/369) ، وعنه الحاكم (3/125) ، والعقيلي في " الضعفاء " (414) من طريق عوف بن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال: " كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد، قال: فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، قال: فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: .... " فذكره، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ولم يصنع الذهبي شيئا فقال عقبه: " قلت: رواه عوف عن ميمون أبي عبد الله "! قلت: فكان ماذا؟! وكان حقه أن يقول: ضعيف، لضعف ميمون هذا. فقد أورده هو نفسه في " الضعفاء " وقال: " قال القطان: لا يحدث عنه ". وساق له في " الميزان " أحاديث أنكرت عليه، هذا منها. وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وقال العقيلي عقبه: " وقد روي من طريق أصلح من هذا، وفيها لين أيضا ". قلت: ولعله يشير إلى حديث أبي بلج: حدثنا عمرو بن ميمون عن ابن عباس مرفوعا مختصرا بلفظ: " سدوا أبواب المسجد غير باب علي ". قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 481 " فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه، ليس له طريق غيره ". أخرجه أحمد (1/330 - 331 و 331) عن أبي عوانة، والترمذي (2/301) ، والنسائي في " الخصائص " (63/42) عن شعبة عنه نحوه؛ دون دخول المسجد وقال: " حديث غريب ". قلت: وإسناده جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي بلج - وهو الفزاري الكوفي - وهو صدوق ربما أخطأ كما في " التقريب ". وهذا القدر من الحديث صحيح له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته، فراجع " اللآلي المصنوعة " للسيوطي (1/346 - 352) ، و " الفتح " (7/14 - 15) . 2930 - (امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار) . منكر رواه أحمد (2/228) ، والبزار (2091 - كشف) ، والحسن بن علي الصفار المديني في " فوائده " (23/2) ، وابن عساكر (3/50/1 و 15/435/2) ، وابن مخلد العطار في جزء من " الأمالي " (98/2) ، وعبد الغني المقدسي في " أحاديث الشعر " (115/2) ، وأبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (21/1) ، وابن عدي (202/2) عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن عدي: " وهذا منكر بهذا الإسناد، لا يرويه غير أبي الجهم هذا وهو مجهول. وقد روي هذا الحديث عن عبد الرزاق بن عمر الدمشقي عن الزهري كما رواه الحديث: 2930 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 482 أبو الجهم "، ثم ساق هو وابن عساكر إسناده إلى عبد الغفار بن داود الحراني: حدثنا عبد الرزاق به. وقال ابن عساكر: " هذا حديث غريب والمحفوظ حديث أبي الجهم ". قلت: وعبد الرزاق هذا متروك الحديث عن الزهري، لين في غيره. وله طريق أخرى؛ فقال ابن مخلد: حدثنا أبو بكر جنيد بن حكيم الأودي: حدثنا أبو هفان الشاعر: حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مرفوعا به. ومن هذا الوجه رواه أبو عثمان البجيرمي في " الفوائد " (35/2) ، والخطيب (9/370) ، وابن عساكر. وتابعه أبو داود المروزي: أخبرنا الأصمعي به عند ابن عساكر وقال: " قال ابن عدي: وهذا الحديث باطل ". قلت: وأبو داود المروزي لم أجد من ذكره؛ فهو مجهول، ونحوه أبو هفان الشاعر؛ واسمه عبد الله بن أحمد بن حرب؛ قال الذهبي: " حدث عن الأصمعي بخبر منكر، قال ابن الجوزي: لا يعول عليه ". قلت: يعني هذا. وزاد ابن عدي (370/1) في رواية عن أبي الجهم: " لأنه أول من أحكم الشعر ". وعزاه بهذه الزيادة في " الجامع " لأبي عروبة في " الأوائل " وابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ: " .... أحدكم قوافيها ". وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/204/1) عن أبي شراعة عن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 483 عبادة بن نسي قال: " ذكروا الشعراء عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا امرأ القيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مذكور في الدنيا، مذكور في الآخرة (1) ، حامل لواء الشعر يوم القيامة في جهنم أو في النار ". قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ أبو شراعة لا يعرف. ووصله هشام بن محمد بن السائب الكلبي: حدثني سعيد بن فروة بن عفيف بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال: " بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا امرأ القيس بن حجر الكندي وذكروا بيتين من شعره فيهما ذكر (ضارج - ماء من مياه العرب) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا، منسي في الآخرة، شريف في الدنيا، خامل يوم القيامة، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء، يقودهم إلى النار ". أخرجه أبو نعيم في " كتاب الشعراء " (ق 31/1 - 2 - منتخبه) ، والخطيب في " التاريخ " (2/373 - 374) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3/47/1 و 48/1) . وأخرجه أبو بكر الدينوري في " المجالسة " (7/169/1 - 2) من طريق أخرى عن هشام بن محمد عن أبيه قال: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد واه جدا، هشام هذا متروك متهم، وأبوه شر منه. 2931 - (امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان) . ضعيف جدا. رواه الدارقطني (ص 421) ، وعنه الديلمي (1/1/219) ،   (1) كذا " الأصل " ولعل الصواب ما في الرواية الأخرى - التالية -. الحديث: 2931 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 484 والبيهقي (7/445) ، وابن المظفر في " حديث حاجب بن أركين " (2/261/2) ، وأبو بكر الدقاق في " الثاني من حديثه " (41/2) ، والرافقي في " حديثه " (27/1) عن سوار بن مصعب عن محمد بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة مرفوعا. وقال البيهقي: " وسوار ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال أحمد والدارقطني: متروك ". وقد ذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (1/431 - 432) أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: " هذا حديث منكر، ومحمد بن شرحبيل متروك الحديث، يروي عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث مناكير أباطيل) . 2932 - (أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا البحر أن يقولوا: (بسم الله مجراها ومرساها) الآية، (وما قدروا الله حق قدره) الآية) . موضوع رواه أبو يعلى في " مسنده " (1602 - 1603) ، ومن طريقه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 494) ، وكذا ابن عساكر (16/182/2) ، وأبو الحسن الحربي في " الأمالي " (238/1) عن جبارة بن المغلس: حدثنا يحيى بن العلاء الرازي: جدثني مروان بن سالم عن طلحة بن عبيد الله العقيلي عن الحسين بن علي بن أبي طالب مرفوعا. الحديث: 2932 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 485 قلت: وهذا موضوع؛ آفته يحيى بن العلاء فإنه كذاب يضع الحديث؛ كما قال أحمد، وشيخه مروان بن سالم فإنه يضع الحديث أيضا؛ كما قال أبو عروبة. وطلحة بن عبيد الله العقيلي مجهول كما في " التقريب ". والحديث مما سود به السيوطي " جامعه الصغير " عازيا له إلى أبي يعلى وابن السني. وأخرجه الواحدي في " تفسيره " (68/2) عن سويد بن سعيد: حدثنا عبد الحميد بن الحسن بن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا كالذي قبله في شدة الضعف، نهشل هذا قال الحافظ: " متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه ". وعبد الحميد بن الحسن - وهو الهلالي الكوفي - صدوق يخطىء. وسويد بن سعيد؛ صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول. 2933 - (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أرحم الراحمين أنت؛ ارحمني، إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم تكن غضبانا علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك) . الحديث: 2933 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 486 ضعيف. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (13/73/181) ، وعنه الضياء في " المختارة " (56/128/1 - 2) ، وابن عدي (284/2) ، وعنه ابن عساكر (14/178/2) : حدثنا القاسم بن الليث الراسبي - أملاه علينا حفظا - قال: أخبرنا محمد بن أبي صفوان الثقفي إملاء قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: لما توفي أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ماشيا على قدميه، قال: فدعاهم إلى الإسلام، قال: فلم يجيبوه، قال فانصرف، فأتى ظل شجرة، فصلى ركعتين ثم قال: فذكره. وقال ابن عدي: " هذا حديث أبي صالح الراسبي، لم نسمع أن أحدا حدث بهذا الحديث غيره، ولم نكتبه إلا عنه ". قلت: كذا في نسختنا من ابن عدي (الراسبي) ، وفي " التاريخ " (الراسني) ، وفي " التهذيب " وغيره (الرسعني، وكذا في الطبراني) ولعله الصواب. ومن طريق القاسم هذا رواه - بل روى بعضه - ابن منده في " التوحيد " (79/1) وقال: محمد بن عثمان ابن أبي صفوان. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، وعلته عنعنة ابن إسحاق عند الجميع؛ وهو مدلس، ولم يسق إسناده في " السيرة " وإنما قال (2/61) : " فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - فيما ذكر لي -: اللهم إليك أشكو ... ". والحديث قال في " المجمع " (6/35) : " رواه الطبراني، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات ". من طريق ابن إسحاق معنعنا أخرجه أيضا الأصبهاني في " الحجة " (ق 166/2) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (2/82) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 487 2934 - (أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة، فهبط بها فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما) . موضوع أخرجه الخطيب في " التاريخ " (12/56) من طريق محمد بن الحسن بن زياد المقرىء النقاش: حدثنا الحسين بن حماد المقرىء - بقزوين -: حدثنا الحسين بن مروان الأنباري: حدثني محمد بن يحيى المعاذي قال: قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق - والفقهاء بحضرته -: من حلق رأس آدم حين حج؟ فتعايا القوم عن الجواب، فقال الواثق: أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأحضر، فقال: يا أبا الحسن من حلق رأس آدم؟ فقال: سألتك بالله يا أمير المؤمنين إلا أعفيتني، قال: أقسمت عليك لتقولن، قال: أما إذ أبيت فإن أبي حدثني عن جدي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع، النقاش هذا - وهو المفسر - كذاب. ومن فوقه إلى المعاذي؛ لم أجد من ترجمهم. وعلي بن محمد العلوي؛ ترجمه الخطيب، وفيها ساق له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأبوه محمد بن علي؛ لم أجد له ترجمة. وجده علي بن موسى هو العلوي؛ قال الحافظ: " صدوق، والخلل ممن روى عنه ". وموسى بن جعفر بن محمد؛ صدوق. الحديث: 2934 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 488 وأما جعفر بن محمد وهو المعروف بالصادق؛ فهو ثقة فقيه إمام احتج به مسلم مات سنة (148) ، فالحديث معضل أيضا. ومتنه موضوع ظاهر الوضع. 2935 - (امسحوا على الخفين والخمار) . ضعيف أخرجه ابن عساكر (19/12/1) عن محمود بن خالد: أخبرنا مروان بن محمد: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: كان الحارث بن معاوية الكندي وأبو جندل يتوضآن عند مطهرة باب البريد، فذكر المسح على الخفين، فمر بهما بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ثم رواه من طريق إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول عن الحارث بن معاوية الكندي وأبي جندل بن سهيل قالا: سألنا بلالا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على مطهرة الدرج بدمشق ونحن نتوضأ منها عن المسح على الخفين ونحن نريد أن ننزع خفافنا؟ فقال بلال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن طريق ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول به إلا أنه قلبه فقال: " سهيل بن أبي جندل " والصواب الأول، فقد رواه الوليد: حدثني يحيى بن حمزة وغيره عن أبي وهب عن مكحول عن أبي جندل بن سهيل والحارث بن معاوية الكندي أنهما كانا على ميضأة مسجد دمشق، فأزال أحدهما خفه حتى صارت قدمه في الساق، فتذاكرا المسح فأفتاهما بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد قدمه في الخف ومسح على خفيه. وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/95/2) من طريق ابن ثوبان الحديث: 2935 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 489 وعبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول. فالحديث عن مكحول ثابت، لكن هو نفسه مدلس وقد عنعنه. وأبو جندل ابن سهيل صحابي معروف. والحارث بن معاوية الكندي؛ لم يورده ابن عبد البر في " الاستيعاب " فيراجع له " الإصابة ". ولمكحول فيه إسناد آخر؛ يرويه محمد بن راشد قال: سمعت مكحولا يحدث عن نعيم بن خمار عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " امسحوا على الخفين والخمار ". أخرجه أحمد (6/12 و 12 - 13 و 14) . ونعيم بن خمار؛ ويقال: ابن حمار، ويقال: ابن هبار؛ صحابي أيضا ولم يسمع منه مكحول. قال ابن عبد البر: " حديث مكحول عنه منقطع، لم يسمع منه، بينهما كثير بن مرة ". قلت: ويعكر عليه قول عبد الرزاق: حدثنا محمد بن راشد: أخبرني مكحول: أن نعيم بن خمار أخبره: أن بلالا أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث. أخرجه أحمد (6/13) ، والطبراني في " الكبير " (1/54/1) . فقد صرح فيه بالتحديث والإخبار. لكن محمد بن راشد فيه ضعف؛ قال الحافظ: " صدوق يهم ". فمن الجائز أن يكون وهم في ذكر الحديث فيه. ولذلك فلا يطمئن القلب لرد قول ابن عبد البر بمثل هذا مع تفرده به دون كل من رواه عن مكحول ممن تقدم، ومنهم الأوزاعي فقد قال: عن مكحول عن نعيم بن همار عن بلال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 490 " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار ". أخرجه الطبراني (1/54/1) . ومنهم العلاء بن الحارث وأبو وهب عند الطبراني أيضا، ولفظهما مثل لفظ الأوزاعي. ثم إن الرواة قد اختلفوا على مكحول في لفظه، فمنهم من رواه من قوله صلى الله عليه وسلم كما في لفظ الترجمة. ومنهم من رواه من فعله صلى الله عليه وسلم كما في رواية الأوزاعي المذكورة وغيره ممن أشرنا إليه. وهذا اللفظ هو الصحيح عن بلال؛ لاتفاق جمع من الثقات على روايته عنه رضي الله عنه، كما أخرجه مسلم (1/159) ، وأحمد (6/12 - 15) ، والطبراني (1/52/1، و 53/2، و 54/1 و 2، و 55/1 و 2، و 56/1) ، وكذا أبو داود، والبيهقي، وقد خرجته من بعض طرقه في " صحيح أبي داود " (142) ، و " الروض النضير " (872) . 2936 - (امش ميلا عد مريضا، امش ميلين أصلح بين اثنين، امش ثلاثة زر في الله) . ضعيف رواه ابن وهب (26) : أخبرني مسلمة بن علي عن زيد بن واقد وهشام بن الغاز عن مكحول قال: فذكره موقوفا. قلت: وهذا مع وقفه ضعيف جدا؛ من أجل مسلمة - وهو الخشني - متروك. ثم قال: وأخبرني يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني مثله. قلت: وعطاء هذا فيه ضعف. الحديث: 2936 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 491 والحديث أورده السيوطي من رواية ابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " عن مكحول مرسلا، فتعقبه المناوي بقوله: " ظاهر كلام المصنف أنه لم يقف عليه مسندا، وهو عجب، فقد خرجه البيهقي عن أبي أمامة، لكن فيه علي بن يزيد الألهاني، قال البخاري: منكر الحديث، وعمرو بن واقد متروك ". قلت: ومن هذا الوجه أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " (ق 25/2) . وفي إسناد " الإخوان " (152/101) عمار بن نصر المروزي، قال ابن معين: ليس بثقة. وقال موسى بن هارون: متروك. وأما صالح جزرة فقال: لا بأس به. وفيه من لم أعرفه. وإن من تسويد الصفحات قول المعلق على " الإخوان ": " أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/198) والخطيب (11/162) ". فإذا رجعت إليهما لم تجده حديثا مرفوعا!! 2937 - (أمرت بالوتر وركعتي الضحى، ولم يكتب) . ضعيف أخرجه أحمد (1/232) ، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 114) من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وفي لفظ لأحمد (1/317) : " أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى ولم تكتب ". وفي رواية (1/234) من الوجه المذكور عن جابر عن أبي جعفر وعطاء قالا: الأضحى سنة، وقال عكرمة عن ابن عباس .... فذكره؛ لكن بلفظ: الحديث: 2937 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 492 " الأضحى " بدل " ركعتي الضحى ". وفي أخرى له (1/317) من طريق شريك عن جابر به بلفظ: " كتب علي النحر ولم يكتب عليكم، وأمرت بركعتي الضحى، ولم تؤمروا بها ". وتابعه حماد بن عبد الرحمن الكلبي: أخبرنا المبارك بن أبي حمزة الزبيدي عن عكرمة به. أخرجه الطبراني (3/145/1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، جابر هذا - وهو ابن يزيد الجعفي - ضعيف، بل قال النسائي: " متروك ". وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ، والمبارك مجهول، وحماد الكلبي ضعيف. ورواه عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس مرفوعا باللفظ الثاني، إلا أنه قال: " ولم يعزم علي ". أخرجه الدارقطني (ص 171) . وابن محرر هذا متروك. وروى بعضه مندل بن علي عن أبي جناب عن عكرمة به بلفظ: " الأضحى علي فريضة، وعليكم سنة ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 493 أخرجه الطبراني (3/131/1) . ومندل وأبو جناب ضعيفان. وتابعه أبو بدر شجاع بن الوليد: حدثنا يحيى بن أبي حية عن عكرمة بلفظ: " ثلاث هن علي فرائض، ولكم تطوع: النحر، والوتر، وركعتا الفجر ". أخرجه الحاكم (1/300) ، وأحمد (1/231) ، والبزار - كشف - (2433) إلا أنه قال: " وصلاة الضحى " مكان " ركعتا الفجر ". سكت عليه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني ". قلت: هو أبو جناب الكلبي نفسه، وهو مدلس مشهور؛ قال الحافظ: " ضعفوه لكثرة تدليسه ". قلت: ولعله دلسه عن بعض الكذابي؛ فقد قال الحافظ ابن عبد الهادي في " الفروع " (ق 23/2) : " حديث موضوع ". 2938 - (أم الولد حرة وإن كان سقطا) . ضعيف رواه الطبراني (3/128/2) ، والدارقطني (ص 479) ، والبيهقي (10/346 - 347) عن إبراهيم بن يوسف الصيرفي: أخبرنا الحسين بن عيسى الحنفي: أخبرنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. الحديث: 2938 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 494 قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بالضعفاء: 1- الحكم بن أبان وهو العدني؛ صدوق له أوهام. 2- الحسين بن عيسى الحنفي؛ ضعيف. 3- إبراهيم بن يوسف الصيرفي؛ صدوق فيه لين. ولذلك قال البيهقي عقب الحديث: " وهو ضعيف، والصحيح عن عمر " يعني موقوفا. 2939 - (أمتي خمس طبقات كل طبقة أربعون سنة، الطبقة الأولى: أنا ومن معي، أهل علم ويقين، إلى الأربعين، والطبقة الثانية: أهل بر وتقوى إلى الثمانين، والطبقة الثالثة: أهل تواصل وتراحم إلى العشرين والمئة، والطبقة الرابعة: أهل تقاطع وتظالم إلى الستين ومئة، والطبقة الخامسة: أهل هرج ومرج إلى المئتين، حفظ امرؤ نفسه) . ضعيف أخرجه ابن منده في " المعرفة " (ق 5 - 6) وكذا أبو نعيم في " المعرفة " (1/224/2) عن إبراهيم بن مطهر الفهري عن أبي المليح عن الأشيب بن دارم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكراه؛ وقالا: " في إسناد حديثه نظر ". وعزاه في " الجامع الكبير " (1/133/1) للحسن بن سفيان والإسماعيلي في " الصحابة " أيضا، وكذا قال أيضا ابن عبد البر كما نقله عنه الحافظ في " اللسان "، وقال الذهبي في ترجمة الفهري هذا وساق هذا الحديث: الحديث: 2939 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 495 " هذا ليس بصحيح ". قلت: وعلته الأشيب هذا؛ فإنهم أغفلوه ولم يترجموه. والفهري؛ قال الذهبي في " المغني ": " لا يدرى من هو! ". وقال الحافظ في ترجمة دارم هذا من " الإصابة ": " وفي إسناده ضعف ". 2940 - (أمتي على خمس طبقات: فأربعون سنة أهل بر وتقوى، ثم الذين يلونهم إلى عشرين ومئة سنة أهل تراحم وتواصل، ثم الذين يلونهم إلى ستين ومئة سنة أهل تدابر وتقاطع، ثم الهرج الهرج، النجا النجا) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (4058) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يزيد هذا - وهو ابن أبان - ضعيف كما قال الحافظ وغيره، كالبوصيري في " الزوائد " (272/1 - مصورة المكتب) . وله طريق أخرى؛ يرويها خازم أبو محمد العنزي: حدثنا المسور بن الحسن عن أبي معن عن أنس مرفوعا بلفظ: " أمتي على خمس طبقات، كل طبقةأربعون عاما، فأما طبقتي وطبقة أصحابي؛ فأهل علم وإيمان، وأما الطبقة الثانية ما بين الأربعين إلى الثمانين: فأهل بر وتقوى ... ". ثم ذكر نحوه. الحديث: 2940 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 496 أخرجه ابن ماجه أيضا. قال البوصيري: " هذا إسناد ضعيف، أبو معن والمسور بن حسن وخازم العنزي؛ مجهولون. قال أبو حاتم: هذا الحديث باطل. وقال الذهبي في المسور: حديثه (يعني هذا) منكر ". وله طريق ثالثة؛ ولكنها واهية جدا، عن عباد بن عبد الصمد أبي معمر: أخبرنا أنس بن مالك مرفوعا به نحوه. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (2/171 - حلب) ، وابن عساكر في " التجريد " (4/14/1) ، وفي " التاريخ " (19/102/1) ، وكذا البغوي في " حديث كامل بن طلحة الجحدري "، وأبو القاسم السمرقندي في " ما قرب سنده " (1/2) ، وأبو منصور الجربادقاني في " الثاني من عروس الأجزاء " (131/1) ، وأبو الحسين بن النقور في " خماسياته " (138/2) ، وأبو عبد الله الصاعدي في " السداسيات " (6/1) ، وزاهر الشحامي (121/1) ، وأبو بكر الكلاباذي في " الفمتاح " (64/1) . وعباد هذا واه؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وروي من حديث عرفة عن أبي موسى مرفوعا بلفظ: " أنا وأصحابي أهل إيمان وعمل إلى أربعين، وأهل بر وتقوى إلى الثمانين، وأهل تواصل وتراحم إلى العشرين ومئة، وأهل تقاطع وتدابر إلى الستين ومئة، ثم الهرج الهرج، الهرب الهرب ". أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (347) وقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 497 " عرفة مجهول، ولا يبين سماعه من أبي موسى، وفي هذا رواية من غير هذا الوجه فيها لين أيضا ". وقال الذهبي في عرفة: " لا يعرف، والخبر باطل ". يعني هذا، وأقره الحافظ. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/196 - 197) من حديث أبي موسى وأنس وابن عباس وقال: " هذه الأحاديث لا أصل لها ". ثم بين عللها، وحديث أنس عنده من الطريق الثالثة الضعيفة جدا، فتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/393) بالطريقين الأوليين، وليس ذلك بشيء، فإن الثاني منهما فيه ثلاثة مجاهيل، ولذلك أبطله أبو حاتم واستنكره الذهبي كما تقدم. وبحديث دارم الذي ذكرته قبل هذا. وقد قال فيه الذهبي: " ليس بصحيح " كما سبق. وبالجملة فالحديث لا يخرج بهذه الطرق عن الضعيف، ولا سيما وقد أبطله الأئمة النقاد كأبي حاتم والذهبي والعسقلاني، فلا قيمة لقعقعة السيوطي ومحاولته لتقويته. وكأنه اغتر به الدكتور القلعجي المعلق على " ضعفاء العقيلي " فقد جعل لأحاديثه فهرسين أحدهما في الأحاديث الصحيحة التي ذكرت فيه، فأورد هذا الحديث فيه (ص 505) آخر المجلد الرابع، وقد أورد فيه أحاديث أخرى ضعيفة أيضا، لعلنا نتعرض لبيانها حين تأتي المناسبة. وأما الفهرس الآخر فهو شر من الأول بكثير، فهو كما قال: " فهرس أبجدي للأحاديث الضعيفة والمنكرة والتي لا أصل لها والغير (كذا) محفوظة ". فإنه أورد فيه بجهل بالغ نادر كثيرا جدا من الأحاديث الصحيحة وبعضها في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 498 " الصحيحين "، ولا مجال الآن لبيانها، وحسبنا الآن منها حديثان أوردهما على التتالي (ص 528) : الأول: " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ". والآخر: " إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يلعقها ". والأول متفق عليه من حديث أبي قتادة. والآخر متفق عليه من حديث ابن عباس، ورواه مسلم من حديث جابر. انظر " صحيح الجامع " (263 و 372) وغيره. والسبب في ذلك يعود إلى الجهل بهذا العلم الشريف وبما اصطلح عليه العلماء في كتب التراجم والأحاديث التي تذكر فيها مما لا مجال الآن لبيانه، مع غلبة العجب والغرور على كثير من دكاترة هذا الزمان، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. 2941 - (أمنع الصفوف من الشيطان الصف الأول) . ضعيف جدا رواه الديلمي (1/2/220 - 221) عن حكيم بن سيف قاضي (الأبلة) : حدثنا هشام أبو المقدام عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ هشام - وهو ابن زياد أبو المقدام القرشي - متروك. وحكيم بن سيف؛ مختلف فيه. والحديث عزاه السيوطي لأبي الشيخ عن أبي هريرة. الحديث: 2941 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 499 2942 - (أميران وليسا بأميرين: الرجل يتبع الجنازة فلا ينصرف حتى يستأذن، والمرأة تكون مع القوم فتحيض فلا ينفروا حتى تطهر) . ضعيف أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (3/287) من طريق عمرو بن عبد الجبار العبدي - ابن أخي عبيدة بن حسان - عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " عمرو هذا لا يتابع على حديثه ". وقال ابن عدي (5/141) : " أحاديثه كلها غير محفوظة ". ثم قال العقيلي: " هذا يروى بإسناد معل ". قلت: ولعله يشير إلى الطريق التي ساقها ابن الجوزي في " العلل " (2/84/943) عن الدارقطني قال: " روى الحسن بن عمارة عن الحكم وعدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال الدارقطني: " وقد يروى موقوفا على أبي هريرة، ولا يثبت مرفوعا ". والحسن بن عمارة متروك. وقد روي من حديث جابر؛ فمن المحتمل أنه المقصود بقول العقيلي المذكور، يرويه عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن أبي سفيان عنه. أخرجه البزار في " مسنده " (2/36/1144 - كشف الأستار) ، وأبو نعيم الحديث: 2942 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 500 في " أخبار أصبهان " (2/88) ، ومن طريقه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/219 - " الغرائب الملتقطة ") ، وقال البزار: " لا نعلمه بهذا اللفظ من وجه أحسن من هذا، .... ولا رواه عن الأعمش إلا [عمرو بن] عبد الغفار ". وهو الفقيمي. قلت: وهو ضعيف جدا؛ قال العقيلي: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال ابن عدي: " اتهم بوضع الحديث ". كما في " الميزان "، وساق له ثلاثة أحاديث هذا أحدها؛ وقال عقبه: " تفرد به عمرو، وعمرو متهم. وهذا الحديث سرقه آخر من الفقيمي، أو الفقيمي سرقه منه ". ثم ساقه من رواية العقيلي عن أبي هريرة، ثم قال: " وهذا المتن قد جاء من قول أبي هريرة من رواية ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن أبي هريرة قوله، ورواه منصور وشعبة عن الحكم عمن حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله ". قلت: ومع اتفاق الأئمة المذكورين على توهين الفقيمي هذا؛ فقد أورده ابن حبان في " الثقات " (8/478) ، فكأنه لم يعرفه فأورده على قاعدته في توثيق المجهولين، وهذا مثال من عشرات الأمثلة على بطلان التوثيق المذكور، ولذلك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 501 كثرت أخطاؤه المتفرعة منها، فلا جرم أن قام علم مصطلح الحديث على خلافها. فتنبه لهذا فإنه مهم جدا. (تنبيه) : مر بك زيادة " عمرو بن " بين معكوفتين [] ، وقد سقطت من " كشف الأستار "، وكان المفروض أن أجعل مكانها " أحمد بن " لأنه كذلك وقع في إسناد " الكشف "، وفي " مختصر زوائد البزار " لابن حجر أيضا (467/795) ، ولكني لم أفعل لأنه تبين لي أنه خطأ لا أدري كيف وقع في كتابي " الزوائد ". وقد وقع فيهما وفي غيرهما أخطاء أخرى، فلابد من بيانها: الأول: في " الكشف ": " حدثنا أحمد بن داود الكوفي: حدثنا أحمد بن عبد الغفار ". وكذا وقع في " الغرائب " خلافا لأصله الذي رواه من طريقه: " أخبار أصبهان " فإنه فيه " أبي داود " بزيادة أداة الكنية، وقد تعبت كثيرا في البحث عنه في كتب الرجال للتعرف عليه؛ دون جدوى، حتى تبين لي أنه محرف من " يزداد "، وذلك حين وجدته هكذا في " الميزان " و " اللسان " من رواية البزار نفسه. ثم تابعت البحث فوجدت الخطيب قد ترجمه في " تاريخ بغداد " (5/228) هكذا: " أحمد بن يزداد بن حمزة أبو جعفر الخياط. سكن الكوفة، وحدث بها عن عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، و .... مات سنة خمس وخمسين ومئتين ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن روى عنه جمع من الثقات، فلما وقفت على هذا تيقنت أنه الصواب. وتكرر هذا الخطأ في الحديث (406) . الثاني: وقع في الترجمة المذكورة: (الخيط) من الخياطة. ووقع في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 502 " الأخبار " (الحناط) من الحنطة، ولم يورده السمعاني في أي من النسبتين. والله أعلم. الثالث: " إلا عبد الغفار " كذا وقع في " زوائد " الهيثمي والعسقلاني، وهو خطأ ظاهر؛ لأنه ليس من رواة هذا الحديث، فالصواب " عمرو بن عبد الغفار " كما تقدم. ثم إن الحديث عزاه الحافظ في " الفتح " (3/590) للبزار من حديث جابر، وللبيهقي في " فوائده " من طريق أبي هريرة، وقال عقبهما: " إن كان صحيحا، فإن في إسناد كل منهما ضعفا شديدا ". ثم رأيت لأحمد بن يزداد حديثا آخر في " مسند البزار " (2/194/1503) يرويه عن شيخه المذكور (عمرو بن عبد الغفار) ، لكن وقع فيه (عمر) بدون الواو بعد الراء، وكذلك وقع في " مختصر الزوائد " لابن حجر (1/598) ، مما يؤكد ما ذكرته آنفا في التنبيه. 2943 - (إن استطعت أن تكون أنت المقتول، ولا تقتل أحدا من أهل الصلاة فافعل) . ضعيف جدا أخرجه الخطيب في " التاريخ " (3/447 و 448) ، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (20/357) من طريق محمد بن يعلى - زنبور - الكوفي: أخبرنا الربيع بن صبيح عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن قال: " لما كان من بعض همج الناس ما كان، جعل رجل يسأل عن أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يسأل أحدا إلا دله على سعد بن مالك، قال: الحديث: 2943 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 503 فقيل له: إن سعدا رجل إذا أنت رفقت به كنت قمنا أن تصيب منه حاجتك، وإن أنت خرقت به كنت قمنا أن لا تصيب منه شيئا، فجلس أياما لا يسأله عن شيء حتى استأنس به، وعرف مجلسه، ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (إن الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى) إلى آخر الآية، قال: فقال سعد: هات ما قلت، لا جرم والذي نفس سعد بيده، لا تسألني عن شيء أعلمه إلا أنبأتك به، قال: أخبرني عن عثمان، قال: كنا إذ نحن جميع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحسننا وضوءا وأطولنا صلاة؛ وأعظمنا نفقة في سبيل الله. فسأله عن شيء من أمر الناس، فقال: أما أنا فلا أحدثك بشيء سمعته من ورادنا، لا أحدثك إلا بما سمعت أذناي، ووعاه قلبي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل: الأولى: الانقطاع بين الحسن وسعد. الثانية والثالثة: ضعف ابن جدعان والربيع بن صبيح. الرابعة: زنبور هذا - وهو لقبه - ضعيف جدا؛ قال البخاري: " ذاهب الحديث ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وبهؤلاء الثلاثة أعله المناوي، لكن فاته عزوه للخطيب، وقد خولف (ابن زنبور) هو أو شيخه، فقال حماد بن سلمة: عن علي بن ريد، عن أبي عثمان، عن خالد بن عرفطة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا خالد! إنها ستكون بعدي أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 504 تكون عبد الله المقتول القاتل، فافعل ". رواه أحمد (5/292) والبخاري في " التاريخ " (3/138) والحاكم في " المستدرك " (3/281) والطبراني في " الكبير " (4/225) وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (1/466/646) ، والبزار في " مسنده " (3356 - زوائده) . 2944 - (أعظم العيادة أجرا أخفها، والتعزية مرة) . ضعيف جدا أخرجه البزار (84) : حدثنا هارون بن حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن علي بن عمر بن علي عن أبيه عن جده رفعه، ومن هذا الوجه رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/542/9219) . وقال البزار: " لا نحفظه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وأحسب ابن أبي فديك لم يسمع من علي ". قلت: هو علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال الحافظ: " مستور، من الثامنة ". قلت: فهو من طبقة محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أو أعلى قليلا فإنه من صغار الثامنة عند الحافظ، فلا وجه لتردد البزار في سماعه من علي بن عمر، فتأمل. وإنما علة الحديث شيئان آخران: الأول: الإرسال؛ فقد عرفت أن جده عليا ليس هو علي بن أبي طالب، وإنما علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو المعروف بزين العابدين؛ تابعي ثقة. الحديث: 2944 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 505 والآخر: هارون بن حاتم؛ قال النسائي: " ليس بثقة ". وتركه أبو زرعة وأبو حاتم. 2945 - (من شرب مسكرا ما كان، لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما) . منكر بزيادة " ما كان " أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (7/183/6672) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول: حدثنا يزيد بن عبد الملك عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء: الشاذكوني واللذان فوقه، والأول أسوؤهم فإنه متهم بالكذب والوضع، ولذلك فقد قصر الهيثمي حين قال في " المجمع " (5/71) : " رواه الطبراني، وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو متروك، ونقل عن ابن معين في رواية: " لا بأس به "، وضعفه في روايتين ". وقد صح الحديث بدون الزيادة المذكورة من حديث ابن عمر وابن عمرو رضي الله عنهما، فانظره في " صحيح الجامع الصغير ". الحديث: 2945 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 506 2946 - (إن كان شيء من الداء يعدي فهو هذا) . موضوع رواه الحارث بن أبي أسامة في " المسند " (ص 125 - من زوائده) : حدثنا الخليل بن زكريا: حدثنا عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعسفان واد من المجذومين فأسرع السير قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الخليل بن زكريا متروك كما قال الحافظ، الحديث: 2946 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 506 ومن طريقه أخرجه ابن عدي (122/2) في جملة أحاديث ساقها له؛ وقال: " وهذه الأحاديث كلها مناكير من جهة الإسناد والمتن، وعامة أحاديثه مناكير ". وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " ومن أنكر ما له حديثه عن ابن عون .... " يعني هذا. وظاهر الحديث ينفي العدوى، وهي ثابتة في أحاديث كثيرة منها حديث " اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد "، وهو مخرج في " الصحيحة " (781) 2947 - (لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليهم، فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فيصالحونكم على صلح، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح لكم) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/46) ، وأبو القاسم بن سلام في " الأموال " (ص 143 رقم 388 و 389) عن هلال بن يساف عن رجل من ثقيف عن رجل من جهينة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، لأن الثقفي مجهول لا يدرى من هو؟ ثم خرجته في " ضعيف أبي داود " (542) بزيادة في المصادر. الحديث: 2947 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 507 2948 - (أنا أنبئك بخير رجل ربح، قال: ما هو يا رسول الله؟ قال ركعتين بعد الصلاة) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/439) عن أبي سلام قال: حدثني عبيد الله بن سلمان: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه قال: الحديث: 2948 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 507 " لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي، فجعل الناس يتبايعون غنائمهم، فجاء رجل فقال: يا رسول الله لقد ربحت ربحا ما ربح مثله أحد من أهل هذا الوادي! قال: ويحك ما ربحت؟ قال: ما زلت أبيع وابتاع حتى ربحت ثلاثمئة أوقية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبيد الله بن سلمان هذا لا يعرف إلا بهذا الإسناد؛ كما أفاده الذهبي، ولذا قال الحافظ: " مجهول ". 2949 - (أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة حتى أحشر بين الحرمين) . ضعيف رواه الترمذي (4/317) ، وابن حبان (2194) ، والحاكم (3/68) ، وأبو عثمان البجيرمي (ق 14/1 - فوائده) ، وابن عساكر (23/27/2) عن عبد الله بن نافع الصائغ: أخبرنا عاصم بن عمر العمري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا. ورواه الطبراني والحاكم (2/465) من هذا الوجه إلا أنهما قالا: " عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن سالم عن ابن عمر به ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: عاصم هو أخو عبد الله؛ ضعفوه ". وأما الترمذي فقال: " حديث حسن غريب، وعاصم ليس عندي بالحافظ [ولا] عند أهل الحديث ". الحديث: 2949 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 508 ثم رواه ابن عساكر عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن عبد الله بن عمرو ومالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر به. قلت: والقاسم هذا متروك أيضا، رماه أحمد بالكذب. وأخرجه ابن النجار في " تاريخ المدينة " (401) عن محمد بن عثمان: حدثنا أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به نحوه. قلفت: وهذا إسناد ضعيف جدا عثمان هذا والد محمد - وهو ابن خالد بن عمر العثماني - متروك الحديث كما في " التقريب ". وبالجملة فالحديث ضعيف. 2950 - (لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت) . ضعيف رواه الطبراني (1/91/1) عن أبي خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن بن أبي خالد عن زيد بن أسلم عن يزيد بن زياد مولى ابن عباس عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: فذكره. ثم رواه (1/98/1) هو، والحاكم (3/598) من طريق قيس بن الربيع عن الحديث: 2950 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 509 يزيد بن عبد الرحمن بن أبي خالد عن عبد الرحمن بن عبد الله مولى علي بن أبي رافع به. قلت: وإسناده ضعيف من الوجهين، لأن مدارهما على أبي خالد الدالاني وهو ضعيف. وعبد الرحمن بن عبد الله مولى علي لم أجد من ترجمه، ويغلب على ظني أنه عبد الرحمن بن أبي رافع المترجم في " التهذيب " وغيره، وفي " التقريب ": " عبد الرحمن بن أبي رافع، ويقال: ابن فلان بن أبي رافع، شيخ لحماد بن سلمة بن سلمة، مقبول، من الرابعة ". قلت: وهو يروي عن أبي رافع بواسطة عمته سلمى. وعنه حماد بن سلمى. وهو يسميه في أكثر الروايات عنه: عبد الرحمن بن أبي رافع، لكني وجدت له رواية في " مسند أحمد " (6/9) سماه فيها " عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي رافع عن عمته عن أبي رافع ". ففيها بيان أن اسم والد عبد الرحمن عبد الله كما في رواية الدالاني هذه. وعليه فأبو رافع جده. فإذا ثبت هذا فالسند منقطع لعدم تصريحه بسماعه من أبي رافع، وقد روى عنه بالواسطة كما سبق. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (5/334) : " رواه الطبراني عن يزيد بن أبي زياد مولى ابن عباس، ذكره المزي في الرواة عن أبي رافع، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وبقية رجال الطريق الأولى ثقات ". كذا قال، وقد عرفت أن مدار الطريقين على الدالاني؛ وأنه ضعيف. ومن ضعفه أنه روى هذا الحديث تارة بالإسناد الأول عن أبي رافع وتارة بالإسناد الآخر! الجزء: 6 ¦ الصفحة: 510 ورواه ابن المبارك في " الزهد " (220/1) : أنبأنا ابن لهيعة عن ابن أبي جعفر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا يعلم الدين قال: فذكره. إلا أنه قال: ".. خير لك من الدنيا وما فيها ". (تنبيه) : هذا الحديث مما عزاه الدكتور فايز المط في كتابه " القبس " رقم (1156 - طبع المكتب الإسلامي) مع الأسف! للبخاري ومسلم! وإنما هو عندهما من طريق أخرى عن سهل بن سعد بلفظ: " خير لك من حمر النعم "، وهو مخرج في " تخريج فقه السيرة " (371) ، ومن عجائب هذا الدكتور أنه جعل هذا اللفظ تمام حديث الترجمة وعطفه عليه بقوله: " أو قيم "!! 2951 - (لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته) . ضعيف رواه ابن ماجه (1340) ، وابن حبان (659) ، والحاكم (1/571) ، وأحمد (6/19 - 20) ، وابن عساكر (17/232/1) عن الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن ميسرة مولى فضالة عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل هو منقطع ". قلت: وإنما قال الحاكم ما قال؛ لأنه ليس في إسناده ميسرة مولى فضالة وهو رواية لأحمد. وكأن ذلك من عمل الوليد بن مسلم، فإنه كان يدلس تدليس التسوية، فيظهر أنه كان أحيانا يدلس ميسرة هذا، وأحيانا يظهره ويثبته وهو علة الحديث؛ فإنه لا يعرف كما أشار إلى ذلك الذهبي بقوله: الحديث: 2951 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 511 " ما حدث عنه سوى إسماعيل بن عبيد الله ". ولم يوثقه أحد غير ابن حبان على قاعدته في توثيق المجهولين، ولذلك لم يتابعه الحافظ في توثيقه فإنه قال في ترجمته من " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة، ولا نعلم أحادا تابعه عليه بهذا اللفظ، فهو ضعيف. فقول البوصيري في " الزوائد " (103/1 - مصورة المكتب) : " هذا إسناد حسن لقصور درجة ميسرة مولى فضالة وراشد بن سعيد عن درجة أهل الحفظ والضبط ". قلت: فهو غير حسن، لأن ميسرة لم تثبت عدالته كما عرفت، وعليه فلا يصح وصفه بالحفظ القاصر فتنبه. وأما راشد بن سعيد، فهو متابع. 2952 - (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله عز وجل في الخير منهما، حتى خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح؛ من لدن آدم عليه السلام حتى انتهيت إلى أبي وأمي، فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا) . الحديث: 2952 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 512 ضعيف جدا. رواه البيهقي في " دلائل النبوة " (1/174) ، والديلمي (1/2/305 - 306) ، والضياء في " المنتقى من حديث الأمير أبي أحمد وغيره " (268/2) من طريق صالح بن علي النوفلي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن ربيعة قال: أخبرنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك وأبي بكر بن عبد الرحمن قالا: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: فذكره. ثم رواه الضياء من طريق الحاكم بسنده عن محمد بن سعيد القاضي به إلا أنه لم يذكر في سنده " وأبي بكر بن عبد الرحمن "، وقال الضياء: " مضطرب " ورواه ابن عساكر (1/196/1) من طريق الحاكم والبيهقي عن محمد بن سعيد القاضي وقال: " قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، وعنده أفراد لم يتابع عليها ". قلت: وهو ضعيف جدا؛ قال الذهبي: " أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب، ضعفه ابن عدي وغيره ". وقال الحاكم والنقاش: " روى عن مالك أحاديث موضوعة ". 2953 - (أنا سابق العرب إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة، وسلمان سابق فارس إلى الجنة) . الحديث: 2953 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 513 ضعيف. روي من حديث أبي أمامة الباهلي، وأنس بن مالك، وأم هانىء، والحسن البصري مرسلا. 1- أما حديث أبي أمامة؛ فيرويه عطية بن بقية بن الوليد: حدثني أبي: حدثنا محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة الباهلي به. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 57) ، و " الأوسط "، ومن طريقه ابن عساكر في " التاريخ " (8/190/1) ، وابن عدي في " الكامل " (ق 43/1) ، وعنه ابن عساكر أيضا (3/229/1) ، وكذا العراقي في " محجة القرب " (ق 55/1) وقال الطبراني: " لا يروى عن أبي أمامة إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف؛ من أجل عطية بن بقية، فإنه غير معروف بالضبط، قال ابن أبي حاتم (3/1/381) : " كتبت عنه، ومحله الصدق، وكانت فيه غفلة ". وقال ابن حبان في " الثقات ": " يخطىء، ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة ". قلت: قد صرح أبوه بقية بالتحديث عند الطبراني، ولذلك قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/305) : " رواه الطبراني، وإسناده حسن "! قلت: وليس كذلك لوجهين: الأول: ما عرفت من غفلة عطية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 514 والآخر: أن بقية بن الوليد مدلس، ولم يصرح بالتحديث، إلا في رواية الطبراني، وأما عند الآخرين فقد عنعنه، وفي طريق روايته أيوب بن أبي سليمان أبو ميمون الصوري ولم أجد له ترجمة، فمثله لا يعتمد عليه في إثبات التصريح المذكور، لا سيما وشيخه عطية فيه ضعف كما تقدم. ثم رأيت الحديث في " العلل " (2/353) لابن أبي حاتم من هذا الوجه بدون التحديث ثم قال: " وسمعت أبي وأبا زرعة جميعا يقولان: هذا حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد ". 2- وأما حديث أنس؛ فله عنه طرق: الأولى: عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس مرفوعا بلفظ: " السباق أربعة، أنا سابق العرب ..... " الحديث دون قوله: " في الجنة " في الأربعة. أخرجه البزار في " مسنده " (2607 - كشف) ، وعنه العراقي أيضا، والحاكم (3/402) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/185) و " أخبار أصبهان " (1/49) ، وعنه ابن عساكر (3/228/2) وسكت عليه الحاكم؛ وتعقبه الذهبي فقال: " قلت: عمارة واه، ضعفه الدارقطني ". وقال نحوه في كتابه " الضعفاء والمتروكين ". وقال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 515 قلت: فقول الهيثمي (9/305) : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عمارة بن زاذان، وهو ثقة، وفيه خلاف ". قلت: فهو لا يخلو من تساهل، كما هو ظاهر. وقال العراقي: " هذا حديث حسن، وقد اختلفوا في عمارة، فقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به، ممن يكتب حديثه. وله طريق آخر رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " عن عبد العزيز عن شيخ من بني تميم عن أنس مختصرا ". الطريق الثانية: عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس به. أخرجه أبو نعيم في " الأخبار "، وابن عساكر (7/203/1) . ويحيى هذا قال أبو حاتم: " يفتعل الحديث ". الثالثة: عن يوسف بن إبراهيم عن أنس به. أخرجه ابن عساكر. ويوسف هذا قال البخاري: " صاحب عجائب ". وقال ابن حبان: " يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه ". الرابعة: عن شيخ من بني تميم عنه مختصرا. رواه الحارث بن أبي أسامة كما سبق في كلام العراقي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 516 3- وأما حديث أم هانىء؛ فيرويه فايد العطار عنها. رواه الطبراني، وفايد متروك كما قال الهيثمي (9/305) . 4- وأما حديث الحسن البصري؛ فيرويه يونس عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره؛ دون ذكر الجنة، ودون ذكر صهيب. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " مفرقا في مواضع (1/21 و 3/232 و 4/82 و 7/318 و 385) . قلت: وهو مرسل صحيح الإسناد. 2954 - (أنت أكبر ولد أبيك فحج عنه) . ضعيف أخرجه النسائي (2/5) ، والدارمي (2/41) ، وأحمد (4/3 و 5) من طريق منصور عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن عبد الله بن الزبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: .... فذكره. وفي رواية للنسائي وأحمد: جاء رجل من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الركوب، وأدركته فريضة الله في الحج، فهل يجزىء أن أحج عنه؟ قال: أنت أكبر ولده؟ قال: نعم، قال: " أرأيت لو كان عليه دين أكنت تقضيه؟ قال: نعم، قال: فحج عنه ". وهكذا أخرجه البيهقي (4/329) وقال: " اختلف في هذا على منصور، فرواه جرير بن عبد الحميد هكذا، ورواه عبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير يقال له الحديث: 2954 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 517 يوسف بن الزبير، أو الزبير بن يوسف عن ابن الزبير عن سودة بنت زمعة رضي الله عنها قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (قلت: فذكره، إلا أنه قال) فقضيته قبل منك؟ قال: نعم، قال: فالله أرحم، حج عن أبيك ". أخرجه الدارمي والبيهقي ثم قال: " رواه إسرائيل عن منصور عن مجاهد عن مولى لآل ابن الزبير عن ابن الزبير أن سودة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله. فذكره. وأرسله الثوري عن منصور فقال: عن يوسف بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك قاله البخاري ". قلت: ويوسف بن الزبير؛ لم يوثقه غير ابن حبان وروى عنه بكر بن عبد الله المزني أيضا، وقال ابن جرير: " مجهول لا يحتج به "، ولذلك قال الحافظ: " مقبول " يعني عند المتابعة. وأما الذهبي فقال: " صالح الحال ". ثم ساق له حديثا غير هذا من روايته عن ابن الزبير أيضا ثم قال: " هذا حديث صحيح الإسناد "! قلت: كذا قال، ولم يمل القلب إليه، فإن الحديث محفوظ في " الصحيحين " وغيرهما دون هذه الزيادة: " أنت أكبر ... " فهي منكرة أو شاذة. والله أعلم. 2955 - (أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه) . الحديث: 2955 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 518 موضوع. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " كما يأتي، والطبراني في " المعجم الكبير " (3/108/1) ، والحاكم (3/126) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (11/48) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12/159/2) من طريق أبي الصلت عبد السلام بن صالح العروي: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. وقال ابن جرير والحاكم: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " بل موضوع ". ثم قال الحاكم: " وأبو الصلت ثقة مأمون ". فتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: لا والله، لا ثقة ولا مأمون ". وقال في كتابه " الضعفاء والمتروكين ": " اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة. وقال ابن عدي: متهم. وقال غيره: رافضي ". وقال في كتابه " الضعفاء والمتروكين ": " اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة. وقال ابن عدي: متهم. وقال غيره: رافضي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذاب ". قلت: لم يوثقه أحد سوى ابن معين، وقد اضطرب قوله فيه على وجوه: الأول: أنه ثقة. رواه عنه الدوري. أخرجه الحاكم (3/126) ، والخطيب في " التاريخ " (11/50) . الثاني: ثقة صدوق. رواه عنه عمر بن الحسن بن علي بن مالك في " التاريخ " (11/48) . الثالث: ما أعرفه بالكذب. وقال مرة: لم يكن عندنا من أهل الكذب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 519 رواه عنه ابن الجنيد. أخرجه في " التاريخ " (11/49) . وقال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز في " جزء معرفة الرجال " ليحيى بن معين (ق 4/2) : " وسألت يحيى عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي؟ فقال: ليس ممن يكذب ". ورواه عنه الخطيب (11/50) . الرابع: قال أبو علي صالح بن محمد وقد سئل عن أبي الصلت: رأيت يحيى بن معين يحسن القول فيه. كذا أخرجه الخطيب عنه. وأخرجه الحاكم (3/127) من طريق أخرى عنه قال: " دخل يحيى بن معين ونحن معه على أبي الصلت، فسلم علليه، فلما خرج تبعته فقلت له: ما تقول رحمك الله في أبي الصلت؟ فقال: هو صدوق ". الخامس: ما أعرفه! أخرجه الخطيب (11/49) من طريق عبد الخالق بن منصور قال: وسألت يحيى بن معين عن أبي الصلت؟ فقال: فذكره. وقال الخطيب: " قلت: أحسب عبد الخالق سأل يحيى بن معين عن حال أبي الصلت قديما، ولم يكن يحيى إذ ذاك يعرفه، ثم عرفه بعد ". قلت: وهذا جمع حسن بين هذه الأقوال، على أنها باستثناء القول الأخير، لا تعارض كبير بينها كما هو ظاهر. إلا أن القول الثالث: " ما أعرفه بالكذب ". ليس نصا في التوثيق، لأنه لا يثبت له الضبط والحفظ الذي هو العمدة في الرواية. فيبدو لي - والله أعلم - أن ابن معين لم يكن جازما في توثيقه، ولذلك اختلفت الرواية عنه، وسائر الأئمة قد ضعفوه وطعنوا فيه فالعمدة عليهم دونه. وكذلك اختلف قول ابن معين في الحديث نفسه على وجوه: الأول: هو صحيح. أخرجه الخطيب عن القاسم بن عبد الرحمن الأنباري عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 520 الثاني: ما هذا الحديث بشيء. قاله في رواية عبد الخالق المتقدمة عنه. الثالث: قال يحيى بن أحمد بن زياد: وسألته يعني ابن معين عن حديث أبي معاوية الذي رواه عبد السلام الهروي عنه عن الأعمش: حديث ابن عباس؟ فأنكره جدا. أخرجه الخطيب (11/49) . الرابع: قال ابن محرز في روايته المتقدمة عن ابن معين: فقيل له في حديث أبي معاوية عن الأعمش ... فقال: هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدث به أبو معاوية قديما، ثم كف عنه، وكان أبو الصلت رجلا موسرا يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشايخ، وكانوا يحدثونه بها ". فهذه الرواية تلتقي مع الثانية والثالثة، لقول ابن نمير أن أبا معاوية كف عنه. الخامس: حديث كذب ليس له أصل. قال ابن قدامة في " المنتخب " (10/204/1) : " وقال محمد بن أبي يحيى (1) : سألت أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به (فذكره) ، فقال أحمد: قبح الله أبا الصلت ذاك، ذكر عن عبد الرزاق حديثا له أصل. وقال إبراهيم بن جنيد: سئل يحيى بن معين عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد؟ فقال: كذاب يحدث أيضا بحديث أبي معاوية عن الأعمش بحديث " أنا مدينة العلم، وعلي بابها "، وهذا حديث كذب ليس له أصل. وسألته عن أبي الصلت الهروي؟ فقال: قد سمع، وما أعرفه بالكذب. قلت: فحديث الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس؟ قال: ما سمعته قط، وما بلغني إلا عنه "!   (1) قلت: ابن أبي يحيى هذا لم أعرفه، ولم يذكره القاضي أبو يعلى في " طبقات الحنابلة ". والله أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 521 قلت: فأنت ترى أن أكثر الروايات عن ابن معين تميل إلى تضعيف الحديث وكأنه لذلك تأول الخطيب الرواية الأولى عنه بأنه لا يعني صحة الحديث نفسه وإنما يعني ثبوته عن أبي معاوية ليس إلا، فقال عقبها: " قلت: أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إذ قد رواه غير واحد عنه ". قلت: وقد وقفت على جماعة تابعوا أبا الصلت في روايته عن أبي معاوية، فأنا أسوق لك أسماءهم للنظر في أحوالهم: الأول: محمد بن الطفيل. قال محمد بن أبي يحيى المتقدم ذكره عن يحيى بن معين أنه قال: حدثني به ثقة: محمد بن أبي يحيى المتقدم ذكره عن يحيى بن معين أنه قال: حدثني به ثقة: محمد بن الطفيل عن أبي معاوية. كذا في " منتخب ابن قدامة " (10/204/1) . قلت: وهذه متابعة قوية إن صح السند عن ابن الطفيل فإنه " صدوق " كما في " التقريب "، لكن ابن أبي يحيى فيه جهالة كما سبق. الثاني: جعفر بن محمد البغدادي أبو محمد الفقيه. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (7/172 - 173) من رواية محمد بن عبد الله أبي جعفر الحضرمي عنه: حدثنا أبو معاوية به. قال أبو جعفر: " لم يرو هذا الحديث عن أبي معاوية من الثقات أحد، رواه أبو الصلت فكذبوه ". قلت: فيه إشارة إلى أن جعفر بن محمد ليس بثقة، وقد قال الذهبي: " فيه جهالة ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 522 ثم ساق له هذا الحديث وقال: " موضوع ". وأقره الحافظ على التجهيل، وتعقبه على قوله بأنه " موضوع " فقال: " وهذا الحديث له طرق كثيرة في " مستدرك الحاكم "، أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع ". كذا قال، وفيه نظر، فإن الحديث ليس له عند الحاكم إلا هذه الطريق، وطريق أخرى فقط، وهي الآتية بعد. الثالث: محمد بن جعفر الفيدي. أخرجه الحاكم (3/127) وروى بسنده الصحيح عن العباس بن محمد الدوري أنه قال: " سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي؟ فقال: ثقة. فقلت: أليس قد حدث عن أبي معاوية عن الأعمش " أنا مدينة العلم "؟ فقال: قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي، وهو ثقة مأمون ". ورواه الخطيب أيضا (11/50) عن الدوري بلفظ: " فقال: ما تريدون من هذا المسكين؟ ! أليس قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية، هذا أو نحوه ". ولم يذكر التوثيق! وقد قال الحافظ في ترجمة محمد بن جعفر بن أبي مواثة الكلبي أبي عبد الله وقيل أبو جعفر الكوفي، ويقال البغدادي العلاف المعروف بالفيدي من " التهذيب ": " روى عنه البخاري حديثا واحدا في " الهبة " و ..... محمد بن عبد الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 523 الحضرمي. ذكره ابن حبان في " الثقات " ..... قلت: وقع في الهبة ": حدثنا محمد بن جعفر أبو جعفر، ولم يذكر نسبه، والذي أظن أنه القومسي، فإنه لم يختلف في أن كنيته أبو جعفر، بخلاف هذا. والقومسي ثقة حافظ، بخلاف هذا، فإن له أحاديث خولف فيها ". وقال في " التقريب ": " محمد بن جعفر الفيدي ... العلاف نزل الكوفة ثم بغداد، مقبول ". قلت: ولينظر إذا كان جعفر بن محمد البغدادي المتقدم هو هذا أم غيره، فقد روى عنه الحضرمي أيضا كما تقدم، ويكون انقلب اسمه على بعض الرواة. والله أعلم. الرابع: عمر بن إسماعيل بن مجالد قال: حدثنا أبو معاوية به. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (276) وروى عن ابن معين أنه قال: " عمر بن إسماعيل شويطر، ليس بشيء، كذاب، رجل سوء، خبيث، حدث عن أبي معاوية ... ". قال العقيلي: " ولا يصح في هذا المتن حديث ". الخامس: رجاء بن سلمة: حدثنا أبو معاوية الضرير به. أخرجه الخطيب (4/348) . ورجاء هذا قال ابن الجوزي: " اتهم بسرقة الأحاديث ". السادس: الحسن بن علي بن راشد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 524 أخرجه ابن عدي (93/1) ، وعنه السهمي في " تاريخ جرجان " (24) حدثنا العدوي: حدثنا الحسن بن علي بن راشد حدثنا أبو معاوية به. وهذه متابعة قوية، لأن الحسن هذا صدوق رمي بشيء من التدليس كما في " التقريب " وقد صرح بالتحديث، لولا أن العدوي هذا كذاب واسمه الحسن بن علي بن زكريا البصري الملقب بالذئب! فهي في حكم المعدوم! ولذلك قال ابن عدي: " وهذا حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، على أنه قد حدث [به] غيره، وسرقه منه من الضعفاء، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خيرا وأصدق من الحسن بن علي بن راشد الذي ألزقه العدوي عليه ". قلت: فهؤلاء ستة متابعين لأبي الصلت، ليس فيهم من يقطع بثقته، لأن من وثق منهم، فليس توثيقه مشهورا، مع قول أبي جعفر الحضرمي المتقدم: " لم يروه عن أبي معاوية من الثقات أحد ". مع احتمال أن يكونوا سرقوه عن أبي الصلت، وهو ما جزم به ابن عدي كما تقدم ويأتي. وقد وجدت لأبي معاوية متابعا، ولكنه لا يساوي شيئا، فقال ابن عدي (ق 182 - 183) : حدثنا أحمد بن حفص السعدي: حدثنا سعيد بن عقبة عن الأعمش به؛ وقال: " سعيد بن عقبة؛ سألت عنه ابن سعيد؟ فقال: لا أعرفه. وهذا يروي عن أبي معاوية عن الأعمش، وعن أبي معاوية يعرف بأبي الصلت عنه، وقد سرقه عن أبي الصلت جماعة ضعفاء، فرووه عن أبي معاوية، وألزق هذا الحديث على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 525 غير أبي معاوية، فرواه شيخ ضعيف، يقال له: عثمان بن عبد الله الأموي عن عيسى بن يونس عن الأعمش. وحدثناه بعض الكذابين عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش ". قلت: وأحمد بن حفص السعدي شيخ ابن عدي في " هذا المتابع؛ قال الذهبي: " صاحب مناكير، قال حمزة السهمي: لم يتعمد الكذب. وكذا قال ابن عدي ". وقال في سعيد بن عقبة عقب الحديث: " لعله اختلفه السعدي ". وعثمان بن عبد الله الأموي الراوي عن المتابع الثاني؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " متهم، واه، رماه بالوضع ابن عدي وغيره ". قلت: ومع ضعف هذه الطرق كلها، وإمساك أبي معاوية عن التحديث به؛ فلم يقع في شيء منها تصريح الأعمش بالتحديث. فإن الأعمش وإن كان ثقة حافظا لكنه يدلس كما قال الحافظ في " التقريب "، لا سيما وهو يرويه عن مجاهد، ولم يسمع منه إلا أحاديث قليلة، وما سواها فإنما تلقاها عن أبي يحيى القتات أو ليث عنه. فقد جاء في " التهذيب ": " وقال يعقوب بن شيبة في " مسنده ": ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال: " سمعت "، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: في أحاديث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 526 الأعمش عن مجاهد، قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد ". قلت: وأبو يحيى القتات، وليث - وهو ابن أبي سليم - كلاهما ضعيف. فما دام أن الأعمش لم يصرح بسماعه من مجاهد في هذا الحديث، فيحتمل أن يكون أخذه بواسطة أحد هذين الضعيفين، فبذلك تظهر العلة الحقيقية لهذا الحديث، ولعله لذلك توقف أبو معاوية عن التحديث به. والله أعلم. وقد روي الحديث عن علي أيضا، وجابر، وأنس بن مالك. 1- أما حديث علي؛ فأخرجه الترمذي واستغربه، وقد بينت علته في " تخريج المشكاة " (6087) . 2- وأما حديث جابر، فيرويه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي يقول: " هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، - يمد بها صوته -، أنا مدينة العلم .... ". أخرجه الحاكم (3/127 و 129) مفرقا، والخطيب (2/377) . وقال الحاكم: " إسناده صحيح "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: العجب من الحاكم وجرأته في تصحيح هذا وأمثاله من البواطيل، وأحمد هذا دجال كذاب ". وقال في الموضع الثاني: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 527 " قلت: بل والله موضوع، وأحمد كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك ". وقال الخطيب في ترجمة أحمد هذا وقد ساق له الشطر الأول من الحديث: " وهو أنكر ما حفظ عليه. قال ابن عدي: كان يضع الحديث ". 3- وأما حديث أنس؛ فله عنه طريقان: الأولى: عن محمد بن جعفر الشاشي: أخبرنا أبو صالح أحمد بن مزيد: أخبرنا منصور بن سليمان اليمامي: أخبرنا إبراهيم بن سابق: أخبرنا عاصم بن علي: حدثني أبي عن حميد الطويل عنه مرفوعا به دون قوله: " فمن أراد .... " وزاد: " وحلقتها معاوية "! أخرجه محمد بن حمزة الفقيه في " أحاديثه " (214/2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، من دون عاصم بن علي لم أعرف أحدا منهم، ووالد عاصم - وهو علي بن عاصم بن صهيب الواسطي - ضعيف؛ قال الحافظ: " صدوق، يخطىء، ويصر ". ولست أشك أن بعض الكذابين سرق الحديث من أبي الصلت وركب عليه هذه الزيادة انتصارا لمعاوية رضي الله عنه بالباطل، وهو غني عن ذلك. الثانية: عن عمر بن محمد بن الحسين الكرخي: أخبرنا علي بن محمد بن يعقوب البردعي: أخبرنا أحمد بن محمد بن سليمان قاضي القضاة بـ (نوقان) : حدثني أبي: أخبرنا الحسن بن تميم بن تمام عن أنس بن مالك به دون الزيادة، وزاد: " .... وأبو بكر وعمر وعثمان سورها، وعلي بابها ... ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 528 أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/176/2) وقال: " منكر جدا، إسنادا ومتنا ". قلت: بل باطل ظاهر البطلان من وضع بعض جهلة المتعصبين ممن ينتمون للسنة. وجملة القول؛ أن حديث الترجمة ليس في أسانيده ما تقوم به الحجة، بل كلها ضعيفة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ومن حسنه أو صححه فلم ينتبه لعنعنة الأعمش في الإسناد الأول. فإن قيل: هذا لا يكفي للحكم على الحديث بالوضع. قلت: نعم، ولكن في متنه ما يدل على وضعه كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي في " منهاج السنة " قال: " وحديث " أنا مدينة العلم وعلى بابها " أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعد في الموضوعات وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي وبين أن سائر طرقه موضوعة، والكذب يعرف من نفس متنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلا باب واحد، ولم يبلغ العلم عنه إلا واحد؛ فسد أمر الإسلام. ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحد، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، وخبر الواحد لا يفيد العلم بالقرآن والسنن المتواترة. وإذا قالوا: ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره. قيل لهم: فلابد من العلم بعصمته أولا، وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن نعرف عصمته لأنه دور ولا إجماع فيها. ثم علم الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة قد طبق الأرض، وما انفرد به علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسير قليل، وأجل التابعين بالمدينة هم الذين تعلموا في زمن عمر وعثمان. وتعليم معاذ للتابعين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 529 ولأهل اليمن أكثر من تعليم علي رضي الله عنه، وقدم علي على الكوفة وبها من أئمة التابعين عدد: كشريح، وعبيدة، وعلقمة، ومسروق، وأمثالهم " (1) . ثم رأيت ابن جرير الطبري قد أخرج الحديث في " التهذيب " (1/90 - 91/181 و 182) من طريق عبد السلام وإبراهيم بن موسى الرازي وقال: " والرازي هذا ليس بالفراء، (وقال:) لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث ". قلت: قال ابن عدي: " له حديث منكر عن أبي معاوية ". وكأنه يعني هذا. قلت: وقد خفي على الشيخ الغماري كثير من هذه الحقائق، فذهب إلى تصحيح الحديث في رسالة له سماها " فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي " والرد عليه يتطلب تأليف رسالة، والمرض والعمر أضيق من ذلك، لكن بالمقابلة تتبين الحقيقة لمن أرادها. 2956 - (أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار. قاله لأبي بكر الصديق) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/291) من طريق كثير أبي إسماعيل عن جميع ابن عمير التيمي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: .... فذكره. وقال: " حسن صحيح غريب ".   (1) منهاج السنة (4 / 138 - 139) ، مختصره (ص 496، 497) . الحديث: 2956 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 530 قلت: وفيه تساهل كبير، فإن جميع بن عمير وكثيرا هذا - وهو ابن إسماعيل - ضعيفان، والأول أشد ضعفا من الآخر فقد اتهم بالكذب والوضع. وقد روي بإسناد آخر خير من هذا؛ يرويه سليمان بن قرم عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر بـ (براءة) ، ثم أتبعه غدا يعني عليا، فأخذها منه، فقال أبو بكر: يا رسول الله! حدث في شيء؟ قال: لا، أنت صاحبي في الغار، وعلى الحوض، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي .... ". أخرجه ابن عدي (155/1) وقال: " لا يتابع عليه سليمان بن قرم، وأحاديثه حسان إفرادات، وهو خير من سليمان بن أرقم بكثير ". قلت: وقال الذهبي عقبه: " كذا قال! وغيره يضعفه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " سيىء الحفظ ". قلت: فالحديث ضعيف. والله أعلم. 2957 - (انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه، والذي نفسي بيده! إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/231 - 232 - تازية) ، والبيهقي (8/227 - 228) من طريق أبي الزبير: أن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة أخبره: الحديث: 2957 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 531 أنه سمع أبا هريرة يقول: " جاء الأسلمي نبي الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم؛ أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال: أين فلان وفلان؟ فقالا: نحن ذان يا رسول الله! قال: .... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير عبد الرحمن هذا؛ قال الذهبي في " الميزان ": " تفرد عنه أبو الزبير، فلا يدرى من هذا؟ " ثم خرج فيما بعد برقم (6318) بتحقيق جديد وفيه الرد على من صححه. 2958 - (أنزل القرآن على ثلاثة أحرف) . ضعيف أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (4/195) ، والحاكم (2/223) ، وأحمد (5/22) ، والبزار (ص 226 - زوائده) ، وابن عدي (77/2) ، وتمام في " الفوائد " (6/110/2) من طريق عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وقال الحاكم: الحديث: 2958 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 532 " احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، وهذا الحديث صحيح، وليس له علة ". ووافقه الذهبي. وأقول: بلى فيه علتان: الأولى: عنعنة الحسن - وهو البصري - فقد كان مدلسا، والبخاري إنما احتج بروايته التي صرح فيها بالتحديث فتنبه. والأخرى: الاختلاف في لفظه على حماد؛ فرواه عفان عنه هكذا. وقال بهز: حدثنا حماد بن سلمة .... فساقه بلفظ: " .... سبعة أحرف ". أخرجه أحمد (5/16) . قلت: وهذا هو الصواب لموافقته لسائر أحاديث الباب، وقد خرجت بعضها في " صحيح أبي داود " (1327) . والحديث أورده ابن عدي في جملة أحاديث أنكرت على حماد بن سلمة، وقال عقبة: " لا أعلم يرويه بهذا الإسناد غير حماد بن سلمة، وقال: " على ثلاثة أحرف "، ولم يقله غيره ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (7/152) بلفظ: " كان يأمرنا أن نقرأ القرآن كما أقرأناه، وقال: إنه نزل على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه فإنه مبارك كله، فاقرؤوه كالذي أقرئتموه "؛ وقال: " رواه الطبراني والبزار وقال: " لا تجافوا عنه " بدل " ولا تحاجوا فيه " الجزء: 6 ¦ الصفحة: 533 وإسنادهما ضعيف ". قلت: كذا الأصل! وأنت ترى أنه ليس فيه " ولا تحاجوا فيه " وإنما " فلا تختلفوا فيه ". وكذلك هو في " زوائد البزار " (ص 226) . فالله أعلم. وقد أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن الضريس بلفظ: " فلا تختلفوا فيه ولا تحاجوا فيه " فجمع بين اللفظين. وإسناد البزار هكذا: حدثنا خالد بن يوسف: حدثني أبي: حدثنا خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، خالد بن يوسف - وهو ابن خالد السمتي - قال الذهبي: " أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف ". 2959 - (أنكحوا الأيامى - ثلاثا - على ما تراضى به الأهلون، ولو قبضة من أراك) . ضعيف جدا رواه الطبري في " التفسير " (5/25/4946) ، والطبراني (3/185/2) عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عبد الرحمن البيلماني ضعيف. وابنه محمد متروك. وقد خالفه عبد الملك بن المغيرة فقال: عن عبد الرحمن البيلماني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره دون قوله: " ولو قبضة من أراك ". فهذا مرسل. وهو أصح؛ لأن عبد الملك هذا أحسن حالا من ابن البيلماني، فقد ذكره ابن حبان في " الثقات " وروى عنه جمع. الحديث: 2959 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 534 2960 - (انكحوا أمهات الأولاد، فإني أباهي بهم يوم القيامة) . ضعيف أخرجه أحمد (2/171 - 172) ، وابن عدي (111/2) من طريقين عن ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة. والحديث صحيح دون قوله: " أمهات الأولاد "، وبنحوه جاء كذلك عن جمع من الصحابة خرجتهم في " آداب الزفاف " (ص 132 - 134 / طبعة المعارف) . وروي عن أبي هريرة أيضا بلفظ: " انكحوا فإني مكاثر بكم ". أخرجه ابن ماجة (1/574) من طريق طلحة عن عطاء عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف جدا؛ طلحة - وهو ابن عمرو المكي - متروك. لكن يشهد له ما ذكرناه هناك. الحديث: 2960 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 535 2961 - (إن آدم قام خطيبا في أربعين ألفا من ولده وولد ولده، وقال: إن ربي عهد إلى فقال: يا آدم! أقلل كلامك ترجع إلى جواري) . موضوع أخرجه أبو موسى المديني في " منتهى رغبات السامعين " (1/255/1) ، والديلمي (1/2/265) عن إبراهيم بن جعفر بن خليد: حدثنا الحسن بن شبيب الأغر: حدثنا خلف بن خليفة: حدثنا أبو هاشم الرماني: عن ثابت عن أني مرفوعا. الحديث: 2961 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 535 قلت: وهذا موضوع، آفته الحسن بن شبيب؛ قال ابن عدي: " حدث بالبواطيل عن الثقات ". وقد أورده الذهبي فيما أنكر عليه لكن بإسناد آخر له عن ابن عباس قال: .... فذكره موقوفا عليه. فالظاهر أنه من الإسرائيليات، رفعه هذا المتهم في بعض الأحيان. وإبراهيم بن جعفر بن خليد؛ لم أجد له ترجمة. 2962 - (إن أبغض الخلق إلى الله سبحانه العالم يزور العامل) . موضوع رواه أبو القاسم علي بن محمد النيسابوري في " أحاديث عوال منتقاة " (134/1 - 2) عن الحسن بن سفيان: حدثنا محمد بن إبراهيم: حدثنا رواه بن الجراح العسقلاني عن بكير الدامغاني عن محمد بن بشر عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، آفته محمد بن إبراهيم - وهو الشامي - قال الدارقطني: " كذاب ". وقال ابن حبان: " يضع الحديث ". ورواد وشيخه بكير؛ ضعيفان. ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي (1/2/272) . وعزاه السيوطي في " الجامع " لابن لال عن أبي هريرة، وأعله المناوي بمن ذكرنا. الحديث: 2962 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 536 2963 - (إن ابن آدم لحريص على ما منع) . ضعيف جدا رواه الديلمي (2/1/274) عن يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ يوسف بن عطية متروك. وهارون بن كثير؛ قال الذهبي: " مجهول، وزيد عن أبيه نكرة ". الحديث: 2963 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 537 2964 - (أن تفعل الخير خير لك) . ضعيف أخرجه أبو داود (1669 و 3476) ، والدارمي (2/269 - 270) ، وأحمد (3/480 و 481) من طريق سيار بن منظور - رجل من بني فزارة - عن أبيه عن امرأة يقال لها بهيسة عن أبيها قالت: " استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل بينه وبين قميصه، فجعل يقبل ويلتزم، ثم قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء. قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح. قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالمجهولين؛ بهيسة فمن دونها. الحديث: 2964 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 537 2965 - (أنا النبي الأمي الصادق الزكي، والويل كل الويل لمن كذبني وتولى عني وقاتلني، والخير كل الخير لمن آواني ونصرني وآمن بي، وصدق قولي وجاهد معي) . ضعيف جدا أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1/334) : أخبرنا هشام بن الحديث: 2965 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 537 محمد بن السائب الكلبي عن عمه عمارة بن جزء عن رجل من بني ماوية من كلب، قال: وأخبرني أبو ليلى بن عطية الكلبي عن عمه قالا: قال عبد عمرو بن جبلة بن وائل بن الجلاح الكلبي: " شخصت أنا وعاصم - رجل من بني رقاش من بني عامر - حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا، وقال: (فذكره) قالا: فنحن نؤمن بك ونصدق قولك، فأسلمنا ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، الكلبي هذا متروك؛ كما قال الدارقطني وغيره. واتهمه الأصمعي. وقال ابن معين: " غير ثقة ". 2966 - (إن أحب ما يقول العبد إذا استيقظ من نومه: سبحان الذي يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير) . موضوع أخرجه الخطيب في " التاريخ " (11/279) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته الوقاصي هذا فإنه كذاب. وقال الذهبي في " الضعفاء ": " تركوه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك، وكذبه ابن معين ". الحديث: 2966 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 538 2967 - (إن أحدكم إذا أراد أن يخرج من المسجد تداعت جنود إبليس وأجلبت واجتمعت كما تجتمع النحل على يعسوبها، فإذا قام أحدكم على باب المسجد فليقل: اللهم إني أعوذ بك من إبليس وجنوده؛ فإنه إذا قالها لم يضره) . ضعيف جدا أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 152) ، وعنه الديلمي (1/2/268) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدثنا أبي عن أبيه: أخبرني هشام بن زيد عن سليم بن عامر الخبائري عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أحمد هذا - وهو دمشقي - قال الذهبي: " له مناكير، قال أبو أحمد الحاكم: فيه نظر، وحدث عنه أبو الجهم الشعراني ببواطيل، كان كبر فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن ". وقال ابن حبان فيترجمة أبيه محمد بن يحيى: " هو ثقة في نفسه، يتقى من حديثه ما رواه عنه ابنه أحمد، وأخوه عبيد، فإنهما كانا يدخلان عليه كل شيء ". وسائر رجاله ثقات؛ غير هشام بن زيد؛ فلم أعرفه، ويحتمل أنه هشام بن زيد بن أنس، روى عن أنس بن مالك وعنه شعبة وغيره، وهو ثقة. والله أعلم. (تنبيه) : شيخ ابن السني في هذا الحديث لم أعرفه، فإنه وقع فيه هكذا: حدثني محمد بن عمرو بن زفر: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى .... وعلى الهامش ما نصه: " عمرو بن محمد بن زر " يشير إلى أنه هكذا وقع في نسخة. قلت: ولعله الصواب؛ فإن الديلمي رواه من طريقه كما علمت، ووقع فيه: حدثني عمرو بن محمد. هكذا لم يذكر جده. والله أعلم. الحديث: 2967 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 539 2968 - (إن أحدكم يأتيه الله برزق عشرة أيام في يوم، فإن هو حبس عاش تسعة أيام بخير؛ وإن هو وسع وأسرف قتر عليه تسعة أيام) . ضعيف رواه الديلمي (1/2/269) عن أحمد بن سهلوبه: حدثنا علي بن عبد الله البصري جدي عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون أنس لم أعرفهما. الحديث: 2968 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 540 2969 - (أنزل القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ على حرف منها فلا يتحول إلى غيره رغبة عنه) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/71/1) عن يحيى الحماني: أخبرنا أيوب بن جابر عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد شعيف مسلسل بالعلل: الأولى: الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه كما قال الترمذي وغيره. الثانية: عنعنة أبي إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي؛ فإنه كان يدلس. الثالثة: اختلاط أبي إسحاق السبيعي. الرابعة: أيوب بن جابر؛ ضعيف كما في " التقريب ". الخامسة: يحيى الحماني - وهو ابن عبد الحميد - قال الحافظ: " حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث ". الحديث: 2969 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 540 (تنبيه) : عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/137/1) لـ " كبير الطبراني "، وكذلك صنع في " الصغير "، فتعقبه المناوي بقوله: " قضية كلامه أن ذا لم يخرجه أحد من الستة، وهو ذهول شنيع، فقد خرجه الإمام مسلم باللفظ المزبور من حديث أبي بن كعب، وهكذا عزاه له جمع؛ منهم الديلمي ". قلت: وهذا تعقب غريب، وتشنيع عجيب، فليس الحديث باللفظ المذكور عند مسلم عن أبي ولا عن غيره. وإنما هو عنده (2/203 - 204) بلفظ: " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا ". فأين هذا اللفظ من ذاك؟ ! . 2970 - (إن أبا ذر ليباري عيسى بن مريم في عبادته) . ضعيف رواه الطبراني (1/81/1) : أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي: أخبرنا جمهور بن منصور: أخبرنا عمار بن محمد عن إبراهيم الهجري رفع الحديث إلى عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل: الأولى والثانية: قال الهيثمي في " المجمع " (9/330) : " رواه الطبراني، وفيه إبراهيم الهجري وهو ضعيف، وإبراهيم مع ضعفه لم يدرك ابن مسعود ". الثالثة: عمار بن محمد هذا؛ إن كان ابن سعد المدني؛ فقد تكلم فيه. وقال الحديث: 2970 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 541 ابن معين: " ليس بشيء ". وإن كان ابن عمار بن ياسر؛ فهو مجهول. وإن كان الثوري؛ فصدوق يخطىء كما في التقريب ". الرابعة: جمهور بن منصور؛ لم أجد له ترجمة. 2971 - (إن إبليس يبعث أشد أو أقوى أصحابه إلى من يمنع المعروف من ماله) . ضعيف جدا رواه ابن السماك في " حديثه " (2/9/2/1) ، والطبراني في " الكبير " (3/125/2) ، وأبو بكر بن مكرم القاضي في " الأمالي " (1/38/1) عن علي بن عاصم: حدثنا عبد الحكيم بن منصور: حدثني حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ مسلسل بالضعفاء والمتروكين: الأول: حسين بن قيس وهو أبو علي الرحبي الملقب بـ " حنش "؛ قال أحمد والنسائي والدارقطني: " متروك ". الثاني: عبد الحكيم بن منصور، قال ابن معين والدارقطني: " متروك ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال الحافظ: " متروك، كذبه ابن معين ". الثالث: علي بن عاصم - وهو الواسطي - قال الحافظ: " صدوق يخطىء ويصر ". الحديث: 2971 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 542 2972 - (إن أحسن ما خضبتم به لهذا السواد، وأرغب لنسائكم فيكم، وأرهب في صدور عدوكم) . منكر رواه ابن ماجه (2/382) ، والهيثم بن كليب في " مسنده " (114/2) : عن دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي عن أبيه عن جده عن صهيب الخير رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الحميد بن صيفي - هو ابن زياد بن صيفي بن صهيب الرومي - وهو لين الحديث. ودفاع بن دغفل السدوسي ضعيف كما في " التقريب ". والحديث منكر المتن عندي؛ لأن ظاهره الترغيب في الخضب بالسواد وقد ثبت النهي عنه في غير ما حديث. انظر " تمام المنة " (الطهارة) ، و " غاية المرام " (84) . الحديث: 2972 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 543 2973 - (لإن الرجل إذا رضي هدي الرجل وعمله فإنه مثله) . ضعيف رواه الطبراني في " الكبير " (17/334/922) وابن بطة في " الإبانة " (1/149/2) عن عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا إسماعيل بن عياش بن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر مرفوعا. وقال الهيثمي فيما نقله المناوي: " فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك ". قلت: تابعه محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثنا أبي عن ضمضم بن زرعة به. أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (2/2) . الحديث: 2973 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 543 ومحمد هذا؛ ضعيف. ثم روى له ابن أبي عاصم شاهدا من طريق هاشم الكوفي: أخبرنا زيد الخثعمي عن أسماء بنت عميس الخثعمية مرفوعا به. وهذا إسناد ضعيف أيضا، زيد هذا - وهو ابن عطية - مجهول. وهاشم - وهو ابن سعيد - ضعيف. 2974 - (إن أحبكم إلي وأقربكم مني الذي يلحقني على العهد الذي فارقني عليه) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/81/2) ، والبزار في " الكشف " (3667) (ص 330 - 331 مختصر زوائده) من طريق موسى بن عبيدة: حدثني محمد بن الوليد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وفيه علتان: الأولى: محمد بن الوليد - وهو ابن نويفع الأسدي - مجهول؛ قال الذهبي: " فيه كلام، قال الدارقطني: يعتبر به. قلت: ما حدث عنه سوى ابن إسحاق ". قلت: وأنت ترى أنه قد حدث عنه غيره بهذا الحديث! الأخرى: موسى بن عبيدة؛ ضعيف كما قال الهيثمي في " وائده "، والحافظ في " التقريب ". ثم وجدت له طريقا أخرى؛ من رواية محمد بن عمرو قال: سمعت عراك بن مالك يقول: قال أبو ذر رضي الله عنه: الحديث: 2974 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 544 " إني لأقربكم مجلسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره باختصار. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/161 - 162) . قلت: وإسناده حسن لولا أنه منقطع بين عراك وأبي ذر بنحو خمس وعشرين سنة، فقد توفيت سنة سبع وخمسين، ومات أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين. 2975 - (إن أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله تبارك وتعالى الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك أئمة الهدي ومصابيح العلم) . ضعيف جدا أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/36/53) ، وابن عدي (7/2490) ، والهيثم بن كليب في " مسنده " (ق 161/1) ، وابن عدي (7/24) وأبو نعيم في " الحلية " (1/15) ، والحاكم (3/270) ، والبيهقي في " الزهد الكبير " (ق 23/1) من طريق أبي قحذم النضر بن معبد عن أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " مر عمر بمعاذ بن جبل رضي الله عنهما وهو يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره، وقال ابن عدي: " لا أعلم يرويه عن أبي قلابة غير أبي قحذم ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: الحديث: 2975 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 545 " قلت: أبو قحذم قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة ". وذكر مثله في " الميزان ". ثم ساق له هذا الحديث مشيرا إلى أنه من منكراته. وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3/51) : " كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات على قلة روايته ". وللحديث طريق أخرى مثله إلا أنه قال: " قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة ". أخرجه ابن ماجه (3989) ، والحاكم (4/328) ، والبيهقي أيضا في " شعب الإيمان " (2316/1) ، وتمام في " الفوائد " (ق 5/1) ، والطبراني (20/153/321) وابن أبي الدنيا في " الأولياء " (ص 101 - 102) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/5) ، من طريق نافع بن يزيد: حدثني عياش بن عباس عن عيسى بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم عن أبيه: " أن عمر بن الخطاب خرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا معاذ بن جبل عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: يبكيني ما سمعت من صاحب هذا القبر، قال: ما هو؟ قال .... " فذكره. قلت: وعيسى هذا هو الزرقي المدني، وهو ضعيف اتفاقا، فمن صححه فقد وهم كما حققته في " تخريج الترغيب " (1/34) ، منهم الشيخ الغماري في " تنوير البصيرة " (ص 41) ، والشيخ القرضاوي في " نحو موسوعة للحديث النبوي " (ص 38 - 40) ، وظني أن الذي غرهم أن الحاكم قد أخرجه أيضا (1/4) من طريق الربيع بن سليمان: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني الليث بن سعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 546 عن عياش بن عباس القتباني عن زيد بن أسلم به. ومن هذه الطريق أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (2/317) . وقال الحاكم: " إسناد مصري صحيح، ولا نحفظ له علة ". ووافقه الذهبي. قلت: علته أن بعض رواته أسقط من بين (عياش بن عباس) - وهو القتباني - وزيد بن أسلم (عيسى بن عبد الرحمن) المذكور في الرواية التي قبلها، وأظن أن ذلك من قبل الربيع بن سليمان وهو المرادي؛ فإنه مع كونه ثقة؛ فقد كان ذا غفلة وصفه بذلك من هو أعرف الناس به وهو ابن بلده مسلمة فقد قال: " كان يوصف بغفلة شديدة، وهو ثقة ". وكأنه لذلك لم يذكروا له رواية عن زيد بن أسلم. وقد تابعه عبد الله بن صالح: حدثني الليث به. وعبد الله فيه ضعف معروف. أخرجه الطبراني (332) . وله عنده في " المعجم الصغير " (ص 185 - هندية) من طريق أخرى عن معاذ نحوه. وفيه جماعة لم أعرفهم. وهو في " الروض النضير " برقم (863) . 2976 - (إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها، وإن أدنى أهل النار عذابا لرجل عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، وأشفاره لهب النار، وتخرج أحشاؤه من جنبيه وقدميه، وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير يفور) . ضعيف رواه أسد بن موسى في كتاب " الزهد " (ق 3/1) وهناد الحديث: 2976 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 547 (1/104/126) : حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، على ثقة رجاله. 2977 - (إن أسرع أمتي لحوقا بي في الجنة امرأة من أحمس) . ضعيف أخرجه أحمد (1/403) ، وأبو يعلى (5328) ، وأبو يعلى (5328) من طريق أبان بن عبد الله البجلي عن كريم بن أبي حازم عن جدته سلمى بنت جابر: " أن زوجها استشهد، فأتت عبد الله بن مسعود فقالت: إني امرأة قد استشهد زوجي، وقد خطبني الرجل، فأبيت أن أتزوج حتى ألقاه، فترجو لي إن اجتمعت أنا وهو أن أكون من أزواجه؟ قال: نعم، فقال له رجل: ما رأيناك نقلت هذا مذ قاعدناك، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علل: الأولى: أبان هذا، قال الحافظ: " صدوق، في حفظه لين ". وأما الذهبي فقال: " حسن الحديث ". الثانية: كريم بن أبي حازم؛ لا يعرف إلا من رواية أبان عنه، وقال البخاري: " لا يصح حديثه ". الثالثة: سلمى بنت جابر؛ لا تعرف أيضا إلا من هذه الرواية، وذكرها بعضهم في " الصحابة ". وما أظن ذلك بثابت. الحديث: 2977 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 548 2978 - (إن أشد الناس تصديقا للناس أصدقهم حديثا، وإن أشد الناس تكذيبا أكذبهم حديثا) . موضوع رواه أبو الحسن القزويني في " الأمالي " (7/2 - مجموع 22) عن عباس بن الفضل الأنصاري عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، والمتهم به إما جعفر بن الزبير؛ فقد كذبه شعبة، وتركه أحمد، كما في " الضعفاء " للذهبي. وإما عباس بن الفضل الأنصاري، فقد قال ابن معين: " ليس بثقة ". فقيل له: لم؟ قال: " حدث بحديث موضوع ". وذكره. وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". الحديث: 2978 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 549 2979 - (إن أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/51/2) ، وابن عدي (235/1) ، عن عبد الرحمن بن سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار أبي حفص عن آبائهم عن أجدادهم قالوا: " جاء بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: يا خليفة رسول الله! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره) ، وقد أردت أن أربط نفسي في سبيل الله حتى أموت، فقال أبو بكر: أنا أنشدك بالله يا بلال وحرمتي وحقي؛ لقد كبرت سني وضعفت قوتي واقترب أجلي، فأقام بلال معه، فلما توفي أبو بكر رضي الله الحديث: 2979 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 549 عنه جاء عمر، فقال له مثل ما قال أبو بكر، فأبى بلال عليه، فقال عمر رضي الله عنه: فمن يا بلال؟ فقال: إلى سعد، فإنه قد أذن بقباء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل عمر الأذان إلى سعد وعقبه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن سعد - هو ابن عمار بن سعد القرظ - قال الذهبي: " ليس بذاك، قال ابن معين: ضعيف ". وكذا قال الهيثمي في " المجمع " (5/274) . 2980 - (إن الأنبياء يوم القيامة، كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم، فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم عليه السلام) . منكر أخرجه الطبراني (7/311/7052) من طريق مروان بن جعفر: حدثنا محمد بن إبراهيم بن حبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب، عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن حبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه عن جده رضي الله عنه مرفوعا به. هكذا ساقه الذهبي في ترجمة مروان بن جعفر هذا من " الميزان "؛ وهو صدوق وإن تكلم فيه الأزدي؛ وقال الذهبي: " له نسخة فيها ما ينكر، رواها الطبراني ". ثم ساق له من رواية الطبراني عنه أحاديث، هذا منها، والحمل فيها على غيره أولى عندي، فإنه ليس فيهم ثقة! وأحدها صحيح لغيره (1) . الأول: سليمان بن سمرة؛ لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابنه   (1) انظر " الأحاديث الصحيحة " (2330) . الحديث: 2980 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 550 حبيب هذا وعلي بن ربيعة الوالبي، ولذلك قال أبو الحسن بن القطان: " حاله مجهولة ". الثاني: حبيب بن سليمان بن سمرة؛ لم أجد له ترجمة، وقد أشار إلى هذا الهيثمي فيما يأتي عنه. الثالث: جعفر بن سعد بن سمرة؛ قال الحافظ: " ليس بالقوي ". الرابع: محمد بن إبراهيم بن حبيب بن سليمان؛ قال الحافظ في " اللسان ": " لا يعتبر بما انفرد به من الإسناد؛ قاله ابن حبان في (الثقات) ". ولم يقف الحافظ الهيثمي على ترجمة لبعض هؤلاء فقال (8/201) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ". 2981 - (إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/587 - 588) ، والطحاوي في " المشكل " (4/297) من طريق جعفر بن عون: أنبأنا الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس قال: " أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم، قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره. الحديث: 2981 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 551 قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال البوصيري في " الزوائد " (ق 120/2) : " هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الأجلح مختلف فيه، وأبو الزبير قال فيه ابن عيينة: يقولون: إنه لم يسمع من ابن عباس، وقال أبو حاتم: رأى ابن عباس رؤية ". قلت: وهو مدلس مشهور، فلو أنه لقي ابن عباس وسمع منه، لم يحتج به حتى يصرح بسماعه منه، شأنه في ذلك شأنه في روايته عن جابر. وقد روي عنه عن جابر، كذلك رواه أبو بكر - وهو ابن عياش - عند أحمد (3/391) ، وأبو عوانة عند البيهقي (7/289) كلاهما عن الأجلح عنه به. قلت: وهذا أصح، لاتفاق ثقتين عليه خلافا لجعفر بن عون، فروايته شاذة، ويحتمل أن يكون قد حفظ، ويكون الاختلاف المذكور إنما هو من الأجلح نفسه فإن فيه ضعفا، كما أشار إليه البوصيري فيما سبق. وجملة القول؛ أن علة الحديث عنعنة أبي الزبير. والله أعلم. وفي الباب ما يغني عنه فراجع كتابي " آداب الزفاف " (ص 180 - 181) . 2982 - (إن الإسلام نظيف فتنظفوا، فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف) . موضوع أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (3/57) ، والخطيب في " التاريخ " (5/143) من طريق نعيم بن المورع بن توبة العنبري: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قال نعيم: يعني النظيف في الدين من الذنوب. قلت: وهذا موضوع، نعيم هذا؛ قال ابن حبان: " يروي عن الثقات العجائب ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". الحديث: 2982 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 552 وقال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش: " روى عن هشام أحاديث موضوعة ". وقال ابن عدي - في ترجمته -: " ضعيف يسرق الحديث ". قلت: وهذا من روايته عن هشام كما ترى. 2983 - (إن الإمام يكفي من وراءه، فإن سها الإمام فعليه سجدتا السهو، وعلى من وراءه أن يسجدوا معه، وإن سها أحد ممن خلفه فليس عليه أن يسجد؛ والإمام يكفيه) . موضوع أخرجه البيهقي في " السنن " (2/352) من طريق أبي الحسين عن الحكم بن عبد الله عن سالم بن عبد الله قال: " جاء جبير بن مطعم إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن! كيف قال أمير المؤمنين عمر في الإمام يؤم القوم؟ فقال ابن عمر: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره؛ وقال: " وروى خارجة بن مصعب عن أبي الحسين المديني عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه. وأبو الحسين هذا مجهول، والحكم بن عبد الله ضعيف ". قلت: بل هو كذاب؛ كما قال أبو حاتم. وقال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ". الحديث: 2983 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 553 2984 - (إن البر والصلة ليطيلان الأعمار، ويعمران الديار، ويثريان الأموال، ولو كان القوم فجارا، وإن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة، ثم تلا (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)) . ضعيف أخرجه الخطيب في " التاريخ " (1/385 - 386) من طريق عبد الصمد بن علي: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الصمد هذا؛ قال الذهبي: " حدث عن أبيه بحديث: " أكرموا الشهود ..... "، وهذا منكر، وما عبد الصمد بحجة، ولعل الحفاظ إنما سكتوا عنه مداراة للدولة "! وتعقبه الحافظ فقال: " وقد ذكره العقيلي في " الضعفاء "، وساق الحديث من طريقه، وقال: " حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به ". فتبين أنهم لم يسكتوا عنه ". الحديث: 2984 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 554 2985 - (إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه. [إنما التجني في القلب] ) . ضعيف رواه أبو يعلى في " مسنده " (222/2) ، وأبو الشيخ في " الأمثال " (36/56) عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها قالت: الحديث: 2985 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 554 " وكان متاعي فيه خفة، وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثفال بطىء يتبطأ بالركب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حولوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب، قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا عباد الله! غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم عبد الله! إن متاعك كان فيه خف، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأنا الركب، فحولنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها، قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ قالت: فتبسم، قال: أوفي شك أنت يا أم عبد الله؟ قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ فهلا عدلت؟ وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب أو حدة، فأقبل علي فلطم وجهي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا أبا بكر، فقال: يا رسول الله! أما سمعت ما قالت؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ وفيه علتان: الأولى: عنعنة ابن إسحاق؛ فقد كان يدلس. والأخرى: ضعف سلمة بن الفضل - وهو الأبرش - قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ ". (تنبيه) : كنت خرجت الحديث من نسخة مصورة من " مسند أبي يعلى " ثم طبع هذا المسند - والحمد لله - بهمة وتحقيق وتعليق الأخ (حسين سليم أسد) ، جزاه الله خيرا، وقد بدا لي مما اطلعت عليه من تحقيقاته وتعليقاته أنه من الناشئين في هذا العلم، وأنه مثل كثير من أمثاله الذين تزببوا قبل أن يتحصرموا! ولا أدل على ذلك من تطاوله على بعض الحفاظ المتقدمين مثل الحافظ ابن حجر؛ الذي رد عليه قوله بجهالة من وثقه ابن حبان وليس له عنه إلا راو واحد، واحتج عليه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 555 برواية الشيخين عن بعض الرواة وليس له إلا راو واحد! وليس القصد هنا الرد عليه وتبيانخطئه فيه، فسيأتي ذلك في مكان آخر من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى. انظر الحديث (6318) . وإنما الغرض هنا التنبيه على وهم عجيب له في هذا الحديث لو صح كلامه فيه صار الحديث به صحيحا، فإنه بعد أن أعله بعنعنة ابن إسحاق والخلاف في سلمة بن الفضل؛ عقب عليه بقوله (8/130) : " وقد رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب " الأمثال "، وليس فيه غير أسامة بن زيد الليثي، وهو من رجال الصحيح، وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات ". قلت: فأنت ترى أن إسناد أبي الشيخ هو عين إسناد أبي يعلى، بل هو رواه بالواسطة عن شيخ أبي يعلى نفسه. ولا يشفع له هذا الخطأ أنه نقله عن " مجمع الزوائد " للهيثمي (4/322) ، لأنه كان بإمكانه أن يراجع " الأمثال " لأبي الشيخ فإنه مطبوع معروف! ولكن من الممكن أن لا تكون لديه يومئذ. والله أعلم. 2986 - (إن التوبة تغسل الحوبة، وإن الحسنات يذهبن السيئات، وإذا ذكر العبد ربه في الرخاء أنجاه في البلاء، وذلك بأن الله تعالى يقول: لا أجمع لعبدي أمنين، ولا أجمع له خوفين، إن هو أمنني في الدنيا خافي يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس، فيدوم له أمنه، ولا أمحقه فيمن أمحق) . موضوع أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/270) من طريق محمد بن الحديث: 2986 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 556 يعلى: حدثنا عمر بن صبح عن ثور بن يزيد عن مكحول عن شداد بن أوي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته عمر بن صبح؛ قال الذهبي في " الضعفاء ": " كذاب، اعترف بالوضع ". ومحمد بن يعلى - وهو الملقب بـ " زنبور " - قال أبو حاتم وغيره: " متروك ". لكن جملة الأمنين والخوفين قد ثبتت من حديث أبي هريرة وغيره عند ابن حبان وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (742) . 2987 - (إن الجنة لا تحل لعاص) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/145) ، وأحمد (5/275) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (1059 - بتحقيقي) ، وأبو يعلى في " معجم شيوخه " (23/1) من طريق راشد بن داود الصنعاني: حدثني أبو أسماء الرحبي عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مسير له: " إنا مدلجون الليلة إن شاء الله تعالى، فلا يرحلن معنا مضعف، ولا مصعب، فارتحل رجل على ناقة له صعبة، فسقط، فاندقت عنقه فمات، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفن، ثم أمر بلالا فنادى: " فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". وأقره الذهبي فلم يتعقبه بشيء. وراشد بن داود هذا مختلف فيه؛ فأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: الحديث: 2987 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 557 " قال البخاري: فيه نظر، وقال الدارقطني: ضعيف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، له أوهام ". قلت: وقد وثقه ابن معين وغيره، لكن الجرح مقدم على التعديل لا سيما من مثل الإمام البخاري، لاسيما وقد جرحه جرحا شديدا، لأن قوله: " فيه نظر " هو أشد الجرح عنده، وكذلك الإمام الدارقطني، فإنه قال: " ضعيف لا يعتبر به " فمثله لا يقال إلا فيمن كان شديد الضعف كما هو بين عند أهل المعرفة والعلم بهذا الفن. ومن طريقه أخرجه البزار أيضا (1/391/830) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (2/95/1436) . وللحديث شاهد من حديث أبي الدرداء؛ وسنده ضعيف أيضا تكلمت عليه في " تخريج السنة " (1050) . 2988 - (إن أكثر شهداء أمتي لأصحاب الفرش، ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته) . ضعيف رواه أحمد (رقم 3772) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة. أن أبا محمد أخبره - وكان من أصحاب ابن مسعود -: حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر عنده الشهداء، فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، وقول الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون " الحديث: 2988 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 558 (46/1) " وسنده جيد " غير جيد؛ لأن فيه عدة علل: الأولى: الإرسال؛ فإن أبا محمد صاحب ابن مسعود لم يصرح أنه رواه عن ابن مسعود. الثانية: جهالة أبي محمد هذا؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/2/432) بهذه الرواية فقط ولم يزد. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". الثالثة: اختلاط سعيد بن أبي هلال؛ قال الحافظ نفسه في " التقريب ": " صدوق، لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفا، إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط ". قلت: قال ابن حزم في " الفصل في النحل والملل " (2/95) : " ليس بالقوي، قد ذكره، بالتخليط يحيى وأحمد بن حنبل ". الرابعة: ابن لهيعة؛ فإنه سيىء الحفظ كما هو معلوم. والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (5/302) : " رواه أحمد هكذا، ولم أره ذكر ابن مسعود، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، والظاهر أنه مرسل، ورجاله ثقات ". 2989 - (أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منه ظهر وبطن) . ضعيف أخرجه ابن جرير الطبري في " تفسيره " (1/23/11) ، وأبو عمر الرقي الباهلي في " حديث زيد بن أبي أنيسة " (ق 32/2) ، وأبو الفضل الرازي عبد الرحمن بن أحمد في " معاني: أنزل القرآن على سبعة أحرف " (ق 64/1) الحديث: 2989 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 559 عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا به. قلت: وهذا سند ضعيف، إبراهيم هذا - وهو ابن مسلم - ضعيف. وقد تابعه أبو إسحاق عن أبي الأحوص به. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (3/1309) ، وابن حبان (1781) ، والبزار (226 - زوائده) وابن مخلد في " المنتقى من أحاديثه " (2/81/2) عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن عجلان عنه. وقال الهيثمي في " زوائد البزار ": " وهذا إسناد حسن ". كذا قال: وقلده المعلق على " مسند أبي يعلى " (9/83) ! وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس وقد عنعنه، فيحتمل أن يكون تلقاه عن إبراهيم الهجري أو غيره من الضعفاء، ثم هو إلى ذلك كان اختلط! لكن تابعه عبد الله بن أبي الهذيل عن أبي الأحوص به وزاد: " ولكل حد مطلع ". أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (4/182) ، وابن جرير (1/23/10) ، وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (297/2) من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن واصل بن حيان عن عبد الله بن أبي الهذيل. قلت: وهذه متابعة قوية، لولا أن في الطريق إليها مغيرة - وهو ابن مقسم الكوفي - فإنه مع ثقته كان يدلس؛ وقد عنعنه. وجملة القول؛ أنه ليس في هذه الطرق ما يمكن الاطمئنان إليه، وتصحيح الحديث اعتمادا عليه. والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 560 2990 - (إن من أسوأ الناس منزلة من أذهب آخرته بدنيا غيره) . ضعيف أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2398) : حدثنا عبد الحكم بن ذكوان عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، شهر بن حوشب ضعيف لسوء حفظه. وعبد الحكم بن ذكوان؛ قال ابن معين: " لا أعرفه "، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "، وهو عندي مجهول الحال. ونحوه قول الحافظ فيه: " مقبول ". لأنه يعني: عند المتابعة، وإلا فلين الحديث عند التفرد كما هو الحال في هذا الحديث، وقد اضطرب في إسناده كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري في " التاريخ " (3/2/128) من طريق الطيالسي به. وأخرجه هو وابن ماجه (3966) من طريق أخرى عن عبد الحكم السدوسي: حدثنا شهر بن حوشب عن أبي أمامة مرفوعا به نحوه. فجعله من مسند أبي أمامة. وهذا الاختلاف هو من الحكم كما أشرت آنفا، أو من شيخه شهر. والله أعلم. الحديث: 2990 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 561 2991 - (إن أطهر طعامكم لما مسته النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/132/1) ، وأبو يعلى في " مسنده " (4/1599) - ولم يسق لفظه - من طريق محمد بن إسحاق عن أبيه عن الحسن بن علي رضي الله عنه: " أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فناولته كتف شاة مطبوخة الحديث: 2991 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 561 فأكلها، ثم قام يصلي، فأخذت ثيابه فقالت: ألا توضأ يا رسول الله؟ قال: مما يا بنية؟ قالت: قد أكلت مما مسته النار؟ ! قال: " فذكره. قلت: وإسناده ضعيف على ثقة رجاله، فإن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، على أن في حفظه شيئا، ولذلك فهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، ولم يكن فيما رواه علة، ولذلك قال الذهبي في آخر ترجمته: " فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئا، وقد احتج به أئمة، فالله أعلم. وقد استشهد به مسلم بخمسة أحاديث لابن إسحاق ذكرها في صحيحه ". فإن قيل: يبعد أن يكون بين محمد بن إسحاق وأبيه شخص، ثم دلسه ابن إسحاق؟ . قلت: إن سلمنا ذلك، فقد وجدت له علة، وهو الاختلاف في سنده ومتنه، فقال أحمد (6/283) : حدثنا حسن بن موسى: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبيه عن الحسن بن الحسن عن فاطمة قالت: " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " الحديث نحوه؛ وفي آخره: " فقال لي: أوليس أطيب طعامكم ما مسته النار ". وهكذا أخرجه أبو يعلى (4/1591) : حدثنا إبراهيم بن حجاج السامي: أخبرنا حماد به إلا أنه وقع عنده " الحسن بن أبي الحسن ". وعليه جرى الهيثمي فقال (1/253) بعدما عزاه لهما - أحمد وأبي يعلى -: " والحسن بن أبي الحسن ولد بعد وفاة فاطمة، والحديث منقطع ". وكأنه يعني به الحسن البصري، فإنه يصدق عليه أنه ولد بعد وفاة فاطمة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 562 ولكني لم أر من ذكر أن إسحاق بن يسار روى عنه وإنما في " تهذيب التهذيب " أنه روى عن الحسن بن علي! وهذا أقرب إلى ما في " المسند " إذا قدرنا أنه الحسن بن الحسن بن علي، نسب في " التهذيب " إلى جده، وإذا كان كذلك فهو منقطع أيضا، والله أعلم. 2992 - (إن الأرواح تلاقي في الهواء فتشام، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) . ضعيف رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (128/2) عن محمد بن بكر بن عبد الرحمن السمرقندي: حدثنا أحمد بن نصر السمرقندي: حدثنا أبي عن إبراهيم بن طهمان عن الأعمش عن شقيق عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أحمد بن نصر السمرقندي وأبوه لم أعرفهما، ويحتمل أنه الذي في " الميزان " وغيره: " أحمد بن نصر بن حماد. أتى بخبر منكر جدا، قال: حدثنا أبي: حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: لا يترك الله أحدا يوم الجمعة إلا غفر له. ذكره الخطيب ". قلت: فهذا من طبقة السمرقندي. والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/162/2) للطبراني في " الأوسط " عن علي. ولم يورده الهيثمي في " المجمع " لا في " الجنائز " (2/329) ولا في " الأدب " (8/87) . والله أعلم. وقد أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2/18/1 - رقم 5353) من طريق الحديث: 2992 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 563 عبد الرحمن بن مغراء قال: أخبرنا الأزهر بن عبد الله الأودي قال: أخبرنا محمد بن عجلان عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب: يا أبا حسن! ربما شهدت وغبنا، وربما شهدنا وغبت، ثلاث أسألك عنهن .... إلخ. قلت: فذكر ثلاثة أحاديث، أحدها حديث الترجمة، وأعله الهيثمي (1/162) بـ (الأزهر) هذا، فقال: " قال العقيلي: حديثه غير محفوظ عن ابن عجلان ". ومن طريق الأودي أخرجه أبو الشيخ في " الأمثال " (رقم 107) . ثم أخرج له شاهدا من حديث ابن مسعود، من طريق إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عنه به، وزاد: " فلو أن رجلا مؤمنا دخل مسجدا فيه مئة منافق ليس فيه إلا مؤمن واحد لذهب حتى يجلس إلى ذلك المؤمن الواحد، ولو أن رجلا منافقا دخل مسجدا فيه مئة مؤمن ليس فيه إلا منافق واحد لذهب حتى يجلس إلى ذلك المنافق الواحد ". قلت: وإبراهيم الهجري؛ قال الذهبي في " المغني ": " ضعفه النسائي وغيره، وتركه ابن الجنيد ". 2993 - (إن الأبدال بالشام يكونون، وهم أربعون رجلا، بهم تسقون الغيث، وبهم تنصرون على أعدائكم، ويصرف عن أهل الأرض البلاء والغرق) . ضعيف أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1/67/1) من طريق الحديث: 2993 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 564 الحسن بن حبيب: أخبرنا زكريا بن يحيى: أخبرنا الحسن بن عرفة: أخبرنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو السكسكي عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: " ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب، فقالوا: يا أمير المؤمنين! العنهم، فقال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " فذكره؛ وقال: " هذا منقطع بين شريح وعلي، فإنه لم يلقه ". وأخرجه أحمد (1/112) : حدثنا أبو المغيرة: حدثنا صفوان به نحوه وزاد: " كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ". وقد صح من طريق أخرى عن علي موقوفا: " لا تسب أهل الشام جما غفيرا؛ فإن فيهم الأبدال ". وقال الضياء المقدسي في " المختارة " (461 - بتحقيقي) : " وهو أولى من المرفوع ". وقد روي الحديث من حديث عبادة بن الصامت مختصرا، وقد مضى برقم (940) . 2994 - (أقطف القوم دابة أميرهم) . ضعيف أخرجه الخطيب في " التاريخ " (9/274) من طريق شبيب بن شيبة قال: " كنت أسير في موكب أبي جعفر أمير المؤمنين، فقلت: يا أمير المؤمنين! رويدا فإني أمير عليك! قال: ويلك؛ أمير علي؟ ! قلت: نعم؛ حدثني معاوية بن قرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) فقال أبو جعفر: أعطوه دابة، فهو أهون علينا من أن يتأمر علينا ". الحديث: 2994 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 565 قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، معاوية بن قرة؛ تابعي ثقة. وشبيب بن شيبة - وهو أبو معمر البصري الخطيب البليغ - ضعيف كما قال النسائي والدارقطني. وفي " التقريب ": " صدوق يهم في الحديث ". 2995 - (إن الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجلس الملوك) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/173) من طريق عمرو بن حمزة: حدثنا صالح عن الحسن عن أنس مرفوعا. وقال: " غريب من حديث الحسن، تفرد به عمرو عن صالح ". قلت: وهما ضعيفان. ومن هذا الوجه أخرج القضاعي في " مسند الشهاب " (ق /82/2) الشطر الأول منه. الحديث: 2995 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 566 2996 - (إن الحياء من شرائع الإسلام، وإن البذاء من لؤم المرء) . ضعيف رواه الطبراني (3/80/2) عن محمد بن عمارة بن صبيح: أخبرنا إسماعيل بن أبان: أخبرنا عبد الملك بن عثمان الثقفي عن محمد بن مالك الهمداني عن أبيه مالك بن زبيد عن عبد الله قال: جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصاحبهم فقالوا: يا نبي الله! إن صاحبنا هذا قد أفسده الحياء، فقال صلى الله عليه وسلم: فذكره. الحديث: 2996 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 566 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالمجهولين، مالك بن زبيد؛ روى عنه أبو إسحاق السبيعي أيضا، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان. وابنه محمد؛ أورده ابن أبي حاتم (4/1/88) بهذا الحديث ليس إلا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وعبد الملك بن عثمان الثقفي؛ أورده ابن أبي حاتم أيضا (2/2/360) من رواية إسماعيل بن أبان هذا ولم يذكر فيه أيضا جرحا ولا تعديلا. وإسماعيل بن أبان إن كان الوراق؛ فهو صدوق، وإن كان الغنوي؛ فهو متروك رمي بالوضع. 2997 - (إن الأقلف لا يترك في الإسلام حتى يختتن، ولو بلغ ثمانين سنة) . موضوع أخرجه البيهقي (8/324) من طريقين عن أبي علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن أبيه علي رضي الله عنه قال: " وجدنا في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيفة .... " فذكره؛ وقال: " وهذا حديث ينفرد به أهل البيت عليهم السلام بهذا الإسناد ". قلت: كأنه مركب عليهم، فإن ابن الأشعث قال الدارقطني: " آية من آيات الله، وضع ذلك الكتاب. يعني العلويات ". الحديث: 2997 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 567 قلت: وهذا الكتاب فيه نحو ألف حديث كلها بهذا الإسناد، وقد ساق ابن عدي في ترجمته من " الكامل " (ق 378/1) جملة منها فيها موضوعات كما قال الذهبي. فلست أدري كيف خفى حاله على البيهقي حتى نسب التفرد بهذا الحديث لأهل البيت دون هذا المفتري! . 2998 - (إن الخاصرة عرق الكلية إذا تحرك آذى صاحبها، فداووها بالماء المحرق والعسل) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/405) من طريق مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن محمد المديني عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره؛ وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.وهذا منه عجيب فإنه قد اورد مسلم بن خالد هذا - وهو الزنجي - في كتابه " الضعفاء والمتروكين " وقال: " قال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث ". وعبد الرحمن بن محمد المديني؛ الظاهر أنه الأنصاري، قال الذهبي أيضا في " الميزان ": " قال البخاري: روى عنه الواقدي عجائب، وقواه ابن حبان ". الحديث: 2998 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 568 2999 - (إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل فيصلح الله عز وجل بها عمله كله، وطهور الرجل لصلاته يكفر الله به ذنوبه، وتبقى صلاته نافلة) . الحديث: 2999 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 568 ضعيف. رواه أبو يعلى في " مسنده " (2 / 833 - 834) وعنه الطبراني في " الأوسط " (2/1 - زوائده) ، وكذا ابن عدي في " الكامل " (35/1) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (446) ، وابن حبان في " الضعفاء ": أخبرنا بشار بن الحكم: حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا. وقال البزار: " لا نعلم رواه عن ثابت غير بشار ". قلت: وهو منكر الحديث؛ كما قال ابن عدي وتبعه الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، ينفرد عن ثابت بأشياء ليست من حديثه؛ كأنه ثابت آخر، لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب ". ثم ساق هو وابن عدي هذا الحديث مشيرين إلى أنه حديث منكر. وأما قول ابن عدي في آخر ترجمته. " أرجو أنه لا بأس به ". فإنما يعني في غير ما تفرد به وأنكر عليه، أقول هذا توفيقا بين قوله المتقدم: " منكر الحديث "؛ وهذا. فلا تغتر بقول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/225) بعد أن عزاه لبعض من ذكرنا: " وفيه بشار بن الحكم ضعفه أبو زرعة وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به ". أقول: لا تغتر بهذا؛ فإن الأمر كما قلت لك، فإن الضعف الذي عزاه لأبي زرعة وابن حبان، إنما أخذه من قولهما في بشار: " منكر الحديث ". وإذا عرفت أن ابن عدي وافقهما على ذلك - كما تقدم - تبين لك أنه معهما في تضعيفه، فتنبه ولا تكن من الغافلين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 569 نعم الشطر الثاني من الحديث له شواهد تدفع عنه النكارة وترفعه إلى مرتبة الصحة، فانظر بعضها في " صحيح الترغيب " (1/ رقم 177 و 180 و 182) ، وفي معناه أحاديث أخرى. ثم رأيت الحديث بفقرتيه قد أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/242/4941) من الوجه المذكور، وزاد في أوله فقرة ثالثة بلفظ: " يا أبا ذر! ألا أدلك على خصلتين وهما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما؟ " " قال: بلى يا رسول الله! قال: " عليك بحسن الخلق وطول الصمت، والذي نفس محمد بيده! ما عمل الخلائق بمثلهما ". وهذه الزيادة أخرجها البزار في " مسنده " (4/220/3573) وقال: " لا نعلم روى بشار عن ثابت غيره ". قلت: بلى؛ قد روى له هو (3/149/2449) من طريق عمرو بن أبي خليفة قال: سمعت أبا بدر يحدث عن ثابت عن أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في حلقة فأراد القيام، فقام غلام فناوله نعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أردت رضى ربك، رضي الله عنك ". فكان لذلك الغلام نحو في المدينة حتى استشهد ". وقال البزار: " لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 570 وقال الهيثمي في " المجمع " (8/268) : " رواه البزار، وفيه عمرو بن أبي خليفة، ولم أعرفه ". قلت: إعلاله بشيخه (أبي بدر) أولى واسمه (بشار بن الحكم) أورده ابن عدي في " الكامل " (2/23) وقال: " بصري، منكر الحديث عن ثابت البناني وغيره ". ثم ساق له حديثين أحدهما من هذه الطريق، إلا أنه وقع فيه (عمر بن أبي خليفة العبدي) . وسواء كان هذا أو ذاك؛ فإني لم أجد له ترجمة، حتى ولا في " ثقات ابن حبان "! والمقصود: أن البزار لم يعرف اسم (أبي بدر) وأنه (بشار بن الحكم) فيما يظهر - كالهيثمي - وإلا لما قال في الحديث الذي قبله ما تقدم: " لا نعلم روى بشار عن ثابت غيره "! ويحتمل أنه نسي، وجل من لا ينسى. على أن قوله في حديث أبي ذر هذا:" لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه ". ففيه نظر أيضا، فقد تابعه الحسن بن أبي جعفر عن ثابت به نحوه. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " من طريق أبي جابر محمد بن عبد الملك: حدثنا الحسن بن أبي جعفر ... وقال: " لم يروه عن ثابت إلا الحسن بن أبي جعفر، تفرد به أبو جابر ". قلت: قال أبو حاتم: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 571 " ليس بالقوي ". وذكرع ابن حبان في " الثقات " (9/64) . وإعلاله بشيخه أولى لأنه ضعيف جدا؛ كما فعل الهيثمي قال (8/268) : " رواه الطبراني في " الصغير "، وفيه الحسن بن أبي جعفر، وهو متروك ". وهو في " الروض النضير " (125) . 3000 - (إن الدباغ يحل من الميتة كما يحل الخل من الخمر) . ضعيف أخرجه ابن عدي (326/1) ، وعنه البيهقي في " السنن " (6/38) عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي: " تفرد به فرج بن فضالة، وهو ضعيف؛ يروي عن يحيى بن سعيد أحاديث لا يتابع عليها. قاله أبو الحسن الدارقطني ".   انتهى بحمد الله وفضله المجلد السادس من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيىء في الأمة ". ويليه - إن شاء الله تعالى - المجلد السابع، وأوله الحديث: 3001 - (إن الرجل ليبتاع الثوب. . .) . و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الحديث: 3000 ¦ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 572 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فإني- ابتداء - أقول: قد كان ما خَشيتُ أن يكونا *** إنا إلى الله لراجعونا رحل الحبيب الغالي، فمحبوه يتامى، وأنا يتيمة مرتين، لكنا إن شاء الله صابرون، وبقضاء الله وقدره راضون، وله عند ربِّه- عز وجل- لمحتسبون .... وشاءت إرادة الله- تعالى- ألا يكمل الوالد- رحمه الله- مراجعته الأخيرة لهذا المجلد- كما كنتُ ذكرتُ في مقدمة المجلد السادس- اللهم إلا بعض الزيادات التي أملاها علي هاتفياً في مواضع لا تزيد على عشرة. وهذا المجلد- أخي للقارئ- هو الحلقة للسابعة من هذه "السلسلة"، وفيه مجموعة جديدة من الأحاديث الضعيفة وما دونها من ضعيف جدِّاً، وموضوعٍ ... مما ينبغي على المسلم أن يكون على معرفة بها حتى لا ينسب للًنبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل، أو يلتزم باعتقادٍ أو حكم مبني عليها فيقع في الضلال والبدعة، ويصرف جهده ووقته فيما لم يشرعه الله ورسوله؛ وهو يحسب أنه يحسن صنعاً! وتحت أحاديث هذا المجلد- كغيره- الكثير من الأبحاث والتحقيقات الحديثية، والردود للعلمية، والكثير من الفوائد والتنبيهات، كل في مكأنه ومناسبته. فمن الأبحاث والتحقيقات الحديثية ما جاء تحت الأحاديث (3056 و 3074 و 3115 و 3231 و 3247 و 3270 و 3292 و 3294 و 3354 و 3374 ... ) . ومن الردود العلمية ما تعقب به الوالد- رحمه الله- الشيخَ الغماري، حيث كان قد وقف قبل شهور قليلة من وفاته على كتابه " المداوي لعلل الجامع للصغير وشرحَي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 المناوي "، فتعقبه في بعض الأحاديث المخرجة في هذا المجلد- وغيره من المجلدات التالية له-، وذلك من جوانب مختلفة، فانظر مثلاً ما جاء تحت الأحاديث (3205 و 3215 و 3219 و 3220 و 3221 و 3255 و .... ) . ومن الردود- أيضاً- ما جاء تحت الأحاديث (3264- القرضاوي) و (3292- ابن التركماني) و (3493- الدكتورة للسودانية) ....... ومن الفوائد ما جاء تحت الأحاديث (3235 و 3281 و 3292 و 3320 و .... ) . وقد جاء في المجلد العديد من الأحاديث التي يوجد في السنة الصحيحة غُنية عنها كالأحاديث (3071 و 3095 و 3130 و 3249 و 3485 و .... ) . وهناك أحاديث اشتهرت على الألسنة، وهي ليست صحيحة مثل (3013- التمسوا الجار قبل الدار..) و (3264- وتحته: بني الدين على النظافة..) . وقبل الختام أحب أن أذكر هنا بأنه يحسن بالقارئ لهذا المجلد أن يرجع- وبخاصة بعد وفاة الشيخ للوالد رحمه الله تعالى- إلى المقدمات التي كتبها لهذه " السلسلة " خاصة ولغيرها من كتبه عامة، فان فيها فوائد جمة، هي منارات على الطريق يُستهدى بها- إن شاء الله-، وسيجدها متجددة منسجمة مع كل مجلد يصدر، حيث أرسى فيها رحمه الله قواعد منهج الالتزام بالكتاب والسنة وبفهم سَلَف الأُمة، وهو المنهج الحق الذي ينبغي أن يقام عليه الفقه الإسلامي؛ فضلا عن العقيدة الإسلامية؛ انطلاقاً من المنهج السليم في التمييز بين الصحيح والضعيف، جزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين جميعا خير الجزاء، وأجرى له من الأجر ما شاء بفضله وكرمه، ورحمه رحمة واسعة، وجمعنا وإياه في جنات للفردوس مع النبيين وللصديقين والشهداء والصالحين.. إنه سميع مجيب. وأخيرا.. لا بد أن نتوجه بالشكر إلى كل من كان له يد في إنجاز هذا الكتاب في جميع مراحله، بما فيها عمل الفهارس المختلفة، فجزاهم الله جميعاً خير الجزاء. و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". عمان 17 ذي القعدة 1420 هـ 12 شباط 2000 أم عبد الله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 3001 - (إن الرجل ليبتاع الثوب بدينار، أو بنصف دينار فيلبسه، فما يبلغ كعبيه حتى يغفر له. يعني من الحمد) . ضعيف أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (ص 6-7 رقم 14 / 2) : حدثنا أحمد بن عثمان الرازي - بمصر -: حدثنا أبو زرعة الرازي: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي: حدثنا قاسم بن مالك المزني: حدثنا أبو مسعود الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أحمد بن محمد بن عثمان الرازي فلم أجد له ترجمة، وفي " الميزان " و " اللسان ": " أحمد بن محمد بن عثمان النهرواني. هو أحمد بن عثمان نسب إلى جده. مر ". وهناك ذكر له حديثاً آخر عن شيخ له بإسناده، ثم قال: " قال النقاش في " الموضوعات " له: وضعه أحمد أو شيخه ". قلت: فهو في موضع التهمة. وقد أورده الخطيب في " التاريخ " (5 / 68) كما جاء في الموضع الأول من " الميزان "، ثم ساق له بإسناده عن ابن المبارك قال: " لا يكون الرجل من أصحابه الحديث حتى يكتب عمن هو مثله، وعمن فوقه، وعمن هو دونه ". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3001 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 3002 - (إن الرجل ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم، وإنه ليكتب جباراً، وإنه ما يملك إلا أهل بيته) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 289) من طريق الهيثم بن خالد المصيصي: حدثنا عبد الكبير بن المعافى بن عمران: حدثني أبي: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، [و] عن عبد الكبير: حدثنا أبي: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن محمد بن علي، عن علي ابن أبي طالب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الطريقين فإن مدارهما على المصيصي هذا، وهو ضعيف؛ كما قال الدارقطني وتبعه العسقلاني. وفي الأولى: الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور - ضعيف أيضاً. وفي الأخرى: عبد العزيز بن عبيد الله - وهو الحمصي - قال الذهبي: " ضعفوه، وتركه النسائي ". وهذه قد أخرجها المغافى بن عمران في كتاب " الزهد " له (ق 249 /1) . الحديث: 3002 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 3003 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يروعن مسلماً) . ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (7 /166 /6487) من طريق سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن مسلم عن شمر بن عطية عن سليمان بن صرد: أن أعربياً صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه قرن، فأخذها بعض القوم، فلما سلم الحديث: 3003 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الأعرابي: أين القرن؟ فكأن بعض القوم ضحك! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين شمر وسليمان بن صرد؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عن صحابي غير خريم بن فاتك، ومع ذلك قالوا: إنه لم يدركه، وعامة رواياته عن التابعين، ولذلك ذكره ابن حبان في (أتباع التابعين) من "ثقاته " (6 /450) ، وتبعه الحافظ في " القريب ". والأخرى - ولم يذكر الهيثمي غيرها فقال (6 /254) -: "إسماعيل بن مسلم إن كان هو العبد ي فهو من رجال " الصحيح "، وإن كان هو المكي فهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وإنما تردد الهيثمي؛ لأن كلاً منهما روى عنه ابن عيينة كما في " تهذيب الكمال " للحافظ المزي. 3004 - (إن الرجل ليدنو من الجنة حتى يكون ما بينه وبينها قيد ذراع، فيتكلم بالكلمة فيتباعد منها أبعد من صنعاء) . ضعيف أخرجه أحمد (4 /64و5/ 377) عن محمد بن إسحاق عن سليمان بن سحيم عن أمه ابنة أبي الحكم الغفاري قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس. الحديث: 3004 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 3005 - (إن الرجل ليصلي، وما فاته من وقتها أعظم من أهله وماله) . ضعيف أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 /2/ 417) عن محمد ابن المثنى عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان ابن المنكدر عن يعلى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: ... فذكره. " مرسل " ثم رواه من طريق أخرى عن يحيى أم محمد بن المنكدر أخبره أن يعلى - رجل من أهل الديوان - أخبره أنه سمع طلق بن حبيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. قلت: ورجاله كلهم ثقات، وإنما علته الإرسال، فإن طلقاً تابعي مات بعد التسعين. ويعلى هو ابن مسلم بن هرمز، وهو من أتبتع التابعين. وقد ذكر المناوي أن ابن منيع والديلمي وصلاه من حديث أبي هريرة، ولم يتكلم على إسناده بشيء! وعزاه السيوطي لسعيد بن منصور عن طلق بن حبيب. الحديث: 3005 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 3006 - (إن الرجل ليوضع طعامه بين يديه فما يرفع حتى يغفر له، فقيل: يا رسول الله! بم ذاك؟ قال: يقول: بسم الله؛ إذا وضع، والحمد لله؛ إذا رفع) . ضعيف رواه الضياء في " المختارة " (157 /2) من طريق الطبراني - وهو في " المعجم الأوسط " (5 / 409 /5104) -: حدثنا محمد بن العباس: حدثنا عبيد بن إسحاق: حدثنا قطري الخشاب عن عبد الوارث عن أنس مرفوعاً. وقال: الحديث: 3006 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 " قطري ذكره ابن أبي حاتم .... ولم يذكر فيه جرحاً ". قلت: وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 249-250) . والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (5 / 22) وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عبد الوارث مولى أنس، وهو ضعيف، وعبيد بن إسحاق العطار، والجمهور على تضعيفه ". 3007 - (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة؛ فتضيء أهل الجنة لوجهه كأنها كوكب دري. وإن أبا بكر وعمر لمنهم، وأنعما) . ضعيف أخرجه أبو داود (2 /167- 168) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1/ 313و325) عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عطية؛ فإنه ضعيف، ومدلس. فما نقله المناوي عن "التقريب" أنه قال فيه: "إسناده صحيح"؛ فهو حكم غير صحيح! على أني لم أدر أي "تقريب" أراد!! الحديث: 3007 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 3008 - (إن السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله عز وجل) . ضعيف رواه الخطيب في "التاريخ" (6 / 16-17) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (23 /2) من طريق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البزوري: حدثنا القاضي جعفر بن محمد الفريابي: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الحديث: 3008 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 ابن لهيعة، عن ابن الهاد، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة سيء الحفظ. وأعله الخطيب بـ (البزوري) هذا فقال: "قال محمد بن أبي الفوارس: كان من أهل القرآن والستر، ولم يكن محموداً في الرواية، وكان فيه غفلة وتساهل ". ومن فوقه ثقات. 3009 - (إن لكل نبي خاصة من أصحابه، وإن خاصتي من أصحابي أبو بكر وعمر) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10 /94 /10008) ،وأبو الحسن محمد بن صدقة البزار الموصلي في "حديث أبي بكر محمد بن إبراهيم القرشي العدوي" (1/ 2) عن عبد الرحيم بن حماد أبي الهيثم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة مرفوعاً. كذا وقع في الأصل عن علقمة مرسلاً. وقد وصله أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1 /88) من طريق عبد الله بن معمر: حدثنا عندر عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعاً به. وعبد الله بن معمر هذا؛ قال الذهبي: "له عن غندر خبر باطل، قال الأزدي: متروك الحديث ". قلت: والخبر هو هذا كما قال الحافظ في "اللسان". وعبد الرحيم بن حماد؛ قال الذهبي: "شيخ واه، لم أر لهم فيه كلاماً وهذا عجيب". الحديث: 3009 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 قلت: أخرجه أبو نعيم في مكان آخر، هو (1 /96) ،وقال: "قال ابن أبي داود:هكذا في كتاب الشيخ: "غندر عن شعبة"،وإنما هو غندر عن عبد الرحيم، وهو شيخ بصري متروك الحديث ". قلت: فهذا نص عن بعض الأئمة المتقدمين - وهو الحافظ ابن الحافظ عبد الله ابن سليمان بن أبي داود - في توهين هذا الرجل، فات الحافظ الذهبي، وكذا الحافظ العسقلاني؛ فإنه لم يستدركه عليه. 3010 - (إن آدم غسلته الملائكة بماء وسدر، وكفنوه، وألحدوا له ودفنوه، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم في موتاكم) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (75/ 1 من ترتيبه) عن محمد بن إسحاق عن محمد بن ذكوان عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن محمد بن ذكوان إلا ابن إسحاق " قلت: هو مدلس، وقد عنعنه، وخالفه إسحاق بن الربيع عن الحسن به، إلا أنه لم يرفعه. أخرجه ابن سعد (1 /33) . وإسحاق هذا هو البصري الأبلي ضعيف أيضاً. قلت: ورواه روح بن أسلم: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن الحسن به، نحوه. وروح متروك، وقد مضى لفظه برقم (2859) . ورويت الجملة الأخيرة مع تكبير الملائكة على آدم أيضاً من طريق ثالثة عن الحديث: 3010 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 الحسن به، وقد مضى تخريجه برقم (2872) . 3011 - (إن السماوات السبع،والأرضين السبع لتلعن الشيخ الزاني،وإن فروج الزناة ليؤذي أهل النار نتن ريحها) . ضعيف أخرجه البزار (ص 209-زوائده) عن يعلى بن عبيد عن صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه،موقوفاً عليه. ثم رواه من طريق أبي معاوية عن صالح بن حيان به،إلا أنه قال: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وقال: "لا نعلم رواه إلا أبو معاوية" قال الهيثمي: "يعني: رفعه، وصالح بن حيان ضعيف" قلت: كذا وقع في الأصل "أبو معاوية، وإسناده هكذا: "حدثنا عمرو بن مالك: حدثنا أبو معاوية .... ". قلت: عمرو بن مالك هذا هو الراسبي، وقد ذكروا في ترجمته: أنه روى عن مروان بن معاوية الفزاري، وعنه البزار. فأنا أخشى أن يكون ما في الأصل: "أبو معاوية" محرفاً من: "مروان بن معاوية". ويؤيده أنهم ذكروه في الرواة عن صالح بن حيان والله أعلم. والراسبي هذا ضعيف أيضاً. وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعاً دون جملة (الفروج) ، وهو مخرج في "الصحيحة" تحت الحديث (3313) . الحديث: 3011 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 3012 - (إن في الجنة لمراغاً من مسك مثل مراغ دوابكم في الدنيا) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (6 / 5845) من طريق عبد الله ابن أحمد، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 116) عن أحمد بن الحسن بن عبد الملك - والسياق لأبي نعيم - قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن سابور: حدثنا عبد الحميد بن سليمان الأنصاري - أخو فليح - عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعاً. أورده أبو نعيم في ترجمة أحمد هذا، وقال: "توفي سنة أربع وثلاث مئة ... ، مقبول القول، صاحب صولة وصرامة". قلت: ومتابعة عبد الله بن أحمد تقويه، فإنه ثقة حافظ، من فوقهما ثقات غير عبد الحميد هذا فإنه ضعيف،كما قال ابن المديني والنسائي وغيرهما. وقال ابن معين: "ليس بشيء". وذكره العقيلي في "الضعفاء" (ص250) ، وكذا ضعفه آخرون. أما أحمد فقال: "ما أرى به بأساً"! ولعل هذا هو مستند قول المنذري في "الترغيب" (4/ 253) : "رواه الطبراني بإسناد جيد". وقول الهيثمي (10/ 413) : الحديث: 3012 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ورجالهما ثقات"! قلت:ولا يخفى أن الجرح المفسر مقدم على التعديل؛ لا سيما والجارحون جمع، والمعدل فرد. وهذا من الوضوح بحيث حملني على أن أقول: لعل الحديث عند الطبراني من غير طريق عبد الحميد هذا، وذلك قبل أن أقف على إسناده عند الطبراني. والله تبارك وتعالى أعلم. 3013 - (التمسوا الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 220/ 2) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (144/ 232) عن أبان بن المحبر عن سعيد بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، أبان هذا قال الذهبي: "شيخ متروك" وسعيد بن رافع، كذا في الأصل، وفوق لفظ: "ابن" ضبة، إشارة إلى أن فيه سقطاً، والساقط هو: "معروف بن رافع"؛ كما رواه الأزدي من هذا الوجه على ما في "الميزان" و "فيض القدير". وسعيد بن معروف غير معروف. وقال الأزدي: "لا تقوم به حجة". قال الذهبي عقبه: " قلت: أبان متروك، فالعهدة عليه ". الحديث: 3013 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 3014 - (من صلى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة، ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة) . ضعيف اخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 259/ 647) : حدثنا الفضل بن هارون البغدادي: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني: حدثنا عبد الحميد ابن سليمان عن أبي حازم عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الحميد بن سليمان قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (7/ 172) . وسائر رجاله ثقات غير الفضل بن هارون؛ ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/ 372) برواية ثلاثة فيهم الطبراني، وقال: "صاحب أبي ثور الفقيه"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3014 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 3015 - (كان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل) . ضعيف جداً أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 377) ، والبزار (968- الكشف) : أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، عن أبي بكر الهذلي،عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس وعائشة قالا: ... فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 123) . الحديث: 3015 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، أبو بكر الهذلي متروك الحديث؛ كما قال الحافظ. والحماني ضعيف. 3016 - (إن الشيطان ذئب ابن آدم، كذئب الغنم، وإن ذئب الغنم يأخذ من الغنم الشاة المهزولة والقاصية ولا يدخل في الجماعة، فالزموا العامة والجماعة والمساجد) . ضعيف رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (16/ 1-2) حدثنا حسين بن علي الجعفي عن فضيل بن عياض عن أبان عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت وهذا إسناد ضعيف جداً، شهر ضعيف، وأبان - وهو ابن أبي عياش - متروك. لكن الحديث له طريق أخرى عند أحمد (5/ 233) ، والهيثم بن كليب (170/ 1) ،وابن بشران في الكراس الأخير من "الجزء" (30/ 5/ 2) ، وأبي نعيم في "الحلية" (2/ 247) عن سعيد عن قتادة: حدثنا العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل مرفوعاً به، وقال أبو نعيم: "رواه يزيد بن زريع وعنبسة بن عبد الواحد عن سعيد مثله، وقال: يعني: شعاب الأهواء" قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، فهو صحيح، وإن خالفه عمر بن إبراهيم فقال: حدثنا قتادة عن العلاء بن زياد عن رجل حدثه - يثق به - عن معاذ بن جبل به! فزاد بينهما الرجل الذي لم يسم. الحديث: 3016 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 وعمر بن إبراهيم - وهو البصري صاحب الهروي - صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف؛ كم في "التقريب"، فلا يلتفت إلى مخالفته لمثل سعيد - وهو ابن أبي عروبة - وهو من أثبت الناس في قتادة؛ كما قال الحافظ. ثم تبين لي أن فيه علة تقدح في صحته،ألا وهي الانقطاع بين العلاء بن زياد ومعاذ؛ فإنه لم يسمع منه؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (1/ 132) ، والهيثمي في "المجمع" (2/ 23) ، وقد كنت غفلت عن هذه العلة حين خرجت "شرح العقيدة الطحاوية"، فصححته فيه (516) جرياً على ظاهر إسناده، والآن قد رجعت عنه، والله تعالى هو الموفق، وأستغفره من كل زلل. ولا أدري إذا كان الدكتور أحمد سعد حمدان تورط بتصحيحي المذكور، فقال في تعليقه على "أصول أهل السنة" لللالكائي (1/ 107) : "سنده صحيح". أو أنه نظر - مثلي - إلى ظاهر السند، فوقع في الخطأ، والمعصوم من عصمه الله عز وجل. 3017 - (إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه) . ضعيف أخرجه ابن منده من طريق إسحاق بن سيار عن الفضل بن موفق عن إسرائيل عن الأوزاعي عن سالم عن سديسة مولاة حفصة مرفوعاً. قلت: كذا ساقه الحافظ في ترجمة "سديسة" من "الإصابة"، وإسناده ضعيف، وفيه علتان: الأولى:الاضطراب في إسناده، فرواه ابم منده هكذا، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 191/ 3943) من طريق عبد الرحمن بن الفضل بن موفق: الحديث: 3017 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 حدثني أبي: حدثنا إسرائيل عن النعمان عن الأوزاعي به، إلا أنه قال فيه: "عن سديسة عن حفصة". وقال بعده: "لم يروه عن الأوزاعي إلا النعمان - وهو أبو حنيفة -، ولا رواه عن أبي حنيفة إلا إسرائيل، تفرد به الفضل". وأخرجه ابن السكن من هذه الطريق بهذا السند، فقال في سياقه: إنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: ورواه أحمد بن يونس السلمي عن الفضل بن موفق، فقال في سياقه: عن سديسة عن حفصة. والعلة الأخرى: ضعف المتفرد به، والذي دارت الطرق عليه، وهو الفضل ابن الموفق؛ قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث"، ولم يذكر في "التهذيب" ولا في غيره توثيقه عن أحد. فلا أدري ما عمدة الهيثمي في قوله (10/ 70) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن، إلا أن عبد الرحمن بن الفضل بن الموفق لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا"! فمن الذي وثق الفضل هذا؟! 3018 - (تفقدوا نعالكم عند أبواب المساجد) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 269) عن أحمد بن صالح السمومي: حدثنا يحيى بن هاشم: حدثنا مسعر عن يزيد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث مسعر، لم نكتبه إلا من حديث السمومي". قلت: كذا في الموضعين منه "السمومي" بالسين المهملة، وفي "اللسان": الحديث: 3018 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 بالمعجمة، وفي "الميزان": "الشامولي"، ولم أعرفه الصواب منها، وكتب الأنساب لم تتعرض لشيء من ذلك (1) . فالله أعلم. وأحمد هذا؛ قال ابن حبان: "يضع الحديث". وهو غير أحمد بن صالح المصري الثقة الحافظ. وقال الحافظ في "اللسان" - بعد أن ساقه من طريق أبي نعيم عنه -: "والحمل فيه عليه، أو على شيخه، وذكره أبو نعيم في رجال متروكين، لا يجوز الاعتماد عليهم". قلت: وشيخه يحيى بن هاشم كذبه ابن معين، وقال ابن عدي: "كان يضع الحديث". ولا بن صالح حديث موضوع آخر في الصلاة في العمامة يأتي (5699) ، لكنه قد توبع عند الخطيب دون قوله: "عند أبواب المساجد". وسبق تخريجه برقم (2495) ، وفيه قول الدارقطني: "تفرد به يحيى بن هاشم". قلت: فهو الآفة، والله أعلم. 3019 - (إن الصبحة تمنع بعض الرزق) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 251) من طريق سليمان ابن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سليمان بن أرقم متروك.   (1) ينظر - للفائدة - حاشية تهذيب الكمال (1 / 354) للمزي الحديث: 3019 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 وله طريق أخرى، يرويها إسماعيل بن عياش، وقد اضطرب فيها، فقال مرة: عن إسماعيل بن أمية عن موسى بن عمران عن أبان بن عثمان عن عثمان به. أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 13-14) . ومرة قال: عن رجل - قد سماه - عن محمد بن يوسف عن عمرو بن عثمان ابن عفان عن أبيه به، دون قوله: "بعض". أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 73) ، وعزاه المنذري (3/ 5) لأحمد نفسه، فوهم. وقد سمي هذا الرجل، فأخرجه عبد الله أيضاً، وابن عدي في "الكامل" (ق15/ 1) من طريقين آخرين عن إسماعيل بن عياش عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف به. ثم رواه ابن عدي من طريق مسلمة عن إسماعيل بن عياش عن رجل عن إسحاق بن عبد الله بن طلحة عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وقال ابن عدي: "وهذا الرجل الذي لم يسم في هذا الإسناد هو ابن أبي فروة، وقد خلط ابن أبي فروة في هذا الإسناد، وهذا الحديث لا يعرف إلا به". كذا قال، ويرد عليه الطريق الأولى. وابن أبي فروة اسمه إسحاق بن عبد الله، وهو متروك؛ كما قال الحافظ. والحديث أخرجه البيهقي أيضاً في "شعب الإيمان" (2/ 35/ 1) من طريق ابن عدي، وقال: "وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة بهذا الحديث، وخلط في إسناده. و (الصبحة) : النوم عند الصباح". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 3020 - (إن الصدقة لا تزيد المال إلا كثرة؛ فتصدقوا يرحمكم الله، وإن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً؛ فاعفوا يعزكم الله) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (1/ 92/ 1) عن الحسن بن عبد الرحمن الفزاري: حدثنا علي بن يزيد الصدائي: حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً مسلسل بالضعفاء: الحسن بن عبد الرحمن الفزاري هو الاحتياطي، قال ابن عدي: "يسرق الحديث، منكر عن الثقات، ولا يشبه حديثه حديث أهل الصدق". علي بن يزيد الصدائي؛ فيه لين. خارجة بن مصعب؛ متروك، وكان يدلس عن الكذابين. والحديث أورد منه السيوطي - من رواية ابن عدي عن ابن عمر - الجملة الأولى منه فقط! ولم يتكلم المناوي عليه بشيء! الحديث: 3020 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 3021 - (إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حر القبور) . ضعيف رواه ابن عدي (67/ 2) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (23/ 175) عن الحكم بن يعلى: حدثنا عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعاً، وقال ابن عدي: "قال البخاري: الحكم بن يعلى؛ قال لي سليمان بن عبد الرحمن: رأيته بدمشق، منكر الحديث، عنده عجائب". الحديث: 3021 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 قلت: وقول سليمان هذا رواه البخاري عنه في "التاريخ الصغير" مفرقاً في موضعين (ص212،217) . ولم يتفرد به، فقد قال المنذري في "الترغيب" (2/ 25) : "رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي، وفيه ابن لهيعة". قلت: وهو ضعيف، وهو من طبقة عمرو بن الحارث، وكثير ما يقرن معه في بعض الأسانيد، ولا يبعد أن يكون هذا الحديث من روايته عن يزيد بن أبي حبيب. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "معجم الطبراني الكبير" (17/ 286) ، فعجبت من المنذري كيف أعله بابن لهيعة، وهو عنده مقرون مع (عمرو) كما كنت استقريته، ولم يعله بمن دونه، وأعجب منه متابعة الهيثمي (3/ 110) له على ذلك!! فإن الطبراني أخرجه (رقم788) من طريق رشدين بن سعد: حدثني عمرو بن الحارث وابن لهيعة والحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب به، وزاد: "وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته". وإنما العلة من رشدين بن سعد؛ فإنه ضعيف كما تقدم مراراً. وأعجب مما تقدم متابعة أخينا حمدي عبد المجيد السلفي للهيثمي فيما سبق، وهو يرى في الإسناد أمامه أن ابن لهيعة مقرون مع عمرو بن الحارث والحسد بن ثوبان!! نعم قد توبع ابن لهيعة على الطرف الثاني من حديثه من حرملة بن عمران عن يزيد بن أبي حبيب بلفظ: "كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 وسنده صحيح. وهو مخرج في كتابي "تخريج المشكلة" برقم (118) . 3022 - (إن الصدقة يبتغى بها وجه الله، وإن الهدية يبتغى بها وجه الرسول، وقضاء الحاجة) . ضعيف رواه النسائي (2/ 138) ، والعقيلي في "الضعفاء" (240) عن عبد الملك بن محمد بن بشير عن عبد الرحمن بن علقمة مرفوعاً، وقال: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". يعني: عبد الملك هذا. قال الذهبي: "لا يعرف". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" و "الكبير" للطبراني فقط، وأعله المناوي بالاختلاف في صحبة عبد الرحمن بن علقمة. وقد أشار الحافظ في "التقريب" إلى تضعيف القول بصحبته فقال: "يقال: له صحبة. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين" (5/ 85) . وبالجملة فالحديث له علتان: الإرسال والجهالة. ولم تتكلم عليه اللجنة القائمة على تحقيق "الجامع الكبير" (5671) بأكثر مما ذكرته عن المناوي، إلا قولهم المعتاد: "ورمز له في "الصغير" بالضعف". وإن كان هذا الرمز هنا قد طابق الواقع. وأما الدكتور القلعجي الجريء على تصحيح الأحاديث الضعيفة، وتضعيف الأحاديث الصحيحة، بجهل بالغ، وقلة خوف من الله عز وجل، فقد أورد هذا الحديث في آخر "الضعفاء" (4/ 514) في "فهرس الأحاديث الصحيحة"، لا لشيء سوى أنه ذكره في تعليقه على الحديث في "الضعفاء" (3/ 33) من رواية الحديث: 3022 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 النسائي! وهو يرى أن طريقه وطريق العقيلي واحدة، مدارها على ذاك المجهول عن المختلف في صحبته! فهل يعني أن كل ما رواه النسائي يكون صحيحاً ولو كان عند العلماء معلولاً. ذلك مما لا أظن أنه يقوله، من أين جاءت الصحة؟! 3023 - (إن الصفا الزلال الذي لا تثبت عليه أقدام العلماء: الطمع) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 283) عن محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. وأخرجه ابن السني عن أبي العباس ابن لبيد (كذا) عن موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي عن محمد بن سلمة عن خارجة بن مصعب عن أبي معن عن أسامة بن زيد نحوه. قلت: وأخرجه ابن عدي (121/ 2) من طريق أخرى عن محمد بن سلمة به. ولفظه: "إن الصفا الزلال لأهل العلم الطمع". قلت: وخارجة بن مصعب - وهو أبو الحجاج السرخسي - متروك، وكان يدلس عن الكذابي، وقد خالفه في إسناد عبد الله بن المبارك فقال في "الزهد" (رقم542) : عن أبي معن قال: حدثني سهيل بن حسان الكلبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، بلفظ الترجمة. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ سهيل بن حسان الكلبي أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 248) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأبو معن، الظاهر أنه الذي ذكره ابن أبي حاتم (4/ 2/ 441) : الحديث: 3023 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 "أبو معن روى عن ابن سيرين. روى عنه مسعدة". وهو الذي في "التقريب": "أبو معن: محمد بن معن،عن زهرة بن معبد، وعنه ابن المبارك، مقبول". وأما محمد بن زياد الذي في الطريق الأولى فهو: اليشكري الطحان، وهو كذاب. 3024 - (الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 438) ، والبيهقي (2/ 289) من طريقين عن زبان بن فائد: أن سهل بن معاذ حدثه عن أبيه معاذ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وقال البيهقي: "معاذ هو: ابن أنس الجهني، وزبان بن فائد غير قوي". وقال الحافظ في ترجمته: "ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته". الحديث: 3024 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 3025 - (إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها، وسألته قوت يومها) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 98) من طريق الحسين بن علوان الكلبي: حدثنا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية قال: "كنا مع علي بن الحسين جلوساً في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم مر بنا عصافير يصحن، فقال علي بن الحسين: أتدرون ما تقول هذه العصافير؟! قلنا: لا، الحديث: 3025 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 قال: أما إني ما أقول: إني أعلم الغيب، ولكن سمعت أبي يقول: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) . وإن هذه تسبح ربها، وتسأله قوت يومها". قلت: وهذا موضوع؛ آفته الكلبي هذا؛ فإنه كذاب؛ كما قال يحيى بن معين. وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعاً". وساق له الذهبي من موضوعاته أحاديث، أحدها بلفظ: "أربع لا يشبعن من أربع، أرض من مطر، وعين من نظر، وأنثى من ذكر، وعالم من علم". فقال الذهبي عقبه: "قلت: وكذاب من كذب". وثابت بن أبي صفية ضعيف رافضي. 3026 - (إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى - وإنه ليعلم ما فيها -؛ من شدة العذاب) . منكر أخرجه الحاكم (4/ 577) ، وأبو يعلى في "مسنده" (491) عن الفضل بن عيسى الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: الفضل واه". وقال في "الميزان": "ضعفوه". وقال الحافظ: "منكر الحديث" الحديث: 3026 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 3027 - (إن العبد أخذ عن الله أدباً حسناً، إذا وسع عليه وسع، وإذا أمسك عليه أمسك) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 315) عن جعفر بن كزال:حدثنا إبراهيم بن بشير المكي: حدثنا معاوية بن عبد الكريم عن أبي حمزة عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث معاوية مسنداً متصلاً مرفوعاً، وإنما يحفظ هذا من قبل الحسن مستشهداً بقوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) الآية". قلت: وإسناده ضعيف. أبو حمزة هذا لم أعرفه. وإبراهيم هو ابن أدهم بن بشير المكي، قال الدارقطني: "ليس بالقوي". وقال مسلمة: "ثقة". ومعاوية بن عبد الكريم، وهو المعروف بالضال، صدوق كما في "التقريب". الحديث: 3027 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 3028 - (من عفا عند قدرة، عفا الله عنه يوم العسرة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 151/ 7585) من طريق حكيم بن خذام: حدثنا العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ العلاء بن كثير - وهو الدمشقي ثم الحديث: 3028 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 الكوفي - قال في "التقريب": "متروك، رماه ابن حبان بالوضع". وبه أعله الهيثمي (8/ 190) ، لكنه قصر من وجهين: الأول: أنه اقتصر على قوله فيه: "ضعيف"! وقلده المناوي في "الفيض"، وقال في "التيسير": "وضعفه الهيثمي، فتحسين المؤلف له ليس في محله"!! والآخر: أنه نسي إعلاله أيضاً بالراوي عنه: حكيم بن خذام؛ فإنه متروك أيضاً، ففي "الميزان": "قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث". (تنبيه) كذا وقع في "المعجم": "قدرة"، ووقع في "الجامع الصغير": "القدرة" فظننت أنه الصواب، لكني لما رأيته في "المجمع" و "الجامع الكبير" كما في "المعجم" تركته على حاله. 3029 - (إن العبد ليذنب الذنب فإذا ذكره أحزنه، فإذا نظر الله إليه قد أحزنه الذي صنع غفر له من قبل أن يأخذ في كفارته بصلاة أو صيام أو صدقة) . ضعيف رواه الخطيب في "الموضح" (2/ 6) عن داود بن المحبر عن صالح المري عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وداود بن المحبر كذاب، لكن تابعه عيسى بن خالد اليمامي، لكنه قال: حدثنا صالح المري عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به، فأدخل بينهما هشاماً. الحديث: 3029 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 176،275) - وعنه ابن عساكر (4/ 208/ 2) -، وقال أبو نعيم: "غريب من حديث هشام وصالح، لم نكتبه إلا من حديث عيسى". قلت: ولم أجد من ذكره. ثم وجدته في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3/ 1/ 275) وقال: "سألت أبي عنه؟ فقال: لا بأس بحديثه، محله الصدق". قلت: فعلة الحديث من صالح المري؛ فإنه ضعيف. 3030 - (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل؛ وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درك جهنم وهو عابد) . منكر أخرجه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (2/ 362-363) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 233/ 754) ، وكذا الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (1/ 76/ 53) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (ق68/ 2) من طرق عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار: حدثنا نوح بن عباد القرشي عن ثابت عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات معروفون غير نوح بن عباد القرشي، لم يوثقه غير ابن حبان (7/ 542) ، ولم يرو عنه غير أبي الأسود هذا كما في "الجرح" و"الثقات"، فهو علة الحديث. وأما قول المنذري في "الترغيب" (3/ 257) - وتبعه الهيثمي (8/ 25) -: "رواه الطبراني، ورواته ثقات سوى شيخه المقدام بن داود، وقد وثق". الحديث: 3030 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 قلت: رواية الآخرين خالية منه، فالعلة ما ذكرت، فقد تساهلا في إغضائهما عنها، وكذلك صنع الحافظ العراقي؛ فإنه قال في "تخريج الإحياء" (3/ 51) : "أخرجه الطبراني، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، وأبو الشيخ في "مكارم الأخلاق" (كذا) ، وأبو الشيخ في "كتاب طبقات الأصبهانيين" من حديث أنس، بإسناد جيد "! فأقول: أنى أنى لإسناده الجودة، وفيه من لم يوثقه إلا ابن حبان، الذي من مذهبه توثيق المجاهيل، وكتابه "الثقات" مشحون بهم!! 3031 - (إن الفتنة ترسل، ويرسل معها الهوى، فمن اتبع الهوى كانت قبلته سوداء، ومن اتبع الصبر كانت قبلته بيضاء) . منكر رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 394/ 3446) ، و "مسند الشاميين" (1669) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 261/ 1) عن محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثنا أبي: حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسماعيل بن عياش؛ ضعيف. قال أبو داود: "لم يكن بذاك". وقال أبو حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئاً". وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (7/ 305) فقال: "ضعيف". الحديث: 3031 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 وشريح بن عبيد لم يسمع من أبي مالك كما تقدم مراراً، فانظر مثلاً الحديث (1510) . تنبيه: كذا بخطي نقلاً عن "المعرفة" (قبلته) في الموضعين، ولعله خطأ؛ فإنه في "المجمع"، (قتلته) ، وكذا في "المعجم الكبير" و "مسند الشاميين". لكن قال محققه الفاضل: "في المخطوطة "كانت فتلته" بدل "كانت قتلته". وفي مخطوطتي الظاهرية من "المعجم الكبير" أن في نسخة "فتلته" وفي رواية: قتلته". والله أعلم. 3032 - (إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاماً أحاسنهم أخلاقاً) . ضعيف رواه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 291) ، وأحمد وابنه (5/ 89) ، والطبراني (1/ 213/ 1) ، وأبو يعلى (4/ 1802) عن أبي أسامة عن زكريا بن سياه: حدثني عمران بن رياح عن علي بن عمارة عن جابر بن سمرة قال: كنت في مجلس فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمرة وأبو أمامة فقال: ... فذكره. وهذا سند ضعيف، وزكريا بن سياه وعلي بن عمارة لم أجد من ذكرهما. ثم رأيت الأول في "تاريخ البخاري" (2/ 1/ 386) ، ونقل في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 596) عن ابن معين أنه قال: "ثقة". والآخر أورد له هذذا الحديث ولم يذكر فيه شيئاً،وترجمه ابن أبي حاتم برواية عمران هذا ويونس الجرمي عنه (3/ 1/ 197) ، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 149) برواية عمرتن فقط، فهو العلة. الحديث: 3032 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 وأما الهيثمي فقال (8/ 25) بعدما عزاه للمذكورين دون البخاري: "ورجاله ثقات"! 3033 - (إن الذي يمر بين يدي الرجل وهو يصلي عمداً يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 105/ 1 مصورة الجامعة) عن ابن وهب: حدثنا عبد الله بن عياش عن أبي رزين الغافقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن ابن عمرو إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن وهب". قلت: وهو ثقة حافظ، وعبد الله بن عياش حسن الحديث. وأما أبو رزين الغافقي فلم أجد له ترجمة، وإليه أشار الحافظ الهيثمي يقوله (2/ 61) : "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه من لم أجد من ترجمه". قلت: وقد أورده الدولابي في "الكنى" ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً كعادته، ولا سماه، فقال (1/ 29-30) : حدثني أحمد بن عبد المؤمن الفراء قال: حدثنا إدريس بن يحيى قال: حدثني عبد الله بن عياش عن عبد الله بن عياض عن أبي رزين الغافقي به. وهكذا رواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (258) : حدثنا إدريس بن يحيى به. قلت: وعبد الله بن عياض هذا لم أجد له ترجمة أيضاً، ولا أدري إذا كان سقط من ناسخ "أوسط الطبراني"، أو أن الرواية وقعت له هكذا! الحديث: 3033 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 ثم إن إدريس بن يحيى صدوق كما قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 265) ، فهي متابعة قوية لعبد الله بن وهب، ترد دعوى الطبراني أنه تفرد به ابن وهب. 3034 - (إن الله اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، فمنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة يوم القيامة تجاهين، والعباس بيننا، مؤمن بين خليلين) . موضوع أخرجه ابن ماجه (1/ 64) : حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك:حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن كثير بن مرة الحضرمي عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه الخطيب في "التاريخ" (5/ 227) . قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الوهاب هذا فإنه كذاب كما قال أبو حاتم. وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة. ونقل السندي عن الحافظ ابن رجب أنه قال: "وهو موضوع، فإنه من بلايا عبد الوهاب". والحديث أخرجه الديلمي (1/ 2/ 224) من طريق أبي معقل يزيد بن معقل عن عقبة عن سالم عن حذيفة مرفوعاً به، نحوه، إلا أنه قال:"علي"، بدل: "العباس". وأبو معقل هذا لم أجد له ترجمة. لكن الجملة الأولى من الحديث قد صحت من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليلاً". الحديث: 3034 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 أخرجه مسلم (7/ 108) ، وابن ماجه (رقم 93) ، وكذا الترمذي (3656) ، وأحمد (1/ 377و389و395و409و410و433و439و463) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1226) ، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". 3035 - (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وإنه لم يكن نبي إلا له خليل، ألا وإن خليلي أبو بكر) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 237/ 7816) ، والواحدي في "أسباب النزول" (ص136) من طريق عبيد الله بن زحر عن علي ابن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ عبيد الله بن زحر متروك كشيخه، بل هو خير من شيخه. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم". قلت: القاسم - وهو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة - صدوق لا يحتمل مثل هذه التهمة، فالآفة ممن دونه، والحديث موضوع لمخالفته للحديث الصحيح المذكور آنفاً: " ... ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكنه أخي..". وأعله الهيثمي في "المجمع" (9/ 145) بـ (علي بن يزيد الألهاني) فقصر. الحديث: 3035 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 3036 - (إن الله تبارك وتعالى اختارني، واختار لي أصحاباً، فجعل لي منهم وزراء وأنصاراً وأصهاراً، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) . ضعيف أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1000- بتحقيقي) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 140/ 349) ، والحاكم (3/ 632) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 11) من طريق محمد بن طلحة التيمي قال: أخبرني عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة عن أبيه، عن جده، عن عويم بن ساعدة مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: وهو من أوهامهما؛ فإنه إسناد ضعيف مجهول؛ عتبة بن عويم أورده الذهبي نفسه في "الضعفاء" وقال: "لم يصح حديثه. قاله البخاري". وقال في "الميزان": "والظاهر أن لعتبة ولأبيه صحبة،، والحديث مضطرب". وسالم بن عتبة قال الحافظ في "التقريب": "مقبول". والأولى أن يقال فيه: مجهول. فإنه لا يعرف إلا في هذا الإسناد، ولم يوثقه أحد. ومثله ابنه عبد الرحمن، وقد قال فيه الخافظ: "مجهول". ومحمد بن طلحة وهو المعروف بابن الطويل قال الحافظ: "صدوق يخطىء". الحديث: 3036 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 قلت: فأنى لمثل هذا الإسناد المظلم الصحة؟! وقد قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 17) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه"! 3037 - (إن الله اختارني، واختار لي أصحاباً، واختار لي منهم أصهاراً وأنصاراً، فمن حفظني فيهم حفظه الله، ومن آذاني فيهم آذاه الله عز وجل) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 99) عن محمد بن بشير الكندي الدعاء قال: نبأنا قران بن تمام عن أبي طاهر مولى الحسن بن علي عن أنس بن مالك مرفوعاً، وقال: "رواه غيره عن قران عن أبي عياض مولى الحسن بن علي عن أنس". قلت: وأبو طاهر أو أبو عياض مولى الحسن بن علي، لم أجد له ترجمة. والكندي مختلف فيه، لكنه لم يتفرد به كما يشعر به كلام الخطيب المذكور، مع مخالفته له، وعلى كل حال فمدار الطريقين على مجهول. ثم أخرجه الخطيب (13/ 443) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري عن بشر الحنفي عن أنس به، دون قوله: "فمن حفظني ... "، وزاد: "وإنه سيجيء في آخر الزمان قوم ينتقصونهم، ألا فلا تناكحوهم، ألا ولا تنكحوا إليهم، ألا ولا تصلوا معهم، ألا ولا تصلوا عليهم، عليهم حلت اللعنة". قلت: وبشر الحنفي لم أعرفه، وقد أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص76) رقم (344- بترقيمي) من طريق ابن النجار بإسناده عن بشر الحديث: 3037 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 ابن عبد الله عن أنس به، وقال: "قال ابن النجار: هذه الزيادة في آخر الحديث غريبة غير محفوظة. وقال ابن حبان: هذا خبر باطل لا أصل له، وبشر بن عبد الله القصير منكر الحديث جداً". قلت: ولم أر في "الميزان" ولا في "اللسان" ولا في غيرهما "بشر بن عبد الله القصير". ووقع في "تنزيه الشريغة" (2/ 24) : "بشير بن عبيد الله أو ابن عبد الله". ولم أره أيضاً. والله أعلم. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس بزيادة أخرى بلفظ: (إن الله اختارني واختار أصحابي وأصهاري، وسيأتي قوم يبغضونهم ويسبونهم، فلا تجالسوهم، ولا تشاربوهم، ولا تناكحوهم) . أخرجه الديلمي (1/ 2/ 223) ، والخلال في "السنة" (769) ، والعقيلي: الأنطاكي (1) ؛ وهو خطأ - عن أحمد بن عراق الأخنسي عن المحاربي عن عبيدة - أظنه الحداء - عن أبي حفص عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو حفص - وهو: عمر بن حفص -، قال النسائي: متروك. والأخنسي: ترجمه البخاري في "تاريخه" (1/ 203) ، وقال: "يتكلمون فيه، منكر الحديث". والمحاربي اسمه عبد الرحمن بن محمد، وهو ثقة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 ومن فوقه لم أعرفهم. 3038 - (إن الله تبارك وتعالى خلق السماوات، فاختار العليا، فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من بني هاشم، من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 73) عن حماد بن واقد الصفار: حدثنا محمد ابن ذكوان خال ولد حماد بن زيد عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينا نحن جلوس بفناء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ مرت امرأة، فقال رجل من القوم هذه ابنة محمد،، فقال أبو سفيان: إن مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الغضب في وجهه، فقال: "ما بال أقوال تبلغني عن أقوام، إن الله .... "، وقال: "وقد قيل في هذا الإسناد: عن محمد بن ذكوان عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمر". ثم أخرجه هو والعقيلي (4/ 388) من طريق يزيد بن عوانة عن محمد بن ذكوان به، نحوه. الحديث: 3038 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 قلت: ويزيد هذا هو الكلبي، ضعيف؛ قال العقيلي: "لا يتابع عليه". وقد خالفه حماد بن واقد الصفار كما رأيت، وهو ضعيف أيضاً كما في "التقريب". وشيخهما محمد بن ذكوان ضعيف أيضاً. 3039 - (إن الله إذا أحب عبد هـ جعل رزقه كفافاً) . ضعيف أخرجه الديلمي (1/ 2/ 225) من طريق أبي الشيخ عن إسماعيل بن عمرو: حدثنا علي بن هاشم عن عبيد الله بن الوليد عن يحيى بن هاني عن عروة عن علي بن أبي طالب، فذكره، ولم يرفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن عمرو، وهو البجلي الكوفي الأصبهاني. ومثله عبيد الله بن الوليد، وهو الوصافي. (تنبيه) هكذا وقع الحديث في الديلمي موقوفاً، وإيراد السيوطي إياه في "الجامع الصغير" من رواية أبي الشيخ يعطي أنه مرفوع عنده، فلا أدري أسقط رفعه من نسخة الديلمي، أم هكذا وقعت الراوية عنده! الحديث: 3039 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 3040 - (سألت ربي عز وجل أن لا أزوج أحداً من أمتي ولا يتزوج [إلي أحد] إلا كان معي في الجنة، فأعطاني) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 53/ 5892) ، وأبو سعيد ابن الأعرابي في "معجمه" (ق83/ 1) - وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (19/ 60/ 2) ، والحاكم (3/ 137) من طريق عمار بن سيف عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى مرفوعاً، وقال: الحديث: 3040 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر؛ فإن عماراً هذا قال الحافظ: "ضعيف الحديث، وكان عابداً". والذهبي نفسه أورده في "الميزان" وذكر الخلاف فيه ما بين موثق ومضعف، والجرح مقدم على التعديل مع بيان السبب، فقد قال أبو داود: كان مغفلاً. وقال الذهبي: "قلت: له حديث منكر جداً". ثم ساق له غير هذا. وقال في "المغني": "ضعفه أبو حاتم وغيره" وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 17) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمار بن سيف، وقد ضعفه جماعة، ووثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات". قلت: وقد روي عنه بإسناد آخر، فقال الحارث في "مسنده" (120/ 1- زوائده) : حدثنا إسحاق بن بشر: حدثنا عمار بن سيف الضبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر أوعمرو مرفوعاً به. وإسحاق هذا كذاب. وتابعه إبراهيم الشامي، لكنه قال: "ابن عمرو"، ولم يشك. أخرجه ابن سمعون الواعظ في "الأمالي" (1/ 54/ 1) ، وابن عساكر. قلت: والشامي هذا كذاب أيضاً كما قال الدارقطني. لكن الظاهر أنه قد توبع؛ فقد ذكره الهيثمي من حديث عبد الله بن عمرو، ثم قال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه يزيد بن الكميت، وهو ضعيف". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 قلت: بل هو ضعيف جداً؛ لقول الدارقطني فيه: "متروك"، فلا يستشهد به. وعزاه السيوطي في "الجامع" للشيرازي في "الألقاب" من حديث ابن عباس، ولابن عساكر من حديث هند بن أبي هالة، ولفظه: "إن الله أبى لي أن أتزوج أو أزوج إلا أهل الجنة". والله أعلم بإسنادهما، وما أظن أنهما يصلحان للاستشهاد بهما. ثم رأيت الحديث في "أوسط الطبراني" (1/ 226/ 1/ 3997) قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي قال:أخبرنا محمد بن أبي النعمان الكوفي قال: أخبرنا يزيد ابن الكميت قال: أخبرنا عمار بن سيف به. وقال: "لم يروه عن هشام بن عروة إلا عمار بن سيف، ولا عن عمار إلا يزيد بن الكميت، تفرد به محمد بن أبي النعمان". قلت: ولم أجده له ترجمة، وابن الكميت ضعيف جداً كما عرفت. ومن تابعه أشد ضعفاً منه، ومدار الطرق كلها على عمار بن سيف وهو ضعيف مع عبادته، وقد اختلف عليه في إسناده، فمنهم من رواه عنه عن إسماعيل عن ابن أبي أوفى، ومنهم من رواه عنه عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر أو عمرو، ومنهم من قال: عن ابن عمرو ولم يشك كما تقدم. ثم روى الحارث بسند جيد عن القاسم بن يزيد عن أبي عبد الله بن مرزوق أو ابن روق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عزمة من ربك، وعهد عهده إلي أن لا أتزوج إلى أهل بيت.."، الحديث نحوه. والقاسم بن يزيد، الظاهر أنه الذي في "التقريب": "شيخ لابن جريج مجهول، من السادسة" الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 وأبو عبد الله هذا لم أعرفه. 3041 - (إن الرجل المسلم ليصنع في ثلثه عند موته خيراً، فيوفي الله بذلك زكاته) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 78/ 2-79/ 1) من طريق عمرو بن شمر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع، عمرو بن شمر هذا كذاب. وقال ابن حبان: "رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات". وقال البخاري: "منكر الحديث" الحديث: 3041 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 3042 - (إن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة، فيقول: رب! أرحني ولو إلى النار) . ضعيف أخرجه أبو يعلي في "مسنده" (3/ 6/ 123) بلفظ: "إن الكافر ... "، وكذا ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (95/ 2) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 63/ 1) من طريق شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واللفظ له. ثم أخرجه (3/ 64/ 1) من طريق محمد بن إسحاق عن إبراهيم عن المهاجر عن أبي الأحوص به مرفوعاً، بلفظ: "إن الكافر ليحاسب يوم القيامة حتى يلجمه العرق، حتى إنه يقول: يا رب! أرحني ولو إلى النار". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ففي الوجه الأول: أبو إسحاق - وهو السبيعي - الحديث: 3042 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 مدلس على اختلاطه. وشريك - ابن عبد الله القاضي - وهو ضعيف لسوء حفظه. وفي الوجه الآخر: إبراهيم بن المهاجر وهو البجلي الكوفي؛ قال الحافظ: "صدوق لين الحفظ". ومحمد بن إسحاق مدلس أيضاً. وقد روي الحديث عن جابر مرفوعاً بنحوه، على اختلاف في متنه، وشدة ضعف في إسناده كما سأبينه فيما يأتي برقم (5011) . 3043 - (إن الله تعالى إذا أحب إنفاذ أمر؛ سلب كل ذي لب لبه) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (14/ 99) - وعنه ابن عساكر في "تاريخه" (18/ 1/ 2) -: أخبرنا أبو نعيم الحافظ: حدثنا أبو عمر لاحق ابن الحسين بن عمران بن محمد أبي الورد البغدادي: حدثنا أبو سعيد محمد ابن عبد الحكيم الطائفي - بها -: حدثنا محمد بن طلحة بن محمد بن مسلم الطائفي: حدثنا سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به. قلت وهذا موضوع، وهو مما شان به السيوطي "جامعه"، ساقه الخطيب في ترجمة لاحق هذا، وقال فيه: "حدث عن خلق لا يحصون من الغرباء والمجاهيل أحاديث مناكير وأباطيل". ثم روى عن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي أنه قال: الحديث: 3043 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 "كان كذاباً أفاكاً يضع الحديث عن الثقات ... ووضع نسخاً لأناس لا تعرف أساميهم في جملة رواة الحديث، مثل طرغال وطربال وكركدن وشعبوب، ولا نعلم رأينا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلة الدراية ... ولعله لم يخلف مثله من الكذابين إن شاء الله". قلت: وسعيد بن سماك؛ قال أبو حاتم: متروك الحديث. ومن دونه لم أعرفهما. 3044 - (إن الله إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائناً مخوناً، فإذا لم تلقه إلا خائناً مخوناً نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيماً ملعناً، فإذا لم تلقه إلا رجيماً ملعناً نزعت منه ربقة الإسلام) . موضوع أخرجه ابن ماجه (2/ 500-501) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته سعيد بن سنان وهو أبو مهدي الحنفي الحمصي، قال الدارقطني: "يضع الحديث". وقال الجوزجاني: "أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". وأما قول البوصيري في "الزوائد" (247/ 2) : "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف سعيد بن سنان، والاختلاف في اسمه". الحديث: 3044 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 ففيه أمور: الأول: أن الإسناد أسوأ حالاً مما ذكر، كما يتبين لك من كلمات الأئمة المذكورين. الثاني: أنه لا اختلاف في اسمه أصلاً، لعله اختلط عليه بغيره. الثالث: أنه لو ثبت هذا الاختلاف، لم يصح جعله علة لتضعيف الإسناد، كما لا يخفى على العارف بهذا الفن الشريف، فإن الرواة الذين اختلف في أسمائهم أكثر من أن يذكروا، ولم نعلم أحداً من أهل العلم أعل إسنادهم بالاختلاف في أسمائهم. 3045 - (إن الله إذا ذكر شيئاً تعاظم ذكره) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 94) - وعنه الديلمي (1/ 2/ 224) -: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الدراوردي - بمرو -: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي: حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث عن الحسين عن ابن بريدة: أن معاوية خرج من حمام حمص، فقال لغلامه: ائتني لبستي، فلبسها، ثم دخل مسجد حمص، فركع ركعتين، فلما فرغ إذا هو بناس جلوس فقال لهم: ما يجلسكم؟ قالوا: صلينا الصلاة المكتوبة، ثم قص القاص، فلما فرغ قعدنا نتذاكر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال معاوية: ما من رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أقل حديثاً عنه مني، إني سأحدثكم بخصلتين حفظتهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل على الناس فيقوم على رأسه الرجال يحب أن تكثر الخصوم عنده فيدخل الجنة". قال: وكنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فدخل المسجد، فإذا هو بقوم في المسجد قعود، الحديث: 3045 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما يقعدكم؟ " قالوا: صلينا الصلاة المكتوبة، ثم قعدنا نتذاكر كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي. قلت: الحسين وهو ابن واقد المروزي، لم يخرج له البخاري في "صحيحه" إلا تعليقاً، وفي حفظه ضعف يسير. وأبو معمر اسمه بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة التميمي المنقري البصري. ثقة من رجال الشيخين. وأحمد بن محمد بن عيسى القاضي هو ابن أبو العباس البرتي قاضي بغداد. وهو ثقة ثبت حجة؛ كما قال الخطيب (5/ 61) ، وليس من رجال الشيخين، بل هو من طبقتهما. والدراوردي هذا لم أجد له ترجمة، ولم يذكره السمعاني. وفي "تاريخ جرجان" للسهمي (403/ 852) : "أبو الفضل محمد بن أحمد بن حاتم الفرقدي الجرجاني، كان يترأس في وسط السوق، ويتفقه للشافعي، وكان له أفضال، توفي سنة ثماني عشرة وثلاث مئة". قلت: فلا أدري إذا كان هو هذا أو غيره. 3046 - (إن الله إذا رضي عن العبد أثنى عليه سبعة أضعاف من الخير لم يعلمها، وإذا سخط عليه أثنى عليه سبعة أضعاف من الشر لم يعلمها) . الحديث: 3046 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 منكر. رواه أحمد (3/ 38و40) ، وابن حبان (2515) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 196) ، وفي "الحلية" (1/ 370) عن دراج أبي السمح:سمعت أبا الهيثم يقول: سمعت أبا سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف دراج أبي السمح، قال الحافظ: "صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف". وأورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير". ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (2/ 83/ 926) ، وأبو يعلى (2/ 492/ 1331) ، والحارث بن أبي أسامة (ق131/ 2 -زوائده) - ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (1/ 510/ 874) -، وأبو نعيم أيضاً في "أخبار أصبهان" (2/ 196) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 342) من طريق أحمد، ثم قال: "لا يصح. قال أحمد: أحاديث دراج مناكير". 3047 - (إن الله أشد حمية للمؤمن من الدنيا من المريض أهله الطعام، والله أشد تعاهدأ للمؤمن بالبلاء من الوالد لولده بالخير) . ضعيف رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 146/ 1) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 277) ، وعنه ابن الجوزي في "جامع المسانيد" (103/ 1) - عن عمر بن بزيع:حدثنا الحارث بن الحجاج عن أبي معمر التيمي عن ساعدة بن سعد بن حذيفة: أن حذيفة كان يقول: ما من يوم أقر لعيني ولا أحب لنفسي من يوم آتي أهلي فلا أجد عندهم طعاماً، ويقولون: ما نقدر على قليل ولا كثير، وذلك الحديث: 3047 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ساعدة بن سعيد بن حذيفة لم أجد له ترجمة. ومن دونه ثلاثتهم مجهولون؛ كما في "اللسان". وقد روي بإسنادين آخرين عن حذيفة بلفظ: "إن الله ليتعاهد ..... ". وسيأتي برقم (3102) . 3048 - (إن الله اصطفى موسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 575) من طريق أحمد بن يحيى الحلواني: حدثنا محمد بن الصباح: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "صحيح على شرط البخاري". ووافقه الذهبي. قلت: لكن الحلواني هذا ليس من رجال البخاري. ولم أجد له ترجمة، فالسند ضعيف. والله أعلم. ثم رأيت الحديث موقوفاً، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 140/ 1) من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان به، وزاد: "واصطفى محمداً بالرؤية". لكن قيساً ضعيف لسوء حفظه، وتابعه حفص بن عمر العدني: أخبرنا موسى بن الحديث: 3048 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 سعد عن ميمون القناد عن عكرمة به موقوفاً. أخرجه الطبراني (3/ 143/ 2) . والعدني والقناد ضعيفان. وموسى بن سعد لم أعرفه، وفي "الجرح" (4/ 1/ 145) ": "موسى بن سعيد البصري، روى عن قتادة، روى عنه حفص بن عمر أبو عمر العدني". فالظاهر أنه هذا، وهو مجهول. 3049 - (إن الله أعطى موسى الكلام، وأعطاني الرؤية، فضلني بالمقام المحمود، والحوض المورود) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 221 - 222) عن بشر بن عبيد الدارسي عن موسى بن سعيد الراسبي عن قتادة عن سليمان بن قيس اليشكري عن جابر ابن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ بشر بن عبيد الدارسي كذبه الأزدي، وقال ابن عدي: "منكر الحديث عن الأئمة، بين الضعف جدأ". وساق له الذهبي - أحاديث، وقال فيها: "وهذه أحاديث غير صحيحة، فالله المستعان"، ثم ذكر أخر، وقال: "وهذا موضوع". الحديث: 3049 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر وحده، وقال المناوي بعدما عزاه للديلمي أيضاً: "وفيه محمد بن يونس الكديمي الحافظ، قال الذهبي: قال ابن عدي:اتهم بالوضع. وقال ابن الجوزي: الحديث موضوع؛ فيه الكديمي". 3050 - (إن الله أعطاني الليلة الكنزين: كنز فارس والروم، وأمدني بالملوك ملوك حمير الأحمرين، ولا ملك إلا لله، يأتون يأخذون من مال الله، ويقاتلون في سبيل الله. قالها ثلاثاً) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 272) عن يحيى بن أبي كثير عن أبي همام الشعباني قال: حدثني رجل من خثعم قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فوقف ذات ليلة، واجتمع عليه أصحابه، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير الشعباني هذا؛ فإنه مجهول كما قال الحسيني، وأقره الحافظ في "التعجيل". وأورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 455) ، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وروى بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن سعد مرفوعاً: "إن الله أعطاني فارس ونساءهم وأبناءهم وأسلابهم وأموالهم، وأعطاني الروم ونساءهم وأموالهم وأبناءهم، وأمدني بحمير". أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 28 -29) . الحديث: 3050 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 وبقية مدلس وقد عنعنه. 3051 - (إن الله أعطاني فيما من به علي، وقال: إني أعطيتك يا محمد فاتحة الكتاب من كنوز عرشي، ثم قسمتها بيني وبينك نصفين) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 1/ 222) عن صالح المري عن ثابت عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ صالح هذا - وهو ابن بشير - قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وقال الذهبي في "الضعفاء": "قال النسائي وغيره: متروك". وأخرج ابن نصر في "قيام الليل" (ص:69) عن خارجة عن عبد الله بن عطاء عن إسماعيل بن رافع عن الرقاشي، وعن الحسن عن أنس مرفوعاً بلفظ: "إن الله أعطاني السبع مكان التوراة، وأعطاني الراءات مكان الإنجيل، وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور، وفضلني بالحواميم والمفصل، ما قرأهن نبي قبلي". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ خارجة - وهو ابن مصعب بن خارجة أبو الحجاج السرخسي - قال الحافظ: "متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه". قلت: ومن فوقه مضعفون غير الحسن وهو البصري، ولكنه مدلس. الحديث: 3051 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 3052 - (إن الله عز وجل أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة، إن العمامة حاجزة بي الكفر والإيمان) . ضعيف جداً أخرجه الطيالسي في "مسنده" (154) : حدثنا الأشعث ابن سعيد: حدثنا عبد الله بن بسر عن أبي راشد الحبراني عن علي فقال: عممني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم غدير خم بعمامة سدلها خلفي، ثم قال: (فذكره) ، ورأى رجلاً يرمي بقوس فارسية، فقال: "ارم بها". ثم نظر إلى قوس عربية فقال: "عليكم بهذه وأمثالها ورماح القنا، فإن بهذه يمكن الله لكم في البلاد، ويؤيدكم في النصر". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، الأشعث هذا متروك وهو أبو الربيع السمان.وعبد الله بن بسر ضعيف وهو السكسكي. وهو غير عبد الله بن بسر النصري الصحابي الآتي. وقصة القوس الفارسية أخرجها الطبراني عن شيخه بكر بن سهل الدمياطي بإسناده عن عبد الله بن بسر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب إلى خيبر ... (الحديث) نحوه. قال الهيثمي (5/ 268) : "بكر بن سهل قال الذهبي: مقارب الحديث، وقال النسائي: ضعيف. وبقية رجاله رجال الصحيح، إلا أني لم أجد لأبي عبيدة عيسى بن سليم من عبد الله بن بسر سماعاً". وسيأتي (4499) ، وهو في "ضعيف سنن ابن ماجه" (562) . الحديث: 3052 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 3053 - (إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، فأنزل الحديد والنار والماء والملح) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 221) عن سيف بن محمد: حدثنا عبد الرحمن بن مالك التيمي عن عبد الله بن خليفة عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته سيف بن محمد وهو ابن أخت سيفان الثوري. قال الذهبي في "الضعفاء والمتروكين": "قال أحمد وغيره: كذاب". وقال الحافظ: "كذبوه". وروى الطبراني في "الكبير" - وفي "الأوسط" بعضه - عن أم هانىء قالت: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما لي لا أرى عندك من البركات شيئاً؟ " فقلت وأي بركات تريد؟ قال: "إن الله أنزل بركات ثلاثاً: الشاة، والنخلة، والنار". وقال الهيثمي (4/ 66) : "وفيه النضر بن حميد وهو متروك". الحديث: 3053 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 3054 - (إن الله تعالى باهى بالناس يوم عرفة عاماً وباهى بعمر ابن الخطاب خاصة) . باطل رواه الجرجاني (129) عن بكر بن سهل الدمياطي: حدثنا الحديث: 3054 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 عبد الغني بن سعيد: حدثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وذكره السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (ق36/ 1) من رواية ابن عساكر، وابن الجوزي في "الواهيات" بزيادة: "وما في السماء ملك إلا وهو يوقر عمر، وما في الأرض شيطان إلا وهو يفر من عمر". وهي عند ابن عدي في "الكامل" (385/ 1) عن بكر بن سهل به. أورده في ترجمة موسى بن عبد الرحمن وهو الثقفي الصنعاني وقال: "يعرف بأبي محمد الفسر، منكر الحديث". ثم ساق له أحاديث، هذا أحدها. ثم قال: "لا أعلم له أحاديث غير ما ذكرت، وهي بواطيل". وقال الذهبي: "ليس بثقة، قال ابن حبان فيه: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير". وبه أعله ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 192) . وبكر بن سهل ضعيف ولكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه رشدين بن سعد عن أبي حفص المكي عن ابن جريج به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 121/ 2) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 ورشدين ضعيف. وأبو حفص المكي لم أجد من ذكره. والشطر الأول من الحديث أخرجه ابن عدي أيضاً (36/ 2) من طريق بكر ابن يونس بن بكير الشيباني: حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة مرفوعاً. ذكره في ترجمة بكر هذا وقال: "عامة ما يرويه مما لا يتابع عليه. قال محمد بن إسماعيل (يعني: البخاري) : منكر الحديث". والحديث سرقه أحد الكذابين، وهو (عباد الكلبي) فركب عليه إسناداً من أهل البيت، وجعل (علياً) مكان (عمر) ! أخرجه الشجري في "الأمالي" (2/ 75) . وجزم الذهبي في ترجمة (عباد) أنه خبر كذب واتهمه به. وروي من حديث أبي هريرة، من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه به. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 61/ 1251) ، وقال: "تفرد به (عبد الله بن عبد الرحمن) ". قلت: وهو السمعي، وهو مجهول، وله حديث آخر منكر سيأتي برقم (7048) ، وأعله الهيثمي (9/ 70) بأبيه، وقد وثقه بعضهم، فالأولى إعلاله بابنه، ولكنه لا يعرفه، كما سترى في الحديث المشار إليه آنفاً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 3055 - (إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة، وكائناً خلافة ورحمة، وكائناً ملكاً عضوضاً، وكائناً عنوة وجبرية وفساداً في الأرض، يستحلون الفروج والخمور والحرير، وينصرون على ذلك، ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله) . منكر بهذا التمام أخرجه الطيالسي (رقم228) : حدثنا جرير بن حازم عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير ليث - وهو ابن أبي سليم - وهو ضعيف مختلط. ووقع في الأصل "ليث بن عبد الرحمن بن سابط"، وانطلى أمره على مرتبه الشيخ عبد الرحمن البنا الساعاتي فطبعه هكذا على الخطأ في "ترتيبه" (2592) ! قلت: والحديث مع ضعف سنده فإن قوله في آخره: "وينصرون على ذلك ... " منكر، بل باطل؛ لأنه ينافي النصوص القرآنية؛ كقوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم .... ) ، مع مخالفته لواقع حال المسلمين اليوم، والله المستعان. وأما سائر الحديث فهو صحيح، قد جاء من روايات أخرى. فشطره الأول قد صح من حديث حذيفة مرفوعاً نحوه. وهو مخرج في "الصحيحة" رقم (5) . وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً نحوه. أخرجه الباغندي في "مسند عمر" (ص6) . وأما استحلال الفروج وغيرها فثابت في "صحيح البخاري" وهو مخرج في المصدر المذكور رق (89و90) . الحديث: 3055 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 3056 - (إن الله تعالى أيدني بأربعة وزراء نقباء: اثنين من أهل السماء، واثنين من أهل الأرض، فقلنا: من الاثنان من أهل السماء؟ قال: جبريل وميكائيل. قلنا من الاثنان من أهل الأرض؟ قال: أبو بكر وعمر) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 121/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 160) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 298) من طريق عبد الرحمن ابن نافع - درخت -: حدثنا محمد بن مجيب عن وهيب بن الورد المكي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث وهيب لم نكتبه إلا من حديث عبد الرحمن بن نافع". قلت: وهو صدوق؛ كما قال أبو زرعة، وروى عنه كما في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 294) ، ولم يتفرد به كما يشعر كلام أبي نعيم؛ فقد تابعه محمد بن عبد الله الرازي البغدادي عند الخطيب، وإنما الآفة من شيخهما محمد بن مجيب - وهو الثقفي الصائغ الكوفي -؛ فإنه كذاب عدو لله؛ كما قال ابن معين. وقال أبو حاتم: "ذاهب الحديث". وله طريق أخرى يرويها عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض .... ". أخرجه البزار في "مسنده" (ص261 - زوائده) وقال: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وعبد الرحمن لين الحديث، قد اتهم بالكذب". الحديث: 3056 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 قلت بل جزم أبو داود بأنه كذاب. وقال مرة: " يضع الحديث ". وأقره الهيثمي في " المجمع " (9 / 51) على قوله الأول. وتابعه عمر بن أبي معروف المكي عن ليث به. أخرجه ابن عدي (244 / 1) وقال: " عمر هذا ليس يعرف، منكر الحديث ". وعنه أخرجه (بحشل) في " تاريخ واسط " (185) . ورواه سوار بن مصعب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به. أخرجه البغوي في " الجعديات " (ق 93 / 1) ، والحاكم (2 / 264) ، وابن عساكر (9 / 588 - المصورة) ، وضعفه الحاكم كما يأتي، وذلك لأن سواراً هذا متفق على ضعفه، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي وغيره: " متروك ". وقال الحاكم: " روى عن الأعمش وابن خالد المناكير، وعن عطية الموضوعات ". وأخرجه الحاكم من طريق عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا مختصراً بلفظ: " وزيراي من السماء جبرائيل وميكائيل، ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر " وقال: " صحيح الإسناد، وإنما يعرف هذا الحديث من حديث سوار بن مصعب عن عطية العوفي عن أبي سعيد، وليس من شرط هذا الكتاب "! ووافقه الذهبي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 قلت: وهذا من عجائبه فإن ابن عجلان هذا ليس خيراً من سوار، قال الذهبي نفسه في " الميزان ": " وقال ابن معين: ليس بشيء، كذاب. وقال مرة: كان يوضع له الحديث فيحدِّث به. وقال الفلاس: كذاب، وقال البخاري: منكر الحديث. . . . ". ثم إن سوار قد توبع. أخرجه الترمذي (2 / 292) من طريق تليد بن سليمان عن أبي الجحاف عن عطية به، مثل لفظ حديث ابن عباس. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "! كذا قال، وعطية ضعيف مدلس. وأبو الجحاف: اسمه داود بن أبي عوف التميمي؛ صدوق ربما أخطأ. وتليد بن سليمان: ضعيف؛ كما في " التقريب ". وقد روي من حديث أنس. يرويه الخليل بن زكريا: نا محمد بن ثابت قال: حدثني أبي ثابت البناني عنه مرفوعا نحوه. أخرجه ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (1 / 57 / 1) . والخليل هذا متروك. ومحمد بن ثابت البناني ضعيف. وبالجملة، فالحديث ضعيف. ليس في هذه الطرق ما يمكن تقويته بها لشدة ضعفها. والله أعلم. وروي من حديث بي ذر مختصراً بلفظ: " إن لكل نبي وزيرين، ووزيراي أبو بكر وعمر ". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44/ 65) من طريق أحمد بن علي الموصلي (وهو أبو يعلى صاحب "المسند") : أخبرنا سهل بن زنجلة الرازي: حدثنا عبد الرحمن بن عمر: أخبرنا محمد بن علي بن الحسين الأزدي: حدثني الحسن عن الأحنف بن قيس عنه، (فذكره) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن - وهو البصري - مدلس، وقد عنعنه، واللذان دونه لم أعرفهما، وعبد الرحمن بن عمر يحتمل أن (عمر) محرف (مغراء) ؛ فقد ذكروه في شيوخ سهل، وهما صدوقان. والله أعلم. 3057 - (إن لله تعالى ملكاً ينادي عند كل صلاة: يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فأطفئوها) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (14/ 2) ، وعنه أبو نعيم في "الحاية" (3/ 42) ، وابن بشران في الكراس الأخير من الجزء الثلاثين (ق1/ 1-2) ، ويحيى بن منده في "أحاديثه" (91/ 2) عن يحيى بن زهير القرشي: حدثنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن ابن عون إلا أزهر تفرد به يحيى". قلت: وهو مجهول، لم يذكره أحد حتى ولا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"! والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" للطبراني في "الأوسط" والضياء. كذا في "الجامع الصغير" لكن وقع فيه (طب) أي الطبراني في "الكبير"، وكذلك وقع في "الفتح الكبير" ولعله محرف؛ فقد قال الهيثمي (1/ 299) : الحديث: 3057 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" وقال: تفرد به يحيى بن زهير القرشي. قلت: ولم أجد من ذكره". وأما ما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال: "فيه أبان بن أبي عياش ضعفه شعبة وأحمد ويحيى"؛ فهو من أوهامه، وإنما أعل الهيثمي بأبان هذا حديثاً آخر عقب هذا، انتقل نظر المناوي إليه حين النقل. وجل من لا يسهو ولا ينسى. وأما قول المنذري في "الترغيب" (1/ 638) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" وقال: "تفرد به يحيى بن زهير القرشي"، قال الحافظ: ورجال إسناده كلهم محتج بهم في (الصحيح) ". كذا قال، وهو خطأ ظاهر نعرفه مما سبق، اغتر به الشيخ عبد الله الغماري في كتابه الذي أسماه "الكنز الثمين" وادعى أنه جرد فيه الأحاديث الصحيحة من "الجامع الصغير" و "الترغيب" وغيرهما. وهو فيه مقلد لهما غير محقق. ولعله سقط من كلام المنذري استثناء القرشي المذكور من كليته المذكورة، وحينئذ يستقيم الكلام. 3058 - (ستة مجالس ما كان المسلم في مجلس منها إلا كان ضامناً على الله عز وجل: في سبيل الله عز وجل، وفي مسجد جماعة، أو عند مريض، أو تبع جنازة، أو في بيته، أو عند إمام مقسط يعزره ويوقره لله عز وجل) . ضعيف رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (43/ 2) : حدثنا عبد الله بن يزيد: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. الحديث: 3058 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 وأخرجه البزار (49) : حدثنا سلمة: حدثنا عبد الله بن يزيد به. قلت: هذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - وهو الإفريقي - ضعيف كما تقدم مراراً. وقال المنذري (1/ 132) : "رواه الطبراني في "الكبير"، والبزار، وليس بذاك، لكن روي من حديث معاذ بإسناد صحيح، ويأتي في (الجهاد) وغيره". قلت: حديث معاذ المشار إليه بلفظ: "خمس من فعل واحدة منهن ... "، فذكر الست إلا: "مسجد جماعة"، ولم أجد لهذه الزيادة شاهداً. والله أعلم. 3059 - (المشاؤون إلى المساجد في الظلم أولئك الخواضون في رحمة الله عز وجل) . ضعيف رواه ابن ماجه (779) ، وابن عدي (8/ 1) ، وابن عساكر (15/ 28/ 2) عن إسماعيل بن عياش: حدثنا أبو رافع إسماعيل بن رافع عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن رافع.وكذا إسماعيل بن عياش؛ فإنه وإن كان في نفسه ثقة فحديثه عن غير الشاميين ضعيف، وهذا منه؛ فإن ابن رافع مدني. والحديث عزاه المنذري (1/ 130) لابن ماجه وحده، وأعله بابن رافع فقط! الحديث: 3059 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 3060 - (من ألف المساجد ألفه الله) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (24/ 2 من ترتيبه) ، وابن عدي (212/ 1) عن عمرو بن خالد الحراني: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا دراج عن أبي الهيثم الحديث: 3060 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، وقال الطبراني: "لم يروه عن دراج إلا ابن لهيعة تفرد به عمرو". قلت: وهو ثقة من رجال البخاري، والعلة ممن فوقه؛ فإن ابن لهيعة ودراجاً ضعيفان. وأعله المنذري في "الترغيب" (1/ 132) بابن لهيعة فقط! 3061 - (إن الله عز وجل أيدني بأشد العرب ألسناً وأذرعاً؛ بابني قيلة: الأوس والخزرج) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 143/ 2) : حدثنا محمد بن عبد الله القرمطي العدوي: أخبرنا محمد بن عبد العزيز الماوردي: حدثنا زياد بن سهل: حدثني بشر بن حجل عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: هذا إسناد ضعيف مظلم؛ فقد ترجمه الخطيب (5/ 434) ثم السمعاني ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3061 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 3062 - (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق به بين الحق والباطل) . ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3/ 270) : أخبرنا أحمد بن محمد بن الأزرق المكي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حسن عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف ومعضل؛ فإن أيوب بن موسى الظاهر أنه أبو الحديث: 3062 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 موسى المكي، ويحتمل أنه أيوب بن موسى أبو كعب السعدي البلقاوي،وكلاهما ثقة. ولكنهما من أتباع التابعين، فهو معضل، وليس كما قال السيوطي في "الزيادة" (36/ 2) . ثم إن عبد الرحمن بن حسن - وهو الزجاج أبو مسعود الموصلي - قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 227) عن أبيه: "يكتب حديثه، ولا يحتج به". لكن الشطر الأول من الحديث صحيح مخرج في "المشكاة" (6042) . وأما الشطر الآخر فلم أجد له شاهداً معتبراً؛ ولذلك أوردته هنا، فقد أخرج أبو نعيم في "الحلية" (1/ 40) من طريق إسحاق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال: "سألت عمر رضي الله عنه: لأي شيء سميت الفاروق؟ قال..". قلت: فذكر قصة إسلامه رضي الله عنه، وخروجه على المشركين معلناً إسلامه، وفيها قوله: "فسماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ الفاروق، وفرق به بين الحق والباطل". وإسحاق بن عبد الله - وهو ابن أبي فروة - متروك شديد الضعف، فلا يفرح بحديثه. 3063 - (إن الله عز وجل جعل لكل نبي شهوة، وإن شهوتي في قيام هذا الليل، إذا قمت فلا يصلين أحد خلفي. وإن الله جعل لكل الحديث: 3063 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 نبي طعمة، وإن طعمتي هذا الخمس، فإذا قبضت فهو لولاة الأمر من بعدي) . ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 166/ 2) من طريق إسحاق بن عبد الله بن كسيان عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالساً ذات يوم، والناس حوله، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إسحاق بن عبد الله بن كيسان قال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن حبان في ترجمة أبيه عبد الله: "يتقى حديثه من رواية ابنه عنه". وأبوه يكنى أبو مجاهد المروزي، قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً". 3064 - (إن الله جعل السلام تحية لأمتنا، وأماناً لأهل ذمتنا) . ضعيف رواه البيهقي في "الشعب" (6/ 436/ 8798) ، وابن عساكر (13/ 333/ 1) من طريق الطبراني - وهو في "المعجم الكبير" (8/ 129/ 7518) و "الأوسط" (4/ 298/ 3210) -: أخبرنا بكر بن سهل: أخبرنا عمرو بن هاشم البيروتي: أخبرنا إدريس بن زياد الألهاني عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة أنه كان يسلم على كل من لقيه. قال: فما علمت أحداً يسبقه بالسلام إلا يهودياً مرة اختبأ له خلف أسطوانة فخرج فسلم عليه، فقال له أبو أمامة: ويحك يا يهودي! ما حملك على ما صنعت؟ قال: رأيتك رجلاً تكثر السلام فعلمت أنه الحديث: 3064 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 فضل فأحببت أن آخذ به، فقال أبو أمامة: ويحك! سمعت رسول الله صلي عليه وسلم يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إدريس بن زياد الألهاني، لم أجد له ترجمة.ويحتمل أنه الذي في "اللسان": "إدريس بن زياد الكفرتوثي أبو الفضل وأبو محمد. ذكره الطوسي، وقال: ثقة من رجال الشيعة، أدرك أصحاب جعفر الصادق .... ". وعمرو بن هاشم البيروتي صدوق يخطىء، كما قال الحافظ. وبكر بن سهل ضعيف، كما قال النسائي. والحديث أورد منه الهيثمي (8/ 29) المرفوع فقط، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه (كأنه يعني: إدريس بن زياد الألهاني) ، وعمرو بن هاشم البيروتي وثق، وفيه ضعف". 3065 - (إن الله جعل للزرع حرمة غلوة بسهم) . ضعيف جداً رواه يحيى بن آدم في "الخراج" رقم (325) ، وعنه البيهقي (6/ 156) ، وكذا الخطيب في "الموضح" (1/ 134) : حدثنا ابن مبارك عن معمر عن إسماعيل بن أبي سعيد قال: سمعت عكرمة يقول: ... فذكره مرفوعاً مرسلاً. قال يحيى: والغلوة: ما بين ثلاث مئة ذراع وخمسين إلى أربع مئة. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع إرساله فيه إسماعيل بن أبي سعيد وهو إسماعيل بن شروس الصنعاني كما حققه الخطيب هنا ونقله في أول كتابه الحديث: 3065 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 عن الدارقطني. قال البخاري: "قال معمر: كان يضع الحديث". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (6/ 31) ! وكذلك صنع ابن شاهين (51/ 10) ! وكأنهما لم يقفا على قول معمر فيه. والله أعلم. 3066 - (إن الله جعلها لك لباساً، وجعلك لها لباساً، وأهلي يرون عريتي - وفي لفظ: عورتي - وأنا أرى ذلك منهم) . ضعيف أخرجه ابن سعد (3/ 394) ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص116 - زوائده) من طريق الإفريقي عن سعد بن مسعود [الكندي] وعمارة بن غراب اليحصبي: أن عثمان بن مظعون أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إني لا أحب أن ترى امرأتي عريتي - وفي رواية: عورتي - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولم"؟ قال: أستحيي من ذلك وأكرهه. قال: (فذكره) ، قال: أنت تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: "نعم"، قال: فمن بعدك؟! فلما أدبر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ابن مظعون لحيي ستير". قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، وسعد بن مسعود هو التجيبي المصري ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 2/ 94) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، روى عن عبد الرحمن بن حيويل التابعي. وعمارة بن غراب اليحصبي قال الحافظ: "تابعي مجهول، غلط من عده صحابياً". الحديث: 3066 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 والإفريقي اسمه عبد الرحمن بن زياد، وهو ضعيف. 3067 - (إن الله - جل وعلا - جعل هذا الشعر نسكاً، وسيجعله الظالمون نكالاً) . ضعيف أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص85 -86) ، وابن عساكر في "تاريخه" (13/ 101/ 2) من طريق يزيد بن يحيى أبي خالد القرشي قال: حدثني عمر بن خيران الجذامي وعثمان بن داود قالا: "كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبيدة بن عبد الرحمن السلمي بأذربيجان: إنه بلغني أنك تحلق الرأس واللحية، وإنه بلغني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) ، فإياي والمثلة: جز الرأس واللحية؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المثلة". قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ يزيد بن يحيى هذا قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 297) . "سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بقوي الحديث". لكن ثبت منه (النهي عن المثلة) عن جمع من الصحابة، وهو مخرج في "الإرواء" (2230) . الحديث: 3067 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 3068 - (إن الله حرم الجنة على كل مراء، ليس البر في حسن اللباس والزي، ولكن البر السكينة والوقار) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 227 - 228) من طريق أبي نعيم عن أبي الشيخ عن هارون بن عمران: حدثنا سليمان بن أبي داود عن عطاء عن أبي سعيد مرفوعاً. الحديث: 3068 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 قلت: وهذا إسناد ضعيف، سليمان هذا قال ابن القطان: "لايعرف". وقال الذهبي: لعله (بومة) . يعني: سليمان بن أبي داود الحراني. قلت: وهو ضعيف اتفاقاً. 3069 - (إن الله عز وجل يحب الفضل في كل شيء حتى في الصلاة) . ضعيف جداً رواه ابن عساكر (15/ 364/ 1) عن مقدام بن داود بن تليد الرعيني: حدثنا عثمان بن صالح السهمي: حدثنا عبد الله بن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا سند واه جداً؛ ابن لهيعة ضعيف. ومقدام بن داود قال النسائي: "ليس بثقة". والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي! الحديث: 3069 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 3070 - (إن الله عز وجل حرم هذا البلد يوم خلق السماوات والأرض، وصاغه حين صاغ الشمس والقمر، وما حياله من السماء حرام، وإنه لم يحل لأحد قبلي، وإنه أحل لي ساعة من نهار، ثم عاد كما كان) . منكر بهذا السياق أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 123/ 1 - خط الحديث: 3070 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 / 4/ 160/ 3866 - ط) وفي "الكبير" (3/ 106/ 1 - خط/ 11/ 48/ 11003 - ط) : حدثنا علي بن سعيد الرازي:حدثنا أبو حسان الزيادي: حدثنا شعيب ابن صفوان عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) ، فقيل له: هذا خالد بن الوليد يقتل، فقال: "قم يا فلان فائت خالد بن الوليد فقلب له: فليرفع يده من القتل"، فأتاه الرجل، فقال له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اقتل من قدرت عليه"! فقتل سبعين إنساناً، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فأرسل إلى خالد فقال: "ألم أنهك عن القتل"؟! فقال: جاءني فلان فأمرني أن أقتل من قدرت عليه! فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألم آمرك أن تأمر خالداً أن لا يقتل أحداً"؟! فقال: أردت أمراً، وأراد الله أمراً، وكان أمر الله فوق أمرك، وما استطعت إلا الذي كان! فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما رد عليه شيئاً. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا شعيب". قلت: وهو مختلف فيه، قال الذهبي: "قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال أحمد: لا بأس به. وقال ابن عدي [ (191/ 2) ] :عامة ما يرويه لا يتابع عليه". وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة، وقد تفرد به كما قال الطبراني، فهو ضعيف. وشيخه عطاء بن السائب كان اختلط، وبه - فقط - أعله الهيثمي (3/ 284) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 وعلي بن سعيد الرازي ثقة فيه كلام. ولم يعزه الهيثمي لـ "كبير الطبراني"، وإنما إلى "الأوسط" فقط، وقد أخرجه في "الكبير" (3/ 129/ 2و140/ 2) من طرق أخرى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به، دون ذكر الشمس والقمر والسماء والعودة. وهو كذلك عند البخاري والبيهقي كما في "الإرواء" (1057) ، فالحديث بهذه الزيادات منكر. 3071 - (إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذريته فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل: يا رسول الله! ففيم العمل؟ فقال: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخله النار) . ضعيف رواه مالك في "الموطأ" (2/ 898/ 2) ، وعنه أحمد (1/ 44 -45) ، وكذا أبو داود (4703) ، والترمذي (2/ 180) ، وابن حبان (1804) ، والحاكم (1/ 27) ، وابن عساكر (9/ 398/ 1) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (195) عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار الجهني: أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ... ) الآية (172/ الأعراف) ؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عنها؟ فقال: ... فذكره. الحديث: 3071 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 وقال الترمذي: "حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلاً مجهولاً". وأما الحاكم فقال: "صحيح على شرطهما"! ولم يرد الذهبي إلا بقوله: "قلت: فيه إرسال". وفيه أن مسلم بن يسار هذا، ليس من رجال الشيخين، ثم إنه لا يعرف، فقد قال الذهبي نفسه في ترجمته من "الميزان": "تفرد عنه عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب" وهذا معناه أنه مجهول. ثم رواه أبو داود (4704) ، وابن أبي عاصم (200) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 97) ، وابن عساكر من طريقين آخرين عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل فسأله عن هذه الآية (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) (172/ الأعراف) ، فقال عمر: كنت عند نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ... ؛ فذكر مثل حديث مالك. ونعيم بن ربيعة هذا لا يعرف كما قال الذهبي، وهو الرجل المجهول الذي أشار إليه الترمذي آنفاً، فهو علة الحديث. وقد نقل الحافظ ابن كثير في "تفسيره" عن الإمام الدارقطني أنه صوب هذه الرواية على رواية مالك المنقطعة ثم قال: "قلت: الظاهر أن الإمام مالكاً إنما أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمداً، لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، ولذلك يسقط ذكر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيراً من المرفوعات، ويقطع كثيراً من الموصولات". قلت: وهذه فائدة عزيزة هامة من قبل هذا الحافظ النحرير. فعض عليها بالنواجذ. وفي أخذ الذرية من صلب آدم أحاديث أخرى صحيحة أخصر من هذا، وقد خرجت بعضها في "الصحيحة" (48-50) ، وليس في شيء منها مسح الظهر إلا في حديث لأبي هريرة مخرج في "ظلال الجنة" (204-205) ، وفي كلها لم تذكر الآية الكريمة. 3072 - (إن الله خلق آدم من طينة الجابية، وعجنه بماء من ماء الجنة) . موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/ 281) ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 190) بسنده عن الوليد بن مسلم عن إسماعيل ابن رافع عن المقبري عن هريرة مرفوعاً. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 297) : "سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقال: "هذا حديث منكر". قلت: وعلته إسماعيل هذا - وهو المكي -؛ فإنه ضعيف. وبه أعله ابن الجوزي فقال: "حديث لا يصح، وإسماعيل بن رافع ضعفه أحمد ويحيى، والوليد كان مدلساً لا يوثق به. وقد صح عن رسول الله أنه قال: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض". قلت: وهذه حجة قاطعة في إبطال حديث الترجمة، أعرض السيوطي عنها الحديث: 3072 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 في "اللآلي" (1/ 162) ، وقعقع حول ترجمة (إسماعيل) محاولاً توثيقه وهيهات! والحديث المذكور مخرج في "الصحيحة" (1630) . والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية ابن مردويه عن أبي هريرة. 3073 - (إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيرهم بيتاً وخيركم نفساً) . ضعيف رواه الترمذي (2/ 281) ، والفسوي في "المعرفة" (1/ 499) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (10/ 2/ 2) عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث عن عبد المطلب بن أبي وداعة قال: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فقال: "من أنا؟ " قالوا: أنت رسول الله. فقال: "أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله ... ". وأخرجه الدولابي في "الكنى" (1/ 3) من هذا الوجه إلا أنه قال: عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وهو الصواب. وقال الترمذي: "حديث حسن". كذا قال! ويزيد بن أبي زياد وهو الهاشمي مولاهم قال الحافظ: "ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن". قلت: وقد اضطرب في إسناده، فرواه هكذا، وقال مرة: عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله ... الحديث نحوه. الحديث: 3073 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 أخرجه الترمذي أيضاً. ومرة قال: عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب عن ربيعة قال: ... فذكره نحوه. أخرجه الحاكم (3/ 247) وسكت عليه هو الذهبي! 3074 - (إن الله عز وجل خلق في الجنة ريحاً بعد الريح بسبع سنين، وإن من دونها باباً مغلقاً، وإنما تأتيكم الريح من خلل ذلك الباب، ولو فتح لأذرت ما بين السماء والأرض من شيء وهي عند الله الأزيب، وهي فيكم الجنوب) . موضوع رواه الحميدي في "المسند" (رقم129) قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني يزيد بن جعدبة الليثي: أنه سمع عبد الرحمن بن مخراق يحدث عن أبي ذر مرفوعاً. وكذا رواه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 347/ 1102) ، والبزار (2088) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 214 - 215) ، والقاسم السرقسطي في "الغريب" (2/ 139/ 1) ، والمحاملي في "الأمالي" (ج8 رقم30) ، والثقفي في "الثقفيات" (ج2 رقم15) ، البيهقي في "السنن" (3/ 364) ، وعبد الغني المقدسي في "الثالث والتسعون من تخريجه" (43/ 1) ، كلهم عن سفيان به. وقال الذهبي في "المهذب" (1/ 271/ 2) : "قلت: إسناد صالح، ولم يخرجوا لابن مخارق شيئاً". كذا قال، وهو وهم فاحش من مثله رحمه الله تعالى، فإن يزيد بن جعدبة الحديث: 3074 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 الليثي مجهول الحال، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 255) برواية اثنين أحدهما عمرو هذا، والآخر أبو العميس أخو المسعودي، لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال: "وهو جد يزيد بن عياض". كذا قال، وهو عندي بعيد؛ فإن يزيد هذا هو ابن عياض بن يزيد بن جعدبة الليثي، يؤخذ من ترجمته إنه من أتباع التابعين، فإنه روى عن الأعرج وسعيد المقبري ونافع وغيرهم، فهو من طبقة يزيد بن جعدبة صاحب هذا الحديث؛ فإنه يرويه عن التابعي عبد الرحمن بن مخراق كما ترى، فالظاهر أنهما واحد، وأن عمرو بن دينار بن جعدبة، هو يزيد بن عياض" ذكره الذهبي وتعقبه بقوله: "قلت: ما أظن إلا أن هذا آخر قديم لعله جد صاحب الترجمة". يعني: يزيد بن عياض، ولم يذكر شيئاً يؤيد به ظنه هذا. وما ذكرته من اتحاد طبقتهما يدل على أنهما واحد، ونسبة الراوي إلى جده أمر معروف معهود في الأسانيد. وإذا كان الأمر كذلك فهو واه جداً؛ فقد كذبه مالك وغيره، وقال البخاري وغيره: "منكر الحديث". وعبد الرحمن بن مخراق في عداد المجهولين؛ فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان (3/ 158) ، وأورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 285) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال: "روى عنه عمرو بن دينار". كذا قال! ولعله سبق قلم؛ فإن بينهما يزيد بن جعدبة كما ترى، وقد قال ابن حبان: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 "روى عن يزيد بن عياض بن جعدبة". وفي قوله هذا إشارة إلى أن (يزيد بن جعدبة) هو عنده ابن عياض بن جعدبة، فهو موافق لما تقدم عند ابن عدي، وهو ظاهر كلام ابن أبي حاتم في "العلل"، لكن في النسخة سقط لا يمكن الجزم به من أجل ذلك. والله أعلم. وذكر أن ابن الطباع رواه عن سفيان بن عيينة موقوفاً على أبي ذر. وقال: إنه خطأ من ابن الطباع، والصواب مرفوع، خلافاً لأبيه، فإنه رجح الموقوف! قلت: وسواء كان الراجح المرفوع أو الموقوف، فإنه لا يصح؛ لأن مداره على يزيد هذا، وقد أشار إلى ذلك البزار، فإنه قال عقبه: "لا نعلم أحداً رواه إلا أبو ذر، وليس له إلا هذا الطريق". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 135) : "رواه البزار، وفيه يزيد بن عياض بن جعدبة، وهو كذاب". وتبعه تلميذه الحافظ ابن حجر فقال في "زوائد البزار على المسند" (ص254) : "ويزيد بن جعدبة كذاب". ويمكن أن يكون هذا من كلام الهيثمي نفسه، لأن الحافظ لم يصدره بقوله: "قلت" كما نص عليه في المقدمة، ولكني لما لم أره في "كشف الأستار" للهيثمي عزوته للحافظ، وليس ذلك ببعيد عنه، فقد قال في "التقريب": "يزيد بن عياض بن جعدبة - بضم الجيم والمهملة، بينهما مهملة ساكنة - الليثي أبو الحكم المدني، نزيل البصرة، وقد ينسب لجده، كذبه مالك وغيره". وهو ظاهر كلام البخاري فإنه قال عقب الحديث - وقد رواه عن علي ابن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 المديني عن سفيان -: فرأيت رجلاً من ولد يزيد بن جعدبة، كان قدم عليكم البصرة،وكان [عنده] أحاديث الأعرج. قلت: لسفيان: قال بعضهم: نرى أنه يزيد بن فلان بن يزيد بن جعدبة. ويزيد بن جعدبة هو جده (لعل الصواب: جد) الذي كان عندكم. قال علي: وهو يزيد بن عياض". قلت: يتضح من هذا الذي ذكره البخاري أمران: الأول: أن يزيد بن جعدبة الذي رأى بعضهم أنه صاحب هذا الحديث والذي كان قدم عليهم البصرة متأخر عن هذا، بل هو حفيده، ولذلك أنكر ذلك سفيان وذكر أنه رآه في طريق مكة، وجزم أن يزيد بن جعدبة صاحب هذا الحديث ليس هو البصري هذا بل هو جده. وهذا هو الذي لا يظهر غيره؛ إذ يبعد جداً أن يروي عنه من كان في طبقة من رآه ابن المديني. والآخر: جزم علي بن المديني بأن يزيد بن جعدبة الذي في إسناد هذا الحديث هو يزيد بن عياض، وهذا موافق لما تقدم عن ابن عدي وغيره من الحفاظ الذين سبق ذكرهم. ومما سبق من التحقيق تبين صواب جزم الهيثمي بأنه يزيد بن عياض بن جعدبة وأنه كذاب. وأن الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي كان واهماً في تخطئته إياه في تعليقه على "كشف الأستار" وعلى "مسند الحميدي". ومن الغريب أنه أحال في تبيين ما ادعاه من التخطئة على "تاريخ البخاري"، وهو حجة عليه لو كان تفهمه وتبين مراده منه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 وخلاصة القول أن الحديث موضوع؛ لما عرفت من حال ابن جعدبة، وجهالة شيخه عبد الرحمن بن مخراق. والله أعلم. 3075 - (إن الله سيمنع هذا الدين بنصارى من ربيعة على شاطىء الفرات) . ضعيف رواه النسائي في "السير" (5/ 235 -236) ، والبزار (1723 - كشف) ، والطبراني في "التهذيب" (1/ 177/ 381) ، وأبو يعلى (1/ 69) ، وعنه الضياء في "المختارة" (1/ 94) ، وابن عساكر (7/ 127/ 2 و264/ 2) عن يحيى بن أبي بكير: حدثنا عبد الله بن عمر القرشي قال: حدثني سعيد بن عمرو ابن سعيد: أنه سمع أباه يزعم يوم المرج يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... (فذكرالحديث) ما تركت عربياً إلا قتلته أو يسلم. قلت وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن عمر القرشي مجهول. وقال النسائي - بعد تخريجه لهذا الحديث -: "لا أعرفه". الحديث: 3075 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 3076 - (إن الله شفاني، وليس برقيتكم) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 106/ 1) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن جبلة بن الأزرق - وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى جنب جدار كثير الأحجرة - صلى ظهراً أو عصراً - فلما جلس في الحديث: 3076 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 الركعتين خرجت عقرب فلدغته، فغشي عليه، فرقاه الناس، فلما أفاق قال: ... فذكره. ورواه ابن سعد في "الطبقات" (7/ 432) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - قال الحافظ: "صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة". وبكر بن سهل ضعيف كما قال النسائي، وتقدم مراراً. 3077 - (إن الله قتل أبا جهل، فالحمد لله الذي صدق وعده، وأعز دينه) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (47) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أمية بن خالد قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قال: "رواه الناس عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة مرسل". قلت: لكن تابعه سفيان عن أبي إسحاق به مسنداً عن ابن مسعود به مطولاً، إلا أنه لم يذكر فيه قوله: "إن الله قتل أبا جهل" مرفوعاً، بل ذكر معناه موقوفاً على ابن مسعود، وهكذا هو في "المسند" (1/ 306 و422) عن أمية بسنده المتقدم ولفظه: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن الله عز وجل قد قتل أبا جهل، فقال: "الحمد لله الذي نصر عبد هـ، وأعز دينه". وهكذا أخرجه الطبراني (3/ 11/ 2) من طرق عن أمية. الحديث: 3077 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 ورجاله كلهم ثقات، لكن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، فهو منقطع. وقال ابن كثير في "تاريخه" (3/ 289) : "ورواه أبو داود والنسائي من حديث أبي إسحاق السبيعي به". 3078 - (إن الله كره لكم ثلاثاً: اللغو عند القرآن، ورفع الصوت في الدعاء، والتخصر في الصلاة) . ضعيف رواه ابن مبارك في "الزهد" (رقم1560) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (2/ 275/ 3343) قالا: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه معضل. وقد وصله الديلمي (1/ 2/ 234 -235) من طريق اليمان بن سعيد: حدثنا الوليد بن عبد الرحيم السهمي - قاضي الصعيد (كذا!) - حدثنا معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف. فيه علل: 1- أبو الزبير مدلس وقد عنعنه. 2- الوليد هذا لم أعرفه. 3- اليمان بن سعيد، قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني وغيره، ولم يترك". الحديث: 3078 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 3079 - (إن الله تعالى كره لكم العبث في الصلاة، والرفث في الصيام، والضحك عند المقابر) . ضعيف رواه ابن مبارك في "الزهد" (رقم1557) : أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: أخبرني عبد الله بن دينار وسعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه القضاعي (90/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وعبد الله بن دينار إن كان هو المدني فهو ثقة، فرواية إسماعيل عنه ضعيفة، وإن كان هو الحمصي البهراني فهو نفسه ضعيف، ومثله سعيد بن يوسف وهو الزرقي الرحبي، وهو من صنعاء دمشق. والحديث أورده السيوطي من رواية سعيد بن منصور عن يحيى بنأبي كثير مرسلاً به أتم منه بلفظ: " ... كره لكم ستاً ... " فذكر هذه الثلاث: "والمن في الصدقة، ودخول المساجد وأنتم جنب، وإدخال العيون البيوت بغير إذن". الحديث: 3079 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 3080 - (إن الله عز وجل لما خلق الدنيا أعرض عنها فلم ينظر إليها؛ من هوانها عليه) . موضوع رواه ابن عساكر (7/ 47/ 2) عن أبي بكر الداهري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين مرفوعاً. قلت: وهذا مع إرساله فإن أبا بكر الداهري كذاب روى الموضوعات، ولهذا قال الذهبي: "ليس بثقة ولا مأمون"، ومع ذلك فقد أورد الحديث السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية ابن الحديث: 3080 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 عساكر هذه! وبيض له المناوي، فكأنه لم يقف على سنده، وتبعه الشيخ الغماري فلم يورده في "المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير". وروى ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (5/ 1-2) بسند رجاله ثقات عن موسى بن يسار: أنه بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا، وإنه لم ينظر إليها منذ خلقها". وهذا معضل؛ فإن موسى بن يسار وهو الأردني يروي عن نافع مولى ابن عمر ومكحول الشامي وطبقتهما. وقد وصله الديلمي (1/ 2/ 235) من طريق الحاكم عن داود بن المحبر: حدثنا الهيثم بن جماز عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به. ولفظه: "إن الله لم يخلق خلقاً هو أبغض إليه من الدنيا، وما نظر إليها منذ خلقها؛ بغضاً لها". وهذا موضوع أيضاً آفته داود بن المحبر؛ فإنه متهم بالوضع، أو شيخه الهيثم بن جماز؛ فإنه متهم بالكذب. 3081 - (إن الله تعالى لما خلق الدنيا نظر إليها ثم أعرض عنها ثم قال: وعزتي لا أنزلتك إلا في شرار خلقي) . ضعيف رواه ابن عساكر (15/ 439/ 1) عن علي بن الحسين الصابوني: حدثنا أحمد بن سعيد الأسدي: حدثنا محمد بن كثير أبو إسماعيل الكوفي قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب بجنازة فذكر الدنيا وذمها فقال: والله لقد حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 3081 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 أورده في ترجمة محمد بن كثير هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومن دونه لم أعرفهما. 3082 - (إن الله عز وجل لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع، ألا وإني ممسك بحجزكم أن تهافتوا في النار كما يتهافت الفراش والذباب) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 390 و424) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 81/ 1) من طريق المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد ة النهدي عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن المسعودي كان اختلط، وقد اضطرب في إسناده على وجوه: الأةل: هذا. الثاني: قال: عن عثمان الثقفي أو الحسن بن سعد، شك المسعودي. أخرجه أحمد. الثالث: قال: حدثنا أبو المغيرة عن الحسن بن سعد. أخرجه أحمد. والاضطراب دليل قلة الضبط وعدم الحفظ للحديث، هذا إذا كان من ثقة، فكيف من مختلط! والشطر الثاني من الحديث صحيح، أخرجه البخاري (4/ 227) ، ومسلم (7/ 64) ، والترمذي (2/ 143) ، وأحمد (2/ 244 و312و539 -540) من طرق عن أبي هريرة نحوه. ومسلم وأحمد (3/ 361و392) عن جابر. الحديث: 3082 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 ورواه الطبراني (7/ 324/ 7100) من طريق سليمان بن موسى: حدثنا جعفر ابن سعد: حدثني خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن سمرة بن جندب مرفوعاً مختصراً بلفظ: "ليس منكم رجل أنا ممسك بحجزته أن يقع في النار". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مجهولان وضعيف، وقد سبق الكلام عليه في حديث آخر برقم (1762) . 3083 - (إن الله عز وجل لم يكتب علي الليل صياماً، فمن صام فقد تعنى، ولا أجر له) . ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 225 -226) ، والدولابي في "الكنى" (1/ 35) ، وكذا الترمذي في "العلل المفردة"، وابن أبي داود في "الصحابة"، وابن قانع، وأبو أحمد في "الكنى" (ق2-2/ 1) ، والشيرازي في "الألقاب"، وابن منده من طريق أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي عن معقل الكناني (وقال بعضهم: الكندي) عن عبادة بن نسي عن أبي سعد (وقال بعضهم: أبي سعيد) الخير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال ابن أبي حاتم: "قال أبي: وقد قيل: أبو سعد الخير، وهذا الصحيح عندي". وقال ابن منده: "غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". قلت: وفيه علتان: الأولى: جهالة معقل هذا، فقد أزرده البخاري في "التاريخ" (4/ 1/ الحديث: 3083 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 393) ثم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 286) من رواية يزيد هذا فقط عنه، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. والأخرى: يزيد بن سنان الرهاوي؛ فإنه ضعيف كما قال الحافظ. 3084 - (ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 300) ، وأبو يعلى (2/ 579) ، والخطيب في "التاريخ" (7/ 402) من طريق الأجلح عن أبي الزبير عن جابر قال ... ورواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 141) : حدثنا الحسين بن علي: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى: حدثنا محمد بن العباس بن أيوب: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي: حدثنا مخول بن إبراهيم: حدثنا عبد الجبار بن العباس الشبامي أخبرني أحمد بن عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر قال: ناجى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً يوم الطائف، فطالت نجواه، فقال أحد الرجلين للآخر: لقد طالت نجواه لابن عمه، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأجلح". قلت: قد تابعه الدهني عند أبي نعيم كما ترى، لكن أحمد بن محمد بن موسى - وهو أبوبكر السمسار -، والحسين بن علي - وهو أبو عبد الله الأسواري - ترجمهما أبو نعيم (1/ 141،285) ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه، فهو علة الحديث. الحديث: 3084 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 3085 - (كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر: يا نبي الله إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا فقال أبو بكر أو عمر: أشهد أنك رسول الله؛ لقول الله تعالى (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) [يس: 69] ) . ضعيف رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 382) ، والثعلبي في "التفسير" (3/ 171/ 1) عن علي بن زيد عن الحسن مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - تابعي، ومراسيله من أضعف المراسيل عند أهل العلم. الثانية: علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. الحديث: 3085 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 3086 - (التكبير على الجنائز أربع) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 166 -167) ، الديلمي (2/ 1/ 45) عن داود بن منصور: حدثنا عمر بن قيس عن عطاء عن أبي هريرة عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، عمر بن قيس هذا هو المكي أبو جعفر الملقب بـ (سندل) ، وهو متروك كما قال الحافظ. وقد صح التكبير على الجنائز بأكثر من أربع إلى التسع، وقد ذكرت الأحاديث الحديث: 3086 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 الواردة في كتابي "أحكام الجنائز". 3087 - (ثلاث من الفواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار إن رأى خيراً دفنه، وإن رأى شراً أشاعه، وامرأة إن حضرتك آذتك، وإن غبت خانتك) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 210) من طريق أبي مالك إسماعيل بن محمد بن عصام بن يزيد بن عجلان الهمداني مولى مرة الطيب: حدثنا أبي محمد: حدثنا أبي عصام: حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن هلال ابن يساف عن نعيم بن ذي حباب (الأصل: خيار!) عن فضالة بن عبيد مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل نعيم بن ذي حباب؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 461) من هذه الرواية، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومثله محمد بن عصام بن يزيد؛ فقد ترجمه في "الجرح" (4/ 1/ 53) برواية محمد بن يحيى بن منده وحده. وإسماعيل بن محمد قال أبو نعيم: "يروي عن أبيه وعمه وعن جده بغرائب من حديث الثوري". ثم ساق له هذا الحديث. والحديث عزاه السيوطي للطبراني في "الكبير"، وقال المناوي: "قال الحافظ العراقي: سنده حسن. وقال تلميذه الهيثمي: فيه محمد بن عصام بن يزيد، ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله وثقوا". كذا قال! وقد عرفت أن نعيماً حاله مثل حال محمد بن عصام، إلا أنه الحديث: 3087 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 يحتمل أن يكون ابن حبان ذكره في "الثقات"، فإن كان كذلك فلا ترتفع جهالته لما عرف من تساهل ابن حبان في توثيق المجهولين! ثم رأيت الحديث عند الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 318 -319) عن ثلاثة من شيوخه الأصبهانيين قالوا: حدثنا محمد بن عصام بن يزيد: حدثنا أبي به. إلا أنه وقع فيه: "العوافر" مكان: "الفواقر"، وكذلك هو في "المجمع". وقد روي الحديث بإسناد آخر واه من حديث أبي هريرة، وبمثله ابن عمر نحوه. وسيأتي تخريجهما برقم (3412و6468) . 3088 - (إن الله لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن يكون ذلك لمن بعدكم، فهكذا لمن نام أو نسي) . ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (377) ، وأبو يعلى (5285) : حدثنا شعبة والمسعودي عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة القاري - من بني القارة - عن عبد الله بن مسعود - وحديث المسعودي أحسن - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من الحديبية فعرسنا، فقال: "من يحرسنا لصلاتنا"؟ - وقال شعبة: "من يكلؤنا" - قال بلال: أنا - قال المسعودي في حديثه: "إنك تنام". ثم قال: "من يحرسنا لصلاتنا"؟ فقال ابن مسعود: قلت: أنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك تنام". قال: فحرستهم حتى إذا كان في وجه الصبح أدركني ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما استيقظنا إلا بالشمس، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصنع كما كان يصنع ثم قال: ... (فذكره) . وقال المسعودي في حديثه - وليس في حديث شعبة -: إن راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضلت فوجدناها عند شجرة قد تعلق خطامها بالشجرة، فقلت: يا رسول الله ما كانت تحلها الأيد". الحديث: 3088 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 ومن طريق الطيالسي أخرجه البيهقي (2/ 218) (1) . وأخرجه أحمد (1/ 391) : حدثنا يزيد: أنبأنا المسعودي عن جامع بن شداد به، وزاد بعد قوله: "كما كان يصنع": "من الوضوء وركعتي الفجر؛ ثم صلى بنا الصبح، فلما انصرف، قال .... ". ثم أخرجه (1/ 386) : حدثنا يحيى، و (1/ 464) : حدثنا محمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد به، مختصراً بلفظ: "افعلوا ما كنتم تفعلون. فلما قال: هكذا فافعلوا لمن منكم أو نسي". قلت: فهذا يبين ان حديث الترجمة تفرد به المسعودي دون شعبة بهذا التمام، والمسعودي كان اختلط. وعبد الرحمن بن أبي علقمة قال ابن حاتم (2/ 2/ 273) عن أبيه: "وهو تابعي، وليست له صحبة". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود ليس فيه هذا الذي عند المسعودي. أخرجه البيهقي في "الأسماء" لكنه قال عقبه: "وزعم عبد الله بن العلاء بن خباب عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين استيقظ: لو شاء الله أيقظنا، ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم". وعبد الله هذا لم أعرفه.   (1) وأخرجه في " الأسماء " (ص 142) من طريق أخرى عن المسعودي به. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 3089 - (من حسب كلامه من عمله؛ قل كلامه إلا فيما يعنيه) . ضعيف جداً أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم6) من طريق الحسين بن المتوكل: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله كلهم ثقات غير الحسين هذا (ووقع في الأصل: الحسن! وهو خطأ مطبعي) ، وهو الحسين بن أبي السري العسقلاني أخو محمد، وهو ضعيف كما قال أبو داود. بل قال أبو عروبة: كذاب هو خال أمي، وكذبه أخوه محمد أيضاً. والحديث بيض له المناوي في "شرح الجامع الصغير"، فلم يتكلم على إسناده بشيء! ورواه ابن حبان في "صحيحه" (94-موارد) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني: حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله! ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: "كانت أمثالاًكلها؛ أيها الملك السلط المبتلى المغرور.. وعلى العاقل - ما لم يكن مسلوباً على عقله.." فذكر مواعظ كثيرة منها هذا الحديث. قلت: وإبراهيم هذا متروك. الحديث: 3089 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 3090 - (لا تأخذوا الحديث إلا ممن تجيزون شهادته) . باطل أخرجه ابن حبان في مقدمة كتابه "الضعفاء"، وكذا ابن عدي (ص241) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 301) من طريق حفص بن عمر الحديث: 3090 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 - قاضي حلب - عن صالح بن حسان عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعاً به. وقال ابن حبان: "هذا خبر باطل رفعه، إنما هو قول ابن عباس فرفعه حفص بن عمر هذا". لكن قال الخطيب عقبه: "رواه أبو حفص الأبار عن صالح، فاختلف عليه في رفعه ووقفه على ابن عباس. ورواه أبو داود الحفري عن صالح عن محمد بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر فيه ابن عباس، ولا نعلم رواه عن محمد بن كعب غير صالح". قلت: فصالح هذا هو علة الحديث؛ فإنه متروك كما قال الحافظ. 3091 - (كل بني آدم حسود، وبعض الناس في الحسد أفضل من بعض، فلا يضر حاسداً حسده (1) ما لم يتكلم بلسان، أو يعمل به باليد) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 227) عن أشعث بن شداد أبي عبد الله السجستاني: حدثنا سعيد بن يزيد الفراء: حدثنا موسى - شيخ من أهل واسط -: حدثنا قتادة عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، كل من دون قتادة لا يعرفون، أشعث ترجمه أبو نعيم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث عزاه السيوطي في "الكبير" بهذا التمام لأبي نعيم، وفي "الصغير" باختصار لأبي نعيم في "الحلية" ولم أره في فهرسها. والله أعلم.   (1) الأصل: " حاسد حسداً "، والتصحيح من " الجامع الكبير " (2 / 111 / 1) . الحديث: 3091 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 3092 - (ضع بصرك حيث تسجد. قال: إن هذا لشديد، وإني أخشى أن أنظر كذا وكذا، قال: ففي المكتوبة إذاً يا أنس) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 244) ، والبيهقي في "السنن" (2/ 284) من طريق الربيع بن بدر: حدثنا عنطوانة عن الحسن عن أنس بن مالك قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنس! ضع .... ". وقال البيهقي: "والربيع بن بدر ضعيف". قلت: بل هو متروك كما في "التقريب". الحديث: 3092 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 3093 - (خير الدواء القرآن) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3533) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 265) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، الحارث هذا - وهو ابن عبد الله الأعور - ضعيف متهم. وقال البوصيري في "الزوائد" (ق236/ 2 - مصورة المكتب) : "فيه الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف، وله شاهد من حديث ابن مسعود، رواه الحاكم مرفوعاً وموقوفاً". قلت: حديث ابن مسعود مع ضعف إسناده أيضاً لا يصلح شاهداً؛ لأنه ليس فيه التفضيل الذي في هذا، وهو مخرج فيما تقدم برقم (1514) . وإنما يشهد له ما أخرجه الديلمي (2/ 117) عن صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن ابن عباس مرفوعاً به. الحديث: 3093 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 لكن صالح هذا - وهو ابن بشير المري - ضعيف كما في "التقريب". 3094 - (حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 283) ، وعنه الديلمي (2/ 91) من طريق الحسين بن علي بن زيد: حدثنا محمد بن عمرو بن حنان الحمصي: حدثنا بقية بن الوليد عن أبي فروة الرهاوي عن مكحول عن شداد بن أوس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل؛ مكحول وبقية مدلسان، وقد عنعنا. وبينهما أبو فروة الرهاوي واسمه يزيد بن سنان الجزري ضعيف. والحسين هذا لم أعرفه. الحديث: 3094 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 3095 - (لولا أن تضعفوا عن السواك لأمرتكم به عند كل صلاة) . ضعيف أخرجه أبو الشيخ في "الطبقات" (60/ 2) ، وأبو نعيم في "الأخبار" (1/ 295) عن مندل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلم - وهو ابن كيسان الملائي - ضعيف كما في "المجمع" (2/ 97) و "التقريب". ومثله مندل، وهو ابن علي العنزي، ولكنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه البزار في "مسنده" (ص60 - زوائده) من طريقين آخرين عن مسلم به. والحديث محفوظ بلفظ: "لولا أن أشق على أمتي ... " وهو مخرج في "الإرواء" (70) وغيره. الحديث: 3095 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 3096 - (لأن يلبس أحدكم ثوباً من رقاع شتى خير له من أن يأخذفي أمانته ما ليس عنده) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 243 -244) : حدثنا محمد بن يزيد: حدثنا أبو سلمة صاحب الطعام قال: أخبرني جابر بن يزيد - وليس بجابر الجعفي - عن الربيع بن أنس قال: ... فذكره مرفوعاً، وفيه قصة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، جابر بن يزيد هذا هو أبو الجهم كما في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 498) وقال: "روى عن ربيع بن أنس، وربما أدخل بينهما سفيان الزيات. روى عنه أبو سلمة عثمان صاحب الطعام، وليس بالبري ولا البتي، وسليمان بن سليمان الرفاعي الذي يروي عنه نصر بن علي سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا أعرفه". وأبو سلمة صاحب الطعام اسمه عثمان كما تقدم آنفاً، ولم يعرف حاله، ولكنه لم يتفرد به؛ فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 377) : "سألت أبي عن حديث رواه نصر بن علي عن سليمان بن سليمان (الأصل: ابن سليم، وهو خطأ مطبعي) (1) عن جابر بن يزيد عن سفيان الزيات عن الربيع بن أنس عن أنس، (فذكره) . قال أبي: "هذا حديث منكر، وسليمان وسفيان مجهولان". قلت: وسليمان هذا أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 121) من رواية نصر بن علي عنه، وقال:   (1) وإنما جزمت بأنه خطأ لمجيئه على الصواب في ترجمة جابر بن يزيد وترجمة سليمان من " الجرح والتعديل "، ثم وقفت فيه على لما رأيت الحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 26) هكذا: حدثنا نصر بن علي حدثنا سليمان بن سليم - كذا - عن جابر بن يزيد. . . الحديث: 3096 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: شيخ". وللحديث طريق أخرى عن أنس. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 327) ، وعنه الديلمي في آخر حرف (لا) من "مسند الفردوس" (ص218 -مصورتي) من طريق سعيد بن أبي هاني - واسمه إسماعيل بن خليفة - عن أبيه عن سفيان عن أبي عمارة عن النضر ابن أنس عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضاً أبو عمارة هذا لم أعرفه، نعم قد أورد الحديث ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 143) من هذا الوجه ثم قال عن أبيه: "روى هذا الحديث يحيى بن يمان عن الثوري عن أبي عمار عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأبو عمار هذا يشبه أن يكون زياد بن ميمون، وزياد بن ميمون متروك الحديث". قلت: ويحيى بن يمان سيىء الحفظ، وأبو حاتم نفسه يقول فيه: "مضطرب الحديث، في حديثه بعض الصنعة، ومحله الصدق". قلت: فمثله لا يحتج به لا سيما عند المخالفة، والمخالف هنا خير منه وهو إسماعيل بن خليفة؛ فقد قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 167) : "سألت يونس بن حبيب عن أبي هاني إسماعيل بن خليفة، فقال: محله الصدق، كتب عنه مشايخنا". لكن ابنه سعيد بن أبي هاني، قال أبو نعيم في ترجمته: "روى عن أبيه وجادة لا سماعاً، يكنى أبا النضر". فروايته عن أبيه منقطعة، فالإسناد ضعيف لا يحتج به. والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 3097 - (إن ابني آدم ضربا مثلاً لهذه الأمة، فخذوا بالخير منهما) . ضعيف أخرجه ابن جرير في "التفسير" (6/ 129) من طريق معمر وعاصم الأحول كلاهما عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله؛ فإن الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - تابعي، ومراسيله من أضعف المراسيل عند أهل العلم. الحديث: 3097 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 3098 - (سألت ربي عز وجل أن يتجاوز لي عن أطفال المشركين، فتجاوز عنهم، وأدخلهم الجنة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 344) عن شعبة بن عمران عن عنبسة بن سعيد - قاضي الري - عن حكيم بن جرير، عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده أبو نعيم في ترجمة شعبة هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، سوى أنه كان يميل إلى الإرجاء. وحكيم بن جرير لم أعرفه، ويحتمل أنه حكيم بن جبير، وهو ضعيف جداً. ويزيد الرقاشي ضعيف. والحديث أورده السيوطي في "الكبير" دون "الصغير"، وعلى العكس من ذلك، فإنه أورد في "الصغير" دون "الكبير" بلفظ: "سألت ربي فأعطاني أولاد المشركين خدماً لأهل الجنة، وذلك لأنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك، ولأنهم في الميثاق الأول". وقال: الحديث: 3098 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 "أبم الحسن بن ملة في "أماليه" عن أنس". قلت: ولعله من طريق الرقاشي هذا. وذكره في "الصغير" أيضاً بلفظ: "لإني سألت ربي أولاد المشركين، فأعطانيهم خدماً لأهل الجنة ... ". وعزاه للحكيم الترمذي عن أنس. ثم وجدت لجملة أنهم خدم أهل الجنة بعض الطرق والشواهد، فأخرجتها في "الصحيحة" (1468) . 3099 - (المتم للصلاة في السفر كالمفطر في الحضر) . ضعيف رواه العقيلي (1/ 484) عن بقية بن الوليد عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عمر بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه، وقال: "عمر بن سعيد مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، وليس لهذا المتن شيء يثبت، وإنما روى هذا الحديث بلفظ: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر"؛ فخالف هذا لفظ الحديث على ضعف الرواية فيه. قلت: وعبد العزيز بن عبيد الله الظاهر أنه الحمصي، وهو ضعيف، لكن أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 353) من هذا الوجه لكنه قال: عن أبي يحيى المدني مكان عبد العزيز بن عبيد الله. ولم أجد له ترجمة. والحديث عزاه السيوطي للدارقطني في "الأفراد" عن أبي هريرة. وتعقبه المناوي بأن فيه بقية مدلس، وشيخ الدارقطني كذاب، وأنه كان ينبغي للمصنف عدم إيراده. قلت: وقد فات المناوي وكذا السيوطي هذه الطريق الخالية من ذاك الكذاب. الحديث: 3099 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 3100 - (إن الله لو شاء لأطلعكم عليها، التمسوها في السبع الأواخر) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1/ 221/ 1-2) ، وابن حبان (926) ، والبزار في "مسنده" (ص110) ، والحاكم (1/ 437) من طريق مالك بن مرثد عن أبيه قال: سألت أبا ذر، فقلت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر؟ فقال: أنبأنا كنت اسأل الناس عنها، قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني عن ليلة القدر، في رمضان أو غيره؟ قال: "بل هي في رمضان". قال: قلت: يا رسول الله! تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبض الأنبياء رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: "بل هي إلى يوم القيامة"؟ . قال: فقلت: يا رسول الله! في رمضان هي؟ قال: "التمسوها في العشر الأول والعشر الأواخر". قال: ثم حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدث، فاهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله في أي العشرين؟ قال: "التمسوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها". ثم حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدث، فاهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله! أقسمت عليك! لتخبرني - أو لما أخبرتني - في أي العشر هي؟ قال: فغضب علي غضباً ما غضب علي مثله قبله ولا بعده فقال: ... فذكره. والسياق للحاكم وقال: الحديث: 3100 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: وليس كما قالا، بل هو إسناد ضعيف، فإن مرثداً هذا - وهو ابن عبد الله الزماني ويقال: الذماري - مجهول، ولم يخرج له مسلم شيئاً، قال الذهبي نفسه في ترجمته من "الميزان": "فيه جهالة، ذكره العقيلي وقال: لا يتابع على حديثه. هكذا وجدت بخطي، فلا أدري من أين نقلته، إلا أنه ليس بمعروف". وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. قلت: والظاهر أنه قد تفرد بهذا السياق؛ فقد قال البزار: "لا نعلمه إلا بهذا الإسناد". فهو ضعيف منكر، وأنكر ما فيه قوله: "إن الله لو شاء لأطلعكم عليها". وقد أخرجه أحمد (5/ 171) من هذا الوجه دون قوله هذا، وزاد فقال: "أقسمت عليك بحقي عليك". والإقسام بغير الله تعالى منكر آخر لا يجوز. وقد جاء عن أبي ذر بإسناد آخر خير من هذا ما هو معارض له. فروى جبير ابن نفير عن أبي ذر قال: قمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قال: "لا أحسب ما تطلبون إلا وراءكم"، فقمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى أصبح، وسكت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 وأخرجه أحمد (5/ 180) . قلت: وإسناده جيد على شرط مسلم. 3101 - (من غلب على ماء فهو له، وفي رواية: فهو أحق به) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (7/ 253/ 6868) من طريق وهب بن بقية ومحمد بن خالد بن عبد الله الواسطي كلاهما عن خالد: حدثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. والرواية الثانية لقتيبة. قلت: وإسناد هذه الرواية رجالها ثقات، وعلتها عنعنة الحسن، وهو البصري. وفي الرواية الأولى علة أخرى وهي ضعف محمد بن خالد الواسطي. والمحفوظ من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به بلفظ: "من أحاط على أرض حائطاً فهي له". أخرجه الطبراني (6863-6866) وأبو داود وغيره، وهو حسن أو صحيح لشواهده، وهو مخرج في "الإرواء" تحت الحديث (1520) . الحديث: 3101 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 3102 - (إن الله ليتعاهد عبد هـ بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير، وإن الله تعالى ليحمي عبد هـ المؤمن الدنيا كما يحمي المريض أهله الطعام) . ضعيف رواه ابن عساكر (4/ 153/ 2) عن عبد الله بن وهب: أخبرني شبيب بن سعيد عن أبان بن أبي عياش عن سالم بن قيس العامري ومسلم بن أبي عمران؛ أن حذيفة بن يمان قال: ... فذكره مرفوعاً. الحديث: 3102 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 ثم رواه من طريق اليمان بن المغيرة: أنبأنا أبو الأبيض المدني عن حذيفة به. قلت: الإسناد الأول ضعيف جداً؛ أبان بن أبي عياش متروك. وشبيب بن سعيد ضعيف في رواية ابن وهب عنه. والإسناد الآخر، فيه اليمان بن المغيرة؛ ضعيف. وأبو الأبيض المدني، لم أعرفه، ويحتمل أنه أبو الأبيض الذي روى عن أنس ابن مالك وعنه ربعي بن حراش. ترجمه ابن أبي حاتم وقال (4/ 2/ 336) : "سئل أبو زرعة عنه فقال: لا يعرف اسمه". ولم يذكر جرحاً ولا تعديلاً. وقد تقدم الحديث من طريق أخرى عن حذيفة نحوه برقم (3047) . وأخرجه الديلمي (1/ 2/ 239) من طريق أبان لكنه قال: عن أمية بن قسيم عن حذيفة مرفوعاً بلفظ: "إن الله ليخمي عبد هـ المؤمن كما يحمي الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة". ورواه أبو نعيم (1/ 276) بالإسناد نفسه - بنحوه -. 3103 - (1) (لو شهدكم اليوم كل مؤمن عليه من الذنوب كأمثال الجبال الرواسي لغفر لهم ببكاء هذا الرجل، وذلك؛ أن الملائكة تبكي وتدعو له وتقول: اللهم شفع البكائين فيمن لم يبك) . منكر جداً أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 494/ 810) : أخبرنا   (1) كان هنا بهذا الرقم الحديث: " إن الله ليضحك إلى ثلاثة: للصف. . . " وقد تم جعله في سياق تخريج الحديث (3453) ، فانظره هناك. الحديث: 3103 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 أبو عبد الرحمن السلمي بإسناده عن الهيثم بن مالك قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، فبكى رجل بين يديه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "هكذا جاء هذا الحديث مرسلاً": قلت: فلو صح الإسناد به إلى الهيثم بن مالك - وهو الطائي الشامي لكان ضعيفاً، فكيف وهو من رواية (أبي عبد الرحمن السلمي) وهو الصوفي المتهم، واسمه (محمد بن الحسين) ، قال الذهبي في "المغني": "تكلم فيه، وما هو بالحجة، وقال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان: "كان يضع الأحاديث للصوفية. قلت: وله في حقائق التفسير تحريف كثير". قلت: وأنا أخشى أن يكون هذا الحديث من موضوعاته؛ لأنه يتنافى مع أصول الشريعة وقواعدها التي نص عليها القرآن الكريم، كقوله تعالى (ومن يتزكى فإنما يتزكى لنفسه) ، وقوله (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) . ومثله: ما أخرجه البيهقي أيضاً (811) من طريق إسحاق بن إبراهيم: أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن شيخ لهم عن عمرو بن سعيد عن مسلم بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله سائر ذلك الجسد على النار، ولا سالت قطرة على خدها فيرهق ذلك الوجه قترة ولا ذلة، ولو أن باكياً في أمة من الأمم - رحموا، وما من شيء إلا له مقدار وميزان؛ إلا الدمعة؛ فإنه يطفأ بها بحار من النار". وقال البيهقي: "هذا مرسل، وروي من قول الحسن البصري". قال المنذري (4/ 126/ 15) : "وهو أشبه". وأعله بالراوي الذي لم يسم. وعمرو بن سعيد لم أعرفه، وإسحاق بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 إبراهيم، هو الدبري، وفيه كلام معروف. 3104 - (إنه الله عز وجل ليعجب من مداعبة المرء وزوجته، فيكتب لهما بذلك أجراً، ويجعل لهما بذلك رزقاً) . منكر أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الحجة" (ق72/ 1) من طريق الطبراني، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 242) من طريق ابن لال؛ كلاهما عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك عن أبيه [عن يزيد بن خصيفة] عن أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: يحيى بن يزيد، وهو النوفلي المدني، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "منكر الحديث، لا أدري منه أو من أبيه، لا ترى في حديثه حديثاً مستقيماً". وقال أبو زرعة: "لا بأس به، إنما الشأن في أبيه، بلغني عن أحمد أنه قال: لا بأس به، ولم يكن عنده إلا حديث أبيه، ولو كان عنده غير حديث أبيه لتبين أمره". الثانية: يزيد بن عبد الملك، قال الذهبي في آخر ترجمة ابنه: "قال ابن عدي: الضعف على حديثه بين. قلت: وأبوه مجمع على ضعفه". وجزم الحافظ في "التقريب" بضعفه. الحديث: 3104 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 الثالثة والرابعة: أبو يزيد وجده، وهو عبد الله بن خصيفة، أورده الحافظ في "اللسان" وقال: "قال العلائي في "الوشي": إن كان يزيد هذا هو ابن خصيفة التابعي المشهور، فإنه يزيد بن عبد الله بن خصيفة، وكان ينسب إلى جده، ولا أعرف حال والده، ولا ذكر جده في الصحابة، إلا في هذه الطريق، وغن كان غيره فلا أعرفه ولا أعرف أباه ولا جده. قلت (الحافظ) : وتبين لي أنه هو؛ فقد ذكر المزي يزيد بن عبد الملك في الرواة عنه". والزيادة التي بين المعكوفتين ليست عند الديلمي، واستدركتها من الأصبهاني و "الميزان" وهي في "المعجم الكبير" أيضاً للطبراني (22/ 396) بهذا الإسناد لحديثين آخرين، لكن ليس فيه: "عن أبي هريرة"، بل أوردهما في ترجمة (أبي خصيفة) . 3105 - (إن الله لينفع العبد بالذنب يذنبه) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (431) ، والقضاعي (91/ 1) عن مضر بن نوح السلمي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع ابن عمر مرفوعاً، وقال: "مضر هذا لا يعرف بالنقل، وحديثه غير محفوظ". وقال الذهبي: "فيه جهالة"، ثم ساق له هذا الحديث بلفظ: "يشفع للعبد " بدل: "لينفع العبد "، وهو تحريف والصواب ما نقلناه عن "الضعفاء"، فقد أخرجه أبو الحديث: 3105 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 نعيم في "الحلية" (8/ 199) من هذا الوجه ووقع فيه بلفظ: "ليرفع"، ويبدو أنه خطأ مطبعي. فقد عزاه السيوطي إليه بلفظ الترجمة. والله أعلم. 3106 - (إن الله وهب لأمتي ليلة القدر ولم يعطها من كان قبلهم) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 239) عن إسماعيل بن أبي الشامي عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته إسماعيل هذا، قال المناوي: "قال الذهبي في "الضعفاء" عن الدارقطني: يضع الحديث". قلت: اسم أبيه مسلم السكوني، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، بل ولا عن التابعين، وإنما عن أتباعهم كهشام بن عروة وغيره. فهو منقطع أيضاً. الحديث: 3106 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 3107 - (إن الله لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزحه) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 241) من طريق السلمي، بسنده عن يوسف بن أحمد بن الحكم: حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي: حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ يوسف بن أحمد بن الحكم لم أعرفه، والسلمي متهم بوضع الأحاديث للصوفية. والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر، فانتقده المناوي بأن الديلمي أخرجه أيضاً، ثم لم يتكلم على إسناده بشيء، والعهد به أنه يعل الحديث بمجيئه من طريق السلمي هذا. الحديث: 3107 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 وابن عساكر أخرجه (4/ 37) من طريق أبي الفرج المعافى بن زكريا: أخبرنا محمد ابن حمدان بن بغداد الصيدلاني: حدثني يوسف بن الضحاك: حدثني أبي: أخبرنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة عن عائشة مرفوعاً. وقال ابن عساكر: "كذا قال! وليس بمتصل؛ فإن (يوسف بن الضحاك) متأخر، يروي عن أبي سلمة التبوذكي، ومحمد بن سنان العوفي وأقرانهما، وأراه سقط منه اسم شيخه الذي روى عنه أبيه عن خالد. والله أعلم". قلت: و (محمد بن حمدان بن بغداد الصيدلاني) ترجمه الخطيب (2/ 287) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. و (يوسف بن الضحاك) ترجمه الخطيب أيضاً (14/ 307) ووثقه. 3108 - (إن الله لا يأذن لشيء من أهل الأرض إلا لأذان المؤذنين، والصوت الحسن بالقرآن) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (9/ 195) عن سلام الطويل الخراساني عن زيد العمي بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعاً. ذكره في ترجمة سلام هذا، ونقل تضعيفه عن جماعة من الأئمة. وعن ابن خراش في رواية أنه قال: "كذاب". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك". والحديث في "الصحيح" بنحوه دون ذكر الأذان. وهو مخرج في "صفة الصلاة". الحديث: 3108 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 3109 - (إن الله عز وجل لا يعذب من عباده المارد المتمرد الذي يتمرد على الله، ويأبى أن يقول: لا إله إلا الله) . موضوع رواه ابن ماجه (4297) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص33) من طريق إسماعيل بن يحيى الشيباني عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته، فمر بقوم، فقال: من القوم؟ قالوا: نحن مسلمون، وامرأة تحصب تنوراً لها ومعها ابن لها، فإذا ارتفع وهج التنور تنحت به، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أنت رسول الله؟ قال: "نعم"، قالت: بأبي وأمي! أليس الله أرحم الراحمين؟ قال: "بلى"، قالت أليس الله أرحم بالعباد من الأم بولدها؟ قال: "بلى". قالت: فإن الأم لا تلقي ولدها في النار، فأكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي، ثم رفع رأسه إليها فقال: ... فذكره. أورده العقيلي في ترجمة إسماعيل وقال: "لا يتابع على حديثه"، ثم روى عن يزيد بن هارون أنه قال فيه: "كان كذاباً". وعبد الله بن عمر بن حفص ضعيف. الحديث: 3109 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 3110 - (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهو قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 66) من طريق عمرو الحديث: 3110 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 ابن أبي رزين: حدثنا سيف بن أبي سليمان المكي عن عدي عن أبيه مرفوعاً. وعدي هذا هو: عدي بن عدي بن عميرة صحابي مات في خلافة معاوية. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا أن ابن أبي رزين - وهو عمرو بن محمد بن أبي رزين - ربما أخطأ؛ كما قال ابن حبان، وتبعه الحافظ في "التقريب". وقد خولف في إسناد هذا الحديث فقال عبد الله بن المبارك في "الزهد" (1352) ، وعنه أحمد (4/ 192) ، والطبراني في "الكبير" (17/ 139/ 344) : أخبرنا سيف بن أبي سليمان قال: سمعت عدي بن عدي الكندي يقول: حدثني مولى لنا: أنه سمع جدي يقول: ... فذكره مرفوعاً. ثم أخرجه أحمد من طريق ابن نمير: حدثنا سيف قال: سمعت عدي بن عدي الكندي يحدث عن مجاهد قال: حدثني مولى لنا: أنه سمع عدياً يقول: ... فذكره مرفوعاً. وهذا اضطراب شديد؛ فبعضهم عنه عن عدي بن عدي عن المولى عن جده عميرة. وبعضهم عنه عن عدي عن مجاهد عن المولى عن عدي بن عدي. واستصوب الهيثمي (7/ 267) أنه من مسند عميرة، قال: "وكذلك رواه الطبراني، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجال أحد الإسنادين ثقات". ثم أورده (7/ 268) من حديث العرس بن عميرة مرفوعاً نحوه، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 والعرس هذا هو أخو عدي بن عميرة، قيل: إنه صحابي كما في "التقريب"، فإن كان الطبراني رواه عن العرس هذا من وجه آخر غير هذا الوجه المضطرب فهو مما يقويه. وإلا فيزيده وهناً على وهن. والله أعلم. ثم رأيت الحافظ العراقي يقول في "تخريج الإحياء" (2/ 271) : "رواه أحمد من حديث عدي بن عميرة، وفيه من لم يسم، والطبراني من حديث أخيه العرس ابن عميرة، وفيه من لم أعرفه". وهذا يخالف كلام الهيثمي: "ورجاله ثقات"! فليراجع. (تنبيه) هكذا لفظ الحديث عند أحمد والطحاوي: "لا يعذب العامة بعمل الخاصة"، وكذلك هو في "المجمع" برواية أحمد والطبراني، وعكس ذلك الغزالي فساقه بلفظ: "لا يعذب الخاصة بذنوب العامة"، ومر عليه الحافظ العراقي؛ فخرجه مثلما رأيت ولم ينبه عليه بشيء، والصواب رواية من ذكرنا، ويؤيد ذلك رواية العرس بن عميرة ولفظها: "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة". هكذا أورده الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 138/ 343) وسنده هكذا: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي: حدثنا الحسين بن سلمة بن أبي كبشة: حدثنا سالم بن نوح: حدثنا عمر بن عامر السلمي: حدثنا خالد بن يزيد عن عدي ابن عدي بن عميرة عن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا الإسناد هو الذي وثق رجاله الهيثمي. وقال فيه شيخه العراقي: "وفيه من لم أعرفه". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 فأقول: كلاهما مخطىء، أما الهيثمي؛ فلأن كلاً من عمر بن عامر وسالم بن نوح فيهما كلام، وبخاصة الأول منهما، وقد قال الحافظ فيهما: "صدوق له أوهام". وأما العراقي، فلا أرى في هذا الإسناد من لا يعرف، اللهم إلا أن يكون أراد النرسي شيخ الطبراني، فإني لم أجد له ترجمة، لكن ما أظن أنه يعنيه، فإنهم قلما يعلون الحديث بشيخ الطبراني، وإنما ينظرون إلى من فوقه، وهذا ما صنعه الهيثمي بقوله المتقدم في هذا الحديث، وإنما يعني - والله أعلم - خالد بن يزيد هذا، فإنه لم ينسب، يغلب على ظني أنه أبو هاشم الدمشقي القاضي؛ فإنه من هذه الطبقة، وهو ثقة. وبالجملة: فهذا وجه آخر من الاختلاف على عدي بن عدي. والله أعلم. 3111 - (من فرق فليس منا. يعني: بين الولد وأمه وبين الإخوة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (20/ 228/ 535) : حدثنا المقدام بن داود: حدثنا أسد بن موسى: حدثنا نصر بن طريف ... عن سليمان التيمي: حدثني طليق عن أبيه عن معقل بن يسار مرفوعاً به. قال أسد: يفرق بين الولد وأمه وبين الإخوة. قلت: وهذا موضوع، آفته نصر بن طريف، وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (4/ 107) فقال: "وهوكذاب". الحديث: 3111 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 قلت: ودونه المقدام بن داود، وفيه ضعف. وفوقه طليق وهو ابن عمران بن حصين. ويقال: طليق بن محمد بن عمران الأنصاري، وفرق بينهما ابن حبان فأوردهما في "الثقات"، الأول في (أتباع التابعين) (6/ 494) ، والآخر في (التابعين) (4/ 397) ، وقال الدارقطني - كما في "الميزان" للذهبي -: "لا يحتج به". وأشار الذهبي إلى أنه منقطع بينه وبين عمران، وصرح بذلك المنذري في "الترغيب" (3/ 32) . وقد رواه أبو بكر بن عياش: أخبرنا سليمان عن طليق بن محمد عن عمران مرفوعاً بلفظ: "ملعون من فرق ... ". أخرجه الدارقطني في "سننه" (3/ 66 -67/ 253) ، والحاكم (2/ 55) وعنه البيهقي (9/ 128) ، وقال الحاكم: "وهذا إسناد صحيح"! ووافقه الذهبي! كذا قالا، وقد عرفت ما ذكره الذهبي نفسه آنفاً في طليق، على أن الدارقطني ذكر عقبه اختلاف الرواة على طليق، فمنهم من يرويه عنه عن عمران كما رأيت، منهم من قال: عنه عن أبي بردة عن أبي موسى، ومنهم من يرويه عن طليق مرسلاً. قال عبد الحق: "والمحفوظ عن التيمي مرسلاً". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 وقال ابن القطان: "وبالجملة فالحديث لا يصح؛ لأن طليقاً لا يعرف حاله". نقلته من "التعليق المغني" (3/ 67) . وهناك خلاف في المتن أيضاً: 1- في هذه الرواية قال: "ملعون..". 2- وفي رواية أبي موسى: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفرق بين الأخ وأخيه، والوالد وولده". ولفظ ابن ماجه فيها (2250) : " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرق..". نعم؛ قد جاء الحديث من طريق أخرى من حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعاً بلفظ: "من فرق بين الوالدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة". وهو مما حسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي، وقد خرجته في "أحاديث البيوع" و "المشكاة" (3361) . (تنبيه) لقد خلط الغماري خلطاً عجيباً في تخريج حديث أبي أيوب هذا، فعزاه للحاكم أيضاً من حديث عمران! والدارقطني من حديث أبي موسى، وقد عرفت أن لفظهما يختلف تماماً عن لفظ أبي أيوب، كما عزاه لأبي داود والحاكم عن علي! وهو حديث آخر ضعيف. انظر "المشكاة" (3362-3363) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 3112 - (إن الله لا يقبل صلاة من لا يصيب أنفه الأرض) . ضعيف جداً رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 363) عن يسار بن سمير: حدثنا أبو وهب عبد الله بن وهب عن سليمان القافلاني عن محمد بن سيرين عن أم عطية مرفوعاً. أورده في ترجمة يسار هذا وقال: "كان من العباد والزهاد يروي عن البصريي". ولم يذكر فيه جرحاً. لكن لم يتفرد به؛ فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 39/ 1) من طريق الحسن بن مدرك: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله القرشي: حدثنا سليمان القافلاني به، وقال: "لا يروى عن أم عطية إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن مدرك". كذا قال، ويرده متابعة يسار المذكورة، وعلة الحديث سليمان هذا - وهو ابن محمد القافلاني -، وهو متروك الحديث؛ كما قال الذهبي وتبعه الهيثمي (2/ 126) ثم العسقلاني. لكن يغني عن هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاصلاة لمن يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين". وترى تخريجه في "صفة الصلاة". الحديث: 3112 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 3113 - (إن الله يباهي بالشاب العابد الملائكة، يقول: انظروا إلى عبد ي ترك شهوته من أجلي، أيها الشاب أنت عندي كبعض ملائكتي) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 246) من طريق ابن السني عن كثير بن الحديث: 3113 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 زياد عن يزيد بن زياد الشامي عن مروان عن طلحة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته الشامي هذا، ويقال فيه: ابن أبي زياد، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث؛ كذا في "الميزان"، وساق له حديثاً قال فيه عن أبي حاتم: باطل موضوع. قلت: وهذا الحديث أشم منه رائحة الإسرائيليات. وقد وجدت الحديث في "الزهد" للإمام أحمد غير مرفوع، أخرجه (ص106) من طريق عبد الرحمن بن عدي البهراني عن يزيد بن ميسرة قال: "إن الله عز وجل يقول: أيها الشاب التارك شهوته لي، المبتذل شبابه من أجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي". قلت: فلم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده حسن إلى ميسرة، وهو من أتباع التابعين، لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288) جرحاً ولا تعديلاً، فهو مقطوع، وهو بالإسرائيليات أشبه. والله أعلم. 3114 - (إن الله يباهي بالطائفين ملائكته) . ضعيف رواه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1133) ، وابن عدي (316/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 216) عن عائذ بن نسير عن عطاء عن عائشة مرفوعاً. وقال ابن عدي: "حديث غير محفوظ". قلت: وعلته عائذ بن نسير هذا، قال ابن معين: حديثه ضعيف. كما رواه عنه العقيلي في "الضعفاء" (ص342) وابن عدي. الحديث: 3114 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 و (نسير) : بالنون والسين المهملة مصغراً، كما هو مقيد في العقيلي وابن عدي، وهو كذلك في "المشتبه" للذهبي (ص82) ، ووقع في "الميزان" طبعة الخانجي: "شبر"! وفي "اللسان": "بشير"! واغتر به المصحح لكتاب "مجمع الزوائد" (3/ 208) ! وانظر الحديث الآتي (5096) . 3115 - (إن الله لا ينظر إلى من يخضب بالسواد يوم القيامة) . ضعيف رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 441) : أخبرنا عبد الرحمن ابن محمد المحاربي عن ليث عن عامر رفعه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، رجال إسناده كوفيون كلهم، وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف محتلط. وعامر؛ الظاهر أنه الشعبي؛ فهو مرسل. قلت: وفي النهي عن الصبغ بالسواد غير ما حديث واحد صحيح، فانظرها في "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام". الحديث: 3115 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 3116 - (إن الله يبعث من مسجد الشار يوم القيامة شهداء، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم) . ضعيف رواه أبو داود (4308) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص18) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 478/ 4115) عن إبراهيم بن صالح بن درهم قال: سمعت أبي أنه سمع أبا هريرة بالبطحاء يقول: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال العقيلي: الحديث: 3116 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 "إبراهيم وأبوه ليسا بمشهورين بنقل الحديث، والحديث غير محفوظ". قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني، له في الشهداء، قال البخاري: لا يتابع عليه". ولفظه عند أبي داود: "سمعت أبي يقول: انطلقنا حاجين، فإذا رجل، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها الأبلة؟ قلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً ويقول: هذه لأبي هريرة، سمعت خليلي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول .... ". 3117 - (إن الله يبغض البذخين الفرحين المرحين ويحب كل قلب حزين) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 243) عن إسماعيل الشامي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته إسماعيل وهو ابن أبي زياد؛ اتهمه الدارقطني بالوضع كما تقدم في الحديث (3106) . الحديث: 3117 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 3118 - (إن لكل ساع غاية، وغاية كل ساع الموت) . ضعيف رواه القضاعي (86/ 1) عن يحيى الحماني قال: أخبرنا رباح أبو المهاجر الزاهد قال: أخبرنا أبو يحيى الرقاشي عن أبي سورة بن أخي أبي أيوب عن أبي أيوب قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً فأخذ بعضادتي باب المسجد ونادى بأعلى صوته: الحديث: 3118 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 "يا أيها الناس! يا أهل الإسلام! جاء الموت بما جاء بالروح والرحمة والكرة المباركة لأولياء الله من أهل دار السرور الذين كان سعيهم ورغبتهم فيها. يا أيها الناس! يا أهل الإسلام! جاء الموت بما جاء بالحسرة والندامة والكرة الخاسرة لأولياء الشيطان من أهل الغرور، الذين كان سعيهم ورغبتهم فيها، ألا إن لكل ساع ... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو سورة ضعيف، واللذان دونه لم أعرفهما، ويحيى الحماني فيه ضعف. وروى البغوي من طريق علي بن قرين عن زيد بن هلال عن أبيه هلال بن قطبة سمعت جلاس بن عمرو قال: وفدت في نفر من قومي من كندة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أردنا الرجوع قلنا: أوصنا يا نبي الله! قال: "إن لكل ساع غاية، وغاية ابن آدم الموت.." الحديث. وعلي بن قرين ضعيف جداً، ومن فوقه لا يعرفون؛ كذا في "الإصابة" (1/ 253) . قلت: وتمام الحديث عند البغوي كما في "الجامع": " .... فعليكم بذكر الله فإنه يسهلكم، ويرغبكم في الآخرة". قلت: وعلي هذا قال ابن معين: "كذاب خبيث"، وقال العقيلي: "كان يضع الحديث". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 3119 - (إن لكل مسيء توبة، إلا صاحب سوء الخلق؛ فإنه لا يتوب من ذنب إلا وقع في شر منه) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 59) عن عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته عمرو بن جميع؛ كذبه يحيى بن معين، وقال الحاكم: "روى عن هشام بن عروة وغيره أحاديث موضوعة". الحديث: 3119 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 3120 - (إن الله يتجلى لأهل الجنة في مقدار كل يوم على كثيب كافور أبيض) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (7/ 220) من طريق جعفر بن محمد العطار: حدثنا جدي عبد الله بن الحكم قال: سمعت عاصماً أبا علي يقول: سمعت حميداً الطويل قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: أورده في ترجمة جعفر العطار هذا ولم يذكر فيها شيئاً سوى أن ساق له هذا الحديث! وقد أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الخطيب وقال: "لا أصل له، جعفر وجده عاصم مجهولان". والغريب أنهما لم يذكرا في "الميزان" و "اللسان" أو غيرهما. ومع أن السيوطي أقر ابن الجوزي على وضعه، ونقل عنه في "اللآلي" (2/ الحديث: 3120 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 460) كلامه المتقدم، ولم يتعقبه بشيء؛ إلا أنه أورده في "الجامع الصغير" مشياً منه مع ظاهر السند فيه كذاب أو وضاع! 3121 - (إن الله يحب أبناء السبعين، ويستحي من أبناء الثمانين) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 199-200) عن محمد بن خلف القاضي: حدثنا وكيع: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر: حدثني عم أبي الحسن بن موسى عن عمه علي بن جعفر عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره وقال: "غريب من حديث [علي بن] جعفر وأبان، ولم نكتبه إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف؛ فيه علل: 1- علي بن جعفر - وهو ابن محمد الصادق - مجهول الحال في الرواية. قال الذهبي: "ما رأيت أحداً لينه، نعم، ولا من وثقه، لكن حديثه منكر جداً، ما صححه الترمذي ولا حسنه .... ". قلت: ثم ساق الحديث الآتي بعده، وسترى فيه أن الترمذي حسنه، فالظاهر أنه ليس ذلك في كل النسخ، وإلا لما نفاه الذهبي. 2- الحسن بن موسى - وفي الأصل: الحسين بن موسى - لم أجد له ترجمة، الحديث: 3121 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 وإنما ذكره الخطيب في شيوخ محمد بن إسماعيل الآتي. 3- محمد بن إسماعيل ترجمه الخطيب (2/ 37-38) وذكر أنه يكنى بأبي علي العلوي، ولم يذكر له راوياً غير محمد بن خلف الآتي، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول. 4- محمد بن خلف ترجمه الخطيب أيضاً ترجمة حسنة، ولكنه روى عن ابن المنادي أنه قال: "حمل أقل الناس عنه نزراً من الحديث، وشيئاً من تصانيفه للين شهر به". وبه أعله المناوي في "الفيض"، وفاتته العلل الأخرى، ومنه تعلم خطأ قوله في "التيسير": "إسناده حسن"! وقد روى الشطر الأول منه بلفظ: "الثمانين" بدل: "السبعين". وقد مضى تخريجه وبيان علله برقم (1920) . 3122 - (من أحبني وأحبهما - (يعني: الحسن والحسين) - وأباهما وأمهما؛ كان معي في درجتي يوم القيامة) . منكر أخرجه الترمذي (2/ 301) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد مسند أبيه" (1/ 77) ، وأبو الشيخ في "الطبقات" (ص281-ظاهرية) ، الحديث: 3122 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 والدولابي في "الذرية الطاهرة" (ق39/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 191-192) ، والخطيب في "التاريخ" (13/ 288) عن نصر بن علي: حدثنا علي بن جعفر بن محمد: حدثني أخي موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد الحسن والحسين فقال: ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث جعفر بن محمد إلا من هذا الوجه". قلت: علي بن جعفر هذا مجهول الحال كما تقدم في الحديث قبله، وتقدم فيه عن الذهبي أن هذا الحديث منكر جداً. وقال في "مختصر منهاج السنة" (ص476) تبعاً لأصله "المنهاج" (4/ 107) - واللفظ الذهبي -: "وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وهل يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه المجازفة أصلاً من كون المسلم الخطاء يصير في درجة المصطفى بمجرد الحب؟! ". وليس في "المنهاج" ذكر ابن الجوزي في هذا الحديث، وإنما ذكره في حديث آخر عقب هذا في حب علي أيضاً، فكأن الذهبي انتقل بصره عند الاختصار من الحديث الأول إلى هذا، وهو في "موضوعات ابن الجوزي" (1/ 387) . 3123 - (إن الله يحب الرجل له الجار السوء يؤذيه فيصبر على أذاه، ويحتسبه حتى يكفيه الله بحياة أو موت) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص81) ، والخطيب في "التاريخ" (10/ 133) ، والديلمي (1/ 2/ 247) عن بقية بن الحديث: 3123 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 الوليد: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن الأسود بن شيبان قال: سمعت أبا العلاء يزيد بن عبد الله يحدث عن مطرف: أنه سمع أبا ذر يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته عيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي -؛ قال البخاري والنسائي: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم والنسائي: "متروك". 3124 - (إن الله يحب السهل الطلق) . ضعيف جداً أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص23) ، وأبو القاسم بن أبي قعنب في "حديث القاسم بن الأشيب" (7/ 2) ، وأبو عمر بن منده في "أحاديثه" (2/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق50/ 2) ، والقضاعي (ق90/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 254/ 8056) ، والديلمي (1/ 2/ 248) عن جويبر عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته جويبر هذا - وهو ابن سعيد الأزدي -؛ قال ابن عدي: "الضعف على حديثه ورواياته بين". وفي "التقريب": "ضعيف جداً". لكن رواه البيهقي أيضاً من طريق آخر عن أبي سعيد الحارثي، عن معاذ بن هشام: أخبرنا أبي عن قتادة عن مورق العجلي به مرسلاً. الحديث: 3124 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 ورجاله ثقات؛ غير أبي سعيد الحارثي، واسمه عبد الرحمن بن محمد بن منصور، قال الذهبي في "المغني": "حدث بما لا يتابع عليه". 3125 - (إن الله يحب حفظ الود القديم) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (217/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (109/ 1) عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري: حدثنا عبد الله بن أبي بكر المنكدر عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عائشة مرفوعاً وقال: "وعبد الله بن إبراهيم عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع". ورواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن جابر مرفوعاً بلفظ: "إن الله يحب المداومة على الإخاء القديم، فداموا عليه". ونقل المناوي عن "اللسان" أنه قال: "هذا منكر بمرة ولا أظن ابن عيينة حدث به قط". قلت: وأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 249) من طريق أبي نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان: حدثنا خالي أبو عبد الرحمن: حدثنا عبد الله ابن محمد بن سلام: حدثنا داود بن إبراهيم: حدثنا ابن عيينة، عن ابن المنكدر، عن جابر. الحديث: 3125 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 وقد أخرج أبو نعيم الأصبهاني الحديث في ترجمة (عبد الله بن محمد بن سلام) من "أخبار أصبهان" (2/ 57) ، وذكر أنه روى عن جمع منهم (داود بن إبراهيم الواسطي) ، وقال: "وكان شيخاً، فيه لين". قلت: فهو العلة؛ فإن (داود بن إبراهيم الواسطي) وثقه الطيالسي وحدث عنه كما في "اللسان". 3126 - (إن الله يحب المرأة الملقة البزعة مع زوجها، الحصان عن غيره) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 249) عن محمد بن جعفر بن مالك عن محمد بن منصور عن محمد بن سلمة: أخبرني علي بن جعفر عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف: الحسين هذا - وهو أبو عبد الله العلوي الكوفي، ضعيف؛ كما قال ابن المديني. وعلي بن جعفر - وهو ابن محمد الصادق - مجهول الحال، كما سبق بيانه تحت الحديث (3121) . ومن دونه لم أعرفهم. الحديث: 3126 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 3127 - (إن الله يحب أن يعمل برخصه، كما يحب أن يعمل بفرائضه) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ق3/ 2) ، الحديث: 3127 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 وابن عدي (65 / 1) عن الحكم بن عبد الله الأيلي: أنه سمع القاسم عن عائشة مرفوعاً. ذكره في ترجمة الحاكم هذا في جملة أحاديث له وختمها بقوله: " كلها موضوعة، وما هو معروف المتن، فهو باطل الإسناد ". قلت: والحديث معروف المتن بلفظ: " كما يجب أن تؤتى عزائمه "، وفي رواية: " كما يكره أن تؤتى معصيته ". وهو مخرج في " الإرواء " (564) . وقد أخرجه ابن عدي أيضاً (250 / 2) من طريق عمر بن عبيد البصري - بياع الخمر -: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بلفظ: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ". قلت: وما عزائمه؟ قال: " فرائضه ". وقال: " عمر بن عبيد البصري حديثه عن كل من روى عنه ليس بمحفوظ ". قلت: وهو بهذا اللفظ أقرب إلى اللفظ المعروف لولا هذه الزيادة في آخره. 3128 - (إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم، قيل: سمِّهم لنا، قال: علي منهم (يقول لم ثلاثاً) ، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان، أمرني بحبهم، وأخبرني أنه يحبهم) . ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 299) ، وابن ماجه (رقم 149) ، والحاكم الحديث: 3128 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 (3 / 130) ، وأحمد (5 / 351 و 356) من طريق شريك عن أبي ربيعة عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً به. واللفظ للترمذي، وقال: " حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث شريك ". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "! وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: ما خرج (م) لأبي ربيعة ". فلم يصنع شيئاً؛ لأن معناه التسليم بصحة الحديث صحة مطلقة، وكيف ذلك، وأبو ربيعة هذا قال الذهبي في الكنى من " الميزان ": " قد ذكر معضَعَّفاً ". يعني: في الأسماء. وذكر هناك أن أبا حاتم قال فيه: " منكر الحديث ". وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - لم يحتج به مسلم، لكن أخرج له متابعة كمال قال الذهبي نفسه في " الميزان "، فأنى للحديث الصحة، بل الحسن؟! 3129 - (إن الله يحبُّ مَنْ يحب التمر) . ضعيف. رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (13 / 69 / 169) ومن طريقه أبو الفضل الهمذاني في آخر " كجلس من آمالي أبي الشيخ الأصبهاني " (66 / 1) والخطيب في " التاريخ " (3 / 166) من طرق عن إبراهيم بن أبي حية: ثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة، ومثله إبراهيم بن أبي حية، الحديث: 3129 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 ولكنه لم يتفرد به عنه، وقد رواه البخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 44 - 45) ، وابن عدي (211 / 2) من طريق مجاعة بن ثابت: ثنا ابن لهيعة به. وقال: " لا يرويه عن أبي قبيل عن ابن لهيعة غير مجاعة بن ثابت، وهذا الحديث أتي فيه من مجاعة لا من ابن لهيعة ". قلت: ومجاعة هذا ضعيف أيضاً، لكن الحمل فيه على ابن لهيعة أولى عندي من مجاعة؛ لأنه قد تابعه إبراهيم بن أبي حية كما رأيت، وإن خفيت هذه المتابعة على ابن عدي، ولعله لو وقف عليها لم يحمل على مجاعة فيه. 3130 - (إن الله يحشر المؤذنين يوم القيامة أطول الناس أعناقاً بقولهم: لا إله إلا الله) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه السراج في "الثاني من الأول من مسنده" (24/ 1-2) ، والخطيب في "التاريخ" (10/ 384) عن عمر بن عبد الرحمن عن محمد بن عمار عن سعد المؤذن: أنه سمع أبا هريرة يذكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمر بن عبد الرحمن - وهو ابن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب - أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 121) براوية عبد الله بن نافع وأبي نعيم عنه لا غير، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومحمد بن عمار - وهو ابن سعد المؤذن - لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جماعة. وقد صح مختصراً من طريق آخلا عن معاوية بلفظ: الحديث: 3130 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 "المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة". رواه مسلم وغيره. 3131 - (إن الله ليغار لعبد هـ المؤمن، فليغر لنفسه) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1261) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1068) ، والقضاعي (91/ 1) عن الأعلى الثعلبي عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وعبد الأعلى الثعلبي ضعيف. قال المناوي: "ورواه عنه أيضاً الدارقطني. قال ابن القطان: والحديث لا يصح، فإن فيه أبا عبيدة عن أمه زوج ابن مسعود ولا يعرف لهما حال، وليست زينب امرأة عبد الله الثقفية؛ لأن تلك صحابية، وابن مسعود عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سنة ثنتين وثلاثين، فلا يبعد أن يتزوج غير صحابية". قلت: أبو عبيدة ثقة معروف، وروايته عن أمه غير معروفة، ولعله خطأ من بعض الرواة أو النساخ. والله أعلم. الحديث: 3131 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 3132 - (إن الله يخل بلقمة الخبز وقبضة التمر ومثله مما ينفع المسكين ثلاثة الجنة: الآمر به، والزوجة المصلحة، والخادم الذي يناول المسكين، وقال: الحمد لله الذي لم ينس خدمنا) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 134-135) عن سويد بن عبد العزيز: حدثنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: الحديث: 3132 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 "صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: سويد متروك". قلت: ولم يخرج له مسلم أصلاً. 3133 - (إن الله يستحي من عبد هـ إذا صلى في جماعة ثم يسأله حاجته أن ينصرف حتى يقضيها) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 254) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر عن عطية عن أبي الخدري مرفوعاً وقال: "غريب من حديث مسعر، تفرد به إسماعيل". قلت: وهو كذاب يضع الحديث. الحديث: 3133 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 3134 - (إن الله يعجب من سائل يسأل غير الجنة، ومن معط يعطي لغير الله، ومن متعوذ يتعوذ من غير النار، ألا فليباه بالعبادة لمن فوقه، والغنى إلى من دونه، حتى يكتب شاكراً صابراً؛ فإن أولياء الله أخروا النعيم للآخرة، وعجلوا الشدة في الدنيا للراحة) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (9/ 267) عن شيخ بن عميرة الأسدي قال: حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن عميرة هذا لا يعرف، ترجمه بهذا الحديث ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3134 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 3135 - (إن الله جل ذكره يقول: إن عبد ي كل عبد ي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه - يعني: عند القتال -) . ضعيف رواه الترمذي (2/ 277) ، والدولابي (2/ 23) ، وابن عدي (260/ 2) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 76/ 2) عن الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عائذ عفير بن معدان: أنه سمع أبا دوس يحدث عن ابن عائذ اليحصبي عن عمارة بن زعكرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ليس إسناده بالقوي، ولا نعرف لعمارة بن زعكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث الواحد". ثم قال: "يعني: أن يذكر الله في تلك الساعة". قلت: وعلته عفير بن معدان؛ فإنه ضعيف كما في "التقريب". لكن نقل المناوي عن ابن حجر أنه قال: "وهو حسن غريب، وقول الترمذي: "ليس إسناده بقوي"، يريد ضعف عفير. لكن وجدت له شاهداً قوياً مع إرساله، أخرجه البغوي، فلذلك حسنته". قلت: وقد وقفت على إسناد المرسل، ذكره الحافظ نفسه في "الإصابة" من طريق الوليد بن مسلم أيضاً عن عبد العزيز بن إسماعيل بن مهاجر عن الوليد بن عبد الرحمن عن (الأصل: ابن) جبير بن نفير قال: بقول أبيه: فذكره. قال الوليد: "فذكرته لعقبة فحدثني". قلت: كذا الأصل: "بقول أبيه"، ولعل الصواب: "قال النبي". والوليد بن مسلم ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية كما قال الحافظ في الحديث: 3135 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 "التقريب"، ومن فوقه كلهم ثقات، ولكنه لم يصرح عنهم بالتحديث، وشيخه الذي صرح بالتحديث عنه عقبة لم أعرف من هو، ولذلك فإني لا أرى هذا الإسناد قوياً. وعليه فلا أرى الحديث يرتقي به إلى درجة الحسن. والله أعلم. 3136 - (إن الله يكره فوق سمائه أن يخطأ أبو بكر) . موضوع رواه ابن عساكر (9/ 297/ 2) عن الطبراني - وهذا في "المعجم الكبير" (20/ 67-رقم124) ، و "مسند الشاميين" (668و2247) - عن أبي يحيى الحماني: أخبرنا أبو العطوف عن الوضين بن عطاء عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يسرح معاذاً إلى اليمن استشار ما شاء من أصحابه فيهم أبو بكر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأسيد بن حضير، فتكلم كل إنسان برأيه، فقال: ما ترى يا معاذ؟ قلت: أرى ما قال أبو بكر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يكره فوق سمائه .... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الوضين بن عطاء سيىء الحفظ. وأبو العطوف - هو الجراح بن منهال - منكر الحديث؛ كما قال البخاري ومسلم. وأبو يحيى الحماني فيه كلام. والحديث أخرجه ابن شاهين في "السنة" (رقم109) من هذا الوجه. الحديث: 3136 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 ورواه الحارث في "مسنده" (113/ 2-زوائده) - وعنه ابن قدامة المقدسي في "العلو" (ق159/ 2) - من طريق بكر بن خنيس عن محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي به. وبكر بن خنيس متروك وشيخه كذاب. ومن هذه الطريق أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 300) بالطريق الأولى، فلم يأت بطائل كما قال المناوي. فإنه مع ضعف إسناده علامات الوضع عليه ظاهرة؛ فإن أبا بكر رضي الله عنه ليس معصوماً، وإذا كان كذلك فلماذا يكره الله أن يخطأ؟ كيف وقد يكون بيان خطئه واجباً في بعض الأحيان! وقد خطأه النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه في قصة مخرجة في "الصحيح" فانظر: "سلسلة الأحاديث الصحيحة" وقوله - صلى الله عليه وسلم - له: "أصبت بعضاً، وأخطأت بعضاً". والحديث أخرجه أيضاً أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 204) من الطريق الثانية، وقال الذهبي في "العلو" (ص37-طبع أنصار السنة) بعد أن بين علله: "والخبر غير صحيح، وعلى باغض الصديق اللعنة". 3137 - (إن الله يكره رفع الصوت بالعطاس والتثاؤب) . موضوع رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (261) ، والديلمي (1/ 2/ 254) عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن علي بن عروة عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته علي بن عروة؛ كذبه صالح جزرة. وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". الحديث: 3137 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 3138 - (إن القاضي العادل ليجاء به يوم القيامة، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أن لا يكون قضى بين اثنين في تمرة قط) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (312) عن عمرو بن العلاء - ولقبه جرز (1) -: حدثنا صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة مرفوعاً. وقال: "عمران لا يتابع على حديثه، وكان يرى رأي الخوارج، ولا يثبت سماعه من عائشة". قال الذهبي - وقد ذكر الحديث -: "قلت: كان الأولى أن يلحق الضعف في هذا الحديث بصالح أو بمن بعده؛ فإن عمران صدوق في نفسه ... قال العجلي: تابعي ثقة، وقال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج، فذكر عمران بن الحطان. وقال قتادة: كان لا يتهم في الحديث". قلت: وصالح بن سرج لم يجرح إلا بأنه كان من الخوارج، وهذا جرح مردود كما سبق في كلام الذهبي، لكن لم يوثقه غير ابن حبان. وعمرو بن العلاء لم أجد من ترجمه. والله أعلم. ثم وجدته في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 251) من رواية ثلاثة من الثقات عنه، لكنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فالحديث علته الجهالة. والله أعلم.   (1) كذا في " الضعفاء " و " الميزان ": جزر بالزاي في آخره، وفي " الجرح " و " التاريخ الكبير " و " تعجيل المنفعة " وغيرها: " جرن " بالنون، ولعله الصواب. الحديث: 3138 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 3139 - (إن المؤمن إذا تعلم باباً من العلم عمل به أو لم يعمل، كان أفضل من أن يصلي ألف ركعة تطوعاً) . منكر رواه الديلمي (1/ 2/ 291-292) من طريق ابن لال معلقاً عن الحسن بن علي بن الحسن: حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: عنعنة ابن إسحاق؛ فإنه كان مدلساً. الثانية: جهالة الحسن بن علي بن الحسن؛ فإني لم أجد له ترجمة. الثالثة: الانقطاع بينه وبين ابن لال. وقد عزاه إليه السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (43/ 2) ، فإن كان في كتاب ابن لال نفسه هكذا معلقاً، فكان ينبغي للسيوطي أن ينبه على ذلك. الحديث: 3139 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 3140 - (إن المؤمن إذا مات تجملت المقابر لموته، فليس منها بقعة إلا وهي تتمنى أن يدفن فيها، وإن الكافر إذا مات أظلمت المقابر لموته، فليس فيها بقعة إلا وهي تستجير بالله: أن لا يدفن فيها) . ضعيف جداً رواه ابن عساكر (18/ 164/ 1) عن سويد بن عبد العزيز: حدثني أبو عبد الله النجراني عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. أورده في ترجمة أبي عبد الله النجراني - واسمه يزيد بن عبد الله -، وروى عن أبي محمد (هو ابن أبي حاتم) قال: "صالح الحديث، لا بأس به". الحديث: 3140 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 وهذا في "كتاب الجرح والتعديل" له (4/ 2/ 401) . لكن سويد بن عبد العزيز واه جداً؛ كما قال الذهبي. 3141 - (إن المؤمن يضرب وجهه بالبلاء كما يضرب وجه البعير) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/ 344) من طريق مجاشع بن عمرو: حدثنا حماد بن سلمة عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته مجاشع هذا، قال ابن معين: "قد رأيته أحد الكذابين". وساق له الذهبي والعسقلاني بعض الموضوعات. الحديث: 3141 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 3142 - (إن الله ليكره الرجل الرفيع الصوت، ويحب الرجل الخفيض الصوت) . ضعيف جداً رواه البيهقي في "الشعب" (6/ 363/ 8536و8537) ، والديلمي (1/ 2/ 254) عن عبد الله بن حماد: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا مسلمة بن علي عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد هالك؛ مسلمة بن علي - وهو الخشني - متروك. ونعيم بن حماد ضعيف متهم. وعبد الله بن حماد لم أعرفه. الحديث: 3142 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 3143 - (إن المجالس ثلاثة: سالم، وغانم، وشاجب) . ضعيف أخرجه ابن حبان (83) ، وأحمد (3/ 75) ، وأبو يعلى (10/ 386) عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل دراج أبي السمح؛ فإنه صاحب مناكير. وقد مضى تخريجه بتفصيل، وبيان أنه صح موقوفاً في المجلد الخامس برقم (2128) ، فاقتضى التنبيه. الحديث: 3143 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 3144 - (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها) . باطل لا أصل له قال الحافظ في "الفتح" (8/ 204) بعد أن عزاه لرزين في "الجامعة" مرفوعاً: "لا أعرف حاله؛ لأنه لم يذكر صحابيه، ولا من أخرجه". وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في جزء "فضل يوم عرفة" (1) : "حديث: وقفة الجمعة يوم عرفة: أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة، حديث باطل لا يصح، وكذلك لا يثبت ما روي عن زر بن حبيش: أنه أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة".   (1) مخطوط في مكتبة الحرم المكي. الحديث: 3144 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 3145 - (إن التارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مؤمناً بالقرآن ولا بي) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (6/ 309-310) من طريق سلم بن سليمان المدائني عن أبي إسحاق قال: "خرجت مع زيد بن أرقم إلى الجمعة، فرأى رجلين بينهما شحناء، فوثب حتى حجز بينهما، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ سلام المدائني - وهو الطويل - كذاب متهم بالوضع. الحديث: 3145 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 3146 - (إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى) . ضعيف أخرجه البزار (4/ 200/ 3530) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 72/ 2خط2/ 100/ 1449-ط) عن عناد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعاً به. ولفظ البزار: "مثلاهما"، وهكذا علقه البغوي في "تفسيره" (8/ 13) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن عباد بن منصور ضعيف مدلس؛ كما قال الساجي وغيره. وأما قول الهيثمي (10/ 414) : "ورجال الطبراني وأحد إسنادي البزار ثقات"؛ فهو من أوهامه أو تساهله ولا شك. والإسناد الآخر الذي أشار إليه فيه إسحاق بن إدريس، قال ابن معين: "كذاب يضع الحديث". الحديث: 3146 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 3147 - (إن الرجل ليطلب الحاجة، فيزويها الله عنه لما هو خير له، فيتهم الناس ظالماً لهم: من شبعني؟!) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 143/ 2) عن خلف بن عبد الحميد: أخبرنا عبد الغفور عن أبي هاشم عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الغفور - وهو أبو الصباح الأنصاري الواسطي -؛ قال البخاري: "تركوه". وقال ابن حبان: "كان ممن يضع الحديث". وخلف بن عبد الحميد؛ قال أحمد: "لا أعرفه". الحديث: 3147 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 3148 - (إن جزءاً من سبعين جزءاً من النبوة: تبكير الإفطار، وتأخير السحور، وإشارة الرجل بإصبعه في الصلاة) . موضوع رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/ 250/ 3246و4/ 231/ 7610) ، وابن عدي (241/ 2) ، وأبو أحمد في "الكنى" (97/ 2) عن عمر بن راشد عن يحيى بن ابي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال ابن عدي: طوعمر بن راشد عامة حديثه - وخاصة عن يحيى - لا يوافقه الثقات عليه، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". قلت: وهو متهم بالوضع، قال أبو حاتم: الحديث: 3148 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 "وجدت حديثه كذباً وزوراً". وقال الحاكم وأبو نعيم: "يروي عن مالك أحاديث موضوعة". 3149 - (إن الله يبغض الطلاق، ويحب العتاق) . ضعيف رواه الديلمي (1/ 2/ 244) عن محمد بن الربيع: حدثنا أبي عن حميد بن مالك عن مكحول عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مكحول لم يسمع من معاذ. وحميد بن مالك ضعفه يحيى وأبو زرعة وغيرهما. الحديث: 3149 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 3150 - (إن حسن الظن بالله عز وجل من حسن عبادة الله) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 297و304و359و407و491) ، وعبد ابن حميد في "المنتخب" (153/ 2) ، والترمذي (3604) (1) ، وابن حبان (2395) ، والحاكم (4/ 241و256) ، وابن أبي الدنيا في "حسن الظن" رقم (6) ، وابن عدي (201/ 2) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 81) من طريق محمد بن واسع عن سمير بن نهار (وقال بعضهم: شتير بن نهار) عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: وهو من أوهامهما؛ فإن سميراً هذا نكرة؛ كما قال الذهبي نفسه "الميزان"، ولم يرو عنه غير ابن واسع.   (1) وهذا الحديث من الأحاديث التي سقطت من نسخة بولاق الحديث: 3150 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 3151 - (إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه، إذا قالت النائحة: واعضداه، واناصراه، واكاسياه! جبذ الميت وقيل له: أنت عضدها؟! أنت ناصرها؟! أنت كاسيها؟!) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 471) ، وأحمد (4/ 414) من طريق زهير ابن محمد عن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى الأشعري عن أبيه مرفوعاً. فقلت: سبحان الله! يقول الله عز وجل: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ! فقال: ويحك! أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقول هذا؟! فأينا كذب؟! فوالله ما كذبت على أبي موسى، ولا كذب أبو موسى على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". وسكت عنه الذهبي! قلت: زهير بن محمد هو أبو المنذر الخراساني الشامي، وهو ضعيف، وقد جاء الحديث من طرق عن جمع من الصحابة، بدون هذه الزيادة: "إذا قالت النائحة: ... ". فتفرده بها مما لا يحتمل. الحديث: 3151 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 3152 - (إن الميت يعرف من يحمله، ومن يغسله، ومن يدليه في قبره) . ضعيف أخرجه احمد (3/ 3و62-63) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 212) ، و"الموضح" (2/ 122) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 467) - من طريق ابن أبي الدنيا - وهذا في كتاب "المنامات" (6) ، وأبو بكر العطار التنوخي الحديث: 3152 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 في "حديث القاضي أحمد بن علي المروزي" (ق87/ 2) ، من طريق سعيد بن عمرو بن سليم قال: سمعت رجلاً منا - نسيت اسمه، ولكن اسمه معاوية أو ابن معاوية - يحدث عن أبي سعيد الخدري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) ، فقال ابن عمر - وهو في المجلس -: ممن سمعت هذا؟ قال: من أبي سعيد، فانطلق ابن عمر إلى أبي سعيد، فقال: يا أبا سعيد! ممن سمعت هذا؟ قال: من النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير معاوية أو ابن معاوية، وفي الموضع الثاني المشار إليه من "المسند": "فلان بن معاوية أو معاوية بن فلان"، وهو مجهول كما قال الحسيني، وأشار إلى أنه من رجال "المسند" فأصاب. وأما الحافظ فقال في "التعجيل": "لم أره في مسند أبي سعيد الخدري"! وهذا منه عجيب، فإنه في الموضعين المشار إليهما منه! فجل من أحاط بكل شيء علماً. وتابعه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 78/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 208) عن إسماعيل بن عمرو البجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق عنه به. وقال الطبراني: "لم يروه عن فضيل إلا إسماعيل". قلت: هو ضعيف. ومثله عطية. ومن بينهما خير منهما! (تنبيه) خلط الهيثمي بين الطريقين فقال في "المجمع" (3/ 21) : "رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط"، وفيه رجل لم أجد من ترجمه". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 وهذا الرجل إنما هو في طريق أحمد دون الطبراني كما رأيت. ثم رأيت الحديث في "تاريخ قزوين" للرافعي (3/ 303) من طريق محمد ابن عمرو بن الحسن: حدثنا الفضيل بن مرزوق به. لكن محمد بن عمرو بن الحسن لم أعرفه. 3153 - (إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً، وسيخرجون منه أفواجاً) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 343) عن أبي عمار: حدثني جار لجابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر، فجاءني جابر بن عبد الله يسلم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير جار جابر فلا يعرف. الحديث: 3153 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 3154 - (إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء) . منكر رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص143) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 222) ، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" (187/ 2) ، وابن عساكر في "ذم من لا يعمل بعلمه" (58/ 2) عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا سيار بن حاتم قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس مرفوعاً. وقال: "تفرد به سيار العنزي"، ومن طريق أحمد أيضاً رواه أبو بكر المروذي في "الورع" (3/ 2) ، والضياء الحديث: 3154 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 في "المختارة" (1/ 501) وقال: "قال عبد الله: قال أبي: هذا حديث منكر، وما حدثني به إلا مرة". وكذا ذكر ابن قدامة في "المنتخب" (10/ 200/ 1) وزاد: "قال المروذي: قال أبو عبد الله: الخطأ من جعفر ليس هذا من قبل سيار". قلت: جعفر خير من سيار، الأول صدوق، والآخر صدوق له أوهام، فهو علة هذا الحديث إلا أن يكون متابع، وهذا ما لم نجده، وفي ترجمته ذكره الحاكم، وقال: "في حديثه بعض المناكير". 3155 - (إن الله يعذب الموحدين على نقص إيمانهم، ويردهم إلى الجنة خلوداً دائمين) . موضوع رواه أبو سعد المظفر بن الحسن في "فوائد منتقاة" (129/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 54) عن قطن بن صالح الدمشقي عن إبراهيم بن أدهم عن عبد الله بن شوذب عن ثابت عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفنه قطن هذا؛ قال الأزدي: كذاب. الحديث: 3155 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 3156 - (إن الله يعطي الدنيا على نية الآخرة، وأبي أن يعطي الآخرة على نية الدنيا) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (549) : أخبرنا عيسى بن سبرة المدني قال: حدثني من سمع أنس بن مالك يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3156 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الراوي عن أنس. وعيسى بن سبرة المدني لم أعرفه ويحتمل أنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 277/ 1) : "عيسى بن سمرة بن حيان، مولى عمر بن عبد العزيز، يعد في أهل المدينة، روى عن هشام بن عروة، سمع منه خالد بن مخلد". 3157 - (إن الناس يكثرون، وأصحابي يقلون، فلا تسبوهم، فمن سبهم فعليه لعنة الله) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 133/ 2184) ، وأبو محمد ابن شيبان العدل في "الفوائد المنتخبة" (1/ 219/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 149و150) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به. قلت: ومحمد بن الفضل هذا متهم بالكذب. وتابعه أبو الربيع السمان عند الضياء المقدسي في "النهي عن سب الأصحاب" (23/ 1) ، واسمه أشعث، وهو متروك. والحديث أخرجه الدارقطني أيضاً في "الأفراد" من حديث أبي هريرة مرفوعاً به، كما في "الجامع الكبير" (1/ 180/ 2) . والشطر الثاني منه أخرجه الخطيب في "الموضح" (2/ 233) عن ابي بلال الأشعري: حدثنا سلام بن سليم الحنفي عن أبي يحيى القتات عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً به. الحديث: 3157 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 قلت: والقتات والأشعري ضعيفان. ورواه عبد الله بن سيف عن مالك بن مغول عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر رفعه بلفظ: "لعن الله من سب أصحابي". أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (208) ، وأبو القاسم الحرفي في "عشر مجالس من الأمالي" (2/ 2) ، وأبو القاسم الحنائي في "المنتقى من حديث الجصاص وأبي بكر الحنائي" (157/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (210و212) ، والضياء أيضاً، وقال العقيلي: "عبد الله بن سيف حديثه غير محفوظ، وهو مجهول بالنقل، وفي النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث ثابتة الأسانيد من غير هذا الوجه، وأما اللعن فالراوية فيه لينة، وهذا يروى عن عطاء؛ مرسل". وقال الذهبي عقبه: "صوابه مرسل". وقال ابن عدي: "عبد الله بن سيف الخوارزمي رأيت له غير حديث منكر". وروى أبو الشيخ في "الطبقات" (ص194) عن أحمد بن إبراهيم: حدثنا أبو سفيان عن النعمان عن سفيان عن العمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "كل الناس ترجو النجاة يوم القيامة إلا من سب أصحابي؛ فإن أهل الموقف يلعنهم". ذكره في ترجمة أحمد بن إبراهيم هذا - وهو ابن يزيد - وقال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 "حدث بحديثين منكرين لم يتابع عليه". ثم ذكرهما، هذا أحدهما، وأقره في "اللسان". 3158 - (الناس أبناء علات كأسنان المشط سواء، وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه، ولا خير فيمن لا يرى لك عليه من الحق مثل الذي ترى له) . ضعيف رواه أبو بكر الشيروي في "العوالي الصحاح" (211/ 2) عن أبي صالح عبد الله كاتب الليث: حدثنا الحسن بن الخليل بن مرة: حدثني أبي عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعاً. وقال: "هذه نسخة للخليل بن مرة البصري كبيرة، وفيها غرائب، لم نكتبها إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف من أجل أبي صالح؛ فإنه ضعيف الحفظ. والخليل بن مرة ضعيف أيضاً، وضعفه أيضاً، وضعفه البخاري جداً بقوله فيه: "منكر الحديث". وابنه الحسن بن الخليل لم أجد له ترجمة، ولم يذكره الحافظ في الرواة عن ابيه، وإنما ذكر أخاه علياً. ولم أجده أيضاً. الحديث: 3158 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 3159 - (إن النبي لا يورث، وإنما ميراثه في فقراء المسلمين والمساكين) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 13) عن شيخ من قريش من بني تميم، قال: الحديث: 3159 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 حدثني فلان وفلان، فعد ستة أو سبعة كلهم من قريش فيهم عبد الله بن الزبير قال: بينا نحن جلوس عند عمر، إذ دخل علي والعباس رضي الله عنهما قد ارتفعت أصواتهما، فقال عمر: مه يا عباس! قد علمت ما تقول، تقول: ابن أخي، ولى شطر المال، وقد علمت ما تقول يا علي! تقول: ابنته تحتي، ولها شطر المال، وهذا ما كان في يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد رأينا كيف كان يصنع فيه، فوليه أبو بكر رضي الله عنه من بعده، فعمل فيه بعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وليته من بعد أبي بكر رضي الله عنه، فأحلف بالله لأجهدن أن أعمل فيه بعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل أبي بكر. ثم قال: حدثني أبو بكر رضي الله عنه، وحلف بأنه لصادق أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) ، وحدثني أبو بكر رضي الله عنه - وحلف بالله: إنه صادق - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن النبي لا يموت حتى يؤمه بعض أمته"، وهذا ما كان في يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد رأينا كيف كان يصنع فيه، فإن شئتما أعطيتكما لتعملا فيه بعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل أبي بكر حتى أدفعه إليكما، قال: فخلوا. فجاءا، فقال العباس: ادفعه إلى علي، فإني قد طبت نفساً به له". قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل الشيخ القرشي التميمي فإنه لم يسم. لكن الحديث والقصة قد أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث مالك بن أوس بن الحدثان مع اختلاف في بعض الأحرف، فمن شاء رجع إلى كتاب الجهاد منهما. وقد تقدم الحديث هنا - برقم (2654) ، ولم أحذفه؛ لأن فيه - في كلا الموضعين - فوائد زوائد. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 3160 - (إن النفس ملومة، وإن أحدكم لا يدري ما قدر المدة، فلينظر من العبادة ما يطيق، ثم ليداوم عليه، فإن أحب الأعمال إلى الله ما ديم عليه وإن قل) . موضوع بهذا التمام أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 61/ 1) من طريق الجارود بن يزيد عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً، وقال: "تفرد به ابن إسحاق، ولم يروه عنه إلا الجارود". قلت: وهو كذاب؛ كما قال أبو حاتم، وقال العقيلي: "متروك الحديث؛ لأنه يكذب ويضع الحديث ". وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. والحديث أورده الهيثمي (2/ 259) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك". والشطر الثاني من الحديث صحيح، أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً نحوه. وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1238) . الحديث: 3160 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 3161 - (الود والبغض يتوارث) . ضعيف رواه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 121و4/ 1/ 81) ، والحاكم (4/ 176) ، والقضاعي (2/ 11/ 2) ، وابن منده (2/ 115/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (17/ 189/ 507) عن عبد الرحمن بن أبي بكر: حدثني الحديث: 3161 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 محمد بن طلحة بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه: أن أبا بكر قال لرجل من العرب كان بصحبته يقال له: عفير بن أبي عفير: كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في الود؟ قال: سمعته يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل عبد الرحمن بن أبي بكر هذا، وهو المليكي، وهو ضعيف كما في "التقريب". ولذلك لما صححه الحاكم تعقبه الذهبي بقوله: "قلت: المليكي واه، وفي الخبر انقطاع" يعني: بين طلحة بن عبيد الله وأبي بكر، وقد وصله يوسف بن عطية عن المليكي؛ فذكر بينهما عبد الرحمن بن أبي بكر. أخرجه الطبراني (508) ، والحاكم. وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: يوسف هالك". قلت: ومن طريق المليكي أخرجه ابن عاصم أيضاً والبغوي كما في "الإصابة" لابن حجر وقال: "والمليكي ضعيف". وعزاه السيوطي للطبراني في "الكبير"، لكن المناوي لم يتكلم على إسناده بشيء، وإنما عزاه للحاكم أيضاً وذهل عن تعقب الذهبي إياه بيوسف. وأخرجه أبو الحسين بن سمعون الواعظ في "الثاني من الأمالي" (3/ 2) ، وأبو بكر الذكواني في "اثنا عشر مجلساً" (19/ 1) ، وابن بشران في "الأمالي" الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 (82/ 83) ، وعبد العزيز الكتاني في "حديثه" (237/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (ص14) كلهم عن عبد الرحمن بن أبي بكر بسنده المتقدم؛ إلا أنهم لم يذكروا فيه عفيراً، جعلوه من مسند أبي بكر نفسه، وإليه عزاه السيوطي من رواية أبي بكر الشافعي في "الغيلانيات" ولفظهم: "الود والعداوة يتوارثان". ثم أخرجه البخاري في "التاريخ" وفي "الأدب المفرد" (43) عن محمد بن عبد الرحمن عن فلان بن طلحة عن أبي بكر بن حزم عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً به. ومحمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي بكر المليكي، وهو ضعيف جداً. 3162 - (إن الولاء ليس يحول ولا ينقل) . ضعيف رواه البزار (ص144-زوائده) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 93/ 1) ، والدولابي (2/ 25) عن المغيرة بن جميل الكندي: أخبرنا سليمان ابن علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عباس مرفوعاً. وكذا رواه أبو القاسم بن الجراح الوزير في "المجلس السابع من الجزء الثاني" (11/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ المغيرة هذا مجهول؛ كما قال أبو حاتم وغيره. وقال العقيلي: "منكر الحديث". الحديث: 3162 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 والحديث قال الهيثمي (4/ 231) : "رواه البزار والطبراني، وفيه المغيرة بن جميل وهو ضعيف". 3163 - (إن الهوام من الجن؛ فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات فإن عاد فليقتله؛ فإنه شيطان) . ضعيف أخرجه أبو داود (5256) عن محمد بن أبي يحيى قال: حدثني أبي: أنه انطلق هو وصاحب له إلى أبي سعيد يعودانه، فخرجنا من عنده، فلقينا صاحباً لنا وهو يريد أن يدخل عليه، فأقبلنا في المسجد، فجاء فأخبرنا: أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: ورجاله ثقات غير صاحب أبي يحيى والد محمد فلم أعرفه. والحديث في "صحيح مسلم" (7/ 41) ، و "المسند" (3/ 27) ، وأبي داود (5257-5259) ، والترمذي (1/ 280) وغيرهم من طريق صيفي عن أبي السائب عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "إن بالمدينة نفراً من الجن قد أسلموا، فمن رأى شيئاً من هذه العوامر فليؤذنه (وقال أحمد: فحرجوا عليه) ثلاثاً، فإن بدا له بعد فليقتله؛ فإنه شيطان". الحديث: 3163 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 3164 - (إن اليمين الفاجرة التي يقتطع بها الرجل مال المسلم تعقم الرحم) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 79) ، وابن سعد في "الطبقات" (7/ 66) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 247/ 1) عن شيخ من تميم عن أبي سود: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. الحديث: 3164 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة التميمي. وأبو سود - بضم المهملة وسكون الواو - صحابي مترجم في "الإصابة" وغيره، ووقع في "الفتح الكبير" (أبي الأسود) وهو خطأ. وقد سبق الحديث في المجلد الخامس بلفظ مختصر، وبمصادر زيادة على ما هنا شاهداً لذاك اللفظ. فليراجع من شاء زيادة الفائدة. 3165 - (إن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/ 91) عن محمد ابن يزيد بن سنان: حدثنا الكوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، الكوثر هذا متروك الحديث؛ كما قال الدارقطني وغيره. ومحمد بن يزيد بن سنان - وهو الرهاوي - ليس بالقوي. أما الشطر الأول فهو صحيح مخرج في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس. الحديث: 3165 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 3166 - (إن أنواع البر كلها نصف العبادة، والنصف الآخر الدعاء) . ضعيف جداً رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (8/ 90/ 2) ، وأبو بكر النهرواني في حديثه (198/ 1-2) عن هيثم بن جماز البكاء: حدثنا يزيد بن أبان عن أنس مرفوعاً. الحديث: 3166 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الهيثم هذا، وهو متروك الحديث؛ كما قال النسائي وغيره. ويزيد بن أبان - وهو الرقاشي - ضعيف. 3167 - (إن أول ما يجازى به المؤمن بعد موته أن يغفر لجميع من يتبع جنازته) . ضعيف رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (70/ 2) ، وأبو الطاهر المخلص في "المجلس الأول من المجالس السبع" (26/ 2 مجموع 118) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 1/ 4) عن مروان بن سالم عن عبد الملك ابن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق المخلص رواه الحافظ القاسم بن الحافظ ابن عساكر في "تعزية المسلم" (2/ 214/ 1-2) ، وكذا والده في "التاريخ" (12/ 8/ 2) ، ورواه (1/ 16/ 183) من طريق أخرى عن مروان به. وهذا إسناد ساقط؛ مروان ضعيف اتفاقاً، بل قال أبو عروبة: "إنه يضع الحديث"، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: "لا يصح؛ مروان بن سالم متروك". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (2/ 430) بأن له طريقاً أخرى وشواهد، فلينظر فيها. قلت: في الطريق الأخرى محمد بن فضيل بن كثير، ولم أجد له ترجمة. والشواهد التي ذكرها ضعيفة كلها، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، وليس الحديث: 3167 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 فيها ما يمكن الاعتماد عليه لتقوية الحديث به. من ذلك حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "أول تحفة المؤمن إذا مات أن يغفر الله لكل من شيع جنازته". أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 81و12/ 212) ، والديلمي (1/ 1/ 10) من طريق أبي معاوية عبد الرحمن بن قيس: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه. وعبد الرحمن هذا؛ قال الحافظ: "متروك، كذبه أبو زرعة وغيره". وحديث أنس مثله إلا أنه قال: " .... لمن صلى عليه". أخرجه الحكيم في "نوادر الأصول" من طريق الحكم بن سنان أبي عون المقرىء: حدثني النمير عن أنس بن مالك مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد واه؛ الحكم هذا ضعيف، وشيخه النمير لم أعرفه، وغالب الظن أنه "النميري" سقطت ياء النسبة من طابع "اللآلي" فمنه نقلت، وهو زياد ابن عبد الله النميري، كثير الرواية عن أنس، وهو ضعيف أيضاً. 3168 - (إن أول هذه الأمة خيارهم، وآخرهم شرارهم مختلفين متفرقين، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيته وهو يأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 81/ 1) عن المفضل بن معروف: أخبرنا عون بن الحديث: 3168 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 أبي شداد عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير المفضل بن معروف؛ فإنه غير معروف، بل هو مما لم يرد له ذكر في شيء من كتب الرواة. 3169 - (إن أهل البيت إذا تواصلوا أجرى الله عليهم الرزق وكانوا في كنف الرحمن) . ضعيف جداً رواه العقيلي في "الضعفاء" (271) ، وابن عدي (10/ 2و236/ 1) ، وتمام الرازي في "الفوائد" (57/ 1) ، وأبو الحسن النعالي في "جزء من حديثه" (126/ 1) ، وأبو القاسم الحلبي السراج في "حديث ابن السقا" (7/ 83/ 2) ، وابن عساكر (2/ 369و15/ 322/ 2و16/ 49/ 2) ، والديلمي (1/ 2/ 277) ، عن عبيد الله بن الوليد عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال العقيلي: "عبيد الله في حديثه مناكير، لا يتابع على كثير من حديثه"، وساق له هذا الحديث، وقال: "لا يعرف إلا به". وروى عن ابن معين أنه: ليس بشيء، وقال ابن عدي: "ضعيف جداً، يتبين ضعفه على حديثه". وقال النسائي في "الضعفاء" (19) : "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "يروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، حتى يسبق إلى القلب أنه الحديث: 3169 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 المعتمد له؛ فاستحق الترك". قلت: فهو علة الحديث؛ وليس من دونه كما ظن المناوي! 3170 - (ما قرن شيء إلى شيء أحسن من حلم إلى علم) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 184) من طريق إبراهيم بن حيان بن حكيم بن حنظلة: حدثني أبي عن أبيه عن جده؛ (فذكره مرفوعاً) . وهذا إسناد موضوع؛ آفته إبراهيم بن حيان هذا، وفي ترجمته أورده أبو نعيم، ولم يعرفه، فساق له حديثين آخرين، وبيض له، وسيأتيان برقم (3265و5277) ، وقد عرفه ابن عدي فضعفه في "الكامل" (1/ 253) ، وساق له حديثين آخرين، وأشار إلى غيرهما وقال: "عامتها موضوعة". ومن فوقه لا يعرفون. انظر الحديث الآتي (3265) . الحديث: 3170 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 3171 - (إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء كما يحتاجون إليهم في الدنيا؛ وذلك أنهم يزورون الله في كل جمعة فيقال لهم: تمنوا، فيقولون: وماذا نتمنى وقد أدخلنا الجنة وأعطينا ما أعطينا؟! فيقال لهم: تمنوا، فيأتون العلماء فيقولون: ماذا نتمنى؟ فيقول لهم: العلماء: تمنوا كذا وكذا، وتمنوا كذا وكذا. فهم محتاجون إليهم في الجنة كما هم محتاجون إليهم في الدنيا) . موضوع أخرجه الديلمي (1/ 2/ 269) ، وابن عساكر (14/ 345/ 1) ، الحديث: 3171 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 وابن الدواليبي في "فضل العلم وفضل حملته" (ق115/ 2) من طريق مجاشع ابن عمرو عن محمد بن الزبرقان عن مقاتل بن حيان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته مجاشع هذا؛ قال ابن معين: "قد رأيته أحد الكذابين". قلت: وذكر له في "الميزان" و "اللسان" من موضوعاته هذا الحديث. ومن العجائب أن السيوطي أورده هذا الحديث في "الجامع الصغير" من رواية ابن عساكر، مع أنه أورده أيضاً في "ذيل الأحاديث الموضوعة" من طريق الديلمي وقال عقبه: "قال في "الميزان": هذا موضوع، ومجاشع قال فيه ابن معين: أحد الكذابين". 3172 - (إن أهل الجنة يتزاورون على النجائب، بيض كأنهن الياقوت، وليس في الجنة شيء من البهائم إلا الإبل والطير) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 204/ 1) : حدثنا محمد بن عبد وس بن كامل: أخبرنا الحسن بن حماد: أخبرنا جابر بن نوح عن واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء، جابر وواصل وأبي سورة؛ كل منهم ضعيف. وقصر الهيثمي فقال في "المجمع" (10/ 413) : "رواه الطبراني، وفيه جابر بن نوح، وهو ضعيف"! الحديث: 3172 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 3173 - (إن أهل السماء لا يسمعون شيئاً من أهل الأرض إلا الأذان) . ضعيف جداً رواه أبو بكر المقرىء الأصبهاني في "الفوائد" (3/ 177/ 2) ، وأبو أمية الطرسوسي في "مسند عبد الله بن عمر" (201/ 1) ، وابن الزيات في "حديثه" (3/ 1) ، وابن عدي (236/ 1) ، والديلمي (1/ 2/ 275) ، عن عبيد الله الوصافي عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً. وقال ابن عدي: "والوصافي ضعيف جداً، يتبين ضعفه على حديثه". وقال النسائي والفلاس: "متروك". وساق له في "الميزان" مما أنكر عليه هذا الحديث. الحديث: 3173 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 3174 - (إن أهل النار يعظمون في النار، حتى يصير ما بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبع مئة عام، وغلظ جلد أحدهم أربعين (وفي رواية: سبعين) ذراعاً، وضرسه أعظم من جبل أحد) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 203/ 1) والسياق له، وأحمد (2/ 26) والرواية الأخرى له، وابن عدي (152/ 2) من طريق عمران ابن زيد عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو يحيى القتات وعمران بن زيد - وهو أبو يحيى الطويل - كلاهما لين كما في "التقريب". الحديث: 3174 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 والحديث قال الهيثمي (10/ 391) : "رواه أحمد، والطبرانب في "الكبير" و "الأوسط"، وفي أسانيدهم أبو يحيى القتات، وهو ضعيف، وفيه خلاف، وبقية رجاله أوثق منه". وجملة العاتق منكرة جداً لمخالفتها حديث أبي هريرة: "ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب السريع"، متفق عليه، ونحوها رواية السبعين؛ انظر: "صحيح الترغيب" (27/ 9) . 3175 - (يا زبير! إن باب الرزق مفتوح من لدن العرش، إلى قرار بطن الأرض، يرزق الله كل عبد على قدر همته ونهمته) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 73) من طريق عبد الله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال لي الزبير: مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجبذ عمامتي فالتقت إليه فقال لي: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الله هذا - وهو ابن محمد بن يحيى بن عروة ابن الزبير المدني - وهو متهم، قال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وقال أيضاً: "ضعيف الحديث جداً". قلت: وهو من رواة الحديث الباطل المتقدم (104) بلفظ: "من لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود"! وقد ذكره الذهبي في جملة من بلاياه! الحديث: 3175 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 3176 - (إن بين أيديكم عقبة كؤودا، لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 299-300) من طريق بقية ابن الوليد عن رجل عن أبي حازم الخناصري الأسدي. ثم رواه (5/ 301-302) من طريق السري بن عاصم: أخبرنا إبراهيم بن هراسة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم - قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا ضعيف من الطريق الأولى؛ بقية مدلس وقد عنعنه. والرجل لم يسم. ومن الطريق الأخرى موضوع؛ لأن السري وإبراهيم بن هراسة متهمان بالكذب. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (1/ 194/ 2) لابن عساكر من حديث أبي هريرة به؛ إلا أنه قال: "كؤودا مضرسة". نعم قد صح الحديث من رواية أبي الدرداء بلفظ: "إلا كل مخف"، وقد خرجته في "الصحيحة" برقم (2480) . الحديث: 3176 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 3177 - (إن الزناة يأتون تشتعل وجوههم ناراً) . منكر رواه الطبراني بإسناد فيه نظر عن عبد الله بن بسر مرفوعاً كما في "الترغيب" (3/ 190) ، وبين علته الهيثمي فقال (6/ 255) : الحديث: 3177 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 "رواه الطبراني من طريق محمد بن عبد الله بن بسر عن أبيه ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". قلت: وساق إسناده ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 415) ولكن وقع فيه سقط في مكان أو أكثر من ذلك، فإنه لم يقع فيه ذكر محمد هذا، فلم أتمكن من أجله أن أعتمد على إسناده وأحكم عليه، وقد قال عقبه: "قال أبي: هذا حديث منكر". 3178 - (إن (العشر) عشر الأضحى، و (الوتر) يوم عرفة، و (الشفع) يوم النحر) . منكر أخرجه أحمد (3/ 327) ، وابن جرير في "التفسير" (30/ 108) ، والبزار (ص224-زوائده) من طريق زيد بن الحباب: حدثنا عياش بن عقبة: حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً. وقال البزار: "لا نعلمه إلا بهذا الإسناد". قلت: ورجاله ثقات غير أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، فهي علة الإسناد، فلا يلتبس عليك الأمر بقول الهيثمي فيه (7/ 137) : "رواه البزار وأحمد، ورجالهما رجال الصحيح غير عياش بن عقبة وهو ثقة"؛ فإنه لم يصححه بهذا الكلام، ونحوه قول الحافظ ابن كثير في "تفسيره": "وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة". قلت: وقد كشفنا لك عن العلة، والحمد لله على توفيقه. الحديث: 3178 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 3179 - (إن سالماً شديد الحب لله عز وجل، لو كان لا يخاف الله ما عصاه) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 177) عن محمد بن إسحاق عن الجراح بن المنهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال: قدمت المدينة في زمان عثمان فأتيت عبد الله بن الأرقم، فقال: حضرت عمر رضي الله عنه عند وفاته مع ابن عباس والمسور بن مخرمة، فقال عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) ، فلقيت ابن عباس، فذكرت ذلك له، فقال: صدق، انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به، فجئنا المسور، فقلت: إن عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث، قال: حسبك، لا تسل عنه بعد عبد الله بن الأرقم". قلت: وهذا موضوع بهذا التمام؛ آفته الجراح هذا؛ قال البخاري ومسلم: "منكر الحديث"، وقال النسائي والدارقطني: "متروك"، وقال ابن حبان: "كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر". وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي صالح كاتب الليث: حدثني ابن لهيعة عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم به مرفوعاً دون قوله: "لو كان .... "، ودون القصة. وابن لهيعة ضعيف، ونحوه أبو صالح، واسمه عبد الله بن صالح. الحديث: 3179 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 3180 - (مه! إن صاحب الدين له سلطان على صاحبه، حتى يقضيه) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2425) عن حنش عن عكرمة عن ابن الحديث: 3180 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 عباس قال: جاء رجل يطلب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بدين أو بحق، فتكلم ببعض الكلام، فهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حنش هذا لقبه، واسمه الحسين بن قيس أبو علي الرحبي؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك". وقال البوصيري في "الزوائد" (169/ 1- نسخة المكتب) : "وهذا إسناد ضعيف؛ حنش ... ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخاري والنسائي والعقيلي وابن عدي والجوزجاني والبزار والدارقطني وغيرهم". 3181 - (إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 8/ 2) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: أخبرنا بشار بن موسى الخفاف: أخبرنا الحسن بن زياد البرجمي - إمام مسجد محمد بن واسع - عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك قال: خرج عثمان رضي الله عنه مهاجراً إلى أرض الحبشة ومعه رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاحتبس على النبي - صلى الله عليه وسلم - خبرهم، فكان يخرج يتوكف عنهم الخبر، فجاءته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (2/ 596/ 1311) ، ويعقوب الفسوي في "تاريخه" (3/ 255) ، وابن عدي (35/ 1-2) من طريق أخرى عن بشار به، وقال ابن عدي: "وبشار رجل مشهور بالحديث، ويروي عن قوم ثقات، وأرجو أن لا بأس به، الحديث: 3181 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 وأنه قد كتب الحديث الكثير، وقد حدث عنه الناس، ولم أر في حديثه شيئاً منكراً، وقول من وثقه أقرب إلى الصواب ممن ضعفه". كذا قال. وفيه نظر؛ فإن البخاري ممن ضعفه جداً بعد أن عرفه، فقال: "منكر الحديث، قد رأيته، وكتبت عنه، وتركت حديثه". ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف، كثير الغلط، كثير الحديث". وأورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين" وقال: "ضعفه أبو زرعة، وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به". وأعله الهيثمي بشيخه الحسن بن زياد فقال (9/ 81) : "رواه الطبراني، وفيه الحسن بن زياد البرجمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! والحديث عزاه الحافظ في "المطالب العالية" (4/ 54-55) لأبي يعلى، وسكت عليه، وكذلك فعل في "الفتح" (7/ 188) بعد أن عزاه ليعقوب بن سفيان! وهذا يعني أنه ليس كل ما سكت عنه حسن من حيث الواقع. (تنبيه) : عند جميع مخرجي الحديث غير الطبراني زيادة في أوله: "صحبهما الله، إن عثمان .... ". 3182 - (إن عدة الخلفاء بعدي عدد نقباء موسى) . ضعيف أخرجه ابن عدي (115/ 1-2) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" الحديث: 3182 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 (16/ 286) عن خالد: حدثنا مجالد، عن الشعبي عن مسروق قال: قال رجل لعبد الله بن مسعود: هل حدثكم نبيكم بعدد الخلفاء من بعده، فما سألني أحد عنها قبله (!) ، قال: ... فذكره. قلت: خالد هذا - وهو ابن يزيد ابن أسد البجلي القسري - قال ابن عدي في آخر ترجمته: "له أحاديث غير ما ذكرت، وأحاديثه كلها لا يتابع عليها، لا إسناد ولا متناً، ولم أر للمتقدمين فيه قولاً، ولعلهم غفلوا عنه، وقد رأيتهم تكلموا فيمن هو خير من خالد، فلم أجد بداً من أن أذكره، وأن أبين صورته، وهو عندي ضعيف، إلا أن أحاديثه إفرادات، ومع ضعفه يكتب حديثه". قلت: ومجالد - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي أيضاً. 3183 - (يا غلام! قل: (لا إله إلا الله) ، قال: لا أستطيع أن أقولها، قال: ولم؟ قال: لعقوق والدتي، قال: أحية هي؟ قال: نعم، قال: أرسلوا إليها، فارسلوا إليها؛ فجاءت، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "ابنك هو"؟ قالت: نعم. قال: "أرأيت لو أن ناراً أججت؛ فقيل لك: إن لم تشفعي له قذفناه في هذه النار"!؟ قالت: إذن كنت أشفع له، قال: "فأشهدي الله، وأشهدينا معك بأنك قد رضيت". قالت: قد رضيت عن ابني، قال: الحديث: 3183 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 "يا غلام! قل: (لا إله إلا الله) ". فقال: (لا إله إلا الله) ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله الذي أنقذه من النار". موضوع. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (3/ 461) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 37) ، والخرائطي في "مساوىء الأخلاق" (120/ 251) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 197-198) والسياق له، و"الدلائل" أيضاً (6/ 205-206) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 369-370) من طرق عن فائد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن هاهنا غلاماً قد احتضر؛ يقال له: قل: (لا إله إلا الله) ، فلا يستطيع أن يقولها. قال: "أليس قد كان يقولها في حياته؟ " قالوا: بلى، قال: "فما منعه منها عند موته؟ ". قال: فنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهضنا معه حتى أتى الغلام فقال: (فذكره) . قال البيهقي: "تفرد به أبو الورقاء - فائد -، وليس بالقوي"! كذا قال، وتساهل، فإن فائداً هذا أسوأ مما قال، ينبئك عن ذلك ما يأتي من أقوال الحفاظ المتقدمين منهم وغيرهم، فقد قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 148) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 "رواه الطبراني، وأحمد باختصار كثير، وفيه فائد أبو الورقاء، وهو متروك". ونحوه في "الترغيب" (3/ 222) . وفي عزوهما لأحمد نظر؛ لأن ابنه عبد الله لما ساق الطرف الأول من الحديث أتبعه بقوله (4/ 382) : "فذكر الحديث بطوله، وكان في كتاب أبي فلم يحدثنا به، وضرب عليه من كتابه؛ لأنه لم يرض حديث فائد بن عبد الرحمن، وكان عنده متروك الحديث". وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، وفي طريقه فائد، قال أحمد: متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، وقال العقيلي: لا يتابعه على هذا غلا من هو مثله". قلت: تمام كلام ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 403) : "كان يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن ابن أبي أوفى بالمعضلات، لا يجوز..". 3184 - (إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم. قال أبو سلمة: فقلت لأبي هريرة: الهموم في المعيشة؟ قال: نعم) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 291-292) ، ومن طريقه الديلمي (1/ 2/ 287) قال: حدثنا محمد بن عبد الله أبو بكر: حدثنا حاجب بن أركين: حدثنا سيار بن نصر: حدثنا محمد بن عبد الله المروزي: حدثنا الفضل ابن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 3184 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ سيار بن نصر وشيخه المروزي لم أجد من ترجمهما. وحاجب بن أركين هو الفرغاني الضرير المحدث؛ ثقة حافظ توفي سنة ست وثلاث مئة، له ترجمة في "تاريخ ابن عساكر" (4/ 39/ 1-2) وغيره. ثم رواه أبو نعيم (2/ 319) بإسناد آخر مظلم عن صالح بن عبد الله المروزي: حدثنا الفضل بن موسى به. وصالح هذا لعله محرف من (محمد) ولم أعرفه أيضاً، أو العكس. 3185 - (إن قذف المحصنة يهدم عمل مئة سنة) . ضعيف أخرجه البزار (1/ 71/ 105- كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 147/ 1) عن ليث عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق هو السبيعي، وكان مدلساً مختلطاً. وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف لاختلاطه، وبه أعله الهيثمي فقال في "المجمع" (6/ 279) : "رواه الطبراني، والبزار، وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وقد يحسن حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح". وعزاه السيوطي للحاكم أيضاً، ولم أره في "مستدركه" حتى الآن. ثم رأيته أخرجه في آخر حديث في "كتاب الأهوال" (4/ 573) من الوجه المذكور. الحديث: 3185 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 3186 - (إن قلب ابن آدم مثل العصفور، يتقلب في اليوم سبع مرات) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الإخلاص"، ومن طريقه الحاكم (4/ 307و329) : حدثني سويد بن سعيد: حدثني بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح مرفوعاً، وقال: "صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: فيه انقطاع". قلت: يعني بين خالد بن معدان وأبي عبيدة؛ فإنه لم يلقه؛ كما قال يعقوب ابن شيبة وأبو نعيم. وبقية بن الوليد مدلس وقد عنعنه. وسويد بن سعيد فيه ضعف. الحديث: 3186 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 3187 - (إن لجهنم باباً لا يدخله إلا من شفى غيظه في معصية الله عز وجل) . ضعيف رواه البزار (4/ 187/ 3505) ، والديلمي (1/ 2/ 293) عن قدامة بن محمد بن قدامة: حدثنا إسماعيل بن شيبة الطائفي عن عطاء ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن شيبة الطائفي قال فيه الذهبي في "الميزان": "واه". الحديث: 3187 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 وضعفه ابن عدي. وساق له بهذا الإسناد أحاديث أخرى وقال: "وكل هذه الأحاديث بهذا الإسناد غير محفوظة". وقال البزار: "لا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد، وقدامة ليس به بأس، وإسماعيل حدث بأحاديث لم يتابع عليها". والحديث عزاه السيوطي لابن أبي الدنيا في "ذم الغضب" عن ابن عباس فقال المناوي: "قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف. ورواه عنه أيضاً البزار من حديث قدامة بن محمد عن إسماعيل بن شيبة. قال الهيثمي: وهما ضعيفان وقد وثقا، وبقية رجاله رجال الصحيح". 3188 - (إن لجواب الكتاب حقاً كرد السلام) . ضعيف جداً رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن ابن عباس مرفوعاً كما في "الجامع" وتعقبه المناوي بقوله: "رواه أيضاً ابن لال، ومن طريقه وعنه أورده الديلمي، فلو عزاه له لكان أولى، ثم إن فيه جويبر بن سعيد - قال في "الكاشف": تركوه - عن الضحاك، وقد سبق، قال ابن تيمية: والمحفوظ وقفه". قلت: الموقوف رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "كتاب الأدب" (1/ 152/ 1) وإسناده هكذا: حدثنا شريك عن العباس بن ذريح عن الشعبي قال: قال ابن عباس: إني لأرى لجواب الكتاب علي حقاً كرد السلام. ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (رقم1117) و"التاريخ" (4/ 1/ 7) ، وشريك - وهو ابن عبد الله - سيىء الحفظ. الحديث: 3188 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 وقد رواه القضاعي (85/ 1) من طريق آخر عن محمد بن مقاتل عن شريك ابن عبد الله عن العباس بن ذريح عن الشعبي عنه وقال: "وليس بالقوي، يعني إسناده". وله طريق أخرى عنه موقوفاً! أخرجه المحاملي في "الأمالي" (ج5 رقم48) من طريق عمر بن أبي زائدة عن عبد الله بن أبي السفر عن ابن عباس. قلت: رجاله ثقات، ولولا أن هشيماً عنعنه عن ابن أبي زائدة هذا لحكمت له بالصحة. وعلى كل حال فهو حسن بمجموع الطريقين عنه موقوفاً. 3189 - (اتق الله في عسرك ويسرك) . ضعيف "ذكره أبو قرة الزبيدي في "السنن" عن المثنى بن الصباح عن كليب بن طليب عن أبيه: أنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعه يقول: ... فذكره". كذا في ترجمة (طليب) من "الإصابة". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ كليب بن طليب وأبوه لا يعرفان إلا بهذا الإسناد، ولذلك قال الذهبي في "التجريد" (1/ 278/ 2939) : "وهما مجهولان". وكذا قال ابن الأثير فيما نقله المناوي، وقال: "وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه". وأقول: قد ذكرت أكثر من مرة أن رموز "الجامع" لا يوثق بها؛ لأسباب شرحتها في مقدمة "صحيح الجامع" و "ضعيف الجامع"، ومن ذلك اختلاف الحديث: 3189 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 النسخ، ففي بعضها ما ليس في البعض الآخر، والمثال بين أيدينا، فهذا الحديث ليس فيه الرمز المذكور في نسخة "الجامع" التي عليها "فيض القدير"!! 3190 - (إن لصاحب القرآن عند كل ختمة دعوة مستجابة، وشجرة في الجنة، لو أن غراباً طار من أصلها لم ينته إلى فرعها حتى يدركه الهرم) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (9/ 390) عن رقاد بن إبراهيم: حدثنا أبو عصمة: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو عصمة هذا - وهو نوح بن أبي مريم، الملقب بـ (الجامع) - جمع كل شيء من العلوم إلا الصدق! قال الحافظ: "كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع". ويزيد الرقاشي ضعيف. ورقاد بن إبراهيم لم أعرفه. الحديث: 3190 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 3191 - (إن لقمان الحكيم كان يقول: إن الله إذا استودع شيئاً حفظه) . ضعيف رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (93/ 2) عن نهشل الضبي عن أبي غالب عن ابن عمر مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (2/ 87) إلا أنه قال: عن قزعة عن ابن عمر ... وقال مرة نهشل: عن قزعة أو عن أبي غالب. قلت: نهشل ثقة؛ كما قال ابن معين، وسائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير أبي غالب هذا؛ فقال ابن معين: "لا أعرفه". وقال الحافظ: "مستور". الحديث: 3191 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 قلت: ولما كان الراوي قد تردد في كون الحديث عنه أو عن قزعة، لم يجز الحكم على الحديث بصحة لثقة قزعة، ولا بالضعف لجهالة أبي غالب، وإنما التوقف حتى يترجح لدينا أحد الوجهين. وهذا من الوجهة العملية معناه أن يعامل الحديث معاملة الضعيف ما دام أننا لم نصححه. فتأمل. وقد صح الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم - لا من قول لقمان، وقد خرجته في "الصحيحة" (2547) . 3192 - (إن لكل شيء نسبة، وإن نسبة الله عز وجل (قل هو الله أحد الله الصمد) ، وإن (الصمد) ليس بأجوف) . ضعيف جداً رواه السلفي في الثاني عشر من "المشيخة البغدادية" (49/ 1) عن عثمان بن عبد الرحمن: حدثنا الوازع - يعني: ابن نافع - عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ الوازع بن نافع متروك؛ كما قال النسائي وغيره. وعثمان بن عبد الرحمن الظاهر انه الحراني المعروف بـ (الطرائفي) ، قال الحافظ: "صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعفوه بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين". قلت: وقد تابعه علي بن ثابت عن الوازع به، دون قوله: "وإن الصمد ... ". أخرجه أبو بكر القطيعي في "قطعة من حديثه" (71/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 222/ 732) . الحديث: 3192 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 وعلي بن ثابت - وهو أبو أحمد الجزري - قال الحافظ: "صدوق ربما أخطأ، وقد ضعفه الأزدي بلا حجة". قلت: فالآفة من الوازع بن نافع؛ فالحديث ضعيف جداً. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 146) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الوازع وهو متروك". وقد روي الشطر الأخير منه بسند آخر أحسن حالاً من هذا، أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 58/ 1) من طريق أبي مسلم قائد الأعمش عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه رفعه قال: "الصمد الذي لا جوف له". ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في "أحاديثه" (14/ 2) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (10/ 14/ 1) ، والروياني في "مسنده" (6/ 8/ 2) ، وابن عدي (198/ 2) ، والسلفي في "الثاني عشر من المشيخة البغدادية" (50/ 1) كلهم من طريق محمد بن عمر الرومي عن أبي مسلم به. وقال ابن عدي: "لا أعرفه عن صالح إلا من رواية قائد الأعمش عنه، وعنه محمد بن عمر الرومي، وصالح بن حيان، عامة ما يرويه غير محفوظ". قلت: هو ضعيف كما جزم به الحافظ في "التقريب". ومثله قائد الأعمش، والرومي لين الحديث. ومن هذا نعلم أن اقتصار الهيثمي (7/ 144) في إعلاله إياه بصالح بن حيان فقط فيه تقتصر واضح. وأقبح منه تصحيح الأخ الشيخ نسيب الرفاعي إياه في الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 "مختصر تفسير ابن كثير" (4/ 441) غفر الله له. 3193 - (إن لكل أمة حكيماً، وحكيم هذه الأمة أبو الدرداء) . ضعيف جداً رواه الدينوري في "المجالسة" (ق30/ ب) - ومن طريقه: ابن عساكر (13/ 371/ 1) -: حدثنا محمد بن يحيى السعدي: أخبرنا أبو أسامة: أخبرنا الأحوص بن حكيم عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع إرساله؛ فيه الأحوص بن حكيم، وهو ضعيف الحفظ. ومحمد بن يحيى السعدي لم أعرفه. والدينوري - وهو أحمد بن مروان - قال الذهبي: "اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره". الحديث: 3193 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 3194 - (إن لكل شجرة ثمرة، وثمرة القلب الولد، إن الله لا يرحم من لا يرحم ولده. والذي نفسي بيده! لا يدخل الجنة إلا رحيم. قلنا: يا رسول الله! كلنا يرحم، قال: ليست الرحمة أن يرحم أحدكم صاحبه؛ إنما الرحمة أن يرحم الناس) . ضعيف جداً رواه البزار (2/ 377/ 1889) من طريق أبي المهدي سعيد ابن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مرفوعاً. قال الهيثمي: (8/ 155) : "وفيه أبو مهدي سعيد بن سنان؛ وهو ضعيف متروك". وقال المناوي: الحديث: 3194 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 "قال العلائي: فيه سعيد بن سنان ضعيف جداً، بل متروك". ومن طريقه أخرجه ابن عدي (ق175/ 1) ، وعنه أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (226/ 2) . وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه غير محفوظ". 3195 - (هل بقي من والديك أحد؟ قال: أمي، قال: فأبل الله في برها، فإذا فعلت ذلك فأنت حاج، ومعتمر، ومجاهد، فإذا رضيت عنك أمك فاتق الله وبرها) . منكر بهذا السياق والتمام أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5/ 149-150) : حدثنا إبراهيم بن الحجاج: حدثنا ميمون بن نجيح أبو الحسن الناجي: حدثنا الحسن عن أنس قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه. قال: ... فذكره. وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/ 234/ 4463) ، و "المعجم الصغير" (ص43- هندية) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 179/ 7835) من طرق عن إبراهيم بن الحجاج السامي به. وقال الطبراني: "لم يروه عن الحسن إلا ميمون بن نجيح". قلت: روى عنه ثقات آخرون، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/ 472) وقال: "يخطىء". الحديث: 3195 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 وبقية رجاله ثقات، لكن الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه، ولم يتنبه لهذا المنذري فقال في "الترغيب" (3/ 214) : "رواه أبو يعلى، والطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وإسنادهما جيد، ميمون بن نجيح وثقه ابن حبان، وبقية رواته ثقات مشهورون". ونحوه في "مجمع الزوائد" (8/ 138) . والأحاديث بمعناه كثيرة في الكتابين المذكورين وغيرهما، وليس فيها قوله: "فإذا فعلت.." إلخ، فهو منكر. 3196 - (إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، آلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار، فإذا كان يوم القيامة خلوا مع الله عز وجل يحدثهم ويحدثونه، والناس في الحساب) . ضعيف جداً رواه تمام في "الفوائد" (240/ 2) : أخبرنا أبو علي محمد ابن هارون بن شعيب الثمامي: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب: حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن سلمة بن وردان عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ محمد بن هارون هذا؛ قال عبد العزيز الكناني: "كان يتهم". قال الحافظ في "اللسان": "وقد وجدت له حديثاً منكراً"، ثم ساق له هذا، ثم قال: "وسلمة وإن كان ضعيفاً، لا يحتمل مثل هذا". وله شاهد من حديث إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال: حدثنا كثير بن عبد الله الحديث: 3196 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 ابن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعاً. رواه أبو محمد الجوهري في "أربعة مجالس" (113/ 1) ، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 473/ 1129) . قلت: وكثير هذا متهم بالكذب. 3197 - (إن لله عباداً يضن بهم عن القتل، ويطيل أعمارهم في حسن العمل، ويحسن أرزاقهم، ويحييهم في عافية، ويقبض أرواحهم في عافية [على الفرش] ، ويبعثهم في عافية، ويعطيهم منازل الشهداء) . ضعيف جداً كذا أورده الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (46) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعاً، وقال: "أخرجه الطبراني، وأبو نعيم في "الطب"، وفي سنده حفص بن سليمان، وهو ضعيف". قلت: بل هو متروك الحديث مع إمامته في القراءة؛ كما قال الحافظ نفسه في "التقريب". وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 75/ 1) عن عمرو بن طلحة القناد: أخبرنا حفص بن سليمان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً. ورواه إبراهيم بن طهمان في "المشيخة" (1/ 141/ 1) عن نصر أبي جزي عن علي بن الحكم عن أبي الحسن عن سعيد بن عامر مرفوعاً به مختصراً بلفظ: الحديث: 3197 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 "إن لله ضنائن من عباده، يضن بهم من القتل والأمراض، يعيشهم في عافية، ويميتهم في عافية". ونصر هذا - وهو ابن طريف - من المعروفين بوضع الحديث؛ كما قال ابن معين. وخالفه سلام بن سعيد المصري فقال: حدثنا أبو الحكم البناني عن أبي الحسن الشامي عن أبي أسماء الرحبي عن أبي هريرة مرفوعاً به، وزاد: "ويدخلهم الجنة في عافية". أخرجه أبو القاسم الحسيني في "الأمالي" (12/ 1) . قلت: وسلام بن سعيد المصري لم أعرفه. وأبو الحكم البناني هو علي بن الحكم الذي في الطريق الأولى وهو ثقة. وأبو الحسن الشامي لم أعرفه أيضاً. 3198 - (إن لله مئة وسبع عشرة شريعة، من وافاه بخلق منها دخل الجنة) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص5- زوائده) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 336/ 8550) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 256) عن عبد الواحد ابن زيد عن عبد الله بن راشد مولى عثمان مرفوعاً. وقال البزار والبيهقي - واللفظ للأول -: "لا نعلمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، وعبد الواحد ليس بالقوي، وعبد الله بن راشد مجهول". الحديث: 3198 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 قلت: عبد الواحد شر من ذلك؛ فقد قال البخاري: "تركوه" كما في "الميزان" للذهبي، وساق له من مناكير هذا الحديث بلفظ: "خلق" بدل: "شريعة". وبهذا اللفظ أورده في "الجامع" برواية الحكيم، وأبي يعلى، والبيهقي في "الشعب". وبه أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (252) في ترجمة عبد الواحد هذا، وقال: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا من وجه لا يثبت". وروى عن البخاري ما تقدم عنه. وعن ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي في "الضعفاء" (ص20) : "متروك الحديث". ثم قال البيهقي: "وقد خولف في إسناده ومتنه، وهو أيضاً ليس بالقوي". ثم ساقه من طريق عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن راشد - مولى عثمان بن عفان - قال:سمعت أبا سعيد الخدري.. فذكره مرفوعاً بلفظ: "إن بين يدي الله عز وجل لوحاً فيه ثلاث مئة وخمس عشرة شريعة، يقول الرحمن: وعزتي وجلالي! لا يأتيني عبد من عبادي ما لم يشرك فيه بواحدة منهن إلا أدخلته الجنة". و (عبد الرحمن بن زياد) هو الإفريقي، ضعيف. وعبد الله بن راشد ضعفه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 3199 - (إن لله ملكاً لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت) . منكر رواه الطبراني (3/ 123/ 1) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 318) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري: أخبرنا وهب الله بن رزق أبو هريرة: أخبرنا بشر بن بكر: أخبرنا الأوزاعي: حدثني عطاء عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. وقال الذهبي في "العلو" (ص66 طبع الأنصار) : "حديث منكر". ولم يبين علته. وإنما هي في نقدي وهب الله هذا؛ فإنهم أغفلوه ولم يترجموه، وما ذلك إلا لجهالته وقلة روايته. الحديث: 3199 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 3200 - (إن لله ملكاً موكلاً بمن يقول: يا أرحم الراحمين! فمن قالها ثلاثاً قال الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فاسأل) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 544) عن فضال بن جبير عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً. ذكره شاهداً، وقال الذهبي: "فضال؛ ليس بشيء". قلت: قال ابن عدي في "الكامل" (325/ 1) : "ولفضال بن جبير عن أبي أمامة قدر عشرة أحاديث كلها غير محفوظة". قلت: وكأن هذا الحديث الضعيف هو أصل ما اعتاده كثير من المصلين في عمان وغيرها من مدن الأردن؛ من قولهم دبر كل صلاة: "يا أرحم الراحمين.."، ثلاثاً، ولا أصل له في السنة الصحيحة، بل هو مفوت سنن كثيرة كما هو مشاهد منهم. وصدق من قال من السلف: ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة. الحديث: 3200 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 ثم روى الحاكم من طريق الفضل بن عيسى عن عمه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين! فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سل؛ فقد نظر الله إليك". وقال الحاكم: "الفضل بن عيسى هو الرقاشي، وأخشى أن يكون عم يزيد بن أبان، إلا أني قد وجدت له شاهداً من حديث أبي أمامة". ثم ساق حديث الترجمة. قلت: ويزيد بن أبان - وهو الرقاشي - متروك. والفضل بن عيسى ضعفوه كما في "المغني"،. وقال فيه الحافظ: "منكر الحديث". 3201 - (اتق الله، وأقم الصلاة، وآت الزكاة، وحج البيت، واعتمر، وبر والديك، وصل رحمك، وأقر الضيف، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، وزل مع الحق حيثما زال) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 2/ 30) ، وأبو يعلى في "مسنده" (3/ 137/ 1568) ، وعنه ابن حبان (5852/الإحسان) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 322/ 763) من طريق محمد بن سليمان بن مسمول المخزومي: حدثنا القاسم بن المخول البهزي ثم السلمي، قال سمعت أبي يحدث - الحديث: 3201 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 وكان أدرك الجاهلية والإسلام - قال: نصبت حبائل لي بالأبواء، فوقع في حبل منها ظبي، فانقلب الحبل، فخرجنا في أثره أقفوه، فوجدت رجلاً قد أخذه، فتناوعنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجدناه نازلاً بأبواء تحت شجرة قد استظل بنطع، فقضى به بيننا شطرين، فقلت: يا رسول الله! هذه حبائلي في رجله، قال: "هو ذاك". قلت: يا رسول الله! إنا نكون على الماء فترد علينا الإبل وهي عطاش فنسقيها من الماء، هل لنا في ذلك من أجر؟ قال: "نعم، في كل ذات كبد حرى أجر". قلت: يا رسول الله! الإبل الطوال تلقانا وهي مصراة ونحن جياع؟ قال: "قل: يا صاحب الإبل! يا صاحب الإبل! ثلاثاً "فإن جاء وإلا فحل حرارها فاحلب واشرب وأعد صرارها وبق للبن دواعيه"، ثم أنشا يحدثنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يأتي على الناس زمان يكون خير المال فيه غنم بين المسجدين - يعني مسجد المدينة ومسجد مكة - تأكل الشجر وترد المياه، يأكل صاحبها من رسلها، ويلبس من أصوافها - أو قال من أشعارها - والفتن ترتكس بين جراثيم العرب، والدماء تسفك"، يقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً. قلت: يا رسول الله أوصني! قال: ... فذكر الحديث. والسياق للطبراني، وليس البخاري منه إلا حديث الترجمة، وروى منه في "المعجم الأوسط" (7/ 296/ 7542) المقطع الأخير: (يأتي على الناس زمان..) إلخ من طريق الشاذكوني: حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول المخزومي به. وقال: طلا يروى عن (مخول النهزي) إلا بهذا الإسناد، تفرد به الشاذكوني"! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 وهذا من أوهامه أو نسيانه، فقد قرنه في "الكبير" بغيره! وعنه أبو يعلى، وعن ثالث البخاري. وعلة الحديث (ابن مسمول) هذا - بالمهملة - قال الحافظ في "الإصابة" (3/ 393) : "ضعيف، وأخرجه ابن السكن من طريقه، وقال: ليس لمخول رواية بغير هذا الإسناد". قلت: وقال الذهبي في ترجمة (ابن مسمول) من "المغني": "ضعفوه". وشذ ابن حبان فوثقه! ووافقه العجلي، وساق له ابن عدي في "الكامل" بعض المناكير، تقدم بعضها برقم (2357) . ثم قال (6/ 208) : "وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده ومتنه". وإن من تمام شذوذ ابن حبان أنه أورد شيخ هذا الضعيف (القاسم بن مخول) في "ثقاته" (5/ 306) أيضاً، ولم يرو عنه كما في "التاريخ" و "الجرح"! 3202 - (إن له مرضعاً في الجنة - يعني: إبراهيم بن محمد - صلى الله عليه وسلم - -، ولو عاش لكان صديقاً نبياً، ولو عاش لعتقت أخواله القبط، وما استرق قبطي) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1511) ، وابن منده في "معرفة الصحابة" (42/ 231/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (1/ 213/ 1) عن إبراهيم بن عثمان بن عبد الله بن المخارق أبي شيبة - وهو جد ابني أبي شيبة - عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس قال: الحديث: 3202 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 لما مات بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم هذا متروك الحديث؛ كما في "التقريب". وتابعه بقية عن الحكم به. أخرجه ابن عساكر (1/ 215/ 1) من طريق محمد بن يونس: أنبأنا سعد ابن أوس أبو زيد الأنصاري: أنبأنا بقية عنه. و (بقية) مدلس وقد عنعنه، فمن المحتمل أن يكون تلقاه عن إبراهيم هذا أو غيره من المتهمين ثم دلسه! ثم إن في الطريق إليه محمد بن يونس وهو الكديمي؛ وضاع! والجملة الأولى منه، أخرجها ابن عساكر من حديث أنس والبراء وعبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً. وحديث البراء في "صحيح البخاري" (1382) ، وابن حبان (6910-الإحسان) ، واستدركه الحاكم (4/ 38) فوهم، وأخرجه الطيالسي أيضاً (729و742) ، وأحمد (4/ 283و284و289و297و300و302و304) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/ 139و140) . والجملة الثانية يشهد لها ما روى أبو عوانة عن إسماعيل السدي قال: "سالت أنس بن مالك قال: قلت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إبراهيم؟ قال: لا أدري، رحمة الله على إبراهيم، لو عاش كان صديقاً نبياً". أخرجه أحمد (3/ 133و280-281) ، وابن سعد (1/ 140) . قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. وله شاهد من حديث جابر مرفوعاً: "لو عاش إبراهيم لكان نبياً". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 أخرجه ابن عساكر (1/ 213/ 2) بسند ضعيف عنه. وروى البخاري (10/ 476-فتح) ، وابن ماجه (1510) ، وأحمد (4/ 353) ، وابن عساكر (15/ 279/ 2) عن إسماعيل بن أبي خالد قال: "قلت لعبد الله بن أبي أوفى: رأيت إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: مات وهو صغير، ولو قضي أن يكون بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي لعاش ابنه، ولكن لا نبي بعده". وأما الجملة الأخيرة فلم أجد لها شاهداً قوياً موصولاً. وإنما أخرج ابن سعد (1/ 144) بسند صحيح عن مكحول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في ابنه إبراهيم لما مات: "لو عاش ما رق له خال". ومكحول تابعي، فالحديث مرسل، فتبقى هذه الجملة على الضعف لتعريها عن الشاهد القوي. والله أعلم. وقد مضى الحديث بأقل تخريجاً مما هنا (220) . 3203 - (إن من أسرق السراق من سرق منار الأرضين، وإن من أعظم الخطايا من اقتطع مال بغير حق، وإن من أفضل الحسنات لعيادة المريض، وإن من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى تجمع بينهما، وإن لبس الأنبياء القميص مثل السراويل، وإن مما يساعد به الدعاء عند العطاس) . ضعيف رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 336/ 843) ، الحديث: 3203 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 والضياء في "موافقات هشام بن عمار" (56/ 1) والسياق له، عن معاوية بن يحيى - يعني: الطرابلسي -: حدثنا معاوية بن يزيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي رهم السمعي مرفوعاً. وقال: "روى منه ابن ماجه ذكر النكاح عن هشام". قلت: أخرجه ابن ماجه (1975) ، وقال البوصيري في "الزوائد" (143/ 2) : "هذا إسناد مرسل، أبو رهم هذا اسمه أحزاب بن أسيد - بفتح الهمزة، وقيل: بضمها -، قال البخاري: تابعي. وقال أبو حاتم: ليست له صحبة. وذكره ابن حبان في "الثقات" ". وسائر رجاله موثقون، وفي بعضهم كلام، والحديث ضعيف لإرساله. وفيه (معاوية بن يحيى الأطرابلسي) ضعيف. قال في "التقريب": "صدوق له أوهام". 3204 - (إن من (المنشآت) التي كن في الدنيا عجائز عمشاً رمصاً) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 225) من طريق موسى بن عبيدة عن يزيد ابن أبان عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً وقال: "حديث غريب؛ لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى ابن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي في الحديث". الحديث: 3204 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 3205 - (إن من معادن التقوى تعلمك إلى ما قد علمت علم ما لم تعلم، والنقص فيما قد علمت قلة الزيادة فيه، وإنما يزهد الرجل في علم ما لم يعلم، قلة الانتفاع بما قد علم) . ضعيف جداً أخرجه ابن جميع في "معجم الشيوخ" (ص340) ، والخطيب في "التاريخ" (1/ 414) من طريق مسور بن عيسى قال: أخبرنا القاسم بن يحيى قال: أخبرنا ياسين عن الزبير عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعنه. وياسين الزيات متروك؛ كما قال النسائي وغيره. ومن دونه لم أعرفهما. وأخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (1/ 95) إلا أنه وقع فيه (الميمون بن عيسى أبو عيسى البصري) ولم أعرفه أيضاً. والحديث جزم الشيخ الغماري في كتابه "المداوي" (1/ 551) بأنه موضوع، دون أن يتكلم على إسناده بشيء! ومن الغريب أنه لم يورده في رسالته "المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير".مع واسع الخطو فيه، فقد ذكر فيه بعض الأحاديث الصحيحة مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالشام"! الحديث: 3205 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 3206 - (إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم: إشباع جوعته، وتنفيس كربته) . منكر رواه أبو بكر بن خلاد في "الجزء الثاني من حديثه" (ق110/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 90) عن يحيى بن هاشم السمسار: أخبرنا سفيان الثوري الحديث: 3206 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً، وكذا رواه الحافظ معمر بن عبد الواحد الأصبهاني في "مجلس من أماليه" (154/ 2) . قلت: ويحيى هذا كذبه ابن معين وغيره. وتابعه طلحة بن عمرو: حدثنا محمد بن المنكدر به مختصراً بلفظ: "من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان". أخرجه الحاكم (2/ 524) وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وهو من أوهامه؛ فإن طلحة هذا متروك. وله شاهد رواه الدولابي في "الذرية الطاهرة المطهرة" كما في أحاديث منتقاة منه (13/ 2) : أخبرني أحمد بن الوليد بن الأنطاكي أن ابن أبي فديك حدثهم عن جهم بن عثمان عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده الحسن بن علي مرفوعاً به دون قوله: "إشباع ... ". وكذا رواه الطبراني (1/ 273/ 1) من طريق أخرى عن ابن أبي فديك به ثم رواه أيضاً (1/ 272/ 2) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: حدثنا محمد بن عبادة الواسطي: حدثنا يعقوب بن محمد: أخبرنا جهم بن عثمان به. ورواه القضاعي (94/ 2) من طريق آخر عن الحضرمي به. وهذا سند ضعيف؛ جهم بن عثمان مجهول كما قال أبو حاتم وغيره. وقال ابنه في "العلل" (2/ 309) : "قال أبي: هذا حديث منكر". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 3207 - (إن من نعمة الله على العبد أن يشبهه ولده) . ضعيف رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (33/ 1) عن إبراهيم بن يزيد عن الوليد بن عبد الله عن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ إبراهيم هذا هو الخوزي، وهو ضعيف جداً؛ قال ابن معين: "ليس بثقة". وقال البخاري: "سكتوا عنه". وقال النسائي: "متروك الحديث". والوليد بن عبد الله هو ابن أبي مغيث الحجازي؛ ثقة. والحديث عزاه في "الجامع الصغير" للشيرازي في "الألقاب" عن إبراهيم النخعي مرسلاً. ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء. الحديث: 3207 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 3208 - (إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها، وإنها لتدعو الله عز وجل أن لا يعيدها فيها) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (4318) عن إسماعيل بن أبي خالد عن نفيع أبي داود عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ نفيع هذا متروك، وقد كذبه ابن معين. وتوبع؛ فرواه بكر بن بكار: حدثنا جسر بن فرقد: أخبرنا الحسن عن أنس بن مالك به. الحديث: 3208 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 أخرجه الحاكم (4/ 593) وقال: "صحيح الإسناد"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: جسر واه، وبكر؛ قال النسائي: ليس بثقة". قلت: والحسن هو البصري؛ وهو مدلس وقد عنعنه، ومن المحتمل أن يكون تلقاه عن نفيع ثم أسقطه!! ثم وجدت لأكثره شاهداً قوياً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وضربت بالبحر (وفي رواية: بالماء) مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد". أخرجه أحمد (2/ 244) ، والحميدي (1129) ، وابن حبان (2608) من طريق سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عنه. والرواية الثانية للحميدي، وإسنادهم صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن حبان (9/ 276/ 7419) من طريق أخرى عن أبي الزناد به نحوه دون قوله: "ولولا ذلك .... إلخ". وسفيان هو ابن عيينة. 3209 - (إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا، وشجر يلقحون ما شاؤوا، فلا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً) . ضعيف أخرجه النسائي في "التفسير" من "السنن الكبرى" (6/ 408 الحديث: 3209 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 / 11334) من طريق ابن عمرو بن أوس عن أبيه عن جده به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير ابن عمرو هذا؛ فإنه لا يعرف.أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه أو ..... " من "التهذيب"، وجزم فيه أن اسمه عبد الرحمن. وقال في "التقريب": "يقال: اسمه عبد الرحمن، تقدم في ابن أوس". كذا وقع فيه، والصواب: "في ابن أبي أوس"؛ فقد قال في أول الباب المشار إليه: "ابن أبي أوس الثقفي، وفي رواية: ابن عمرو بن أوس، يقال: اسمه عبد الرحمن، هو عبد الله". كذا الأصل، ولعله: "ويقال: هو عبد الله". هذا كل ما ترجمه به، ومنه تبين أن الرجل مجهول لا يعرف. 3210 - (إنك امرؤ قد حسن الله خلقك، فأحسن خلقك) . ضعيف أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص3) من طريق حلاب جرير: سمعت جرير بن عبد الله يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة حلاب جرير بن عبد الله. والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر؛ قال المناوي: "ورواه أيضاً الخرائطي، والديلمي، وأبو العباس الدغولي في "الآداب"؛ قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف". الحديث: 3210 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 3211 - (إنكم اليوم على دين، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا تمشوا بعدي القهقري) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 354) ، وأبو يعلى (4/ 101/ 2133) والسياق لهما، والبزار (4/ 176/ 3479) عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وهذا إسناد فيه ضعف؛ رجاله ثقات غير مجالد - وهو ابن سعيد - وليس بالقوي، ولم أجد ما أقوي به حديثه هذا. الحديث: 3211 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 3212 - (إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي) . ضعيف أخرجه البزار (3/ 433/ 2645-الكشف) ، والطبراني في "الكبير" (1/ 206/ 1) عن عباد بن يعقوب الأسدي: أخبرنا علي بن هاشم عن شقيق بن أبي عبد الله: حدثني عمارة بن يحيى بن خالد بن عرفطة قال: "كنا عند خالد بن عرفطة يوم قتل الحسين بن علي رضي الله عنه، فقال لنا خالد: هذا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... "، فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمارة هذا لم أجد من ترجمه، وقد ذكره الحافظ في الرواة عن جده خالد بن عرفطة. ثم رأيته في "ثقات ابن حبان" (5/ 244) برواية شقيق، ولا يعرف إلا به. وسائر الرواة ثقات، لكن الأسدي هذا من غلاة الشيعة ورؤوس البدع، لكنه صادق في الحديث؛ كما قال الذهبي. وقد تابعه محمد بن الصلت عن علي بن هاشم به. الحديث: 3212 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 498) لكن وقع فيه: "سفيان بن أبي عبد الله"، وهو خطأ مطبعي؛ فإنه ليس لسفيان هذا ترجمة عنده، وإنما هي لشقيق بن أبي عبد الله. وتساهل الهيثمي كعادته فقال (9/ 194) : طرواه الطبراني والبزار، ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير (عمارة) ، وقد وثقه ابن حبان"! وأقره المناوي في "الفيض"، وأكده في "التيسير" فقال: "ورجاله ثقات"! ولم يتعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" إلا في ضبطه عن (عرفطة) بالفتح، وبين أن الصواب بضم العين ... والفاء، وسكت عن بيان علة الحديث، فعله نزعه عرق التشيع! 3213 - (إن الله قد ذبح كل نون في البحر لبني آدم) . ضعيف جداً أخرجه الدارقطني (538) عن أبراهيم بن يزيد الخوزي عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن سرجس - وكان شيخاً قديماً - قال: (فذكره) مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الخوزي هذا متروك. الحديث: 3213 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 3214 - (إنكم لتبخلون وتبنون وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 348) ، وأحمد (6/ 409) ، والحربي في "الغريب" (5/ 157/ 1) ، والقاضي أحمد بن سليمان بن حذلم في "حديثه" (1/ 146-147) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 300) من طريق ابن أبي سويد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت الحديث: 3214 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 حكيم قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول: ... فذكره. وقال الترمذي: "لا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعاً من خولة". قلت: فالسند ضعيف لانقطاعه. لكن له علة أخرى وهي الجهالة؛ فإن ابن أبي سويد - واسمه محمد - مجهول؛ كما في "التقريب". والجملة الأولى صحيحة؛ فإن لها شواهد، فانظر "تخريج المشكاة" (4691و4692) والحديث الآتي برقم (4764) . 3215 - (يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة والكذب) . ضعيف روي من حديث عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي أمامة، وعبد الله بن أبي أوفى. 1- أما حديث ابن عمر، فيرويه عبيد الله بن الوليد الوصافي عن محارب بن دثار عنه مرفوعاً به. أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (115) ، وابن عدي في "الكامل" (236/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 47/ 2) من طريقين عنه، وقال ابن عدي: "الوصافي ضعيف جداً، يتبين ضعفه على حديثه". وهو كما قال، واقتصر الحافظ على قوله فيه: "ضعيف". 2- وأما حديث سعد؛ فله عنه طريقان: الحديث: 3215 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 الأولى: عن علي بن هاشم بن البريد عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعاً. أخرجه البزار (ص16-زوائده) ، وأبو يعلى (1/ 203) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 47/ 2) ، والقضاعي (48/ 2) ، وقال البزار: "روي عن سعد من غير وجه موقوفاً، ولا نعلم أسنده إلا علي بن هاشم بهذا الإسناد". قلت: ورجاله ثقات كلهم رجال مسلم، غير أن أبا إسحاق - وهو السبيعي - مدلس وقد عنعنه، وابن البريد قد خولف في إسناده كما يأتي بعده. والأخرى: عن أبي شيبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد ابن مالك به. أخرجه ابن عدي (ق2/ 1) . وأبو شيبة هذا اسمه إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة، وهو هالك؛ كما قال الذهبي، وقال الحافظ: "متروك الحديث". قلت: ومع ضعفه الشديد، فقد خالفه في رفعه سفيان الثوري؛ فقال: عن سلمة بن كهيل به موقوفاً على سعد. أخرجه أبو بكر بن شيبة في "كتاب الإيمان" (رقم81-بتحقيقي) : حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان به. وهذا إسناد صحيح موقوف على شرط الشيخين. وأخرجه ابن وهب في "الجامع" (ص79) : أخبرني جرير بن حازم عن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 شعبة بن الحجاج أن سعد بن أبي وقاص قال: ... فذكره موقوفاً عليه. وهذا رجاله ثقات أيضاً لكنه منقطع. ولذلك قال الدارقطني في "العلل" - بعد أن ذكره من حديث سعد مرفوعاً وموقوفاً -: "الموقوف أشبه بالصواب". 3- وأما حديث أبي أمامة؛ فيرويه وكيع: أخبرنا الأعمش قال: حدثت عن أبي أمامة به. أخرجه ابن أبي شيبة (رقم82) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم (114) : حدثنا وكيع به، وبهذا الإسناد أخرجه أحمد أيضاً (5/ 252) . ورجاله ثقات، فهو صحيح لولا جهالة شيخ الأعمش، وقد رواه غير وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعاً، كما مضى بيانه في الحديث (2) ، وهذا أصح منه؛ لأن وكيعاً أحفظ من ابن البريد. والله أعلم. 4- وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى؛ فيرويه سعيد بن زربي عن ثابت البناني عنه مرفوعاً به. أخرجه البيهقي (2/ 105/ 2) وقال: "سعيد بن زربي من الضعفاء". وقال الحافظ: "منكر الحديث". قلت: وجملة القول: إن الحديث ضعيف من جميع طرقه، وليس فيها ما يمكن أن يعضد به، إلا الموقوف، فإن كان له حكم المرفوع فهو شاهد قوي، ولكن لم يتبين لي ذلك. والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 3216 - (اتقوا الله في الصلاة، اتقوا الله في الصلاة، (ثلاثاً) ، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، اتقوا الله في الضعيفين: المرأة الأرملة والصبي اليتيم، اتقوا الله في الصلاة) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 477/ 11053) من طريق أبي المعتمر عمار بن زربي: حدثنا بشر بن منصور، عن ثابت عن أنس قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث حضرته الوفاة، قال: فقال لنا: (فذكره) فجعل يرددها وهو يقول: "الصلاة"، وهو يغرغر حتى فاضت نفسه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته (عمار بن زربي) ؛ فإنه متهم؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 39) : "سألت أبي عنه؟ فقال: "كذاب متروك الحديث"، وضرب على حديثه، ولم يقرأه علينا". وضعفه العقيلي وابن عدي وغيرهما، وشذ ابن حبان - كعادته - فذكره في "الثقات" (8/ 517) وقال: "يغرب ويخطىء" ومثله في الشذوذ، ما جاء في "الكنى والأسماء" للدولابي (2/ 120) : حدثنا أحمد بن شعيب قال:حدثنا أحمد بن سيار أبو أيوب قال: حدثنا عمار بن زربي أبو المعتمر البصري - وكان ثقة - قال: حدثنا المعتمر بن سليمان ... فذكر حديثاً في التعرض لنفحات الله، كنت خرجته في "الصحيحة" (1890) من طرق أخرى، فقوله: "وكان ثقة" لا أدري من قاله، ومن دونه ثقتان، الحديث: 3216 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 فأستبعد أن يكون أحدهما هو الموثق، وخصوصاً (أحمد بن شعيب) وهو الإمام النسائي، فإنه لو كان ذلك منه لعرفه الحفاظ كالذهبي والعسقلاني، ولذكروه في ترجمة الرجل، فإعراضهم عنه دليل على أنه لا أصل له. فإذن؛ من أين جاء هذا التوثيق؟ وعليه أقول: إما أن يكون مقحماً من بعض النساخ، أو هو من أوهام الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه. والله أعلم. هذا، وقد غفل عن علة الحديث المناوي، وتبعه في ذلك من تخصص بتتبع زلاته؛ فوقع فيها، فقال المناوي في "فيض القدير": "رمز المصنف لحسنه، لكن فيه (بشر بن منصور الحناط / الأصل الخياط) أورده الذهبي في "المتروكين"، وقال: هو مجهول قبل المئتين". فتعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" (1/ 158) بما خلاصته: "إن (بشر ابن منصور الحناط) ثقة، فالحديث حسن كما قال المصنف، لا سيما وقد ورد عن أنس من طريق آخر على شرط الصحيح مختصراً". قلت: ولي على هذا التعقب ملاحظات: الأولى: متابعته في الغفلة عن العلة الحقيقية، وهي (عمار بن زربي) ولو أنه تنبه لها لأرعد وأزبد على المناوي! الثانية: موافقته إياه على أن (بشراً) هذا هو الحناط، وهو خطأ لأمرين اثنين: أحدهما: أنهم لم يذكروا في الرواة عنه (عماراً) هذا. وإنما ذكروه في الرواة عن (بشر بن منصور السليمي) . والآخر: أن لعمار هذا حديثاُ آخر قال فيه: حدثنا بشر بن منصور عن شعيب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 ابن الحبحاب بإسناد آخر عن عبد الله بن الشخير ... وقد مضى لفظه وتخريجه برقم (2868) ، وقد ذكروا (شعيباً) هذا في شيوخ (بشر بن منصور السليمي) فهو إذن شيخ عمار في حديث الترجمة، وليس (الحناط) ، أقول هذا بياناً للحقيقة، والسليمي ثقة، وقريب منه (الحناط) . الثالثة: إذا كان (الحناط) ثقة، فهل هذا كاف في الحكم على الحديث بالحسن؟! أم لا بد من نظر في سائر رواة الإسناد، وهذا مما لم يفعله وإلا لما وقع في تلك الغفلة! الرابعة: هب أنه توهم أنه ثقة كسائر رجاله، فلماذا اقتصر في الحكم عليه بالحسن دون الصحة، وإن كان في رأيه فيهم من تكلم فيه بكلام يمنع الحكم عليه بالصحة فلم لم يبينه؟ أهكذا يكون تحقيق من يأذن لأصحابه بأن يلقبوه بالحافظ ويصفوه بذلك في الكتاب المذكور مما طبع في حياته أو بعد وفاته؟! وأخيراً: قوله في حديث أنس: "على شرط الصحيح" فيه تساهل؛ لأنه من رواية قتادة عن أنس، وقتادة مدلس. وقد يغتفر هذا في الشواهد فكان عليه أن يكثر منها تقوية للحديث لو كان له شواهد بتمامه، وهيهات! وقد كنت خرجت بعضها في بعض تأليفاتي، مثل "الصحيحة" (868) و "الإرواء" (2178) ، وهي مختصرة ليس فيها الجملة الأخيرة: "اتقوا الله في الضعيفين ... "، ولا تكرار جملة الصلاة وما بعدها. وإنما ثبتت الجملة الأخيرة بلفظ. "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1015) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 3217 - (إنما الأمل رحمة من الله لأمتي، لولا الأمل ما أرضعت أم ولداً، ولا غرس غارس شجراً) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 51-52) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 2/ 321) من طريق محمد بن إسماعيل بن هارون الرازي بسنده الصحيح عن أنس مرفوعاً به. وقال الخطيب: "هذا حديث باطل، لا أعلم جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي، وكان غير ثقة". وساق له أحاديث أخرى وصفها كلها بأنها باطلة، وقال الذهبي: "هي من وضعه". الحديث: 3217 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 3218 - (إنما الأسود لبطنه وفرجه) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص118) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 292) من طريق خالد بن محمد - من آل الزبير - قال: خرجنا نتلقى الوليد بن عبد الملك مع علي بن الحسين، فعرض حبشي لركابنا، فقال علي بن الحسين: حدثتني أم أيمن، أو قال: سمعت أم أيمن تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال العقيلي: "خالد بن محمد لا يتابع على حديثه، وفي هذا المتن رواية أخرى من وجه أيضاً لين لا يثبت" وقال ابن أبي حاتم: "قال أبي: هذا حديث منكر، وخالد مجهول". وأما ابن حبان فأورده في "الثقات" (2/ 74) على قاعدته في توثيق الحديث: 3218 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 المجهولين، لا سيما وقد ضعفه جداً إمام الأئمة البخاري بقوله: "منكر الحديث". وهذا أقل ما يقال في هذا الراوي لحديث الترجمة؛ فإنه باطل ظاهر البطلان؛ لمخالفته لما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام أن المدح والقدح ليس على اللون والجنس؛ وإنما على العمل الصالح؛ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [13/ الحجرات] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوي"؛ ولذلك فقد أحسن ابن الجوزي صنعاً بإيراده هذا الحديث في "الموضوعات"، ومن تعقبه، فما صنع شيئاً. وأما الرواية الأخرى التي أشار إليها العقيلي في كلامه السابق؛ فالظاهر أنه يشير إلى حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "دعوني من السودان، إنما الأسود لبطنه وفرجه". وهو موضوع أيضاً على ما سبق مني تحقيقه برقم (727) ؛ فراجعه إن شئت. 3219 - (إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد) . منكر بذكر الشرب رواه الديلمي (1/ 2/ 320) من طريق زكريا الساجي: حدثنا سهل بن بحر: حدثنا عبد الله بن رشيد: حدثنا أبو عبيدة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه أتي بهدية فلم يجد شيئاً يضعها عليه فقال: ضعها على الحصي - يعني: الأرض -، ثم نزل فأكل، ثم قال: ... فذكره قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبيدة هذا لم أعرفه. الحديث: 3219 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 وعبد الله بن رشيد قال البيهقي: لا يحتج به. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لابن عدي عن أنس. وزاد عليه المناوي فقال: "وكذا الديلمي، وابن أبي شيبة. قال بعض شراح "الشفاء": وسنده ضعيف". قلت: وفي إسناد ابن عدي في "الكامل" (5/ 334) إبراهيم بن سليمان الزيات البلخي: حدثنا عبد الحكم - وهو ابن عبد الله القسملي - ... ، وكلاهما ضعيف. وروي عن البخاري أنه قال: "منكر الحديث". وابن أبي شيبة إنما في "المصنف" (8/ 313/ 4568) عن مجاهد مرسلاً، ليس فيه جملة الشرب، ولا لفظة العبد! فهذا من تخاليط المناوي الكثيرة، وقد شاركه في شيء منها الشيخ الغماري في "المداوي" (2/ 564) فخلط في التخريج بين هذه الرواية المنكرة، والرواية المحفوظة الآتية. وأغرب منه أنه أحال في بعضها بقوله: "وسيأتي في حرف "لا"، وهو أول حديث فيه". ولم ينزله هناك مطلقاً لا في أوله ولا في آخره!! وقد زاد في الخلط في أول الكتاب (1/ 40-43) بصورة عجيبة تلفت النظر؛ لأن عامة القراء لا يستطيعون أن يميزوا ما صح من تلك الروايات مما لم يصح؛ لأنه هو لم يميزها، بل تركها كما نقلها بأسانيدها! والله المستعان. قلت: والمحفوظ في هذا الحديث " ... وأجلس كما يجلس العبد "، وقد سبق تخريجه في "الصحيحة" (544) و (686) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 3220 - (إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذاباً) . شاذ أو منكر رواه أبو بكر أحمد بن جرير السلماسي في "حديث أبي علي اللحياني" (5-6) عنه قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا العباس قال: حدثنا مروان قال: حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله: ادع الله على المشركين. فقال: ... فذكره. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (453) عن داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا هياج بن بسطام قال: حدثنا يزيد بن كيسان به. إلا أنه قال: "ولم أبعث لعاناً"، وقال: "هياج بن بسطام؛ قال يحيى: ليس بشيء"، ثم قال العقيلي: "ولا يتابع عليه ولا على شيء من حديثه من غير هذا الطريق معروف بإسناد صالح". وكأنه يشير إلى ما رواه مروان بن معاوية الفزاري: حدثنا يزيد - وهو ابن كيسان - عن أبي حازم به. ولفظه: "قال: قيل يا رسول الله! ادع على المشركين، قال: إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة". أخرجه مسلم (8/ 24) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (321) . قلت: العباس الراوي عنه ابن صاعد في الطريق الأولى لم أعرفه، ويحتمل أنه محرف من (عباد) - وهو ابن الوليد الغبري -؛ فقد ذكره الذهبي في شيوخ ابن صاعد من "السير" (14/ 502) ، وكذا المزي في ترجمة (عباد) من "التهذيب". وهو صدوق، وإلا؛ فمجهول لم أعرفه. الحديث: 3220 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 وقد وردت الجملة الأولى منه بزيادة: "مهداة"، وسبق تخريجها برقم (490) . وأخرج الطبراني عن كريز بن أسامة - وقد كان وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: "قيل: يا رسول الله! ادع الله على بني عامر، فقال: إنب لم أبعث لعاناً". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 72) : "وفيه جماعة لم أعرفهم". قلت: ومما سبق يتبين لنا أن الحديث بلفظ: (عذاباً) شاذ؛ إن كان من رواته (عباد) ، وإلا فهو منكر إن كان عن (العباس) ، وأن المحفوظ بلفظ: (لعاناً) ، وقد خرجته في "الصحيحة" (3945) . (تنبيه) لقد أعل المناوي حديث الطبراني بقول الهيثمي المذكور، ثم قصر في "التعبير"، فقال: "فيه مجهول"! فتتبعه الشيخ الغماري في صفحة كاملة (3/ 30-31) مبيناً تناقض المناوي، وأما الحديث فسكت عنه، ولم يذكر حديث أبي هريرة شاهداً له! فهل نصح قراءه؟! 3221 - (إنما سماهم الله الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء) . ضعيف رواه ابن عساكر (17/ 201/ 1) عن موسى بن محمد: أخبرنا هشام ابن عمار: أخبرنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق: حدثني عبيد الله عن محارب عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره في ترجمة موسى هذا، وجده خالد، ويكنى أبا عمران الخياط السابري. نقل عن الخطيب أنه وثقه. قلت: وهذا سند ضعيف؛ عبيد الله هو ابن الوليد الوصافي؛ وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 146) ، الحديث: 3221 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 ونسبه للطبراني بلفظ: " ..... والأمهات والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقاً، كذلك لولدك". ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (94) ، وأبو نعيم (10/ 32) من هذا الوجه موقوفاً على ابن عمر، وهو الأشبه. فكلام المناوي في تعقبه على السيوطي أنه لم يعزه إليه يوهم أنه عنده مرفوع أيضاً وليس كذلك؛ فاقتضى التنبيه. ومن طريق محارب بن دثار رواه الدينوري في "المجالسة" (ص132) ومن طريق ابن عساكر (16/ 136/ 1) مقطوعاً موقوفاً عليه. ورواه أبو نعيم (7/ 81) بسنده عن سفيان الثوري قوله. ثم رأيت الشيخ الغماري في "المداوي" (2/ 564-565) قد أنكر على المناوي تعقبه للسيوطي، وبالغ في ذلك ونسبه إلى الجهل المفرط، وشغله ذلك عن بيان مرتبة الحديث كغالب عادته!! 3222 - (إنما سمي البيت العتيق لأن الله عز وجل أعتقه من الجبابرة، فلم يظهر عليه جبار قط) . ضعيف رواه الترمذي (2/ 200) ، والبخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 201) ، والحاكم (2/ 389) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 334/ 2) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (223/ 2) عن عبد الله بن صالح: حدثني الليث بن سعد قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن محمد بن عروة بن الزبير عن عمه عبد الله بن الزبير مرفوعاً. وقال ابن عساكر: "رواه معمر عن الزهري فوقفه ولم يوصله"، ثم ساق من طريق عبد الرزاق عنه عن الزهري أن ابن الزبير قال: ... فذكره موقوفاً. الحديث: 3222 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 ثم رواه الترمذي من طريق قتيبة: حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً نحوه. قلت: والإسناد الأول ضعيف؛ من أجل عبد الله بن صالح؛ فإنه سيىء الحفظ، لا سيما وقد خالفه قتيبة فرواه عن الليث عن عقيل عن الزهري مرسلاً. فهذا أصح. والحديث أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 274-275) من الوجه الأول، ومن طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً، ثم من الطريق الثانية عن معمر عن الزهري عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير موقوفاً، ثم قال في رواية ابن أبي الأخضر: "هذا خطأ، وحديث معمر عندي أشبه؛ لأنه لا يحتمل أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً". قلت: وابن أبي الأخضر ضعيف أيضاً. وجملة القول؛ أنه قد اختلف فيه على الزهري. والصحيح رواية معمر الموقوفة، وهي التي ترجمها أبو حاتم، أو رواية الليث المرسلة وهي عندي أصح؛ لأن الليث أحفظ من معمر. ومن هذا التحقيق يتبين خطأ قول الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وقول الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"، وإن وافقه الذهبي. والحديث أورده الهيثمي في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (2/ 45/ 1165) من الطريق الأولى، إلا أنه وقع فيه (عبد الله بن عروة) مكان (محمد ابن عروة) ، فهذا اختلاف آخر. وقد خفي على الهيثمي أنه ليس من شرطه لإخراج الترمذي إياه. وقد خفي ذلك على الحافظ في "مختصر الزوائد" (1/ 475) وقال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 قلت: "هذا إسناد حسن"!! 3223 - (تدرون لم سمي شعبان؟ لأنه يشعب فيه خير كثير. وإنما سمي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب؛ أي: يدنيها من الحر) . موضوع رواه الديلمي (2/ 1/ 38) من طريق أبي الشيخ معلقاً، والرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 153) عن الحارث بن مسلم: حدثنا زياد بن ميمون عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ زياد بن ميمون - وهو الثقفي الفاكهي - كذاب؛ كما قال يزيد بن هارون، ونحوه قول البخاري: تركوه. والحارث بن مسلم مجهول. وفي روايته من الطريق المذكور: "تدرون لم سمي رمضان؟ لأنه ترمض فيه الذنوب، وإن رمضان ثلاث ليال من فاتته؛ فاته خير كثير: ليلة سبع وعشرين، وليلة إحدى وعشرين، وآخر ليلة". فقال عمر: يا رسول الله! هي سوى ليلة القدر؟ قال: "نعم: ومن لم يغفر له في شهر رمضان ففي أي شهر يغفر له؟ " قلت: وروي موقوفاً بلفظ: "إنما سمي شهر رمضان لأنه يرمض الذنوب رمضاً، وإنما سمي شوال لأنه تشول فيه الذنوب كما تشول الناقة ذنبها". رواه أبو الحسن الأزدي في "حديث مالك" (205/ 2) عن عمر بن مدرك: الحديث: 3223 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني: حدثنا مالك بن أنس عن شهاب عن عروة عن عبد الله بن عمرو قال: ... فذكره موقوفاً عليه، وزاد: وكان ابن عباس يقول: "يوم الفطر يوم الجوائز، وإنما سمي شعبان لأن الأرزاق تتشعب فيه، وإنما سمي رجب لأن الملائكة ترتج فيه بالتسبيح والتحميد والتمجيد للجبار عز وجل". قلت: وعمر بن مدرك كذاب؛ كما قال ابن معين. وعثمان بن عبد الله العثماني لم أعرفه. 3224 - (إنما سميت الجمعة لأن آدم جمع فيها خلقه) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 397) معلقاً عن محمد بن عيسى بن أبي موسى العطار: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي أمية: حدثنا قيس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع (الأصل مرقع وهو خطأ) الضبي عن سلمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قيس هو ابن الربيع؛ قال الحافظ: "صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به". وعبد الله بن عمرو بن أبي أمية - وهو البصري - لم أجد له ترجمة. ومحمد بن عيسى هذا؛ ترجمه الخطيب؛ ولكنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3224 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 3225 - (إنما يدخل الجنة من يرجوها، ويجنب النار من يخافها، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 225) ، وفي "صفة الجنة" الحديث: 3225 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 (ق6/ 1) ، والديلمي (1/ 2/ 322) من طريق أبي الشيخ عن سويد بن سعيد: حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "حديث غريب من حديث زيد مرفوعاً متصلاً، تفرد به حفص، ورواه ابن عجلان عن زيد مرسلاً". قلت: حفص بن ميسرة احتج به الشيخان؛ فهو أوثق من ابن عجلان، وإنما العلة من الراوي عنه سويد بن سعيد، فإنه ضعيف؛ قال الحافظ: "صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". ولذلك فقد أحسن المناوي حين نقل عن العلائي قوله: "إسناده حسن على شرط مسلم"، وتعقبه بقوله: "وأقول: هذا غير مقبول؛ ففيه سويد بن سعيد، فإن كان الهروي فقد قال الذهبي: قال أحمد: متروك، وقال البخاري: عمي فلقن فتلقن، وقال النسائي: غير ثقة. وإن كان الدقاق فمنكر الحديث؛ كما في "الضعفاء" للذهبي". وأقول: هو الهروي حتماً؛ فإنه الذي روى عن حفص بن ميسرة، وعنه القاسم بن زكريا، وهو أحد الرواة لهذا الحديث عنه. وأما الدقاق فلا يعرف إلا بروايته عن علي بن عاصم فقط. لكن الطرف الأخير من الحديث له شاهد من حديث جرير بن عبد الله مرفوعاً به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 112/ 2) من طريق عمر بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 علي عن إسماعيل عن الشعبي عنه. قلت: ورجاله كلهم ثقات، فهو صحيح لولا أن عمر بن علي هذا - وهو المقدمي - كان يدلس، لكن يصلح شاهداً للطرف الأخير، لا سيما وقد جاء بمعناه من طرق أخرى بعضها في "الصحيحين"، فراجع إن شئت "الترغيب" (3/ 154) . 3226 - (إنما يسلط الله على ابن آدم من خافه ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يخف غير الله لم يسلط الله عليه أحداً، وإنما وكل ابن آدم لمن رجا ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله الله إلى غيره) . موضوع ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية الحكيم عن ابن عمر، ولم يتعقبه الشارح بشيء! وقد وقفت على إسناده عند أبي القاسم الختلي، أخرجه في "الديباج" (69/ 2) عن بقية بن الوليد عن بكر بن حذيم الأسدي عن وهب بن أبان القرشي عن ابن عمر أنه خرج في سفر له، فبينما هو يسير؛ إذا قوم وقوف، فقال: ما بال هؤلاء؟ قالوا: أسد على الطريق قد أخافهم، فنزل عن دابته، ثم مشى إليه حتى أخذ بأذنه فعركها، ثم قفد قفاه ونحاه عن الطريق، ثم قال: ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ اتهم الذهبي به وهب بن أبان هذا، فقال: "لا يدرى من هو؟ وأتى بخبر موضوع". قال الحافظ: "ذكره الأزدي فقال: متروك الحديث غير مرضي. ثم أسند له من طريقه عن ابن عمر ..... " فذكره. الحديث: 3226 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 وبكر بن حذيم؛ كذا الأصل، وفي "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 384) : "حذلم". وقال: "سألت أبي عنه؟ فقال: "هو مجهول، ليس بشيء". وقال في "الميزان": "متروك". وبقية مدلس وقد عنعنه. 3227 - (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل) . موضوع رواه ابن الأعرابي في "المعجم" (16/ 1/ 53-54) ، وعنه القضاعي (96/ 1) ، وابن عساكر (12/ 456/ 1) : أخبرنا محمد زكريا الغلابي: أخبرنا العباس بن بكار: أخبرنا عبد الله بن المثني عن عمه ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وقد طاف به أصحابه؛ إذ أقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فوقف فسلم، ثم نظر مجلساً يشبهه، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجوه أصحابه؛ أيهم يوسع له، فكان أبو بكر رضي الله عنه جالساً عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتزحزح له عن مجلسه وقال: ههنا يا أبا الحسن! فجلس بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي بكر. قال أنس: فرأينا السرور في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أقبل على أبي بكر فقال: "يا أبا بكر: إنما يعرف ... ". ورواه الخطيب (3/ 105و7/ 222-223) ، وابن عساكر (12/ 155/ 2) من طريق أخرى عن محمد بن زكريا اللؤلؤي به. الحديث: 3227 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 وتابعه عنده صدقة بن موسى: أخبرنا العباس بن بكار به. قلت: الغلابي كذاب، لكن متابعة صدقة بن موسى - وهو صدوق - ترفع التهمة عنه، وتلصقها بشيخهما العباس بن بكار؛ فإنه متهم؛ قال الدارقطني: "كذاب". وقال العقيلي: "الغالب على حديثه الوهم والمناكير". ثم ساق له حديثاً آخر في الغلاء والرخص رواه بهذا السند، فقال فيه الذهبي: "إنه باطل". وقد ذكروا للحديث شاهداً، ولكنه عندي واه جداً لا يصلح للاستشهاد به، فها أنا أبينه بإذن الله تعالى: أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (8/ 468/ 2) من طريق أحمد بن يحيى ابن إسحاق الحلواني: أخبرنا الفيض بن وثيق: أخبرنا زكريا بن منظور عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ... ، فذكر الحديث مع القصة، إلا أن فيها أن الداخل هو العباس لا علي. وهذا إسناد واه جداً؛ زكريا بن منظور؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "متروك". والفيض بن وثيق؛ قال ابن معين: "كذاب خبيث". وقال الذهبي: "قلت: قد روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، وهو مقارب الحال إن شاء الله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 تعالى". قلت: كذا قال! وقول ابن معين فيه جرح مفسر، فهو مقدم على توثيق من وثقه لو كان صريحاً، وممن يوثق بتوثيقه. ورواية أبي حاتم عنه ليس توثيقاً منه له. وأما رواية أبي زرعة فقد ذكروا أنه لا يروي إلا عن ثقة. فالجرح المفسر مقدم عليه قطعاً. وكأنه لهذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، ولم يزد فيه قول ابن معين هذا شيئاً. وأحمد بن يحيى الحلواني لم أعرفه. 3228 - (من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم؛ فهو مؤمن، كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 300) من طريق داود ابن سليمان، والقضاعي في "مسند الشهاب" (ق46/ 1) من طريق أحمد بن علي قال: أخبرنا أبي، كلاهما قالا: أخبرنا علي بن موسى الرضا قال: أخبرنا أبي موسى بن جعفر قال: أخبرنا أبي جعفر بن محمد، قال: أخبرنا أبي محمد بن علي، قال: أخبرنا أبي علي بن الحسين قال:أخبرنا أبي الحسين بن علي قال: أخبرنا أبي علي بن أبي طالب مرفوعاً. الحديث: 3228 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 قلت: وهذا حديث مصنوع موضوع؛ آفته داود بن سليمان هذا؛ وهو الجرجاني؛ قال الذهبي: "شيخ كذاب، كذبه يحيى بن معين، له نسخة موضوعة عن الرضا، رواها علي بن محمد بن جهرويه القزويني الصدوق عنه". قلت: وهذا من النسخة الموضوعة عليه؛ فإنه من رواية القزويني عنه. وأحمد بن علي في الطريق الأخرى هو ابن مهدي بن صدقة الرقي؛ قال الذهبي: "روى عن أبيه عن علي بن موسى الرضا، وتلك نسخة مكذوبة؛ اتهمه الدارقطني بوضع الحديث، وما علمت للرضا شيئاً يصح عنه". قلت: فأحد هذين هو المتهم بوضع هذا الحديث على (الرضا) ، ثم سرقه منه الآخر. والله أعلم. 3229 - (إنها ستكون فتنة تستنظف العرب، قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف) . ضعيف أخرجه أبو داود (4265) ، والترمذي (2/ 27) ، وابن ماجه (3967) ، وأحمد (2/ 211-212) من طريق ليث عن طاوس عن زياد بن سيمنكوش عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الترمذي مضعفاً: "حديث غريب، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: لا يعرف لزياد بن سيمنكوش غير هذا الحديث، رواه حماد بن سلمة عن ليث فرفعه، ورواه حماد ابن زيد فأوقفه". قلت: هو عند أبي داود من طريق حماد بن زيد عن ليث به مرفوعاً، فلعل ما ذكره الترمذي عنه رواية عنه. الحديث: 3229 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 وزياد هذا في عداد المجهولين، والحافظ يقول فيه: "مقبول"، يعني: عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً بهذا اللفظ؛ فالحديث ضعيف. على أن في الطريق إليه ليثاً - وهو ابن أبي سليم - وهو ضعيف. فإن قيل: قد تابعه عبد الله بن عبد القدوس عند أبي داود (4266) . فأقول: لا يبدو لي أن المتابعة على الحديث نفسه ولا بد؛ فإنه بعد أن ساق الحديث من طريق حماد بن زيد عن ليث عن طاوس عن رجل يقال له: زياد؛ أتبعه بطريق عبد الله بن عبد القدوس قال: زياد سيمين كوش. ولم يزد على هذا؛ فكأنه أراد بهذه الطريق الثانية بيان أن زياداً في الطريق الأولى يلقب بسيمين كوش، وليس معنى ذلك أن ابن عبد القدوس روى الحديث أيضاً عن زياد، ولو أنه أراد ذلك لقال: فذكر الحديث، أو نحو ذلك من العبارات، كما هي عادتهم. والله تعالى أعلم. وابن عبد القدوس صدوق يخطىء. لكن هذا اللقب قد توبع عليه من حماد ابن سلمة عند الترمذي وابن ماجه، وأما أحمد فقال: زياد بن سيماكوش. ورواه الخصيب بن ناصح عن رجل عن ليث عن طاوس مرسلاً نحوه. أخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن" (154/ 2) . 3230 - (إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي؛ فخررت ساجداً شكراً لربي، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي؛ فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر؛ فخررت ساجداً لربي) . ضعيف رواه أبو داود في آخر (الجهاد) من "سننه" (2775) عن يحيى بن الحديث: 3230 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 الحسن بن عثمان عن أشعث بن إسحاق بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريباً من عزوراء نزل، ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجداً فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجداً فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجداً، ثم قال: ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ يحيى بن الحسن هذا؛ قال الذهبي: "مدني لا يكاد يعرف حاله، تفرد عنه موسى بن يعقوب". وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول الحال". قلت: ومثله أشعث بن إسحاق، بل هو الذي يستحق أن يوصف بأنه مجهول الحال؛ فإنه روى عنه جماعة ووثقه ابن حبان، وأما الأول فلم يرو عنه غير موسى ابن يعقوب، فهو مجهول العين أيضاً لا الحال فقط! والحديث أخرجه ابن نصر أيضاً في "الصلاة" (40/ 1-2) من طريق ابن أبي فديك: حدثني موسى بن يعقوب بن حسين بن عثمان عن الأشعث بن إسحاق بن سعد به. قلت: كذا "الأصل" بعلامة التضبيب فوق اسم (يعقوب بن حسين!) ، والصواب: (موسى بن يعقوب، عن يحيى بن الحسن بن عثمان) ، كما في مصادر التخريج - أعلاه -. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 3231 - (إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة ومدرة) . ضعيف أخرجه الإمام أحمد (5/ 347) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 330) من طريق أبي إسرائيل عن حارث بن حصيرة عن ابن بريدة عن أبيه قال: أنه دخل على معاوية، فإذا رجل يتكلم، فقال بريدة: يا معاوية! تأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم، وهو يرى أنه سيتكلم بمثل ما قال الآخر، فقال بريدة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... (فذكره) ، قال: أفترجوها أنت يا معاوية، ولا يرجوها علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟! قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحارث بن حصيرة صدوق يخطىء، ورمي بالرفض؛ كما قال الحافظ. وأبو إسرائيل شر منه، واسمه إسماعيل بن خليفة العبسي؛ قال الذهبي: "ضعفوه، وقد كان شيعياً بغيضاً من الغلاة الذين يكفرون عثمان رضي الله عنه". وقال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ، نسب إلى الغلو في التشيع". والحديث قال الهيثمي (10/ 378) : "رواه أحمد ورجاله وثقوا، على ضعف كثير في أبي إسرائيل الملائي". وللحديث شاهد، ولكنه ضعيف، يرويه عباد بن راشد عن ميمون بن سياه عن شهر بن حوشب قال: قام رجال خطباء يسبون علياً [ويقعون فيه] ، حتى كان آخرهم رجل من الحديث: 3231 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 الأنصار يقال له: أنيس، [فحمد الله وأثنى عليه] ، وقال: [إنكم أكثرتم اليوم في سب هذا الرجل وشتمه] ، والله! لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إني لأشفع يوم القيامة لأكثر مما على [وجه] الأرض من شجر وحجر". وايم الله! ما أحد أوصل لرحمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أفيرجوها غيره، ويقصر عن أهل بيته؟! رواه البزار (3/ 224/ 2620-كشف) والسياق له، والطبراني في "الأوسط" (6/ 132/ 5356-ط) المرفوع منه فقط، والبغوي وابن شاهين كما في "الإصابة" والزيادات منه، وقال الطبراني: "وأنيس الذي روى هذا الحديث هو - عندي - البياضي، له ذكر في المغازي". قلت: إسناده ضعيف مسلسل بسيئي الحفظ؛ قال الحافظ: 1- "شهر بن حوشب؛ صدوق كثير الإرسال والأوهام". 2- "ميمون بن سياه؛ صدوق عابد يخطىء". 3- "عباد بن راشد البصري البزار؛ صدوق له أوهام". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن عمرو صاحب علي بن المديني ويعرف بالقلوري، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، على ضعف في بعضهم". وروي عن بريدة مختصراً جداً مرفوعاً بلفظ: "والذي نفسي بيده لشفاعتي أكثر من الحجر والشجر". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5/ 64-65/ 4112-ط) من طريق إسحاق بن زريق الراسبي قال:حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك قال:حدثني سهل بن عبد الله بن بريدة به. وقال: "لا يروى عن ابن بريدة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو جابر". قلت: قال ابن أبي حاتم (8/ 5) أو أبوه: "ليس بقوي". وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 64) ، وأخرج له في "صحيحه" (316-الإحسان) . قلت: فالعلة من شيخه (سهل بن عبد الله بن بريدة) ؛ فإنه متهم؛ قال ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (1/ 348) : "منكر الحديث، يروي عن أبيه ما لا أصل له، لا يجوز أن يشتغل بحديثه". وقال الحاكم: "روى عن أبيه أحاديث موضوعة في فضل مرو وغير ذلك". وإسحاق بن زريق الراسبي، كذا في"المعجم": (الراسبي) ، وأنا أظنه تحريف (الرسعني) ؛ فإنه هكذا في "ثقات ابن حبان" (8/ 121) ، و "أنساب السمعاني"، و "إكمال ابن ماكولا" (4/ 57) . ثم إن (زريق) بتقديم الزاي على الراء، وهو في "الثقات" على القلب: (رزيق) ! وفي "ترتيب الثقات" للهيثمي بالإهمال فيها. هذا؛ وتساهل الهيثمي فقال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سهل بن عبد الله بن بريدة، وهو ضعيف"! وبالجملة؛ فالحديث ضعيف لفقدان الشاهد المعتبر. والله أعلم. 3232 - (أقبل، فإني لم أبعث بقطيعة رحم) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 175/ 1) من طريق سعيد بن عثمان البلوي عن عروة بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن حصين بن وحوح: أن طلحة بن البراء لما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله! مرني بما أحببت ولا أعصي لك أمراً، فعجب لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو غلام، فقال له عند ذلك: "اذهب فاقتل أباك" قال: فخرج مولياً ليفعل، فدعاه، فقال له: (فذكره) . فمرض طلحة بعد ذلك، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده في الشتاء في برد وغيم، فلما انصرف قال لأهله: "لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به حتى أشهده وأصلي عليه، وعجلوه". فلم يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - بني سالم بن عوف حتى توفي، وجن عليه الليل، وكان فيما قال طلحة: ادفنوني، وألحقوني بربي عز وجل، ولا تدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإني أخاف اليهود؛ أن يصاب في سببي، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح، فجاء حتى وقف على قبره، فصف الناس معه، ثم رفع يديه، فقال: "اللهم الق طلحة تضحك إليه، ويضحك إليك". الحديث: 3232 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون حصين بن وحوح لا يعرفون. وقد قال الحافظ في كل من عروة بن سعيد الأنصاري وأبيه: "مجهول" وفي البلوي: "مقبول"، مع أنه لم يرو عنه غير عيسى بن يونس، ولم يوثقه غير ابن حبان. ومن هذا الوجه روى أبو داود (3159) طرفاً منه، وزاد بعد قوله: "وعجلوه": "فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله". 3233 - (إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1590) ، والحاكم (4/ 61-62) من طريق إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا عبد الله بن عمر [عن أخيه عبيد الله بن عمر] عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن حمنة بنت جحش: أنه قيل لها: قتل أخوك، فقالت: رحمة الله! وإنا لله وإنا إليه راجعون. قالوا: قتل زوجك، قالت: واحزناه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري في "الزوائد" (120/ 1) : "فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف". قلت: والفروي فيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق، كف فساء حفظه". قلت: ولعله لما ذكرنا سكت عليه الحاكم فلم يصححه، وتابعه الذهبي فلم ينبه على ضعفه! الحديث: 3233 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 3234 - (إياكم ولباس الرهبان؛ فإنه من ترهب أو تشبه فليس مني) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 231/ 2/ 4066) : حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: أخبرنا محمد بن صالح بن مهران قال: حدثنا أرطاة أبو حاتم قال: أخبرنا جعفر بن محمد عنأبيه عن أبي كريمة قال: سمعت علي بن أبي طالب - وهو يخطب على منبر الكوفة - وهو يقول: يا أيها الناس! إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ... فذكره. وقال: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن صالح بن مهران". قلت: محمد هذا صدوق؛ كما في "التقريب"، لكن شيخه أرطاة - وهو ابن المنذر أبو حاتم - شبه مجهول؛ فقد أورده ابن عدي في "الكامل" (1/ 421) وساق له حديثين آخرين من رواية ابن مهران هذا، خطأه في إسناد أحدهما، ثم قال: "ولأرطاة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته؛ في بعضها خطأ وغلط". وأقره الحافظ الذهبي في "الميزان"، والعسقلاني في "اللسان"، ولذا أورده الأول في ضعفائه: "المغني" (64/ 508-تحقيق الدكتور العتر) ، لكن وقع فيه زيادة ما بين معكوفتين؛ نصها: "ووثقه أحمد وابن معين وابن حبان"! وهي زيادة من النسخة الأزهرية؛ كما نبه عليه في مقدمته (ص: ص) ، وهي زيادة باطلة لا أدري كيف انطلى أمرها على الدكتور؟! مع انه قد نبه في الحاشية على خطأ آخر وقع في النسخة المشار إليها. فقد ذكر أنه وقع فيها الرموز: الحديث: 3234 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 "بخ د س ق"، قال الدكتور: "وليس بصواب، لأن الذي روى له هؤلاء أرطاة آخر حمصي: كنيته أبو عدي، وهذا بصري كنيته أبو حاتم". قلت: فكان من تمام التحقيق أن يتنبه لهذه الزيادة الباطلة؛ لأن الأئمة الموثقين فيها إنما وثقوا أرطاة الحمصي؛ كما في "التهذيب" وليس البصري؛ فإن هذا ليس من الرجال الذين رمز إليهم في تلك النسخة! ثم إن في إسناد علتين أخريين: إحداهما: أبو كريمة؛ فإني لم أعرفه، ولم يذكروا في هذه الكنية غير الصحابي المعروف: المقدام بن معد يكرب الكندي، وغير الفرات، روى عنه أبو المليح الرقي: الحسن بن عمر، وهذا من الطبقة الوسطى منهم، وليس به - يقيناً -؛ لأنه قد صرح بسماعه من علي رضي الله عنه. فيمكن أن يكون الأول: المقدام رضي الله عنه؛ فإنه أدركه، ولكنهم لم يذكروه في الرواة عنه. والله أعلم. والأخرى: شيخ الطبراني (علي بن سعيد الرازي) ، وبه أعله الهيثمي فقال في "المجمع" (5/ 131) : "وهوضعيف". قلت: وبإعلاله به فقط قصور ظاهر مما تقدم، وبخاصة أن كلام الطبراني عقب الحديث يشعر بأن الرازي لم يتفرد به. ومن هذا التحقيق يتبين خطأ الحافظ أو تساهله حين قال في "الفتح" (10/ 223) : "أخرجه الطبراني بسند لا بأس به"! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 وقد كنت نقلته واعتمدت عليه في كتابي "حجاب المرأة المسلمة" (ص93-الطبعة السادسة) ، فلما وقفت على إسناده وتبين لي وهاؤه بادرت إلى إخراجه هنا وقلت في الطبعة الأردنية من الكتاب المذكور: "لعل الحافظ يعني أنه لا بأس بإسناده في الشواهد". والله سبحانه وتعالى أعلم. 3235 - (قول الله تبارك وتعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ... ) الآية [32/ فاطر] ، قالت عائشة: يا بني! كل هؤلاء في الجنة، فأما (السابق بالخيرات) ، فمن مضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحياة والرزق، وأما (المقتصد) ، فمن تبع أثره من أصحابه حتى لحق به. وأما (الظالم لنفسه) ، كمثلي ومثلكم. قال: فجعلت نفسها معنا) . باطل مع وقفه أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1489) : حدثنا الصلت ابن دينار أبو شعيب قال: حدثنا عقبة بن صهبان الهنائي قال: سألت عائشة عن قول الله تبارك وتعالى: (ثم اورثنا..) الآية. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإن الصلت بن دينار متفق على ضعفه، بل قال أحمد وغيره: "متروك الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك ناصبي". الحديث: 3235 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 ومن العجيب أن الحاكم لما أخرجه (2/ 426) من طريقه قال: "صحيح الإسناد"! فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: الصلت؛ قال النسائي: ليس بثقة، وقال أحمد: ليس بالقوي". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 97) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الصلت بن دينار، وهو متروك". والحديث رواه أيضاً عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (5/ 251) وسكت عنه كما هي عادته! بل سكت عنه أيضاً الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 556) بعد أن عزاه الطيالسي بإسناده المذكور، فأوهم القراء بسكوته أنه ثابت؛ فإن أكثرهم لا يعلمون أنه غير مؤاخذ بسكوته على الحديث إذا ساق إسناده؛ كما ذكرنا ذلك في غير موضع، ولكنه زاد في الإيهام بتعليقه على قولها في آخر الحديث: "كمثلي ومثلكم"، فقال ابن كثير: " وهذا منها رضي الله عنها من باب الهضم والتواضع، وإلا فهي من أكبر السابقين بالخيرات؛ لأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". قلت: ولا شك أنها كذلك رضي الله عنها، ولكن البحث: هل قالت ذلك؟! ولذلك اغتر بصنيع ابن كثير هذا مختصره الشيخ الصابوني فأورده في "مختصر تفسير ابن كثير" وقد زعم في مقدمته أنه لم يورد فيه ما لم يثبت من الحديث! وقد سبق ذكر أمثلة كثيرة من الأحاديث الضعيفة مما وقع في "مختصره"، وكذلك في مختصر - ابن بلده - الشيخ الرفاعي - رحمه الله تعالى -. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 والحديث مع كونه موقوفاً واهياً فهو باطل عندي؛ لمخالفته لمجموعة من الأحاديث - ذكرها ابن كثير من طرق قال: يشد بعضها بعضاً - تشهد أن الآية على عمومها، بل قد جاء ما هو أصرح من ذلك في الدلالة وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في كل قرن من أمتي سابقون"، وهو مخرج في "الصحيحة" (2001) ، فهو يبطل ما رواه ذاك المتروك عن عائشة رضي الله عنها. 3236 - (يا أيها الناس! احفظوني في أبي بكر؛ فإنه لم يسؤني منذ صحبني) . موضوع أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 595-المصورة) من طريق جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال:قال لنا محمد بن يحيى الثوري عن مسلمة بن عبد الرحمن عن يوسف بن ماهك عن أبيه عن جده قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ... فذكره. وفي رواية: يوسف بن ماهك بن بهزاد عن أبيه عن جده بهزاد، وفيها مسلم بن عبد الرحمن. وقال ابن عساكر: "غريب جداً، وجعفر منكر الحديث". قلت: بل هو كذاب وضاع بشهادة جمع من الأئمة كالدارقطني وغيره، وتقدمت له أحاديث موضوعة، فانظرها إن شئت برقم (438و787و829) . وقال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة (بهزاد) بعد أن ساق الحديث من رواية عبد ان المروزي: "قال ابن عبد البر: لا يعرف إلا من هذا الوجه. قلت: في إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وقد اتهموه بالكذب". الحديث: 3236 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 قلت: ومع ذلك سود السيوطي به "الزيادة في جامعه الصغير" فضلاً عن "الكبير"، خلافاً لشرطه الذي وضعه في مقدمة "الصغير" كما ذكرت به مراراً. ثم إن من فوق الهاشمي هذا لم أعرفهم غير يوسف بن ماهك بن بهزاد؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين. (تنبيه) (بهزاد) بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها زاي، كما في "التقريب"، وبالزاي وقع في "الزيادة على الجامع"، ووقع في بعض المصادر المتقدمة بالراء، فاقتضى التنبيه. 3237 - (يا أيها الناس! إن أبا بكر لم يسؤني قط؛ فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس! إني راض عن عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين؛ فاعرفوا ذلك لهم. يا أيها الناس! إن الله قد غفر لأهل بدر والحديبية، فاحفظوني في أصحابي، وفي أصهاري، وفي أختاني، ولا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم؛ فإنها لا توهب. أيها الناس! ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، فإذا مات أحد من المسلمين فقولوا فيه خيراً) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 126/ 2640) ، وأبو نعيم في "المعرفة" (1/ 285/ 1) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 118) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 594) من طريق خالد بن عمرو بن سعيد ابن العاص القرشي: حدثني سهل بن يوسف بن سهل بن مالك عن أبيه عن الحديث: 3237 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 جده قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع إلى المدينة؛ صعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته خالد هذا؛ قال في "التقريب": "رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع". ومن فوقه مجاهيل. وقال ابن عبد البر في ترجمة سهل بن مالك من "الاستيعاب": "حديث منكر موضوع، وفي إسناده مجهولون ضعفاء، يدور على خالد بن عمرو القرشي، وهو منكر الحديث، متروك الحديث". ثم أخرجه أبو نعيم من طريق سيف بن عمر: حدثنا أبو همام سهل بن يوسف به. قلت: وسيف هذا صاحب كتاب "الردة"؛ حاله قريب من خالد بن عمرو؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ، أفحش ابن حبان القول فيه". قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 245) : "اتهم بالزندقة، كان يروي الموضوعات عن الأثبات". وقال الحاكم: "اتهم بالزندقة، وهو في الرواية ساقط". (تنبيه) سقط من إسناد الطبراني راويان: أحدهما خالد بن عمرو، وقد نبه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 على ذلك الحافظ في "الإصابة" فقال: "ووقع للطبراني فيه وهم، فإنه أخرجه من طريق المقدمي عن علي بن يوسف ابن محمد (كذا! وفي الطبراني: علي بن محمد بن يوسف) عن سهل بن يوسف، واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق، فأخرج الحديث في "المختارة"، وهو وهم؛ لأنه سقط من الإسناد رجلان؛ فإن علي بن محمد بن يوسف (!) إنما سمعه من قنان بن أبي أيوب عن خالد بن عمرو عن سهل، وقد جزم الدارقطني في "الأفراد" بأن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل، لكن طريق سيف بن عمر ترد عليه". قلت: وقد أشار إلى السقط المذكور أبو نعيم بقوله عقب رواية سيف: "رواه علي بن محمد بن يوسف بن شيبان بن مالك بن مسمع عن خالد بن عمرو بن سعيد الأموي مثله". 3238 - (كبر في دبر صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق صلاة العصر) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس / الغرائب" (3/ 257) عن عبد الله بن محمد بن عبد الله البلوي: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن العلاء عن أبيه عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته البلوي هذا؛ قال في "الميزان": "قال الدارقطني: يضع الحديث. قلت: روى عنه أبو عوانة في "صحيحه" في الاستسقاء خبراً موضوعاً". وأقره الحافظ في "اللسان" وقال: الحديث: 3238 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 "وهو صاحب رحلة الشافعي طولها ونمقها، وغالب ما فيها مختلق". وشيخه إبراهيم بن عبد الله هو ابن العلاء بن زبر، قال الذهبي: "قد روى عنه أئمة، قال النسائي: ليس بثقة". وقال الحافظ: "ذكره ابن أبي حاتم فلم يضعفه، وذكره ابن حبان في (الثقات) ". 3239 - (يا علي! قص الظفر ونتف الإبط وحلق العانة يوم الخميس، والغسل والطيب واللباس يوم الجمعة) . منكر أخرجه أبو القاسم التميمي في "جزء فيه أحاديث مسلسلات" (ق2/ 1) ، وعبد الله بن أبي الفتح الجويني في "المسلسلات" (ق16/ 1) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (3/ 261-الغرائب الملتقطة) ، والجزري في "الأحاديث المسلسلة"، والكازروني في "مسلسلاته" (122/ 1-2) ، والمرتضى الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" (2/ 414) من طريق عبد الله بن موسى بن الحسن قال: رأيت الفضل بن العباس الكوفي: رأيت الحسين بن هارون الضبي: رأيت عمر بن حفص بن غياث: رأيت أبي: رأيت جعفر بن محمد: رأيت أبي: رأيت أبي الحسين بن علي قال: رأيت أبي علي بن أبي طالب يقلم أظفاره يوم الخميس، ويقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلم أظفاره يوم الخميس وقال: ... فذكره. قلت: وهو مسلسل بقول كل راو: "يقلم أظفاره يوم الخميس"، فاختصرته تبعاً للحافظ في "الغرائب"، وقال في "الفتح" (10/ 346) : الحديث: 3239 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 "أخرجه جعفر المستغفري بسند مجهول". ونقل الزبيدي عنه أنه قال في "الجواهر المكللة": "هذا حديث ضعيف؛ انفرد به عبد الله بن موسى، وهو أبو الحسن السلامي، كان أبو عبد الله بن منده سيىء الرأي فيه. وقال الحاكم: إنه كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا، وفو رواياته - كما قال الخطيب - غرائب ومناكير وعجائب". قلت: وتمام كلام الخطيب في "التاريخ" (10/ 149) : "وما أراه كان يعتمد الكذب في فضله". قلت: ولذلك كله - ولما عرفت من حاله - كتب الحافظ الذهبي بخطه على نسخة "المسلسلات" للتميمي: "حديث منكر". 3240 - (يا أبا أمامة! أعز أمر الله يعزك الله تعالى) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/ 272) معلقاً فقال: قال السلمي: حدثنا خضر بن محمد بن عتاب: حدثنا أبو منصور طلحة بن سعد: حدثنا المأمون بن أحمد: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا أبو بكر بن عياش عن محمد بن زياد عن أبي أمامة رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المأمون هذا؛ قال الذهبي: "أتي بطامات وفضائح، قال ابن حبان: دجال ... روى عن الثقات مرفوعاً: الحديث: 3240 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 "من قرأ خلف الإمام ملىء فوه ناراً"! وفي "اللسان": "وقال أبو نعيم في مقدمة "المستخرج على صحيح مسلم": مأمون السلمي من أهل هراة ضعيف وضاع؛ يأتي عن الثقات - مثل هشام بن عمار، ودحيم - بالموضوعات". وقد مضى له عدة أحاديث موضوعة، فانظر مثلاً الأحاديث: (568و569و570و1551) . والسلمي الذي دونه هو محمد بن الحسين الصوفي؛ متهم بوضع الأحاديث للصوفية. 3241 - (يا زبير! إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش، ينزل الله للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر كثر له، ومن قلل قلل له) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/ 292) من طريق الدارقطني عن أبي زيد عبد الرحمن بن حاتم: حدثنا هارون بن عبد الله الزهري عن الواقدي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الواقدي، واسمه محمد بن عمر، قال الذهبي في "المغني": "مجمع على تركه، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة، والبلاء منه. وقال النسائي: كان يضع الحديث..". الحديث: 3241 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 وهارون بن عبد الله الزهري؛ ذكره ابن أبي حاتم (4/ 2/ 92) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد روى عنه جمع من الثقات منهم يونس بن عبد الأعلى، وأثنى عليه في عفته وعدله في الأحكام، وكان ولي قضاء مصر. انظر: "اللسان". وأبو زيد عبد الرحمن بن حاتم؛ قال الذهبي في "الميزان": "قال ابن الجوزي: متروك الحديث. قلت: هذا من شيوخ الطبراني، ما علمت به بأساً ... ". وأما في "المغني" فقال: "ضعيف". وهذا هو الصواب؛ فقد ذكر الحافظ في "اللسان" أن ابن يونس قال: "تكلموا فيه". وقال مسلمة بن القاسم: "ليس عندهم بثقة". والحديث مما سود به السيوطي "الجامع الصغير"! وألان القول فيه المناوي؛ فقال في "الفيض": "وفيه عبد الرحمن بن حاتم المرادي؛ قال الذهبي: ضعيف. والواقدي، ومحمد بن إسحاق"! ولخص ذلك بقوله في "التيسير": "إسناده ضعيف"! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 3242 - (يا حميراء! إنه لما كان ليلة أسري بي إلى السماء، أدخلت الجنة، فوقفت على شجرة من شجر الجنة، لم أر في الجنة شجرة هي أحسن منها حسناً، ولا أبيض منها ورقة، ولا أطيب منها ثمرة، فتناولت ثمرة من ثمراتها، فأكلتها، فصارت نطفة في صلبي، فلما هبطت واقعت خديجة؛ فحملت بفاطمة، فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنة، شممت ريح فاطمة. يا حميراء! إن فاطمة ليست كنساء الآدميين، ولا تعتل كما يعتلون) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 400/ 1000) من طريق أحمد بن أبي شيبة الرهاوي: حدثنا أبو قتادة الحراني: حدثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كنت أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل فاطمة: فقلت: يا رسول الله! إني أراك تفعل شيئاً ما كنت أراك تفعله من قبل؟ فقال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع ظاهر الوضع كما يأتي؛ آفته أبو قتادة أو من دونه، واسمه عبد الله بن واقد الحراني، وفي ترجمته ساق هذا الحديث ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 29) وقال: "كان من عباد أهل الجزيرة وقرائهم، ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الإتقان؛ فكان يحدث على التوهم؛ فيقع المناكير في أخباره والمقلوبات فيما يروي عن الثقات؛ حتى لا يجوز الاحتجاج بخبره". الحديث: 3242 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 ثم ساق إسناده من طريق عبد الله بن ثابت بن حسان الهاشمي: حدثنا عبد الله بن واقد به. وعبد الله بن ثابت لم أجد له ترجمة، ومثله أحمد بن أبي شيبة الرهاوي، لكني وجدت الحافظ الذهبي اعتد بمتابعته فعصب الآفة في شيخها بعد أن حاول إبعادها عنه؛ فقال في ترجمته: "هذا حديث موضوع مهتوك الحال، ما أعتقد أن أبا قتادة رواه. ثم وجدت له إسناداً آخر، رواه الطبراني عن عبد الله بن سعيد الرقي عن أحمد بن أبي شيبة الرهاوي عن أبي قتادة، فهو الآفة". قلت: ووضعه متفق عليه بين العلماء، من ابن الجوزي الذي أورده في "الموضوعات" من طرق، وتبعه من جاء بعده حتى السيوطي في "اللآلي" (1/ 392-395) ، فليراجعها من شاء. والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 202) : "رواه الطبراني، وفيه أبو قتادة الحراني، وثقه أحمد وقال: كان يتحرى الصدق، وأنكر على من نسبه إلى الكذب. وضعفه البخاري وغيره، وقال بعضهم: متروك، وفيه من لم أعرفه أيضاً". 3243 - (يا حميراء! أما شعرت أن الأنين اسم من أسماء الله عز وجل يستريح به المريض؟!) . منكر أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/ 307) من طريق الطبراني: حدثنا مسعود بن محمد الرملي: حدثنا أيوب بن رشيد: حدثنا أبي عن نوفل بن الفرات عن القاسم عن عائشة قالت: الحديث: 3243 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت مريض يئن، فمنعته عائشة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون القاسم لم أجد لهم ترجمة، ومسعود الرملي من شيوخ الطبراني الذين ذكرهم في "المعجم الأوسط"، وروى له عشرين حديثاً (2/ 245/ 1-246/ 1/ 8773-8793) . ويأتي له حديث عقب هذا. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الكبير" بهذا اللفظ والرواية، وبلفظ آخر نحوه وعزاه للرافعي عن عائشة بلفظ: "دعوه يئن ... " الحديث. 3244 - (إن هذه الأخلاق من الله، فمن أراد الله به خيراً منحه خلقاً حسناً، ومن أراد به سوءاً منحه خلقاً سيئاً) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 245/ 8785) : حدثنا مسعود بن محمد الرملي: حدثنا عمران بن هارون: حدثنا مسلمة بن علي عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "لم يروه عن ابن عجلان إلا مسلمة بن علي، تفرد به عمران". قلت: قال الذهبي في "الميزان" و "المغني": "صدقه أبو زرعة، ولينه ابن يونس". لكن شيخه مسلمة بن علي ضعيف جداً؛ قال الذهبي في "الكاشف": الحديث: 3244 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 "تركوه". وكذلك قال في "الميزان" و "المغني". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك". قلت: فقول الهيثمي في "المجمع" (8/ 20) : "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف" فيه تساهل لا يخفى على المحققين. ونحوه اكتفاء المنذري في "الترغيب" (3/ 260) على الإشارة إلى ضعفه! وشيخ الطبراني مسعود الرملي لم أقف له على ترجمة، وقد روى له في "الأوسط" عشرين حديثاً كما بينته في الحديث الذي قبله. 3245 - (اغزوا قزوين؛ فإنه من أعلى أبواب الجنة) . منكر أخرجه الرافعي في أول كتاب "التدوين في أخبار قزوين" (1/ 5) من طريق ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة: حدثنا أبو نعيم: بشر! بن سلمان قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الرافعي: "مرسل، قال أبو زرعة: "ليس في قزوين حديث أصح من هذا". وبشر (!) ابن سلمان هو أبو إسماعيل النهدي الكوفي.. وقد أخرج له مسلم". قلت: الذي روى له مسلم إنما هو بشير بن سلمان، أبو إسماعيل الكندي، وراوي هذا الحديث (بشر) وليس (بشير) ، وهكذا وقع في "الجامع الصغير" وعزاه للخطيب في "فضائل قزوين" عن بشر بن سلمان عن أبي السري عن رجل نسي أبو السري اسمه". الحديث: 3245 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 ووقع في "الجامع الكبير": (بشير) وفق ترجمة الرافعي إياه. والله أعلم. وأبو السري هذا لم أعرفه، ولم يذكر الذهبي في "المقتنى" غير أبي السري ثابت بن يزيد، وهو الأودي الكوفي، وهو لين، ولكنه متأخر عن هذه الطبقة. وذكر الدولابي في "كناه" آخر سماه (سليمان بن كندير) لكن كناه في "التهذيب" وغيره بـ (أبي صدقة) ، والله سبحانه وتعالى أعلم. وبالجملة: فالإسناد ضعيف للجهالة والاضطراب، ومتنه عندي منكر. والله أعلم. ومن الغريب أن الرافعي غاير بين بشر بن سلمان وبشير بن سلمان؛ فقال عقب ما تقدم نقله عنه مختصراً: "في الرواة آخر يقال له بشير بن سلمان؛ مدني يروي عن جابر بن عبد الله. ويروى هذا الحديث عن بشير بن سلمان عن أبي السري (الأصل السدي، والطبعة سيئة جداً) عن رجل نسي أبو السري (الأصل: السدي!) اسمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذا الطريق رواه الخطيب البغدادي"! قلت: ولا يصح في فضل (قزوين) حديث؛ بل غالبها باطل موضوع. وسأذكر بعضها، ولا تغتر بفضل المؤلفين في فضلها؛ فإنهم يتساهلون في رواية أحاديث الفضائل، وبعضهم يؤلف الكتب لبيان ضعفها ووهائها، وهذا مما يشكرون عليه، ولهم المثوبة عند الله تبارك وتعالى. 3246 - (إذا ذهب الإيمان من الأرض وجد ببطن الأردن) . كذب أخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/ 172) من طريق إبراهيم بن الوليد بن سلمة: حدثنا أحمد بن كنانة عن مقسم عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: الحديث: 3246 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 "حديث منكر، وأحمد بن كنانة؛ شامي منكر الحديث، وليس بالمعروف". ثم ساق له حديثين آخرين، قال الذهبي فيها كلها: "وهذه أحاديث مكذوبة". (تنبيه) وقع في "الكامل": (ابن عمر) مكان: (ابن عباس) ، وكان فيه أخطاء مطبعية أخرى، وهي طبعة سيئة جداً، فصححتها من "الميزان" وغيره. والحديث أورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 311) من طريق ابن عدي، ونقل كلامه المتقدم وأقره. 3247 - (رحم الله إخواني بـ (قزوين) ، يقولها ثلاثاً، فقال أصحابه: يا رسول الله! بآبائنا وأمهاتنا: ما قزوين هذه وما إخوانك الذين هم بها؟ قال: قزوين باب من أبواب الجنة، وهي اليوم في يد المشركين، ستفتح في آخر الزمان على أمتي، فمن أدرك ذلك الزمان فليأخذ نصيبه من فضل الرباط في قزوين) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 20-21) من طريق أبي نعيم الخراساني عن مقاتل بن سليمان عن مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم قاعد معنا إذ رفع بصره إلى السماء؛ كأنه يتوقع أمراً، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع ظاهر الوضع؛ آفته أبو نعيم الخراساني هذا؛ واسمه عمر ابن صبح، وهو وضاع معروف؛ قال ابن حبان (2/ 88) : الحديث: 3247 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 "كان ممن يضع الحديث على الثقات". وأعله السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص93) بمقاتل بن سليمان أيضاً فقال فيه: "كذاب". وقال الرافعي عقبه: "قريب من هذا الحديث ما روي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم أنه أورده بإسناده عن هشام بن عبيد الله عن زافر - يعني ابن سليمان - عن عبد الحميد بن جعفر يرفعه إلى أبي هريرة وابن عباس قالا: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع بصره إلى السماء كأنه يتوقع شيئاً فقال: "يرحم إخواني بـ (قزوين) " ثلاث مرات، فسالت دموعه فجعلت تقطر من أطراف لحيته، فقالوا: يا رسول الله! ما قزوين؟ ومن إخوانك الذين ذكرتهم فرققت لهم؟ قال: "قزوين أرض من أرض الديلم، وهي اليوم في يد الديلم، وستفتح على أمتي وتكون رباطاً لطوائف من أمتي، فمن أدرك ذلك فليأخذ نصيبه من فضل رباط قزوين؛ فإنه يستشهد بها قوم يعدلون شهداء بدر". قلت: وهو كسابقه كذب مفضوح، وقد أعله السيوطي في "ذيل الموضوعات" عقب الذي قبله بقوله: "هذا إسناد منقطع بين عبد الحميد وبين أبي هريرة وابن عباس، وزافر بن سليمان؛ قال ابن عدي لا يتابع [على] حديثه، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن حبان: كثير الغلط، واسع الوهم". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 ثم روى الرافعي (1/ 16) الشطر الثاني من حديث الترجمة دون أوله من طريق أبي العلاء العطار بسنده عن داود بن سليمان بن يوسف الغازي: أنبأنا علي ابن موسى الرضا: حدثنا أبي عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قزوين باب من أبواب الجنة، هي اليوم في أيدي المشركين..". الحديث نحوه، وفيه مبالغات ظاهرة الوضع. ورواه الرافعي من الطريق المذكورة مختصراً، وفيه الشطر الأول. وآفته داود بن سليمان الغازي هذا؛ قال الذهبي: "كذبه ابن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا ... ". ثم ساق له أحاديث لوائح الوضع بادية عليها، وأقره الحافظ عليها؛ وزاد عليه، فذكر له أحاديث أخرى من ذاك الصنف، قال في أحدها: "وهو ركيك اللفظ". واعلم أن السيوطي - عفا الله عنا وعنه - أورد هذه الروايات كلها في "الجامع الكبير" (14395-14397) من رواية أبي العلاء العطار وابن أبي حاتم والرافعي دون أن يبين عللها! ثم أورد الشطر الأول منه في "الجامع الصغير" برواية المذكورين دون الرافعي - وهو مصدرها! - فأساء؛ لأنه أوهم أنه لا تتمة للحديث، ثم ازداد سوءاً بسكوته عليه موهماً بذلك أنه صحيح! وهو يعلم أنه موضوع بإيراده إياه في "ذيل الموضوعات" كما تقدم، إلا أن يقال: إنه لم يكن يعلم وضعه حين أورده في "الجامع الصغير"؛ فنقول: فكيف يصح له أن يقول في مقدمته: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 "وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب"؟! فإنه من البداهة بمكان أن تحقيق هذا الشرط يستلزم العلم في كل حديث أورده فيه أنه ليس فيه كذاب أو وضاع! وجاء المناوي من بعده فسكت عن الحديث في "فيضه"! وزعم في:تيسيره" أن إسناده ضعيف فقط!! 3248 - (يكسى الكافر لوحين من نار في قبره، فذلك قوله تعالى: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين) [الأعراف /41] ) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 175) من طريق عمار بن محمد عن الليث عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمار بن محمد صدوق يخطىء كما في "التقريب". والليث - وهو ابن أبي سليم - قال الحافظ: "صدوق، اختلط جداً، ولم يتميز حديثه، فترك". الحديث: 3248 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 3249 - (ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، والإمام المقسط، ومعلم الخير) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 186) من طريق محمد بن يونس بن موسى البصري: حدثنا المنهال بن حماد: حدثنا الحسن بن عجلان عن أبي الحديث: 3249 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 الزبير عن جابر قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن يونس هذا - وهو الكديمي -؛ وضاع، سبقت له أحاديث كثيرة، فلتراجع من فهارس الرواة في هذه السلسلة. واللذان فوقه لم أعرفهما، وأخشى أن يكون محرفاً على الطابع؛ فإن النسخة سيئة جداً ومحققه ليس معروفاً بين المحققين، وبعض تعليقاته تدل على أنه لا معرفة عنده بالرجال، وأنه رافضي. والحديث مما سود به السيوطي "الجامع الصغير"، لكنه عزاه لأبي الشيخ في "التوبيخ"، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء سوى أنه قال: "وهذا ضعيف". ولم يرد ذكر في نسخة "التوبيخ" المطبوع في القاهرة بتحقيق الأخ أبي الأشبال المندوه، ويظهر من تعليقه الأخير عليه أن له تتمة لم يعثر عليها. وله طريقان آخران: الأول: يرويه إسماعيل بن عياش عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً به إلا أنه قال: "وذو العلم". أخرجه الطبراني في "الكبير" (8/ 238/ 7819) . وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء الثلاثة: مطرح بن يزيد وعبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد وهو الألهاني. ومطرح بن يزيد كوفي نزل الشام، فبالنظر لكونه شامياً فرواية إسماعيل بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 عياش عنه مستقيمة، والنظر لكونه فروايته عنه ضعيفة. والله أعلم أي ذلك كان. والحديث أعله الهيثمي (1/ 127) بكونه من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، وقال: "وكلاهما ضعيف". وتبعه المناوي في "الفيض"، وأما في "التيسير" فقال: "ضعيف لكن له شواهد"! وكأنه يشير إلى حديث الترجمة، وقد علمت ما فيه من الضعف الشديد فلا يستشهد به، ومن الظاهر من سكوته عن إسناده في "الفيض" - كما تقدم - أنه لم يقف عليه. الثاني: ما روله أبو بشر الهيثم بن سهل التستري قال: رأيت حماد بن زيد راكباً على حمار، فلما جاء إلى (مارمارويدا) قام إليه شاب يقال له: عمارة القرشي ليأخذ بركابه (الأصل: من كتابه) فقال له: مه! قال: سبحان الله! تنفس علي بالأجر؟! قال: لأحدثنك. فقال عمارة: حدثني والدي قال:حدثني والدي عن جدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره بلفظ حديث الترجمة إلا أنه قال: "وإمام عادل"، وزاد: "بين نفاقه". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من فوق عمارة القرشي ثلاثتهم لا يعرفون. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 وعمارة القرشي؛ قال الأزدي: "ضعيف جداً"؛ كما في "الميزان" و "لسانه". والهيثم بن سهل التستري؛ ضعفه الدارقطني. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: "ضرب إسماعيل القاضي على حديث الهيثم بن سهل عن حماد، وأنكر عليه". كذا في "الميزان"، وكأنه يشير إلى هذا الحديث. وبالجملة: فالحديث منكر لا يصح بهذه الطرق لشدة ضعفها، وقد ذكره السيوطي في "اللآلي" (1/ 153) في جملة أحاديث ساكتاً عن إسناده، كلها في إكرام ذي الشيبة المسلم.ومنها حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً بلفظ: "لإن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المسقط". أخرجه أبو داود وغيره، وإسناد حسن عندي؛ كما في "المشكاة" وغيره. 3250 - (سارعوا في طلب العلم، فالحديث من صادق خير من الدنيا وما عليها من ذهب وفضة) . ضعيف جداً أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 188) من طريق عبد الله بن ميمون: حدثنا جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3250 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الله بن ميمون هو القداح؛ قال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 21) : "يروي عن جعفر بن محمد وأهل العراق والحجاز المقلوبات". وقال الحاكم: "روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث موضوعة". وقال الحافظ في "التقريب" مخلصاً أقوال الحفاظ فيه: "منكر الحديث، متروك". 3251 - (عمل قليل في سنة، خير من كثير في بدعة) . ضعيف أخرجه الرافعي في "تاريخه" (1/ 257) من طريق يحيى بن عبيد الله بن موهب عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يحيى هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وأفحش الحاكم فرماه بالوضع". وأبوه قريب منه، فقد قال فيه الإمام أحمد: "أحاديثه مناكير، لا يعرف". وقد روي من طريق أخرى عن الحسن البصري مرفوعاً، وموقوفاً. أما المرفوع؛ فرواه معمر عن زيد عنه. الحديث: 3251 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 أخرجه عبد الرزاق (11/ 291/ 20568) . وزيد هذا لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي روى عنه حماد بن زيد، قال الحافظ: "مقبول". وأما الموقوف؛ فيرويه حزم بن أبي حزم القطعي عنه. أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 72) ، وحزم هذا فيه ضعف. 3252 - (رحم الله المتسرولات) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 473) : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي: حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان: حدثنا بشر بن الحكم: حدثنا عندالمؤمن بن عبيد الله: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على باب من أبواب المسجد مرت امرأة على دابة، فلما حاذت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتكشفت، فقيل: يا رسول الله! إن عليها سراويل، فقال: ... فذكره. وقال البيهقي: "وروي عن خارجة كذلك؛ عن محمد بن عمرو كذلك". قلت: خارجة هذا هو ابن مصعب؛ متروك، وكذبه ابن معين، والله أعلم بحال الإسناد الذي لم يسقه إليه. لكن متابعه عبد المؤمن بن عبيد الله - والظاهر أنه السدوسي - ثقة؛ كما قال ابن معين وغيره، وبشر بن الحكم ثقة من شيوخ الشيخين، فالسند حسن إن صح السند إلى بشر؛ فإني لم أعرف اللذين دونه، وقد سكت عنه السيوطي في الحديث: 3252 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 "اللآلي" (2/ 262) وتبعه ابن عراق في الفصل الثاني من كتابه "تنزيه الشريعة". ثم أتبعه السيوطي بذكر رواية الدارقطني في "الأفراد" بسنده عن نصر بن حماد: حدثنا عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة به. إلا أنه زاد: "من النساء". وسكت عنه السيوطي وابن عراق ايضاً فما أحسنا! لأن عمرو بن جميع سيىء الحال؛ قال الذهبي: "كذبه ابن معين، وقال الدارقطني وجماعة: متروك. وقال ابن عدي: كان يتهم بوضع الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث". ونصر بن حماد؛ قال في "التقريب": "ضعيف أفرط الأزدي فزعم أنه يضع". وذكره السيوطي أيضاً من طريق الصباح بن مجاهد عن مجاهد مرسلاً. كذا الأصل (ابن مجاهد) وأظنه محرفاً، والصواب (ابن مجالد) وهو ضعيف جداً؛ اتهمه الذهبي بوضع حديث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات". وحديث الترجمة أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" أيضاً من حديث علي رضي الله عنه، وقد سبق تخريجه وبيان علته، والرد على رد السيوطي على ابن الجوزي، وأن للحديث علة أخرى لم يتعرضوا لذكرها؛ فانظره برقم (601) . وقد ختم السيوطي كلامه في هذا الحديث بطرقه بقوله: "وبمجموع هذه الطرق يرتقي الحديث إلى درجة الحسن. والله أعلم". كذا قال، ولسنا ممن يوافقه على ذلك لشدة ضعفها كما تقدم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 3253 - (مسألة واحدة يتعلمها المؤمن خير له من عبادة سنة، وخير له من عتق رقبة من ولد إسماعيل، وإن طالب العلم والمرأة المطيعة لزوجها، والولد البار بوالديه يدخلون الجنة مع الأنبياء بغير حساب) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 255-256) من طريق أبي بكر محمد بن الحسن النقاش: حدثنا الحسن بن علي: حدثنا يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن أبي ليلى عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع ظاهر البطلان كل رجال إسناده ثقات رجال الصحيح، وضعه عليهم النقاش هذا؛ فإنه كذاب كما قال الذهبي تبعاً لبعض من سلف من الأئمة، وله ترجمة سيئة في "تاريخ بغداد" و "الميزان" و "اللسان" وغيرها. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" للنقاش هذا والرافعي، وسكت عنه كما هي غالب عادته. الحديث: 3253 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 3254 - (صاحب الصف، وصاحب الجمع، لا يفضل هذا على هذا، ولا هذا على هذا. كأنه يريد صف القتال) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 265) من طريق محمد بن الحسين بن عبد الملك أبي نصر المعروف بـ (حاجي) البزار القزويني في "معجم شيوخه": أنبأ أحمد بن علي بن عمر بن محمد بن أبي رجاء: حدثنا سعيد بن محمد بن نصر أبو عمرو: حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم: حدثنا محمد بن عثمان: حدثنا أبو المغيرة: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة عن ثوبان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3254 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من فوق محمد بن عثمان ثقات من رجال "التهذيب"، ومن دونه لم أعرفهم. وسعيد بن محمد بن نصر أبو عمرو قزويني، ترجمه الرافعي في "تاريخه" (2/ 46) برواية عبد الواحد بن محمد بن أحمد وجماعة. كذا قال، لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً كما هي عادته. لكن قال الذهبي في "الميزان": "لا يدرى من هو؟! ". ونقل الحافظ في "اللسان" عن "طبقات همذان" لصالح بن أحمد أنه قال: "شيخ ليس بذاك". وأما أحمد بن علي بن عمر؛ فقد ترجمه الرافعي أيضاً (2/ 205) برواية الخليلي الحافظ في "مشيخته" فقط. 3255 - (إن ملكاً موكل بالقرآن، فمن قرأ منه شيئاً لم يقومه، قومه الملك ورفعه) . موضوع أخرجه الرافعي في "التاريخ" (1/ 267) تعليقاً فقال في ترجمة محمد بن الحسين بن محمد.. الشعيري أبي بكر: "وروى عنه الحافظ أبو سعيد السمان (بسنده) عن المعلى بن هلال عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المعلى بن هلال؛ قال الذهبي في "الميزان": الحديث: 3255 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 "رماه السفيانان بالكذب. وقال ابن المبارك وابن المديني: كان يضع الحديث. وقال ابن معين: هو من المعروفين بالكذب والوضع ... ". ثم ساق له الذهبي أحاديث تدل على كذبه، آخرها هذا الحديث، رواه البخاري في "الضعفاء" بإسناده عن المعلى به. والحديث مما سود به السيوطي جامعه "الصغير" و "الكبير" أيضاً (7105) !! وتناقض فيه المناوي؛ فإنه مع كونه أعله في "الفيض" بتكذيب السفيانين للمعلى، اقتصر في "التيسير" على قوله: "إسناده ضعيف"! وإن من غرائب الشيخ الغماري التي لا تنتهي، أنه لم يتعقب المناوي في تناقضه المذكور، ولا صرح بوضع الحديث، ولا أنكر على السيوطي تسويده لكتابه به! وبالتالي لم يورده في رسالته "المغير". وإنما سود نحو صفحتين في بيان أوهام المناوي في بعض الأنساب، والانكار عليه تعجبه من عدم عزو السيوطي الحديث لـ "ضعفاء البخاري" بقوله: "على أن "ضعفاء البخاري" ليس هو بأشهر من "تاريخ قزوين" للرافعي بين أهل الحديث"! فهل يقول هذا محدث بل حافظ منصف؟! 3256 - (رهان الخيل طلق. يعني: حلال) . ضعيف أخرجه الرافعي في "تاريخه" (1/ 270) من طريق يزيد بن عبد الرحمن عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أمه عبيدة أو حميدة، وعن عمه بن عبد الله بن أبي طلحة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3256 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن عبد الرحمن - وهو خالد الدالاني؛ وهو بكنيته أشهر - قال في "التقريب": "صدوق يخطىء كثيراً، وكان يدلس". ويحيى بن إسحاق بن عبد الله وعمه عمر بن عبد الله ثقتان؛ لكنه مرسل. وعبيدة أو حميدة لا يعرف حالها كما قال الحافظ، لكنها متابعة من عمر بن عبد الله كما ترى. والحديث عزاه السيوطي لسمويه والضياء عن رفاعة بن رافع، وسكت المناوي عن إسناده وقال: "ورواه أبو نعيم في (الصحابة) من رواية يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أمه عن أبيها مرفوعاً"! وقد عرفت أن أمه لا يعرف حالها، فلا ينفعه أنه رواه عنها عن أبيها موصولاً، وأبوها اسمه عبيد بن رفاعة؛ قال الحافظ: "ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووثقه العجلي". 3257 - (أربعون رجلاً أمة، ولم يخلص أربعون رجلاً في الدعاء لميتهم إلا وهبه الله لهم، وغفر له) . موضوع بهذا اللفظ علقه الرافعي في "تاريخه" (1/ 278) في ترجمة محمد بن خرشيد أبي بكر الأقطع، فذكر أن الحافظ الخليلي روى في "مشيخته" عنه بسنده عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن ابن مسعود: أنه كان إذا كان في جنازة ووضع السرير قبل أن يصلي عليه؛ استقبل الناس الحديث: 3257 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 بوجهه ثم قال: يا أيها الناس! إنكم جئتم شفعاء لميتكم؛ فاشفعوا؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الملك هذا؛ فإنه كذاب كما قال يحيى وغيره.وقد تقدم له أحاديث. ويغني عن الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (99) . فكأن هذا الكذاب حرف هذا الحديث، أو تحرف عليه على الأقل لشدة غفلته، وقلة عنايته بحفظ الحديث؛ فوقع في الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونسب إليه ما لم يقل. نسأل الله السلامة. 3258 - (الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 291) في ترجمة محمد ابن روشنائي أبي بكر بن أبي الفرج الهمداني عن الإمام أبي محمد النجار جزءاً من الحديث فيه روايته عن السيد أبي حرب العباسي بسنده عن أبي جعفر محمد ابن المفضل الزاهد - أتت عليه مئة وثلاثون سنة -: أنبأ أبو العباس هرمزدان الكرماني الجيرفتي:حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم بمرة، من دون أنس لم أعرفهم جميعاً! وبيض له المناوي في كتابيه؛ فلم يتكلم عليه بشيء سوى أنه قال: الحديث: 3258 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 "ورواه عن أنس الديلمي، لكن بيض ولده لسنده". وكذلك سكت عنه الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 83) ، غير أنه قال: "قال النجم: رواه الرافعي في (أماليه) عن أنس". 3259 - (سورة الكهف تدعى في التوراة: الحائلة؛ تحول بين قارئها وبين النار) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 475/ 2448) والرافعي (1/ 300) من طريق الخليلي محمد بن عبد الرحمن الجدعاني عن سليمان بن مرقاع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سليمان بن مرقاع؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (2/ 143) : "منكر الحديث، ولا يتابع في حديثه". ومحمد بن عبد الرحمن الجدعاني؛ قال الحافظ في "القريب": "متروك الحديث ". وبه أعله البيهقي فقال: "تفرد به محمد بن عبد الرحمن هذا، وهو منكر". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" و "الصغير" للبيهقي في "الشعب"، وزاد في الأول: الحديث: 3259 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 "وضعفه البيهقي، والخليلي في (الإرشاد) ". 3260 - (سورة (يس) تدعى في التوراة: المعمة؛ تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا، وتدفع عنه أهاويل الآخرة..) الحديث. ضعيف جداً أخرجه العقيلي في ترجمة سليمان بن مرقاع الجندعي من "ضعفائه" (2/ 143) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 481/ 2465) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عنه عن هلال عن الصلت: أن أبا بكر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وساقه السيوطي في "الجامع الكبير" بطوله وقال: "رواه الحكيم والبيهقي في "الشعب" وضعفه". قلت: وأعله بمثل ما أعل الذي قبله، وقال أيضاً: "وهو منكر". الحديث: 3260 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 3261 - (إن صدقة السر تطفىء غضب الرب، وإن صلة الرحم تزيد في العمر، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وإن قول (لا إله إلا الله) تدفع عن قائلها تسعة وتسعين باباً من البلاء أدناها الهم) . منكر أخرجه الرافعي (1/ 429) معلقاً، وابن عساكر موصولاً في "تاريخ دمشق" (13/ 172) من طريق أبي علي الحداد قال: أنبأ أبو بكر محمد ابن علي الجوزداني المقرىء: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن داود بن عيسى الحديث: 3261 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 - بالرقة -: حدثنا أبي: حدثنا جدي داود بن عيسى عن أبيه عيسى بن علي عن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ أحمد بن محمد بن عيسى فمن فوقه إلى عيسى بن علي لم أجد لهم ترجمة فيما بين يدي من المصادر. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (6630) لابن عساكر أيضاً، وسكت عنه المناوي في "الفيض"، وأما في "التيسير" فقال: "إسناده ضعيف" ولم يبين العلة، فكأن ذلك مشياً مع القاعدة المعروفة فيما تفرد به ابن عساكر وأمثاله. لكنه قال في "الفيض": "ورواه الطبراني في "الأوسط" عن معاوية بن حيدة بسند ضعيف". قلت: هذا حديث آخر يلتقي في بعض فقراته مع هذا، ويختلف في بعض آخر، كما سترى في الحديث التالي. لكن الشطر الأول من الحديث صحيح إلى "مصارع السوء"؛ لشواهده، وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1908) . وللحديث شاهد واه من حديث بهز بن حكيم عن أبيع عن جده مرفوعاً به. مع اختلاف في بعض الجمل، منها الأخيرة. 3262 - (إن صدقة السر تطفىء غضب الرب، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وإن صله الرحم تزيد في العمر وتنفي الفقر. وأكثروا من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإنها كنز من كنوز الجنة وإن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء، أدناها الهم) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 53/ 2/ 929) من طريق الحديث: 3262 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 عمرو قال: حدثنا صدقة عن الأصبغ عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وقال: "لم يروه عن بهز إلا الأصبغ، ولا عن الأصبغ إلا صدقة، تفرد به عمرو". قلت: وهو ابن أبي سلمة وهو التنيسي، وهو ثقة من رجال الشيخين. والعلة ممن فوقه: إما صدقة - وهو ابن عبد الله أبو معاوية السمين -؛ فإنه ضعيف. وإما من شيخه الأصبغ؛ قال الهيثمي (8/ 194) : "غير معروف". وروى الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" الشطر الثاني منه بنحوه، وقد تكلمت على إسناده في "الصحيحة" (4/ 37) تحت الحديث (1528) . وانظر الحديث الذي قبله؛ فإن شطره الأول صحيح لشواهده. 3263 - (كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان: الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والمشيمة، والقلفة) . منكر أخرجه الرافعي في ترجمة محمد بن علي بن إبراهيم أبي إبراهيم القطان (1/ 455) بسنده عن أبي محمد سعيد بن عبد الفريابي بـ (سرخس) : حدثنا مالك بن سليمان - هروي -: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: ولم يذكر في أبي إبراهيم هذا - كما هي غالب عادته - جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3263 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 والفريابي هذا لم أعرفه. لكن مالك بن سليمان الهروي قال العقيلي (4/ 173) : "في حديثه نظر". قال الذهبي: "وكذا قال السليماني، وضعفه الدارقطني". وروى الطبراني طرفاً منه من حديث وائل بن حجر بسند فيه علل ثلاث؛ وقد بينتها فيما تقدم برقم (2357) . 3264 - (تنظفوا بكل ما استطعتم، فإن الله بنى الإسلام على النظافة، ولن يدخل الجنة إلا كل نظيف) . موضوع علقه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 176) من طريق أبي الصعاليك محمد بن عبيد الله بن يزيد الطرسوسي في "جزء من حديثه": حدثنا أبو علي الحسن بن محمد: حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطي: حدثنا محمد بن يعلى الكوفي: حدثنا عمر بن صبح عن أبي سهل عن الحسن عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمر بن صبح؛ قال الحافظ: "متروك، كذبه ابن راهويه". ومحمد بن يعلى الكوفي ضعيف. وأبو علي الحسن بن محمد لم أعرفه. الحديث: 3264 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 وكذلك أبو الصعاليك الطرسوسي، وإليه عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" وقال فيه: "وسنده واه". ووقع في "الفتح الكبير" (الطرطوسي) وهو خطأ، لا أدري أهو من الطابع أم من مؤلفه؟ واعلم أن هذا الحديث هو أصل ذاك الحديث الذي تداولته الألسنة وذكره الغزالي في "الإحياء" (1/ 49) بلفظ: "بني الدين على النظافة". فقال مخرجه الحافظ العراقي: "لم أجده هكذا، وفي "الضعفاء" لابن حبان من حديث عائشة: "تنظفوا فإن الإسلام نظيف". وللطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف جداً من حديث ابن مسعود: المظافة تدعو إلى الإيمان". قلت: وفات العراقي حديث أبي هريرة؛ فإنه أقرب إلى لفظ حديث "الإحياء" كما هو ظاهر. وتمام حديث عائشة: "ولا يدخل الجنة إلا [كل] نظيف". أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 57) من طريق نعيم بن المورع عن هشام بن عروة عن أبيه عنها. أورده في ترجمة نعيم هذا، وقال: "يروي عن الثقات العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش: "روى عن هشام أحاديث موضوعة". وقال ابن عدي في "الكامل" (7/ 2481) : "ضعيف يسرق الحديث، وعامة ما يرويه غير محفوظ". قلت: فلا يبعد أن يكون سرق هذا الحديث من عمر بن صبح. والله أعلم. وأما لفظ حديث ابن مسعود؛ فهو أتم مما ذكره العراقي، وفيه (إبراهيم بن حيان) الذي في الحديث الآتي بعده. (تنبيه) : حديث عائشة بطرفه الأول عزاه الشيخ القرضاوي في تعليقه على كتابه "الحلال والحرام" (ص79-الطبعة الثالثة عشرة) لابن حبان! وهذا خطأ قبيح لا يليق بأهل العلم؛ لأن من المعروف عندهم أن إطلاق العزو لابن حبان يعني أنه رواه في "صحيحه"، وقد عرفت أنه إنما أخرجه في "ضعفائه"، وقد كنت نبهت على هذا في تخريجي لهذا الكتاب الذي كنت سميته "غاية المام في تخريج أحاديث الحلال والحرام" رقم (71) . وقد أخر المكتب الإسلامي طبع كتابي هذا عن أصله "الحلال والحرام" عدة سنين؛ لأسباب الله أعلم بها، ثم المؤلف والناشر! وكان ذلك حاملاً للناشر على أن يدلس على القراء ويوهمهم بأن التخريج الذي هو في تعليق الطبعة المذكورة (13) هو من صنعي، فطبع على الوجه الأول تحت اسم المؤلف القرضاوي ما نصه: "الطبعة الثالثة عشرة. تخريج المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني"! وذلك سنة (1400هـ -1980م) . وهذا كذب وزور! فلما راجعته في ذلك في مكتبه في بيروت أجاب بقوله - وهو غير مكترث بما فعل -: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 "خطأ من بعض الموظفين"! ثم تبين فيما بعد أنه تعمد ذلك ترويجاً للكتاب! ولقد آذاني بذلك كثيراً؛ فإنه نسب إلي كل الأخطاء العلمية الحديثية التي وقعت في كتاب الشيخ القرضاوي، وكنت بينتها في تخريجي إياه، وهذا هو المثال بين يديك، وقد تكاثر إيذاؤه لي في الآونة الأخيرة، وبخاصة بعد هجرتي من دمشق إلى عمان، في تعليقاته وتصرفاته بكتبي تصرفاً لا يرضاه ذو عقل ودين. والله المستعان. 3265 - (انقوا أفواهكم بالخلال؛ فإنها مسكن الملكين، الحافظين الكاتبين، وإن مدادهما الريق، وقلبهما اللسان، وليس شيء أشد عليهما من فضل الطعام في الفم) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص264) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 184) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 20/ 1) من طريق إبراهيم بن حيان بن حكيم بن سويد بن علقمة بن سعد بن معاذ: حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته إبراهيم بن حيان هذا؛ قال ابن عدي في "الكامل" (1/ 253) : "مدني ضعيف الحديث". ثم ساق له حديثين آخرين ثم قال: "وهذان الحديثان مع أحاديث أخرى بالأسانيد التي ذكرها إبراهيم بن حيان عامتها موضوعة". وأما حيان بن حكيم، وحكيم بن سويد، وسويد بن علقمة، ثلاثتهم لم أجد الحديث: 3265 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 لهم ترجمة، ويظهر لي أنهم لا يعرفون؛ من سلالة مجهولة، فقد ذكروا جدهم سويد بن علقمة في "الصحابة"؛ ومع ذلك قالوا فيه: "مجهول لا يعرف"! وقال أبو نعيم في "المعرفة" (1/ 302/ 2) : "عقبه بـ (أصبهان) ، من ولده إبراهيم بن حيان". قلت: وأما قول السيوطي في "الجامع الكبير": "رواه الديلمي عن إبراهيم ابن حيان من ولد سعد بن معاذ عن أبيه عن جده سعد بن معاذ"؛ فهو غير ظاهر؛ لأن سعد بن معاذ ليس له ذكر على أنه راوي الحديث، فإن إسناده انتهى إلى سويد بن علقمة بن سعد بن معاذ كما تقدم، فسعد بن معاذ هو جد سويد الأدنى كما ترى، ولم تصل الرواية إليه، فتأمل. ومن أحاديث إبراهيم هذا؛ ما يأتي عقب هذا. وسيأتي له حديث آخر في التخليل بسند آخر له برقم (5277) وفيه "النظافة تدعو إلى الإيمان"، وقد وقع فيه للمناوي بعض الأوهام، أقره الشيخ الغماري على بعضها! 3266 - (إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام، وضلت الأسباب، وذهبت الأخوة إلا الأخوة في الله، وذلك قوله: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) [الزخرف / 67] ) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الأخبار" (1/ 301) في ترجمة حيان بن حنظلة من طريق إبراهيم عنه بإسناده في الحديث الذي قبله، مع بيان أن آفته إبراهيم هذا، وأن من فوقه لا يعرفون. الحديث: 3266 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 3267 - (سوداء ولود خير من حسناء لا تلد؛ إني مكاثر بكم الأمم، حتى السقط يظل محبنطئاً على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أنا وأبواي، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أنا وأبواي، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أنا وأبواي، فيقال له: ادخل أنت وأبواك) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (300) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (رقم58) ، وتمام في "الفوائد" (ق228/ 1-2) ، وابن عساكر (4/ 333/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (19/ 416/ 1004) من طرق عن يحيى بن درست عن علي بن ربيع (وقال بعضهم: علي بن الهيثم، وقال غيره: علي بن نافع) عن بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال العقيلي: "علي بن نافع مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، وهذا المتن يروى بغير هذا الإسناد أصلح من هذا". ومن طريقه أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" وسماه علي بن الربيع وقال: "هذا منكر لا أصل له، ولما كثرت المناكير في رواياته بطل الاحتجاج به". قلت: وقد وجدت لطرفه الأول شاهداً، ولكنه لا يساوي فلساً، لأنه يرويه عبد الله بن محمد بن سنان: حدثنا إبراهيم بن الفضل - وهو ابن أبي سويد -: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن سواء الخزاعي عن أم سلمة مرفوعاً به. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 144) . قلت: وآفته ابن سنان هذا؛ وهو الروحي الواسطي؛ قال ابن حبان وأبو نعيم: "كان يضع الحديث". الحديث: 3267 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 وفي فضل السقط وإدخاله أبويه الجنة؛ حديثان آخران، أحدهما عن علي، والآخر عن معاذ، أخرجهما ابن ماجه (1608و1609) بسندين ضعيفين؛ كما بينته في "المشكاة" (1757) ، و"الترغيب" (3/ 92) ، ولا أدري إذا كان العقيلي عنى أحدهما بقوله المتقدم: "بإسناد أصلح من هذا" أو غيرهما. ثم بدا لي أنه يعني حديثاً آخر من رواية عبادة بن الصامت مخرج في "أحكام الجنائز" (53-54) ؛ وبه صححت حديث معاذ، فذكرته في "صحيح ابن ماجه" (1315) . (تنبيه) : قوله: (سوداء) كذا في جميع المصادر التي خرجت الحديث منها وعزوته إليها، من مخطوط ومطبوع، وكذلك أورده السيوطي في "الجامع الصغير"، فقال المناوي: "كذا في النسخ، والذي رأيته في أصول صحيحة مصححة بخط الحافظ ابن حجر من "الفردوس": (سوآء) على وزن (سوعاء) ، وهي القبيحة الوجه، يقال: رجل أسوأ، وامرأة سوآء. ذكره الديلمي". قلت: وهكذا على الصواب أورد الحديث أبو عبيد في "الغريب" (ق25/ 1) معلقاً، وقال: "قال الأموي: (السوآء) : القبيحة، يقال للرجل من ذلك: (أسوا) ". قال أبو عبيد: "وكذلك كل كلمة أو فعلة قبيحة، فهي سوآء". وكذا في "النهاية". والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 3268 - (من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلماً فصلى في الصف الثاني أو الثالث؛ أضعف الله له الأجر) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1/ 32/ 2/ 533-بترقيمي) من طريق الوليد بن الفضل العنزي، والرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 20) من طريق أصرم بن حوشب، قالا - والسياق لأصرم -: حدثنا نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال الطبراني: طلا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به الوليد بن الفضل". قلت: وهو متهم بالوضع؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 82) : "روى عن عبد الله بن إدريس وأهل العراق المناكير التي لا يشك من تبحر في هذه الصناعة أنها موضوعة". ثم ساق له الحديث الآتي عقب هذا. وقال الحاكم، وأبو نعيم، وأبو سعيد النقاش: "روى عن الكوفيين الموضوعات". إلا أنه لم يتفرد به خلافاً لقول الطبراني؛ فقد تابعه أصرم بن حوشب - كما رأيت - وهو مثله بل شر منه؛ فقد قال يحيى: "كذاب خبيث". رواه ابن حبان (1/ 181) عنه وقال فيه: "كان يضع الحديث على الثقات". الحديث: 3268 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 وتقدمت له بعض الأحاديث الدالة على وضعه. 3269 - (كان يبعث رجالاً إلى البلدان يدعون الناس إلى الإسلام، فقال رجل: لو بعث أبا بكر وعمر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبو بكر وعمر لا غنى عنهما، إن أبا بكر وعمر في الإسلام بمنزلة السمع والبصر من الإنسان) . موضوع بهذا التمام أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 82) من طريق الوليد بن الفضل عن عبد الله بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال: ... فذكره في ترجمة الوليد هذا. وقد اتهمه ابن حبان وغيره بالوضع كما تقدم في الحديث الذي قبله. الحديث: 3269 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 3270 - (يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر به من شاهق إلى شاهق، أو من حجر إلى حجر؛ كالثعلب بأشباله، قالوا: متى يكون ذلك؟ قال: في آخر الزمان؛ إذا لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله، فإذا كان كذلك حلت العزبة. قالوا: أنت تأمرنا بالتزويج؛ فكيف تحل العزبة؟ قال: يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يدي أبويه؛ إن كان له أبوان، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم يكن زوجة ولا ولد، فعلى يدي الأقارب والجيران؛ يعيرونه بضيق المعيشة، حتى يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها) . الحديث: 3270 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 منكر. أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 21و186) من طريق أحمد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا عبد الحميد بن يحيى عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسل: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن هو البصري، وهو مع تدليسه الذي اشتهر به لم يذكروا له رواية عن ابن مسعود. ومبارك بن فضالة يدلس أيضاً. وعبد الحميد بن يحيى؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (3/ 40) : "مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه". ثم ساق له من روايته عن عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غط رأسك من الناس، وإن لم تجد إلا خيطاً"! وأحمد بن عبد الرحمن المخزومي لم أعرفه. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لأبي نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الزهد"، والخليلي، والرافعي عن ابن مسعود. وهو في "الزهد الكبير" (ق49/ 2) من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً؛ كما في "معجم الحديث" الذي عامته من مخطوطات الظاهرية. لكن لم أكن نقلت فيه إسناده من تحت المبارك، ولا لفظه بتمامه، وليس عندي الآن نسخة من "الزهد" لأعود إليه. ثم رأيته في "الزهد" (436-مطبوع) فإذا هو من طريق جامع بن سوادة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن المبارك به. قلت: وجامع بن سوادة: ضعيف متهم، كما في "اللسان". وأما أبو نعيم فأخرجه في "الحلية" (1/ 25) من طريق إسحاق بن وهب: حدثنا عبد الملك بن يزيد: حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: ... فذكره مرفوعاً إلى قوله: "من حجر إلى حجر". وبهذا السند ساق قبله عن ابن مسعود قال: "إذا أحب الله عبد اً اقتناه لنفسه، ولم يشغله بزوجة ولا ولد". هكذا وقع فيه موقوفاً على ابن مسعود، ويبدو أنه سقط من الناسخ أو الطابع رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كذلك رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 278) من طريق أبي نعيم. وكذلك عزاه إليه الذهبي في ترجمة عبد الملك بن يزيد من "الميزان"، وتبعه العسقلاني في "اللسان"، وأعلاه بعبد الملك بن يزيد هذا؛ فقالا: "روى عن أبي عوانة بخبر باطل في ترك التزوج، لا يدرى من هو؟ ". ثم ساقاه من طريق صاحب "الحلية" بإسناده المتقدم مرفوعاً. وفيه: "إسحاق بن وهب العلاف". وهو إسحاق بن وهب بن زياد العلاف أبو يعقوب الواسطي. ولقد أخطأ ابن الجوزي خطأ فاحشاً حين أعل الحديث به بقوله: "هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الدارقطني: إسحاق بن وهب كذاب متروك، حدث بالأباطيل". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 180) . وقد التبس عليهما الأمر؛ فإن الذي قال فيه الدارقطني ما نقله عنه إنما هو إسحاق بن وهب الطهرمسي كما تراه في "الميزان" و "اللسان". وأما إسحاق بن وهب العلاف فهو ثقة من شيوخ البخاري، ولا علاقة له بهذا الحديث الباطل. نعم، لقد تعقب السيوطي ابن الجوزي في حديث آخر ساقه من رواية الطبراني بسنده عن أبي عنبة الخولاني مرفوعاً بلفظ: "إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً ابتلاه، وإذا ابتلاه اقتناه لنفسه. قالوا: يا رسول الله! وما اقتناه؟ لا يترك له مالاً ولا ولداً". وفيه اليمان بن عدي نسبه أحمد إلى الوضع. كذا قال ابن الجوزي، فقال السيوطي: "ضعفه أحمد والدارقطني، وقال أبو حاتم: صدوق". قلت: هذا نقله السيوطي من "ميزان الذهبي"، ولا يكفي في رد قول ابن الجوزي وما نسبه لأحمد، ولم أر أحداً ذكره عنه غيره، والمعروف عنه التضعيف فقط. والله أعلم. وفي الحديث علة أخرى؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 291) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه إبراهيم بن محمد شيخ الطبراني، ضعفه الذهبي، ولم يذكر سبباً، وبقية رجاله موثقون". قلت: بلى؛ قد ذكر السبب، وهو أنه قال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 إسماعيل بن عياش بسنده عن ابن عمر مرفوعاً بحديث ذكره، وقال: "فالمعروف بهذا الحديث هو عبد الوهاب بن الضحاك، لا ابن نجدة". وهذا يعني أنه خطأ في إسناده فذكر ابن نجدة - وهو ثقة - مكان ابن الضحاك - وهو متروك -، ولذا قال الذهبي فيه: "غير معتمد". قلت: وهذا مما لا ينبغي التوقف فيه؛ لأن الرجل مع هذا الخطأ الفاحش الذي اكتشفه الذهبي قد أورده الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 167/ 1) ، ولم يسق له سوى حديث واحد، فهو مستور غير معروف. والله أعلم. 3271 - (إن أبا بكر يتأول الرؤيا، وإن الرؤيا الصالحة حظ من النبوة) . منكر أخرجه البزار (3/ 11/ 2120) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/ 313/ 7057) من طريق جعفر بن سعد بن سمرة: حدثنا خبيب عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب به مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: 1- سليمان بن سمرة مجهول الحال. 2- خبيب بن سليمان مجهول العين. 3- جعفر بن سعد بن سمرة ليس بالقوي؛ كما في "التقريب". وقال الهيثمي في "المجمع" (7/ 173) : "رواه الطبراني والبزار، وإسناده ساقط. وفي إسناد الطبراني من لم أعرفه". قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله؛ فإسنادهما واحد كما ترى. الحديث: 3271 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 وذكره السيوطي في "الزيادة" بلفظ: "أمرت أن أولي الرؤيا أبا بكر". وقال: "رواه (فر) عن سمرة". قلت: وما أراه إلا محرفاً من هذا. والله أعلم. 3272 - (دخلت الجنة فرأيت جارية أدماء لعساء، فقلت: ما هذه يا جبريل؟ فقال: إن الله تعالى عرف شهوة جعفر بن أبي طالب للأدم اللعس؛ فخلق له هذه) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 34-35) في ترجمة محمد بن موسى القزويني، من رواية جعفر بن أحمد بن علي القمي الرازي في "فضائل جعفر بن أبي طالب" بإسناده عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله عن أبيه عن عباية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره: قلت: هذا إسناد مظلم؛ من دون إسحاق بن جعفر لم أعرفهم، والقزويني لم يذكر الرافعي في ترجمته سوى هذا الحديث، مما يدل على جهالته، فإن سلم ممن فوقه فهو آفته. ثم هو إلى ذلك مرسل؛ فإن عباية تابعي، ولكني أخشى أن يكون سقط منه صحابيه؛ فقد قال السيوطي في "الجامع الكبير" (13958) : "رواه جعفر بن أحمد القمي في "فضائل جعفر بن أبي طالب"، والرافعي بسند جعافرة عن آبائهم إلى عبد الله بن جعفر". وذكر نحوه في "الجامع الصغير". الحديث: 3272 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 وبيض له المناوي في "شرحيه" فلم يتكلم عليه بشيء! مع أن القاعدة في مثله أن يضعفه، وهذا ما كنت فعلته في "ضعيف الجامع"، والآن وقد وقفت على إسناده المظلم، وتأملت متنه، فبدا لي أنه موضوع. والله أعلم. 3273 - (المتقون سادة، والفقهاء قادة، والجلوس إليهم زيادة، وعالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد) . موضوع رواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 47) تعليقاً عن الخليلي بإسناده عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد: حدثني عم أبي: إسحاق بن موسى عن أبيه عن جده عن محمد بن علي عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم. ومتن منكر موضوع؛ من دون موسى بن جعفر بن محمد لم أعرفهم. والجملة الأخيرة منه رواها عمرو بن جميع - وهو متهم - عن جعفر بن محمد به. وسيأتي تخريجه برقم (3850) ، وأنه روي موقوفاً على جعفر بن محمد ابن علي. الحديث: 3273 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 3274 - (إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه؛ نظر الله إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها؛ تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 47) معلقاً عن ميسرة بن الحديث: 3274 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 علي في "مشيخته" بسنده عن الحسين بن معاذ الخراساني عن إسماعيل بن يحيى التيمي عن مسعر بن كدام عن العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته التيمي هذا؛ كان يضع الأحاديث وله أباطيل وبلايا تقدم بعضها. والحسين بن معاذ قريب منه؛ قال الخطيب: "ليس بثقة، حديثه موضوع". والحديث بيض له المناوي في "شرحيه" فلم يتكلم عليه بشيء، ومن المآسي قول المعلق على "الجامع الكبير" للسيوطي: "رمز في "الجامع الصغير" لصحته"! وسببه الجهل بأن رموز الجامع لا قيمة لها مطلقاً كما نبهنا على ذلك مراراً!! ومن الغرائب أن الشيخ الغماري - مع علمه وتوسعه في نقد المناوي وتشنيعه عليه بسبب أوهامه - يشايعه في الاعتداد برموز "الجامع"! ثم هو قد فاته أن الحديث موضوع، فلم يتعقب تبييض المناوي له، ولا أورده في "المغير"!! 3275 - (ارحموا حاجة الغني، فقال رجل: وما حاجة الغني؟ قال: الرجل المسر يحتاج، فصدقة الدرهم عليه عند الله بمنزلة سبعين ألفاً) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 48) معلقاً عن الخليلي الحافظ بسنده عن علي بن محمد بن مهرويه: حدثنا محمد بن يحيى الطوسي بـ الحديث: 3275 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 (قزوين) : حدثنا محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره في ترجمة محمد بن يحيى الطوسي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. فهو الآفة؛ إذ روى مثل هذا الحديث الباطل الواضح بطلانه بهذا الإسناد الصحيح: الفريابي ... إلخ. أو الآفة الراوي عنه: ابن مهرويه؛ فقد أورده في "اللسان" وقال: "قال صالح بن أحمد في "طبقات أهل همذان": سمعت منه مع أبي، وكان يأخذ الدراهم على نسخة الرضا، وتكلموا فيه، ومحله الصدق". وله ترجمة في "تاريخ قزوين" (3/ 416) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه أيضاً جرحاً ولا تعديلاً. وما في "اللسان" منقول من "تاريخ بغداد" (12/ 69-70) ، وقد وقع فيه التحريف يصحح من "اللسان". ثم رأيت الخطيب قد أخرج الحديث في "تاريخ بغداد" (13/ 322-323) من طريق أخرى عن ابن مهرويه القزويني به. وقال: "غريب جداً من حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، ومن حديث الثوري عن الأعمش، لا أعلم رواه غير محمد بن يحيى الطوسي عن الفريابي". 3276 - (إذا صليتم الفرض فقولوا عقب كل صلاة عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ يكتب له من الأجر كأنما أعتق رقبة) . منكر أخرجه الرافعي في "التاريخ" (2/ 118) معلقاً من طريق أبي نصر محمد بن أحمد الجرجاني: حدثنا أبي: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي: الحديث: 3276 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي: حدثنا شعبة: حدثنا طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره في ترجمة إبراهيم بن علي بن أحمد الجرجاني. قلت: ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً كغالب عادته، فهو مجهول. ومثله محمد بن أحمد الجرجاني وأبوه. ومن فوقه ثقات رجال الشيخين غير الفضل بن الحباب؛ قال أبو علي الخليلي: "احترقت كتبه، منهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه، وهو إلى التوثيق أقرب". قلت: فإن لم يكن الوهم منه، فهو ممن دونه؛ فإن الحديث قد صح عن شعبة به دون قوله: "إذا.. عقب كل صلاة"، فقال الطيالسي في "مسنده" (740) : حدثنا شعبة بلفظ: "من قال لا إله إلا الله ... عشر مرات كن له عدل نسمة أو رقبة". وكذلك أخرجه أحمد (4/ 285و304) من طرق أخرى عن شعبة به. وأخرجه هو وابن حبان (2327) ، والحاكم (1/ 501) من طريقين آخرين عن طلحة بن مصرف به. وزاد ابن حبان: "يحيي ويميت". ولا تثبت في هذا الحديث كما لم تثبت الزيادة الأولى. نعم ثبتت زيادة ابن حبان مع تقييد التهليل عشراً بما بعد صلاة الصبح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 والمغرب في أحاديث يرتقي ذلك بمجموعها إلى مرتبة الصحة؛ ولذلك أوردت بعضها في "صحيح الترغيب" (472-475) . 3277 - (من مر على المقابر فقرأ فيها إحدى عشرة مرة: (قل هو الله أحد) ثم وهب أجره للأموات؛ أعطي من الأجر بعدد الأموات) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 297) من طريق داود بن سليمان الغازي: أنبأ علي بن موسى الرضا: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الغازي هذا، قال الذهبي في "الميزان": "كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا.." قلت: وقد توبع من كذاب مثله، أو سرقه أحدهما من الآخر، فانظر: "أحكام الجنائز" (ص193) . والحديث أورده العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 272) من رواية الرافعي عن علي، وسكت عنه! الحديث: 3277 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 3278 - (كان من دعائه: اللهم اغنني بالعلم، وزيني بالحلم، وكرمني بالتقوى، وجملني بالعافية) . ضعيف علقه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 324) من طريق إبراهيم الحديث: 3278 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 ابن يزيد عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: ... فذكره مرفوعاً. أورده في ترجمة أحمد بن ربيعة بن علي.. العجلي القزويني، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما ساق له هذا الحديث. وإبراهيم بن يزيد لم أعرفه، وليس هو الخوزي المتروك؛ فإنه أعلى طبقة منه. 3279 - (ليلة عرج بي إلى السماء بكت علي الأرض، فأنبت الله من بكاء الأرض (الكبر) وهو (الأصف) ؛ فمن أراد أن يشم بكاء الأرض فليشم (الكبر) ، فلما رفعت إلى ربي فحياني بالرسالة، وفضلني بالنبوة، وأكرمني بالشفاعة، وفرض علي الخمسين صلاة، هبطت من سماء إلى سماء، فلما جزت إلى سماء الدنيا تصببت عرقاً، فانصب عرقي على الأرض، فأنبت الله من عرقي الورد الأحمر؛ فمن أراد أن يشم عرقي، فليشم الورد الأحمر) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 326-327) من طريق أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري بسنده عن سهل بن صقير: حدثنا موسى بن عبد ربه: سمعت علي بن أبي طالب يقول:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "أخرجه المستغفري في "كتاب طب النبي - صلى الله عليه وسلم -"، هذا آخر حديث من الكتاب". قلت: وهو حديث باطل ظاهر البطلان، في أحاديث من أمثاله أوردها ابن الحديث: 3279 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 الجوزي في "الموضوعات" (3/ 61-62) قال فيها: "هذه الأحاديث كلها محال". والمتهم عندي بهذا الحديث سهل بن صقير؛ فقد قال فيه الخطيب: "يضع الحديث". وموسى بن عبد ربه لم أجد من ذكره. وقد سرق هذا الحديث الوضاع المشهور الحسن بن علي العدوي؛ فرواه عن بعضهم عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي رضي الله عنه به مختصراً. أخرجه في ترجمته ابن عدي (2/ 753-754) وقال: "وهذا موضوع على أهل البيت". ووافقه ابن الجوزي، وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 275) ؛ لكنه عقب عليه بحديث الرافعي هذا وسكت عنه!! 3280 - (اختنوا أولادكم يوم السابع؛ فإنها أطهر، وأسرع نباتاً للحم) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 340و3/ 58-59) معلقاً من طريق داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضا؛ بروايته عن آبائه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا موضوع؛ آفته الغازي هذا، وقد تقدمت له عدة أحاديث. الحديث: 3280 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 3281 - (الضمة في القبر كفارة لكل مؤمن؛ لكل ذنب بقي عليه لم يغفر له، وذلك أن يحيى بن زكريا عليهما السلام ضمه القبر ضمة في أكلته الشعير) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 352) معلقاً من طريق إسماعيل بن أبي زياد عن ثور عن خالد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسماعيل هذا، وهو ابن أبي زياد الشقري الخراساني؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "قال ابن معين: كذاب". والحديث مما سود به السيوطي "الجامع الصغير"؛ فأورده من رواية الرافعي عن معاذ دون قوله: "وذلك أن يحيى ... " إلخ. وأما في "الجامع الكبير" فأورده (11167) بتمامه!! وبيض له المناوي في "شرحيه" فلم يتكلم على إسناده بشيء؛ إلا أنه نقده من حيث متنه فقال: "وهذا يعارض خبر: "أكثر عذاب القبر من البول" و "عامة عذاب القبر من البول". وهذه معارضة غير صحيحة؛ لأن ضمة القبر غير عذاب القبر، كما يدل عليه أحاديث ضم القبر لسعد معاذ، وللصبي، وانظر "الصحيحة" (1695و2164) . الحديث: 3281 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 والحديث الذي ذكره المناوي صحيح، ورد عن جمع من الصحابة باللفظين اللذين ذكرهما، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (1/ 310/ 280) . ويشهد له حديث "الصحيحين": "أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، وأما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة". رواه الشيخان وهو مخرج في المصدر السابق (283) . والحديث من موضوعات "الجامع" التي غفل عنها الشيخ الغماري، فلم يتعقبه على المناوي في "الحاوي"، ولا على السيوطي في "المغير"!! 3282 - (كأن الخلق لم يسمعوا القرآن حين يسمعونه من الرحمن يتلوه عليهم) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 403) من طريق إبراهيم بن محمد المقدمي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن إسماعيل بن رافع عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علل: الأولى: إسماعيل بن رافع؛ ضعيف جداً، قال الذهبي في "المغني في الضعفاء": "ضعفوه جداً، قال الدارقطني والنسائي: متروك". الثانية: محمد بن عبد الرحمن - هو العبد ي كما في ترجمة إسماعيل من "تهذيب الكمال" -؛ قال في "الجرح والتعديل": الحديث: 3282 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 "سمع من محمد بن علي، روى عنه روح بن عبادة". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الثالثة: إبراهيم بن محمد المقدمي؛ لم أقف له على ترجمة. 3283 - (الميت ينضح عليه الحميم ببكاء الحي) . موضوع أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1/ 47/ 47) ، والبزار (1/ 379/ 802) من طريق محمد بن الحسن المدني: حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة عن يعقوب بن عتبة عن عروة عن عائشة رحمة الله عليها قالت: لما توفي عبد الله بن أبي بكر بكي عليه، فخرج أبو بكر رضي الله عنه فقال: إني أعتذر لكم من شأن أولاء؛ إنهن حديث عهد بجاهلية، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال البزار: "لا نعلمه مرفوعاً عن أبي بكر إلا من هذا الوجه، وعبد الحكيم مدني مشهور صالح الحديث، ويعقوب مشهور، ومحمد بن الحسن هو ابن زبالة؛ لين الحديث". كذا قال! وهو أسوأ مما ذكر - وإن قلده الهيثمي فقال في "المجمع" (3/ 16) : "رواه البزار وأبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف"؛ فقد قال فيه ابن معين: "كذاب خبيث". وقال أحمد بن صالح المصري: "كان يضع الحديث". وقال أبو داود: الحديث: 3283 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 "كذابا المدينة: محمد بن الحسن بن زبالة، ووهب بن وهب أبو البختري". وإن مما يدل على وضع هذا الحديث وبطلانه بهذا اللفظ: "يصب عليه الحميم"؛ أنه صح عن غير واحد من الصحابة بلفظ: "يعذب" فقط. رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص40و41) . 3284 - (إياكم وبكاء اليتيم؛ فإنه يسري في الليل والناس نيام) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2/ 1018/ 2503) من طريق موسى بن يحيى بن أبي عيسى: حدثنا عمرو بن الحصين: أخبرنا علي ابن الحسين: أخبرنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمرو بن الحصين واه جداً متروك، تقدمت له أحاديث كثيرة. وعلي بن الحسين لم أعرفه. ومثله موسى بن يحيى بن أبي عيسى. والله أعلم. والحديث أشار إلى تضعيفه المنذري (3/ 231/ 16) . الحديث: 3284 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 3285 - (الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته) . موضوع أخرجه أبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (144/ 1/ رقم118) من طريق حسان بن غالب: حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن القاسم ابن محمد عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 3285 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 قلت: وهذا موضوع؛ آفته حسان هذا؛ قال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين" (1/ 271) : "يقلب الأخبار على الثقات، ويروي عن الأثبات الملزقات، لا يحل الاحتجاج به بحال، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. روى عن مالك ... ". ثم ساق له حديثاً موضوعاً على مالك، كما ساق له الذهبي والعسقلاني موضوعات أخرى، وقال الحاكم: "له عن مالك أحاديث موضوعة". وابن لهيعة مع ضعفه المعروف لا يتحمل هذا الحديث. 3286 - (طالب العلم كالغادي والرايح في سبيل الله) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 142/ 2) من طريق أبي نعيم معلقاً عنه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا: حدثنا عثمان بن عبد الله: حدثنا رشدين عن أبي سفيان عن عبد الله بن [أبي] الهذيل عن عمار بن ياسر: ... فذكره. هكذا في النسخة المصورة لم يرفعه، فلا أدري أسقط رفعه منها، أم هكذا الأصل، ولعل الأول أرجح، فقد أورده السيوطي في "جامعيه" من رواية الديلمي عن عمار وأنس، وليس من عادته أن يورد فيه إلا المرفوع. ثم تنبهت لشيء جعلني أرجح أنه غير مرفوع عن عمار، ومرفوع عن أنس. فقد أتبعه الديلمي بإسناد آخر متصل منه إلى محمد بن أحمد بن محمد المديني بـ (فسطاط مصر) : حدثنا الهيثم بن أحمد بن عبد الله بن زيد: حدثنا نصر بن محمد السليطي: حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نحوه) . الحديث: 3286 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 قلت: وفي إسناد الموقوف عثمان بن عبد الله الأموي؛ قال ابن عدي: "يروي الموضوعات عن الثقات". ورشدين - وهو ابن سعد - فيه ضعف. وأبو سفيان لم أعرفه. وفي إسناد المرفوع من دون حميد لم أعرفهم؛ ومن المحتمل أن محمد بن أحمد بن محمد هو أبو الفتح المصري المترجم في "تاريخ بغداد" (1/ 354-355) و "الميزان" وقال: "متهم في كتابة التسميع، وكان من طلبة الحديث". والحديث مما بيض له المناوي في كتابيه، فلم يتكلم على إسناده بشيء! وإن من غرائب الغماري أن تعقب المناوي في خطئه في ادعائه أن الديلمي روى المرفوع من طريق أبي نعيم. نعم؛ إنه زاد عليه فساق إسناده الموقوف والمرفوع! ولكنه شاركه في السكوت عن إسناد الحديث! فماذا استفاد القراء من السوق المقرون بالصمت؟! 3287 - (يقول الله تعالى: يا ابن آدم! ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل، وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح! يا ابن آدم! لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف؛ لسارعت إلى مقته!) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 4) ، والديلمي (4/ الحديث: 3287 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 257- زهر الفردوس) من طريق داود بن سليمان الغازي: حدثني علي بن موسى الرضا.. (قلت: فساق إسناده عن آبائه عن علي رضي الله عنه) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الغازي هذا، وهو شيخ كذاب كما تقدم مراراً. لكن تابعه أحمد بن علي بن مهدي الرقي: حدثنا أبي: حدثنا علي بن موسى الرضا به. أخرجه الديلمي، وكذا نظيف المصري في "الفوائد" (ق106/ 2) ، ومن طريقه أبو نصر الغازي في "جزء من الأمالي" (ق78/ 1) وزاد: "تفعل الكبائر أو ترتكب الكبائر ثم تتوب إلي فأقبلك إذا خلصت نيتك، وأصفح عما مضى من ذنوبك، وأدخلك جنتي وأجعلك في جواري، سوءة (!) لإقامتك على قبيح فعالك". لكن الرقي هذا وأبوه لم أعرفهما، ولعل أحدهما سرقه من الغازي؛ فإن لوائح الوضع والصنع على الحديث ظاهرة. 3288 - (كان يتوضأ من الحدث، ومن أذى المسلم) . باطل أخرجه الرافعي في "تاريخه" (3/ 8) معلقاً من طريق داود بن المحبر: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -.. (فذكره) قال لأنس: وأنتم؟ قال: ونحن. قلت: وهذا باطل ظاهر البطلان، وهو من موضوعات داود هذا؛ فإنه مشهور بالوضع، كما تقدم مراراً. الحديث: 3288 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 3289 - (من صلى صلاة الفجر، ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس؛ كان له حجاب من النار أو ستر من النار) . موضوع أخرجه القزويني في "تاريخه" (3/ 7) من طريق خالد بن يزيد: حدثنا سفيان الثوري عن ابن طريف - يعني سعداً - عن عمير بن مأمون: سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب: سمعت أبي علياً رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: هذا موضوع؛ آفته خالد بن يزيد - وهو العمري المكي -؛ قال الذهبي: "كذبه أبو حاتم ويحيى، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات". وسعد بن طريف مثله؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 357) : "كان يضع الحديث على الفور". قلت: فأحدهما هو الفاعل! وعمير بن مأمون - ويقال: مأموم - لم يوثقه غير ابن حبان، وقد قال الدارقطني: "ابن مأموم لا شيء! ". والحديث أورده السيوطي في "الجامع الكبير" عن علي، وسقط من نسختنا المصورة مخرجه. ثم انحصرت الآفة في سعد بن طريف؛ فقد رأيت الحديث في "مسند البزار" بواسطة "كشف الأستار" (4/ 17) قال:حدثنا محمد بن موسى الحرسي: حدثنا هبيرة بن محمد العدوي: حدثنا سعد الحذاء عن عمير بن المأموم قال: أتيت المدينة أزور ابنة عم لي تحت الحسن بن علي، فشهدت معه صلاة الحديث: 3289 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 الصبح في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصبح ابن الزبير قد أولم، فأتى رسول ابن الزبير فقال: يا ابن رسول الله! إن ابن الزبير أصبح قد أولم، وقد أرسلني إليك، فالتفت إلي فقال: هل طلعت الشمس؟ قلت: لا أحسب إلا قد طلعت، قال: الحمد لله الذي أطلعها من مطلعها. قال: سمعت أبي وجدي - يعني النبي - - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صلى الغداة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، جعل الله بينه وبين النار ستراً". ثم قال: قوموا فأجيبوا ابن الزبير، فلما انتهينا إلى الباب تلقاه ابن الزبير على الباب فقال: يا ابن رسول الله! أبطأت عني هذا اليوم؟ فقال: أما إني قد أجبتكم وأنا صائم، قال: فها هنا تحفة، فقال الحسن بن علي: سمعت أبي وجدي - يعني النبي - - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تحفة الصائم الزائر أن يغلف لحيته ويجمر ثيابه ويذرر" (1) . قال: قلت: يا ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعد علي الحديث، قال: سمعت أبي وجدي - يعني النبي - - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو علماً مستطرفاً، أو كلمة تزيده هدى أو ترده عن ردى، او يدع الذنوب خشية أو حياء". وقال البزار: "لا نحفظه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، وعمير بن المأموم لا نعلم روى عنه إلا سعد بن طريف".   (1) أي يطيب، من (الذريرة) ، وهو نوع من الطيب مجموع من أخلاط، كما في " النهاية ". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 قلت: وبسعد هذا أعله الهيثمي فقال (10/ 106) : "وهو متروك". لكن الراوي عنه هبيرة العدوي؛ قال في "الميزان": "قال ابن معين: لا شيء". ومثله عمير عند الدارقطني كما تقدم، والعجب من إيراد ابن حبان إياه في "الثقات" (5/ 256) مع إشارته إلى تفرد سعد بن طريف بالوراية عنه، وقد اتهمه بالوضع كما رأيت! كما بينته في كتابي "تيسير الانتفاع". ومحمد بن موسى الحرسي لين كما في "التقريب". وجملة "تحفة الصائم ... "، قد رواها الترمذي وغيره، وقد مضى تخريجها برقم (2596) . 3290 - (ليس منا من غش مسلماً أو ضره أو ماكره) . موضوع رواه الرافعي في "تاريخه" (3/ 87) من طريق داود بن سليمان عن الرضا أحاديث، وفيها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وداود هذا - وهو الغازي - كذاب؛ كما تقدم مراراً، أقربها الحديث (3287) . والحديث مما سود به السيوطي كتابه "الجامع الصغير" فأورده فيه من رواية الرافعي عن علي، وكنت رمزت له بالضعف في "ضعيف الجامع" (رقم4939) بناء على القاعدة: أن ما رواه الرافعي - ومن نحا نحوه - ضعيف، والآن وقد وقفت على إسناده فقد رجعت عن التضعيف إلى الوضع لرواية هذا الكذاب إياه، وإن الحديث: 3290 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 كان الشطر الأول منه قد صح من طرق أخرى كما كنت نبهت عليه في التعليق على "ضعيف الجامع". 3291 - (دخلت الجنة فرأيت في عارضتي الجنة مكتوباً ثلاثة أسطر بالذهب - لا بماء الذهب -: السطر الأول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. والسطر الثاني: ما قدمنا وجدنا، وما أكلنا ربحنا، وما خلفنا خسرنا. والسطر الثالث: أمة مذنبة ورب غفور) . منكر رواه الرافعي في "تاريخه" (3/ 91) معلقاً بإسناد مظلم عن علي ابن عاصم عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: ومع ظلمة إسناده، وجهالة من دون ابن عاصم من رواته؛ فإن ابن عاصم هذا قد تكلم فيه من قبل حفظه وإصراره على خطئه، وذكر له ابن عدي مناكير، وهذا منها بلا شك إن سلم ممن دونه. الحديث: 3291 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 3292 - (لا تقتل المرأة إذا ارتدت) . موضوع أخرجه الدارقطني في "سننه" (3/ 117/ 118) من طريق عبد الله بن عيسى الجزري: أخبرنا عفان: أخبرنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الدارقطني: "عبد الله بن عيسى هذا كذاب يضع الحديث على عفان وغيره، وهذا لا الحديث: 3292 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا رواه شعبة". وأقره الذهبي في "الميزان"، وذكر أن هذا الحديث من مصائبه، ووافقه العسقلاني. وقال الجورقاني في كتابه "الأباطيل والمناكير" (2/ 170) : "هذا حديث باطل.."، ثم ذكر كلام الدارقطني. وعاصم - وهو ابن أبي النجود - في حفظه ضعف. وقد خولف الجزري في رفع هذا الحديث؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 177/ 18731) : عن الثوري عن عاصم به، موقوفاً على ابن عباس. وهذا إسناد حسن في الظاهر، لكن قد أخرجه الدارقطني من طريق أبي يوسف محمد بن بكر العطار الفقيه: أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي حنيفة عن عاصم بن أبي النجود به، فبين سفيان - وهو الثوري - وعاصم أبو حنيفة، وفيه ضعف من قبل حفظه، وقد أشار هذا سفيان نفسه كما يأتي عن البيهقي. لكن العطار هذا؛ قال الذهبي: "لا يدرى من ذا؟ ". وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 139/ 9043) : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ووكيع عن أبي حنيفة به. أخرجه البيهقي (8/ 203) ، وعقب عليه بما رواه بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سألت سفيان عن حديث عاصم في المرتدة؟ فقال: "أما عن ثقة فلا ". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 قلت: فرجع الأثر إلى عن أبي حنيفة، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الجورقي عقب الحديث وقال: "وأبو حنيفة متروك الحديث". ومن شاء استيعاب أقوال حفاظ الأئمة فيه فليرجع إلى ما تقدم ذكره تحت الحديث (458) ؛ فإنك ستعلم حينئذ مبلغ تعصب ابن التركماني في قوله تحت هذا الأثر في "الجوهر النقي": "وإن ضعفوا هذا الأثر من أجل أبي حنيفة، فهو وإن تكلم فيه بعضهم، فقد وثقه كثيرون، وأخرج له ابن حبان في "صحيحه"، واستشهد به الحاكم في "المستدرك"، ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام أولئك"! قلت: هذا تعطيل لعلم الجرح تعصباً للإمام؛ فإن الجرح لا ينظر فيه إلى دين المجروح وورعه وعلمه، وإنما إلى حفظه وضبطه لرواياته بعد أن تثبت عدالته، ولا شك عندي في عدالته، ولكن الضبط والحفظ شيء آخر، وهذا ما لم يعرف به الإمام رحمه الله، بل عرف بنقيضه. ومن التعصب وقلب الحقائق أنه أشار إلى تقليل عدد المتكلمين فيه بقوله: "بعضهم"، وكثرة الموثقين، والحقيقة على العكس من ذلك تماماً، كما يشهد بذلك ما ذكرته تحت الحديث المشار إليه آنفاً. وأما قوله: "واستشهد به الحاكم"؛ فهو إذا صح عليه لا له؛ لأن الاستشهاد بالراوي غير الاحتجاج به كما هو مقرر في هذا العلم الشريف. وأما قوله: "وأخرج له ابن حبان في صحيحه"؛ فهو مدسوس في نقدي، وإن صح فيكون على سبيل الاستشهاد لا الاحتجاج (1) ، والدليل على ذلك أن   (1) ثم تأكدت من دس ذلك بأمور كثيرة، منها: أن أحدا ممن ترجم له رحمه الله لم يذكر ذلك، ولم يرد له ذكر في فهرس " صحيح ابن حبان / الإحسان " طبع المؤسسة، ولا ادعى ذلك أحد من المتعصبة غير ابن التركماني عفا الله عنا وعنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 ابن حبان لم يورده في كتابه "الثقات" على تساهل شرطه فيه كما هو معلوم عند النقاد، بل هو على العكس من ذلك فقد أورده في كتابه الآخر: "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" وقد أساء القول فيه، وكان مما قال (3/ 63) : "وكان رجلاً جدلاً، ظاهر الورع، لم يكن الحديث صناعته، حدث بمئة وثلاثين حديثاً مسانيد، ما له في الدنيا غيرها، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثاً؛ إما أن يكون قلب إسناده، أو غير متنه من حيث لا يعلم، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار". ولذلك علق عليه محققه بثلاث صفحات ملؤها قلب الخقائق، والاحتجاج بما لم يصح من أقوال الأئمة، والإعراص عن أقوالهم الثابتة عنهم في الإمام رحمه الله، واعتبار الأئمة المتكلمين فيه من المتعصبين ضده على قاعدة: (رمتني بدائها وانسلت) ! واعلم أن هناك حديثاً خلاف حديث الترجمة: أن امرأة ارتدت عن الإسلام، فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت. أخرجه الدارقطني وغيره، وإسناده ضعيف، وقد تكلمت عليه في "الإرواء" (2472) وذكرت له بعض المتابعات والطرق، فلعله لذلك سكت عنه الحافظ في "الفتح" (12/ 268) ، فإن ثبت قامت به الحجة، وإلا ففي عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه" كفاية. رواه البخاري وأصحاب السنن وغيرهم، وهو في "الإرواء" (2471) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 3293 - (من كتب (يس) ثم شربها؛ دخل جوفه ألف نور، وألف رحمة، وألف بركة، وألف دواء، أو خرج منه ألف داء) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (3/ 96) بإسناد له مظلم عن الأحوص بن حكيم عن أبي عون عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا متن باطل ظاهر البطلان والوضع، وقد يكون الواضع ممن دون الأحوص؛ لأن هذا وإن كان ضعيفاً؛ فإنه لم يتهم بالوضع؛ وإن قال فيه ابن حبان (1/ 175) : "يروي المناكير عن المشاهير، وكان ينتقص علي بن أبي طالب، تركه يحيى القطان وغيره". قلت: فقد تكون الآفة ممن فوقه: أ - إما من شيخه أبي عون؛ فإنه غير معروف؛ أورده الدولابي في "الكنى" فقال (2/ 48) : "أبو عون الأنصاري يحدث عنه الأحوص بن حكيم". وسماه في كنى "اللسان": عمرو بن عمرو. وقال في الأسماء: "عمرو بن عمرو بن عون بن تميم أبو عون الأنصاري، روى عنه سعيد بن عفير؛ مجهول". قلت: وهو من زوائده على "الميزان"، وقد سقط من الطابع حرف (ز) قبل الاسم في "الأسماء" و "الكنى"، الذي يشير به المؤلف إلى أنه من زياداته على "الميزان". ب - وإما من الحارث الأعور؛ فقد اتهمه بعضهم بالكذب. الحديث: 3293 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 وأبو إسحاق - وهو السبيعي - وإن كان اختلط، فإنه مما يستبعد نسبة هذا الحديث الباطل إليه، فالجناية من شيخه أو ممن دونه حسبما شرحت. والله أعلم. 3294 - (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة. ومن علق فيه قنديلاً صلى عليه سبعون ألف ملك إلى أن يطفأ ذلك القنديل. ومن بسط حصيراً صلى عليه سبعون ألف ملك إلى أن ينقطع ذلك الحصير. ومن أخذ منه القذاة بقدر ما تقذى منه العين كان له كفلان من الأجر) . موضوع أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (131/ 136) من طريق عمرو بن صبح أبي عثمان التيمي: حدثنا عاصم بن سليمان عن ثور عن مكحول عن الوليد بن العباس عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 126) ، والرافعي في "تاريخه" (4/ 17) لكن وقع فيها (صبيح) ولعله الصواب؛ فإنه كذلك وقع في "الجرح والتعديل" ولم يزد على قوله: "روى عن عاصم بن سليمان الكوفي". كذا وقع هنا (الكوفي) وهو تحريف (الكوزي) ، وعلى الصواب وقع في ترجمته؛ أعني: عاصماً هذا، وهو كذاب متهم بالوضع؛ روى ابن أبي حاتم عن عمرو بن علي أنه كان كذاباً، يحدث بأحاديث ليس لها أصول، كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وعن أبيه: الحديث: 3294 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 "ضعيف الحديث، متروك الحديث". وقال ابن عدي (5/ 1877) : "يعد فيمن يضع الحديث". وقال ابن حبان: "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب .... ". ثم ساق له هذا الحديث. وقال الذهبي عقبه: "فعلمنا بطلان هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات ولم يوقد في حياته في مسجده قنديل، ولا بسط فيه حصير، ولو كان قال لأصحابه هذا لبادروا إلى هذه الفضيلة". ولقد صدق رحمه الله. والوليد بن العباس لم أجد له ترجمة. والحديث رواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 130) معلقاً من طريق أخرى عن شافع بن محمد بن أبي عوانة: حدثنا مكحول به. وشافع هذا لم أعرفه، وكذا من دونه، وأخشى أن يكون سقط منه علة الحديث: عاصم؛ فإن الطبعة سيئة جداً، ومحققه رافضي لا معرفة عنده بهذا الفن، وقد سقط منها جملة القنديل، فقد ذكره السيوطي في "الجامع الكبير" بتمامه من رواية الرافعي وحده عن معاذ. والله أعلم. ولفقرة القنديل منه طريق أخرى، أخرجها ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (10/ 86/ 2) عن يعقوب بن عبد الرحمن الواعظ: حدثنا محمد بن الخضر: حدثنا محمد بن سلم عن خالد بن يوسف: حدثنا عبد الرحمن بن خالد: أخبرني أبو بريدة عن ابي الأسود الديلي عن معاذ بن جبل به. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 قلت: وهذا إسناد مظلم؛ كل من دون أبي الأسود لم أعرفهم؛ غير يعقوب الواعظ، فقال الخطيب في "التاريخ" (14/ 294) : "في حديثه وهم كثير". ثم روى عن أبي محمد غلام الزهري أنه قال فيه: "ليس بالمرضي". وساق له الدارقطني حديثاً في "غرائب مالك" وقال: "باطل بهذا الإسناد". ذكره في "اللسان". ولها مع فقرة الحصير شاهد من حديث علي مرفوعاً، يرويه هانىء بن المتوكل: حدثنا خالد بن حميد عن مسلمة بن علي عن عبد الله بن مروان عن نعمة ابن دفين عن أبيه عنه. أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2/ 273-274) . قلت: وهذا إسناد مظلم هالك، مسلسل بالعلل: الأولى والثانية: نعمة بن دفين وأبوه؛ لم أجد لهما ترجمة. الثالثة: عبد الله بن مروان، هو أبو علي الدمشقي؛ قال ابن عدي في "الكامل" (4/ 250) : "حدث عنه سليمان بن عبد الرحمن بأحاديث مناكير، ولا أعلم حدث عنه غير سليمان هذا، وقال: وكان ثقة". ثم ساق له حديثاً بلفظ محفوظ بغير إسناده، ثم قال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 "وقد روى سليمان عنه غير ما ذكرت، وأحاديثه فيها نظر". وأورده ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 36) ، وكناه بـ (أبو شيخ الخراساني) ، وساق له الحديث المذكور، وأنكر إسناده وقال: "يلزق المتون الصحاح التي لا يعرف لها إلا طريق واحد بطريق آخر يشتبه على من الحديث صناعته، لا يحل الاحتجاج به". وهنا غريبة تلفت النظر؛ فقد أورد ابن حبان في "ثقاته" (عبد الله بن مروان أبو شيخ الحراني) ، عن شيخين آخرين، وراويين عنه غير سليمان بن عبد الرحمن، وقال (8/ 345) : "يعتبر حديثه إذا بين السماع في خبره". ونقله عنه الحافظ في "اللسان" زيادة منه على أصله "الميزان"، في ترجمة (أبي علي الخراساني) ، فهل هذا (الخراساني) هو غير (أبي علي الحراني) لاختلاف الشيوخ والرواة عنه عند ابن حبان، أم هو هو لكن وقع في نسبته تحريف، وتناقض فيه ابن حبان كما يقع ذلك منه أحياناً؟ هذا ما لم يتبين لي الآن، فمن كان عنده فليفدنا إياه، وجزاه الله خيراً. ومن أوهام الذهبي - وتبعه عليه العسقلاني - أنه ذكر في ترجمته الأولى أنه روى عن (ابن جريج) ، وهو إنما روى عن ابن أبي ذئب كما تقدم. الرابعة: مسلمة بن علي، وهو متروك، تقدمت له أحاديث كثيرة، فمن شاء راجع فهارس الرواة في المجلدات السابقة المطبوعة. الخامسة: هانىء بن المتوكل، قال ابن حبان (3/ 97) : الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 "كان يدخل عليه لما كبر فيجيب، فكثر المناكير في روايته، فلا يجوز الاحتجاج به بحال". وساق له الذهبي عدة مناكير، وتقدم بعضها، فانظر رقم (1077و1522) . بقي شيء هام، وهو أن الجملة الأولى من الحديث فيها عدة أحاديث صحيحة، خرجت بعضها في:تمام المنة" (ص289) . 3295 - (من سمع خيراً فأفشاه كان كمن عمل به، ومن سمع شراً فأفشاه كان كمن عمل به) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 131) معلقاً من طريق أبي الفتح بن الحسين بإسناده عن أبي عبد الله بن صبيح عن عبد الرحمن الأنصاري عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف؛ ما بين الأنصاري وأبي الفتح لم أعرفهم. وأبو الفتح هو محمد بن الحسين الأزدي الحافظ، ترجمه الخطيب فقال (2/ 244) : "في حديثه غرائب ومناكير، وكان حافظاً صنف كتباً في علم الحديث، وسألت ابن علان عنه؟ فذكره بالحفظ وحسن المعرفة بالحديث، وأثنى عليه، سألت أبا بكر البرقاني عنه؟ فأشار إلى أنه كان ضعيفاً، وقال: ورأيته في جامع المدينة وأصحاب الحديث لا يرفعون به رأساً ويتجنبونه". وأورده الذهبي في "المغني" وقال: "تكلم في الجرح والتعديل، وله مناكير، ضعفه البرقاني، وقال ابن الجوزي: الحديث: 3295 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 كانوا يضعفونه". وأما في "التذكرة" فقال بعد أن حكى قول البرقاني فيه، وتوهين من وهنه: "قلت: له مصنف كبير في "الضعفاء"، وهو قوي النفس في الجرح، وهاه جماعة بلا مستند طائل"! وأما عبد الرحمن الأنصاري فلا يعرف، أورده في "اللسان" وساق له حديثاً من روايته عن أبي هريرة اختلف عليه، وقال: "قال الأزدي: وكلا الإسنادين غير قائم". ولم يذكر فيه توثيقاً. وأورده في "الجرح والتعديل" وقال: "روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.."، وساق له حديثاً، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والله أعلم. والحديث ذكره السيوطي في "الجامع الكبير" من رواية الرافعي هذه. 3296 - (شر الناس الضيق على أهله. قالوا: وكيف يكون ضيقاً على أهله؟ قال: الرجل إذا دخل بيته خشعت امرأته، وهرب ولده، وفر عبد هـ، فإذا خرج ضحكت امرأته واستأنس أهل بيته) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 259/ 1-2/ 8962) : حدثنا مطلب: حدثنا محمد بن عبد العزيز: حدثنا عبد الله بن يزيد بن الصلت عن يزيد بن حمران عن لقيط بن الحارث عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن عبد العزيز". الحديث: 3296 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 قلت: هو الرملي الواسطي من شيوخ البخاري؛ على ضعف فيه. وعبد الله بن يزيد بن الصلت، لم يذكروا له راوياً غير الرملي هذا فهو مجهول؛ لكن قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه؟ فقال: متروك الحديث. وسألت أبا زرعة؟ فقال: منكر الحديث". وبه أعله الهيثمي فقال في "المجمع" (8/ 25) : "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عبد الله بن يزيد بن الصلت وهو متروك". ويزيد بن حمران لم أجد له ذكراً. ولقيط بن الحارث؛ الظاهر أنه الذي في "الجرح والتعديل": "لقيط، أبو المشا، روى عن أبي أمامة، روى عنه الجريري وقرة بن خالد". ووقع في "ثقات ابن حبان" (5/ 344) : "لقيط بن المثنى أبو المثنى ... ". ثم قال: "يخطىء ويخالف". 3297 - (ليلة الجمعة ويوم الجمعة أربع وعشرون ساعة، لله تعالى في كل ساعة منها ست مئة ألف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوا النار) . ضعيف جداً أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 278) من طريق الحديث: 3297 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 أبي يعلى الخليلي الحافظ: حدثنا زيد بن الحباب عن المعتمر بن نافع عن أبي عبد الله العنزي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وعلقه البخاري في ترجمة المعتمر هذا عن زيد بن الحباب به باختصار أوله، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، لكن أورده الذهبي في "الميزان" و "المغني" وقال: "قال البخاري: منكر الحديث". وزاد الحافظ في "اللسان": "وتبعه الأزدي، وذكره ابن حبان في "الثقات".. وقال: ربما خالف". وذكره ابن أبي حاتم برواية نصر بن علي أيضاً، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال البخاري عقب الحديث: "العنزي: هو - عندي - ميمون المكي". قلت: ولم يذكره في "الأسماء" لا هو ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان. نعم في "التهذيب": "ميمون المكي؛ روى عن ابن الزبير وابن عباس، وعنه عبد الله بن هبيرة السبائي المصري". قلت: ومع كون هذا أعلى طبقة من العنزي هذا؛ فهو مجهول لا يعرف؛ كما في "الميزان" و "التقريب". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 3298 - (ما من رجل ينظر إلى وجه والديه نظر رحمة إلا كتب له بها حجة مقبولة مبرورة، قيل: يا رسول الله! وإن نظر إليه في اليوم مئة ألف مرة؟ قال: وإن نظر) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (3/ 423) من طريق أحمد بن عبيد: أنبأ محمد بن مقاتل: حدثنا مهران بن أبي عمر العطاردي عن بحر السقا عن الحكيم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. ذكره في ترجمة علي بن معاذ أبي الحسين القزويني، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً كعادته الغالبة؛ إلا أنه قال: "وليس هو علي بن معاذ القزويني الذي روى عن أحمد بن إدريس عن ... عن نوح بن أبي مريم عن أسامة بن شريك قال: كان رجل له صحبة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له (سخط) فقال: يا محمد إلى ما تدعو ... "، الحديث، وهو حديث ظاهر البطلان كحديث الترجمة. ولا أدري ممن الآفة؛ فكل من بين عكرمة وأحمد بن عبيد معروفون بالضعف، ولكن ليس فيهم متهم بالوضع إلا أن يكون محمد بن مقاتل - وهو الرازي لا المروزي -؛ فقد قال فيه البخاري: "لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أروي عنه". وأما أحمد بن عبيد الراوي عنه فلم أعرفه، ويحتمل أن يكون محرفاً من أحمد بن علي؛ فقد ذكره الحافظ في الرواة عن محمد بن مقاتل الرازي ونسبه (الأسعدي) ، وقد ذكره في هذه النسبة ابن ماكولا في "الإكمال" (1/ 156) وقال: الحديث: 3298 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 "لاأعلم إلى شيء نسب، روى عنه الطبراني". وتبعه ابن نقطة - كما في الهامش - فقال: "وهو وهم لا أدري كيف وقع؟ وقد وقع لي خمس نسخ بمعجم الطبراني الصغير.. وفي كلهم (الإسفنذي) ... ". قلت: وكذا هو في النسخة المطبوعة منه في الهند (ص12) وغيرها، وهو في "الروض النضير" برقم (365) . وله في "المعجم الأوسط" أحاديث أخرى (1758-1780بترقيمي) ، وقد وثقه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/ 307) . (تنبيه) : هذا الحديث مع ما عرفت من حال إسناده الواهي، فإن السيوطي لما أورده في "الجامع الصغير" من رواية الرافعي هذه، فإنه لم يورده بشطره الثاني الدال على بطلانه من حيث لفظه ومتنه. والله المستعان. ولعل ذلك كان من أسباب سكوت المناوي عنه في "شرحيه". ثم رأيت الحديث في "مكارم الأخلاق" لابن أبي الدنيا (52/ 215) : حدثنا الحسن بن يوسف بن يزيد: أخبرنا بقية بن الوليد عن عمار بن عبد الملك عن بحر السقاء به. قلت: وعمار بن عبد الملك؛ قال الذهبي: "أتى بعجائب، قال الأزدي: متروك الحديث". وهو راوي حديث "من أصبح لا يهم بظلم أحد غفر له ما اجترم". وقد مضى برقم (1876) . وبقية بن الوليد مدلس وقد عنعنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 والحسن بن يوسف بن يزيد لم أعرفه، إلا أن يكون الذي في "تاريخ بغداد" (7/ 455) : "الحسن بن يوسف بن عبد الرحمن أبو علي المعروف بأخي الهرش حدث عن بقية بن الوليد. روى عنه العباس بن محمد الدوري وأبو بكر بن أبي الدنيا". ثم ساق له حديثاً آخر سأخرجه قريباً إن شاء الله برقم (3318) . وقد تقدم هذا الحديث برقم (2716) وسيأتي برقم (6237) ؛ ولا يخلو كل من فائدة، والله الموفق. 3299 - (إن أهون الخلق على الله العالم يزور العمال) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 450-451) عن كتاب "الترهيب عن القراء الفسقة والتحذير عن العلماء السوء"، للحافظ أبي الفتيان الدهستاني - بخطه - من طريق محمد بن إبراهيم الشامي: حدثنا أبو عصام رواد (الأصل: رقاد) بن الجراح العسقلاني عن بكير الدامغاني عن محمد بن قيس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الشامي هذا؛ قال ابن حبان: "كان يضع الحديث". وقال الدارقطني: "كذاب". الحديث: 3299 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 قلت: وتقدمت له أحاديث تدل على كذبه، وهذا منها، وهو مما سود به السيوطي "الجامع الكبير" و "الزيادة على الجامع الصغير"! 3300 - (يؤتى بمداد طالب العلم يوم القيامة ودم الشهداء، فيوزنان؛ فلا يفضل هذا على هذا، ولا هذا على هذا) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 481) معلقاً بالسند عن عبد الملك بن مسلمة المقرىء عن عبد الله بن عقبة عن مشرح بن هاعان عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال ابن حبان (2/ 134) : "عبد الملك بن مسلمة شيخ يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن". وفي "الميزان" و "اللسان": "روى عن الليث وابن لهيعة، قال ابن يونس: منكر الحديث". ثم ذكر قول ابن حبان. وعبد الله بن عقبة هو ابن لهيعة، نسب لجده، وهو ضعيف من قبل حفظه. وقد روي الحديث بإسناد أوهى منه نحوه بلفظ: "فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء". وسيأتي الكلام عليه برقم (4832) (1) .   (1) إلى هنا تمت مراجعة الوالد لهذا المجلد المراجعة النهائية، وذلك في أشهره الأخيرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله خيراً بما قدم وأعطى، وإنا لله وإنا إليه راجعون. أم عبد الله. الحديث: 3300 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 3301 - (إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش: يا محمد! نعم الأب أبوك إبراهيم الخليل، ونعم الأخ أخوك علي) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (3/ 481) من طريق داود بن سليمان: حدثنا علي بن موسى الرضا (بإسناده عن آبائه) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وهذا موضوع ظاهر الوضع؛ آفته داود بن سليمان الغازي وهو كذاب، وقد تقدمت له أحاديث. الحديث: 3301 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 3302 - (المؤذن عمود الله، والإمام نور الله، والصفوف أركان الله، فأجيبوا عمود الله، واقتبسوا بنور الله، وكونوا من أركان الله) . موضوع ظاهر الوضع والركة! أخرجه الرافعي في "تاريخه" (3/ 491) معلقاً من طريق ميسرة بن علي في "مشيخته" بسنده عن محمد بن أحمد بن هارون الكوفي: حدثنا عبيد بن آدم العسقلاني عن أبيه عن محمد بن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع على عبيد بن آدم؛ فإنه ثقة، وكذا من فوقه، وهم بريئون من هذه الركاكة الصريحة في الوضع. والآفة من محمد بن أحمد بن هارون هذا، وأظنه (الريوندي) الذي في "الميزان"؛ قال: "شيخ لأبي عبد الله الحاكم متهم بالوضع". والحديث ذكره السيوطي في "الجامع الكبير" (11575) من رواية الديلمي عن أبي سعيد، وفي إسناده من لم أعرفهم؛ كما يظهر من إسناده الذي ساقه الحديث: 3302 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 المعلق على "الفردوس" (4/ 194) ، ولم يتكلم عليه بشيء، وأنا أظن أن فيه سقطاً. والله أعلم. 3303 - (إذا رضي الرجل عن الرجل وهديه وسنته فإنه مثله) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 21) من طريق يزيد بن عياض عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يزيد بن عياض هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "كذبه مالك وغيره". الحديث: 3303 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 3304 - (صدق، بأبي بكر وعمر يتمم الله عز وجل هذا الدين) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخه" (4/ 24) من طريق ابن شاهين عن إسحاق بن إبراهيم: حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب عن دحية بن خليفة رضي الله عنه قال: وجهني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك الروم بكتابه وهو بدمشق، فناولته كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقبل خاتمه ووضعه تحت شيء كان عليه قاعداً، ثم نادى، فاجتمع البطارقة وقومه، فقام على وسائد بنيت - وكذلك يفعل فارس والروم، ولم يكن منابر - فخطب أصحابه فقال: هذا كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بشرنا به المسيح، من ولد إسماعيل بن إبراهيم، فنخروا نخرة، فأومى بيده: أن اسكتوا، ثم قال: إنا نجربكم كيف نصركم للنصرانية! قال: الحديث: 3304 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 فبعث من الغد ستراً فأدخلني بيتاً فيه ثلاث مئة عشرة صورة، فإذا هي صور الأنبياء والمرسلين، قال: انظر إلى صاحبك من هؤلاء، قال: فرأيت صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه ينظر، قلت: هذا! قال: صدقت. فقال: صورة من هذا عن يمينه؟ قلت: رجل من قومه يقال له: أبو بكر الصديق. قال: فمن ذا عن يساره؟ قلت: رجل من قومه يقال له:عمر بن الخطاب. قال: إنا نجد في الكتاب أن بصاحبيه هذين يتمم الله عز وجل هذا الدين. فلما قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: أبو معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف، أسن واختلط". الثانية: عمر بن إبراهيم بن خالد، أبو حفص يعرف بـ (الكردي) ، ترجمه الخطيب في "التاريخ" وقال (11/ 202) : "وكان غير ثقة، يروي المناكير عن الأثبات؛ قال أحمد بن محمد بن سعيد (يعني ابن عقدة) : ضعيف". وذكر له الذهبي بعض المنكرات، وقال: "وقال الدارقطني: كذاب خبيث". الثالثة: إسحاق بن إبراهيم، وهو ابن سنين الختلي؛ قال الدارقطني: "ليس بالقوي". وفي موضع آخر: "ضعيف". وعزا هذين القولين في "الميزان" للحاكم، ووهمه في "اللسان"؛ لأنه في الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 "تاريخ ابن عساكر" (2/ 712) عن الدارقطني، وكذلك في "تاريخ بغداد" (6/ 381) بالأول من القولين. ثم إن الحافظ ذكر عن الخطيب توثيقه إياه، وليس ذلك في "تاريخه" وإنما هو رواية لابن عساكر عنه. 3305 - (يا علي! إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفيها حين تجلس، واغسل رجليها، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين لوناً من الفقر، وأدخل فيها سبعين لوناً من البركة، وأنزل سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس، ثثناثر بركتها كل زاوية من بيتك) . وللحديث بقية. موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 42) من طريق إسحاق ابن نجيح عن خصيف عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب فقال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع باطل ظاهر البطلان؛ آفته إسحاق بن نجيح وهو الملطي، كذاب وضاع، لا بارك الله فيه. الحديث: 3305 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 3306 - (من صلى عشرين ركعة بين العشاء الآخرة والمغرب، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) ؛ حفظه الله في نفسه، وولده، وأهله، وماله، ودنياه وآخرته) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 60) من طريق أبي هدبة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ وضعه أبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة -، وهو الحديث: 3306 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 كذاب مكشوف الحال؛ قال ابن حبان (1/ 114-115) : "دجال من الدجاجلة، وكان رقاصاً بالبصرة، يدعى إلى الأعراس فيرقص فيها، فلما كبر جعل يروي عن أنس ويضع عليه". ثم ساق له نماذج من أحاديثه عن أنس، وقال: "لا أصل لها من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". 3307 - (إن يوشع بن نون دعا ربه: اللهم! إني أسألك باسمك الزكي الطاهر المطهر المقدس المخزون الرحيم الصادق، عالم الغيب والشهادة، بديع السماوات والأرض ونورهن وقيمهن، ذي الجلال والإكرام، حنان، جبار، نور، قدوس، حي لا يموت، قال: هذا ما دعاه به فحبست الشمس) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 64/ ترجمة المحسن بن الحسن الراشدي) بسنده عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن زياد المخزومي: حدثنا المضاء بن الجارود: حدثنا عبد العزيز (الأصل: عبد الله) بن زياد عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد العزيز بن زياد لم أعرفه. والمضاء بن الجارود؛ قال الذهبي في "المغني": "لا يدرى من هو؟ ". وكذا قال في "الميزان"، ولكنه استدرك فيه بأنه روى عنه اثنان، وقال أبو حاتم: "محله الصدق". الحديث: 3307 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 قلت: ونص كلامه في "الجرح" (4/ 1/ 403) : "شيخ دينوري ليس بمشهور، محله الصدق". ولم يورده ابن حبان في "الثقات". وعقب الحافظ في "اللسان" على الذهبي بقوله: "ورأيت له خبراً منكراً أخرجه الإمام الرافعي في "تاريخ قزوين" ... "، ثم ذكر هذا. وأقره السيوطي في "ذيل اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (ص156) ، وقد ساقه من رواية أبي الشيخ بسنده عن إسحاق بن الفيض: حدثنا المضاء ابن الجارود به. ووافقهما ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 327و335) ، ولكنه أفاد بما نقله عن الحافظ العراقي أنه قال في حديث آخر: "عبد العزيز بن زياد مجهول، وهو منقطع بينه وبين أنس". 3308 - (لا تلعنوا الحاكة؛ فأن أول من حاك أبوكم آدم) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخه" (4/ 65) من طريق علي بن عيسى: حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته علي بن عاصم، قال الذهبي في "المغني": "حافظ مشهور، ضعفوه وكان مكثراً". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء ويصر". الحديث: 3308 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 وعلي بن عيسى لم أعرفه، ولكنه قد توبع، فأورده السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص146) برواية الديلمي بإسناده عن أبي الحسن عبد الرحمن بن المغيرة: حدثنا سويد بن سعيد الدقاق: حدثنا علي بن عاصم. وقال السيوطي: "قال في "الميزان" سويد بن سعيد الدقاق لا يكاد يعرف، روى عن علي ابن عاصم خبراً منكراً. قلت (السيوطي) : الظاهر أنه هذا الخبر". قلت: ويؤكد ذلك أن الحافظ قال في ترجمة الدقاق هذا: "وذكره الخطيب في "المتفق والمفترق" فقال: روى عن علي بن عاصم حديثاً منكراً رواه عنه عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة البغدادي". قلت: فهو هذا، والله أعلم، لكن قد تعقب السيوطي ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 280) بقوله: "قلت: فإذا كان منكراً فحسب فلا ينبغي أن يذكر في الموضوعات؛ على أن الحافظ ابن حجر قال في "التقريب" في سويد: ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطىء ويغرب". قلت: قوله: في "التقريب" سبق قلم، أو خطأ مطبعي، والصواب: "التهذيب"، وأما في "التقريب" فقال: "لين الحديث". وهو في "ثقات ابن حبان" (8/ 295) كما في "التهذيب" لكنه سمى أباه: (سعدان الطحان) ، وقال: "وهو الذي يقال له: سويد بن سعيد السوائي". وأقول: وقد فاتهم جميعاً أن العلة من علي بن عاصم للمتابعة المذكورة من علي بن عيسى. والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 3309 - (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة، ووزراء فسقة، وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدركهم فلا يكونن لهم عريفاً، ولا جابياً، ولا خازناً، ولا شرطياً) . منكر أخرجه الخطيب في "التاريخ" (10/ 284) من طريق عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي: أخبرنا داود بن سليمان المروزي: حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون غير داود بن سليمان المروزي؛ فإن لم يكن هو سليمان بن داود الغازي القزويني الوضاع الذي تقدمت له أحاديث فلم أعرفه. وعبد الله بن أحمد، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "مستقيم الحديث". قلت: وروى عنه جمع، انظر "تيسير الانتفاع". الحديث: 3309 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 3310 - (من قال في يوم مئة مرة: "لا إله إلا الله الحق المبين" كان له أماناً من الفقر، واستجلب به الغنى، وأمن من وحشة القبر، واستقرع باب الجنة) . منكر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/ 358) ، والماليني في "الأربعين" (ق40/ 1) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 65) من طريق الفضل بن غانم: حدثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قال الفضل بن غانم: الحديث: 3310 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 "والله! لو ذهبتم إلى اليمن في هذا الحديث كان قليلاً". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الفضل هذا؛ روى الخطيب عن ابن معين أنه قال: "ضعيف ليس بشيء". "ليس بالقوي". وذكر في "اللسان" عن الدارقطني أنه قال: "كل من رواه عن مالك ضعيف". 3311 - (أشد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ من مالك، وذكر الله على كل حال) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخه" (4/ 69-70) من طريق أبي القاسم الأنماطي: أنبأنا أبو إبراهيم المزني: حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: ساقه في ترجمة محمود بن إلياس القاضي الديلمي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وفوقه من لم أعرفهم، ومنهم أبو القاسم الأنماطي؛ فإنهم لم يذكروه في "الكنى" ولا في نسبته "الأنماطي". والله أعلم. وأما أبو إبراهيم المزني فهو إسماعيل بن يحيى الفقيه صاحب الإمام الشافعي، وهو صدوق كما في "الجرح"، ومن فوقه أعلام لا يسأل عن مثلهم. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (3369) من رواية الديلمي الحديث: 3311 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 عن علي رضي الله عنه نحوه بتقديم الجملة الأخيرة على ما قبلها. وفاته أن أبا نعيم الأصبهاني أخرجه في "أخبار أصبهان" (1/ 178-179) ، وأن الديلمي رواه من طريقه (1/ 59/ 1) ، أخرجه من طريق إبراهيم بن ناصح: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أورده أبو نعيم في ترجمة إبراهيم هذا، وقال: "أبو بشر الأصبهاني، صاحب مناكير، متروك الحديث". قلت: وأورده أبو الشيخ أيضاً في "طبقات الأصبهانيين" وقال (186/ 186) : "كان يحدث بالبواطيل، متروك الحديث". والحارث هو الأعور، وهو ضعيف، وقد اتهم بالكذب. 3312 - (أحب الأعمال إلى الله ذكر الله. قلنا: ومن الغزو في سبيل الله؟ قال: نعم، ولو ضرب بسيفه الكفار حتى يختصب دماً؛ لكان ذاكر الله أفضلهم درجة) . باطل أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 178) من طريق إبراهيم ابن ناصح بن حماد الأصبهاني: حدثنا النضر بن شميل: حدثنا مسعر بن كدام عن عطية العوفي عن أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله! أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: "ذكر الله ... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف بمرة؛ عطية العوفي ضعيف، لكن المتهم به إبراهيم هذا؛ فإنه متروك الحديث كما تقدم في الحديث الذي قبله، وأنه يروي البواطيل. الحديث: 3312 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 وإن مما يؤيد بطلان هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما العمل في أيام أفضل منها هذه (يعني عشر ذي الحجة) قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد؛ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء". رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (890) . قلت: ففيه التصريح بتفضيل المجاهد الشهيد على كل عمل صالح، ومنه الذكر في عشر ذي الحجة، ففي غيره من باب أولى. 3313 - (يوقف صاحب الدين إذا وفد أهل الجنة الجنة؛ فيقف حتى يلجمه العرق؛ إما من حساب، وإما من عذاب) . باطل اخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 178) من طريق إبراهيم ابن ناصح: حدثنا إسماعيل بن يحيى عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ وإبراهيم بن ناصح وإن كان متروكاً يروي البواطيل، فإن شيخه إسماعيل بن يحيى - وهو التيمي - أشهر بذلك منه؛ فإنه كذاب يضع الحديث، وقد ذكر له ابن عدي غير ما حديث من أباطيله. الحديث: 3313 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 3314 - (إن لله عباداً يضن بهم عن البلاء، يحييهم في عافية، ويميتهم في عافية، ويدخلهم الجنة في عافية) . منكر أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 87) من طريق أبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد: حدثنا محمد بن الحارث بن راشد: حدثنا يحيى بن راشد (الأصل: أسد) عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3314 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن راشد - وهو المازني البصري - ضعيف؛ كما في "التقريب". وأبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد لم أعرفه، وأخشى أن يكون وقع فيه تحريف. 3315 - (لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد، ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول) . منكر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3/ 430) : أخبرنا شبابة بن سوار قال: أخبرني أبو معشر عن سعيد المقبري قال: لما دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعداً قال: ... فذكره. قلت: وهذا مع كونه مرسلاً؛ فأبو معشر ضعيف كما تقدم قريباً (رقم3304) . وقد وصله بعض الضعفاء وغير من لفظه؛ فقد أورده الرافعي في ترجمة مسلم بن زياد الجعفي من "تاريخ قزوين" (4/ 93) بلفظ (من أثر الهول) ! كذا وقع في النسخة (الهول) مكان (البول) ، ولا أدري أهو تصحيف أو خطأ مطبعي؛ فإن النسخة سيئة جداً كما تقدم التنبيه على ذلك مراراً؛ قال الرافعي: "بغدادي قدم (قزوين) ، قال الخليلي الحافظ: ويقال: عمرو بن زياد، باهلي، مولى لهم، كان يضع الحديث: حدثنا الحسن بن عبد الرزاق ... (قلت: فساق إسناده إلى) مسلم بن زياد: حدثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ... فذكره". الحديث: 3315 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 قلت: وباسمه الثاني أورده ابن أبي خاتم وقال (3/ 234) عن أبيه: "قدم الري فرأيته ووعظته، فجعل يتغافل كأنه لا يسمع، كان يضع الحديث، قدم قزوين، فحدثهم بأحاديث منكرة، أنكر عليه علي الطنافسي، وقدم الأهواز فقال: أنبأنا يحيى بن معين! هربت من الجنة! فجعل يحدثهم ويأخذ منهم، فأعطوه مالاً، وخرج إلى خراسان وقال: أنبأنا من ولد عمر! وخرج إلى قزوين وكان على قزوين رجل باهلي، واكن كذاباً أفاكاً؛ كتبت عنه، ثم رميت به". وبهذا ترجمه الخطيب في "تاريخه" (12/ 204-205) ، وله ترجمة مبسطة في "اللسان"، ولم يعرفه ابن حبان فوثقه (8/ 488) . وانظر "تيسير الانتفاع". ثم إن الحديث قد صح من طرق بشطره الأول، وهو مخرج في "الصحيحة" (1695) و (3345) . 3316 - (من صلى علي في كتاب؛ لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب) . ضعيف جداً أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (2/ 693/ 1670) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 107) بإسناد فيه من لم أعرفه عن عبد السلام بن محمد المصري: حدثنا سعيد بن عفير: حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي عن عبد الرحمن بن عبد الله - الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع الجهالة التي أشرت إليها، فإن عبد السلام بن محمد الراوي عن سعيد بن عفير؛ قال الدارقطني: الحديث: 3316 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 "ضعيف جداً، منكر الحديث". وقال الخطيب: "صاحب مناكير". ومحمد بن إبراهيم بن أمية القرشي؛ الظاهر أنه محمد بن إبراهيم القرشي الذي في "الميزان" و "اللسان" عن رجل، وعنه هشام بن عمار؛ قال الذهبي: "فذكر خبراً موضوعاً في الدعاء لحفظ القرآن ساقه العقيلي". ثم ساق لهالحديث الآتي برقم (3593) . وذكر الحافظ عن العقيلي أنه قال فيه: "مجهول". قلت: وليس له ذكر في باب (المحمدين) من النسخة المطبوعة. والله سبحانه وتعالى أعلم. وهو في مخطوطة الظاهرية (ص369) ، وليست تحت يدي الآن لأحدد مكانه منها، وإنما نقليه من الحديث المشار إليه آنفاً، فقد كنت خرجته وأنا في دمشق. وحديث أبي هريرة هذا معروف برواية بشر بن عبيد الدارسي؛ وهو مع كونه منكر الحديث بين الضعف جداً؛ كما قال ابن عدي في "الكامل" (2/ 447-448) ، وكذبه الأزدي كما في "الميزان" و "اللسان"؛ فقد اختلف عليه في إسناده؛ فقال إسحاق بن وهب العلاف: أخبرنا بشر بن عبيد الله الدارسي قال: أخبرنا حازم بن بكر عن يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة به. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 99/ 1/ 2023 بترقيمي) : حدثنا أحمد (يعني بن محمد الصيدلاني البغدادي) قال: أخبرنا إسحاق.. وقال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 "لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق". قلت: وهو ثقة من شيوخ البخاري، وليس من شيوخ الطبراني كما يتوهم مما وقع في "اللآلي" (1/ 304) ، وهو غير إسحاق بن وهب الطهرمسي الكذاب خلافاً لظن ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 228) ، وإنما العلة من شيخه الدارسي، وقد عرفت حاله. وحازم بن بكر لم أجد له ترجمة. وشيخه يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره، فإعلاله به أولى؛ لأن الدارسي قد توبع كما يأتي. وقد رواه محمد بن عبد الله بن حميد البصري - ولم أجد له ترجمة أيضاً -: حدثنا بشر بن عبيد به. أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" كما في "اللآلي"، وفيه قال بشر بن عبيد: وحدثنا محمد بن عبد الرحمن القرشي عن عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الرحمن الأعرج به. ورواه النميري في "الأعلام" بسنده عن هانىء بن يحيى: حدثنا يزيد بن عياض عن عبد الرحمن الأعرج به. ثم رواه الخطيب من طريق محمد بن مهدي بن هلال - ولم أعرفه -: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الثقفي عن عبد الرحمن بن عمر عن أبي هريرة. وهذه متابعة من عبد الرحمن بن محمد الثقفي لا يفرح بها، وإن سكت عنها السيوطي ثم ابن عراق (1/ 261) ؛ لأن الثقفي هذا؛ قال في "الميزان" و "اللسان": الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 "قال البخاري: فيه نظر". وهذا معناه أنه شديد الضعف؛ كما هو معلوم عن البخاري في اصطلاحه هذا ونحوه. ثم إن الراوي عنه ابن خنيس؛ قال الحافظ: "مقبول". قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تخرجه عن كونه موضوعاً. وهو ما صرح به ابن الجوزي ثم الذهبي والعسقلاني في ترجمة بشر بن عبيد، خلافاً لما جنح إليه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" تبعاً للحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 309) فإنه قال: "أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وأبو الشيخ في "الثواب"، والمستغفري في "الدعوات" من حديث أبي هريرة بسند ضعيف"! ومن التحقيق المتقدم يتبين لك خطأ المعلق على "المعجم الأوسط" (2/ 496) ، فإنه بعد أن حكى عن الهيثمي أنه قال في الدارسي: "كذبه الأزدي وغيره"، وعن الحافظ قوله في يزيد بن عياض: "كذبه مالك وغيره"؛ بعد هذا كله أتبعه بقوله: "فالحديث ضعيف كما جاء في "ميزان الاعتدال" (1/ 320) و "لسان الميزان" (2/ 26) في ترجمة بشر بن عبيد الدارسي". قلت: والذي عندهما في هذه الترجمة إنما هو أن الحديث موضوع كما سبق مني، فلعل المعلق أراد أن يقول: "موضوع" فسبقه القلم فكتب: "ضعيف"، وإلا فالسياق والسباق يبطلان قوله هذا كما هو ظاهر بأدنى تأمل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323 ثم إن السيوطي ساق للحديث شاهداً من رواية أبي القاسم الأصبهاني (رقم1672) من طريق كادح بن رحمة: حدثنا نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب". فتعقبه ابن عراق بقوله: "قلت: كادح بن رحمة ونهشل بن سعيد كذابان، فلا يصلح شاهداً. قال ابن قيم الجوزية: وروي من كلام جعفر بن محمد، وهو أشبه. والله أعلم. 3317 - (سمعت جبرائيل يقول: سمعت ميكائيل يقول: سمعت إسرافيل يقول: قال الله تعالى: هذا دين ارتضيته لنفسي، ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، ألا فأكرموه بهما ما صحبتموه) . باطل أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 114) من طريق أبي عبد الله بن عبد الواحد الدقاق الحافظ بسنده عن محمد بن هارون الأنصاري: سمعت منصور بن إبراهيم القزويني: سمعت إسماعيل بن توبة: سمعت إسماعيل بن جعفر: سمعت حميد الطويل: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "قال أبو عبد الله الدقاق: هذا حسن من هذا الطريق، وهو مما يدخل في المسلسلات". الحديث: 3317 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324 قلت: ولا وجه لتحسينه إلا لو كان سالماً ممن دون ابن توبة، وهيهات! فإن محمد بن هارون الأنصاري؛ قال عبد العزيز الكناني: "كان يتهم". ولذلك أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء". وقال الحافظ في "اللسان": "وقد وجدت له حديثاً منكراً أخرجه تمام في "فوائده"..". قلت: وقد سبق برقم (3196) . وشيخه منصور بن إبراهيم القزويني، ذكره الرافعي بهذا الحديث، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً كغالب عادته، لكن أورده الذهبي في "الميزان" وقال: "لا شيء، سمع منه أبو علي بن هارون بمصر حديثاً باطلاً". قلت: وأنا أظن أنه يشير إلى هذا الحديث، خلافاً للحافظ؛ فإنه ذكر أنه أشار إلى حديث أبي الدرداء؛ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القرآن؟ فقال: هو كلام الله غير مخلوق (1) . أورده ابن عساكر في ترجمة أبي علي بن هارون. قلت: هو محمد بن هارون كما في إسناد حديث الترجمة و "الميزان" وليس هو في "المحمدين" من النسخة المصورة في المدينة. والله أعلم. وقد روي الحديث من طريق أخرى مختصراً بلفظ:   (1) قلت: وهذا ذكره الرافعي في " تاريخه " (4 / 116) من طريق داود بن سليمان بن أبي سليمان: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي الدراداء به. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325 "جاءني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، ألا فزينوا دينكم بهما". أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 491/ 1182و2/ 135/ 1519) بإسناده عن عمران بن حصين؛ وفيه من كان يضع الحديث. وأخرجه الطبراني عنه نحوه بإسناد آخر، فيه كذاب، وقد تقدم تخريجهما برقم (1282) ، وفيه أيضاً أبو عبيدة سعيد بن زربي، اتهمه ابن حبان بالوضع. 3318 - (ما من مسلم يموت فيشهد له رجلان من جيرانه الأدنيين، فيقولان: اللهم لا نعلم إلا خيراً، إلا قال الله للملائكة: اشهدوا أني قد قبلت شهادتهما، وغفرت ما لا يعلمان) . منكر بلفظ رجلين أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 455-456) من طريق أبي علي الحسن بن يوسف أخي الهراش (الأصل: أخبرنا الهراش) جار أحمد بن حنبل: حدثنا بقية بن الوليد: حدثني الضحاك بن حمرة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره؛ في ترجمة الحسن بن يوسف هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد مضى له حديث آخر تحت الحديث (3298) . وإنما علة هذا الحديث الضحاك بن حمرة؛ أورده الذهبي في "المغني" وقال: "قال النسائي وغيره: ليس بثقة". وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا من طريق ثابت عن أنس بلفظ: ".. فيشهد له اربعة". وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي! الحديث: 3318 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326 وله شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ: "ثلاثة أهل أبيات..". أخرجه أحمد، وفيه شيخ من أهل العلم لم يسم. لكن يشهد للفظ الأول من الحديث ما رواه البخاري وغيره عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. قلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة. قلنا: واثنان؟ قال: واثنان". ثم لم نسأله في الواحد. وهو وما قبله مخرج في "أحكام الجنائز" (ص45) . 3319 - (إن لله عز وجل خلقاً خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 358/ 13334) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 225) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا أحمد بن طارق الوابشي: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال أبو نعيم: "حديث غريب من حديث زيد عن ابن عمر، لم يروه عنه إلا ابنه عبد الرحمن، وما كتبناه إلا من حديث أحمد بن طارق". قلت: يبدو أنه غير معروف، فلم نجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي، ولا ذكره السمعاني في مادة (الوابشي) من "أنسابه". فالله أعلم به. وقد تابعه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري: حدثنا عبد الرحمن بن زيد الحديث: 3319 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 ابن أسلم به. أخرجه ابن عدي (ق217/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/ 117-118/ 1007و1008) ، وابن عساكر (15/ 273/ 2) . ولكنها متابعة واهية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فإن الغفاري هذا قال الحافظ: "متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع". وشيخه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك أيضاً. ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة متكلم فيه، وقد مشاه بعضهم. ورواه جهم بن عثمان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعاً. أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (1/ 23) ، وعيسى بن علي الوزير في "ستة مجالس من الأمالي" (ق189/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 14) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 308) وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر. وجهم مجهول". وقال الذهبي: "لا يدرى من ذا؟ وبعضهم ضعفه". وللحديث شاهد من رواية أحمد بن الأزهر: حدثنا إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. أخرجه الديلمي في "مسنده" (1/ 2/ 244) ، وعزاه السيوطي في "الكبير" (6972) لأبي الشيخ في "الثواب". وعلة هذا إبراهيم بن الحكم؛ قال الذهبي في "المغني": الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 "تركوه، وقل من مشاه على ضعفه". وأحمد بن الأزهر أخو محمد بن الأزهر، ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 44) وقال: "كان ينتحل مذهب أهل الرأي، يخطىء ويخالف". (تنبيه) : الحديث ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "إن لله عباداً اختصهم بحوائج الناس.." الحديث، وعزاه للطبراني في "الكبير" وهو عنده باللفظ المذكور أعلاه، وقد رأيته قد عزاه في "الجامع الكبير" (6921) لابن عساكر، فغلب على ظني أن هذا اللفظ له. والله أعلم. وذكر له (6970) شاهداً من رواية ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" عن الحسن مرسلاً. 3320 - (ما من مولود إلا وينثر عليه من تراب حفرته) . موضوع أخرجه الرافعي في "تاريخه" (4/ 137) من طريق احمد بن الحسن: حدثنا أبو عاصم النبيل: حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسولالله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قال أبو عاصم: فلم نجد لأبي بكر وعمر فضيلة أفضل من هذه لأنهما من طينة النبي - صلى الله عليه وسلم -! قلت: وهذا موضوع؛ آفته أحمد بن الحسن هذا - وهو ابن أبان الأيلي المصري -؛ قال ابن حبان (1/ 149) : "كذاب دجال من الدجاجلة، يضع الحديث على الثقات وضعاً". وأطال ترجمته في "الميزان" و "اللسان". الحديث: 3320 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329 وتابعه محمد بن نعيم قال: حدثنا أبو عاصم به. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 280) : حدثنا القاضي محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي قال: حدثنا محمد بن نعيم به. وقال: غريب من حديث ابن عون عن محمد، لم نكتبه إلا من حديث أبي عاصم النبيل عنه، وهو أحد الثقات الأعلام من أهل البصرة". قلت: هذا مما لا شك فيه، ولكن من يكون محمد بن نعيم الراوي عنه، وما حاله؟ فإني لم أعرفه، ويحتمل أن يكون الأصل (محمد بن أبي نعيم) وعليه يكون محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي الهذلي؛ فإنه من هذه الطبقة، وله ترجمة في "التهذيب"، وقال في "التقريب": "صدوق، لكن طرحه ابن معين". والقاضي محمد بن إسحاق لم أعرفه أيضاً. (فائدة) : أحمد بن الحسن الأيلي هذا؛ قد أخرجه له الطبراني حديثاً آخر غير هذا في "المعجم الصغير" و "الأوسط"، ومع شهرته بالوضع لم يعرفه الهيثمي (2/ 298) ! انظر "الروض النضير" (1155) . وحديث الترجمة أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 328) من حديث ابن مسعود، وأعله بأن فيه مجاهيل. وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 310) بطريق الأيلي ومحمد بن نعيم، فلم يصنع شيئاً وإن تبعه ابن عراق! وأما حديث "دفن في الطينة التي خلق منها"، فهو شيء آخر لا علاقة له الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 بحديث الترجمة، وهو حسن عندي بمجموع طرقه، وهو مخرج في "الصحيحة" (1858) . 3321 - (نعم المرء بلال، لا يتبعه إلا مؤمن، وهو سيد المؤذنين) . ضعيف جداً أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 138) من طريق ميسرة بن علي القزويني في "مشيخته" بسنده عن يزيد بن هارون: حدثنا أبو أمية البصري: حدثنا القاسم بن عوف عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وزاد: "والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة". قلت: وهذا إسناد واه؛ أبو أمية هذا؛ قال أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (1/ 14/ 1-2) : "وهو إسماعيل بن يحيى، ويقال: ابن يعلى الثقفي البصري.. ليس بالقوي، روى عنه زيد بن الحباب ويزيد بن هارون.. قال ابن معين: ليس بشيء". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 147) : "تفرد بالمعضلات عن الثقات؛ حتى إذا سمعها من العلم صناعته لم يشك أنها موضوعة، لا تحل الرواية عنه إلا للخواص".\ وضعفه الدارقطني أيضاً كما في "الميزان". والحديث أخرجه البزار (3/ 254/ 2693) ، والطبراني في "الكبير" (5/ الحديث: 3321 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 237/ 5119) ، والحاكم (3/ 285) من طرق عن يزيد بن هارون: أنبأنا حسام بن مصك عن قتادة عن القاسم بن ربيعة عن زيد بن أرقم به. وقال الحاكم: "تفرد به حسام". قلت: وبه أعله الهيثمي فقال (9/ 300) : "وهوضعيف". وكذا قال الحافظ ولكنه زاد: "يكاد أن يترك". وقال الذهبي في "المغني": "قال الدارقطني: "متروك"، وقال يحيى: "لا شيء"، وتركه أحمد". والقاسم بن ربيعة مجهول، وهو القاسم بن عبد الله بن ربيعة بن القانف الثقفي. انظر "تيسير الانتفاع". ورواه سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا سهل بن حسام بن مصك: حدثني أبي عن قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن أرقم به. أخرجه الطبرانب (5118) . وهذه الرواية موافقة لرواية أبي أمية البصري؛ لكن الشاذكوني متهم بالوضع. وسهل بن حسام ذكره ابن أبي حاتم (2/ 1/ 197) برواية أخرى عنه ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (تنبيه) : وإنما لم أذكر الزيادة مع الحديث لأنها صحت من حديث معاوية رضي الله عنه. رواه مسلم (2/ 5) ، وأبو عوانة (1/ 133) وغيرهما. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 3322 - (سموا السقط يثقل الله به ميزانكم؛ فإنه يأتي يوم القيامة ويقول: أي رب! أضاعوني فلم يسموني) . موضوع أخرجه الرافعي في "التاريخ" (4/ 144) معلقاً من طريق ميسرة ابن علي في "مشيخته" بإسناده من طريق أبي هدبة قال: سمعت أنساً يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو هدبة؛ فقد كان كذاباً دجالاً من الدجاجلة كما تقدم ذكره عن الأئمة تحت الحديث (3306) وغيره. وهو من الأحاديث الكثيرة الموضوعة التي شحن السيوطي بها كتابه "الجامع الصغير"! وبيض له المناوي في "شرحيه" فلم يتكلم على إسناده بشيء. وقد روي من طريق آخر عن أبي هدبة بلفظ آخر سيأتي برقم (6563) . الحديث: 3322 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 3323 - (وضع - صلى الله عليه وسلم - قلنسوة وصلى عليها) . ضعيف جداً أخرجه القزويني في "تاريخ قزوين" (4/ 145) معلقاً من طريق محمد بن موسى الحرشي: حدثنا أرطاة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وضع.. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ آفته أرطاة هذا - وهو ابن الأشعث العدوي -؛ قال ابن حبان (1/ 180) : "يروي عن الأعمش المناكير التي لا يتابع عليها، لا يجوز الاحتجاج بخبره بحال، روى عن الأعمش عن شقيق عن أبي هريرة مرفوعاً: الغنم بركة والإبل عز لأهلها.." الحديث، ويأتي تخريجه بعد هذا إن شاء الله تعالى. الحديث: 3323 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 3324 - (أيما عبد أو امرأة، قال أو قالت لوليدتها: يا زانية، ولم تطلع منها على زنى؛ جلدتها وليدتها يوم القيامة؛ لأنه لا حد لهن في الدنيا) . موضوع أخرجه الحاكم (4/ 370) من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنه زار عمة له، فدعت له بطعام، فأبطأت الجارية، فقالت: ألا تستعجلي يا زانية! فقال عمرو: سبحان الله! لقد قلت أمراً عظيماً، هل اطلعت منها على زنى؟ قالت: لا والله، فقال عمرو رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد" ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل عبد الملك متروك باتفاق، حتى قيل فيه: دجال". قلت: وقد اتهمه الحاكم نفسه فقال في "المدخل": "روى عن أبيه أحاديث موضوعة"! فكأن الحاكم نسي. وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". الحديث: 3324 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 3325 - (ما من ورقة من ورق الهندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 140/ 2892) : حدثنا أحمد بن داود المكي: حدثنا حفص بن عمر المازني: حدثنا أرطاة بن الأشعث العدوي: حدثنا بشر بن عبد الله بن عمرو بن سعيد الخثعمي قال: دخلت على محمد بن علي بن حسين وعنده ابنه، فقال: هلم إلى الغداء. فقلت: قد تغديت يا ابن رسول الله! فقال: إنه هندباء! قلت: يا ابن رسول الله! الحديث: 3325 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 وما في الهندباء؟ قال: حدثني أبي عن جدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) . ثم أتى بدهن، فقال: ادهن. فقلت قد ادهنت يا ابن رسول الله! قال: إنه بنفسج. قلت: وما في البنفسج؟ قال: حدثني أبي عن جدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن فضل البنفسج على سائر الأدهان كفضل ولد عبد المطلب على سائر قريش، وإن فضل دهن البنفسج كفضل الإسلام على سائر الأديان". قلت: وهذا حديث موضوع، ويد الصنع والتركيب فيه ظاهرة، وفيه آفات: الأولى: بشر بن عبد الله هذا؛ فإنه شيعي غير معروف، والحافظ لما أورده في "اللسان" لم يزد على قوله: "ذكره الطوسي في الرواة عن أبي جعفر الباقر، وولده جعفر الصادق رحمة الله عليهما، وقال: هو من رجال الشيعة". فيحتمل أن يكون هو الذي وضعه لما هو معلوم عن الشيعة أنهم أكذب الطوائف إلا من عصم الله، وقد صرح الحافظ في ترجمة أرطاة: أنه مجهول. الثانية: أرطاة بن الأشعث؛ فإنه هالك، وهاه ابن حبان كما تقدم في الحديث الذي قبله. وفي ترجمته ساق الحافظ حديثه هذا وقال: "حديث منكر كأنه موضوع". قلت: هو موضوع كما جزم به غير واحد على ما يأتي. الثالثة: حفص بن عمر المازني. قال الحافظ في "اللسان": "لا يعرف". وقد قبله الضعفاء، وأسقط من إسناده (أرطاة) - وهو محمد بن يونس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 السامي -: حدثنا إبراهيم بن الحسن العلاف - بصري -: حدثنا عمر بن حفص المازني عن بشر بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي مرفوعاً بالحديثين دون القصة. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 204) وقال: "حديث غريب من حديث جعفر، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد". ومن طريق أبي نعيم وغيره رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 298-299) وقال: "عمر بن حفص قال أحمد: خرقنا حديثه. ومحمد بن يونس الكديمي؛ قال ابن حبان: كان يضع الحديث. ورواه مسعدة بن اليسع عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً.. (فذكر حديث الترجمة) . قال أحمد: مسعدة ليس بشيء خرقنا حديثه منذ دهر وقال الأزدي: "متروك". ثم ساق ابن الجوزي، ومن بعده السيوطي في "اللآلي" (2/ 222-223) من طرق أخرى لا يصح منها شيء ألبية، وقد ذكر السيوطي نفسه في "الجامع الكبير" في موضعين منه: "وقال ابن كثير في "جامع المسانيد": منكر جداً. وقال ابن دحية: موضوع من جميع طرقه". 3326 - (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها) . باطل رواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 172) معلقاً في ترجمة نوح الحديث: 3326 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 336 ابن إسماعيل بن إبراهيم القزويني القاضي أبي الحسن - ولم يذكر فيه جرحاً - بإسناده عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الكاتب المعروف بـ (المفجع) : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن معاذ الأخفش ابن أخي عبد الله بن عبد الوهاب الحجي: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري: حدثنا حماد بن سلمة قال: قال لي شيخ من قريش: كنت عند الأعمش، فأجرى ذكر الحسن بن عمارة، فقال الأعمش: ظالم ولي المظالم، ما للحائك والحديث؟ قال: فأتيت الحسن بن عمارة؛ فأخبرته الخبر، فقال: يا غلام! علي بمنديل وأثواب، فوجه بها إلى الأعمش. قال: فأتيت الأعمش، فأجريت ذكر الحسن بن عمارة، فقال الأعمش: بخ بخ حبذا الحسن ابن عمارة! قال: قلت: يا أبا محمد! قلت بالأمس ما قلت، وتقول اليوم ما تقول؟ فقال: حدثنا خيثمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا حديث موضوع على الأعمش رحمه الله، وقصة باطلة، المتهم بوضعها الشيخ القرشي، وأنا أظن أنه إسماعيل بن أبان الغنوي، نسبة إلى (غني) ، وهو غني بن يعصر ينتهي نسبه إلى مضر التي منها قريش كما هو معلوم، وإسماعيل هذا كان يضع على الثقات، والمشهور عنه أنه يرويه عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن مسعود مكان أبي هريرة. هكذا رواه جمع عنه، وقد تقدم تخريجه برقم (600) من رواية جمع من الأئمة الحفاظ. وأما رواية أبي هريرة هذه، فالطريق إلى الشيخ القرشي مظلم؛ فالحسين بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 معاذ الأخفش، قال في "الميزان": "ذكره الخطيب، وما ذكره بجرح ولا تعديل، بل ساق له خبراً منكراً اضطرب في إسناده، وهو خبر باطل". ثم ذكر حديث المناداة يوم القيامة: "يا معشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة عليها السلام". وقد سبق تخريجه برقم (2688) . و (المفجع) لم أجد له ترجمة. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (13192) للعسكري في "الأمثال" عن ابن عمر. فمن المحتمل أن يكون من رواية الغنوي أيضاً وأنه كان يسنده تارة عن ابن مسعود، وتارة عن أبي هريرة، وأخرى عن ابن عمر، وذلك من تمام كذبه! والله أعلم. 3327 - (من صلى الخمس فليس من الغافلين) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 305-306) : حدثنا علي بن محمد الفقيه: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد: حدثنا محمد بن يعقوب أبو عبد الله الرازي: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ليس فيهم من ينبغي النظر فيه سوى محمد بن يعقوب هذا؛ فإن أبا نعيم أورد الحديث في ترجمته، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو علة الحديث؛ فإن من فوقه ثقات من رجال "التهذيب". الحديث: 3327 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 وإسحاق بن إبراهيم - وهو أبو عثمان التيمي المعدل - ترجمه أبو نعيم (1/ 220-221) فقال فيه: "ثقة مأمون. توفي سنة (340) ". وعلي بن محمد الفقيه يعرف بـ (ماذشاه) ، قال أبو نعيم (2/ 24) : "كان من شيوخ الفقهاء أحد أعلام الصوفية.. جمع بين علم الظاهر والباطن (!) لا تأخذه في الله لومة لائم، كان ينكر على المتشبهة بالصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالتهم في الحلول والإباحة والتشبيه.. توفي سنة (414) ". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" للديلمي عن أبي هريرة، ولا أستبعد أن يكون في "مسنده" من طريق أبي نعيم نفسه؛ فإنه كثير الرواية عنه إسناداً تارة، وتعليقاً تارة، ولم أره في أصله المطبوع: "الفردوس". والله أعلم. 3328 - (من نظر إلى عورة أخيه متعمداً؛ لم يتقبل الله له صلاة أربعين ليلة) . منكر أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 308) بسنده عن عثكل ابن عبد الله الفرغاني: حدثنا عبد الرحمن بن واقد: حدثنا زهير بن محمد: حدثنا الربيع ابن محمد عن محمد سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف؛ الربيع بن محمد وعثكل بن عبد الله لم أجد لهما ترجمة. وعبد الرحمن بن واقد: إن كان البغدادي؛ فهو صدوق يلغط. وإن كان الحديث: 3328 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 البصري؛ فهو مقبول عند الحافظ. والله أعلم. ثم رأيت في "الميزان": "عثكل عن الحسن بن عرفة، بخبر منكر". فيحتمل أن يكون هو الفرغاني هذا؛ فإنه من طبقته. والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لابن عساكر فقط عن أبي هريرة. ثم رأيته قد أورده في "ذيل الموضوعات" (ص131) من رواية الديلمي بإسناده عن هارون بن محمد النيسابوري عن الربيع بن صبيح عن محمد بن سيرين به. وقال: "هارون هو أبو الطيب كذاب". 3329 - (إن لله سبحانه ديكاً أبيض، جناحاه موشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، رأسه مثني تحت العرش، قوائمه في الهواء، يؤذن في كل سحر، فيسمع تلك الصيحة أهل السماوات والأرض إلا الثقلين: الجن والإنس، فعند ذلك تجيبه ديوك الأرض، فإذا دنا يوم القيامة قال الله تعالى: ضم جناحيك، وغض صوتك، فيعلم أهل السماوات والأرض إلا الثقلين أن الساعة قد اقتربت) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 315) من طريق أبي العباس أحمد بن محمد البغدادي: حدثنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - عن الحديث: 3329 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان وغيره عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم بن عبد الله عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله معروفون، وبعضهم بالضعف مشهورون، مثل عبد الله بن صالح ورشدين بن سعد، فإن هذا أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث؛ كما في "التقريب"، فلا أدري إذا كان هذا الحديث من تخاليطه أو من عبد الله بن صالح الكاتب؛ فقد تكلموا فيه كثيراً، وذكروا له حديثاً، لكنهم لم يتهموه به، وإنما اتهموا به خالد بن نجيح وهو جار له كان يضع الحديث في كتب الشيخ، ويكتب بخط يشبه خط الشيخ. ويرميه في داره بين كتبه فيتوهم الشيخ أنه خطه فيحدث به كما أفاده ابن حبان، وهو في نفسه سليم الناحية، ولهذا قال أبو حاتم: "والأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره فأنكروها عليه أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح يفتعل الكذب ويضعه في كتب الناس. ولم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب، كان رجلاً صالحاً". قلت: فيمكن أن يكون هذا الحديث مما افتعله هذا الكذاب ودسه في كتاب عبد الله بن صالح، ثم رواه دون أن يتنبه له. هذا إن سلم من الراوي عن أبي العباس أحمد بن محمد البغدادي فإني لم أعرفه، وفي "تاريخ بغداد" وغيره بهذا الاسم والكنية جماعة بغداديون، أو نزلوا بغداد لم يتبين لي من هو منهم. والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي "الجامع الكبير" (6957) لأبي الشيخ عن ابن عمر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 3330 - (والذي بعثني بالحق! لا يعذب الله تعالى يوم القيامة من رحم اليتيم، وألان له الكلام، ورحم يتمه وضعفه، ولم يتطاول على جاره بفضل أعطاه الله. والذي بعثني بالحق! لا يقبل الله صدقة من رجل وله قرابة محتاجون إلى صلته، ويعطيها إلى غيرهم، والذي نفسي بيده! لا ينظر الله إليه يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 382/ 8823) ومن طريقه الأصبهاني في "الترغيب" (1019/ 2505) بسنده عنه قال: أخبرنا المقدام بن داود: أخبرنا خالد بن نزار الأيلي: أخبرنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: عبد الله بن عامر الأسلمي؛ قال الذهبي في "المغني": "ضعفه غير واحد". ولذا قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". الثانية: خالد بن نزار الأيلي، مختلف فيه، قال الحافظ: "صدوق يخطىء". الثالثة: المقدام بن داود؛ تكلم فيه أبو حاتم وغيره، وقال النسائي: "ليس بثقة". انظر: "اللسان". ومما تقدم نعلم ما في قول المنذري في "الترغيب" من الإجمال في تخريجه الحديث: 3330 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 بقوله (2/ 33و3/ 231) : "رواه الطبراني، ورواته ثقات، وعبد الله بن عامر الأسلمي قال أبو حاتم: ليس متروك". قلت: وهذا إنما يعني أنه ضعيف، لكنه لا يترك، ولذلك قال الهيثمي (3/ 117) "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف". 3331 - (إذا رأيت أخاك قتيلاً أو مصلوباً فصل عليه) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 261و323و349) - ومن طريقه الديلمي في "مسنده" (1/ 57/ 1) -، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (281/ 363) معلقاً من طريق المعلى بن هلال عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المعلى هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "اتفق النقاد على تكذيبه". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (1839) للديلمي وحده عن ابن عمر! الحديث: 3331 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 3332 - (من مشى في حاجة أخيه المسلم حتى يقضيها له؛ أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك إن كان صباحاً حتى يمسي، وإن كان مساء حتى يصبح، ولا يرفع قدماً إلا كتب له به حسنة، ولا يضع قدماً إلا حط عنه به خطيئة، ويرفع له درجة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 332-333) من الحديث: 3332 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 طريق جعفر بن ميسرة عن ابن عمر وأبي هريرة قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا آفته جعفر هذا - وهو جعفر بن أبي جعفر الأشجعي - وهو متهم؛ فقد قال فيه البخاري وأبو حاتم وابن عدي: "منكر الحديث" زاد أبو حاتم: "جداً". (تنبيه) : الذي في كتب الرجال أنه يروي عن أبيه ميسرة عن ابن عمر. فالظاهر أنه قد سقط من "الأخبار" قوله: "عن أبيه". والله سبحانه وتعالى أعلم. والحديث رواه أيضاً الخرائطي في "مكارم الأخلاق" كما في "الجامع الكبير" وليس هو في القطعة المطبوعة من "المكارم". 3333 - (من زار العلماء فكأنما زارني، ومن صافح العلماء فكأنما صافحني، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلس إلي يوم القيامة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 364) من طريق يعرب ابن خيران: حدثنا محمد بن الفضل بن العباس البلخي - بسمرقند -: حدثنا أبو محمد حمد بن نوح: حدثنا حفص بن عمر العدني عن الحكم عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد واه؛ حفص بن عمر العدني أورده الذهبي في "المغني" وقال. "قال النسائي: ليس بثقة" الحديث: 3333 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 وقال ابن عدي في "الكامل" (2/ 794) وقد ساق له أحاديث بإسناده هذا: "وهذه الأحاديث عن الحكم بن أبان، يرويها عن حفص بن عمر العدني، والحكم بن أبان وإن كان فيه لين، فإن حفصاً هذا ألين منه بكثير، والبلاء من حفص لا من الحكم". قلت: ومحمد بن الفضل البلخي، قال الذهبي في "الميزان": "لا أعرفه". لكن ذكر الحافظ في "اللسان" أن ابن طرخان ضعفه جداً، وأن الدارقطني ضعفه. وحمد بن نوح لم أجد له ترجمة. ويعرب بن خيران مثله، إلا أن أبا نعيم أورده لهذا الحديث، وكناه (أبو يشجب) وسمى جده (داهراً) . والحديث أورده السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص35) من رواية أبي نعيم هذه وبإسناده، ثم أعله بقوله: "حفص كذبه يحيى بن يحيى النيسابوري، وقال البخاري: منكر الحديث". وأقره ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 54و272-273) . ولست أدري إذا كان ما حكاه من التكذيب والإنكار ثابتاً عن هذين الإمامين، فإني لم أجد ذلك في شيء من كتب الرجال التي عندي كـ "التهذيب" وغيره. والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 345 3334 - (بحسب امرىء من الإيمان أن يقول: رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً) . منكر بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 229-230/ 7468) : حدثنا محمد بن شعيب، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن عمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً وقال: "لم يروه عن هشام إلا محمد بن عمير الرازي". قلت: قد ذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 27) وقال: ".. بن أبي الغريق الهمداني الكوفي..". وذكر أنه روى عنه ابن نمير وأبو نعيم. وكذا في "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 53) برواية الطبراني هذه، ونقل كلامه المذكور، وعقب عليه بقوله: "قلت: ذكره ابن حبان في الثقات". ولم يزد. وهو شديد الثقة بتوثيق ابن حبان حتى بالمجهولين من ثقاته، وهذا مجهول الحال عندي، فحديثه يتحمل التحسين. والله أعلم. لكن فاته إعلاله بالراوي عنه (أحمد بن إبراهيم) وهو (النرمقي) كما جاء هكذا منسوباً في حديث آخر له في "المعجم الصغير" (1) ، لكن وقع فيه محرفاً إلى (الزمعي) ، حتى في الطبعة الجديدة منه تحقيق الشيخ محمد شكور (2/   (1) وهو في " الروض النضير " برقم (281) الحديث: 3334 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 346 131) ، ولم يعلق عليه بشيء كما هي عادته! وعلى الصواب وقع في الحديث المشار إليه في "أخبار أصبهان" (2/ 252) من روايته عن الطبراني. وقد ذكره السمعاني تحت هذه النسبة، وقال (5/ 480) : " ... بفتح النون والميم بينهما الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى (نرمق) ، وهي قرية من قرى (الري) يقال لها: (نرمه) ، منها (أحمد بن إبراهيم النرمقي الرازي) ، يروي عن سهل بن عبد ربه السندي. روى عنه محمد ابن المرزبان الأدمي الشيرازي، شيخ أبي القاسم الطبراني". قلت: وابن المرزبان هذا له ذكر تحت الحديث الآتي برقم (3420) : وأما (محمد بن شعيب) شيخ الطبراني في هذا الحديث، فقد قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 265) - وقد خرج له حديثاً آخر من رواية الطبراني في "الأوسط" (وهو فيه برقم 7485) -: "ورجاله موثقون، إلا شيخ الطبراني محمد بن شعيب؛ فإني لم أعرفه". فأقول: بل هو معروف، ومترجم في "طبقات الأصبهانيين" لأبي الشيخ (4/ 276/ 518) ، و"أخبار أصبهان" لأبي نعيم (2/ 252) ، وأورده الشيخ الأنصاري في كتابه المفيد "البلغة" (ص289/ 568) ، وروى له الطبراني في "الأوسط" (ج8) ثلاثةً وثلاثين حديثاً. ويغني عن هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: رضيت بالله رباً.." الحديث وفيه: "وجبت له الجنة". وهو مخرج في "الصحيحة" (334) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 347 3335 - (أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس: (إن الله عنده علم الساعة، مينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير)) . شاذ أوله أخرجه أحمد (2/ 86) : حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه محمداً يحدث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 198/ 2) من طريق الإمام أحمد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري في تفسير لقمان (8/ 395-فتح) من طريق ابن وهب: حدثني عمر بن محمد بن زيد أن أباه حدثه به بلفظ: "خمس لا يعلمهن إلا الله.."، دون قوله: "أوتيت". وقال الحافظ: "هكذا قال ابن وهب (يعني في الإسناد) ، وخالفه أبو عاصم فقال: عن عمر بن محمد بن زيد عن ابن عمر. أخرجه الإسماعيلي، فإن كان محفوظاً احتمل أن يكون لعمر بن محمد فيه شيخان: أبوه وعم أبيه". قلت: وخالفهما شعبة فقال - كما تقدم -: عن عمر بن محمد بن زيد: أنه سمع أباه محمداً ... كما في رواية أحمد هذه ولم يقف الحافظ عليها، ولعلها أصح من رواية الاثنين؛ فإنها من جهة توافق رواية أبي عاصم في قوله: "عمر بن محمد بن زيد"، فباجتماعهما تترجح على رواية ابن وهب، ومن جهة أخرى الحديث: 3335 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 348 تخالفها في قوله: "عن سالم" بدل: "عن أبيه". والله أعلم. ولرواية سالم أصل كما يأتي، فقد رواه ابن شهاب عنه عن أبيه مرفوعاً به دون "أوتيت". أخرجه البخاري أيضاً (8/ 219) ، وأحمد (2/ 122) ، والطبراني (3/ 194/ 2) . وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (1809) : حدثنا ابن سعد عن الزهري به بلفظ: "أتي نبيكم مفاتيح الغيب إلا الخمس، ثم تلا هذه الآية ... ". وهذا إسناد صحيح أيضاً، لكن قال الحافظ: "وأظنه دخل له متن في متن؛ فإن هذا اللفظ أخرجه ابن مردويه من طريق عبد الله بن سلمة عن ابن مسعود نحوه". قلت: وأخرجه أيضاً أحمد (1/ 386و438و445) ، والطبري في "تفسيره" (11/ 401/ 13305) ، وأبو يعلى (5153) ، والحميدي (124) من هذا الوجه، وفيه ضعف؛ لأن عبد الله بن سلمة قال الحافظ: "صدوق تغير حفظه". وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعاً به دون الزيادة؛ أخرجه البخاري (2/ 435) ، وأحمد (2/ 24و52و58) من طريق سفيان عن عبد الله بن دينار عنه. وجملة القول؛ أن هذه الزيادة "أوتيت"، لم يطمئن القلب لثبوتها، وإن كان إسنادها صحيحاً كما تقدم؛ لتفرد الراوي بها دون سائر الطرق، ولعدم وجود الشاهد المعتبر لها، فهي شاذة. وخفي هذا على المعلق على "مسند أبي يعلى"، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 349 فجعل حديث ابن عمر من رواية الطيالسي والبخاري الأخيرة شاهداً لحديث ابن مسعود الذي فيه الزيادة المنكرة. وكثيراً ما يقع له مثل هذا الخلط، وهو مما يدل على حداثته في هذا العلم. 3336 - (أوحى الله إلى داود: قل للظلمة: لا يذكروني؛ فإني أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم) . ضعيف أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 420/ 1) ، والديلمي (1/ 2/ 328) من طريق الحاكم: حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن محمويه الفارسي: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا مؤمل بن إسماعيل: حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله عن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس مرفوعاً، ولم يرفعه البيهقي. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مؤمل بن إسماعيل سيىء الحفظ؛ كما في "التقريب"، ولعل الاضطراب في رفعه منه، والوقف بالحديث أشبه؛ لأنه بالإسرائيليات أليق. نعم رواه سعيد [بن] رحمة قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن الأعمش مرفوعاً. أخرجه أبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (19/ 1) . لكن سعيداً هذا قال ابن حبان: "لا يجوز أن يحتج به لمخالفته الأثبات". الحديث: 3336 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 350 3337 - (أوحى الله إلى نبي من الأنبياء: قل لفلان العابد: أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي: فماذا عملت فيما لي عليك؟ قال: يا رب! وماذا لك علي؟ قال: هل واليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً؟!) . ضعيف رواه أبو القاسم إسماعيل الحلبي في "حديثه" (ق112/ 1-2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (10/ 316-317) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 202) من طريق علي بن عبد الحميد الغضائري: حدثنا محمد بن محمد بن أبي الورد قال: حدثنا سعيد بن منصور: حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حميد الأعرج ضعيف. وخلف بن خليفة، قال الحافظ: "صدوق اختلط في الآخر، وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد". وبقية الرجال ثقات غير ابن أبي الورد فلم أجد من وثقه، وقد ترجمه الخطيب في "التاريخ" (3/ 201) بأنه كان حسن الطريقة، مشهوراً بالفضل معروفاً بالعبادة، وأسند أحاديث قليلة. مات سنة اثنتين أو ثلاث وستين ومائتين. وأما قول المناوي: "وفيه علي بن عبد الحميد، قال الذهبي: مجهول". فهو وهم من المناوي؛ لأن علي بن عبد الحميد الغضائري هو غير علي بن عبد الحميد المجهول، فقد ترجمه الخطيب (12/ 29-30) الحديث: 3337 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 351 وقال: وكان ثقة مات ثلاث عشرة وثلاث مئة. وقال فيه السمعاني في "الأنساب": "وكان من الصالحين الزهاد الثقات". 3338 - (أوصاني الله بذي القربى، وأمرني أن أبدأ بالعباس) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 334) من طريق محمد بن عزيز: حدثني سلامة بن روح عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال: قال عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: سكت عليه الحاكم، وإسناده ضعيف، وفيه علل: الأولى: عبد الله بن ثعلبة - وهو ابن صعير -؛ قال الحافظ: "له رؤية، ولم يثبت له سماع". الثانية: سلامة بن روح؛ قال الحافظ: "صدوق له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمه عقيل بن خالد". الثالثة: محمد بن عزيز؛ قال الحافظ: "فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة". الحديث: 3338 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 3339 - (إن أوثق الدعاء أن تقول: اللهم! أنت ربي، وأنا عبد ك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، رب اغفر لي) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (667) من طريق محمد بن مسلم عن ابن أبي حسين قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 3339 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير محمد بن مسلم - وهو الطائفي -؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". ولذلك روى له مسلم متابعة. والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية محمد بن نصر في "الصلاة" عن أبي هريرة بلفظ: "أوفق الدعاء ... "، وزاد بعد قوله: "واعترفت بذنبي": "يا رب فاغفر لي ذنبي، إنك أنت ربي، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". ولم يتكلم على إسناده المناوي بشيء! وانظر: "ضعيف أبي داود" (271) . 3340 - (أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بجماعة المسلمين أن يعظم كبيرهم ويرحم صغيرهم ويوقر عالمهم وأن لا يضربهم فيذلهم ولا يوحشهم فيكفرهم وأن لا يخصيهم فيقطع نسلهم) . ضعيف أخرجه البيهقي (8/ 161) من طريق شهر بن حوشب عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر بن حوشب سيىء الحفظ. الحديث: 3340 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 3341 - (أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام: يا خليلي! حسن خلقك ولو مع الكفار؛ تدخل مداخل الأبرار، فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه: أن أظله تحت عرشي، وأن أسقيه من حظيرة قدسي، وأن أدنيه من جواري) . ضعيف رواه أبو نعيم في "الأربعين الصوفية" (55/ 1) ، وابن عساكر الحديث: 3341 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 (2/ 172/ 2) ، وأبو مطيع المصري في "الأمالي" (2/ 36/ 2) ، والأصبهاني في "الترغيب" (118/ 1) ، والرافعي في "تاريخه" (2/ 331) عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي عن أبي أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه أبو عبد الرحمن السلمي في "الأربعين في أخلاق الصوفية" (3/ 1) وعنه ابن عساكر عن سليمان بن الربيع الخزاز: أخبرنا كادح بن رحمة عن أبي أمية ابن يعلى به. وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ فقال أبو منصور بن زياد في "الأربعين" (194/ 2) : حدثنا أبو الحسين الحسن بن محمد بن داود: حدثنا يعرب بن خيران: حدثنا جعفر بن محمد: حدثنا عباس الترقفي: حدثنا محمد بن يوسف عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً، دون قوله: "تدخل مداخل الأبرار" و "أن أدنيه من جواري". قلت: الإسناد الأول ضعيف؛ أبو أمية بن يعلى، ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: "لا تحل الرواية عنه إلا للخواص". ومؤمل بن عبد الرحمن الثقفي ضعيف؛ كما في "التقريب" وغيره. وهو متابع (عند الأولين) لكادح بن رحمة - وهذا كذاب -. والراوي عنه سليمان بن الربيع الخزاز؛ قال الذهبي: "أحد المتروكين". والطريق الأخرى من دون الترقفي لم أعرفهم؛ وأبو منصور بن زياد نفسه كان شيخ الصوفية في زمانه؛ توفي سنة 418، ولم أجد من أفصح عن حاله في الجزء: 7 ¦ الصفحة: 354 الحديث، فالله اعلم به. وأخرجه ابن عساكر أيضاً من طريق عثمان بن عمرو الدباغ: أخبرنا ابن علاثة عن الأوزاعي به. وابن علاثة هو محمد بن عبد الله، صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب". وعثمان بن عمرو الدباغ؛ قال الذهبي: وهاه الأزدي. والحديث عزاه السيوطي للطبراني في "الأوسط"، وقال المناوي: "وضعفه المنذري، ولم يوجهه، وقال الهيثمي: فيه مؤمل بن عبد الرحمن وهو ضعيف". قلت: وفاته أن شيخه أبا أمية أضعف منه! ومن طريق الطبراني أخرجه أبو مطيع المصري. 3342 - (إنها حبة أبيك ورب الكعبة!) . ضعيف أخرجه أبو داود (4898) ، وأحمد (6/ 130) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه - وزعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين - قالت: قالت أم المؤمنين: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معندنا زينب بنت جحش، فجعل يصنع شيئاً بيده، فقلت بيده، حتى فطنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها، فأبت تنتهي، فقال لعائشة: سبيها، فسبتها، فغلبتها، فانطلقت زينب إلى علي رضي الله عنه فقال: إن عائشة رضي الله عنها وقعت بكم، وفعلت، فجاءت فاطمة فقال لها: (فذكره) . فانصرفت، فقالت له: إني قلت له: كذا وكذا، فقال لي: كذا وكذا، قال: وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي الحديث: 3342 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 355 - صلى الله عليه وسلم -، فكلمه في ذلك". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن جدعان. وامرأة أبيه أم محمد مجهولة لم يوثقها أحد. 3343 - (إني أشهد عدد تراب الدهناء أن مسيلمة كذاب) . ضعيف أخرجه ابن حبان وابن أبي عاصم وابن السكن والطبراني من طريق حاجب بن قدامة عن عيسى بن خثيم عن وبر بن مشهر الحنفي أنه أخبره أن مسيلمة بعثه هو وابن النواحة وابن الشعاف الحنفي حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال وبر: وهما كانا أسن مني، فتشهدا، ثم شهدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رسول الله، وأن مسيلمة من بعده! قال: فأقبل علي فقال: "بم تشهد يا غلام؟ " فقال: أشهد بما شهدت به، وأكذب بما كذبت به. قال: فإني .... (فذكره) . قال وبر: شهدت بما شهدت به. فأمر بهما فأخرجا، وأقام وبر بن مشهر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعلم القرآن حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجع صاحباه. كذا في "الإصابة". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عيسى بن خثيم، وحاجب بن قدامة، أوردهما ابن أبي حاتم (3/ 1/ 274و1/ 2/ 284) ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان فذكرهما في "الثقات" (1/ 162و2/ 67) . ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 183-184) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 153-154/ 412) . الحديث: 3343 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 356 3344 - (أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس، وأول ما يرفع من أعمالهم الصلوات الخمس، وأول ما يسألون عنه الصلوات الخمس) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 233) من طريق أبي غسان مالك بن يحيى السوسي: حدثنا معاوية بن يحيى أبو عثمان الشامي: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن بلال عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من دون الأوزاعي لم أجد من ترجمهما. وبلال هو ابن سعد بن تميم الأشعري، وهو ثقة. والحديث عزاه السيوطي للحاكم في "الكنى" عن ابن عمر بزيادة طويلة. ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء. الحديث: 3344 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 3345 - (أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان، شرب الخمر، وملاحاة الرجال) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 303) من طريق عمرو بن واقد: حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن يونس بن حبيش عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمرو بن واقد متروك كما في "التقريب". ويونس بن حبيش لم أعرفه. أورده الهيثمي في "المجمع" (5/ 53) من رواية أبي الدرداء أو معاذ بن جبل مرفوعاً وقال: الحديث: 3345 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 "رواه البزار والطبراني وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك رمي بالكذب، وقال محمد بن المبارك الصوري: كان صدوقاً، ورد قوله، والجمهور ضعفوه". ثم رأيت الحديث في "زوائد البزار" (ص162) من طريق عمرو بن واقد عن إسماعيل بن عبد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، ويونس عن أبي إدريس عن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وقال: "لا نعلم يروى متصلاً إلا بهذا الإسناد، وعمرو ليس بالقوي، ومن عداه ثقات". قلت: فتبين لي في إسناد "الحلية" سقطاً وتحريفاً، وأن صوابه: " .... عن أم الدرداء [عن أبي الدرداء] ، وعن يونس بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ ... ". 3346 - (إني دخلت الكعبة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها، إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي [من بعدي] ) . ضعيف رواه أبو داود (2029) ، والترمذي (1/ 165) ، وابن ماجه (3064) ، والحاكم (1/ 479) ، والبيهقي (5/ 159) ، وأحمد (6/ 127) كلهم من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها وهو مسرور، ثم رجع إليها وهو كئيب فقال: ... فذكره. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي! الحديث: 3346 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 358 قلت: وإسماعيل بن عبد الملك صدوق كثير الوهم؛ كما قال الحافظ في "التقريب". 3347 - (أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة) . ضعيف رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص50) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/ 11/ 2) عن قزعة بن سويد قال: أخبرنا داود بن أبي هند قال: مررت على غاز بالجديلة فقال: سمعت أبا هريرة يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهو إسناد ضعيف؛ من أجل قزعة هذا، قال الحافظ: "ضعيف". وله طريق آخر في "مسند أبي يعلى" (11/ 6634) ، وقال الهيثمي في "المجمع" (7/ 321) - فيه -: ".. وفيه أشعث بن بزار، وهو متروك". ثم هناك (الرجل الغازي) الذي لقيه بجديلة،؛ فهو مجهول. الحديث: 3347 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 3348 - (أيغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون؟ فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبيناً، لكنهم قد سألوا نبيهم، فقالوا: أرنا الله جهرة؟! علي بأعداء الله، إني سائلهم عن تربة الجنة، وهي الدرمك) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 234) عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل يعلم نبيكم عدد الحديث: 3348 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري، حتى نسأل نبينا، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم! قال: وبم غلبوا؟ قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قال: فما قالوا؟ قال: قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا، قال (فذكره) . فلما جاؤوا، قالوا: يا أبا القاسم! كم عدد خزنة جهنم؟ قال: "هكذا وهكذا، في مرة عشرة، وفي مرة تسع"، قالوا: نعم، قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما تربة الجنة؟ " قال: فسكتوا هنيهة، ثم قالوا: أخبرنا يا أبا القاسم! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخبز من الدرمك". وقال: "هذا حديث غريب؛ إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد". قلت: وهو ضعيف. قال الحافظ: "ليس بالقوي". (فائدة) : الدرمك: هو الدقيق الحواري كما في "النهاية" لابن الأثير. ولهذه الجملة الأخيرة شاهد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه، متفق عليه، ولذلك كنت أخرجتها في "الصحيحة" (1438) . 3349 - (إنه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم، فرحبوا بهم، وحبوهم، وعلموهم) . موضوع أخرجه ابن ماجه (248) عن المعلى بن هلال عن إسماعيل قال: دخلنا على الحسن نعوده حتى ملأنا البيت، فقبض رجليه، ثم قال: دخلنا على أبي هريرة نعوده حتى ملأنا البيت فقبض رجليه، ثم قال: دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ملأنا البيت، وهو مضطجع لجنبه، فلما رآنا قبض رجليه ثم قال: ... فذكره. الحديث: 3349 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 360 قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته المعلى بن هلال كذبه أحمد وابن معين وغيرهما ونسبه إلى وضع الحديث غير واحد. وإسماعيل - وهو ابن مسلم المكي - ضعيف. 3350 - (اهرق الخمرة، واكسر الدنان) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 262-تحفة) من طريق ليث عن يحيى بن عباد عن أنس عن أبي طلحة أنه قال: يا نبي الله إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري؟ قال: ... فذكره. وقال: "روى الثوري هذا الحديث عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس: أن أبا طلحة كان عنده. وهذا أصح من حديث الليث". ثم اسنده عن الثوري به بلفظ: "قال أنس: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيتخذ الخمر خلاً؟ قال: لا". الحديث: 3350 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361 3351 - (أهل البدع شر الخلق والخليقة) . ضعيف رواه أبو علي الختلي الحربي في جزء من "الأمالي" (2/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 291) وفي "أخبار أصبهان" (2/ 90و158) معلقاً من طرق، وابن عساكر (19/ 236/ 2) عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: حدثنا المعافى بن عمران عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "تفرد به المعافى عن الأوزاعي بهذا اللفظ، رواه عيسى بن يونس عن الأوزاعي نحوه". الحديث: 3351 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361 قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون ولولا أني أخشى أن يكون قتادة لم يسمعه من أنس لحكمت عليه بالصحة. 3352 - (أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن) . ضعيف أخرجه الطبراني، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 247) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 75) من طريق عن شريك عن خلف بن حوشب عن ميمون بن مهران قال: قلت لأم الدرداء: سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً؟ قالت: سمعته يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شريك هو ابن عبد الله القاضي، وهو ضعيف لسوء حفظه. وقال ابن أبي حاتم عقبه: "رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم الدرداء عن أبي الدرداء. ورواه شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء. قال أبي: كل هذا صحيح إلا حديث خلف بن حوشب؛ فإن أم الدرداء هذه لم تسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً". قلت: وخلف ثقة، فالعلة من الراوي عنه كما ذكرنا. وفيه علة أخرى في المتن، وهي أن حديث عمرو بن دينار وشعبة اللذين أشار إليهما ابن أبي حاتم لفظه: "أثقل" بدل: "أول". وهو الصحيح، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (784و875) . الحديث: 3352 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 3353 - (أول من اختضب بالحناء والكتم إبراهيم خليل الرحمن، وأول من اختضب بالسواد فرعون) . ضعيف رواه الديلمي في "المسند" (1/ 1/ 6) من طريق عبد الله بن الحديث: 3353 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 موسى الخلمي: حدثنا منصور مولى عمار عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال ابن حجر: "قلت .... " وبيض له! قلت: وهذا إسناد مظلم لم أعرف الخلمي هذا ولا أورده ابن الأثير في "اللباب"، ولم أطل الآن أصله "الأنساب"، وما أظنه فيه. ومنصور مولى عمار، ظنه المناوي منصور بن عمار الزاهد فقال: "وفيه منصور بن عمار. قال العقيلي: فيه تجهم. وقال الذهبي: له مناكير". قلت: وهذا وهم؛ فإن صاحب هذا الحديث منصور مولى عمار، وذاك منصور ابن عمار. ثم إن المولى تابعي كما ترى. وابن عمار من طبقة شيوخ أحمد ودون الخلمي هذا، فاختلفا. 3354 - (ألا احتطت يا أبا بكر؛ فإن البضع ما بين ثلاث إلى تسع) . ضعيف بتمامه أخرجه الترمذي (4/ 160-تحفة) ، والطحاوي في "المشكل" (4/ 125و126) ، والطبري في "تفسيره" (21/ 12) ، والحربي في "الغريب" (5/ 76/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (1/ 355) ، وأبو نعيم في "تاريخ الأصبهان" (2/ 324) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي: حدثني ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر في مناحبة (الم. غلبت الروم) : ... فذكره. الحديث: 3354 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363 قال الجمحي: المناحبة: المراهنة. وقال الترمذي: حديث غريب حسن من هذا الوجه". قلت: الجمحي هذا لم تثبت عدالته وإن وثقه ابن حبان؛ فقد قال ابن معين: "لا أعرفه". وقال ابن عدي: "مجهول". وقال الدارقطني: "ليس بالقوي". وقال غيره: محله الصدق. لكنه قد توبع على أصل الحديث، يرويه أبو إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (الم. غلبت الروم) قال: غلبت، وغلبت. قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكره لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنهم سيغلبون". قال: فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً؛ فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا؛ فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ألا جعلتها إلى دون - قال: أراه قال: العشر - قال: قال سعيد بن جبير: البضع ما دون العشر، ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: (الم. غلبت الروم) إلى قوله: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) ". أخرجه الترمذي، وأحمد (1/ 276و304) ، والطبري (21/ 12) ، وابن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 364 عساكر (1/ 357) ، وكذا الحاكم (2/ 410) ، وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة". وله شاده من حديث دينار بن مكرم الأسلمي قال: "لما نزلت (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين) ، فكانت فارس يوم هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب، وذلك قول الله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) فكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله تعالى هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين) . قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين؟ فسم بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه، قال: فسموا بينهم ست سنين. قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسميته ست سنين؛ لأن الله تعاى قال: (في بضع سنين) [4/الروم] .قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 365 أخرجه الترمذي، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص329) من طريق ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير عنه، وقال: "حديث صحيح حسن غريب". قلت: إسناده حسن. وله شواهد أيضاً مرسلة عن قتادة وجابر بن زيد عند الطبري، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عند ابن عساكر. وبالجملة: فحديث الترجمة صحيح دون قوله: "ألا احتطت يا أبا بكر"؛ لفقدان الشاهد. والله أعلم. 3355 - (ألا أخبرك بتفسير (لا حول ولا قوة إلا بالله) ؟ قلت: بلى، يا رسول الله، فقال: لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، هكذا أخبرني بها جبريل يا ابن أم عبد) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص186) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/ 362) من طريق الفضل بن شخيت قال: حدثنا صالح بن بيان قال: حدثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف جداً، أورده العقيلي في ترجمة صالح بن بيان السيرافي وقال فيه: "الغالب على حديثه الوهم، ويحدث بالمناكير عمن لا يحتمل". الحديث: 3355 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 366 وقال عقب الحديث: "ولا يتابع عليه بهذا اللفظ إلا ممن دونه أو مثله". وأورده الخطيب في ترجمة الفضل بن شخيت، وروى عن ابن معين أنه قال فيه: "كذاب، ما سمع من عبد الرزاق شيئاً، لعن الله من يكتب عنه من صغير أو كبير، إلا أن يكون لا يعرفه". هذا ولعل العقيلي أشار بكلامه السابق إلى ما رواه البزار في "مسنده" (4/ 14/ 3083) قال: حدثنا عبيد الله - رجل من ولد المغيرة بن مسلم، جليساً كان لإبراهيم بن محمد التيمي، وكان رجلاً له ستر وأمانة -، قال: حدثنا موسى بن داود عن المسعودي به. ثم رواه من طريق عبد الله بن خراش بن حرشب عن المسعودي عن القاسم ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود، ولم يقل: "عن القاسم عن أبيه". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع انقطاعه، فإن عبد الله بن خراش ضعيف، وأطلق عليه ابن عمار الكذب؛ كما في "التقريب". ومع ضعفه فقد خالفه أيضاً موسى بن داود: لكني لم أدر أهو الضبي الطرسوسي الثقة، أم موسى بن داود الكوفي الراوي عن حفص بن غياث، وعنه عمرو بن علي. قال أبو حاتم: "مجهول". وعبيد الله شيخ البزار لم أعرفه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 وجملة القول؛ أن الحديث يظل ضعيفاً؛ من أجل المسعودي لاختلاطه. والله سبحانه وتعالى أعلم. 3356 - (ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله؟ تقول: اللهم! إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلي الله عليع وسلم، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف أخرجه الترمذي (4/ 266) من طريق ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعاء كثير، لم نحفظ منه شيئاً، قلنا: يا رسول الله! دعوت بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئاً، قال: ... فذكره، وقال: "هذا حديث حسن غريب". قلت: بل ضعيف لاختلاط ليث بن أبي سليم. الحديث: 3356 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 3357 - (ألا أرقيك برقية بها جبريل عليه السلام؟ بسم الله أرقيك، والله يشفيك من كل داء فيك، من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، فرقى بها ثلاث مرات) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3524) ، والحاكم (2/ 541) ، وأحمد (2/ 446) عن عاصم عن زياد بن ثويب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني، فقال: ... فذكره. الحديث: 3357 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 سكت عنه الحاكم والذهبي، وهو ضعيف الإسناد؛ زياد هذا مجهول؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 526) : "روى عنه عاصم بن عبيد الله". ولم يزد، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"! وعاصم بن عبيد الله ضعيف. والحديث رواه النسائي أيضاً في "عمل اليوم والليلة" (552/ 1003) ، ثم أخرج هو (558/ 1021) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 292) ، وابن حبان (343/ 1417-موارد) ، وأحمد (6/ 332) من طريق أزهر بن سعيد الحرازي عن عبد الرحمن بن السائب ابن أخي ميمونة قالت لي: ألا أرقيك برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: بلى. قالت: "بسم الله أرقيك.." إلخ،دون قول: "من شر النفاثات ... " إلخ، وزاد: "أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت". قلت: ورجاله ثقات، غير أن عبد الرحمن لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 93) ، ولم يذكر له راوياً غير أزهر هذا، وكذلك فعل البخاري وابن أبي حاتم، ولذلك قال الذهبي في "الميزان": "تفرد عنه أزهر بن سعيد الحزاري". قلت: فهو في عداد المجهولين. وأما قول الحافظ في "التهذيب": "ذكره ابن حبان في "الثقات". قلت: وقال: روى عنه سعيد المقبري والحارث بن أبي ذباب"! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 369 فهذا القول منه خطأ على ابن حبان؛ لأنه إنما قال ذلك في ترجمة (عبد الرحمن بن مهران) (5/ 106) . فالظاهر أنه نشأ ذلك من انتقال بصره من ترجمة إلى أخرى. 3358 - (ألا هل مشمر للجنة! فإن الجنة لا خطر لها، هي - ورب الكعبة! - نور تتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة خضيرة، وحبرة ونعمة في محلة عالة بهية! قالوا: نعم يا رسول الله؛ نحن المشمرون لها. قال: قالوا: إن شاء الله) . ضعيف رواه ابن ماجه (4332) ، وابن حبان (2620) ، والطبراني في "الكبير" (1/ 21-22) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (43-45) ، والبغوي في "شرح السنة" (4/ 257/ 2) ، وابن عساكر (8/ 231/ 1و12/ 10/ 2و16/ 13/ 1) ، والحربي في "الغريب" (5/ 166/ 1) ، والضياء في "صفة الجنة" (3/ 88-89) ، وأبو القاسم الحنائي في "الفوائد" (88/ 1) : عن محمد بن مهاجر عن الضحاك المعافري عن سليمان بن موسى: حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول مرفوعاً. وقال الحنائي: "غريب لا يعرف.. وسليمان بن موسى متكلم فيه". قلت: والضحاك المعافري قال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف، ما روى عنه سوى محمد بن مهاجر الأنصاري" قلت: فهو علة الحديث الحديث: 3358 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً مختصراً بلفظ: "ألا مشمر لها (يعني الجنة) ! ورب الكعبة! ريحانة تهتز، ونور يتلألأ، ونهر مطرد، وزوجة لا تموت، في خلود ونعيم في مقام أبد". أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة" (5/ 1) عن عبد الرزاق: حدثنا إبراهيم بن ميمون حدثني عبد الله بن طاوس عن أبيه. وهذا سند جيد إذا كان السند إلى عبد الرزاق صحيحاً، فليراجع؛ فإن الأصل لا تطوله يدي الآن. ثم راجعناه؛ فإذا في سنده - إليه - أحمد بن محمد بن عبيد الله، وهو راو غير ثقة، بل اتهمه بعض أهل العلم؛ كما في "الميزان"، (1/ 142) . والحديث - من هذا الطريق - في "تاريخ بغداد" (4/ 252) . 3359 - (يا بريدة! ألا أعلمك كلمات: من أراد الله به خيراً علمه إياهن ثم لم ينسهن أبداً؟ قل: اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضائي، اللهم! إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فأغنني) . موضوع أخرجه الطحاوي في "المشكل" (1/ 64-65) ، والطبراني في "الأوسط" - والسياق له -، والحاكم (1/ 527) من طريق أبي داود الأعمى عن بريدة الأسلمي قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". وقال الذهبي متعقباً عليه: "قلت: أبو داود الأعمى متروك الحديث". الحديث: 3359 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371 وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 182) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أبو داود الأعمى، وهو ضعيف جداً". وذكره في مكان آخر (10/ 179) عن عبد الله بن عمرو قال: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألا أعلمك ... " الحديث، وقال: "رواه الطبراني، وفيه أبو داود الأعمى، وهو متروك". قلت: كذبه قتادة والساجي وغيرهما، وقال الذهبي: "يضع". ورواه أبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (104/ 1) من طريق غسان بن مالك: أخبرنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي: أخبرنا محمد بن رستم الثقفي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخاله الأسود بن وهب: ... فذكره إلى قوله: "منتهى رضائي"، وزاد: "وبلغني الذي أرجو من رحمتك، واجعل لي وداً في صدور الذين آمنوا، وعهداً منك". وهذا موضوع؛ آفته عنبسة بن عبد الرحمن القرشي؛ فإنه كان يضع الحديث كما قال أبو حاتم. وشيخه محمد بن رستم لم أجد من ذكره. وغسان بن مالك قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 50) عن أبيه: "ليس بقوي، بين في حديثه الإنكار". 3360 - (ألا أدلكم على أشدكم؟ أملككم لنفسه عند الغضب) . ضعيف أخرجه الطبراني في "مكارم الأخلاق" (1/ 5/ 1و6/ 1) عن الحديث: 3360 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372 شعيب بن بيان الصفار عن عمران القطان عن قتادة عن أنس: أن النبي مر على قوم يرفعون حجراً، فقال: ما هذا؟ قالوا: يا رسول الله! حجر كنا نسميه في الجاهلية حجر الأشداء، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد فيه ضعف، شعيب بن بيان الصفار، قال الحافظ: "صدوق يخطىء". 3361 - (إياكن ونعيق الشيطان؛ فإنه مهما يكون من العين والقلب فمن الرحمة، وما يكون من اللسان واليد، فمن الشيطان) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2694) ، وأحمد (1/ 237-238و335) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: لما توفي عثمان بن مظعون قالت امرأة: هنيئاً لك يا ابن مظعون الجنة، قال: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرة غضبان، قالت: يا رسول الله! فارسك وصاحبك! قال: "ما أدري ما يفعل به"، فشق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يعد من خيارهم حتى توفيت رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون". قال: وبكت النساء على رقية، فجعل عمر ينهاهن أو يضربهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مه يا عمر! ثم قال: ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، يوسف بن مهران لين الحديث. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. الحديث: 3361 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373 3362 - (أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 312) عن محمد بن الحديث: 3362 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373 عبد الرحمن الطبري: حدثنا الحسين بن إسماعيل بن خالد الطبري: حدثنا يوسف بن سعيد أبو المثنى عن أبي عصمة عن مقاتل بن حيان عن قبيصة بن ذؤيب عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو عصمة واسمه نوح بن أبي مريم؛ قال ابن المبارك: "كان يضع كما يضع المعلى بن هلال". وقال أبو علي النيسابوري: "كان كذاباً". وكذبه ابن عيينة. وقال أبو سعيد النقاش: "روى الموضوعات". وقال مسلم والدارقطني: "وضع حديث فضائل القرآن". والخطيب أورده في ترجمة محمد بن عبد الرحمن الطبري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 3363 - (أيما راع استرعى رعيته، فلم يحفظها بالأمانة والنصيحة، ضاقت عليه رحمة الله التي وسعت كل شيء) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (10/ 127) من طريق عبد الله ابن محمد بن يعقوب بن الحارث البخاري: حدثنا خالد بن تمام الأسدي: حدثنا سليمان الشاذكوني: حدثنا الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. الحديث: 3363 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 374 قلت: وهذا موضوع؛ آفته الشاذكوني؛ كذبه أحمد وابن معين وجزرة وغيرهم. وخالد بن تمام الأسدي لم أعرفه. وابن الحارث البخاري، قال الخطيب: "صاحب عجائب ومناكير وغرائب، وليس بموضع الحجة". ثم روى عن أبي زرعة أنه قال: "ضعيف". وفي "الميزان" أنه متهم بوضع الحديث. 3364 - (إذا أعتق الرجل أمته، ثم تزوجها بمهر جديد؛ كان له أجران) . ضعيف بهذا التمام أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1/ 243/ 1194) ، وأحمد (4/ 408) من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد على شرط البخاري، وقد علقه في "صحيحه" في "النكاح" منه على أبي بكر بن عياش. قال الحافظ في "شرحه": "وهو أحد الحفاظ المشهورين في الحديث، وقد احتج به البخاري، ووصله من طريقه أيضاً الحسن بن سفيان وأبو بكر البزار في "مسنديهما" عنه، وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن، ويحيى بن عبد الحميد الحماني في "مسنده" عن أبي بكر، ولم يقع لابن حزم إلا من رواية الحماني فضعفه به، ولم يصب! وذكر أبو نعيم أن أبا بكر تفرد به عن أبي حصين. وذكر الإسماعيلي أن فيه اضطراباً على الحديث: 3364 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 375 أبي بكر بن عياش، وكأنه عنى في سياق المتن، لا في الإسناد، وليس ذلك الاختلاف اضطراباً؛ لأنه يرجع إلى معنى واحد، وهو ذكر المهر". قلت: لكن ابن عياش هذا وإن احتج به البخاري فقد تكلم فيه من قبل حفظه، وقال الذهبي في "الميزان": "أحد الأئمة الأعلام، صدوق، ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم". قلت: وعليه؛ فذكر المهر في هذا الحديث خطأ منه؛ لأنه قد صح من طرق عن السعبي حدثني أبو بردة به مرفوعاً بلفظ: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين ... ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها، ثم أدبها فأحسن أدبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران". فلم يذكر المهر. أخرجه البخاري في "العلم" وغيره، ومسلم في "الإيمان" (1/ 93) ، وأحمد (4/ 395و398و402و405و415) . وإذا كان أبو بكر قد تفرد بهذه الزيادة دون الإمام الشعبي الثقة الحجة، فتكون زيادة غير ثابتة، بل هي منكرة أو شاذة - على الأقل -، لمخالفة أبي بكر من هو أوثق منه بدرجات. (تنبيه) : هذا الحديث عزاه السيوطي للطبراني في "المعجم الكبير"! 3365 - (أيتها الأمة! إني لا أخاف عليكم فيما لا تعلمون، ولكن انظروا كيف تعلمون فيما تعلمون) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 132-133) من طريق الحديث: 3365 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376 يحيى بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وقال: "لا أعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلا يحيى بن عبد الله بن موهب المدني". قلت: وهو متروك، وأفحش الحاكم، فرماه بالوضع كما في "التقريب". وأبوه عبد الله بن عبد الله بن موهب لا يعرف؛ كما قال الذهبي. 3366 - (أيما امرىء اقتطع حق امرىء بيمين كاذبة كانت نكتة سوداء من نفاق في قلبه لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 69/ 2) ، والحاكم (4/ 294) من طريقين عن عبد الحميد بن جعفر: أخبرني عبد الله بن ثعلبة قال: سمعت عبد الرحمن بن كعب يقول: سمعت أباك ثعلبة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: رجاله ثقات غير عبد الله بن ثعلبة، فلم أجد له ترجمة، وليس هو في الرواة عنه عبد الحميد بن جعفر هذا وقال: "ولم يدركه". وكيف يصح هذا القول وعبد الحميد بن جعفر قد صرح بالتحديث عنه في كل من الطريقين المشار إليهما، فهذا دليل صريح على أن عبد الله بن ثعلبة في هذا الإسناد هو غير عبد الله بن ثعلبة بن صعير. ويؤيده أن الطبراني بعد أن ذكر في الحديث: 3366 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 " معجمه " ثعلبة أبو عبد الله الأنصاري، وساق له هذا الحديث ذكر بعد أربعة تراجم "ثعلبة بن صعير العدوي". وساق له حديث الزهري عنه في صدقة الفطر. والله أعلم. 3367 - (أيها الناس! اتقوا الله، فوالله! لا يظلم مؤمن مؤمناً إلا انتقم الله منه يوم القيامة) . ضعيف جداً أخرجه عبد بن حميد في "منتخب المسند" (126/ 1-مصورة المكتب) عن أبي جعفر الرازي عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به، وفيه قصة في القصاص بالسوط. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو هارون - وهو العبد ي - متروك. وأبو جعفر الرازي سيىء الحفظ. الحديث: 3367 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 3368 - (أيها الناس! لا تعلقوا علي بواحدة، ما أحللت إلا ما أحل الله، وما حرمت إلا ما حرم الله) . ضعيف جداً أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/ 256) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - في مرضه الذي توفي فيه -: ... فذكره. ثم رواه بهذا الإسناد عن سليمان وعاصم بن عمر عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، محمد بن عمر - وهو الواقدي - متهم بالكذب. والإسناد الثاني مرسل. الحديث: 3368 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 3369 - (لا تكتحل وأنت صائم، واكتحل ليلاً، الإثمد يجلو البصر، وينبت الشعر) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 1/ 398) ، وأبو داود (1/ 273-طبع التازي) ، والبيهقي (4/ 262) من طريق عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري عن أبيه عن جده - وكان أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمسح على رأسه - وقال: ... فذكره، ولفظ أبي داود: "أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: ليتقه الصائم". وقال: "قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر. يعني: حديث الكحل". قلت: ومن أجله خرجته هنا، وإلا فالشطر الثاني من الحديث صحيح؛ له شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً في آخر حديث: "البسوا من ثيابكم البياض .... ". وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص62) . وعلة الحديث من النعمان بن معبد؛ فإنه لا يعرف. وابنه مختلف فيه. الحديث: 3369 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 3370 - (الأكبر من الإخوة بمنزلة الأب) . موضوع أخرجه ابن عدي في ترجمة الواقدي من "الكامل" (368/ 1) عنه: حدثنا عبد الله بن المنيب عن عثيم بن كثير بن كليب الجهني عن أبيه عن جده - وله صحبة - قال: ... فذكره مرفوعاً في جملة أحاديث له، وقال في آخرها: "وهذه الأحاديث التي أمليتها للواقدي - والتي لم أذكرها - كلها غير الحديث: 3370 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 محفوظة، والبلاء منه، وهو بين الضعف". وقال الحافظ: "متروك مع سعة علمه". قلت: وقد كذبه جماعة من الأئمة، منهم أحمد والشافعي والنسائي وغيرهم. والحديث قال الهيثمي (8/ 149) : "رواه الطبراني، وفيه الواقدي، وهو ضعيف"! 3371 - (بخل الناس بالسلام) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 403) من طريق النعمان بن عبد الله: حدثنا أبو ظلال عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بخل الناس". قالوا: يا رسول الله! بم بخل الناس؟ قال: "بالسلام". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو ظلال - واسمه هلال بن أبي هلال القسملي - ضعيف. والنعمان بن عبد الله مجهول. الحديث: 3371 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 3372 - (بغض بني هاشم والأنصار كفر، وبغض العرب نفاق) . ضعيف جداً رواه الطبراني (3/ 117/ 2) عن أبي حفص عمر بن حفص بن يزيد القرظي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالضعفاء: الأول: جابر بن يزيد - وهو الجعفي - وهو ضعيف، اتهمه بعضهم. الثاني: عمرو بن شمر - وهو الجعفي الكوفي - واه جداً. قال البخاري: الحديث: 3372 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 "منكر الحديث". وقال الحاكم: "كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، لا يرويها عنه غيره". وأبو حفص عمر بن حفص بن يزيد القرظي، هو عمر بن حفص بن عمر بن سعد بن عائذ المدني أبو حفص المؤذن، فقوله في هذا الإسناد: "ابن يزيد" لعله أحد أجداده، وهو لين. والحديث رواه الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب" (ق24/ 1-2) من طريق الطبراني وقال: "حديث حسن، ورجاله ثقات". وتلقى ذلك عنه تلميذه الحافظ الهيثمي فقال في "المجمع" (10/ 227) : "رواه الطبراني، ورجاله ثقات"! ولعل سبب خطأ العراقي أنه سقط من قلمه الضعيفان الأولان من إسناد الحديث، فظهر سالماً منهما، ومن الممكن حينئذ تحسينه، وأما مع ثبوتهما فيه فالتحسين أبعد ما يكون عن الصواب. وأما الهيثمي؛ فلعله لم يمعن النظر في إسناده، وقنع بتقليد شيخه فيه. لا سيما وقد نقل المناوي عنه أنه قال في محل آخر: "فيه من لم أعرفهم"! وقد يخطر في البال أن يكون عنى إسناداً غير هذا؛ فليس فيه من لا يعرف، ولكني قد بحثت عنه في "المعجم"، فلم أر فيه غير المذكور أعلاه. والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 3373 - (ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس! إن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله عز وجل على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلاً فاجراً جريئاً يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه) . ضعيف رواه أحمد في المسند (3/ 37و41و58) ، والحاكم (2/ 67) كلاهما من طريق أبي الخطاب عن أبي سعيد. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. قلت: كيف وأبو الخطاب هذا مجهول؛ كما قال الذهبي نفسه في "الميزان"، وتبعه الحافظ في "التقريب"؟!! الحديث: 3373 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 3374 - (يا أبا الحسن! أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع بهن من علمته، ويثبت ما في صدرك؟ قال: أجل يا رسول الله! فعلمني. قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإذا استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر -، فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه: (سوف أستغفر لكم ربي) . يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة - فإن لم تستطع، فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها، فصل أربع ركعات: تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة (يس) ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و (حم) الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب و (الم. تنزيل) السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب و (تبارك) المفصل، فإذا فرغت من الحديث: 3374 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 التشهد فاحمد الله، وأحسن الثناء على الله وصل علي، وأحسن، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين، والمؤمنات، ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني. اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام! أسألك يا الله يا رحمان بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني. اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام! أسألك يا الله يا رحمان بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تعمل به بدني؛ فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. يا أبا الحسن! فافعل ذلك ثلاث جمع، أو خمس، أو سبع؛ تجاب بإذن الله. والذي بعثني بالحق! ما أخطأ مؤمناً قط. قال عبد الله بن عباس: فوالله! ما لبث علي إلا خمساً أو سبعاً حتى جاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الجزء: 7 ¦ الصفحة: 383 الله! إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات، أو نحوهن. وإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية، أو نحوها، وإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفاً. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: مؤمن - ورب الكعبة -! يا أبا الحسن) . منكر. أخرجه الترمذي (2/ 275) ، والحاكم (1/ 316-317) ، والأصبهاني في "الترغيب" (127/ 2) ، وابن عساكر في "جزء أخبار حفظ القرآن" (ق84/ 2-86/ 1) ، والضياء في "المختارة" (65/ 64/ 1-2) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن الوليد بن مسلم: حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال: بأبي أنت وأمي تفلت هذا القرآن من صدري، فما أجدني أقدر عليه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم". قلت: كذا وقع في طبعة بولاق والدعاس: "حسن ... ": وقد نقل الحافظ ابن عساكر عبارة الترمذي المذكورة دون لفظة: "حسن" وكذلك الحافظ الضياء، وهو الأقرب إلى الصواب واللائق بهذا الإسناد؛ فإن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية كما سيأتي، فهو علة الحديث، وإن خفيت على كثير كالحاكم وغيره؛ فإنه قال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 384 "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا حديث شاذ، أخاف أن لا يكون (كذا ولعل الصواب: أن يكون) موضوعاً، وقد حيرني والله جودة سنده"! قلت: وكأن الحافظ الذهبي رحمة الله تعالى لم يتذكر قوله في "الميزان": "قلت: إذا قال الوليد: عن ابن جريج، أو: عن الأوزاعي؛ فليس بمعتمد؛ لأنه يدلس عن كذابين، فإذا قال: حدثنا؛ فهو حجة، وقال أبو مسهر: كان الوليد يأخذ من ابن السفر حديث الأوزاعي، وكان ابن السفر كذاباً، وهو يقول فيها: قال الأوزاعي. وقال صالح جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: قلت:للوليد بن مسلم: قد أفسدت حديث الأوزاعي! قال: وكيف؟ قلت: تروي عنه عن نافع، وعنه عن الزهري، وعنه عن يحيى، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع: عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الأوزاعي: قرة، فما يحملك على ذلك؟ قال: أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء (!) . قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهم ضعفاء [أحاديث] مناكير، فأسقطتهم وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الأثبات ضعف الأوزاعي! فلم يلتفت إلى قولي". قلت: ومعنى هذا الذي رواه الهيثم بن خارجة - وهو ثقة من شيوخ البخاري - أن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية أيضاً، وهو أن يسقط من سنده غير شيخه ولذلك قال الحافظ فيه: "ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية". وبناء عليه فقول الذهبي في صدر كلامه عن الوليد: " .... فإذا قال: حدثنا (ابن جريج) ، فهو حجة" فيه قصور لا يخفى، فالصواب اشتراط تصريحه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 385 بالتحديث في شيخه وسائر الرواة الذين فوقه، لنأمن بذلك من شر تدليسه تدليس التسوية، ولولا ذلك إسناد هذا الحديث صحيحاً، لكون الوليد قد قال فيه: حدثنا ابن جريج كما رأيت، فلما لم يتابع التصريح بالتحديث فوق ذلك قامت العلة في الحديث؛ لاحتمال أن يكون بين ابن جريج وعطاء وعكرمة أحد الضعفاء؛ فدلسه الوليد، كما في الأمثلة التي رواها الهيثم بن خارجة رحمه الله تعالى. وقد وافق الذهبي في هذه الغفلة الحافظ ابن كثير في "فضائل القرآن" (ص92) فتبعه! مع جزمه بأن الحديث بين الغرابة بل النكارة. وأما قول الضياء عقب الحديث: "وقد ذكر شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي أن هذا الحديث لا يصح لتفرد الوليد ابن مسلم به. وقال: قال علماء النقل: كان يروي عن الأوزاعي أحاديث، هي عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي، مثل نافع والزهري فيسقط أسماء الضعفاء، ويجعلها عن الأوزاعي عنهم. قلت (القائل هو الضياء) : وهذا القول لم يذكر شيخنا من قاله، وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه في "صحيحيهما" ... وقد رواه الطبراني من غير حديثه". قلت: قد عرفت من قال ذلك من المتقدمين، ومنهم الإمام الدارقطني؛ فإنه قال كما في "التهذيب": "كان الوليد يرسل؛ يروي عن الأوزاعي أحاديث عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء ... "، إلخ ما نقله عن ابن الجوزي. وأما اتفاق الشيخين على إخراج حديثه، فلعلهما لا يخرجان له إلا ما اطمأنا من تدليسه. على أن في الطريق إليه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وليس من رجال الشيخين، ثم هو صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب"، فيحتمل أن يكون الجزء: 7 ¦ الصفحة: 386 على "الفوائد المجموعة" (ص43) . وأما رواية الطبراني فمما لا يفرح به! لأنها من طريق محمد بن إبراهيم القرشي: حدثنا أبو صالح عن عكرمة عن ابن عباس به، نحوه. أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (572) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 144/ 2) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 2/ 369 / 1) في ترجمة القرشي: وعلقه من الطريق الأولى ثم قال: "ليس يرجع من هذا الحديث إلى صحة، وكلا الحديثين ليس له أصل، ولا يتابع عليه". وأبو صالح هو إسحاق بن نجيح الملطي، وهو وضاع دجال. ومن طريقه أخرجه أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (ق235/ 1-2) وقال: "وهذا حديث منكر، وأبو صالح هذا رجل مجهول وحديثه هذا يشبه حديث القصاص". والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من الوجهين، وسلم له السيوطي في "اللآلي المصنوعة" (2/ 67) إعلاله الطريق الأولى بتدليس الوليد تدليس التسوية، وأخذ يناقشه في زعمه أن هشام بن عمار تفرد به عن الوليد، والحقيقة أنه ليس كذلك كما سبق. ولكن ما الفائدة من هذه المناقشة ما دامت العلة كامنة فيمن فوقه! ولعل ابن الجوزي أراد أن يقول: تفرد به الوليد، فوهم فكتب: تفرد به هشام. وجملة القول؛ أن هذا الحديث موضوع كما قال الذهبي في "الميزان"، وقال أيضاً: وهو من أنكر ما أتى به الوليد بن مسلم. وابن الجوزي ما أبعد عن الصواب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 387 أيضاً: وهو من أنكر ما أتى به الوليد بن مسلم. وابن الجوزي ما أبعد عن الصواب حين أورده في "الموضوعات"، ومن تعقبه، فلم يأت بشيء يستحق النظر فيه. 3375 - (بئس الكسب أجر الزمارة، وثمن الكلب) . موضوع بهذا اللفظ رواه ابو نعيم في "المنتخب من حديث يونس بن عبيد" (143/ 1) : حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم: حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي: حدثنا أبو طالب هاشم بن الوليد: حدثنا ربعي بن علية عن يونس ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن مقسم هذا، وهو أحمد بن محمد بن الحسن ابن يعقوب بن مقسم المقرىء أبو الحسن العطار. ترجمه الخطيب (4/ 429) وقال: "كان يظهر النسك والصلاح، ولم يكن في الحديث ثقة. قال أبو القاسم الأزهري: كاك كذاباً. وقال ابن أبي الفوارس: كان سيىء الحال في الحديث، مذموماً ذاهباً، لم يكن بشيء ألبتة". ومن فوقه كلهم ثقات، فهو الآفة. الحديث: 3375 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 388 3376 - (بئس الشعب جياد - مرتين أو ثلاثاً -! قالوا: وبم ذاك يا رسول الله؟ قال: تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها من بين الخافقين) . ضعيف رواه البخاري في "التاريخ الصغير" (176) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص125) ، وابن عدي (353/ 1) ، وابن شاذان في "الثامن من أجزائه" (4/ 2) ، وأبو الحسن الحربي في "الأمالي" (1/ 2) عن رباح بن الحديث: 3376 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 388 عبيد الله بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال العقيلي: "لا يحفظ إلا عن رباح هذا، قال البخاري فيه: لا يتابع عليه، وقال أحمد: منكر الحديث". وقال ابن عدي (353/ 1) : "لا أعلم يرويه غير هشام بن يوسف عن رباح". قلت: وهشام بن يوسف - وهو الصنعاني - ثقة، فالآفة من رباح. ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" (8/ 7) وقال: "وهو ضعيف". 3377 - (البربري لا يجاوز إيمانه تراقيه) . منكر رواه أبو بكر المقرىء الأصبهاني في "الفوائد" (13/ 176/ 2) عن الحسين بن الحكم الحيري: حدثنا إسماعيل - يعني: ابن صبيح - عن خالد - يعني: ابن عجلان - عن إياس بن معاوية بن قرة قال: قال أبو هريرة: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ خالد بن عجلان والحسين بن الحكم الحيري لم أجد من ترجمهما. ثم هو منقطع؛ فإن إياس بن معاوية بن قرة، لم يذكروا له رواية عن الصحابة سوى أنس بن مالك، ومع ذلك قال ابن حبان: "إن صح سماعه منه". وله طريق أخرى؛ يرويه عبد الله بن نافع قال: حدثني ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: الحديث: 3377 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 389 جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أين أنت؟ "، قال: بربري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قم عني"، قال بمرفقه كذا، فلما قام عنه أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "إن الإيمان لا يجاوز حناجرهم". أخرجه أحمد (2/ 367) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن نافع - وهو ابن أبي نافع الصائغ المخزومي مولاهم أبو محمد المدني - قال الحافظ: "ثقة، صحيح الكتاب، في حفظه لين". وأما قول الهيثمي في "المجمع" (4/ 234) : "رواه أحمد وفيه عبد الله بن نافع وهو متروك. وقال ابن معين: يكتب حديثه. وصالح مولى التوأمة قد اختلط". قلت: ابن نافع الصائغ لا أعلم أحداً تركه، فالظاهر أن الهيثمي ظن أنه عبد الله بن نافع مولى ابن عمر. فقد تركه غير واحد، ولكن ليس هو صاحب هذا الحديث، بل هو الصائغ كما ذكرنا. وصالح مولى التوأمة قد قال غير واحد: إن ابن أبي ذئب سمع منه قبل اختلاطه. لكن قال أحمد: "سمع ابن أبي ذئب من صالح أخيراً، وروى عنه منكراً". 3378 - (البركة في صغر القرص، وطول الرشا، وقصر الجداول) . موضوع رواه الديلمي (2/ 1/ 18) عن محمد بن يونس القيسي عن الحديث: 3378 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 390 عبد الله بن حمزة عن ابن أبي فديك عن داود بن الحصين عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن يونس القيسي - كذا -، وفي "اللآلي" (2/ 217) و "فيض القدير": "العبسي"! وأيهما كان، فأنا أظنه محمد بن يونس الكديمي، وهو متهم بالوضع، وعبد الله بن حمزة الظاهر أنه أخو إبراهيم بن حمزة الزبيري. قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 39) : "أدركته، توفي قبل قدومنا المدينة بأشهر، روى عنه محمد بن إسحاق بن راهويه". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ضعيف. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية أبي الشيخ عن ابن عباس، والسلفي في "الطيوريات" عن ابن عمر. قلت: فما أحسن بإيراده؛ فإن حديث ابن عباس عرفت ما فيه. وحديث ابن عمر أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" بدون إسناد، وقال (2/ 292) : "قال النسائي: هذا الحديث كذب". ولم يتعقبه السيوطي في "اللآلي" (2/ 217) بشيء إلا أنه قال: "أخرجه السلفي في الطيوريات". ثم ساق إسناده: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري: حدثنا عبد الله بن أبي سعد: حدثنا أبو سليمان يحيى بن أيوب: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن محمد بن أبي بكر عن برد عن نافع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 391 عن ابن عمر. ولم يتكلم عليه بشيء، فكأنه أقر ابن الجوزي على وضعه، ويؤيده أنه لم يورده في كتابه الآخر "التعقبات على الموضوعات" (ص30-32) . وأقول: شيخ الطيوري عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال فيه الحافظ أبو عبد الله بن منده: "منكر الحديث". وعبد الله بن أبي سعد وشيخه أبو سليمان لم أعرفهما، لكنهما قد توبعاً؛ فقال الطبراني في "مسند الشاميين" (ص67) : حدثنا محمد بن عبد الله القرمطي له ترجمة في "التاريخ" (5/ 434) . 3379 - (البزاق، والمخاط، والحيض، والنعاس، في الصلاة من الشيطان) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (969) عن شريك عن أبي اليقظان عن عدي ابن ثابت عن أبيه عن جده مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: جهالة ثابت والد عدي؛ قال الحافظ: "مجهول الحال". كذا قال، وحقه أن يقول: "مجهول"، فقط؛ لأنه لا يعرف إلا بابنه؛ كما قال الذهبي، ومجهول الحال في المصطلح: من روى عنه اثنان فأكثر، فتأمل. الثانية: ضعف أبي اليقظان - واسمه عثمان بن عمير -؛ قال الحافظ: الحديث: 3379 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 392 "ضعيف، واختلط، وكان يدلس". وقال البوصيري في "الزوائد" (ق64/ 2) : "وقد أجمعوا على ضعفه". قلت: ولم يعله بغيره! الثالثة: ضعف شريك - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ فإنه سيىء الحفظ. الرابعة: الاختلاف في صحبة والد ثابت، وقد اختلفوا في اسمه على خمسة أقوال أو أكثر، وقال الحربي: ليس لجد عدي بن ثابت صحبة. والحديث أخرجه الترمذي أيضاً (2/ 125) من هذا الوجه، لكن بلفظ: "العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة والحيض والقيء والرعاف من الشيطان". وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك عن أبي اليقظان، وسألت محمد بن إسماعيل عن عدي عن ثابت عن أبيه عن جده، قلت له: ما اسم جد عدي؟ قال: لا أدري. وذكر عن يحيى بن معين، قال: اسمه دينار". 3380 - (الأمن والعافية مغبون فيهما كثير من الناس) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 153/ 1) ، وابن عدي (124/ 1) من طريق هارون بن حيان الرقي عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ آفته الرقي هذا؛ قال الحديث: 3380 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 393 الدارقطني: "ليس بالقوي". وقال الحاكم: "كان يضع الحديث". وقال البخاري: "في حديثه نظر". 3381 - (البكاء من الرحمة، والصراخ من الشيطان) . ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 138-139) من طريق ابن لهيعة عن بكر بن عبد الله الأشج: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى على إبراهيم ابنه، فصرخ أسامة بن زيد، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: رأيتك تبكي! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، ولأن عبد الله بن لهيعة سيىء الحفظ. الحديث: 3381 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 394 3382 - (البلاء موكل بالقول) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (2/ 8/ 1) : حدثنا عبد الله ابن أبي بدر: حدثنا يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن الحسن مرفوعاً. وقد رواه وكيع في "الزهد" (2/ 66/ 1) : حدثنا جرير بن حازم به. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، وقد وصله البيهقي في "الشعب" (2/ 66/ 1) من طريق أبي جعفر بن أبي فاطمة: حدثنا أسد بن موسى: حدثنا جرير ابن حازم عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعاً به، فقال: "قال أبو عبد الله الحافظ (يعني الحاكم) : تفرد به أبو جعفر بن أبي فاطمة المصري". الحديث: 3382 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 394 قلت: لم أجد له ترجمة. ورواه العقيلي في "الضعفاء" (438) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 161) ، والخطيب في "التاريخ" (13/ 279) عن نصر بن باب عن الحجاج عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً، وقال: "نصر بن باب لا يعرف إلا به، قال يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: سكتوا عنه، وقال الذهبي: ليس بثقة". قلت: ورواه وكيع في "الزهد" عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود: ... فذكره موقوفاً عليه. ورجاله ثقات لكنه منقطع بين إبراهيم وابن مسعود، إلا أنه قد قال إبراهيم: "إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله؛ فهو الذي سمعت: وإذا قلت: قال عبد الله؛ فهو عن غير واحد". وعلى هذا فالإسناد صحيح. ومن هذا الوجه أخرجه السرقسطي في "غريب الحديث" (2/ 51/ 2) . ورواه ابن عدي (302/ 2) ، والبيهقي، وابن عساكر (15/ 171/ 1) عن محمد بن أبي الزعيزعة عن عطاء عن أبي الدرداء مرفوعاً، وقال: "ابن الزعيزعة عامة ما يرويه لا يتابع عليه". وقال ابن حبان: "دجال من الدجاجلة". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً. وقد روي الحديث بزيادة فيه بلفظ: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 395 "البلاء موكل بالمنطق، ما قال عبد لشيء: والله لا أفعله؛ إلا ترك الشيطان كل شيء وولع به حتى يؤثمه". موضوع. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (7/ 389) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (13/ 1) ، والديلمي (2/ 1/ 20) عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع آفته؛ عبد الملك هذا؛ قال يحيى: "كذاب". وقال ابن حبان: "يضع الحديث". وقال السعدي: "دجال كذاب". وذكر الذهبي أن هذا الحديث من بلاياه! والجملة الأولى منه أخرجها القضاعي من طريق محمد بن يحيى بن عيسى البصري: أخبرنا: عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن جندب عن حذيفة مرفوعاً. 3383 - (البيت الذي يذكر الله فيه ينير لأهل السماء كما تنير النجوم لأهل الأرض) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 21) عن الحسن بن عمارة عن طلحة عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه سابط بن أبي حميضة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الحسن بن عمارة، وهو متروك؛ كما في "التقريب". ومن طريقه أخرجه أبو نعيم كما في ترجمة سابط بن حميضة من "الإصابة" وقال: الحديث: 3383 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 396 "وإسناده ضعيف (!) وقد قيل: إن عبد الرحمن بن سابط هذا هو ابن عبد الله بن سابط، وأن الصحبة والرواية لأبيه عبد الله بن سابط، وبذلك جزم البغوي". والحديث عزاه السيوطي للبيهقي في "الشعب" عن عائشة نحوه. ثم طبع كتاب "شعب الإيمان"، فرأيت الحديث فيه (2/ 341/ 1982) . قال:أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي: حدثنا أبو بكر بن قريش: حدثنا الحسن بن سفيان: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض". وهذا إسناد جيد إن ثبتت عدالة وحفظ أبي بكر بن قريش؛ فإني لم أعرفه، وكذلك الراوي عنه. 3384 - (تبدأ الخيل يوم وردها) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2484) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 315) معلقاً عن أبي الجعد عبد الرحمن بن عبد الله عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته كثير هذا؛ فإنه متهم. قال البوصيري في "الزوائد" (ق173/ 2) : "هذا إسناد ضعيف (!) ؛ كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف كذبه الحديث: 3384 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 397 الشافعي وأبو داود، وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب". قلت: وأبوه: عبد الله بن عمرو مجهول، قال الذهبي: ما روى عنه سوى ابنه كثير. قلت: ونحوه أبو الجعد عبد الرحمن بن عبد الله؛ فإنه لم يرو عنه سوى اثنين، ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو مجهول الحال. (تنبيهان) : الأول: هكذا وقع الحديث في "التاريخ" بلفظ: "تبدأ"، ووقع في ابن ماجه "يبدأ". وهو خلاف ما في "التهذيب" و "الزيادة على الجامع"؛ فإنهما عزياه إليه باللفظ الأول. وفي "النهاية": "الخيل مبدأة يوم الورد. أي: يبدأ بها في السقي قبل الإبل والغنم، وقد تحذف الهمزة فتصير ألفاً ساكنة". والآخر: قال السندي في "حاشية ابن ماجه": "في "الزوائد": في إسناده عمرو بن عوف ضعيف. وفيه حفيده كثير بن عبد الله، قال الشافعي: .... ". إلخ ما تقدم. قلت: وهذا مع عدم وروده في النسخة المخطوطة التي نقلت منها النص السابق؛ فإنه خطأ فاحش؛ لأن عمرو بن عوف صحابي معروف. ولعله أراد أن يقول: عبد الله بن عمرو بن عوف فسقط من قلمه: "عبد الله بن"، فظهر الخطأ. لكن يرد عليه قوله: "وفيه حفيده كثير .... "؛ فإن كثيراً هذا هو ابنه. فتأمل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 398 ثم رأيت الحديث في "كامل ابن عدي" (6/ 62-63) من هذه الطريق وقال: "وعامة ما يرويه كثير لا يتابع عليه". 3385 - (تنزل القرآن فهو كلام الله عز وجل) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 327/ 1-النسخة القديمة) ، وابن عدي (296/ 1) عن بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم، ولم يلق الحكم بن عمير كما قال الذهبي، فهو منقطع. وعيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي - متروك. وبقية مدلس وقد عنعنه. (تنبيه) : قوله: "تنزل" كذا وقع في النسخو المشار إليها من "المعجم". وهي نسخة عتيقة صحيحة، بين راويها والمؤلف شخص واحد. وفي نسخة أخرى (1/ 156/ 1) : "ينزل". والأول أصح. وفي ابن عدي: "نزل". وقد تصحف هذا على الحافظ السيوطي فذكره في "الزيادة على الجامع الصغير" (73/ 1) بلفظ: "تبرك بالقرآن .... ". وفي "الجامع الكبير" (1/ 396/ 1) بلفظ: "تبارك بالقرآن ... "! الحديث: 3385 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 399 3386 - (تجب الصلاة على الغلام إذا عقل، والصوم إذا أطاق، وتجري عليه الشهادة والحدود إذا احتلم) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (50/ 2) من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "جويبر؛ الضعف على حديثه ورواياته بين". قلت: وهو ضعيف جداً كما قال الحافظ. والضحاك - وهو ابن مزاحم - لم يسمع من ابن عباس. والحديث عزاه السيوطي للموهبي وحده في "العلم"، ففاته هذا المصدر العالي. الحديث: 3386 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 400 3387 - (تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 27/ 2) وعنه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 255) عن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: "يا رسول الله! ما جزاء الحمى؟ قال: ... " فذكره، فقال أبي: "اللهم! إني أسألك حمى لا تمنعني خروجاً في سبيلك، ولا خروجاً إلى بيتك، ولا مسجد نبيك. قال: فلم يمس أبي قط إلا وبه حمى". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاذ بن محمد وأبوه وجده مجاهيل. قال ابن المديني: الحديث: 3387 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 400 "لا نعرف محمداً هذا، ولا أباه، ولا جده في الرواية، وهذاإسناد مجهول". 3388 - (إن هؤلاء النوائح يجعلن يوم القيامة صفين في جهنم، صف عن يمينهم، وصف عن يسارهم، فينبحن على أهل النار كما تنبح الكلاب) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 77/ 1) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً وقال: "لم يروه عن يحيى إلا سليمان". قلت: وهو ضعيف جداً؛ فقد قال البخاري: "منكر الحديث". قال الذهبي: "وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث؛ فلا تحل رواية حديثه". الحديث: 3388 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 401 3389 - (تحروا الدعاء في الفيافي) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 343) عن عبيد بن محمد الصنعاني: حدثنا عبد الله بن قريش الصنعاني: حدثنا أبو مطر - واسمه منيع - عن مالك ابن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ منيع هو ابن ماجد بن مطر، ترجمه في "اللسان" بما يعطي أنه ضعيف. الحديث: 3389 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 401 وعبد الله بن قريش كذا في الأصل. وفي "اللسان": "فراس" مكان: "قريش" ابن عم وهب بن منبه، ولم أجد له ترجمة. وعبيد بن محمد الصنعاني مجهول؛ كما في "اللسان" عن ابن القطان. (تنبيه) : هكذا وقع الحديث في "الحلية". وعزاه السيوطي إليه بلفظ: "تحروا الدعاء عند فيء الأفياء"! . وتعقبه المناوي بقوله: "كذا في نسخ الكتاب. والذي وقفت عليه في نسخ "الحلية": تحروا الدعاء في الفيافي". قلت: وفي معنى لفظ السيوطي حديث آخر مضى برقم (2636) . 3390 - (تبارك مصرف القلوب) . ضعيف رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 302/ 1) عن محمد بن خالد ابن عثمة: حدثني موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن المنيب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بيت زيد بن حارثة فاستأذن، فأذنت له زينب ولا خمار عليها، فألقت كم درعها عن رأسها، فسألها عن زيد، فقالت: ذهب قريباً يا رسول الله! قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وله همهمة، قالت: فاتبعته فسمعته يقول: (فذكره) فما زال يقولها حتى تغيب. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مرسل، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المنيب لم أجد له ترجمة. وسائر رجاله موثقون. وحديث الترجمة أورده السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" من رواية الحديث: 3390 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 402 الطبراني عن أم سلمة. ولم أره في "مجمع الزوائد" لنتعرف به علته. 3391 - (تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهلكة؛ فإن فيه النجاة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (3/ 21/ 1) عن محمد بن يحيى الأنصاري عن منصور بن المعتمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله؛ فإن منصور بن المعتمر إنما يروي عن التابعين. الحديث: 3391 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 403 3392 - (تحفة المؤمن في الدنيا الفقر) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 46) من طريق ابن السني عن عثمان بن خرزاذ: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار: حدثنا مسرة بن صفوان عن أبي حاجب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد فيه جهالة؛ أبو حاجب ومسرة بن صفوان لم أعرفهما. وأما السخاوي فقد قال في "المقاصد" (ص141-طبع الهند) : "وسنده لا بأس به، وهو عند الديلمي أيضاً عن ابن عمر بسند ضعيف جداً". وأما المناوي فقال في شرحه على "الجامع": "وفيه يعقوب بن الوليد المدني، قال الذهبي في "الضعفاء": كذبه أحمد والناس. وقال السخاوي: حرف اسمه على بعض رواته فسماه إبراهيم. وللحديث طرق كلها واهية". الحديث: 3392 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 403 قلت: ويعقوب هذا ليس في إسناد الديلمي كما ترى، إلا أن يكون سقط من النسخة أو من قلمي، وهو بعيد جداً، كيف لا، ولو كان ثابتاً فيه لما قال السخاوي: لا بأس به، لعله في إسناد حديث ابن عمر الذي ضعفه السخاوي جداً. والله أعلم. (تنبيه) : كلام السخاوي الذي نقلته آنفاً، حكاه المناوي تحت حديث: "تحفة المؤمن الموت"، من قول الحافظ العراقي! فلا أدري هل الوهم من المناوي أم السخاوي، والأول هو الأقرب. والله أعلم. 3393 - (تحفة الملائكة تجمير المساجد) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 47) من طريق أبي الشيخ معلقاً عن محمد ابن أحمد بن الحارث: حدثنا أبي: حدثنا حريث مؤذن مسجد بني أمية عن الحسن عن سمرة مرفوعاً. قلت: إسناده ضعيف؛ الحسن - وهو البصري - مدلس وقدعنعنه. وحريث - وهو ابن السائب التميمي المؤذن -، قال الحافظ: "صدوق يخطىء". ومحمد بن أحمد بن الحارث وأبوه لم أعرفهما. الحديث: 3393 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 404 3394 - (تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء تلدن أشباه إخوانهن وأشباه أخواتهن) . موضوع رواه ابن عدي (304/ 2) ، وعنه ابن عساكر (15/ 134/ 2) عن عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 3394 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 404 أورده في ترجمة عيسى هذا في جملة أحاديث ثم قال: "وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد". وروى عن ابن معين أنه قال: "هو ليس بشيء". وعن البخاري: "صاحب مناكير"، وفي موضع آخر: "منكر الحديث". والنسائي: "متروك الحديث". قلت: وقال ابن حبان: "يروي أحاديث كلها موضوعات". ولهذا لم يحسن السيوطي بإيراده الحديث في "الجامع الصغير" من رواية ابن عدي هذه! ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 299/ 1) لكنه قال: سمعت هشام بن عروة يحدث عن أبيه عنها بلفظ: "تخيروا لنطفكم، وانظروا أين تضعونها؛ فإن النساء .... ". 3395 - (تداركوا الغموم والهموم بالصدقات يكشف الله ضركم وينصركم على أعدائكم، ويثبت عند الشدائد أقدامكم) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 36) عن ميسرة بن عبد ربه عن عمر بن سليمان عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ ميسرة بن عبد ربه كذاب مشهور كما قال الذهبي. وقد سرقه منه بعض المتهمين بالكذب، فرواه أبو الحسين البوشنجي في "جزء من حديثه" (116/ 1-2) عن عيسى بن أبان - العبد الصالح - عن الحديث: 3395 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 405 عبد المنعم عن الفرج بن فضالة عن عمر بن سليمان به، دون الشطر الثاني منه. قلت: وهذا إسناد هالك؛ عبد المنعم هذا إما ابن إدريس اليماني، وإما ابن بشير المصري، وكلاهما متهم بالكذب، والمصري متهم بالوضع أيضاً. والفرج بن فضالة ضعيف. وعيسى بن أبان لم أعرفه الآن. 3396 - (تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 9) ، والحاكم (4/ 405) - واللفظ له -؛ والطيالسي (686) ، وعنه أحمد (4/ 369) من طريق خالد الحذاء عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح"! وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي، وهو من عجائبه؛ فإن الجمهور قد ذهبوا إلى تضعيف ميمون هذا، ولم يخالف فيه غير ابن حبان، ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بضعفه! على أنه قد اضطرب في متنه: فرواه خالد عنه هكذا. وقال قتادة عنه بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينعت الزيت والورس من ذات الجنب". أخرجه الترمذي وصححه أيضاً! الحديث: 3396 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 406 3397 - (الأشعريون في الناس كصرة فيها مسك) . ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 349) من طريق محمد بن الحديث: 3397 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 406 إسحاق عن الزهري وعكرمة بن خالد وعاصم بن عمر بن قتادة قالوا: وقدم الأشعريون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم خمسون رجلاً، فيهم أبو موسى الأشعري وإخوة لهم، ومعهم رجلان من عك، وقدموا في سفن في البحر، وخرجوا بجدة، فلما دنوا من المدينة جعلوا يقولون: غداً نلقى الأحبة * * * محمداً وحزبه ثم قدموا فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره بخيبر. ثم لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعوا وأسلموا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه عنعنة ابن إسحاق. 3398 - (ما هلكت أمة قط إلا بالشرك بالله عز وجل، وما أشركت أمة حتى يكون بدء شركها التكذيب بالقدر) . ضعيف رواه ابن أبي عاصم في "السنة" رقم (322-بتحقيقي) ، والطبراني في "الصغير" (220) ، والمخلص في "حديثه" كما في "المنتقى منه" (12/ 16/ 1) ، وتمام (124/ 2) ، والآجري في "الشريعة" (ص191) ، واللالكائي في "السنة" (1/ 142/ 2) ، وابن عساكر (2/ 211/ 1) و (13/ 193/ 2و15/ 172/ 1) ، والباغندي في مسند "عمر بن عبد العزيز" (ص10) عن عمر بن يزيد النصري عن عمرو بن مهاجر - صاحب حرس عمر بن عبد العزيز - عن عمر بن عبد العزيز عن يحيى بن القاسم عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً. ثم رواه اللالكائي من طريق آخر عن سلمة بن علي أن الزبيدي حدثه أن الزهري حدثه عن عمر بن عبد العزيز مرفوعاً. الحديث: 3398 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 407 وهو - على إرساله - شديد الضعف؛ فمسلمة بن علي الخشني متروك. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن القاسم وأبوه لا يعرفان، أوردهما ابن أبي حاتم (3/ 2/ 111و4/ 2/ 182) بهذه الرواية، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك أوردهما ابن حبان في "الثقات" (1/ 185و2/ 302) ! وعمر بن يزيد النصري - بالصاد المهملة، ووقع في "الميزان" و "اللسان" بالمعجمة، وهو خطأ - قال العقيلي في "الضعفاء" (ص289) : "يخالف في حديثه". وقال ابن حبان: "يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل". وأورده أيضاً في "الثقات" (2/ 198) وقال: "من أهل الشام، يروي عن الزهري، روى عنه عمر بن واقد، في روايته أشياء، وعمر بن واقد لا شيء". وقد وثقه دحيم، وذكره أبو زرعة الدمشقي في ثقات الشاميين، ولعلهما أعرف به من غيرهما؛ فقد قيل: أهل مكة أدرى بشعابها. والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 204) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الصغير" وفيه عمر بن يزيد النصري - من بني نصر - ضعفه ابن حبان، وقال: يعتبر به". وروى الآجري (ص193) عن بقية بن الوليد عن يحيى بن مسلم عن بحر السقا عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 408 "ما كانت زندقة إلا كان أصلها التكذيب بالقدر". وهذا إسناد واه جداً، بحر - وهو ابن كنيز السقاء - متروك؛ كما في "المجمع" (7/ 206) . وقال الحافظ: "ضعيف". ويحيى بن مسلم؛ قال الذهبي: "شيخ من أشياخ بقية، لا يعرف، ولا يعتمد عليه، وخبره باطل"، ثم ساق له حديثاً آخر. وبقية مدلس معروف. 3399 - (ترك السلام على الضرير خيانة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 45) عن كثير بن أبي صابر: حدثنا سفيان ابن عيينة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف لسوء حفظه. وكثير بن أبي صابر لم أعرفه. الحديث: 3399 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 409 3400 - (تزوجوا النساء؛ فإنهن يأتينكم بالمال) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 2/ 1) : أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه مرفوعاً. وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (180/ 203) من طريق آخر عن أبي أسامة. قلت: وهذا سند مرسل صحيح. وقد وصله أبو السائب سلم بن جنادة فقال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً به. الحديث: 3400 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 409 أخرجه البزار (ص142-زوائده) ، والحاكم (2/ 161) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 147) ، والديلمي (1/ 1/ 29) ، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ لتفرد سلم بن جنادة بإسناده، وسلم ثقة مأمون"، ووافقه الذهبي! قلت: وفيه أمران: الأول: أن ابن جنادة لم يخرج له من الستة سوى الترمذي وابن ماجه، فليس هو على شرط الشيخين. والآخر: أن ابن جنادة - وإن كان ثقة - فهو ربما خالف؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، وقد خالف ابن أبي شيبة - وكذا غيره - في إسناده، كما يشعر به قول الهيثمي أو الحافظ في "زوائد البزار": قلت: "رواه غير واحد مرسلاً، ولا نعلم أحداً ذكر عائشة إلا أبو أسامة". كذا في النسخة وهي رديئة جداً، ولعل الأصل "أبو السائب"؛ فهو الذي تفرد بذكر عائشة فيه، على أنه لم يثبت على ذلك؛ فقد ذكر الخطيب بعد أن أخرجه من طريق الحسين المحاملي عن أبي السائب به: "قال أبو السائب: سلم بن جنادة - في موضع آخر - عن هشام عن أبيه، وليس عن عائشة". قلت: فقد اتفق أبو السائب مع الثقات على إرساله، فهو الصواب. وعليه؛ فالحديث علته الإرسال. وجرى الهيثمي على ظاهر إسناده فقال في "مجمع الزوائد" (4/ 255) : "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا سلم بن جنادة (الأصل مسلم بن جياد) وهو ثقة". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 410 وأما قول المناوي عقبه: "قال المصنف: وله شواهد، منها خبر الثعلبي عن ابن عجلان أن رجلاً شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الفقر، فقال: عليك بالباءة". فهذا مع أنه معضل، فلا ندري ما حال الإسناد إلى ابن عجلان. وأما الشواهد الأخرى، فلم أستحضر حتى الآن شيئاً منها. وما إخال فيها ما يصلح شاهداً. ولعل منها ما أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (200) من طريق حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "عليكم بالتزويج؛ فإنه يحدث الرزق". وحسين بن علوان كذاب وضاع. وفي الباب: "التمسوا الرزق في النكاح"، وهو ضعيف مضى برقم (2487) . 3401 - (تزوجوا في الحجر الصالح؛ فإن العرق دساس) . موضوع رواه الديلمي (2/ 1/ 30) عن الموقري عن الزهري عن أنس مرفوعاً. قلت: هذا موضوع؛ آفته الموقري - واسمه الوليد بن محمد - اتفقوا على تضعيفه، بل قال محمد بن عوف: "كذاب". وقال ابن حبان: "روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط، وكان يرفع المراسيل، ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج به بحال". الحديث: 3401 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 411 ومنه تعلم تساهل الحافظ العراقي في اقتصاره على تضعيف هذا الإسناد، فقال في "تخريج الإحياء" (2/ 38) : رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث أنس. وروى أبو موسى المديني في كتاب "تضييع العمر والأيام" من حديث ابن عمر: "وانظر في أي نصاب تضع ولدك؛ فإن العرق دساس"، وكلاهما ضعيف. والحديث رواه ابن عدي أيضاً من طريق الموقري كما في "المناوي". 3402 - (تسعة أعشار الرزق في التجارة، والجزء الباقي في السابياء) . ضعيف رواه أبو عبيد في "الغريب" (52/ 2) : حدثنا هشيم قال: أخبرنا داود بن أبي هند عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي يرفعه. قال هشيم: يعني بـ (السابيا) : النتاج. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله؛ نعيم بن عبد الرحمن الأزدي أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 461) بهذه الرواية عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فقال: "روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل، وروى عن أبي هريرة. روى عنه داود بن أبي هند". وقد تابعه يحيى بن جابر الطائي، وهو ثقة من أتباع التابعين. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" كما في "الجامع"؛ قرنه بنعيم بن عبد الرحمن الأزدي. الحديث: 3402 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 412 3403 - (تسمونهم محمداً ثم تسبونهم!!) . ضعيف رواه أبو يعلى في "مسنده" (166/ 2) عن الطيالسي، وكذا البزار (ص243) ، والحاكم (4/ 293) ، والحافظ ابن بكير في "فضائل من اسمه أحمد ومحمد" (59/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 286) ، والعقيلي في "الضعفاء" (94) ، وابن عدي (66/ 2) عن الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس مرفوعاً، وقال البزار: "لا نعلم رواه عن ثابت إلا الحكم، وهو بصري لا بأس به، وضعفه جماعة". قلت: ضعفه أبو الوليد، وقال النسائي: "ليس بالقوي". ووثقه ابن معين، وقال أحمد: "لا بأس به". وقال ابن عدي: "هو عندي ممن لا بأس به، يكتب حديثه". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام". وساق له الذهبي هذا الحديث في مناكيره، وقال في "تلخيص المستدرك" - عقب قول الحاكم: "تفرد به الحكم بن عطية عن ثابت" -: "قلت: الحكم وثقه بعضهم، وهو لين". الحديث: 3403 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 413 3404 - (تعلموا مناسككم؛ فإنها من دينكم) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 28) من طريق الطبراني: حدثنا الحسين ابن المتوكل: حدثنا سريج بن النعمان: حدثنا جعفر بن يزيد عن عبادة بن نسي الحديث: 3404 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 413 عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف، وجعفر بن يزيد لم أعرفه. والحسين بن المتوكل - وهو ابن أبي السري - ضعيف؛ كما في "التقريب". والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر عن أبي سعيد. قتعقبه المناوي بأنه خرجه أيضاً الطبراني وأبو نعيم. ولم يتكلم على إسناده بشيء! ورواه ابن عساكر في "التاريخ" (8/ 437/ 1) ، ووقع فيه: (جعفر بن زيد) . ولم أعرفه أيضاً. 3405 - (بعثت إلى الناس كافة، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا لي فإلى وحدي) . موضوع أخرجه ابن سعد (1/ 191-192) : أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي: حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب. ثم هو مرسل. الحديث: 3405 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 414 3406 - (هلاك أمتي في العصبية، والقدرية، والرواية من غير ثبت) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 111/ 1) ، والعقيلي الحديث: 3406 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 414 في "الضعفاء" (ص452) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (326) ، وأبو العباس الأصم في "حديثه" (3/ 145/ 1) ، (رقم75-منسوختي) ، وأبو الحسن القاضي الشريف في "المشيخة" (2/ 188) ، وأبو نعيم في "المستخرج على صحيح مسلم" (1/ 9/ 1-2) ، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص113) ، وابن عدي في مقدمة "الكامل" (ص227-طبع بغداد) ، واللالكائي في "السنة" (1/ 144/ 2) من طرق عن هارون بن هارون عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً. وأخرجه الدولابي في "الكنى" (2/ 49) - وكذا العقيلي - من طريق بقية ابن الوليد قال: حدثنا هارون بن هارون أبو العلاء الأزدي عن عبد الله بن زياد عن مجاهد به. وقال العقيلي: "هذا أشبه؛ لأن عبد الله بن زياد بن سمعان يحتمل". قلت: يعني - والله أعلم - أن ابن سمعان متهم بالكذب، فهو يحتمل هذا الحديث المنكر أن يكون هو الذي رواه، فهو آفته، وليس هو هارون بن هارون؛ فإنه لم يتهم، وكان ضعيفاً. وابن سمعان كذبه مالك وأحمد وابن معين وغيرهم. ولذلك أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: "موضوع؛ ابن سمعان كذاب، وهو المتهم به". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 263) بما أخرجه الطبراني في "الأوسط" من طريق محمد بن إبراهيم الشامي: حدثنا سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه مرفوعاً به وقال: "سويد ضعيف". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 415 كذا قال، والشامي شر منه، فما كان ينبغي السكوت عنه، ولذلك تعقبه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" فقال: "قلت: لكن الراوي له عن سويد محمد بن إبراهيم الشامي كذاب، فخرج عن الاستشهاد به". ومن هذا الوجه رواه ابن عدي أيضاً (ص229) . وجملة القول؛ أن ابن الجوزي قد أصاب في حكمه على الحديث بالوضع. والله أعلم. وقد رواه هارون بن هارون على وجه آخر فقال: عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن رفعه؛ فأرسله. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (186-زوائده) . وهذا الاضطراب مما يؤكد ضعف هارون هذا، والله أعلم. 3407 - (تعلموا العلم ثم اعملوا به، فوالله لا تؤجروا حتى تعملوا به، إن العلماء سمتهم الرعاية، وإن السفهاء سمتهم الرواية) . ضعيف جداً رواه أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (3/ 16/ 2) عن نصر بن الحسين البخاري: حدثنا عيسى بن موسى (غنجار) عن محمد بن الفضل ابن عطية عن أبان بن صالح عن الحسن عن انس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن الفضل بن عطية، قال الحافظ: "كذبوه". الحديث: 3407 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 416 والشطر الأول من الحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية أبي الحسن ابن الأخرم المديني في "أماليه" عن أنس، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء. وقد وقفت على إسناده في "فوائد ابن عليك النيسابوري" (241/ 1) أخرجه من طريق الحسين بن داود البلخي: حدثنا شقيق بن إبراهيم البلخي: حدثنا أبو هاشم الأبلي عن أنس به. وأخرجه ابن عساكر (15/ 128/ 2) عن أبي الدرداء مرفوعاً، وفيه عثمان ابن فائد: حدثنا بكر بن خنيس، وكلاهما ضعيف. وروي من طريق أخرى عن بكر بن خنيس بإسناده عن معاذ بن جبل، وهو مخرج في "تخريج اقتضاء العلم العمل" (رقم 7و8) . 3408 - (تعلموا من أمر النجوم ما تهتدوا به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا، ومن أمر النساء ما يحل لكم وما يحرم عليكم ثم انتهوا، ومن الأنساب ما تصلوا به أرحامكم ثم انتهوا) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 27) من طريق ابن السني معلقاً عن هانىء ابن يحيى عن مبارك بن فضالة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ مبارك بن فضالة صدوق، ولكنه يدلس ويسوي. وهانىء بن يحيى - وهو أبو مسعود السلمي -، قال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء". الحديث: 3408 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 417 والحديث عزاه السيوطي لابن مردويه والخطيب في "كتاب النجوم" عن ابن عمر بالشطر الأول منه، وذكر المناوي أن عبد الحق قال: "ليس إسناده مما يحتج به". وقال ابن القطان: "فيه من لا أعرفه". قال المناوي: "لكن رواه ابن زنجويه من طريق آخر، وزاد: وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم انتهوا". قلت: ثم رأيت قول عبد الحق المذكور في كتابه "الأحكام" (ق8/ 1-2) . رواه من طريق أبي نعيم بسنده عن هانىء بن يحيى به مختصراً دون الجملة الوسطى. 3409 - (تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله، ثم تعمل برهة بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تعمل بالرأي، فإذا عملوا بالرأي، فقد ضلوا وأضلوا) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1404) ، وابن عبد البر في "الجامع" (2/ 134) عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ عثمان هذا هو الوقاصي، قال الحافظ: "كذبوه". لكن أخرجه ابن عبد البر من طريق محمد بن الليث قال: حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا حماد بن يحيى الأبح عن الزهري به. الحديث: 3409 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 418 وهذا إسناد ضعيف؛ الأبح هذا، صدوق يخطىء. وجبارة ضعيف. ومحمد بن الليث هو أبو بكر الجوهري، وثقه الخطيب (3/ 196) . وأخرجه في كتابه "الفقيه والمتفقه" (ق107/ 2) من الوجهين. وقال ابن قدامة في "المنتخب" (ق200/ 1) . قال عبد الله: "عرضت على أبي أحاديث سمعتها من جبارة الكوفي، منها هذا الحديث، فأنكره أبي جداً". قلت: هذا ذكره عبد الله في كتاب أبيه "العلل ومعرفة الرجال" (6/ 156-160) ، وفيه زيادة بعد قوله: جبارة الكوفي، وهي: "فقال في بعضها: هي موضوعة أو هي كذب منها: ... " إلخ. 3410 - (تفتح أبواب السماء، ويستجاب الدعاء في أربعة مواطب: عند التقاء الصفين في سبيل الله، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة) . ضعيف جداً أخرجه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (79/ 1) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: سمعته يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وقال: "هذا حديث غريب، أخرجه البيهقي في "المعرفة"، وأشار إليه في "السنن"، وإلى ضعفه بعفير بن معدان، وهو شامي ضعيف، وللحديث شاهد ... ". الحديث: 3410 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 419 ثم ساقه من طريق الطبراني في "الدعاء": حدثنا سعيد بن سنان: حدثنا عمرو ابن عوف: حدثنا حفص بن سليمان عن عبد العزيز بن رفيع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه مرفوعاً: "تفتح أبواب السماء لخمس ... "؛ فذكر نحوه، لكن ذكر: "الأذان" بدل: "الإقامة"، ولم يذكر رواية الكعبة، وزاد: "ولقراءة القرآن، ولدعوة المظلوم"، وسنده ضعيف أيضاً من أجل حفص. وذكره الهيثمي في "المجمع" (10/ 155) وقال: "رواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان، وهو مجمع على ضعفه". قلت: ومن طريقه رواه أبو الفرج المقرىء في "الأربعين في فضل الجهاد" (رقم8) . 3411 - (ترفع البركة من البيت إذا كانت فيه الكناسة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 47) من طريق أبي نعيم: حدثنا علي بن أحمد ابن نصر: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن صالح التمار: حدثنا عبد الواحد بن غياث: حدثنا حماد عن حميد عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ التمار وابن نصر لم أعرفهما. وعبد الواحد بن غياث (وفي الأصل: عتاب، وهو خطأ) ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 23) وقال: "روى عنه أبو زرعة، وسئل عنه فقال: صدوق". ومن فوقه من رجال مسلم. الحديث: 3411 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 420 3412 - (تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: جار سوء إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شراً أذاعه، وزوجة سوء إن دخلت عليها لسنتك، وإن غبت عنها خانتك، وإمام سوء إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر) . ضعيف جداً أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 495) ، والبيهقي في "الشعب"، والديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 1/ 48) ، والذهبي في "الميزان" من طريق أشعث بن بزار: حدثنا علي بن زيد عن عمارة بن قيس مولى الزبير عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمارة هذا أورده البخاري في "التاريخ" ثم ابن أبي حاتم (3/ 1/ 368) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. وأشعث بن بزار، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". الحديث: 3412 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 421 3413 - (تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جز يا مؤمن؛ فقد أطفأ نورك لهبي) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير"، وتمام في "الفوائد" (143/ 2) ، والنعالي في "حديثه" (135/ 2) ، والماليني في "الأربعين" (12/ 9) ، الحديث: 3413 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 421 وعبد الغني المقدسي في "ذكر النار" (227/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 329) عن منصور بن عمار: أخبرنا بشير بن طلحة عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية مرفوعاً. وكذا رواه أبو نعيم في "الأمالي" (161/ 1) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (32/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 339-340) ، وابن عدي (334/ 2) وقال: "لا يرويه عن بشير بن طلحة غير منصور بن عمار، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وخالد بن دريك لم يسمع من يعلى". قلت: وقد اضطرب منصور بن عمار في إسناده، فرواه تارة هكذا. وقال مرة: عن هقل بن زياد عن الأوزاعي عن خالد بن دريك به. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (9/ 233) . ومرة قال: عن خالد بن دريك به. فأسقط الواسطة بينه وبين خالد. أخرجه الخطيب أيضاً (5/ 194) . وهذا الاختلاف مما يدل على ضعف الحديث، وعدم راويه إياه، والله أعلم. وقال البيهقي: "تفرد به سليم بن منصور، وهو منكر". 3414 - (تمام البر أن تعمل في السر عملك في العلانية) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 283/ 3420) عن أبي صالح: حدثنا الحديث: 3414 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 422 ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن ابن غنم عن أبي مالك الأشعري قال: قلت: يا رسول الله! ما تمام البر؟ قال: "أن تعمل .... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة وابن أنعم، وكذا عتبة بن حميد، ولكنه خير منهما. وقال الهيثمي (10/ 290) : "رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف لم يتعمد الكذب، وبقية رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم". ثم ذكره عن أبي عامر السكوني مثله وقال: "رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن زياد أيضاً". قلت: ومن طريق السكوني أورده السيوطي في "الجامع"، فتعقبه المناوي بطريق أبي مالك الأشعري فقال: "ولو ضمه المصنف له لأحسن". وهذا عندي لا شيء، ما دام أن الطريقين مدارهما على ابن زياد الضعيف! وغالب الظن أنه اضطرب في إسناده: فتارة قال: أبو مالك الأشعري، وأخرى: أبو عامر السكوني. ثم وقفت على إسناد الطبراني عن أبي عامر السكوني، فإذا هو من طريق ابن لهيعة أيضاً يرويه يحيى بن بكير: حدثنا ابن لهيعة بإسناده المتقدم، إلا أنه قال: عن أبي عامر السكوني. أخرجه الطبراني في "كنى المعجم الكبير" (22/ 317/ 800) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 423 ويبدو أن هذا من تخاليط ابن لهيعة بعد احتراق كتبه؛ فإن أبا صالح الحراني - واسمه عبد الغفار -، ويحيى بن بكير ثقتان، ففي رواية الأول قال: أبو مالك الأشعري، واسمه الحارث، وفي رواية الآخر قال: أبو عامر السكوني، وهذا أقرب إلى الصواب، فقد تابعهما ابن وهب: أخبرنا ابن لهيعة به، إلا أنه قال: أبو عامر الأشعري. أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" في ترجمة أبي عامر الأشعري عن عبد الله بن هاني، وقيل: عبيد بن هاني. قلت: وهذا أصح؛ لأن ابن وهب صحيح الحديث عن ابن لهيعة. 3415 - (تكون لأصحابي هنيهة يغفرها الله لهم لصحبتي إياهم، يقتدي بهم من بعدهم يكبهم الله في النار على وجوههم) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 125) عن أحمد بن عبد الرحمن الوهبي: حدثنا أشهب بن عبد العزيز: حدثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر الجهني: حدثني حذيفة بن اليمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة سيىء الحفظ. وأحمد بن عبد الرحمن الوهبي - وهو ابن وهب بن مسلم المصري الملقب بـ (بحشل) -، قال الحافظ: "صدوق تغير بآخرة". قلت: وقد توبع كما يأتي. والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 234) : الحديث: 3415 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 424 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه إبراهيم بن أبي الفياض، قال ابن يونس: يروي عن أشهب مناكير. قلت: وهذا مما رواه عن أشهب". قلت: لكنه قد توبع من الوهبي كما رأيت ومن غيره كما يأتي، فالعلة من ابن لهيعة. وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: "تكون لأصحابي زلة يغفرها الله تعالى لهم؛ لسابقتهم معي". رواه ابن عساكر؛ كما في "الجامع الكبير" (1/ 412/ 2) عن محمد ابن الحنيفة عن أبيه. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (211/ 2) عن منصور بن عمار: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن حذيفة مرفوعاً بهذا اللفظ. وابن لهيعة ضعيف كما عرفت، ومثله منصور بن عمار، وقد خولف في إسناده كما رأيت. ثم رأيت الحديث عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (54/ 413) من طريق أبي طاهر العلوي عن ابن أبي فديك بسنده عن محمد ابن الحنفية عن أبيه، وأبو طاهر العلوي اسمه (أحمد بن عيسى) . وهو كذاب؛ كما قال الدارقطني. 3416 - (تمام النعمة: دخول الجنة، والفوز من النار) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (725) ، والترمذي (3/ 268) ، وأحمد (5/ 231) من طريق أبي الورد بن ثمامة عن اللجلاج عن معاذ قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة! قال: "هل الحديث: 3416 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 425 تدري ما تمام النعمة"؟ قال: (فذكره) . ثم مر على رجل يقول: اللهم إني أسألك الصبر، قال: "قد سألت ربك البلاء، فسله العافية". ومر على رجل يقول: يا ذا الجلال والإكرام! قال: "سل". وقال الترمذي: "حديث حسن". قلت: ورجاله ثقات معروفون غير أبي الورد هذا لم يوثقه أحد، وأشار الدارقطني إلى جهالته بقوله: "ما حدث عنه غير سعيد بن إياس الجريري". لكنه تعقب بأنه روى عنه أيضاً شداد بن سعيد الراسبي، وشداد فيه ضعف، وقال الحافظ: "أبو الورد بن ثمامة ... مقبول". 3417 - (تمعددوا، واخشوشنوا، وانتضلوا، وامشوا حفاة) . ضعيف جداً رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "الأدب" (1/ 136/ 2) وفي "المسند" أيضاً (2/ 12/ 2) ، وعنه الرامهرمزي في "الأمثال" (124/ 1) : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن رجل من أسلم يقال له: ابن أدرع مرفوعاً. ورواه أبو الحسن محمد بن أحمد الزعفراني في "فوائد أبي شعيب" (ق78/ 1) ، وابن عساكر (9/ 52/ 1) عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن ابن أبي حدرد مرفوعاً، وقال ابن عساكر: الحديث: 3417 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 426 "كذا أخرج البغوي هذا الحديث في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد معتقداً أن ابن أبي حدرد هو عبد الله، إنما هو القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، ابنه، كذلك رواه صفوان بن عيسى ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عبد الله بن سعيد المقبري، فيكون الحديث مرسلاً؛ لأن القعقاع لا صحبة له". ومن طريقه رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 136/ 2) وقال: (القعقاع بن أبي حدرد) . قلت: وعبد الله هذا متروك. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 265) . "رواه البغوي والطبراني من حديث عبد الله بن أبي حدرد مرفوعاً، وفيه اختلاف، ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة، وكلاهما ضعيف". قلت: وقد أطال الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء" (1/ 316-317) الكلام في بيان الاختلاف المشار إليه في إسناده، تبعاً لأصله، ثم قال: "ومداره على عبد الله بن سعيد، وهو ضعيف". قلت: بل هو ضعيف جداً كما ذكرنا، وإليه الحافظ بقوله في ترجمته: "متروك". فالاضطراب المشار إليه هو منه، لا من الرواة عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 427 3418 - (تواضعوا لمن تعلمون منه، وتواضعوا لمن تعلمون، ولا تكونوا من جبابرة العلماء، فيغلب جهلكم علمكم) . ضعيف جداً رواه الخطيب في "الجامع" (1/ 350/ 809) ، والديلمي (2/ 1/ 36) من طريق ابن السني عن حجاج بن نصير عن عباد بن كثير عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن كثير - وهو البصري - متروك. وحجاج بن نصير ضعيف. لكن هذا توبع عند الخطيب دون قوله: "فيغلب جهلكم علمكم". ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال: "رفعه لا يصح، وروي من قول عمر، وهو الصحيح". الحديث: 3418 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 428 3419 - (تواضعوا، وجالسوا المساكين، تكونوا من كبراء الله، وتخرجوا من الكبر) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 197) عن خالد بن يزيد العمري: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً، وقال: "غريب من حديث نافع وعبد العزيز، لا أعام رواه عنه غير خالد بن يزيد العمري". قلت: كذبه أبو حاتم ويحيى، وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". الحديث: 3419 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 428 3420 - (كان إذا دهن لحيته بدأ بعنفقته) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 306/ 7625) : حدثنا محمد بن المرزبان قال: حدثنا محمد بن مقاتل الرازي قال: حدثنا عيسى ابن إبراهيم القرشي عن الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن عائشة قالت: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن الزهري إلا الحكم بن عبد الله، تفرد به عيسى بن إبراهيم". قلت: وهو متروك؛ كما قال النسائي، وهو ابن طهمان الهاشمي. قال البخاري والنسائي: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وشيخه مثله، بل شر منه، قال أحمد: "أحاديثه كلها موضوعة". وكذبه السعدي وأبو حاتم، وتركه جماعة. وقال ابن حبان (1/ 248) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات". ومحمد بن مقاتل الرازي - وهو غير المروزي - ضعيف، قال الذهبي في "الميزان": "تكلم فيه ولم يترك". وأما (محمد بن المرزبان) شيخ الطبراني، فلم أجد له ترجمة، ويظهر أنه من شيوخه المعروفين؛ فقد رأيت الطبراني قد روى عنه في "الأوسط" (27) حديثاً (ج8رقم7616-7633) . الحديث: 3420 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 429 ومع كل تلك العلل المتقدمة اقتصر الهيثمي بإعلاله بـ (الحكم بن عبد الله) فقط، فقال (5/ 170) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه (الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي) ؛ ضعيف جداً، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة". 3421 - (تهادوا تحابوا، وهاجروا تورثوا أولادكم مجداً، وأقيلوا الكرام عثراتهم) . ضعيف جداً رواه أبو الشيخ في "الأمثال" (77/ 125) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 150-151) ، والقضاعي (55/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (38/ 79-80) عن المثنى أبي حاتم عن عبد الله بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة مرفوعاً. ثم رواه هو والدولابي (1/ 143) من هذا الوجه مختصراً بلفظ: "تهادوا تزدادوا حباً". قال الهيثمي (4/ 146) : "والمثنى أبو حاتم لم أجد من ترجمه. وكذا عبيد الله بن العيزار". قلت: أما المثنى فهو المثنى بن بكر العبد ي العطار أبو حاتم البصري: عن بهز ابن حكيم لا يتابع على حديثه؛ كما قال العقيلي في "الضعفاء" (ص409) . وقال الدارقطني: "المثنى بن بكر متروك". الحديث: 3421 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 430 3422 - (تهادوا؛ فإنه يضعف الحب، ويذهب بغوائل الصدر) . ضعيف رواه القضاعي (56/ 1) عن هلال بن العلاء قال: أخبرنا أبو سلمة الحديث: 3422 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 430 التبوذكي قال: حدثتنا حبابة بنت عجلان عن أمها أم حفصة عن صفية بنت جرير عن أم حكيم بنت وداع الخزاعية مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، حبابة هذه قال الذهبي: "لا تعرف، ولا أمها، ولا صفية، تفرد عنها التبوذكي". ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الكبير" (25/ 132/ 393) وعنه الديلمي (2/ 1/ 37) . 3423 - (التثاؤب الشديد والعطسة الشديدة من الشيطان) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (258) عن عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو بن قيس عن يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات غير عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو ابن قيس - وهو العسقلاني -؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 245) عن أبيه: "مجهول". ثم إن الحديث منقطع؛ فإن ابن صيفي إنما يروي عن التابعين، ولم يذكروا له رواية عن الصحابة. الحديث: 3423 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 431 3424 - (التذلل للحق أقرب إلى العز من التعزز بالباطل، ومن تعزز بالباطل جزاه الله ذلاً بغير ظلم) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 52) عن أحمد بن عبد الرحمن الرقي: الحديث: 3424 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 431 حدثنا هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وهذه منها؛ فإن محمد بن عجلان مدني. وهشام بن عمار فيه ضعف من أجل أنه كان يتلقن. 3425 - (التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله عز وجل) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 1/ 53) عن بشر بن الحسين: حدثنا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعاً. قلت: هذا إسناد ضعيف جداً؛ بشر بن الحسين واه جداً؛ قال البخاري: "فيه نظر". وقال الدارقطني: "متروك". وقال أبو حاتم: "يكذب على الزبير". والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية ابن أبي الدنيا في "الغضب" عن محمد بن عميرة العبد ي مرفوعاً، بزيادة: "والعفو لا يزيد العبد إلا عزاً، فاعفوا يعزكم الله. والصدقة لا تزيد المال إلا كثرة، فتصدقوا يرحمكم الله عز وجل". والعبد ي هذا لم أعرفه، ويغلب على الظن أنه من مجاهيل التابعين أو أتباعهم. الحديث: 3425 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 432 3426 - (التسبيح والتكبير أفضل من الصدقة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 1/ 45) من طريق أبي حيان: حدثنا أبو بكر ابن معدان: حدثنا محمد بن عبد الرحيم عن يحيى بن غيلان عن فضيل بن سليمان: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن محمد بن كعب عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات غير أن فضيل بن سليمان سيىء الحفظ؛ قال الحافظ: "صدوق، له خطأ كثير". الحديث: 3426 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 433 3427 - (التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 199/ 2) ، والحاكم (1/ 179) عن علي بن ظبيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الله بن عمر هو العمري المكبر، ضعيف سيىء الحفظ، ووقع في "المستدرك": "عبيد الله بن عمر" مصغراً، ولعله خطأ مطبعي. وعلي بن ظبيان ضعيف جداً. قال ابن معين: "كذاب خبيث". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". الحديث: 3427 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 433 وله طريق أخرى، يرويه قرة بن سليمان: حدثنا سليمان بن داود الجزري: سمعت سالماً ونافعاً يحدثان عن ابن عمر به. أخرجه البزار (ص37) وقال: "الحفاظ يوقفونه على ابن عمر، على أن محمد بن ثابت العصري قد رواه عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قال الشيخ الهيثمي: "سليمان؛ قال أبو زرعة: متروك". وكذا قال في "مجمع الزائد" (1/ 262-263) . قلت: وقرة بن سليمان؛ قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث". ثم ذكره من حديث أبي أمامة أيضاً، وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه جعفر بن الزبير، قال شعبة فيه: وضع أربع مئة حديث". وحديث محمد بن ثابت العصري، أخرجه أبو داود وغيره، وأعلوه بالنكارة، كما بينت في "ضعيف أبي داود" (58) . (تنبيه) : عزا السيوطي حديث الترجمة للطبراني من حديث أبي أمامة، وأحمد من حديث عمار بن ياسر! فأوهم أن الحديث عند أحمد بالضربتين، وإنما هو عنده بالضربة الواحدة للوجه والكفين. وهو كذلك في "الصحيحين" وغيرهما؛ كما بينته في "صحيح أبي داود" (343-362) . ورواه ابن خزيمة أيضاً بلفظ أحمد. انظر: "الصحيحة" (694) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 434 وروى الحديث البزار (1/ 159/ 313) من طريق الحريش بن الخريت عن ابن أبي مليكة عن عائشة مرفوعاً مثله. والحريش هذا ضعيف؛ كما قال الحافظ. 3428 - (كان ينهى إذا دعي الرجل إلى الطعام أن يدعو معه أحداً إلا أن يأمره أهل الطعام) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (2/ 78/ 1246) من طريق يوسف ابن خالد: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة: حدثنا خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان ابن سمرة عن سمرة بن جندب مرفوعاً به. وقال البزار: "لانعلمه عن سمرة إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو إسناده هالك؛ فيه بعض المجهولين والضعفاء، وأسوؤهم يوسف بن خالد - وهو السمتي -، وبه أعله الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (1/ 467) : "ويوسف تالف". وأما الهيثمي فقال في "مجمع الزوائد" (4/ 55) : "رواه الطبراني في "الكبير" والبزار، وإسناده ليس بالمطروح". كذا قال! وجرى على ظاهر كلامه الشيخ حبيب الأعظمي، فقال في تعليقه على "كشف الأستار": "مع أن في إسناده يوسف بن خالد السمتي". قلت: والهيثمي إنما يعني إسناد الطبراني؛ فإنه من غير طريق السمتي، الحديث: 3428 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 435 ولكنه وهم في التعبير، وأخر المتقدم، فوقع الأعظمي في الوهم وكان الصواب أن يقال: "رواه البزار والطبراني، وإسناده ... ". ليعود الضمير إلى أقرب مذكور: (الطبراني) ، فيرجع إليه الأعظمي فيجد إسناده ليس بالمطروح! كما قال الهيثمي، ولكن هذا يتطلب منه بحثاً وتعباً وجهداً، وهذا مما لم يظهر أثره ألبتة في تعليقاته على (الكتاب) ، إنما هي مجرد نقل لكلام الهيثمي من كتابه "مجمع الزوائد" إلى كتابه الآخر "كشف الأستار"!! والطبراني قد أخرج الحديث في "المعجم الكبير" (7/ 310/ 7071/ 2) ، وأحال بلإسناده على الحديث (7061) ، ورواه من طريق محمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان بن سمرة: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة به. فقد تابع يوسف بن خالد السمتي محمد بن إبراهيم هذا، أورده ابن حبان في "الثقات" (9/ 58) وقال: "لا يعتبر بما انفرد من الإسناد". قلت: وهذا من غرائب ابن حبان، فإذا كان هذا الرجل عنده لا يعتبر به فكيف مع ذلك يكون ثقة لديه؟! بل هو مجهول من المجاهيل الذين يوثقهم، ولو تفرد بالرواية عنه واحد كهذا؛ فإنهم لم يذكروا له راوياً سوى (مروان بن جعفر) الراوي لهذا الحديث عنه. ثم إن شيخه جعفر بن سعد بن سمرة ليس بالقوي؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وخبيب بن سليمان؛ مجهول لا يعرف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 436 وأبوه سليمان بن سمرة؛ مجهول الحال. 3429 - (ثلاث ساعات للمرء المسلم، ما دعا فيهن إلا استجيبت له، ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثماً: حين يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يسكت، وحين يلتقي الصفان حتى يحكم الله بينهما، وحين ينزل المطر حتى يسكن) . موضوع بهذا السياق أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 320) من طريق الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الرجاء عن أمه عمرة عن عائشة مرفوعاً. قلت: وآفته الحكم هذا؛ فقد قال أحمد: "أحاديثه كلها موضوعة". وقال النسائي وجماعة: "متروك الحديث". الحديث: 3429 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 437 3430 - (ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذت إلا بالسهام عليها؛ حرصاً على ما فيهن من الخير والبركة: التأذين للصلوات، والتهجير إلى الجمعة، والصلاة في أول الصفوف) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 57) معلقاً على أبي الشيخ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن: حدثنا أحمد بن الوليد بن برد: حدثنا ابن أبي فديك عن هارون بن هارون عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ هارون بن هارون - وهو القرشي المدني - الحديث: 3430 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 437 متفق على تضعيفه، بل قال ابن حبان: "كان يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به". 3431 - (ثلاث من فعلهن أطاق الصيام: من أكل قبل أن يشرب، وتسحر، وقال) . ضعيف أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 55) من طريق أبي الشيخ عن إسماعيل بن يزيد: حدثنا أبو داود: حدثنا سلام بن مسكين عن قتادة عن أنس مرفوعاً. ثم ذكر أن الحاكم رواه عن محمد بن الحجاج بن عيسى: حدثنا القعنبي عن سلمة بن وردان عن أنس، إلا أنه قال: "ويمس شيئاً من الطيب" مكان: "القيلولة". قلت: سلمة بن وردان ضعيف، ومحمد الحجاج بن عيسى لم أعرفه. وإسماعيل بن يزيد - وهو ابن حريث القطان أبو أحمد - اختلط في آخر أيامه، فلا تطمئن النفس للاحتجاج بحديثه حتى يتبين أنه حدث به قبل اختلاطه، وهيهات! وبالجملة؛ فالحديث ضعيف من الطريقين، على اختلاف في متنهما. والحديث عزاه السيوطي للبزار عن أنس. ولم أره في "زوائده" ولا في "مجمع الزوائد" للهيثمي. فالله أعلم. الحديث: 3431 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 438 3432 - (ثلاث من حفظهن فهو وليي حقاً، ومن ضيعهن فهو عدوي حقاً: الصلاة، والصيام، والجنابة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 13/ 2) : حدثنا مقدام بن داود: حدثنا أسد بن موسى: حدثنا عدي بن الفضل عن حميد عن أنس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن حميد إلا عدي، تفرد به أسد". قلت: هو صدوق، وإنما الآفة من شيخه عدي بن الفضل - وهو التيمي أبو حاتم البصري -؛ فإنه متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقول الهيثمي (1/ 293) : "ضعيف" فيه تساهل. والمقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي، لكن ظاهر كلام الطبراني المذكور أنه لم يتفرد به. والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي لسعيد بن منصور أيضاً عن الحسن مرسلاً، وقد وصله ابن أبي ثابت في "حديثه" (1/ 126/ 2) من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس به. والمبارك ضعيف. وقد وجدت له طريقاً أخرى عند ابن عدي (237/ 1) عن عبيد الله بن تمام عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً به وقال: "عبيد الله، فيما يرويه مناكير، وهذا لا يتابعه عليه أحد من الثقات". الحديث: 3432 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 439 3433 - (ثلاث وثلاث وثلاث، فثلاث لا يمين فيهن، وثلاث المعلون فيهن، وثلاث أشك فيهن. فأما الثلاث التي لا يمين فيهن: فلا يمين مع والد، ولا المرأة مع زوجها، ولا المملوك مع سيده. وأما المعلون فيهن: فمعلون من لعن والديه، ومعلون من ذبح لغير الله، ومعلون من غير تخوم الأرض، وأما الثلاث التي أشك فيهن: فلا أدري أعزير كان نبياً أم لا، ولا أدري ألعن تبعاً أم لا، قال: ونسيت، يعنى: الثالثة) . ضعيف رواه لوين في "أحاديثه" (31/ 1-2) : حدثنا حبان بن علي عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق لوين ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 408-دمشق) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حبان بن علي - وهو العنزي - ضعيف. ومثله شيخه محمد بن كريب. والثلاث الأخيرات قد صح فيهن حديث أبي هريرة، وفيه ذكر ذي القرنين بدل عزير، وأن الثالثة: "ولا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا"، فانظر: "الصحيحة" (2217) . الحديث: 3433 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 440 3434 - (ثلاثة أصوات يباهي الله بها الملائكة: الأذان، والتكبير في سبيل الله، ورفع الصوت بالتلبية) . ضعيف أخرجه أبو القاسم بن الوزير في "الأمالي" (14/ 2) ، والديلمي (2/ 64) ، والحافظ ابن حجر في "المسلسلات" (111/ 2) عن معاوية بن الحديث: 3434 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 440 عمرو: حدثنا رشدين عن قرة عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً، وقال الحافظ: "حديث غريب". قلت: يعني ضعيف؛ فأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. وقرة - وهو ابن عبد الرحمن - ضعيف لسوء حفظه. وكذلك رشدين - وهو ابن سعد -. وأما معاوية بن عمرو فهو أبو عمرو البغدادي المعروف بابن الكرماني، وهو ثقة من رجال الستى. وأما قول المناوي: "أنه معاوية بن عمرو البصري، قال الذهبي في "الضعفاء": واه"؛ خطأ منه؛ لأن البصري هذا متأخر الطبقة، يروي عن سفيان بن عيينة المتوفى سنة (198) . ولم يذكروا له رواية عن رشدين بن سعد. والله أعلم. 3435 - (ثلاثة من مكارم الأخلاق عند الله تعالى، أن تعفو عن من ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك) . ضعيف جداً رواه أبو الحسن النعالي في "جزء من حديثه" (127/ 1) ، وعنه الخطيب في "تاريخه" (1/ 329) ، وعنه الديلمي (2/ 65) عن إبراهيم بن سليمان الزيات: حدثنا عبد الحكم عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الحكم - وهو ابن عبد الله القسملي البصري -؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وإبراهيم بن سليمان الزيات مختلف فيه وقد توبع: أخرجه ابن عدي (ق الحديث: 3435 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 441 313/ 1) من طريق عمرو بن منصور: حدثنا عبد الحكم بن عبد الله به. وقال: "عبد الحكم عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه". 3436 - (ثلاث إذا رأيتهن بعد ذلك تقوم الساعة: خراب العامر، وإعمار الخراب، وأن يكون الغزو نداء، وأن يتمرس الرجل بأمانته تمرس البعير بالشجرة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 56) من طريق أبي نعيم عن الطبراني: حدثنا أبو شعيب: حدثنا البابلتي: حدثنا الأوزاعي: حدثني محمد بن خراشة: حدثني عروة بن محمد السعدي عن أبيه محمد بن عطية عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن خراشة لا يعرف؛ كما قال الذهبي. والبابلتي - واسمه عبد الله بن يحيى - ضعيف؛ كما في "التقريب". ومن طريقه أخرجه الرامهرمزي في "الأمثال" (100/ 1) لكنه لم يذكر في إسناده ابن خراشة. ثم أخرجه من طريق يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن محمد بن خراشة عن عروة بن محمد عن أبيه مثله. ويحيى بن حمزة ثقة، وقد أرسله، وكذلك أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن عساكر عن محمد بن عطية السعدي. الحديث: 3436 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 442 ومحمد بن عطية قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، من الثالثة، مات على رأس المئة، ووهم من زعم أن له صحبة". 3437 - (ثلاث في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم، يزيد الله في رزقه، ويمد في أجله، وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاماً صغاراً فقالت: لا أتزوج أقيم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله، وعبد صنع طعاماً فأضاف ضيفه، وأحسن نفقته، فدعا عليه اليتيم والمسكين، فأطعمهم لوجه الله) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 62) عن أبي الشيخ معلقاً بسنده عن الهيثم بن جماز عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، يزيد الرقاشي ضعيف. والهيثم بن جماز متروك. الحديث: 3437 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 443 3438 - (ثلاث يجلين البصر: النظر الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 57) عن الحاكم تعليقاً: حدثنا محمد بن حدر الوراق: حدثنا علي بن محمد القباني: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي: حدثنا يحيى بن أيوب المقابري: حدثنا شعيب بن حرب عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قال: وقال الخطيب من طريق الحاكم: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحديث: 3438 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 443 هارون: حدثنا أحمد بن عمر بن عبيد الزنجاني - ببغداد -: سمعت أبا البختري القاضي .... عن جده علي بن أبي طالب مثله وقال: "وفي الباب عن ابن عباس وأبي سعيد". قلت: إسناد ابن عمر ضعيف، عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي؛ قال ابن معين في "أخبار أصبهان" (2/ 52) : "قدم أصبهان، وحدث بها، في حديثه نكارة". قلت: ومن دونه لم أعرفهما. وإسناد علي باطل؛ آفته أبو البختري القاضي، واسمه وهب بن وهب كذاب. وشيخ الحاكم متهم بالوضع كما قال الذهبي. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من هذه الطريق، وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 115) بالطريق التي قبلها - وقد عرفت وهاءها -. وبغيرها من الطرق الواهية؛ مثل ما ساقه من رواية أبي الحسن الفراء في "فوائده" - تخريج السلفي بسنده عن عبد الله بن عباد العبد ي عن إسماعيل بن عيسى عن أبي هلال الراسبي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً بلفظ: "ثلاث يزدن في قوة البصر ..... " الحديث. وقال: "أبو هلال اختلف فيه، فوثقه أبو داود وأبو نعيم، وقال النسائي: ليس بالقوي". قلت: لو سلم من غيره لكان الإسناد حسناً، لكن في الطريق إليه عبد الله ابن عباد، قال الذهبي: "ضعيف، وقال ابن حبان: روى عنه أبو الزنباع روح بن الفرج نسخة موضوعة". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 444 والحديث رواه ابن عدي في "الكامل" (91/ 1) عن عبد الله بن عباس موقوفاً عليه الصواب. 3439 - (ثلاث يدخلون الجنة بغير حساب: رجل غسل ثيابه فلم يجد له خلفاً، ورجل لم ينصب على مستوقده قدران، ورجل دعا بشراب فلم يقل له: أيهما تريد) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 60) عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا الوليد بن أبان: حدثنا عبد الله بن أحمد الدشتكي: حدثنا محمد بن عمران بن الحكم: حدثنا منصور بن عمار: حدثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء: منصور بن عمار وابن لهيعة ودراج. لكن أخرجه أبو نعيم في "أحاديث أبي القاسم الأصم" (8/ 1) من طريق عمران بن هارون: أخبرنا ابن لهيعة به. والدشتكي متهم؛ كما في "اللسان" (3/ 711) . وعمران هذا، قال الذهبي: "صدقه أبو زرعة، ولينه ابن يونس". الحديث: 3439 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 445 3440 - (ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة: الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والدعاء في الرخاء) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 59) عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا أبو العباس الهروي: حدثنا محمد بن عبد الملك المروزي: حدثنا أبو صالح: حدثني الحديث: 3440 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 445 الليث بن سعد: حدثني خالد بن يزيد عن محمد بن عبد الله عن عمران بن حصين قال: ... وذكره موقوفاً عليه. ثم أخرجه الديلمي بإسناده عن أبي يزيد البسطامي؛ حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب: حدثنا سعيد بن أبي مريم: حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن أبي هلال التيمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكر الحديث. قلت: أبو هلال التيمي لم أعرفه، وغالب لظن أنه تابعي. وابن لهيعة ضعيف. ومثله عبد الله بن عبد الوهاب - وهو الخوارزمي -، وقد مضى في الحديث الذي قبل هذا بحديث. وقد خالفهما أبو صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن محمد بن عبد الله عن عمران موقوفاً. وهذا أصح، على ضعف في أبي صالح كاتب الليث. 3441 - (ثلاث من الميسر: الصفير بالحمام، والقمار، والضرب بالكعاب) . ضعيف رواه أبو داود في "المراسيل" (350/ 518) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (34/ 2) بسند صحيح عن يزيد بن شريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: ويزيد بن شريح هذا حمصي تابعي، وثقه ابن حبان وقال الدارقطني: الحديث: 3441 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 446 " يعتبر به ". 3442 - (ثلاث تُصَفِّينَ لك وُدَّ أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه) . منكر. رواه البخاري في " التاريخ " (4 / 1 / 352) ، والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (199 / 1 - 2) ، وتمام في " الفوائد " (65 / 1) ، وأبو الحسين ابن المنقور في " الخماسيات " (152 / 2) ، وأبو بكر اليزدي في " مجلس من الأمالي " (69 / 1) ، وأبو عبد الله بن منده في " الأمالي " (37 / 2) / والحاكم (3 / 429) والضياء في " المنتقى من مسموعاته في مرو " (33 / 1) ، وكذا ابن عساكر (4 / 300 / 1 و 11 / 52 / 2) عن موسى بن عبد الملك بن عمير عن شيبة الحجبي عن عمر مرفوعا. وقال ابن منده: " غريب من حديث موسى لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وموسى هذا ضعيف؛ قال الذهبي: " ضعفه أبو حاتم وذكره البخاري في كتاب الضعفاء "، ثم ساق له هذا الحديث ثم قال: " قال أبو حاتم: هذا منكر، وموسى، ضعيف ". وأشار المنذري (3 / 266) لضعفه. والحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 262) وقال عن أبيه: " هذا حديث منكر، وموسى ضعيف الحديث ". ورواه أبو الشيخ في " الفوائد " (80 / 1) من طريق إسماعيل بن عمرو: ثنا شريك عن أبي المحمل البكري عن الحسن عم مر بن الخطاب قال:. . . فكره موقوفا عليه الحديث: 3442 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 447 وكذلك رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة " (17) عن ليث عن مجاهد قال: قال عمر، به. وابن عساكر (13 / 69 / 2) عن هشام بن عمار: نا شهاب بن خراش عن عمه وغيره عن عمر موقوفاً. 3443 - (ثلاث يحبهن الله: تعجيل الفطر، وتأخير السحور، وضرب اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (284) عن إبراهيم بن المختار قال: حدثنا عمر بن عبد الله بن يعلى عن أبيه عن جده يعلى بن مرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمر بن عبد الله بن يعلى؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وإبراهيم بن المختار صدوق ضعيف الحفظ. لكنه قد توبع من قبل أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء عن عمر بن عبد الله ابن يعلى به. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 100/ 1) وقال: "تفرد به أبو زهير". قلت: وهو صدوق، لكنه لم يتفرد به؛ كما يدلك على ذلك رواية العقيلي. وأخرجه الديلمي (2/ 67) . الحديث: 3443 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 448 3444 - (ثلاثة من قالهن دخل الجنة: من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، والرابعة لها من الفضل كما بين السماء إلى الأرض، وهي الجهاد في سبيل الله) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 14) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة سيىء الحفظ. وسائر رجاله ثقات. الحديث: 3444 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 449 3445 - (ثلاثة من كن فيه يستكمل إيمانه: رجل لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرائي بشيء من علمه، وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا، والآخر للآخرة؛ آثر أمر الآخرة على الدنيا) . ضعيف عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لابن عساكر عن أبي هريرة، وقد وجدته عند من هو أعلى طبقة منه، وهو الحافظ أبو بكر النيسابوري؛ رواه في "الفوائد" (141/ 1) ، وعنه الديلمي (2/ 54) : حدثنا أبو زرعة: حدثنا عمر ابن علي الكندي قال: حدثنا الصباح بن محارب عن سالم - يعني: المرادي - عن حميد الحمصي عن أبي عمرو الشيباني عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حميد الحمصي - ويقال: حميد بن أبي حميد - مجهول؛ كما في "التقريب". وسائر الرجال ثقات من رجال "التهذيب" غير الكندي، وهو صدوق؛ كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 125) عن أبيه وأبي زرعة. الحديث: 3445 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 449 3446 - (ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة: رجل يكون في برية حيث لا يراه أحد إلا الله فيقوم فيصلي، فيقول الله عز وجل لملائكته: ألا أرى عبد ي هذا يعلم أن له ربا يغفر الذنوب، فانظروا ما يطلب! قال: فيقول الملائكة: أي رب! رضاءك ومغفرتك. فيقول تبارك وتعالى: اشهدوا أني قد غفرت له. ورجل يقوم من الليل، فيقول الله تعالى: أليس قد جعلت الليل سكناً والنوم سباتاً فقام عبد ي هذا يصلي ويعلم أن له رباً، قال: فيقول الله لملائكته: انظروا ما يطلب عبد ي هذا! قال: فتقول الملائكة: يا رب! رضاك ومغفرتك. قال: فيقول عز وجل: اشهدوا أني قد غفرت له. ورجل يكون معه فئة، فيفر عنه أصحابه، ويلبث هو مكانه، قال: فيقول تعالى لملائكته: انظروا ما يطاب عبد ي هذا! قال: فيقول الملائكة: يا رب! بذل مهجة نفسه لك يطلب رضاك، فيقول الله عز وجل: اشهدوا أني قد غفرت له) . ضعيف جداً رواه ابن منده في "معرفة الصحابة" (13/ 2) ، وموفق الدين بن قدامة في "الثاني من الفوائد" (ورقة11/ 2) عن أبان عن أنس عن ربيعة بن وقاص مرفوعاً. وقال ابن منده: "حديث غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف جداً؛ أبان هذا هو ابن أبي عيلش، وهو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". فقوله في "الإصابة": الحديث: 3446 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 450 "إسناده ضعيف" تقصير أو تسامح في التعبير. 3447 - (ثلاثة هم حُدَّاثُ الله يوم القيامة: رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط، ورجل لم يحدث نفسه بزناً قط، ورجل لم يخلط كسبه برباً قط) . ضعيف جداً رواه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 263) و "أخبار أصبهان" (2/ 294) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (17/ 286/ 1) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد: حدثني أحمد بن إبراهيم بن عبد الله أبو جعفر بن كمونة: حدثنا نصر بن مرزوق: حدثنا أبو حازم عبد الغفار بن الحسن: حدثنا محمد بن منصور عن أبي الفرج هو النضر بن محرز، قال ابن حبان: "منكر الحديث جداً". وقال العقيلي: "لا يتابع على حديثه". ومحمد بن منصور وأحمد بن إبراهيم أبو جعفر بن كمونة لم أعرفهما. الحديث: 3447 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 451 3448 - (أشرت بالرأي. قاله للحباب بن المنذر في قصة بدر) . ضعيف على شهرته في كتب المغازي أخرجه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (2/ 405) : أخبرنا أبو بكر بن دريد: أخبرنا أبو طلحة موسى بن عبد الله الخزاعي في "كتاب المغازي": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزل دون بدر؛ وأتاه خبر قريش، استشار الناس، فأشار عليه الحديث: 3448 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 451 أصحابه، ثم قال الحباب بن المنذر: يا نبي الله! أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه، أم هو الحرب والمكيدة؟ قال: "بل هو الحرب والمكيدة". قال: فإن هذا ليس لك بمنزل، فانهض حتى نأتي أدنى قليب إلى القوم، فننزله، ثم نغور ما سواه من القلب، ثم نبني عليه حوضاً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فذكره) ، فنهض وسار حتى أتى أدنى ماء إلى القوم، وأمر بالقلب فغورت، وبني حوضاً على القليب. قلت: وهذا إسناد معضل، أبو طلحة الخزاعي من شيوخ النسائي، وقال: "لا بأس به"، وروى عنه غيره من الثقات، فلا أدري لم قنع الحافظ بقوله فيه: "مقبول"، ولم يوثقه! وقد كنت أخرجت الحديث في تخريجي لكتاب "فقه السيرة" للغزالي من طرق أخرى، ومصادر أشهر وأعلى، وليس في شيء منها ما يتقوى الحديث به، وآثرت تخريجه هنا من هذا المصدر لعزته، وغرابة إسناده. 3449 - (ثلاثة نفر، كان لأحدهم عشرة دنانير، فتصدق منها بدينار، وكان لآخر عشرة أواق، فتصدق منها بأوقية، وآخر كان له مئة أوقية، فتصدق بعشرة أواق، قال - صلى الله عليه وسلم -: هم في الأجر سواء. كل قد تصدق بعشر ماله. قال الله عز وجل: (لينفق ذو سعة من سعته) [الطلاق: 7] ) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 292/ 3439) وفي "مسند الحديث: 3449 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 452 الشاميين" (ص331) : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثني أبي: حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن ابي مالك الأشعري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الانقطاع بين شريح والأشعري، وقد بينت ذلك بتفصيل في الحديث الآتي برقم (5606) . الثانية: ضعف محمد بن إسماعيل، وبه وحده أعله الهيثمي فقال في "المجمع" (3/ 111) : " ... وفيه ضعف". الثالثة: هاشم بن مرثد الطبراني، أورده الذهبي في "الميزان" فقال: "هاشم بن مرثد الطبراني، عن آدم. قال ابن حبان: ليس بشيء". ولذلك أورده في "الضعفاء". ولم أره في "المجروحين" لابن حبان في باب الهاء، فلعله أورده في مكان آخر منه أو من غيره لمناسبة ما، ولكن الحافظ ابن حجر لم يورده أيضاً في الباب المذكور، وهو على شرطه. والله أعلم. وقد روي الحديث عن علي رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة نفر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحدهم: يا رسول الله! كانت لي مئة دينار فتصدقت منها بعشرة دنانير. وقال الآخر: يا رسول الله! كان لي عشرة دنانير فتصدقت منها بدينار. وقال الآخر: كان لي دينار فتصدقت بعشره. فقال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 453 رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم في الأجر سواء،كلكم تصدق بعشر ماله". أخرجه أحمد (1/ 96) ، والبزار (1/ 448/ 946) من طريق سقيان الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عنه. وقال البزار: "لا نعلمه يروى مرفوعاً إلا بهذا الإسناد عن علي". قلت: وهو ضعيف أيضاً؛ علته الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور -، وهو ضعيف؛ كذبه غير واحد من الأئمة، انظر "الكامل" لابن عدي (2/ 604) و "الضعفاء" للعقيلي (1/ 208) . ثم إن أبا إسحاق وهو السبيعي كان مدلساً، ولذلك قال أبو خثيمة: كان يحيى بن سعيد يحدث من حديث الحارث ما قال فيه أبو إسحاق: "سمعت الحارث". 3450 - (ثلاثة لا يجيبهم ربك عز وجل: رجل نزل بيتاً خرباً، ورجل نزل على طريق السبيل، ورجل أرسل دابته ثم جعل يدعو الله أن يحسبها) . ضعيف رواه ابن عساكر (9/ 492/ 1) عن صدقة عن الوضين عن محفوظ بن علقمة عن ابن عائد مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان: الأولى: الإرسال؛ فإن ابن عائذ - واسمه عبد الرحمن - قال الحافظ الحديث: 3450 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 454 في "التقريب": "ثقة، من الثالثة وهم من ذكره في الصحابة". الثانية: صدقة - وهو ابن عبد الله - قال الحافظ: "ضعيف". 3451 - (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: المنان عطاءه، والمسبل إزاره خيلاء، ومدمن الخمر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 202/ 1) عن الحسين بن واقد عن صالح مولى بني مازن عن عبيد بن عمير عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: صالح هذا لم أجد له ذكراً. الحديث: 3451 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 455 3452 - (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: حر باع حراً، وحر باع نفسه، ورجل أبطل كراء أجير حتى جف رشحه) . ضعيف رواه الجرجاني في "تاريخ جرجان" (144) من طريق أبي بكر الإسماعيلي بسنده عن بقية بن الوليد عن بكر بن خنيس عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بكر بن خنيس فيه ضعف. وبقية مدلس وقد عنعنه. الحديث: 3452 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 455 3453 - (ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل إذا قام بالليل يصلي، والقوم إذا صفوا في الصلاة، والقوم إذا صفوا في قتال العدو) . ضعيف أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص18-19) ، وأحمد (3/ الحديث: 3453 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 455 80) ، وابن ماجه (200) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (460) ، والآجري في "الشريعة" (ص278-279) ، وابن أبي شيبة (7/ 145/ 1) ، والبيهقي في "الأسماء" (ص472) ، والبغوي في "شرح السنة" (1/ 109/ 2) عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري يرفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مجالد - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي. وقد رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الكنود عن عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه نحوه، دون ذكر الخصلة الثانية. أخرجه الآجري، وسنده من طريق أبي الكنود حسن. وقد روي الحديث من طريق أخرى أتم منه، ولفظه: "إن الله ليضحك إلى ثلاثة نفر: رجل قام في جوف الليل وأحسن الطهور وصلى، ورجل - أحسبه - كان في كتيبة فانهزمت وهو على فرس جواد، لو شاء أن يذهب لذهب". أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 344) : حدثنا محمود بن بكر بن عبد الرحمن: حدثني أبي عن عيسى بن المختار عن محمد بن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ليس فيه دون الصحابي ثقة غير عيسى بن المختار، فعطية ومحمد بن أبي ليلى ضعيفان. وشيخ البزار - محمود بن بكر - وأبوه لم أجد لهما ترجمة. 3454 - (ثلاثة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 63) من طريق الحاكم بسنده عن محمد بن الحديث: 3454 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 456 إبراهيم بن عمرو بن يوسف بن أبي ظبية: حدثني أبي عن جدي عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون عطاء لم أعرفهم. 3455 - (ثلاثة يهلكون عند الحساب: جواد، وشجاع، وعالم) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 107-108) من طريق إبراهيم بن زياد - سبلان -: حدثنا عباد بن عباد: حدثنا يونس - وهو ابن عبيد - عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "صحيح الإسناد على شرطهما، وهو غريب شاذ، إلا أنه مختصر من الحديث الأول، شاهد له". قلت: عباد بن عباد هذا هو الأرسوفي الزاهد، ولم يخرج له الشيخان شيئاً، وهو ثقة، لكنه سيىء الحفظ، وقد ذكره ابن حبان في "الضعفاء"، وقال: "كان ممن غلب عليه التقشف والعبادة حتى غفل عن الحفظ والضبط، فكان يأتي بالشيء على حسب التوهم، حتى كثرت المناكير في روايته فاستحق الترك". قلت: وهذا الحديث مما يدل على سوء حفظه؛ فإنه حديث طويل في نحو صفحة لم يحفظ منه إلا هذا القدر! وبالمعنى لا باللفظ! وهو مخرج في "تخريج الترغيب" (1/ 29-30) و "اقتضاء العلم العمل" (رقم107) . ثم إن إبراهيم بن زياد لم يخرج له البخاري. الحديث: 3455 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 457 3456 - (ثمانية أبغض خليقة الله إليه يوم القيامة: السقارون وهم الكذابون، والخيالون وهم المستكبرون، والذين يكنزون البغضاء الحديث: 3456 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 457 لإخوانهم في صدورهم، فإذا لقوهم حلفوا لهم، والذين إذا دعوا إلى الله ورسوله كانوا بطأ، وإذا دعوا إلى الشيطان وأمره كانوا سراعاً، والذين لا يشرف لهم طمع من الدنيا إلا استحلوا بأيمانهم وإن لم يكن لهم بذلك حق، والمشاؤون بالنميمة، والمفرقون بين الأحبة، والباغون البراء الدحضة أولئك يقذرهم الرحمن عز وجل) . ضعيف. رواه ابن عساكر (2/ 243/ 2) عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عن الوضين بن عطاء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إعضاله فالصنعاني هذا لم يوثقه أحد، وقال ابن عساكر: "ولا أعرف له رواية عن الوضين بن عطاء". وقد سبق الحديث أخصر منه بلفظ: "أبغض خليقة الله ... ". وقد أورده السيوطي في "الجامع الصغير" باللفظ الذي هنا من رواية أبي الشيخ في "التوبيخ" وابن عساكر عن الوضين، ولم يعله هو والمناوي إلا بالإرسال! 3457 - (ثمن الجنة لا إله إلا الله) . ضعيف رواه المحاملي في "الأمالي" (4/ 54/ 1) ، وأبو محمد الطامذي في "الفوائد" (110/ 1-2) عن محمد بن سنان القزاز: حدثنا قريش بن أنس: حدثنا حبيب الشهيد قال سمعت المنذر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. ثم رواه من طريق روح: حدثنا حبيب بن الشهيد عن الحسن من قوله، ولم يرفعه، قال والطامذي: وهو الصحيح. وكذلك رواه موقوفاً عليه الضياء المقدسي في الثالث من "الأحاديث الحديث: 3457 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 458 والحكايات" (38/ 2) . قلت: ومحمد بن سنان القزاز ضعيف. ورواه ابن عدي (325/ 1) عن موسى بن إبراهيم: حدثنا بن زيد وعلي بن عاصم عن حميد عن أنس مرفوعاً. وقال: "وموسى بن إبراهيم بين الضعف". قلت: وهو المروزي، متروك. ورواه الديلمي (2/ 69) عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: حدثنا أحمد بن أبي إياس: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن الشهيد عن أنس به وزاد: "وثمن النعمة الحمد لله". قلت: وأحمد بن أبي إياس لم أعرفه. ورواه أبو نعيم في "صفة الجنة" (9/ 1) عن محمد بن مروان: حدثنا أسيد بن زيد عن طعمة الجعفري عن أبان عن أنس قال: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما ثمن الجنة؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد هالك؛ أبان - وهو ابن أبي عياش - متروك. وأسيد بن زيد، قال الحافظ: "ضعيف، أفرط ابن معين فكذبه، وما له في البخاري سوى حديث واحد مقرون بغيره". ثم رواه أبو نعيم بسند صحيح عن الحسن موقوفاً عليه، وهو الصواب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 459 3458 - (ثمن القينة حرام، وغناؤها حرام، والنظر إليها حرام، وثمنها مثل ثمن الكلب، وثمن الكلب سحت، ومن نبت لحمه على السحت فالنار أولى به) . ضعيف رواه الطبراني (رقم87) عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن يزيد ابن خصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل النوفلي، قال الحافظ: "لين الحديث". وقال الهيثمي (4/ 91) : "وهو متروك، ضعفه جمهور الأئمة، ونقل عن ابن معين في رواية: لا بأس به، وضعفه في أخرى". الحديث: 3458 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 460 3459 - (ثمن الكلب خبيث، وهو أخبث منه) . ضعيف جداً رواه الحاكم (1/ 155) ، وعنه البيهقي (1/ 19) من طريق يوسف ابن خالد عن الضحاك بن عثمان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً، وقال الحاكم: "رواته كلهم ثقات، فإن سلم من يوسف بن خالد السمتي فإنه صحيح على شرط البخاري". ورده الذهبي بقوله: "يوسف واه". وقال البيهقي: "وغيره أوثق منه". وقال الذهبي في "مختصره" (1/ 4/ 1) : "قلت: بل واه جداً". الحديث: 3459 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 460 3460 - (الثالث ملعون. يعني: على الدابة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير": حدثنا المقدام بن داود: الحديث: 3460 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 460 حدثنا أسد بن موسى: حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن المهاجر بن قنفذ قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة على دابة، فقال: ... فذكره. كذا في "اللآلي المصنوعة" (2/ 133) ذكره شاهداً لحديث زاذان بمعناه، أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: "منقطع الإسناد". فتعقبه السيوطي بقوله: "قلت: له طريق متصل"، ثم ساقه. وأقول: هذا لا يصلح شاهداً لشدة ضعفه، فإن إسماعيل بن مسلم - وهو المكي - ضعيف. والمقدام بن داود قال النسائي: "ليس بثقة". فالعجب مما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال: "ورجاله ثقات" ثم أقره، وبنى عليه قوله، ولم يصب ابن الجوزي بإيراده في "الموضوعات"! 3461 - (الثوم والبصل والكراث سك إبليس) . ضعيف رواه الروياني في "مسنده" (30/ 215/ 2) ، وزاهر الشحامي في "السباعيات" (ج6/ 8/ 1) عن عبد العزيز بن عبد الصمد: حدثني صاحب لنا يقال له: أبو سعيد - ثقة - عن أبي غالب عن أبي أمامة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سعيد هذا؛ فإنهم أغفلوه ولم يترجموه. قال الهيثمي (2/ 18) : "رواه الطبراني في "الكبير" وأبو سعيد. لم أجد من ترجمه". الحديث: 3461 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 461 والسك: طيب معروف، وهو عربي، والمراد أن هذا طيبه الذي يحب ريحه، ويميل إليه. 3462 - (جالس الكبراء، وسائل العلماء، وخالط الحكماء) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "الكبير" (22/ 125/ 323و324) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (39/ 2) عن عبد الملك بن حسين - وهو النخعي - عن سلمة بن كهيل عن أبي جحيفة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، عبد الملك بن حسين النخعي يكنى بأبي مالك، وهو بها أشهر، قال الحافظ: "متروك". وتابعه محمد بن يونس الكديمي قال: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزار قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن سلمة بن كهيل به. أخرجه الخطابي في "العزلة" (ص54-المنيرية) . لكن الكديمي وضاع. وعبد الله بن عثمان بن عطاء وأبوه - وهو الخراساني - ضعيفان. والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" (1/ 125) هكذا مرفوعاً، وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" من طريقين، إحداهما هذه، والأخرى موقوفة، وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي، وهو منكر الحديث، والموقوف صحيح الإسناد". قلت: الموقوف عند الطبراني (22/ 133/ 354) من طريق يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة عن أبيه عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال: ... فذكره موقوفاً. الحديث: 3462 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 462 وهذا إسناد صحيح كما قال، رجاله ثقات رجال مسلم إن سلم من عنعنة زكريا ابن أبي زائدة؛ فإنه كان يدلس؛ كما قال الحافظ في "التقريب". ومن طريقه أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" (ص176) . 3463 - (جعل الله التقوى زادك، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيث ما تكون) . ضعيف رواه البخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 185) ، والبزار (3201) ، والمحاملي في "الدعاء" (31/ 2) ، والبغوي في "شرح السنة" (1/ 150/ 1) عن قتادة بن الفضل بن عبد الله بن قتادة الرهاوي: حدثني الفضل بن عبد الله بن قتادة عن هشام بن قتادة عن قتادة قال: لما عقد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومي أخذت بيده فودعته، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال البغوي: "هذا حديث حسن غريب". قلت: بل إسناده ضعيف؛ لأن الفضل بن عبد الله بن قتادة. أورده البخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 116) هكذا: "الفضل بن قتادة عن عمه هشام بن قتادة. روى عنه ابنه قتادة بن الفضل". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما هو الفضل بن عبد الله بن قتادة، كما في إسناد الحديث. ولم يورده ابن أبي حاتم مطلقاً،وأورده ابن حبان في "الثقات" (2/ 240) كما أورده البخاري! وهو عمدة الهيثمي في توثيق رجاله، فقد قال في "مجمع الزوائد" (10/ 131) : الحديث: 3463 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 463 "رواه الطبراني والبزار، ورجالهما ثقات". قلت: وتوثيق ابن حبان عند التفرد مما لا يعتد به؛ لما عرف به من التساهل؛ كما شرحه الحافظ في مقدمة "لسان الميزان". وقتادة بن الفضل، قال فيه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 135) عن أبيه: "شيخ"، ووثقه ابن حبان أيضاً، لكن روى عنه جمع من الثقات. 3464 - (جلساء الله غداً أهل الورع والزهد في الدنيا) . ضعيف جداً رواه ابن أبي الدنيا في "الورع" (159/ 2) ، وأبو منصور معمر بن أحمد في "الأربعين" (3/ 1) ، والسلفي في "معجم السفر" (214/ 1-2) ، والديلمي (2/ 75) عن عيسى بن إبراهيم عن مقاتل بن قيس الأزدي عن علقمة بن مرثد عن سلمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي - قال البخاري والنسائي: "منكر الحديث". ومقاتل بن قيس قال الذهبي: "ضعفه الأزدي". وتابعهما سليمان بن عمرو عن الجريري عن علقمة به. أخرجه أبو علي النيسابوري في جزء من "فوائده" (68/ 1-2) . لكن سليمان بن عمرو - وهو أبو داود النخعي - كذاب. الحديث: 3464 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 464 ورواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في "الفوائد" (2/ 225/ 2) عن أبي هريرة من قوله، وسنده ضعيف. 3465 - (جنان الفردوس أربع، ثنتان من ذهب، حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة، آنيتهما وحليتهما وما فيهما، وليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن، ثم يصدع بعد ذلك أنهاراً) . ضعيف أخرجه الطيالسي (529) ، وأحمد (4/ 416) ، والدارمي (2/ 333) عن أبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي قال: حدثنا أبو عمران - يعني الجوني - عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث بن عبيد ضعيف لسوء حفظه، وقد خالفه عبد العزيز بن عبد الصمد فقال: حدثنا أبو عمران الجوني به، دون قوله في أوله: "جنان الفردوس أربع"، وفي آخره: "وهذه الأنهار تشخب ... ". أخرجه البخاري (3/ 345و4/ 466) ، ومسلم (1/ 112) ، والترمذي (2/ 86) وصححه، وابن ماجه (186) ، وأحمد في رواية (4/ 411) وابن حبان (7342) من طريق أخرى عن المغيرة بن شعبة. فالحديث صحيح بدون هاتين الزيادتين. والله أعلم. الحديث: 3465 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 465 3466 - (جمال الرجل فصاحه لسانه) . موضوع رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (13/ 2) عن أحمد بن الحديث: 3466 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 465 عبد الرحمن بن الجارود الرقي:أخبرنا هلال بن العلاء الرقي قال: أخبنا محمد بن مصعب قال: أخبرنا الأوزاعي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن الجارود هذا، قال الذهبي: "قال الخطيب كان كذاباً، ومن بلاياه قال:حدثنا هلال بن العلاء .... ". قلت: فساق هذا الحديث. ومحمد بن مصعب هو القرقسائي، صدوق كثير الغلط. وقد روى الحديث من طريق أخرى مرسلاً بلفظ: "الجمال في الرجل اللسان". رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (3/ 20) ، والحاكم (3/ 330) ، وابن عساكر (8/ 471/ 1-2) من طريق موسى بن داود: أخبرنا الحكم بن المنذر عن عمر ابن بشر الخثعمي عن أبي جعفر محمد بن علي قال: أقبل العباس بن عبد المطلب وعليه حلة وله ضفيرتان وهو أبيض بض، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسم، فقال له العباس ما أضحكك يا رسول الله أضحك الله سنك؟! فقال: "أعجبني جمالك يا عم النبي"، فقال العباس: ما الجمال في الرجل؟ قال: "اللسان". وقال الذهبي: "مرسل". قلت: وعمر بن بشر والحكم بن المنذر لم أعرفهما. ورواه القاسم بن ثابت السرقسطي (2/ 27/ 2) من طريق العمري عن الهيثم بن عدي عن يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري مرسلاً به. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 466 قلت: والهيثم بن عدي كذاب؛ كما قال أبو داود وغيره. 3467 - (جهد البلاء أن تحتاجوا إلى ما في أيدي الناس فتمنعون) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 77) من طريق ابن لال: حدثنا أبو داود سليمان بن يزيد بن سليمان القزويني: حدثنا علي بن أبي طاهر: حدثنا هارون بن عيسى بن إبراهيم الهاشمي: حدثنا أحمد بن عبد الأعلى: حدثنا أبو عبد الله اليشكري: حدثنا ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون ميمون بن مهران لم أعرف منهم أحداً سوى هارون بن عيسى، وهو مترجم في "تاريخ بغداد" (14/ 28) وقال: "وذكره الدارقطني، فقال: ليس بالقوي". الحديث: 3467 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 467 3468 - (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم؛ فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) [الحديد: 27] ) . ضعيف أخرجه أبو داود (4904) ، وأبو يعلى (3694) عن عبد الله بن وهب قال: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أمامة حدثه أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمان عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة دقيقة، كأنها صلاة مسافر أو قريباً منها، فلما سلم قال أبي: يرحمك الله! أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيء تنفلته؟ قال: إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أخطأت إلا شيئاً الحديث: 3468 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 467 سهوت عنه. فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ... فذكره. ثم غدا من الغد فقال: ألا تركب لتنظر ولتعتبر؟ قال: نعم، فركبوا جميعاً، فإذا هم بديار باد أهلها وانقضوا وفنوا، خاوية على عروشها، فقال: أتعرف هذه الديار؟ فقلت: ما أعرفني بها وبأهلها، هذه ديار قوم أهلكهم البغي والحسد؛ إن الحسد يطفىء نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه، والعين تزني والكف والقدم والجسد واللسان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. وهذا إسناد يحتمل التحسين، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير سعيد ابن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وقد روى عنه خالد بن حميد المهري أيضاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 354) ، وفي "التقريب" "مقبول"، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة. ومما يلفت إليه النظر أن داود أورد الحديث على اختصاره في "باب في الحسد" من "كتاب الأدب" مع أنه ليس في روايته ذكر الحسد في الحديث، فكأنه بذلك أشار إلى وروده في غير روايته. والله أعلم. هذا؛ وقد ذكر النابلسي في "الذخائر" (1/ 29رقم 244) أن أبا داود أخرجه في الصلاة وفي الأدب عن أحمد بن صالح، وقد فتشت عنه في "الصلاة" فلم أجده. ثم رأيت الحافظ المزي ذكر في "التحفة" (1/ 236) أنها في نسخة ابن العبد، فراجعه. والحديث ساقه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 256) بتمامه من رواية أبي يعلى، ثم قال: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 468 "ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وهو ثقة". وقد توهم بعضهم أنه ليس على شرط "المجمع"؛ لإخراج أبي داود إياه، فلفت نظره إلى الزيادة التي عند أبي يعلى دون أبي داود - في بعض النسخ -، مع أنه أشار إليها - كما تقدم -، فاستحسن ذلك، جزاه الله خيرا. 3469 - (جعل الله الخير كله في الربعة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 76-77) عن ابن لال معلقاً عن صبيح بن عبد الله الفرغاني: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي: حدثنا جعفر بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جعفر بن محمد الظاهر أنه ابن خالد بن الزبير ابن العوام القرشي، قال البخاري: "لا يتابع على حديثه". وقال الأزدي: "منكر الحديث". وذكره ابن حبان في "الثقات". وصبيح بن عبد الله الفرغاني؛ قال الخطيب: "صاحب مناكير". الحديث: 3469 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 469 3470 - (جهد البلاء: قلة الصبر) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 77) من طريق إسماعيل الصابوني عن محمد ابن جمعة: حدثنا مسلم بن جنادة: حدثنا وكيع: حدثنا شعبة عن عبد الحميد ابن كرديد عن ثابت عن أنس مرفوعاً. الحديث: 3470 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 469 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن جمعة ومسلم بن جنادة لم أجد لهما ترجمة. ونقل المناوي عن الصابوني أنه قال: "لم يروه عن وكيع مرفوعاً إلا مسلم بن جنادة". قلت: فأشار الصابوني إلى إعلاله بالوقف؛ وهو الأشبه. والحديث عزاه السيوطي لأبي عثمان الصابوني أيضاً في "المئتين". ثم رأيته في "ثقات ابن حبان" (7/ 119) من طريق سلم بن جنادة به. فتبين أن "مسلم" محرف "أسلم"، وأسلم - أيضاً - محرف من (سلم) ، وهو ثقة ربما خالف؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد خولف؛ فأخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 50) من طرق أخر عن شعبة به موقوفاً. ورجاله ثقات، فتأكد وقفه. (تنبيه) : اختلف المصادر التي رجعنا إليها في لفظة: "قلة"، فوقع هكذا في "مسند الفردوس"، وفي "الجامع الصغير" معزواً إليه وإلى الصابوني. لكن وقع في "الجامع الكبير" معزواً إليهما بلفظ: "قتل". وكذا وقع "ثقات ابن حبان" و "فردوس الديلمي" المطبوع (2/ 110/ 2582) ، ومن الغريب أنه وقع في فهرسه الذي وضعه السعيد (ص108) : "قلة". ولم يتيسر لي ترجيح أحدهما على الآخر. لعدم توفر مصادر مخطوطة أو مصورة ليصار إليها. 3471 - (الجبروت في القلب) . موضوع رواه الديلمي (2/ 82) عن ابن لال معلقاً عن محمد بن عبد الملك عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبد الملك - وهو الأنصاري -، قال أحمد: الحديث: 3471 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 470 "يضع الحديث ويكذب". وقال البخاري: "منكر الحديث". 3472 - (الجلاوزة، والشرط، وأعوان الظلمة كلاب النار) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 21) من طريق محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث طاوس تفرد به محمد بن مسلم الطائفي". قلت: وهو صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب". وتحته جماعة لم أجد من ترجمهم. والحديث عزاه المناوي للديلمي أيضاً، ولم أره في "زهر الفردوس". الحديث: 3472 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 471 3473 - (الجلوس مع الفقراء من التواضع، وهو من أفضل الجهاد) . موضوع رواه الديلمي (2/ 82) من طريق السلمي بسنده عن محمد بن علي بن الأشعث: حدثنا جعفر بن محمد العلوي: حدثنا مسلم بن إبراهيم ابن؟ : حدثنا عروة بن سـ بن طاهر بن عبيد الله عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، وآفته السلمي - واسمه محمد بن الحسين الصوفي -؛ كان يضع الحديث. ومحمد بن علي بن الأشعث لم أعرفه. وجعفر بن محمد العلوي الظاهر أنه الذي في "الميزان": "جعفر بن محمد بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي عن يزيد بن هارون الحديث: 3473 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 471 وأبي نعيم وغيرهما. روى عنه شريح بن عبد الكريم وغيره. قال الجورقاني في كتاب "الأباطيل": مجروح". 3474 - (البركة في الغنم والجمال في الإبل) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 1/ 18) عن علي بن أبي الأزهر: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن: حدثنا ابن وهب: حدثنا أبو أسلم صالح عن أنس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو أسلم صالح لم أعرفه. وأحمد بن عبد المؤمن - وهو أبو جعفر الصوفي - قال مسلمة بن قاسم: "ضعيف جداً". الحديث: 3474 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 472 3475 - (الجن لا تخبل أحداً في بيته عتيق من الخيل) . موضوع أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (7/ 433) من طريق سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده عريب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد هالك؛ سعيد بن سنان هو أبو مهدي الحمصي، قال الحافظ: "متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع". ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني. ورواه ابن قانع عنه به إلا أنه قال: "عمرو ابن عريب" بدل: "يزيد بن عبد الله بن عريب". الحديث: 3475 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 472 قال العلائي: "وهذا اختلاف شديد مع ما في روايته من الجهالة. يعني: عبد الله ويزيد وعمراً"؛ كذا في "اللسان". وذكر أنه أخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج عن بقية عن عبد الله بن عريب به. قلت: وبقية مدلس، وأبو عتبة ضعيف. 3476 - (الجنة بالمشرق) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 79) من طريق الحاكم: حدثنا محمد بن العباس: حدثنا أحمد بن محمد بن عطاء الفقيه: حدثنا إبراهيم بن علي النيسابوري: حدثنا الحسين بن إسحاق البصري: حدثنا محمد بن الزبرقان عن يونس بن عبيد [عن الحسن] عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا حديث باطل؛ آفته الحسين هذا؛ فإنه لا يعرف، وقد ذكر له الحافظ في "اللسان" هذا الحديث بلفظ: "إن الشمس بالجنة، والجنة بالمشرق" وقال: "أورده الجورقاني في كتاب "الأباطيل" وقال: الحسين مجهول". قلت: والظاهر أن أصل الحديث من الإسرائيليات؛ فقد رأيت في "حادي الأرواح" لابن القيم (1/ 109) أثراً رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عبد الله ابن عمرو قال: "الجنة مطوية معلقة بقرون الشمس تنشر في كل عام مرة، وإن أرواح المؤمنين في طير كالزرازير يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة". الحديث: 3476 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 473 وفسره ابن القيم بأن الجنة المعلقة بقرون الشمس ما يحدثه الله سبحانه وتعالى بالشمس في كل سنة مرة من أنواع الثمار والفواكه والنبات، جعله الله تعالى مذكراً بتلك الجنة وآية دالة عليها كما جعل هذه النار مذكرة بتلك، وإلا فالجنة التي عرضها السماوات والأرض ليست معلقة بقرون الشمس، وهي فوق الشمس وأكبر منها، وقد ثبت في "الصحيحين" عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع. والله أعلم. قلت: فكيف يعقل أن تكون الجنة - وهذه بعض أوصافها - بالمشرق؟! اللهم إلا أن يراد به معنى مجازي. أي بلاد المشرق كالعراقين وما ولاهما، وهو الذي استظهره المناوي فرع التصحيح، والحديث ليس بصحيح. 3477 - (الجنة دار الأسخياء) . ضعيف أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص59) ، وأبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (28/ 2) ، وابن عدي (535/ 2) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/ 345-346) ، والقضاعي (1-2/ 2) ، والديلمي (2/ 79) من طريق جحدر بن عبد الرحمن بن الحارث البكري: حدثنا بقية بن الوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن الأوزعي إلا بقية غير جحدر بن عبد الله الرحبي". وقال ابن عدي: "وهذا الحديث [ما] رواه عن بقية غير جحدر، وجحدر سرقه، وهو بين الضعف جداً". قلت: وجحدر لقبه، واسمه أحمد. قال الحافظ: الحديث: 3477 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 474 "وذكره ابن حبان في "الثقات"، فكأنه ما عرفه؛ لأنه سمى أباه عبد الله ابن الحارث، وقال: لم أر في حديثه ما في القلب منه إلا ... (فذكر هذا الحديث) وقال عقبه: هذا حديث منكر". قلت: وبقية مدلس، وقد عنعنه، فإن ثبت عنه، فلعله تلقاه عن بعض الضعفاء أو المجهولين؛ فقد رأيته من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي قال: حدثنا الأوزاعي به. أخرجه الشريف أبو القاسم الحسيني في "الأمالي" (55/ 2) . ويحيى هذا قال الحافظ: "ضعيف". ومن طريق عبد ربه بن سليم عن الأوزاعي به. أخرجه أبو القاسم الختلي في "الديباج" (168/ 1) ، وابن شاهين في "الترغيب" (297/ 1) . وعبد ربه بن سليم؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 44) عن أبيه: "شيخ مجهول". وروي من حديث أنس مرفوعاً بزيادة: "الجنة مأوى الأسخياء، الجنة مأوى الأسخياء". أخرجه ابن عدي (325/ 2) عن محمد بن مسلمة: حدثنا موسى الطويل عنه وموسى هذا؛ قال ابن حبان: "روى عن أنس أشياء موضوعة". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 475 ثم رأيت ابن حبان أورد الحديث في "الثقات" (8/ 35) في ترجمة أحمد ابن عبد الله بن الحارث: جحدر قال: "يروي عن بقية، لم أر في حديثه ما في القلب منه إلا حديثاً واحداً". ثم ساق له هذا الحديث وقال: "حديث منكر! أحاديث بقية ليست بنقية". 3478 - (حب أبي بكر وعمر من الإيمان، وبغضهما من الكفر، وحب العرب من الإيمان، وبغضهم من الكفر، ومن سب أصحابي فعليه لعنة الله، ومن حفظني فيهم فلا لعنه الله) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 84) ، وابن عساكر في "التاريخ" (13/ 35/ 1) عن علي بن الحسن الشامي: حدثنا خليد بن دعلج عن يونس بن عبيد عن الحسن عن جابر مرفوعاً به، وفي رواية لابن عساكر: "من حفظني فيهم فأنا أحفظه يوم القيامة". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ آفته الشامي هذا؛ قال ابن عدي: "جميع أحاديثه بواطيل، وهو ضعيف جداً". وقال الذهبي: "وهو في عداد المتروكين". وخليد بن دعلج ضعيف. والحسن وهو - البصري - مدلس. الحديث: 3478 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 476 والحديث أخرجه ابن عدي (124/ 2) ، وابن عساكر (9/ 301/ 2) عن محمد بن عبد الرحمن الحماني - أخو عبد الحميد - قال: حدثنا أبو إسحاق الحميسي عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك مرفوعاً به دون قوله: "وحب العرب ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحميسي هذا اسمه خازم بن الحسين، قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال ابن عدي: "عامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وأحاديثه شبه الغرائب، وهو ضعيف يكتب حديثه". ومحمد بن عبد الرحمن الحماني لم أجد له ترجمة. ثم أخرجه ابن عساكر من طريق الحماني: أخبرنا أبو إسرائيل عن علي بن زيد عن أنس مرفوعاً به دون قوله: "ومن سب ... ". والحماني هذا إن كان محمداً المذكور فلم أعرفه كما سبق. وإن كان أخاه عبد الحميد ففيه كلام. وأبو إسرائيل هو إسماعيل بن خليفة العبسي، ضعيف لسوء حفظه. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف أيضاً. 3479 - (حب الثناء من الناس يعمي ويصم) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 84) عن علي بن محمد بن عامر: حدثنا حميد عن عبد الرحمن بن عبد الله: حدثنا خداش بن مخلد: حدثنا الفضل بن عيسى عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عباد بن منصور. الحديث: 3479 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 477 والفضل بن عيسى - وهو الرقاشي -، قال الحافظ: "منكر الحديث". ومن دونهما لم أعرفهم. والحديث ضعف إسناده الحافظ العراقي أيضاً في "تخريج الإحياء" (3/ 241) . 3480 - (حجوا تستغنوا، وسافروا تصحوا، وتناكحوا تكثروا؛ فإني مباه بكم الأمم) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 83) عن محمد بن سنان بن يزيد القزاز: حدثنا محمد بن الحارث الحارثي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن عبد الرحمن البيلماني متروك. وأبوه عبد الرحمن ضعيف. ومثله محمد بن سنان بن يزيد القزاز. والشطر الأول من الحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية عبد الرزاق عن صفوان بن سليم مرسلاً. أخرجه (6/ 173/ 10391) من طريق ابن جريج قال: أخبرت عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال. والشطر الآخر له شاهد من حديث أنس وغيره، مخرج في "آداب الزفاف" بلفظ: الحديث: 3480 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 478 "تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". انظره (ص89و132) 3481 - (حجة قبل غزوة أفضل من خمسين غزوة، وغزوة بعد حجة أفضل من خمسين حجة، ولموقف ساعة في سبيل الله أفضل من سبعين حجة) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 188) عن الطبراني بسنده عن محمد بن عمر الكلاعي: حدثنا مكحول عن ابن عمر مرفوعاً، وقال: "غريب من حديث مكحول وابن عمر، لم نكتبه إلا من حديث الكلاعي". قلت: وهو منكر الحديث جداً؛ كما قال ابن حبان. ومكحول عن ابن عمر منقطع كما قال أبو زرعة. وأخرج البزار (2/ 258/ 1651) عن عنبسة بن هبيرة الطائي: سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "غزوة خير من أربعين حجة، وحجة الإسلام خير من أربعين غزوة"، وقال: "لا نعلمه إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث عن عنبسة إلا محمد بن سليمان، وثقه ابن حبان". قلت: وهذا التوثيق من تساهله المعروف، ولذلك لم يعتد به الذهبي، فقال في عنبسة: "مجهول". وسبقه أبو حاتم، وأشار البزار إلى جهالته. الحديث: 3481 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 479 3482 - (إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يستقبض ولده ولا أحداً؛ قريباً ولا بعيداً؛ فإنه إن فعل كان بمنزلة من سرق) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (210/ 1) عن علي بن عبد الملك بن عبد ربه الطائي: حدثني أبي: حدثنا أبو يوسف عن أبان عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبنا - وهو ابن أبي عياش البصري -، وهو متروك؛ اتهمه شعبة بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والراوي عنه أبو يوسف لم أعرفه. ومثله علي بن عبد الملك بن عبد ربه الطائي. وأما ابنه فيحتمل أنه الذي في "الميزان": "عبد الملك بن عبد ربه الطائي، عن خلف بن خليفة وغيره، منكر الحديث، وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع". قلت: وفي معناه أحاديث أخرى ضعيفة ومنكرة، فانظر الحديث المتقدم (3428) و "الإرواء" (7/ 15-16) . الحديث: 3482 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 480 3483 - (حرمت على النار ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله عز وجل، وعين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله) . ضعيف رواه أبو القاسم القشيري في "الأربعين" (158/ 1) عن محمد ابن يونس الكديمي: حدثنا عبد الله بن محمد الباهلي: حدثنا أبو حبيب العنزي: حدثنا بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً. الحديث: 3483 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 480 ومن طريق القشيري رواه البغوي في "شرح السنة" (4/ 207/ 2) . والكديمي متهم بالوضع. وله شاهد من حديث أبي ريحانة رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 158-159) عن عبد الرحمن بن شريح عن محمد بن سمير الرعيني أنه سمع أبا علي التجيبي أنه سمع أبا ريحانة يقول، مرفوعاً به، دون الجملة الثالثة، فلم يذكرها ابن سمير. لكن أخرجه الدارمي (2/ 203) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 28) ، والحاكم (2/ 83) - وعنه البيهقي (9/ 149) - من هذا الوجه وزادا في آخره: "وقال الثالثة فنسيتها. قال أبو شريح بعد ذلك: وحرمت النار على عين غضت عن محارم الله". زاد الدارمي: "أو عين فقئت في سبيل الله". وهذه الزيادة شك من بعض الرواة. وإلا صار العدد أربعاً. وأخرجه أحمد (4/ 134) دون الزيادة في آخره، والنسائي (2/ 56) مقتصراً على الجملة الثانية. 3484 - (حرمة الجار على الجار كحرمة دمه) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 88) عن أبي الشيخ معلقاً عن محمد بن سليمان بن أبي داود: حدثني أبي عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان بن أبي داود الحراني قال الذهبي في "الضعفاء": الحديث: 3484 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 481 "ضعفوه". 3485 - (حريم البئر مد رشائها) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 96) عن منصور بن صقير: حدثنا ثابت بن محمد عن نافع أبي غالب عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري في "الزوائد" (154/ 1) وبين سببه فقال: "ثابت بن محمد انقلب على ابن ماجه، وصوابه محمد بن ثابت؛ كما ذكره الذهبي في "الكاشف"، وقد ضعفوه. ومنصور متفق على ضعفه". قلت: ومحمد بن ثابت هو العبد ي، قال الحافظ: "صدوق لين الحديث". ثم روى ابن ماجه بهذا الإسناد عن ثابت بن محمد العبد ي عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "حريم النخلة مد جريدها". وروى له شاهداً بمعناه عن إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف أيضاً منقطع؛ إسحاق هذا مجهول الحال، ولم يسمع من عبادة؛ كما في "التقريب". وقد صح ما يؤيده، فأخرج أبو داود (2/ 123) عن أبي سعيد الخدري قال: "اختصم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان في حريم نخلة؛ فأمر بها فذرعت الحديث: 3485 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 482 فوجدت سبعة أذرع، (وفي رواية: فوجدت خمسة أذرع) ؛ فقضى بذاك". وإسناده صحيح. 3486 - (حزقة حزقة، ارق عين بقة) . ضعيف رواه البخاري في "الأدب المفرد" (249) ، وابن أبي شيبة (12/ 101) مختصراً، والطبراني (1/ 260/ 2) ، وعنه ابن عساكر (4/ 252/ 1) عن معاوية بن أبي مزرد عن أبيه عن أبي هريرة قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي هاتان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بكفيه جميعاً حسناً أو حسيناً وقدماه على قدمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقول: (فذكره) . فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال له: "افتح"، قال: ثم قبله، ثم قال: "اللهم أحبه فإني أحبه". قلت: ورجاله كلهم ثقات معرفون غير أبي مزرد والد معاوية واسمه عبد الرحمن بن يسار؛ أشار الذهبي إلى جهالته بقوله: "تفرد عنه ولده عبد الرحمن". ثم رواه الطبراني (1/ 260/ 2) من طريق أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي: حدثنا بن أبي فديك: حدثنا المتوكل بن موسى عن محمد بن مسرع عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة به نحوه بلفظ: "ارق بأبيك أنت عين بقة". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن مسرع والمتوكل بن موسى لم أعرفهما. وقد أشار إلى هذا الهيثمي بقوله في "المجمع" (3/ 180) : الحديث: 3486 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 483 "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم". وقال في الإسناد الذي قبله: "رواه الطبراني، وفيه أبو مزرد ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح". ومما تقدم تعلم أن قول الشيخ عبد الله الغماري في رسالته التي سماها "إعلام النبيل بجواز التقبيل" (ص6) : "وروى الطبراني بإسناد جيد كما قال الدميري في "حياة الحيوان" عن أبي هريرة ... "؛ فذكر الحديث باللفظ الأول، إلا أنه قال في آخره: "اللهم! من أحبه فإني أحبه"! وهذا خطأ من بعض نساخ "مجمع الهيثمي" زاد فيه اسم: "من"؛ فقلده الغماري لأنه يحوش من هنا وهناك! ولا يرجع إلى الأصول كالمصادر المذكورة أعلاه. ثم إن معناه ركيك إلا بتقدير "أحب من أحبه" أو نحوه. وقد رواه البخاري (5884) من طريق آخر عن أبي هريرة في قصة أخرى مختصرة في الحسن دون شك، وفيه: فالتزمه فقال: "اللهم إني أحبه، فأحبه، وأحب من يحبه". وكذا رواه مسلم (7/ 130) ، وابن حبان (6924) . وأخرجه في "الأدب المفرد" (1183) ، والحاكم (3/ 178) ، وأحمد (2/   (1) (ج 1 / 226 - 227) ، وهو فقيه شافعي، وليس معروفا بتخريج الأحاديث ونقدها، فالعجب ممن يدعي الاجتهاد في الحديث أن يقلد مثله!! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 484 532) من طريق أخرى عنه. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي! وإنما هو حسن فقط. 3487 - (حسب امرىء من البخل أن يقول: آخذ حقي كله، ولا أدع منه شيئاً) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 90) عن هلال بن العلاء: حدثنا أبي عن أبيه عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ العلاء والد هلال: هو العلاء بن هلال بن عمر ابن هلال بن أبي عطية الباهلي أبو محمد الرقي؛ قال أبو حاتم: "منكر الحديث؛ ضعيف الحديث، عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة"، وقال النسائي: "روى عن أبيه غير حديث منكر، فلا أدري منه أتي أو من أبيه". وأما هلال بن عمر الرقي جد هلال بن العلاء، فقال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 78) عن أبيه: "ضعيف الحديث". الحديث: 3487 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 485 3488 - (حجج تترى، وعمر نسق؛ تنفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكبر خبث الحديد) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 92) من طريق الدارقطني بسنده عن محمد بن أبي حميد عن عامر بن عبد الله بن الزبير - قال محمد: لا أعلم إلا عن عروة - عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 3488 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 485 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن أبي حميد ضعيف؛ كما في "التقريب". والحديث أورده السيوطي في "الجامع" بلفظ: "حجج تترى وعمر نسقاً يدفعن ميتة السوء، وعيلة الفقر" وقال: "رواه عبد الرزاق عن عامر بن عبد الله بن الزبير مرسلاً، والديلمي عن عائشة". وأنت ترى أن لفظ الديلمي مخالف لهذا اللفظ الذي ساقه، وأظنه لفظ عبد الرزاق المرسل. 3489 - (حسبي رجائي من خالقي، وحسبي ديني من دنياي) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 54) عن بقية عن إبراهيم بن أدهم: حدثني أبو ثابت قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "كذا رواه عن أبي ثابت، فأرسله". قلت: وهو مع إرساله ضعيف؛ لأن بقية مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 3489 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 486 3490 - (حسن الخلق خلق الله الأعظم) . موضوع رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 74/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 175) عن عمرو بن الحصين: أخبرنا إبراهيم بن عطاء عن يزيد بن عياض عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمار بن ياسر مرفوعاً، وقال ابن منده: "تفرد به إبراهيم" الحديث: 3490 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 486 قلت: وهو صدوق. لكن الآفة من شيخه يزيد بن عياض - وهو ابن جعدبة -؛ فقد كذبه مالك وغيره؛ كما في "التقريب". وعمرو بن الحصين متروك، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وبه فقط أعله الهيثمي (8/ 20) . 3491 - (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع القضاء السوء) . ضعيف جداً رواه ابن عساكر (5/ 327/ 2) عن أبي الحسن علي بن أحمد بن زهير التميمي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن القاسم الغساني: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن محمد الأنطاكي البزاز - قدم علينا دمشق -: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري: أخبرنا ابن ناجية: أخبرنا محمد بن المثنى: أخبرنا محمد بن خالد بن عثمة: أخبرنا عبد الله بن محمد المنكدر عن أبيه عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عبد الله بن محمد بن المنكدر لم أجد له ترجمة، وقد ذكر الحافظ في الرواة عن أبيه محمد بن المنكدر أخويه يوسف والمنكدر، أما هو فلم يتعرض له بذكر، فهذا يشعر بأنه غير معروف. والله أعلم. ومن دون ابن ناجية لم أعرفهم غير علي بن أحمد بن زهير التميمي، قال الذهبي: "ليس يوثق به، قال أبو القاسم ابن صابر: كان غير ثقة". الحديث: 3491 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 487 3492 - (حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 67/ 2) ، وأبو الحديث: 3492 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 487 الغنائم النرسي في "فوائد الكوفيين" (25/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 104و4/ 237) ، والخطيب في "التاريخ" (6/ 334و13/ 21) ، والقضاعي (58/ 1) ، وعنهما ابن الجوزي في "العلل المنتاهية" (2/ 2) من طريق موسى ابن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في "الأوسط" أيضاً (1/ 85/ 1) من "الجمع بينه وبين الصغير" وقال: "لم يروه عن الحكم إلا موسى". قلت: وهو متروك؛ كما قال الهيثمي (3/ 64) ، ولذلك قال ابن الجوزي: "لا يصح". وله شاهد عن الحسن البصري مرسلاً، وهو الأشبه. أخرجه أبو داود في "المراسيل". وله طرق أخرى تجدها في "المقاصد" للسخاوي. 3493 - (الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقاً، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق، وهو أفضل الجيران حقاً. فأما الجار الذي له حق واحد؛ فالجار المشرك لا رحم له، له حق الجوار، وأما الذي له حقان؛ فالجار المسلم لا رحم له، له حق الإسلام وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق؛ فجار مسلم ذو رحم، له حق الإسلام، وحق الجوار، وحق الرحم. وأدنى حق الجوار أن لا تؤذي جارك بقتار قدرك إلا أن تقدح له منها) . الحديث: 3493 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 488 ضعيف. أخرجه البزار (2/ 380) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (ص476) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 207) عن عبد الرحمن بن فضيل عن عطاء الخراساني عن الحسن عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "حديث غريب". قلت: وهو مسلسل بالعلل: الأولى: عنعنة الحسن البصري؛ فإنه كان مدلساً. الثانية: عطاء الخراساني، وهو مدلس أيضاً وسيىء الحفظ، قال الحافظ: "صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس". الثالثة: عبد الرحمن بن فضيل لم أعرفه، وفي "اللسان": "عبد الرحمن بن الفضل يأتي في ترجمة عبيد الله بن ضرار". قلت: وفي ترجمة عبيد الله المذكور، إنما جاء فيها أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وأنه متروك. فكأن الحافظ لما أحال على هذه الترجمة لم يقع بصره على اسم "أحمد"، وظن أنه عبد الرحمن بن الفضل، فأحال عليه، والله أعلم. والحديث رواه سويد بن عبد العزيز عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً به نحوه، وفي أوله زيادة، تقدم تخريجها برقم (2587) . أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (ص469) ، والخرائطي في "المكارم" (2/ 237) . وعطاء هذا هو الخراساني المذكور في الطريق الأولى، وقد عرفت حاله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 489 وابنه عثمان ضعيف أيضاً. ومثله سويد بن عبد العزيز. (تنبيه) : من أوهام بعض الدكاترة! حول هذا الحديث قول الدكتورة السودانية المعلقة على "مكارم الأخلاق" في تخريجه: "ذكره المنذري في "الترغيب"، وأشار إلى رواية أخرى للحديث، منها رواية الطبراني عن معاوية بن أبي (كذا) حيدة، وأبو (كذا) الشيخ ابن حبان (!) في كتاب "التوبيخ" عن معاذ بن جبل". فأقول فيه أمور: الأول: إيهام القراء أن المنذري أشار إلى أن حديث معاوية بن حيدة ومعاذ بن جبل حديث الترجمة، وليس كذلك؛ فإن المنذري إنما ساق حديث (عمرو بن شعيب) عقب الزيادة التي سبقت الإشارة إلى تخريجها دون حديث الترجمة. الثاني: أنها ذكرت إشارة المنذري عقب حديث (عمرو بن شعيب) في "المكارم"، وفيه حديث الترجمة، فأوهمت هي إيهاماً آخر أن حديث معاوية ومعاذ فيهما حديث الترجمة كما هو في حديث عمرو في "المكارم"، وهذا وهم فاحش!! . وإنما يقع مثل هذا ممن لا تحقيق عندهم، ويقنعون بالرجوع إلى الفروع دون الأصول! الثالث: كان على الدكتورة مكان ما تقدم عنها أن تفيد القراء عن تضعيف المنذري للحديث، بتصديره إياه بقوله: "وروي عن عمرو بن شعيب ... "، بديل إيهامهما القراء أن الحديث قوي بحديثي معاوية ومعاذ، والمنذري الذي أشار إليهما لم يقو الحديث بهما!! الجزء: 7 ¦ الصفحة: 490 3494 - (حق الولد على والده أن يحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إن أدرك) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق62/ 2) ، والديلمي (2/ 86-87) من طريق أبي نعيم معلقاً عنه عن أبي هارون السندي عن الحسن ابن عمارة عن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً. الحسن بن عمارة متروك. والحديث عزاه السيوطي لأبي نعيم أيضاً في "الحلية"، لم أره في فهرسه. والله أعلم. ونحوه ما رواه الأصبهاني في "الترغيب" (62/ 2) من طريق عبد الله بن عبد العزيز قال: أخبرني أبي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "إن من حق الولد على ولده أن يحسن أدبه، وأن يحسن اسمه، وأن يعظه (وفي رواية: أن يفقهه) إذا بلغ". وعبد الله هو ابن عبد العزيز بن أبي رواد، قال ابن الجنيد: "لا يساوي شيئاً، يحدث بأحاديث كذب". وروى سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إن من حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، وأن يحسن أدبه". أخرجه البزار (2/ 411/ 1984) وقال: الحديث: 3494 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 491 "تفرد به عبد الله بن سعيد، ولم يتابع عليه". قلت: وهو متروك؛ كما في "المجمع" (8/ 47) . وأخوه سعد بن سعيد لين الحديث، كما في "التقريب". ووقع في رواية محمد بن مخلد الدوري في "جزئه": (عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد) كما في "المداوي" (2/ 547) للشيخ الغماري، من طريق علي بن شاذان عنه. وقال الشيخ: "علي بن شاذان ضعفه الدارقطني"، فقوله: (عبد المجيد) مكان (عبد الله) خطأ منه أو من النساخ، أو هو العكس. والله أعلم. 3495 - (حق الولد على والده أن يعلمه كتاب الله، والسباحة، والرمي، وأن يورثه طيباً) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 184) ، والديلمي (2/ 86) عن الجراح بن منهال عن الزهري عن أبي سليم مولى أبي رافع عن أبي رافع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو سليم مولى أبي رافع لم أعرفه. والجراح بن منهال؛ قال البخاري ومسلم: "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر". ومن هذا الوجه أخرجه أبو محمد الجوهري في "مجلسان من الأمالي" بالشطر الأول منه. الحديث: 3495 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 492 وأخرجه البيهقي في "الشعب" (6/ 401) من طريق بقية عن عيسى بن إبراهيم عن الزهري به، وقال: "عيسى بن إبراهيم يروي ما لا يتابع عليه". 3496 - (حلق القفا من غير حجامة مجوسية) . ضعيف رواه ابن الأعرابي في "معجمه" (62/ 2) : أخبرنا محمد بن الوليد: أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن: أخبرنا الوليد بن مسلم: حدثني سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حلق القفا للحجامة. فذكرته لابن أبي السري فقال: أخبرنا عمر بن عبد الواحد عن روح بن محمد عن قتادة عن الحسن عن عمر بن الخطاب مرفوعاً به. قال ابن أبي السري فذكرته للوليد فقال: حدثنا رجل عن قتادة عن الحسن عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حلق القفا من غير حجامة. قال ابن أبي السري: فكنا نرى أن الوليد دلسه عن عمر بن عبد الواحد. قلت: وهذا إسناد ضعيف بلفظيه؛ لأن مدارهما على الحسن - وهو البصري - وهو مدلس، فروايته الأولى عن أنس عن عمر، علتها العنعنة، وروايته الأخرى عن عمر منقطعة؛ لأنه لم يسمع منه. وفيها أيضاً روح بن محمد ولم أعرفه، وفي الأولى سعيد بن بشير، وهو ضعيف. والحديث أخرجه ابن عساكر أيضاً في "التاريخ" (16/ 47/ 2) بالروايتين دون قوله: "قال ابن أبي السري: فذكرته للوليد، فقال .... ". الحديث: 3496 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 493 3497 - (حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 140/ 2) ، ومن طريقه ابن عساكر (19/ 223/ 2) عن إسحاق بن إبراهيم مولى جميع بن حارثة الأنصاري: حدثني عبد الله بن ماهان الأزدي: حدثني فائد مولى عبيد الله بن أبي رافع: حدثتني سكينة بنت الحسين بن علي عن أبيها مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن ماهان لم أجد له ترجمة. وإسحاق بن إبراهيم هو ابن سعيد الصواف المدني مولى مزينة، وهو ضعيف؛ كما قال الهيثمي (7/ 161) . وقد روي من حديث أبي هريرة رفعه بلفظ: "النبيون والمرسلون سادة أهل الجنة، والشهداء قواد أهل الجنة، وحملة القرآن عرفاء أهل الجنة". أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 65) عن خالد بن محمد أبي وائل: حدثنا عون بن عمارة: حدثنا حفص بن جميع عن عبد الكريم عن شهر بن حوشب عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء من شهر إلى عون، وعبد الكريم هو ابن أبي أمية البصري. وخالد بن محمد أبو وائل لم أعرفه. أخرجه في "أخبار أصبهان" (2/ 323) من طريق مجاشع بن عمرو: حدثنا الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً مثل حديث شهر بتقديم وتأخير. الحديث: 3497 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 494 ومجاشع قال الذهبي في "المغني": "قال ابن حبان: يضع الحديث". 3498 - (أبد المودة لمن وادك؛ فإنها أثبت) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (117/ 66) ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ق110/ 1-2بغية الباحث) من طريق داود بن رشيد: حدثنا عمر بن حفص عن أبي محمد الأنصاري الساعدي عن يزيد عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لم أعرف أحداً ما بين أبي حميد وداود بن رشيد، وإلى ذلك أشار الهيثمي في "المجمع" بقوله (10/ 282) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم". وعمر بن حفص، وقع في مطبوعة "الإخوان" (محمد بن جعفر) ! فالله أعلم بالصواب، فلم أجد الآن ما يساعد على الترجيح، وقال المعلق عليه: "لم أجده". وكذلك قال في (أبي محمد الأنصاري) . وشيخه (يزيد) هو ابن زيد الأنصاري مولى بني ساعدة، كما ذكر الحافظ المزي في الرواة عن أبي حميد الساعدي. ووقع في "الإخوان": (يزيد بن أبي يزيد) ، فأظنه خطأ، وذكر المعلق عليه أنه (يزيد بن أبي يزيد الضبعي) مولاهم الثقة، وليس هو؛ فإنه ليس من هذه الطبقة، وليس له رواية عن أحد من الصحابة، إنما روايته عن التابعين. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (1/ 4) للطبراني في "المعجم الحديث: 3498 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 495 الكبير" أيضاً، ولأبي الشيخ في "الثواب"، فلعله إذا طبع هذا ومسند أبي حميد من "المعجم الكبير" يبدو لنا شيء مما يساعد على التصويب والتحقيق. 3499 - (الحاج الراكب له بكل خف يضعه بعيره حسنة، والماشي له بكل خطوة يخطوها سبعون حسنة من حسنات الحرم) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 98) عن عبد الله بن محمد بن ربيعة: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن مسلم الطائفي ضعيف سيىء الحفظ. وعبد الله بن محمد بن ربيعة - وهو القدامي - ضعيف جداً، قال الذهبي: "أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب". وقال الحاكم والنقاش: "روى عن مالك أحاديث موضوعة". وقد رواه ابن عدي عنه بلفظ آخر مضى ذكره في الحديث (496) . ورواه غيره عن الطائفي بلفظ مغاير له، فراجعه هناك. الحديث: 3499 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 496 3500 - (الحاج في ضمان الله مقبلاً ومدبراً؛ فإن أصابه في سفره تعب أو نصب غفر الله له بذلك سيئاته، وكان له بكل قدم يرفعه ألف درجة، وبكل قطرة تصيبه من مطر أجر شهيد) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 98) عن عبد الله بن محمد بن يعقوب: الحديث: 3500 ¦ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 496 حدثنا العباس بن عبد العزيز القطان: حدثنا سليمان بن عبد الله عن يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛آفته عبد الله بن محمد بن يعقوب - وهو الحارثي -؛ قال أبو سعيد الرواس: "يتهم بوضع الحديث". وهو الذي جمع مسنداً لأبي حنيفة رحمه الله تعالى. وشيخه العباس بن عبد العزيز لم أعرفه، وكذا سليمان بن عبد الله. والحديث لوائح الوضع ظاهرة عليه.   انتهى بحمد الله وفضله المجلد السابع من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة ". ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثامن، وأوله الحديث: 3501 - (كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه) . " وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 497 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ مقدمة الناشر إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد؛ فهذا هو المجلد الثامن من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" للشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله رحمة واسعة- وهو واحد من أربعة عشر مجلداً من هذه "السلسلة الضعيفة"، وتضم سبعة آلاف حديث تقريباً، طُبع نصفها، ونسأل الله أن ييسر إخراج بقيتها في أقرب وقت وعلى أحسن صورة ممكنة بفضله وكرمه. وهذا الثامن منها- كسابقِهِ- يتضمن خمس مئة حديث لا يصح، وقد يسَّر الله إخراجه وتهيئته للطبع بالاستعانة ببعض طلاب العلم جزاهم الله خيراً، وقد بُذل في تهيئته للطبع جهد مضاعف، نظراً لكونه أول مجلد يُهيّأ للطبع دون مراجعة الشيخ له، واطلاعه عليه ومتابعته خطوة خطوة. وبهذه المناسبة نقول: إننا حرصنا كل الحرص على إخراج هذا المجلد مطابقاً لأصله الذي خَطه الشيخ رحمه الله بيده، دون زيادة أو نقصان، إلا ما لا بد منه في كتاب مخطوط يُعد للطباعة. ومن الناحية العلمية فقد اضطررنا في بعض المواطن لوضع هوامش، تبين أموراً لا بد منها يجدها القارئ في مواضعها من الكتاب مذيَّلة باسم (الناشر، بالإضافة إلى صنع الفهارس العلمية المتنوعة   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] هذه ملاحظات على المجلد الثامن وقفت عليها في موقع ثمرات المطابع - جزاهم الله خيرا - وأحببت إضافتها هنا تنبيها للقارئ أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة   التقويم: لا شك أن مثل هذه الكتب لابد أن يتعامل معها طالب العلم بدقة وانتباه، لأنها مسودات للشيخ لم يعدها للنشر بل لم يذكر عن الشيخ أنه أذن بطبعها على حالتها بعد وفاته لا سيما مع ما عرف عن الشيخ من الدقة في إخراجه لكتبه ومراجعته لها خاصة عندما كثر حاسدوه فضلاً عن الآراء العلمية التي قد تراجع الشيخ عنها سواء في حكمه على حديث أو على رجل أو قاعدة في الجرح والتعديل تغير اجتهاده فيها فكل هذا يؤثر في الحكم على الحديث، فما هو موجود في هذا الكتاب قد لا يجزم بأنه ما استقر عليه رأي الشيخ. الملاحظات: - يظهر من خلال تتبع منهج إخراج هذا المجلد بالمقارنة مع المجلد التاسع التباين الواضح في منهج وطريقة إخراج الكتاب مما يجعلنا نظن أن الذي أخرج هذا المجلد غير من أخرج المجلد التاسع فلذا سنذكر الملاحظات على هذا المجلد على حده: 1- عدم ذكر الناشر لاسماء محققي الكتاب ليكون لهم الغنم إن أصابوا والغرم إن أخطأوا. 2- التصرف في نص الكتاب بما ينافي ما خطوه لأنفسهم من منهج وله مثالان: أ/ في ص 173 حذف حديث رقم (3697) لتراجع الشيخ عن تضعيفه ونقله له في السلسلة الصحيحة، وهذا التصرف لا ينبغي أيضاً فلو أبقوا الحديث ونبهوا على تراجع الشيخ لكان أولى كما فعل 9/444. ب/ في ص238 حذف حديث رقم (3763) لتكراره مع أنه من المفترض تركه كما هو ومن ثم التنبيه على ذلك في الحاشية، بخلاف من أخرج الجزء التاسع فقد أبقوا على حديث رقم 4324 مع تكراره برقم 4104 وهذا هو المنهج السديد لأن التخريج الآخر لن يخلو غالباً من زيادة فائدة وإن لم يكن فلينبه. 3- هناك بعض التعليقات العلمية الجيدة مثل: أ/ تصحيح خطأ في اسم راوي ص212. ب/ عزو حديث قال الشيخ لم يجده في فهرس الحلية ص22. ج/ التنبيه على تراجع الشيخ في حكمه على بعض الرجال وذلك في موضعين ص191، وص193، ولكن الملاحظ أنهم لم يلتزموا ذلك المنهج في التعليق على كل الكتاب. 4- عدم استطاعتهم قراءة جزء من حديث رقم (3906) ولو رجعوا للمصدر الذي خرجه الشيخ منه لوجدوه وهو متيسر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 3 للكتاب على نحو ما كانت تُصنع في حياة الشيخ رحمه الله تعالى. والله نسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه، وأن ينفع به الأمة، ويكتب الأجر للشيخ رحمه الله. ولا يفوتنا هنا أن نشكر كل من كانت له يد في إخراج هذا الكتاب، سائلين الله أن يجزيهم خير الجزاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. الناشر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 4 3501 - (كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 328) عن أبي هلال، عن قتادة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... فذكره. وهذا مرسل، وأبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسبي؛ صدوق فيه لين. الحديث: 3501 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 3502 - (كان إذا رأى الهلال قال: الله أكبر، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، إني أسالك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر، ومن سوء الحشر) . ضعيف الإسناد أخرجه أحمد (5/ 329) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا محمد بن بشر: حدثنا عبد العزيز بن عمر: حدثني من لا أتهم من أهل الشام، عن عبادة بن الصامت قال: ... فذكره مرفوعاً. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير تابعيه؛ فإنه لم يسم، فهو مجهول، غير أن الراوي عنه ذكر أنه غير متهم عنده، والله أعلم. وفي "المجمع" (10/ 139) : "رواه عبد الله والطبراني، وفيه راو لم يسم". قلت: وهو في نسختنا من "المسند" من رواية عن أبيه، فليس هو من زياداته على أبيه كما يفيده صنيع الهيثمي هذا، ويؤيد ما في نسختنا أن السيوطي عزاه أيضاً لـ "المسند". والله أعلم. الحديث: 3502 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 3503 - (كان إذا رأى الهلال قال: اللهم! اجعله هلال يمن وبركة) . ضعيف الإسناد أخرجه ابن السني (رقم 634) من طريق أبي المقدام، عن الحديث: 3503 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 الوليد بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ أبو المقدام هو هشام بن زياد أخو الوليد بن زياد؛ وهو متروك؛ كما في "التقريب"، وقد روي من غير طريقه كما يأتي قريباً. وهو: 3504 - (كان إذا رأى الهلال قال: اللهم! أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام والسكينة والعافية والرزق الحسن) . ضعيف الإسناد أخرجه ابن السني (رقم 639) عن الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن شيخ من أشياخهم، عن أبي فروة حدير السلمي. وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الشيخ الذي لم يسم، وبقية رجاله موثقون. وله شاهد موقوف عنده أيضاً (رقم 640) من طريق معاوية بن صالح، عن أبي عمر الأزدي (وفي نسخة: أبي عمرو الأنصاري) ، عن بشير مولى معاوية قال: سمعت عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدهم حدير أبو فروة (وفي نسخة: فورة) يقولون إذا رأوا الهلال: اللهم! اجعل شهرنا الماضي خير شهر وخير عاقبة، وأدخل علينا شهرنا هذا بالسلامة والإسلام، والأمن والإيمان، والمعافاة والرزق الحسن. وأبو عمر الأزدي - وأبو عمرو الأنصاري - وشيخه بشير؛ لم أعرفهما. وروى الطبراني في "الأوسط" عن عبد الله بن هشام قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعلمون هذا الدعاء إذا دخلت السنة أو الشهر: اللهم! أدخله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ورضوان من الرحمن، وجواز من الشيطان. قال الهيثمي: "وإسناده حسن"، وعلى هامشه ما نصه: "قلت: فيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف. ابن حجر". الحديث: 3504 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6 3505 - (كان إذا رأى الهلال قال: ربي الله، آمنت بالذي أبداك ثم يعيدك) . ضعيف الإسناد جداً أخرجه ابن السني (رقم 638) من طريق محمد بن عمر الأسلمي: حدثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن عمر هو الواقدي، وهو ضعيف بل متروك، وعبد الحميد بن عمران وعبد الرحمن بن ثوبان؛ لم أجد من ذكرهما. الحديث: 3505 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 3506 - (كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، آمنت بالذي خلقك - ثلاث مرات -، ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا، وجاء بشهر كذا) . ضعيف الإسناد أخرجه أبو داود (2/ 328) من طريق قتادة: أنه بلغه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... إلخ. وهذا إسناد مرسل، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. وقد روي موصولاً؛ أخرجه ابن السني (رقم 636) من طريق معمر بن سهل: حدثنا عبيد الله بن تمام، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً به. وهذا إسناد ضعيف؛ معمر بن سهل هو الأهوازي، ذكره الذهبي فيمن روى عن ابن تمام هذا، ولم أجد له ترجمة، وابن تمام؛ ضعفه أبو حاتم والدارقطني وغيرهما. الحديث: 3506 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 3507 - (كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد، ثم قال: اللهم! إني أسالك من خير هذا الشهر وخير القدر، وأعوذ بك من شره - ثلاث مرات -) . ضعيف الإسناد روي من حديث رافع بن خديج؛ قال في "المجمع" (10/ 139) : "رواه الطبراني، وإسناده حسن". كذا قال! ولعله لشواهده السابقة؛ وإلا فإن إسناده استقلالاً لا يحتمل التحسين، وإسناده في "معجم الطبراني الكبير" هكذا: حدثنا أحمد بن عمرو البزار: حدثنا محمد بن موسى الحرشي: أخبرنا ميمون بن زيد، عن ليث، عن عباية بن رفاعة، عن رافع بن خديج مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء؛ محمد بن موسى الحرشي لين كما في "التقريب"، وميمون بن زيد (ويقال: ابن يزيد) ؛ لينه أبو حاتم الرازي كما في "الميزان"، وليث هو ابن أبي سليم قال الحافظ: "اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه؛ فترك"، وأما أحمد بن عمرو البزار؛ فهو الحافظ المشهور صاحب "المسند" المعروف به. الحديث: 3507 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 3508 - (كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد، آمنت بالذي خلقك فعدلك) . ضعيف الإسناد روي من حديث أنس؛ قال في "المجمع": "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه أحمد بن عيسى اللخمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". قلت: أحمد بن عيسى هذا هو الخشاب؛ كذلك جاء منسوباً في "عمل اليوم الحديث: 3508 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 والليلة" لابن السني (رقم 637) ؛ وهو التنيسي، وهو معروف بالضعف الشديد؛ قال ابن عدي: "له مناكير"، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال ابن طاهر: "كذاب يضع الحديث"، وذكره ابن حبان في "الضعفاء". وزاد ابن السني في آخر الحديث: "فتبارك الله أحسن الخالقين". 3509 - (كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير، الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا، أسألك من خير هذا الشهر ونوره وبركته وهداه وطهوره) . ضعيف السند روي من حديث عبد الله بن مطرف قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقل الناس غفلة، كان إذا رأى ... إلخ. أخرجه ابن السني (641) : أخبرنا حامد بن شعيب: حدثنا سريج بن يونس: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري: حدثني شيخ، عن حميد بن هلال، عنه. قال سريج: فقيل لمروان: فسم الشيخ، فقال: أخذنا حاجتنا منه ونعطيه بقوله. قلت: ولم أفهم معنى هذا الكلام ولا مراده؛ فليتأمل. وإسناده ضعيف؛ جهالة الشيخ الذي لم يسم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير حامد بن شعيب؛ وهو حامد بن محمد بن شعيب البلخي، وثقه الدارقطني وغيره، وله ترجمة في "تاريخ بغداد" (8/ 169) ، فليرجع إليها من شاء. وبالجملة؛ فهذه طرق كثيرة يثبت بها أنه عليه السلام كان يدعو إذا رأى الهلال، وأما بماذا كان يدعو؟ فهذا مما اختلفت فيه الأحاديث؛ على ما في أسانيدها من ضعف كما علمت، والذي تطمئن إليه النفس وينشرح له الصدر الحديث: 3509 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 ثبوت الدعاء عنه عليه السلام بـ: (اللهم! أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال خير ورشد) ؛ لورود ذلك في عدة طرق، وأما بقية الأدعية فشاذة منكرة؛ لم يأت ما يدعمها ويأخذ بعضدها، فالأولى الاكتفاء بهذا القدر من الدعاء، والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم وجدت الحديث في "الكفاية" (474) للخطيب، من طريق حامد بن محمد بن شعيب به، وله عنده زيادة في الدعاء إذا أمسى وإذا أصبح، وقال في آخره: "ونغطيه بهواه" كذا! ولم أفهمه أيضاً. 3510 - (كان إذا رأى الهلال قال: الله أكبر الله أكبر، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم! إني أسالك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر، وأعوذ بك من شر يوم المحشر) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 44/ 2) ، وعنه أحمد (5/ 329) ، والطبراني، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (297/ 2) : حدثنا محمد بن بشر: أخبرنا عبد العزيز بن عمر قال: حدثني من لا أتهم، عن عبادة بن الصامت مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الواسطة بين عبد العزيز بن عمر - وهو ابن عبد العزيز - وعبادة. الحديث: 3510 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 3511 - (الحباب شيطان) . ضعيف رواه ابن سعد (3/ 541) بأسانيد صحيحة، عن عروة، وأبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، والشعبي؛ ثلاثتهم مرفوعاً. الحديث: 3511 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. وكذلك رواه ابن وهب في "الجامع" (ص7) عن ابن أبي هلال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للحباب بن عبد الله بن أبي سلول - وكان يكنى به -: "دع اسم الحباب؛ فإنه اسم شيطان". قلت: وهذا مرسل أيضاً، بل معضل؛ فإن ابن أبي هلال - واسمه سعيد - من السادسة عند ابن حجر. ثم رواه عن ابن شهاب مرسلاً أو معضلاً نحوه. ثم رواه (ص11) : حدثني ابن سمعان، عن محمد بن المنكدر مرسلاً نحوه. وهذا مع إرساله؛ فيه ابن سمعان، وهو متروك. وله شاهد موصول في "مجمع الزوائد" (8/ 50) ، لكن فيه متروك. وقد أشار الخطابي في "المعالم" (7/ 256) ، ثم المنذري في "الترغيب" (3/ 87) إلى ضعف الحديث. ورواه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 372-373) من طريق يسار بن السائب، عن عامر الشعبي مرسلاً. ثم رواه (1/ 374-375) من طريق عطاء بن السائب، عن الشعبي به. ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (11/ 40/ 19849) عن معمر، عن الزهري مرسلاً. وعنه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (2/ 412) ، لكنه قال: عن معمر، عن هشام بن عروة مرسلاً. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 3512 - (الحجامة تنفع من كل داء، ألا فاحتجموا) . موضوع رواه أبو عثمان البحيري في "الفوائد" (43/ 1) عن محمد بن أحمد ابن حمدان: حدثنا صالح بن بشر: حدثنا أبو معاوية، عن أبي عمرو بن العلاء، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ ابن حمدان هذا كذاب؛ كما قال الذهبي، وقال ابن ابن عدي: "يضع الحديث، وسمعت أبا عروبة يقول: لم أر في الكذابين أصفق وجهاً منه". الحديث: 3512 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 3513 - (الحجامة في الرأس شفاء من سبع - إذا ما نوى صاحبها -: من الجنون، والجذام، والبرص، والنعاس ووجع الأضراس، والصداع، وظلمة يجدها في عينيه) . موضوع رواه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (2/ 123/ 1334) ، والطبراني (11/ 29/ 10938) عن عمر بن رياح: أخبرنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (246/ 1) ، وقال: "عمر بن رياح يروي البواطيل عن ابن طاوس ما لا يتابعه أحد عليه، والضعف بين على حديثه". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب". ثم رواه الطبراني (3/ 122/ 1) ، وكذا العقيلي (ص29) ، وابن عدي (272/ 2) ، وابن جرير الطبري في "التهذيب" (2/ 104/ 1269) من طريق قدامة الحديث: 3513 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 ابن محمد الأشجعي قال: حدثنا إسماعيل بن شبيب الطائفي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به مختصراً. وإسماعيل هذا واه؛ كما قال الذهبي، وقال النسائي: "متروك الحديث". والأشجعي؛ صدوق يخطىء. وروى الحاكم (4/ 210) عن أبي موسى عيسى بن عبد الله الخياط، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "المحجمة التي في وسط الرأس من الجنون والجذام والنعاس، وكان يسميها منقذة". وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: عيسى في "الضعفاء" لابن حبان وابن عدي". قلت: قال فيه ابن عدي (296/ 2) : "عامة ما يرويه لا يتابع عليه". 3514 - (الجهاد أربع: أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، والصدق في مواطن الصبر، وشنآن المنافقين، فمن أمر بالمعروف شد عضد المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسقين، ومن صدق في مواطن الصبر فقد قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين غضب لله، وغضب الله له) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 10-11) عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محمد بن سوقة، عن الحارث، عن علي مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث محمد، تفرد به الوصافي". الحديث: 3514 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 قلت: وهو ضعيف، ومثله الحارث وهو الأعور. 3515 - (حق الزوج على امرأته أن لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تعطي شيئاً إلا بإذنه، فإن فعلت ذلك كان له الأجر، وعليها الوزر، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت أثمت ولم تؤجر، وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها الملائكة؛ ملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى تؤوب أو ترجع، قيل: وإن كان ظالماً؟ قال: وإن كان ظالماً) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1594-ترتيبه) ، ومن طريقه البيهقي (7/ 272) ، عن ليث، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن امرأة أتته فقالت: ما حق الزوج على امرأته؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف مختلط كما تقدم مراراً. وقد روي الحديث بنحوه من طريق أخرى من حديث ابن عباس نحوه، وفيه بعض ما في هذا وزيادة عليه، وفيه أن المرأة قالت: "لا جرم، لا أتزوج أبداً". أخرجه البزار (2/ 177/ 1464) ، وأبو يعلى (4/ 340/ 2455) من طريق خالد ابن عبد الله الواسطي، عن حسين بن قيس، عن عكرمة عنه. قلت: وحسين هذا هو الملقب بـ (حنش) ، وهو متروك كما قال الحافظ في "التقريب"، وإلى ذلك يشير الذهبي في "الكاشف": الحديث: 3515 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 "قال البخاري: لا يكتب حديثه". وبه أعله الهيثمي، ولكنه قال (4/ 307) : "رواه البزار، وفيه حسين بن قيس المعروف بـ (حنش) ، وهو ضعيف، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله ثقات". وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث بتصديره إياه في "الترغيب" (3/ 77) بقوله: "روي" وقال: "رواه الطبراني". وما أظن هذا العزو إلا وهماً؛ فإني لم أجده في (مسند عكرمة عن ابن عباس) في "المعجم الكبير"، ولا في "الأوسط"، ولا في "الصغير". والله أعلم. هذا؛ وقد خلط المعلق على "مسند أبي يعلى" بين الحديثين أو الطريقين عن ابن عباس، فأوهم القراء أنهما يدوران على لفظ حديث (الحنش) ! ولم يشر أدنى إشارة إلى اختلاف متنيهما بنحو ما سبقت الإشارة إليه، مما قد يفسح المجال لمن لا يعلم أن يقوي أحدهما بالآخر، وإن كان هناك ما يمنع من ذلك - حتى ولو كان متنهما واحداً -، ألا وهو شدة ضعف (الحنش) . 3516 - (الحجامة في الرأس من: الجنون والجذام، والبرص والنعاس، والضرس) . ضعيف رواه الطبراني (12/ 291/ 13150) وفي "الأوسط" (1/ 277/ 2 رقم 4686) عن عبد الله بن محمد العبادي: أخبرنا مسلم بن سالم: أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعاً. الحديث: 3516 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلم بن سالم هو الجهني، قال أبو داود: "ليس بثقة"، وبه أعله الهيثمي كما يأتي. والعبادي بضم العين المهملة، أورده السمعاني في هذه النسبة، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول، ولم أره عند غيره. والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 93) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه مسلمة بن سالم الجهني، ويقال: مسلم ابن سالم، وهو ضعيف". قلت: وفاته أنه في "كبير الطبراني" أيضاً. وقد روي من حديث ابن عباس أيضاً مرفوعاً به. أخرجه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (2/ 104) ، والطبراني (11/ 187/ 11446) مختصراً من طريق إسماعيل بن شيبة، عن ابن جريج، عن عطاء، عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إسماعيل بن شيبة - ويقال: ابن شبيب الطائفي - قال الذهبي: "واه". ثم ساق له أحاديث مما أنكر عليه، هذا أحدها. وروي من حديث أبي سعيد أيضاً بزيادة في آخره، ومن طريق أخرى عن ابن عباس أيضاً، وقد مضى تخريجهما قريباً برقم (3513) . ومن حديث أم سلمة مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "والصداع" مكان: "والضرس". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 أخرجه الطبراني في "الكبير" (23/ 299/ 667) عن الحارث بن عبيد، عن المغيرة بن حبيب، عن مولى لأم سلمة، عنها. قلت: وأخرجه الطبري في "التهذيب" (2/ 124/ 1336) بسند ضعيف؛ عن الحارث بن عبيد الأنماري، عن أبي المغيرة بن صالح، عن مولى لأم سلمة به؛ إلا أنه قال: " ... من الصداع والدوار ووجع الضرس، قال: وعد أشياء كثيرة". وأنا أظن أن (الأنماري) محرف من (الإيادي) ، وهو صدوق يخطىء، وأبو المغيرة بن صالح، أظنه خطأ من الطابع أو الناسخ، والصواب: "المغيرة أبي صالح"؛ فإن المغيرة بن حبيب عند الطبراني كنيته أبو صالح، قال ابن حبان في "الثقات": "يغرب". والمولى مجهول لم يسم. (تنبيه) : حديث أم سلمة هذا مما فات الهيثمي فلم يورده في "مجمع الزوائد" وهو على شرطه. 3517 - (الحجامة في الرأس هي المغيثة، أمرني بها جبريل حين أكلت طعام اليهودية) . ضعيف جداً رواه ابن سعد (1/ 447) : أخبرنا عمر بن حفص، عن أبان، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمر بن حفص - وهو أبو حفص العبد ي -، وأبان - وهو ابن أبي عياش -؛ متروكان. وروى (1/ 446) عن عقيل، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن الحديث: 3517 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 سعد بن أبي وقاص: أنه وضع يده على المكان الناتىء من الرأس فوق اليافوخ، فقال: هذا موضع محجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يحجم، قال عقيل: وحدثني غير واحد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسميها المغيثة. قلت: وهذا سند ضعيف لإعضاله، ورجاله كلهم ثقات. ثم روى عن المسعودي، عن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وسط رأسه وكان يسميها منقذاً. 3518 - (الحجامة يوم الأحد شفاء) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 99) من طريق ابن السني، عن موسى بن محمد: حدثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته موسى هذا - وهو ابن محمد بن عطاء الدمياطي المقدسي -؛ وكان يضع الحديث؛ كما قال ابن حبان وغيره. والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث، وبه فقط أعله المناوي! فقصر. والحديث عزاه السيوطي لعبد الملك بن حبيب أيضاً في "الطب النبوي"، عن عبد الكريم الحضرمي معضلاً. قلت: وهو مع إعضاله واه بمرة؛ لأن عبد الملك هذا قال فيه الذهبي: "كثير الوهم، صحفي، وكان ابن حزم يقول: ليس بثقة". الحديث: 3518 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 3519 - (الحج جهاد كل ضعيف، وجهاد المرأة حسن التبعل) . ضعيف رواه ابن ماجه (2902) ، وأحمد (6/ 294و303) ، والقضاعي في الحديث: 3519 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 "مسند الشهاب" (9/ 1) من طريق القاسم بن الفضل، عن محمد بن علي، عن أم سلمة مرفوعاً بالشطر الأول. ثم رواه القضاعي بتمامه من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عامر ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن علي مرفوعاً، في حديث طويل. وكتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على الهامش: "ضعيف". وعلى الطريق الأولى: "سنده منقطع". قلت: ووجه الأول؛ أن محمد بن علي - وهو أبو جعفر الباقر - لم يسمع من أم سلمة؛ كما قال أحمد وأبو حاتم. ووجه الآخر؛ أن ابن لهيعة سيىء الحفظ، لكنه شاهد لا بأس به للطريق الأولى، فيتقوى به الشطر الأول من الحديث. والله أعلم. 3520 - (الحج والعمرة فريضتان، لا يضرك بأيهما بدأت) . ضعيف رواه الدارقطني (ص282) ، والحاكم (1/ 471) ، وابن الغطريف في "جزء من حديثه" (53/ 1 مجموع13) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 70/ 1) عن محمد بن كثير الكوفي قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين، عن زيد بن ثابت مرفوعاً. وقال الحاكم: "والصحيح عن زيد بن ثابت قوله". ووافقه الذهبي. ثم ساقه الحاكم - وكذا الدارقطني - من طريق هشام بن حسان، عن محمد الحديث: 3520 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 ابن سيرين به موقوفاً نحوه. قلت: وإسناد الموقوف صحيح، والمرفوع ضعيف؛ لأن محمد بن كثير الكوفي ضعيف؛ كما في "التقريب"، وقال فيه البخاري: "منكر الحديث". وإسماعيل بن مسلم؛ الظاهر أنه المكي الضعيف، فإن كان العبد ي؛ فهو ثقة. وأخرجه الحاكم في "علوم الحديث" (ص127) ، وعنه الديلمي (2/ 97) من طريق عبد الله بن صالح قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً به، دون قوله: "لا يضرك..". قلت: وهذا سند ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة وعبد الله بن صالح. ويعارضه حديث عن الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: "لا، وأن تعتمر خير لك". والحجاج بن أرطأة مدلس، وقد عنعنه. 3521 - (الحديث عني ما تعرفون) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 108) عن إبراهيم بن محمد، عن صالح ابن كيسان، عن إسماعيل بن محمد، عن ابن المسيب، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. الحديث: 3521 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 3522 - (الحرائر صلاح البيت، والإماء فساد البيت) . موضوع الديلمي (2/ 109) عن أبي سهل اليمامي: حدثنا أحمد بن يوسف العجلي: حدثنا يونس بن مرداس - وكان خادماً لأنس - قال: كنت جالساً يمين أنس وأبي هريرة، فسمعت أبا هريرة يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو سهل اليمامي، واسمه أحمد بن محمد بن عمر بن يونس بن القاسم الحنفي؛ كذبه أبو حاتم وابن صاعد وسلمة بن شبيب. واللذان فوقه لم أعرفهما. الحديث: 3522 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 3523 - (الحسد يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 101) عن محمد بن محمد بن سليمان الواسطي: حدثنا هشام بن عمار، عن مخيس بن تميم، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مخيس بن تميم مجهول؛ كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 442) عن أبيه. وهشام بن عمار فيه ضعف من قبل حفظه. الحديث: 3523 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 3524 - (الحق بعدي مع عمر حيث كان) . موضوع رواه العقيلي في "الضعفاء" (363) عن القاسم بن يزيد بن عبد الله ابن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس؛ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. ثم رواه هو، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 114) ، وابن عساكر (13/ 13/ 1) الحديث: 3524 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 من طريق آخر، عن القاسم به؛ إلا أنه قال، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ، قال: "قال علي بن المديني: هوعندي عطاء بن يسار، وليس لهذا الحديث أصل من حديث عطاء بن أبي رباح ولا عطاء بن يسار، وأخاف أن يكون عطاء الخراساني؛ لأن عطاء الخراساني مرسل عن عبد الله بن عباس. والله أعلم". وقال الذهبي: "وأخاف أن يكون كذباً مختلفاً". وأقره الحافظ في "اللسان". والحديث أخرجه الديلمي أيضاً (2/ 272) . 3525 - (الحكمة تزيد الشريف شرفاً، وترفع المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك) . ضعيف أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/ 18) عن عمرو بن حمزة، عن صالح المري، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن هو البصري، وهو مدلس. وعمرو بن حمزة - وهو العبسي -؛ ضعيف. ومثله صالح المري. والحديث عزاه السيوطي لابن عدي، و "لحلية أبي نعيم"، ولم أره في فهرسها. الحديث: 3525 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 3526 - (الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في العزلة، وواحد في الصمت) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (6/ 2434) ، والبيهقي في "الزهد الكبير" الحديث: 3526 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 (16/ 1) (95/ 127ط) ، والديلمي (2/ 102) عن سليمان بن عبد الملك، عن عمه محرز بن هارون، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال البيهقي: "إسناده ضعيف، ومتنه مرفوع منكر". قلت: وآفته محرز بن هارون؛ قال الحافظ ابن حجر: "متروك". وسليمان بن عبد الملك؛ لم أجد له ترجمة. 3527 - (الحليم رشيد في الدنيا، رشيد في الآخرة) . ضعيف رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/ 311) ، والديلمي (2/ 107) عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد الرقاشي ضعيف، والربيع بن صبيح سيىء الحفظ. (تنبيه) : كذا وقع في المصدرين المذكورين: "رشيد"، ووقع في "الجامع الصغير" من رواية الأول منهما، و"الجامع الكبير" من روايتيهما بلفظ: "سيد"، فالظاهر أنه تصحف على السيوطي. والله أعلم. الحديث: 3527 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 3528 - (الحمد لله رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده) . ضعيف رواه البغوي في "شرح السنة" (144/ 2) ، والديلمي (2/ 103) عن الحديث: 3528 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة: أن عبد الله بن عمرو قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات؛ لكن قتادة لم يسمع من ابن عمرو؛ كما يقتضيه قول الحاكم فيه: "لم يسمع من صحابي غير أنس". 3529 - (الحمد على النعمة أمان لزوالها) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 103) عن يزيد بن سليمان: حدثنا بكير بن مسعدة، عن عاصم بن مرة، عن أبي سعد، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون عمر - رضي الله عنه - لم أعرفهم. الحديث: 3529 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 3530 - (النفقة في الحج مثل النفقة في سبيل الله، الدرهم بسبع مئة) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 53) ، وأحمد (5/ 354-355) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (97/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 110/ 2) ، ومشرق بن عبد الله في "حديثه" (64/ 2) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 332) و "الشعب" (3/ 481/ 4124-4126) ، وابن عساكر في "أربعين الجهاد" (الحديث30) ، والضياء في "النتقي من مسموعاته بمرو" (29/ 1) من طرق عن عطاء بن السائب، عن [أبي] زهير، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً به. ولم يذكر بعضهم [أبي] ، وبعضهم لم يذكر زهيراً أيضاً، فجعله عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن بريدة، وبعضهم أدخل بينهما علقمة بن مرثد، وهي رواية الحديث: 3530 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 ابن الأعرابي، ورواية للطبراني وقال: "تفرد به عطاء". قلت: وكان قد اختلط، ولعل هذا الاضطراب منه. وأبو زهير هذا اسمه حرب بن زهير، وفي ترجمته أورد البخاري هذا الحديث وقال: "قال علي (هو ابن المديني) : أراه أبو زهير الضبعي الذي روى عنه عطاء بن السائب عن ابن بريدة عن أبيه". وكذا في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 249) وقال: "واختلف عن عطاء فيه على وجوه شتى". قلت: وقد بينها البخاري تحت ترجمته، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول، وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات" (2/ 65) ؛ على قاعدته! وقد روي عنه من طريق أخرى على وجه آخر، أخرجه البخاري، وكذا الطبراني أيضاً (6/ 324/ 5690) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (248/ 2) من طريقه وطريق سمويه إسماعيل بن عبد الله بن مسعود، عن محمد بن بشر، عن محمد بن أبي إسماعيل، عن حرب بن زهير، عن يزيد بن زهير الضبعي عن أنس مرفوعاً به. وهذا ضعيف أيضاً؛ لجهالة حرب بن زهير كما سبق، ومثله يزيد بن زهير الضبعي؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 262) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأما ابن حبان؛ فذكره أيضاً في "الثقات" (1/ 260) ، وقد خفي حالهما على الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 الهيثمي، فقال في حديث بريدة (3/ 208) : "رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وفيه (أبو زهير) ولم أجد من ذكره"! وقال في حديث أنس: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه"! وكأنه يشير إلى أبي زهير، أو حرب بن زهير، وشيخه يزيد بن زهير الضبعي، وقد عرفت أنهما مترجمان عند البخاري وابن أبي حاتم بما يدل على جهالتهما، ولذلك؛ فما أحسن المعلق على "مجمع البحرين" في تعقبه الهيثمي في حديث أنس إذ قال (3/ 182) : "قلت: رجال الإسناد كلهم معروفون؛ إلا أن الحسين بن عبد الأول ضعيف؛ لكن تابعه علي بن المديني، عند البخاري في "تاريخه"، فالحديث إسناده حسن"! كذا قال! وعمدته توثيق ابن حبان! وكأنه تجاهل تساهله في توثيق المجهولين دون الحفاظ النقاد كما هنا! وتبعه في التحسين المعلقون الثلاثة على "الترغيب"، ولكن بطريقة أخرى وأسلوب يشعر من لم يعرف بعد اعتداءهم على هذا العلم أنهم لم يشموا رائحته بعد؛ فقد قالوا تحت حديث بريدة (2/ 124) : "حسن، رواه أحمد (5/ 355) ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 208) : رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط"، وفيه أبو زهير، ولم أجد من ذكره". فسلموا بقول الهيثمي المستلزم ضعف الحديث، ومع ذلك حسنوه! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 فجمعوا بين النقيضين، ولو أنهم قالوا: حسن لغيره؛ كما قالوا فيما يأتي؛ لكان خطؤهم أخف، ولكنهم لجهلهم لا يدرون ما يخرج من أفواههم! وقالوا في حديث أنس الذي يلي حديث بريدة: "حسن بشاهده المتقدم، قال الهيثمي.."، فذكروا ما سبق نقله عنه، فجهلوا أن الحديث الأول فيه عطاء بن السائب وكان اختلط، ومع ذلك اضطرب في إسناده، وأن مداره على زهير أو أبي زهير المجهول، وكذلك جهلوا أن مدار الحديث الآخر على حرب بن زهير وشيخه، وأنهما مجهولان، وخلاصة ما صنعوا أنهم حسنوا الضعيف بنفسه، لمجيئه بوجه آخر عنه! 3531 - (الحمى تحت الخطايا كما تحت الشجرة ورقها) . ضعيف رواه أحمد (4/ 70) ، والطبراني (1/ 51/ 1) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (ج1/ 8/ 1) ، وابن أبي الدنيا في "المرض" (2/ 186) ، وابن عساكر (18/ 119/ 1) ، والضياء في "المختارة" (1/ 456) عن سلم بن قتيبة: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن إسماعيل بن أوسط قال: خطبنا خالد بن عبد الله القسري فحدثنا، عن أبيه، عن جده أسد بن كرز مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة عبد الله القسري، وهو ابن يزيد بن أسد ابن كرز، أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 199) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وعليه؛ فضمير "جده" يعود إلى عبد الله لا إلى خالد بن عبد الله؛ كما يقتضيه ظاهر السياق. وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (160/ 2) : حدثنا هاشم بن الوليد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن عمر بن الحديث: 3531 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 قيس، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم، عنها مرفوعاً به. لكن عمر بن قيس هذا؛ الظاهر أنه المكي المعروف بـ (سندل) ، وهو متروك؛ كما في "التقريب". 3532 - (الحمى حظ كل مؤمن من النار، وحمى ليلة تكفر خطايا سنة مجرمة) . ضعيف جداً رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (7/ 1-2) عن أحمد ابن رشد الهلالي قال: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن الحسن بن صالح، عن الحسن بن عمرو، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً، رجاله ثقات غير الهلالي هذا؛ اتهمه الذهبي بأنه اختلق خبراً باطلاً في ذكر بني العباس، وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"، وهذه علة هذا الحديث، وأما ابن طاهر؛ فأعله بالحسن بن صالح وقال: "تركه يحيى القطان وابن مهدي"، نقله المناوي عنه، ثم بنى عليه، فقال: "فقول شارحه العامري: إنه صحيح خطأ صريح". قلت: والحسن هذا هو ابن صالح بن حي؛ ثقة، احتج به مسلم وغيره، ومن جرحه لم يأت بحجة. وانظر الحديث الآتي (6143) ؛ ففيه زيادة في التخريج وبيان أوهام لبعض العلماء. الحديث: 3532 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 3533 - (الحمى رائد الموت، وهي سجن الله في الأرض للمؤمن) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (165/ 2) ، وأبو نعيم الحديث: 3533 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 في "الطب" (ق99/ 2) من طرق، عن الحسن مرفوعاً. ثم رواه ابن أبي الدنيا (168/ 1) ، والقضاعي (7/ 1) من طريق أخرى عن يونس، عن الحسن به وزاد: "يحبس عبد هـ إذا شاء، ثم يرسله إذا شاء، فقروها بالماء". ورواه ابن قتيبة في "غريب الحديث" (ج1/ 69/ 2) عن بشر بن المفضل، عن يونس، عن الحسن به. ووصله أبو نعيم من طريق علي بن زيد، عن أنس بن مالك به؛ دون قوله: "للمؤمن". وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. ورواه الخطيب في "تلخيص المتشابه" (16/ 1) عن أبي عاصم العباداني عبد الله بن عبيد المراري: حدثنا بحير بن هارون، عن أبي يزيد المدني، عن عبد الرحمن بن المرفع قال: لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر وهم في ألف وثمان مئة؛ فقسمها على ثمانية عشر سهماً وهي مخضرة من الفواكه، فوقع الناس في الفاكهة فمغثتهم الحمى، فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ... فذكره؛ وزاد: "وهي قطعة من النار، فإذا أخذتكم؛ فبردوا لها الماء في الشنان وصبوا عليكم - يعني: بين المغرب والعشاء -"، ففعلوا، فذهب عنهم. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" (ج2 باب ما جاء في استئذان الحمى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 3534 - (الحمى سجن الله في الأرض، وهو حظ المؤمن من النار) . ضعيف جداً رواه ابن منده في "المعرفة" (5/ 2) عن محمد بن جامع العطار قال: أخبرنا عبيس بن ميمون، عن قتادة بن دعامة السدوسي، عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "هكذا رواه محمد بن جامع فقال: عن أبيه، ورواه سليمان الشاذكوني عن عبيس فقال: عن قتادة عن أنس". قلت: ومحمد بن جامع العطار متروك الحديث؛ كما قال ابن عبد البر، لكن الشاذكوني شر منه؛ فإنه متهم بالوضع. ومدار الحديث من الوجهين على عبيس بن ميمون، وهو متروك الحديث؛ كما قال الفلاس. وقال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 34) عن أبيه: "ضعيف الحديث، منكر الحديث". الحديث: 3534 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 3535 - (الحمى شهادة) . موضوع رواه الديلمي (2/ 105) عن أبي أيوب الخبائري: حدثنا موسى بن محمد: حدثنا الوليد بن محمد الموقري؛ عن الزهري، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته موسى بن محمد، وهو الدمياطي البلقاوي؛ كذبه أبو زرعة وغيره، وقريب منه شيخه الموقري، وقد كذبه ابن معين، وبه أعله المناوي، وفاته قول الذهبي في آخر ترجمته: "ولموسى بن محمد البلقاوي عنه بلايا، لكن الآفة من البلقاوي، وإن كان الموقري مجمعاً على ضعفه". الحديث: 3535 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 وقريب منهما أبو أيوب الخبائري، واسمه سليمان بن سلمة؛ قال ابن الجنيد: "كان يكذب، ولا أحدث عنه بعد هذا". 3536 - (من أحب رجلاً لله، فقال: إني أحبك في الله، فدخلا جميعاً الجنة، فكان الذي أحب أرفع منزلة من الآخر؛ ألحق بالذي أحب لله) . ضعيف أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (1/ 296/ 332) ، والبزار في "مسنده" (4/ 230/ 3599-كشف) - والسياق له -، والطبراني في "المعجم الكبير" (13/ 28/ 55) من طريق عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن زياد هو الأفريقي؛ كما صرحت به رواية عبد بن حميد، قال الذهبي في "الكاشف": "ضعفوه". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف في حفظه". فقول المنذري في "الترغيب" (4/ 46/ 9) : "رواه البزار بإسناد حسن"! غير حسن، وإن تابعه الهيثمي كعادته (10/ 279) . الحديث: 3536 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 3537 - ((الحواميم) ديباج القرآن) . موضوع رواه الديلمي (2/ 106) عن أبي نعيم، عن أبي الشيخ بسنده، عن الحديث: 3537 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 عثمان البري: حدثنا عبد القدوس بن حبيب، عن الحسن، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد القدوس بن حبيب؛ فإنه كذاب كما قال ابن المبارك، وصرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. وعثمان - وهو ابن مقسم البري -؛ ضعيف. وأخرج الحاكم (2/ 437) بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: ... فذكره موقوفاً عليه، وهذا هو الصواب. 3538 - ((الحواميم) روضة من رياض الجنة) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 106) عن مجاعة بن الزبير، عن أبان، عن سعد بن أبي الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان هو ابن أبي عياش، وهو متروك، ومجاعة بن الزبير؛ فيه ضعف. الحديث: 3538 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 3539 - (الحور العين خلقن من الزعفران) . ضعيف أخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (28/ 2) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (71/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (7/ 99) من طريق الحارث بن خليفة: حدثنا شعبة، عن ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث بن خليفة قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 74) عن أبيه: "مجهول". الحديث: 3539 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 ثم أخرجه أبو نعيم من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة. وهذا إسناد واه؛ عبيد الله بن زحر وعلي ين يزيد؛ ضعيفان، وتركهما ابن حبان. ثم رواه هو، والضياء المقدسي في "صفة الجنة" أيضاً (81/ 2) ، كلاهما من طريق الطبراني: حدثنا أحمد بن رشدين: حدثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصاري: حدثني الليث ابن ابنة الليث بن أبي سليم قال: حدثتني عائشة بنت يونس امرأة الليث بن أبي سليم، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي أمامة به. وقال الطبراني: "لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به علي بن الحسن بن هارون". قلت: ولم أعرفه، وقد خولف في سنده، فقال أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (69/ 1) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد: أخبرنا محمد بن عيسى الطباع، عن عائشة بنت يونس بسندها المذكور، عن مجاهد من قوله. قلت: وهذا أصح من الذي قبله؛ فإن الطباع ثقة من رجال مسلم، ومحمد ابن أحمد بن الوليد ثقة أيضاً مترجم في "تاريخ بغداد" (1/ 367-368) . على أن مدار الإسنادين - المرفوع والمقطوع - على عائشة بنت يونس، ولم أجد من ذكرها، عن زوجها ليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط. 3540 - (خلق الحور العين من تسبيح الملائكة، فليس فيهن أذى، وقال الله: (إنا أنشأناهن إنشاءً. فجعلناهن أبكاراً. عرباً) [الواقعة: 35 - 37] عواشق لأزواجهن) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 127) عن عمر بن الخطاب: حدثنا محمد بن الحديث: 3540 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 عبد العزيز بن خالد: حدثنا العباس بن الوليد: حدثنا عبد الله بن هارون، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن هارون لم أعرفه، وفي طبقته أربعة: الأول: الفروي المدني، له مناكير، وطعن فيه ابن عدي. الثاني: حجازي، لا يعرف. الثالث: الصوري، لا يعرف أيضاً. الرابع: البجلي، ليس بالقوي. فالله أعلم أيهم هو؟ والعباس بن الوليد لم أعرفه أيضاً، وفي طبقته جماعة أيضاً تراهم في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 214-215) ، ومحمد بن عبد العزيز بن خالد لم أعرفه أيضاً. وبالجملة؛ فالحديث منكر المتن، وإسناده مظلم. 3541 - (الحياء عشرة أجزاء؛ فتسعة في النساء، وواحد في الرجال، ولولا ذلك ما قوى الرجال على النساء) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 107) عن الحسن بن قتيبة: حدثنا عبيد الله بن زياد النحوي، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن بن قتيبة قال الذهبي: "هالك، قال الدارقطني: متروك الحديث". وعبيد الله بن زياد النحوي؛ لم أعرفه. الحديث: 3541 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 3542 - (خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله، وحمزة أسد الله وأسد رسوله، وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله، وحذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن، وعبد الرحمن بن عوف من تجار الرحمن عز وجل) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 133) عن أحمد بن عمران البغدادي: حدثنا أبو يحيى أحمد بن محمد بن شاهين: حدثنا الحسن بن الفضل أبو علي الزعفراني: حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، قال ابن المنادي: "الحسن بن الفضل أبو علي الزعفراني أكثر الناس عنه، ثم انكشف، فتركوه، وخرقوا حديثه، مات سنة 258". ولقد أخطأ المناوي خطأ فاحشاً حين أعله بقوله: "وفيه أحمد بن عمران، قال البخاري: يتكلمون فيه". فإن هذا الذي قال فيه البخاري ما ذكر متقدم الطبقة على أحمد بن عمران البغدادي راوي الحديث، وحسبك دليلاً على ذلك أن شيخ شيخه الحسن بن الفضل توفي سنة (258) كما سبق، أي بعد موت البخاري بسنتين! ثم إن أحمد بن عمران البغدادي لعله المترجم في "تاريخ بغداد" (4/ 333-334) بأنه "أبو بكر المعدل، يعرف بالسوسنجردي. حدث أبو القاسم بن الثلاج عنه عن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي". ثم ذكر أنه ولد سنة (261) ، وتوفي سنة (336) . الحديث: 3542 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 3543 - (خدر الوجه من النبيذ تتناثر منه الحسنات) . موضوع رواه ابن عدي (308/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (ص12) عن محمد بن عمر بن واقد: أخبرني أخي شملة بن عمر بن واقد: أخبرنا عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ آفته محمد بن عمر بن واقد؛ وهو الواقدي المؤرخ المشهور، وهو متروك متهم بالكذب. وأخوه شملة بن عمر بن واقد؛ لم أجد له ترجمة. وعمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي؛ مجهول؛ كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 115) عن أبيه، وتحرف على بعض المحدثين فقال: "كثير بن شيبة" قال الذهبي: "وإنما هو عمر لا كثير، وهذا الحديث معروف به وهو منكر، وعده ابن عدي من أفراد الواقدي". الحديث: 3543 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 3544 - (خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر) . ضعيف أخرجه أبو داود (1599) ، وابن ماجه (1814) ، والحاكم (1/ 388) ، والبيهقي (4/ 112) من طريق أبي داود والحاكم، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل؛ فإني لا أتقنه". الحديث: 3544 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 قال الذهبي عقبه: "قلت: لم يلقه". وبين ذلك ابن التركماني، فقال في "الجوهر النقي": "قلت: هو مرسل؛ لأن عطاء ولد سنة تسع عشرة، فلم يدرك معاذاً؛ لأنه توفي سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس". 3545 - (خص البلاء بمن عرف الناس، وعاش فيهم من لم يعرفهم) . ضعيف رواه أبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (95/ 2) ، وعنه القضاعي (48/ 1) : أخبرنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي: أخبرنا هارون بن سليمان: أخبرنا خلف بن سهل: أخبرنا يوسف بن عدي: أخبرنا عثمان بن سماك، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه. وعثمان بن سماك؛ مجهول لا يعرف؛ كما قال العقيلي. والحديث أخرجه الديلمي (2/ 127) عن عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عمر قال: ... فذكره موقوفاً عليه. وإسناده ضعيف أيضاً؛ جبير بن نفير في سماعه من عمر نظر؛ كما قال في "التهذيب". وعبد الله بن صالح كاتب الليث؛ فيه ضعف. الحديث: 3545 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 3546 - (خصلتان لا يحل منعهما: الماء والنار) . ضعيف رواه الطبراني في "الصغير" (ص141) ، وكذا البزار (1324-كشف) كلاهما، عن الحسن بن أبي جعفر، عن بديل بن ميسرة العقيلي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً. وقال البزار: "لا نعلمه إلا عن أنس من هذه الطريق، والحسن ضعيف". قلت: وقال ابن أبي حاتم (1/ 278) عن أبيه: "هذا حديث منكر". وله شاهد من حديث عبد الله بن سرجس قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخلت بين قميصه وجلده فقبلت منه موضع الخاتم، فلت: ما الذي لا يحل منعه؟ قال: "الملح"، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "الماء والنار". أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 147/ 2) عن موسى بن أيوب النصيبي: حدثنا يحيى بن سعيد العطار الحمصي، عن المثنى بن بكر، عن عاصم الأحول عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ المثنى بن بكر متروك؛ كما قال الدارقطني. ويحيى بن سعيد العطار؛ ضعيف. الحديث: 3546 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 3547 - (خففوا بطونكم وظهوركم لقيام الصلاة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 255) عن إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر، عن عطية، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث مسعر، تفرد به إسماعيل". الحديث: 3547 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 قلت: وهو كذاب؛ قال صالح جزرة: كان يضع الحديث. وقال الحاكم: روى عن مالك ومسعر وابن أبي ذئب أحاديث موضوعة. 3548 - (خلق الإنسان والحيات سواء، إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلوها حيث وجدتموها) . ضعيف جداً أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1477-ترتيبه) : حدثنا شيبان، عن جابر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الحيات؟ فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر هو ابن يزيد الجعفي، ذكره الحافظ المزي في شيوخ شيبان هذا، وهو ابن عبد الرحمن النحوي، والجعفي؛ ضعيف جداً، متهم بالكذب. والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 129/ 2) من طريق عبد الله بن عمران: حدثنا أبو داود: حدثنا عمران، عن جابر به. كذا قال: "عمران"، وعليه قال: "لم يروه عن جابر إلا عمران، ولا عنه إلا أبو داود، تفرد به عبد الله بن عمران". قلت: ولا أدري إذا كانت الرواية وقعت للطبراني هكذا، فقال ما قال، أو أنه تحرف على الناسخ فقال: "عمران" مكان: "شيبان"، وهذا هو الأرجح عندي. لكن قول الطبراني "تفرد به عبد الله بن عمران"، إنما هو على ما أحاط به علمه، وإلا؛ فقد تابعه يونس بن حبيب وهو راوي "المسند" عن الطيالسي، وتابعه أيضاً معاوية بن هشام وآدم - وهو ابن أبي إياس - جميعاً عن شيبان به. الحديث: 3548 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 أخرجه الطبري في "تفسيره" (1/ 538/ 764) . 3549 - (خلق الله الجن على ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم؛ عليهم الحساب والعقاب. وخلق الله الإنس على ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم؛ لهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، قال الله تعالى: (أولئك كالأنعام بل هم أضل) ، وصنف أجسادهم كأجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) . ضعيف رواه أبو الشيخ في "التاريخ" (ص106) وفي "العظمة" (12/ 23/ 1) ، وأبو بكر الذكواني في "الأمالي" (94/ 2) عن أبي فروة يزيد بن سنان قال: حدثني أبو المنيب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن سنان ضعيف. وأبو المنيب اسمه عبيد الله بن عبد الله؛ وهو صدوق يخطىء. الحديث: 3549 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 3550 - (خلق الله الخلق، فكتب آجالهم، وأعمالهم، وأرزاقهم) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 211) عن عمر بن صالح بن عيسى المدائني: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز صادرا: أخبرنا بشر بن المفضل: حدثنا عبد الله بن شبرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن عبد العزيز صادرا؛ كذا وقع في الحديث: 3550 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 الموضع المشار إليه من "التاريخ" في موضعين منه، ووقعت ترجمة عبد الرحمن عنده (10/ 257) "ابن صادر" في موضعين أيضاً، وذكر أنه روى عنه جماعة، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعمر بن صالح بن عيسى المدائني؛ مجهول أيضاً، وفي ترجمته ساق الخطيب هذا الحديث؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 3551 - (خللوا بين أصابعكم، لا يخللها الله عز وجل يوم القيامة في النار) . ضعيف جداً أخرجه ابن السماك في "الأول من الرابع من حديثه" (ق102/ 1) ، والدارقطني في "السنن" (ص35) من طريق يحيى بن ميمون بن عطاء، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة مرفوعاً به. والدارقطني أيضاً، وأبو حامد الحضرمي في "حديثه" (163/ 2) من طريق عمر بن قيس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به نحوه. قلت: وهذا حديث ضعيف جداً؛ لأن يحيى بن ميمون وعمر بن قيس - وهو المكي المعروف بـ "سندل" - متروكان، وقد كذبهما بعضهم. الحديث: 3551 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 3552 - (خمس من الإيمان؛ من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له: التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى أمر الله، والتوكل على الله، والصبر عند الصدمة الأولى. ولم يطعم امرؤ حقيقة الإسلام حتى يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم، قال قائل: يا رسول الله! أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه الحديث: 3552 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 ويده، وعلامات كمنار الطريق: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحكم بكتاب الله، وإطاعة النبي الأمي، والتسليم على بني آدم إذا لقيتموهم) . ضعيف جداً أخرجه البزار (7) عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره، وقال: "علته سعيد بن سنان". قال الشيخ الهيثمي: "فإنه لا يحتج به". قلت: بل هو متروك. 3553 - (خمس من أوتيهن لم يعذر على ترك عمل الآخرة: زوجة صالحة، وبنون أبرار، وحسن مخالطة الناس، ومعيشة في بلده، وحب آل محمد) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 128) من طريق أبي نعيم، عن هلال بن العلاء: حدثنا أبي: حدثنا أبو إسحاق - شيخ كان معنا في السفينة -، عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن زيد بن أرقم مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف العلاء - وهو ابن هلال بن عمر الباهلي -؛ قال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث، وشيخه أبو إسحاق؛ لم أعرفه. الحديث: 3553 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 3554 - (خمس يعجل لصاحبهن العقوبة: البغي، والغدر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، ومعروف لا يشكر) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 130) عن ابن لال، عن محمد بن كثير ابن مروان: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن كثير بن مروان متروك؛ كما في "التقريب". الحديث: 3554 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 3555 - (خمسة لا جمعة عليهم: المرأة، والمسافر، والعبد، والصبي، وأهل البادية) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 128-129) عن حفص بن سالم السمرقندي: حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن طريق إبراهيم بن حماد مولى هاشم بن المسور بن مخرمة: حدثنا مالك بن أنس به. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ آفته حفص بن سالم (كذا الأصل، وفي كتب الرجال: سلم) السمرقندي، يكنى بأبي مقاتل، قال الذهبي: "وهاه قتيبة شديداً، وكذبه ابن مهدي". وقال الحاكم والنقاش: "حدث عن مسعر وأيوب وعبيد الله بأحاديث موضوعة". الحديث: 3555 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 وقد تابعه في الطريق الأخرى إبراهيم بن حماد، ولكنه ضعيف، ولعله سرقه منه؛ فقد أخرجه من طريقه: الدارقطني في "الغرائب" وقال: "تفرد به إبراهيم، وكان ضعيفاً". كذا قال! وكأنه لن يطلع على الطريق الأولى. 3556 - (خمروا وجوه موتاكم، ولا تشبهوا باليهود) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 122/ 1) ، وعنه الضياء في "المختارة" (63/ 14/ 1-2) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: أنبأنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي: أخبرنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. ورواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 238) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي: حدثنا حفص بن غياث به. وأخرجه الدارقطني (287) ، والبيهقي (3/ 394) من طريق الأزدي به. وأعله البيهقي بالإرسال تبعاً لأحمد، فذكر عنه أنه قال: "هذا أخطأ فيه حفص فرفعه، وحدثني حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً". قال البيهقي: "وكذلك رواه الثوري وغيره عن ابن جريج مرسلاً. وروي عن علي بن عاصم عن ابن جريج كما رواه حفص، وهو وهم". الحديث: 3556 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 3557 - (خيار المؤمنين القانع، وشراركم الطامع) . ضعيف جداً رواه القضاعي (103/ 2) عن العباس بن الهيثم، عن أبي الحديث: 3557 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 همدان، عن منصور بن المعتمر، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة مرفوعاً. ثم رواه من طريق عمرو بن بكر السكسكي، عن الزهري، عن محمد بن كعب به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو همدان الظاهر أنه الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 456) : "أبو همدان بن هارون. قال ابن معين: كذاب". وعمرو بن بكر السكسكي؛ متروك. 3558 - (خيار أمتي؛ الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، والذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وشرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به، وإنما نهمتهم ألوان الطعام والثياب، ويتشدقون في الكلام) . ضعيف رواه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 120) ، والحفاظ عبد الغني المقدسي في "الثالث والتسعين من تخريجه" (44/ 1) عن الأوزاعي، عن عروة بن رويم اللخمي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، ورجاله ثقات. الحديث: 3558 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 3559 - (إن خيار أمتي أولها وآخرها، وبين ذلك ثبج أعوج، ليسوا مني، ولست منهم) . ضعيف جداً أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 180) عن يزيد بن الحديث: 3559 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 ربيعة، عن زيد بن واقد، عن بسر بن أبي أرطأة، عن عبد الله بن واقد السعدي مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يزيد هذا؛ فإنه متروك، وبه أعله الهيثمي كما نقله المناوي، وأقره. 3560 - (خياركم من قصر الصلاة في السفر وأفطر) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 110/ 2) ، والطبري في "التهذيب" (مسند عمر-1/ 260/ 434) عن عبد الرحمن بن حرملة، أنه سمع رجلاً يسأل سعيد بن المسيب: أتم الصلاة وأصوم في السفر؟ قال: لا، قال: فإني أقوى على ذلك؟ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوى منك، كان يقصر الصلاة في السفر ويفطر، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. ورواه أبو العباس الأصم في "حديثه" (ج2رقم26) من طريق آخر عن ابن حرملة به. مقتصراً على المرفوع فقط. قلت: وهذا سند صحيح مرسل. وقد روي موصولاً عن جابر - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 151) ، وابن شاذان في "الجزء الثامن من أجزائه" (11/ 1) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 255) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (ق62/ 2) من طريق عبد الله بن صالح قال: حدثنا إسرائيل، عن خالد العبد، عن محمد بن المنكدر عنه. وقال البخاري: "خالد العبد منكر الحديث". الحديث: 3560 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 3561 - (خير أبواب البر الصدقة) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 178/ 2) : حدثنا أبو زكريا الدينوري البصري: أخبرنا سعيد بن محمد بن ثواب الحصري: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله القرشي: أخبرنا خالد الحذاء، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن محمد بن ثواب الحصري ترجمه الخطيب في "التاريخ" (9/ 94-95) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأبو زكريا الدينوري البصري؛ لم أعرفه. ولعل الهيثمي أشار إليهما حين قال (3/ 110) : "رواه الطبراني في الكبير، وفيه من لم أعرفه". وعبد العزيز بن عبد الله القرشي هو أبو القاسم المدني الفقيه، وهو ثقة من شيوخ البخاري. الحديث: 3561 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 3562 - (خير إخوتي علي، وخير أعمامي حمزة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 116) من طريق أبي نعيم، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ عباد بن يعقوب وعمرو بن ثابت رافضيان، أوردهما الذهبي في "الضعفاء والمتروكين"، فقال في الأول منهما: "قال ابن حبان: رافضي داعية". وقال في الآخر: "تركوه، رافضي. قاله أبو داود". الحديث: 3562 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 3563 - (خير الدعاء الاستغفار، وخير العبادة قول لا إله إلا الله) . موضوع رواه الديلمي (2/ 116-117) من طريق الحاكم، عن أبي البختري: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو البختري - واسمه وهب بن وهب -؛ وكان يضع الحديث كما قال أحمد. وقال ابن معين: "كان يكذب عدو الله". والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (رقم528-بترقيمي) ، ومع ذلك أورده في "الجامع الصغير"! وفي "الكبير" أيضاً (1/ 518) من رواية الحاكم في "تاريخه". الحديث: 3563 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 3564 - (خير الدواء: السعوط واللدود، والحجامة، والمشي) (1) . ضعيف رواه الشيخ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل في "الأمالي" (2/ 2) بسند صحيح، عن أبي السفر، عن الشعبي مرفوعاً (1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. وأبو السفر اسمه سعيد بن محمد؛ وهو ثقة.   (1) قال الشيخ أبو القاسم: " السعوط ما يجعل في الأنف، واللدود ما يجعل في أحد شقي الفم، والمشي شرب الدواء المسهل، واسم الدواء: " المشيّ " بتشديد الياء ". الحديث: 3564 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 3564/ 2 - (خير الرجال رجال الأنصار، وخير الطعام الثريد) (1) . ضعيف رواه الديلمي، عن أبي نعيم، عن عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الأشعث بن سوار قال الحافظ: "ضعيف". وابنه عبد الله؛ شبه مجهول؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 8) ولم يذكر عنه رواياً غير جعفر بن عون، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.   (1) تكرر هذا الرقم خطأً، وقدر الله وما شاء فعل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 3565 - (خير الزاد التقوى، وخير ما ألقي في القلب اليقين) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 117) عن أبي الشيخ معلقاً، عن الحسن ابن عمارة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن بن عمارة متروك. الحديث: 3565 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 3566 - (خير العبادة أخفها) . موضوع رواه القضاعي (100/ 1) عن سلام المدائني قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن، عن زياد بن أبي مريم، عن عثمان بن عفان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ آفته سلام المدائني، وهو ابن سليم الطويل؛ كذاب متهم بالوضع. وشيخه أبو عبد الرحمن؛ أظنه زيد بن أبي الحواري؛ ضعيف. الحديث: 3566 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 وزياد بن أبي مريم؛ لم يدرك عثمان بن عفان. 3567 - (خير الغداء بواكره، وأطيبه أوله وأنفعه) . موضوع رواه الديلمي (2/ 118) عن يونس بن محمد: حدثنا إبراهيم بن الوليد الجصاص: حدثنا غسان بن مالك: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن: حدثنا أبو زكريا اليمان، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عنبسة بن عبد الرحمن، وهو متروك، رماه أبو حاتم بالوضع. وغسان بن مالك؛ قال أبو حاتم: "ليس بالقوي". والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (650) ، ومع ذلك أودعه في "الجامع الصغير"، فتناقض! الحديث: 3567 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 3568 - (خير الناس؛ مؤمن فقير يعطي جهده) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 113) من طريق أبي نعيم، وهذا في "أخبار أصبهان" (1/ 217) عن عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن دينار، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته ابن الضحاك هذا؛ قال أبو حاتم: "كذاب". وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 167) : "رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بسند ضعيف". الحديث: 3568 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 كذا قال! ونقل المناوي عنه أنه قال: "ضعيف جداً". وهذا أقرب إلى حال عبد الوهاب الكذاب. وروي من طريق أخرى عن عبد الله بن دينار به، لكن مختصراً، وقد مضى (2852) . 3569 - (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الآخرون أراذل) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 224/ 2) ، والحاكم (3/ 191) من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة - وهذا في "المصنف" (12/ 176/ 12458) - عن عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن جده، عن جعدة بن هبيرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال الشيخين غير جد عبد الله بن إدريس؛ واسمه يزيد بن عبد الرحمن الأودي؛ وثقه ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير اثنين من الثقات، وكأنه لذلك لم يوثقه الحافظ، بل قال: "مقبول". يعني عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً على قوله: "أراذل"، فهو منكر. والله أعلم. وقال الهيثمي (10/ 20) : "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة. والله أعلم". قلت: كأنه لم يتنبه أن بينهما يزيد الأودي والد إدريس، فتنبه. الحديث: 3569 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 ثم ذكره نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وزاد في آخره: "إلى يوم القيامة"، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه داود بن يزيد الأودي، وهو ضعيف". نعم؛ أخرج الطبراني (10/ 114/ 10058) من طريق الأجلح، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعاً به. وزاد بعد القرن الثالث: "ثم يجيء قوم لا خير فيهم". قلت: وهذا إسناد حسن. وأصله في "الصحيحين"، وقد مضى (700) . وفي الحديث علة أخرى، وهي ذكر القرن الرابع في خير الناس، وفي ثبوت هذه الزيادة نظر؛ لأن الأحاديث الصحيحة لم يرد فيها ذكر القرن الرابع جزماً، بل على الشك؛ كما في حديث عمران؛ قال عمران: "فلا أدري أقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قرنه مرتين أو ثلاثة"، أخرجه الشيخان وغيرهما، وكأنه لذلك لم يقطع الحافظ بصحته، بل أعله بعلة أخرى فقال (7/ 6) - بعد أن عزاه لابن أبي شيبة والطبراني -: "ورجاله ثقات؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته". كذا قال! ورجح في "التهذيب" أنه جعدة بن هبيرة المخزومي، وجزم في "الإصابة" بأن أمه أم هانىء بنت أبي طالب، وأن له رؤية بلا نزاع؛ لأنه ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال البخاري: "له صحبة". وبالجملة: فعلة الحديث عندي: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 أولاً: جهالة حال يزيد بن عبد الرحمن الأودي، وتوثيق العجلي وابن حبان إياه مما لا يرفعها عندي؛ لتساهلهما في التوثيق؛ كما هو معروف عند أهل العلم، ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب" كما سبق. ثانياً: زيادة القرن الرابع فيه؛ فإني لم أرها في شيء من الأحاديث الصحيحة على كثرتها، وقد خرجت طائفة طيبة منها في "الروض النضير" (347) ، وفي بعضها ما ذكرت من الشك في الرابعة، ومثله لا يمكن القضاء عليه إلا بزيادة من ثقة حافظ، وهذا مما لم أجده، اللهم إلا في رواية من حديث النعمان بن بشير، تفرد بها عاصم ابن بهدلة، وفي حفظه ضعف؛ كما تقدم في تخريج حديث ابن مسعود في "الصحيحة" (700) ، ثم وجدت عاصماً قد رواه على الصواب دون زيادة "القرن الرابع" في رواية عنه عند أحمد (4/ 276) ، والبزار (3/ 290/ 2767) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 177) . وكذلك وقعت هذه الزيادة في رواية لأحمد (1/ 378) عن ابن مسعود، وهي شاذة عندي؛ لأنها لم ترد في "الصحيحين"، ولأن في رواية لأحمد (1/ 434) : "ثلاثاً أو أربعاً"، هكذا على الشك، وهي رواية لمسلم (7/ 185) بنحوه، وأحمد أيضاً (1/ 417) . وقد وقع مثل هذا الاضطراب في حديث بريدة الأسلمي، يرويه عنه عبد الله ابن مَوَلَة (1) قال: كنت أسير مع بريدة الأسلمي، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،ثم يكون قوم تسبق شهادتهم أيمانهم.." الحديث.   (1) بفتحات؛ كما في " التقريب " الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 أخرجه أحمد (5/ 357) : حدثنا عفان: حدثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مولة به. وقال عفان مرة: "القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". هكذا وقع فيه في الرواية الأولى أربعة قرون، وفي المرة الأخرى خمسة قرون! وهكذا وقع في "مجمع الزوائد" (10/ 19) من رواية أحمد، وهذا اضطراب ظاهر! وقد خولف عفان في روايتيه، فقال أحمد (5/ 350) : حدثنا إسماعيل، عن الجريري به؛ إلا أنه قال: "خير أمتي قرني منهم، ثم الذين يلونهم. قال: ولا أدري أذكر الثالث أم لا؟ ". قلت: وهذه الرواية أصح من الأوليين؛ لأن إسماعيل - وهو ابن علية - ثقة حافظ من رجال الشيخين، بخلاف حماد بن سلمة؛ فإنه لم يحتج به مسلم إلا من روايته عن ثابت، ولم يحتج به البخاري أصلاً، وذلك؛ لأن في حفظه كلاماً، فروايته عند مخالفة من هو أوثق منه وأحفظ مرجوحة. ولا يمكننا أن ننسب هذا الاضطراب إلى الجريري - واسمه سعيد بن إياس - بحجة أنه كان اختلط؛ لأن كلاً من حماد وإسماعيل قد رويا عنه قبل الاختلاط. نعم؛ يمكن عزو ذلك إلى عبد الله بن مولة شيخ أبي نضرة، فإنه لا يعرف؛ كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان": "ما روى عنه سوى أبي نضرة". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 وتوثيق ابن حبان إياه مما لا قيمة له؛ لما عرف من تساهله في التوثيق، حتى إنه ليوثق من يصرح فيه بمثل قوله: "لا أعرفه ولا أعرف أباه"! كما أثبته بالنقل عن كتابه "الثقات" في غير هذا الموضع، ولذلك؛ لم يوثقه الحافظ، وإنما قال فيه: "مقبول". يعني عند المتابعة، ولم يتابع من ثقة إلا على القرن الثالث الذي شك فيه في رواية إسماعيل، بخلاف القرن الرابع؛ فإنه لم يرد إلا مشكوكاً فيه كما تقدم، وأما القرن الخامس فهو منكر؛ لعدم وروده مطلقاً في شيء من طرق الحديث التي وقفت عليها إلا في هذه الطريق الواهية، ولا تغتر بقول الهيثمي عقبها - وبعد أن ساق الروايات الثلاث -: "رواها كلها أحمد وأبو يعلى باختصار، ورجالها رجال الصحيح". فإن عبد الله بن مولة ليس من رجال "الصحيح" أولاً، ثم هو لا يعرف ثانياً؛ كما بينته آنفاً. ولعله التبس عليه بعبد الله بن حوالة الصحابي المشهور، وإن كنت أستبعد هذا؛ فإن محقق كتاب "المجمع" الذي وقع في هذا الالتباس، قد بين أن الهيثمي ذكره على الصواب؛ فجاء هذا المحقق فأفسده وجعله "عبد الله بن حوالة"، وعلق عليه بقوله: "في الأصل مولة"! وقد اغتر بهذا التصحيح صديقه وزميله في التتلمذ على الشيخ الكوثري؛ ألا وهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كما يأتي. (تنبيه) : أخذ بعض متعصبة الحنيفة الهنود من حديث جعدة بن هبيرة أن مراسيل القرن الرابع حجة، فقال في كتابه "قواعد في علوم الحديث" (ص450) بعد أن نقل كلام الحافظ فيه، ورجح صحبة جعدة: "وعلى هذا؛ فيجوز لنا أن نحتج بمراسيل القرن الرابع أيضاً؛ لاشتراكهم مع الثالث في العلة التي بها قبلنا مراسيلهم"! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 وعلق عليه الشيخ أبو غدة متعقباً له - على خلاف عادته -، فقال: "قلت: هذا توسع غير ناهض؛ فقد جاء ذكر الخيرية للقرن الخامس أيضاً كما في "مجمع الزوائد" (10/ 19) من حديث (عبد الله بن حوالة) . رواه أحمد وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح". قلت: وهذا التعقب وإن كان في نفسه صحيحاً عندنا لموافقته مذهب المحدثين في ترك الاحتجاج بالمرسل - سوى مرسل الصحابي - على ما هو مشروح في علم المصطلح؛ فإن لنا عليه مؤاخذات: الأولى: أن مؤلف "القواعد" لما ذكر من قبل (ص138) أن المختار عند الحنيفة قبول مرسل أهل القرن الثاني والثالث، لم يعلق عليه أبو غدة، بل تلقاه بالتسليم؛ لأنه مذهبه! بل زاد على ذلك، فاستدل له بحديث البخاري: "خير أمتي قرني ... " الحديث؛ بالإضافة إلى استدلال المؤلف على ذلك بالإجماع والمعقول، وكل ذلك مردود عند التحقيق، وليس هذا محل بيان ذلك، فإذا كان استدلال المؤلف واستشهاد المعلق صحيحاً، فيلزمهما طرد هذا الاستدلال، وهذا ما صنعه المؤلف حينما عثر على حديث جعدة بن هبيرة، فاستدل به على الاحتجاج بمرسل القرن الرابع أيضاً كما سبق، فقول الشيخ: "هذا توسع غير ناهض"؛ نقض لما سلم به هناك؛ لأن الدليل واحد، بل كان الواجب عليه أن يلزم المؤلف بالاحتجاج بمرسل القرن الخامس أيضاً بنفس الدليل الذي استدل به للقرن الرابع وهو حديث بريدة، وإلا؛ كان المؤلف متناقضاً، ولكن المؤلف طرد استدلاله، وأما المعلق فهو الذي تناقض! والحق؛ أن الحديث ليس له علاقة بتوثيق أهل القرون الثلاثة بالمعنى الذي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 يريده أهل الحديث؛ وهو إثبات العدالة التي تنافي الكذب والفسق أولاً، والحفظ والضبط الذي ينافي سوء الحفظ المستلزم لضعف حديث صاحبه ثانياً، وإنما هو يثبت لهم العدالة فقط، وفي الجملة لا في التفصيل، فالاستدلال به على إثبات العدالة لكل فرد من أفراد تلك القرون مما لا يخفى فساده على أهل العلم، وأما إثبات الأمر الثاني وهو الحفظ والضبط؛ فهيهات هيهات. الثانية: أنه قلد محقق "مجمع الزوائد" في جعله الحديث من رواية عبد الله ابن حوالة، وتحريفه - بجهله - الأصل الذي كان فيه عبد الله بن مولة، والأول صحابي، والآخر تابعي مجهول، (ذلك مبلغهم من العلم) . الثالثة: تصحيحه الحديث بجزمه به في قوله: "فقد جاء.."، وهو حديث ضعيف مضطرب، ولو كان عنده ذرة من المعرفة بهذا العلم الشريف؛ لكان مجرد نظره في اختلاف ألفاظ الحديث - وقد ذكرها كلها صاحب "المجمع" - كافياً له في دفعه إلى إمعان النظر فيها وترجيح الراجح منها على المرجوح، ولكن أنى له ذلك، وهو لا يعرف من هذا العلم إلا مجرد النقل والتقليد تقليداً أعمى؛ كما يدل على ذلك تعاليقه الكثيرة على الكتب التي يقوم بطبعها، بل وتحقيقها زعم!! الرابعة: تقليده الهيثمي في قوله: "رجاله رجال الصحيح"، وابن مولة ليس من رجال "الصحيح" كما سبق، ولعل قول الهيثمي هذا هو الذي غره فصحح الحديث - وهو من جهله بهذا العلم - ثم اعترض به على المؤلف، وإن كان الاعتراض نفسه وارداً عليه ولازماً له كما بينا. وقد وقع المؤلف نفسه في مثل هذا الاغترار؛ فإنه اكتفى في تصحيح الحديث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 للاستلال به على ما ذهب إليه من الأخذ بمرسل القرن الرابع - بقول الحافظ: "رجال ثقات؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته". ففهم من قوله: "رجاله ثقات" أنه يساوي قوله لو قال: "إسناده صحيح"، لولا الاختلاف الذي ذكره، وما دام أن الراجح عند المؤلف أنه صحابي؛ فالإسناد صحيح! وقد عرفت ما فيه من الجهالة والمخالفة للأحاديث الصحيحة التي اتفقت على إثبات القرن الثالث، والشك في الرابع، فلا يزول هذا الشك بزيادة رجل مجهول الحال لم يوثقه إلا متساهل بالتوثيق كما سبق! ثم جدت أمور لابد من النظر فيها، وبيان ما يجب حولها، فأقول: أولاً: حديث بريدة الأسلمي المتقدم برواية أحمد عن عفان، وفيه ذكر القرن الرابع، وقد أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً في "المصنف" (12/ 177/ 1/ 12463) : حدثنا عفان به. إلا أنه وقع فيه: ".. مع أبي بردة الأسلمي.." كذا: أبي بردة! ولعله خطأ مطبعي أو نسخي؛ فإنه لا وجود لأبي بردة الأسلمي في الصحابة، فلعله في الأصل: "أبي برزة الأسلمي" فإنه صحابي معروف، وقد وقع كذلك عند بعض رواته كما يأتي، لكن قد أخرجه ابن حبان، في أول المجلد الثامن من كتابه "الثقات" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا عفان به، مثل رواية أحمد: ".. بريدة الأسلمي.."، فهذا يؤكد خطأ ما في "المصنف". لكن؛ قد أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (13/ 415/ 7420) : حدثنا العباس ابن الوليد النرسي: حدثنا عبد الأعلى أبو محمد السامي: حدثنا سعيد - يعني الجريري - ... فساق إسناده المتقدم، ولكنه قال: "أبو برزة الأسلمي"! وليس هذا خطأ مطبعياً؛ فإنه كذلك في بعض المخطوطات، ويؤيد ذلك أنه في جملة أحاديث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 ساقها أبو يعلى في "مسند أبي برزة الأسلمي"، فإذن يمكن أن يعتبر هذا اضطراباً آخر من عبد الله بن مولة فإن السند إليه بهذا صحيح أيضاً، فكما اضطرب في متن الحديث كما تقدم، فكذلك اضطرب في إسناده أيضاً، فمرة قال: "بريدة الأسلمي"، ومرة قال: "أبو برزة الأسلمي"! بل إنه اضطرب في متنه على وجه آخر؛ فإنه لم يذكر القرن الرابع، بل شك في القرن الثالث، فقال كما قال إسماعيل ابن علية في روايته المتقدمة: "ولا أدري أذكر الثالث أم لا؟ ". فهذا مما يؤكد ضعف الحديث وضعف رواية عبد الله بن مولة، وخطأ من صحح حديثه هذا؛ كما يأتي بيانه فيما يلي: ثانياً: قال ابن حبان عقب الحديث: "هذه اللفظة: "ثم الذين يلونهم" في الرابعة، تفرد بها حماد بن سلمة وهو ثقة مأمون، وزيادة الألفاظ عندنا مقبولة عن الثقات..". قلت: لا شأن لحماد في هذه الزيادة، كما لا شأن له بالزيادة الأخرى: "ثم الذين يلونهم" في الخامسة، كما تقدم في الرواية الأخرى عند أحمد، فتنبه، وإنما هو اضطراب من عبد الله بن مولة كما تقدم. على أنه يمكن أن ينسب إلى حماد نفسه شيء من هذا الاختلاف؛ فإني وجدت الطحاوي قد روى الحديث في "مشكل الآثار" (3/ 177) من طريق عفان عنه بإسناده، لم يذكر القرن الرابع مطلقاً، وفي حماد كلام يسير في حفظه إلا في روايته عن ثابت - كما تقدم -، فقد يكون منه بعض هذا الاختلاف، إلا؛ فهو من عفان أو من دونه، وهذا مما أستبعده. والله أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59 ثالثاً: قد عرفت مما تقدم أن عبد الله بن مولة مجهول، وأنه علة هذا الحديث، ولم يتنبه لهذا المعلق على "مسند أبي يعلى"، فقال: "إسناده صحيح"! وركن في ذلك إلى قول الذهبي في ابن مولة في "الكاشف": "صدوق". وقول الحافظ في "التقريب": "مقبول". وليس يخفى على أحد أنه لا حجة له في شيء من ذلك، أما قول الحافظ، فظاهر لكل من يعرف اصطلاح الحافظ في هذه اللفظة: "مقبول"، فإنه يعني أنه مقبول عند المتابعة، وإلا؛ فلين الحديث، وعليه؛ فالحديث لين؛ لأنه لا متابع له أولاً، ثم هو قد اضطرب في إسناده ومتنه ثانياً كما سبق بيانه، فأنى لحديثه الصحة؟! وأما قول صاحب "الكاشف" فيه: "صدوق"؛ فهو في الحقيقة يكشف عن وهم لا وجه له أهل العلم، ومنهم الذهبي نفسه؛ فقد صرح - كما تقدم - بأنه ما روى عنه سوى أبي نضرة، فلعل الوهم من بعض الناسخين؛ فإن المعروف عندي عن الذهبي أنه إنما يقولها في التابعي المستور الذي روى عنه جمع من الثقات، وهذا على الغالب، وأما مجهول العين كهذا؛ فلا. رابعاً: ثم إن حديث داود بن يزيد الأودي المتقدم قد رأيته في "معجم الطبراني الأوسط" (2/ 34/ 2/ 5606) من طريق عقبة بن مكرم قال: حدثنا يونس الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 ابن بكير، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به؛ وقال: "لم يروه عن داود الأودي إلا يونس بن بكير، تفرد به عقبة". كذا قال! وقد رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 276/ 2643) من طريق عبيد بن يعيش، عن يونس بن عبيد به. ثم رواه من طريق أبي نعيم، عن داود ابن يزيد الأودي، عن أبيه، عن جعدة بن هبيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر: "ثم الرابع.."، وقال: "وأبو نعيم أحفظ من يونس، وليس لجعدة صحبة". قلت: كذا وقع في رواية أبي نعيم: "داود بن يزيد"، فإذا صح هذا فهو متابع لإدريس بن يزيد الأودي في روايته المتقدمة، فهو مما يرجح رواية أبي نعيم هذه، وأن الحديث حديث جعدة بن هبيرة، وليس حديث أبي هريرة، وقد عرفت مما سلف أن يزيد الأودي مجهول الحال، فالإسناد ضعيف على كل حال، صحت صحبة جعدة أو لم تصح، والله أعلم. خامساً: ذكر الهيثمي في "المجمع" (10/ 20) حديث أبي برزة الأسلمي مختصراً جداً بلفظ: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". وقال: "وإسناده حسن. رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه". فأقول: أخشى أن يكون قوله: "وإسناده حسن" مقحماً من بعض النساخ؛ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 لأنه ينافي قوله: "فيه من لم أعرفه"، كما ينافي أسلوبهالعام في كلامه على الأحاديث؛ فإن عادته الغالبة أن يخرج، ثم يتكلم على الإسناد تصحيحاً وتضعيفاً. والله أعلم. ثم إنني أخشى أن يكون مداره على عبد الله بن مولة المجهول كما تقدم، والمجلد الذي فيه مسند أبي برزة - واسمه نضلة - من "المعجم الكبير" للطبراني لم يطبع بعد، فما أمكنني الوقوف على إسناده فيه. 3570 - (خير أمراء السرايا؛ زيد بن حارثة، أقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية) . موضوع أخرجه الحاكم (3/ 215) عن الحسين بن الفرج: حدثنا محمد بن عمر: حدثني عائذ بن يحيى، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه مرفوعاً به. وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: في سنده الواقدي". قلت: وهو متهم بالكذب كما تقدم مراراً، والراوي عنه الحسين بن الفرج؛ قال في "الميزان": "قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، ومشاه غيره، وقال أبو زرعة: ذهب حديثه". قال الحافظ في "اللسان": "وقوله: "مشاه غيره" ما علمت من عنى". الحديث: 3570 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 3571 - (خير أمتي: الذين إذا أساءوا استغفروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا سافروا قصروا) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (46/ 1من ترتيبه) عن عبد الله بن يحيى بن معبد المراري: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قال الطبراني: "لم يروه عن أبي الزبير إلا ابن لهيعة، تفرد به المراري". قلت: ولم أجد من ترجمه. وابن لهيعة؛ ضعيف، وبه أعله الخيثمي (2/ 157) . وأبو الزبير؛ مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 3571 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 3572 - (خير أمتي أولها وآخرها، وفي وسطها الكدر) . ضعيف عزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن أبي الدرداء مرفوعاً، وسكت عليه شارحه المناوي، وكأنه لم يقف على سنده، وقد وقفت عليه؛ فقال أبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (189/ 2) : "وقال محمد بن علي الترمذي رحمه الله: حدثنا الحسين بن عمر بن شقيق البصري: حدثنا سليمان بن طريف، عن مكحول، عن أبي الدرداء مرفوعاً به". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ مكحول لم يسمع من أبي الدرداء. ومن دونه لم أجد من ترجمهما. الحديث: 3572 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 3573 - (خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر. رضي الله عنهما) . ضعيف رواه ابن عساكر (17/ 375/ 2) عن عبد الرحمن بن جبلة: أخبرنا بشر ابن سريج قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: سمعت علياً والزبير قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره في ترجمة وراد بن جهير؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: فهو ضعيف الإسناد. وبشر بن سريج؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 375) برواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعبد الرحمن بن جبلة؛ لم يذكر فيه أيضاً (2/ 2/ 221) جرحاً ولا تعديلاً؛ ولكنه قال: "روى عنه أبو زرعة". وهو لا يروي إلا عن ثقة كما هو معلوم. الحديث: 3573 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 3574 - (خير خصال الصائم السواك) . ضعيف رواه ابن ماجه (1678) ، والمخلص في "العاشر من حديثه" (216/ 2) ، وابن شاذان في "الخامس من المنتقى من حديثه" (239/ 2) ، وأبو حفص الكتاني في "حديثه" (142/ 2) ، والدارقطني (ص22) ، والبيهقي في "سننه" (4/ 272) من طريقين عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة مرفوعاً. وقال البيهقي: "مجالد غيره أثبت منه". وتعقبه ابن التركماني بقوله: الحديث: 3574 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 "قلت: ظاهر هذا اللفظ توثيق مجالد، فإن قصد ذلك فقد ناقض هذا في "باب الغنيمة لمن شهد الوقعة" فقال: "مجالد ضعيف"، وإن قصد بذلك تضعيفه، فقد أخطأ في عبارته؛ فضعفه بلفظ يقتضي التوثيق، ومجالد وإن تكلموا فيه فقد وثقه بعضهم، وأخرج له مسلم في "صحيحه"". قلت: المتقرر فيه أنه لا يحتج به؛ قال الذهبي: "فيه لين". وقال الحافظ: "ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره". ولذلك؛ لم يحتج به مسلم، وإنما روى له مقروناً كما في "الترغيب" (4/ 291) ، فإطلاق ابن التركماني عزوه إليه إنما هو من تعصبه لمذهبه وعلى البيهقي. والله المستعان. 3575 - (خير شبابكم من تشبه بكهولكم، وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) . ضعيف روي من حديث واثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس. 1- أما حديث واثلة؛ فيرويه عنبسة بن سعيد قال: حدثنا حماد مولى بني أمية، عن جناح مولى الوليد، عنه مرفوعاً. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق355/ 1) ، وتمام في "الفوائد" (190/ 2) ، وعنه ابن عساكر (2/ 119/ 2) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق292/ 2) ، والدينوري في "المجالسة" (8/ 191/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 37) ، الحديث: 3575 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 والبيهقي في "الشعب" (2/ 472/ 2) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 141/ 2) من طرق عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حماد قال الأزدي: "متروك". ومن فوقه وتحته ضعيفان. وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 270) : "رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه من لم أعرفه"! 2- أما حديث أنس؛ فيرويه الحسن بن أبي جعفر: حدثنا ثابت البناني، عن أنس به. أخرجه ابن عدي (87/ 1) ، وأبو علي الهروي في الجزء الثاني من الجزء الأول من "الفوائد" (1/ 2) ، وابن الديباجي في "الفوائد المنتقاة" (2/ 81/ 1) ، وأبو نعيم في "الأخبار" (2/ 37) ، والقضاعي (102/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن بن أبي جعفر قال الحافظ: "ضعيف الحديث مع عبادته وفضله". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني والبزار [3219] ، فيهما الحسن بن أبي جعفر، وهو ضعيف". 3- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه محمد بن يزيد: حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات: حدثنا بحر بن كنيز، عن يحيى بن [أبي] كثير، عن عكرمة عنه. أخرجه البيهقي. قلت: وهذا سند ضعيف، مسلسل بالضعفاء؛ بحر بن كنيز فمن دونه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 ومحمد بن يزيد الظاهر أنه أبو عبد الله بن أبي فروة الرهاوي. 4- وأما حديث عمر؛ فيرويه إبراهيم بن حيان الأنصاري: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن زر عنه مرفوعاً. أخرجه ابن عدي (8/ 1) ، وقال بعد أن ساق لإبراهيم هذا حديثاً آخر: "وهذان الحديثان مع أحاديث غيرهما بالأسانيد التي ذكر إبراهيم بن حيان عامتها موضوعة مناكير، وهكذا سائر أحاديثه". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف؛ لأن هذه الطرق شديدة الضعف كما رأيت، وخيرها طريق أنس، ولو رأينا له شاهداً ضعفه مثله لحسنته. والله أعلم. 3576 - (خير طعامكم الخبز، وخير فاكهتكم العنب) . موضوع رواه الديلمي (2/ 115/ 286) من طريق أبي نعيم، عن عمرو بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن خالد، وهو أبو يوسف الأعشى الأسدي الكوفي؛ قال أبو نعيم الأصبهاني: "روى عن هشام بن عروة موضوعات". قال ابن حبان: "يروي عن الثقات الموضوعات، لا تحل الرواية عنه". ثم ساق في ترجمته هذا الحديث؛ وقال: "وهو بهذا الإسناد باطل موضوع، والبلاء من أبي يوسف". الحديث: 3576 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 3577 - (خيركم أزهدكم في الدنيا، وأرغبكم في الآخرة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (11/ 232/ 1) عن مالك بن مغول قال: أخبرت عن الحسن قال: قالوا: يا رسول الله من خيرنا؟ قال: "أزهدكم..". الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، الحسن هو ابن أبي الحسن البصري. الحديث: 3577 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 3578 - (خيركم خيركم للمماليك) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 112) من طريق الطبراني، عن عبد الملك بن زيد، عن مصعب بن مصعب، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مصعب بن مصعب قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث". وذكره ابن حبان في "الثقات". وعبد الملك بن زيد؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "ضعفوه". الحديث: 3578 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 3579 - (سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" (5/ 35) ، وأبو نعيم في "الطب" (ق1-2-المنتقى منه) من طريق سعيد بن عنبسة: حدثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد: حدثنا أبو هلال، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً. الحديث: 3579 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ سعيد بن عنبسة هو الرازي أبو عثمان الخراز؛ قال ابن الجنيد: "كذاب". وقال أبو حاتم: "كان لا يصدق". وأبو هلال هو محمد بن سليم الراسبي؛ وفيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق فيه لين". وقال الهيثمي (5/ 35-36) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سعيد بن عبية القطان، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر". كذا قال! وكأنه تحرف عليه أو على ناسخ أصله اسم "عنبسة" إلى "عبية" فلم يعرفه. وإنما هو "عنبسة" كما وقع عند أبي نعيم، وقد ذكروا في ترجمته أنه روى عن أبي عبيدة الحداد. ولكنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (3/ 40/ 1) ، وابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/ 51/ 1) عن أحمد بن خليل القومسي: حدثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي: حدثنا أبو هلال محمد بن سليم الراسبي به. دون قوله "في الدنيا والآخرة". لكن القومسي هذا كذاب؛ كما قال ابن أبي حاتم، وضعفه أبو زرعة. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5/ 92/ 5904) قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا .... قلت: فساق إسناده إلى العباس بن بكار: حدثنا أبو هلال الراسبي به. وقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 "ورواه جماعة عن أبي هلال الراسبي، تفرد به أبو هلال". وأقول: هو مع ضعفه؛ فالطرق إليه واهية كما تقدم، والسلمي هذا متهم بوضع الأحاديث للصوفيه! وقد وجدت لبعضه شواهد، فروى أيوب بن محمد الوزان الثقفي: أخبرنا سلام ابن سليمان الثقفي، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به. دون الفقرة الثالثة. أخرجه أبو عبد الله الخلال في "المنتخب من المنتخب من تذكرة شيوخه" (47/ 1) . وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ فإن أبا جعفر هو محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر، لم يدرك جده علياً رضي الله عنه. وابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعنه. وسلام بن سليمان الثقفي؛ ضعيف. وروى البيهقي (5902) عن روح بن عبادة: حدثنا المجاشعي هشام بن سلمان: حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً بلفظ: "خير الإدام اللحم، وهو سيد الإدام". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يزيد الرقاشي ضعيف جداً. والمجاشعي؛ قال الذهبي: "صدوق، ضعفه موسى بن إسماعيل المنقري". وروى أبو نعيم في "الطب" كما في "الجزء الذي انتقاه القلانسي منه" أيضاً الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي: حدثنا أبي: حدثنا علي بن موسى، عن آبائه بلفظ: "سيد طعام الدنيا والآخرة اللحم". قلت: والطائي هذا اتهمه الذهبي بالوضع، ونحوه في "اللآلي" (2/ 240) . ثم رأيت الحديث في "شعب الإيمان" (1/ 215/ 1) من طريق الغلابي: حدثنا الحسن بن حسان وعلي بن أبي طالب البزار قالا: حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة به. لكن الغلابي هذا وضاع. ورجعت إلى مصورة "الأوسط" بواسطة فهرسي، فرأيت الحديث فيه رقم (7630) : حدثنا محمد بن شعيب (هو الأصبهاني) : أخبرنا سعيد بن عتبة القطان: حدثنا أبو عبيدة الحداد.. إلخ، وقال: "تفرد به سعيد". كذا قال! وقد عرفت ما فيه. فأقول الآن: قد توقفت عن الجزم بالتحريف المتقدم حتى يأتي له شاهد. 3580 - (خيركم في المئتين كل خفيف الحاذ؛ الذي لا أهل له ولا ولد) . باطل رواه عباس الترقفي في "حديثه" (1/ 2) : حدثنا رواد بن الجراح، عن سفيان، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعاً. ومن طريق الترقفي رواه ابن الأعرابي في "معجمه" (180/ 2) ، وكذا أبو القاسم المهراني في "الفوائد المنتخبة" الحديث: 3580 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 (2/ رقم11- من نسختي) ، وابن عدي (141/ 1) ، والخطيب في "التاريخ" (6/ 198و11/ 225) ، وابن عساكر (2/ 131/ 2و6/ 143/ 1) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (122/ 1) ، وقال المهراني: "هذا حديث غريب من حديث سفيان بن سعيد الثوري، تفرد بروايته رواد عن الثوري، وقد رواه عنه غيره". ورواه العقيلي أيضاً (137) من طريق رواد به، وروى عن الإمام أحمد أنه قال في رواد: "لا بأس به، صاحب سنة؛ إلا أنه حدث عن سفيان بأحاديث مناكير"، ثم ساق له هذا الحديث وقال: "حديث باطل". وكذا قال الذهبي. وقال ابن أبي حاتم (2/ 420) : "قال أبي: هذا حديث منكر". وقال في مكان آخر (2/ 132) كما قال أحمد: "هذا حديث باطل". ونقل الذهبي في "الميزان" عن أبي حاتم أنه قال: "منكر لا يشبه حديث الثقات، وإنما كان بدو هذا الخبر فيما ذكر لي: أن رجلاً جاء إلى رواد، فذكر له هذا الحديث، فاستحسنه وكتبه، ثم حدث به بعد، يظن أنه من سماعه". قلت: وذلك لأنه كان اختلط. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 72 وقد روى نحو هذا الذي قاله أبو حاتم ابن جرير الطبري في "تفسيره" تحت حديث آخر ضعفه ابن كثير به، سيأتي تخريجه برقم (6550) . قلت: وقد روي موقوفاً، فقال الحاكم في "المستدرك" (4/ 486) : أخبرنا أبو عبد الله الصفار: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة: حدثنا الحسن بن الوليد: حدثنا سفيان، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "يأتي على الناس زمان يغبط فيه الرجل لخفة حاله، كما يغبط الرجل اليوم بالمال والولد". قال: فقال له رجل: أي المال يومئذ خير؟ قال: "سلاح صالح، وفرس صالح، يزول معه أينما زال". وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"! وكذا قال الذهبي في "تلخيصه"! وفيه نظر، بل هو إسناد ضعيف مظلم، وبيان ذلك من وجوه: الأول: أن أبا الزعراء اثنان؛ متقدم، واسمه عبد الله بن هاني الكندي الأسدي، أبو الزعراء الكبير، له رواية عند الترمذي وغيره، عن ابن مسعود وهو صدوق؛ كما قال أبو حاتم. وأما المتأخر فاسمه: عمرو بن عمرو، ويقال: ابن عامر بن مالك بن نضلة الجشمي أبو الزعراء الكوفي الأصغر، وهو مجهول لا يعرف، وإن ذكره ابن حبان في "الثقات" هو والذي قبله، على أنه قد ذكرهما في الطبقة الثالثة، مشيراً بذلك إلى انقطاعه، وقد ذكروا في ترجمته أنه لم يرو عنه غير ابن أخته سلمة ابن كهيل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 لكن الحديث هنا من رواية سفيان، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، وهذا مما لا يعرف؛ لأنه على ذلك يكون الراوي عنه إنما هو عمرو بن عمرو المتأخر طبقة؛ فقد ذكروهما في الرواة عن أبي الزعراء المتأخر طبقة، وقد قال الحافظ المزي (16/ 242) : "وأما أبو الزعراء الأكبر هذا؛ فلا تعرف له رواية إلا عن ابن مسعود وعمر بن الخطاب، ولا يعرف له راو؛ إلا سلمة بن كهيل، ولم يدركه سفيان بن عيينة، ولا أحد من أقرانه". قلت: ولعل العلة في هذا الخلط من الآتي ذكره، وهو: الوجه الثاني: (محمد بن إبراهيم بن أرومة) ؛ فقد جهدت في البحث عن ترجمة له، دون الوقوف عليها، مع أنهم قد ترجموا لأبيه (إبراهيم بن أرومة) ، وهو الأصبهاني الحافظ، كما ترجموا للراوي عنه شيخ الحاكم (أبي عبد الله الصفار) ، انظر "تاريخ الإسلام" (25/ 179) ، و "تذكرة الحفاظ" (2/ 628) . ثم إن (الحسن بن الوليد) ، كذا وقع في "المستدرك"، وله ترجمة قصيرة في "أخبار أصبهان" لم أتمكن منها من الحكم عليه بأنه هو؛ بينما جاء في "تهذيب الكمال" (6/ 495-496) : الحسين بن الوليد القرشي مولاهم، أبو علي، ويقال: أبو عبد الله الفقيه النيسابوري. ثم ذكر في شيوخه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة. ومن هذا التحقيق يتبين أن العلامة (سراج الدين) المعروف بـ (ابن الملقن) ؛ إنما لم يورد هذا الحديث في كتابه "مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم" لأنه لم يضعه هو ليستدرك على المختصر كما هو صريح عنوان الكتاب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 74 وقد اغتر بالتصحيح المتقدم بعض الكتاب من المغرب في كلمة نشرتها له جريدة "المسلمون" بتاريخ السبت 28/ذي الحجة 1418 العدد (690) ، والكلمة نافعة لكنه تسرع، فقال بعد أن نقل تصحيح الحاكم والذهبي: "وهذا من الموقوف الذي له حكم الرفع؛ إذ لا مجال للرأي فيه". قلت: وهذا فيه نظر لو صح، فكيف وفيه ما علمت من العلل. 3581 - (خيركن أطولكن يداً) . موضوع أخرجه أبو يعلى (13/ 7430) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 6) عن أم الأسود، عن منية، من حديث أبي برزة قال: [كان] للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة، فقال يوماً: ... فذكره، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار! قال: "لست أعني هذا، ولكن أصنعكن يدين". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة منية هذه؛ قال الذهبي: "تفردت عنها أم الأسود". ولهذا قال الحافظ: "لا يعرف حالها". قلت: فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال: "إسناده حسن". ليس بحسن، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن: "أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً". أخرجه البخاري (1/ 359) ، ومسلم (7/ 144) ، والنسائي (1/ 352) ، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش، وهو الصواب. الحديث: 3581 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 75 وفي رواية البخاري أنها سودة بنت زمعة، وهي وهم كما حققه الحافظ في "الفتح"، ووقع له وهم نبهت عليه تحت الحديث (6335) . ثم رأيت كلام الهيثمي في "المجمع" ونصه (9/ 248) : "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن؛ لأنه يعتضد بما يأتي". يعني الحديث المشار إليه الآتي عن ميمونة بلفظ: "أولكن ترد علي الحوض أطولكن يداً". وهو حديث موضوع؛ فيه مجمع على تركه، وهو مسلمة بن علي الخشني؛ قال الهيثمي: "وهو ضعيف". وقد ترتب من تساهل الهيثمي هذا وتسامحه في اقتصاره على تضعيفه فقط للخشني أن اعتبر بعضهم حديثه هذا شاهداً لحديث الترجمة! فقد عزاه الحافظ في "المطالب العالية" (1/ 257/ 879) لـ "مسند أبي بكر بن أبي شيبة"، فعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي بقوله: "لم يحكم البوصيري عليه بشيء، بل قال: له شاهد من حديث عائشة"! وسكت عليه الشيخ ولم يتعقبه بشيء، بل إنه لما أعاده الحافظ في مكان آخر (4/ 131/ 4146) علق عليه مقوياً له بقول الهيثمي المذكور آنفاً! وهذا من شؤم التساهل في النقد! ولم يتنبه لهذا المعلق على مسند "أبي يعلى"، فقال (13/ 425) - وهو يترجم لمنية -: "ما رأيت فيها جرحاً، ولم ترو منكراً، فهي على شرط ابن حبان، وقد حسن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 الحافظ في "المسند" إسنادها". ثم نقل كلام الهيثمي في هذا الحديث، وفي حديث ميمونة الآتي. وقد خفي عليه - لأنه حديث عهد بهذا العلم - أن الحديث منكر جداً، بل موضوع؛ لمخالفته لحديث عائشة المذكور، وذلك من ناحيتين: الأولى: في لفظه؛ فإن فيه: "أسرعكن.."، فهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - العلمية، وفي هذا "خيركن.."، فهو من الفضائل، فشتان ما بينهما! والمقصود بالحديث زينب رضي الله عنها على الأصح، كما يأتي بيانه تحت حديث ميمونة (6335) ، وعائشة أفضل كل زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وخيرهن، كما هو معلوم. والأخرى: أن فيه أنهن كن يقسن أيديهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا أنهن فعلن ذلك بحضرته - صلى الله عليه وسلم -، فأي نكارة أصرح من هذه؟! وأما قوله: "وقد حسن الحافظ في "المسندة" إسنادها". فلا أدري ما مستنده في ذلك، وهو يعني "مسندة المطالب العالية"؛ فإن نسخة المكتبة المحمودية من "المسندة" (ق35/ 1و171/ 1) ليس فيها التحسين المذكور، ويستبعد مثله عن الحافظ! 3582 - (خير هذه الأمة أولها وآخرها، أولها فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وآخرها فيهم عيسى ابن مريم، وبين ذلك ثبج أعوج ليسوا مني، ولست منهم) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 123) : حدثنا أحمد بن إسحاق: حدثنا عبد الله بن سليمان: حدثنا محمد بن خلف العسقلاني: حدثنا الفريابي، الحديث: 3582 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 عن الأوزاعي، عن عروة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله. وعروة هو ابن رويم اللخمي، وهو ثقة كثير الإرسال. ومن دونه ثقات أيضاً؛ غير أحمد بن إسحاق؛ فلم أعرفه. 3583 - (خير ما يموت عليه العبد أن يكون قافلاً من حج، أو مفطراً من رمضان) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 114) من طريق أبي نعيم، عن سلمة بن سواية، عن ابن حدر الكلبي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعنه. وسلمة بن سواية. لم أعرفه. ومثله ابن حدر الكلبي. لكن ذكر المناوي أن في إسناد الديلمي "أبو جناب الكلبي، ضعفه النسائي والدارقطني". فالظاهر أنه تحرف على الناسخ، فكتب "ابن حدر"، وإنما هو "أبو جناب". الحديث: 3583 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 3584 - (خيرهن أيسرهن صداقاً) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (135) ، وابن حبان في "صحيحه" (1255-زوائده) ، والطبراني (3/ 109/ 2) عن رجاء بن الحارث، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: ورجاله ثقات غير رجاء بن الحارث؛ فقال الذهبي: "ضعفه ابن معين وغيره". وقال العقيلي::حديثه ليس بالقائم"، وقال عن هذا الحديث: الحديث: 3584 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 "ولا يتابع عليه إلا من جهة مقاربة، وقد روي نحو هذا اللفظ بإسناد غير هذا فيه لين أيضاً، والرواية الصحيحة حديث محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر". قلت: ولعل الإسناد الآخر الذي أشار إليه العقيلي هو من طريق جابر بن يزيد الجعفي؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 281) : "رواه الطبراني بإسنادين، في أحدهما جابر الجعفي، وهو ضعيف، وقد وثقه شعبة والثوري، وفي الآخر رجاء بن الحارث، ضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجالهما ثقات". 3585 - (خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفى، أترونها للمتقين؟! لا، ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 583) ، وابن أبي داود في "البعث" (86/ 45) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (1/ 158/ 1) ، وأبو صالح الحرمي في "الفوائد العوالي" (175/ 2) ، وأبو علي إسماعيل الصفار في "حديث عبد الله المخرمي" (116/ 2) من طريق أبي بدر: حدثنا زياد بن خيثمة، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قلت: وهذا إسناد حسن فيما يبدو، رجاله ثقات رجال مسلم، وفي أبي بدر - واسمه شجاع بن الوليد بن قيس السكوني - كلام يسير من جهة حفظه، وقال الحافظ: "صدوق، ورع، له أوهام". الحديث: 3585 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 قلت: وإني لأخشى أن يكون قد وهم في إسناد هذا الحديث؛ فقد خولف فيه؛ فقال الحسن بن عرفة في "جزئه" (رقم94-منسوختي) ، وعنه ابن أبي داود في "البعث" (رقم44) ، والعسكري في "التصحيفات" (1/ 316) ، ورزق الله التميمي في "جزئه" (154/ 1) : حدثني عبد السلام بن حرب، عن زياد بن خيثمة، عن نعمان بن قراد، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. ومن طريق ابن حرب أخرجه المخلص أيضاً. وعبد السلام ثقة حافظ محتج به في "الصحيحين". وقال الإمام أحمد (2/ 75) : حدثنا معمر بن سليمان الرقي أبو عبد الله: حدثنا زياد ابن خيثمة، عن علي بن النعمان بن قراد، عن رجل، عن عبد الله بن عمر به. وهكذا رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (791-بتحقيقي) . وبالجملة؛ فالحديث لم يطمئن القلب لصحته؛ لاضطراب الرواة في إسناده على زياد بن خيثمة، على هذه الوجوه الثلاثة، والوجهان الأخيران أرجح عندي؛ لأن راوي الأول منهما أوثق من راوي الوجه الأول منها. وكذلك راوي الوجه الثالث ثقة؛ وهو معمر بن سليمان الرقي، وقد اختلف هذان الثقتان أيضاً؛ فقال الأول منهما: "زياد بن خيثمة عن نعمان بن قراد عن عبد الله بن عمر". وخالفه الآخر، فقال: "علي بن النعمان بن قراد" بدل: نعمان بن قراد. ثم أدخل بينه وبين ابن عمر رجلاً لم يسمه. وقد رجح العلامة أحمد شاكر ثبوت كل من الوجهين، وأطال الكلام في ذلك، فإن صح ذلك فالعلة عندي جهالة النعمان هذا؛ فقد قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 446) : "النعمان بن قراد، ويقال: علي بن النعمان بن قراد، روى عن ابن عمر، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 80 روى عنه زيادة بن خيثمة". وأما ابن حبان فأورده على قاعدته في "ثقات التابعين" (1/ 239) ، واعتمده الشيخ أحمد شاكر، فصحح الحديث لذلك، فلم يصب، ولعله استروح لقول الحافظ المنذري في "الترغيب" (4/ 221) : "رواه أحمد والطبراني، وإسناده جيد"! قلت: وكل ذلك ذهول عن قاعدة ابن حبان في توثيقه المجهولين كما بينه الحافظ في مقدمة "اللسان". وزدناه بياناً في "الرد على التعقيب الحثيث"، فتذكر هذا؛ فإنه مهم. نعم؛ للحديث أصل من طريق أخرى عن أبي موسى مرفوعاً به، دون قوله "لأنها أعم ... " إلخ. أخرجه أحمد (4/ 404) من طريق عاصم، عن أبي بردة عنه به؛ وفيه قصة. وهذا إسناد حسن. وتابعه حمزة بن علي بن مخفر، عن أبي بردة به؛ وزاد: "وعلمت أنها أوسع لهم". أخرجه أحمد أيضاً (4/ 415) . وحمزة هذا مجهول. وتابعهما عبد الملك بن عمير؛ عن أبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى عنه. أخرجه ابن أبي عاصم (821) . وله شاهد من حديث عوف بن مالك الأشجعي، وهو مخرج في "الروض النضير" (1019) ، و "تخريج المشكاة" (5600) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 وآخر من مرسل الحسن البصري مرفوعاً. أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (1625) بسند صحيح عنه. 3586 - (خير سليمان بين الملك والمال والعلم، فاختار العلم، فأعطي الملك والمال؛ لاختياره العلم) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 127) عن محمد بن تميم، عن حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع. آفته محمد بن تميم، والظاهر أنه الفارياناني؛ اسم قرية كما في "معجم البلدان" لياقوت، وهو كذاب يضع الحديث؛ كما قال الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/ 343) . وقال الحاكم: كذاب خبيث. وحفص بن عمر العدني؛ ضعيف. والحكم بن أبان؛ صدوق له أوهام. الحديث: 3586 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 3587 - (الحظ الحسن يزيد الحق وضوحاً) . ضعيف رواه السلفي في "أحاديث وحكايات" (79/ 1) عن أحمد بن عبيد ابن ناصح أبو جعفر: حدثنا ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الكلبي أو ابنه، وهو هشام بن محمد بن السائب؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "تركوه كأبيه، وكانا رافضيين". الحديث: 3587 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 قلت: وأبوه شر منه، قال الذهبي: "كذبه زائدة وابن معين وجماعة". وله شاهد من حديث أنس، أخرجه الخطيب في "الجامع" (4/ 154/ 2) عن عاصم بن مهاجر الكلاعي، عن أبيه: قال الحسن، عن أنس مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه أبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (25/ 2) لكن ليس عنده "قال الحسن ... ". وكذلك رواه الثعلبي في "تفسيره" (3/ 149/ 1) ، وكذلك رواه الديلمي (2/ 137/ 1) ؛ إلا أنه قال: "عن أبيه، عن سلمة، وكانت له صحبة". قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ عاصم بن مهاجر وأبوه وسلمة؛ مجهولون لم يترجموهم؛ سوى قول الذهبي في الأول منهم - وقد ساق له هذا الحديث كما رواه الأبنوسي والثعلبي -: "هذا خبر منكر". ولم يزد هو ولا الحافظ ابن حجر على ذلك شيئاً! 3588 - (الخلق الحسن زمام من رحمة الله) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 135) من طريق الحاكم: حدثنا أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان: حدثنا محمد بن حامد أبو بكر النيسابوري الهروي: حدثنا الذهلي: حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان الثوري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده أبي موسى مرفوعاً. قلت: أورده البيهقي في "الشعب" من طريق محمد بن حامد هذا، وقال: "وهم فيه هذا الشيخ، وليس له من هذا الوجه أصل". كذا في "لسان الميزان". الحديث: 3588 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 83 والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لأبي الشيخ في "الثواب" عن أبي موسى. فتعقبه المناوي بقوله: "وأخرجه الحاكم والديلمي والبيهقي في "الشعب" باللفظ المزبور عن أبي موسى المذكور من طريقين، وقال: كلا الإسنادين ضعيف". قلت: وإطلاقه العزو إلى الحاكم يشعر بأنه أخرجه في "المستدرك"، وما رأيته فيه. والله أعلم. 3589 - (الخلق الحسن لا ينزع إلا من [ولد] حيضة، أو ولد زنية) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 135) عن علي بن محمد بن مهرويه: حدثنا السليل بن موسى، عن أبيه موسى بن السليل الصنعاني، عن أبيه، عن بشر ابن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وبه: "الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله، وأبغض الخلق إلى الله من ضن على عياله". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف بشر بن رافع. والسليل بن موسى وأبوه وجده؛ لم أعرفهم. وعلي بن محمد بن مهرويه؛ قال الحافظ في "اللسان": "قال صالح بن أحمد في "طبقات أهل همذان": تكلموا فيه، محله عندنا الصدق". الحديث: 3589 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 84 3590 - (الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) . ضعيف جداً أبو يعلى في "مسنده" (163/ 2) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (8/ 18/ 2) ، والحارث في "مسنده" (221 من زوائده) ، والطبراني في "مكارم الأخلاق" (ورقة 167 وجه 2) وأبو عمر بن منده في "أحاديثه" (22/ 1) ، وأبو الحسن القزويني في "الأمالي" (185/ 2) ، وأبو بكر الخبائري في "الأمالي" (16/ 1) من طريق يوسف بن عطية الصفار، عن ثابت، عن أنس. وهكذا رواه ابن النقور في "القراءة على الوزير أبي القاسم" (2/ 20/ 1) ، والباطرقاني في "مجلس من الأمالي" (رقم4- من نسختي) ، وكذا المخلص في "المجلس الأول من المجالس السبعة" (48/ 2) ، وأبو القاسم بن الوزير في "الأمالي" (15/ 1) ، والقضاعي (106/ 2) ، ونصر المقدسي في "الأربعين" (رقم11) وقال: "حديث حسن المتن غريب الإسناد، تفرد به يوسف بن عطية الصفار". قلت: وهو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وذكر له الذهبي هذا الحديث من مناكيره. وروي من حديث ابن مسعود، أخرجه الهيثم بن كليب في "المسند" (52/ 1) : حدثنا ابن أبي العوام: حدثنا أبي: أخبرنا سعيد بن محمد الوراق، عن موسى ابن عمير مولى آل جعدة، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 61/ 1) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 341) ، والخطيب (6/ 334) ، وعنه ابن الجوزي في "العلل" (2/ 28) من طريق أخرى عن ابن عمير به. الحديث: 3590 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 وكذا رواه الضياء في "المنتخب من مسموعاته بمرو" (135/ 2) ، وكذا أبو نعيم في "الحلية" (4/ 237) وقال: "تفرد به موسى". قلت: هو أبو هارون الكوفي؛ متروك أيضاً، وقد كذبه أبو حاتم. وروي من حديث أبي هريرة بلفظ: "الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله، وأبغض الخلق إلى الله من ضن على عياله". أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 136) بإسناده المتقدم في الحديث الذي قبله، وهو واه كما سلف. (تنبيه) : سكت الحافظ السخاوي عن إسناد حديث ابن مسعود، فاغتر به الشيخ عبد الله الغماري فجوده! وقد كنت انتقدته مع أشياء أخرى في تعليقي على رسالة العز بن عبد السلام "بداية السول"، فتراجع عنه بمكر وخبث في رسالة له أسماها: "القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع"! وحمل مسؤولية خطئه الحافظ السخاوي، فرددت عليه، وبينت جنفه وظلمه في مقدمة المجلد الثالث من هذه "السلسلة"، فراجعها إن شئت تعرف من جهل هذا الغماري وبهته وسوء خلقه وسلاطة لسانه ما لا يخطر على بال أحد. والله المستعان. وإنما يثبت من هذا الحديث ما جاء في بعض طرقه التي ذكرها السخاوي بلفظ: "خير الناس أنفعهم للناس". ولذلك خرجته في "الصحيحة" (427) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 3591 - (داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة؛ تدفع عنكم الأعراض والأمراض) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 140) عن محمد بن يونس: حدثنا بدل بن المحبر: حدثنا هلال بن مالك الهوائي، عن يونس بن عبيد، عن، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن يونس وهو الكديمي؛ فإنه متهم بالوضع. وهلال بن مالك الهوائي لم أجد له ترجمة، ولا عرفت هذه النسبة، وهي مهملة حسبما تراءى لي بواسطة القارئة للأفلام. ونقل المناوي عن البيهقي أنه قال: "منكر بهذا الإسناد". الحديث: 3591 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 3592 - (دثر مكان البيت، فلم يحجه هود ولا صالح؛ حتى بوأه الله لإبراهيم عليه السلام) . منكر أخرجه ابن عدي (3/ 2) ، والديلمي (2/ 144) من طريق الزبير بن بكار: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن شهاب، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً. وقال ابن عدي: "إبراهيم هذا؛ فال البخاري: بمشورته جلد مالك، منكر الحديث". قال ابن عدي: "عامة ما يرويه مناكير، كما قال البخاري، ولا يشبه حديثه حديث أهل الصدق". الحديث: 3592 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 قلت: إبراهيم هذا ليس هو الذي قال فيه البخاري: "بمشورته جلد مالك". وإنما قال ذلك في أبيه محمد بن عبد العزيز، ذكره في ترجمته من "التاريخ الكبير" (1/ 167) ، وفيه قال "منكر الحديث"، وكذلك نقله عنه في "الميزان". وأما ابنه إبراهيم فلم يذكر البخاري في ترجمته من "التاريخ" (1/ 1/ 322) ما نقله ابن عدي عنه إطلاقاً. وإنما قال فيه: "وفيه نظر". ونقل الذهبي في "الميزان" عنه أنه قال: "سكتوا عنه، وبمشورته جلد مالك"، وهذا وهم فيما أرى، سلفه في الشطر الثاني منه ابن عدي. وأما قوله: "سكتوا عنه"؛ فإنما قاله البخاري في يعقوب بن محمد، والظاهر أنه أخو إبراهيم، ونص البخاري في ترجمة إبراهيم: "سمع منه إبراهيم بن المنذر، وفيه نظر، ويعقوب بن محمد - وهو أراه ابن أبي ثابت - سكتوا عنه، ويقال لأبي ثابت: عبد العزيز بن عمران". هذا نص كلامه، وهو ظاهر فيما ذكرنا. والله أعلم. 3593 - (دخلت الجنة فوجدت أكثر أهلها أهل اليمن، ووجدت أكثر أهل اليمن مذحج) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 229) ، والديلمي (2/ 142) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 107) عن أبي عيسى حمزة بن الحسين بن عمر السمسار: حدثنا الحكم بن عمرو الأنماطي: حدثنا محمد بن إبراهيم القرشي، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: آفته القرشي هذا كما قال الذهبي، وهو مجهول كما قال العقيلي في "الضعفاء" (ص369) . وأما قول المناوي: الحديث: 3593 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 "وفيه حمزة بن الحسين السمسار. قال الذهبي في "الضعفاء": حمزة بن الحسين الدلال عن ابن السماك. قال الخطيب: كذاب". قلت: فهو وهم فاحش! اختلط عليه ترجمة بأخرى؛ فإن راوي هذا الحديث هو السمسار، وقد ترجمه الخطيب في "التاريخ" (8/ 181) وقال: "وكان ثقة. مات سنة 328". وأما حمزة بن الحسين الدلال الذي نقل ترجمته عن الذهبي؛ فقد ترجمه الخطيب أيضاً (8/ 185) وذكر أنه كتب عنه وترجم له بما يدل على سوء حاله، وأنه كان يغير السماعات، ولكنه لم يصرح فيه بقوله: كذاب. مات سنة (330) . 3594 - (درهم أعطيه في عقل أحب إلي من مئة في غيره) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 186/ 1) : أخبرنا محمد بن الحارث الجميلي: أخبرنا صفوان بن صالح: أخبرنا الوليد بن مسلم: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الأعلى السلامي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن إسحاق إلا عبد الله (كذا) تفرد به الوليد". قلت: وهو ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية كما في "التقريب"، وشيخه عبد الصمد قال الذهبي: "فيه جهالة، قال أبو حاتم: شيخ مجهول"، وأما ابن حبان فأورده في "الثقات" على قاعدته! لكنه قال (1/ 137-138) : "يعتبر بحديثه من غير رواية معان بن رفاعة عنه". الحديث: 3594 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 وصفوان بن صالح ثقة ولكنه يدلس أيضاً تدليس التسوية. والجميلي لم أجد له ترجمة. وقد خولفاً في اسم هذا المجهول. فقال العقيلي في "الضعفاء" (ص255) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأنماطي قال: حدثنا دحيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد السلام بن علي السلامي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة به؛ إلا أنه قال: "خمسة" بدل "مئة". أورده العقيلي في ترجمة عبد السلام هذا، وقال: "لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به". وقال الذهبي: "لا يدرى من هو، والخبر منكر"، يعني هذا، وأقره الحافظ. . والحديث عزاه السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" لأبي يعلى بلفظ "لدرهم"، ولم أره في "مسنده"، ولا عزاه إليه الهيثمي في "المجمع" (6/ 292) فقد قال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الصمد بن عبد الأعلى؛ قال الذهبي: فيه جهالة". 3595 - (درهم الرجل ينفق في صحته خير من عتق رقبة عند موته) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 144) عن أبي الشيخ معلقاً، عن سليمان ابن سلمة الخبائري: حدثنا يوسف بن السفر (الأصل: القاسم) : حدثنا الحديث: 3595 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 الأوزاعي: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سليمان بن سلمة الخبائري؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "متروك". قلت: ومثله شيخه يوسف بن السفر، وبه فقط أعله المناوي، فقصر. 3596 - (درهم حلال يشتري به عسلاً ويشرب بماء المطر؛ شفاء من كل داء) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 22) ، وعنه الديلمي (2/ 143-144) : حدثنا علي بن محمد: حدثنا أبو زرعة الموصلي تريك بن مناس ابن يعقوب: حدثنا يوسف بن رزيق الموصلي: حدثنا عمي: حدثنا حميد، عن أنس بن مالك مرفوعاً. أورده في ترجمة علي بن محمد هذا - وهو ابن أحمد بن حسنويه - أبو بكر الضراب؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومن بينه وبين حميد؛ لم أعرفهم. الحديث: 3596 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 3597 - (دعاء المحسن إليه للمحسن لا يرد) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 140) عن الحارث بن مسكين، عن ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك. الحديث: 3597 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 3598 - (دعوة في السر تعدل سبعين في العلانية) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 141) عن أبي الشيخ معلقاً، عن أبان، عن الحسن، عن بعض الصحابة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان هو ابن أبي عياش؛ متروك. الحديث: 3598 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 3599 - (دعوا الدنيا لأهلها، من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 39) عن ابن لال معلقاً، عن محمد بن أبي هارون: حدثنا منصور بن الحارث: حدثنا خالد بن وهب، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون إسحاق لم أجد لهم ترجمة. والحديث أخرجه البزار أيضاً (3695-كشف الأستار) من طريق هانىء بن المتوكل: حدثنا عبد الله بن سليمان: عن إسحاق به، ولفظه: "ينادي مناد: دعوا الدنيا ... " الحديث. وقال: "لا نعلمه إلا من هذا الوجه، وعبد الله حدث بأحاديث لم يتابع عليها، ولم نعلم رواه عنه إلا هانىء، وهو ضعيف". ونحوه في "مجمع الزوائد" (10/ 254) . ومضى تخريجه برقم (1691) بأبسط مما هنا، مع الرد على المناوي في تحسينه إياه! الحديث: 3599 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 3600 - (دعوا صفوان؛ فإن صفوان خبيث اللسان طيب القلب) . ضعيف رواه الهيثم بن كليب في "المسند" (24/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 166) عن عامر بن صالح، عن أبيه، عن الحسن، عن سعد قال: شكى رجل صفوان بن المعطل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله إن صفوان هجاني، قال: وكان يقول الشعر فقال: ... فذكره. ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر (8/ 176/ 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه. وعامر بن صالح - هو ابن رستم -؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ، أفرط فيه ابن حبان". ومن طريقه: رواه الطبراني، وقال: "سعد مولى أبي بكر" كما في "المجمع" (9/ 363-364) ، وقال: "وعامر بن صالح بن رستم وثقه واحد، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح". كذا قال! وصالح بن رستم صدوق كثير الخطأ أيضاً؛ كما في "التقريب". والحديث عزاه في "الجامع الكبير" (2/ 31/ 2) لأبي يعلى، والحاكم في "الكنى"، والضياء عن سفينة، ولم يذكره الهيثمي من حديثه أصلاً، كما عزاه السيوطي لأبي يعلى أيضاً عن سعد، ولم أره في "مسنده" (2/ 439) عنه. والله أعلم. الحديث: 3600 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 3601 - (دعوا لي أصحابي وأصهاري، لا تؤذوني فيهم، فمن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله تخلى الله منه، ومن تخلى الله منه أوشك أن يأخذه) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 175) عن إبراهيم بن أبي يحيى: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأنا الفضيل بن مرزوق، عن محمد بن خالد، عن رجل من الأنصار، حدثنا صاحبنا أنس بن مالك مرفوعاً به. أورده في ترجمة إبراهيم هذا؛ وسمى أباه يزيد بن عبد الله الباهلي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والفضيل بن مرزوق فيه ضعف؛ مع كونه من رجال مسلم. ومحمد بن خالد هو الضبي الكوفي؛ صدوق. والرجل الأنصاري؛ مجهول. والحديث أخرج الطرف الأول منه ابن عساكر (8/ 349/ 1) من طريق وكيع، عن فضيل بن مرزوق به؛ أنه أسقط منه محمد بن خالد. وأخرجه الخطيب في "التاريخ" (1/ 209) من طريق أخرى عن المعافى بن عمران معضلاً به، وزاد: "فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". ولهذه الزيادة شواهد كنت خرجتها من أجلها في "الصحيحة" برقم (2340) . الحديث: 3601 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 كما أن للطرف الأول منه (دعوا لي أصحابي) شواهد بعضها صحيح، سبق تخريجها هناك (1923) . ثم وجدت له شاهداً آخر من حديث أنس. رواه البزار (2779) بسند صحيح عنه. 3602 - (دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 114/ 2) عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن أبي بكر - وهو ابن عبيد الله بن أبي مليكة -؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، و "المجمع" (10/ 152) . وقد مضى الحديث من طريق أخرى ضعيفة جداً بلفظ: "خمس دعوات يستجاب لهن.." الحديث رقم (1364) . لكن الشطر الأول له شاهداً يتقوى بها، فراجعها في "الصحيحة" (رقم 767) . والشطر الثاني أيضاً له شاهداً؛ لكن دون قوله: "ليس بينهما وبين الله حجاب. فانظر "الصحيحة" أيضاً (1339) . الحديث: 3602 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 3603 - (دعهن يا عمر؛ فإن العين دامعة، والفؤاد مصاب، والعهد قريب) . ضعيف رواه النسائي (1/ 263) ، وابن ماجه (1587) ، وابن خزيمة في الحديث: 3603 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 "حديث علي بن حجر" (4/ 188/ 2) ، وابن حبان (747) ، وأحمد (2/ 110و273و333و408و444) عن محمد بن عمرو بن عطاء: أنه كان جالساً مع ابن عمر في السوق ومعه سلمة بن الأزرق جالس إلى جنبه، فمر بجنازة يتبعها بكاء، فقال ابن عمر: لو ترك أهل هذا الميت البكاء عليه لكان خيراً لميتهم، قال سلمة بن الأزرق: يا أبا عبد الرحمن أتقول هذا؟ قال: نعم؛ أقوله، قال: فإني سمعت أبا هريرة ومات ميت من آل مروان فاجتمع النساء يبكين عليه، قال مروان: قم يا عبد الملك فانههن أن يبكين، قال أبو هريرة: دعهن يا عبد الملك؛ فإنه مات ميت من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر بن الخطاب ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. فقال ابن عمر: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال: نعم؛ قال يأثره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: فالله ورسوله أعلم. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير سلمة بن الأزرق؛ قال الذهبي: "لا يعرف". قلت: وقد سقط من الإسناد عند بعضهم، ومنهم الحاكم في "المستدرك" (1/ 381) ، فجرى على ظاهره، فقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!! 3604 - (دم عمار ولحمه؛ حرام على النار أن تأكله أو تمسه) . ضعيف رواه البزار (3/ 51) ، وابن عساكر (12/ 314/ 1) عن عبيد بن حماد: أخبرنا عطاء بن مسلم الخفاف، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أوس بن أوس قال: كنت عند علي، فسمعته يقول: ... فذكره مرفوعاً. الحديث: 3604 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق هو السبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله؛ مدلس وقد عنعنه. وعطاء بن مسلم الخفاف؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً". وعبيد بن حماد لم أعرفه، لكن الظاهر أنه لم يتفرد به؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 295) : "رواه البزار [3/ 251/ 2684] ورجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف لا يضر". قلت: ولعل البعض الذي أشار إليه هو الخفاف المذكور، فإذا كان كذلك فضعفه يضر كما يستفاد من حكم الحافظ السابق عليه.والله أعلم. والحديث لم أره في "زوائد البزار"، ونسخته سيئة؛ فيها بياضات كثيرة. والله أعلم. ثم طبع بعد ذلك "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي، فإذا هو فيه (3/ 251/ 2684) من الطريق نفسها، وقال البزار: "لا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم روى أبو إسحاق عن أوس شيئاً وهم فيه، عطاء لم يكن بالحافظ، وليس به بأس". ومنه تبينت أن طريق البزار لا تختلف عن طريق الطبراني، وأن عبيد بن حماد الذي لم أعرفه؛ سببه أن اسم أبيه محرف من (جناد) ، وعبيد بن جناد، قال أبو حاتم: "صدوق". وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 432) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 3605 - (دوروا مع القرآن حيثما دار) . ضعيف رواه الواحدي في "الأوسط" (1/ 221/ 1) عن آدم بن موسى بن عمران الدلاهنجي: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي الخوارزمي: حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر العلوي: حدثنا عمي موسى بن جعفر، عن مالك بن أنس، عن أبي سهيل بن مالك، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ موسى بن جعفر الظاهر أنه ابن إبراهيم الجعفري، قال العقيلي: "في حديثه نظر". ومن دونه لم أعرفهم. وأخرجه الحاكم (2/ 148) من طريق مسلم الأعور، عن خالد العرني، عن حذيفة مرفوعاً. وسكت عليه، وقال الذهبي: "قلت: مسلم بن كيسان تركه أحمد وابن معين". الحديث: 3605 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 3606 - (دين المرء عقله، ومن لا عقل له لا دين له) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 143) عن أبي الشيخ معلقاً، عن عمير بن عمران: حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا حديث باطل؛ آفته عمير بن عمران؛ وهو الحنفي؛ قال ابن عدي: "حدث بالبواطيل". وابن جريج وأبو الزبير؛ مدلسان. الحديث: 3606 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 وأخرجه ابن النجار من طريق نصر بن طريف، عن ابن جريج به؛ إلا أنه قال: "قوام" بدل "دين". وقد مضى برقم (370) . 3607 - (الدار حرم، فمن دخل عليك حرمك؛ فاقتله) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 326) ، والبيهقي (8/ 341) عن محمد بن كثير السلمي، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن عبادة بن الصامت مرفوعاً. وقال البيهقي: "قال أبو أحمد بن عدي: "محمد بن كثير السلمي منكر الحديث". وقد روي بإسناد آخر ضعيف عن يونس بن عبيد. وهو إن صح؛ فإنما أراد - والله أعلم - أنه يأمره بالخروج، فإن لم يخرج فله ضربه، وإن أتى الضرب على نفسه". الحديث: 3607 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 3608 - (الداعي والمؤمن في الأجر شريكان، والقارىء والمستمع في الأجر شريكان، والعالم والمتعلم في الأجر شريكان) . موضوع رواه الديلمي (2/ 147) عن إسماعيل الشامي، عن جويبر بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسماعيل هذا، وهو ابن أبي زياد الشامي؛ واسم أبيه مسلم، قال الدارقطني: "متروك، يضع الحديث"، كذا في "الميزان" و "اللسان"؛ إلا أنه سقط منه لفظ "يضع". وقال في "الضعفاء": "كذاب". الحديث: 3608 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 وجويبر بن سعيد؛ متروك. 3609 - (الدعاء مفتاح الرحمة، والوضوء مفتاح الصلاة، والصلاة مفتاح الجنة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 146) عن محمد بن علي بن الحسين الهمذاني: حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا عبد الله بن عبيد الله المقري: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون ابن جريج لم أعرفهم؛ غير الهمذاني؛ أورده الذهبي في "الميزان"، وقال: "قال الإدريسي: كان يجازف في الرواية في آخر أيامه". وذكر الحافظ في "اللسان" عن الخطيب أنه بغدادي ومن كبار الصوفية. ولم أجد ترجمته في "تاريخه"، فلعلها مما سقط من النسخة المطبوعة منه. الحديث: 3609 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 3610 - (الدعاء يرد البلاء) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 147) عن أبي الشيخ معلقاً، عن السري بن سليمان، عن الرجاجي، عن أبي سهيل بن مالك، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الرجاجي لم أعرفه، ولا أدري إلى أي شيء نسبته، ولعل في الأصل تحريفاً. وكذلك لم أعرف السري بن سليمان هذا. الحديث: 3610 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 3611 - (الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة، وذلك قول الله تعالى: (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون)) . موضوع أخرجه ابن شاهين في "رباعياته" (ق172/ 1) ، وأبو عبد الله الفلاكي في "الفوائد" (88/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (99) ، والديلمي من طريق أبي الشيخ (2/ 149) ؛ كلهم عن عمر بن يحيى بن نافع قال: حدثنا العلاء بن زيدل، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العلاء بن زيدل؛ قال ابن المديني: "كان يضع الحديث". وقال ابن حبان: "روى عن أنس نسخة موضوعة، لا يحل ذكره إلا تعجباً". وقال البخاري: "منكر الحديث". وعمر بن يحيى بن نافع؛ لم أعرفه. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق ابن عدي، ثم قال: "موضوع، والمتهم به العلاء بن زيدل". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (2/ 443) بأن له شواهد، وتبعه على ذلك ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 379-380) ، وليس بشيء؛ كما سيأتي التحقيق فيما ذكره. والحديث أورده الحافظ السخاوي في "القتاوى الحديثية" (ق193/ 1) من رواية الديلمي، ثم قال: "لا يصح". ثم ذكر نحوه عن ابن عباس موقوفاً، ثم قال: الحديث: 3611 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 "لا يصح أيضاً، وبه جزم ابن كثير، قال: وكذا كل حديث ورد فيه تحديد وقت يوم القيامة على التعيين؛ لا يثبت إسناده". قلت: ومن ذلك ما روى ابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/ 114-115) ، والديلمي (2/ 149) ، وكذا الطبراني، وأبو نعيم في "المعرفة"، وأبو علي ابن السكن كما في "الفتاوى الحديثية" (ق93/ 1) للحافظ السخاوي من طريق سليمان بن عطاء القرشي الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي، عن ابن زمل مرفوعاً؛ قال في حديث طويل: "النيا سبعة آلاف سنة، بعثت - أو قال: أنبأنا - في آخرها ألفاً". قال السخاوي: "ولكن ابن عطاء هذا منكر الحديث، بل قال ابن حبان: إنه يروي الموضوعات. وقال: ابن زمل لا أعتمد على إسناد خبره هذا. مع أنه أثبت صحبته! وقال ابن السكن: إسناده ضعيف. وأما الذهبي؛ فإنه ذكر ابن زمل في "الميزان"، وقال: إنه لا يكاد يعرف، وليس بمعتمد. وأورد ابن الجوزي هذا الحديث في (الموضوعات) ". قلت: وفي قوله: إن ابن حبان أثبت صحبة ابن زمل نظر؛ فقد نقل الحافظ ابن حجر في "اللسان" عنه أنه قال في "الثقات": "يقال: له صحبة". فهذا إلى نفي الصحبة عنه أقرب من إثباتها له كما لا يخفى. ولعل السخاوي لم يتنبه لقوله: "يقال"، فوقع في الإشكال. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 ثم وجدت الحافظ نفسه في "الإصابة" عن ابن حبان أنه قال: "عبد الله بن زمل له صحبة، لكن لا أعتمد على إسناد خبره". فالظاهر أن ابن حبان هو نفسه متردد فيه، فتارة يجزم بصحبته، وتارة يشك فيها. والله أعلم. وفي اسم ابن زمل ثلاثة أقوال ذكرها الحافظ في "الإصابة"، وقال: "الصواب منها أنه عبد الله". قلت: وابن الجوزي إنما أورد الحديث في "الموضوعات" من طريق العلاء عن أنس، فتعقبه السيوطي في "اللآلي" (2/ 443) بطريق ابن زمل هذه، واقتصر على تضعيفها، وهي شر من ذلك؛ كما سلف بيانه من كلام الحافظ السخاوي، وبطريق أخرى نقلها من "تاريخ ابن عساكر" من طريق شقيق بن إبراهيم الزاهد، عن أبي هاشم الأبلي، عن أنس مرفوعاً بلفظ: "عمر الدنيا سبعة آلاف سنة"، وقال: "وأبو هاشم ضعيف". وهذا فيه تساهل لا يخفى على أهل العلم؛ فإن أبا هاشم هذا - واسمه كثير ابن عبد الله - قد قال فيه البخاري: "منكر الحديث"، وقال النسائي: "متروك الحديث". وهذا معناه أنه شديد الضعف، وعند البخاري في منتهى الضعف كما هو معلوم من أسلوبه، فمثل هذه الشواهد الشديدة الضعف لا ينقذ الحديث من الوضع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 ثم استشهد السيوطي بحديث أبي هريرة، أخرجه الحكيم الترمذي من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد عنه. وقال: "وليث لين". قلت: وليث كان اختلط، ومع ذلك فما أظن السند إليه يصح. ثم ساق بعض الآثار الموقوفة عن ابن عباس وبعض التابعين، وصححه عن ابن عباس، وفي الاستدلال به على صحة الحديث نظر؛ لأنه موقوف، ومن المحتمل أن يكون ابن عباس تلقاه من بعض مسلمة أهل الكتاب، بل هذا هو الظاهر من بعض الطرق عنه؛ فروى الحافظ ابن منده: يحيى في "جزء من الأمالي" (ق255/ 2) من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي بكر، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: "قالت [يهود] : إنما الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الناس يوم القيامة بكل ألف سنة يوم من أيام الدنيا يوماً واحداً، وإنما هي سبعة أيام! فأنزل الله (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة) ، فأخبر الله تعالى أن الثواب في الخير والشر معهم أبداً". وقال: "رواه أبو كريب عن يونس، ولم يذكر فيه: "فأخبرهم الله ... "، ورواه إبراهيم ابن سعد وغيره عن محمد بن إسحاق نحوه". قلت: وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1410) : حدثنا أبو كريب به؛ إلا أنه قال: "حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت" بدل "محمد ابن أبي بكر". وكذلك رواه (1411) من طريق سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 محمد بن أبي محمد به؛ لكنه لم يقل "مولى زيد بن ثابت". قلت: فالظاهر أن ما في "الأمالي": "محمد بن أبي بكر" تحريف من بعض النساخ؛ فإني لم أجده هكذا في شيء من كتب الرجال، بل على الصواب ذكره في "التهذيب" و "الميزان" تبعاً لابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 88) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال الذهبي: "لا يعرف". والحافظ: "مجهول". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وقد وجدت له طريقاً أخرى، عند الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 111/ 2) عن محمد بن حميد الرازي: أخبرنا سلمة بن الفضل: عن محد بن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عباس به؛ دون قوله: "فأخبر الله ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق. وضعف محمد بن حميد الرازي. وسلمة بن الفضل - وهو الأبرش -؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ". والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 314) بهذه الرواية، لكن سقط من الطابع أو الناسخ عزوها للطبراني والكلام عليها. ومن هذا التخريج يتبين أن تصحيح السيوطي لحديث ابن عباس هذا الموقوف غير صحيح أيضاً. والله المستعان. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 ثم رجعت إلى رسالته العجيبة المسماة بـ "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف"، فالتقطت منها الفوائد الآتيه: الأولى: أن حديث شقيق الزاهد المتقدم من رواية ابن عساكر هي من طريق أبي علي الحسين (الأصل: الحسن! وهو خطأ) بن داود البلخي: حدثنا شقيق بن إبراهيم الزاهد ... فأقول: إن البلخي هذا متهم بالوضع؛ قال الخطيب في ترجمته من "تاريخ بغداد" (8/ 44) : "لم يكن ثقة؛ فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس، أكثرها موضوع". ثم ساق له حديثاً آخر (1) وقال: "إنه موضوع، رجاله كلهم ثقات؛ سوى الحسين بن داود". وقال الحاكم في "التاريخ": "روى عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم؛ كمثل ابن المبارك وأبي بكر ابن عياش وغيرهما، وله عندنا عجائب يستدل بها على حاله". الفائدة الثانية: أن حديث ليث المتقدم أيضاً من رواية الحكيم الترمذي هو من طريق معلى (الأصل: يعلى! وهو خطأ أيضاً) بن هلال، عن ليث ... قلت: والمعلى هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "اتفق النقاد على تكذيبه". قلت: فسقط بهذا التحقيق صلاحية الاستشهاد بهذين الحديثين، وأنهما   (1) هو حديث: " أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك ". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 موضوعان كحديث الترجمة، فالعجب من السيوطي كيف استساغ الاستشهاد بهما، وفي إسناديهما الكذابان المذكوران، بل إنه طوى ذكرهما أصلاً في "اللآلي"، وسكت عن بيان حالهما في "الكشف"! الفائدة الثالثة: أن الواقع يشهد ببطلان هذه الأحاديث؛ فإن السيوطي قرر في الرسالة المذكورة بناء عليها وعلى غيرها من الأحاديث والآثار - وجلها واهية - أن مدة هذه الأمة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمس مئة سنة، وأن الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مئة وعشرين سنة! أقول: ونحن الآن في سنة (1391) ، فالباقي لتمام الخمس مائة إنما هو مئة سنة وتسع سنوات، وعليه تكون الشمس قد طلعت من مغربها من قبل سنتنا هذه بإحدى عشرة سنة على تقرير السيوطي، وهي لما تطلع بعد! والله تعالى وحده هو الذي يعلم وقت طلوعها، وكيف يمكن لإنسان أن يحدد مثل هذا الوقت المستلزم لتحديد وقت قيام الساعة، وهو ينافي ما أخبر الله تعالى من أنها لا تأتي إلا بغتة؛ كما في قوله عز وجل: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حفي عنها، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون) [الأعراف: 187] . ومع مخالفة هذه الأحاديث لهذه الآية وما في معناها، فهي مخالفة أيضاً لما ثبت بالبحث العلمي في طبقات الأرض وآثار الإنسان فيها أن عمر الدنيا مقدر بالملايين من السنين، وليس بالألوف! 3612 - (الدنيا حلوة رطبة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 148) من طريق الحاكم: حدثنا أبو جعفر الحديث: 3612 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 الوراق: حدثنا عبد الله بن محمد بن يونس السمناني: حدثنا الفضل بن سهل الأعرج: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا الثوري، عن الزبير بن عدي، عن مصعب ابن سعد، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير السمناني هذا؛ فلم أعرفه. ومثله شيخ الحاكم أبو جعفر الوراق، وقد تتبعت شيوخ الحاكم الذين كنوا بهذه الكنية: "أبي جعفر" في "المستدرك" في المجلد الأول منه، فوجدت فيهم: 1- محمد بن صالح بن هانىء: ص 4و18و27و35و56و71و75و84و124و126و135و138و139و151و165و175و185و190و200و201و205و216و254و260و289و291و295و301و305و309و322و354و365و378و390و401و404و412و413و417و423و436و454و464 - 466و475و501و512و513و527و531و540و541و542و544و554و559 - 561و570و571و574. 2- أحمد بن عبيد الهمذاني الحافظ: ص 28و237و372و444و550. 3- محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي: ص 61و137و170و181و189و216و243و297و313و326و462و470و525و552و556و566. 4- محمد بن أحمد بن سعيد الرازي (65) . 5- محمد بن علي بن رحيم الشيباني الكوفي: ص 163و199و207و208و279و415و428و453و486و510و553و558. 6- عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن منصور البغدادي: ص 179و326. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 قلت: فهؤلاء كل شيوخ الحاكم الذين رأيتهم في الجزء المذكور من "المستدرك"، ولكنهم لم يوصفوا بـ "الوراق" (ص522) ، ولكنه لم يكنه مطلقاً، فقلت: لعله هو أبو جعفر الوراق شيخه في هذا الحديث، وسواء كان هو أو غيره، فيبدو لي أنه من شيوخه المستورين الذين لم يكثر عنهم، ولم يحتج بهم في "صحيحه: المستدرك"، والله أعلم. وقد صح الحديث بلفظ "خضرة" بدل "رطبة"، فانظر "الصحيحة" (1592) . 3613 - (من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً، أحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له كفواً أحد - عشر مرات، كتب الله له أربعين ألف ألف حسنة) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 259) ، وأحمد (4/ 103) من طريق الخليل ابن مرة، عن الأزهر بن عبد الله، عن تميم الداري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والخليل بن مرة ليس بالقوي عند أصحاب الحديث. قال محمد بن إسماعيل: هو منكر الحديث". قلت: وقول البخاري هذا يعني أنه في أشد درجات الضعف عنده، فاعلمه. وقال الحافظ في ترجمته من "التقريب": "ضعيف". وساق له الذهبي في ترجمته عدة أحاديث أنكرت عليه؛ هذا أحدها. الحديث: 3613 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 3614 - (الدنيا مسيرة خمس مئة سنة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 149) عن إسحاق بن زريق بن سليمان: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني: حدثنا يزيد بن عمرو، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن عمرو لم أعرفه، ولعله من الشيوخ المجهولين الذين أكثر من الرواية عنهم عثمان بن عبد الرحمن الحراني هذا؛ وهو الطرائفي؛ فقد قال الحافظ في ترجمته من "التقريب": "صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين". وإسحاق بن زريق، كذا الأصل، والظاهر أنه تحريف؛ ففي "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 220) . "إسحاق بن زيد بن عبد الكبير الخطابي، هو ابن عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب الحراني. روى عن محمد بن سليمان بن أبي داود وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وعمه سعيد بن عبد الكبير، سمع منه أبي بحران". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فالظاهر أنه هو صاحب هذا الحديث. الحديث: 3614 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 3615 - ( .............................................. ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " الدنيا ملعون ما فيها. . . " وهو مذكور في " الصحيحة " تحت الحديث (2797) كشاهد حسن لحديث الترجمة. الحديث: 3615 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 3616 - (الدنيا لا تصفو لمؤمن، كيف وهي سجنه وبلاؤه) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 148) عن ابن لال معلقاً، عن داود بن الحديث: 3616 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن صالح بن قيس، عن عامر بن عبد الله، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ صالح بن قيس لم أعرفه. وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي؛ متروك. وداود بن عبد الله هو أبو سليمان الجعفري المدني؛ صدوق ربما أخطأ. 3617 - (الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد) . موضوع رواه الديلمي (2/ 148) من طريق السلمي، عن محمد بن الحجاج الحضرمي: حدثنا السري بن حيان: حدثنا عباد بن عباد: حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة مرفوعاً. قلت: هذا موضوع؛ آفته السلمي - وهو أبو عبد الرحمن الصوفي -؛ كان يضع الأحاديث للصوفية. والسري بن حيان؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 284) برواية ثقة آخر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومجالد - وهو ابن سعيد -؛ ليس بالقوي. الحديث: 3617 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 3618 - (الديك الأبيض الأفرق حبيبي، وحبيب حبيبي جبرائيل، يحرس بيته وستة عشر بيتاً من جيرته، أربعة عن اليمين، وأربعة عن الشمال، وأربعة من قدام، وأربعة من خلف) . موضوع رواه العقيلي في "الضعفاء" (47) عن أحمد بن محمد بن أبي بزة الحديث: 3618 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم قال: حدثنا الربيع ابن صبيح، عن الحسن، عن أنس مرفوعاً. وقال: "أحمد هذا منكر الحديث، ويوصل الأحاديث". وهو أحمد بن محمد بن عبد الله البزي المقري المكي. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية العقيلي، وأقره السيوطي في "اللآلي" (رقم2115) بخصوص هذا المتن، ووافقه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (325/ 2) ، وابن القيم كما يأتي. وللحديث طريق أخرى عن أنس بلفظ: "الديك الأبيض صديقي، وصديق صديقي، وعدو عدوي". رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص213 من زوائده) : حدثنا عبد الرحيم ابن واقد: حدثنا عمرو بن جميع: حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبان، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قلت: وهذا موضوع أيضاً؛ آفته عمرو بن جميع فقد كذبه ابن معين، وقال ابن عدي: "كان يتهم بالوضع". وعبد الرحيم بن واقد؛ مجهول. وأبان عن أنس؛ هو ابن أبي عياش؛ متروك. وقد رواه ابن واقد بإسناد آخر بلفظ: "الديك الأبيض صديقي، وصديق صديقي، يحرسك وصاحبه وسبع دور الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 حولها"، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيته معه في بيته. رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (213 من زوائده) : حدثنا عبد الرحيم بن واقد: حدثنا وهب: حدثنا طلحة بن عمرو، عمن حدثه، عن أبي زيد الأنصاري مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع أيضاً؛ طلحة بن عمرو متروك. ووهب؛ الظاهر أيضاً أنه ابن وهب بن كثير أبو البختري المدني؛ وهو كذلك وضاع، وكأنه لذلك لم ينسبه ابن واقد تدليساً وتعمية لحاله. وقد عرفت أن ابن واقد مجهول. وشيخ طلحة الذي لم يسم قد جاء مسمى من طريق أخرى؛ يرويها محمد ابن أبي السري: حدثنا محمد بن حمير: حدثنا محمد بن مهاجر، عن عبد الملك بن عبد الله، به عن أبي زيد الأنصاري، دون قوله: "يحرسك وصاحبه وسبع دور حولها". أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (ص286) . وعبد الملك هذا؛ لم أعرفه. ومحمد بن أبي السري - وهو ابن المتوكل بن عبد الرحمن يعرف بابن أبي السري -؛ ضعيف؛ فإنه وإن كان صدوقاً فله أوهام كثيرة؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد روي من حديث أثوب بن عتبة مرفوعاً بلفظ: "الديك الأبيض صديقي". فذكر من فضله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 رواه ابن قانع (1/ 11/ 1) عن هارون بن نجيد، عن جابر بن مالك، عن أثوب بن عتبة مرفوعاً. قال الحافظ العراقي في "ذيله على الميزان": رجال إسناده كلهم معروفون؛ غير جابر بن مالك وهارون بن نجيد، فآفته أحدهما، وقال الدارقطني: لا يصح إسناده، وقال ابن ماكولا: لا يثبت. والله أعلم. كذا في "تنزيه الشريعة" (326) . وقال العلامة ابن القيم في رسالته "المنار" (ص54-56 طبع دار القلم) في "فصل - 8 -" الذي عقده من الفصول الدالة على وضع الحديث: "ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه ... "، ثم ذكر بعض الأمثلة على ذلك منها حديث: "لا تسبوا الديك؛ فإنه صديقي ... " وغيره، ثم قال: "وبالجملة؛ فكل أحاديث الديك كذب؛ إلا حديثاً واحداً: إذا سمعتم صياح الديكة؛ فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكاً". قلت: وفاته حديث آخر، وهو حديث: "لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة". وهو حديث صحيح. 3619 - (الدين هم بالليل، مذلة بالنهار) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 152) عن حسن بن يحيى - قاضي مرو -، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حسن بن يحيى هذا هو الخشني الخراساني؛ مختلف فيه، وقد تركه الدارقطني وابن حبان وغيرهما. وفي "التقريب": "صدوق كثير الغلط". الحديث: 3619 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 وقد مضى له حديثان، أحدهما موضوع، فانظر رقم (200و201) . 3620 - (الدين ينقص من الدين والحسب) . موضوع رواه الديلمي (2/ 152) عن الحكم بن عبد الله الأيلي، عن القاسم، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الحكم بن عبد الله الأيلي؛ وهو متهم بالوضع كما تقدم مراراً، حتى قال أحمد: "أحاديثه كلها موضوعة". الحديث: 3620 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 3621 - (ذاكر الله في رمضان مغفور له، وسائل الله فيه لا يخيب) . موضوع رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 97/ 2 من الجمع بين المعجمين) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق182/ 1) عن عبد الرحمن بن قيس الضبي: حدثنا هلال بن عبد الرحمن، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً، وقال: "لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد، وتفرد به عبد الرحمن بن قيس". قلت: وهو متروك، كذبه أبو زرعة وغيره؛ كما في "التقريب". ومن طريقه: أخرجه ابن لال في "حديثه" (ق114/ 2-115/ 1) ، وابن عدي (ق232/ 1) ، وقال: "وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه". قلت: وشيخه هلال بن عبد الرحمن - وهو الحنفي - قريب منه؛ فقد قال الحديث: 3621 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 العقيلي في ترجمته: "منكر الحديث". ثم ساق له ثلاثة أحاديث، وقال: "كل هذا مناكير لا أصول لها، ولا يتابع عليها". وبه وحده أعله الهيثمي في "المجمع" (3/ 143) ، فقصر. وعزاه المنذري في "الترغيب" (2/ 73) للبيهقي أيضاً والأصبهاني؛ وأشار إلى تضعيفه. 3622 - ( ............................................... ) (1) .   (1) الحديث (3622) " ذمة المسلمين واحدة. . . ". نقل إلى الصحيحة (3948) . الحديث: 3622 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 3623 - (ذنب العالم واحد، وذنب الجاهل ذنبان، قيل: ولم يا رسول الله؟ قال: العالم يعذب على ركوبه الذنب، والجاهل يعذب على ركوبه الذنب وتركه العلم) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 159) عن محمد بن الصلت، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جويبر - وهو ابن سعيد -؛ متروك. والضحاك لم يلق ابن عباس. ومحمد بن الصلت هو - فيما أرجح - أبو يعلى البصري التوزي؛ صدوق يهم. الحديث: 3623 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 3624 - (ذنب عظيم لا يسأل الناس الله المغفرة منه. قيل: يا رسول الله! ما هو؟ قال: حب الدنيا) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 160) عن أحمد بن إبراهيم بن كثير: حدثنا الحديث: 3624 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 موسى بن داود: حدثنا خالد أبو عبد الرحيم، عن محمد بن عمير بن عطارد مرفوعاً. قلت: هذا إسناد ضعيف مرسل؛ محمد بن عمير بن عطارد، قال العسقلاني: "أرسل شيئاً، قال ابن حبان في "الثقات": روى عنه أبو عمران الجوني. وقال ابن منده في "الصحابة": ذكر في الصحابة، ولا يصح له صحبة ولا رؤية. قلت: الصحبة بعيدة". وأحمد بن إبراهيم بن كثير؛ لم أعرفه. 3625 - (ذو الدرهمين أشد حساباً من ذي الدرهم، وذو الدينارين أشد حساباً من ذي الدينار) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 157) من طريق الحاكم، عن عمرو بن عبد الغفار: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عمرو بن عبد الغفار، قال الذهبي: "قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث". وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (555) من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر موقوفاً عليه. وإسناده صحيح. الحديث: 3625 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 3626 - (ذو السلطان وذو العلم أحق بشرف المجلس) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 157) عن إسحاق بن إبراهيم بن صفوان بن الحديث: 3626 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 سليم، عن رجل، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم. وإسحاق بن إبراهيم؛ هو ابن سعيد الصواف المدني، وهو لين الحديث؛ كما قال الحافظ تبعاً لأبي حاتم. وقال أبو زرعة: "منكر الحديث". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"! 3627 - (الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يضاعف على الذكر الذي تسمعه الحفظة بسبعين ضعفاً) . ضعيف جداً رواه ابن شاهين في "الترغيب" (286/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 330-هندية) عن محمد بن حميد الرازي: حدثنا إبراهيم بن المختار: حدثنا معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن يحيى وابن المختار وابن حميد، ثلاثتهم ضعفاء، وأولهم أشدهم ضعفاً. وأعله المناوي في "الفيض" بابن المختار وحده! وعزاه تبعاً لأصله "الجامع" للبيهقي فقط. الحديث: 3627 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 3628 - (الذكر خير من الصدقة، والذكر خير من الصيام) . موضوع رواه الديلمي (2/ 160) عن أبي الشيخ معلقاً، عن زكريا بن يحيى المصري: حدثنا خالد بن عبد الدائم، عن نافع بن يزيد، عن زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 3628 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 قلت: وهذا موضوع؛ آفته خالد بن عبد الدائم، أو الراوي عنه زكريا بن يحيى المصري، وهو يحيى الوقار؛ فإنه من الكذابين الكبار. قال الذهبي في ترجمة خالد: "روى عنه زكريا الوقار وحده، فلعل الآفة من زكريا. وقال ابن حبان: يلزق المتون الواهية بالأسانيد المشهورة". "روى عن نافع بن يزيد موضوعات. وقال الحاكم والنقاش: روى أحاديث موضوعة. وقال أبو الفضل بن طاهر: متروك الحديث". 3629 - (الذنب شؤم على غير فاعله، إن عيره ابتلي به، وإن اغتابه أثم، وإن رضي به شاركه) . رواه الديلمي (2/ 160) عن أبي عبد الله النيسابوري: حدثنا عيسى بن موسى الزبيدي: حدثنا يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الزبيدي هذا والنيسابوري؛ لم أعرفهما. الحديث: 3629 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 3630 - (خير الصدقة المنيحة، تغدو بأجر، وتروح بأجر، ومنيحة الناقة كعتاقة الأحمر، ومنيحة الشاة كعتاقة الأسود) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 358و483) عن فليح، عن محمد بن عبد الله ابن حصين الأسلمي، عن عبيد الله بن صبيحة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبيد الله بن صبيحة مجهول الحال، لم يوثقه الحديث: 3630 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 غير ابن حبان، ووقع عنده (1/ 113) : "عبد الله" بغير تصغير. قال الحافظ في "التعجيل" (ص272) : "وكذا ذكره البخاري. وذكره ابن أبي حاتم في حرف الصاد من آباء من اسمه عبيد الله بالتصغير، وبيض ابن أبي حاتم، فلم يترجم له، فكأنه كان اسمه عبد الله - مكبراً - وقد يصغر". قلت: ولم أره في حرف الصاد من الآباء المشار إليهم في النسخة المطبوعة من "الجرح والتعديل". ثم إن اسم أبيه في "الثقات" "صبيح أو صبيح". ومحمد بن عبد الله بن الحصين الأسلمي؛ أورده ابن حبان أيضاً في "الثقات"، وقال (2/ 259) : "يروي عن سعيد بن المسيب. روى عنه عبد الرحمن بن حرملة". وقال في "التعجيل": "وعنه ابن إسحاق وقال: كان صواماً قواماً". وفليح هو ابن سليمان الخزاعي أو الأسلمي؛ احتج به الشيخان، لكن قال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ". والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (3/ 133) : "رواه أحمد، وفيه عبد الله بن صبيحة، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120 كلاماً! وبقية رجاله ثقات". كذا قال. وقد علمت مما سبق ما في هذا الإطلاق من التساهل. 3631 - (رأس العقل بعد الإيمان بالله: التودد إلى الناس) . ضعيف أخرجه البزار (ص239) ، وعلي بن الحسن العبد ي في "حديثه" (158/ 1) من طريق ابن أبي الدنيا؛ كلاهما عن عبد الله بن عمرو القيسي - وقال الآخر: الحنفي -: حدثنا علي بن زيد، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال البزار: "رواه هشيم عن علي بن زيد عن سعيد مرسلاً، وعبيد (كذا) الله بن عمرو ليس بالحافظ، ولا سيما إذا خالف الثقات". قلت: ولم أجد له ترجمة. وقد أخرجه ابن عدي (ق315/ 2) من طريق شيخ البزار فيه، وهو عمر بن حفص الشيباني، وكذا القضاعي (147/ 1) عنه؛ إلا أنه قال: "عبيد بن عمرو"، وترجمه ابن عدي بالحنفي البصري، وقال عقب الحديث: "وهذا منكر المتن". وهكذا أوردوه في "الميزان" و "اللسان". وقال الدارقطني: "ضعيف". قلت: فلعل الصواب في إسناد البزار والعبد ي "عبيد الله"، بتصغير "عبيد"؛ كما وقع في كلام البزار عقب الحديث، ثم قيل فيه: "عبيد" اختصاراً؛ كما في أمثاله، فوقع كذلك في "كامل ابن عدي" والله أعلم. الحديث: 3631 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 وقد تابعه أشعث بن براز: حدثنا علي بن زيد به. وزاد: "وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، ولن يهلك امرؤ بعد المشورة، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، وأول ما يأذن الله عز وجل في هلاك المرء إعجابه برأيه؛ أو قال: اتباعه هواه". أخرجه ابن عدي (23/ 2) ، وقال: "أشعث بن براز؛ عامة ما يرويه غير محفوظ، والضعف بين على رواياته". وروى الشطر الأول منه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (8/ 226/ 2) ؛ إلا أنه سقط منه ذكر أبي هريرة؛ فأرسله. وتابعه هشيم بن بشير عن علي بن زيد به، دون قوله: "وصنائع ... ". أخرجه أبو صالح الحرمي في "الفوائد العوالي" (ق175/ 1) ؛ وكذا ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص76/ 17) لكنه لم يذكر أبا هريرة في إسناده، بل أرسله. وهكذا رواه ابن عساكر (2/ 276/ 1) عن إبراهيم بن موسى، عن ابن جدعان، عن سعيد مرسلاً به. وروي الحديث عن أنس مرفوعاً؛ مثل حديث الترجمة. أخرجه المحاملي في "الأمالي" كما في "جزء فيه من أماليه وأمالي الصفار" (ق4/ 1) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (17/ 201/ 2) من طريق الوليد بن محمد، عن الزهري عنه. والوليد هذا هو الموقري البلقاوي؛ متروك متهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 ووجدت له طريقاً أخرى أخرجها أبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (20/ 2) ، والقزويني في "تاريخ قزوين" (32/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 255/ 8061) عن إسحاق بن محمد بن إسحاق العمي قال: حدثنا أبي، عن يونس بن عبيد الله، عن الحسن عنه. وهذا إسناد مظلم؛ من دون الحسن لم أعرفهم، وفي "لسان الميزان": "إسحاق بن محمد بن إسحاق السوسي، ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية، رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتهم بها أو شيوخه المجهولون". قلت: فمن المحتمل أن يكون هو العمي هذا. وجملة القول أن الحديث ضعيف؛ مداره على ابن جدعان، واضطربوا عليه في إسناده ومتنه، ولأن الشواهد المذكورة لا تجبر ضعفه؛ لشدة ضعفها. ورواه أبو داود النخعي، عن أبي الجويرية، عن ابن عباس مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "مداراة الناس في غير ترك الحق". أخرجه ابن عدي (153/ 2) ، وقال: "هذا مما وضعه أبو داود النخعي". ورواه الحسين بن المبارك: حدثنا بقية: حدثنا ورقاء بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ مختصراً بلفظ: "رأس العقل التحبب إلى الناس". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 أخرجه ابن عدي أيضاً (97/ 2) ، وقال: "هذا منكر بهذا الإسناد، والحسين هذا حدث بأسانيد ومتون منكرة عن أهل الشام". وذكر أنه متهم، وساق له حديثاً آخر قال فيه: إنه كذب. 3632 - (رأس العقل بعد الإيمان بالله تعالى: الحياء وحسن الخلق) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 172) عن يحيى بن راشد الأسلمي: حدثنا عبد الله بن هلال المازني: حدثنا موسى بن أنس، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن هلال المازني لم أعرفه. ويحيى بن راشد الأسلمي؛ الظاهر أنه أبو سعيد المازني البصري، وهو ضعيف كما في "التقريب". الحديث: 3632 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 3633 - (رأيت لأبي جهل عذقاً في الجنة، فلما أسلم عكرمة بن أبي جهل؛ قال [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] : يا أم سلمة! هذا هو) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 243) من طريق محمد بن سنان القزاز: حدثنا يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا المطلب بن كثير: حدثنا الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... : فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: الحديث: 3633 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 "قلت: لا؛ فيه ضعيفان". قلت: الأول: يعقوب بن محمد الزهري؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "ضعفه أبو زرعة، وقال أحمد: ليس بشيء". وقال الحافظ: "صدوق، كثير الوهم والرواية عن الضعفاء". والآخر: محمد بن سنان القزاز، ولكن الظاهر أنه لم يتفرد به؛ فقد قال البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 412-الطبعة الثانية) : وقال يعقوب بن محمد: حدثنا المطلب بن كثير .... فإن كان البخاري لم يسمعه من يعقوب؛ فالأقرب أنه سمعه عنه من غير طريق القزاز؛ فإنه من طبقة البخاري؛ بل هو متأخر الوفاة عنه، ولم يذكروه في شيوخه. والزبير بن موسى؛ هو ابن ميناء، روى عنه جماعة، ووثقه ابن حبان، وقال الحافظ: "مقبول". 3634 - (رب اغفر وارحم، واهدني السبيل الأقوم) . ضعيف أخرجه أحمد (6/ 303و315-316) ، وأبو يعلى (ق315/ 1) عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن، أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن - وهو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه. الحديث: 3634 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 وعلي بن زيد؛ وهو - ابن جدعان - ضعيف. والحديث قال الهيثمي (10/ 174) : "رواه أحمد وأبو يعلى بإسنادين حسنين"! كذا قال! ولم أره عندهما إلا بالإسناد الواحد المتقدم الضعيف! 3635 - (رحم الله عبد الله بن رواحة. كان ينزل في السفر عند كل وقت صلاة) . ضعيف رواه عبد الرزاق في "الأمالي" (2/ 37/ 1) : أخبرني أبي قال: أخبرني هارون بن قيس قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: 1- هارون بن قيس؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 94) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (2/ 297) . 2- والد عبد الرزاق، اسمه همام بن نافع الصنعاني؛ قال الذهبي: "ما علمت عنه راوياً سوى ولده، وهو قديم الوفاة، روى الكوسج عن ابن معين: ثقة. وقال العقيلي: أحاديثه غير محفوظة". 3- الإرسال؛ فإن سالم بن عبد الله - وهو ابن عمر بن الخطاب - تابعي، وقد رواه بعض الضعفاء عنه عن أبيه كما يأتي. والحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في "التهجد" (ج2/ 55/ 1) عن عبد الرزاق به. الحديث: 3635 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 194/ 2/ 2) عن محمد بن أبي السري العسقلاني: أخبرنا عبد الرزاق به؛ إلا أنه قال: عن سالم، عن أبيه مرفوعاً. وابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم، قال الحافظ: "صدوق عارف، له أوهام كثيرة". ورواه بقية، عن ابن مبارك، عن همام بن نافع به موصولاً؛ مثل رواية ابن أبي السري. أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 101/ 1) . وبقية؛ مدلس وقد عنعنه، وابن المبارك هو عبد الله الإمام. 3636 - (رب طاعم شاكر أعظم أجراً من صائم صابر) . موضوع رواه القضاعي (115/ 1) عن بكر بن مضر قال: أخبرنا بشر بن إبراهيم، عن محمد بن أبي ذئب، عن أبي حازم، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته بشر بن إبراهيم، قال ابن عدي: "هو عندي ممن يضع الحديث على الثقات، وكل ما ذكرته عنه بواطيل وضعها على شيوخه، وكذلك سائر أحاديثه التي لم أذكرها موضوعات عن كل من روى عنهم". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات". وقد مضى له حديث برقم (494) . الحديث: 3636 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 3637 - (رأيت ليلة أسري بي مكتوباً على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت لجبريل: ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده شيء، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة) . ضعيف جداً رواه ابن ماجه (2/ 81) ، وأبو القاسم الشهرزوري في "الأمالي" (179/ 2) ، ومحمد بن سليمان الربعي في "جزء من حديثه" (218/ 1) ، وابن عدي (114/ 2) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 112/ 990) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (3/ 285/ 3566) ، وأبو نعيم في "جزء من الأمالي" (2/ 2) عن خالد بن يزيد، عن أبيه، عن أنس مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "هذا الحديث إنما يعرف من حديث يزيد بن أبي مالك، ولم يروه عنه إلا ابنه خالد". قلت: وهو ضعيف، وقد اتهمه ابن معين؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وأبوه فيه ضعف من قبل حفظه، وقال ابن الجوزي: "وهذا لا يصح، قال أحمد: خالد ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة". قلت: والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" (رقم2961-ضعيف الجامع) للطبراني من حديث أبي أمامة! وهو من أوهامه، فاتني أن عليه هنا في "ضعيف الجامع"، كما فات ذلك المناوي؛ فإنه عند الطبراني في "الكبير" (7976) مختصر بلفظ: "دخل رجل الجنة، فرأى على بابها مكتوباً: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر". ثم خرجته في الصحيحة (3407) . الحديث: 3637 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 ولفظه في "الجامع": "دخلت الجنة فرأيت على بابها: الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل! كيف صارت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر؟ قال: لأن الصدقة تقع في يد الغني والفقير، والقرض لا يقع إلا في يد من يحتاج إليه". وإنما رواه بهذا اللفظ والتمام ابن الجوزي في "العلل" (2/ 112/ 989) ، وقال: "لا يصح، قال يحيى: مسلمة بن علي؛ ليس بشيء، وقال الرازي: لا يشتغل به. وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم توهماً". وذكره بنحو هذا اللفظ وبتمامه الدكتور البوطي في كتابه "قبس من نور محمد - صلى الله عليه وسلم -" (1701) معزواً للطبراني أيضاً، وقلده في ذلك المسمى عزالدين بليق في كتابه "منهاج الصالحين" (849) ، وكم في هذين الكتابين من أوهام وأكاذيب، وأحاديث ضعيفة وموضوعة، أنا الآن في صدد بيانها رداً على بليق في (جريدة الرأي) الأردنية. 3638 - (رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء والطعام) . ضعيف رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (48/ 1) عن محمد بن عبد الله الرقاشي، والديلمي (2/ 169) عن عمرو بن عون قالا: أخبرنا رياح بن عمرو: حدثني أبو بحر رجل من بني فارس، عن أبي سورة بن أخي أبي أيوب، عن أبي أيوب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو سورة بن أخي أبي أيوب الأنصاري؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". الحديث: 3638 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 ورياح بن عمرو؛ صدوق كما قال أبو زرعة، لكن اتهمه أبو داود بالزندقة. وأبو بحر هذا؛ لعله عبد الرحمن بن عثمان البكراوي؛ فإنه من هذه الطبقة، وهو ضعيف أيضاً. 3639 - (رحم الله رجلاً غسلته امرأته، وكفن في أخلاقه) . موضوع أخرجه البيهقي في "سننه" (3/ 397) من طريق الحكم بن عبد الله الأزدي: حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال: "هذا إسناد ضعيف". قلت: بل هو موضوع آفته الحكم بن عبد الله وهو الأيلي؛ قال أحمد: "أحاديثه كلها موضوعة". وقال النسائي والدارقطني وجماعة: "متروك الحديث". الحديث: 3639 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 3640 - (رحم الله الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (165) عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ كثير هذا متروك. وقال البوصيري في "الزوائد" (1/ 25- دار العربية) : "هذا إسناد ضعيف؛ فيه كثير بن عبد الله، وهو متهم، رواه البخاري ومسلم من حديث زيد بن أرقم بلفظ: الحديث: 3640 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 "اللهم اغفر للأنصار.."، والباقي نحوه، وهو في "جامع الترمذي" من حديث أنس كما هو في "الصحيحين"، وقال: حسن غريب من هذا الوجه". ويؤخذ عليه أمران: الأول: أن حديث أنس أخرجه البخاري أيضاً (4906) ، ومسلم (7/ 173) . والآخر: أن حديث زيد بن أرقم لم يخرجه البخاري، وإنما هو من أفراد مسلم دونه، وأخرجه الترمذي أيضاً (3898) وقال: "حديث حسن صحيح". 3641 - (رحم الله حارس الحرس) . ضعيف أخرجه الدارمي (2/ 203) ، وابن ماجه (2769) ، والحاكم (2/ 86) ، والباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" (ص2و11) ، والعقيلي في "الضعفاء" (459) ، والروياني في "مسنده" (10/ 65/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 90) عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز (زاد بعضهم: عن أبيه) ، عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، ولسنا نراه كذلك، بل هو ضعيف لأمرين: الأول: أن صالحاً هذا ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب"، وقد أورده الذهبي نفسه في "الضعفاء والمتروكين" وقال: "قال أحمد: ما أرى به بأساً. وقال الدارقطني وجماعة: ضعيف". والآخر: أن صالحاً مع ضعفه اضطرب الرواة عليه في إسناده، فبعضهم ذكر فيه: "عن أبيه" كما رأيت، وبعضهم لم يذكره، وهذا هو الذي رجحه العقيلي وقال: الحديث: 3641 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 "ولم يسمع عمر من عقبة". قلت: فهو منقطع أيضاً، فأنى له الصحة؟! ومن ذلك؛ ما أخرجه ابن عساكر في ترجمة قيس بن الحارث الغامدي (14/ 437-المصورة) من طريق سعيد بن عبد الرحمن: أخبرني صالح بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن قيس بن الحارث أنه أخبره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا مرسل؛ قيس هذا ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" (5/ 309) . 3642 - (إن أخونكم عندي من يطلبه - يعني: العمل -، فعليكم بتقوى الله عز وجل) . منكر أخرجه أحمد (4/ 393و411) من طريقين، عن سفيان، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن أخيه، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قدم رجلان معي من قومي، قال: فأتيا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخطبا وتكلما، فجعلا يعرضان بالعمل، فتغير وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو رؤي في وجهه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وأخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 82) عن يحيى، عن سفيان به. وذكر فيه خلافاً على إسماعيل بن أبي خالد، فأدخل بعضهم بينه وبين أخيه، وقال بعضهم: "أبيه" - بشر بن قرة، وقال: "ولا يصح عن أبيه". الحديث: 3642 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 قلت: ومع هذا الاختلاف في إسناده، ففيه مجهولان: بشر بن قرة، ويقال: قرة ابن بشر، وأخو إسماعيل بن أبي خالد؛ كما هو مبين في "ضعيف أبي داود" (508) . ثم إن المتن منكر؛ فقد صح عن أبي بردة، عن أبي موسى بلفظ آخر، وقد خرجته في "الصحيحة" (3092) . والحديث أورده السيوطي في "الجامعين" عن أبي موسى بلفظ: "اتقوا الله؛ فإن أخونكم عندنا من طلب العمل". وقال: "رواه (طب) ". وكذا في "كنز العمال" (6/ 92/ 14983) . وقال المناوي في "فيض القدير": "ورمز المؤلف لحسنه"! كذا قال! مع أنه ذكر في المقدمة أنه لا يوثق برموز السيوطي لأسباب ذكرها، فلعل ذلك ليس على إطلاقه. وبناء على هذا الرمز كنت أوردت الحديث في "صحيح الجامع" (102) للقاعدة التي كنت ذكرتها في مقدمته، والآن وبعد ما تبين لي إسناد الحديث وعلته، فلينقل إلى "ضعيف الجامع". ثم إنني قد فتشت عن الحديث في "مجمع الزوائد" واستعنت عليه بالفهارس، فلم أعثر عليه، وقد بيض لمرتبته المناوي في كتابه الآخر: "التيسير". والله أعلم. 3643 - (رحماء أمتي أوساطها) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 177) عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن عطاء ضعيف. الحديث: 3643 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 وأبوه عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني -؛ صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب". 3644 - (رد سلام المسلم على المسلم صدقة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 174-175) عن إبراهيم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم - وهو ابن مسلم - لين الحديث؛ كما في "التقريب". وقال الذهبي في "الضعفاء": "ضعفوه". الحديث: 3644 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 3645 - (ركعتان في جوف الليل يكفران الخطايا) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 176) من طريق الحاكم، عن أحمد بن محمد ابن الأزهر: حدثنا علي بن سلمة: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن مليحة النيسابوري، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن عبد الرحمن هذا قال الحاكم: "الغالب على رواياته المناكير". وابن الأزهر؛ ضعيف الحديث؛ كما قال الدارقطني. الحديث: 3645 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 3646 - (ركعتان من رجل ورع خير من ألف ركعة من مخلط) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 175) عن معلى بن مهدي: حدثنا يوسف ابن ميمون الجهني: حدثنا زياد بن ميمون، عن أنس مرفوعاً. الحديث: 3646 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 قلت: وهذا موضوع؛ آفته زياد بن ميمون، وهو الثقفي الفاكهي؛ كذاب. ويوسف بن ميمون إن كان أبا خزيمة الصباغ؛ فقد قال أبو حاتم: "ليس بالقوي، منكر الحديث جداً، ضعيف". وإن كان القرشي؛ فهو مجهول؛ ذكره ابن أبي حاتم (4/ 2/ 230) من رواية أبي مالك النخعي عنه.ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وبعضهم جعل هذين الاثنين واحداً. والله أعلم. 3647 - (ركعتان من الضحى تعدلان عند الله بحجة وعمرة متقبلتين) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 175) عن أبي الشيخ معلقاً، عن معلى بن مهدي: حدثنا يوسف بن ميمون الجهني: حدثنا زياد بن ميمون، عن أنس مرفوعاً. قلت: هذا موضوع؛ إسناده إسناد الذي قبله. الحديث: 3647 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 3648 - (ركعتان يركعها العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها، ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم) . ضعيف رواه ابن المبارك في "الزهد" (رقم1289) ، وابن نصر في "قيام الليل" (صفحة36) ، وكذا ابن أبي الدنيا (ج/ 2 ورقه 49/ 1 من مجموع 132) عن حسان بن عطية مرسلاً. ورجاله ثقات، وعلته الإرسال. الحديث: 3648 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 3649 - (روحوا القلوب ساعة بساعة) . ضعيف رواه أبو بكر الذكواني في "اثنا عشر مجلساً" (21/ 1) ، والضياء في "جزء من حديثه" بخطه (1/ 1) عن الموقري، عن الزهري، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ فإن الموقري هذا متروك كما قال الحافظ، وقال الذهبي: "مجمع على ضعفه"، واسمه الوليد بن محمد. لكن عزاه السيوطي لأبي داود في "مراسيله" عن الزهري، مرسلاً، فإن كان من غير هذه الطريق؛ فلعله يكون أصح. الحديث: 3649 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 3650 - (رياض الجنة المساجد) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 177) عن أبي الشيخ معلقاً، عن ابن أبي شيبة بسند صحيح، عن حميد بن علقمة، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً. وحميد هذا؛ لم أجد له ترجمة. الحديث: 3650 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 3651 - (ريح الجنة يوجد من مسيرة خمس مئة عام، ولا يجد ريح الجنة من طلب الدنيا بعمل الآخرة) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 173) عن يحيى بن يمان بسنده، عن ابن عباس مرفوعاً، وفيه قصة لم أتمكن من قراءتها ولا قراءة تمام الإسناد بواسطة القارئة؛ لسواد ران على الصفحة. قلت: ويحيى بن يمان؛ صدوق عابد يخطىء كثيراً، وقد تغير؛ كما في "التقريب". الحديث: 3651 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 وبيض له المناوي في "فيض القدير"، فلم يتكلم على إسناده بشيء! وأما في "التيسير"، فقال: "إسناده ضعيف" ولم يزد، فكأنه على قاعدة السيوطي أن ما تفرد به الديلمي فهو ضعيف؛ وهي صحيحة على الغالب. والله أعلم. 3652 - (ريح الجنوب من الجنة، وهي الريح اللاقح، وهي الريح التي ذكر الله في كتابه، وفيها منافع للناس، والشمال من النار، تخرج فتمر بالجنة، فيصيبها لفحة منها؛ فبردها هذا من ذاك) . ضعيف جداً رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (14/ 22) ، والديلمي (2/ 174) عن عبيس بن ميمون، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبيس بن ميمون وأبو المهزم؛ متروكان. واقتصر الحافظ ابن كثير (2/ 249) على قوله: "إسناد ضعيف"! الحديث: 3652 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 3653 - (الرؤيا ستة: المرأة خير، والبعير خوف، واللبن الفطرة، والخضرة الجنة، والسفينة نجاة، والتمر رزق) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 174) عن أبي يعلى: حدثنا رجل من أهل الشام: كنا جلوساً عند عمر بن عبد العزيز، فجاء رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين! ها هنا رجل رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام عمر، وقمنا معه، قال: أنت رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: هل سمعت منه شيئاً؟ قال: نعم؛ سمعته يقول: ... فذكره. قلت: كذا في الأصل: أبو يعلى يقول: حدثنا رجل من أهل الشام .... ليس بينه وبين الرجل الذي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الرجل الشامي، فالظاهر الحديث: 3653 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 أن فيه سقطاً بينهما؛ واسطتان أو أكثر. والسند ضعيف؛ لجهالة الشامي. 3654 - (الربوة هي الرملة) . ضعيف أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (18/ 20) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/ 198- طبع دمشق) من طريق رواد بن الجراح: حدثنا عباد أبو عتبة الخواص قال: حدثنا يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ابن وعلة، عن كريب قال: ما أدري [عدد] ما حدثنا مرة البهزي، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن الربوة ... ثم أخرجه ابن عساكر من طريقين آخرين، عن عباد بن عباد أبي عتبة به. وزاد: "وذلك؛ أنها تسيل مغربة ومشرقة". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عباد هذا، قال الحافظ: "صدوق يهم، أفحش ابن حبان، فقال: يستحق الترك". وقد أشار ابن جرير إلى ضعف الحديث. الحديث: 3654 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 3655 - (الرجل أحق بصدر دابته وفراشه، والصلاة في بيته؛ إلا إماماً يجتمع الناس [عليه] ) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" والحافظ ابن حجر في "الأربعين العاليات" (رقم 36) من طريق صدقة مولى عبد الرحمن بن الوليد، عن محمد بن علي بن الحسين قال: خرجت أمشي مع جدي الحسين إلى [أرضه التي بظاهر الحرة] (1) .   (1) بياض في الأصل، وتكملته من " معجم الطبراني " كما سيأتي. الحديث: 3655 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 فأدركنا ابن النعمان بن بشير على بغلة له، فنزل عنها وقال للحسين: أركب أبا عبد الله، فأبي، فلم يزل يقسم عليه حتى قال: أما إنك قد كلفتني ما أكره، ولكن سأحدثك: حدثتني أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. فاركب أنت على صدر الدابة وسأرتدف، فقال ابن [بشير] : صدقت فاطمة، حدثني أبي النعمان بن بشير وهو ذا حي بالمدينة، بمثل حديث فاطمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزاد فيه: "إلا أن يأذن له"، فلما حدثت ابن النعمان هذا الحديث ركب الحسين السرج وركب ابن النعمان خلفه. وقال الحافظ: "هذا حديث غريب، تفرد بسياقه هكذا صدقة، وهو ابن عبد الله السمين؛ ضعيف، وتابعه الحكم بن عبد الله الأيلي عن محمد بن علي بن الحسين؛ إلا أنه خالف صدقة في بعض السياق؛ حديث: "الرجل أحق بصدر دابته" جاء من طريق قيس بن سعد بن عبادة وبريدة بن الحصيب وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن حنظلة وغيرهم، وأمثلها حديث بريدة؛ رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم". قلت: ومتابعة الحكم - المشار إليها - عند الطبراني في "المعجم الكبير" (1025) ، انظر "الإرواء" (494) . 3656 - (الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2387) ، والبيهقي (6/ 181) عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية الأنصاري، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال البيهقي: "وإبراهيم ضعيف عند أهل العلم بالحديث، وعمرو بن دينار عن أبي هريرة الحديث: 3656 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 منقطع، والمحفوظ عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر قال: من وهب هبة، فلم يثب؛ فهو أحق بهبته؛ إلا لذي رحم". ثم ساق إسناده بذلك إلى عمرو، ثم قال: "قال البخاري: هذا أصح". 3657 - (الرحمة تنزل على الإمام، ثم على من على يمينه، الأول الأول) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 178) عن أبي الشيخ معلقاً، عن صالح بن زياد: حدثنا عمر بن جرير: عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ عمر بن جرير لم أعرفه، وغالب الظن أنه عمرو، سقطت الواو من الناسخ أو مني، وهو عمرو بن جرير أبو سعيد البجلي؛ كذبه أبو حاتم، وقال الدارقطني: "متروك الحديث". وصالح بن زياد؛ لعله الناجي، ذكره ابن أبي حاتم (2/ 1/ 404) من رواية أبي عاصم النبيل عنه؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3657 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 3658 - (الرزق إلى أهل بيت فيهم السخاء أسرع من الشفرة في سنام البعير) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 270) ، والديلمي (178) عن الحسن بن محمد بن أبي هريرة: حدثنا أبو مسعود: أنبأنا عبد الرحمن بن قيس، عن صالح بن عبد الله القرشي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. أورده أبو نعيم في الحديث: 3658 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 ترجمة ابن أبي هريرة هذا؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: وإسناده هالك بمرة؛ عبد الرحمن بن قيس هو أبو معاوية الضبي الزعفراني، قال الحافظ: "متروك. كذبه أبو زرعة وغيره". وصالح بن عبد الله القرشي؛ لم أعرفه. وأبو الزبير مدلس. ورواه ابن عساكر (4/ 207/ 1) عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم بن التيهان، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال: "قوله: ابن التيهان وهم فاحش! فإن أبا الهيثم بن التيهان صحابي، وإنما هذا: أبو الهيثم سليمان بن عمرو العتواري الليثي، مصري. وهذا الحديث غريب". وأخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 120) من طريق محمد بن هشام الثقفي: حدثنا نضر بن فضالة: حدثنا أبو معاوية، عن صالح بن أبي الأخضر، عن أبي الزبير به. ونضر هذا وشيخه؛ لم أعرفهما. 3659 - (الرضاع يغير الطباع) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 179) عن مسلمة بن علي، عن ابن جريج، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلمة بن علي - وهو الخشني -؛ متروك. الحديث: 3659 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (رقم217- منسوخة المكتب الإسلامي) ، وعنه القضاعي في "مسند الشهاب" (ق4/ 2) عن أبي مروان عبد الملك بن مسلمة: أخبرنا صالح بن عبد الجبار، عن ابن جريج، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً به. وهذا إسناد واه؛ ابن جريج مدلس. وصالح بن عبد الجبار؛ شبه مجهول؛ قال الذهبي: "أتى بخبر منكر جداً، رواه ابن الأعرابي (ثم ساق هذا وقال عقبه:) وفيه انقطاع، وعبد الملك مدني ضعيف". 3660 - (الركن يمان) . ضعيف جداً أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 55) عن بكار قال: أخبرنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال: "ليس يثبت؛ بكار بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سيرين، قال البخاري: يتكلمون فيه". الحديث: 3660 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 3661 - (الرهن بما فيه) . ضعيف رواه ابن عدي (14/ 1) : حدثنا الساجي قال: سمعت إسماعيل ابن أبي عباد الذارع يقول: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. ثم رواه من طريق أخرى عن إسماعيل به، وقال " "وإسماعيل بن أبي عباد لا أعرفه إلا بهذا الحديث، وهو حديث معضل بهذا الإسناد، سمعت زكريا الساجي يضعفه". الحديث: 3661 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 وروى له ابن حزم حديثاً آخر، وقال: "هذا حديث موضوع، وإسماعيل ساقط". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (8/ 101) ، وسمى أباه "أمية القماقمي"، والحديث الآخر تقدم برقم (2894) . 3662 - (الرمي خير ما لهوتم به) . موضوع رواه الديلمي (2/ 179) عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتقد رجلاً، فقال: "أين فلان؟ "، فقال قائل: ذهب يلعب، فقال: "ما لنا وللعب"، فقال رجل: يا رسول الله! ذهب يرمي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الرمي بلعب، الرمي خير .... ". قلت: وهذا موضوع؛ آفته العمري هذا؛ قال أحمد: كان كذاباً. وتركه غيره. الحديث: 3662 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 3663 - (زر القبور تذكر بها الآخرة، واغسل الموتى؛ فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز؛ لعل ذلك يحزنك؛ فإن الحزين في ظل الله يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 377و4/ 330) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (7/ 15/ 9291) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن أبي مسلم الخولاني، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره؛ إلا أنه قال في الموضع الأول: الحديث: 3663 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 "في ظل الله يتعرض كل خير"، وقال فيه: "رواته عن آخرهم ثقات". وقال في الموضع الآخر: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي هنا، وأما هناك؛ فتعقبه بقوله: "قلت: لكنه منكر، ويعقوب هو القاضي أبو يوسف؛ حسن الحديث، ويحيى لم يدرك أبا مسلم، فهو منقطع، أو أن أبا مسلم رجل مجهول". وأبو يوسف القاضي؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "قال البخاري: تركوه، وقال الفلاس: كان كثير الغلط صدوقاً". قلت: ولعل قول الفلاس هذا، هو أعدل الأقوال فيه. والله أعلم. لكن تبين لي فيما بعد أنه ليس (أبا يوسف القاضي) ، وإنما هو الدورقي الحافظ، وسيأتي تحقيق ذلك برقم (7138) . ولقد أبعد البيهقي النجعة! فقال عقب الحديث: " (يعقوب بن إبراهيم) هذا أظنه المدني المجهول، وهذا متن منكر". قلت: وهذا منه عجب! وذلك؛ لأن المدني هذا متقدم على الدورقي؛ روى عن هشام بن عروة! هذا من جهة، ومن جهة أخرى: لم يذكروه في الرواة عن (يحيى بن سعيد) وهو: القطان، وإنما ذكروا فيهم (يعقوب بن إبراهيم الدورقي) . ومثله قول الذهبي: "أن أبا مسلم رجل مجهول"! فإنه يدفعه أن في الإسناد نفسه أنه الخولاني، وهو ثقة من رجال مسلم. والله أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 وإنما العلة الانقطاع بينه وبين (يحيى بن سعيد) ؛ كما سيأتي تحقيقه تحت الرقم المذكور آنفاً. وخفي هذا التحقيق على الحافظ العراقي، فجود إسناد الحاكم في "تخريج الإحياء" (4/ 490) ! وتعقبه العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (10/ 362) بكلام الذهبي والبيهقي؛ دون أن يبين ما فيه من الخطأ! 3664 - (أشعرت أن العبد إذا خرج يزور أخاه في الله شيعه سبعون ألف ملك، يقولون: اللهم! صله كما وصل فيك، فإن استطعت أن تفعل ذلك، فافعل، وفي لفظ: يا أبا رزين! زر في الله؛ فإن العبد إذا زار أخاه في الله وكل الله به سبعين ألف ملك؛ فإن كان صباحاً صلوا عليه حتى يمسي، وإن كان مساء صلوا عليه حتى يصبح، فإن قدرت أن تعمل جسدك في ذلك؛ فافعل) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 204-205) عن سلم بن قادم: حدثنا بقية: حدثني عبد الله بن أبي موسى، عن عطاء الخراساني، عن أبي رزين العقيلي باللفظ الأول. ومن طريق إبراهيم بن إسحاق الضبي: حدثنا علي بن هاشم: حدثنا عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن أبي رزين باللفظ الثاني. وهذا إسناد ضعيف من الطريقين؛ لأن مدارهما على عطاء الخراساني؛ وهو صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس. الحديث: 3664 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 وفي الطريق الأولى: سلم بن قادم؛ قال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء". وفي الطريق الأخرى: عثمان بن عطاء؛ وهو ضعيف أيضاً. وإبراهيم بن إسحاق الضبي، قال الأزدي: "يتكلمون فيه، زائغ عن القصد". قال الحافظ في "اللسان": "ذكره مسلمة في "الصلة"، وقال: روى عنه بقي بن مخلد فهو ثقة عنده. وعندي أنه الذي قبله تصحف الصيني بالضبي". قلت: والصيني الذي قبله في "اللسان"؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". 3665 - (زكاة الفطر على الحاضر والبادي) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 221) ، والبيهقي (4/ 173) من طريق المعتمر بن سليمان، عن علي بن صالح، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب". قلت: وعلي بن صالح - وهو أبو الحسن العابد -؛ قال أبو حاتم: "مجهول". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وقال الذهبي: "قال ابن الجوزي: ضعفوه. قلت: لا أدري من هو؟ ". الحديث: 3665 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 قلت: وقد خالفه بعض الثقات؛ منهم عبد الوهاب بن عطاء فقال: أنبأ ابن جريج قال: قال عمرو بن شعيب: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. أخرجه الدارقطني (ص 220) ، والبيهقي، وقال: "وكذلك رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو منقطعاً". قلت: وصله الدارقطني (ص 220) عن عبد الرزاق به. وله شاهد يرويه يحيى بن عباد السعدي - وكان من خيار الناس -: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: "أن رسول الله أمر صارخاً ببطن مكة ينادي؛ أن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم، صغير وكبير، ذكر وأنثى، حر أو مملوك، حاضر أو باد، صاع من شعير أو تمر". أخرجه الدارقطني (ص 221) ، والبيهقي (4/ 172) وقال: "وهذا حديث ينفرد به يحيى بن عباد عن ابن جريج هكذا، وإنما رواه غيره عن ابن جريج عن عطاء من قوله في "المدين"، وعن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في سائر ألفاظه". ثم ساقه من طريق عبد الوهاب بن عطاء المتقدمة، عن ابن جريج، عن عمرو به. قلت: ويحيى بن عباد السعدي مجهول؛ كما في "التقريب". وله طريق أخرى عند الدارقطني، عن الواقدي: حدثنا عبد الحميد بن عمران، عن ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس به. لكن الواقدي؛ متروك متهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 3666 - (زكاة الفطر على كل حر وعبد، وذكر وأنثى، صغير وكبير، فقير وغني، صاع من تمر، أو نصف صاع من قمح) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 320) ، والدارقطني في "سننه" (ص 224) ، والبيهقي (4/ 164) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة قال: ... فذكره موقوفاً عليه، قال معمر: وبلغني أن الزهري كان يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى أبي هريرة موقوفاً، وضعيف مرفوعاً؛ لانقطاعه بين معمر والزهري. الحديث: 3666 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 3667 - (زمزم حنفة من جناح جبريل) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 183) عن إبراهيم بن سليمان: حدثنا الحارث بن شبل: حدثتنا أم النعمان، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحارث بن شبل؛ بصري، قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 77) عن أبيه: "منكر الحديث، ليس بالمعروف". وعن ابن معين: "ليس بشيء". وإبراهيم بن سليمان؛ لم أعرفه، وفي الرواة جمع بهذا الاسم، لم يتميز عندي إذا كان أحدهم. الحديث: 3667 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 3668 - (زوال الشمس دلوكها) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 185) عن محمد بن عمر، عن عمر بن قيس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر، وهو الواقدي، أو شيخه عمر بن قيس، وهو أبو جعفر المعروف بـ "سندل"؛ فإنهما متروكان؛ كما في "التقريب"، والأول كذبه الإمام أحمد وغيره. الحديث: 3668 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 3669 - (زوجوا أبناءكم وبناتكم. قيل يا رسول الله! فكيف بناتنا؟ قال: حلوهن الذهب والفضة، وأجيدوا لهن الكسوة، وأحسنوا إليهن بالنحلة؛ ليرغب فيهن) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 181) عن أحيد بن علي بن الحسن القاضي الربذي: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الأبلي بالأبلة: حدثنا أبو عاصم: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وإسناده ضعيف؛ من دون أبي عاصم لم أعرفهما. وأعله المناوي بعبد العزيز بن أبي رواد؛ وليس بشيء. الحديث: 3669 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 3670 - (زودوا موتاكم لا إله إلا الله) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 182) عن يزيد بن عبد الملك، عن يزيد بن رومان، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن عبد الملك - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 3670 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 ورومان أبو يزيد؛ لم أر من ذكره، وأخشى أن يكون مقحماً أو وهماً في الإسناد، فإنهم لم يذكروا في ترجمة ابنه يزيد أنه روى عن أبيه، بل إنهم قالوا: أرسل عن أبي هريرة. 3671 - (زين الحاج أهل اليمن) . ضعيف رواه الخطيب في "التخليص" (117/ 1) عن محمد بن أيوب: أخبرنا معاذ بن محمد بن حيان الهذلي: حدثني أبي، عن جدي قال: كنا عند عبد الله بن عمر، فذكروا حج أهل اليمن وما يصنعون فيه، فسبهم بعض القوم، فقال ابن عمر: لا تسبوا أهل اليمن وما يصنعون؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: معاذ هذا؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 418) : "في حديثه نظر، ولا يتابع على رفع حديثه". وأبوه محمد؛ لم أر من ذكره. وحيان الهذلي؛ قال ابن حبان في "الثقات" (1/ 48- طبع الهند) : "والد سليم بن حيان، يروي عن أبي هريرة. روى عنه سليم بن حيان". قلت: واسم والد حيان بسطام البصري. وقد أشار الذهبي إلى أنه مجهول بقوله في "الميزان": "تفرد عنه ابنه"؛ يعني سليماً. وهذا الحديث يرويه عنه ابنه محمد كما ترى، فإن كان محفوظاً؛ فيكون له راو وابن آخر. والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 55) عن حيان بن بسطام الحديث: 3671 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 الهذلي قال: كنا عند عبد الله بن عمر، فذكروا حاج اليمن ... الحديث مثله، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وإسناده حسن؛ فيه ضعفاء وثقوا"! 3672 - (زينوا العيدين بالتهليل، والتقديس، والتحميد، والتكبير) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 288) ، وزاهر الشحامي في "تحفة العيد" (ق193/ 1 ورقم19- منسوختي) ، وأبو الحسن النرسي في "حديث أبي محمد بن معروف" (130-131) عن علي بن الحسن الشامي قال: حدثنا سفيان ابن سعيد، عن أيوب بن أبي تميمة، عن أبي قلابة. وسفيان، عن حميد الطويل وعاصم الأحول، عن أنس مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الثوري وأبي قلابة وأيوب؛ لم نكتبه إلا من حديث علي ابن الحسن الشامي نزيل مصر، تفرد به وبغيره عن الثوري". قلت: يشير بذلك إلى أنه ضعيف، بل هو أسوأ حالاً، فقد قال الدارقطني: "يكذب، يروي عن الثقات بواطيل". وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش: "روى أحاديث موضوعة". الحديث: 3672 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 3673 - (زينوا مجالسكم بالصلاة علي، فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 180) عن محمد بن الحسن النقاش، عن الفضل بن عبد الرحمن، عن القاسم بن الحسين، عن نافع، عن نعيم المخزومي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. الحديث: 3673 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 قلت: وهذا موضوع؛ آفته النقاش هذا، قال الذهبي في "الميزان": "كذاب". ومن فوقه إلى مالك، لم أعرفهم. وأما المناوي فذكر أن في إسناده - غير النقاش - عبد الرحمن بن غزوان والحسين بن عبد الرحمن، وهذان مما لا ذكر لهما في هذا الإسناد، ومن المحتمل أن الحسين محرف عن "الفضل" أو العكس. والله أعلم. وقد سئل السيوطي رحمه الله عن هذا الحديث؟ فأجاب بأنه ضعيف كما في "الحاوي للفتاوي" له (2/ 106-107) ، وفيه تساهل كبير؛ لا يخفى على من عرف حال النقاش المذكور. 3674 - (الزائر أخاه المسلم الآكل من طعامه أعظم أجراً من المزور المطعم في الله عز وجل) . باطل أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/ 21) ، والديلمي (2/ 187) من طريق عامر بن محمد أبي نصر الكوار البصري: حدثني أبي، عن جدي قال: زار ثابت ويزيد الرقاشي أنس بن مالك، فلم يجداه في بيته، فلما جاء أظهر لهما الغضب وقال: ألا قلتما لي حتى أعدلكما؟ ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عامر هذا؛ قال الذهبي: "بصري لا يعرف، وخبره باطل عن أبيه عن جده عن أنس ... ". قلت: فذكر هذا، وأقره الحافظ في "اللسان"؛ إلا أن فيه "المصري" بدل الحديث: 3674 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 "بصري"، وكأنه محرف، فما في "الميزان" مطابق لما في المصدرين المذكورين للحديث. 3675 - (الزاني بحليلة جاره؛ لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، ويقول له: ادخل النار مع الداخلين) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 186) من طريق الخرائطي؛ هذا في "مساوىء الأخلاق" (224/ 491) : حدثنا عمر بن مدرك أبو حفص القاص: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ابن لهيعة، عن ابن أنعم، عن أبي الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن أنعم - واسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -، وابن لهيعة - واسمه عبد الله -. لكن شيخ الخرائطي (عمر بن مدرك) أسوأ منهما؛ فقد قال ابن معين فيه: "كذاب". رواه الخطيب (11/ 212) بإسناده عنه، وروى عن غيره أنه قال: "سمعت أبا حفص القصاص يقول في قصصه: "حدثنا أبو المغيرة" ولم يدركه". وأعله المناوي في "فيض القدير" بابني لهيعة وأنعم! (تنبيه) : وقع في إسناد "المساوىء" خطأ مطبعي فاحش في اسم الصحابي والتابعي؛ هكذا: "ابن عبد الجليل عن عبد الرحمن بن عمرو"! فصححته من "الديلمي" وكتب الرجال، كما تحرف اسم الصحابي في "الجامع الكبير" (1/ 418) إلى "ابن عمر"! وفي "الجامع الصغير" "عمرو"! الحديث: 3675 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 وكذا في شرحه "الفيض"، وقيده بـ "ابن العاص"! وأما في متنه فوقع على الصواب: "ابن عمرو". 3676 - (الرفق فيه الزيادة والبركة، ومن يحرم الرفق يحرم الخير) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 117/ 1) عن عمرو بن ثابت، عن عمه، عن أبي بردة، عن جرير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عمرو بن ثابت قال الحافظ: "ضعيف". وعمه؛ لم أعرفه. وإنما أوردت الحديث من أجل الشطر الأول منه، وإلا؛ فالشطر الآخر صحيح من حديث عبد الرحمن بن هلال، عن جرير - رضي الله عنه -؛ رواه مسلم وغيره، وقد خرجته في تعليقي على "الإحسان" رقم (549) . الحديث: 3676 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 3677 - (الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة) . ضعيف أخرجه ابن عدي (72/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 278/ 2) عن ابن لهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة سيىء الحفظ. الحديث: 3677 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 3678 - (سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له) . ضعيف جداً رواه العقيلي في "الضعفاء" (351) ، والديلمي (2/ 210) عن عمرو بن الحصين: حدثنا الفضل بن عميرة القيسي، عن ميمون بن سياه، عن الحديث: 3678 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 أبي عثمان النهدي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ... فذكره مرفوعاً. وقال العقيلي: "الفضل بن عميرة لا يتابع على حديثه هذا، ويروى من غير هذا الوجه بنحو هذا اللفظ بإسناد أصلح من هذا". قلت: وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! ورده الذهبي بقوله: "بل هو منكر الحديث". وذكره الساجي في "الضعفاء" أيضاً، وقال: "في حديثه ضعف، وعنده مناكير". وعمرو بن الحصين؛ متروك. ورواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 331) من طريق حفص بن خالد، عن ميمون بن سياه، عن عمر به. وحفص هذا؛ مجهول؛ كما في "الميزان". قلت: والإسناد الأصلح الذي أشار إليه العقيلي لم أعرفه، وقد أورد السيوطي كل أو جل ما روي في معناه في تفسير قوله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ... ) الآية، وليس في شيء منها ما يشهد لقوله: "وظالمنا مغفور له"؛ إلا حديث أنس عند ابن النجار؛ فإنه بهذا اللفظ، والله أعلم. ولعله يشير إلى ما أخرجه الحاكم (2/ 426) من طريق جرير: حدثني الأعمش، عن رجل قد سماه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله عز وجل: (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) قال: "السابق والمقتصد يدخلان الجنة بغير حساب، والظالم لنفسه يحاسب حساباً يسيراً، ثم يدخل الجنة". وقال: "وقد اختلفت الروايات عن الأعمش في إسناده؛ فروي عن الثوري عن الأعمش عن أبي ثابت عن أبي الدرادء. وقيل: عن الثوري - أيضاً - عن الأعمش. وقيل: عن شعبة عن الأعمش عن رجل من ثقيف عن أبي الدرداء قال: ذكر أبو ثابت عن أبي الدرادء. وإذا كثرت الروايات في الحديث ظهر أن له أصلاً". قلت: ولكن مدارها كلها إما على رجل لم يسم؛ فهو مجهول، وإما على أبي ثابت؛ فهو مجهول أيضاً؛ أورده ابن أبي حاتم في "الكنى" برواية الأعمش عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 3679 - (ساعات الأذى في الدنيا، يذهب بساعات الإثم في الآخرة) . ضعيف رواه ابن شاهين في "الترغيب" (298/ 1) ، وعنه الديلمي (2/ 206) عن إسماعيل بن إسحاق الأنصاري: حدثنا عثم بن عبد الله القرشي: حدثنا رقبة العبد ي - يعني ابن مصقلة -، عن الحسن وثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الأنصاري هذا قال العقيلي: "منكر الحديث". ثم ذكر له حديثاً آخر، وقال: الحديث: 3679 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 "وهذا حديث باطل ليس له أصل، وليس هذا الشيخ ممن يقيم الحديث". وعثم بن عبد الله القرشي لم أعرفه. ووقع في "الديلمي": عثمان بن عنبسة ابن عنبسة. ولم أجده أيضاً. وقد روي من طريق أخرى عن الحسن مرسلاً نحوه، وسيأتي تخريجه في الذي بعده. 3680 - (ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا) . ضعيف جداً رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (161/ 1) ، وتمام في "فوائده" (2/ 63/ 2) من طريق الهيثم بن الأشعث الصنعاني، عن فضال بن جبير الغداني، عن بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الخطيب في "التلخيص" (71/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري لا يعرف، وقد أغفلوه، فلم يذكروه حتى ولا في الرواة عن أبيه أبي أيوب الأنصاري. وابنه بشير؛ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "اللسان": "مجهول، روى حديثه البيهقي في "الشعب"، وابن أبي الدنيا في "الأمراض والكفارات". يعني هذا. وفضال بن جبير الغداني، قال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها، يزعم أنه سمع أبا أمامة، يروي عنه ما ليس من حديثه". وقال ابن عدي: "أحاديثه غير محفوظة". الحديث: 3680 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 والهيثم بن الأشعث مجهول أيضاً كما قال الذهبي. وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" (4/ 149) مصدراً إياه بصيغة التمريض (روي) . وقد روي عن الحسن مرسلاً بلفظ: " ... الأذي ... " بدل: "الأمراض"، والباقي مثله سواء. أخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" (ص 5) : حدثني أبو جعفر أحمد بن سعد: أنبأنا قران بن تمام، عن أبي بشر الحلبي عنه. وهذا مع إرساله؛ فأبو بشر الحلبي لم أعرفه. وسائر رجاله ثقات. ثم رأيته في "مسائل الإمام أحمد" لابنه صالح (ص 127) ؛ قال أحمد: حدثنا قران به. 3681 - (ساعة السبحة؛ حين تزول الشمس عن كبد السماء، وهي صلاة المخبتين، وأفضلها في شدة الحر) . ضعيف جداً رواه ابن شاهين في "الترغيب" (282/ 1) عن هشام بن عبد الملك أبي تقى: حدثنا عتبة بن السكن: حدثنا الأوزاعي، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عوف بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عتبة بن السكن؛ قال البيهقي في "السنن" (7/ 243) : "قال أبو الحسن الدارقطني: عتبة متروك الحديث". قال البيهقي: "عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع". ثم قال في حديث آخر ساقه له: الحديث: 3681 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 "وهذا باطل لا أصل له". 3682 - (ساعة في سبيل الله خير من سبعين حجة) . ضعيف رواه الديلمي (206) من طريق أبي يعلى: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري: حدثنا أبو توبة: حدثنا محمد بن بكير الهلالي، عن طاوس ومكحول، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ محمد بن بكير الهلالي لم أعرفه، وفي "الميزان": "محمد بن بكر بن الفضل الهلالي، عن محمد بن أبي الشوارب. قال ابن غلام الزهري: ليس بالمرضي". قلت: وليس به؛ فإنه متأخر جداً عن هذا؛ فإن أبي الشوارب - وهو محمد بن عبد الملك - توفي سنة (244) ، فهو من طبقة شيوخ أبي يعلى، فالمترجم من طبقة أبي يعلى نفسه، بينما يوجد بينهما في هذا الحديث واسطتان كما ترى. والله أعلم. الحديث: 3682 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 3683 - (سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم) . ضعيف رواه الترمذي (3/ 172) ، والحاكم (2/ 546) ، وأحمد (5/ 9 و 10-11) ، ومن طريقه ومن طريق الطبراني أيضاً: الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب" (3/ 2) ، وأبو بكر الشافعي في "حديثه" (12/ 2) ، وابن سعد (1/ 42) ، وابن عدي (120/ 2) ، وابن عساكر (17/ 335/ 2) كلهم من طريق الحسن، عن سمرة مرفوعاً. وقال العراقي تبعاً للترمذي: "هذا حديث حسن"، وقال الحاكم: الحديث: 3683 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي! قلت: وفيه نظر بين؛ لأن في سماع الحسن من سمرة خلافاً معروفاً، ثم هو مدلس وقد عنعنه. فلو سلمنا صحة سماعه من سمرة في الجملة، فعنعنته هذه تعل الحديث وتصيره ضعيفاً. وفي رواية للترمذي بلفظ: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الله تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين) قال: "حام، وسام، ويافث"؛ بالثاء. وقد روي الحديث بلفظ أتم، وهو: "ولد لنوح ثلاثة: سام، وحام، ويافث، فولد سام: العرب وفارس والروم، والخير فيهم، وولد يافث: يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام: القبط والبربر ولا خير فيهم". رواه البزار (29) ، وأبو بكر الزبيري في "جزء من فوائده" (25/ 2) ، وعنه ابن عساكر (17/ 335/ 2) عن محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه من هذا الوجه البزار في "مسنده" (29) ، وقال: "تفرد به يزيد بن سنان، وتفرد به ابنه عنه، ورواه غيره مرسلاً، وإنما جعله من قول سعيد بن المسيب". وقال الهيثمي: "يزيد ضعفه يحيى وجماعة، ووثقه أبو حاتم". وذكره الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى فضل العرب" (4/ 1) ، ثم قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 "قلت: قد ورد من غير طريق يزيد بن سنان، رواه ابن عدي في "الكامل"، وابن عساكر من رواية سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وسليمان بن أرقم متروك الحديث، ورواه ابن عدي أيضاً في "الكامل" في ترجمة يزيد بن سنان أيضاً، وقال النسائي: "عامة حديثه غير محفوظ"، وقال: "يزيد بن سنان متروك". انتهى. ولا يصح هذا الحديث عن أبي هريرة من سائر طرقه، وهو مخالف لحديث سمرة، وحديث سمرة أولى بالصواب. والله أعلم". قلت: وحديث سمرة المشار إليه تقدم بلفظ: "سام أبو العرب ... "، وهو منقطع الإسناد، فراجعه. وحديث سليمان بن أرقم في "الكامل" (154/ 1) وقال فيه: "عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد". 3684 - (سافروا مع ذوي الجدود والميسرة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 189) عن إبراهيم بن محمد بن الحسن: حدثنا الحسين بن القاسم: حدثنا إسماعيل بن أبي زياد، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته إسماعيل بن أبي زياد، وهو متهم. والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 124-125) رقم (586-بترقيمي) ، وقال: "إسماعيل كذاب، والحسين وإبراهيم مجروحان". الحديث: 3684 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 قلت: ثم غفل؛ فأورده في "الجامع الصغير" من رواية الديلمي نفسه! 3685 - (سأل - صلى الله عليه وسلم - جبريل عن هذه الآية: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) [الزمر: 68] : من الذي لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول العرش) . ضعيف جداً رواه الواحدي في "تفسيره" (4/ 18/ 2) عن محمد بن إسحاق الرملي: أخبرنا هشام بن عمار: أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد، عن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه الديلمي (2/ 192) من طريق بقية بن الوليد: حدثنا عمر بن محمد به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمر بن محمد هو ابن صبهان الأسلمي أبو جعفر المدني؛ وهو متروك الحديث، كما قال النسائي وأبو حاتم والدارقطني، وقال البخاري: "منكر الحديث". وضعفه آخرون. وقد عزاه لأبي يعلى السيوطي في "الجامع"، وابن كثير أيضاً في "التفسير" (7/ 267) ، لكن وقع فيه "عمرو بن محمد"، وبناء عليه لم يعرفه، فقال عقبه: "رجاله كلهم ثقات إلا شيخ إسماعيل بن عياش؛ فإنه غير معروف". ثم وجدت شيئين يرجحان أن ما في "تفسير ابن كثير" خطأ مطبعي: أحدهما: أنه وقع على الصواب في طبعة مصطفى محمد منه (4/ 64) . الحديث: 3685 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162 والآخر: أن الحافظ ابن حجر ساق الحديث من رواية أبي يعلى أيضاً في "المطالب العالية المسندة" (2/ 45/ 2) ؛ كما في "تفسير ابن كثير" طبعة مصطفى.فيتعجب من الحافظ ابن كثير كيف لم أعرفه! ولعل السبب أنه وقع في "تهذيب شيخه المزي": "عمر بن صبهان"؛ منسوباً إلى جده، وقال: "ويقال: عمر بن محمد بن صبهان الأسلمي". ثم داخلني شك في كون (عمر) هذا هو (ابن صبهان الأسلمي) ؛لأنني وجدت أنه قد شاركه في الرواية عن زيد بن أسلم (عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي) ، وعنه أيضاً إسماعيل بن عياش كما في "تهذيب المزي"، ولم أجد حتى الآن ما يعين المراد منهما. وقد خالف إسماعيل وبقية أبو أسامة؛ فقال: عن عمر بن محمد به؛ دون قوله: "يتقلدون أسيافهم..". أخرجه الحاكم (2/ 453) وصححه، ووافقه الذهبي، والعسقلاني في "الفتح" (11/ 371) . وفي رواية أبي يعلى زيادة في المتن؛ ستأتي فيما بعد (5437) . 3686 - (سبحان الله! فأين الليل إذا جاء النهار!) . ضعيف رواه الطبري (ج7 رقم7831 صفحة209) قال: حدثني يونس قال:أخبرنا ابن وهب قال:أخبرني مسلم بن خالد، عن ابن خثيم، عن سعيد ابن أبي راشد، عن يعلى بن مرة قال: لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمص، شيخاً كبيراً قد فند. قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب هرقل، فناول الصحيفة رجلاً عن يساره. قال: قلت: من صاحبكم الذي يقرأ؟ قالوا: معاوية. فإذا كتاب صاحبي: إنك كتبت تدعوني إلى الجنة عرضها الحديث: 3686 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163 السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين النار؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن أبي راشد مجهول، لم يذكروا عنه راوياً غير ابن خثيم هذا، واسمه عبد الله بن عثمان، بل صرح في "الميزان" أنه لم يرو عنه غيره، فقوله في "الكاشف": "صدوق"؛ ليس كما ينبغي، وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (1/ 86) على قاعدته في توثيق المجهولين، ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب"، وإنما قال: "مقبول" يعني عند المتابعة، وإلا؛ فلين الحديث. ومسلم بن خالد: هو الزنجي، وفيه ضعف من قبل حفظه، قال الحافظ: "فقيه، صدوق، كثير الأوهام". وقد خالفه من هو مثله، وهو يحيى بن سليمان؛ فقال: عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن أبي راشد قال: لقيت التنوخي رسول هرقل ... فأسقط من الإسناد يعلى بن مرة. أخرجه أحمد (3/ 441-442) . ويحيى بن سليمان: هو ابن يحيى بن سعيد الجعفي؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وهو من شيوخ البخاري. ثم وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة، عند البزار (3/ 43) ، خرجته في (الصحيحة2892) دون القصة، والله أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 3687 - (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، في ذنب المؤمن؛ كالآكلة في جنب ابن آدم) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 207-208) من طريق ابن السني: حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي: حدثنا أبو سالم العلاء بن مسلمة، عن علي بن عاصم، عن أبي علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العلاء بن مسلمة، وهو الرواس، ترجمة الخطيب (12/ 242) ، وروى عن الأزدي الحافظ أنه قال: "رجل سوء لا يبالي ما روى وعلى ما أقدم، لا يحل لمن عرفه أن يروي عنه". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال ابن طاهر: "كان يضع الحديث". والحديث عزاه السيوطي لابن السني، ورمز لحسنه كما قال المناوي! فإن صح ذلك عن السيوطي؛ فذلك من أوهامه الفاحشة، ومن أجل ذلك وغيره لا يوثق برموزه، كما شرحته في مقدمة "صحيح الجامع الصغير" و "ضعيفه". الحديث: 3687 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 3688 - (سبحي الله عشراً، واحمديه عشراً، وكبريه عشراً، ثم سليه حاجتك، يقول: نعم، نعم) . ضعيف أخرجه النسائي (1/ 191) ، والترمذي (1/ 96) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (850) ، وابن حبان (2342) ، والحاكم (1/ 255 و 318) ، وأحمد (3/ 120) من طريق عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن الحديث: 3688 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! علمني كلمات أدعو بهن في صلاتي، قال: ... فذكره، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"،ووافقه الذهبي. وأقول: هو كما قالا؛ لولا أن عكرمة بن عمار فيه ضعف من قبل حفظه، كما أشار إليه الحافظ بقوله: "صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب". قلت: فبحسب مثله أن يكون حسن الحديث، وأما الصحة؛ فلا. وهذا إذا لم يخالف من هو أوثق منه وأحفظ، وليس الأمر كذلك هنا؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (1/ 85) : "قلت: قال ابن أبي حاتم عن أبيه: رواه الأوزاعي عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أم سليم - وهو مرسل. وهو أشبه من حديث عكرمة بن عمار". قلت: فمن صححه أو حسنه جرى على ظاهر إسناده المتصل، ولم يعلم هذه العلة التي نبه عليها الحافظ رحمه الله تعالى، وهي علة قادحة عند أهل الحديث، وهي الإرسال. نعم؛ قد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس مسنداً، ولكنها واهية لا تقوم بها حجة؛ لأن راويه عبد الرحمن بن إسحاق، عن حسين بن أبي سفيان، عنه قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سليم وهي تصلي في بيتها، فقال: "ياأم سليم إذا صليت المكتوبة فقولي: سبحان الله عشراً ... " الحديث مثله. أخرجه أبة يعلى (7/ 4292) ، والبزار (ص 299-زوائده) من طريق محمد ابن فضيل عنه. وتابعه القاسم بن مالك عنه. أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 191) عن أبي زرعة قال: حدثنا فروة ابن أبي المغراء، عن القاسم بن مالك به. قال: "رواه عامر بن سعيد عن القاسم به؛ إلا أنه قال: سعيد بن أبي حسين. بدل حسين بن أبي سفيان، وأشار أبو زرعة إلى أن (حسين بن أبي سفيان) أرجح. قلت: وحسين هذا ضعفه البخاري جداً؛ فقال في "التاريخ": "فيه نظر". وقال في "الضعفاء": "حديثه ليس بالمستقيم". وضعفه جمع آخر من الأئمة. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وعبد الرحمن الراوي عنه؛ هو أبو شيبة الواسطي، ضعيف جداً، نقل النووي الاتفاق على تضعيفه، وجزم الهيثمي في "المجمع" (10/ 101) بأنه ضعيف، وتبعه الحافظ في "التقريب". واقتصر الأول عليه في إعلال الحديث! وفاته أن شيخه مثله في الضعف. وقد صح الحديث نحوه بأتم منه دون قوله: "ثم سليه حاجتك.."، وهو مخرج في "الصحيحة" (3338) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 3689 - (سبعة لعنتهم وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل حرمة الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي، والمستأثر بالفيء، والمتجبر بسلطانه ليعز من أذل الله، ويذل من أعز الله) . ضعيف رواه ابن منده (2/ 67/ 1) : أخبرنا سليمان بن أحمد: أخبرنا أحمد بن بشر ابن رشدين المصري: أخبرنا أبو صالح الحراني: أخبرنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي معشر الحميدي، عن عمرو بن سعوي اليافعي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو معشر الحميدي لم أعرفه. وابن لهيعة؛ سيىء الحفظ. وابن رشدينت المصري - وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد أبو جعفر المصري -؛ ضعيف، بل اتهمه بالكذب. ووقع في الأصل: "ابن بشر"، فلعله خطأ من الناسخ. الحديث: 3689 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 3690 - (سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، قالوا: ومن هم؟ قال: هم الذين لا يكتوون، ولا يرقون، ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) . منكر بذكر (ولا يرقون) رواه المخلص في "العاشر من حديثه" (213/ 2) : حدثنا أبو إسماعيل بن العباس الوراق: حدثنا حفص بن عمرو أبو عمرو الربالي البصري - قراءة علينا - قال: حدثنا أبو سحيم المبارك بن سحيم مولى عبد العزيز بن صهيب: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك مرفوعاً. الحديث: 3690 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ المبارك هذا متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، ومن طريقه رواه البزار أيضاً كما في "المجمع" (10/ 408) ؛ إلا أنه وقع - فيه وكذا في "كشف الأستار" (4/ 208/ 3545) -: "ولا يكوون" بدل: "ولا يرقون"، وكلاهما منكر مخالف لحديث ابن عباس وغيرهما، في "الصحيحين" وغيرهما بمعناه؛ دون هذين اللفظين. وقد صح عندهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي ويكوي، في غير ما حديث صحيح. ولا يخدج فيما ذكرت ما وقع في رواية لمسلم في حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً من الجمع بين (لا يرقون ولا يسترقون) ؛ فإنها رواية شاذة، أخطأ فيها أحد رواته عنده، فغير الحديث فزاد وأنقص؛ زاد (لا يرقون) ، وأسقط (لا يكتوون) !! خلافاً لرواية الجماعة لحديث ابن عباس الذين رووه بلفظ: "لا يسترقون، ولا يكتوون..". وإن مما يؤكد الشذوذ المذكور، مخالفته لسلئر الأحاديث الواردة في الباب، مثل حديث عمران بن حصين عند مسلم وأبي عوانة وغيرهما، وحديث ابن مسعود عند البخاري في "الأدب المفرد" وغيره، فليس فيهما الجمع بين اللفظين المذكورين، بل إنهما وفق حديث ابن عباس عند الجماعة. فذلك كله يؤكد شذوذ لفظ "لا يرقون"، مع مخالفته للسنة العلمية كما تقدم. وقد كنت ذكرت شيئاً من هذا التحقيق في بعض التعليقات أكثر من مرة. ثم جاءت هذه المناسبة فزدته بياناً، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم طريق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 3691 - (ستشرب من بعدي أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يكون عونهم على شربها أمراؤهم) . ضعيف رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 198/ 2) عن سليمان بن داود، عن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه نافع بن كيسان أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في "الصحابة"؛ كما في "الإصابة"، في ترجمة نافع بن كيسان. وهذا إسناد ضعيف؛ أيوب بن نافع لم أعرفه، ولا وجدت له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي. وسليمان بن داود كثير، فيهم الثقة والضعيف، فلم يتبين عندي. وعزاه السيوطي لابن عساكر عن كيسان. الحديث: 3691 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 3692 - (ست خصال من الخير: جهاد أعداء الله بالسيف، والصوم في يوم صيف، وحسن الصبر عند المصيبة، وترك المراء وإن كنت محقاً، وتبكير (الأصل: تذكر) الصلاة في يوم الغيم، وحسن الوضوء في أيام الشتاء) . ضعيف أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1/ 20/ 1) ، والديلمي (2/ 211) عن بحر بن كنيز السقا، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي مالك قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بحر بن كنيز قال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 3692 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 ثم أخرجه من طريق إسحاق بن أبي فروة، عن سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "ست من كن فيه كان مؤمناً: إسباغ الوضوء، والمباردةإلى الصلاة في يوم دجن، وكثرة الصوم في شدة الحر، ... " والباقي مثله. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ إسحاق - وهو ابن عبد الله بن أبي فروة - متروك. وللحديث طريق أخرى عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ: "ست من كن فيه بلغ حقيقة الإيمان: ضرب أعداء الله بالسيف، وابتدار الصلاة في اليوم الدجن، وإسباغ الوضوء عند المكاره، وصيام في الحر، وصبر عند المصائب، وترك المراء وأنت صادق". أخرجه ابن نصر في "الصلاة" (98/ 2) عن منصور بن بشير: حدثنا أبو معشر المدني، عن يعقوب بن أبي زينب، عن عمر بن شيبة قال: دخلوا على أبي سعيد الخدري، فقالوا: حدثنا عن رسول الله حديثاً ليس فيه اختلاف، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول؛ عمر بن شيبة أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 115) : "عمر بن شيبة بن أبي كثير مولى أشجع، روى عن نعيم المجمر وسعيد المقبري، روى عنه أبو أويس المدني، سألت أبي عنه، فقال: مجهول". فإن كان هو هذا؛ فهو منقطع؛ لأن بينه وبين أبي سعيد: سعيد المقبري. ويعقوب بن أبي زينب؛ مجهول أيضاً. وأبو معشر المدني - واسمه نجيح - ضعيف. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 3693 - (ست خصال من السحت: رشوة الإمام؛ وهي أخبث ذلك كله، وثمن الكلب، وعسب الفرس، ومهر البغي، وكسب الحجام، وحلوان الكاهن) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 210) من طريق محمد بن يحيى (وهو ابن منده) : حدثنا يوسف بن موسى المروذي: حدثنا أيوب بن محمد الوراق: حدثنا الوليد بن الوليد الدمشقي: حدثنا ثابت بن سويد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الوليد بن الوليد الدمشقي قال الدارقطني وغيره: "منكر الحديث"، وفي رواية عنه: "متروك". وأما أبو حاتم فقال: "صدوق". وتناقض ابن حبان، فأورده في "الثقات"، وأورده في "الضعفاء"، وأورد له خبراً عن عائشة قال فيه: "لا أصل له من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -". وقال أبو نعيم: روى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثابت موضوعات. ومن دونه؛ لم أعرفهما، وكذلك ثابت بن سويد. الحديث: 3693 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 3694 - (ستة أشياء تحبط الأعمال: الاشتغال بعيوب الخلق، وقسوة القلب، وحب الدنيا، وقلة الحياء، وطول الأمل، وظالم لا ينتهي) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 211) عن محمد بن يونس الكديمي، عن الحديث: 3694 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 الضحاك بن مخلد، عن سعدان بن بشر، عن مخلد بن خليفة، عن عدي بن حاتم مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الكديمي، وهو وضاع. 3695 - (سترة الإمام سترة من خلفه) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (31/ 2 من ترتيبه) عن سويد بن عبد العزيز، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عاصم إلا سويد" قلت: وهو لين الحديث؛ كما قال الحافظ. الحديث: 3695 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 3696 - (ستكون فتن؛ يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويسمي كافراً؛ إلا من أحياه الله بالعلم) . ضعيف جداً رواه ابن ماجه (3954) ، وابن عساكر (17/ 413/ 1) من طريق علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن أنه حدثه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ علي بن يزيد - وهو الألهاني - متروك؛ كما قال الدارقطني، وقال البخاري: "منكر الحديث". الحديث: 3696 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 3697 - ( .......................................... ) (1) .   (1) الحديث رقم (2697) : " ستكون هجرة. . . " نقل إلى الصحيحة (3203) . (الناشر) الحديث: 3697 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 3698 - (سجدتا السهو بعد التسليم، وفيهما تشهد وسلام) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 207) عن يحيى بن العلاء: حدثنا عبد الملك الحديث: 3698 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 ابن مسلم اللخمي، عن أبي قيس، عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يحيى بن العلاء؛ فإنه كذاب يضع الحديث كما قال أحمد. وعبد الملك بن مسلم اللخمي؛ لم أعرفه. 3699 - (سطع نور في الجنة، فرفعوا رؤوسهم، فإذا هو من ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها) . موضوع رواه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 374) وفي "صفة الجنة" (71/ 1) ، وابن عدي (ق112-113) ، والديلمي (2/ 216) عن حلبس الكلابي: حدثنا سفيان الثوري: حدثنا مغيرة: حدثنا إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال ابن عدي: "حديث منكر". قلت: وقال الذهبي: "هذا باطل". ذكره في ترجمة حلبس هذا؛ وقال فيه: "متروك الحديث، قال ابن عدي: منكر الحديث". واتهمه ابن الجوزي بوضع حديث. الحديث: 3699 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 3700 - (سعة في الرزق، وردع سنة الشيطان؛ الوضوء قبل الطعام وبعده) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 217) عن عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا سعيد بن عمارة: حدثنا الحارث بن نعمان: سمعت أنس ابن مالك يقول: ... فذكره مرفوعاً. الحديث: 3700 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عبد الوهاب بن الضحاك؛ قال أبو حاتم: "كذاب". وسعيد بن عمارة والحارث بن نعمان؛ ضعيفان. 3701 - (سفر المرأة مع عبد ها ضيعة) . ضعيف رواه البزار في "الكشف" (1076) ، وابن الأعرابي في "المعجم" (18/ 1) : أخبرنا محمد (يعني: ابن إسماعيل الترمذي) : أخبرنا هاشم بن عمرو: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني بزيع بن عبد الرحمن، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 112/ 2) من طريق آخر عن ابن عياش به، وقال: "لم يروه عن نافع إلا بزيع، تفرد به إسماعيل". قلت: وهو ثقة في الشاميين، ضعيف في غيرهم، ولم يظهر لي عن أيهم روايته هذه، فإن شيخه بزيع بن عبد الرحمن؛ لم أجد من ذكر بلده، وقد أورده ابن حبان في "الثقات" (2/ 32) وقال: "يروي عن سوادة، روى عنه إسماعيل بن عياش". وقد ضعفه أبو حاتم كما في "الميزان"، وساق له هذا الحديث. ثم رأيت الحديث في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 298) من هذا الوجه، وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر، ويرويه ضعيف الحديث". الحديث: 3701 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 3702 - (سلم علي ملك، ثم قال: لم أزل أستأذن ربي في لقائك، حتى كان هذا أوان أذن لي، وإني أبشرك أنه ليس أحد أكرم على الله منك) . ضعيف أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 27/ 1) ، والديلمي (2/ 217) عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث: حدثت عن عبد الرحمن بن حباب الأشعري، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري - وكانت له صحبة - قال: كنا جلوساً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، ومعه ناس من أهل المدينة، وهم من أهل النفاق، فإذا سحاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لعنعنة ابن إسحاق، والانقطاع بين عبد الرحمن ابن الحارث وعبد الرحمن الأشعري، وهذا لم أعرفه. واسم ابيه لم يتبين لي بواسطة (القارئة) هل هو "حباب" أم "خباب". الحديث: 3702 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 3703 - (سلمان سابق فارس) . ضعيف رواه ابن سعد (7/ 318) ، وعنه ابن عساكر (7/ 203/ 1) : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن يونس، عن الحسن مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات إلا أنه مرسل؛ لأن الحسن - وهو البصري - كثير الإرسال، وقال بعض الأئمة: "مراسيله كالريح"! الحديث: 3703 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 3704 - (سلمان منا أهل البيت) . ضعيف جداً روي من حديث عمرو بن عوف، وأنس بن مالك، والحسين الحديث: 3704 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 ابن علي بن أبي طالب، وزيد بن أبي أوفى. 1- أما حديث عمرو؛ فيرويه حفيده كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خط الخندق من أحمر السبختين طرف بني حارثة، عام ذكرت الأحزاب خطة المذابح، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعاً، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقالت الأنصار: لا؛ بل سلمان منا! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4/ 82-83 و 7/ 318-319) ، وابن جرير الطبري في "التفسير" (21/ 85) ، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص 25) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 260-261) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 54) ، ومن طريقه وطريق ابن سعد: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 409) ، والحاكم (3/ 598) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 418) من طرق عن كثير.. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لأن كثيراً هذا متروك؛ قال الذهبي في "الكاشف": "واه، قال أبو داود: كذاب". قلت: وكأنه لذلك سكت عنه الحاكم ولم يصححه كعادته، وأما الذهبي فقال في "تلخيصه": "قلت: سنده ضعيف". والحق ما ذكرته، وهو الذي يقتضيه قول الذهبي المتقدم، ويؤيده قوله في "سير الأعلام" (1/ 540) بعد أن ساق الحديث: "كثير متروك". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 2- وأما حديث أنس؛ فيرويه جعفر بن سليمان الضبعي: حدثنا النضر بن حميد، عن سعد الإسكاف، عن محمد بن علي، عنه مرفوعاً به. أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 184/ 2524) عنه به، وفيه قصة، وزاد في آخره: "فاتخذه صاحباً". ثم قال: "لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، ولا رواه إلا جعفر عن النضر، والنضر وسعد الإسكاف لم يكونا بالقويين في الحديث". كذا قال، وحالهما أسوأ مما قال؛ فإن سعداً هذا - وهو ابن طريف -؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، ورماه ابن حبان بالوضع، وكان رافضياً". والنضر؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وبه أعله الهيثمي؛ فقال (9/ 118) : "رواه البزار، وفيه النضر بن حميد الكندي، وهو متروك". وقد اضطرب في إسناده هو أو شيخه سعد، فجعل الحسين بن علي مكان أنس، وهو التالي: 3- قال أبو يعلى في "مسنده" (12/ 142/ 6772) : حدثنا الحسن بن عمر ابن شقيق الجرمي: حدثنا جعفر بن سليمان، عن النضر بن حميد الكندي، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: ... فذكره بتمامه. وهكذا أخرجه ابن عساكر (7/ 410-411) عنه، ورواه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 أبو الشيخ أيضاً (24-25) من طريق أبي يعلى، ولكنه لم يسق القصة، ولا الزيادة. وقال الهيثمي (9/ 117) : "رواه أبو يعلى، وفيه النضر بن حميد الكندي، وهو متروك". قلت: وشيخه مثله كما تقدم بيانه في الذي قبله. 4- وأما حديث زيد بن أبي أوفى؛ فيرويه مشرق بن عبد الله في "حديثه" (62/ 2) وابن عساكر (7/ 412) من طريق محمد بن إسماعيل بن مرداتي، عن أبيه إسماعيل: حدثني سعد بن شرحبيل، عنه به في حديث طويل. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف أحداً من رجاله. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف جداً، وبخاصة الزيادة التي في آخره، فإنها ليست في الحديث الأول مع شدة ضعف إسناده. نعم؛ قد صح الحديث موقوفاً على علي رضي الله عنه من طرق عنه؛ فها أنا أذكرها إن شاء الله تعالى. الطريق الأولى: عن أبي البختري قال: قالوا لعلي: أخبرنا عن سلمان، قال أدرك العلم الأول، والعلم الآخر، بحر لا ينزح قعره، هو منا أهل البيت. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 148/ 12380) ، وابن سعد (2/ 346 و 4/ 85) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 187) ، وابن عساكر (7/ 411 و 415) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين، واسم أبي البختري سعيد بن فيروز. الثانية: عن زاذان قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 سئل علي عن سلمان الفارسي؟ فقال: ذاك أمير منا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم؛ علم العلم الأول، وأدرك العلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحراً لا ينزف. أخرجه ابن سعد (4/ 85-86) ، والبغوي كما في "مختصر المعجم" (9/ 134/ 2) ، ومن طريقه وطريق غيره: ابن عساكر (7/ 416) . ورجاله ثقات. الثالثة: عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبي الأسود عنه. أخرجه البغوي وابن عساكر، وكذا أبو نعيم مقروناً بالطريق الثانية. وله عن علي طريق آخر موقوفاً عليه مختصراً في أثناء حديث لعبد الله بن سلام بلفظ: دعوه فإنه رجل منا أهل البيت. وسنده حسن. 3705 - (سلوا الله الفردوس؛ فإنها سرة الجنة، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش) . ضعيف رواه أبو الفرج الإسفرائيني في "جزء أحاديث يغنم بن سالم" (26/ 2) عن أبي حفص عمر بن الحسن بن الزبير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو حفص عمر بن الحسن بن الزبير وأبوه؛ لم أجد من ذكرهما. ورواه الروياني في "مسنده" (226/ 2) ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب "العرش" (108/ 2) ، والحاكم (2/ 371) عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، الحديث: 3705 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 عن أبي أمامة مرفوعاً؛ دون الشطر الثاني، وقال الحاكم: "لم نكتبه إلا من هذا الإسناد، ولم نجد بداً من إخراجه". وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: جعفر هالك". ومن طريقه: أخرجه الطبراني بتمامه؛ كما في "المجمع" (10/ 398) وقال: "وهو متروك". والشطر الأول من الحديث له شاهد عن العرباض، فراجع "المجمع". 3706 - (سمى هارون ابنيه: شبراً وشبيراً، وإني سميت ابني الحسن والحسين، كما سمى به هارون ابنيه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 101/ 2778) ، والبخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 147) ، والديلمي (2/ 217) من طريق يحيى الحماني: حدثنا عمرو بن حريث، عن برذعة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان الفارسي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ برذعة بن عبد الرحمن؛ قال الذهبي في "الضعفاء والمتروكين": "منكر الحديث بمرة". وعمرو بن حريث؛ مجهول؛ كما قال ابن عدي، وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول". الحديث: 3706 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 وعمرو بن حريث؛ مجهول؛ كما قال ابن عدي، وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول". قلت: وفي معناه ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (823) ، وابن حبان (2227) ، والحاكم (3/ 165 و 180) ،وأحمد (1/ 98) ، والطبراني (1/ 100/ 2773) عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانىء بن هانىء، عن علي قال: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أروني ابني، ما سميتموه؟ ". قال: قلت: حرباً، قال: "بل هو حسن". فلما ولد الحسين سميته حرباً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أروني ابني ما سميتموه؟ ". قال: قلت: حرباً. قال: "بل هو الحسين". فلما ولد الثالث سميته حرباً، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أروني ابني ما سميتموه؟ ". قلت: حرباً! قال: "بل هو محسن"، ثم قال: "سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر وشبير ومشبر". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ثم أخرجه الطيالسي (129) ، والحاكم (3/ 168) من طريقين آخرين، عن أبي إسحاق، عن هانىء بن هانىء به. وقال الحاكم أيضاً: "صحيح الإسناد"! وسكت الذهبي هنا، وأحال به على الموضع الأول، وهناك وافقه على التصحيح، وهذا منه عجيب!! فإن هانئاً هذا لم يرو عنه غير أبي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 إسحاق وحده، ولازمه أنه مجهول، وهذا ما صرح به الإمام ابن المديني، كما صرح بذلك الذهبي نفسه وغيره. وقال الشافعي: "لا يعرف، وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله"؛ كما في "التهذيب"، فلا ينفعه بعد ذلك قول النسائي فيه: "ليس به بأس"، وبالأولى أن لا ينفعه ذكر ابن حبان إياه في "الثقات"؛ لاشتهاره بتساهله في التوثيق، ولذلك لم يسع الحافظ في "التقريب" إلا أن يقول فيه: "مستور"! وكأنه غفل عن هذا فقال في ترجمة (المحسن) من "الإصابة" - بعد ما عزاه لأحمد -: "إسناده صحيح"! واغتر به محقق "تحفة المودود" (132) ، فسكت عليه!! وأيضاً فأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس مختلط وقد عنعنه، فأنى للحديث الصحة؟! وله طريق أخرى عند الطبراني (2777) عن يحيى بن عيسى الرملي التميمي: أخبرنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي: كنت رجلاً أحب الحرب، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني سميت ابني هذين باسم ابني هارون: شبراً وشبيراً". قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ سالم بن أبي الجعد عن علي مرسل؛ كما قال أبو زرعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 والرملي صدوق يخطىء؛ كما قال الحافظ: ثم أخرج هو (2778) ، والبخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 147) عن أبي غسان مالك بن إسماعيل: أخبرنا عمرو بن حريث: أخبرنا برذعة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان مرفوعاً: "سميتهما - يعني: الحسن والحسين - بابني هارون: شبراً وشبيراً". وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول". قلت: يشير إلى برذعة وعمرو؛ قال الذهبي في الأول منهما: "عن أنس، له مناكير، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". وعمرو بن حريث؛ قال ابن عدي: "مجهول". قلت: ويعارض ما تقدم حديثان: الأول: ما رواه إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي: حدثنا عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن محمد بن علي رضي الله عنه عن، علي رضي الله عنه: أنه سمى ابنه الأكبر حمزة، وسمى حسيناً جعفراً، باسم عمه، فسماهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسناً وحسيناً. أخرجه الطبراني (رقم-2780) وغيره، كما بينته في "الصحيحة" (2709) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 قلت: وسنده حسن؛ لولا أن محمد بن علي - وهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب - لم يسمع من جده علي رضي الله عنه. ورواه الحاكم (4/ 277) . وابن زرارة؛ صدوق، وخالفه العلاء الرقي فقال: (حدثنا عبيد الله ... عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن أبيه، عن علي) . أخرجه الحاكم (4/ 277) وقال: "صحيح الإسناد"، ورده الذهبي بقوله: "قلت: قال أبو حاتم: العلاء منكر الحديث". والثاني: ما رواه محمد بن فضيل، عن علي بن ميسر، عن عمر بن عمير، عن عروة بن فيروز، عن سورة بنت مشرح قالت: كنت فيمن حضر فاطمة رضي الله عنها حين ضربها المخاض في نسوة، فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كيف هي؟ ". قلت: إنها لمجهودة يا رسول الله! قال: "فإذا هي وضعت فلا تسبقيني فيه بشيء". قالت: فوضعت، فسروه، ولففوه في خرقة صفراء، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما فعلت؟ ". فقلت: قد ولدت غلاماً وسررته ولففته في خرقة! قال: "عصيتيني؟ " قالت: أعوذ بالله من معصيته ومن غضب رسوله! قال: "ائتني به"، فأتيته، فألقى عنه الخرقة الصفراء، ولفه في خرقة بيضاء، وتفل فيه، وألبأه بريقه، فجاء علي رضي الله عنه، فقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 "ما سميته يا علي؟ ". قال: سميته جعفراً يا رسول الله! قال: "لا، ولكن حسن، وبعده حسين، وأنت أبو حسن الخير". رواه الطبراني في "الكبير" (3/ 23/ 2542 و 24/ 311/ 786) . قلت: وهذا إسناد مسلسل بالمجهولين: علي بن ميسر فمن فوقه. وقد ساقه الذهبي في ترجمة ابن ميسر إلى ابن فيروز؛ وقال: "إسناده مظلم، والمتن باطل". ونقل ابن حجر في "الإصابة" عن ابن عبد البر أنه قال: "إسناده مجهول". وقال الهيثمي (9/ 175) : "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما عمر بن فيروز وعمر بن عمير، ولم أعرفهما، وبقية رجاله وثقوا". وأقول: فيه ملاحظتان: الأولى: أنني لم أره عند الطبراني إلا بالإسناد المذكور في الموضعين المشار إليهما. والأخرى: قوله: "عمر بن فيروز"؛ لعله خطأ من الناسخ، والصواب: "عروة بن فيروز"؛ كما في "المعجم" في الموضعين أيضاً، ومن العجيب أن صاحبنا الأخ حمدي السلفي نقله عنه في الموضعين دون أن يتنبه لمخالفته لما في "المعجم"! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 (تنبيه) : ادعى الشيخ عبد الحسين الشيعي في كتابه "المراجعات" ص (145) أن الحاكم صحح هذا الحديث على شرط الشيخين، مشيراً إلى الجزء الثالث والصفحتين السابقتين. وهذا كذب؛ ولم أقتصر على قولي: "خطأ" كما هو الواجب عادة؛ لأني بلوت عليه الكذب المذكور في غير ما حديث واحد؛ فانظر الحديث الآتي برقم (4892) . 3707 - (سموه بأحب الأسماء إلي: حمزة بن عبد المطلب) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 196) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ولد لرجل منا غلام، فقالوا: ما نسميه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: يعقوب ضعيف". قلت: وقد خالفه يوسف بن سلمان المازني؛ فقال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، سمع رجلاً بالمدينة يقول: جاء جدي بأبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هذا ولدي، فما أسميه؟ قال: "سمه بأحب الناس إلي: حمزة بن عبد المطلب". أخرجه الحاكم، وأشار إلى تجهيل المازني هذا؛ فقال: "قد قصر هذا الراوي المجهول برواية الحديث عن ابن عيينة، والقول فيه الحديث: 3707 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 قول يعقوب بن حميد". قلت: وهذا مسلم لو كان المازني مجهولاً كما قال، وليس كذلك؛ فقد قال أبو حاتم: "شيخ". وقال النسائي: "مشهور، لا بأس به". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال مسلمة: "بصري ثقة". فتجهيل الحاكم إياه في مقابلة هؤلاء الأئمة الموثقين غير مقبول، ولهذا قال الحافظ فيه: "صدوق". وعليه؛ فروايته هي المقدمة على رواية يعقوب، وقد رأيت الذهبي قد جزم بضعفه، وهو وإن كان عندي خيراً من ذلك، إلا أنه لا يخلو من ضعف في حفظه، وإليه أشار الحافظ حين قال فيه: "صدوق، ربما وهم". فيكون الحديث من منكراته التي تفرد بها، بل وخالف من هو أرجح منه سياقاً ومتناً، ومما يؤيد هذا أنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن". رواه مسلم وغيره، فيبعد جداً أن يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء خلاف ما أخبر به عن ربه؛ فتأمل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 188 ثم وجدت ما يشهد لرواية المازني، وهو ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 73-74) من طريق قيس بن الربيع، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار، عن أبيه قال: "ولد لي غلام .... "، الحديث مثل لفظ المازني. وقيس بن الربيع؛ وإن كان سيىء الحفظ، فلا بأس به في المتابعات والشواهد. 3708 - (سمي رجب لأنه يترجب فيه خير كثير لشعبان ورمضان) . موضوع رواه أبو محمد الخلال في "فضل رجب" (11/ 1) عن الحارث بن مسلم، عن زياد بن ميمون، عن أنس مرفوعاً. قلت: زياد بن ميمون كذاب، مضى مراراً. والحارث بن مسلم؛ مجهول. الحديث: 3708 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 3709 - (سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل) . ضعيف جداً رواه الدامغاني في "الأحاديث والحكايات" (1/ 110/ 1) عن محمد بن عرعرة بن البرند: حدثنا سكين بن أبي سراج أبو عمرو الكلابي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه عبد بن حميد في "المنتخب من مسنده" (87/ 2) : حدثنا داود بن محبر: حدثنا سكين به. قلت: وسكين بن أبي سراج؛ قال ابن حبان: "يروي الموضوعات". وقال البخاري: "منكر الحديث". الحديث: 3709 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 وله طريق آخر؛ رواه العقيلي في "الضعفاء" (436) ، والديلمي (2/ 207) من طريق أبي نعيم: حدثنا أبو داود: حدثنا النضر بن معبد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة يرفعه، وقال: "النضر بن معبد أبو قحذم؛ لا يتابع عليه، قال يحيى: ليس بشيء". وقال النسائي: "ليس بثقة". 3710 - (سوء المجالسة فحش، وشح، وسوء خلق) . ضعيف أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (668) : أخبرنا عتبة بن أبي حكيم، عن سليمان بن موسى يرفع الحديث قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ سليمان بن موسى؛ صدوق فقيه في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل. وعتبة بن أبي حكيم؛ صدوق يخطىء كثيراً؛ كما في "التقريب". الحديث: 3710 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 3711 - (سيأتي على الناس زمان يخير فيه الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك منكم ذلك الزمان؛ فليختر العجز على الفجور) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 438) ، وأحمد (2/ 278 و 447) ، وأبو يعلى (4/ 1516) من طرق عن داود بن أبي هند قال: أخبرني شيخ [من بني ربيعة بن كلاب] : سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ... فذكره. وقال الحاكم: الحديث: 3711 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، والشيخ الذي لم يسم هو سعيد بن أبي جبيرة". ثم ساقه من طريق عباد بن العوام، عن داود بن أبي هند، عنه به. قلت: وابن أبي جبيرة هذا لم أعرفه. وروى البيهقي في "الزهد الكبير" (ق 29/ 2) عن مكي بن إبراهيم: حدثنا داود ابن أبي هند قال: نزلت جديلة قيس، فإذا إمامهم رجل أعمى يقال له: أبو عمر، فسمعته يقول: ... فذكره. قلت: وأبو عمر هذا؛ لم أعرفه أيضاً. 3712 - (سيأتي على أمتي زمان تكثر فيه القراء، وتقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل بينكم، ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المنافق والكافر المشرك بالله المؤمن بمثل ما يقول) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 457) من طريق دراج، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهذا منه عجب؛ فقد أورد دراجاً هذا في "الضعفاء والمتروكين"، وقال: "ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير" (1) .   (1) هذا اجتهاد الشيخ - رحمه الله - قديماً، وآخر الأمرين منه تمشية رواية دراج إلا عن أبي الهيثم، فانظره في " الصحيحة " تحت رقم (3350، 3470، 3479) . الناشر الحديث: 3712 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 3713 - (سيأتي عليكم زمان لا يكون فيه شيء أعز من ثلاثة: أخ يستأنس به، أو درهم حلال، أو سنة يعمل بها) . ضعيف رواه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 370 و 7/ 127) ، وابن عساكر (4/ 210/ 2) عن روح بن الصلاح: حدثنا سفيان، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعاً. وقال: "غريب؛ تفرد به روح بن صلاح". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال ابن عدي. الحديث: 3713 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 3714 - (سيخرج أهل مكة، ثم لا يعبر بها، أو لا يعبر بها إلا قليل، ثم تمتلىء، وتبنى، ثم يخرجون منها، فلا يعودون فيها أبداً) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 23) : حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا أبو الزبير، عن جابر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخبره: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. ثم أخرجه (3/ 347) : حدثنا موسى: حدثنا ابن لهيعة به، بلفظ: "سيخرج أهل مكة منها، ثم لا يعمروها، أو لا تعمر إلا قليلاً، ثم تعمر وتمتلىء وتبنى ... " إلخ. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. وأخرجه أبو يعلى (610) [المقصد العلي] . الحديث: 3714 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 3715 - (سيخرج ناس إلى المغرب، يأتون يوم القيامة وجوههم على ضوء الشمس) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 424) : حدثنا حسن بن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا الحارث بن يزيد، عن أبي مصعب قال: قدم رجل من أهل المدينة شيخ، فرأوه مؤثراً في جهازه، فسألهم (كذا ولعله: فسألوه) ، فأخبرهم أنه يريد المغرب، وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) . ثم أخرجه (2/ 177) بإسناده المذكور، عن الحارث بن يزيد، عن جندب بن عبد الله: أنه سمع سفيان بن عوف يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ونحن عنده: "طوبى للغرباء"، فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: "أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم"، قال: وكنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً آخر حين طلعت الشمس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيأتي أناس من أمتي يوم القيامة نورهم كضوء الشمس"، قلنا: من أولئك يا رسول الله؟ فقال: "فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره، يموت أحدهم وحاجته في صدره، يحشرون من أقطار الأرض". ثم أخرجه (2/ 222) : حدثنا قتيبة: حدثنا ابن لهيعة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة سيىء الحفظ، ولعل روايته لهذا الحديث عن شيخ واحد بإسنادين من وجهين مما يدل على قلة ضبطه وسوء حفظه (1) .   (1) هذا اجتهاد الشيخ - رحمه الله - قديماً، وآخر الأمرين منه تجويد رواية قتيبة عن ابن لهيعة؛ كما في الصحيحة " (6 / 55، 560، 825 و 7 / 356) . الناشر الحديث: 3715 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 3716 - (سيدرك رجلان من أمتي عيسى ابن مريم، ويشهدان قتال الدجال) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 544) من طريق ابن خزيمة، والديلمي (2/ 202) عن عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: منكر، وعباد ضعيف". قلت: والواقع أكبر شاهد على بطلان هذا الحديث. الحديث: 3716 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 3717 - (سيكون أقوام من أمتي يتغلطون فقهاءهم بعضل المسائل، أولئك شرار أمتي) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "الكبير" (146/ 2) ، وابن بطة في "الإبانة" (2/ 125/ 1) ، والآجري كما في "الكواكب الدراري" (1/ 31/ 2) والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (162/ 1) عن يزيد بن ربيعة: حدثنا أبو الأشعث، عن ثوبان مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ يزيد هذا ليس بثقة، وقد مضت له عدة أحاديث بهذا السند. الحديث: 3717 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 3718 - (سيكون بعدي أمراء يقتتلون على الملك، يقتل بعضهم عليه بعضاً) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 263) ، وأبو يعلى (95/ 1-مصورة المكتب الثانية) الحديث: 3718 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 عن إسرائيل، عن سماك، عن ثروان بن ملحان قال: كنا جلوساً في المسجد، فمر علينا عمار، فقلنا له: حدثنا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير ثروان هذا؛ فقال ابن المديني: "لا نعلم أحداً حدث عن ثروان غير سماك". قلت: ومع ذلك؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (1/ 27-هند) وقال العجلي: "كوفي تابعي ثقة"، وهما عمدة الهيثمي في قوله (7/ 293) : "رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير ثروان، وهو ثقة"! 3719 - (سيكون بعدي بعوث كثيرة، فكونوا في بعث خراسان، ثم انزلوا في مدينة مرو؛ فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة، ولا يصيب أهلها سوء أبداً) . ضعيف جداً رواه أحمد في المسند (5/ 357) ، وابن عدي (28/ 2) عن أوس بن عبد الله بن بريدة: حدثني سهل بن عبد الله، عن جده مرفوعاً. وذكره ابن قدامة في "المنتخب" (10/ 195/ 1) من طريق حنبل، عن أحمد من هذا الوجه، ثم قال: "قال أبو عبد الله: هذا حديث منكر". الحديث: 3719 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 قلت: وكذا قال الذهبي: إنه منكر، وبه يشعر كلام ابن عدي حيث قال عقب الحديث: "وأوس في بعض أحاديثه مناكير". قلت: وضعفه البخاري جداً بقوله: "فيه نظر". وقال الدارقطني: "متروك". وقال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (221) نقلاً عن خط الشيخ تقي الدين القلقشندي: "وقد حسن هذا الحديث الحافظ أبو الفضل شيخنا لأجل المتابعة، وفيه نظر؛ فإن حساماً ليس من قبيل من يحسن الحديث بمتابعته". 3720 - (سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً إلا أخذوا من دينه مثله) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (3/ 633-634) عن حسان بن غالب: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة عمرو بن جابر، عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: سكت عنه هو والذهبي! وهذا من عجائبهما؛ فإن الذهبي أورد حسان ابن غالب هذا في "الميزان"، وقال: "متروك، ذكره ابن حبان فقال: شيخ من أهل مصر يقلب الأخبار، ويروي الحديث: 3720 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 عن الأثبات الملزقات، لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. قال الحاكم: له عن مالك أحاديث موضوعة". وساق له الحافظ في "اللسان" حديثين آخرين، ونقل عن الدارقطني أنه قال: "إنهما حديثان موضوعان". ومن طريقه: أخرجه الطبراني كما في "مجمع الهيثمي" (5/ 246) ، وقال: "وهو متروك". وابن لهيعة؛ ضعيف. 3721 - (سيكون في آخر الزمان ذئبان القراء، فمن أدرك ذلك الزمان؛ فليتعوذ بالله من شرهم) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 35-36) : حدثنا علي بن أحمد بن علي المصيصي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن البطال، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد العاقب قال: حدثنا سالم، عن عبد الرحمن بن عبيد، عن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً، وقال: "غريب من حديث سليمان، لم نكتبه بهذا الإسناد إلا عن هذا الشيخ، أفادناه عنه أبو الحسن الدارقطني الحافظ". قلت: وهذا الشيخ المصيصي؛ قال ابن أبي الفوارس: "كان فيه تساهل". ومن بينه وبين سليمان - والظاهر أنه الأعمش -؛ لم أعرفهم. الحديث: 3721 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 3722 - (سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي؛ يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ثم يؤمر القحطاني، فوالذي بعثني بالحق! ما هو دونه) . ضعيف رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 236/ 2) عن حنين بن علي الكندي مولى جذع، عن الأوزاعي، عن قيس بن جابر، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وأخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (17/ 200/ 2) من هذا الوجه؛ إلا أنه وقع فيه: "الحسين بن علي الكندي مولى ابن خديج"، وسواء كان الصواب هذا أو ذاك، فإني لم أعرفه، وكذلك لم أعرف قيس بن جابر ومن فوقه. والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 190) عن قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به. وقال: "رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم". وعزاه السيوطي في "الجامع الصغير" إليه أيضاً عن جاجل الصدفي. ومعنى هذا أن اسم جد قيس بن جابر: جاجل، ولم أجد من ذكر ذلك، وفي "الإصابة": "جاجل أبو مسلم الصدفي". ثم ساق له حديثاً آخر من طريق محمد بن مسلم بن جاجل، عن أبيه، عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: "قال أبو نعيم: ليست له عندي صحبة ..... ". فهل هو هذا أو غيره؟ فليحقق في ذلك من كان يهمه الأمر. الحديث: 3722 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 3723 - (سيقتل بـ (عذرا) ناس، يغضب الله لهم وأهل السماء) . ضعيف أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (4/ 137/ 1) من طريق يعقوب (وهو ابن سفيان) : حدثني حرملة: أنبأنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة، فقالت: ما حملك على قتل حجر وأصحابه؟! فقال: يا أم المؤمنين! إني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة، وبقاءهم فساداً للأمة، فقالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "رواه ابن المبارك عن ابن لهيعة، فلم يرفعه". ثم ساق إسناده إلى ابن المبارك عن ابن لهيعة: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال: أن معاوية حج، فدخل على عائشة ... الحديث مثله؛ إلا أن فيه أن عائشة قالت: لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء ... الحديث نحوه. قلت: ورجاله ثقات؛ لأن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه العبادلة: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقري، وهذا الحديث من رواية الأولين عنه؛ إلا أن علته الانقطاع بين أبي الأسود - واسمه محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المدني - وعائشة؛ فإنه لم يدرك عائشة؛ فإنه من أتباع التابعين. ومثله: سعيد بن أبي هلال (ووقع في الأصل: بلال) ؛ لم يدركها أيضاً. ولذلك جزم الحافظ في ترجمة حجر بن عدي من "الإصابة" بانقطاع سنده. الحديث: 3723 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 3724 - (سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2/ 311) عن سليمان بن عطاء الجزري: الحديث: 3724 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 حدثني مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة، عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلمة بن عبد الله مجهول. وسليمان بن عطاء؛ ضعيف اتفاقاً، وقال البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 29) : "في حديثه مناكير". وقال الحافظ في "التقريب": "منكر الحديث". والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال: "لا يصح، قال ابن حبان: سليمان بن عطاء يروي عن مسلمة أشياء موضوعة، فلا أدري التخليط منه أو من مسلمة". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" بقوله (2/ 224) : "قلت: سليمان روى له ابن ماجه، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير. وقال الحافظ ابن حجر: لم يتبين لي الحكم على هذا المتن بالوضع؛ فإن مسلمة غير مجروح، وسليمان بن عطاء ضعيف. والله أعلم. وقد روي الحديث من طرق أخرى واهية نحوه كما سبق بيانه برقم (3579) . ثم رواه ابن ماجه بالإسناد المتقدم بلفظ: ما دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى لحم إلا أجاب، ولا أهدي له لحم قط إلا قبله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 3725 - (سيدا كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر، وإن أبا بكر في الجنة مثل الثريا في السماء) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (5/ 307) عن يحيى بن عنبسة المصيصي: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يحيى هذا؛ قال ابن حبان: "دجال وضاع". وقال الدارقطني: "دجال يضع الحديث". لكن الشطر الأول من الحديث صحيح له طرق عدة عن جمع من الصحابة، وقد خرجت طائفة منها في "الأحاديث الصحيحة" (824) . الحديث: 3725 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 3726 - (سيد الأيام يوم الجمعة، وأعظمها عند الله، وأعظم عند الله عز وجل من يوم الفطر ويوم الأضحى، وفيه خمس خصال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئاً إلا آتاه الله تبارك وتعالى إياه ما لم يسأل حراماً، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب، ولا سماء، ولا أرض، ولا رياح، ولا جبال، ولا بحر؛ إلا هن يشفقن من يوم الجمعة) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 430) ، وابن ماجه (1/ 336) ، وأبو نعيم (1/ 336) من طريق زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري، عن أبي لبابة بن عبد المنذر مرفوعاً. الحديث: 3726 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زهير بن محمد - وهو أبو المنذر الخراساني -؛ قال الحافظ: "رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه". قلت: وقد اضطرب في إسناده ومتنه، فرواه مرة هكذا، ومرة قال: عن عبد الله بن محمد، عن عمرو بن شرحبيل: أنبأنا سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، عن جده، عن سعد بن عبادة: أن رجلاً من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير؟ قال: "فيه خمس خلال .... " الحديث. أخرجه أحمد (5/ 284) ، والبزار في "مسنده" (1/ 294/ 615) من طريق أبي عامر: حدثنا زهير عنه. وتابعه إبراهيم بن محمد - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي -: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل به. أخرجه الشافعي (424) : أخبرنا إبراهيم بن محمد به. قلت: لكن إبراهيم هذا متروك. ثم ترجح عندي بعد زمان مديد أن الاضطراب ليس من زهير بن محمد، وذلك؛ لأن الرواة عنه لهذا الحديث ليسوا من الشاميين الذين روايتهم عنه غير مستقيمة، وإنما هو من رواية العراقيين عنه، وهما اثنان: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 الأول: (أبو عامر) ، واسمه عبد الله بن عمرو، وهو العقدي، وهو بصري ثقة. والآخر: (يحيى بن أبي بكير) ، وهو كوفي ثقة. ومن طريقه: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 150) أيضاً، وعنه تلقاه ابن ماجه. وكلاهما روياه عن زهير بإسناده الأول المنتهي إلى أبي لبابة بن عبد المنذر. والأول منهما هو الذي رواه عنه بإسناده الآخر المنتهي إلى سعد بن عبادة. وعلى هذا، فلا مجال لتعصيب الاضطراب بزهير بن محمد، فلا بد من إعادة النظر فيمن فوقه. ففعلت، فوجدت شيخه في الإسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل، فوقفت عنده؛ لأنه متكلم في حفظه، والذي استقر عليه رأي الحفاظ كالبخاري وغيره: أن يحتج بحديثه في مرتبة الحسن، إلا إذا ظهر فيه علة منه أو من غيره. وقد وجدت الإمام البخاري رحمه الله قد أشار إلى علة الحديث بأسلوبه العلمي الدقيق الخاص، وأنها ليست من زهير بن محمد، فقال في ترجمة سعد بن عبادة رضي الله عنه، ساق فيها حديثه هذا في "التاريخ" (2/ 2/ 44) من ثلاثة وجوه: 1- عن سعيد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عمرو بن شرحبيل [بن سعيد] بن سعد، عن أبيه، عن جده سعد بن عبادة. 2- وقال زهير بن محمد: عن ابن عقيل، عن عمرو بن شرحبيل، عن أبيه، عن جده، عن سعيد (1) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.   (1) كذا في الأصل والظاهر (سعد) . كذا في هامش الأصل، وهو الصواب بلا ريب، فقد جاء هكذا على الصواب في الموضع الثاني المشار إليه في الأعلى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 3- وقال عبيد الله بن عمرو: عن ابن عقيل، عن عمرو بن شرحبيل - من ولد سعد -، عن سعد بن عبادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) . ثم أعاد البخاري هذا في ترجمة شرحبيل بن سعد (2/ 2/ 251) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك سكت عنه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 339) ، فلم يذكر فيه شيئاً، وأما ابن حبان؛ فذكره على قاعدته المعروفة في "الثقات" (4/ 364) ، وأشار الذهبي إلى تليين توثيقه، فقال في "الكاشف": "وثق"! وأشار الحافظ إلى تليينه بقوله في "التقريب": "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث عند التفرد، وما ذلك إلا لجهالته عنده. والمقصود أن الإمام البخاري رحمه الله أشار إلى إعلال الحديث، باضطراب ابن عقيل في روايته إياه على هذه الوجوه الثلاثة التي رواها عنه أولئك الثلاثة: سعيد بن سلمة - وهو ابن أبي الحسام - وزهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو - وهو الرقي -، وثلاثتهم ثقات في الجملة، فلا يمكن والحالة هذه نسبة هذا الاختلاف على ابن عقيل إليهم، وبخاصة الرقي منهم؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين، بل هو من ابن عقيل نفسه؛ لما عرفت من الضعف الذي في حفظه. ومن المقرر في علم مصطلح الحديث أن من أنواع الحديث الضعيف: الحديث المضطرب، وذلك؛ لأن تلون الراوي في روايته الحديث إسناداً ومتناً؛ واضطرابه فيه؛ دليل على أنه لم يتقن حفظه، ويحسن ضبطه، وهذا لو كان ثقة، فكيف إذا   (1) وصله الطبراني (6 / 23 / 5376) من طريقين عن عبيد الله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 كان متكلماً في حفظه كابن عقيل هذا؟ فكيف إذا كان اضطرابه شمل المتن أيضاً؟! فإنه لم يذكر في رواية البخاري المتقدمة عن سعيد بن سلمة قوله في آخر الحديث: "ما من ملك مقرب ... " إلخ. وجملة القول؛ أن الحديث قد تفرد بروايته عبد الله بن محمد بن عقيل، واضطرب في إسناده اضطراباً شديداً، وفي متنه. فهو ضعيف بهذا السياق التام، وقد صح نحوه من حديث أبي هريرة؛ دون تلك الزيادة في آخره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (961) ، وساعة الإجابة منه متفق عليها بين الشيخين. هذا؛ وقد كنت حسنت الحديث في بعض تعلقاتي تبعاً للبوصيري في كتابه "الزوائد" ومشياً مع ظاهر إسناده عند ابن ماجه، والآن وقد تيسر لي تحقيق القول في إسناده ومتنه؛ فقد وجب علي بيانه أداءاً للأمانة العلمية، داعياً: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) . 3727 - (سيد الشهور رمضان، وأعظمها حرمة ذو الحجة) . ضعيف رواه أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (40/ 1) ، والبزار (960-كشف) ، والديلمي (2/ 203) وابن عساكر في "التاريخ" (8/ 483/ 2) ، والضياء في "الأحاديث والحكايات" (14/ 145/ 1) عن يزيد بن عبد الملك، عن صفوان ابن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن عبد الملك - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". الحديث: 3727 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 وروي من حديث ابن مسعود مرفوعاً به؛ دون الشطر الثاني، وزاد: "وسيد الأيام يوم الجمعة". أخرجه عبد الغني المقدسي في "فضائل رمضان" (ق 53/ 2) عن عيسى الأصم، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن هبيرة بن يريم عنه. وعيسى الأصم؛ لم أعرفه. وقد خولف في إسناده؛ فقد أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (2/ 8/ 2 و 9/ 1) من طريقين آخرين، عن أبي إسحاق به موقوفاً على ابن مسعود. وكذلك أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 21/ 2) من طريق المسعودي؛ عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: ... فذكره موقوفاً عليه. 3728 - (سيد الناس آدم، وسيد العرب محمد، وسيد الروم صهيب، وسيد الفرس سلمان، وسيد الحبشة بلال، وسيد الجبال طور سيناء، وسيد الشجر السدر، وسيد الأشهر المحرم، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الكلام القرآن، وسيد القرآن البقرة، وسيد البقرة آية الكرسي، أما إن فيها خمس كلمات، في كل كلمة خمسون بركة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 204-205) من طريق ابن السني: حدثنا علي بن محمد بن عامر النهاوندي: حدثنا سليمان بن جذام: حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد القدوس، عن مجالد، عن الشعبي، عن مكحول، عن رجل قال: كنا جلوساً في حلقة عمر، نتذاكر فضائل القرآن إذ قال رجل: خاتمة براءة، الحديث: 3728 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 وقال آخر: خاتمة بني إسرائيل، وقال آخر: خاتمة (كهيعص) ، وقال آخر: خاتمة (يس) و (تبارك) ، وفي القوم علي بن أبي طالب لا يحير جواباً، إذ قال: يا أمير المؤمنين! فأين أنت عن آية الكرسي؟ فقال عمر: يا أبا حسن! حدثنا بما سمعت فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ولوائح الوضع عليه ظاهرة. ومحمد بن عبد القدوس؛ مجهول؛ قاله ابن منده. ومجالد - وهو ابن سعيد، ليس بالقوي. وسليمان بن جذام، والنهاوندي؛ لم أعرفهما. 3729 - (السائحون هم الصائمون) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 335) عن جنيد بن حكيم الدقاق: حدثنا حامد ابن يحيى البلخي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السائحين، فقال: "هم الصائمون". وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، على أنه مما أرسله أكثر أصحاب ابن عيينة، ولم يذكروا أبا هريرة في إسناده"! ووافقه الذهبي! أقول: وليس صحيح الإسناد؛ بله على شرط الشيخين؛ فإن البلخي هذا، وإن كان ثقة؛ فلم يخرج له الشيخان شيئاً. والدقاق؛ قال الدارقطني: "ليس بالقوي". فأنى له الصحة! الحديث: 3729 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 وقد روي من طريق أخرى: أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (17287) ، والعقيلي في "الضعفاء" (113) ، وابن عدي (69/ 2) عن حكيم بن خذام أبي سمير قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال ابن عدي: "لم يرفعه عن الأعمش غير حكيم". كذا قال! وحكيم متروك الحديث؛ كما قال أبو حاتم. وتابعه أبو ربيعة زيد ابن عوف: حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش به مرفوعاً. أخرجه الخطيب في "الموضح" (2/ 58) . لكن زيد بن عوف؛ متروك أيضاً. ثم قال العقيلي: "يروى عن أبي هريرة موقوف". قلت: وصله ابن جرير في "تفسيره" (17288) بسند صحيح عنه موقوفاً، وهو الأصح؛ كما قال السيوطي في "الدر" (4/ 248) . ثم أخرجه هو (17289 و 17290) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 25/ 1) بسند حسن عن ابن مسعود موقوفاً. 3730 - (السباع حرام. يعني المفاخرة بالجماع) . منكر رواه أحمد (3/ 29) ، والعقيلي في "الضعفاء" (130) عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعاً. وقال: "لا يعرف إلا به" يعني دراجاً، وروي عن أحمد أنه قال: "أحاديثه مناكير". الحديث: 3730 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 قلت: وابن لهيعة ضعيف أيضاً، لكن تابعه منصور بن أبي الأسود، عن دراج به. أخرجه الدولابي (2/ 157) ، والحسن بن موسى عند أبي يعلى في "مسنده" (ق 87/ 1و2) وعمرو بن الحارث عند البيهقي (7/ 194) . فالعلة من دراج. (تنبيه) : لفظ الحديث عند الدولابي: "السباع" بالسين المهملة والباء الموحدة. ووقع عند الآخرين بلفظ: "الشياع" بالشين المعجمة والمثناة التحتية. قال في "النهاية": "قال أبو عمر: إنه تصحيف، وهو بالسين المهملة والباء الموحدة. وإن كان محفوظاً؛ فلعله من تسمية الزوجة شاعة". 3731 - (السخاء خلق الله الأعظم) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 219) عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا محمد بن حمزة: حدثنا عمر بن سهل النيسابوري: حدثنا عثمان بن يحيى، عن محمد ابن عبد الملك، عن أبي سليمان الحمصي، عن السفيانين والحمادين، عن عمرو ابن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون السفيانين لم أعرف أحداً منهم، ويخيل إلي أنه إسناد مختلق؛ فإنه لا يوجد في روايات الثقات - فيما أعلم - الجمع بين السفيانين والحمادين في سند واحد. والله أعلم. وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 142) ، وعنه الديلمي من طريق عمران بن عبد الله المجاشعي: حدثنا إبراهيم بن سليمان العبد ي: حدثنا يزيد بن عياض بن جعدبة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمار بن ياسر مرفوعاً به. الحديث: 3731 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 ويزيد بن عياض؛ كذبه مالك وغيره. ومن دونه؛ لم أعرفهما. وأخرجه أبو الحسن بن عبد كويه في "ثلاثة مجالس" (13/ 1) عن الحسن ابن يزيد السواق، عن عبد الله بن عبد الله المجاشعي، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري به. والأيلي هذا؛ قال الحافظ: "ثقة؛ إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ". قلت: لكن من دونه لم أعرفهما أيضاً. 3732 - (السكينة مغنم، وتركها مغرم) . ضعيف جداً أخرجه الإسماعيلي في "المعجم" (33/ 1) ، والديلمي (2/ 220) عن الحاكم معلقاً، عن سفيان بن وكيع: حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سفيان بن وكيع أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "قال أبو زرعة: كان يتهم بالكذب". وقال الحافظ في "التقريب": "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه". الحديث: 3732 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 3733 - (السلام اسم من أسماء الله عظيم، جعله ذمة بين خلقه، فإذا سلم المسلم على المسلم؛ فقد حرم عليه أن يذكره إلا بخير) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 218) عن الحسن بن سعيد الموصلي: حدثنا إبراهيم: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إبراهيم هذا - وهو ابن حيان بن حكيم الأوسي المدني - يروي عن الحمادين: حماد بن زيد وحماد بن سلمة؛ قال ابن عدي: "أحاديثه موضوعة". والحسن بن سعيد؛ ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/ 324-325) وقال: "توفي سنة اثنتين وتسعين ومئتين". ولم يذكر فيه جرحاً. وأعله المناوي بعطاء بن السائب واختلاطه! فلم يصنع شيئاً؛ لأن الآفة ممن دونه كما عرفت. الحديث: 3733 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 3734 - (السلام تحية لملتنا، وأمان لذمتنا) . موضوع رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (16/ 2) عن أبي فروة الرهاوي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا طلحة بن زيد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته طلحة بن زيد - وهو القرشي الدمشقي -؛ قال الحافظ: الحديث: 3734 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 وأبو فروة الرهاوي؛ هو محمد بن يزيد بن سنان بن يزيد؛ وهو ضعيف كأبيه. 3735 - (السلطان العادل المتواضع ظل الله ورمحه في الأرض، ويرفع للوالي العادل المتواضع في كل يوم وليلة عمل ستين صديقاً، كلهم عابد مجتهد) . موضوع رواه الديلمي (2/ 220) عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا الحسن بن علي: حدثنا العباس بن عبد الله: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى: حدثنا سليمان بن رجاء، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي بصيرة العبد ي، عن أبي رجاء العطاردي، عن أبي بكر الصديق مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان بن رجاء مجهول. وأبو بصيرة (1) - كذا في النسخة - ولم أره هكذا في شيء من كتب التراجم، وإنما فيها أبو بصير العبد ي، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 348) جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات". ومع ضعف إسناد الحديث؛ فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة. والله أعلم.   (1) الصواب أنه " أبو نُصَيْرَةَ " بالنون مصغراً؛ انظر: " تبصير المنتبه " (4 / 1421) . (الناشر) . الحديث: 3735 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 3736 - (السنة سنتان: سنة في فريضة، وسنة في غير فريضة، السنة التي في الفريضة أصلها في كتاب الله؛ أخذها هدى وتركها ضلالة، والسنة التي ليس أصلها في كتاب الله؛ الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة) . موضوع هو من حديث أبي هريرة، قال الهيثمي (1/ 172) : الحديث: 3736 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وقال: "لم يروه عن أبي سلمة إلا عيسى بن واقد، تفرد به عبد الله بن الرومي"، ولم أر من ترجمه". قلت: وعلى هامشه ما نصه - وظني أنه من تعليقات الحافظ ابن حجر عليه -: "فائدة: عبد الله هو ابن محمد، ويقال: ابن عمر اليمامي، يعرف بابن الرومي، وثقه أبو حاتم وغيره". قلت: ترجمة هذا في "التهذيب"، وهو من شيوخ مسلم، وفيها أن أبا حاتم قال: "صدوق". ولم أرها في "الجرح والتعديل"، بل فيه (2/ 2/ 157) : "عبد الله بن محمد اليمامي البكري، روى عن آدم بن علي الشيباني. روى عنه عبيد بن إسحاق العطار. سمعت أبي يقول: هو مجهول". قلت: وعيسى بن واقد؛ لم أجد له ترجمة، ولعله الذي أراده الهيثمي بقوله: "لم أر من ترجمه"، لكن قصرت عنه عبارته! وهو ظاهر ما نقله عنه المناوي، فإنه قال: "قال الطبراني: لم يروه عن أبي سلمة إلا عيسى بن واقد. قال الهيثمي: ولم أر من ترجمه". ثم إن الحديث ظواهر الوضع والصنع عليه لائحة، وهو بتعابير الفقهاء أشبه منه بألفاظ النبوة والرسالة. كيف وهو يتضمن القول بأن هناك سنة ليس لها أصل في كتاب الله تعالى، وهو قول مرجوح، يرده قوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه) ! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 3737 - (السنة سنتان: سنة من نبي مرسل، وسنة من إمام عادل) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 222) عن علي بن عبد ة: حدثنا شعبة، عن الحكم بن مقسم، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته علي بن عبد ة، قال الذهبي: "كذاب، قال الدارقطني: كان يضع الحديث". قلت: وهو علي بن الحسن، ويقال: ابن أبي الحسن المكتب. الحديث: 3737 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 3738 - (السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاط القرآن، فتعلموها؛ فإن تعلمها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 226) عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي، عن أبي رافع، عن سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسماعيل هذا، قال الدارقطني: "يضع الحديث". الحديث: 3738 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 3739 - (السيوف أردية المجاهدين) . ضعيف رواه المحاملي في "الأمالي" (8/ رقم42) : أخبرنا عبد الله بن شبيب: أخبرنا ذؤيب بن عمامة السهمي: أخبرنا الوليد بن مسلم: أخبرنا زهير بن محمد، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت مرفوعاً. وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" من هذا الوجه إلا أنه قال: عن الحديث: 3739 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعاً. وهذا سند ضعيف؛ زهير بن محمد - وهو الخراساني - سيىء الحفظ، ونحوه السهمي. وابن شبيب واه. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 29/ 1) عن الأحوص بن حكيم قال: حدثني راشد بن سعد، عن عروة بن الزبير قال: كان يقال: ... فذكره. وعن الربيع، عن الحسن قال: ... فذكره مرفوعاً. وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ الأحوص بن حكيم ضعيف الحفظ. 3740 - (إنكم قد أصبحتم بين أحمر وأخضر وأصفر، فإذا لقيتم عدوكم فقدماً قدماً؛ فإنه ليس أحد يقتل في سبيل الله إلا ابتدرت له ثنتان من الحور العين، فإذا استشهد؛ كان أول قطرة تقع من دمه؛ كفر الله عنه كل ذنب، ويمسحان الغبار عن وجهه، ويقولان: قد آن لك، ويقول هو: قد آن لكما) . ضعيف بهذا السياق أخرجه البزار (ص 183-184/ زوائده) من طريق أبي يحيى التيمي عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن يزيد بن شجرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الهيثمي عقبه: "أبو يحيى التيمي هو إسماعيل بن إبراهيم؛ ضعيف جداً". وقال الحافظ ابن حجر عقبه: "والحديث مرسل كما ترى". الحديث: 3740 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 قلت: كذا في النسخة المصورة، وهي سيئة جداً، ولعل الأصل: "كما سترى"؛ لأنه بعد هذه رواية أخرى من طريق العباس بن الفضل الأنصاري: حدثني القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن الزهري، عن يزيد بن شجرة، عن جدار - رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقينا عدونا، فقام، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "يا أيها الناس! إنكم قد أصبحتم ... " فذكره (1) . وقال عقبه: "والعباس أيضاً ضعيف، وحديثه أولى بالصواب". قلت: فهذا يدل على ما ذكرته من أن الأصل: "كما سترى"، وإلا؛ ففي الرواية الأولى تصريح يزيد بن شجرة بسماعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح السند بذلك إلى يزيد؛ لكان هذا هو الصواب، ولكان قول من جزم بصحبة يزيد بن شجرة هو الراجح، ولكن أنى ذلك وفي الطريق أبو يحيى التيمي؛ وهو ضعيف جداً كما سبق، بل هو كذاب؟!! لكن قد جاء بإسناد آخر خير منه، فقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 146/ 1) : حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد قال: قام يزيد بن شجرة في أصحابه، فقال: إنها قد أصبحت عليكم [وأمست] من بين أخضر وأحمر وأصفر، وفي البيوت ما فيها، فإذا لقيتم العدو غداً؛ فقدماً قدماً؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما تقدم رجل من خطوة إلا تقدم إليه الحور العين، فإن تأخر استترن منه،   (1) ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي عاصم في " الجهاد " (91 / 1) ؛ لكن تصحفت فيه (جدار) إلى (جابر) ! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 وإن استشهد كان ... " الحديث. ففي هذا أيضاً التصريح بسماع يزيد بن شجرة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك أورده عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (65/ 2) من طريق ابن أبي شيبة، لكن يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - سيىء الحفظ؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف، كبر، فتغير، فصار يتلقن". ولذلك؛ لم يحتج به الشيخان، وإنما أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم مقروناً. على أنه قد روي عنه موقوفاً لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزاد في آخره: ثم يكسى مئة حلة ليس من نسخ بني آدم، ولكن من نبت الجنة، لو وضعن بين إصبعين لوسعنه، وكان يقول: نبئت أن السيوف مفاتيح الجنة. قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 294) : "رواه الطبراني من طريقين، رجال أحدهما رجال (الصحيح) ". قلت: وهو كما قال؛ بل هو إسناد صحيح، فانظر "الصحيحة" (2672) . وقد وجدت لآخره شاهداً قوياً مرفوعاً، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2672) ، ولسائره متابع قوي؛ أخرجه الحاكم (3/ 494) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (298-299/ 617) من طريق شعبة، عن منصور: سمع مجاهداً يحدث، عن يزيد بن شجرة الرهاوي وكان من أمراء الشام، وكان معاوية يستعمله على الجيوش، فخطبنا ذات يوم، فقال: ... فذكر الخطبة، وفيها الزيادة التي عند الطبراني دون المرفوعة، وفيه زيادات أخرى ذكر طرفاً منها المنذري في "الترغيب" (2/ 195) . وإسناده صحيح. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 وروى بعضه نعيم بن حماد في "زياداته" على ما رواه المروزي عن ابن المبارك في "الزهد" (رقم 330) قال ابن المبارك: أنبأنا رجل، عن منصور به. 3741 - (شاهد الزور مع العشار في النار) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 229) عن الحسين بن إسحاق العجلي، عن جعفر بن محمد الرقي، عن محمد بن حذيفة الأسدي - وكان ثقة - قال: أقمت على سفيان بن عيينة سنتين، فقال لنا ذات يوم ونحن حوله: اكتبوا: زياد بن علاقة، سمع المغيرة بن شعبة: شاهد الزور ... كذا الأصل، ليس فيه أنه رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون محمد بن حذيفة الأسدي؛ لم أعرفهما، وأحدهما هو القائل عنه: "وكان ثقة"، ولا عبرة بذلك لجهالته، لا سيما وهو مجروح عند الأئمة؛ فقد ضعفه أبو حاتم، وجرحه ابن حبان، وقال: "روى عن سفيان ... (فذكره مرفوعاً وقال:) وهذا باطل، وما سمع زياد بن علاقة هذا، ولا عند سفيان عن زياد سوى أربعة أحاديث معروفة". الحديث: 3741 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 3742 - (شباب أهل الجنة: الحسن، والحسين، وابن عمر، وسعد ابن معاذ، وأبي بن كعب) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 235) عن عمر بن محمد بن الحسن: حدثنا أبي: حدثنا أبو شيبة، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو شيبة اسمه يوسف بن إبراهيم الجوهري الواسطي، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". الحديث: 3742 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 وعمر بن محمد بن الحسن؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه غير معروف؛ فإن أباه محمد بن الحسن - وهو الواسطي المزني - ثقة معروف؛ له ترجمة في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 226) ؛ ومع ذلك فلم يذكر في الرواة عنه ابنه هذا. 3743 - (شرار أمتي من يلي القضاء، إن اشتبه عليه لم يشاور، وإن أصاب بطر، وإن غضب عنف، وكاتب السوء كالعامل به) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 230) عن عبد الله بن أبان، عن هاشم بن محمد، عن عمر بن أبي بكر، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمر بن أبي بكر - وهو الموصلي العدوي -؛ ضعفه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "متروك، ذاهب الحديث". وهاشم بن محمد وهو الربعي؛ قال العقيلي: "لا يتابع على حديثه". وقال ابن حبان في "الثقات": "ربما أخطأ". وعبد الله بن أبان وهو الثقفي؛ لا يعرف؛ كما قال الذهبي. الحديث: 3743 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 3744 - (شر البيت الحمام، تعلو فيه الأصوات، وتكشف فيه العورات. فقال رجل: يا رسول الله! يداوى فيه المريض، ويذهب فيه الوسخ، فقال: فمن دخله؛ فلا يدخل إلا مستتراً) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 103/ 1) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: أخبرنا الصلت بن مسعود الجحدري: حدثنا يحيى بن عثمان التيمي، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير يحيى بن عثمان التيمي؛ فهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد صح مختصراً بلفظ: "اتقوا بيتاً يقال له الحمام ... ". وهو مخرج في "إرواء الغليل" (2649) ، و "تخريج الكلم الطيب" (ص 128) . الحديث: 3744 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 3745 - (شوبوا شيبكم بالحناء؛ فإنه أسرى لوجوهكم، وأطيب لأفواهكم، وأكثر لجماعكم، الحناء سيد ريحان أهل الجنة، الحناء يفصل ما بين الكفر والإيمان) . ضعيف رواه ابن عساكر (2/ 207/ 2 و 228/ 1-2 و 10/ 18/ 1-2) عن عبد السلام بن العباس بن الزبير: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن [بن عبد الله] الدمشقي: أخبرنا إبراهيم بن أيوب الدمشقي - وكان رجلاً صالحاً -، عن إبراهيم بن عبد الحميد الجرشي، عن أبي عبد الملك الأزدي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أبو عبد الملك الأزدي؛ لم أجد من ذكره، وقد راجعت له كتاب "الثقات" لابن حبان، فلم يذكره، ومثله عبد السلام هذا، لم أجد من ترجمه، وكذا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي، لكن لا يبعد أن يكونه الذي في "الميزان" و "لسانه": "عبد الرحمن بن عبد الله بن ربيعة الدمشقي عن معروف الخياط، قال ابن معين: لا أعرفه"، وقد ساق في ترجمته هذا الحديث، ولم يزد! الحديث: 3745 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 وأما إبراهيم بن أيوب الدمشقي؛ فقال أبو حاتم: "لا أعرفه". وضعفه غيره. وبالجملة؛ فهو سند مسلسل بمن لا يعرف غير إبراهيم بن عبد الحميد؛ فقال أبو زرعة: "ما به بأس". كما رواه ابن عساكر عنه، وفي ترجمته روى هذا الحديث، ومن روايته أورده السيوطي في "الجامع"، وقال المناوي: "وفيه من لا يعرف". (تنبيه) : "شربوا"، كذا في نسختنا بالراء، وفي "اللآلي" (2/ 270-271) من طريق ابن عساكر هذه "شوبوا" بالواو، وكذلك أورده في "الجامع الصغير"، فالظاهر أنه كذلك في بعض نسخ "التاريخ". وأخرجه ابن الضريس في "الثالث من حديثه" (157/ 1) ، والديلمي (2/ 227) ، وابن عساكر (2/ 96/ 2) عن أبي عبد الله أحمد بن محمد عبد الرحمن الكناني الخولاني: حدثني أبي، عن جدي، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به. وقال ابن عساكر: "هذا حديث منكر". أورده في ترجمة الكناني هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما أبوه وجده؛ فلم أعرفهما، فهو إسناد مظلم. والحديثان أوردهما السيوطي في "اللآلي" (2/ 270 و 271) ، ولم يتكلم على إسنادهما. وقال المناوي في شرح حديث أنس من "الجامع": "وفيه من لا يعرف". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 3746 - (شعبان شهري، ورمضان شهر الله، وشعبان المطهر، ورمضان المكفر) . ضعيف جداً رواه الديلمي (2/ 233-234) عن هشام بن خالد: حدثنا الحسن بن يحيى الخشني، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الخشني هذا متروك، كما مضى مراراً، وتقدمت له بعض الأحاديث الموضوعة التي يستدل بها على حاله، فانظر الحديث (200 و 201) ، ويبدو لي أن هذا من موضوعاته. الحديث: 3746 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 3747 - (شفاعتي لأمتي: من أحب أهل بيتي، وهم شيعتي) . ضعيف أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 146) من طريق القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده محمد بن عمر، عن أبيه عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ قال الخطيب في ترجمة القاسم بن جعفر هذا من "التاريخ" (12/ 443) : "حدث عن أبيه عن جده عن آبائه نسخة أكثرها مناكير". الحديث: 3747 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 3748 - (شهادة المسلمين بعضهم على بعض جائزة، ولا تجوز شهادة العلماء بعضهم على بعض؛ لأنهم حسد) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 228) عن أبي إسحاق الطالقاني: حدثنا الحديث: 3748 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 عبد الملك بن أبي جامع الغنوي، عن أبي هارون الغنوي، عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الحاكم بإسناده، عن أبي إسحاق الطالقاني به وقال: "قال الحاكم: ليس هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده فاسد من أوجه كثيرة يطول شرحها. قال المؤلف: منها أن في إسناده مجاهيل وضعفاء منهم أبو هارون". قلت: يعني العبد ي، وهو متروك. لكن وقع في "الديلمي" (الغنوي) كما ترى، فإن كان محفوظاً فالعهدة على من دونه؛ لأنه ثقة واسمه: إبراهيم بن العلاء، أخرج له البخاري. 3749 - (شيئان لا أذكر فيهما: الذبيحة والعطاس، هما مخلصان لله تبارك وتعالى) . موضوع رواه الديلمي (2/ 235) من طريق ابن لال بسنده، عن المنهال بن بحر: حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته نهشل - وهو ابن سعيد الورداني -؛ قال الحافظ: "متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه". والحسن بن أبي جعفر - وهو الحفري -؛ ضعيف الحديث مع عبادته وفضله. والمنهال بن بحر؛ مختلف فيه، فقال العقيلي: الحديث: 3749 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 "في حديثه نظر". وأشار ابن عدي إلى تليينه. وقال أبو حاتم: "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات". 3750 - (شيطان الردهة يحتدره رجل من بجيلة؛ يقال له: الأشهب أو ابن الأشهب، راع للخيل، علامة سوء في قوم ظلمة) . منكر أخرجه الحاكم (4/ 521) ، وأحمد (1/ 179) ، والحميدي (1/ 39/ 74) ، وعنه الفسوي في "المعرفة" (3/ 315) ، وأبو يعلى (1/ 225) ، وابن أبي عاصم (2/ 448/ 920) ، والبزار (2/ 361/ 1854) من طريق العلاء بن أبي العباس - وكان شيعياً -، عن أبي الطفيل، عن بكر بن قرواش: سمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: ما أبعده من الصحة وأنكره؟! ". قلت: وعلته بكر هذا؛ قال في "الميزان": "لا يعرف، والحديث منكر". يعني هذا، وأقره الحافظ في "اللسان". (تنبيه) : سياق الحديث للحاكم، لكن فيه أخطاء صححتها من "الجامع الصغير"، وسياقه عند أبي يعلى مختصر، وعند أحمد مختصر جداً. وقال الهيثمي (6/ 234) : "رواه أبو يعلى، وأحمد باختصار، والبزار، ورجاله ثقات". الحديث: 3750 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 وقال في مكان آخر (10/ 73) : "رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات، وفي بكر بن قرواش خلاف لا يضر". وأقول: لا داعي لتخصيص رجال أحمد بالتوثيق؛ فإن رجال الآخرين كذلك. ولكن إطلاق التوثيق على جميع الرجال فيه نظر؛ فإن بكر بن قرواش لم يوثقه غير ابن حبان (4/ 75) ، والعجلي فقال (85/ 163-تاريخ الثقات) : "تابعي من كبار التابعين من أصحاب علي، وكان له فقه، ثقة". وهذا التوثيق من تساهلهما المعروف، ولذلك لم يلتفت إليه الحفاظ المتأخرون كالذهبي والعسقلاني، يضاف إلى ذلك تضعيف العقيلي إياه بذكره في كتاب "الضعفاء" (1/ 151) وقوله في حديثه هذا: "لا يعرف إلا عن بكر بن قرواش". وحكى نحوه عن البخاري، عن علي بن المديني. وكذلك قال ابن عدي في "الكامل" (2/ 29) . وهؤلاء هم الذين عناهم الهيثمي بقوله: "وفي بكر خلاف لا يضر"، فهو مردود. 3751 - (الشاة بركة، والبئر بركة، والتنور بركة، والقداحة بركة) . موضوع أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/ 496) عن أحمد بن نصر الذارع: حدثنا أبو علي زفر بن وهب بن عطاء الأصبهاني: حدثنا محمد بن حرب النشائي قال: حدثنا داود بن محبر: حدثنا صغدي بن سنان أبو معاوية البصري، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. الحديث: 3751 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 قلت: وهذا موضوع؛ فيه آفات: الأولى: صغدي بن سنان؛ قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث". وقال ابن معين: "ليس بشيء". الثانية: داود بن المحبر؛ وضاع معروف. الثالثة: زفر بن وهب؛ أورده الخطيب في ترجمته، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول. الرابعة: أحمد بن نصر الذارع؛ قال الخطيب: "ليس بحجة". وفي "الميزان": "أتى بمناكير تدل على أنه ليس بثقة، قال الدارقطني: دجال". ثم ذكر له حديثين من أباطيله. ولذلك قال المناوي بعد أن ذكر نحو ما تقدم؛ منتقداً السيوطي في إيراده الحديث: "وبه يعرف أن سند الحديث عدم". قلت: وللجملة الأولى منه متابع من طريق عنبسة بن عبد الرحمن قال: حدثنا صغدي بن عبد الله، عن قتادة به. أخرجه العقيلي (ص 192) في ترجمة صغدي بن عبد الله هذا؛ وقال: "حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به". يعني هذا، ثم قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 "وفيه رواية من غير الوجه فيها لين". قلت: لعله يشير إلى ما أخرجه هو (ص 29) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (573) من طريق إسماعيل بن سلمان، عن أبي عمر البزار، عن محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً بلفظ: "الشاة في البيت بركة، والشاتان بركتان، والثلاث بركات". أورده العقيلي في ترجمة إسماعيل بن سلمان هذا، وهو الأزرق، وقال: "قال ابن معين: ليس بشيء". وفي "الميزان": "قال ابن نمير والنسائي: متروك". (تنبيه) : هذا الحديث أعله المناوي بأن "فيه صغدي بن عبد الله، قال في "الميزان": له حديث منكر. قال العقيلي: لا يعرف إلا به، ومتنه: الشاة بركة.. ثم ساقه إلى آخر ما هنا". قلت: وهذا وهم فاحش! فإن صغدي بن عبد الله ليس له ذكر في إسناد حديث علي هذا، وإنما هو في حديث أنس الذي قبله، ومتنه: "الشاة بركة" فقط، ليس فيه ما بعده كما رأيت!! 3752 - (الشاة من دواب الجنة) . ضعيف جداً رواه ابن ماجه (2306) ، وابن عدي (152/ 2) عن زربي، عن ابن سيرين، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال ابن عدي: "زربي؛ أحاديثه وبعض متون أحاديثه؛ منكرة". الحديث: 3752 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 قلت: وقال ابن حبان: "منكر الحديث على قلته"، وضعفه البخاري جداً، فقال: "فيه نظر". 3753 - (الشام صفوة الله من بلاده، إليها يجتبي صفوته من عباده، فمن خرج من الشام إلى غيرها؛ فبسخطه، ومن دخلها من غيرها؛ فبرحمة) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 509) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/ 107) من طريق الطبراني - وهذا لفظه - عن أبي عائذ عفير بن معدان: أنه سمع سليم بن عامر الكلاعي يحدث، عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: كلا، وعفير هالك". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 59) : "رواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان، وهو ضعيف". وفي رواية له عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ: "صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعباده، وليدخلن الجنة منكم من أمتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب". قال الهيثمي: "وفيه عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي، وهو ضعيف". الحديث: 3753 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 قلت: وأخرجه ابن عساكر، عن الطبراني أيضاً عنه، عن القاسم، عن أبي أمامة به. 3754 - (الشاهد: يوم عرفة ويوم جمعة، والمشهود: هو الموعود يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 519) ، وعنه البيهقي (3/ 170) من طريق شعبة قال: سمعت علي بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان، عن عمار مولى بني هاشم، عن أبي هريرة - أما علي فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما يونس فلم يعد أبا هريرة - في هذه الآية (وشاهد ومشهود) [البروج: 3] قال: ... فذكره. وقال الحاكم: "حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وهو موقوف. وأما علي بن زيد فقد رفعه كما رأيت، لكنه ضعيف لا يحتج به، لا سيما إذا خالف الثقة يونس بن عبيد. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ آخر مخالف للفظ الترجمة، وهو الأرجح؛ لأن له شاهداً من حديث أبي مالك الأشعري كما خرجته في "الصحيحة" (1502) . الحديث: 3754 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 3755 - (الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله؟ قال الله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) [آل عمران: 31] . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (2/ 290) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 368) الحديث: 3755 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 عن عبد الأعلى بن أعين، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: عبد الأعلى؛ قال الدارقطني: ليس بثقة". وقال في "الكاشف": "واه". ومن طريقه: أخرجه العقيلي أيضاً في "الضعفاء" (453) ، وقال: "جاء بأحاديث منكرة، ليس منها شيء محفوظ". قلت: لكن لشطره الأول بعض الشواهد؛ فروى حسان بن عباد البصري قال: حدثني أبي، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز وعكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: "الشرك أخفى في أمتي من دبيب الذر على الصفا، وليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة". أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 36-37 و 114) ، وقال: "تفرد به عباد البصري، وعنه ابنه حسان". قلت: لم أجد له ترجمة. وأما أبوه عباد؛ فهو ابن صهيب البصري؛ أحد المتروكين، مترجم في "الميزان" و "اللسان". وله شاهد آخر من حديث أبي موسى الأشعري، مخرج في "الترغيب" (1/ 39) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 وآخر من حديث أبي بكر الصديق نحوه. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (716) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (381) ، وابن بطة في "الإبانة" (6/ 53/ 2) عن ليث بن أبي سليم، قال البخاري في روايته عنه: أخبرني رجل من أهل البصرة قال: سمعت معقل بن يسار - ولم يذكر ابن بطة الرجل البصري - وقال ابن السني: عن أبي مجلز، عن حذيفة، كلهم - عن أبي بكر الصديق. وليث ضعيف مختلط، وقد اختلف عليه في إسناده كما ترى. وأخرجه أبو يعلى (1/ 20-21) من طرق أخرى عنه، عن أبي محمد - ولعله مصحف من أبي مجلز -، عن حذيفة به. وجملة القول؛ أن الشطر الأول من الحديث صحيح لهذه الشواهد والطرق، وسائره ضعيف لخلوه من الشاهد. والله أعلم. ثم وجدت لحديث أبي بكر طريقاً أخرى؛ يرويه شيبان بن فروخ: حدثنا يحيى ابن كثير، عن سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عنه. أخرجه أبو نعيم (7/ 112) ، وقال: "تفرد به عن الثوري يحيى بن كثير". قلت: وهو أبو النضر البصري؛ ضعيف. 3756 - (الشرود يرد. يعني البعير الشرود) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (6135) ، والدارقطني (ص 298-299) ، والبيهقي الحديث: 3756 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 (5/ 322-323) من طرق عن عبد السلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن عجلان هذا قال أبو حاتم: "يكتب حديثه". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "يخطىء ويخالف". ونقل المناوي عن ابن حجر أنه قال فيه: "ضعيف". 3757 - (الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من كل داء، أدناها الهم) . موضوع أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (322/ 2) ، والديلمي (2/ 236) عن محمد بن إسحاق العكاشي: حدثنا الأوزاعي، عن مكحول (زاد الأول: والقاسم بن مخيمرة وعبد الله بن أبي لبابة وحسان بن عطية جميعاً) ، عن أبي أمامة وعبد الله بن عمر وجماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العكاشي هذا، وهو محمد بن الحسن العكاشي؛ وهو ممن يضع الحديث على الثقات كما قال ابن حبان. وقوله في الإسناد: ابن إسحاق. لعله تحريف من النساخ، أو أن إسحاق أحد أجداده. والله أعلم. الحديث: 3757 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 3758 - (الحلف حنث أو ندم) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 303) عن بشار بن كدام السلمي، عن محمد ابن زيد، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: الحديث: 3758 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 "قد كنت أحسب برهة من دهري بشار هذا أخو مسعر، فلم أقف عليه، وهذا الكلام صحيح من قول ابن عمر". ثم ساق إسناده إلى عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إنما اليمين مأثمة أو مندمة". قلت: إسناد المرفوع ضعيف؛ لأن بشار بن كدام ضعيف؛ كما قال أبو زرعة، وتبعه الحافظ في "التقريب". 3759 - (الشفق: الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة) . ضعيف أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 100) ، والبيهقي (1/ 373) ، والديلمي (2/ 141) من طريق عتيق بن يعقوب: حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال الدارقطني في كتابه "غرائب مالك" - كما في "نصب الراية" - (1/ 233) : "حديث غريب، ورواته كلهم ثقات". قلت: وعتيق هذا؛ ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 46) ، وقال: "سمعت أبا زرعة يقول: بلغني أن عتيق الزبيري حفظ "الموطأ" في حياة مالك". ولم ذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأورده الذهبي في "الميزان"، وذكر توثيق الدارقطني إياه وبلاغ أبي زرعة. وزاد عليه ابن حجر في "اللسان" أن ابن حبان ذكره في الطبقة الرابعة من "الثقات"، وأن الدارقطني في "الرواة عن مالك" وهمه في حديث آخر رواه عن مالك. الحديث: 3759 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 ويتخلص عندي أن الرجل ثقة له أوهام، فلا يحتج به إذا خالفه من هو أحفظ منه، وقد خولف في رفعه كما يأتي، وتابعه من هو مثله أو دونه؛ فقد أخرجه الحافظ ابن عساكر من طريق أبي حذافة: حدثنا مالك به. وقال: "وقد رواه عتيق بن يعقوب عن مالك، وكلاهما غريب، وحديث عتيق أمثل إسناداً". قال الحافظ في "التلخيص" (65) : "وقد ذكر الحاكم في "المدخل" حديث أبي حذافة، وجعله مثالاً لما رفعه المجروحون من الموقوفات". قلت: يشير إلى تجريح أبي حذافة - واسمه أحمد بن إسماعيل السهمي -، وقد ضعفه غير واحد، وقال ابن خزيمة: "كنت أحدث عنه، إلى أن عرض علي من روايته عن مالك ما أنكره قلبي، فتركته". وقال ابن عدي: "حدث عن مالك وغيره بالأباطيل". أما المخالفة التي أشرنا إليها؛ فهي أن عبيد الله بن عمر رواه، عن نافع، عن ابن عمر قال: "الشفق: الحمرة". رواه البيهقي. وتابعه العمري عن نافع به. أخرجه الدارقطني. ولا شك أن هذا أصح إسناداً من المرفوع، ولذلك قال البيهقي عقبه: "والصحيح موقوف". قال: "وكذلك رواه عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر موقوفاً". ثم رواه بسنده عن ابن عباس مثله موقوفاً، وقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 234 "وروينا عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم قالوا: الشفق الحمرة". لكن ذكر الحافظ أن ابن خزيمة أخرجه من طريق أخرى عن محمد بن يزيد - وهو الواسطي -، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو رفعه: "ووقت صلاة المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق" الحديث. قال ابن خزيمة: "إن صحت هذه اللفظة، تفرد بها محمد بن يزيد، وإنما قال أصحاب شعبة فيه: (فور الشفق) مكان: (حمرة الشفق) . قلت: محمد بن يزيد صدوق". قلت: وهو في "صحيح مسلم" (2/ 104) من طريق معاذ العنبري، عن شعبة بلفظ: "ثور الشفق". ورواه أحمد (6993) : حدثنا يحيى بن أبي بكير: حدثنا شعبة به؛ بلفظ: "نور الشفق". وهو عند مسلم من هذا الوجه، لكنه لم يسق لفظه. وقد تابعه همام، عن قتادة به؛ بلفظ: "ما لم يغب الشفق". أخرجه مسلم، وأحمد (6966 و 7077) وغيرهما. ويبدو مما سبق أن قوله في حديث ابن عمرو: "حمرة الشفق" وهم من محمد ابن يزيد الواسطي، لكن الظاهر أنه وهم لفظي؛ إذ أنه في معنى اللفظين الآخرين: "ثور الشفق" و: "نور الشفق"، ولا يكون ذلك إلا في حمرة الشفق؛ ضرورة أن الشفق لغة: هو الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء الآخرة أو إلى قريبها، أو إلى قريب العتمة، ولذلك أجاب العلامة الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 175) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 على تضعيف البيهقي رفع الحديث بقوله: "قلت: البحث لغوي، والمرجع فيه إلى أهل اللغة، وابن عمر من أهل اللغة وقح العرب؛ فكلامه حجة، وإن كان موقوفاً عليه". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف المبنى صحيح المعنى. والله أعلم. 3760 - (الشقي كل الشقي: من أدركته الساعة حياً لم يمت) . موضوع رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (23/ 2) عن هاشم بن القاسم الحراني قال: أخبرنا يعلى بن الأشدق بن جراد بن معاوية العقيلي - ويكنى بأبي الهيثم -، عن عمه عبد الله بن جراد مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يعلى بن الأشدق. قال الحافظ في ترجمة الحراني المذكور من "التقريب": "صدوق تغير، وله سماع من يعلى بن الأشدق؛ ذاك المتروك الذي ادعى أنه لقي الصحابة". وقال ابن حبان: "وضعوا له أحاديث، فحدث بها ولم يدر، وقال أبو زرعة: ليس بشيء، لا يصدق". الحديث: 3760 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 3761 - (الشمس والقمر وجوههما إلى العرش، وأقفاؤهما إلى النار) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 237-238) من طريق الطبراني: حدثنا العباس بن الفضل: حدثنا سعيد بن سليمان النشيطي: حدثنا شداد بن سعيد الحديث: 3761 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ آفته النشيطي هذا؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 26) : "قال أبي: لا نرضاه، وفيه نظر. وقال أبو زرعة: نسأل الله السلامة! فقلت: هو صدوق؟ قال: نسأل الله السلامة! وحرك رأسه وقال: ليس بالقوي". وقال أبو داود: "لا أحدث عنه". ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف. وأما قول الذهبي في ترجمته من "الميزان": "صويلح"؛ ففيه بعد. وأقرب منه إلى الصواب قوله في "الضعفاء": "ليس بالقوي". ونقل المناوي عنه أنه قال فيه: "ضعيف". وفي "الضعفاء" له: "ضعفوه". والعباس بن الفضل؛ قال المناوي: "فإن كان الموصلي؛ فقد قال ابن معين: ليس بثقة، وإن كان الأزرق البصري؛ فقد قال البخاري: ذهب حديثه. وقد أوردهما الذهبي معاً في (الضعفاء) ". قلت: ليس هو أحد هذين؛ إنما هو العباس بن الفضل الأسفاطي؛ فقد أورده الحافظ في الرواة عن النشيطي في "التهذيب". وأورده ابن الأثير في "اللباب" الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 (1/ 43) وقال: "سمع أبا الوليد الطيالسي وعلي بن المديني وغيرهما. روى عنه أبو القاسم الطبراني". قلت: وروى عنه - أيضاً - أحمد بن عبيد؛ كما في "سنن البيهقي" (5/ 75) ، وروى الطبراني له حديثاً في "المعجم الصغير" (ص 194) ، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو توثيق، فهو من شيوخ الطبراني المستورين. 3762 - (الشفعاء خمسة: القرآن، والرحم، والأمانة، ونبيكم، وأهل بيته) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 237) ، ومحمد بن حمزة الفقيه في "أحاديثه" (216/ 2) عن أبي بكر أحمد بن علي بن إسماعيل الناقد: حدثنا معاذ بن المثنى: حدثنا مسدد: حدثنا عبد الله بن داود، عن مسعر، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أحمد بن علي بن إسماعيل هذا؛ لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر. ومن فوقه ثقات، وأعله المناوي بعبد الله بن داود وشيخه! فلم يصنع شيئاً؛ فإنهما ثقتان من رجال البخاري. الحديث: 3762 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 3763 - ( ..................................... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين. . . "، وهو الآتي برقم (3779) ، فحذفناه من هنا لتكراره. (الناشر) . الحديث: 3763 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 3764 - (خدمتك زوجك صدقة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 133) عن محمد بن عبد الوهاب الدعلجي: حدثنا عبد الله بن إبراهيم: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن صفوان بن سليم، عن نافع، عن ابن عمر قال: قالت امرأة: ليس لي مال أتصدق، ولا أخرج من بيت زوجي، فأعين الناس في حوائجهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن مسلم الطائفي قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وعبد الله بن إبراهيم؛ لم أعرفه، ويحتمل أنه الغفاري المدني، وهو متهم. ومحمد بن عبد الوهاب الدعلجي؛ الظاهر أنه الذي في "اللسان": "محمد بن عبد الوهاب الجاري من أهل بغداد. يروي عن محمد بن مسلم الطائفي. وعنه أبو القاسم البغوي وغيره. ربما أخطأ؛ قاله ابن حبان (الثقات) ". الحديث: 3764 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 3765 - (ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك الموكل بإحصاء ذنوبه ثلاث ساعات، فإن استغفر الله من ذنبه ذلك في شيء من تلك الساعات؛ لم يوقفه عليه، ولم يعذب يوم القيامة) . موضوع أخرجه الحاكم (4/ 262) عن سعيد بن سنان: حدثتني أم الشعثاء، عن أم عصمة العوضية - وكانت قد أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"! ووافقه الذهبي! الحديث: 3765 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 قلت: وهو عجيب منه؛ فإن سعيد بن سنان هذا - وهو أبو مهدي الحمصي - أورده الذهبي نفسه في "الضعفاء والمتروكين"، وقال: "هالك"! وقال الحافظ: "متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع". وقد ثبت الحديث بلفظ: "إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطىء ... " بنحوه من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - فانظر "الصحيحة" (1209) . 3766 - (الشيخ في بيته كالنبي في قومه) . موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين": حدثنا علي بن أحمد ابن حاتم القرشي: حدثنا عثمان بن محمد بن حشيش القيرواني: حدثنا عبد الله بن عمر بن غانم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به. أورده في ترجمة ابن غانم هذا، وقال: "يروي عن مالك ما لم يحدث به مالك قط، لا يحل ذكر حديثه والرواية عنه في الكتب إلا على سبيل الاعتبار". قلت: وقد تعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 154) بأن ابن غانم هذا مستقيم الحديث؛ كما قال الذهبي في "الكاشف"، وبأنه ورد من حديث أبي رافع. قلت: أما ابن غانم؛ فيبدو من ترجمته في "التهذيب" أنه رجل فاضل ثقة، وأن من ضعفه كابن حبان، ومن جهله كأبي حاتم؛ لم يعرفه. ولذلك قال الحافظ في "التهذيب" عقب الحديث: الحديث: 3766 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 "وهذا موضوع، ولعل ابن حبان ما عرف هذا الرجل؛ لأنه جليل القدر ثقة، لا ريب فيه، ولعل البلاء في الأحاديث التي أنكرها ابن حبان ممن هو دونه". وقال الذهبي في "الميزان" عقب الحديث: "قلت: لعل الآفة من عثمان صاحبه". قلت: وهو الذي أجزم به؛ فإن عثمان هذا؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال؛ اللهم إلا في "اللسان"؛ فقد استدركه على "الميزان"، ولكنه لم يزد في ترجمته على قوله: "له ذكر في ترجمة عبد الله بن محمد بن غانم". يعني من "الميزان"، ولم يذكر الذهبي فيه غير ما نقلته عنه آنفاً من أن الآفة من عثمان. فهذا كله يشعر بأن الرجل غير معروف عندهم، وإلا؛ لذكروا شيئاً من أحواله، فالعجب أن لا يحمل عليه في هذا الحديث، وتعصب الآفة بشيخه. على أن القرشي شيخ ابن حبان لم أجد له ترجمة أيضاً، لكن يغلب على الظن أنه معروف لديه؛ فإنه بشيوخه هو أعرف بهم من غيرهم. وأما حديث أبي رافع؛ فهو: "الشيخ في أهله، كالنبي في أمته". أخرجه الديلمي (2/ 237) معلقاً على أبي عبد الرحمن السلمي بسنده، عن محمد بن عبد الملك الكوفي: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن رافع ابن أبي رافع، عن أبيه مرفوعاً. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 قلت: وهذا موضوع أيضاً؛ آفته محمد بن عبد الملك هذا؛ وهو القناطيري، قال الذهبي في "الميزان": "روى حديثاً باطلاً (فذكر هذا) ساقه ابن عساكر في "معجمه" وقال: قيل له القناطيري؛ لأنه كان يكذب قناطير". ونقل ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 208) عن الحافظ العراقي أنه قال في "تخريج الإحياء": "إسناده ضعيف". ثم قال ابن عراق: "كذا في "التخريج الصغير"، لكنه قال في "الكبير": فيه محمد بن عبد الملك القناطيري ... "، ثم ذكر ما تقدم عن الذهبي. وأخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 95-96) معلقاً من طريق الخليلي الحافظ في "مشيخته" بإسناد آخر، عن محمد بن عبد الملك الكوفي به. 3767 - (الشيطان يهم بالواحد والاثنين، فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم) . ضعيف أخرجه البزار (رقم1698) ، وعنه الديلمي (2/ 238) من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن الأصم: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته عبد العزيز هذا، قال الذهبي: "فيه جهالة". وأعله الهيثمي (2585) بابن أبي الزناد وحده فقصر. وقال البزار: الحديث: 3767 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 "حديث ابن حرملة لا نعلم رواه إلا ابن أبي الزناد، ولم نسمعه بهذا الإسناد إلا من ابن أبي الحنين، وقد رواه غير ابن أبي الزناد عن ابن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده". قلت: وهذا هو الصواب؛ فإنه رواه مالك عن ابن حرملة به نحوه، وهو مخرج في "الصحيحة" (62) ، و "صحيح أبي داود" (2346) . 3768 - (صبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم للأجر) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (10/ 87/ 2-88/ 1) عن منصور بن عبد الله الخالدي: أنبأ عثمان بن أحمد بن يزيد الدقاق: حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود المخرمي: حدثنا شبابة بن سوار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن أبي بكر الصديق، عن بلال مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخالدي هذا؛ فإنه كذاب كما في "الميزان" عن أبي سعيد الإدريسي. ومن فوقه ثقات. والمحفوظ إنما هو من رواية أيوب بن سيار، عن ابن المنكدر به، ولفظه: "أسفروا بالفجر ... ". والباقي مثله. أخرجه البزار (ص 43) ، وقال: "وأيوب ضعيف". ومن طريقه: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 51/ 2) بلفظ: "يا بلال! أصبحوا بالصبح ... ". الحديث: 3768 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 وهو بلفظ الإسفار صحيح لغيره؛ فإنه جاء من حديث أبي رافع وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (258) ، و "المشكاة" (614) . 3769 - (صالح المؤمنين: أبو بكر وعمر) . موضوع رواه الطبراني (3/ 79/ 2) ، وأبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في "جزء من فوائده" (2/ 2) ، والواحدي في "تفسيره" (4/ 153/ 1) عن عبد الرحيم ابن زيد العمي، عن أبيه، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) [التحريم: 4] قال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العمي هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "كذبه ابن معين". وقد سرق هذا الحديث بعض الكذابين الآخرين، ولكنه خصه بعلي بن أبي طالب! أخرجه ابن أبي حاتم، وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده ضعيف، وهو منكر جداً". الحديث: 3769 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 3770 - (صفتي أحمد المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، يجزي بالحسنة الحسنة، ولا يكافىء بالسيئة، مولده بمكة، ومهاجره طيبة، وأمته الحمادون، يأتزرون على أنصافهم، ويوضؤون أطرافهم، أناجيلهم في صدورهم، يصفون للصلاة كما يصفون للقتال، قربانهم الذي يتقربون به إلي دعاؤهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 61-62) عن إسماعيل بن عبد الحميد بن الحديث: 3770 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 عبد الرحمن بن فروة: أخبرنا أبي، عن أبي هارون (اسمه مروان) ، أن سنان بن الحارث حدثه، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سنان بن الحارث ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 254) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال. وذكره ابن حبان في "الثقات". ومن دونه؛ لم أعرفهم. 3771 - (صغروا الخبز، وأكثروا عدده؛ يبارك لكم فيه) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 247) من طريق أبي بكر الإسماعيلي، - وهو في "المعجم" (69/ 2) -، والأزدي في "الضعفاء والمتروكين" من طريقين، عن عبد الله بن إبراهيم: حدثنا جابر بن سليم الأنصاري، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الأزدي، وقال: "موضوع؛ جابر بن سليم منكر الحديث". وتعقبه السيوطي في "اللآلي المصنوعة" (2/ 216) بما في "لسان الميزان" في ترجمة جابر هذا: "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: سمعت منه، وهو شيخ ثقة مدني حسن الهيئة. (قال:) وهذا الخبر منكر لا شك فيه، وقد أخرجه الإسماعيلي في "معجمه" من هذا الوجه، فلعل الآفة ممن دونه". الحديث: 3771 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 245 قلت: غالب الظن أنها من قبل عبد الله بن إبراهيم، وأنه أبو محمد الغفاري المدني، وهو متروك؛ نسبه ابن حبان إلى الوضع، كما في "التقريب". ثم ذكر له السيوطي شاهداً من حديث أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ: "قوتوا طعامكم؛ يبارك لكم فيه". أخرجه البزار (ص 161) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب عنه، وقال: "قال إبراهيم (يعني ابن عبد الله، شيخه) : سمعت بعض أهل العلم يفسره يقول: هو تصغير الأرغفة". وقال البزار: "لا نعلم يروى متصلاً إلا بهذا الإسناد، وإسناده حسن من أسانيد أهل الشام". قلت: كذا قال! وفيه تساهل لا يخفى؛ فإن أبا بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط، وبقية بن الوليد؛ مدلس وقد عنعن. وقال الهيثمي (5/ 35) : "رواه البزار والطبراني، وفيه أبو بكر بن أبي مريم، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات". كذا قال! وبقية معروف الحال كما ذكرنا، فلعله عند الطبراني من غير طريقه. والتفسير الذي حكاه إبراهيم عن بعض أهل العلم ذكره ابن الأثير عن الأوزاعي. ثم قال: "وقال غيره: هو مثل قوله: كيلوا طعامكم". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 3772 - (صفوا كما تصف الملائكة عند ربهم، قالوا: يا رسول الله! كيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يقيمون الصفوف، ويجمعون مناكبهم) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 32/ 1) : حدثنا موسى: حدثنا حاتم: حدثنا سعيد، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا سعيد". قلت: وهو سعيد بن راشد المازني السماك؛ قال البخاري: "منكر الحديث"، وقال النسائي: "متروك". ومن دونهما؛ لم أعرفهما. وأما الهيثمي؛ فكأنه لم يعرف الذي قبلهما؛ فقال (2/ 90) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه، ولم أجد ترجمته". وأنا لم أجد في الرواة المشهورين عن عطاء ممن يسمى سعيداً غير ابن راشد هذا، فغلب على ظني أنه هو. والله أعلم. الحديث: 3772 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 3773 - (صل الصبح، والضحى؛ فإنها صلاة الأوابين) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 150-151) ، وابن عدي (ق 175/ 2) ، وأبو عبد الله الصاعدي في "السداسيات" (3/ 2) ، وزاهر بن طاهر الشحامي في "سداسياته" (287/ 2) من طريقين، عن سعيد بن زون، عن أنس مرفوعاً؛ بحديث طويل فيه هذا. وقال العقيلي: الحديث: 3773 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 "وهذا المتن لا يعرف له طريق عن أنس يثبت". قلت: وسعيد هذا؛ قال النسائي: "متروك". وقال أبو حاتم: "ضعيف جداً". وقال الحاكم: "روى عن أنس بن مالك أحاديث موضوعة". وكذا قال النقاش. قلت: وقد وجدت له متابعين كثيرين: الأول: عويد بن أبي عمران، عن أبيه، عنه. أخرجه ابن عدي (260/ 2) ، وابن عساكر (3/ 79/ 1-2) . وقال ابن عدي: "عويد؛ الضعف على حديثه بين". الثاني: علي بن الجند، عن عمرو بن دينار، عنه. أخرجه العقيلي (ص 294) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 134 و 2/ 163) . وقال العقيلي: "علي بن الجند مجهول، حديثه غير محفوظ. وهذا الحديث يروى عن أنس من غير هذا الوجه بأسانيد لينة". الثالث: الأزور بن غالب، عن سليمان التيمي، عن أنس. أخرجه العقيلي (43) ، وابن عدي (29/ 2) ، وقال الأول: "لم يأت به عن سليمان التيمي غير الأزور هذا، قال البخاري: منكر الحديث. ولهذا الحديث عن أنس طرق، ليس فيها وجه يثبت". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 248 الرابع: عن بكر الأعنق، عن ثابت، عنه. أخرجه العقيلي (54) ، وقال: "ليس لهذا المتن إسناد صحيح، قال البخاري: وبكر لا يتابع عليه". الخامس: اليسع بن زيد القرشي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن حميد الطويل، عنه. أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (410) . واليسع هذا؛ لم أعرفه. ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في "طرق حديث أنس هذا" (ق 22/ 2) : "واليسع مجهول، وأظنه الذي ضعفه الدارقطني، كأنه ذكر في "الضعفاء": اليسع بن إسماعيل عن ابن عيينة ضعيف. فلعل إسماعيل جده. وهو آخر من زعم أنه سمع من سفيان بن عيينة، وعاش إلى سنة ست وثمانين ومئتين". وبالجملة؛ فجميع هذه الطرق ضعيفة، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، فلم تطمئن النفس لتقوية الحديث بمجموعها، لا سيما وفيها الأمر بصلاة الضحى، ولم أر له شاهداً معتبراً إلا في رواية ضعيفة السند عن أبي هريرة، والمحفوظ الذي أخرجه الشيخان وغيرهما عنه بلفظ: "أوصاني"، وهو مخرج في "صحيح سنن أبي داود" (1286) ، وله فيه (1287) شاهد من حديث أبي الدرداء. وأما أن صلاة الضحى هي صلاة الأوابين؛ فهو ثابت من حديث زيد بن أرقم، رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (1164) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 وقد قال الحافظ في آخر تخريجه لهذا الحديث - بعد أن ساق له عشر طرق، ليس في الكثير منها ذكر لصلاة الضحى، ومع ذلك فلم يصرح بتقوية الحديث بمجموع العشر -: "وإذا تأملت ما جمعته؛ عرفت أن طرق هذا الحديث كلها واهية، لكن الحديث إذا تعددت طرقه، واختلفت مخارجه؛ أشعر بأن له أصلاً، ولا سيما إذا كان في باب الترغيب؛ فإن أهل العلم احتملوا في ذلك ما لم يحتملوه في باب الحلال والحرام". 3774 - (صلوا ركعتي الضحى بسورتيها: (والشمس وضحاها) ، و (الضحى)) . موضوع أخرجه الروياني في "مسنده" (10/ 58/ 1) ، والديلمي (2/ 242) عن مجاشع بن عمرو: حدثنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي الخير اليزني، عن عقبة بن عامر مرفوعاً. وزاد الروياني: "قال عقبة: من فعل ذلك؛ غفر له". قلت: وهذا موضوع؛ آفته مجاشع هذا؛ قال ابن معين: "قد رأيته أحد الكذابين". الحديث: 3774 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 3775 - (صلاة المسافر ركعتان حتى يؤوب إلى أهله أو يموت) . ضعيف جداً رواه أبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (188/ 1) ، وأبو جعفر الرزاز في "حديثه" (4/ 76/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 312) عن بقية بن الحديث: 3775 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 الوليد: حدثنا أبان بن عبد الله، عن خالد بن عثمان، عن أنس بن مالك، عن عمر ابن الخطاب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان بن عبد الله: الظاهر أنه الشامي الذي روى عن عاصم بن محمد العمري وثور بن يزيد. قال الأزدي: "تركوه". وخالد بن عثمان؛ لم أعرفه، وفي "تاريخ البخاري" (2/ 1/ 163) و "جرح ابن أبي حاتم" (1/ 2/ 244) - والسياق للأول -: "خالد بن عثمان المزني، سمع عبد الرحمن بن أبي عائشة، روى عنه موسى ابن إسماعيل، يعد في البصريين". قلت: وابن أبي عائشة هذا إنما يحدث عن التابعين كما قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 274) ، فإذا كان المترجم هو هذا المزني الذي روى عن ابن أبي عائشة؛ فيكون الحديث منقطعاً بينه وبين أنس، بل معضلاً. 3776 - (أيما رجل طلق امرأته ثلاثاً عند الأقراء أو ثلاثاً مبهمة؛ لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 133/ 1) ، والبيهقي في "سننه" (7/ 336) عن محمد بن حميد الرازي: أخبرنا سلمة بن الفضل، عن عمرو بن أبي قيس، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي - رضي الله عنه -، فلما قتل علي - رضي الله عنه - قالت: لتهنئك الخلافة! قال: بقتل علي تظهرين الشماتة؟! الحديث: 3776 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 251 اذهبي فأنت طالق، يعني ثلاثاً، قال: فتفعلت بثيابها، وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها، وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: (متاع قليل من حبيب مفارق) ، فلما بلغه قولها، بكى، ثم قال: لولا أني سمعت جدي؛ أو حدثني أبي، أنه سمع جدي يقول: (فذكره) لراجعتها. وقال البيهقي: "وكذلك روي عن عمرو بن شمر، عن عمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة". قلت: وقال الكوثري في رسالته "الإشفاق" (ص 28) - بعد ما عزاه للطبراني والبيهقي - عقبه: "وإسناده صحيح، قاله ابن رجب الحنبلي الحافظ بعد أن ساق الحديث في كتابه: (بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة) " (1) . ولم يتعقبه بشيء؛ مما يدل على أنه موافق له على التصحيح، وهذا أمر عجيب، لا سيما من ابن رجب؛ فإن الإسناد لا يحتمل التحسين، فضلاً عن التصحيح! فإن سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ. ومحمد بن حميد الرازي ضعيف كما في "التقريب"، بل الرازي قد اتهمه غير واحد بالكذب، وتساهل البعض في إعطائه حقه من الجرح؛ فقد قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 339) : "رواه الطبراني، وفي رجاله ضعف، وقد وثقوا". فإن قال قائل: أفلا يتقوى الحديث بطريق عمرو بن شمر التي علقها البيهقي؟   (1) ونقله عنه أيضا ابن عبد الهادي في " سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث " (ق 206 / 2) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 فأقول: كلا؛فإن عمراً هذا كذاب يروي الموضوعات عن الثقات؛ فلا يستشهد به ولا كرامة. واعلم أنه لا يوجد حديث صحيح صريح في إيقاع الطلاق بلفظ ثلاثاً - ثلاثاً، فلا تغتر بكلام الكوثري في كتابه "الإشفاق"؛ فإنه غير مشفق على نفسه؛ فإنه يتفق مع انحرافه عن السنة؛ كتأويله حديث ابن عباس في "صحيح مسلم" على أنه في غير المدخول بها! ومن أراد مفرق الحق في هذه المسألة فليراجع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم وغيرها من أئمة السنة والذابين عنها. 3777 - (خذل عنا؛ فإن الحرب خدعة) . ضعيف جداً أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1/ 109/ 226) ، وأبو عوانة (4/ 82) ، والديلمي (2/ 111-112) عن يعقوب بن محمد: حدثنا عبد العزيز بن عمران: حدثنا إبراهيم بن صابر الأشجعي، عن أبيه، عن أمه بنت نعيم بن مسعود الأشجعي، عن أبيها قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد العزيز بن عمران هو المعروف بابن أبي ثابت الزهري المدني، وهو متروك. ومن فوقه لم أعرفهم، وبنت نعيم اسمها زينب، ونعيم صحابي مشهور قالوا: وهو الذي أوقع الخلاف بين الحيين (قريظة وغطفان) في وقعة الخندق، فخالف بعضهم بعضاً ورحلوا عن المدينة، والقصة رواها ابن إسحاق بغير إسناد؛ وفيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "فخذل عنا إن استطعت؛ فإن الحرب خدعة". انظر "تاريخ ابن كثير" (4/ 111) ، ورواها الطبري (1/ 114/ 236) عن الزهري مرسلاً؛ دون حديث الترجمة. الحديث: 3777 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 (تنبيه) : "إبراهيم بن صابر" هكذا وقع في "تهذيب الطبري"، ووقع في "مسند أبي عوانة": "..هانىء" مكان "صابر"، وفي "الديلمي": "جابر". وهذا تحريف شديد، أضاع علينا معرفة هوية إبراهيم هذا، وقد ذكر الحافظ المزي في شيوخ عبد العزيز بن عمران ثلاثة باسم إبراهيم: الأول: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة. الثاني: إبراهيم بن حويصة. الثالث: إبراهيم بن أبي الصقر. ولم أعرف من هؤلاء إلا الأول؛ وهو أشهلي أنصاري مولاهم، ولم يذكروا له رواية عن أبيه، ثم هو ضعيف. والله أعلم. واعلم أنني إنما خرجت الحديث هنا من أجل طرفه الأول: "خذل عنا"، وإلا؛ فبقيته صحيح، بل متواتر، أخرجه ابن جرير عن عشرة من الصحابة، وبعضها في "الصحيحين"، وخرجه السيوطي في "الجامع الصغير" عن أربعة عشر صحابياً، ليس فيهم أبو الطفيل وأسماء بنت يزيد، وقد أخرجهما الطبري، فيصير العدد (16) . وقد أخرجته عن بعضهم في "الروض النضير" (770) ، وغيره، فانظر "صحيح الجامع الصغير" (3171) . ثم وقفت على الكتاب الذي سماه مؤلفه الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله: "تنبيه القاري على تقوية ما ضعفه الألباني"! ومما قواه هذا الحديث! فقد ساقه من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 445-446) من طريق أحمد بن عبد الجبار: حدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال: فحدثني رجل، عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إني قد أسلمت؛ ولم يعلم بي أحد من قومي، فمرني أمرك ... إلخ. قلت: كذا صورة الأصل، وهي بخطه؛ كما أخبرني من أهداه إلي، وهذا من أوهامه رحمه الله! لأنه كان عليه أن يذكر جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لنعيم بن مسعود؛ لأن موضع استشهاده أو انتقاده علي إنما هو فيه، وهو: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت؛ فإنما الحرب خدعة". فانطلق نعيم بن مسعود ... الحديث. قلت: فهنا محل تلك اللفظة: "إلخ" كما هو ظاهر. ثم ساقه من رواية البيهقي أيضاً من الطريق ذاتها، عن ابن إسحاق قال: حدثنا يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: كان نعيم بن مسعود رجلاً نموماً، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... ، فذكر القصة مختصرة جداً، وفيه: فلما ولى نعيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الحرب خدعة". وقال الدويش عقبه: "وهذا إسناد حسن، وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 403) بأطول من هذا، وسكت عليه. والله أعلم". كذا قال! غفر الله له، وفيه أوهام عجيبة! أولاً: قوله: "وقد أشار إليه الحافظ.." إلى قوله: "وسكت عنه". فأقول: الذي سكت عنه الحافظ ليس هذا الذي ساقه الدويش من رواية الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 البيهقي عن عبد الله بن كعب المرسلة، ورواية عروة عن عائشة المسندة، وإنما سكت عن رواية ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 247-250) مطولة جداً، ساقها الحافظ ملخصة، وسبب سكوته واضح؛ لأن ابن إسحاق لم يسندها، فهي ظاهرة الإعضال، ككثير من روايات سيرته؛ كما هو معروف عند أهل العلم. ثانياً: قوله: "وهذا إسناد حسن"! خطأ واضح؛ لأنه إن أراد به الطريق الأول الذي فيه موضع الشاهد: "خذل عنا"؛ ففيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال؛ لأن عبد الله بن كعب بن مالك تابعي لم يدرك القصة. والثانية: فيه الرجل الذي لم يسم! والثالثة: أحمد بن عبد الجبار - وهو العطاردي -؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وإن أراد به الطريق الآخر؛ فليس فيه موضع الشاهد أولاً، ثم هو من طريق أحمد بن عبد الجبار الضعيف ثانياً. وإذا كان مدار الطريقين عليه؛ فعدم ذكره في الطريق الآخر موضع الشاهد إن كان قد حفظه؛ فهو يدل على ضعف الشاهد، وإن كان لم يحفظه؛ فهو يدل على ضعفه هو؛ لأنه مرة ذكره، ومرة لم يذكره. وبالجملة؛ فانتقاد الرجل تضعيفي للحديث برواية البيهقي هذه على ما فيها من الاضطراب والضعف؛ لهو من الأدلة الكثيرة على أنه لا يحسن هذه الصناعة الحديثية، ولا الكتابة فيها. 3778 - (نهى عن الفهر) . ضعيف جداً أخرجه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/ 128-129) الحديث: 3778 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 من طريق سعد بن طريف: حدثني عمير بن مأمون، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى.. إلخ. قلت: وهذا إسناد واه جداً إن لم يكن موضوعاً؛ آفته سعد بن طريف؛ قال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الفور". وضعفه غيره جداً، وتقدمت له أحاديث أقربها تناولاً (رقم1578 و 1789) . (فائدة) : فسر العسكري (الفهر) بقوله: "أن يجامع امرأة، ثم يتحول عنها إلى أخرى، فينزل". وفي "النهاية": "أفهر الرجل: إذا جامع جاريته وفي البيت أخرى تسمع حسه، وقيل: ... ". ثم ذكر ما تقدم عن العسكري، فأشار إلى توهينه، مع أن صاحب "القاموس" لم يذكر غيره. والله أعلم. 3779 - (خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 184) عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبي اليقظان عمران بن عبد الله، عن ربيعة السعدي قال: أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعته يقول: ... فذكره مرفوعاً. الحديث: 3779 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 سكت عليه الحاكم والذهبي، وكأنه لجهالة بعض رواته؛ فإن أبا اليقظان هذا لم أجد له ترجمة لا في الكنى، ولا في الأسماء. وفي الطريق إليه سعيد بن عجب الأنباري؛ ولم أعرفه أيضاً. 3780 - (ذروة الإيمان أربع خلال: الصبر للحكم، والرضا بالقدر، والإخلاص للتوكل، والاستسلام للرب) . موقوف أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (رقم 123) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 216) عن بقية بن الوليد: حدثنا بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان: حدثني يزيد بن مرثد الهمداني أبو عثمان، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: ... فذكره موقوفاً. قلت: وهذا إسناد جيد؛ رجاله ثقات، وبقية قد صرح بالتحديث. قلت: والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" دون "الكبير" من رواية أبي نعيم وحده، وصنعيه يشعر بأنه عنده مرفوع، ولم أره عنده إلا في الموضع المشار إليه موقوفاً، ويؤيد الوقف وروده كذلك موقوفاً في "الزوائد"، فالله أعلم؛ أهو وهم من السيوطي، أم رواية أخرى عند أبي نعيم؟! والأول أرجح. والله أعلم. الحديث: 3780 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 3781 - (صلوا في مرابض الغنم ولا توضؤوا من ألبانها، ولا تصلوا في معاطن الإبل وتوضؤوا من ألبانها) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 28-29) عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير مرفوعاً. الحديث: 3781 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات لولا عنعنة الحجاج بن أرطاة؛ فإنه كان مدلساً. 3782 - (صلوا من الليل أربعاً، صلوا ولو ركعتين، ما من أهل بيت يعرف لهم صلاة من الليل إلا ناداهم مناد: ياأهل البيت! قوموا لصلاتكم) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 44/ 1) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 41) ، وابن أبي الدنيا في "التهجد" (3/ 62) عن أبي عامر المزني، عن الحسن مرسلاً مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرسال الحسن - وهو البصري - إياه، فإن روايه عنه ضعيف، واسمه صالح بن رستم؛ قال الحافظ: "صدوق، كثير الخطأ". الحديث: 3782 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 3783 - (صلاة الهجير من صلاة الليل) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "الكبير" (23/ 2) : أخبرنا المقدام بن داود: أخبرنا ذؤيب بن عمامة السهمي: حدثنا سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده مرفوعاً، فسألت عبد الرحمن بن عوف عن الهجير؟ فقال: إذا زالت الشمس. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وهو إلى ذلك منقطع؛ فإن حميد بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من أبيه؛ على القول الصحيح من وفاته. وسليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن عوف؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 119-120) عن أبيه: "شيخ". الحديث: 3783 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 وذؤيب بن عمامة؛ قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني، ولم يهدر". والمقدام بن داود؛ قال النسائي: "ليس بثقة"، وقال ابن يونس وغيره: "تكلموا فيه". ولذلك قال المنذري (1/ 203) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفي سنده لين". وأما قول الهيثمي (2/ 221) : " ... ورجاله موثقون". فليس تحته كبير طائل، بل قد يفهم منه من لا علم عنده بأنه معنى قولهم: "رجاله ثقات"! . وليس كذلك، فلو أنه صرح بعلته القادحة لكان أولى، وهي عندي الانقطاع، وضعف المقدام. 3784 - (صمت تسبيح، ونومه عبادة، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف) . ضعيف جداً أخرجه أبو طاهر الأنباري في "مشيخته" (152/ 1) ، والديلمي (2/ 253) عن الربيع بن بدر، عن عوف الأعرابي، عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الربيع بن بدر، وهو متروك. الحديث: 3784 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 260 3785 - (لعنت المرجئة على لسان سبعين نبياً. قيل: وما المرجئة؟ قال: قوم يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل) . ضعيف أخرجه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (2/ 180/ 1473) من طريق زيد بن أبي موسى، عن أبي غانم، عن أبي غالب، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو غانم هو يونس بن نافع الخراساني، قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وزيد بن أبي موسى؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 573) عن أبيه: "لا أعرفه". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" للحاكم في "تاريخه" عن أبي أمامة. وللشطر الأول منه شاهد من حديث معاذ بن جبل مرفوعاً. أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (325-بتحقيقي) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 117/ 232) ، وفيه عنعنة بقية؛ وهو مدلس. وشاهد آخر عن أبي هريرة، فيه من في حفظه ضعف، وهو مخرج هناك في "ظلال الجنة" (1/ 143) . الحديث: 3785 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 3786 - (صوت الديك صلاته، وضربه بجناحيه ركوعه وسجوده، ثم تلا: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) الآية [44/الإسراء] ) . موضوع أخرجه أبو علي الصواف في "الفوائد" (165/ 1) ، والديلمي (2/ 250) الحديث: 3786 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 عن أبي نعيم معلقاً: من طريق عمرو بن جميع، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن جميع، كذبه ابن معين. وقال ابن عدي: "كان يتهم بالوضع". وقال البخاري: "منكر الحديث". والحديث عزاه السيوطي: لأبي الشيخ في كتاب "العظمة" عن أبي هريرة، وابن مردويه عن عائشة. ورواه عنها أيضاً أبو نعيم في "جزء الديك" كما في "الجامع الكبير". وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "المنار" رقم (79) : "كل أحاديث الديك كذب إلا حديثاً واحداً: إذا سمعتم صياح الديكة؛ فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكاً". قلت: وإلا حديث: "لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة"؛ فإنه صحيح الإسناد كما حققته في "المشكاة" و "صحيح الترغيب والترهيب" و "الصحيحة". ثم رأيت الحديث قد أخرجه الحارث في "مسنده" (106/ 1-زوائده) : حدثنا عبد الرحيم بن واقد: حدثنا عمرو بن جميع: حدثنا أبان، عن أنس بن مالك به؛ دون الآية. 3787 - (صوموا، ووفروا أشعاركم؛ فإنها مجفرة) . ضعيف رواه أبو عبيد في "الغريب" (73/ 1) بسند صحيح، عن الحسن مرسلاً. الحديث: 3787 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 قلت: وهذا ضعيف لإرساله، وعزاه السيوطي لـ "مراسيل أبي داود". (فائدة) : قال صاحب "القاموس المحيط": "طعام مجفر ومجفرة - بفتحهما -: يقطع عن الجماع، ومنه قولهم: الصوم مجفرة للنكاح". 3788 - (صلاة الأوابين، أو قال: صلاة الأبرار ركعتين (!) إذا دخلت بيتك، وركعتين (!) إذا خرجت) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1279) : أخبرنا الأوزاعي: أخبرني عثمان بن أبي سوادة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا ضعيف لإرساله، ورجاله ثقات. الحديث: 3788 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 3789 - (الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 258) عن بقية: حدثني أبو مسكين الجزري: حدثنا إسماعيل بن نشيط، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إسماعيل بن نشيط - وهو العامري -؛ قال أبو حاتم: "ليس بالقوي". وضعفه الأزدي. وقال البخاري: "في إسناده نظر". وأبو مسكين الجزري؛ قال أبو حاتم (4/ 2/ 447) : "مجهول، والحديث الذي رواه كأنه موضوع". وقال محمود بن غيلان: "ضرب أحمد وابن مغيرة وأبو خيثمة على حديثه، وأسقطوه". الحديث: 3789 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 3790 - (الصائم في عبادة من حين يصبح إلى أن يمسي، إذا قام قام، وإذا صلى صلى، وإذا نام نام، وإذا أحدث أحدث: ما لم يغتب، فإذا اغتاب خرق صومه) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 257-258) عن عمر بن مدرك: حدثنا محمد بن إبراهيم، عن مقاتل، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته مقاتل - وهو ابن سليمان البلخي المفسر -؛ فإنه كذاب. أو عمر بن مدرك؛ فإنه كذاب أيضاً؛ كما قال ابن معين. ومحمد بن إبراهيم؛ لم أعرفه، ويغلب على الظن أنه محرف من "مكي بن إبراهيم"؛ فقد ذكروه في شيوخ ابن مدرك، وهو ثقة. الحديث: 3790 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 3791 - (الصبر ثلاثة: فصبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر على المعصية، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاث مئة درجة؛ بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ست مئة درجة؛ ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له سبع مئة درجة؛ ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش مرتين) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الصبر" (43/ 1) ، وعنه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص 59) عن يحيى بن سليم الطائفي: حدثني عمر بن يونس، عمن حدثه، عن علي مرفوعاً. الحديث: 3791 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة شيخ عمر بن يونس. وعمر (وفي ذم الهوى: عمرو) بن يونس؛ لم أعرفه؛ إلا أن يكون اليمامي. والطائفي سيىء الحفظ. وقد خالفه عمرو بن علي؛ فقال: حدثنا عمر بن يونس اليمامي: حدثنا مدرك بن محمد السدوسي، عن رجل يقال له: أبا علي (كذا) ، عن علي به نحوه. أخرجه الديلمي (2/ 259) من طريق أبي الشيخ معلقاً. ومدرك هذا وشيخه (أبا بوعلي) ؛ لم أعرفهما. ثم أخرجه الديلمي من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي به. والحارث؛ ضعفوه. وأبو إسحاق - وهو السبيعي -؛ مختلط مدلس. 3792 - (الصبر رضا) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 259) عن بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، عن عاصم (1) بن رجاء بن حيوة، عن أبي عمران، عن أبي سلام الحبشي، عن ابن غنم، عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة بقية؛ فإنه مدلس.   (1) الأصل (عن) ! والتصحيح من كتب الرجال. الحديث: 3792 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 وعاصم بن رجاء بن حيوة؛ صدوق يهم؛ كما في "التقريب". ثم أخرجه من طريق أبي الشيخ، عن هشام بن عمار: حدثنا محمد بن شعيب، عن معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً بلفظ: "ضياء". وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أن هشاماً كان كبر فصار يتلقن؛ كما في "التقريب"، فيخشى أن يكون قد لقن هذا الحديث بهذا الإسناد الصحيح. 3793 - (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من البدن) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 260) عن أبي أمية: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني: حدثنا الأوزاعي: حدثنا العلاء بن خالد القرشي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ الرقاشي واه. والعلاء بن خالد القرشي هو الواسطي، ويقال: البصري؛ قال الحافظ: "ضعيف، رماه أبو سلمة (موسى بن إسماعيل) بالكذب، وتناقض فيه ابن حبان". واللذان دون الأوزاعي؛ فيهما ضعف. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "الإيمان" عن علي موقوفاً عليه، وسنده منقطع؛ كما بينته في التعليق عليه، رقم الحديث (130-طبع المطبعة العمومية بدمشق) . الحديث: 3793 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 3794 - (الصبر والاحتساب هن عتق الرقاب، ويدخل الله صاحبهن الجنة بغير حساب) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 156/ 1) عن سليمان ابن سلمة الخبائري: أخبرنا بقية، عن عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عيسى بن إبراهيم: هو ابن طهمان الهاشمي؛ متروك. ومثله الخبائري، بل هذا كذبه ابن جنيد، وذكر له الذهبي حديثاً موضوعاً على مالك. وبقية؛ مدلس وقد عنعنه، فيحتمل أن يكون بينه وبين عيسى بن إبراهيم من هو شر من ابن إبراهيم، فدلسه! (تنبيه) : هكذا وقع الحديث في "المعجم" المحفوظ في الظاهرية: "هن عتق الرقاب". ووقع في "الجامع الصغير" معزواً إليه بلفظ: "أفضل من عتق.."، ولعله الصواب. الحديث: 3794 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 3795 - (لأبشرنك بها يا علي! فبشر بها أمتي من بعدي: الصدقة على وجهها، واصطناع المعروف، وبر الوالدين، وصلة الرحم؛ تحول الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 145) : حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا الحسن بن جرير الصوري: حدثنا إسماعيل بن أبي الزناد - من أهل وادي القرى -: حدثني إبراهيم - شيخ من أهل الشام -، عن الأوزاعي قال: الحديث: 3795 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 قدمت المدينة، فسألت محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن قوله عز وجل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ؟ فقال: نعم، حدثنيه أبي، عن جده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قال: سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... فذكره، وقال: "غريب، تفرد به إسماعيل بن أبي الزناد، وإبراهيم بن أبي سفيان. قال أبو زرعة: سألت أبا مسهر عنه، فقال: من ثقات مشايخنا وقدمائهم". قلت: إبراهيم بن أبي سفيان؛ لم أجد من ترجمه، وقد راجعت له "تاريخ ابن عساكر" (2/ 157-289) ، فلم أره فيه. فليراجع له "تاريخ دمشق" لأبي زرعة الدمشقي؛ فإنه هو المذكور في كلام أبي نعيم. والله أعلم. وإسماعيل بن أبي الزناد؛ لم أعرفه أيضاً. لكن جاء في ترجمة الحسن بن جرير الصوري من "تاريخ ابن عساكر" (4/ 211/ 2) أن من شيوخه إسماعيل بن أبي أويس، فالظاهر أنه هو المذكور في إسناد هذا الحديث، تحرف اسم أبيه على ناسخ "الحلية" أو طابعها، وابن أبي أويس من رجال الشيخين، ولكنه قد تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه. والحسن بن جرير؛ ترجمه ابن عساكر برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 3796 - (خزائن الله عز وجل الكلام، وإذا أراد شيئاً يقول له: كن، فيكون) . ضعيف جداً أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (27/ 2) عن حبان، عن أغلب ابن تميم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 3796 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أغلب بن تميم قال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن معين: "ليس بشيء"، وفي رواية: "ليس بثقة". وحبان هو ابن أغلب بن تميم؛ وهاه أبو حفص الفلاس، وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث". 3797 - (الصدقة تسد سبعين باباً من السوء) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 221/ 2) ، وعنه الديلمي (2/ 258) ، وابن شاهين في "الترغيب" (306/ 2) ، وابن عدي (73/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 68) كلهم عن جبارة بن المغلس: أخبرنا حماد بن شعيب، عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن رافع بن خديج مرفوعاً. وقال ابن عدي: "حماد بن شعيب ممن يكتب حديثه مع ضعفه". قلت: هو ضعيف اتفاقاً، بل هو عند البخاري متهم؛ فقد قال عنه: "فيه نظر". وبه أعله الهيثمي (3/ 109) . وجبارة بن المغلس؛ ضعيف أيضاً. الحديث: 3797 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 3798 - (الصدقات بالغدوات؛ يذهبن بالعاهات) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 258-259) ، وأبو الحسن الخرقي المالكي في "الفوائد" (5-6) عن الوليد بن حماد الرملي: حدثني أحمد بن أبي بكر الحديث: 3798 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 البغدادي: حدثنا عمرو بن قيس البصري: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. وقال الخرقي: "قال جعفر الأندلسي الحافظ: هذا حديث بصري غريب من حديث ثابت ابن أسلم عن أنس، تفرد به حماد بن سلمة، ولم نجد عنه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف؛ عمرو بن قيس البصري لم أعرفه، وفي الرواة جماعة يسمون: عمرو بن قيس، لكن ليس فيهم من ذكر أنه بصري. وأحمد بن أبي بكر البغدادي؛ لم أعرفه أيضاً، وليس هو في "تاريخ بغداد". والوليد بن حماد الرملي؛ أورده في "اللسان" وساق له حديثاً غير هذا عن شيخ آخر له مجهول، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول أيضاً. 3799 - (الصفرة خضاب المؤمن، والحمرة خضاب المسلم، والسواد خضاب الكافر) . موضوع رواه الطبراني في "الكبير"، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (182/ 2) ، والحاكم (3/ 536) من طريق إسماعيل بن إبراهيم الترجماني: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد الله الكلاعي، عن أبي عبد الله القرشي، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال الذهبي في "تلخيصه": "قلت: حديث منكر، والقرشي نكره ابن عيينة". قلت: وقال الحافظ في "اللسان": "وقد أخرج الحديث المذكور: الحاكم في "المستدرك"، وهو من جملة خطئه". وأورده ابن أبي حاتم في ترجمة سالم بن عبد الله هذا؛ إلا أنه قال: الحديث: 3799 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 270 "الكلابي" بدل: "الكلاعي" وهو خطأ مطبعي، ثم قال: "وهو حديث منكر شبه الموضوع، وأحسبه من أبي عبد الله القرشي الذي لم يسم". وسالم هذا هو أبو المهاجر الجرزي الرقي؛ وهو ثقة؛ كما قال الحافظ، وخطأ الذهبي في سوقه هذا الحديث في ترجمته من "الميزان"، وأفاد أن الحمل فيه على القرشي؛ كما يشعر به كلام أبي حاتم. وقال الذهبي: "هذا خبر باطل". وأقره الحافظ. وروى أبو عمار هاشم بن غطفان، عن عبد الله بن هداج، عن أبيه - وكان أبوه أدرك الجاهلية - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خضب بالصفرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خضاب الإسلام"، وجاء رجل خضب بالحمرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خضاب الإيمان". أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 249) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 14/ 1) ، وكذا البغوي وابن السكن كما في "الإصابة". قلت: وهذا إسناد مجهول؛ عبد الله بن هداج وأبو عمار؛ أوردهما ابن أبي حاتم (2/ 2/ 195 و 4/ 2/ 413) بهذه الرواية، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. 3800 - (الصلاة تسود وجه الشيطان، والصدقة تكسر ظهره، والتحابب في الله والتودد في العمل يقطع دابره؛ فإذا فعلتم ذلك تباعد منكم كمطلع الشمس من مغربها) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 254) عن عبد الله بن محمد بن وهب: الحديث: 3800 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 271 حدثنا إسماعيل بن بويه: حدثنا زافر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن أبي عبد الله الصنعاني، عن عطاء، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن وهب هذا - وهو الدينوري -؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "تركه الدارقطني". وزافر بن سليمان؛ ضعيف. وثابت البناني - كذا وقع في الأصل - وفي نقل المناوي: "ثابت الثمالي"، وهو أقرب إلى الصواب؛ وهو ضعيف جداً؛ كما قال الذهبي. وأبو عبد الله الصنعاني؛ لم أعرفه. 3801 - (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، وأداء الأمانة؛ كفارة لما بينهما. قال أبو أيوب: وما أداء الأمانة؟ قال: غسل الجنابة؛ فإن تحت كل شعرة جنابة) . ضعيف رواه ابن ماجه (598) ، والسراج في "مسنده" (10/ 93/ 2) ، وابن نصر في "الصلاة" (107/ 1) عن يحيى بن حمزه، عن عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني طلحة بن نافع قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عتبة بن أبي حكيم قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً". الحديث: 3801 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 قلت: ولذلك لم يعتمدوا عليه في تصريحه بتحديث طلحة بن نافع عن أبي أيوب؛ فقال ابن أبي حاتم في "المراسيل": قال أبي: "لم يسمع طلحة بن نافع من أبي أيوب". ومما سبق تعلم الجواب عن قول البوصيري في "الزوائد" (42/ 1) : "وفيما قاله أبو حاتم نظر؛ فإن طلحة بن نافع وإن وصفه الحاكم بالتدليس فقد صرح بالتحديث، فزالت تهمة تدليسه، وهو ثقة؛ وثقه النسائي والبزار وابن عدي وأصحاب "السنن الأربعة". وعتبة بن أبي حكيم مختلف فيه". قلت: ووجه الجواب المشار إليه إنما هو ما عرفت من سوء حفظ عتبة، فإذا كان الحافظ أبو حاتم يجزم بعدم سماع طلحة من أبي أيوب؛ فليس من المعقول تخطئته بتصريح سيىء الحفظ عنه بالتحديث كما لا يخفى. 3802 - (الصلاة خلف رجل ورع مقبولة، والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 255) عن عبد الله بن مالك: حدثنا عبد الصمد ابن حسان، عن سفيان، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء بن عازب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن موضوع؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة، وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. وعبد الله بن مالك؛ الظاهر أنه الهروي؛ قال النباتي: "لا أعرفه". الحديث: 3802 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 3803 - (الصلاة على ظهر الدابة في السفر هكذا، وهكذا، وهكذا، وهكذا) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 413) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 47/ 1) عن يونس بن الحارث قال: حدثني أبو بردة، عن أبي موسى مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يونس بن الحارث؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وقال الهيثمي (2/ 162) : "ضعفه أحمد وغيره، ووثقه ابن حبان وابن عدي وابن معين في رواية". الحديث: 3803 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 3804 - (الصلاة علي نور على الصراط، ومن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة؛ غفرت له ذنوب ثمانين عاماً) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 255) من طريق الدارقطني؛ عن عون بن عمارة: حدثنا سكن البرجمي، عن الحجاج بن سنان: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الدارقطني في "الأفراد"، - ونحوه في "زهر الفردوس" للحافظ -: "تفرد به حجاج بن سنان عن علي بن زيد، ولم يروه عن حجاج إلا السكن ابن أبي السكن" كذا في "فيض القدير" - للمناوي -، ثم قال: "قال ابن حجر في "تخريج الأذكار": والأربعة ضعفاء. وأخرجه أبو نعيم من وجه آخر، وضعفه ابن حجر". قلت: في هذا التضعيف نظر من حيث شموله السكن هذا؛ فإني لم أره في الحديث: 3804 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 "الميزان" ولا في "اللسان"، بل إن ابن أبي حاتم لما ترجمه (2/ 1/ 288) روى عن ابن معين أنه قال: "صالح". وعن أبيه: "صدوق". فمثله لا يضعف عادة. ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في ترجمة حجاج بن سنان من "اللسان": "وجدت له حديثاً منكراً، أخرجه الدارقطني في "الأفراد" من رواية عون بن عمارة، عن زكريا البرجمي، عنه، عن علي بن زيد (قلت: فساقه كما تقدم، ثم قال:) وسيأتي في ترجمة زكريا البرجمي". ثم أعاد الحديث تبعاً لأصله: "الميزان" في ترجمة زكريا بن عبد الرحمن البرجمي، وقال: "لينه الأزدي". قلت: فاختلف نقل الحافظ عن الدارقطني عما وقع في رواية الديلمي، وفي نقل المناوي عنه. فلعل الحافظ ابن حجر في "تخريج الأذكار" نقل الحديث عن الدارقطني كما نقله في "اللسان" عن زكريا البرجمي؛ فضعفه على هذا، ولم يتنبه المناوي لهذا الاختلاف بين نقله ونقل الحافظ، فنتج منه تضعيف الصدوق. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف، لكن الأمر يتطلب تحقيقاً خاصاً في تحديد اسم البرجمي هذا؛ هل هو زكريا أم السكن. ولعلنا نوفق لمثله فيما بعد إن شاء الله تعالى. والحديث رواه منصور بن صقير: حدثنا سكن بن أبي السكن، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره مرسلاً، وزاد: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 275 "ومن أدركه الموت وهو في طلب العلم؛ لم تكن بينه وبين الأنبياء في الجنة إلا درجة واحدة". أخرجه يوسف بن عمر القواس في "حديثه" (ق 69/ 1-2) . ومنصور بن صقير؛ ضعيف أيضاً؛ كما في "التقريب"، وقد خالف عون بن عمارة في إسناده، وعون ضعيف أيضاً كما تقدم، فلا يسوغ الترجيح بينهما، إلا أنه على ضعفهما؛ فقد اتفقا على أن راوي الحديث هو السكن وليس زكريا. والله أعلم. 3805 - (الصلاة عماد الدين، والجهاد سنام العمل، والزكاة بين ذلك) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 255) عن أحمد بن طارق: حدثنا حبيب أخو حمزة: عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الحارث - وهو الأعور -، قال الزيلعي: "ضعيف جداً". الثانية: أبو إسحاق - وهو السبيعي -؛ مدلس وكان اختلط. الثالثة: حبيب - وهو ابن حبيب الزيات -؛ قال الذهبي: "وهاه أبو زرعة، وتركه ابن المبارك". الرابعة: أحمد بن طارق؛ لم أجد له ترجمة. ومن طريق حبيب أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (252/ 1) . الحديث: 3805 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 3806 - (الصلاة في المسجد الجامع؛ تعدل الفريضة حجة مبرورة، والنافلة كحجة متقبلة، وفضل الصلاة في المسجد الجامع على ما سواه من المساجد بخمس مئة صلاة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 22/ 1) ، والديلمي (2/ 257) عن يوسف بن زياد، عن نوح بن ذكوان، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يوسف بن زياد - وهو أبو عبد الله البصري -؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "هو مشهور بالأباطيل". ونوح بن ذكوان؛ ضعيف؛ كما قال الحافظ، وبه أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (2/ 46) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه نوح بن ذكوان؛ ضعفه أبو حاتم". الحديث: 3806 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 277 3807 - (من لعق الصفحة، ولعق أصابعه؛ أشبعه الله في الدنيا والآخرة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 260/ 653) : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: حدثنا محمد بن مصفى: حدثنا بقية: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من قريش، عن رجل قد سماه، عن العرباض بن سارية مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لجهالة الرجلين اللذين لم يسميا. الحديث: 3807 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 277 ومحمد بن عبد الرحمن؛ هو القشيري، قال ابن عدي (6/ 2261) : "روى عنه بقية وغيره، منكر الحديث". ثم ساق له ستة أحاديث كلها من رواية بقية عنه، ثم قال: "هذه الأحاديث كلها مناكير بهذا الإسناد، ومنها ما متنه منكر، ومحمد هذا مجهول، وهو من مجهولي شيوخ بقية". وقال الذهبي: "وفيه جهالة، وهو متهم، ليس بثقة، وهو محمد بن عبد الرحمن المقدسي الراوي عن عبد الملك بن أبي سليمان، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث". وكذا قال الدارقطني: "متروك الحديث". إذا عرفت هذا؛ فقول الهيثمي (5/ 28) ومن تبعه: "رواه الطبراني عن شيخه إبراهيم بن محمد بن عرق، وضعفه الذهبي". فيه ذهول عن العلل التي فوقه! والله ولي التوفيق. (تنبيه) : وقع في "المعجم": (الصفحة) ! وهو تصحيف (الصحفة) . 3808 - (الصلاة قربان كل تقي) . ضعيف رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (17/ 1) عن ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن علي مرفوعاً: الحديث: 3808 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 278 قلت: وابن لهيعة سيىء الحفظ. لكن في حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً. " ... الصلاة قربان". أخرجه أحمد (3/ 399) . لكن في رواية عنده (3/ 321) : " ... الصلاة قربان - أو قال: - برهان" على الشك، فلا يصلح الاستشهاد به، لا سيما وفي حديث أبي مالك الأشعري: " ... والصلاة نور، والصدقة برهان ... ". أخرجه مسلم وغيره، وقد خرجته في "مشكلة الفقر" (59) . 3809 - (الصلاة ميزان، فمن أوفى؛ استوفى) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 256) عن الحاكم معلقاً، عن محمد بن الحارث مولى بني هاشم: حدثنا يحيى بن منبه، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون موسى لم أعرفهما. وأخرج ابن المبارك في "الزهد" (1192) عن رجل، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال سلمان: "الصلاة مكيال فمن أوفى؛ أوفى له، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين". وهذا إسناد موقوف ضعيف. الحديث: 3809 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 3810 - (الصوم يذبل اللحم، ويبعد من حر السعير، إن لله مائدة عليها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، لا يقعد عليها إلا الصائمون) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 95/ 2) من طريق عبد المجيد بن كثير الحراني: حدثنا بقية بن الوليد: حدثني أبو بكر العنسي: حدثنا أبو قبيل المصري، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو بكر العنسي مجهول؛ قاله ابن عدي. قال الحافظ: "وأنا أحسب أنه ابن أبي مريم الذي تقدم". قلت: يعني أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي؛ وهو ضعيف لاختلاطه. وأما عبد المجيد بن كثير الحراني؛ فلم أعرفه، وبه أعله الهيثمي، فقال (3/ 182) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد المجيد بن كثير الحراني، ولم أجد له ترجمة". قلت: وفاته إعلاله بالعنسي أيضاً. والحديث أورده في "الجامع" من رواية ابن بشران أيضاً في "أماليه"، وزاد في أوله: " الصوم يدق المصير و ... ". الحديث: 3810 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 3811 - (الصيام نصف الصبر، وعلى كل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصيام) . ضعيف رواه ابن ماجه (1/ 531) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 292/ 3577 و 3578) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (13/ 1) عن موسى بن عبيدة، عن جمهان، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل موسى بن عبيدة؛ وهو متفق على تضعيفه. والجملة الأولى رويت من طريق أخرى، عن رجل من بني سليم، عند الترمذي (3514) . فانظر "المشكاة" (296) . الحديث: 3811 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 3812 - (ضاف ضيف رجلاً من بني إسرائيل، وفي داره كلبة مجح، فقالت الكلبة: والله! لا أنبح ضيف أهلي، قال: فعوى جراؤها في بطنها، قال: قيل: ما هذا؟ قال: فأوحى الله عز وجل إلى رجل منهم: هذا مثل أمة تكون من بعدكم، يقهر سفهاؤها حلماءها) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 170) عن أبي عوانة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لولا أن عطاء بن السائب كان قد اختلط، وقد سمع منه أبو عوانة قبل وبعد الاختلاط، فلا يحتج بحديثه كما قال ابن معين. والحديث قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 280) : الحديث: 3812 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 "رواه أحمد والبزار والطبراني، وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط". قلت: والبزار أخرجه (4/ 131/ 3372) من طريق أبي حمزة السكري، عن عطاء بن السائب به. وأبو حمزة السكري - واسمه محمد بن ميمون المروزي -؛ لم يذكر أيضاً في جملة الذين سمعوا من عطاء قبل الاختلاط، بل إنه هو نفسه قد ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط! كما في "التهذيب"، وهو مما فات ابن الكيال، فلم يذكره في كتابه الجامع: "الكواكب النيرات". وتابعه جرير، عن عطاء به. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (474) . وجرير - وهو ابن عبد المجيد - ممن سمع منه بعد الاختلاط. وإن مما يؤكد أنه حدث بهذا الحديث في اختلاطه: اضطرابه في متنه؛ فأبو عوانة قال عنه: "فأوحى الله إلى رجل منهم". وجرير قال عنه: "فذكروا لنبي لهم"! وأبو حمزة قال عنه: "فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك مثلاً". ثم إن هذا وأبا عوانة رفعا الحديث عنه، وجرير أوقفه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 282 فهذا الاضطراب مما يؤكد ضعف الحديث، ولعل أصله من الإسرائيليات، وهم فيه عطاء فرفعه أحياناً. والله أعلم. 3813 - (ضالة المؤمن العلم، كلما قيد حديثاً طلب إليه آخر) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 275) من طريق ابن لال، عن عبد الرحمن بن علي، عن الحسن بن سفيان، عن الحسن بن عمر، عن قيس، عن عبد الوهاب، عن مجاهد، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد هالك، ومتن موضوع؛ آفته عبد الوهاب هذا - وهو ابن مجاهد بن جبر المكي -؛ أجمعوا على ترك حديثه؛ كما قال ابن الجوزي، بل كذبه الثوري. الحديث: 3813 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 3814 - (ضع إصبعك السبابة على ضرسك؛ ثم اقرأ: (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ... ) [يس: 77] ) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 274) عن الحسين بن علوان: حدثنا عمر ابن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن يحيى بن وثاب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل اشتكى ضرسه: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع، وهو مما شان به السيوطي "جامعه الصغير"، ولم يصنه! فقد أورده هو نفسه في "ذيل الأحاديث الموضوعة" من رواية الديلمي هذه، وقال (ص 22) : "الحسين بن علوان، وعمر بن صبح؛ مشهوران بالوضع". الحديث: 3814 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 3815 - (يا أنس! ضع بصرك موضع سجودك) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 274) عن أبي نعيم بسنده، عن الربيع ابن بدر بسند، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الربيع بن بدر؛ متروك. الحديث: 3815 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 3816 - (ضعي يدك عليه، ثم قولي ثلاث مرات: بسم الله، اللهم! أذهب عني شر ما أجد، بدعوة نبيك الطيب، المبارك المكين عندك، بسم الله) . موضوع أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 91) عن عبد الرحمن ابن عمرو بن جبلة: حدثنا عمرو بن النعمان، عن كثير أبي الفضل: أخبرني أبو صفوان - شيخ من أهل مكة -، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرج علي خراج في عنقي، فتخوفت منه، فأخبرت به عائشة، فقالت: سلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فسألته، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الرحمن بن عمرو (ووقع في الأصل: عمر! وهو خطأ) ، قال أبو حاتم: "كان يكذب، فضرب على حديثه"، وقال الدارقطني: "متروك يضع الحديث". وكثير أبوالفضل هو ابن يسار؛ ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 158) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وترجمه ابن حجر في "التعجيل" برواية جمع من الثقات عنه، وقال: الحديث: 3816 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 "ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال، وكأنه لم يقف على كلام البخاري". يعني ما أخرجه البخاري، عن ابن أبي الأسود، عن روح قال: حدثنا كثير بن يسار أبوالفضل - وأثنى عليه سعيد بن عامر خيراً -، سمع ثابتاً. وأبو صفوان المكي؛ لم أجد له ترجمة. 3817 - (ضمن الله خلقه أربعاً: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، والغسل من الجنابة، وهن السرائر التي قال الله تعالى: (يوم تبلى السرائر) [الطارق: 9] ) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 275) من طريق ابن لال، عن محمد بن عبد الرحمن الشامي: حدثنا أبو علي الحنفي: حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن خليد العصري، عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عبد الرحمن الشامي، وهو القشيري الكوفي؛ كما في ترجمة أبي علي الحنفي؛ واسمه عبيد الله بن عبد المجيد في "تهذيب المزي" (2/ 442/ 1-2) ، قال الذهبي: "فيه جهالة، وهو متهم، ليس بثقة". الحديث: 3817 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 3818 - (الضحك في المسجد ظلمة في القبر) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 276) عن عثمان بن عبد الله القرشي، عن مالك، عن الزهري، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته القرشي هذا، قال ابن عدي: الحديث: 3818 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال الحاكم: "حدث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة؛ حدثونا الثقات من شيوخنا، والحمل فيها عليه". 3819 - (الضحك ينقض الصلاة، ولا ينقض الوضوء) . ضعيف جداً أخرجه الدارقطني في "السنن" (ص 63) ، وعنه الديلمي (2/ 276) عن المنذر بن عمار: أخبرنا أبو شيبة، عن يزيد أبي خالد، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعاً. وعلقه البيهقي في "سننه" (1/ 145) ، وقال: "وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان؛ ضعيف، والصحيح أنه موقوف". قلت: كذلك رواه شعبة، عن يزيد أبي خالد به موقوفاً. أخرجه الدارقطني والبيهقي. ويزيد أبو خالد هذا؛ لم أعرفه، وقد ذكر البيهقي أنه يزيد بن خالد، فلعله الذي في "الميزان" و "اللسان": "يزيد بن خالد. شيخ لبقية، لا يدرى من هو". لكن تابعه الأعمش، عن أبي سفيان به. أخرجه الدارقطني، والبيهقي. وأبو شيبة؛ متروك الحديث، كما في "التقريب". الحديث: 3819 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 3820 - (الصمت زين العالم، وستر الجاهل) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 271) معلقاً عن أبي الشيخ: عن زافر بن الحديث: 3820 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 سليمان قال: قال ابن أبي بردة، عن أبي عبد محرز بن زهير الأسلمي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زافر بن سليمان أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه". وقال الحافظ: "صدوق كثير الأوهام". 3821 - (الصمت سيد الأخلاق.. الحديث، وفيه قصة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 271) عن سعيد بن ميسرة، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ سعيد بن ميسرة؛ قال ابن حبان: "يروي الموضوعات". وقال الحاكم: "روى عن أنس موضوعات". وكذبه يحيى القطان. الحديث: 3821 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 3822 - (طالب العلم طالب الرحمن، طالب العلم ركن الإسلام، ويعطى أجره مع النبيين) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 269) عن أبي القاسم إسحاق بن عبد المقرىء الشروطي: حدثنا الوليد بن عبد الله بن الحسن بن نصر بن هارون الوليدي: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مسعود: حدثنا أبو حجر عمرو بن رافع البجلي، عن منصور، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون أبي حجر؛ لم أعرفهم، ومنصور هو ابن سعد البصري، صاحب اللواء؛ ثقة من رجال البخاري. الحديث: 3822 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 3823 - (طالب العلم لله؛ كالغادي والرائح في سبيل الله) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 369) عن رشدين، عن أبي سفيان، عن عبد الله بن الهذيل، عن عمار بن ياسر: طالب العلم ... كذا الأصل، ليس فيه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم أخرجه من طريق الهيثم بن أحمد بن عبد الله بن زيد: حدثنا نصر بن محمد السليطي: حدثنا حميد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... نحوه. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون حميد؛ لم أعرفهما. ورشدين في الطريق الأولى: هو ابن سعد؛ ضعيف. الحديث: 3823 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 3824 - (طعام الجواد دواء، وطعام البخيل داء) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 262-263) عن الحاكم معلقاً: حدثنا الحسين ابن داود العلوي: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الروزني: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن شعيب: حدثنا محمد بن معمر البحراني (الأصل: الحراني) : حدثنا روح بن عبادة: حدثنا الثوري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ آفته أحمد بن محمد بن شعيب؛ اتهمه الذهبي بهذا الحديث. وقال: "إنه كذب". وقال الحافظ: "وهو حديث منكر". الحديث: 3824 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 وأخرجه الخطيب في "المؤتلف" من طريق أخرى عن أحمد بن شعيب. ووجدت له طريقاً أخرى عن مالك؛ فقال أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (45/ 1) : أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكرجي: حدثنا محمد بن الحسن بن سعيد بن أبان الأنصاري: حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي: حدثنا مالك بن أنس به؛ بلفظ: "طعام السخي دواء، وطعام الشحيح داء". قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون التنيسي؛ لم أعرفهم. والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الخطيب في "كتاب البخلاء" وأبي القاسم الخرقي في "فوائده" عن ابن عمر؛ بلفظ أبي عثمان البجيرمي. 3825 - (طعام المؤمنين في زمن الدجال طعام الملائكة: التسبيح والتقديس، فمن كان منطقه يومئذ التسبيح والتقديس؛ أذهب الله عنه الجوع، فلم يخش جوعاً) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 511) عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: كلا؛ فسعيد متهم تالف". الحديث: 3825 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 3826 - (طلب الحلال واجب على كل مسلم) . منكر أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 277-278) : حدثنا الحديث: 3826 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 مسعود بن محمد الرملي قال: حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريت (1) ، عن أنس ابن مالك مرفوعاً به. وقال: " ... تفرد به محمد بن أبي السري". قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه، قال الحافظ: "صدوق، له أوهام كثيرة". ومن فوقه ثقات، لكن فيه علتان أخريان: الأولى: الانقطاع بين أنس والزبير بن خريت؛ فإن الزبير هذا لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، وإنما عن التابعين، مثل ابن سيرين وغيره، ولذلك؛ أورده ابن حبان في "ثقات أتباع التابعين" (6/ 332) . والأخرى: عنعنة بقية؛ فإنه مشهور بالتدليس. فالعجب بعد هذا كيف قال المنذري (3/ 12/ 2) ، - وتبعه الهيثمي (10/ 291) -: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن إن شاء الله". واختصر الهيثمي كلمة "إن شاء الله"! وقلدهما المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب "الترغيب والترهيب" (2/ 533) ، ذلك مبلغهم من التحقيق والعلم!! وشيخ الطبراني مسعود بن محمد الرملي؛ لم أجد له ترجمة، ولا في "تاريخ ابن عساكر"، وقد روى له الطبراني عشرين حديثاً (8604-8624) هذا أحدها،   (1) الأصل: (الحارث) ، والتصويب من كتب الرجال. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 290 والذي قبله أخرجه في "المعجم الصغير" أيضاً (رقم1018-الروض النضير) ، وكناه بـ (أبي الجارود) . وقد كنت نقلت عن "مجمع الهيثمي" حديثاً شاهداً في "الصحيحة" رقم (343) قال في تخريجه: "رواه الطبراني عن شيخه مسعود بن محمد، وهو ضعيف". والآن؛ يتبين لي أن هذا التضعيف وهم منه، لعله اختلط عليه بغيره؛ فإن جل اعتماده في ترجمة المتأخرين من الشيوخ - كشيوخ الطبراني - إنما هو "ميزان الاعتدال" للذهبي، وليس هو فيه، ولا في كتاب شيخ الهيثمي الحافظ العراقي:"ذيل الميزان"، نعم؛ فيه "مسعود بن محمد بن علي.. أبو سعيد الجرجاني ... مات سنة 416". فأخشى أن يكون التبس عليه بهذا، وهو مترجم في "الميزان" أيضاً، لكن باختصار عما في "الذيل"، وفيه من الفائدة ما ليس في ذاك. ومن أجل ما تقدم جزم الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 88) بأن إسناده ضعيف. وقد تابع ابن أبي السري عمران بن أبي عمران الرملي قال: حدثنا بقية: حدثني جرير بن حازم به. أخرجه ابن شاذان في "المشيخة" (1/ 90/ 2) ، وأبو جعفر الرزاز في "ستة مجالس من الأمالي" (ق 232/ 2) ، والضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 43/ 1) . قلت: ولا يفرح بهذه المتابعة؛ لأن عمران هذا، قال الذهبي: "عن بقية بن الوليد، وأتى بخبر كذب، فهو آفته". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 قال الحافظ في "اللسان": "لم أقف على الحديث المذكور". قلت: يحتمل أنه يعني هذا. والله أعلم. وإذا عرفت هذا؛ فتصريح عمران بتحديث بقية مما لا قيمة له. 3827 - (طلب العلم أفضل عند الله من الصلاة، والصيام، والحج، والجهاد في سبيل الله عز وجل) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 268) عن محمد بن تميم السعدي: حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته السعدي هذا، قال ابن حبان وغيره: "كان يضع الحديث"، وقال الحاكم: "كذاب خبيث". وحفص بن عمر - وهو ابن ميمون العدني -؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد أعل به السيوطي حديثاً آخر له، أورده في "ذيل الموضوعات" (ص 35) فقال: "كذبه يحيى بن يحيى النيسابوري، وقال البخاري: منكر الحديث". ولم أجد هذا في ترجمة العدني فيما عندي من المصادر، فالظاهر أنه اختلط عليه ترجمته بترجمة أخرى؛ فقد رأيت مثلاً في ترجمة حفص بن عمر بن أبي العطاف السهمي مولاهم المدني من "التهذيب": "قال البخاري: منكر الحديث، رماه يحيى بالكذب". الحديث: 3827 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 ولينظر: هل أراد بقوله (يحيى) النيسابوري هذا، أم يحيى بن معين كما أظن، أم غيرهما؟ والحديث أورده السيوطي في "ذيل الموضوعات"، وقال (ص 43) : "محمد بن تميم؛ وضاع". قلت: ومع ذلك سود به "الجامع الصغير"! 3828 - (طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة، وطلب العلم يوماً خير من صيام ثلاثة أشهر) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 268) عن نهشل بن سعيد الترمذي، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: هذا موضوع؛ آفته نهشل هذا، قال السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص 41) : "نهشل كذاب". قلت: ومع ذلك سود به "الجامع الصغير"! الحديث: 3828 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 3829 - (طلوع الفجر أمان لأمتي من طلوع الشمس من مغربها) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 264) عن العباس بن عبد الواحد: حدثنا يعقوب بن جعفر: سمعت أبي: حدثني أبي، عن جده، عن ابن عباس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ لم أعرف أحداً من رجاله. الحديث: 3829 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 3830 - (طوبى: شجرة غرسها الله بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة) . موضوع أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (13/ 88) : حدثنا الحسن بن شبيب قال: حدثنا محمد بن زياد الجريري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرة، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الحسن بن شبيب؛ قال ابن عدي: "حدث بالبواطيل عن الثقات". والجريري؛ لم أعرفه. وفرات؛ فيه كلام. الحديث: 3830 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 3831 - (طوبى لمن أسكنه الله إحدى العروسين: عسقلان، أو غزة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 270) عن إسماعيل بن عياش: حدثني سعيد ابن يوسف، عن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه؛ مسلسل بالضعفاء: مصعب بن ثابت فمن دونه، لكن سعيد بن يوسف حمصي، وإسماعيل بن عياش ثقة في الشاميين، فالعلة ممن فوقه. الحديث: 3831 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 3832 - (من لا يستحي من الناس؛ لا يستحي من الله) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 149/ 1/ 7301) من طريق محمد بن يزيد الأسفاطي: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الأنصاري: حدثنا الحديث: 3832 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 داود بن مطرف، عن أبيه قال: إنا مع أنس بن مالك، فاستقبله الناس قد انصرفوا من الجمعة، فدخل داراً وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الله بن إبراهيم الأنصاري؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، نسبه ابن حبان إلى الوضع". وقال الحاكم: "يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة". قلت: وداود بن مطرف - وهو ابن عتبة أبو مطرف -؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 234) ، وقد روى عنه جماعة؛ فهو صدوق؛ كما في كتابي "تيسير الانتفاع". لكن أبوه مطرف مجهول؛ لم يرو عنه غير ابنه داود، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 183) ! وأما محمد بن يزيد الأسفاطي؛ فهو صدوق؛ كما في "الجرح". قلت: وخفي على الهيثمي ترجمة هؤلاء الرواة وبخاصة الأنصاري منهم؛ فقال في "المجمع" (8/ 27) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه جماعة لم أعرفهم"! وتعقبه المناوي؛ فقال في "الفيض": "ولعل المصنف (يعني السيوطي) عرفهم حيث رمز لحسنه"! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 295 واغتر برمزه في "التيسير"؛ فقال: "وإسناده حسن"!! فأقول: أنى له الحسن وفيه ذاك المتهم، ومطرف المجهول؟! وقد نبهناك مراراً أن رموز السيوطي في "الجامع الصغير" لا يعتمد عليها؛ لأسباب كنت شرحتها في مقدمة كتابي: "صحيح الجامع" و "ضعيف الجامع"، والغريب أن المناوي نبه على ذلك في أول شرحه: "الفيض"! ثم رأيته في كثير من الأحاديث يذكر رمز السيوطي لبعض الأحاديث، فكأنه نسي ما كان ذكره في المقدمة، بل ويقلده في ذلك، كما في هذا الحديث، وليته كان مصيباً! 3833 - (طوبى لمن بات حاجاً، وأصبح غازياً؛ رجل مستور، ذو عيال متعفف قانع باليسير من الدنيا، يدخل عليهم ضاحكاً، ويخرج عليهم ضاحكاً، فوالذي نفسي بيده! إنهم هم الحاجون الغازون في سبيل الله عز وجل) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 270) من طريق أحمد بن عمران بن موسى ابن عمران البلخي - من حفظه -: حدثنا إسحاق الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع عندي؛ آفته ابن موسى هذا، وغالب ظني أنه الذي في "الميزان": "أحمد بن أبي عمران الجرجاني. حدث عنه أبو سعيد النقاش، وحلف أنه يضع الحديث.. هو ابن موسى". الحديث: 3833 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 296 قال في "اللسان": "وأعاده بعد أوراق، فقال: أحمد بن موسى أبو الحسن الفرضي. مات سنة ستين وثلاث مئة. قال الحاكم: كان يضع الحديث ... ". 3834 - (طوبى لمن ترك الجهل، وآتى الفضل، وعمل بالعدل) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 221) : حدثنا إبراهيم بن عبد الله: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، ورجاله ثقات على ضعف يسير في هشام ابن سعد، غير إبراهيم بن عبد الله؛ فلم أعرفه. ومحمد بن إسحاق؛ هو أبو العباس السراج الحافظ. الحديث: 3834 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 3835 - (طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، وأنفق مالاً جمعه من غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله) . ضعيف رواه ابن الأعرابي في "معجمه" (232/ 2) ، وعنه القضاعي (51/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (5/ 68-69) و "الصغير" (3/ 225 و 4/ 243) ، وابن عساكر (16/ 296/ 1) ، وتمام في "الفوائد" (2530/ 2) ، وعنه ابن عساكر (17/ 387/ 1) عن نصيح الشامي، عن ركب المصري مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه ابن بشران الحديث: 3835 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 في "الأمالي" (2/ 3/ 2) ، وعبد الغني المقدسي في "العلم" (11/ 1-2) ، وقال: "هو حديث غريب". قلت: يعني ضعيف، وذلك؛ لجهالة نصيح الشامي، ومن الغريب أن المؤلفين في تراجم رجال الحديث أغفلوه، فلم يترجموه، فليس هو في "الميزان" ولا في "اللسان" ولا في غيرهما؛ إلا البخاري؛ فإنه أورده في "التاريخ" (4/ 2/ 136) ، ولم يزد فيه على قوله: "عن ركب المصري. روى عنه مطعم بن المقدام". ولذلك؛ جزم الحافظ وغيره بضعف إسناده. وأما ركب المصري؛ فأوردوه في "الصحابة"، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/ 508) : "كندي، له حديث واحد حسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيه آداب وحض على خصال من الخير والحكمة والعلم. ويقال: إنه ليس بمشهور في الصحابة، وقد أجمعوا على ذكره فيهم. روى عنه نصيح العنسي". وقوله: "حديث حسن". قالوا: إنه يعني حسن لغة ولفظاً، ولذلك قال المناوي: "رمز المصنف لحسنه اغتراراً بقول ابن عبد البر: "حسن"، وليس بحسن؛ فقد قال الذهبي في "المهذب": ركب يجهل، ولم يصح له صحبة، ونصيح ضعيف". قلت: ومما يؤيد ما قالوا؛ أن ابن عبد البر أورد في "الجامع" (1/ 54-55) حديثاً آخر، ثم قال عقبه: "وهو حديث حسن جداً، ولكن ليس إسناده بالقوي". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 وله شاهد، ولكنه واه جداً مع اختصاره؛ لفظه: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدل عنها إلى البدعة". أخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/ 384) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (7/ 355) ، والديلمي (2/ 261) عن محمد بن الحسن بن قتيبة: حدثنا محمد ابن [أبي] السري: حدثنا عبد العزيز بن عبد المجيد: حدثنا أبان، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان هو ابن أبي عياش؛ متروك. وابن أبي السري - وهو محمد بن المتوكل أبو عبد الله بن أبي السري -؛ ضعيف من قبل حفظه. وقد أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" مطولاً من هذا الوجه، وتبعه على وضعه جمع؛ كما بينته في "الرد على عزالدين بليق" برقم (272) ، وأوله هذا الحديث المطول: "يا أيها الناس! كأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الموت على غيرنا كتب ... " الحديث. وله طريق أخرى؛ يرويه الوليد بن المهلب الأردني: حدثنا النضر بن محرز بن نضر، عن محمد بن المنكدر، عن أنس قال: ... فذكره مرفوعاً أخصر منه؛ وفيه حديث الترجمة. أخرجه البزار (3225) ، وابن عدي في "الكامل" (7/ 81-82) في ترجمة الوليد هذا، وقال: "أحاديثه فيها بعض النكرة". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 وفي "الميزان": "لا يعرف، وله ما ينكر". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (9/ 226) ! ولعل الأولى إعلال الحديث بالنضر بن محرز؛ فقد أورده ابن حبان في ترجمته من "الضعفاء" (3/ 50) وقال: "منكر الحديث جداً، وهو الذي روى عن محمد بن المنكدر عن أنس.. (فذكر الحديث) ؛ إنما روى هذا أبان عن أنس". وكذلك فعل الذهبي، وقال بعد أن ساقه: "تفرد به الوليد، وهو متكلم فيه، والنضر مجهول". وروى ابن عساكر في ترجمة النضر (17/ 570) عن الدارقطني أنه قال: "منكر الحديث". وكذا قال ابن ماكولا في "الإكمال" (7/ 342) . 3836 - (طوبى لمن رزقه الله الكفاف ثم صبر عليه) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 261) عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن عبد الله بن حنطب بن الحارث مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن البيلماني؛ متروك. وعبد الله بن حنطب؛ مختلف في صحبته. ورواه البيهقي في "الشعب" (7/ 125/ 9724) عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبي الحويرث. الحديث: 3836 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 ولم أعرف أبا الحويرث. ويغني عنه حديثان في "الترغيب" (4/ 100) . 3837 - (طوبى لمن يبعث يوم القيامة وجوفه محشو بالقرآن والفرائض والعلم) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 261) عن أبي إسحاق الطيان: حدثنا الحسين ابن القاسم: حدثنا إسماعيل بن أبي زياد: حدثنا يونس، عن الزهري، عن [سعيد بن المسيب] ، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ قال السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص 36) : "إسماعيل كذاب. والحسين والطيان مجروحان". قلت: ومع ذلك أورده في "الجامع الصغير"؛ الذي ذكر في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! الحديث: 3837 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 3838 - (طهور الطعام يزيد في الطعام والدين والرزق) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 263) معلقاً، عن أبي الشيخ بسنده، عن يعلى بن الأشدق، عن عبد الله بن جراد مرفوعاً. قلت: آفته يعلى هذا؛ أورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين"، وقال: "قال البخاري: لا يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: ليس بشيء. وقال ابن حبان: لا يحمل الرواية عنه". وفي "اللسان": الحديث: 3838 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 "قال ابن حبان: وضعوا له أحاديث، فحدث بها ولم يدر"! 3839 - (طول القنوت في الصلاة يخفف سكرات الموت) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 91) ، والديلمي (2/ 263) عن أحمد بن محمد بن عمر: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سعيد اليمامي: حدثنا القاسم بن اليسع المديني، عن أبيه، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً. أورده أبو نعيم في ترجمة أحمد هذا - وهو أبو سهل اليمامي -؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والثلاثة فوقه؛ لم أعرفهم. الحديث: 3839 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 3840 - (طينة المعتق من طينة المعتق) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 264) من طريق أحمد بن إبراهيم البزوري: حدثنا أبو القاسم البغوي: حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال: كنت ذات يوم بإزاء المأمون فقال: سمعت أبي قال: سمعت جدي يحدث، عن أبيه، عن ابن عباس: ... فذكره، وفيه قصة. ثم أخرجه من طريق ابن لال بسنده: عن محمد بن عبد الرحمن النجاشي: حدثنا أبي، عن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس به. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ محمد بن عبد الرحمن النجاشي وأبوه؛ لم أعرفهما، و (النجاشي) ليس واضحاً في الأصل. وسليمان بن علي؛ مقبول عند الحافظ. الحديث: 3840 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 وأحمد بن إبراهيم البزوري؛ قال الذهبي: "لا يدرى من هو، وأتى بخبر باطل". ثم ساق له هذا الخبر من طريق ابن شاهين عنه، لكن وقع عنده: "سمعت جدي عن ابن عباس"؛ ليس بينهما "عن أبيه"، فصار منقطعاً، ولذلك قال الذهبي عقبه: "هذا - كما ترى - منقطع". قال الحافظ عقبه: "فلعل المهدي أو المنصور سمعه من شيخ كذاب، فأرسله عن ابن عباس، فيتخلص بهذا البزوري من العهدة". قلت: لعل الطريق الأخرى تخلصه من العهدة. ومن الغريب أن السيوطي أورد الحديث من الطريق الأولى في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (رقم 934) ، وتبعه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (401/ 2) وأعلاه بجهالة البزوري؛ وقول الذهبي في حديثه: "باطل". ثم تناقض السيوطي؛ فأورده في "الجامع الصغير" من رواية ابن لال وابن النجار والديلمي عن ابن عباس! 3841 - (الطاهر النائم كالصائم القائم) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 265) من طريق أبي صالح، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن عبد الرحمن بن حسان، عن عمرو بن حريث مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، ونحوه أبو صالح؛ واسمه عبد الله بن صالح. الحديث: 3841 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 3842 - (الطهور ثلاثاً ثلاثاً واجبة، ومسح الرأس واحدة) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 265) عن أبي شيخ عبد الله بن مروان الحراني، عن موسى بن أعين، عن الثوري، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبي حية بن قيس، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن باطل. أما الإسناد؛ فله علتان: الأولى: عنعنة الحراني هذا؛ فقد قال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر حديثه إذا بين السماع في خبره". قلت: وقد عنعنه هنا؛ فلا يعتبر به. والأخرى: عنعنة أبي إسحاق الهمداني - واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي -؛ فإنه مدلس أيضاً، وقد كان اختلط، لكن سماع الثوري منه قبل الاختلاط. وأما المتن؛ فهو ظاهر البطلان؛ لمعارضته ما ثبت في "البخاري" وغيره؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة. الحديث: 3842 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 3843 - (الطوفان: الموت) . ضعيف أخرجه ابن جرير في "التفسير" (13/ 14996) ، والديلمي (2/ 265-266) عن أبي هشام الرفاعي قال: حدثنا يحيى بن يمان قال: حدثنا المنهال بن خليفة، عن الحجاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 3843 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء: المنهال بن خليفة، ويحيى بن يمان، وأبو هشام الرفاعي - واسمه محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي - ثلاثتهم ضعفاء. والحجاج - وهو ابن أرطاة -؛ مدلس وقد عنعنه. 3844 - (ظهر المؤمن حمى، إلا في حد من حدود الله تعالى) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 266) من طريق الطبراني، عن أحمد ابن رشدين: حدثنا خالد بن عبد السلام: حدثنا الفضل بن المختار، عن عبيد الله ابن موهب، عن [عصمة] بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الفضل بن المختار؛ جاء في "الميزان" و "اللسان": "قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل". ثم ساق له أحاديث؛ قال عقبها: "فهذه أباطيل وعجائب". ثم ساق له آخر، ثم قال: "وهذا يشبه أن يكون موضوعاً". وأحمد بن رشدين؛ ضعيف. الحديث: 3844 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 3845 - (الظلمة وأعوانهم في النار) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 266) عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن مروان مولى حذيفة، عن أبيه، عن حذيفة مرفوعاً. الحديث: 3845 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 قلت: وهذا موضوع؛ آفته عنبسة هذا؛ فإنه كان يضع الحديث؛ كما قال أبو حاتم وغيره. 3846 - (أمرت أن أحدث عن ملك في السماء، ما بين عاتقه إلى منتهى رأسه كطيران ملك سبع مئة عام، وما يدري أين ربه؟ فسبحانه) . منكر أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (93/ 2) عن محمد بن إسحاق، عن الفضل (الأصل: الفضيل) بن عيسى، عن عمه يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبان ضعيف، ومثله ابن أخيه الفضل ابن عيسى؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "ضعفوه". وقال الحافظ: "منكر الحديث". قلت: وقد صح الحديث من رواية جابر رضي الله عنه مرفوعاً نحوه؛ دون قوله: "وما يدري أين ربه". فهي زيادة منكرة، وهو مخرج في "الصحيحة" (151) . الحديث: 3846 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 3847 - (العرش من ياقوتة حمراء، وإن ملكاً من الملائكة نظر إليه وإلى عظمه، فأوحى عز وجل إليه: إني قد جعلت فيك قوة سبعين ألف ملك لكل ملك سبعين ألف جناح فطر، فطار الملك بما فيه من القوة والأجنحة ما شاء الله أن يطير، فوقف، فنظر، فكأنه لم يسر!) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (43/ 1) عن عمر بن حريز، عن الحديث: 3847 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي رحمه الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ عمر بن حريز لم أجد له ترجمة. ثم تبين أنه محرف، وأن الصواب "عمرو بن جرير" كما حققه الأخ الفاضل رضا الله المباركفوري في تعليقه على كتاب: "العظمة" (2/ 631) ، وذكر أن عمراً هذا قال فيه أبو حاتم: "كان يكذب"، وقال الددارقطني: "متروك الحديث". وأقول: روى له ابن عدي في "الكامل" (3/ 149) ثلاثة أحاديث بإسناده الواحد عن جرير مرفوعاً، وهي ظاهرة النكارة، وقال ابن عدي: "وهذه الأحاديث غير محفوظة، وله غيرها، وهي مناكير السند والمتن". وقد ساق الذهبي في ترجمته من "الميزان" الأحاديث المشار إليها، ثم قال عقبها: "فهذه أباطيل". وأقره الحافظ في "اللسان"، وذكر أنها من رواية أحمد بن عبيد أبي عصيدة، وكأنه يشير إلى ضعفه، وقد قال عنه في "التقريب": "لين الحديث". والحديث مما سود به السيوطي "الجامع الصغير"، ولم يورد إلا الجملة الأولى منه، فلم يذكر قصة الملك! ومن الغريب أنه لم يورده مطلقاً في "الجامع الكبير"، وكان هو به أولى؛ لأنه لم يصنه عما تفرد به كذاب أو وضاع كما ادعاه في الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 "الجامع الصغير"، وإن كان لم يستطع الوفاء به، فكان "الجامع الكبير" أولى به؛ لأنه حشد فيه مثل هذا من الموضوعات، وقد مضى منها الشيء الكثير. 3848 - (سبقكما بها الدوسي) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 508) عن حماد بن شعيب، عن إسماعيل بن أمية: أن محمد بن قيس بن مخرمة حدثه: أن رجلاً جاء زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة؛ فإنه بينا أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعوا الله تعالى ونذكر ربنا؛ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى جلس إلينا، قال: فجلس وسكتنا، فقال: "عودوا للذي كنتم فيه". قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يؤمن على دعائنا، قال: ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم! إني أسألك مثل الذي سأل صاحباي هذان، وأسألك علماً لا ينسى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله! ونحن نسأل الله علماً لا ينسى. فقال: ... فذكره. وقال: "صحيح الإسناد". وتعقبه الذهبي، فقال: "قلت: حماد ضعيف". قلت: وضعفه البخاري جداً؛ فقال: "فيه نظر". وقال مرة: "منكر الحديث". الحديث: 3848 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 308 3849 - (عاشوراء يوم التاسع) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 322) عن أبي أمية بن يعلى، عن سعيد المقبري، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا متن موضوع، وإسناده ضعيف جداً؛ آفته أبو أمية هذا؛ قال ابن حبان: "لا يحل الرواية عنه". وضعفه الدارقطني. وأما أن متنه موضوع؛ فواضح من تواتر أنه اليوم العاشر في أحاديث عدة في صيامه - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء، وأمره به، والحض عليه، وبيان فضل صيامه، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة، كلها مجمعة على أن عاشوراء هو يوم العاشر من محرم الحرام. ولعل أصل الحديث موقوف رفعه أبو أمية؛ فقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 59) من طريق الحكم بن الأعرج، عن ابن عباس قال: هو يوم التاسع. وإسناده صحيح. وروى أيضاً من طريق عبد الله بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع". يعني يوم عاشوراء. وهكذا أخرجه مسلم (3/ 151) من طريق ابن أبي شيبة. ومن الظاهر أن قوله: "يعني يوم عاشوراء" إنما هو تفسير من بعض الرواة، ولعله ابن عباس نفسه، ويؤيده رواية الحكم عنه الموقوفة، وقد أخرجها مسلم عن الحديث: 3849 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 309 ابن أبي شيبة أيضاً بلفظ: قال: انتهيت إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم؛ فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائماً. قلت: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم؟ قال: نعم. قال الشوكاني رحمه الله تعالى (4/ 206) : "أرشد ابن عباس السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه، وهو التاسع، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر؛ لأن ذلك مما لا يسأل عنه، ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة، فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه؛ أجاب عليه بأنه التاسع. وقوله "نعم" بعد قول السائل: أهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم؟ بمعنى: نعم هكذا كان يصوم لو بقي؛ لأنه قد أخبرنا بذلك، ولا بد من هذا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - مات قبل صوم التاسع". قلت: وهذا أحسن ما قيل في تأويل قول ابن عباس هذا، وبه تجتمع الأحاديث ويزول التعارض الظاهر منها. ومما يؤكد أن يوم عاشوراء هو العاشر حتى عند ابن عباس نفسه؛ هو سبب ورود حديث ابن عمير المتقدم؛ فقد أخرج مسلم من طريق أخرى عن ابن عباس قال: حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء،وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصاري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع". قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فهذا نص من ابن عباس على أن التاسع هو غير عاشوراء، فثبت بطلان حديث الترجمة. والله أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 وعلى ضوء تأويل الشوكاني لقول ابن عباس المتقدم: "هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم"، يمكن تأويل قوله الذي قبله في عاشوراء: "هو يوم التاسع"؛ أي بدءاً، وبعده عاشوراء. والله أعلم. ومما يشهد لبطلان حديث الترجمة: ما رواه البزار في "مسنده" (1/ 492/ 1051-كشف) : حدثنا عمرو بن عثمان: حدثنا أبو عاصم: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بصيام عاشوراء يوم العاشر. قال الحافظ ابن حجر في "مختصر الزوائد" (1/ 406/ 672) : "إسناده صحيح". وقال البزار: "لا نعلمه رواه بهذا اللفظ إلا ابن أبي ذئب". 3850 - (عالم ينتفع بعلمه خير من ألف عابد) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 290) عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن جميع؛ كذبه ابن معين. وقال ابن عدي: "كان يتهم بالوضع"، وقال البخاري: "منكر الحديث". قلت: وخالفه سعد الإسكاف؛ فرواه عن أبي جعفر محمد بن علي قال: ... فذكره موقوفاً عليه. الحديث: 3850 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 183) ، ولعله الصواب؛ وإن كان سعد هذا متروكاً، ورماه ابن حبان بالوضع. ثم رأيته في "تاريخ قزوين" للرافعي (2/ 47) من طريق محمد بن إسماعيل ابن موسى بن جعفر بن محمد: حدثني عم أبي إسحاق بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي به مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون موسى بن جعفر لم أعرفهم، ومضى برقم (3273) . 3851 - (عاشوراء عيد نبي كان قبلكم، فصوموا أنتم) . ضعيف أخرجه البزار (1046-كشف) من طريق إبراهيم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم الهجري لين الحديث. الحديث: 3851 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 3852 - (عليكم بالسواك، فنعم الشيء السواك، يذهب بالحفر، وينزع البلغم، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويذهب بالبخر، ويصلح المعدة، ويزيد في درجات الجنة، وتحمده الملائكة، ويرضي الرب، ويسخط الشيطان) . ضعيف أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 47) من طريق أبي محمد الحكمي، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. قلت: وأبو محمد الحكمي؛ لم أجد من ذكره. الحديث: 3852 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 وقد روي الحديث من طريق أخرى؛ فقال ابن عدي (122/ 2) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغزي: حدثنا محمد بن أبي السري: حدثنا بقية، عن الخليل بن مرة، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً به نحوه. وهذا سند ضعيف؛ الخليل بن مرة ضعيف، وضعفه البخاري جداً. وبقية؛ مدلس، وقد عنعنه. ومحمد بن أبي السري - وهو ابن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني -؛ قال الحافظ: "صدوق عارف له أوهام كثيرة". وروي عن عائشة، أخرجه البزار (1/ 243/ 499) من طريق السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق عنها. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ السري هذا متروك الحديث؛ كما في "التقريب". 3853 - (ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا منشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم وهم يقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) . ضعيف جداً رواه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن" (2/ 194/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (4/ 434) ، والقاضي أبو عبد الله الفلاكي في "فوائده" (89/ 2) ، والجرجاني (284-285) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 56) ، والخطيب في "التاريخ" (1/ 266) عن يحيى بن عبد الحميد الحماني: حدثنا عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعاً. الحديث: 3853 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 313 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك. والحماني؛ فيه ضعف؛ لأنه كان يسرق الحديث، واقتصر المنذري على إعلال الحديث عليه فقصر! فقال في "الترغيب" (2/ 240) : "رواه الطبراني والبيهقي من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني، وفي متنه نكارة". وقد تابعه أبو مسلم عبد الرحمن بن واقد: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به. أخرجه الخطيب (10/ 265) . وعبد الرحمن بن واقد؛ لحاله كالحماني، قال ابن عدي: "حدث بالمناكير عن الثقات، يسرق الحديث". قلت: فلا أدري أيهما سرقه من الآخر! وله عن ابن عمر طريق أخرى في "أوسط الطبراني" عن مجاشع بن عمرو، عن داود بن أبي هند، عن نافع عنه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته مجاشع بن عمرو؛ قال ابن معين: "أحد الكذابين". وقد روي الحديث عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم، كأني أنظر إليهم إذا انفلقت الأرض عنهم يقولون: لا إله إلا الله، والناس بهم". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 أخرجه الخطيب (5/ 305) ، وابن عساكر (10/ 440-441 طبع دمشق) عن أبي عتبة أحمد بن الفرج الحجازي: حدثنا محمد بن سعيد الطائفي: حدثنا ابن جريج، عن عطاء عنه. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ محمد بن سعيد هذا ذكره ابن حبان في "الضعفاء" وقال: "لا يحل الاحتجاج به بحال، روى عن ابن جريج عن عطاء". فذكر هذا الحديث، وقال: "وهذا خبر باطل". وقال أبو نعيم: "روى عن ابن جريج خبراً موضوعاً". قلت: ولعله يشير إلى هذا. 3854 - (إنما يتجالس المتجالسان بأمانة الله، فلا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره) . ضعيف رواه ابن المبارك في "الزهد" (رقم 695) : أنبأ معمر قال: سمعت ابن عبد الرحمن الجحشي - قال ابن صاعد: وهو سعيد - يقول: سمعت أبا بكر ابن حزم يقول: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مرسل حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن عبد الرحمن الجحشي، وهو صدوق؛ كما في "التقريب". وقد روي موصولاً، أخرجه الديلمي (1/ 2/ 318) معلقاً، عن ابن لال، عن ابن أخي ابن وهب: حدثني عبد الله بن محمد بن المغيرة: حدثنا سفيان الحديث: 3854 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعاً به. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن المغيرة هذا ضعفوه، وقال العقيلي: "حدث بما لا أصل له". وساق له الذهبي أحاديث، وقال: "وهذه موضوعات". وقال الحافظ العراقي في "تاريخ الإحياء" (2/ 157) : "رواه أبو بكر بن لال في "مكارم الأخلاق" من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف، ورواه الحاكم وصححه من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف، ورواه الحاكم وصححه من حديث ابن عباس: إنكم تجالسون بينكم بالأمانة". قلت: وحديث ابن عباس هذا؛ لم أره حتى الآن في "المستدرك" لننظر في سنده، ومهما يكن من أمر؛ فإن الطرف الأول من الحديث المرسل يتقوى بحديث ابن عباس هذا، وبحديث جابر مرفوعاً بلفظ: "المجالس بالأمانة ... " وسنده ضعيف أيضاً؛ كما تقدم بيانه (1909) . 3855 - (عجلوا بالركعتين بعد المغرب، فإنهما ترفعان مع المكتوبة) . ضعيف جداً أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 31) ، وابن عدي (ق 144/ 2) ، والديلمي (2/ 278) عن محمد بن الفضل، عن زيد العمي، عن أبي غالب، عن حذيفة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن الفضل - وهو ابن عطية -؛ متروك. وزيد العمي؛ ضعيف. الحديث: 3855 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 ولذلك قال ابن نصر: "هذا حديث ليس بثابت". 3856 - (عجلوا صلاة النهار في يوم الغيم، وأخروا المغرب) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة (2/ 30/ 2) : حدثنا وكيع قال: أخبرنا حسن بن صالح، عن عبد العزيز بن رفيع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات، وهو مرسل. الحديث: 3856 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 3857 - (عد الآي في الفريضة والتطوع) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 356) عن الحسن بن حماد - سجادة -: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، عن أبي سعيد الشامي، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو سعيد الشامي - وهو عبد القدوس بن حبيب الوحاظي - وهو كذاب؛ كما قال ابن المبارك، وصرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. والحماني؛ كان يسرق الحديث. والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (13/ 473-474) من هذا الوجه، لكن بلفظ مخالف له، فقال: "عد الآي في التطوع، ولا تعده في الفريضة". وكذا لفظه في "المقصد العلي" (1/ 180/ 414) ، وكذا في "المجمع": الحديث: 3857 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 "وفيه أبو يحيى التميمي الكوفي، وهو ضعيف". ولفظه في "المطالب العالية" (1/ 143/ 525) مثله إلا أنه قال: "لا الفريضة"، لم يقل: "ولا تعده". وهو أقرب إلى الصواب لغة؛ لأن (الآي) جمع، ويمكن تأويله بإعادة الضمير إلى المعنى أي (المذكور) ، لكن مثله يقال إذا صح الحديث، وهيهات! ثم إن إعلال الهيثمي إياه بـ (أبي يحيى التميمي الكوفي) ، فيه نظر من وجهين: الأول: أنه وقع في "مسند أبي يعلى" (أبو يحيى الكوفي) ، فظنه غير (الحماني) - وكنية هذا أيضاً أبو يحيى الكوفي -، فقال في إعلاله ما تقدم! فوهم، وأضاف إلى كنيته على سبيل البيان نسبة (التميمي) ، وهو خطأ مطبعي فيما أظن، صوابه: التيمي، واسمه (إسماعيل بن إبراهيم، أبو يحيى التيمي) ، وهو ضعيف حقاً، لكن الصواب أنه (أبو يحيى الحماني) لتصريح رواية الخطيب باسمه، ولأن (سجادة) من الرواة عنه، وليس له رواية عن (أبي يحيى التيمي) . والآخر: أنه لم يعل الحديث بأبي سعيد الشامي، فالظاهر أنه لم يعرفه، وإلا؛ فإعلال الحديث به أولى؛ لشدة ضعفه. وهذا ما وقع فيه المعلق على "مسند أبي يعلى"؛ فقال في أول تخريجه عليه: "إسناده ضعيف؛ لجهالة أبي سعيد الشامي (!) ، وباقي رجاله ثقات، وأبو يحيى الكوفي؛ هو عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وقد وهم الدكتور نايف الدعيس، فظنه إسماعيل بن إبراهيم الأحول". قلت: هذا الدكتور تبع في هذا الوهم الهيثمي كما هو ظاهر مما تقدم، وتبعه أيضاً المعلق الآخر على "المقصد العلي"، وهو المدعو (سيد كسروي حسن) (1/ 180) ، وقلد المعلق على "أبي يعلى"، فقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 "وأبو سعيد الشامي؛ مجهول؛ قاله ابن حجر في "التقريب" (2/ 428) ". قلت: وعذر هذا وذاك في هذا التجهيل؛ أنهما استقربا ترجمته من "التقريب"، فوجدا فيه التجهيل، فوقفا عنده؛ لأنه ليس في حفظهما أن هناك رواياً آخر بهذه الكنية؛ هو أشهر من هذا بالرواية عن مكحول، وبرواية الشيوخ عنه، وهو عبد القدوس بن حبيب، ولو أنهما توسعاً قليلاً في البحث لوجدا في "كنى اللسان" (6/ 384/ 595) ما يدلهما على ذلك! وأما المجهول؛ فلم يرو عنه غير عتبة بن يقظان مع ضعفه، ولذلك لم يذكره المزي في الرواة عن مكحول، وإنما ذكر عبد القدوس، وكذلك الذهبي لم يذكر إلا هذا فيمن يكنى بـ (أبي سعيد) في كتابه "المقتنى"، وهو في ذلك تابع للدولابي في "الكنى" (1/ 187) ، وقال: "متروك الحديث". ولأبي أحمد الحاكم في "كناه" (1/ 174/ 1) ، وقال: "ذاهب الحديث". وعلى هذا؛ فإني لا أستبعد أن يكون هذا والذي روى عنه عتبة واحداً. والله أعلم. وإن من تفاهة التخريج، وقلة فائدة التسويد؛ أن المعلق على "مسند أبي يعلى" سود قرابة صفحتين في نقل أقوال العلماء المختلفة في سماع مكحول من واثلة، ثم مال إلى قول الحافظ: إنه سمع منه، فإن مثل هذا البحث إنما يفيد إذا كان السند إلى مكحول ثابتاً، وتوقفت تقوية الحديث على إثبات سماعه من الصحابي، أما والسند إليه ضعيف بل هالك! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 وأيضاً؛ فإنما يفيد ذلك لو ثبت سماعه منه، إذا لم يرم بالتدليس، وقد قال فيه ابن حبان في "الثقات" (5/ 446) : "ربما دلس". وذكره الحافظ في (الطبقة الثالثة) من "المدلسين". 3858 - (عدد درج الجنة، عدد آي القرآن، فمن دخل الجنة من أهل القرآن؛ فليس فوقه درجة) . منكر أخرجه الديلمي (2/ 291-292) من طريق الحاكم، عن محمد ابن روح: حدثنا الحكم بن موسى: حدثنا شعيب بن إسحاق، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 2/ 156/ 2) وقال: "قال الحاكم: إسناد صحيح، ولم يكتب المتن إلا به، وهو من الشواذ". وذكره السيوطي في "الفتاوي" (2/ 259) ، وأقره! قلت: بل هو منكر؛ علته محمد بن روح - وهو أبو عبد الله القتيري المصري -؛ قال ابن يونس: "منكر الحديث".وكذا قال الذهبي في "الضعفاء". وقال الدارقطني: "ضعيف". الحديث: 3858 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 3859 - (عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدي إليك) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 279) عن محمد بن خزيمة، عن هشام بن الحديث: 3859 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 عمار، عن سعيد بن يحيى، عن هشام بن عروة، عن رجل من الأنصار - يقال له: قيس - قال: أخبرني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن خزيمة هذا هو أبو بكر القرشي؛ قال ابن عساكر: "أحاديثه تدل على ضعفه". ورواه البخاري في "التاريخ"، والبيهقي في "الشعب" عن أيوب بن ميسرة مرسلاً؛ كما في "الجامع الصغير". ثم رأيته في "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 1/ 410) ، وأحمد في "العلل" (1/ 97/ 578) من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن أيوب بن ميسرة، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وأخرجه يحيى بن معين في "تاريخه" رواية عباس الدوري (2/ 57) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (6/ 260) ، وكذا الخطيب في "الموضح" (1/ 246 و 247) ، وقال البيهقي: "مرسل جيد". قلت: إن كان يعني المتن؛ فلا كلام، وإن كان يعني السند؛ ففيه نظر؛ لأن أيوب بن ميسرة - الذي أرسله - ليس بالمشهور؛ فإنه لم يرو عنه غير هشام بن عروة؛ كما في "التاريخ" و "الجرح والتعديل" و "ثقات ابن حبان" (4/ 27) ؛ فإنهم جميعاً لم يذكروا له راوياً غير هشام، فهو في عداد المجهولين. والحديث ذكره البيهقي أيضاً في كتاب "الآداب" (ص 126) ، فقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 "وروينا عن أيوب بن ميسرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً أنه قال: ... (فذكره) ". ثم رأيته في "مصنف ابن أبي شيبة" (6/ 551) قال: حدثنا هشام، عن أيوب بن ميسرة به! كذا فيه، ولعله سقط منه "وكيع". 3860 - (عربوا العربي، وهجنوا الهجين، للفرس سهمان، وللهجين سهم) . ضعيف أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (12/ 228/ 1-2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (66/ 10) ، والبيهقي في "السنن" (9/ 51-52) ؛ كلاهما من طريق ابن عدي - وهو في "الكامل" (1/ 171) -؛ كلاهما عن أحمد بن أبي أحمد الجرجاني: حدثنا حماد بن خالد: حدثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أحمد بن أبي أحمد الجرجاني؛ قال ابن عدي: "أحاديثه ليست بمستقيمة". ومن فوقه ثقات؛ على اختلاف في صحبة حبيب بن مسلمة. وقال البيهقي عقبه: "كذا رواه أحمد بن أبي أحمد الجرجاني ساكن حمص، عن حماد بن خالد موصولاً، ورواه الشافعي وأحمد بن حنبل وجماعة، عن حماد منقطعاً، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، عن أبي بشر - وهو العلاء -، عن مكحول مرسلاً. وهذا منقطع، ولا تقوم به حجة". قلت: ومداره موصولاً ومرسلاً على العلاء بن الحارث، وكان اختلط. الحديث: 3860 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 3861 - (عرضت علي أمتي البارحة لدى هذه الحجرة أولها إلى آخرها، فقال رجل: عرض عليك من خلق، فكيف من لم يخلق؟ فقال: صوروا لي في الطين، حتى لأنا أعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 149/ 2) ، والديلمي (2/ 301) عن أبي بكر الحنفي: أخبرنا داود بن الجارود، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد مرفوعاً. ثم قال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا عقبة بن مكرم الضبي: أخبرنا يونس بن بكير، عن زياد بن المنذر، عن أبي الطفيل به. قلت: وزياد بن المنذر؛ كذبه يحيى بن معين؛ كما في "التقريب". وتابعه في الطريق الأولى: داود بن الجارود، ولم أعرفه. الحديث: 3861 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 3862 - (عرف الحق لأهله) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 255) ، وأحمد (3/ 435) ، والطبراني في "الكبير" (1/ 42/ 2) عن محمد بن مصعب: حدثنا سلام بن مسكين والمبارك بن فضالة، عن الحسن، عن الأسود بن سريع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بأسير، فقال: اللهم! إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: ابن مصعب ضعيف"، فأصاب. الحديث: 3862 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 وأخرجه الضياء في "المختارة" (1/ 463) من طريق الطبراني، ثم قال: "ومحمد بن مصعب تكلم فيه يحيى بن معين وغيره، وقال الإمام أحمد: لا بأس به". وقال الحافظ: "صدوق كثير الغلط". قلت: والحسن - وهو البصري -؛ مدلس؛ وقد عنعنه عندهم جميعاً. 3863 - (عرفة يوم يعرف الناس) . ضعيف رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص 93) ، والدارقطني (257) ، والديلمي (2/ 292) عن العوام بن حوشب: حدثني السفاح بن مطر، عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد مرفوعاً. قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ والسفاح بن مطر لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه اثنان. ثم أخرج له الدارقطني شاهداً من طريق الواقدي: أخبرنا ابن أبي سبرة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، عن أبيه مرفوعاً به. لكن الواقدي كذاب، وشيخه ابن أبي سبرة نحوه - وهو أبو بكر بن عبد الله ابن محمد بن أبي سبرة -؛ قال الحافظ: "رموه بالوضع". الحديث: 3863 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 3864 - (عزمة على أمتي أن لا يتكلموا في القدر، ولا يتكلم في القدر إلا شرار أمتي في آخر الزمان) . موضوع رواه ابن عدي (234/ 2) عن عبد الرحمن بن القطامي: حدثنا الحديث: 3864 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 أبو المهزم، عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: "وأبو المهزم في عداد الضعفاء، ولعل إنكار هذا الحديث منه، لا من عبد الرحمن". قلت: هو متروك؛ كما في "التقريب". ومثله أو شر منه: عبد الرحمن بن القطامي، وساق له الذهبي هذا الحديث في ترجمته؛ وقال: "قال الفلاس: لقيته، وكان كذاباً". وقال البزار: "ضعيف الحديث جداً، متروك". والشطر الأول من الحديث يرويه محمد بن خالد البصري أبو بكر قال: نبأنا عمر بن منيع، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً به. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 189) ، والديلمي (2/ 293) . قلت: وعمر بن منيع؛ لم أعرفه. ومحمد بن خالد البصري أبو بكر، لعله الذي في "التهذيب": "محمد بن خالد بن خداش بن عجلان المهلبي، مولاهم أبو بكر الضرير البصري، سكن بغداد، روى عن أبيه وإسماعيل ابن علية وابن مهدي ... روى عنه ابن ماجه وإبراهيم الحربي وابن خزيمة ... ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أغرب عن أبيه". لكن وقع في "الديلمي": "محمد بن خالد المزني"، وعنه محمد بن عوف. ولم يذكروا في ترجمته أنه مزني ولا في الرواة عنه ابن عوف هذا. والله أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 325 وأما قول المناوي بعد عزوه للخطيب: "وفيه محمد بن خالد البصري، قال الذهبي: قال أبو حاتم: منكر الحديث.. وفيه أيضاً محمد بن الحسين الدوري؛ قال الذهبي: اتهم بالوضع، وأورده ابن الجوزي في "الواهيات" وقال: لا يصح". قلت: فهذا من الأوهام العجيبة!! فليس في "ميزان الذهبي" ولا في "ضعفائه" ذكر لهذين الرجلين البتة، والظاهر أنهما اشتبها عليه بغيرهما. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (1/ 150) رواه من طريق ابن عدي، ثم قال: "هذا حديث موضوع، وأبو المهزم ليس بشيء، والقطامي؛ قال الفلاس: كان كذاباً". ثم روى (1/ 147) حديث ابن عمر من طريق الخطيب بإسناده عنه، وقال: "لا يصح؛ فيه مجاهيل". (تنبيه) : هكذا نقلت من مخطوطة "الكامل" في المكتبة الظاهرية: "عزمة"؛ وكذلك هو في "الجامع الصغير" و "الكبير" للسيوطي من رواية ابن عدي، وفي "التاريخ" من حديث ابن عمر. ووقع في الطبعات الثلاث لـ "الكامل": "عزمت" بالتاء المفتوحة؛ أي: بصيغة الماضي المتكلم، وكذلك وقع في "العلل" من رواية ابن عدي والخطيب، ولم ترد هذه اللفظة مطلقاً في "الميزان" و "اللسان"، ولعل ذلك كان اختصاراً من المؤلف. وسقط حرف (لا) من الطبعات الثلاث، ومن المصورة التي عندي، ففسد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 326 المعنى كما هو ظاهر، ولم يتنبه لهذا الخطأ الفاحش من وضع "الفهرس" لـ "الكامل"، وسموه بـ "معجم الكامل"، فأورده فيه (ص 199) كما هو في "كاملهم"! وتحرف لفظ "القدر" الأول في المصورة إلى "القرآن"؛ فصار الحديث فيها: "عزمت على أمتي أن يتكلموا في القرآن، ولا.." إلخ! 3865 - (عشرة أبيات بالحجاز أبقى من عشرين بيتاً بالشام) . ضعيف رواه الحسن بن علي الأهوازي في "عقد أهل الإيمان" (4/ 193/ 1) عن يعلى بن عبيد قال: أخبرنا أبو بكر المديني، عن عمر أو عن أشياخه، عن معاوية مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون معاوية لم أعرفهم. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 53) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم". الحديث: 3865 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 3866 - (عضة نملة أشد على الشهيد من مس السلاح، بل هو أشهى عنده من شراب بارد لذيذ في يوم صائف) . ضعيف أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (61/ 255/ 2) من طريق حرملة بن يحيى: حدثنا سعيد بن سابق: حدثني خالد بن حميد، عن مسلم ابن عبيد الله، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. ثم أخرجه من طريق الحسن بن علي: حدثنا سعيد بن سابق السلولي من الرشيد -: أخبرنا خالد بن حميد المهري، عن مسلم بن عبد الله ومحمد بن زيد، عن سعيد بن جبير به، وقال: الحديث: 3866 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 "كذا، وأراه خطأ، والصواب: مسلم، عن محمد بن زيد. والله أعلم". قلت: ورجاله ثقات؛ غير مسلم بن عبيد الله؛ فلم أعرفه، ومن المحتمل أن يكون هو مسلم بن عبيد الله القرشي، وهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي، وقيل: عبيد الله بن مسلم، على القلب، وهو الأشهر؛ كما في "التقريب"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فإن يكن هو؛ فهو في نقدي مجهول. والله أعلم. وسعيد بن سابق؛ هو الرازي، والد محمد بن سعيد بن سابق، وهو مترجم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 30-31) برواية جمع عنه، وقال عن أبيه: "كان حسن الفهم بالفقه، وكان محدثاً". وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 361) . والحديث رواه الديلمي (2/ 93/ 1) من طريق أبي الشيخ معلقاً عليه قال: حدثنا ابن أبي عاصم: حدثنا الحسين بن علي: حدثنا سعيد بن العباس السلولي: حدثنا خالد بن حميد، عن محمد بن يزيد، عن سعيد بن جبير به. 3867 - (عفو الله أكثر من ذنوبك يا حبيب بن الحارث!) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 299/ 4987-بترقيمي) ، ومن طريقه الديلمي (2/ 150/ 1-2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 19) من طريق عيسى بن إبراهيم البركي قال: حدثنا سعيد بن عبد الله قال: أخبرنا نوح بن ذكوان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: جاء حبيب بن الحارث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إني رجل مقراف للذنوب؟ قال: "فتب إلى الله يا حبيب"! قال: يا رسول الله! إني أتوب ثم الحديث: 3867 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 أعود! قال: "فكلما أذنبت فتب". قال: يا رسول الله! إذن؛ تكثر ذنوبي! قال: ... فذكره. وقال الطبراني: "لا يروى عن هشام إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى بن إبراهيم". قلت: قال الذهبي في "الميزان": "صدوق، له أوهام". ونحوه قول الحافظ: "صدوق ربما وهم". وسعيد بن عبد الله - وهو (الجنابي) ؛ كما في رواية لأبي نعيم، و (أبو المفلس) ؛ كما في "الديلمي" -؛ لم أجد له ترجمة. ونوح بن ذكوان؛ قال الذهبي في "الكاشف": "واه". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 200) . 3868 - (علم الإسلام الصلاة، فمن فرغ لها قلبه وحاذ عليها بحدها ووقتها وسننها فهو مؤمن) . ضعيف رواه ابن عدي (207/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (11/ 109) عن حمزة الزيات، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً. ومن هذا الحديث: 3868 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 الوجه روى القضاعي (6/ 2/ 2) الجملة الأولى منه، وقال الخطيب: "هذا الحديث غريب جداً، لم أكتب إلا من حديث علي بن عمر الختلي بإسناده". قلت: هو عند ابن عدي من غير طريق الختلي، وعلة الحديث أبو سفيان هذا - واسمه طريف بن شهاب -؛ روى ابن عدي تضعيفه عن جمع، وساق له أحاديث منكرة، هذا أحدها. وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وحمزة؛ هو ابن حبيب الزيات؛ قال الحافظ: "صدوق ربما وهم". ومن طريقه: أخرجه أيضاً أبو الشيخ في "الطبقات" (ص 159) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 196) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (33/ 2) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (8/ 2/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 271) ، والخطابي في "غريب الحديث" (53/ 2-54/ 1) ؛ كلهم عن حمزة به. وقال الخطابي: "والمشهور من هذا: "حافظ عليها"، فإن صح قوله: "حاذ"؛ فمعناه ومعنى الأول سواء، يقال: حاذ على الشيء إذا حافظ عليه". (تنبيه) : قال المناوي بعد عزوه للخطيب وغيره: "وفيه أبو يحيى القتات أورده الذهبي في "الضعفاء"، ومحمد بن جعفر المدائني أورده فيهم، وقال أحمد: لا أحدث عنه أبداً، وقال مرة: لا بأس به". قلت: القتات ليس له ذكر فيه البتة كما ترى، ومحمد بن جعفر متابع عليه عند بعضهم!! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 3869 - (عبد الرحمن بن عوف يسمى الأمين في السماء) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 299) عن علي بن عبد الرحمن البكاري، عن الحضرمي، عن بن زياد الطوسي، عن الهيثم بن جميل، عن فرات بن السائب، عن مهران بن ميمون، عن ابن عمر، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فرات بن السائب متروك. ومن دون الهيثم بن جميل؛ لم أعرفهم. وابن زياد لم أتمكن من قراءة اسمه من (الفلم) . والله أعلم. الحديث: 3869 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 3870 - (عبد الله بن عمر من وفد الرحمن، وعمار بن ياسر من السابقين، والمقداد بن الأسود من المجتهدين) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 299) عن الزعفراني البوصرائي: حدثنا عبد الله بن عمرو: حدثنا عبد الوارث، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع ظاهر الوضع؛ آفته البواصرائي هذا؛ واسمه الحسن بن الفضل بن السمح الزعفراني، وهو متروك الحديث؛ كما في "الأنساب" و "اللباب" وغيرهما. الحديث: 3870 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 3871 - (علامة حب الله حب ذكره، وعلامة بغض الله بغض ذكره) . ضعيف أخرجه الختلي ابن الجنيد في "محبة الله تعالى" (ق 71/ 1) ، وأبو محمد بن أبي شريح الأنصاري في "الأحاديث المئة" (223/ 1) ، وأبو بكر الجنازي في "الأمالي" (9/ 1) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح معاني الآثار" (2/ 2) من طرق، عن زياد بن ميمون، عن أنس مرفوعاً. الحديث: 3871 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 قلت: وهذا موضوع؛ زياد بن ميمون هو أبو عمار الثقفي الباهلي، قال يزيد ابن هارون: "كان كذاباً". وقال البخاري: "تركوه". لكن أخرجه السلفي في "معجم السفر" (94/ 2) عن ابن إبراهيم ذي النون المصري: حدثنا مالك، عن الزهري، عن أنس به. قلت: وذو النون هذا؛ اسمه ثوبان بن إبراهيم، قال الدارقطني: "روى عن مالك أحاديث فيها نظر". قلت: والظاهر أن هذا منها. وقال الجوزقاني: "كان زاهداً، ضعيف الحديث". 3872 - (علم لا ينفع وجهالة لا تضر. يعني علم الأنساب) . ضعيف رواه ابن وهب في "الجامع" (ص 4-5) بسند حسن، عن زيد بن أسلم قال: قيل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بم؟ "، قيل: بأنساب الناس، قال: ... فذكره. قلت: وهذا ضعيف لإرساله. وقد روي موصولاً؛ من طريق بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه. وبقية؛ مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 3872 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 3873 - (على الركن اليماني ملك موكل به منذ خلق الله السماوات والأرض، فإذا مررتم به فقولوا: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) فإنه يقول: آمين آمين!) . ضعيف جداً رواه أبو نعيم (5/ 82) ، والخطيب (12/ 287) ، والجرجاني (312) ، وابن الجوزي في "منهاج القاصدين" (1/ 56/ 1) عن محمد بن الفضل: حدثني كرز، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ محمد بن الفضل - هو ابن عطية -؛ متروك. وكرز؛ هو ابن وبرة، روى عنه الثوري وجماعة ذكرهم في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 170) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3873 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 3874 - (على المقتتلين أن ينحجزوا، والأول فالأول، وإن كانت امرأة) . ضعيف أخرجه أبو داود (4538) ، والنسائي (2/ 246) من طريق الأوزاعي، أنه سمع حصناً، أنه سمع أبا سلمة، يخبر عن عائشة به مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حصن هذا؛ قال الدارقطني: "شيخ، يعتبر به". وقال ابن القطان: "لا يعرف حاله". وهذا معنى قول أبي حاتم ويعقوب بن سفيان: "لا أعلم أحداً روى عنه غير الأوزاعي". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! الحديث: 3874 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 3875 - (على الوالي خمس خصال: جمع المال من حقه، ووضعه في حقه، وأن يستعين على أمورهم بخير من يعلم، ولا يجمرهم فيهلكهم، ولا يؤخر أمر يوم لغد) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (ص 67) ، وابن أخي ميمي في "الفوائد المنتقاة" (2/ 83/ 1) عن جعفر بن مرزوق، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. وقال العقيلي: "جعفر بن مرزوق؛ روى أحاديث مناكير لا يتابع فيها على شيء، منها هذا الحديث". وقال أبو حاتم: "شيخ مجهول، لا أعرفه". الحديث: 3875 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 3876 - (علموا أبناءكم السباحة والرماية، ونعم لهو المؤمنة مغزلها، وإذا دعاك أبواك فأجب أمك) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 277) من طريق سليم (الأصل: سليمان) بن عمرو الأنصاري، عن عم أبيه، عن بكر بن عبد الله بن ربيع الأنصاري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سليم بن عمرو الأنصاري مجهول؛ قال الذهبي: "روى عنه علي بن عياش خبراً باطلاً، وليس هذا بمعروف". ثم ساق له هذا الحديث. ولهذا؛ قال السخاوي في "المقاصد" - وتبعه العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 68) -: "وسنده ضعيف". الحديث: 3876 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 3877 - (علموا أبناءكم السباحة والرمي، والمرأة المغزل) . ضعيف جداً رواه البيهقي في "الشعب" (6/ 401/ 8774) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (122/ 1) من طريق أحمد بن عبيد: حدثنا أبي قال: حدثني قيس، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي: "عبيد العطار؛ منكر الحديث". قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: 1- عبيد - وهو ابن إسحاق العطار -؛ قال النسائي والأزدي: "متروك الحديث"، وضعفه يحيى، وقال البخاري: "عنده مناكير"، وقال الدارقطني: "ضعيف"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه منكر". وأما أبو حاتم فرضيه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يغرب". 2- قيس - وهو ابن الربيع -؛ وهو ضعيف لسوء حفظه. 3- ليث - وهو ابن أبي سليم -؛ وكان قد اختلط. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية البيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمر. فتعقبه شارحه المناوي بقوله: "وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: عبيد العطار منكر الحديث. اهـ". الحديث: 3877 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 335 3878 - (علموا بنيكم الرمي؛ فإنه نكاية للعدو) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 277) عن منذر بن زياد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المنذر هذا؛ فإنه كان كذاباً؛ كما قال الفلاس. واتهمه غيره بالوضع، وذكر له في "اللسان" بعض موضوعاته. الحديث: 3878 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336 3879 - (علموا رجالكم سورة (المائدة) ، وعلموا نساءكم سورة (النور)) . ضعيف قال في "الجامع": رواه سعيد بن منصور في "سننه"، والبيهقي في "الشعب" [ (2/ 478/ 2454) معلقاً،] عن مجاهد مرسلاً. ورمز له بالضعف. قلت: وذلك لإرساله، لكن قال المناوي: "ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال، والأمر بخلافه؛ ففيه عتاب بن بشير، أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: مختلف في توثيقه. وخصيف ضعفه أحمد وغيره". قلت: وفي "التقريب": "خصيف صدوق سيىء الحفظ خلط بآخره، وعتاب بن بشير صدوق يخطىء". فهو خير من الذي قبله؛ فالحمل عليه فيه أولى، مع ملاحظة علة الإرسال. ولشطره الثاني شاهد بسند ضعيف جداً بل موضوع؛ يأتي في: "لا تسكنوهن الغرف". الحديث: 3879 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336 وروى البيهقي (2/ 472/ 2437) عن أبي عطية الهمداني قال: كتب عمر بن الخطاب: تعلموا سورة (براءة) ، وعلموا نساءكم سورة (النور) ، وحلوهن الفضة. ورجاله ثقات؛ غير شيخ البيهقي أبي نصر بن قتادة؛ فلم أعرفه، وقد سماه في بعض المواطن بـ "عمر بن عبد العزيز بن قتادة"، وتارة يقول: ".. ابن عمر بن قتادة". انظر الصفحات التالية من الجزء الأول (227 و 439 و 444) والجزء الثاني (35 و 546) من "شعب الإيمان"، ومع ذلك فقد جهدنا في أن نجد له ترجمة فلم نوفق. 3880 - (علموا نساءكم سورة (الواقعة) ، فإنها سورة الغنى) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 278) عن علي بن الحسن بن حبيب: حدثنا موسى بن فرقد البصري، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ من دون أنس لم أعرفهما. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الكبير"، وفي "الدر المنثور" (6/ 153) ساكتاً عليه من رواية الديلمي. وعزاه لابن مردويه عن أنس بلفظ: "سورة (الواقعة) سورة الغنى، فاقرأوها، وعلموها أولادكم". الحديث: 3880 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 3881 - (عليك بالإياس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع؛ فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاتك وأنت مودع، وإياك وما تعتذر منه) . ضعيف بتمامه أخرجه الروياني في "مسنده" (267/ 1) ، والحاكم (4/ 326-327) ، والبيهقي في "الزهد الكبير" (ق 13/ 2) ، والديلمي (2/ 286) ، والضياء الحديث: 3881 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 في "الخامس من الحكايات المنثورة" (113/ 1) عن محمد بن أبي حميد، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص (كذا قال الحاكم، وقال الآخرون: إسماعيل الأنصاري) ، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أوصني وأوجز، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي على ما في نسختنا من "تلخيصه". وأما المناوي فقال - تعليقاً على قول السيوطي: "رواه الحاكم عن سعد" -: "ظاهر صنيع المصنف أنه سعد بن أبي وقاص؛ فإنه المراد عندهم إذا أطلق، لكن ذكر أبو نعيم أنه سعد أبو محمد الأنصاري غير منسوب، وذكر ابن منده أنه سعد بن عمارة، قال الحاكم: "صحيح"، وتعقبه الذهبي بأن فيه محمد بن سعد المذكور؛ وهو مضعف. وقال السخاوي: فيه أيضاً محمد بن حميد؛ مجمع على ضعفه". قلت: وفيما نقله عن الذهبي من تضعيف محمد بن سعد؛ فيه نظر من وجهين: الأول: أنه إن كان يعني محمد بن سعد بن أبي وقاص؛ فإنه لم يرد له ذكر في كلام المناوي؛ إلا أن يعني المذكور في إسناد الحديث، وحينئذ؛ فهو وهم فاحش؛ لأن محمد بن سعد بن أبي وقاص ثقة من رجال الشيخين، فيبعد أن يعنيه الذهبي. والآخر: إن كان يعني محمد بن سعد أبي محمد الأنصاري، أو محمد بن سعد بن عمارة، فإني لم أعرفهما، وليس في الرواة محمد بن سعد بن عمارة، وفيهم غير واحد: محمد بن سعد الأنصاري، فلم يتميز عندي. وفي "الإصابة": الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338 "سعد والد محمد الأنصاري. ذكره أبو نعيم، وأخرج من طريق ... ". ثم ذكر الحديث هذا، وقال: "قال ابن الأثير: تقدم هذا الحديث في ترجمة سعد بن عمارة. ونقل عن أبي موسى أن إسماعيل هذا هو ابن محمد بن سعد بن أبي وقاص. قلت: إن كان كما قال أبو موسى؛ فمن نسبه أنصارياً غلط. وأما قول ابن الأثير: إن الحديث مضى في ترجمة سعد بن عمارة؛ فذلك بسند آخر، وفي كل من الحديثين ما ليس في الآخر". قلت: ويؤيد ما قاله أبو موسى؛ رواية الحاكم التي وقع فيها أنه إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، ولكن لا يبعد عندي أن يكون هذا الاختلاف من محمد بن أبي حميد الراوي له عن إسماعيل؛ فإنه ضعيف اتفاقاً، فمن ضعفه في حفظه، وقلة ضبطه؛ أنه كان تارة ينسبه أنصارياً، ولا يسمي أباه وجده، وتارة يسميهما، ولا ينسبه أنصارياً! وجملة القول؛ أن علة الحديث محمد بن أبي حميد هذا، ولعله المضعف الذي عناه الذهبي في نقل المناوي، لكن تحرف على بعض النساخ "ابن أبي حميد" إلى "ابن سعد"، وهذا احتمال قوي عندي. والله أعلم. وقد أشار المنذري إلى خطأ الحاكم في تصحيحه لحديثه، فقال في "الترغيب" بعد أن حكاه عنه (2/ 12) : "كذا قال". وله شاهد؛ إلا فقرة الطمع، مخرج في "الصحيحة" (401) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 339 3882 - (على النساء ما على الرجال؛ إلا الجمعة، والجنائز، والجهاد) . موضوع أخرجه عبد الرزاق في آخر "الجهاد" من "المصنف" عن عبد القدوس قال: سمعت الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع، مع أنه مرسل؛ فإن عبد القدوس - وهو ابن حبيب الكلاعي الشامي -؛ قال عبد الرزاق: "ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله: كذاب، إلا لعبد القدوس". وقد صرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. الحديث: 3882 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340 3883 - (على مثل جعفر فلتبك الباكية) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3/ 550/ 6666) عن رجل من أهل المدينة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أمه أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر، جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا أسماء! لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً"، قالت: وأقبلت فاطمة وهو يقول: يا ابن عماه! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، قالت: ثم عاج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله، فقال: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً؛ فقد شغلوا اليوم". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل المدني. والشطر الأخير منه؛ أخرجه عبد الرزاق أيضاً (6665) بسند آخر كالترمذي وغيره، عن عبد الله بن جعفر به نحوه. الحديث: 3883 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340 والحديث أخرجه ابن سعد في "الطبقات"، وسمى الرجل المدني، ولكن إسناده واه بمرة، فقال (8/ 281-282) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني مالك، عن (الأصل: ابن) أبي الرجال، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أم عيسى بنت الجزار، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر، عن جدتها أسماء بنت عميس به. ومحمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب، فلا يعتمد على تصريحه بأن الرجل هو أبو الرجال، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري النجاري، عن على أنه قد خالف في إسناده كما هو واضح. 3884 - (عليك بالبز، فإن صاحب البز يعجبه أن يكون الناس بخير وخصب) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (10/ 152) عن عبد الله بن مروان ابن أبي عصمة: حدثنا زيد بن حريش الأهوازي: حدثنا عمرو بن سفيان قال: حدثني محمد بن ذكوان: حدثني ابن لأبي هريرة، أنه سمع جده أبا هريرة يقول: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم -: بم تأمرني أن أتجر؟ قال: "عليك بالبز"، ثم سأله: بم تأمرني أن أتجر (ثلاثاً) ، قال: ... فذكره. أورده في ترجمة ابن أبي عصمة هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وزيد بن الحريش؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 2/ 561) ، فقال: "روى عن عمران بن عيينة. روى عنه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني". وقال ابن القطان: "مجهول الحال". الحديث: 3884 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 341 وعمرو بن سفيان؛ لم أعرفه، وأستبعد أن يكون الثقفي، بل يغلب على الظن أنه محرف من "عمران بن عيينة"؛ فإنهم لم يذكروا للأهوازي شيخاً غيره. وابن عيينة هذا؛ صدوق له أوهام. ومحمد بن ذكوان؛ إن كان البصري الأزدي؛ فضعيف. ونحوه ابن أبي صالح السمان. وإن كان بياع الأكسية؛ فثقة. وابن أبي هريرة هذا؛ لم أعرفه. 3885 - (ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر) . ضعيف أخرجه المحاملي في "الأمالي" (3/ 92/ 2) عن موسى بن هلال، عن أبي إسحاق الهمداني، عن هبيرة بن يريم، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي وهو ثقة؛ لكنه مدلس مختلط. وموسى بن هلال - وهو النخعي -؛ قال أبو زرعة: "ضعيف الحديث". الحديث: 3885 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 3886 - (عليك بحسن الخلق؛ فإن أحسن الناس خلقاً أحسنهم ديناً) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 376) عن عبد الغفار أبي مريم قال: حدثني الحكم، عن ميمون، عن معاذ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فلم يزل يوصيني حتى [كان] آخر ما أوصاني قال: ... فذكره. الحديث: 3886 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الغفار - وهو ابن القاسم أبو مريم الأنصاري -؛ قال الذهبي: "رافضي ليس بثقة، قال علي بن المديني: كان يضع الحديث". ومن طريقه: أخرجه الطبراني أيضاً؛ كما في "مجمع الزوائد" (8/ 25) ، وقال الهيثمي: "وهو وضاع". 3887 - (رحم الله عيناً بكت من خشية الله، ورحم الله عيناً سهرت في سبيل الله) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 142-143) عن محمد بن عبد الله الجهبذي: حدثنا شعيب بن حرب: حدثنا سفيان الثوري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث الثوري، لم نكتبه إلا من حديث الجهبذي". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الدارقطني. (تنبيه) : الجهبذي بكسر الجيم وسكون الهاء بعدها باء موحدة مكسورة ثم ذال معجمة، نسبة إلى "الجهبذ"، حرفة معروفة في نقد الذهب، وقد وقع في "اللسان": "الجهدي"، وهو خطأ مطبعي، وقد أشار فيه إلى أن المترجم في "الميزان"، ولم أره فيه. والله أعلم. الحديث: 3887 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 343 3888 - (رحم الله قوماً يحسبهم الناس مرضى، وما هم بمرضى) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (92) : أخبرنا المبارك بن فضالة، الحديث: 3888 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 343 عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع كونه مرسلاً؛ لأن الحسن هو البصري؛ فإن الراوي عنه المبارك بن فضالة؛ كان يدلس ويسوي؛ كما في "التقريب". وقد رواه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 11-12) عن الحسن بأتم منه موقوفاً عليه، ولعله الصواب. 3889 - (الرفق يمن، والخرق شؤم، وإذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق، إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه، والخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه، وإن الحياء من الإيمان، وإن الإيمان في الجنة، ولو كان الحياء رجلاً لكان صالحاً، وإن الفحش من الفجور، وإن الفجور في النار، ولو كان الفحش رجلاً يمشي في الناس لكان رجلاً سوءاً، وإن الله لم يخلقني فحاشاً) . ضعيف أو أشد أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 157) ، وابن عدي (358/ 2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 459/ 1) و "الأسماء" (ص 155) من طريق أبي غرارة محمد بن عبد الرحمن التيمي قال: أخبرني أبي، عن القاسم، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف أو أشد؛ فإن عبد الرحمن التيمي - وهو ابن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة -؛ ضعيف. وولده أبو غرارة؛ قال الحافظ: "بكسر المعجمة وتخفيف الراء - الجدعاني، وقيل: إن أبا غرارة غير الجدعاني، فأبو غرارة لين الحديث، والجدعاني متروك". الحديث: 3889 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 344 والحديث أورده ابن عدي فيما أنكر على غرارة، وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 153) عن أبيه: "هذا حديث منكر بهذا الاسناد". قلت: وقد خفيت هذه العلة القادحة على المناوي، فأخذ يعل الحديث بتجهيل من ليس يجهل؛ بل هو من الثقات الحفاظ، فقال - تعليقاً على قول السيوطي في "الجامع": "رواه البيهقي في "الشعب" عن عائشة" -: "وفيه موسى بن هارون؛ قال الذهبي في "الضعفاء": مجهول". قلت: هذا خراساني روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ كما في "الميزان"، وليس هو الذي في إسناد البيهقي؛ فقد أخرجه من طريق أبي طاهر المحمد أبادي: حدثنا أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله - ببغداد -: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عباس بن عثمان الشافعي: حدثنا أبو غرارة ... فهذا كما ترى دون الخراساني في الطبقة، ثم هو مكنى بأبي عمران، وهو البزار المعروف والده بالحمال، وهو مترجم في "تاريخ بغداد" (13/ 50-51) ترجمة حسنة، وفي "التهذيب" أيضاً، وحسبك فيه قول الحافظ في "التقريب": "ثقة حافظ كبير، بغدادي". على أنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه ابن عدي من غير طريقه! وأخرج الخرائطي جملة منه من طريق أخرى عن الشافعي، وقد مضى إسناده. ولفقرة الحياء طريق آخر عن عائشة مرفوعاً، وهو ضعيف أيضاً، وهو مخرج في "الروض النضير" (832) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 345 وروي بلفظ: "إن الحياء والحلم لو كانا أيما رجلين، وإن الفحش والبذاء لو كانا رجلين كانا شر رجلين". أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (234/ 2) من طريق حبان بن حبان، عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ حارثة قال الحافظ: "ضعيف". وحبان بن حبان؛ لم أعرفه. ورواه صبح بن دينار البلدي: حدثنا المعافى بن عمران: حدثنا إسرائيل وسفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عنها مرفوعاً بلفظ: "لو كان الصبر رجلاً؛ لكان رجلاً كريماً". أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 297/ 2) ، وابن شاذان الأزجي في "الفوائد المنتقاة" (2/ 105/ 2) ، والأصبهاني في "الترغيب" (201/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 290) وقال: "غريب من حديث الثوري، تفرد به المعافى عنه". قلت: هو ثقة من رجال البخاري، وكذا من فوقه، وإنما العلة في الراوي عنه: صبح بن دينار البلدي؛ فإنه غير معروف، وقد أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 192) من أجل حديث خالف فيه الثقات؛ مما يدل على أنه لم يحفظ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 346 وفقرة الحياء والفحش؛ رويت من طرق أخرى عن عائشة - رضي الله عنها - سيأتي تخريجها برقم (5943) ، وفقرة الفحش خاصة مخرجة في "الصحيحة" (537) . والطرف الأول من الحديث: "الرفق يمن، والخرق شؤم"؛ له طريق آخر عنها، يرويه الحسن بن الحكم بن طهمان: حدثني عبد الرحمن بن أبي مليكة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً. والحسن هذا؛ قال الذهبي في "الميزان": "تكلم فيه ولم يترك". وله شاهد واه جداً، يرويه محمد بن الحسن - وهو الشيباني صاحب أبي حنيفة -، عن المعلى بن عرفان، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً به. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 245/ 1/ 4243) ، وقال: "لم يروه عن المعلى إلا محمد". قلت: قال الذهبي: "ضعفه النسائي من قبل حفظه". قلت: والآفة من شيخه المعلى بن عرفان؛ فإنه متروك، وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (8/ 19) . 3890 - (زني شعر الحسين، وتصدقي بوزنه فضة، وأعطي القابلة رجل العقيقة) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 179) من طريق حسين بن زيد العلوي، عن الحديث: 3890 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 347 جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة رضي الله عنها، فقال: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: لا". قلت: والعلة من حسين بن زيد فإنه مختلف فيه، قيل لأبي حاتم: ما تقول فيه؟ فحرك يه وقبلها. يعني: تعرف وتنكر. وقال ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس به، إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة". وقال ابن المديني: "فيه ضعف". وقال ابن معين: "لقيته ولم أسمع منه، وليس بشيء". ووثقه الدارقطني. 3891 - (قال الله عز وجل: إن أوليائي من عبادي، وأحبائي من خلقي؛ الذين يذكرون بذكري، وأذكر بذكرهم) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 6) عن رشدين بن سعد، عن عبد الله بن الوليد التجيبي، عن أبي منصور مولى الأنصار، أنه سمع عمرو بن الجموح مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ أبو منصور - وفي نسخة: منصور -؛ لم أعرفه. وعبد الله بن الوليد، ورشدين بن سعد؛ ضعيفان. الحديث: 3891 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 348 3892 - (السخاء شجرة في الجنة، وأغصانها في الأرض، فمن تعلق بغصن منها جره إلى الجنة، والبخل شجرة في النار، وأغصانها في الأرض، فمن تعلق بغصن منها جره إلى النار) . ضعيف روي من حديث جابر، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري. 1- أما حديث جابر؛ فيرويه عاصم بن عبد الله: حدثنا عبد العزيز بن خالد، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً به. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 92) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 136) عن أحمد بن الخطاب بن مهران أبي جعفر التستري: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي: حدثنا عاصم بن عبد الله به، وقال أبو نعيم: "تفرد به عبد العزيز، وعنه عاصم". قلت: عبد العزيز؛ روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: "شيخ". وعاصم بن عبد الله؛ ضعيف. والخوارزمي؛ قال أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 52) : "في حديثه نكارة". والتستري مستور، وفي ترجمته أورد الخطيب هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث؛ قال المناوي: "قال ابن الجوزي: موضوع؛ عاصم ضعيف، وشيخه كذاب". الحديث: 3892 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 349 كذا قال! وأقره! وشيخ عاصم عبد العزيز بن خالد؛ لم يكذبه - بل لم يطعن فيه - أحد، فالظاهر أنه اختلط عليه بغيره من المتروكين؛ كابن عمران الأتي. 2- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه عبد العزيز بن عمران، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن الأعرج عنه. أخرجه الخطيب (1/ 253) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد العزيز بن عمران - وهو المعروف بابن أبي ثابت -؛ متروك. وشيخه إبراهيم؛ ضعيف. وغفل عن هذا ابن الجوزي، ثم المناوي، فقال هذا الأخير: "قال مخرجه البيهقي: وهو ضعيف. وقال ابن الجوزي: لا يصح؛ داود ضعيف"! كذا قال! وداود من رجال الشيخين، وقال الحافظ: "ثقة؛ إلا في عكرمة". قلت: فالعلة ممن دونه كما ذكرنا. 3- وأما حديث أبي سعيد؛ فيرويه محمد بن مسلمة الواسطي: حدثنا يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي سعيد الخدري. أخرجه الخطيب أيضاً (3/ 306) ، وساق بعده للواسطي هذا حديثاً آخر، وقال عقبه: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 350 "هذا الحديث باطل موضوع، ورجال إسناده كلهم ثقات سوى محمد بن مسلمة، والذي قبله أيضاً منكر (يعني حديث الترجمة) ، ورجاله كلهم ثقات، رأيت هبةالله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة، وسمعت الحسن بن محمد الخلال يقول: محمد بن مسلمة ضعيف جداً". وقال في مطلع ترجمته: "في حديثه مناكير بأسانيد واضحة". وللحديث طرق أخرى، وكلها ضعيفة؛ كما قال الحافظ العراقي وغيره، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، فما أبعد. 3893 - (عليك يا ابن مظعون بالصيام؛ فإنه مجفرة له) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 287) من طريق الطبراني، عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي، عن أبيه، عن عائشة بنت قدامة بن مظعون، عن أبيها، عن أبيه عثمان بن مظعون أنه قال: يا رسول الله! إني رجل يشق علي هذه العزوبة في المغازي، فائذن لي في الخصاء فأختصي، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل، وعبد الملك؛ ضعيفان. الحديث: 3893 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 351 3894 - (عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة؛ فإنه دواء من اثنين وسبعين داء وخمسة أدواء؛ من الجنون والجذام والبرص ووجع الأضراس) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير"، وابن السني، وأبو نعيم في "الطب"، الحديث: 3894 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 351 عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً؛ كما في "الجامع الكبير" للسيوطي (10/ 14/ 28133) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الحميد هو ابن زياد بن صيفي بن صهيب؛ أورده الذهبي في "الميزان" هكذا؛ وقال: "قال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض". وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 13) عن أبيه: "هو شيخ". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وقال الحافظ في "التقريب": "لين الحديث". وأما شيخه الهيثمي؛ فوثقه؛ كما يدل عليه قوله في تخريج الحديث (5/ 94) : "رواه الطبراني، ورجاله ثقات"! وكأنه اعتمد على توثيق ابن حبان المذكور. 3895 - (عليكم بالسراري؛ فإنهن مباركات الأرحام) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 163/ 2) عن عمرو بن الحصين: أخبرنا محمد بن عبد الله بن علاثة: أخبرنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن عطاء، عن مالك بن يخامر، عن أبي الدرداء مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمرو". قلت: وهو متهم بالوضع، وقال الهيثمي (4/ 258) ؛ ثم العسقلاني: "متروك". وابن علاثة؛ فيه ضعف. الحديث: 3895 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 وعثمان بن عطاء الخراساني؛ ضعيف. وأبوه عطاء؛ ضعيف أيضاً؛ لسوء حفظه وتدليسه. والحديث رواه أبو داود أيضاً في "مراسيله" (205) ، والعدني، عن رجل من بني هاشم مرسلاً؛ كما في "الجامع الصغير". وفي إسناد "المراسيل" عنعنة بقية، والزبير بن سعيد؛ ضعيف. ثم وجدت له شاهداً من حديث أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: "عليكم بأمهات الأولاد؛ فإنهن مباركات الأرحام". أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 324) ؛ فقال: حدث إبراهيم بن نائلة: حدثنا مسور مؤذن مسجد الجامع بالمدينة: حدثنا غالب بن فرقد: حدثنا كثير بن سليم عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ كثير بن سليم - وهو المدائني -؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "يروي عن أنس ما ليس من حديثه، ويضع عليه". وغالب بن فرقد؛ ترجمه أبو نعيم في "الأخبار" (2/ 149) ، وساق له بعض الأحاديث، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومسور - وهو ابن يزيد أبو حامد -؛ أورده أبو نعيم، وفي ترجمته ذكر هذا الحديث ولم يزد؛ فهو مجهول. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 353 3896 - (لتكن عليكم السكينة. (وفي رواية:) عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (521) : حدثنا شعبة، عن ليث، عن أبي بردة، عن أبي موسى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه بجنازة يسرعون بها المشي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره بالرواية الأولى. وهكذا أخرجه ابن ماجه (1479) ، وأحمد (4/ 403 و 412) من طرق أخرى، عن شعبة به. ثم أخرجه الطيالسي (522) : حدثنا زائدة، عن ليث به، بالرواية الأخرى، ومن طريق الطيالسي أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 22) ، وأشار إلى تضعيفه بقوله: "إن ثبت". قلت: وعلته ليث - وهو ابن أبي سليم -؛ فإنه ضعيف. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير"؛ جامعاً بين الروايتين في سياق واحد بلفظ: "عليكم بالسكينة، عليكم بالقصد ... ". وعزاه للطبراني في "الكبير"، والبيهقي، فلا أدري إذا كان السيوطي هو الذي جمع بين الروايتين، أو هكذا هو عند الطبراني، ولم أره في "مجمع الزوائد" للهيثمي، ولعله لم يورده عمداً؛ لأنه عند ابن ماجه بالرواية الأولى، ثم إن الحديث: 3896 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 354 السيوطي ذكر هذه الرواية في محلها من حرف اللام، واقتصر في عزوها على أحمد؛ وهو قصور. ثم إن الحديث مخالف بظاهره للأحاديث الآمرة بالإسراع بالجنازة؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أسرعوا بالجنازة ... "، وهي مذكورة في كتابي "أحكام الجنائز وبدعها" (71-72) . 3897 - (إن لله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول، ثم يأمر منادياً ينادي يقول: هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له، هل من سائل يعطى) . منكر بهذا السياق أخرجه النسائي في "اليوم والليلة" (رقم482) من طريق عمر بن حفص بن غياث: أخبرنا أبي: أخبرنا الأعمش: أخبرنا أبو إسحاق: أخبرنا أبو مسلم الأغر قال: سمعت أبا هريرة وأبا سعيد يقولان: قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ظاهرة الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، لكن في عمر بم حفص بن غياث شيء من الضعف؛ كما ينبئك به الحافظ ابن حجر في "التقريب"؛ فقال في عمر: "ثقة؛ ربما وهم". وقال في حفص: "ثقة فقيه؛ تغير حفظه قليلاً في الآخر". وساق له في "التهذيب" عدة أحاديث خطأه فيها، أحدها من روايته عن الأعمش. وأنا أقطع بأن هذا الحديث مما أخطأ في لفظه؛ لمخالفة الثقات إياه فيه؛ فقد رواه جماعة، عن أبي مسلم الأغر بإسناده بلفظ: الحديث: 3897 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 355 "إن الله عز وجل يمهل، حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول؛ نزل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر". فليس فيه: "أن الله يأمر منادياً ينادي يقول"، بل فيه أن الله هو القائل: "هل من.."، وفيه نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، وهذا ما لم يذكره حفص بن غياث، فدل على أنه لم يحفظه، فالظاهر أنه لم يحدث به من كتابه، وإنما من حفظه فوهم. وها أنا أذكر من وقفت عليه من الثقات الذين خالفوه؛ فرووه بذكر نزول الرب إلى السماء، وأنه هو سبحانه القائل، كما ذكرنا: 1- شعبة بن الحجاج. فقال الطيالسي في "مسنده" (2232 و 2385) : حدثنا شعبة قال: أخبرنا أبو إسحاق قال: سمعت الأغر به. ومن طريق الطيالسي: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" (2/ 288) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (450) . وأخرجه مسلم (2/ 176) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (83) ، وأحمد (3/ 34) من طريق أخرى، عن شعبة به. 2- منصور - وهو ابن المعتمر الكوفي -، عن أبي إسحاق به. أخرجه مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة (84) . 3- فضيل - وهو ابن غزوان الكوفي -، عنه. أخرجه أبو عوانة. 4- أبو عوانة - وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري -، عنه به. أخرجه أحمد (2/ 383 و 3/ 43) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 356 5- معمر - وهو ابن راشد البصري -، عنه. أخرجه أحمد أيضاً (3/ 94) من طريق عبد الرزاق - وهو في "مصنفه" (11/ 293-294) -. 6- إسرائيل، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. أخرجه ابن خزيمة. قلت: فهذه ستة طرق، وكلهم ثقات أثبات رووه باللفظ المخالف للفظ حفص ابن غياث، فثبت وهمه فيه. وكان يمكن أن يقال: لعل الوهم من أبي إسحاق - وهو السبيعي -؛ فإنه كان اختلط، على تدليس فيه، لولا أنه قد صرح بالتحديث في رواية شعبة الأولى عنه، ثم هو روى عنه قبل الاختلاط، فانتفى الاحتمال المذكور، ولزم الخطأ حفص بن غياث. وإن مما يؤكد وهمه؛ أنه قد تابعه محاضر - وهو ابن المورع -، وهو ثقة من رجال مسلم قال: حدثنا الأعمش به نحوه؛ إلا أنه لم يذكر في إسناده أبا سعيد الخدري. أخرجه أبو عوانة عقب سوقه حديث شعبة، ولم يسق لفظه، وإنما قال: "بنحوه"، وأخرجه ابن خزيمة، فساق لفظه. ومما يؤكد خطأ اللفظ المذكور ونكارته؛ أن الحديث قد جاء من طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً باللفظ المحفوظ نحوه. وقد خرجت سبعة منها في "إرواء الغليل" (450) ، اثنتان منها "الصحيحين"، وأخريان في "صحيح مسلم"، وسائرها في "مسند أحمد" وغيره. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 357 وللحديث باللفظ الصحيح شواهد كثيرة خرجت بعضها هناك؛ من حديث جبير بن مطعم، ورفاعة بن عرابة الجهني، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، ولذلك جزم ابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 129) بتواتره. ونحو هذا الحديث في النكارة؛ ما أخرجه أحمد (4/ 22) من طريق علي بن زيد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً بلفظ: "ينادي مناد كل ليلة: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الفجر". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن هو البصري، وهو مدلس وقد عنعنه. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان -؛ ضعيف. ولفظه هذا أقل نكارة من الأول؛ لأنه ليس فيه ذكر آمر ومأمور، بل قوله: "ينادي ... "؛ لا ينافي أن يكون هو الله تبارك وتعالى كما في الروايات الصحيحة، بل هذا هو الذي ثبت عن ابن جدعان نفسه في رواية عنه، أخرجها ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 89) من طريق حماد بن سلمة عنه. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد، فالظاهر أن ابن جدعان - لسوء حفظه - كان الحديث عنده غير مضبوط لفظه، فكان يرويه تارة باللفظ المحفوظ، وتارة باللفظ المنكر. ثم رأيت للحديث طريقاً آخر، خرجته في "الصحيحة" (1073) . واعلم أن الذي حملني على تخريج هذا الحديث في هذا الكتاب أمران اثنان: الأول: أني رأيت الحافظ ابن حجر - عفا الله عنا وعنه - قد ساقه من الطريقين: طريق النسائي عن الأغر ... ، وطريق أحمد عن عثمان بن أبي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 358 العاص؛ مقوياً به تأويل بعض النفات لنزول الرب سبحانه وتعالى تأويلاً منكراً، ينافي سياق كل الطرق الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال في "الفتح" (3/ 25) : "وقد حكى أبو بكر بن فورك: أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول، أي ينزل ملكاً، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر ... وفي حديث عثمان بن أبي العاص: "ينادي مناد: هل ... " الحديث. قال القرطبي: وبهذا يرتفع الإشكال. ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني: ينزل الله إلى السماء الدنيا: فيقول: "لا يسأل عن عبادي غيري"؛ لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور"! كذا قال الحافظ عفا الله عنه! فلقد سلك في كلامه هذا على الحديث مسلك أهل الأهواء والبدع من حيث الرواية والدراية. أما الرواية؛ فإنه سكت عن إسناد الحديثين؛ مع أنه يعلم مخالفتهما للروايات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب تعالى إلى السماء الدنيا، وقوله هو نفسه: "هل من ... "، لما رأى أن فيهما تقوية لتأويل المبتدعة للحديث. وأما الدراية؛ فلا يخفى ضعف بل بطلان التأويل المذكور إذا ما قورن بالروايات الصحيحة للحديث، التي منها رواية رفاعة التي أشار إليها ابن حجر، ولفظها: "إذا مضى شطر الليل - أو قال: ثلثاه -؛ ينزل الله إلى سماء الدنيا، ثم يقول: لا أسال عن عبادي غيري: من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يدهوني فأجيبه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر". فكيف لا يعكر على ذلك التأويل الذي ذكره قوله في هذا الحديث: "ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري"! لأن ضمير قوله: "ثم يقول" بعود على تأيلهم، إلى الملك الذي زعموا أنه المفعول المحذوف؛ لضبطهم لفظ "ينزل" على الجزء: 8 ¦ الصفحة: 359 البناء للمجهول؟! بل كيف لا ينافي هذا التأويل تمام الحديث في جميع طرقه وألفاظه التي ذكرت أن الله سبحانه هو الذي يقول: "من ذا الذي يسألني فأعطيه ... إلخ". فهل الملك هو الذي يعطي ويستجيب الدعاء ويغفر الذنوب؟! سبحانك هذا بهتان عظيم! ولقد أبطل التأويل المذكور شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من وجوه في كتابه "حديث النزول" (ص 37-42طبع المكتب الإسلامي) ، منها ماأشرت إليه من أن الملك ليس له أن يقول ما ذكرناه من الحديث. وقال شيخ الإسلام عقبه: "وهذا أيضاً مما يبطل حجة بعض الناس (كأنه يشير إلى ابن فورك) ؛ فإنه احتج بما رواه النسائي في بعض طرق الحديث: "أنه يأمر منادياً فينادي"؛ فإن هذا إن كان ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الرب يقول ذلك، ويأمر منادياً بذلك، لا أن المنادي يقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ "، ومن روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المنادي يقول ذلك؛ فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه - مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته الأمة خلفاً عن سلف - فاسد في المعقول، يعلم أنه من كذب بعض المبتدعين، كما روى بعضهم: "ينزل" بالضم، وكما قرأ بعضهم: (وكلم الله موسى تكليماً) (1) ، ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى". قلت: فقد أشار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إلى شكه في ثبوت رواية النسائي هذه، فهذا الشك من الشيخ، وسكوت الحافظ عليها، مما حملني على تحقيق القول فيها؛ لأن السكوت لا يجوز، والشك يشعر بأن الشيخ لم يكن على بينة من حالها، وإلا؛ لبادر إلى إنكارها. ولم يكن به من حاجة إلى الجمع بينها وبين اللفظ المحفوظ المستفيض.   (1) كما في نقل الزمخشري (المعتزلي) في " كشافه " (1 / 582) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 360 والأمر الآخر: أن الكوثري المشهور بعدائه الشديد للسنة وأهلها؛ قد ذكر في تعليقه على "الأسماء والصفات" (ص 450) أن الحافظ عبد الحق قد صحح الحديث بهذا اللفظ. فأحببت أن أتثبت من أمرين: أولهما: هل هذا العزو لعبد الحق صحيح؟ فإن الكوثري لا يوثق بكثير مما ينقله؛ لأنه يدلس. وثانيهما: إذا كان العزو صحيحاً، فهل هو مصيب فيه أم لا؟ فأقول: أما الأمر الثاني؛ فقد سبق بيانه بما لا تراه في غير هذا الموضع، وعرفت أن الحديث بهذا اللفظ منكر لا يصح. وأما الأمر الأول؛ فقد تبين لي أن العزو لا يصح أيضاً، إلا بشيء من الغفلة أو التدليس، وإليك البيان: اعلم أن الحديث أورده الحافظ عبد الحق في "أحكامه" (1) ، ومنه عرفت إسناده كما سبق، فتمكنت بذلك من دراسته والكشف عن علته، ومن المعروف عند المشتغلين بالحديث - ومنهم الكوثري - أن الحديث الذي يورده عبد الحق في كتابه المذكور ساكتاً عليه فهو صحيح عنده؛ كما نص عليه، استجاز الكوثري أن يعزو إليه تصحيحه إياه، فغفل - وهذا ليس بعيداً عنه -، أو دلس - وهذا ما عهدناه منه غير مرة -، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فإن القاعدة المذكورة ليست على إطلاقها عند   (1) منه نسخة في " الظاهرية " لكن عنوانها: " الأحكام الكبرى "، وهي عندي " الوسطى "؛ لأنها مجردة الأسانيد، أما " الكبرى "؛ ففيها الأسانيد من مسلم والدراقطني وغيرهما من المخرجين منهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يثبتها المؤلف كما وقعت في كتبهم. ولا مجال للقول الآن بأكثر من هذا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 361 الحافظ الإشبيلي؛ فقد قال بعد ما نقلته عنه: "والحديث السقيم أكثر من أن أتعرض له، أو أشتغل به، وبعض هذه الأحاديث المعتلة ورد من طريق واحدة، فذكرته منها، وربما بينته". قلت: فأفاد بهذا النص، أنه قد يذكر الحديث المعلول؛ ولا يبين علته إلا نادراً وفي حالة واحدة، وهي حين يكون من طريق واحدة وإسناد واحد فيذكره، ولا يبين علته، وقد يبين. فإذن؛ سوقه الحديث بإسناده عند مخرجه إشارة منه إلى أنه معلول، وهذا هو بعينه ما صنعه الحافظ الإشبيلي رحمه الله؛ فإنه ساق الحديث بإسناده عند النسائي كما تقدم، فكان ذلك دليلاً واضحاً عند العارفين باصطلاحه أنه معلول عنده، وذلك ينافي الصحة، لا سيما وقد أتبعه بسوقه لرواية مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً باللفظ المحفوظ. فلو لم يذكر الحافظ هذا الاصطلاح في المقدمة؛ لكان سوقه حديث النسائي بإسناده وحديث مسلم بدون إسناده؛ أوضح إشارة للعاقل اللبيب أن الإسناد علة، فتنبه لها (1) . فكيف وهو قد لفت النظر إلى هذا تصريحاً في المقدمة؟!! فتجاهل هذا كله الكوثري، وعزا إلى الحافظ تصحيحه للحديث، وليس كذلك، بل هو عنده معلول، كما بينت، وكشفنا لك عن العلة فيما سبق من هذا التخريج. والله تعالى هو الموفق لا رب سواه. ثم اعلم أن نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة، هو صفة   (1) قلت: وهذا ما صنعه الحافظ في " مختصر الأحكام " (ق 60 / 2) فإنه ساق الحديث بإسناد النسائي على خلاف عادته، ثم ساق حديث مسلم. ويؤكد لك ما ذكرته أن الحافظ في كتابه الثالث: " التهجد " (ق 129 / 2) حذف هذا الحديث المعلول، مع أنه ساق اللفظ المحفوظ بأربع روايات عند مسلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 362 من صفات أفعاله عز وجل؛ كاستوائه على عرشه، ومجيئه يوم القيامة، الثابتين في نصوص القرآن الكريم، يجب الإيمان والإذعان له على ما يليق بذاته تعالى؛ دون تعطيل أو تشبيه؛ إذ الصفة يقال فيها ما يقال في ذاته تعالى؛ فكما أننا نؤمن بذاته دون أن نكيفها، فكذلك نؤمن بصفاته كلها - ومنها النزول وغيره - دون أن نكفيها، فمن نفى نزوله تعالى حقيقة على ما يليق به بطريق التأويل؛ لزمه أن ينفي وجود ذات الله تعالى بنفس الطريق، وإلا؛ فهو متناقض؛ كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في عديد من كتبه مثل "شرح حديث النزول"، و "التدمرية"، و "الحموية" ونحوها. ويعجبني بهذه المناسبة ما ذكره البيهقي في "الأسماء" (ص 453) بعد أن روى عن عبد الله بن المبارك أنه سئل: كيف ينزل؟ قال: ينزل كما يشاء. قال: قال أبو سليمان رحمه الله (يعني الخطابي) : "وإنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما شاهده من النزول؛ الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل، وانتقال من فوق إلى تحت، وهذا صفة الأجسام والأشباح، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام؛ فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه، وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده، وعطفه عليهم، واستجابته دعاءهم، ومغفرته لهم، يفعل ما يشاء، لا يتوجه على صفاته كيفية؛ ولا على أفعاله كمية. سبحانه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) . قال: وهذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره، وأن لا نكشف عن باطنه، وهو من جملة المتشابه. ذكره الله في كتابه فقال: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) الآية؛ فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل، والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر، ويوكل باطنه إلى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363 الله عز وجل، وهو معنى قوله: (وما يعلم تأويله إلا الله) ، وإنما حظ الراسخين أن يقولوا: (آمنا به كل من عند ربنا) . وكذلك ما جاء من هذا الباب في القرآن؛ كقوله عز وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر) ، وقوله: (زجاء ربك والملك صفاً صفاً) ، والقول في جميع ذلك عند علماء السلف هو ما قلناه". إذا عرفت هذا؛ فعليك بطريقة السلف؛ فإنها أعلم وأحكم وأسلم، ودع طريقة التأويل التي عليها الخلف الذين زعموا: "أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم"؛ فإنه باطل من القول، وفيه ما لا يخفى من نسبة الجهل إلى السلف، والعلم إلى الخلف!! وسبحان الله كيف يصدر مثل هذا القول ممن يؤمن بفضائل السلف التي لا تخفى على أحد، وراجع بيان بطلان هذا القول في كتب ابن تيمية، أو في مقدمتي لـ "مختصر العلو للعلي العظيم" للحافظ الذهبي؛ باختصاري وتقدمتي التي أنا على وشك الانتهاء منها بفضله تعالى وكرمه. ثم طبع والحمد لله سنة (1401) في المكتب الإسلامي ببيروت. (تنبيه) : علق الدكتور فاروق حمادة على الحديث في "عمل اليوم والليلة" (ص 340) ، فقال: "وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 11/ 444". وهذا التخريج؛ تعليقه على هذا الحديث المنكر، وهو خطأ محض - وأرجو أن لا يكون مقصوداً وتدليساً من هذا الدكتور - وذلك؛ لأن الحديث المشار إليه في "المصنف" من طريق ابن شهاب الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن والأغر أبو عبد الله صاحبا أبي هريرة: أن أبا هريرة أخبرهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 8 ¦ الصفحة: 364 قال: ... فذكر الحديث باللفظ المحفوظ في "الصحيحين" وغيرهما، كما سبقت الإشارة إليه، وهو المخرج في "الإرواء" بالرقم المذكور آنفاً من الطريق الأولى عن أبي هريرة عن ابن شهاب به؛ إلا أنه لم يذكر في سنده أبا سعيد الخدري (ج 2/ 195-196) . فهذا لفظ وطريق غير لفظ وطريق حديث الترجمة، فهل خفي ذلك على الدكتور، أم تجاهله لغاية في نفسه! أرجو أن يكون الأمر الأول، ولكن كيف يمكن هذا وهو قد علق أيضاً على اللفظ المحفوظ عن الزهري وقد أخرجه النسائي أيضاً برقم (480) ؛ فقال الدكتور: "هذه الرواية موافقة لمسلم والبخاري وعبد الرزاق في "المصنف" 10/ 444". فكيف يصح عزو اللفظ المنكر واللفظ المحفوظ مع اختلاف إسناديهما إلى "مصنف عبد الرزاق"؛ وهو إنما رواه بالسند الصحيح باللفظ المحفوظ، وهل يمكن أن تخفى هذا على الدكتور؟! . وأريد هنا - أيضاً - أن أكشف عن تدجيل أحد المعلقين على كتاب ابن الجوزي "دفع شبه التشبيه"؛ وهو الذي لقبه أحدهم بحق بـ "السخاف"؛ فإنه تجاهل الطرق المتواترة في "الصحيحين" وغيرهما؛ المتفقة على أن الله عز وجل هو الذي ينزل، وهو الذي يقول: "من يدعوني.. من يستغفرني.. من يسألني"؛ فعطل هذه الدلالة القاطعة الصريحة بقوله (ص 192) : إن المراد بالحديث أن الله ينزل ملكاً! تقليداً منه لابن حجر في "الفتح" (3/ 30) ، وقوى ذلك برواية النسائي المنكرة هذه، ولو أن هذا المتجاهل اكتفى في التقليد على ما في "الفتح"؛ لهان الأمر بعض الشيء، ولكنه أخذ يرد علي بالباطل تضعيفي لرواية النسائي هذه؛ بتحريفه لكلامي أولاً، وبالافتراء علي ثانياً؛ فاسمع إليه كيف يقول: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 365 "وقد زعم أن حفص بن غياث تغير حفظه قليلاً". فأقول غاضاً النظر عن مناقشته في قوله: "زعم"! أولاً: قوله: "رواية حفص عن الأعمش كانت في كتاب.." إلخ. تدليس خبيث على القراء، وكذب على الحافظ المزي والحافظ العسقلاني؛ فإن الذي في "تهذيبيهما": "أنه كان عند عمر بن حفص كتاب أبيه عن الأعمش"! فهذا شيء، وكون حديثه هذا المنكر كان في كتابه شيء آخر، كما لا يخفى على القراء. ثانياً: قوله: "فلا يضرها اختلاط حفص بأخرة على تسليم وقوعه"! فأقول: يلاحظ أنه بتغيير لفظة "الاختلاط" مكان قولي: "تغير"، يدل على شيئين أحلاهما مر: الأول: أنه لا يفرق بين اللفظين، وأن حكم من تغير من الثقات حكم من اختلط منهم عنده، وهذا هو اللائق بجهله وتعلقه بهذا العلم!! والواقع أن التغير ليس جرحاً مسقطاً لحديث من وصف به، بخلاف من وصف بالاختلاط، والأول يقبل حديث من وصف به؛ إلا عند الترجيح كما هنا، وأما من وصف بالاختلاط؛ فحديثه ضعيف؛ إلا إذا عرف أنه حدث به قبل الاختلاط. والآخر: أنه تعمد التغيير المذكور تضليلاً وتمهيداً للاعتذار عن قوله: "على تسليم وقوعه"! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 366 فإذا تنبه لتلاعبه بالألفاظ وقيل له: كيف تنكر تغيره وفي "التهذيبين" نقول صريحة عن الأئمة بوصفه بذلك؟ أجاب: بأنني عنيت الاختلاط وهذا غير مسلم به! وإذا قيل له: البحث في التغير - وهذا مما يمكن إنكاره -؛ قال: قد أجبت عنه بأن الحديث في كتاب حفص!! وقد يبدو أن هذا الكلام فيه تكلف ظاهر في تأويل تغييره المذكور، فأقول: هو كذلك، ولكنه لا بد من هذا عند افتراض أنه تعمد التغيير، وإلا؛ فالاحتمال أنه أتي من قبل جهله هو الوجه. رابعاً: لو فرض أن حفص بن غياث لم يرم بالتغير وكان كسائر الثقات الذين لم يرموا بجرح مطلقاً؛ فحينئذ يرد حديثه هذا بالشذوذ؛ لمخالفته لأولئك الثقات الستة الذين رووه بنسبة النزول إلى الله صراحة، وقوله عز وجل: "من يدعوني.. من يستغفرني.." إلخ. راجع: "تفسير القرطبي" (4/ 39) ، و "أقاويل الثقات" (ص 205) . 3898 - (إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار. يعني: أطفال المشركين) . موضوع أخرجه أحمد (6/ 208) عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل، عن بهية، عن عائشة: أنها ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطفال المشركين، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ بهية - بالتصغير - لا تعرف. ويحيى بن المتوكل؛ متفق على تضعيفه، بل قال عمرو بن علي الفلاس: "فيه ضعف شديد". وقال ابن حبان: الحديث: 3898 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 367 "ينفرد بأشياء ليس لها أصول، لا يرتاب الممعن في الصناعة أنها معمولة". قلت: فقول الحافظ فيه في "التقريب": "ضعيف" فيه قصور، بل هو أسوأ من ذلك، والصواب قوله في "الفتح" (3/ 195-بولاق" بعد أن ساق الحديث: "وهو حديث ضعيف جداً؛ لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية؛ وهو متروك". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (2/ 233-234- دار العروبة) بعد أن ذكر الحديث بنحوه: "وهذا الحديث كذب موضوع عند أهل الحديث، ومن هو دون أحمد من أئمة الحديث يعرف هذا فضلاً عن مثل أحمد". قلت: وإنما جزم شيخ الإسلام بوضعه - وإن كان السند لا يقتضي ذلك -؛ لمنافاة متنه للمقطوع به في الإسلام من الأدلة الكثيرة القاضية بعدم التكليف إلا بعد البلوغ، وقيام الحجة؛ كما في قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) [الإسراء: 15] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ ... " الحديث (1) . (تنبيه) : ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الحديث من مسند خديجة رضي الله عنها، ولم أقف عليه عنها، وإنما رواه عبد الرزاق من طريق أبي معاذ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: سألت خديجة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين؟ فقال: "هم مع آبائهم ... " الحديث، وليس فيه التصريح بأنهم في النار. قال الحافظ (3/ 196) : "وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف".   (1) وهو حديث صحيح، مخرج في " الإرواء " (297) وغيره. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 368 ثم إن حديث الترجمة ذكره الحافظ من رواية أحمد بلفظ أتم مما تقدم عنه، فإنه قال: "وروى أحمد من حديث عائشة: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ولدان المسلمين؟ قال: "في الجنة". وعن أولاد المشركين؟ قال: "في النار". فقلت: "يا رسول الله! لم يدركوا الأعمال؟! قال: ربك أعلم بما كانوا عاملين، لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار". ولم أره في "مسند أحمد" بهذا التمام، وظني أنه في "الكامل" لابن عدي، فليراجع في ترجمة ابن المتوكل هذا، فإن نسخة الظاهرية منه فيها خرم. 3899 - (إن الجنة عرضت علي، فلم أر مثل ما فيها، وإنها مرت بي خصلة من عنب، فأعجبتني، فأهويت إليها لآخذها، فسبقتني، ولو أخذتها لغرستها بين ظهرانيكم حتى تأكلوا من فاكهة الجنة، واعلموا أن الكمأة دواء العين، وأن العجوة من فاكهة الجنة، وأن هذه الحبة السوداء التي تكون في الملح؛ اعلموا أنها دواء من كل داء إلا الموت) . ضعيف الإسناد أخرجه أحمد (5/ 351) : حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا صالح - يعني: ابن حيان - عن ابن بريدة، عن أبيه: أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اثنين وأربعين من أصحابه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في المقام وهم خلفه جلوس ينتظرونه، فلما صلى أهوى فيما بينه وبين الكعبة كأنه يريد أن يأخذ شيئاً، ثم انصرف إلى أصحابه، فثاروا، وأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، فقال: "رأيتموني حين فرغت من صلاتي أهويت فيما بيني وبين الكعبة كأني أريد أن آخذ شيئاً؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: ... فذكره. الحديث: 3899 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 369 وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الستة غير صالح بن حيان وهو القرشي الكوفي؛ وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد رواه عنه مختصراً زهير بن معاوية، فانقلب عليه اسمه، فقال: عن واصل ابن حيان البجلي: حدثني عبد الله بن بريدة به. فانظر (الكمأة دواء العين) تحت الحديث (863) من "الصحيحة". وقد أورده الهيثمي في "المجمع" بهذا التمام، ثم قال (5/ 87) : "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن الإمام أحمد قال: سمع زهير من واصل بن حيان وصالح بن حيان، فجعلهما واصلاً (1) . قلت: واصل ثقة، وصالح بن حيان ضعيف، وهذا الحديث من رواية واصل في الظاهر، والله أعلم. وقد رواه باختصار من رواية صالح أيضاً". قلت: هذه الرواية المختصرة ليست من رواية صالح عند أحمد، بل هي رواية زهير المعلة عن واصل بن حيان، واستظهاره أن الحديث من رواية واصل الثقة خلاف الظاهر عندي؛ فإن الذي قال "عن واصل" إنما هو زهير بن معاوية، وقد حكموا بخطئه؛ كما بينت ذلك في المكان المشار إليه من "الصحيحة". 3900 - (إن الحجامة أفضل ما تداوى به الناس) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 209) عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن قيس: حدثنا أبو الحكم البجلي - وهو عبد الرحمن بن أبي نعم - قال: دخلت على أبي هريرة - رضي الله عنه - وهو يحتجم، فقال لي: يا أبا الحكم! احتجم، فقلت: ما احتجمت قط، قال: أخبرني أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: أن جبريل عليه السلام أخبره ... به.   (1) تنظر كلمة ابن معين - في هذا - في " تهذيب التهذيب ". الحديث: 3900 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 370 وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، كذا قالا! وقد أورد الهيثمي الحديث في "المجمع" (5/ 91) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن قيس النخعي؛ ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء ويخالف". قلت: فهو - على هذا - ضعيف. 3901 - (أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: من داوم على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة؛ أعطيته أجر المتقين وأعمال الصديقين) . منكر جداً رواه الثعلبي في "تفسيره" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ كما في "شرح البخاري" للعيني (3/ 204) . قلت: وسكت عليه! ولوائح الوضع ظاهرة عليه في نقدي. ثم رأيت الحديث قد أورده ابن كثير في "التفسير" (1/ 307) ، فقال: قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقرىء بسنده، عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وقال ابن كثير: "وهذا حديث منكر جداً". قلت: وآفته محمد بن الحسن هذا - وهو أبو بكر النقاش المفسر -، وهو كذاب كما في "الميزان" و "اللسان"، يرويه بإسناد له، عن زياد بن إبراهيم: أخبرنا أبو الحديث: 3901 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 371 حمزة السكري، عن المثنى، عن قتادة، عن الحسن عنه. وزياد هذا؛ لم أعرفه. ثم رأيت الحديث قد أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 165/ 2) من طريق أخرى، عن زياد النميري: حدثنا أبو حمزة به. وزياد النميري من طبقة التابعين مع ضعف فيه؛ فما أظنه إلا محرفاً. لكن المثنى بن الصباح ضعيف مختلط، فإن سلم ممن دونه فهو الآفة. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/ 41) في ترجمة خالد بن الحسين أبي الجنيد الضرير البغدادي قال: حدثنا حماد الربعي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً به، وله عنده تتمة. وروى ابن عدي، عن يحيى بن معين قال: "أبو الجنيد الضرير؛ ليس بثقة". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال: "وله غيرها، وعامتها عن الضعفاء، أو قوم لا يعرفون، فالبلاء منه أو من غيره". وحماد الربعي؛ من أولئك المجاهيل الذين أشار إليهم ابن عدي. وقال الذهبي في "الميزان" و "الضعفاء": "لا يعرف". وفي الباب حديث آخر جيد خرجته في "الصحيحة" (972) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 372 3902 - (يا أيها الناس! ما بالكم أسرعتم في حظائر يهود! ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم حمر الأهلية والإنسية، وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 144) ، وأحمد (4/ 90) واللفظ له من طريق محمد بن حرب الخولاني: حدثني أبو سلمة سليمان بن سليم، عن صالح بن يحيى ابن المقدام، عن ابن المقدام، عن جده المقدام بن معدي كرب قال: غزوت مع خالد بن الوليد الصائفة، فقرم أصحابي إلى اللحم، فقالوا: أتأذن أن نذبح رمكة له؟ قال: فحبلوها، فقلت: مكانكم حتى آتي خالد بن الوليد فأسأله عن ذلك، فأتيته فأخبرته خبر أصحابي، فقال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة خيبر؛ فأسرع الناس في حظائر يهود، فقال: يا خالد! ناد في الناس: إن الصلاة جامعة، لا يدخل الجنة إلا مسلم"، ففعلت فقام في الناس، فقال: ... فذكره.\ وهذا سند ضعيف؛ من أجل يحيى بن المقدام. قال البخاري: "فيه نظر"، وقال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء"، وفي "التقريب": "لين". والحديث أخرجه الطبراني في "معجمه" أيضاً، عن أبي سلمة به. وأخرجه أيضاً، عن سعيد بن غزوان، عن صالح به؛ كما في "نصب الراية" (4/ 196) . ورواه الدارقطني في "سننه" (546) عن ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى به الحديث: 3902 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 373 نحوه. وروى عن موسى بن هارون أنه قال: "لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجده، وهذا حديث ضعيف". وقال الواقدي: "لا يصح هذا؛ لأن خالداً أسلم بعد فتح خيبر". قلت: ولهذه القصة شاهد في الجملة فانظر: "أيحسب أحدكم متكئاً"، وراجع أيضاً: "منعني ربي". 3903 - (قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فإني قرأت على جبريل: أعوذ بالله السميع العليم، فقال لي: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قال لي جبريل: هكذا أخذت عن ميكائيل، وأخذها ميكائيل عن اللوح المحفوظ) . ضعيف أخرجه ابن الجوزي في "مسلسلاته" (ق 14/ 2) ، وعنه الجزري في "النشر في القراءات العشر" (1/ 244-245) من طريق أبي عصمة محمد بن أحمد السجزي قال: قرأت على أبي محمد عبد الله بن عجلان بن عبد الله الزنجاني: أعوذ بالله السميع العليم، فقال لي: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فإني قرأت على أبي عثمان سعيد بن عبد الرحمن الأهوازي: أعوذ بالله السميع العليم، فقال لي: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فإني قرأت على محمد بن عبد الله بن بسطام: أعوذ بالله السميع العليم، فقال لي: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فإني قرأت على يعقوب بن إسحاق الحضرمي (قلت: فذكر إسناده مسلسلاً بقراءة: أعوذ بالله السميع العليم، والأمر بقراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) : قرأت على سلام أبي المنذر: قرأت على عاصم بن أبي الحديث: 3903 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 374 النجود: قرأت على زر بن حبيش: قرأت على عبد الله بن مسعود، فقال لي: قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بالله السميع العليم، فقال لي: ... فذكره. وأخرجه الشيخ محمد بن عبد الباقي الأيوبي في "المناهل المسلسلة" (ص 76-78) ، والشيخ عبد الحفيظ الفاسي في "الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المتسلسلات" (ص 95-96) من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثعلبي: قرأت على أبي الفضل محمد بن جعفر الخزاعي: قرأت على أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد بالبصرة: قرأت على أبي محمد عبد الله بن عجلان الزنجاني به. وعلقه الجزري فقال (1/ 243) : "وقد روى أبو الفضل الخزاعي، عن المطوعي، عن الفضل بن الحباب، عن روح بن المؤمن ... "، وقال الجزري عقبه: "حديث غريب جيد الإسناد من هذا الوجه". قلت: هذا مسلم لو سلم ممن دون الفضل بن الحباب، وليس كذلك؛ فإن المطوعي متكلم فيه، واسمه الحسن بن سعيد بن جعفر أبو العباس، قال الذهبي في "الميزان": "حدث عنه أبو نعيم الحافظ، وقال: في حديثه وفي روايته لين. وقال أبو بكر بن مردويه: ضعيف". وساق له الحافظ في "اللسان" حديثاً، وبين أنه أخطأ في إسناده مرتين، فراجعه، وذكر أنه كان رأساً في القراءات، وقد ترجمه الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء"، وقال (1/ 213) : "إمام عارف، ثقة في القراءة". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 375 فأشار إلى أنه ليس ثقة في الرواية، وهو ما صرح به أبو نعيم وابن مردويه كما تقدم، فلا تنافي بين قول الجزري وقوليهما، خلافاً لما ظنه الأيوبي في "مناهله". على أنه قد فاته أن الراوي عنه ضعيف أيضاً، وهو أبو الفضل الخزاعي، واسمه محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل؛ أورده الذهبي أيضاً، فقال: "ألف كتاباً في قراءة أبي حنيفة، فوضع الدارقطني خطه بأن هذا موضوع لا أصل له. وقال غيره: لم يكن ثقة". وقال الخطيب في "تاريخه" (2/ 158) : "كان أبو الفضل الخزاعي شديد العناية بعلم القراءات، ورأيت له مصنفاً يشتمل على أسانيد القراءات المذكورة، فيه عدة من الأجزاء، فأعظمت ذلك واستنكرته، حتى ذكر لي بعض من يعتني بعلوم القراءات أنه كان يخلط تخليطاً قبيحاً، ولم يكن على ما يرويه مأموناً. وحكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي عنه أنه وضع كتاباً في الحروف، ونسبه إلى أبي حنيفة. قال أبو العلاء: فأخذت خط الدارقطني وجماعة من أهل العلم كانوا في ذلك الوقت؛ بأن ذلك الكتاب موضوع لا أصل له، فكبر عليه ذلك وخرج من بغداد إلى الجبل. ثم بلغني بعد أن حاله اشتهرت عند أهل الجبل، وسقطت هناك منزلته". ولم يعبأ بهذا كله العلامة الجزري، فوثق الخزاعي، وليس له ذلك، بعدما علمت من حاله وتخليطه واستنكار الخطيب عليه، ونسبة أبي العلاء الواسطي وغيره إياه إلى الوضع على أبي حنيفة، وأما قول الجزري: "قلت: لم تكن عهدة الكتاب عليه، بل على الحسن بن زياد كما تقدم (يعني في ترجمته الحسن هذا، وهو اللؤلؤي: ج1ص213) ، وإلا؛ فالخزاعي إمام جليل من أئمة القراء الموثوق بهم. والله أعلم". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 وأقول: هذا تكلف ظاهر في الدفاع عن الرجل؛ لأن الحمل في الكتاب على اللؤلؤي؛ كان يفيد في تبرئة الخزاعي من عهدته لو أنه كان في كلام الواسطي بيان أنه من روايته عنه، أما والأمر ليس كذلك؛ فلا فائدة من الحمل فيه على اللؤلؤي، بل هذا يحمل عهدة كتابه، والخزاعي يحمل عهدة كتابه الذي وضعه هو على أبي حنيفة، ولو الأمر كما أراده الجزري؛ لكان الخزاعي نفسه تبرأ من عهدة الكتاب وألصقها باللؤلؤي الذي زعم الجزري أنه رواه عنه، ولم يكن به حاجة أن يفر من بغداد إلى الجبل. ومما يدلك على ضعف هذا الرجل واستكثاره من الأسانيد؛ أنه رواه مرة عن المطوعي بإسناده المتقدم، ومرة أخرى قال: قرأت على أبي الحسين عبد الرحمن ابن محمد بسنده المتقدم أيضاً؛ من رواية أبي إسحاق الثعلبي عنه. ومن أبو الحسين هذا؟ الله أعلم به. فإن قيل: قد تابعه أبو عصمة محمد بن أحمد السجزي؛ كما في رواية ابن الجوزي المذكورة في أول هذا التخريج. فأقول: لا قيمة لمثل هذا المتابعة؛ لأن أبا عصمة هذا مجهول لم نجد له ترجمة في شيء من المصادر التي تحت أيدينا. ومثله: أبو عثمان سعيد بن عبد الرحمن الأهوازي، ومحمد بن عبد الله ابن بسطام؛ لم أعرفهما. وأما أبو محمد عبد الله بن عجلان بن عبد الله الزنجاني؛ فقد أورده الجزري في "طبقاته" (1/ 433) من رواية الحسين بن محمد بن حبش فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول أيضاً. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 377 وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف؛ لأن مدار الطريق الأولى على مجهولين، والطريقين الأخريين على أبي الفضل الخزاعي وهو متهم، كما تقدم، فلا يصلح شاهداً للطريق الأولى، فلا يغتر أحد بقول الفاسي وغيره؛ أن طرقه تقوت بتعددها؛ لأن شرط التقوية بكثرة الطرق مفقود هنا لوجهين: الأول: أنه لا طرق هنا، وإنما هما طريقان فقط؛ كما تبين من هذا التخريج. والآخر: أن من شروط التقوية؛ أن لا يشتد الضعف، وهذا منفي هنا لما عرفت من حال الخزاعي. والله تعالى هو الموفق لا رب سواه. (تنبيه) : سلام أبو المنذر الذي في إسناد هذا الحديث؛ هو ابن سليمان المزني أبو المنذر القارىء النحوي؛ وهو حسن الحديث، وقع في رواية الجزري في موضعين منه "سلام بن المنذر"، وهو خطأ مطبعي؛ فقد ترجمه في محله منه (1/ 309) على الصواب، لكن وقع فيه وصفه بـ (الطويل) ، وهذا خطأ منه، بدليل أنه قال فيه: "ثقة جليل، ومقرىء كبير". والطويل ليس كذلك؛ بل هو متروك، ثم إن الصواب في اسم والد الطويل أنه (سلم) كما جزم به الحافظ في "التهذيب". وذكر في ترجمة الأول عن ابن حبان أنه قال: "وليس هذا بسلام الطويل؛ ذاك ضعيف، وهذا صدوق". ولهذا؛ رأيت التنبيه على ذلك. والله تبارك وتعالى الموفق. 3904 - (كان إذا انصرف من صلاته مسح جبهته بيده اليمنى وقال: باسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم! أذهب عني الهم والحزن) . ضعيف أخرجه أسلم الواسطي في "تاريخه" (ص 161) عن محمد بن يزيد، الحديث: 3904 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 378 عن عنبسة بن عبد الواسطي، عن عمرو بن قيس قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، وعمرو بن قيس جمع من التابعين فمن دونهم، ولم أعرف هذا من بينهم. وعنبسة بن عبد الواسطي؛ لم أجده. والحديث أسنده ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (110) من طريق سلام المدائني، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك مرفوعاً به. وهذا إسناد هالك؛ سلام بالتشديد - وهو ابن سلم الطويل المدائني -؛ متروك متهم بالكذب والوضع. 3905 - (عليكم بالصدق؛ فإنه باب من أبواب الجنة، وإياكم والكذب؛ فإنه باب من أبواب النار) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 82) من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة: حدثنا حبيب بن مزيد الشني قال: حدثني ربيعة بن مرداس قال: سمعت عمرو بن يزيد يقول: سمعت أبا بكر يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن جبلة هذا؛ قال أبو حاتم: "كان يكذب"، وضرب على حديثه. وقال الدارقطني: "متروك يضع الحديث". ومن بينه وبين أبي بكر؛ لم أعرفهم. وقد ثبت الحديث من طرق عن أبي بكر الصديق ليس فيها ذكر الأبواب، وإنما بلفظ: "في الجنة"، و: "في النار"، وهي مخرجة في "الروض النضير" رقم (917) . الحديث: 3905 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 379 3906 - (عليكم بالقرآن؛ فإنه كلام رب العالمين، هو ....... (1) ، واعتبروا بأمثاله) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 280) عن محمد بن يونس: حدثنا غانم بن الحسين بن صالح السندي: حدثنا مسلم بن خالد المكي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً. ثم أخرجه، وابن المحب محمد بن أحمد في كتاب "صفات رب العالمين" (19/ 1) من طريق أخرى، عن محمد بن يونس: حدثنا غانم بن الحسين بسند الذي قبله؛ إلا أنه قال: عن جابر، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً بلفظ: "عليكم بالقرآن، فاتخذوه إماماً وقائداً؛ فإنه كلام رب العالمين الذي بدأ منه، وإليه يعود". قلت: محمد بن يونس هذا هو الكديمي؛ وهو كذاب وضاع.   (1) هنا جملة غير مقروءة. (الناشر) الحديث: 3906 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 380 3907 - (عليكم بالقناعة، فإن القناعة مال لا ينفد) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن جابر بن عبد الله مرفوعاً، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 256) : "وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي؛ وهو متروك". قال المناوي: "ومن ثم قال الذهبي: وإسناده واه". قلت: وخالد هذا؛ متهم بالوضع، ووصفه الذهبي في "الكنى" بـ "الكذاب". الحديث: 3907 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 380 وللشطر الثاني منه طريق آخر مثل هذا في شدة الضعف، يرويه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو المدني: حدثني المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر به. أخرجه ابن أبي الدنيا في "الجزء الثاني من القناعة" (ق 60/ 2) ، والعقيلي في "الضعفاء" (197) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 300/ 1) ، وأبو عبد الله الفلاكي في "الفوائد" (90/ 2) ، وأبو القاسم القشيري في "الأربعين" (154/ 2) ، والبيهقي في "الزهد" (88/ 104) ، وقال العقيلي: "عبد الله بن إبراهيم الغفاري كان يغلب على حديثه الوهم، وفيه رواية من وجه آخر فيها لين أيضاً". قلت: بل الغفاري هذا متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، حتى إن الحاكم قال فيه: "يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة". قلت: ومن هؤلاء الضعفاء شيخه المنكدر، ولذلك قال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 106) عن أبيه: "هذا حديث باطل". وأما الوجه الآخر اللين الذي أشار إليه العقيلي؛ فأظنه يعني ما أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (1/ 5/ 1) و (1/ 7/ 2 من النسخة الأخرى المغربية) : أنبأنا أبو عمرو رفاعة بن عمر بن أبي رفاعة: أخبرنا أحمد بن الحسين السدوسي - إملاءً من حفظه: أخبرنا ابن منيع: أخبرنا علي بن عيسى المخرمي: أخبرنا خلاد، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً بالشطر الثاني أيضاً. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 381 قلت: وهذا سند ضعيف؛ علي بن عيسى قال الحافظ في "التقريب": "مقبول". ومن دونه غير ابن منيع؛ لم أجد من ترجمهم. 3908 - (عليكم بالكحل؛ فإنه ينبت الشعر، ويشد العين) . ضعيف جداً عزاه السيوطي في "الجامع" للبغوي في مسند عثمان عنه، وقد أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (10/ 98/ 2) عن البغوي: حدثنا محمد بن سنان: حدثنا أبو عاصم، عن عثمان بن عبد الملك، عن الفرافصة، عن عثمان بن عفان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: فرافصة هذا - وهو ابن عمير الحنفي -؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 92) : "روى عنه القاسم بن محمد وعبد الله بن أبي بكر". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال، ولعله في "ثقات ابن حبان"، فليراجع. الثانية: عثمان بن عبد الملك - وهو المكي المؤذن -؛ قال الحافظ: "لين الحديث". الثالثة: محمد بن سنان - وهو ابن يزيد القزاز أبو بكر البصري -؛ وهو ضعيف؛ كما قال الحافظ، وكذبه أبو داود وغيره. الحديث: 3908 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 3909 - (عليكم بالهليلج الأسود، فاشربوه؛ فإنه من شجرة من شجر الجنة، طعمه مر، وهو شفاء من كل داء) . موضوع أخرجه الحاكم (4/ 404) ، والديلمي (2/ 84) عن سيف بن محمد الحديث: 3909 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 ابن أخت سفيان الثوري، عن معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: سيف وهاه ابن حبان". قلت: هو أسوأ حالاً مما تفيده هذه العبارة عند ابن حبان وغيره؛ فقد قال ابن حبان في "الضعفاء": "كان شيخاً صالحاً متعبد اً؛ إلا أنه يأتي عن المشاهير بالمناكير، كان ممن يدخل عليه، إذا سمع المرء حديثه شهد عليه بالوضع". وكذبه جمع، وقال أحمد: "كان يضع الحديث". والذهبي نفسه قال في "الضعفاء": "قال أحمد وغيره: كذاب". 3910 - (عليكم بركعتي الضحى؛ فإن فيهما الرغائب) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 124) عن إبراهيم بن سليمان الزيات: حدثنا عبد الحكم، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الحكم هذا هو ابن عبد الله صاحب أنس، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه". الحديث: 3910 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 383 وإبراهيم بن سليمان الزيات؛ قال ابن عدي: "ليس بالقوي". واتهمه بسرقة الحديث. قلت: وقد توبع وخولف، فانظر الحديث الذي بعده. 3911 - (عليكم بركعتي الفجر؛ فإن فيهما الرغائب) . ضعيف جداً رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "جزء فيه أحاديث عوالي مستخرجة من مسند الحارث" (213/ 1) قال: أخبرنا يعلى - يعني ابن عباد -: حدثنا شيخ لنا يقال له عبد الحكم قال: حدثنا أنس مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً، عبد الحكم - وهو ابن عبد الله -؛ قال البخاري: "منكر الحديث". ويعلى بن عباد؛ ضعفه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 291) . وقد اقتصر السيوطي في عزو الحديث على الحارث فقط، وسكت المناوي عليه، فلم يتكلم على إسناده بشيء. وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ أخرجه ابن عساكر في "الرابع من التجريد" (22/ 2) من طريق شيبان بن فروخ: أخبرنا نافع - يعني ابن عبد الله أبا هرمز -، عن أنس مرفوعاً به. قلت: وهذا كالذي قبله في شدة الضعف؛ فإن نافعاً أبا هرمز كذبه ابن معين، وقال أبو حاتم: "متروك، ذاهب الحديث". الحديث: 3911 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 384 وروي من حديث ابن عمر وله عنه طرق: الأولى: عنت عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء: أنبأنا جابر بن يحيى الحضرمي، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عنه بلفظ: "لا تدعوا اللتين قبل صلاة الفجر؛ فإنه فيهما الرغائب". أخرجه الطبراني في "الكبير" (12/ 407-408) : حدثنا إبراهيم بن موسى التوزي: حدثنا عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي. قلت: وهذا إسناد مظلم: 1- ليث بن أبي سليم؛ ضعيف كان اختلط. 2- جابر بن يحيى الحضرمي؛ لم أجد له ترجمة، وقد ذكره الحافظ المزي في شيوخ (عبد الرحمن بن مغراء) . 3- عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي، ذكره السمعاني في هذه النسبة (الدبيلي) بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء. وكذا في "المشتبه" وفروعه، وذكروا أنه روى عنه إبراهيم بن موسى التوزي. قلت: وإبراهيم هذا؛ ثقة مترجم في "تاريخ بغداد" (6/ 187-218) . هكذا حال هذا الإسناد في نقدي، وأما الهيثمي؛ فقال (2/ 217-218) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عبد الرحيم بن يحيى، وهو ضعيف". كذا قال! وأنا أظن أنه يعني الذي في "الميزان": "عبد الرحيم بن يحيى الأدمي عن عثمان بن عمارة؛ بحديث في الأبدال اتهم به، أو عثمان، يأتي في ترجمة عثمان". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 385 وهناك ساق حديث الأبدال بسنده عنه: "حدثنا عثمان بن عمارة: حدثنا المعافى ابن عمران، عن سفيان بسنده، عن عبد الله ... ". فهذا الأدمي غير الدبيلي نسبة وطبقة؛ فإنه متأخر عنه، والله أعلم. الطريق الثانية: عن أيوب بن سلمان - رجل من أهل صنعاء -، عن ابن عمر بحديث أوله: "من جالت شفاعته دون حد من حدود الله ... " الحديث، وفي آخره: "وركعتا الفجر حافظوا عليهما، فإنهما من الفضائل". أخرجه أحمد (2/ 82) عن النعمان بن الزبير عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أيوب بن سلمان الصنعاني لا يعرف إلا بهذه الرواية، ولم يترجمه أحد من المتقدمين، ولم يزد الحافظ في "التعجيل" - وقد أشار إلى هذه الرواية - على قوله: "فيه جهالة". وكذلك صنع في "اللسان"؛ إلا أنه قال: "لا يعرف حاله". قلت: ومع هذا؛ فقد تساهل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله؛ فقال في تعليقه على "المسند" (7/ 291) : "إسناده صحيح"! واغتر به المعلق على "عوالي الحارث" (ص 37) . ثم تكلم الشيخ على رجاله موثقاً، ولما جاء إلى هذا الراوي المجهول قال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 386 "لم أجد له ترجمة إلا في "التعجيل" (47) قال: "فيه جهالة". وإنما صححت حديثه بأنه تابعي مستور لم يذكر بجرح، فحديثه حسن على الأقل، ثم لم يأت فيه بشيء منكر انفرد به، كما سيأتي، فيكون حديثه هذا صحيحاً". قلت: وهذا من غرائبه؛ فإن الحديث قد جاء من طرق ثلاثة أخرى عن ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة أيضاً، وهي مخرجة في "الإرواء" (7/ 349-351) ، و "الصحيحة" (437) ، وليس في شيء منها جملة الركعتين، فهي معلولة بتفرد هذا المجهول بها، مع مخالفته لتلك الطرق، فتكون زيادة منكرة، مع فقدانها لشاهد معتبر، فحديث أنس ضعيف جداً، كما سبق، وطريق مجاهد هذه مظلمة السند، مع اختلاف لفظهما عن لفظ "المسند": "فإنهما من الفضائل". ولفظهما كما ترى: "فإن فيهما الرغائب". وروي عن ابن عمر بلفظ: "عليك بركعتي الفجر؛ فإن فيهما فضيلة". قال المنذري في "الترغيب" (1/ 201) : "رواه الطبراني في (الكبير) ". ولم يذكر علته، ولكنه أشار إلى تضعيفه مع الألفاظ الأخرى المتقدمة بتصديره إياها بلفظ "روي". وبين علته الهيثمي؛ فقال (2/ 217) : الجزء: 8 ¦ الصفحة: 387 "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن البيلماني، وهو ضعيف". قلت: هو أسوأ من ذلك؛ فقد قال البخاري وغيره: "منكر الحديث". واتهمه ابن حبان وغيره بالوضع، وهو راوي حديث: "عليكم بدين العجائز". وقد مضى في المجلد الأول برقم (54) . ولم أجد الحديث في المجلد (12) الذي فيه أحاديث ابن عمر، فالظاهر أنه في المجلد الذي بعده، ولم يطبع بعد. 3912 - (عليكم بصلاة الليل ولو ركعة) . ضعيف رواه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (16) ، والطبراني (3/ 125/ 1) عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصلاة الليل ورغب فيها حتى قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الحسين هذا، وهو الهاشمي المدني، قال الحافظ: "ضعيف". وقد جاء عن ابن عباس بلفظ آخر؛ فقال مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن ابن عباس قال: تذكرت صلاة الليل، فقال بعضهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الحديث: 3912 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 388 "نصفه، ثلثه، ربعه، فواق حلب ناقة، فواق حلب شاة". أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 312-313) : حدثنا هارون بن معروف: أخبرنا وهب: حدثني مخرمة بن بكير به. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وقد احتج برواية مخرمة عن أبيه في غير موضع من "صحيحه"، وقد قال الحافظ فيه: "صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه؛ قاله أحمد وابن معين وغيرهما. وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلاً". قلت: والمثبت مقدم على النافي؛ فإن لم يثبت سماعه منه؛ فروايته من كتاب أبيه من أقوى الوجادات، كما لا يخفى، ومثل هذه الوجادة حجة؛ كما هو مقرر في محله من علم المصطلح. والحديث أشار المنذري (1/ 219) إلى تقويته، وقال: "رواه أبو يعلى، ورجاله محتج بهم في "الصحيح"، وهو بعض حديث". وكذا قال الهيثمي (2/ 252) ؛ إلا أنه لم يقل: "وهو بعض حديث"، وهو الصواب؛ فإن الحديث عند أبي يعلى كما ذكرته، وكذلك أورده المنذري. والله أعلم. ثم ظهر لي أن إسناه منقطع، لأن (بكيراً) وهو ابن عبد الله بن الأشج والد (مخرمة) لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، بل إن ابن حبان ذكره في "ثقات أتباع التابعين" (6/ 105) ، وقال: "مات سنة (122) ". بل قال الحاكم كما في "تهذيب الحافظ": "لم يثبت سماعه من عبد الله بن الحارث بن جزء، وإنما روايته عن التابعين". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 389 3913 - (علي بن أبي طالب باب حطة، من دخل فيه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 297) عن حسين الأشقر: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعاً. ذكره الذهبي في ترجمة (حسين الأشقر) من "الميزان"، وقال: "وهذا باطل". وذكر له آخر، وقال: "قال ابن عدي: البلاء من الحسين". الحديث: 3913 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 390 3914 - (علي بمنزلة رأسي من بدني) . ضعيف رواه الخطيب (7/ 12) ، وعنه ابن عساكر (12/ 150/ 1) عن أبي القاسم أيوب بن يوسف بن أيوب: حدثنا عنبس بن إسماعيل: حدثنا أيوب بن مصعب الكوفي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء مرفوعاً. وقال الخطيب: "لم أكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو مظلم؛ فإن من دون إسرائيل؛ لم أعرفهم، وقد أورده الخطيب في ترجمة أيوب بن يوسف؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكر المناوي عن ابن الجوزي أنه قال: "وفي إسناده مجاهيل". الحديث: 3914 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 390 وأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 298-مختصره) من طريق حسين الأشقر: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هاشم وليث، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وحسين - وهو ابن الحسن الأشقر -، وقيس بن الربيع؛ ضعيفان. 3915 - (علي بن أبي طالب يزهر في الجنة ككواكب الصبح لأهل الدنيا) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 298) عن يحيى بن الفاطمي: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي؛ وهو متروك. ويحيى بن (كذا الأصل بياض، أو فيه كلمة لم ينكشف لي بالمجهر أو القارئة) ، وقد قال المناوي: "قال ابن الجوزي في "العلل": حديث لا يصح؛ فيه يحيى الفاطمي؛ متهم، وإبراهيم بن يحيى؛ متروك". قلت: ولم أجد في الرواة يحيى الفاطمي. والله أعلم. الحديث: 3915 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 391 3916 - (عمر سراج أهل الجنة) . باطل رواه الحسن بن عرفة (5) ، وعنه ابن شاهين في "شرح السنة" (19/ 62/ 1) ، والثقفي في "الفوائد الثقفيات" (ج1 رقم 33) ، والبزار (2502-كشف) ، والخطيب (12/ 49) ، وابن عساكر (13/ 22/ 2) : حدثني عبد الله بن الحديث: 3916 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 391 إبراهيم الغفاري المدني، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: رواه عنه إسماعيل بن محمد الصفار في "جزئه" (88/ 1 مجموع22) ، وكذا ابن بشران في "الأول من الفوائد المنتقاة" (283/ 2) ، وعلي بن بلبان في "الأحاديث العوالي" (ج3/ 25/ 2) وقال: "تفرد به الغفاري". ومن طريقه رواه ابن عدي (217/ 1) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 489) ، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه". قلت: ونسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث. وقال الحاكم: "يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة". قلت: وهذا منها؛ فإن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متهم أيضاً. وقال الذهبي: "حديث باطل". ثم رواه ابن عساكر من طريق محمد بن عمر بإسنادين له، أحدهما عن الصعب بن جثامة، والآخر عن أبي هريرة مرفوعاً. ومحمد هذا هو الواقدي، وهو كذاب، وقد تفرد به كما قال أبو نعيم في "الحلية" (6/ 333) ، ولذلك لم يحسن السيوطي حين أورد الحديث في "الجامع" من رواية البزار عن ابن عمر، وأبي نعيم في "الحلية" عن أبي هريرة، وابن عساكر عن الصعب بن جثامة. وهذا يوهم أن ابن عساكر لم يروه من حديث أبي هريرة، وليس كذلك كما سبق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 392 3917 - (عمل قليل في سنة؛ خير من عمل كثير في بدعة) . ضعيف رواه القضاعي (103/ 1) عن حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. ورواه ابن بطة في "الإبانة" (2/ 107/ 1) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن. وفيه موسى بن سهل الوشاء؛ وهو ضعيف. ثم رواه (2/ 115/ 2) بسند صحيح، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن. ورواه هو (116/ 1) ، والهروي (51/ 1) من طريقين، عن عوف، عن الحسن مرفوعاً. فهو عنه صحيح. ثم رواه ابن بطة من طريق قتادة قال: قال ابن مسعود: ... فذكره موقوفاً عليه، وهو منقطع. ورفعه الديلمي (2/ 289) من طريق علي بن محمد المنجوري، عن أبان بن يزيد، عن قتادة، عن ابن مسعود رفعه. والمنجوري هذا؛ ضعفه الدارقطني. وقال الخليلي في "الإرشاد": "ثقة يخالف في بعض حديثه". قلت: وهو بمعنى ما صح عن ابن مسعود قال: "الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في بدعة". أخرجه الدارمي (1/ 72) ، والحاكم (1/ 103) ، والبيهقي (3/ 19) . وقال الحاكم: الحديث: 3917 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 393 "صحيح على شرطهما". ووافقه الذهبي. وقد تقدم تخريجي الحديث من "تاريخ قزوين" للرافعي (1/ 257) من حديث أبي هريرة بسند ضعيف جداً، فيما تقدم برقم (3251) . وخلاصة القول في هذا الحديث: صحته مقطوعاً على الحسن، وموقوفاً - بنحوه - على ابن مسعود، وضعفه مرفوعاً، والله أعلم. 3918 - (عمار خلط الله الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه، وخلط الإيمان بلحمه ودمه، يزول مع الحق حيث زال، وليس ينبغي للنار أن تأكل منه شيئاً) . ضعيف رواه ابن عساكر (15/ 312/ 1) عن أبي سنان: أخبرنا الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة الهلالي قال: وافقنا من علي بن أبي طالب ذات يوم طيب نفس فقلنا له: ياأمير المؤمنين! حدثنا عن عمار بن ياسر قال: ذاك امرؤ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو سنان هذا هو عيسى بن سنان؛ وهو لين الحديث كما في "التقريب". الحديث: 3918 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 394 3919 - (عند أذان المؤذن يستجاب الدعاء، فإذا كان الإقامة لا ترد دعوته) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 208) من طريق حامد بن شعيب البلخي: حدثنا سريج بن يونس: حدثنا الحارث بن مرة قال: حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. الحديث: 3919 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 394 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أورده في ترجمة الحارث هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ويزيد الرقاشي؛ معروف بالضعف. والبلخي نسب إلى جده؛ فإنه حامد بن محمد بن شعيب أبو العباس البلخي المؤدب؛ ترجمه الخطيب (8/ 169) ، ووثقه. 3920 - (عنوان كتاب المؤمن يوم القيامة؛ حسن ثناء الناس عليه) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 291 و 294) عن محمد بن الحسن الأسدي، عن محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن محمد بن كثير المصيصي كثير الغلط؛ كما في "التقريب". ومحمد بن الحسن الأسدي هو الذي يلقب بـ "التل"؛ وهو صدوق فيه لين؛ كما قال الحافظ، وهو من رجال البخاري، وأما قول المناوي: "قال الذهبي: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". فهو من أوهام المناوي؛ لأن الذهبي إنما ذكر قول ابن حبان هذا في ترجمة محمد بن الحسن الأزدي المهلبي؛ عن مالك، فهذا متقدم على الأسدي؛ فإنه من طبقة الأوزاعي، والأسدي متأخر عنه؛ فإنه يروي عن المصيصي الراوي عن الأوزاعي. الحديث: 3920 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 395 3921 - (عودوا المريض، وأجيبوا الداعي، وأغبوا في العيادة، إلا أن يكون مغلوباً فلا يعاد، والتعزية مرة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 279) عن أبي عصمة، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو عصمة - واسمه نوح بن أبي مريم -؛ وهو وضاع. الحديث: 3921 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 396 3922 - (عودوا قلوبكم الترقب، وأكثروا التفكر والاعتبار) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 278) عن يحيى بن سعيد العطار: أخبرنا عيسى بن إبراهيم القرشي، عن موسى بن أبي حبيب، عن عمه الحكم ابن عمير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن أبي حبيب وعيسى بن إبراهيم القرشي؛ كلاهما ذاهب الحديث؛ كما قال أبو حاتم. ويحيى بن سعيد العطار؛ ضعيف. الحديث: 3922 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 396 3923 - (عورة الرجل على الرجل كعورة الرجل على المرأة، وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 180) ، والديلمي (2/ 295) عن إبراهيم بن علي الرافعي: حدثني علي بن عمر بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: الحديث: 3923 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 396 "قلت: الرافعي ضعفوه". وقال الحافظ: "ضعيف". 3924 - (عموا بالسلام، وعموا بالتشميت) . ضعيف رواه تمام الرازي في "جزء إسلام زيد بن حارثة" (7/ 2) ، وعنه ابن عساكر (14/ 390/ 1) عن إسحاق بن وهب العلاف الواسطي: حدثنا أبو مروان يحيى بن زكريا الغساني: حدثنا الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال ابن عساكر: "كذا وجدته بخط تمام، وهو وهم وصوابه: يحيى بن أبي زكريا". قلت: وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". الحديث: 3924 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 397 3925 - (عيادة المريض أعظم أجراً من اتباع الجنائز) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 291) من طريق أبي الشيخ، عن محمد ابن الفضل، عن أبي عبد الله القرشي، عن أبي مجلز، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته محمد بن الفضل - وهو ابن عطية -؛ متروك. وأبو عبد الله القرشي؛ الظاهر أنه جليس جعفر بن ربيعة؛ وهو مجهول. الحديث: 3925 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 397 3926 - (عليكم بسيد الخضاب الحناء؛ يطيب البشرة ويزيد في الجماع) . موضوع رواه الروياني في "مسنده" (25/ 141/ 2) ، وابن شاذان في "الفوائد الحديث: 3926 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 397 المنتقاة" (2/ 105/ 1) ، والديلمي (2/ 284) من طرق، عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -: حدثنا أبي، عن أبيه، عن أبي رافع قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً جالساً إذ مسح بيده على رأسه، ثم قال: ... فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ آفته معمر هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 373) عن أبيه: "رآني بعض أهل الحديث وأنا قاعد على بابه، فقال: ما يقعدك؟ قلت: أنتظر الشيخ أن يخرج. فقال: هذا كذاب، كان يحيى بن معين يقول: ليس بشيء، ولا أبوه بشيء. قال أبو حاتم: كان أبوه ضعيف الحديث، فكان لا يترك أباه بضعفه حتى يحدث عنه ما يزيد نفسه ويزيد أباه ضعفاً". وقال في ترجمة أبيه (4/ 1/ 2) : "قال أبي: ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً، ذاهب". ولذا؛ نقل المناوي عن ابن العربي أنه قال: "حديث لا يصح". 3927 - (العافية عشرة أجزاء؛ تسعة منها في الصمت، والعاشر اعتزالك عن الناس) . ضعيف جداً رواه السلفي في "الطيوريات" (204/ 1) عن يوسف بن سعيد الحديث: 3927 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 398 ابن مسلم: أخبرنا موسى بن أيوب النصيبي: أخبرنا يوسف بن السفر، عن عبد الرحمن ابن عبد الله، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ يوسف بن السفر؛ متروك متهم بالكذب والوضع. وأخرجه الديلمي (2/ 310) من طريق محمد بن عمر بن حفص: حدثنا إسحاق بن الفيض: حدثنا أحمد بن جميل، عن السلمي، عن الخطاب، عن داود بن سريج، عن ابن عباس به. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف أحداً منهم. 3928 - (العالم إذا أراد بعلمه وجه الله؛ هابه كل شيء، وإذا أراد أن يكثر به الكنوز؛ هاب من كل شيء) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 309) عن أحمد بن محمد بن مهدي الأهوازي، عن الحسن بن عمرو القيسي المروزي، عن مقاتل بن صالح الخراساني، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون حماد بن سلمة؛ لم أعرفهم. وأما المناوي؛ فقال: "وفيه الحسن بن عمرو القيسي؛ قال الذهبي: مجهول". قلت: كأنه يعني الحسن بن عمرو الذي روى عن النضر بن شميل، وهو محتمل، ولكن لم يذكر أنه قيسي. والله أعلم. الحديث: 3928 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 399 3929 - (العالم والعلم في الجنة، فإذا لم يعمل العالم بما يعلم كان العلم والعمل في الجنة، وكان العالم في النار) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 308) عن الحسن بن زياد: حدثنا سليمان ابن عمرو، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته سليمان (ووقع في الأصل: سلمان) بن عمرو؛ وهو أبو داود النخعي، وهو كذاب. والحسن بن زياد؛ الظاهر أنه اللؤلؤي الكوفي الفقيه، كذبه ابن معين وأبو داود وغيرهما. وقد روي بإسناد آخر، من طريق محمد بن القاسم بن زكريا: أخبرنا عباد ابن يعقوب: أخبرنا أبو داود، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. أخرجه عفيف الدين أبو المعالي في "فضل العلم" (113/ 1) . وهذا سند واه؛ صالح مولى التوأمة كان اختلط. وأبو داود؛ لم أعرفه، ولعله الطيالسي. ومحمد بن القاسم، قال الذهبي: "تكلم فيه، وقيل: كان مؤمناً بالرجعة". الحديث: 3929 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 400 3930 - (العبد عند ظنه بالله - عز وجل -، وهو مع أحبابه يوم القيامة) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (383/ 2) ، وأبو بكر الذكواني في "اثنا الحديث: 3930 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 400 عشر مجلساً" (12/ 2) ، والديلمي (2/ 312) من طريق أبي الشيخ، كلهم، عن موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن مطير؛ قال الذهبي: "واه، كذبه ابن معين، وقال أبو حاتم والنسائي وجماعة: متروك ... ". وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى هذا منها: "وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه". 3931 - (العبد من الله؛ وهو منه ما لم يخدم، فإذا خدم وقع عليه الحساب) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 312) من طريق أحمد بن سليمان بن زبان: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد: حدثنا ابن جابر، عن محمد بن واسع، عن أبي الدرداء، أنه كتب إلى سليمان: يا أخي! أنبئت أنك اشتريت خادماً، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن زبان هذا؛ قال الذهبي: "يروي عن هشام بن عمار، اتهم في اللقاء، وهاه الكتاني، وقال عبد الغني ابن سعيد المصري: ليس بثقة". وهشام بن عمار؛ فيه ضعف. وقد وجدت له إسناداً آخر، هو خير من هذا، أخرجه الدينوري في "المنتقى الحديث: 3931 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 401 من المجالسة" (ق 16/ 2 نسخة حلب) - ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخه" (13/ 754) -: حدثنا أبو قلابة: حدثنا داود بن عمرو: أنبأنا إسماعيل بن عياش، عن مطعم بن المقدام الصنعاني، عن محمد بن واسع الأزدي به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن واسع، قال ابن المديني: "ما أعلمه سمع من أحد من الصحابة"، انظر "تهذيب المزي" (26/ 578) . وأبو قلابة - واسمه عبد الملك بن محمد الرقاشي - قال الحافظ: "صدوق يخطىء، تغير حفظه لما سكن بغداد". وسائر رجاله ثقات إن كان داود بن عمرو هو أبا سليمان الضبي البغدادي، وإن كان غيره فلم أعرفه. وأعله المناوي بابن عياش فقط، وليس بشيء؛ فإنه ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه منها، وعزاه تبعاً لأصله لسعيد بن منصور والبيهقي في "الشعب"، وزاد عليه: والديلمي. ولم يتكلم على إسناده خاصة بشيء، وقد عرفت وهنه. وهذا كله إن كان الدينوري لم يتفرد بتخريجه كما يشعره صنيع المناوي، وإلا؛ فهو - أعني الدينوري - متهم. ثم وقفت عليه في "زهد ابن الأعرابي" (112) من طريق سعيد بن منصور، وكذا البيهقي في "الشعب" (7/ 379-380) ، وابن عساكر (13/ 755) من طريق إسماعيل بن عياش به. وله عندهم طريق أخرى عن أبي الدرداء مرفوعاً به؛ لا تصح. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 402 3932 - (العتل الزنيم: الفاحش اللئيم) . ضعيف أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (29/ 16) عن معاوية بن صالح، عن كثير بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العتل الزنيم؟ قال: "الفاحش اللئيم". قال معاوية: وثني عياض بن عبد الله الفهري، عن موسى بن عقبة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك. قلت: وهذان إسنادان مرسلان، والأول حسن. والآخر قريب منه؛ فإن الفهري هذا مع كونه من رجال مسلم؛ ففيه لين؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد رواه ابن أبي حاتم أيضاً من الطريقين المذكورين؛ كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير في "تفسيره"، وعزاه السيوطي إليه من طريق موسى بن عقبة فقط! وتعقبه المناوي من وجهة أخرى، فقال: "وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى ولا أحق بالعزو من ابن أبي حاتم، ولا مسنداً، وهو ذهول عجيب! فقد خرجه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال ابن منده: وله صحبة". قلت: هو عند أحمد (4/ 227) بغير اللفظ المرسل، وبسند ضعيف أيضاً؛ لأنه من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم مرفوعاً: "هو الشديد الخلق، المصحح، الأكول الشروب، الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس، رحب الجوف". الحديث: 3932 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 403 قلت: وهذا كما ترى حديث آخر، ليس فيه "الفاحش اللئيم"، ثم إن شهر ابن حوشب ضعيف لسوء حفظه، فلو كان لفظه بلفظ حديث الترجمة، لكان شاهداً لا بأس به. فتأمل. وقد ذكره السيوطي من رواية ابن مردويه، عن أبي الدرداء مرفوعاً نحوه، وزاد: "جموع للمال، منوع له". ولم يتكلم المناوي عليه بشيء. 3933 - (العجم يبدأون بكبارهم إذا كتبوا، فإذا كتب أحدكم إلى أحد؛ فليبدأ بنفسه) . موضوع أخرجه العقيلي (ص 390) ، والديلمي (2/ 318) عن محمد بن عبد الرحمن القشيري، عن مسعر بن كدام، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال العقيلي: "لا يعرف إلا به". يعني القشيري هذا، وقال فيه: "حديثه منكر، ليس له أصل، ولا يالبع عليه، وهو مجهول بالنقل". كذا قال، وكأنه خفي عليه؛ فقد قال فيه أبو حاتم: "كان يفتعل الحديث". ولذلك قال فيه الذهبي في "الضعفاء": "متهم". ونقله المناوي، وقال عقبه: "وفي الباب: ابن عباس، وجابر، وأبو ذر، وأنس ... ". الحديث: 3933 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 404 ويعني في مطلق الكتابة إلى العجم، ولا يعني المعنى الكامل الذي تضمنه هذا الحديث والأمر فيه، فتنبه. 3934 - (العجوة من فاكهة الجنة) . ضعيف رواه ابن عدي (198/ 1) عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً، وقال: "صالح بن حيان؛ عامة ما يرويه غير محفوظ". وفي "الميزان": "ضعفه ابن معين، وقال مرة: ليس بذاك، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة"، ثم ساق له أحاديث، هذا أولها. وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". قلت: وقد صح الحديث بدون لفظة "فاكهة"، فانظره في "المشكاة" (4235) . الحديث: 3934 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 405 3935 - (العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم، والكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، والكبش العربي الأسود شفاء من عرق النسا، يؤكل لحمه، ويحسا من مرقه) . ضعيف أخرجه الضياء في "المختارة" (60/ 232/ 2) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد؛ قال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي. الحديث: 3935 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 405 وتكلم فيه أبو حاتم البستي، ووثقه يحيى بن معين، وروى له مسلم". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء، أفرط ابن حبان فقال: متروك". وقال الساجي: "روى عن ابن جريج أحاديث لم يتابع عليها". وابن جريج على جلالته؛ مدلس وقد عنعنه. واعلم أن الشطر الأول من الحديث قد صح من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في "المشكاة" (4235) . وأما الشطر الآخر منه؛ فمنكر عندي؛ لضعف إسناده، ولمخالفته الحديث الصحيح بلفظ: "شفاء عرق النسا؛ ألية شاة عربية تذاب، ثم تقسم ثلاثة أجزاء، يشربه ثلاثة أيام على الريق؛ كل يوم جزءاً". وهو مخرج في "الصحيحة" (1899) من حديث أنس بن مالك. ومن الغرائب؛ أن حديث الترجمة أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 63/ 12481) و "الأوسط" (3/ 362/ 3406) و "الصغير" (ص 69-هند) ، ثلاثتهم بإسناد واحد، عن عبد المجيد به، دون الجملة المنكرة منه، بل زاد في "الصغير": "تجزأ ثلاثة أجزاء ... " إلخ، مثل حديث أنس!! وبهذه الزيادة ذكره الهيثمي (5/ 88-89) وعزاه للثلاثة! الجزء: 8 ¦ الصفحة: 406 3936 - (العدل حسن، ولكن في الأمراء أحسن، والسخاء حسن، ولكن في الأغنياء أحسن، والورع حسن، ولكن في العلماء أحسن، والصبر حسن، ولكن في الفقراء أحسن، والتوبة حسن، ولكن في الشباب أحسن، والحياء حسن، ولكن في النساء أحسن) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 313) : أخبرنا حمد بن نصر: أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعيد الوراق: حدثنا عبد الرحمن بن حمادي: حدثنا علي بن محمد الأديب: حدثنا عبد الله بن زيد الدقيقي: حدثنا إبراهيم بن الحسين: حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري: حدثنا وهيب بن الورد: حدثنا أبو الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله قال: دخلت على علي بن أبي طالب، فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: "ستة أشياء حسن، ولكن في ستة من الناس أحسن، العدل حسن ... "، الحديث. قلت: وهذا متن باطل؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة، وإسناده مظلم؛ من دون إبراهيم بن الحسين لم أعرفهم. وأبو الزبير مدلس. ومن الغريب أن المناوي بيض له، فلم يتكلم على إسناده ومتنه بشيء! الحديث: 3936 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 407 3937 - (العرف ينقطع فيما بين الناس، ولا ينقطع فيما بين الله وبين من فعله) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 316) عن إسحاق بن محمد بن إسحاق الحديث: 3937 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 407 العمي: حدثنا أبي، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسحاق هذا؛ قال الحافظ في "اللسان": "اتهمه البيهقي في (شعب الإيمان) ". وذهل المناوي عن هذه العلة القادحة، وجاء بعلة لا تساوي حكايتها، فقال: "وفيه يونس بن عبيد، أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: مجهول". قلت: يونس المجهول هو غير يونس بن عبيد الذي في إسناد هذا الحديث؛ فإن الأول أقدم من هذا؛ فإنه كوفي، روى عن البراء بن عازب. وأما هذا؛ فهو بصري، ودون الأول في الطبقة، يروي عن التابعين، وهو مكثر عن الحسن البصري. 3938 - (إن العشر: عشر الأضحى، والوتر: يوم عرفة، والشفع: يوم النحر) . منكر أخرجه أحمد (3/ 327) ، والبزار (2286-كشف) ، وابن جرير (30/ 108 و 109) عن زيد بن الحباب: حدثنا عياش بن عقبة: حدثني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أنه معلول بعنعنة أبي الزبير؛ فإنه مدلس. ثم رأيت الحافظ ابن كثير عزاه للنسائي [في "الكبري" (6/ 514) ] أيضاً، وابن أبي حاتم، ثم قال: "وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة". وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 137) ، وقال: الحديث: 3938 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 408 "رجاله رجال "الصحيح"؛ غير عياش بن عقبة، وهو ثقة". قلت: وقد كشفنا لك عن العلة، والحمد لله على توفيقه. والحديث عزاه السيوطي للحاكم أيضاً، ولم أره الآن في "مستدركه". ولكن وقع في "المستدرك" (2/ 522) رواية عن ابن عباس بلفظ: ((والفجر) قال: فجر النهار، (وليال عشر) قال: عشر الأضحى) . والله أعلم. 3939 - (العلم أفضل من العبادة، وملاك الدين الورع) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب (4/ 436) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 23) من طريق معلى بن مهدي: حدثنا سوار بن مصعب، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: ليث - وهو ابن أبي سليم -؛ ضعيف لاختلاطه. الثانية: سوار بن مصعب؛ ضعيف جداً؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي وغيره: "متروك". الثالثة: معلى بن مهدي؛ مثله، قال البخاري أيضاً: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". الحديث: 3939 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 409 وقال الهيثمي (1/ 130) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه سوار بن مصعب، وهو ضعيف جداً". ثم روى ابن عبد البر (1/ 23) عن بشر بن إبراهيم قال: حدثنا خليفة بن سليمان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ إلا أنه قال: "خير" بدل: "أفضل". قلت: وهذا موضوع؛ آفته بشر بن إبراهيم، وهو الأنصاري البصري المفلوج أبو عمرو؛ قال ابن عدي: "هو عندي ممن يضع الحديث على الثقات". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات". وقد روي من حديث عبادة بن الصامت بزيادة في متنه، ويأتي تخريجه بعد ثلاثة أحاديث. 3940 - (العلم أفضل من العمل، وخير الأمور أوساطها، دين الله بين الفاتر والغالي، والحسنة بين السيئتين، لا ينالها إلا بالله، وشر السير الحقحقة) . موضوع رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 289/ 2) عن الحكم بن أبي خالد الفزاري، عن زيد بن رفيع، عن سعد الجهني، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته الحكم هذا، وهو ابن ظهير؛ كما جزم به ابن معين، وقال: الحديث: 3940 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 410 "كذاب". وقال صالح جزرة: "كان يضع الحديث". وقال ابن حبان: "كان يشتم الصحابة، ويروي عن الثقات الأشياء الموضوعات، وهو الذي روى عن عاصم عن زر عن عبد الله [مرفوعاً] : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه! ". وزيد بن رفيع؛ مختلف فيه، وغفل المناوي عن الحكم، فأعله بزيد هذا، فقال بعد أن عزاه - تبعاً لأصله - للبيهقي في "الشعب": "فيه زيد بن رفيع؛ أورده الذهبي في (الضعفاء) ". 3941 - (العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنة ماضية، ولا أدري) . موقوف أخرجه الديلمي (2/ 303) معلقاً، عن أبي نعيم بسنده الصحيح، عن عمر بن عصام - وكان من كبار أصحاب مالك بن أنس -[، عن مالك] ، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً عليه. قلت: ورجاله ثقات كلهم غير عمر بن عصام؛ أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 128) بهذا الأثر؛ وقال: "روى عنه إبراهيم بن المنذر الحزامي، وسليمان بن محمد اليساري". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقد توبع، فقال ابن عبد البر في "الجامع" (2/ 24) : "ورواه أبو حذافة، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر". ورواه سعيد بن داود بن زنبر، عن مالك بن أنس، عن داود بن الحصين، عن طاوس، عن عبد الله بن عمر به موقوفاً. الحديث: 3941 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 411 أخرجه ابن عبد البر. قلت: وابن زنبر هذا؛ صدوق له مناكير عن مالك. وبالجملة؛ فالحديث ثابت عن ابن عمر موقوفاً عليه، وقد رفعه بعضهم من طريق أبي حذافة المدني المتقدم. أخرجه هكذا الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/ 28) ، وقال عقبه: "هذا لم يصح مسنداً، ولا هو مما عد في مناكير أبي حذافة السهمي، فما أدري كيف هذا؟! وكأنه موقوف". 3942 - (العلم حياة الإسلام، وعماد الإيمان، ومن علم علماً أنمى الله له أجره إلى يوم القيامة، ومن تعلم علماً يعمل به؛ كان حقاً على الله أن يعلمه علماً لم يكن يعلمه) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 303) معلقاً عن أبي الشيخ بسنده، عن بقية، عن أبي مكرم بن حميد، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جويبر متروك. وأبو مكرم بن حميد؛ لم أعرفه، ولعله من شيوخ بقية المجهولين. وبقية مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 3942 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 412 3943 - (العلم خير من العمل، وملاك الدين الورع، والعالم من يعمل) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 303) معلقاً عن أبي الشيخ: حدثنا عبد الله الحديث: 3943 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 412 ابن محمد بن زكريا: حدثنا سعيد بن يحيى: حدثنا .... (1) ، عن أبي عبد الرحمن، عن العلاء، عن مكحول، عن عبادة بن الصامت مرفوعاً. قلت: هذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن يحيى هو الطويل الأصبهاني، قال أبو حاتم: "لا أعرفه"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو نعيم: "يعرف بسعدويه؛ صدوق". وأبو عبد الرحمن هذا؛ لم أعرفه. 3944 - (العلم دين، والصلاة دين، فانظروا ممن تأخذون هذا العلم، وكيف تصلون هذه الصلاة، فإنكم تسألون يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 305) عن الحجاج، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحجاج هو ابن أرطاة؛ مدلس وقد عنعنه. ودونه من لم أعرفه.   (1) هنا اسم لم أتمكن من قراءته الحديث: 3944 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 413 3945 - (العلم علمان: فعلم ثابت في القلب؛ فذاك العلم النافع، وعلم في اللسان؛ فذاك حجة الله على عباده) . منكر مرفوعاً أخرجه إسماعيل الصفار أبو علي في "حديثه" (ق 12/ 2) ، وابن بشران في "الأمالي" (22/ 61/ 2) ، وأبو عبد الرحمن السلمي في "الأربعين الحديث: 3945 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 413 الصوفية" (4/ 1) ، والديلمي (2/ 305) عن عبد السلام بن صالح، عن يوسف ابن عطية، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. قلت: عبد السلام بن صالح - وهو أبو الصلت الهروي -؛ قال الحافظ: "صدوق، له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذاب". ويوسف بن عطية؛ متروك. ثم رأيت في مسودتي؛ أن الحافظ ابن رجب قال: "هذا لا يثبت مرفوعاً، وأبو الصلت الهروي متروك، ويوسف بن عطية ضعيف، ولكن هذا كلام الحسن رضي الله عنه، روي عنه من غير وجه". قلت: أخرجه الدارمي (1/ 102) عن فضيل بن عياض، والمروزي في "زوائد الزهد" (1161) عن عباد بن العوام؛ كلاهما، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. وكذا رواه الصفار وابن بشران. قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وخالفهما يحيى بن يمان فقال: عن هشام، عن الحسن، عن جابر مرفوعاً. فوصله بذكر جابر فيه. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 346) . ووصله ضعيف لا يصح؛ لأن ابن يمان يخطىء كثيراً، وكان قد تغير؛ كما قال الحافظ، ولا أدل على خطئه من مخالفته للثقتين المذكورين؛ فضيل بن عياض وعباد بن العوام اللذين أرسلاه، وهو وصله! وقد تابعهما على إرساله: أبو معاوية، عن الحسن به. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 414 أخرجه ابن عبد البر (1/ 190) . فثبت يقيناً أن وصل ابن اليمان إياه خطأ، فقول المنذري في "الترغيب" (1/ 61) : "إسناده حسن" غير حسن، وكذا قول العراقي في "تخريجه" (1/ 52) : "إسناده جيد" غير جيد. وقد رواه الدارمي أيضاً: أخبرنا مكي بن إبراهيم: حدثنا هشام، عن الحسن قال: ... فذكره موقوفاً عليه. وكذلك رواه أبو الحسن بن الصلت (2/ 1) موقوفاً. ولعله أصح، وهو الذي رجحه الحافظ ابن رجب كما تقدم، والله أعلم. 3946 - (العلم ميراثي، وميراث الأنبياء قبلي، فمن كان يرثني؛ فهو معي في الجنة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 304) عن أبي مقاتل، عن أبي حنيفة، عن إسماعيل بن عبد الله، عن أبي صالح، عن أم هانىء مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ أورده السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص 39) ، وقال: "أبو مقاتل السمرقندي كذبه ابن مهدي، وقال السليماني: هو في عداد من يضع الحديث". قلت: وهو صاحب كتاب "العالم والمتعلم". وإسماعيل بن عبد الله؛ لم أعرفه. وكذا وقع في "الذيل": إسماعيل بن عبد الله. وأما المناوي فقال: الحديث: 3946 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 415 "وفيه إسماعيل بن عبد الملك، قال الذهبي: قال النسائي: غير قوي". كذا قال! وابن عبد الملك هذا لم أعرفه، وليس هو في سند الديلمي. والله أعلم. 3947 - (العلم والمال يستران كل عيب، والجهل والفقر يكشفان كل عيب) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 306) عن الرشيد: حدثني أبي، عن جدي، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون علي بن عبد الله بن عباس؛ لا يعرف حالهم في الرواية مع شهرتهم بالملك والخلافة، وظاهره الانقطاع؛ فإن جد الرشيد هو أبو جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس؛ وأبو جعفر لا يعرف بالرواية عن جده علي بن عبد الله. والله أعلم. الحديث: 3947 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 416 3948 - (العلم لا يحل منعه) . ضعيف رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (9/ 2) عن أبي فضيل عبيد ابن محمد العسقلاني: أخبرنا عمر بن صدقة - إمام أنطاكية - قال: أخبرنا عمر بن شاكر، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي شيء لا يحل منعه؟ ". فقال بعضهم: الملح، وقال آخر: النار، فلما أعياهم قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "ذلك العلم.." الحديث. وقال بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب -: "واه". الحديث: 3948 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 416 قلت: وعلته عمر بن شاكر؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 115) عن أبيه: "ضعيف الحديث، يروي عن أنس المناكير". ومن دونه؛ لم أعرفهما. ولفظ الترجمة من الحديث؛ أخرجه الديلمي (2/ 304) عن يزيد بن عياض: حدثنا الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً. وابن عياض؛ كذبه مالك وغيره؛ كما قال الحافظ. والحديث عزاه السيوطي للديلمي فقط! 3949 - (العلماء أمناء أمتي) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 207) عن إسماعيل بن علي السعري، عن حماد بن مسعدة، عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير إسماعيل بن علي السعري؛ فلم أعرفه، ولا تبينت لي هذه النسبة من الأصل، وما أثبته هو أقرب صورة تطابق الأصل. ودونه من لم أعرفه أيضاً. ثم روى من طريق عيسى بن إبراهيم، عن الحكم الأيلي، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل مرفوعاً بلفظ: "العالم أمين الله في الأرض". قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ عيسى بن إبراهيم - وهو الهاشمي -؛ هالك، ومثله الحكم الأيلي. وقد تقدم هذا تحت الحديث (2670) . الحديث: 3949 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 417 3950 - (العلماء ثلاثة: رجل عاش به الناس وعاش بعلمه، ورجل عاش به الناس وأهلك نفسه، ورجل عاش بعلمه ولم يعش به أحد غيره) . موضوع رواه الديلمي (2/ 307) ، والضياء في "المنتقى من حديث أبي نعيم الأزهري" (283/ 2) : حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهري: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الضبي: حدثنا محمد بن شعيب البلخي: حدثنا إسماعيل بن نصر الوائلي: حدثنا خالد العبد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته خالد العبد - واسم أبيه: عبد الرحمن -، قال الذهبي: "تركه غير واحد، ورماه عمرو بن علي بالوضع، وكذبه الدارقطني". ويزيد الرقاشي؛ ضعيف. الحديث: 3950 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 418 3951 - (العلماء مصابيح الجنة، وورثة الأنبياء) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 306) عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الواسطي - واسمه عمرو بن خالد -؛ قال الحافظ: "متروك، ورماه وكيع بالكذب". قلت: وأما الجملة الثانية منه؛ فلها أصل في حديث أبي الدرداء المخرج في "المشكاة" (212) ، و"الترغيب" (1/ 53) من طريقين عنه، أحدهما حسن، ونقل المناوي عن الحافظ أنه قال: "وهو حديث صحيح". الحديث: 3951 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 418 3952 - (العلماء ورثة الأنبياء، يحبهم أهل السماء، وتستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 206) عن محمد بن إسحاق البكائي، عن محمد بن مطرف، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق هو السبيعي؛ وهو مدلس مختلط. وشريك؛ ضعيف سيىء الحفظ. ومحمد بن إسحاق البكائي؛ لم أعرفه. وأخرجه الواحدي في "الوسيط" (1/ 46-ط) عن محمد بن مطرف السعدي به. وعزاه الحافظ في "تخريج الكشاف" (124/ 117) لأبي نعيم في "فضل العالم العفيف على الجاهل الشريف". وقد ثبت الحديث مفرقاً دون قوله: "يحبهم أهل السماء". فانظر "التعليق الرغيب" (1/ 53/ 2) ، و "الصحيحة" (3024) . الحديث: 3952 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 419 3953 - (العمرة من الحج بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة الزكاة من الصيام) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 311) عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ جويبر متروك. والضحاك؛ لم يسمع من ابن عباس. الحديث: 3953 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 419 3954 - (العيادة فواق ناقة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (182/ 1) قال: حدثني أيوب بن الوليد الضرير قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: حدثنا أبو علي بن العنزي قال: حدثنا إسماعيل بن القاسم، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ إسماعيل بن القاسم لم أعرفه. وأبو علي بن العنزي: هو حبان بن علي العنزي، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وأيوب بن الوليد الضرير؛ ترجمه الخطيب (7/ 10-11) وذكر أنه مات سنة ستين؛ يعني ومئتين، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 3954 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 420 3955 - (العيدان واجبان على كل حالم من ذكر وأنثى) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 317) عن عمرو بن شمر، عن محمد بن سوقة، عن عبد الرحمن بن سابط، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن شمر هذا؛ قال ابن حبان: "رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: "متروك الحديث". قلت: وهذا حال الحديث من حيث الرواية، وإلا؛ فمعناه صحيح؛ يدل عليه أمور، منها: أمره - صلى الله عليه وسلم - النساء أن يخرجن إلى المصلى، ومن كانت لا جلباب لها الحديث: 3955 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 420 تعيرها جارتها من جلبابها، حتى الحيض منهن أمرن بالخروج؛ ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. فهذا من أقوى الأدلة على وجوب صلاة العيدين عليهن، وإذا كان هذا هو الحكم عليهن؛ فكيف الرجال؟! 3956 - (العينان دليلان، والأذنان قمعان، واللسان ترجمان، واليدان جناحان، والكبد رحمة، والطحال ضحك، والرئة نفس، والكليتان مكر، والقلب ملك، فإذا صلح الملك صلحت رعيته، وإذا فسد الملك فسدت رعيته) . ضعيف جداً رواه أبو الشيخ في "كتاب العظمة" (22/ 1) وفي "طبقات الأصبهانيين" (ص 250-ظاهرية) عن هشام بن محمد بن السائب: حدثنا أبو الفضل العبد ي من آل حرب بن مسقلة -: حدثنا عطية، عن أبي سعيد قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته هشام هذا، وهو الكلبي الأخباري النسابة المشهور، قال الدارقطني وغيره: "متروك". وقال ابن عساكر: "رافضي، ليس بثقة". الحديث: 3956 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 421 3957 - (غبار المدينة شفاء من الجذام) . منكر أخرجه أبو نعيم في "الطب النبوي" (ق 51/ 2) ، والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (3/ 393) ، وابن النجار في "أخبار مدينة الرسول" (ص 28-الثقافة) من طريق أبي غزية محمد بن موسى، عن عبد العزيز بن عمران، عن الحديث: 3957 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 421 محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن خارجة، عن [إسماعيل بن] محمد بن ثابت ابن قيس بن شماس، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى - وهي الأقوى -: أبو غزية؛ قال البخاري: "عنده مناكير". وقال ابن حبان (2/ 289) : "كان ممن يسرق الحديث، ويحدث به، ويروي عن الثقات أشياء موضوعات، حتى إذا سمعها المبتدىء في الصناعة سبق إلى قلبه أنه كان المعتمد لها". الثانية: عبد العزيز بن عمران - وهو ابن أبي ثابت الزهري -؛ متروك؛ كما في "التقريب" و "المغني"، مات سنة (197) . الثالثة: محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن خارجة؛ لم أعرفه. الرابعة: إسماعيل بن محمد بن ثابت؛ مجهول، لم يذكر البخاري وابن أبي حاتم في ترجمته راوياً عنه غير الزهري، وأما ابن حبان فترجمه في "الثقات" برواية (أبي ثابت ولد ثابت بن قيس) . وكذا ذكر ابن أبي حاتم في ترجمة (أبي ثابت) نفسه. وأما أبوه (محمد بن ثابت بن قيس بن شماس) ؛ فتناقض فيه ابن حبان؛ فأورده في "الصحابة" (3/ 364) ، وأورده في "التابعين" (5/ 355) ، وقد قال ابن منده: "لا تصح له صحبة" كذا في "الإصابة"، وجزم به في "التهذيب"، فالحديث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 422 مع ذاك الضعف الشديد والعلل الأربع مرسل غير مسند، وقد علقه ابن الجوزي في "منهاج القاصدين" (1/ 57/ 1) عن ثابت بن قيس - يعني والد محمد - فوهم هو؛ أو من نقل عنه. ثم عرفت من أين أتي؛ فقد رأيته في "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس" (2/ 132/ 2) من الطريق المتقدم، لكن وقع فيه: "عن جده ثابت"! واعتمده السيوطي في هذا الخطأ في "الجامع الصغير"؛ فإنه قال: "أبو نعيم في "الطب" عن ثابت بن قيس بن شماس"! وهذا خلاف ما تقدم نقله عنه وعن غيره، وكأنه جاءه الخطأ من السرعة في تلخيصه لتخريجه إياه في "الجامع الكبير"؛ فإنه فرق فيه بين رواية أبي نعيم ورواية الديلمي؛ فقال: "أبو سعيد في "مشيخته"، والرافعي عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه، والديلمي، عن إسماعيل، عن جده ثابت". وهذا هو الصواب. ولم يتنبه لهذا المناوي في شرحه "الفيض"، فجرى فيه على أن الحديث لأبي نعيم والديلمي عن ثابت! وقلده في ذلك الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 78) ، والمعلق على "الفردوس" (3/ 101) !! وقد وقع فيه أن الحديث عن قيس بن شماس!! وقد روي الحديث من وجهين آخرين واهيين: أحدهما: من طريق القاسم بن عبد الله العمري، عن أبي بكر بن محمد، عن سالم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره بلفظ: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 423 "يبرىء من الجذام". أخرجه أبو نعيم أيضاً. وهذا مع كونه مرسلاً أيضاً، فإن السند إليه واه بمرة؛ القاسم هذا قال الحافظ الذهبي في "المغني": "قال أحمد: كذاب يضع الحديث". والآخر: رواه الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" قال: حدثني محمد بن حسن، عن إبراهيم قال: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره بلفظ: ".. يطفىء الجذام". كما في "الحجج المبينة" للسيوطي (72/ 1) . وهذا إسناد واه جداً كسابقه، بل هو معضل؛ فإن إبراهيم هذا هو ابن علي ابن حسن بن علي بن أبي رافع المدني مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف، من التاسعة". والراوي عنه (محمد بن الحسن) هو ابن زبالة؛ قال الحافظ أيضاً: "كذبوه، من كبار العاشرة". وأنكر من كل ما سبق ما جاء في "الترغيب" للمنذري (2/ 145) : "وعن سعد - رضي الله عنه - قال: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، تلقاه رجال من المتخلفين من المؤمنين، فأثاروا غباراً، فخمر بعض من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنفه، فأزال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللثام عن وجهه، وقال: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 424 "والذي نفسي بيده! إن في غبارها شفاء من كل داء، قال: وأراه ذكر: ومن الجذام والبرص". ذكره رزين العبد ري في "جامعه"، ولم أره في الأصول". قلت: وصدقه الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 136/ 2) ، وفي ذلك إشارة إلى أنه لا أصل له؛ كما قاله ابن الجوزي فيما نقلوا عنه، ولا يحضرني الآن مصدره. وإذا عرفت أن طرق الحديث ضعيفة جداً مع إرسالها وإعضالها، وفقدان الشاهد الصالح لها؛ يتبين لك جهل المعلقين على "الترغيب" (2/ 191) بقولهم: "حسن بشواهده"! فإنه لا يخفى على المبتدئين في هذا العلم؛ أنه يشترط في الشواهد أن لا يشتد ضعفها! وإن مما يؤكد جهلهم أنهم أتبعوا قولهم المذكور بقول الحافظ الناجي في المكان الذي أشرت إليه: "وقد روى الحافظ أبو نعيم في "الطب" من حديث ثابت (!) بن قيس بن شماس مرفوعاً.. (فذكر الحديث) ، وروي أيضاً مرسلاً من حديث سالم: أنه يبرىء من الجذام. وروي أيضاً من حديث عائشة قالت: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فقال: والله! إن تربتها ميمونة". قلت: وقد عرفت مما تقدم الضعف الشديد الذي في الحديثين الأولين، وأما حديث عائشة فمع كونه ليس في معناهما - كما هو ظاهر -؛ فإنه لا يصح إسناده، وقد قيل في متنه: "مؤمنة"؛ كما سيأتي بيان ذلك كله برقم (6614) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 425 ولم يذكر المشار إليهم الطرف الأول من كلام الناجي الذي فيه تصديقه لقول المنذري: "ولم أره في الأصول"، ولا أعتقد أنهم يفهمون دلالته على النحو الذي أشرت إليه في كلام ابن الجوزي! وأنا أخشى أن يكون من ذكر أو روى حديث سعد بن أبي وقاص اختلط عليه بحديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حماراً، فمر بمجلس فيه عبد الله بن أبي سلول، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه! ثم قال: لا تغبروا علينا! .. الحديث. وهذا مختصر من "صحيح البخاري" (4566) ، و"مسلم" (5/ 182-183) وغيرهما، هذا هو أصل حديث الغبار، والله أعلم. إذا عرفت هذا؛ فإن من ذاك القبيل قول المناوي في "فيض القدير": "هذا الحديث مما لا يمكن تعليله، ولا يعرف وجهه من جهة العقل ولا الطب، فإن وقف فيه متشرع؛ قلنا: الله ورسوله أعلم، وهذا لا ينتفع به من أنكره، أو شك فيه، أو فعله مجرباً". قلت: مثل هذا إنما يقال فيما صح من أحاديث الطب النبوي، كحديث الذباب ونحوه، أما وهذا لم يصح إسناده؛ فلا يقال مثل هذا الكلام، بل إني أكاد أقول: إنه حديث موضوع؛ لأن المصابين بالجذام قد كانوا في المدينة، ولذلك جاءت أحاديث في التوقي من عدواهم؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - للمجذوم الذي أتى ليبايعه: "ارجع، فقد بايعناك". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (1968) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 426 وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد". رواه البخاري وغيره، وهو مخرج هناك برقم (783) . وقوله أيضاً: "لا تديموا النظر إلى المجذومين". وهو حديث صحيح؛ مخرج أيضاً هناك (1064) . وإن مما لا شك فيه؛ أن هؤلاء قد كان أصابهم من غبار المدينة، ومع ذلك أصيبوا، ولم يصحوا! ولا أمروا بالاستشفاء بغبار المدينة، صلي الله وسلم على ساكنها. (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) . 3958 - (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، كغسل الجنابة) . ضعيف أخرجه ابن حبان (563) من طريق أبي يعلى، عن عبد العزيز بن محمد: حدثنا صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا أن عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - كان يحدث من كتب غيره فيخطىء؛ كما في "التقريب". والظاهر أنه قد أخطأ في متن هذا الحديث، فزاد فيه "كغسل الجنابة"؛ فقد رواه مالك في "الموطأ" (1/ 124) عن صفوان بن سليم به دون الزيادة. ومن طريق مالك أخرجه الشيخان، وغيرهما؛ كأحمد (3/ 60) ، والبيهقي (3/ 188) . الحديث: 3958 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 427 وتابعه سفيان بن عيينة، عن صفوان به. أخرجه الدارمي (1/ 361) ، وأحمد (3/ 6) . وله طريق أخرى؛ يرويها أبو بكر بن المنكدر، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه مرفوعاً به؛ دون الزيادة. أخرجه أحمد (3/ 30 و 65 و 69) . قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. فدلت هذه الطريق والمتابعات التي قبلها على خطأ عبد العزيز الدراوردي في هذه الزيادة، فهي شاذة. ولا يقويه أن له شاهداً من حديث أبي هريرة مرفوعاً به، دون قوله: "على كل محتلم". أخرجه الديلمي (2/ 320) من طريق إبراهيم بن بسطام الزعفراني: حدثنا يحيى بن عبد الحميد: حدثنا أبو الوسيم، عن عقبة بن صهبان عنه. فإنه إسناد ضعيف لا تقوم به حجة؛ أبو الوسيم هذا لا يعرف، وقد ذكر الدولابي في "الكنى" (2/ 147) أنه يسمى صبيحاً، وساق له هذا الحديث بدون الزيادة، وبلفظ: "الغسل واجب في هذه الأيام: يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم النحر، ويوم عرفة". وإسناده عنده هكذا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن معمر البحراني قال: حدثنا أبو المغيرة عمير بن عبد المجيد الحنفي قال: حدثنا صبيح أبو الوسيم به. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 428 وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ غير صبيح؛ هذا فهو العلة، ومن الغريب أن يغفلوه جميعاً ولا يترجموه! وعمير بن عبد المجيد الحنفي هو أخو أبي بكر الحنفي؛ قال ابن معين: "صالح". وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 377) عن أبيه: "ليس به بأس". والبحراني؛ ثقة من رجال "التهذيب". والحديث أعاده الديلمي (2/ 322) من طريق ابن بسطام المتقدمة؛ لكن بلفظ الدولابي السابق، ولعل ذلك يدل على عدم اتقان ابن بسطام لروايته إياه، فمرة رواه بهذا اللفظ، ومرة بهذا، وإن كان حفظه؛ فالاضطراب من صبيح نفسه. والله أعلم. وقال الشوكاني في "السيل الجرار" (1/ 118) بعد أن عزاه للديلمي: "وإسناده مظلم". ومثل هذه الزيادة في الشذوذ؛ ما رواه عثمان بن واقد العمري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "الغسل يوم الجمعة على كل حالم من الرجال، وعلى كل بالغ من النساء". أخرجه ابن حبان (565) ، والبيهقي (3/ 188) نحوه. فإن العمري هذا متكلم فيه قال الذهبي: "وثقه ابن معين، وضعفه أبو داود؛ لأنه روى حديث: "من أتى الجمعة فليغتسل من الرجال والنساء" (يعني هذا) ، فتفرد بهذه الزيادة. قاله أبو داود". وقال الحافظ بعد أن عزاه لأبي عوانة وابن خزيمة (2/ 358) : الجزء: 8 ¦ الصفحة: 429 "ورجاله ثقات، لكن قال البزار: أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه". أقول: ولا شك في وهمه في ذلك؛ فقد رواه جمع من الثقات، عن نافع به؛ دون ذكر النساء. أخرجه أحمد (2/ 3 و 42 و 48 و 55 و 75 و 77 و 78 و 101 و 105) من طرق كثيرة، عن نافع به دون الزيادة. وكذلك رواه مالك (1/ 125) ، وعنه أحمد (2/ 64) ، والبخاري، وغيرهما. وكذلك رواه جمع آخر من الثقات، عن ابن عمر مرفوعاً، دون الزيادة، فراجع "المسند" (2/ 9 و 35 و 37 و 47 و 51 و 53 و 57 و 64 و 75 و 115 و 120 و 141 و 145 و 149) . فمن وقف على هذه الطرق لم يشك مطلقاً في شذوذ تلك الزيادة وضعفها. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للرافعي عن أبي سعيد، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء. وقد وقفت على إسناده في "تاريخ قزوين" للرافعي (2/ 245) من طريق بكر ابن عبد الله، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه مرفوعاً بلفظ: "غسل يوم الجمعة واجب كوجوب غسل الجنابة". وهذا آفته بكر هذا؛ قال ابن معين: "كذاب ليس بشيء". ودونه من لم أعرفه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 430 3959 - (غشيتكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، فعند ذلك لا تأمرون بمعروف، ولا تنهون عن منكر، والقائمون بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 48) عن موسى بن أيوب: حدثنا إبراهيم بن شعيب الخولاني، عن إبراهيم بن آدهم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث إبراهيم وهشام". قلت: وهذا سند ضعيف؛ إبراهيم بن شعيب الخولاني (كذا وقع في هذه الرواية) . وساقها أبو نعيم من طريق أخرى، عن موسى بن أيوب فقال: حدثنا يوسف بن شعيب، عن إبراهيم به؛ إلا أنه قطعة، فلم يذكر عائشة في سنده ولا رفعه. ويوسف بن شعيب؛ الظاهر أنه الذي في "الميزان" و "اللسان": "يوسف بن شعيب. عن الأوزاعي، لا أعرفه، وضعفه الدارقطني في (العلل) ". ثم رواه أبو نعيم من طريق أبي الشيخ - في "الأمثال" (233) - من حديث أنس نحوه مرفوعاً؛ وزاد في أوله: "أنتم اليوم على بينة من ربكم؛ تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، تجاهدون في الله، ثم تظهر فيكم السكرتان.." الحديث، وفي آخره: "القائمون يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين صديقاً". قالوا: يا رسول الله منا أو منهم؟ قال: "بل منكم". الحديث: 3959 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 431 ورجاله ثقات؛ إلا أن محمد بن العباس بن أيوب - وهو أبو جعفر الأصبهاني الحافظ - كان اختلط قبل موته بسنين، قال أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 224) : "توفي سنة إحدى وثلاث مئة، وقطع عن الحديث سنة ست وتسعين؛ لاختلاطه". ومثله في "طبقات الأصبهانيين" لأبي الشيخ (315/ 426) . ومعنى هذا أنه اختلط قبل موته بخمس سنين، فما في "اللسان" أنه "اختلط قبل موته بسنة" خطأ، ولعله من الناسخ أو الطابع. 3960 - (غضوا الأبصار، واهجروا الدعار، واجتنبوا أعمال أهل النار) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 318-319) عن بقية بن الوليد: حدثنا عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عيسى بن إبراهيم، وهو الهاشمي؛ متروك. وموسى بن أبي حبيب؛ قال الذهبي: "ضعفه أبو حاتم، وخبره ساقط، وله عن الحكم بن عمير - رجل قيل له صحبة - والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير". والحديث أخرجه الطبراني في "الكبير" فيما عزاه إليه السيوطي في "الجامع"، ولم أره في "مسند الحكم بن عمير الثمالي" منه، وذكر المناوي أن فيه عيسى بن إبراهيم المتقدم. والله أعلم. الحديث: 3960 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 432 3961 - (غفر الله لرجل أماط غصن شوك عن الطريق؛ ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 319) عن أبي الشيخ معلقاً، من طريق دراج، عن ابن هبيرة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ دراج ضعيف له مناكير. والحديث عزاه السيوطي لابن زنجويه عن أبي سعيد وأبي هريرة معاً، زاد المناوي: وأبو الشيخ والديلمي، ولم يتكلم على إسناده بشيء، مع أنه عند الأخيرين عن أبي هريرة وحده كما رأيت! الحديث: 3961 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 433 3962 - (غيرتان؛ إحداهما يحبها الله عز وجل، والأخرى يبغضها الله، ومخيلتان؛ إحداهما يحبها الله عز وجل، والأخرى يبغضها الله: الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في غير ريبة يبغضها الله، والمخيلة إذا تصدق الرجل يحبها الله، والمخيلة في الكبر يبغضها الله) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 418) ، وابن خزيمة (ق 250/ 2) ، وأحمد (4/ 154) عن زيد بن سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر؛ لأن الأزرق هذا لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير زيد بن سلام وهو أبو سلام، الأسود، فهو مجهول، وقد أشار إلى ذلك الذهبي نفسه بقوله في "الميزان": "روى عنه أبو سلام الأسود فقط". الحديث: 3962 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 433 وكذا الحافظ بقوله في "التقريب": "مقبول". يعني عند المتابعة، وما علمت له متابعاً على هذا الحديث بهذا السياق. والله أعلم. 3963 - (الغبار في سبيل الله؛ إسفار الوجوه يوم القيامة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 88 و 8/ 274-275) : حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: حدثنا إبراهيم بن أحمد الخزاعي: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق: حدثني سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث سليمان والزهري، لم نكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف؛ لأن التنوخي مع ثقته كان اختلط في آخر عمره. والخزاعي يخطىء ويخالف؛ قاله ابن حبان في "تاريخ الثقات" كما في "اللسان". الحديث: 3963 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 434 3964 - (الغدو والرواح في تعلم العلم؛ أفضل عند الله من الجهاد في سبيل الله عز وجل) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 322) عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. وهذا إسناد واه بمرة؛ نهشل هذا متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه؛ كما في "التقريب". والضحاك؛ لم يسمع من ابن عباس. الحديث: 3964 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 434 3965 - (الغرباء في الدنيا أربعة: قرآن في جوف ظالم، ومسجد في نادي قوم لا يصلى فيه، ومصحف في بيت لا يقرأ فيه، ورجل صالح مع قوم سوء) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 323) من طريق سعيد بن أبي زيد وراق الفريابي: حدثنا محمد بن هارون الصوري: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا متن موضوع؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة؛ آفته الصوري هذا؛ فإنه مجهول، وقد وقع في الأصل المصور من "الديلمي": "محمد بن هارون"، والصواب: عبد الله بن هارون، وعلى الصحة وقع في المناوي، فقال بعد أن عزاه لابن لال أيضاً: "فيه عبد الله بن هارون الصوري، قال الذهبي في "الذيل": لا يعرف". قلت: وفي "الميزان" و "اللسان": "عبد الله بن هارون الصوري، عن الأوزاعي؛ لا يعرف. والخبر كذب في أخلاق الأبدال". قلت: وهذا مثله في نقدي كما تقدم. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "الأحاديث المئة" لابن طولون (34/ 29) من طريق مكي: أنبأنا أبي: حدثنا عيسى، عن أبي خلف الكوفي، عن الزهري به. قلت: وأبو خلف هذا لا يعرف؛ كما في "الميزان" و "المغني" و "اللسان" و (مكي) عن أبيه؛ لم أعرفه. الحديث: 3965 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 435 3966 - (الغريب إذا مرض فنظر يمينه وعن شماله، ومن أمامه ومن خلفه، فلم ير أحداً يعرفه؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 323) عن يعقوب الزهري، عن أيوب الثقفي، عن محمد بن داود، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الحكم بن أبان؛ فيه ضعف. الثانية: محمد بن داود؛ لم أعرفه. الثالثة: أيوب الثقفي؛ لم أعرفه أيضاً، وليس هو أيوب بن طهمان الثقفي الذي رأى علي بن أبي طالب فيما زعم؛ فإن المترجم دونه في الطبقة كما ترى، وهذا تابعي، وهو مجهول أيضاً. الرابعة: يعقوب - وهو ابن محمد الزهري -؛ قال الحافظ: "صدوق، كثير الوهم والرواية عن الضعفاء". والحديث ساقه الحافظ السخاوي في "المقاصد" (ص 296) مع أحاديث أخرى في فضل الغربة، ثم قال: "ولا يصح شيء من ذلك". ثم رأيت الحديث في "أخبار قزوين" للرافعي (4/ 170) رواه من الوجه المذكور؛ لكن وقع فيه مكان (محمد بن داود) : (محمد بن زياد) ، فإن صح هذا، فلا أستبعد أن يكون هو محمد بن زياد اليشكري الطحان الكوفي، وقد كذبوه كما في "التقريب". الحديث: 3966 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 436 3967 - (الغريق شهيد، والحريق شهيد، والغريب شهيد، والملدوغ شهيد، والمبطون شهيد، ومن يقع عليه البيت فهو شهيد، ومن يقع من فوق البيت فيندق رجله أو عنقه فيموت فهو شهيد، ومن يقع عليه الصخرة فهو شهيد، والغيرى على زوجها كالمجاهد في سبيل الله ولها أجر شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فهو شهيد) . ضعيف جداً رواه ابن عساكر (15/ 208/ 1) عن أبي تراب محمد بن سهل ابن عبد الله: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يحيى بن زيد: حدثنا خالد بن يزيد: حدثنا داود بن الزبرقان، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي: أن علياً قال: ... فذكره مرفوعاً. ساقه في ترجمة أبي تراب هذا. ثم روى من طريق الحاكم: حدثني أحمد بن منصور بن عيسى الفقيه الحافظ - وكان من الزهاد -: حدثني أبو بكر محمد بن سهل أبو تراب - وعلى قلبي منه ثقل -! وداود بن الزبرقان؛ متروك، وكذبه الأزدي؛ كما في "التقريب"، فالإسناد ضعيف جداً، لكن كثيراً من فقرات الحديث قد صحت متفرقة في أحاديث أخرى، مثل: "الغريق شهيد، والحريق شهيد"، و "المبطون شهيد"، و "من يقع عليه البيت فهو شهيد"؛ فإنه معنى حديث: "صاحب الهدم شهيد" المروي في "الصحيحين"، و "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد". وقد خرجت أحاديثها في "أحكام الجنائز"، فراجعها إن شئت (ص 36 و 38 و 39-42) . الحديث: 3967 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 437 ثم رأيت في "الخلاصة" (24/ 2) أن الدارقطني روى عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "الغريب شهيد". وقال: "وصححه في "علله"". فلينظر. وقد رواه ابن ماجه بنحوه، ومضى برقم (425) ، وروي بلفظ: "موت الرجل في الغربة شهادة، وإذا احتضر، فرمى ببصره عن يمينه وعن يساره، فلم ير إلا غريباً وذكر أهله وولده تنفس، فله بكل نفس يتنفس به يمحو الله عنه ألفي ألف سيئة، ويكتب له ألفي ألف حسنة، ويطبع بطابع الشهداء إذا خرجت نفسه". رواه الطبراني (3/ 107/ 1) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (251/ 1) ، والقاسم بن عساكر في "تعزية المسلم" (2/ 221/ 1) عن عمرو بن حصين العقيلي: أخبرنا ابن علاثة - يعني محمد بن عبد الله القاضي -، عن الحكم ابن أبان، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمرو بن حصين متروك، والحكم بن أبان فيه ضعف. وفي معنى الفقرة الأولى منه: "موت المسافر شهادة". رواه القاسم بن عساكر في "تعزية المسلم" (2/ 221/ 2) من طريق أبي علي الصابوني، عن عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي: أخبرنا مسعر، عن أبي الزبير، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 438 عن جابر مرفوعاً. وقال الصابوني: "حديث غريب من حديث مسعر، لا أعلم له راوياً عنه غير عبد الله بن محمد بن المغيرة". قلت: وهو شديد الضعف؛ قال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه". وقال النسائي: "روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها". وقال العقيلي: "يحدث بما لا أصل له". وساق له الذهبي أحاديث؛ ثم قال فيها: "وهذه موضوعات". 3968 - (الغزو خير لوديك) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 325) من طريق محمد بن سعيد بن حسان: أخبرني إسماعيل بن عبد الله: أخبرتني أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل من بني حارثة: "ألا تغزو يا فلان؟ "، قال: يا رسول الله! غرست ودياً لي، وإني أخاف إن غزوت أن يضيع، فقال: ... فذكره، قال: فغزا، فوجد وديه كأحسن الودي وأجوده. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن سعيد هذا - وهو الشامي المصلوب -؛ قال الحافظ في "التقريب": "كذبوه، وقال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث. وقال أحمد: قتله الحديث: 3968 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 439 المنصور على الزندقة وصلبه". 3969 - (الغسل يوم الجمعة سنة) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 80/ 2) : حدثنا علي بن سعيد الرازي: أخبرنا إسحاق ابن رزيق الراسبي: أخبرنا المغيرة بن سقلاب: أخبرنا سفيان الثوري، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن همام بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 178) من طريق آخر، عن إسحاق بن زريق قال: حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال: حدثنا سفيان الثوري به. وقال: "لم يرفعه أحد من أصحاب الثوري إلا إسحاق بن زريق عن إبراهيم والمغيرة ابن سقلاب عنه. ورواه شعبة ومسعر والمسعودي عن وبرة". قلت: يعني موقوفاً على ابن مسعود، وقد أسنده ابن أبي شيبة (2/ 96) من طريق مسعر، عن وبرة، عن همام بن الحارث قال: قال عبد الله: ... فذكره موقوفاً عليه، وإسناده صحيح. وأما المرفوع فلا يصح؛ لأن مداره على إسحاق بن رزيق أو زريق (على اختلاف الروايتين) الراسبي، ولم أجد له ترجمة، وأما المغيرة بن سقلاب؛ فمختلف فيه. وأما شيخه الآخر إبراهيم بن خالد الصنعاني؛ فثقة. فالعلة من الراسبي لجهالته، ومخالفته لأصحاب الثوري الذين رووه موقوفاً؛ كما تقدم عن أبي نعيم وفي رواية ابن أبي شيبة. وكذلك رواه البزار بإسناد رجاله ثقات؛ كما قال الهيثمي (2/ 173) . الحديث: 3969 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 440 3970 - (الغفلة في ثلاث: الغفلة عن ذكر الله، والغفلة عن صلاة الغداة إلى طلوع الشمس، وغفلة الرجل عن نفسه في الدين) . ضعيف رواه الفسوي في "المعرفة" (2/ 526) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 336-هندية و 1/ 135/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (172/ 1) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (216/ 2) عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الإفريقي، عن حديج الحميري، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: حديج الحميري وهو ابن صومي، كما وقع في سند البيهقي؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 2/ 310) برواية جمع عنه، ولم يحك فيه شيئاً، لكن وثقه الفسوي. الثانية: الإفريقي - واسمه عبد الرحمن بن زياد -؛ وهو ضعيف. الثالثة: عنعنة المحاربي؛ فإنه كان يدلس كما قال أحمد، لكن تابعه عند الفسوي: أبو عبد الرحمن - وهو عبد الله بن يزيد المقرىء -؛ وهو ثقة. ومن هذا التخريج والتحقيق يعلم تساهل الهيثمي في "مجمع الزوائد" حين قال (4/ 128) : "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه حديج بن صومي وهو مستور، وبقية رجاله ثقات"! ثم إن البيهقي أخرج الحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي البحتري الطائي: حدثنا المحاربي، عن الأعمش، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة مرفوعاً به. الحديث: 3970 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 441 قلت: وهذا مع عنعنة المحاربي؛ فإن الراوي عنه عبد الرحمن بن أبي البحتري لم أجد له ترجمة. 3971 - (الغنى الإياس مما في أيدي الناس، ومن مشى منكم إلى طمع؛ فليمش رويداً) . ضعيف جداً رواه تمام في "الفوائد" (261/ 2) : أخبرنا خيثمة بن سليمان: حدثنا أبو العباس الفضل بن يوسف القصباني الكوفي: حدثنا إبراهيم بن زياد: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: قلنا - أو قيل -: يا رسول الله ما الغنى؟ قال "الإياس ... " الحديث. ورواه ابن الأعرابي في "معجمه" (235/ 1) : أخبرنا الفضل به. ومن طريق ابن الأعرابي، رواه القضاعي (2/ 9/ 2) ، والخطابي في "العزلة" (ص 33) . والجملة الأولى منه؛ رواها أبو بكر النقاش في "جزء من حديثه" (86/ 1) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم: حدثنا إبراهيم بن زياد الكوفي: حدثنا أبو بكر بن عياش به. ورواه الطبراني (3/ 69/ 1) ، والخطيب في "التلخيص" (39/ 1) من طريق أخرى، عن إبراهيم بن زياد العجلي به. وإبراهيم هذا؛ قال الذهبي: "قال الأزدي: متروك الحديث، ومن مناكيره ... "، ثم ساق هذا الحديث. الحديث: 3971 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 442 3972 - (الغسل واجب على كل مسلم في كل سبعة أيام: شعره وبشره) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 103/ 2) عن ليث، عن طاوس، الحديث: 3972 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 442 عن ابن عباس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط. 3973 - (الغنم أموال الأنبياء عليهم السلام) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 322) عن موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ من أجل موسى هذا، وقد مضى ذكر بعض كلمات الأئمة فيه تحت الحديث (3930) . الحديث: 3973 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 443 3974 - (صلوا على موتاكم بالليل والنهار) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1522) عن الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: هذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل؛ عنعنة أبي الزبير، وكذا الوليد بن مسلم، وضعف ابن لهيعة. ثم إن الحديث منكر؛ لمخالفته لحديث جابر الآخر الصحيح بلفظ: "لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 58) . الحديث: 3974 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 443 3975 - (إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 296) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8/ 9510) عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي قال: الحديث: 3975 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 443 لقيت أبا هريرة، فقلت له: إنه بلغني أنك تقول: إن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله! لقد سمعته - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن زيد هو ابن جدعان، قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". ومبارك بن فضالة؛ صدوق يدلس، وقد عنعنه، لكن تابعه سفيان بن حسين، عن علي بن زيد. أخرجه البزار (3259-"زوائده") ، وسفيان - هذا ثقة في غير الزهري باتفاق الحفاظ - كما في "التقريب" -، وتابعه - أيضاً - سليمان بن المغيرة، عن علي بن زيد: أخرجه أحمد أيضاً (2/ 521) ، ورجاله ثقات كلهم غير ابن جدعان، فانحصرت العلة به، ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (2/ 451-منار) : "وهذا حديث غريب، وعلي بن زيد بن جدعان عنده مناكير". ثم ذكر له متابعاً من تخريج ابن أبي حاتم من وجهين، عن زياد الجصاص، عن أبي عثمان به. لكن زياد هذا؛ هو ابن أبي زياد الجصاص؛ متروك شديد الضعف، قال ابن المديني: "ليس بشيء"، وضعفه جداً. وقال النسائي وابن عدي والدارقطني: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 444 "متروك". ولذلك لما نقل الذهبي أنه قال في "الثقات": "ربما وهم" تعقبه بقوله: "قلت: بل هو مجمع على ضعفه". قلت: فلا تطمئن النفس للاستشهاد بحديثه، فيبقى الحديث على ضعفه. وأما تصحيح الشيخ أحمد شاكر لهذا الحديث، فمن تساهله الذي لا نراه صواباً؛ فإنه قائم على توثيق ابن جدعان والجصاص، وكل ذلك رد لجرح الجارحين، لا سيما للثاني منهما دون عمدة! ثم رأيت الحديث في "فوائد ابن خلاد" (1/ 223/ 2) : حدثنا محمد بن عثمان: حدثنا أبي قال: وجدت في كتاب [أبي] بخطه: حدثنا أبو بشر، عن أبي عثمان النهدي بلفظ: "ألف ألف حسنة". وأبو بشر اسمه عمران بن بشر الحلبي؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 294) عن أبيه: "صالح". لكن محمد بن عثمان - وهوابن أبي شيبة -؛ فيه ضعف. 3976 - (إن الله يبغض المعبس في وجوه إخوانه) . موضوع رواه الديلمي (1/ 2/ 244-245) من طريق أبي نعيم، عن عيسى ابن مهران، عن الحسن بن الحسين، عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه [، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن أبيه علي] مرفوعاً. الحديث: 3976 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 445 قلت: وهذا موضوع؛ آفته عيسى بن مهران؛ فإنه كذاب؛ كما قال أبو حاتم والدارقطني. وقال ابن عدي: "حدث بأحاديث موضوعة". 3977 - (إن لكل شيء قمامة وقمامة المسجد: لا والله، وبلى والله) . ضعيف رواه أبو يعلى (284/ 1) ، وعنه ابن عدي (136/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (20/ 1-2) عن رشدين بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عقيل إلا رشدين". قلت: وهو ضعيف، كما في "التقريب". الحديث: 3977 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 446 3978 - (ساعة من عالم يتكىء على فراشه ينظر في علمه؛ خير من عبادة العابد سبعين عاماً) . موضوع أخرجه الديلمي (206) من طريق أبي نعيم، عن الحسين بن أحمد الرازي، عن أبي جعفر محمد بن إسحاق الخطيب، عن أبي نصر منصور بن محمد، عن محمد بن سعيد الماليني، عن محمد بن عبيد الله المدني، عن أبي أويس، عن صفوان بن سليم، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون محمد بن عبيد الله المدني؛ لم أعرفهم، وأبو نصر منصور بن محمد؛ أورده في "اللسان" هكذا: "منصور بن محمد الحارثي أبو نصر. روى عن ". هكذا وقع فيه، وكأنه لم يستحضر ما يذكره من شيوخه وحاله، فبيض له. الحديث: 3978 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 446 والحسين بن أحمد الرازي؛ يحتمل أنه الحسين بن أحمد الشماخي المترجم في "التاريخ" (8/ 8-9) و "اللسان" وفيه: أنه سمع بالري عن ابن أبي حاتم ... وهو من طبقة شيوخ أبي نعيم مات سنة (372) ، قال الحاكم: "كذاب، لا يشتغل به". 3979 - (مولى الرجل أخوه وابن عمه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 90) من طريق أبي شريك يحيى بن يزيد بن ضماد: حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم بن أبي يحيى هو ابن أبي حية اليسع بن الأشعث المكي، قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "متروك". وسائر رجاله ثقات، وأما إعلال المناوي إياه في "شرحيه" بقوله: "وفيه يحيى بن يزيد، قال الذهبي: ضعيف". فهو من أوهامه؛ لأن هذا المضعف هو الرهاوي أو النوفلي المديني، وراوي حديثنا هو أبو شريك كما ترى، وترجمته في "الجرح" عقب ترجمة النوفلي، وقال فيه: الحديث: 3979 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 447 "شيخ". وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 262) ، وله ترجمة في "اللسان"، ولكن لم يذكر له راوياً ولا قول أبي حاتم فيه، ولا توثيق ابن حبان إياه!! والحديث مما لم يورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، وهو على شرطه! 3980 - (نهى عن النفخ في السجود، وعن النفخ في الشراب) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (5/ 150/ 4870) من طريق معاوية بن هشام، عن خالد بن إلياس، عن عبد الله بن ذكوان أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته خالد بن إلياس؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك الحديث". وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 83) . وسائر رجاله رجال "الصحيح" - باستثناء شيخ الطبراني طبعاً؛ فإنه دون هذه الطبقة كما هو معروف -؛ ومعاوية بن هشام مع كونه من رجال مسلم؛ فإن له أوهاماً. والجملة الثانية من الحديث؛ قد جاءت بإسناد آخر خير من هذا، من حديث أبي سعيد الخدري، وهو مخرج في "الصحيحة" (385 و 388) من طريقين عنه. وله شاهد من حديث ابن عباس برقم (4715) . الحديث: 3980 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 448 3981 - (نهى عن المزايدة) . ضعيف أخرجه البزار (2/ 90/ 1276) من طريق ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن المغيرة بن زياد، عن سفيان بن وهب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن المزايدة. وقال: "لا نعلم روى سفيان إلا هذا". كذا قال! وقد ذكروا له غيره، اثنان منها في "معجم الطبراني" (7/ 81-82/ 6404-6406) ، و"فتوح مصر" (ص 307) ، وأحدهما في "مسند أحمد" (4/ 168) . ثم هو مختلف في صحبته. والراوي عنه: المغيرة بن زياد، صدوق له أوهام؛ كما في "التقريب". وابن لهيعة؛ معروف بسوء الحفظ بعد احتراق كتبه. ومنه تعلم أن قول الهيثمي (4/ 84) : "رواه البزار، وإسناده حسن"! غير حسن، وإن قلده المناوي في "التيسير"! وأما في "الفيض"؛ فقال عن السيوطي: "رمز لصحته"! ومن أبواب البخاري في "صحيحه" (باب بيع المزايدة، وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد) . الحديث: 3981 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 449 قال الحافظ في "شرحه" (4/ 354) : "وكأن المصنف أشار إلى تضعيف ما أخرجه البزار.. (فذكر الحديث) ؛ فإن في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف". 3982 - (ورسول الله يحب معك العافية) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (1/ 45) ، وأبو نعيم في "الطب" (ق 24/ 2) من طريق الطبراني كلاهما قالا: حدثنا بكر بن سهيل: حدثنا إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء قال: كنت جالساً بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر العافية، وماذا أعد الله - لصاحبها من عظيم الثواب إذا هو شكر، ويذكر البلاء وماذا أعد الله لصاحبه من عظيم الثواب إذا هو صبر، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لأن أعافى فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. والسياق للعقيلي في ترجمة إبراهيم هذا، وقال فيه: "يحدث عن الثقات بالبواطيل". وقال ابن عدي (1/ 254) : "ضعيف جداً حدث عن شعبة وغيره من الثقات بالبواطيل". وفي "اللسان": "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". الحديث: 3982 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 450 3983 - (وأنا أيضاً يصيبني ذلك. يعني: مس الذكر) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (17/ 178/ 468) : حدثنا أحمد ابن رشدين المصري: حدثنا خالد بن عبد السلام الصدفي: حدثنا الفضل بن المختار، عن عبد الله بن وهب، عن عصمة بن مالك الخطمي قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: احتك بعض جسدي، فأدخلت يدي أحتك، فأصابت يدي ذكري؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع، آفته الفضل بن المختار هذا، وهو منكر الحديث، وله أباطيل وموضوعات تقدم أحدها برقم (284) . والحديث قال الهيثمي (1/ 244) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه الفضل بن المختار، وهو منكر الحديث، ضعيف جداً". ثم إن شيخ الطبراني أحمد بن رشدين متهم بالكذب؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (47) وغيره. الحديث: 3983 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 451 3984 - (ويحك! إذا مات عمر؛ فإن استطعت أن تموت؛ فمت) . موضوع أخرجه الطبراني بإسناد الذي قبله، برقم (478) عن عصمة بن مالك قال: قدم رجل من أهل البادية بإبل له، فلقيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتراها منه، فلقيه علي فقال: ما أقدمك؟ قال: قدمت بإبل فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فنقدك؟ الحديث: 3984 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 451 قال: لا، ولكن بعتها منه بتأخير، فقال علي: ارجع، فقل له: يا رسول الله إن حدث بك حدث من يقضيني مالي؟ وانظر ما يقول لك، فارجع إلي حتى تعلمني. فقال: يا رسول الله! إن حدث بك حدث فمن يقضيني؟ قال: "أبو بكر". فأعلم علياً. فقال له: ارجع اسأله إن حدث بأبي بكر حدث فمن يقضيني؟ فقال: "عمر"، فجاء فأعلم علياً. فقال له: ارجع، فسله إذا مات عمر فمن يقضيني؟ فجاء فسأله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وهذا موضوع كالذي قبله، وذكرت آفته هناك فلا مسوغ للإعادة. والحديث قال الهيثمي (5/ 179) : "رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف [جداً] ". 3985 - (زوجوا عثمان، لو كان لي ثالثة لزوجته، وما زوجته إلا بالوحي من الله عز وجل) . موضوع أخرجه الطبراني بالإسناد المتقدم، عن عصمة قال: لما ماتت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تحت عثمان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وفي إسناده متهم، وآخر يروي الموضوعات، وقول الهيثمي فيه (9/ 83) : "رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف". ففيه تساهل في التعبير؛ كما يتبين لك بالرجوع إلى كلام الحفاظ فيه المذكور تحت الحديث (284) . الحديث: 3985 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 452 3986 - (أحب العمل إلى الله عز وجل سبحة الحديث، وأبغض الأعمال إلى الله التحريف. قلنا: يا رسول الله! وما سبحة الحديث؟ قال: القوم يتحدثون والرجل يسبح. قلنا يا رسول الله! وما التحريف؟ قال: يكونون بخير؛ فيسألهم الجار والصاحب، فيقولون: نحن بشر! يشكون) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" بإسناده المتقدم، عن عصمة ابن مالك مرفوعاً برقم (496) ، وقد عرفت أن فيه متهماً، ومن يروي الموضوعات. (تنبيه) : الأصل: (التحديف) في الموضعين، ولم أعرف معناه، وما أثبته من "المجمع" (10/ 81) وضعفه بالمختار، وكذلك هو في "الترغيب" وأشار إلى تضعيفه! الحديث: 3986 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 453 3987 - (من تحبب إلى الناس بما يحبون، وبارز الله تعالى؛ لقي الله تعالى وهو عليه غضبان) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" برقم (499) ، بإسناده المتقدم، عن عصمة بن مالك مرفوعاً آنفاً. وفيه ذاك المتهم، وذاك الذي يروي الموضوعات. (تنبيه) : وقع الحديث في "المجمع" (10/ 224) : "عن عبد الله بن عصمة بن فاتك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف". وهذا مع ما فيه من التساهل في الاقتصار على تضعيف الفضل بن المختار وهو شر من ذلك - كما تقدم الإشارة إلى ذلك في الأحاديث المتقدمة -؛ فإني لم أجد الحديث: 3987 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 453 في الصحابة عبد الله بن عصمة بن فاتك، ولا وجدته في الفهرس الذي كنت وضعته لأسماء الصحابة في "المعجم الأوسط"، كما لم أجد فيه ذكراً لعصمة بن مالك، ولا لحديثه في فهرس أحاديثه، فالظاهر أن عزوه لـ "الأوسط" عن عبد الله بن عصمة بن فاتك، كل ذلك خطأ؛ لا أدري لعله من الناسخ أو الطابع. والله أعلم. والحديث تقدم مطولاً برقم (2645) ، ويأتي مبسطاً (6654) . 3988 - (الود الذي يتوارث: في أهل الإسلام) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 332/ 4419) من طريق محمد بن عمر الواقدي: حدثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت، عن عمرو بن عبيد الله بن رافع، عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ الواقدي متروك متهم بالكذب، وبه أعله الهيثمي (10/ 280) . وعمرو بن عبيد الله بن رافع؛ لم أجده هكذا، ومن هذه الطبقة: عمرو بن عبيد الله الأنصاري المدني من بني الحارث بن الخزرج، ذكره ابن حبان في "تابعي الثقات" (5/ 176) ، وقال أبو حاتم: "محله الصدق". فيحتمل أن يكون هو هذا. والله أعلم. وقد روي الحديث بلفظ: "الود والبغض يتوارث". وقد سبق الكلام عليه برقم (3161) . الحديث: 3988 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 454 3989 - (نهانا أن نعمل الأرض ببعض خراجها، وبورق منقودة) . منكر بذكر الورق أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 311/ 4353) : حدثنا أحمد بن خليد الحلبي: حدثنا محمد بن عيسى الطباع: حدثنا أبو عوانة، عن أبي حصين، عن مجاهد: حدثني ابن رافع بن خديج، عن أبيه قال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لنا نافعاً، وأمر رسول الله على الرأس والعين، نهانا ... إلخ. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن رافع بن خديج؛ فإنه لم يسم، وقد ذكره الذهبي في "فصل من عرف بأبيه" من "الميزان"، وقال: "لا يعرف". ويمكن أن تكون العلة ممن دونه، ولا أجد في سائر رجاله من يمكن أن أضع الشبهة فيه؛ لأنهم جميعاً ثقات سوى أحمد بن خليد الحلبي؛ فإني لم أجد له ترجمة؛ فقد رواه عمر بن ذر - وهو ثقة من رجال البخاري -، عن مجاهد به بلفظ: جاءنا أبو رافع من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان يرفق بنا، وطاعة الله وطاعة رسوله أرفق بنا: [نهانا] أن يزرع أحدنا إلا أرضاً يملك رقبتها، أو منحة يمنحها رجل. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 347/ 1303) ، ومن طريقه: أبو داود (3/ 689/ 3397) . وهذا هو المحفوظ عن رافع بن خديج من طريق أخرى عنه، عند مسلم وغيره، الحديث: 3989 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 455 ومعناه صح عنه من طرق أخرى عنه، وفي بعضها قال رافع: "أما بالذهب والورق؛ فلا بأس به". رواه مسلم وغيره. وهو مخرج في "الإرواء" (1478) . وذلك كله يؤكد نكارة ذكر الورق المنقودة في حديث الترجمة. ونحوه: ما رواه قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن قيس بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج قال: ... فذكره نحوه. أخرجه الطبراني (4355) . وقيس بن الربيع؛ ضعيف لسوء حفظه. ونحوه: ما رواه أبو حنيفة، عن أبي حصين، عن ابن رافع بن خديج، عن رافع به نحوه، بلفظ: "لا تستأجره بشيء". أخرجه الطبراني (3454) . وأبو حنيفة أيضاً ضعيف. 3990 - (لا يأخذ الرجل من طول لحيته، ولكن من الصدغين) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 324) ، ومن طريقه: الديلمي في "مسند الفردوس" معلقاً (3/ 184) بسنده، عن عفير بن معدان، عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عطاء، لا أعلم عنه راوياً غير عفير بن معدان". قلت: هو متروك ضعيف جداً، وهو راوي حديث: "وكل بالشمس تسعة الحديث: 3990 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 456 أملاك يرمونها بالثلج كل يوم..". وقد مضى برقم (293) . وقد ثبت عن جماعة من السلف أخذ ما زاد على القبضة من اللحية؛ كما بينت ذلك بروايات عديدة في غير موضع. وسيأتي برقم (5453) بزيادة. 3991 - (لا أجر إلا عن حسبة، ولا عمل إلا بنية) . ضعيف أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/ 206) من طريق سعيد ابن محمد: حدثنا شقيق، عن إبراهيم بن أدهم، عن عمران القصير، عن مالك ابن دينار، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شقيق هذا هو ابن إبراهيم البلخي الزاهد؛ ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح" (2/ 1/ 373) برواية اثنين آخرين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وتناقض كلام الذهبي عنه في "الميزان"، فقال: ".. من كبار الزهاد، منكر الحديث.."، ثم قال: "ولا يتصور أن يحكم عليه بالضعف، لأن نكارة تلك الأحاديث من جهة الراوي عنه"!! ثم ذكره في "الضعفاء والمتروكين"، ولم يزد على قوله: "لا يحتج به". والراوي عند سعيد بن محمد؛ لم أعرفه، ولعله من الذين أشار إليهم الذهبي آنفاً. والله أعلم. الحديث: 3991 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 457 3992 - (لا تألوا على الله، لا تألوا على الله؛ فإنه من تألى على الله أكذبه الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 273/ 7898) عن أبي عبد الملك، عن القاسم، عن أبي أمامة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب على الجدعاء وخلفه الفضل بن عباس يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف أبي عبد الملك، وهو علي بن يزيد الألهاني، وبه ضعفه الهيثمي (3/ 271 و 7/ 208) ، وقد سبق الكلام عليه مراراً. (تنبيه) : هكذا الحديث في "المعجم" بتكرار الجملة الأولى منه مرتين، وكذا هو في "الجامع الكبير"، ووقع في "الصغير" تبعاً لـ "المجمع" في الموضعين منه بدون تكرار. الحديث: 3992 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 458 3993 - (لا تباع. [يعني أم الولد] ) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (4/ 243/ 4147) ، والدارقطني (4/ 133/ 29) ، وعنه البيهقي (10/ 345) عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن خوات بن جبير قال: مات رجل وأوصى إلي، فكان فيما أوصى به أم ولده وامرأة حرة، فوقع بين أم الولد والمرأة كلام، فقالت لها المرأة: يا لكاع! غداً يؤخذ بأذنك، فتباعين في السوق، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تباع". الحديث: 3993 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 458 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة المعروف، وبه أعله الهيثمي (4/ 249) . وتابعه رشدين بن سعد المهري: أخبرنا طلحة بن أبي سعيد، عن عبيد الله ابن أبي جعفر به. ورشدين هذا ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة؛ كما في "التقريب". قلت: وفي الطريق إليه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين؛ قال ابن عدي - كما تقدم ذكره مراراً -: "كذبوه". 3994 - (ليس من مريض يمرض إلا نذر شيئاً؛ ونوى شيئاً من الخير، فف لله بما وعدته) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (4/ 243/ 4148) وابن عدي في "الكامل" (6/ 2157) من طريق محمد بن الحجاج المصفر، والطبراني من طريق عبيد الله بن إسحاق الهاشمي؛ كلاهما، عن خوات بن صالح بن خوات بن جبير، عن أبيه، عن جده قال: مرضت، فعادني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما برئت قال: ... فذكره. قلت: يبدو أن هذا لفظ الهاشمي؛ فإن لفظ المصفر في "الكامل": مرضت، ثم أفقت، فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صح جسمك يا خوات! ". الحديث: 3994 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 459 قلت: وجسمك يا رسول الله! فقال: "يا خوات! ف لله بما وعدت". قلت: يا رسول الله! ما وعدت شيئاً، قال: "بلى يا خوات! إنه ليس من مريض ... " الحديث. ثم روى عن ابن معين أنه قال في (المصفر) : "ليس بثقة". وعن أحمد والنسائي: "متروك الحديث". وعن البخاري: "سكتوا عنه". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 296) : "منكر الحديث جداً؛ يروي عن شعبة أشياء كأنه شعبة آخر، لا تحل الرواية عنه". وساق له الذهبي من عجائبه حديثين؛ أحدهما هذا، والآخر هو الآتي بعد عدة أحاديث برقم (4019) . قلت: وفي الطريق الأخرى عبيد الله، كذا وقع هنا، وفي "ضعفاء العقيلي" (2/ 233) : "عبد الله بن إسحاق بن الفضل الهاشمي؛ له أحاديث لا يتابع منها على شيء". ثم ساق له حديثاً آخر. والحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/ 413) من طريق عبد الله هذا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 460 مكبراً، وسكت عنه هو والذهبي! والحديث ظاهر البطلان؛ يشهد لبطلانه الواقع، فكم من مريض يمرض ولا ينذر، وبخاصة المؤمنين الذين يذكرون دائماً قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنذروا؛ فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل". فلا أدري كيف ذهل الذهبي عن هذا؟ والله ولي التوفيق. 3995 - (إني على ما ترون بحمد الله، قد قرأت البارحة السبع الطوال) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1136) ، وابن حبان (664) ، والحاكم (1/ 308) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2/ 870) كلهم من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سليمان بن المغيرة: أخبرنا ثابت، عن أنس قال: وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة شيئاً، فلما أصبح قيل: يا رسول الله! إن أثر الوجع عليك لبين، قال: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! وقال الهيثمي بعد أن عزاه لأبي يعلى (2/ 274) : "ورجاله ثقات". قلت: ويبدو أنني اغتررت برهة من الدهر بهذا التصحيح والتوثيق، فأوردت الحديث في "صفة الصلاة" (ص 118-السادسة) ، ثم تبين لي الآن بمناسبة التعليق على "صحيح ابن خزيمة" الذي يقوم بتحقيقه صديقنا الدكتور مصطفى الأعظمي، فكان لا بد من النظر في إسناده، والنظر فيه عند غيره من المخرجين، الحديث: 3995 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 461 فإذا هو يدور - كما ترى - عندهم جميعاً على مؤمل بن إسماعيل، وإليك ترجمته من "الميزان": "حافظ، عالم، يخطىء، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير. وذكره أبو داود، فعظمه، ورفع من شأنه". وقال الحافظ في "التقريب" ملخصاً فيه أقوال الأئمة: "صدوق سيىء الحفظ". قلت: فيبدو أن من وثقه لم يبد له حفظه، ومن وصفه به معه زيادة علم، فينبغي اعتماده، ولا يجوز طرحه كما هو معلوم من قواعد "مصطلح الحديث"، وعليه؛ فحديث الرجل يبقى في مرتبة الضعف حتى نجد له من يتابعه أو يشهد له، وهذا ما لم نظفر به، فمن كان عنده نسخة من "صفة الصلاة" فيها هذا الحديث؛ فليضرب عليه، وجزاه الله خيراً. 3996 - (فاتحة الكتاب تجزي ما لا يجزي شيء من القرآن، ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان، وجعل القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 331) عن أبي نعيم معلقاً، من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي: حدثنا يوسف بن عطية، عن سفيان، عن زاهر الأزدي، عن أبي الدرداء رفعه. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ آفته يوسف بن عطية؛ متروك. الحديث: 3996 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 462 وزاهر الأزدي؛ لم أعرفه. وإسماعيل بن عمرو؛ ضعيف. 3997 - (فاتحة الكتاب شفاء من السم) . موضوع رواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في "الفوائد" (2/ 226/ 2) : حدثنا خيثمة قال: حدثنا حلقب بن محمد قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان الوراق قال: حدثنا سلام الطويل، عن زيد العمي، عن محمد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد هالك؛ سلام الطويل متهم بالوضع، وزيد العمي ضعيف. وقد توبع، ولكن ممن لا يفرح به؛ رواه محمد بن زكريا، عن عباد بن موسى، عن ابن عون، عن ابن سيرين به. أخرجه الديلمي (2/ 332) . وابن عون ثقة، لكن في الطريق إليه محمد بن زكريا وهو الغلابي البصري؛ قال الدارقطني: "يضع الحديث". والحديث عزاه ابن كثير في "تفسيره" (1/ 8) ، والقرطبي (1/ 112) ؛ للدارمي عن أبي سعيد مرفوعاً. وهو من أوهامهما رحمهما الله لوجهين: الأول: أنه رواه (2/ 445) من طريق عبد الملك بن عمير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 3997 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 463 وهذا مرسل، ليس فيه ذكر أبي سعيد! والآخر: أنه عنده بلفظ: "من كل داء". ليس فيه ذكر السم! وهكذا رواه البيهقي في "الشعب" عن ابن عمير مرسلاً؛ كما في "الجامع الكبير". وعزاه باللفظ الأول عن أبي سعيد: لسعيد بن منصور، والبيهقي في "الشعب". والوهم المذكور لابن كثير قلده فيه الشيخ نسيب الرفاعي في "مختصره" (ص 6) ، وليس هذا فقط، بل تجرأ فقال: إنه صحيح. وله من مثل هذه الجرأة المذمومة الشيء الكثير! هداه الله. 3998 - (فارس عصبتنا أهل البيت؛ لأن إسماعيل عم ولد إسحاق، وإسحاق عم ولد إسماعيل) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 11) ، والديلمي (2/ 332) معلقاً، عن الحاكم بسنده إلى إبراهيم بن هراسة، عن الثوري، عن معاوية بن قرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إبراهيم بن هراسة، قال البخاري: "تركوه". وكان أبو داود يطلق فيه الكذب، وقال العجلي: "متروك كذاب". الحديث: 3998 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 464 3999 - (فارس نطحة أو نطحتان؛ ثم لا فارس بعدها أبداً، والروم ذات القرون أصحاب سحر وصحر، كلما ذهب قرن خلف قرن مكانه، هيهات إلى آخر الدهر، هم أصحابكم ما كان في العيش خير) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 147/ 1) : حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ابن محيريز مرفوعاً. ورواه الحارث في "مسنده" (86/ 1-زوائده) ، وابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/ 36/ 2) من طريق آخر، عن أبي إسحاق، عن الأوزاعي به. وكذا رواه الواحدي في "الوسيط" (3/ 183/ 1) ، والثعلبي في "تفسيره" (3/ 66/ 2) . قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل؛ لأن ابن محيريز - واسمه عبد الله - تابعي مات سنة (99) . الحديث: 3999 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 465 4000 - (فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها. قاله لعلي رضي الله عنه) . ضعيف أخرجه النسائي في "خصائص علي" (ص 26) عن [ابن] أبي نجيح، عن أبيه، عن رجل قال: سمعت علياً رضي الله عنه على المنبر بالكوفة يقول: خطبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة عليها السلام، فزوجني، فقلت: يا رسول الله! أنا أحب إليك أم هي؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة الرجل الذي لم يسم. والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الطبراني في "الأوسط"؛ من حديث أبي هريرة مرفوعاً. وقال المناوي: "قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح". الحديث: 4000 ¦ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 465 وأقول: في هذا النقل نظر؛ فإن الهيثمي المذكور؛ إنما قاله في حديث ابن عباس بنحوه؛ إلا أنه بلفظ: "يا بنية! لك رقة الولد، وعلي أعز علي منك". قال الهيثمي (9/ 201) : "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". ثم قال عقبه مباشرة: "وعن أبي هريرة قال: قال علي: يا رسول الله أيما أحب إليك، أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها. قلت: فذكره، وقد تقدم. رواه الطبراني في (الأوسط) ". كذا في النسخة المطبوعة، ليس فيها قوله الذي عزاه المناوي إليه: "ورجاله رجال الصحيح". فلعله انتقل بصره إلى هذا القول الذي في الحديث قبله حديث ابن عباس. ثم إنني لم أفهم المقصود من قوله: "قلت: فذكره، وقد تقدم"! ولا عرفت أين تقدم. فالله أعلم.   تم بفضل الله وكرمه المجلد الثامن من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة ". ويليه إن شاء الله تعالى المجلد التاسع، وأوله الحديث 4001 - (فتنة القبر فيَّ، فإذا سئلتم عني. . .) . وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 466 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة إن الحمدَ للهِ، نحمدهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهدهِ الله فلا مُضِل له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه. أما بعدُ؛ فهذا هو المجلد التاسعُ من " سلسلةِ الأحاديث الضعيفة والموضوعةِ، وأثرها السيئ في الأمة " يَخرُج إلى عالمِ المطبوعاتِ ليرى النورَ بعد عشراتِ السنين، يخرجُ إلى قُرائهِ ومنتظريهِ وراغِبيه بمئاتِ الأحاديث الضعيفةِ والموضوعةِ في مجالاتِ الشريعةِ المختلفةِ؛ من العقائد، والآدابِ والأخلاقِ، والأحكامِ، وغير ذلكَ مِمَّا سَيراه كل مُحِبٍّ للعلمِ وأهلِهِ، يخرجُ ليلحقَ بأمثالِهِ من المجلداتِ السابقةِ؛ ليكونَ المسلمُ على بينة مِنْ أَمْرِ دينهِ، فلا ينْسِبُ إلى نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يَقُلْهُ، فيقعَ تحتَ وعيد قوله الآخر: " كفَى بالمرءِ إثماً أنْ يُحَدِّثَ بكلِّ ما سَمعَ "، أو تحتَ وعيد قولِهِ الأخر: " مَنْ كذبَ علي مُتَعَمِّدَاً؛ فليتبوأْ مقعَدَهُ مِنَ النار "، وحتى لا يقعَ المسلمُ في الضلالِ والبدعةِ، ويصرفَ جهده ووقتَه فيما لم يشرعْهُ الله ورسولُه، والمسكينُ يحَبُ أنه يُحْسِنُ صُنْعاً إ! وسيرى القارىءُ الكريمُ تحتَ أحاديثِ هذا المجلد- كسابقه- الكثيرَ والكثيرَ منَ الأبحاثِ والتحقيقاتِ الحديثيةِ، والردودِ العلميةِ القويَّةِ، والفوائدِ والتنبيهاتِ الخفيَّةِ؛ كل في مكأنهِ ومناسبتِهِ، وخُذْ أمثلةً على ذلك الأحاديث: (4014، 4021، 4038، 4076، 4087، 4081، 4127، 4112، 4138، 4132، 4139، 4144، 4178، 4145، 4194، 4199، 42370، 4217، 4208، 420، 4267، 4261، 4279، 4281، 4312، 4313، 4328، 4342، 4348، 4351، 4384، 4392، 4410، 4430) .   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] هذه ملاحظات على المجلد التاسع وقفت عليها في موقع ثمرات المطابع - جزاهم الله خيرا - وأحببت إضافتها هنا تنبيها للقارئ أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة   التقويم: انظر ما علقناه على المجلد الثامن. الملاحظات: 1- قد لا يقبل من المعتنين بالكتاب أن يتدخلوا في نص الكتاب ويحكموا على ما لم يحكم عليه الشيخ وأيضاً لا يعتبر هذا الحكم للشيخ ناصر رحمه الله وإن استعانوا بتخريجه كما هو معلوم، وأيضاً لا يكتفي فيهم أن ينبهوا على ذلك في المقدمة بل لابد أن يذكروا هذه الملاحظة وأن الحكم ليس للشيخ مع كل حديث فنحن لا نعرف إلا مؤلف الكتاب ولا نعرف هذه المجموعة من طلبة العلم التي استعانت بمجموعة أخرى للحكم على الحديث! وما ضرهم لو اكتفوا بإعداد الكتاب للطباعة دون تدخل وليضعوا ما شاؤوا في الهامش على اعتبار أنهم يحققون الكتاب. 2- ليس هناك منهج مطرد في التعليق على الكتاب فالتعليق بأسلوب انتقائي فمثلاُ: أ/ مرة يحذفون الحديث الذي تراجع الشيخ عن تضعيفه وخرجه في الصحيحة كما في ص377 ومرة لا يحذف الحديث ويشار في الحاشية أن الشيخ تراجع عن تضعيفه ص444. ب/ ومرة يحذفون الحديث لتكراره ص473 ومرة لم يحذف وقد كرر برقم (4104) و (4324) . 3- ذكر تعليقات للمعتنين بالكتاب ولم يميزوا بينها وبين تعليقات الشيخ على سبيل الاضطراد فهم بعض الأحيان يختمون تعليقهم باسم الناشر ومرات لا يفعلوها ويظهر أنها لهم مثل ص473، 444، 406، وغيرها كثير، خاصة فيما صدروه بقولهم (وكتب الشيخ) إلا مرة واحدة اعقبوه باسم الناشر ص439. وهذا لا شك مما يخلط بين تعليقاتهم وتعليقات الشيخ ويجعلها غير متمايزة وهذا مشكل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 3 وبطبيعة الحال؛ فإن هذا المجلد- كالمجلد الثامن- لم يراجعه الشيخ المراجعة الأخيرة لتهيئته للطباعة، ولو فعل لزاد وأفاد، ومن ذلك- بل أهمه- أننا وجَدْنَا عدداً من الأحاديثِ لم يثَبِّتْ عليها الشيخ- رحمه الله- الحكمَ المختصرَ قبلَ التخريجِ - كعادتهِ-، فَوَضَعْنَا الحكمَ المناسِبَ عليها من خلالِ دراسةِ الشيخِ لطرقهِ وتحقيقه، مع الرجوعِ إلى بعضِ إخواننا طلابِ العلْمِ في ذلكَ، وإليكَ أرقام هذه الأحاديث كاملة: (4015، 4024، 4026،4106،4046،4035،4030، 4152،4110، 4159، 4161، 4177، 4193، 4203، 4218،4204، 4219، 4242، 4276، 4283، 4292، 4298، 4318، 4322، 4332، 4336، 4374، 4383، 4389، 4403، 4404، 4423، 4493،4487) .. وهناكَ أحاديث قمْنَا بحذْفِها؛ نظراً لرجوعِ الشَّيخِ- رحمه الله- عن تضعيفها وتخريجه إيَّاها في " الصحيحة "، وأَمْرِهِ هو بنقلها؛ وهذه الأحاديث هي: (4022، 4301، 4387) ، وقد أَشَرْنَا إلى ذلكَ في الحاشية. وقد وجدنا- أيضاً- بعضَ الأحاديثِ أَخَذَتِ الرقمَ المكررَ قبلَها، فَفَصَلْنا اللاحقَ عن السَّابقِ بوضع [/م] بعد الرقم المكرر، ولم نعَدِّل الأرقامَ؛ لأنَّ الشيخَ- رحمه الله- كانَ يحِيل عليها في كتبِه الأخرى، فتيسيراً على الباحث تركناها كما هي، وهذه الأحاديث هي: (4350، 4394) . وأخيراً؛ لا يفوتنا التوَجُه بالشُكْرِ إلى كل مَنْ كانتْ له يَدٌ في إنجازِ هذا العملِ العظيمِ في جَميع مراحِلِهِ؛ بما فيه عمل الفهارس العلميَّةِ المختلفةِ على نحو ما كانتْ تُصْنَع في حياةِ الشَيخِ- رحمه الله-؛ فجزاهم الله خيراً، وشَكَرَ لهم. وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين. 27 رمضان 1421 هـ الناشر الجزء: 9 ¦ الصفحة: 4 4001 - (فتنة القبر في، فإذا سئلتم عني فلا تشكوا) . ضعيف جداً رواه الحاكم (2/ 382) عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل محمد مجمع على ضعفه". وأقول: هو ضعيف جداً؛ قال البخاري: "منكر الحديث"، وقال النسائي والدارقطني: "متروك". وكذبه بعضهم. الحديث: 4001 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 5 4002 - (فضل عائشة على النساء؛ كفضل تهامة على ما سواها من الأرض، وفضل الثريد على سائر الطعام) . منكر أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 328) عن أبي نعيم معلقاً، من طريق محمد بن حميد: حدثنا جرير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ محمد بن حميد، وهو الرازي. والمحفوظ في هذا الحديث عن عائشة وغيرها دون ذكر تهامة، فهي زيادة منكرة. فقد أخرجه أحمد (6/ 159) من طريق أبي سلمة، عن عائشة به دون الزيادة. وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الحارث - وهو ابن عبد الرحمن القرشي العامري -؛ قال النسائي: "ليس به بأس". الحديث: 4002 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 5 وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه البخاري (2/ 447) ، ومسلم (7/ 133،138) وغيرهما من حديث أبي موسى وأنس مرفوعاً. وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 25) من حديث سعد بن أبي وقاص. والحاكم (3/ 587) من حديث قرة والد معاوية. (تنبيه) : لقد انقلب الحديث على الحافظ السيوطي؛ فأورده في "الجامع الصغير" وتبعه النبهاني في "الفتح الكبير" بلفظ: "فضل الثريد على الطعام؛ كفضل عائشة على النساء". وعزاه لابن ماجه عن أنس! وهو عند ابن ماجه (3281) باللفظ المحفوظ عند الشيخين وغيرهما: "فضل عائشة على النساء؛ كفضل الثريد على سائر الطعام". وكذلك هو في "مسند أحمد" (3/ 156،264) . وكذلك أورده السيوطي نفسه في "الجامع الكبير" (2/ 80/ 1) ؛ ولكنه قصر في تخريجه فقال: "رواه ش عن أنس، الخطيب في "المتفق والمفترق" عن عائشة". وكان حقه أن يعزوه للشيخين على الأقل عن أنس، وأحمد عنها. 4003 - (فضل الجمعة في رمضان على سائر أيامه؛ كفضل رمضان على سائر الشهور) . موضوع وله طريقان: الحديث: 4003 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 6 الأول: عن عبيد بن واقد قال: حدثنا بشر بن عبد الله القيسي قال: حدثنا أبو داود، عن البراء بن عازب مرفوعاً. أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (215/ 2) ، والضياء في "الأحاديث والحكايات" (12/ 147/ 2) وقال: "أظن أن أبا داود هذا نفيع الأعمى". قلت: هو كذلك؛ فقد أخرجه من هذا الوجه ابن عدي (255/ 1) فقال: "عن أبي داود الدارمي". وكذلك في رواية الأصبهاني. والدارمي: هو نفيع بن الحارث - كما في "تهذيب التهذيب" -، وهو كذاب. والآخر: يرويه هارون بن زياد الحنائي: حدثنا سعد بن عبد الرحمن: حدثنا عمر بن موسى، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً به. أخرجه الديلمي (5/ 329) . قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمر بن موسى - وهو الوجيهي -؛ قال ابن عدي وغيره: "يضع الحديث". قال المناوي: "وفيه هارون بن زياد؛ قال الذهبي: قال أبو حاتم: له حديث باطل. وقال ابن حبان: كان ممن يضع". قلت: هذا الوضاع ليس هو راوي هذا الحديث؛ لأن هذا متقدم الطبقة، يروي عن الأعمش، وأما الراوي له؛ فهو متأخر عنه كما ترى، وهو الحنائي، والوضاع لم ينسب هذه النسبة، وقد فرق بينهما الحافظ، فذكر هذا بعد الوضاع وقال: "أبو موسى من أهل المصيصة ... ذكره ابن حبان في (الثقات) ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 7 4004 - (فضل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل؛ كأثر المخيط في الطين، إلا أن الله يسترهن بالحياء) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 168/ 1-الجمع بينه وبين الصغير) : أخبرنا محمد بن أبان: أخبرنا أحمد بن علي بن شوذب الواسطي: أخبرنا أبو المسيب سلم بن سلام: أخبرنا ليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن يعقوب بن خالد، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن الليث إلا أبو المسيب". قلت: وهو مجهول الحال، روى عنه جماعة من الواسطيين وغيرهم، ولم أر من وثقه أو جرحه، ولذا قال الحافظ: "مقبول". ومثله يعقوب بن خالد - وهو ابن المسيب -؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 207) : "روى عنه يحيى بن سعيد - يعني الأنصاري -، وعمرو بن أبي عمرو، وابن الهاد". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وابن شوذب؛ لم أعرفه. ومثله محمد بن أبان، ويحتمل أن يكون هو محمد بن أبان الأصبهاني؛ فإنه من شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 187) ، وهو ثقة. والحديث قال الهيثمي (4/ 293) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن علي بن شوذب، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات". الحديث: 4004 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 8 كذا قال، ولعل عمدته في إطلاقه التوثيق على أبي المسيب، ويعقوب بن خالد؛ ابن حبان، فقد يكون أوردهما في "الثقات"، فليراجع. ونقل المناوي عن ابن القيم أنه قال: "هذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده مظلم لا يحتج بمثله". قلت: وقد روي الحديث بإسناد آخر نحوه، ولفظه: "فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين في اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء". رواه ابن عبد الهادي في "أحاديث منتقاة" (338/ 1) عن ابن وهب: حدثني أسامة بن زيد: أن الجارود مولى ابن مليل الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة مرفوعاً. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 462/ 2) من طريق أبي الأسود: حدثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد الليثي: أنبأنا داود مولى بني محمد الزهري حدثه: أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإن داود هذا لم أعرفه، ووقع عند ابن عبد الهادي: "الجارود"، وما أظنه إلا محرفاً؛ فقد قال المناوي بعد أن عزاه تبعاً لأصله للبيهقي في "الشعب": "وفيه داود مولى أبي مكمل؛ قال في "الميزان": قال البخاري: منكر الحديث. ثم ساق له هذا الخبر". ومن الغريب أننا لم نجد هذه الترجمة فيمن يسمى بـ "داود" من "الميزان"، ولا رأيت فيهم هذا الحديث، فغالب الظن أن "داود" نفسه محرف من الناسخين الجزء: 9 ¦ الصفحة: 9 أو الطابعين للمناوي. والله أعلم. 4005 - (فضل الدار القريبة من المسجد على الدار الشاسعة؛ كفضل الغازي على القاعد) . ضعيف جداً أخرجه أحمد (5/ 387) عن ابن لهيعة، عن بكر بن عمرو، عن أبي عبد الملك، عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الانقطاع بين حذيفة وأبي عبد الملك - وهو علي بن يزيد الألهاني صاحب القاسم بن عبد الرحمن -؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، ولا سنه مما يساعده على ذلك؛ فإنه مات في العشر الثاني بعد المئة. الثانية: ضعف أبي عبد الملك نفسه؛ بل قال فيه النسائي: "متروك الحديث". وقال البخاري: "منكر الحديث". الثالثة: ضعف ابن لهيعة. الحديث: 4005 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 4006 - (فضل الشاب العابد الذي تعبد في شبابه على الشيخ الذي تعبد بعدما كبرت سنه؛ كفضل المرسلين على سائر الناس، يقول الله للشاب المؤمن بقدري، الراضي بكتابي، القانع برزقي، التارك شهوته من أجلي: أنت عندي كبعض ملائكتي، وللشاب التارك لحرمات الله، العامل بطاعة الله: كل يوم أجر سبعين صديقاً، وفضل الشاب المتعبد على الشيخ الذي تعبد بعدما كبرت سنه؛ كفضل المرسلين على سائر النبيين) . الحديث: 4006 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 ضعيف رواه ابن شاهين في "الترغيب" (292/ 2) ، والديلمي (2/ 330) عن المغيرة بن فضيل الراسبي أبي خداش: حدثنا جميل بن حميد، عن موسى ابن جابان، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون أنس لم أجدهم. وأعله المناوي بالراوي له عن المغيرة: عمر بن شبيب، ولم يقرأ مني في مصورة " الديلمي" إلا: عمر بن شبة الأخباري. وأما "الترغيب" فليس تحت يدي الآن؛ لأني نسخت الحديث منذ عشر سنوات من نسخة المدينة منه. ثم روى عن حامد بن آدم: حدثنا أبو غانم، عن أبي سهل، عن الحسن قال: "يقول الله يوم القيامة للشاب التارك شهوته من أجلي، المبتذل شبابه لي: أنت عندي كبعض ملائكتي". 4007 - (فضل العالم على العابد سبعين درجة، بين كل درجتين حضر الفرس السريع المضمر مئة عام، وذلك أن الشيطان يضع البدعة للناس فيعرفها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على صلاته لا يتوجه لها ولا يعرفها) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 328) عن أبي عتبة، عن بقية، عن عبد الله بن محرر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً: ابن محرر هذا؛ متروك؛ كما في "التقريب". وبقية؛ مدلس وقد عنعنه. الحديث: 4007 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 11 والجملة الأولى منه؛ أخرجها ابن عبد البر في "الجامع" (1/ 22) من طريق يحيى بن صالح الأيلي، عن إسماعيل بن أمية، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس مرفوعاً. ويحيى هذا؛ قال العقيلي: "روى مناكير". وقال ابن عدي: "أحاديثه كلها غير محفوظة". 4008 - (فضل الماشي خلف الجنازة على الماشي أمامها؛ كفضل المكتوبة على التطوع) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (2/ 331) عن أبي الشيخ معلقاً، من طريق مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، [عن القاسم بن عبد الرحمن] ، عن أبي أمامة، عن علي بن أبي طالب رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء: مطرح هذا؛ قال الذهبي: "مجمع على ضعفه"، وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي في الحديث، روى أحاديث عن علي بن يزيد، فلا أدري [البلاء] منه أو من علي بن يزيد؟ "، وقال الآجري عن أبي داود: "زعموا أن البلية من قبل علي بن يزيد". قلت: وهو الألهاني. وقد قال ابن حبان في ابن زحر: "يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، الحديث: 4008 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 12 وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم"! 4009 - (فضل الوقت الأول من الصلاة على الآخر؛ كفضل الآخرة على الدنيا) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 331) عن أبي نعيم معلقاً بسنده، عن ليث بن خالد البلخي: حدثنا إبراهيم بن رستم، عن علي الغواص، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف إبراهيم بن رستم من قبل حفظه، وشيخه والراوي عنه؛ لم أعرفهما. ونقل المناوي عن العراقي أنه قال: "وسنده ضعيف". ثم رأيت ليث بن خالد البلخي في "الجرح والتعديل"، وكناه بـ (أبي بكر) ، بروايته عن جمع من الشيوخ الثقات، وقال: "سمع منه أبي بـ (الري) ، وروى عنه". ولم يذكره ابن حبان في "الثقات"! ثم رأيت الخطيب قد ترجمه في "التاريخ" (13/ 15) ، وذكر أنه روى عنه عبد الله بن أحمد أيضاً، وروى عن ابن نمير أنه أثنى عليه خيراً. ثم رأيت الحافظ قد ترجم له في "تعجيل المنفعة" (355/ 918) رامزاً له بأنه روى عنه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" وقال: "وقد كان عبد الله بن أحمد لا يكتب إلا عمن يأذن له أبوه في الكتابة عنه؛ الحديث: 4009 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 13 ولهذا كان معظم شيوخه ثقات، وإني لأعجب من إغفال ابن حبان ذكر هذا في (ثقاته) ". 4010 - (فضل صلاة الليل على صلاة النهار؛ كفضل صدقة السر على صدقة العلانية) . ضعيف رواه أبو بكر الدينوري في "المجالسة" (27/ 29/ 2) : حدثنا أبو بكر جنيد بن حكيم بن أبي الجنيد قال: حدثنا علي بن ميمون الرقي: حدثنا مخلد بن يزيد، عن سفيان الثوري، عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله مرفوعاً. ورواه الطبراني (3/ 75/ 2) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي: أخبرنا عمرو بن هشام أبو أمية الحراني: أخبرنا مخلد بن يزيد به. ورواه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 167 و 5/ 36 و 7/ 238) من طرق عن مخلد به. وقال المنذري (1/ 217) : "إسناده حسن". وأقول: هو كذلك؛ لولا أن الثقات رووه عن الثوري وعن زبيد به موقوفاً على ابن مسعود. فرواه الطبراني (3/ 21/ 2) من طريق عبد الرزاق عن الثوري، ومن طريق زائدة عن منصور؛ كلاهما عن زبيد به موقوفاً على ابن مسعود. ثم رواه (3/ 35/ 1) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود ومرة ومسروق قالوا: قال عبد الله به نحوه. ورواه ابن صاعد في زوائد "الزهد" لابن المبارك (159/ 1من الكواكب 575) من طريق مخلد بن يزيد الحراني قال: حدثنا سفيان الثوري به. الحديث: 4010 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 14 ورواه ابن أبي شيبة (2/ 44/ 1) ، وأبو نعيم عن مسعر عن زبيد به موقوفاً. وقال أبو نعيم: "كذا رواه شعبة والناس عن زبيد موقوفاً، وتفرد مخلد بن يزيد برفعه عن سفيان الثوري عن زبيد". قلت: ومخلد بن يزيد - مع مخالفته للثقات - فيه كلام من قبل حفظه، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام". قلت: فلا يحتج به عند المخالفة، فالحديث من أجلها ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً، وكذلك رواه البيهقي (2/ 502) . 4011 - (فضل قراءة القرآن بنظر على من يقرؤه ظاهراً؛ كفضل الفريضة على النافلة) . ضعيف جداً أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (16/ 1) وعنه الديلمي (2/ 330) : حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى السلمي، عن سليمان بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال ابن كثير في "فضائل القرآن" (65) : "وهذا الإسناد فيه ضعف؛ فإن معاوية بن يحيى هذا هو الصدفي أو الإطرابلسي، وأيا ما كان؛ فهو ضعيف". قلت: والأول أشد ضعفاً من الآخر، وقد سبق الكلام عليه عند الحديث (136 و 156) ، والراجح عندي أنه الأول؛ فقد ذكر الحافظ في ترجمته من الحديث: 4011 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 15 "التهذيب": أن البخاري أورد له في "الضعفاء" حديثه عن سليمان بن سليم، عن أنس مرفوعاً: "احترسوا من الناس بسوء الظن". وقد رواه غيره كذلك كما تقدم (156) . فأظن أن شيخه هنا هو شيخه هناك، لكن وقع هنا سليمان بن مسلم. والله أعلم. وشيخه عبد الله بن عبد الرحمن؛ لم أعرفه. وبقية؛ مدلس وقد عنعنه. ونعيم بن حماد؛ ضعيف. 4012 - (في البطيخ عشر خصال: هو طعام، وشراب، ويغسل المثانة، ويقطع الإبردة، وهو ريحان، وأشنان، ويغسل البطن، ويكثر ماء الصلب، ويكثر الجماع، وينقي البشرة) . باطل أخرجه الديلمي (2/ 336) عن شعيب بن بكار الموصلي: حدثنا محمد بن سليمان الآمدي، عن أبي بكر الشيباني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ مسلسل بالعلل: الأولى: أبو بكر الشيباني - واسمه أصبغ - قال الذهبي: "مجهول، أتى بخبر منكر عن السدي، عن عبد خير، عن علي ... ". قلت: فذكره، وقال: "أخرجه ابن الجوزي في الواهيات". فقال الحافظ في "اللسان": "وهذا أولى بكتاب "الموضوعات"، وقد ذكره العقيلي فقال: مجهول، وحديثه غير محفوظ ... ثم ساقه، فعزوه له أولى من عزوه لابن الجوزي". الحديث: 4012 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 16 قلت: وأخرجه الدولابي أيضاً في "الكنى" (1/ 119-120) . الثانية: محمد بن سليمان الآمدي؛ لم أعرفه. الثالثة: شعيب بن بكار؛ قال الأزدي: "ضعيف". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" للرافعي أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً، وأبي عمر النوقاني في "كتاب البطيخ" عنه موقوفاً. قلت: وهو الأقرب، وقد ذكروا أنه لا يصح في فضل البطيخ شيء، سوى أنه كان يأكله بالرطب، وقد خرجته في "الصحيحة" (58) ، بل قال الحافظ السخاوي: "أحاديث فضائل البطيخ باطلة".ما سبق نقله عنه تحت الحديث (167) . 4013 - (في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد يستغفر الله عز وجل إلا غفر له، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقللها بيده) . شاذ أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (367) من طريق النسائي: أخبرني عمرو بن عثمان: حدثنا شريح بن يزيد: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير شريح بن يزيد؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، وأظنه قد وهم هو أو شيخه في لفظ الحديث؛ فقد رواه جمع من الثقات عن أبي الزناد بلفظ: " ... وهو يصلي: يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه ... " والباقي مثله. هكذا أخرجه مالك، ومسلم (3/ 5) ، وأحمد (2/ 486) ، وغيرهم. الحديث: 4013 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 17 وتابعه الزهري: حدثني سعيد بن المسيب به. أخرجه أحمد (2/ 284) ، وعنه النسائي (1/ 211) . ثم أخرجه مسلم، وأحمد (2/ 230 و 255 و 272 و 280 و 311 و 312 و 401 و 403 و 457 و 469 و 481 و 485 و 486 و 489 و 498 و 518) من طرق كثيرة عن أبي هريرة. قلت: فهذه المتابعات والطرق تدل على شذوذ اللفظ الذي تفرد به شريح بن يزيد، أقول هذا مع ملاحظتي أن الاستغفار الوارد فيه هو جزء من السؤال المحفوظ في الطرق الأخرى، وعليه فلفظه قاصر عن لفظهم، فتنبه. 4014 - (في الخيل السائمة؛ في كل فرس دينار) . باطل أخرجه الدارقطني (ص 214) ، والبيهقي (4/ 119) عن محمد بن موسى الحارثي (وقال البيهقي: الإصطخري) : أنبأ إسماعيل بن يحيى بن بحر الكرماني: حدثنا الليث بن حماد الإصطخري: حدثنا أبو يوسف، عن غورك بن الخضرم أبي عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رفعه. وقال الدارقطني والبيهقي: "تفرد به غورك - عن جعفر - وهو ضعيف جداً، ومن دونه ضعفاء". قلت: وقد ترجموا في "الميزان" و "اللسان" تراجم مختصرة، ليس فيها أكثر من قول الدارقطني هذا، غير أبي يوسف وهو يعقوب بن إبراهيم القاضي صاحب أبي حنيفة، فترجمته فيهما مبسوطة؛ إلا أنهما أغفلا ذكر محمد بن موسى الحارثي، فلم يترجماه، لكن في "اللسان": "محمد بن موسى بن إبراهيم الإصطخري، شيخ مجهول، روى عن شعيب الحديث: 4014 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 18 ابن عمران العسكري خبراً موضوعاً ... ". وأنا أظن أنه الحارثي؛ لأنه كذلك نسب في رواية الدارقطني كما رأيت، فكان على الحافظ أن يشير إلى تضعيفه إياه كما فعل فيمن فوقه. والله أعلم. ثم إن الحديث مع ضعفه الشديد؛ يخالف عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عبد هـ، ولا في فرسه صدقة". أخرجه الستة، والدارقطني، والبيهقي، وأحمد (2/ 242 و 249 و 254 و 279 و 407 و 410 و 432 و 469 و 470 و 477) عن أبي هريرة، وقال الترمذي (1/ 123) : "حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم". وفي رواية لمسلم، والدارقطني: "إلا أن في الرقيق صدقة الفطر". ويخالف أيضاً مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: "في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون ... " الحديث؛ وهو مخرج في "الإرواء" (783) ، فلم يذكر فيه سائمة الخيل. (تنبيه) : من تعصب الكوثري البالغ، وتغييره للحقائق، أنه أورد هذا الحديث في "النكت الطريفة" (ص 182-183) ، محتجاً به لأبي حنيفة في إيجابه الزكاة على الخيل السائمة، غير مكترث بتضعيف الدارقطني لغورك بن الخضرم، بل ركب رأسه فقال: "ومن البعيد على مثل أبي يوسف في فقهه ودينه ويقظته وإمامته أن يروي عمن هو غير ثقة"! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 19 ومع أن أبا يوسف نفسه متكلم فيه عند المحدثين - رغم أنف الكوثري - فلو سلمنا أنه ثقة، فمعنى صنيع الكوثري هذا أن كل شيوخ أبي يوسف ثقات! وهذا ما لا يقوله عالم منصف حتى في شيوخ إمام أبي يوسف نفسه، وأعني به أبا حنيفة. نعم؛ قد صرح بذلك متعصب آخر من حنيفة لعصر في مقدمة كتابه "إعلاء السنن"، فرددت عليه في مقدمتي لتخريج "شرح الطحاوية"، فسردت فيها أسماء عديد من شيوخ أبي حنيفة ضعفهم أبو المؤيد الخوارزمي الحنفي نفسه في كتابه "مسانيد أبي حنيفة"، وفيهم غير واحد من المتهمين فراجعهم في المقدمة المذكورة (ص 42) ، فإذا كان هذا شأن الإمام أبي حنيفة نفسه؛ فكيف بتلميذه أبي يوسف؟! وليس هذا فقط، بل إن الكوثري تجاهل من دون غورك من الضعفاء؛ الذين أشار إليهم الدارقطني. 4015 - (في السماء ملكان؛ أحدهما يأمر بالشدة، والآخر يأمر باللين، وكل مصيب؛ أحدهما جبريل [والآخر] ميكائيل. ونبيان، أحدهما يأمر باللين، والآخر [يأمر] بالشدة، وكل مصيب - وذكر إبراهيم ونوحاً -. ولي صاحبان؛ أحدهما يأمر باللين، والآخر يأمر بالشدة، وكل مصيب، - وذكر أبا بكر وعمر -) . ضعيف رواه أبو بكر النيسابوري في "الفوائد" (141/ 2) عن بشر بن عبيس قال: حدثنا النضر بن عربي، عن خارجة بن عبد الله، عن عبد الله بن أبي سفيان، عن أبيه، عن أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن أبي سفيان؛ قال ابن القطان: "لا يعرف حاله". وقال الذهبي: الحديث: 4015 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 20 "لا يدرى من هو عبد الله في خلق الله، تفرد عنه سليمان بن كنانة، وماهو بالمشهور". قلت: قد روى عنه أيضاً خارجة بن عبد الله؛ كما ترى في هذا الإسناد، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وعيسى بن كنانة وابن إسحاق وغيرهم كما في "التهذيب"، فالصواب أنه مجهول الحال كما تقدم عن ابن القطان. وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول". يعني عند المتابعة. وبقية رجال الإسناد ثقات، على ضعف في حفظ بعضهم. 4016 - (في السواك عشر خصال: مطهرة للفم، مرضاة للرب، ومسخطة للشيطان، ومحبة للحفظة، ويشد اللثة، ويطيب الفم، ويقطع البلغم، ويطفىء المرة، ويجلو البصر، ويوافق السنة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 335) من طريق كنانة بن جبلة، عن بكر بن خنيس، عن ضرار بن عمرو، عن أبيه، عن أنس مرفوعاً. قلت: ضرار هذا؛ الظاهر أنه الملطي، روى عن يزيد الرقاشي وغيره، قال البخاري: "فيه نظر". وبكر بن خنيس؛ فيه كلام. وكنانة؛ كذبه يحيى بن معين. ثم أخرجه من طريق عمرو بن جميع، عن أبان، عن أنس ... فذكره؛ لكنه قال: الحديث: 4016 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 "ويضعف الحسنات سبعين ضعفاً، ويبيض الأسنان، ويذهب الحفر، ويشهي الطعام، ويبدل البلغم والمرة، ويطيب الفم، ويوافق السنة". وعمرو بن جميع؛ كذبه يحيى أيضاً. وقال الحاكم: "روى عن هشام بن عروة وغيره أحاديث موضوعة". وأبان - هو ابن أبي عياش -؛ متروك. وأورده السيوطي من رواية أبي الشيخ، وأبي نعيم في "كتاب السواك" من طريق الخليل بن مرة، عن ابن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً نحوه، وقال المناوي: "وفي الخليل بن مرة ضعف؛ كما قال الولي العراقي". وأخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 22) من طريق معلى بن ميمون، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال ... فذكره موقوفاً. وقال: "معلى بن ميمون؛ ضعيف متروك". 4017 - (في اللبن صدقة) . ضعيف أخرجه الديلمي (2/ 338) من طريق الروياني بسنده، عن موسى ابن عبيد ة: حدثنا عمران بن أبي أنس، عن مالك بن أوس الحدثان، عن أبي ذر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ موسى بن عبيد ة - بضم أوله - أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه". الحديث: 4017 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 4018 - (في اللسان الدية إذا منع الكلام، وفي الذكر الدية إذا قطعت الحشفة، وفي الشفتين الدية) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (283/ 1) ، وعنه البيهقي (8/ 89) عن الحارث ابن نبهان، عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً. وقال ابن عدي: "هذا غريب المتن، لا يروى إلا من هذا الطريق، ومحمد بن عبيد الله العرزمي؛ عامة رواياته غير محفوظة". وقال البيهقي: "هذا إسناد ضعيف؛ محمد بن عبيد الله العرزمي، والحارث بن نبهان؛ ضعيفان". قلت: بل هما متروكان؛ كما في "التقريب"، فهو شديد الضعف. الحديث: 4018 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 23 4019 - (في المؤمن ثلاث خصال: الطيرة والظن والحسد، فمخرجه من الطيرة ألا يرجع، ومخرجه من الظن ألا يحقق، ومخرجه من الحسد ألا يبغي) . ضعيف رواه محمد بن المظفر في "غرائب شعبة" (1/ 2) ، وأبو الشيخ في "الأقران" (ق 11/ 2) و "التوبيخ" (106/ 77) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 63/ 1173) ، والديلمي (2/ 339) عن محمد بن جعفر الفارسي: حدثنا يحيى ابن السكن: حدثنا شعبة، عن محمد بن إسحاق، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: ورجاله ثقات على عنعنة ابن إسحاق؛ غير يحيى بن السكن؛ قال الذهبي: الحديث: 4019 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 23 "ليس بالقوي، وضعفه صالح جزرة". وأمل ابن حبان؛ فذكره في "الثقات". وقد خولف في هذا الحديث؛ فرواه البغوي في "شرح السنة" (4/ 98/ 2) عن موسى بن إسماعيل: أخبرنا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن علقمة بن أبي علقمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:.. لم يذكر فيه: "عن أبي هريرة". ولهذا قال البغوي: "والحديث مرسل". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف مرسلاً ومتصلاً؛ لأن مداره على ابن إسحاق؛ وهو مدلس وقد عنعنه. ومحمد بن جعفر الفارسي - وقال الديلمي: العابد -؛ لم أعرفه. وقد روي من طريقين آخرين مرسلين، وهما مخرجان في "غاية المرام" (185/ 302) . وورد بلفظ: "إذا ظننتم فلا تحققوا، وإذا حسدتم فلا تبغوا، وإذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله توكلوا". وقد خرجته في "الصحيحة" (3942) . 4020 - (في دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض ذكر) . ضعيف أخرجه أبو داود (4545) ، والنسائي (2/ 248) ، والترمذي (1/ 260-261) ، وابن ماجه (2631) ، والدارقطني (361) ، والبيهقي (8/ 75) ، وأحمد الحديث: 4020 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 24 (1/ 450) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال الترمذي: "لا نعرفه موفوعاً إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفاً". وقال الدارقطني: "هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث، لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول، لم يروه عنه إلا زيد بن جبير ابن حرمل الجشمي، ولا نعلم أحداً رواه عن زيد بن جبير إلا حجاج بن أرطاة، والحجاج؛ فرجل مشهور بالتدليس، وبأنه يحدث عمن لم يلقه، ومن لم يسمع منه". وقال البيهقي عقبه: "لا يصح رفعه، والحجاج غير محتج به، وخشف بن مالك مجهول، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن مسعود". 4021 - (ضالة الإبل المكتومة، غرامتها ومثلها معها) . ضعيف أخرجه أبو داود (1718) ، وعنه البيهقي (6/ 191) من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف" (10/ 139/ 18599) ، وعنه العقيلي في "الضعفاء" (3/ 259-260) ، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، - أحسبه - عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ عمرو بن مسلم - وهو الجندي اليماني -؛ ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم، وقال الساجي: "صدوق يهم". الحديث: 4021 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 25 وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام". وقال الذهبي في "الكاشف": "لينه أحمد وغيره، ولم يترك، وقواه ابن معين". قلت: إنما قال ابن معين فيه: "لا بأس به"، وهذا في رواية، وضعفه في روايتين أخريين عنه، وقال في "الميزان": "قال أحمد: فيه ضعف. وقواه غيره، وقال ابن معين: ليس بالقوي". وضعفه بعضهم جداً. ثم إن عكرمة - وهو مولى ابن عباس - شك في وصله عن أبي هريرة. (تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث التي قواها الشيخ الدويش - رحمه الله - في كتابه "تنبيه القاري" (رقم 18) ، ومن عجائبه قوله بعد عزوه لأبي داود: "ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عكرمة لم يجزم بسماعه من أبي هريرة"! فأقول: فهل هو مع ذلك صحيح عندك؟! ثم إنه غض النظر عن الضعف الذي في عمرو بن مسلم، أفهكذا يكون التعقب والتصحيح؟! 4022 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " في كل إشارة في الصلاة عشر حسنات " وقد نقل إلى " الصحيحة " برقم (3286) . الحديث: 4022 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 4023 - (في كل ركعتين تسليمة) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1324) عن أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. الحديث: 4023 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو سفيان اسمه طريف بن شهاب، قال الحافظ: "ضعيف". ولعل أصل الحديث موقوف؛ فقد روى مسلم (2/ 174) في حديث ابن عمر مرفوعاً: "صلاة الليل مثنى مثنى ... ": فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين. 4024 - (نزلت فاتحة الكتاب من كنز تحت العرش) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 101) من طريق أحمد بن بديل: حدثنا إسحاق بن الربيع: حدثنا العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن علي رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فضيل بن عمرو ثقة لم يدرك علياً؛ فهو منقطع إن كان لم يسقط من الأصل راو من بينهما. والعلاء بن المسيب؛ ثقة ربما وهم. وإسحاق بن الربيع - هو العصفري -؛ قال الحافظ: "مقبول". يعني عند المتابعة، لين الحديث عند التفرد. وأحمد بن بديل؛ صدوق له أوهام. وقد روي الحديث بنحوه عن معقل بن يسار مرفوعاً عند الحاكم (1/ 559) وغيره، وسبق تخريجه برقم (2886) . الحديث: 4024 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 27 4025 - (الفاجر الراجي رحمة الله؛ أقرب إليها من العابد المجتهد الآيس منها الذي لا يرجو أن ينالها، فهو مطيع لله) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 345) من طريق الحاكم معلقاً، عن عثمان بن مطر، عن زياد بن ميمون، عن زيد العمي، عن مرة، عن ابن مسعود رفعه. قلت: وهذا إسناد هالك بمرة؛ مسلسل بالعلل: الأولى: زيد العمي؛ ضعيف. الثانية: زياد بن ميمون - وهو الثقفي الفاكهي -؛ كذاب. الثالثة: عثمان بن مطر؛ ضعيف كما في "التقريب". لكن يبدو أنه جاء من طريق أخرى، فقد عزاه السيوطي: للحكيم، والشيرازي في "الألقاب" عن ابن مسعود إلى قوله: "العابد المقنط"؛ دون قوله: "الآيس ... " إلخ. فقال المناوي: "وفيه عبد الله بن يحيى الثقفي، أورده الذهبي في "ذيل الضعفاء" وقال: صويلح، ضعفه ابن معين. وسلام بن سلم (1) قال في "الضعفاء": تركوه باتفاق، وزيد العمي ضعيف متماسك، ورواه عنه الحاكم وعنه الديلمي بلفظ ... ". فذكره بلفظ الترجمة؛ ولم يتكلم على إسناده بشيء.   (1) الأصل " مسلم " والتصحيح من مخطوط الظاهرية، وهو المديني الطويل، وليس في نسخة الظاهرية من " الضعفاء ": " باتفاق ". الحديث: 4025 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 4026 - (كان إبراهيم عليه السلام إذا أصبح قال: (سبحان الله حين تمسون، وحين تصبحون ... ) الآيات) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 136) من طريق ابن السني بسنده، عن ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه رفعه، في قوله الحديث: 4026 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 تعالى (وإبراهيم الذي وفى) قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة وزبان؛ ضعيفان. ثم روى عقبه عن الحسن بن عطية، عن إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة رفعه: " (وإبراهيم الذي وفى) أتدرون ما (وفى) ؟ وفى عمل يومه أربع ركعات في أول النهار". وهذا أشد ضعفاً من الذي قبله، آقته جعفر بن الزبير؛ فإنه متروك، وقال ابن حبان: "يروي عن القاسم وغيره أشياء موضوعة". 4027 - (الفطرة على كل مسلم) . ضعيف جداً رواه ابن بشران (27/ 117/ 1) ، والخطيب (11/ 294) عن بهلول بن عبيد، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله موثقون رجال مسلم؛ غير بهلول بن عبيد؛ قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، ذاهب". وقال أبو زرعة: "ليس بشيء". وقال الحاكم: "روى أحاديث موضوعة". (تنبيه) : لقد وهم المناوي وهماً فاحشاً حين قال في إعلال رواية الخطيب هذه: الحديث: 4027 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 "وفيه إبراهيم بن راشد الأدمي، قال: الذهبي في "الضعفاء": وثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي، وبهلول ... ". ووجهه أن الأدمي لا ذكر له في سند الحديث مطلقاً، لا عند الخطيب - ولم يعزه المناوي تبعاً لأصله إلا إليه - ولا عند ابن بشران، وإنما ذكره الخطيب في عداد شيوخ عثمان بن سهل بن مخلد البزاز، وهو أحد رواة هذا الحديث عنده، فتوهم المناوي أنه في إسناد الحديث نفسه. فتنبه. 4028 - (الفقر شين عند الناس، وزين عند الله يوم القيامة) . موضوع أخرجه الديلمي (2/ 342) عن محمد بن مقاتل الرازي: حدثنا جعفر بن هارون الواسطي: حدثنا سمعان بن مهدي، عن أنس رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته سمعان أو من دونه؛ فقد قال الذهبي في ترجمته: "لا يكاد يعرف، ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها، قبح الله من وضعها". قال الحافظ عقبه: "وهي من رواية محمد بن مقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان، فذكر النسخة، وهي أكثر من ثلاث مئة حديث أكثر متونها موضوعة ... ". وقال الحافظ ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (ص 164) : "هو من الحيوانات التي لا ندري هل وجدت أم لا؟ ". وجعفر بن هارون؛ قال الذهبي متهماً إياه: "عن محمد بن كثير الصنعاني. أتى بخبر موضوع". وقال الحافظ عقبه: الحديث: 4028 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 30 "وستأتي الإشارة إلى شيء من خبره في ترجمة سمعان بن مهدي". يشير إلى هذا الخبر. ومحمد بن مقاتل الرازي؛ قال الذهبي: "تكلم فيه، ولم يترك". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وعزاه المناوي إلى قول الذهبي في "الذيل". يعني "ذيل الضعفاء" ولم أره فيه. والله أعلم. وجملة القول؛ أن التهمة في هذا الحديث محصورة في جعفر أو سمعان. 4029 - (الفلق: جب في جهنم مغطى) . منكر أخرجه ابن جرير الطبري (30/ 225) : حدثني إسحاق بن وهب الواسطي قال: حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي قال: حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: قال الحافظ ابن كثير في "التفسير": "حديث منكر، إسناده غريب، ولا يصح رفعه". قلت: وعلته مسعود هذا؛ قال العقيلي: "لا يعرف". وسائر رجاله ثقات؛ غير نصر بن خزيمة، فلم أعرفه؛ إلا أن يكون نصر بن خزيمة أبا إبراهيم الحضرمي الحمصي، فقد ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 473) ؛ لكنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 4029 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 4030 - (قابلوا النعال) . ضعيف رواه الروياني في "مسنده" (261/ 1) حدثنا عمرو بن علي: أخبرنا أبو عاصم: حدثنا عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن يحيى بن إبراهيم بن عطاء، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى يقول: فذكره. ورواه الطبراني (1/ 98/ 1-2) عن الجراح بن مخلد: أخبرنا أبو عاصم به؛ إلا أنه قال: "يحيى بن عطاء بن إبراهيم". قلت: وسواء كان هذا أو ذاك، فلم أعرفه، ولا أباه. ولعل الاختلاف فيه إنما هو من ابن هرمز هذا فإنه ضعيف؛ كما في "التقريب". والحديث عزاه السيوطي لابن سعد والبغوي والطبراني والباوردي وأبي نعيم عن إبراهيم الطائفي وقال: "وما له غيره". وقال الحافظ في "الإصابة" بعد أن عزاه للبغوي والطبراني: "ونقل الذهبي عن ابن عبد البر أنه قال لا يصح ذكره في "الصحابة"؛ لأن حديثه مرسل. يعني فهو تابعي، قلت: لفظ ابن عبد البر: إسناد حديثه ليس بالقائم، ولا تصح صحبته عندي، وحديثه مرسل. فإن عنى بالإرسال انقطاعاً بين أحد رواته، فذاك، وإلا فقد صرح بسماعه من النبي صلي الله عليع وسلم فهو صحابي إن ثبت إسناد حديثه؛ لكن مداره على عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو ضعيف، وشيخه مجهول، وقد اختلف في سياقه ... ". قلت: ثم شرح الاختلاف الذي أشرت إلى شيء منه، فليراجعه من شاء. وبالجملة؛ ففي الحديث ثلاث علل: الجهالة، والضعف، والاختلاف، ظلمات ثلاث بعضها فوق بعض! الحديث: 4030 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 4031 - (قال الله تعالى: يا ابن آدم! اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة؛ أكفك ما بينهما) . ضعيف أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص 37) : حدثنا عبد الله بن سندل: حدثنا ابن المبارك، عن جبير، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن - هو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه. وجبير وابن سندل؛ لم أعرفهما. والحديث عزاه السيوطي: لـ "حلية أبي نعيم".ولم أره في فهرسه، ولا تكلم عليه المناوي، وإنما قال: "ورواه ابن المبارك في "الزهد" عن الحسن مرسلاً". ولم أره أيضاً في فهرس مرسلات الحسن؛ الذي وضعه الشيخ حبيب الرحمن على "الزهد". الحديث: 4031 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 4032 - (قال الله عز وجل: أحب ما تعبد ني به عبد ي إلي النصح) . ضعيف جداً رواه ابن المبارك في "الزهد" (165/ 1من الكواكب 575) (ورقم 204 - ط) ، وعنه الروياني في "مسنده" (2/ 276/ 1193) ، وأحمد (5/ 254) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 175) ، والبغوي في "شرح السنة" (4/ 95/ 2) : أنبأنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً. وقال أبو نعيم: الحديث: 4032 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 "ورواه صدقة بن خالد، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد مثله". قلت: وعلي بن يزيد - وهو الألهاني -؛ شديد الضعف، وعبيد الله بن زحر وعثمان بن أبي العاتكة؛ ضعيفان. 4033 - (من حضرته الوفاة، وكانت وصيته على كتاب الله؛ كانت كفارة لما ترك من زكاته في حياته) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2705) ، والدولابي في "الكنى" (1/ 156) من طريق بقية، عن أبي حلبس، عن خليد بن أبي خليد، عن معاوية بن قرة، عن أبيه مرفوعاً. وقال الدولابي: "حديث معضل، يكاد أن كون باطلاً". قلت: وآفته أبو حلبس أو شيخه خليد؛ فإنهما مجهولان؛ كما في "التقريب" وغيره. وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ من رواية عبد الله بن عصمة النصيبي: حدثنا بشر بن حكيم عن سالم بن كثير، عن معاوية بن قرة به. أخرجه الطبراني في "الكبير" (19/ 33/ 69) ، وابن منده في "المعرفة" (ق 134/ 2) ، والواحدي في "الوسيط" (4/ 62/ 2) . قلت: وهذا إسناد مظلم أيضاً؛ بشر بن حكيم وسالم بن كثير؛ لم أعرفهما. وعبد الله بن عصمة النصيبي؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "لينه العقيلي وغيره". الحديث: 4033 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 34 4034 - (ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول (1) ، يساقون إلى الجنة) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 338) عن الفضيل بن سليمان: حدثنا محمد بن أبي يحيى، عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخندق، فأخذ الكرزين فحفر به، فصادف حجراً، فضحك، قيل: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير أن الفضيل هذا؛ قال الحافظ: "صدوق له خطأ كثير". قلت: والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" (5/ 333) وقال: "رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: يؤتى بهم إلى الجنة في كبول الحديد. وفي رواية عنده: يساقون إلى الجنة وهم كارهون. ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن [أبي] يحيى الأسلمي، وهو ثقة". قلت: إن كان عند الطبراني من غير طريق الفضيل فينظر فيه، وإلا فهو - أعني الفضيل - وإن كان من رجال "الصحيح" فهو سيىء الحفظ كما علمت من كلام الحافظ فيه، والذي يغلب على الظن أنه عنده من طريقه أيضاً، وأنه الذي رواه بهذه الألفاظ الثلاثة، لفظ أحمد، ولفظي الطبراني، وأبعدها عن الصحة: "قبل المشرق" فإني لم أجد له شاهداً، بخلاف أحد لفظي الطبراني، فإني قد خرجت له شاهداً في "تخريج السنة" (573) بنحوه، وأكدت ظني في "الصحيحة" أيضاً (2873) فينظر هناك.   (1) أي القيود الحديث: 4034 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 4035 - (طواف سبع لا لغو فيه يعدل رقبة) . ضعيف جداً أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 8833) : أخبرنا ابن محرر قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث، عن عائشة: أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل حج وأكثر، أيجعل نفقته في صلة أو عتق؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن محرر اسمه عبد الله الجزري القاضي؛ وهو متروك عما في "التقريب". وروى (8824) عن معمر، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره دون قوله: "لا لغو فيه". وكذلك رواه أحمد (2/ 3 و 95) من طريقين آخرين، عن عطاء، عن ابن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعاً. وعطاء؛ كان اختلط. الحديث: 4035 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 4036 - (إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا أعظم عفواً من أن أستر على عبد ي ثم أفضحه، ولا أزال أغفر لعبد ي ما استغفرني) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (42) ، وابن عدي (19 /2) ، والبيهقي في "الزهد" (ق 74-75) عن سويد بن سعيد قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، عن نوح بن ذكوان، عن أخيه أيوب بن ذكوان، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعاً. ذكره العقيلي في ترجمة أيوب هذا، وروى عن البخاري أنه قال: الحديث: 4036 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 "منكر الحديث"، قال العقيلي: "ولا يتابع عليه، وقد روي من غير هذا الوجه بغير هذا اللفظ، بإسناد لين". وقال ابن عدي: "وعامة ما يرويه لا يتابع عليه". قلت: ومن دونه ضعفاء، ثلاثتهم. وأما اللفظ الآخر الذي أشار إليه العقيلي، فلعله يعني حديث علي مرفوعاً بلفظ: "من أذنب في الدنيا ذنباً فعوقب به؛ فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبد هـ، ومن أذنب ذنباً في الدنيا فستر الله عليه وعفا عنه؛ فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه". أخرجه أحمد (1/ 99 و 159) عن طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة عن علي مرفوعاً. قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن أبا إسحاق - وهو السبيعي -؛ مدلس مختلط. 4037 - (قال الله عز وجل: إني أنا الله لا إله إلا أنا، فاعبد وني، من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص دخل في حصني، ومن دخل في حصني أمن من عذابي) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 191-192) عن أبي علي أحمد بن علي الأنصاري النيسابوري: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: حدثنا علي بن موسى الرضا: حدثني أبي موسى بن جعفر: حدثني أبي جعفر بن محمد: حدثني أبي محمد بن علي: حدثني أبي علي بن الحسين بن الحديث: 4037 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 37 علي: حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل عليه السلام قال: فذكره. وقال: "هذا حديث ثابت مشهور بهذا الإسناد من رواية الطاهرين عن آبائهم الطيبين، وكان بعض سلفنا من المحدثين إذا روى هذا الإسناد قال: لو قرىء هذا الإسناد على مجنون لأفاق"! كذا قال، وأبو الصلت ليس من أهل البيت الطاهر، وإنما كان يتشيع، قال الحافظ: "صدوق، له مناكير، وأفرط العقيلي فقال: كذاب". والراوي عنه أحمد بن علي الأنصاري؛ قال الذهبي: "واه، قال الحاكم: "طير طرأ علينا"، يوهنه الحاكم بهذا القول". ولذلك جزم الحافظ العراقي بأن إسناده ضعيف؛ كما نقله المناوي عنه وأقره، وقال العراقي: "وقول الديلمي: "حديث ثابت" مردود". وكأنه لم يقف على أنه من قول أبي نعيم قبل الديلمي. وأخرجه القضاعي (ق 117/ 2) من طريق أحمد بن علي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا علي بن موسى الرضا به. قلت: وهذه متابعة لا تساوي فلساً، قال الذهبي: "أحمد بن علي بن صدقة عن أبيه عن علي بن موسى الرضا؛ تلك نسخة مكذوبة، وروى عن القعنبي، اتهمه الدارقطني، متروك الحديث". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 38 4038 - (إن الله تعالى قال: يا عيسى! إني باعث من بعدك أمة؛ إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، قال: يا رب! كيف هذا لهم، ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 355-356) ، والحاكم (1/ 348) ، وأحمد (6/ 450) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر" (ق 47/ 1) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (ق 129/ 1) والبزار (3/ 320/ 2845-الكشف) ، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 127/ 1) من طرق عن معاوية بن صالح، عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - - ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها - يقول: فذكره. وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن ابن صالح؛ لم يرو له البخاري في "الصحيح"، وإنما في "جزء القراءة". ويزيد بن ميسرة؛ لم يخرج له أصلاً لا هو ولا غيره من "الستة"، ثم إنه مجهول الحال، فإنه لم يرو عنه غير معاوية هذا وصفوان بن عمرو كما في "تاريخ البخاري"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذلك صنع ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288) . وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"! قلت: فهو العلة؛ لأن معاوية بن صالح قد تابعه الحسن بن سوار عند أحمد والبزار، وهو صدوق كما في "التقريب". وأما قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 67) : الحديث: 4038 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 39 "رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و "الأوسط". ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن سوار، وأبي حلبس يزيد بن ميسرة، وهما ثقتان". كذا قال، وتلك عادته في الاعتماد على توثيق ابن حبان. واغتر به الشيخ الدويش في كتابه (20/ 19) ! ومن غرائبه أنه ذكر ذلك بعد أن نقل ما جاء في كتابي "ضعيف الجامع الصغير" تحت الحديث ما نصه: "موضوع؛ الأحاديث الضعيفة 4038". ثم نقل عن تخريجي لـ "المشكاة" قولي: "رجاله ثقات؛ إلا أن عبد الله بن صالح فيه ضعف". ووجه الغرابة أنه كان ينبغي عليه أن ينقد الحكم بالوضع الذي نقله عن "الجامع". فهذا مما يدل على سطحيته في النقد! فاغتنمتها فرصة لأنبه أن الحكم المذكور خطأ مطبعي، والصواب: "ضعيف"؛ لأنه المذكور هنا. 4039 - (انظروا إلى هذا المحرم وما يصنع) . ضعيف (1) . أخرجه أبو داود (1818) ، وابن ماجه (2933) ، وأحمد (6/ 344) ، وابن خزيمة (2679) ، والبيهقي (5/ 67) ، من طريق ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجاجاً، حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلست عائشة إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلست إلى جنب أبي، وكانت زمالة   (1) وقع هذا الحديث في " صحيح سنن أبي داود " برقم (1818) وكذا في " صحيح سنن ابن ماجة " برقم (2986) - محسنا! فالله أعلم. (الناشر) الحديث: 4039 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 40 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمالة أبي بكر واحدة مع غلام أبي بكر، فجلس أبو بكر ينتظره أن يطلع عليه، فطلع، وليس معه بعيره، فقال: أين بعيرك؟ قال: قد أضللته البارحة، فقال أبو بكر: بعير واحد تضله، فطفق يضربه ورسول الله يتبسم ويقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس. 4040 - (من لا يدعو الله يغضب عليه، وإن الله ليغضب على من يفعله، ولا يفعل ذلك أحد غيره. يعني في الدعاء) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 491) من طريق محمد بن محمد بن حبان الأنصاري: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري: حدثنا أبو المليح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. وأخرج الترمذي (2/ 342) ، وأحمد (2/ 442 و 477) من هذا الوجه طرفه الأول منه، وقال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، فإن أبا صالح الخوزي وأبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح، إنما هما في عداد المجهولين لقلة الحديث". قلت: وهذا نص من الحاكم رحمه الله تعالى؛ أن مذهبه في تصحيح الأحاديث المروية عن المجهولين كمذهب ابن حبان في ذلك تماماً، وإلا؛ فكيف يجتمع التصحيح لذاته مع جهالة بعض رواته؟! ثم إن أبا المليح الفارسي ليس مجهولاً كما توهم الحاكم، فقد وثقه ابن معين وروى عنه جمع من الثقات. بخلاف أبي صالح الخوزي، فهو كما قال الحاكم: مجهول، لم يذكروا له راوياً الحديث: 4040 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 41 غير أبي المليح هذا. ومن الغريب أنهم لم ينقلوا قول الحاكم هذا في ترجمته، وكل ما جاء في "التهذيب" فيه: "قال ابن معين: ضعيف. وقال أبو زرعة: لا بأس به". وقال الحافظ الذهبي في ترجمته من "الميزان": "ضعف ابن معين حديثه هذا". وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "لين الحديث". والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية العسكري في "المواعظ" عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "قال الله: من لا يدعوني أغضب عليه". وغالب الظن أنه من هذا الوجه الضعيف. فليراجع، ولم يورده في "الجامع الكبير"، عكس عمله في حديث الترجمة؛ فإنه أورده فيه، ولم يورده في "الصغير" ولا في الزيادة عليه!! ثم إن ابن حبان الأنصاري لم أعرفه، فأخشى أن يكون أدرج هو أو شيخه في الحديث قوله: "وإن الله ليغضب ... " إلخ. فقد رواه جمع من الثقات عن أبي المليح به دون هذه الزيادة، وبدونها أخرجته في "الصحيحة" برقم (2654) ، وذكرت له طريقاً أخرى وشاهداً قوياه؛ فراجعه. وقد قال البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 35) عقبه: "سمعت الأستاذ أبا القاسم بن حبيب المفسر يقول: وأخذه الشاعر: والله يغضب إن تركت سؤاله * * * وبني آدم حين يسأل يغضب". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 42 4041 - (قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنك إذا ما ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني كفرتني) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 337-338) عن محمد ابن يونس الكديمي: حدثنا معلى بن الفضل قال: حدثنا سلمى بن عبد الله بن كعب قال: حدثني الشعبي، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث الشعبي، تفرد به عنه سلمى، وهو أبو بكر الهذلي". قلت: وهو متروك الحديث، ومن طريقه أخرجه الطبراني أيضاً في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (10/ 79) . ومعلى بن الفضل؛ قال ابن عدي: "في بعض ما يرويه نكرة". وقال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر بحديثه من غير رواية الكديمي عنه". قلت: وهذا من رواية الكديمي عنه كما ترى، والكديمي كذاب، لكن لعله في "أوسط الطبراني" من غير طريقه، وإلا لكان الأحرى بالهيثمي أن يعل الحديث به، أو على الأقل أن يعله به مع الهذلي فإنه أسوأ حالاً منه. والله أعلم. الحديث: 4041 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 43 4042 - ( [قال الله تعالى:] يا ابن آدم! اثنتان لم تكن لك واحدة منهما: جعلت لك نصيباً من مالك حين أخذت بكظمك لأطهرك به وأزكيك، وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء أجلك) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 158) ، وعبد بن حميد في "مسنده"، والدارقطني من طرق عن عبيد الله بن موسى: أنبأنا مبارك بن حسان، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ابن آدم ... ". الحديث: 4042 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 43 قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن حسان لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب"، وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (ق 168/ 2) : "في إسناده مقال ... ". ثم نقل أقوال الأئمة في ابن حسان؛ وهي متفقة على تضعيفه، إلا ابن معين فإنه وثقه. قلت: فهذا التوثيق في جانب، وقول الأزدي: "متروك يرمى بالكذب" في جانب آخر. والصواب أنه لين كما قال الحافظ، وروايته لهذا الحديث مما يشهد لذلك، فإنه صريح بأنه حديث قدسي من كلام الله تعالى، وهو جعله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -! ولذلك زدت فيه ما بين المعكوفتين تصحيحاً للمعنى، وليس للمبنى. 4043 - (قال داود النبي عليه السلام: إدخالك يدك في فم التنين إلى أن تبلغ المرفق فيقضمها؛ خير لك من أن تسأل من لم يكن له شيء ثم كان) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 81) : حدثنا عبد الله بن محمد ابن الحجاج الشروطي: حدثنا محمد بن جعفر بن سعيد: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن كليب الرازي: حدثنا حسين بن علي النيسابوري: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، عن عمه عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه، عن أخيه همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث وهب بن منبه، لم نكتبه إلا من حديث الحسين بن علي عن إسماعيل". قلت: إسماعيل بن عبد الكريم صدوق، لكن من دونه لم أعرفهم، وحسين ابن علي النيسابوري ليس هو أبا علي الحافظ المتوفى سنة (349) ، فإن هذا أعلى الحديث: 4043 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 44 طبقة منه. 4044 - (قال داود عليه السلام: يا زارع السيئات! أنت تحصد شوكها وحسكها) . ضعيف رواه أبو محمد المخلدي في "المجلس الأول من الثلاث مجالس من الأمالي" (2/ 1) أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفرائيني: حدثنا سليمان ابن عبد الحميد البهراني قال: حدثنا أبو إبراهيم نصر بن خزيمة الحضرمي، عن نصر ابن علقمة، عن أخيه، عن ابن عائذ، عن غضيف بن الحارث، عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ نصر بن خزيمة الحضرمي مجهول؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 473) : "روى عنه أبو أيوب البهراني سليمان بن عبد الحميد الحمصي". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومن فوقه موثقون. الحديث: 4044 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 45 4045 - (قال لي جبريل: إنه قد حببت إليك الصلاة، فخذ منها ما شئت) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 245،255،296) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 182/ 1) من طريق علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن زيد - هو ابن جدعان -؛ ضعيف. الحديث: 4045 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 45 4046 - (قال لي جبريل عليه السلام: قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلاً أفضل من محمد، وقبلت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم) . موضوع أخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة" (ق 40/ 1) ، وأبو نعيم في "حديث الكديمي" (ق 26/ 2) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (1/ 137) عن موسى بن عبيد ة قال: حدثنا عمرو بن عبد الله بن نوفل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته موسى بن عبيد ة، أورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين" وقال: "ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه". وجزم الحافظ بضعفه في "التقريب". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع": للحاكم في "الكنى" وابن عساكر عن عائشة، وعزاه في "الحاوي" (2/ 416) : لـ "أوسط الطبراني" والبيهقي، ولم أره في "مجمع الزوائد". ثم نقل السيوطي: أن الحافظ ابن حجر قال في "أماليه": "لوائح الصحة ظاهرة في صفحات هذا المتن". قلت: كلا والله، بل إن لوائح الصنع والوضع عليه ظاهرة، فإن التقليب المذكور فيه ليس له أصل في أي حديث ثابت، وثبوت أفضلية محمد - صلى الله عليه وسلم - على البشر، واصطفاء الله إياه من بني هاشم، واصطفاء بني هاشم من قريش - كما في حديث مسلم المخرج في "الصحيحة" (302) - لا يلزم منه ثبوت التقليب المذكور؛ إذ لا تلازم بين ثبوت الجزء وثبوت الكل كما هو ظاهر. الحديث: 4046 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 46 4047 - (قال لي جبريل: لبيك الإسلام على موت عمر) . موضوع رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 4/ 1) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 175) : حدثنا أحمد بن داود المكي: أخبرنا حبيب كاتب مالك: أخبرنا ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته حبيب هذا، وهو ابن أبي حبيب المصري كاتب مالك؛ قال الحافظ: "متروك، كذبه أبو داود وجماعة". الحديث: 4047 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 47 4048 - (إن لله في كل يوم ثلاث مئة وستين نظرة؛ لا ينظر فيها إلى صاحب الشاه. يعني: الشطرنج) . موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" في ترجمة محمد بن الحجاج المصفر، عن خذام بن يحيى، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. وقال فيه: "منكر الحديث جداً، يروي عن شعبة أشياء كأنه شعبة آخر، لا تحل الرواية عنه". وتركه أحمد وغيره، كما تقدم بيانه في حديث آخر له موضوع برقم (3894) . والحديث أورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 297/ 1304) من طريق ابن حبان وقال: "لا أصل له". ثم ذكر بعض كلام ابن حبان المذكور آنفاً، وكلمات من أشرنا إليهم مع الإمام أحمد. الحديث: 4048 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 47 ثم إن شيخ المصفر: خذام بن يحيى؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي، ولم يذكره ابن ماكولا في "الإكمال"، ولا ابن حبان في "الثقات"، فتعصيب الجناية بالراوي عنه فيه نظر. والله أعلم. ثم رأيت المعلق على "العلل" قد قال: "قال الدارقطني في هامش "المجروحين": لا أعرف خذام هذا". 4049 - (قال موسى عليه السلام لربه عز وجل: ما جزاء من عزى الثكلى؟ قال: أجعله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (580) عن أبي عبد الرحيم: حدثني أبو محمد، عن يحيى بن الجزار، عن أبي رجاء العطاردي، عن أبي بكر الصديق وعمران بن حصين رضي الله عنهما مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير أبي محمد فإني لم أعرفه، ويخطر في البال أنه لعله محرف من "أبي يحمد" بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم، وهي كنية بقية بن الوليد المدلس المشهور، فإنه من هذه الطبقة. والله أعلم. الحديث: 4049 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 48 4050 - (قبلة المسلم أخاه: المصافحة) . ضعيف جداً رواه ابن شاهين في "الترغيب" (311/ 1) عن عمرو بن عبد الجبار، عن عبيد ة بن حسان، عن قتادة، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قيل: يا رسول الله! إن المشركين إذا التقوا قبل بعضهم بعضاً؟ قال: فذكره أيضاً. وأخرجه ابن عدي (ق 273/ 2) مختصراً وقال: الحديث: 4050 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 48 "حديث غير محفوظ" ذكره في ترجمة عمرو بن عبد الجبار وقال: "روى عن عمه عبيد ة بن حسان مناكير". قلت: عمه شر منه؛ فقد قال أبو حاتم: "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال الداقطني: "ضعيف". 4051 - (يا حميراء! أما شعرت أن الأنين اسم من أسماء الله عز وجل، يستريح به المريض) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 307) من طريق الطبراني: حدثنا مسعود بن محمد الرملي: حدثنا أيوب بن رشيد: حدثنا أبي، عن نوفل بن الفرات، عن القاسم، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت مريض يئن، فمنعته عائشة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من بين القاسم والطبراني؛ لم أعرفهم. والحديث أورده السيوطي من رواية الرافعي عن عائشة بلفظ: "دعوه يئن، فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى؛ يستريح إليه العليل". ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، وقد أخرجه في "تاريخ قزوين" (4/ 72) من طريق ليث بن أبي سليم، عن بهية، عن عائشة. وليث؛ ضعيف؛ لاختلاطه. وبهية؛ لا تعرف. الحديث: 4051 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 49 4052 - (قد قال الناس: ربنا الله، ثم كفر أكثرهم، فمن مات منهم عليها فهو ممن استقام) . ضعيف أخرجه الترمذي (3247) عن سهيل بن أبي حزم القطعي: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) قال: فذكره. وقال مضعفاً له: "حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". قلت: وعلته سهيل هذا؛ قال الحافظ: "ضعيف". ومن طريقه رواه أبو يعلى أيضاً، والنسائي في "تفسيره"، والبزار وابن جرير؛ كما في "تفسير ابن كثير" (4/ 98) ، ولم يعزه للترمذي! الحديث: 4052 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 50 4053 - (قراءتك القرآن نظراً تضعف لك على قراءتك ظاهراً؛ كفضل المكتوبة على النافلة) . ضعيف أخرجه المحاملي في "المجلس الخمسون" عن محمد بن سعيد الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن عمرو بن أوس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون، إلا أن عمرو بن أوس - وهو الثقفي الطائفي - قال الحافظ: "تابعي كبير، وهم من ذكره في (الصحابة) ". قلت: فالحديث مرسل، وذهل عن ذلك السيوطي فقال: "رواه ابن مردويه عن عمرو بن أوس". الحديث: 4053 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 50 قلت: فلم يقيده بكونه مرسلاً كما هي عادته في مثله، ولعله لم يعرفه، فقد قال المناوي عقبه: "عمرو بن أوس في الصحابة ثقفي، وأنصاري، وقرشي، فلو ميزه لكان أولى". قلت: وقد عرفت أنه الثقفي، وأنه ليس بصحابي، فتنبه. 4054 - (قرض الشيء خير من صدقته) . ضعيف أخرجه البيهقي (5/ 354) عن أحمد بن عبيد الصفار: حدثنا تمتام: حدثنا عبيد الله بن عائشة: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رفعه، وقال: "قال الإمام أحمد: وجدته في "المسند" مرفوعاً فهبته، فقلت: رفعه". قلت: ورجاله ثقات كلهم، إلا أن الدارقطني قد تكلم في تمتام - واسمه محمد ابن غالب البصري التمار - بكلام يسير، فقال: "ثقة مأمون إلا أنه يخطىء". ومثل هذا الكلام لا يسقط به حديث الرجل، لولا أنه انضم إليه أمران آخران: الأول: قول ابن المنادي فيه: "كتب الناس عنه، ثم رغب أكثرهم عنه لخصال شنيعة في الحديث وغيره". والآخر: إشارة الإمام أحمد بن عبيد الصفار إلى خوفه من أن يكون رفع الحديث خطأ، ولذلك لم يصرح برفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" كما وجده في "مسنده"، بل عدل عنه إلى قوله: "رفعه" كما تقدم، فيخشى أن يكون تمتام قد وهم في رفعه، فلم يطمئن القلب لصحته مرفوعاً، الحديث: 4054 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 51 لا سيما وهو مخالف لحديث ابن مسعود مرفوعاً بلفظ: "من أقرض شيئاً مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به". أخرجه ابن حبان (1155) ، والبيهقي من طريق فضيل بن ميسرة، عن أبي حريز: أن إبراهيم حدثه، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود به. وقال البيهقي: "تفرد به عبد الله بن الحسين أبو حريز قاضي سجستان، وليس بالقوي". قلت: لكن له طريق أخرى عند البيهقي، عن سليمان بن يسير، عن قيس ابن رومي، عن سليمان بن أذنان، عن علقمة، عن عبد الله به. وقال: "كذا رواه سليمان بن يسير النخعي أبو الصباح الكوفي قال البخاري: ليس بالقوي". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ كما تقدم بيانه برقم (1553-الصحيحة) . 4055 - (قسمت النار سبعين جزءاً، فللآمر تسع وستون، وللقاتل جزء، وحسبه) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 362) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 118/ 1) عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القاتل والآمر؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس، وبه أعله المناوي نقلاً عن الهيثمي. ونص كلامه في "المجمع" (7/ 299) : "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق، وهو ثقة، ولكنه مدلس". الحديث: 4055 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 52 قلت: ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً في "مسنده" (2/ 72/ 1) (1) . 4056 - (قصوا الشارب مع الشفاه) . ضعيف جداً رواه الطبراني بسند الحديث السابق (برقم 756) : "الأمر المفظع ... " وهو ضعيف جداً؛ كما بينته هناك. لكن القص هو السنة لا الحلق، فقد روى الطحاوي وغيره عن المغيرة بن شعبة: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - طويل الشارب، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسواك، ثم دعا بشفرة، فقص شارب الرجل على سواك". وأخرجه أبو داود وغيره مختصراً بسند صحيح، وهو في "صحيح أبي داود" برقم (182) . وعليه جرى عمل جمع من الصحابة، فقد روى الطبراني (1/ 329/ 2) : حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: حدثنا أبي: حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال: رأيت خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقمون شواربهم، ويعفون لحاهم ويصفرونها: أبو أمامة الباهلي، وعبد الله بن بسر المازني، وعتبة بن عبد السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، والمقدام بن معدي كرب؛ كانوا يقمون مع طرف الشفة. وهذا سند حسن. وقال الهيثمي (5/ 167) : "إسناده جيد". وأما ما رواه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 334) عن إسماعيل بن عياش   (1) وجدت منه المجلد الثاني في " الخزانة العامة " في الرباط، وقرأته واستفدت منه، وذلك في سفرتي الأولى إلى المغرب آخر الشهر الرابع من سنة 1396 هـ الحديث: 4056 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 53 قال: حدثني إسماعيل بن أبي خالد قال: "رأيت أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع يحفيان شواربهما، ويعفيان لحاهما ويصفرانها". قال إسماعيل: وحدثني عثمان بن عبيد الله بن (أبي) رافع المدني قال: رأيت عبد الله بن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وأبا أسيد الساعدي ورافع ابن خديج وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع يفعلون ذلك. ومن طريق عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت أبا سعيد الخدري وأبا سيد ورافع بن خديج وسهل بن سعد وعبد الله ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبا هريرة يحفون شواربهم. فهذا كله لا يصح إسناده؛ لأن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع مجهول الحال، أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 156) من رواية ابن أبي ذئب فقط (!) عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد روى عنه إسماعيل بن عياش وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عند الطحاوي كما رأيت، ولم يطلع على هذا كله الحافظ الهيثمي؛ فقال بعد أن ذكر الرواية الوسطى: "رواه الطبراني، وعثمان هذا لم أعرفه". قلت: والطريق الأولى خالية منه، لكن فيها إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه عن غيرهم. نعم؛ قد صح عن ابن عمر: أنه كان يحفي شاربه. أخرجه الطحاوي من طرق عنه بعضها صحيح، زاد في بعضها: "حتى يرى بياض الجلد". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 54 4057 - (قصوا الشارب وأعفوا اللحى، ولا تمشوا في الأسواق إلا وعليكم الأزر؛ إنه ليس منا من عمل سنة غيرنا) . ضعيف رواه الطبرانيفي "الأوسط" (1/ 139/ 2) : حدثنا هيثم بن خلف: أخبرنا بن حماد الوراق: حدثنا أبو يحيى الحماني، عن يوسف بن ميمون، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا يوسف ولا عنه إلا أبو يحيى، تفرد به الحسن بن حماد". قلت: وهو ثقة، لكن أبو يحيى الحماني - واسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن - قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وشيخه يوسف بن ميمون - وهو المخزومي مولاهم الكوفي -؛ قال الحافظ: "ضعيف". فهو علة الحديث، وبه أعلة الهيثمي (5/ 169) . والشطر الأول منه؛ له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً به. أخرجه أحمد (2/ 229) عن عمر بن أبي سلمة [عن أبيه] عنه. قلت: وعمر هذا صدوق يخطىء كما في "التقريب"، فهو ممن يستشهد به، لا سيما وقد قال فيه أبو حاتم: "صالح الحديث"، وصحح له الترمذي، فالحديث بهذا الشطر حسن. والله أعلم. وله شاهد آخر بلفظ: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى". أخرجه مسلم، وأبو عوانة (1/ 188) وغيرهما عن ابن عمر مرفوعاً، وهو مخرج الحديث: 4057 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 55 في "الروض النضير" (1035) . 4058 - (قطع العروق مسقمة، والحجامة خير منه) . موضوع رواه ابن عساكر (9/ 26/ 1) عن يعلى، عن ابن جراد مرفوعاً. ويعلى هذا هو ابن الأشدق؛ قال ابن عدي: "روى عن عمه عبد الله بن جراد، وزعم أن لعمه صحبة، فذكر أحاديث كثيرة منكرة وهو وعمه غير معروفين". وقال البخاري: "لا يكتب حديثه". وقال ابن حبان: "وضعوا له أحاديث فحدث بها ولم يدر. ذكره الذهبي وساق له أحاديث هذا منها". الحديث: 4058 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 4059 - (قل إذا أصبحت: باسم الله على نفسي وأهلي ومالي؛ فإنه لا يذهب لك شيء) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (59) عن رجل، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يصيبه الآفات، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الرجل الذي لم يسم. الحديث: 4059 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 4060 - (قل: اللهم إني أسألك نفساً بك مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك) . ضعيف رواه ابن عساكر (19/ 211/ 2) عن عبد الرحمن بن عبد الغفار الحديث: 4060 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 البيروتي: حدثني رواحة بنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: حدثني أبي يقول: سمعت سليمان بن حبيب المحاربي يقول: حدثني أبو أمامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ رواحة والذي دونها؛ لم أعرفهما. والحديث عزاه في "الجامع" للطبراني في "الكبير" والضياء، وأعله المناوي بقوله: "قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم". 4061 - (قل: اللهم! إني ضعيف، فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضائي. اللهم! إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فارزقني) . موضوع أخرجه الحاكم (1/ 527) عن أبي داود الأودي، عن بريدة الأسلمي قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: أبو داود الأعمي؛ متروك الحديث". قلت: كذبه غير واحد، وقال الذهبي أيضاً في "الضعفاء والمتروكين": "يضع، هالك". الحديث: 4061 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 57 4062 - (قل: اللهم! مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 543-544) عن عبيد الله بن محمد بن الحديث: 4062 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 57 حنين: حدثني عبيد الله بن محمد بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: وا ذنوباه! فقال هذا القول مرتين أو ثلاثاً، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال: "رواته عن آخرهم مدنيون، ممن لا يعرف واحد منهم بجرح". قلت: ولا بتوثيق؛ فكان ماذا؟! اللهم إلا محمد بن جابر بن عبد الله، فذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن سعد: "في روايته ضعف، وليس يحتج به". 4063 - (نعم؛ نبياً رسولاً، يكلمه الله قبيلاً - يعني: عياناً - فقال: اسكن أنت وزوجك الجنة) . منكر رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث محمد بن عيسى الدامغاني: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ميكائيل، عن ليث، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت آدم؛ أنبياً كان؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء: الأول: ليث - وهو ابن أبي سليم -؛ كان اختلط. الثاني: ميكائيل - الظاهر أنه ابن أبي الدهماء -؛ قال الذهبي: "وعنه بكير بن معروف بخبر منكر، وفيه جهالة". وذكره ابن حبان في "الثقات"! الحديث: 4063 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 58 الثالث: سلمة بن الفضل - وهو الأبرش -؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ". والدامغاني؛ قال أبو حاتم: "يكتب حديثه". وقال الحافظ: "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. وله طريق أخرى؛ يرويه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر به في حديثه الطويل. أخرجه ابن حبان (94) . وإبراهيم هذا؛ متهم، أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "قال أبو حاتم وغيره: ليس بثقة. ونقل ابن الجوزي: قال أبو زرعة: كذاب": والطريق الأولى؛ نقلتها من أول "تفسير ابن كثير"، وقد سكت عليه، فأشكل على بعض الطلبة لقوله فيه: "قبيلاً يعني: عياناً"، ومن الثابت أن الله تعالى لا يرى في الدنيا، حتى ولا من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - على الراجح من قولي العلماء، فاقتضى الحال بيان حقيقة هذا الإسناد. ثم رأيت الحديث في "الكامل" لابن عدي (ق 171/ 2) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (2/ 325/ 2) من طريق الدامغاني به. نعم؛ قد صح الحديث من رواية أبي أمامة دون قوله: "قبيلاً"؛ فقال أبو سلام الحبشي: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أنبياً كان آدم؟ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 59 فقال: "نعم، مكلم". أخرجه ابن منده في "التوحيد" (ق 104/ 2) ، وعنه ابن عساكر، والحاكم (2/ 262) . وقال هو وابن منده: "صحيح على شرط مسلم"،ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا، وزاد ابن منده: "وروي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن وغيره عن أبي أمامة عن أبي ذر بأسانيد فيها مقال". 4064 - (قلب ابن آدم مثل العصفور، يتقلب في اليوم سبع مرات) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 216) عن بقية بن الوليد قال: أخبرني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن أبي عبيد ة مرفوعاً، وقال: "وخالد لم يلق أبا عبيد ة". قلت: وهو ابن الجراح؛ أحد العشرة المبشرين بالجنة، فالسند ضعيف لانقطاعه، ورجاله ثقات. الحديث: 4064 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 60 4065 - (قلب المؤمن حلو، يحب الحلاوة) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 113) من طريق محمد بن العباس بن سهيل البزار: حدثنا أبو هشام الرفاعي: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى رفعه. أورده في ترجمة البزار هذا، وقال: "وكان غير ثقة". ثم قال عقب الحديث: الحديث: 4065 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 60 "رجاله كلهم ثقات غير ابن سهيل، وهو الذي وضعه وركبه على هذا الإسناد". وأقره الذهبي في "الميزان"، والحافظ في "اللسان"، ومن قبلهما ابن الجوزي؛ فأورده في "الموضوعات". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (2/ 238) بقوله: "قلت: له طريق آخر، قال البيهقي في "الشعب": أنبأنا أبة عبد الله الحافظ في "التاريخ": أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد: حدثنا أبو يحيى زكريا بن الحارث البزار: حدثنا الحسن بن الجراح الأزدي: حدثنا سهل بن أبي سهل: حدثنا عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أمامة مرفوعاً. قال البيهقي: متن الحديث منكر، وفي إسناده من هو مجهول". قلت: سهل بن أبي سهل، من هؤلاء المجهولين المترجمين في "الميزان" و "اللسان". ومن دونه لم أجد من ترجمهم إلا شيخ الحاكم محمد بن أحمد بن سعيد، فهو في "الميزان" أيضاً قال: "لا أعرفه، لكن أتى بخبر باطل". ثم ساق له حديثاً آخر موقوفاً. وذكر الحافظ في "اللسان" أن الدارقطني ضعفه، فهو آفة هذا الإسناد؛ إن سلم ممن فوقه من المجاهيل. والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 140) من حديث علي أيضاً. ثم رأيت الحديث عند البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 197/ 1) ، فعرفت أن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 61 في السند سقطاً بين سهل ومحمدج بن زياد وهو قوله: "بقية"؛ فهذه علة أخرى وهي عنعنة بقية فإنه مدلس. ووقع فيه "ابن السراج" مكان "ابن الجراح"؛ ولم أعرفه أيضاً. والله أعلم. 4066 - (قم فصل؛ فإن في الصلاة شفاء) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 344-345) ، وأحمد (2/ 390،403) عن ذواد بن علبة، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: ما هجرت إلا وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، قال: فصلى، ثم قال: أشكنب درد (يعني: تشتكي بطنك بالفارسية) ؟ قال: قلت: لا (وفي رواية: نعم) ، قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث هو ابن أبي سليم وكان اختلط. وبه أعله البوصيري في "الزوائد" (ق 210/ 1) . وذواد بن علبة؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". الحديث: 4066 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 62 4067 - (قولوا: سبحان الله وبحمده مئة مرة، من قالها مرة كتبت له عشراً، ومن قالها عشراً كتبت له مئة، ومن قالها مئة كتبت له آنفاً، ومن زاد زاده الله، ومن استغفر الله غفر له) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي (3466) عن داود بن الزبرقان، عن مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، وقال: "حديث حسن غريب". كذا قال! وابن الزبرقان ضعفه ابن المديني جداً، وقال الجوزجاني: الحديث: 4067 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 62 "كذاب". وقال يعقوب بن شيبة وأبو زرعة: "متروك". وقال البخاري: "مقارب الحديث". وضعفه آخرون. وقال البزار: "منكر الحديث جداً". ومطر الوراق؛ صدوق كثير الخطأ؛ كما في "التقريب"؛ وقال فيه عن ابن الزبرقان: "متروك، وكذبه الأزدي". ولم يذكر في "التهذيب" تكذيب الأزدي إياه، وإنما حكى عنه قوله فيه: "متروك"،وإنما كذبه الجوزجاني كما تقدم. وأخرج أحمد (2/ 82) عن أيوب بن سلمان - رجل من أهل صنعاء - قال: "كنا بمكة، فجلسنا إلى عطاء الخراساني إلى جنب جدار المسجد، فلم نسأله، ولم يحدثنا، قال: ثم جلسنا إلى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسأله، ولم يحدثنا، قال: فقال: ما لكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله؟ قولوا: الله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله وبحمده، بواحدة عشراً، وبعشر مئة، من زاد زاده الله، ومن سكت غفر له". قلت: وهذا إسناد موقوف ضعيف؛ أيوب هذا؛ قال الذهبي: "لا يعرف حاله". قلت: والصواب أنه مجهول العين؛ لأنه إنما روى عنه النعمان بن الزبير وحده، كما قال الذهبي نفسه. وقال الحافظ في "التعجيل": "فيه جهالة". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 63 وهذا أقرب إلى الصواب. 4068 - (قولي: اللهم مصغر الكبير، ومكبر الصغير! صغر ما بي) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم" (629) عن محمد بن عبد الغفار الزرقاني: حدثنا عمرو بن علي: حدثنا أبو عاصم: حدثني ابن جريج: حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة، عن مريم بنت ابن البكير، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج من إصبعي بثرة فقال: عندك ذريرة؟ فوضعها عليها وقال: قولي: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مريم هذه - وهي بنت إياس بن البكير -؛ قال الذهبي: "تفرد عنها عمرو بن يحيى بن عمارة". يعني: فهي مجهولة. ورمز لها في "التهذيب" أن النسائي أخرج لها في "عمل اليوم والليلة" أيضاً هذا الحديث. ولم يزد في ترجمتها على قوله: "وعنها عمرو بن يحيى بن عمارة". ومحمد بن عبد الغفار الزرقاني؛ غمزه الذهبي في ترجمة موسى بن خاقان؛ فقال فيها: "وعنه محمد بن عبد الغفار بخبر منكر، تكلم فيه". وساقه الحافظ في "اللسان" من طريق آخر، عن محمد بن عبد الغفار الحديث: 4068 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 64 الورقاني (كذا بالواو) عن موسى بن خاقان البغدادي بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: "الجنة مطوية معلقة في قرون الشمس ... "، وقال: "أخرجه الجورقاني في "كتاب الأباطيل" وقال: هذا حديث باطل، ومحمد ابن موسى (!) ضعيف ... " كذا وقع في الأصل "محمد بن موسى" ولعل الصواب محمد بن عبد الغفار، فإن موسى بن خاقان ثقة، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (13/ 44) برواية جمع من الثقات عنه - منهم القاضي المحاملي -، وكناه بأبي عمران النحوي وقال: "وكان ثقة". ويظهر لي أن هذه الترجمة من "التاريخ" قد فاتت الحافظين: الذهبي والعسقلاني، وإلا؛ لم يحسن بهما أن يوردا هذا الحديث الباطل في ترجمته، وإنما في ترجمة محمد بن عبد الغفار. وهذا خلاف ما صنعا؛ فإن الذهبي لم يورد ابن عبد الغفار أصلاً. واستدركه الحافظ عليه قائلاً: "يأتي في موسى بن خاقان". ولو أنه عكس لكان أقرب إلى الصواب، وإن كان لا يخلو صنيعه حينئذ من الغمز لموسى؛ وهو ثقة كما علمت. وبعد هذا التحقيق أقول: يبدو أن محمد بن عبد الغفار لم يتفرد بهذا الحديث؛ لأنه ليس من رجال الأئمة الستة ومنهم النسائي، وقد علمت مما سبق من الكلام على مريم أن الحديث أخرجه النسائي في "العمل" من طريقها، فلو أنه أخرجه من طريق ابن عبد الغفار لأورده في "التهذيب" ولرمز له بـ "سي"؛ أي: النسائي في "عمل اليوم" كما رمز لمريم، فعدم إيراده إياه، يدل على أنه ليس الجزء: 9 ¦ الصفحة: 65 من رجاله، فإذن هو - أعني: النسائي - أخرجه من غير طريق ابن عبد الغفار، وتنحصر العلة حينئذ بمريم وجهالتها. والله أعلم. 4069 - (قيم الدين الصلاة، وسنام العمل الجهاد، وأفضل أخلاق الإسلام الصمت؛ حتى يسلم الناس منك) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (839) : أخبرني رباح بن زيد قال: حدثني عبد الله بن سعيد بن أبي عاصم قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! ما أفضل الأعمال؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه جهالة؛ لأن عبد الله هذا ذكره ابن أبي حاتم (2/ 2/ 70) من رواية رباح هذا فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (تنبيه) : وقع اسم جد عبد الله هذا في "الجرح": "ابن عاصم". وعلق عليه العلامة اليماني بقوله: "م: ابن أبي عاصم"، وهذه النسخة هي الصواب عندي لموافقتها لما في رواية ابن المبارك هذه. والله الموفق. الحديث: 4069 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 66 4070 - (القاص ينتظر المقت، والمستمع ينتظر الرحمة، والتاجر ينتظر الرزق، والمكاثر ينتظر اللعنة، والنائحة ومن حولها من امرأة مستحقة عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) . موضوع رواه ابن عدي في "الكامل" (33/ 2) ، والباطرقاني في "حديثه" (171/ 1) عن موسى بن عيسى الجزري: حدثنا صهيب بن محمد بن عبادة بن صهيب: حدثنا بشر بن إبراهيم قال: حدثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، الحديث: 4070 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 66 عن العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير مرفوعاً. ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (23/ 2) ، ونصر المقدسي في "الأربعين" (رقم 32) من طريق عمرو بن بكر السكسكي، عن عباد بن كثير، عن منصور بن المعتمر به، إلا أنه ذكر "عبد الله بن عمرو" بدل "ابن الزبير". وقال: "تفرد به عمرو بن بكر عن عباد عنه". وقال ابن عدي: "وهذا الحديث عن الثوري غير محفوظ، وهو باطل لا أعلم يرويه عن الثوري غير بشر هذا". قلت: بشر هذا؛ كان يضع الحديث على الثقات؛ كما قال ابن حبان وغيره، ونحوه عمرو بن بكر؛ قال الذهبي: "أحاديثه شبه موضوعة". وعباد بن كثير؛ متهم. ورواه الطبراني (3/ 206/ 1) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 425) عن بشر ابن عبد الرحمن الأنصاري: حدثني عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه به، إلا أنه جمع بين "ابن عمرو" و "ابن الزبير". وعبد الوهاب بن مجاهد؛ متروك، وكذبه الثوري؛ كما في "التقريب". وبشر؛ لم أعرفه. لكن روي من طريق أخرى عند ابن السماك في "الفوائد المنتقاة" (2/ 2/ 2) عن غلام خليل: حدثنا بكار بن محمد السيريني، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه: حدثني العبادلة مرفوعاً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 67 وغلام خليل - اسمه أحمد بن محمد بن غالب الباهلي -؛ كذاب. والحديث أورده ابن الجوزي من طريق الطبراني في "الموضوعات" وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 146) ، ثم ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 188) ، ومع ذلك أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية الطبراني!! وروى ابن المبارك في "الزهد" (159/ 2 من الكواكب 575) بسند صحيح عن ميمون بن مهران قال: القاص ينتظر المقت من الله، والمستمع ينتظر الرحمة. 4071 - (القتل في سبيل الله يكفر كل شيء أو قال: يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة: يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أد أمانتك، فيقول: أي رب! وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية، فيذهب به إليها، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها فيجدها هناك كهيئتها، فيحملها فيضعها على عاتقه فيصعد بها في نار جهنم حتى إذا رأى أنه قد خرج، زلت فهوت وهوى في أثرها أبد الآبدين، قال: والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع) . ضعيف رواه الطبري في "التفسير" (22/ 40) ، والطبراني في "الكبير" (10/ 270/ 10527) ، وابن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" (3/ 99/ 2) ، وأبو الشيخ في "العوالي" (1/ 62/ 1-2) ، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 26) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 201) ، والبيهقي في "الشعب" (4/ 323/ 5266) عن شريك عن الأعمش عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قال: الحديث: 4071 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 68 فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك عبد الله؟ قال: صدق. قال شريك: وحدثنا عياش العامري، عن زاذان، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو منه، ولم يذكر الأمانة في الصلاة، والأمانة في كل شيء. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ شريك، وهو ابن عبد الله القاضي. وقد أخرجه أبو نعيم من طريق أخرى، عن شريك به موقوفاً على ابن مسعود، وهو الذي رجحه الحافظ المنذري، فقد ساقه في "الترغيب" (3/ 21-22) عن ابن مسعود موقوفاً عليه، ثم قال: "رواه البيهقي موقوفاً، ورواه بمعناه هو وغيره مرفوعاً، والموقوف أشبه". وقال الحافظ الناجي فيما كتبه على "الترغيب" (ق 164/ 1) : "وكذا رواه أحمد، وذكر ابنه عبد الله في "كتاب الزهد" أنه سأله عنه؟ فقال: إسناده جيد". ثم رأيت هذا في مكان آخر من "الترغيب" (4/ 41-42/ 5) ، فظننت أن الناجي نقله منه. قلت: والموقوف أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 105/ 2) (4/ 323/ 5266-مطبوع) من طريق عبد الله بن بشر، عن الأعمش به موقوفاً. وابن بشر هذا - هو الرقي القاضي -؛ وثقه أحمد وغيره، وفي "التقريب": "اختلف فيه قول ابن معين وابن حبان، وقال أبو زرعة والنسائي: لا بأس به، وحكى البزار أنه ضعيف في الزهري خاصة". قلت: وهذا من روايته عن الأعمش، وعلى كل حال فهو أولى من شريك. والله أعلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 69 4072 - (القدر نظام التوحيد، فمن وحد الله وآمن بالقدر؛ فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس مرفوعاً، وفيه هانىء بن المتوكل، وهو ضعيف. كذا في "المجمع" (7/ 197) ، وسيأتي إسناده برقم (7150) . قلت: وقد رواه هبةالله اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (6/ 262/ 2) عن الأوزاعي: قال لنا بعض أصحابنا: عن الزهري، عن ابن عباس قال: فذكره موقوفاً عليه. وهو الأشبه بالصواب، والله أعلم. ورواه (1/ 142/ 1) عن سفيان الثوري، عن عمر بن محمد - رجل من ولد عمر بن الخطاب -، عن رجل، عن ابن عباس موقوفاً. الحديث: 4072 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 70 4073 - (القرآن ألف ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً؛ كان له بكل حرف زوجة من الحور العين) . باطل قال الطبراني في "معجمه الأوسط": حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد". كذا في ترجمة محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني من "الميزان"، وقال: "تفرد بخبر باطل". ثم ساق هذا، وأقره الحافظ في "اللسان". وأشار إليه الهيثمي في "المجمع" (7/ 163) وقال: الحديث: 4073 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 70 "ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات". قلت: لوائح الوضع على حديثه ظاهرة، فمثله لا يحتاج إلى كلام ينقل في تجريحه بأكثر مما أشار إليه الحافظ الذهبي ثم العسقلاني؛ من روايته لمثل هذا الحديث وتفرده به! 4074 - (القلب ملك البدن، وللملك جنود: فرجلاه بريداه، ويداه جناحاه، وعيناه مسلحته، والأذنان قمع، واللسان ترجمان، والكليتان مكيدة، والرئة نفس، والطحال ضحك، فإذا صلح الملك صلح الجنود، وإذا فسد الملك فسد الجنود) . ضعيف رواه الدينوري كما في "المنتقى من المجالسة" (25/ 1-2 نسخة حلب) : حدثنا إسماعيل بن إسحاق: أنبأنا سليمان بن حرب: أنبأنا حماد بن زيد: حدثنا عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً عليه. قلت: وهكذا أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 132/ 109) من طريق عبد الرزاق - وهذا في "المصنف" (11/ 321/ 20375) -: أنبأنا معمر، عن عاصم به. وقال: "هكذا جاء موقوفاً، ومعناه في "القلب" جاء في حديث النعمان بن بشير مرفوعاً، وقد رواه عبد الله بن المبارك عن معمر بإسناده وقال: رفعه". ثم ساق إسناده إليه به، وفيه من لم أعرفه، وقد قال المناوي: "وعده في "الميزان" من مناكير". الحديث: 4074 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 71 4075 - (القلس حدث) . ضعيف جداً رواه البغوي في "حديث أبي الجهم" (11/ 1) : حدثنا سوار ابن مصعب، عن زيد بن علي، عن آبائه مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني (ص 57) ؛ إلا أنه قال: عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال: "سوار متروك، ولم يروه عن زيد غيره". الحديث: 4075 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 72 4076 - (القنطار اثنا عشر ألف أوقية، وكل أوقية خير مما بين السماء والأرض) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 388) ، وابن حبان (663) ، وأحمد (2/ 363) ، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (130/ 2) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعاً. وقال المقدسي: "هذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات". وكذا قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (ق 220/ 1) . وفيه نظر؛ فإن عاصماً هذا هو ابن بهدلة، وفيه كلام من قبل حفظه، والمتقرر فيه أنه وسط حسن الحديث، فالإسناد حسن وليس بصحيح، لا سيما وقد اختلف عليه في رفعه، ولفظه. أما الرفع؛ فرواه عبد الصمد، عن حماد بن سلمة عنه به؛ مرفوعاً كما رأيت، وأوقفه الدارمي عنه، فقال (2/ 427) : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا أبان العطار وحماد بن سلمة، عن عاصم به موقوفاً. الحديث: 4076 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 72 لكن يحتمل أن يكون اللفظ والسياق لأبان العطار، وحمل لفظ حماد عليه تجوزاً، وهذا معروف في بعض الرواة. وأياً ما كان، فهو اختلاف واضح على عاصم. ويؤيد الموقوف؛ رواية حماد بن زيد: أنبأ عاصم بن بهدلة به موقوفاً. أخرجه البيهقي (7/ 233) ، وكذا ابن جرير (6700) . وكذلك رواه وكيع في "تفسيره" من الوجه الأول فقال: حدثنا حماد بن سلمة ... به موقوفاً. ذكره ابن كثير (1/ 351) وقال: "هذا أصح". وأما اللفظ؛ ففي كل الروايات المتقدمة: "اثنا عشر ألف أوقية"؛ إلا في رواية حماد بن زيد فإنه قال: "ألف ومئتا أوقية". ولكل من اللفظين ما يشهد له: أما الأول؛ فروى الدارمي (2/ 466) : حدثنا أبو النعمان: حدثنا وهيب، عن يونس، عن الحسن مرفوعاً به. وهذا مرسل، رجاله ثقات؛ غير أن أبا النعمان - وهو الملقب بـ (عارم) - كان تغير، وقد خالفه عبد الوارث بن سعيد فقال: حدثنا يونس به باللفظ الثاني؛ إلا أنه قال: "دينار" بدل "أوقية". أخرجه ابن جرير (6702) . وإسناده مرسل جيد. وأما اللفظ الآخر؛ فيرويه مخلد بن عبد الواحد، عن علي بن زيد، عن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 73 عطاء بن أبي ميمونة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب مرفوعاً به. أخرجه ابن جرير (6701) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مخلد بن عبد الواحد؛ قال ابن حبان: "منكر الحديث جداً". وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان -؛ ضعيف. ولذلك قال الحافظ ابن كثير: "وهذا حديث منكر أيضاً، والأقرب أن يكون موقوفاً على أبي بن كعب؛ كغيره من الصحابة". وقد روي بلفظ: "القنطار ألفا أوقية". أخرجه الحاكم (2/ 178) من طريق أحمد بن عيسى بن زيد اللخمي - بتنيس -: حدثنا عمرو بن أبي سلمة: حدثنا زهير بن محمد: حدثنا حميد الطويل ورجل آخر، عن أنس رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله عز وجل: (والقناطير المقنطرة) ؟ قال: فذكره، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن أحمد بن عيسى التنيسي؛ قال ابن طاهر: "كذاب يضع الحديث"؛ كما في "الميزان"، وضعفه غيره. وقال مسلمة: "كذاب؛ حدث بأحاديث موضوعة"، كما في "اللسان". وكأن الحاكم والذهبي توهما أنه أحمد بن عيسى بن حسان المصري التستري الجزء: 9 ¦ الصفحة: 74 الحافظ؛ فإنه من هذه الطبقة وهو ثقة من رجال الشيخين، ولكنه ليس به، وقد فرق بينهما الذهبي نفسه في "الميزان"، والحافظ، وغيرهما. ثم إن زهير بن محمد - وهو أبو المنذر الخراساني - مع كونه قد رمزوا له بأنه من رجال الشيخين؛ ولا أدري إذا كانا أخرجا له احتجاجاً أو استشهاداً والثاني هو اللائق به؛ فإنه متكلم فيه كما هو معروف في ترجمته، ولكن الحمل في الحديث على التنيسي أولى؛ لشدة ضعفه، وقد روي عنه بلفظ: " ... ألف دينار". أخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني من طريقين آخرين عنه، كما في "تفسير ابن كثير". وجملة القول؛ أن الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأي لفظ من الألفاظ المتقدمة؛ لشدة الاختلاف بينها، ووهاء أسانيدها، والاختلاف في رفعها ووقفها ووصلها وإرسالها، وهو ما يشعر به صنيع الحافظ ابن جرير؛ فإنه بعد أن ساق الأحاديث المتقدمة، وبعض الآثار الموقوفة والمقطوعة، والخلاف في تفسير الآية المذكورة (والقناطير ... ) قال: "فالصواب في ذلك أن يقال: هو المال الكثير ... وقد قيل ما قبل مما روينا". فاعتمد في تفسير الآية على المعنى اللغوي، ولم يلتفت إلى شيء من تلك الأحاديث التي رواها؛ لما ذكرنا من عللها ووهائها. 4077 - (قوموا، لا ترقدوا في المسجد) . موضوع أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (ج1 رقم 1655) : عن يحيى ابن العلاء، عن حرام بن عثمان، عن ابني جابر، عن جابر بن عبد الله قال: الحديث: 4077 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 75 أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن مضطجعون في مسجده، فضربنا بعسيب كان في يده، وقال: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته حرام هذا؛ قال الإمام الشافعي ويحيى بن معين: "الرواية عن حرام حرام". رواه عنهما ابن عدي (ق 110/ 2) . وقال مالك وابن معين في رواية: "ليس بثقة". ويحيى بن العلاء؛ متهم بالوضع؛ لكنه قد توبع، فقد ذكره الذهبي في آخر ترجمة حرام من طريق سويد بن سعيد: حدثنا حفص بن ميسرة، عن حرام بن عثمان به، وزاد في متنه زيادة في إباحة المسجد لعلي، وقال الذهبي: "وهذا حديث منكر جداً". والأحاديث في إباحة النوم في المسجد للمحتاج كثيرة، بعضها في "الصحيحين" وغيرهما. 4078 - (قل ما بدا لك، فإنما الحرب خدعة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 136/ 1) من طريق مطر بن ميمون، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من أصحابه إلى رجل من اليهود ليقتله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مطر هذا؛ قال الحافظ: "متروك". وذكر له الذهبي بعض الموضوعات يتهمه بها. الحديث: 4078 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 76 4079 - (كاد الحليم أن يكون نبياً) . ضعيف أخرجه الخطيب (5/ 311) عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. وهذا سند ضعيف؛ الربيع بن صبيح صدوق سيىء الحفظ. وشيخه يزيد؛ ضعيف كما في "التقريب". ومن ثم أورده ابن الجوزي في "الواهيات" وقال: "لا يصح"؛ كما في "فيض القدير". وفي "الكشف": "رواه الخطيب بسند ضعيف، والديلمي عن أنس مرفوعاً". الحديث: 4079 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 4080 - (كاد الفقر أن يكون كفراً، وكاد الحسد أن يسبق القدر) . ضعيف قال في "المقاصد": "رواه أحمد بن منيع عن الحسن أو أنس مرفوعاً. وهو عند أبي نعيم في "الحلية" [ (3/ 53 و 109 و 8/ 253) ] ، وابن السكن في "مصنفه"، والبيهقي في "الشعب" [ (2/ 486/ 1) ] ، وابن عدي في "الكامل" عن الحسن بلا شك". وفي لفظ عند أكثرهم: "أن يغلب" بدل: "يسبق". وفي سنده يزيد الرقاشي؛ ضعيف. قلت: وقال العراقي (3/ 163) : "رواه أبو مسلم الكشي والبيهقي في "الشعب" من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد ضعيف". الحديث: 4080 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 وانظر: "اللهم! إني أعوذ بك من الكفر والفقر". ثم الحديث أخرجه الدولابي أيضاً في "الكنى" (2/ 131) من طريق يزيد المذكور، وكذا البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 286/ 1) ، والقضاعي (380) . قال في "المجمع" (8/ 78) : "رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس، وفيه عمرو بن عثمان الكلابي؛ وثقة ابن حبان وهو متروك". وروي من حديث ابن عباس في قصة الضب. رواه أبو بكر الطريثيثي في "مسلسلاته" (127-131) ، وهو حديث موضوع؛ كما قال بعض المحدثين على هامش "المسلسلات". ورواه نصر المقدسي في "مجلس من أماليه" (195/ 2-196/ 1) من طريق علي بن محمد بن حاتم، عن الحسين بن محمد بن يحيى العلوي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. وهذا إسناد مظلم؛ من دون علي؛ لم أعرفهم. 4081 - (ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره، خير من كثير لا تطيقه) . ضعيف جداً أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (14/ 16987) ، وابن أبي حاتم أيضاً كما قال ابن كثير في "تفسيره" (2/ 374) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 260/ 7873) من طريق معان بن رفاعة السلمي، عن أبي عبد الملك علي بن يزيد الألهاني: أنه أخبره عن القاسم بن عبد الرحمن: أنه أخبره عن أبي أمامة الباهلي، عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحديث: 4081 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 78 ادع الله أن يرزقني مالاً؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره، خير من كثير لا تطيقه" قال: ثم قال مرة أخرى، فقال: "أما ترضى أن تكون مثل نبي الله؟ فوالذي نفسي بيده! لو شئت أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة لسارت" قال: والذي بعثك بالحق! لئن دعوت الله فرزقني مالاً؛ لأعطين كل ذي حق حقه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم! ارزق ثعلبة مالاً"، قال: فاتخذ غنماً، فنمت كما ينمو الدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحى عنها، فنزل وادياً من أوديتها، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما. ثم نمت وكثرت، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود، حتى الجمعة، فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة يسألهم عن الأخبار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما فعل ثعلبة؟ " فقالوا: يا رسول الله، اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة! فأخبروه بأمره، فقال: "يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة! " قال: وأنزل الله: (خذ من أموالهم صدقة) الآية (سورة التوبة: 103) ، ونزلت عليه فرائض الصدقة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقة، رجلاً من جهينة، ورجلاً من سليم، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين، وقال لهما: "مرا بثعلبة، وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما! " فخرجا حتى أتيا ثعلبة، فسألاه الصدقة، وأقرأاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما هذه إلا جزية! ما هذه إلا أخت الجزية! ما أدري ما هذا! انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلى. فانطلقا، وسمع بهما السلمي، فنظر إلى خيار أسنان إبله، فعزلها للصدقة، ثم استقبلهم بها. فلما رأوها قالوا: ما يجب عليك هذا، وما نريد أن نأخذ هذا منك. قال: بلى، فخذوه، فإن نفسي بذلك طيبة، وإنما هي لي! فأخذوها منه. فلما فرغا من صدقاتهما، رجعا حتى مرا بثعلبة، فقال: أروني الجزء: 9 ¦ الصفحة: 79 كتابكما! فنظر فيه، فقال: ما هذا إلا أخت الجزية! انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآهما قال: "يا ويح ثعلبة! " قبل أن يكلمهما، ودعا للسلمي بالبركة، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة، والذي صنع السلمي، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين) إلى قوله: (وبما كانوا يكذبون) ، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك، فخرج حتى أتاه، فقال: ويحك يا ثعلبة! قد أنزل الله فيك كذا وكذا! فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: "إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك"، فجعل يحثي على رأسه التراب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني! " فلما أبى أن يقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رجع إلى منزله، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبل منه شيئاً. ثم أتى أبا بكر حين استخلف، فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموضعي من الأنصار، فاقبل صدقتي! فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقبلها! فقبض أبو بكر، ولم يقبضها. فلما ولي عمر، أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، اقبل صدقتي! فقال: لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر، وأنا أقبلها منك! فقبض ولم يقبلها، ثم ولي عثمان - رحمة الله عليه -، فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا عمر - رضوان الله عليهما - وأنا أقبلها منك! فلم يقبلها منه. وهلك ثعلبة في خلافة عثمان - رحمة الله عليه -. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، كما قال الحافظ ابن حجر في "تخريج الكشاف" (4/ 77/ 133) ، وعلته علي بن يزيد الألهاني؛ قال الهيثمي في "رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك". ومعان بن رفاعة؛ لين الحديث كما في "التقريب". وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 135) : "إسناده ضعيف". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 80 "المجمع" (7/ 31-32) : " رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني؛ وهو متروك ". ومعان بن رفاعة؛ ليِّن الحديث كما في " التقريب ". وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 135) : " إسناده ضعيف ". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الصغير": للبغوي والباوردي وابن قانع وابن السكن وابن شاهين عن أبي أمامة عن ثعلبة بن حاطب. وعزاه إلى غير هؤلاء أيضاً في "الدر المنثور" (3/ 260) (1) . وروى منه حديث الترجمة ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 26 - مصورة الجامعة الإسلامية) . (تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث التي ساقها ابن كثير في "تفسيره" ساكتاً عليه؛ لأنه ذكره بسند معان بن رفاعة ... به، مشيراً بذلك إلى علته الواضحة لدى أهل العلم بهذا الفن، فاغتر بسكوته مختصر تفسيره الشيخ الصابوني فأورده في "مختصره" (2/ 157-158) الذي نص في مقدمته أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة وحذف الأحاديث الضعيفة! وهو في ذلك غير صادق، كما كنت بينته في مقدمة المجلد الرابع من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" داعماً ذلك بذكر بعض الأمثلة، مشيراً إلى كثرة الأحاديث الضعيفة جداً فيه. وبين أيدينا الآن هذا المثال الجديد، وقد زاد في الانحراف عن جادة   (1) وقد سبق تخريج هذا الحديث (برقم 1607) من نفس الطريق. (الناشر) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 81 العلماء بتصديره إياه بقوله: "وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير عن أبي أمامة ... "! فأوهم قراء كتابه أنه حديث صحيح بجزمه كما هو مقرر عند العلماء، زيادة على ما ذكره في المقدمة مما أشرت إليه آنفاً، ثم زاد - ضغثاً على إبالة- أنه نقل تخريج ابن كثير للحديث من "تفسيره" فجعله في حاشية "مختصره" موهماً قراءه أيضاً أنه من تخريجه هو، متشعباً بما لم يعط! عامله الله بما يستحق. 4082 - (كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف، وجبة صوف، وكمة صوف، وسراويل صوف، وكانت نعلاه من جلد حمار ميت) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي (6/ 1734) عن خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال مضعفاً: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج، وحميد هو ابن علي الكوفي، سمعت محمداً (يعني: الإمام البخاري) يقول: حميد بن علي الأعرج منكر الحديث، وحميد بن قيس الأعرج المكي - صاحب مجاهد - ثقة". قلت: لكن قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1/ 588) : "وقد روى الحاكم في "مستدركه" وابن مردويه من حديث حميد بن قيس الأعرج عن عبد الله بن الحارث ... " إلخ. فلينظر إسناده في "المستدرك"؛ فإني لم أره فيه بعد البحث عنه في "الإيمان" و "العلم" و "الطهارة" و "التاريخ" و "وتفسير سورة النساء" و "اللباس" منه. ثم رأيته في "تفسير سورة طه" منه (2/ 379) من طريق محمد بن غالب: الحديث: 4082 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 82 حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي وخلف بن خليفة، عن حميد بن قيس به، وقال: "صحيح على شرط البخاري". وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل ليس على شرط البخاري، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس، كذا، وهو خطأ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي أو ابن عمار؛ أحد المتروكين، فظنه المكي الصادق". أقول: كان يمكن أن يقال: إن الخطأ إنما هو من خلف بن خليفة؛ لأنه كان اختلط، ولكن متابعة حفص بن غياث إياه منع من القول بذلك، وحلمنا على القول بأن الخطأ لعله من محمد بن غالب وهو الحافظ الملقب بـ (تمتام) ؛ فإنه كان وهم في أحاديث - كما قال الدارقطني -، فلعل هذا منها. والله أعلم. 4083 - (كان الكفل من بني إسرائيل؛ لا يتورع عن ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت ... ) الحديث. ضعيف رواه الترمذي (2/ 81) ، وأحمد (2/ 23) ، وأبو يعلى (10/ 90/ 5726) ، والحاكم (4/ 254-255) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 361/ 1) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 52) ، وابن عساكر (6/ 70/ 1) عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعد مولى طلحة، عن ابن عمر مرفوعاً، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن، قد رواه شيبان وغير واحد عن الأعمش نحو هذا ورفعوه، وروى بعضهم عن الأعمش فلم يرفعه، وروى أبو بكر بن عياش هذا الحديث: 4083 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 83 الحديث عن الأعمش، فأخطأ فيه، وقال: عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عمر، وهو غير محفوظ". قلت: وصله ابن حبان (2453 - موارد) عن أبي بكر بن عياش به، إلا أنه قال: " ... ذو الكفل". وهذا خطأ آخر لمخالفته ما تقدم. وقد قال ابن كثير في "التاريخ" (1/ 226-227) عقب حكايته تحسين الترمذي إياه: "فهو حديث غريب جداً، وفي إسناده نظر؛ فإن سعداً هذا؛ قال أبو حاتم: "لا أعرفه إلا بحديث واحد"، ووثقه ابن حبان، ولم يرو عنه سوى عبد الله بن عبد الله الرازي، فالله أعلم، وإن كان محفوظاً فليس هو (ذا الكفل) ، وإنما لفظ الحديث (الكفل) من غير إضافة، فهو رجل آخر، غير المذكور في القرآن. والله أعلم". ونحوه في تفسيره لسورة (الأنبياء) (3/ 191) . قلت: وسعد هذا؛ مجهول كما في "التقريب"؛ لم يرو عنه غير عبد الله بن عبد الله هذا وهو الرازي، فقول الحاكم: "صحيح الإسناد"؛ هو من تساهله الذي اشتهر به، وإن وافقه الذهبي؛ فإنه من غير تحقيق منه كما هو شأنه في كثير من موافقاته! وانظر الرد على من صحح الحديث من المعاصرين في التعليق على "ضعيف الموارد" (2453) . الجزء: 9 ¦ الصفحة: 84 والموقوف الذي أشار إليه الترمذي؛ أخرجه ابن أبي شيبة (13/ 182-183/ 16056) : حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش ... " بسنده عند الترمذي. 4084 - (كأني أنظر إلى خضرة لحم زيد في أسنانكم) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 299) عن إسماعيل بن قيس بن سعد ابن زيد بن ثابت الأنصاري: حدثني أبي، عن خارجة بن زيد، عن زيد رضي الله عنه قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس مع أصحابه يحدثهم إذ قام فدخل، فقام زيد فجلس في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعل يحدثهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ مر بلحم هدية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال القوم لزيد - وكان أحدثهم سناً -: يا أبا سعيد! لو قمت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرأته منا السلام وتقول له: يقول لك أصحابك: إن رأيت أن تبعث إليناً من هذا اللحم، فقال: "ارجع إليهم فقد أكلوا لحماً بعدك! " فجاء زيد، فقال: قد بلغت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ارجع إليهم فقد أكلوا لحماً بعدك"، فقال القوم: ما أكلنا لحماً، وإن هذا لأمر حدث، فانطلقوا بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسأله ما هذا؟ فجاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! أرسلنا إليك في اللحم الذي جاءك، فزعم زيد أنهم قد أكلوا لحماً، فوالله! ما أكلنا لحماً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فذكر الحديث) ، فقالوا: أي رسول الله! فاستغفر لنا، قال: فاستغفر لهم. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: إسماعيل؛ ضعفوه". قلت: قال البخاري، وأبو حاتم، والدارقطني: الحديث: 4084 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 85 "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "في حديثه من المناكير والمقلوبات التي يعرفها من ليس الحديث صناعته". 4085 - (كبروا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات) . ضعيف رواه أحمد (3/ 337) ، وأبو الحسن الطوسي في "الأربعين" (101/ 2) ، والبيهقي (4/ 36) عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 80/ 2 - من ترتيبه) وقال: "لم يروه عن أبي الزبير إلا ابن لهيعة". قلت: وهو ضعيف؛ لسوء حفظه. وأبو الزبير؛ مدلس، وقد عنعنه. الحديث: 4085 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 4086 - (كبر مقتا عند الله: الأكل من غير جوع، والنوم من غير سهر. والضحك من غير عجب، والرنة عند المصيبة، والمزمار عند النعمة) . ضعيف جداً رواه الخلعي في "الفوائد" (2/ 59/ 2) من طريق محمد بن أحمد الجندري قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أبان بن شداد قراءة عليه وأنا أسمع قال: حدثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري قال: حدثنا عمرو بن بكر السكسكي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ السكسكي هذا؛ قال ابن حبان في أول الحديث: 4086 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 الجزء الثاني عشر من كتابه "الضعفاء": "يروي عن إبراهيم بن أبي عبلة وابن جريج وغيرهما الأوابد والطامات، التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة، لا يحل الاحتجاج به". وقال أبو نعيم: "روى عن إبراهيم بن أبي عبلة وابن جريج مناكير، لا شيء". وقال ابن عدي: "له أحاديث مناكير". وعبد الله بن أبان بن راشد (1) ؛ لم أجد له ترجمة، وأما قول المناوي: "وفيه عبد الله بن أبان، قال الذهبي: قال ابن عدي: مجهول منكر الحديث". قلت: فهذا وهم منه؛ لأن قول الذهبي المذكور إنما قاله في عبد الله بن أبان الثقفي، وهذا اسم جده عثمان بن حنيف، ويكنى أبا عبيد؛ كما صرح بذلك الحافظ في "اللسان" في ترجمة أحد الرواة عنه؛ وهو عبد الله بن محمد بن يوسف ... العبد ي أبو غسان. ثم إن هذا أعلى طبقة من المترجم؛ لأنه يروي عن الثوري، فتنبه. 4087 - (كفى بالدهر واعظاً، وبالموت مفرقاً) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (554) : أخبرني أحمد بن يحيى بن زهير: حدثنا حمدون بن سلام (وفي نسخة: مسلم) الحذاء: حدثنا يحيى بن إسحاق: حدثنا ابن لهيعة، عن حنين بن أبي حكيم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:   (1) كذا أصل الشيخ، ولعله سبق قلم، وصوابه: " شداد ". (الناشر) الحديث: 4087 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 87 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حنين هذا؛ قال ابن عدي: "لا أدري البلاء منه أو من ابن لهيعة؟! فإن أحاديثه غير محفوظة، ولا أعلم روى عنه غير ابن لهيعة". قلت: وابن لهيعة؛ ضعيف. وحمدون بن سلام أو مسلم؛ لم أعرفه، وكذا الراوي عنه. ثم رأيت الحديث في "زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة" (ق 108/ 2) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق: حدثنا ابن لهيعة، عن جبير بن أبي حكيم، عن عراك بن مالك قال: جاء رجل ... الحديث. قلت: فهذه متابعة قوية من الحارث للحذاء، فزال احتمال إعلال الحديث به وبالراوي عنه أحمد بن يحيى، وانحصرت العلة في ابن لهيعة أو شيخه ابن أبي حكيم، ووقع تسميته في "الزوائد" بـ "جبير"، ولم أجد في الرواة جبير بن أبي حكيم، فالراجح أن الصواب فيه أنه حنين بن أبي حكيم؛ فإنه المعروف في كتب الرجال، ومن الرواة عنه ابن لهيعة. وتردد ابن عدي في إعلال الحديث بين ابن لهيعة وحنين؛ لا وجه له عندي. ومن العجيب قوله: "لا أعلم روى عنه غير ابن لهيعة"! مع أن البخاري قد ذكر في "التاريخ الكبير" (2/ 1/ 105) - وابن عدي كثير الرواية عنه كما هو معروف - أنه روى عنه الليث وعمرو بن الحارث المصري، زاد ابن أبي حاتم: وابن لهيعة وسعيد بن أبي هلال، فإذا انضم إلى رواية هؤلاء الثقات عنه إيراد ابن حبان إياه في أتباع التابعين من "ثقاته" ارتقى أمره من كونه مجهول الحال إلى الثقة بحديثه، كما نعرف ذلك بالتجربة من صنيع العارفين بهذا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 88 الفن المتقنين له كالحافظ ابن حجر وغيره؛ وأقرب مثال على هذا قوله في حنين هذا من "التقريب": "صدوق". وكذلك قال الذهبي في "الكاشف". وعليه؛ فحديث الرجل حسن، لولا أن الراوي عنه ابن لهيعة ضعيف. فهذا هو علة الحديث، فهو الوجه. والله أعلم. وإن مما يؤكد ذلك اضطرابه في روايته إياه عن حنين، فهو تارة يجعله من مسند أنس كما في ابن السني، وتارة من مرسل عراك بن مالك - فإنه تابعي - كما في رواية الحارث. وقد ذكر المناوي في "فيض القدير" أن ابن النجار رواه عن أبي عبد الرحمن الحلبي مرسلاً، وهو مصري كابن لهيعة، فلا أستبعد أن يكون من طريق ابن لهيعة أيضاً. فهو وجه آخر للاضطراب. 4088 - (كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود، ويوم أحد عمائم حمر) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 123/ 1) عن عبد القدوس بن حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: (مسومين) قال: "معلمين، وكانت سيما ... " إلخ. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد القدوس هذا؛ قال ابن حبان: "كان يضع الحديث". وقال عبد الرزاق: الحديث: 4088 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 89 "ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله "كذاب" إلا لعبد القدوس". ثم أخرج الطبراني (3/ 147/ 1-2) قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا عمار بن أبي مالك الجنبي: أخبرنا أبي، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض، قد أرسلوها إلى ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمر، ولم تقاتل الملائكة في يوم إلا يوم بدر، إنما كانوا يكونون عدداً ومدداً؛ لا يضربون". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الحجاج - وهو ابن أرطاة -؛ مدلس. الثانية: أبو مالك الجنبي والد عمار - واسمه عمرو بن هاشم -؛ قال الحافظ: "لين الحديث، أفرط فيه ابن حبان". قلت: قد ضعفه جداً إمام الأئمة البخاري؛ فقال: "فيه نظر". الثالثة: ابنه عمار بن أبي مالك؛ شبه مجهول؛ لم يذكروا فيه سوى قولهم: "ضعفه الأزدي". الرابعة: محمد بن عثمان بن أبي شيبة؛ فيه كلام كثير، حققت القول فيه في مقدمتي على كتابه "مسائل ابن أبي شيبة شيوخه"، وانتهيت فيها إلى أنه حافظ لا بأس به. والله أعلم. وهذه العلل كلها لم يتعرض لها الهيثمي بذكر؛ إلا الثالثة منها، فقال في "المجمع" (6/ 83) : الجزء: 9 ¦ الصفحة: 90 "رواه الطبراني، وفيه عمار بن أبي مالك الجنبي، ضعفه الأزدي". كما أنه لم يتعرض لحديث الترجمة بذكر لا في المكان المشار إليه منه، ولا في "اللباس". وهو يختلف عن رواية عمار من ثلاثة وجوه: الأول: أن فيه "عمائم سود"، وفيها "عمائم بيض". الثاني: أن فيه "أحد"، وفيها "حنين". الثالث: أنه ليس فيه: "قد أرسلوها إلى ظهورهم"، ولا قوله: "ولم تقاتل الملائكة ... " إلخ. وقد روي هذا من طريق أخرى عن عطاء، فقال الطبراني أيضاً (3/ 119/ 2) : حدثنا مسعدة بن سعد العطار: أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحزامي: أخبرنا عبد العزيز بن عمران: حدثني أيوب بن ثابت، عن عطاء به بلفظ: "لم تقاتل الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يوم بدر، وكانت فيما سوى ذلك أمداداً، ولم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخيل إلا فرسان؛ أحدهما من المقداد بن الأسود، والآخر لأبي مرثد الغنوي". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد العزيز بن عمران - وهو الزهري الأعرج المعروف بابن أبي ثابت -؛ قال الحافظ: "متروك، احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد غلطه". وشيخه أيوب بن ثابت؛ قال الحافظ: "لين الحديث". وشيخ الطبراني مسعدة العطار؛ لم أعرفه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 91 وهذه الطريق لم يزد الهيثمي في إعلالها على قوله: "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف"! 4089 - (كسب الإماء حرام) . ضعيف رواه الخلال في "الأمر بالمعروف" (18/ 2) : أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن: حدثنا أحمد بن محمد من ولد القاسم بن أبي بزة: حدثنا مؤمل: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (2/ 33/ 1 - مسند أنس) من طريق أخرى عن أحمد بن محمد بن أبي بزة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ له علتان: الأولى: مؤمل - وهو ابن إسماعيل البصري نزيل مكة -؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". والأخرى: أحمد بن محمد بن أبي بزة - وهو المكي المقرىء -؛ قال الذهبي: "إمام في القراءة، ثبت فيها، لين الحديث، قال العقيلي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، لا أحدث عنه". الحديث: 4089 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 4090 - (كفى بالسلامة داء) . ضعيف رواه القضاعي (113/ 2) : أخبرنا أبو الفتح محمد بن إسماعيل الفرغاني قال: أنبأنا الإمام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الخطيب الميداني بزوزن قال: أخبرنا أبو قريش الحديث: 4090 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 محمد بن جعفر بن خلف الحافظ قال: أخبرنا محمد بن زنبور المكي (1) قال: أخبرنا حماد ابن زيد، عن ثابت، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون أبي قريش الحافظ؛ لم أعرفهم؛ إلا الفرغاني، فقد غمزه السمعاني فقال في "الأنساب": "دخل نيسابور، وسمع من أبي يعلى - حمزة بن عبد العزيز المهلبي - وغيره وجماعة، أثبت في جزء لأبي يعلى، والظن أنه ما روى شيئاً". والحديث عزاه السيوطي للديلمي عن ابن عباس، وقال المناوي: "وفيه عمران القطان، قال الذهبي: ضعفه يحيى والنسائي. قال الديلمي: وفي الباب [عن] أنس". قلت: عمران القطان هو ابن داور، وهو صدوق يهم كما في "التقريب"، فهو حسن الحديث، ولكن يغلب على الظن أن الطريق إليه لا تصح، ومن المؤسف أن فيلم "زهر الفردوس" لم أره فيه، إما لأنه ساقط من الأصل، وإما أنني لم أستطع قراءته بواسطة "القارئة". 4091 - (كفى بالسيف شا - أراد أن يقول: شاهداً - ثم أمسك وقال: لولا أن يتتابع فيه الغيران والسكران فيقتلوا، فأمسك عن ذلك) . ضعيف رواه أبو عبيد في "الغريب" (3/ 2) : حدثنا هشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: لما نزلت (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوقه بخطه: " صدوق، له أوهام ". (الناشر) الحديث: 4091 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 93 جلدة ولا تقبلوا شهادة أبداً) [النور: 4] ؛ قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! أرأيت إن رأى رجل مع امرأته رجلاً فقتله أتقتلونه؟ وإن أخبر بما رأى جلد ثمانين؟ أفلا يضربه بالسيف؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا مرسل قوي الإسناد، وقد وصله ابن ماجه (2/ 130/ 2606) عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبق به نحوه؛ دون قوله: "أراد أن يقول شاهداً ... " إلخ. وقال: "كفى بالسيف شاهداً". ولكن الفضل بن دلهم لين، كما قال الحافظ. 4092 - (كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في أمر دينه ودنياه) . موضوع رواه القضاعي (114/ 1) عن يوسف بن القاسم قال: أخبرنا هارون بن يوسف بن زياد قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الرحيم بن زيد؛ قال الحافظ: "كذبه ابن معين". وأبوه؛ ضعيف. ومن دونهما؛ لم أعرفهم؛ غير محمد بن يحيى، فهو ابن أبي عمر العدني الحافظ من شيوخ مسلم. ويحتمل أن يكون يوسف بن القاسم هو أبو الميمون المترجم في "اللسان"، وقد اتهمه بحديث منكر، فليراجع من شاء. الحديث: 4092 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 94 4093 - (كفى بالمرء شراً أن يتسخط ما قرب إليه) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "قرى الضيف"، وعنه ابن بشران في "الأول من الفوائد المنتقاة من الأمالي" (ق 288/ 1) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (ق 183/ 2) ، وأبو بكر الأنباري في "الأمالي" (10/ 1) ، وابن عدي في "الكامل" (7/ 2689) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (رقم 1310) من طريق إبراهيم بن عيينة، عن أبي طالب القاص، عن محارب بن دثار، عن جابر ابن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو طالب القاص اسمه يحيى بن يعقوب؛ قال الذهبي في "الميزان": "قال أبو حاتم: محله الصدق. وقال البخاري: منكر الحديث". ثم ساق له هذا الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/ 614) وقال: "وكان يخطىء". وإبراهيم بن عيينة؛ صدوق يهم كما في "التقريب". (تنبيه) : في أول متن الحديث عند القضاعي زيادة: "نعم الإدام الخل، وكفى ... ". وهذه الزيادة في "صحيح مسلم" وغيره من طريق أخرى عن جابر، وهو مخرج في "الصحيحة" (222) ، فتفرد هذا الإسناد الضعيف بالزيادة عليها دون الإسناد الصحيح مما يجعل الزيادة عليها منكرة. فتنبه. الحديث: 4093 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 95 وإن مما يؤكد ذلك؛ أنه قد رواه جماعة، عن محارب بن دثار، عن جابر بالزيادة التي عند القضاعي دون حديث الترجمة. أخرجه أبو داود (3820) ، والترمذي (1916- بترقيمي) ، وابن ماجه (3317) ، وأحمد (3/ 371) من طرق عن محارب به. 4094 - (كفى بالمرء نقصاً في دينه أن يكثر خطاياه، وينقص حلمه، ويقل حقيقته، جيفة بالليل، بطال بالنهار، كسول هلوع، منوع رتوع) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" بإسناد ضعيف جداً، وهو نفس الإسناد المتقدم لحديث "كونوا في الدنيا أضيافاً" رقم (1179) ، وقد تكلمنا عليه هناك، فأغنى عن الإعادة. الحديث: 4094 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 4095 - (كفى بذكر الموت مزهداً في الدنيا ومرغباً في الآخرة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (32/ 1) عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ الربيع بن أنس؛ تابعي صدوق له أوهام. وأبو جعفر الرازي؛ ضعيف لسوء حفظه. الحديث: 4095 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 4096 - (كفى بك إثماً أن لا تزال مخاصماً) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 359) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 340/ 8432) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 107/ 1) عن أبي بكر بن عياش، عن [إدريس] بن [بنت] وهب بن منبه، عن أبيه (وقال الطبراني: عن وهب بن منبه) ، عن ابن عباس رفعه. وقال الترمذي: الحديث: 4096 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 "حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف الإسناد؛ لأن إدريس بن بنت وهب بن منبه - واسم أبيه سنان - ضعفه ابن عدي، وقال الدارقطني: "متروك"؛ كما في "الميزان". ولم يقع في الترمذي تسميته، بل وقع فيه عن ابن وهب بن منبه - ولذلك لم يعرفوه في "التهذيب" وغيره وقالوا: إنه مجهول، وقد عرفت اسمه من الزيادة المشار إليها من "المعجم الكبير"، فقوله في رواية الترمذي: "عن أبيه" إنما يعني جده لأمه تجوزاً؛ كما بينته رواية الطبراني. والحديث أورده الحافظ في "الفتح" (13/ 181) بهذا اللفظ، وقال: "أخرجه الطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف". فقوله: "أبي أمامة" سبق قلم منه؛ إن لم يكن خطأ مطبعياً، أو نسخياً، والصواب: "ابن عباس" كما تقدم. ومن تقدم. ومن حديثه ذكره المنذري في "ترغيبه" (1/ 82) ، وأشار لضعفه، ثم عزاه للترمذي وحده. هذا؛ وقد ذكر السيوطي شاهداً في "الجامع الكبير" بلفظ: "كفى بك ظالماً أن لا تزال مخاصماً". رواه الخرائطي في "مساوىء الأخلاق" عن عمرو البكالي. قلت: أخرجه (ق 58/ 2) من طريق حفص بن واقد العلاف: حدثنا نصر بن طريف، عن عمران عن عمرو البكالي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ العلاف هذا؛ قال ابن عدي: "له أحاديث منكرة". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 97 ونصر بن طريف؛ متروك متهم بالوضع والكذب، فلا يستشهد به. 4097 - (كفوا عن أهل لا إله إلا الله؛ لا تكفروهم بذنب، فمن أكفر أهل لا إله إلا الله؛ فهو إلى الكفر أقرب) . موضوع رواه الطبراني (3/ 189/ 2) عن عثمان بن عبد الله بن عثمان الشامي: أخبرنا الضحاك بن حمرة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الشامي هذا؛ قال ابن عدي: "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال ابن حبان في "الضعفاء" في الجزء الثاني عشر: "يروي عن الليث ومالك وابن لهيعة، ويضع عليهم الحديث، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار". ثم ساق له بعض موضوعاته من نسخة؛ قال: "كتبناها عنه، أكثرها موضوعة أو مقلوبة". والضحاك بن حمرة وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان -؛ كلاهما ضعيف. الحديث: 4097 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 4098 - (كل الثوم نيئاً، فلولا أني أناجي الملك لأكلته) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 357 و 358 و 10/ 316) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 349) ، وكذا ابن عساكر (18/ 76/ 2) من طريق مسلم، عن حبة العرني، عن علي مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "مسلم هو الملائي، تفرد به عن حبة العرني". الحديث: 4098 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 قلت: وبالعرني أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (5/ 46) : "رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، وفيه حبة بن جوين العرني، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه العجلي". قلت: وخفي عليه أن الذي دونه - وهو مسلم بن كيسان الأعور - أسوأ حالاً منه؛ فقد قال الحافظ في الأول: "صدوق، له أغلاط". وقال في الآخر: "ضعيف". وقد علمت أنه تفرد به عن حبة، فالإعلال به أولى. والمستنكر في الحديث إنما هو قوله: "نيئاً"؛ فإنه يخالف ما رواه أبو إسحاق، عن شريك، عن علي أيضاً قال: "نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخاً". أخرجه أبو داود (2/ 147) ، وعنه البيهقي (3/ 78) ؛ وقالا: "شريك هو ابن حنبل". قلت: وهو ثقة عند الحافظ في "تقريبه"، وأما الذهبي فقال في "الميزان": "روى عنه أبو إسحاق السبيعي، لا يدرى من هو، وروى عنه أيضاً عمير بن تميم، وثقه ابن حبان". ولم يوثقه غير ابن حبان، فالأقرب أنه مجهول الحال. ثم إن السبيعي كان اختلط، ثم هو إلى ذلك مدلس، وقد عنعنه. وقد رواه عنه الجراح أبو وكيع؛ وهو صدوق يهم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 99 لكن يشهد لحديثه؛ ما روى خالد بن ميسرة العطار، عن معاوية بن قرة، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هاتين الشجرتين، وقال: "من أكلهما فلا يقربن مسجدنا"، وقال: "إن كنتم لا بد آكليهما فأميتوهما طبخاً". قال: يعني البصل والثوم. أخرجه أبو داود، والبيهقي. قلت: وإسناده جيد. ثم إن الحديث له أصل عند الشيخين وغيرهما؛ من حديث جابر مختصراً بلفظ: "كل؛ فإني أناجي من لا تناجي". وسببه؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بقدر فيه خضرات من بقول، فوجد لها ريحاً، فسأل، فأخبر بما فيها من البقول، فقال: "قربوها" فقربوها إلى بعض أصحابه، فلما رآه كره أكلها، قال: فذكره. فهذا بالإضافة إلى حديث شريك عن علي وحديث قرة؛ يدل على أن زيادة "نيئاً" في حديث الترجمة زيادة منكرة غير معروفة، ويؤيد ذلك أنها لم ترد في روايات الحديث. والله تعالى أعلم. وأما ما روى عبد الله بن وهب: أخبرني ابن لهيعة، عن عثمان بن نعيم، عن المغيرة بن نهيك، عن دخين الحجري: أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "لا تأكلوا البصل"، ثم قال كلمة خفية: "النيىء". أخرجه ابن ماجه (2/ 325) . فهو شاهد لحديث شريك ومعاوية بن قرة، وإن كان سنده ضعيفاً؛ لأن المغيرة الجزء: 9 ¦ الصفحة: 100 ابن نهيك وعثمان بن نعيم مجهولان؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وأما تضعيف البوصيري إياه في "الزوائد" (203/ 2) بابن لهيعة، فليس بشيء؛ لأنه من رواية عبد الله بن وهب عنه كما ترى، وحديثه عنه صحيح كما ذكروا في ترجمته. 4099 - (كلوا السفرجل على الريق؛ فإنه يذهب وغر الصدر) . ضعيف رواه أبو نعيم في "الطب" كما في "المنتقى منه" برقم (20) عن محمد بن موسى الحرشي: حدثنا عيسى بن شعيب: حدثنا أبان، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أبان هذا - وهو ابن أبي عياش البصري - وهو متروك. وعيسى بن شعيب؛ الظاهر أنه النحوي أبو الفضل البصري الضرير، قال عمرو ابن علي: "صدوق". وقال ابن حبان: "فحش خطؤه، فاستحق الترك". ومحمد بن موسى الحرشي؛ الظاهر أنه أبو عبد الله البصري؛ مختلف فيه، فضعفه أبو داود، وقال النسائي ومسلمة: "صالح"، وذكره ابن حبان في "الثقات". والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لابن السني وأبي نعيم والديلمي عن أنس، وسكت عنه في "الفتاوى" (2/ 204) . وأما المناوي فقد أبعد النجعة؛ فأعله بالحرشي وابن شعيب، وغفل عن العلة الحقيقية من فوق! والحديث عزاه السيوطي في المصدرين السابقين: لابن السني أيضاً وأبي نعيم الحديث: 4099 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 101 عن جابر - وبيض له المناوي -، والديلمي عن عوف بن مالك مرفوعاً بلفظ: "كلوا السفرجل؛ فإنه يجم الفؤاد، ويشجع القلب، ويحسن الولد". وقال المناوي: "وفيه عبد الرحمن العرزمي؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، ونقل تضعيفه عن الدارقطني". قلت: وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي. 4100 - (كلوه؛ فإني لست كأحدكم؛ إني أخاف أن أوذي صاحبي - يعني: الملك -) . ضعيف أخرجه الترمذي (1811) ، وكذا الدارمي (2/ 102) ، وابن ماجه (2/ 325) ، وأحمد (6/ 433،462) عن عبيد الله بن أبي يزيد: أخبره أبوه قال: نزلت على أم أيوب الذين نزل عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم تكلفوا طعاماً فيه بعض هذه البقول، فقربوه، فكرهه، قال لأصحابه: فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب". كذا قال! وأبو يزيد والد عبيد الله؛ قال الذهبي: "ما روى عنه سوى ابنه عبيد الله". يعني أنه مجهول، ونحوه قول الحافظ فيه: "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة. الحديث: 4100 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 102 وقد أخرج مسلم (6/ 126 و 127) هذه القصة عن أبي أيوب نفسه، من طريقين عنه مرفوعاً مختصراً نحوه، وليس فيه: "إني أخاف أن أوذي صاحبي"، وكذلك أخرجها ابن حبان (320) عن جابر ابن سمرة. والله أعلم. 4101 - (كل ما أصميت، ودع ما أنميت) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 159/ 1) قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا عباد بن العوام: أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن عبد اً أسود جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يمر بي ابن السبيل وأنا في ماشية لسيدي، فأسقي من ألبانها بغير إذنهم؟ قال: "لا". قال: فإني أرمي وأصمي وأنمي. قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عثمان بن عبد الرحمن؛ قال الهيثمي: (4/ 31) : "أظنه القرشي؛ وهو متروك". قلت: يعني أبا عمرو المدني الوقاصي، وقد صرح بأنه قرشي الحافظ المزي في ترجمته من "التهذيب"، ولولا ذلك لكان من الصعب تعيين أنه هو الذي عناه إلا بعد جهد جهيد، لا سيما وقد ترجم ابن أبي حاتم (3/ 1/ 156-157) لجمع آخر من الرواة كلهم يدعى عثمان بن عبد الرحمن وينسب قرشياً، في الوقت الذي لم ينسب الوقاصي قرشياً، وإن كانت نسبته هذه (الوقاصي) يعني إلى سعد بن أبي وقاص - تعني أنه قرشي، لكن البحث في نسبته إليها صراحة كما سبقت الإشارة إليه. وقد قال الحافظ في ترجمته من "التقريب": "متروك، كذبه ابن معين". الحديث: 4101 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 103 قلت: وأبو حاتم أيضاً؛ ونصه: "متروك الحديث، ذاهب الحديث، كذاب". قلت: وقد وجدت للحديث شاهداً، ولكنه لا يساوي فلساً، فقال ابن سعد في "الطبقات" (1/ 322-323) : أخبرنا هشام بن محمد السائب قال: حدثني جميل بن مرثد الطائي من بني معن، عن أشياخهم قالوا: قدم عمرو بن المسبح بن كعب بن عمرو ... الطائي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ ابن مئة وخمسين سنة فسأله عن الصيد؟ فقال: فذكره. قلت: وهشام الكلبي؛ متروك؛ كما قال الدارقطني وغيره. وجميل بن مرثد؛ لم أعرفه، بل الظاهر أن مرثداً صوابه "زيد"؛ ففي "الميزان" و "اللسان" وغيرهما: "جميل بن زيد الطائي عن ابن عمر. قال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: لم يصح حديثه". 4102 - (كل الخير أرجو من ربي - يعني لأبي طالب -) . ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 124) : أخبرنا عفان بن مسلم: أخبرنا حماد بن مسلمة، عن ثابت، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال: قال العباس: يا رسول الله! أترجو لأبي طالب؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله؛ فإن إسحاق هذا تابعي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وعن أبيه وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم. قال الحافظ: الحديث: 4102 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 104 "وذكره ابن حبان في "ثقات أتباع التابعين"، ومقتضاه عنده أن روايته عن الصحابة مرسلة". قلت: فعلى هذا؛ فالحديث معضل. والله أعلم. 4103 - (كل الكذب مكتوب كذباً لا محالة؛ إلا أن يكذب الرجل في الحرب - فإن الحرب خدعة -، أو يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما، أو يكذب امرأته ليرضيها) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 86) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (606) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 46/ 1-2) عن شهر بن حوشب، عن الزبرقان، عن النواس بن سمعان مرفوعاً. لكن الطحاوي قال: عن شهر قال: أخبرتني أسماء بنت يزيد الأشعرية مرفوعاً. وشهر بن حوشب؛ ضعيف لسوء حفظه. ويغني عن هذا الحديث؛ حديث أم كلثوم بنت عقبة أنها قالت: "رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكذب في ثلاث ... " فذكرتها بنحوه. أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وقد سبق تخريجه في الكتاب الآخر (545) . الحديث: 4103 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 105 4104 - (كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة؛ فإني أنا أبوهم، وأنا عصبتهم) (1) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 285) من طرق، عن جرير   (1) أنظر الحديث الآتي برقم (4324) . (الناشر) . الحديث: 4104 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 105 ابن عبد الحميد، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة الكبرى مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: الانقطاع؛ فإن فاطمة بنت الحسين لم يدرك فاطمة الكبرى - رضي الله عنهما -. والأخرى: شيبة بن نعامة؛ فإنه متفق على تضعيفه؛ غير أن ابن حبان تناقض فيه كما هي عادته، فأورده في "الثقات" وفي "الضعفاء"!! وقال الهيثمي (9/ 172- 173) : "رواه الطبراني وأبو يعلى، وفيه شيبة بن نعامة، ولا يجوز الاحتجاج به". وله شاهد موضوع، مضى برقم (804) . 4105 - (كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت؛ فهو الطاعة) . ضعيف أخرجه ابن حبان (1723) ، وأحمد (3/ 75) ، وأبو يعلى (1379) ، وابن جرير في "التفسير" (5/ 230/ 5518 و 6/ 403/ 7050) عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف دراج كما سبق مراراً. الحديث: 4105 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 106 4106 - (الضحايا إلى هلال المحرم، لمن أراد أن يستأني ذلك) . ضعيف أخرجه البيهقي (9/ 297) ، وكذا أبو داود في "المراسيل" من طريقين، عن أبان بن يزيد: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم: حدثني أبو سلمة وسليمان بن يسار، أنه بلغهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، ورجاله ثقات. الحديث: 4106 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 106 4107 - (الطرق تطهر بعضها بعضاً) . ضعيف أخرجه البيهقي في "باب ما وطىء من الأنجاس يابساً" من "السنن الكبرى" (2/ 406) من طريق ابن عدي، عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، عن إبراهيم بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان، عن أبي هريرة قال: قلنا: يا رسول الله! إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال البيهقي: "وهذا إسناد ليس بالقوي". قلت: وعلته إبراهيم بن أبي حبيبة؛ ضعيف. وإبراهيم اليشكري؛ مجهول الحال كما في "التقريب". (تنبيه) : تصحف هذا الحديث على بعض المؤلفين؛ فوقع في "الجامع الصغير" و "الفتح الكبير" بلفظ: "يظهر" بالظاء المعجمة، وانطلى ذلك على الشارح المناوي، فقال في "شرحه على الجامع": "أي: بعضها يدل على بعض"! وهذا خطأ واضح؛ كما يدل عليه سبب الحديث والباب الذي أورده فيه مخرجه البيهقي. الحديث: 4107 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 107 4108 - (كل دابة من دواب البحر والبرليس لها دم ينعقد؛ فليس لها ذكاة) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (5646) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ الحديث: 4108 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 107 198/ 1) عن سويد بن عبد العزيز، عن أبي هاشم الأيلي، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو هاشم الأيلي؛ لم أعرفه. وسويد بن عبد العزيز؛ لين الحديث؛ كما في "التقريب". 4109 - (يا مقداد! أقتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله، فكيف لك بلا إله إلا الله غداً؟ فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا)) . ضعيف أخرجه أسلم الواسطي في "تاريخ واسط" (ص 144) ، والبزار في "مسنده" (2202-الكشف) عن أبي بكر بن علي بن مقدم: حدثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأهوى إليه المقداد فقتله، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا الله؟! والله! لأذكرن ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله! إن رجلاً شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد! فقال: "ادعوا لي المقداد، يا مقداد! .... " إلخ. وعلقه البخاري في أول "الديات" من "صحيحه"، وقال الحافظ في "شرحه" (12/ 160) : الحديث: 4109 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 108 "وصله البزار، والدارقطني في "الأفراد"، والطبراني في "الكبير" من رواية أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم والد محمد بن أبي بكر المقدمي، عن حبيب. وقال الدارقطني: "تفرد به حبيب، وتفرد به أبو بكر عنه". قلت: قد تابع أبا بكر سفيان الثوري؛ لكنه أرسله، أخرجه ابن أبي شيبة عنه، وأخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق الفزاري كذلك". قلت: ومعنى كلامه هذا؛ أن المرسل هو الصواب؛ لأن سفيان الثوري أوثق من أبي بكر بن علي، بل لا نسبة بينهما في ذلك؛ فإن الثوري إمام حافظ جبل، وأبو بكر هذا لم يوثقه أحد، ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "مقبول". فمثله تقبل روايته عند المتابعة، وأما إذا خالف - كما هنا - فهي مردودة، ومنه يتضح للباحث أن قول الهيثمي في "المجمع" (7/ 9) : "رواه البزار، وإسناده جيد". أنه غير جيد، لا سيما وفي متنه زيادات لم ترد في الطريق الصحيحة عن ابن عباس، وهو عند البخاري (8/ 208) من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً) قال: قال ابن عباس: "كان رجل في غنيمة له، فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه، وأخذوا غنيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: (عرض الحياة الدنيا) ، تلك الغنيمة، قال: قرأ ابن عباس: (السلام) ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 109 وأخرجه الترمذي (4/ 90) ، وحسنه، والحاكم (2/ 235) ، وأحمد (1/ 229 و 272) من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس به، وزاد: أن الرجل من بني سليم، وأنهم قالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فعمدوا إليه فقتلوه. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر؛ لأن سماك بن حرب وإن كان ثقة ومن رجال مسلم؛ إلا أن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره فكان ربما يلقن؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وفي نزول الآية حديث آخر أتم، يرويه القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى (إضم) ، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي، ومحلم بن جثامة بن قيس، فخرجنا، حتى إذا كنا ببطن (إضم) مر بنا عامر الأشجعي على قعود له، [معه] متيع ووطب من لبن، فلما مر بنا سلم علينا فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة، فقتله بشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره ومتيعه، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن: (ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ... ) إلخ الآية. أخرجه أحمد (6/ 11) من طريق ابن إسحاق: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن القعقاع ... قلت: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات غير القعقاع هذا، له ترجمة في "التعجيل" يتخلص منها أنه اختلف في صحبته، وقد أثبتها له البخاري، ونفاها الجزء: 9 ¦ الصفحة: 110 غيره، قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 136) : "ولا يصح له صحبة، وأدخله بعض الناس في "كتاب الضعفاء"، فسمعت أبي يقول: يحول من هذا الكتاب". قلت: ففي هذا الحديث أن القاتل محلم بن جثامة، وهذا أصح من حديث أبي بكر بن علي بن مقدم، والله أعلم. وقد جاء في حديث آخر أنه أسامة بن زيد، لكن يبدو أنها قصة أخرى، فقال أسامة بن زيد رضي الله عنه: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحناهم فقاتلناهم، فكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال: فغشيته أنا ورجل من الأنصار، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري، وقتلته، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟! " قال: قلت: يا رسول الله! إنما كان متعوذاً من القتل، فكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ. أخرجه أحمد (5/ 200 و 206) والسياق له، والبخاري (12/ 163-164) ، ومسلم (1/ 67) . 4110 - (كل شيء للرجل حل من المرأة في صيامه ما خلا ما بين رجليها) . ضعيف رواه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 72) ، ومن طريقه ابن عساكر (16/ 383/ 1) عن أبي بكر بن أبي مريم، عن معاوية بن طويع اليزني، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال القاضي عبد الجبار: الحديث: 4110 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 111 "معاوية بن طويع وعمر بن طويع اليزنيان من ساكني داريا، وأولادهم بها إلى اليوم". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاوية بن طويع مجهول؛ كما في "الميزان" و "اللسان". وابن أبي مريم؛ كان اختلط. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/ 309) من طريق أخرى عنه. 4111 - (عليكم بالصوم؛ فإنه محسمة للعرق، مذهب للأشر) . ضعيف أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (رقم 1112) عن يحيى بن أبي كثير، عن شداد بن عبد الله: أن نفراً من (أسلم) أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليستأذنوه في الاختصاء، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله؛ فإن شداد بن عبد الله تابعي؛ ثقة من الرابعة عند الحافظ. وسائر رجاله ثقات، فهو صحيح عند من يحتج بالمراسيل. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لأبي نعيم فقط في "الطب"، عن شداد بن عبد الله، ولم يتكلم المناوي عليه بشيء. الحديث: 4111 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 4112 - (برد أمرنا وصلح) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 28/ 2) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 185) من طريق قاسم بن أصبغ، عن الحسين بن حريث: [حدثنا أوس بن عبد الله بن بريدة] ، عن حسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: الحديث: 4112 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتطير، ولكن يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سهم يتلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلاً، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أنت"؟ قال: بريدة، فالتفت إلى أبي بكر، فقال: "برد أمرنا وصلح"، ثم قال: "ممن"؟ قال: من أسلم، قال لأبي بكر: "سلمنا"، ثم قال: "ممن"؟ قال. من بني سهم، قال: "خرج سهمك". إلى هنا ساقه ابن عبد البر، وله تتمة عند الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه" (ق 119/ 2) من طريق قاسم بن أصبغ، قال: "وخرجه ابن أبي خيثمة إلى قوله: خرج سهمك". قلت: ومن طريقه ساقه ابن عبد البر عن أصبغ عنه، ولم يسق ابن عدي إلا الجملة الأولى منه وأشار إلى سائره بقوله: "فذكر فيه إسلام بريدة. الحديث". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أوس بن عبد الله بن بريدة؛ قال البخاري: "فيه نظر". وقال الدارقطني: "متروك". وقال الساجي: "منكر الحديث". قلت: ويتعجب من سكوت الإشبيلي على هذا الحديث؛ مشيراً بذلك إلى صحته، ولذلك تعقبه المناوي بقوله بعد أن عزاه لقاسم بن أصبغ: "قال ابن القطان: وما مثله يصحح؛ فإن فيه أوس بن عبد الله بن بريدة؛ منكر الحديث". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 113 فلعل الإشبيلي تبين له ذلك لما اختصر "الأحكام" وخصه بـ "الصحيح"؛ فلم يورده فيه (ق 120/ 2) فأحسن. (تنبيه) : سقط من إسناد "الاستيعاب" أوس هذا، فظهر سالماً من العلة، فاغتر بذلك أحد المتعلقين بهذا العلم، ولا بصيرة له فيه، بل هو حقود حسود؛ فقال: "إسناده صحيح أو حسن"! ذكر ذلك في رسالته "الألباني - شذوذه وأخطاؤه"، كشف فيها عن بالغ جهله، وعظيم حقده وحسده، وقلة خشيته من الله، وكثرة اتهامه الأبرياء والافتراء علي، وطعنه البالغ في أهل الحديث وأئمتهم، عامله الله بما يستحق، فإني لم أر مثله في قلة حيائه، وجرأته على أهل العلم، وسلاطة لسانه، قطع الله دابره ودابر أمثاله من الحاقدين الحاسدين. وكما سقط المذكور من "الاستيعاب"؛ كذلك سقط من كتاب ابن عبد البر الآخر: "الاستذكار" كما نقله ابن القيم في "مفتاح دار السعادة"، ونقله عنه وعن "الاستيعاب" الأنصاري في تعليقه على "الوابل الصيب" ساكتاً عنه! وليس ذلك بغريب؛ فإنه يسكت عن أسانيد ظاهرة الضعف، كما يتبين لمن قابل ما تيسر له من تعليقاتي على "الكلم الطيب"؛ وبخاصة الطبعة الجديدة منها يسر الله لنا صدورها ببعض تعليقات على "الوابل"! وإن مما يؤكد السقط المشار إليه آنفاً؛ أن الحسين بن حريث لم يذكر الحافظ المزي في ترجمته أنه روى عن الحسين بن واقد، وإنما عن أوس بن عبد الله بن بريدة، فبينهما أوس هذا. هذا؛ وقد خرج الحديث سهواً بزيادة فائدة وتوضيح فيما سيأتي - إن شاء الله - برقم (5450) . الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 4113 - (كل شيء ساء المؤمن؛ فهو مصيبة) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (347) من طريق هشام ابن عمار: حدثنا صدقة: حدثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبد الله، عن أبي إدريس الخولاني قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي هو وأصحابه إذ انقطع شسعه، فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، قالوا: أو مصيبة هذه؟ قال: "نعم، كل شيء ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرسال الخولاني إياه فيه صدقة - وهو ابن عبد الله السمين -؛ ضعيف. الحديث: 4113 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 4114 - (كل شيء سوى الحديدة؛ فهو خطأ، وفي كل خطأ أرش) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11/ 3/ 2) ، والعقيلي (405) ، وابن عدي (50/ 1) ، والدارقطني (ص 333-334) ، والبيهقي (8/ 42) من طريق جابر، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عازب مستور. وجابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ ضعيف، بل اتهمه بعضهم، وقال الذهبي: "لا شيء"! ومن هذا الوجه أخرجه ابن ماجه (2667) وغيره؛ مختصراً بلفظ: "لا قود إلا بالسيف". وبهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه أيضاً (2668) من طريق مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي بكرة مرفوعاً به. الحديث: 4114 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 وهذا ضعيف أيضاً؛ لعنعنة الحسن وابن فضالة. ثم أخرج الحديث الدارقطني والبيهقي من طريق قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن إبراهيم ابن بنت النعمان بن بشير، عن النعمان بن بشير باللفظ الأول. وقال البيهقي: "مدار هذا الحديث على جابر الجعفي وقيس بن الربيع، ولا يحتج بهما". وقد أشار إلى طريق قيس هذه العقيلي بقوله عقب طريق أبي عازب: "لا يتابع عليه؛ إلا من وجه فيها ضعف" (1) . 4115 - (كل شيء يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه، فإذا أخطأ خطيئة فأحب أن يتوب إلى الله فليأت رفيعة، فليمد يديه إلى الله عز وجل، ثم يقول: اللهم! إني أتوب إليك منها لا أرجع إليها أبداً. فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله ذلك) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الدعاء" (1/ 23/ 2) ، والحاكم (1/ 516 و 4/ 261) ، والبيهقي في "السنن" (10/ 154) و "الشعب" (5/ 402/ 7080) عن فضيل بن سليمان النميري: حدثنا موسى بن عقبة: حدثنا عبيد الله ابن سلمان الأغر، عن أبيه، عن أبي الدرداء مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري ومسلم". ووافقه الذهبي في الموضعين من "تخليصه"! قال المناوي: "لكنه قال في "المهذب": إنه منكر". قلت: وهذا هو الصواب؛ لأن الفضيل هذا، وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد   (1) وانظر " الإرواء " (2229) . (الناشر) . الحديث: 4115 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 116 ضعفه بعضهم من قبل حفظه، ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، له خطأ كثير". ثم روى البيهقي (7081) من طريق أحمد بن عبد الجبار: أخبرنا حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أذنب عبد ذنباً، ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى براز من الأرض، فصلى فيه ركعتين، واستغفر الله من ذلك الذنب؛ إلا غفرالله له". قلت: وهذا مع إرساله إسناده ضعيف إلى الحسن وهو البصري. وأحمد بن عبد الجبار؛ ضعيف كما في "التقريب". 4116 - (كل مسجد فيه إمام ومؤذن؛ فإن الاعتكاف فيه يصلح) . موضوع رواه ابن عدي (161/ 2) عن سليمان: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً. وقال: "وهذا وإن كان مرسلاً؛ لأن الضحاك عن حذيفة يكون مرسلاً؛ فإنه ليس بمحفوظ، وسليمان بن بشار حدث عن ابن عيينة وهشيم وغيرهما بما لا يرويه عنهم غيره، ويقلب الأسانيد ويسرق". وقال ابن حبان: "يضع على الأثبات ما لا يحصى". الحديث: 4116 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 4117 - (كلمتان قالهما فرعون: (ما علمت لكم من إله غيري) إلى قوله: (أنا ربكم الأعلى) ؛ كان بينهما أربعون عاماً، (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى)) . ضعيف أخرجه تمام في "الفوائد" (ق 132/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" الحديث: 4117 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 عن أبي عبد الله محمد بن حامد اليحياوي: حدثنا نصر بن علي الجهضمي - بالبصرة -: حدثنا عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير اليحياوي هذا؛ فلم أجد له ترجمة. ويراجع له "ابن عساكر"؛ فإني لست أطوله الآن؛ فإنه مقفول عليه في الصناديق الحديدية! والحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لابن عساكر فقط، وفي "الدر المنثور" (5/ 129) لابن مردويه - وحده -؛ كلاهما عن ابن عباس. 4118 - (كم من عاقل عقل عن الله تعالى أمره وهو حقير عند الناس، ذميم المنظر ينجو غداً، وكم من ظريف السان جميل المنظر عند الناس يهلك غداً يوم القيامة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 313) عن الحارث بن أبي أسامة: حدثنا داود بن المحبر: حدثنا عباد - يعني: ابن كثير -، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن المحبر، وهو كذاب. وقد تابعه آخر مثله؛ وهو نهشل بن سعيد: حدثنا عباد بن كثير به. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 23/ 2) وقال: "تفرد به نهشل". كذا قال، وكأنه لم يقف على متابعة داود بن المحبر إياه، ونهشل؛ قال فيه الحافظ: الحديث: 4118 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 118 "متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه". وعباد بن كثير - هو الثقفي البصري -، وهو متروك. والحديث أورده السيوطي من الطريقين في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 6،رقم26 - بترقيمي) فأصاب، ثم ناقض نفسه، فأورده في "الجامع الصغير" من رواية (هب - عن ابن عمر) ! 4119 - (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام؛ إلا أن يكون ممن لا يؤمن بوائقه) . باطل بزيادة آخره أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 2157) من طريق محمد بن الحجاج المصفر: حدثني عبد العزيز بن محمد الجهني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال: "غريب المتن والإسناد؛ حيث زاد: إلا أن يكون.. ومحمد بن الحجاج له غير ما ذكرت، والضعف على حديثه بين؛ قال البخاري: سكتوا عنه. وقال النسائي: متروك الحديث". وروى الخطيب (2/ 283) عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم أنه قال: "يروي أباطيل عن شعبة والدراوردي". قلت: وعبد العزيز بن محمد الجهني هو الدراوردي، وهو صدوق احتج به مسلم. وقد تقدم للمصفر هذا حديثان موضوعان آخران برقم (3894 و3948) . والحديث صحيح دون الزيادة، ورد في "الصحيحين" وغيرهما عن جمع من الصحابة، وهو مخرج في "الإرواء" (2029) ، وغيره. الحديث: 4119 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 119 4120 - (كان يصلي بنا الظهر، فنسمع منه الآية بعد الآيات من سورة (لقمان) و (الذاريات)) . ضعيف أخرجه النسائي (1/ 153) ، وابن ماجه (830) من طريق سلم بن قتيبة، عن هاشم بن البريد، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال البخاري غير هاشم بن البريد وهو ثقة على تشيع فيه، لكن أبو إسحاق - وهو السبيعي عمرو بن عبد الله -؛ كان اختلط مع كونه مدلساً، ومثله لا يصلح الاحتجاج بحديثه إلا إذا صرح بالتحديث، وحدث قبل الاختلاط، وهذا كله غير متوفر هنا، ولذلك كنت استبعدت هذا الحديث عن كتابي "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -". الحديث: 4120 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 4121 - (كم من مستقبل يوماً لا يستكمله! ومنتظر غداً لا يبلغه! لو تنظرون إلى الأجل ومسيره؛ لأبغضتم الأمل وغروره) . ضعيف أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" رقم (10) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 243) عن معن، عن عون بن عبد الله أنه كان يقول: فذكره موقوفاً عليه من قوله. قلت: وهذا مقطوع؛ لأن عون بن عبد الله - هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي -؛ تابعي ثقة، ولم يرفعه. وقد رفعه بعض الضعفاء - فيما يبدو -؛ لأن السيوطي أورد شطره الأول في "الجامع الصغير" من رواية (فر - عن ابن عمر) . قال المناوي: "وفيه عون بن عبد الله، أورده في "اللسان"، ونقل عن الدارقطني ما يفيد تضعيفه". قلت: والذي عناه المناوي هو عون بن عبد الله بن عمر بن غانم الإفريقي، الحديث: 4121 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 غلط في اسمه بعض الرواة، والصحيح عبد الله بن عمر بن غانم، يروي عن مالك - راجع "اللسان" -، فلا أدري أهو هذا الذي في إسناد الديلمي أم غيره؟ 4122 - (من تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: من أصابه السلاح، قال: كم ممن أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد، وكم ممن مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق شهيد) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 251) من طريق عبد الله بن خبيق: حدثنا يوسف بن أسباط، عن حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال: "غريب بهذا الإسناد واللفظ، لم نكتبه إلا من حديث يوسف". قلت: وهو ضعيف لا يحتج به؛ لأنه كان دفن كتبه، فيحدث من حفظه، فيغلط. وعبد الله بن خبيق؛ لم أجد له ترجمة. الحديث: 4122 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 4123 - (كلام أهل السماوات: لا حول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (8/ 333 و 367) عن داود بن صغير بن شبيب البخاري: حدثنا أبو عبد الرحمن النوا الشامي، عن أنس بن مالك، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ له علتان: الأولى: النوا هذا؛ لم أعرفه، ويحتمل أن يكون الذي في "الميزان" و "اللسان": الحديث: 4123 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 "أبو عبد الرحمن الشامي عن عبادة بن نسي. قال الأزدي: كذاب. قلت: لعله المصلوب". الثانية: داود بن صغير؛ قال الخطيب: "كان ضعيفاً، قال الدارقطني: منكر الحديث". 4124 - (الذنب لا ينسى، والبر لا يبلى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، فكما تدين تدان) . ضعيف رواه ابن عدي (294/ 1) عن محمد بن عبد الملك المدني، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قال: "محمد بن عبد الملك كل أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه، وهو ضعيف جداً". قلت: هو متفق على توهينه، بل قال الوحاظي: "كان أعمى يضع الحديث". وقال أحمد: "كذاب، حرقنا حديثه". وقال الحاكم: "شامي روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات". لكن قد روي الحديث بإسناد آخر خير منه؛ أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 79) من طريق عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ ولكنه مرسل. وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل" (ق 10/ 2) في تخريج الجملة الأخيرة منه: الحديث: 4124 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 122 "هو مثل مشهور، وحديث مرفوع، أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" بسند ضعيف، وله شاهد مرسل. ومعناه كما تجازي تجازي". قلت: في هذا التخريج ما لا يخفى من الاضطراب؛ فإنه يوهم أن البيهقي أخرجه موصولاً بسند ضعيف، وشاهد مرسل. والصواب أن يقال: (أخرجه ابن عدي أو غيره بسند ضعيف جداً موصولاً، والبيهقي مرسلاً) ، كما هو واضح من التخريج السابق. وقد عزاه السخاوي في "المقاصد" لأبي نعيم والديلمي عن محمد بن عبد الملك المدني به. وللبيهقي في "الزهد" أيضاً من جهة عبد الرزاق، وكذلك هو في "جامعه"، عن أبي قلابة مرسلاً. ووصله أحمد في "الزهد" من هذا الوجه بإثبات أبي الدرداء، وجعله من قوله، وهو منقطع مع وقفه. 4125 - (كما لا ينفع مع الشرك شيء، كذلك لا يضر مع الإيمان شيء) . ضعيف رواه ابن عدي (71/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (7/ 134) عن حجاج بن نصير أبي محمد: حدثنا المنذر بن زياد الطائي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: سمعت عمر بن الخطاب يقول:: فذكره مرفوعاً. وقال ابن عدي: "لا أعلم رواه عن زيد بن أسلم غير المنذر بن زياد هذا، ولحجاج بن نصير أحاديث، ولا أعلم له شيئاً منكراً غير ما ذكرت، وهو في غير ما ذكرته صالح". قلت: هو ضعيف كان يقبل التلقين؛ كما في "التقريب". الحديث: 4125 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 123 لكن شيخه المنذر هو الآفة؛ فقد قال الدارقطني: "متروك". وقال الفلاس: "كان كذاباً". لكن روي الحديث من حديث ابن عمرو بإسناد آخر خير من هذا؛ تكلم عليه المناوي في "الفيض"، فراجعه؛ فإن فيه يحيى بن اليمان وهو ضعيف. ثم خرجت حديث ابن عمرو مفصلاً فيما يأتي برقم (5579) . 4126 - (كنت من أقل الناس في الجماع حتى أنزل الله علي الكفيت، فما أريده من ساعة إلا وجدته، وهو قدر فيها لحم) . موضوع أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 192) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وأخبرنا محمد بن عمر قال: وحدثنا ابن أبي سبرة وعبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان مثله. أخبرنا محمد بن عمر: حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقيني جبريل بقدر، فأكلت منها، وأعطيت الكفيت؛ قوة أربعين رجلاً في الجماع". أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيت كأني أتيت بقدر، فأكلت منها، حتى تضلعت، فما أريد أن آتي الحديث: 4126 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 124 النساء ساعة إلا فعلت، منذ أكلت منها". قلت: وهذه أحاديث موضوعة؛ لأنها مع كونها كلها مرسلة، فهي من رواية محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ وهو كذاب. وشيخه في الإسناد الأول موسى بن محمد بن إبراهيم - وهو التيمي -؛ منكر الحديث. وشيخه في الإسناد الثاني ابن أبي سبرة - وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد ابن أبي سبرة -؛ متهم بالوضع. وشيخه الآخر فيه عبد الله بن جعفر - وهو أبو جعفر والد علي بن المديني -؛ ضعيف. وشيخه في الإسناد الرابع محمد بن عبد الله؛ هو أبو بكر بن أبي سبرة المتقدم. 4127 - (أربع من النساء لا ملاعنة بينهن: النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر) . ضعيف روي من طرق واهية من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً، وروي عنه موقوفاً، ولا يصح أيضاً، وهاك البيان: 1- ابن عطاء، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه ابن ماجه (2071) ، والدارقطني (3/ 163/ 240) ، وعنه البيهقي (7/ 396) وقال تبعاً للدارقطني: "وهذا عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف الحديث جداً، وتابعه يزيد ابن بزيع عن عطاء، وهو ضعيف أيضاً". الحديث: 4127 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 125 قلت: ثم وصله البيهقي من طريق أبي الوليد: أخبرنا يزيد بن بزيع الرملي به، وقال: "وعطاء الخراساني أيضاً غير قوي". قلت: قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس". قلت: فمن الممكن أن يكون تلقاه من بعض الضعفاء الآتي ذكرهم ثم أسقطه. 2- عثمان بن عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا: "عثمان بن عبد الرحمن - هو الوقاصي -؛ متروك الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك، وكذبه ابن معين". 3- زيد بن رفيع، عن عمرو بن شعيب به. أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق عمار بن مطر: أخبرنا حماد بن عمرو، عن زيد بن رفيع.. ثم قالا: "حماد بن عمرو، وعمار بن مطر، وزيد بن رفيع؛ ضعفاء". قلت: زيد هذا؛ لم يضعفه غير الدارقطني ومن قبله النسائي، وخالفهما من هو أشهر وأعلى طبقة منه، فقال أحمد: "ما به بأس". وقال أبو داود: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 126 "جزري ثقة". وذكره ابن شاهين وابن حبان في "الثقات". فلو أنه صح السند إليه لصار الحديث حسناً، ولكن هيهات! فحماد بن عمرو - وهو النصيبي - من المعروفين بالكذب ووضع الحديث، وله ترجمة سيئة جداً في "الميزان" و "اللسان". وعمار بن مطر؛ قريب منه؛ قال أبو حاتم: "كان يكذب". وقال ابن عدي: "أحاديثه بواطيل". وقال ابن حبان: "كان يسرق الحديث". قلت: فمن المحتمل أن يكون سرق هذا الحديث من حماد بن عمرو! فانتقل من كذاب إلى مثله! كما يمكن أن يكون سرقه من غيره ممن تقدم ويأتي. 4- صدقة (أبو توبة) ، عن عمرو بن شعيب به. ذكره ابن التركماني في "الجوهر النقي"؛ متعقباً به على البيهقي تضعيفه للحديث من الطرق المتقدمة، فقال: "وقد رواه عبد الباقي بن قانع وعيسى بن أبان من حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة ... ". ثم قال: "وحماد ومعاوية من رجال مسلم. وصدقة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: روى عنه معاوية بن صالح. وذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: روى عنه أبو الوليد وعبيد الله بن موسى. وهذا يخرجه عن جهالة العين والحال". كذا قال، وفيه مؤاخذتان: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 127 الأولى: أن ما نقله من كتاب ابن أبي حاتم وهم محض؛ لأن ذلك إنما قاله ابن أبي حاتم في ترجمة صدقة بن عيسى (2/ 1/ 428) ، وهي عنده عقب ترجمة صدقة أبي توبة مباشرة، فلعل هذا هو سبب الوهم؛ انتقل بصره حين النقل من ترجمته إلى ترجمة الذي يليه، وأستبعد أن يكون تعمد ذلك تقوية للحديث بتقويته للراوي المجهول تعصباً منه لمذهبه! فصدقة بن عيسى هو غير صدقة أبي توبة عند ابن أبي حاتم، وكذلك غاير بينهما البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 293-294) ، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً. والأخرى: أن توثيق ابن حبان لأبي توبة - مع تساهله المعروف في التوثيق - معارض بقول الذهبي في "كنى الميزان" - وتبعه العسقلاني -: "اسمه صدقة الرهاوي، لا يعرف، تفرد عنه معاوية بن صالح". وصدقة بن عيسى المتقدم، قد أعاد ابن أبي حاتم ذكره في حرف العين فقال: "عيسى بن صدقة، ويقال: صدقة بن عيسى أبو محرز، والصحيح الأول. قال أبو الوليد: ضعيف. وقال أبو زرعة: شيخ. وكذا قال أبو حاتم وزاد: يكتب حديثه". وقال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: "منكر الحديث". قلت: فمن المحتمل أن يكون عيسى هذا هو صدقة بن عيسى، الذي انقلب اسمه على بعض الرواة، ويكون هو نفسه صدقة أبو توبة، فإن ثبت هذا فهو ضعيف متروك، وإلا فهو مجهول. وبالجملة؛ فكل هذه الطرق إلى عمرو بن شعيب واهية، وبعضها أوهى من بعض. ولذلك قال البيهقي في "المعرفة": الجزء: 9 ¦ الصفحة: 128 "وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط ... ونحن إنما نحتج بروايات عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة، وانضم إليه ما يؤكده، ولم نجد لهذا الحديث طريقاً صحيحاً إلى عمرو". ذكره الزيلعي (3/ 248-249) وأقره، وقال الحافظ ابن حجر في "الدارية" (2/ 76) : "ودون عمرو من لا يعتمد عليه". وأما قول ابن التركماني: "وعطاء؛ وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما، واحتج به مسلم في "صحيحه". وابنه عثمان؛ ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: سألت أبي عنه فقال: يكتب حديثه. ثم ذكر عن أبيه قال: سألت دحيماً عنه فقال: لا بأس به. فقلت: إن أصحابنا يضعفونه؟ قال: وأي شيء حدث عثمان من الحديث؟! واستحسن حديثه. (قال ابن التركماني:) فعلى هذا؛ أقل الأحوال أن تكون روايته هذه متابعة لرواية صدقة، فتبين أن سند هذا الحديث جيد، فلا نسلم قول البيهقي: لم تصح أسانيده إلى عمرو". فأقول له: سلمت أو لم تسلم، فلا قيمة لكلامك؛ لأنك لا تتجرد للحق، وإنما لتقوية المذهب، ولو بما هو أو هى من بيت العنكبوت؛ فإنك عمدت في تقوية الرجلين - عثمان بن عطاء وأبيه - إلى أحسن ما قيل من التعديل، وأعرضت عن كل ما قيل فيهما من التجريح، وليس هذا سبيل الباحثين الذين يقيم العلماء لكلامهم وزناً، وذلك لأنه بهذا الأسلوب المنحرف يستطيع أهل الأهواء أن يصححوا أو يضعفوا ما شاؤوا من الأحاديث بالإعراض عن قواعد هذا العلم الشريف ومنها قاعدة: الجرح مقدم على التعديل؛ بشرطها المعروف عند العلماء. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 129 فقد أعرض الرجل عن كل ما قيل في عثمان من الجرح؛ كقول الحاكم - مع تساهله -: "يروي عن أبيه أحاديث موضوعة". وقول الساجي: "ضعيف جداً". وغير ذلك مما تراه في "التهذيب" وغيره. وكذلك فعل في أبيه عطاء؛ فلم يعرج على ماقيل فيه من الجرح المفسر؛ كقول شعبة فيه: "حدثنا عطاء الخراساني وكان نسياً". وقول ابن حبان: "كان رديء الحفظ يخطىء ولا يعلم"، ولذلك قال الحافظ فيه كما تقدم: "صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس". فإن سلم منه فلن يسلم من ابنه؛ لشدة ضعفه. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5- أما الموقوف؛ فله عنه طريقان: الأولى: يرويها عمر بن هارون، عن ابن جريج والأوزاعي، عن عمرو بن شعيب به موقوفاً. أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي. والأخرى: عن يحيى بن أبي أنيسة، عنه به. أخرجه البيهقي وقال: "وفي ثبوت هذا موقوفاً أيضاً نظر، فراوي الأول عمر بن هارون؛ وليس بالقوي، وراوي الثاني يحيى بن أبي أنيسة؛ وهو متروك". قلت: ومثله عمر بن هارون؛ ففي "التقريب": "متروك، وكان حافظاً". وبالجملة؛ فالحديث لا يثبت من جميع هذه الطرق عن عمرو بن شعيب، لا مرفوعاً ولا موقوفاً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 130 وقد روي عن ابن عباس مرفوعاً، ولا يصح أيضاً. لأنه من رواية يحيى بن صالح الأيلي، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عنه. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/ 2700) ، وعنه البيهقي (7/ 397) وقال: "وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، يحيى بن صالح الأيلي؛ أحاديثه غير محفوظة. والله تعالى أعلم". 4128 - (المقيم على الزنا كعابد وثن) . ضعيف جداً رواه ابن نظيف في "الفوائد" (100/ 1) عن كثير بن يزيد ابن أبي صابر: أخبرنا جنادة بن مروان، عن الحارث بن النعمان ابن أخت سعيد بن جبير، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحارث هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال العقيلي: "أحاديثه مناكير". وجنادة بن مروان؛ قال أبو حاتم: "ليس بقوي في الحديث". وله طريق آخر، رواه ابن عساكر (7/ 161/ 2) عن إبراهيم بن الهيثم البلدي: أخبرنا علي بن عياش الحمصي، عن سعيد بن عمارة، عن الحارث بن النعمان قال: سمعت أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وسعيد بن عمارة؛ قال الأزدي: "متروك". وقال ابن حزم: الحديث: 4128 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 131 "مجهول". وقال الحافظ: "ضعيف". 4129 - (من قرأ بعد صلاة الجمعة (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) سبع مرات؛ أجاره الله بها من السوء إلى الجمعة الأخرى) . ضعيف رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (369) ، وابن شاهين في "الترغيب" (314/ 2) ، وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" (3/ 235/ 1) ، وأبو محمد الخلال في "فضائل سورة الإخلاص" (194-195) عن الخليل بن مرة، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الخليل بن مرة؛ فإنه ضعيف؛ كما جزم به في "التقريب". وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" عن مكحول مرسلاً؛ وزاد في أوله: "فاتحة الكتاب". وقال في آخره: "كفر الله عنه ما بين الجمعتين". وهو مع إرساله؛ فيه فرج بن فضالة؛ وهو ضعيف. وأخرجه بهذه الزيادة: أبو الأسعد القيشري في "الأربعين" من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، عن محمد بن أحمد الرازي، عن الحسين بن داود البلخي، عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس مرفوعاً. وقال في آخره: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". الحديث: 4129 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 132 وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ قال الخطيب في "التاريخ" (8/ 44) : "لم يكن ثقة؛ فإنه نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس؛ أكثرها موضوع". ثم ساق له حديثاً آخر، من طريق أخرى عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال: "تفرد بروايته الحسين، وهو موضوع، ورجاله كلهم ثقات؛ سوى الحسين بن داود". وأبو عبد الرحمن السلمي؛ صوفي متهم بوضع الأحاديث للصوفية. 4130 - (من قذف ذمياً حد له يوم القيامة بسياط من نار) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 57/ 135) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2177) عن مصعب بن سعيد: حدثنا محمد بن محصن، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً به. فقلت لمكحول: ما أشد ما يقال؟ قال: يقال له: يا ابن الكافر! قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن محصن؛ وهو كذاب وضاع، وفي ترجمته ذكره ابن عدي مع أحاديث أخرى، قال في آخرها: "وله أحاديث غير ما ذكرت؛ كلها مناكير موضوعة". ومن طريق ابن عدي؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 130) وقال: "قال ابن حبان: محمد بن محصن يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح فيه". وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (6/ 280) ؛ إلا أنه قال: "وهو متروك". الحديث: 4130 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 133 وفاته هو وغيره؛ إعلاله بالراوي عنه مصعب بن سعيد، ووقع في "المعجم" وغيره: "ابن سعد" وهو خطأ مطبعي فيما يظهر. والله أعلم، وهو أبو خيثمة المصيصي؛ قال ابن عدي (6/ 2362) : "يحدث عن الثقات بالمناكير ويصحف عليهم". ثم ساق له جملة من الأحاديث؛ وقال الذهبي عقبها: "قلت: ومع ذلك كله سود السيوطي بهذا الحديث "جامعه الصغير"، مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه بسكوته عليه وعدم تعقبه إياه بشيء في "اللآلي" (2/ 200) ، خلافاً لعادته. وأما ما في "فيض القدير": أن السيوطي تعقب ابن الجوزي في "مختصر الموضوعات" ساكتاً عليه؛ فأظن أن في العبارة تحريفاً؛ لأن التعقب والسكوت لا يجتمعان، فلعل الأصل: "وأقره المؤلف ... ". وأما قوله في "التيسير" عقب الحديث: "حم ق د ت، عن أبي هريرة". فهو خطأ مطبعي يقيناً. 4131 - (ليس أحد منكم بأكسب من أحد، وكتب الله المصيبة والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والناس يجرون فيه على منتهى، والرزق مقسوم وهو آت ابن آدم على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده ولا فجور فاجر بناقصه، بينه وبين الله ستر وهو طالبه) . ضعيف جداً رواه الحافظ ابن المظفر في "الفوائد المنتقاة" (2/ 218/ 1) ، الحديث: 4131 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 134 وأبو محمد الجوهري في "أربعة مجالس" (115/ 2) عن القاسم بن هاشم السمسار قال: حدثنا الخطاب بن عثمان قال: حدثنا يوسف بن السفر، عن الأوزاعي، عن عبد ة بن أبي لبابة، عن شقيق، عن ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير يوسف هذا؛ وهو كذاب كما تقدم مراراً. والسمسار هذا؛ صدوق؛ له ترجمة في "تاريخ بغداد" (12/ 429-430) . وله متابع عند أبي نعيم في "الحلية" (6/ 116) وقال: "غريب من حديث الأوزاعي وعبد ة، لم نكتبه إلا من حديث الخطاب". وله متابع آخر؛ فقال ابن أبي الدنيا في "القناعة" (117/ 1) : حدثني محمد بن المغيرة الشهرزوري قال: حدثنا الخطاب بن عثمان به. والشهرزوري هذا؛ قال ابن عدي في "الكامل" (ورقة 375/ 1) : "يسرق الحديث، وهو عندي ممن يضع الحديث". قلت: ولعله سرقه من السمسار أو متابعه الأول، وعلى كل حال فإنما آفة الحديث يوسف بن السفر كما تقدم. (تنبيه) : ليس عند ابن أبي الدنيا وأبي نعيم: "والرزق مقسوم ... " إلخ وكذلك أورده السيوطي في "الجامع" من طريق أبي نعيم وحده! فأساء، ولم يتعقبه المناوي بشيء فقصر! وروى أبو نعيم أيضاً (7/ 208) عن علي بن حميد: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً: "ليس أحد بأكسب من أحد، ولا عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث الجزء: 9 ¦ الصفحة: 135 يشاء، ويعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب". وقال: "تفرد به علي بن حميد". قلت: قال الذهبي: "قال أبو زرعة: لا أعرفه، وذكره العقيلي، وروى له حديثاً منكراً". ثم ساق له هذا الحديث، وقال: "غريب جداً". وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود عند الإسماعيلي في "المعجم" (84/ 1) ، وفيه سعيد بن محمد الوراق؛ وهو ضعيف، وليس فيه أيضاً: "والرزق مقسوم ... ". 4132 - (أين ذهبتم؟ ! إنما هي: (يا أيها الذين آمنوا [عليكم أنفسكم] لا يضركم من ضل) من الكفار (إذا اهتديتم)) . منكر أخرجه أحمد (4/ 201-202) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 317/ 799) من طريقين، عن مالك بن مغول: حدثنا علي بن مدرك، عن أبي عامر الأشعري: كان رجل قتل منهم بأوطاس، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ياأبا عامر! ألا غيرت؟! ". فتلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: فذكره. الحديث: 4132 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 136 والسياق لأحمد، وسقط منه ما بين المعكوفتين، واستدركته من "المجمع" (7/ 19) ، وقد سقط منه عزوه لأحمد مع أنه ساقه بلفظه، ثم قال عقبه: "رواه الطبراني، ولفظه عن أبي عامر: أنه كان فيهم شيء، فاحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حسبك؟ " قال: قرأت هذه الآية ... " الحديث نحوه. فمن الظاهر أنه سقط من الطابع عزوه لأحمد، فصواب التخريج: "رواه أحمد وهذا لفظه، ورواه الطبراني ... " إلخ. ثم قال الهيثمي: "ورجالهما ثقات، إلا أني لم أجد لعلي بن مدرك سماعاً من أحد من الصحابة". فتعقبه صاحبنا حمدي السلفي بقوله: "قلت: بل ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" [5/ 165] وقال: سمع أبا مسعود صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وأبو مسعود مات في خلافة علي، وأبو عامر مات في خلافة عبد الملك؛ فإذا كان سمع من أبي مسعود، فمن الممكن جداً أن يسمع من أبي عامر". وأقول: هذا الاستنتاج إنما يصح لو كان الذي أقامه عليه صحيحاً؛ وهما أمران: الأول: سماع علي بن مدرك من أبي مسعود، وهو البدري. والآخر: وفاة أبي عامر في خلافة عبد الملك. وكلا الأمرين غير صحيح. أما الأول: فلأن ابن حبان نفسه قد ذكر في ترجمة علي بن مدرك أنه مات سنة (120) ، وعلي رضي الله عنه مات سنة (40) فيكون بين وفاة أبي مسعود وعلي بن مدرك ثمانون سنة أو أكثر، فمثله لا يمكن أن يسمع منه عادة؛ إلا لو كان الجزء: 9 ¦ الصفحة: 137 عمره سنة وفاة علي فوق العاشرة على الأقل فيكون معمراً، وهذا ما لم ينقل، فالسماع المذكور غير ثابت. وأما الآخر: فلأن وفاة أبي عامر في خلافة عبد الملك ليس عليها دليل ينفع في مثل ما نحن فيه، بل أشار أبو أحمد الحاكم إلى عدم صحة ذلك بقوله: "يقال: مات في خلافة عبد الملك". فثبت أن الإسناد منقطع، وأنه لذلك لم يذكر في "التهذيب" أنه سمع من أحد من الصحابة مع حكايته قول ابن حبان المتقدم. والله أعلم. ثم إن متن الحديث يخالف الأحاديث المتعلقة بتفسير الآية - كحديث أبي بكر الصديق المعروف في "السنن"، والمخرج في "الصحيحة" (1564) -؛ فإنها تدل على أن الآية عامة، فراجعها. 4133 - (لا تسبوا ماعزاً. يعني: بعد أن رجم) . ضعيف أخرجه البزار (3/ 276/ 2743) من طريق الوليد بن أبي ثور، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن جبير قال: حدثني أبو الفيل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال: "لا نعلم روى أبو الفيل إلا هذا، ولا له إلا هذا الإسناد، ولا رواه عن سماك إلا الوليد، وعبد الله بن جبير رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه غير حديث، ولم يحدث عنه إلا سماك". قلت: وهذا يعني في اصطلاحهم أنه مجهول، وهذا ما صرح به ابن أبي حاتم عن أبيه، وتبعه الذهبي في "الميزان"، والعسقلاني في "التقريب"، فَذِكْرُهُ في الحديث: 4133 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 138 الصحابة وهم ظاهر، وقد ذكره الحافظ في (القسم الثالث) من "الإصابة" وقال " "ذكره أبو علي بن السكن ثم قال: ليست له صحبة". وأورده ابن حبان - على قاعدته المعروفة في المجهولين - في ثقات التابعين (5/ 21) وقال: "يروي عن أبي الفيل، ولا أدري من أبو الفيل؟ غير أن عبد الله رأى رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه أهل الكوفة". قلت: سماك بن حرب كوفي، فإن كان ابن حبان يعني غيره أيضاً فليس بمجهول، وهذا مما أستبعده. ثم إن ما في "كشف الأستار" يخالف ما في "الثقات"، فلعله سقط من "الكشف" أو من أصله: "مسند البزار": "رجلاً من أصحاب". والوليد بن أبي ثور؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، وهو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور. وبالجملة؛ فعلة الحديث الجهالة والضعف. ثم رأيت الحديث في "كنى الدولابي" (1/ 48) من طريق الوليد أيضاً. 4134 - (من رابط ليلة حارساً من وراء المسلمين؛ كان له أجر من خلفه ممن صام وصلى) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 226 - مجمع البحرين) ، وابن حبان في "الضعفاء" (1/ 223) ، وأبو الفرج المقرىء في "الأربعين في فضل الجهاد" (رقم6) ، وابن الجوزي في "العلل" (2/ 91-92) من طريق الحارث بن عمير، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: الحديث: 4134 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 139 سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أجر الرباط؟ ... فذكره. قلت: أورده ابن حبان في ترجمة الحارث هذا؛ وقال: "كان ممن يروي عن الأثبات الأشياء الموضوعات". ونقل ابن الجوزي عن ابن خزيمة أنه قال فيه: "كذاب". وقال الحاكم: "روى عن حميد الطويل وجعفر بن محمد أحاديث موضوعة". قلت: ومع ذلك، فقد وثقه جمع من المتقدمين؛ كابن معين وغيره، وما تقدم جرح مفسر، فكأنهم لم يقفوا عليه، ومن أجل ذلك قالوا في "علم المصطلح": إن الجرح المفسر مقدم على التعديل، ولهذا قال الذهبي بعد أن نقل توثيق ابن معين إياه: "وما أراه إلا بين الضعف؛ فإن ابن حبان قال في "الضعفاء": ... " فذكر ما تقدم عنه، وقال الحافظ في "التقريب": "وثقه الجمهور، وفي أحاديثه مناكير، ضعفه بسببها الأزدي وابن حبان وغيرهما، فلعله تغير حفظه في الآخر". وساق له ابن حبان حديثين آخرين، أحدهما الآتي بعده. ومما سبق يظهر تساهل المنذري حين قال في "الترغيب" (2/ 151) : "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد"! ونحوه قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 289) : " ... ورجاله ثقات"! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 140 4135 - (إذا اجتمع القوم في سفر؛ فليجمعوا نفقاتهم عند أحدهم؛ فإنه أطيب لنفوسهم، وأحسن لأخلاقهم) . ضعيف رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (ص 266 - طبع القسطنطينية، وهي بدون أسانيد) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وهكذا أورده السيوطي في "الجامع الكبير" وفي "الزوائد على الجامع الصغير"، فالله أعلم بحال إسناده إلى عمرو، ولكن قد نص السيوطي في مقدمة "الجامع الكبير": أن كل ما عزي للعقيلي في "الضعفاء"، وابن عدي في "الكامل"، والخطيب في "تاريخه"، ولابن عساكر أيضاً، أو الحاكم في "التاريخ"، والحكيم الترمذي في "النوادر"، والديلمي في "مسند الفردوس"؛ فهو ضعيف. فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه. وقد رواه بعض الهلكى بإسناد آخر، فقال سعدان بن يزيد البزار: أخبرنا عبد الله ابن ضرار بن عمرو، عن أبيه، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: "إن من أحمد الأشياء إذا كان القوم سفراً ... " الحديث. أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 798/ 886 و 923) . وهذا إسناد واه جداً؛ آفته ضرار هذا؛ فإنه متروك الحديث؛ كما قال الذهبي في "المغني". وابنه عبد الله؛ ضعيف، وكذلك شيخه يزيد الرقاشي. الحديث: 4135 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 141 4136 - (من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية) . موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 302) من طريق شيخه محمد بن محمد بن الأشعث: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي مرفوعاً. قلت: موضوع، المتهم به هذا الشيخ؛ فقد ساق له ابن عدي نحو خمسة وعشرين حديثاً من أصل قرابة ألف حديث بهذا الإسناد العلوي، وقال: "وعامتها من المناكير، وكان متهماً". وقال الدارقطني: "آية من آيات الله! وضع ذاك الكتاب. يعني العلويات". وقد مضى له حديث آخر موضوع في المجلد الرابع رقم (1932) . وقال الذهبي في "الميزان": "وساق له ابن عدي جملة موضوعات". الحديث: 4136 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 142 4137 - (أسقطت عائشة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطاً، فسماه عبد الله، فكناها أم عبد الله) . باطل أخرجه الخطيب في "الموضح" (1/ 321) من طريق داود بن المحبر: حدثنا محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وقال: فكناني ... قال محمد: فليس فينا امرأة اسمها عائشة إلا كنيت بأم عبد الله. قلت: وهذا باطل، موضوع إسناداً ومتناً. أما الإسناد؛ فلأن داود بن المحبر متهم؛ قال الذهبي في "المغني": الحديث: 4137 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 142 "واه، قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وأجمعوا على تركه". وقد نسبه الدارقطني إلى سرقة الحديث. وأما المتن؛ فلأنه مخالف لما صح عن عائشة من طريق أخرى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! كل صواحبي لها كنية غيري، قال: "فاكتني بابنك عبد الله ابن الزبير" فكانت تدعى بأم عبد الله حتى ماتت [ولم تلد قط] . رواه أحمد وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (132) ، ولذا قال ابن القيم في "تحفة المودود": "حديث لا يصح؛ لمخالفته لهذا الحديث الصحيح". ونحوه قول الحافظ في "الإصابة": "لم يثبت". 4138 - (إذا ركعت؛ فإن شئت قلت هكذا: وضعت يديك على ركبتيك، وإن شئت قلت هكذا، يعني: طبقت) . منكر موقوف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 245) قال: حدثنا وكيع قال: أخبرنا فطر (الأصل: قطن) ، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة (الأصل: حمزة) ، عن علي قال: فذكره موقوفاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله موثقون، وفي عاصم بن ضمرة وفطر - وهو ابن خليفة - كلام لا ينزل به حديثهما عن مرتبة الحسن؛ لكن أبو إسحاق - وهو السبيعي واسمه عمرو بن عبد الله - مدلس وقد عنعنه كما ترى، مع أنه كان اختلط بأخرة كما هو معروف عند العلماء، وصرح بذلك الحافظ في "التقريب". الحديث: 4138 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 143 فالعجب منه كيف قال في "الفتح" (2/ 274) بعد أن عزاه لابن أبي شيبة في "المصنف": "وإسناده حسن"! وقلده ذاك السقاف الإمعة في كتاب أخرجه حديثاً، أسماه - معارضة لكتابي "صفة الصلاة" -: "صحيح صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها"!! وهو في الحقيقة حري باسم: "صفة صلاة الشافعية ... "؛ لأن تقيلده فيه لهم جلي جداً عند العارفين بمذهبهم، ومن ذلك ما دل عليه هذا الحديث الواهي من عدم وجوب وضع الكفين على الركب، فإنه مذهب الشافعية كما في "المجموع" (3/ 410) مع أنه ثابت في بعض طرق حديث المسيء صلاته كما في "صفة الصلاة"، وهو مخرج في "الإرواء" (1/ 321-322) ، و "صحيح أبي داود" (747) ، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن الجارود (194) . وقد ذكر النووي نفسه في الموضع المشار إليه أن الحديث جاء لبيان أقل الواجبات، ومع ذلك لم يأخذوا بهذا الأمر منه، وتعصب لهم هذا المقلد الدعي وتجاهل هذا الأمر، فلم يذكره فيما ذكر من ألفاظ الحديث في أول كتابه (1) ، وتمسك بهذا الحديث الواهي ضرباً به لهذا الحديث الصحيح في الصدر، مقلداً لمن حسنه غافلاً عن علته الظاهرة سنداً؛ أو متغافلاً لو كان عالماً بها، وعن علته القائمة في متنه لو كان فقيهاً، ألا وهي إباحته للتطبيق مع تصريحه عقبه بسطر أنه منسوخ، فهو في الحقيقة يلعب على الحبلين - كما يقال -؛ فإنه ساق هذا الأثر ليضرب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوضع على الركب، ثم ضرب   (1) ثم رأيته قد ذكره (ص 154) مستدلا به على مد الظهر والعنق في الركوع، وصححه، فثبت أن تجاهل دلالته على وجوب الوضع المشار إليه تعصبا لمذهبه على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -! وكفى بذلك ضلالا!! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 144 عجزه لمخالفته لأمر النبي بالوضع على الركب في حديث سعد الصحيح، وتأوله (ص 148) بأنه ليس للوجوب، واستدل على ذلك بأمور يطول الكلام عليها منها هذا الأثر، ولما كان يعلم - إن شاء الله - أن حديث المسيء صلاته يبطل هذا التأويل تجاهله! ولو كان صادقاً في تأليفه "صحيحه" لأخذ به واستراح من هذا الأثر الواهي. وقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 152-153) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق نفسه، عن علقمة والأسود: أنهما صليا وراء عمر ووضع يديه على ركبتيه قالا: وطبقنا، قال عمر: ما هذا؟ فأخبرناه بفعل عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: "ذاك شيء كان يفعل ثم ترك". فهذا من صحيح حديث أبي إسحاق أولى من أثره الواهي عن علي. وقد روى ابن أبي شيبة (1/ 245) بسند ضعيف عن علي قال: "إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك ... ". ومن ذلك أيضاً لما ذكر حديث مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظهر، وذكر منه ما كان يقرأ في الركعتين الأوليين، لم يذكر تمامه، ونصه: "وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية". أي في كل ركعة كما قال الشوكاني وغيره، وترجم له البيهقي في "سننه" بقوله (2/ 63) : "باب من استحب قراءة السورة بعد الفاتحة في الأخريين". وإنما أسقط السقاف هذه الجملة من الحديث تقليداً منه لما عليه الشافعية؛ على الجزء: 9 ¦ الصفحة: 145 الأصح من القولين عندهم كما في "المجموع" (3/ 386-387) ؛ مع أن الإمام الشافعي نص في "الأم" على الاستحباب (3/ 387) ، وذكر له البيهقي بعض الآثار عن أبي بكر رضي الله عنه وغيره، مما يدل على أن هذه القراءة سنة معروفة عند السلف رضي الله عنهم، ومع ذلك أسقط السقاف هذا الحديث من "صحيحه" المزعوم! وكذلك فعل بحديث أبي هريرة في سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة سجدة التلاوة إذا قرأ سورة (إذا السماء انشقت) ، مع أنه ثابت في "الصحيحين" كما قال النووي في "المجموع" (4/ 62-63) ، ومع ذلك مر عليه النووي في "شرح مسلم"، فلم يتكلم حوله بما فيه من شرعية سجود التلاوة في الصلاة في هذه السورة! بخلاف الحافظ رحمه الله كما يأتي، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (19/ 122) : "هذا حديث صحيح، لا يختلف في صحة إسناده، وفيه السجود في (إذا السماء انشقت) في الفريضة، وهو مختلف فيه، وهذا الحديث حجة لمن قال به، وحجة على من خالفه". ونقل الحافظ (2/ 556) عنه أنه قال: "وأي عمل يدعى مع مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين بعده؟ ". يشير بذلك إلى الرد على مالك رحمه الله؟ وعلى من وافقه من الشافعية، ومنهم ذاك "الرويبضة" المحروم من اتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على خلاف عنوان كتابه؛ الذي لم يورد فيه حديث أبي هريرة هذا فيما يسن أن يقرأ في صلاة العشاء (ص 137) ، بل إنه أبطله بجهالة بالغة، فقال في الصفحة التي بعدها: "اعلم أنه لا يجوز للمصلي أن يقصد قراءة آيات فيها آية سجدة ليسجد في الجزء: 9 ¦ الصفحة: 146 الصلاة سجود التلاوة،لأنه بذلك يكون قد تعمد زيادة ركن في الصلاة؛ وهو السجود، وهذا يبطلها"! ثم استثنى من ذلك قراءة سورة السجدة صباح الجمعة، ثم عقب على ذلك بأنه لا يجوز أن يقرأ سورة أخرى فيها آية سجود كسورة (اقرأ باسم ربك) ، ومن فعل ذلك بطلت صلاته! 4139 - (لقد رأيتني مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضرت الصلاة: صلاة العصر، وقد أتينا موضعاً يقال له: نخلة - أحسبه قال -: نريد أن نصلي، فقال لنا أبو طالب - ونظر إلينا -: يا ابن أخي! ماتصنعون؟ فقلنا: نصلي، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فقال: إن الذي تدعو إليه لحسن، ولكن والله يا ابن أخي! لا تعلوني استي أبداً. فضحكت من قوله) . ضعيف جداً أخرجه الطيالسي (188) ، وأحمد (1/ 99) ، والبزار في مسنده "البحر الزخار" (2/ 319/ 751) والسياق له من طريق يحيى بن سلمة ابن كهيل عن أبيه قال: سمعت حبة العرني يقول: رأيت علي بن أبي طالب يخطب، فضحك ضحكاً، فعجبنا من ضحكه، فلما نزل قلنا: يا أمير المؤمنين! لقد ضحكت ضحكاً على المنبر، فمم ضحكت؟ قال: ذكرت أبا طالب، لقد رأيتني ... الحديث. وقال البزار: "لا نعلمه يروى إلا عن علي، ولا رواه عن حبة إلا سلمة بن كهيل، وقد روى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة عن علي قال: الحديث: 4139 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 147 أول صلاة صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر. فرواه شعبة مختصراً". قلت: يحيى هذا؛ قال الحافظ: "متروك، وكان شيعياً". وتناقض فيه ابن حبان؛ كما بينته في "تيسير الانتفاع"، ولا تغتر بقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 102) بعد أن ساقه بنحو ما تقدم بزيادة لأحمد: "تعجباً لقول أبيه، ثم قال: اللهم! لا أعترف [أن] عبداً [لك] من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك. (ثلاث مرات) ، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً". قال الهيثمي: "رواه أحمد، وأبو يعلى باختصار، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن". قلت: لا يغرنك هذا التحسين؛ فإنه يعني رواية الطبراني، وهو من تسامحه أو تساهله في التعبير؛ فإن الحديث في "أوسط الطبراني" (2/ 444/ 1767 - ط) عن عمرو بن هاشم الجنبي، عن الأجلح، عن سلمة بن كهيل، عن حبة، عن علي قال: اللهم! إنك تعلم أنه لم يعبد ك أحد من هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - قبلي، ولقد عبد تك قبل أن يعبدك أحد من هذه الأمة بست سنين". وقال: "لم يروه عن الأجلح إلا عمرو". قلت: وهو ضعيف؛ قال الحافظ: "لين الحديث، أفرط فيه ابن حبان". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 148 قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقال أبو يعلى في "المسند" (1/ 348/ 447) : حدثنا أبو هاشم الرفاعي: حدثنا محمد بن فضيل: حدثنا الأجلح به؛ إلا أنه قال: "خمس سنين، أو سبع سنين". وتابعه شعيب بن صفوان، عن الأجلح بلفظ: "سبع سنين" بدون شك. أخرجه الحاكم (3/ 112) ساكتاً عنه. وشعيب بن صفوان؛ قال الحافظ: "مقبول" ورمز له أنه من رجال مسلم، فالحديث محفوظ عن الأجلح، وهو صدوق شيعي عند الحافظ، وقال الذهبي في "المغني": "شيعي لا بأس بحديثه، ولينه بعضهم، وقال الجوزجاني: الأجلح تغير". قلت: فهو علة هذا المتن، أو حبة بن جوين؛ فإنه كان غالياً في التشيع مع كونه صدوقاً له أغلاط كما قال الحافظ. وقال الذهبي في "المغني" أيضاً: "من الغلاة، حدث أن علياً كان معه بـ (صفين) ثلاثون (في "الميزان": ثمانون) بدرياً، قال السعدي: غير ثقة". وقد أبطل الذهبي الحديث من حيث متنه متعقباً سكوت الحاكم عليه، فقال: "قلت: وهذا باطل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول ما أوحي إليه - آمن به حديجة، وأبو بكر، وبلال، وزيد؛ مع علي؛ قبله بساعات، أو بعده بساعات، وعبد وا الله مع نبيه، فأين السبع سنين؟! ولعل السمع أخطأ، فيكون أمير المؤمنين قال "عبد ت الله ولي سبع سنين" ولم يضبط الراوي ما سمع. ثم حبة شيعي جبل! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 149 قد قال ما يعلم بطلانه؛ من أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً! وذكره أبو إسحاق الجوزجاني فقال: هو غير ثقة. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وشعيب والأجلح متكلم فيهما". قلت: شعيب بريء منه؛ لأنه متابع من اثنين كما تقدم، ويغلب على الظن أن التهمة أو الخطأ ينصب على الأجلح؛ لأنه قد خالفه شعبة، فرواه عن سلمة به مختصراً جداً بلفظ: أنا أول رجل صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أحمد (1/ 141) : حدثنا يزيد: أنبأنا شعبة به. وقال الهيثمي (9/ 103) : "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير حبة العرني، وقد وثق". ومن طريق يزيد - وهو ابن هارون - رواه ابن سعد (3/ 21) . قلت: فقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (2/ 282) : "إسناده صحيح". ليس كما ينبغي، لا سيما وقد خولف يزيد - وهو ابن هارون -، فقال البزار (752) : حدثنا محمد بن المثنى قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا شعبة بلفظ: أول صلاة صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر. لكن خالفه موافقاً ليزيد جمع من الثقات، فقال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون وسليمان أبو داود الطيالسي، قالا: أخبرنا شعبة به. وقال ابن أبي شيبة (12/ 65/ 12134) : حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة به. فاللفظ الأول هو المحفوظ عن شعبة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 150 وله فيه إسناد آخر أصح، فقال الطيالسي (93/ 678) : حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا حمزة، عن زيد بن أرقم قال: "أول من صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي". وأخرجه الترمذي (3735) ، والحاكم (3/ 136) ، وأحمد (4/ 368،370) ، وابن سعد أيضاً، والطبراني في "الأوائل" (79/ 53) ولفظه كالترمذي وغيره: "أول من أسلم..". وزاد: "قال عمرو بن مرة: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فأنكره، وقال: أول من أسلم أبو بكر الصديق". وقال: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، وإنما الخلاف في هذا الحرف أن أبا بكر كان أول الرجال البالغين إسلاماً، وعلي بن أبي طالب تقدم إسلامه على البلوغ". وأقره الذهبي. قلت: وهذا في الرجال، وإلا؛ فخديجة رضي الله عنها أسبقهم إسلاماً كما في حديث ابن عباس الطويل في "المسند" (1/ 330-331) ، ومن طريقه الحاكم (3/ 137-139) ، وهو في فضل علي رضي الله عنه. وفيه: "وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 151 وقد انقلب حديث عمرو بن مرة هذا على بعض الرواة؛ فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 22/ 2031) من طريق غالب بن عبد الله بن غالب السعدي، عن سفيان بن عيينة عن مسعر، عن عمرو بن مرة به إلا أنه قال: "أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر". وقال الطبراني: "لم يروه عن سفيان غير هذا الشيخ غالب، وخالف شعبة؛ لأن شعبة رواه عن عمرو ... بلفظ: أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -[علي] ". وأقول: الشيخ غالب هذا؛ مجهول كما قال ابن حزم، ولم يعرفه الهيثمي (9/ 43) . ثم إن حديث الترجمة مما أورده ذاك السقاف في كتابه الذي أسماه بـ "صحيح الصلاة"؛ على ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه في بعض الأحاديث: "يسمونها بغير اسمها"! كما يدل على ذلك مجموعة من الأحاديث الصحيحة التي ضعفها أو أعرض عنها اتباعاً لهواه أو انتصاراً لمذهبه، وأحاديث أخرى احتج بها للغاية نفسها وهي ضعيفة، منها حديث الترجمة هذا، مقلداً تخريج الهيثمي المتقدم؛ لجهله بأن تحسينه المذكور فيه لا يعني الحديث نفسه، وإنما مختصره الذي في "أوسط الطبراني" كما تقدم بيانه، فكن منه على حذر. ومنها أحاديث أخرى كثيرة سيأتي بيان بعضها. فانظر الحديث (5816) و (6379) . 4140 - (إذا مات أحدكم فلا تحسبوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 444/ 13613) ، الحديث: 4140 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 152 والبيهقي في "الشعب" (7/ 16/ 9294) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك الحلبي - مولى آل سعد بن أبي وقاص - قال: سمعت عطاء بن أبي رباح: سمعت عبد الله بن عمر: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال البيهقي: "لم يكتب إلا بهذا الإسناد فيما أعلم، وقد روينا القراءة المذكورة فيه عن ابن عمر موقوفاً عليه". قلت: وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 44) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو ضعيف". وأقول: لقد شغل بإعلاله بهذا الضعيف عن إعلاله بمن هو أشد ضعفاً منه، وهو شيخه أيوب بن نهيك؛ قال الذهبي في "المغني": "تركوه". وقد أشار إلى هذا الحافظ حين ساق له حديثاً آخر غير هذا في "اللسان" سيأتي برقم (5087) ، وذكره من مناكيره عقب عليه بقوله: "ويحيى ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا". وهذا من دقة نقده رحمه الله تعالى. وأما الأثر الذي أشار إليه البيهقي رحمه الله؛ فهو مع كونه موقوفاً ففيه عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج؛ وهو مجهول؛ كما حققته في "أحكام الجنائز" (ص 192) ، وقول الهيثمي في "المجمع" (3/ 44) : "رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 153 فهو مما لا ينافيه، بل هو يشير إلى جهالته؛ لأن "موثقون" غير "ثقات" عند من يفهم الهيثمي واصطلاحه، وهو يعني أن بعض رواته توثيقه لين، وهو يقول هذا في الغالب فيما تفرد بتوثيقه ابن حبان، ولا يكون روى عنه إلا راو واحد، وهذا هو الواقع في عبد الرحمن هذا كما هو مبين هناك، وقد جهل هذه الحقيقة بعض أهل الأهواء؛ فقال الشيخ عبد الله الغماري في رسالته: "إتقان الصنعة" (ص 110) معقباً على قول الهيثمي "موثقون" ومعتمداً عليه: "قلت: فإسناده حسن"! وجعله من أدلة القائلين بوصول القراءة إلى الميت، ولا يخفى فساده! ثم أتبعه بحديث الترجمة ساكتاً عنه، متجاهلاً تضعيف الهيثمي لراويه البابلتي، وهو على علم به؛ لأنه منه نقل أثر ابن اللجلاج المذكور آنفاً. ثم ادعى اختلاف آخر الحديث عند الطبراني عنه عند البيهقي، وهو خلاف الواقع. وقد ستر عليه ظله المقلد له: السقاف؛ فإنه لم يذكر الحديث بتمامه حتى لا يخالف شيخه! انظر ما أسماه بـ "صحيح صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 243) . هذا أولاً. وثانياً: إنه قال: "قلت: وهو حديث حسن، وحسنه شيخنا ... قلت: بل هو حديث صحيح، احتج به ابن معين كما في "تهذيب الكمال" للمزي (22/ 537-538) والإمام أحمد وعلي بن موسى الحداد؛ كما روى ذلك الخلال. وفي معناه حديث آخر ضعيف الإسناد إلا أنه حسن بهذا الشاهد ... ". ثم ذكر حديث الترجمة إلى قوله: "فاتحة الكتاب" دون تتمته؛ حتى لا يظهر بمظهر المخالف لشيخه كما ذكرت آنفاً! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 154 وأقول: في هذا الكلام غير قليل من الأضاليل والأكاذيب، وهاك البيان: الأول: ما عزاه لـ "التهذيب"؛ فإنه ليس فيه ما زعمه من الاحتجاج؛ فإن نصه فيه: "وقال عباس الدوري: سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج ... " قلت: فذكر الأثر. فليتأمل القارىء كيف حرف جواب ابن معين للسائل إلى الاحتجاج بما روى له بالإسناد لينظر فيه؟! الثاني: ما عزاه لأحمد؛ منكر لسببين: أحدهما: أن شيخ الخلال فيه الحسن بن أحمد الوراق؛ لا يعرف. والآخر: أنه مخالف لما رواه أبو داود قال: "سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا". وهو مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك، وقال هذا: "ما علمت أحداً يفعل ذلك". فكيف مع هذا كله يكون هذا العزو لأحمد، بل وأثر ابن عمر نفسه صحيحاً؟! الثالث: ما عزاه لعلي بن موسى الحداد، يقال فيه ما قلنا في الذي قبله؛ لأن الراوي عنه هو الوراق المذكور آنفاً، بل وزيادة؛ وذلك؛ لأن الحداد هذا غير معروف في الرواة فضلاً عن العلماء، فكيف جاز لذاك السقاف أن يقرنه مع الإمامين ابن معين وأحمد، ولا يعرف إلا في رواية الخلال هذه؛ لولا الهوى والإضلال! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 155 الرابع: قوله: "حديث حسن" يناقض قوله: "بل هو حديث صحيح"؛ لأن الأول - وهو قول شيخه الغماري كما تقدم - إنما يعني في اصطلاح العلماء أنه حسن لغيره، وهو حديث الترجمة، ولذلك ذكره عقبه، ولولا ذاك لقال: حسن الإسناد، كما لا يخفى على النقاد. وإذا كان الأمر كذلك، فاحتجاج ابن معين به وغيره لو صح عنهم - ولم يصح كما تقدم - لا يكون دليلاً على أنه صحيح؛ لأن الحسن يحتج به أيضاً عند العلماء. فماذا يقول القراء الكرام فيمن يتكلف ما سبق في سبيل تقوية حديث واه جداً، مع مخالفته لما عليه جماهير العلماء من القول بكراهة قراءة القرآن عند القبور كما هو مشروح في الكتاب السابق: "أحكام الجنائز"؟! فليرجع إليه من شاء الزيادة. 4141 - (كان يصلي في السفر ركعتين، قالت عائشة: كان في حرب، وكان يخاف، هل تخافون أنتم؟!) . باطل أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (5/ 155) قال: حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري، قال: حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد، قال: حدثني عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبي يقول: سمعت عائشة تقول في السفر: أتموا صلاتكم. فقالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[كان] يصلي في السفر ركعتين، فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر؛ بل باطل؛ عمران هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولا وجدته عند غيره (8/ 499) . وقال: الحديث: 4141 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 156 "يروي عن مالك بن سعير بن الخمس، حدثنا عنه محمد بن أحمد بن علي الحواري بـ (الوصل) ". وعمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي، ولا ذكره ابن حجر في الرواة عن أبيه من "التهذيب" (6/ 11) ، وإنما ذكر ابنيه عبد الرحمن ومحمداً، الأمر الذي يدل على أنه غير معروف، مع أنه يحتمل أن "عمر" محرف "محمد"؛ لقرب الشبه بينهما. والله أعلم. وأما بطلان متنه؛ فهو ظاهر جداً لمن عرف سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - واستمراره في قصر الصلاة في كل أسفاره، حتى في حجة الوداع؛ كما قال وهب بن حارثة رضي الله عنه: "صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن ما كان بمنى ركعتين". رواه البخاري (1083) ، وغيره. ولا أدل على ذلك من حديث يعلى بن أمية قال: قلت: لعمر بن الخطاب: (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) فقد أمن الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1083) . بل قد صح عن عائشة نفسها ما يؤكد بطلانه؛ فقد روى البيهقي في "سننه" (3/ 143) عن جماعة من الثقات قالوا: حدثنا وهب بن جرير: حدثنا شعبة، عن هشام الجزء: 9 ¦ الصفحة: 157 ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تصلي في السفر أربعاً. فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي! إنه لا يشق علي. وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" (2/ 571) ، وأشار في أعلى الصحيفة المذكورة إلى بطلان حديث الترجمة، وهو واضح جداً لما ذكرته آنفاً، بخلاف هذا؛ فإنه يتعلق برأي لها، والعبرة بروايتها وليس برأيها. وقد صح عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في السفر ركعتين في غير ما حديث، كما صح عنها قولها: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر"، ومعناه في "الصحيحين"، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1082) . وقد أنكر هذه الحقائق كلها ذاك السقاف المقلد الغماري فيما أسماه بـ "صحيح صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " وكان الأحرى به أن يسميه بـ "صحيح صلاة الشافعي" بل "الشافعية" لكثرة اعتماده عليهم، ولو فعل لما صدق، ولبيان ذلك مجال آخر، والغرض هنا أنه صرح (ص 275) أن قصر الصلاة في السفر رخصة جائزة، لا واجبة ولا مستحبة! واستدل بهذا الحديث الباطل؛ بل قال: "سنده حسن"! وهذا مما لا يقوله إلا جاهل لم يشم رائحة هذا العلم، أو مقلد مكابر متجاهل، كما أنه استدل بآية القصر المذكورة في حديث عمر، فلم يعرج عليه ولا دندن حوله، ولم يقبل صدقة الله المذكورة فيه، وأخشى ما أخشاه أن يكون ضعيفاً عنده لمخالفته لقوله المذكور، كما ضعف شيخه الغماري حديث "الصحيحين" عن عائشة الذي أشرت إليه آنفاً لتصريحه بفرضية القصر، وقد أشرت إلى ذلك في "تمام المنة" (319) ، ورددت عليه مفصلاً في المجلد السادس من "الصحيحة" (2814) ، وهو الجزء: 9 ¦ الصفحة: 158 تحت الطبع، وسيكون بين يدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى (1) . 4142 - (إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم: تاويل، وتاريس، ومنسك) . منكر أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2282) ، ومن طريقه الطبراني كما في "نهاية ابن كثير" (1/ 185) : حدثنا المغيرة بن مسلم - وكان صدوقاً مسلماً - قال: حدثنا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: المغيرة هذا؛ هو القسملي، وهو صدوق كما قال الطيالسي، وقد تابعه زياد بن خيثمة؛ وهو ثقة، أخرجه من طريقه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 244/ 1/ 8762) ، وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 6) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجاله ثقات"! كذا قال، وفيه علتان: الأولى: جهالة وهب بن جابر، ولم يوثقه غير ابن حبان (5/ 489) ، ولم يذكر له راوياً غير أبي إسحاق هذا؛ وهو السبيعي، ولذا قال الذهبي فيه: "قال ابن المديني: "مجهول". قلت: لا يكاد يعرف، تفرد عنه أبو إسحاق". قلت: ولذلك أشار في "الكاشف" إلى تليين توثيق ابن حبان إياه - وهو عمدة الهيثمي! - بقوله: "وثق".   (1) وقد طبع، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. (الناشر) . الحديث: 4142 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 والعلة الأخرى: اختلاط أبي إسحاق، وقد اختلف عليه في إسناده، فراوه الثقتان المذكوران كما تقدم. وخالفهما زيد بن أبي أنيسة فقال: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن ابن مسعود مرفوعاً به. أخرجه ابن حبان (1907 - موارد) . قلت: وزيد بن أبي أنيسة ثقة من رجال الشيخين، وقد خالف في موضعين: أحدهما: جعله من مسند ابن مسعود، وهو عندهما من مسند ابن عمرو، والآخر: سمى تابعيه عمرو بن ميمون - وهو ثقة - وعندهما: وهب بن جابر المجهول. ويغلب على الظن أن هذا الاضطراب إنما هو من تخاليط أبي إسحاق، حدث به في اختلاطه. ثم تكشفت لي علة ثالثة؛ وهي الوقف والاختصار في المتن، فقال شعبة: عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو قال: "إن من بعد يأجوج ومأجوج لثلاث أمم لا يعلم عدتهم إلا الله: تاويل، وتاريس، ومنسك". أخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن" (ق 141/ 1) من طريقين عن محمد ابن يحيى، عن أبيه، عن عاصم بن حكيم، عن شعبة به. ولعل هذه الرواية أصح مما تقدم؛ لما هو معروف أن شعبة روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه، لكن في الطريق إليه محمد بن يحيى، عن أبيه، ولم أعرفهما الآن. والله أعلم. وبالجملة؛ فمدار الحديث على أبي إسحاق، والأكثر على أن شيخه فيه وهب ابن جابر؛ وهو مجهول، فهو علة هذا الحديث. وقد سكت عنها الحافظ في الجزء: 9 ¦ الصفحة: 160 "تخريج الكشاف" (4/ 104/ 329) ! وقد عزاه أيضاً لـ "المستدرك" عن عبد الله ابن عمرو رفعه: "إن يأجوج ومأجوج ... " إلخ، وهو فيه (4/ 490 و 500-501) مختصراً ومطولاً، وابن جرير (17/ 70) من طريق شعبة وغيره عن أبي إسحاق، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي، وقد ذهل عن جهالة وهب ابن جابر التي نقلتها عنه آنفاً، مع أنه ليس من رجال الشيخين. وذكر له الحافظ شاهداً من رواية النسائي عن عمرو بن أوس، عن أبيه رفعه: "إن يأجوج ومأجوج يجامعون ما شاؤوا، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً". وسكت عنه أيضاً! وكنت أود له أن يبدأ بذكر إسناد الحديث من حيث يمكن للباحث أن يكشف عن علته؛ إذ هو سكت عنها، لا سيما والحديث ليس في "سنن النسائي الصغرى" المتداولة بين الناس، وإنما هو في "السنن الكبرى" له (6/ 408) ومن طريق ابن عمرو بن أوس، عن أبيه، عن جده. فابن عمرو هو العلة؛ إذ إنه لا يعرف، فقد أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه ... " وقال: "يقال: اسمه عبد الرحمن. تقدم في ابن أوس". وهناك لما رجعت إليه لم أجده. وكذلك لم يذكره في أصله في "التهذيب"، وإنما أورده فيه في الباب المشار إليه (12/ 305) مختصراً: "ابن عمرو بن أوس: هو عبد الرحمن". هكذا لم يحل به إلى الأسماء، وإنما إلى أول الباب المذكور، لكنه قال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 161 "ابن أبي أوس الثقفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ويقال: هو ابن عمرو بن أوس". وهو خلاصة ما في "تهذيب المزي" (34/ 425) ، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول، فهو علة هذا الإسناد. وقد عزاه الحافظ أيضاً في "الفتح" (13/ 109) لابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن عمرو هذا بزيادة في متنه وسكت عنه أيضاً! وقد أشار الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 104) إلى هذا الحديث ونحوه بقوله: "وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها". ولهذا؛ قال في "النهاية" (1/ 184) : "يأجوج ومأجوج ناس من الناس، يشبهون الناس كأبناء جنسهم من الأتراك المخرومة عيونهم، الزلف أنوفهم، الصهب شعورهم، على أشكالهم وألوانهم، ومن زعم أن منهم الطويل الذي كالنخلة السحوق أو أطول، ومنهم القصير الذي هو كالشيء الحقير، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما، ويتوطى بالأخرى؛ فقد تكلف ما لا علم له به، وقال ما لا دليل عليه، وقد ورد في حديث: "إن أحدهم لا يموت حتى يرى من نسله ألف إنسان"، فالله أعلم بصحته". وما أشار إليه رحمه الله من الاختلاف في الطول والقصر وغيره؛ قد جاء فيه حديث، لكن إسناده مما لا يفرح به، بل هو موضوع، كما يأتي بيانه في الذي يليه. ثم وجدت لحديث الترجمة شاهداً آخر؛ فقال ابن جرير (17/ 69) : حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري قال: حدثنا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 162 منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يخشى أن يكون من تخاليط رواد أبي عصام، فقد قال الحافظ فيه: "صدوق اختلط بأخرة؛ فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد". قلت: وهذا من حديثه عنه كما ترى. وابنه عصام؛ لينه الحاكم أبو أحمد، لكن قال أبو حاتم: "صدوق". وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 221) ، فالعلة أبوه. ثم رأيت له طريقاً أخرى عن حذيفة؛ عند الداني (ق 139/ 1) . وفيه من لم أعرفه. ثم وقفت على تخريج الحديث من المعلقين على "موارد الظمآن" (6/ 172-173) ، فإذا فيه عجائب وغرائب؛ لأنهما لم يعربا عن رأيهما فيه صحة وضعفاً، فمن عادتهما تصدير الحديث بمرتبته وهنا صدراه بقولهما: "رجاله ثقات". ثم استمرا في الكلام فنقلا عن الحافظ أنه صححه وأقراه، فبهذا الاعتبار يمكن أن يقال عنهما: إنهما صححاه، لكنهما قبل ذلك أعلاه باختلاط أبي إسحاق! وأغرب من ذلك كله أنهما قالا: "ويشهد له حديث عبد الله بن عمر عند الطيالسي ... ". وقد عرفت مما تقدم أنه من رواية أبي إسحاق المختلط، فجعلاه شاهداً لنفسه! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 163 4143 - (يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كل أمة أربع مئة ألف، لا يموت الرجل حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه، كل قد حمل السلاح. قلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: هم ثلاثة أصناف: صنف منهم أمثال الأرز. قلت: وما الأرز؟ قال: شجر بالشام، طول الشجرة عشرون ومئة ذراع في السماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد. وصنف منهم يفترش بأذنه، ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام، وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق، وبحيرة طبرية) . موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 169) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 206) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 227/ 1/ 4012) ، والواحدي في "التفسير" (ق 193/ 1) ، والحافظ عبد الغني المقدسي في الثالث والتسعين من "جزئه" (43/ 2) من طريق يحيى بن سعيد العطار قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن حذيفة بن اليمان قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يأجوج ومأجوج؟ قال: فذكره. وقال الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا محمد بن إسحاق، ولا عنه إلا يحيى بن سعيد العطار". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الهيثمي (8/ 6) ، والحافظ في "التقريب". الحديث: 4143 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 164 واتهمه بعضهم، ولذلك قال في "الفتح" (13/ 106) : "وهو ضعيف جداً". لكن شيخه أسوأ منه، وهو محمد بن إسحاق - وهو العكاشي -، وفي ترجمته ساقه ابن عدي في أحاديث أخرى له قال عقبها: "كلها مناكير موضوعة". ووافقه ابن الجوزي، وقال: "ومحمد بن إسحاق هو العكاشي؛ قال ابن معين: كذاب. وقال الدارقطني: يضع الحديث". وقال الحافظ في "الفتح" عقب قوله المذكور آنفاً: "ومحمد بن إسحاق؛ قال ابن عدي: ليس هو صاحب المغازي، بل هو العكاشي. قال: والحديث موضوع. وقال ابن أبي حاتم: منكر. قلت: لكن لبعضه شاهد صحيح، أخرجه ابن حبان من حديث ابن مسعود رفعه ... ". قلت: فذكر الحديث الذي قبل هذا، وقد عرفت أنه لا يصح، وأن فيه ثلاث علل، فتذكر. وأما تعقب السيوطي في "اللآلي" (1/ 174) حكم ابن الجوزي بقوله: "قلت: أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه". فهو مما لا يساوي شيئاً؛ فإنه يشير إلى أن ابن أبي حاتم التزم أن لا يورد في "تفسيره" موضوعاً، وهذا ليس على إطلاقه؛ فقد جاء فيه بعض الموضوعات كما نبهت على ذلك في غير ما موضع. أقول هذا تذكيراً وتنبيهاً، وإلا؛ فقد عرفت مما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 165 نقلته آنفاً عن الحافظ عن ابن أبي حاتم أنه استنكر الحديث، وكيف لا؛ وهو القائل في ترجمته من "الجرح" (3/ 2/ 195) : "سمعت أبي يقول: هو كذاب، ورأى في كتابي ما كتب إلي هاشم بن القاسم الحراني [من] أحاديثه، فقال: هذه الأحاديث كذب موضوعة". ومنه تعلم أنه لا طائل تحت قول ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 237) : "ورأيت بخط الشيخ تقي الدين القلقشندي على حاشية "الموضوعات" لابن الجوزي ما نصه: لم ينفرد به العكاشي إلا من حديث حذيفة، وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن مسعود رفعه..". قلت: لا طائل تحته؛ لأنه تلخيص لكلام الحافظ والسيوطي، وقد عرفت الجواب عليه. 4144 - (جزاك الله - يا عائشة - خيراً، ما سررت مني كسروري منك) . كذب موضوع أخرجه البيهقي في "سننه" (7/ 422-423) ، والخطيب في "التاريخ" (13/ 252-253) ، ومن طريقه الحافظ المزي في "التهذيب" (28/ 319-320) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، قال: [حدثنا عمرو ابن محمد قال:] (1) حدثنا أبو عبيد ة معمر بن المثنى التيمي: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كنت قاعدة أغزل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نوراً، فبهت، فنظر إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:   (1) هذه الزيادة سقطت من " التاريخ "، واستدركتها من " البيهقي " و " الحلية " و " المزي " الحديث: 4144 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 166 "ما لك يا عائشة! بهت؟ " قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نوراً، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره. قال: "وما يقول أبو كبير؟ ". قالت: قلت: يقول: ومبرأ من كل غبر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل فإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبارق عارض المتهلل قالت: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبل بين عيني، وقال: فذكره. ثم رواه الخطيب، وعنه المزي أيضاً من طريق أخرى عن البخاري: حدثنا عمرو ابن محمد بن جعفر به قال: بنحوه. وزاد: "قال أبو ذر (يعني محمد بن محمد بن يوسف القاضي) : سألني أبو علي صالح بن محمد البغدادي عن حديث أبي عبيد ة معمر بن المثنى أن أحدثه به؟ فحدثته به، فقال: لو سمعت هذا عن غير أبيك عن محمد لأنكرته أشد الإنكار؛ لأني لم أعلم قط أن أبا عبيد ة حدث عن هشام بن عروة شيئاً، ولكنه حسن عندي حين صار مخرجه عن محمد بن إسماعيل". وأقول: لقد أشار المزي رحمه الله إلى تضعيف هذا الحديث باستغرابه إياه، وحق له ذلك؛ فإن شيخ البخاري عمرو بن محمد بن جعفر نكرة لا يعرف، ليس له ذكر في شيء من كتب التراجم التي عندي، فمن الظاهر أنه غير معروف بالرواية، وإلا؛ لذكره البخاري في "تاريخه"، ثم ابن أبي حاتم في كتابه، أو على الأقل ابن حبان في "ثقاته"؛ الذي جمع فيه من الرواة ما فات من قبله، فهو الجزء: 9 ¦ الصفحة: 167 بحق مصدر فريد في معرفة بعض الرواة المجهولين أو المستورين! فهو إذن آفة هذا الحديث. ثم إن متن الحديث لوائح الوضع عليه ظاهرة عندي؛ إذ من غير المعقول أن يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أو لغيرها من البشر الذين هداهم الله به، وله المنة بعد الله عليهم: "ما سررت مني كسروري منك"! زد على ذلك قصة تولد النور من عرقه - صلى الله عليه وسلم - التي لا أصل لها في شيء من أحاديث خصائصه وشمائله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى ولا في كتاب السيوطي "الخصائص الكبرى" الذي جمع فيه من الروايات ما صح وما لم يصح حتى الموضوعات! ثم رأيت الحديث في "الحلية" (2/ 45-46) من طريق البخاري أيضاً، لكنه نسب الشيخ فقال: "عمرو بن محمد الزئبقي"، فرجعت إلى "أنساب السمعاني"، فوجدت عنده في هذه النسبة: "أبو الحسن أحمد بن عمرو بن أحمد البصري الزئبقي من أهل البصرة، حدث عن عبد ة بن عبد الله الصفار وأبي يعلى المنقري وابنه (!) . روى عنه محمد ابن علي الكاغدي وأحمد بن محمد الأسفاطي البصريان، وأبو القاسم الطبراني، وأما ابن المذكور هو محمد بن أحمد بن عمرو الزئبقي، حدث عن يحيى بن أبي طالب، روى عنه القاضي أبو عمر بن أثياقا البصري". فهل هو أبو الحسن هذا تحرف اسمه (محمد) إلى (أحمد) ؟ ذلك مما أستبعده؛ لأنه دون محمد في الطبقة. والله أعلم. 4145 - (نعم؛ فإنه دين مقضي. يعني: يستدين ويضحي) . منكر أخرجه الدارقطني في "السنن" (4/ 283/ 46) ، ومن طريقه الحديث: 4145 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 168 البيهقي (9/ 262) عن يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا رفاعة بن هرير: حدثني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله! أستدين وأضحي؟ قال: فذكره. وقال الدارقطني عقبه: "هذا إسناد ضعيف، وهرير هو ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، ولم يسمع من عائشة، ولم يدركها". وأقره البيهقي، وأقرهما النووي في "المجموع" (8/ 386) ؛ إلا أنه قال: "وضعفاه؛ قالا: وهو مرسل". وهذا في اصطلاح المتأخرين يوهم خلاف الواقع؛ لأن المرسل هو - عندهم - قول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وليس الأمر كذلك هنا كما ترى، فالصواب - أو الأولى - أن يقال: وهو منقطع. ثم إن فيه علتين أخريين: إحداهما: رفاعة بن هرير؛ قال البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 324) : "سمع منه ابن أبي فديك، فيه نظر". ونقله عنه العقيلي (2/ 65) ، ثم ابن عدي (3/ 161) ، وارتضياه. وأورده ابن حبان في "ضعفائه"، وقال (1/ 304) : "كان ممن يخطىء، وينفرد عن جده - يشير إلى حديثه الآتي بعده - بأشياء ليست محفوظة". والأخرى: يعقوب هذا؛ قال الحافظ: "صدوق؛ كثير الوهم والرواية عن الضعفاء". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 169 قلت: من الواضح جداً أن هذا الحديث واه من حيث الرواية، ولكن يبدو لي أن معناه صحيح من حيث الدراية؛ فقد ثبت عن عائشة نفسها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل من أمتي ديناً، ثم جهد في قضائه، فمات ولم يقضه؛ فأنا وليه". وإسناده صحيح، كما هو مبين في "الصحيحة" (3017) . فقوله: "فأنا وليه"؛ أي: أقضي عنه، فهو مثل قوله في حديث الترجمة "فإنه دين مقضي". يعني من المدين عند الاستطاعة، أو من ولي الأمر عند العجز، كما في هذا الحديث الصحيح، فإن لم يقع ذلك كما هو مشاهد اليوم، أدى الله عنه يوم القيامة كما في حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ... " الحديث. وهو مخرج في "غاية المرام" (207/ 352) . وفي حديث آخر من رواية ميمونة رضي الله عنها: " ... إلا كان له من الله عون". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1029) من ثلاث طرق عنها، وسكت الحافظ عنه في "الفتح" (5/ 54) مشيراً إلى أنه قوي عنده. والعون المذكور فيه يفسر بوجه من الوجوه الثلاثة التي فسرت بها حديث عائشة رضي الله عنها، وهكذا فالأحاديث يفسر بعضها بعضاً. ولذلك جاء عن بعض السلف أنه كان يستدين ابتغاء العون المذكور: ميمونة نفسها، ففي حديثها أنه كان يقال لها: ما لك وللدين ولك عنه مندوحة؟ فتذكر الحديث وتقول: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 170 فأنا ألتمس ذلك العون. وجاء مثله عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، وتقدم في "الصحيحة" برقم (1000) . وأما ما في رواية في حديث ميمونة بلفظ: "إلا أداه الله عنه في الدنيا". فقوله: "في الدنيا" ضعيف؛ في إسناده عمران بن حذيفة وهو مجهول، وقد وقع في "الترغيب" (3/ 33) : "عمران بن حصين"، وهو خطأ فاحش، انقلب اسم التابعي المجهول إلى اسم الصحابي المشهور، فطاحت العلة، وظهر الحديث بمظهر الصحة، وليس كذلك، بل هي زيادة منكرة؛ لتفرد هذا المجهول بها دون سائر طرق الحديث. 4146 - (إنا لا نعبد الشمس ولا القمر، ولكنا نعبد الله تبارك وتعالى) . منكر أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/ 65-66) من طريق يعقوب ابن محمد الزهري قال: حدثنا رفاعة بن الهرير قال: حدثني جدي، عن أبيه قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، ففزع الناس، فقال النبي عليه السلام: فذكره. أورده في ترجمة رفاعة هذا، وروى عن البخاري أنه قال فيه: "فيه نظر". قلت: ويعقوب الزهري ضعيف؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله. وقال العقيلي عقب الحديث: الحديث: 4146 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 171 "وفي النوم عن الصلاة أحاديث جيدة الأسانيد، من غير هذا الوجه، ولا يحفظ: "إنا لا نعبد شمساً ولا قمراً" إلا في هذا الحديث". ويشير في أول كلامه إلى حديث أبي هريرة في قصة قفوله من غزوة خيبر ونومه هو وأصحابه عن صلاة الفجر، وقوله: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها.." رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1/ 292) . 4147 - (كنس المساجد؛ مهور الحور العين) . موضوع رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"، وفي "العلل المتناهية" من حديث عبد الواحد بن زيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قال المناوي: "وحكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: فيه مجاهيل، وعبد الواحد بن زيد متروك". قلت: وهو من الأحاديث الساقطة من كتاب "اللآلىء المصنوعة" للسيوطي، ومحله منه "كتاب البعث"، وإنما فيه (ص 240 ج2 طبع الأدبية) حديث أبي قرصافة، ذكره شاهداً له؛ وقد سبق الكلام عليه برقم (1675) ، وأورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 383 - كتاب البعث أيضاً - الفصل الثاني) ، وذكر ما أعله به ابن الجوزي كما تقدم عن المناوي، وقال: "وتعقب بأن له شاهداً من حديث أبي قرصافة ... "، ثم ذكره ولم يتكلم على إسناده بشيء، وهو مظلم كما سبق بيانه هناك! مع العلم بأن الحديث الضعيف لا يفيد الحديث الموضوع قوة؛ كما ذكر ذلك المناوي غير مرة. وإن من عجائب السيوطي وتناقضه؛ أنه أورد هذا الحديث في "الجامع الصغير" برواية (ابن الجوزي - عن أنس) ! الحديث: 4147 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 172 4148 - (كيف أنت إذا بقيت في قوم علموا ما جهل هؤلاء، وهمهم مثل هم هؤلاء؟!) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 242) عن الضحاك بن يسار: حدثنا القاسم بن مخيمرة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال ليالي قدم من اليمن وسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تركت الناس بعدك؟ " قال: تركتهم لا هم لهم إلا هم البهائم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الضحاك بن يسار هذا؛ أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 192) . وابن عدي في "الكامل" (204/ 1) ؛ ورويا عن ابن معين أنه قال: "ضعيف". وفي رواية لابن عدي عنه: "يضعفه البصريون". ثم قال ابن عدي: "لا أعرف له إلا الشيء اليسير". وضعفه آخرون، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات". وقال أبو حاتم: "لا بأس به". الحديث: 4148 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 173 4149 - (كيف أنت صانع في (يوم يقوم الناس لرب العالمين) مقدار ثلاث مئة سنة من أيام الدنيا، لا يأتيهم خبر من السماء، ولا يؤمر فيهم بأمر؟ قال بشير الغفاري: المستعان الله. قال: إذا أنت أويت إلى فراشك فتعوذ بالله من كرب يوم القيامة وسوء الحساب) . ضعيف أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 59) ، وابن أبي حاتم، وابن الحديث: 4149 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 173 مردويه من طريق عبد السلام بن عجلان قال: حدثنا أبو يزيد المدني، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبشير الغفاري: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد السلام هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 46) عن أبيه: "يكتب حديثه". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/ 127) ، ولكنه قال فيه: "يخطىء ويخالف". فلا أدري من كان هذا وصفه أهو بالثقات أولى أم بالضعفاء؟! وكثيراً ما رأيت له من مثل هذا! ثم إن قوله: "مقدار ثلاث مئة سنة" منكر؛ مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة. 4150 - (الكافر يلجمه العرق يوم القيامة، حتى يقول: أرحني ولو إلى النار) . ضعيف أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/ 27) عن علي ابن عبد الملك الطائي: حدثنا بشر بن الوليد: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: إسناده ضعيف؛ مسلسل بالعلل: الأولى: عنعنة أبي إسحاق - وهو السبيعي - واختلاطه. الثانية: سوء حفظ شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي. الثالثة: بشر بن الوليد وهو "الكندي" الفقيه؛ صدوق كان قد خرف. الحديث: 4150 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 174 الرابعة: علي بن عبد الملك الطائي؛ مجهول الحال، وفي ترجمته ذكر الحديث الخطيب، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 4151 - (كنت بين شر جارين، بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي؛ حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحونه من الأذى فيطرحونه على بابي) . موضوع أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 201) قال: أخبرنا محمد ابن عمر: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً، وزاد: "فيخرج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: يا بني عبد مناف! أي جوار هذا! ثم يلقيه بالطريق". قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذبه الإمام أحمد وغيره. الحديث: 4151 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 175 4152 - (يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم! واحدة لك، وواحدة لي، وواحدة فيما بيني وبينك، فأما التي لي: فتعبد ني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك: فما عملت من شيء، أو من عمل؛ وفيتكه، وأما التي فيما بيني وبينك: فمنك الدعاء، وعلي الإجابة) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 7 - زوائده) عن صالح المري: حدثنا الحسن، عن أنس مرفوعاً، وقال البزار: "تفرد به صالح المري". قلت: وهو ابن بشير القاص الزاهد؛ وهو ضعيف كما في "التقريب". ومن الحديث: 4152 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 175 طريقه أخرجه أبو يعلى (2/ 734) إلا أنه زاد خصلة رابعة؛ فقال: "وأما التي بينك وبين عبادي فارض له ما ترضى لنفسك". وأعله الهيثمي في "المجمع" (1/ 51) بتدليس الحسن أيضاً؛ وهو البصري. وذكره له شاهداً من حديث سلمان رضي الله عنه مرفوعاً نحوه؛ دون الخصلة الرابعة وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده حميد بن الربيع، وثقه غير واحد، لكنه مدلس، وفيه ضعف". وقال في موضع آخر في "الأدعية" (10/ 149) : "رواه البزار عن حميد بن الربيع، عن علي بن عاصم، وكلاهما ضعيف، وقد وثقا". قلت: حميد بن الربيع؛ فيه خلاف كبير، وقد كذبه بعضهم، فلا يصلح للاستشهاد به. والله أعلم. ثم لينظر إلى عزو الهيثمي في الموضع الآخر الحديث للبزار؛ فإني لم أره في "الأدعية" من "زوائده"، على الرغم من أنه أشار إلى كونه فيه عقب حديث أنس في الموضع المشار إليه منه. والله أعلم. 4153 - (عمل الجنة الصدق، وإذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة، وعمل النار الكذب، وإذا كذب فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل، يعني: النار) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 176) عن ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحلبي، عن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً جاء إلى النبي الحديث: 4153 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 176 صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما عمل الجنة؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. 4154 - (غير الضبع عندي أخوف عليكم من الضبع؛ أن الدنيا ستصب عليكم صباً، فيا ليت أمتي لا تلبس الذهب) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 268) ، والبزار (3008) من طريق شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب، عن رجل: أن أعرابياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أكلتنا الضبع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم -؛ وهو ضعيف من قبل حفظه، وقد اضطرب في إسناده، فرواه شعبة عنه هكذا، ورواه زائدة وسفيان عنه، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، قال: قام أعرابي ... الحديث نحوه. أخرجه أحمد (5/ 152-153،154-155،178) . الحديث: 4154 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 177 4155 - (الكرسي لؤلؤ، والقلم لؤلؤ، وطول القلم سبع مئة سنة، وطول الكرسي حيث لا يعلمه العالمون) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 179-180) عن الحسن بن سفيان: حدثنا عبد الواحد بن غياث: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن: حدثنا علاق، عن محمد بن علي ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعاً. وقال: "حديث غريب، تفرد به عنبسة عن علاق، ويعرف بأبي مسلم". قلت: كذا الأصل، ولعل الصواب: ابن أبي مسلم؛ فإنه كذلك في "التهذيب" وغيره، وقال: "ويقال: ابن مسلم". الحديث: 4155 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 177 قلت: وهو مجهول؛ لكن الراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن - وهو القرشي الأموي -؛ قال الحافظ: "متروك، رماه أبو حاتم بالوضع". (تنبيه) : الحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لـ "الحسن بن سفيان، حل، عن محمد ابن الحنفية مرسلاً". وأنت ترى أنه في "الحلية" ومن طريق الحسن ابن سفيان، عن محمد ابن الحنفية، عن علي - وهو ابن أبي طالب -، فهو متصل وليس بمرسل، ولذلك نسبه شارحه المناوي إلى الذهول العجيب! ويؤيده أن أبا الشيخ أخرج الحديث في "العظمة" (ق 45/ 2 مصورة المكتب) من طريق غسان ابن مالك: حدثنا عنبسة به موصولاً. وغسان هذا؛ وثقه أبو زرعة بروايته عنه، وقال أبو حاتم: "ليس بقوي". 4156 - (الكشر لا يقطع الصلاة، ولكن تقطعها القرقرة) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 345) من طريق أحمد بن مهدي الأصبهاني: حدثنا ثابت بن محمد العابد: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. وقال: "تفرد بروايته أحمد بن مهدي، عن ثابت الزاهد، عن الثوري هكذا مرفوعاً. ورواه أبو أحمد الزبيري، عن الثوري موقوفاً". ثم ساقه بإسناده إلى الزبيري به موقوفاً. وتابعه وكيع: أخبرنا سفيان به. أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 63) وقال: "رفعه ثابت بن محمد عن سفيان". الحديث: 4156 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 178 قلت: وثابت هذا؛ ضعيف لسوء حفظه، ولذلك قال الخطيب في تمام كلامه السابق: "وهكذا رواه علي بن ثابت وعبد الله بن وهب عن الثوري موقوفاً، ورفعه لا يثبت". 4157 - (كيف أنت يا عويمر إذا قيل لك يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت: علمت؛ قيل لك: فماذا علمت فيما علمت؟ وإن قلت: جهلت؛ قيل لك: فما كان عذرك فيما جهلت؛ ألا تعلمت؟) . ضعيف رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (رقم5 - بتحقيقي) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (217/ 1-2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (19/ 78/ 1) عن الحكم بن موسى: حدثنا الوليد، عن شيخ من كلب يكنى بأبي محمد: أنه سمع مكحولاً يحدث أن أبا الدرداء قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أنأنة مكحول؛ فإنه مدلس. والثانية: جهالة أبي محمد الكلبي، وفي ترجمته أورده ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي ثم العسقلاني: "أبو محمد الشامي. روى حديثاً عن بعض التابعين منكراً. قال الأزدي: كذاب". قلت: فالظاهر أنه هذا. الحديث: 4157 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 4158 - (الكرم التقوى، والشرف التواضع، واليقين الغنى) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "اليقين" (2/ 2) عن إسماعيل بن الحديث: 4158 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 عياش، عن أبي يسار المكي، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن طريقه رواه الشيخ إبراهيم الكوراني في "ذيل ثبته" (13/ 1) إلا أنه قال: "أبي سنان المكي". قلت: وهذا إسناد معضل ضعيف. يحيى بن أبي كثير؛ أكثر حديثه عن التابعين. وأبو يسار - أو سنان - المكي؛ لم أعرفه. وإسماعيل بن عياش؛ ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها. 4159 - (كان آخر ما تكلم به - صلى الله عليه وسلم -: جلال ربي الرفيع فقد بلغت، ثم قضى) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 57) : أخبرنا أحمد بن كامل القاضي: حدثنا الحسين بن علي بن عبد الصمد البزاز الفارسي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... إلخ. وقال: "صحيح الإسناد؛ إلا أن هذا الفارسي واهم فيه على محمد بن عبد الأعلى". ثم ساقه من طريق زهير وغيره عن سليمان التيمي به بلفظ: "كان آخر وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: الصلاة الصلاة. (مرتين) ، وما ملكت أيمانكم، وما زال يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه". وقال الحاكم: "قد اتفقا على إخراج هذا الحديث". قال الذهبي: "قلت: فلماذا أوردته؟! ". الحديث: 4159 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 180 وأقول: إنما أورده الحاكم لسببين: أن هذا هو لفظ حديث أنس، وأما الذي قبله فوهم من الحسين بن علي بن عبد الصمد البزاز الفارسي. قلت: ولم أجد له ترجمة. ثم إن الحاكم قد وهم في قوله: إن الحديث متفق عليه. فليس هو في البخاري ولا في مسلم، وإنما رواه بعض أصحاب "السنن" كما يأتي بلفظ: "كانت عامة وصيته ... ". وله شاهد بلفظ: "كان آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم". أخرجه أبو داود (2/ 336) ، وابن ماجه (2/ 155) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (25) ، وأحمد (2/ 29 رقم585) من طريق مغيرة، عن أم موسى، عن علي رضي الله عنه. ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أم موسى؛ قال الدارقطني: "حديثها مستقيم يعتبر به". وقال الذهبي: "تفرد عنها مغيرة بن مقسم". وفي التقريب: "مقبولة". ثم المغيرة بن مقسم؛ كان يدلس. ومن هذا تعلم أن قول الأستاذ أحمد محمد شاكر في تعليقه على "المسند": "إسناده صحيح"؛ غير صحيح، وغايته أن يكون حسناً أو صحيحاً لغيره؛ فإن ما قبله يقويه، وله شاهد آخر يأتي: "كان من آخر ... ". 4160 - (كان أعجب الشاة إليه مقدمها) . ضعيف أخرجه البيهقي في "السنن" (10/ 7) عن الأوزاعي، عن واصل الحديث: 4160 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 181 ابن أبي جميل، عن مجاهد قال: فذكره مرفوعاً. وقال: "هذا منقطع". قلت: يعني مرسل. ثم قال: "ورواه عمر بن موسى بن وجيه - وهو ضعيف -، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً به". ثم ساق إليه إسناده به، وقال: "ولا يصح وصله". قلت: ولا مرسلاً؛ فإن واصل بن أبي جميل ليس بالمشهور، ولم يرو عنه غير الأوزاعي وابن وجيه هذا؛ وهو كذاب. لكن أورده الهيثمي (5/ 36) من حديث عبد الله بن محمد مرفوعاً بلفظ: "أحب"، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه يحيى الحماني؛ وهو ضعيف". ولينظر من عبد الله بن محمد هذا؟ 4161 - (كان أحسن الناس صفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول ما هو، بعيد ما بين المنكبين، أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، أهدب [الأشفار] ، إذا وطىء بقدمه وطىء بكلها، ليس له أخمص، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة، وإذا ضحك يتلألأ) . ضعيف بتمامه أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (1/ 203) من طريق الزهري، قال: سئل أبو هريرة عن صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فذكره. الحديث: 4161 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 182 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الزهري وأبي هريرة. وقد جاء جله مفرقاً في أحاديث: فقوله: "كان ربعة". متفق عليه من حديث أنس، وقد خرجته في "الصحيحة" (2053) . وقوله: "بعيد ما بين المنكبين". متفق عليه أيضاً من حديث البراء بن عازب، وأخرجه الترمذي أيضاً في "الشمائل" (ص 13) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 167) . وقوله: "أهدب الأشفار". ثبت من حديث علي، وقد خرجته ثم برقم (2052) ، وأخرجه البيهقي (1/ 162) من حديث أبي هريرة أيضاً. وقوله: "إذا وطىء بقدمه بكلها؛ ليس له أخمص". أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1155) ، والبيهقي (1/ 182) من طريق أخرى عن الزهري محمد بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "كان يطأ بقدميه جميعاً ليس له أخمص". وإسناده صحيح. وقوله: "أسيل الخدين". في حديث أبي هريرة المذكور في "الأدب المفرد"، وروي في حديث هند بن أبي هالة؛ وهو ضعيف كما بينته هناك أيضاً (2053) . وقوله: "كأنه سبيكة فضة". يشهد له أحاديث: الأول: حديث أبي هريرة: " ... كأنما صيغ من فضة". وقد سبق تخريجه هناك أيضاً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 183 الثاني: عن محرش الكعبي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلاً، فاعتمر، ثم رجع فأصبح كبائت بها، فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة". أخرجه النسائي (2/ 30) ، وأحمد (3/ 426 و 4/ 69 و 5/ 380) ، والبيهقي (1/ 159) . قلت: وإسناده صحيح. الثالث: عن سراقة بن جعشم. وقوله: "شديد سواد الشعر". فيه حديثان: الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله أسود اللحية، حسن الثغر". أخرجه البيهقي (1/ 164-165) ، وكذا البخاري في "الأدب المفرد". قلت: وسنده صحيح. الثاني: عن أنس: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد متع بالسواد، ولو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة، وإنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي غير لونه". أخرجه البيهقي (1/ 178) . قلت: وسنده حسن. 4162 - (كان أحب التمر إليه العجوة) . ضعيف جداً أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 220) عن الحديث: 4162 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 184 عون بن عمارة: أخبرنا حفص بن جميع، عن ياسين الزيات، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ياسين الزيات؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي وابن الجنيد: "متروك". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات". 4163 - (كان إذا أتاه رجل فرأى في وجهه بشراً أخذ بيده) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 378-379) من طريق شريك، عن يزيد ابن أبي زياد، عن عكرمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه ضعيفان: يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم -، وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي -. الحديث: 4163 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 185 4164 - (كان إذا أتي بلبن قال: بركة أو بركتان) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3321) ، وأحمد (6/ 145) من طريق جعفر بن برد الراسبي: حدثتني مولاتي أم سالم الراسبية قالت: سمعت عائشة تقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أم سالم هذه لا تعرف؛ قال الذهبي: "تفرد عنها مولاها جعفر بن برد". يعني: أنها مجهولة. وجعفر بن برد؛ قال الدارقطني: "مقل يعتبر به". الحديث: 4164 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 185 4165 - (كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة؛ سقاه من ماء زمزم) . ضعيف أخرجه أبو بكر بن سلمان الفقيه في "مجلس من الأمالي" (5/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 304) عن محمد بن حميد الرازي: حدثنا جرير، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "حديث غريب". يعني: ضعيف، وعلته الرازي هذا؛ فإنه ضعيف مع حفظه. الحديث: 4165 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 4166 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه يأتيها من وراء الحجاب فيقول: يا بنية! إن فلاناً قد خطبك، فإن كرهتيه فقولي: لا؛ فإنه لا يستحي أحد أن يقول: لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 5/ 1) ، وابن عدي (7/ 261-262) عن يزيد ابن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد عن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل يزيد هذا - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ: "لين الحديث". وقد روي مرسلاً؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 4/ 1) و (4/ 136 - ط) : حفص، عن ابن جريج، عن عطاء مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق (6/ 144) عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني به. فهو معضل. الحديث: 4166 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 ورواه ابن عساكر (4/ 289/ 1) عن بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم - يعني: ابن أدهم -: حدثني أبي أدهم بن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به دون قوله: "فإن كرهتيه ... ". قلت: وأدهم بن منصور؛ لم أجد له ترجمة، وسائر رجاله موثقون. ورواه عبد الرزاق (6/ 141-142) ، والبيهقي (7/ 123) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره. قلت: وهذا مرسل؛ المهاجر هذا؛ تابعي مجهول الحال. وقد وصله أبو الأسباط، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قالا: فذكره نحوه. أخرجه البيهقي وقال: "المحفوظ من حديث يحيى، مرسل". قلت: وكل هذه الروايات ليس فيها قوله: "فإن كرهتيه فقولي: لا ... " إلخ، فدل على نكارته. وحديث أبي هريرة قد جاء بإسناد آخر خير من هذا، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2973) . 4167 - (كان إذا أراد سفراً قال: اللهم بك أصول، وبك أجول، وبك أسير) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 90 و 191) ، والبزار (3126) ، وابن جرير الطبري في "التهذيب" (رقم7 - مسند علي) وصححه، عن أبي سلام عبد الملك الحديث: 4167 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 187 ابن مسلم بن سلام، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعد، عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير عمران بن ظبيان؛ فقال البخاري: "فيه نظر". وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه". وذكره العقيلي، وابن عدي في "الضعفاء". وأما يعقوب بن سفيان؛ فقال: "ثقة"، وهو لازم تصحيح الطبري لإسناده، وتناقض فيه ابن حبان، فأورده في "الثقات" وفي "الضعفاء" أيضاً؛ وقال: "فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به". وقال الحافظ: "ضعيف، ورمي بالتشيع". والحديث عزاه السيوطي لأحمد، فقال المناوي: "وكذا البزار - برقم (3126) لكن فيه "وبك أقاتل" مكان "وبك أسير" -، قال الهيثمي: "رجالهما ثقات" اهـ. فإشارة المصنف لحسنه تقصير، بل حقه الرمز لصحته". كذا قال، وكأنه لم يرجع بنفسه إلى إسناد الحديث ليتعرف على رجاله، وليتبين له تساهل الهيثمي في توثيقهم، وفيهم عمران هذا الذي ضعفه الأئمة، ولم يوثقه غير يعقوب بن سفيان ثم ابن حبان على تناقضه فيه. والحديث قد صح من حديث أنس رضي الله عنه نحوه؛ لكن في الغزو، وقال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 188 "وبك أقاتل" مكان "وبك أسير". وهو لفظ البزار. وهو مخرج في "الكلم الطيب" (126) ، وفي "صحيح أبي داود" (2366) . 4168 - (كان يدعو إذا استسقى: اللهم! أنزل في أرضنا بركتها، وزينتها، وسكنها، [وارزقنا وأنت خير الرازقين] ) . ضعيف ذكره الهيثمي من حديث سمرة بن جندب، وقال (2/ 215) : "رواه الطبراني في "الكبير"، والبزار باختصار، وإسناده حسن أو صحيح". كذا قال، وقد أخرجه البزار (ص 75 - زوائده) من طريق سويد بن إبراهيم، عن قتادة، ومن طريق سعيد بن بشير، عن مطر؛ كلاهما، عن الحسن، عن سمرة به دون الزيادة. وسويد بن إبراهيم؛ صدوق سيىء الحفظ له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول؛ كما في "التقريب". ونحوه مطر، وهو ابن طهمان الوراق. وسعيد بن بشير؛ ضعيف. ومدار الطريقين على الحسن - وهو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه، مع اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة. ثم قال البزار: حدثنا خالد بن يوسف: حدثني أبي: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة: حدثنا خبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة بن جندب به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل: الأولى: سليمان - وهو ابن سمرة -؛ مجهول الحال. الثانية: خبيب بن سليمان؛ مجهول. الحديث: 4168 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 189 الثالثة: جعفر بن سعد بن سمرة؛ ليس بالقوي. الرابعة: يوسف - وهو ابن خالد السمتي -؛ قال الحافظ: "تركوه وكذبه ابن معين، وكان من فقهاء الحنفية". الخامسة: خالد بن يوسف؛ قال الذهبي في ترجمته من "الميزان": "أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف". وقال صاحب "الزوائد": "ويوسف واهي الحديث، ولكن توبع". قلت: فلينظر؛ هل يعني أنه توبع متابعة تامة أم قاصرة؟ وعلى كل حال فالحديث ضعيف؛ من الطريقين، لاحتمال أن يكون الحسن تلقاه من سليمان بن سمرة المجهول. وكأنه لذلك قال ابن حجر: "إسناده ضعيف". كما نقله المناوي وأقره. 4169 - (كان إذا استلم الركن اليماني قبله ووضع خده عليه) . ضعيف رواه ابن خزيمة (2727) ، والحاكم (1/ 456) ، وأبو يعلى (4/ 472-473) ، وابن عدي (212/ 2) ، والبيهقي (5/ 76) ، عن عبد الله ابن مسلم بن هرمز، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي: "ابن هرمز مقدار ما يرويه لا يتابع عليه". وقال البيهقي: "تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو ضعيف، والأخبار عن ابن عباس في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه، إلا أن يكون أراد بالركن اليماني الحجر الأسود؛ فإنه أيضاً يسمى بذلك؛ فيكون موافقاً لغيره". قلت: كلا؛ فإن في هذا وضع الخد عليه، وهذا منكر لم يتابع عليه ابن هرمز؛ الحديث: 4169 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 190 ولم يرد في شيء من تلك الأخبار التي أشار إليها البيهقي، ولا يخفى أن السجود عليه شيء، ووضع الخد عليه شيء آخر. فتأمل. وحديث السجود عليع؛ مخرج في "الإرواء" (1112) . وأما الحاكم فقال: "صحيح الإسناد"! ووقع في "تلخيص الذهبي": "صحيح، وعبد الله بن مسلم بن هرمز هذا؛ ضعفه غير واحد، وقال أحمد: صالح الحديث". قلت: هكذا وقع في المطبوعة: "صحيح ... " ثم تضعيف ابن هرمز، وهذا - فيما يبدو لي - ناقض ومنقوض، فلعله سقط من بينها لفظة: "قلت"، والصواب: "صحيح. قلت ... " كما هي الجادة عنده، وهذا هو المناسب للتضعيف المذكور، ولجزمه بضعف ابن هرمز في "الكاشف". وقول أحمد فيه: "صالح الحديث" لو سلم به على إطلاقه؛ فلا يقبل عند مخالفته وروايته المنكر كهذا. 4170 - (كان إذا اشتدت الريح الشمال قال: اللهم! إني أعوذ بك من شر ما أرسلت - وفي رواية: أرسل فيها -) . ضعيف أخرجه البزار "كشف" (3117) والرواية له، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 82) ، وابن السني في "عمل اليوم" (295) ، وابن عساكر (18/ 135/ 1) عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن يزيد بن الحكم بن أبي العاص، عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً. الحديث: 4170 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 191 قلت: هذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن الحكم ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 257) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعبد الرحمن بن إسحاق - هو أبو شيبة الواسطي -؛ ضعيف اتفاقاً. 4171 - (كان إذا اشتكى اقتمح كفاً من شونيز، وشرب عليه ماء وعسلاً) . موضوع أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1/ 342) عن أبي عمران سعيد بن ميسرة، عن أنس بن مالك: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ سعيد بن ميسرة؛ قال ابن حبان: "يروي الموضوعات". وقال الحاكم: "روى عن أنس موضوعات". وكذبه يحيى القطان. الحديث: 4171 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 192 4172 - (كان إذا أصابه رمد أو أحداً من أصحابه؛ دعا بهؤلاء الكلمات: اللهم متعني ببصري، واجعله الوارث مني، وأرني في العدو ثأري، وانصرني على من ظلمني) . ضعيف جداً أخرجه ابن السني (559) ، والحاكم (4/ 413-314) عن يوسف بن عطية قال: جلست إلى يزيد الرقاشي فسمعته يقول: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه: فذكره مرفوعاً. قلت: سكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه ضعيفان". الحديث: 4172 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 192 وأقول: أحدهما ضعيف جداً، وهو يوسف بن عطية، وهو الصفار البصري؛ قال الحافظ: "متروك". 4173 - (كان إذا أصابه كرب أو غم يقول: حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرزاق من المرزوقين، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج والشدة" (ص 15) عن خليل بن مرة، عن فقيه أهل الأردن، قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالعلل: فقيه أهل الأردن؛ مجهول لم يسم، والظاهر أنه تابعي، فهو إلى ذلك مرسل. والخليل بن مرة؛ ضعيف. الحديث: 4173 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 193 4174 - (كان إذا اطلى حلق عانته بيده) . ضعيف رواه ابن سعد (1/ 442) ، وأبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن في "نسخة أبي مسهر" (3/ 1) عن سفيان، عن منصور قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا معضل؛ رجاله ثقات. ثم رواه ابن سعد من طريقين أخريين، عن منصور وحبيب بن أبي ثابت قالا: فذكره مرسلاً. وعن إبراهيم؛ معضلاً. الحديث: 4174 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 193 وقد وصله كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلى وولي عانته بيده". أخرجه ابن ماجه (3752) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 67) وقال: "غريب من حديث حبيب، تفرد به كامل". قلت: كلا؛ فقد تابعه أبو هاشم الرماني، عن حبيب بلفظ: "كان إذا اطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة، وسائر جسده أهله". أخرجه ابن ماجه أيضاً (3751) . قلت: ورجاله ثقات، فهو صحيح الإسناد لولا أن حبيب بن أبي ثابت كان يدلس، بل قد قال أبو زرعة: "لم يسمع من أم سلمة". وقال الحافظ في "التهذيب". "أرسل عن أم سلمة". 4175 - (كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم إني أسألك من فجأة الخير، وأعوذ بك من فجأة الشر؛ فإن العبد لا يدري ما يفجأه إذا أصبح وإذا أمسى) . ضعيف جداً أخرجه أبو يعلى (2/ 852) ، وعنه ابن السني (37) عن يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ لما عرفت آنفاً من حال ابن عطية قبل حديثين. (تنبيه) : أورده السيوطي في "الجامع" بلفظ: الحديث: 4175 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 194 "كان إذا أصبح يدعو بهذه ... " والباقي مثله سواء؛ من رواية أبي يعلى وابن السني، وهو عندهما باللفظ المذكور أعلاه، فقدم السيوطي فيه وأخره سهواً. 4176 - (كان إذا أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقذ لذلك ساعة كهيئة السكران) . ضعيف جداً أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 197) عن عبيد الله ابن موسى العبسي قال: أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع إرساله؛ فيه جابر وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف؛ بل اتهمه بعضهم. الحديث: 4176 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 4177 - (كان إذا بعث أميراً قال: اقصر الصلاة، وأقل من الكلام؛ فإن من الكلام سحراً) . ضعيف جداً رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 338) ، وعنه الخطيب (6/ 59-60) قال: حدثنا أبو محمد بن حيان: حدثنا حمدان بن الهيثم: حدثنا الهيثم ابن خالد البغدادي: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي: حدثنا جميع بن ثوب، عن يزيد ابن خمير، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جميع بن ثوب؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". الحديث: 4177 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 ومن طريقه؛ أخرجه الطبراني في "الكبير"، وقال المناوي: "رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد أعله الحافظ الهيثمي بأنه من رواية جميع بن ثوب؛ وهو متروك". 4178 - (كان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار) . ضعيف أخرجه أبو داود (2606) ، والدارمي (2/ 214) ، والترمذي (1/ 228) ، وابن ماجه (2236) ، وأحمد (3/ 416 و 417 و 431-432 و 4/ 384 و 390) عن عمارة بن حديد، عن صخر الغامدي مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن". قلت: كذا قال، ولعله يعني أنه حسن لغيره، وإلا؛ فعمارة هذا مجهول اتفاقاً؛ إلا ابن حبان فوثقه على قاعدته المعروفة في توثيق المجهولين، ولو مجهول العين كهذا. ولم أجد للحديث شاهداً نقويه به. فالله أعلم. الحديث: 4178 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 196 4179 - (كان إذا تعار من الليل قال: رب اغفر وارحم، واهدني السبيل الأقوم) . ضعيف أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 43) عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو كثير هذا؛ قال الترمذي: "لا يعرف". وعبد الرحمن بن إسحاق؛ إن كان المدني فهو حسن الحديث، وإن كان الواسطي فضعيف. الحديث: 4179 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 196 والحديث رواه حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أم سلمة بلفظ. "كان يقول ... " فذكره؛ دون التعار. أخرجه أبو يعلى (12/ 6893) ، وأحمد (6/ 203-204 و 315) . وهذا ضعيف أيضاً؛ الحسن - هو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان -؛ ضعيف. 4180 - (كان إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 12) عن رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، وقال: "هذا حديث غريب، وإسناده ضعيف، ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي؛ يضعفان في الحديث". الحديث: 4180 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 4181 - (كان إذا توضأ صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1146) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن أبا إسحاق كان اختلط، ولعل أبا الأحوص سمع منه هذا الحديث بعد اختلاطه؛ فإنه يبدو لي أنه اختصره اختصاراً مخلاً، بحيث يتبادر للذهن أن الركعتين المذكورتين هما سنة الوضوء؛ وهو ما فهمه المناوي فقال: الحديث: 4181 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 "وفيه ندب ركعتين سنة الوضوء، وأن الأفضل فعلهما في بيته قبل إتيان المسجد"! وليس ذلك هو المراد، وإنما هما سنة الفجر، وقد أشار إلى ذلك ابن ماجه نفسه بإخراجه الحديث تحت: "باب ما جاء في الركعتين قبل الفجر". ويدلك على ذلك سياق الحديث بتمامه عند مسلم (2/ 167) وغيره، عن زهير أبي خيثمة، عن أبي إسحاق قال: سألت الأسود بن يزيد عما حدثته عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: "كان ينام أول الليل، ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول - قالت: - وثب - ولا والله ما قالت: قام -، فأفاض عليه الماء - ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد -، وإن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين". وزاد أحمد (6/ 214) من طريق إسرائيل عنه: "ثم خرج إلى المسجد"، وللبخاري نحوه (1146) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، لكنه لم يذكر الركعتين. وكذا رواه ابن حبان (2584) . ولابن ماجه منه (1365) جملة النوم فقط. فالحديث على هذا شاذ لا يصح. والله أعلم. 4182 - (كان إذا جاءه جبريل، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم؛ علم أنها سورة) . ضعيف أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 231) عن مثنى بن الصباح، الحديث: 4182 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 198 عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: مثنى؛ قال النسائي: متروك". وقال الحافظ: "ضعيف، اختلط بآخره، وكان عابداً". وقد خالفه سفيان بن عيينة فقال: عن عمرو بن دينار بلفظ: "كان لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) ". وقال الذهبي: "قلت: أما هذا؛ فثابت". قلت: وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (754) . 4183 - (كان إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه) . ضعيف جداً رواه الدولابي (1/ 53 و 89) عن جابر، عن يزيد بن مرة، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يزيد بن مرة؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 287) ونسبه الجعفي، وقال: "روى عن عمر بن الخطاب، مرسل، وعن سلمة بن يزيد. روى عنه جابر الجعفي". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول. وجده؛ لم أعرفه. الحديث: 4183 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 199 وجابر - هو ابن يزيد الجعفي -؛ ضعيف، بل اتهمه بعضهم. والحديث ذكره السيوطي من رواية البغوي عن والد مرة. قال المناوي: "الثقفي". وأظنه وهماً منه رحمه الله؛ وإنما هو الجعفي كما سبق. 4184 - (كان إذا حم؛ دعا بقربة من ماء، فأفرغها على قرنه، فاغتسل) . ضعيف أخرجه الأنصاري في "جزئه" (6/ 2) ، ومن طريقه الحاكم (4/ 403-404) عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: كذا قالا! والحسن مدلس وقد عنعنه، على اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة. وإسماعيل بن مسلم - هو أبو إسحاق المكي -؛ وهو ضعيف. الحديث: 4184 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 4185 - (كان إذا خلا في بيته؛ ألين الناس، وأكرم الناس، ضحاكاً بساماً) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 365) ، والخرائطي (ص 11) ، وابن عدي (64/ 2) ، وتمام (235/ 1) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال الحافظ: "حارثة بن أبي الرجال؛ ضعيف". وقال الذهبي: الحديث: 4185 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 "ضعفه أحمد وابن معين. وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث، لم يعتد به أحد". 4186 - (كان إذا دخل الجبانة قال: السلام عليكم أيتها الأرواح الفانية، والأجداث البالية، والعظام النخرة، التي خرجت من الدنيا وهي بالله مؤمنة، اللهم! أدخل عليهم روحاً منك، وسلاماً منا) . ضعيف رواه الديلمي (2/ 218) عن ابن السني معلقاً - وهذا في "عمل اليوم والليلة" (586) -، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (ق 94/ 1) من طريق إبراهيم بن أحمد بن عمرو الضحاك: حدثنا عبد الوهاب بن جابر (وفي نسخة من "العمل": حامد) التيمي: حدثنا حبان بن علي العنزي، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ العنزي ضعيف مع فقهه وفضله. واللذان دونه؛ لم أعرفهما. وقد صرح ابن رجب في "الأهوال" (ق 131/ 2) بأن عبد الوهاب لا يعرف، وحبان ضعيف. والحديث ظاهر النكارة، لوصفه الأرواح بأنها فانية، وهذا خلاف ما عليه المسلمون جميعاً، ولذلك تأوله المناوي تأويلاً بعيداً فقال: "أي: الأرواح التي أجسادها فانية". وكأنه اغتر بهذا التأويل بعض الخطباء في هذا البلد، فأورد الحديث في جزء صغير ضمنه أحاديث انتقاها من "الجامع الصغير"، منها هذا الحديث، ولم يدر أن التأويل فرع التصحيح، وأن الحديث ليس بصحيح. والله المستعان. وقد وجدت حديثاً آخر فيه هذا الوصف، في حديث أورده السيوطي من رواية الحديث: 4186 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 201 الديلمي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 150-151) فليراجعه من شاء. وروى عبد الغني من طريق هشيم بن بشير، عن أبي محمد الأسدي، عن الحسن البصري قال: "من دخل المقابر قال: اللهم رب هذه الأجساد البالية .... (إلخ) ؛ إلا أشفعوا له كل ميت منذ خلق الله الأرض". وهذا مع كونه مقطوعاً، فإن أبا محمد الأسدي؛ الظاهر أنه الذي حدث عنه جرير؛ قال الذهبي فيه: "مجهول". 4187 - (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، وإذا خرج قال: الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (24) عن حبان ابن علي العنزي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد بن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف العنزي وإسماعيل بن رافع. وأخرج البغوي (3/ 187 - دار طيبة) شطره الأول. الحديث: 4187 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 4188 - (كان إذا دخل الخلاء قال: يا ذا الجلال) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (18) عن زكريا ابن أبي زائدة، عن النخعي، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الظاهر أن النخعي هذا هو إبراهيم بن يزيد الحديث: 4188 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 النخعي، ولم يثبت سماعه من عائشة؛ كما في "التهذيب". 4189 - (كان إذا دخل الغائط قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (17) عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل عنعنة الحسن وقتادة، وضعف إسماعيل ابن مسلم - وهو أبو إسحاق البصري -. والحديث رواه أبو داود في "مراسيله" عن الحسن مرسلاً. ورواه ابن ماجه (299) عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ: "لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس ... " والباقي مثله. وهذا إسناد واه، قال ابن حبان: "إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم؛ فهو مما عملته أيديهم". وروي الحديث عن بريدة وهو: الحديث: 4189 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 203 4190 - (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، وكان إذا خرج قال: غفرانك وإليك المصير) . ضعيف جداً رواع ابن عدي (101/ 1) عن حفص بن عمر بن ميمون: الحديث: 4190 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 203 حدثنا المنذر بن ثعلبة، عن علباء بن أحمر، عن علي. وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً، وقال: "قد جمع فيه صاحبيين: علياً وبريدة، وجميعاً غريبان في هذا الباب. وما أظن رواهما غير حفص بن عمر هذا، وعامة حديثه غير محفوظ". قلت: وهو مختلف فيه؛ فقد قيل فيه: ثقة، لكن ضعفه الجمهور، وقال ابن معين والنسائي: "ليس بثقة". وقال العقيلي: "يحدث بالأباطيل". وقال الدارقطني: "ضعيف". وقال في "العلل": "متروك". 4191 - (كان إذا دخل المرفق لبس حذاءه وغطى رأسه) . ضعيف رواه ابن سعد (1/ 383) ، والبيهقي (1/ 96) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن حبيب بن صالح قال: فذكره موفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إعضاله، فيه أبو بكر بن أبي مريم؛ وكان ضعيفاً لاختلاطه. وقد روي الحديث من وجه آخر موصولاً بلفظ: الحديث: 4191 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 4192 - (كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) . ضعيف رواه أبو نعيم (7/ 138-139) ، والبيهقي (1/ 96) ، وأبو الحسن الحديث: 4192 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 النعالي في "حديثه" (124/ 2) عن محمد بن يونس بن موسى القرشي، عن خالد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. ومن هذا الوجه؛ رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" (13/ 138/ 2) ، وابن عدي (316/ 2) وقال: "ومحمد بن يونس الكديمي كان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخاً لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخاً حتى يقول: حدثنا شاصويه بن عبيد ... ". وقال البيهقي: "والكديمي أظهر من أن يحتاج إلى أن يبين ضعفه". قلت: وشيخه المخزومي قريب منه؛ فقد قال الحافظ: "متروك". وقد توبع؛ فقد قال أبو نعيم عقبه: "تفرد به عن الثوري خالد وعلي بن حيان المخزومي". ثم ساقه من طريق إبراهيم بن راشد: حدثنا علي بن حيان الجزري: حدثنا سفيان الثوري به. وعلي بن حيان هذا؛ لم أجد من ذكره. وإبراهيم بن راشد؛ قال الذهبي: "وثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي". وبالجملة؛ فالحديث لم يتفرد به الكديمي فهو بريء العهدة منه، والعلة من شيخه المتروك، وعلي بن حيان المجهول. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 205 4193 - (كان إذا دعا لرجل أصابته، وأصابت ولده، وولد ولده) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 385-386) ، وابن أبي شيبة (12/ 44/ 1) ، وابن بشران في "الأمالي" (ق 170/ 1) عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن حذيفة. وأبو بكر بن عمرو بن عتبة؛ هو الثقفي؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 341) . "روى عنه مسعر والمسعودي وعبد الله بن الوليد". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال. الحديث: 4193 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 4194 - (كان إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه، ثم سلم) . ضعيف رواه ابن عدي (296/ 2) ، والبيهقي (3/ 205) ، وابن عساكر (14/ 9/ 2) عن الوليد بن مسلم، عن عيسى بن عبد الله الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي: "تفرد به عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير أبو موسى الأنصاري، قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه". ومن طريقه؛ رواه الطبراني أيضاً في "الأوسط" (2/ 117/ 2) وقال: "تفرد به الوليد". قلت: وهو يدلس تدليس التسوية. ومما تقدم تعلم خطأ العلامة صديق حسن خان في كتابه "الموعظة الحسنة"؛ الحديث: 4194 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 فإنه جزم بنسبة ما تضمنه الحديث من شرعية تسليم الخطيب على الحاضرين لديه، ثم إذا صعد المنبر سلم أيضاً، وإنما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - تسليمه عند جلوسه على المنبر، وذلك بمجموع طرقه وعمل الخلفاء به من بعده؛ كما بينته في "الصحيحة" (2076) ، وانظر تعليقي على هذا الخطأ في رسالتي "الأجوبة النافعة" (ص 50 - الطبعة الأولى) . 4195 - (ما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى السماء إلا قال: يا مصرف القلوب! ثبت قلبي على طاعتك) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (300) عن صالح بن محمد بن زائدة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل صالح هذا؛ فإنه ضعيف؛ كما قال الحافظ. الحديث: 4195 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 4196 - (كان إذا رأى سهيلاً قال: لعن الله سهيلاً؛ فإنه كان عشاراً فمسخ) . موضوع رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 644) عن إسرائيل ابن يونس، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي مرفوعاً. قلت، وهذا إسناد موضوع؛ آفته جابر هذا - وهو الجعفي - وهو كذاب؛ كما سبق غير مرة، ومع ذلك فقد سود به السيوطي "الجامع الصغير"! وقد روي بلفظ آخر، وهو: الحديث: 4196 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 "لعن الله سهيلاً (ثلاث مرات) ؛ فإنه كان يعشر الناس في الأرض؛ فمسخه الله شهاباً". رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 12/ 1) ، ومشرق بن عبد الله الفقيه في "حديثه" (65/ 1) عن سفيان، عن جابر به مرفوعاً. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: "لا يصح؛ مداره على جابر الجعفي وهو كذاب، ورواه وكيع عن الثوري موقوفاً، وهو الصحيح". قلت: وعليه؛ فهو من الإسرائيليات؛ رفعه هذا الكذاب! وقد تعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 160) بأمرين: الأول: أن جابراً وثقه شعبة وطائفة. قلت: وقد كذبه آخرون من الأئمة؛ منهم ابن معين، وأحمد، وزائدة وحلف على ذلك، وغيرهم.والجرح مقدم على التعديل؛ فما فائدة التعقب بالتوثيق المذكور بعد الجرح المفسر؟! الثاني: أن له طريقاً أخرى؛ ساقها من رواية أبي الشيخ في "العظمة" بسند له فيه جهالة، عن إسحاق بن سليمان، عن عمر بن قيس، عن يحيى بن عبد الله، عن أبي الطفيل مرفوعاً به. قلت: وسكت عنه السيوطي فأساء؛ لأنه مع الجهالة التي أشرنا إليها؛ فإن عمر بن قيس - وهو أبو جعفر المعروف بـ "سندل" -؛ متفق على تضعيفه، وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال أحمد: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 208 "أحاديثه بواطيل". قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة. وللحديث شاهد شر من هذه؛ أخرجه ابن السني أيضاً (رقم 646) عن عثمان ابن عبد الرحمن: حدثنا إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً نحوه. وهذا إسناد موضوع؛ عثمان بن عبد الرحمن - هو الوقاصي -؛ وهو كذاب، وقد مضى مراراً. وشيخه إبراهيم بن يزيد؛ الظاهر أنه الخوزي وهو ضعيف جداً؛ قال أحمد والنسائي: "متروك". وقال ابن معين: "ليس بثقة". وقال البخاري: "سكتوا عنه". ثم رأيته عند البزار (1/ 427/ 902) من طريق عبد الأعلى - وهو ابن عبد الأعلى السامي الثقة -: حدثنا إبراهيم بن يزيد به. ثم رواه (903) من طريق مبشر بن عبيد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر. ومبشر؛ كذاب. 4197 - (كان إذا خرج من الغائط قال: الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله، وآخره) . موضوع أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (23) عن عبد الله بن الحديث: 4197 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 209 محمد العدوي: حدثني عبد الله الداناج، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العدوي هذا؛ قال الحافظ: "متروك، رماه وكيع بالوضع". 4198 - (كان إذا زوج أو تزوج نثر تمراً) . موضوع أخرجه البيهقي في "السنن" (7/ 287-288) عن عاصم بن سليمان: أخبرنا هشام بن عروة، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال البيهقي: "عاصم بن سليمان؛ بصري رماه عمرو بن علي بالكذب، ونسبه إلى وضع الحديث". وقال الساجي وابن عدي: "يضع الحديث". وقال الطيالسي: "كذاب". وروى البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمرو: أخبرنا القاسم بن عطية، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر". وقال: "الحسن بن عمرو - وهو ابن سيف العبد ي -؛ بصري عنده غرائب". قلت: بل هو شر من ذلك؛ فقد كذبه ابن المديني، وقال البخاري: "كذاب". وقال الرازي: الحديث: 4198 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 210 "متروك". وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه متروك. 4199 - (كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه (وفي رواية: إلى وجهه) ، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه) . ضعيف بتمامه أخرجه أحمد (4/ 56) من طريق ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن خلاد بن السائب الأنصاري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان: الأولى: خلاد هذا؛ مختلف في صحبته؛ قال الحافظ في "التقريب": "ثقة من الثالثة، ووهم من زعم أنه صحابي". قلت: وهذا التوثيق من الحافظ اجتهاد منه، وكأن وجهه أنه تابعي روى عنه جماعة من الثقات، ولم يجرح، وإلا فهو لم يحك في "التهذيب" توثيقه عن أحد، بل نقل عن العجلي أنه قال: "ما نعرفه". والأخرى: سوء حفظ ابن لهيعة. والحديث قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 168) : "رواه أحمد مرسلاً، وإسناده حسن"! (تنبيه) : عزاه السيوطي في "الجامع" لـ (حم - عن السائب بن خلاد) . يعني والد الخلاد بن السائب، وعليه؛ فالحديث متصل، وهو وهم من السيوطي رحمه الله، سببه أنه رأى الحديث عند أحمد في "مسند السائب بن الحديث: 4199 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 211 خلاد" فتوهم أنه عنه، ولم يتنبه أن الراوي لم يقل في إسناده: "عن أبيه"، وإنما أوقفه على الخلاد بن السائب، ولذلك جزم الهيثمي بأنه مرسل كما رأيت، ولم يتنبه لهذا المناوي، فقال عقب عبارة الهيثمي السابقة: "وفيه إيذان بضعف هذا المتصل، فتحيز المصنف له كأنه لاعتضاده"! . كذا قال! وقد علمت أن المتصل لا أصل له عند أحمد. نعم؛ قد عزاه الهيثمي (10/ 169) للطبراني عن خلاد بن السائب، عن أبيه بالشطر الأول منه؛ وقال: "وفيه حفص بن هاشم بن عتبة؛ وهو مجهول". قلت: وهذا الشطر هو عند أحمد أيضاً؛ لكن من الطريق الأولى مرسلاً، والتي فيها ابن لهيعة. والظاهر أنه في طريق الطبراني أيضاً؛ فقد ذكر الذهبي في ترجمة حفص هذا أنه: "روى عنه ابن لهيعة وحده". وإذا صح هذا؛ فيكون ابن لهيعة قد اضطرب في إسناد الحديث؛ فتارة أرسله، وتارة وصله من طريق هذا المجهول. والله أعلم. لكن هذا الشطر له شواهد؛ منها عند الطبراني في "الكبير" (3/ 150/ 1) عن ابن عباس مرفوعاً: "كان إذا دعا جعل باطن كفه إلى وجهه". وإسناده ضعيف، لا بأس به في الشواهد. بل قد ثبت الأمر بذلك والنهي عن السؤال بظهور الأكف؛ كما تقدم تحقيقه في "الصحيحة" (595) . الجزء: 9 ¦ الصفحة: 212 وأما الشطر الثاني من الحديث؛ فلم أجد له شاهداً نعضده به. نعم؛ روى حماد بن سلمة، عن بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً بعرفة يدعو هكذا - ورفع يديه حيال ثندوتيه، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض -". أخرجه أحمد (3/ 13) . قلت: فهذا ضعيف الإسناد؛ لأن بشراً هذا قال الهيثمي: "ضعيف". وقال الحافظ: "صدوق فيه لين". ومع ذلك فليس فيه ذكر الاستعاذة. ولحماد فيه إسناد آخر، قال: عن هشام بن عروة، عن أبيه وعمرو بن دينار وطاوس وثابت، عن أنس مرفوعاً بلفظ: "كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض". وسوى حماد كفيه وفرق أصابعه. أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (ق 27/ 1) من طريق المحاملي: حدثنا أحمد بن علي الجواربي: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأ حماد - يعني ابن سلمة - به. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير الجواربي انقلب اسمه على أحد الرواة الذين دون المحاملي؛ فإن نسخة "المختارة" جيدة بخط المؤلف نفسه، وإنما أرجح هذا؛ لأن علي بن أحمد الجواربي قد ترجمه الخطيب في "التاريخ" (11/ 314-315) ، ثم السمعاني في "الأنساب" (3/ 364-365) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 213 وذكرا في شيوخه يزيد بن هارون، وفي الرواة عنه القاضي المحاملي، ووثقاه، مات سنة (255) . فإذا صح هذا الإسناد، فإني أظن أن في الحديث اختصاراً بينته رواية الحسن ابن موسى: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت به بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء". أخرجه مسلم (3/ 24) . فبينت هذه الرواية أن ذلك كان في الاستسقاء، وليس في الاستعاذة، ولا في كل دعاء، وقد قالوا - كما في "المرقاة" (2/ 284) -: "فعل هذا تفاؤلاً بتقلب الحال ظهراً لبطن، وذلك نحو صنيعه في تحويل الرداء". وقال النووي في "شرحه": "قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، احتجوا بهذا الحديث". 4200 - (كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته) . ضعيف رواه ابن سعد (1/ 455) : أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري: أخبرنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن صالح بن خيوان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ صالح بن خيوان - بالخاء المعجمة، ويقال: بالمهملة -؛ لم يوثقه غير العجلي. وقال الذهبي: "ما روى عنه سوى بكر، قال عبد الحق: لا يحتج به". الحديث: 4200 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 214 والنيسابوري؛ قال الحافظ: "متروك، مع معرفته، لأنه كان يتلقن، وقد أطلق عليه ابن معين الكذب". قلت: وقد خولف في متنه؛ فقال بحر بن نصر: قرىء على ابن وهب: أخبرك ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة الجذامي به بلفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأى رجلاً يسجد بجبهته، وقد اعتم على جبهته، فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبهته". أخرجه البيهقي (2/ 105) وقال: "وفيما روى معاوية بن صالح، عن عياض بن عبد الله القرشي قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يسجد على كور عمامته فأومأ بيده: ارفع عمامتك. وأومأ إلى جبهته. وهذا المرسل شاهد لمرسل صالح". كذا قال! وفيه نظر؛ لأنه يشترط في تقوية المرسل بمثله: أن يكون شيوخ مرسل كل منهما غير شيوخ الآخر، وهذا غير معروف هنا. 4201 - (كان إذا سلم من صلاته قال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)) . ضعيف جداً رواه عبد بن حميد في "مسنده" - وهو من ثلاثياته - (78/ 2) : حدثنا علي بن عاصم، عن أبي هارون العبد ي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وهو في "المنتخب من سنده" (105) من طريق سفيان، عن أبي هارون به نحوه. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 303) : حدثنا هشيم، عن أبي هارون به. والطبراني في "الدعاء" (2/ 1091/ 651) عن سفيان به. ورواه أبو يعلى (1/ 311) من طريق حماد، عن أبي هارون قال: الحديث: 4201 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 215 قلنا لأبي سعيد: هل حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً كان يقوله بعدما يسلم؟ قال: نعم، "كان يقول: سبحان ربك رب العزة عما يصفون ... " فذكره. وهذا إسناد ضعيف جداً، أبو هارون العبد ي - واسمه عمارة بن جوين -؛ قال الحافظ: "متروك، ومنهم من كذبه". أما قول الهيثمي (2/ 148) . "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات". فهو وهم محض، لا أدري وجهه! ولا يقال: لعل الوجه أنه وقع عنده: "عن أبي هريرة" بدل "عن أبي هارون"؛ فإني أظنه خطأ من الطابع أو الناسخ، وليس من الهيثمي نفسه. والله أعلم. والحديث لم يتكلم عليه المناوي بشيء سوى أنه قال: "رمز المصنف لحسنه". والظاهر أن المناوي لم يقف على إسناده، وإلا لتعقبه ببيان ضعفه الشديد؛ كما هي عادته في مثله. وقد وجدت له شاهداً، ولكن واه لا يفرح به، يرويه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: "كنا نعرف انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة بقوله: سبحان ربك ... " إلخ. أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 114/ 1) ، وفي "الدعاء" (652) . وابن عمير هذا؛ قال البخاري: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 216 "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك". ومما يؤكد نكارته؛ أن المحفوظ عن ابن عباس قوله: "كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير". أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أبي سعيد عنه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (920 و 921) . وفي الطبراني حديث آخر بنحو حديث الترجمة، وقد خرجته فيما يأتي برقم (6529) المجلد الرابع عشر من هذه "السلسلة"، وبينت أن في إسناده كذاباً. 4202 - (كان إذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي جعله عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (1/ 8/ 2) ، وأبو نعيم (8/ 137) عن جابر، عن أبي جعفر مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ جابر هذا هو الجعفي وهو متهم، وأبو جعفر هو الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو تابعي ثقة، فالحديث مرسل. وعزاه السيوطي في "الجامع" لأبي نعيم في "الحلية" فقط، وهو قصور. وعزاه شارحه المناوي للطبراني أيضاً في "الدعاء". ورواه ابن عبد الهادي في "أحاديث منتقاة" (338/ 1) عن ابن جريج، عن ابن خثيم مرفوعاً. ورجاله ثقات، لكنه مرسل أيضاً، وابن جريج مدلس وقد عنعنه. الحديث: 4202 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 217 4203 - (كان إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس، يحمد الله عز وجل في كل نفس، ويشكره في آخرهن) . ضعيف جداً أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (465) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 79/ 2) عن المعلى بن عرفان، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: فذكره. قلت: هذا إسناد ضعيف جداً؛ معلى بن عرفان؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". ورواه ابن عدي في "الكامل" (129/ 1) عن داود بن محبر: حدثنا صالح المري، عن أبي عمران الجوني، عن أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في شرابه ثلاثاً، ويذكر اسم الله في كل مرة". قال ابن عدي: "وهذا من حديث أبي عمران الجوني، عن أنس عجب، ويرويه عنه صالح المري، ولا أعلم أتى به غير داود بن محبر". قلت: وهو وضاع. ورواه المعلى بإسناد آخر ولفظ آخر، وقد خرجته فيما سيأتي برقم (5929) . الحديث: 4203 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 4204 - (كان إذا شرب تنفس مرتين) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 345) ، وابن ماجه (3417) ، والطبراني في "الكبير" (150/ 1) ، وابن عدي في "الكامل" (135/ 2) ، والضياء في الحديث: 4204 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 "المختارة" (67/ 105/ 2) عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن كريب". قلت: وهو ضعيف. والمحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتنفس ثلاثاً. كما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس، وهو مخرج في "الصحيحة" (387) . 4205 - (كان إذا اتبع الجنازة أكثر الصمات، وأكثر حديث نفسه، وكانوا يرون أنه إنما يحدث نفسه بأمر الميت، وما يرد عليه، وما هو مسؤول عنه) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "الزهد" رقم (243) قال: أخبرنا عبد العزيز ابن أبي رواد، قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد معضل. وقد وصله ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "كان إذا شهد جنازة رأيت عليه كآبة، وأكثر حديث النفس". أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 113/ 1) ، والجرجاني في "الفوائد" (ق 168/ 2) . لكن ابن لهيعة سيىء الحفظ. ورواه الحاكم في "الكنى" عن عمران بن حصين كما في "الجامع الصغير"، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء، وغالب الظن أن إسناده لا يصح. الحديث: 4205 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 219 4206 - (كان إذا غضب لم يجترىء عليه أحد إلا علي) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 339 - الحرم المكي - زوائده) ، الحديث: 4206 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 219 وأبو نعيم (9/ 227) ، والحاكم (3/ 13) عن حسين الأشقر: حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن مخول، عن منذر الثوري، عن أم سلمة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: الأشقر وثق، وقد اتهمه ابن عدي، وجعفر تكلم فيه". قلت: وفيه علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين منذر الثوري - واسم أبيه يعلى - وأم سلمة، فقد أورده ابن حبان في "ثقات التابعين" (1/ 254 - طبع الهند) وقال: "يروي عن أم سلمة إن كان سمع منها". قلت: وجل روايته عن التابعين. والله أعلم. 4207 - (كان إذا غضبت أخذ بأنفها، وقال: يا عويشة قولي: اللهم رب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ اغفر ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن) . ضعيف رواه ابن عساكر (19/ 169/ 2) عن هشام بن عمار: أخبرنا عبد الرحمن ابن أبي الجون عن مؤذن لعمر، عن مسلم بن يسار، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن مؤذن عمر - ولعله ابن عبد العزيز - مجهول لم يسم. وعبد الرحمن بن أبي الجون؛ لم أعرفه أيضاً. وقد روي من طريق أخرى عنها، فقال ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (449) : أخبرني محمد بن المهاجر: حدثنا إبراهيم بن مسعود: حدثنا جعفر بن عون: حدثنا أبو العميس، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: الحديث: 4207 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 220 "كانت عائشة رضي الله عنها إذا غضبت عرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث مثله. قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ محمد بن المهاجر هذا - هو الطالقاني - يعرف بأخي حنيف؛ قال الذهبي: "كذبه صالح جزرة وغيره". وله ترجمة في "تاريخ بغداد" (3/ 302-303) ، و "اللسان". وإبراهيم بن مسعود؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 140) : "كتبت عنه وهو صدوق". ومن فوقه ثقات رجال الشيخين. ثم إن ظاهر الإسناد الإرسال. والله أعلم. وقد روي موصولاً من طريق أخرى بلفظ: "كان إذا غضبت عائشة وضع يده على منكبها فقال: اللهم اغفر لها ذنبها، وأذهب غيظ قلبها، وأعذها من مضلات الفتن". رواه ابن عساكر في "التاريخ" (18/ 153/ 1) ، وأبو منصور ابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" (37/ 2) عن بقية، عن يزيد بن أيهم، عن يزيد بن شريح، عن عائشة مرفوعاً. وقال أبو منصور: "هذا حديث حسن من حديث بقية بن الوليد". كذا قال! ولعله يعني الحسن اللغوي، وإلا؛ فبقية معروف بالتدليس عن المجهولين والكذابين، وقد عنعنه. واليزيدان فوقه؛ مقبولان عند الحافظ ابن حجر. والله أعلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 221 4208 - (كان إذا فاتته الأربع قبل الظهر؛ صلاها بعد الركعتين بعد الظهر) . منكر أخرجه ابن ماجه (1/ 353) ، وابن عدي (271/ 1) ، وتمام (9/ 1) عن قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة مرفوعاً. وقال: "لم يحدث به عن شعبة إلا قيس". قلت: وهو سيىء الحفظ، وقد خولف في متنه، فقال الترمذي (2/ 291 - شاكر) : حدثنا عبد الوارث بن عبيد العتكي المروزي: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء به نحوه؛ دون قوله "بعد الركعتين". وقال: "حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث ابن المبارك من هذا الوجه. وقد رواه قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحداً رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه كما ذكرنا؛ لا سيما عند المخالفة، والظن أنه هو المخالف وليس شعبة؛ فإنه حافظ ضابط. وعبد الوارث بن عبيد العتكي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع، وقال الحافظ: "صدوق". قلت: ويشهد لحديثه ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 202) : حدثنا شريك، عن هلال الوزان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: فذكره دون الركعتين أيضاً. الحديث: 4208 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 222 قلت: وهذا مرسل حسن الإسناد في الشواهد، فالحديث صحيح بغير الركعتين، وذكرهما منكر؛ لتفرد قيس بن الربيع بهما. (تنبيه) : عزا السيوطي الحديث في "الجامع": لابن ماجه عن عائشة. فقال المناوي عقبه: "وقال الترمذي: حسن غريب، ورمز المصنف لحسنه". قلت: فأوهم أمرين لا حقيقة لهما: الأول: أن الترمذي أخرج الحديث بلفظ ابن ماجه. والآخر: أنه حسنه. وقد عرفت أن الذي أخرجه الترمذي وحسنه ليس فيه الركعتان. وأما رمز السيوطي لحسنه؛ فلا قيمة له؛ كما شرحته في مقدمة "صحيح الجامع الصغير" و "ضعيف الجامع الصغير"، فليراجع من شاء أحدهما. وقد غفل عن التحقيق المتقدم المعلق على "زاد المعاد" (1/ 309) ؛ فقد قال بعد أن خرج الحديث برواية الترمذي وحسن إسناده ثم خرج الحديث برواية ابن ماجه: "وهو حسن بما قبله"! 4209 - (كان إذا فرغ من طعامه قال: اللهم لك الحمد، أطعمت وسقيت، وأشبعت وأرويت، فلك الحمد غير مكفور، ولا مودع، ولا يستغنى عنك) . ضعيف رواه أحمد (4/ 236) ، وابن عساكر (17/ 309/ 1) عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن أبي عبيد حاجب سليمان، عن نعيم بن سلامة، عن رجل من بني سليم كانت له صحبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... الحديث: 4209 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 223 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الأسلمي هذا؛ قال الحافظ: "ضعيف". وقد صح الحديث بلفظ آخر عن رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مخرج في "الصحيحة" (71) . 4210 - (كان إذا قال بلال: قد قامت الصلاة؛ كبر) . ضعيف رواه أبو القاسم بن أبي القعنب في "حديث القاسم بن الأشيب" (8/ 2) عن عاصم بن علي قال: حدثنا حجاج بن فروخ الكواز، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً. ورواه ابن عدي (71/ 2) من طرق عن حجاج به، وقال: "والحجاج هذا؛ لا أعرف له كبير رواية". قلت: قال ابن معين: "ليس بشيء". وضعفه النسائي. وشهر؛ سيىء الحفظ. قلت: والحديث منكر عندي؛ لمنافاته ما استفاض عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأمر بتسوية الصفوف قبل التكبير، ويبعد أن يكون ذلك والمؤذن يقيم الصلاة، وقد ثبت في "صحيح مسلم" وغيره: أن بلالاً رضي الله عنه كان لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. فإذا كبر حين قوله: "قد قامت الصلاة"؛ لم يبق هناك وقت لتسوية الصفوف وتعديلها، فثبت أن السنة التكبير بعد ذلك، والله أعلم. الحديث: 4210 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 4211 - (كان إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم) . منكر أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 86/ 1) عن النضر بن منصور، الحديث: 4211 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 عن سهل الفزاري، عن أبيه، عن جندب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سهل هذا وأبوه؛ قال الذهبي: "مجهولان، والحديث منكر". والنضر بن منصور؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة". والحديث قال المناوي: "رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال؛ فقد قال الحافظ الهيثمي: فيه من لم أعرفهم". 4212 - (كان إذا مر بالمقابر قال: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، والصالحين والصالحات، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) . موضوع بهذا السياق أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (583) عن محمد بن عمر الغربي: حدثنا عبد الله بن وهب، عن يزيد بن عياض، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يزيد بن عياض؛ كذبه مالك وابن معين وغيرهما. ومحمد بن عمر الغربي؛ لم أعرفه. والحديث قد صح من حديث أبي هريرة وغيره مختصراً دون قوله: "والصالحين والصالحات"، وهي مخرجة في كتابي "أحكام الجنائز وبدعها" (ص 189-191) . الحديث: 4212 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 225 4213 - (كان إذا مشى أسرع، حتى يهرول الرجل وراءه فلا يدركه) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 379) عن طلحة بن زيد، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد هالك؛ فإنه مع إرساله فيه طلحة بن زيد - وهو القرشي -؛ قال الحافظ. "متروك؛ قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث". وروى ابن سعد أيضاً من طريق رشدين بن سعد: حدثني عمرو بن الحارث، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: "ما رأيت شيئاً أحسن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع في مشيه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كأن الأرض تطوى له، إنا لنجهد وهو غير مكترث". ورشدين بن سعد؛ ضعيف. وانظر: "مختصر الشمائل" (رقم: 100) . الحديث: 4213 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 226 4214 - (كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يصلي ركعتين أو صلاة يودع بها المنزل) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (65/ 1 - من ترتيبه) ، وفي "جزء ما انتخبه الطبراني لابنه أبي ذر" (232/ 2) ، والحاكم (1/ 446) ، والبيهقي (5/ 253) عن أبي عاصم، عن عثمان بن سعد، عن أنس مرفوعاً. ورواه العقيلي من طريق أخرى (291) عن عثمان بن سعد الكاتب به؛ وقال: الحديث: 4214 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 226 "قال ابن معين: ليس بذاك. وقد روي هذا بإسناد أصلح من هذا". كذا قال، والظاهر أنه يعني ما أخرجه أبو داود وغيره؛ من طريق أخرى عن أنس بفلظ: " ... لم يرتحل حتى يصلي الظهر". فهذا غير حديث الترجمة؛ بل هو مما يعله، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1088) . وقال الحاكم عقب الحديث: "صحيح على شرط البخاري"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: كذا قال، وعثمان ضعيف، ما احتج به (خ) ". قلت: وكذلك جزم بضعفه الحافظ في "التقريب". ثم رأيت الحديث تقدم تخريجه بنحوه في هذه "السلسلة" برقم (1047) . 4215 - (كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم زد بيتك هذا تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبراً ومهابة) . موضوع رواه الطبراني (1/ 312-313) ، وفي "الأوسط" (1/ 117/ 1) ، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (314/ 2) من طريق عمر بن يحيى الأيلي: حدثنا عاصم بن سليمان الكوزي، عن زيد بن أسلم، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن أبي سريحة إلا بهذاالإسناد، تفرد به عمر". قلت: وعمر هذا؛ أشار ابن عدي إلى أنه يسرق الحديث. الحديث: 4215 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 227 وعاصم بن سليمان الكوزي شر منه بكثير؛ فإنه كان يضع الحديث؛ كما قال الفلاس وابن عدي والساجي، وبه أعل الحديث الهيثمي؛ إلا أنه قال فيه (3/ 238) : "وهو متروك". 4216 - (كان إذا نظر إلى الهلال قال: اللهم اجعله هلال يمن ورشد، آمنت بالله الذي خلقك فعدلك، فتبارك الله أحسن الخالقين) . موضوع أخرجه ابن السني (637) عن أحمد بن عيسى الخشاب: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن حرملة، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخشاب هذا؛ قال مسلمة وغيره: "كذاب". وزهير بن محمد؛ فيه ضعف. الحديث: 4216 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 4217 - (كان إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه، وجثا على ركبتيه، ومد بيديه، وقال: اللهم! إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به، اللهم! اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذاباً، اللهم! اجعلها رياحاً، ولا تجعلها ريحاً) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "معجمه" (3/ 125/ 2) عن الحسين ابن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسين بن قيس - هو الرحبي الملقب بـ (حنش) - وهو متروك كما في "التقريب". الحديث: 4217 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 واعلم أن هذا الحديث قد أنكره الإمام أبو جعفر الطحاوي من حيث المعنى؛ فإنه قال في "مشكل الآثار" (1/ 397-398) : "قال أبو عبيد: القراءة التي سمعتها في الريح والرياح أن ما كان منها من الرحمة فإنه جمع، وما كان منها من العذاب فإنه على واحدة. قال: والأصل الذي اعتبرنا به هذه القراءة حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا هاجت الريح قال: اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً"، فكان ما حكاه أبو عبيد من هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا أصل له، وقد كان الأولى به لجلالة قدره ولصدقه في روايته غير هذا الحديث أن لا يضيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعرفه أهل الحديث عنه. ثم اعتبرنا في كتاب الله تعالى مما يدل على الواحد في هذا المعنى؛ فوجدنا الله تبارك وتعالى قد قال في كتابه العزيز: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان) [يونس: 22] ، فكانت الريح الطيبة من الله تعالى رحمة، والريح العاصف منه عز وجل عذاباً. ففي ذلك ما قد دل على انتفاء ما رواه أبو عبيد مما ذكره". ثم ذكر بعض الأحاديث التي تشهد لما تضمنته الآية الكريمة، وترد على أبي عبيد رحمه الله، فانظر "تخريج الكلم الطيب" (153) وغيره. ثم رأيت الحديث في كتاب "الأم" للإمام الشافعي بإسناد آخر عن عكرمة، فقال (1/ 224) : أخبرني من لا أتهم قال: حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة به. قلت: وهذا أيضاً ضعيف جداً؛ العلاء بن راشد؛ قال الحسيني في ترجمته: "عن عكرمة، وعنه إبراهيم بن أبي يحيى، لا تقوم به حجة". قال الحافظ في "التعجيل" عقبه: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 229 "كذا قال، وعكرمة مشهور، وحال إبراهيم معروف، فانحصر". كأنه يعني أن إبراهيم بن أبي يحيى - وهو شيخ الشافعي في هذا الإسناد - الذي لم يسمه؛ هو متهم عند غير الشافعي، فهو علة هذا الإسناد الذي لا يقوم به حجة، وليس العلاء هذا. ومن طبقته ما في "تاريخ البخاري" (3/ 2/ 513) ، و "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 355) ، و "ثقات ابن حبان" (8/ 502) : "العلاء بن راشد الواسطي الجرمي، سمع حلام بن صالح الأزدي، سمع منه يزيد بن هارون". قلت: فيحتمل أن يكون هو شيخ إبراهيم هذا. والله أعلم. 4218 - (كان إذا وجد الرجل راقداً على وجهه؛ ليس على عجزه شيء، ركضه برجله، وقال: هي أبغض الرقدة إلى الله عز وجل) . ضعيف بتمامه أخرجه أحمد (4/ 388) : حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد: أنه سمعه يخبره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. ثم قال (4/ 390) : حدثنا روح: حدثنا زكريا: حدثنا إبراهيم بن ميسرة: أنه سمع عمرو بن الشريد يقول: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل ... الحديث نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه مرسل؛ فإن عمرو بن الشريد تابعي. وأما قول الهيثمي (8/ 101) : "وعن عمرو بن الشريد يخبره، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". الحديث: 4218 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 230 قلت: فهو وهم منه - والله أعلم -، وكأنه انتقل نظره عند النقل إلى السند الذي قبله وفيه "عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه". فزاد فيه "عن أبيه" وصار بذلك إسناداً متصلاً، واغتر بصنيعه المناوي، فقال في شرحه على "الجامع": "رمز المصنف لحسنه وهو تقصير أو قصور؛ فقد قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ. فكان حقه أن يرمز لصحته"! ومما يدلك على هذا الوهم؛ رواية أحمد الأخرى المتقدمة من طريق زكريا - وهو ابن أبي زائدة - عن عمرو بن الشريد: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ؛ فصرح أنه بلغه عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يتلقه من أبيه. ثم إن مكي بن إبراهيم قد خالفه في إسناده المذكور ومتنه؛ عيسى بن يونس: أنبأنا ابن جريج به؛ إلا أنه زاد: "عن أبيه الشريد بن سويد"، وذكر متناً آخر غير هذا ولفظه: "قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على ألية يدي، فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟! ". ثم إن حديث الترجمة قد صح من حديث أبي هريرة وطخفة بن قيس الغفاري دون قوله: "ليس على عجزه شيء". فهي زيادة منكرة. والله أعلم، وهما مخرجان في "المشكاة" (4718 و 4719) . 4219 - (كان أصبر الناس على أوزار الناس) . ضعيف رواه ابن سعد (1/ 378) عن إسماعيل بن عياش مرفوعاً. قلت: وهذا معضل. الحديث: 4219 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 231 4220 - (كان أفلج الثنيتين، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 14) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 163) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (67/ 107/ 1) عن عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري: حدثني إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى ابن عقبة، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد العزيز هذا؛ قال الحافظ: "متروك، احترقت كتبه؛ فحدث من حفظه فاشتد غلطه". ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (8/ 279) ، و "مجمع البحرين" (ص 322 - نسخة الحرم) . الحديث: 4220 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 4221 - (كان أكثر دعائه يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ةله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير) . ضعيف رواه أحمد (2/ 210) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 103-104) ، وابن عساكر في "حديث عبد الخلاق الهروي وغيره" (230/ 1) عن محمد بن أبي حميد الأنصاري: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل محمد بن أبي حميد هذا؛ قال الذهبي في "المغني" و "الميزان": "ضعفوه". وقال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 4221 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 4222 - (كان شديد البطش) . ضعيف جداً رواه ابن سعد (1/ 419) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 60) عن إسرائيل، عن جابر، عن محمد بن علي مرفوعاً. قلت: وهذا واه جداً؛ جابر هذا - هو ابن يزيد الجعفي -؛ وهو كذاب. ومحمد بن علي - هو أبو جعفر الباقر -؛ ثقة فاضل تابعي. الحديث: 4222 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 4223 - (كان فراشه مسحاً) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي في "الشمائل" (ص 188) عن عبد الله بن مهدي: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه قال: سئلت عائشة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه من ليف، وسئلت حفصة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: مسحاً ثنيته ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال: "ما فرشتموا لي الليلة؟ " قالت: قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات؛ قلنا: هو أوطأ لك، قال: "ردوه لحالته الأولى؛ فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن والد جعفر محمد الباقر؛ لم يدرك عائشة ولا حفصة. وعبد الله بن مهدي؛ لم أعرفه، وأظن أن فيه تصحيفاً. ثم تبين لي أن الصواب فيه: عبد الله بن ميمون القداح؛ فإنهم ذكروا أنه الحديث: 4223 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 يروي عن جعفر بن محمد، وعنه زياد بن يحيى البصري من شيوخ الترمذي، ومن طريقه روى هذا الحديث. وابن ميمون هذا؛ منكر الحديث، متروك؛ كما في "التقريب". 4224 - (كان فيه دعابة) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 308) من طريق ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن زياد الزيات - وكان صالحاً -: حدثنا حماد بن خالد، عن شعبة، عن علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن عكرمة قال: فذكره مرسلاً. ثم رواه من طريق محمد بن الوليد بن أبان: حدثنا خالد بن عبد الله الزيات - بغدادي -: حدثنا حماد بن خالد به، إلا أنه قال: عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الخطيب: "كذا قال: "عن ابن عباس"، والمحفوظ مرسل منا ذكرناه أولاً". قلت: وهو ضعيف موصولاً ومرسلاً؛ لأن مدارهما على علي بن عاصم؛ وهو كما قال الحافظ: "صدوق يخطىء ويصر". وخالد بن زياد - وقيل: خالد بن عبد الله - الزيات -؛ لا يعرف إلا في هذه الرواية، وقول ابن أبي الدنيا فيه: "وكان صالحاً". ولم يذكر الخطيب في ترجمته غيرها. ومحمد بن الوليد بن أبان؛ إن كان القلانسي البغدادي مولى بني هاشم؛ فهو كذاب؛ كما قال أبو عروبة. الحديث: 4224 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 234 وإن كان البغدادي المصري الراوي عن نعيم بن حماد؛ فقد قال الذهبي: "ما علمت به بأساً". 4225 - (كان له سيف قائمته من فضة، وقبيعته من فضة، وكان يسمى ذا الفقار، وكانت له قوس تسمى السداد، وكانت له كنانة تسمى الجمع، وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى النبعاء، وكان له مجن يسمى الذقن، وكان له ترس أبيض يسمى الموجز، وكان له فرس أدهم يسمى السكب، وكان له سرج يسمى الداج، وكانت له بغلة شهباء يقال لها: دلدل، وكانت له ناقة تسمى القصواء، وكان له حمار يسمى يعفور، وكان له بساط يسمى الكز، وكانت له عنزة تسمى النمر، وكانت له ركوة تسمى الصادر، وكانت له امرأة تسمى المدلة، وكان له مقراض يسمى الجامع، وكان له قضيب شوحط يسمى الممشوق) . موضوع رواه الطبراني (3/ 113/ 2) عن عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عروة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء وعمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ علي بن عروة؛ يضع الحديث. وعثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقاصي -؛ مثله. وقال الهيثمي (5/ 272) : "رواه الطبراني، وفيه علي بن عروة، وهو متروك". الحديث: 4225 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 235 4226 - (كان له فرس يقال لها: الظرب، وآخر يقال له: اللزاز) . ضعيف أخرجه البيهقي في "السنن" (10/ 25) عن أبي بن عباس، عن أخيه مصدق بن عباس، عن أبيه، قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ مصدق بن عباس؛ لم أعرفه. وأخوه أبي بن عباس؛ ضعيف كما في "التقريب"، مع أنه من رجال البخاري كما يأتي، وقد اتفقوا على تضعيفه، منهم البخاري نفسه؛ فقد قال: "ليس بالقوي"! فالعجب منه كيف أخرج له هذا الحديث؟! وقد خالفه عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن سهل بن سعد: "أنه كان عند سعد أبي سهل ثلاثة أفراس للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... (فذكرهما) والثالث: اللحيف". وعبد المهيمن بن عباس؛ ضعيف أيضاً. ورواه ابن عدي (30/ 1) عن أبي بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده سهل مختصراً؛ لم يذكر إلا "اللحيف". وهكذا مختصراً أخرجه البخاري في "الجهاد" من "صحيحه" (6/ 44 - فتح) وهو الحديث الوحيد الذي أخرجه لأبي هذا كما يؤخذ من "التهذيب". ورواه الواقدي، عن أبي بن عباس به؛ مثل رواية عبد المهيمن المتقدمة وزاد: "فأما اللزاز فأهداه له المقوقس. وأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبي البراء، فأثابه عليه فرائض من نعم بني كلاب، وأما الظرب فأهداه له فروة بن عمير الجذامي". أخرجه ابن سعد (1/ 490) . والواقدي؛ كذاب. الحديث: 4226 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 236 4227 - (كان له فرس يقال له: المرتجز، وناقته القصواء، وبغلته دلدل، وحماره عفير، ودرعه الفضول، وسيفه ذو الفقار) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 608) ، والبيهقي في "السنن" (10/ 26) عن حبان بن علي، عن إدريس الأودي، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي مرفوعاً. سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: "قلت: حبان ضعفوه". قلت: وإدريس الأودي مجهول؛ كما في "التقريب" وغيره. والجملة الأولى منه؛ لها شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً. أخرجه الحاكم من طريق سليمان بن داود المنقري: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبي يحدث، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير عنه. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي. قلت: وهو من عجائبه؛ فإن المنقري هذا هو الشاذكوني الحافظ، وقد قال الذهبي نفسه في "الميزان": "قال البخاري: فيه نظر، وكذبه ابن معين في حديث ذكر له ... ". ولها طريق أخرى؛ فقال ابن سعد (1/ 490) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس به. والحسن؛ متروك، والواقدي؛ كذاب. وروى البيهقي أيضاً عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: الحديث: 4227 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 237 "كانت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء، وبغلته الشهباء، وحماره يعفور، وجاريته خضرة". قلت: وهذا إسناد مرسل، ورجاله ثقات. 4228 - (كان له قدح زجاج، فكان يشرب فيه) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 338) ، وابن سعد (1/ 485) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (10/ 275 - حرم) عن مندل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس مرفوعاً. قال البوصيري في "زوائده" (ق 207/ 1) : "وإسناده ضعيف؛ لضعف مندل، وتدليس ابن إسحاق". ثم رواه ابن سعد من طريق مندل أيضاً، عن ابن جريج، عن عطاء مرسلاً. الحديث: 4228 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 4229 - (كان لا يأخذ بالقرف) . ضعيف رواه الحربي في "غريب الحديث" (5/ 72/ 1) عن الحسن قال: فذكره. قلت: ورجاله ثقات؛ إلا أنه مرسل. ووصله أبو نعيم في "الحلية" (6/ 310) عن محمد بن يونس الشامي: حدثنا قتيبة بن الركين الباهلي: حدثنا الربيع بن صبيح، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً به؛ وزاد: "ولا يقبل قول أحد على أحد". وقال: "حديث غريب، لم نكتبه إلا من حديث قتيبة". قلت: لم أجد له ترجمة. الحديث: 4229 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 ومحمد بن يونس الشامي - هو الكديمي -؛ متهم بالكذب. والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ. 4230 - (كان لا يأكل الثوم، ولا الكراث، ولا البصل؛ من أجل أن الملائكة تأتيه، ولأنه يكلم جبريل، عليهما السلام) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 332-333) ، والخطيب في "التاريخ" (2/ 265) من طريقين، عن أحمد بن زكريا بن يحيى النيسابوري: حدثنا محمد بن إسحاق البكري - حفظاً -: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن الزهري، عن أنس مرفوعاً. وقال الخطيب: "تفرد به محمد بن إسحاق البكري بهذا الإسناد، وهو ضعيف، وهذا وهم، وفي "الموطأ": عن الزهري، عن سليمان بن يسار - مرسل - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ معنى هذا". الحديث: 4230 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 4231 - (كرامة الكتاب ختمه) . موضوع رواه أبو الحسين محمد بن الحسن الأصفهاني في "المنتقى من الجزء الثاني من الفوائد ... " (2/ 1) عن محمد بن مروان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. ومن هذا الوجه؛ رواه الثعالبي في "تفسيره" (3/ 12/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (5/ 1) ؛ إلا أنه قال: محمد بن مروان الكوفي قال: أخبرنا محمد بن السائب، عن أبي صالح مولى أم هانىء، عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن مروان الكوفي - وهو السدي -؛ كذاب. الحديث: 4231 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 4232 - (كان لا يأكل من هدية حتى يأمر صاحبها أن يأكل منها؛ للشاة التي أهديت له بخيبر) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 159 - زوائده) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 211-2) عن محمد بن إسحاق، عن عبد الملك بن أبي بكير، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحوتكية، عن عمار بن ياسر قال: فذكره. وقال البزار: "لا يروى عن عمار إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف؛ ابن الحوتكية - واسمه يزيد -؛ مجهول؛ لم يرو عنه غير موسى بن طلحة هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الذهبي: "لا يعرف". ومحمد بن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعنه، فقول الهيثمي في "المجمع" (5/ 21) : "رواه البزار والطبراني، ورجال الطبراني ثقات"! قلت: كأنه اعتمد على توثيق ابن حبان المذكور! وغفل عن عنعنة ابن إسحاق، ولعل الحافظ اعتمد عليه حين قال في "الفتح" (9/ 664) : "وسنده حسن". الحديث: 4232 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 4233 - (كل مؤذ في النار) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 299) عن المفيد، عن الأشج، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. الحديث: 4233 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 قلت: وهذا إسناد باطل؛ الأشج هذا هو أبو الدنيا عثمان بن الخطاب البلوي المغربي؛ قال الذهبي: "كذاب، طرقي، كان بعد الثلاثمائة، وادعى السماع من علي بن أبي طالب، حدث عنه محمد بن أحمد المفيد". وقال في "الأسماء": "طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فافتضح بذلك، وكذبه النقادون". قلت: والمفيد؛ أحد الضعفاء؛ كما قال الحافظ. 4234 - (كان أحب الصباغ إليه الخل) . ضعيف جداً أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 229) عن عون بن عمارة: أخبرنا حفص بن جميع، عن ياسين الزيات، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ياسين الزيات؛ متروك؛ كما قال النسائي وغيره، بل قال ابن حبان: "يروي الموضوعات". واللذان دونه؛ ضعيفان. والحديث عزاه السيوطي لأبي نعيم - يعني في "الطب" -، وزاد المناوي أبا الشيخ وقال: "قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف". قلت: وهو أسوأ حالاً من ذلك كما ذكرنا. الحديث: 4234 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 241 4235 - (كان أحب اللحم إليه الكتف) . ضعيف جداً أخرجه أبو الشيخ (ص 217) بإسناد الحديث الذي قبله. الحديث: 4235 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 4236 - (كان ربما اغتسل يوم الجمعة، وربما تركه أحياناً) . موضوع أخرجه الطبراني في "معجمه" (185/ 2) عن محمد بن معاوية النيسابوري: أخبرنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته النيسابوري هذا؛ كذاب. الحديث: 4236 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 4237 - (كان ربما يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 276/ 571) ، والبيهقي في "سننه" (2/ 265) من طريق ابن عدي - وهذا في "الكامل" (296/ 2) - عن إسماعيل بن حفص الأيلي: حدثنا الوليد - هو ابن مسلم -، عن عيسى بن عبد الله ابن الحكم بن النعمان بن بشير، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البزار: "لا نعلم رواه عن نافع إلا عيسى". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته عيسى هذا، وهو ضعيف؛ كما تقدم عن ابن عدي في الحديث (4194) . وروى البيهقي (2/ 264) عن هشيم، عن حصين، عن عبد الملك، عن عمرو بن حريث مرفوعاً بلفظ: "كان يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وربما مس لحيته وهو يصلي". وقال: "هكذا رواه هشيم بن بشير، ورواه شعبة كما أخبرنا ... ". الحديث: 4237 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 ثم ساق عنه، عن حصين، عن عبد الملك بن أخي عمرو بن حريث، عن رجل: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، فربما تناول لحيته في صلاته". ثم قال: "وروي عن مؤمل بن إسماعيل، عن شعبة، وذكر الرجل الذي لم يسمه وهو عمرو بن حريث، ورواه سليمان بن كثير، عن حصين، عن عمرو بن عبد الملك ابن حريث المخزومي بن أخي عمرو بن الحريث قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روي من وجه آخر ضعيف، وقيل في أحدهما: من غير عبث". قلت: وهذا إسناد ضعيف لا تقوم به حجة؛ لاضطراب سنده، ولأن مداره على عبد الملك بن أخي عمرو بن حريث، وهو مجهول، كما قال الحافظ في "التقريب". وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5/ 96/ 379) من طريق عبد السلام، عن يزيد الدالاني، عن الحسن مرفوعاً مختصراً بلفظ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمس لحيته في الصلاة". قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ الحسن هو البصري، ومراسيله كالريح. ويزيد؛ هو ابن عبد الرحمن الدالاني، يكنى (أبو خالد) ، وهو بكنيته أشهر، قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً، وكان يدلس". فمن الغرائب اقتصار الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 85) على قوله: "وهو مرسل"! وقلده المعلق على "أبي يعلى" (5/ 97) ، ثم قلد هذا المعلق على "المقصد العلي" (1/ 140) !! وزاد ضغثاً على إبالة؛ فقال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 243 "وقد ذكره ابن القيسراني في "تذكرة الموضوعات" (217) ". يشير إلى حديث "كان إذا اهتم أخذ بلحيته فنظر فيها". وهو كما ترى حديث آخر، وليس فيه ذكر (الصلاة) ، وكنت قد خرجته في "الضعيفة" برقم (707) ، ثم قررت نقله إلى "الصحيحة"؛ لطريق أخرى وقفت عليها في "صحيح ابن حبان - الإحسان"، واستدركته على الهيثمي في "موارد الظمآن". 4238 - (كان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين) . موضوع أخرجه البيهقي (4/ 212) عن حفص بن عمر الأبلي أبي إسماعيل، عن مسعر بن كدام وأبي عوانة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس قال: شهدت المدينة، وبها ابن عمر وابن عباس، قال: فجاء رجل إلى واليها، فشهد عنده على رؤية الهلال هلال رمضان، فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه، وقالا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة رجل على رؤية هلال رمضان، قالا: فذكره. وقال: "وهذا مما لا يحتج به؛ حفص بن عمر؛ ضعيف الحديث". قلت: بل هو هالك؛ فقد كذبه أبو حاتم والساجي وغيرهما. الحديث: 4238 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 244 4239 - (كان لا يحدث بحديث إلا تبسم) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 198،199) عن بقية، عن حبيب بن عمر الأنصاري، عن أبي عبد الصمد، عن أم الدرداء قالت: الحديث: 4239 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 244 كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه، فقلت له: إني أخشى أن يحمقك الناس، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الصمد وحبيب بن عمر الأنصاري؛ مجهولان. وبقية؛ مدلس وقد عنعنه. 4240 - (لا حمى في الإسلام، ولا مناجشة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 178/ 469) بسنده عن عصمة بن مالك الخطمي مرفوعاً. وقد ذكرنا إسناده فيما تقدم (2366) ، وفيه متهم بالكذب، وآخر ضعيف جداً، وسبق بيانه هناك. والجملة الأولى منه بظاهرها مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حمى إلا لله ولرسوله". رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2670) . والجملة الأخرى يغني عنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا ... " الحديث. رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (2450) . الحديث: 4240 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 4241 - (كان أحسن البشر قدماً) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 419) : أخبرنا الفضل بن دكين: أخبرنا يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريدة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ ولكنه مرسل؛ فهو ضعيف. الحديث: 4241 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 4242 - (كان لا يبيت مالاً ولا يقيله) . ضعيف أخرجه البيهقي في "سننه" (6/ 357) عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد قال: فذكره. وقال: "هذا مرسل". قلت: ورجاله ثقات. والحديث عزاه السيوطي للخطيب في "التاريخ" أيضاً، ولم أره في فهرسته. الحديث: 4242 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 4243 - (كان إذا خرج من بيته قال: باسم الله، التكلان على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1197) ، وابن ماجه (3885) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" ص (173) ، والحاكم في "المستدرك" (1/ 519) عن عبد الله بن حسين بن عطاء، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره، وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: وذلك من أوهامهما؛ فإن ابن عطاء هذا مع كونه ليس من رجال مسلم؛ فهو ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب". الحديث: 4243 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 4244 - (كان إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم ثنى بفاطمة رضي الله عنها، ثم يأتي أزواجه) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 155) عن يزيد بن سنان: حدثنا عقبة بن رويم قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه يقول: فذكره. وقال: الحديث: 4244 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: يزيد بن سنان هو الرهاوي؛ ضعفه أحمد وغيره، وعقبة؛ نكرة لا يعرف". قلت: يزيد؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب". وعقبة بن رويم؛ لم أجد من ذكره. 4245 - (كان إذا قرأ (ليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) قال: بلى، وإذا قرأ (ليس الله بأحكم الحاكمين) قال: بلى) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (2/ 510) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 21) عن يزيد بن عياض، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي اليسع، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: وهو عجيب كما قال المناوي؛ لأن يزيد بن عياض هذا كذبه مالك وغيره؛ كما في "التقريب"، وحكى ذلك الذهبي نفسه في ترجمته من "الميزان"، فأنى له الصحة؟! الحديث: 4245 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 247 4246 - (كان إذا أكل؛ أكل بثلاث أصابع ويستعين بالرابعة) . موضوع رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (99/ 1) عن القاسم بن عبد الله بن عمر، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر، عن أبيه رفعه. قلت: وهذا سند موضوع؛ القاسم هذا؛ كذبه النسائي وأحمد وقال: "كان يضع الحديث". وعاصم بن عبيد الله؛ ضعيف. الحديث: 4246 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 247 والحديث عزاه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 370) لـ "الغيلانيات" وقال: "وفيه القاسم بن عبد الله العمري؛ هالك". وقال الزبيدي عقبه في "شرح الإحياء" (7/ 117) : "رواه أيضاً الطبراني في "الكبير" ولفظه: (كان يأكل بثلاث أصابع، ويستعين بالرابعة) ". قلت: لم يذكره الهيثمي في "المجمع" (5/ 25) إلا بلفظ: " ... ويلعقهن إذا فرغ" مكان الاستعانة؛ وقال: "رواه البزار والطبراني باختصار لعقهن، وفيه عاصم بن عبيد الله؛ وهو ضعيف". قلت: هو عند البزار (3/ 332/ 2873) من طريق القاسم هذا الكذاب، فلا أدري هل هو عند الطبراني من طريقه أم لا؟ فإن الجزء الذي فيه مسند "عامر بن ربيعة" من "المعجم الكبير" لم يطبع بعد. والحديث بلفظ اللعق صحيح؛ لأنه أخرجه مسلم وغيره من حديث كعب بن مالك، وهو مخرج في "الإرواء" (7/ 31/ 1969) . 4247 - (كان إذا خطب المرأة قال: اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) . ضعيف رواه ابن سعد (8/ 162) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا عبد الله ابن جعفر، عن ابن أبي عون، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: فذكره مرفوعاً. الحديث: 4247 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 248 قلت: وهذا مرسل واه بمرة؛ محمد بن عمر - هو الواقدي -؛ متهم. ثم أخرجه عنه أيضاً بإسناد آخر له عن قتادة مرسلاً أيضاً. لكن رواه الطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد مرفوعاً نحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 282) : "وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد؛ وهو ضعيف". 4248 - (كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل سبع تمرات) . ضعيف جداً أخرجه البزار في "مسنده" (ص 73 - زوائده) ، والطبراني في "معجمه" (2/ 276/ 2039) عن عبد الله بن صالح العجلي: أخبرنا ناصح، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: فذكره مرفوعاً. وقال البزار: "لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، وناصح؛ لين الحديث، وقد تركوه". ويخالف هذا الحديث الواهي في العدد حديث أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات". أخرجه البخاري (953) ، وابن خزيمة (2/ 1429) ، وابن سعد (1/ 387) ، وابن أبي شيبة (2/ 160) ، وغيرهم؛ وزاد البخاري في رواية معلقة: "ويأكلهن وتراً". وقد وصله أحمد (3/ 126) بسند حسن، وصححه ابن خزيمة (1429) . ووصله الحاكم (1/ 294) ، والبيهقي (3/ 283) عن عتبة بن حميد الضبي: حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال: سمعت أنساً؛ فذكره بلفظ: الحديث: 4248 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 249 " ... تمرات؛ ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك، أو أكثر من ذلك، وتراً". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! وأقره الذهبي! قلت: وعتبة هذا؛ لم يخرج له مسلم، وهو صدوق له أوهام، فالحديث حسن على أقل الدرجات. وخالفه علي بن عاصم فقال: أنبأنا عبيد الله بن أبي بكر ... فذكره موقوفاً بلفظ: "قال: وكان أنس يأكل قبل أن يخرج ثلاثاً، فإذا أراد أن يزداد أكل خمساً، فإذا أراد أن يزداد أكل وتراً". أخرجه أحمد (3/ 232) . لكن علي بن عاصم؛ ضعيف؛ لخطئه وإصراره عليه. وحديث البخاري عن أنس؛ رواه ابن ماجه (1755) من حديث ابن عمر مرفوعاً بلفظ: " ... حتى يغدي أصحابه من صدقة الفطر". وإسناده ضعيف؛ فيه ضعفاء على التسلسل، وهو بهذا اللفظ منكر عندي. والله أعلم. 4249 - (كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمسة: المرأة، والمكحلة، والمشط، والسواك، والمدرى) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (42) ، وابن عدي (19/ 1) ، الحديث: 4249 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 250 والبيهقي في "الشعب" (2/ 270/ 1) عن أيوب بن واقد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال العقيلي: "ولا يتابع عليه" يعني أيوب بن واقد هذا، وروى عن أحمد أنه قال: ضعيف الحديث. وعن ابن معين: أنه ليس بثقة. وعن البخاري: أن حديثه ليس بالمعروف، منكر الحديث. ثم قال العقيلي: "ولا يحفظ هذا المتن بإسناد جيد". قلت: وقد تابعه أبو أمية إسماعيل بن يعلى: حدثنا هشام بن عروة به. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (13/ 2) وقال: "لا أعلم يرويه عن هشام غير أبي أمية بن يعلى وعبيد (كذا) بن واقد، وهو أيضاً في جملة الضعفاء". قلت: وهو ضعيف جداً كالذي قبله، ومن طريقه رواه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (5/ 171) . وتابعهما يعقوب بن الوليد، عن هشام بن عروة به. أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 304) وقال: "قال أبي: هذا حديث موضوع، ويعقوب بن الوليد كان يكذب". وروي الحديث عن أبي سعيد وأم سعد الأنصارية بسندين ضعيفين؛ كما نقله المناوي عن الحافظ العراقي. 4250 - (كان لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (1/ 148) ، والأصبهاني في "الترغيب" الحديث: 4250 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 251 (206/ 2) عن مطهر بن الهيثم: حدثنا علقمة بن أبي جمرة الضبعي، عن أبيه أبي جمرة، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن الهيثم هذا؛ قال الحافظ: "متروك". وعلقمة بن أبي جمرة الضبعي؛ مجهول. 4251 - (كان لا يكون ذاكرون إلا كان معهم، ولا مصلون إلا كان أكثرهم صلاة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 112) ، وعنه الخطيب في "التاريخ" (10/ 94) : حدثنا محمد بن عمر بن سلم: حدثنا عبد الله بن محمد البلخي - وما سمعته إلا منه -: حدثنا محمد بن أحمد بن ماهان: حدثنا عبد الصمد ابن حسان: حدثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "تفرد به عن الثوري عبد الصمد". قلت: وهو صدوق، كما قال الذهبي في "الميزان". لكن الراوي عنه ابن ماهان؛ لم أعرفه. ومحمد بن عمر بن سلم هو الجعابي الحافظ؛ قال الذهبي في "المغني في الضعفاء": "مشهور محقق، لكنه رقيق الدين، تالف". الحديث: 4251 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 252 4252 - (كان لا يلهيه عن صلاة المغرب طعام أو غيره) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 96) عن طلحة بن زيد: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته طلحة بن زيد - وهو القرشي أبو مسكين الرقي -؛ قال الحافظ: "متروك، قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث". لكن تابعه الزعفراني؛ فقال أبو كريب: حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني، عن جعفر بن محمد به؛ إلا أنه قال: "لم يكن يؤخر صلاة لطعام، ولا لغيره". أخرجه الدارقطني. وتابعه معلى بن منصور: حدثنا محمد بن ميمون به. أخرجه البيهقي (3/ 74) ، وأبو داود (2/ 139) ولفظه: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره". قلت: ومحمد بن ميمون الزعفراني؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "واه، وهاه ابن حبان". وقال الحافظ: "صدوق، له أوهام". الحديث: 4252 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 253 4253 - (كان لا ينام ليلة ولا يبيت حتى يستن) . ضعيف رواه ابن عساكر (16/ 137/ 2) عن عكرمة بن مصعب من بني عبد الدار، عن المحرر بن أبي هريرة قال: دخل علي أبي وأنبأنا بالشام فقربنا إليه الحديث: 4253 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 253 عشاء عند غروب الشمس فقال: عندكم سواك، قال: قلت: نعم؛ وما تصنع بالسواك هذه الساعة؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عكرمة بن مصعب مجهول؛ كما قال الحافظ الذهبي في "الميزان"، وأقره الحافظ في "اللسان". 4254 - (كان لا ينفخ في طعام، ولا شراب، ولا يتنفس في الإناء) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 308،337) عن شريك، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفخ ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شريك - هو ابن عبد الله القاضي - ضعيف لسوء حفظه. وعبد الكريم؛ إن كان ابن أبي المخارق أبا أمية البصري؛ فضعيف. وإن كان ابن مالك أبا سعيد الحراني؛ فثقة. وأخرج الطبراني في "الكبير" (3/ 138/ 2) عن سعيد بن سليمان: أخبرنا اليمان بن المغيرة، عن عكرمة به؛ دون ذكر الطعام والنفس. واليمان وسعيد - وهو النشيطي البصري -؛ ضعيفان. وأخرجه في "الأوسط" (ص 379 - زوائده - نسخة الحرم) عن حفص بن سليمان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة به. دون التنفس، وقال: "لم يروه عن سماك إلا حفص". قلت: وهو أبو عمرو البزاز القارىء الكوفي الغاضري؛ قال الحافظ: "متروك الحديث؛ مع إمامته في القراءة". الحديث: 4254 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 254 4255 - (كان لا يواجه أحداً في وجهه بشيء يكرهه) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (437) ، وأبو داود (2/ 193،288) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 70) ، وأحمد (3/ 133،154،160) ، وأبو عبد الرحمن السلمي في "آداب الصحبة" (11) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 236) وفي "الشعب" (2/ 247/ 2) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (257/ 1) عن حماد بن زيد: حدثنا سلم العلوي قال: سمعت أنس بن مالك قال: فذكره؛ وزاد: "لو أمرتم هذا أن يغسل عنه هذه الصفرة! ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سلم العلوي؛ ضعفه الجمهور، وقال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 4255 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 4256 - (كان لا يولي والياً حتى يعممه ويرخي لها عذبة من جانب الأيمن بحذ والأذن) . ضعيف جداً رواه الدولابي (1/ 199) ، وتمام في "الفوائد" (265/ 1) عن جميع بن ثوب، عن أبي سفيان الرعيني، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو سفيان الرعيني؛ لم أجد له ترجمة، والدولابي ساق حديثه (في من يكنى بأبي سفيان) ولم يسمه! وجميع بن ثوب؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". الحديث: 4256 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 4257 - (كان يأكل الخربز بالرطب، ويقول: هما الأطيبان) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1667 - ترتيبه) : حدثنا زمعة، الحديث: 4257 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 عن محمد بن سليمان، عن بعض أهل جابر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة بعض أهل جابر. وروى الحاكم (4/ 106) عن طلحة بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "كان يسمي التمر واللبن: الأطيبان". وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: طلحة؛ ضعيف". قلت: بل هو شر من ذلك؛ ففي "التقريب": "متروك، قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث". وللشطر الأول من الحديث شاهد قوي من حديث أنس، وهو مخرج في الكتاب الآخر (58) . 4258 - (كان يأكل الرطب، ويلقي النوى على القنع. والقنع: الطبق) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 120) عن العباس بن الفضل الأزرق: حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس مرفوعاً. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! وأقرهما المناوي! قلت: وهو من أوهامهم الفاحشة؛ فإن الأزرق هذا - مع كونه لم يخرج له الشيخان ولا غيرهما من الستة؛ فإنه - واه جداً؛ قال الذهبي نفسه في "الضعفاء" وغيره: الحديث: 4258 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 256 "قال البخاري: ذهب حديثه". وقال الحافظ: "ضعيف، وقد كذبه ابن معين". 4259 - (كان يأمر بالهدية صلة بين الناس ويقول: لو قد أسلم الناس تهادوا من غير جوع) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 66/ 2) ، وعنه ابن عساكر (4/ 212/ 1) عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن بشير؛ قال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 4259 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 4260 - (كان يأمر من أسلم أن يختتن، وإن كان ابن ثمانين سنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" من حديث قتادة أبي هشام قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لي: "يا قتادة! اغتسل بماء وسدر واحلق عنك شعر الكفر، وكان ... ". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 283) : "ورجاله ثقات". قلت: قد وقفت على إسناده، فإنه ساقه الحافظ ابن حجر في ترجمة قتادة أبي هشام من "الإصابة" من رواية ابن شاهين والطبراني معاً من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد، عن قتادة بن الفضل بن عبد الله الرهاوي: أخبرني أبي، عن عمه هشام بن قتادة، عن قتادة به. وهذا إسناد لا تقوم به حجة؛ فإن هشام بن قتادة لا يعرف إلا بهذا الإسناد؛ كما أشار إلى ذلك ابن أبي حاتم (4/ 2/ 68) ، وأما ابن حبان فذكره على الحديث: 4260 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 قاعدته في "الثقات" (1/ 280) ؛ ولم يذكر له راوياً سوى الفضل هذا. والفضل بن عبد الله الرهاوي؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه في "ثقات ابن حبان"! وابنه قتادة بن الفضل؛ ترجمه ابن أبي حاتم برواية ثلاثة عنه، ولم يزد فيه على قوله: قال أبي: شيخ. وذكره ابن حبان في "الثقات". والجملة الأولى من الحديث لها شواهد في "سنن أبي داود" وغيره؛ فانظر "صحيح أبي داود" (الطهارة) . 4261 - (كان يتبع الحرير من الثياب؛ فينزعه) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 320) ، والبخاري في "كنى التاريخ" (36/ 314) عن أبي هانىء: أن أبا سعيد الغفاري أخبره: أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو سعيد - ويقال: أبو سعد -؛ مجهول الحال؛ قال الذهبي: "ما حدث عنه سوى أبي هانىء الخولاني". يعني أنه مجهول العين. لكن أفاد الحافظ في "التعجيل" نقلاً عن "تاريخ ابن يونس": أنه روى عنه خلاد بن سليمان الحضرمي أيضاً؛ فهو مجهول الحال، وبيض له ابن أبي حاتم (4/ 2/ 379) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 582) ، وله عنده حديث آخر، أخرجه في "صحيحه" (1142 - موارد) بلفظ: "لا تمنعوا فضل الماء، ولا تمنعوا الكلأ؛ فيهزل المال، ويجوع العيال". الحديث: 4261 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 258 ومن هذا الوجه أخرجه أحمد أيضاً (2/ 420-421) ، وقال الهيثمي (4/ 124) : "رواه أحمد، ورجاله ثقات". وقال في حديث الترجمة (5/ 140) : "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح؛ خلا أبا سعيد الغفاري، وقد وثقه ابن حبان". وأقول: قد عرفت أنه مجهول العين، أو مجهول الحال إن صح أنه روى عنه خلاد الحضرمي، فمثله لا تطمئن النفس لحديثه، وبخاصة حديثه هذا الثاني؛ فإن في متنه نكارة، وهو قوله: "فيهزل المال، ويجوع العيال"؛ فقد جاء الحديث من طرق عن أبي هريرة دون هذه الزيادة، ومع ذلك سكت عنها الحافظ في "الفتح" (5/ 32) ! ثم هو عندهم بلفظ: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ". أخرجه الشيخان، وأصحاب "السنن"، وابن حبان (4933) ، وأحمد (2/ 244،273،309،360،463،482،494،500) ، وكذا عبد الرزاق في "المصنف" (8/ 105/ 14494) . قلت: فاجتماع هؤلاء الثقات وهؤلاء الحفاظ على رواية الحديث دون الزيادة، لأكبر دليل على نكارتها، بل وعلى شذوذها لو كان راويها ثقة؛ كما لا يخفى على أهل هذه الصناعة. فاسترواح المعلق على "الإحسان" (11/ 332) إلى تقويته بسكوته عليه بعد تخريجه إياه (11/ 330) باللفظ الصحيح؛ ليس كما ينبغي. (تنبيه) : وقعت كنية الغفاري في مصادر الحديثين: "أبو سعيد"؛ إلا "كنى البخاري" فهي فيه "أبو سعيد" بسكون العين، وكذلك وقع في "الجرح" الجزء: 9 ¦ الصفحة: 259 و "الثقات"، وهو الثابت في بعض النسخ المعتمدة من "المسند" المخطوطة؛ كما حققه الحافظ في "التعجيل" فراجعه إن شئت. 4262 - (كان يتتبع الطيب في رباع النساء) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2422 - ترتيبه) : حدثنا أبو بشر، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 103) من طريق أخرى عنه فقال: ... أخبرنا أبو بشر المزلق صاحب البصري. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو بشر هذا؛ أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 347) : "أبو بشر صاحب القرى (1) ، سمع زيد بن ثوب وأبا الزاهرية. روى يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد عنه. قال أبي: لا أعرفه. وقال ابن معين: لا شيء".   (1) ووقع في " التعجيل " " صاحب القرى ". فلعل ما في أبي الشيخ " صاحب البصري " محرف أيضا. الحديث: 4262 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 260 4263 - (كان يتختم في يمينه، ثم إنه حوله في يساره) . ضعيف رواه أبوالشيخ في "الأخلاق" (ص 133) عن سلمة بن عثمان البري: أخبرنا سليمان أبو محمد القافلائي، عن عبد الله بن عطاء، عن نافع، عن ابن عمر به. وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: 1- ابن عطاء؛ قال في "التقريب": "صدوق يخطىء ويدلس". الحديث: 4263 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 260 2- وسليمان أبو محمد؛ كذا الأصل والصواب (ابن محمد) كما في "الأنساب" وغيره، وهو متروك الحديث؛ كما قال الذهبي. 3- وسلمة بن عثمان الربي؛ لم أجد له ترجمة، وأبوه عثمان؛ معروف بالضعف. 4264 - (كان يجل العباس إجلال الولد والده، خاصة خص الله العباس بها من بين الناس) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 324- 325) عن عبد الله بن عمرو بن أبي أمية: حدثنا ابن أبي الزناد، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: ابن أبي أمية هذا؛ لا يعرف حاله، قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 120) : "سألت أبي عنه؟ فقال: هذا شيخ أدركته بالبصرة، خرج إلى الكوفة في بدو قدومنا البصرة، فلم نكتب عنه، ولا أخبر أمره". ثم روى الحاكم (3/ 334) عن داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر: أنه قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن المطلب، فقال: اللهم! هذا عم نبيك العباس، نتوجه إليك به؛ فاسقنا. فما برحوا حتى سقاهم الله، قال: فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده؛ يعظمه، ويفخمه، ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى عز وجل فيما نزل بكم". الحديث: 4264 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 261 سكت عنه الحاكم، وكأنه لضعفه الشديد؛ فقد تعقبه الذهبي بقوله: "داود؛ متروك". 4265 - (كان يحب من الفاكهة العنب والبطيخ) . ضعيف رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (99/ 1) عن رشدين، عن معاوية بن يحيى، عن أمية بن يزيد القرشي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد معضل ضعيف؛ أمية بن يزيد القرشي؛ من أتباع التابعين، قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 302) : "روى عن أبي المصبح ومكحول. روى عنه أيوب بن سويد وبقية بن الوليد وابن المبارك". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومعاوية بن يحيى - وهو أبو مطيع الأطرابلسي -؛ ضعيف. ورشدين - وهو ابن سعد -؛ ضعيف. والحديث عزاه السيوطي لأبي نعيم في "الطب" عن معاوية بن يزيد العبسي. وقال المناوي: "الذي رأيته في أصول صحاح "أمية" (يعني مكان "معاوية") ، ولم أره في الصحابة: قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف". قلت: هو معضل ضعيف لما شرحنا، وأمية ليس صحابياً؛ بل هو تابع تابعي كما بينا. الحديث: 4265 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 262 4266 - (كان يحب هذه السورة (سبح اسم ربك الأعلى)) . ضعيف جداً أخرجه أحمد (1/ 96) ، والطبري في "التهذيب" (مسند الحديث: 4266 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 262 علي 222/ 27) عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ثوير هذا؛ فإنه متروك؛ كما قال الهيثمي (7/ 136) وغيره. ومن عجائب الطبري التي عرفناها حديثاً في كتابه المذكور؛ أنه يصحح إسناد هذا الحديث ثم يعله بقوله: "ثوير بن أبي فاختة عندهم ممن لا يحتج بحديثه"! 4267 - (كان يدير كور العمامة على رأسه، ويغرزها من ورائه، ويرسل لها شيئاً بين كتفيه) . منكر أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 123) ، وابن حبان في "الضعفاء" (3/ 153) ، والبيهقي في "الشعب" (5/ 174/ 6252) من طريق أبي معشر البراء قال: حدثنا خالد الحذاء قال: حدثنا أبو عبد السلام قال: قلت لابن عمر: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتم؟ قال: فذكره. وقال ابن حبان: "أبو عبد السلام، يروي عن ابن عمر ما لا يشبه حديث الأثبات؛ لا يجوز الاحتجاج به". ثم ساق له هذا الحديث. وكذلك رواه البخاري في "الكنى" (52/ 57) في ترجمة أبي عبد السلام هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وتبعه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 406) وقال عن أبيه: "هو مجهول". الحديث: 4267 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 263 ومثله قول الذهبي؛ وتبعه العسقلاني: "لا يعرف". لكن الجملة الأخيرة منه - وهو إرسال العمامة بين كتفيه -؛ صحيحة؛ لأن لها شواهد تقويها من حديث ابن عمر وغيره من طرق كنت خرجتها في "الصحيحة" تحت الحديث (717) ، وكان منها طريق أبي عبد السلام هذه معتمداً فيها على الهيثمي حيث قال فيها: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح؛ خلا أبا عبد السلام؛ وهو ثقة". ولم يكن في حوزتي يومئذ، ولا في متناول يدي "المعجم الأوسط" للطبراني لأرجع إليه، عى قاعدة "ومن ورد البحر استقل السواقيا"، ثم من الله علي فأكرمني بالحصول على نسخة مصورة منه، بفضل أحد الإخوة السعوديين جزاه الله خيراً، لكن فيها نقص بعض الورقات، ومع ذلك فقد رقمت أحاديثه مستعيناً بصهر لنا جزاه الله خيراً، ثم وضعت له ثلاثة فهارس: 1- أسماء الصحابة رواة الأحاديث المرفوعة. 2- أسماء الصحابة رواة الآثار الموقوفة. 3- أسماء شيوخ الطبراني. فبها يتيسر لي استخراج الحديث للوقوف على إسناده، مستعيناً بكتاب الهيثمي الآخر: "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"؛ فإنه يسوق زوائدهما بأسانيدهما، فيستغنى به عن "المعجم الصغير" و "الأوسط" في أكثر الأحيان، فرجعت إلى هذا "المجمع" لأقف فيه على شيخ الطبراني كخطوة أولى للرجوع إلى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 264 "الأوسط"، ففوجئت بأنه ليس فيه، فاضطررت إلى تتبع أحاديث ابن عمر كلها في "الأوسط" بواسطة الفهرس الأول، فلا أدري إذا كان في الورقات الساقطة من المصورة، أو أنه سقط من نظرنا، أو أن الهيثمي وهم عزوه إلى "الأوسط"؛ وهذا مما لا أستبعده؛ فقد عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لـ (طب) ؛ أي: "معجم الطبراني الكبير"، وقال المناوي في "شرحه" عقبه: "قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أبا عبد السلام؛ وهو ثقة". قلت: فيحتمل أن يكون قوله في "مجمع الزوائد": "في الأوسط" سبق قلم من الناسخ أو المؤلف، ولكني - مع الأسف - لم أستطع أيضاً من التحقق من وجوده في "المعجم الكبير"؛ لأن "مسند ابن عمر" المطبوع في المجلد الثاني عشر منه لم ينته به مسنده، وقد أشار محققه الفاضل في آخره بأن تمامه في المجلد الذي يليه، أي الثالث عشر، وهذا لم يطبع بعد. فلهذا كله لم أستطع يومئذ إلا الاعتماد على توثيق الهيثمي لأبي عبد السلام، والاستشهاد به لحديث آخر لابن عمر كما سبقت الإشارة إليه. ثم قدر الله تعالى ويسر لي بفضله وكرمه الوقوف على إسناد الحديث في المصادر الثلاثة المذكورة أعلاه من طريق خالد الحذاء عن أبي عبد السلام، فانكشف لي وهم الهيثمي في توثيقه إياه، فبادرت إلى تخريجه هنا، والكشف عن علته، وهي جهالة أبي عبد السلام، وسبب وهم الهيثمي، وهو هناك راوياً آخر بهذه الكنية والطبقة، أورده ابن حبان في "الثقات" (5/ 563) وقال: "يروي عن ثوبان، روى عنه ابن جابر". وكذا في "كنى البخاري" (52/ 156) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 265 قلت: حديث هذا في "سنن أبي داود" وغيره برواية ابن جابر هذا عنه بلفظ: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم ... "، وقد توبع، لذلك خرجته في "الصحيحة" (958) ،وإلا فهو مجهول كالراوي عن ابن عمر، وظاهر كلام الحافظ في "التهذيب" أنهما واحد؛ لأنه جعله الذي جهله أبو حاتم. وهناك أبو عبد السلام ثالث يسمى صالح بن رستم، يروي عنه ابن جابر أيضاً، فرق الحافظ بينه وبين الذي قبله، وعلى ذلك جرى البخاري وغيره كابن حبان، فقد ذكر أيضاً صالحاً هذا في "الثقات" (6/ 456) ، وفي ترجمته خرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 193) حديث الأمم، المشار إليه آنفاً. والمقصود أن الهيثمي لما وثق أبا عبد السلام هذا؛ توهم أنه هو الذي وثقه ابن حبان، وفاته أنه الذي ذكره في "الضعفاء" وساق له الحديث نفسه. على أن توثيق ابن حبان المذكور مما لا ينبغي الاعتداد به؛ لأنه تفرد به، ومن المعلوم تساهله في التوثيق. وجملة القول: إن الحديث علته جهالة أبي عبد السلام هذا، ولهذا لم يحسن السيوطي بسكوته عنه في "الفتاوى" (1/ 98) ، وبخاصة أنه استدل به على طول عمامته صلي الله عليع وسلم فقال: "وهذا يدل على أنها عدة أذرع، والظاهر أنها كانت نحو العشرة، أوفوقها بيسير". وهذا غير صحيح. والله أعلم. ثم رأيت في "مصنف ابن أبي شيبة" (8/ 423/ 5007) عن سلمة بن وردان قال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 266 "رأيت على أنس عمامة سوداء على غير قلنسوة، وقد أرخاها خلفه نحواً من ذراع". وهذا أقرب وأشبه، وسنده حسن. 4268 - (كان يستاك بفضل وضوئه) . ضعيف جداً أخرجه الدارقطني في "الأفراد" (ج 3 رقم 10) ، وعنه الخطيب (11/ 16) ، وابن عساكر (2/ 243/ 2) من طريق إسحاق بن إبراهيم - شاذان -: حدثنا سعيد بن الصلت، عن الأعمش، عن مسلم الأعور، عن أنس بن مالك قال: فذكره. وقال الدارقطني: "حديث غريب من حديث الأعمش، عن مسلم بن كيسان الأعور الملائي أبي عبد الله الضبي، عن أنس بن مالك، تفرد به سعيد بن الصلت عنه، وتفرد به إسحاق بن إبراهيم - شاذان - عن سعيد". قلت: ومسلم بن كيسان؛ ضعيف جداً. وقد روي الحديث عنه بلفظ: "كان يتوضأ بفضل سواكه". وسيأتي تخريجه برقم (6421) مع الجمع بينهما. الحديث: 4268 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 267 4269 - (كان يستحب إذا أفطر أن يفطر على لبن، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء) . ضعيف رواه ابن عساكر (2/ 381/ 1) ، والضياء في "المختارة" (1/ 495) الحديث: 4269 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 267 عن أبي يعقوب إسحاق بن الضيف: حدثنا عبد الرزاق: أبنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً. ثم رواه من طريق أحمد، عن عبد الرزاق به. إلا أنه قال: "رطبات" بدل "لبن". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق بن الضيف صدوق يخطىء؛ كما قال الحافظ: قلت: وقد أخطأ في ذكر "اللبن" بدل "الرطبات"؛ بدليل مخالفته للإمام أحمد، فروايته منكرة، والمحفوظ رواية أحمد. 4270 - (كان يستحب الصلاة في الحيطان) . ضعيف أخرجه الترمذي (334) ، وتمام في "الفوائد" (11/ 194/ 1) عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر، والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره". الحديث: 4270 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 4271 - (كان يستفتح دعاءه بـ: سبحان ربي الأعلى الوهاب) . ضعيف رواه أحمد (4/ 54) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 16-17) ، وعبد بن حميد في "المنتخب" (49 /1) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (45/ 1) ، والحاكم (1/ 498) عن عمر بن راشد، عن إياس بن سلمة، عن أبيه مرفوعاً. ورواه ابن عساكر (7/ 246/ 2) من طريق أحمد، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي على ما في النسخة المطبوعة من الحديث: 4271 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 "التخليص". والظاهر أنها خطأ؛ فقد قال المناوي بعد أن حكى تصحيح الحاكم إياه: "ورده الذهبي بأن عمر ضعيف". وهذا هو اللائق بالذهبي؛ فقد ترجمه في "الميزان" ترجمة طويلة، ونقل فيها أقوال الأئمة في تضعيفه، وقال بين يديها: "ضعفوه". ثم ساق له أحاديث أنكرت عليه؛ منها هذا الحديث. 4272 - (كان يستمطر في أول مطرة ينزع ثيابه كلها إلا الإزار) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 377) عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. وقال: "غريب بهذا اللفظ، تفرد به الرقاشي". قلت: وهو ضعيف. والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ. الحديث: 4272 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 4273 - (كان يسجد على مسح) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبو موسى الهروي: أخبرنا أبو عبيد ة الحداد: أخبرنا حسين وحازم ابن إبراهيم، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "حسين، يعني: العلم". قلت: وهو ثقة، وكذلك سائر الرواة؛ غير أن سماك بن حرب قال الحافظ: الحديث: 4273 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 "صدوق، روايته عن عكرمة خاصة مضطربة". فالحديث من أجله ضعيف. وأبو موسى الهروي؛ اسمه إسحاق بن إبراهيم مترجم في "اللسان". 4274 - (وجهنا - صلى الله عليه وسلم - في سرية فأمرنا أن نقرأ إذا أمسينا وإذا أصبحنا: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً ... ) الآية، فقرأنا، فغنمنا وسلمنا) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (27-28/ 75) ، وأبو نعيم في "المعرفة" (2/ 153-154/ 726) من طريق يزيد بن يوسف بن عمرو: حدثنا خالد بن نزار: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في خالد بن نزار، غير يزيد ابن يوسف بن عمرو، فإني لم أجد له ترجمة، وأستبعد أن يكون (يزيد بن يوسف الرحبي الدمشقي) ؛ فإنه في طبقة (خالد بن نزار) هذا، ولم يذكر في الرواة عنه. ومع ذلك فالحافظ ذكر الحديث في ترجمة (إبراهيم بن الحارث التيمي) والد (محمد بن إبراهيم) هذا، وقال: "أخرجه ابن منده من طريق لا بأس بها عن محمد بن إبراهيم التيمي.. الحديث". وقال عقبه: "فإن ثبت هذا فإبراهيم عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلت: يشير إلى أن قوله في السند "عن أبيه" لا يعني جده الحارث بن خالد؛ كما قال بعضهم. والله أعلم. الحديث: 4274 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 270 4275 - (كان يصوم عاشوراء ويأمر به) . ضعيف جداً أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 1069) ، والبزار "كشف" (1044) دون الأمر به، عن جابر، عن سعد بن عبيد ة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر - هو ابن يزيد الجعفي - وهو ضعيف متهم. والحديث إن صح، فهو منسوخ؛ لصريح حديث عائشة قالت: "كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه". أخرجه الشيخان وغيرهما. الحديث: 4275 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 4276 - (كان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله) . ضعيف مرفوعاً أخرجه الحاكم (4/ 229) ، والبيهقي في "السنن" (9/ 268) عن عبد الله بن يزيد المقرىء: حدثنا سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، عن جده عبد الله بن هشام - وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، فمسح رأسه ودعا له - قال: فذكره مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا، لكن فيه علة خفية؛ وهي الوقف؛ فإنه ليس في رواية البيهقي التصريح بالرفع، بل قال بعد قوله: "ودعا له": "قال: وكان يضحي .... ". الحديث: 4276 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 وهذا ظاهره أن القائل هو زهرة بن معبد، وأن اسم "كان" يعود إلى عبد الله ابن هشام، بخلاف رواية الحاكم فإنها صريحة في الرفع؛ فإن لفظه: "ودعا له، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحي ... ". وهي شاذة عندي؛ لأن في طريقها عند الحاكم السري بن خزيمة، وهو غير معروف عندي، وقد خالفه الترقفي عند البيهقي، وكذا علي بن عبد الله المدني عند البخاري في "الأحكام" (13/ 171 - فتح) فرواه عن المقرىء مثل رواية البيهقي تماماً، وقال الحافظ: "وهذا الأثر الموقوف صحيح بالسند المذكور إلى عبد الله، وإنما ذكره البخاري مع أن من دعاته أنه يحذف الموقوفات غالباً؛ لأن المتن قصير". قلت: ومما يؤيد الوقف أن عبد الله بن وهب قد تابعه عن سعيد به؛ دون ذكر الأضحية. أخرجه البخاري في "الشركة" (6/ 102) ، و"الدعوات" (11/ 126) . 4277 - (كان يعجبه التهجد من الليل) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 86/ 1) عن أبي بلال الأشعري: أخبرنا قيس بن الربيع، عن الأسود عن جندب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع وأبي بلال الأشعري. وأعله الهيثمي - وتبعه المناوي - بالأشعري وحده! الحديث: 4277 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 4278 - (كان تعجبه الفاغية) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 152-153) ، وأبو الشيخ (ص 231) عن سليمان بن كثير: حدثنا عبد الحميد، عن أنس مرفوعاً. الحديث: 4278 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الحميد هذا - هو ابن قدامة -؛ قال البخاري: "لا يتابع على حديثه". وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وساق له هذا الحديث. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 166) وقال: "يروي عن أنس بن مالك، عداده في أهل البصرة، روى عنه سليمان بن كثير". وهو عمدة قول الهيثمي: "ورجاله ثقات" فيما نقله المناوي عنه وأقره!! واغتر بذلك السيوطي فرمز لحسنه! 4279 - (كان يعجبه أن يتوضأ من مخضب لي صفر) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 369) عن عبيد الله بن عمر، عن محمد بن إبراهيم، عن زينب بنت جحش مرفوعاً. قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن إبراهيم هذا فلم أعرفه. ويحتمل أنه انقلب على الناسخ أو الطابع، والصواب "إبراهيم بن محمد" وهو: إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي؛ فقد جاء في "التهذيب" أن البخاري قال في "تاريخه": رأى زينب بنت جحش. وعن ابن حبان أنه أشار إلى تضعيف هذه الرؤية؛ بل قال: "وليس يصح ذلك عندي". ثم تأكدت من القلب المذكور حين رجعت إلى "تاريخ البخاري" (1/ 1/ 320) إذ رأيته يقول: "حجازي، رأى زينب بنت جحش، قال لي إسماعيل بن أبي أويس: حدثني الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن إبراهيم بن محمد بن جحش الحديث: 4279 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 273 الأسدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ في مخضب صفر في بيت زينب بنت جحش". وإبراهيم هذا؛ روى عنه رجلان آخران، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ: "صدوق". لكن الظاهر أنه لم يسمع هذا الحديث من زينب، أما على قول ابن حبان فظاهر، وأما على قول البخاري فلأنه لا يلزم من ثبوت الرؤية ثبوت السماع منها، لا سيما على مذهب البخاري؛ الذي لا يثبت السماع بمجرد المعاصرة بل لا بد عنده من ثبوت التلاقي، ولا يثبت هذا بمجرد الرؤية، كما لا يخفى. ويؤكد ذلك أن رواية البخاري ظاهرها الإرسال. ثم إن لفظه يختلف عن لفظ ابن سعد؛ إذ ليس فيه إلا مجرد التوضؤ في المخضب، وذلك لا يستلزم أن ذلك كان يعجبه. فلهذا كله؛ لم تطمئن النفس لثبوت هذا الحديث. والله أعلم. 4280 - (كان يعجبه أن يدعى الرجل بأحب أسمائه إليه، وأحب كناه) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (819) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 172/ 2) عن محمد بن عثمان القرشي قال: حدثنا ذيال ابن عبيد بن حنظلة: حدثني جدي حنظلة بن حذيم قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ القرشي هو محمد بن عثمان بن سيار البصري ثم الواسطي؛ لم يوثقه أحد، بل قال الدارقطني: "مجهول". الحديث: 4280 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 274 قلت: وفي طبقته محمد بن عثمان الواسطي، وثقه ابن حبان، وقد شاركه في الرواية عن بعض شيوخه، وفي كونه واسطياً، وقد يروي عنه بعض من روى عن هذا، كما روى عنه أبو عوانة، فيحتمل أن يكونا واحداً، كما بينته في "الصحيحة" (2953) ، فإذا ثبت هذا فالحديث حسن. والله أعلم. ثم رأيت الهيثمي ذكر الحديث في "المجمع" (8/ 56) وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". فكأنه يجزم بالاحتمال المذكور. فالله أعلم. 4281 - (كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً، ويستغفر ثلاثاً) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 239) ، وابن حبان (2410) من طريق أبي يعلى - وهذا في "مسنده" (5277) -، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (362) ، وأحمد (1/ 394،397) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 72/ 2) وفي "الدعاء" (2/ 807-808) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 347-348) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً. قلت: ورجاله ثقات؛ غير أن أبا إسحاق - واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي - كان اختلط، ثم هو إلى ذلك مدلس وقد عنعنه. وفي رواية لأحمد عنه، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود به. فجعل عبد الرحمن بن يزيد؛ مكان عمرو بن ميمون، ولعل هذا من اختلاط أبي إسحاق. الحديث: 4281 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 275 هذا؛ وقد تجاهل المعلق على "مسند أبي يعلى" (13/ 51) ، وعلى "الإحسان" (3/ 203) عنعنة أبي إسحاق واختلاطه، وصححا إسناده! بل ادعى الأول أن إسرائيل قديم السماع من جده! وهذا مما لم أر أحداً صرح به من الحفاظ، بل هو خلاف ما نقله الحافظ العراقي في شرح "المقدمة" (ص 394) عن أحمد: "إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بأخرة". ونحوه في رواية ابنه عبد الله في "العلل" (1/ 202) . وأظن أنه استلزم ذلك من إخراج الشيخين لحديثه عن جده، وذلك غير لازم، كما لا يخفى على أهل العلم؛ لاحتمال أن اختلاطه لم يصلهما، أو وصلهما ولكن كان عندهما خفيفاً، كمثل الذهبي فإنه قال: "شاخ ونسي ولم يختلط". أو غير ذلك من الاحتمال. ثم إنه قد خالفه وزهير؛ فروياه عن أبي إسحاق دون قوله: "ويستغفر ثلاثاً". أخرجه الطبراني في "الدعاء" أيضاً (رقم 52 و 53) . قلت: فهذا الاضطراب في المتن والإسناد، مما لا يحتمل ممن رمي بالاختلاط، ومثله من كان سيىء الحفظ، بل إن ذلك مما يؤكد ما رمي به. نعم؛ برواية سفيان - وهو الثوري - تزول شبهة الاختلاط؛ فإنه ممن سمع منه قديماً بالاتفاق، وتترجح روايته على رواية إسرائيل، ولا سيما وقد تابعه زهير، ولكن تبقى العلة الأخرى وهي العنعنة، فإن وجد تصريحه بالتحديث أو السماع صحت جملة الدعاء. والله أعلم. 4282 - (كان يعمل عمل البيت، وأكثر ما يعمل الخياطة) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 366) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 81/ 1-2) عن الحجاج بن فرافصة، عن عقيل، عن ابن شهاب: أن عائشة قالت: الحديث: 4282 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد منقطع ضعيف؛ ابن شهاب لم يدرك عائشة. والحجاج بن فرافصة؛ ضعيف. والمحفوظ عن السيدة عائشة بلفظ: "كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما تعمل الرجال في بيوتهم". أخرجه ابن سعد أيضاً، وأحمد، وغيرهما، وهو مخرج في "المشكاة" (5822) . 4283 - (كان يغسل مقعدته ثلاثاً) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (356) ، وأحمد (6/ 210) عن شريك؛ عن جابر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء؛ زيد العمي فمن دونه، وأشدهم ضعفاً جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ فإنه قد اتهم بالكذب. لكن ذكر المناوي في "الفيض" عن مغلطاي أنه قال: "رواه الطبراني في "الأوسط" بسند أصح من هذا". قلت: ليس فيه (ثلاثاً) ، وهو عنده (5/ 122/ 4853) من طريق إبراهيم بن مرثد العدوي، عن إسحاق بن سويد العدوي، عن معاذة العدوية: أن عائشة قالت: "يا معشر النساء! مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثو البول والغائط؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل عنه أثر البول والغائط، وأنا أستحي أن أقوله لهم". وسنده حسن. وتابعه قتادة، عن معاذة به؛ عند الترمذي وغيره وصححه. الحديث: 4283 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 277 انظر "الإرواء" (42) . 4284 - (كان يقبل وهو محرم) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 171) عن أبي حنيفة، عن زياد بن علاقة، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ لكن تكلم الأئمة في حفظ أبي حنيفة وضعفوه، كما سبق بيانه تحت الحديث (397 و 458) . والمحفوظ من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ: " ... وهو صائم". وهو مخرج في "الصحيحة" (219-221) ، و "الإرواء" (616) . الحديث: 4284 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 4285 - (كان يقلس له يوم الفطر) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 391-392) عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر، عن قيس بن سعد قال: "ما كان شيء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد رأيته، إلا شيء واحد، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين، وجرى على ظاهره البوصيري في "الزوائد" فقال (81/ 2) : "إسناده صحيح، رجاله ثقات"! وخفي عليه أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - كان اختلط، وإسرائيل - وهو حفيده؛ فإنه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق - سمع من جده بعد الاختلاط، ولذلك قال أحمد: الحديث: 4285 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 "إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بأخرة". قلت: ثم هو إلى ذلك مدلس، وضعفه بذلك غير ما واحد من المتقدمين والمتأخرين، فيخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء ثم دلسه؛ فإن الحديث رواه إسرائيل أيضاً، عن جابر، عن عامر به. أخرجه أبو الحسن بن سلمة القطان في "زوائده على ابن ماجه" (1/ 392) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 209) ، وأحمد (3/ 422) . وتابعه شيبان، عن جابر به. أخرجه القطان، والطحاوي. وتابعهما شريك، عن جابر به. أخرجه الطحاوي. فرجع الحديث إلى أنه من رواية جابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، بل كذبه بعضهم، ورماه آخرون بالتدليس، وبه أعله الطحاوي فقال: "وما لم يذكر فيه سماعه ممن يحدث به عنه، أو ما يدل على ذلك فليس بالقوي عند من يميل إليه، فكيف عند من ينحرف عنه". ثم روى بسنده الصحيح عن سفيان الثوري قال: "كل ما قال لك فيه جابر: "سمعت" أو "حدثني" أو "أخبرني" فاشدد به يديك، وما كان سوى ذلك ففيه ما فيه". نعم؛ قد روي الحديث من طريق أخرى؛ عن شريك، عن مغيرة، عن عامر قال: "شهد عياض الأشعري عيداً بالأنبار، فقال: ما لي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 279 أخرجه ابن ماجه، والطحاوي وأعله بالإرسال، فقال: "ففي هذا الحديث رد الشعبي إياه إلى عياض الأشعري، وعياض هذا رجل من التابعين، فعاد الحديث به إلى أن صار منقطعاً، وكان أولى مما رواه جابر عن الشعبي؛ لأن مغيرة عن الشعبي أثبت من جابر عن الشعبي". وبمثله أعله أبو حاتم الرازي أيضاً؛ فقال ابنه في "العلل" (1/ 209) : "سألت أبي عن حديث عامر، عن قيس بن سعد ... أي شيء معناه؟ بعضهم يقول هذا: عن عامر، عن عياض الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أيهما أصح، وما معنى الحديث؟ فأجاب أبي؛ فقال: معنى التقليس: أن الحبش كانوا يلعبون يوم الفطر بعد الصلاة بالحراب. واختلفت الرواية عن الشعبي في عياض الأشعري، وقيس بن سعد، رواه جابر الجعفي، عن الشعبي، عن قيس بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه آخر ثقة - نسيت اسمه -، عن الشعبي، عن عياض، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعياض الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، ليست له صحبة". قلت: والراوي الثقة الذي نسي أبو حاتم اسمه، إنما هو شريك كما تقدم - وهو ابن عبد الله القاضي -، وهو ثقة فعلاً، إلا أنه سيىء الحفظ معروف بذلك، فهي علة أخرى في الحديث علاوة على الإرسال، على أن الحافظ قد جزم في "التقريب" بأن عياضاً هذا صحابي، ولم يذكر له مستنداً يعتد به، اللهم إلا قوله: "جاء عنه حديث يقتضي التصريح بصحبته، ذكره البغوي في "معجمه"، وفي إسناده لين". وليس يخفى أن لا يثبت الصحبة بمثل هذا الإسناد واللين. والله أعلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 280 4286 - (كان يكتحل كل ليلة، ويحتجم كل شهر، ويشرب الدواء كل سنة) . موضوع أخرجه ابن عدي (ق 186/ 1) عن سيف بن محمد بن أخت سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته سيف هذا؛ قال الحافظ: "كذبوه". وقال الذهبي في "المغني": "قال أحمد: كذاب يضع الحديث". الحديث: 4286 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 4287 - (كان يكره العطسة الشديدة في المسجد) . ضعيف أخرجه البيهقي (2/ 290) عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال: "قال أبو أحمد (يعني ابن عدي) : يحيى بن يزيد ووالده ضعيفان". الحديث: 4287 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 4288 - (كان يكره أن يأكل الضب) . ضعيف أخرجه الخطيب (12/ 318) عن مسعر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم هو ابن يزيد النخعي؛ لم يثبت سماعه من عائشة كما في "التهذيب". والخطيب أورده من طريق علان بن الحسن بن عمويه الواسطي؛ وفي ترجمته، ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث، فهو مجهول. وقد خالفه سفيان عن حماد؛ فساقه عنها بلفظ: الحديث: 4288 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 أهدي لنا ضب، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأكل منه، فقلت: يا رسول الله! ألا تطعمه السؤال؟ فقال: "إنا لا نطعمهم مما لا نأكل". أخرجه البيهقي (9/ 326) ، وأشار إلى تضعيفه بقوله: "إن ثبت". ثم روى عن زهير، عن أبي إسحاق قال: "كنت عند عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فجاء ابن له - أراه القاسم -، قال: أصبت اليوم من حاجتك شيئاً؟ فقال بعض القوم: ما حاجته؟ قال: ما رأيت غلاماً آكل لضب منه، فقال بعض القوم: أو ليس بحرام؟ فسأل قال: وما حرمه؟ قال: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهه؟ قال: أو ليس الرجل يكره الشيء وليس بحرام؟ قال: قال عبد الله: إن محرم الحلال كمستحل الحرام". ورواه الطبراني (3/ 16/ 1) مختصراً. قلت: وهذا مرسل أيضاً ومن مجهول؛ وهو بعض القوم، ولكن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود قد سلم به، ولكنه مرسل على كل حال، ولا يشهد لما قبله؛ لأن الإرسال والانقطاع في طبقة واحدة. والله أعلم. 4289 - (كان يكره الصوت عند القتال) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 414) ، وعنه البيهقي (9/ 153) ، والحاكم (2/ 116) من طريق مطر، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبيه مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي. قلت: مطر؛ لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً، وقال الذهبي في "الميزان": "من رجال مسلم، حسن الحديث". الحديث: 4289 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 282 لكن قال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ". قلت: وقد خالفه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي فقال: عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال: "كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون الصوت عند القتال". أخرجه الثلاثة المذكورون. وقال الحاكم: "وهو أولى بالمحفوظ". وهو كما قال. 4290 - (كان يكره ريح الحناء) . ضعيف أخرجه النسائي (2/ 280) ، وأحمد (6/ 117) عن كريمة بنت همام قالت: سمعت عائشة سألتها امرأة عن الخضاب بالحناء؟ قالت: لا بأس به، ولكن أكره هذا؛ لأن حبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كريمة هذه مجهولة الحال؛ لم يوثقها أحد. الحديث: 4290 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 4291 - (كان يكره سورة الدم ثلاثاً، ثم ياشر بعد الثلاث بغير إزار) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 223) عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن بشير؛ قال الحافظ: "ضعيف". والحسن؛ هو البصري. الحديث: 4291 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 وأمه اسمها خيرة مولاة أم سلمة؛ مقبولة عند الحافظ، ولم يوثقها غير ابن حبان. والحديث قال الهيثمي (1/ 282) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سعيد بن بشير، وثقه شعبة، واختلف في الاحتجاج به". 4292 - (كان يكره من الشاة سبعاً: الذكر، والأنثيين، والمثانة، والحياء، والمرارة، والغدة، والدم، وكان أحب الشاة إليه مقدمها) . ضعيف رواه عبد الرزاق في "المصنف" (4/ 8771) ، وأبو محمد الجوهري في "الفوائدالمنتقاة" (10/ 2) ، والبيهقي في "سننه" (10/ 7) عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد بن جبر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ واصل هذا؛ مجهول كما قال أحمد، ثم هو إلى ذلك مرسل. وقد وصله البيهقي، وابن عدي (241/ 1) ، وابن عساكر (17/ 360/ 1) من طريق فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي: "عمر بن موسى يضع الحديث". وقال ابن عساكر: "وصل هذا الحديث غريب، وقد رواه الأوزاعي عن واصل فأرسله". ثم ساقه مرسلاً كما تقدم. وقد روي موصولاً من وجه آخر، يرويه يحيى الحماني: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً به الحديث: 4292 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 382 - زوائده) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك. ويحيى الحماني؛ فيه ضعف. 4293 - (لأشفعن يوم القيامة لمن كان في قلبه جناح بعوضة إيمان) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب في "التاريخ" (12/ 379) عن الفضل بن علي بن الحارث بن محمود الهروي سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة: سمعت أبا حسان عيسى بن عبد الله العثماني يقول: ذهب بي أبي إلى البصرة إلى بني سهم إلى امرأة يقال لها: آمنة بنت أنس بن مالك: فسمعت أبي يقول لها: يا آمنة! مالك ممن؟ قالت: من بني ضمضم، ثم قالت: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أورده في ترجمة الهروي هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأعله الذهبي بالعثماني هذا فقال: "متهم بالكذب، قال المستغفري: يكفيه في الفضيحة أنه ادعى السماع من آمنة بنت أنس بن مالك لصلبه! ". الحديث: 4293 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 4294 - (لله أفرح بتوبة عبد هـ من رجل أضل راحلته بفلاة من الأرض، فطلبها، فلم يقدر عليها، فتسجى للموت، فبينما هو كذلك إذ سمع وجبة الراحلة حين بركت، فكشف عن وجهه، فإذا هو براحلته) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه (4249) ، وأحمد (3/ 83) ، وأبو الحديث: 4294 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 يعلى (1/ 356) عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطية - وهو ابن سعد العوفي -؛ ضعيف مدلس. وفضيل بن مرزوق؛ فيه ضعف؛ واحتج به مسلم. والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس بن مالك وعبد الله ابن مسعود؛ ليس فيه ذكر التسجي والوجبة؛ فهو منكر بهذا اللفظ. 4295 - (لأن أمتع بسوط في سبيل الله؛ أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 215) عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال: "بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ولد الزنا شر الثلاثة"، و "إن الميت يعذب ببكاء الحي"، فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة! أساء سمعاً فأساء إصابة، أما قوله: "لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا"، إنها لما نزلت (فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ما العقبة) قيل: يا رسول الله! ما عندنا ما نعتق إلا أن أحدنا له جارية سوداء تخدمه وتسعى عليه، فلو أمرناهن فزنين فجئن بالأولاد فأعتقناهم!؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا ثم أعتق الولد". وأما قوله: "ولد الزنا شر ثلاثة"، فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان الحديث: 4295 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 رجل من المنافقين يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من يعذرني من فلان؟ " قيل: يا رسول الله مع ما به، ولد زنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو شر الثلاثة، والله عز وجل يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ". وأما قوله: "إن الميت ليعذب ببكاء الحي"، فلم يكن الحديث على هذا، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بدار رجل من اليهود قد مات وأهله يبكون عليه فقال: "إنهم يبكون عليه، وإنه ليعذب، والله عز وجل يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله: "كذا قال، وسلمة لم يحتج به (م) وقد وثق، وضعفه ابن راهويه". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ". قلت: وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، فإنى للحديث الصحة بل الحسن؟! وقد روي من طريق أخرى عن الزهري، فقال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (56/ 1 - زوائده) : حدثنا عبد العزيز بن أبان قال: حدثنا معمر بن أبان ابن حمران قال: أخبرني الزهري به نحوه. وابن أبان هذا؛ متروك؛ فلا يستشهد به. 4296 - (لأنا في فتنة السراء أخوف عليكم من فتنة الضراء، إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وإن الدنيا حلوة خضرة) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (1/ 223) ، والبزار (ص 323 - زوائده) ، وأبو نعيم الحديث: 4296 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 287 في "الحلية" (1/ 93) عن مغيرة الضبي، عن رجل من بني عامر قال: حدثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل العامري. لكن قوله: "وإن الدنيا حلوة خضرة"، له شواهد كثيرة صحيحة، قد خرجت بعضها في "الصحيحة" (911 و 1592) . 4297 - (لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده. يوم عاشوراء) . منكر بهذا التمام أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 287) عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ داود هو ابن علي بن عبد الله بن عباس، وهو مقبول عند الحافظ. وابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن -؛ ضعيف سيىء الحفظ. وقد روي عنه بلفظ: "صوموا يوماً قبله، ويوماً بعده" ليس فيه: "لئن بقيت ... "، وهو مخرج في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 89) . وذكر اليوم الذي بعده منكر فيه؛ مخالف لحديث ابن عباس الصحيح بلفظ: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع". أخرجه مسلم، والبيهقي، وغيرهما. الحديث: 4297 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 288 4298 - (لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم، فلا يستجاب لهم) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/ 92) من طريق الدارقطني، عن محمود بن محمد أبي يزيد الظفري الأنصاري: حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال: "قال الدارقطني: تفرد به محمود عن أيوب بن النجار عن يحيى، ومحمود لم يكن بالقوي". وللحديث علة أخرى؛ وهي الانقطاع؛ فقد ذكروا عن أيوب بن النجار أنه قال: "لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثاً واحداً: احتج آدم وموسى". والحديث قال الهيثمي (7/ 266) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، والبزار (3306) ، وفيه حبان بن علي؛ وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية، وضعفه في غيرها". الحديث: 4298 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 4299 - (لتتركن المدينة على أحسن ما كانت، حتى يدخل الكلب فيغذي على بعض سواري المدينة أو على المنبر) . منكر بذكر جملة الكلب أخرجه مالك (3/ 85-86 رواية يحيى) عنه، عن ابن حماس، عن عمه، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ وزاد: فقالوا: يا رسول الله! فلمن تكون الثمار ذلك الزمان؟ قال: "للعوافي: الطير والسباع". كذا قال فيه يحيى: "ابن حماس" لم يسمه، وسماه بعض الرواة عن الحديث: 4299 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 مالك، فقال أحمد بن أبي كثير: عن مالك، عن يوسف بن يونس بن حماس به. أخرجه ابن حبان (257/ 1040) . وخالفه عبد الله بن مسلمة عند الحاكم (4/ 426) ، وسعيد بن أبي مريم عند ابن عبد البر في "التمهيد" (24/ 122) ، فقالا: عن مالك، عن يونس بن يوسف بن حماس، فقلب اسمه، فجعله "يونس بن يوسف" مكان "يوسف بن يونس". وثمة وجوه أخرى من الاختلاف على مالك؛ ذكرها ابن عبد البر، وعقب عليها بقوله: "وهذا الاضطراب يدل على أن ذلك جاء من قبل مالك، ورواية يحيى في ذلك حسنة؛ لأنه سلم من التخليط في الاسم، وأظن أن مالكاً لما اضطرب حفظه في اسم هذا الرجل رجع إلى إسقاط اسمه فقال: "ابن حماس"، ويحيى من آخر من عرض عليه "الموطأ" وشهد وفاته". وأقول: يونس بن يوسف بن حماس، عليه أكثر الرواة، وهو من رجال مسلم، ووثقة ابن حبان (7/ 648) ، ولكنه لم يسم جده، وفرق بينه وبين مقلوبه: "يوسف بن يونس بن حماس" فترجم له أيضاً (7/ 633) قال: "يروي عن أبيه عن أبي هريرة. روى عنه مالك". وهو هذا يقيناً، لكن قوله: "أبيه" خطأ؛ لا أدري أهو منه أم من النساخ؛ فإنه مخالف لما في "التاريخ" (4/ 2/ 374) وهو عمدته في الغالب، كما هو معلوم، كمت هو مخالف لكل المصادر التي أخرجت هذا الحديث، ومنها كتاب ابن حبان نفسه: "الصحيح"؛ كما تقدم عن "الموارد". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 290 هذا؛ وقد وهم المزي في "التهذيب" (32/ 561) ، وتبعه العسقلاني؛ فقالا في ترجمة يونس هذا: "ذكره ابن حبان في "الثقات" فيمن اسمه يوسف، قال: وهو الذي يخطىء فيه عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك فيقول: يونس بن يوسف". فأقول: الذي في "الثقات" المطبوع: "يوسف بن سفيان". وليس "يونس بن يوسف" كما ذكرا! وإني لأستبعد جداً أن يكون ما في "المطبوع" خطأ من الناسخ أو الطابع؛ لأنه مطابق لما في "ترتيب الثقات" للحافظ الهيثمي، ولأنه موافق أيضاً لقول البخاري: "وقال لنا عبد الله بن يوسف: عن مالك عن يوسف بن سنان، والأول أصح". يعني: يوسف بن يونس بن حماس. فيوسف؛ متفق عليه بينهما في رواية التنيسي، وكذلك حكاه عنه ابن عبد البر في "التمهيد"، فهذا يبين خطأ "التهذيب" على ابن حبان، ويؤكد ذلك أن ابن حبان قد ترجم ليونس بن يوسف - كما تقدم - كالبخاري، وهذا مما خفي على المزي، وتبعه العسقلاني، فلم يذكرا ذلك عنه! ومجمل القول: أنه قد اضطرب الرواة على مالك اضطراباً كثيراً، وأن الصواب منه: أنه يونس بن يوسف بن حماس كما تقدم وأنه ثقة. وإنما علة الحديث عنه الذي لم يسم في كل الروايات عن مالك، فهو غير معروف. وعليه؛ فقول الحاكم عقب الحديث: "صحيح الإسناد، على شرط مسلم". ليس بصحيح وإن وافقه الذهبي، وبخاصة قوله: "على شرط مسلم"؛ فشخص مثل (العم) هذا لا يعرف عينه؛ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 291 كيف يكون على شرط مسلم؟! نعم؛ الحديث صحيح دون جملة الكلب؛ فقد أخرجه الشيخان من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه، وهو مخرج في "الصحيحة" (683) ، وله فيه (1634) شاهد من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي، وكلاهما ليس فيهما تلك الجملة، فهي منكرة. 4300 - (لتخرجن الظعينة من المدينة حتى تدخل الحيرة، لا تخاف أحداً) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 309) عن سليمان بن داود المنقري: حدثنا أبو بكر بن عياش: حدثنا عبد الملك بن عمير قال: سمعت جابر بن سمرة السوائي يقول: فذكره مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عبد الملك إلا أبو بكر". قلت: وهما من رجال البخاري، لكن سليمان بن داود المنقري - وهو الشاذكوني -؛ متروك. وقد روي الحديث من طريق عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم مرفوعاً به نحوه. أخرجه أحمد (4/ 378-379) ، والترمذي (2956) وقال: "حسن غريب". وأقول: عباد هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير سماك بن حرب، وجهله ابن القطان. وقد خالفه في لفظه محل بن خليفة، عن عدي مرفوعاً بلفظ: الحديث: 4300 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 292 "فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله". أخرجه البخاري في "علامات النبوة" (6/ 478،479 - فتح) . وتابعه ابن حذيفة، عن عدي به. أخرجه أحمد (4/ 257،378،379) . 4301 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " لتنتهكن الأصابع بالطهور. . . " وقد نقله الشيخ رحمه الله إلى " الصحيحة " (3489) . الحديث: 4301 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 4302 - (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وليكونن أئمة مضلون، وليخرجن على إثر ذلك الدجالون الثلاثة) . ضعيف أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/ 528) عن محمد بن سنان القزاز: حدثنا عمرو بن يونس بن القاسم اليمامي: حدثنا جهضم بن عبد الله القيسي عن عبد الأعلى بن عامر، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن ابن عمر قال: "كنت في الحطيم مع حذيفة فذكر حديثاً، ثم قال: (فذكره) . وقال: قلت: يا أبا عبد الله! قد سمعت هذا الذي تقول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل منكر؛ فعبد الأعلى ضعفه أحمد وأبو زرعة، وأما جهضم فثقة، ومحمد بن سنان كذبه أبو داود". الحديث: 4302 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 قلت: وفي "التقريب" أنه ضعيف. والله أعلم. وللجملة الأولى من الحديث طريقان آخران عن حذيفة: الأول: عند البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 233) . والآخر: عند الحاكم أيضاً (4/ 469) وصححه، ووافقه الذهبي. ولها شاهد من حديث أبي أمامة بسند صحيح؛ مخرج في "الترغيب" (1/ 197) . 4303 - (لدرهم أعطيه في عقل؛ أحب إلي من خمسة في غيره) . ضعيف أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 451/ 2) عن الوليد: حدثنا عبد الصمد بن عبد الأعلى السلاقى (كذا) ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الصمد هذا؛ قال الذهبي: "فيه جهالة، قل ما روى". الحديث: 4303 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 4304 - (لذكر الله بالغداة والعشي خير من حطم السيوف في سبيل الله) . موضوع أخرجه ابن عدي (124/ 2) ، والديلمي عن الحسن بن علي العدوي: حدثنا خراش، عن أنس رفعه. وقال ابن عدي: "والعدوي هذا؛ كنا نتهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب". قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي "الزيادة على الجامع الصغير"؛ فإنه عزاه فيه للديلمي، مع أنه أورده من طريقه في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 148) وقال: الحديث: 4304 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 "قال في "الميزان": خراش عن أنس عدم، ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب، زعم أنه لقيه سنة بضع وعشرين ومئتين. قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار". 4305 - (لسان القاضي بين حجرتين حتى يصير إلى الجنة أو النار) . ضعيف رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 9) تعليقاً عن علي بن متويه: حدثنا إبراهيم بن سعدويه: حدثنا علي الطنافسي عن سهل أبي الحسن: حدثنا يوسف بن أسباط، عن سفيان عن المختار بن فلفل، عن أنس مرفوعاً. أورده في ترجمة ابن متويه؛ وهو علي بن محمد بن الحسن الأنصاري؛ يعرف بعلي بن متويه، وقال: "توفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقد وصله أبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (ق 184/ 1) عن يوسف به مختصراً. ويوسف بن أسباط؛ ضعيف لسوء حفظه. ورواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 447) من طريق أبي الحسن علي بن محمد، لكن يبدو أنه وقع في سند "التاريخ" سقط أو تحريف. الحديث: 4305 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 4306 - (لست أدخل داراً فيها نوح ولا كلب أسود) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 208/ 1) عن يحيى ابن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن الحديث: 4306 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 عمر يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - وعاد أبا سلمة وهو وجع، فسمع قول أم سلمة وهي تبكي، فنكل نبي الله عن الدخول حين سمعها تبكيه بكتاب الله تقول: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ، فدخل ثم سلم، ثم قال -: "أخلف الله عليك يا أم سلمة"، فلما خرج ومعه أبو بكر قال له: رأيتك يا رسول الله كرهت الدخول لأنهم ينوحون؟ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أيوب بن نهيك؛ منكر الحديث؛ كما قال أبو زرعة. وضعفه أبو حاتم وغيره. وقريب منه يحيى بن عبد الله البابلتي؛ قال في "التقريب": "ضعيف". وأشار الذهبي في ترجمة ابن نهيك إلى أنه أسوأ حالاً من البابلتي؛ فإنه ساق في ترجمته بهذا الإسناد حديثاً آخر مما أنكر عليه وقال: "ويحيى؛ ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا". 4307 - (لسقط أقدمه بين يدي؛ أحب إلي من فارس أخلفه ورائي) (1) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (457) ، وتمام الرازي في "الفوائد" (134/ 1-2) عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن عمر بن الخطاب رفعه. وقال العقيلي:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن كملاحظة لنفسه: " راجع علوم الحديث " (186) ". الحديث: 4307 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 "يزيد بن عبد الملك لا يتابع على حديثه إلا من وجه لا يصح، قال أحمد: عنده مناكير، وقال أحمد بن صالح: ليس حديثه بشيء، وقال يحيى: ليس حديثه بذاك". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وعبد العزيز الأويسي - راويه عنه -؛ ثقة من شيوخ البخاري، وقد خالفه خالد بن مخلد فقال: حدثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن يزيد بن رومان، عن أبي هريرة مرفوعاً به. رواه ابن ماجه (1607) . قلت: والأول أصح؛ فإن ابن مخلد هذا؛ وإن كان من رجال الشيخين ففيه كلام من قبل حفظه. 4308 - (لشبر في الجنة خير من الأرض وما عليها: الدنيا وما فيها) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (4329) عن حجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية - وهو العوفي -؛ ضعيف. وحجاج - وهو ابن أرطاة -؛ مدلس وقد عنعنه. وقد روي من حديث ابن مسعود، فقال أبو نعيم في "الحلية" (4/ 108) : حدثنا محمد بن عمر بن سلم: حدثنا عمر بن أيوب بن مالك - وما سمعته إلا منه -: حدثنا الحسن بن حماد الضبي: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عنه مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث الأعمش، لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ". الحديث: 4308 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 297 قلت: ولم أجد له ترجمة، ومثله عمر بن أيوب بن مالك؛ إلا أنه يحتمل أنه عمر بن أيوب بن إسماعيل بن مالك أبو حفص السقطي، نسب إلى جده الأعلى، فإن يكنه؛ فهو ثقة، مترجم في "تاريخ بغداد" (11/ 219) . 4309 - (لعثرة في كد حلال على عيل محجوب؛ أفضل عند الله من ضرب بسيف حولاً كاملاً لا يجف دماً مع إمام عادل) . ضعيف جداً رواه أبو الطيب الحوراني في "جزئه" (67/ 2) عن عبد الله ابن موسى المدني القرشي: أخبرنا عباد بن صهيب، عن سليمان الأعمش، عن عمر ابن عبد العزيز، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عثمان بن عفان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن صهيب؛ قال الذهبي: "أحد المتروكين". وعبد الله بن موسى المدني القرشي - وهو أبو محمد التيمي -؛ صدوق كثير الخطأ. ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/ 414 - المدينة) وإليه وحده عزاه السيوطي في "الجامع الصغير"، وزاد في "الجامع الكبير": "الديلمي، وتمام". وبيض المناوي لإسناده، فلم يتكلم عليه بشيء في كل من كتابيه: "فيض القدير" و "التيسير". الحديث: 4309 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 4310 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعن القاشرة والمقشورة، والواشمة والموتشمة، والواصلة والمتصلة) . ضعيف أخرجه أحمد في "مسنده" (6/ 250) عن أم نهار بنت رفاع قالت: حدثتني آمنة بنت عبد الله: أنها شهدت عائشة فقالت: فذكرته. الحديث: 4310 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ آمنة بنت عبد الله؛ لا يعرف حالها؛ كما في "تعجيل المنفعة". وأم نهار؛ لم أعرفها، ولم يذكرها في "التعجيل" وهي على شرطه! وإنما خرجته هنا من أجل الجملة الأولى، وإلا؛ فسائره في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود. 4311 - (لعن الذين يشققون الكلام تشقيق الشعر) . ضعيف جداً أخرجه أحمد في "مسنده" (4/ 98) عن سفيان، عن جابر ابن عمرو بن يحيى، عن معاوية قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جابر بن عمرو بن يحيى؛ لم أعرفه، ويغلب على الظن أن فيه تحريفاً؛ وأن الصواب جابر عن عمرو بن يحيى؛ فإن سفيان - وهو الثوري - كثير الرواية عن جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -، وهو ضعيف؛ بل متهم. وعمرو بن يحيى؛ هو: إما أبو أمية المكي، وإما: ابن عمارة المازني المدني، وكلاهما لم يدرك معاوية، فهو منقطع. ثم تأكدت من صحة ظني المذكور بعد أن رجعت إلى "المجمع"، فإذا به يقول (8/ 116) : "رواه أحمد، وفيه جابر؛ وهو ضعيف". الحديث: 4311 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 299 4312 - (لعن الله المسوفات، قيل: وما المسوفات؟ قال: التي يدعوها زوجها إلى فراشها فتقول: سوف، حتى تغلبه عيناه) . ضعيف أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 213) ، وعنه ابن الجوزي في "العلل" (2/ 140) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 466/ 2/ 4554) ، الحديث: 4312 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 299 وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 409) من طريقين عن جعفر بن ميسرة الأشجعي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف جداً؛ آفته جعفر هذا؛ قال البخاري: "ضعيف، منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث جداً". قلت: ولذلك قال ابنه عقب الحديث: "قال أبي: هذا الحديث باطل". وقال ابن حبان: "عنده مناكير كثيرة لا تشبه حديث الثقات". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 296) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" من طريق جعفر بن ميسرة الأشجعي عن أبيه، وميسرة (1) ضعيف، ولم أر لأبيه من ابن عمر سماعاً". قلت: وقد روي الحديث عن أبي هريرة بإسناد لا يفرح به، فقال يحيى بن العلاء الرازي، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسوفة، والمفسلة، فأما المسوفة فالتي إذا أرادها زوجها قالت: سوف، الآن. وأما المفسلة فالتي إذا أرادها زوجها قالت: إني حائض، وليست بحائض". أخرجه أبو يعلى (11/ 354/ 6467) .   (1) كذا الأصل، وكذلك هو في نقل المناوي عنه، وتبعه المعلق على " العلل المتناهية "! والظاهر أنه سبق قلم من الهيثمي؛ أراد أن يقول: جعفر، فقال ميسرة. ويؤيده أن ميسرة هذا ثقة من رجال الشيخين. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 300 قلت: ويحيى بن العلاء؛ كذاب؛ كما تقدم مراراً. ورواه محمد بن حميد الرازي: حدثنا مهران بن أبي عمر: حدثنا سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبي حازم، عن أبي هريرة به دون الشطر الثاني منه. أخرجه الخطيب (11/ 220) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مهران هذا؛ صدوق، له أوهام، سيىء الحفظ؛ كما قال الحافظ. والرازي؛ حافظ ضعيف. وخالفه يحيى فقال: حدثنا سفيان قال: حدثني رجل يقال له: محمد قال: سمعت عكرمة قال: "لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المشوفات أو المسوفات". أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 269) . ومحمد هذا؛ مجهول لا يعرف، أورده البخاري في "باب من أفناء الناس"، يعني: الذين لا ينسبون ولا يعرفون، وساق له هذا الحديث، وهو على ذلك مرسل. (تنبيه) : قد عرفت أن حديث أبي هريرة في إسناده ضعيفان، فمن الوهم الفاحش الذي لا نجد له مسوغاً سوى مجرد الوهم والغفلة من المعلق على "مسند أبي يعلى" الذي قال: "إسناده صحيح"!! وبخاصة ما يتعلق بحال الرازي، حتى قال فيه الذهبي في "الضعفاء": "ضعيف؛ لا من قبل الحفظ، قال يعقوب بن شيبة: "كثير المناكير"، وقال الجزء: 9 ¦ الصفحة: 301 البخاري: "فيه نظر"، وقال أبو زرعة: "يكذب"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال صالح جزرة: "ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني" ". 4313 - (لقد أكل الطعام، ومشى في الأسواق. يعني: الدجال) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 444) ، والبزار (3382) ، والطبراني (18/ 155/ 339) ، والحميدي (2/ 832) ، والآجري في "الشريعة" (ص 374) عن سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان، عن الحسن، عن عمران بن حصين مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة الحسن وهو البصري، وضعف ابن جدعان وهو علي بن زيد. وقد خولف سفيان في إسناده؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 214/ 2/ 3320) ، والآجري أيضاً: حدثنا موسى بن هارون: أخبرنا محمد بن عباد المكي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان، عن الحسن، عن ابن مغفل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وقال الطبراني: "هكذا رواه محمد بن عباد عن سفيان قال: "عن ابن مغفل"، ورواه الحميدي وعلي بن المديني وغيرهم عن سفيان عن علي بن زيد عن الحسن عن عمران بن حصين". قلت: ومحمد بن عباد هذا؛ فيه كلام من قبل حفظه، أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "صدوق يخطىء". فمثله لا يحتج به، ولا تقبل مخالفته للحافظين المذكورين: الحميدي وابن المديني. الحديث: 4313 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 302 (تنبيه) : هكذا وقع في المصدرين المذكورين: "ابن مغفل" وهو عبد الله بن مغفل، وهكذا وقع مصرحاً باسمه في "المطالب العالية" (4/ 361/ 4545) معزواً لأبي يعلى، وليس هو في "مسنده" المطبوع، ووقع في "مجمع البحرين" (2/ 90/ 2) و "مجمع الزوائد" (8/ 2) : "معقل بن يسار"، وهو خطأ لا أدري ممن هو! وقال الهيثمي عقبه: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد بن جدعان وهو لين؛ وثقه العجلي وغيره، وضعفه جماعة". وقال في حديث عمران: "رواه أحمد والطبراني، وفي إسناد أحمد علي بن زيد، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي إسناد الطبراني محمد بن منصور النحوي الأهوازي، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح"! كذا قال! وهو سهو منه رحمه الله، فطريق الطبراني هو من طريق ابن جدعان أيضاً كما علمت، وسبب الوهم أنه انتقل نظره إلى إسناد حديث آخر قبله في "المعجم الكبير" (رقم 338) ، وفيه عنعنة البصري أيضاً! وقد غفل عن هذا التحقيق الشيخ التويجري في كتابه "إتحاف الجماعة" (2/ 52) ، فإنه نقل كلام الهيثمي على الحديثين ثم أتبعه بقوله: "وقد رواه الآجري في "كتاب الشريعة"، ولكنه قال: "عن ابن مغفل" ولعل ذلك غلط من بعض الكتاب"!! كذا قال! والعكس هو الصواب كما عرفت، وإنما أتي من عدم رجوعه إلى الأصول، ووقوفه عند التقليد. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 303 واعلم أن الحديث قد وقع في كتاب "الفتن" للداني (ق 177/ 1) في آخر حديث هشام بن عامر مرفوعاً بلفظ: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر من الدجال، [قد أكل الطعام، ومشى في الأسواق] ". فأقول: ظني أن هذه الزيادة مدرجة في هذا الحديث؛ لأنه قد أخرجه جماعة من الأئمة دونها، منهم مسلم (8/ 207) ، والحاكم (4/ 528) ، وأحمد (4/ 19-21) ، وأبو يعلى (3/ 125-126) ، والداني أيضاً (ق 176/ 2) من طرق عن هشام به دونها، ولست أدري إذا كانت من بعض الرواة عنده أو النساخ. والله أعلم. 4314 - (لقد بارك الله لرجل في حاجة أكثر الدعاء فيها، أعطيها أو منعها) (1) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 299) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 50/ 1135) عن أبي قلابة الرقاشي: حدثنا محمد بن إبراهيم المدني: حدثنا محمد بن مسعر - قال أبو قلابة: وقد رأيته أنا، وكان ابن عيينة يعظمه شديداً - قال: حدثنا داود العطار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قال: فحدثت به المنكدر بن محمد فقلت: أسمعت هذا من أبيك؟ قال: لا، ولكن دخلت مع أبي وأبي حازم على عمر بن عبد العزيز، فقال عمر لأبي: يا أبا بكر! ما لي أراك كأنك مهموم؟ قال: فقال له أبو حازم: الدين   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن: " كان بعد هذا الحديث: " لقد تاب توبة. . . "، فنقل إلى " الصحيحة " (3238) . الحديث: 4314 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 304 علي. فقال له عمر: ففتح لك فيه الدعاء؟ قال: نعم، قال: فقد بارك الله لك فيه. أورده الخطيب في ترجمة محمد بن مسعر هذا - وهو أبو سفيان التميمي البصري - وهو غير محمد بن مسعر بن كدام الهلالي. وذكر أنه جالس ابن عيينة كثيراً وحفظ كلامه، وكان ابن عيينة يكرمه ويقدمه، وأنه كان من خيار خلق الله. لكن أبو قلابة - واسمه عبد الملك بن محمد -؛ صدوق تغير حفظه لما سكن بغداد. 4315 - (إياكم ونساء الغزاة؛ فإن حرمتهن عليكم كحرمة أمهاتكم) . منكر أخرجه ابن عدي (3/ 366) ، والبزار (2/ 216/ 1552) - الشطر الأول منه - من طريق يونس بن محمد - هو المؤدب -: حدثنا سعيد بن زربي، عن الحسن، عن أنس مرفوعاً. وقال البزار: "تفرد به عن الحسن: سعيد بن زربي، وليس بالقوي"! كذا قال! وهو أسوأ من ذلك؛ فقد قال البخاري ومسلم وأبو حاتم: "عنده عجائب". زاد أبو حاتم: "من مناكير". وقال ابن حبان (1/ 318) : "كان يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته". الحديث: 4315 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 305 4316 - (لقد طهر الله أهل هذه الجزيرة من الشرك إن لم تضلهم النجوم) . ضعيف رواه ابن خزيمة، والطبراني في "الكبير" عن العباس؛ كما في "الزيادة على الجامع الصغير". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 54) : الحديث: 4316 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 305 "رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى ثقات". قلت: قال أبو يعلى (4/ 1584) : حدثنا موسى بن محمد بن حيان: أخبرنا عبد الصمد: أخبرنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن العباس بن عبد المطلب به. وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير أن ابن حيان هذا لم يوثقه غير ابن حبان؛ وقال مع ذلك: "ربما خالف". وقال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 160) : "ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأ علينا، كان أخرجه قديماً في (فوائده) ". ثم إن الحسن البصري لم يسمع من العباس. لكن وصله قيس، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس به. أخرجه أبو يعلى أيضاً (4/ 1583) قال: حدثنا قيس به. كذا وقع في نسختنا المصورة منه، والظاهر أنه سقط بقية السند الذي بين أبي يعلى وقيس. وظني أن قيساً هذا هو ابن الربيع؛ وهو ضعيف لسوء حفظه، فلا يحتج بزيادته، فالحديث ضعيف لانقطاعه. والله أعلم. 4317 - (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قالوا: يا رسول الله! كيف للأحياء؟ قال: أجود وأجود) . ضعيف أخرجه ابن ماجه رقم (1446) عن كثير بن زيد، عن إسحاق بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: فذكره مرفوعاً. الحديث: 4317 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 306 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق بن عبد الله مستور؛ كما قال الحافظ. وكثير بن زيد؛ صدوق يخطىء. 4318 - (لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى، قال: فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى عيسى، فقال: أما وجبتها؟ فلا يعلمها أحد إلا الله، ذلك؛ وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج. قال: ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص، قال: فيهلكه الله. حتى إن الحجر والشجر ليقول: يا مسلم! إن تحتي كافراً، فتعال فاقتله. قال: فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم. قال: فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم. قال: فينزل الله عز وجل المطر، فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر، ثم تنسف الجبال، وتمد الأرض مد الأديم، قال: ففيما عهد إلي ربي عز وجل: أن ذلك إذا كان كذلك، فإن الساعة كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها؛ ليلاً أو نهاراً!) . ضعيف بهذا السياق أخرجه ابن ماجه رقم (4081) ، والحاكم في الحديث: 4318 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 307 "المستدرك" (4/ 488-489) ، والإمام أحمد في "مسنده" (1/ 375) عن مؤثر بن عفازة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، ثم البوصيري. قلت: وفيه نظر؛ لأن مؤثر بن عفازة؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولذلك قال الحافظ: "مقبول". يعني عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً، فالحديث ضعيف غير مقبول بهذا السياق، وبعضه في "مسلم". 4319 - (لكم أن لا تحشروا، ولا تعشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع) . ضعيف أخرجه أبو داود (3026) ، وأحمد (4/ 218) عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص: أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: ورجاله ثقات؛ غير أن الحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه. الحديث: 4319 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 308 4320 - (لكل شيء آفة، وآفة الدين ولاة السوء) . ضعيف جداً أورده السيوطي في "الجامع" برواية الحارث، عن ابن مسعود. وقال المناوي: "فيه مبارك بن حسان؛ قال الذهبي: قال الأزدي: يرمى بالكذب". قلت: في "منتخب ابن قدامة" (10/ 207/ 1) : الحديث: 4320 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 308 "وقال مهنا: سألت أحمد عن علي بن علقمة عن ابن مسعود: لكل شيء آفة وآفة الدين سواسه؟ قال: هذا حديث منكر". 4321 - (لكل شيء حصاد؛ وحصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين) . ضعيف رواه ابن عساكر (13/ 168/ 2) عن أبي حفص عمر بن عبيد الله ابن خراسان: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت البزاز: أخبرنا عبد الحميد بن هندي: أخبرنا المعافا بن سليمان: أخبرنا محمد بن سلمة، عن الفزاري، عن قتادة، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وهذا سند ضعيف؛ عبد الحميد بن هندي والراوي عنه أبو إسحاق؛ لم أجد لهما ترجمة. وأما أبو حفص فأورده ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 4321 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 309 4322 - (لكل شيء حلية، وحلية القرآن الصوت الحسن) (1) . ضعيف رواه البزار (2330 - كشف) ، وابن عدي (209/ 1) عن عبد الله ابن محرر، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. ومن هذا الطريق رواه ابن عبد الهادي في "هداية الإنسان" (198/ 2) وقال ابن عدي: "وعبد الله بن محرر؛ ضعيف". قلت: بل هو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وروي من طريق الفضل بن حرب البجلي: حدثنا عبد الرحمن بن بديل، عن أبيه، عن أنس مرفوعاً به.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن ملاحظة مختصرة: " راجع " المختارة "؛ ليس في بديل عن أنس، فراجع قتادة عنه ". الحديث: 4322 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 309 أخرجه الخطيب في "التاريخ" (7/ 268) ، والسلفي في "الطيوريات" (84/ 1) . قلت: والفضل هذا؛ مجهول لا يعرف. وروى عن إسماعيل بن عمرو: حدثنا محمد بن مروان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. ومحمد بن مروان هذا؛ هو السدي الأصغر؛ متهم بالكذب. 4323 - (لكل شيء صفوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (89) عن سعيد بن سويد: حدثنا الحسن ابن السكن، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". يعني الحسن هذا، وقد ضعفه أحمد وأبو داود. وقال البزار (ص 60) : سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت الحسن بن السكن يحدث، عن الأعمش به. وقال: "ذكره عمرو بن علي على سبيل الإنكار على الحسن، فحفظته عنه، ولم يكن يرضى هذا الشيخ". ورواه الحسن بن عمارة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي (82/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 67) وقال: "غريب من حديث حبيب والحسن، لم نكتبه إلا من هذا الوجه". الحديث: 4323 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 310 قلت: وهو ضعيف جداً؛ حبيب؛ مدلس. والحسن بن عمارة؛ متروك. والحديث أورده السيوطي في "الزيادة" من رواية البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة مرفوعاً به؛ إلا أنه زاد: " .... وصفوة الإيمان الصلاة ... ". وما أظن إلا أن الطريق واحد. 4324 - (كل بني أم ينتمون إلى عصبة؛ إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم، وأنا عصبتهم) (1) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (12/ 6741) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 124/ 1) عن جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين، عن فاطمة الكبرى مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فاطمة بنت حسين لم تدرك فاطمة الكبرى رضي الله عنهما. وشيبة بن نعامة؛ ضعيف، تناقض فيه ابن حبان. وذكر له الطبراني شاهداً فقال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: أخبرنا بشر بن مهران: أخبرنا شريك بن عبد الله، عن شبيب بن غرقدة، عن المستظل بن حصين، عن عمر مرفوعاً نحوه. لكن الغلابي هذا؛ كذاب.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر: (802، 4104) ". الحديث: 4324 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 311 وبشر بن مهران؛ ترك أبو حاتم حديثه. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" وقال: "يروي عنه البصريون الغرائب". وشريك بن عبد الله - وهو القاضي -؛ سيىء الحفظ. والمستظل بن حصين؛ ذكره ابن أبي حاتم (4/ 1/ 429) من رواية شبيب المذكور فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وله شاهد آخر، أخرجه الحاكم (3/ 164) عن القاسم بن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: ليس بصحيح؛ فإن يحيى، قال أحمد: كان يضع الحديث، والقاسم متروك". 4325 - (لكل صائم عند فطره دعوة مستجابة) . ضعيف رواه ابن عدي (314/ 2) عن محمد بن إسحاق البلخي: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قال: فكان ابن عمر إذا أفطر قال: يا واسع المغفرة! فاغفر لي. وقال: "البلخي هذا؛ حديثه لا يشبه حديث أهل الصدق". قلت: وكذبه صالح جزرة وغيره. وفي الباب ما هو أقوى منه، فراجع "الترغيب" (2/ 63) ، و"الإرواء" (921) . الحديث: 4325 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 312 والحديث أورده السيوطي في "الجامع" بزيادة: "أعطيها في الدنيا، أو ذخر له في الآخرة"، وقال: "رواه الحكيم عن ابن عمر". وتعقبه المناوي؛ بأن الحكيم قال عقبه: "إن نصر بن دعبل رفعه، والباقين وقفوه على ابن عمر". وأنه أشار إلى تفرد نصر برفعه. قلت: وابن دعبل هذا؛ لم أعرفه. 4326 - (لكل نبي حرم، وحرمي المدينة) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 318) ، وعنه الضياء في "المختارة" (62/ 277/ 1) عن شهر، قال ابن عباس: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر - وهو ابن حوشب -؛ سيىء الحفظ، ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، كثير الإرسال والأوهام". وعليه؛ فقول المناوي تبعاً للهيثمي (3/ 301) : "رواه أحمد وإسناده حسن"؛ غير حسن. بل هو عندي منكر في شطره الأول؛ ففي كون المدينة حرمها النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة، وليس في شيء منها قوله: "لكل نبي حرم"؛ فهو منكر. والله أعلم. الحديث: 4326 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 4327 - (لكل نبي خليل في أمته، وإن خليلي عثمان بن عفان) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 202) عن إسحاق بن نجيح، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث عطاء، لم نكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو موضوع؛ آفته إسحاق بن نجيح هذا؛ قال الحافظ: "كذبوه". قلت: وهذا من كذبه المفضوح؛ لمخالفته للحديث الصحيح: " .... ولو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً ... ". وهو متفق عليه. والعجب من السيوطي كيف يخفى عليه وضع هذا الحديث فيورده في كتابه "الجامع الصغير"؛ الذي ذكر في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! والعجب من ابن الجوزي أيضاً؛ فإنه أورد الحديث في كتابه "العلل"، وقال: "حديث لا يصح، وإسحاق بن نجيح؛ قال أحمد: من أكذب الناس ... " (1) . وكان حقه أن يورده في كتابه الآخر "الموضوعات"!   (1) نقله المناوي الحديث: 4327 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 314 4328 - (للجار حق) . ضعيف جداً أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 41) عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن سعيد بن زيد مرفوعاً. الحديث: 4328 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 314 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن مجمع: هو إسماعيل بن زيد بن مجمع، نسب إلى جده الأعلى، وقال ابن الجنيد: "ليس بشيء، ضعيف جداً". وقال ابن معين: "ضعيف". وقال ابن عدي: "لا يعرف". وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". ومن طريقه رواه البزار أيضاً؛ كما في "المجمع" (8/ 164) ، وقال: "وهو ضعيف". قلت: ثم رأيت الحديث في "مسند البزار" (2/ 381/ 1900) من طريق إبراهيم المذكور، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن عوف بن سهل، عن سعيد ابن زيد. كذا وقع في مطبوعة الشيخ الأعظمي، وحار في ذلك فلم يعلق عليه بشيء يجدي. وكذلك وقع في النسخة المصورة التي عندي؛ إلا أن فيها: "عبد الرحمن بن عمرو عن سهل". ووقع في مطبوعة "مختصر الزوائد" لابن حجر (2/ 251/ 1805) : "عبد الرحمن بن عمرو بن سهل". وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى؛ فإن عبد الرحمن هذا ممن روى عن سعيد ابن زيد في "صحيح البخاري"؛ كما في ترجمة (سعيد) من "تهذيب المزي"، وفي "مسند أحمد" أيضاً (1/ 188،189) . ومنه يتبين أن قوله في إسناد الخرائطي (عبد الرحمن بن عثمان) خطأ؛ صوابه (عبد الرحمن بن عمرو) . والله أعلم. ثم إن ذكر (إسماعيل بن مجمع) في إسناده أظنه خطأ؛ فإنه لم يقع له ذكر الجزء: 9 ¦ الصفحة: 315 في "المسند"، وأيضاً فقد ذكروا لإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع رواية عن عبد الكريم، وهو ابن مالك الجزري، فذكر (إسماعيل) بينهما غير محفوظ عندي. والله أعلم. 4329 - (للجنة ثمانية أبواب، سبعة مغلقة، وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 79/ 2) ، والحاكم (4/ 461) عن شريك بن عبد الله، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي صادق، عن عبد الرحمن ابن يزيد، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعل ذلك لضعف شريك - وهو القاضي -؛ فإنه سيىء الحفظ. وأما قول المنذري (4/ 73) ، ثم الهيثمي (10/ 198) : "رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد". فهو من تساهلهما الذي عرفا به، اللهم إلا أن يكون إسناد أبي يعلى سالماً من شريك، وهذا ما أستبعده، ولم أقف على إسناده؛ فإن النسخة التي في حوزتي فيها خرم. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في مطبوعة "مسند أبي يعلى" (8/ 429/ 5012) ، فإذا هو من طريق شريك! الحديث: 4329 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 316 4330 - (للرجال حواري، وللنساء حوارية، فحواري الرجال الزبير، وحوارية النساء عائشة) . موضوع رواه الحافظ ابن عساكر (6/ 183/ 2) من طريق الزبير بن بكار الحديث: 4330 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 316 قال: وحدثني محمد بن الحسن، عن حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت، عن عطاء أو أبي زياد، عن يزيد بن أبي حبيب مرفوعاً مرسلاً. قلت: وهذا مع إرساله موضوع؛ آفته محمد بن الحسن - وهو ابن زبالة المخزومي المدني -؛ قال الحافظ: "كذبوه". وتقدم نحوه بإسناد مرسل رقم (2655) . 4331 - (إن الحمرة من زينة الشيطان، وإن الشيطان يحب الحمرة) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق (19965) عن معمر: أخبرني يحيى بن أبي كثير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد إليه (يعني: عبد الله بن عمرو بن العاص) حين رآهما عليه (يعني:الثوبين المعصفرين) وقال: فذكره. ثم روى (19975) عن معمر، عن رجل، عن الحسن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا ضعيف من الوجهين؛ لأنهما مرسلان. وقد وصله بعضهم من طريق أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن رافع بن يزيد الثقفي رفعه. وأبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب". والحديث شطره الأول في "ضعيف الجامع" برقم (2793) . الحديث: 4331 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 317 4332 - (نهى أن تترك القمامة في الحجرة؛ فإنها مجلس الشيطان، وأن يترك المنديل الذي يمسح نه من الطعام في البيت، وأن يجلس على الولايا أو يضطجع عليها) . ضعيف جداً أخرجه عبد الرزاق (19825) عن حرام بن عثمان، عن ابن جابر، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ حرام؛ متروك، حتى قال الشافعي وغيره: "الرواية عن حرام حرام". الحديث: 4332 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 4333 - (للمصلي ثلاث خصال: تتناثر الرحمة عليه من قدمه إلى أعنان السماء، وتحف به الملائكة من قرنه إلى أعنان السماء، وينادي المنادي: من يناجي ما انفتل) . ضعيف رواه عبد الرزاق في "كتاب الصلاة" (29/ 2) عن ابن عيينة، عن رجل من أهل البصرة، عن الحسن قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرسال الحسن - وهو البصري - إياه، فالراوي عنه مجهول لم يسم. الحديث: 4333 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 4334 - (لا تسألوا الآيات؛ فقد سألها قوم صالح، فكانت (يعني: الناقة) ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم؛ إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله عز وجل، قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 296) : حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن عبد الله الحديث: 4334 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 ابن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، ومعلوم أن المدلس لا يقبل حديثه إذا لم يصرح بالتحديث كما هو الواقع هنا، ومع أن الحديث لم يخرجه مسلم في "صحيحه" وهو على شرطه؛ كما قال الحافظ ابن كثير (2/ 227) ؛ فقد قال الذهبي في ترجمة أبي الزبير هذا: "وفي "صحيح مسلم" عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء". ثم ساق بعضها، فكيف لا يكون في النفس شيء من أحاديثه التي لم يتحقق فيها الشرط الذي ذكره وهي ليست في "صحيح مسلم" كهذا؟! والحديث أورده الهيثمي في غزوة تبوك بلفظ البزار (6/ 194) وفي "التفسير" (7/ 38) بلفظ الطبراني، وقال: "رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح". وكثير من الناس يتوهمون من مثل هذا التعبير الذي يطلقه الهيثمي كثيراً على كثير من الأحاديث أنه في معنى قوله: "صحيح الإسناد"، وليس كذلك كما شرحته في غير هذا المكان، وهذا ما وقع فيه أحد أفاضل المؤلفين في العصر الحاضر في رسالته "حجر ثمود ليس حجراً محجوراً" (ص 6) . 4335 - (لم ترع، لم ترع، ولو أردت ذلك؛ لم يسلطك الله علي) ز ضعيف أخرجه أحمد (3/ 471) عن شعبة: سمعت أبا إسرائيل قال: سمعت جعدة قال: الحديث: 4335 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 319 أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل، فقالوا: هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسرائيل هذا؛ لم يرو عنه غير شعبة. ولا وثقه أحد غير ابن حبان، ولذلك لم يوثقه الحافظ، بل قال: "مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، ولم أجد له متابعاً، فهو على اللين. ومن طريقه أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"، كما في "تحفة الأشراف" (3/ 436) . 4336 - (لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلاً حتى نشأ فيهم المولدون، أبناء سبايا الأمم، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (56) : حدثنا سويد بن سعيد: حدثنا ابن أبي الرجال، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن عبد ة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري، وعلته الانقطاع؛ فإن عبد ة ابن أبي لبابة لم يلحق ابن عمرو، كما قال المزي في "تحفة الأشراف" (6/ 360) . وسويد هذا؛ قال الحافظ: "صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". الحديث: 4336 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 320 وشيخه ابن أبي الرجال - اسمه عبد الرحمن -؛ وهو صدوق، وتوهم بعض الطلبة - تقليداً منه للبوصيري - أنه أخو حارثة الضعيف! ورواه قيس بن الربيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به. أخرجه البزار (ص 28 - زوائده، 1/ 96/ 166 - كشف الأستار) وقال: "لا نعلم أحداً قال عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو؛ إلا قيس، ورواه غيره مرسلاً". قلت: قيس بن الربيع؛ ضعيف لسوء حفظه، والمحفوظ كما نقل الحافظ (13/ 285) عن البزار عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مرفوعاً، إنما هو بلفظ: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا". أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد خرجته في "الروض النضير" (579) . والحديث رواه الدارمي (1/ 50) ، والبيهقي في "معرفة السنن" (ص 41 - هند، 1/ 109 - العلمية) مقطوعاً، وكذلك ابن عبد البر في "جامع البيان العلم وفضله" (2/ 136) من قول عروة. لكن رواه يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 20) بسند صحيح عنه مرفوعاً. فهو مرسل صحيح. وعزاه الحافظ للحميدي في "النوادر"، والبيهقي في "المدخل" عنه. قلت: وكذا الخطيب في "التاريخ" (13/ 413) . وزاد: "قال سفيان (هو ابن عيينة) : لم يزل أمر الناس معتدلاً حتى غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة، وعثمان الجزء: 9 ¦ الصفحة: 321 البتي بالبصرة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن بالمدينة، فنظرنا فوجدناهم من أبناء سبايا الأمم". قلت: وهذا رواه ابن ماجه أيضاً من طريق أخرى عن سفيان عقب حديث الترجمة؛ كما ذكر المزي في "التحفة" (13/ 223) ، ولم يقع في النسخة المطبوعة من "ابن ماجه". ورواه ابن عبد البر (2/ 147-148) من طريق أخرى عن الحميدي، وزاد: "وهو - يعني: أبا حنيفة - أمه سندية، وأبوه نبطي". 4337 - (لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم عليه السلام) . ضعيف جداً أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2504) : حدثنا موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن مطير؛ قال الذهبي: "واه؛ كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم والنسائي وجماعة: متروك". قلت: والأحاديث في قتل عيسى عليه السلام للدجال ثابتة صحيحة، عن غير ما واحد من الصحابة في "صحيح مسلم" وغيره، فانظر على سبيل المثال في "صحيح الجامع": "يقتل ابن مريم الدجال بباب لد"، ففي ذلك غنية عن هذا. ثم أخرجت هذا الحديث الصحيح في رسالة خاصة في قصة الدجال وقتله (1) .   (1) وقد طبع الكتاب حديثا بحمد لله. (الناشر) . الحديث: 4337 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 322 4338 - (لم يلق ابن آدم شيئاً قط خلقه الله أشد عليه من الموت، ثم إن الموت لأهون مما بعده) . الحديث: 4338 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 322 ضعيف أخرجه أحمد (3/ 154) عن سكين قال: ذكر أبي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سكين هذا - هو ابن عبد العزيز بن قيس العبد ي -؛ قال الحافظ: "صدوق، يروي عن الضعفاء، وأبوه مقبول". قلت: أبوه؛ قال أبو حاتم، وتبعه الذهبي: "مجهول". يعني مجهول الحال. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 165) على قاعدته في توثيق المجهولين، واغتر به الهيثمي كعادته، فقال كما في "الفيض"، وأقره: "رجاله موثقون". وقال في مكان آخر: "إسناده جيد". قلت: وكذا قال المنذري من قبله (4/ 195) ، فقد أورد الحديث عن عبد العزيز العطار عن أنس رضي الله عنه - لا أعلم إلا رفعه - قال: فذكره بزيادة: "وإنهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق، حتى إن السفن لو أجريت فيه لجرت". وقال: "رواه أحمد مرفوعاً باختصار، والطبراني في "الأوسط" على الشك هكذا، واللفظ له، وإسنادهما جيد"! وقال الهيثمي (10/ 334) : "رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده جيد، ورواه أحمد باختصار عنه، ولم يشك في رفعه، وإسناده جيد"! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 323 قلت: وهو في "المعجم الأوسط" (2/ 580-581/ 1997) من طريق سكين أيضاً. ووقع فيه (مسكين) ! وله عن أبيه حديث آخر، سيأتي تخريجه برقم (5960) بتخريج جمع من الأئمة، منهم ابن خزيمة، وقال فيه وفي أبيه: "وقد تبرأت من عهدتهما"! 4339 - (لم يمت نبي حتى يؤمه رجل من قومه) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 244) عن عبد الله بن عمر أبي أمية: حدثنا فليح بن سليمان، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه مرفوعاً. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! قلت: وفيه أمران: الأول: أن فليحاً وإن كان من رجال الشيخين، فقد أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء والمتروكين" وقال: "قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي". وقال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ". والآخر: عبد الله بن عمر بن أبي أمية؛ لم أجد له ترجمة، لكن أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 105) من وجه آخر عنه؛ إلا أنه قال: عبد الله بن أبي أمية؛ لم يذكر بينهما عمر، وقال: "ابن أبي أمية؛ ليس بقوي". الحديث: 4339 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 324 وهكذا أورده في "الميزان" و "اللسان" من رواية الدارقطني مع قوله المذكور، فإما أن يكون عمر سقط من رواية الدارقطني، أو أنها زيادة من بعض نساخ "المستدرك". والله أعلم. 4340 - (لما أسلم عمر أتاني جبريل فقال: قد استبشر أهل السماء بإسلام عمر) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (1/ 51) ، وابن حبان (2182) ، وابن شاهين في "السنة" (رقم 33 - منسوختي) ، والحاكم (3/ 84) عن عبد الله بن خراش: حدثنا العوام بن حوشب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً؛ وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: عبد الله ضعفه الدارقطني". قلت: وكذبه محمد بن عمار الموصلي، وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال الساجي: "ضعيف الحديث جداً، ليس بشيء، كان يضع الحديث". الحديث: 4340 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 325 4341 - (لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن، فبهم يسقون، وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4259 - بترقيمي) : حدثنا علي ابن سعيد: حدثنا إسحاق بن رزيق الراسبي: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. قال سعيد: الحديث: 4341 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 325 وسمعت قتادة يقول: لسنا نشك أن الحسن منهم. وقال: "لم يروه عن قتادة إلا سعيد، ولا عنه إلا عبد الوهاب، تفرد به إسحاق". قلت: ولم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال، حتى ولا في "تاريخ البخاري"، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم. على أن الراوي عنه علي بن سعيد - وهو الرازي -؛ فيه ضعف؛ أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء" وقال: "قال الدارقطني: ليس بذاك، تفرد بأشياء". فلا أدري وجه تقوية الهيثمي إياه بقوله (10/ 63) : "رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن". ثم تنبهت لعلة أخرى، وهي أن عبد الوهاب بن عطاء مختلف فيه، وقد أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "ضعفه أحمد، وقواه غيره". وقد رواه عنه بعضهم بإسناد آخر له عن أبي هريرة نحوه بلفظ: "ثلاثين" بدل "أربعين". وقد مضى تخريجه وبيان علته برقم (1392) . ثم أستدرك فأقول: ثم وجدت إسحاق بن رزيق الراسبي في كتاب "الثقات" لابن حبان؛ بعد أن تم طبعه في الهند، أورده في تبع أتباع التابعين (8/ 121) فقال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 326 "إسحاق بن رزيق الرسعني من رأس العين، يروي عن أبي نعيم، وكان راوياً لإبراهيم بن خالد، حدثنا عنه أبو عروبة، مات سنة تسع وخمسين ومائتين". قلت: فالظاهر أن (الراسبي) محرف عن (الرسعني) ، وأنه هو الراوي لهذا الحديث بهذا الإسناد، فإن كان ثقة - فإن ابن حبان قاعدته معروفة في التوثيق - وكان قد حفظه، فتكون العلة إما من شيخه أو تلميذه، وقد عرفت حالهما. والله أعلم. 4342 - (لن يغلب عسر يسرين، إن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 528) عن إسحاق بن إبراهيم الصنعاني: أنبأ عبد الرزاق: أنبأ معمر، عن أيوب، عن الحسن: في قول الله عز وجل: (إن مع العسر يسراً) قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً مسروراً فرحاً، وهو يضحك وهو يقول: فذكره. وقال هو والذهبي: "مرسل". قلت: ورجاله ثقات؛ لولا أن الصنعاني - وهو الدبري - سمع من عبد الرزاق في حالة الاختلاط كما قال ابن الصلاح، لكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه ابن جرير عن ابن ثور عن معمر به، قال ابن كثير: "وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد عن الحسن مرسلاً. وقال سعيد: عن قتادة: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر أصحابه بهذه الآية، فقال: لن يغلب عسر يسرين". الحديث: 4342 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 327 قلت: فعلة الحديث الإرسال، كذلك أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 151) من مرسل الحسن وقتادة، ولا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن يكونا تلقياه من شيخ واحد، واحتمال أن يكون تابعياً مثلهما، واحتمال أن يكون ضعيفاً أو مجهولاً، وهو السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل وجعلهم إياه من أقسام الحديث الضعيف كما هو مقرر في "علم المصطلح". ومن هنا يتبين جهل الشيخ الصابوني بهذا العلم وافتئاته عليه؛ حين زعم أنه اقتصر في كتابه "مختصر تفسير ابن كثير" على الأحاديث الصحيحة، فرددت ذلك عليه بأمثلة كنت ذكرتها في مقدمة "الأحاديث الصحيحة"، وبينت جهله، والأمثلة في ازدياد، وهذا منها، وليس - قطعاً - الأخير منها مع الأسف! 4343 - (لن ينهق الحمار حتى يرى شيطاناً، فإذا كان ذلك فاذكروا الله، وصلوا علي) . ضعيف جداً أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (309) : عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: حدثنا أبي محمد، عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ معمر وأبوه محمد؛ قال البخاري في كل منهما: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم في الأب: "منكر الحديث جداً". قلت: وذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من منكراتهما؛ فقد صح الحديث عن أبي هريرة بدونها في "الصحيحين" وغيرهما. الحديث: 4343 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 328 4344 - (له أجران: أجر السر، وأجر العلانية) . ضعيف أخرجه الترمذي (3/ 281) ، وابن ماجه (2/ 556) ، وابن حبان (655) و (2516) عن سعيد بن سنان أبي سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن الرجل يعمل العمل ويسره، فإذا اطلع عليه؛ سره، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث غريب، قد روى الأعمش وغيره عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً". قلت: سعيد بن سنان؛ فيه ضعف من قبل حفظه، كما يفيده قول الحافظ فيه: "صدوق، له أوهام". فلا يحتج بمثله عند المخالفة، فقد خالفه الأعمش وغيره فرووه مرسلاً كما تقدم عن الترمذي، وممن أرسله سفيان الثوري كما ذكر أبو نعيم، فقد أخرج الحديث في "الحلية" (8/ 250) من طريق يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، [عن أبي صالح] ، عن أبي ذر قال: "قلت: يا رسول الله ... " الحديث. فقال أبو نعيم: "لم يقل أحد: عن أبي صالح عن أبي ذر؛ غير يوسف عن الثوري. فرواه يحيى بن ناجية فقال: عن أبي مسعود الأنصاري. ورواه قبيصة عنه فقال: عن المغيرة بن شعبة. ورواه أبو سنان عن حبيب عن أبي صالح عن أبي هريرة. والمحفوظ عن الثوري عن حبيب عن أبي صالح مرسلاً". قلت: ومع اتفاق الأعمش والثوري على إرسال الحديث؛ فهي علة أخرى فيه، وأما ردها من قبل المعلق على "الموارد" (2/ 397) بقوله: الحديث: 4344 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 329 "نقول: وهذه ليست بعلة يعل بها الحديث ما دام من وصله ثقة"! قلت: وهذا من الأدلة الكثيرة على أن الرجل لم يهضم بعد هذا العلم الشريف، ولم يفقه بعد ما هو الحديث الشاذ، فلعله يراجع نفسه، فقد رأيت له مثل هذه الدعوى المخالفة لأصول الحديث أكثر من مرة، فانظر مثلاً الحديث الآتي (6483) . (تنبيه) : إخراج ابن حبان هذا الحديث في "صحيحه" من الأدلة الكثيرة على تساهله في تصحيح الأحاديث، وعلى عدم التزامه للشروط التي اشترطها في مقدمته، فإنه قال: "والخامس: المعتري خبره عن التدليس"! فإن حبيباً هذا؛ وصفه ابن حبان نفسه بالتدليس في "ثقاته" (4/ 137) ! فتساهله ليس محصوراً في توثيق المجهولين كما يظن بعضهم؛ فاقتضى التنبيه. ثم بدا لي أنه لعله يعني من كان مشهوراً بالتدليس. انظر "الصحيحة" (3413) . 4345 - (لو أقسمت لبررت: لا يدخل الجنة قبل سابق أمتي إلا بضعة عشر رجلاً، منهم إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط اثني عشر، وموسى، وعيسى ابن مريم بنت عمران عليهم السلام) . ضعيف رواه الفسوي في "المعرفة" (2/ 343-344) ، وابن عساكر (2/ 178/ 2 و 19/ 272/ 2) عن بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو: حدثني عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي وعبد الله بن بسر، عن عتبة بن عبد الثمالي مرفوعاً. الحديث: 4345 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 330 قلت: وهذا سند ضعيف؛ بقية مدلس وقد عنعنه. ومن طريقه رواه الطبراني دون الاستثناء؛ كما في "المجمع" (10/ 69) وأعله بما ذكرنا، ووقع فيه: "عبد الله بن عبد "، وكذلك وقع في رواية ابن منده للحديث كما في ترجمة عبد الله هذا من "الإصابة". 4346 - (لن يبتلى عبد بشيء أشد عليه من الشرك بالله، ولن يبتلى عبد بشيء بعد الشرك بالله أشد عليه من ذهاب بصره، ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر؛ إلا غفر له) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص 83 - زوائده) عن جابر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر - هو ابن يزيد الجعفي -؛ ضعيف متهم. وفي فضل الصبر على ذهاب البصر أحاديث كثيرة؛ ليس فيها هذا الذي في حديث الجعفي! الحديث: 4346 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 4347 - (لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر) . ضعيف أخرجه البزار (ص 318) و (رقم 3528) - بنحوه مع بعض الاختلاف -، والمروزي في "زوائد الزهد" (226) ، وابن عدي (55/ 2) ، وابن عساكر (7/ 136/ 2) عن سيار بن حاتم قال: حدثنا جعفر بن سليمان والحارث ابن نبهان، عن مالك بن دينار، عن شهر بن حوشب، عن سعيد بن عامر بن حذيم مرفوعاً. الحديث: 4347 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر بن حوشب؛ ضعيف لسوء حفظه. وسيار بن حاتم؛ فيه ضعف، وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، له أوهام". ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد" (ص 185) : حدثنا سيار به؛ إلا أنه لم ذيكر في إسناده شهراً ولا الحارث بن نبهان، فلا أدري أهكذا الرواية عنده، أم سقط ذلك من الناسخ أو الطابع. وفيه عنده قصة مطولة بين سعيد بن عامر وعمر ابن الخطاب. وبنحو ذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 124) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، وله طرق في صفة الجنة". كذا قال! وفي المكان الذي أشار إليه لم يذكر له طريقاً - فضلاً عن طرق - أخرى، ولا هو أطلق التوثيق كما فعل هنا؛ فإنه ساق الحديث دون القصة ثم قال (10/ 417) : "رواه الطبراني مطولاً أطول من هذا، وتقدم في صدقة التطوع، ورواه البزار باختصار كثير، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف". كذا قال؛ وهو أقرب إلى الصواب من إطلاقه التوثيق هناك، وفيه إشارة إلى أن في طريق الطبراني - أيضاً - الوراق المذكور، وهو معروف، وإنما لم يعرفه الهيثمي؛ لأنه سقط منه أثناء النقل اسم ابنه فهو حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، كما وقع عند البزار وغيره، على أنه قد تابعه الإمام أحمد كما سبق. 4348 - (لو أن رجلاً في حجره دراهم يقسمها، وآخر يذكر الله؛ كان الذاكر لله أفضل) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (433) عن عمر بن موسى الحديث: 4348 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 332 الحادي: حدثنا أبو هلال: حدثنا جابر أبو الوازع، عن أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن أبي موسى؛ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر". قلت: وهو إسناد ضعيف؛ لأن عمر بن موسى الحادي - بمهملتين - قال الذهبي في "المغني في الضعفاء": "هو عم الكديمي، قال ابن عدي: ضعيف يسرق الحديث". وأبو هلال؛ هو محمد بن سليم الراسبي؛ صدوق فيه لين. وأبو الوازع؛ هو جابر بن عمرو الراسبي؛ صدوق يهم. قلت: وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 231) عقب الحديث: "وفي رواية: "ما صدقة - أفضل من ذكر الله". رواهما الطبراني، ورواتهما حديثهم حسن". فأقول: فيه مؤاخذتان: الأولى: أنه أوهم أن الرواية الأخرى هي من حديث أبي موسى أيضاً، وليس كذلك، بل هي من حديث ابن عباس، كما صرح بذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 74) . والأخرى: قوله: "ورواتهما حديثهم حسن". فليس مسلماً على إطلاقه؛ لما عرفت من ضعف الحادي - أحد رواته - وأنه يسرق الحديث، نعم قد ذكره ابن حبان في "ثقاته"، ولكنه - مع تساهله في التوثيق - قد قال فيه: "إنما أخطأ". فمثله مما لا يعتد به مع جرح ابن عدي إياه بسرقة الحديث. وقد ضعفه ابن نقطة أيضاً بقوله: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 333 "هو معدود في الضعفاء". وكأنه لذلك لم يجزم الهيثمي بتوثيق رجاله، فقال: "ورجاله وثقوا". وعهدي به أنه لا يقول هذا القول إلا إذا كان توثيق أحد رجاله غير موثوق به، وفي الغالب يكون مما تفرد بتوثيقه ابن حبان كما هو الشأن هنا. وهذه الحقيقة مما فات المناوي؛ فإنه في كثير من الأحيان يستلزم من مثل قول الهيثمي المذكور التحسين بل التصحيح؛ غافلاً عما ذكرنا، وعما هو أهم من ذلك، وهو أنه لا يلزم من ثقة رجال الإسناد - ولو جزم بذلك - سلامته من علة قادحة كالانقطاع والتدليس وغيره؛ كما شرحناه في غير هذا الموضع، فتأمل قوله في حديث أبي موسى هذا: "قال الهيثمي: رجاله وثقوا. اهـ. ومن ثم رمز المصنف لحسنه، لكن صحح بعضهم وقفه"! فإنه استلزم منه التحسين، ولذلك سلم برمز السيوطي لحسنه ولم يرده بما ذكرنا، وإنما بأن الصحيح وقفه! وهذا في الحقيقة علة أخرى في الحديث يزداد به وهنا. ثم قال المناوي في حديث ابن عباس: "رمز المصنف لحسنه، وهو كما قال بل أعلى؛ فقد قال الهيثمي: رجاله موثقون"!! كذا قال! وفيه نظر كبير؛ فإنه من رواية محمد بن الليث أبي الصباح الهدادي: حدثنا أبو همام الدلال: أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً به. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 334 أخرجه في "المعجم الأوسط" (2/ 167/ 1) رقم (7548 - بترقيمي) . قلت: محمد بن الليث هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان فأورده في "الثقات" (9/ 135) وقال: "من أهل البصرة، يروي عن أبي عاصم، حدثنا عنه ابن الطهراني، يخطىء ويخالف". وتبعه الحافظ في "اللسان" بقوله: "وهذا وجدت له خبراً موضوعاً، رواه بسنده الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم". قلت: ذكره في ترجمة محمد بن الليث عقب قول الذهبي فيها: " ... عن مسلم الزنجي، لا يدرى من هو؟ وأتى بخبر موضوع". فهو إذن متهم، فيكون حديثه في منتهى الضعف، فلا يصلح شاهداً لحديث الترجمة. والله أعلم. 4349 - (لو أن مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 600) ، وأحمد (3/ 29) ، وأبو يعلى (1/ 385) ، وابن أبي الدنيا في "صفة النار" (ق 4/ 1) ، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! الحديث: 4349 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 335 قلت: دراج صاحب مناكير، وقد تعقبه الذهبي بهذا في غير ما حديث كما تقدم مراراً. ثم أخرجوا بهذا الإسناد عن أبي سعيد مرفوعاً. 4350 - (لو ضرب الجبل بقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 601) ، وأحمد (3/ 83) ، وأبو يعلى (1/ 384) ، وابن أبي الدنيا أيضاً (4/ 1) . والحديثان جمعهما السيوطي في سياق واحد في "الجامع"، وفرق بينهما المنذري في "الترغيب" (4/ 232) فأصاب، لكنه أقر الحاكم على تصحيحه إياهما!! 4350/ م - (تزوج أم سلمة في شوال، وجمعها إليه في شوال) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1991) ، والطبراني في الكبير (3/ 260/ 3347) ، ومن طريقه المزي في "التحفة" (5/ 302-303) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا أسود بن عامر: حدثنا زهير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، عن عبد الملك بن الحارث بن هشام، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... قال البوصيري في "الزوائد" (1/ 119 - بيروت) : "هذا إسناد ضعيف؛ لتدليس محمد بن إسحاق. وانفرد ابن ماجه بإخراج هذا الحديث عن الحارث بن هشام، وليس له شيء في الخمسة الأصول. هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، وله شاهد في "صحيح مسلم" وغيره الحديث: 4350 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 336 من حديث عائشة. قال المزي في "الأطراف": ورواه محمد بن يزيد المستملي عن أسود بن عامر بإسناده إلا أنه قال "عبد الرحمن" بدل "عبد الملك"، وهو أولى بالصواب". قلت: وفي هذا الكلام أمور: أولاً: محمد بن يزيد هذا؛ متروك كما قال الخطيب، وقال ابن عدي: "يسرق الحديث ويزيد فيه ويضع". قلت: فكيف يكون ما رواه أولى بالصواب من رواية أبي بكر بن أبي شيبة الثقة الحافظ؟! ثانياً: لقد جاء من طريق أخرى ما يؤكد صواب ابن أبي شيبة: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/ 94-95) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... إلخ. وهذه متابعة قوية لابن أبي شيبة من أحمد بن عبد الله بن يونس؛ فإنه ثقة حافظ من شيوخ الشيخين، وفيها بيان أن عبد الملك هذا هو ابن أبي بكر بن الحارث ... نسب إلى جده الحارث في رواية ابن أبي شيبة فحصل الإشكال، وتوهم أن الحديث متصل من مسند الحارث بن هشام المخزومي، وبناء عليه جزم المزي وغيره أن الراوي له عنه إنما هو ابنه عبد الرحمن، وليس عبد الملك؛ لأنهم لا يعلمون له ولداً يسمى عبد الملك، مع أنه كذلك جاء مسمى في رواية ابن أبي شيبة وابن سعد، لكن خفي عليهم أن عبد الملك هذا ليس ابناً للحارث من الجزء: 9 ¦ الصفحة: 337 صلبه، وإنما هو حفيده؛ فإنه عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ... المخزومي، وهو تابعي معروف ثقة من رجال الشيخين كما في "التهذيب" وغيره، وقد روى عن أبيه أبي بكر وغيره، وأبو بكر مترجم في الكنى وهو تابعي أيضاً ثقة من رجالهما، فالحديث إذن حديثه؛ وليس حديث جده الحارث بن هشام كما توهموا. ويؤكد ذلك أنني وجدت له أصلاً في "الموطأ" (2/ 65) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: "ليس بك على أهلك هوان ... " الحديث، وقد جاء مسنداً بذكر أم سلمة فيه، وهو مخرج في "الإرواء" (2019) ، و "الصحيحة" (1271) . ورواية مالك هذه تكشف لنا أن عبد الله بن أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري في حديث الترجمة، لكن فيه أنه رواه عن أبيه عن عبد الملك، ولا بأس من ذلك؛ فقد ذكروا في ترجمة عبد الله بن أبي بكر أنه يروي عن أبيه وغيره، وعنه ابن إسحاق وغيره،توفي أبو بكر سنة (120) ، وتوفي شيخه في هذا الحديث عبد الملك في خلافة هشام بن عبد الملك، وكانت نحو عشرين سنة، وتوفي سنة (125) ، فتكون روايته عنه من رواية الأقران بعضهم عن بعض. والخلاصة: أن الحديث من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلاً، وليس هو من حديث جده الحارث بن هشام؛ كما توهم المزي؛ وتبعه المعلقون عليه، ومن قبلهم البوصيري! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 338 ثالثاً: وأما إعلاله إياه بعنعنة ابن إسحاق؛ فمدفوع بتصريحه بالتحديث في رواية ابن سعد كما تقدم. وبالجملة؛ فعلة الحديث الإرسال، فإذا ثبت أن أبا بكر بن عبد الرحمن تلقاه من أم سلمة، فالحديث صحيح ينقل إلى الكتاب الآخر. والله أعلم. 4351 - (البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي) . ضعيف رواه أبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (ق 121/ 2) ، والجرجاني في "الأمالي" (ق 117/ 2) من طريق جعفر بن عنبسة بن عمرو اليشكري: حدثنا عمر بن حفص المكي: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف، وله علل: الأولى: عنعنة ابن جريج. الثانية: عمر بن حفص المكي؛ قال الذهبي في "الميزان" - وتبعه الحافظ في "اللسان" -: "لا يدرى من ذا، والخبر منكر". يريد حديثاً آخر له رواه بإسناده المذكور؛ عن ابن عباس قال: "لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى مات". الثالثة: جعفر هذا؛ قال ابن القطان: "لا يعرف". وأشار البيهقي إلى أنه مجهول. ولعله يعني جهالة الحال؛ فإنه قد روى عنه الحديث: 4351 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 339 جمع كما في "الميزان". وإذا عرفت ضعف هذا الحديث؛ فقد أخطأ فيه بعض الكبار وغيرهم؛ فقال القرطبي في "الجامع" (2/ 159) : "قد روى ابن جريج ... " إلخ. فجزم برواية ابن جريج؛ وفي الطريق إليه من عرفت من المجهولين. ثم نقل ذلك عنه ابن كثير في "تفسيره" (1/ 192-193) ساكتاً عليه؛ فما أحسن؛ لأنه اغتر به من لا علم له بهذا الفن ممن اختصر كتابه، مثل الشيخ الصابوني، فأورده في "مختصره" (1/ 138) وقد زعم في مقدمته: أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وحذف الأحاديث الضعيفة! وهو في ذلك كاذب، كما كنت بينت ذلك بالأمثلة في مقدمة المجلد الرابع من "الصحيحة" (ص:هـ - م) ، وهذا الحديث مثال آخر على إفكه وكذبه وادعائه ما لا علم له به. ويؤسفني أن أقول: لقد علمت فيما بعد أنه سبقه إلى هذه الدعوى الكاذبة بعض من يدعي السلفية، بل ويزعم أنه "مؤسس الدعوة السلفية"! ثم قيد ذلك بعد أن بينا له خطأه في بعض رسائلي بقوله: "بحلب"! ثم رفع هذا الزعم كله في بعض ما كتب بعد، ألا وهو الشيخ محمد نسيب الرفاعي؛ فإنه أورد أيضاً هذا الحديث في "مختصره لتفسير ابن كثير"، مع تصريحه في مقدمة الطبعة الأولى منه أنه ضرب صفحاً عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة ... معتمداً في ذلك - أولاً - على ما اعتمد ابن كثير نفسه صحته، ثم على ما أعلم صحته من الأحاديث الواردة مما لم يشر إليه المفسر رحمه الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 340 ثم أكد ذلك في مقدمته للطبعة الثانية منه فقال: " ... ملتزماً أن لا أختار إلا الصحيح المتفق على صحته، أو الصحيح الذي انفرد به البخاري ومسلم، والصحيح المروي في باقي الصحاح". ثم زاد - ضغثاً على إبالة - أنه وضع فهرساً للأحاديث في آخر كل مجلد مع درجاتها! ووضع بجانب هذا الحديث علامة الصحة رجماً بالغيب، وغير مبال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار". وكم له في كتابه المذكور من هذا النوع من الأحاديث الضعيفة؛ بل والموضوعة كحديث "فاتحة الكتاب شفاء من كل سم"، وقد صح بصحته أيضاً! وقد سبق تخريجه وبيان علته برقم (3997) ، وانظر من الأحاديث الموضوعة التي صححها بجهله البالغ واحتج بها على بعض المنحرفين الحديث الآتي برقم (5655) . ثم إنني رأيت الحديث في "سنن البيهقي" (2/ 9-10) من طريق ابن الأعرابي وغيره، عن جعفر بن عنبسة به، وقال عقبه: "تفرد به عمر بن حفص المكي، وهو ضعيف لا يحتج به، وروي بإسناد آخر ضعيف عن عبد الله بن حبشي كذلك مرفوعاً. ولا يحتج بمثله. والله أعلم". 4352 - (لو ترك أحد لأحد؛ ترك ابن المقعدين) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (72/ 1 - من ترتيبه) : حدثنا محمد ابن علي الأحمر: حدثنا أبو كامل الجحدري: حدثنا عبد الله بن جعفر: أخبرني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: كان بمكة مقعدان لهما ابن شاب، فكان إذا أصبح نقلهما فأتى بهما المسجد، فكان يكتسب عليهما يومه، فإذا كان المساء احتملهما فأقبل بهما، فافتقده رسول الحديث: 4352 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 341 الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنه، فقال: مات ابنهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قال الطبراني: "لم يروه عن ابن دينار إلا ابن جعفر، تفرد به أبو كامل". ومن طريقه رواه ابن عدي (215/ 2) وقال: "حديث غير محفوظ، وعبد الله بن جعفر والد علي بن المديني عامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه يكتب حديثه". قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 66) من طريق أخرى عن أبي كامل به. ومن طريق داود بن رشيد: حدثنا عبد الله بن جعفر به. قلت: فلم يتفرد به أبو كامل كما ادعى الطبراني، ولا لوم عليه؛ فذاك هو الذي أحاط به علمه. 4353 - (لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم؛ ما أكلتم منها سميناً) . ضعيف جداً رواه ابن الأعرابي في "المعجم" (24/ 1) ، وعنه القضاعي (115/ 2 - خط) ، (2/ 314/ 1434) : أخبرنا محمد بن صالح: أخبرنا محمد بن إسماعيل الجعفري: أخبرنا عبد الله بن سلمة، عن أبيه، عن أم صبية الجهنية مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ الجعفري هذا؛ قال أبو حاتم: "منكر الحديث يتكلمون فيه". وعبد الله بن سلمة - وهو المزي؛ كما ذكر ابن أبي حاتم (3/ 2/ 189) في الحديث: 4353 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 342 ترجمة الجعفري -؛ لم أعرفه، ومثله أبوه. لكن قال المناوي بعد أن عزاه - تبعاً لأصله - للبيهقي في "الشعب"، والقضاعي: "وفيه عبد الله بن سلمة بن أسلم؛ ضعفه الدارقطني، ورواه الديلمي عن أبي سعيد". قلت: ابن أسلم هذا؛ ترجماه في "الميزان" و "اللسان"، ولم يذكرا أنه روى عن أبيه، وقالا: "قال أبو نعيم: متروك". ثم تبينت حال (عبد الله بن سلمة) ، وأنه ليس ابن أسلم هذا، وإنما هو الراوي عن الزهري، وعنه محمد بن إسماعيل الجعفري. كذا ذكره ابن أبي حاتم (2/ 2/ 70) ، وهو الراوي لهذا الحديث عنه كما رأيت، ثم قال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: منكر الحديث". ونقله الذهبي عن أبي زرعة، وقال: "وقال مرة: متروك". وأقره الحافظ في "اللسان". وقد روي الحديث بإسناد آخر واه، في قصة كلام الغزالة، ويأتي تخريجها برقم (3738) (1) . ورواه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (152) : أنبأنا الحسن بن صالح: أنه بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.   (1) كذا أصل الشيخ، ولم نهتد للصواب. (الناشر) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 343 4354 - (لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، يظهر النفاق، وترفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين، أناخ بكم الشرف الجون، الفتن كأمثال الليل المظلم) . ضعيف بتمامه أخرجه ابن حبان (1871) ، والحاكم (4/ 579) عن خالد ابن عبد الله الزيادي، عن أبي عثمان الأصبحي، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: ورجاله ثقات غير الزيادي؛ ويقال: الزبادي، بالباء المنقوطة بواحدة؛ كما في "الأنساب"، أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 340) برواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان"، فليراجع. وبالجملة؛ فهو مجهول الحال عندي. والله أعلم. والشطر الأول من الحديث متفق عليه من حديث أنس، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (ص 479) ، ثم في "الصحيحة" (3194) . وقد رويت فيه زيادات أخرى منها: " ... ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى، لا تدرون؛ تنجون أو لا تنجون". أخرجه البزار (ص 313) ، والحاكم (4/ 320) من طريق يزيد بن حميد، عن سليمان بن مرثد، [عن أبي الدرداء] . وقال: "صحيح الإسناد".ووافقه الذهبي. قلت: رجاله ثقات غير سليمان بن مرثد؛ قال الذهبي: الحديث: 4354 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 344 "لا يعرف له سماع من عائشة وأبي الدرداء، وعنه أبو التياح فقط". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 93) ! ولا اعتداد بذلك، ولهذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، ومع ذلك وافق الحاكم على تصحيحه، فما أكثر تناقضه!! ومن هذه الطريق أخرجه البزار (ص 313) ؛ إلا أنه قال: عن سليمان بن مرثد عن ابنة أبي الدرداء، عن أبي الدرداء. وهكذا رواه الطبراني كما في "المجمع" (10/ 230) وقال: "ورجاله الطبراني رجال الصحيح"! ومنها زيادة: " ... ولما ساغ لكم الطعام ولا الشراب، ولما نمتم على الفرش، ولهجرتم النساء، ولخرجتم إلى الصعدات؛ تجأرون وتبكون، ولوددت أن الله خلقني شجرة تعض". أخرجه الحاكم (4/ 579) عن يونس بن خباب قال: سمعت مجاهداً يحدث، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: فذكره موقوفاً عليه. وقال: "صحيح على شرط الشيخين". ورده الذهبي بقوله: "قلت: منقطع، ثم يونس رافضي لم يخرجا له". قلت: وهو إلى رفضه متكلم فيه، ولذلك أورده الذهبي في "المغني" وقال: "رافضي بغيض، كذبه القطان، وضعفه النسائي وغيره، وزعم أن عثمان قتل ابنتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء، ورمي بالرفض". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 345 وقد روي بعضه مرفوعاً عن أبي ذر، من طريق جعفر بن سليمان، عن رجل قد سماه، عن شهر بن حوشب، عن عائذ الله عنه بلفظ: "وما استقللتم على الفرش، ولا تمتعتم من الأزواج، ولا شبعتم من الطعام، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل". أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص 146) . قلت: وشهر؛ ضعيف. والرجل؛ لم يسم. 4355 - (لو تعلمون ما في المسألة؛ ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئاً) . ضعيف أخرجه النسائي (1/ 362) ، عن عبد الله بن خليفة، عن عائذ بن عمرو: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن خليفة - ويقال: خليفة بن عبد الله البصري -؛ قال الحافظ: "مجهول، ما روى عنه إلا بسطام بن مسلم، ووهم من زعم أن شعبة روى عنه". يشير بذلك إلى الذهبي، وبناء على زعمه المذكور قال فيه: "صدوق". الحديث: 4355 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 346 4356 - (لو تعلمون من الدنيا ما أعلم؛ لاستراحت أنفسكم منها) . الحديث: 4356 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 346 ضعيف. رواه ابن شمعون الواعظ في "الأمالي" (179/ 2) ، والحاكم (3/ 628-629) عن موسى بن عبيد ة، عن عبد الله بن عبيد ة، عن عروة بن الزبير، - وزاد الحاكم: عن أبيه -، مرفوعاً. ولعل هذه الزيادة خطأ مطبعي أو من الناسخ؛ فقد رواه البيهقي في "الشعب" عن عروة أيضاً؛ مرسلاً، كما في "الجامع الصغير". قلت: وإسناده ضعيف على كل حال؛ فإن موسى بن عبيد؛ ضعيف. وعبد الله بن عبيد ة أخوه؛ مختلف فيه، وجزم الحافظ بأنه ثقة. 4357 - (لو عرفتم الله حق معرفته؛ لعلمتم العلم الذي ليس معه به جهل، ولو عرفتم الله حق معرفته؛ لزالت الجبال بدعائكم، وما أوتي أحد من اليقين شيئاً إلا ما لم يؤت منه أكثر مما أوتي، فقال معاذ ابن جبل: ولا أنت يا رسول الله! فقال: ولا أنا. قال معاذ: فقد بلغنا أن عيسى ابن مريم عليه السلام كان يمشي على الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ولو ازداد يقيناً لمشى على الهواء) . منكر، ضعيف الإسناد أخرجه البيهقي في "الزهد الكبير" (ق 117/ 2) وقال: هذا منقطع، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 156-157) من طريق وهيب المكي وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله؛ فإن وهيباً هذا هو ابن الورد المكي، وهو من كبار الطبقة السابعة عند ابن حجر في "التقريب"، فبينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاوز. قلت: وهو عندي منكر المتن بهذا السياق؛ فإن فيه أن عيسى لم يكن يقينه الحديث: 4357 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 347 من القوة بحيث يمكنه أن يمشي على الهواء، بينما حكوا أن هذا كان لبعض الأولياء، فينتج من ذلك أن هذا البعض كان أقوى يقيناً من عيسى عليه السلام!! ولا يخفى ما في هذا من الضلال البين، ويلزم من ذلك أحد أمرين ولا بد: إن كان هذا الذي حكوا صحيحاً، فالحديث غير صحيح، وإن كان هذا الحديث صحيحاً؛ فالذي حكوا غير صحيح ولا بد. فتأمل. ثم إن الحديث عزاه في "الجامع الصغير" للترمذي الحكيم، ورمز له بالضعف وقد مضى بلفظ: "لو خفتم الله ... " إلا أنه أسنده من حديث معاذ، وروايتنا هذه تدل على أنه معضل، فلا أدري آلعزو خطأ أم كذلك وقع في الترمذي مسنداً؟ وأيا ما كان؛ فالحديث ضعيف. ثم ترجح لدي الأمر الثاني للرواية الآتية: "لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال" (1) . قال العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 84) : "رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بسند ضعيف من حديث معاذ بن جبل". قلت: وكأنه قطعة من الحديث الذي قبله. لكن هذا موصول، وذلك منقطع ومعضل. ثم رأيت العراقي أعاد الحديث في مكان آخر (4/ 230) وقال: "رواه الإمام محمد بن نصر في "كتاب تعظيم قدرالصلاة" من حديث معاذ ابن جبل بإسناد فيه لين". قلت: وكذلك رواه أبو نعيم، وهو الحديث الذي قبله، ورواه الحكيم الترمذي   (1) كتب الشيخ بخطه إزاء هذا السطر: " ضعيف السند ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 348 مختصراً؛ كما في "الجامع الصغير". 4358 - (لو رأيتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره، وما من أهل بيت إلا وملك الموت يتعاهدهم في كل يوم مرة، فمن وجده قد انقضى أجله قبض روحه، فإذا بكى أهله وجزعوا قال: لم تبكون، ولم تجزعون؟ فوالله! ما نقصت لكم عمراً، ولا حبست لكم رزقاً، وما لي من ذنب. ولي إليكم عودة ثم عودة) . ضعيف رواه القضاعي (115/ 2-116/ 1) عن بشر بن خالد العسكري قال: أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد؛ قال الذهبي: "لا يعرف، وله رواية عن أبيه، وقال ابن عدي: يحدث بالمناكير". وروى القضاعي أيضاً من طريق نوفل بن سليمان الهنائي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً؛ بالجملة الأولى منه. ونوفل هذا؛ ضعفه الدارقطني وغيره. وعزاها السيوطي في "الجامع" للبيهقي في "الشعب" عن أنس، وقال المناوي: "ثم قال البيهقي: قال أبو بكر - يعني ابن خذيمة -: لم أكتب عن هذا الرجل - يعني: أحمد بن يحيى المعدل - غير هذا الحديث". قلت: ولم أعرفه. الحديث: 4358 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 4359 - (لقد رأيتني يوم أحد وما في الأرض قربي مخلوق غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري) . الحديث: 4359 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 ضعيف جداً أخرجه الحاكم (3/ 378) عن صالح بن موسى الطلحي، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما وضعت الحرب أوزارها؛ افتخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلحة ساكت، وسماك بن خرشة أبو دجانة ساكت لا ينطق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، وكأنه لظهور ضعفه؛ فإن صالح بن موسى الطلحي؛ متروك. 4360 - (لو كان المؤمن في حجر [ضب] لقيض الله له من يؤذيه) . ضعيف أخرجه البزار (3359) ، وابن شاهين في "الترغيب" (298/ 1) ، والطبراني في "الأوسط"، والقضاعي (ق 116/ 1) ، وابن عساكر (11/ 227/ 2،19/ 24/ 1) عن أبي بكر بن شيبة المدني قال: حدثنا أبو قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العدوي، عن ابن أخي ابن شهاب، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال ابن عساكر: "قال الدارقطني: غريب من حديث الزهري عن أنس، تفرد به عنه ابن أخيه، لم يروه غير أبي قتادة، تفرد به أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبي (كذا) شيبة". قلت: رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة؛ فإني لم أجد له ترجمة، وقد ذكره الحافظ المزي في شيوخ ابن شيبة المذكور. وقال ابن عساكر أيضاً: "قال الحاكم: غريب من حديث الزهري". وأخرج له القضاعي شاهداً من حديث علي مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "فأرة" الحديث: 4360 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 350 بدل "ضب". يرويه من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً لا يصلح للاستشهاد به؛ عيسى هذا؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "يروي عن آبائه أشياء موضوعة". ثم تناقض ابن حبان؛ فذكره في "الثقات". وذكره السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "لو كان المؤمن على قصبة في البحر لقيض الله له من يؤذيه". وقال: "رواه ابن أبي شيبة عن " هكذا؛ لم يذكر صحابيه. 4361 - (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطوله الله عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتي، يملك جبل الديلم والقسطنطينية) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 179) عن قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن قيساً - وهو ابن الربيع -؛ قال الحافظ: "صدوق تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به". الحديث: 4361 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 4362 - (لولا عباد لله ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب عليكم العذاب صباً، ثم لرض رضاً) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 499 - حرم) ، والدولابي في الحديث: 4362 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 "الكنى" (1/ 43) ، وابن عدي (235/ 1 و 332/ 1) ، والبيهقي (3/ 345) عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، عن مالك بن عبيد ة الديلي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن ابن عبيد ة الديلي إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف؛ مالك بن عبيد ة؛ قال ابن عدي: "قال ابن معين: لا أعرفه". وعبد الرحمن بن سعد؛ ضعيف، كما في "التقريب". ثم روى أبو يعلى (11/ 6402) ، والطبراني، والبيهقي، وكذا البزار (ص 312 - زوائده) عن إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "مهلاً عن الله مهلاً؛ فإنه لولا شباب خشع، وبهائم رتع ... " الحديث مثله ثم قوله: "ثم لرض رضاً". وقال البيهقي: "إبراهيم بن خثيم؛ غير قوي". وتعقبه ابن التركماني بقوله: "وأهل هذا الشأن أغلظوا فيه القول؛ فقال النسائي: متروك. وقال أبو الفتح الأزدي: كذاب. وقال الجوزجاني: اختلط بآخره". قلت: وقول النسائي المذكور هو الذي اعتمده الذهبي، فلم يذكر غيره في "المغني". 4363 - (لولا القصاص؛ لأوجعتك بهذا السواك) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (184) ، وابن سعد في الحديث: 4363 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 352 "الطبقات" (1/ 382) ، وابن أبي الدنيا في "الأهوال" (99/ 2) ، وأبو يعلى (4/ 1640،1648،1652) ، والطبراني في "الكبير" (23/ 375/ 888) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 378) ، والخطيب (2/ 140) ، عن داود بن أبي عبد الله عن ابن جدعان عن جدته، عن أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل وصيفة له، فأبطأت، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جدة ابن جدعان لا تعرف. وابن جدعان هو عبد الرحمن بن محمد؛ كما وقع في رواية "الأدب"، وفي رواية لأبي يعلى؛ إلا أنه وقع فيه مقلوباً: محمد بن عبد الرحمن! وهو ابن زيد بن جدعان؛ وثقه النسائي وابن حبان، وروى عنه جمع، لكن جدته هذه لا تعرف، بل قال الذهبي في عبد الرحمن عن جدته: "لا يعرفان، تفرد عنه داود". وداود بن أبي عبد الله؛ مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان، وقد تفرد به كما قال أبو نعيم. ومما تقدم تعلم تساهل المنذري ثم الهيثمي في تجويد إسناد أبي يعلى! كما أشرت إلى ذلك في "ضعيف الترغيب" (3/ 164/ 51) ؛ ووقع فيه معزواً لأحمد وهو خطأ، وعزاه في مكان آخر (4/ 401) لأبي يعلى، وهو الصواب. 4364 - (لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار) . ضعيف أخرجه ابن عدي (112/ 1) عن ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. الحديث: 4364 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 353 4365 - (لولا أن السؤال يكذبون؛ ما أفلح من ردهم) . ضعيف جداً رواه العقيلي في "الضعفاء" (51) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (5/ 179) ، والثقفي في "الثقفيات" (ج2 رقم 2) ، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "قال البخاري: بشر بن الحسين الأصبهاني؛ فيه نظر". ثم ساق العقيلي له أحاديث أخرى؛ ثم قال: "وله غير حديث من هذا النحو؛ مناكير كلها". ثم رواه العقيلي (ص 212) ، والقضاعي (115/ 1) عن عبد الله بن عبد الملك ابن كرز بن جابر، عن يزيد بن بكار (وقال القضاعي: ابن رومان) ، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به. وقال العقيلي: "لا يتابع عليه" يعني: ابن كرز هذا؛ وقال فيه: "منكر الحديث". وقال ابن حبان: "لا يشبه حديثه حديث الثقات، يروي العجائب". ثم قال العقيلي: "وفيه رواية من غير هذا الوجه بإسناد لين". قلت: وكأنه يعني الذي قبله. ثم رواه العقيلي (252-253) عن عبد الأعلى بن حسين بن ذكوان المعلم، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال: "عبد الأعلى بن الحسين؛ منكر الحديث غير محفوظ، ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 155-156) من رواية الحديث: 4365 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 354 العقيلي عن عبد الأعلى هذا، وعن عبد الله بن عبد الملك الذي قبله، ومن رواية ابن عدي (240/ 2) من حديث أبي أمامة وفيه عمر بن موسى، وعن هياج بن بسطام، عن جعفر بن الزبير، عن أبي أمامة. ثم قال ابن الجوزي: "وهياج وجعفر؛ متروكان، ولا يصح في هذا الباب شيء". وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 75) بأن عبد الأعلى ذكره ابن حبان في "الثقات"، وحديث عائشة أخرجه البيهقي في "الشعب"، ولحديث أبي أمامة طريق آخر أخرجه الطبراني من طريق إبراهيم بن طهمان عن جعفر بن الزبير، وجاء أيضاً من حديث أبي هريرة أخرجه ابن صرصري في "أماليه"، ومن حديث أنس أخرجه العقيلي. وتعقبه ابن عراق بقوله (264/ 1) : "لا يصلحان شاهداً؛ فإن في الأول عمر بن صبح، وفي الثاني بشر بن الحسين". قلت: وقد عرفت حال بشر آنفاً، وأما ابن صبح فقال ابن عراق (34/ 1) : "كذاب اعترف بالوضع". قلت: وقال ابن عدي في عمر بن موسى - وهو الوجيهي -: "هو في عداد من يضع الحديث متناً وإسناداً". وهو أخرجه (240/ 2) من طريق بقية عنه. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف جداً من جميع طرقه، وبعضها أشد ضعفاً من بعض. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 355 4366 - (ليأتين على الناس زمان يكذب فيه الصادق، ويصدق فيه الكاذب، ويخون فيه الأمين، ويؤتمن فيه الخؤون، ويشهد فيه المرء وإن لم يستشهد، ويحلف وإن لم يستحلف، ويكون أسعد الناس في الدنيا لكع بن لكع؛ لا يؤمن بالله ورسوله) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 278-279) عن عبد الله ابن صالح: أخبرنا الليث قال: حدثني يحيى بن سليم بن زيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن مصعب بن أبي أمية قال: حدثتني أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن سليم؛ قال الحافظ: "مجهول". وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف. ومن طريقه رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"؛ كما في "فيض القدير" للمناوي وقال: "رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف وقد وثق". الحديث: 4366 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 4367 - (ليبعثن الله من مدينة بالشام يقال لها: حمص سبعين ألفاً يوم القيامة؛ لا حساب عليهم، فيما بين الزيتون والحائط في البرث الأحمر) . ضعيف رواه أحمد (1/ 19) ، والبزار (3537) ، وابن عساكر (5/ 146/ 2) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن راشد بن سعد، عن حمزة الحديث: 4367 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 ابن عبد كلال قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فذكره مرفوعاً. وقال ابن عساكر: "خالفه غيره في الإسناد فقال: عن راشد، عن أبي راشد، عن معدي كرب ابن عبد بن كلال". ثم ساقه بإسناده من طريق الطبراني، وهذا في "مسند الشاميين" (ص 368) ، والحاكم (3/ 88-89) عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي: حدثني عمرو بن الحارث الزبيدي: حدثني عبد الله بن سالم الأشعري: حدثني محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي: حدثنا راشد بن سعد: أن أبا راشد حدثهم: أن معدي كرب بن عبد كلال به؛ وفيه قصة. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل منكر، وإسحاق هو ابن زبريق؛ كذبه محمد بن عوف الطائي، وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة". قلت: وأبو بكر بن أبي مريم في الطريق الأولى؛ ضعيف لاختلاطه. وحمزة بن عبد كلال؛ قال الذهبي: "ليس بعمدة، ويجهل". وفي الطريق الأخرى: أبو راشد؛ أيضاً قال الحافظ: "لا يعرف". قلت: ومع ذلك قال الحافظ في هذا الطريق: "وهو أشبه". فلا أدري هل تنبه أن فيها ابن زبريق أم لا؟ وقد قال فيه في "التقريب": الجزء: 9 ¦ الصفحة: 357 "صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أن يكذب". ثم رأيت له طريقاً ثالثة: أخرجها الطبراني في "مسند الشاميين" (ص 328 و 330) قال: حدثنا عمرو بن إسحاق: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثني أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي راشد الحبراني، عن ابن عمر قال: سافرنا مع عمر بن الخطاب ... قلت: فذكر الحديث؛ وفيه القصة. وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن إسماعيل؛ ضعيف. وعمرو بن إسحاق - وهو ابن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي -؛ لم أجد له ترجمة، ولا في "تاريخ دمشق" لابن عساكر؛ وقد اضطرب في إسناده، فرواه مرة هكذا، ومرة رواه عن أبيه إسحاق بن إبراهيم، عن عمرو بن الحارث بإسناده المتقدم، ولعل هذا هو الأرجح؛ لأنه قد توبع عليه في رواية الحاكم السابقة. 4368 - (ليت شعري كيف أمتي بعدي حين تتبختر رجالهم، وتمرح نساؤهم، وليت شعري حين يصيرون صنفين: صنفاً ناصبي نحورهم في سبيل الله، وصنفاً عمالاً لغير الله) . ضعيف جداً رواه ابن عساكر (7/ 98/ 1) عن عبيد الله زحر: حدثني سعد بن سعود، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ ابن زحر هذا؛ متروك، وسعد بن مسعود؛ ترجمه ابن عساكر، وذكر أنه كان رجلاً صالحاً ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 4368 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 358 4369 - (ليجيئن أقوام يوم القيامة ليست في وجوههم مزعة من لحم قد أحلقوها) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (194/ 1) ، والخطيب (7/ 39) عن غياث بن إبراهيم، عن أشعب الطامع بن أبي حميدة، قال: أتيت سالم بن عبد الله أسأله، فأشرف علي من خوخة، فقال: ويلك يا أشعب! لا تسل؛ فإن أبي يحدثني، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته غياث هذا؛ فإنه كذاب وضاع، وهو الذي حدث المهدي بخبر: "لا سبق إلا في نصل أو حافر"؛ فزاد فيه: "أو جناح"، فوصله المهدي، ثم لما خرج قال: أشهد أن قفاك قفا كذاب. وأشعب الطامع؛ هو صاحب النوادر، وقل ما روى، قال الأزدي: "لا يكتب حديثه". والحديث أورده السيوطي في "الجامع"، فقال المناوي: "رمز (السيوطي) لحسنه". قلت: وكأن المناوي لم يقف على إسناده، وإلا؛ فحال غياث مكشوف! الحديث: 4369 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 359 4370 - (ليخش أحدكم أن يؤخذ عند أدنى ذنوبه في نفسه) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 224) عن محمد بن عيينة بن مالك: حدثنا ابن المبارك: حدثنا محمد بن النضر الحارثي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. وقال: "لا أعلم رواه بهذا اللفظ عن محمد بن النضر إلا ابن المبارك، وكان محمد الحديث: 4370 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 359 ابن النضر وضرباؤه من المتعبد ين لم يكن من شأنهم الرواية، كانوا إذا أوصوا إنساناً أو وعظوه ذكروا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إرسالاً". وأقول: فهو مجهول الحال في الرواية، وهو من طبقة شيوخ شيوخ الإمام أحمد، ويروي عن الأوزاعي وطبقته، وعلته فحديثه معضل، وليس مرسلاً كما توهم السيوطي في "الجامع الصغير". 4371 - (ليدخلن بشفاعة عثمان بن عفان سبعون ألفاً - كلهم قد استوجبوا النار - الجنة بغير حساب) . ضعيف أخرجه ابن عساكر (11/ 105/ 2) عن عبد الرحمن بن نافع: أخبرنا محمد بن يزيد مولى قريش، عن محمد بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق الحسين بن عبيد الله العجلي: أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري، عن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس. قلت: والعجلي هذا؛ قال الدارقطني: "كان يضع الحديث". ومحمد بن يزيد القرشي؛ لم أعرفه. ومثله عبد الرحمن بن نافع، ويحتمل أنه ابن نافع بن جبير الزهري، قال الدارقطني: "مجهول". والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن عساكر؛ ساكتاً عليه كعادته، فتعقبه المناوي بقوله: الحديث: 4371 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 360 "قضية تصرف المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل قال: روي بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه، وهو منكر. اهـ، وأقره عليه الذهبي في اختصاره (لتاريخه) ". قلت: ولينظر أين قال ابن عساكر هذا؟ فإني لم أره عقب الحديث ولا قبله. ثم روى من طريق سعيد بن سالم المكي: أخبرنا عتبة بن يقظان، عن سيار أبي الحكم، عن أبي سفيان النهشلي، عن الحسن مرسلاً بلفظ: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي نحو ربيعة ومضر"، قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: "عثمان بن عفان". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله، فيه أبو سفيان النهشلي؛ لم أعرفه. وعتبة بن يقظان؛ ضعيف. وسعيد بن سالم المكي؛ قريب منه. 4372 - (ليدركن المسيح من هذه الأمة أقواماً إنهم لمثلكم أو خير - ثلاث مرات -، ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 147/ 1) : حدثنا عيسى، عن صفوان بن عمرو السكسكي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال: لما اشتد حزن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أصيب مع زيد يوم مؤتة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وأخرجه الحاكم (3/ 41) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس به؛ إلا أنه قال: الحديث: 4372 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 361 "عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه". فجعله من مسند أبيه جبير بن نفير وقال: "الدجال" بدل "المسيح" ثم قال: "صحيح على شرط الشيخين"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: ذا مرسل، سمعه عيسى بن يونس عن صفوان، وهو خبر منكر". ووجه كونه مرسلاً؛ أن جبير بن نفير لا صحبة له، وهو مخضرم. 4373 - (ليس الخلف أن يعد الرجل ومن نيته أن يجيء، ولكن الخلف [أن يعد الرجل] ومن نيته أن لا يجيء) (1) . ضعيف رواه الضياء المقدسي في "جزء من حديثه" (142/ 1) عن موسى ابن إسحاق: حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار: حدثنا معن بن عيسى، عن إبراهيم بن طهمان قال: حدثني علي بن عبد الأعلى، عن زيد بن أرقم مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير علي بن عبد الأعلى - وهو الثعلبي -؛ قال الحافظ: "صدوق، ربما وهم، من السادسة". فليس له رواية عن الصحابة، فهو منقطع. وموسى بن إسحاق؛ هو الأنصاري الخطمي، قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 135) : "كتبت عنه، وهو ثقة صدوق".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن ملاحظة لنفسه: " راجع (ع) وليس هو في نسخة مكتبتي المصورة ". الحديث: 4373 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 362 4374 - (ليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة. قال: لأن البلاء لا يتبعه إلا الرخاء، وكذلك الرخاء لا يتبعه إلا المصيبة، وليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يكن في غم ما لم يكن في صلاة. قالوا: ولم يا رسول الله؟ قال: لأن المصلي يناجي ربه، وإذا كان في غير صلاة إنما يناجي ابن آدم) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (104/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (74/ 2) عن عبد العزيز بن يحيى المديني: أخبرنا عبد الله بن وهب، عن سليمان بن عيسى، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إما سليمان بن عيسى - وهو السجزي -؛ قال الذهبي: "هالك؛ قال الجوزجاني: كذاب مصرح. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال ابن عدي: يضع الحديث". وإما عبد العزيز بن يحيى المديني؛ فإنه مثله، قال الذهبي: "كذبه إبراهيم بن المنذر الحزامي. وقال أبو حاتم: ضعيف. وأما الحاكم فقال: صدوق لم يتهم في روايته عن مالك. كذا قال بسلامة باطن! قال البخاري: يضع الحديث. وقال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي ثم ترك حديثه". وبه أعله المناوي آثراً قول البخاري المذكور فيه، ثم قال متعقباً على السيوطي: "فكان ينبغي للمصنف حذفه من كتابه". قلت: وكم فيه من أحاديث كثيرة كان ينبغي عليه حذفها، كما يتبين ذلك الحديث: 4374 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 363 لمن تتبعها في كتابي "ضعيف الجامع الصغير وزيادته"، وقد يسر الله إتمامه تأليفاً وطبعاً. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. 4375 - (ليس عدوك الذي إن قتلته كان لك نوراً، وإن قتلك دخلت الجنة، ولكن أعدى عدوك ولدك الذي خرج من صلبك، ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 294/ 3445) ، وفي "مسند الشاميين" (ص 332) بإسناد الحديث المتقدم برقم (1510) . وفيه علل منها الانقطاع بين شريح وأبي مالك الأشعري. وهي العلة القادحة؛ فقد جاء الحديث من رواية سعيد بن أبي هلال، عن أبي مالك الأشجعي مرفوعاً به، دون قوله: "ولدك ... " إلخ. وقال مكان ذلك: "نفسك التي بين جنبيك". أخرجه ابن بشران في مجلس من "الأمالي" (ق 132/ 1-2) من طريقين عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد به. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، لكن له علتان: الأولى: الانقطاع بين أبي مالك الأشجعي وبين ابن أبي هلال؛ فإنهم لم يذكورا له رواية عن الصحابة. وأشار إلى ذلك الحافظ في "التقريب" بجعله إياه من الطبقة السادسة. الثانية: أن الإمام أحمد نسبه إلى الاختلاط. الحديث: 4375 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 364 4376 - (ليس على الرجل جناح أن يتزوج بقليل أو كثير من ماله؛ إذا تراضوا وأشهدوا) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي (7/ 239) عن أبي هارون، عن أبي سعيد رفعه. وقال: "أبو هارون العبد ي؛ غير محتج به". قلت: بل هو متروك، ومنهم من كذبه؛ كما قال الحافظ. الحديث: 4376 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 4377 - (ليس على الرجل المسلم زكاة في كرمه، ولا في زرعه؛ إذا كان أقل من خمسة أوسق) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 401) ، وعنه البيهقي (4/ 128) من طريق سعيد بن أبي مريم: حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به. وتابعه داود بن عمرو الضبي: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي بلفظ: "لا صدقة في الزرع، ولا في الكرم، ولا في النخل؛ إلا ما بلغ خمسة أوسق، وذلك مئة فرق". أخرجه البيهقي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن الطائفي متكلم فيه، وقد أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء"، وقال: "وثقه ابن معين وغيره، وضعفه أحمد". وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". الحديث: 4377 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 قلت: ولفظة "الزرع" لم أرها في حديث ثابت، فأخشى أن يكون الطائفي لم يحفظها، وإلا؛ فالحديث بدونها محفوظ من حديث جابر وغيره، عند مسلم (3/ 66-67) وغيره. والله أعلم. 4378 - (ليس على المعتكف صيام؛ إلا أن يجعله على نفسه) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 247) عن محمد بن إسحاق السوسي، والحاكم (1/ 439) ، ومن طريقه البيهقي (4/ 318-319) عن أبي الحسن أحمد بن محبوب الرملي - كلاهما - عن عبد الله بن محمد بن نصر الرملي: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن أبي سهل عم مالك، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الدارقطني: "رفعه هذا الشيخ، وغيره لا يرفعه". وقال البيهقي: "تفرد به عبد الله بن محمد بن نصر الرملي هذا، وقد رواه أبو بكر الحميدي عن عبد العزيز بن محمد ... " فذكره بإسناده المذكور عن ابن عباس موقوفاً عليه، وقال: "هذا هو الصحيح موقوف، ورفعه وهم، وكذلك رواه عمرو بن زرارة، عن عبد العزيز موقوفاً مختصراً". قلت: وابن نصر الرملي هذا؛ قال ابن القطان: "لا أعرفه، وذكره ابن أبي حاتم فقال: يروي عن الوليد بن [محمد] الموقري، روى عنه موسى بن سهل [الرملي] . لم يزد على هذا". ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 490) . قلت: وابن نصر هذا؛ مما فات ذكره على الذهبي ثم العسقلاني في كتابيهما، الحديث: 4378 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 366 ولم أجد له ذكراً في غير "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 161) وقد عرفت ما عنده مما نقلته آنفاً عن الزيلعي، وذلك معناه أنه مجهول عنده، فكان ينبغي عليهما أن لا يغفلاه، ولعل ذلك هو السبب أو على الأقل من أسباب متابعة الذهبي في "التلخيص" الحاكم على تصحيحه لهذا الإسناد!! (تنبيه) : ظاهر قول الدارقطني المتقدم: "رفعه هذا الشيخ" أنه يعني شيخه محمد بن إسحاق السوسي، وهو ما جزم به المناوي، ويرده متابعة أحمد بن محبوب الرملي إياه عند الحاكم، فلعله أراد شيخ شيخه ابن نصر الرملي. ثم نقل المناوي عن ابن حجر أنه قال: "الصواب موقوف". 4379 - (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة، وليس على المسلمين جزية) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 43،46) ، والترمذي (633) ، والطحاوي في "المشكل" (4/ 16) ، وأحمد (1/ 223،285) عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي: "قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً". وأقول: هو ضعيف مرسلاً وموصولاً؛ لأن مداره على قابوس هذا وفيه ضعف؛ قال الذهبي في "المغني": "قال النسائي وغيره: ليس بالقوي". وقال الحافظ: "فيه لين". الحديث: 4379 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 367 4380 - (ليس على مقهور يمين) . موضوع أخرجه الدارقطني (ص 497) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن المقري: أخبرنا الحسين بن إدريس، عن خالد بن الهياج: أخبرنا أبي، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن العلاء، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ عنبسة بن عبد الرحمن؛ قال الحافظ: "متروك، رماه أبو حاتم بالوضع". والهياج - وهو ابن بسطام -؛ قال الحافظ: "ضعيف، روى عنه ابنه خالد منكرات شديدة". ومحمد بن الحسن المقري - وهو النقاش -؛ متهم بالكذب. قلت: ومن هذا البيان تعرف تساهل مؤلف "الخلاصة" في قوله (183/ 2) : "رواه الدارقطني من رواية واثلة بن الأسقع وأبي أمامة بإسناد ضعيف". الحديث: 4380 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 368 4381 - (ليس في الإبل العوامل صدقة) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (322/ 2) ، والدارقطني (203-204) ، والبيهقي (4/ 116) عن محمد بن حمزة الرقي، عن غالب القطان، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الدارقطني: "كذا قال: "غالب القطان"، وهو عندي غالب بن عبيد الله". قلت: يعني العقيلي الجزري؛ وهو متروك. الحديث: 4381 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 368 وأما ابن عدي؛ فأورده في ترجمة غالب بن حبيب اليشكري، وذكر في آخرها أن الضعف على أحاديثه بين. قلت: وهو متروك أيضاً؛ قال البخاري: منكر الحديث، فسواء كان هذا أو ذاك فالحديث ضعيف جداً. ومحمد بن حمزة الرقي؛ قال الذهبي: "منكر الحديث". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" وقال: "يروى عن الخليل أنه ضعيف". وروى زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "البقر" مكان "الإبل". أخرجه الدارقطني والبيهقي. وأبو إسحاق - هو السبيعي - مدلس وكان اختلط؛ وقد روي عنه موقوفاً. وروى البيهقي عن أبي الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله قال: "ليس على مثير الأرض زكاة". وإسناده موقوف صحيح؛ كما قال البيهقي. وقد روي مرفوعاً من حديث ابن عباس بلفظ: "ليس في البقر العوامل صدقة، ولكن في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسن أو مسنة". أخرجه الطبراني (3/ 104/ 2) ، وابن عدي (190/ 1) ، والدارقطني (ص 204) عن سوار بن مصعب، عن ليث، عن مجاهد وطاوس عنه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 369 لكن سوار متروك؛ كما قال النسائي وغيره. وليث - وهو ابن أبي سليم -؛ ضعيف لاختلاطه. 4382 - (ليس الأعمى من يعمى بصره، ولكن الأعمى من تعمى بصيرته) . ضعيف جداً رواه الخطيب في "حديثه عن شيوخه" (41/ 2) عن يعلى ابن الأشدق قال: حدثنا عبد الله بن جراد مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يعلى هذا؛ قال البخاري: "لا يكتب حديثه". وقال ابن حبان: "وضعوا له أحاديث، فحدث بها ولم يدر". وقال أبو زرعة: "ليس بشيء، لا يصدق". والحديث رواه الحكيم والبيهقي في "الشعب" عن ابن جراد؛ كما في "الجامع"، وزاد المناوي: والعسكري والديلمي. وأعله بابن الأشدق. الحديث: 4382 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 370 4383 - (إن في المال لحقاً سوى الزكاة، ثم تلا هذه الآية التي في (البقرة) : (ليس البر أن تولوا وجوهكم) الآية) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 128) ، والدارمي (1/ 385) ، وابن عدي (193/ 1) عن جمع، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس مرفوعاً. وقال الترمذي: "إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور؛ يضعف. وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي قوله، وهو أصح". الحديث: 4383 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 370 قلت: ميمون ضعيف؛ كما أفاده الترمذي، وجزم به في "التقريب". وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ سيىء الحفظ. وقد اختلف عليه في متنه؛ فرواه الجمع المشار إليه كما ذكرنا، وخالفهم يحيى ابن آدم فرواه عنه بلفظ: "ليس في المال حق سوى الزكاة". أخرجه ابن ماجه (1789) . ورواية الجماعة أولى. ويؤيده أن الطبري أخرجه (3/ 343/ 3530) من طريق سويد بن عبد الله، عن أبي حمزة بلفظ الجماعة. وسويد هذا؛ مجهول؛ كما قال الدارقطني. وجملة القول؛ أن الحديث بلفظيه ضعيف، والراجح مع ذلك الأول، والصحيح أنه من قول الشعبي. والله أعلم. 4384 - (ليس على من نام ساجداً وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع استرخت مفاصله) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 39/ 1) ، وعنه أحمد وابنه عبد الله (1/ 256) ، وأبو يعلى (4/ 2487) : حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد - هو ابن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني -؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً، وكان يدلس". الحديث: 4384 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 371 ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود وقال: "حديث منكر، لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة". ونحوه ما في كتابه "مسائل الإمام أحمد" (ص 305) : "أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث؟ فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة. ورأيته لا يعبأ بهذا الحديث". وراجع "ضعيف أبي داود" (25) ، فقد بسطت القول فيه في تخريجه من أصحاب "السنن" وغيرهم، وبيان ما أعل به غير ضعف الدالاني، ومن ضعفه من الأئمة غير من ذكرنا: كالبخاري، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي، حتى نقل إمام الحرمين - ثم النووي - اتفاق أهل الحديث على تضعيفه، ولم يشذ عنهم غير ابن جرير الطبري، فلا تعبأ به بعد أن عرفت علته بل علله! ومن عجائب بعض الحنفية، وتغييرهم للحقائق العلمية التي لا يشك فيها كل من تجرد عن الهوى من أهل العلم؛ فإن هذا الحديث مع ظهور ضعفه، واتفاق أئمة الحديث العارفين بعلله على ضعفه؛ ذهب الشيخ القاري - عفا الله عنا وعنه - إلى تقويته بأسلوب لا نرضاه لمثله فإنه: أولاً: ساق الحديث برواية البيهقي، ثم برواية أبي داود والترمذي. فأوهم شيئين: 1- أنهم سكتوا عن الحديث ولم يضعفوه، والواقع خلافه؛ فإنهم جميعاً ضعفوه. 2- أن طريق أبي داود والترمذي غير طريق البيهقي، والواقع أنها واحدة مختصرة مدارها عندهم جميعاً على الدالاني! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 372 والإيهام المذكور لم يأت من سياق اللفظين المشار إليهما فقط، بل جاء ذلك أو تأكد بما يشبه التصريح؛ فإنه بعد أن عقبهما بحديث عمرو بن شعيب ... وحديث حذيفة الآتيين قال ما نصه: "وهذه الأحاديث وإن كانت بانفرادها لا تخلو عن ضعف؛ إلا أنها إن تعاضدت لم ينزله عن درجة الحسن" (1) . ثانياً: أوهم أن طريق حديث عمرو وطريق حديث حذيفة ضعفهما يسير بسبب سوء الحفظ؛ فإن مثل هذا الضعف هو الذي يفيد في التعاضد، كما هو مشروح في "علم مصطلح الحديث"، وليس الأمر كذلك؛ فإن حديث عمرو فيه كذاب وضاع، فقد ساقه الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 45) - بكل أمانة وإخلاص - من رواية ابن عدي، عن مهدي بن هلال: حدثنا يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. بلفظ: "ليس على من نام قائماً أو قاعداً وضوء حتى يضطجع جنبه على الأرض". ومهدي بن هلال هذا؛ هو أبو عبد الله البصري؛ قال الذهبي في "الميزان": "كذبه يحيى بن سعيد، وابن معين. وقال الدارقطني وغيره: متروك. وقال ابن معين أيضاً: يضع الحديث، وساق له ابن عدي أحاديث، هذا أحدها وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن المديني: كان يتهم بالكذب". وقال ابن معين أيضاً: "هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث". وكذبه أحمد أيضاً. وقال أبو داود والنسائي: "كذاب"؛ كما في "اللسان".   (1) " فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية " للشيخ القاري (1 / 67 - 68) ، تحقيق أبي غدة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 373 قلت: فهل يعتضد حديث في الدنيا برواية مثل هذا الكذاب إياه؛ لولا التعصب المذهبي؟! على أن شيخه يعقوب بن عطاء ضعيف أيضاً، لكنه أحسن حالاً من الراوي عنه، فليست الآفة منه، وإنما من ذاك الكذاب. وأما حديث حذيفة؛ فهو ضعيف الإسناد جداً؛ فقد رواه ابن عدي، ومن طريقه البيهقي (1/ 120) ، عن قزعة بن سويد: حدثني بحر بن كنيز السقاء، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عن حذيفة بن اليمان قال: كنت في مسجد المدينة جالساً أخفق، فاحتضنني رجل من خلفي، فالتفت فإذا أنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! هل وجب علي وضوء؟ قال: "لا؛ حتى تضع جنبك". وقال البيهقي: "ينفرد به بحر بن كنيز السقا عن ميمون الخياط، وهو ضعيف، ولا يحتج بروايته". قلت: هو ممن اتفقت الأئمة على تضعيفه، بل هو ضعيف جداً؛ فقد قال ابن معين والنسائي: "لا يكتب حديثه". أي: ولو للاستشهاد، وزاد النسائي: "ليس بثقة". وقال أبو داود والدارقطني وابن البرقي: "متروك". وقال ابن حبان: "كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى استحق الترك". قلت: فمثله لا يستشهد به لشدة ضعفه. وقريب منه قزعة بن سويد؛ فقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد: "هو شبه المتروك". لكن مفهوم كلام البيهقي المتقدم يشعر بأنه قد توبع، فالعلة من شيخه الجزء: 9 ¦ الصفحة: 374 بحر. والله أعلم. فتأمل هذا التخريج، وانظر كيف يبعد التقليد صاحبه عن التحقيق، وأسأل الله تعالى لي ولك أن يعصمنا من التعصب المذهبي، ويوفقنا وإياك لاتباع الحق مع من كان، وأن ندور معه حيث دار. ومن الإيهامات المضللة؛ قول المعلق على الكتاب - أبو غدة -: "ثم أعله (يعني:البيهقي) بما يوجب ضعفه عنده". فإنه أوهم القارىء أن هذا التضعيف هو مما تفرد به دون سائر أئمة الحديث، وهو خلاف الواقع كما عرفته من الاتفاق الذي نقله النووي. ثم أكد الإيهام بقوله: "ورده الإمام ابن التركماني في "الجوهر النقي على سنن البيهقي" فقال ... ". ووجه التأكيد أن الخلاف في تضعيف الحديث وتقويته محصور بين البيهقي المضعف وابن التركماني المقوي! والحقيقة قائمة بين أئمة الحديث الذين اتفقوا على تضعيف هذا الحديث من جهة، وبين متعصبة الحنفية من جهة أخرى؛ كابن التركماني هذا، والقاري، وأمثالهم. وإنما قلت: متعصبة الحنفية؛ لأن الزيلعي مع كونه حنفي المذهب فقد كان بحثه في هذا الحديث علمياً نزيهاً مجرداً عن التأثر بشيء من العصبية المذهبية؛ فقد نقل أقوال المحدثين في تضعيف الحديث، وبيان علله دون أي تحامل أو تباعد عن الحق. جزاه الله خيراً. 4385 - (ليس في الصوم رياء) . ضعيف رواه أبو عبيد في "الغريب" (57/ 2) : حدثنيه شبابة، عن ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب رفعه. الحديث: 4385 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 375 قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن ابن شهاب تابعي صغير، فهو مرسل أو معضل. والحديث يرويه عنه هناد، والبيهقي في "الشعب"، ووصله ابن عساكر عن أنس؛ كما في "الجامع". 4386 - (ليس في القطرة ولا القطرتين من الدم وضوء؛ إلا أن يكون دماً سائلاً) . ضعيف جداً رواه الدارقطني (57) من طريق الحسن بن علي الرزاز: أخبرنا محمد بن الفضل، عن أبيه، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "خالفه حجاج بن نصير". ثم ساقه عنه، عن سفيان بن زياد أبي سهل: أخبرنا حجاج بن نصير: أخبرنا محمد ابن الفضل بن عطية: حدثني أبي، عن ميمون بن مهران، عن أبي هريرة به. وقال: "محمد بن الفضل بن عطية؛ ضعيف، وسفيان بن زياد وحجاج بن نصير؛ ضعيفان". وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الكبرى" (13/ 2) : "إسناده متروك؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية وغيره". قلت: ومدار الطريقين عليه كما رأيت، فلا تغتر بما نقله المناوي عن الكمال ابن الهمام الحنفي أنه قال: الحديث: 4386 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 376 "رواه الدارقطني من طريقين في أحدهما محمد بن الفضل، وفي الآخر حجاج بن نصير، وقد ضعفا"! 4387 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " ليس في الأرض من الجنة إلا. . . " وقد خرجه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (برقم: 3111) . (الناشر) . الحديث: 4387 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 4388 - (ليس للحامل المتوفى عنها زوجها نفقة) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 434) عن حرب بن أبي العالية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولكن أبا الزبير مدلس، فلا يحتج بحديثه إلا ما بين فيه السماع، أو كان من رواية الليث بن سعد عنه، وهذا ليس منه، وبهذا أعله عبد الحق في "أحكامه"، وزاد أن حرب بن أبي العالية أيضاً لا يحتج به. قلت: وفيه نظر؛ فقد قال الذهبي في "المغني": "ضعف بلا حجة". وقال الحافظ: "صدوق، يهم". الحديث: 4388 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 4389 - (ليس للمرأة أن تنطلق للحج إلا بإذن زوجها، ولا يحل للمرأة أن تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم تحرم عليه) . ضعيف بتمامه أخرجه الدارقطني (ص 257) ، والبيهقي (5/ 223-224) من طريقين عن حسان بن إبراهيم في امرأة لها مال تستأذن زوجها في الحج فلا الحديث: 4389 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 يأذن لها، قال: قال إبراهيم الصائغ: قال نافع: قال عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وتعقبه ابن التركماني بقوله: "قلت: هذا الحديث في اتصاله نظر، وقال البيهقي في "كتاب المعرفة": تفرد به حسان بن إبراهيم. وفي "الضعفاء" للنسائي: حسان ليس بالقوي. وقال العقيلي: في حديثه وهم. وفي "الضعفاء" لابن الجوزي: إبراهيم بن ميمون الصائغ لا يحتج به، قاله أبو حاتم". وأقول: وفي هذا التعقب ما لا يخفى من التعصب والبعد عن التحقيق العلمي، وذلك من وجوه: الأول: نظره في اتصاله، مما لا وجه له، وهو يشير بذلك إلى قول حسان: قال إبراهيم. وقول هذا: قال نافع، يعني أنهما لم يصرحا بالسماع! ومن المعلوم عند المشتغلين بهذا الفن أن ذلك إنما يضر إذا كان من معروف بالتدليس، وحسان وإبراهيم لم يتهما به؛ فلا وجه إذن للنظر في اتصاله! الثاني: قوله: "إبراهيم لا يحتج به، قاله أبو حاتم". والجواب من وجهين: 1- أنه قد وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان، وقال أبو زرعة: "لا بأس به". وقال أحمد: "ما أقرب حديثه". فلا يجوز إهدار توثيق هؤلاء الأئمة إياه، والاعتماد على قول أبي حاتم المذكور، وبيانه في الوجه الآتي: 2- أن أبا حاتم معروف بتشدده في التجريح، فلا يقبل ذلك منه مع مخالفته الجزء: 9 ¦ الصفحة: 378 لمن ذكرنا، لا سيما إذا كان لم يبين السبب، فهو جرح مبهم مردود، ولذلك قال الحافظ فيه: "صدوق". الثالث: قوله: "حسان بن إبراهيم: قال النسائي: ليس بالقوي ... ". قلت: هذا وثقه جمع أيضاً، لكن تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، فقال ابن عدي: "قد حدث بأفراد كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق؛ إلا أنه يغلط في الشيء ولا يتعمد". وعن أحمد أنه أنكر عليه بعض حديثه. وقال العقيلي: "في حديثه وهم". وقال ابن حبان: "ربما أخطأ". ولخص ذلك الحافظ بقوله: "صدوق يخطىء". قلت: فمثله يكون حديثه مرشحاً للتحسين، ولذلك سكت عليه الحافظ في "الفتح" (4/ 62) ، وساقه مساق المسلم به، وأجاب عنه بأنه محمول على حج التطوع، وهذا معناه أنه صالح للاحتجاج به عنده. وإلا لما تأوله كما هو ظاهر، وكان يمكن أن يكون الأمر كذلك عندي لولا أن عبيد الله روى عن نافع به مرفوعاً بلفظ: "لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم". أخرجه البخاري في "تقصير الصلاة"، ومسلم في "الحج"، والطحاوي (1/ 375) ، وأحمد (2/ 13،19،142-143،143) من طرق عنه. وتابعه الضحاك، عن نافع به ولفظه: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 379 "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث إلا ومعها ذو محرم". أخرجه مسلم (1338) . فهذا هو المحفوظ عن نافع عن ابن عمر؛ ليس فيه الشطر الأول من حديث الترجمة، فهي زيادة من حسان المتكلم فيه، فلا تقبل والحالة هذه. هذا ما عندي، والله أعلم. 4390 - (ليس للنساء في اتباع الجنائز أجر) . ضعيف رواه الثعلبي (3/ 196/ 2) عن أبي عتبة: حدثنا بقية: حدثنا أبو عامر: حدثنا عطاء بن أبي رباح: أنه كان عند عبد الله بن عمر وهو يقول: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو عتبة - واسمه أحمد بن الفرج -؛ ضعيف. وأبو عامر؛ لم أعرفه، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين. وقد توبع: فقد رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 81/ 2 من ترتيبه) عن صهيب بن محمد بن عباد بن صهيب: حدثنا عباد بن صهيب، عن الحسن بن ذكوان، عن سليمان بن الربيع، عن عطاء به. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا سليمان، تفرد به الحسن بن ذكوان". قلت: هو صدوق يخطىء، ومع ذلك فقد كان يدلس. لكن عباد بن صهيب؛ متروك؛ كما قال النسائي والبخاري وغيرهما. وحفيده صهيب بن محمد بن صهيب (1) ؛ لم أجد له ترجمة. وسليمان بن الربيع؛ لعله الذي روى عن ملى لأنس عن أنس، وعنه زيد بن الحباب بحديث ساقه في "اللسان" وقال:   (1) كذا، ولعله " عباد ". الحديث: 4390 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 380 "قال أبو حاتم: هذا حديث منكر". قلت: فتبين أن هذه المتابعة لا تسمن ولا تغني من جوع؛ لجهالة المتابع هذا، ووهاء الراوي عنه. وتابعه أيضاً عفير بن معدان اليحصبي، عن عطاء بن أبي رباح به. أخرجه أبو أمية الطرسوسي في "مسنده" (201/ 2) . وعفير هذا؛ قال الذهبي في "المغني": "ضعفوه، وقال أبو حاتم: لا يشتغل بحديثه". وأبو أمية الطرسوسي؛ اسمه محمد بن إبراهيم؛ قال الحافظ: "صاحب حديث، يهم". ويغني عن الحديث قول أو عطية: "نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا". أخرجه البخاري وغيره. فإن معناه أنه لا أجر لهن في اتباعها؛ فتأمل. وروي من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "نصيب" بدل "أجر". أخرجه البزار (ص 87 - زوائده) ، والطبراني. قلت: وسنده ضعيف جداً. 4391 - (ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً له) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 20) ، والرافعي في "تاريخ الحديث: 4391 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 381 قزوين" (4/ 116) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبيد الله بن زحر؛ متروك، ونحوه علي بن يزيد، وهو الألهاني. 4392 - (ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات على الأرض، يستأذن الله في أن ينتضح عليهم، فيكفه الله عز وجل) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 43) : حدثنا يزيد: أنبأنا العوام: حدثني شيخ كان مرابطاً بالساحل، قال: لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: حدثنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الشيخ الذي لم يسم، وأبي صالح مولى عمر؛ فإنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد. وأما العوام - فهو ابن حوشب -؛ ثقة اتفاقاً، ومن رجال الشيخين، ونقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال: "والعوام؛ ضعيف". فالظاهر أنه توهم أنه غير ابن حوشب وهو خطأ؛ فإن ابن حوشب هو الذي يروي عنه يزيد - وهو ابن هارون - من شيوخ الإمام أحمد المشهورين الثقات الأثبات. ثم رأيت الحديث في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (1/ 40-41) رواه من طريق الإمام أحمد، ثم قال: الحديث: 4392 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 382 "العوام؛ ضعيف، والشيخ؛ مجهول". وبهذا الشيخ المجهول أعله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 240) و "البداية" (1/ 23) ، وقد عزاه لأحمد وإسحاق بن راهويه، وفي سنده: العوام ابن حوشب، وهو مما يؤكد ما ذكرنا من وهم ابن الجوزي. ومن رواية إسحاق ساقه ابن حجر مطولاً في "المطالب العالية" (2/ 176) ، وبيض له هو والمعلق عليه الأعظمي!! والحديث أورده ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" (2/ 214-215) من رواية أحمد في "المسند" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ليلة إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم، فينهاه ربه، ولولا ذلك لأغرقهم". وكأنه رواه من حفظه بالمعنى. وذكره ابن القيم أيضاً من روايته في "مدارج السالكين" (1/ 432-433) بلفظ: "ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم، والملائكة تستأذنه أن تعالجه وتهلكه، والرب تعالى يقول: دعوا عبد ي فأنا أعلم به" الحديث بطوله، وفي آخره: "أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري ... ". ونقله الشيخ إسماعيل الأنصاري في تعليقه على "الوابل الصيب" (ص 142) دون أي تحقيق أو تعليق، وفي اعتقادي أن عزوه لأحمد في "المسند" بهذا الطول خطأ، وعليه لوائح الإسرائيليات. والله أعلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 383 4393 - (ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر على عياله) . ضعيف رواه القضاعي (98/ 1) عن أيوب بن سليمان قال: أخبرنا يحيى بن سعيد الفارسي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الفارسي هذا؛ قال ابن عدي: "روى عن الثقات البواطيل". وأيوب بن سليمان - هو أبو اليسع -؛ قال الأزدي: "غير حجة". وقال ابن القطان: "مجهول". والحديث عزاه السيوطي للديلمي في "مسند الفردوس" عن جبير بن مطعم، وقال المناوي: "وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير؛ مجمع على ضعفه". الحديث: 4393 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 384 4394 - (ليس في صلاة الخوف سهو) . ضعيف رواه المخلص في "الفوائد المنتقاة" (9/ 219/ 2) عن الوليد بن م سلم، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الطبراني (3/ 59/ 2) إلا أنه قال: "الوليد بن الفضل"، ولعل هذا هو الصواب؛ فإنهم لم يذكروا ابن مسلم في الرواة عن شريك. والوليد بن الفضل؛ قال ابن حبان: "يروي الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به بحال". وله شاهد من حديث ابن عمر؛ أخرجه خيثمة الأطرابلسي في "الفوائد" الحديث: 4394 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 384 كما في "المنتخب منها" (1/ 189/ 1) : حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج بن سليمان الحجازي - بحمص -: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا عبد الحميد بن السري الغنوي، عن عبيد الله بن عمرو، عن نافع عنه مرفوعاً. ورواه ابن الأعرابي في "المعجم" (15/ 2) عن كثير بن عبيد: أخبرنا بقية بن الوليد، عن عبد الحميد بن السري به. ومن هذا الوجه علقه الرافعي في "تاريخه" (4/ 144) وابن عدي (249/ 2) ، وقال ابن عدي: "لا أعرف لعبد الحميد هذا غير هذا الحديث". وقال الدارقطني بعد أن أخرجه في "سننه" (ص 185) عن أبي عتبة: "تفرد به عبد الحميد بن السري؛ وهو ضعيف". وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 14) عن أبيه: "وهو مجهول، روى عن عبيد الله بن عمر حديثاً موضوعاً". يشير إلى هذا. 4394/ م - (ليس منا من وطىء حبلى) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 137-138) ، وأحمد (1/ 256) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 147/ 2) عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الحكم - وهو ابن عتيبة الكندي مولاهم - لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث ليس هذا منها. والأحرى: عنعنة الحجاج - وهو ابن أرطأة -؛ فإنه مدلس. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 385 4395 - (ليغسل موتاكم المأمونون) . موضوع أخرجه ابن ماجه (1/ 446) ، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" (70) عن بقية بن الوليد، عن مبشر بن عبيد، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع. قال الحاكم: "هذا حديث منكر، لاأعلم لمبشر بن عبيد متابعاً فيه". وقال البوصيري (91/ 1) : "بقية؛ مدلس، وقد رواه بالعنعنة. وشيخه؛ قال فيه أحمد بن حنبل: أحاديثه كذب موضوعة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك الحديث، يضع الحديث، ويكذب". الحديث: 4395 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 4396 - (ليكونن في ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله عز وجل بهم الدين) . موضوع أخرجه الدارقطني في "الأفراد" (ج2 رقم28 - منسوختي) : حدثنا أبو القاسم نصر بن محمد بن عبد العزيز بن شيرزاذ الباقرحي: حدثنا علي بن أحمد ابن إبراهيم السواق: حدثنا عمر بن راشد الجاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح مولى التوأمة، عن أبي، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر، وهو أيضاً غريب من حديث محمد بن صالح مولى التوأمة، تفرد به عنه ابنه، ولم يروه عنه غير عمر بن راشد الجاري، ولم نكتبه إلا عن هذا الشيخ". قلت: ترجمه الخطيب (12/ 299-300) برواية جمع غير الدارقطني عنه، الحديث: 4396 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 وقال: إنه مات سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعلي بن أحمد بن إبراهيم السواق؛ لم أعرفه، إلا أن يكون هو علي بن أحمد ابن سريج السواق الرقي الذي في "الأنساب" وغيره، وعليه فإبراهيم أو سريج أحد أجداد أبيه. ترجمه الخطيب (11/ 315) برواية جمع من الثقات عنه، وقال: "وما علمت من حاله إلا خيراً. مات سنة إحدى وستين ومئتين". وعمر بن راشد الجاري؛ قال أبو حاتم: "وجدت حديثه كذباً وزوراً، والعجب من يعقوب بن سفيان كيف روى عنه؟! لأني في ذلك الوقت وأنا شاب علمت أن تلك الأحاديث موضوعة، فلم تطب نفسي أن أسمعها، فكيف يخفى على يعقوب ذلك؟! ". وقال الحاكم وأبو نعيم: "يروي عن مالك أحاديث موضوعة". قلت: فهو آفة الحديث. وعبد الله بن محمد بن صالح مولى التوأمة وأبوه؛ لم أعرفهما. 4397 - (كم من ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره، منهم عمار بن ياسر) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (356) عن يحيى بن إبراهيم الأسلمي: حدثنا عيسى بن قرطاس: حدثني عمرو بن صليع قال: سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال: "لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى". قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وقد كذبه الساجي". الحديث: 4397 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 387 ويحيى بن إبراهيم الأسلمي؛ لم أعرفه. والحديث قال في "المجمع" (9/ 294) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عيسى بن قرطاس؛ وهو متروك". ورواه الأصبهاني في "الترغيب" (297/ 2) عن ابن قرطاس. 4398 - (إن ذكر الله شفاء، وإن ذكر الناس داء) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (172/ 2) ، وكذا البيهقي في "الشعب" (1/ 383) من طريق ابن أبي الدنيا، عن أبي عقيل، عن عبد الله بن يزيد، عن مكحول مرسلاً. قلت: وهذا مع إرساله ضعيف؛ من قبل عبد الله بن يزيد - وهو الدمشقي -؛ قال الحافظ: "ضعيف، ومنهم من قال: هو ابن ربيعة بن يزيد الماضي". قلت: وقال عنه هناك: "مجهول". وقال البيهقي: "هذا مرسل، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله". قلت: وهو الأشبه. الحديث: 4398 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 4399 - (إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني (وفي رواية: يدي) الرحمن عز وجل، فإذا التفت قال له الرب: ابن آدم! إلى من تلتفت؟! تلتفت إلى من هو خير لك مني، ابن آدم! أقبل إلي؛ أنا خير لك ممن تلتفت إليه) . ضعيف جداً رواه البزار في "مسنده" (ص 57 - زوائده) ، وابن أبي الدنيا الحديث: 4399 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 في "التهجد" (2/ 60/ 2) ، والعقيلي (1/ 70-71) ، والأصبهاني في "الترغيب" (234/ 2) عن إبراهيم الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم بن يزيد الخوزي؛ متروك، وقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 80) : "ضعيف"؛ فيه تقصير. ورواه تمام (265/ 1) من طريق أبي عمرو ناشب بن عمرو الشيباني: حدثنا مقاتل بن حيان، عن زيد العمي، عن أنس بن مالك مرفوعاً نحوه. وهذا سند ضعيف جداً أيضاً؛ ناشب بن عمرو؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وزيد العمي؛ ضعيف. وله طريقان آخران، أحدهما عن أبي هريرة: الأول: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا بني! إياك والالتفات في الصلاة؛ فإن الالتفات في الصلاة هلكة؛ فإن كان لا بد ففي التطوع، لا في الفريضة". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"! والآخر: يرويه أبو عبيد ة الناجي، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إياك والالتفات في الصلاة؛ فإنها هلكة". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 389 أخرجه العقيلي في ترجمة أبي عبيد ة هذا واسمه بكر بن الأسود؛ وروى عن البخاري أنه قال: "هو كذاب". وكذا روى عن ابن معين. ثم قال العقيلي عقب الحديث: "لا يتابع على هذا الحديث بهذا اللفظ، وللنهي عن الالتفات في الصلاة أحاديث صالحة الأسانيد، بألفاظ مختلفة". 4400 - (رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (226/ 1) ، عن قران بن تمام، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام يوماً من رجب عدل له بصوم سنتين، ومن صام النصف من رجب عدل له بصوم ثلاثين سنة". وقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله. وقران بن تمام؛ صدوق ربما أخطأ. الحديث: 4400 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 4401 - (اطلب العافية لغيرك، ترزقها في نفسك) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (283/ 1) عن محمد بن كثير الفهري: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الفهري هذا؛ قال الحافظ: "متروك". وابن لهيعة؛ ضعيف. الحديث: 4401 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 4402 - (الشحيح لا يدخل الجنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (487) : حدثنا علي بن سعيد: حدثنا نصر بن مرزوق المصري: حدثنا يحيى بن مسلمة القعنبي: حدثنا عبد الله بن محمد الضبعي، عن جويرية بن أسماء، عن نافع قال: سمع ابن عمر رجلاً يقول: الشحيح أعذر من الظالم، فقال له ابن عمر: كذبت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال: "لم يروه عن نافع إلا جويرية، ولا عنه إلا عبد الله، تفرد به يحيى، وهو أخو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وله أخ اسمه إسماعيل". قلت: رجاله ثقات؛ غير يحيى بن مسلمة القعنبي؛ قال العقيلي: "حدث بمناكير". الحديث: 4402 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 391 4403 - (إذا خرج الحاج حاجاً بنفقة طيبة، ووضع رجليه في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (492) : حدثنا محمد بن الفضل السقطي: حدثنا سعيد بن سليمان، عن سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن يحيى إلا سليمان". الحديث: 4403 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 391 قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال في "الميزان": "قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث. وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث؛ فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك". 4404 - (ليلة القدر ليلة بلجة، لا حارة ولا باردة، ولا سحاب فيها، ولا مطر، ولا ريح، ولا يرمى فيها بنجم، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها) (1) . ضعيف بتمامه أخرجه أبو موسى المديني في "جزء من الأمالي" (63/ 1) : حدثنا الوليد بن عبد الرحمن الرملي: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا بشر بن عون، عن بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بكار بن تميم وبشر بن عون؛ قال أبو حاتم: "مجهولان". بل قال ابن حبان: "بشر، عن بكار، عن مكحول، عن واثلة؛ نسخة نحو مئة حديث؛ كلها موضوعة". ومن طريقهما أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (3/ 179) . لكن للحديث شاهد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً بلفظ:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا متن الحديث ما نصه: " يتلخص من تخريجه أن حديث جابر المذكور في آخره صحيح لغيره ". الحديث: 4404 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 392 "إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع؛ مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ". أخرجه أحمد (5/ 324) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 108) عن بقية: حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان عنه. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، صرح بقية فيه بالتحديث، فهو صحيح إن كان ابن معدان سمع من عبادة، وذلك مما نفاه أبو حاتم، وبين وفاتيهما نحو سبعين سنة. وقد وصله معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن محمد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه مرفوعاً. أخرجه الخطيب في "التلخيص" (ق 47/ 1-2) . ومحمد بن عبادة هذا؛ أورده ابن حبان في "الثقات" (1/ 240) هكذا: "محمد بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، يروي عن عبادة، عداده في أهل الشام. روى عنه عيسى بن سنان". وهكذا أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 112) إلا أنه قال: "أبيه" بدل: "عبادة". قلت: ولعله الصواب، كما في هذا الحديث من رواية الزهري عنه. لكن معاوية بن يحيى - وهو الصدفي -؛ ضعيف لا يحتج به. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 393 ويشهد لبعضه حديث زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء". أخرجه الطيالسي (2680) ، وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 26) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (3/ 331-332) ، وكذا الضياء في "المختارة" (64/ 43/ 2) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 108) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (223/ 2) ، والبزار في "مسنده" (1/ 485/ 1034) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 166) ، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (ق 221/ 2 - المدينة) كلهم عن زمعة به. قلت: وزمعة بن صالح وسلمة؛ فيهما ضعف، لكن لا بأس بهما في الشواهد. وله شاهد آخر من مراسيل الحسن البصري مرفوعاً بلفظ: "ليلة القدر ليلة بلجة سمحة، تطلع الشمس ليس لها شعاع". أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 77) . قلت: وإسناده صحيح مرسل. وجملة الشعاع؛ قد صحت من حديث أبي بن كعب مرفوعاً. أخرجه مسلم (3/ 174) وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1247) . وفي الباب عن جابر في حديث له: "وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة؛ [كأن فيها قمراً يفضح كواكبها] ، لا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 394 يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها". أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (3/ 330-331) ، وعنه ابن حبان (5/ 477/ 3680) من طريق الفضيل بن سليمان: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير، عن جابر. قلت: وهذا ضعيف أيضاً؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعنه. والفضيل بن سليمان؛ مع كونه من رجال الشيخين فله خطأ كثير؛ كما قال الحافظ. والزيادة بين المعكوفتين؛ تفرد بها أحد شيخي ابن خزيمة محمد بن زياد الزيادي؛ وهو صدوق يخطىء. 4405 - (لينظرن أحدكم ما الذي يتمنى؛ فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) . ضعيف أخرجه الترمذي (3605) من طريق عمرو بن عون: حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال: "حديث حسن". قلت: يعني لغيره؛ فإنه مرسل ضعيف؛ عمر بن أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري -؛ قال الذهبي في "المغني": "ضعفه ابن معين، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي". وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". وأبوه أبو سلمة بن عبد الرحمن تابعي ثقة، فالحديث لو صح إسناده إليه الحديث: 4405 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 مرسل، ولا أدري كيف لم يشر الترمذي إلى إرساله، مع أنه قد رواه غير واحد موصولاً، فقال أحمد (2/ 387) : حدثنا عفان: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً به نحوه. وقال أيضاً (2/ 357) : حدثنا إسحاق (بن عيسى) : حدثنا أبو عوانة به موصولاً. وأخرجه أبو يعلى (10/ 5907) . قلت: فقد ثبت عن أبي عوانة موصولاً بذكر أبي هريرة فيه، فالعلة ضعف عمر بن أبي سلمة، والله أعلم. وقد اغتر بسكوت الترمذي عن إعلاله بالإرسال السيوطي ثم المناوي؛ فإن الأول عزاه في "الجامع" للترمذي عن أبي سلمة؛ دون أن يصرح بأنه مرسل كما هي عادته، فعلق عليه الثاني بقوله: "أبو سلمة في الصحب الكثير، فكان ينبغي تمييزه! رمز المصنف لصحته"! ومن التخريج السابق تعلم ما في كلامهما من الوهم، وأن الحديث ضعيف وأبا سلمة تابعي ليس صحابياً. والله الموفق. 4406 - (ليس البر في حسن اللباس والزي. ولكن البر في السكينة والوقار) . ضعيف رواه أبو محمد الضراب في "كتاب ذم الرياء في الأعمال" (1/ 278/ 2 و 295-296) من طريق هارون بن عمران قال: حدثنا سليمان بن أبي داود، عن عطاء، عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع: إن الله حرم الجنة على كل مراء. قال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ سليمان هذا؛ مجهول، وقد أورده في "الميزان" الحديث: 4406 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 396 عقب ترجمة "سليمان بن داود الحراني، بومة" فقال: "لعله: بومة"، ثم قال: "قال ابن القطان: سليمان؛ لا يعرف". قلت: وبومة؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وهارون بن عمران؛ هو الموصلي؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 93) من رواية علي بن حرب الموصلي فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 4407 - (ماء زمزم شفاء من كل داء) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 63) من طريق الحسن بن أبي جعفر: حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن صفية مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن بن أبي جعفر - وهو الجفري -؛ ضعيف الحديث مع عبادته وفضله؛ كما في "التقريب". وشيخه محمد بن عبد الرحمن؛ لم أعرفه. وكذلك صفية؛ فإنها لم تنسب، ولعله لذلك قال الحافظ: "وسنده ضعيف جداً"، كما نقله المناوي. الحديث: 4407 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 397 4408 - (ما آتى الله عالماً علماً إلا أخذ الله عليه الميثاق أن لا يكتمه) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 38-39) عن أبي نعيم معلقاً، عن سهل ابن سليمان الرازي، عن عبد الملك بن عطية، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سهل بن سليمان - وهو الأسود -؛ أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: الحديث: 4408 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 397 "قال أحمد: تركوا حديثه". وعبد الملك بن عطية؛ قال الأزدي: "ليس حديثه بالقائم". والحديث عزاه السيوطي لابن نظيف في "جزئه"، وابن الجوزي في "العلل" عن أبي هريرة، فتعقبه المناوي بقوله: "قضية تصرف المصنف أن ابن الجوزي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل بين أن فيه موسى البلقاوي؛ قال أبو زرعة: كان يكذب. و [قال] ابن حبان: كان يضع الأحاديث على الثقات. هكذا قال. ثم ظاهر عدول المصنف لذينك، أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجب؛ فقد خرجه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور". قلت: وسكت المناوي عن إسناده؛ فما أحسن، بل أوهم أنه من طريق البلقاوي الكذاب! وليس كذلك. وقد أخرجه الخلعي في "الفوائد" (107/ 2) ، وابن نظيف في "فوائده" (95/ 2) من طريق موسى بن محمد: أخبرنا زيد بن ميسور، عن الزهري به. وابن ميسور هذا؛ لم أعرفه. وموسى بن محمد؛ هو البلقاوي الكذاب. 4409 - (ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) ، فقال رجل: ومن أشرك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلا من أشرك) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 275) ، والطبراني في "الأوسط" (300،459) ، الحديث: 4409 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 398 وابن أبي الدنيا في "حسن الظن" (190-191) عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي عبد الرحمن الجبلاني، عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الرحمن الجبلاني؛ مجهول الحال، كما يؤخذ من "التعجيل". وابن لهيعة؛ ضعيف. 4410 - (أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 309/ 1/ 9639) عن الحسن ابن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة، عن مرزوق مولى أنس، عن أنس بن مالك قال: فذكره. وقال: "لم يروه عن محمد بن حجادة إلا الحسن". قلت: وهو ضعيف الحديث مع عبادته وفضله. ومرزوق مولى أنس؛ لم أجد له ترجمة. والحديث أشار إلى تضعيفه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الكلم الطيب" (46) ، وكنت علقت عليه بقولي: "لا أعرفه، وما إخاله يصح". فها قد صدق ظني بعد أن وقفت على مخرجه، والحمد لله على توفيقه. ثم وجدت للحسن بن أبي جعفر متابعاً، فرواه الطبراني في كتابه "الدعاء" (201/ 2) من طريق أبي النعمان عارم: حدثنا سعيد بن زيد: حدثنا محمد بن جحادة: حدثني رجل، عن أنس به. الحديث: 4410 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 399 قلت: وسعيد بن زيد هو أخو حماد؛ قال الحافظ: "صدوق له أوهام". فانحصرت العلة في الرجل الذي لم يسم، وسمي مرزوقاً في الرواية الأولى. والله أعلم. (تنبيه) : وقع الحديث في "الكلم الطيب" من حديث أنس بلفظ: "أمرنا أن نستغفر بالليل سبعين استغفارة". ولم يخرجه، فقد وقفت على من خرجه - والحمد لله - ومنه تبين أن اللفظ المذكور خطأ من وجوه لا تخفى على القراء إن شاء الله تبارك وتعالى. ثم رأيته باللفظ المذكور في "تفسير أبي محمد البستي" (ق 234/ 2) من طريق وكيع: أخبرنا أصحابنا، عن علي بن زيد، عن أنس به؛ إلا أنه قال: "بالأسحار" مكان: "الليل". والمحفوظ من حديث أنس: ما رواه جمع من الثقات، عن قتادة، عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأتوب في اليوم سبعين مرة". أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (322/ 432) ، وابن حبان في "صحيحه" (2457 - موارد) ، وأبو يعلى (5/ 2934،2989) ، والبزار (4/ 80-81) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3/ 201/ 2418) وفي "الدعاء" (3/ 1621-1622) من طرق - كما ذكرت - منها: شعبة - عند البزار، عن قتادة به. قلت: وإسناده صحيح مع التحفظ من عنعنة قتادة، لكن الحديث صحيح يقيناً؛ فإن له شواهد من حديث أبي هريرة وأبي موسى الأشعري. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 1- أما حديث أبي هريرة؛ فيرويه الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: قال أبو هريرة: فذكره؛ إلا أنه قال: "أكثر من سبعين مرة". أخرجه البخاري (6307 - فتح) ، والنسائي (435-437 و 439) ، وابن حبان أيضاً (2456 - موارد) ، وابن السني في "عمله" (361) ، وأحمد (2/ 282،341) ، والطبراني في "الدعاء" (1838) ، والبغوي في "شرح السنة" (5/ 69/ 1285) ، وكذا الترمذي (9/ 13/ 3255) من طرق عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح، ويروى عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة". قلت: وليس عنده ولا الثلاثة الذين قبله لفظة "أكثر"، ولعل هذا أصح، للرواية الثانية التي علقها الترمذي بلفظ: "مئة مرة". وعليه أكثر الرواة عن الزهري، وقد استوعب الطرق إليه الإمام النسائي والطبراني. وله شواهد خرجت بعضها في "الصحيحة" (556 و 1452) ، وهي رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 297/ 9491) ، وأحمد (2/ 450) ، والبغوي (1286) ، وابن السني (359) من طريق النسائي (434) . 2- وأما حديث أبي موسى؛ فقال ابن ماجه (3816) : حدثنا علي بن محمد: حدثنا وكيع، عن مغيرة بن أبي الحر، عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن جده مرفوعاً بلفظ: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 401 "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة". قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير المغيرة هذا، وهو صدوق ربما وهم؛ كما في "التقريب". وعلي بن محمد، وهو الطنافسي؛ ثقة، لكن خالفه في بعض متنه الإمام أحمد؛ فقال في "مسنده" (4/ 410) : حدثنا وكيع به؛ إلا أنه قال: "في كل يوم مئة مرة". وقد تابعه أبو نعيم: حدثنا المغيرة به بلفظ: "ما أصبحت غداة قط؛ إلا استغفرت الله فيها مئة مرة". أخرجه النسائي (441) . قلت: وسنده صحيح أيضاً، فلعل الاختلاف المذكور في العدد هو من المغيرة نفسه لما عرفت من ترجمته، والرواة عنه ثقات. ولعل عدد المئة أرجح؛ لمتابعة أبي إسحاق، عن أبي بردة به. أخرجه النسائي (440) . وقد خولف المغيرة في إسناده أيضاً، فرواه ثابت وحميد بن هلال وعمرو بن مرة، عن أبي بردة، عن الأغر مرفوعاً بلفظ: "مئة". أخرجه مسلم (8/ 72) ، والنسائي (442-446) ، وغيرهما كأبي داود؛ وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1356) . (فائدة) : في هذه الأحاديث وغيرها مما فيه الأمر بالاستغفار والتوبة؛ رد على من قال من الفقهاء بكراهة قول الرجل: "أستغفر الله وأتوب إليه"، واختار أن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 402 يقول: "أستغفر الله وأسأله التوبة"؛ لأن التوبة من الذنب هي تركه، فإذا قال "أتوب إليه"؛ فقد وعد الله أن لا يعود إلى ذلك الذنب، فإذا عاد إليه كان كمن وعد الله ثم أخلفه. وقد رد عليهم الإمام الطحاوي فقال: "قيل لهم: إن ذلك وإن كان كما ذكرتم؛ فإنا لم نبح لهم أن يقولوا: نتوب إلى الله عز وجل؛ على أنهم معتقدون للرجوع إلى ما تابوا منه، ولكنا أبحنا لهم ذلك على أنهم يريدون ترك ما وقعوا فيه من الذنب ولا يريدون العود في شيء منه، فإذا قالوا ذلك واعتقدوا هذا بقلوبهم كانوا في ذلك مأجورين، فمن عاد منهم بعد ذلك في شيء من تلك الذنوب كان ذلك ذنباً أصابه، ولم يحبط ذلك أجره المكتوب له بقوله الذي تقدم منه واعتقاده معه ما اعتقد. فأما من قال: أتوب إلى الله عز وجل، وهو معتقد أنه يعود إلى ما تاب منه؛ فهو بذلك القول فاسق معاقب عليه؛ لأنه كذب على الله فيما قال. وأما إذا قال وهو معتقد لترك الذنب الذي كان وقع فيه وعازم أن لا يعود إليه أبداً؛ فهو صادق في قوله، مثاب على صدقه إن شاء الله تعالى". انظر "شرح معاني الآثار" (2/ 366-368) . 4411 - (ما أحببت من عيش الدنيا إلا الطيب والنساء) . ضعيف أخرجه ابن سعد (1/ 398) عن أبي بشر صاحب البصري، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله؛ فإن الحسن هو البصري. وأبو بشر صاحب البصري؛ لم أعرفه. الحديث: 4411 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 403 ثم أخرجه من طريق أبي المليح، عن ميمون قال: "ما نال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عيش الدنيا إلا ... ". وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ ميمون هو ابن مهران الجزري الرقي الفقيه؛ ثقة من رجال مسلم. وأبو المليح؛ اسمه الحسن بن عمر الرقي؛ ثقة من رجال البخاري. (تنبيه) : حديث الترجمة عزاه السيوطي في "الجامع" لابن سعد عن ميمون مرسلاً، والصواب عن الحسن مرسلاً، ولفظ ميمون ليس من كلامه عليه السلام كما ترى، ثم إن اسم (ميمون) تحرف على المناوي إلى (ميمونة) ، وبناء عليه قال على سبيل البيان: بنت الوليد بن الحارث الأنصارية ... ! 4412 - (ما أحدث عبد أخاً في الله؛ إلا أحدث الله له درجة في الجنة) (1) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 39) من طريق ابن أبي الدنيا في "كتاب الإخوان": حدثنا سويد بن سعيد: حدثنا بقية، عن الأحوص بن حكيم، عن أبي إسماعيل العبد ي، عن أنس رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء: الأول: أبو إسماعيل العبد ي؛ قال الدارقطني: "متروك". الثاني: الأحوص بن حكيم؛ ضعيف الحفظ.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن ملاحظة لنفسه: " انظر في معجمي القديم: من آخى في الله ". الحديث: 4412 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 404 الثالث: بقية؛ مدلس وقد عنعنه. الرابع: سويد بن سعيد؛ صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول. ومع هذه العلل الكثيرة، والضعف الشديد في إسناد الحديث؛ لم يتكلم المناوي عنها بشيء، وإنما قال: "قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف، ويعضده خبر ابن أبي الدنيا أيضاً: من آخى أخاً في الله عز وجل؛ رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله". 4413 - (ما أحسن عبد الصدقة؛ إلا أحسن الله له الخلافة على تركته) . ضعيف أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 306/ 2) ، وابن عدي (315/ 2) عن محمد بن عبد الرحمن بن مجبر: حدثني أبي: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال ابن عدي: "هذا عن مالك باطل". قلت: وآفته محمد بن عبد الرحمن هذا؛ اتهمه ابن عدي، وقال الخطيب: "كذاب". وقال الأمير في "الإكمال" (1/ 200) : "غير مأمون". وقد جاء مرسلاً، فقال ابن المبارك في "الزهد" (646) ، وعنه القضاعي (67/ 2) : أخبرنا حيوة بن شريح، عن عقيل، عن ابن شهاب مرفوعاً. وهذا إسناد صحيح مرسل. الحديث: 4413 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 405 وقد روي موصولاً، أخرجه الديلمي (4/ 38) عن عبد الله بن صالح: حدثني ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس رفعه. قلت: وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف، فلا يحتج به. 4414 - (ما أحل الله حلالاً أحب إليه من النكاح، ولا أحل حلالاً أكره إليه من الطلاق) (1) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 39) عن مقاتل بن سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته مقاتل بن سليمان - وهو البلخي المفسر -؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "قال وكيع وغيره: كذاب". وقال الحافظ في "التقريب": "كذبوه، وهجروه، ورمي بالتجسيم": قلت: وهذا الحديث من الأحاديث التي يلهج بها كثير من كتاب هذا العصر؛ الذين يكادون يطبقون على الميل إلى تحريم الطلاق إلا لضرورة! تجاوباً منهم مع رغبات بعض الحكام الذين يتأثرون بسبب ضعف إيمانهم وجهلهم بإسلامهم بالحملات التي يوجهها الكفار على الدين الإسلامي وتشريعاته، وخصوصاً منها الطلاق، فيشرعون من عند أنفسهم قوانين تمنع من إيقاع الطلاق إلا بقيود وشروط ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان، مع علمهم بأن بعض الدول الكافرة قد رجعت مضطرة إلى تشريع الطلاق بينهم؛ مصداقاً لقوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) .   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " أعيد برقم (6290) بفوائد جديدة " الحديث: 4414 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 تالله إنها لإحدى الكبر أن يكفر بعض المسلمين بشريعتهم بتأثير الكفار عليهم وتضليلهم إياهم، وأن يؤمن بعض هؤلاء ولو اتباعاً لصالحهم بما كفر به أولئك. فما أشبه هؤلاء وهؤلاء بمن قال الله فيهم: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً) ! وهذا الحديث من الأحاديث التي كان الأستاذ الفاضل مصطفى الزرقا قدمها إلي راغباً تخريجها له بتاريخ (15/ 6/ 71 هـ = 12/ 3/ 52م) . وقد روي الحديث عن معاذ مرفوعاً بلفظ العتاق مكان النكاح. أخرجه الدارقطني (ص 439) ، والبيهقي (7/ 361) من طريق إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك اللخمي، عن مكحول، عن معاذ مرفوعاً: "يا معاذ! ما خلق الله شيئاً على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئاً على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر إن شاء الله؛ فهو حر، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه". ثم أخرجاه من طريق حميد بن الربيع: أخبرنا يزيد بن هارون: أخبرنا إسماعيل بن عياش ... فذكره نحوه، قال حميد: قال لي يزيد بن هارون: وأي حديث لو كان حميد بن مالك معروفاً، قلت: هو جد أبي. قال يزيد:سررتني، الآن صار حديثاً. وقال البيهقي: "ليس فيه كبير سرور؛فحميد بن ربيع بن حميد بن مالك الكوفي الخزاز ضعيف جداً، نسبه يحيى بن معين وغيره إلى الكذب، وحميد بن مالك مجهول، ومكحول عن معاذ بن جبل منقطع، وقد قيل: عن حميد، عن مكحول، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. وقيل: عنه، عن مكحول، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 407 عن مالك بن يخامر، عن معاذ، وليس بمحفوظ. والله أعلم". قلت: وحميد بن مالك الذي جهله البيهقي؛ قد ضعفه يحيى وأبو زرعة وغيرهما، ولذلك جزم بضعفه عبد الحق في "أحكامه" (ق 146/ 2) ، وابن القيم في "تهذيب السنن" (3/ 91-92) . وروي الشطر الثاني من الحديث عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق". أخرجه الحاكم. وأخرجه أبو داود عن محارب بن دثار مرسلاً وهو الصواب؛ كما حققته في "إرواء الغليل" (252 و 2100) . 4415 - (ما اختلط حبي بقلب عبد فأحبني؛ إلا حرم الله جسده على النار) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 255) ، وعنه الديلمي (4/ 33) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر، عن عطية قال: كنت مع ابن عمر جالساً، فقال رجل: لوددت أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له ابن عمر: فكنت تصنع ماذا؟ قال: كنت والله أؤمن به، وأقبل ما بين عينيه، وأطيعه، فقال له ابن عمر: ألا أبشرك؟ قال: بلى يا أبا عبد الرحمن! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ إسماعيل هذا - هو التيمي -؛ كذاب. وتردد المناوي بين أن يكون هذا هو التيمي، أو ابن كهيل، والأول كذاب، والآخر متروك. قلت: ولا وجه لهذا التردد، فإن الذي يروي عن مسعر إنما هو التيمي. وعطية - هو العوفي -؛ ضعيف. الحديث: 4415 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 4416 - (ما أذن الله عز وجل لعبد في الدعاء؛ حتى أذن له في الإجابة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 263) عن عبد الرحمن بن خالد بن نجيح: حدثنا حبيب: حدثنا محمد بن عمران، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس مرفوعاً وقال: "حديث غريب من حديث ربيعة، تفرد به حبيب كاتب مالك عن محمد عنه". قلت: وحبيب - وهو ابن أبي حبيب المصري -؛ متروك، كذبه أبو داود وجماعة؛ كما قال الحافظ. وعبد الرحمن بن خالد بن نجيح؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وروى الطبري في "تفسيره" (3/ 482/ 2910) عن الليث بن سعد، عن ابن صالح، عمن حدثه: أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أعطي أحد الدعاء ومنع الإجابة؛ لأن الله يقول: (ادعوني أستجب لكم) ". وهذا إسناد معضل ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن صالح، وهذا اسمه عبد الله، وفيه ضعف. وروى العقيلي في "الضعفاء" (78) عن الحسن بن محمد البلخي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: الحديث: 4416 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 409 "ما كان الله ليفتح لعبد باب الدعاء، ويغلق عنه باب الإجابة؛ الله أكرم من ذلك". وقال: "الحسن هذا منكر الحديث، والحديث غير محفوظ، ولا يتابع عليه، ليس له أصل". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات، لا تحل الرواية عنه". ثم غفل؛ فذكره في "الثقات"! 4417 - (ما أرسل على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 131) عن محمود بن ميمون البنا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث الثوري، تفرد به محمود". قلت: ولم أجد له ترجمة. وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن فضيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعاً به نحوه؛ ولفظه: "ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضر من عاد الريح وما فيها قالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة". سكت عليه ابن كثير في "تفسيره" (4/ 412) ، وكأنه لظهور ضعفه الشديد؛ فإن مسلماً هذا؛ هو ابن كيسان الأعور؛ قال الذهبي في "المغني": "تركوه". الحديث: 4417 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 ومن طريقه أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 161/ 1 و 205/ 2) ، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (ق 67/ 2) ، وعبد الغني المقدسي في "الجواهر" (247/ 1) . 4418 - (ما ازداد عبد من السلطان دخولاً إلا ازداد من الله بعداً) . ضعيف رواه أبو بكر الشافعي في "مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي" (72/ 1) عن موسى بن إبراهيم: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن إبراهيم هذا - هو المروزي -؛ متروك. وقد روي مرسلاً من طريق أبي معاوية، عن ليث، عن الحسن بن مسلم، عن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ، وزاد: "ولا كثر أتباعه إلا كثرت شيطاينه، ولا كثر ماله إلا اشتد حسابه". أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 274) . قلت: وهو مع إرساله منقطع؛ فإن الحسن بن مسلم - وهو ابن يناق المكي -؛ لم يدرك عبيد بن عمير؛ كما في "التهذيب". وليث - وهو ابن أبي سليم -؛ ضعيف؛ لاختلاطه. الحديث: 4418 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 4419 - (ما أزين الحلم لأهله) . ضعيف رواه ابن شاهين في "الترغيب" (293/ 2) عن يحيى بن سعيد العطار الحمصي: حدثنا بشر بن إبراهيم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ بشر بن إبراهيم هو الأنصاري المفلوج، قال ابن عدي وابن حبان: الحديث: 4419 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 "يضع الحديث". ويحيى بن سعيد العطار الحمصي؛ ضعيف. وروي من طريق خالد بن إسماعيل الأنصاري: حدثنا مالك بن أنس، عن حميد، عن أنس مرفوعاً. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 340-341) وقال: "غريب من حديث مالك وحميد، لم نكتبه إلا من حديث صالح بن زياد السوسي". قلت: هو ثقة، وإنما العلة من الأنصاري؛ فإنه مجهول. 4420 - (ما استرذل الله عبد اً إلا حظر عليه العلم والأدب) . موضوع رواه ابن عدي (93/ 1) : حدثنا الحسن قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الطحان: حدثنا أبو خالد الأحمر: حدثنا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "هذا الحديث بهذا الإسناد موضوع". ذكره في ترجمة الحسن هذا - وهو ابن علي العدوي -، قال: "يضع الحديث ويسرق الحديث، ويلزقه على قوم آخرين، وشيخه عثمان بن عبد الله! مجهول". والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن النجار عن أبي هريرة. وقال المناوي: "وكذا القضاعي في "الشهاب". وذكر في "الميزان" أنه خبر باطل، وأعاده الحديث: 4420 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 412 في ترجمة أحمد بن محمد الدمشقي وقال: له مناكير وبواطيل، ثم ساق منها هذا، وقال بعض شراح "الشهاب": غريب جداً". قلت: وهو في ترجمة أحمد المذكور قال: حدثنا بكر بن محمد: حدثنا ابن عيينة عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة به. ثم رأيته في "مسند الشهاب" للقضاعي (68/ 1) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة قال: أخبرنا بكر بن محمد قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه عبد ان في "الصحابة"، وأبو موسى في "الذيل" عن بشير بن النهاس مرفوعاً به؛ دون قوله: "والأدب". ذكره في "الجامع الصغير"، وقال شارحه: "يروى عنه حديث منكر". وأخرجه الديلمي (4/ 32) عن ابن عباس موقوفاً عليه. وفيه محمد بن الحسين بن الحسن المروزي شيخ الحاكم؛ لم أجد له ترجمة. ثم رأيت السيوطي قد أورد الحديث في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 34) من رواية ابن النجار، وهذا من طريق ابن حمزة المذكور، فتأمل كم هو متناقض! 4421 - (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) . ضعيف رواه ابن ماجه (1/ 571) ، وابن عساكر (12/ 284/ 2) ، والضياء في "موافقات هشام بن عمار" (56-57) عن هشام بن عمار: أخبرنا صدقة بن خالد: حدثنا الحديث: 4421 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 413 عثمان بن أبي عاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي عاتكة؛ قال في "التقريب": "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". قلت: والألهاني؛ ضعيف أيضاً، وأما قول البوصيري في "الزوائد" (166/ 2) : "فيه علي بن زيد بن جدعان؛ وهو ضعيف". فهو وهم منه رحمه الله؛ ابن جدعان اسم أبيه "زيد"، وأما هذا؛ فهو "يزيد"، وكلاهما ضعيف. وروى شريك، عن جابر، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه مختصراً. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 163/ 1) وقال: "لم يروه عن جابر إلا شريك". قلت: وهو ابن عبد الله القاضي؛ وهو ضعيف لسوء حفظه. لكن جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ أشد ضعفاً منه؛ فقد اتهمه بعضهم. والمحفوظ عن أبي هريرة بلفظ: "خير النساء التي تسره إذا نظر ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (1838) . 4422 - (ما أصابني شيء منها - يعني: الشاة المسمومة - إلا وهو مكتوب علي؛ وآدم في طينته) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 365) عن بقية: حدثنا أبو بكر العنسي، عن يزيد بن أبي حبيب ومحمد بن يزيد المصريين قالا: حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: الحديث: 4422 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 قالت أم سلمة: يا رسول الله! لا يزال يصيبك كل عام وجع من الشاة المسمومة التي أكلت؟! قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير أبي بكر العنسي؛ قال ابن عدي: "مجهول، له أحاديث مناكير". قال الحافظ: "قلت: أحسب أنه أبو بكر بن أبي مريم". قلت: وكأنه لذلك قال البوصيري في "الزوائد" (217/ 1) : "فيه أبو بكر العنسي؛ وهو ضعيف". قلت: فهو علة الحديث. وأما قول المناوي: "رمز المصنف لحسنه، وفيه بقية بن الوليد". فليس بشيء؛ لأن بقية إنما يخشى من تدليسه، وقد صرح بالتحديث، فالعلة من شيخه. 4423 - (ما أصبنا من دنياكم إلا النساء) . ضعيف رواه الطبراني (3/ 197/ 2) عن ابن أبي فديك: أخبرنا زكريا بن إبراهيم ابن عبد الله بن مطيع، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع؛ قال الذهبي: "ليس بالمشهور". وأبوه إبراهيم؛ لم أجد من ذكره. الحديث: 4423 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 415 4424 - (ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره، وما ذهب بصر عبد فصبر؛ إلا دخل الجنة) . ضعيف جداً رواه المحاملي في "الأمالي" (7/ 153/ 3) ، وعنه الخطيب (1/ 394) قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي: حدثنا إسحاق بن منصور السلولي: أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر هو ابن يزيد الجعفي؛ ضعيف متهم. والطرسوسي؛ ضعيف الحفظ، وبه وحده أعله المناوي! فقصر. الحديث: 4424 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 416 4425 - (ما إكثاركم علي في حد من حدود الله عز وجل وقع على أمة من إماء الله؟ والذي نفسي بيده! لو كانت فاطمة ابنة رسول الله نزلت بالذي نزلت به؛ لقطع محمد يدها) . ضعيف بهذا السياق أخرجه ابن ماجه (2/ 113) ، والحاكم (4/ 379-380) ، والبيهقي (8/ 281) ، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن ركانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها قال: لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تطهر خير لها"، فلما سمعنا لين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتينا أسامة، فقلنا: كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ قام خطيباً فقال: فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن ابن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه. الحديث: 4425 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 416 نعم؛ الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها نحوه (1) ، ليس فيه الطرف الأول منه، ولذلك خرجته هنا. وقد اضطرب في إسناده ومتنه ابن إسحاق، فرواه هكذا عنه غير واحد. ورواه يزيد بن أبي حبيب عنه عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجماء حديثه: أن أباها قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المخزومية التي سرقت قطيفة: نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تطهر خير لها"، فأمر بها فقطعت يدها، وهي من بني عبد الأشهل، أو من بني عبد الأسد. أخرجه أحمد (5/ 409 و 6/ 329) . قلت: فاختصر متنه كما ترى، وجعل إسناده عن أخت مسعود بن العجماء؛ مكان أمه عائشة، والاضطراب مما يدل على عدم حفظ الراوي وقلة ضبطه. ومن هذا؛ تعلم تساهل الحافظ أو خطأه في قوله في "الفتح" (12/ 89) - بعد أن ذكر الطرف الأول من الرواية الأولى من قول أبي عائشة، وعزاه لابن ماجه والحاكم -: "وسنده حسن، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم". فإن الحاكم إنما صرح ابن إسحاق عنده بالتحديث في رواية أخرى عنده من طريقه؛ قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يرحمها ويصلها. قلت: فهذه الرواية مرسلة خلاف الرواية الأولى، ثم هل سياقها مثل سياق الأولى، أم هي مختصرة مثل رواية أحمد التي خالفت الأولى في إسنادها كما بينا؟!   (1) وله ألفاظ خَرَّجت بعضها في " الإرواء " (2319 و 2405) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 417 4426 - (ما الموت فيما بعده إلا كنطحة عنز) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (462) عن بشر بن سيحان: حدثنا بكار بن عاصم الليثي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن محمد بن عمرو إلا بكار، تفرد به بشر". قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أغرب". وبكار بن عاصم الليثي؛ لم أعرفه، ولا يبعد أن يكون الذي أورده الطوسي في "أصحاب الصادق رضي الله عنه" (ص 158) : "بكار بن عاصم مولى لعبد القيس". ولم يزد! ثم روى الطبراني عن سكين بن عبد العزيز العطار قال " ذكر أبي، عن أنس ابن مالك - لا أعلمه إلا رفعه - قال: فذكره بلفظ: "لم يلق ابن آدم شيئاً منذ خلقه الله عز وجل أشد عليه من الموت، ثم إن الموت أهون مما بعده، وإنهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق، حتى لو أن السفن لو أجريت فيه لجرت". وقال: "لم يروه عن عبد العزيز إلا ابنه". قلت: وهو صدوق يروي عن الضعفاء؛ كما في "التقريب". وأبوه عبد العزيز بن قيس العبد ي؛ قال أبو حاتم: "مجهول". وذكره ابن حبان في "الثقات". الحديث: 4426 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 4427 - (ما أنت محدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم؛ إلا كان على بعضهم فتنة) . منكر رواه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 86) ، وابن عساكر (11/ 47/ 2) عن عثمان بن داود، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "قال العقيلي: عثمان بن داود مجهول بنقل الحديث، لا يتابع على حديثه (يعني هذا) ولا يعرف إلا به". وقال الذهبي: "لا يدرى من هو، والخبر منكر". ورواه الهروي (122/ 1) معلقاً من قول ابن مسعود. وقد وصله ابن وهب في "المسند" (8/ 164/ 1) ومقدمة "صحيح مسلم" (5) : عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عبد الله بن مسعود قال: فذكره. قلت: وهذا رجاله ثقات، لكنه منقطع بين عبيد الله وعبد الله بن مسعود. الحديث: 4427 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 4428 - (ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة حكمة تزيده هدىً، أو ترده عن ردى) . ضعيف أخرجه أبو نعيم فيما علقه عنه الديلمي (4/ 40) ، وابن بشران في "الأمالي" (18/ 7/ 2) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عبد الله بن عمرو رفعه: قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين عبيد الله بن أبي جعفر وابن عمرو؛ فإنه ولد سنة (60) الحديث: 4428 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 ومات ابن عمرو بعدها ببضع سنين، وصحح ابن حبان أن وفاته كانت ليالي الحرة، وكانت سنة (63) . الأخرى: إسماعيل بن عياش؛ ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها؛ لأن عمارة بن غزية مدني. وروى أبو القاسم زيد بن عبد الله الهاشمي المعروف بـ (رفاعة) في "الأربعين" (ق 3/ 1) عن الحسن بن سلام السواق: أخبرنا أبو غسان، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً به، وزاد: "وإنها لتعدل إحياء نفس، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". قلت: وهذا موضوع؛ آفته رفاعة هذا؛ قال الذهبي: "اتهم بوضع "أربعين" في الآداب، قاله النباتي. قلت: هو أبو الخير بن رفاعة، لا صحبه الله بخير، سمع منه تلك "الأربعين" الباطلة أبو الفتح سلم بن أيوب الرازي بالري بعد الأربع مئة ... " ثم ساق له حديثاً آخر من تلك "الأربعين"، ثم قال: "وهذا كذب". 4429 - (ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر، وإن كان حقاً!) . ضعيف أخرجه ابن سعد (4/ 24-25) : أخبرنا يزيد بن هارون، عن داود ابن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن: أن رجلاً من المهاجرين لقي العباس بن عبد المطلب فقال: يا أبا الفضل أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعاً في النار؟ فصفح عنه. ثم لقيه الثانية، فقال له مثل ذلك، فصفح عنه، ثم لقيه الثالثة، الحديث: 4429 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 420 فقال له مثل ذلك، فرفع العباس يده فوجأ أنفه فكسره، فانطلق الرجل كما هو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه قال: ما هذا؟ قال: العباس، فأرسل إليه فجاءه، فقال: "ما أردت إلى رجل من المهاجرين؟ " فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! والله لقد علمت أن عبد المطلب في النار، ولكنه لقيني، فقال: يا أبا الفضل! أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعاً في النار؟ فصفحت عنه مراراً، ثم والله ما ملكت نفسي، وما إياه أراد، ولكنه أرادني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، لكن وصل حديث الترجمة منه الديلمي (4/ 53) من طريق الروياني: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يزيد بن هارون به؛ إلا أنه قال: عن العباس بن عبد الرحمن، عن العباس بن عبد المطلب رفعه. ومداره مرسلاً وموصولاً على العباس بن عبد الرحمن، وهو ابن ميناء الأشجعي؛ لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير داود بن أبي هند، فهو مجهول. 4430 - (ما بال أقوام يتحدثون، فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم؟ والله! لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 63) عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون، فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن كعب؛ قال يعقوب بن شيبة: الحديث: 4430 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 421 "ولد في آخر خلافة علي سنة أربعين، ولم يسمع من العباس". وأبو سبرة النخعي؛ قال ابن معين: "لا أعرفه"، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (5/ 569) . ورواه يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب قال: فذكره بنحوه؛ دون الشطر الأول من الحديث. أخرجه أحمد (1/ 207) ، والحاكم (3/ 333) وقال: "يزيد بن أبي زياد وإن لم يخرجاه؛ فإنه أحد أركان الحديث في الكوفيين". قلت: ولكنه ضعيف؛ كبر فتغير، صار يتلقن، كما في "التقريب"، وهو الهاشمي مولاهم، وكأنه لضعفه اضطرب في إسناده، فرواه إسماعيل بن أبي خالد عنه هكذا، ورواه جرير بن عبد الحميد، عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة قال: "دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... " الحديث نحوه. أخرجه الحاكم، وأحمد. وتابعه ابن فضيل، عن يزيد به. أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 108/ 12259) دون الشطر الأول. وتابعه أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد به. أخرجه الترمذي (3762) وقال: "حديث حسن صحيح". كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به؛ فقد علمت حال يزيد بن أبي زياد. ورواه أبو الضحى مسلم بن صبيح قال: قال العباس ... فذكره مختصراً جداً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 109/ 12261) . قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ ولكنه مرسل. وبالجملة؛ فيبدو من مجموع الطرق أن للقصة أصلاً، ولكنه لم يتحرر لي ما قاله - صلى الله عليه وسلم - فيها إلا جملة واحدة عند الترمذي، فراجع تعليقي على "المشكاة" (6147) ، فلم يصب الدويش في تصحيحها. 4431 - (ما بال أقوام يلعبون بحدود الله، يقول أحدهم: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 622) ، وابن حبان (1322) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 303) ، والبيهقي (7/ 322) ، والطيالسي (1601 - ترتيبه) من طرق عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعاً. وقال البوصيري في "الزوائد" (127/ 1) : "هذا إسناد حسن؛ من أجل مؤمل بن إسماعيل أبي عبد الرحمن". قلت: قد تابعه جمع كما أشرنا إليه بقولنا: "من طرق"، فالحديث صحيح لولا أن فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ فإنه مدلس. الحديث: 4431 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 423 4432 - (ما بر أباه من شد إليه الطرف) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (200/ 2) عن صالح بن موسى، عن معاوية ابن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ صالح بن موسى - هو ابن إسحاق بن طلحة الحديث: 4432 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 423 التيمي -، وهو متروك؛ كما قال الحافظ وغيره. 4433 - (ما بعث الله نبياً إلا شاباً) . موقوف ضعيف أخرجه الضياء في "المختارة" (59/ 158/ 2) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس. الحديث: 4433 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 424 4434 - (ما بعث الله نبياً إلا عاش نصف عمر الذي قبله) . ضعيف جداً رواه البزار (2341 - كشف) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 244) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 68) ، وعنه الديلمي (4/ 28) ، وابن عدي (279/ 2) ، عن عبيد بن إسحاق العطار: حدثنا كامل بن العلاء أبو العلاء التميمي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم مرفوعاً. وقال ابن عدي: "كامل هذا؛ أرجو أنه لا بأس به". قلت: إنما علة الحديث من العطار الراوي عنه؛ فإنه ضعيف جداً؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي والأزدي: "متروك الحديث". وضعفه غيرهما. وأما أبو حاتم فرضيه كما قال الذهبي. وقال الحافظ: "ولفظ أبي حاتم: ما رأينا إلا خيراً، وما كان بذاك الثبت، في حديثه بعض الإنكار". وقال ابن الجارود: "يعرف بعطار المطلقات، والأحاديث التي بها باطلة". الحديث: 4434 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 424 ثم وجدت له شاهداً من حديث فاطمة، يرويه محمد بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان: أن أمه فاطمة بنت الحسين حدثته: أن عائشة كانت تقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة: "يا بنية! أجبي علي، فأجبت عليه، فناجاها ساعة ... " الحديث، وفيه: "فأخبرني: إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني العام مرتين، وأخبرني أنه أخبر بأنه لم يكن نبي كان بعده نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأخبرني أن عيسى عليه السلام عاش عشرين ومئة سنة، ولا أراني إلا ذاهباً على ستين، فأبكاني ذلك ... " الحديث. قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ محمد بن عبد الله هذا؛ قال الذهبي: "وثقه النسائي، وقال مرة: ليس بالقوي. وقال البخاري: لا يكاد يتابع في حديثه". ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "البداية" (2/ 95) : "حديث غريب، قال الحافظ ابن عساكر: والصحيح أن عيسى لم يبلغ هذا العمر". وكذلك أشار إلى تضعيف الحديث الحافظ ابن حجر بقوله في "الفتح" (6/ 384) : "واختلف في عمره حين رفع، فقيل: ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: مئة وعشرين"! وذكر الحافظ ابن كثير أن الحديث أخرجه الحاكم في "مستدركه"، ويعقوب الجزء: 9 ¦ الصفحة: 425 ابن سفيان الفسوي في "تاريخه" من الوجه المذكور، ولم أره الآن في مظانه من "المستدرك". وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 23) : "رواه الطبراني بإسناد ضعيف، وروى البزار بعضه، وفي رجاله ضعف". وذكر في مكان آخر ما يخالفه، فقال (8/ 206) : "وعن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن عيسى ابن مريم مكث في بني إسرائيل أربعين سنة. رواه أبو يعلى عن الحسين بن علي ابن الأسود؛ ضعفه الأزدي، ووثقه ابن حبان، ويحيى بن جعدة؛ لم يدرك فاطمة". وأعله ابن عساكر بالانقطاع؛ كما ذكر ابن كثير. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عائشة؛ يرويه ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الله بن عبد الله بن الأسود، عن عروة عنها به في قصة دخوله - صلى الله عليه وسلم - على السيدة فاطمة ومناجاته إياها فبكت، ثم ضحكت. أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 398/ 846) . وابن لهيعة؛ ضعيف صاحب تخاليط، ومنها ذكره هذا الحديث وأنه سبب بكائها؛ فإن القصة في "الصحيحين" عن عائشة دون الحديث، فانظر "صحيح الأدب المفرد" (742/ 947) ، وهو وشيك الصدور إن شاء الله تعالى (1) . 4435 - (ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر) . ضعيف جداً رواه ابن النجار (10/ 110/ 2) ، وعفيف الدين أبو المعالي في "فضل العلم" (113/ 2) عن عون بن عمارة، عن أبي بكر الهذلي، عن   (1) وقد طبع بحمد الله. (الناشر) . الحديث: 4435 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 426 الحسن، عن سمرة مرفوعاً. ورواه ابن عدي (168/ 1) من طريق حجاج بن نصير: حدثنا أبو بكر به؛ إلا أنه قال: "أفضل من قول". وقال: "أبو بكر الهذلي في حديثه ما لا يحتمل ولا يتابع عليه". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": "متروك الحديث". وحجاج بن نصير؛ ضعيف كان يقبل التلقين. وتابعه عون بن عمارة كما سبق، وهو ضعيف أيضاً، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (1/ 166) وبه أعله، وإعلاله بالهذلي أولى كما لا يخفى. والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 71) إلى تضعيفه. ونبهت في تعليقي عليه على وهم وقع للمناوي فيه. 4436 - (ما حسن الله عز وجل خلق امرىء ولا خلقه فتطعمه النار أبداً) . ضعيف رواه تمام (109/ 2) ، عن محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار الضبي: حدثنا أبو بكر - يعني: الهذلي -، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: والغلابي؛ وضاع. الحديث: 4436 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 427 ورواه ابن حجر في "المسلسلات" (133/ 1-2) ، والكازروني في "المسلسلات" (107/ 1) من طريق أخرى مسلسلاً بقول كل راو: "قرأت على فلان وهو متكىء"، عن علي بن عاصم عن الليث بن سعد، عن علي بن زيد، عن بكر بن الفرات، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وعلي بن عاصم؛ ضعيف؛ لخطئه وإصراره عليه، وقد أرسله غيره فقال ابن الأعرابي "معجمه" (207/ 2) : أخبرنا الهجري (يعني: عبد الرحمن بن محمد الوليد أبو الحسن) : أخبرنا أبو الوليد: أخبرنا الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن بكر بن أبي الفرات قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. ورواه ابن عدي (93/ 1) : حدثنا الحسن: حدثنا لؤلؤ بن عبد الله وكامل بن طلحة قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به، وقال: "باطل بهذا الإسناد، وعندنا نسخة الليث عن نافع عن ابن عمر، عن غير واحد عن الليث، وما فيه شيء من هذا، والحسن - وهو ابن علي العدوي -؛ يضع الحديث". وله طريق آخر عن أبي هريرة؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، وابن عساكر (5/ 201/ 1) عن هشام بن عمار: حدثنا عبد الله بن يزيد البكري: حدثنا أبو غسان المدني قال: سمعت داود بن فراهيج يقول: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعاً. قلت: وداود هذا؛ ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه بعضهم، وقال ابن عدي: "لا أرى بمقدار ما يرويه بأساً، وله حديث فيه نكرة". ثم ساق هذا من طريقين عن أبي غسان به. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 428 والبكري؛ ضعفه أبو حاتم وقال: "ذاهب الحديث". وروى الخطيب (12/ 287) عن أحمد بن الحصين: حدثنا رجل من أهل خراسان، عن محمد بن عبد الله العقيلي، عن الحسن بن علي مرفوعاً به. وهذا إسناد ضعيف؛ العقيلي هذا؛ لم أعرفه. والخراساني؛ لم يسم. وأخرج الخطيب أيضاً (3/ 226) عن أبي سعيد العدوي: حدثنا خراش: حدثنا مولاي أنس بن مالك مرفوعاً به. وهذا موضوع؛ آفته العدوي؛ وهو الحسن بن علي المتقدم. وخراش؛ قال الذهبي: "ساقط عدم، ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب". ثم روى بهذا الإسناد. "ما ضاق مجلس بمتحابين". 4437 - (ما خففت عن خادمك من عمله؛ فهو أجر لك في موازينك يوم القيامة) . ضعيف قال في "الجامع": "رواه أبو يعلى وابن حبان والبيهقي في "الشعب" من حديث عمرو بن حريث" وقال الهيثمي (4/ 239) : "رواه أبو يعلى، وعمرو هذا؛ قال ابن معين: لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإن كان كذلك فالحديث مرسل ورجاله رجال الصحيح". الحديث: 4437 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 429 وفي "التقريب": "عمرو بن حريث؛ مصري مختلف في صحبته، أخرج حديثه أبو يعلى وصححه ابن حبان، وقال ابن معين وغيره: تابعي وحديثه مرسل". قلت: فهو إذن ضعيف؛ لإرساله ولعدم تيقننا بصحبته. والحديث أخرجه ابن حبان (1204) من طريق أبي يعلى، وهذا في "مسنده" (1/ 408خ) و (3/ 50-51 ط) في "مسند عمرو بن حريث رجل آخر ذكره أبو خيثمة". من طريق أبي هاني: حدثني عمرو بن حريث به. ذكره. يعني أنه غير عمرو بن حريث الصحابي الذي أسند له - قبل ذاك - أحاديث صريحة في رؤيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وسماعه منه، بخلاف ذاك؛ فإنه ساق له هذا الحديث، وآخر في الاستيصاء بالقبط خيراً، وليس فيها ما يدل على صحبته، بل قد صرح البخاري وابن أبي حاتم بأن حديثه مرسل، خلافاً لما يشعر به صنيع أبي يعلى، بتخريجه إياه في "المسند"، وتبعه على ذلك تلميذه ابن حبان فأخرج هذين الحديثين في "صحيحه" من طريق شيخه أبي يعلى، وذلك من أوهامهما، وبخاصة ابن حبان؛ فإنه فرق بين عمرو بن حريث هذا وهو مدني مصري؛ فذكره في "التابعين" من "ثقاته" (5/ 179) ، وبين عمرو بن حريث الأول وهو مخزومي؛ فذكره في "الصحابة" (3/ 272) ! 4438 - (ما خلق الله من شيء؛ إلا وقد خلق له ما يغلبه، وخلق رحمته تغلب غضبه) . منكر أخرجه البزار (3255) ، والحاكم (4/ 249) ، والديلمي (4/ 35) عن أبي الشيخ معلقاً - ثلاثتهم -، عن عبد الرحيم بن كردم بن أرطبان بن غنم بن الحديث: 4438 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 430 عون، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "هذا منكر، وابن كردم إن كان غير مضعف، فليس بحجة". قلت: لأنه مجهول الحال، وهذا هو الصواب فيه، وكلام الذهبي فيه غير مستقر، فبينما تراه هنا يقول: "فليس بحجة" - وهذا بالطبع لا ينافي جهالة حاله - إذا بنا نراه ينفي هذه الجهالة في "الميزان"؛ فيقول بعد أن ذكر أنه روى عنه جماعة سماهم ابن أبي حاتم: "فهذا شيخ ليس بواه، ولا هو مجهول الحال، ولا هو بالثبت"! ثم نراه مع غموض مرماه في هذا الكلام، لا يستقر عليه في كتابه "الضعفاء"؛ فقد قال فيه: "مجهول". فإن نحن حملنا قوله هذا على الجهالة الحالية، نافاه قوله الذي قبله: "ولا هو مجهول الحال"! وإن حملناه على الجهالة العينية كان أشد تناقضاً، وكان بعيداً عن الصواب؛ لأنه روى عنه جماعة كما تقدم عنه! ولذلك كان الصواب ما جزمناه به؛ أنه مجهول الحال، وهو الذي يجنح إليه تأويل الحافظ في "اللسان" لقول أبي الحسن بن القطان في قول أبي حاتم فيه: "مجهول"؛ قال أبو الحسن: "فانظر كيف عرفه برواية جماعة عنه، ثم قال فيه: مجهول. وهذا منه صواب". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 431 قال الحافظ: "يعني مجهول الحال". ثم قال الحافظ: "وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يخطىء. وقال أبو أحمد الحاكم: لا يتابع على حديثه". وهذا معناه أنه معروف عندهما بالخطأ والتفرد المنبىء عن الضعف، والله أعلم. 4439 - (ما خلا يهودي بمسلم؛ إلا حدث نفسه بقتله) (1) . ضعيف رواه ابن الأعرابي في "معجمه" (236/ 2) : أخبرنا موسى (يعني: ابن جعفر أبو القاسم الخراز) : أخبرنا علي بن الجعد، عن الأشجعي، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه ابن مردويه في "تفسيره" من وجهين آخرين عن يحيى به، كما في "تفسير ابن كثير" وقال: "وهذا حديث غريب جداً". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ آفته يحيى بن عبيد الله، وهو ابن عبد الله بن موهب؛ قال الحافظ: "متروك، وأفحش الحاكم فرماه بالوضع". وأخرجه الخطيب (8/ 316) من طريق خالد بن يزيد بن وهب بن جرير: حدثني أبي يزيد بن وهب: حدثني أبي وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه جرير ابن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة به. وقال: "غريب جداً من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ومن حديث جرير ابن حازم عن ابن سيرين، لم أكتبه إلا من حديث خالد بن يزيد عن وهب بن جرير".   (1) كتب الشيخ رحمه الله فوق هذا المتن بخطه كملاحظة له: " فقه السيرة (344) ". الحديث: 4439 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 432 قلت: ذكره في ترجمة خالد بن يزيد هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي "الميزان" ذكره في: "خالد بن بريد.." بالباء الموحدة والراء؛ وقال: "عن أبيه، أتى بخبر منكر، وقيل: ابن يزيد". وأظنه يعني هذا. وأبوه؛ لم أجد له ترجمة. 4440 - (ما خيب الله امرأ قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة وآل عمران) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (61/ 2 من ترتيبه) ، ومن طريقه أبو نعيم (8/ 129) ، عن بشر بن يحيى المروزي: حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث بن أبي سليم، عن الشعبي، عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن الشعبي إلا ليث ولا عنه إلا فضيل، تفرد به بشر". قلت: لم يزد ابن أبي حاتم في ترجمته على قوله (1/ 1/ 370) : "سمع منه أبي بالري وهو حاج، وسمعته يقول: كان صاحب رأي". ومن فوقه ثقات رجال الشيخين غير ليث وهو ضعيف؛ وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 254) . وأما المنذري فقال في "الترغيب" (1/ 219) : "وفي إسناده بقية"! وهو وهم كما ترى. (تنبيه) : زاد أبو نعيم: "ونعم كنز المؤمن البقرة وآل عمران". الحديث: 4440 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 433 4441 - (ما دعا أحد بشيء في هذا الملتزم؛ إلا استجيب له) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 47) من طريق محمد بن الحسن بن راشد الأنصاري: سمعت أبا بكر محمد بن إدريس: سمعت عبد الله بن الزبير الحديث: 4441 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 433 قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به الأنصاري هذا؛ كما في "الميزان" و "اللسان". 4442 - (ماذا في الأمرين من الشفاء: الصبر والثفاء) . ضعيف أخرجه البيهقي (9/ 346) من طريق الحسن بن ثوبان الهمذاني، عن قيس بن رافع الأشجعي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أنه مرسل؛ الأشجعي هذا تابعي وثقه ابن حبان والحاكم، قال الحافظ: "وهم من ذكره في الصحابة". الحديث: 4442 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 4443 - (ما ذكر لي رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي؛ إلا ما كان من زيد؛ فإنه لم يبلغ كل ما فيه) . موضوع أخرجه ابن سعد (1/ 321) : أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عمير الطائي - وكان يتيم الزهري -. قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي: أخبرنا عبادة الطائي، عن أشياخهم قالوا: فذكره مرفوعاً. وفيه قصة. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عمر؛ وهو الواقدي كذاب. وابن أبي سبرة وابن السائب؛ متروكان. وأبو عمير الطائي؛ لم أعرفه، ومثله عبادة الطائي، ولعلهما واحد، وقع في الطريق الأولى مكنياً، وفي الأخرى مسمى، وبهذه الكنية عزاه في "الجامع" لابن سعد، لكن وقع في "شرحه" مسمى "عمير الطائي" فالله أعلم. وقال المناوي: "لم أره في الصحابة". الحديث: 4443 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 وأقول: الظاهر أنه ليس صحابياً، وحسبه أن يكون من أتباعهم، بل أتباع أتباعهم؛ لأنه وصف في السند بأنه يتيم الزهري، فإذا كان الزهري تابعياً صغيراً، فيتيمه لا يكون إلا تابع تابعي كما هو الظاهر. ثم إن الحديث على ظلمة إسناده فهو من مسند "الأشياخ" وليس من مسند "الطائي"؛ كما توهم السيوطي. 4444 - (ما زان الله العباد بزينة أفضل من زهادة الدنيا وعفاف في بطنه وفرجه) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 177) ، وعنه الديلمي معلقاً (4/ 45) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الحجاج بن أرطأة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الحجاج بن أرطأة وابن المبارك؛ لم نكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف؛ لعنعنة الحجاج؛ فإنه مدلس. ومن دون ابن المبارك؛ لم أعرفهم. قلت: وقد روي مرسلاً، أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (144/ 2) من طريق عقبة بن سالم البجلي، عن العلاء بن سليمان، عن أبي جعفر محمد بن علي مرفوعاً. ومع إرساله؛ فالعلاء منكر الحديث؛ كما قال ابن عدي وغيره. وعقبة بن سالم البجلي؛ لم أجد من ترجمه. الحديث: 4444 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 435 4445 - (ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 281) ، والطبراني في "الأوسط" (336) ، والخطيب (12/ 364) عن عبد الكريم بن روح، عن أبيه عن جده عنبسة بن سعيد، عن جدته أم عياش مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن أم عياس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الكريم". قلت: وهو ضعيف، وأبوه روح بن عنبسة، وجده عنبسة بن سعيد بن أبي عياش؛ مجهولان كما في "التقريب". الحديث: 4445 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 4446 - (ما زويت الدنيا عن أحد إلا كانت خيرة له) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 50) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 407) عن أحمد بن عمار بن نصير - أخو هشام بن عمار -: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن عمار هذا؛ قال الدارقطني: "متروك". الحديث: 4446 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 4447 - (ما ساء عمل قوم إلا زخرفوا مساجدهم) . ضعيف رواه ابن ماجه (1/ 250) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1/) ، ومن طريقه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 29) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 152) عن جبارة بن المغلس: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عمرو وأبي إسحاق تفرد به عنه عبد الكريم". الحديث: 4447 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 قلت: قال ابن حبان: "مستقيم الحديث"، لكن أبو إسحاق - وهو السبيعي -؛ مدلس مختلط. وجبارة بن المغلس؛ ضعيف كما في "التقريب"، وبه فقط أعله البوصيري في "الزوائد" وقال (50/ 1) : "وقد اتهم". وأخرج أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (56/ 2) عن علي بن معبد قال: حدثنا إسحاق بن أبي يحيى الكعبي، عن معتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي حصين. عن ابن عباس قال: "ما كثرت ذنوب قوم إلا زخرفت مساجدهم، وما زخرفت مساجدها إلا عند خروج الدجال". وهذا مع وقفه ضعيف؛ لاختلاط ليث بن أبي سليم. وروى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا جدي قال: حدثنا سفيان، عن مالك بن مغول، عن أبي حصين قال: يقال: "إذا ساء عمل الأمة زينوا مساجدهم". قلت: وهذا مع كونه مقطوعاً؛ فإن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد؛ لم أعرفه. 4448 - (ما سبحت ولا سبح الأنبياء قبلي بأفضل من: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 34) عن أبي القاسم عبد الرحمن بن إبراهيم المؤدب: حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب: حدثنا موسى بن إسحاق: حدثنا أبي: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه. الحديث: 4448 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 437 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن حمدان الجلاب، وابن إبراهيم المؤدب؛ لم أعرفهما. وموسى بن إسحاق؛ هو ابن موسى الأنصاري الخطمي، ثقة صدوق كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 135) ، وله ترجمة جيدة في "تاريخ بغداد" (13/ 52-54) . وأبوه؛ ثقة من شيوخ مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. 4449 - (ما شئت أن أرى جبريل متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا واحد، يا ماجد! لا تزل عني نعمة أنعمت بها علي؛ إلا رأيته) . ضعيف رواه ابن عساكر (14/ 371/ 2) عن الفضل بن محمد بن الفضل ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي: حدثني أبي: حدثني محمد بن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي مرفوعاً. أورده في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى الحجوري الدمشقي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما ساق عنه هذا الحديث بسنده عن الفضل. والفضل هذا؛ لعله ابن محمد بن الفضل أبو القاسم التاجر النيسابوري؛ قال الحاكم: "أصيب بعقله في أواخر عمره. توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مئة". وأبوه؛ لعله محمد بن الفضل بن العباس، قال الذهبي: "لا أعرفه". الحديث: 4449 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 438 4450 - (ما شد سليمان طرفه إلى السماء تخشعاً حيث أعطاه الله عز وجل ما أعطاه) . ضعيف رواه أبو سعيد الأشج في "حديثه" (221/ 1) : حدثنا ابن إدريس، الحديث: 4450 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 438 عن عبد الرحمن بن زياد، عمن سمع عبد الله بن عمرو يقول مرفوعاً. ورواه ابن عساكر (7/ 294/ 1) من طريق أبي سعيد. ثم رواه من طريق أخرى؛ عن عبد الرحمن بن زياد، عن سلامان (كذا) ابن عامر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. ثم رواه من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن سلامان بن عامر، عن مسلم بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو الإفريقي؛ قال الحافظ: "ضعيف في حفظه". قلت: وقد اضطرب في إسناده كما ترى، لكن إسماعيل بن عياش في الطريق الأخيرة ضعيف هنا. 4451 - (ما صام من ظل يأكل لحوم الناس) (1) . ضعيف رواه الطيالسي (1/ 188) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 309) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 4) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (98/ 2) ، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس مرفوعاً. وفيه عند الطيالسي قصة. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان. والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - ملاحظة لنفسه فوق هذا المتن: " إتحاف (4 / 247) ، منثور (6 / 96) ". (الناشر) . الحديث: 4451 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 439 4452 - (ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثاً؛ إلا أتاهم الله برزق) . ضعيف رواه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1370) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 322/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" كما في "اللآلىء" (2/ 73) من طرق عن عبد ة بن سليمان، عن أبي رجاء الجزري، عن فرات بن سليمان، عن ميمون ابن مهران، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي: "إسناده ضعيف". قلت: وعلته أبو رجاء الجزري - واسمه محرز بن عبد الله -؛ فإنه وإن كان ثقة عند أبي داود وابن حبان أيضاً؛ إلا أن هذا قد وصفه بالتدليس فقال: "يعتبر بحديثه ما بين فيه السماع عن مكحول وغيره". قلت: ولم يبين السماع - كما ترى -، فهو العلة. وهذا لا ينافي قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 256) : "رواه أبو يعلى، ورجاله وثقوا". وذلك؛ لأن ثقة رجال السند لا تستلزم صحته كما نبهنا على ذلك مراراً؛ خلافاً لغفلة بعضهم عن ذلك؛ كالمناوي وغيره كما يأتي. (تنبيه هام) : لقد تناقض ابن حبان في الجزري هذا، فأورده في "الضعفاء" أيضاً (3/ 158) بكنيته هذه: أبي رجاء الجزري، وقال: "شيخ يروي عن فرات بن السائب وأهل الجزيرة المناكير الكثيرة التي لا يتابع عليها، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر ... "! قلت: فذكر الحديث، وساق إسناده فقال: أخبرناه محمد بن المسيب قال: الحديث: 4452 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 440 حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا عبد ة بن سليمان، عن أبي رجاء، عن فرات ابن السائب به. ومع هذا التناقض ففيه أمران: الأول: قوله في الإسناد: "فرات بن السائب"؛ شاذ مخالف للطرق المشار إليها عن عبد ة؛ فإن فيها: "فرات بن سليمان" كما رأيت، ومن تلك الطرق رواية ابن شاهين: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي: حدثنا أبو سعيد الأشج به. وإبراهيم هذا؛ قال في "الميزان" وأقره في "اللسان": "لا بأس به". وتابعه محمد بن عبد الله بن نمير، وهو ثقة من رجال الشيخين، فقال أبو يعلى: حدثنا ابن نمير: أخبرنا عبد ة به. وتابعهما أبو الخطاب زياد بن يحيى، وهو ثقة من رجالهما أيضاً، وهو في رواية البيهقي. فاجتماع هؤلاء الثقات الثلاثة على أنه فرات بن سليمان يدل على شذوذ وخطأ من قال في رواية ابن حبان "فرات بن السائب"، ولعل ذلك من شيخه محمد بن المسيب؛ فإنه وإن كان مذكوراً في "تذكرة الحفاظ"، فإنه لم يحك فيه توثيقاً صريحاً. والله أعلم. والأمر الآخر: أنه إن كان راوي هذا الحديث فرات بن السائب فلا يجوز تعصيب الجناية في هذا الحديث بمن دونه؛ لأن الفرات هذا شديد الضعف عند ابن حبان؛ فقد قال في ترجمته من "الضعفاء" (2/ 207) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 441 يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار". ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: "ليس حديثه بشيء". والخلاصة: أن ابن حبان أخطأ مرتين: الأولى: تفريقه بين الجزري المسمى، والجزري المكني، وهما واحد! والأخرى: إعلاله الحديث بالجزري المكني، وحقه أن يعله بشيخه فرات بن السائب كما وقع عنده. ومن الغريب أن لا يتنبه لهذا الخطأ رجلان: الأول: الذهبي؛ فإنه أورد الجزري المكني في "ميزانه"، وساق تحته كلام ابن حبان في تخريحه مع الحديث ونسبته الفرات إلى السائب! فكأنه نسي أنه أورد في "الكاشف": محرز بن عبد الله أبو رجاء الجزري؛ وقال فيه: "ثقة". وقد تنبه لذلك الحافظ ابن حجر في "التجريد" الذي وضعه في آخر "اللسان": "أبو رجاء الجزري، اسمه محرز بن عبد الله الأموي مولاهم، عن مكحول، وعنه أبو معاوية والمحاربي؛ وثقه أبو حاتم". والرجل الآخر: المناوي؛ فإنه تعقب السيوطي وقد عزاه للحكيم الترمذي فقط بأن فيه أبا رجاء الجزري، ونقل خلاصة كلام الذهبي في "الميزان"، وزاد عليه أن فيه فرات بن السائب ونقل تضعيفه عن جمع، ثم قال: "وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز، مع أن أبا يعلى والبيهقي خرجاه باللفظ المذكور عن ابن عمر، قال الهيثمي: "ورجاله وثقوا"، فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه مع وجوده لذينك وصحة سندهما من ضيق العطن"! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 442 أقول: من الواضح أن المناوي لم يقف على إسناد أبي يعلى والبيهقي، وإلا لما فرق بين إسنادهما وإسناد الحكيم؛ فإنه عندهما من طريق أبي رجاء الجزري أيضاً، وهو علة الحديث عنده! ثم زاد ضغثاً على إبالة، فصحح إسنادهما اعتماداً على قول الهيثمي المذكور! وقد نبهنا قريباً على أنه لا يعني الصحة. ثم رجع المناوي إلى الصواب في "التيسير" فقال: "إسناده ضعيف"، ولم يزد. وجملة القول؛ أن علة الحديث إنما هي عنعنة الجزري هذا، ولولاها لكان الحديث عندي جيداً، والله سبحانه وتعالى أعلم. 4453 - (ما صلت امرأة صلاة أحب إلى الله من صلاتها في أشد بيتها ظلمة) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1691) ، والبيهقي في "السنن" (3/ 131) ، والديلمي (4/ 43) عن إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف؛ الهجري؛ قال الحافظ: "لين الحديث، رفع موقوفات". قلت: وهذا من تلك الأحاديث الموقوفة التي رفعها في بعض الأوقات؛ فقد رواه جعفر بن عون عنه به موقوفاً على ابن مسعود. أخرجه البيهقي. وتابعه زائدة، عن إبراهيم به. أخرجه الطبراني (3/ 36/ 1) . ورواه أبو عمرو الشيباني عن ابن مسعود موقوفاً. أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 384) ، وسنده صحيح. الحديث: 4453 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 443 وقد صح الحديث من طريق أخرى؛ عن أبي الأحوص به مرفوعاً بلفظ آخر، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (579) . ثم وجدت للحديث شاهداً من رواية عبد الله بن جعفر: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة". أخرجه ابن خزيمة (1692) وأشار إلى تضعيفه بقوله: "وفي القلب منه رحمه الله". يعني عبد الله بن جعفر هذا؛ وهو أبو جعفر المديني والد علي بن المديني، وقد ضعفوه، ومنهم ابنه علي هذا، وكفى بذلك دليلاً على شدة ضعفه، ولهذا قال النسائي: "متروك الحديث". قلت: فمثله لا يستشهد به، لا سيما والأرجح في حديث ابن مسعود الوقف، وقد كنت ملت إلى تحسينه بمجموع الطريقين فيما علقته على "صحيح ابن خزيمة"، والآن تبين لي خلافه لاضطراب الهجري في رفعه، وقصور الطريق الأخرى عن الشهادة له، والله أعلم. 4454 - (ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) . ضعيف (1) . أخرجه أحمد (3/ 224) عن إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية الأنصاري: أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى يقول: سمعت ثابتاً البناني يحدث عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لجبريل عليه السلام: "ما لي لم أر ميكائيل ضاحكاً قط؟ " قال: فذكره.   (1) ثم وجد له الشيخ - رحمه الله - طريقا أخرى وشاهداً، فخرجه في " الصحيحة " (2511) . الحديث: 4454 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 444 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: جهالة حميد هذا؛ قال في "التعجيل": "لا يدرى من هو؟ ". والأخرى: إسماعيل بن عياش؛ في روايته عن المدنيين ضعف، وهذا منها. 4455 - (ما ضحى مؤمن [ملبياً] حتى تغرب الشمس؛ إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه) . ضعيف رواه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/ 316) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 91-93) ، والضياء في "المختارة" (45/ 1) من طريق الطبراني بسنده، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه مرفوعاً. وقال الضياء: "عاصم بن عبيد الله؛ قد تكلم فيه غير واحد من العلماء، وقد صحح الترمذي حديثه في التزويج على نعلين، وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وقد اضطرب في إسناده؛ فرواه مرة هكذا، ومرة قال: عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن جابر بن عبد الله به نحوه. أخرجه ابن ماجه (2/ 217) ، وتمام في "الفوائد" (266/ 1) (رقم 2597 - نسختي) ، وابن عدي (210/ 2) . الحديث: 4455 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 445 4456 - (ما ضرب على مؤمن عرق قط؛ إلا حط الله عنه به خطيئة، وكتب له حسنة، ورفع له درجة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (84/ 2) ، والدولابي (2/ 167) ، وابن شاهين في "الترغيب" (313/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (67/ 1 من ترتيبه) ، والحاكم (1/ 347) ، والديلمي (4/ 36-37) عن عمران، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن سالم، عن عائشة مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمران". قلت: وهو عمران بن زيد أبو يحيى الملائي؛ وهو لين؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، وأورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "لينه ابن معين". وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 358) عن أبيه: "هذا إسناد مضطرب، وعمران كوفي ليس بالقوي، يكتب حديثه". وإذا عرفت ما تقدم من أقوال الأئمة يتبين لك تساهل المنذري (4/ 150/ 40) ، ومتابعة الهيثمي إياه (2/ 304) ، بقولهما: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن"! ونحوه قول الحافظ في "الفتح" (10/ 105) : " ... وسنده جيد"! والحديث في "الصحيحين" من طرق عن عائشة بألفاظ؛ ليس فيها هذا اللفظ، وقد ذكر طائفة منها المنذري (4/ 148/ 28) . وانظر إن شئت "صحيح مسلم" (8/ 14-15) . الحديث: 4456 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 446 4457 - (ما طهر الله كفا فيها خاتم من حديد) . ضعيف جداً رواه البزار (2993) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 252) ، والطبراني في "الأوسط" (407 - حرم) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 160/ 2) عن عباد بن كثير الرملي، عن شمسية بنت نبهان، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء يوم الفتح على الصفا، فجاءت امرأة كأن يدها يد الرجل فأبىأن يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة، وأتاه رجل في يده خاتم من حديد، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، شمسية بنت نبهان؛ لا تعرف. وعباد بن كثير الرملي؛ وثقه بعضهم، لكن قال البخاري: "فيه نظر". وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال الحاكم: "روى أحاديث موضوعة". الحديث: 4457 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 4458 - (ما ظهر أهل بدعة قط؛ إلا أظهر الله فيهم حجته على لسان من شاء من خلقه) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 36) عن سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سليم هذا؛ قال ابن معين: "جهمي خبيث". وقال النسائي: "متروك الحديث". وقال أحمد: "لا يساوي حديثه شيئاً". الحديث: 4458 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 4459 - (ما عال من اقتصد) . ضعيف رواه أحمد (1/ 447) ، والهيثم بن كليب في "مسنده" (79/ 2) ، والقضاعي (66/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 280/ 1) عن سكين بن أبي الفرات العبد ي - هو ابن عبد العزيز -: أخبرنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الطبراني (3/ 64/ 2) . قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل الهجري هذا؛ فإنه لين الحديث. ثم رواه الطبراني (3/ 171/ 2) ، وابن عدي (115/ 1) ، والبيهقي عن خالد ابن يزيد عن أبي روق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا ضعيف أيضاً لانقطاعه؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس. وخالد بن يزيد؛ هو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي؛ قال الحافظ: "ضعيف مع كونه فقيهاً، وقد اتهمه ابن معين". الحديث: 4459 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 4460 - (ماعام بأمطر من عام، ولا هبت جنوب إلا سال واد) . ضعيف أخرجه البيهقي (3/ 363) ، عن إبراهيم بن مكتوم: حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير إبراهيم بن مكتوم - وهو بصري -؛ ذكره ابن أبي حاتم (1/ 1/ 139) من رواية موسى بن إسحاق الأنصاري فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأعله البيهقي بالوقف فقال: "كذا روي مرفوعاً بهذا الإسناد، والصحيح موقوف". الحديث: 4460 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 ثم ساقه من طريق أخرى عن الركين، عن أبيه، عنه قال: "ما عام بأكثر مطراً من عام، ولكن الله يحوله كيف يشاء". وعن ابن عباس نحوه. وروى الطبراني في "الكبير" (127/ 2) عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر: أخبرنا علي بن ثابت، عن عبد الحميد بن جعفر، عن الفضل بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "ما حركت الجنوب بعده من مطر وادي إلا أسالته". كذا وقع فيه! وهو غير واضح المعنى، ولفظه في "مجمع الزوائد" (2/ 216-217) : " ... قعرة من قعر واد ... ". وقال: "والفضل بن عطاء؛ لم أجد من ترجم له". وعلي بن ثابت؛ هو الجزري، صدوق ربما أخطأ. 4461 - (ما عبد الله عز وجل بمثل الفقه في الدين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه) . موضوع رواه الدارقطني (322) ، وأبو نعيم (2/ 192) ، وأبو مطيع المصري في "مجلس من الأمالي" (53-54) عن يزيد بن عياض، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (10/ 2/ 2) ، والآجري كما في "الكواكب الدراري" (1/ 29/ 1) ، والخطيب (5/ 436-437) ، وكذا الرافعي الحديث: 4461 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 449 في "تاريخ قزوين" (3/ 472 و 4/ 78) الفقرة الأولى فقط، وقال أبو نعيم: "تفرد به يزيد بن عياض". قلت: كذبه مالك وغيره؛ كما في "التقريب". والفقرة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1/ 79) من طريق يوسف بن خالد السمتي: حدثنا مسلمة بن قعنب عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. ويوسف هذا ضعيف جداً؛ قال الحافظ: "تركوه، وكذبه ابن معين". وأخرجها ابن حبان في "الثقات" (2/ 87) عن وكيع، عن ياسين، عن عبد القوي، عن مكحول مرسلاً. قلت: وياسين؛ هو ابن معاذ الزيات؛ متروك أيضاً. ورواها الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 145) من طريق يزيد بن جعدبة، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة به. وابن جعدبة هذا؛ أورده البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. 4462 - (ما في السماء ملك إلا وهو يوقر عمر، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر) . موضوع رواه ابن شاهين في "السنة" (رقم 37 - منسوختي) ، وابن عدي (325/ 1) ، وابن عساكر (13/ 3/ 2) عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً. أورده ابن عدي في ترجمة موسى هذا - وهو الصنعاني - في جملة أحاديث له؛ ثم قال: الحديث: 4462 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 450 "لا أعلم له أحاديث غير ما ذكرت، وكلها بواطيل". وفي ترجمته من "الميزان": "ليس بثقة؛ فإن ابن حبان قال فيه: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير. وقال ابن عدي: منكر الحديث". قلت: ومع هذا فقد سود السيوطي بهذا الحديث كتابه "الجامع الصغير"، وتعقبه المناوي بما سبق عن ابن عدي وابن حبان، وقد اقتصر السيوطي في عزوه على ابن عدي فقط؛ مع أن سياق الحديث لابن عساكر! وهو عند ابن عدي بتقديم الجملة الأخرى على الأولى. 4463 - (ما قبض الله عالماً إلا كان ثغرة في الإسلام لا تسد ثلمته إلى يوم القيامة) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 35) من طريق سعيد بن سنان، عن حدير بن كريب، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته سعيد بن سنان - وهو أبو مهدي الحمصي -؛ قال الحافظ: "متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع". والحديث عزاه السيوطي للسجزي في "الإبانة"، والموهبي في "العلم" عن ابن عمر. فقال المناوي: "ورواه عنه أيضاً أبو نعيم، وسنده ضعيف، لكن له شواهد". كذا قال! ولا أعلم له شاهداً واحداً في معناه على كثرة الأحاديث الواردة في فضل العلماء، ثم إن اقتصاره على التضعيف فقط لإسناده قصور بين، بعد أن عرفت أن راويه متهم! الحديث: 4463 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 451 4464 - (ما كان بين عثمان ورقية، وبين لوط من هاجر) (1) . موضوع رواه ابن عساكر (11/ 80/ 1 و 14/ 316/ 2) عن عثمان بن خالد: حدثني عبد الله بن عمر بن وهيب مولى زيد بن ثابت، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ عثمان هذا هو العثماني الأموي، قال البخاري: "ضعيف عنده مناكير". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث". وقال الحاكم وأبو نعيم: "حدث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة". قلت: وهذا من موضوعاته الظاهرة الوضع؛ كما لا يخفى. ومن طريقه رواه الطبراني في "الكبير" (2) كما في "مجمع الزوائد" (9/ 81) وقال: "وهو متروك".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن: " انظر: صحبهما الله ". قلت: يشير إلى حديث رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (1311) . (الناشر) . (2) قال الطبراني في " معجمه " (5 / 140) - بعد روايته -: " يعني أنهما أول من هاجر إلى أرض الحبشة ". (الناشر) . الحديث: 4464 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 452 4465 - (ما كانت نبوة قط إلا تبعتها خلافة، ولا كانت خلافة قط إلا تبعتها ملك، ولا كانت صدقة [قط] إلا كان مكساً) . ضعيف رواه ابن عساكر (9/ 485/ 2) عن ابن طهمان، وهذا في "مشيخته" الحديث: 4465 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 452 (1/ 240/ 2) عن عباد بن إسحاق، عن عبد الملك بن عبد الله بن أسيد، عن أبي ليلى الحارثي، عن سهل بن أبي خيثمة عن عبد الرحمن بن سهل مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو ليلى هذا - وهو الخراساني -؛ مجهول. ومثله ابن أسيد؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 354-355) من رواية عباد هذا، ولم يزد! وعباد؛ اسمه عبد الرحمن بن إسحاق، وهو صدوق. 4466 - (ما لقي الشيطان عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه) . منكر رواه ابن عساكر (13/ 3/ 2) عن الفضل بن موفق: أخبرنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن الأوزاعي، عن سالم عن سديسة، عن حفصة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ علته الفضل هذا؛ قال أبو حاتم: "كان شيخاً صالحاً، ضعيف الحديث". والحديث بهذا اللفظ منكر، والصحيح فيه ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص: "يا ابن الخطاب! ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك". الحديث: 4466 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 453 4467 - (ما مطر قوم قط إلا برحمته، ولا قحطوا إلا بسخطه) . ضعيف جداً أخرجه تمام في "الفوائد" (255/ 2) عن جميع، عن أبي راشد التنوخي، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جميع هو ابن ثوب السلمي؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وكذا قال الدارقطني وغيره. وقال النسائي: الحديث: 4467 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 453 "متروك الحديث". 4468 - (ما من أحد من أصحابي يموت بأرض؛ إلا بعث قائداً ونوراً لهم يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الترمذي (3864) ، وابن عساكر (2/ 1/ 192-194) والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 36) ، والبغوي في "التفسير" (7/ 327) وفي "شرح السنة" (14/ 72) من طرق عن عبد الله بن مسلم أبي طيبة، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً، وضعفه المنذري بقوله: "حديث غريب". قلت: وعلته أبو طيبة هذا؛ قال الحافظ: "صدوق يهم". ولم يوثقه غير ابن حبان؛ ومع ذلك فقد قال فيه: "يخطىء ويخالف". قلت: ومع ذلك أخرج له في "صحيحه"! الحديث: 4468 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 4469 - (ما من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه في بعض خلقه؛ غير أبي عبيد ة بن الجراح) . ضعيف أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/ 266) عن المبارك بن فضالة، عن الحسن مرفوعاً. وقال: "هذا مرسل غريب، ورواته ثقات". كذا قال! وابن فضالة؛ مدلس وقد عنعنه. الحديث: 4469 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 4470 - (ما من أحد من الناس أعظم أجراً من وزير صالح مع إمام يطيعه، يأمره بذات الله عز وجل) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 16) ، والأصبهاني في "الترغيب" (225/ 1) عن فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن فضالة ضعيف؛ كما جزم به الحافظ. الحديث: 4470 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 4471 - (ما من أحد يؤمر على عشرة فصاعداً لا يقسط فيهم؛ إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 89) عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بشر بن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: بشر بن سعيد هذا؛ لا يعرف، ويحتمل أنه الذي في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 358) : "بشر بن سعيد الكندي. روى عن أبي أمامة. روى عنه معاوية بن صالح". فإن يكن هو؛ فهو مجهول. الحديث: 4471 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 4472 - (ما من أحد يحدث في هذه الأمة حدثاً لم يكن فيموت حتى يصيبه ذلك) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (3/ 105/ 1-2) ، و"الأوسط" (3547) ، وابن عساكر (2/ 283/ 1-2) عن خلف بن عمرو العكبري: أخبرنا الحميدي: أخبرنا سلمة بن سيسن الخياط المكي: حدثني بشر بن عبيد - وكان شيخاً الحديث: 4472 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 قديماً - قال: كنا مع طاوس عند المقام فسمعنا ضوضاة؛ فسمعت طاوساً يقول: ما هذا؟ فقالوا: قوم أخذهم ابن هشام في سبب فطوقهم، فسمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قال بشر بن عبيد: فأنا رأيت ابن هشام حين عزل وأتاه عمال المدينة طوقوه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بشر بن عبيد أورده ابن حبان في "الثقات" فقال (1/ 29) : "يروي عن طاوس. روى عنه سليمان (كذا) بن سيسن الخياط". وليس بشر هذا بشر بن عبيد أبا علي الدارسي؛ هذا أعلى طبقة من ذاك، ثم ذاك ضعيف جداً، وهذا في عداد المجهولين ولعله لا يعرف إلا في هذا الإسناد، وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف؛ كما نبهنا عليه مراراً. وسلمة بن سيسن؛ لم أعرفه، ووقع في "الثقات": "سليمان" كما سبق، وفي "المجمع": "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ غير سلمة بن سيسن، ووثقه ابن حبان". 4473 - (ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه الله عز وجل ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل النار، ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي، وله ذكر لا ينثني) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2/ 593) ، ومحمد بن سليمان الربعي في "جزء من حديثه" (218/ 2) ، وابن عدي (113/ 2) عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ خالد بن يزيد هذا؛ ضعيف، واتهمه بعضهم بالكذب، وساق له الذهبي من مناكيره هذا الحديث. الحديث: 4473 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 4474 - (ما أصر من استغفر؛ وإن عاد في اليوم سبعين مرة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الدعاء" (3/ 1608/ 1797) : حدثنا محمد بن الفضل السقطي: حدثنا سعيد بن سليمان: حدثنا أبو شيبة، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد جيد؛ رجاله ثقات معروفون من رجال "التهذيب" غير محمد بن الفضل السقطي، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (3/ 153) برواية جمع من الثقات غير الطبراني وبعضهم من الحفاظ، ثم قال: "وكان ثقة، وذكره الدارقطني فقال: "صدوق" مات سنة (288) ". وقد روى له الطبراني في "معجمه الأوسط" أربعين حديثاً. وسعيد بن سليمان؛ هو الواسطي الثقة الحافظ من رجال الشيخين، لقبه (سعدويه) . وأبو شيبة؛ هو سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي الكوفي قاضي الري، وثقه ابن معين وأبو داود وابن حبان (6/ 365) وقول البخاري فيه: "لا يتابع في حديثه" ليس جرحاً مبيناً، وقد يعني به حديثاً معيناً فلا يضره، فقول الحافظ فيه: "مقبول"، تقصير ظاهر. وابن أبي مليكة؛ اسمه عبد الله بن عبيد الله، ثقة فقيه من رجال الشيخين. ثم شككت في كون أبي شيبة هذا هو سعيد بن عبد الرحمن المذكور، وذلك لأنهم وإن ذكروا له رواية عن ابن أبي مليكة؛ فإنهم لم يذكروا في الرواة عنه سعيد ابن سليمان الواسطي، بل ذكره الحافظ المزي في الرواة عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي قاضي واسط، فترجح عندي أنه هو صاحب هذا الحديث لغرابته، وكأنه لذلك سكت عنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (359/ 930) ولم يحسنه الحديث: 4474 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 457 على الأقل، وتبعه على ذلك في "كشف الخفاء". وعلى ذلك فإسناد الحديث ضعيف جداً؛ لأن إبراهيم هذا شديد الضعف متروك الحديث؛ كما قال النسائي وغيره، فهو لا يصلح شاهداً لحديث أبي بكر الصديق مرفوعاً بهذا اللفظ؛ أخرجه أبو داود والترمذي وضعفه. وفي إسناده مجهول العين كما بينته في "ضعيف أبي داود" (267) رداً على ابن كثير في قوله: "فهو حديث حسن"، وتجرأ الشيخ الرفاعي في "مختصر تفسير ابن كثير" كعادته فصححه بغير علم. ثم رأيت الحديث في "مسند الفردوس" للديلمي (3/ 208) من طريق الفضل ابن العباس الحلبي: حدثنا سعدويه: حدثنا أبو شيبة به بلفظ: "لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار". فهذا اللفظ غير اللفظ الأول، مما يدل على ضعف أبي شيبة وأنه كان لا يحفظ ما يرويه. ثم وجدت في بعض الأصول والتخرجات القديمة التي عندي أن أبا شيبة هذا هو الخراساني؛ وسيأتي مخرجاً برقم (4810) . 4475 - (ما من إمام يعفو عند الغضب؛ إلا عفا الله عنه يوم القيامة) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الأشراف" (76/ 1) عن فرج بن فضالة، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول مرفوعاً مرسلاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه ضعف الفرج بن فضالة. والعلاء بن الحارث؛ كان اختلط. الحديث: 4475 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 458 4476 - (ما من امرىء مؤمن ولا مؤمنة يمرض؛ إلا جعله الله كفارة لما مضى من ذنوبه) . ضعيف جداً أخرجه البزار في "مسنده" (ص 82 - زوائده) : حدثنا يوسف ابن خالد: حدثنا أبي: حدثنا موسى بن عقبة: حدثني عبد الله بن سلمان الأغر، عن أبيه: أن عبد الله بن عمرو قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يوسف بن خالد وهو السمتي؛ قال الحافظ: "تركوه، وكذبه ابن معين". وقال الحافظ في "مختصر الزوائد" (1/ 334) : "ضعيف جداً". فقول الهيثمي (2/ 303) : "رواه البزار، وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو ضعيف". فيه تساهل ظاهر. وأقره الشيخ الأعظمي في تعليقه على "المختصر"! وأبوه خالد؛ ليس بالمشهور. الحديث: 4476 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 4477 - (ما من أمير يؤمر على عشرة؛ إلا سئل عنهم يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني (3/ 150/ 1) ، وابن عدي (135/ 2) عن رشدين ابن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف رشدين هذا، كما جزم به الهيثمي (5/ 208) والعسقلاني. الحديث: 4477 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 4478 - (ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثة من الغنم؛ إلا باتت الملائكة تصلي عليهم حتى تصبح) . موضوع رواه ابن سعد (1/ 496) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني خالد الحديث: 4478 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 ابن إلياس، عن أبي ثفال، عن خالد مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي (4/ 22) . ومحمد بن عمر؛ هو الواقدي كذاب. وخالد بن إلياس؛ متروك الحديث. 4479 - (ما من أهل بيت عندهم شاة؛ إلا وفي بيتهم بركة) . موضوع رواه ابن سعد (1/ 496) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا خالد بن إلياس، عن صالح بن نبهان، عن أبيه، عن أبي الهيثم بن التيهان مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 268/ 2) . قلت: وهذا إسناد موضوع؛ لما ذكرنا في الذي قبله. وصالح بن نبهان؛ مولى التوأمة؛ ضعيف لاختلاطه. الحديث: 4479 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 4480 - (ما من هل بيت واصلوا؛ إلا أجرى الله عليهم الرزق وكانوا في كنف الله عز وجل) . ضعيف جداً رواه الطبراني (3/ 116/ 2) عن هشام بن عمار: أخبرنا إسماعيل ابن عياش: أخبرنا سفيان الثوري، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الوصافي هذا؛ متروك؛ كما قال النسائي وغيره، وقال ابن حبان: "يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات حتى يسبق إلى القلب أنه الحديث: 4480 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 المتعمد له، فاستحق الترك". وابن عياش؛ ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه. وهشام بن عمار؛ فيه ضعف أيضاً. 4481 - (ما من بقعة يذكر الله عليها بصلاة أو بذكر؛ إلا استبشرت بذلك إلى منتهى سبع أرضين، وفخرت على ما حولها من البقاع، وما من عبد يقوم بفلاة من الأرض يريد الصلاة؛ إلا تزخرفت له الأرض) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1016) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (12/ 31/ 1) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 16) من طريق موسى بن عبيد ة: حدثني يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيد ة وشيخه الرقاشي، وأعله الهيثمي (10/ 79) بالأول منهما فقط! وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث. وقد وجدت له طريقاً آخر موقوفاً، يرويه عبد المؤمن بن خلف: حدثنا ابن أبي سفيان: حدثنا سليمان بن داود الموصلي: حدثنا عيسى بن موسى، عن أنس به. أخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (12/ 2) . قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف أحداً منهم؛ إلا أن سليمان بن داود الموصلي يحتمل أنه الجزري الرقي؛ فإنه من هذه الطبقة، فإن يكنه فهو متروك. (تنبيه) : ليس عند أبي الشيخ: "وما من عبد يقوم ... " إلخ، وقد عزاه السيوطي إليه بتمامه نحوه، فلعله في مكان آخر منه. الحديث: 4481 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 461 ثم ذكر له الهيثمي شاهداً من حديث ابن عباس مرفوعاً بتقديم الجملة الأخرى على الأولى؛ وقال: "رواه الطبراني؛ وفيه أحمد بن بكر البالسي؛ وهو ضعيف جداً". قلت: وشيخه عنده (3/ 123/ 1) محمد بن مصعب القرقساني؛ صدوق كثير الغلط. وروى ابن المبارك في "الزهد" (340) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 197) عن عطاء الخراساني قال: "ما من عبد يسجد سجدة في بقعة من بقاع الأرض؛ إلا شهدت له بها يوم القيامة، وبكت عليه يوم يموت". وهذا مقطوع، والخراساني؛ فيه ضعف. 4482 - (ما من رجل يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به؛ إلا رفعه الله به درجة، وحط عنه به خطيئةً) . ضعيف أخرجه الترمذي (1393) ، وابن ماجه (2/ 154) ، وأحمد (6/ 448) من طريق أبي السفر قال: دق رجل من قريش سن رجل من الأنصار، فاستعدى عليه معاوية، فقال لمعاوية: يا أمير المؤمنين! إن هذا دق سني، قال معاوية: إنا سنرضيك، وألح الآخر على معاوية، فأبرمه، فلم يرضه، فقال له معاوية: شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالس عنده، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) ، قال الأنصاري: أأنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، قال: فإني أذرها له، قال معاوية: لا جرم لا أخيبك، فأمر له بمال". والسياق للترمذي وقال: الحديث: 4482 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 462 "حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا أعرف لأبي السفر سماعاً من أبي الدرداء، واسمه سعيد بن أحمد، ويقال: ابن يحمد الثوري". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، ولكنه لم يسمع من أبي الدرداء؛ كما قال الترمذي، بل قال الحافظ: "وما أظنه أدركه؛ فإن أبا الدرداء قديم الموت". وروى عمران بن ظبيان، عن عدي بن ثابت قال: هشم رجل فم رجل على عهد معاوية،فأعطي ديته، فأبى أن يقبل حتى أعطي ثلاثاً، فقال رجل: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من تصدق بدم أو دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق". أخرجه ابن جرير في "التفسير" (6/ 169) ، وأبو يعلى في "مسنده" (12/ 284/ 6869) من طريقين عن عمران بن ظبيان به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر؛ رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمران بن ظبيان، وهو الحنفي الكوفي؛ مختلف فيه؛ فقال البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 424) : "روى عنه الثوري وابن عيينة في الكوفيين، فيه نظر". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه (3/ 1/ 300) : "يكتب حديثه". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 124) : "كان ممن يخطىء، لم يفحش خطؤه حتى يبطل الاحتجاج به، ولكن لا يحتج بما انفرد به من الأخبار". وقال يعقوب بن سفيان في "المعرفة" (2/ 98) : "ثقة من كبراء أهل الكوفة، يميل إلى التشيع". وقال في مكان آخر (2/ 190) : الجزء: 9 ¦ الصفحة: 463 "لا بأس به". وقال الذهبي في "المغني": "فيه لين". وقال الحافظ: "ضعيف، رمي بالتشيع، تناقض فيه ابن حبان"! كذا قال! وهو يعني أن ابن حبان أورده في "الثقات" أيضاً، وهذا وهم من الحافظ تبع فيه المزي في "تهذيب الكمال" (22/ 335) ؛ فإنه قال: "وذكره ابن حبان في (الثقات) " كما تبعه من جاء بعده، وكذا المعلق على "التهذيب"، والمعلق على "مسند أبي يعلى"! والحقيقة أنه لم يتناقض؛ لأن الذي ذكره في "الثقات" (7/ 239) هو غير هذا؛ فإنه قال: "عمران بن ظبيان أبو حفص المدني، مولى أسلم. روى عنه أهل المدينة. وهو خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى. مات سنة سبع وخمسين ومئة". قلت: فهذا غير ذاك؛ كما هو ظاهر من كونه مدنياً، وخال إبراهيم بن أبي يحيى، وغير ذلك مما هو مشروح في "تيسير الانتفاع". وأزيد هنا فأقول: إن الكوفي متأخر الوفاة عن هذا؛ فقد ذكر يعقوب بن سفيان (2/ 620) أن سماع سفيان منه سنة ثنتين وتسعين. والله أعلم. ومنه يتبين خطأ آخر للحافظ، وهو أنه نسب سنة الوفاة المتقدمة لعمران الكوفي! ولم يقع ذلك للحافظ المزي، وأما المعلق فقد استدركها عليه عازياً لـ "ثقات ابن حبان"!! وشيء آخر لعله خطأ ثالث، وهو أنه نقل تضعيف ابن حبان مخالفاً للسياق المتقدم، فقال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 464 "قال ابن حبان في "الضعفاء" أيضاً: فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به"! وإنما تحفظت بقولي: "لعله خطأ ثالث"؛ لأني لست على يقين من صحة المنقول عن مطبوعة "الضعفاء"، فأخشى أن يكون وقع فيها شيء من الخطأ أو في أصلها. والله أعلم. ثم رأيت المنذري قد أورد الحديث في "الترغيب" (3/ 207) من رواية أبي يعلى، وتبعه الهيثمي (6/ 302) وقالا: "ورواته رواة الصحيح غير عمران بن ظبيان"، وزاد الهيثمي: "وقد وثقه ابن حبان، وفيه ضعف". وبين هذا المنذري في آخر "الترغيب" (4/ 289) فقال: "قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. ووثقه ابن حبان". وهكذا تتابعوا جميعاً على نسبة توثيقه لابن حبان، حتى ألقي في البال، لعله سقطت ترجمته من مطبوعة "الثقات"؛ فإنه من المستبعد جداً تتابع هؤلاء الحفاظ على هذا الخطأ الظاهر، فاللهم هداك! هذا؛ وقد رأيت الدولابي قد أورد في كنى (أبي حفص) (1/ 151) : "عمر خال ابن أبي يحيى، مدني". ولم يزد. وهكذا فيه (عمر) مكان (عمران) ، ولم يذكره بأي الاسمين أبو أحمد الحاكم في كتابه "الكنى والأسماء"، ولا الذهبي في "المقتنى". والله أعلم. وقد صح الحديث مختصراً، فخرجته في "الصحيحة" (2273) من طرق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 465 4483 - (ما من رجل يدعو الله بدعاء؛ إلا استجيب له؛ فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله! وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي فما استجاب لي) (1) . ضعيف بهذا السياق أخرجه الترمذي رقم (3602) عن الليث بن أبي سليم، عن زياد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه". قلت: وعلته الليث بن أبي سليم؛ فإنه ضعيف مختلط. ثم أخرجه هو (3603) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (711) ، والحاكم (1/ 497) ، وأحمد (2/ 448) عن عبيد الله بن وهب، عن أبي هريرة به مختصراً، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! كذا قالا! وعبيد الله هذا؛ قال الذهبي نفسه في "الميزان": "قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، لا يعرف. وذكره ابن حبان في (الثقات) ". وكذلك قال الشافعي: "لا نعرفه". فلا يعتد بتوثيق ابن حبان إياه؛ لما عرف من تساهله في ذلك.   (1) قال الشيخ - رحمه الله - في " ضعيف الجامع " (ص: 747) معلقا عليه: " إنما أوردته هنا لأجل جملة الذنوب / وإلا؛ فسائره محفوظ، فانظر: " الصحيح " (5678، 5714) ". الحديث: 4483 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 466 لكن الشطر الثاني من الحديث له طريق آخر صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "لا يزال يستجاب للبعد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء". أخرجه مسلم (8/ 87) عن أبي إدريس الخولاني عنه. وأخرجه هو، والبخاري (4/ 194) من طريق أبي عبيد مولى ابن أزهر عنه مختصراً بلفظ: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت ربي فلم يستجيب لي". وقال الترمذي (3384) : "حديث حسن صحيح". والشطر الأول منه؛ له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه؛ إلا أنه قال في الثالثة: "وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر". أخرجه أحمد (3/ 18) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (710) ، والحاكم (1/ 493) وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 467 وأخرجه الترمذي (3568) من طريق أخرى عن عبادة بن الصامت مرفوعاً نحو حديث أبي سعيد؛ إلا أنه لم يذكر الثانية وقال: "حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه". قلت: وسنده حسن. 4484 - (ما من رجل يغبار وجهه في سبيل الله؛ إلا آمنه الله من دخان النار يوم القيامة، وما من رجل تغبار قدماه في سبيل الله؛ إلا آمن الله قدميه من النار يوم القيامة) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (59/ 1) عن جميع بن ثوب: حدثني خالد ابن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جميع هذا؛ فإنه متروك؛ كما تقدم مراراً. الحديث: 4484 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 4485 - (ما من شيء أقطع لظهر إبليس من عالم يخرج في قبيلة) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 21) عن موسى بن عمير، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته موسى بن عمير هذا؛ وهو القرشي مولاهم الأعمى؛ قال الحافظ: "متروك، وقد كذبه أبو حاتم". الحديث: 4485 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 4486 - (ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض تنادي بعضها بعضاً: يا جارة! هل مر بك اليوم رجل صالح صلى عليك أو ذكر الله؟ فإن قالت: نعم؛ رأت لها بذلك عليها فضلاً) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (21/ 1 من ترتيبه) وعنه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 174-175) حدثنا أحمد بن القاسم: أخبرنا إسماعيل بن عيسى القناديلي: حدثنا صالح المري، عن جعفر بن زيد وميمون بن سياه، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث صالح، تفرد به إسماعيل". قلت: ولم أجد له ترجمة. وصالح المري؛ ضعيف. الحديث: 4486 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 469 4487 - (ما من صدقة أحب إلى الله عز وجل من قول الحق) . ضعيف أخرجه البيهقي (2/ 453/ 2) عن نمير بن زياد: حدثنا إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: قيل: عن إبراهيم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو علي: وليس بمحفوظ. قلت: وإبراهيم بن يزيد؛ هو الخوزي؛ متروك الحديث. ثم روى البيهقي (2/ 453/ 1) عن المغيرة بن سقلاب، عن معقل بن عبيد الله، عن عمرو، عن جابر مرفوعاً بلفظ: "ما من صدقة أفضل من قول". وقال: الحديث: 4487 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 469 "لم يتابع معقل بن عبيد الله عليه، ولا أعلم أحداً رواه عنه غير المغيرة بن سقلاب، وهو حراني؛ لا بأس به". ومن طريقه أخرجه ابن عدي (387/ 1) وقال: "وهو منكر الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه". وكذلك ضعفه الدارقطني، وقال علي بن ميمون الرقي: "لا يساوي بعرة". وقال أبو حاتم: "صالح الحديث". وقال أبو زرعة: "لا بأس به". وقال أبو جعفر الفيلي: "لم يكن مؤتمناً". وأورده الذهبي في طالضعفاء والمتروكين" وقال: "تركه ابن حبان وغيره". ومعقل بن عبيد الله؛ من رجال مسلم، وقال الحافظ فيه: "صدوق يخطىء". ورواه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 301) عن سفيان بن عيينة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. فهو معضل. وروى ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 291) عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن سمرة مرفوعاً بلفظ: " ... أفضل من صدقة اللسان. قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: الشفاعة يحقن بها الدم، وتجر بها المنفعة إلى أحد، وتدفع بها الغرامة عن أحد"، وقال عن أبيه: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 470 "حديث منكر". قلت: وأبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث. 4488 - (ما من عالم أتى باب سلطان طوعاً؛ إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 25) عن إبراهيم بن رستم، عن أبي بكر الفلسطيني، عن برد، عن مكحول، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ مكحول لم يسمع من معاذ. وأبو بكر الفلسطيني؛ لم أعرفه. وإبراهيم بن رستم؛ مختلف فيه. الحديث: 4488 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 4489 - (ما من عبد ابتلي في الدنيا بذنب، فالله أكرم وأعظم عفواً من أن يسأل عن ذلك الذنب يوم القيامة) . ضعيف أخرجه ابن عساكر (10/ 379-380 - طبع المجمع) عن سوادة بن أبي العالية: حدثنا أبو غانم قال: بينما نحن عند الحسن إذ جاء بلال بن أبي بردة، فاستأذن على الحسن، فقال: ما لي ولبلال؟! ثلاث مرات، قال: ائذن له، قال: فدخل بلال على الحسن، ولم يدخل من معه من الناس، فقعد مع الحسن على مجلسه، فسأله، ثم أخذ يد الحسن، فوضعها في حجره، وقال بلال: يا أبا سعيد! ألا أحدثك بحديث حدثني به أبي أبو بردة عن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فذكره. الحديث: 4489 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بلال بن أبي بردة؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وكان قاضياً على البصرة، غير محمود في حكمه. وأبو غانم؛ اسمه يونس بن نافع؛ قال السليماني: "منكر الحديث". وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطىء". وسوادة بن أبي العالية؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 293) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 4490 - (ما من عبد مؤمن يخرج من عينيه من الدموع مثل رأس الذباب من خشية الله تعالى فتصيب حر وجهه؛ فتمسه النار أبداً) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 549) وأبو حاتم في "الزهد" (3/ 1) ، وابن أبي الدنيا في "كتاب الرقة والبكاء" (1/ 2) ، والطبراني (3/ 49/ 2) عن محمد بن أبي حميد، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد - ويلقب بحماد - ضعيف؛ كما قال الحافظ، وكذا البوصيري في "زوائده" (258/ 2) . الحديث: 4490 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 4491 - (ما من عبد مسلم إلا له بابان في السماء، باب ينزل منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإن فقداه بكيا عليه) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (3/ 1022 و 7/ 4133) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 327) عن موسى بن عبيد ة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. الحديث: 4491 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 ومن هذا الطريق أخرجه الترمذي (3252) ، والبغوي في "التفسير" (7/ 232) ، وإسحاق بن إبراهيم البستي في "تفسيره"، والواحدي في "تفسيره" (4/ 47/ 2) نحوه وزادا: "فذلك قوله: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) ". وقال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيد ة ويزيد ابن أبان الرقاشي؛ يضعفان في الحديث". وأخرجه الخطيب أيضاً (11/ 212) وزاد: "ثم ذكر أنهم لم يكونوا يعلمون على الأرض عملاً صالحاً فتبكي عليهم، ولم يكن يصعد إلى السماء من كلامهم، ولا مر عليهم كلام طيب، ولا عمل صالح فتفقدهم، فتبكي عليهم". وفيه عنده عمر بن مدرك أبو حفص الرازي؛ قال ابن معين: "كذاب". لكنها عند أبي يعلى من غير طريق الرازي هذا. 4492 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " ما من عبد يحب أن يرتفع في الدنيا درجة. . . "، وهو المتقدم في المجلد الأول برقم (344) ، فحذفناه لتكراره. الحديث: 4492 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 473 4493 - (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) . ضعيف أخرجه أبو بكر الشافعي في "مجلسان" (6/ 1) ، وابن جميع في الحديث: 4493 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 473 "معجمه" (351) ، وأبو العباس الأصم في "الثاني من حديثه" (ق 143/ 2 ورقم 43 - منسوختي) ، ومن طريقه الخطيب في "التاريخ" (6/ 137) ، وتمام في "الفوائد" (2/ 19/ 1) ، وعنه ابن عساكر (3/ 209/ 2 و 8/ 517/ 1) ، والديلمي (4/ 11) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/ 590) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد؛ متروك كما تقدم مراراً، وساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه. وقد توبع عليه، لكن في الطريق من لا يحتج به، فقال ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" - باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء (1) : حدثنا محمد بن قدامة الجوهري: حدثنا معن بن عيسى القزاز: أخبرنا هشام بن سعد: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه؛ رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه؛ رد عليه السلام". قلت: وهذا مع كونه موقوفاً على أبي هريرة؛ فإنه منقطع وضعيف. أما الانقطاع؛ فلأن زيد بن أسلم لم يسمع منه؛ كما قال ابن معين. وأما الضعف؛ فهو من الجوهري هذا؛ قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أبو داود: "ضعيف، لم أكتب عنه شيئاً قط". قلت: ولهذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال في "الميزان":   (1) كتاب " الروح " لابن القيم (ص 5) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 474 "وقد وهم الخطيب وغيره في خلط ترجمته بترجمة محمد بن قدامة بن أعين المصيصي الثقة". وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب": "وميزه ابن أبي حاتم وغيره، وهو الصواب". ثم استدل على ذلك بدليل قوي فليراجعه من شاء، وقال في "التقريب": "فيه لين، ووهم من خلطه بالذي قبله". يعني المصيصي الثقة. قلت: وللحديث شاهد من حديث ابن عباس صححه البعض، فوجب تحرير القول فيه بعد أن يسر الله لي الوقوف على إسناده في مخطوطة المحمودية في المدينة النبوية، فقال الحافظ ابن عبد البر في "شرح الموطأ" (1/ 147/ 1) : أخبرنا أبو عبد الله عبيد بن محمد - قراءة مني عليه سنة تسعين وثلاث مئة في ربيع الأول - قال: أملت علينا فاطمة بنت الريان المخزومي المستملي - في دارها بمصر في شوال سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة - قالت: أخبرنا الربيع بن سليمان المؤذن - صاحب الشافعي -: أخبرنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد غريب؛ الربيع بن سليمان فمن فوقه؛ ثقات معروفون من رجال "التهذيب"، وأما من دونه فلم أعرفهما، لا شيخ ابن عبد البر، ولا المملية فاطمة بنت الريان، وظني أنها تفردت - بل شذت - بروايتها الحديث عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد الصحيح له عن ابن عباس؛ فإن المحفوظ عنه إنما هو الإسناد الأول. كذلك رواه الحافظ الثقة أبو العباس الأصم السابق الذكر، قال: حدثنا الربيع بن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 475 سليمان: حدثنا بشر بن بكر، عن عبد الرحمن بن زيد بإسناده المتقدم عن أبي هريرة. وكذلك هو عند تمام من طريقين أخريين عن الربيع به. ومن هذا التحقيق يتبين أن قول عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه" (80/ 1) : "إسناده صحيح". غير صحيح، وإن تبعه العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 419 - حلبي) ، وأقره المناوي! وأما الحافظ ابن رجب الحنبلي؛ فقد رده بقوله في "أهوال القبور" (ق 83/ 2) : "يشير إلى أن رواته كلهم ثقات، وهو كذلك؛ إلا أنه غريب، بل منكر". ثم ساق حديث أبي هريرة مرفوعاً في شهداء أحد: "أشهد أنكم أحياء عند الله، فزوروهم وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده! لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة". وأعله بالاضطراب والإرسال، وسأخرج ذلك فيما يأتي (5221) . (تنبيه) : سقط من إسناد ابن جميع والذهبي اسم عطاء بن يسار، فقال الذهبي عقبه: "غريب، ومع ضعفه، ففيه انقطاع؛ ما علمنا زيداً سمع أبا هريرة". 4494 - (ما من ساعة من ليل ولا نهار؛ إلا والسماء تمطر فيها؛ يصرفه الله حيث يشاء) . ضعيف أخرجه الشافعي (526) : أخبرني من لا أتهم: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن حنطب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه شيخ الشافعي الذي لم يسم، الحديث: 4494 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 476 ولا يبعد أن يكون إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وهو متهم عند غير الإمام الشافعي. 4495 - (ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته، ولكن الله أخرجكم وتركه؛ إنما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت؛ إن أتبع إلا ما يوحى إلي) . ضعيف أخرجه الإمام الطبراني في "الكبير" (174/ 2) عن محمد بن حماد بن عمرو الأزدي: أخبرنا حسين الأشقر: أخبرنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء، عن ميمون أبي عبد الله، عن ابن عباس، قال: لما أخرج أهل المسجد وترك علي؛ قال الناس في ذلك، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء، ميمون أبي عبد الله إلى حسين الأشقر؛ كلهم ضعفاء. والأشقر؛ شيعي. والأزدي؛ لم أعرفه. وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 115) : "رواه الطبراني، وفيه جماعه اختلف فيهم". وقد روي الشطر الأول منه من وجه آخر، رواه محمد بن سليمان الأسدي (لوين) : حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه قال: كان قوم عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء علي، فلما دخل علي خرجوا، فلما خرجوا الحديث: 4495 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 477 تلاوموا، فقال بعضهم لبعض: والله! ما أخرجنا، فارجعوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره نحوه؛ دون قوله: "إنما ... ". أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 9) ، والبزار (ص 268 - زوائده) ، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (138/ 167) ، والفسوي في "التاريخ" (2/ 211) ، وعنه الخطيب (5/ 293) ، وأعله البزار بقوله: "هكذا رواه محمد بن سليمان عن سفيان،وغيره إنما يرويه عن سفيان عن عمرو عن محمد بن علي مرسلاً". وكذلك أعله الإمام أحمد؛ فروى الخطيب عن أبي بكر المروذي قال: وذكر (يعني أحمد بن حنبل) لويناً فقال: قد حدث حديثاً منكراً عن ابن عيينة ما له أصل. قلت: أيش هو؟ قال: عن عمرو بن دينار ... فذكره. قال الخطيب (1) : "قلت: أظن أبا عبد الله أنكر على لوين روايته متصلاً؛ فإن الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة، غير أنه مرسل عن إبراهيم بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". ثم رواه من طريق ابن وهب والحميدي، عن سفيان به مرسلاً. فهو المحفوظ. 4496 - (ما من صباح يصبح العباد إلا ومناد ينادي: سبحان الملك القدوس) . ضعيف أخرجه الترمذي (3564) ، وأبو يعلى (1/ 197) ، وابن السني (59) عن موسى بن عبيد ة، عن محمد بن ثابت، عن أبي حكيم مولى الزبير، عن الزبير بن العوام قال: فذكره مرفوعاً. وضعفه الترمذي بقوله: "حديث غريب".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - هنا بخطه كملاحظة له: " انظر الحديث الآتي (4953) ". الحديث: 4496 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 478 قلت: وعلته أبو حكيم هذا؛ فإنه مجهول. وموسى بن عبيد ة؛ ضعيف. وشيخه محمد بن ثابت؛ مجهول أيضاً كما قال في "التقريب" تبعاً لابن معين وغيره، وليس هو محمد بن ثابت بن شرحبيل الذي روى عن أبي هريرة كما جزم هو في "التهذيب"، ولا هو محمد بن ثابت البناني الضعيف كما أشعر به الحافظ نفسه في حديث آخر لموسى بن عبيد ة يأتي برقم (5556) . 4497 - (ما من مصل إلا وملك عن يمينه وملك عن يساره، فإن أتمها عرجا بها، وإن لم يتمها ضربا بها وجهه) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 235/ 2) ،والديلمي (4/ 15) عن ابن شاهين معلقاً، عن الوليد بن عطاء: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله موثقون غير عبد الله بن عبد العزيز؛ وهو الزهري الليثي المدني؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "ضعفوه". وقال الحافظ: "ضعيف، واختلط بآخره". الحديث: 4497 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 4498 - (مانع الحديث أهله؛ كمحدثه غير أهله) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 64) عن يحيى بن عثمان، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود رفعه. الحديث: 4498 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يحيى بن عثمان - وهو البصري صاحب الدستوائي -؛ قال ابن معين والبخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة". وتناقض فيه ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"، ثم أعاده في "الضعفاء" فقال: "منكر الحديث جداً، لا يجوز الاحتجاج به". وإبراهيم الهجري؛ لين الحديث،، رفع موقوفات؛ كما في "التقريب". 4499 - (ما هذه؟! ألقها، وعليكم بهذه وأشباهها، ورماح القنا؛ فإنهما يزيد الله لكم بهما في الدين، ويمكن لكم في البلاد) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2/ 188) ، والطيالسي (1/ 241) عن أشعث بن سعيد عن عبد الله بن بسر (الأصل: بشر! وهو خطأ) ، عن أبي راشد الحبراني، عن علي قال: كان بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس عربية، فرأى رجلاً بيده قوس فارسية، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ كما سبق بيانه برقم (3052) ، وغفل عن ذلك البوصيري فقال (174/ 2) : "هذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن بسر الحبراني؛ ضعفه يحيى بن القطان وابن معين وأبو حاتم والترمذي والنسائي والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات" فما أجاد". قلت: وأشعث؛ أشد ضعفاً، فإعلاله به أولى. الحديث: 4499 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 4500 - (مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم؛ كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 347) ، وأبو حزم بن يعقوب الحنبلي في "الفروسية" (1/ 6/ 1) عن إسماعيل بن عياش، عن معدان بن حدير الحضرمي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبيه مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (9/ 27) عن أبي داود، وهذا في "المراسيل" (247/ 332) عن سعيد بن منصور، وهذا في "السنن" (2361) ، والديلمي (4/ 59) عن عبد الجبار بن عاصم كلاهما عن إسماعيل به، وعلقه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 38) على معدان بن حدير الحضرمي. وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ جبير بن نفير؛ تابعي كبير. ومعدان؛ لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير ابن عياش وابن أخيه معاوية بن صالح بن حدير. وقد روي موصولاً بلفظ آخر وهو: "مثل الذي يحج من أمتي عن أمتي كمثل أم موسى كانت ترضعه وتأخذ الكرى من فرعون". رواه ابن عدي (10/ 1) : حدثنا الفضل بن محمد بن سعيد الجندي: حدثنا أبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن معاذ بن جبل مرفوعاً.وقال: "وهذا الحديث وإن كان مستقيم الإسناد فإنه منكر المتن، ولا أعلم رواه عن ابن عياش غير سليمان بن أيوب الحمصي هذا، ولم نكتبه إلا عن الجندي". وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 219) من طريق ابن عدي، وقال: الحديث: 4500 ¦ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 481 "والخطأ فيه من ابن عياش". قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (286/ 2) : "هذا الحديث لم يتعقبه السيوطي، وتعقبه الذهبي في "تلخيصه" فقال: هذا إسناد صالح ومتن غريب لا يليق إيراده في الموضوعات". وقد روى هذا اللفظ الثاني الديلمي بإسناده على وجه آخر، من طريق ابن أبي حاتم: حدثنا أيوب بن سلمان بن عبد الحميد النهراني: حدثنا محمد بن مخلد: حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عوف بن مالك مرفوعاً به. قلت: ورجاله ثقات غير أيوب النهراني؛ فلم أعرفه، لا هو ولا هذه النسبة، ولعل الأصل (البهرائي) نسبة إلى بهراء، وهي قبيلة نزل أكثرها مدينة حمص من الشام، كما في "الأنساب" وغيره، فلعل الرجل شامي مترجم في "تاريخ دمشق" لابن عساكر. وفي الإسناد علة وهي الانقطاع بين عبد الرحمن بن جبير وعوف بن مالك؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عنه، وإنما لأبيه، وبين وفاتيهما خمس وأربعون سنة. وعليه؛ يلزم أن يكون عبد الرحمن بن جبير مات وله من العمر ستون سنة تقريباً حتى يمكنه السماع منه، وهذا مما لم يذكروه، وقد أشار السيوطي إلى الانقطاع في "الجامع الكبير" على خلاف عادته؛ بقوله: "الديلمي عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك". كذا في نسختنا المصورة عن المخطوطة، وأنا أظن أنه سقط منها "عبد الرحمن ابن"؛ لأنه لا معنى لذكر أبيه جبير بن نفير وقد سمع من عوف بخلاف ابنه عبد الرحمن، فذكره مناسب للإشارة إلى ما ذكرته. والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم وقفت له على لفظ ثالث؛ فقال ابن كثير في "تفسيره" (3/ 148) : جاء الجزء: 9 ¦ الصفحة: 482 في الحديث: "مثل الصانع الذي يحتسب في صنعته الخير؛ كمثل أم موسى..". كذا قال، ولم يذكر صحابيه ولا من رواه، ومع ذلك تجرأ الرفاعي - كعادته - جرأة سوف يحاسبه الله تعالى عليها حساباً عسيراً إلا أن يعفو، فأورده في "مختصره"، وتبعه بلديه الصابوني في "مختصره" أيضاً (2/ 475) ، وقد التزما أن لا يذكرا في كتابيهما من أحاديث "تفسير ابن كثير" إلا الصحيح! وزاد الأول - كعادته أيضاً - أنه صرح بصحته في "فهرسه" (3/ 7) ! هداهما الله تعالى. (تنبيه) : لقد أورد الغزالي حديث الترجمة في "الإحياء" (1/ 262) دون عزو أو تخريج كعادته، فقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء": "أخرجه ابن عدي من حديث معاذ، وقال: مستقيم الإسناد، منكر المتن". وأقره العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (4/ 433) ! وهو وهم عجيب، وخلط غريب، لا أدري كيف وقع ذلك لهما؛ فإن هذا المتن لم يخرجه ابن عدي مطلقاً، وإنما أخرجه بلفظ: "مثل الذي يحج ... ". وهو الذي قال فيه ابن عدي - كما عزاه العراقي إليه -: "مستقيم الإسناد، منكر المتن"! وإنما روى حديث الترجمة: "مثل الذي يغزو.." سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهما عن جبير بن نفير مرسلاً كما تقدم، فكأنه اختلط على العراقي أحدهما بالآخر، وغفل عن ذلك الزبيدي، فاقتضى التنبيه. والله ولي التوفيق.   انتهى بحمد الله وفضله المجلد التاسع من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة " ويليه إن شاء الله تعالى المجلد العاشر، وأوله الحديث: 4501 - (مثل المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه. . .) " سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الجزء: 9 ¦ الصفحة: 483 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة إنَّ الحمدَ لله، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللهُ فلا مُضِل له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنً محمداً عبدُهُ ورسولُه. أما بعدُ؛ فهذا هو المجلد العاشرُ من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعةِ، وأثرها السيئ في الأمة "، يَخْرُج إلى عالم المطبوعاتِ ليرى النورَ بعد عشراتِ السنين، يخرجُ إلى قُرَّائهِ ومنتظريهِ وراغبيه بمئات الأحاديث الضَّعيفة والموضوعةِ في مجالات الشريعة المختلفة؛ من العقائد، والآدابِ والأخلاقِ، والأحكامِ، وغير ذلكَ ممَّا سيَراه كل محبٍّ للعلمِ وأهلِهِ، يخرجُ ليلحقَ بأمثاله من المجلدات السابقة؛ ليكونَ المسلمُ على بينة مِنْ أَمْرِ دينه، فلا ينْسِبُ إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يَقُلْهُ، فيقع تحتَ وعيد قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -ِ: "كفَى بالمرءِ إثماَّ أن يُحَدِّثَ بكلِّ ما سَمعَ "، أو تحت وعيد قولِهِ الآخر: "من كذبَ عليَّ مُتَعَمًداَّ ة فليتبوأْ مقعَدَهُ مِنَ النار"، وحتى لا يقع المسلمُ في الضلالِ والبدعةِ، ويصرفَ جهدَهُ ووقتَهُ فيما لم يشرعْهُ الله ورسولُه، والمسكين يحسَبُ أنه يُحْسِنُ صُنْعاً!! وسيرى القارئُ الكريمُ تحتَ أحاديث هذا المجلد- كسابقه- الكثيرَ والكثيرَ منَ الأبحاثِ والتحقيقات الحديثيَّة، والردود العلميةِ القوية، والفوائدِ والتنبيهات الخفيًة؛ كل في مكأنه ومناسبتِهِ، وخُذَْ أمثلةَّ على ذلك الأحاديث: (4512، 4528، 4537، 4546، 4589، 4596، 4615، 4641، 4714، 4761، 4813، 4835/م، 4838، 4848، 4849، 4850، 4854، 4855، 4858، 4859، 4866، 4891، 4894، 4921، 4922، 4932، 4946، 4961، ملأ 49، 4979، 4992) ، هذا بالإضَافَة إلى الرَّدِّ على الشيعَةِ، وبيانِ ضلالِهِم وكَذِبِهِم وافترائِهِم على أَهْلِ السُّنَّة بما لا تَراهُ في غيرِ هذا الكتاب.   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] هذه ملاحظات على المجلد العاشر وقفت عليها في موقع ثمرات المطابع - جزاهم الله خيرا - وأحببت إضافتها هنا تنبيها للقارئ أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة   الملاحظات: - سبق التنبيه على أهم الإشكالات الواردة على كتب الشيخ المطبوعة بعد وفاته رحمه الله وغفر له ومن ذلك: - أن الشيخ لم يراجع المراجعة النهائية ومن له عناية بكتب الشيخ عرف أهمية هذا العمل بالنسبة لكتبه. - أن الشيخ لم يحكم على مجموعة من الأحاديث فجاء الناشر بمجموعة من طلاب العلم - حسب وصفه لهم - فوضعوا لها الحكم المناسب عليها من خلال دراسة الشيخ لطرقه وتحقيقه، وليت الناشر سماهم إذن لأحسن الإحالة لو كانت على مليء، وليته أضاف الحكم بين قوسين معكوفتين ليعرف القارئ أن هذه الزيادات على كلام المؤلف رحمه الله تعالى وقد أشار الناشر إلى أرقام هذه الأحاديث (10/1/4) وقد بلغت 22 حديثاً. - وبالطبع خلا هذا المجلد من مقدمات المؤلف المعهودة بطولها وما فيها من فوائد ودراسات وقضايا وردود. - إلا أن جهد الناشر في العناية بالكتاب، يظهر في التعليقات المختلفة التي تدل على مقابلة الكتاب على كثير من أصوله ونحوها من وجوه العناية الأخرى المشكورة. - أورد الشيخ جملة من أحاديث فضائل علي منها 4876، 4881، ثم سرد جملة أحاديث بعنوان (أحاديث في فضائل علي من كتاب المراجعات) ، وهي من حديث 4882 إلى حديث 4913 فبلغت 31 حديثا هي من الأحاديث الأربعين التي أوردها صاحب المراجعات في فضائل علي وقد تتبعها الشيخ رحمه الله حديثاً حديثاُ انظر 10/2/573. وقد قال الشيخ (10/1/11) (وقد خطر في البال أن أتتبع أحاديثه التي من هذا النوع وأجمعها في كتاب نصحاً للمسلمين وتحذيراً لهم من عمل المدلسين المغرضين، وعسى أن يكون ذلك قريباً) ولعل ما فعله الشيخ في هذا السياق الطويل يمثل وفاء بوعده هذا. - كما أورد جملة أخرى من أحاديث فضائل آل البيت تتبع فيها صاحب المراجعات، والخميني في كشف الأسرار والحلي في منهاج الكرامة، وهو بذلك يقدم فائدة عظيمة في نقد أحاديث هذه الكتب خاصة، وأحاديث فضائل علي وآل البيت الكرام رضي الله عنهم أجمعين (انظر الأحاديث 4914-4969) وتداخل معها أحاديث في فضائل علي، كما يستفاد من دراسة هذه الأحاديث معرفة منزلة علماء الشيعة في علم الحديث وتدليس كثير منهم في كتاباتهم لترويج الباطل (ومن الأمثلة على ذلك انظر 10/2/584 -589 فهو من أعجب الأمثلة على الكذب والتدليس وانظر أيضاً 10/2/590، 10/2/617) وفي الكتاب أحاديث يستدل بها الشيعة على بغض بعض الصحابة وأمهات المؤمنين مثل 4964-4967، أوردها المؤلف ناقدا لها. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 3 وبطبيعة الحال؛ فإنً هذا المجلد- كالمجلد التاسع- لم يراجعْهُ الشيخُ المراجعةَ الأخيرة لتهيئته للطباعة، ولو فعل لزاد وأفاد، ومن ذلك- بلَ أهمه- أننا وجَدْنَا عدداً من الأحاديث لم يُثَبِّتْ عليها الشيخُ- رحمه الله- الحكمَ المختصرَ قبل التخريجِ- كعادته-، فَوَضَعْنَا الحكمَ المناسِبَ عليها من خلالِ دراسةِ الشيخِ لطُرقهِ وتحقيقه، مع الرجوع إلى بعض إخواننا طلابِ العلْمِ في ذلك، وإليكَ أرقامُ هذه الأحاديث كاملة: (4503، 4508، 4526، 4531، 4532، 4533، 4550، 4560، 4578، 4692، 4728، 4749، 4754، 4757، 4758، 4813، 4827، 4829، 4835، 4850، 4860، 4883) . وهناكَ حديثان قُمْنَا بحذْفِهما؛ نظراً لرجوعِ الشيخِ- رحمه اللَهُ- عن تضعيفهما وتخريجه إيَّاهما في "الصحيحة"، وأَمْرِه هو بنقلهما؛ وهما: (4604، 4793) ، وقد أَشَرْنَا إلى ذلكَ في الحاشية. وقد وجدنا- أيضاً- حديثين أخذا الرقم المكررَ قبلَهما، فَفَصَلْنا اللاحقَ عن السًابقِ بوضع [/م] بعد الرقم المكرر، ولم نُعَذلِ الأرقامَ؛ لأنَّ الشيخَ- رحمه الله- كانَ يُحِيلُ عليها في كُتُبِه الأخرى، فتيسيراً على الباحث تركناها كما هي، وهما: (4613، 4835) . وأخيراً؛ لا يفُوتنا التَّوَجَهُ بالشُّكْرِ إلى كل مَنْ كانتْ له يَدٌ في إنجازِ هذا العمل العظيم في جميع مراحِلِهِ؛ بما فيه عَمَلُ الفهارس العلميةِ المختلفةِ على نحو ما كانتْ تُصْنَعُ في حياةِ الشيخ- رحمه الله-؛ فجزاهم الله خيراً، وشَكَرَ لهم. وصلَّى الله على نبينا محمد وآلهِ وصحبهِ وسلّم تسليماً كثيرا، والحمدُ لله رب العالمين. 12 محرم 1422 هـ الناشر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 4 4501 - (مثل المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه؛ كمثل البنيان يشد بعضه بعضاً) . ضعيف أخرجه الخطيب (6/ 371) عن داود بن عبد الحميد: حدثنا ثابت ابن أبي صفية أبو حمزة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ثابت وداود. الحديث: 4501 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 5 4502 - (مثل المؤمن؛ كمثل العطار؛ إن جالسته نفعك، وإن ماشيته نفعك، وإن شاركته نفعك) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 205/ 1) ، والرامهرمزي في "الأمثال" (53/ 1-2) عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط، وهذا من تخاليطه؛ فإن الحديث محفوظ من حديث أبي موسى وغيره بغير هذا اللفظ والمعنى، فانظر "الترغيب" (4/ 57) . الحديث: 4502 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 5 4503 - (مثل أهل بيتي؛ مثل سفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) . ضعيف روي من حديث عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك. 1- أما حديث ابن عباس: فيرويه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عنه. الحديث: 4503 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 5 أخرجه البزار (2615 - كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 160/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 306) . وقال: "غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلا من هذا الوجه". وقال البزار: "لا نعلم رواه إلا الحسن، وليس بالقوي، وكان من العباد". وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 168) : "رواه البزار، والطبراني، وفيه الحسن بن أبي جعفر؛ وهو متروك". قلت: وهو ممن قال البخاري فيه: "منكر الحديث". ذكره في "الميزان" وساق له من مناكيره هذا الحديث. وشيخه أبو الصهباء - وهو الكوفي - لم يوثقه غير ابن حبان. 2- أم حديث ابن الزبير: فيرويه ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه. أخرجه البزار (2612) . وعبد الله بن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه. 3- وأما حديث أبي ذر: فله عنه طريقان: الأولى: عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عنه. أخرجه الفسوي في "معرفة التاريخ" (1/ 538) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 37/ 2636) ، وكذا البزار (3/ 222/ 2614) . وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 6 "تفرد به ابن أبي جعفر". قلت: وهو متروك؛ كما تقدم. وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. والأخرى: عن عبد الله بن داهر الرازي: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حنش بن المعتمر أنه سمع أبا ذر الغفاري به. أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 78) . وقال: "لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن عبد القدوس". قلت: هو - مع رفضه - ضعفه الجمهور؛ قال الذهبي في "الميزان": "قال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت. قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف". قلت: والراوي عنه - عبد الله بن داهر الرازي - شر منه؛ قال ابن عدي: "عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك". قال الذهبي عقبه: "قلت: قد أغنى الله علياً عن أن تقرر مناقبه بالأكاذيب والأباطيل". والحديث؛ قال الهيثمي: "رواه البزار، والطبراني في "الثلاثة"، وفي إسناد البزار: الحسن بن أبي جعفر الجفري، وفي إسناد الطبراني: عبد الله بن داهر، وهما متروكان"! قلت: لكنهما قد توبعا؛ فقد رواه المفضل بن صالح عن أبي إسحاق به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 7 أخرجه الحاكم (2/ 343 و 3/ 150) . وقال: "صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: مفضل خرج له الترمذي فقط، ضعفوه". وقال في الموضع الآخر: "مفضل واه". قلت: يعني: ضعيف جداً؛ فقد قال فيه البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن عدي: "أنكر ما رأيت له: حديث الحسن بن علي". قلت: سقط نصه من "الميزان". ولفظه في "منتخب كامل ابن عدي" (396/ 1-2) : عن الحسن بن علي قال: أتاني جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب، فقال: اكشف لي عن بطنك، فكشفت له عن بطني، فألصق بطنه ببطني، ثم قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرئك منه السلام. قلت: وهذا عندي موضوع ظاهر الوضع، وهو الذي قال ابن عدي: إنه أنكر ما رأى له. فتعقبه الذهبي بقوله: "وحديث سفينة نوح أنكر وأنكر"! قلت: فمتابعته مما لا يستشهد بها. على أن فوقه أبا إسحاق - وهو السبيعي -؛ وهو مدلس مختلط. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 8 وحنش بن المعتمر؛ فيه ضعف، بل قال فيه ابن حبان: "لا يشبه حديثه حديث الثقات". ورواه الفسوي من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه حنش به. ثم رأيت للحديث طريقاً ثالثاً: يرويه عبد الكريم بن هلال القرشي قال: أخبرني أسلم المكي: حدثنا أبو الطفيل: أنه رأى أبا ذر قائماً على هذا الباب وهو ينادي: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب، ألا وأنا أبو ذر، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. 4- وأما حديث أبي سعيد الخدري: فيرويه عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقرىء عن أبي سلمة الصائغ عن عطية عنه. أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 170) . وقال: "لم يروه عن أبي سلمة إلا ابن أبي حماد، تفرد به عبد العزيز بن محمد بن ربيعة". قلت: ولم أجد من ترجمه. وكذا اللذان فوقه. وعطية - وهو العوفي - ضعيف. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط"، وفيه جماعة لم أعرفهم". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 9 5- وأما حديث أنس: فيرويه أبان بن أبي عياش عنه. أخرجه الخطيب (12/ 91) . قلت: وأبان هذا متروك متهم بالكذب. وبهذا التخريج والتحقيق؛ يتبين للناقد البصير أن أكثر طرق الحديث شديدة الضعف، لا يتقوى الحديث بمجموعها. ويبدو أن الشيخ صالح المقبلي لم يكن تفرغ لتتبعها وإمعان النظر فيها؛ وإلا لم يقل في كتابه "العلم الشامخ" (ص 520) : "أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي ذر. وكذلك الخطيب وابن جرير والطبراني عن ابن عباس وأبي ذر أيضاً، والبزار من حديث ابن الزبير. وحكم الذهبي بأنه "منكر" غير مقبول؛ لأن هذا المحمل من مدارك الأهواء"!! فأقول: نعم! وللتعليل نفسه؛ لا يمكن القول بصحته لمجموع طرقه؛ لأن الشرط في ذلك أن لا يكون الضعف شديداً، كما هو مقرر في علم الحديث، وليس الأمر كذلك كما سبق بيانه. وظني أن الشيخ - رحمه الله - لو تتبع الطرق كما فعلنا؛ لم يخالف الذهبي في إنكاره للحديث. والله أعلم. ومما يؤيد قول المقبلي - أن المحمل من مدارك الأهواء -: أن هذا الحديث عزاه الشيخ عبد الحسين الموسوي الشيعي في كتابه "المراجعات" (ص 23 - طبع دار الصادق) للحاكم من حديث أبي ذر المتقدم (3) ، موهماً القراء أن صحيح بقوله: "أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبي ذر (ص 151) من الجزء الثالث من صحيحة (!) المستدرك"! وهو- كعادته - لا يتكلم على أسانيد أحاديثه التي تدعم مذهبه، بل إنه الجزء: 10 ¦ الصفحة: 10 يسوقها كلها المسلمات المصححات من الأحاديث؛ إن لم يشعر القارىء بصحتها كما فعل هنا بقوله: "صحيحة المستدرك"! فضلاً عن أنه لا يحكي عن أئمة الحديث ما في أسانيدها من طعن، ومتونها من نكارة. وقد خطر في البال أن أتتبع أحاديثه التي من هذا النوع وأجمعها في كتاب؛ نصحاً للمسلمين، وتحذيراً لهم من عمل المدلسين المغرضين، وعسى أن يكون ذلك قريباً. ثم رأيت الخميني قد زاد على عبد الحسين في الافتراء؛ فزعم (ص 171) من كتابه "كشف الأسرار" أن الحديث من الأحاديث المسلمة المتواترة!! ويعني بقوله: "المسلمة"؛ أي: عند أهل السنة! ثم كذب مرة أخرى كعادته، فقال: "وقد ورد في ذلك أحد عشر حديثاً عن طريق أهل السنة"! ثم لم يسق إلا حديث ابن عباس الذي فيه المتروك؛ كما تقدم! 4504 - (مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل؛ كمثل أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة) . ضعيف أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 1/ 274 - طبع المجمع) عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه - مع إرساله - فيه عنعنة محمد بن إسحاق؛ فإنه كان يدلس. الحديث: 4504 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 11 4505 - (إنما مثل منى كالرحم، هي ضيقة، فإذا حملت؛ وسعها الله) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 121/ 2) عن علي بن عيسى الهذلي: حدثنا يزيد بن عبد الله القرشي: حدثنا جويرية مولاة أبي الطفيل: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي الدرداء قال: قلنا: يا رسول الله! إن أمر منى لعجب؛ هي ضيقة؛ فإذا نزلها الناس اتسعت؟! فقال صلي الله عليع وسلم ... فذكره. وقال: "لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو إسناد مظلم؛ من دون أبي الطفيل لم أعرفهم. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 265) : "رواه الطبراني في "الصغير"، و "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه". قلت: ولم أره في النسخة المطبوعة من "الصغير"! الحديث: 4505 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 12 4506 - (مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة، وتحف بهم الملائكة، وتغاشهم الرحمة، ويذكرهم الله على عرشه) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 118) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 128) عن الجارود بن يزيد عن عمر بن ذر عن مجاهد عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عمر، تفرد به عنه الجارود بن يزيد النيسابوري". الحديث: 4506 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 12 قلت: وهو كذاب؛ كما قال أبو حاتم. وقال العقيلي: "يكذب ويضع الحديث". 4507 - (مجالسة العلماء عبادة) . ضعيف جداً رواه أبو عبد الله الجمال القرشي في "جزء من فوائده" (3/ 1) ، والديلمي (4/ 73) عن مسلم بن كيسان عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلم بن كيسان؛ قال الذهبي في "الضعفاء": "تركوه". وقال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 4507 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 13 4508 - (مداراة الناس صدقة) . ضعيف روي من حديث جابر، وأنس بن مالك، والمقدام بن معدي كرب، وأبي هريرة. 1- أما حديث جابر: فيرويه المسيب بن واضح: أخبرنا يوسف بن أسباط: أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عنه. أخرجه ابن حبان (2075) ، وابن السني (320) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 246) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 246) ، وكذا أبو بكر المقرىء في "الفوائد" (1/ 2/ 1) ، وأبو عروبة الحراني في "حديثه" (3/ 1) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (89/ 2) ، وابن عدي (92/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (10/ 1) . وقال أبو نعيم: الحديث: 4508 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 13 "تفرد به يوسف عن سفيان". وقال ابن عدي - في ترجمة يوسف -: "يعرف بالمسيب بن واضح عن يوسف عن سفيان بهذا الإسناد، وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء؛ رووه عن يوسف، ولا يرويه غير يوسف عن الثوري". قلت: يوسف هذا صدوق، ولكنهم ضعفوه؛ لأنه كان يخطىء، وقد دفن كتبه. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 285) عن أبيه: "حديث باطل لا أصل له، ويوسف بن أسباط دفن كتبه". قلت: وقد تابعه يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/ 2613) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 28/ 1/ 459 - بترقيمي) من طريقين عنه. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ قال الهيثمي في "المجمع" (8/ 17) : "ويوسف هذا متروك. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 136) : "يروي عن أبيه ما ليس من حديثه من المناكير التي لا يشك عوام أصحاب الحديث أنها مقلوبة". وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 228) - بعد أن عزاه لابن عدي والطبراني -: "ويوسف بن محمد ضعفوه. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "آداب الحكماء" بسند أحسن منه"! قلت: وكأنه يعني السند الذي قبله من رواية المسيب بن واضح؛ لأنه أشهر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 14 أسانيده، وقد عرفت أن أبا حاتم قد أبطله. وإن كان يعني غيره؛ فلا فائدة منه أيضاً؛ كما تقدم عن ابن عدي؛ أنه سرقه منه جماعة من الضعفاء. والمسيب بن واضح ضعفوه أيضاً؛ قال الذهبي في "المغني": "قال أبو حاتم: صدوق يخطىء كثيراً. وضعفه الدارقطني". لكنه قد توبع في "طبقات الأصبهانيين" (359/ 718) ، و"أخبار أصبهان" (2/ 9) . 2- وأما حديث أنس: فيرويه الحسين بن داود بن معاذ البلخي: حدثنا يزيد ابن هارون عن حميد عنه. أخرجه ابن عليك النيسابوري في "الفوائد" (3/ 2) . قلت: وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ قال الذهبي في "المغني": "ليس بثقة ولا مأمون، متهم". 3- وأما حديث المقدام: فيرويه بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عنه. أخرجه تمام في "الفوائد" (140/ 1) . قلت: وبقية مدلس؛ وقد عنعنه. 4- وأما حديث أبي هريرة: فيرويه زكريا بن يحيى: أنبأ أبو معاذ أحمد بن محمد البصري: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري عن الأعرج عنه به مرفوعاً؛ وزاد: "وتقربوا إلى الله بمحبة المساكين والدنو منهم؛ فإن الرحمة نازلة عليهم، والسكينة في قلوبهم، وأبغضوا أهل المعاصي وتباعدوا عنهم؛ فإن المقت والسخط الجزء: 10 ¦ الصفحة: 15 حولهم حتى يتوبوا، فإذا تابوا تاب الله عليهم، والتائب حبيب الله، فهم إخوانكم، ولا تعيروهم بذنب، فمن عير مسلماً بذنب قد تاب إلى الله منه؛ لم يمت حتى يركبه". أخرجه أبو صالح الحرمي في "الفوائد العوالي" (ق 174/ 2) . قلت: وإسناده مظلط؛ من دون الثوري لم أعرفهما. وزكريا بن يحيى؛ يحتمل أنه أبو يحيى المصري الوقار؛ كذبه صالح جزرة، وقال: "كان من الكذابين الكبار". 4509 - (مكان الكي التكميد، ومكان العلاق السعوط، ومكان النفخ اللدود) . ضعيف أخرجه أحمد (6/ 170) عن إبراهيم عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - وعائشة. ورجاله ثقات. الحديث: 4509 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 4510 - (مكتوب في التوراة: كما تدين تدان، وكما تزرع تحصد) . لاأصل له مرفوعاً رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (رقم 164 - بتحقيقي) من طريق أبي حاتم الرازي قال: حدثني سويد - هو ابن سعيد -: حدثنا أبو عون الحكم بن سنان عن مالك بن دينار قال ... فذكره. الحديث: 4510 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 قلت: وهذا - مع كونه مقطوعاً -؛ فلا يصح إسناده؛ لأن الحكم بن سنان ضعيف. ونحوه سويد بن سعيد. والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية الديلمي عن فضالة ابن عبيد مرفوعاً! وتعقبه المناوي بقوله: "ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده في "مسند الفردوس"! وليس كذلك، بل ذكره بغير سند، وبيض له ولده. وروى الإمام أحمد في "الزهد" بسند عن مالك بن دينار قال ... " فذكره مقطوعاً كما سبق. 4511 - (مكة أم القرى، ومرو أم خراسان) . ضعيف أخرجه ابن عدي (109/ 1) عن سمرة بن حجر الأنباري: حدثنا حسام ابن مصك عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً. قلت: وحسام هذا؛ قال الحافظ: "ضعيف؛ يكاد يترك". وسمرة بن حجر الأنباري؛ لم أعرفه (1) .   (1) له ترجمة في تاريخ بغداد (9 / 228) . (الناشر) الحديث: 4511 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 17 4512 - (مكة مناخ، لا تباع رباعها، ولا تؤجر بيوتها) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 223) ، وأبو عبد الله القطان في "حديثه" (ق 181/ 2) ، والدارقطني في "السنن" (313) ، وعنه الديلمي (4/ 69) ، والحاكم (2/ 53) ، والبيهقي (6/ 35) من طريق إسماعيل بن الحديث: 4512 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 17 إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الدارقطني: "إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، ولم يروه غيره". وقال البيهقي: "إسماعيل ضعيف، وأبوه غير قوي، واختلف عليه: فروي عنه هكذا.وروي عنه عن أبيه عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً ببعض معناه". قلت: وشذ الحاكم فقال: "صحيح الإسناد"! فرده الذهبي بقوله: "قلت: إسماعيل ضعفوه". ومن طريقه: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 25) ، ونقل تضعيفه عن ابن معيد. وعن البخاري أنه قال: "في حديثه نظر". وقال مرة: "منكر الحديث". فهو عند البخاري شديد الضعف. وقد روي من طريق أخرى؛ فقال أبو حنيفة: عن عبيد الله بن أبي زياد (وفي رواية عنه: ابن أبي يزيد) عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به. أخرجه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي. وقال الدارقطني: "كذا رواه أبو حنيفة مرفوعاً. ووهم أيضاً في قوله: عبيد الله بن أبي يزيد! وإنما هو ابن أبي زياد القداح، والصحيح أنه موقوف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 18 ثم أخرجه هو، والبيهقي: من طريقين آخرين عن ابن أبي زياد به موقوفاً. قلت: وهو ضعيف مرفوعاً وموقوفاً: أما الرفع؛ لتفرد أبي حنيفة به. وأما الوقف؛ فلأن ابن أبي زياد ليس بالقوي كما في "التقريب". وقال الذهبي في "التلخيص": "قلت: عبيد الله لين". (تنبيه) : لفظ الحديث عند الطحاوي: "لا يحل بيع بيوت مكة، ولا إجارتها". واختار الطحاوي خلافه، وهو مذهب أبي يوسف: أنه لا بأس ببيع أرض مكة وإجارتها، وأنها في ذلك كسائر البلاد. 4513 - (ملك موكل بالقرآن، فمن قرأه - من أعجمي أو عربي - فلم يقومه؛ قومه الملك، ثم رفعه قواماً) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 65) عن الحاكم معلقاً بسنده عن المعلى عن سليمان التيمي عن أنس رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ المعلى: هو ابن هلال الطحان الكوفي؛ قال الحافظ: "اتفق النقاد على تكذيبه". والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الشيرازي في "الألقاب" عن أنس. قال المناوي: الحديث: 4513 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 19 "وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجاً لأشهر من الشيرازي؛ مع أن الحاكم والديلمي خرجاه"! كذا قال! وظاهر كلامه أن الحاكم أخرجه في "المستدرك"، ولم أره فيه! 4514 - (من أشراط الساعة: أن يمر الرجل في المسجد، لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف، وأن يبرد الصبي الشيخ) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2/ 283/ 1326) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (36/ 2) من طريق الحسن بن بشر البجلي: أخبرنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال: لقي ابن مسعود رجلاً، فقال: السلام عليك يا ابن مسعود! فقال ابن مسعود: صدق الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته الحكم بن عبد الملك القرشي؛ قال الحافظ: "ضعيف". وخالفه منصور فقال: عن سالم بن أبي الجعد قال ... فذكره، لم يقل في إسناده: عن أبيه، ولم يذكر في متنه: "وأن لا يسلم ... ". أخرجه الطبراني أيضاً. ثم أخرجه من طريق عمر بن المغيرة عن ميمون أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة قال: الحديث: 4514 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 20 لقي ابن مسعود أعرابي ... الحديث مثله؛ إلا أنه قال: "وحتى تتخذ المساجد طرقاً". لكن ميمون أبو حمزة ضعيف. وعمر بن المغيرة؛ قال البخاري: "منكر الحديث مجهول". ثم تبين أنه قد تقدم برقم (1530) (1) . 4515 - (من اقتراب الساعة: هلاك العرب) . ضعيف أخرجه الترمذي (3925) عن محمد بن أبي رزين عن أمه قالت: كانت أم الحرير إذا مات أحد من العرب اشتد عليها، فقيل لها: إنا نراك إذا مات الرجل من العرب اشتد عليك؟ قالت: سمعت مولاي يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال - مضعفاً -: "حديث غريب". قلت: وعلته أم الحرير - بالتصغي -؛ لا تعرف؛ كما قال الحافظ الذهبي والعسقلاني. ومثلها أم محمد بن أبي رزين، وإن لم أجد من صرح بذلك. وروى البزار (3330) ، وأحمد (2/ 513) عن أبي بكر عن داود عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "أول الناس هلاكاً العرب، ثم أهل فارس".   (1) وقال الشيخ - رحمه الله - في آخر تخريجه هناك: " وإنما أوردته هنا من أجل الجملة الأخيرة منه في الإبراد، وأما سائره فثابت في أحاديث، فانظر الكتاب الآخر (647، 648، 649) ". (الناشر) الحديث: 4515 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 21 وهذا إسناد ضعيف؛ داود - وهو ابن يزيد بن عبد الرحمن الأودي - ضعيف. وأبوه فيه جهالة. 4516 - (من الجفاء: أن أذكر عند الرجل، فلا يصلي علي) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3121) عن محمد بن مسلم وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل. ومحمد بن علي: هو أبو جعفر الباقر. الحديث: 4516 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 22 4517 - (من الصدقة: أن يعلم الرجل العلم؛ فيعمل به ويعلمه) . ضعيف رواه أبو خيثمة زهير بن حرب في "كتاب العلم" (رقم:138) : أخبرنا معاذ: أخبرنا أشعث عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الحسن - وهو البصري - تابعي يرسل كثيراً. ورجاله ثقات. وأشعث: هو ابن عبد الله الحداني. والحديث؛ أخرجه الآجري أيضاً في "أخلاق العلماء" (ص 27) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 123) عن الحسن مرسلاً. الحديث: 4517 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 22 4518 - (من المروءة: أن ينصت الأخ لأخيه إذا حدثه، ومن حسن المماشاة: أن يقف الأخ لأخيه إذا انقطع شسع نعله) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (6/ 394) عن أبي يعقوب إسحاق الحديث: 4518 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 22 ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى المؤذن: حدثنا خراش بن عبد الله قال: حدثني مولاي أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته خراش بن عبد الله، وهو ساقط عدم؛ كما قال الذهبي. وإسحاق بن يعقوب غير معروف، وفي ترجمته ساقه الخطيب، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وبه يرد أيضاً على قول الذهبي في ترجمة خراش: "ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب"! ويستدرك به على تعقب الحافظ عليه بقوله: "بل روى عنه أيضاً حفيده خراش"! فقد روى عنه يعقوب بن إسحاق أيضاً. والحديث؛ روى الشطر الأول منه ابن قدامة في "المتاحبين في الله" (ق 111/ 1) . 4519 - (من بركة المرأة: تكبيرها بالبنات؛ ألم تسمع الله يقول: (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) ، فبدأ بالإناث قبل الذكور) . موضوع رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 72) ، والخطيب (14/ 417-418) ، وابن عساكر (13/ 398/ 1) ، وأبو نعيم في "جزء حديث الحديث: 4519 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 23 الكديمي وغيره" (33/ 2) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا حكيم بن حزام عن العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حكيم بن حزام هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وقال الساجي: "يحدث بأحاديث بواطيل". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الخرائطي. وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 97) بأن له شاهداً من حديث عائشة مرفوعاً نحوه؛ رواه أبو الشيخ! وأقول: فيه متهمان، فلا يصلح للشهادة. 4520 - (من تمام النعمة: دخول الجنة، والفوز من النار) . ضعيف (1) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (725) ، والترمذي (3524) ، وابن أبي شيبة (10/ 269/ 9405) ، وأحمد (5/ 235) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 55-56) عن أبي الورد عن اللجلاج عن معاذ بن جبل قال: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو يقول: اللهم! إني أسألك تمام النعمة، فقال: "أي شيء تمام النعمة؟ ". قال: دعوة دعوت بها، أرجو بها الخير، قال: "فإن من تمام ... " (الحديث) .   (1) تقدم تخريجه برقم (3416) ، وما هنا فيه زيادة وفائدة. (الناشر) الحديث: 4520 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 24 وسمع رجلاً وهو يقول: ذا الجلال والإكرام! فقال: "قد استجيب لك، فسل". وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً وهو يقول: اللهم! إني أسألك الصبر، قال: "سألت الله البلاء؛ فاسأله العافية". قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ أبو الورد: هو ابن ثمامة بن حزن القشيري؛ لم يوثقه أحد، وقال الحافظ: "مقبول"؛ يعني: عند المتابعة. ومع ذلك سكت عليه في "الفتح" (11/ 224-225) ؛ وقد ذكره دليلاً لمن قال: إن الاسم الأعظم: "ذو الجلال والإكرام"! وما أراه يجوز له السكوت عليه؛ فقد ذكر في الاسم الأعظم أربعة عشر قولاً؛ هذا أحدها، فيحسن في مثل هذا الخلاف أن يبين قيمة أدلة الأقوال من حيث الثبوت؛ لأن ذلك يساعد من لا علم عنده بالحديث على الترجيح. 4521 - (من حسن عبادة المرء: حسن ظنه) . ضعيف رواه ابن عدي (161/ 1) ، والخطيب (5/ 377) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 141) عن سليمان بن الفضل الزيدي: حدثنا ابن المبارك عن همام عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال ابن عدي: "سليمان؛ ليس بمستقيم الحديث، وقد رأيت له غير حديث منكر، والحديث بهذا الإسناد لا أصل له". الحديث: 4521 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 25 4522 - (من سعادة المرء: أن يشبه أباه) . ضعيف قال القضاعي في "مسند الشهاب" (22/ 1) : روى أبو عبد الله الحافظ (يعني: الحاكم) في "كتاب فضائل الشافعي" قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصاغاني قال: أخبرنا أبو رجاء محمد بن حمدويه قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو غسان القاضي أيوب بن يونس عن أبيه عن إياس بن معاوية عن أنس بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في فسطاط؛ إذ جاءه السائب بن عبد يزيد ومعه ابنه، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون إياس بن معاوية؛ لم أجد من ذكرهم؛ سوى أبي علي الحسن بن محمد الصاغاني؛ فأورده السمعاني في مادة "الصاغاني" هذه؛ وقال: "سمع أحمد بن محمد بن عمرو الضبعي. روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول. الحديث: 4522 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 26 4523 - (من سنن المرسلين: الحلم، والحياء، والحجامة، والتعطر، وكثرة الأزواج) . ضعيف رواه ابن عدي (272/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 458/ 2) عن قدامة بن محمد عن إسماعيل بن شيبة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي: الحديث: 4523 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 26 "حديث غير محفوظ بهذا الإسناد". وقال البيهقي: "تفرد به قدامة بن محمد الخشرمي عن إسماعيل، وليسا بالقويين، وأصح ما روي فيه ... ". ثم ذكر حديث أبي أيوب المتقدم بلفظ: "أربع ... " وهو ضعيف أيضاً، مخرج في "الإرواء" (75) ، وفي "المشكاة" (382) . 4524 - (من شكر النعمة: إفشاؤها) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (19580) عن معمر عن قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. ورجاله ثقات. الحديث: 4524 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 27 4525 - (إن من كرامة المؤمن على الله: نقاء ثوبه، ورضاه باليسير) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (202/ 2) عن كثير بن عبيد الحمصي: أخبرنا بقية بن الوليد عن أبي توبة النميري عن عباد بن كثير عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن كثير - وهو الثقفي البصري - متروك. قال أحمد: "روى أحاديث كذب"؛ كما في "التقريب". وأبو توبة النميري: اسمه جرول بن جيفل الحراني؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 551) : الحديث: 4525 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 27 "قال أبي: لا بأس به، وقال أبو زرعة: كان صدوقاً، ما كان به بأس". وقال الذهبي في "الميزان": "صدوق، وقال ابن المديني: روى مناكير". قلت: لعل تلك المناكير ممن فوقه أو ممن دونه، كما هو الشأن هنا؛ ففوقه عباد المتروك. وتحته بقية بن الوليد؛ وهو مدلس، وقد عنعنه. وقال الهيثمي في "المجمع" (5/ 132) : "رواه الطبراني، وفيه عباد بن كثير، وثقه ابن معين، وضعفه غيره. وجرول ابن جيفل؛ ثقة، وقال ابن المديني: له مناكير، وبقية رجاله ثقات"! كذا قال! وكان عليه أن ينبه على تدليس بقية وعنعنته. قلت: ومن هذا التخريج والتحقيق؛ تعلم أن قول ابن حجر الهيتمي في رسالته "أحكام اللباس" (ق 2/ 2) : "حديث حسن"! أنه غير حسن! ولعل السبب اغتراره بتخريج الهيثمي السابق، وتقليده إياه في ذلك الاختلاف الذي حكاه في عباد، وهو اختلاف لا قيمة له؛ فقد قال ابن حبان: "كان يحيى بن معين يوثقه، وهو عندي لا شيء في الحديث". وقال الحاكم - على تساهله المعروف -: "روى أحاديث موضوعة". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 28 وهذا كله جار على أنه عباد بن كثير الرملي الفلسطيني، وهو محتمل؛ لأنهم ذكروا في الرواة عنه أبا توبة النميري. وأنا جريت على أنه عباد بن كثير الثقفي البصري كما تقدم؛ لأنهم ذكروا في شيوخه عبد الله بن طاوس، وهذا الحديث من روايته عنه كما ترى. والله أعلم. 4526 - (مكتوب في التوراة: من سره أن تطول أيام حياته، أو يزاد في رزقه؛ فليصل رحمه) (1) . ضعيف رواه الحاكم (4/ 160) ، والبزار (2/ 374/ 1880) ، والباطرقاني في "جزء من حديثه" (165/ 1) ، وابن عساكر (9/ 70/ 2 و 15/ 380/ 2) عن سعيد ابن بشير عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!! مع أنه القائل في "الضعفاء" (165/ 1) : "سعيد بن بشير؛ وثقه شعبة، وفيه لين". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". ومن ذلك؛ تلعم تساهل المنذري في قوله في "الترغيب" (3/ 223) : "رواه البزار بإسناد لا بأس به، والحاكم وصححه"!   (1) قال الشيخ - رحمه الله - في حاشيته على " ضعيف الجامع " (ص 762) : " قلت: بل هذا من قول نبينا صلى الله عليه وسلم؛ ثبت ذلك عنه من طرق، فانظر " صحيح الجامع " (5956، 6291) (الناشر) الحديث: 4526 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 29 4527 - (من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فاستغفر، وظلم فغفر؛ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) . ضعيف جداً رواه ابن بشران في "الأمالي" (18/ 4/ 2) عن محمد بن المعلى عن زياد بن خيثمة عن أبي داود، عن عبد الله بن سخبرة مرفوعاً. الحديث: 4527 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 29 ومن هذا الوجه: رواه أبو بكر الذكواني في "اثنا عشر مجلساً" (19/ 2) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (3/ 150/ 2) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (130/ 2) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (1/ 25/ 2) وفي "الصبر" (43/ 2) إلا أنه قال: عن عبد الله بن سخبرة عن سخبرة. وكذا رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 225-226) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 250/ 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو داود: هو الأعمى؛ متروك. وقد أخرج الترمذي (2650) حديثاً آخر عن محمد بن المعلى بهذا الإسناد بلفظ: "من طلب العلم؛ كان كفارة لما مضى". وقال: "حديث ضعيف الإسناد؛ أبو داود يضعف، ولا نعرف لعبد الله بن سخبرة كبير شيء، ولا لأبيه، واسم أبي داود: نفيع الأعمى، تكلم فيه قتادة وغير واحد من أهل العلم". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": "متروك، وقد كذبه ابن معين". قلت: فمن الغريب ما نقله المناوي عن الحافظ، فقد قال - عقب قول السيوطي: "رواه الطبراني والبيهقي في (الشعب) " -: "رمز المصنف لحسنه، وأصله قول الحافظ في "الفتح": خرجه الطبراني بسند حسن"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 30 ووجه الاستغراب: أنني لا أظنه عند الطبراني إلا من الوجه المتقدم الواهي، ويؤيدني أن الحافظ المنذري في "الترغيب" (4/ 45) أشار إلى تضعيفه؛ وقال: "رواه الطبراني"! 4528 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب؛ كانت له ظهراً) . ضعيف رواه ابن عساكر (8/ 141/ 2) عن أبي الفتح صدقة بن محمد بن محمد بن محمد بن خالد بن معتوق الهمداني - من أهل عين ثرما -: أخبرنا أبو الجهم بن طلاب: أخبرنا يوسف بن عمر: أخبرنا سعيد بن المغيرة: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. أورده في ترجمة أبي الفتح هذا، ولم يذكر فيه أكثر من هذا الحديث. وأبو الجهم بن طلاب وشيخه يوسف بن عمر؛ لم أجد لهما ترجمة. وبقية الرجال ثقات. وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث. والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية ابن عساكر هذه. ولم يتعقبه المناوي بشيء، بل شرحه شرحاً يوهم صحة الحديث، فقال: "أي فاتته الجمعة؛ فلا يصح ما صلاه جمعة؛ بل ظهراً؛ لفوات شرطها من سماعه للخطبة، وهذا إذا لم يتم العدد إلا به"! ولا دليل في السنة على شرطية سماع الخطبة، ولا على اشتراط عدد أكثر من عدد صلاة الجماعة؛ فتنبه! الحديث: 4528 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 31 4529 - (من أتى امرأة في حيضها؛ فليتصدق بدينار، ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل؛ فبنصف دينار. كل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (149/ 1) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري: أنبأنا عبد الرزاق: أنبأنا محمد بن راشد وابن جريج قالا: أنبأنا عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الكريم هذا: هو ابن أبي المخارق أبو أمية؛ وهو مجمع على ضعفه، وقيل: إنه عبد الكريم بن مالك الجزري الثقة! والراجح الأول؛ كما حققته في "صحيح أبي داود" (258) . واعلم أنه قد اضطرب في هذا الحديث اضطراباً كثيراً: متناً وسنداً، وقد بينت شيئاً منه في الكتاب المذكور، وفي "ضعيف أبي داود" رقم (41-43) ، وبينت أن الصحيح في متنه: أن عليه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار على التخيير، وبدون التفصيل المذكور في هذا الحديث. والله أعلم. الحديث: 4529 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 32 4530 - (من اتبع جنازة؛ فليحمل بجوانب السرير كلها؛ فإنه من السنة) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 451) ، والطيالسي (1/ 165) عن عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله بن مسعود ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري (ق 92/ 2) : "هذا إسناد موقوف، رجاله ثقات، وحكمه الرفع؛ إلا أنه منقطع؛ فإن أبا الحديث: 4530 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 32 عبيدة - واسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته - لم يسمع من أبيه شيئاً، قاله أبو حاتم، وأبو زرعة، وعمرو بن مرة، وغيرهم". 4531 - (من اتبع كتاب الله؛ هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله يقول: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (161/ 2) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثني أبي، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه عن عمران بن أبي عمران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمران بن أبي عمران هذا؛ الظاهر أنه الرملي؛ قال الذهبي: "أتى بخبر كذب عن بقية بن الوليد؛ فهو آفته". ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة؛ متكلم فيه. والحديث؛ عزاه في "الدر المنثور" (5/ 311) لابن أبي شيبة أيضاً، وأبي نعيم في "الحلية"، وابن مردويه عن ابن عباس مرفوعاً. قال: "وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم - وصححه -، والبيهقي في "شعب الإيمان" من طرق، عن ابن عباس قال: أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا، أو أن يشقى في الآخرة. ثم قرأ: الحديث: 4531 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 33 (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) ؛ لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة". قلت: وهو عند الحاكم (2/ 381) من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن واتبع ما فيه؛ هداه الله ... الحديث مثل حديث الترجمة. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. والظاهر أن هذا هو أصل الحديث؛ موقوف على ابن عباس؛ رفعه ذلك المتهم. ويؤيد ذلك: مجيئه من طرق عن ابن عباس موقوفاً. 4532 - (من أتته هدية وعنده قوم جلوس؛ فهم شركاؤه فيها) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (133/ 2) عن يحيى بن سعيد الواسطي: أخبرنا يحيى بن العلاء عن طلحة بن عبيد الله عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. الحديث: 4532 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 34 4533 - (من اتخذ من الخدم غير ما ينكح، ثم بغين؛ فعليه مثل آثامهن من غير أن ينقص من آثتمهن شيء) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 151 "زوائده" لابن حجر) ... عن عطاء بن يسار عن سلمان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال صاحب "الزوائد": الحديث: 4533 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 34 "فيه انقطاع". يعني: بين عطاء وسلمان. وفيه راويان آخران مجهولان؛ كما نقله المناوي عن عبد الحق الإشبيلي. وقد سقط تمام الإسناد من "الزوائد"؛ فلم أتمكن من دراسته، فراجع "المناوي". ثم وقفت على إسناد البزار في كتاب "الوهم والإيهام" لابن القطان الفاسي، ومنه بدا لي أن ما نقله المناوي عن عبد الحق فيه نظر؛ لأنه ذكر فيه (2/ 120/ 1) أن عبد الحق ذكر الحديث من طريق البزار عن عطاء بن يسار ... فتعقبه بقوله: "كذا أورده غير مبرز من إسناده إلا عطاء، ورأيت في بعضها تنبيهاً في (الحاشية) معزواً إلى أبي محمد، معناه: أنه لا يعلم سماع عطاء من سلمان! كأنه لم يهمه من أمر إسناده غير ذلك! والحديث لا يصح ولو صح سماعه منه؛ لأنه عند البزار هكذا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا علي بن غراب عن سعيد بن الحر عن سلمة بن كلثوم عن عطاء ... فذكره. أما سعيد بن الحر؛ فلا أعرف له وجوداً إلا هنا. وسلمة بن كلـ ... ". قلت: محل النقط لم يظهر في المصورة (1) ، فربما كان فيه كلامه على علي بن غراب، وهو ممن اختلف فيه. وفي "التقريب": "صدوق، وكان يدلس ويتشيع، وأفرط ابن حبان في تضعيفه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 298) :   (1) انظر مطبوع " بيان الوهم والإيهام " (5 / 88) . (الناشر) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 35 "رواه البزار عن عطاء بن يسار عن سلمان؛ ولم يدركه، وفيه من لم أعرفهم". قلت: ولم أره في "كشف الأستار"! والله أعلم. 4534 - (من اجتنب من الرجال أربعاً؛ فتحت له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة. ومن النساء: إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها؛ فتحت لها أبواب الجنة الثمانية؛ تدخل من أيها شاءت) (1) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (141/ 1) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (291) عن رواد بن الجراح عن الثوري عن الزبير بن عدي قال: سمعت أنس بن مالك مرفوعاً. وقال ابن عدي: "هذا هو الحديث الذي قال أحمد: حديث منكر ونهى ابن زنجويه أن يحدث به". قلت: وهو من مناكير رواد بن الجراح هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، اختلط بآخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد". ومن طريقه: أخرج البزار الشطر الأول منه؛ كما في "المناوي".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " البزار ". وهو في " الكشف " برقم (3336) . (الناشر) الحديث: 4534 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 36 4535 - (من أحب أن يسبق الدائب المجتهد؛ فليكف عن الذنوب) . ضعيف جداً رواه أبو سعيد النقاش في "الثاني من الأمالي" (47/ 2) ، وأبو الحديث: 4535 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 36 نعيم في "الحلية" (10/ 400) عن يوسف بن ميمون عن عطاء عن عائشة مرفوعاً. وقالا: "تفرد به يوسف". قلت: وهو الصباغ، وهو ضعيف جداً؛ قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 2/ 384) ، وأبو حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 230) : "منكر الحديث جداً". 4536 - (من أحب قوماً على أعمالهم؛ حشر يوم القيامة في زمرتهم، فحوسب بحسابهم، وإن لم يعمل أعمالهم) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه ابن عدي (11/ 2) ، والخطيب (5/ 196) عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسماعيل بن يحيى - وهو التيمي -؛ كذاب، كما قال غير واحد من الأئمة. وقال الدارقطني: "كان يكذب على مالك والثوري وغيرهما". وقال ابن عدي: "حدث عن الثقات بالبواطيل، وهذا الحديث لا يرويه عن الثوري غيره". قلت: ومنه تعلم أن الحافظ السخاوي لم يعطه حقه من الجرح حين قال في "المقاصد" (ص 379) : "وفي سنده إسماعيل بن يحيى التيمي، ضعيف"! ومن العجيب: أن المناوي أقره على ذلك كما يأتي؛ فلعلهما لم يستحضرا - حين حررا ذلك - ترجمته؛ فرقا له، فاقتصرا على هذا الجرح الناعم! الحديث: 4536 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 37 وفي "الجامع الصغير" بلفظ: "من أحب قوماً؛ حشره الله في زمرتهم". رواه الطبراني في "الكبير"، والضياء عن أبي قرصافة. وذكره الهيثمي (10/ 281) من رواية الطبراني، وقال: "وفيه من لم أعرفه". وقد نقله عنه المناوي، وأتبعه بقوله: "فقال السخاوي: فيه إسماعيل بن يحيى التيمي، ضعيف"! وأنا أستبعد جداً أن يكون عند الطبراني من طريق إسماعيل هذا، ثم يخفى حاله على الهيثمي، أو يغض الطرف عنه فلا يعله به؛ وهو كذاب كما سبق، وإنما يعله بمن لم يعرفه! هذا أبعد ما يكون عن أهل العلم. ويؤيده إخراج الضياء إياه في "الأحاديث المختارة"، فهل يعقل أن يكون في إسناده هذا الكذاب؟! فالذي يغلب على الظن: أن السخاوي لم تكن عبارته محررة في الكلام على الحديث واختلاف ألفاظه، فاغتر المناوي بظاهر كلامه؛ فقد قال السخاوي - تحت حديث "المرء مع من أحب" -: "وفي لفظ آخر عن أبي قرصافة: "من أحب قوماً ووالاهم؛ حشره الله فيهم". وفي آخر عن جابر: "من أحب قوماً على أعمالهم؛ حشر معهم يوم القيامة". وفي لفظ: "حشر في زمرتهم". وفي سنده إسماعيل بن يحيى التيمي؛ ضعيف". أقول: ففهم المناوي - والله أعلم - من قول السخاوي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 38 "وفي سنده"؛ أنه يعني الحديث بجميع ألفاظه المذكورة! والظاهر أنه يعني حديث جابر وحده. والله أعلم. وأما حديث: "المرء مع من أحب"؛ فهو متفق عليه من حديث أنس بن مالك، وهو مخرج في "الروض النضير" (104،106،360،361،370،1028) ، و"تخريج فقه السيرة" (214) . 4537 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساء حين يخلو؛ فتلك استهانة يستهين بها ربه) . ضعيف رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/ 369-370) ، وأبو يعلى في "مسنده" (3/ 1269) ، والجرجاني في "الفوائد" (158/ 1) ، وأبو محمد الضراب في "ذم الرياء في الأعمال" (279/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (2/ 290) عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. ثم رواه أبو محمد (1/ 280-281) من طريق أخرى عن إبراهيم به موقوفاً. قال المنذري في "الترغيب" (1/ 33) : "الموقوف أشبه". قلت: وهو ضعيف موقوفاً ومرفوعاً؛ فإن مداره على إبراهيم بن مسلم الهجري؛ وهو ضعيف. ثم وجدت له متابعاً: أخرجه أبو القاسم الحسيني في "الأمالي" (11/ 1) عن عبد الله بن محمد بن المغيرة قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن أبي الأحوص به. الحديث: 4537 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 39 لكن عبد الله بن محمد بن المغيرة - وهو الكوفي نزيل مصر - شديد الضعف؛ قال ابن يونس: "منكر الحديث". وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه". وساق له الذهبي عدة أحايث مما أنكر عليه، ثم قال: "قلت: وهذه موضوعات". والحديث؛ أورده ابن كثير في "تفسيره" بسند أبي يعلى، وسكت عنه، فتوهم الشيخ الرفاعي (2/ 601) أن ذلك تصحيح منه للحديث، فذكره في "مختصره"! وليته سكت إذ أورده كما فعل بلديه (2/ 441) ! إذن لكان الخطأ أيسر، فكيف به وقد صرح بتصحيحه في "فهرسه"؟! فإلى الله المشتكى من هذا الزمان ومدعي العلم فيه!! 4538 - (من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة) . ضعيف روي من حديث أنس، وله عنه طرق: الأولى: عن ابن لأنس بن مالك - واختلف في اسمه -، فقال بقية: عن عاصم بن سعيد: حدثني ابن لأنس بن مالك عن أبيه مرفوعاً به. أخرجه أبو عبد الله الرازي في "مشيخته" (3/ 1) ، وابن بطة في "الإبانة" (1/ 131/ 1) ، وأبو محمد الجوهري في "مجلسان من الأمالي" (66/ 2) ، واللالكائي في "شرح السنة" (1/ 10/ 2) ، والهروي في "ذم الكلام" (4/ 82/ 2) عن بقية به. الحديث: 4538 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 40 إلا أن بعضهم قال: حدثني معبد بن خالد عن أنس. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 114) عن بقية عن عاصم قال: حدثني سعيد بن خالد عن خالد بن أنس عن أنس. ثم قال: "لا يتابع عليه. وخالد بن أنس لا يعرف. وعاصم بن سعيد مجهول أيضاً". وقال: "وفي هذا الباب أسانيد لينة من غير هذا الوجه". ثم رواه (327) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا بقية عن عياض بن سعيد المازني قال: حدثني سعيد بن خالد بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك به. وقال: "عياض مجهول، حديثه غير محفوظ، وقد روي بإسناد أصلح من هذا من غير هذا الوجه". قلت: ولعله يعني الطريق التالية عن ابن جدعان. وبالجملة؛ فهذه الطريق الأولى مدارها على بقية، وهو مدلس، وقد عنعنه في كل الطرق عنه. ثم هو - إلى ذلك - اضطرب في إسناده على وجوه: فهو تارة يسمي شيخه عاصماً، وتارة عياضاً. وتارة لا يسمي ابن أنس، وتارة يسميه. وإذا سماه؛ فتارة يسميه معبد اً، وتارة سعيداً. الثانية: عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أنس مرفوعاً في حديث طويل له. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 41 أخرجه ابن نصر في "الصلاة" (160/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (39/ 1- ترتبيه) ، ومن طريقه الهروي. قلت: وابن جدعان ضعيف. الثالثة: عن يحيى بن عنبسة: حدثنا حميد الطويل عن أنس. أخرجه الهروي أيضاً. ويحيى بن عنبسة دجال وضاع؛ كما قال ابن حبان والدارقطني. الرابعة: عن العلاء أبي محمد الثقفي عنه. أخرجه الهروي. والعلاء هذا: هو ابن زيد - ويقال: زيدل -؛ متروك، ورماه أبو الوليد بالكذب. الخامسة: عن أحمد بن محمد بن غالب - غلام خليل -: حدثنا دينار، عنه. أخرجه عفيف الدين في "فضل العلم" (124/ 2) . قلت: ودينار هذا هو أبو مكيس الحبشي؛ قال الذهبي: "ذاك التالف المتهم. قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة". وغلام خليل من الوضاعين المشهورين. 4539 - (من أخاف مؤمناً؛ كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (412) عن محمد بن حفص الوصابي عن محمد بن حمير عن سلمة (كذا) عن سلمة بن العيار عن عاصم ابن محمد عن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال: الحديث: 4539 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 42 "لم يروه عن سلمة إلا محمد بن حمير". قلت: هو ثقة. لكن الراوي عنه محمد بن حفص الوصابي ضعيف؛ كما قال ابن منده. وقال ابن أبي حاتم: "أردت السماع منه؛ فقيل لي:ليس يصدق، فتركته". وقال ابن حبان في "الثقات": "يغرب". وسلمة شيخ ابن حمير؛ لم أعرفه! ويغلب على ظني أنه محرف من: (سليمان) ؛ وهو ابن سليم الكناني الكلبي أبو سلمة الشامي. أو لعله سقط من الأصل: (أبي) أداة الكنية، فالصواب: "عن أبي سلمة"؛ ولعل هذا هو الأرجح، وهو ثقة. والله أعلم. والحديث؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 254) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه محمد بن حفص الوصابي، وهو ضعيف". وقد روي الحديث عن ابن عمرو بنحوه، وسبق تخريجه برقم (2279) . 4540 - (من أخذ بسنتي فهو مني، ومن رغب عن سنتي فليس مني) . ضعيف جداً رواه أبو جعفر الرزاز البختري في "جزء من الأمالي" (198/ 2-99/ 1) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (63/ 2) عن جويبر عن طلحة بن السحاح قال: الحديث: 4540 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 43 كتب عبيد الله بن معمر القرشي إلى عبد الله بن عمر وهو أمير فارس على جند: إنا قد استقررنا ولا نخاف عدونا، وقد أتى علينا سبع سنين، وقد ولدنا الأولاد؛ فكم صلاتنا؟ فكتب إليه عبد الله: إن صلاتكم ركعتين، فأعاد عليه الكتاب، فكتب إليه ابن عمر: إن صلاتكم ركعتين. فأعاد إليه الكتاب؟ فكتب إليه ابن عمر: إني كتبت إليك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعته يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جويبر - وهو ابن سعيد -؛ قال الذهبي في "المغني": "قال الدارقطني وغيره: متروك". وقال الحافظ: "ضعيف جداً". وطلحة بن السحاح؛ قال الجورقاني: "لا يعرف". وعبيد الله بن معمر القرشي؛ لم أعرفه. 4541 - (من ازداد علماً ولم يزدد هدىً؛ لم يزدد من الله إلا بعداً) . ضعيف جداً رواه أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان البصري في "جزء من الأمالي" (148) : أخبرنا أبو بكر عمر بن إبراهيم بن مردويه الكرجي: خبرنا أبو سعيد أبان بن جعفر النجيرمي: خبرنا أحمد بن سعيد الثقفي: خبرنا سفيان ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبان هذا؛ قال الذهبي في "ذيل الضعفاء": "كذاب، كان بالبصرة". الحديث: 4541 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 44 وأفاد الحافظ في "اللسان" أن (أبان) مصحف، وأن الصواب (أباء) بهمزة لا بنون. وقد أورده كذلك الذهبي نفسه في "الميزان"، وقال: "تالف متأخر". وضبطه ابن ماكولا بتشديد الباء مقصوراً، وقال: "وذكره الخطيب بالتخفيف، ووهم في ذلك". وأحمد بن سعيد الثقفي مجهول. والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الديلمي عن علي. وأفاد المناوي أن الحافظ العراقي قال: "سنده ضعيف"! وهذا فيه تساهل؛ فإن حقه أن يقال: "ضعيف جداً"؛ لأن فيه موسى بن إبراهيم؛ قال الدارقطني: "متروك". وكذبه يحيى كما في "الميزان"، وساق له حديثين، قال: "إنهما من بلاياه"! 4542 - (من استجد ثوباً فقال حين بلغ ترقوته: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق، فتصدق به؛ كان في ذمة الله، وفي جوار الله، وفي كنف الله حياً وميتاً) . ضعيف رواه أحمد (1/ 44) ، وأبو بكر بن النقور في "الجزء الأول من الفوائد" الحديث: 4542 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 45 عن أصبغ: حدثنا أبو العلاء الشامي قال: لبس أبو أمامة ثوباً جديداً، فلما بلغ ترقوته قال: الحمد لله ... ثم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال ابن النقور: "أصبغ بن زيد الجهني الوراق؛ كان من أهل واسط، يكتب المصاحف، مات سنة تسع وخمسين ومئة، عن أبي العلاء الشامي؛ وهو مجهول، ويقال: إن هذا الحديث غير ثابت". ثم رواه من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة: أن عمر بن الخطاب دعا بثياب له جدد فلبسها، فلا أحسبها بلغت تراقيه حتى قال: الحمد لله ... فذكر الحديث بتمامه مرفوعاً نحوه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد الألهاني؛ ضعيفان، وأحدهما أشد ضعفاً من الآخر. وأبو العلاء مجهول؛ كما قال ابن النقور. وأصبغ صدوق. 4543 - (من استحل بدرهم؛ فقد استحل. يعني: النكاح) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 186) ، وأبو يعلى (2/ 241-242) ، والبيهقي (7/ 238) عن وكيع: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن ابن أبي لبيبة عن أبيه عن جده مرفوعاً. ولم يقل ابن أبي شيبة: عن أبيه. الحديث: 4543 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 46 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى هذا؛ قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "ليس بقوي". وأبوه عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وجده أبو لبيبة؛ لم أجد من ترجمهما. وكأنه لذلك قال الطحاوي في "أحكام القرآن": "هذا الإسناد لا يقطع به أهل الرواية". ذكره ابن التركماني. ثم تبينت أنه يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة - ويقال: (ابن لبيبة) -؛ ينسب تارة إلى جده الأدنى، وتارة إلى جده الأعلى، في بحث أجريته في حديث آخر ليحيى هذا؛ سيأتي في المجلد الثالث عشر برقم (6354) . 4544 - (من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع؛ كن له طهوراً) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 186/ 1-2) عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمارة بن خزيمة عن أبيه خزيمة بن ثابت مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ إلا أن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها. وقد أخرجه الطبراني وغيره من طرق أخرى عن هشام بن عروة به، دون قوله: الحديث: 4544 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 47 "كن له طهوراً"؛ بلفظ: "الاستطابة (وفي رواية: الاستنجاء) بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع". وهو الصحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (31) . 4545 - (من استعمل رجلاً على عصابة، وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه؛ فقد خان الله ورسوله، وخان جماعة المسلمين) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (90) و (1/ 248 - ط) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (2/ 126/ 1462) ، وابن عدي (95/ 1) و (2/ 352 - ط) عن حسين ابن قيس عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال العقيلي: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، ويروى من كلام عمر بن الخطاب". وروى عن أحمد أنه قال في حسين هذا: "متروك الحديث، ضعيف الحديث". وعن ابن معين: "ليس بشيء". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك". وقال الذهبي في "المغني": "ضعفوه، لقبه حنش". ومن طريقه: أخرجه الحاكم (4/ 92-93) . وقال: "صحيح الإسناد"! وسقط الحديث من "تلخيص الذهبي"؛ فلم ندر موقفه من هذا التصحيح، وإن كان خطأ بيناً. ولذلك تعقبه المنذري بقوله في "الترغيب" (3/ 142) : "حسين هذا: هو حنش، واه". الحديث: 4545 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 48 ثم رأيت في تعليق الشيخ الفاضل سعد آل حميد على "مختصر استدراك الذهبي" (5/ 2511) : "هذا الحديث بكامله ليس في "التلخيص" المطبوع. وفي المخطوط قال: "قلت: حسين ضعيف ... ". وتعقبه في حديث آخر بقوله: "قال الدارقطني: متروك"، وسيأتي برقم (6652) . وقد وجدت له طريقاً آخر: يرويه ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة به. أخرجه البيهقي (10/ 118) . قلت: فهذه متابعة قوية لحسين بن قيس، ترد قول العقيلي المتقدم: أنه لا يتابع عليه. لكن ابن لهيعة سيىء الحفظ، فلعله لذلك نفى المتابعة! ولكن ذلك ينافي المعهود منهم من إثبات المتابعة، ولو كان في الطريق إليها ضعف. وتابعه أبو محمد الجزري - وهو حمزة النصيبي - عن عمرو بن دينار عن ابن عباس به. أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 114/ 1) . وحمزة هذا: هو ابن حمزة الجعفي؛ متروك؛ كما في "التقريب". وقد روي أتم منه من حديث حذيفة، وسيأتي برقم (7146) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 49 4546 - (من استغفر في دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه؛ غفر له ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف) (1) . ضعيف جداً رواه ابن السني (134) ، وابن عدي (89/ 1) قالا: أخبرنا أبو يعلى (2) : حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا سعيد بن راشد عن الحسن بن ذكوان عن أبي إسحاق عن البراء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سعيد بن راشد، وعمرو بن الحصين؛ متروكان. نعم؛ قد صح الحديث بنحوه عن ابن مسعود وغيره؛ دون قوله: " ... في دبر كل صلاة". ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2727) . ومن جهالات مدعي العلم والتتلمذ على الشيوخ: أنه قوى حديث الترجمة بحديث زيد مثل حديث ابن مسعود المشار إليه؛ غير عارف أنه شاهد قاصر، ليس فيه ما في المشهود له من الاستغفار دبر الصلاةت. انظر ما أسماه بـ "صحيح صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.."، مما يذكرنا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يسمونها بغير اسمها"؛ لأنها في الحقيقة: صلاة الشافعية! والحديث؛ أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 189/ 2/ 7898 - بترقيمي و 8/ 360/ 7734 - ط) ، و"المعجم الصغير" أيضاً من طريق أخرى عن أبي إسحاق به. وفيه راويان؛ أحدهما لا يعرف. والآخر؛ قال البخاري فيه:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع (ع) ، " الجامع " ". (الناشر) . (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوقه: " ليس في نسختنا من " مسنده " ". (الناشر) . الحديث: 4546 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 50 "فيه نظر". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث". وقد تكلمت عليه في "الروض النضير" (161) . 4547 - (من استغفر الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة؛ لم يكتب في يومه من الغافلين. ومن استغفر الله عز وجل في كل ليلة سبعين مرة؛ لم يكتب في ليلته من الغافلين) . ضعيف جداً أخرجه ابن السني (360) عن أحمد بن الحارث الواقدي (كذا ولعله: الغنوي) : حدثتنا ساكنة بنت الجعد الغنوية قالت: سمعت أم عقيل الغنوية تقول: سمعت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أحمد بن الحارث هذا - وهو الغساني، ويعرف بالغنوي -؛ فإنه متروك، وقد مضت ترجمته تحت الحديث (152) . واللتان فوقه؛ لم أجد من ترجمهما (1) .   (1) ساكنة لها ترجمة في " تكملة الإكمال " (3 / 114) لمحمد عبد الغني. (الناشر) الحديث: 4547 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 51 4548 - (من استلحق شيئاً ليس منه؛ حته الله حت الورق) . ضعيف رواه الهيثم بن كليب في "مسنده" (21/ 2) ، وعنه الضياء (1/ 322) : حدثنا شعيب بن الليث: أخبرنا ابن كاسب - إملاءً -: أخبرنا عبد الله بن عبد الله: أنبأنا يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة قال: قلت: لسعيد بن المسيب: إن ههنا رجلاً جميلاً يزعم أنه من قومك. فقال: أمعروف هو؟ فقلت: لا. قال: سمعت سعداً يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. الحديث: 4548 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 51 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة؛ أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 209) من رواية عثمان بن عبد الرحمن الحراني أيضاً عنه؛ لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال. وعبد الله بن عبد الله - وهو الأموي - لين الحديث؛ كما في "التقريب". 4549 - (من استمع إلى قينة؛ صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) . باطل رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" - كما في "الجامع الصغير" - عن أنس. ولم يتكلم المناوي عليه بشيء، وكأنه لم يقف على إسناده، وكذلك أنا لم أقف عليه حتى الآن. ثم راجعت له ترجمة محمد بن المنكدر أحد رواته - كما يأتي - في "تاريخ دمشق" لابن عساكر، وهي حافلة (16/ 18-34) ؛ فلم أره فيها. لكن في "المنتخب" لابن قدامة (10/ 197/ 1) : أن أبا عبد الله سئل عن حديث ابن المبارك عن مالك عن ابن المنكدر عن أنس مرفوعاً ... فذكره، وقيل له: رواه رجل بحلب، وأحسنوا الثناء عليه؟ فقال: هذا باطل. قلت: وفيه إشارة قوية إلى أن علة الحديث: الرجل الحلبي الذي لم يسم. ولعله اختلط عليه بحديث آخر؛ هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون؛ صب في أذنه الآنك يوم القيامة". أخرجه البخاري وغيره، وهو مخرج في "غاية المرام" (422) . ومما تقدم؛ تعلم خطأ ما نقله ابن حجر الهيتمي في "كف الرعاع" (ص 27) عن بعض فقهاء الشافعية: أن الحديث صحيح! الحديث: 4549 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 52 4550 - (من اشتاق إلى الجنة؛ سابق إلى الخيرات. ومن أشفق من النار؛ لها عن الشهوات. ومن ترقب الموت؛ صبر عن اللذات. ومن زهد في الدنيا؛ هانت عليه المصيبات) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 10) ، والخطيب في "التاريخ" (6/ 301) ، وتمام في "الفوائد" (ج1 رقم 41) ، وأبو القاسم الحلبي في "حديثه" (2/ 1) ، وأبو عبد الله الرازي في "المشيخة" (167/ 1) ، والقضاعي في "مسنده" (28/ 2) ، وأبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (26/ 1-2) ، والشيخ علي العبد ي في "جزئه" (156/ 2) ، وأبو القاسم بن عساكر في "التاريخ" (4/ 329/ 1 و 8/ 332/ 2) ، وابنه القاسم في "تعزية المسلم" (2/ 217/ 1) ، وأبوه أيضاً (4/ 210/ 2) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 485) من طرق عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً به. ومنهم من لم يذكر أبا إسحاق في إسناده. قلت: وهو إسناد ضعيف جداً؛ الحارث: هو الأعور؛ وهو ضعيف متهم. ووجدت له طريقاً آخر: يرويه سعد بن سعيد: حدثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن علي مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي (ق 174/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (177) وقال ابن عدي: "سعد بن سعيد الجرجاني كان رجلاً صالحاً، حدث عن الثوري وغيره بما لا يتابع عليه، ولم يكن ذلك عن تعمد منه، بل لغفلة كانت تدخل عليه، وهكذا الصالحون". الحديث: 4550 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 53 قلت: وقد مضى له حديث موضوع برقم (2416) ، وسيأتي له آخر برقم (6588) بلفظ: "قال الله: أيها الشاب ... ". 4551 - (من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فأحدث استرجاعاً - وإن تقادم عهدها -؛ كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب) . ضعيف جداً رواه ابن ماجه (1600) ، ومن طريقه محمد بن طولون في "الأربعين" (27/ 2) ، والدولابي (2/ 128) وفي "الذرية الطاهرة" (14/ 2) عن هشام ابن زياد عن أبيه (1) عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها مرفوعاً. وقال ابن طولون: "انفرد به ابن ماجه. ومن طريقه: أخرجه الحافظ تقي الدين بن فهد في "عمدة المنتحل وبلغة المرتحل"، ولم يتكلم عليه، فسألت عنه شيخنا الجمال بن المبرد فقال: حديث حسن غريب، وكأنه قال بتحسينه تبعاً لما اختاره البغوي في "مصابيحه" من أن الحسان ما رواه أصحاب "السنن". وهو مردود؛ إذ بها غير الحسن؛ ومنه هذا؛ فإن في سنده هشام بن زياد؛ ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم؛ اللهم! إلا أن يدعى أنه حسن باعتبار الشواهد. والله أعلم"! قلت: ولا أعلم له شاهداً بهذا اللفظ أو المعنى، فالحديث ضعيف جداً؛ لأن هشام بن زياد - وهو أبو المقدام - متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد أخرجه أحمد (1/ 201) ، وأبو يعلى (12/ 148-149) ، ومن طريقه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (553) ، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق"   (1) وقع في رواية ابن ماجه: (عن أمِّه) ؛ وكذا في رواية أحمد الآتي ذكرها قريباً. (الناشر) الحديث: 4551 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 54 (5/ 12) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 156/ 1/ 2923) كلهم من طريق هشام بن زياد به إلا أن أحمد قال في روايته: هشام بن أبي هشام ... وقال الطبراني: "لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام أبو المقدام". وهذا يؤكد أنه المتروك. أقول هذا؛ لأن هناك هشام بن أبي هشام الحنفي، روى عن زيد العمي. وعنه معمر بن بكار السعدي، وهذا وشيخه هشام هذا مجهولان كما في "الجرح". وكنت توهمت من كلام الحافظ في "التعجيل" أن هذا هو راوي هذا الحديث! والآن تبينت أنه أبو المقدام: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) . ولفظ الحديث عند أحمد، والآخرين المذكورين معه: "ما من مسلم ولا مسلمة تصيبه مصيبة ... " والباقي نحوه. وقال الهيثمي في "مجمعه" (2/ 331) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه هشام بن زياد أبو المقدام، وهو ضعيف". ثم رأيت الحديث قد أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 321-322) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 64) من طريق إبراهيم بن محمد الثقفي عن هشام ابن أبي هشام عن أمه عن عائشة مرفوعاً. وقال البخاري: "وهشام هذا: هو أبو المقدام، لم يصح حديثه". قلت: وإبراهيم هذا؛ لا يعرف إلا في هذا الحديث من رواية سعيد بن أبي أيوب عنه. ولذلك قال ابن أبي حاتم (1/ 127) عن أبيه: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 55 "هو مجهول". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (6/ 10) ! قلت: ومخالفته للثقات الذين رووه عن هشام.. عن الحسين رضي الله عنه، فجعله هو عن عائشة. وثمة مخالفة أخرى، وهي أنه أسقط الواسطة بين عائشة وهشام في رواية له عند البخاري والعقيلي، وهي أمه. ولولا أن الثقات المشار إليهم اختلفوا على هشام أيضاً، فقال بعضهم: "عن أبيه"، وبعضهم: "عن أمه"؛ لولا هذا لقلت: إن قوله هو: "عن أمه" اختلاف ثالث. وكل من الأب والأم مجهول؛ لذلك لم أر من الفائدة تسويد الورقة في سبيل محاولة المراجحة بينهما! (تنبيه) : لقد زعم المعلق على "مسند أبي يعلى" أنه يشهد للحديث: حديث أم سلمة - عند مسلم وغيره، يعني: بلفظ -: "ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: (إنا لله وإن إليه راجعون) ، اللهم! أجرني في مصيبني، وأخلف لي خيراً منها؛ إلا أخلف الله له خيراً منها"!! قلت: واعتبار هذا شاهداً لحديث الترجمة: من قلة الفقه؛ لأن هذا في فضل الاسترجاع، وذاك في فضل إحداث الاسترجاع، وشتان ما بينهما! وأيضاً؛ فهذا في الدعاء والإخلاف، وذاك في الإحداث والأجر!! وحديث أم سلمة مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 23) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 56 4552 - (من أصيب في جسده بشيء فتركه لله؛ كان كفارة له) . ضعيف رواه أحمد (5/ 412) ، وابن عساكر (16/ 137/ 2) عن مجالد عن عامر عن المحرر بن أبي هريرة عن رجل من الأنصار مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مجالد: هو ابن سعيد، وليس بالقوي. الحديث: 4552 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 57 4553 - (من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن. ومن عصى الله فقد نسي الله، وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) . ضعيف أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد - لابن المبارك" (70) : أنبأنا سعيد بن أبي أيوب قال: أخبرنا أبو هانىء الخولاني أنه سمع خالد بن أبي عمران يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وتابعه (1) سعيد بن منصور: حدثنا عبد الله بن المبارك - عن سعيد به. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (687) . قلت: وعزاه السيوطي في "الجامع" للطبراني في "الكبير" عن واقد. فقال المناوي: "يحتمل أنه ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري؛ تابعي ثقة؛ فليحرر. قال الهيثمي: وفيه الهيثم بن جماز، وهو متروك. اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه".   (1) المتابع هو ابن المبارك، من طريق سعيد بن منصور - عنه -. (الناشر) الحديث: 4553 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 57 وأقول: الاحتمال الذي ذكره غير وارد؛ لأن الصواب أن الحديث من رواية واقد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كذلك رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 210/ 1 و 267/ 2) من طريق الهيثم بن جماز عن الحارث بن غسان عن زاذان عنه. والحارث هذا مجهول. 4554 - (من أطعم مسلماً جائعاً؛ أطعمه الله من ثمار الجنة) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 134) وفي "أخبار أصبهان" (2/ 267- 268) عن خالد بن يزيد: حدثنا فضيل بن عياض عن أبي هارون العبد ي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث الفضيل وأبي هارون، تفرد به خالد". قلت: ولم أعرف من هو؟ وأبو هارون العبد ي - واسمه عمارة بن جوين - متروك. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1) عن سلمان مرفوعاً بلفظ: "من أطعم مريضاً شهوته؛ أطعمه ... ". قال المناوي: "وفيه عبد الرحمن بن حماد، قال أبو حاتم: منكر الحديث. ذكره الهيثمي وأعاده في موضع آخر، وقال: فيه أبو خالد عمرو بن خالد، وهو كذاب متروك". ثم رأيت للحديث طريقاً أخرى عن أبي سعيد مرفوعاً به، وزاد: "ومن سقى مؤمناً على ظمأ؛ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة، ومن كسا مؤمناً عارياً؛ كساه الله من خضر الجنة".   (1) برقم (6107) . (الناشر) الحديث: 4554 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 58 أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (305/ 2) عن عبد الوهاب: حدثنا هشام بن حسان عن الجارود عن عطية عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية: هو العوفي؛ ضعيف مدلس. والجارود لم أعرفه. ومن دونه ثقات. وعبد الوهاب: هو ابن عطاء. 4555 - (من أعان مجاهداً في سبيل الله، أو غارماً في عسرته، أو مكاتباً في رقبته؛ أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) . ضعيف رواه أحمد في "المسند" (3/ 487) ، وابن أبي شيبة (7/ 159/ 1) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (57/ 1) عن عبيد الله بن عمرو وزهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل بن حنيف عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير عبد الله بن سهل هذا؛ فقال الهيثمي (5/ 283) : "لم أعرفه. وعبد الله بن محمد بن عقيل حديثه حسن". وقال الحسيني في ترجمته: "ليس بمشهور". قال الحافظ في "التعجيل": "قلت: صحح حديثه الحاكم، ولم أره في "ثقات ابن حبان"؛ وهو على شرطه"! الحديث: 4555 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 59 قلت: ولا يغتر بتصحيح الحاكم المذكور؛ لتساهله في ذلك؛ كما هو به مشهور. ومما يدلك على ما نقول: أن الحاكم أخرج هذا الحديث نفسه في "المستدرك" (2/ 217) من طريق عمرو بن ثابت: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل به. وقال: "صحيح الإسناد"! فرده الذهبي بقوله: "قلت: بل عمرو رافضي متروك". فمن يصحح لهذا المتروك؛ فبالأحرى أن يصحح لمن هو مجهول! أقول هذا؛ لكيلا يسبق لذهن القارىء أن ابن سهل هذا صار ثقة لمجرد تصحيح الحاكم لحديثه. والحقيقة: أنه في عداد المجهولين، وهو علة الحديث، ليس هو عمراً؛ كما أوهم صنيع الذهبي؛ فقد تابعه ثقتان عند أحمد كما سبق! ثم رأيته في "المستدرك" أيضاً (2/ 89) من طريق زهير بن محمد عن ابن عقيل؛ أورده شاهداً للحديث المتقدم: "من أظل رأس غاز ... ". 4556 - (من اعتقل رمحاً في سبيل الله؛ عقله الله من الذنوب يوم القيامة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 202) عن بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "غريب من حديث عثمان عن أبيه، لم نكتبه إلا من حديث بقية". قلت: وهو مدلس. الحديث: 4556 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 60 وشيخه مسلمة بن علي - وهو الخشني -؛ متهم بالوضع، كما تقدم في أحاديث (141 و 145 و 150 و 151 و 476) . وعثمان بن عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني -؛ ضعيف. وأبوه مدلس. 4557 - (من أفطر يوماً من رمضان، فمات قبل أن يقضيه؛ فعليه بكل يوم مد لمسكين) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 246) من طريق الطبراني وغيره عن عبثر بن القاسم عن أشعث بن سوار عن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً، وقال: "قال الطبراني: لم يروه عن أشعث إلا عبثر". قلت: وهو ثقة. لكن أشعث ضعيف، ولذلك أخرج له مسلم متابعة. وقد تابعه شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع به؛ إلا أنه قال: "نصف صاع من بر". أخرجه البيهقي (4/ 254) . وقال: "هذا خطأ من وجهين: أحدهما: رفعه الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قول ابن عمر. الحديث: 4557 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 61 والآخر: قوله: "نصف صاع"، وإنما قال ابن عمر: "مداً من حنطة". وروي من وجه آخر عن ابن أبي ليلى؛ ليس فيه ذكر الصاع". قلت: ثم ساقه من طريق أخرى عن عبثر به نحوه، بلفظ: "يطعم عنه كل يوم مسكين"، لم يذكر المد. وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ أيضاً. فقد قال: إن الحديث يتقوى بمتابعته لأشعث بن سوار؟! والجواب: أن مدار روايتهما على محمد بن أبي ليلى، وهو ضعيف أيضاً؛ لسوء حفظه. وقول أبي نعيم عقب كلامه السابق: "ومحمد الذي يروي عنه أشعث هذا الحديث: محمد بن سيرين. وقيل: محمد بن أبي ليلى". فهذا التمريض ليس في محله؛ لتصريح شريك في روايته بأنه ابن أبي ليلى؛ مع عدم وجود ما ينافيه. فتنبه! وقد روى البيهقي من طريق جويرية بن أسماء عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من أفطر في رمضان أياماً وهو مريض ثم مات قبل أن يقضي؛ فليطعم عنه مكان كل يوم أفطره من تلك الأيام مسكيناً مداً من حنطة، فإن أدركه رمضان عام قابل قبل أن يصومه، فأطاق صوم الذي أدرك؛ فليطعم عما مضى كل يوم مسكيناً مداً من حنطة، وليصم الذي استقبل. قلت: وسنده صحيح. وقال البيهقي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 62 "هذا هو الصحيح، موقوف على ابن عمر. وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع؛ فأخطأ فيه". ثم ساقه من طريقه كما تقدم. ثم روى (4/ 253) عن أبي هريرة موقوفاً نحو حديث ابن عمر الموقوف، ثم قال: "وروى هذا الحديث إبراهيم بن نافع الجلاب عن عمر بن موسى بن وجيه عن الحكم عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعاً. وليس بشيء؛ إبراهيم وعمر متروكان". 4558 - (من أكثر ذكر الله أحبه الله) . موضوع رواه ابن شاهين في "الترغيب" (284/ 2) عن نعيم بن مورع: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ نعيم هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال الحاكم، وأبو سعيد النقاش: "روى عن هشام أحاديث موضوعة". ومن طريقه: رواه الديلمي؛ كما في "الجامع الصغير" و "شرحه". الحديث: 4558 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 63 4559 - (من أكرم أخاه المسلم؛ فإنما يكرم الله تبارك وتعالى) . ضعيف رواه البغوي في "حديث عيسى الشاشي" (112/ 2) ، وأبو الحسن القزويني في "الأمالي" (6/ 1 - مجموع 22) ، والخطيب في "تلخيص المتشابه" (27/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (26/ 2) عن بقية بن الوليد عن يحيى بن مسلم، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً. الحديث: 4559 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 63 ويحيى بن مسلم من شيوخ بقية المجهولين. ورواه أبو موسى المديني في "اللطائف" (48/ 2) من طريق الطبراني، وهذا في "الأوسط" (262 - حرم) عن بحر بن كنيز السقاء قال: سمعت أبا الزبير به. قال الطبراني: "لم يروه عن أبي الزبير إلا بحر". ومن طريقه: رواه ابن عدي (39/ 2) . وقال: "والضعف على حديثه بين، وهو إلى الضعف منه أقرب إلى غيره". وقال الذهبي في "المغني": "تركوه". وقال الحافظ: "ضعيف". وقال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (270/ 1) : "أخرجه الأصبهاني في "ترغيبه". وقال الذهبي في "الميزان": باطل". ثم أقره. وأما السيوطي؛ فإنه أورده في "الجامع الصغير" من رواية الطبراني! 4560 - (من أكل الطين؛ فقد أعان على نفسه) . موضوع روي من حديث سلمان، وأبي هريرة، وابن عباس، ومحمد الباقر مرسلاً. 1- أما حديث سلمان: فرواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 57) من طريق الطبراني: حدثنا محمد بن نوح العسكري: حدثنا يحيى بن يزيد الأهوازي: حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان مرفوعاً. الحديث: 4560 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 64 وأخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 362) من طريق أخرى عن العسكري به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات؛ غير يحيى بن يزيد الأهوازي؛ قال الذهبي: "لا يعرف، والحديث لم يصح". يعني: هذا. وقد ساقه الحافظ من طريق "معجم الطبراني الكبير": حدثنا محمد بن نوح الجنديسابوري به. وابن نوح هذا؛ ترجمه الخطيب (3/ 324) ، وقال عن الدارقطني: "كان ثقة مأموناً". مات سنة (321) . 2- وأما حديث أبي هريرة: فيرويه بقية عن عبد الملك بن مهران عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عنه. أخرجه ابن عدي (5/ 1944) ، وعنه البيهقي (10/ 11-12) . وقال ابن عدي: "لا أعلم يرويه عن سهيل بن أبي صالح غير عبد الملك هذا، وهو مجهول". قلت: وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 5) من طريق سهل بن عبد الله المروزي عن عبد الملك بن مهران به وقال: "قال أبي: هذا حديث باطل، وسهل بن عبد الله وعبد الملك بن مهران مجهولان". قلت: ومن طريق سهل: رواه العقيلي في "الضعفاء" (3/ 34-35) . 3- وأما حديث ابن عباس: فيرويه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أبو أيوب: حدثنا عبد الله بن مروان - زعم أنه دمشقي - عن ابن جريج عن عطاء عنه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 65 أخرجه البيهقي (10/ 11) وقال: "عبد الله بن مروان مجهول". وقال ابن عدي: "أحاديثه فيها نظر". وقال ابن حبان: "يلزق المتون الصحاح بطرق أخر، لا يحل الاحتجاج به". 4- يرويه شيخ من أهل البصرة - يكنى أبا الفضل الأشج - عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً. رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 22) ، وقال عن أبيه: "هذا حديث كذب، والشيخ لا أعرفه". وبالجملة؛ فالحديث من جميع طرقه ضعيف، لا يصح شيء منها، كما قال البيهقي. بل أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، فما أبعد عن الصواب. وسلفه في ذلك قول أبي حاتم المذكور آنفاً: "كذب"! وروى البيهقي أنه ذكر لعبد الله بن المبارك حديث: "إن أكل الطين حرام"؟ فأنكره، وقال: "لو علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله؛ لحملته على الرأس والعين، والسمع والطاعة". 4561 - (من أكل من هذا اللحم شيئاً؛ فليغسل يده من ريح وضره، لا يؤذي من حذاءه) . ضعيف جداً أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1340) عن الوازع عن سالم عن أبيه مرفوعاً. الحديث: 4561 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 66 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الوازع - وهو ابن نافع الجزري - متروك؛ كما قال النسائي. وقال البخاري: "منكر الحديث". 4562 - (من ألطف مؤمناً، أو خف له شيء من حوائجه - صغر ذلك أو كبر -؛ كان حقاً على الله أن يخدمه من خدم الجنة) . ضعيف جداً رواه البزار (ص 252-253) ، وابن عدي (388/ 2) ، وكذا ابن الضريس في "الثالث من حديثه" (153/ 2) من طريق المعلى بن ميمون المجاشعي: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً. والمعلى متروك؛ كما قال النسائي، والدارقطني. وقال ابن عدي: "إنه حديث منكر". ويزيد الرقاشي ضعيف. وتابعه - عنه -: الحجاج الخصاف أبو يونس. أخرجه أبو المعلى (7/ 132) ، وأبو نعيم (3/ 54) . وقال: "لم نكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهو ضعيف أيضاً؛ أبو يونس هذا مجهول. قاله العقيلي (3/ 486) في ترجمة (قرة بن العلاء السعدي) . وأقره الحافظ في "اللسان"! وكان عليه أن يذكره في بابه من حرف (الحاء) ، وإنما أورده في "الكنى" (6/ 455) ؛ وأحال إلى ترجمة (قرة) ! الحديث: 4562 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 67 4563 - (من أمسك بركاب أخيه المسلم - لا يرجوه ولا يخافه -؛ غفر له) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 262 - حرم) وفي "الكبير" (3/ 92/ 2) من طريق حفص بن عمر المازني: أخبرنا جعفر بن سليمان: حدثني أبي سليمان بن علي عن أبيه علي عن ابن عباس مرفوعاً. ومن طريق الطبراني: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 212) . وقال: "ما كتبناه إلا من حديث حفص بن عمر المازني". قلت: هو مجهول لا يعرف؛ كما في "اللسان". وجعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس؛ لم أجد له ترجمة، وقد ذكروه في الرواة عن أبيه سليمان، وهو علة الحديث. فقد توبع عليه المازني؛ فقد أخرجه الدولابي في "الكنى" (2/ 99) من طريق أبي محمد عبد الله بن حرب قال: حدثنا حسين المقرىء عن جعفر بن سليمان به. لكني لم أعرف أبا محمد هذا، ولا شيخه المقرىء، وانظر الحديث (6586) . الحديث: 4563 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 68 4564 - (من أنعم الله عليه بنعمة، فأراد بقاءها؛ فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (442) عن خالد بن نجيح: أخبرني ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ابن لهيعة إلا خالد". قلت: قال أبو حاتم: الحديث: 4564 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 68 "كذاب، يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح؛ يتوهم أنها من فعله. يعني: أدخلها عليه". 4565 - (من أنعم الله عليه بنعمة؛ فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق؛ فليستغفر الله، ومن حزبه أمر؛ فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف رواه الإسماعيلي في "المعجم" (47/ 2-48/ 1) ، وابن الجوزي في "صفة الصفوة" (1/ 255/ 2) من طريق الخطيب - وهذا في "تاريخ بغداد" (3/ 179-180) - بسنده عن الخليل بن خالد الثقفي قال: حدثنا عيسى بن جعفر القاضي قال: حدثنا ابن أبي حازم قال: كنت عند جعفر بن محمد؛ إذ جاء آذنه فقال: سفيان الثوري بالباب؟ فقال: ائذن له. فدخل، فقال جعفر: يا سفيان! إنك رجل يطلبك السلطان؛ وأنا أتقي السلطان، قم فاخرج غير مطرود. فقال سفيان: حدثني حتى أسمع وأقوم. فقال جعفر: حدثني أبي عن جدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. فلما قام سفيان؛ قال جعفر: خذها يا سفيان! ثلاث وأي ثلاث؟! قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون ابن أبي حازم؛ لم أجد من ترجمهما. لكنهما قد توبعا، فرواه البيهقي في "الشعب" من طريق سعيد بن داود الزبيدي عن ابن أبي حازم به وقال: "تفرد به الزبيدي (1) ، والمحفوظ أنه من قول جعفر، وقد روي من وجه آخر ضعيف".   (1) كذا في الأصل! وأنا أظنه محرفاً، والصواب (الزبيري) ؛ بفتح الزاي المعجمة وسكون النون؛ فإنه هو الذي يسمى سعيد بن داود، وضعفه أبو زرعة. الحديث: 4565 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 69 نقلته من المناوي في "الفيض"، وقال: "والزبيدي هذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: ضعفه أبو زرعة وغيره". قلت: واتهمه بعضهم بالكذب والوضع، ولكنه لم يتفرد به كما سبق. ولعل الوجه الآخر الذي أشار إليه البيهقي: هو ما رواه غسان بن سليمان: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن سفيان عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به. أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 348) ، والضياء في "مشايخ الإجازة" (3/ 274) . قلت: والجزري هذا متهم أيضاً؛ قال ابن حبان: "يأتي عن الثوري بالأوابد؛ حتى لا يشك من كتب الحديث أنه عملها". 4566 - (من باع الخمر؛ فليشقص الخنازير) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 103) ، والدارمي (2/ 114) ، وابن نصر في "الصلاة" (ق 133/ 2) ، وأحمد (4/ 253) ، وابن أبي شيبة (6/ 445/ 1660) ، والحميدي (335/ 760) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 379/ 884) و "الأوسط" (9/ 242/ 8527) ، والبيهقي في "السنن" (6/ 12) ، والخطيب في "التلخيص" (120/ 2) ، وابن عساكر (11/ 297/ 1) عن طعمة بن عمرو الجعفري عن عمرو بن بيان التغلبي عن عروة بن المغيرة الثقفي عن أبيه مرفوعاً. وقال الدارمي: "إنما هو عمرو بن دينار"! الحديث: 4566 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 70 قلت: كذا قال! وهو يعني أن الذي في إسناد الحديث: (عمرو بن بيان) خطأ، والصواب: (عمرو بن دينار) ! وكأنه قال ذلك لما لم يعلم أن في الرواة من يسمى: (عمرو) بفتح العين المهملة (ابن بيان) ! ولا أنا وجدته أيضاً، وإنما ذكروه في كتب الرجال كلها على أنه: (عمر ابن بيان) بضم العين المهملة، وذكروا أنه يروي عن عروة بن المغيرة، وعنه طعمة بن عمرو الجعفري هذا، والأجلح بن عبد الله الكندي، وقال فيه أبو حاتم: "معروف". وذكره ابن حبان في "الثقات"؛ فهو مجهول الحال. وإليه أشار الحافظ بقوله: "مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث. ثم رأيت الحديث في "كتاب العلل" للإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله عنه قال (1383) : "سألته عن حديث طعمة الجعفري عن عمر بن بيان التغلبي ... (فذكره) ؛ قلت: من عمر بن بيان؟ فقال: لا أعرفه". قلت: فهو علة الحديث. وقول الدارمي: "إنما هو عمرو بن دينار"! الظاهر أنه يعني: عمرو بن دينار البصري قهرمان آل الزبير، وليس عمرو بن دينار المكي؛ فإن هذا ثقة، وذاك ضعيف! على أنني لم أر من تابعه عليه. والله أعلم. (تنبيه) : (عمر) هذا؛ هكذا وقع في بعض المصادر المذكورة للحديث. ووقع في بعضها: (عمرو) ، ولعل ذلك مما يؤكد جهالته. والله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 71 4567 - (من بر والديه؛ طوبى له، زاد الله في عمره) . ضعيف رواه ابن وهب في "الجامع" (ص 16-17) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 16) ، وأبو يعلى في "المفاريد" (1/ 3/ 1) و "المسند" (1494) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 162-163) ، والحاكم (4/ 154) ، والواحدي (153/ 2) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته زبان؛ قال الحافظ: "ضعيف الحديث، مع صلاحه وعبادته". الحديث: 4567 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 72 4568 - (من بلغ حداً في غير حدً؛ فهو من المعتدين) . ضعيف أخرجه البيهقي (8/ 327) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 266) من طريق محمد بن حصين الأصبحي: حدثنا عمر بن علي المقدمي: حدثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "تفرد به عمر بن علي عن مسعر". قلت: وهما ثقتان من رجال الشيخين. وكذلك الوليد بن عبد الرحمن، ثقة؛ وهو ابن أبي مالك: هانىء الهمداني أبو العباس الدمشقي؛ قال ابن حبان في "الثقات": "روى عن جماعة من الصحابة، ومات سنة ست". ذكره في "التهذيب". ولما ذكر شيوخه من التابعين؛ لم يذكر له شيخاً من الصحابة، وأنا - شخصياً - لم أره في "ثقات التابعين" لابن حبان من النسخة الحديث: 4568 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 72 المطبوعة؛ فالله أعلم! ففي اتصال هذا الإسناد نظر، وقد أشار إلى ذلك البيهقي كما يأتي. ثم إن محمد بن حصين الأصبحي ترجمه ابن أبي حاتم (1) (3/ 2/ 235) برواية جمع آخر عنه غير المقدمي، ولكنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال. وقد خالفه أبو داود فقال: حدثنا مسعر عن الوليد عن الضحاك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. أخرجه البيهقي. وأبو داود هذا: هو الحفري؛ اسمه عمر بن سعد بن عبيد، وهو ثقة من رجال مسلم، فروايته أصح من رواية الأصبحي. ولذلك قال البيهقي: "والمحفوظ في هذا الحديث: مرسل". قلت: ففيه إشارة إلى أن الضحاك هذا تابعي. وفي التابعين جمع كلهم يسمى الضحاك، فلم يتبين عندي المراد منهم هنا! والله أعلم. 4569 - (من تأنى؛ أصاب أو كاد، ومن عجل؛ أخطأ أو كاد) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (262) ، وعنه أبو بكر بن أبي علي المعدل في "سبع مجالس من الأمالي" (13/ 1) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا إبراهيم بن أبي الفياض الرقي: حدثنا أشهب بن عبد العزيز عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن   (1) لم ينسب في " الجرح " أصبحيا،ثم هو تلميذ للمقدمي، لا شيخ؛ فهو آخر، والله أعلم. (الناشر) الحديث: 4569 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 73 عقبة بن عامر مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن عقبة إلا مشرح، ولا عنه إلا ابن لهيعة، ولا عنه إلا أشهب، تفرد به إبراهيم". قلت: وفيه ضعف؛ قال أبو سعيد بن يونس: "روى عن أشهب مناكير". وابن لهيعة ضعيف. ومثله بكر بن سهل. لكن تابعه أبو الطاهر بن السرح: عند ابن عدي (212/ 1) ، والقضاعي (150/ 2 - النسخة المشرقية) . وأخرجه أيضاً (ق 29/ 2 - النسخة المغربية) من طريق ابن أبي الفياض. 4570 - (من تأهل في بلد؛ فليصل صلاة المقيم) (1) . ضعيف رواه أحمد (1/ 62) ، والحميدي في "مسنده" (36) ، والضياء في "المختارة" (1/ 136) - من طريق أحمد وأبي يعلى - عن عكرمة بن إبراهيم الباهلي: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه: أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس! إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الباهلي هذا؛ قال يحيى وأبو داود: "ليس بشيء". وقال النسائي:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " بمعناه الحديث (6926) ". (الناشر) . الحديث: 4570 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 74 "ضعيف". وفي رواية عنه: "ليس بثقة". وابن أبي ذباب ثقة؛ وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب الدوسي. هكذا ساق نسبه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 94) ، وقال: "وروى عن أبيه عن عثمان رضي الله عنه: مرسل". أي: منقطع، وكأنه يشير إلى هذا الحديث، وقد صرح بانقطاعه الحافظ كما يأتي. وأبوه عبد الرحمن بن الحارث؛ مع إشارة ابن أبي حاتم إلى أنه لم يسمع من عثمان، فإني لم أره قد أفرده بترجمة؛ كأنه من المجهولين عنده، فلم يفرده اكتفاءً منه بتلك الإشارة. والله أعلم. والحديث؛ قال الحافظ في "الفتح": "لا يصح؛ لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به. ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل، فدل على وهاء هذا الخبز. والمنقول أه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من أقام بمكان أثناء سفره؛ فله حكم المقيم فيتم". نقله المناوي. وأقول: وهذا يشبه قول من يقول: إن الجمع بين الصلاتين خاص بمن كان سائراً خلافاً للنازل! وهذا وذاك خلاف السنة الثابتة؛ كما هو مبين في "التعليقات الجياد على زاد المعاد". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 75 4571 - (من تبتل فليس منا) . ضعيف رواه عبد الرزاق (20570 - ط) عن معمر عن خالد الحذاء عن أبي قلابة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد رجلاً من أصحابه، فأقام عليه ثلاثاً، ثم إن الرجل جاء، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أين كنت؟ ". قال: رأيت عيينة - يعني: عيناً -؛ فتبتلت عندها هذه الثلاث، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ فهو ضعيف لإرساله. الحديث: 4571 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 76 4572 - (من تخطى الحرمتين الاثنتين؛ فخطوا وسطه بالسيف) . منكر أخرجه العقيلي (2/ 201) ، وابن عدي (3/ 175 و 4/ 221) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (4/ 379) عن هشام بن عمار: حدثنا رفدة بن قضاعة: حدثنا صالح بن راشد القرشي قال: أتي الحجاج بن يوسف برجل قد اغتصب أخيه نفسها، فقال: احبسوه، وسلوا من ههنا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فسألوا عبد الله بن أبي مطرف؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... (فذكره) ، وكتبوا إلى عبد الله بن عباس يسألونه عن ذلك؟ فكتب إليهم بمثل قول عبد الله بن أبي مطرف. وقال ابن عدي: "لا أعرفه إلا من حديث رفدة، قال البخاري: لا يتابع في حديثه". وفي رواية عنه: "في حديثه بعض المناكير". وقال النسائي: "ليس بالقوي". الحديث: 4572 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 76 قلت: وشيخه صالح بن راشد القرشي مثله أو نحوه؛ قال الذهبي: "شامي لا يعرف، وحديثه منكر، قال البخاري: لم يصح". قلت: وفي ترجمته ساق العقيلي هذا الحديث، وصرح أنه الذي عناه البخاري بقوله: "لم يصح حديثه". وقال الهيثمي في "المجمع" (6/ 269) : "رواه الطبراني، وفيه رفدة بن قضاعة؛ وثقة هشام بن عمار، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات"! قلت: توثيق هشام لا يعتد به؛ مع مخالفته لمن ذكر من الأئمة الذين جرحوه، ولغيرهم ممن ترى كلامهم في "التهذيب". ولذا قال في "التقريب": "ضعيف". وقال الذهبي في "الكاشف": "واه". على أن الهيثمي وهم عن العلة الثانية؛ وهي جهالة صالح بن راشد، وكأنه اعتمد على ابن حبان حيث أورده في "الثقات" (4/ 375) ! وهو من تساهله؛ لأنه - مع مخالفته للبخاري - لم يذكر له راوياً غير (رفدة) الواهي! وقد خولف في إسناده: ففي "اللسان": أم الأزدي ذكر أنه روى الليث بن الحارث عن عبد الملك بن الوليد عن عمر بن عبد الجبار عن صالح بن راشد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه: "من فجر بذات محرم منه؛ فقد تخطى حرمتين في حرمه، فخطوا وسطه بالسيف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 77 قلت: والليث بن الحارث، وعمر بن عبد الجبار؛ لم أعرفهما. وعبد الملك بن الوليد مختلف فيه. وأعله ابن أبي حاتم بعلة أخرى؛ وهي الوقف، فقال (1/ 456) : "قال أبي: كذا رواه هشام. وروي عن عبد الله بن مطرف بن الشخير هذا الكلام قوله، فلا أدري هذا هو أو غيره! وقال عبد الله بن مطرف بن الشخير: إن الحجاج أتي برجل.. الحديث. وهذا الصحيح". قال الحافظ في "الفتح" (12/ 118) - عقب قوله: "لا أدري ... " -: "يشير إلى تجويز أن يكون الراوي غلط في قوله: "عبد الله بن مطرف"، وفي قوله: "سمعت"، وإنما هو (مطرف بن عبد الله) ، ولا صحبة له. وقال ابن عبد البر: يقولون: إن الراوي غلط فيه. وأثر مطرف الذي أشار إليه أبو حاتم: أخرجه ابن أبي شيبة من طريق بكر بن عبد الله المزي (!) قال: أتي الحجاج برجل قد وقع على ابنته وعنده مطرف بن عبد الله بن الشخير وأبو بردة، فقال أحدهما: اضرب عنقه، فضربت عنقه. قلت: والراوي عن صالح بن راشد ضعيف؛ وهو رفدة - بكسر الراء وسكون الفاء -، ويوضح ضعفه قوله: "فكتبوا إلى ابن عباس". وابن عباس مات قبل أن يلي الحجاج الإمارة بأكثر من خمس سنين، ولكن له طريق أخرى إلى ابن عباس، أخرجها الطحاوي؛ وضعف راويها". قلت: قوله في السطر الأول: "عبد الله بن مطرف" خطأ! مطبعي أو قلمي؛ والصواب: (عبد الله بن أبي مطرف) بزيادة أداة الكنية. وقوله: "المزي" خطأ أيضاً! وصوابه: (المزني) . وروايته في "مصنف ابن أبي شيبة" (10/ 105) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 78 4573 - (من ترك الصلاة؛ لقي الله وهو عليه غضبان) . ضعيف أخرجه البزار (ص 41) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (65/ 85/ 1) عن محمد بن عبد الله المخرمي: حدثنا سهل ابن محمود: حدثنا صالح بن عمر عن حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما قام بصري؛ قيل: نداويك وتدع الصلاة أياماً؟ قال: لا؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. والسياق للبزار. وقال: "لا نعلمه يروى مرفوعاً إلا بهذا الإسناد، وقد أوقفه بعضهم". قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله ثلاث علل: الأولى: ضعف سماك في روايته عن عكرمة؛ قال الحافظ: "صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة". الثانية: جهالة حال سهل بن محمود؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 204) برواية اثنين آخرين، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الثالثة: الوقف؛ كما أشار إليه البزار. والحدبيث؛ عزاه المنذري (1/ 195) - وتبعه الهيثمي (1/ 295) - للبزار والطبراني، فقال الأول: "وإسناده حسن"! قلت: وهذا تساهل ظاهر منه! وقال الآخر: الحديث: 4573 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 79 "وفيه سهل بن محمود، ذكره ابن أبي حاتم، وقال: روى عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي وسعدان بن يزيد. قلت: وروى عنه محمد بن عبد الله المخرمي، ولم يتكلم فيه أحد، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! كذا قال! والمخرمي ليس من رجال "الصحيح"، وإنما روى له - من الستة - النسائي فقط. 4574 - (من تزين بعمل الآخرة - وهو لا يريدها ولا يطلبها -؛ لعن في السماوات والأرض) . موضوع رواه الطبراني في "الأوسط" (484) عن إسماعيل بن يحيى التيمي عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "تفرد به إسماعيل". قلت: وهو كذاب مشهور، وبه أعله الهيثمي (10/ 220) . واقتصر المنذري في "الترغيب" (1/ 32) على الإشارة إلى ضعفه! الحديث: 4574 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 80 4575 - (من تعذرت عليه التجارة؛ فعليه بعمان) . ضعيف أخرجه تمام في "الفوائد" (3/ 40/ 1) : حدثنا أبي رحمه الله: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أيوب الرازي: حدثنا أبو عون محمد بن عون الزيادي: حدثنا حماد ابن يزيد المقرىء: حدثنا مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي عن جده شرحبيل - وقد لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال ... فذكره مرفوعاً. ورواه الخطيب في "الموضح" (1/ 54) من طريق أخرى عن أبي عون به. الحديث: 4575 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 80 وكذلك رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (88/ 2) من طريق أبي بكر الشافعي: حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي أبو سهل: حدثنا أبو عون به. وتابعه عمار بن هارون: أخبرنا حماد بن يزيد به. أخرجه ابن قانع في "المعجم"، ترجمة شرحبيل بن السمط. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مخلد بن عقبة؛ قال الغلابي في "الوشي": "لا أعرف حال عقبة ولا مخلد". وحماد بن يزيد المقرىء؛ ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 49) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 219 و 8/ 205) وهو صدوق، كما بينت ذلك في "تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان". فالعلة ممن فوقه. 4576 - (من تقحم في الدنيا؛ فهو يتقحم في النار) . ضعيف أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 342/ 10513) من حديث أبي هريرة مرفوعاً. ذكره السيوطي في "الجامع الصغير". فتعقبه المناوي بقوله: "قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه، والأمر بخلافه؛ فإنه تعقبه بما نصه: قال أبو حازم (1) : تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى ابن سعيد"!   (1) هو شيخ البيهقي (أبو حازم العبدري الحافظ) ، وقد رواه عنه مع شيخين آخرين له. الحديث: 4576 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 81 أقول: لا يظهر التعقب بمجرد ذكر التفرد المطلق، فيبدو لي أن البيهقي أشار بذلك إلى أنه تفرد مصحوب مع المخالفة لمن هو أوثق منه؛ فإن المهرقاني هذا - وإن كان صدوقاً لا بأس به -؛ فقد خالفه في لفظه جبل الضبط والحفظ: الإمام أحمد، فقال في "مسنده" (2/ 435) : حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "الذي يطعن نفسه؛ إنما يطعنها في النار. والذي يتقحم فيها يتقحم في النار. والذي يخنق نفسه يخنقها في النار". قلت: فهذا هو نص الحديث الذي ضبطه الإمام أحمد رحمه الله تعالى بإسناده الحسن. ويحيى شيخه فيه: هو ابن سعيد القطان، وهو شيخ المهرقاني كما رأيت. والتقحم المذكور فيه؛ إنما هو التقحم في نار الدنيا، وليست الدنيا نفسها كما في رواية المهرقاني! ولعل أصل حديثه: "نار الدنيا"؛ فسقط من حفظه لفظ: "نار"، وقانا الله تعالى شر نار الدنيا والآخرة! ثم رأيت الحديث قد أخرجه أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (ق 36/ 2) من طريق محمد بن عمار بن عطية: أخبرنا حفص بن عمر المهرقاني: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ الترجمة. ومحمد بن عمار بن عطية - وهو السكري الرازي -؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 43) : "روى عن أبي هارون البكاء وسهل بن عثمان العسكري". ولم يذكر له راوياً، ولا جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 82 فلعله هو علة الحديث، رواه عن المهرقاني بإسنادين له: مرة عن أبي هريرة - كما رواه البيهقي -، ومرة عن ابن عمر - كما رواه البجيرمي -، والله أعلم. 4577 - (أيما رجل باع عقرة من غير حاجة؛ بعث الله له تالفاً يتلفها) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 143/ 2) عن علي بن عثمان اللاحقي: حدثنا حفص بن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي: حدثنا محمد بن أبي المليح الهذلي عن عبد الله بن يعلى الليثي - قاضي البصرة -: أن معقل بن يسار باع داراً بمئة ألف، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "لم يروه عن حفص إلا علي". قلت: وهو ثقة صاحب حديث؛ كما قال الذهبي. لكن شيخه حفص بن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي؛ لم أجد له ترجمة. ومثله عبد الله بن يعلى الليثي. وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (4/ 111) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه جماعة لم أعرفهم، منهم: عبد الله بن يعلى الليثي"! قلت: لكن محمد بن أبي المليح - وهو ابن أسامة الهذلي -؛ أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: الحديث: 4577 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 83 "قال محمد بن المثنى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عنه بشيء قط". زاد في "اللسان": "وذكره ابن حبان في "الثقات". وذكره الساجي، والعقيلي في (الضعفاء) ". والحديث؛ أورده السيوطي من رواية الطبراني في "الأوسط" عن معقل بن يسار أيضاً، لكن بلفظ: "من باع عقر دار من غير ضرورة؛ سلط الله على ثمنها تالفاً يتلفه". فالله أعلم: هل هذا لفظ آخر للطبراني عنه، أم هو لغيره؟! وهذا هو الذي أظنه. وذكره الهيثمي من حديث عمران بن حصين مرفوعاً؛ بلفظ: "ما من عبد يبيع تالداً؛ إلا سلط الله عليه تالفاً". وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه بشير بن سريج، وهو ضعيف". قلت: ومن طريقه: رواه الروياني أيضاً في "مسنده" (18/ 32/ 1) عنه عن قبيصة بن الجعد السلمي عن أبي المليح الهذلي عن عبد الملك بن يعلى عن عمران ابن حصين به. لكنه لم ينفرد به؛ فقد روى البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 437) ، والروياني من طريق عبد الصمد (1) : أخبرنا محمد بن أبي المليح الهذلي: حدثني رجل من الحي: أن يعلى بن سهيل مر بعمران بن حصين، فقال له: يا يعلى! ألم أنبَّأ أنك بعت دارك بمئة ألف؟ قال: بلى، قد بعتها بمئة ألف. قال ... فذكره - واللفظ للروياني -.   (1) وعن عبد الصمد - به - رواه الإمام أحمد في " المسند " (4 / 445) ، ولكن بلفظ: " عقدة مال ". (الناشر) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 84 ولفظ البخاري من هذه الطريق: حدثنا محمد بن أبي المليح: حدثني عبد الملك بن يعلى عن أبيه عن عمران بن حصين به. وأخشى أن يكون في الأصل سقط. ثم روى الروياني، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (137/ 1) من طريق موسى بن أيوب بن عياض الليثي: أخبرنا أبي عن عبد الملك بن يعلى - قاضي البصرة - عن محمد بن عمران بن حصين: حدثني أبي به. وموسى بن أيوب وأبوه مجهولان؛ كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 134) عن أبيه. وروى الدولابي في "الكنى" (2/ 71) عن فضالة بن حصين قال: حدثني عبد الوارث بن أبي محمد عن يعلى بن عبد الملك البصري الليثي قال: قال لي عمران بن حصين: يا يعلى! ... فذكره نحوه. وفضالة ضعيف؛ قال البخاري وأبو حاتم: "مضطرب الحديث". وضعفه جماعة. وعبد الوارث بن أبي محمد؛ لم أعرفه. ثم روى الدولابي (2/ 23) عن أبي عامر موسى بن عامر عن عاصم بن الحدثان قال: قال عمران ... فذكره. قلت: وعاصم هذا؛ أشار الحافظ في ترجمة موسى بن عمران من "اللسان" إلى أنه مجهول. وموسى بن عامر من شيوخ أبي داود؛ صدوق له أوهام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 85 وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف لاضطراب الرواة في إسناده، وجهالة الكثير منهم. والله أعلم. نعم؛ قد ثبت بلفظ آخر من حديث سعيد بن حريث وغيره؛ فراجعه في "الصحيحة" (2327) . 4578 - (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد هـ ورسوله؛ فتح له من الجنة ثمانية أبواب، يدخل من أيها شاء) . ضعيف بهذا السياق رواه ابن ماجه (1/ 174) ، وأحمد (3/ 265) ، والدولابي في "الكنى" (2/ 118) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 180) عن زيد العمي عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل زيد العمي؛ فإنه ضعيف، كما جزم به الحافظ. والحديث صحيح دون قوله: "ثلاث مرات"؛ فقد رواه كذلك عمر بن الخطاب؛ وعقبة بن عامر؛ فراجع له "صحيح أبي داود" (841) ، و "تخريج الترغيب" (1/ 104-105) . الحديث: 4578 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 86 4579 - (من توضأ في موضع بوله، فأصابه الوسواس؛ فلا يلومن إلا نفسه) . ضعيف رواه ابن عدي (211/ 2) عن منصور بن عمار: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. الحديث: 4579 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 86 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. ونحوه منصور بن عمار؛ وهو الواعظ المشهور. 4580 - (من مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد؛ فهو شاهد زور، ومن أعان على خصومة بغير علم؛ كان في سخط الله حتى ينزع) . ضعيف أخرجه البيهقي في "السنن" (6/ 82) عن رجاء أبي يحيى - صاحب السقط - قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يحدث عن أيوب السختياني عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاء - وهو ابن صبيح الحرشي البصري - أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "ضعفه ابن معين". وقال الحافظ: "ضعيف". والشطر الثاني منه؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية البيهقي في "الشعب" بلفظ: "من جادل في خصومة ... " والباقي مثله. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 102) : "رواه ابن أبي الدنيا، والأصبهاني في "الترغيب" من حديث أبي هريرة، وفيه رجاء أبو يحيى، ضعفه الجمهور". قلت: وقد صح من حديث ابن عمر مرفوعاً في حديث له: الحديث: 4580 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 87 " ... ومن خاصم في باطل وهو يعلم؛ لم يزل ... ". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (437) . 4581 - (من جمع بين الصلاتين من غير عذر؛ فقد أتى باباً من أبواب الكبائر) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي (1/ 356 - شاكر) ، وأبو يعلى (2751) ، والحاكم (1/ 275) ، والعقيلي (90) ، والطبراني (3/ 125/ 2) ، والبزار (4581 - كشف) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (71/ 2) عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. ومن هذا الوجه: رواه الخطيب في "الموضح" (2/ 20) ؛ وقال: "حنش: هو حسين بن قيس أبو علي الرحبي، وهو ضعيف". ولهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" (3/ 19/ 2) : "وهو حديث ضعيف". وقال العقيلي: "لا أصل له، وقد روي عن ابن عباس بإسناد جيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء". قلت: وقال الحافظ في الحنش هذا: "متروك". ولذلك لما قال الحاكم عقب الحديث: "حنش بن قيس الرحبي يقال له: أبو علي، من أهل اليمن، سكن الكوفة، ثقة"! رده الذهبي بقوله: "قلت: بل ضعفوه". الحديث: 4581 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 88 (تنبيه) : حديث ابن عباس الذي ذكره العقيلي؛ قد صح موصولاً في "صحيح مسلم" وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (3/ 34) ، و "صحيح أبي داود" (1096) . 4582 - (من جهز غازياً في سبيل الله حتى يستقل؛ كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2758) من طريق الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن سراقة هذا - وهو ابن بنت عمر بن الخطاب - لم يثبت سماعه من عمر. والوليد بن أبي الوليد وثقه أبو زرعة، وكذا ابن حبان؛ إلا أنه قال: "ربما خالف؛ على قلة روايته". قلت: ولعله لذلك قال الحافظ: "لين الحديث". الحديث: 4582 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 4583 - (من حاول أمراً بمعصية؛ كان ذلك أفوت لما رجا، وأقرب لمجيء ما اتقى) . ضعيف رواه تمام في "الفوائد" (31-32) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (105/ 1-2) : أنبا أبو زرعة محمد بن سعيد بن أحمد القرشي - يعرف بابن التمار -: حدثنا علي بن عمرو بن عبد الله المخزومي: حدثنا معاوية بن عبد الرحمن: حدثنا حريز بن عثمان: حدثنا عبد الله بن بسر المازني مرفوعاً. الحديث: 4583 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون حريز لم أعرفهم. وأخرجه القضاعي (44/ 1) عن مقدام بن داود قال: أخبرنا علي بن معبد قال: أخبرنا بقية بن الوليد عن الحكم بن عبد الله قال: أخبرنا الزهري مرفوعاً. وأخرجه هو، وأبو نعيم (6/ 339) من طريق عبد الوهاب بن نافع الشلبي قال: أنبأنا مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رفعه. قلت: وعبد الوهاب هذا؛ اتهمه الذهبي فقال: "وهاه الدارقطني وغيره، ألصق بمالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام؛ فإن الله يطعمهم ... " (1) . قلت: وهذا الحديث؛ أخرجه الخطيب في "الرواة عن مالك"، والدارقطني أيضاً؛ وقال بعده: "عبد الوهاب واه جداً". والحكم بن عبد الله: هو الأيلي؛ كذاب؛ كما قال أبو حاتم. وقال أحمد: "أحاديثه كلها موضوعة". 4584 - (من حج عن أبيه وأمه؛ فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج) . باطل أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 272) عن عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو البصري عن عطاء عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن عبد الرحمن: هو الطرائفي؛ كما يأتي في   (1) حسنه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (727) من غير حديث ابن عمر، فلتنظر. (الناشر) الحديث: 4584 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 90 رواية ابن أبي حاتم، وهو صدوق في نفسه، وإنما ضعف لكثرة روايته عن الضعفاء. ومحمد بن عمرو البصري؛ الظاهر أن أبو سهل الأنصاري البصري، وبه جزم بعضهم، وهو ضعيف كما في "التقريب"، وكان يحيى بن سعيد يضعفه جداً كما في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 32) بروايتين له عنه. لكني لم أجد من ذكر في شيوخه عطاء، ولا في الرواة عنه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي! وكأنه لذلك جزم أبو حاتم بأنه ليس هو محمد بن عمرو؛ وإنما محمد بن عمر المحرم. فقال ابنه في "العلل" (1/ 278) : "سألت أبي عن حديث رواه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي قال: حدثني محمد بن عمرو ... (فذكره) ؟ قال أبي: ليس هذا محمد بن عمرو، إنما هذا هو محمد بن عمر؛ الذي يعرف بالمحرم، وكان واهي الحديث، وهذا عندي حديث باطل". 4585 - (من حج هذا البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت [الطواف] ) . ضعيف أخرجه الترمذي (946) ، وأحمد (3/ 416-417) ، وابن نافع في "المعجم" عن الحجاج بن أرطأة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن أوس عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. فقال له عمر: خررت من يديك! سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تخبرنا به؟! وقال الترمذي: "حديث غريب". الحديث: 4585 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 91 قلت: أي ضعيف، وذلك لأن عبد الرحمن البيلماني ضعيف. والحجاج بن أرطأة مدلس؛ وقد عنعنه. وقد صح الحديث عن ابن أوس دون ذكر الاعتمار: فرواه الوليد بن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: أتيت عمر بن الخطاب، فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض؟ قال: ليكن آخر عهدها بالبيت. قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكيما أخالف؟! أخرجه أبو داود (1/ 313) ، والنسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة المزي" (3/ 6) -، وأحمد (3/ 416) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 45 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 221) . قلت: وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم. والوليد هذا: هو الجرشي. وصححه الحافظ في "الإصابة". واقتصر المنذري في "مختصر السنن" (2/ 430) على تحسينه؛ وهو قصور! وصرح بأن إسناد الترمذي المتقدم ضعيف. واعلم أن ظاهر الحديث: وجوب طواف الوداع على الحائض أيضاً، وأنه يجب عليها الانتظار حتى تطهر فتطوف! لكن قد جاءت أحاديث صحيحة بالترخيص لها بالانصراف؛ ما دام أنها طافت قبل ذلك طواف الإفاضة. ولذلك قال الخطابي في "معالم السنن": الجزء: 10 ¦ الصفحة: 92 "قلت: وهذا على سبيل الاختيار في الحائض؛ إذا كان في الزمان نفس، وفي الوقت مهلة، فأما إذا أعجلها السير؛ كان لها أن تنفر من غير وداع؛ بدليل خبر صفية. وممن قال: إنه لا وداع على الحائض: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو قول أصحاب الرأي وكذلك قال سفيان". قلت: ومن تلك الأحاديث التي أشرنا إليها: حديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. أخرجه مسلم (4/ 93) . وفي رواية له عنه مرفوعاً: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت". ورواه الطحاوي (1/ 423) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أيضاً، وزاد: إلا الحيض؛ رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وصححه الترمذي (944) وغيره. ورواه ابن حبان في "الصحيحة" (3888) بلفظ: "من حج البيت؛ فليكن آخر عهده بالبيت؛ إلا الحيض، رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم رأيت حديث الترجمة؛ قد أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 40-41) من طريق الحجاج به، دون قوله: "أو اعتمر"؛ فهو الصواب. قوله: (أربت عن يديك) ؛ أي: سقطت آرابك من اليدين خاصة؛ كما في "النهاية". و (الآراب) : الأعضاء. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 93 (تنبيه) : عزا السيوطي حديث الترجمة لأصحاب "السنن الثلاثة"! وليس هو عند أبي داود والنسائي بهذا اللفظ، وإنما بلفظ آخر؛ ليس فيه ذكر العمرة، ولا هو بهذا المعموم: "من .... "! وهو مخرج في "صحيح أبي داود" برقم (1749) . 4586 - (من حج فلم يرفث ولم يفسق؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) . شاذ بهذا اللفظ أخرجه الترمذي (1/ 155) : حدثنا ابن أبي عمر: حدثنا سفيان عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"! قلت: جرى الترمذي على ظاهر إسناده، فحكم له بالصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي عمر - واسمه محمد بن يحيى -؛ فإنه على شرط مسلم وحده. وقد خولف في لفظ الحديث؛ فهو العلة. وقد قال فيه الحافظ: "صدوق، صنف "المسند"، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة". قلت: وقد خالفه الإمام أحمد فقال (2/ 248) : حدثنا سفيان عن منصور ... بلفظ: " ... رجع كيوم ولدته أمه". وهذا هو المحفوظ عن منصور؛ فقد رواه جمع من الثقات الحفاظ عن منصور به. أخرجه البخاري (1/ 455) ، ومسلم (4/ 107) ، والدارمي (2/ 31) ، وابن ماجه (2889) ، وأحمد أيضاً (2/ 410،484،494) ، والطبري (3721،3722،3724) . الحديث: 4586 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 94 وتابعه سيار أبو الحكم قال: سمعت أبا حازم به. أخرجه البخاري (1/ 386) ، ومسلم أيضاً، وأحمد (2/ 229) ، والطبري (3718،3719،3728) . وتابعه الأعمش عن أبي حازم به. أخرجه الطبري (3723) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 102) ، وزاد في أوله زيادة منكرة بلفظ: قال - ونظر إلى البيت -: "من حج ... ". وسنده واه. وتابعه هلال بن يساف عن أبي حازم به. أخرجه الطبري أيضاً (3726،3727) . فهؤلاء ثلاثة من الثقات تابعوا منصوراً على اللفظ الثاني الذي رواه عنه الحفاظ؛ فدل ذلك دلالة قاطعة على شذوذ ابن أبي عمر في روايته باللفظ الأول عن سفيان، وصواب رواية أحمد عنه؛ وهو المراد. 4587 - (من حضر إماماً؛ فليقل حقاً أو ليسكت) . ضعيف رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (4/ 42) : حدثني القاسم بن هاشم: حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا وهيب بن خالد: حدثنا أبو واقد الليثي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (6/ 63/ 1) ، وعنه ابن عساكر (8/ 108/ 1) عن سهل بن بكار: أخبرنا وهيب به. الحديث: 4587 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 95 ورواه ابن عدي (199/ 1) من طريق آخر عن أحمد بن إسحاق به. وقال: "وأبو واقد صالح بن محمد؛ من الضعفاء الذين يكتب حديثهم". وقال الحافظ: "ضعيف". ورواه موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن نافع به. ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 431) ؛ وقال: "فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو وهيب عن أبي واقد عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". 4588 - (من حضر معصبة فكرهها؛ فكأنما غاب عنها، ومن غاب عنها وأحبها؛ فكأنما حضرها) . ضعيف رواه ابن حبان في "الثقات" (2/ 303) : حدثنا عمرو بن محمد بن سهل بن عسكر: حدثنا سعيد بن أبي مريم: حدثنا نافع بن زيد عن يحيى بن أبي سليمان عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً. وهذا سند ضعيف؛ من أجل يحيى بن أبي سليمان -؛ فإنه وإن وثقه ابن حبان، وفي ترجمته ساق له هذا الحديث، ووثقه الحاكم -؛ فقد قال البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي، يكتب حديثه". ومن طريقه: أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2/ 39/ 1-2) ، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (61/ 2) . وقال الحافظ: الحديث: 4588 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 96 "لين الحديث" (1) . 4589 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة، كنت له شفيعاً يوم القيامة) . موضوع رواه الحسن بن سفيان في "الأربعين"، وعنه المقدسي في آخر "أربعينه" (61/ 2) ، وتمام في "الفوائد" (209/ 2) ، وابن عدي (15/ 2) ، وأبو عبد الله الصاعدي في "الأربعين" (1/ 2) ، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (1/ 32/ 1) ، وأبو القاسم القشيري في "أربعينه" (151/ 1) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 44) ، والقاسم بن عساكر في "الأربعين البلدانية" (4/ 1) ، ومحمد ابن طولون في "الأربعين" (6/ 1) عن إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي: "إسحاق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث". وقال ابن نصر المقدسي: "تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي". وتعقبه ابن طولون بقوله: "رواه ابن عدي من حديث خالد بن يزيد العمري عن ابن جريج به، ثم قال: "روى هذا الحديث - مع خالد بن يزيد - إسحاق بن نجيح الملطي، وهو شر منه". وإسحاق هذا؛ قال أحمد: هو أكذب الناس. وقال يحيى: هو معروف   (1) والحديث قد ورد بنحوه من حديث العرس بن عميرة، وعدي بن عدي في " سنن أبي داود " (4345 - 4346) ؛ وهو مخرج في " المشكاة " (5141) محسناً. (الناشر) . الحديث: 4589 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 97 بالكذب ووضع الحديث. وقال الحافظ أبو نعيم: رواية ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس متصلة صحيحة على شرط الأئمة، لكن الراوي عن ابن جريج إسحاق ابن نجيح متروك الحديث"! قلت: وهذا تعقب شكلي لا طائل تحته؛ فإن خالداً هذا كذاب أيضاً، كذبه أبو حاتم ويحيى. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". وتابعه بقية عن عبد الملك بن عبد العزيز (وهو ابن جريج) ؛ بلفظ: "من حمل من أمتي أربعين حديثاً؛ بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً". أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 200-201) ، والسلفي في "الطيوريات" (89/ 1-2) ، والقاسم بن عساكر في "أربعينه" (4/ 2) عن عبد الله ابن محمد بن سعيد الإصطخري: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الشرقي - بإصطخر -: أخبرنا محمد بن عمرو بن حنان: أخبرنا بقية بن الوليد. وقال القاسم: "عبد الله بن محمد بن سعيد الإصطخري أكثر من روى عنه مجهولون لا يعرفون، وأحاديثه مقلوبة، قال البرقاني: أظنهم تكلموا فيه. وشيخه مجهول. ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن حنان أبو عبد الله الكلبي من أهل حمص؛ ثقة. وبقية تكلموا فيه". قلت: ذكر ابن حبان أنه كان مدلساً، يدلس عن الثقات ما أخذه عن مثل المجاشع بن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وعمر بن موسى التميمي، وأشباههم من المتروكين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 98 ثم روى ابن عبد البر من طريق يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن حجر العسقلاني: حدثنا أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجويه: أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر مرفوعاً نحوه. وقال: "هذا أحسن إسناد جاء به هذا الحديث، ولكنه غير محفوظ ولا معروف من حديث مالك، ومن رواه عن مالك فقد أخطأ عليه، وأضاف ما ليس من روايته عليه"! كذا قال، وأقره ابن طولون! وهو بحاجة إلى تحرير؛ فإن ظاهره تعصيب الخطأ بيحيى بن عبد الله بن بكير؛ فإنه مع كونه من شيوخ البخاري ومسلم؛ فقد تكلموا في سماعه من مالك، كما قال الحافظ في "التقريب". لكن في الطريق إليه يعقوب العسقلاني؛ قال الذهبي: "كذاب". ثم ساق له هذا الحديث بهذا الإسناد. وساق له الحافظ في "اللسان" حديثاً آخر موقوفاً على ابن عمر، وقال: "هذا من أباطيل يعقوب". ثم قال: "وقد وجدت له حكاية يشبه أن تكون من وضعه". ثم ذكرها بسنده منه إليه؛ فهو الآفة. ثم رواه القاسم بن عساكر من طريق أبي نصر محمد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن ودعان الموصلي: أنبأنا أبو سعيد الآملي المقرىء: أخبرنا أبو محمد عبد الله الجزء: 10 ¦ الصفحة: 99 ابن أحمد القاضي عن أبيه: حدثنا أبو علي الحسن بن الصباح البزار: حدثنا سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر؛ بلفظ: "من نقل عني إلى من لم يلحقني من أمتي أربعين حديثاً؛ كتب في زمرة العلماء، وحشر في جملة الشهداء". وقال: "أبو نصر بن ودعان غير ثقة عند أهل الحديث، نسبه قوم إلى الكذب، وآخرون إلى وضع الأحاديث، وسمعت أبي رحمه الله يصفه بالكذب والوضع. وأساء الثناء عليه الحافظ أبو طاهر السلفي، وصنف جزءاً لطيفاً في الطعن في "أربعين ابن ودعان" - وهو عندي -. وأبو سعيد الآملي غير معروف. وأبو محمد عبد الله بن أحمد القاضي غير مشهور. وأبوه كذلك. والحديث مركب على إسناد صحيح". وابن ودعان هذا مترجم في "الميزان"، ووصفه بأنه: "صاحب تلك "الأربعين الودعانية الموضوعة"، ذمه أبو طاهر السلفي وأدركه وسمع منه، وقال: هالك متهم بالكذب. وكتابه في "الأربعين" سرقه من عمه أبي الفتح، وقيل: سرقه من زيد بن رفاعة وحذف منه الخطبة ... وابن رفاعة وضعها أيضاً، ولفق كلمات من دقائق الحكماء، ومن قول لقمان، وطول الأحاديث". وزيد بن رفاعة هذا يكنى بأبي الخير، وله ترجمة أيضاً في "الميزان"، و "أربعينه" محفوظة في المكتبة الظاهرية. وقد أخرج الحديث فيه (3/ 1) ، وعنه القاسم بن عساكر في "أربعين السلفي" (6/ 2) : حدثني علي بن شعيب البزاز - بالرقة -: أخبرنا إسماعيل بن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 100 إبراهيم الأسدي: أخبرنا عباد بن إسحاق: أخبرنا عبد الرحمن بن معاوية عن الحارث مولى سباع عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ الترجمة؛ إلا أنه قال: "أدخلته يوم القيامة في شفاعتي". وقال ابن عساكر: "أبو الخير متهم بوضع الحديث، كذاب، ذكره أبو بكر الخطيب في "التاريخ" فقال: كان كذاباً وقال: سمعت أبا القاسم هبة الله بن الحسن الطبري ذكر زيد بن رفاعة فقال: رأيته بالري، وأساء القول فيه. وشيخه علي بن شعيب مجهول. وإسماعيل بن إبراهيم الأسدي غير معروف. وعباد بن إسحاق مجهول. وعبد الرحمن بن معاوية أبو الحويرث الزرقي سئل مالك عنه فقال: ليس بثقة. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بثقة، يكتب حديثه ولا يحتج به". واللفظ الثاني المتقدم من حديث بقية قد روي من حديث أنس أيضاً، وله عنه طريقان: الأولى: عن سليمان بن سلمة الخبائزي: حدثنا نصر بن الليث عن عمر بن شاكر عنه. أخرجه ابن عدي (5/ 56) ، وتمام (206/ 2) . قلت: عمر هذا ضعيف؛ وفي ترجمته أورده ابن عدي؛ فما أصاب؛ لأن الخبائزي متهم بالكذب! لذلك قال الذهبي في آخر ترجمة عمر: "هذا من وضع سليمان، فينبغي أن يكون في ترجمته". والأخرى: عن معلى بن هلال عن أبان عنه. أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (1/ 32/ 1) عن محمد بن أبان قال: حدثنا معلى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 101 قلت: وأبان: هو ابن أبي عياش؛ متروك. ومعلى بن هلال؛ قال أحمد: "متروك الحديث، حديثه موضوع كذب". وقال الحافظ: "اتفق النقاد على تكذيبه". ومحمد بن أبان: هو الغنوي أو الغيري؛ مجهول الحال. وخالفه أبو إسحاق الحجازي فقال: عن المعلى عن السدي عن أنس. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 206) ، وابن عبد البر (1/ 43) عن بقية عنه. وأبو إسحاق هذا؛ قال الذهبي: "روى عن موسى بن أبي عائشة مناكير. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". ثم ذكر له حديثاً طويلاً موضوعاً. وقد جمع اللفظين المذكورين في سياق واحد بعض المتروكين، فقال عبد الملك ابن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده وعن أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ: "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها؛ بعثه الله فقيهاً، وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً". أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (4/ 37/ 2) ، وأبو عبد الله بن منده في "الأمالي" (36/ 2) ، والسلفي في "الأربعين" (9/ 2) ، والقاسم بن عساكر (6/ 1) عن الفضل بن غانم عنه. وقال ابن عساكر: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 102 "الفضل بن غانم البغدادي قاضي الري. قال أحمد بن حنبل: من يقبل عن ذاك حديثاً؟! يعني من يكتب عنه؟! وعبد الملك بن هارون بن عنترة؛ ضعفه أحمد بن حنبل. وقال يحيى بن معين: كذاب. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ذاهب الحديث". وقال الحافظ ابن حجر في "الأربعين العوالي" (رقم 45) - بعدما أخرجه من طريق السلفي -: "هذا حديث مشهور، وله طرق كثيرة، وهو غريب من هذا الوجه، تفرد به عبد الملك. وأخرجه ابن حبان في "كتاب الضعفاء" له من طريق عبد الملك بن هارون هذا، واتهمه به، وقال: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار. وضعفه غيره، وباقي رجاله ثقات". وعبد الملك؛ قال السعدي: "دجال كذاب". وقال صالح بن محمد: "عامة حديثه كذب، وأبوه هارون ثقة". وقال الحاكم في "المدخل": "روى عن أبيه أحاديث موضوعة". وفي الباب طرق أخرى عند ابن عبد البر وغيره؛ لا تخلو كلها من مجروح، وقال ابن عبد البر في آخرها: "قال أبو علي بن السكن: وليس يروى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ثابت". وقال النووي في مقدمة "أربعينه": "واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف، وإن كثرت طرقه". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 103 يعني: أن كثرة طرقه لم ينجبر بها ضعفه، وما ذلك إلا لشدة ضعفها واختلاف ألفاظها. والحق: أن الحديث عندي موضوع، وإن اشتهر عند العلماء، وعملوا من أجله كتب "الأربعين"، ولو كان صحيحاً؛ لما قيض الله لروايته والتفرد به تلك الكثرة من الكذابين والوضاعين! 4590 - (من حمل أخاه على شسع؛ كأنما حمله على دابة في سبيل الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (ص 663) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 189) عن الهذيل بن إبراهيم: أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقاصي -؛ كذاب. والهذيل؛ قال ابن حبان في "الثقات": "حدثنا عنه أبو يعلى، يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ فإنه يروي عن عثمان بن عبد الرحمن ومجاشع بن يوسف وصالح بن بيان الساحلي". وقد روي من حديث أنس مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: " ... على فرس؛ شاك السلاح في سبيل الله". أخرجه الخطيب (5/ 231) عن محمد بن حبان بن عمرو الباهلي: حدثنا أبو معمر الضرير العابد: حدثنا عبد الواحد بن زيد عن الحسن عن أنس. أورده في ترجمة ابن حبان هذا، وروى عن عبد الله بن إبراهيم الأبندوني قال: الحديث: 4590 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 104 "كان لا بأس به إن شاء الله". وعن عبد الغني بن سعيد الحافظ: "يحدث بمناكير". وقال الصوري: "ضعيف". وأبو معمر الضرير العابد؛ لم أعرفه، ولا أورده الدولابي في "الكنى"! وقال المناوي: "مجهول". فلا أدري؛ أقاله اجتهاداً من عند نفسه، أم نقله عن غيره؟! وهذا فيه بعد، والأول هو الأقرب، والتعبير حينئذ موهم للآخر؛ فتأمل! وعبد الواحد بن زيد ضعيف جداً؛ قال البخاري: "تركوه". وقال النسائي: "ليس بثقة". (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في "الجامع الصغير" من رواية الخطيب في "التاريخ" عن أنس! وهذا من أوهامه رحمه الله؛ فإن لفظ الخطيب عنه مخالف لهذا كما تقدم! وأما في "الجامع الكبير"؛ فإنه ذكره على الصواب. 4591 - (من ختم القرآن أول النهار؛ صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن ختمه آخر النهار؛ صلت عليه الملائكة حتى يصبح) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 26) عن هشام بن عبيد الله عن الحديث: 4591 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 105 محمد - يعني: ابن جابر - عن ليث عن طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد عن سعد مرفوعاً، وقال: "غريب من حديث طلحة، تفرد به هشام عن محمد". قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل: الأولى: ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط. الثانية: محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي -؛ قال الحافظ: "صدوق، ذهبت كتبه فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة". الثالثة: هشام بن عبيد الله - وهو الرازي -؛ أورده الذهبي في "المغني"، وقال: "قال ابن حبان: كثرت مخالفته للأثبات فبطل الاحتجاج به. ثم روى له حديثين أراهما موضوعين.. وأما أبو حاتم فقال: صدوق ... ". والحديثان اللذان أشار إليهما؛ قد تقدما في سياق واحد برقم (192) ؛ فراجع إن شئت. 4592 - (من خصى عبد هـ خصيناه) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 246) ، والنسائي (2/ 241 و 243) ، والحاكم (4/ 367-368) ، والبيهقي (8/ 35) ، والطيالسي (1/ 293) ، وأحمد (4/ 18) من طريق الحسن عن سمرة مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! الحديث: 4592 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 106 قلت: الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه؛ مع اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة، والراجح أنه سمع منه في الجملة؛ فلا يقبل منه إلا ما صرح بالسماع. ولذلك قال البيهقي: "وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة". وقد ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 459) من رواية معاذ بن خالد العسقلاني عن زهير بن محمد عن يزيد بن زياد عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً به. وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر". وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يزيد بن زياد - وهو القرشي الدمشقي -؛ قال الحافظ: "متروك". ومن دونه؛ ضعيفان. وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس، مع اختلاطه. والحارث - وهو الأعور - ضعيف؛ بل اتهمه بعضهم. 4593 - (من دعا على من ظلمه؛ فقد انتصر) . ضعيف أخرجه الترمذي (3547) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 33/ 2) ، وابن عدي (337/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 349 و 2/ 89) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (149/ 2) من حديث أبي الأحوص عن الحديث: 4593 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 107 أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي حمزة من قبل حفظه، وهو ميمون الأعور". وذكر ابن عدي نحوه، وقال: "وأبو حمزة ميمون القصاب؛ أحاديثه التي يرويها - خاصة عن إبراهيم - مما لا يتابع عليه". وقال الحافظ: "ضعيف". 4594 - (من ذكر الله، ففاضت عيناه من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه؛ لم يعذبه الله تعالى يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 260) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا تساهل واضح؛ خصوصاً من الذهبي؛ فقد أورد الذهبي أبا جعفر هذا في "الضعفاء"؛ وقال: "قال أبو زرعة: يهم كثيراً. وقال أحمد: ليس بقوي. وقال مرة: صالح الحديث. وقال الفلاس: سيىء الحفظ. وقال آخر: ثقة". وقال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". قلت: فمثله لا يحسن حديثه؛ فكيف يصحح؟! الحديث: 4594 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 108 4595 - (من ذهب بصره في الدنيا؛ كان له نوراً يوم القيامة إن كان صالحاً) . موضوع أخرجه ابن عدي (33/ 2) عن بشر بن إبراهيم الأنصاري عن الأوزاعي عن حميد بن عطاء عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. ساقه في ترجمة بشر هذا مع أحاديث أخرى؛ ثم قال: "وهي بواطيل". وقال: "بشر؛ منكر الحديث عن الثقات والأئمة، وهو ممن يضع الحديث على الثقات". الحديث: 4595 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 109 4596 - (من رفع رأسه قبل الإمام أو وضع؛ فلا صلاة له) . منكر رواه ابن الضريس في "أحاديثه" (3/ 1) عن محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر عن علي بن شيبان عن أبيه قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فرفع رجل رأسه قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلما انصرف قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي -؛ ضعيف؛ لسوء حفظه واختلاطه؛ كما تقدم قريباً. ومن طريقه: رواه مسدد - كما في "إتحاف السادة المهرة" (1/ 65/ 1) للبوصيري -؛ وقال: "وهو ضعيف". الحديث: 4596 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 109 وكذلك رواه بقي بن مخلد في "مسنده" كما في ترجمة شيبان - وهو ابن محرز اليمامي من "الإصابة" (2/ 160) للحافظ -، وقال: "وقد أخرج ابن ماجه هذا الحديث من هذا الوجه، لكن قال: عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه ... وهو المعروف. ووالده (1) (علي) صحابي". قلت: وقوله: "هذا الحديث" خطأ واضح؛ فإنه لم يخرجه ابن ماجه، وإنما أخرج بالإسناد الذي ذكره عن علي بن شيبان حديثاً آخر فيه: .. فرأى رجلاً فرداً يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف، قال: "استقبل صلاتك، لا صلاة للذي خلف الصف". وكذا رواه جماعة من الحفاظ من الوجه المذكور، من طريق ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر ... وهو مخرج في "الإرواء" (2/ 328-329) . وملازم بن عمرو ثقة. فروايته هذه مما يؤكد ضعف محمد بن جابر، وخطأه في روايته لحديث الترجمة سنداً ومتناً، فهو حديث منكر. والخطأ الذي وقع فيه الحافظ؛ قلده عليه الشيخ الأعظمي رحمه الله في تعليقه على " المطالب العالية" (1/ 115) ، فقد نقله عنه وأقره! وزاد ضغثاً على إبالة؛ فإنه نقله مع الخطأ المطبعي المشار إليه آنفاً! ومع ذلك؛ فقد طبع الناشرون لـ "المطالب" بتحقيقه على طرته: "تحقيق الأستاذ المحدث الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي"!   (1) الأصل: (وولده) ، وهو خطأ مطبعي ظاهر. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 110 وأنا أرى أن نسبة ذلك إليه فيها نظر؛ لكثرة الأوهام العلمية والأخطاء المطبعية الواقعة فيه، وغيرها. وقد نبهت في هذه "السلسلة" وغيرها على الشيء الكثير منها. والله الموفق لا رب سواه، ولا معبود - بحق - غيره. وقد أورد حديث الترجمة الشيخ أبو عبد الله بن بطة في كتابه "الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة" (ص 207) رقم (394/ تحقيق صهري رضا نعسان) ، وقال رضا في تخريجه: "رواه أبو عوانة في "مسنده" 15/ 138"! ولم أدر هذا الرقم؛ رقم المطبوع منه أو المخطوط؟! وعلمي أن المطبوع منه خمس مجلدات، وقد راجعته في مظانه منها؛ فلم أجده! فالله أعلم. 4597 - (من ركع عشر ركعات بين المغرب والعشاء، بني له قصر في الجنة. فقال عمر بن الخطاب: إذا تكثر قصورنا أو بيوتنا يا رسول الله؟! فقال: الله أكثر وأفضل؛ أو قال: وأطيب) (1) . ضعيف رواه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (114/ 2 من الكواكب 575؛ رقم 1264 - ط) ، وعنه ابن نصر في "قيام الليل": أنبأنا يحيى بن أيوب: حدثني محمد بن أبي الحجاج أنه سمع عبد الكريم بن الحارث يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ محمد بن أبي الحجاج لم أعرفه، ويحتمل أن تكون أداة الكنية: "أبي" مقحمة من بعض الرواة، فيكون حينئذ محمد بن   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " نصر " (33) ". (الناشر) . الحديث: 4597 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 111 الحجاج - وهو اللخمي الواسطي - فقد ذكروا في الرواة عنه يحيى بن أيوب العابد. ثم بدا لي أنه ليس به؛ فإن العابد هذا لم يذكر في شيوخ ابن المبارك، وإنما ذكورا فيهم يحيى بن أيوب الغافقي المصري! ثم إن العابد متأخر الوفاة عن ابن المبارك بنحو (43) سنة. 4598 - (من زارني بالمدينة محتسباً؛ كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة) . ضعيف رواه السهمي في "تاريخ جرجان" (391) : حدثنا أبو بكر الصرامي: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان: حدثنا عباد بن موسى الختلي: حدثنا ابن أبي فديك عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان هذا؛ قال أبو حاتم: "منكر الحديث ليس بالقوي". وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به". وموسى بن يوسف القطان؛ لم أجد من ترجمه. وأبو بكر الصرامي: اسمه محمد بن أحمد بن إسماعيل؛ ترجمه السهمي وقال: "إنه توفي سنة (358) "؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. لكن ذكره الحافظ في "التلخيص" (2/ 467) من رواية ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" قال: أخبرنا سعيد بن عثمان الجرجاني: أخبرنا ابن أبي فديك به. فانحصرت العلة في الكعبي. وبه أعله الحافظ فقال: الحديث: 4598 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 112 "ضعفه ابن حبان، والدارقطني". وللحديث طريق أخرى من حديث ابن عمر، تأتي برقم (5732) . 4599 - (من زنى أمة لم يرها تزني؛ جلده الله يوم القيامة بسوط من نار) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 155) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عن الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو طالب والراوي عنه مجهولان. وقال في "كنى التعجيل": "قلت: كذا رأيته في "المسند". ووقع في "الكنى" لأبي أحمد - تبعاً للبخاري -: "الجهضمي"؛ ولم يذكر له اسماً ولا حالاً، ولا لأبي طالب. وفي "الثقات" لابن حبان: "أبو طالب الضبعي. عن ابن عباس. وعنه قتادة". فما أدري هو هذا أو غيره؟ ". قلت: أبو طالب الضبعي من رجال "المسند" (5/ 254-255) . فكان على الحافظ أن يفرده بترجمة، أو أن يشير إلى ذلك على الأقل. ثم إن صاحب الترجمة؛ أورده ابن أبي حاتم أيضاً (4/ 2/ 397) من رواية الحمصي عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث في "كنى التاريخ" للبخاري (45) . وسائر رجال الحديث ثقات رجال الشيخين. فقد أبعد المناوي النجعة حين أعله بعبيد الله بن أبي جعفر فقط؛ دون من فوقه!! الحديث: 4599 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 113 4600 - (من زهد في الدنيا؛ علمه الله تعالى بلا تعلم، وهداه الله بلا هداية، وجعله بصيراً، وكشف عنه العمى) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 72) عن علي بن حفص العبسي: حدثنا نصير بن حمزة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن محمد بن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون أهل البيت رضي الله عنهم لم أعرف أحداً منهم. وقال المناوي: "ورواه أيضاً الديلمي، وفيه ضعيف"! قلت: ولم أعرف الضعيف الذي أشار إليه! فلعل في سند " الحلية" تحريفاً. والحديث عندي موضوع؛ عليه لوائح الوضع بادية، وظني أنه من وضع بعض الصوفية؛ الذين يظنون أن لطلب العلم طريقاً غير طريق التلقي والطلب له من أهله الذين تلقوه خلفاً عن سلف، وهو طريق الخلوة والتقوى فقط بزعمهم! وربما استدل بعض جهالهم بمثل قوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) ! ولم يدر المسكين أن الآية لا تعني ترك الأخذ بأسباب التعلم؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 406) : "وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه، أي: يجعل في قلبه نوراً يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداءً فرقاناً، أي: فيصلاً يفصل به بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) ". الحديث: 4600 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 114 4601 - (من سب العرب؛ فأولئك هم المشركون) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/ 217) ، وابن عدي في "الكامل" (390/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (10/ 295) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 2/ 104/ 2) من طريق معمر بن محمد بن معمر البلخي: حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا مطرف بن معقل عن ثابت عن أنس بن مالم عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال الأولان: "والحديث عن ثابت عن أنس عن عمر منكر". وقال البيهقي: "منكر بهذا الإسناد". وقال الذهبي في ترجمة مطرف بن معقل: "له حديث موضوع". ثم ساقه. لكن الحافظ في "اللسان" أفاد أن مطرفاً هذا ثقة؛ كما قال ابن معين وغيره، وأن آفة الحديث من غيره. وكأنه يشير إلى معمر هذا؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: "وهو صدوق إن شاء الله، وله ما ينكر. قال النسائي: أنكروا عليه حديثه عن مكي عن مطرف (فذكره) ، وثق". قلت: وتعصيب الآفة به أولى من تعصيبها بمطرف؛ لما علمت من ثقة هذا. وأما معمر، فلم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولذلك أشار الذهبي إلى تليين توثيقه بقوله: "وثق". الحديث: 4601 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 115 4602 - (من سره أن يكون أقوى الناس؛ فليتوكل على الله) . ضعيف جداً رواه ابن أبي الدنيا في "التوكل على الله عز وجل" (4/ 2) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك متهم؛ قال الحافظ: "كذبه ابن معين". ورواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 363) عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي به؛ إلا أنه قال: " ... أغنى الناس". قلت: وأبو المقدام: اسمه هشام بن زياد المدني؛ متروك أيضاً. ومن طريقه: رواه الحاكم، والبيهقي، وأبو يعلى، وإسحاق، وعبد بن حميد، والطبراني، كما في "فيض القدير". الحديث: 4602 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 4603 - (من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين؛ فلينظر إلى أم رومان) . ضعيف أخرجه ابن سعد (8/ 276-277) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 353/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (157) عن علي بن زيد عن القاسم بن محمد قال: لما دليت أو رومان في قبرها؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه - مه إرساله - فيه ضعف علي بن زيد؛ وهو ابن جدعان. الحديث: 4603 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 4604 - ( ........................................... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة. . . "؛ وقد نقله الشيخ - رحمه الله - إلى " الصحيحة " برقم (4003) . (الناشر) . الحديث: 4604 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 117 4605 - (من سعى بالناس؛ فهو لغير رشدة، وفيه شيء منه) (2) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 103-104) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 295/ 1) ، وابن عساكر (3/ 488-489) عن مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثنا سهل بن عطية قال: كنت عند بلال بن أبي بردة بالطف، فجاء الرعل، فشكا إليه أن أهل الطف لا يؤدون الزكاة، فبعث بلال رجلاً يسأل عما يقولون، فوجد الرجل يطعن في نسبه، فرجع إلى بلال فأخبره، فكبر بلال، وقال: حدثني أبي، عن أبي موسى رضي الله عنه قال ... فذكره مرفوعاً. وقال الحاكم. "هذا حديث عن بلال بن أبي بردة؛ له أسانيد، هذا أمثلها"! وقال الذهبي: "قلت: ما صححه، ولم يصح". أقول: وعلته سهل هذا؛ فإنه لا يعرف، أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 203) من رواية مرحوم هذا عنه عن أبي الوليد مولى لقريش؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 102) وقال: "قاله لي ابن المثنى: أخبرنا مرحوم سمع سهلاً الأعرابي عن أبي الوليد مولى لقريش سمع بلال بن أبي بردة ... فذكر الحديث بلفظ:   (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع ابن عساكر (10 / 378) ". (الناشر) الحديث: 4605 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 117 "لا يبغي على الناس إلا ولد بغي، أو فيه عرق منه". قلت: فكشفت هذه الرواية أن في إسناد الحاكم سقطاً؛ هو أبو الوليد هذا، ولا يعرف أيضاً، كما في "الميزان" و "اللسان" وغيرهما. فقد رواه الطبراني في "الكبير" بلفظ "التاريخ" - كما في "الجامع الصغير" -، فقال المناوي: "قال الهيثمي: فيه أبو الوليد القرشي مجهول، وبقية رجاله ثقات. وقال ابن الجوزي: فيه سهل الأعرابي. قال ابن حبان: منكر الرواية، لا يقبل ما انفرد به"! قلت: في هذا النقل عن ابن حبان نظر؛ فقد قال الحافظ في "اللسان": "سهل بن عطية؛ قال ابن طاهر: منكر الرواية. وقد ذكره قبله ابن حبان في (الثقات) ". وهذا التوثيق من ابن حبان هو مستند الهيثمي في قوله السابق: "وبقية رجاله ثقات"! وهو ينافي ما نقله ابن الجوزي عن ابن حبان أنه قال: "منكر الرواية ... ". قلت: ثم تبين لي أن كلاً من النقلين صحيح، وأن ذلك مما تناقض فيه ابن حبان؛ فإنه أورده في "الثقات" (8/ 289) قائلاً: "سهل بن عطية، أعرابي، يروي عن أبي الوليد مولى لقريش. روى عنه مرحوم بن عبد العزيز العطار"! وأورده في "الضعفاء" (1/ 349) قائلاً: "سهل الأعرابي، شيخ من أهل البصرة، قليل الحديث، منكر الرواية، وليس الجزء: 10 ¦ الصفحة: 118 بالمحل الذي يقبل ما انفرد؛ لغلبة المناكير على روايته. روى عنه مرحوم بن عبد العزيز العطار. وروى عن سهل الأعرابي عن بلال ... " فذكر الحديث بلفظ "التاريخ"، ولم يذكر في إسناده أبا الوليد، فدل على أن عدم وروده في رواية الحاكم ليس سقطاً منه، وإنما الرواية عنده هكذا وفق رواية ابن حبان. والظاهر أن هذا الاختلاف؛ إنما هو من سهل نفسه، وذلك مما يشعر بعدم ضبطه وحفظه، فتوهم ابن حبان أن سهلاً الراوي عن بلال مباشرة؛ هو غير سهل ابن عطية الذي روى عن أبي الوليد سمع بلالاً! وهو هو كما جزم به الحافظ في ترجمة ابن عطية من "اللسان". وقد روي من طريق أخرى عن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى مرفوعاً بلفظ: "لا يبغي على الناس إلا من يركب مع البغايا، ومن لم يبال ما قال وقيل فيه؛ فهو لبغية (الأصل: لبغيه) ، أو يشترك فيه شيطان". أخرجه أبو الشيخ في "التوبيخ" (239/ 219) : حدثنا علي بن إسحاق: حدثنا إبراهيم بن يوسف المقدسي: أخبرنا عمرو بن بكر: أخبرنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن بلال بن أبي بردة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علل: الأولى: عكرمة هذا؛ قال الذهبي في "الضعفاء". "مجمع على ضعفه". الثانية: عمرو بن بكر - وهو السكسكي -؛ قال الذهبي أيضاً: "واه. قال ابن عدي: له مناكير". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 119 قلت: حاله أسوأ مما قال ابن عدي، كما تدل عليه ترجمته في "التهذيب" وغيره. وقال الذهبي في آخر ترجمته من "الميزان": "قلت: أحاديثه شبه موضوعة". فهو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب". الثالثة: إبراهيم بن يوسف المقدسي؛ لم أعرفه، ولم يترجمه الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق". والله أعلم. وأما علي بن إسحاق؛ فهو المعروف بالوزير، ترجم له أبو الشيخ في "طبقاته" (346/ 470) ، وقال: "حسن الحديث". وله ترجمة في "أخبار أصبهان" (2/ 11-12) . ثم وجدت له متابعاً آخر؛ أخرجه ابن عساكر (3/ 489 - المصورة) من طريق الحسن بن خالد البصري: حدثنا محمد بن ثابت قال: جاء رجل إلى بلال بن أبي بردة ... الحديث نحوه بلفظ: "لا يسعى بالناس إلا ولد زنى". ومحمد بن ثابت ضعيف. والحسن بن خالد البصري لم أعرفه. 4606 - (من سلم على قوم؛ فضلهم بعشر حسنات؛ وإن ردوا عليه) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (432) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2035) ، وابن عساكر (16/ 166/ 2) عن مرجى بن وداع الراسبي عن غالب الحديث: 4606 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 120 القطان قال: كنا في حلقة أعرابي فقال: حدثني أبي عن جدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. وقال العقيلي: "مرجى بن وداع الراسبي؛ قال ابن معين: ضعيف". قلت: وقال أبو حاتم: "لا بأس به". وابن عدي أورده في ترجمة شيخ المرجى: غالب القطان، وقال: "الضعف على أحاديثه بين"! وهذا خطأ منه؛ فالرجل ثقة، كما سبق بيانه تحت الحديث (1379) . ثم أعاده في ترجمة المرجى (6/ 2438) ؛ وضعفه تبعاً ليحيى فأصاب؛ فهو العلة وليس غالباً. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (209) عن أبي عوانة عن غالب القطان: حدثني رجل على باب الحسن - قد كنت أحفظ اسمه - قال: سلم علينا ثم جلس، قال: ما تدخلون حتى يؤذن لكم؟ قال: قلنا: لا. قال: حدثني أبي عن جدي به. والأعرابي وأبوه مجهولان. 4607 - (من سمى المدينة يثرب؛ فليستغفر الله عز وجل، هي طابة، هي طابة) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 285) ، وأبو يعلى (96/ 2 - المصورة الثانية) عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء مرفوعاً. الحديث: 4607 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 121 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد هذا هو الهاشمي مولاهم الكوفي؛ قال الحافظ: "ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن". 4608 - (من سود مع قوم؛ فهو منهم. ومن روع مسلماً لرضا سلطان؛ جيء به معه يوم القيامة) . ضعيف رواه أبو محمد المخلدي في "الفوائد" (289/ 2) ، والخطيب (10/ 41) عن الحارث بن النعمان قال: سمعت الحسن يحدث عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث هذا - وهو ابن أخت سعيد بن جبير - ضعيف؛ كما قال الحافظ. والحسن مدلس؛ وقد عنعنه. الحديث: 4608 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 4609 - (من شدد سلطانه بمعصية الله؛ أوهن الله كبده يوم القيامة) . ضعيف أخرجه أحمد (6/ 6) عن ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن قيس بن سعد بن عبادة قال ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه. ثم إني أخشى أن يكون منقطعاً؛ فإن ابن أبي حبيب ولد سنة ثلاث وخمسين، ومات قيس بن سعد سنة ستين تقريباً! الحديث: 4609 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 4610 - (من شهد شهادة ليستباح بها مال امرىء مسلم، أو يسفك بها دم؛ فقد أوجب النار) . ضعيف جداً رواه الطبراني (3/ 125/ 2) ، والبزار (1356 - كشف) عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. الحديث: 4610 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حنش هذا متروك، كما تقدم مراراً. 4611 - (من صام ثلاثة أيام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت؛ كتب له عبادة سنتين) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 106/ 1 - زوائده) ، وتمام في "الفوائد" (8/ 127) ، وعنه ابن عساكر (6/ 230) ، وأبو عمر بن منده في "أحاديثه" (20/ 2) ، وأبو محمد الخلال في "فضل رجب" (14/ 2) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 67) ، وأبو الغنائم الدجاجي في "حديث ابن شاه" (2/ 2) ، وابن الجوزي في "مسلسلاته" (الحديث 53) ، وعبد الغني المقدسي في "الفوائد" (15/ 2-3) كلهم عن يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة بن راشد عن راشد أبي محمد عن أنس مرفوعاً به - واللفظ للطبراني -. وقال الآخرون: "تسع مئة سنة" بدل: "سنتين"! إلا الدجاجي فقال: "كتب الله له مئة رحمة". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلمة بن راشد - وهو الحماني -؛ قال أبو حاتم الرازي: "مضطرب الحديث". وقال الأزدي: "لا يحتج به". قلت: ووالده راشد أبو محمد - راوي الحديث عن أنس -؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 484) عن أبيه: "صالح الحديث". الحديث: 4611 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 123 وقد ذكر نحو هذا الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 191) . وأما ما نقله المناوي عنه أنه قال: "ويعقوب مجهول، ومسلمة؛ إن كان الخشني فهو ضعيف، وإن كان غيره فلم أعرفه"! أقول: فلعل هذا في مكان آخر من "المجمع" غير المكان الذي أشرت إليه؛ فإنه قد صرح فيه بأنه ابن راشد الحماني؛ الذي ضعفه أبو حاتم والأزدي كما تقدم. والله أعلم. 4612 - (من صام رمضان، وشوالاً، والأربعاء، والخميس، والجمعة؛ دخل الجنة) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 416) عن هلال بن خباب عن عكرمة بن خالد قال: حدثني عريف من عرفاء قريش: حدثني أبي أنه سمع من فلق في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة العريف القرشي. وهلال صدوق تغير بآخره، كما في "التقريب". والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (3/ 190) دون قوله: "والجمعة"! وقال: "رواه أحمد، وفيه من لم يسم، وبقية رجاله ثقات". وكذلك أورده السيوطي في "الجامع" من رواية أحمد عن رجل، لكن بلفظ: "وستاً من شوال" بدل قوله "وشوالاً"! الحديث: 4612 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 124 فلا أدري: أهذا الاختلاف نسخ "المسند"، أم سهو من الناقل؟! 4613 - (دخلت أمة الجنة بقضها وقضيضها؛ كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون) . ضعيف جداً أخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (ق 46/ 1 - خط) و (1/ 450/ 470 - ط) : أخبرنا محمد: أخبرنا شعيب بن حرب: أخبرنا عثمان بن واقد: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد مولى المهري عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (1409 - موارد) ، وتمام في "الفوائد" (ق 82/ 1 - خط) و (3/ 245/ 1025 - ترتيب الفوائد) من طرق أخرى عن محمد ابن عيسى بن حيان: حدثنا شعيب بن حرب به. وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن حبان هذا - وهو المدائني البغدادي -؛ قال الدارقطني والحاكم: "م تروك". وأما البرقاني؛ فوثقه. وكذا ابن حبان (9/ 143) ! ولم يعبأ بذلك الذهبي؛ فإنه لما أورده في "المغني"؛ لم يحك هذا التوثيق، وإنما ذكر ترك الدارقطني والحاكم له. وزاد فيه وفي "الميزان": "وقال آخر: كان مغفلاً". لكنه قد توبع؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 210/ 1/ 8249) : حدثنا موسى بن هارون: حدثنا الحسن بن الحكم العرني: أخبرنا شعيب بن حرب به. وقال: الحديث: 4613 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 125 "لم يروه عن سعيد مولى المهري إلا عثمان بن واقد، تفرد به شعيب بن حرب". قلت: هو ثقة من رجال البخاري، والعلة ممن فوقه، أو دونه - وهو الحسن بن الحكم العرني -، وهو غير معروف؛ إلا أنه يغلب على ظني أنه الحسن بن الحسين العرني؛ فإنه من هذه الطبقة وكوفي، روى عن شريك القاضي الكوفي وغيره. قال الذهبي في "الميزان": "قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم. وقال ابن عدي: لا يشبه حديثه حديث الثقات. وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات ويروي المقلوبات". فأقول: وعلى هذا؛ فيكون اسم "الحكم" والد "الحسن" قد تحرف من "الحسين"، وهذا ممكن لبعض الشبه بين الاسمين كما ترى، كما أن نسبته "العرني" قد تحرفت في "مجمع البحرين" إلى ما يشبه نسبة "القطراني"! وإنما قلت: "يشبه" لأن ما بعد الراء غير ظاهر في مصورة "المجمع" التي عندي. فإذا صح ما ذكرت من التحريف فهو السبب - والله أعلم - في خفاء حاله على الهيثمي؛ فقال في "مجمع الزوائد" (5/ 109) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه"! يشير إلى الحسن هذا. والله أعلم. وأما العلة من فوق؛ فقد كشف عنها ابن حبان نفسه في "ثقاته" (6/ 363) ؛ فقال في ترجمة سعيد بن أبي سعيد المهري: "كنيته أبو السميط. روى عن أبيه وإسحاق مولى زائدة. روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 126 قلت: وكذا في "تاريخ البخاري" (2/ 1/ 474/ 1586) . ثم قال ابن حبان: "وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري، ذاك أدخلناه في التابعين، وهذا في أتباع التابعين". وهذا يعني أنه منقطع بين سعيد هذا وأبي هريرة، فهذه علة أخرى غير ضعف الراوي عن شعيب، فيتعجب من ابن حبان كيف أورد حديثه هذا في "صحيحه"؟! ومن شروط الصحيح عنده - كغيره من المحدثين - الاتصال وعدم الانقطاع! وهذا من الأدلة الكثيرة على أنه لم يتمكن من الوفاء بالشروط التي وضعها لكتابه "الصحيح" وبينها في مقدمته، ومقدمة كتابه الآخر "الثقات". ولتفصيل هذا مجال آخر؛ أرجو أن أوفق لبيانه إن شاء الله تعالى. (تنبيه) : كنت خرجت حديثاً آخر لسعيد هذا في "الصحيحة" (1228) ؛ لكنه من روايته عن أبيه أبي سعيد، فهو متصل، ومن مخرجيه هناك ابن حبان، فلعل هذا - أعني: ابن حبان - لم يتنبه لعدم ورود أبي سعيد في حديث الترجمة، فتوهم أنه متصل أيضاً! والله أعلم. ونستفيد من إسناده فائدة قد تكون هامة، وهي أن لسعيد هذا راوياً آخر عنه؛ وهو عثمان بن واقد، فيضم إلى أسامة بن زيد وحرملة بن عمران؛ اللذين ذكرهما البخاري وابن حبان في الرواة عنه كما سبق، ولعلهما لم يذكراه معهما لعدم صحة الإسناد إليه كما تقدم. والله أعلم. هذا؛ وقد أشار ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 266 و 273) إلى تليينه، وهو حري بذلك؛ لانقطاعه على الأقل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 127 وخفيت هذه العلة على المعلق على "الإحسان" (2/ 505) ؛ وأعله فقط بابن حيان، وفاتته متابعة الحسن بن الحسين - أو الحكم - العرني! ثم استدرك فقال: "لكن يشهد له حديث ابن عباس في البخاري (5752) .. ومسلم (220) .. وحديث عمران عند مسلم (218) "! قلت: وهذا الاستدراك يوهم خلاف الواقع؛ فإنه ليس في الحديثين اللذين أشار إليهما قوله: "أمة بقضها وقضيضها"! فكان ينبغي التنبيه عليه؛ دفعاً للإيهام. 4613 / م - (إن للرحم حقاً، ولكن وهبت لك الذهب؛ لحسن ثنائك على الله عز وجل) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 306/ 2/ 9602 - بترقيمي) قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير: حدثنا عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن الأذرمي: حدثنا هشيم عن حميد عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته؛ وهو يقول: يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر! بعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، لا تواري منه سماء سماء، ولا أرض أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره! اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 128 فوكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأعرابي رجلاً فقال: "إذا صلى فأتني به". فلما صلى أتاه، وقد كان أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب من بعض المعادن، فلما أتاه الأعرابي وهب له الذهب، وقال: "ممن أنت يا أعرابي؟! ". قال: من بني عامر بن صعصعة يا رسول الله! قال: "أتدري لم وهبت لك الذهب؟ ". قال: للرحم بيننا وبينك يا رسول الله! فقال ... فذكر الحديث. وقال: "لم يروه عن حميد إلا هشيم، تفرد به الأذرمي". قلت: وهو ثقة، ومن فوقه كذلك، بل هما من رجال الشيخين. لكن هشيم مدلس، وقد عنعنه. فهذه علة الحديث. ودون ذلك علة أخرى، وهي شيخ الطبراني يعقوب بن إسحاق بن الزبير، وهو الحلبي؛ كما صرح بذلك في أول ترجمته - أعني: الطبراني - في الحديث الأول من عشرة أحاديث ساقها له؛ هذا عاشرها، وثامنها - وهو في فضل (قل هو الله أحد) -؛ أخرجه في "الصغير" أيضاً (234 - هندية) . وقال الهيثمي في تخريجه (7/ 146) : "رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط" عن شيخه يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 129 وأما في حديث الترجمة؛ فلم يتعرض للحلبي بذكر، بل سكت عنه، فقال (10/ 158) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير عبد الله بن محمد أبي عبد الرحمن الأذرمي، وهو ثقة"! فأوهم بسكوته عن الشيخ الحلبي أنه ثقة، فاغتر به الشيخ الغماري المغربي، فجود إسناده في رسالته "إتقان الصنعة في معنى البدعة" (ص 27) ، وقلده ظله السقاف، بل وصرح بأنه صحيح في كتابه الذي أسماه: "صحيح صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.." (ص 236) ! وكل ذلك ناشىء من التقليد الأعمى واتباع الهوى، نسأل الله السلامة! والشيخ الحلبي المذكور؛ يبدو أنه من شيوخ الطبراني المغمورين غير المشهورين، فلم يذكر له الطبراني إلا عشرة أحاديث كما تقدم، وكأنه لذلك لم يذكره الحافظ المزي في الرواة عن شيخه الأذرمي في ترجمة هذا من "تهذيب الكمال"، ولا وجدت له ذكراً في شيء من كتب الرجال! والله أعلم. 4614 - (من صام يوماً تطوعاً، لم يطلع عليه أحد؛ لم يرض الله له بثواب دون الجنة) . موضوع أخرجه الخطيب (1/ 278) عن عصام بن الوضاح عن سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعاً. وقال عصام بن الوضاح: حدثنا سليمان - يعني: ابن عمرو - عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير اليزني (الأصل: البرقي؛ وهو خطأ) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... بمثله. الحديث: 4614 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 130 قلت: وهذا موضوع؛ آفته سليمان بن عمرو هذا؛ وهو أبو داود النخعي الكذاب؛ قال ابن عدي: "أجمعوا على أنه يضع الحديث". وعصام بن الوضاح - وهو السرخسي -؛ قال ابن حبان: "لا يجوز أن يحتج به إذا انفرد، روى عن مالك وغيره المناكير". وله طريق أخرى عن أبي هريرة؛ يرويه حاتم بن زياد العسكري عن بشر بن مهران عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عنه به، وزاد: "ومن صلى علي عشرة؛ كتب له براءة من النار". أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 360) . قلت: وبشر بن مهران؛ قال ابن أبي حاتم: "ترك أبي حديثه". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"؛ وقال (8/ 140) : "روى عنه البصريون الغرائب"! وحاتم بن زياد لم أجد له ترجمة. 4615 - (من صدع رأسه في سبيل الله فاحتسب؛ غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 153/ 2) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (43/ 1) ، وأحمد بن الفرات في "جزئه" (36/ 2) ، الحديث: 4615 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 131 والبزار في "مسنده" (ص 82 - زوائده) ، وابن عدي (230/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (1) (13/ 27/ 53) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 100) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 175/ 9899) كلهم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال ابن عدي: "والإفريقي عامة حديثه لا يتابع عليه". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف في حفظه، وكان رجلاً صالحاً". وقال الذهبي في "المغني": "مشهور جليل، ضعفه ابن معين والنسائي. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. ووهاه أحمد". قلت: فتحسين المنذري (4/ 153) والهيثمي لإسناده - كما نقله المناوي - مما لا يخفى بعده على العارفين بهذه الصناعة! واغتر بهما المعلقون الثلاثة على الترغيب (4/ 192) ! 4616 - (من صلى قبل الظهر أربعاً؛ غفر له ذنوبه يومه ذلك) . ضعيف جداً رواه الخطيب (10/ 248) ، وابن عساكر (9/ 410-411) من طريق أبي سعد أحمد بن محمد الماليني قال: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد ابن ثابت يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عمر (وفي ابن عساكر: عمرو) بن غالب يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عيسى بن فيروز الكلوذاني يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: سمعت علي بن الحسن بن أبي الربيع الزاهد يقول: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول:   (1) القطعة المطبوعة - منفردة - ووقع في أصل الشيخ - رحمه الله -: " الأوسط " بدل: " الكبير ". (الناشر) الحديث: 4616 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 132 سمعت ابن عجلان يذكر عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، أورداه في ترجمة أبي سليمان الداراني هذا - واسمه عبد الرحمن بن أحمد بن عطية -، وقال الخطيب: "ولا أحفظ له حديثاً مسنداً غير هذا". قلت: سبق له حديث آخر بلفظ: "علماء حكماء ... " برقم (2614) ، وتكلمنا هناك على ترجمته بشيء من التفصيل؛ وخلاصتها أنه مجهول الحال عندنا. وشيخه علي بن الحسن بن أبي الربيع الزاهد؛ لم أجد له ترجمة. وعلي بن عيسى الكلوذاني؛ أورده الخطيب في "تاريخه" (12/ 13) ، وساق له حديثاً آخر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والراوي عنه محمد بن عمر بن غالب: هو الجعفي كما صرح به الخطيب في ترجمة شيخه الكلوذاني، وهو - أعني: الجعفي - من شيوخ أبي نعيم؛ كذبه ابن أبي الفوارس؛ كما في "الميزان" و "لسانه". 4617 - (من صلى ما بين صلاة المغرب إلى صلاة العشاء؛ فإنها صلاة الأوابين) . ضعيف رواه ابن المبارك في "الزهد" (10/ 14) ، وعنه ابن نصر في "القيام" (ص 33) : أنبأنا حيوة بن شريح قال: حدثني أبو صخر أنه سمع محمد بن المنكدر يحدث مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. ورجاله ثقات؛ على ضعف يسير في أبي صخر - واسمه حميد بن زياد الخراط -. الحديث: 4617 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 133 4618 - (من صنع إلى أحد من أهل بيتي يداً؛ كافيته يوم القيامة) . موضوع رواه ابن عساكر (13/ 173/ 1) عن محمد بن أحمد الشطوي: أخبرنا محمد بن يحيى بن ضريس: حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عيسى هذا؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "يروي عن آبائه أشياء موضوعة، فمن ذلك ... ". قلت: فساق له موضوعات؛ هذا أحدها. الحديث: 4618 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 134 4619 - (من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب يداً، فلم يكافئه بها في الدنيا؛ فعلي مكافأته غداً إذا لقيني) . ضعيف رواه الخطيب في "التاريخ" (10/ 103) ، والضياء في "المختارة" (1/ 115 - مخطوط، رقم 218 - بتحقيقي) من طريق الطبراني بسنده عن يوسف بن نافع ابن عبد الله بن أشرس المدني: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبان ابن عثمان قال: سمعت عثمان يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال الضياء: "قال الطبراني: تفرد به يوسف بن نافع". قال الضياء: "يوسف بن نافع؛ ذكره ابن أبي حاتم؛ ولم يذكر فيه جرحاً". قلت: فهو مجهول. ثم إنه لم يتفرد به، فقد تابعه النضر بن طاهر: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد به. الحديث: 4619 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 134 أخرجه أبو الحسن الأزدي في "المجلس الأول من المجالس الخمسة" (1/ 2) ، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن عثمان - فيما علمت - إلا من هذا الطريق"! كذا قال! والنضر بن طاهر؛ ضعيف جداً، كما قال ابن عدي. ولقد أبعد النجعة الحافظ الهيثمي، فقال في "المجمع" (9/ 173) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف"! وذلك أن عبد الرحمن هذا لا يصح إطلاق الضعف عليه؛ لأنه قد وثقه جماعة، وصحح له الترمذي، وهو - كما قال الذهبي - حسن الحال في الرواية. فإعلال الحديث بيوسف - الراوي عنه - أولى. 4620 - (من طلب العلم؛ تكفل الله برزقه) . موضوع أخرجه أبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (187/ 2) ، وابن حمكان في "فوائده" (1/ 160/ 2) ، والخطيب في "تاريخه" (3/ 180) ، والقضاعي (32/ 1) ، وابن عساكر (11/ 426/ 2) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (136/ 2) عن يونس بن عطاء، عن سفيان الثوري عن أبيه عن جده عن زياد بن الحارث الصدائي مرفوعاً. وقال الخطيب: "غريب من حديث الثوري عن أبيه عن جده، لا أعلم رواه إلا يونس بن عطاء؛ غير أن أحمد بن يحيى بن زكير المصري قد حدث به عن إسحاق بن إبراهيم بن موسى عن أبي زفر سعيد بن يزيد - قرابة حجاج الأعور - عن أبي ناشزة، عن الثوري. ولعل أبا ناشزة هو يونس بن عطاء. فالله أعلم". قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته يونس بن عطاء - وهو الصدائي -؛ قال ابن حبان: الحديث: 4620 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 135 "لا يجوز الاحتجاج بخبره". وقال الحاكم - كذا أبو نعيم -: "روى عن حميد الطويل الموضوعات". وذكر جد الثوري فيه غريب؛ قال الذهبي: "لا أعرف لجد الثوري ذكراً إلا في هذا الخبر". وزعم الحافظ في "اللسان": "أن الضمير في قوله: "عن جده" ليونس لا الثوري؛ فإن يونس المذكور: هو ابن عطاء بن عثمان بن ربيعة بن زياد بن الحارث الصدائي"! قلت: وهذه الدعوى والدليل كما ترى؛ فإن كون يونس هو ابن عطاء بن عثمان ... لا يدل على الزعم المذكور بوجه من الوجوه؛ فإن الضمير في "جده" هو بلا ريب نفس الضمير في "أبيه"، وليس هو بداهة إلا لسفيان الثوري. والله أعلم. ثم إن الاحتمال الذي ذكره الخطيب في أبي ناشزة وأنه هو يونس بن عطاء وارد؛ فإن الإسناد إليه مظلم؛ فإن رجاله لم يترجم لهم؛ سوى ابن زكير؛ فهو في "اللسان"؛ وقال: "قال الدارقطني: ليس بشيء في الحديث". فيحتمل أن يكون هو الذي ذكر يونس بهذه الكنية: "أبي ناشزة" تدليساً! ولذلك قالا في "الميزان" و "اللسان": "أبو ناشزة - كذا بالراء المهملة - لا يعرف". 4621 - (من عد غداً من أجله؛ فقد أساء صحبة الموت) . ضعيف رواه النعالي في "حديثه" (132/ 2) - وعنه الخطيب (3/ 89) -: حدثنا الحديث: 4621 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 136 أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي - إملاء -: حدثني أبي: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل ابن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه مرفوعاً. وقال الخطيب: "من دون جعفر بن محمد مجهولون". والحديث؛ عزاه السيوطي للبيهقي في "الشعب" عن أنس. فقال المناوي متعقباً: "وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه؛ وليس كذلك؛ بل إنما ذكره مقروناً ببيان حاله، فقال عقبه: هذا إسناد مجهول، وروي من وجه آخر ضعيف. انتهى بنصه". (تنبيه) : أبو جعفر بن بابويه القمي؛ قال الخطيب: "نزل بغداد، وحدث بها عن أبيه. وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة. حدثنا عنه محمد بن طلحة النعالي". ثم ساق له هذا الحديث مشيراً إلى أنه مجهول، ولم يذكر له وفاة، ولا راوياً غير النعالي. وكذلك صنع السمعاني في مادة "القمي". وقد ساق له عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" (ص 210-217) أربعين حديثاً في فضل علي رضي الله عنه، فيها - أو في جلها - التصريح بأنه الخليفة من بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -! يشهد القلب بأنها مصنوعة موضوعة، فهو المتهم بها إن سلم ممن فوقه، وما إخالها سالمة؛ فإن في بعضها الأصبغ بن نباتة؛ وهو متروك رمي بالرفض! انظر الحديث (5،13) . وفي أحدها (رقم 14) عباية بن ربعي، وهو من رواة حديث: "علي قسيم النار"؛ وسيأتي برقم (4924) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 137 4622 - (من عفا عن دم؛ لم يكن له ثواب إلا الجنة) . ضعيف أخرجه الخطيب (4/ 29) من طريق أبي عوانة يعقوب بن إسحاق: حدثنا أحمد بن إسحاق البغدادي: أخبرنا أحمد بن أبي الطيب - ثقة -: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال أبو عوانة: "هذا غريب، لا آمن أن يكون له علة". قلت: أورده الخطيب في ترجمة البغدادي هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث؛ رواه ابن منده عن جابر بن عبد الله الراسبي مرفوعاً نحوه. وقال: "هذا حديث غريب، إن كان محفوظاً". ذكره المناوي، ولم يذكر علته، ولا إسناده لينظر فيه! الحديث: 4622 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 138 4623 - (من علم أن الليل يأويه إلى أهله؛ فليشهد الجمعة) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي (3/ 176) عن المعارك بن عباد عن عبد الله ابن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "تفرد به معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: معارك لا أعرفه. وعبد الله بن سعيد: هو أبو عباد، منكر الحديث متروك". قال: "والحديث ضعيف بمرة، ذكرناه ليعرف إسناده". الحديث: 4623 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 138 4624 - (من غدا أو راح وهو في تعليم دينه؛ فهو في الجنة) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 251) عن إسماعيل بن يحيى: الحديث: 4624 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 138 حدثنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، وقال: "غريب من حديث مسعر وعطية، رواه عنه سفيان بن عيينة موقوفاً". قلت: والموقوف أشبه؛ فإن إسماعيل بن يحيى هذا الذي رفعه - وهو التيمي - كان يضع الحديث. 4625 - (من غسل ميتاً؛ فليبدأ بعصره) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي (3/ 388) عن أبي المنذر يوسف بن عطية: حدثنا جنيد أبو حازم التيمي عن عبد الملك بن [أبي] بشير عن ابن سيرين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "هذا مرسل، وراويه ضعيف". قلت: يشير إلى أبي المنذر يوسف بن عطية، وهو غير يوسف بن عطية أبي سهل الصفار، وكلاهما متروك، وأبو المنذر أكذب من الصفار؛ كما قال عمرو بن علي الفلاس. الحديث: 4625 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 139 4626 - (من قاد أعمى أربعين خطوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه. وفي رواية: وجبت له الجنة) . ضعيف روي من حديث عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس. 1- أما حديث ابن عمر؛ فله عنه ثلاث طرق: الأولى: عن معلى بن مهدي: حدثنا سنان [بن البختري]- شيخ من أهل المدينة - عن محمد بن أبي حميد - وقال بعضهم: عبيد الله بن أبي حميد الحديث: 4626 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 139 شيخ من أهل المدينة - الأنصاري عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (105/ 2) ، والحسين (الفلاكي) في "الجزء من فوائده" (89/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 214) ، وعنه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 174) . وقال: "قوله: "عبيد الله بن أبي حميد" تدليس، وإنما هو: محمد بن أبي حميد. قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة". قلت: وهو الملقب بـ: "حماد"؛ قال الذهبي في "المغني": "ضعفوه". وسنان هذا لم أعرفه. ومعلى بن مهدي؛ قال الذهبي في "المغني": "قال أبو حاتم: يأتي أحياناً بالمناكير". وحكى الحافظ في "اللسان" عن العقيلي أنه قال: "إنه عندهم يكذب". الثانية: عن محمد بن عبد الملك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر به. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 390) ، وابن السماك في "حديثه" (2/ 92/ 1) ، وابن عدي (234/ 1) ، ومن طريقه ابن الجوزي (2/ 174) . ثم قال (2/ 177) : "محمد بن عبد الملك؛ قال أحمد: قد رأيته؛ كان يضع الحديث ويكذب. وكذلك قال أبو حاتم الرازي. وقال النسائي والدارقطني: متروك". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 140 قلت: وقد رواه عن ابن المنكدر عن جابر أيضاً كما يأتي. وقد قال فيه البخاري في "الضعفاء الصغير" (ص 35) : "منكر الحديث". وقد تابعه سلم بن سالم عن علي بن عروة عن محمد بن المنكدر بالرواية الثانية. أخرجه أبو يعلى (5613) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 197/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 158) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 445/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 105) ، وعنه ابن الجوزي (2/ 174-175) ، وابن النجار في "ذيل التاريخ" (10/ 93/ 1) ، وابن عساكر في "التاريخ" (12/ 239/ 1) - من طريق أبي يعلى -. وقال البيهقي - بعد أن ساقه من الوجه الأول أيضاً -: "علي بن عروة ضعيف، وما قبله إسناده ضعيف"!! قلت: وهذا تساهل كبير في التجريح؛ فعلي بن عروة؛ قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال ابن حبان: "يضع الحديث". وأما سلم بن سالم؛ فكان ابن المنادي يكذبه. وقال يحيى: "ليس حديثه بشيء". وقال السعدي: "غير ثقة". وقد تابعه - عند ابن الجوزي -: أصرم بن حوشب، وهو كذاب خبيث؛ كما قال يحيى. وأما الوجه الذي قبله؛ فقد عرفت أن فيه وضاعاً. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 141 وتابعه أيضاً محمد بن عبد الرحمن القشيري: حدثنا ثور بن يزيد عن محمد ابن المنكدر به. أخرجه ابن عدي (48/ 1) ، ومن طريقه البيهقي في "الشعب". وقال ابن عدي: "لا يرويه عن محمد بن المنكدر غير ثور، ولا عن ثور غير محمد". وهو كذاب مشهور؛ كما قال الذهبي في "المغني". وقوله: "لا يرويه عن محمد بن المنكدر غير ثور"! غفلة منه عن رواية محمد بن عبد الملك عن محمد بن المنكدر؛ وقد أخرجها هو نفسه كما تقدم. وتابعه أبو المغيرة: حدثنا ثور بن يزيد به. أخرجه البيهقي عن أبي حامد بن بلال البزار: حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر: حدثنا أبو المغيرة به. وقال: "كذا وجدته في أصل سماعه". قلت: ولعل هذا من سوء حفظ أبي الأزهر؛ فقد قال الحافظ: "صدوق، كان يحفظ، ثم كبر، فصار كتابه أثبت من حفظه". الثالثة: عن محمد بن عبد الرحمن بن بحير: حدثنا خالد بن نزار: حدثنا سفيان الثوري عن عمرو عن أبي وائل عن ابن عمر باللفظ الأول. أخرجه ابن الجوزي. وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 142 "محمد بن عبد الرحمن بن بحير؛ قال ابن عدي: روى عن الثقات المناكير، وعن أبيه عن مالك البواطيل". قلت: وقال الخطيب: "كذاب". 2- وأما حديث جابر؛ فيرويه محمد بن عبد الملك الأنصاري أيضاً عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعاً بالرواية الثانية. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 390) . وقال: "لا يتابع عليه إلا من جهة هي أوهى". يعني: الأنصاري هذا، وقد عرفت مما سبق أنه متهم بالوضع. وله عند ابن الجوزي (2/ 176) طريق أخرى؛ وفيها أبو البختري وهب بن وهب، وهو من المشهورين بالوضع. 3- وأما حديث أنس؛ فيرويه يوسف بن عطية الصفار: حدثنا سليمان التيمي عنه. أخرجه البيهقي. وقال: "يوسف بن عطية ضعيف"! كذا قال! والحق أنه شديد الضعف؛ كما يفيده قول الحافظ وغيره: "متروك". وقد تابعه - عند ابن الجوزي -: المعلى بن هلال ويغنم بن سالم؛ وكلاهما كذاب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 143 4- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه عبد الله بن أبان بن عثمان بن حذيفة بن أوس الثقفي: حدثنا سفيان الثوري: حدثني عمرو بن دينار عنه. أخرجه ابن عدي (222/ 2) ، وعنه ابن الجوزي (2/ 175) . وقال ابن عدي: "وهذا باطل بهذا الإسناد، وعبد الله بن أبان ليس بالمعروف، حدث عن الثقات بالمناكير". وجملة القول؛ أن الحديث - كما قال ابن الجوزي - موضوع؛ وذلك غير بعيد بالنظر إلى هذه الطرق. لكنه قد تعقب بطريقين آخرين ذكرهما ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 138) ؛ ليس فيهما متهم. فالحديث - على كل حال - ضعيف لا تقوم به حجة. والله أعلم. (تنبيه) : قد ذكره ابن الجوزي من حديث عبد الله أيضاً! وذلك تصحيف؛ فإنه رواه من طريق الخطيب المشار إليها آنفاً في (ص 141) ، وهي عن ابن عمر، وليس عن ابن عمرو! فاقتضى التنبيه. 4627 - (من قتل حية؛ فكأنما قتل رجلاً مشركاً قد حل دمه) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 172/ 2) ، وأحمد (1/ 395 و 421) ، والهيثم بن كليب في "مسنده" (79/ 2 و 81/ 1) ، وأبو يعلى في "مسنده" (256/ 1) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 64/ 1) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (86/ 2) من طريق محمد بن زيد العبد ي - قاضي خراسان - عن أبي الأعين، عن أبي الأحوص الجشمي أنه سمع ابن مسعود مرفوعاً به. الحديث: 4627 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 144 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته أبو الأعين هذا؛ قال الذهبي في "الميزان": "ضعفه يحيى بن معين، وابن حبان، وقال: هو الذي روى عن أبي الأحوص ... (فذكره) ، وجاء عنه بهذا السند أحاديث أخر، ما للكثير منها أصل يرجع إليه". وقد وجدت له طريقاً أخرى مختصراً، يرويه فضالة بن الفضل التميمي قال: نبأنا أبو داود الحفري عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله مرفوعاً بلفظ: " ... فكأنما قتل كافراً". أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 234) . وقال: "هكذا روى فضالة بن الفضل عن أبي داود مرفوعاً. ورواه سلم بن جنادة عن أبي داود موقوفاً.. لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلت: كل من فضالة وسلم بن جنادة ثقة ربما خالف؛ كما في "التقريب"، فلا مجال للترجيح بالأحفظية؛ إلا أن ابن جنادة قد توبع: فقال ابن أبي شيبة في "المصنف": حدثنا أبو داود الحفري عمر بن سعد عن سفيان به موقوفاً. وقال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله ... فذكره موقوفاً. وهذان إسنادان صحيحان؛ فترجح الوقف بالأحفظية والأكثرية. (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث من رواية الخطيب عن ابن مسعود بلفظ: "من قتل حية أو عقرباً؛ فكأنما قتل كافراً". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 145 فزاد فيه: "أو عقرباً"! وليست هذه الزيادة في "تاريخ الخطيب" من النسخة المطبوعة كما رأيت. وقد عزاه في "الجامع الكبير" (2/ 279/ 1) إلى أبي معاذ عبد الرحمن بن محمد السجزي في "معجمه"، وابن النجار أيضاً! فلعلها عندهما أو عند أحدهما دون الخطيب، فعزاه إليهم جميعاً من باب التسامح المعروف في التخريج، فلما نقل الحديث إلى "الجامع الصغير" واختصر التخريج بعزوه للخطيب وحده دونهما؛ لم يتنبه إلى أن هذه الزيادة ليست عنده، فوقع في الوهم! والله أعلم. وقد وجدت هذه الزيادة في بعض الطرق الموقوفة من حديث ابن مسعود: فأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 45/ 2 - خط) و (9/ 410/ 9745 - ط) من طريق المسعودي عن القاسم قال: قال عبد الله ... فذكره. وقال: "لم يقل المسعودي: (عن أبيه) ". ثم رواه من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال ... فذكره موقوفاً. وقال: "لم يرفعه إسرائيل، ورفعه شريك". قلت: ثم ساقه عن شريك عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله مرفوعاً بلفظ: "اقتلوا الحيات؛ فمن خاف ثأرهن فليس مني". قلت: وهذا لفظ آخر كما ترى، وهو صحيح لما له من الشواهد، وقد أشرت إلى بعضها في تخريجه في "المشكاة" (4140) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 146 ورواه البزار (1229 - كشف) من طريق يزيد بن هارون: أبنا شريك عن أبي إسحاق به مثل سياق الطبراني؛ لكن مرفوعاً بلفظ: "من قتل حية؛ فكأنما قتل كافراً". وقال: "لا نعلم روى أبو إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود إلا هذا". قلت: وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس مختلط. وشريك - وهو القاضي - سيىء الحفظ. والخلاصة؛ أن حديث الترجمة ضعيف؛ للاختلاف في رفعه ووقفه، والراجح الوقف. ولا يرجح الرفع حديث شريك؛ لما عرفت من الضعف والاختلاف عليه في لفظه. والراجح فيه الأمر بقتل الحيات. والله أعلم. 4628 - (من قتل حية؛ فله سبع حسنات، ومن قتل وزغاً؛ فله حسنة، ومن ترك حية مخافة عاقبتها؛ فليس منا) . ضعيف أخرجه ابن حبان (1081) ، وأحمد (1/ 420) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 80/ 1 - خط) و (10/ 258/ 10492 - ط) عن المسيب بن رافع عن ابن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ إلا أن المسيب بن رافع لم يلق ابن مسعود كما قال أبو حاتم. وكذلك نفى سماعه منه أبو زرعة. وأعله ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 322-323) عن أبيه بالوقف، وهو ضعيف مرفوعاً وموقوفاً؛ إلا الجملة الأخيرة؛ فقد جاءت من غير هذه الطريق عن ابن مسعود، ولها شواهد كما سبقت الإشارة إليه في الحديث الذي قبله. الحديث: 4628 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 147 4629 - (من قتل وزغة؛ محي عنه سبع خطيئات) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 130/ 1) : حدثنا مقدام بن داود: حدثنا أصبغ بن الفرج: حدثنا ابن وهب: أخبرني أبو صخر عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا عبد الكريم بن أبي المخارق، تفرد به أبو صخر". قلت: واسمه حميد بن زياد، وهو صدوق يهم. لكن ابن أبي المخارق ضعيف. وقد رواه مسعر عنه عن عطاء قال ... فذكره مقطوعاً موقوفاً عليه؛ لم يذكر عائشة ولم يرفعه. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 171/ 2) . الحديث: 4629 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 148 4630 - (من قدم من نسكه شيئاً أو أخره؛ فلا شيء عليه) . ضعيف أخرجه البيهقي (5/ 143-144) عن العلاء بن المسيب عن رجل - يقال له: الحسن - سمع ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير الحسن هذا - وهو الكوفي -؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 45) من رواية العلاء من المسيب هذا وليث بن أبي سليم عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ومن عجائب ابن حبان: أنه أورده في كتاب "الثقات" من رواية ليث فقط عنه؛ ثم قال: "لا أدري من هو؟! ولا ابن من هو؟! "! الحديث: 4630 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 148 قلت: والحديث أصله في "صحيح البخاري" من طريق عكرمة عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل في حجة الوداع، فقيل: يا رسول الله! ذبحت قبل أن أرمي؟ فأومى بيده وقال: "لا حرج". وقال رجل: حلقت قبل أن أذبح؟ فأومى بيده وقال: "لا حرج". فما سئل يومئذ عن شيء من التقديم ولا التأخير؛ إلا أومى بيده وقال: "لا حرج". قلت: فكأن الحسن الكوفي روى هذا الحديث بالمعنى، فأخطأ في سياق لفظه. والله أعلم. 4631 - (من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار، فقبض في ذلك اليوم أو الليلة؛ فقد أوجب الجنة) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (167/ 1) ، والثعلبي (3/ 189/ 2) ، والخطيب (12/ 444) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 26) عن أبي عثمان - يعني: المؤذن -: حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة يقول ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو عثمان هذا: اسمه سليم بن عثمان الفوزي الحمصي؛ قال الذهبي في "المغني": "متهم واه". قلت: وقد تفرد به؛ كما قال البيهقي في "الشعب" - فيما نقله المناوي عنه -. الحديث: 4631 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 149 وروى الثعلبي أيضاً عن محمد بن يونس الكديمي: حدثنا عمرو بن عاصم: حدثنا أبو الأشهب عن يزيد بن أبان عن أنس مرفوعاً به نحوه؛ إلا أنه قال في آخره: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". ويزيد بن أبان ضعيف. والكديمي وضاع. وفي رواية من طريق أبي الأشهب بلفظ: "فمات من ليلته مات شهيداً". وقد قال الخفاجي في "حاشيته على البيضاوي" (8/ 183) - وقد أورده باللفظ الذي قبله -: "رواه الثعلبي عن أنس، ولم يقل ابن حجر: إنه موضوع كغيره من الأحاديث الموضوعة في فضائل السور"! قلت: لكن تلميذ ابن حجر الشيخ زكريا الأنصاري قال في "تعليقه على البيضاوي" (141/ 1) : "موضوع". ومن علم حجة على من لم يعلم! 4632 - (من قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة؛ غفر له) . ضعيف جداً رواه الواحدي في "تفسيره" (4/ 46/ 1) عن سلام بن سليم: أخبرنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب مرفوعاً. الحديث: 4632 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 150 قلت: وهذا موضوع؛ آفته سلام - بتشديد اللام - ابن سليم - وهو الطويل المدائني -؛ وهو متروك، اتهمه بالوضع الحاكم وغيره. وهارون بن كثير؛ قال الذهبي: "مجهول. وزيد عن أبيه نكرة". وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعاً؛ وإسناده ضعيف جداً، كما بينته في "المشكاة" (2150) . وروي بلفظ: " ... ليلة؛ بات يستغفر له سبعون ألف ملك حتى يصبح". وهو موضوع، وسيأتي برقم (6734) . 4633 - (من قرأ سورة البقرة؛ توج بتاج في الجنة) . موضوع أخرجه البيهقي في "الشعب" عن محمد بن أحمد بن مهدي أبي عمارة المستملي عن محمد بن الضوء بن الصلصال [عن أبيه] عن الصلصال مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته ابن الضوء هذا؛ قال الخطيب (5/ 375) : "ومحمد بن الضوء ليس بمحل لأن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه كان كذاباً، وكان أحد المتهتكين المشتهرين بشرب الخمور، والمجاهرة بالفجور". وقال الجورقاني في "الموضوعات": "محمد بن الضوء كذاب". الحديث: 4633 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 151 ومحمد بن أحمد بن مهدي أبو عمارة؛ قال الخطيب أيضاً (1/ 360) : "في حديثه مناكير وغرائب. قال الدارقطني: ضعيف جداً". (تنبيه) : نقلت إسناد الحديث من "فيض القدير" للمناوي، وفصلت القول في حاله لسببين اثنين: الأول: أنه وقع فيه محرفاً تحريفاً فاحشاً، بحيث إنه لم يعد بالإمكان معرفة حال رجاله؛ إلا بعد دراسته دراسة دقيقة كما فعلنا. والآخر: أن المناوي لم يكشف عن علته الحقيقة، ولعل ذلك لأن الإسناد تحرف عليه هو نفسه، وليس على الطابع لكتابه، وإليك صورة النص فيه: " (هب) عن علي بن أحمد بن عبيد بن أبي عمارة المستملي عن محمد بن النضر بن الصلصال (عن الصلصال) بفتح الصاد ابن الدلهمس - بفتح الدال واللام وسكون الهاء وفتح الميم -. وأحمد بن عبيد، قال ابن عدي: ثقة له مناكير"!! ثم طبع كتاب "الشعب"؛ والحديث فيه (2/ 455/ 2384) ، فوجدت التصحيح مطابقاً لما فيه والحمد لله. وروى عقبه بالإسناد نفسه مرفوعاً: "اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً". وهذا صحيح من حديث أبي هريرة وابن مسعود، فانظر "الصحيحة" (1521) .وقد أضاف السيوطي إلى هذه الفقرة حديث الترجمة في "الجامع الصغير"، وذكر الحديث دون الفقرة في مكان آخر. وكنت ذكرته شاهداً في "أحكام الجنائز" قبل تخريجه هنا؛ فليحذف. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 152 4634 - (من قرأ (قل هو الله أحد) ثلاث مرات؛ فكأنما قرأ القرآن أجمع) . ضعيف جداُ 1- أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 46) عن أحمد بن الحارث الغساني قال: حدثتنا ساكنة بنت الجعد قالت: سمعت رجاء الغنوي يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "أحمد بن الحارث؛ قال البخاري: فيه نظر". قال: "ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية. فأما الرواية في (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن؛ فثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه". وعزا المناوي هذا القول الأخير للحافظ في "اللسان"! وإنما هو للعقيلي؛ نقله عنه في "اللسان". وقال أبو حاتم في الغساني هذا: "متروك الحديث". ثم وجدت له طرقاً أخرى: 2- أخرجه الخلال في "فضائل (قل هو الله أحد) " (ق 193/ 1) من طريق محمد بن علي بن الوليد السلمي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى: حدثنا معتمر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "من قرأ (قل هو الله أحد) ؛ فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأ (قل هو الله أحد) مرتين؛ فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأ (قل هو الله أحد) ثلاث مرات؛ فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله عز وجل". الحديث: 4634 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 153 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته السلمي هذا؛ قال الإسماعيلي: "بصري منكر الحديث". وساق له البيهقي حديث الضب بإسناد نظيف، ثم قال: "الحمل فيه على السلمي هذا". قال الذهبي: "صدق - والله - البيهقي؛ فإنه خبر باطل". 3- ثم روى (ق 194/ 1) من طريق أحمد بن القاسم الأكفاني: حدثنا إبراهيم ابن إسحاق عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حرب الضبي عن النعمان بن بشير مرفوعاً مثله؛ إلا أنه قال: "فكأنما قرأ القرآن ارتجالاً". قلت: وهذا ضعيف أيضاً؛ فإن عمرو بن ثابت ضعيف رافضي، ومنهم من تركه. ومن دونه؛ لم أعرفهما. 4- وأخرج أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1023) عن عبيس بن ميمون: أخبرنا يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً بلفظ: "أما يستطيع أحدكم أن يقرأ في الليلة (قل هو الله أحد) ؟! فإنها تعدل القرآن كله". ويزيد الرقاشي ضعيف. وعبيس بن ميمون مثله في الضعف أو أشد؛ فقد قال أحمد والبخاري: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 154 "منكر الحديث". وقال الفلاس: "متروك". وقال ابن حبان: "يروي عن الثقات الموضوعات توهماً". ثم رواه أبو يعلى (3/ 1017) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن يزيد الرقاشي به؛ إلا أنه قال: " ... (قل هو الله أحد) ثلاث مرات في ليلة؛ فإنها تعدل ثلث القرآن". قلت: هكذا وقع هنا: " ... سعيد بن أبي عروبة عن يزيد الرقاشي"! وقد ذكره الهيثمي في "المجمع" (7/ 147) من رواية أبي يعلى باللفظين المذكورين، وقال في كل منهما: "وفيه عبيس بن ميمون، وهو متروك". فلعله سقط ذكره من إسناد اللفظ الثاني من نسختنا من "أبي يعلى"؛ فإنها نسخة سيئة. ثم إن الرقاشي - أو الراوي عنه - قد اضطرب في متنه كما ترى؛ ففي اللفظ الأول جعل قراءة (قل هو الله أحد) مرة تعدل القرآن كله. وعكس ذلك في اللفظ الآخر، فجعل قراءتها ثلاثاً تعدل ثلث القرآن!! (تنبيه) : قد عرفت مما سبق أن طرق الحديث ضعيفة كلها، بل هي شديدة الضعف؛ بحيث لا يمكن أن يقال: إن بعضها يقوي بعضاً، لا سيما والمحفوظ في الأحاديث الصحيحة: " (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن"؛ دون تثليث قراءتها، فلا أدري كيف الجزء: 10 ¦ الصفحة: 155 جزم شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لفظ من ألفاظ الحديث - يعني: الصحيح -؟! انظر كتابه: "جواب أهل الإيمان في أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن"، وهو مطبوع في مصر والشام وغيرها، وهو في أول المجلد السابع عشر من "مجموعة الفتاوى". 4635 - (من قرأ (قل هو الله أحد) مئة مرة؛ غفر الله له خطيئته خمسين عاماً؛ ما اجتنب خصالاً أربعاً: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة) . ضعيف رواه ابن عساكر (15/ 118/ 1) عن عثمان بن مطر عن الخليل بن مرة عن شعبة (1) بن عمرو عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الخليل بن مرة وعثمان بن مطر (2) ؛ كلاهما ضعيف. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس به، وزاد: " ... في خلاء لا يجيز بها أحد". ولكنه موضوع؛ فيه كذاب؛ كما بينه السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص 28-29) .   (1) كذا في " تاريخ ابن عساكر "! وفي " الكامل " لابن عدي: (سعيد) ؛ وكذا في ترجمة (الخليل بن مرة) من " تهذيب المزي "! (الناشر) . (2) لكن (عثمان بن مطر) قد تابعه الليث بن سعد: عند ابن عدي في " الكامل "؛ فبقيت العهدة على (الخليل) ؛ وفي ترجمته أورد ابن عدي الحديث! (الناشر) . الحديث: 4635 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 156 4636 - (من قرأ (يس) يريد بها الله؛ غفر الله له، وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة. وأيما مريض قرىء عنده سورة (يس) ؛ نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك، يقومون بين يديه صفوفاً؛ فيصلون ويستغفرون له، ويشهدون قبضه وغسله، ويتبعون جنازته ويصلون عليه، ويشهدون دفنه. وأيما مريض قرأ سورة (يس) وهو في سكرات الموت؛ لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجانا بشربة من الجنة؛ فيشربها وهو على فراشه، فيموت وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء؛ حتى يدخل الجنة وهو ريان) . موضوع رواه الثعلبي (3/ 161/ 1) عن إسماعيل بن إبراهيم: حدثنا يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ لوائح الوضع والصنع عليه ظاهرة؛ وآفته يوسف بن عطية - وهو الباهلي الكوفي -؛ فإنه متهم؛ قال عمرو بن علي الفلاس: "هو أكذب من يوسف بن عطية البصري". وقال الدارقطني: "هما متروكان". ومن فوقه مجهول؛ كما سبق قريباً (4632) . ونحوه في الوضع؛ ما في "علل ابن أبي حاتم" قال (2/ 67) : "سألت أبي عن حديث رواه سويد أبو حاتم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان أن أبا هريرة قال: الحديث: 4636 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 157 من قرأ (يس) مرة؛ فكأنما قرأ القرآن عشر مرار. وقال أبو سعيد: من قرأ (يس) [مرة] ؛ فكأنما قرأ القرآن مرتين. قال أبو هريرة: حدث أنت بما سمعت، وأحدث أن بما سمعت؟! قال أبي: هذا حديث منكر". قلت: بل هو باطل ظاهر البطلان؛ إذ كيف يعقل أن يكون جزء الشيء الفاضل أفضل أو مثل الشيء مرتين؛ فضلاً عن العشر؟! فإن من قرأ القرآن مرتين؛ فقد قرأ (يس) مرتين، فكيف يكون قراءتها مرة أفضل من قراءتها مرتين؛ مع قراءة القرآن مرتين؟! وآفة هذا الحديث الذي علقه ابن أبي حاتم: سويد هذا - وهو ابن إبراهيم الحناط البصري -؛ قال الحافظ: "صدوق، سيىء الحفظ، له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول". قلت: وهذا إذا كان ليس فيمن دونه من هو شر منه. ومن طريقه: رواه البيهقي في "الشعب"، كما يستفاد من كلام المناوي عليه في "فيض القدير". ثم رأيته في "شعب الإيمان" (2/ 481/ 2466) . والشطر الأول من حديث أبي هريرة؛ أخرجه الترمذي من حديث أنس نحوه، وفيه كذاب؛ كما حققته فيما تقدم برقم (169) . ثم رأيت حديث أبي هريرة قد رواه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 283/ 75) ، ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (2/ 479/ 2459) : أخبرنا إسماعيل بن عياش عن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 158 أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن حسان بن عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. ورجاله ثقات، لكنه مرسل أو معضل؛ فإن حساناً هذا أكثر روايته عن التابعين. وروي بلفظ: "من قرأ (يس) ابتغاء وجه الله؛ غفر له"؛ وسيأتي (6623) . 4637 - (من قعد على فراش مغيبة؛ قيض الله له يوم القيامة ثعباناً) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 300) : حدثنا [أبو] سعيد مولى بني هاشم: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن ابن أبي قتادة عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن لهيعة؛ فإنه ضعيف؛ لسوء حفظه. والحديث؛ أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 296-297) من طريق هشام ابن عمار عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة به. وقال عن أبيه: "هذا حديث باطل"! كذا قال! ولم يظهر لي وجه بطلانه. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 335/ 2) وفي "الأوسط" (1/ 183/ 2) عن ابن لهيعة به. وقال الهيثمي (6/ 258) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف"! الحديث: 4637 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 159 قلت: ففاته عزوه لأحمد! وهو في ذلك تابع للمنذري في "ترغيبه" (3/ 195) ، وقال: " (المغيبة) - بضم الميم وكسر الغين المعجمة، وبسكونها أيضاً مع كسر الياء -: هي التي غاب عنها زوجها". ثم ذكر له شاهداً من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ: "مثل الذي يجلس على فراش المغيبة؛ مثل الذي ينهشه أسود من أساود يوم القيامة" (1) . وقالا: "رواه الطبراني، ورواته ثقات". وقال المنذري: " (الأساود) : الحيات، واحدها أسود". قلت: لم أقف على إسناده؛ لأن مسند ابن عمرو من "المعجم الكبير" لم يطبع منه إلا قطعة، وليس فيها هذا الحديث. ولكني وقفت عليه عند غيره، فقد جاء في "المطالب العالية" (1/ 66/ 1 - المسندة) : قال أبو يعلى: حدثنا سفيان بن وكيع: حدثنا شريك عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو ... رفعه. وهذا إسناد واه؛ سفيان هذا اتهم بالكذب. وقال الحافظ في "التقريب": "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه".   (1) ثم حسنه الشيخ - رحمه الله - مرفوعاً في " صحيح الترغيب والترهيب " (2 / 616 / رقم 2405) . (الناشر) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 160 ورواه أبو الشيخ في "الأمثال" من طريق أبي يعلى عنه (218) . لكنه رواه من طريق أخرى، فقال (رقم 222) : حدثنا يحيى بن عبد الله السكوني: حدثنا أبو كريب: حدثنا عبد الرحمن بن شريك: حدثني أبي به. وهذه متابعة ضعيفة؛ عبد الرحمن بن شريك؛ قال الذهبي في "المغني": "وثق. وقال أبو حاتم: واه". وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". وشيخ أبي الشيخ (يحيى بن عبد الله السكوني) ؛ لم أجد من ذكره، حتى ولا المزي في الرواة عن أبي كريب محمد بن العلاء! وشريك: هو ابن عبد الله القاضي، وهو - مع فضله - قد ضعف بسبب سوء حفظه. ورفعه لهذا الحديث مما يدل على ذلك؛ فقد خالفه ابن عيينة؛ فرواه عن الأعمش به موقوفاً على عبد الله بن عمرو بن العاص. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7/ 139/ 12547) عنه. وهذا إسناد صحيح. فتبين أن الصواب في حديث ابن عمرو الوقف. وبالله التوفيق. ثم رأيت في "المطالب العالية" (1/ 30/ 2 - المسندة) أنه رواه مسدد: حدثنا يحيى عن الأعمش: أنبأني خيثمة بن عبد الرحمن قال ... فذكره، أوقفه على خيثمة. فهذا مما يؤكد خطأ رفعه، ويبين - من جهة أخرى - خطأ قول المعلق على "أمثال أبي الشيخ" - على حديثه المرفوع عن ابن عمرو -: "والحديث رواه مسدد (المطالب العالية 1/ 210 برقم 748) "! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 161 فهذا يوهم أنه عند (مسدد) مرفوع! والواقع أنه مقطوع موقوف على خيثمة في المكان الذي أشار إليه، كما في أصله "المسندة" كما سبق. وكذلك أخطأ في قوله - عطفاً على قوله المذكور -: "ورواه لا ذكر لأبي يعلى في الصفحة المشار إليها، لا في هذا الحديث ولا في غيره، فما أكثر تخاليطه! والله المستعان. 4638 - (من كان عليه دين يهمه قضاؤه - أو هم بقضائه -؛ لم يزل معه من الله حارس) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 145/ 2) وفي "الأوسط" (3759) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا طلحة بن شجاع الأزدي: حدثتني ورقاء بنت هراب (1) : أن عمر بن الخطاب كان إذا خرج من منزله؛ مر على أمهات المؤمنين؛ فسلم عليهن قبل أن يأتي مجلسه، فإذا انصرف إلى منزله مر عليهن، فكان كلما مر؛ وجد على باب عائشة رجلاً جالساً، فقال له: ما لي أراك ههنا جالساً؟! قال: حق لي أطلب به أم المؤمنين. فدخل عليها عمر، فقال لها: يا أم المؤمنين! ما لك في سبعة آلاف كفاية في كل سنة؟ قالت: بلى، ولكن علي منها حقوق، وقد سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره، قالت: فأنا أحب أن لا يزال معي من الله حارس. وقال: "لم يروه عن ورقاء إلا طلحة - وهو [شيخ] بصري -، تفرد به مسلم"! وأقول: كلا؛ فقد تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم في "مسند أحمد" (6/ 255) ... المرفوع منه فقط.   (1) وقع اسمها في " الكبير ": " ورقاء بنت هدابة ". (الناشر) . الحديث: 4638 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 162 والإسناد ضعيف؛ لأن ورقاء هذه لا تعرف؛ كما في "التعجيل". ومثلها طلحة بن شجاع؛ كما في "اللسان". وقد روي الحديث بإسناد آخر منقطع عن عائشة بلفظ آخر، وهو أقرب إلى الصحة؛ لما له من الشواهد، وقد خرجته في "الترغيب" (3/ 33) . 4639 - (من كان في قلبه مودة لأخيه، لم يطلعه عليها؛ فقد خانه) . ضعيف رواه ابن قدامة في "المتحابين في الله" (112/ 2) من طريق أبي بكر الشافعي: حدثنا زياد بن أيوب: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن: حدثنا أبو كعب الشامي عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. وأبو كعب الشامي لم أعرفه. وعبد الحميد بن عبد الرحمن: هو الحماني؛ وفيه ضعف. الحديث: 4639 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 163 4640 - (من كان له صبي فليتصب له) . ضعيف رواه أبو علي الأهوازي الحسن بن علي - وهو متهم - في "عقد أهل الإيمان" (4/ 191-192) عن محمد بن زكريا الغلابي قال: أخبرنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري قال: أخبرنا العلاء بن جرير العنبري عن أبيه عن الأحنف بن قيس قال: دخلت على معاوية بن أبي سفيان وهو مستلق على قفاه، وعلى صدره صبي أو صبية تناغيه، فقلت: أمط عنك هذا يا أمير المؤمنين! فقال: يا أحنف! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ الغلابي وضاع. الحديث: 4640 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 163 والعلاء بن الفضل ضعيف. والعلاء بن جرير العنبري وأبوه لم أجدهما. وأبو علي الأهوازي نفسه متهم. لكن عزاه السيوطي في "الجامع" لابن عساكر، فلما تكلم عليه المناوي؛ تبين أنه من رواية محمد بن عاصم - مجهول - ... عن أبي سفيان القتبي عن معاوية. وقال ابن عساكر: "غريب جداً"، كما في "الجامع الكبير". ومثل هذا الحديث: ما رواه الدينوري في "المنتقى من المجالسة" (78/ 2 - نسخة حلب) ، ومن طريقه ابن عساكر (8/ 411) : حدثنا إبراهيم بن دازيل الهمذاني: أنبأنا أبو حذيفة عن الثوري عن أبيه عن إبراهيم التيمي قال: كان عمر ابن الخطاب يقول: ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا التمس ما عنده وجد رجلاً. قال الثوري رحمه الله: وبلغنا عن زيد بن ثابت أنه كان من أفكه الناس في أهله، وأزمتهم إذا جلس مع القوم. ورواه البيهقي (6/ 292) ، وعنه ابن عساكر من طريق ثابت بن عبيد قال: كان زيد بن ثابت ... فذكره. 4641 - (من كان له مال يبلغه بيت ربه، أو يجب فيه زكاة - فلم يفعل -؛ سأل الرجعة عند الموت) . ضعيف أخرجه الترمذي (3313) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" الحديث: 4641 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 164 (78/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 170/ 2) ، والواحدي في "تفسيره" (4/ 148/ 1) - دون ذكر الحج - عن يحيى بن أبي حية عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي: "يحيى بن أبي حية ليس بالقوي في الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعفوه لكثرة تدليسه". والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس. وقد وجدت له طريقاً أخرى، ولكنها واهية جداً؛ لأنه يرويه محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأشناني: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا محمد بن جعفر: أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعاً بلفظ: "من كان موسراً ولم يحج، وعنده مال تجب فيه الزكاة، ولم تشغله حاجة ظاهرة، ولا مرض حابس، ولا سلطان جائر؛ فليمت على أي دين شاء؛ يهودياً أو نصرانياً". أخرجه أبو الحسن النعالي في "حديثه" (ق 132/ 2) . وهذا إسناد موضوع على الإمام أحمد؛ آفته الأشناني هذا؛ قال الدارقطني: "كان دجالاً". وقال الخطيب: "كان يضع الحديث". على أن النعالي هذا شيخ رافضي يتتبع المناكير، مات سنة (413) . وجملة الحج التي وردت فيه؛ قد رويت من طرق أخرى، قد أعلها كلها ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 209-210) . وناقشه في ذلك السيوطي في الجزء: 10 ¦ الصفحة: 165 "اللآلىء" (2/ 117-119) بما يستخلص منه خطأ حكمه على الحديث بالوضع، وتكلمت على بعض طرقه في "المشكاة" (2521) ، و "الترغيب" (2/ 134) ؛ وبينت عللها. وإنما ثبت ذلك من قول عمر بن الخطاب موقوفاً عليه: أخرجه العدني في "الإيمان" (ق 239/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 334) عن ابن جريج: أخبرني عبد الله بن نعيم أن الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري أخبره أن عبد الرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: ليمت يهودياً أو نصرانياً (يقولها ثلاث مرات) ؛ رجل مات ولم يحج، وجد لذلك سعة، وخليت سبيله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن نعيم؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روى عنه جمع آخر من الثقات، ووثقه ابن نمير. ولم يعرفه ابن معين فقال: "مظلم"! يعني: أنه ليس بمشهور؛ كما قال البناني. ثم روى العدني: حدثنا هشام عن ابن جريج قال: أخبرني سليمان - مولى لنا - عن عبد الله بن المسيب بن أبي السائب أنه سمعه يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... فذكره نحوه. وهذا إسناد رجاله ثقات "الصحيح"؛ غير سليمان هذا؛ فلم أعرفه، وفي شيوخ ابن جريج ممن يسمى سليمان كثرة، ولا يبعد أن يكون هو سليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي، صدوق في حديثه بعض لين. فإن كان هو؛ فالسند حسن أيضاً. والله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 166 4642 - (من كان يحب الله عز وجل ورسوله؛ فليحب أسامة) . ضعيف أخرجه أحمد (6/ 156) عن الشعبي قال: قالت عائشة: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. قلت: وإسناده ضعيف؛ رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع؛ فإن الشعبي لم يسمع من عائشة؛ كما قال الحاكم. وقال ابن معين: "الشعبي عن عائشة: مرسل". الحديث: 4642 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 167 4643 - (من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (336) ، والطبراني في "الأوسط" (502) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 74) ، وأبو الغنائم النرسي في "انتخاب الحافظ الصوري على أبي عبد الله العلوي" (132/ 1) ، والقضاعي (30/ 2) عن إبراهيم بن الأشعث - صاحب الفضيل بن عياض -: حدثنا عيسى بن موسى - يعني: غنجاراً - عن عمر ابن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال العقيلي: "عيسى مجهول، وعمر لا أدري من هو: ابن راشد أو غيره؟! والحديث غير محفوظ". ثم قال: "إن كان هذا عمر بن راشد؛ فهو ضعيف، وإن كان غيره؛ فمجهول. أول الحديث معروف من قول عمر بن الخطاب (1) ، وآخره يروى بإسناد جيد بغير هذا الإسناد".   (1) والموقوف؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2259) . (الناشر) الحديث: 4643 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 167 وقوله: إن عيسى هذا مجهول!! مردود؛ فإنه معروف مشهور؛ وثقه ابن حبان والحاكم وغيرهما. وقال مسلمة بن قاسم في "الصلاة": "كان ثقة جليلاً مشهوراً بخراسان، وهو قديم، لم يقع في التواريخ". وإنما أنكروا عليه روايته عن المتروكين والمجهولين، وقد لخص الحافظ أقوال العلماء فيه: فقال: "صدوق ربما أخطأ، وربما دلس، مكثر من الحديث عن المتروكين". وعمر: هو ابن راشد، كذلك وقع منسوباً في رواية الطبراني والنرسي، وهو اليمامي. وفي ترجمته ساق الذهبي هذا الحديث. وقال - في إبراهيم بن الأشعث -: "قال أبو حاتم: كنا نظن به الخير؛ فقد جاء بمثل هذا الحديث. وذكر حديثاً ساقطاً"؛ غير هذا. فهو علة هذا الحديث، أو عمر بن راشد؛ فقد صرح العقيلي والطبراني بسماع غنجار منه؛ فبرئت ذمته من الحديث. ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي (241/ 2) في ترجمة ابن راشد هذا؛ من طريق إبراهيم المذكور. ورواه الدولابي (2/ 138-139) من طريق أبي نعيم عمر بن صبح عن يحيى به. وقال: "قال أبو عبد الرحمن - يعني: النسائي -: هذا حديث منكر، وعمر بن صبح ليس بثقة". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 168 قلت: وروي الحديث عن أبي هريرة بأتم منه، وسيأتي برقم (6032) . 4644 - (من كثرت صلاته بالليل؛ حسن وجهه بالنهار) (1) . موضوع أخرجه ابن ماجه (1/ 400) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 148) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 74) ، والخطيب في "التاريخ" (1/ 341 و 13/ 126) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 110) عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعاً. وقال ابن أبي حاتم: "قال أبي: فذكرت لابن نمير؟ فقال: الشيخ لا بأس به، والحديث منكر. قال أبي: الحديث موضوع". قلت: ويشير بقوله: "الشيخ" إلى ثابت بن موسى، وهو مختلف فيه؛ فقال ابن معين: "كذاب". وقال أبو حاتم: "ضعيف". ووثقه مطين. وقال العقيلي: "كان ضريراً عابداً، وحديثه (يعني: هذا) باطل لا أصل له، ولا يتابعه عليه ثقة". وقال ابن حبان: "كان يخطىء كثيراً، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن شريك ... " فذكر الحديث. قال: "وهذا قول شريك، قاله عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد ... " الحديث، فأدرج ثابت   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " مسند الشهاب ". (الناشر) . الحديث: 4644 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 169 قول شريك في الخبر، ثم سرق هذا من شريك جماعة ضعفاء". وقد ساق ابن الجوزي بعض تلك الطرق المسروقة، وبين عللها؛ وأنها تدور على كذابين وضعاف ومجاهيل. ومنها: ما أخرجه من طريق ابن عدي - وهذا ساقه في كتابه "الكامل" تحت باب "ما سرقه العدوي الحسن بن علي بن صالح بن زكريا من الحديث، وألزقه على قوم آخرين" -: حدثنا العدوي: حدثنا الحسن بن علي بن راشد: حدثنا شريك به. وقال: "هذا حديث ثابت بن موسى عن شريك. على أن قوماً ضعفاء قد سرقوه منه فحدثوا به عن شريك، وليس فيهم أشهر وأصدق من الحسن بن علي بن راشد؛ هذا الذي ألزقه العدوي عليه". والعدوي هذا من الكذابين الذين يضعون الحديث. ومنها: ما أخرجه ابن الجوزي أيضاً من طريق الخطيب - وهذا في "التاريخ" (7/ 390) - عن أبي صخر محمد بن مالك بن الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان السعدي المروزي: حدثنا صعصعة بن الحسين الرقي - بمرو -: حدثنا محمد بن ضرار بن ريحان بن جميل: حدثنا أبي حدثنا أبو العتاهية إسماعيل ابن القاسم: حدثنا الأعمش به. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ قال ابن الجوزي - وأقره الحافظ في "اللسان" -: "محمد بن ضرار وأبوه مجهولان". قلت: وأبو العتاهية - الشاعر المشهور -؛ قال الذهبي: "ما علمت أحداً يحتج بأبي العتاهية". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 170 وصعصعة بن الحسين الرقي لم أجد له ترجمة، وقد أورده الحافظ في "اللسان" قائلاً: "يأتي ذكره في ترجمة محمد بن حماد بن عنبسة". ثم لم أجد هذه الترجمة فيه أصلاً (1) ! ومحمد بن مالك لم أعرفه. وقد تناقض في هذا الحديث السيوطي أشد التناقض، وذلك أنه ساق له في "اللآلىء" (2/ 33-35) طرقاً أخرى، زيادة على طرق ابن الجوزي، محاولاً بذلك تقوية الحديث - كما هي عادته - بكثرة الطرق، دون أن يحقق القول فيها، أو - على الأقل - تخليص الحديث من الوضع. وكأن ذلك هو عمدته في إيراده الحديث من رواية ابن ماجه في كتابه "الجامع الصغير"، الذي ادعى في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! ومع ذلك؛ وجدته قد جزم بوضع الحديث في رسالته "أعذب المناهل في حديث: (من قال: أنبأنا عالم؛ فهو جاهل) " من كتابه "الحاوي للفتاوي" (2/ 146-149) ؛ فإنه - بعد أن بين ضعف إسناد حديث الجاهل هذا من أجل أنه من رواية ليث بن أبي سليم المختلط، وأريد بطلانه من جهة المعنى - أورد على نفسه سؤالاً فقال: "فإن قلت: كيف حكم على الحديث بالإبطال، وليث لم يتهم بكذب؟ قلت: الموضوع قسمان: قسم تعمد واضعه وضعه، وهذا شأن الكذابين.   (1) هي فيه، لكن وقع اسم أبيه هنا مقلوبا، والوصواب: " محمد بن عنبسة بن حماد ". (الناشر) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 171 وقسم وقع غلطاً لا عن قصد، وهذا شأن المخلطين والمضطربين [في] الحديث، كما حكم الحفاظ بالوضع على الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في "سننه" وهو: "من كثرت صلاته ... "؛ فإنهم أطبقوا على أنه موضوع، وواضعه لم يتعمد وضعه، وقصته في ذلك مشهورة". ولذلك تعجب المناوي من صنيع السيوطي هذا؛ فقال: "ومن العجب العجاب أن المؤلف قال في كتابه "أعذب المناهل": إن الحفاظ حكموا على هذا الحديث بالوضع، وأطبقوا على أنه موضوع. هذه عبارته، فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به وضاع؟ ‍‍‍‍‍‍! ". 4645 - (من كذب بالقدر؛ فقد كذب بما أنزل علي) . ضعيف جداً أخرجه العقيلي في ترجمة (سوار بن عبد الله بن قدامة) من "الضعفاء" (ص 174) قال: حدثنا أحمد بن عمرو قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الأعلى بن القاسم قال: حدثني سوار بن عبد الله العنبري عن كليب بن وائل عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "سوار؛ قال سفيان (يعني: الثوري) : ليس بشيء. وقد روي في الإيمان بالقدر أحاديث صحاح. وأما هذا اللفظ؛ فلا يحفظ إلا عن هذا الشيخ"! كذا قال! وخالفه ابن عدي فأورده في ترجمة سوار بن مصعب من "الكامل" فقال (ق 189/ 2-190/ 1) : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز: حدثنا العلاء ابن موسى: حدثنا سوار بن مصعب عن كليب بن وائل به. وقال: "هذا الحديث يرويه عن كليب سوار بن مصعب، وعامة ما يرويه غير محفوظ، وهو ضعيف كما ذكروه". الحديث: 4645 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 172 قلت: والعلاء بن موسى صدوق؛ كما في "التاريخ" (12/ 240-241) ، وكناه بأبي الجهم. وتابعه أبو الربيع الزهراني - كما ذكر الذهبي في ترجمة ابن مصعب في "الميزان" - وساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه. وتبعه على ذلك الحافظ في "اللسان"، وجزم بأن عزو الحديث في كتاب العقيلي "الضعفاء" لرواية سوار بن عبد الله وهم من بعض الرواة عنده. وأشار الحافظ في ترجمة (ابن عبد الله) إلى هذا الحديث إشارة سريعة، لا يمكن فهم المراد منها إلا ممن وقف على كلامه حوله في ترجمة (ابن مصعب) ! فقال معللاً الوهم المذكور: "لعله وقع في الرواية: "سوار" غير منسوب، ونسبه بعضهم فأخطأ؛ وإلا فهذا الحديث رويناه في "جزء أبي الجهم" عن سوار بن مصعب عن كليب؛ كما سيأتي قريباً، وهو المعروف بالرواية عن كليب". والحديث؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 205) . وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الحسين القصاص؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". قلت: ومحمد بن الحسين القصاص (1) ؛ هو محمد بن الحسين الذي في طريق   (1) لعله: (محمد بن الحُصَين) - بالصاد المهملة -؛ كما في " أوسط الطبراني " (8298) ، و" ضعفاء العقيلي " (2 / 542) ، وكذا وقع في حديث آخر في " الصحيحة " (1 / 555 / رقم 273) . ووقع - بالسين المهملة - في " مجمع البحرين " (8 / 23) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 173 العقيلي المتقدمة، وقد بحثت عنه فلم أجد من ذكره! فالظاهر أن الوهم المذكور منه. والله أعلم. (تنبيه) : نقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال (ولعله في كتابه "العلل") : "حديث لا يصح، وفيه سوار بن عبد الله، قال أحمد والنسائي [و] يحيى: متروك. اهـ"! وأقره المناوي! قلت: وقد اختلط عليهما سوار بن مصعب بسوار بن عبد الله العنبري؛ فابن مصعب هو المتروك، وهو الذي قال فيه أحمد: "متروك الحديث". وسئل عنه ابن معين؟ فقال: "ضعيف ليس بشيء". وقال النسائي: "متروك". وأما العنبري؛ فلم نقف على من جرحه سوى الثوري؛ كما تقدم في نقل العقيلي عنه. وقد خالفه جمع فوثقوه؛ فذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا ابن شاهين، وقال ابن المديني: "ثقة"؛ كما في "اللسان". وكذلك وثقه النسائي؛ كما في "تاريخ بغداد" (9/ 212) ، وقال ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس به". وقال الذهبي - عقب جرح الثوري إياه -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 174 "كان من نبلاء القضاة، روى عنه ابن علية وبشر بن المفضل، ومات سنة ست وخمسين ومئة، وكان ورعاً". قلت: فالرجل ثقة فاضل، فالجرح المشار إليه مردود؛ لأنه جرح مبهم؛ مع ما فيه من مخالفة لتوثيق أولئك الأئمة. ويدور في البال أنه لا يبعد أن الثوري أراد سوار بن مصعب، ففهم الراوي أنه أراد العنبري؛ وهماً منه، على النحو الذي وقع في سند الحديث. والله أعلم. 4646 - (من كذب علي؛ فهو في النار) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 165) ، وأحمد (1/ 46-47) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 58) - عن أحمد وعن غيره - عن دجين أبي الغصن - بصري - قال: قدمت المدينة، فلقيت أسلم مولى عمر بن الخطاب، فقلت: حدثني عن عمر، فقال: لا أستطيع، أخاف أن أزيد أو أنقص، كنا إذا قلنا لعمر: حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أخاف أن أزيد حرفاً أو أنقص؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ دجين هذا اتفقوا على تضعيفه، وقد نسبه بعضهم إلى التلقين؛ فروى البخاري في "التاريخ الصغير" (181) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن مهدي قال: قال لنا دجين أول مرة: حدثني مولى لعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب، فتركه، فما زالوا يلقنونه حتى قال: أسلم مولى عمر بن الخطاب! قال البخاري: الحديث: 4646 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 175 "ولا يعتد به، كان يتوهم، ولا يدرى ما هو؟ ". وفي رواية لابن الجوزي من طريق أخرى عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: "من كذب علي متعمداً؛ فليتبوأ مقعده من النار". وهذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في "الصحيحين"، و"السنن"، و"المسانيد"، و"الفوائد"؛ من طرق كثيرة عن جمع كبير من الصحابة، وقد خرج السيوطي أكثرها في "الجامع الصغير". 4647 - (من كف غضبه؛ ستر الله عورته، ومن كظم غيظه - ولو شاء أن يمضيه أمضاه -؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاً، ومن مشى مع أخيه في حاجته حتى يثبتها له؛ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام) . ضعيف (1) . رواه نصر المقدسي في "الأربعين" (رقم 31) عن محمد بن صالح ابن فيروز بن كعب التميمي: أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال نصر: "حديث غريب، تفرد به محمد بن صالح التميمي؛ وليس هو بمشهور، وفي حديثه نكارة". وقال الذهبي: "ليس بثقة". ثم ساق له ثلاثة أحاديث بهذا السند؛ أبطل أحدها، وقال في الآخرين: "موضوعان".   (1) ذكر الشيخ - رحمه الله - طريقاً حسناً ثبت به الحديث؛ فانظر " الصحيحة " (906) ! (الناشر) . الحديث: 4647 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 176 ورواه الطبراني (3/ 209/ 2) من طريق سكين بن [أبي] سراج: أخبرنا عمرو بن دينار عن ابن عمر به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سكين هذا؛ اتهمه ابن حبان، فقال: "يروي الموضوعات". وقد ثبت الشطر الأول منه بلفظ: "من كف غضبه؛ كف الله عنه عذابه"؛ فراجعه في "الصحيحة" (2360) (1) . 4648 - (من كفن ميتاً؛ كان له بكل شعرة منه حسنة) . ضعيف أخرجه الخطيب (4/ 44) عن أحمد بن أيوب البغدادي: حدثنا سليمان بن داود: حدثنا الصلت بن الحجاج: حدثنا أبو العلاء الخفاف عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "تفرد به أبو العلاء خالد بن طهمان الخفاف عن نافع، وعنه الصلت، ولم أكتبه إلا من هذا الوجه". قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده الخطيب في ترجمة أحمد هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي "اللسان": "مجهول، قاله مسلمة في (الصلة) ". والصلت بن الحجاج؛ قال ابن عدي: "عامة حديثه منكر".   (1) ولينظر رقم (1916) - فيما سبق من هذه " السلسلة " -. (الناشر) الحديث: 4648 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 177 وخالد بن طهمان صدوق مختلط. ونقل المناوي عن "الميزان" أنه قال: "الظاهر أن هذا حديث موضوع". فلينظر أين قال هذا؟! ثم رأيته ذكر هذا في ترجمة أبي العلاء من "كنى الميزان"، فقال: "أبو العلاء عن نافع. غمزه ابن حبان، فقال: روى عن نافع ما ليس من حديثه، من ذلك ... (فذكر هذا الحديث، وقال:) ؛ قال ابن حبان: لا يجوز الرواية عنه. قلت: والظاهر أن هذا حديث موضوع". أقول: فالظاهر من صنيع ابن حبان - ثم الذهبي -: أن أبا العلاء هذا هو عندهما غير خالد بن طهمان الخفاف، بدليل أن ابن حبان قد ذكر الخفاف في "الثقات" وقال: "يخطىء ويهم". وترجم له الذهبي في "أسماء الميزان" ترجمة خاصة! لكن الأرجح أنهما واحد، كما يفيده تصريح الخطيب السابق، وهو عمدة في هذا الشأن. والله أعلم. 4649 - (من لبس ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق، - أو قال: ألقى - فتصدق به؛ كان في كنف الله، وفي حفظ الله، وفي ستر الله حياً وميتاً. قالها ثلاثاً) . ضعيف رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 45/ 1) ، وعنه ابن ماجه الحديث: 4649 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 178 (2/ 368) ، وابن السني في "عمله" (90/ 267) : أخبرنا يزيد بن هارون: أخبرنا أصبغ بن زيد: أخبرنا أبو العلاء عن أبي أمامة قال: لبس عمر بن الخطاب ثوباً جديداً، فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي. ثم قال ... فذكر الحديث. ومن طريق يزيد: أخرجه الترمذي (3555) ، وضعفه بقوله: "حديث غريب". قلت: وعلته أبو العلاء هذا - وهو الشامي -؛ مجهول. وله طريق أخرى عند الحاكم (4/ 193) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (ص 16) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 241/ 1-2) ، والطبراني في "الدعاء" (2/ 937) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ قال ابن حبان - في ابن زحر -: "يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم". 4650 - (من لبس ثوب شهرة؛ أغرض الله عنه حتى يضعه متى ما وضعه) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 379) ، وابن حبان في "الثقات" (9/ 230) ، والعقيلي في "الضعفاء" (445) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 190-191) عن وكيع بن محرز الشامي عن عثمان بن الجهم عن زر بن حبيش عن أبي ذر مرفوعاً وقال العقيلي: الحديث: 4650 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 179 "وكيع بن محرز الشامي؛ قال البخاري: عنده عجائب". قلت: لكن قال نصر بن علي الجهضمي - وهو من الرواة عنه -: "لا بأس به". وكذا قال أبو زرعة، وأبو حاتم. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام". قلت: فهو حسن الحديث إذا لم يخالف. وبقية رجال الإسناد ثقات؛ غير عثمان بن الجهم؛ وهو مجهول؛ قال الذهبي: "روى عنه وكيع بن المحرز فقط". فهو علة هذا الحديث، وإن وثقه ابن حبان؛ لما عرف من تساهله في التوثيق. ومنه يتبين أن قول البوصيري في "زوائده" (218/ 1) : "إسناده حسن"! غير حسن (1) . والله أعلم.   (1) لكن استروح الشيخ - رحمه الله - في " الجلباب " (ص 214) إلى تحسينه لغيره؛ فإنه - بعد أن تعقب البوصيري - بهذا الكلام - استثنى فقال: ". . . إلا إن كان يريد أنه حسن لغيره؛ فسائغ. ولعله - لذلك أورده المقدسي في " الأحاديث المختارة "، والله أعلم ". ويؤيد هذا: أن له شاهداً من حديث الحسن والحسين رضي الله عنهما: عند الطبراني في " الكبير " (3 / 134 / 2906) بإسناد فيه ضعف، والله أعلم. (الناشر) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 180 4651 - (من لقي العدو، فصبر حتى يقتل أو يغلب؛ لم يفتن في قبره) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 205/ 2) ، والحاكم (2/ 119) عن أبي مطيع معاوية بن يحيى عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ بن علقمة عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: معاوية ضعيف" (1) . وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام، وغلط من خلطه بالذي قبله (يعني: الصدفي) ؛ فقد قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما: الطرابلسي أقوى من الصدفي. وعكس الدارقطني".   (1) ورجح الشيخ - رحمه الله - في مواضع من كتبه تحسين حديثه؛ فانظر - مثالاً - " ظلال الجنة بتخريج كتاب السنة " (رقم 778) ! (الناشر) الحديث: 4651 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 181 4652 - (من لم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فأنا منه بريء) . ضعيف رواه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1516) ، وابن عدي في "الكامل" (32/ 1) عن معتمر: حدثني أشرس بن أبي الحسن (2) عن يزيد الرقاشي عن صالح بن شريح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن عدي: "أشرس هذا؛ لا أعرف له من الرواية إلا أقل من عشرة أحاديث، وأرجو أنه لا بأس به".   (2) في مطبوعتي " أبي يعلى " (11 / 288 - 289 / 6404 - دارني) و (6 / 44 / 6373 - إرشاد الحق) : زيادة: (سيف) بين (أشرس) و (يزيد) ! ولا يعرف من سيف هذا؟! (الناشر) الحديث: 4652 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 181 قلت: ويزيد الرقاشي ضعيف. وصالح بن شريح؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 405) بروايته عن أبي عبيدة ابن الجراح وغيره، ورواية محمد بن زياد الألهاني عنه. وقال: "سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: مجهول". قلت: ووقع في "مسند أبي يعلى": (صالح بن سرج) ! وبناء على ذلك قال الهيثمي (7/ 206) : "رواه أبو يعلى، وفيه صالح بن سرج، وكان خارجياً"! قلت: وما أظنه إلا تصحيفاً؛ فإن صالح بن سرج الخارجي دون صالح بن شريج في الطبقة؛ فإنه من أتباع التابعين، يروي عن عمران بن حطان التابعي الخارجي. وأما ابن شريج؛ فهو تابعي كما رأيت. 4653 - (من لم يترك ولداً ولا والداً؛ فورثته كلالة) . ضعيف أخرجه البيهقي في "سننه" (1) (6/ 224) عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) قال ... فذكره. وقال:   (1) وقد أخرجه أبو داود في " المراسيل " (رقم: 371 - المسندة) ، ومن طريقه البيهقي. وأخرجه موصولا - عن أبي هريرة -: الحاكم (4 / 336) من طريق الحِمَّاني عن يحيى بن آدم عن عمار. . . به. والحماني متهم. (الناشر) الحديث: 4653 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 182 "قال أبو داود (يعني: السجستاني) : وروى عمار عن أبي إسحاق عن البراء في الكلالة؟ قال: "تكفيك آية الصيف". قال البيهقي: "هذا هو المشهور، وحديث أبي إسحاق عن أبي سلمة منقطع، وليس بمعروف". قلت: يعني: أنه مرسل؛ لأن أبا سلمة بن عبد الرحمن تابعي. وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس؛ وقد عنعنه، وكان اختلط. وقد أخرجه الشيخان، وأبو داود (2888 و 2889) ، وأحمد (4/ 293 و 295 و 301) من طرق عن أبي إسحاق مختصراً نحو رواية عمار التي علقها البيهقي. وزاد أبو داود من طريق أبي بكر بن عياش: فقلت: لأبي إسحاق: هو من مات ولم يدع ولداً ولا والداً؟ قال: كذلك ظنوا أنه كذلك. قلت: فهذا مما يعل رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية أبي سلمة. وقد صح عن الشعبي أنه قال: سئل أبو بكر عن الكلالة؟ فقال: إني سأقول فيها برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الوالد والولد. فلما استخلف عمر قال: إنى لأستحيي الله أن أرد شيئاً قاله أبو بكر. أخرجه الدارمي (2/ 365-366) ، والبيهقي. وروى هذا الأخير عن السميط بن عمير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أتى علي زمان ما أدري ما الكلالة؟! وإذا الكلالة من لا أب له ولا ولد. وإسناده صحيح. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 183 4654 - (من لم يحلق عانته، ويقلم أظفاره، ويجز شاربه؛ فليس منا) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 410) عن ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن عمرو المعافري عن رجل من بني غفار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. والرجل الغفاري لم يسم فهو مجهول، وليس فيه التصريح بأنه صحابي، حتى يقال: إن الصحابة كلهم عدول؛ فلا يضر عدم تسميته! وكون يزيد بن عمرو - وهو المعافري المصري - من التابعين؛ لا يلزم منه أن يكون شيخه تابعياً مثله أو أكبر منه، وهذا مثله كثير في الأحاديث؛ كما لا يخفى على من تعانى هذا الفن الشريف. نعم؛ قد صح الشطر الأخير من الحديث؛ بلفظ: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا". وهو مخرج في "المشكاة" (4438) ، و"الروض النضير" (313) . (تنبيه) : لقد رأيت هذا الحديث في رسالة "حكم اللحية في الإسلام" للشيخ محمد الحامد رحمه الله (ص 28) معزواً للطبراني عن واثلة!! ولا أصل له عند الطبراني ولا عند غيره عن واثلة؛ ولم يذكره السيوطي في "جامعيه" إلا من رواية أحمد عن الرجل. وكذلك فعله قبله الهيثمي في "المجمع" (5/ 167) . وقال: ".. وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات"! الحديث: 4654 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 184 كذا قال! وقد عرفت أنه فيه الرجل الذي لم يسم. 4655 - (من لم يخلل أصابعه بالماء؛ خللت بالنار يوم القيامة) . ضعيف رواه أبو موسى المديني في "جزء من الأمالي" (62/ 2) عن الهيثم ابن حميد عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن واثلة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لكن مكحولاً مدلس، وقد عنعنه. والعلاء بن الحارث - وهو الحضرمي الدمشقي - كان اختلط، ولست أدري إذا كان ذكره في هذا الإسناد محفوظاً! فقد أورد الهيثمي هذا الحديث في "مجمع الزوائد" (1/ 236) ؛ وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه العلاء بن كثير الليثي، وهو مجمع على ضعفه". قلت: والليثي هذا هو من طبقة الحضرمي، وكلاهما روى عن مكحول. فالله أعلم. والحديث؛ أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 103) إلى ضعفه. الحديث: 4655 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 4656 - (من لم يدرك الركعة؛ لم يدرك الصلاة) . ضعيف أخرجه البيهقي (2/ 89-90) عن شعبة: حدثنا عبد العزيز بن محمد المكي عن رجل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الرجل لم يسم، وليس في السياق ما يدل على أنه الصحابة؛ لما سبق ذكره قبل حديث. الحديث: 4656 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 وعبد العزيز بن محمد المكي لم أجد من ذكره، ولا أورده الحافظ المزي في جملة شيوخ شعبة الذين استقصاهم في "التهذيب" كعادته. والله أعلم. وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل به، بلفظ: "إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجداً فاسجدوا، ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع". وعبد العزيز بن رفيع مكي من شيوخ شعبة الثقات المعروفين؛ فلعل بعض الرواة في الطريق الأولى وهم فسمى أباه محمداً، وإنما هو رفيع! والحديث بلفظ ابن رفيع صحيح؛ له شواهد من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (1188) وغيره. وأما لفظ ابن محمد المكي؛ فكأنه مقلوب الحديث الصحيح: "من أدرك من الصلاة ركعة؛ فقد أدرك الصلاة". أخرجه الستة وغيرهم، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1026) . 4657 - (من لم يطهره ماء البحر؛ فلا طهره الله) (1) . ضعيف جداً أخرجه الدارقطني (ص 13) ، والبيهقي (1/ 4) عن محمد بن حميد الرازي: أخبرنا إبراهيم بن المختار: أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن سعيد بن ثوبان عن أبي هند [الفراسي] عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الدارقطني: "إسناده حسن"!   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " معرفة السنن (ص 63) ". (الناشر) الحديث: 4657 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 186 قلت: وهذا منه عجيب؛ فإن الرازي هذا - مع حفظه - ضعيف، بل اتهمه أبو زرعة وغيره بالكذب. وإبراهيم بن المختار؛ قال الحافظ: "صدوق ضعيف الحفظ". وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز - وهو الأموي؛ مع كونه من رجال الشيخين - مضعف؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وسعيد بن ثوبان لا يعرف، لم يزد ابن أبي حاتم في ترجمته على قوله (2/ 1/ 9) : "روى عن أبي بكر بن أبي مريم"! وأبو هند الفراسي؛ لم أجد من ذكره. 4658 - (من مات على غير وصية؛ لم يؤذن له في الكلام إلى يوم القيامة؛ قالوا: يا رسول الله! أو يتكلمون قبل يوم القيامة؟! قال: نعم؛ ويزور بعضهم بعضاً) . ضعيف رواه أبو عمر بن منده في "أحاديثه" (20/ 1) عن أحمد بن بكرويه البالسي: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا أبو محمد الكوفي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو محمد الكوفي؛ أورده الذهبي ثم العسقلاني - في كنى "الميزان" و "اللسان" -، وقالا: "وعنه زيد بن الحباب: بخبر باطل". الحديث: 4658 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 187 وكأنهما يشيران إلى هذا. وأحمد بن بكرويه البالسي؛ قال ابن عدي: "روى مناكير عن الثقات". وقال الأزدي: "كان يضع الحديث". وقال الحافظ: "وله حديث موضوع بسند صحيح". يعني: أنه هو الذي وضعه وركب عليه الإسناد الصحيح. وروي الحديث عن قيس بن قبيصة مرفوعاً بلفظ: "من لم يوص؛ لم يؤذن له في الكلام مع الموتى". قيل: يا رسول الله! وهل يتكلمون؟ قال: "نعم، ويتزاورون". ذكره الحافظ في "الإصابة" (3/ 247) من رواية أبي موسى المديني من طريق عبد الله الألهاني عنه وقال: "سنده ضعيف". قلت: وعبد الله الألهاني لم أعرفه. ورواه أيضاً أبو الشيخ في "الوصايا" عن قيس؛ كما في "الجامع الصغير" و "الكبير" أيضاً. ثم رأيت الحافظ ابن رجب قد أورد الحديث في "أهوال القبور" (ق 95/ 1) ؛ وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 188 "لا يصح، قال أبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر، وأبو محمد هذا رجل مجهول". قلت: وهذه فائدة كان على الذهبي والعسقلاني أن يذكراها! 4659 - (من مات غدوة؛ فلا يقيلن إلا في قبره، ومن مات عشية؛ فلا يبيتن إلا في قبره) . ضعيف رواه ابن عدي (67/ 1) عن الحكم بن ظهير عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يحدث به عن ليث غير الحكم بن ظهير، وعامة أحاديثه غير محفوظة". قلت: وهو متروك، واتهمه ابن معين كما في "التقريب". ثم رواه ابن عدي (75/ 2) عن حماد بن أبي حنيفة عن ليث عن مجاهد مرفوعاً به. وقال: "وهذا اختلاف على ليث، وليث ليس ممن يعتمد عليه في الحديث". قال: "وحماد بن أبي حنيفة لا أعلم له رواية مستوية فأذكرها". ومن الطريق الأولى: أخرجه الطبراني؛ كما في "فيض القدير". الحديث: 4659 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 189 4660 - (من مات محرماً؛ حشر ملبياً) . ضعيف أخرجه الخطيب (3/ 338) عن الحسين بن الضحاك الخليع عن الأمين (بن هارون الرشيد) : حدثني أبي عن أبيه المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه مرفوعاً. الحديث: 4660 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 189 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون أبي المنصور - واسمه محمد بن علي بن عبد الله - غير معروفين برواية الحديث، وبعضهم لم تثبت عدالته، كالأمين - واسمه محمد -؛ قال الحافظ في "اللسان": "وسيرة الأمين مشهورة في محبة اللهو والخلاعة، واتباع هوى النفس، إلى أن جره ذلك إلى الهلاك، وكان قتله سنة ثمان وتسعين ومئة". وساق له هذا الحديث الغريب. والحسين بن الضحاك؛ قال الخطيب (2/ 55) : "شاعر ماجن مطبوع، حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه ... مات سنة خمسين ومئتين". 4661 - (من مات مريضاً مات شهيداً، ووقي فتنة القبر، وغدي وريح عليه برزقه من الجنة) (1) . موضوع أخرجه ابن ماجه (1/ 491) ، وابن عدي (325/ 1) ، وأبو بكر القطيعي في "قطعة من حديثه" (69/ 1) ، والحاكم في "علوم الحديث" (178) ، وابن عساكر في "التاريخ" (17/ 208/ 1) عن حجاج بن محمد عن ابن جريج: أخبرني إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء عن موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 216-217) . وقال: "لا يصح، مداره على إبراهيم - وهو ابن أبي يحيى -، وقد كانوا يدلسونه لأنه ليس بثقة، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، قال مالك   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " عد (132 / 1) ". الحديث: 4661 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 190 ويحيى بن سعيد وابن معين: هو كذاب، وقال أحمد: قد ترك الناس حديثه، وقال الدارقطني: متروك". وقد تابع حجاجاً: عبد الرزاق: أنبأنا ابن جريج به. أخرجه ابن ماجه، وابن الجوزي. والقداح عن ابن جريج به. أخرجه أحمد في "الزهد" (20/ 97/ 2) ، وابن الجوزي. وخالفهم الحسن بن زياد اللؤلؤي فقال: حدثنا ابن جريج عن موسى بن وردان به، فأسقط من السند إبراهيم بن محمد. أخرجه ابن عدي (89/ 2) . وقال: "وهذا الحديث يرويه ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن موسى بن وردان، ويقول: إبراهيم بن أبي عطاء، هكذا يسميه، فإذا روى ابن جريج عن موسى هذا الحديث يكون قد دلسه. والحسن بن زياد ليس صنعته الحديث، وهو ضعيف، وكان يكذب على ابن جريج". قلت: وكذبه ابن معين مطلقاً، وكذا أبو داود. وخالفهم جميعاً: الحسن بن قتيبة فقال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن محمد بن عمرو عن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة به. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص 66 - زوائده) : حدثنا الحسن ابن قتيبة به. ومن طريق الحارث: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 200-201) ، وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 191 "غريب من حديث عبد العزيز عن محمد، ما كتبناه عالياً إلا من حديث الحسن". قلت: وهو متروك؛ كما قال الدارقطني، وقال الذهبي: "هو هالك". وخالفه حفص بن عمر البصري؛ فقال: عن عبد العزيز بن أبي رواد عن طلق عن جابر بن عبد الله مرفوعاً بلفظ: "من مات غريباً أو غريقاً؛ مات شهيداً". أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 203) . وقال: "غريب من حديث عبد العزيز عن طلق، لم نكتبه إلا من حديث الباوردي عن حفص". قلت: وهو ابن عمر بن ميمون العدني أبو إسماعيل؛ الملقب بالفرخ، فهو الذي ذكروا له رواية عن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو متروك كما قال الدارقطني. وجملة القول؛ أن الحديث ليس في شيء من طرقه ما يشد من عضده، ولذلك؛ فإن ابن الجوزي ما جانف الصواب حين حكم عليه بالوضع، لا سيما وقد قال: "قال أحمد بن حنبل: إنما هو: "من مات مرابطاً"، ليس هذا الحديث بشيء". ثم روى بإسناده عن إبراهيم بن أبي يحيى الذي في الطريق الأولى؛ قال: حدثت ابن جريج بهذا الحديث: "من مات مرابطاً ... "؛ فروى عني: "من مات مريضاً ... "، وما هكذا حدثته! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 192 وعقب عليه ابن الجوزي بقوله: "قلت: ابن جريج هو الصادق". قلت: وصدق - رحمه الله -؛ فإنه لا يجوز تصديق المتهم في طعنه في الصادق الحافظ كما هو الظاهر. ومن العجيب: قول ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 364) بعد أن أشار إلى طرقه المتقدمة - أو أكثرها -: "والحق أنه ليس بموضوع، وإنما وهم راويه في لفظة منه"!! ثم ذكر قول إبراهيم الآنف الذكر، ثم قال: "فالحديث إذاً من نوع المعلل أو المصحف". قلت: ولا يخفى على الناقد البصير أن هذا التحقيق صوري شكلي؛ فإن جزمه بأنه مصحف، معناه أنه موضوع بهذا اللفظ، فما قيمة التحقيق المذكور؟! تنبيهان: الأول: قوله في الطريق الأخيرة: "أو غريقاً"! هكذا وقع في "الحلية". وفي "اللآلىء المصنوعة" (2/ 414) - نقلاً عنها -: "أو مريضاً". ولعله الأصل. والله أعلم. والآخر: حديث: "من مات مرابطاً ... " الحديث نحو لفظ الترجمة. أخرجه أحمد (2/ 404) من طريق ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 193 وابن لهيعة - وإن كان سيىء الحفظ -؛ فقد تابعه زهرة بن معبد عن أبيه عن أبي هريرة به. أخرجه ابن ماجه (2/ 174-175) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (8/ 4/ 2) . قلت: وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات. وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 151) - وتبعه البوصيري في "الزوائد" (172/ 1) -: "إسناده صحيح"!! ففيه نظر بينته في "التعليق الرغيب". لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد، وقد أشرت إليها في المصدر المذكور. 4662 - (من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط؛ نقله الله إليهم حتى يحشر معهم) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 160) عن مسلم بن عيسى: حدثنا أبي: حدثنا حماد بن زيد عن سهيل (!) عن أنس مرفوعاً. أورده في ترجمة عيسى بن مسلم وحماد بن زيد وإسماعيل بن عياش أحاديث منكرة". قلت: لكن ابنه مسلم بن عيسى شر منه؛ فقد قال الدارقطني: "متروك". الحديث: 4662 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 194 واتهمه الذهبي بوضع حديث. وأما قول السيوطي في "الفتاوي" (2/ 202) : "وله شاهد أخرجه ابن عساكر عن وكيع قال: سمعنا في حديث: "من مات وهو يعمل عمل قوم لوط؛ سار به قبره حتى يصير معهم، ويحشر معهم يوم القيامة" ... "! فأقول: هذا مردود من وجهين: الأول: أن الشاهد لا يقوي الحديث الذي اشتد ضعف سنده؛ كهذا. والأخر: أنه مقطوع ليس بمرفوع؛ فكيف يصلح شاهداً؟! 4663 - (من مثل بذي حياة؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) . ضعيف رواه محمد بن محمد البزار في "حديث أبي عمرو الدقاق" (1/ 178/ 1) عن عطية بن بقية قال: حدثني أبي: حدثنا معان بن رفاعة السلامي قال: حدثني الأصم عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمر رفعه. وأخرجه الطبراني (3/ 190/ 1) من طريق أخرى عن بقية عن معان بن رفاعة به؛ إلا أنه قال: " ... بأخيه فعليه ... ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بقية مدلس وقد عنعنه. وتصريحه بالتحديث في الطريق الأولى مما لا يعتمد عليه؛ لأن عطية بن بقية تفرد به، وقد كانت فيه الحديث: 4663 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 195 غفلة؛ كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 381) . ثم إن مدار الطريقين على الأصم؛ ولم أعرفه (1) . ومعان لين الحديث كثير الإرسال؛ كما في "التقريب". 4664 - (من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله؛ فليقل هكذا، فالقاتل في النار، والمقتول في الجنة) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 204) ، وأحمد (2/ 96) عن عون بن أبي جحيفة عن عبد الرحمن بن سميرة قال: "كنت آخذاً بيد ابن عمر في طريق من طرق المدينة؛ إذ أتى على رأس منصوب فقال: شقي قاتل هذا! فلما مضى قال: وما أرى هذا إلا قد شقي؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. ثم أخرجه أحمد (2/ 100) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 291) من هذا الوجه؛ بلفظ: "أيعجز أحدكم - إذا جاءه من يريد قتله - أن يكون كابني آدم؟ ‍‍! القاتل في النار ... " إلخ. قلت: وإسناده ضعيف؛ لجهالة ابن سميرة؛ فإنهم لم يذكروا له راوياً غير عون ابن أبي جحيفة، ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات" (1/ 154) !   (1) الأصم هذا: هو يزيد بن هرمز؛ كما صرّح به الطبراني بعد تخريجه للحديث في " المعجم الكبير " (12 / 211 / 13091) ! (الناشر) . الحديث: 4664 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 196 4665 - (من وافق موته عند انقضاء رمضان؛ دخل الجنة، ومن وافق موته عند انقضاء عرفة؛ دخل الجنة، ومن وافق موته عند انقضاء صدقة؛ دخل الجنة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 23) ، والقاسم بن عساكر في "التعزية" (2/ 223/ 2) عن نضر بن حماد: حدثنا همام: حدثنا محمد بن جحادة عن طلحة بن مصرف قال: سمعت خيثمة بن عبد الرحمن يحدث عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث طلحة، لم نكتبه إلا من حديث نضر". قلت: وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". الحديث: 4665 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 197 4666 - (من يتزود في الدنيا؛ ينفعه في الآخرة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 231/ 1) ، وابو بكر المقرىء في "الفوائد" (1/ 101/ 1) ، وأبو الحسن الحربي في "الفوائد المنتقاة" (3/ 153/ 1) ، والبيهقي في "الزهد" (52/ 1 و 86/ 2) ، والسلفي في "الحادي عشر من المشيخة البغدادية" (41/ 2) ، وأحمد بن عيسى المقدسي في "فضائل جرير" (2/ 236/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (4/ 3/ 1 و 16/ 198/ 1) عن هشام بن عمار: حدثنا مروان ابن معاوية: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن عمار؛ فهو - مع كونه من شيوخ البخاري - متكلم في ضبطه وحفظه؛ قال الذهبي في "المغني": الحديث: 4666 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 197 "ثقة مكثر، له ما ينكر. قال أبو حاتم: صدوق قد تغير، وكان كلما لقن تلقن. وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربع مائة حديث لا أصل لها". وقال الحافظ: "صدوق، مقرىء، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح". قلت: ويظهر من كلام أبي حاتم الآتي: أن هذا الحديث من تلك الأحاديث التي أشار إليها أبو داود مما لا أصل له؛ فقد قال ابنه في "العلل" (2/ 135) : "سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار ... (فذكره) ؟ فقال أبي: هذا حديث باطل؛ إنما يروى عن قيس قوله. قلت: ممن هو؟ قال: من هشام ابن عمار، كان هشام بأخرة يلقنونه أشياء فيلقن، فأرى هذا منه". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 198 4667 - (مناولة المسكين تقي ميتة السوء) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 180) ، وابن سعد (3/ 488) ، والطبراني (1/ 330/ 1-2 و 331/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 356) ، وعنه الديلمي (4/ 74) ، والبيهقي في "الشعب" (22 - باب: ق 172/ 2) عن ابن أبي فديك قال: حدثنا محمد بن عثمان عن أبيه قال: قال حارثة بن النعمان: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة محمد بن عثمان وأبيه. وفي ترجمة الأول أورده البخاري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع ابن أبي حاتم (4/ 1/ 24) . الحديث: 4667 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 198 4668 - (موت العالم ثلمة في الإسلام؛ لا تسد ما اختلف الليل والنهار) . موضوع أخرجه البزار في "مسنده" (ص 31) ، والديلمي (4/ 64) من طريق محمد بن عبد الملك عن الزهري عن نافع عن ابن عمر. وعن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبد الملك - وهو الأنصاري -؛ قال الحاكم: "روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات". وقال أحمد: "كذاب، خرقنا حديثه". وقال البزار عقبه: "يروي أحاديث لم يتابع عليها، وهذا منها". وأقره الهيثمي في "المجمع" (1/ 201) . وقد روي الشطر الأول منه بزيادة من حدبيث أبي الدرداء، وسيأتي تخريجه برقم (4838) . الحديث: 4668 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 4669 - (المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة) . ضعيف رواه الباطرقاني في "جزء من حديثه" (156/ 2) ، والديلمي (4/ 80) - عن ابن لال معلقاً - عن شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. ومن هذا الوجه: رواه ابن عدي (193/ 1) . وقال: "لا يروى بهذا اللفظ إلا عن شريك؛ وإنما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر الحديث: 4669 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 وهو: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم! أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" ... ". قلت: وشريك ضعيف؛ لسوء حفظه. ورواه أبو حفص الكتاني في "حديثه" (133/ 2) عن أبي حفص الأبار قال: أخبرنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال ... فذكره موقوفاً عليه. وأبو حفص هذا: هو عمر بن عبد الرحمن؛ قال الحافظ: "صدوق، وكان يحفظ". قلت: وبقية رجال الإسناد كلهم ثقات، فهو صحيح موقوفاً على علي. وكأن البغوي لم يقف عليه؛ فقد عزاه في "شرح السنة" (1/ 60/ 2) لبعض أهل العلم ‍ ثم وجدت الأثر في "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 96/ 1) : حدثنا وكيع قال: حدثنا مسور، عن منصور به؛ إلا أنه قال: عن أبي عبد الرحمن - أو هلال عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن - به. 4670 - (المؤمن [منفعة] ؛ إن ماشيته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن شاركته نفعك، وكل شيء من أمره منفعة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 129) من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "غريب بهذا اللفظ، تفرد به ليث عن مجاهد، وهو ثابت صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه" ‍! الحديث: 4670 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 200 قلت: كذا قال! وليث ضعيف مختلط. ولست أدري ما هو اللفظ الآخر الذي أشار إليه أبو نعيم وصححه؟! 4671 - (المؤمن هين لين، تخاله من اللين أحمق) . ضعيف أخرجه المخلص في "بعض الخامس من الفوائد" (254/ 1) ، والثقفي في "الثقفيات" (ج 10/ رقم 24) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 272/ 8127) ، والديلمي (4/ 76) من طريق يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره. وقال البيهقي: "تفرد به يزيد بن عياض، وليس بقوي، وروي من وجه صحيح مرسلاً"! كذا قال! وفي ترجمته ليزيد تساهل ظاهر! وأما المرسل الذي أشار إليه؛ فقد أخرجه عقب هذا من طريق سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون هينون لينون؛ كالجمل الأنف: إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ". وهو - كما ترى - شاهد قاصر لحديث الترجمة؛ ليس فيه: "تخاله من اللين أحمق"، وقد روي موصولاً، وتكلمت عليه في "الصحيحة" (936) . ثم رواه البيهقي (8130) من طريق يحيى بن سعيد قال: قال ابن عباس مرفوعاً بلفظ: الحديث: 4671 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 201 "المؤمن لين، حتى يقال من لينه: أحمق". وهذا معضل. 4672 - (المؤمن لا يثرب على شيء أصابه في الدنيا، إنما يثرب على الكافر) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (80/ 2) عن الكلبي: حدثني الشعبي عن الحارث عن عبد الله بن مسعود: أن أبا بكر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن عمر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج عليهما، وأنهما أخبراه أنه لم يخرجهما إلا الجوع. فقال: "انطلقوا بنا إلى منزل رجل من الأنصار"، يقال له: أبو الهيثم بن التيهان؛ فإذا هو ليس في المنزل؛ ذهب يستسقي. قال: فرحبت المرأة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبصاحبيه، وبسطت لهم شيئاً، فجلسوا عليه. فسألها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أين انطلق أبو الهيثم؟ ". قالت: ذهب يستعذب لنا. فلم يلبثوا أن جاء بقربة فيها ماء، فعلقها، وأراد أن يذبح لهم شاة، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذاك لهم، قال: فذبح لهم عناقاً، ثم انطلق فجاء بكبائس من النخل، فأكلوا من ذلك اللحم والبر والرطب، وشربوا من الماء. فقال أحدهما - إما أبو بكر وإما عمر -: هذا من النعيم الذي يسأل عنه؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الكلبي: اسمه محمد بن السائب بن بشر، النسابة المفسر؛ قال الحافظ: "متهم بالكذب، ورمي بالرفض". الحديث: 4672 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 202 4673 - (المؤمن يسير المؤنة) . ضعيف أخرجه الخطيب (5/ 315) عن محمد بن سهل بن الحسن العطار: حدثنا مضارب بن نزيل الكلبي: حدثنا أبي: حدثنا الفريابي محمد بن يوسف: حدثنا إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. أورده في ترجمة محمد بن سهل هذا، وروى عن الدارقطني أنه قال فيه: "كان ممن يضع الحديث". وفي رواية عنه: "متروك". وعن أبي محمد الحسن بن محمد الخلال: "كان يضع الحديث". وقال السيوطي: "رواه أبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة". أما أبو نعيم؛ فرواه في "الحلية" (8/ 46) ، وعنه الديلمي (4/ 78) من هذا الوجه. وقال ابن الجوزي: "موضوع، ومحمد بن سهل كان يضع الحديث". قال المناوي: "وتعقبه المؤلف (السيوطي) بأن له طريقاً آخر عند البيهقي، وهو ما ذكره هنا بقوله: (هب) . رواه عن علي بن أحمد بن عبد ان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة". الحديث: 4673 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 203 قلت: وسكت على هذا الإسناد المناوي. وأبو حكيم الأنصاري لم أعرفه. والحديث؛ أورده في "كشف الخفاء" وقال: "هو موضوع كما قاله الصغاني؛ لكن معناه صحيح"! قلت: الطريق الثاني يمنع الحكم عليه بالوضع. والله أعلم. وعلي بن أحمد بن عبد ان، وشيخه أحمد بن عبيد الصفار؛ ثقتان مترجمان في "تاريخ بغداد" (11/ 229) و (4/ 261) . وأما يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخنس؛ فلم أعرفهم! ويغلب على الظن أن فيه تحريفاً، وأن الصواب: يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس؛ فإنه من هذه الطبقة، وهو ثقة، لكنهم لم يذكروا له رواية عن الصحابة؛ فإن كان هو هذا؛ فالحديث منقطع أيضاً. والله أعلم. ثم تيقنت مما ظننته فقد رأيت الحديث قد أخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من حديث الأمير أبي أحمد وغيره" (ق 268/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/ 2 /2) من طريقين آخرين عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن يعقوب ابن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة مرفوعاً. فللحديث من هذه الطريق علتان: الأولى: الانقطاع. والأخرى: جهالة أبي حكيم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 204 4674 - (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها؛ ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ؛ ورث من ماله، ولم يرث من ديته) . موضوع أخرجه ابن ماجه (2736) عن محمد بن سعيد - وقال محمد بن يحيى (وهو أحد شيخي ابن ماجه) : عن عمر بن سعيد - عن عمرو بن شعيب: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم فتح مكة، فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن سعيد؛ وهو المصلوب في الزندقة، وهو كذاب وضاع، وهو عمر بن سعيد نفسه في رواية محمد بن يحيى. الحديث: 4674 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 205 4675 - (المزر كله حرام: أبيضه، وأحمره، وأسوده، وأخضره) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 112/ 2) عن مياح بن سريع عن مجاهد: أن رجلاً كوفياً سأل ابن عباس عن نبيذ الجر؟ فوضع ابن عباس إصبعيه في أذنيه؛ وقال: صمتا إن كذبت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مياح هذا؛ قال الذهبي: "مجهول، وله مناكير". لكن يشهد لطرفه الأول - على الأقل -: ما روى وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما: الحديث: 4675 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 205 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الخمر، فقال رجل: يا رسول الله! إنا نتخذ شراباً من هذا المزر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام". أخرجه الطبراني (3/ 103/ 1) . قلت: وإسناده صحيح. 4676 - (المستشار مؤتمن؛ فإن شاء أشار، وإن شاء سكت؛ فإن أشار فليشر بما لو نزل به فعله) . ضعيف جداً (1) أخرجه القضاعي في "مسنده" (2/ 1) ، والخطابي في "العزلة" (ص 50) عن إبراهيم بن مهدي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن محمد البلخي عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن بن محمد البلخي؛ قال ابن عدي: "كل أحاديثه مناكير". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات، لا تحل الرواية عنه". لكن رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث علي مرفوعاً، بلفظ: "المستشار مؤتمن؛ فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه". وقال الهيثمي (8/ 96) : "رواه عن شيخه أحمد بن زهير عن عبد الرحمن بن عتبة (2) البصري؛ ولم   (1) صحت منه جملة " المستشار مؤمن "؛ فانظر الصحيحة " (تحت 1641) . (الناشر) . (2) صوابه: " عتيبة " كما في " الإكمال " (6 / 124) . (الناشر) . الحديث: 4676 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 206 أعرفهما، وبقية رجاله ثقات". قلت: وأحمد بن زهير: هو أحمد بن يحيى بن زهير التستري الحافظ؛ ثقة، ينسب إلى جده! فسبحان ربي لا يضل ولا ينسى! 4677 - (المسلمون إخوة، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) . موضوع رواه الطبراني (1/ 174/ 2) : حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة: أخبرنا عبيد بن حنين الطائي قال: سمعت محمد بن حبيب بن خراش العصري يحدث عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن جبلة هذا؛ قال الذهبي: "كذاب. قال أبو حاتم: كان يكذب، فضرب على حديثه. وقال الدارقطني: متروك يضع الحديث". الحديث: 4677 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 207 4678 - (المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 66/ 2) عن سليمان بن مرقاع الجندعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لم يرو شعيب عن ابن عباس حديثاً غير هذا". قال الهيثمي عقبه: "قلت: وقد روى عنه غير هذا من قوله وفتواه". قلت: والجندعي منكر الحديث؛ كما قال العقيلي. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 291) : ولذا أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 148) إلى تضعيف الحديث. الحديث: 4678 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 207 4679 - (المعتكف يعود المريض، ويشهد الجنازة، فإذا خرج من المسجد؛ قنع رأسه حتى يرجع) . موضوع رواه السيوطي في "أربعين حديثاً في الطيلسان" (54/ 2 رقم الحديث 29) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبد الخالق عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عنبسة هذا؛ قال أبو حاتم: "كان يضع الحديث". وعبد الله بن عبد الخالق لم أعرفه. وقد أخرجه ابن ماجه (1/ 540) من هذه الطريق دون الخروج؛ وقال: (عبد الخالق) مكان: (عبد الله) ؛ ولم ينسبه. وقال الذهبي: "لا يدرى من ذا! ". وفي الباب عن عائشة بلفظ: إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعود المريض وهو معتكف. أخرجه أبو داود (2472) عن الليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف الليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط. ويعارضه ما روى الزهري عن عروة عنها قالت: السنة على المعتكف: أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة ... أخرجه أبو داود (2473) ، والبيهقي (4/ 315،321) من طريقين عنه. الحديث: 4679 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 وهذا إسناد صحيح. ولعل الرواية الأخرى عن الليث عند أبي داود بلفظ: كان يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو، ولا يعرج يسأل عنه. قلت: لعلها تلتقي مع رواية الزهري هذه؛ فإنها كالصريحة بأنه لا يعود المريض. 4680 - (المعروف باب من أبواب الجنة، وهو يدفع مصارع السوء) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "الثواب"، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 422 و 2/ 319) من طريق محمد بن القاسم الأسدي عن عنبسة عن زيد بن أسلم عن أبيه عن [ابن] عمر مرفوعاً. وقال ابن أبي حاتم: "هذا حديث منكر، وعنبسة ضعيف الحديث". قلت: بل هو وضاع؛ كما سبق في الحديث الذي قبله. ومحمد بن القاسم؛ كذبه أحمد والدارقطني، كما نقله المناوي عن الذهبي في "الضعفاء". الحديث: 4680 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 209 4681 - (المعك طرف من الظلم) . ضعيف رواه الطبراني (1/ 173/ 1) ، وعنه أبو نعيم (4/ 345-346) : حدثنا العباس بن حمدان الحنفي الأصبهاني: أخبرنا علي بن موسى بن عبيد الحارثي الكوفي: أخبرنا عبيد الله بن موسى: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشي ابن جنادة مرفوعاً. وقال أبو نعيم: الحديث: 4681 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 209 "غريب من حديث أبي إسحاق، تفرد به عبيد الله". قلت: وهو ثقة. لكن الراوي عنه - علي بن موسى - لم أعرفه. وأبو إسحاق: هو السبيعي، وهو مدلس مختلط. 4682 - (المنافق لا يصلي الضحى، ولا يقرأ: (قل يا أيها الكافرون)) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 81) عن ظفر بن الليث: حدثنا زياد بن صالح: حدثنا عمرو بن إسماعيل عن يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أحد هؤلاء الأربعة: الأول: يعلى بن الأشدق؛ قال ابن عدي: "روى عن عمه عبد الله بن جراد، وزعم أن له صحبه، فذكر أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين". وقال البخاري: "لا يكتب حديثه". وقال ابن حبان: "وضعوا له أحاديث؛ فحدث بها ولم يدر". وقال أبو زرعة: "ليس بشيء، لا يصدق". الثاني: عمرو بن إسماعيل؛ الظاهر أنه الهمداني؛ قال الذهبي: "عن أبي إسحاق السبيعي بخبر باطل في علي عليه السلام وهو: "مثل علي كشجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها" ... ". الحديث: 4682 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 210 الثالث: زياد بن صالح؛ لم أعرفه. الرابع: ظفر بن الليث؛ قال الذهبي: "لا أعرفه، أتى بخبر باطل"، ثم ساق له خبراً في التوحيد، وأنه لا رياء فيه. 4683 - (المنافق يملك عينيه: يبكي كما يشاء) . ضعيف جداً رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (1/ 26) ، وأبو نعيم في "صفة النفاق" (32/ 1) ، والديلمي (4/ 81) عن إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله - يعني: ابن محمد بن علي - عن أبيه عن جده عن أبي جده عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عيسى هذا؛ قال أبو نعيم: "روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء". وقال ابن عدي: "حدث عن آبائه بأحاديث غير محفوظة، بأحاديث مناكير". الحديث: 4683 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 4684 - (المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى خلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو، يملك عشرين سنةً) . باطل أخرجه الديلمي (4/ 84-85) - عن أبي نعيم والروياني معلقاً - عن محمد بن إبراهيم بن كثير الأنطاكي عن رواد بن الجراح عن سفيان عن منصور عن ربعي عن حذيفة رفعه. الحديث: 4684 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأنطاكي هذا؛ قال الذهبي: "روى عن رواد بن الجراح خبراً باطلاً أو منكراً في ذكر المهدي (يعني: هذا) . قال عبد الرحمن بن حمدان الجلاب: هذا باطل، ومحمد الصوري (يعني: الأنطاكي) لم يسمع من رواد، وكان هذا غالياً في التشيع". قال الحافظ في "اللسان": "وهذا الكلام - برمته - منقول من "كتاب الأباطيل" للجورقاني. ومحمد بن إبراهيم؛ قد ذكره ابن حبان في (الثقات) ". قلت: فإن ثبت أنه ثقة؛ فالعلة من رواد بن الجراح؛ فإنه - وإن كان صدوقاً؛ فقد كان - اختلط بآخره فترك؛ كما في "التقريب"، فيكون الحديث من تخاليطه. 4685 - (الموت كفارة لكل مسلم) . موضوع وله طريقان عن أنس: الأولى: عن أبي بكر محمد بن أحمد المفيد قال: نبأنا أحمد ابن عبد الرحمن السقطي قال: نبأنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا عاصم الأحول عنه مرفوعاً. أخرجه أبو المظفر الجوهري في "العوالي الحسان" (ق 161/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 121) و "الفوائد" (5/ 217/ 1-2) ، وعنه الخطيب في "التاريخ" (1/ 247) ، وكذا الديلمي (4/ 88) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 218) ، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 361/ 1-2) ، وابنه القاسم في "التعزية" (2/ 216/ 1) ، والحافظ في "اللسان" (1/ 211) . وهذا إسناد مجهول؛ أورده الخطيب في ترجمة أبي بكر المفيد، وقال: الحديث: 4685 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 212 "روى مناكير عن مشايخ مجهولين، منهم أحمد بن عبد الرحمن السقطي، روى عنه جزءاً عن يزيد بن هارون. والسقطي هذا مجهول، ولا أعلم أحداً من البغداديين وغيرهم عرفه ولا روى عنه سوى المفيد، وأكثر أحاديث السقطي عن يزيد صحاح ومشاهير؛ إلا هذا الحديث، وهو إنما يحفظ من رواية مفرج بن شجاع الموصلي عن يزيد". وقال الذهبي في ترجمة السقطي: "شيخ لا يعرف إلا من جهة المفيد، روى عن يزيد خبراً موضوعاً". قلت: يشير إلى هذا. وقال في المفيد: "وهو متهم". ووافقه الحافظ. وقال ابن الجوزي: "حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أبا بكر المفيد ضعيف جداً، والسقطي مجهول". وأما رواية مفرج بن شجاع؛ فقال أبو علي الصواف في "الفوائد" (3/ 167/ 2) : حدثنا بشر بن موسى: حدثنا مفرج بن شجاع: حدثنا يزيد بن هارون به. ومن طريق الصواف: أخرجه أبو نعيم في "فوائده". وأخرجه ابن شاذان في "مشيخته الصغرى" (53/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (7/ 1/ 1) ، والخطيب أيضاً، وعنه ابن الجوزي. وقالا: "قال الأزدي: مفرج بن شجاع واهي الحديث. ومفرج في عداد المجهولين، والحديث عن يزيد شاذ، مع أنه قد روي عن نصر بن علي الجهضمي أيضاً عن يزيد، وليس بثابت عنه. ورواه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي عن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 213 الحسن بن صالح عن عاصم الأحول. وإسماعيل كان كذاباً. ورواه أصرم بن غياث النيسابوري عن عاصم الأحول. وأصرم لا تقوم به حجة". قلت: وقد وصل رواية أصرم: أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 231) ؛ لكن وقع فيه حفص بن غياث! والظاهر أنه تحريف من بعض الناسخين أو الطابع. وأما أصرم بن غياث؛ فقال أحمد والبخاري والرازي والدارقطني: "منكر الحديث". وتابعه حفص بن عبد الرحمن عن عاصم الأحول به. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (125 و 438) من طريق داود بن المحبر عن خضر بن جميل قال: حدثنا حفص ... وقال: "خضر وحفص مجهولان، وحديثهم غير محفوظ، قد روي بغير هذا الإسناد من وجه لين". قلت: وداود بن المحبر متروك متهم بالوضع. وقوله: "خضر" تصحيف، والصواب أنه "نضر"؛ كما قال الحافظ. والطريق الأخرى: يرويه الحسن بن عمرو بن شفيق: أخبرنا أصرم بن عتاب عن حميد قال: سمعت أنس بن مالك يقول ... فذكره موقوفاً عليه. أخرجه القاسم بن عساكر. وأصرم بن عتاب لم أعرفه؛ بل الظاهر أن (عتاب) محرف من (غياث) ، وقد عرفت أنه منكر الحديث. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 214 وبالجملة؛ فالحديث ضعيف جداً من جميع طرقه. قال الحافظ: "قلت: وقد جمع شيخنا الحافظ أبو الفضل بن العراقي طرقه في جزء، والذي يصح في ذلك حديث حفصة بنت سيرين عن أنس رضي الله عنه بلفظ: "الطاعون كفارة لكل مسلم". أخرجه البخاري". 4686 - (ناموا؛ فإذا انتبهتم فأحسنوا) . ضعيف رواه أبو سعيد بن الأعرابي (88/ 1) ، والهيثم بن كليب في "المسند" (49/ 1-2) ، والبزار (79 - زوائده) ، والجرجاني في "الفوائد" (148/ 1-2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 36/ 2) عن يحيى بن المنذر الحجري: حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله مرفوعاً. وقال البزار: "تفرد به يحيى بن المنذر، وهو ضعيف". قلت: وهو الكندي؛ قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني وغيره. وقال العقيلي: في حديثه نظر". الحديث: 4686 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 215 4687 - (نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام) . موضوع روي من حديث عائشة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، ومجاهد موقوفاً عليه. 1- أما حديث عائشة؛ فيرويه أبو الربيع السمان: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. أخرجه البغوي في "حديث كامل بن طلحة الجحدري" (2/ 1) ، وأبو يعلى (7/ 4368) ، والطبراني في "الأوسط" (390 - حرم) ، وابن عدي (24/ 1) ، والسهمي الحديث: 4687 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 215 في "تاريخ جرجان" (149) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 169) وغيرهم عن أبي الربيع السمان: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن هشام إلا أبو الربيع"! كذا قال! وذلك على ما أحاط به علمه؛ وإلا فقد قال ابن عدي: "قال لنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز (يعني: الحافظ البغوي) : "وهذا الحديث عندي باطل". قلت: وذلك لأن أبا الربيع متروك؛ كما في "التقريب". ثم قال: "وهذا الحديث قد سرقه من أبي الربيع السمان جماعة ضعفاء، منهم: نعيم ابن مورع، ويعقوب بن الوليد الأزدي، ويحيى بن هاشم الغساني، وغيرهم". قلت: رواية نعيم؛ وصلها العقيلي في "الضعفاء" (436) ، والبزار (3030) ، وابن الجوزي (1/ 169،170) من طريقين عنه: حدثنا هشام بن عروة به. ونعيم هذا - وهو ابن مورع بن توبة العنبري - متروك؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال الحاكم، وأبو سعيد النقاش: "روى عن هشام أحاديث موضوعة". ورواية الغساني؛ وصلها ابن الأعرابي في "المعجم" (32/ 1) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 437 و 13/ 141) ، وابن عساكر في "التاريخ" (2/ 93/ 2) ، وابن الجوزي (1/ 169،170) . والغساني؛ قال الذهبي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 216 "كذبه يحيى بن معين. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرقه. ومن بلاياه ... ". قلت: فساق له أحاديث، هذا أحدها! وأما رواية يعقوب بن الوليد؛ فلم أجد الآن من وصلها. وقد كذبه أحمد وغيره. 2- وأما حديث جابر؛ فيرويه شيخ بن أبي خالد الصوفي البصري: حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عنه. أخرجه ابن عدي (198/ 1) مع أحاديث أخرى لشيخ هذا، ثم قال: "ليس بمعروف، وهذه الأحاديث بواطيل كلها". وذكر له ابن الجوزي طريقاً أخرى فيها حمزة النصيبي؛ قال ابن عدي: "كان يضع الحديث". 3- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى عن الزهري عن الأعمش عنه مرفوعاً. أخرجه ابن عدي (240/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 116) . وعمر بن موسى هذا: هو الوجيهي؛ كما قال ابن الجوزي (1/ 170) ، وهو ممن يضع الحديث متناً وإسناداً؛ كما قال ابن عدي. وفهر بن بشر؛ قال ابن القطان: "لا يعرف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 217 4- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه أبو صالح: حدثنا رشدين عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه. أخرجه ابن عدي (136/ 1) : حدثنا علي بن الحسن بن هارون البلدي: حدثنا إسحاق بن سيار: حدثنا أبو صالح به. وقال: "وهذا الحديث منكر بهذا الإسناد، ولم أكتبه إلا عن علي بن الحسن هذا". قلت: وهو مستور؛ قال ابن يونس: "هو من أهل بلد (بلدة قرب الموصل) ، قدم علينا مصر، وكتبنا عنه، حدث عن علي بن حرب الموصلي". كذا في "أنساب السمعاني" (2/ 307 - هندية) . وإسحاق بن سيار؛ الظاهر أنه أبو يعقوب النصيبي؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 223) : "أدركناه، وكتب إلي ببعض حديثه، وكان صدوقاً ثقة". وأبو صالح: اسمه عبد الله بن صالح؛ من شيوخ البخاري؛ قال الحافظ: "صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة". قلت: ومن غفلته: أن خالد بن نجيح - جار له - كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح، ويكتبه بخط عبد الله، ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به؛ كما قال ابن حبان. ومن هنا وقعت المناكير في حديثه؛ وإلا فهو صدوق في نفسه. ورشدين: هو ابن سعد المصري؛ وهو ضعيف؛ بل قال النسائي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 218 "متروك". وقدم أحمد وأبو حاتم ابن لهيعة عليه! 5- وأما أثر مجاهد؛ فرواه الفريابي محمد بن يوسف عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ... فذكره. أخرجه ابن عدي (366/ 2) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 347/ 2564) وقال: "ثم رجع عنه الفريابي: وقال: قال لي يحيى بن معين: هذا حديث كذب. وجعل يستعظم زلته فيه؛ وقال: لولا أن الفريابي شيخ صالح؛ ولكني أظنه يحمل عليه فيه"! كذا الأصل! وفي الجملة الأخيرة منه شيء. وقال ابن عدي - عن ابن معين -: "وهذا حديث باطل لا أصل له". رواه من طريق عباس عنه. وقد رأيته في كتاب "التاريخ والعلل" ليحيى بن معين (ق 22/ 1 - رواية عباس الدوري عنه) . وجملة القول في هذا الحديث؛ أن طرقه كلها واهية جداً، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، ولذلك جزم ببطلانه جماعة من الأئمة؛ كابن معين، والبغوي، وابن عدي، وجزم ابن الجوزي بوضعه، وتبعه الحافظ الذهبي حين قال: "إنه من بلايا الغساني". وأما قول السيوطي في "اللآلىء" (1/ 123) - متعقباً على ابن الجوزي -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 219 "قلت: الأشبه أنه ضعيف، لا موضوع، وأصلح طرقه رشدين، وطريق أبي الربيع السمان، روى له الترمذي وابن ماجه ... "! قلت: قد رويا له؛ فماذا؟! بل نفرض أنهما وثقاه؛ فما قيمة ذلك إذا اتفق العلماء على ضعفه؛ كما قال ابن عبد البر، واتهمه بعضهم بالكذب. ولذلك قال الحافظ: "متروك"؛ كما سبق. هذا على الفرض المذكور، فكيف وهما لم يوثقاه؟! فكيف وهما قد خرجا لكثير من المتروكين، بعضهم متهم بالوضع؛ كما هو معروف عند العارفين بهذا الشأن؟! وأما طريق رشدين؛ فمع كونه هو نفسه ضعيفاً؛ ففي الطريق إليه ما عرفت من العلل، خاصة أبا صالح الذي كانت توضع الأحاديث على شيوخه، فيرويها عنهم دون أن يشعر بذلك! ثم إن حكم السيوطي على الحديث بالضعف فقط - خلافاً لأولئك الأئمة -، إنما هو موقوف منه عند ظاهر حال الراوي، يعني: أنه نقد الحديث بالنظر إلى سنده فقط! وأما أهل التحقيق؛ فإنهم ينظرون في هذه الحالة إلى متن الحديث أيضاً، فينقدونه بما يظهر لهم من نكارة في معناه. وهذا مما لا يلتفت إليه السيوطي إلا نادراً، ولذلك فهو ليس معدوداً عند أهل العلم من النقاد، وإنما من الحفاظ فقط، ولذلك وقعت الأحاديث الموضوعة في كتبه، وبعضها موضوعة السند أيضاً، كما يتبين ذلك لمن تتبع هذه "السلسلة" من الأحاديث الضعيفة والموضوعة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 220 ألا ترى إلى أثر مجاهد المتقدم؛ فإنه - مع كونه موقوفاً عليه، ورجاله ثقات رجال الشيخين - حكم ابن معين وابن عدي ببطلان متنه، ونسبوا الوهم فيه إلى الفريابي الثقة، وما ذلك إلا تبرئة منهم لمجاهد أن يروي مجرد رواية لمثل هذا الحديث الباطل، فمن باب أولى أن يبرئوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلفظ به! وأما على طريقة السيوطي التي لا تتعدى الإسناد في النقد؛ فهو يلزمه أن يقول: إن مجاهداً قد قال هذا الحديث موقوفاً عليه! ولعل هذا هو السبب في عدم إيراده هذا الأثر في جملة الطرق التي استدركها على ابن الجوزي، وذلك لما أرى أن نقد ابن معين وغيره إياه يخالف طريقته في الجمود على نقد السند فقط! وخلاصة القول؛ أن الحديث من جميع طرقه موضوع المتن. والله أعلم. 4688 - (نحن - ولد عبد المطلب - سادة أهل الجنة: أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي) . موضوع أخرجه ابن ماجه (2/ 519) ، والحاكم (3/ 211) كلاهما عن سعد ابن عبد الحميد بن جعفر عن علي (وقال الحاكم: عبد الله) بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: ذا موضوع". قلت: وآفته علي، والصواب: عبد الله كما في رواية الحاكم، كما جزم به في "التهذيب"، وهو مع أنه ليس من رجال مسلم؛ فقد قال فيه البخاري: "منكر الحديث، ليس بشيء". الحديث: 4688 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 221 وسعد بن عبد الحميد؛ لم يرو له مسلم أيضاً، وهو صدوق له أغاليط. وللحديث طريق أخرى لا يفرح بها: أخرجها الخطيب في "التاريخ" (9/ 434) ، والديلمي (4/ 105) كلاهما عن أبي نعيم بسنده عن عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري: حدثنا عبد الملك بن قريب - يعني: الأصمعي - قال: سمعت كدام بن مسعر بن كدام يحدث عن أبيه عن قتادة عن أنس به. وقال الخطيب: "هذا الحديث منكر جداً، وهو غير ثابت، وفي إسناده غير واحد من المجهولين". أورده في ترجمة الأنباري هذا، ولم يذكر فيها سوى هذا الحديث، فكأنه أحد المجهولين الذين أشار إليهم. وفي ترجمته قال الذهبي: "عن الأصمعي بخبر باطل في المهدي". يعني: هذا. وأقره الحافظ في "اللسان"، وقال: "رواه الخطيب في "تاريخه" ... " إلخ. وكدام بن مسعر؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 174) : "روى عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن داود الخريبي". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فكأنه من أولئك المجهولين عند الخطيب. 4689 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له، وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه) (1) . ضعيف بهذا التمام أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (222/ 1) عن إبراهيم   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " ك (3 / 481) ". (الناشر) الحديث: 4689 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 222 ابن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى نفر من اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أخبرنا بما نسأله فإنه نبي. فقالوا: من أين يكون الشبه يا محمد؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إن كان مسلم هو ابن عمران البطين. وأما إن كان ابن كيسان الملائي الأعور؛ فهو ضعيف؛ لم يخرج له البخاري ولا مسلم شيئاً. وكلاهما يروي عن مجاهد، ولم يذكرهما المزي في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ فلم يتبين لي أيهما المراد الآن؟! ثم رجعت إلى "مشيخة إبراهيم بن طهمان" (1) لعلي أجد فيه ما يساعدني على التحديد، فلم أجد في "مشيخته" من اسمه "مسلم" مطلقاً. ولذلك؛ فإني أتوقف عن الحكم على هذا الإسناد بصحة أو ضعف، حتى يتبين لي هوية مسلم هذا. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ يرويه عبد الحميد: حدثنا شهر: قال ابن عباس: حضرت عصابة من اليهود نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً؛ فقالوا ... الحديث نحوه، دون قوله: "وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه".   (1) مخطوط محفوظ في " المكتبة الظاهرية " بدمشق في جزأين صغيرين الجزء: 10 ¦ الصفحة: 223 أخرجه أحمد (1/ 278) . وإسناده حسن في الشواهد والمتابعات. والحديث صحيح بلا ريب؛ دون الزيادة التي في الطريق الأولى؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، فلعل ذلك يمكننا من ترجيح أن (مسلماً) الذي في طريقها هو (ابن كيسان) الضعيف! وأما الحديث بدونها؛ فقد أخرجه أبو الشيخ (221/ 2) ، وأحمد (1/ 465) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود به؛ دون الزيادة. ورجاله ثقات. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما" من حديث أنس مرفوعاً؛ دون الزيادة أيضاً، وقد سبق تخريجه برقم (1342) من "الصحيحة". وأخرجه مسلم أيضاً (1/ 173-276) ، وأبو عوانة (1/ 293-294) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 275-276) ، والحاكم (1/ 481) - فوهم! - من حديث ثوبان؛ دونها. 4690 - (نظر الرجل إلى أخيه المسلم حباً له وشوقاً إليه؛ خير له من اعتكاف سنة في مسجدي هذا) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 103) معلقاً قال: قال ابن لال: حدثنا محمد ابن معاذ بن فهد: حدثنا إبراهيم بن زهير الحلواني: حدثنا يحيى بن يزيد: حدثنا ابن المبارك عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر رفعه. الحديث: 4690 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 224 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون ابن المبارك لم أعرفهم؛ غير ابن فهد - وهو الشعراني أبو بكر النهاوندي الحافظ -؛ قال الذهبي: "واه، روى عن إبراهيم بن ديزل، بقي إلى سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة". والحديث؛ أورده السيوطي من رواية الحكيم عن ابن عمرو. وقال المناوي: "وهو من رواية عمرو بن شعيب؛ عن أبيه؛ عن جدة"! فلم يصنع شيئاً، بل لعله أوهم ما لا يقصد؛ فإن هذا السند حسن؛ إذا كان من دون عمرو ثقة، فهل الواقع كذلك؟ هذا هو الذي كان يجب عليه أن يبينه إن كان ذلك في طوقه! ثم روى الديلمي (4/ 105) من طريق محمد بن عبد ة عن أبي إسحاق الطالقاني عن بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "النظر إلى وجه الإخوان على الشوق؛ أحب إلي من ألف ركعة تطوعاً". قلت: وهذا آفته محمد بن عبد ة؛ وهو أبو عبيد الله البصري القاضي، وهو من المتروكين، كما قال البرقاني وغيره. وقال ابن عدي: "كذاب". 4691 - (نعلان أجاهد فيهما؛ خير من أن أعتق ولد الزنى) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2531) ، والحاكم (4/ 41) ، وأحمد (6/ 463) ، وابن راهويه في "مسنده" (4/ 253/ 1) عن أبي يزيد الضني عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ولد الزنى؛ فقال ... فذكره. الحديث: 4691 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 225 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الضني هذا؛ فإنه مجهول كما قال الحافظ، تبعاً للبخاري وغيره. وقال عبد الغني بن سعيد: "منكر الحديث". وبهذا الإسناد عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل قبل امرأته وهما صائمان؟ قال: "قد أفطرا". أخرجه ابن راهويه وغيره. وهو باطل مخالف لهديه - صلى الله عليه وسلم -. 4692 - (نعم الحي الأسد والأشعريون؛ لا يفرون في القتال، ولا يغلون، هم مني، وأنا منهم) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 330) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (211/ 2) ، والدولابي في "الكنى" (1/ 41-42) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (114) ، والحاكم (2/ 138-139) ، وأحمد (4/ 129،164) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 35 و 36) عن عبد الله بن ملاذ عن نمير بن أوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن أبيه مرفوعاً. قال: فحديث بذلك معاوية، فقال: ليس هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال: "هم مني وإلي". فقلت: ليس هكذا حدثني أبي، ولكنه حدثني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هم مني، وأنا منهم". قال: فأنت أعلم بحديث أبيك! وقال الترمذي: الحديث: 4692 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 226 "حديث حسن غريب"! وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وهذا عجيب؛ فإن عبد الله بن ملاذ لم يوثقه أحد؛ بل أورده الذهبي نفسه في "الميزان"؛ وقال: "قال ابن المديني: مجهول". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "مجهول". 4693 - (نعم تحفة المؤمن التمر) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 289) عن إسماعيل بن محمد ابن إسماعيل الكاتب: حدثنا أبو محمد حبان بن محمد بن إسماعيل الواسطي: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة: حدثنا أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة أنها قالت قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ فاطمة هذه: هي بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، فهي فاطمة الصغرى، وليست الكبرى؛ كما أوهم السيوطي بإطلاقه عزو الحديث إليها في "الجامع الصغير"! وحبان هذا؛ لم يذكر له الخطيب راوياً عنه سوى إسماعيل الكاتب، فهو مجهول. وكان يلزم الذهبي والعسقلاني أن يذكراه في كتابيهما "الميزان" و "اللسان"، لا سيما والراوي عنه إسماعيل بن محمد بن إسماعيل - وهو أبو القاسم المعروف بابن زنجي - قد ترجمه الخطيب أيضاً (6/ 308) ، وقال: الحديث: 4693 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 227 "سمعت أبا القاسم الأزهري ذكر أبا القاسم الزنجي، فقال: لا يساوي شيئاً"! 4694 - (نوروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر) . ضعيف بهذا اللفظ أخرجه القضاعي (59/ 1) من طريق علي بن داود القنطري قال: أخبرنا آدم بن أبي إياس: أخبرنا شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم عن عمرو بن لبيد عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وأخرجه الخطيب (13/ 45) من طريق موسى بن عبد الله بن موسى القراطيسي أبي عمران البغدادي: حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شعبة عن داود به. وقال: "كذا قال، وإنما يحفظ هذا من رواية بقية بن الوليد عن شعبة عن داود. وأما آدم فيرويه عن شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم". ذكره في ترجمة القراطيسي هذا، ولم يذكر فيها سوى هذا الحديث، فهو مجهول. وقد خالفه علي بن داود القنطري - كما رأيت -؛ فقال: "أبي داود"، وهو - أعني: القنطري - صدوق. ولذلك كانت روايته هي المحفوظة كما سبق عن الخطيب. وعليه؛ فالحديث بهذا اللفظ والسند ضعيف؛ لأن أبا داود هذا؛ قال الذهبي: "شيخ لشعبة، واسطي مجهول". والحديث محفوظ عن رافع بلفظ: "أسفروا بالفجر ... ". وهو مخرج في "المشكاة" (614) ، و"الإرواء" (258) . الحديث: 4694 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 228 4695 - (نوروا بيوتكم ما استطعتم؛ فإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن؛ يتسع على أهله، ويكثر خيره، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن؛ يضيق على أهله، ويقل خيره، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 92-93) عن أبي نعيم - معلقاً - عن عمرو ابن أبي قيس عن [عبد الرحمن بن عبد الله بن] عبد ربه أبي سفيان عن عمر بن نبهان عن الحسن عن أنس وأبي هريرة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل: الأولى: عنعنة الحسن - وهو البصري -؛ فإنه مدلس. الثانية: عمر بن نبهان - وهو العبد ي البصري -؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "ضعفه أبو حاتم وغيره". وقال الحافظ: "ضعيف". وعمرو بن أبي قيس صدوق له أوهام. والحديث؛ أورده السيوطي من رواية البيهقي في "الشعب" عن أنس وحده مختصراً؛ بلفظ: "نوروا منازلكم بالصلاة وقراءة القرآن". وقال المناوي: "وفيه كثير؛ قال ابن حبان: هو ابن عبد الله، يروي عن أنس، ويضع عليه. الحديث: 4695 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 229 وقال أبو حاتم: لا يروي عن أنس حديثاً له أصل. وقال أبو زرعة: واهي الحديث". قلت: إسناد الديلمي سالم من مثله، فلو عزاه إليه كان أولى! 4696 - (نوم الصائم عبادة، وسكوته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله متقبل) . ضعيف رواه أبو محمد بن صاعد في "مسند ابن أبي أوفى" (120/ 2) ، والديلمي (4/ 93) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 65/ 1) عن سليمان بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن ابن أبي أوفى مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ سليمان بن عمرو: هو أبو داود النخعي، وهو كذاب. وقد تابعه أبو معاذ معروف بن حسان عن زياد الأعلم عن عبد الملك بن عمير به. إلا أنه قال: "مضاعف" بدل: "متقبل". أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 283/ 1) ، وابن الحمامي في "جزء منتخب من مسموعاته" (ق 35/ 2) ، والسلفي في "أحاديث منتخبة" (133/ 1) . قلت: ومعروف هذا؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "قال ابن عدي: منكر الحديث". وقد وجدت له شاهداً من حديث ابن مسعود مرفوعاً به، دون الجملة الأخيرة منه. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 83) من طريق جعفر بن أحمد بن بهرام الحديث: 4696 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 230 قال: حدثنا علي بن الحسن عن أبي طيبة عن كرز بن وبرة عن الربيع بن خثيم عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كرز بن وبرة رجل صالح، لا أعرف حاله في الحديث، ترجم له أبو نعيم في "الحلية" (5/ 79-83) ؛ وأظن أن له ترجمة مطولة في "تاريخ جرجان" للسهمي؛ فليراجع (1) . وأبو طيبة: اسمه عبد الله بن مسلم المروزي: ضعيف. ومن دونه؛ لم أعرفهما. وقد روي بلفظ: "نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح". رواه الجرجاني (328) : أخبرنا أبو ذر إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الضبابي - بالكوفة في بني كاهل، عند مسجد الأعمش -: حدثنا جعفر بن محمد النيسابوري: حدثنا علي بن سلمة العامري: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: حدثني أبي عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإنه - مع إعضاله - واه؛ محمد بن جعفر تكلم فيه. ومن دونه - بإستثناء أبي ذر -؛ لم أعرفهما. 4697 - (نوم على علم؛ خير من صلاة على جهل) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 385) ، وعنه الديلمي (4/ 93) عن عبد الرحمن بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: أخبرنا محمد بن   (1) ذكر الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (2 / 637) ؛ وأفاد أنه وثقه ابن حبان (9 / 27) ، وروى عنه جمع من الثقات، ذكرهم ابن أبي حاتم (7 / 170) . الحديث: 4697 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 231 يحيى الضرير (وفي الديلمي: بن الضريس) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، عن إسماعيل عن الأعمش عن أبي البختري عن سلمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون الأعمش لم أعرفهم. وأحمد بن يحيى الصوفي؛ الظاهر أنه أبو عبد الله المعروف بابن الجلاء، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (5/ 213) بما يدل على أنه من كبار مشايخ الصوفية، وأصحاب الشطحات منهم، فقد سئل عن الذين يدخلون البادية بلا زاد، يزعمون أنهم متوكلون فيموتون؟ فقال: "هذا فعل رجال الحق، فإن ماتوا؛ فالدية على القاتل"!! وإسماعيل؛ يحتمل أنه ابن أبان الغنوي الخياط الكوفي؛ فإنه يروي عن الأعمش، فإن يكن هو؛ فهو متروك كذاب. وهناك راو آخر يدعى إسماعيل الكندي، روى عن الأعمش؛ قال في "اللسان": "منكر الحديث. قاله الأزدي". فيحتمل أن يكون هو هذا، كما يحتمل أن يكون هو الخياط نفسه. وأما المناوي؛ فأعله بقوله: "وفيه أبو البختري، قال الذهبي في "الضعفاء": قال دحيم: كذاب" ‍‍! قلت: وهذا وهم فاحش؛ فإن أبا البختري الكذاب - واسمه وهب بن وهب - متأخر عن هذا، يروي عن هشام بن عروة وطبقته. وأما هذا؛ فتابعي روى عن سلمان وغيره، واسمه سعيد بن فيروز، وقد أورده الذهبي في كنى "الميزان" - عقب الأول -، وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 232 "صدوق. قال شعبة: لم يدرك علياً. قلت: اسمه سعيد بن فيروز، وقد أشار أبو أحمد الحاكم في "الكنى" إلى تليين رواياته، وما ذاك إلا لكونه يرسل عن علي والكبار.. فما كان من حديثه سماعاً عو حسن، وما كان "عن" فهو ضعيف". 4698 - (النائم في سبيل الله؛ كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 111) عن مجاعة بن ثابت: حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن خناس عن عمرو بن حريث رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون عمرو لم أعرفهم. سوى ابن لهيعة؛ فإنه سيىء الحفظ. ومن طريقه: أخرجه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 79/ 2) من طريق عثمان بن صالح عنه به؛ إلا أنه وقع فيه: عبد الرحمن بن حساس مولى آل عمر بن الخطاب (ولم أعرفه أيضاً) عن عمرو بن حريث مختصراً بلفظ: "النائم الطاهر؛ كالصائم القائم". وقال: "قال علي بن عبد العزيز (يعني: البغوي) : وهذا عمرو بن حريث المصري، وليس هو عمرو بن حريث المخزومي، وليس للمصري صحبة". قلت: فالحديث - على ضعف إسناده - مرسل أيضاً. وعزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن عمرو بن حريث باللفظ الثاني المختصر. ونقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال: "سنده ضعيف". الحديث: 4698 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 233 4699 - (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي) . ضعيف أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (205/ 2) ، والروياني في "مسنده" (19/ 206/ 1،207/ 2) ، وابن السماك في "جزء من حديثه" (67/ 2) ، والكديمي في "حديثه" (32/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 219) ، وابن عساكر في "التاريخ" (11/ 223/ 2) عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه مرفوعاً. ومن هذا الوجه: رواه الطبراني في "الكبير" - كما في "مجمع الزوائد" (9/ 174) -، وقال: "وموسى بن عبيدة متروك". وروي من حديث علي مرفوعاً أتم منه، ولفظه: ".. فإذا ذهبت النجوم؛ ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي؛ ذهب أهل الأرض". أخرجه عبد الرحمن بن عثمان التميمي في "مسند علي" (1/ 2) من طريق المأمون عن الرشيد قال: حدثني المهدي عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت عبد الله بن عباس: قال علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالملوك العباسيين؛ من دون المنصور - واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس -؛ لا يعرف حالهم في الحديث. ثم رواه التميمي (2/ 2) من طريق محمد بن يونس بن موسى البصري أبي العباس: حدثنا عمرو بن الحباب السلمي: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً نحوه. الحديث: 4699 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 234 قلت: وهذا موضوع؛ محمد بن يونس - وهو الكديمي - كذاب. وعبد الملك بن هارون كذبه يحيى. وقال ابن حبان: "يضع الحديث". وروى محمد بن المغيرة اليشكري: حدثنا القاسم بن الحكم العرني: حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة: حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن أبيه مرفوعاً نحوه. أخرجه الحاكم (3/ 457) في "معرفة الصحابة" ساكتاً عليه، وكذا الذهبي! وأقول: إسناده ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: عبد الله بن عمرو بن مرة؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". والثانية: العرني؛ صدوق فيه لين. والثالثة: محمد بن المغيرة اليشكري؛ قال السليماني: "فيه نظر". وقد خالفه حفص بن عمر المهرقاني: حدثنا القاسم بن الحكم العرني به، دون ذكر أهل البيت. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 67-68) من طريق الطبراني. وقال - أعني: الطبراني -: "لم يروه عن ابن سوقة إلا عبد الله بن عمرو بن مرة، تفرد به القاسم بن الحكم". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 235 قلت: وقد علمت أنه صدوق فيه لين. والمهرقاني ثقة من شيوخ النسائي وأبي زرعة وغيرهما. والحديث - دون ذكر أهل البيت - صحيح؛ فإن له شاهداً من حديث أبي موسى الأشعري: عند مسلم وغيره، وهو مخرج في "الروض النضير" (875) . وقد رواه بدونها: القاسم بن غصن - وهو ضعيف - عن محمد بن سوقة عن علي بن أبي طلحة مولى ابن عباس عن ابن عباس مرفوعاً نحوه. أخرجه الخطيب في "الفوائد الصحاح" (ج2 رقم 13 - منسوختي) . وقال: "حديث غريب من حديث أبي بكر محمد بن سوقة العجلي عن علي بن أبي طلحة، تفرد بروايته عنه هكذا القاسم بن غصن. وتابعه الصباح بن محارب عن ابن سوقة. وخالفهما عبد الله بن المبارك؛ فرواه عن ابن سوقة عن علي بن أبي طلحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه ابن عباس. وابن سوقة كوفي ثقة عزيز الحديث، والحافظ من الرواة يجمعون حديثه". قلت: فهذا اختلاف شديد على ابن سوقة. وقد وجدت عنه اختلافاً آخر؛ فقال عبيد بن كثير العامري: حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الله الدارمي: حدثنا عبد الرزاق: أنبأ ابن عيينة عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً به، وفيه الزيادة. أخرجه الحاكم (2/ 448) وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: أظنه موضوعاً، وعبيد متروك، والآفة منه". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 236 قلت: وشيخه يحيى بن محمد بن عبد الله الدارمي؛ لم أعرفه، ولم يورده السمعاني في مادة "الدارمي" من "الأنساب". وبالجملة؛ فهذه الزيادة لم تثبت في شيء من طرق الحديث، وليس فيها ما يشد من عضدها، مع عدم ورودها في الحديث المشار إليه. والله أعلم. 4700 - (النخل والشجر بركة على أهله، وعلى عقبهم بعدهم إذا كانوا لله شاكرين) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 132/ 1) عن محمد بن جامع العطار: أخبرنا فضالة بن حصين: حدثني رجل من أهل المدينة - يكنى أبا عبد الله -: حدثني عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده الحسن بن علي رضي الله عنهم مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: جهالة أبي عبد الله المدني هذا؛ فإني لم أعرفه، ولا رأيت أحداً ذكره. الثانية: فضالة بن حصين متفق على تضعيفه؛ بل اتهمه ابن عدي بوضع حديث في الطيب لينفق العطر. الثالثة: محمد بن جامع العطار ضعيف أيضاً. وقال ابن عبد البر: "متروك الحديث". قلت: وبه - وحده - أعله الهيثمي، وتبعه المناوي؛ فقصرا! قال في "مجمع الزوائد" (4/ 68-69) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن جامع العطار، وهو ضعيف"! الحديث: 4700 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 237 4701 - (النظر إلى الكعبة عبادة) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 117) ، عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا: حدثنا سعيد بن يحيى: حدثنا زافر عن أبي عثمان عن يحيى ابن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عائشة رفعه. قلت: وهذا سند ضعيف؛ زافر - وهو ابن سليمان أبو سليمان القهستاني - صدوق كثير الأوهام؛ كما في "التقريب". وسعيد بن يحيى: هو الطويل الأصبهاني؛ قال أبو حاتم: "لا أعرفه"! وعرفه أبو نعيم فقال في "التاريخ": "يعرف بـ (سعدويه) ، صدوق". وذكره ابن حبان في "الثقات". وأبو عثمان؛ لم أعرفه. ورواه الأزرقي في "تاريخ مكة" (256) من قول بن خباب ومجاهد. وعن ابن عباس موقوفاً عليه بلفظ: " ... محض الإيمان". وكذلك رواه عبد الله بن أحمد في "الزهد" (ص 362) من قول عبد الرحمن ابن الأسود. وسنده حسن. ثم رواه الديلمي بإسناده المذكور عن عائشة بلفظ: الحديث: 4701 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 238 النظر في ثلاثة أشياء عبادة: النظر في وجه الأبوين، وفي المصحف، وفي المحز! كذا! وبه: "النظر في كتاب الله عبادة". 4702 - (النظر إلى علي عبادة) . موضوع روي من حديث عبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعائشة، وأبي بكر الصديق، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، ومعاذ بن جبل، وعثمان بن عفان، وغيرهم. 1- أما حديث ابن مسعود؛ فيرويه هارون بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعاً. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 58) . قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم - على ضعف في الرملي -؛ غير هارون بن حاتم؛ فإنه متهم، سمع منه أبو زرعة وأبو حاتم، وامتنعا من الرواية عنه، سئل عنه أبو حاتم؟ فقال: "أسأل الله السلامة". قال الذهبي: "ومن مناكيره ... (فساق هذا الحديث وقال:) وهذا باطل". وذكر في ترجمة الرملي أن أحمد كان يثني عليه. وقال النسائي: "ليس بالقوي". وقال ابن معين: "ضعيف". الحديث: 4702 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 239 ثم ساق له أحاديث أنكرت عليه، هذا أحدها، ثم قال: "قلت: لعله من وضع هارون". قلت: كلا؛ فقد تابعه عبد الله بن محمد بن سالم - وهو ثقة -: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي به. أخرجه الحاكم (3/ 141) : حدثناه ابن قانع: حدثنا صالح بن مقاتل: حدثنا محمد ابن عبيد بن عتبة عنه. ذكره شاهداً لحديث عمران الآتي؛ وصححهما! وتناقض الذهبي؛ فقال عقب حديث عمران: "قلت: ذا موضوع، وشاهده صحيح"! كذا قال! ولما ساق الحاكم الشاهد المشار إليه من طريق ابن قانع؛ قال الذهبي: "قلت: ذا موضوع"! فأقول: إن كان يعني أن في إسناده وضاعاً - كما هو ظاهر كلامه -؛ فليس بصواب؛ لأنه لا وضاع فيه. نعم؛ صالح بن مقاتل؛ قال الذهبي في "الميزان": "قال الدارقطني: ليس بالقوي، من شيوخ ابن قانع". وإن كان يعني أنه موضوع متناً؛ فبينا فيه قوله المتقدم: "ذا موضوع، وشاهده صحيح"! وهذا ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 240 وبالجملة؛ فالسند إلى هذه المتابعة ضعيف أيضاً. وله متابع آخر؛ وهو أحمد بن بديل اليامي: أخبرنا يحيى بن عيسى به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 60/ 1) : حدثنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة: أخبرنا أحمد بن محمد اليامي ... قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 119) : "وأحمد بن بديل اليامي؛ وثقه ابن حبان وقال: مستقيم الحديث. وقال ابن أبي حاتم: فيه ضعف، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ". وأقول: محمد بن أبي شيبة ليس من رجال "الصحيح"، ثم هو متكلم فيه، لكن الراجح أنه ثقة؛ كما بينته في مقدمة رسالة "المسائل"، يسر الله نشرها. قلت: وبالجملة؛ فعلة هذه الطريق يحيى بن عيسى، فقد أورده العقيلي في "الضعفاء" (465) - وروى تضعيفه عن ابن معين -. وابن عدي في "الكامل" (421/ 1) . وقال: "وعامة رواياته مما لا يتابع عليه". ثم روى تضعيفه عن ابن معين أيضاً؛ من طريق الحافظ الدارمي عثمان بن سعيد قال: "قلت: ليحيى بن معين: فيحيى بن عيسى الرملي؛ ما تعرفه؟ قال: نعم، ما هو بشيء. قال عثمان: هو كما قال يحيى: هو ضعيف" (1) .   (1) قلت: هذا كالنص من الإمام الدارمي على أن قول ابن معين في الرواي: " ما هو بشيء " ومثله: " ليس بشيء " معناه عنده أنه ضعيف، فلا تغتر بما ذكره أبو الحسنات في " الرفع والتكميل " (ص 99 - 100) بما يخالف هذا؛ فإنه من تكلفات المتأخرين وآرائهم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 241 وضعفه جماعة آخرون. وأما العجلي فقال: "ثقة، وكان فيه تشيع"! وذكره ابن حبان في "الثقات"! وقال مسلمة: "لا بأس به، وفيه ضعف". وقال أحمد: "ما أقرب حديثه". ولخص هذه الكلمات الحافظ ابن حجر في "التقريب" على عادته فيه، فقال: "صدوق يخطىء، ورمي بالتشيع". وقال الذهبي في "الضعفاء": "صدوق يهم. ضعفه ابن معين. وقال النسائي: ليس بالقوي". قلت: فمثله لا يحتج به، لا سيما فيما يؤيد تشيعه. نعم؛ ذكر السيوطي له متابعين اثنين في "اللآلىء" (1/ 343) : الأول: منصور بن أبي الأسود عن الأعمش به. أخرجه الشيرازي في "الألقاب" من طريق أحمد بن الحجاج بن الصلت: حدثنا محمد بن مبارك عنه. قلت: وأخرجه ابن عساكر أيضاً (12/ 151/ 2) . وسكت عليه السيوطي! وليس بجيد؛ فإن ابن الصلت هذا اتهمه الذهبي بوضع حديث بإسناد "الصحاح"؛ فلا قيمة لهذه المتابعة. والآخر: عاصم بن عمر البجلي عن الأعمش به. أخرجه أبو نعيم في "فضائل الصحابة": حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الجزء: 10 ¦ الصفحة: 242 الحسين: حدثنا أحمد بن جعفر بن أصرم: حدثنا علي بن المثنى: حدثنا عاصم بن عمر البجلي ... قلت: سكت عليه السيوطي أيضاً! وهو إسناد مظلم، لم أعرف أحداً منه؛ البجلي فمن دونه؛ غير علي بن المثنى: فإن كان الطهوي؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأشار ابن عدي إلى ضعفه. وإن كان الموصلي والد أبي يعلى الحافظ؛ فهو مجهول. وذكر الحاكم متابعاً للأعمش فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى القاري: حدثنا المسيب بن زهير الضبي: حدثنا عاصم بن علي: حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم يه. قلت: سكت عليه هو والذهبي! وفيه علل: الأولى: اختلاط المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله. الثانية: عاصم بن علي؛ وإن كان من رجال البخاري؛ فقد تكلم فيه بعضهم، فضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق ربما وهم". الثالثة: المسيب بن زهير الضبي: هو المسيب بن زهير بن مسلم أبو مسلم التاجر، ترجمه الخطيب (13/ 141) ، وذكر أن وفاته سنة خمس وثمانين ومئتين، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. ثم وجدت له متابعاً ثالثاً عن الأعمش، فقال: حماد بن المبارك: أخبرنا أبو نعيم: أخبرنا الثوري عن الأعمش به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 243 أخرجه أبو القاسم إسماعيل الحلبي في "حديثه" (113/ 2) ، وعنه ابن عساكر (12/ 152/ 1) . وحماد هذا مجهول لا يعرف. 2- وأما حديث عمران؛ فله عنه طريقان: الأولى: عن إبراهيم بن إسحاق الجعفي: حدثنا عبد الله بن عبد ربه العجلي: حدثنا شعبة عن قتادة عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري عنه به. أخرجه الحاكم، وابن منده في "المعرفة" (2/ 83/ 2) ، وأبو بكر بن خلاد في "الثاني من حديثه" (114/ 2) ، وأبو بكر الشافعي في "حديثه" (4/ 1) . وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، وشواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة"! كذا قال! ورده الذهبي في الشطر الأول من كلامه، فقال: "قلت: ذا موضوع، وشاهده صحيح"! وأقول: لا صحة لهذا ولا لذاك. وأما هذا؛ فلجهالة عبد الله بن عبد ربه العجلي؛ فإني لم أجد من ذكره. ومثله إبراهيم بن إسحاق الجعفي. وأعله ابن الجوزي بأنه من رواية محمد بن يونس عنه: عند ابن مردويه، ومحمد بن يونس: هو الكديمي كذبوه. فأقول: وعنه أخرجه من ذكرنا؛ غير الحاكم؛ فإنه رواه عن علي بن عبد العزيز بن معاوية عن إبراهيم بن إسحاق به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 244 وعلي هذا لم أعرفه أيضاً. والطريق الأخرى: عن عمران بن خالد بن طليق أبي نجيد الضرير عن أبيه عن جده قال: رأيت عمران بن حصين يحد النظر إلى علي بن أبي طالب، فقيل له؟! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. أخرجه ابن السماك في "الفوائد المنتقاة" (2/ 4/ 2) ، وأبو بكر الأبهري في "جزء من الفوائد" (144/ 1-2) ، وابن منده أيضاً في "المعرفة"، والسلفي في "الطيوريات" (116/ 2) . وهذه الطريق علقها ابن الجوزي (1/ 363) ، وقال: "وخالد بن طليق ضعفوه". وخرجه السيوطي في "اللآلىء" (1/ 345) من رواية الطبراني فقط. قلت: وبه أعله الهيثمي أيضاً (9/ 119) ! وإعلاله بابنه عمران أولى؛ لأنه أشد من أبيه ضعفاً، حتى قال أحمد: "متروك الحديث". وذكر له الذهبي هذا الحديث، وقال: "وهذا باطل في نقدي". وتعقبه الحافظ بقوله: "وقال العلائي: الحكم عليه بالبطلان فيه بعد، ولكنه كما قال الخطيب: غريب". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 245 3- وأما حديث عائشة؛ فيرويه عبادة بن صهيب قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 182-183) . وقال: "غريب من حديث هشام بن عروة، ولم نكتبه إلا من حديث عبادة". قلت: وهو كذاب هالك؛ كما قال الذهبي في "الضعفاء". لكن روي من غير طريقه، فقال الدينوري في "المجالسة" (27/ 7/ 1) - وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) -: حدثنا علي بن سعيد قال: حدثنا محمد بن عبد الله القاضي قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام به. ومحمد بن عبد الله القاضي لم أعرفه. ومن طبقته: محمد بن عبد الله بن نمير الهمذاني الخارفي الثقة الثبت، وأستبعد جداً أن يكون هو هذا، وإن كانوا ذكروه في الرواة عن أبي أسامة؛ لأنهم لم يصفوه بـ "القاضي". وعلي بن سعيد: هو الرازي؛ قال الدارقطني: "ليس بذاك، تفرد بأشياء". ولا أستبعد أن تكون الآفة من الدينوري نفسه؛ وهو أحمد بن مروان أبو بكر القاضي المالكي؛ فإنه كان متهماً عند الدارقطني بوضع الحديث. وروى أبو القاسم الحلبي في "حديثه" (113/ 2) - وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) -: أخبرنا أبو علي الحسين بن عبد الغفار بن عمرو الأزدي: أخبرنا دحيم: أخبرنا شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 246 وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير الحسين هذا؛ قال الدارقطني: "متروك". وقال ابن عدي: "روى عن جماعة لم يحتمل سنه لقاءهم، وله مناكير". قلت: فهو آفة هذه الطريق. 4- وأما حديث أبي بكر الصديق؛ فيرويه القاضي محمد بن عبد الله الجعفي قال: حدثني أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم - وحدي - قال: حدثني محمد بن الحسن الرقي - وحدي - قال: حدثني مؤمل بن إهاب - وحدي - قال: حدثني عبد الرزاق - وحدي - قال: حدثني معمر - وحدي - قال: حدثني الزهري - وحدي - عن عروة عن عائشة عنه. أخرجه ابن النجار في "ذيل التاريخ" (10/ 127/ 1) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 358) ، وابن حجر في "المسلسلات" (108/ 2) ، وقال ابن الجوزي: "موضوع، سرقه أحد الكوفيين الغلاة، والله أعلم هل هو الجعفي أو شيخه؟! ". قلت: الجعفي هذا؛ أظنه محمد بن عبد الله بن الحسين أبا عبد الله الجعفي القاضي الكوفي المعروف بابن الهرواني، ترجمه الخطيب ترجمة جيدة؛ وقال (5/ 472) : "وكان ثقةً فاضلاً جليلاً، يقرىء القرآن، ويفتي في الفقه على مذهب أبي حنيفة، توفي سنة (402) وله خمس وتسعون سنة". فهو بريء العهدة من هذا الحديث، فالحمل فيه على شيخه أبي الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم؛ فإنه مترجم في "الميزان" بما يدينه، فقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 247 "قال حمزة السهمي: سألت أبا محمد بن غلام الزهري عنه؟ فقال: ضعيف. وسألت أبا الحسن التمار عنه؟ فقال: كان يكذب، مات بعد الثلاثين والثلاث مئة". فهو آفة هذه الطريق. والموفق الله. وقد ذكر له ابن الجوزي طريقاً أخرى عن الزهري به. وفيها الحسن بن علي بن زكريا العدوي؛ وهو كذاب وضاع. وقد ركب هذا الكذاب عدة أسانيد لهذا الحديث؛ كما يأتي. 5- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه الحسن بن علي العدوي المذكور - بثلاثة أسانيد له افتعلها - عن الأعمش عن أبي صالح عنه. أخرجها ابن عدي (92/ 2) - مع إسناد رابع له عن أنس -؛ ثم قال: "وهذه الأحاديث بهذه الأسانيد باطلة، والحسن بن علي يضع الحديث". وله طريق أخرى عن أبي هريرة: عند ابن عساكر (12/ 151/ 2) . 6- وأما حديث أنس؛ فيرويه مطر بن أبي مطر عنه. أخرجه ابن عدي (335/ 1) . وقال: "مطر هذا؛ إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". قلت: وهو مطر بن ميمون؛ قال الحاكم وأبو نعيم: "روى عن أنس الموضوعات". وقال ابن الجوزي (1/ 362) : "قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات؛ لا تحل الرواية عنه". وذكر له طريقين آخرين عن أنس، في أحدهما: العدوي الكذاب كما تقدم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 248 وفي الآخر: محمد بن القاسم الأسدي؛ قال الدارقطني: "يكذب". وقال أحمد: "أحاديثه موضوعة". 7- وأما حديث معاذ؛ فيرويه محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي قال: نبأنا محمد بن أيوب قال: نبأنا هوذة بن خليفة قال: نبأنا ابن جريج عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب، فقلت: ما لك تديم النظر إلى علي كأنك لم تره؟! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. أخرجه الخطيب (2/ 51) ، وعنه ابن الجوزي (1/ 359) . وقال: "محمد بن أيوب؛ لا يعرف أنه سمع من هوذة ولا روى عنه. قال ابن حبان: يروي الموضوع، لا يحل الاحتجاج به". وفي "الميزان": "قال أبو حاتم: كذاب". وأما الخطيب؛ فأعله بالراوي عنه، فقال: "وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، لا أعلم جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي، وكان غير ثقة، على أنا لا نعلم أن محمد بن أيوب روى عن هوذة بن خليفة شيئاً قط، ولا سمع منه". وتبعه الذهبي؛ فقال في ترجمة ابن إسماعيل هذا: "المتهم بوضعه: الرازي". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 249 وقد وجدت له طريقاً أخرى عن أبي صالح عن معاذ به. أخرجه أبو بكر بن خلاد في "الثاني من حديثه" (114/ 2) : أخبرنا محمد بن يونس: أخبرنا عبد الحميد بن يحيى: أخبرنا سوار بن مصعب عن الكلبي عنه. والكلبي: اسمه محمد بن السائب بن بشر، متهم بالكذب. وسوار بن مصعب متروك. ومحمد بن يونس هو الكديمي الوضاع المتقدم. 8- وأما حديث عثمان؛ فيرويه محمد بن غسان الأنصاري عن يونس مولى الرشيد عن المأمون: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: سمعت ابن عباس يقول عن عثمان مرفوعاً به. أخرجه أبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (23/ 1) ، وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) ، وابن الجوزي (1/ 358) ، وأعله بقوله (1/ 362) : "رواته مجاهيل". وهم من دون جد المنصور. 9- وفي الباب: عند ابن الجوزي عن جابر؛ وفيه العدوي الكذاب المتقدم. 10- وثوبان؛ وفيه يحيى بن سلمة بن كهيل؛ وهو متروك؛ كما قال النسائي والدارقطني. وجملة القول؛ أن الحديث - مع هذه الطرق الكثيرة - لم تطمئن النفس لصحته؛ لأن أكثرها من رواية الكذابين والوضاعين، وسائرها من رواية المتروكين الجزء: 10 ¦ الصفحة: 250 والمجهولين الذين لا يبعد أن يكونوا ممن يسرقون الحديث، ويركبون له الأسانيد الصحيحة. ولذلك فما أبعد ابن الجوزي عن الصواب حين حكم عليه بالوضع. والله سبحانه وتعالى أعلم. 4703 - (النميمة والشتيمة والحمية في النار، ولا يجتمعن في صدر مؤمن) (1) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (3/ 208-209) ، وأبو أمية الطرسوسي في "مسند ابن عمر" (202/ 1) عن محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد قال: قال عطاء: أخبرني عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن يزيد بن سنان، وأبوه يزيد؛ ضعيفان، والأب أشد ضعفاً من الابن.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " سيأتي بأوسع مما هنا، برقم (6666) " (الناشر) . الحديث: 4703 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 251 4704 - (النية الحسنة تدخل صاحبها الجنة، والخلق الحسن يدخل صاحبه الجنة، والجوار الحسن يدخل صاحبه الجنة. فقال رجل: وإن كان رجل سوء؟ قال: نعم؛ على رغم أنفك) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 112-113) عن محمد بن عبد الرحيم بن حبيب: حدثنا أبي: حدثنا إسماعيل بن يحيى عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ إسماعيل بن يحيى: هو أبو يحيى التيمي؛ كذاب وضاع؛ كما تقدم مراراً. الحديث: 4704 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 251 ومحمد بن عبد الرحيم بن حبيب؛ لم أجد من ترجمه. وأما أبوه عبد الرحيم؛ فالظاهر أنه ابن حبيب الفاريابي. وبه حزم المناوي؛ قال ابن حبان: "لعله وضع أكثر من خمس مئة حديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقال أبو نعيم: "روى عن ابن عيينة وبقية: الموضوعات". قلت: فهو الذي اختلق هذا الحديث، أو شيخه. ومثله في البطلان: ما أخرجه الخطيب (12/ 448) من طريق القاسم بن نصر الطباخ: حدثنا سليمان بن محمد بن الفضل: أخبرنا أبو معمر: حدثنا إسماعيل عن قرة عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً؛ بلفظ: "النية الصادقة معلقة بالعرش، فإذا صدق العبد نيته؛ تحرك العرش؛ فيغفر له". أورده في ترجمة القاسم هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف، أتى بخبر باطل عجيب". ثم ساق هذا الحديث. وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: وإسماعيل الذي رواه عن قرة؛ لا أستبعد أن يكون هو ابن يحيى التيمي الكذاب؛ الذي في إسناد الحديث الذي قبله. والله أعلم. 4705 - (نهى أن يصافح المشركون، أو ينكوا، أو يرحب بهم) . موضوع أخرجه أبو نعيم (9/ 236) عن بقية: حدثني محمد القشيري عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً. وقال: الحديث: 4705 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 252 "غريب من حديث أبي الزبير، تفرد به بقية عن القشيري". قلت: وهو ابن عبد الرحمن القشيري الكوفي؛ قال الذهبي: "وفيه جهالة، وهو متهم، ليس بثقة؛ قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث". 4706 - (نهى أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم؛ إلا من بأس) . ضعيف أخرجه أبو داود (3449) ، وابن ماجه (2263) ، والحاكم (2/ 31) ، وأحمد (3/ 419) ، وابن عدي (355/ 1-2) عن معتمر بن سليمان قال: سمعت محمد بن فضاء يحدث، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً: وأخرجه الكشي في "جزء الأنصاري" (ق 8/ 1) ، ومن طريقه الحاكم أيضاً، والبيهقي (6/ 33) عن محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا محمد بن فضاء به، وزاد: أن يكسر درهماً فيجعل فضة، أو يكسر الدينار فيجعل ذهباً. وسكت الحاكم عن إسناده، وكذا الذهبي! وأما الحافظ السخاوي؛ فقد ذكر في "الفتاوى الحديثية" (1/ 2) أن الحاكم صححه، ولذلك فقد تعقبه بقوله: "وسكت عليه أبو داود، فهو عنده صالح للاحتجاج، وهو عجيب منهما؛ لأن مداره على محمد بن فضاء ... ". قلت: وهو متفق على ضعفه. ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وأبوه فضاء - وهو ابن خالد الجهضمي البصري - مجهول. الحديث: 4706 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 253 4707 - (نهى أن يتخلى رجل تحت شجرة مثمرة، ونهى أن يتخلى الرجل على ضفة نهر جار) . ضعيف جداً رواه العقيلي في "الضعفاء" (355) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 93) ، عن الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعاً. وقال العقيلي: "الفرات بن السائب؛ قال البخاري: تركوه، منكر الحديث. وقال أحمد: هو قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون؛ يتهم بما يتهم به ذاك. وقال ابن معين: ليس بشيء". ثم قال: "فيه رواية من غير هذا الوجه يقارب هذه الرواية". قلت: وقال البخاري في "التاريخ الصغير" (185) : "سكتوا عنه"، وهذا كناية عن شدة ضعفه. وقال النسائي في "الضعفاء" (25) : "متروك الحديث". ومن طريقه: رواه ابن عدي (264/ 2) . وقال: "وعامة أحاديثه - خاصة عن ميمون بن مهران - مناكير". أقول: ولعل الرواية التي تقارب هذا الحديث - كما أشار العقيلي - إنما هي حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "اتقوا الملاعن الثلاثة: أن يقعد أحدكم في ظل يستظل به، أو في طريق، أو في نقع ماء". وهو حديث حسن، مخرج في "الإرواء" (62) . الحديث: 4707 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 254 ثم روى ابن عدي (241/ 1) عن فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بالشطر الأول منه. وقال: "عمر بن موسى الوجيهي يضع الحديث". 4708 - (نهى أن يستوفز الرجل في صلاته) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 271) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعاً. وقال: "صحيح على شرط البخاري"! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن البخاري لم يرو عن الحسن عن سمرة معنعناً؛ لأنه مدلس، فما لم يصرح بالتحديث؛ فليس بحجة. ورواه سعيد بن بشير عن قتادة بلفظ: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعتدل في الجلوس، وأن لا نستوفز. أخرجه أحمد (5/ 10) . وسعيد بن بشير فيه كلام؛ كما قال الهيثمي (2/ 86) ، وقال: "رواه البزار، والطبراني في "الأوسط" من طريقه"! ففاته أنه في "المسند"! الحديث: 4708 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 255 4709 - (نهى أن يسمى كلب وكليب) . ضعيف رواه العقيلي في "الضعفاء" (299) ، والطبراني (1/ 58/ 1) عن علي ابن غراب عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً. وقال العقيلي: الحديث: 4709 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 255 "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". يعني: علي بن غراب. [وكان قد قال:] "حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن علي بن غراب المحاربي؟ قال: ليس لي به خبرة، سمعت منه مجلساً واحداً، كان يدلس، ما أراه إلا صدوقاً". وفي "التقريب": "صدوق يدلس، أفرط ابن حبان في تضعيفه". قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات؛ فلولا تدليس علي بن غراب؛ لقلت بصحته. 4710 - (نهى أن يشار إلى المطر) . ضعيف أخرجه البيهقي (3/ 363) عن الكديمي: حدثنا أبو عاصم النبيل: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن - يعني: ابن أبي خسين - قال - يعني: أبا عاصم -: وأفادنيه ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "وقد روي من وجه آخر ضعيف". قلت: والكديمي: اسمه محمد بن يونس بن موسى، وكان يضع الحديث؛ كما قال ابن حبان وغيره. وقد خالفه محمد بن بشار؛ فقال: حدثني أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي حسين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. أخرجه البيهقي أيضاً. وقال: "هذا هو المحفوظ مرسلاً". قلت: ورجاله ثقات. فعلة الحديث الإرسال. الحديث: 4710 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 256 4711 - (نهى أن يضحى ليلاً) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 122/ 2) عن سليمان بن سلمة الخبائزي: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني أبو محمد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخبائزي هذا؛ فإنه كان يكذب؛ كما قال ابن الجنيد. وذكر له الذهبي أحاديث أنكرت عليه؛ وقال: "إنها من بلاياه"! وقال في أحدها: "هذا موضوع". وأبو محمد لم أعرفه، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين. الحديث: 4711 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 4712 - (كان ينهانا أن نعجم النوى طبخاً) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 132) ، وأحمد (6/ 292) عن ثابت بن عمارة: حدثتني ريطة عن كبشة بنت أبي مريم قالت: "سألت أم سلمة: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنه؟ قالت ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كبشة وريطة - وهي بنت حريث - لا تعرفان. وثابت بن عمارة صدوق فيه لين. الحديث: 4712 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 4713 - (نهى أن يقال للمسلم: صرورة) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 286) ، والبيهقي (5/ 164-165) عن عمر الحديث: 4713 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 ابن قيس عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي: "عمر بن قيس ليس بالقوي". قلت: وهو المعروف بـ (سندل) ، وهو متروك؛ كما في "التقريب". ثم أخرج البيهقي، وأبو داود أيضاً (1/ 273) ، وأحمد (1/ 312) عن عمر بن عطاء عن عكرمة ... بلفظ: "لا صرورة في الإسلام". وعمر بن عطاء - وهو ابن وراز - ضعيف؛ كما قال الحافظ. وأخرج الدارقطني، والبيهقي من طريق معاوية بن هشام: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس - أراه رفعه - قال: "لا يقولن أحدكم: إني صرورة". وقال البيهقي: "قال سليمان بن أحمد (يعني: الطبراني) : لم يرفعه عن سفيان إلا معاوية". قلت: وهو صدوق له أوهام؛ كما في "التقريب". وهو - مع شكه في رفعه، كما يفيده قوله: "أراه رفعه"؛ فيبدو من صنيع البيهقي أنه - قد خولف في رفعه؛ فقد قال البيهقي: "ورواه ابن جريج عن عمرو عن عكرمة من قوله، ونفى أن يكون ذلك عن ابن عباس أن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قال:) وقد رواه سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. فالله أعلم". 4714 - (نهى أن يكون الإمام مؤذناً) . ضعيف أخرجه الغطريف في "جزئه" (61/ 1) ، وابن عدي (14/ 2) ، وعنه الحديث: 4714 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 258 البيهقي في "السنن" (1/ 433) عن إسماعيل بن عمرو البجلي: حدثنا جعفر بن زياد عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال البيهقي: "إسناده ضعيف بمرة؛ إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبي إسحاق الكوفي حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وجعفر بن زياد ضعيف". وقال ابن عدي: "إسماعيل لا يتابعه عليه أحد، وهو ضعيف"! كذا قال! وقد وجدت له متابعاً؛ فقال أبو محمد الخلدي في "جزء من فوائده" (49/ 1) : أخبرنا القاسم (يعني: ابن محمد الدلال) : حدثنا أبو عبد الله عن محمد بن سوقة به. والقاسم هذا؛ ضعفه الدارقطني. وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرج له الحاكم في "المستدرك"؛ كما قال الحافظ في "اللسان". قلت: فهذه متابعة لا بأس بها لإسماعيل. وأبو عبد الله: كنية جعفر بن زياد الذي في الإسناد الأول. وإطلاق البيهقي الضعف عليه فيه نظر عندي؛ فإني لم أره لأحد من أئمة الجرح والتعديل قبله! بل قال فيه أحمد، وأبو حاتم: "صالح الحديث". وقال أبو زرعة، وأبو داود: "صدوق". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 259 ووثقه ابن معين في رواية جماعة عنه، وكذا الفسوي، وعثمان بن أبي شيبة، والعجلي. وأما في التجريح؛ فلم أجد ما يمكن إدخاله فيه إلا روايتين: الأولى: قول عثمان الدارمي: سئل يحيى عنه؟ فقال بيده؛ لم يثبته، ولم يضعفه. وهذا؛ الجواب عنه واضح، وهو أنه ليس جرحاً ولا توثيقاً، وإنما هو التوقف، فيقدم عليه رواية الجماعة المتقدمة عنه الصريحة في التوثيق. والأخرى: إيراد ابن حبان إياه في "الضعفاء"، وقوله فيه: "كثير الرواية عن الضعفاء، وإذا روى عن الثقات تفرد عنهم بأشياء، في القلب منها بشيء". قلت: وهذا جرح مبهم؛ فإنه بعد ثبوت العدالة، فلا يضر مجرد التفرد، وإنما يضر المخالفة لمن هو أوثق، فمن من الثقات لم يتفرد ببعض الأحاديث؟! وأما إكثاره من الرواية عن الضعفاء فلا لوم عليه في ذلك؛ فإنه (لا تزر وازرة وزر أخرى) ، وليس هو متفرداً بالرواية عنهم، كما لا يخفى على أولي النهى. نعم؛ قد قال غير واحد من الأئمة بأنه كان يتشبع، وهذا ليس جرحاً في الرواية، كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث؛ لأن العبرة فيها إنما هو الضبط والصدق، وهذا قد ثبت لجعفر بما سبق من شهادة العلماء فيه. ولذلك؛ فإني أرى - بعد ثبوت تلك المتابعة لإسماعيل - أن الحديث حسن. والله تعالى أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 260 ثم تبينت أن المتابعة غير ثابتة، والسبب أنه سقط من قلمي - في المسودة التي فيها هذا الإسناد - الرجل الذي بين القاسم الدلال وأبي عبد الله، وهو آفة هذه الطريق! والصواب هكذا: أخبرنا القاسم: حدثنا إبراهيم الضبي: حدثنا أبو عبد الله ... وإبراهيم هذا: هو ابن محمد بن ميمون، كما في حديث آخر ساقه عن القاسم عنه (ق 46/ 2) . وابن ميمون هذا؛ قال الذهبي: "من أجلاد الشيعة، لا أعرفه، روى حديثاً موضوعاً". ثم ساق حديثاً في فضل علي وأنه سيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين. فهو متهم. وقال الحافظ العراقي: "ليس بثقة". قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة! فيبقى الحديث على الضعف. والله تعالى أعلم. 4715 - (نهى أن ينفخ في الطعام والشراب والثمرة) . ضعيف بهذا التمام أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 135/ 2) عن محمد بن جابر عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن جابر هذا - وهو الحنفي اليمامي -؛ قال الحافظ: الحديث: 4715 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 261 "صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي، فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة". قلت: ومما يدل على سوء حفظه: زيادته في هذا الحديث قوله: و"الثمرة". فقد رواه عبد الكريم الجزرى عن عكرمة به؛ دونها. أخرجه أحمد (1/ 309،357) . قلت: وإسناده صحيح. 4716 - (نهى عن أكل الرخمة) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (121/ 2) ، وعنه البيهقي (9/ 317) عن وارث بن الفضل: حدثنا خلف بن أيوب: حدثنا خارجة بن مصعب عن عبد المجيد بن سهيل عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي: "لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وليس بالقوي". قلت: بل هو ضعيف جداً؛ فإن خارجة هذا - وهو أبو الحجاج السرخسي -؛ قال الحافظ: "متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه". وخلف بن أيوب؛ ضعفه ابن معين. ووارث بن الفضل؛ لم أجد من ترجمه. الحديث: 4716 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 262 4717 - (نهى عن الذبيحة أن تفرس قبل أن تموت) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (12/ 248/ 13013) ، والبيهقي الحديث: 4717 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 262 (9/ 280) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (62/ 273/ 2) عن شهر بن حوشب عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي: "هذا إسناد ضعيف". قلت: لسوء حفظ شهر بن حوشب. (تفرس) : تدق عنقها. 4718 - (نهى عن السواك بعود الريحان والرمان؛ وقال: إنه يحرك عرق الجذام) . ضعيف رواه أبو نعيم في "الطب النبوي" (1/ 2 - نسخة الشيخ السفرجلاني) عن الحكم بن موسى: حدثنا عيسى بن يونس: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة ابن حبيب قال ... فذكره. وكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص 36 من زوائده) عن أبي بكر به. قلت: وهو - مع إرساله - ضعيف الإسناد؛ فإن ابن أبي مريم كان اختلط. الحديث: 4718 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 263 4719 - (نهى عن السوم قبل طلوع الشمس، وعن ذبح ذوات الدر) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 22) ، والحاكم (4/ 234) ، وابن عدي (133/ 2) ، والخطابي في "غريب الحديث" (135/ 1) ، والضياء في "المختارة" (1/ 225) عن الربيع بن حبيب - أخي عائذ بن حبيب - عن نوفل بن عبد الملك عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. وقال الضياء: الحديث: 4719 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 263 "الربيع بن حبيب أبو سلمة؛ وثقه أحمد ويحيى. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، وأحاديثه عن نوفل مناكير". قلت: ونوفل بن عبد الملك؛ قال أبو حاتم: "مجهول". وقال ابن معين: "ليس بشيء". لكن الشطر الثاني من الحديث؛ يشهد له حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي الهيثم بن التيهان: "إياك واللبون! اذبح لنا عناقاً". أخرجه الحاكم أيضاً. وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً. أخرجه مسلم (6/ 116-117) ، وابن ماجه (2/ 284-285) ، وكذا الترمذي في "الشمائل" (119 - بتحقيقي) و "السنن". وقال: "حسن صحيح غريب". وشاهد آخر من حديث أبي بكر بن أبي قحافة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياك والحلوب - أو قال: ذات الدر -". أخرجه ابن ماجه أيضاً. وفيه يحيى بن عبيد الله - وهو التيمي المدني - متروك؛ كما في "التقريب"، فلا يستشهد به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 264 (تنبيه) : تحرف لفظ: (السوم) في هذا الحديث على الحافظ المنذري إلى لفظ: (النوم) ! فأورده لذلك في باب "الترغيب في البكور في طلب الرزق" من كتابه "الترغيب والترهيب" (3/ 5) ! ونبه على ذلك الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 158/ 2) . 4720 - (نهى عن الصرف؛ قبل موته بشهرين) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 131 - زوائده) عن بحر بن كنيز عن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعاً. وقال: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن أبي بكرة، وبحر: هو جد عمرو بن علي؛ لين الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وكذا قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 116) بعد ما عزاه للبزار وحده. وأما السيوطي في "الجامع" فعزاه لـ (طب) أيضاً؛ يعني "المعجم الكبير" للطبراني. والله أعلم. الحديث: 4720 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 265 4721 - (نهى عن الصلاة في السراويل) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 91) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 138) عن الحسين بن وردان عن أبي الزبير عن جابر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: عنعنة أبي الزبير؛ فإنه كان مدلساً. الحديث: 4721 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 265 والأخرى: الحسين بن وردان؛ قال العقيلي عقبه: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". وقال الذهبي فيه: "لا يعرف، وحديثه هذا منكر. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. قلت: والحديث يروى نحوه من حديث بريدة". قلت: حديث بريدة فيه زيادة: وليس عليه رداء. وهو حسن، مخرج في "صحيح أبي داود" (646) . 4722 - (نهى عن لبس الحرير، وعن لبس الذهب إلا مقطعاً، وعن ركوب [جلود] النمور، وعن الشرب في آنية [الذهب و] الفضة، وعن جمع بين حج وعمرة) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 283) ، والنسائي (2/ 286) - الفقرة الثانية منه -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 263-264) - الفقرة الثالثة -، وأحمد (4/ 92 و 95 و 99) - والسياق له -، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 352-354) عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي قال: كنت في ملأ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند معاوية، فقال معاوية: أنشدكم الله؛ أتعلمون أن رسول الله نهى عن لبس الحرير؟! قالوا: اللهم نعم ... قال: وأنا أشهد ... فذكر الحديث على هذه الوتيرة من المناشدة في كل فقرة، وجوابهم بـ: اللهم نعم ... ؛ إلا الفقرة الأخيرة ففيه: قالوا: أما هذا فلا. قال: أما إنها معهن [ولكنكم نسيتم] . الحديث: 4722 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 266 ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي شيخ الهنائي، واسمه خيوان - بالمعجمة؛ وقيل: بالمهملة - بن خالد؛ وثقه ابن سعد وابن حبان والعجلي، وروى عنه جمع من الثقات. ولذلك قال الحافظ: "وهو ثقة". وأما قول ابن قيم الجوزية: "إنه مجهول"! فمردود عليه؛ لمخالفته لمن ذكرنا من الأئمة. وكأنه ذهب إلى ذلك؛ لمخالفة الفقرة الأخيرة للأحاديث المتواترة في إقراره - صلى الله عليه وسلم - الجمع بين الحج والعمرة من القارنين الذين ساقوا الهدي، والمتمتعين بالعمرة إلى الحج! ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (1/ 264) : "ونحن نشهد الله أن هذا وهم من معاوية، أو كذب عليه، فلم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قط. وأبو شيخ لا يحتج به، فضلاً عن أن يقدم على الثقات الحفاظ الأعلام، وإن روى عنه قتادة ويحيى بن أبي كثير. واسمه خيوان بن خالد - بالخاء المعجمة - وهو مجهول"!! أقول: لو أنه اقتصر على التوهيم أو التكذيب المذكورين؛ لكان أقرب إلى الصواب من التجهيل للثقة، المستلزم لرد أقوال أولئك الأئمة بدون حجة! وكان يمكنه الخلاص من ذلك لو أنه أمعن النظر في هذا الإسناد وفي غيره عن أبي شيخ إذن لوجد فيه علتين، تغنيانه من كل ما ذكر من التوهيم والتجهيل! الأولى: عنعنة قتادة؛ فإنه مذكور بالتدليس، ومعلوم أن المدلس لا يحتج به بحديثه إذا عنعن، لا سيما عندما يضيق الدرب على الباحث؛ فلا يجد في الحديث المنكر علة ظاهرة غير العنعنة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 267 والأخرى: مخالفة يحيى بن أبي كثير لقتادة في إسناده، فقال يحيى: حدثني أبو شيخ الهنائي عن أخيه حمان: أن معاوية - عام حج - جمع نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة ... فذكره باختصار بعض فقراته. أخرجه النسائي، والطحاوي، وأحمد (4/ 96) ، والطبراني (19/ 354-356) . وحمان هذا لا يدرى من هو؟! كما قال الذهبي؛ فهو علة الحديث، وليس جهالة أبي شيخ. والله أعلم. وإنما يستنكر من هذا الحديث: النهي الأخير منه؛ لما ذكرنا من مخالفته للأحاديث المتواترة. وأما سائر الحديث؛ فثابت من طرق وأحاديث أخرى. أما النهي عن لبس الحرير والشرب في آنية الذهب والفضة؛ فأشهر من أن يذكر. وأما النهي عن لبس الذهب إلا مقطعاً، وركوب النمار؛ فرواه ميمون القناد عن أبي قلابة عن معاوية به. أخرجه النسائي، وأحمد (4/ 93) . ورجاله ثقات؛ غير ميمون القناد؛ فهو مقبول عند الحافظ. وروى أبو المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية مرفوعاً؛ بلفظ: "لا تركبوا الخز ولا النمار". أخرجه أبو داود (2/ 186) ، وأحمد (4/ 93) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 268 وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي المعتمر هذا؛ واسمه يزيد بن طهمان؛ وهو ثقة. وروى بقية عن بحير عن خالد أنه قال: وفد المقدام بن معدي كرب إلى معاوية بن أبي سفيان، فقال: ... معاوية.. فأنشدك بالله؛ هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم. قال: فأنشدك الله؛ هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن لبس الذهب؟ قال: نعم. قال: فأنشدك الله؛ هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم. أخرجه أبو داود (2/ 186) ، والنسائي (2/ 192) ، وأحمد (4/ 132-133) - الفقرة الأخيرة منه بلفظ -: "نهى عن الحرير والذهب، وعن مياثر النمور ... "، وفيه مرفوعاً: "هذا مني (يعني: الحسن) ، وحسين من علي (1) ". وإسناده جيد، صرح بقية فيه بالتحديث. وفي الباب: عن علي، ووالد أبي المليح، فراجع الحديث (1011) من "الصحيحة". (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث بتمامه في "الجامع الصغير"، وزاد في آخره: ونهى عن تشييد البناء. وقال:   (1) هذه الرواية عند أبي داود. أما أحمد ففرّقه في موضعين. وأما النسائي؛ فلم يرو الزيادة. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 269 "رواه الطبراني في "الكبير" عن معاوية". وأوردها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 70) بلفظ: "عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الركوب على جلود السباع، وعن تشييد البناء - قلت: روى النسائي منه النهي عن جلود السباع -: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يزيد بن سفيان أبو المهزم؛ قال أحمد: ما أقرب حديثه! وقال [النسائي] : متروك. وضعفه الناس". قلت: وقال الحافظ: "متروك". 4723 - (نهى عن العمرة قبل الحج) . منكر أخرجه أبو داود (1/ 283) عن أبي عيسى الخراساني عن عبد الله ابن القاسم عن سعيد بن المسيب: أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فشهد عنده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن القاسم - وهو التيمي البصري - روى عنه ثقتان آخران، ولم يوثقه غير ابن حبان. وقال ابن القطان: "مجهول". ونحوه أبو عيسى الخراساني؛ إلا أنه روى عنه جمع أكثر. ولما قال ابن القطان: "لا يعرف حاله"! تعقبه الذهبي في "الميزان" بقوله: "قلت: ذا ثقة، روى عنه حيوة بن شريح، و ... ووثقه ابن حبان". الحديث: 4723 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 270 وأما الحافظ؛ فقال في كل منهما: "مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث. على أن الإسناد صورته صورة المرسل؛ للخلاف المعروف في سماع سعيد بن المسيب من عمر، وقد كان صغيراً في عهده. والحديث عندي منكر؛ فالأحاديث في اعتماره - صلى الله عليه وسلم - قبل الحج كثيرة؛ في "الصحيحين" وغيرهما. بل روى أحمد (2/ 46-47) ، وأبو داود (1/ 311) عن ابن جريج قال: قال عكرمة بن خالد: سألت عبد الله بن عمر عن العمرة قبل الحج؟ فقال ابن عمر: لا بأس على أحد يعتمر قبل أن يحج. قال عكرمة: قال عبد الله: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج. ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن جريج مدلس. لكن رواه ابن إسحاق: حدثني عكرمة بن خالد بن العاص المخزومي قال: قدمت المدينة في نفر من أهل مكة نريد العمرة منها، فلقيت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا قوم من أهل مكة، قدمنا المدينة ولم نحج قط، أفنعتمر منها؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟! فقد اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمره كلها قبل حجته، واعتمرنا. أخرجه أحمد (2/ 158) . قلت: وإسناده جيد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 271 4724 - (نهى عن المراثي) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 483) ، والحاكم (1/ 383) ، والطيالسي (1/ 158) ، وأحمد (4/ 356،383) ، والخطابي في "غريب الحديث" (141/ 1) عن إبراهيم الهجري عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً. وقال الحاكم: "غريب صحيح، إبراهيم بن مسلم الهجري ليس بالمتروك؛ إلا أن الشيخين لم يحتجا به"! قلت: ولكنه ليس بالثقة أيضاً؛ ففي "التقريب": "لين الحديث". بل قال البوصيري في "الزوائد" (100/ 2) : "ضعيف جداً". (فائدة) : قال الخطابي: "المراثي: النياحة، وما يدخل في معناها من تأبين الميت؛ على ما جرى عليه مذاهب أهل الجاهلية من قول المراثي، ونصب النوائح على قبور موتاهم. وأما المراثي التي فيها ثناء على الميت، ودعاء له؛ فغير مكروه، وقد رثى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير واحد من الصحابة بمراثي رواها العلماء، ولم يكرهوا إنشادها، وهي أكثر من أن تحصى". ثم أخرج الحديث من طريق الدبري عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدثت عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي مرفوعاً بلفظ: نهى عن مزابي القبور! وقال الخطابي: "ما أراه محفوظاً، والمحفوظ الأول، صحفه بعض الرواة". الحديث: 4724 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 272 4725 - (حرم سبعة أشياء: النوح، والشعر، والتصاوير، والتبرج، وجلود السباع، والذهب، والحرير) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 101) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 234) ، والدولابي في "الأسماء" (2/ 50) ، وأبو يعلى في "مسنده" (7374) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 373-374/ 876-878) ، ومن طريقه المزي في "التهذيب" (5/ 581-582) ، والطبراني أيضاً في "مسند الشاميين" (1422) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (50/ 279-280) من طريق عبد الله بن دينار ومحمد بن مهاجر عن أبي حريز مولى معاوية قال: خطب الناس معاوية بحمص، فذكر في خطبته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم ... فذكره. والسياق لأحمد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي حريز هذا؛ وهو مجهول؛ كما قال الدارقطني والحافظ. وقال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف". ولم يعرج على كلام هؤلاء الحفاظ المعلق على "مسند أبي يعلى"؛ اغتراراً منه بذكر ابن حبان إياه في "الثقات" (5/ 579) ! كأنه عرف هو ما لم يعرفوا، وهي عادة له معروفة، لذلك تكثر أخطاؤه ومخالفته، مغتراً بما عنده من علم ضحل! وإن من جهله: أنه لم يلتفت مطلقاً إلى اضطرابه في متنه، ففي رواية - كما ترى - يقول: (سبعة) ، وفي أخرى: (تسعة) ، وفي ثالثة قال: (حرم عشرة أشياء لا أحفظ عددهن) . وهذه عند ابن عساكر. ومرة بذكر: (الحرير) مكان: (الخز) ! الحديث: 4725 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 273 والحديث؛ روى منه ابن ماجه (1580) النهي عن النوح فقط، وهذا له شواهد كثيرة، وكذلك بقية السبعة، إلا الشعر؛ فإني لم أجد له شاهداً في النهي عنه؛ ولذلك خرجته هنا. والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية (حم - عن معاوية) باختلاف يسير في أوله عما هنا؛ إلا أنه زاد: "والخز"! ولا ذكر لها في "المسند"، وبها يصير العدد ثمانية! (تنبيه) : من أوهام العلماء؛ قول الهيثمي في تخريج الحديث (8/ 120) : "رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات"! قأقول: قد تبين من تحقيقنا أن مدار الإسنادين على (أبي حريز) ؛ وأنه مجهول. وابن حبان لم يعرفه إلا من الإسناد الأول؛ وهو (عبد الله بن دينار) ؛ وهو الحمصي البهراني، وهو ضعيف، كما قال الحافظ. وابن حبان يقول فيه: "عزيز الحديث جداً"! ومع ذلك يورده في "الثقات" مع شيخه!! 4726 - (نهى عن بيع المحفلات، فقال: من ابتاعهن فهو بالخيار إذا حلبهن) . ضعيف أخرجه البزار (ص 130) و (1274 - كشف) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن: هو البصري؛ مدلس. وإسماعيل بن مسلم: هو أبو إسحاق المكي البصري، وهو ضعيف. وقال المناوي في "فيض القدير": الحديث: 4726 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 274 "رمز المصنف لصحته، وليس بصحيح؛ فقد قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم المكي؛ وهو ضعيف". لكن الحديث قد صح من حديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه بزيادة: " ... ثلاثة أيام؛ إن شاء أمسكها، وإن شاء رد معها صاعاً من تمر" (1) . أخرجه مسلم (5/ 6) وغيره، وهو مخرج في "أحاديث البيوع"، وراجع لفقه هذه الزيادة "فتح الباري" (4/ 362-363) ، وانظر "الصحيحة" (3236) . 4727 - (نهى عن حلق القفا إلا للحجامة) (2) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (406) ، وابن عدي (177/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 339) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن قتادة إلا سعيد". وكذا قال ابن عدي؛ وزاد في أوله: "هذا متن منكر". قلت: وسعيد بن بشير ضعيف. والحسن - وهو البصري - مدلس. وقد وجدت له طريقاً أخرى من حديث أبي هريرة مرفوعاً به. رواه أبو موسى المديني في "اللطائف" (19/ 2) عن محمد بن نهار قال:   (1) وأوله: " من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار. . . ". (الناشر) . (2) كتب الشيخ بخطه فوق هذا المتن: " كأنه تقدم ". انظره برقم (3496) . (الناشر) . الحديث: 4727 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 275 سمعت الرياشي يقول: سمعت الأصمعي يقول: كنت عند مالك بن أنس فدخل الأوزاعي فقال له مالك: حديثاً نرويه عن يحيى بن أبي كثير في حلق القفا. فقال الأوزاعي: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "هذا حديث غريب بهذا الإسناد، لم يروه إلا محمد بن نهار؛ وليس بالقوي، وقد روي بإسناد آخر مثله عن الأوزاعي". ومحمد بن نهار، ضعفه الدارقطني أيضاً، وأخرج له هذا الحديث في "غرائب مالك"؛ وقال: "هذا باطل، لا يصح عن مالك، ولا عن الأوزاعي، ومحمد بن نهار ضعيف". قلت: ثم ساقه من طريق أبي سعيد الحسن بن علي العدوي: حدثنا عثمان ابن عمرو الدباغ: حدثنا ابن علاثة: حدثنا الأوزاعي به. قلت: والعدوي هذا كذاب. ثم رأيت ابن أبي حاتم قد أورد الحديث في "العلل" (2/ 316) من طريق سعيد ابن بشير ... وقال: "قال أبي: هذا حديث كذب بهذا الإسناد، يمكن أن يكون دخل لهم حديث في حديث ... ". 4728 - (نهى عن صيام رجب كله) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (1743) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 93/ 1) عن داود بن عطاء: حدثني زيد بن عبد الحميد بن زيد بن الخطاب عن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعاً. الحديث: 4728 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 276 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ داود بن عطاء؛ قال البخاري وغيره: "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "متروك". وزيد بن عبد الحميد، وسليمان بن علي؛ من المقبولين عند الحافظ. 4729 - (نهى عن ضرب الدف، ولعب الصنج، وصوت الزمارة) . ضعيف جداً أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/ 300-301) عن إسماعيل ابن عياش عن عبد الله بن ميمون عن مطر بن [أبي] سالم قال: قال علي بن أبي طالب ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مطر هذا مجهول، كما في "الميزان". وعبد الله بن ميمون؛ الظاهر أنه داود القداح المخزومي المكي؛ قال الحافظ: "منكر الحديث، متروك". وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه. الحديث: 4729 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 277 4730 - (نهى عن قتل كل ذي روح؛ إلا أن يؤذي) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 170/ 2) عن عمر أبي يحيى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الانقطاع؛ فإن الضحاك لم يسمع من ابن عباس. الثانية: جويبر - وهو ابن سعيد - ضعيف جداً؛ كما في "التقريب". الحديث: 4730 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 277 الثالثة: عمر أبو يحيى؛ لم أعرفه. وقال الهيثمي (4/ 42) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه جويبر بن سعيد، وهو ضعيف"! كذا قال! وفيه نظر من وجوه لا تخفى على البصير. 4731 - (نهى عن قسمة الضرار) . ضعيف أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 202/ 2) ، والبيهقي (10/ 134) عن سليمان بن موسى عن نضير مولى معاوية قال ... فذكره مرفوعاً. وقال البيهقي: "وهذا مرسل". قلت: ومع إرساله؛ فهو ضعيف؛ لجهالة نضير هذا - وهو بإعجام الضاد على ما في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 510) مصغراً، ويقال بالإهمال -، ذكره من رواية سليمان هذا ولم يزد! الحديث: 4731 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 278 4732 - (نهى عن كل مسكر ومفتر) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 130) ، والبيهقي (8/ 296) ، وأحمد (6/ 309) ، والضياء في "المختارة" (10/ 105/ 1) عن شهر بن حوشب عن أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ شهر بن حوشب؛ قال الحافظ: "صدوق؛ كثير الإرسال والأوهام". قلت: ومما يدل على وهمه في هذا الحديث؛ تفرده فيه بقوله: "ومفتر". الحديث: 4732 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 278 فإنه قد ثبت عن جمع من الصحابة في "صحيح مسلم" (6/ 100) وغيره، بألفاظ متقاربة، وطرق متكاثرة، لم يرد فيها هذا الذي تفرد به شهر، فدل على أنه منكر. ومن ذلك تعلم خطأ من صحح إسناده، ففي "فيض القدير": "رمز المصنف لصحته، وهو كذلك؛ فقد قال الزين العراقي: إسناده صحيح"! وكأن هذا هو مستند قول الشيخ محمد بن إبراهيم - مفتي المملكة السعودية سابقاً رحمه الله -: إن سنده صحيح! في فتوى له مفيدة في "تحريم القات": النبات المشهور مضغه في اليمن، نشرتها مجلة "الحج" الغراء، في "الجزء الرابع" من السنة (14) (ص 278) . ومن تلك الأحاديث الشاهدة المشار إليها آنفاً: ما أخرجه النسائي (5682) من طريق أبان بن صمعة قال: حدثتني والدتي عن عائشة: أنها سئلت عن الأشربة؟ فقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كل مسكر. وأبان هذا ثقة؛ لكنه كان اختلط، ووالدته لم أعرفها، وقد ذكرها المزي فيمن روى عنها ابنها، ولكني لم أره مترجم لها؛ لا هو ولا غيره ممن جاء بعده. لكن هذا القدر من الحديث صحيح؛ لما ذكرنا آنفاً. 4733 - (هاجروا تورثوا أبناءكم مجداً) . ضعيف أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 94) ، وعنه الديلمي (4/ 113) عن يعقوب بن داود عن ابن تليد عن القاسم عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 4733 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 279 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن تليد، ويعقوب؛ لم أعرفهما. 4734 - (هاجروا من الدنيا وما فيها) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 260) ، وعنه الديلمي (4/ 113) عن سعيد بن عثمان التنوخي قال: حدثنا ابن أبي السري قال: حدثنا عبد ة ابن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "كذا رواه التنوخي عن ابن أبي السري، فإن كان محفوظاً؛ فهو غريب. وصوابه ما رواه سليمان التيمي وأبو عوانة عن قتادة بإسناده: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" ... ". قلت: التنوخي؛ ضعفه الدارقطني. وابن أبي السري؛ أخوان: محمد، وحسين: فإن كان الأول؛ فهو موثق. وإن كان الآخر؛ فهو مكذب، وهذا هو الأقرب. والله أعلم. الحديث: 4734 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 280 4735 - (هذا أسبغ الوضوء، وهو وضوئي، ووضوء خليل الله إبراهيم، ومن توضأ هكذا (يعني: ثلاثاً ثلاثاً) ؛ ثم قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد هـ ورسوله؛ فتح له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (1/ 162-163) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر قال: الحديث: 4735 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 280 توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة واحدة، فقال: "هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به". ثم توضأ ثنتين، فقال: "هذا وضوء القدر من الوضوء"، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك. وأبوه زيد العمي ضعيف. وقد رواه سلام الطويل عن زيد العمي به؛ دون قوله: "ثم قال عند فراغه ... ". أخرجه الطيالسي (1/ 53) ، والدارقطني (ص 29-30) ، والبيهقي (1/ 80) . قلت: وسلام الطويل متروك أيضاً. وقال البيهقي: "وهكذا روي عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه. وخالفهما غيرهما؛ وليسوا في الرواية بأقوياء". قلت: وتابعهما محمد بن الفضل عن زيد العمي به، دون الزيادة. أخرجه الدارقطني. ومحمد بن الفضل - وهو ابن عطية - متروك أيضاً. وخالفهم أبو إسرائيل فقال: عن زيد العمي عن نافع عن ابن عمر به؛ دون الزيادة أيضاً. أخرجه الدارقطني، وأحمد (2/ 98) . وأبو إسرائيل - واسمه إسماعيل بن خليفة - ضعيف؛ لسوء حفظه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 281 فقول الهيثمي (1/ 230) : "رواه أحمد، وفيه زيد العمي، وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! أقول: فهذا وهم منه رحمه الله؛ فإن أبا إسرائيل ليس من رجال "الصحيح"، ولعله توهم أنه إسرائيل، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أو لعله وقع كذلك في نسخته من "المسند"؛ فإنه من رجال "الشيخين"! والله أعلم. وجملة القول؛ أن هذه الزيادة قد تفرد بها عبد الرحيم العمي دون أولئك الثلاثة: سلام الطويل ومحمد بن الفضل وأبي إسرائيل، وهم - مع ضعفهم الشديد - باستثناء الثالث؛ فما اتفقوا عليه أقرب إلى الصواب مما تفرد به عبد الرحيم. وما اتفق عليه هذا مع سلام وابن الفضل - أن زيداً العمي رواه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر - أقرب إلى الصحة من رواية أبي إسرائيل عن العمي عن نافع عن ابن عمر. وعليه؛ ففي الإسناد علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين معاوية بن قرة وابن عمر. وقد أشار إلى ذلك الحاكم في "المستدرك" (1/ 150) ، وصرح بذلك بعض المتقدمين. وناقشهم في ذلك العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (8/ 113) . والله أعلم. وقد خالفهم جميعاً في إسناده: عبد الله بن عرادة الشيباني فقال: عن زيد ابن الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي كعب مرفوعاً به، دون الزيادة. أخرجه ابن ماجه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 282 والشيباني هذا ضعيف أيضاً. 4736 - (هذا قبر أبي رغال؛ وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان، فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، وإن أنتم نبشتم عنه أصبتموه. قال: فابتدره الناس معه الغصن) . ضعيف رواه أبو داود (2/ 52) ، والبيهقي في "الدلائل" (ج2) و (6/ 297 - ط) ، والديلمي (2/ 115) ، والذهبي في "الميزان" من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول ... فذكره مرفوعاً. ثم رواه البيهقي من طريق روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بجير بن أبي بجير؛ قال الذهبي: "لم يعرفه ابن أبي حاتم بشيء. وروى عباس عن ابن معين قال: لم أسمع أحداً حدث عنه غير إسماعيل بن أمية. وصدق". وهذا معناه أنه مجهول. وبه صرح الحافظ في "التقريب". ثم قال الذهبي: "قلت: له حديث واحد انفرد ابن إسحاق به، أخبرناه ... " ثم ساقه بإسناده! قلت: وخفيت عليه متابعة روح بن القاسم لابن إسحاق التي ذكرنا، ولولاها لكان تفرده علة أخرى في الحديث لعدم تصريحه بالتحديث. وقد أعله المنذري في "مختصر السنن" (4/ 272) به! فلم يحسن من وجهين: الأول: أنه قد توبع؛ كما عرفت. الحديث: 4736 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 283 والآخر: أن العلة من شيخ شيخه بجير بن أبي بجير، كما أشار إليه الذهبي، وصرح الحافظ في "التقريب" أنه مجهول. ثم وقفت على علة أخرى له، فقال عبد الرزاق في "مصنفه" (11/ 454/ 20989) : أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبر فقال ... قلت: وهذا معضل. 4737 - (هذه إدام هذه. يشير إلى كسرة خبز وتمرة) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 371-372) ، وأبو داود (2/ 147) ، والترمذي في "الشمائل" (184- حمص) ، وأبو زرعة في "التاريخ" (ق 97/ 2) (1) ، والحربي في "الغريب" (5/ 198) عن يزيد الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير، فوضع عليها تمرة وقال ... (فذكره) ؛ فأكلها. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية - مجهول؛ كما في "التقريب".   (1) كذا قرأناها في أصل الشيخ، وكونها (ق 47 / 2) ليس بعيداً. (الناشر) الحديث: 4737 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 284 4738 - (هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء؛ فليقل: بسم الله) (2) . ضعيف أخرجه ابن السني (8 رقم 19) من طريق قطن بن نسير (وفي الأصل: يسير! وهو خطأ) : حدثنا عدي بن أبي عمارة الدارع قال: سمعت قتادة   (2) كتب الشيخ - رحمه الله - هنا: " قد خُرج بعد برقم (5042) ، ولعله أتم ". (الناشر) . الحديث: 4738 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 284 عن أنس مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف؛ عدي هذا؛ قال في "الميزان": "قال العقيلي: في حديثه اضطراب، وعنه قطن بن نسير". زاد في "اللسان": "وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه القاسم بن عيسى الطائي والبصريون. قلت: ومن أغلاطه أنه روى عن قتادة عن أنس: في القول عند دخول الخلاء، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم. وقيل: عن النضر بن أنس عن أبيه. والأول أصح". قلت: وقد تقدم حديث زيد بلفظ: "إن هذه الحشوش ... " فراجعه. وقد غلط هذا الراوي في متن الحديث أيضاً؛ حيث قال: "فليقل: بسم الله"، وإنما هو: "أعوذ بالله من الخبث والخبائث"؛ كما رواه الثقات عن قتادة. فانظره هناك في "الصحيحة" (1070) . 4739 - (هاشم والمطلب كهاتين - وضم أصابعه، وشبك بين أصابعه -، لعن الله من فرق بينهما، ربونا صغاراً، وحملناهم كباراً) . ضعيف أخرجه البيهقي (6/ 365-366) عن زيد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، ورجاله ثقات. وزيد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو الذي ينسب إليه الزيدية. الحديث: 4739 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 285 وقد صح الحديث موصولاً من حديث جبير بن مطعم مرفوعاً - دون الشطر الثاني منه -: عند البخاري وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1242) . 4740 - (هدية الله إلى المؤمن: السائل على بابه) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 114) عن سليمان بن سلمة: حدثنا سعيد ابن موسى الأزدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه. ومن طريق أبي نعيم عن أحمد بن سعيد بن فرضح: حدثنا عبد الله بن محمد الدمياطي: حدثنا موسى بن محمد المقدسي: حدثنا مالك به. قلت: وهذا موضوع من الوجهين: أما الأول: فآفته: أ- إما سعيد بن موسى الأزدي؛ اتهمه ابن حبان بالوضع، ثم ساق له هذا الحديث من طريق سليمان بن سلمة الخبائزي. وساق له الذهبي حديثاً آخر طويلاً موضوعاً. ب- وإما سليمان بن سلمة - وهو الخبائزي -؛ قال ابن الجنيد: "كان يكذب". وقال أبو حاتم: "متروك لا يشتغل به". وساق له الذهبي هذا الحديث، وقال: "قال الخطيب: سعيد مجهول، والخبائزي مشهور بالضعف. قلت: هذا موضوع على مالك". وأما الآخر: فآفته ابن فرضح؛ قال الدارقطني: الحديث: 4740 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 286 "روى أحاديث في ثواب المجاهدين والمرابطين والشهداء موضوعة، كلها كذب، لا تحل روايتها، والحمل فيها عليه، فهو المتهم بها؛ فإنه كان يركب الأسانيد ويضع عليها أحاديث". قال الحافظ في "اللسان": "ورأيت له تصانيف؛ منها كتاب "الاحتراف"، ذكر فيه أحاديث وآثاراً في فضائل التجارة؛ لا أصل لها". ثم ساق له واحداً منها. 4741 - (هل من أحد يمشي على الماء إلا ابتلت قدماه؟! قالوا: لا يا رسول الله! قال: كذلك صاحب الدنيا؛ لا يسلم من الذنوب) . ضعيف رواه البيهقي في "الزهد" (2/ 32/ 1-2) عن سيار بن حاتم: حدثنا هلال بن حق: حدثنا سعيد الجريري والحسن بن ذكوان عن الحسن عن أنس. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سيار بن حاتم؛ قال العقيلي: "أحدايثه مناكير. ضعفه ابن المديني". وقال أبو أحمد الحاكم: "في حديثه بعض المناكير". ولم يوثقه غير ابن حبان. ومع ذلك قال الذهبي: "صالح الحديث، وثقه ابن حبان"! وقال الحافظ: "صدوق، له أوهام"! قلت: وقد خولف في إسناده؛ فقال ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (19/ 2) : حدثني إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا روح بن عبادة عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره بلفظ: الحديث: 4741 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 287 "إنما مثل الدنيا كمثل الماشي في الماء، فهل يستطيع الذي يمشي في الماء أن لا تبتل قدماه؟! ". قلت: وهذا مرسل، وسنده صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير إسحاق - وهو الطالقاني - ثقة. فالصواب في الحديث الإرسال. وقد أشار المنذري (4/ 104) إلى تضعيفه، وعزاه للبيهقي في "الزهد". 4742 - (هلك المتقذرون) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 292-293) ، والخطيب في "التلخيص" (ق 180/ 1) عن إبراهيم بن شعيب (وقال الخطيب: شعيث) عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. وروى الخطيب عن ابن معين أنه قال في إبراهيم هذا: "ليس بشيء". وكذا في "الميزان". وزاد في "اللسان": أن ابن حبان ذكره في "الثقات". ولك يذكر فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 105) جرحاً ولا تعديلاً. وقد وجدت له متابعاً قوياً: يرويه أحمد بن أبي عون: حدثنا عمرو الناقد: حدثنا وكيع: حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 379) وقال: الحديث: 4742 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 288 "تفرد به عبد الله بن سعيد عن أبيه". قلت: وهما ثقتان من رجال الشيخين. ومن دونه ثقات؛ غير أحمد بن أبي عون؛ فإني لم أعرفه. فقد خالفه وكيع إبراهيم بن شعيث في إسناده، فجعله من مسند أبي هريرة، وليس من مسند عائشة. ولا شك أن روايته هي الأرجح؛ بل الصواب؛ لولا أن في الطريق من لم نعرفه. والله أعلم. 4743 - (هن أغلب) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (948) ، وأحمد (6/ 294) عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس عن أبيه (وقال أحمد: أمه) عن أم سلمة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجرة أم سلمة، فمر بين يديه عبد الله - أو عمر - ابن أبي سلمة، فقال بيده، فرجع، فمرت زينب بنت أم سلمة، فقال بيده هكذا، فمضت! فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سواء كان عن أبي محمد: قيس أو أمه؛ فإنهما لا يعرفان، كما قال البوصيري. الحديث: 4743 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 289 4744 - (الهدية تذهب بالسمع والبصر) . ضعيف جداً رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (12/ 1) عن الفضل عن أبان عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان - وهو ابن أبي عياش - متروك. الحديث: 4744 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 289 ومثله الفضل - وهو ابن المختار -؛ قال أبو حاتم: "أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل". ومن طريقه: أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ لكن جعله من مسند عصمة بن مالك؛ كما في "المناوي" نقلاً عن الهيثمي. ورواه يحيى بن العلاء البجلي: أخبرنا الضحاك بن عثمان قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن أبي هريرة مرفوعاً به. أخرجه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في "الفوائد" (2/ 228/ 1) . لكن البجلي كذاب. 4745 - (الهدية تعور عين الحكيم) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 120-121) عن عبد الله بن عبد العزيز عن الثوري عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الوهاب بن مجاهد؛ قال الحافظ: "متروك. وكذبه الثوري". وعبد الله بن عبد العزيز؛ الظاهر أنه ابن أبي رواد؛ قال أبو حاتم وغيره: "أحاديثه منكرة". وقال ابن الجنيد: "لا يساوي شيئاً، يحدث بأحاديث كذب". وضعفه غيرهما. الحديث: 4745 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 290 4746 - (وأي وضوء أفضل من الغسل؟!) . ضعيف مرفوعاً أخرجه الطبراني (3/ 199/ 2) ، والحاكم (1/ 153-154) عن محمد بن عبد الله بن بزيع: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا عبيد الله (1) بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الوضوء بعد الغسل؟ فقال ... فذكره. وقال الحاكم: "محمد بن عبد الله بن بزيع ثقة، وقد أوقفه غيره"! قال الذهبي عقبه: "قلت: وهو الصواب". قلت: لم أقف على من تابعه في روايته عن عبد الأعلى ... ولو موقوفاً، حتى أتمكن من الترجيح في هذه الطريق. وأما من غيرها؛ فقد وجدته موقوفاً من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان يقول: وأي وضوء أتم من الغسل إذا اجتنب الفرج؟! أخرجه البيهقي (1/ 178) . قلت: وإسناده صحيح.   (1) كذا في نسخة " المستدرك "، وفي رواية أخرى: " عبد الله " مكبّراً، وهي التي اعتمدها المحقق، مع أن النسخة الأولى مطابقة لما في " تلخيص المستدرك "، والأخرى موافقة لما في " مصنف عبد الرزاق " كما يأتي. الحديث: 4746 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 291 وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1038) : أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم قال: كان أبي يغتسل ثم يتوضأ؛ فأقول: أما يجزيك الغسل؟! وأي وضوء أتم من الغسل؟! قال: وأي وضوء أتم من الغسل للجنب؟ ولكنه يخيل إلي أنه يخرج من ذكري الشيء، فأمسه، فأتوضأ لذلك. ورأيته عنده من الطريق الأولى موقوفاً أيضاً، فقال عبد الرزاق (1039) : عن ابن جريج قال: أخبرني نافع عن ابن عمر كان يقول: "إذا لم تمس فرجك بعد أن تقضي غسلك؛ فأي وضوء أسبغ من الغسل؟! قلت: وعبد الله بن عمر - وهو العمري - المكبر ضعيف. وأما عبيد الله بن عمر المصغر؛ فهو ثقة، وقد اختلفت نسخ "المستدرك" فيه، فوقع في بعضها مصغراً، وفي بعضها مكبراً، ولعل هذا هو الأرجح؛ لمطابقته لرواية "المصنف". وهذا مما يوهن في صحته مرفوعاً، ويؤكد ذلك رواية ابن جريج عن نافع موقوفاً. وكذلك رواه غنيم بن قيس عن ابن عمر: سئل عن الوضوء بعد الغسل؟ فقال: وأي وضوء أعم من الغسل؟! أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 68) . قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 292 وبالجملة؛ فالحديث لا يصح مرفوعاً: أما على اعتبار أن الذي رفعه هو عبد الله المكبر؛ فواضح. وأما على اعتبار أنه المصغر؛ فالعلة الشذوذ والمخالفة لرواية ابن جريج عن نافع، ولرواية الزهري عن سالم؛ كلاهما عن ابن عمر، ولرواية غنيم بن قيس عنه. وبذلك تأكدنا من صحة قول الذهبي المتقدم: "وقفه هو الصواب". 4747 - (وددت أن (تبارك) الملك في قلب كل مؤمن) . ضعيف جداً أخرجه السراج في "حديثه" (ق 188/ 1 و 198/ 2) ، وعنه أبو محمد المخلدي في "الفوائد" (267/ 1) ، وكذا القزويني الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 201) ، والحاكم (1/ 565) ، وابن عساكر في "التاريخ" (8/ 451/ 1) من طريق حفص بن عمر: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح"! وأقره المنذري في "الترغيب" (2/ 223) ! وأما الذهبي فره بقوله: "قلت: حفص واه". قلت: وهو ابن ميمون العدني الملقب بالفرخ. وقال الحافظ: "ضعيف". لكن تابعه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه به. الحديث: 4747 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 293 أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 129/ 1) . وإبراهيم بن الحكم ضعيف أيضاً؛ كما في "التقريب". لكن ضعفه البخاري جداً؛ بقوله: "سكتوا عنه". وقال النسائي وغيره: "ليس بثقة". فلا يستشهد به. والله أعلم. وأبوه الحكم بن أبان صدوق عابد، وله أوهام. 4748 - (وزن حبر العلماء بدم الشهداء، فرجح عليهم) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 193) عن محمد بن الحسن العسكري: أخبرنا العباس بن يزيد البحراني قال: أخبرنا إسماعيل بن علية: قال أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: هذا موضوع؛ آفته العسكري؛ ساقه الخطيب في ترجمته، وقال: "وكان غير ثقة، يروي الموضوعات عن الثقات". ثم ساق له حديثاً آخر، لوائح الوضع عليه ظاهرة كهذا. ثم قال: "رجال هذين الحديثين كلهم ثقات؛ غير محمد بن الحسن، ونرى الحديثين مما صنعت يداه". وقال الذهبي: "اتهمه الخطيب بأنه يضع الحديث. قلت: وهو الذي انفرد برواية كتاب "الحيدة"، رواه عنه أبو عمرو بن السماك. ورأيت له حديثاً رجال إسناده ثقات الحديث: 4748 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 294 سواه - وهو كذب - في فضل عائشة رضي الله عنها. ويغلب على ظني أنه هو الذي وضع كتاب "الحيدة"؛ فإني لأستبعد وقوعه جداً". قال الحافظ في "اللسان": "ووجه استبعاد المصنف كتاب "الحيدة": أنه يشتمل على مناظرات أقيمت فيها الحجة لتصحيح مذهب أهل السنة عند المأمون، والحجة [في] قول صاحبها، فلو كان الأمر كذلك؛ ما كان المأمون يرجع إلى مذهب الجهمية، ويحمل الناس عليه، ويعاقب على تركه، ويهدد بالقتل وغيره، كما هو معروف في أخباره في كتب المحنة". وقال أيضاً في حق المترجم: "قال ابن السمعاني: كان يضع الحديث". 4749 - (وفروا اللحى، وخذوا من الشوارب، وانتفوا الآرباط، واحذروا الفلقتين) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (404) عن بشر بن الوليد: أخبرنا سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن يحيى إلا سليمان". قلت: وهو متروك. وبشر بن الوليد صدوق؛ لكنه كان قد خرف؛ كما قال صالح جزرة. والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (5/ 168) بهذا اللفظ، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سليمان بن داود اليمامي؛ وهو ضعيف". ومن رواية الطبراني: أورده السيوطي في "الجامع"، لكن بلفظ: الحديث: 4749 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 295 "وقصوا الأظافير"! بدل: "واحذروا الفلقتين". فلا أدري أهو وهم من السيوطي، أم رواية الطبراني؟! والله أعلم. والشطر الأول من الحديث صحيح، ورد من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى: خالفوا المجوس". أخرجه مسلم (1/ 153) . وقد سبق تحت الحديث (2107) . 4750 - (وقت العشاء؛ إذا ملأ الليل بطن كل واد) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 17/ 2) عن قطن بن نسير: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وقت العشاء؟ قال: "إذا ... " الحديث. وقال: "لم يروه عن محمد إلا جعفر". قلت: وهما ثقتان على شرط مسلم، وكذلك من دونهما؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - متابعة. وعلى ضعف في قطن بن نسير من قبل حفظه، وقد خولف كما يأتي. ويحيى بن عبد الرحمن: هو ابن حاطب بن بلتعة المدني. وقد أخرجه الديلمي (4/ 130) معلقاً على أبي نعيم: حدثنا محمد بن الحديث: 4750 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 296 حميد: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا الصلت بن مسعود: حدثنا جعفر بن سليمان: حدثنا عمرو بن علقمة: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه مرفوعاً! هكذا وقع إسناده فيه، وأظن أن فيه تحريفاً في موضعين: الأول: قوله: محمد بن عبد الرحمن بن حاطب! والصواب: يحيى بن عبد الرحمن ... ؛ كما تقدم عند الطبراني؛ وليس في الرواة: محمد بن عبد الرحمن ابن حاطب. والآخر: عمرو بن علقمة! صوابه: محمد بن عمرو بن علقمة. وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف. ومثله - بل أدنى منه -: محمد بن حميد؛ وهو الرازي. والحديث؛ قال الهيثمي (1/ 313) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال (الصحيح) "! وخولف جعفر بن سليمان الضبعي في إسناده؛ فقال الإمام أحمد في "مسنده" (5/ 365) : حدثنا يزيد: حدثنا محمد - يعني: ابن عمرو - عن عبد العزيز بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن رجل من جهينة قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: متى أصلي العشاء الآخرة؟ قال: "إذا ... " الحديث. ويزيد هذا: هو ابن هارون، وهو ثقة من رجال الشيخين. قلت: وهذا اختلاف شديد في السند والمتن كما هو ظاهر؛ ولذلك لم ينشرح الصدر لتقوية الحديث بهذه الطرق. والله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 297 4751 - (وقروا من تعلمون منه العلم، ووقروا من تعلمون العلم) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 121) عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن نافع عن ابن عمر رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأنصاري هذا؛ قال أحمد: "كان أعمى يضع الحديث". وقال الحاكم: "روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات". الحديث: 4751 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 298 4752 - (ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 341) ، والبيهقي (6/ 259) عن حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن رجل من أهل الشام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل الشامي؛ فلم أعرفه، وهو إما تابعي كبير؛ فيكون مرسلاً، وإما صحابي؛ فيكون مسنداً. وعلى الأول؛ فهو ضعيف. وعلى الآخر صحيح؛ لأن الجهالة في الصحابة لا تضر. ولكن ليس لدينا ما يرجح أحدهما على الآخر، بل ظاهر رواية سفيان الثوري عن داود بن أبي هند: حدثني عبد الله بن عبيد الأنصاري قال: كتبت إلى أخ لي من بني زريق: لمن قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بولد الملاعنة؟ فقال: قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمه؛ قال: الحديث: 4752 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 298 "هي بمنزلة أبيه ومنزلة أمه". أخرجه البيهقي. قلت: فقوله: (أخ لي) ظاهر أنه تابعي مثله. ولعله لذلك قال البيهقي: "وهذا منقطع"؛ أي: مرسل. 4753 - (وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 230) ، وأحمد (4/ 286) عن أبي بكر بن عياش: حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال: فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة؛ قال: "اجعلوا حجكم عمرة". قال: فقال الناس: يا رسول الله! قد أحرمنا بالحج؛ فكيف نجعلها عمرة؟! قال: "انظروا ما آمركم به فافعلوا". فردوا عليه القول! فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟! قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة أبي إسحاق واختلاطه؛ قال البوصيري في "زوائده" (183/ 2) : "رجاله ثقات؛ إلا أن فيه أبا إسحاق - واسمه عمرو بن عبد الله - اختلط بآخره. ولم [يتبين] حال أبي بكر بن عياش؛ هل روى عنه قبل الاختلاط أو بعده؟ فيوقف حديثه حتى يتبين حاله. رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" عن أبي بكر بن عياش به". الحديث: 4753 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 299 4754 - (وهبت لخالتي غلاماً، ونهيت أن تجعله حجاماً) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 298) عن محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن رجل من بني سهم عن علي بن ماجدة سمع عمر رضي الله عنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. ومن طريق أخرى عن ابن إسحاق عن العلاء عن أبي ماجدة عن عمر به وقال: "لم يصح إسناده". ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (1/ 17) ، وأبو داود (3430-3432) . وصرح ابن إسحاق بالتحديث عندهما، وأسقط أبو داود الرجل السهمي من إسناده؛ كما في رواية البخاري الثانية. وعلة الحديث: الاضطراب في إسناده. وجهالة علي بن ماجدة؛ قال الحافظ فيه: "مجهول". وقال الذهبي: "ذكره البخاري في "الضعفاء" ... ". والحديث؛ رواه الطبراني من حديث جابر مرفوعاً نحوه؛ قال الهيثمي (4/ 93) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، وهو متروك". قلت: ولم أره في ترجمة جابر بن عبد الله، ولا في ترجمة غيره ممن يسنى جابراً من "المعجم الكبير"؛ فلعله أورده في ترجمة أخرى لمناسبة ما؛ فإنه قد يفعل ذلك أحياناً (1) .   (1) نعم؛ رواه فيه (24 / 439) في مسند فاختة بنت عمرو رضي الله عنها. (الناشر) الحديث: 4754 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 300 4755 - (ويح الفراخ فراخ آل محمد؛ من خليفة مستخلف مسرف) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 133) من طريق أبي نعيم عن المقدمي: حدثنا عبد الله بن جعفر عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة عن سلمة بن الأكوع رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيدة. وعبد الله بن جعفر؛ الظاهر أنه ابن المديني، وهو ضعيف أيضاً. الحديث: 4755 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 301 4756 - (ويل للعالم من الجاهل، وويل للجاهل من العالم) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 135) عن محمد بن مصعب عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس رفعه. قلت: وهذا سند ضعيف؛ المبارك بن فضالة مدلس؛ وقد عنعنه. ومحمد بن مصعب - وهو القرقساني - فيه ضعف من قبل حفظه. الحديث: 4756 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 301 4757 - (ويل للمالك من المملوك، وويل للمملوك من المالك، وويل للغني من الفقير، وويل للفقير من الغني، وويل للشديد من الضعيف، وويل للضعيف من الشديد) . ضعيف رواه أبو يعلى (7/ 4009) ، وأبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (183/ 1) ، وابن بشران في "الأمالي" (25/ 91/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 55) ، وأبو طاهر القرشي في "حديث أبي عبد الله بن مروان الأنصاري" (1/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 416/ 2) من طرق عن أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع عن الأعمش عن أنس مرفوعاً. الحديث: 4757 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 301 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الأعمش وأنس؛ فإنه لم يثبت له منه سماع، كما في "التهذيب". وأبو شهاب عبد ربه؛ وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد قال الحافظ: "صدوق يهم". والحديث؛ قال الهيثمي: "رواه البزار عن شيخه محمد بن الليث (1) ، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطىء ويخالف. وبقية رجاله رجال "الصحيح". ورواه أبو يعلى وغيره". كما في "فيض القدير"! لكن قال الحافظ: "وهذا الذي قال فيه ابن حبان ما قال؛ وجدت له خبراً موضوعاً، رواه بسند "الصحيح" عن ابن عمر ... ". وقال الذهبي: "لا يدرى من هو، وأتى بخبر موضوع ... قال السليماني: فيه نظر". 4758 - (ويل للمتألين من أمتي الذين يقولون: فلان في الجنة، وفلان في النار) . ضعيف رواه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 191) ، وابن بطة في "الإبانة" (6/ 60/ 1) بسند صحيح عن ليث عن زيد عن جعفر العبد ي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث: هو ابن أبي سليم، كان قد اختلط.   (1) وأخرجه من طريق أخرى عن حذيفة (3441) . الحديث: 4758 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 302 وزيد: هو ابن أرطأة الدمشقي؛ ثقة عابد، وهو تابعي صغير. وجعفر العبد ي: هو ابن زيد؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 480) : "روى عن أنس. روى عن صالح المري، وسلام بن مسكين، وحماد بن زيد. قال أبي: ثقة". قلت: فالحديث مرسل؛ فهو علة أخرى نبه السيوطي عليها؛ فإنه قال في "الجامع الصغير": "تخ - عن جعفر العبد ي مرسلاً". 4759 - (ويل لمن استطال على مسلم، فانتقص حقه، ويل له - ثلاثاً -) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 143) ، وعنه الديلمي (4/ 133) من طريق محمد بن محمد بن عبد الله: حدثنا شعيب بن حرب: حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رفعه. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الثوري، تفرد به شعيب، وبشر بن إبراهيم الأنصاري". قلت: الأنصاري هذا ممن يضع الحديث؛ وهو ليس في هذا الإسناد، وإنما ذكره أبو نعيم متابعاً لشعيب. وأما شعيب الذي في الإسناد؛ فهو ثقة. لكن الرواي عنه محمد بن محمد بن عبد الله؛ لم أجد له ترجمة؛ فهو آفة هذا الإسناد. والله أعلم. الحديث: 4759 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 303 4760 - (الورع: الذي يقف عند الشبهة) . موضوع رواه ابن أبي الدنيا في "الورع" (162/ 1) ، وعنه الأصبهاني في "الترغيب" (327/ 2) : حدثنا القاسم بن هاشم قال: حدثنا الخطاب بن عثمان الفوزي قال: حدثنا عبيد الله بن القاسم الأسدي قال: حدثني العلاء بن ثعلبة الأسدي عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع قال: قلت: يا رسول الله! من الورع؟ قال: "الذي ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ العلاء بن ثعلبة مجهول. وعبيد الله؛ كذا وقع في هذه الرواية؛ وإنما هو عبيد بن القاسم الأسدي؛ وهو كذاب. والحديث؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 294) مطولاً، وقال: "رواه أبو يعلى، والطبراني، وفيه عبيد بن القاسم، وهو متروك". الحديث: 4760 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 304 4761 - (الورود الدخول؛ لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً [كما كانت] على إبراهيم، حتى إن للنار - أو قال: لجهنم - ضجيجاً من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً) . ضعيف رواه البيهقي في "الشعب" (1/ 336/ 370) ، وعبد الغني المقدسي في "جزء ذكر النار" (225/ 2) عن أبي صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية قال: اختلفنا ههنا بالبصرة في الورود؛ فقال قوم: لا يدخلها مؤمن. وقال قوم: الحديث: 4761 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 304 يدخلونها ثم ينجي الله الذين اتقوا. فأتيت جابر بن عبد الله، فسألته فقلت له: اختلفنا فيه بالبصرة، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن. وقال آخرون: يدخلونها جميعاً ثم ينجي الله الذين اتقوا. فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. ومن هذا الوجه: رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (119/ 1-2) ، وأحمد (3/ 328-329) . وقال في "الترغيب" (4/ 212) : "رواه أحمد، ورواته الثقات، والبيهقي بإسناد حسنه"! ورواه الحاكم (4/ 587) ؛ لكنه قال - بدل (أبي سمية) -: (منية الأزدية عن عبد الرحمن بن شبية) ، ولم يذكر جابراً، مع أن عبد الرحمن هذا تابعي كـ (مُنية) ؛ وهي مجهولة. ومع ذلك قال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!! فلعل في إسناده زيادة ونقصاً. ورجال إسناد الحديث ثقات معروفون؛ غير أبي سمية؛ فأورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 388) بهذه الرواية؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي في "الميزان": "مجهول". وأما ابن حبان فأورده في "الثقات" (1/ 302) من هذه الرواية أيضاً - وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 132) - بعدما عزاه لأحمد -: "غريب". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 305 ومع هذه الجهالة والغرابة؛ تجرأ الشيخ الرفاعي، فقال بغير علم - كعادته - في فهرس "مختصره" (2/ 622) : "صحيح"! وأما قول البيهقي عقب الحديث: "هذا إسناد حسن، ذكره البخاري في "التاريخ"، وشاهده الحديث الثابت عن أبي الزبير عن جابر عن أم مبشر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله"! قلت: فهو مردود من الناحيتين: السند، والشهادة: أما السند: فقد عرفت أن فيه جهالة، وذكر البخاري إياه في "التاريخ" لا يعطيه قوة، والأمر أوضح من أن يحتاج إلى بيان. وأما الشهادة: فهي قاصرة؛ لأن حديث أم مبشر ليس فيه إلا ما يفهم منه أن الورود بمعنى الدخول، لا شيء غير ذلك. انظر "صحيح مسلم" (7/ 196) . 4762 - (الوضوء شطر الإيمان، والسواك شطر الوضوء) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 170) : حدثنا وكيع: حدثنا عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية قال ... فذكره موقوفاً عليه لم يرفعه، لكن تمامه يشعر بأنه مرفوع؛ فإنه قال: "ولولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (1) ، ركعتان يستاك فيهما العبد؛ أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه مرسل.   (1) وقد صحَّت هذه الفقرة؛ انظر " صحيح الترغيب " (رقم: 205) . الحديث: 4762 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 306 والشطر الأول منه؛ قد جاء موصولاً من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعاً بلفظ: "الطهور شطر الإيمان". أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "تخريج مشكلة الفقر" (59) . 4763 - (الوضوء قبل الطعام حسنة، وبعد الطعام حسنتان) . موضوع أخرجه الديلمي (4/ 143) عن الحاكم بسنده عن عيسى بن إبراهيم: حدثنا الحكم بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الحكم بن عبد الله؛ وهو كذاب هالك. وعيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي - متروك. ونحو هذا الحديث: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "الوضوء قبل الطعام وبعده؛ مما ينفي الفقر، وهو من سنن المرسلين". قال الهيثمي (5/ 24) : "وفيه نهشل بن سعيد، وهو متروك". وكذا قال الحافظ، وزاد: "وكذبه إسحاق بن راهويه". وروى الدولابي (2/ 99) عن معاذ بن رفاعة قال: سمعت أبا محمد عبد الرحمن ابن إبراهيم قال: الحديث: 4763 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 307 الوضوء قبل الطعام وبعد الطعام؛ يورث الغني، وينفي الفقر. وأبو محمد هذا؛ لم أعرفه، وهو تابعي؛ فإن معاذ بن رفاعة تابعي صغير. 4764 - (الولد ثمرة القلب، وإنه مجبنة، مبخلة، محزنة) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (1/ 290) ، والبزار (1892 - كشف) عن ابن أبي ليلى عن العوفي عن أبي سعيد مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ العوفي هو عطية بن سعد، وهو ضعيف مدلس. وابن أبي ليلى: اسمه محمد بن عبد الرحمن، وهو سيىء الحفظ. والحديث؛ إنما أوردته من أجل قوله: "ثمرة القلب"؛ وإلا فسائره له شواهد؛ فانظر "صحيح الجامع الصغير" (1985 و 1986) ، وأوردت حديث الترجمة في "ضعيف الجامع الصغير" (6178) . الحديث: 4764 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 308 4765 - (الولد من ريحان الجنة) . ضعيف رواه ابن عدي (211/ 2) عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال: "حديث غير محفوظ". قلت: وعلته شيئان: الأول: ضعف ابن لهيعة. والآخر: العنعنة في سلسلة السند؛ فإن الوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية. الحديث: 4765 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 308 والحديث؛ عزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن خولة بنت حكيم؛ وقد مضى من رواية الترمذي وغيره عنها بلفظ: ".. وإنكم لمن ريحان الله". انظر الحديث (3214) . 4766 - (لا أشتري شيئاً ليس عندي ثمنه) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 85) ، وأحمد (1/ 235) ، والضياء في "المختارة" (65/ 52/ 1) عن وكيع: حدثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قدمت عير المدينة، فاشترى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فربح أواقي، فقسمها في أرامل عبد المطلب، وقال ... فذكره. وقال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد عن شريك عن سماك عن عكرمة رفعه. قلت: لم يذكر ابن عباس في إسناده؛ فأرسله. وهو ضعيف موصولاً ومرسلاً؛ لأن مداره على شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي؛ وهو ضعيف لسوء حفظه. وقد أخرجه الحاكم (2/ 24) ، والطبراني (3/ 134/ 1) عن سعيد بن سليمان الواسطي: حدثنا شريك به موصولاً. وقال الحاكم: "صحيح"! ووافقه الذهبي! وقد أشار البخاري إلى ضعف الحديث بقوله في "الصحيح": الحديث: 4766 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 309 "باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته". قال الحافظ في "شرحه" (5/ 41) : "أي: فهو جائز. وكأنه يشير إلى ضعف ما جاء عن ابن عباس مرفوعاً: "لا أشتري ما ليس عندي ثمنه". تفرد به شريك عن سماك، واختلف في وصله وإرساله". 4767 - (لا أعافي أحداً قتل بعد أخذه الدية) . ضعيف أخرجه الطيالسي (1/ 296) : حدثنا حماد بن سلمة عن مطر الوراق عن رجل عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مطر الوراق؛ فيه ضعف. والرجل لم يسم. لكن رواه أبو داود (2/ 245) ، وأحمد (3/ 363) من طريقين آخرين عن حماد ابن سلمة به؛ إلا أنه زاد فقال: عن رجل أحسبه الحسن. والحسن هذا: هو البصري، فإن كان الوراق قد حفظه؛ فهو مدلس؛ وقد عنعنه. الحديث: 4767 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 310 4768 - (لا اعتكاف إلا بصيام) . ضعيف أخرجه الدارقطني (ص 247) ، والحاكم (1/ 441) ، وعنه البيهقي (4/ 317) عن سويد بن عبد العزيز: حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال الدارقطني: "تفرد به سويد عن سفيان بن حسين". وقال الحاكم مشيراً إلى تضعيفه: "لم يحتج الشيخان بسفيان بن حسين". الحديث: 4768 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 310 يعني: في روايته عن الزهري خاصة، وإلا؛ فهو حجة عندهما وعند الآخرين في روايته عن غيره. وقال البيهقي: "وهذا وهم من سفيان بن حسين، أو من سويد بن عبد العزيز. وسويد بن عبد العزيز الدمشقي ضعيف بمرة، لا يقبل منه ما تفرد به". وقال فيه الحافظ في "التقريب": "لين الحديث". قلت: والمحفوظ عن عائشة بلفظ: ... والسنة فيمن اعتكف أن يصوم. أخرجه أبو داود (1/ 387) ، والبيهقي (4/ 320) من طريقين آخرين عن الزهري عن عروة بن الزبير عنها. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه الدارقطني من طريق ابن جريج: أخبرني الزهري - عن الاعتكاف وكيف سنته - عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عنها. وسنده صحيح أيضاً. 4769 - (لا بأس بالحديث قدمت فيه أو أخرت؛ إن أصبت معناه) . موضوع رواه ابن عساكر (17/ 358/ 1) عن الأحوص بن المفضل: حدثنا أبي قال: وحدثني أبو نعيم النخعي: أخبرنا العلاء بن كثير أبو سعيد الشامي عن مكحول قال: خرجنا إلى واثلة بن الأسقع؛ فقلنا: يا أبا الأسقع! حدثنا بحديث غض، لا الحديث: 4769 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 311 تقدم فيه ولا تؤخر؛ حتى كأنا نسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فغضب الشيخ أو أجلس فقال: ما منكم من أحد قام في ليلته هذه بشيء من القرآن؟ فقلنا: ما منا إلا من قد قام بما رزقه الله من ذلك. قال: فكان أحدكم حالفاً ما قدم حرفاً حرفاً من كتاب الله ولا أخره؟! إنا قد كنا أمسكنا عن الأحاديث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعناه يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، بل موضوع؛ آفته العلاء بن كثير هذا؛ قال الحافظ: "متروك؛ رماه ابن حبان بالوضع". وقال أبو زرعة: "ضعيف الحديث، واهي الحديث، يحدث عن مكحول عن واثلة بمناكير". وقال البخاري وغيره: "منكر الحديث". وقد خالفه العلاء بن الحارث، فرواه عن مكحول به موقوفاً على واثلة مختصراً. أخرجه الدارمي (1/ 93) ، والخطيب في "الكفاية" (ص 204) . قلت: وهذا هو الصواب، موقوف، ورفعه باطل. والعلاء بن الحارث ثقة فقيه، لكنه كان اختلط. 4770 - (لا بأس بتعليق التعويذ من القرآن قبل نزول البلاء، وبعد نزول البلاء) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 204) عن أبي نعيم بسنده عن هاشم بن عمرو البيروتي: حدثني سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 4770 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 312 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان بن أبي كريمة؛ ضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: "عامة أحاديثه مناكير". وعمرو البيروتي: هو ابن هاشم؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وابنه هاشم بن عمرو؛ لم أجد له ترجمة. 4771 - (لا تأذن امرأة في بيت زوجها إلا بإذنه، ولا تقوم من فراشها فتصلي تطوعاً إلا بإذنه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 149/ 1) عن عبد الله بن الأجلح عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - ضعيف. لكن الشطر الأول من الحديث صحيح؛ له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً به، في حديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2121) ، وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (1966 - موارد) مقتصراً على هذا الشطر. الحديث: 4771 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 313 4772 - (لا تبتئسي على حميمك؛ فإن ذلك من حسناته) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 443) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي عن عطاء عن عائشة: الحديث: 4772 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 313 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، وعندها حميم لها يخنقه الموت، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بها قال لها ... فذكره. وقال البوصيري في "زوائده" (90/ 2) : "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، والوليد - وإن كان يدلس -؛ فقد صرح بالتحديث، فزالت تهمة تدليسه"! كذا قال! وكأنه ذهل عن كون تدليس الوليد بن مسلم ليس من هذا النوع الذي تزول شبهة تدليسه لمجرد تصريحه هو فقط بالتحديث عن شيخه؛ فإنه كان يدلس تدليس التسوية كما قال الحافظ في "التقريب"؛ اعتماداً منه على من تقدمه من الأئمة؛ منهم الدارقطني، قال: "كان الوليد يرسل؛ يروي عن الأوزاعي أحاديث، [هي] عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء؛ قد أدركهم الأوزاعي، فيسقط أسماء الضعفاء، ويجعلها عن الأوزاعي عن نافع، وعن عطاء". وقال الهيثم بن خارجة: "قلت للوليد: قد أفسدت حديث الأوزاعي عن الزهري! قال: كيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع: عبد الله بن عامر، وبينه وبين الزهري: إبراهيم بن مرة وقرة وغيرهما؛ فما يحملك على هذا؟ قال: أنبل الأوزاعي عن هؤلاء! قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء - وهم ضعفاء - أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات؛ ضعف الأوزاعي! قال: فلم يلتفت إلى قولي"! قلت: فهذا هو تدليس الوليد؛ أنه يسقط شيخ شيخه الأوزاعي الذي بينه وبين شيخ شيخ الأوزاعي، وهو هنا عطاء، فحتى يكون الحديث سالماً من شبهة تدليسه؛ فلا بد من التصريح بالتحديث بين الأوزاعي وعطاء، وهذا غير موجود في إسناد هذا الحديث، فهو ضعيف غير صحيح. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 314 ثم إن الراوي عن الوليد - هشام بن عمار -؛ فيه ضعف أيضاً؛ قال الحافظ: "صدوق، مقرىء، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح". 4773 - (لا تجار أخاك ولا تشاره) . ضعيف رواه الخطابي في "الغريب" (65/ 2) : حدثنيه عبد العزيز بن محمد: أخبرنا ابن الجنيد: أخبرنا عبد الوارث: أخبرنا عبد الله عن أبي بكر بن أبي مريم عن حريث بن عمرو يرفعه. وقال: "قوله: لا تجار: هو من الجراء في الخيل، وهو أن يتجارى الرجلان للمسابقة، يقول: لا تطاوله ولا تغالبه. وقوله: لا تشاره؛ أي: لا تلاجه، يقال: قد استشرى الرجل: إذا لج في الأمر". قلت: وإسناده ضعيف منقطع، أبو بكر بن أبي مريم؛ قال الحافظ: "ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط، من السابعة". والحديث؛ عزاه السيوطي لابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة" عن حريث؛ وزاد: "ولا تماره". قال المناوي: "حريث - مصغر حارث - المخزومي، له صحبة". الحديث: 4773 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 315 4774 - (لا تجوزوا الوقت إلا بإحرام) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 153) عن عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ خصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري - ضعيف الحديث: 4774 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 315 لسوء حفظه؛ قال الذهبي في "المغني": "ضعفه أحمد وغيره". 4775 - (لا تزوجن عجوزاً ولا عاقراً؛ فإني مكاثر) . ضعيف رواه الحربي في "غريب الحديث" (5/ 175/ 1) ، والخطيب (4/ 44) ، والواحدي في "الوسيط" (3/ 115/ 2) عن عمرو بن الوليد قال: سمعت معاوية ابن يحيى يحدث عن يزيد بن جابر عن جبير بن نفير عن عياض بن غنم الأشعري مرفوعاً: "يا عياض بن غنم الأشعري! لا ... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاوية بن يحيى؛ اثنان كلاهما دمشقي: أحدهما أبو روح الصدفي، والآخر أبو مطيع الطرابلسي، وكلاهما ضعيف. ثم تبين أنه الأول منهما؛ فقد أخرجه الحاكم (3/ 290) من الوجه المذكور عنه مصرحاً بأنه الصدفي. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: معاوية ضعيف". الحديث: 4775 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 316 4776 - (لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته، ولا تسأله عمن يعتمد من إخوانه ولا يعتمدهم، ولا تنم إلا على وتر) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 612) ، وابن نصر (ص 117) ، والحاكم (4/ 175) ، وأحمد (1/ 20) عن أبي عوانة: حدثنا داود بن عبد الله الأودي عن عبد الرحمن المسلي عن الأشعث بن قيس قال: الحديث: 4776 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 316 تضيفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقام في بعض الليل امرأته فضربها، ثم ناداني: يا أشعث! قلت: لبيك! قال: احفظ عني ثلاثاً حفظتهن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. والسياق للحاكم. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! كذا قال! مع أنه قال في ترجمة المسلي هذا من "الميزان": "لا يعرف إلا في هذا الحديث، تفرد عنه داود بن عبد الله الأودي". (تنبيه) : لم ترد الفقرة الثانية عند ابن نصر، وأشار إليها الراوي عند ابن ماجه وأحمد بقوله: ونسيت الثالثة. 4777 - (لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها من مسيرة أربعين عاماً) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 632) ، وعنه الضياء في "المختارة" (63/ 10/ 1) عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري في "زوائده" (124/ 4 و 128/ 2) ؛ وعلته جعفر هذا وعمه؛ قال الذهبي: "قال ابن المديني، مجهول. قلت: وعمه لين". (الكنه) : جوهر الشيء وغايته. الحديث: 4777 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 317 4778 - (لا تسبوا الأئمة، وادعوا لهم بالصلاح؛ فإن صلاحهم لكم صلاح) . ضعيف جداً رواه أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان البصري في "جزء من الأمالي" (143/ 1) عن محمد بن عبيد البخاري قال: أخبرنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعاً. ورواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 194/ 1-2) : حدثنا أحمد: أخبرنا عبد الملك بن عبد ربه الطائي: أخبرنا موسى بن عمير به. وقال: "لم يروه عن مكحول إلا موسى، تفرد به عبد الملك". قلت: قال الذهبي: "منكر الحديث، وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع". قلت: لكنه لم يتفرد به كما تشهد رواية "الأمالي" عن محمد بن عبيد البخاري. لكنى لم أجد لابن عبيد هذا ترجمة! وموسى بن عمير: هم الأعمى القرشي؛ وهو ضعيف جداً. وفي "التقريب": "متروك، وقد كذبه أبو حاتم". والحديث؛ قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 248-249) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" عن شيخه الحسين بن محمد بن مصعب الأشناني؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! الحديث: 4778 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 318 فهذا الكلام لا ينطبق على إسناد "الأوسط" من ناحيتين: الأولى: أن شيخ الطبراني فيه ليس هو الحسين؛ بل أحمد، ولم أعرفه (1) . وقد تابعه أبو الفضل العباس بن أحمد الوشا عند الخطيب (12/ 151) . وقال: "كان أحد الشيوخ الصالحين". الثانية: أن بقية رجاله ليسوا كلهم ثقات كما علمت؛ فلعل الهيثمي يعني بهذا الكلام إسناد "الكبير"، وإني لأستبعد أن يكون من طريق غير طريق موسى ابن عمير! والله أعلم. ثم تأكدت مما استبعدته بعد أن طبع "المعجم الكبير" للطبراني، فوجدت الحديث قد أخرجه فيه (8/ 158/ 7609) عن شيخه الأشناني فقال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب الأشناني - بالكوفة -: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي: حدثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة به مرفوعاً. وبهذا الإسناد: أخرجه في "مسند الشاميين" أيضاً (ص 656) . وقد كشف لنا هذا الإسناد عن الحقائق الآتية: الأولى: أن (البخاري) في سند أبي سعد البصري محرف من (المحاربي) ! وحينئذ؛ فمحمد بن عبيد المحاربي ثقة من رجال "التهذيب"؛ فهو متابع قوي للطائي. الثانية: أن شيخ الطبراني في "معجمه الكبير" هو غير شيخه في "معجمه الأوسط"؛ خلافاً لما يوهمه كلام الهيثمي.   (1) قد نقل الشيخ - رحمه الله - توثيقه في " الإرواء " (6 / 239) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 319 الثالثة: أن مدار إسناد الحديث - عند جميع مخرجيه - إنما هو على موسى بن عمير، وقد عرفت أنه شديد الضعف. 4779 - (لا تسبوا أهل الشام؛ فإن فيهم الأبدال) . ضعيف أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/ 321-322 ط) عن الوليد ابن مسلم، ومن طريق الطبراني بسنده عن زيد بن أبي الزرقاء قالا: أخبرنا ابن لهيعة: حدثني عياش بن عباس عن عبد الله بن زرير قال: قال علي بن أبي طالب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تكون في آخر الزمان فتنة؛ يخلص الناس فيها كما يخلص الذهب في المعدن - قال علي: وما أدري يومئذ ما المعدن؟ -؛ فلا تسبوا أهل الشام، ولكن سبوا شرارهم؛ فإن منهم الأبدال". وليس في رواية الطبراني: قال علي: وما أدري يومئذ ما المعدن؟ وقال ابن عساكر: "قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث إلا زيد بن أبي الزرقاء". هذا وهم من الطبراني؛ فقد رواه الوليد بن مسلم أيضاً عن ابن لهيعة كما تقدم. ورواه الحارث بن يزيد المصري عن عبد الله بن زرير الغافقي المصري فوقفه على علي، ولم يرفعه". ثم أخرجه ابن عساكر، وكذا الحاكم (4/ 553) من طريقين عن الحارث بن يزيد موقوفاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا موقوفاً. الحديث: 4779 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 320 وأما المرفوع؛ ففيه ابن لهيعة كما تقدم؛ وهو ضعيف. وبه أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (7/ 317) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ابن لهيعة، وهو لين، وبقية رجاله ثقات". ثم أخرجه ابن عساكر (1/ 323 ط) و (4/ 47/ 1 خط) عن الفرج بن فضالة: أخبرنا عروة بن رويم اللخمي عن رجاء بن حيوة عن الحارث بن حرمل عن علي بن أبي طالب قال ... فذكره موقوفاً عليه بلفظ الترجمة. والحارث هذا؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 2/ 72) برواية رجاء بن حيوة فقط، وزاد عليه ابن عساكر جمعاً آخر، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. (تنبيه) : لما عزاه السيوطي لـ "أوسط الطبراني" عن علي؛ قال المناوي: "قال الهيثمي: فيه عمرو بن واقد؛ ضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! قلت: وهذا وهم من المناوي رحمه الله؛ فإن الهيثمي إنما قال ذلك في حديث شهر بن حوشب قال: لما فتحت مصر؛ سبوا أهل الشام، فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنس ثم قال: يا أهل مصر! لا تسبوا أهل الشام؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فيهم الأبدال، فبهم تنصرون، وبهم ترزقون". قال: "رواه الطبراني، وفيه عمرو بن واقد، وقد ضعفه جمهور الأئمة، ووثقه محمد ابن المبارك الصوري، وشهر اختلفوا فيه، وبقية رجاله ثقات". وقد أخرجه ابن عساكر أيضاً (1/ 277) من طريق الطبراني. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 321 4780 - (لا تسبوا مضر؛ فإنه كان قد أسلم) . ضعيف رواه ابن سعد (1/ 58) بسند صحيح عن عبد الله بن خالد مرفوعاً. قلت: وهذا ضعيف معضل؛ عبد الله بن خالد: هو الواصبي؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 46) : "روى عن عبد الله بن الحارث بن هشام عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. روى عنه سعيد بن أبي أيوب"، ولم يزد! وقال في ترجمة عبد الله بن الحارث هذا: "المخزومي. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل". فيتلخص مما سبق أن عبد الله بن خالد هذا من أتباع التابعين؛ وأنه مجهول. وقد روي مسنداً: أورده السيوطي في "الفتاوي" (2/ 433) عن عثمان بن فائد عن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق مرفوعاً بلفظ: "لا تسبوا ربيعة ومضر؛ فإنهما كانا مسلمين". أخرجه أبو بكر محمد بن خلف المعروف بـ "وكيع" في "كتاب الغرر من الأخبار". قلت: وعثمان بن فائد ضعيف؛ كما في "التقريب". الحديث: 4780 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 322 4781 - (لا تستضيئوا بنار أهل الشرك، ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً) . ضعيف رواه الطبري (ج7/ رقم 7685/ صفحة 140) قال: حدثنا أبو كريب الحديث: 4781 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 322 ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب عن الأزهر ابن راشد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. [ثم قال] . قال: فلم ندر ما ذلك، حتى أتوا الحسن فسألوه؟ فقال: نعم. أما قوله: "لاتنقشوا في خواتيمكم عربياً"، فإنه يقول: لا تنقشوا في خواتيمكم محمداً. وأما قوله: "ولا تستضيئوا بنار أهل الشرك"؛ فإنه يعني به المشركين، يقول: لا تستشيروهم في شيء من أموركم. قال: قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) . وأخرج المرفوع منه: النسائي (2/ 290) ، وأحمد (3/ 99) عن هشيم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير أزهر بن راشد - وهو البصري -؛ قال أبو حاتم: "مجهول". وهو الذي اعتمده الحافظ. وقال ابن حبان: "كان فاحش الوهم". 4782 - (لا تسرف، لا تسرف. يعني: في الوضوء) . موضوع أخرجه ابن ماجه (1/ 164) عن بقية عن محمد بن الفضل عن أبيه عن سالم عن ابن عمر قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يتوضأ، فقال ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن الفضل - وهو ابن عطية - كذاب. وأبوه ضعيف. الحديث: 4782 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 323 وبقية مدلس؛ وقد عنعنه. وقال البوصيري في "الزوائد" (32/ 2) : "هذا إسناد ضعيف؛ الفضل بن عطية ضعيف. وابنه كذاب. وبقية مدلس". وروى ابن ماجه، وأحمد أيضاً (2/ 221) من طريق ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: "ما هذا السرف؟! ". فقال: أفي الوضوء إسراف؟! قال: "نعم؛ وإن كنت في نهر جار". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة: ونحوه حيي بن عبد الله المعافري؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم". وبهما أعله البوصيري في "الزوائد" أيضاً. ثم تبين لي ضعف هذا الإعلال، وأن الحديث حسن الإسناد، وفي تحقيق أودعته في الكتاب الآخر: "الصحيحة"، المجلد السابع منه رقم (3292) . 4783 - (لا تسكن الكفور؛ فإن ساكن الكفور كساكن القبور. ولا تأمرن على عشرة؛ فإنه من تأمر على عشرة جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه؛ فكه الحق أو أوبقه الجور) . موضوع الشطر الثاني رواه ابن عدي (175/ 1) ، وعنه البيهقي في "الشعب" الحديث: 4783 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 324 (2/ 426/ 1-2) عن أبي مهدي سعيد بن سنان: حدثني راشد بن سعد عن ثوبان مولى رسول الله مرفوعاً. وقال ابن عدي: "أبو مهدي؛ عامة ما يرويه غير محفوظ". قلت: وهو متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع؛ كما في "التقريب". لكن تابعه على الشطر الأول من الحديث: صفوان بن عمرو قال: سمعت راشد بن سعد يقول: سمعت ثوبان يقول ... فذكره مرفوعاً. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (579،580) ، والبيهقي أيضاً من طريق بقية قال: حدثني صفوان ... قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح فيه بقية بالتحديث، فأمنا شبهة تدليسه. ولهذا؛ لا ينبغي الاغترار بإيراد ابن الجوزي للحديث في "الموضوعات" (2/ 70-71) ؛ فإنه إنما أورده من الطريق الأولى الواهية التي فيها الشطر الثاني، وحق له ذلك؛ إلا أنه فاته هذه الطريق للشطر الأول السالمة من العلة! وسبحان من أحاط بكل شيء علماً، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، لا إله إلا هو! 4784 - (لا تشموا الخبز كما تشم السباع) (1) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 148) من طريق عمر بن أبي حسان: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير عمر بن أبي حسان؛ فلم أجد   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر " التنكيل " (1 / 478) ". (الناشر) الحديث: 4784 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 325 له ترجمة! وفي "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 105) : "عمر بن حسان البرجمي. روى عن ... روى عنه ... ". كذا في الأصل بياض! فمن المحتمل أن يكون هو. وروى ابن عدي (392/ 1) عن المسيب بن واضح: حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن فرات عن أبي حازم عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كره شم الطعام، وقال: "إنما يشم السباع". وقال: "لا أعلم يرويه غير المسيب". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه؛ حتى تركه جماعة. ونسبه أبو داود إلى أنه يضع الحديث. والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" بلفظ الترجمة؛ إلا أنه قال: "الطعام" بدل: "الخبز". وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "الشعب" عن أم سلمة"! فتعقبه المناوي بقوله: "قال البيهقي عقب تخريجه: إسناده ضعيف. اهـ. فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب. وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: فيه عباد بن كثير الثقفي؛ وكان كذاباً متعمداً. هكذا جزم به". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 326 4785 - (لا تصحبن أحداً لا يرى لك من الفضل كما ترى له) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 25) ، وعنه الديلمي (4/ 199) عن أبي خزيمة بكار بن شعيب عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل ابن سعد رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو خزيمة هذا؛ قال ابن حبان: "يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به". ثم ساق له هذا الحديث منكراً له عليه. وهو منكر جداً؛ كما قال الحافظ في "اللسان" (1) . ثم روى الديلمي (4/ 202) من طريق سليمان بن عمرو النخعي عن إسحاق ابن عبد الله عن أنس رفعه: "لا خير للمرء في صحبة من لا يرى [لك] مثلماً ترى له". قلت: والنخعي هذا كذاب وضاع.   (1) انظر ما تقدم (596) ! (الناشر) . الحديث: 4785 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 327 4786 - (لا تطرحوا الدر في أفواه الكلاب) . ضعيف جداً رواه المخلص في "الفوائد المنتقاة" (6/ 73/ 2) ، وأبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (10/ 1) ، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص 173) ، وفي "الأمثال" (97/ 1-2) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 350 و 11/ 310) ، والديلمي (4/ 155-156) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 299) عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة عن أنس بن مالك مرفوعاً. الحديث: 4786 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 327 قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن عقبة هذا؛ قال أبو حاتم: "يفتعل الحديث". وقال ابن معين: "كذاب، خبيث، عدو الله". وأما قول المناوي: "وفيه يحيى بن عقبة بن [أبي] العيزار؛ كذاب يضع، لكن شاهده ما قبله، فهما يتعاضدان"! فأقول: إن كان يعني بالشاهد الذي قبله؛ هو ما ذكره السيوطي في "الجامع" من رواية ابن النجار بهذا اللفظ؛ إلا أنه قال: "الخنازير" بدل: "الكلاب": فهو غفلة عن ابن الخطيب أخرجه بهذا اللفظ أيضاً في إحدى روايتيه، والطريق واحد! وإن كان يعني به ما ذكره المناوي نفسه شاهداً للفظ ابن النجار؛ فإنه قال عقبه: "حديث ضعيف جداً، بل أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، لكن له شاهد عند ابن ماجه عن أنس بلفظ: "واضع العلم عند غير أهله؛ كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" ... "! قلت: فإن كان يعني هذا الشاهد؛ فهو غفلة أيضاً منه عما ذكره هو نفسه في غير موضع من "فيضه" أن الشاهد لا يفيد قوة في الضعيف جداً أو الموضوع. وهذا إذا كان الشاهد نفسه صالحاً للشهادة؛ فكيف إذا كان هالكاً كالمشهود له؟! وقد خرجت حديث ابن ماجه في "تخريج المشكاة" (218) ؛ وبينت هناك أنه ضعيف جداً؛ فراجعه إن شئت. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 328 4787 - (لا تفقع أصابعك وأنت في الصلاة) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 306) عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث: هو ابن عبد الله الأعور؛ قال البوصيري في "زوائده" (ق 62/ 1) : "وهو ضعيف، وقد اتهمه بعضهم". وفي الباب: ما رواه زبان بن فائد أن سهل بن معاذ حدثه عن أبيه معاذ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً بلفظ: "الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمفقع أصابعه؛ بمنزلة واحدة". أخرجه أحمد (3/ 438) ، والبيهقي (2/ 289) . وقال: "معاذ: هو ابن أنس الجهني، وزبان بن فائد غير قوي". ثم روى ابن ماجه (1/ 289-290) بسنده المتقدم عن علي مرفوعاً: "لا تقع بين السجدتين". وفي رواية: "لا تقع إقعاء الكلب". والإقعاء بين السجدتين ثابت في السنة العملية؛ كما بينته في "صفة الصلاة" (ص 162 - الطبعة السابعة) . وقد جاءت أحاديث يدل مجموعها على ثبوت النهي عن إقعاء كإقعاء الكلب؛ كما في الرواية الثانية؛ ومنها حديث أبي هريرة المخرج في "صفة الصلاة" الحديث: 4787 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 329 (ص 167) ؛ فيحتمل على الإقعاء المشابه لإقعاء الكلب، فلا يشمل الإقعاء الثابت بين السجدتين؛ وهو الانتصاب على العقبين؛ لأنه ليس كإقعاء الكلب؛ فتنبه! 4788 - (نهى عن قتل الضفدع؛ وقال: نقيقها تسبيح) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 128/ 2) ، وابن شاذان في "مشيخته الصغرى"، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/ 1226) ، وابن عدي (292/ 2) ، وابن عساكر (1/ 270 - مصورة المدينة) - قالا: "عبد الله"، لم يقولا: "ابن عمرو" - عن المسيب بن واضح: حدثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن شعبة مرفوعاً إلا الحجاج، تفرد به المسيب". قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه. ولفظ ابن عدي: "لا تقتلوا الضفادع؛ فإن ... ". وقد عزاه بهذا اللفظ السيوطي للنسائي، ولم أره في "الصغرى" له! فلعله في "الكبرى"؛ لكن لم يذكره المزي في "التحفة". وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عثمان قال: ذكر طبيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواء عمل فيه الضفدع، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل الضفدع. أخرجه النسائي (2/ 202) ، وأحمد (3/ 453 و 499) ، وابن عساكر (10/ 23/ 1) عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن خالد الحديث: 4788 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 330 - وهو القارظي الكتاني -؛ وهو ثقة؛ كما قال النسائي وغيره. وروي بلفظ آخر، وهو: "لا تقتلوا الضفادع؛ فإنها من أكثر من خلقه الله ذكراً، وأمر بقتل الوزغ في الحل والحرم". رواه الضياء في "المنتقي من مسموعاته بمرو" (33/ 2) عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وسليمان بن أرقم متروك. ثم رأيت الحديث في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 330/ 2510) ؛ وذكر الاختلاف في إسناده، وذكر عن أبي زرعة أن الأصح: حديث شعبة عن قتادة عن زرارة عن أبي الحكم عن عبد الله بن عمرو. وأبو الحكم: هو عبد الرحمن بن أبي نعم. قلت: وهو عنده موقوف غير مرفوع، ولعله الصواب، أخطأ المسيب فرفعه. ثم وقفت على الحديث في "مصنف عبد الرزاق" (4/ 452/ 8418) : عن ابن التيمي عن سعيد عن قتادة قال: سمعت زرارة يحدث عن ابن أبي نعم عن عبد الله بن عمر (كذا) موقوفاً. 4789 - (لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن والقرآن) (1) . ضعيف أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (255) ، والديلمي (4/ 171) عن ابن لهيعة: حدثنا أبو زرعة عمرو بن جابر عن عبد الله بن عمرو رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة وشيخه أبي زرعة.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " ذكره السيوطي عن ابن عمر! ". (الناشر) الحديث: 4789 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 331 4790 - (لا تقوم الساعة حتى تكون أدنى مسالح المسلمين بـ (بولاء) . يا علي! يا علي! يا علي! إنكم ستقاتلون بني الأصفر، ويقاتلهم الذين من بعدكم، حتى تخرج إليهم روقة الإسلام: أهل الحجاز؛ الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فيفتتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير، فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها، حتى يقتسموا بالأترسة، ويأتي آت فيقول: إن المسيح قد خرج في بلادكم، ألا وهي كذبة، فالآخذ نادم، والتارك نادم) . موضوع أخرجه ابن ماجه (2/ 521) عن أبي يعقوب الحنيني عن كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته كثير هذا؛ قال البوصيري في "زوائده" (ق 250/ 2) : "كذبه الشافعي وأبو داود. وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب". وأبو يعقوب الحنيني - واسمه إسحاق بن إبراهيم - ضعيف. لكن تابعه إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا كثير بن عبد الله ... أخرجه الحاكم (4/ 483) ساكتاً عليه! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: كثير واه". الحديث: 4790 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 332 4791 - (لا تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية، والورع تصنعاً) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 119) - وعنه الديلمي (4/ 160) -: حدثت عن محمد بن العباس بن أيوب الأخرم قال: حدثنا إسماعيل بن بشر بن الحديث: 4791 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 332 منصور السلمي قال: حدثنا يحيى القرشي ثم الزبيري عن أبي رجاء الجنديسابوري عن حسان بن أبي سنان عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الحسن، لم يروه عنه مرفوعاً - فيما أعلم - إلا حسان". قلت: وهو غير مشهور بالرواية، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان؛ وقال: "يروي عن أهل البصرة الحكايات، لا أحفظ له مسنداً". والحسن: هو البصري؛ مدلس؛ وقد عنعنه. ويحيى: هو ابن سليمان القرشي؛ قال أبو نعيم في حديث آخر له في "الحلية" (3/ 345-346) : "فيه مقال". ثم هو منقطع بين أبي نعيم والأخرم. 4792 - (لا تكثر همك؛ ما قدر يكن، وما ترزق يأتك) . ضعيف يرويه عياش بن عباس القتباني عن مالك بن عقبة. وقد اختلف عليه في إسناده على وجوه: الأول: عن يحيى بن أيوب عن عياش بن عباس عن مالك بن عقبة عن ابن مسعود مرفوعاً به. أخرجه أبو القاسم الحرفي في "عشر مجالس من الأمالي" (222/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" - كما في "فيض القدير" - وقال: "قال العلائي: حديث غريب، فيه يحيى بن أيوب؛ احتجا به، وفيه مقال لجمع". الحديث: 4792 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 333 الثاني: عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش عن مالك بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ... فذكره. أخرجه اللالكائي في "السنة" (1/ 137/ 2) من طريق أبي عبد الرحمن المقري قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب ... وخالفه أبو مطيع معاوية بن يحيى فقال: عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن مالك بن عبد الله المعافري به ... فأدخل - بين عياش ومالك -: جعفر بن عبد الله. أخرجه ابن أبي خيثمة، وابن أبي عاصم في "الوحدان"، والبغوي. وقال: "لم يروه غير أبي مطيع، وهو متروك الحديث". ذكره في "الإصابة". الثالث: عن ابن لهيعة عن عياش عن مالك بن عبادة قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن مسعود، وهو حزين، فقال ... فذكره. أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 300/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (4/ 292/ 2) . وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" من طريق القتباني فقال: عن مالك ابن عبادة الغافقي. كما في "الإصابة". الرابع: عن نافع بن يزيد: حدثني عياش بن عباس أن عبد الرحمن بن مالك المعافري حدثه أن جعفر بن عبد الله بن الحكم حدثه عن خالد بن نافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ... فذكره. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 334 أخرجه الديلمي (4/ 167) من طريق السلمي معلقاً عليه. قلت: وهذا اضطراب شديد، والظاهر أنه من الرواة عن عياش بن عباس؛ فإن هذا ثقة من رجال مسلم، وليس له رواية عن الصحابة، وإنما رأى عبد الله بن الحارث بن جزء منهم، فلا بد من إجراء عملية تصفية بين هؤلاء الرواة عنه: أما الرواية الرابعة؛ فهي ساقطة الاعتبار؛ لأنها من طريق السلمي؛ وهو أبو عبد الرحمن الصوفي المتهم بالوضع، وهي شديدة الاضطراب؛ فقد قلبت اسم شيخ مالك إلى عبد الرحمن بن مالك! وجعلته من مسند خالد بن نافع، ولم أعرفه! وأما الرواية الأولى؛ ففيها يحيى بن أيوب، وقد عرفت أن فيه مقالاً. وفي "التقريب": "صدوق ربما أخطأ". وقد سمى والد مالك: عقبة، وجعله من مسند ابن مسعود! وأما الرواية الثانية؛ فهي أصح الروايات عندي؛ لسلامتها من الطعن، وسمى والد مالك: عبد الله، وهو المعافري؛ كما في رواية أبي مطيع؛ على شدة ضعفه. وقد ترجمه الحافظ في "الإصابة" لمالك بن عبد الله المعافري. وقال: "قال ابن يونس: ذكر فيمن شهد فتح مصر، وله رواية عن أبي ذر، روى عنه أبو قبيل. وقال أبو عمر: روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ... " فذكر هذا الحديث؛ ثم خرجه الحافظ، وقد نقلته عنه فيما تقدم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 335 وعلى هذا؛ فالإسناد منقطع بين عياش ومالك بن عبد الله هذا؛ لما سبقت الإشارة إليه من عدم ثبوت سماعه من الصحابة. وفي "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 213) ، و "ثقات ابن حبان" (1/ 243 - ط) : "مالك بن عبد العافري. يروي المراسيل. روى عنه جعفر بن عبد الله بن الحكم". وهذا مطابق للرواية الثانية التي رجحناها على الأخريات؛ إلا أن فيها: "عبد الله"؛ على الإضافة. والموضوع - بعد - بحاجة إلى مزيد من البحث والتحقيق، فعسى الله أن يتفضل بذلك علينا فيما بعد. والخلاصة: أن الحديث ضعيف؛ لأن مداره على مالك هذا، فإن كان الصحابي فهو منقطع. وإن كان تابعياً فهو مجهول. والله أعلم. 4793 - ( ............................... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث (4793) : " لا تكرهوا البنات. . . "؛ وقد نقله الشيخ - رحمه الله - إلى " الصحيحة " (3206) . (الناشر) الحديث: 4793 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 336 4794 - (لا تكون زاهداً؛ حتى تكون تواضعاً) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 102) من طريق الطبراني، وابن عدي (415/ 2) كلاهما عن خليفة بن خياط قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله (وقال الطبراني: ابن يوسف) عن فرقد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعاً. وقال ابن عدي: "ويعقوب هذا بصري ليس بالمعروف، ولا أعلم روى عنه غير خليفة بن خياط، ولا أعرف ليعقوب غيره؛ عن فرقد ولا عن غيره". وقال أبو نعيم: الحديث: 4794 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 336 "لا أعلم أحداً رفعه من حديث علقمة إلا فرقداً، وهو السبخي البصري". قلت: وهو ضعيف. وقد تحرف على الهيثمي (ابن يوسف) إلى: (أبو يوسف) ؛ فقال في "مجمع الزوائد" (10/ 285) : "رواه الطبراني، وفيه يعقوب أبو يوسف، وهو كذاب"! قلت: ويعقوب أبو يوسف الكذاب: هو الأعشى الذي روى عن الأعمش؛ قال فيه الأزدي: "كذاب، رجل سوء". ولا علاقة له في هذا الحديث، وإنما هو يعقوب بن عبد الله؛ كما في رواية ابن عدي؛ وفي ترجمته أورد الذهبي حديثه هذا. وقال: "لا يدرى من هو؟ ". أويعقوب بن يوسف كما في رواية "الحلية". وهكذا وقع فيما نقله المناوي عن الهيثمي - والله أعلم -؛ فإني لم أره في "المعجم الكبير" للطبراني، وفي النسخة خرم (1) . وله طريق أخرى: يرويه عبد الله بن سلمة عن عقبة بن شداد بن أمية قال: سمعت عبد الله بن مسعود رفعه. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (327) . وقال: "ليس يعرف عقبة إلا بهذا. وعبد الله بن سلمة منكر الحديث".   (1) هو فيه (10048) : " يعقوب بن يوسف "! (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 337 4795 - (لا تلومونا على حب زيد) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 215) عن قيس بن أبي حازم قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. سكت عليه الحاكم؛ لأنه مرسل غير مسند، ورجاله ثقات. الحديث: 4795 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 4796 - (لا تمسح يدك بثوب من لا تكسوه) . ضعيف جداً رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 44) ، والخطيب (3/ 197 و 12/ 343) من طريق محمد بن محمد بن عمر الواقدي: حدثنا أبي عن الفضل بن الربيع عن المنصور أبي جعفر عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعاً. أورده أبو نعيم في ترجمة أبي جعفر هذا. وقال: "روى أحاديث"؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! وهو مجهول الحال في الرواية، من الملوك العباسيين. لكن محمد بن عمر الواقدي متروك. الحديث: 4796 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 4797 - (لا توله والدة عن ولدها) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 211) عن أبي عتبة عن مبشر بن عبيد عن قتادة عن أنس رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته مبشر بن عبيد - وهو أبو حفص الحمصي -؛ قال الحافظ: "متروك، ورماه أحمد بالوضع". الحديث: 4797 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 وأبو عتبة: اسمه أحمد بن الفرج؛ قال الذهبي: "هو وسط، ضعفه محمد بن عوف الطائي. وقال ابن عدي: لا يحتج به. وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق". لكن الحديث ذكره السيوطي من رواية البيهقي في "السنن" عن أبي بكر. فقال المناوي: "قال الحافظ ابن حجر: سنده ضعيف. ورواه أبو عبيدة في "غريب الحديث" مرسلاً من مراسيل الزهري، ورواية ضعيفة (!) ". 4798 - (لا تيأسا من الخير ما تهزهزت رؤوسكما؛ فإن كل مولود يولد أحمر، ليس عليه قشرة؛ ثم يرزقه الله ويعطيه) . ضعيف رواه ابن ماجه (2/ 541) ، وابن حبان (1088) ، وأحمد (3/ 469) ، وابن سعد (6/ 33) والبخاري في "الأدب المفرد" (453) (1) بسند صحيح عن الأعمش عن سلام بن شرحبيل عن حبة بن خالد وسواء بن خالد قالا: قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبني بناءً له، فأعناه عليه حتى فرغ منه، فعلمنا، فكان فيما علمنا ... فذكره. ومن هذا الوجه: رواه الطبراني (1/ 171/ 2) ، والواحدي في "تفسيره" (63-64) . قلت: وسلام بن شرحبيل؛ قال الذهبي: "ما روى عنه سوى الأعمش، وثق".   (1) لم يروِ البخاري منه حديث الترجمة، بل روى القصة فحسب! (الناشر) الحديث: 4798 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 339 يشير إلى تضعيف توثيقه؛ فإنه ما وثقه غير ابن حبان. ولهذا لم يوثقه الحافظ؛ بل قال فيه: "مقبول"؛ يعني: عند المتابعة. ولهذا؛ فقد تساهل البوصيري في قوله في "الزوائد" (256/ 1) : "إسناده صحيح، ورجاله ثقات"! 4799 - (لا حمى في الأراك) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 49) ، والدارمي (2/ 269) عن فرج بن سعيد: حدثني عمي ثابت بن سعيد عن أبيه عن جده أبيض بن حمال: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حمى الأراك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فقال: أراكة في حظاري؟! فقال النبي عليه السلام ... فذكره أيضاً. قال فرج: يعني بـ (حظاري) : الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ثابت بن سعيد وأبيه. وروى أبو داود أيضاً (2/ 48) ، والترمذي (1380) ، والبيهقي (6/ 149) من طريق سمي بن قيس عن شمير بن عبد المدان عن أبيض بن حمال: أنه وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قال: وسألته عما يحمى من الأراك؟ قال: "ما لم تنله خفاف الإبل". قلت: وإسناده ضعيف أيضاً؛ لجهالة سمي وشمير. ولذلك قال الترمذي: "غريب". الحديث: 4799 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 340 وهو بظاهره يخالف عموم الحديث الأول. وروى أبو داود (2/ 42) بإسناده الأول عن أبيض بن حمال: أنه كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة حين وفد عليه، فقال: "يا أخا سبأ! لا بد من صدقة ... " الحديث. ورواه النسائي في "الكبرى" - رواية ابن الأحمر - كما في "النكت الظراف على الأطراف" للحافظ ابن حجر (1/ 8) . 4800 - (لا خير في الإمارة لرجل مسلم) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 168-169) عن ابن لهيعة: حدثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم، عن حبان بن بح الصدائي صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن قومي كفروا، فأخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهز إليهم جيشاً، فأتيته، فقلت: إن قومي على الإسلام، فقال: "أكذلك؟ ". فقلت: نعم. قال: فاتبعته ليلتي إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما أصبحت، وأعطاني إناء توضأت منه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في الإناء، فانفجر عيوناً، فقال: "من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ". فتوضأت وصليت، وأمرني عليهم، وأعطاني صدقتهم، فقام رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فلان ظلمني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. ثم جاء رجل يسأل صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصدقة صداع في الرأس، وحريق في البطن، أو داء". فأعطيته صحيفتي أو صحيفة إمرتي وصدقتي. فقال: الحديث: 4800 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 341 "ما شأنك؟! ". فقلت: كيف أقبلها وقد سمعت منك ما سمعت؟! فقال: "هو ما سمعت". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. 4801 - (لا زكاة في حجر) . ضعيف رواه ابن عدي (242/ 2) ، وعنه البيهقي (4/ 146) عن بقية عن عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال ابن عدي: "عمر بن أبي عمر الكلاعي ليس بالمعروف، منكر الحديث عن الثقات، وهذا الحديث غير محفوظ بهذا الإسناد، ولا أعلم يرويه عنه غير بقية". قلت: وهو مدلس. لكنه لم يتفرد به، فقد قال البيهقي عقبه: "ورواه أيضاً عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب مرفوعاً. ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده موقوفاً. ورواة هذا الحديث عن عمرو؛ كلهم ضعيف". الحديث: 4801 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 342 4802 - (لا شفعة إلا في دار أو عقار) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي (6/ 109) من طريق أبي أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة: حدثنا الضحاك بن حجوة بن الضحاك المنبجي: حدثنا أبو حنيفة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعاً. وفي رواية له عن ابن أبي أسامة عن الضحاك عن عبد الله بن واقد عن أبي حنيفة به. وقال: "وهو الصواب، والإسناد ضعيف". الحديث: 4802 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 342 قلت: وذلك لسوء حفظ أبي حنيفة. لكن عبد الله بن واقد - الراوي عنه - متروك؛ كما في "التقريب"، فهو آفته. بل هو الضحاك بن حجوة؛ فقد قال الدارقطني: "كان يضع الحديث". وقال ابن عدي: "هو أبو عبد الله المنبجي، كل رواياته مناكير؛ إما متناً، وإما سنداً". (تنبيه) : قال المناوي - بعد أن نقل تضعيف البيهقي المذكور للحديث -: "وأقره الذهبي عليه. ورواه البزار عن جابر، قال ابن حجر: بسند جيد"! فأقول: لم أر حديث جابر المشار إليه في "زوائد البزار"، ولا في "مجمع الزوائد"! فالله أعلم. 4803 - (لا شفعة لشريك على شريك إذا سبقه بالشراء، ولا لصغير، ولا لغائب) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (2/ 99-100) ، والبيهقي (6/ 108) عن محمد بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً. وأورده البيهقي تحت: "باب رواية ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء في مسائل الشفعة". وقال: "محمد بن الحارث البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف؛ ضعفهما يحيى بن معين وغيره من أئمة أهل الحديث"! قلت: لو عكس لأصاب؛ فإن ابن الحارث لم يصل به الأمر إلى الترك، وإنما الحديث: 4803 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 343 هو ابن البيلماني، ولذلك قال الحافظ في ابن الحارث. "ضعيف". وفي ابن البيلماني: "ضعيف. وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان". والحديث؛ قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 479) : "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: هذا حديث منكر. ولم يقرأ علينا في كتاب الشفعة، وضربنا عليه". 4804 - (من يسوق إبلنا هذه؟ فقام رجل. فقال: ما اسمك؟ قال: فلان. قال: اجلس. ثم قام آخر فقال: أنا. فقال: ما اسمك؟ قال: فلان. قال: اجلس. ثم قام آخر فقال: أنا. فقال: ما اسمك؟ قال: ناجية، قال: لها فسقها) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (812) ، والحاكم (4/ 276) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 353/ 886) من طريق سلم بن قتيبة: حدثنا حمل بن بشير بن أبي حدرد: حدثني عمي عن أبي حدرد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. والسياق للحاكم، وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: حمل هذا مجهول، ولم يرو عنه إلا ابن قتيبة هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان (6/ 244) . ولذا قال الذهبي نفسه في كتابه " الميزان": "لا يعرف". وعمه؛ لم أعرفه! الحديث: 4804 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 344 وظاهر كلام الهيثمي أنه عرفه كالراوي عنه؛ فقد قال في "المجمع" (8/ 47) : "رواه الطبراني من طريق حمل بن بشير عن عمه، ولم أر فيهما جرحاً ولا تعديلاً". قلت: فمفهومه أنه رآهما - كما رأيت أنا حملاً -؛ لكنه لم ير فيهما جرحاً ولا تعديلاً! وعليه ففيه نظر من ناحيتين: الأولى: أنه لا يستقيم كلامه في خصوص (حمل) ؛ فقد ذكره ابن حبان كما تقدم، ومن عادته أنه يعتد بتوثيقه؛ إلا أن يكون لم يره فيه، وهذا مما أستبعده؛ لأنه ذكره في كتابه "ترتيب ثقات ابن حبان"! فالله أعلم. والأخرى: أن عم حمل؛ قد أورده الحافظ ابن حجر في آخر "التهذيب"، باب المبهمات، فقال (12/ 366) : "لعل اسم عمه عبد الله بن أبي حدرد". ثم إنه أورده كذلك في "التقريب"، لكنه جزم به مسقطاً حرف الترجي (لعل) ! وهذا مما أستبعده جداً؛ لأن عبد الله بن أبي حدرد قد أوردوه في "الصحابة"، مثل ابن أبي حاتم وابن حبان (3/ 231) ، ومن قبلهما البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 75) ؛ وظاهر صنيعه أنه هو أبو حدرد نفسه! وطول ترجمته الحافظ في "الإصابة" (2/ 294-296) ، وفيها اختلاف واضطراب؛ من الصعب استخلاص الصواب منه بيسر! لكن المهم أننا لم نر أحداً ذكر راوياً آخر شارك هذا الصحابي في اسمه واسم أبيه، وهو عم حمل هذا، فهو إذن مجهول. والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 345 4805 - (لا صلاة لملتفت) . ضعيف رواه الطبراني في "الكبير" (69/ 219/ 1) : حدثنا عبد ان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن جامع العطار قال: حدثنا سلم بن قتيبة: حدثنا الصلت ابن يحيى عن ابن أبي مليكة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه مرفوعاً. ثم رواه - وعنه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 243-244) - من طريق محمد بن بشار عن سلم بن قتيبة عن الصلت بن طريف عن رجل عن ابن أبي مليكة به وقال أبو نعيم: "لم نكتبه من حديث مسعر متصلاً إلا من حديث أبي قتيبة الشعيري". قلت: وهو سلم بن قتيبة؛ وهو ثقة من رجال البخاري. لكن الصلت بن طريف؛ قال الذهبي: "مستور. قال الدارقطني: والحديث مضطرب (يعني: هذا) . وقال ابن القطان: والصلت لا يعرف حاله". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وخالف محمد بن جامع العطار في روايته عن سلم عنه، فقال: الصلت بن يحيى! وأسقط الرجل بينه وبين ابن أبي مليكة؛ كما في الرواية الأولى. ولعله الاضطراب - أو من الاضطراب - الذي أشار إليه الدارقطني فيما نقلته عنه آنفاً. والصلت بن يحيى؛ قال الأزدي: "ضعيف لا يصح حديثه". الحديث: 4805 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 346 والعطار ضعيف. وله شاهد من حديث أبي الدرادء مرفوعاً به؛ قال الهيثمي (2/ 80) : "رواه الطبراني في الكبير، وفيه عطاء بن عجلان؛ وهو ضعيف"! قلت: بل هو شر من ذلك؛ قال الحافظ: "متروك؛ بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب". قلت: ولذلك؛ فحديثه لا يصلح للاستشهاد به؛ لشدة ضعفه. ثم ذكره من حديثه بلفظ: "من قام في الصلاة فالتفت؛ رد الله عليه صلاته". وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يوسف بن عطية، وهو ضعيف"! قلت: بل هو متروك أيضاً؛ كما في "التقريب". 4806 - (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لا يصلي على النبي، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (1/ 158) عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري (31/ 2) : ".. لا تفاقهم على ضعف عبد المهيمن". قلت: وضعفه البخاري جداً؛ فقال: الحديث: 4806 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 347 "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة". لكن ذكر البوصيري أنه تابعه عليه ابن أخي عبد المهيمن: عند الطبراني في "المعجم الكبير"، وسكت عليه. وأقول: أخو عبد المهيمن: اسمه أبي؛ وهو ضعيف أيضاً. أما ابنه فلم أعرفه! ثم بدا لي أن لفظة (ابن) مقحمة؛ والصواب حذفها؛ فالمتابع هو أبي بن عباس نفسه، كذلك هو عند الطبراني (5699) . وأخرجه ابن السماك في "الفوائد المنتقاة" (ق 96/ 1) ، وابن شاهين في "الترغيب" من طريق أخرى عن عبد المهيمن به؛ إلا أنه قال: " ... ولا يؤمن بالله إلا من يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار" بدل قوله: "ولا صلاة لمن لا يصلي ... ". وأما الجملة الأولى والثانية منه؛ فهما ثابتتان في أحاديث أخرى. والحديث؛ أخرجه الحاكم (4/ 60) من طريق عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير: حدثنا أبي: حدثنا سليمان بن بلال، عن أبي ثفال المري قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان يقول: حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ آفته عبيد الله بن سعيد؛ قال ابن حبان: "لا يشبه حديثه حديث الثقات". وغمزه ابن عدي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 348 وذكره سماع أسماء بنت سعيد منه - صلى الله عليه وسلم - منكر جداً! فالحديث رواه غير واحد عن أبي ثفال به عنها عن أبيها قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر بعضه. أخرجه الترمذي (25،26) ، وغيره. 4807 - (لا طلاق إلا لعدة، ولا عتق إلا لوجه الله تعالى) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 103/ 2) : حدثنا أحمد ابن سعيد بن فرقد الجدي: أخبرنا أبو حمة محمد بن يوسف: أخبرنا عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن زيد قال: سمعت محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره هكذا ولم يرفعه! وأقول: لعل الرفع سقط من الناسخ؛ فقد أورده الهيثمي في "المجمع" (4/ 336) مرفوعاً. وقال: "رواه الطبراني، وفيه أحمد بن سعيد بن فرقد، وهو ضعيف". قلت: اتهمه الذهبي بوضع حديث الطير. وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، وشيخه محمد بن عبد الله بن طاوس؛ كلاهما: "مقبول" عند الحافظ. الحديث: 4807 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 349 4808 - (لا عدوى، ولا طيرة، وهامة. فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب فتجرب الإبل؟! قال: ذلك القدر، فمن أجرب الأول؟!) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 363) ، وأحمد (2/ 24-25) عن أبي جناب الحديث: 4808 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 349 عن أبيه ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف أبي جناب - واسمه يحيى بن أبي حية -؛ كما قال البوصيري في "الزوائد" (ق 215/ 1) . قلت: وأبوه مجهول. والحديث صحيح دون قوله: "ذلك القدر"؛ فإن له شاهداً من حديث أبي هريرة في "الصحيحين" وغيرهما، وقد سبق برقم (782) من "الصحيحة". ولقوله: "لا عدوى ولا طيرة" طريق أخرى عن ابن عمر في "الصحيحين" أيضاً؛ ومضى برقم (788) من "الصحيحة". 4809 - (لا قليل من أذى الجار) . ضعيف جداً أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 27) : حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا أحمد بن رشدين: حدثنا أحمد بن أبي الحواري: حدثنا الوليد: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أحمد بن رشدين - وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري -؛ قال ابن عدي: "كذبوه، وأنكرت عليه أشياء". ذكره في "الميزان"، وساق له حديثاً آخر، قال: "إنه من أباطيله". وسليمان بن أحمد: هو الطبراني. وقد عزاه إليه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 170) . وقال: الحديث: 4809 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 350 "ورجاله ثقات"! كذا قال! وكأنه اعتمد في ذلك على توثيق مسلمة لابن رشدين، ولم يوثقه غيره؛ وكأنه لم يتبين له جرحه! 4810 - (لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار) . منكر رواه القاضي أبو الحسين بن المهتدي في "المشيخة" (2/ 198/ 1) ، والقضاعي (72/ 2) ، والديلمي (4/ 208) عن سعيد بن سليمان عن أبي شيبة الخراساني عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو شيبة الخراساني نكرة لا يعرف؛ قال الذهبي في "كنى الميزان": "أتى بخبر منكر، رواه سعدويه ... " ثم ذكر هذا الخبر. وسعدويه: لقب سعيد بن سليمان الضبي الواسطي الحافظ، الذي في سند هذا الحديث. ورواه البيهقي في "الشعب" (5/ 456/ 7268) بسند آخر عن ابن عباس موقوفاً. ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع بين قيس بن سعد (وهو المكي) قال: قال ابن عباس. ثم أخرج الديلمي من طريق عبد الله بن محمد الخطيب الدربيسي (لم أقرأ هذه اللفظة من وراء القارئة إلا هكذا) (1) : أخبرنا ابن حانة: حدثنا البغوي: حدثنا   (1) هو: عبد الله بن محمد الخطيب الصَّرِيفيني؛ ثقة مترجم في " السير " (18 / 330) . (الناشر) الحديث: 4810 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 351 خلف بن هشام: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس رفعه مثله. قلت: وابن حانة؛ لم أعرفه، ولم يقرأ معي إلا هكذا (1) ! وعبد الله بن محمد الخطيب؛ لم أعرفه أيضاً! ويحتمل أنه الذي في "تاريخ بغداد" (10/ 126) : "عبد الله بن محمد أبو بكر الخطيب، من أهل سر من رأى. حدث عن أحمد ابن صالح الوزان. روى عنه علي بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري القاضي". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول. وكأن الحافظ السخاوي - لوعورة هذا الإسناد - قال في "المقاصد الحسنة" (ص 467) : "وينظر سنده"! وعلق عليه الشيخ عبد الله محمد الصديق الغماري بقوله: "نظرت سنده، فوجدت فيه راوياً مجهولاً". قلت: ولم يسمه، ولعله يعني الخطيب المذكور أو شيخه! والله أعلم. وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "ما كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار". وقال: "رواه ابن عساكر عن عائشة". زاد في "الجامع الكبير":   (1) هو: أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حَبَابَة البزّاز؛ ثقة مترجم في " السير " (16 / 548) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 352 "وفيه إسحاق بن بشر، متروك". وقال المناوي: "إسناده ضعيف، لكن الحديث شواهد"! كذا قال! وهو مردود من ناحيتين: الأولى: أن إسناده أسوأ حالاً مما ذكر؛ فقد قال الحافظ السخاوي: "ورواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة في "المبتدأ" عن الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وإسحاق حديثه منكر". قلت: بل هو أسوأ حالاً؛ فقد كذبه موسى بن هارون وأبو زرعة. وقال الدارقطني: "هو في عداد من يضع الحديث". والأخرى: أن الشواهد إنما تعطي الحديث قوة، إذا كان الضعف فيها من جهة سوء الحفظ في رواتها، مع ثبوت عدالتهم وصدقهم. وليس الشأن كذلك في هذه الشواهد التي أشار إليها، وقد خرجتها لك، ولا سيما إسناد عائشة؛ ففيه ذاك الكذاب! قلت: وقد تقدم تخريج حديث ابن عباس من رواية الطبراني في "الدعاء" بنحوه، برقم (4474) ؛ وهنا فوائد ليست هناك (1) . 4811 - (لا وباء مع السيف، ولا نجاء مع الجراد) . ضعيف جداً رواه ابن شاهين في "الفوائد" (114/ 1) عن سلم بن سالم: حدثنا أبو المغيرة - يعني: الجوزجاني؛ وهو محمد بن مالك - عن البراء بن عازب رفعه.   (1) وخرَّجه الشيخ - رحمه الله - فيما سيأتي برقم (5551) من حديث أبي هريرة. (الناشر) الحديث: 4811 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 353 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سلم بن سالم - وهو البلخي الزاهد -؛ وهو متهم، كما سبق بيانه في الحديث (233) . ومحمد بن مالك صدوق يخطىء، كما في "التقريب". 4812 - (اغزوا قزوين؛ فإنه من أعلى أبواب الجنة) . ضعيف أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 1) من طريق عبد الرحمن ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة: حدثنا أبو نعيم: حدثنا بشير بن سلمان قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "هذا الحديث - على إرساله -؛ قال أبو زرعة: ليس في قزوين حديث أصح منه. وبشير بن سلمان: هو أبو إسماعيل الهندي (كذا) الكوفي، يروي عن مجاهد وعكرمة ... وقد أخرج عنه مسلم ... ويروى هذا الحديث عن بشير بن سلمان عن أبي السري عن رجل - نسي أبو السري اسمه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومن هذه الطريق رواه الخطيب البغدادي". الحديث: 4812 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 354 4813 - (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحر في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا) . منكر بهذا التمام أخرجه البيهقي (2/ 107) من طريق معلى بن أسد: حدثنا وهيب بن خالد عن محمد بن جحادة عن سليمان بن أبي هند عن خباب بن الأرت به. وأخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 41) من طريق حبان: أخبرنا وهيب به مختصراً دون قوله: الحديث: 4813 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 354 في جباهنا وأكفنا. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان هذا؛ فهو مجهول الحال؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 148) : "روى عن سالم بن عبد الله. روى عنه إسماعيل بن سميع، ومحمد بن جحادة". قلت: فهو - إلى جهالته - لم يصرح بسماعه من خباب، فلم يثبت أنه تابعي؛ فالانقطاع محتمل. فإن قيل: فقد جاء الحديث من رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب بن الأرت به حرفياً؛ إلا أنه قال: "الرمضاء" بدل: "الحر". أخرجه البيهقي (2/ 105) ! فأقول: نعم، ولكنه معلول بعلتين: الأولى: التدليس. والأخرى: الاختلاط. أما الأولى؛ فمن زكريا بن أبي زائدة؛ فإنه - وإن كان ثقة ومن رجال الشيخين -؛ فقد قال الحافظ: "كان تدلس، وسماعه من أبي إسحاق متأخر". والأخرى؛ من أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي -؛ فإنه كان الجزء: 10 ¦ الصفحة: 355 اختلط بآخره كما في "التقريب"، وقد سمع منه زكريا بن أبي زائدة بعد اختلاطه؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم. وإذا عرفت هذا؛ فقول النووي - رحمه الله - في "المجموع" (3/ 396) : "إسناده جيد"! فهو غير جيد؛ لا سيما وله علة أخرى وهي المخالفة؛ فقد روى الحديث جماعة من الثقات عن أبي إسحاق، فلم يذكروا فيه الزيادة السابقة: في جباهنا وأكفنا. فإليك تخريج أحاديثهم: الأول: شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن وهب به. أخرجه الطيالسي (1/ 70/ 273) ، وأحمد (5/ 108،110) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (1/ 345) . الثاني: سفيان الثوري: حدثنا أبو إسحاق به. أخرجه أبو عوانة، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 109) . وشعبة والثوري؛ سمعا من أبي إسحاق قبل الاختلاط، فروايتهما عنه هي العمدة. الثالث: زهير - وهو ابن معاوية -: حدثنا أبو إسحاق به. قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر؟ قال: نعم. قلت: أفي تعجيلها؟ قال: نعم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 356 أخرجه مسلم (2/ 109) ، والنسائي (1/ 86) ، والبيهقي (1/ 438) . الرابع: أبو الأحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق به. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 323) ، وعنه مسلم. الخامس: زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق به؛ وزاد: قال أبو إسحاق: كان يعجل الظهر؛ فيشتد عليهم الحر. أخرجه الطحاوي. السادس: يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب به؛ وزاد: وقال: "إذا زالت الشمس فصلوا". أخرجه البيهقي، والطحاوي؛ إلا أنه لم يسق لفظه. ورجاله ثقات؛ فهو إسناد صحيح؛ لولا أن يونس بن أبي إسحاق سمع من جده أبي إسحاق بعد الاختلاط. السابع: الأعمش قال: حدثنا أبو إسحاق عن حارثة بن مضرب - أو من هو مثله من أصحابه -: قال خباب ... فذكره. أخرجه الطحاوي، وابن ماجه (1/ 231) ؛ إلا أنه لم يذكر قوله: أو من هو مثله من أصحابه. وإني لأظن أنه يعني - بهذا القول - سعيد بن وهب الذي في الطرق السابقة. وبالجملة؛ فهذه الطرق كلها تؤكد أن ذكر الجباه والأكف - في حديث خباب - الجزء: 10 ¦ الصفحة: 357 منكر غير معروف ولا ثابت. ويؤيد ذلك: حديث معاوية بن هشام عن سفيان عن زيد بن جبيرة عن خشف بن مالك عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال ... فذكره مثل حديث زكريا عن خباب. أخرجه ابن ماجه. لكن زيد بن جبيرة متروك؛ فلا يستشهد به. والخلاصة: أن ذكر الجباه والأكف في الحديث لا يصح. وبذلك تضعف حجة الرافعي وغيره من الشافعية الذين استدلوا بالحديث على أن السجود على حائل دون الجبهة لا يجزىء! وأما قول النووي عقب الحديث: "وقد اعترض بعضهم على أصحابنا في احتجاجهم بهذا الحديث لوجوب كشف الجبهة، وقال: هذا ورد في الإبراد! وهذا الاعتراض ضعيف؛ لأنهم شكوا حر الرمضاء في جباههم وأكفهم، ولو كان الكشف غير واجب لقيل لهم: استروها، فلما لم يقل ذلك؛ دل على أنه لا بد من كشفها"!! فأقول: هذا التضعيف هو الضعيف، بل هو باطل! وبيانه من وجوه: الأول: أنه مبني على ثبوت ذكر الجبهة في الحديث؛ وهو غير ثابت؛ كما عرفته من التحقيق السابق، فسقط الاستدلال به من أصله. الثاني: أن الحديث لو كان الاستدلال به على ما ذكروا؛ للزمهم القول بوجوب السجود على الكفين دون حائل أيضاً؛ لأنهما قد ذكرا فيه مع الجبهة كما سبق! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 358 وهم لا يقولون بذلك، على ما هو الصحيح عندهم، وهو المنصوص في عامة كتب الشافعي كما قال النووي (3/ 404) . فثبت أن الحديث لا يدل على الوجوب المزعوم، وهذا على فرض ثبوته، فكيف وهو غير ثابت؟! الثالث: أنه ثبت عن أنس أنه قال: كنا إذا صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود. أخرجه الشيخان، والبيهقي (2/ 106) - واللفظ له -. وأما حمل الشافعية هذا الحديث على الثوب المنفصل عن المصلي - كما فعل البيهقي والنووي -؛ فهو ضعيف مخالف لظاهر قوله: طرف الثوب! لأن المتبادر منه أنه الثوب المتصل به؛ لا سيما وهم في المسجد وليس فيه قرش، مع أن الغالب من حالهم قلة الثياب، وأنه ليس لأحدهم إلا ثوبه المتصل به. الرابع: قال الحسن البصري: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على عمامته. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 266) ، والبيهقي (2/ 106) . قلت: وهذا إسناد صحيح. وقول البيهقي: "يحتمل أن يكون أراد: يسجد الرجل منهم على عمامته وجبهته"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 359 رده ابن التركماني بقوله: "قلت: هذه الزيادة من غير دليل: إذ لا ذكر للجبهة". وجملة القول؛ أنه لا دليل على عدم جواز السجود على حائل متصل؛ لا سيما والأدلة كثيرة جداً على جواز السجود على حائل منفصل، كالبساط والحصير ونحو ذلك؛ مما يفصل بين الجبهة والأرض، والتفرقة بين الحائل المتصل والحائل المنفصل من الثياب - مع أنه لا دليل عليه في النقل -؛ فهو مع ذلك مما لا يشهد النظر السليم بصحته؛ لأنه إن كان الغرض إنما هو مباشرة الأرض بالسجود مبالغة في الخضوع لله تعالى؛ فهو غير حاصل بالحائل المنفصل أيضاً. فإن قيل: إذا لم تثبت الزيادة المذكورة في الحديث؛ فما هو المقصود من الحديث بعد إسقاط الزيادة منه؟ والجواب: ما جاء في "النهاية" لابن الأثير - بعد أن ذكر الحديث -: "أي: شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر، وسألوه تأخيرها قليلاً (فلم يشكهم) ؛ أي: لم يجبهم إلى ذلك، ولم يزل شكواهم، يقال: أشكيت الرجل: إذا أزلت شكواه، وإذا حملته على الشكوى. وهذا الحديث يذكر في مواقيت الصلاة؛ لأجل قول أبي إسحاق - أحد رواته - وقيل له: في تعجيلها؟ فقال: نعم. والفقهاء يذكرونه في السجود؛ فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر، فنهوا عن ذلك"!! كذا قال! ورده أبو الحسن السندي بقوله: "قلت: وهذا التأويل بعيد، والثابت أنهم كانوا يسجدون على طرف الثوب. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمرهم بالإبراد، ويحتمل أنهم طلبوا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 360 منه زيادة تأخير الظهر على وقت الإبراد، فلم يجبهم إلى ذلك. وقيل: معناه: فلم يشكنا؛ أي: لم يحوجنا إلى الشكوى، ورخص لنا في الإبراد. وعلى هذا يظهر التوفيق بين الأحاديث". 4814 - (لا يبولن أحدكم في الماء الناقع) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (1/ 143) عن ابن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن أبي فروة: اسمه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة؛ قال الحافظ: "متروك". الحديث: 4814 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 361 4815 - (لا يجمع الله في جوف رجل غباراً في سبيل الله ودخان جهنم. ومن اغبرت قدماه في سبيل الله؛ حرم الله سائر جسده على النار. ومن صام يوماً في سبيل الله؛ باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنة للراكب المستعجل. ومن جرح جراحة في سبيل الله؛ ختم له بخاتم الشهداء؛ له نور يوم القيامة، لونها مثل لون الزعفران، وريحها مثل ريح المسك، يعرفه بها الأولون والآخرون، يقولون: فلان عليه طابع الشهداء. ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة؛ وجبت له الجنة) (1) . ضعيف بهذا التمام أخرجه أحمد (6/ 443 - 444) عن خالد بن دريك عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع بين خالد بن دريك   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع الترغيب " ". (الناشر) الحديث: 4815 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 361 وأبي الدرداء، فقد جزم المزي والحافظ بأن ابن دريك لم يدرك ابن عمر؛ مع أنه توفي سنة (73) ، وبالأحرى أن يدرك أبا الدرداء الذي توفي قبيل وفاة عثمان التي كانت سنة (35) ، فالحديث من أجل هذا منقطع ضعيف. ولذلك أعل المنذري (2/ 167) ، والهيثمي (5/ 285) الحديث بالانقطاع. وقد وهما في الجملة الثانية منه فقالا: "ومن اغبرت قدماه في سبيل الله؛ باعد الله منه النار يوم القيامة مسيرة ألف عام للراكب المستعجل"! ولم يذكرا قضية الصيام، وجعلا الفضل الوارد فيه لمن اغبرت قدماه! واعلم أن بعض هذه الجمل المذكورة في الحديث صحت في أحاديث متفرقة: فالجملة الأولى؛ صحت من حديث أبي هريرة: عند النسائي (2/ 55) ، وغيره. والجملة الثانية؛ في "صحيح البخاري" (2/ 312 و 6/ 23) من حديث عبد الرحمن بن جبر. والجملة الأخيرة؛ صحت عن معاذ عند أبي داود (1/ 399) ، والترمذي (3/ 15) . وله عند الترمذي شاهد من حديث أبي هريرة - وحسنه -. 4816 - (والذي نفسي بيده! لا يدخل الجنة إلا رحيم. قالوا: كلنا رحماء؟! قال: ليس برحمة أحدكم خويصته، حتى يرحم الناس) . ضعيف أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (990) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا يونس عن الحسن قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال إسماعيل: قال يونس بيده؛ كأنه يريد العامة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكنه مرسل؛ لأن الحسن: الحديث: 4816 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 362 هو البصري؛ وهو كثير الإرسال والتدليس. والحديث؛ أورد منه السيوطي قوله: "لا يدخل الجنة إلا رحيم". وقال: "هب - عن أنس". ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! ولعله عند البيهقي في "الشعب" من طريق الحسن عن أنس، فإذا كان كذلك؛ فهو معلول بالانقطاع؛ كما سبقت الإشارة إلى ذلك. 4817 - (لا يعدل بالرعة) . ضعيف أخرجه الترمذي (2519) عن عبد الله بن جعفر المخرمي عن محمد ابن عبد الرحمن بن نبيه عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: ذكر رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبادة واجتهاد، وذكر عنده آخر برعة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه". قلت: ابن نبيه هذا مجهول العين، كما يشير إلى ذلك قول الذهبي: "ما روى عنه سوى عبد الله بن جعفر المخرمي". الحديث: 4817 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 363 4818 - (لا تغتسلن أحدكم في فلاة أو سطح لا يواريه شيء، ولا يقولن أحدكم: إني لا أرى أحداً؛ فإنه إن كان لا يرى؛ فإنه يرى) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (82/ 2) عن عبد الرحمن بن عثمان: حدثنا الحسن الحديث: 4818 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 363 ابن عمارة: حدثنا المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ وفيه ثلاث علل: 1- أبو عبيدة؛ لم يسمع من أبيه ابن مسعود. 2- الحسن بن عمارة؛ قال الحافظ: "متروك". بل قال الإمام أحمد: "كان منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة". 3- عبد الرحمن بن عثمان - وهو البكراوي - ضعيف. لكن تابعه عبد الحميد أبو يحيى الحماني: حدثنا الحسن بن عمارة به. أخرجه ابن ماجه (615) . فالعلة ممن فوقه. 4819 - (لا يقولن أحدكم: إني صمت رمضان كله، قمته كله) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 379) ، والنسائي (1/ 300) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (214/ 1) ، وكذا ابن حبان (915) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (2/ 16/ 1) ، وأحمد (5/ 39،40،41،48،52) من طريقين عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعاً. قال: فلا أدري؛ أكره التزكية، أو قال: "لا بد من نومة أو رقدة"؟! الحديث: 4819 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 364 قلت: ورجاله ثقات؛ إلا أن الحسن - وهو البصري - مدلس، وقد عنعنه عندهم جميعاً. وللحديث شاهد من رواية ناشب بن عمرو: حدثنا مقاتل بن حيان عن الضحاك ابن مزاحم عن ابن عمرو مرفوعاً به، وزاد: "وصنعت في رمضان كذا وكذا؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل العظام، ولكن قولوا: (شهر رمضان) ؛ كما قال ربكم عز وجل في كتابه". أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (39/ 2) . ولكنه واه جداً؛ ناشب بن عمرو؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "ضعيف". 4820 - (لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي (3674) عن عيسى بن ميمون الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعاً. وقال مضعفاً: "حديث غريب". قلت: وعلته عيسى بن ميمون هذا؛ قال الحافظ: "ضعيف". قلت: وهو أسوأ من ذلك؛ فقد قال الذهبي في "المغني": "قال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي الحديث: 4820 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 365 تروي عن القاسم عن عائشة؟! فقال: لا أعود. قال البخاري: منكر الحديث". وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى مثل هذه في الوهاء: يرويه يوسف بن خالد: حدثنا موسى المكي عن موسى بن طلحة عن عائشة بنت سعد عن عائشة به. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 217/ 2) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (9/ 331/ 2) : حدثنا زكريا بن يحيى الرقاشي: حدثنا يوسف بن خالد ... قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ليوسف بن خالد - وهو السمتي -؛ قال الحافظ: "تركوه. وكذبه ابن معين". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 318) من طريق أخرى عن عيسى بن ميمون. وقد روي من حديث عتبة بن غزوان نحوه مرفوعاً. أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1055) . لكن إسناده ضعيف جداً؛ كما بينته في التعليق عليه؛ فليراجع. 4821 - (يا أيها الناس! انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد؛ فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة، وتبخترن في المساجد) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (4001) عن موسى بن عبيدة عن داود بن مدرك عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد؛ إذ دخلت امرأة من مزينة تَرْفُلُ في الحديث: 4821 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 366 زينة لها في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ له علتان: الأولى: جهالة داود بن مدرك؛ قال الذهبي في "الميزان": "نكرة لا يعرف". وقال الحافظ: "مجهول". والأخرى: ضعف موسى بن عبيدة. 4822 - (يا سراقة! ألا أدلك على أعظم الصدقة - أو: من أعظم الصدقة -؟! قال: بلى يا رسول الله! قال: ابنتك مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك) . ضعيف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (81) ، وابن ماجه (3667) ، وأحمد (4/ 175) عن موسى بن علي قال: سمعت أبي يقول: [بلغني] عن سراقة بن مالك يقول أنه حدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لكنه منقطع بين علي أبي موسى وسراقة؛ فإنه ذكره بلاغاً عند أحمد، وسنده إليه قوي. ويؤيده أن البخاري رواه (80) : حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني موسى بن علي عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة ... فذكره؛ أرسله. الحديث: 4822 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 367 4823 - (إن من أمتي من يعظم للنار؛ حتى يكون أحد زواياها) . منكر وهو قطعة من حديث رواه داود بن أبي هند: حدثنا عبد الله بن قيس قال: الحديث: 4823 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 367 كنت عند أبي برزة ذات ليلة؛ فدخل علينا الحارث بن أقيش؛ فحدثنا الحارث ليلتئذ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. أخرجه ابن ماجه (4323) ؛ وزاد في أوله: "إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر، وإن من ... ". وهذه الزيادة: أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (3363) ؛ كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود به. وأخرجه الحاكم (1/ 71 و 4/ 593) ، وأحمد (4/ 212) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (ص 204) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/ 312-313) ، وأبو يعلى (3/ 153-154/ 1581) ، والطبراني أيضاً (3360-3366) ، والمزي في "التهذيب" (5/ 213-214) من طرق أخرى عن داود به. وخالفهم جميعاً: محمد بن أبي عدي فقال: عن داود عن عبد الله بن قيس عن الحارث بن أقيش قال: كنا عند أبي برزة ليلة، فحدث ليلتئذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ... فذكره بالزيادة مع زيادة أخرى؛ نصها: "ما من مسلمين يموت لهما أربعة أفراط؛ إلا أدخلها الجنة بفضل رحمته". قالوا: يا رسول الله! وثلاثة؟ قال: "وثلاثة". قالوا: واثنان؟ [قال: "واثنان"] . وهذه الزيادة ثابتة في رواية بعض الجماعة الذين أشرت إليهم. وقد خالفهم محمد بن أبي عدي فجعله من مسند أبي برزة، وهي رواية شاذة! والصواب أنه من رواية الحارث بن أقيش. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 368 وما بين المعكوفتين سقطت من مطبوعة "المسند"؛ وهي ثابتة في "المجمع" (3/ 8) برواية أحمد. وقال: "ورجاله ثقات"! وكذا قال في رواية عبد الله، وعزاها لأبي يعلى أيضاً! وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! وصححه أيضاً ابن حجر في ترجمة الحارث من "الإصابة"! ومن قبله المنذري في "الترغيب" (3/ 91 و 4/ 239) ! وتبعهم البوصيري - على تناقض في كلامه -؛ فإنه قال في "زوائد ابن ماجه" (4/ 262) - مع تصحيح بعض الأخطاء من النسخة المخطوطة -: "هذا إسناد فيه مقال؛ عبد الله بن قيس النخعي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: أحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق عن ابن عباس قوله. وقال: لم يرو عنه غير داود بن أبي هند، وليس إسناده بالصافي. انتهى. وباقي رجال الإسناد ثقات؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده" بإسناد جيد"! فأقول: قد عرفت - من تخريجنا المتقدم - أن الحديث عند أحمد وغيره من طريق عبد الله بن قيس، فقوله في إسناد ابن ماجه: "فيه مقال"؛ يناقض تجويده لإسناد أحمد؛ كما هو ظاهر. ثم إن ما نسبه لابن حبان أنه قال: "لم يرو عنه ... " إلخ؛ خطأ؛ لأمرين: الأول: أنه ليس في "ثقاته"، وهذا نصه فيه (5/ 42) : "يروي عن ابن مسعود، والحارث بن أقيش. عداده في أهل البصرة. روى الجزء: 10 ¦ الصفحة: 369 عنه داود بن أبي هند، وأبو حرب. وأحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق السبيعي عن ابن عباس قوله". وهكذا نقله عنه الحافظ ابن حجر في "التهذيب". والآخر: أن هذا القول إنما هو لابن المديني؛ فقد عزاه إليه الحافظ عقب النقل المشار إليه؛ فقال: "وقد قال علي بن المديني: عبد الله بن قيس الذي روى عنه داود بن أبي هند؛ مجهول لم يرو عنه غير داود، ليس إسناده بالصافي". فظهر أنه اختلط على البوصيري كلام ابن المديني بكلام ابن حبان! ثم إن تصريح ابن المديني بجهالة ابن قيس هذا: هو الذي تنباه الحافظ في "التقريب" بقوله: "مجهول". وأشار إليه الذهبي بقوله في "الميزان": "تفرد عنه داود بن أبي هند، ولعله الذي قبله". يعني: الذي تقدم في كلام ابن حبان، فقال الذهبي: "عبد الله بن قيس عن ابن عباس، لا يدرى من هو؟ تفرد عنه أبو إسحاق". قلت: وقال الحافظ فيه أيضاً: "مجهول؛ ولعله الذي قبله". قلت: فالعجب منهما؛ كيف غفلا عن هذه الجهالة هما وغيرهما ممن سبقذكره؛ فصححوا الحديث؟! وبخاصة منهم الذهبي الذي وافق الحاكم على الجزء: 10 ¦ الصفحة: 370 تصحيحه على شرط مسلم، وابن قيس هذا ليس من رجاله، وإنما هو من رجال ابن ماجه؛ كما رمزوا له! هذا؛ ولعله مما يوهن من شأن هذا الراوي، ويبين أنه ليس في موضع الثقة؛ أنه روى الزيادة الأخرى بلفظ: "يموت لهما أربعة ... "! فإنه منكر بهذا اللفظ؛ فإن الأحاديث التي في معناه ليس فيها ذكر: "أربعة"؛ وإنما لفظ: "ثلاثة"؛ مثل حديث أنس: "ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث ... " الحديث. رواه البخاري وسواه. وفي معناه أحاديث أخرى، رواها ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 352-355) ، وخرج بعضها المنذري في "ترغيبه"، والهيثمي في "مجمعه"؛ فليراجعها من شاء. وأما الزيادة الأولى التي ذكر فيها (الشفاعة) ؛ فهي صحيحة بغير هذه الرواية، وقد خرجتها من حديث أبي أمامة وعبد الله بن أبي الجدعاء وغيرهما في الكتاب الآخر: "الصحيحة" برقم (2178) ؛ فلا داعي للإعادة. 4824 - (يا عثمان! هذا جبريل يقول عن الله عز وجل: إني قد زوجتك أم كلثوم؛ على مثل ما زوجتك رقية، وعلى مثل صحبتها) (1) . ضعيف رواه ابن ماجه (110) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 295/ 2) عن محمد بن عثمان بن خالد: أخبرنا أبي: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه الأعرج عن أبي هريرة:   (1) كتب الشيخ - فوق هذا المتن: " كان قبله حديث فنقل إلى " الصحيحة " برقم (4863) . (الناشر) الحديث: 4824 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 371 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي عثمان بن عفان عند باب المسجد، فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله موثقون؛ غير عثمان بن خالد - وهو الأموي العثماني - متروك، كما قال الحافظ. ثم رواه ابن منده، والحاكم (4/ 49) من طريق عبد الله بن صالح: أخبرنا ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه لهفان مهموماً، فقال له: "ما لي أراك لهفان مهموماً؟! ". فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! وهل دخل على أحد ما دخل علي؟ ماتت ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كانت تحتي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك! فبينما هو يحاروه؛ إذ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره؛ وزاد: فزوجه إياها. وقال: "تفرد به ابن لهيعة عن عقيل". قلت: وابن لهيعة ضعيف. ومثله عبد الله بن صالح. 4825 - (يخرج من خراسان رايات سود، لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء) . ضعيف أخرجه الترمذي (2270) ، وأحمد (2/ 365) عن رشدين بن سعد عن يونس عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث غريب". زاد في بعض النسخ: الحديث: 4825 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 372 "حسن غريب"! والأول أليق بحال رشدين بن سعد؛ فإنه ضعيف. 4826 - (يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي. يعني: سلطانه) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 519) ، والفسوي في "المعرفة" (2/ 497) عن ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة وأبي زرعة الحضرمي؛ كما قال البوصيري (250/ 1) . قلت: وأما الفسوي؛ فذكر الحضرمي في ثقات التابعين المصريين! خلافاً للنسائي وغيره؛ فقال: "ليس بثقة". وقال ابن حبان: "لا يحتج بخبره". وقال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 4826 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 373 4827 - (يدعى أحدهم، فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه، فيرونه من بعيد، فيقولون: اللهم! ائتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم، فيقول: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هذا. الحديث: 4827 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 373 وأما الكافر؛ فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم، فيلبس تاجاً، فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم! لا تأتنا هذا، قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم! أخزه، فيقول: أبعدكم الله؛ فإن لكل رجل منكم مثل هذا) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 193) ، وأبو يعلى (4/ 1459) ، وعنه ابن حبان (2588 - موارد) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 16) ، والحاكم (2/ 242-243) من طريق إسماعيل السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: في قوله عز وجل: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) قال ... فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب، والسدي: اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: والد إسماعيل - وهو عبد الرحمن بن أبي كريمة - ليس من رجال مسلم، ثم هو مجهول الحال، كما في "التقريب". وقد قال الذهبي نفسه في "الميزان": "ما روى عنه سوى ولده". قلت: ونحوه في "تهذيب الحافظ"، فحقه - إذن - أن يقول فيه: "مجهول العين"! فلتأمل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 374 تنبيهان: الأول: مع ما سبق من الإشارة إلى أن الحديث عند المذكورين من طرق عن (إسماعيل السدي) ؛ فإني أرى من الفائدة أن ألفت النظر إلى خلاف وقع في شيخ أبي يعلى فيه في المصورة التي عزوت إليها، وكذا في نسخة أخرى (ق 279/ 2) ، ومثلها النسخة المطبوعة (11/ 3-5- تحقيق الأخ حسين الداراني) ؛ ففيها كلها قال أبو يعلى: "حدثنا الحارث بن سريج ... "! ووقع في رواية ابن حبان إياه عنه في "الموارد" (2588) : "حدثنا سريج بن يونس ... "، وكذا في "الإحسان" (16/ 346) ! وكلا الشيخين قالا: "حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ... "! وإذا رجعنا إلى ترجمة كل منهما؛ وجدنا أنهما يرويان عن عبد الرحمن بن مهدي، وعنهما أبو يعلى؛ فلا أدري هل الخلاف ناشىء من النساخ، أو أن لأبي يعلى فيه شيخين؟! وهذا مما أستبعده. فإن كان الصواب من هذا الاختلاف (الحارث بن سريج) ؛ فيكون إسناد أبي يعلى ضعيفاً إلى عبد الرحمن السدي؛ لأن الحارث هذا؛ قال ابن عدي: "ضعيف، يسرق الحديث". ومع هذا الجرح المفسر من هذا الحافظ، والمؤيد بقول ابن معين في رواية: "ليس بشيء". وقول النسائي: "ليس بثقة". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 375 لم يعبأ بذلك كله المعلق على "الموارد" (11/ 5) ؛ فزعم أنه حسن الحديث؛ اعتماداً منه على توثيق ابن معين إياه في رواية، وابن حبان (8/ 183) ؛ جاهلاً أو متجاهلاً قاعدة: "الجرح المفسر مقدم على التعديل"! وله من مثل هذه المخالفة الشيء الكثير. ويأتي ذكر أحدها قريباً. والتنبيه الآخر: أن عبد الرحمن أبا إسماعيل - وهو السدي -؛ قد ذكر فيه ثلاثة أقوال في اسم والده، فقيل: هو (ابن أبي كريمة) ، وقيل: هو (ابن نهشل) ، وقيل: إن أبا كريمة كنية عبد الرحمن بن نهشل! ثم قال: "وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له في "صحيحه" أحاديث (1) ؛ من رواية ابنه عنه عن أبي هريرة"! قلت: ومع ذلك؛ فلم يورده ابن حبان في "الثقات" على وجه من تلك الوجوه الثلاثة، وإنما على وجه رابع! فقال في (التابعين) منه (5/ 108) : "عبد الرحمن بن أبي ذئب السدي.. عنه ابنه إسماعيل". قلت: فكأنه - لهذا الاضطراب في اسم أبيه - لم ينسبه البخاري في "التاريخ"، وتبعه ابن أبي حاتم في "كتابه"، ولم يذكروا جميعاً له راوياً غير ابنه؛ فهو مجهول كما تقدم. وأما المعلق على "مسند أبي يعلى" (11/ 5) ؛ فقال: "إسناده حسن، الحارث بن سريج بينا أنه حسن الحديث عند رقم (1103) ، وعبد الرحمن بن أبي كريمة لم أر فيه جرحاً، ووثقه ابن حبان"!!   (1) قلت: لم أر له في " الإحسان " إلا هذا، وإلا حديثا آخر في سماع الميت قوع النعال (7/388/3118) ! وهذا له فيه إسناد آخر حسن، ومتنه مطوّل، وهو في " الموارد " (781) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 376 4828 - (يدور المعروف على يدي مئة رجل، آخرهم فيه كأولهم) . ضعيف جداً أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (315/ 1) ، والديلمي (4/ 331) معلقاً على أبي الشيخ عن سويد بن سعيد: حدثنا عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن أنس بن مالك رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد - وهو العمي - متروك. وأبوه ضعيف. وسويد بن سعيد ضعيف أيضاً. الحديث: 4828 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 377 4829 - (يرحمنا الله وأخا عاد. يعني: هوداً عليه السلام) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (2/ 435) عن زيد بن الحباب: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير زيد بن الحباب؛ فإنه من رجال مسلم وحده، وفيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق، يخطىء في حديث الثوري". قلت: وقد خولف في إسناده ومتنه؛ فقال حمزة بن حبيب الزيات: عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن عباس عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا بدأ بنفسه وقال: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني ... ) "؛ طولها حمزة. الحديث: 4829 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 377 أخرجه أحمد (5/ 121) ، وأبو داود (2/ 167) - والسياق له -، والحاكم (2/ 574) . وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! وأقره الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم وحده؛ فإن البخاري لم يخرج لحمزة شيئاً. وأخرجه الترمذي (3382) دون قوله: وقال: "رحمة الله ... ". وقال: "حديث حسن غريب صحيح". وهكذا أخرجه مسلم (7/ 105-106) من طريق رقبة عن أبي إسحاق به في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام؛ مع الزيادة مختصراً، لكن بلفظ: "رحمة الله علينا وعلى أخي - كذا -، رحمة الله علينا". كذا وقع هنا: "كذا"! ولم يتكلم عليه النووي بشيء.ولعلها زيادة من بعض النساخ، كتبت في الهامش، ثم نقلها آخر إلى المتن، وهو يعني أن الأصل هكذا ليس فيه تسمية أخيه؛ وهو بلا شك موسى، فإن قبل الحديث بسطرين ما نصه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذا المكان: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل لرأى العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة، قال: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً) ، ولو صبر لرأى العجب". قلت: وبعد هذا مباشرة قال: "وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه: "رحمة الله علينا وعلى أخي - كذا -، رحمة الله علينا". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 378 ثم بدا لي أنه يحتمل أن قوله: "كذا: رحمة الله علينا"؛ إنما هو من أحد الرواة، كأنه يقول: كذا في الحديث: "رحمة الله علينا"؛ يعني: أنه بضمير الجمع، ولعل هذا هو الأرجح. والله أعلم. وجملة القول؛ أن حمزة ورقبة خالفا زيد بن الحباب في إسناد الحديث وفي متنه. أما الإسناد؛ فجعلاه من مسند أبي بن كعب لا ابن عباس، وإنما هذا رواه عنه، فقصر ابن الحباب؛ فجعله من مسند ابن عباس، فوهم! وأما المتن؛ فقد ذكرا موسى مكان أخي عاد، وهذا هو المحفوظ. والله أعلم. ثم رأيت عبد بن حميد قد ساق الحديث في "منتخب المسند" وجوده؛ فقال (ق 27/ 2) : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق ... مثل رواية مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - وكنا عنده -؛ فقال القوم: إن نوفاً الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس موسى بني إسرائيل؟! قال: وكان ابن عباس متكئاً، فاستوى جالساً فقال: كذلك يا سعيد بن جبير؟! قلت: أنا سمعته يقول ذلك. قال ابن عباس: كذب نوف! حدثني أبي بن كعب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل، واستحيى وأخذته ذمامة من صاحبه، فقال له: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني) ؛ لرأى من صاحبه عجباً". قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر نبياً من الأنبياء؛ بدأ بنفسه فقال: "رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد". ثم قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 379 "إن موسى عليه السلام بينما هو يخطب ... " الحديث بطوله في قصته مع الخضر عليه السلام. وهي في "الصحيحين" من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير به، وليس فيها قوله: "وكان إذا ذكر نبياً ... "؛ هو عند مسلم دون التصريح باسم صالح ودون ذكر عاد، كما تقدم من رواية رقبة. وقد تابعه - عنده - محمد بن يوسف، قرنه مع عبيد الله بن موسى، ولكنه لم يسق لفظهما، بل أحال فيه على لفظ رقبة فقال: نحو حديثه. قلت: وإسناد عبد بن حميد صحيح؛ إن كان أبو إسحاق سمعه من سعيد ابن جبير؛ فإنه مدلس، وهو - وإن كان قد اختلط -؛ فإن من المحتمل أن يكون رقبة - وهو ابن مصقلة - سمعه منه قبل الاختلاط؛ فإنه قديم الوفاة، مات سنة (129) ، وهي السنة توفي فيها أبو إسحاق نفسه، وقد وجدت الحافظ في بعض تخريجاته قد أثبت سماع الأعمش من أبي إسحاق قبل الاختلاط، مع أنه توفي بعد رقبة بنحو عشرين سنة؛ لأنه مات سنة (147) . كما أنهم اتفقوا على سماع سفيان الثوري وشعبة منه قبل الاختلاط، مع أن وفاة الأول سنة (161) ، وشعبة سنة (160) . والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "مسند أحمد" (5/ 122) من طريق قيس عن أبي إسحاق مختصراً بلفظ: كان إذا ذكر الأنبياء بدأ بنفسه فقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 380 "رحمة الله علينا وعلى هود وعلى صالح". وقيس هو ابن الربيع، وهو - وإن كان ضعيفاً -؛ فلا بأس به في المتابعات والشواهد. وبالجملة؛ فذكر هود وصالح في الحديث محفوظ عن أبي إسحاق، وإنما الشأن التثبت فيما إذا كان أبو إسحاق سمعه من سعيد بن جبير. والله أعلم. 4830 - (يشمت العاطس ثلاثاً؛ فإن زاد؛ فإن شئت فشمته، وإن شئت فكف) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 318) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (6/ 181) ، وابن السني (248) عن يزيد بن عبد الرحمن عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن حميدة - أو عبيدة - بنت عبيد بن رفاعة الزرقي عن أبيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ عبيد بن رفاعة الزرقي؛ ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووثقه العجلي. وحميدة - أبو عبيدة - بنت عبيد مقبولة عند الحافظ. ويزيد بن عبد الرحمن - وهو أبو يزيد الدالاني - ضعيف. الحديث: 4830 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 381 4831 - (يكون في هذه الأمة أربع فتن، في آخرها الفناء) . ضعيف أخرجه أبو داود (2/ 200) عن رجل عن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم. الحديث: 4831 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 381 4832 - (يوزن يوم القيامة مداد العلماء مع دم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) . موضوع رواه السهمي في "تاريخ جرجان" (52،181) عن أحمد بن بهرام: حدثنا سهل بن عبد الكريم عن يعقوب القمي عن هارون بن عنترة عن الشعبي قال: خطبنا النعمان بن بشير - وكان آخر من بقي من الصحابة - فقال ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يعقوب - وهو ابن عبد الله القمي - صدوق يهم. وسهل بن عبد الكريم وأحمد بن بهرام؛ ترجمهما السهمي، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. ورواه إسماعيل بن أبي زياد عن أبي يونس القشيري عن سماك بن حرب عن أبي الدرداء مرفوعاً. أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (1/ 30-31) . ورواه إسماعيل أيضاً عن عبد الله بن عقبة - هو ابن لهيعة - عن أبي قبيل عن زيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو به. أخرجه الديلمي (4/ 348) . قلت: وإسماعيل بن أبي زياد: هو الكوفي قاضي الموصل؛ قال الحافظ: "متروك، كذبوه". الحديث: 4832 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 382 وأخرجه الديلمي أيضاً عن الأوزاعي: حدثنا إسحاق بن القاسم: حدثني أبي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رفعه. وإسحاق بن القاسم وأبوه؛ لم أعرفهما. وبالجملة؛ فالحديث ضعيف من جميع طرقه. ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال في "الميزان": "متنه موضوع". وهو الذي يميل إليه القلب. والله أعلم. 4833 - (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم؛ فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 113-114) ، وابن حبان (2308) ، والحاكم (1/ 91) ، والبيهقي في "سننه" (1/ 386) ، وأحمد (2/ 299) ، وأبو نصر المري في "أخبار مالك بن أنس" (1/ 2) ، وأبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في "الأربعين" (8/ 1-2) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 175) كلهم عن سفيان ابن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: وهو كما قالا؛ لولا عنعنة ابن جريج وأبي الزبير؛ فإنهما مدلسان، لا سيما الأول منهما؛ فإنه سيىء التدليس كما هو مشروح في ترجمته. الحديث: 4833 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 383 وقد أعله أحمد بالوقف، فقد ذكر ابن قدامة في "المنتخب" عنه أنه قال: "وأوقفه سفيان مرة، فلم يجز به أبا هريرة". وأخرج له المقدسي شاهداً من حديث زهير بن محمد أبي منذر التميمي: حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى مرفوعاً. لكن زهير هذا - وهو الخراساني - كثير الغلط. والله أعلم. وسعيد بن أبي هند؛ قال الحافظ: "ثقة، أرسل عن أبي موسى". 4834 - ((يومئذ تحدث أخبارها) ؛ أتدرون ما أخبارها؟ فإن أخبارها: أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها؛ أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 69) ، وابن حبان (2586) ، والحاكم (2/ 532) عن يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"! وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: يحيى هذا منكر الحديث. قاله البخاري". وقال الحافظ: "لين الحديث". الحديث: 4834 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 384 4 - (اليسر ي م ن، والعسر شؤم) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي (4/ 351) عن أشعث بن بزار عن علي بن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 384 زيد عن سعيد بن جبير قال: كنت ما أحب هذه الكلمة الامنول (كذا) حتى حدثني الثقة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أشعث هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". 4835/ م - (إن هاتين الصلاتين حولنا عن وقتهما في هذا المكان (يعني: المزدلفة) : المغرب والعشاء، فلا يقدم الناس جمعاً حتى يعتموا، وصلاة الفجر هذه الساعة) . ضعيف أخرجه البخاري (3/ 417) : حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجت مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة، ثم قدمنا جمعاً، فصلى الصلاتين، كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع الفجر، ثم قال ... (فذكره) . ثم وقف حتى أسفر، ثم قال: لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة، فما أدري أقوله كان أسرع، أم دفع عثمان رضي الله عنه؟! فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر. قلت: وهذا الحديث - مع كونه في "الصحيح" -؛ ففي ثبوته عندي شك كبير، وذلك لأمرين: الحديث: 4835 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 385 الأول: أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ مع كونه ثقة -؛ فإنه كان اختلط؛ كما صرح بذلك غير واحد من المتقدمين والمتأخرين، منهم الحافظ ابن حجر في "التقريب". والآخر: أنه اضطرب في متنه على وجوه: 1- هذا؛ فإنه جعل الصلوات المحولة عن أوقاتها ثلاث صلوات: المغرب والعشاء والفجر. 2- لم يذكر صلاة العشاء معها: في رواية أحمد (1/ 449) : حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا إسرائيل ... بلفظ: أما المغرب؛ فإن الناس لا يأتون ههنا حتى يعتموا. وأما الفجر؛ فهذا الحين ... وهكذا رواه أحمد بن خالد الوهبي: حدثنا إسرائيل به. أخرجه البيهقي (5/ 121) . وقال: "رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل. قال الإمام أحمد (1) : ولم أثبت عنهما قوله: تحولان عن وقتهما". 3- أنه أوقف التحويل؛ فجعله من قول ابن مسعود، فقال البخاري (3/ 412) : حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير ... بلفظ: فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلاً فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فنعشى، ثم أمر - أرى -   (1) هو البيهقي نفسه صاحب " السنن "؛ واسمه: أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر البيهقي. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 386 رجلاً فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة؛ إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان يحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر. قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله. وأخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" (1/ 105) من طريق أخرى عن عمرو ابن خالد. وتابعه عبد الرحمن بن عمرو البجلي: حدثنا زهير ... أخرجه البيهقي. وقال: "رواه البخاري في "الصحيح" عن عمرو بن خالد عن زهير، وجعل زهير لفظ التحويل من قول عبد الله". قلت: وقد خالفه إسرائيل فرفعه؛ كما تقدم من رواية البخاري. وقد أخرجه الطحاوي أيضاً، وأحمد (1/ 418) . 4- لم يذكر الركعتين بعد صلاة المغرب إسرائيل، وذكرهما زهير كما تقدم. وفي رواية للطحاوي (1/ 409) عن إسرائيل بلفظ: فلما أتى جمعاً صلى الصلاتين، كل واحدة منهما بأذان وإقامة، ولم يصل بينهما. وقال الحافظ (3/ 413) : الجزء: 10 ¦ الصفحة: 387 "وقع عند الإسماعيلي من رواية شبابة عن ابن أبي ذئب (يعني: عن أبي إسحاق) في هذا الحديث: ولم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها. قلت: وكذلك لم يذكرهما جرير بن حازم، فقال: سمعت أبا إسحاق ... : فصلى بنا ابن مسعود المغرب، ثم دعا بعشائه ثم تعشى، ثم قام فصلى العشاء الآخرة، ثم رقد ... الحديث. أخرجه أحمد (1/ 410) . قلت: والمحفوظ عندي عن أبي إسحاق: عدم ذكر الركعتين بعد المغرب؛ لتفرد زهير بهما دون الجماعة: إسرائيل وابن أبي ذئب وجرير بن حازم؛ فإن رواية الجماعة أحفظ وأضبط من رواية الفرد. هذا إن سلم من أبي إسحاق نفسه؛ لما عرفت من اختلاطه. (تنبيه) : قال الحافظ في ترجمة أبي إسحاق في "مقدمة الفتح" (2/ 154) : "أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه، ولم أر في "البخاري" من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه؛ كالثوري وشعبة، لا عن المتأخرين؛ كابن عيينة وغيره"! كذا قال! ويرد عليه هذا الحديث؛ فإنه - عند البخاري - من رواية إسرائيل وزهير عنه. وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي؛ فهو حفيد أبي إسحاق، وذلك معناه أنه سمع منه بعد الاختلاط. وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 388 "إسرائيل عن أبي إسحاق؛ فيه لين، سمع منه بأخرة". وزهير - وهو ابن معاوية بن حديج -؛ قد قال فيه أحمد مثل ما تقدم عنه في إسرائيل. وقال أبو زرعة: "ثقة؛ إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط". وهذا هو الذي اعتمده الحافظ نفسه، فقال في "التقريب": "ثقة ثبت؛ إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة" (1) . هذا؛ ولعل الإمام مسلماً لم يخرج حديث أبي إسحاق هذا؛ للاضطراب الذي بينته عنه؛ إنما أخرجه (4/ 76) مختصراً من طريق الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها؛ إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها. وهو رواية البخاري (3/ 417) ، وأحمد (3637) ، والطحاوي (1/ 97-98) وغيرهم. وجملة القول؛ أن حديث الترجمة لم يصح عندي؛ لأن مداره على أبي إسحاق السبيعي، وهو مختلط، وكل من رواه عنه بهذا اللفظ سمع منه بعد الاختلاط، ولم أره من رواية أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط؛ اللهم إلا مختصراً جداً وموقوفاً:   (1) وخفي هذا التحقيق على الشيخ التهانوي في كتابه " علوم الحديث " (ص 422) ؛ فنقل كلام الحافظ في " الفتح " معتمدا عليه محتجا به على أن رواية البخاري عن المختلط إنما هي من قبل إختلاطه! وانطلى الأمر على المعلِّق عليه الشيخ أبو غدة؛ فمشّاه كعادته وسّلم به! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 389 فقال الطحاوي (1/ 409) : حدثنا يونس قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق الهمذاني عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين. ثم استدركت فقلت: كلا؛ فإن يونس هذا: هو ابن عبد الأعلى المصري، لم يسمع من سفيان الثوري - الذي سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط -؛ وإنما سمع من سفيان بن عيينة، وهذا سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط؛ كما ذكرته عن الحافظ في التنبيه السابق. فإلى أن يأتي الحديث من طريق أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط - وباللفظ المذكور أعلاه -؛ فالحديث ضعيف. والله تعالى أعلم. ولو صح الحديث؛ فظاهره يدل على أن صلاة المغرب في وقتها المعتاد - أي: قبل وقت العشاء - لا يجوز؛ لأنها قد حولت عن وقتها، وكذلك صلاة الصبح لا تصح إلا في أول وقتها، فلو أسفر بها قليلاً أو كثيراً لم تجز، فهل من قائل بذلك؟ هذا موع نظر وبحث! والله أعلم. واعلم أن الداعي لكتابة هذا البحث؛ إنما هو سؤال وجهه بعض الطلاب إلي في ندوة علمية؛ كنت أقمتها في دار الحديث في المدينة النبوية؛ في موسم حج سنة (1391) ، حضرها بعض أساتذة الجامعة الإسلامية، وجماعة من طلابها، وطلاب الدار المذكورة وغيرهم، وجهت فيها أسئلة مختلفة حول مناسك الحج، منها سؤال عن الركعتين اللتين صلاهما ابن مسعود بعد صلاة المغرب في المزدلفة؛ كما في حديث البخاري هذا؟ فلم أجب عليه، واعتذرت بأني بحاجة إلى التثبت من صحة نسبة الحديث إلى البخاري، أو كلاماً نحو هذا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 390 ثم زارني في هذا الشهر - رجب الفرد - سنة (1393) أخ سلفي عراقي، وقدم إلي ثلاثة أشرطة تسجيل، في بعضها تسجيل للندوة المشار إليها، والمسائل والمناقشات التي جرت فيها، منها السؤال المشار إليه؛ فتذكرت ما كنت نسيت، فبادرت أولاً إلى الكشف عن الحديث في "البخاري"؛ فوجدته. ثم نظرت في إسناده؛ فرأيت فيه أبا إسحاق السبيعي، وهو معروف عندي أنه مختلط. ثم تابعت البحث والتحقيق؛ فكان من ذلك هذا المقال الذي بين يديك، والله تعالى ولي التوفيق. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد؛ ترجح عدم ثبوت الركعتين عن ابن مسعود؛ وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: حججت مع عبد الله، فلما أتى (جمعاً) ؛ أذن وأقام، فصلى المغرب ثلاثاً، ثم تعشى، ثم أذن وأقام، فصلى العشاء ركعتين. قلت: فلم يذكر الركعتين بعد المغرب. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. فهذا يؤيد رواية الجماعة المحفوظة عن أبي إسحاق؛ لأنه قد تابعه عليها إبراهيم هذا - وهو ابن يزيد النخعي -؛ وهو ثقة فقيه محتج به عند الجميع. 4836 - (من أكل من أجور بيوت مكة؛ فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم) . ضعيف أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (212) عن عبد الرحمن بن الحديث: 4836 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 391 الوليد الجرجاني: حدثنا عبد الله بن موسى العبسي عن النعمان بن ثابت عن عبيد الله بن أبي زياد المكي عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده السهمي في ترجمة عبد الرحمن هذا، وذكر أنه روى عنه ابن جرير الطبري ومحمد بن الفضل النجار الآملي؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والنعمان بن ثابت: هو أبو حنيفة النعمان الإمام، وحاله في الحديث معروف عند أئمة الحديث، كما بسطته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1/ 661-667) . وعبيد الله بن أبي زياد المكي - وهو أبو الحصين القداح - ليس بالقوي، كما قال الحافظ في "التقريب". والعهدة عليه في هذا الحديث؛ لأن أبا حنيفة قد توبع فيه عنه؛ كما تقدم برقم (2186) . والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 227/ 1) للديلمي وحده! 4837 - (كان إذا سافر فأقبل الليل؛ قال: يا أرض! ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، ومن شر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد) . ضعيف أخرجه أبو داود (2603) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (563) ، وابن خزيمة (2572) ، والبغوي في "شرح السنة" (5/ 146-147) ، وأحمد (2/ 132 و 3/ 124) عن شريح بن عبيد الحضرمي أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال ... فذكره. الحديث: 4837 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 392 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الزبير بن الوليد مجهول، كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان": "تفرد عنه شريح بن عبيد". قلت: وأما ابن حبان؛ فوثقه على قاعدته في توثيق المجهولين! ولذلك لم يتابعه الحافظ في "التقريب"؛ فقال فيه: "مقبول"! قلت: ويعني أنه مقبول عند المتابعة؛ وإلا فهو لين الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة. فقوله في "تخريج الأذكار": "حسن"! كما نقله ابن علان (5/ 164) ؛ مما لا وجه له عندي؛ إلا أن يكون توسطاً منه بين ما يقتضيه جهالة المذكور من الضعف، وبين تصحيح الحاكم إياه في "المستدرك" (2/ 100) ! ولا يخفى ما فيه، وإن تابعه الذهبي على التصحيح؛ فإنه مناف أيضاً لتجهيله لراويه كما سبقث الإشارة إليه، ولقول النسائي عقبه: "الزبير بن الولي شامي، ما أعرف له غير هذا الحديث". (تنبيه) : قال المعلق على "شرح السنة" - بعد أن خرج الحديث -: "وله شاهد من حديث عائشة عند ابن السني (168) ، وسنده ضعيف"!! وهذا وهم محض؛ فهذا الشاهد متن آخر؛ أوله: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 393 كان إذا أشرف على أرض يريد دخولها؛ قال: "اللهم؛ إني أسألك من خير هذه الأرض ... " الحديث. 4838 - (موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس، موت قبيلة أيسر من موت عالم) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 263/ 1699) ، وابن عبد البر في "الجامع" - معلقاً -، وعبد الغني المقدسي في "العلم" (10/ 1) من طريق أبي نعيم بسنده عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن عثمان بن أيمن (1) عن أبي الدرداء مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عثمان بن أيمن؛ لم أعرفه. وخالد بن يزيد بن أبي مالك؛ قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "ضعيف؛ مع كونه فقيهاً، وقد اتهمه ابن معين". وقال الهيثمي في "المجمع" (1/ 202) : "رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه (عثمان بن أيمن) ؛ ولم أر من ذكره، وكذلك إسماعيل بن صالح"! قلت: ليس هو عند البيهقي وغيره، وأخشى أن يكون محرفاً من (صفوان بن صالح) الذي عند البيهقي! وأستغرب من الهيثمي غفلته عن العلة الكبرى، وهي (خالد بن يزيد) .   (1) كذا في المصادر التي وقفت عليها، وجعله المعّلق على " الجامع " (1/170) (عثمان بن أبي سودة) ! ولا وجه له الحديث: 4838 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 394 وأسوأ منه: ما فعله المعلقون الثلاثة على "الترغيب" للمنذري؛ فإن هذا ساقه بتمامه، وأوله: "من غدا يريد العلم يتعلمه لله ... " الحديث، وفي آخره حديث الترجمة، ثم عزاه لأصحاب "السنن" وابن حبان. وقال: "وليس عندهم: "موت العالم ... " إلى آخره. ورواه البيهقي - واللفظ له - من رواية.. خالد بن يزيد بن أبي مالك عن عثمان بن أيمن عنه"! فماذا فعل الثلاثة المشار إليهم؟ لم يزيدوا على قولهم في التعليق عليه: "سبق تخريجه برقم (106) "! وهناك صدروا الحديث بقولهم: "حسن"! لكن الحديث هناك من طريق آخر عن أبي الدرداء، وليس فيه: "موت العالم ... "! فأوهموا أنه بهذه الزيادة حسن أيضاً، وهو ضعيف جداً لما سبق!! وزادوا - ضغثاً على إبالة - أنهم في تخريجهم الحديث هناك؛ عزوه للبيهقي في "الآداب" (1045،1046) ، وفي "الأربعين الصغرى" (3) ، وفي "الشعب" (1696،1697) . قلت: وهو في هذه المواطن الثلاثة من الطريق الأخرى الخالية من الزيادة! ولو أنهم تابعوا البحث، وكان يهمهم التحقيق حقاً وصبروا؛ لوجدوا الحديث بها في "الشعب" بعد حديث واحد - أي: برقم (1699) - كما تقدم مني، ولكنهم في الحقيقة لا تحقيق عندهم ولا علم! والله المستعان. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 395 وللحديث طريق أخرى واهية؛ تقدمت برقم (4668) . 4839 - (قضى في ابن الملاعنة أن لا يدعى لأب، [ولا ترمى هي به، ولا يرمى ولدها] ، ومن رواها أو رمى ولدها؛ فإنه يجلد الحد، وقضى أن لا قوت لها ولا سكنى؛ من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 353-354) ، وعنه البيهقي (7/ 409-410) ، وأحمد (1/ 238-239 و 245) من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عباد بن منصور؛ قال الحافظ: "صدوق، وكان يدلس، وتغير بآخره". وقصة الملاعنة؛ قد رواها هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس ... ولم يذكر فيه هذا الذي ذكره عباد عن عكرمة. أخرجها البخاري (6/ 4) عنه. ثم رواه (6/ 180) من طريق القاسم بن محمد عن ابن عباس به مثل رواية هشام. فدل ذلك على نكارة ما رواه عباد عن عكرمة. والله أعلم. وقد وجدت لبعضه شاهداً يرويه محمد بن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: الحديث: 4839 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 396 قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه، ومن قفاها به جلد ثمانين، ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين. أخرجه أحمد (2/ 216) . وابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بالتحديث، بل علقه بصيغة (قال) ؛ التي تشبه العنعنة. وفي حديث سهل في قصة المتلاعنين: وكانت حاملاً، فأنكر حملها، وكان ابنها يدعى إليها، ثم جرت السنة في الميراث: أن يرثها، وترث منه ما فرض الله لها. أخرجه البخاري (6/ 4) ، وأبو داود (1/ 352) من طريق فليح عن الزهري عنه. وفليح - وهو ابن سليمان -؛ فيه ضعف من قبل حفظه. وقد خالفه ابن جريج فقال: قال ابن شهاب ... فذكره مرسلاً؛ لم يذكر سهلاً. أخرجه البخاري (6/ 179) . وهذا أصح. والله أعلم. 4840 - (من أمر بمعروف، ونهى عن منكر؛ فهو خليفة الله في الأرض، وخليفة كتاب الله عز وجل، وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) . ضعيف أخرجه عبد الغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ق 91/ 1) عن بقية عن عبد الله بن نعيم عن بعض المشيخة يرفعه. وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ وذلك أن بقية - وهو ابن الوليد - مدلس؛ وقد عنعنه. الحديث: 4840 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 397 وعبد الله بن نعيم - وهو القيسي الشامي -؛ قال الحافظ: "لين الحديث. من السادسة". وبعض المشيخة مجهول لم يسم، والظاهر أنه من التابعين. ثم أخرجه هو (96/ 1) ، وابن عدي (280/ 1) عن كادح بن جعفر عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جابر الصيرفي عن عبادة بن الصامت مرفوعاً به. وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه. ومسلم بن جابر الصيرفي لم أعرفه. وأما ابن عدي؛ فأعله بعلة أخرى؛ فقال: "كادح؛ عامة ما يرويه غير محفوظ، ولا يتابع عليه في إسناده، ولا في متنه"! قلت: وكادح؛ قد وثقه غير واحد، فإعلاله بمن فوقه أولى. والله أعلم. 4841 - (لا قود في المأمومة، ولا الجائفة، ولا المنقلة) . منكر (1) أخرجه ابن ماجه (2637) ، وأبو يعلى في "مسنده" (4/ 1580) عن رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن معاذ بن محمد الأنصاري عن ابن صهبان عن العباس بن عبد المطلب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: ابن صهبان؛ قال الحافظ في "التقريب":   (1) وحسنّه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (2190) و " صحيح ابن ماجه " (2149) (الناشر) الحديث: 4841 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 398 "اسمه عقبة فيما أظن، فإن كان؛ فروايته منقطعة؛ وإلا فمجهول". الثانية: معاذ بن محمد الأنصاري؛ قال ابن المديني: "مجهول". الثالثة: رشدين بن سعد ضعيف. وبه أعله البوصيري! وفيه نظر؛ فقد تابعه عبد الله بن لهيعة: عند أبي يعلى؛ فالعلة القادحة من اللذين قبلهما. ثم إن الحديث منكر؛ فقد ثبت مرفوعاً: أن في المأمومة والجائفة ثلث الدية. وهو مخرج في "الإرواء" (2287،2293،2294) من حديث عبد الله بن عمرو وغيره. وفيه: "والمنقلة خمس عشرة من الإبل". وسنده حسن. 4842 - (يا علي! إن فيك من عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً: أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها) (1) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (ق 33/ 1) ، وعبد الله بن أحمد (1/ 160) ، والحاكم (3/ 123) من طريق الحكم بن عبد الملك عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي رضي الله عنه قال:   (1) قدِّر للشيخ - رحمه الله - تخريج هذا الحديث مرة أخرى برقم (4904) بفائدة أوسع (الناشر) الحديث: 4842 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 399 دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... فذكره، وزادوا - غير أبي يعلى -: وقال علي رضي الله عنه: ألا وإنه يهلك في محب مطر يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما استطعت، فما أمرتكم به من طاعة الله تعالى فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم، وما أمرتكم بمعصية أنا وغيري؛ فلا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل، وإنما الطاعة في المعروف". والسياق للحاكم - وهو أتم -. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: الحكم؛ وهاه ابن معين". قلت: وربيعة بن ناجذ؛ قال الذهبي: "لا يكاد يعرف". وقول الحافظ فيه: "ثقة"! إنما عمدته توثيق ابن حبان والعجلي إياه، ولا يخفى ما فيه؛ مع أنهم لم يذكروا له راوياً غير أبي صادق هذا. والحديث؛ قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 133) : "رواه عبد الله، والبزار - باختصار -، وأبو يعلى - أتم منه -، وفي إسناد عبد الله وأبي يعلى: الحكم بن عبد الملك؛ وهو ضعيف، وفي إسناد البزار: محمد بن كثير القرشي الكوفي؛ وهو ضعيف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 400 4843 - (قال جبريل: يا محمد! (قل هو الله أحد) : ليس له عروق فتتشعب إليه. (الله الصمد) : ليس بالأجوف، لا يأكل ولا يشرب. (لم يلد ولم يولد) : ليس له ولد ولا والد ينسب إليه. (ولم يكن له كفواً أحد) : ليس من خلقه شيء يعدل [مكانه] ، يمسك السماوات والأرض إن زالتا. هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، [ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام] ؛ انتسب الله عز وجل إليها؛ فهي له خالصة، [من قرأها ثلاث مرات؛ عدل بقراءة الوحي كله ومن قرأها ثلاثين مرة؛ لم يفضله أحد من أهل الدنيا يومئذ؛ إلا من زاد على ما قال، ومن قرأها مئتي مرة؛ أسكن من الفردوس سكناً يرضاه، ومن قرأها حين يدخل منزله ثلاث مرات؛ نفت عنه الفقر، ونفعت الجار. وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها ويرددها حتى أصبح] ) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (15/ 2) عن سلمة بن شبيب: حدثنا يحيى بن عبد الله الحراني عن ضرار عن أبان عن أنس قال: أتت يهود خيبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا القاسم! خلق الله الملائكة من نور الحجاب، وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربك عز وجل؟ فلم يجبهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال ... الحديث دون الزيادات؛ فهي من "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 410) . وقد ساق الحديث - بهذا التمام - معزواً لرواية أبي الشيخ في "العظمة"، وأبي بكر السمرقندي في "فضائل (قل هو الله أحد) " عن أنس. الحديث: 4843 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 401 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ بل موضوع؛ أبان: هو ابن أبي عياش، وهو متروك؛ بل كذبه شعبة وأحمد وابن معين. وضرار؛ الظاهر أنه ابن عمرو الملطي، ضعيف؛ بل قال البخاري: "فيه نظر". ويحيى بن عبد الله الحراني - وهو البابلتي - ضعيف. 4844 - (إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم، وتشعر اليوم على ماء كذا وكذا، فلبست قميصاً ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي. وكان قد بعث ببدنه من المدينة، وأقام بالمدينة) (1) . منكر أخرجه الطحاوي (1/ 370،439) ، وأحمد (3/ 400) عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة عن عبد الملك بن جابر عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً؛ فقد قميصه من جيبه، حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فقال ... فذكره. قلت: وإسناده رجاله ثقات؛ على خلاف في ابن أبي لبيبة؛ فقال البخاري: "فيه نظر". وقال أبو حاتم: "شيخ؛ يحول من (كتاب الضعفاء) ". وقال النسائي وابن سعد: "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الأزدي:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " يأتي برقم (5966) وهنا بعض الفوائد ". (الناشر) الحديث: 4844 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 402 "لا يصح حديثه". وقال الحاكم أبو أحمد: "ليس بالقوي عندهم". وقال ابن عبد البر: "ليس عندهم بذاك، وترك مالك الرواية عنه، وهو جاره". هذا كل ما قيل فيه من التعديل والجرح، وقد لخص ذلك الحافظ في "التقريب" بقوله: "صدوق فيه لين". وقال الذهبي في "المغني": "وثقه النسائي. وقال خ: فيه نظر. وقواه أبو حاتم". قلت: فهو ممن يتردد النظر بين تحسين حديثه أو الاستشهاد به، فإذا وجد في حديثه أقل مخالفة لما رواه الثقات؛ تعرض للوهن والسقوط. وقد وجدت حديثين يخالفان بعض ما جاء فيه: الأول: حديث يعلى بن أمية في الرجل الذي أهل بالعمرة وعليه جبة، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "انزع عنك الجبة ... " الحديث. متفق عليه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1596-1599) . فأمره - صلى الله عليه وسلم - بنزع الجبة، ولم يأمره بشقها. وبهذا الحديث احتج الطحاوي على ترجيحه على حديث جابر هذا، وقال: "إن إسناده أحسن من إسناده"؛ وأيده من طريق النظر. ثم روى بسند صحيح عن قتادة قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 403 قلت لعطاء: إنما كنا نرى أن يشقها؟! فقال عطاء: إن الله لا يحب الفساد. ونقل ابن عبد البر في "التمهيد" (2/ 294) أن الحديث ضعيف عند أهل العلم، وهو عندهم - مع ضعفه - مردود بالثابت من حديث عائشة الآتي. والآخر: حديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم. متفق عليه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" أيضاً (1541،1553) . فهذا خلاف حديث جابر صراحة، وإليه ذهب فقهاء الأمصار، وهو أن من أرسل هدياً لا يصير بذلك محرماً، ولا يمسك عما يمسك عنه المحرم؛ خلافاً لبعض السلف. قال الحافظ (3/ 430) : "ومن حجتهم: ما رواه الطحاوي وغيره (فذكر حديث جابر هذا. وقال) ؛ وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده"! قلت: ولا يخفى ما في الجزم بالضعف بعد أن عرفت الخلاف في راويه ابن أبي لبيبة! فهذا في طرف، وشيخه الهيثمي في طرف آخر؛ حيث قال (3/ 227) : "رواه أحمد والبزار باختصار، ورجال أحمد ثقات"! قلت: فهذا التوثيق المطلق في طرف آخر! والحق التفصيل الذي أوضحته لك. هذا؛ لعل لفظ البزار المختصر الذي يشير إليه الهيثمي؛ هو ما أخرجه أحمد أيضاً (3/ 294) من طريق داود بن قيس عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 404 بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس مع أصحابه؛ شق قميصه حتى خرج منه، فقيل له؟ فقال: "واعدتهم يقلدون هدياً اليوم؛ فنسيت" (1) . قلت: وداود بن قيس - وهو الفراء - ثقة من رجال مسلم. وجابر؛ له ثلاثة من الولد يروون عنه: عبد الرحمن وعقيل ومحمد، ولم يذكر أحدهم في شيوخ ابن أبي لبيبة، وإنما ذكروا فيهم عبد الملك بن جابر - وهو ابن عتيك؛ المتقدم في رواية حاتم بن إسماعيل -؛ فهذا يدل على أن ابن أبي لبيبة كان يضطرب في إسناده. ومما يؤكد ذلك: أنه ورد عنه على وجه آخر، فقال زيد بن أسلم: عن عبد الرحمن بن عطاء عن نفر من بني سلمة قالوا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً؛ فشق ثوبه، فقال: "إني واعدت هدياً يشعر اليوم". أخرجه أحمد (5/ 426) : حدثنا وكيع: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم. فهذه علة أخرى تدل على ضعف الحديث؛ وهي اضطراب الراوي في إسناده على وجوه ثلاثة: الأولى: عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر بن عبد الله. الثانية: عن ابني جابر يحدثان عن أبيهما.   (1) هو في " مسند البزار " (2/20/1107 - كشف) بنحوه من الطريق ذاتها. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 405 الثالثة: عن نفر من بني سلمة قالوا ... وعلى هذه الرواية؛ فهو مرسل أو منقطع؛ لأن النفر من بني سلمة إن كانوا من التابعين فهو مرسل؛ لأن ابن أبي لبيبة لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ ولا يبعد أن يكون عنى بهم ابني جابر كما في الرواية الثانية. وإن كانوا من الصحابة؛ فهو منقطع لما ذكرنا، وهذا الاحتمال هو الذي يناسب إيراد الإمام أحمد للحديث من هذا الوجه أيضاً في "المسند". ومع ذلك؛ فقد أشكل علي في هذا الإسناد أمور: أولاً: أنهم لم يذكروا في الرواة عن عبد الرحمن بن عطاء هذا: زيد بن أسلم، وزيد أكبر منه؛ فإنه تابعي معروف؛ وإنما ذكروا فيه هشام بن سعد. ثانياً: أن الهيثمي أورده هكذا: "وعن عطاء بن يسار عن نفر من بني سلمة قالوا ... (الحديث) ؛ رواه أحمد، ورجاله رجال (الصحيح) "! فأشكل علي قوله: "عطاء بن يسار"؛ فإن هذا ليس في "المسند"، وإنما فيه "عبد الرحمن بن عطاء"، فقلت في نفسي: لعل هذا محرف، والصواب: "عبد الرحمن بن عطاء"؛ فرجعت إلى ترجمة زيد بن أسلم؛ فوجدت في شيوخه راويين كل منهما اسمه عبد الرحمن؛ أحدهما: ابن وعلة، والآخر: ابن أبي سعيد الخدري، فرجعت إلى ترجمة كل منهما؛ فلم أجد في شيوخهما من يسمى عطاءً، لا عطاء بن يسار ولا غيره! وهنا انتهى بحثي حول هذا الإسناد، وهو بحاجة بعد إلى مزيد من البحث والتحقيق، فمن بدا له شيء. فليلحقه به. وجزاه الله خيراً. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 406 ثم وجدت حديثاً آخر مخالفاً لحديث الترجمة، ومطابقاً لظاهر حديث يعلى ابن أمية، وهو حديث أو سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء يوم النحر، فصار إلي، ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انزع عنك القميص". قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال: لم يا رسول الله؟! قال: "إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا؛ يعني: من كل ما حرمتم منه؛ إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛ صرتم حرماً لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة قبل أن تطوفوا به". أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن. ومن ضعفه فما حقق، وقد تكلمت عليه مفصلاً في "صحيح أبي داود" (1745) . 4845 - (يا سلمان! كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم، فماتت فيه؛ فهو حلال أكله وشربه ووضوؤه) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (ق 182/ 2) ، والدارقطني (ص 14) من طريق بقية بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر بن منصور عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً وفيه علل: الحديث: 4845 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 407 الأولى: ابن جدعان؛ فإنه ضعيف؛ لسوء حفظه. الثانية: سعيد بن أبي سعيد الزبيدي. وبه أعله مخرجه ابن عدي؛ فقال: "عامة أحاديثه ليست بمحفوظة". وقال الذهبي: "لا يعرف، وأحاديثه ساقطة". ثم ساق له هذا الحديث. الثالثة: بقية بن الوليد. وبه أعله مخرجه الدارقطني؛ فقال عقبه: "تفرد به بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي؛ وهو ضعيف". قلت: وذلك لكثرة تدليسه. فإن قيل: قد صرح بالتحديث في رواية للدارقطني؟ قلت: هي من رواية أحمد بن أبي الأخيل الحمصي: حدثني أبي: أخبرنا بقية: حدثني سعيد بن أبي سعيد ... فأبو الأخيل هذا: اسمه خالد بن عمرو السلفي؛ قال الحافظ: "ضعيف، وكذبه جعفر الفريابي". واعلم أن الدافع على تخريج هذا الحديث والكشف عن علله: أنني رأيت الشيخ علي القاري قد مال إلى تقوية الحديث بأسباب واهية، ومدافعات باطلة، فلا بد من سوق كلامه، ثم الكشف عن الخلل الذي فيه، فقال في "فتح باب العناية" (1/ 116) : "رواه الدارقطني وقال: لم يرفعه إلا بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، وهو ضعيف. انتهى. وأعله ابن عدي بجهالة سعيد. ودفعا بأن بقية هذا: هو أبو الجزء: 10 ¦ الصفحة: 408 الوليد روى عنه الأئمة ... وروى له الجماعة إلا البخاري. وأما سعيد بن أبي سعد هذا؛ فذكره الخطيب قال: واسم أبيه عبد الجبار، وكان ثقة، فانتفت الجهالة، والحديث - مع هذا - لا ينزل عن الحسن"! كذا قال! والرد عليه من وجوه: الأول: أن بقية لم يحتج به مسلم، وإنما روى له في الشواهد؛ كما قال المنذري في آخر "الترغيب والترهيب". ونحوه قول الخزرجي: "متابعة". الثاني: أن رواية الأئمة عن راو ما؛ لا يعتبر توثيقاً له؛ إلا إذا سلم من قادح، والأمر هنا ليس كذلك؛ فقد قال الذهبي: "قال غير واحد من الأئمة: بقية ثقة إذا روى عن الثقات. وقال النسائي وغيره: إذا قال: "نبأ" و "أنا" فهو ثقة. وقال غير واحد: كان مدلساً". قلت: والشيخ القاري على علم بهذا كله، وأن علة بقية التدليس، فكان حقه أن لا يسود أسطراً في ذكر من روى عن بقية من الأئمة؛ موهماً أنه ثقة طعن فيه بغير حق، وأن يتوجه إلى الجواب عن عنعنته بمثل ذلك السؤال الذي ذكرته مع الجواب عنه، على نحو ما فعله هو في حديث ابن عمر: "من ضحك في الصلاة قهقهة؛ فليعد الوضوء والصلاة". فقال (ص 76-77) : "وأما الطعن فيه بأن بقية مدلس؛ فكأنه سمعه من بعض الضعفاء وحذف اسمه؛ فمدفوع بأنه صرح فيه بالتحديث، والمدلس الصدوق إذا صرح بالتحديث تزول تهمة التدليس، وبقية من هذا القبيل"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 409 قلت: وهذا الدفع مدفوع ومردود؛ لأن تصريحه في حديث ابن عمر بالتحديث مما لا يطمئن القلب إليه؛ ذلك لأنه من رواية ابنه عطية بن بقية عن أبيه: حدثنا ... وعطية كانت فيه غفلة، كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 381) . وقال ابن حبان: "يخطىء ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة". قلت: ومن كان فيه غفلة ومن عادته أن "يخطىء ويغرب"؛ فلا شك أنه لا يحتج به، فلا يثبت تصريح بقية بالتحديث بمثل روايته، وإنما يستشهد بها، فإن جاء له شاهد قويت؛ وإلا فلا؛ ولا شاهد هنا. فجزم القاري بأن بقية صرح فيه بالتحديث فيه غفلة عن حال عطية بن بقية! فتنبه. الثالث: قوله: "وأما سعيد بن أبي سعد فذكره الخطيب قال: واسم أبيه عبد الجبار؛ وكان ثقة"! فهو وهم فاحش منه عفا الله عنا وعنه؛ فإن هذا التوثيق لم يذكره أحد في ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وإنما ذكروه في ترجمة سعيد بن عبد الجبار ابن يزيد القرشي؛ وهو ثقة من رجال مسلم؛ ففي ترجمته من "التهذيب" جاء قوله: "وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة". وهذه الترجمة قبل ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. فكأن القاري انتقل بصره من هذه إلى تلك، فوقع في هذا الخطأ. على أن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: هو غير سعيد بن أبي سعيد الزبيدي؛ قال الحافظ: "فرق بينهما ابن عدي، فقال في الثاني: حديثه غير محفوظ، وليس هو الجزء: 10 ¦ الصفحة: 410 بالكثير. وقال أبو أحمد الحاكم: يرمى بالكذب". وقال ابن عدي في الأول: "وعامة حديثه مما لا يتابع عليه". قلت: وعلى هذا التفريق؛ جرى الذهبي في "الميزان". فلو صح عن الخطيب أنه وثق سعيد بن عبد الجبار الزبيدي؛ فليس هو راوي هذا الحديث. والله أعلم. 4846 - (كان يمتشط بمشط من عاج) . منكر أخرجه البيهقي (1/ 26) عن بقية بن الوليد عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال: "قال عثمان (يعني: ابن سعيد الدارمي) : هذا منكر". قال البيهقي: "رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة". قلت: يشير إلى أن عمرو بن خالد هذا مجهول. وأنا أظن أنه عمرو بن خالد القرشي أبو خالد الكوفي نزيل واسط؛ وهو مشهور بالكذب والوضع. والحديث؛ أورده القاري في "فتح باب العناية" (1/ 127) مستدلاً به على طهارة عظام السباع، مكتفياً بعزوه للبيهقي؛ ساكتاً عن بيان علته القادحة! وتبعه على ذلك محققه أبو غدة في المكان المشار إليه منه، وفي (1/ 130) !! الحديث: 4846 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 411 4847 - (إنما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الميتة لحمها، وأما الجلد والشعر والصوف؛ فلا بأس به) . الحديث: 4847 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 411 ضعيف. أخرجه الدارقطني (ص 18) ، وعنه البيهقي (1/ 24-25) عن الوليد ابن مسلم عن أخيه عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال ... فذكره. وقال الدارقطني: "عبد الجبار ضعيف". وأقره البيهقي، ثم ابن التركماني بسكوته عليه؛ وعدم تعقبه للبيهقي كما هي عادته كلما وجد سبيلاً إليه! وأما القاري؛ فإنه قال في "فتحه" (1/ 130) : "فإن قيل: عبد الجبار ضعفه الدارقطني؟ فالجواب: أن ابن حبان وثقه، فلا ينزل حديثه عن الحسن"! قلت: وهذا مردود؛ لأن توثيق ابن حبان غير موثوق به في مثل هذا؛ فإنه يوثق المجهولين الذين لم يرو عنهم إلا الواحد أو الاثنان، وفيهم من يقول هو نفسه في "الثقات": "لا أعرفه"! وتارة يزيد فيقول: "ولا أعرف أباه"! كما هو مشروح في غير هذا المكان. وعبد الجبار هذا من أولئك المجهولين الذين لم يرو عنهم إلا الواحد؛ فقد قال الحافظ في "اللسان": "لم يرو عنه غير الوليد". ولذلك قال الذهبي فيه: "لا أعرفه"! مع أنه حكى تضعيف الدارقطني إياه. وقد خالفه أبو بكر الهذلي، فرواه عن الزهري به موقوفاً على ابن عباس. أخرجه الدارقطني، والبيهقي. وقالا: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 412 "أبو بكر الهذلي ضعيف". 4848 - (لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء) . ضعيف بهذا التمام أخرجه الدارقطني (ص 18) ، وعنه البيهقي (1/ 24) من طريق يوسف بن السفر: أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قال: سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. وقالا: "يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره". قلت: وهو متهم بالكذب، حتى الحاكم - مع تساهله - قال فيه: "روى عن النقاش أحاديث موضوعة". وقال البيهقي: "هو في عداد من يضع الحديث". قلت: وهذا أمر معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف. ومع ذلك؛ فإن الشيخ القاري في "فتحه" (1/ 130) تجاهل عن ذلك كله، بل قال - عقبه؛ وقبله الحديثان السابقان -: "فهذه عدة أحاديث - ولو كانت ضعيفة - حسن المتن، فكيف ولها شاهد في "الصحيحين"؟! "! وقلده في ذلك كله المعلق عليه أبو غدة، بل أيده بقوله تعليقاً على آخر كلامه بقوله: "تقدم ذكره في (ص 123) من حديث ابن عباس"!! الحديث: 4848 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 413 وحديث ابن عباس هناك؛ لفظه: تصدق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه - زاد مسلم: - فانتفعتم به؟! ". فقالوا: إنها ميتة! قال: "إنما حرم أكلها". قلت: فهذا لا يصلح شاهداً إلا للشطر الأول من الحديث. وأما الشطر الآخر؛ فليس فيه ما يشهد له مطلقاً، بل لو قال قائل: إن فيه ما يشهد عليه لما أبعد؛ لأنه لم يقل: فانتفعتم بصوفها وشعرها وقرونها؟! فتأمل ما يفعل التقليد والتعصب المذهبي بأهله؛ من الإبعاد عن الحق والعدل، والإيهام بخلاف الواقع؛ وإلا فبالله عليك قل لي: من الذي يفهم من قولهم: "فكيف ولها شاهد في "الصحيحين"؟ " أنه يعني أنه شاهد للشطر الأول من هذا الحديث الثالث وبعض الحديث الذي قبله؟! وأما الحديث الأول؛ فهو في الامتشاط فقط! 4849 - (يا عمار! إنما يغسل الثوب من خمس: من الغائط، والبول، والقيء، والدم، والمني. يا عمار! ما نخامتك، ودموع عينيك، والماء الذي في ركوتك إلا سواء) . ضعيف جداً أخرجه البزار (1/ 131/ 248) ، والدارقطني في "سننه" (ص 47) ، وكذا أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 309) من طريق أبي إسحاق الحديث: 4849 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 414 الضرير إبراهيم بن زكريا: أخبرنا ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار بن ياسر قال: أتى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بئر؛ أدلو ماءً في ركوة لي، فقال: "يا عمار! ما تصنع؟ ". قلت: يا رسول الله! بأبي وأمي؛ أغسل ثوبي من نخامة أصابته. فقال ... فذكره. وقال الدارقطني: "لم يروه غير ثابت بن حماد، وهو ضعيف جداً. وإبراهيم وثابت ضعيفان"! قلت: إبراهيم بن زكريا بريء الذمة منه؛ لأنه قد توبع، فقال أبو يعلى في "مسنده" (2/ 454) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 176) - والسياق للأول -: حدثنا محمد بن أبي بكر: أخبرنا ثابت بن حماد أبو زيد ... به. وكذلك الطبراني في "الأوسط" (ج1 ق 11/ 1 - زوائد المعجمين) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 74/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (47/ 1) ، وغيرهم. وقال هو والطبراني: "لا يروى عن عمار إلا بهذا الإسناد، تفرد به ثابت". ولذلك قال البيهقي في "السنن" (1/ 14) - بعد أن ذكره معلقاً -: "فهذا باطل لا أصل له، وإنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار. وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم به". وأقره ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (4/ 1) . وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" (ق 27/ 1) . "ثابت بن حماد؛ أحاديثه مناكير ومقلوبات". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 415 وكذلك أقر البيهقي على حكمه السابق: الحافظ السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 99) ؛ وزاد: "وقال العقيلي: هذا الحديث غير محفوظ، وثابت مجهول. وفي "اللسان": نقل أبو الخطاب الحنبلي عن اللالكائي: أن أهل النقل اتفقوا على ترك ثابت بن حماد. وقال ابن تيمية - فيما نقله عنه ابن عبد الهادي في "التنقيح" -: هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة". قلت: وقول ابن تيمية المذكور ليس في نسخة "التنقيح" المطبوعة! والله أعلم. وفي معناه قول ابن تيمية في "رسالة الصيام" (ص 42 - الطبعة الثانية - بتحقيقي) : "ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، ولا رواه أحد من أهل العلم الحديث بإسناد يحتج به". وأما تعقب الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 211) قول الأئمة المتقدمين بتفرد ثابت بن حماد بقوله: "قلت: وجدت له متابعاً عند الطبراني في "معجمه الكبير" من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد به سنداً ومتناً. وبقية الإسناد: حدثنا الحسين ابن إسحاق التستري: حدثنا علي بن بحر: حدثنا إبراهيم بن زكريا العجلي: حدثنا حماد ابن سلمة به"! قلت: فقد تعقبه الحافظ ابن حجر بقوله في "التلخيص" (1/ 33) : "لكن إبراهيم ضعيف، وقد غلط فيه؛ إنما يرويه ثابت بن حماد". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 416 قلت: ولذلك قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 73) : "ولا يغتر برواية البزار والطبراني له من طريق إبراهيم بن زكريا العجلي عن حماد بن سلمة؛ فإبراهيم ضعيف ... " إلخ كلام الحافظ المذكور. قلت: ومن الواضح أن إبراهيم هذا وهم في اسم ثابت بن حماد، فانقلب عليه فقال: "حماد بن سلمة"! وذلك مما يدل على ضعفه وقلة ضبطه. لكنه قد رواه على الصواب في رواية الدارقطني وأبي نعيم المتقدمة، فهي المعتمدة. وإذا عرفت هذا التحقيق، وإجماع أهل الاختصاص في هذا العلم الشريف؛ يتبين لك تعصب الشيخ علي القاري ومجانفته في البحث العلمي في كتابه "فتح باب العناية" (1/ 242) في قوله عقب هذا الحديث: "وفي سنده ضعيف، وهو ثابت بن حماد، لكن له متابع عند الطبراني، رواه في "الكبير" من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد سنداً ومتناً، فبطل جزم البيهقي ببطلان الحديث بسبب أنه لم يروه عن علي بن زيد سوى ثابت. ودفع قوله في علي هذا - أنه غير محتج به - بأن مسلماً روى له مقروناً بغيره. وقال العجلي: لا بأس به، وروى له الحاكم في "المستدرك"، وقال الترمذي: صدوق"!! وتفصيل الرد عليه من وجوه: الأول: قوله: "وفي سنده ضعيف، وهو ثابت بن حماد"! قلت: بل هو ضعيف جداً، كما قال الإمام الدارقطني. ونحوه قول البيهقي: "وهو متهم به". واتفاق أهل النقل على تركه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 417 فالاقتصار على تضعيفه فقط؛ مخالفة صريحة لهم بدون حجة. الثاني: قوله: "تابعه حماد بن سلمة"! قلت: هذه متابعة باطلة لا أصل لها؛ لأنها وهم من إبراهيم بن زكريا العجلي، خالف فيه الثقات، لا سيما وقد وافقهم في رواية الدارقطني وأبي نعيم عنه كما تقدم فقال: ثابت بن حماد؛ فعاد الحديث إلى أنه تفرد به هذا المتروك! الثالث: قوله: "فبطل جزم البيهقي ببطلان الحديث ... "! قلت: فقوله هذا هو الباطل؛ لأنه بناه على ما دفعه به من المتابعة المزعومة، وما بني على باطل فهو الباطل؛ لا سيما وليس البيهقي منفرداً بجزمه المذكور؛ كما عرفت مما سبق من البيان. الرابع: قوله: "ودفع قوله في علي هذا.. بأن مسلماً روى له مقروناً ... "! قلت: وهذا مدفوع لسببين: أولاً: أنه لا يجوز للباحث المنصف أن يأخذ من ترجمة الراوي الأقوال التي تعدله - لهوى في نفسه -، ويعرض عن الأقوال الأخرى التي تجرحه، ولا العكس أيضاً، وإنما ينبغي أن يلخص من مجموع تلك الأقوال كلها ما يمكن أن يأخذ من مجموعها على ما يساعد عليه علم مصطلح الحديث مما هو مفصل فيه، وهذا مما لم يفعله الشيخ القاري مع الأسف؛ فإن علياً هذا قد جرحه جماهير الأئمة جرحاً مفسراً؛ بأنه ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه؛ كالإمام أحمد وابن معين وغيرهم ممن ذكرهم الحافظ في "التهذيب". فالإعراض عن أقوالهم إلى أقوال معدليه - الذين زعمهم القاري - مخالف لعلم المصطلح الذي يقول: (الجرح المفسر مقدم على التعديل) ، لا سيما إذا كان الجارحون من مثل الإمام أحمد الجزء: 10 ¦ الصفحة: 418 وابن معين وغيرهما. ولذلك نجد الحافظ لخص ترجمة علي هذا في "التقريب" بقوله: "ضعيف". ثانياً: أن الأقوال التي ذكرها القاري لا تنهض على دفع قول البيهقي: "غير محتج به"؛ لأنها لا تعني أنه يحتج به. وإليك البيان: 1- أما قرن مسلم إياه بغيره؛ فهو على القاري وليس له؛ لأنه لو كان حجة عنده لم يقرنه بغيره؛ كما هو ظاهر. 2- وأما قول العجلي: "لا بأس به"؛ فهذا أحد قوليه فيه. وقال مرة: "يكتب حديثه وليس بالقوي". فهذا موافق لقول الذين ضعفوه من الجمهور، فالأخذ به أولى من الأخذ بقوله الأول المخالف لهم؛ كما لا يخفى على أولي النهى. 3- وأما رواية الحاكم له في "المستدرك"! فكان على الشيخ القاري أن يستحي من الاستدلال به؛ لما عرف من تساهله في المتون والرواة، وكم من حديث أخرجه من طريق بعض الضعفاء مصححاً، ورده الذهبي عليه! ومن هؤلاء ابن جدعان هذا، فراجع لذلك فهرس الرواة من كتابي "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (المجلد الأول) إن شئت. 4- وأما قوله: "وقال الترمذي: صدوق"! فهذا نقل مبتور؛ فإن تمام كلام الترمذي - كما في "التهذيب" -: " ... إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره". قلت: فأنت إذا نظرت إلى هذا الاستثناء مع المستثنى منه؛ كانت النتيجة الجزء: 10 ¦ الصفحة: 419 على خلاف ما يستفاد من المستثني من بداهة، وهي أن الرجل صدوق سيىء الحفظ، فالترمذي حينئذ - بقوله هذا - أقرب إلى أن يصنف في جملة الجمهور المضعف له؛ من أن يصنف في زمرة المعدلين. وهب أنه من المعدلين؛ فهو من المعروفين بالتساهل في التعديل والتصحيح، حنى صحح لـ (كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف) ؛ فقال الذهبي معترضاً عليه: "فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي". وجملة القول؛ أن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به لو أن ثابت بن حماد توبع عليه؛ فكيف وقد تفرد به؟! ولذلك لم يسع ابن التركماني الحنفي - على تعصبه أيضاً - إلا التسليم بضعفه، ولم يتكلف تكلف القاري في محاولة تقويته؛ مع التحامل على البيهقي. والله المستعان. وبعد كتابة ما تقدم؛ رأيت الهيثمي قد أورد الحديث في "مجمع الزوائد" (1/ 283) من رواية الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وأبي يعلى. ثم قال: "وله عند البزار قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بئر ... " فذكره نحوه. وقال: "ومدار طرقه عند الجميع على ثابت بن حماد، وهو ضعيف جداً". قلت: فكأنه لم يعتد بطريق البزار والطبراني في "الكبير" التي وقع فيها اسم ثابت بن حماد مقلوباً إلى حماد بن سلمة؛ لبطلانها على ما سبق تحقيقه؛ فلم يتعرض لها بذكر مطلقاً، فأصاب رحمه الله تعالى. (تنبيه) : وقع توثيق ثابت بن حماد في إسناد البزار، فظن بعضهم أنه من البزار، وليس كذلك! فقال: حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا إبراهيم بن زكريا: حدثنا ثابت بن حماد - وكان ثقة - عن علي بن زيد.. إلخ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 420 فقال الشيخ الأعظمي رحمه الله - متعقباً قول الهيثمي المذكور في ثابت بن حماد: "وهو ضعيف جداً" -؛ قال الشيخ: "وأنت ترى أن البزار وثقه"! وأقول: ليس الأمر كما قال؛ بل الظاهر أن التوثيق من قول إبراهيم بن زكريا، وهو وإن كان وثقه ابن حبان (8/ 70) ؛ فقد ضعفه العقيلي بقوله - وذكر أنه (العجلي البصري) -: "صاحب مناكير وأغاليط". وقد فرق بينه وبين (إبراهيم بن زكريا الواسطي) ؛ وقال فيه: "مجهول". وكذلك فرق بينهما آخرون؛ منهم ابن حبان، فأورد الواسطي هذا في "ضعفائه". وقال الحافظ في "اللسان": "وهو الصواب". وإذا عرفت أن التوثيق المذكور هو من ذاك الضعيف - إبراهيم بن زكريا العجلي -؛ فلا غرابة بعد ذلك أن لا يلتفت أحد إلى هذا التوثيق، ولا يذكروه في ترجمته. 4850 - (لا بأس ببول ما أكل لحمه) . ضعيف جداً روي من حديث البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعلي ابن أبي طالب. 1- أما حديث البراء؛ فيرويه سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي الجهم عنه. الحديث: 4850 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 421 أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 47) ، وابن حزم في "المحلى" (1/ 181) . وقال: "هذا خبر باطل موضوع؛ لأن سوار بن مصعب متروك عند جميع أهل النقل، متفق على ترك الرواية عنه، يروي الموضوعات". وقال الدارقطني: "وسوار متروك، وقد اختلف عنه، فقيل عنه: ما أكل لحمه فلا بأس بسؤره". ثم ساقه هو، والبيهقي (1/ 252) من طريق أخرى عن سوار به. وقال البيهقي: "وسوار بن مصعب متروك". وقد خالفه في إسناده من هو مثله أو شر منه؛ فرواه عن جابر وهو: 2- أما حديث جابر؛ فيرويه عمرو بن الحصين: أخبرنا يحيى بن العلاء عن مطرف عن محارب بن دثار عنه مرفوعاً بلفظ: "ما أكل لحمه؛ فلا بأس ببوله". أخرجه الدارقطني، وتمام في "الفوائد" (164/ 1-2) ، وابن الديباجي في "الفوائد" (2/ 82/ 2) . وقال الدارقطني: "لا يثبت؛ عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء ضعيفان". وعلقه البيهقي عنهما. وقال: "وهما ضعيفان، ولا يصح شيء من ذلك". قلت: بل هما متروكان متهمان بالوضع. وقال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (5/ 2) : الجزء: 10 ¦ الصفحة: 422 "وإسناده ضعيف؛ عمرو بن الحصين - وهو العقيلي - واه بإجماعهم. ويحيى ابن العلاء أحاديثه موضوعة. وقاله ابن عدي. وقال أحمد: كذاب يضع الحديث". 3- وأما حديث علي؛ فيرويه إسحاق بن محمد بن أبان النخعي: حدثني محمد بن موسى بن عبد الرحمن النخعي عن أبيه قال: كنت على باب المهدي ومحمد بن زيد بن علي، فقال محمد بن زيد: حدثني أبي عن أبيه عن جده عنه مرفوعاً؛ بلفظ: "لا بأس ببول الحمار؛ وكل ما أكل لحمه". أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/ 288) ، ومن طريقه أورده السيوطي في "اللآلىء المصنوعة" (2/ 2) . وقال: "موضوع، والمتهم به إسحاق. وموسى وابنه مجهولان". وكذا قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 66) . قلت: وإسحاق هذا؛ قال الذهبي: "كذاب مارق من الغلاة.. كان خبيث المذهب يقول: إن علياً هو الله ... ولم يذكره في "الضعفاء" أئمة الجرح في كتبهم، وأحسنوا؛ فإن هذا زنديق .... ". (تنبيه) : استدل بحديثي الترجمة - عن البراء وجابر - الشيخ علي القاري في "الفتح" (1/ 253-254) لمذهب الإمام محمد بن الحسن في طهارة بول ما يؤكل لحمه، وعزاهما لأحمد والدارقطني! فأساء بذلك مرتين: الأولى: عزوه لأحمد، وهو خطأ محض؛ فليس هو في "مسنده"؛ لا عن البراء ولا عن جابر. ولو كان فيه لأورده الهيثمي في "المجمع"؛ فإنه من اختصاصه! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 423 ومن المعلوم في اصطلاح القوم: أن العزو لأحمد مطلقاً إنما يراد به "مسنده". والأخرى: سكوته عليهما؛ فأوهم ثبوت حديثهما، ولو بدعوى أن أحدهما يقوي الآخر، كما هي عادته! ومن ذلك تعلم أن الشيخ أبا غدة حين علق عليهما بقوله: "وقد ضعف الدارقطني كلاً من الحديثين"! فإنه لم يصنع شيئاً؛ لأن ذلك يبقي الطريق مفتوحاً لمتعصب ما أن يقول: فأحدهما يقوي الآخر! فكان عليه أن يسد الطريق عليه بأن يبين أن ضعفهما شديد جداً، فلا يقوي أحدهما الآخر. ولكن أنى له ذلك، وليس من شأنه التحقيق في هذا العلم الشريف، وإنما هو حطاب جماع كغيره من المقلدين!! ولذلك تراه يمر على كثير من الأحاديث المنكرة - في تعليقه على هذا الكتاب وغيره - دون أن ينبه على نكارتها وضعفها؛ ولعلك تذكر بعض الأمثلة القريبة على ذلك!! 4851 - (ناكح اليد ملعون) . ضعيف وهو طرف من حديث أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في "مجلس من حديثه" (62/ 1-2) ، وابن بشران في "الأمالي" (86/ 1-2) من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ: "سبعة لعنهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ويقال لهم: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل، والمفعول به في عمل قوم لوط، وناكح البهيمة، وناكح يده، والجامع بين المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره حتى يلعنه، والناكح للمرأة في دبرها؛ إلا أن يتوب". الحديث: 4851 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 424 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زياد الإفريقي؛ وقد مضى غير مرة. وقد روي من حديث أنس أيضاً، لكنه ضعيف أيضاً. وقال الحافظ ابن كثير في أول تفسير سورة "المؤمنون": "هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته". قلت: وقد خرجته في "إرواء الغليل" برقم (2401) . ومن هذا التخريج؛ يتبين لك أن قول الشيخ علي القاري في "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" - وقد ساق حديث الترجمة برقم (378) -: "لا أصل له. صرح به الرهاوي"!! وقال المعلق عليه الشيخ أبو غدة: "وقد وقع ذكره حديثاً نبوياً مستشهداً به من الإمام الكمال ابن الهمام في كتابه العظيم "فتح القدير" (2/ 64) ، وهو من كبار فحول العلماء المحققين في المنقول والمعقول والاستدلال، ولكنه وقع منه الاستشهاد بهذا الحديث على المتابعة لمن استشهد به من الفقهاء والعلماء الذين ينظر في كتبهم، فأورده متابعة دون أن يبحث عنه. وكثيراً ما يقع للعالم هذا؛ إذ لا ينشط للكشف والتمحيص لما يستشهد به، فيذكره أو ينفيه على الاسترسال والمتابعة. إذن: فالاعتماد على من تفرغ وبحث ومحص، لا على من تابع ونقل واسترسل". فأقول: وهذا كلام صحيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن أبا غدة نفسه ليس من قبيل "من تفرغ وبحث ومحص"، بل هو جماع حطاب، يجمع من هنا وهناك نقولاً ليجعل بها الرسالة الصغيرة كتاباً ضخماً لملء الفراغ! ولذا؛ فهو ممن لا ينبغي أن يعتمد عليه في هذا العلم؛ فإنك تراه يتابع القاري على قوله في هذا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 425 الحديث: "لا أصل له ... "! مع أنه قد روي من حديث ابن عمرو، ومن حديث أنس، كما رأيت. ويغني عنه في الاستدلال على تحريم نكاح اليد؛ عموم قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) . وقد استدل بها الإمام الشافعي ومن وافقه على التحريم، كما قال ابن كثير، وهو قول أكثر العلماء؛ كما قال البغوي في "تفسيره"، وحكاه العلامة الآلوسي (5/ 486) عن جمهور الأئمة، وقال: "وهو عندهم داخل في ما (وراء ذلك) ". وانتصر له بكلام قوي متين، وإن عز عليه أيضاً مخرج الحديث؛ فقال: "ومن الناس من استدل على تحريمه بشيء آخر، نحو ما ذكره المشايخ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ناكح اليد ملعون" ... "! وأما ما رواه عبد الرزاق في "المصنف" (7/ 391/ 13590) ، وابن أبي شيبة (4/ 379) عن أبي يحيى قال: سئل ابن عباس عن رجل يعبث بذكره حتى ينزل؟ فقال ابن عباس: إن نكاح الأمة خير من هذا، وهذا خير من الزنى! فهذا لا يصح؛ وعلته أبو يحيى هذا - واسمه مصدع المعرقب (1) -؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 39) :   (1) وقد حسّن له الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (3209) ، وهو من رجال مسلم متابعةً! (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 426 "كان ممن يخالف الأثبات في الروايات، وينفرد عن الثقات بألفاظ الزيادات مما يوجب ترك ما انفرد منها، والاعتبار بما وافقهم فيها". وسائر رجال إسناده ثقات. وقد أسقطه منه بعض الرواة عند البيهقي؛ فأعله بالانقطاع، فقال (7/ 199) : "هذا مرسل، موقوف". ومثله: ما أخرجه - عقبه - من طريق الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن غلاماً أتاه، فجعل القوم يقومون والغلام جالس، فقال له بعض القوم: قم يا غلام! فقال ابن عباس: دعوه، شيء ما أجلسه! فلما خلا قال: يا ابن عباس! إني غلام شاب أجد غلمة شديدة، فأدلك ذكري حتى أنزل؟ فقال ابن عباس: خير من الزنى، ونكاح الأمة خير منه. قلت: وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. والأجلح مختلف فيه. ثم روى عبد الرزاق من طريق إبراهيم بن أبي بكر عن رجل عن ابن عباس أنه قال: وما هو إلا أن يعرك أحدكم زبه؛ حتى ينزل ماءً. وهذا ضعيف ظاهر الضعف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم. وقريب منه إبراهيم هذا؛ قال الحافظ: "مستور". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 427 واعلم أنه لو صح ما تقدم عن ابن عباس؛ فإنه لا ينبغي أن يؤخذ منه إلا إباحة الاستمناء عند خشية الزنى لغلبة الشهوة. وأنا أنصح من أصيب بها من الشباب أن يعالجوها بالصوم؛ فإنه له وجاء. كما صح عنه - صلى الله عليه وسلم -. 4852 - (لا يدخل ولد الزنى ولا شيء من نسله - إلى سبعة آباء - الجنة) . موضوع أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (ق 157/ 1) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد - وهو الرازي -: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن بن [أبي] ذباب عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن مهاجر - وهو البجلي - ضعيف؛ لسوء حفظه. وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق لين الحفظ". وفي ترجمته ساق له الذهبي هذا الحديث؛ مشيراً إلى أنه من منكراته! والأولى عندي: إعلاله بشيخ شيخه: ابن أبي ذباب؛ فقد قال الحافظ في "التقريب": "شيخ لمجاهد، مجهول". وسائر رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في عمرو بن أبي قيس؛ وهو الرازي. وعبد الرحمن بن سعد: هو ابن عبد الله بن سعد بن عثمان الدشتكي الرازي المقري. الحديث: 4852 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 428 والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات". وقال: "لا يصح؛ ابن مهاجر ضعيف". قلت: أما الطرف الأول من الحديث - "لا يدخل ولد الزنى الجنة" -: فلا سبيل إلى الحكم عليه بالوضع، كما ذهب إليه الحافظ ابن حجر في "القول المسدد"، وتبعه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 105-106) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 228-229) ، وذلك لأن له طرقاً أخرى، قد ملت من أجلها إلى تحسينه؛ كما تراه مخرجاً في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (673) . ولذلك؛ فقد أخطأ الشيخ علي القاري في قوله - في كتابه "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" في هذا الحديث -: "لا أصل له"! ومر عليه محقق الكتاب الشيخ أبو غدة، فلم يعلق عليه بشيء! ووجه الخطأ: أن هذا يقول - "لا أصل له" -؛ إنما يراد به عند المتأخرين أنه لا إسناد له! فكيف يقال هذا؛ والحديث له عدة أسانيد؛ أحدها عند البخاري في "التاريخ الصغير"؟! ثم إن هذا الطرف من الحديث ليس على ظاهره؛ لمخالفته لقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ، ولذلك تأولوه على وجوه؛ ذكرت بعضها في الموضع المشار إليه من "الصحيحة". قلت: ولعل الطرف الآخر من الحديث أصله من الإسرائيليات، فرفعه بعض الضعفاء قصداً أو سهواً؛ فقد ذكر السيوطي أن عبد الرزاق روى عن ابن التيمي قال: حدثني الربعي - وكان عندنا مثل وهب عندكم - أنه قرأ في بعض الكتب: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 429 إن ولد الزنى لا يدخل الجنة إلى سبعة آباء! 4853 - (من حاز شيئاً عشر سنين؛ فهو له) . ضعيف أخرجه عبد الله بن وهب في "موطئه": عن عبد الجبار بن عمر الأيلي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب يرفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال عبد الجبار: وحدثني عبد العزيز بن المطلب عن زيد بن أسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. ذكره الشيخ أبو الفيض أحمد الغماري في كتابه "مسالك الدلالة في تخريج أحاديث "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني" (ص 331 - مطبعة دار العهد الجديد) ؛ كما نقله إلي كتابة - بتاريخ 23/ 1/ 1395 هـ - أحد الطلاب في كلية الشريعة - قسم الدراسات العليا الشرعية في مكة المكرمة؛ نقلاً عن الشيخ حماد الأنصاري المدرس، كتب يطلب إعطاءه حكمي على هذا الحديث؛ لأنه في صدد البحث في مسألة "وضع اليد المدة الطويلة"! وجواباً عليه أقول: إنه حديث ضعيف عندي؛ لأنه مرسل من الوجهين، وكل من المرسلين مدني؛ فلا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن يكون شيخهما تابعياً واحداً. على أن مدار الإسناد إليهما على عبد الجبار بن عمر الأيلي؛ وهو ضعيف؛ كما جزم به الحافظ، تبعاً لجمع من الأئمة؛ بل إن بعضهم ضعفه جداً، فقال محمد بن يحيى الذهلي: "ضعيف جداً". وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال الدارقطني: الحديث: 4853 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 430 "متروك". على أن عبد الجبار هذا قد روى عن شيخه ربيعة ما يعود على الحديث بالنقض؛ فقال: قال ربيعة: إذا كان الرجل حاضراً، وماله في يد غيره، فمضت له عشر سنين وهو على ذلك؛ كان المال للذي هو في يده بحيازته إياه عشر سنين؛ إلا أن يأتي الآخر ببينة على أنه أكرى أو أسكن أو أعار عارية، أو صنع شيئاً من هذا، وإلا فلا شيء له". نقله من سبق عن الغماري. فأقول: إذا كان المدار على البينة ولو بعد عشر سنين؛ فالأمر كذلك قبلها، فما فائدة التحديد بالعشر؟! فتأمل! 4854 - (اجمعوا له العالمين - أو قال: العابدين - من المؤمنين، اجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد) . ضعيف منكر أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (2/ 59) من طريق إبراهيم ابن أبي الفياض البرقي قال: حدثنا سليمان بن بزيع (1) الإسكندراني قال: حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال: قلت: يا رسول الله! الأمر ينزل بنا؛ لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض منك فيه سنة؟ قال ... فذكره. وقال: "هذا حديث لا يعرف من حديث مالك بهذا الإسناد، ولا أصل له في   (1) الأصل في موضعين منه: (بديع) ! هو خطأ مطبعي. الحديث: 4854 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 431 حديث مالك عندهم ولا في حديث غيره. وإبراهيم البرقي وسليمان بن بزيع ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج به، ولا يعول عليه". قلت: وسليمان بن بزيع؛ قال أبو سعيد بن يونس: "منكر الحديث"؛ كما في "الميزان". وساق له في "اللسان" هذا الحديث من طريق ابن عبد البر، ونقل كلامه، ثم قال: "قلت: وقال الدارقطني في "غرائب مالك": لا يصح؛ تفرد به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف. وساقه الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك" من طريق إبراهيم عن سليمان وقال: لا يثبت عن مالك". قلت: وإبراهيم بن أبي الفياض؛ قال أبو سعيد بن يونس: "روى عن أشهب مناكير، توفي سنة (245) ". ومن طريقه: أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2/ 391) أيضاً. قلت: وفي قول ابن عبد البر المتقدم: "ولا في حديث غيره" - يعني: مالكاً - نظر! فقد تقدم نحوه من حديث غيره مختصراً بإسناد معضل، فانظر الحديث (رقم 882) : "لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها ... ". بل رواه بتمامه نحو حديث الترجمة: الطبراني في "المعجم الأوسط" (جـ2/ ص 172/ 1618) من طريق أخرى بسند رجاله ثقات عن الوليد بن صالح عن محمد ابن الحنيفة عن علي قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 432 قلت: يا رسول الله! إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان: أمر ولا نهي؛ فما تأمرنا؟ قال: "تشاورون الفقهاء والعابدين، ولا تمضوا فيه رأي خاصة". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الوليد بن صالح إلا نوح". قلت: الوليد مجهول؛ لم يرو عنه سوى نوح بن قيس. ومع ذلك؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 491 و 7/ 551) ! وهو مما يستدرك على الحافظ ابن حجر؛ فإنه لم يورده في "لسان الميزان" خلافاً لعادته الغالبة! ولما أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"؛ قال (1/ 179) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله موثقون من أهل (الصحيح) "! قلت: وفيه نظر من وجهين: الأول: أن الوليد بن صالح؛ توهم الهيثمي أنه الوليد بن صالح النخاس الضبي أبو محمد الجزري، وهو ثقة من رجال الشيخين! وليس به؛ وإنما هو الوليد ابن صالح الذي روى عنه نوح بن قيس؛ كما ذكر ذلك ابن حبان نفسه في "الثقات" كما تقدم؛ وكذلك فعل قبله الإمام البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح". والآخر: أنه مجهول لا يعرف؛ كما تقدم. وتوثيق ابن حبان إياه مما لا يعتد به في مثل الوليد بن صالح هذا. وقد اغتر بكلام الهيثمي هذا: الدكتور عبد المجيد السوسوه الشرفي في كتابه "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي" (ص 50) ؛ فإنه نقله وسكت عليه! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 433 ولا غرابة في ذلك؛ فإنه يبدو من تخريجه لأحاديث الكتاب أنه لا معرفة عنده بعلم الحديث ونقد الأسانيد، كما هي السمة الغالبة على جماهير الكتاب الإسلاميين الذين يكتبون في الأحكام الشرعية. ومما يؤيد ذلك: أمور كثيرة لا مجال للبحث فيها الآن؛ فأكتفي بمثالين فقط: الأول: أن هذا الحديث الذي عزاه للطبراني - نقلاً عن الهيثمي بالجزء والصفحة -؛ ذكره بلفظ حديث الترجمة، وهو مخالف للفظ الحافظ الطبراني كما تقدم. والآخر: أنه أورد حديث: "عليكم بالسواد الأعظم". وقال أيضاً (ص 95) : "قال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات، مجمع الزوائد، كتاب الخلافة، باب لزوم الجماعة (5/ 219) ""! قلت: إنما قال الهيثمي (5/ 217-218) - وقد ساقه موقوفاً عقب حديث سأذكره قريباً -: "رواه عبد الله بن أحمد، والبزار، والطبراني، ورجالهم ثقات". قلت: والسياق لعبد الله بن أحمد (4/ 278،375) . وفي سنده يحيى بن عبد ربه مولى بني هاشم؛ وهو متهم، وكذا وقع في "المسند": (عبد ربه) ! والصواب (عبد ويه) ، كما جزم به الحافظ في "التعجيل"، وله فيه ترجمة مبسطة. وقال الذهبي في "الميزان": الجزء: 10 ¦ الصفحة: 434 "قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مرة: كذاب". قلت: ومنه يتبين لنا خطأ الهيثمي من جهة، وخطأ الدكتور عبد المجيد الشرفي عليه من جهة أخرى. أما الأول: ففي عزوه الحديث للبزار؛ فإنه ليس فيه هذه الجملة: "عليكم بالسواد الأعظم" ولا ما بعدها؛ على ما يأتي؛ فإن لفظ الحديث من رواية المولى المذكور: "من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير ... " الحديث، وفيه: "والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب". قال: فقال أبو أمامة الباهلي: عليكم بالسواد الأعظم. قال: فقال رجل: ما السواد الأعظم؟ فنادى أبو أمامة: هذه الآية التي في سورة النور (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) . فهذه الزيادة كلها ليست عند البزار، ولا أظنها كذلك عند الطبراني؛ فإن (مسند (1) النعمان بن بشير) لم يطبع منه بعد! وإذ قد عزاه للبزار - وهو عنده بهذا الاختصار "البحر الزخار" (8/ 226/ 3282) -؛ فقد كان الأولى أن يعزوه للإمام أحمد أيضاً؛ فإنه رواه في "المسند" في المكانين المشار إليهما عند ابنه عبد الله! ومن المفارقات العجيبة، والموافقات الغريبة: أن الحافظ المنذري في   (1) في أصل الشيخ - رحمه الله -: " معجم ". (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 435 "الترغيب" (2/ 56) وافق الهيثمي في عزو الحديث لعبد الله بن أحمد دون أبيه، لكنه في الوقت نفسه فارقه في متنه؛ فإنه ساقه بلفظ أحمد دون ابنه!! هذا ما يتعلق بخطأ الهيثمي. وأما ما يتعلق بخطأ الدكتور عبد المجيد عليه؛ فهو من ناحيتين: الأولى: أنه عزا الحديث إليه مرفوعاً، وهو عنده موقوف كما رأيت. والأخرى: أنه عزاه للطبراني، وهو عنده معزو لعبد الله بن أحمد، والبزار أيضاً، وقد عرفت ما في ذلك من الخطأ! على أن هذا الموقوف قد روي مرفوعاً من غير هذه الطريق بأسانيد واهية، تراها مخرجة في "ظلال الجنة" تحت رقم (80) (1) . وخطؤه هذا يجرني إلى الكشف عن بعض أخطائه في الفقه الذي عنون له: "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي" كما تقدم، وقد استعان فيه بالنقل عن بعض العلماء والكتاب والدكاترة المعاصرين الذين سبقوه بالدندنة حول هذا الموضوع، مثل الشيخ عبد الوهاب خلاف، والدكتور يوسف القرضاوي، والزحيلي، وأمثالهم، وقد كنت قديماً قرأت لبعضهم بعض المقالات في هذا المجال، والذي يهمني الآن - بمناسبة حديث الترجمة - الأمور التالية: أولاً: عرف الدكتور الشرفي الاجتهاد الجماعي في الكتاب بقوله (ص 46) :   (1) وإنما صح بلفظ: " لا تجتمع أمتي على ضلالة "، وهو مخرج هناك. وقد عزاه الدكتور للطبراني. وقال أيضا - تقليدا للهيثمي -: " ورجاله ثقات "! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 436 "استفراغ أغلب الفقهاء الجهد لتحصيل ظن بحكم شرعي بطريق الاستنباط، واتفاقهم جميعاً أو أغلبهم على الحكم بعد التشاور"! وعزاه لجمع من الأصوليين المتأخرين، ونقل عن السبكي: أن الفقيه عندهم هو المجتهد، والفقه هو الاجتهاد (ص 45) ! فأقول: هذا شيء جميل ومهم لو كان ممكناً تحقيقه، وأما وقد جاء بقيدين - أحدهما أبعد عن الإمكان من الآخر -؛ فإن قوله: "أغلب الفقهاء"! كيف يمكن اليوم معرفتهم مع تفريقهم في البلاد الإسلامية الشاسعة؟! ثم كيف يمكن جمعهم في مكان واحد حتى يتشاوروا في الحكم؟! على أن قوله: "واتفاقهم جميعاً"؛ فهذا أبعد عن التحقيق من الذي قبله، خاصة في هذا الزمن الذي قل فيه المجتهدون اجتهاداً فردياً مع توفر شروط الاجتهاد؛ التي تكلم عنها كلاماً جيداً الدكتور الشرفي (ص 63-70) ! ولعله لذلك أتبعه بقوله معطوفاً عليه: "أو أغلبهم"! فهذا الاجتهاد الجماعي أشبه ما يكون بالاجتهاد الفردي المجمع عليه في تعريف علماء الأصول، وأصعب تحقيقاً. ثانياً: لو أمكن تحقيق مثل هذا الاجتهاد؛ لكان - في زعمي - البحث فيه سابقاً لأوانه، وذلك لعدم وجود خليفة للمسلمين يأخذ بحكمهم إذا اتفقوا، وهذا - مع الأسف الشديد - شرط مفقود في زمننا هذا! ثالثاً: لماذا الاهتمام ببذل الجهود لتحقيق "الاجتهاد الجماعي"، والاهتمام البالغ بالدعوة إليه؛ مع أنه فرع يبنى على الكتاب والسنة؛ لأنهما الأصلان في الشريعة الإسلامية اتفاقاً؟! ومن المعلوم أن القرآن الكريم تفسره السنة (1) ، والسنة قد   (1) انظر كتاب الدكتور: " الاجتهاد الجماعي " (ص 64) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 437 دخل فيها ما ليس منها من الأحاديث المنكرة والواهية، مما هو معلوم أيضاً عند العلماء كافة! وقد نقل الدكتور نفسه - تحت الشرط الثالث من شروط صحة الاجتهاد: (معرفة السنة) (ص 65) - عن الشوكاني أنه قال: "والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بد أن يكون عالماً بما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات، والكتب التي التزم مصنفوها الصحة ... وأن يكون له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف، ولو بالبحث في كتب الجرح والتعديل وكتب العلل؛ ومجاميع السنة التي صنفها أهل الفن؛ كالأمهات الستة، وما يلحق بها". قلت: فلماذا لا يهتم هؤلاء العلماء والكتاب بالدعوة إلى إقامة مؤتمر يجتمع فيه ما أمكن من المحدثين المعروفين بتخصصهم في علم الحديث الشريف، وقدرتهم على تمييز صحيحه من ضعيفه؛ لأن هؤلاء - وإن اختلفوا في بعض الأحاديث، كما هو الشأن في (الاجتهاد الجماعي) -؛ فلا شك أنهم سيتفقون على أكثر الأحاديث تصحيحاً أو تضعيفاً؟! وهذا شرط أساسي للاجتهاد، فيمكن - والحالة هذه - أن يؤخذ برأي الأكثر؛ لأنه - بلا شك، كما قال الدكتور نفسه في غير ما موضع من بحثه - أن رأي الاثنين خير من رأي الواحد أو أقوى منه. وأنا أستغرب جداً ألا أرى أحداً من هؤلاء الباحثين والكاتبين يشير - أدنى إشارة على الأقل - إلى هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين، وانشغالهم بالفرع عن الأصل! وهذا إن دل على شيء - كما يقولون اليوم -؛ فإنما يدل على إهمال جماهير الكتاب في العصر الحاضر - حول المسائل الشرعية قديمها وحديثها - الاهتمام في استدلالهم بالسنة بما صح منها دون ما ضعف، فأحسنهم حالاً هو الذي يذكر الحديث ويخرجه بأن يقول: رواه فلان وفلان، دون أن يبين مرتبته من الجزء: 10 ¦ الصفحة: 438 الصحة! والسبب واضح؛ وهو أنهم (لا يعلمون) ، ولكن هذا ليس عذراً لهم؛ لأن بإمكانهم أن يستعينوا بأهل الاختصاص من المعروفين بتخصصهم في علم الحديث، والعارفين بصحيحه وضعيفه، سواء كانوا من الأئمة السابقين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم ونحوهم، أو من الحفاظ اللاحقين كالحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي والعسقلاني وأمثالهم. كما ذكر الدكتور الباحث؛ في الذين يقترح حضورهم في مؤتمر (الاجتهاد الجماعي) ، فقد ذكر (ص 74) : "بأنه لا يشترط في كل فرد منهم أن يكون عالماً بالشرع، فيكون منهم الاقتصادي والعسكري والسياسي والاجتماعي ونحوه (1) ... فهذه المجموعة يتشاورون مع بعضهم؛ كل في حدود اختصاصه ومجاله، ثم يصدرون حكماً يعتمدونه"! قلت: فأولى بهؤلاء الكتاب والباحثين في العصر الحاضر أن يلتزموا ما هو أهم من حضور الاقتصادي والسياسي في المؤتمر المنشود، ألا وهو استحضارهم لأهل الاختصاص في الحديث، والاعتماد عليهم في تصحيحهم وتضعيفهم، وليس الإعراض عن ثمرة علم الحديث بالاكتفاء بما أشرت إليه آنفاً من تخريجهم للحديث دون بيان المرتبة! وقد أشار الدكتور عبد المجيد (ص 65) إلى شيء من هذا بقوله:   (1) تأمل كيف ذكر هؤلاء المتخصصين، ولم يذكر المتخصصين في الحديث الذين هم الأصل في الفقه!! كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي بقوله للإمام أحمد: " أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به أي شيء يكون: كوفيا أو بصريا أو شاميا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً ". انظر تخريجه في " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " (ص 51) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 439 "ويلزم المجتهد أن يكون على علم بمصطلح الحديث ورجاله، ولا يجب أن يكون في درجة أهل الفن - فن الحديث - أنفسهم، وإنما يكفيه أن يعتمد على ما انتهى إليه أهل هذا الفن"! فأنت ترى أنه أعرض عن ذكر حضورهم مع ذكرهم من الاقتصاديين وغيرهم، فجعلهم دونهم في شرطية الحضور، مع أنهم هم العمدة قبل كل ما أشرنا إليهم؛ وغيرهم ممن ذكرهم معهم؛ فإن في حضورهم ما يكشف عن علل بعض الأحاديث التي لا يعرفها - أو على الأقل: لا ينتبه لها - إلا المختصون في الحديث. ولا أذهب بالقراء بعيداً؛ فهذا هم المثال بين أيديهم؛ لقد استدل الدكتور الشرفي بحديث الترجمة؛ وحديث: "السواد الأعظم"، وهما واهيان كما تقدم. قد يقال: إنه اعتمد على الهيثمي في تخريجه. لكن خفي على الدكتور أن ذلك لا يعني أن كلاً من الحديثين صحيح، على أخطاء وقعت له وللدكتور سبق بيانها. ومثله كثير ممن يتوهم من مثل هذا التخريج تصحيح الحديث؛ وليس كذلك، كما بينته في غير ما موضع من كتبي، فانظر مثلاً مقدمة "صحيح الترغيب والترهيب" من المجلد الأول؛ وقد سبق أن طبع مرتين، وهو تحت الطبع مجدداً، مع إضافات كثيرة وفوائد غزيرة مع بقية المجلدات، وسيكون ذلك بين القراء قريباً، إن شاء الله (1) . على أن الدكتور غفل عن دلالة قوله في الحديث:   (1) وقد صدر - ولله الحمد - في خمسة مجلدات: ثلاثة في " الصحيح "، واثنان في " الضعيف ". (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 440 "لا تقضوا فيه برأي واحد"؛ أنه منكر لمخالفته للإجماع العملي الذي سار عليه العلماء والقضاة من الإفتاء والقضاء برأي العالم الواحد في القرون الأولى المشهود لها بالخيرية! والآثار في ذلك كثيرة شهيرة،ذكر الكثير الطيب منها الإمام ابن قيم الجوزية في شرحه لكتاب عمر إلى القاضي شريح في كتابه العظيم "إعلام الموقعين عن رب العالمين". بل أن الحديث هذا يبطل الاجتهاد الجماعي من حيث لا يدري الدكتور ولا يشعر، مع أنه اشترط في غير ما موضع أن يكون أعضاء (الاجتهاد الجماعي) الذين لهم حق الترجيح مجتهدين،ولو اجتهاداً جزئياً على الأقل! انظر (ص 106،107،127) . على أنني أرى أن هذا الشرط - مع كونه شرطاً أساسياً للاجتهاد- يستلزم معرفة السنة، وتمييز صحيحها من ضعيفها كما قدمنا، والتفقه فيها؛ ولكن أكثر هؤلاء الدكاترة والكتاب - مع الأسف - لا عناية عندهم بشيء من هذا. وأضرب على ذلك مثلاً في مسألة اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمها، ألا وهي الغناء وآلات الطرب، يحضرني الآن منهم ثلاثة من المشهورين في العصر الحاضر بأنهم من العلماء: أولهم: الشيخ محمد أبو زهرة؛ حيث قال: "إذا لم يكن في الغناء ما يثير الغريزة الجنسية؛ فإننا لا نجد موجباً لتحريمه"! وثانيهم: الشيخ محمد الغزالي - وقد توفي قبل شهور غفر الله له -؛ فإنه جرى على منوال أبي زهرة هذا، بل وتوسع في ذلك كثيراً، واستدل بأحاديث ضعيفة، وضعف الأحاديث الصحيحة في التحريم وغيره مما اتفق العلماء على صحتها، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 441 وبعضها في "الصحيحين"؛ حتى إنه لم يخجل أن يصرح بأنه يستمع لأغاني أم كلثوم وفيروز، لكن بنية حسنة!!! ثالثهم: الشيخ يوسف القرضاوي؛ الذي لم يتورع بأن يحكم على حديث البخاري في تحريم آلات الطرب بأنه موضوع؛ تقليداً منه لابن حزم، مع اتفاق علماء الحديث قديماً وحديثاً على تصحيحه، والرد على ابن حزم بأدلة قوية لا مرَّد لها (1) ، هذا مع أنه يردد كثيراً في بحثه في الاجتهاد الجماعي: أن رأي الاثنين أقوى من رأي الواحد، فما باله خالف هذا، وأعرض عن الحجج الصحيحة، وتبنى تحليل ما حرم الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! لذلك أقول: إن تحمس هؤلاء للاجتهاد الجماعي - وهم لا يحسنون الاجتهاد الفردي - سابق لأوانه، وسيكون شره أكثر من خيره!! ولذلك؛ فإني أنصح هؤلاء بأن يتمرسوا على الاجتهاد الفردي؛ تمهيداً لما يدعون إليه من الاجتهاد الجماعي، علماً بأن الأول أسهل من الآخر بكثير؛ فإنهم سيجدون فيه ما قيل في المسألة، وما استدل لكل قول فيها، بخلاف الاجتهاد الجماعي؛ فإنه يصرحون بأن مجاله ما حدث من المسائل التي لم يتكلم فيها العلماء السابقون؛ وذلك بدراسة الكتاب والسنة - على ما وصفنا - وأقوال السلف؛ فإنها نبراس يستضيء به من أراد فهم الكتاب والسنة على الوجه الصحيح. ولهذا قال الإمام محمد بن الحسن - رحمه الله -: "من كان عالماً بالكتاب والسن، وبقول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما   (1) ونجد الرد على هؤلاء، وغيرهم ممن جروا على سننهم في كتابي الجديد " تحريم آلات الطرب "؛ وقد طبع بحمد الله وتوفيقه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 442 استحسن فقهاء المسلمين؛ وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه، وجميع ما أمر به ونهي عنه، فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل، وسعه العمل بذلك، وإن أخطأ الذي ينبغي أن يقول به"؛ كما في "إعلام الموقعين" (1/ 75) . ونحوه قول الإمام الشافعي: "ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالماً بما مضى قبل من السنن وأقاويل السلف، وإجماع الناس واختلافهم". نقله الدكتور عبد المجيد (ص 72) عن الشافعي في "الرسالة". وقد صرح الدكتور تحت عنوان: (شرط عضو الاجتهاد الجماعي) (ص 73) ؛ واستنكر الرأي الذي ذهب القائل به إلى عدم اشتراط شروط الاجتهاد في أعضاء الاجتهاد الجماعي؛ فقال: "إذ كيف يجتهد وينظر في الأدلة ويستنبط الأحكام من ليس مجتهداً؟! "! قال: "وقد أشار الشيخ عبد الوهاب خلاف إلى هذا؛ فقال: ولا يسوغ الاجتهاد بالرأي لجماعة؛ إلا إذا توفرت في كل فرد من أفرادها شرائط الاجتهاد ومؤهلاته". وختاماً أقول: لقد كرروا الشكوى من الاجتهادات الفردية، التي يقوم بها من ليس أهلاً للاجتهاد، وهم على حق في ذلك، وقد قدمت بعض الأمثلة في ذلك قريباً، كما أنهم أبدوا تخوفهم من مثل ذلك أن يقع في الاجتهاد الجماعي، بل لقد أبدى بعضهم خوفه من تسلط بعض الدول الإسلامية، أو سلطات كبرى على "المجمع" وتعيين أعضائه، بل ذكر أن شيئاً من ذلك وقع في بعض المجامع الفقيهة وهي اليوم ثلاثة: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 443 1- مجمع البحوث الإسلامية؛ بالقاهرة. 2- مجمع الفقه الإسلامي؛ بمكة المكرمة. 3- مجمع الفقه الإسلامي؛ بجدة. فقال الدكتور عبد المجيد في أحد هذه المجامع (ص 140) : "إلا أن الشيخ مصطفى الرزقا يرى أن هذا المجمع "لا تدل قرائن الحال على جديته في تنفيذ الفكرة على الصورة الصحيحة المنشودة". ويعيب الدكتور توفيق الشاوي على هذا المجمع: أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي احتفظت لها بسلطات كبرى على المجمع وتعيين أعضائه، وحصرت حق المجمع في أن لا يعين أو يختار من أعضائه إلا فيما لا يزيد عن ربع عدد الأعضاء الذين يمثلون دولهم، وهذا جعل المراقبين يعتقدون أن الدول الأعضاء تحرص على فرض سيطرتها على المجمع، وتوجيه قراراته لصالح سياساتها، من خلال جعل الأعضاء المعينين من قبلها يصدرون ما تملي عليهم تلك الدول ... وكان ينبغي أن يتم اختيار الأعضاء عبر لجنة تحضيرية من العلماء يمثلون كل الدول، ولا يخضعون لأي نظام سياسي"!! وهذا الذي خافوه إذا توحدت هذه المجامع - كما يريدون - سيقع فيه من الضرر أكثر مما وقع من بعض الاجتهادات الفردية،ذلك؛ لأن هذه الاجتهادات لا تصبح قانوناً عاماً بالنسبة لكافة المسلمين، كما يريد دعاة الاجتهاد الجماعي أن يجعلوه قانوناً عاماً!! وليت شعري؛ ما الذي يشجع هؤلاء على الدعوة إلى إقامة مؤتمر الاجتهاد الجماعي وفرضه على الحكومات الإسلامية، وهم يعلمون أن أكثرها قد عطلت الجزء: 10 ¦ الصفحة: 444 نصوصاً كثيرة ليست من مواطن النزاع؟! هذه النصوص التي تعنى بإقامة الحدود الشرعية على القاتل والزاني ونحو ذلك، فعطلوا صراحة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) ! فهل يظنون أن مؤتمرهم سيكون له من الواقع في نفوس هؤلاء المعطلين أكثر من نصوص القرآن الكريم؟! وصدق الله العظيم إذ يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ؛ سواء كانوا حكاماً أو محكومين!! ثم هل يملك هؤلاء الدعاة أن يحضر مؤتمرهم بعض الرافضة والإباضية والخوارج، وغيرهم ممن يسعى حثيثاً إلى تغيير الأحكام الشرعية، وجعلها متوائمة مع الحضارة الغربية التي غزت قلوبهم؟! والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله! 4855 - (الحزم؛ تستشير أهل الرأي ثم تطيعهم) . ضعيف رواه الحربي في "الغريب" (5/ 89/ 2) عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن يوسف بن يعقوب عن أبي الصباح: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما الحزم؟ قال: "تستشير ... ". قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أبو الصباح: لم أعرفه. وكذا يوسف بن يعقوب. وعبد الرحمن بن أبي بكر؛ لعله ابن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ضعيف. ورواه ابن وهب في "الجامع" (ص 46) : حدثني إبراهيم بن نشيط عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين قال: الحديث: 4855 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 445 سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحزم؟ فقال: "تستشير الرجل ذا الرأي، ثم تمضي إلى ما أمرك به". وأخرجه البيهقي (10/ 112) من طريق أبي داود في "مراسيله" عن ثور بن يزيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي حسين هذا - وهو المكي النوفلي - تابعي صغير، روى عن أبي الطفيل، ونافع بن جبير، وغيرهما من التابعين. ولثور فيه إسناد آخر؛ يرويه المعافى بن عمران عنه عن خالد بن معدان قال: قال رجل: يا رسول الله! ما الحزم؟ ... الحديث. أخرجه البيهقي أيضاً من طريق أبي داود في "المراسيل". قلت: وإسناده شامي مرسل، ورجاله ثقات. وقد روي الحديث عن علي بن أبي طالب قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العزم؟ قال: "مشارة أهل الرأي؛ ثم اتباعهم". رواه ابن مردويه؛ يعني في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 90) ؛ تبعاً لابن كثير في "تفسيره" (1/ 420) ، وسكتا عن إسناده؛ وما أراه يصح، وليتهما ساقاه لننظر فيه، ونكشف عن علته! والحديث دليل لمن يقول اليوم بأن الشورى ملزمة للأمير بالأخذ بما أشاروا عليه: ويقول آخرون بأنها معلمة فقط، وهو الذي نراه موافقاً لما كان عليه السلف: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 446 فروى البيهقي (10/ 112) عن زيد بن حباب عن عمر بن عثمان بن عبد الله ابن سعيد - وكان اسمه الصرم، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعيداً - قال: حدثني جدي قال: كان عثمان رضي الله عنه إذا جلس على المقاعد؛ جاءه الخصمان فقال لأحدهما: اذهب ادع علياً، وقال للآخر: اذهب فادع طلحة والزبير، ونفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يقول لهما: تكلما. ثم يقبل على القوم فيقول: ما تقولون؟ فإن ما يوافق رأيه أمضاه، وإلا؛ نظر فيه بعد، فيقومان وقد سلماً. وعمر هذا؛ أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 124) ؛ إلا أنه سمى جده الأدنى: (عبد الرحمن) فقال: "روى عن أبيه. روى عنه زيد بن الحباب، ونسبه فقال: حدثنا عمر بن عثمان ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي"؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفيه الليث بن هارون أبو عتبة العكلي؛ الراوي عن زيد بن حباب، ولم أجد له ترجمة الآن. ثم روى البيهقي تحت: "باب: ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي؛ فإنه غير جائز له أن يقلد أحداً من أهل دهره؛ ولا أن يحكم أو يفتي بالاستحسان"؛ روى (10/ 115) عن مسلمة بن مخلد: أنه قام على زيد بن ثابت فقال: ابن عم! أكرهنا على القضاء؟ فقال زيد: اقض بكتاب الله عز وجل؛ فإن لم ين في كتاب الله؛ ففي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن لم يكن في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فادع أهل الرأي ثم اجتهد، واختر لنفسك ولا حرج. وإسناده صحيح. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 447 ولا ينافي هذا ما رواه في الباب نفسه - بإسناد أيضاً - عن عمر: أنه كان إذا أعياه الأمر أن يجد في القرآن والسنة؛ نظر هل كان لأبي بكر رضي الله عنه فيه قضاء، فإن وجد أبا بكر رضي الله عنه قد قضى فيه بقضاء؛ قضى به؛ وإلا دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم، فإذا اجتمعوا على الأمر قضى بينهم. فإنه محمول على أنه حصلت له القناعة بإجماعهم أو بقضاء أبي بكر، لا أنه حكم بخلاف اجتهاده؛ فإن هذا غير جائز؛ كما أشار إلى ذلك البيهقي في ترجمته بالباب. وعلى ذلك يحمل أيضاً متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ناساً من أصحابه رأوا الخروج لقتال المشركين بأحد، وكان رأيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم بالمدينة فيقاتلهم فيها، فرأى - صلى الله عليه وسلم - أن الحكمة تقتضي متابعتهم على رأيهم، ومن الدليل على ذلك أنهم لما ندموا وقالوا: يا رسول الله! أقم فالرأي رأيك! خالفهم ولم يتابعهم على قولهم وخرج. والقصة معروفة في كتب السيرة، وراجع لها - إن شئت - "البداية" (4/ 11) . 4856 - (إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم، وإن قلوبنا لتلعنهم) . ليس بحديث (1) وبيض له العجلوني (625) ، وإنما هو من قول أبي الدرداء موقوفاً عليه، وعلقه البخاري بصيغة التمريض فقال - في "باب المداراة مع الناس" من "كتاب الأدب" -:   (1) تقدم (216) ! (الناشر) الحديث: 4856 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 448 "ويذكر عن أبي الدرداء: إنا ... "؛ فذكره دون قوله: "ونضحك إليهم". وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 438) : "وصله ابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"، والدينوري في "المجالسة" من طريق أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء فذكر مثله؛ وزاد: "ونضحك إليهم"، وذكره بلفظ اللعن. ولم يذكر الدينوري في إسناده جبير بن نفير. ورويناه في "فوائد أبي بكر المقري" من طريق كامل أبي العلاء. عن أبي صالح عن أبي الدرداء قال: إنا لنكشر أقواماً ... فذكره مثله؛ وهو منقطع. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" من طريق خلف بن حوشب قال: قال أبو الدرداء ... فذكر اللفظ المعلق سواءً، وهو منقطع أيضاً. والكشر - بالشين المعجمة وفتح أوله - ظهور الأسنان، وأكثر ما يطلق عند الضحك، والاسم الكشرة؛ كالعشرة". قلت: الطريق الأولى؛ أخرجها أيضاً أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص 272 - 273 - مخطوطة الظاهرية) من طريق الأحوص بن حكيم عن أبي الزاهرية به. وهو في "الحلية" (1/ 222) موقوفاً كما ذكره الحافظ. وأوهم السخاوي في "المقاصد" (ص 99) أنه مرفوع، فقال: "حديث: "إنا لنكشر ... "؛ وهو في ترجمة (أبي الدرداء) من "الحلية" ... "! والعجلوني أورده بلفظ: "إنا لنبش ... ". وأورده الميداني في "مجمع الأمثال" (1/ 59/ 274) باللفظ الأول، فعلق عليه محققه محمد محيي الدين بقوله: "كذا! وأظنه: إنا لنبش"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 449 4857 - (تياسروا في الصداق؛ إن الرجل يعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة، وحتى يقول: ما جئتك حتى سقت إليك علق القربة) (1) . ضعيف أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6/ 174/ 10398) : أخبرنا ابن جريج قال: حدثني ابن أبي الحسين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي الحسين - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن المكي - مشهور بالرواية عن التابعين؛ أمثال نافع بن جبير بن مطعم ومجاهد وعكرمة وغيرهم، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ سوى أبي الطفيل عامر بن واثلة، وهو من صغارهم، ولد عام أحد، وهو آخر من مات من الصحابة.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كلفت إليك علق القربة: عبد 10399 "! يشير إلى أنه ورد موقوفا على عمر: عند عبد الرزاق بالرقم المذكور. (الناشر) الحديث: 4857 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 450 4858 - (لما نزل عليه الوحى بـ (حراء) ؛ مكث أياماً لا يرى جبريل، فحزن حزناً شديداً، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرة، يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك عامداً لبعض تلك الجبال؛ إلى أن سمع صوتاً من السماء، فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعقاً للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه يقول: يا محمد! أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقاً، وأنا جبريل. قال: فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه، وربط الحديث: 4858 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 450 جأشه. ثم تتابع الوحي بعد وحمي) (1) . باطل أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 196) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه ... قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته: إما محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ فإنه متهم بالوضع. وقال الحافظ في "التقريب": "متروك مع سعة علمه". وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة. وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى، واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني -، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد؛ قال فيه الحافظ أيضاً: "متروك". وحكى في "التهذيب" أقوال الأئمة الطاعنين فيه، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه، ومنها قول الحربي: "رغب المحدثون عن حديثه، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع، ولكن الواقدي تالف". وقوله في الإسناد: "ابن أبي موسى" أظنه محرفاً من "ابن أبي يحيى". ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه؛ فقد دلس بغير ذلك، قال عبد الغني ابن سعيد المصري:   (1) تقدم الحديث برقم (1051) ، وما هنا فيه فوائد زوائد. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 451 "هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج". واعلم أن هذه القصة الباطلة قد وقعت في حديث عائشة في حكايتها رضي الله عنها قصة بدء نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، مدرجة فيه عند بعض مخرجيه، ووقعت في "صحيح البخاري" عن الزهري بلاغاً؛ فقد أخرجه (13/ 297-303) من طريق عقيل ومعمر عن ابن شهاب الزهري عن عروة عنها؛ وجاء في آخر الحديث: "وفتر الوحي فترة؛ حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ... " الحديث نحو رواية الواقدي. وظاهر سياق الحديث في "البخاري" أن هذه الزيادة من رواية عقيل ومعمر كليهما! لكن حقق الحافظ أنها خاصة برواية معمر؛ بدليل أن البخاري قد ساق في أول "الصحيح" رواية عقيل، وليس فيها هذه الزيادة. وأقوى منه: أن طريق عقيل أخرجها أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق يحيى بن بكير - شيخ البخاري في أول الكتاب - بدونها، وأخرجه مقروناً - كما هنا - برواية معمر، وبين أن اللفظ لمعمر. وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر. وأخرجه أحمد، ومسلم، والإسماعيلي، وأبو نعيم من طريق جمع من أصحاب الليث بدونها. قال الحافظ: "ثم إن القائل: "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 452 وليس موصولاً. ووقع عند ابن مردويه في "التفسير" من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: "فيما بلغنا"، ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزناً غدا منه ... " إلى آخره، فصار كله مدرجاً على رواية الزهري عن عروة عن عائشة. والأول هو المعتمد". قلت: يعني: أنه ليس بموصول، ويؤيده أمران: الأول: أن محمد بن كثير هذا ضعيف؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي -؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الغلط". وليس هو محمد بن كثير العبد ي البصري؛ فإنه ثقة. والآخر: أنه مخالف لرواية عبد الرزاق: حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله، فجعلته من بلاغات الزهري. كذلك رواه البخاري من طريق عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق ... وكذلك رواه الإمام أحمد (6/ 232-233) : حدثنا عبد الرزاق به. ورواه مسلم في "صحيحه" (1/ 98) عقب رواية يونس عن ابن شهاب به دون البلاغ، ثم قال: وحدثني محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق ... وساق الحديث بمثل حديث يونس، مع بيان بعض الفوارق اليسيرة بين حديث يونس ومعمر، ولم يسق الزيادة. ولولا أنها معلولة عنده بالانقطاع؛ لما استجاز السكوت عنها وعدم ذكرها؛ تفريقاً بين الروايتين أو الحديثين، مع أنه قد بين من الفوارق بينهما ما هو أيسر من ذلك بكثير! فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة، وثبت ضعفها. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 453 ومما يؤكد ذلك: أن عبد الرزاق قد توبع على إسناده مرسلاً، فقال ابن جرير في "تاريخه" (2/ 305 - دار المعارف) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري قال: فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة، فحزن حزناً شديداً، جعل يغدو إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها ... الحديث. وابن ثور: اسمه محمد أبو عبد الله العابد، وهو ثقة. فثبت بذلك يقيناً وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله إياها. فإن قيل: فقد تابعه النعمان بن راشد فقال: عن الزهري عن عروة عن عائشة به نحوه. أخرجه الطبري (2/ 298-299) ؟! فأقول: إن حال النعمان هذا مثل حال الصنعاني في الضعف وسوء الحفظ؛ فقال البخاري: "في حديثه وهم كثير". وفي "التقريب": "صدوق سيىء الحفظ". قلت: وفي حديثه هذا نفسه ما يدل على سوء حفظه؛ ففيه ما نصه: "ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني. حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد! أنت رسول الله - قال: - فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ. قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت ... " الحديث!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 454 قلت: فجعل النعمان هذا الأمر بالقراءة بعد قصة الهم المذكور، وهذا منكر مخالف لجميع الرواة الذين رووا الأمر دونها، فذكروه في أول حديث بدء الوحي، والذين رووها معه مرسلة أو موصولة؛ فذكروها بعده. ومن ذلك: ما أخرجه ابن جرير أيضاً (2/ 300-301) قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد! كيف كان بدء ما ابتدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام؟ قلت ... فذكر الحديث، وفيه - بعد الأمر المشار إليه -: قال: "فقرأته. قال: ثم انتهى، ثم انصرف عني، وهببت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتاباً. [قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما! قال: قلت: إن الأبعد - يعني: نفسه - لشاعر أو مجنون؟! لا تحدث بها عني قريش أبداً، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه، فلأقتلنها فلأستريحن] . قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل؛ سمعت صوتاً من السماء ... " الحديث. ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات؛ وفيه علل: الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابياً، وإنما هو من كبار التابعين، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. الثانية: سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -؛ قال الحافظ: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 455 "صدوق كثير الخطأ". قلت: ومع ذلك؛ فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي؛ وهو راوي كتاب "السيرة" عن ابن إسحاق، ومن طريقه رواه ابن هشام، وقال فيه الحافظ: "صدوق ثبت في المغازي". وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في "السيرة" (1/ 252-253) عنه عن ابن إسحاق به؛ دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [] ، وفيها قصة الهم المنكرة. فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي، فتكون منكرة من جهة أخرى؛ وهي مخالفته للبكائي؛ فإنه دونه في ابن إسحاق؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما. ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب؛ لنكارة معناها، ومنافاتها لعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك، فقال (1/ 4) : ".. وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب؛ مما ليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ... ". وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية؛ وهي: الثالثة: ابن حميد - واسمه محمد الرازي -؛ وهو ضعيف جداً، كذبه جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف إسناداً، منكر متناً، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهم بقتل نفسه الجزء: 10 ¦ الصفحة: 456 بالتردي من الجبل، وهو القائل - فيما صح عنه -: "من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً". متفق عليه: "الترغيب" (3/ 205) . لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه. وما أشبه هذا المرسل في النكارة بقصة الغرانيق التي رواها بعض الثقات أيضاً مرسلاً ووصلها بعض الضعفاء، كما بينته في رسالة لي مطبوعة بعنوان: "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها تجد فيها - كما في هذا الحديث - شاهداً قوياً على ما ذهب إليه المحدثون: من أن الحديث المرسل من قسم الحديث الضعيف؛ خلافاً للحنفية؛ لا سيما بعض المتأخرين منهم الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بمرسل الثقة ولو كان المرسل من القرن الثالث! بل غلا أحدهم من المعاصرين فقال: ولو من القرن الرابع (1) ! وإذن؛ فعلى جهود المحدثين وأسانيدهم السلام! هذا؛ ولقد كان الباعث على كتابة هذا التخريج والتحقيق: أنني كنت علقت في كتابي "مختصر صحيح البخاري" - يسر الله تمام طبعه - (1/ 5) على هذه الزيادة بكلمة وجيزة؛ خلاصتها أنها ليست على شرط "الصحيح"؛ لأنها من بلاغات الزهري. ثم حكيت ذلك في صدد بيان مزايا المختصر المذكور؛ في بعض المجالس العلمية في المدينة النبوية في طريقي إلى الحج أو العمرة سنة (1394) ، وفي عمرتي في منتصف محرم هذه السنة (1395) ، وفي مجلس من تلك   (1) انظر " قواعد في علوم الحديث " للشيخ التهانوي (ص 138 - 164، 450) ، وراجعه؛ فإنك ستجد فيه العجب العجاب من المخالفة لما عليه المحدِّثون! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 457 المجالس ذكرني أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأذكياء المجتهدين - ممن أرجو له مستقبلاً زاهراً في هذا العلم الشريف؛ إذا تابع دراسته الخاصة ولم تشغله عنها الصوارف الدنيوية - أن الحافظ ابن حجر ذكر في "الفتح": أن ابن مردويه روى زيادة بلاغ الزهري موصولاً، وذكر له شاهداً من حديث ابن عباس من رواية ابن سعد؟ فوعدته النظر في ذلك؛ وها أنا قد فعلت، وأرجو أن أكون قد وفقت للصواب بإذن الله تعالى. وإن في ذلك لعبرة بالغة لكل باحث محقق؛ فإن من المشهور عند المتأخرين: أن الحديث إذا سكت عنه الحافظ في "الفتح" فهو في مرتبة الحسن على الأقل، واغتر بذلك كثيرون، وبعضهم جعله قاعدة نبه عليها في مؤلف له، بل وألحق به ما سكت عنه الحافظ في "التلخيص" أيضاً!! وكل ذلك توسع غير محمود؛ فإن الواقع يشهد أن ذلك ليس مطرداً في "الفتح"؛ بله غيره، فهذا هو المثال بين يديك؛ فقد سكت فيه على هذا الحديث الباطل، وفيه متهمان بالكذب عند أئمة الحديث، متروكان عند الحافظ نفسه! وقد سبق له مثال آخر - وهو الحديث (3898) -، وقد أشرت إليه في التعليق على "مختصر البخاري" (1/ 277) ؛ يسر الله تمام طبعه. آمين. 4859 - (لا تهدموا الآطام؛ فإنها زينة المدينة) . منكر أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 312 و 4/ 194) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 213/ 2) عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. وقال ابن عدي: "عبد الله بن نافع ممن يكتب حديثه، وإن كان غيره يخالفه فيه". الحديث: 4859 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 458 قلت: فأشار ابن عدي إلى أنه ضعيف، وهو مما أجمع عليه الأئمة، بل ضعفه بعضهم جداً؛ فقال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". وتابعه على الشطر الأول: عبد الله بن عمر العمري عن نافع به. أخرجه البزار (1189 - كشف) ، والطحاوي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 301) : "رواه البزار عن الحسن بن يحيى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! وقال الحافظ في "زوائد البزار" - عقب الحديث -: "قلت: إسناده حسن"! كذا قالا! وفيه نظر من وجهين: الأول: أن عبد الله بن عمر العمري ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب". وساق له الذهبي في ترجمته أحاديث مما أنكر عليه، قال في أحدها: "وهو حديث منكر جداً". ولعل الهيثمي توهم أنه عبيد الله بن عمر العمري المصغر، وهو أخو عبد الله بن عمر العمري المكبر؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين، وليس كذلك! ويدل عليه شيئان: 1- أنه جاء مسمى عند البزار بـ (عبد الله بن عمر) مكبراً. وعند الطحاوي منسوباً إلى العمري، وهو المكبر عند الإطلاق. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 459 ومن المحتمل أن يكون وقع في نسخة الهيثمي من "مسند البزار": "عبيد الله ابن عمر" مصغراً؛ فإن كان كذلك فهي نسخة غير معتمدة؛ كما قد يشعر بذلك اقتصار الحافظ على تحسينه. 2- النظر في الرواة عنه، وهم: وهب بن جرير، وإسحاق بن محمد الفروي: عند الطحاوي، وقد ذكرهما المزي في الرواة عن عبد الله المكبر دون أخيه المصغر، فيتعين أنه المكبر الضعيف. الثاني: أن في إسناد البزار: محمد بن سنان؛ هكذا غير منسوب، وهو عندي أبو بكر القزاز البصري، وقد جزم الحافظ أيضاً بضعفه في "التقريب"، بل كذبه بضعهم كما حكاه في "التهذيب"، فكيف يحسن إسناده، ويقول الهيثمي: إنه من رجال "الصحيح"؟! وغالب الظن أنهما توهما أنه محمد بن سنان الباهلي المعروف بـ (العوقي) ؛ فإنه من رجال البخاري، ولكنه ليس به فيما يترجح عندي؛ فإنه عند البزار من روايته عن الحسن بن يحيى عن محمد بن سنان عن عبد الله بن عمر. هكذا وقع إسناده في "زوائد البزار" من النسخة المصورة عندي، وهي نسخة سيئة، والغالب أن فيه سقطاً من بعض النساخ؛ فإن محمد بن سنان سواء كان هو القزاز الضعيف، أو الباهلي الثقة؛ ليس في طبقة من يروي عن العمري، ولكني وجدت في ترجمة الأول منهما من "تهذيب المزي" أنه روى عن وهب بن جرير، فألقي في النفس أن وهباً هذا هو الساقط من الإسناد بين محمد بن سنان والعمري، وعليه يكون مدار طريق البزار وإحدى طريقي الطحاوي على وهب بن جرير، وهو يرويه عن العمري الضعيف، فهو علة هذه الطريق. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 460 وجملة القول؛ أن الحديث بتمامه منكر. وأما شطره الأول؛ فمن الممكن تحسينه بمجموع الطريقين الضعيفين عن نافع، ولعل هذا هو وجه سكوت الحافظ على الحديث في "الفتح" (4/ 71) وتحسينه إياه فيما تقدم؛ وإلا فإني استبعد جداً أن يحسن إسناداً تفرد به العمري الذي جزم هو نفسه بتضعيفه كما تقدم، فضلاً عن غيره! والله أعلم. على أنه يرد على سكوته في "الفتح": أنه أورده بتمامه من رواية الطحاوي الأولى المنكرة، فلا وجه للسكوت عليه، بل هو خطأ بين، يترتب عليه رد الأحاديث الصحيحة المحرمة لقطع شجر المدينة وصيد صيدها؛ وهي من حديث سعد بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله: في "صحيح مسلم"، وعبد الرحمن بن عوف، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة؛ وقد خرجها كلها الطحاوي، ثم تأولها كلها بقوله: "ليس فيها أنه جعله كحرمة صيد مكة ولا كحرمة شجرها، ولكنه أراد بذلك بقاء زينة المدينة؛ ليستطيبوها ويألفوها"!! ثم ساق الحديث مستدلاً به على ما ذكره من التعليل المنكر، مع ما فيه من المخالفة الصريحة للأحاديث المذكورة، ولمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ... " الحديث متفق عليه. وانتهى إلى أن صيد المدينة وشجرها كصيد سائر البلدان وشجرها غير مكة. وقال: "وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 461 قلت: وهذا كله بفضل هذا الحديث المنكر المخالف بزعمهم لتلك الأحاديث الصحيحة! ومع ذلك سكت عنه الحافظ عفا الله عنا وعنه! ثم جاء من بعده الكوثري المشهور بتعصبه لحنفيته، فسعى وراء الطحاوي في الاستدلال بهذا الحديث المنكر على ما ذهب إليه من التأويل وزاد - ضغثاً على إبالة -، فقال في "النكت الطريفة" (ص 109) : "وقد أخرج البزار في "مسنده" حديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن هدم آطام المدينة، وقوله: "إنها زينة المدينة". فيكون المنع من قطع شجرها وأخذ صيدها؛ لمجرد استبقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها"! وقد علمت - من تحقيقنا المتقدم - أنه ليس عند البزار ما عزاه إليه من قوله: "إنها زينة المدينة"! وهو لم يعز ذلك إليه عبثاً، بل رمى من وراء ذلك إلى غاية خبيثة؛ وهو إضلال القراء عن علة هذه الزيادة التي تفرد بروايتها الطحاوي دون البزار؛ لأنها علة ظاهرة في رواية الطحاوي؛ وكتابه سهل الرجوع إليه مباشرة؛ بخلاف "مسند البزار"، فأحال عليه؛ لأنه يعلم أنه عسر الرجوع إليه إلا بواسطة "مجمع الهيثمي"، فإذا رجع الباحث إليه، ووجده يقول كما تقدم: "رواه البزار عن الحسن بن يحيى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ". توهم أنه سالم من العمري؛ لأنه ليس من رجال (الصحيح) بل هو ضعيف كما سبق، فيظن أنه ليس بضعيف، وهذا هو ما رمى إليه الكوثري بذلك العزو الخاطىء. والله حسيبه!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 462 4860 - (أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق؛ لشيعتك إذا ذهبت، وتلقيتك إذا جئت؛ فإني أحب العقيق) . ضعيف جداً أخرجه الطحاوي (2/ 313) من طريق ابن أبي قتيلة المدني ونعيم بن حماد وإبراهيم بن المنذر الحزامي؛ ثلاثتهم قالوا: حدثنا محمد بن طلحة التيمي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمة بن الأكوع: أنه كان يصيد ويأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - من صيده، فأبطأ عليه، ثم جاءه. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما الذي حبسك؟ ". فقال: يا رسول الله! انتفى عنا الصيد؛ فصرنا نصيد ما بين (نبث وفي نسخة: بيت (1)) إلى (قناة) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى هذا: هو أبو محمد التيمي المدني؛ اتفقوا على ضعفه، بل ضعفه الدارقطني جداً؛ فقال: "متروك". وهذا هو الذي اعتمده الذهبي في "الضعفاء"؛ فلم يذكر غيره. ومحمد بن طلحة التيمي؛ فيه ضعف من قبل حفظه. ولذا قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وقد تفرد به؛ كما تشعر بذلك الطرق الثلاثة المنتهية إليه.   (1) أوردها ياقوت الحموي في " معجم البلدان "، والفيروزآبادي في " القاموس المحيط " في مادة (ت ي ت) . (الناشر) الحديث: 4860 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 463 ومن هذا يتبين أنه ليس للحديث إلا هذه الطريق الواحدة. فقول الكوثري في "النكت الطريفة" (ص 109) : "وأخرج الطحاوي من ثلاث طرق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسلمة بن الأكوع: "أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق ... ""! أقول: ففيه تضليل خبيث، حيث أوهم القراء أن للحديث ثلاث طرق، وأن الحديث قوي؛ ولو بمجموعها على الأقل! وأيضاً؛ فإنه مع ذلك سكت عليه، واحتج به لمذهبه الحنفي القائل بجواز صيد المدينة. والاحتجاج بالحديث دليل على أنه ثابت عند المحتج به؛ كما لا يخفى. فتأمل ما يفعل التعصب للمذهب بصاحبه من التأثير السيىء؛ حيث حمله على التضليل المذكور، وعلى الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: "من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين". رواه مسلم. فإن هذا الحديث يوجب النار لمن نسب الشيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته؛ كما تقدم نقلاً عن ابن حبان في المقدمة (1) (ص 12) . فكيف إذا علم بعدم صحته؛ كهذا الكوثري؛ فإن مثله لا يخفى عليه ضعف هذا الحديث؟! والله المستعان. 4861 - (لو كان هذا في غير هذا؛ لكان خيراً لك) . ضعيف (2) أخرجه الطيالسي (1235) ، وأحمد (3/ 471 و 4/ 339) عن شعبة   (1) أي: مقدمة المجلد الأول من هذه " السلسلة "؛ وهو فيها (ص 50 - الطبعة الجديدة) (2) تقدم - بتخريج أوسع وفوائد أكثر - برقم (1131) . (الناشر) الحديث: 4861 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 464 قال: أخبرني أبو إسرائيل الجشمي قال: سمعت جعدة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى رجلاً سميناً؛ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومىء إلى بطنه بيده، ويقول ... فذكره. قلت: وأبو إسرائيل هذا؛ لم يرو عنه غير شعبة، ولم يوثقه غير ابن حبان؛ فهو مجهول. وقال الحافظ: "مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. فلا يغرنك قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 31) - بعد أن عزاه للطبراني وأحمد -: "ورجال الجميع رجال "الصحيح"؛ غير أبي إسرائيل الجشمي؛ وهو ثقة"! فإن توثيقه إياه؛ إنما هو اعتماد على توثيق ابن حبان، وهاذ معروف بتساهله في التوثيق، كما شرحناه في غير هذا المكان. ونحو ذلك قول المنذري (3/ 123) : "رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني - بإسناد جيد -، والحاكم، والبيهقي"! قلت: وهو عند الحاكم (4/ 122) من هذا الوجه؛ خلافاً لما قد يوهمه كلام المنذري! وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!! 4862 - (لأنا بهم أو ببعضهم (يعني: الأعاجم) ؛ أوثق مني بكم أو ببعضكم) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 328) ، والطيالسي (2493) من طريق أبي بكر بن عياش: حدثني صالح بن أبي صالح مولى عمرو بن حريث قال: سمعت أبا هريرة يقول: الحديث: 4862 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 465 ذُكِرَتْ الأعاجم عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ... فذكره. وقال الترمذي - مشيراً إلى تضعيفه -: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي بكر بن عياش. وصالح ابن أبي صالح هذا يقال له: صالح بن مهران مولى عمرو بن حريث". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب"؛ تابعاً في ذلك لابن معين! والأقرب قول النسائي فيه: "مجهول"؛ فإنهم لم يذكروا له راوياً غير أبي بكر هذا. 4863 - (إني كنت أحدثه (يعني: القمر وهو في المهد) ويحدثني، ويلهيني عن البكاء، وأسمع وجبته (1) يسجد تحت العرش) . موضوع أخرجه البيهقي في "الدلائل" (1/ 319) عن أحمد بن شيبان الرملي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الحلبي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا زهير عن محارب بن دثار عن عمرو بن يثربي عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله! دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بأصبعك، فحيث أشرت إليه مال! قال ... فذكره. وقال البيهقي: "تفرد به هذا الحلبي بإسناده؛ وهو مجهول"! قلت: بل هو كذاب، وهو الذي افتعل هذا الإسناد الصحيح وركبه على هذا الحديث الباطل؛ فقد قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 40) :   (1) في الأصل الخطي للشيخ - رحمه الله -: " رجئته "؛ بالراء والهمز. (الناشر) الحديث: 4863 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 466 "سألت أبي عنه؛ وعرضت عليه حديثه؟ فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها، ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب". واعتمده الذهبي؛ فقال في "المغني": "كذاب". 4864 - (لما أتى جمرة العقبة؛ استبطن الوادي واستقبل القبلة، وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن، ثم رمى بسبع حصيات؛ يكبر مع كل حصاة) . منكر أخرجه الترمذي في "سننه" (1/ 170) ، وابن ماجه (3030) ، وابن أبي شيبة (4/ 41) من طريق المسعودي عن جامع بن شداد أبي صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد قال: لما أتى عبد الله جمرة العقبة ... فذكره، وزاد: ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو؛ من ههنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"! قلت: كلا؛ فإن المسعودي كان اختلط. وقد خالفه إبراهيم النخعي؛ فرواه عن عبد الرحمن بن يزيد به دون قوله: واستقبل القبلة.. وقوله: على حاجبه الأيمن. كذلك أخرجه البخاري (3/ 463) ، ومسلم (4/ 78) وغيرهما. الحديث: 4864 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 467 فهما زيادتان منكرتان، لا سيما الأولى منهما؛ فإنها مخالفة لرواية أخرى للشيخين بلفظ: فرمى الجمرة بسبع حصيات، وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه. ولذلك جزم الحافظ في "الفتح" بأن هذا هو الصحيح، وما في "الترمذي" شاذ، وقال: "في إسناده المسعودي؛ وقد اختلط. وبالأول قال الجمهور". قلت: ولعل هذا الحديث هو عمدة من ذهب من المتأخرين إلى استقبال القبلة عند رمي جمرة العقبة، فقد جاء في كتاب "جامع المناسك الثلاثة الحنبلية" للشيخ أحمد بن المنقور التميمي (ص 121) قال - بعد أن ذكر كيفية رمي الجمرات الثلاث -: "ويستقبل القبلة في الكل"! واستقبال الأوليين هو الظاهر من الأحاديث؛ بخلاف جمرة العقبة، فالسنة أن يجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، كما تقدم. وقد روى ابن أبي شيبة (4/ 41) عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد ابن جبير: أنهم كانوا إذا رموا الجمرات استقبلوا البيت. وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف. 4865 - (ما بين الركن والمقام ملتزم، من دعا - من ذي حاجة أو كربة أو ذي غم -؛ فرج عنه بإذن الله) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي (237/ 2) عن عباد بن كثير: حدثني الحديث: 4865 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 468 أيوب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به. وقال: "عباد بن كثير؛ عامة حديثه مما لا يتابع عليه". قلت: يشير إلى أنه ضعيف جداً. وكذلك صنع الهيثمي بقوله في "المجمع" (3/ 246) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عباد بن كثير الثقفي، وهو متروك". قلت: وقد روي الالتزام من فعله - صلى الله عليه وسلم - من طرق يقوي بعضها بعضاً، ولذلك أوردته في "صحيح الجامع الصغير" (4888) ، وخرجته في "الصحيحة" (2138) ، وذكرت له فيه شواهد موقوفة صحيحة عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم. 4866 - (همت يهود بالغدر، فأخبرني الله بذلك؛ فقمت) . ضعيف أورده ابن سعد (2/ 57) بغير إسناد. وكذلك ساقه ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 199-200- ابن هشام) نحوه بغير إسناد أيضاً. وكذلك موسى بن عقبة؛ كما رواه عنه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 447) . وكذلك رواه الواقدي في "المغازي" (1/ 363) فقال: حدثني محمد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح ومحمد بن يحيى بن سهل وابن أبي حبيبة ومعمر بن راشد في رجال ممن لم أسمهم، فكل حدثني ببعض هذا الحديث، وبعض القوم كان أوعى له من بعض، وقد جمعت كل الذي حدثوني قالوا: ... فذكر غزوة بني النضير. وفيها هذا الحديث. قلت: فاتفاق هؤلاء الرواة على إرسال الحديث وسوقه بغير إسناد؛ لدليل واضح على أنه لا يعرف إسناده عندهم؛ وإلا لساقوه. الحديث: 4866 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 469 وهذا الحديث من أحاديث كثيرة أوردها الدكتور البوطي في كتابه "فقه السيرة النبوية"؛ الذي زعم في مقدمة الجزء الثاني أنه اعتمد فيه أولاً: على صحاح السنة، وثانياً: على ما صح من أخبار السيرة في كتبها. قال: "وأهم ما اعتمدت عليه من ذلك: "سيرة ابن هشام"، و "طبقات ابن سعد" ... "! هكذا قال! دون أي خوف أو خجل من أن يكذبه الواقع في كتابه المذكور؛ فقد ملأه بأحاديث كثيرة واهية، وأخرى مما لا إسناد له؛ كهذا الحديث! وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت". وقد كنت تعقبته في كثير من أحاديثه في مقالات متتابعة؛ نشرت في مجلة "التمدن الإسلامي"؛ ثم طبعت في كتاب "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة". 4867 - (ألا أخبركم بشر الشهداء؟! الذين يشهدون قبل أن يستشهدوا) . لاأصل بهذا اللفظ وقد وهم الحافظ ابن كثير وهماً فاحشاً في آخر تفسير سورة "البقرة"؛ فذكر أنه "في الصحيحين"! وقد يتبادر إلى ذهن القارىء أنه اشتبه عليه بحديث زيد بن خالد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". أخرجه مالك ومسلم وغيرهما! الحديث: 4867 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 470 فأقول: لا؛ فإن الحافظ ابن كثير نفسه ذكره من حديث زيد قبل هذا؛ ثم ذكر طرفاً من حديث آخر فيه قوله: "ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، وتسبق شهادتهم أيمانهم". وفي رواية: "ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون". وهذه الرواية عند الشيخين من حديث عمران بن حصين، وهو مخرج في "الصحيحة" (1840) . وأخرجه الترمذي وغيره نحوه، وهو مخرج فيها (برقم 699) . والحديث الذي قبله: هو من حديث ابن مسعود، وهو مخرج فيها أيضاً برقم (700) . والذي يغلب على الظن: أن ابن كثير رواه بالمعنى، وأقرب الألفاظ إليه حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم - والله أعلم؛ أذكر الثالث أم لا، قال - ثم يخلف قوم يحبون السمانة، يشهدون قبل أن يستشهدوا". أخرجه مسلم (7/ 185) . وأحسن ما جمع بين هذه الأحاديث وحديث زيد بن خالد: أن المراد به: من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه، فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة، ويختلف الورثة، فيأتي الشاهد إليهم، أو إلى من يتحدث عنهم؛ فيعلمهم بذلك؛ أفاده الحافظ في "الفتح" (5/ 198) . ومن شاء الاطلاع على سائر الأقوال؛ فليرجع إليه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 471 4868 - (اللهم! أكثر مال فلان (يعني: المانع ناقته) ، واجعل رزق فلان يوماً بيوم. (يعني: الذي بعث بالناقة)) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (4134) ، وأحمد (5/ 77) عن سيار بن سلامة الرياحي عن البراء السليطي عن نقادة الأسدي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل يستمنحه ناقة، فرده. ثم بعثني إلى رجل آخر، فأرسل إليه بناقة، فلما أبصرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم! بارك فيها، وفيمن بعث بها". قال نقادة: فقلت: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وفيمن جاء بها؟ قال: "وفيمن جاء بها". ثم أمر بها فحلبت، فدرت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة البراء السليطي؛ قال الذهبي: "لا يعرف، تفرد عنه سيار". قلت: وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته المعروفة في توثيق المجهولين! وهو عمدة المنذري في قوله في "الترغيب" (4/ 100) : "رواه ابن ماجه بإسناد حسن"! الحديث: 4868 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 472 4869 - (ما من غني ولا فقير؛ إلا وَّدَ يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتاً) . ضعيف جداً أخرجه ابن ماجه (4140) ، وأحمد (3/ 117،167) ، وأبو نعيم في "الحلية" (10/ 69-70) عن نفيع بن الحارث عن أنس مرفوعاً. الحديث: 4869 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 472 ومن هذا الوجه: رواه أيضاً أحمد بن منيع، وعبد بن حميد في "مسنديهما"؛ كما في "زوائد البوصيري" (ق 279/ 1) ، وسكت عنه! قلت: ولعل ذلك لوضوح علته؛ فإن نفيعاً هذا - وهو أبو داود الأعمى -؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وقد كذبه ابن معين". ولذلك أورد ابن الجوزي حديثه هذا من رواية ابن حبان - يعني: في "الضعفاء" -؛ ثم قال: "متروك". ولم يتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 168) إلا بقوله: "قلت: أخرجه أحمد وابن ماجه من هذا الطريق، وله شاهد عن ابن مسعود"! قلت: ثم ذكر ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 8) من طريق أحمد بن إبراهيم القطيعي: حدثنا عباد بن العوام قال: حدثنا سفيان بن حسين عن سيار عن أبي وائل عن عبد الله مرفوعاً بلفظ: "ما من أحد إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتاً". قلت: وسكت السيوطي عنه! ولا يصلح شاهداً عندي لأمرين: الأول: أن القطيعي هذا غير معروف. وفي ترجمته: أورد الخطيب الحديث؛ ولم يزد فيها شيئاً! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 473 والآخر: أنه قد خالفه عبد الله بن محمد العبسي؛ فقال: حدثنا عباد بن العوام به فذكره موقوفاً. أخرجه أبو نعيم؛ كما قال السيوطي. والعبسي هذا: هو أبو بكر بن أبي شيبة الحافظ الثقة، وقد أوقفه؛ وهو الصحيح. والله أعلم. وقد مضى تخريج حديث الترجمة برقم (2240) من هذه "السلسلة". 4870 - (إن الشيطان - لعنه الله - قال: لن يفلت مني [ابن] آدم من إحدى ثلاث: أخذ المال من غير حله، ووضعه في غير حقه، ومنعه من حقه) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 323 - زوائده) من طريقين عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعاً. وقال: "لا نعلمه [إلا] من هذا الوجه". قال الحافظ - عقبه -: "فيه انقطاع، وكلهم ثقات". قلت: وهو كما قال، والانقطاع الذي يشير إليه؛ إنما هو بين أبي سلمة وأبيه؛ فإنه لم يسمع منه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 17/ 1) عن ليث بن سعد المصري عن الزهري به، ولفظه: "قال الشيطان - لعنه الله -: لن يسلم مني صاحب المال من إحدى ثلاث؛ الحديث: 4870 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 474 أغدو عليه بهن، وأروح بهن: أخذه المال من غير حله، وإنفاقه في غير حقه، وأحببه إليه فيمنعه من حقه". قلت: وهو عند البزار من الطريق التي أخرجها الطبراني، لكن عنده - بين الليث والزهري - عقيل، وهو الصواب؛ لمطابقته للطريق الأخرى عنده. ومن الغريب: أن المنذري في "الترغيب" (4/ 106) لم يعزه للبزار؛ وتبعه الهيثمي (10/ 245) ؛ فقالا: "رواه الطبراني بإسناد حسن"! وقد عرفت أن فيه انقطاعاً؛ فإنى له الحسن؟! 4871 - (لا تفتح الدنيا على أحد؛ إلا ألقى الله عز وجل بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 16) - والسياق له -، والبزار في "مسنده" (1/ 440/ 311 - بيروت) من طريق ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود أنه سمع محمد ابن عبد الرحمن بن لبيبة يحدث عن أبي سنان الدؤلي: أنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده نفر من المهاجرين الأولين، فأرسل عمر إلى سفط أتي به من قلعة من العراق، فكان فيه خاتم، فأخذه بعض بنيه، فأدخله في فيه، فانتزعه عمر منه، ثم بكى عمر رضي الله عنه. فقال له من عنده: لم تبكي وقد فتح الله لك، وأظهرك على عدوك، وأقر الله عينك؟! فقال عمر رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... (فذكره) وأنا أشفق من ذلك! وقال البزار: الحديث: 4871 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 475 "لا يروى إلى بهذا الإسناد". قلت: وهو إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ابن لبيبة؛ قال في "الميزان": "قال يحيى: ليس حديثه بشيء. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال آخر: ليس بالقوي". والأخرى: ابن لهيعة؛ سيىء الحفظ. وبه أعله الزبيدي في "شرح الإحياء" (8/ 53) . وسكت عنه العراقي (3/ 188) ! قلت: ومن ذلك تعلم خطأ - أو تساهل - المنذري في قوله: "رواه أحمد - بإسناد حسن - والبزار، وأبو يعلى"! على أنني لم أره في "مسند عمر" من "مسند أبو يعلى"؛ لكن النسخة التي عندي سيئة! ثم علمت بواسطة "مجمع الزوائد" (3/ 122 و 10/ 236) أن أبا يعلى إنما رواه في "الكبير" (1) ، وهذا غير معروف اليوم؛ بخلاف الأول، فمنه نسخ مصورة، وقد طبع في دمشق. ثم إن الهيثمي حسن إسناده في الموضع الثاني؛ تبعاً للمنذري! وأعله في الموضع الأول بابن لهيعة؛ فأصاب.   (1) وقد أورده الهيثمي في " المقصد العلي " (4/474/1971) ؛ رامزاً له بـ: (كـ) ؛ إشارة إلى أنه رواه في " الكبير" الجزء: 10 ¦ الصفحة: 476 وعزاه العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 376/ 3142) للديلمي فقط! وسكت عنه فما أحسن! ولم أره في "مسند الفردوس"، وهو في أصله "الفردوس" (5/ 214/ 7992) . 4872 - (اليوم الرهان، وغداً السباق، والغاية الجنة، والهالك من دخل النار) . موضوع بهذا التمام أخرجه الطبراني (3/ 171/ 1) ، وابن سمعون في "الأمالي" (ق 169/ 2) ، وابن عدي (27/ 2) ، وابن عساكر (12/ 9/ 1) عن أصرم ابن حوشب: أخبرنا قرة بن خالد وغيره عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي - وقد ساقه في جملة أحاديث لأصرم هذا -: "وهذه الأحاديث بواطيل عن قرة بن خالد، لا يحدث بها عنه غير أصرم هذا". قلت: وهو كذاب خبيث؛ كما قال ابن معين. وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". ونحوه قول الحاكم، والنقاش: "يروي الموضوعات". لكن روي الحديث من طريق أخرى في حديث لعائشة ببعض اختصار، ولفظه: "من سأل عني أو سره أن ينظر إلي؛ فلينظر إلى أشعث شاحب مشمر، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، رفع له علم فشمر إليه، اليوم المضمار، وغداً السباق، والغاية الجنة أو النار". الحديث: 4872 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 477 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 258) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سليمان بن أبي كريمة؛ وهو ضعيف". وهو في "الأوسط" (4/ 152/ 3265) . وقال: "لم يروه عن هشام إلا سليمان، تفرد به عمرو". يعني: ابن هاشم البيروتي، وهو صدوق يخطىء. قلت: ولذلك أشار المنذري (4/ 108) إلى تضعيفه. وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 203) : "وإسناده ضعيف". (تنبيه) : زاد الطبراني في حديث الترجمة: "أنا الأول، وأبو بكر المصلي، وعمر الثالث، والناس بعد على السبق؛ الأول فالأول". وروى ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (1/ 30/ 2) عن عون بن عبد الله أنه كان يقول: اليوم المضمار، وغداً السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار. وأخرج الثقفي في "المشيخة النيسابورية" (199/ 1) عن أبي مصعب: حدثني علي بن أبي اللهبي عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ... فذكره مرفوعاً بلفظ: "أنتم اليوم في المضمار، وغداً السباق، فالسبق الجنة، والغاية النار، بالعفو تنجون، وبالرحمة تدخلون، وبأعمالكم تقتسمون". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 478 قلت:وهذا ضعيف جداً؛ علي هذا؛ قال الذهبي: "له مناكير؛ قاله أحمد. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال ابن معين: ليس بشيء". زاد في "اللسان": "وقال العقيلي: متروك الحديث. ونقل عن البخاري: منكر الحديث ... وقال الحاكم: يروي عن ابن المنكدرأحاديث موضوعة يرويها عنه الثقات". وقد روي الحديث موقوفاً؛ يرويه إسماعيل ابن علية عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: نزلنا من المدائن على فرسخ، فلما جاءت الجمعة؛ حضر [أبي] وحضرت معه، فخطبنا حذيفة، فقال: إن الله عز وجل يقول: (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار، وغداً السباق. فقلت: لأبي: أيستبق الناس غداً؟ قال: يا بني! إنك لجاهل، إنما يعني: العمل اليوم، والجزاء غداً! فلما جاءت الجمعة الأخرى؛ حضرنا، فخطبنا حذيفة فقال: إن الله عز وجل يقول: (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار، وغداً السباق، ألا وإن الغاية النار، والسابق من سبق إلى الجنة. أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (27/ 51) ، والحاكم (4/ 609) . وقال "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 479 قلت: فيه عنده موسى بن سهل بن كثير؛ وهو آخر من روى عن ابن علية؛ قال الذهبي نفسه في "الميزان": "ضعفه الدارقطني. وقال البرقاني: ضعيف جداً". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ضعيف". فلا وجه لتصحيحه من طريقه. لكنه لم يتفرد به؛ فهو متابع من ثقة عند ابن جرير. لكن (إسماعيل ابن علية) روى عن عطاء بعد الاختلاط. إلا أنه قد تابعه عنده شعبة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. وتابعه أيضاً سفيان: عند ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 287) ، وهو سفيان الثوري؛ سمع منه قبل الاختلاط أيضاً، فصح الإسناد؛ والحمد لله. وقد أشار إلى ذلك أبو نعيم بقوله - عقب الحديث في "الحلية" (1/ 281) -: "رواه جماعة عن عطاء مثله". 4873 - (أما إنه أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (2/ 1) ، والطبراني في "الكبير" (1/ 37/ 2) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 298) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 315/ 10430) من طريق أبي الوليد الطيالسي قال: حدثنا عمار ابن عمارة أبو هاشم صاحب الزعفراني قال: حدثنا محمد بن عبد الله أن أنس بن مالك حدثه: أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءت بكسرة خبز إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الحديث: 4873 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 480 "ما هذه الكسرة يا فاطمة؟! " قالت: قرص خبزته؛ فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة. قال ... فذكره. وأخرجه أحمد (3/ 213) ، والبخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 128) في ترجمة محمد بن عبد الله هذا. وقال - في رواية -: "الراسبي". وسقطت هذه النسبة من "المسند". والراسبي هذا؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" (1/ 207 - مخطوط) ، وهو عمدة المنذري (4/ 109) ثم الهيثمي (10/ 312) في قولهما: "رواه أحمد والطبراني، ورواتهما ثقات"! قلت: والبخاري لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع ابن أبي حاتم (3/ 2/ 308) . وقال الذهبي - بعد أن ساق له هذا الحديث -: "مجهول، مر". قلت: وكأنه يشير إلى قوله المتقدم: "محمد بن عبد الله. عن ابن عمر. وعنه محمد بن مرة، مجهول"! وهذا مشكل؛ فإن من المعلوم من نص الذهبي نفسه؛ أن من يقول فيه: "مجهول" ولا يسنده إلى قائل؛ فهو قول أبي حاتم فيه، وعلته؛ فصنيع الذهبي يشير إلى أن الترجمتين هما واحدة، وأن أبا حاتم قال في صاحب هذا الحديث: "مجهول"! وهذا وقع مصرحاً في "اللسان"؛ فإنه قال: "مجهول. قاله أبو حاتم"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 481 مع أن أبا حاتم قد فرق بين الترجمتين، فلم يذكر في هذا شيئاً؛ كما سبقت الإشارة إليه. وقال قبله: "محمد بن عبد الله. رأى ابن عمر يأكل بفرق. روى عنه محمد بن مرة الكوفي، وهو مجهول لا يدرى من هو؟ ". لكنه قال بعد ترجمة: "محمد بن عبد الله البصري. سمع أنساً. مجهول". فالظاهر أن هذا هو عمدة الذهبي والحافظ فيما قالا، ومن الظاهر أن البصري هذا هو صاحب هذا الحديث؛ فقد قال البخاري في ترجمته: "يعد في البصريين". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف؛ لجهالة البصري هذا. والله أعلم. (تنبيه) : ثم وجدت الحديث في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" لأبي الشيخ (ص 285) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن عمار أبي هاشم به؛ إلا أنه وقع فيه: "محمد بن سيرين"! وهذا خطأ فاحش؛ أظنه تحرف على الطابع أو الناسخ، والصواب: "محمد الراسبي"؛ كما تقدم عن "تاريخ البخاري"، وهو عنده من هذه الطريق. 4874 - (إن الله تبارك وتعالى لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا باتباع الشهوات، فمن كنز دنيا يريد به حياة باقية؛ فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز ديناراً ولا درهماً، ولا أخبأ رزقاً لغد) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (15/ 2) عن الزهري عن رجل عن ابن عمر قال: الحديث: 4874 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 482 خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من التمر ويأكل، فقال: "يا ابن عمر! ما لك لا تأكل؟! قلت: يا رسول الله! لا أشتهيه. قال "لكني أشتهيه، وهذا صبح رابعة لم أذق طعاماً ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر! إذا بقيت في قوم يخبؤن رزق سنتهم؟! ". قال: فوالله ما برحنا حتى نزلت: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير الرجل الذي لم يسم. ولعله - من أجله - أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 109) إلى تضعيفه بتصديره إياه بصيغة التمريض: "روي". وقال: "رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب (الثواب) ". ثم رأيته في كتابه الآخر: "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 303-304) ؛ أخرجه من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا الجراح بن منهال عن الزهري عن عطاء عن ابن عمر به. وقال: "الزهري: هو عبد الرحيم بن عطاف". قلت: وهذا التفسير غريب؛ فإنه على رغم أني لم أجد من ترجم عبد الرحيم هذا؛ فقد ذكروا في ترجمة الجراح بن منهال أنه روى عن الزهري، والمراد به عند الإطلاق: محمد بن مسلم الزهري الإمام المشهور. ومع ذلك؛ فقد نبهني هذا الإسناد على تحريف في كتاب "الجوع"؛ فقد وقع الجزء: 10 ¦ الصفحة: 483 فيه: "الحجاج بن المنهال الجزري"! فتبينت أنه خطأ؛ والصواب: "الجراح بن المنهال" وهو الجزري، وأما الحجاج بن المنهال فليس جزرياً. وإذا ثبت هذا؛ فالجراح الجزري متروك متهم بالكذب، فالإسناد ضعيف جداً. وأفاد الشيخ أبو الفضل الغماري - في تعليقه على "الأخلاق" - أن ابن أبي حاتم رواه في "تفسيره"؛ فزاد بين الزهري وعطاء رجلاً لم يسمه. ثم رأيت الحديث قد أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 258) من طريق أبي محمد بن حيان - وهو أبو الشيخ - من طريق التي في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -"؛ إلا أنه قال: الحجاج بن منهال عن الزهري عن عبد الرحيم بن عطاء عن عطاء ... فأدخل التفسير في الإسناد، وسمى الراوي عن (الزهري) : (الحجاج) مكان: (الجراح) ! ولعل هذا - الثاني - هو الأرجح؛ لموافقته لما في "تفسير ابن أبي حاتم"؛ فإنه قال في "سورة العنكبوت" (6/ 289/ 2) : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي: [حدثنا يزيد بن هارون] (1) : حدثنا الجراح بن منهال الجزري عن الزهري [عن رجل] عن ابن عمر ... والهروي هذا صدوق؛ كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 327) .   (1) هذه الزيادة والتي بعدها من " تفسير ابن كثير " (3/420) ؛ لأنهما لم تظهرا في مصوّرة " ابن أبي حاتم ". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 484 وتابعه عبد بن حميد؛ فقال في "المنتخب" (2/ 39/ 814) : أنبأنا يزيد بن هارون: أنبأنا أبو العطوف الجراح بن منهال الجزري ... وإذا ترجح أن الراوي عن الزهري هو: الجراح بن المنهال الجزري؛ فيكون الحديث ضعيف الإسناد جداً؛ قال الذهبي في "المغني": "الجراح بن منهال أبو العطوف عن الزهري؛ تركوه". وقال ابن كثير - عقب الحديث -: "حديث غريب، وأبو العطوف الجزري ضعيف". 4875 - (شربتان في شربة، وإدامان في قدح؟! لا حاجة لي فيه، أما إني لا أزعم أنه حرام، ولكني أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع لله، فمن تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله أحبه الله عز وجل) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/ 464/ 4891) ، وابن عساكر في "مدح التواضع" (92/ 1-2) وغيرها عن نعيم بن مورع العنبري: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدح فيه لبن وعسل. فقال ... فذكره. وقال ابن عساكر: "حديث غريب، تفرد به نعيم هذا". قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال النسائي: "ليس بثقة". وقال ابن عدي: الحديث: 4875 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 485 "يسرق الحديث". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال الحاكم. وأبو سعيد النقاش: "روى عن هشام أحاديث موضوعة". وقال أبو نعيم: "روى عن هشام مناكير". قلت: وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الدارقطني عنه. وقال: "تفرد به نعيم، وليس بثقة". وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 128) بأن الطبراني أخرجه في "الأوسط" من هذه الطريق (!) وله شاهد. ثم ساقه من حديث أنس نحوه مختصراً؛ دون قوله: "ولكني أكره ... "؛ وسكت عليه! وقد قال الهيثمي - عقبه (5/ 34) -: "وفيه محمد بن عبد الكريم (1) بن شعيب؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات" (2) . 4876 - (بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد. يعني: علياً رضي الله تعالى عنه) . موضوع أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1124-1125) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 207/ 1) : حدثنا سويد بن سعيد: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم بن شروس الحلبي عن ابن ميناء عن أبيه عن عائشة قالت:   (1) هو (محمد بن عبد الكبير بن شعيب) ، كما في " الأوسط " (7404) . (الناشر) (2) تقدم تخريجه برقم (2182) من حديث أنس: من رواية الحاكم وغيره. (الناشر) الحديث: 4876 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 486 رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - التزم علياً وقبله، ويقول ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به ميناء - وهو ابن أبي ميناء الزهري -؛ اتفقوا على تضعيف؛ سوى ابن حبان فذكره في "الثقات"! وكذبه بعضهم، فقال أبو حاتم: "منكر الحديث، روى أحاديث مناكير في الصحابة، لا تعبأ بحديثه، كان يكذب". وابنه: اسمه عمر؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 135) ؛ عن أبيه: "مجهول". وتبعه الذهبي في "الميزان". ثم الحافظ في "اللسان"؛ وقال هذا: "ووجدت عنه حديثاً منكراً". ثم ساق له حديثاً آخر غير هذا من طريق ابن شروس هذا بإسناده. وابن شروس؛ كأنه مجهول؛ فإني لم أجده إلا في هذا الإسناد، وبه ذكره ابن أبي حاتم فقال (4/ 1/ 8) : "محمد بن عبد الرحيم بن شروس الصنعاني. روى عن عمر بن مينا عن أبيه عن عائشة. روى عنه سويد بن سعيد". ولم يذكره الذهبي، ولا العسقلاني! وهو مما ينبغي أن يستدرك عليهما. وسويد بن سعيد؛ فيه ضعف؛ لأنه كان يتلقن. وخفي على الهيثمي ترجمة بعض هذا الإسناد؛ فقال (9/ 138) : "رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 487 4877 - (ردوه لحالته الأولى؛ فإنه منعتني وطاءته صلاتي الليلة) . ضعيف أخرجه الترمذي في "الشمائل" (ص 188) : حدثنا أبو الخطاب زياد ابن يحيى البصري: حدثنا عبد الله بن ميمون (الأصل: مهدي، وهو خطأ) : حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: سئلت عائشة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه من ليف. وسئلت حفصة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: مسحاً نثنيه ثنيتين فينام عليه. فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات. فلما أصبح قال: "ما فرشتموا لي الليلة؟! ". قال: قلنا: هو فراشك؛ إلا أننا ثنيناه بأربع ثنيات؛ قلنا: هو أوطأ لك. قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الله بن ميمون - وهو القداح المكي -، وهو متروك. بل قال الحاكم: "روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث موضوعة". ثم هو منقطع بين محمد - والد جعفر؛ وهو محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين -؛ فإنه لم يدرك عائشة، كما قال البيجوري في "حاشيته على الشمائل"، وأتبع ذلك بقوله: "لكن حقق ابن الهمام أن الانقطاع في حديث الثقات لا يضر"!! ولم يتنبه أن هذا التحقيق المزعوم مخالف لما عليه علماء الحديث؛ أن الانقطاع - بل الإرسال - علة في الحديث! الحديث: 4877 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 488 كما أنه كان الأولى به أن يعله بالعلة القادحة الظاهرة! وقد وجدت للحديث إسناداً آخر، هو خير من هذا، ولكنه لا يرتفع به إلى أكثر من درجة الضعف! وهو ما يرويه عبد الله بن رشيد: أخبرنا أبو عبيدة عن أبان عن إبراهيم الجعفي عن الربيع بن زياد الحارثي قال: قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وفد العراق، فأمر لكل رجل منا بعباء عباء، فأرسلت إليه حفصة فقالت: يا أمير المؤمنين! أتاك ألباب العراق، ووجوه الناس، فأحسن كرامتهم، فقال: ما أزيدهم على العباء يا حفصة! أخبريني بألين فراش فرشت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأطيب طعام أكله عندك؟ فقالت: كان لنا كساء من هذه الملبدة، أصبناه يوم خيبر، فكنت أفرشه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ليلة وينام عليه، وإني ربعته ذات ليلة ... الحديث نحوه. أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 167) : قلت: وعبد الله بن رشيد؛ قال البيهقي: "لا يحتج به". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال: "مستقيم الحديث". والربيع بن زياد الحارثي؛ قال البخاري: "سمع عمر". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع. وإبراهيم الجعفي: هو ابن عبد الأعلى مولى الجعفيين، ثقة من رجال مسلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 489 ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عائشة مختصراً؛ ليس فيه حديث الترجمة. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 465) : أخبرنا عمر بن حفص عن أم شبيب عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تفرش للنبي - صلى الله عليه وسلم - عباءة ثنيتين، فجاء ليلة وقد ربعتها، فنام عليها، فقال: "يا عائشة! ما لفراشي الليلة ليس كما كان؟! ". قلت: يا رسول الله! ربعتها لك! قال: "فأعيديه كما كان". قلت: وأم شبيب هذه؛ لم أجد من ذكرها. وعمر بن حفص؛ لعله عمر بن حفص بن عمر بن سعد بن عائذ المدني، أبو حفص المؤذن، وجده المعروف بسعد القرظ؛ فإنه من هذه الطبقة؛ قال ابن معين: "ليس بشيء". وذكره ابن حبان في "الثقات"! ولكن؛ هل سمع منه ابن سعد، أم سقط الواسطة بينهما؟ وهذا الذي أرجحه. والله أعلم. ثم وجدت لحديث حفصة طريقاً أخرى؛ فقال ابن أبي الدنيا في "الجوع" (3/ 1) : حدثني عبد الله بن يونس قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو معشر عن محمد بن قيس قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 490 دخل ناس على حفصة بنت عمر ... فبعثوا إليه حفصة، فذكرت ذلك له، فقال: أخبريني بألين فراش فرشتيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط؟ قالت: عباءة ثنيتها له باثنتين، فلما غلظت عليه؛ جعلتها له أربعة. قال: فأخبريني بأجود ثوب لبسه؟ ... إلخ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ محمد بن قيس - وهو المدني قاص عمر بن عبد العزيز -؛ لم يذكروا له رواية إلا عن أبي هريرة، وجابر - ويقال: مرسل -، وأبي صرمة الأنصاري. وأبومعشر: هو زياد بن كليب الحنظلي الكوفي. ويونس: هو ابن عبيد بن دينار البصري. وكلهم من رجال مسلم. وعبد الله بن يونس؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 205) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولكنه قال: "روى عنه أبو زرعة". وهو لا يروي إلا عن ثقة. وهذه الطريق أصح طرق الحديث؛ مع انقطاعه، فهو يعل حديث الترجمة؛ لعدم وروده فيها. 4878 - (هذه الدنيا مثلت لي، فقلت لها: إليك عني! ثم رجعت فقالت: إنك إن أفلت مني؛ فلن يفلت مني من بعدك) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص 325 - زوائده) ، وابن أبي الدنيا في "ذم الحديث: 4878 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 491 الدنيا" (ق 2/ 2) عن عبد الواحد بن زيد قال: حدثني أسلم الكوفي عن مرة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنا مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ فدعا بشراب؛ فأتي بماء وعسل، فلما أدناه من فيه؛ بكى وبكى حتى أبكى أصحابه، فسكتوا وما سكت، ثم عاد فبكى؛ حتى ظنوا أنهم لم يقدروا على مسألته. قال: ثم مسح عينيه، فقالوا: يا خليفة رسول الله! ما أبكاك؟! قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته قد دفع عن نفسه شيئاً، ولم أر معه أحداً؛ فقلت: يا رسول الله! ما الذي تدفع عن نفسك؟! قال ... فذكره. وقال البزار: "عبد الواحد ضعيف جداً، وكان يذهب إلى القدر. ومرة مشهور، ولا يعرف هذا الحديث إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو - كما قال البزار - ضعيف جداً، وقد اتفقوا على تضعيفه؛ حتى ابن حبان؛ فأورده في "الضعفاء"، وقال: "كان ممن يقلب الأخبار؛ من سوء حفظه وكثرة وهمه، فلما كثر ذلك منه استحق الترك". ولكنه نسي هذا؛ فتناقض، فأورده في "الثقات" أيضاً، فقال: "روى عنه أهل البصرة، يعتبر حديثه إذا كان دونه ثقة وفوقه ثقة، ويجتنب ما كان من حديثه من رواية سعيد بن عبد الله بن دينار؛ فإن سعيداً يأتي بما لا أصل له عن الأثبات". قلت: وهذا - مع مناقضته لنفسه - مخالف لاتفاق الأئمة أيضاً، وفيهم إمام الأئمة البخاري؛ فقد قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 492 "تركوه". ذكره في "الميزان". ثم قال: "ومن مناكيره: ما روى ابن أبي الدنيا في تواليفه ... " ثم ساق له هذا الحديث. ولذلم كله؛ فلا التفات إلى قول المنذري في "الترغيب" (4/ 117) : "ورواته ثقات؛ إلا عبد الواحد بن زيد، وقد قال ابن حبان: "يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة ودونه ثقة"؛ وهو هنا كذلك"! ونحوه قول الهيثمي (10/ 254) : "رواه البزار؛ وفيه عبد الواحد بن زيد الزاهد؛ وهو ضعيف عند الجمهور، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة، ودونه ثقة". وبقية رجاله ثقات"! ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 365/ 10596) ، وكذا الحاكم في "المستدرك" (4/ 309) . وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: عبد الصمد (1) ؛ تركه البخاري وغيره". 4879 - (كان يكنيه بأبي المساكين. يعني: جعفر بن أبي طالب) . ضعيف جداً أخرجه الترمذي (2/ 305) من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيى التيمي: حدثنا إبراهيم أبو إسحاق المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال:   (1) كذا وقع في " تلخيص الذهبي ": عبد الواحد ". (الناشر) الحديث: 4879 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 493 إن كنت لأسأل الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الآيات من القرآن؛ أنا أعلم بها منه، ما أسأله إلا ليطعمني شيئاً، فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب؛ لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله، فيقول لامرأته: يا أسماء! أطعمينا شيئاً، فإذا أطعمتنا أجابني، وكان جعفر يحب المساكين، ويجلس إليهم، ويحدثهم ويحدثونه، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكنيه بأبي المساكين. وقال - مضعفاً -: "حديث غريب. وأبو إسحاق المخزومي: هو إبراهيم بن الفضل المدني؛ وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه، وله غرائب"! قلت: لقد سهل الترمذي فيه القول، فالرجل ممن اتفق أئمة الحديث على تضعيفه. بل قال فيه الدارقطني: "متروك". وهذا معنى قول البخاري فيه: "منكر الحديث". وكذا قال أبو حاتم. وإسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي ضعيف أيضاً. وقد خالف أبا إسحاق: ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري به مختصراً؛ دون قوله: فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب ... إلخ. لكنه زاد فقال: وكان أخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي فيها شيء، فيشقها فنلعق ما فيها. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 494 أخرجه البخاري (7/ 61-62) ، وابن سعد (4/ 41) - الزيادة فقط -. وروى الترمذي، وابن سعد، والحاكم (3/ 209) ، وأحمد (2/ 413-414) من طريق عكرمة عن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال، ولا انتعل، ولا ركب المطايا، ولا لبس الكور من رجل - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أفضل من جعفر بن أبي طالب. يعني: في الجود والكرم. وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب". وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري". ووافقه الذهبي. قلت: وإنما لم يصححاه على شرط مسلم أيضاً - مع أن رجاله كلهم من رجال الشيخين -؛ لأن عكرمة - وهو مولى ابن عباس - إنما أخرج عنه مقروناً. وقال الحافظ عقب الحديث: "إسناده صحيح". 4880 - (إني قد قرنت فاقرنوا. يعني: في التمر) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 339-340) - واللفظ له -، والبزار (ص 161) عن جرير بن عبد الحميد عن عطاء عن الشعبي عن أبي هريرة قال: كنت في الصفة؛ فبعث إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - عجوة، فكنا نقرن الثنتين من الجوع، فيقول لأصحابه ... فذكره. ولفظ البزار: الحديث: 4880 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 495 فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن إلا بإذن صاحبه. وقال: "لا نعلم رواه عن عطاء عن الشعبي إلا جرير. ورواه عمران بن عيينة عن عطاء عن ابن عجلان عن أبي هريرة". قلت: وعطاء: هو ابن السائب؛ وكان اختلط، وروى عنه جرير في الاختلاط. وقال الهيثمي (5/ 42) : "رواه البزار، وفيه عطاء بن السائب؛ وقد اختلط، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ". 4881 - (هذا علي قد أقبل في السحاب) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 124) عن مسعدة ابن اليسع عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: كسا رسول الله علياً عمامة - يقال لها: السحاب -؛ فأقبل علي رضي الله عنه وهي عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فحرفها هؤلاء فقالوا: علي في السحاب! قلت: وآفته مسعدة هذا؛ قال البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 26) : "قال أحمد: ليس بشيء، خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر". وقال الذهبي: "هالك. كذبه أبو داود". ثم ساق له حديثين مما أنكر عليه؛ هذا أحدهما، لكنه ذكر فيه أن قوله في آخره: فحرفها هؤلاء ... ؛ هو من قول جعفر عن أبيه. وقد أورد الحديث الشيخ أبو الحسين الملطي الشافعي في كتابه: "التنبيه والرد الحديث: 4881 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 496 على أهل الأهواء والبدع" في "باب ذكر الرافضة وأصنافهم واعتقادهم" (ص 19-20) ؛ فقال عقبه: "فتأولوه - هؤلاء - على غير تأويله". أحاديث في فضل علي رضي الله عنه: من كتاب: "المراجعات" (1) . 4882 - (أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي، فمن تولاه تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله) . ضعيف جداً أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 120/ 1) من طريق الطبراني: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا أحمد بن طارق الوابشي: أخبرنا عمرو بن ثابت عن محمد بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه أبي عبيدة عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه مرفوعاً. ثم روى من طريق أخرى عن عبد الوهاب بن الضحاك: أخبرنا ابن عياش عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة به. ومن طريق ابن لهيعة: حدثني محمد بن عبيد الله به. ثم أخرجه من طريقين آخرين عن ابن أبي رافع به. ولفظ الترجمة لهذه الطرق. وأما لفظ الطبراني؛ فهو: "من آمن بي وصدقني؛ فليتول علي بن أبي طالب؛ فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية الله".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - على هامش أصله: " راجع لها " منهاج السنة "، و " المنتقى " منه ". (الناشر) الحديث: 4882 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 497 وبهذا اللفظ: أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 207/ 2) من رواية الطبراني. وكذلك نقله صاحب "الكنز" (6/ 155/ 2576) ؛ إلا أنه زاد في أوله: "اللهم ... "! وهي سهو منه. ولم يذكر الهيثمي في "المجمع" (9/ 108-109) هذا الحديث إلا باللفظ الأول؛ لفظ الترجمة، ولكنه أشار إلى اللفظ الآخر بقوله: "رواه الطبراني بإسنادين، أحسب فيهما جماعة ضعفاء؛ وقد وثقوا"! وأقول: مدار الإسنادين على محمد بن عمار بن ياسر، وهو مجهول؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 43) من رواية ابنه أبي عبيدة عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"؛ على قاعدته في توثيق المجهولين. ولذلك لم يعتد بتوثيقه الحافظ؛ فقال في "التقريب": "مقبول"؛ أي: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. وحفيده محمد بن أبي عبيدة؛ لم أجد له ترجمة. وعمرو بن ثابت رافضي خبيث؛ كما قال أبو داود، وهو متروك الحديث؛ كما قال النسائي. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". وضعفه الجمهور. وأحمد بن طارق الوابشي؛ لم أعرفه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 498 ومحمد بن أبي شيبة؛ فيه ضعف. فهذا الإسناد ضعيف جداً. ومدار الإسناد الآخر على محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو ضعيف جداً، وهو من شيعة الكوفة؛ فهو آفته، وهو صاحب حديث: "إذا طنت أذن أحدكم ... " الموضوع؛ الذي حسنه تلميذ الكوثري؛ لجهله بهذا العلم وتراجم الرجال، كما تقدم بيانه برقم (2631) . وعبد الوهاب بن الضحاك؛ قال أبو حاتم: "كذاب". لكن لم يتفرد به؛ كما يتبين من التخريج السابق، فآفة الإسنادين عمرو بن ثابت وابن أبي رافع؛ لأن مدارهما عليهما مع شدة ضعفهما وتشيعهما. ومع ذلك؛ استروح إلى حديثهما هذا: ابن مذهبهما الشيخ عبد الحسين، المتعصب جداً لتشيعه في كتابه الدال عليه "المراجعات" (ص 27) ، فساقه فيه مساق المسلمات، بل نص في المقدمة (ص 5) بما يوهم أنه لا يورد فيه إلا ما صح؛ فقال: "وعنيت بالسنن الصحيحة"!! ثم روى ابن عساكر من طريق أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن: أخبرنا يعقوب بن يوسف بن زياد الضبي: أخبرنا أحمد بن حماد الهمذاني: أخبرنا مختار التمار عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعاً بلفظ: "من تولى علياً؛ فقد تولاني، ومن تولاني؛ فقد تولى الله عز وجل". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 499 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالعلل، وشرها المختار هذا - وهو ابن نافع التيمي التمار الكوفي -؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وكذا قال النسائي وأبو حاتم. وقال ابن حبان: "كان يأتي بالمناكير عن المشاهير؛ حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك". وأحمد بن حماد الهمذاني؛ قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني. لا أعرف ذا". وكذا قال في "اللسان". ويعقوب بن يوسف؛ الظاهر أنه الذي ضعفه الدارقطني؛ انظره في "اللسان". 4883 - (علي أقضى أمتي بكتاب الله، فمن أحبني فليحبه؛ فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحب علي عليه السلام) . منكر بهذا التمام أخرجه ابن عساكر (12/ 120/ 2) عن العباس - يعني: ابن علي بن العباس -: أنبأنا الفضل المعروف بـ (النسائي) : أخبرنا محمد بن علي بن خلف العطار: أخبرنا أبو حذيفة، عن عبد الرحمن بن قبيصة عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف منه غير أبي حذيفة - واسمه موسى بن مسعود النهدي البصري -؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ، وكان يصحف ... وحديثه عند البخاري في المتابعات". ومحمد بن علي بن خلف العطار؛ وثقه الخطيب في "التاريخ" (3/ 57) تبعاً لمحمد بن منصور! وخفي عليهما - كما قال الحافظ في "اللسان" - تجريح ابن عدي إياه، والسبب أنه لم يفرد له ترجمة، وإنما جرحه في ترجمة حسين الأشقر، فقد الحديث: 4883 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 500 ساق له حديثاً آخر من رواية العطار هذا عنه بإسناده؛ فيه: أن عماراً قال لأبي موسى: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنك ليلة الجمل! فقال ابن عدي: "عند محمد بن علي هذا من هذا الضرب عجائب، وهو منكر الحديث، والبلاء فيه عندي منه لا من حسين". قلت: فلعله هو البلاء في هذا الحديث أيضاً؛ إن سلم ممن فوقه ودونه. وإنما أوردته من أجل الطرف الثاني منه؛ وإلا فطرفه الأول له شاهد من حديث ابن عمر من طريقين عنه؛ خرجتهما في "الصحيحة" (1224) . وشاهد آخر من حديث عمر موقوفاً عليه: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 65) . وثالث عن ابن مسعود موقوفاً: أخرجه الحاكم (3/ 135) . وقال: "صحيح على شرط لشيخين". ووافقه الذهبي. وأخرجهما ابن عساكر (12/ 166/ 2) . وأخرج له شاهداً رابعاً عن ابن عباس موقوفاً. 4884 - (يا عبد الله! أتاني ملك فقال: يا محمد! (واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا) على ما بعثوا؟ قال: قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 120/ 2) من طريق الحاكم - ولم أره في "مستدركه" - بسنده عن علي بن جابر: أخبرنا محمد بن خالد بن عبد الله: أخبرنا محمد بن فضيل: أخبرنا محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله مرفوعاً. وقال الحاكم: الحديث: 4884 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 501 "تفرد به علي بن جابر عن محمد بن خالد". قلت: والأول؛ لم أعرفه. وأما الآخر؛ فهو الواسطي الطحان، وهو ضعيف اتفاقاً؛ بل قال ابن معين: "رجل سوء، كذاب". وسئل عنه أبو حاتم؟ فقال: "هو على يدي عدل". قال الحافظ: "معناه: قرب من الهلاك. وهذا مثل للعرب، كان لبعض الملوك شرطي اسمه (عدل) ، فإذا دفع إليه من جنى جناية؛ جزموا بهلاكه غالباً. ذكره ابن قتيبة وغيره". ثم رأيت الحديث عند الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص 96) بإسناده المتقدم. 4885 - (مرحباً بسيد المسلمين، وإمام المتقين) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 66) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 157/ 1) : حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضي القصباني: حدثنا علي بن العباس البجلي: حدثنا أحمد بن يحيى: حدثنا الحسن بن الحسين: حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن الشعبي قال: قال علي: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وزاد: فقيل لعلي: فأي شيء كان من شكرك؟ قال: حمدت الله تعالى على ما آتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني مما أعطاني. قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف جداً؛ آفته الحسن بن الحسين - وهو العرني الحديث: 4885 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 502 الكوفي الشيعي - متهم؛ قال أبو حاتم: "لم يكن بصدوق عندهم، وكان من رؤساء الشيعة". وقال ابن عدي: "لا يشبه حديثه حديث الثقات". وقال ابن حبان: "يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات". ومن فوقه ثقات رجال الشيخين. لكن من دونه؛ لم أجد ترجمتهم الآن. ومما يؤكد وضع هذا الحديث: المبالغة التي فيه؛ فإن سيد المسلمين وإمام المتقين؛ إنما يصح أن يوصف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده فقط. ولذلك حكم على الحديث - وأمثاله مما في معناه - العلماء المحققون بالوضع، كما تقدم في الحديث (353) ؛ فراجعه. 4886 - (يا أنس! أول من يدخل عليك من هذا الباب: أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين. قال أنس: قلت: اللهم! اجعله رجلاً من الأنصار - وكتمته -؛ إذ جاء علي، فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي. فقام مستبشراً فاعتنقه، ثم جعل يمسح عن وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه. قال علي: يا رسول الله! لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل؟! قال: وما يمنعني، وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي؟!) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 63-64) ، وعنه ابن عساكر (12/ 161/ 2) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا إبراهيم بن محمد الحديث: 4886 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 503 ابن ميمون: حدثنا علي بن عابس عن الحارث بن حصيرة عن القاسم بن جندب عن أنس قال ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم جداً؛ ليس فيهم ثقة محتج به. أولاً: القاسم بن جندب؛ لم أجد له ترجمة. ثانياً: الحارث بن حصية شيعي محترق، اختلفوا في توثيقه؛ قال أبو حاتم: "هو من الشيعة العتق؛ لولا أن الثوري روى عنه لترك حديثه". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوث يخطىء، ورمي بالرفض". ثالثاً: علي بن عابس - وهو الكوفي الأزرق - متفق على تضعيفه. وقال ابن حبان: "فحش خطؤه فاستحق الترك". رابعاً: إبراهيم بن محمد بن ميمون؛ قال الذهبي: "من أجلاد الشيعة، روى عن علي بن عابس خبراً عجيباً. روى عنه أبو شيبة بن أبي بكر وغيره". ويعني بالخبر العجيب هذا الحديث؛ فقد قال بعد سبع تراجم: "إبراهيم بن محمد بن ميمون؛ لا أعرفه، روى حديثاً موضوعاً؛ فاسمعه ... " ثم ذكره من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة عنه. وأقره الحافظ على حكمه على الحديث بالوضع؛ غير أنه زاد عليه فقال: "وذكره الأسدي في "الضعفاء"، وقال: إنه منكر الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال شيخنا أبو الفضل: ليس ثقة". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 504 خامساً: محمد بن عثمان بن أبي شيبة مختلف في توثيقه، لكن أشار الحافظ في ترجمة إبراهيم بن محمد أنه قد رواه عنه غيره، فإن ثبت ذلك؛ فالعهدة فيه على من فوقه. ولعل الحافظ أخذ ذلك من قول الذهبي المتقدم: "روى عنه أبو شيبة بن أبي بكر وغيره"!! وأبو شيبة هذا لم أعرفه، ولعله أراد أن يقول: أبو جعفر بن أبي شيبة، فسبقه القلم فكتب: أبو شيبة بن أبي بكر. وأبو جعفر: هو محمد بن عثمان بن أبي شيبة الراوي لهذا الحديث. والله أعلم. ثم رأيت الحديث قد أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وأعله بابن عابس فقط! فقال: "ليس بشيء، وتابعه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه. وجابر كذبوه"! وأقره السيوطي في "اللآلىء المصنوعة" (1/ 186) ، ونقل كلام الذهبي والعسقلاني السابقين وأقرهما! وتبعه على ذلك ابن عراق في كتابه "تنزيه الشريعة" (1/ 357) . 4887 - (إن الله تعالى عهد إلي عهداً في علي. فقلت: يا رب! بينه لي؟! فقال: اسمع. فقلت: سمعت. فقال: إن علياً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين. من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 66-67) عن عباد بن سعيد الحديث: 4887 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 505 ابن عباد الجعفي: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي البهلول: حدثني صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن الأعشى الثقفي عن سلام الجعفي عن أبي بزرة مرفوعاً. وزاد: "فبشره بذلك. فجاء علي، فبشرته، فقال: يا رسول الله! أنبأنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنبي، وإن يتم الذي بشرتني به فالله أولى بي. قال: قلت: اللهم! أجل قلبه، واجعل ربيعه الإيمان. فقال الله: قد فعلت به ذلك. ثم إنه رفع إلى أنه سيخصه من البلاء بشيء لم يخص به أحداً من أصحابي. فقلت: يا رب! أخي وصاحبي؟! فقال: إن هذا شيء قد سبق؛ إنه مبتلى ومبتلى به". قلت: وهذا إسناد مظلم جداً، ومتن موضوع؛ لوائح الوضع عليه ظاهرة كسوابقه، ورجاله كلهم مجهولون لا يعرفون؛ لا ذكر لهم في كتب الجرح والتعديل؛ سوى اثنين منهم: الأول: صالح بن أبي الأسود؛ لم يتكلم فيه من المتقدمين سوى ابن عدي، فقال في "الكامل" (200/ 1) : "أحاديثه ليست بالمستقيمة، فيها بعض النكرة، وليس هو بذاك المعروف". وقال الذهبي - وتبعه العسقلاني -: "واه". والآخر: عباد بن سعيد الجعفي؛ ساق له الذهبي هذا الحديث؛ وقال: "باطل، والسند ظلمات". وكذا قال العسقلاني. وأخرجه ابن عساكر (12/ 128/ 2) من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي الجزء: 10 ¦ الصفحة: 506 رافع عن عون بن عبيد الله عن أبي جعفر وعن عمرو بن علي قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره؛ دون قوله: "فجاء علي ... ". أخرجه ابن عساكر. وقال: "هذا مرسل". قلت: وإسناده - مع ذلك - واه جداً؛ فإن ابن أبي رافع متروك، كما تقدم قريباً تحت الحديث (4882) . والحديث؛ قال ابن الجوزي: "حديث لا يصح، وأكثر رواته مجاهيل". نقله السيوطي كما يأتي في الحديث بعده. 4888 - (يا أبا برزة! إن رب العالمين عهد إلي عهداً في علي بن أبي طالب؛ فقال: إنه راية الهدى، ومنار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني. يا أبا برزة! علي بن أبي طالب أميني غداً يوم القيامة، وصاحب رايتي في القيامة، علي مفاتيح خزائن رحمة ربي) . موضوع أخرجه ابن عدي في "الكامل" (414/ 2) ، وأبو نعيم (1/ 66) عن أبي عمرو لاهز بن عبد الله: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حدثنا أنس بن مالك قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي برزة الأسلمي، فقال له وأنا أسمع ... فذكره. وقال ابن عدي: الحديث: 4888 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 507 "باطل بهذا الإسناد، وهو منكر الإسناد، منكر المتن؛ لأن سليمان التيمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن أنس؛ لا أعرف بهذا الإسناد غير هذا. ولا هز بن عبد الله مجهول لا يعرف، يروي عن الثقات المناكير، والبلاء منه، ولا أعرف للاهز غير هذا الحديث". وقال الذهبي - بعد أن نقل عن ابن عدي إبطاله للحديث -: "قلت: إي والله! من أبرد الموضوعات، وعلي؛ فلعن الله من لا يحبه". والحدث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وأعله بخلاصة كلام ابن عدي المتقدم. وأقره السيوطي في "اللآلىء" (1/ 188) ، ونقل كلام الذهبي السابق في جزمه بأنه من أبرد الموضوعات. ثم ساق له طريقاً أخرى؛ وهي التي بالحديث الذي قبله؛ وقال: "أورده ابن الجوزي في "الواهيات"، وقال: هذا حديث لا يصح، وأكثر رواته مجاهيل". وأقره هو، وابن عراق (1/ 359) ؛ بل أيداه بأن نقلا قول الذهبي المتقدم هناك في إبطاله. 4889 - (ليلة أسري بي؛ انتهيت إلى ربي عز وجل؛ فأوحى إلي في علي بثلاث: أنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين) . موضوع أخرجه السلفي في "الطيوريات" (189/ 1) ، وابن عساكر (12/ 137/ 2) عن جعفر بن زياد: أخبرنا هلال الصيرفي: أخبرنا أبو كثير الأنصاري: حدثني عبد الله بن أسعد بن زرارة مرفوعاً. الحديث: 4889 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 508 قلت: وهذا إسناد مظلم؛ جعفر بن زياد شيعي، ولكنهم وثقوه. لكن قال ابن حبان في "الضعفاء": "كثير الرواية عن الضعفاء، وإذا روى عن الثقات؛ تفرد عنهم بأشياء، في القلب منها شيء". وقال الدارقطني: "يعتبر به". وهلال: هو ابن أيوب الصيرفي، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 75) برواية جعفر هذا فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك ترجم لأبي كثير الأنصاري، من رواية إسماعيل بن مسلم العبد ي عنه (4/ 2/ 429) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ثم رواه ابن عساكر من طريق أبي يعلى: أخبرنا زكريا بن يحيى الكسائي: أخبرنا نصر بن مزاحم عن جعفر بن زياد عن هلال بن مقلاص عن عبد الله بن أسعد بن زرارة الأنصاري عن أبيه مرفوعاً، فزاد في الإسناد: "عن أبيه"، ولفظه: "لما عرج بي إلى السماء؛ انتهي بي إلى قصر من لؤلؤ؛ فيه فراش من ذهب يتلألأ، فأوحي إلي ... " الحديث. وهذا إسناد واه بمرة؛ نصر بن مزاحم؛ قال الذهبي: "رافضي جلد، تركوه. قال العقيلي: شيعي؛ في حديثه اضطراب وخطأ كثير. وقال أبو خيثمة: كان كذاباً ... ". وزكريا بن يحيى الكسائي شيعي أيضاً؛ قال ابن معين: "رجل سوء، يحدث بأحاديث سوء، يستأهل أن يحفر له بئر فيلقى فيها"! وقال النسائي والدارقطني: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 509 "متروك". وتابعهما عمرو بن الحصين العقيلي: أنبأ يحيى بن العلاء الرازي: حدثنا هلال ابن أبي حميد به، وقال: عن أبيه؛ دون الشطر الأول من الحديث. أخرجه ابن عساكر (12/ 138/ 1) ، وكذا الحاكم (3/ 137-138) . وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: أحسبه موضوعاً، وعمرو وشيخه متروكان". قلت: وقد مضى لهما عدة أحاديث، فانظر الأرقام (39 و 40 و 49 و 321 و 382 و 425) . وقد روي الحديث من طريق أخرى عن هلال بن أبي حميد عن عبد الله بن عكيم الجهني مرفوعاً به. وهو موضوع أيضاً؛ كما سبق بيانه برقم (353) . وبالجملة؛ فقد اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث كما رأيت، وليس فيها ما تقوم به الحجة، وقد بينه الحافظ في "الإصابة". وقال في خاتمة بيانه: "ومعظم الرواة في هذه الأسانيد ضعفاء، والمتن منكر جداً". ونقل السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 133/ 2) عن الحافظ أنه قال: "ضعيف جداً ومنقطع". وقال: "وقال العماد بن كثير: هذا حديث منكر جداً، ويشبه أن يكون موضوعاً من بعض الشيعة الغلاة، وإنما هذه صفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا صفات علي". قلت: وقد ذكرت نحوه عن ابن تيمية؛ عند الرقم المشار إليه آنفاً. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 510 (تنبيه) : عزا السيوطي حديث الترجمة في "الجامع الكبير" (2/ 158/ 1) لابن النجار وحده! فيستدرك عليه أنه رواه ابن عساكر أيضاً. وأما قول عبد الحسين الشيعي في كتابه "المراجعات" (ص 169) - بعد أن عزاه لابن النجار؛ نقلاً عن "الكنز" -: "وغيره من أصحاب السنن"!! فهذا كذب وزور؛ فإنه لم يروه أحد من أصحاب "السنن"، والمراد بهم أصحاب "السنن الأربعة": أبو داود، النسائي، الترمذي، ابن ماجه! وإنما يفعل ذلك تضليلاً للقراء، وتقوية للحديث! ومن ذلك أنه فرق بين هذا الحديث وحديث الحاكم المذكور آنفاً؛ ليوهم أنهما حديثان! والحقيقة أنهما حديث واحد؛ لأن مداره على عبد الله بن أسعد. غاية ما في الأمر أن الرواة اختلفوا فيه، فبعضهم جعله من مسنده، وبعضهم من مسند أبيه! مع أن الطرق كلها إليه غير صحيحة كما رأيت. والله المستعان. 4890 - (يا أنس! انطلق فادع لي سيد العرب - يعني: علياً -. فقالت عائشة رضي الله عنها: ألست سيد العرب؟! قال: أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب. يامعشر الأنصار! ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لم تضلوا بعده؟! قالوا: بلى يا رسول الله! قال: هذا علي؛ فأحبوه بحبي، وأكرموه لكرامتي؛ فإن جبريل - صلى الله عليه وسلم - أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجل) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 132/ 2) ، وأبو نعيم في الحديث: 4890 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 511 "الحلية" (1/ 63) عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني: حدثنا قيس بن الربيع عن ليث بن أبي سليم عن أبي ليلى عن الحسن بن علي مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم جداً؛ ليث وقيس ضعيفان. ونحوهما ابن أبي شيبة؛ كما تقدم قريباً. وأما الصيني؛ فهو شر منهم جميعاً؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وكأنه - لشدة ضعفه - اقتصر الهيثمي عليه في إعلال الحديث، فقال في "مجمع الزوائد" (9/ 132) : "رواه الطبراني، وفيه إسحاق بن إبراهيم الصيني؛ وهو متروك". وروي بعضه من حديث عائشة بلفظ: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب". أخرجه الحاكم (3/ 124) ، وابن عساكر (12/ 138/ 2) عن أبي حفص عمر ابن الحسن الراسبي: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عنها. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد؛ وفيه عمر بن الحسن، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمت بصحته على شرط الشيخين"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: أظن أنه هو الذي وضع هذا". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 512 قلت: وذلك لأنه مجهول؛ فقد أورده في "الميزان"، وقال: "لا يكاد يعرف، وأتى بخبر باطل متنه: (علي سيد العرب) ". لكن تابعه يحيى بن عبد الحميد الحماني: أخبرنا أبو عوانة به. أخرجه ابن عساكر (12/ 138/ 1-2) من طريقين عنه. لكن الحماني؛ اتهمه أحمد وغيره بسرقة الحديث! مع كونه شيعياً بغيضاً، كما قال الإمام الذهبي. ثم أخرجه الحاكم من طريق الحسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. ورده الذهبي بقوله: "قلت: وضعه ابن علوان". ثم رواه ابن عساكر من طريق أبي بلال الأشعري: أخبرنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "هذا سيد المسلمين". فقلت: ألست سيد المسلمين؟! فقال: "أنا خاتم النبيين، ورسول رب العالمين". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جعفر هذا: هو القمي؛ قال الحافظ: "صدوق يهم". ومثله يعقوب؛ وهو ابن عبد الله القمي. وأبو بلال الأشعري؛ ضعفه الدارقطني، ولينه الحاكم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 513 ثم أخرجه ابن عساكر من طريق أبي بكر الشافعي، وهذا في "الفوائد" (1/ 4/ 2) من طريق خلف بن خليفة عن إسماعيل بن أبي خالد قال: بلغني أن عائشة نظرت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا سيد العرب! فقال عليه السلام: "أنا سيد ولد آدم، وأبو بكر سيد كهول العرب، وعلي سيد شباب العرب". قلت: وهذا - مع انقطاعه - فيه خلف بن خليفة؛ وكان اختلط في الآخر. وذكر له الحاكم شاهداً من حديث جابر مرفوعاً؛ من رواية عمر بن موسى الوجيهي عن أبي الزبير عن جابر (1) . قال الذهبي: "قلت: عمر وضاع". ثم روى ابن عساكر من طريق أبي نعيم، وهذا في "أخبار أصبهان" (1/ 308) عن عبيد بن العوام عن فطر عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، وإنه لأول من ينفض الغبار عن رأسه يوم القيامة". قلت: وهذا ضعيف منكر؛ عطية العوفي ضعيف مدلس. وعبيد بن العوام؛ لم أجد له ترجمة. ثم رأيت في مسودتي ما نصه - عقب حديث الترجمة -:   (1) سقط إسناد هذا الحديث من مطبوعة " المستدرك " (3/124) ؛ وبقي متنه، وكلام الذهبي في " التلخيص " عليه؛ فتنبه. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 514 "وقال الأثرم: وسمعت أبا عبد الله (يعني: الإمام أحمد) ذكر له عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن عائشة (الحديث) ؟! فأنكره إنكاراً شديداً. قلت: لأبي عبد الله: رواه ابن الحماني؛ فأنكره الناس عليه، فإذا غيره قد رواه! قال: من؟ قلت: ذاك الحراني: أحمد بن عبد الملك! قال: هكذا كتابه! يتعجب منه. ثم قال: أنت سمعته منه؟ قلت: سمعته وهو يقول في هذا. قلت له: إن ابن الحماني قد رواه. قال: فما تنكرون علي وقد رواه الحماني؟! ولم يحدثنا به". انتهى ما في مسودتي، وليس فيها بيان مصدره، وكأنني نسيت أن أقيده يوم نقلته منه، وغالب الظن أنه "المنتخب لابن قدامة"؛ فليراجع! 4891 - (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي) . موضوع خرجه الحاكم (3/ 122) عن أبي نعيم ضرار بن صرد: حدثنا معتمر ابن سليمان قال: سمعت أبي يذكر عن الحسن عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي ... فذكره. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل هو - فيما أعتقده - من وضع ضرار. قال ابن معين: كذاب". وقال البخاري، والنسائي: "متروك الحديث". وقال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 465-466) عن أبيه: "روى حديثاً عن معتمر عن أبيه عن الحسن عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضيلة لبعض الصحابة، ينكرها أها المعرفة بالحديث". الحديث: 4891 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 515 قلت: والظاهر أنه يشير إلى هذا الحديث. ومع ذلك؛ فقد قال فيه: "صاحب قرآن وفرائض، صدوق، يكتب حديثه، ولا يحتج به، روى ... "!! قلت: وهذا من مخالفته لجمهور الأئمة؛ فإن أحداً منهم لم يصفه بالصدق، وأنى له ذلك وابن معين يكذبه؟! ويشير إلى ذلك الإمام البخاري بقوله المتقدم: "متروك الحديث"؛ فإن هذا لا يقوله الإمام إلا فيمن هو في أردأ مراتب الجرح كما هو معلوم. وقد ساق له الذهبي هذا الحديث إشارة منه إلى إنكاره عليه. وقال فيه ابن حبان - وقد ساق له هذا الحديث -: "يروي المقلوبات عن الثقات، حتى إذا سمعها السامع؛ شهد عليه بالجرح والوهن". والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (3/ 61/ 2) من رواية الديلمي وحده! وإليه عزاه الشيعي في "المراجعات" (172) ، ونقل تصحيح الحاكم إياه، دون نقد الذهبي له؛ كما هي عادته في أحاديثه الشيعية، ينقل كلام من صححه دون من ضعفه! أهكذا يصنع من يريد جمع الكلمة وتوحيد المسلمين؟! ولا يقتصر على ذلك؛ بل يستدل به على: "أن علياً من رسول الله، بمنزلة الرسول من الله تعالى ... "!!! تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً! وأما إذا وافق الذهبي الحاكم على التصحيح؛ فترى الشيعي يبادر إلى نقل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 516 هذه الموافقة، بل ويغالي فيها؛ كما تراه في الحديث الآتي. 4892 - (من أطاعني فقد أطاع الله. ومن عصاني فقد عصى الله. ومن أطاع علياً فقد أطاعني. ومن عصى علياً فقد عصاني) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 121) ، وابن عساكر (12/ 139/ 1) من طرق عن يحيى بن يعلى: حدثنا بسام الصيرفي عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن معاوية بن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: أنى له الصحة؛ ويحيى بن يعلى - وهو الأسلمي - ضعيف؟! كما جزم به الذهبي في حديث آخر تقدم برقم (892) ، وهو شيعي متفق على تضعيفه كما بينته ثمة. وسائر الرواة ثقات؛ غير معاوية بن ثعلبة؛ لا تعرف عدالته، كما تأتي الإشارة إلى ذلك في الحديث الذي بعده. وبسام: هوابن عبد الله الصيرفي الكوفي، وقد وثقوه مع تشيعه. والشطر الأول من الحديث صحيح: أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (394) ، وفي "تخريج السنة" لابن أبي عاصم (1065-1068) . وأما الشطر الثاني؛ فقد وقفت على طريق أخرى له؛ يرويه إبراهيم بن سليمان النهمي الكوفي: أخبرنا عباه بن زياد: حدثنا عمر بن سعد عن عمر بن عبد الله الثقفي عن أبيه عن جده يعلى بن مرة الثقفي مرفوعاً بلفظ: الحديث: 4892 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 517 "من أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله. ومن أحب علياً فقد أحبني ... " الحديث. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (239/ 2) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 128/ 2) وقال ابن عدي: "سمعت إبراهيم بن محمد بن عيسى يقول: سمعت موسى بن هارون الحمال يقول: عباه بن زياد الكوفي؛ تركت حديثه". قال ابن عدي: "وقيل: عبادة بن زياد الأسدي، وهو من أهل الكوفة، من الغالين في الشيعة، وله أحاديث مناكير في الفضائل". قلت: ونقل الحافظ ابن حجر في "اللسان" عن أحد الحفاظ النيسابوريين أنه قال: "مجمع على كذبه". ثم تعقبه بقوله: "هذا قول مردود، وعبادة لا بأس به؛ غير التشيع". ويؤيده قول ابن أبي حاتم (3/ 1/ 97) عن أبيه: "هو من رؤساء الشيعة، أدركته ولم أكتب عنه، ومحله الصدق". قلت: وآفة الحديث إما ممن فوقه، أو من دونه؛ فإن عمر بن عبد الله الثقفي وأباه ضعيفان؛ قال الذهبي في الوالد: "ضعفه غير واحد. روى عنه ابنه عمر، وهو ضعيف أيضاً. قال البخاري: فيه نظر". وقال ابن حبان: "لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد؛ لكثرة المناكير في روايته، ولا أدري الجزء: 10 ¦ الصفحة: 518 أذلك منه أم من ابنه عمر؛ فإنه واه أيضاً؟! ". وإبراهيم بن سليمان النهمي؛ ضعفه الدارقطني. وأما حديث: "من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني"؛ فهو حديث صحيح، خرجته في "الصحيحة" (1299) . (تنبيه) : ذكر الشيعي هذا الحديث في "مراجعاته" (ص 174) ؛ فقال: "أخرجه الحاكم في ص (121) من الجزء الثالث من "المستدرك"، والذهبي في تلك الصفحة من "تلخيصه"، وصرح كل منهما بصحته على شرط الشيخين"!! قلت: وهذا كذب مكشوف عليهما؛ فإنهما لم يزيدا على قولهما الذي نقلته عنهما آنفاً: "صحيح الإسناد"! وكنت أود أن أقول: لعل نظر الشيعي انتقل من الحديث هذا إلى حديث آخر صححه الحاكم والذهبي على شرطهما في الصفحة (121) ، وددت هذا؛ عملاً بقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) ، ولكن منعني منه أنه لا يوجد في الصفحة المذكورة حديث صححه الحاكم على شرطهما، ولا الذهبي!! بل إنني أردت أن أتوسع في الاعتذار عنه إلى أبعد حد؛ فقلت: لعل بصره انتقل إلى الصفحة التي قبلها، على اعتبار أنها مع أختها تشكلان صفحة واحدة عند فتح الكتاب؛ فربما انتقل البصر من إحداهما إلى الأخرى عند النقل سهواً، ولكني وجدت أمرها كأمر أختها، ليس فيها أيضاً حديث مصحح على شرط الجزء: 10 ¦ الصفحة: 519 الشيخين! فتيقنت أن ذلك مما اقترفه الشيعي وافتراه عمداً! فماذا يقول المنصفون في مثل هذا المؤلف؟! ثم وجدت له فرية أخرى مثل هذه؛ قال في حاشية (ص 45) : "أخرج الحاكم في صفحة (4) من الجزء (3) من "المستدرك" عن ابن عباس قال: شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي ... الحديث، وقد صرح الحاكم بصحته على شرط الشيخين وإن لم يخرجاه، واعترف بذلك الذهبي في (تلخيص المستدرك) "!! وإذا رجع القارىء إلى الصفحة والجزء والحديث المذكورات؛ لم يجد إلا قول الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! وقول الذهبي: "صحيح"! ولا مجال للاعتذار عنه في هذا الحديث أيضاً بقول: لعل وعسى؛ فإن الصفحة المذكورة والتي تقابلها أيضاً؛ ليس فيهما حديث آخر مصحح على شرط الشيخين. ثم إن في إسناد ابن عباس هذا ما يمنع من الحكم عليه بأنه على شرط الشيخين؛ ألا وهو أبو بلج عن عمرو بن ميمون. فأبو بلج هذا: اسمه يحيى بن سليم؛ أخرج له أربعة دون الشيخين. وفيه أيضاً كثير بن يحيى؛ لم يخرج له من الستة أحد! وقال أبو حاتم: "محله الصدق". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال أبو زرعة: "صدوق". وأما الأزدي فقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 520 "عنده مناكير". ثم وجدت له فرية ثالثة في الحديث المتقدم برقم (3706) ، هي مثل فريتيه السابقتين؛ فراجعه. 4893 - (يا علي! من فارقني فقد فارق الله. ومن فارقك يا علي! فقد فارقني) . منكر أخرجه الحاكم (3/ 123-124) ، والبزار (3/ 201/ 2565) ، وابن عدي، وابن عساكر (12/ 139/ 1) عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل منكر". وأقول: ليس في إسناده من يتهم به؛ سوى معاوية هذا، وقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 378) بهذا الإسناد، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع البخاري في "تاريخه" (4/ 1/ 333) ، لكنه أشار إلى هذا الحديث وساق إسناده. وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 416) ! ويحتمل أن يكون المتهم به هو داود هذا؛ فإنه - وإن وثقه جماعة -؛ فقد قال ابن عدي: "ليس هو عندي ممن يحتج به، شيعي، عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت". الحديث: 4893 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 521 ذكره الذهبي؛ ثم ساق له هذا الحديث. وقال: "هذا منكر". 4894 - (يا علي! أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي) . موضوع أخرجه ابن عدي (308/ 2) ، والحاكم (3/ 127-128) ، والخطيب (4/ 41-42) ، وابن عساكر (12/ 134/ 2-135/ 1) من طرق عن أبي الأزهر أحمد بن الأزهر: أخبرنا عبد الرزاق: أنبأ معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى علي فقال ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، وأبو الأزهر - بإجماعهم - ثقة، وإذا انفرد الثقة بحديث؛ فهو على أصلهم صحيح"!! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: هذا وإن كان رواته ثقات؛ فهو منكر، ليس ببعيد من الوضع؛ وإلا لأي شيء حدث به عبد الرزاق سراً، ولم يجسر أن يتفوه به لأحمد وابن معين والخلق الذين رحلوا إليه، وأبو الأزهر ثقة". قلت: يشير الذهبي بتحديث عبد الرزاق بالحديث سراً إلى ما رواه الحاكم عقب الحديث، والخطيب - وسياقه أتم - قال: قال أبو الفضل: فسمعت أبا حاتم يقول: سمعت أبا الأزهر يقول: الحديث: 4894 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 522 خرجت مع عبد الرزاق إلى قريته، فكنت معه في الطريق، فقال لي: يا أبا الأزهر! أفيدك حديثاً ما حدثت به غيرك؟! قال: فحدثني بهذا الحديث. ثم روى الخطيب بسنده عن أحمد بن يحيى بن زهير التستري قال: لما حدث أبو الأزهر النيسابوري بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل؛ أخبر يحيى بن معين بذلك، فبينا هو عنده في جماعة أهل الحديث؛ إذ قال يحيى بن معين: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟! فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا، فتبسم يحيى بن معين وقال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب من سلامته. وقال: الذنب لغيرك في هذا الحديث". قلت: ويؤيد قول ابن معين هذا؛ أن أبا الأزهر قد توبع عليه؛ فقد قال الخطيب: "قلت: وقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري عن محمد بن علي بن سفيان النجار عن عبد الرزاق؛ فبرىء أبو الأزهر من عهدته؛ إذ قد توبع على روايته". قلت: فانحصرت العلة في عبد الرزاق نفسه، أو في معمر، وكلاهما ثقة محتج بهما في "الصحيحين"، لكن هذا لا ينفي العلة مطلقاً: أما بالنسبة لمعمر؛ فقد بين وجه العلة فيه: أبو حامد الشرقي؛ فقد روى الخطيب بسند صحيح عنه: أنه سئل عن حديث أبي الأزهر هذا؟ فقال: "هذا حديث باطل، والسبب فيه: أن معمراً كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيباً لا يقدر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 523 عليه أحد في السؤال والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر! ". قلت: فهذا - إن صح - علة واضحة في أحاديث معمر في فضائل أهل البيت، ولكني في شك من صحة ذلك؛ لأنني لم أر من ذكره في ترجمة معمر؛ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما. والله أعلم. ثم رأيت الذهبي قد حكى ذلك عن أبي حامد الشرقي، وابن حجر أيضاً؛ لكن في ترجمة أبي الأزهر، فقال الذهبي - بعد أن وثقه -: "ولم يتكلموا فيه إلا لروايته عن عبد الرزاق عن معمر حديثاً في فضائل علي يشهد القلب بأنه باطل، فقال أبو حامد (فذكر كلامه ملخصاً ثم قال) . قلت: وكان عبد الرزاق يعرف الأمر، فما جسر يحدث بهذا الأثر إلا سراً؛ لأحمد بن الأزهر ولغيره؛ فقد رواه محمد بن حمدون عن ... فبرىء أبو الأزهر من عهدته". وأما بالنسبة لعبد الرزاق؛ فإعلاله بن أقرب؛ لأنه وإن كان ثقة؛ فقد تكلموا في تحديثه من حفظه دون كتابه؛ فقال البخاري: "ما حدث به من كتابه فهو أصح". وقال الدارقطني: "ثقة، لكنه يخطىء على معمر في أحاديث". وقال ابن حبان: "كان ممن يخطىء إذا حدث من حفظه؛ على تشيع فيه". وقال ابن عدي في آخر ترجمته: "ولم يروا بحديثه بأساً؛ إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليه أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به، وأما في باب الصدق؛ فإني أرجو أنه لا بأس به؛ إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين؛ مناكير". وقال الذهبي في ترجمته من "الميزان": الجزء: 10 ¦ الصفحة: 524 "قلت: أوهى ما أتى به: حديث أحمد بن الأزهر - وهو ثقة -: أن عبد الرزاق حدثه - خلوة من حفظه -: أنبأنا معمر ... (قلت: فساق الحديث، وقال) . قلت: ومع كونه ليس بصحيح؛ فمعناه صحيح؛ سوى آخره، ففي النفس منها! وما اكتفى بها حتى زاد: "وحبيبك حبيب الله، وبغيضك بغيض الله، والويل لمن أبغضك". فالويل لمن أبغضه؛ هذا لا ريب فيه، بل الويل لمن يغض منه، أو غض من رتبته، ولم يحبه كحب نظرائه من أهل الشورى، رضي الله عنهم أجمعين". والحديث؛ أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 61) ، ونقل كلام الخطيب المتقدم، ثم قال: "وقد أورده ابن الجوزي في "الواهيات"، وقال: إنه موضوع، ومعناه صحيح، قال: فالويل لمن تكلف وضعه؛ إذ لا فائدة في ذلك". وكذا في "تنزيه الشريعة" لابن عراق (1/ 398) . (تنبيه) : أورد الشيعي هذا الحديث في "مراجعاته" (ص 175) من رواية الحاكم؛ وقال: "وصححه على شرط الشيخين"!! ولم ينقل - كعادته - رد الذهبي عليه، وإنما نقل المناقشة التي جرت بين ابن معين وأبي الأزهر من رواية الحاكم، وفي آخرها قول ابن الأزهر: "فحدثني (عبد الرزاق) - والله - بهذا الحديث لفظاً، فصدقه يحيى بن معين واعتذر إليه"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 525 والذي أريد التنبيه عليه: هو أن تصديق ابن معين لا يعني التصديق بصحة الحديث؛ كما توهمه صنيع الشيعي، وإنما التصديق بصحة تحديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق به. والذي يؤكد هذا؛ رواية الخطيب المتقدمة بلفظ: "فتبسم يحيى بن معين؛ وقال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب من سلامته. وقال: الذنب لغيرك في هذا الحديث". قلت: فهذا نص فيما قلته، وهو صريح في أن الحديث غير صحيح عند ابن معين. فلو كان الشيعي عالماً حقاً، ومتجرداً منصفاً؛ لنقل رواية الخطيب هذه؛ لما فيها من البيان الواضح لموقف ابن معين من الحديث ذاته، ولأجاب عنه إن كان لديه جواب! وهيهات هيهات! 4895 - (يا علي! طوبى لمن أحبك وصدق فيك. وويل لمن أبغضك وكذب فيك) . باطل أخرجه ابن عدي (283/ 1) ، وأبو يعلى (3/ 1602) ، والحاكم (3/ 135) ، والخطيب (9/ 72) ، والسلفي في "الطيوريات" (170/ 1-2) ، وابن عساكر (12/ 131/ 2) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن علي بن الحزور قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمار بن ياسر مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل سعيد وعلي متروكان". وقال في ترجمة (علي بن الحزور) من "الميزان": الحديث: 4895 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 526 "وهذا باطل". وقال ابن عدي في (الحزور) : "وهو في جملة متشيعة الكوفة، والضعف على حديثه بين". والحديث؛ قال الهيثمي (9/ 132) : "رواه الطبراني، وفيه علي بن الحزور؛ وهو متروك". 4896 - (يا عمار بن ياسر! إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره؛ فاسلك مع علي؛ فإنه لن يدلك على ردى، ولن يخرجك من هدى) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 185/ 2) عن المعلى بن عبد الرحمن: حدثنا شريك عن سليمان بن مهران الأعمش: أخبرنا إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين ... (فذكر قصة؛ وفيه قال) وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمار ... فذكره. وقال: "معلى بن عبد الرحمن ضعيف ذاهب الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متهم بالوضع، وقد رمي بالرفض". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (3/ 63/ 1) ؛ للديلمي عن عمار بن ياسر، وأبي أيوب. الحديث: 4896 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 527 4897 - (كفي وكف علي في العدل سواء) . موضوع أخرجه الخطيب (5/ 37) ، وعنه ابن عساكر (12/ 156/ 2-157/ 1) الحديث: 4897 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 527 عن أبي بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة: حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالساً عند أبي بكر، فقال: من كانت له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدة فليقم. فقام رجل فقال: يا خليفة رسول الله! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدني بثلاث حثيات من تمر. قال: فقال: أرسلوا إلى علي؛ فقال: يا أبا الحسن! إن هذا يزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له. قال: فحثاها. فقال أبو بكر: عدوها. فعدوها، فوجدوها في كل حثية ستين تمرة، لا تزيد واحدة على الأخرى. قال: فقال أبو بكر الصديق: صدق الله ورسوله! قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ليلة الهجرة ونحن خارجان من الغار نريد المدينة - ... فذكره. وقال ابن عساكر: "الحمل فيه عندي على التمار". قلت: وذلك؛ لأن التمار هذا مجهول الحال، ذكره الخطيب في ترجمته؛ ولم يذكر عنه غير راويين اثنين، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأورده الذهبي في "الميزان"؛ فقال: ".. قال: حدثنا ابن وارة ... فذكر خبراً موضوعاً؛ فهو آفته"؛ ثم ساقه بإسناده إلى الخطيب به. وأقره الحافظ في "اللسان". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 107/ 1) لابن الجوزي في "الواهيات" عن أبي بكر! وفاته المصدران اللذان ذكرتهما؛ لا سيما وأولهما أعلى طبقة من ابن الجوزي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 528 ومن تدليس عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" (ص 177) : أنه لم ذكر الحديث مجزوماً برفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لم يذكر من خرجه - كعادته -؛ فإنه يذكره ولو كان الديلمي، وإنما أحال به على "الكنز" موضحاً رقمه فيه وجزأه وصفحته! دون أن يذكر من خرجه؛ لأن فيه: "أخرجه ابن الجوزي في (الواهيات) "! لأنه يعلم أنه لو صرح بذلك؛ لكشف للناس عن استغلاله للأحاديث الضعيفة - بل الموضوعة - في تسويد كتابه والاحتجاج لمذهبه. والله المستعان! ثم إن للحديث طريقاً أخرى لا تساوي فلساً: يرويه قاسم بن إبراهيم: حدثنا أبو أمية المختط: حدثني مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك عن عمر ابن الخطاب قال: حدثني أبو بكر الصديق قال: سمعت أبا هريرة يقول: جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه تمر ... قلت: فذكر قصة حثو التمر، ولكن لمرة واحدة، والعدد ثلاث وسبعون، وفي آخره: "يا أبا هريرة! أما علمت أن يدي ويد علي بن أبي طالب في العدل سواء؟! ". أخرجه الخطيب (9/ 76-77) ، وعنه ابن عساكر (12/ 156/ 2) . وقال الخطيب: "حديث باطل بهذا الإسناد، تفرد بروايته قاسم الملطي، وكان يضع الحديث". قلت: وشيخه أبو أمية المختط: اسمه المبارك بن عبد الله، وإنما قيل له: المختط؛ لأنه أول من اختط داراً بطرسوس لما مصرت، وهو غير مبارك في الرواية؛ فقد قال الذهبي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 529 "ليس بثقة ولا مأمون". ووافقه الحافظ العسقلاني. 4898 - (يا فاطمة! أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك؟!) . موضوع روي من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن عباس، وأبي أيوب الأنصاري، وعلي الهلالي، ومعقل بن يسار. 1- أما حديث أبي هريرة؛ فيرويه أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي: حدثنا سريج بن يونس: حدثنا أبو حفص الأبار: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قالت فاطمة رضي الله عنها: يا رسول الله! زوجتني من علي بن أبي طالب وهو فقير لا مال له؟! فقال ... فذكره. أخرجه الحاكم (3/ 129) ؛ وصححه على شرط البخاري ومسلم؛ كما في "تلخيص الذهبي"، فقد سقط التصحيح من "المستدرك"!! ثم تعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل موضوع على سريج". قلت: وذلك؛ لأن سريجاً ثقة من رجال الشيخين، وكذلك من فوقه؛ غير أبي حفص الأبار - واسمه عمر بن عبد الرحمن -؛ وهو ثقة. فأحدهم لا يحتمل مثل هذا الحديث الموضوع؛ فالمتهم به أبو بكر الترمذي هذا. الحديث: 4898 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 530 وبذلك جزم الذهبي في "الميزان"؛ وقال: "ولعله الباهلي". ووافقه الحافظ في "اللسان"؛ إلا أنه قال: "وجزم الحسيني بأنه غير الباهلي". 2- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه إبراهيم بن الحجاج قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1) (3/ 111/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 195-196) ، وابن عساكر (12/ 91/ 2-92/ 1) . وقال الخطيب: "حديث غريب من رواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس. وغريب من حديث معمر بن راشد عن ابن أبي نجيح، تفرد بروايته عنه عبد الرزاق، وقد رواه عن عبد الرزاق غير واحد". قلت: وإبراهيم بن الحجاج هذا؛ قال الذهبي: "نكرة لا يعرف، والخبر الذي رواه باطل، وما هو بالسامي (2) ولا بالنيلي، ذانك صدوقان". قلت: وهما أقدم طبقة منه. ثم ساق له هذا الحديث، وقال:   (1) هو عنده من طريق آخر؛ وفيه كلام؛ فانظر " زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة " (545) . (الناشر) (2) بالمهملة. ووقع في " الميزان " و " اللسان " بالمعجمة! وهو تحريف. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 531 "تابعه عبد السلام بن صالح - أحد الهلكى - عن عبد الرزاق". وأقره الحافظ في "اللسان". ومتابعة عبد السلام بن صالح؛ أخرجها الثلاثة المذكورون، وكذا ابن عدي في ترجمة عبد الرزاق من "الكامل" (309/ 1) . وتابعه أحمد بن عبد الله بن يزيد الهشيمي: حدثنا عبد الرزاق به. أخرجه الخطيب، وعنه ابن عساكر. قلت: والهشيمي هذا هو من رواة حديث: "أنبأنا مدينة العلم ... "، وقد مضى بيان حاله هناك برقم (2955) ، وأنه كذاب؛ فراجعه. ثم قال ابن عدي: حدثنا الحسن بن عثمان التستري قال: أخبرنا محمد بن سهل البخاري: أخبرنا عبد الرزاق بإسناده نحوه. وقال: "وهذا يعرف بأبي الصلت الهروي عن عبد الرزاق. وابن عثمان هذا ليس بذاك الذي حدثناه عن البخاري"! كذا قال! وفي آخر كلامه غموض لعله من الناسخ! وقد عقد للتستري هذا ترجمة خاصة؛ قال فيه (93/ 2-94/ 1) : "كان يضع الحديث، ويسرق حديث الناس، سألت عبد ان الأهوازي عنه؟ فقال: كذاب". وأبو الصلت متهم أيضاً، وهو صاحب الحديث المشار إليه آنفاً برقم (2955) ؛ فأغنى عن إعادة الكلام عليه. ولعل التستري سرق هذا الحديث منه؛ فإنه به يعرف؛ كما تقدم عن ابن عدي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 532 وجملة القول؛ أن الحديث لم يروه ثقة عن عبد الرزاق. ولو أنه ثبت عنه؛ لبقي فيه علة أخرى تقدح في صحته، وهي احتمال أن يكون هذا الحديث أيضاً مما أدخله ابن أخي معمر في كتب معمر؛ فإنه كان رافضياً، كما تقدم حكاية أمره عن أبي حامد الشرقي في الحديث (4894) ، فراجعه. 3- وأما حديث أبي أيوب؛ فأورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 58) - وتبعه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (ص 396) - من رواية الطبراني عن حسين الأشقر: حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية (1) بن ربعي عنه مرفوعاً به، وزاد: "فأوحي إلي، فأنكحته، واتخذته وصياً". وقال السيوطي: "حسين الأشقر متهم. وقيس بن الربيع لا يحتج به. وعباية بن ربعي؛ قال العقيلي: شيعي غال ملحد". 4- وأما حديث علي الهلالي؛ فأورده السيوطي أيضاً في "ذيل الموضوعة" (ص 65) - وتبعه ابن عراق في "التنزيه" (ص 403-404) - من رواية الطبراني أيضاً - من طريق الهيثم بن حبيب: حدثنا سفيان بن عيينة عن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شكاته التي قبض فيها؛ فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفه إليها؛ فقال:   (1) الأصل: (عبابة) ! والتصويب من " التنزيه "، و " الضعفاء " للعقيلي (ص 343) ، و " الميزان "، و " اللسان ". ووقع في طبعة الخانجي لـ " الميزان ": (عباس) ! وهو خطأ مطبعي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 533 "يا حبيبتي فاطمة! ما الذي يبكيك؟! ". قالت: أخشى الضيعة من بعدك! فقال: "يا حبيبتي! أما علمت أن الله تبارك وتعالى اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك ... " الحديث نحو حديث أبي أيوب، وفيه ذكر الحسن والحسين والمهدي. وقال السيوطي وابن عراق: "قال الذهبي: هذا موضوع. والهيثم بن حبيب هو المتهم بهذا الحديث". قلت: ذكره الذهبي في ترجمة الهيثم من "الميزانط. فتعقبه الحافظ في "اللسان" بقوله: "والهيثم بن حبيب المذكور؛ ذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من (الثقات) "! وأقول: تساهل ابن حبان في توثيق المجهولين معروف مشهور عند أهل العلم بهذا الشأن، فإن ثبت أنه ثقة؛ فالعلة ممن فوقه، وهو علي بن علي الهلالي؛ فإني لم أجد من ذكره. وأبوه نفسه غير معروف إلا في هذا الحديث؛ فقد أورده الحافظ في "الإصابة" لهذا الحديث من رواية الطبراني أيضاً - يعني: في "الكبير" -، ثم قال: "وأخرجه في "الأوسط" وقال: إنه لا يروى إلا بهذا الإسناد". 5- وأما حديث معقل؛ فيرويه خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافع عنه قال: وضأت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم؛ فقال: "هل لك في فاطمة رضي الله عنها تعودها؟! ". فقلت: نعم؛ فقام متوكئاً علي، فقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 534 "أما إنه سيحمل ثقلها غيرك، ويكون أجرها لك". قال: فكأنه لم يكن علي شيء، حتى دخلنا على فاطمة عليها السلام، فقال لها: "كيف تجدينك؟ ". قالت: واللخ لقد اشتد حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي - قال أبو عبد الرحمن (ابن الإمام أحمد) : وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث - قال: "أوما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً؟! ". أخرجه أحمد (5/ 26) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 89/ 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات؛ غير خالد بن طهمان؛ فضعفه الأكثرون. وقال ابن معين: "ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة". 4899 - (أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا علي! يهتدي المهتدون [بعدي] ) . موضوع أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13/ 72) ، والديلمي (1/ 310-311- زهر الفردوس) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) من طريق الحسن بن الحسين الأنصاري: أخبرنا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ وله ثلاث علل: الحديث: 4899 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 535 الأولى: اختلاط عطاء بن السائب. الثانية: معاذ بن مسلم؛ قال الذهبي في ترجمته: "مجهول. روى عن شرحبيل بن السمط؛ مجهول. وله عن عطاء بن السائب خبر باطل سقناه في (الحسن بن الحسين) ". الثالثة: الحسن بن الحسين الأنصاري - وهو العرني -؛ وهو متهم، وقد تقدم شيء من أقوال الأئمة فيه تحت الحديث (4885) ؛ فلا داعي للإعادة. وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث من مناكيره من رواية ابن الأعرابي بإسناده عنه. وقال: "ومعاذ نكرة، فلعل الآفة منه". وأقره الحافظ في "اللسان". وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 499- منار) : "وهذا الحديث فيه نكارة شديدة". وأقره الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 66) . وسكت عنه الطبرسي الشيعي في "تفسيره" (3/ 427) ! قلت: وقد روي موقوفاً: رواه حسين بن حسن الأشقر: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال علي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنذر، وأنا الهادي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 536 أخرجه الحاكم (3/ 129-130) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) عن عبد الرحمن ابن محمد بن منصور الحارثي عنه. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل كذب، قبح الله واضعه". قلت: ولم يسم واضعه، وهو - عندي - حسين الأشقر؛ فإنه متروك كما تقدم بيانه تحت الحديث (358) . وقد قال الذهبي فيه - في حديث بعد هذا في "التلخيص" -: "قلت: الأشقر وثق. وقد اتهمه ابن عدي". والحارثي - الراوي عنه - قال ابن عدي: "حدث بأشياء لم يتابع عليها". وقال الدارقطني وغيره: "ليس بالقوي". ومما يؤيد نكارة الحديث: أن عبد خير رواه عن علي في قوله ... فذكر الآية؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المنذر والهادي: رجل من بني هاشم". أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 126) ، ومن طريقه ابن عساكر: حدثني عثمان بن أبي شيبة: حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عنه. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 537 وقد رواه ابن عساكر من غير طريق عبد الله فأفسده؛ قال: أخبرنا أبو العز بن كادش: أنبأنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله: أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي: أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار: أخبرنا عثمان بن أبي شيبة ... فساقه مختصراً بلفظ: "والهادي علي". وهو بهذا الاختصار منكر، ولعله من أبي العز بن كادش - واسمه أحمد بن عبيد الله - شيخ ابن عساكر؛ فقد قال ابن النجار: "كان مخلطاً كذاباً، لا يحتج بمثله، وللأئمة فيه مقال". وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مئة. ووقع في "اللسان": "ست وخمسين ... "! وهو خطأ، والتصحيح من "الشذرات". وعلي بن عمر الحربي؛ فيه كلام أيضاً؛ ولكنه يسير، فراجعه - إن شئت - في "اللسان". والحديث مما تلهج به الشيعة؛ ويتداولونه في كتبهم، فهذا إمامهم ابن مطهر الحلي قد أورده في كتابه الذي أسماه "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" (ص 81-82- تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم) من رواية "الفردوس"؛ قال: "ونحوه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت الإمامة والولاية له"!! وقلده عبد الحسين في "مراجعاته" (ص 55) ، ثم الخميني في "كشف الأسرار" (ص 161) ؛ وزاد عليهما في الكذب والافتراء أنه قال: "وردت في ذلك سبعة أحاديث عند أهل السنة"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 538 ثم لم يذكر إلا حديثاً واحداً زعم أنه أسنده إبراهيم الحموي إلى أبي هريرة! فمن إبراهيم الحموي هذا؟ والله لا أدري، ولا أظن الحميني نفسه يدري! فإن صح قوله أنه من أهل السنة؛ فيحتمل أن يكون إبراهيم بن سليمان الحموي، المترجم في "الدرر الكامنة"، و"شذرات الذهب"، و"الفوائد البهية"، و"الأعلام" للزركلي، فإن يكن هو؛ فهو من علماء الحنفية المتوفى سنة (732 هـ) ، فإن كان هو الذي عناه الخميني، وكان صادقاً في عزوه إليه؛ فإنه لم يذكر الكتاب الذي أسند الحديث فيه. فقوله عنه: "أسند"! كذب مكشوف؛ إذ كيف يسند من كان في القرن الثامن، فبينه وبين أبي هريرة مفاوز؟! ولو فرضنا أنه أسنده فعلاً؛ فما قيمة مثل هذا الإسناد النازل الكثير الرواة؟! فإن مثله قل ما يسلم من علة؛ كما هو معلوم عند العارفين بهذا العلم الشريف! والعبرة من هذا العزو ونحوه مما تقدم عن هؤلاء الشيعة؛ أنهم كالغرقى يتعلقون ولو بخيوط القمر! فلقد ساق السيوطي في "الدر المنثور" في تفسير هذه الآية عدة روايات؛ وليس فيها حديث الخميني عن أبي هريرة! وأما حديث ابن عباس الذي احتج به ابن المطهر الحلي؛ فقد عرفت ما فيه من العلل، التي تدل بعضها على بطلانه؛ فكيف بها مجتمعة؟! فاسمع الآن رد شيخ الإسلام ابن تيمية على الحلي؛ لتتأكد من بطلان الحديث، وجهل الشيعة وضلالهم؛ قال - رحمه الله - (4/ 38) : "والجواب من وجوه: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 539 أحدها: أن هذا لم يقم دليل على صحته؛ فلا يجوز الاحتجاج به، وكتاب "الفردوس" للديلمي فيه موضوعات كثيرة، أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة. الثاني: أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، فيجب تكذيبه ورده ... ". ثم ذكر بقية الوجوه؛ وهي تسعة؛ ولولا أن يطول الكلام لسقتها كلها لأهميتها؛ منها قوله: "الخامس: أن قوله: "بك يهتدي المهتدون"؛ ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى! وهذا كذب بين؛ فإنه قد آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خلق كثير واهتدوا به ودخلوا الجنة؛ ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة، وأكثر الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واهتدوا به لم يهتدوا بعلي في شيء، وكذلك لما فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم؛ كان جماهير المسلمين لم يسمعوا من علي شيئاً، فكيف يجوز أن يقال: بك يهتدي المهتدون؟! ". ثم ذكر في الوجه السادس؛ أن الصحيح في تفسير الآية: أن المقصود بها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو النذير وهو الهادي. وأما تفسيره بعلي فباطل؛ لأنه قال: (ولكل قوم هاد) ؛ وهذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء، فتتعدد الهداة، فكيف يجعل علي هادياً لكل قوم من الأولين والآخرين؟! 4900 - (أنا وهذا (يعني: علياً) حجة على أمتي يوم القيامة) . موضوع أخرجه الخطيب (2/ 88) ، وابن عساكر (12/ 139/ 2) عن مطر ابن أبي مطر، عن أنس بن مالك قال: الحديث: 4900 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 540 كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فرأى علياً مقبلاً، فقال ... فذكره. وقال ابن عساكر: "مطر: هو الأسكاف؛ منكر الحديث". قلت: وكذا قال فيه البخاري، وأبو حاتم، والنسائي؛ كما في "الميزان"، وساق له الذهبي حديثين؛ وقال: "قلت: كلاهما موضوعان". ثم ساق له هذا الحديث، وقال: "وهذا باطل أيضاً". قلت: والحديث مما أورده الشيعي في "مراجعاته" (ص 178) من رواية الخطيب فقط، ساكتاً عليه كعادته، بل محتجاً به قائلاً: "وبماذا يكون أبو الحسن حجة كالنبي؟ لولا أنه ولي عهده، وصاحب الأمر من بعده؟! ". فيقال له: أثبت العرش ثم انقش؛ فالحديث باطل بشهادة الإمام النقاد الذهبي، فإن كان هذا ليس حجة عنده بصفته شيعياً؛ فما باله يحتج بهذا الحديث وعشرات أمثاله على أهل السنة، وهو وأمثاله من الأئمة حجة عند أهل السنة؟! وليس هذا فقط؛ بل إنه ليوهمهم بأنه لا يحتج إلا بما هو صحيح إلا بما هو صحيح عندهم، والواقع يكذبه. فالله المستعان! 4901 - (مكتوب على باب الجنة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله؛ قبل أن تخلق السماوات والأرض بألفي عام) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 256) ، وعنه الخطيب (7/ 387) ، وعن هذا ابن عساكر (12/ 70/ 2) - أخرجه عن جماعة؛ منهم: الطبراني -، الحديث: 4901 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 541 والعقيلي في "الضعفاء" (ص 9) ، وعنه ابن عساكر (12/ 147/ 2) قالوا: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا زكريا بن يحيى: حدثنا يحيى بن سالم: حدثنا أشعث ابن عم حسن بن صالح - وكان يفضل على الحسن -: حدثنا مسعر عن عطية عن جابر مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "تفرد به أشعث وكادح بن رحمة عن مسعر". قلت: وقال العقيلي: "أشعث كان له مذهب؛ ليس ممن يضبط الحديث. وزكريا الكسائي ويحيى ابن سالم؛ ليسا بدون أشعث في الأسانيد"! كذا الأصل: "في الأسانيد"! وفي "اللسان" - نقلاً عن العقيلي -: "في هذا المذهب". وهو الصواب؛ لمطابقته لما في ابن عساكر عنه. ويحيى بن سالم كوفي؛ ضعفه الدارقطني، وهو غير يحيى بن سالم الراوي عن ابن عمر؛ لأنه متأخر الطبقة عنه كما ترى، وهو الذي استظهره الحافظ في "اللسان". وهذا الراوي ذكره ابن حبان في "الثقات". وزكريا بن يحيى الكسائي شيعي متروك، كما تقدم ذكره تحت الحديث (4889) ؛ فهو آفة هذا الحديث. وابن أبي شيبة مختلف فيه كما تقدم؛ وقد وثق، فالعلة من شيخه. وأما متابعة كادح التي ذكرها أبو نعيم؛ فقد أخرجها ابن عدي في ترجمته من "الكامل" (339/ 1) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 71/ 2) عن مسعر بن كدام بلفظ: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 542 "رأيت على باب الجنة ... " الحديث؛ دون قوله: "قبل أن تخلق ... ". وقال ابن عدي: "وكادح بن رحمة؛ عامة ما يرويه غير محفوظ، ولا يتابع عليه في أسانيده ولا في متونه". وقال الحاكم، وأبو نعيم: "روى عن مسعر والثوري أحاديث موضوعة". قلت: فمتابعته مما لا يفرح بها. والحديث؛ أورده الذهبي في ترجمة الكسائي؛ في جملة ما أنكر عليه من الحديث. (تنبيه) : قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 111) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أشعث ابن عم الحسن بن صالح؛ وهو ضعيف، ولم أعرفه"! قلت: وهذا الجمع بين التضعيف ونفي المعرفة؛ غريب غير معروف عند العلماء بالحرج والتعديل! فلعل قوله: "ولم أعرفه" مقحم من بعض النساخ. ثم إن فيه تقصيراً ظاهراً في إعلال الحديث، وفيه ذلك المتروك وشيخه الضعيف!! (تنبيه آخر) : وعزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (1/ 744) ، والشيخ علاء الدين - تبعاً له في "الكنز" -: للطبراني في "الأوسط"، والخطيب في "المتفق والمفترق"، وابن الجوزي في "الواهيات" عن جابر. وعزاه الشيعي في "مراجعاته" (ص 178) إلى الأولين معزواً إلى "الكنز"، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 543 ولم يعزه إلى الثالث منهم - وهو ابن الجوزي في "الواهيات" -؛ تدليساً على القراء، وكتماً عنهم لحقيقة حال الحديث الذي يدل عليه عزوه إليه! وأيضاً؛ فإنه لم يذكر الشطر الثاني من الحديث، الذي يدل على حاله أيضاً عند أهل العقول! هذا؛ وقد فاتني التنبيه على أن لفظ العقيلي ليس فيه: "علي أخو رسول الله"، وقال بديله: "أيدته بعلي". وكذلك رواه في ترجمة الكسائي (ص 144) . وقد روي كذلك من حديث أبي الحمراء، وهو الآتي بعده. 4902 - (لما أسري بي؛ رأيت في ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صفوتي من خلقي، أيدته بعلي ونصرته) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 147/ 2) عن عبادة بن زياد الأسدي: أخبرنا عمرو بن ثابت بن أبي المقدام عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن أبي الحمراء خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع مسلسل بالرافضة: الأول: أبو حمزة الثمالي - واسمه ثابت بن أبي صفية الكوفي - متفق على تضعيفه. بل قال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: الحديث: 4902 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 544 "كان كثير الوهم في الأخبار؛ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد؛ مع غلوه في تشيعه". وعده السليماني في قوم من الرافضة. الثاني: عمرو بن ثابت الكوفي؛ قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال مرة: "ليس بثقة ولا مأمون". وقال النسائي: "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات". وقال أبو داود: "رافضي خبيث". الثالث: عبادة بن زياد الأسدي شيعي أيضاً، لكنه مختلف فيه؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (4892) . فالآفة ممن فوقه، وشيخه هو الأحق بها. وبه أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (9/ 121) : "رواه الطبراني، وفيه عمرو بن ثابت؛ وهو متروك". 4903 - (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه؛ فلينظر إلى علي بن أبي طالب) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 140/ 2) من طريق أبي جعفر أحمد بن محمد بن سعيد: أخبرنا محمد بن مسلم بن وارة: أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي: أخبرنا الحديث: 4903 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 545 أبو عمرو الأزدي عن أبي راشد الحبراني عن أبي الحمراء مرفوعاً. قلت: وأبو عمرو هذا؛ لم أعرفه! ووقع في "اللآلىء" (1/ 184) من رواية الحاكم: "أبو عمر الأزدي"، وقال: "قال ابن الجوزي: موضوع، أبو عمر متروك". قلت: فيحتمل أنه حفص بن سليمان أبو عمر البزاز الكوفي الأسدي؛ فإنهم كثيراً ما يبدلون الزاي من السين كما في "أنساب السمعاني"، ثم هو إلى ذلك معروف بشدة الضعف، حتى كذبه الساجي وغيره. وقد أقره السيوطي - ثم ابن عراق (1/ 385) - ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع، لكنهما ذكرا له بعض الطرق الأخرى، يأتي الكشف عن علتها إن شاء الله تعالى. وقد اختلف على عبيد الله بن موسى على وجوه: 1- فرواه محمد بن مسلم بن وارة عنه هكذا. 2- ورواه محمد بن أبي هاشم النوفلي عنه: حدثنا العلاء عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي داود نفيع (الأصل: مقنع! وهو تصحيف) عن أبي الحمراء به. أخرجه الديلمي. وسكت عنه السيوطي وابن عراق! وليس بجيد؛ فإن أبا داود هذا - وهو الأعمى - مشهور بالضعف الشديد؛ قال الحافظ: "متروك. وقد كذبه ابن معين". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 546 3- وقال محمد بن عمران بن حجاج: حدثنا عبيد الله بن موسى عن أبي راشد - يعني: الحبراني (الأصل: الحماني!) عن أبي هارون العبد ي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به. أخرجه ابن شاهين في "السنة". قلت: وسكتا عليه أيضاً! وأبو هارون العبد ي: اسمه عمارة بن جوين؛ وحاله كالأعمى؛ قال الحافظ: "متروك، ومنهم من كذبه، شيعي". وذكر له ابن عراق شاهداً من حديث ابن عباس؛ من طريق مسعر بن يحيى عن شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عنه. وقال: "وقال الذهبي في "الميزان": مسعر بن يحيى النهدي؛ لا أعرفه، وخبره منكر. انتهى (يعني: هذا) . وأبو الحمراء؛ قال البخاري: يقال: له صحبة، ولا يصح حديثه. والله أعلم". قلت: وقد أشار الحافظ في ترجمة أبي الحمراء من "التهذيب" إلى ضعف الطريق الأولى عن سعيد بن جبير، وقال السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 34/ 2) : "رواه ابن عساكر وابن الجوزي في "الواهيات" من طريقين عن أبي الحمراء"! وقد روي الحديث من حديث أنس نحوه مرفوعاً؛ بلفظ: "يا أيها الناس! من أحب أن ينظر إلى آدم في خلقه، وأنا في خلقي، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى موسى في مناجاته، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى الجزء: 10 ¦ الصفحة: 547 في سمته (الأصل: سنه) ؛ فلينظر إلى علي بن أبي طالب إذا خطر بين الصفين؛ كأنما يتقلع من صخر، أو يتحدر من دهر. يا أيها الناس! امتحنوا أولادكم بحبه؛ فإن علياً لا يدعو إلى ضلالة، ولا يبعد عن هدى، فمن أحبه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم". أخرجه ابن عساكر (12/ 133/ 2) من طريق أبي أحمد العباس بن الفضل ابن جعفر المكي: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري - بصنعاء سنة إحدى وسبعين ومئتين -: أخبرنا عبد الرزاق عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يشهر علياً في موطن أو مشهد؛ علا على راحلته، وأمر الناس أن ينخفضوا دونه. وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهر علياً يوم خيبر، فقال ... فذكره. وقال: "هذا حديث منكر، وأبو أحمد المكي مجهول". قلت: وهذا الرجل مما أغفلوه؛ فلم يذكره الذهبي ولا العسقلاني في كتابيهما، لا في السماء ولا في الكنى! والله أعلم. وإسحاق الدبري؛ فيه ضعف، فراجع ترجمته في "اللسان". (تنبيه) : أورد حديث الترجمة هذا: الشيعي في "مراجعاته". وقال (ص 179) : "أخرجه البيهقي في "صحيحه"، والإمام أحمد بن حنبل في "مسنده"، وقد نقله عنهما ابن أبي الحديد في الخبر الرابع من الأخبار التي أوردها في (ص 449) من المجلد الثاني من (شرح النهج) "!! قلت: وهذا التخريج كذب لا أصل له، يقطع به كل من كان له معرفة بهذا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 548 العلم، فلو كان الحديث في "مسند الإمام أحمد"؛ فلماذا لم يورده الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد"، والسيوطي في "جامعه الكبير"، و "الصغير"، ولا في "الزوائد عليه"؟! ومما يؤكد لك ذلك: أن البيهقي ليس له كتاب باسم "الصحيح"، وإنما له "السنن الكبرى"، و "معرفة السنن والآثار" وغيرهما. فمن الواضح البين أن المقصود من هذا التخريج؛ إنما هو إظهار الحديث بمظهر الصحة. وابن أبي الحديد معتزلي شيعي غال؛ كما قال ابن كثير في "البداية" (13/ 199) ، فلا يوثق بنقله؛ لا سيما في هذا الباب، كما لا يوثق بالناقل عنه، كما قدمنا لك فيما مضى من الأمثلة!! 4904 - (يا علي! إن فيك من عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً؛ أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصاري حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها) (1) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 281-282) ، والنسائي في "الخصائص" (ص 19) ، وعبد الله بن أحمد (1/ 160) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1004) ، والحاكم (3/ 123) ، وابن عساكر (12/ 135/ 2-136/ 1) من طرق عن الحكم بن عبد الملك عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة ابن ناجذ عن علي رضي الله عنه قال: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... فذكره. وزاد:   (1) تقدم في هذا المجلد برقم (4842) ، وما ههنا فيه فائدة زائدة. (الناشر) الحديث: 4904 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 549 قال: وقال علي: ألا وإنه يهلك في محب مطر؛ يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر؛ يحمله شنآني على أن يبتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما استطعت، فما أمرتكم به طاعة الله تعالى؛ فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم، وما أمرتكم بمعصية أنا وغيري؛ فلا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل؛ إنما الطاعة في المعروف. والسياق للحاكم؛ وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "الحكم؛ وهاه ابن معين". قلت: بل هو ممن اتفق الأئمة على تضعيفه؛ غير العجلي؛ فوثقه، فلا يعتد به، ولا سيما وهو معروف بالتساهل بالتوثيق؛ فكيف إذا خالف الجمهور من الأئمة. ولذلك؛ فقد تساهل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحسينه لإسناده في تعليقه على "المسند" رقم (1376) ! وقد أخرجه ابن عساكر من طريق عمرو بن ثابت عن صباح المزني عن الحارث بن حصيرة به. قلت: وهذه متابعة لا يفرح بها؛ فإن صباحاً هذا - وهو ابن يحيى -؛ قال الذهبي: "متروك، بل متهم". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 550 قلت: وهو شيعي. ومثله عمرو بن ثابت في شدة الضعف والتشيع؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (4882،4902) . والحارث بن حصيرة شيعي أيضاً، لكنهم اختلفوا في توثيقه؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (4886) ، فتعصيب الجناية في هذا الحديث بمن دونه أولى. وفوقه ربيعة بن ناجذ، وهو مجهول؛ وإن وثقه ابن حبان والعجلي، فتساهلهما في توثيق المجهولين معروف. والحديث؛ أورده الهيثمي (9/ 133) - مع الزيادة -؛ وقال: "رواه عبد الله والبزار - باختصار -، وأبو يعلى - أتم منه -، وفي إسناد عبد الله وأبي يعلى: الحكم بن عبد الملك؛ وهو ضعيف، وفي إسناد البزار: محمد بن كثير الكوفي، وهو ضعيف". وأورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 59) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 396) من رواية ابن حبان - يعني: في "الضعفاء" - من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي قال: جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً في ملأ من قريش؛ فنظر إلي، وقال ... فذكره نحوه؛ وزاد: فضحك الملأ الذين عنده وقالوا: انظروا؛ يشبه ابن عمه بعيسى! فأنزل القرآن: (ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون) . وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 551 "قال ابن حبان: عيسى يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به". (تنبيه) : أورد الشيعي في مراجعاته (ص 179) الحديث من رواية الحاكم؛ دون الزيادة من قول علي رضي الله عنه! والسبب واضح؛ فإنها صريحة في إبطال دعواهم العصمة له ولأهل بيته، كيف وهو يقول - إن صح -: وما أمرتكم بمعصية أنا وغيري فلا طاعة ... ! فسوى بين نفسه وغيره في احتمال أمره بمعصية، فهل هذه صفة من له العصمة؟! 4905 - (إن الأمة ستغدر بك بعدي) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 140) ، والخطيب في "التاريخ" (11/ 216) ، وابن عساكر (12/ 178/ 2) عن هشيم عن إسماعيل بن سالم عن أبي إدريس الأودي عن علي رضي الله عنه قال: إن مما عهد إلي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد" ‍‍! ووافقه الذهبي! قلت: وفيه نظر؛ فإن أبا إدريس هذا لم أعرف اسمه (1) ، ولم أجد من وثقه؛ إلا يكون ابن حبان! فليراجع كتابه "الثقات"، فقد أورده البخاري في "التاريخ"   (1) هو إبراهيم بن أبي الحديد، كما في " كنى الدولابي " وقد أروده ابن حبان في " الثقات " (4/11) كما ظن الشيخ - رحمه الله - برواية إسماعيل هذا عنه فحسب. وكذا أورده ابن أبي حاتم (2/96/262) ، ونقل عن أبيه أنه جهّله، وجعل روايته على علي مرسلة. الحديث: 4905 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 552 (9/ 6) ، وابن حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 334) من رواية أبي مسلمة عنه، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. ووقع عند البخاري: "الأودي"؛ مطابقاً لما في "المستدرك". ووقع عند ابن أبي حاتم: "الأزدي"؛ وهو موافق لما في "ابن عساكر"، وقال عقبه: "قال البيهقي: فإن صح هذا؛ فيحتمل أن يكون المراد به - والله أعلم - في خروج من خرج عليه في إمارته، ثم في قتله". قلت: ففي قوله: "إن صح"؛ إشارة إلى أنه غير صحيح عنده. ومثله قوله الآتي عنه: "إن كان محفوظاً". وله متابع كما سأذكره. وسائر رجال الإسناد ثقات؛ إلا أنه فيه عنعنة هشيم - وهو ابن بشير الواسطي (1) -؛ قال الحافظ: "ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال". وأما المتابع؛ فهو ما رواه حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة الحماني عن علي ... مثله. أخرجه البزار (3/ 203/ 2569) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 64) ، وابن عساكر؛ قال الأخيران:   (1) لكنه متابع عند الدولابي في " الكنى " كما سبقت الإشارة آنفاً؛ فبرئت عهدته. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 553 "قال البخاري: ثعلبة بن يزيد الحماني؛ فيه نظر، لا يتابع عليه في حديثه هذا". زاد ابن عساكر: "قال البيهقي: كذا قال البخاري، وقد رويناه بإسناد آخر عن علي؛ إن كان محفوظاً". قلت: يعني: الإسناد الذي قبله، وقد عرفت آنفاً غمز البيهقي من صحته. ومع أن البخاري قال في ترجمة الحماني هذا (1/ 2/ 174) : "سمع علياً، روى عنه حبيب بن أبي ثابت، يعد في الكوفيين، فيه نظر ... "، ثم ذكر الحديث، وقال: "لا يتابع عليه". ورواه ابن عدي عنه في "الكامل" (ق 48/ 2) ؛ فإن هذا قال في آخر ترجمته: "وأما سماعه من علي؛ ففيه نظر؛ كما قاله البخاري"! قلت: وكأنه فهم من قول البخاري: "فيه نظر"؛ أي: في سماعه! والمتبادر أنه يعني الرجل نفسه، وسماعه صريح في رواية لابن عساكر بلفظ: قال: سمعت علياً على المنبر وهو يقول (1) ... وكذا في "مسند أبي يعلى" (1/ 442/ 328) في حديث آخر. لكن في ثبوت ذلك عنه عندي نظر حقاً؛ فإن حبيباً - الراوي عنه - مدلس   (1) ورواه البزار أيضاً (3/203/2569 و 204/2572) ، وفيه قول علي: لتخضبنّ هذه من هذه؛ للحيته من رأسه. ورواه أحمد (1/130) ، وأبو يعلى (1/443) بإسناد آخر عن عبد الله بن سبيع عن علي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 554 أيضاً مثل هشيم؛ قال الحافظ أيضاً فيه: "ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس". وله طريق ثالثة؛ لكنها جد واهية؛ لأنها من رواية حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة قال: قال علي ... فذكره. أخرجه ابن عساكر. قلت: والآفة من ابن جبير هذا؛ فإنه ضعيف جداً، تركه شعبة وغيره. وقال الجوزجاني: "كذاب". وبالجملة؛ فجميع طرق الحديث واهية، وليس فيها ما يتقوى بغيره. نعم؛ قد أورده الحاكم (3/ 142) من طريق حيان الأسدي: سمعت علياً يقول: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الأمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي، وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا". يعني: لحيته من رأسه. وقال: "صحيح"! قلت: كذا وقع الحديث في "المستدرك" و "التلخيص" بدون إسناد (1) . وقوله: "صحيح" فقط؛ إنما هو الأسلوب أو اصطلاح الذهبي في "تلخيصه". فيبدو لي أن الطابع لما لم ير الحديث في "المستدرك"، ووجده في "تلخيصه"؛ نقله   (1) وأورده - بإسناده - الحافظ ابن حجر في " إتحاف المهرة " (11/296) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 555 عنه وطبعه في "المستدرك"! وفي حفظي أنه فعل ذلك في غير هذا الحديث أيضاً، ولكنه نبه عليه، بخلاف عمله هنا؛ فما أحسن. وأنا في شك من ثبوت هذا الحديث في "المستدرك"؛ فإني رأيت الحافظ السيوطي أورد الحديث - بهذا اللفظ الذي في "التلخيص" - في "الجامع الكبير" (1/ 163/ 1) ، وقال: "رواه الدارقطني في "الأفراد"، والخطيب عن علي رضي الله عنه". قلت: فلو كان ثابتاً في "المستدرك"؛ لعزاه السيوطي إليه؛ إن شاء الله تعالى. 4906 - (أما إنك ستلقى بعدي جهداً. يعني: علياً) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 140) من طريق سهل بن المتوكل: حدثنا أحمد ابن يونس: حدثنا محمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي ... فذكره، وزاد: قال: في سلامة من ديني؟ قال: "في سلامة من دينك". وقال: "حديث صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! قلت: نعم هو على شرطهما من أحمد بن يونس فما فوقه. وأما سهل بن المتوكل؛ فليس على شرطهما، بل هو مجهول عندي؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر (1) !   (1) ترجمه ابن حبان في " الثقات " (8/294) ، وقال: " يروي عنه أهل بلده، وهو من بني شيبان. إذا حدّث عن إسماعيل بن أويس غرب ". (الناشر) الحديث: 4906 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 556 فإن كان ثقة، أو توبع من ثقة؛ فالحديث صحيح؛ وإلا فهو من حصة هذا الكتاب. والله أعلم. وقد أخرج الزيادة: أبو يعلى في قصة الحديقة من حديث علي أيضاً. قال الهيثمي (9/ 118) : "رواه أبو يعلى، والبزار، وفيه الفضل بن عميرة؛ وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات". وأخرجها الحاكم (3/ 139) ، والطبراني - دون الزيادة -. وصححه الحاكم. ووافقه الذهبي؛ مع أنه جزم في ترجمة ابن عميرة بأنه منكر الحديث! ثم ساق له هذا الحديث بالزيادة. قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم، ومندل أيضاً فيه ضعف". 4907 - (تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين: بالطرقات، والنهروانات، وبالشعفات) . موضوع بهذا التمام أخرجه الحاكم (3/ 139-140) عن محمد بن يونس القرشي: حدثنا عبد العزيز بن الخطاب: حدثنا علي بن غراب [عن] ابن أبي فاطمة عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لعلي بن أبي طالب ... فذكره. قال أبو أيوب: قلت: يا رسول الله! مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال: "مع علي بن أبي طالب". قلت: سكت عنه الحاكم؛ وكأنه لظهور آفته! الحديث: 4907 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 557 واقتصر الذهبي على تضعيفه! فقصَّر؛ فإنه شر من ذلك؛ الأصبغ بن نباتة كتروك متهم بالكذب. ومثله ابن أبي فاطمة 0 واسمه علي؛ وهو علي بن الحزور -؛ وقد ساق الذهبي في "ميزانه" هذا الحديث - دون الشطر الثاني منه - في ترجمة الأصبغ من طريق علي بن الحزور عنه. وقال: "علي بن الحزور هالك". قلت: ومحمد بن يونس القرشي: هو الكديمي الكذاب الوضاع. وللحديث طرق أخرى عن أبي أيوب وغيره دون الزيادة؛ فلا بد من تتبعها ودراستها؛ لنتبين مرتبة الحديث بدونها: 2- عن محمد بن حميد: حدثنا سلمة بن الفضل: حدثني أبو زيد الأحول عن عتاب بن ثعلبة: حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. أخرجه الحاكم (3/ 139) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 185/ 2) . قلت: وسكت عليه الحاكم كالذي قبله! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين - إلى أبي أيوب - ضعيفين"! قلت: قد بينت آنفاً أن الأول واه جداً، بل موضوع. وهذا قريب منه؛ فإن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 558 عتاب بن ثعلبة لايعرف؛ قال الذهبي في ترجمته من "الميزان": "عداده في التابعين. روى عنه أبو زيد الأحول حديث: قتال الناكثين. والإسناد مظلم، والمتن منكر". وأقره الحافظ في "اللسان": وسلمة بن الفضل، ومحمد بن حميد؛ كلاهما ضعيف. وأبو زيد الأحول: اسمه ثابت بن يزيد؛ وهو ثقة ثبت. 3- عن المعلى بن عبد الرحمن: أخبرنا شريك عن سليمان بن مهران الأعمش: أخبرنا إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين ... فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بقتال ثلاثة مع علي: بقتال الناكثين ... الحديث. أخرجه ابن عساكر. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المعلى هذا؛ كان يضع الحديث، وقد صرح عند موته بأنه وضع في فضل علي رضي الله عنه تسعين - أو قال: سبعين - حديثاً. وشريك: هو ابن عبد الله القاضي؛ وهو سيىء الحفظ. لكن الآفة من المعلى، وهو راوي الحديث المتقدم (4896) بهذا الإسناد. 4- عن محمد بن كثير: أخبرنا الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن مخنف ابن سليم عنه نحوه. أخرجه ابن عساكر، وكذا الطبراني - كما في "المجمع" (6/ 235) -؛ وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 559 "وفيه محمد بن كثير الكوفي؛ وهو ضعيف"! قلت: حاله شر من ذلك؛ فقد قال فيه أحمد: "خرقنا حديثه". وقال ابن المديني: "كتبنا عنه عجائب، وخططت على حديثه". وقال البخاري: "منكر الحديث". والحارث بن حصيرة شيعي مختلف فيه؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث (4886) . ومما سبق؛ يتبين أنه ليس في هذه الطرق ما يقوي بعضها بعضاً! فلننظر في الشواهد التي سبقت الإشارة إليها، وهي مروية عن ابن مسعود، وعلي، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم: 2- أما حديث ابن مسعود؛ فيرويه زكريا بن يحيى الخزاز المقري: أخبرنا إسماعيل بن عباد المقري: أخبرنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله به نحوه. أخرجه ابن عساكر (12/ 185/ 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته إسماعيل بن عباد - وهو السعدي المزني البصري - كما في "كامل ابن عدي" (13/ 1) . وقال: "ليس بذلك المعروف". وقال العقيلي (ص 29) : "بصري؛ حديثه غيرمحفوظ". وقال في "الميزان": الجزء: 10 ¦ الصفحة: 560 "قال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: إسماعيل بن عباد أبو محمد المزني بصري، لا يجوز الاحتجاج به بحال". زاد في "اللسان": "وقال ابن حبان: كتبنا عنه نسخة بهذا الإسناد، لا تخلو عن المقلوب والموضوع". قلت: والإسناد الذي أشار إليه؛ كلهم ثقات؛ فهو الآفة. وشريك ضعيف الحفظ؛ كما تقدم. وزكريا بن يحيى - وهو الخزاز؛ بمعجمات - من شيوخ البخاري؛ قال الحافظ: "صدوق له أوهام، لينه بسببها الدارقطني". والحديث؛ قال الهيثمي (6/ 235) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه" (1) . 3- أما حديث علي؛ فله عنه طرق: الأولى: عن أبي الجارود عن زيد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عنه مرفوعاً. أخرجه ابن عساكر (12/ 184/ 2) . قلت: وأبو الجارود: اسمه زياد بن المنذر؛ وهو رافضي، كان يضع الحديث؛ كما قال ابن حبان. وقال ابن معين: "كذاب عدو الله".   (1) وله طريقان آخران عن إبراهيم به: الأولى: رواها الطبراني في " الكبير " (10054) و " الأوسط " (9434) . الثانية: رواها في " الكبير " (1153) وحده. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 561 الثانية: عن الربيع بن سهل الفزاري عن سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة الوالبي قال: سمعت علياً على منبركم هذا يقول: عهد إلي النبي عليه السلام أني مقاتل بعده القاسطين ... الحديث. أخرجه أبو يعلى (1/ 397/ 519) ، وابن عساكر. وكذا العقيلي في "الضعفاء" (ص 132) ، وقال: "الأسانيد في هذا الحديث عن علي لينة الطرق. والرواية عنه في الحرورية صحيحة". قلت: والربيع بن سهل متفق على تضعيفه. وقال فيه ابن معين: "ليس بشيء". وقال - مرة -. "ليس بثقة". وقال أبو زرعة: "منكر الحديث". الثالثة: عن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي. . . . . (1) : حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعد عن أخيه الحسن بن عطية بن سعد عن عطية: حدثني جدي سعد بن جنادة عن علي قال: أمرت بقتل ثلاثة ... (فذكرهم، وزاد:) فأما القاسطون؛ فأهل الشام. وأما الناكثون؛ فذكرهم. وأما المارقون؛ فأهل النهروان. يعني: الحرورية.   (1) كذا فراغ في الأصل الخطي للشيخ - رحمه الله - ومكانه في " البداية والنهاية " (7/338) لابن كثير: " حدثني أبي ". (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 562 أخرجه ابن عساكر. قلت: وإسناده مظلم مسلسل بالضعفاء: محمد بن الحسن فمن فوقه - على ما في الأصل من البياض -، وأشدهم ضعفاً: عمرو بن عطية؛ فقد أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 310) ، وروى بسنده الصحيح عن البخاري أنه قال: "في حديثه نظر". وقد جعل هذا الحافظ في "اللسان" من قول العقيلي نفسه، وليس من روايته عن البخاري؛ فوهم! الرابعة: عن أبي غسان عن جعفر - أحسبه: الأحمر - عن عبد الجبار الهمداني عن أنس بن عمرو عن أبيه عن علي قال ... فذكره مثل الذي قبله دون الزيادة. أخرجه ابن عساكر (12/ 184/ 2-185/ 1) . قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أنس بن عمرو وأبوه مجهولان، كما في "الميزان" و "اللسان"؛ إلا أن ابن حجر زاد في ترجمة الأول؛ فقال: "ذكره ابن حبان في (الثقات) "! قلت: وابن حبان معروف بتساهله في التوثيق. وعبد الجبار الهمداني: هو ابن العباس الهمداني الشبامي؛ وثقوه، لكن ذكر الذهبي في "الميزان": "قال أبو نعيم: لم يكن بالكوفة أكذب منه". وقال العقيلي في "الضعفاء" (ص 260) : "لا يتابع على حديثه، وكان يتشيع". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 563 وجعفر الأحمر - هو ابن زياد - وثقوه - أيضاً - مع تشيعه. الخامسة: عن أبي العباس بن عقدة: أخبرنا الحسن بن عبيد بن عبد الرحمن الكندي: أخبرنا بكار بن بشر: أخبرنا حمزة الزيات عن الأعمش عن إبراهيم عن علي. وعن أبي سعيد التيمي، عن علي قال ... فذكره. أخرجه ابن عساكر (12/ 185/ 1) . قلت: وسنده مظلم أيضاً؛ ابن عقدة حافظ شيعي معروف، وقد اختلفوا فيه؛ كما تراه في "اللسان". وقد قال البرقاني للدارقطني: "أيش أكثر ما نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير". قلت: وهذا من مناكيره؛ فإن الحسن بن عبيد وبكار بن بشر؛ لم أجد من ذكرهما. وحمزة الزيات - وهو ابن حبيب القارىء التيمي، أحد الأئمة السبعة -؛ قال الحافظ: "صدوق زاهد، ربما وهم". وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ولم يدرك علياً؛ فهو منقطع. وكذلك هو من الطريق الأخرى؛ فإن أبا سعيد التيمي لم يذكر له ابن أبي حاتم (1/ 2/ 247) رواية عن علي؛ فقال: "روى عن الأشعث بن قيس أنه حذر الفتن. روى عنه الأعمش". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو في عداد المجهولين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 564 والتحذير المشار إليه: أخرجه الدولابي في "الكنى" (1/ 191) من طريق أخرى عن الأعمش عن حيان أبي سعيد التيمي قال: حذر الأشعث بن قيس الفتن. فقيل له: إنك قد خرجت أنت مع علي؟! قال: ومن لكم بإمام مثل علي؟! السادسة: عن مطر عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة عنه به. أخرجه ابن عساكر أيضاً. قلت: وهذا آفته مطر - وهو ابن ميمون، وهو ابن أبي مطر الإسكاف -، وهو متروك متهم؛ روى موضوعات، وقد سبق أحدها برقم (4900) . وحكيم بن جبير قريب منه؛ مع تشيع. السابعة: عن جعفر الأحمر عن يونس بن أرقم عن أبان عن خليد العصري قال: سمعت أمير المؤمنين علياً يقول يوم النهروان ... فذكره. قلت: وهذا آفته أبان؛ وهو ابن أبي عياش، متروك متهم؛ تقدم مراراً. ويونس بن أرقم؛ لينه الحافظ عبد الرحمن بن خراش. وذكره ابن حبان في "الثقات"؛ وقال: "كان يتشيع". قلت: وجعفر الأحمر شيعي أيضاً؛ كما تقدم أكثر من مرة. 4- وأما حديث أبي سعيد؛ فيرويه إسماعيل بن أبان: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي عن أبي هارون العبد ي عنه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فقلنا: يا رسول الله! أمرتنا بقتال هؤلاء؛ فمع من؟ قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 565 "مع علي بن أبي طالب، معه يقاتل عمار بن ياسر". رواه ابن عساكر. قلت: وهذا آفته أبو هارون هذا - واسمه عمارة بن جوين -؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، ومنهم علي بن المديني؛ فقال - وقد سئل عنه -: "أكذب من فرعون". وقال ابن حبان: "كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه". وإسحاق بن إبراهيم الأزدي؛ لم أعرفه، وفي الرواة كثرة بهذا الاسم والنسب، لكني لم أر فيهم أزدياً. والله أعلم. وإسماعيل بن أبان؛ إن كان الغنوي؛ فهو كذاب، وإن كان الوراق؛ فهو ثقة. وبالجملة؛ فليس في هذه الشواهد ما يشد من عضد الطرف الأول من حديث الترجمة؛ لشدة ضعفها، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، لا سيما وفي رواتها كثير من الشيعة والرافضة، فهم مظنة التهمة؛ ولو لم يصرح أحد باتهامهم، فكيف وكثير منهم متهمون بالكذب والوضع؟! والحديث؛ أورده ابن عراق في الفصل الثاني من "تنزيه الشريعة" (1/ 387) ، ولم يستقص طرقه استقصاءنا، ولا تعرض مطلقاً لبيان عللها، وإنما ذكر قول العقيلي المتقدم: "وأسانيدها لينة"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 566 أما ما وجه لينها، وما نسبة اللين فيها؛ فهذا كله مما لم يعرج عليه! فالحمد لله الذي وفقنا للقيام بذلك، وهو المرجو أن يزيدنا من فضله؛ إنه سميع مجيب. 4908 - (يا علي! ستقاتل الفئة الباغية، وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني) . ضعيف أخرجه ابن عساكر (12/ 186/ 1) من طريق أبي أحمد محمد بن أحمد العسال: أخبرنا أبو يحيى الرازي - وهو عبد الرحمن بن محمد بن سالم -: أخبرنا عبد الله بن جعفر المقدسي: أخبرنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عمار بن ياسر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ عبد الله بن جعفر لم أعرفه. ومثله أبو يحيى الرازي. وأما أبو أحمد العسال؛ فهو أحد حفاظ الحديث المشهورين؛ ترجم له السمعاني في "الأنساب" (ق 390/ 1) ، وغيره. الحديث: 4908 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 567 4909 - (والذي نفسي بيده! إن فيكم لرجلاً يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن، كما قاتلت المشركين على تنزيله، وهم يشهدون أن لا إله الله، فيكبر قتلهم على الناس؛ حتى يطعنوا على ولي الله تعالى، ويسخطوا عمله، كما سخط موسى أمر السفينة والغلام والجدار، وكان ذلك كله رضي الله تعالى) . موضوع ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وإن كنت لم أقف على إسناده مع الحديث: 4909 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 567 الأسف! ويكفي في الدلالة على عدم صحته؛ أن السيوطي اقتصر في عزوه - في "الجامع الكبير" (2/ 324/ 1) - على الديلمي فقط عن أبي ذر. وكذا في "الكنز" (6/ 155/ 2587) !! 4910 - (يا أبا رافع! سيكون بعدي قوم يقاتلون علياً؛ حقاً على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده؛ فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه؛ فبقلبه، ليس وراء ذلك شيء) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 48/ 2) : حدثنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا يحيى بن الحسن بن فرات: أخبرنا علي بن هاشم عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: أخبرنا عون بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو نائم 0 أو يوحى إليه -، وإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فإن كان شيء كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) الآية. قال: "الحمد لله". فرآني إلى جانبه، فقال: "ما أضجعك ههنا؟! ". قلت: لمكان هذه الحية. قال: "قم إليها فاقتلها". فقتلها. فحمد الله ثم أخذ بيدي فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو شيعي؛ وأحد رواة الحديث المتقدم في الوصية بعلي رقم (2882) ، وهو صاحب حديث: الحديث: 4910 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 568 "إذا طنت أذن أحدكم ... "؛ كما تقدم التنبيه عليه هناك. وعون بن عبيد الله بن أبي رافع؛ لم أجد من ذكره؛ غير ابن أبي حاتم، فقال (3/ 1/ 385) : "عون بن علي بن عبيد الله بن أبي رافع، ويقال: عون بن عبيد الله بن أبي رافع؛ فنسب إلى جده. ومنهم من يقول: عون بن عبد الله بن أبي رافع؛ يخطىء فيه. وبعض الناس جعله ثلاثة أسامي؛ كتب في موضع: عون بن عبيد الله، وفي موضع: عون بن علي بن عبيد الله، وفي موضع: عون بن عبد الله، وكلهم واحد. روى عن أبيه، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو جعفر محمد بن علي، وموسى بن يعقوب الزمعي. سئل ابن معين عن عون بن عبيد الله بن أبي رافع؟ فقال: مشهور". ويحيى بن الحسن بن فرات؛ لم أجد من ذكره. وابن أبي شيبة؛ فيه ضعف، كما سبق أكثر من مرة. والحديث؛ قال الهثيمي (9/ 134) . "رواه الطبراني، وفيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع؛ ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان. ويحيى بن الحسين (كذا) بن الفرات لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! 4911 - (أنا أقاتل على تنزيل القرآن، وعلي يقاتل على تأويله) . ضعيف جداً أخرجه ابن السكن في "الصحابة" من طريق الحارث بن حصيرة عن جابر الجعفي عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن الأخضر ابن أبي الأخضر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. وقال: "الأخضر غير مشهور في الصحابة، وفي إسناد حديثه نظر". الحديث: 4911 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 569 كذا في "الإصابة" للحافظ ابن حجر. وقال: "وأشار الدارقطني إلى أن جابراً تفرد به. وجابر رافضي". قلت: وهو - إلى ذلك - متروك متهم، فهو آفة الحديث، وإن كان الحارث بن حصيرة شيعياً أيضاً، ولكنه قد وثق؛ كما سبق مراراً. 4912 - (يا علي! أخصمك بالنبوة، ولا نبوة بعدي، وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيها أحد من قريش: أنت أولهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية) . موضوع أخرجه أبو نعيم (1/ 55-66) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 70/ 2) عن خلف بن خالد العبد ي البصري: حدثنا بشر بن إبراهيم الأنصاري عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأنصاري هذا؛ قال ابن عدي: "هو عندي من يضع الحديث". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات". ومن فوقه كلهم ثقات. والعبد ي مستور؛ كما في "التقريب". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال: "موضوع، آفته بشر". كما في "اللآلىء" (1/ 167) ، وعقب عليه بقوله: "قلت: له طريق آخر، قال أبو نعيم ... "! الحديث: 4912 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 570 قلت: فذكر الحديث الآتي بعد هذا، فلم يصنع شيئاً؛ لأن فيه آفة أخرى كما سترى. ولذلك تعقبه ابن عراق بقوله (1/ 352) : "قلت: فيه عصمة بن محمد؛ أحد المتهمين بالوضع". قلت: وقد ساق له ابن عساكر شاهداً من طريق أبي سعيد عمرو بن عثمان ابن راشد السواق: أخبرنا عبد الله بن مسعود الشامي: أخبرنا ياسين بن محمد بن أيمن عن أبي حازم مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: كفوا عن علي؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ذكر] فيه خصالاً؛ لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب؛ كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ... قلت: فذكرها، وفيه قصة. قلت: وآفته ياسين بن محمد؛ قال الذهبي: "لا يعرف. وقال الأزدي: متروك". وأبو حازم مولى ابن عباس: اسمه نبتل، وهو ثقة؛ كما قال أحمد في رواية ابن أبي حاتم (4/ 1/ 508) عنه. ومن دون ياسين؛ لم أعرفهما. 4913 - (يا علي! لك سبع خصال، لا يحاجك فيهن أحد يوم القيامة: أنت أول المؤمنين بالله إيماناً، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم مزيةً يوم القيامة) . موضوع أخرجه أبو نعيم (1/ 66) من طريق عصمة بن محمد عن يحيى الحديث: 4913 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 571 ابن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - وضرب بين كتفيه - ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عصمة هذا؛ قال ابن معين: "كذاب يضع الحديث". وقال العقيلي: "يحدث بالبواطيل عن الثقات". (تنبيه) : بهذا الحديث؛ ختم عبد الحسين الشيعي أحاديثه الأربعين وزيادة؛ التي ساقها في "مراجعاته": المراجعة (47) تحت عنوان: (أربعون حديثاً من السنن المؤيدة للنصوص) ! ثم ختمها بقوله: "إلى ما لا يسع المقام استقصاؤه من أمثال هذه السنن المتضافرة المتناصرة باجتماعها كلها على الدلالة على معنى واحد؛ هو أن علياً ثاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه المة، وأن له عليها من الزعامة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان له - صلى الله عليه وسلم -، فهي من السنن المتواترة في معناها، وإن لم يتواتر لفظها"!! وأقول - مستعيناً بالله تعالى وحده -: ليس في الأربعين التي ساقها من الأحاديث الثابتة سوى أربعة أحاديث، ليس فيها مما أخرجه الشيخان حديث واحد؛ اللهم إلا حديث علي: إنه لعهد النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق ... فإنه أخرجه مسلم. وحديث آخر من الأربعة؛ حسن فقط! وكلها لا تدل مطلقاً على المعنى الذي ذكره الشيعي! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 572 وما مثل حديث مسلم هذا إلا مثل حديثه الآخر؛ حديث البراء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الأنصار: "لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق". وبقية الأحاديث لا يصح منها شيء، وأكثرها موضوع كما سبق بيانه بما لا تراه في كتاب آخر، وهي ابتداءً من الحديث رقم (4882) ، وانتهاء إلى هذا الحديث، ومجموعها (31) حديثاً، ومجموعة أخرى من الأربعين كنت خرجتها قديماً برقم (353، 355،357، 2295، 2310، 2955) . وبقي علي تخريج حديثين فقط من أربعينه الموضوعة، لم يتيسر لي الآن الوقوف على إسناديهما: الأول: "علي باب علمي، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به ... " (1) . والآخر: "علي مني؛ منزلتي من ربي". وإن كان لوائح الوضع عليهما؛ فعسى الله أن يوفقني للاطلاع على سنديهما. ثم وقفت على إسناد الأول منهما (2) ، فخرجته برقم (5798) .   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " الديلمي " (2/299) ". (الناشر) (2) وهو مخرج فيما تقدم (2165) ! (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 573 4914 - (الثقلان: كتاب الله: طرف بيد الله عز وجل، وطرف بأيديكم، فتمسكوا به لا تضلوا. والآخر عترتي. وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم؛ فهم أعلم منكم) . ضعيف أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 163-164) من حديث زيد بن أرقم مطولاً بقصة غدير خم، وهذا طرف منه، ولم يعزه لأحد! والظاهر أنه سقط اسم مخرجه من قلمه، أو قلم الناسخ. وقال: "وفي سنده حكيم بن جبير؛ وهو ضعيف". قلت: وهو شيعي، وقد مضى له بعض الأحاديث. ثم إن الحديث إنما أوردته من أجل الجملة الأخيرة منه؛ وإلا فما قبله ثابت في أحاديث سبق تخريج بعضها في "الصحيحة" برقم (713،2024) . ثم رأيت الحديث في "معجم الطبراني الكبير" (1/ 128/ 2) من طريق عبد الله ابن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير عن أبي الطفيل عن زياد بن أرقم به. والغنوي هذا؛ قال أبو حاتم: "كان من عتق الشيعة". وقال الساجي: "من أهل الصدق، وليس بقوي". وذكر له ابن عدي مناكير. الحديث: 4914 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 574 4915 - (أنزلوا آل محمد بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس؛ فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، وإن الرأس لا يهتدي إلا بالعينين) . موضوع أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 172) عن سلمان قال ... فذكره. قلت: لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال: "رواه الطبراني، وفيه زياد بن المنذر، وهو متروك". قلت: وهو رافضي كان يضع الحديث؛ كما قال ابن حبان. وكذبه ابن معين. والحديث؛ قال الشيعي في "مراجعاته" (ص 28) : "أخرجه جماعة من أصحاب "السنن" بالإسناد إلى أبي ذر مرفوعاً"! قلت: وفي هذا التخريج تدليس خبيث؛ فإن أصحاب "السنن" عندنا - أهل السنة -؛ إنما هم عند الإطلاق: أصحاب "السنن الأربعة": أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، ولم يخرج أحد منهم مثل هذا الحديث، فالظاهر أنه يعني بعض مؤلفي الشيعة! ثم رأيت إسناد الحديث في "المعجم الكبير" للطبراني (1/ 124/ 2) و (3/ 39/ 2640 - ط) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: أخبرنا جندل بن والق: أخبرنا محمد بن حبيب العجلي عن إبراهيم بن حسن عن زياد بن المنذر عن عبد الرحمن بن مسعود العبد ي عن عليم عن سلمان ... الحديث: 4915 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 575 4916 - (الزموا مودتنا أهل البيت؛ فإنه من لقي الله عز وجل وهو يودنا؛ دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده! لا ينفع عبد اً عمله إلا بمعرفة حقنا) (1) . منكر وهو من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه مرفوعاً. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 172) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ليث بن أبي سليم وغيره". وأورده الخميني في "كشف الأسرار" (197) ، وراجع له "منهج الكرامة"، و "المراجعات"!   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع " الأوسط "". (الناشر) الحديث: 4916 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 576 4917 - (معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب) . موضوع أخرجه الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (147/ 2) من طريق محمد بن الفضل عن محمد بن سعد أبي طيبة عن المقداد بن الأسود مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن الفضل - وهو ابن عطية المروزي - متروك؛ كذبه الفلاس وغيره. وقال أحمد: "حديثه حديث أهل الكذب". ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "كذبوه". وشيخه محمد بن سعد أبو طيبة؛ لم أعرفه، ولم يورده الدولابي في "الكنى"! والحديث؛ عزاه الشيعي (ص 29) ؛ للقاضي عياض في "الشفا" (ص 40) من قسمه الثاني، طبع الأستانة سنة (1328) ! الحديث: 4917 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 576 قلت: وهو في "الشفا" معلق بدون إسناد! ومثل هذا التخريج مما يدل اللبيب على قيمة أحاديث كتاب الشيعي؛ فإنه حشاه بالأحاديث الضعيفة والموضوعة وما لا إسناد له؛ فإنه لا يتورع من إيراد ما هو مقطوع بوضعه عند الأئمة السنة، ملبساً على العامة أنه صحيح عندهم؛ لمجرد إيراد بعضهم إياه ولو بإسناد موضوع، أو بدون إسناد كهذا!! وقلده الخميني؛ فأورده في "كشفه" (ص 197) مجزوماً به! 4918 - (لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا ذيد [عن الحوض] يوم القيامة بسياط من نار) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 131/ 2) : حدثنا أبو مسلم الكشي: أخبرنا عبد الله بن عمرو الواقعي: أخبرنا شريك عن محمد بن زيد عن معاوية ابن خديج قال: أرسلني معاوية بن أبي سفيان رحمه الله إلى الحسن بن علي رضي الله عنهم أخطب على يزيد بنتاً له أو أختاً له، فأتيته، فذكرت له يزيد، فقال: إنا قوم لا نزوج نساءنا حتى نستأمرهن، فأتها. فأتيتها، فذكرت لها يزيد، فقالت: والله لا يكون ذاك حتى يسير فينا صاحبك كما سار فرعون في بني إسرائيل، يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم! فرجعت إلى الحسن، فقلت: أرسلتني إلى فلقة من الفلق! تسمي أمير المؤمنين فرعون! فقال: يا معاوية! إياك وبغضنا؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الواقعي هذا؛ قال علي بن المديني: الحديث: 4918 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 577 "كان يضع الحديث". وكذبه الدارقطني. والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 172) مختصراً؛ من عند قول الحسن: يا معاوية ... وفيه الزيادة التي بين المعكوفتين. وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الله بن عمرو الواقعي (كذا) ؛ وهو كذاب". 4919 - (أيها الناس! من أبغضنا - أهل البيت -؛ حشره الله يوم القيامة يهودياً، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم - احنجر بذلك من سفك دمه، وأن يؤدي الجزية عن يد وهم صاغرون -. مثل لي أمتي في الطين، فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي وشيعته) (1) . موضوع رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فسمعته وهو يقول ... فذكره. قال الهيثمي (9/ 172) : "وفيه من لم أعرفهم". قلت: ولوائح الوضع عليه ظاهرة. والحديث؛ أورده الشيعي في "مراجعاته" في حاشية (ص 30) بصيغة الجزم؛ من رواية الطبراني، نقلاً عن "إحياء السيوطي" وغيره! ولو كان يريد الحق لنقله عن الهيثمي الذي بين علته، لكنه - عن عمد - يتحاشاه؛ لما فيه من البيان، وهو لا يريده للقراء، وإنما يريد تضليلهم بمثل ذلك العزو الهزيل!   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر (6863) ". (الناشر) الحديث: 4919 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 578 4920 - (من مات على حب آل محمد؛ مات شهيداً. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ مات مغفوراً له. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ مات تائباً. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ مات مؤمناً مستكمل الإيمان. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ بشره ملك الموت بالجنة؛ ثم منكر ونكير. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ فتح له في قبره بابان إلى الجنة. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة. ألا ومن مات على حب آل محمد؛ مات على السنة والجماعة. ألا ومن مات على بغض آل محمد؛ جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله. ألا ومن مات على بغض آل محمد؛ مات كافراً. ألا ومن مات على بغض آل محمد؛ لم يشم رائحة الجنة) . باطل موضوع أورده الزمخشري في تفسير آية المودة هكذا بتمامه! وعزاه الشيعي في "مراجعاته" (ص 30) للثعلبي في "تفسيره"؛ لكنه لم يسق الجملتين الأخيرتين منه ليقول: "إلى آخر خطبته العصماء"! وقال: "وأرسلها الزمخشري في تفسير الآية من "كشافه" إرسال المسلمات"! قلت: وهذا من جهله أو تجاهله، بل وتضليله للقراء؛ فإن أهل العلم يعلمون أن الزمخشري في الحديث كالغزالي؛ لا يوثق بهما في الحديث؛ لأنهما غريبان الحديث: 4920 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 579 عنه، فكم من أحاديث ضعيفة وموضوعة في "تفسيره"، ولذلك وضع عليه الحافظ الزيلعي تخريجاً لأحاديثه، ثم لخصه الحافظ ابن حجر؛ وهو المسمى بـ "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف"، وقد حكم فيه على هذا الحديث بالوضع، فأصاب، قال (4/ 145/ 354) : "رواه الثعلبي: أخبرنا عبد الله بن محمد بن علي البلخي: حدثنا يعقوب ابن يوسف بن إسحاق: حدثنا محمد بن أسلم: حدثنا يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن قيس عن جرير بطوله. وآثار الوضع عليه لائحة. ومحمد ومن فوقه أثبات. والآفة فيه ما بين الثعلبي ومحمد". قلت: ولم أعرفهما، فأحدهما قد تَقَوَّلَه. 4921 - (نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل المسجد؛ والناس يصلون بين راكع وقائم يصلي؛ فإذا سائل، قال: يا سائل! أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا؛ إلا هذا الراكع - لعلي - أعطاني خاتماً) . منكر أخرجه الحاكم في "علوم الحديث" (ص 102) ، وابن عساكر (12/ 153/ 2) من طريق محمد بن يحيى بن الضريس: حدثنا عيسى بن عبد الله ابن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن علي قال ... فذكره. وقال الحاكم: "تفرد به ابن الضريس عن عيسى العلوي الكوفي". الحديث: 4921 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 580 قلت: وهو متهم؛ قال في "الميزان": "قال الدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن آبائه أشياء موضوعة". ثم ساق له أحاديث. (تنبيه) : عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر ... إلخ؛ هكذا وقع في هذا الإسناد عند المذكورين. والذي في "الميزان" و "اللسان": عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر! فسمى جده: محمداً، بدل: عبيد الله؛ ولعله الصواب؛ فإنه كذلك في "الكامل" (295/ 1) في الترجمة، وفي بعض الأحاديث التي ساقها تحتها، وأحدها من طريق محمد بن يحيى بن ضريس: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد ... ثم قال: "وبهذا الإسناد تسعة أحاديث مناكير، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه". ومما سبق؛ تعلم أن قول الآلوسي في "روح المعاني" (2/ 329) : "إسناده متصل"! مما لا طائل تحته! واعلم أنه لا يتقوى الحديث بطرق أخرى ساقها السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 293) ؛ لشدة ضعف أكثرها، وسائرها مراسيل ومعاضيل لا يحتج بها! منها - على سبيل المثال -: ما أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 148) من طريق محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس به ... وفيه قصة لعبد الله بن سلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 581 قلت: محمد بن مروان: هو السدي الأصغر، وهم متهم بالكذب. ومثله محمد بن السائب؛ وهو الكلبي. ومن طريقه: رواه ابن مردويه. وقال الحافظ ابن كثير: "وهو متروك". ومثله: حديث عمار بن ياسر؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 17) . وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفهم". وعزاه ابن كثير وغيره لرواية ابن مردويه؛ فقال الحافظ في "تخريج الكشاف": "وفي إسناده خالد بن يزيد العمري، وهو متروك". وأشار إلى ذلك ابن كثير؛ فإنه قال عقب حديث الكلبي السابق: "ثم رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه، وعمار بن ياسر، وأبي رافع؛ وليس يصح شيء منها بالكلية؛ لضعف أسانيدها وجهالة رجالها". قلت: ويشهد لذلك أمور: الأول: أنه ثبت أن الآية نزلت في عبادة بن الصامت لما تبرأ من يهود بني قينقاع وحلفهم. أخرجه ابن جرير (6/ 186) بإسنادين عنه؛ أحدهما حسن. الثاني: ما أخرجه ابن جرير أيضاً، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 185) عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 582 سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قوله عز وجل: (إنما وليكم الله ... ) الآية؛ قلنا: من الذين آمنوا؟ قال: (الذين آمنوا) (ولفظ أبي نعيم: قال: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -) . قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب؟! قال: علي من الذين آمنوا. وإسناده صحيح. قلت: فلو أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه خاصة؛ لكان أولى الناس بمعرفة ذلك أهل بيته وذريته، فهذا أبو جعفر الباقر رضي الله عنه لا علم عنده بذلك! وهذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيعة يلصقون بأئمتهم ما لا علم عندهم به! الثالث: أن معنى قوله تعالى في آخر الآية: (وهو راكعون) ؛ أي: خاضعون. قال العلامة ابن حيان الغرناطي في تفسيره: "البحر المحيط" (3/ 514) - عقب الآية -: "هذه أوصاف ميز بها المؤمن الخالص الإيمان من المنافق؛ لأن المنافق لا يداوم على الصلاة، ولا على الزكاة، قال تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) ، وقال تعالى: (أشحة على الخير) . ولما كانت الصحابة وقت نزول هذه الآية من مقيمي الصلاة ومؤتي الزكاة، وفي كلتا الحالتين كانوا متصفين بالخضوع لله تعالى والتذلل له؛ نزلت الآية بهذه الأوصاف الجليلة. والركوع هنا ظاهره الخضوع، لا الهيئة التي في الصلاة". قلت: ويؤيده قول الحافظ ابن كثير: "وأما قوله: (وهم راكعون) ؛ فقد توهم بعض الناس أن هذه الجملة في الجزء: 10 ¦ الصفحة: 583 موضع الحال من قوله: (ويؤتون الزكاة) ؛ أي: في حال ركوعهم! ولو كان هذا كذلك؛ لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره؛ لأنه ممدوح! وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى". (تنبيه) : قال الشيعي في كتابه (ص: 36) : "أجمع المفسرون - كما اعترف به القوشجي، وهو من أئمة الأشاعرة - على أن هذه الآية إنما نزلت على علي حين تصدق راكعاً في الصلاة. وأخرج النسائي في "صحيحه" (!) نزولها في علي: عن عبد الله بن سلام. وأخرج نزولها فيه أيضاً صاحب "الجمع بين الصحاح الستة" في تفسيره سورة المائدة"!! قلت: في هذا الكلام - على صغره - أكاذيب: أولاً: قوله: "أجمع المفسرون ... " باطل؛ سواء كان القائل من عزا إليه الاعتراف به أو غيره! كيف وقد سبق أن الأرجح - من حيث الرواية - نزولها في عبادة بن الصامت؟! وهناك أقوال أخرى حكاها المحقق الآلوسي (2/ 330) راداً بها الإجماع المزعوم. وكيف يصح ذلك وقد حكى الخلاف إمام المفسرين ابن جرير الطبري؟! ورجح خلافه ابن حيان وابن كثير كما تقدم؟! ثانياً: قوله: "وأخرج النسائي ... " إلخ! كذب أيضاً؛ فإنه لم يخرجه النسائي في أي كتاب من كتبه المعروفة، لا في "سننه الصغرى"، ولا في "سننه الكبرى"، ولا في "الخصائص"، وكيف يمكن أن يكون هذا العزو صحيحاً، ولم يعزه إليه الذين ساقوا روايات هذا الحديث وخرجوها وعزوها إلى مصادرها المعروفة من كتب السنة، كالحافظين ابن كثير والسيوطي وغيرهما؟! زد على ذلك أن الحافظ المزي لم يورد الحديث مطلقاً في مسند عبد الله بن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 584 سلام من "أطرافه"؛ وهو يعتمد فيه على "السنن الكبرى" للنسائي! ولا النابلسي في "ذخائره". واعتماده فيه على "السنن الصغرى"! وأما "الخصائص"؛ فقد راجعته بنفسي! ثالثاً: قوله: "في صحيحه"!! من أكاذيبه المكشوفة؛ فإن المبتدئين في هذا العلم الشريف يعلمون أن النسائي ليس له كتاب يعرف بـ "الصحيح"، وغالب الظن أن الشيعة يستحلون هذا الكذب من باب (التقية) ، أو باب (الغاية تبرر الوسيلة) ! وقد أدخلهم في إباحة الكذب المكشوف؛ لتضليل عامة القراء، وذلك مطرد عنده؛ فقد رأيته قال في ترجمة علي بن المنذر (ص 98) : "احتج النسائي بحديثه في (الصحيح) "! وطرد ذلك في سائر "السنن الأربعة"؛ تارة جمعاً، وتارة إفراداً، فهو يقول (ص 50) : "وتلك صحاحهم الستة"! ونحوه في (ص 54) . وذكر أبا داود والترمذي؛ وقال: "في (صحيحيهما) "! (ص 55،57،95،116) . وذكر النسائي وأبا داود؛ وقال: "فراجع (صحيحيهما) "! (ص 59) . ويقول في ترمة نفيع بن الحارث (ص 111) : "واحتج به الترمذي في (صحيحه) "! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 585 قلت: وفي هذا افتراء آخر؛ وهو قوله: "احتج به الترمذي"! فهذا كذب عليه؛ كيف وهو القائل فيه: "يضعف في الحديث"؛ كما في "التهذيب"؟! وفيه أن ابن عبد البر قال: "أجمعوا على ضعفه، وكذبه بعضهم، وأجمعوا على ترك الرواية عنه"! وإن إطلاقه اسم "الصحيح" على كل من "السنن الأربعة" ليهون أمام إطلاقه هذا الاسم على "سنن البيهقي"! فراجع التنبيه على ذلك تحت الحديث (4903) ! واحمد الله أن جعلك سنياً لا تستحل الكذب على المخالفين والتدجيل عليهم! رابعاً: قوله: "وأخرج نزولها فيه أيضاً صاحب "الجمع بين الصحاح الستة" ... "! قلت: يعني به: كتاب ابن الأثير المسمى بـ "جامع الأصول"! وهذا كذب عليه؛ فإنه لم يخرجه هناك، ولا في غيره من المواطن، وكيف يخرجه والحديث ليس من شرطه؟! لأنه لم يروه أحد الستة الذين جمع أحاديثهم في كتابه، وهم: مالك، والشيخان، وأصحاب "السنن الأربعة"؛ حاشا ابن ماجه! ثم رأيته كرر أكاذيبه المذكورة: في الصفحة (160) من "مراجعاته"! وللحديث طريق أخرى ساقطة، يأتي لفظها مطولاً برقم (4958) . ثم رأيت ابن المطهر الحلي قد سبق عبد الحسين في فريته، فهو إمامه فيها، وفي كثير من فراه كما يأتي؛ فقد قال في كتابه "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" (ص 74 - تحقيق الدكتور محمود رشاد سالم) - وقد ذكر هذه الآية: (.. وهم راكعون) -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 586 "وقد أجمعوا على أنها نزلت في علي عليه السلام ... "!! ثم ساق الحديث مطولاً بلفظ آخر أنكر من حديث الترجمة، ذكره من رواية الثعلبي عن أبي ذر! وتبعه الخميني (ص 158) ! وسيأتي برقم (4958) . وقد أبطل شيخ الإسلام ابن تيمية استدلاله هذا من وجوه كثيرة؛ بلغت تسعة عشر وجهاً، يهمنا هنا الوجه الثاني منها، قال رحمه الله (4/ 4) - وأقره الحافظ الذهبي في "المنتقى منه" (ص 419) -: "قوله: "قد أجمعوا أنها نزلت في علي": من أعظم الدعاوى الكاذبة، بل أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي بخصوصه، وأن الحديث من الكذب الموضوع، وأن "تفسير الثعلبي" فيه طائفة من الموضوعات؛ وكان حاطب ليل، وفيه خير ودين ولكن لا خبرة له بالصحيح والسقيم من الأحاديث. ثم نعفيك من دعوى الإجماع ونطالبك بسند واحد صحيح. وما أوردته عن الثعلبي واه، فيه رجال متهمون ... ". ثم ذكر شيخ الإسلام أن في الآية ما يدل على كذب هذه الرواية؛ فقال: "لو كان المراد بالآية أن يؤتي الزكاة في حالة الركوع؛ لوجب أن يكون ذلك شرطاً في الموالاة، وأن لا يتولى المسلم إلا علياً فقط، فلا يتولى الحسن والحسين! ثم قوله: (الذين يقيمون ... ) صيغة جمع، فلا تصدق على واحد فرد. وأيضاً فلا يثنى على المرء إلا بمحمود، وفعل ذلك في الصلاة ليس بمستحب، ولو كان مستحباً؛ لفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولخص عليه ولكرر علي فعله، وإن في الصلاة لشغلاً، فكيف يقال: لا ولي لكم إلا الذين يتصدقون في حال الركوع؟! ... " إلخ كلامه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 587 وهو هام جداً، فيه من علم الشيخ ما لا يوجد عند غيره، ولولا الإطالة والخروج عن الصدد؛ لنقلته بحذافيره؛ أو على الأقل ملخصاً. وإن من تضليلات عبد الحسين وإتهاماته القراء: أنه - بعد أن ادعى ذاك الإجماع الكاذب - أتبعه بقوله: " ... كما اعترف به القوشجي؛ وهو من أئمة الأشاعرة"! فمن هذا القوشجي؟ وفي أي عصر كان؟ إذا رجعت إلى كتاب "الأعلام" للزركلي؛ وجدت فيه: أن وفاته كانت سن (879) ، وأنه فلكي رياضي، من فقهاء الحنفية ... ! وذكر مصادره فيها، وهي سبعة. فما قيمة هذا الاعتراف من مثل هذا الفقيه - إن صح نقل عبد الحسين عنه -؛ وهو لم يوصف بأنه من العارفين بأقوال العلماء، واختلافهم وإجماعهم، ثم هو في القرن التاسع الهجري؟! هذا؛ وكونه حنفياً؛ يعني أنه ما تريدي، وليس أشعرياً كما زعم عبد الحسين! فهل كان قوله: "من أئمة الأشاعرة"؛ لغاية في نفس يعقوب؟ أم ذلك مبلغه من العلم؟! وزاد الخميني كذبة أخرى لها قرون! ؛ فقال بين يدي حديث أبي ذر الباطل: "وقد جاء في أربعة وعشرين حديثاً - من أحاديث أهل السنة - بأن هذه الآية في علي بن أبي طالب، ننقل هنا واحدة من تلك الأحاديث التي ذكرها أهل السنة"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 588 ثم ذكر حديث أبي ذر المشار إليه آنفاً، وقد علمت - من كلام ابن تيمية والذهبي - أنه من الكذب الموضوع؛ فقس عليها تلك الأحاديث الأخرى؛ إن كان لها وجود! 4922 - (نزلت هذه الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) ، يوم غدير (خم) في علي بن أبي طالب) . موضوع أخرجه الواحدي (ص 150) ، وابن عساكر (12/ 119/ 2) من طريق علي بن عابس عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد واه؛ عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيف مدلس. وعلي بن عابس ضعيف أيضاً؛ بل قال ابن حبان (2/ 104-105) : "فحش خطؤه، وكثر وهمه، فبطل الاحتجاج به. قال ابن معين: ليس بشيء". قلت: فأحد هذين هو الآفة؛ فقد ثبت من طرق عن عائشة وأبي هريرة وجابر: أن الآية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة، فراجع "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2489) . ولعل تعصيب الآفة بابن عابس أولى؛ فقد روي - بإسناد آخر - عن عطية عن أبي سعيد ما يوافق الطرق المشار إليها، ولو أن في الطريق إليه متهماً، كما بينته في "الروض النضير" (989) ! وهذا الحديث الموضوع مما احتجت به الشيعة على إمامة علي رضي الله عنه، وهم يتفننون في ذلك؛ تارة بتأويل الآيات وتفسيرها بمعان لا يدل عليها شرع ولا الحديث: 4922 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 589 عقل، وتارة بالاحتجاج بالأحاديث الواهية والموضوعة. ولا يكتفون بذلك؛ بل ويكذبون على أهل السنة بمختلف الأكاذيب؛ فتارة يعزون حديثهم إلى "أصحاب السنن" - وهم: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه؛ كما تقدم -، ولا يكون الحديث رواه أحدهم! كما صنع المدعو عبد الحسين الشيعي في الحديثين المتقدمين (4889،4951) . وقد يضمون إلى ذلك كذبة أخرى؛ فيسمون "السنن" بـ: "الصحاح"؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبل هذا. وللعبد هذا أكاذيب أخرى متنوعة سبق التنبيه على بعضها تحت الحديث (4892) . ومن ذلك قوله في "مراجعاته" (ص 57) في هذا الحديث: "أخرجه غير واحد من أصحاب "السنن"؛ كالإمام الواحدي ... "! قلت: وهذا من أكاذيبه أيضاً؛ فإن الواحدي ليس من أصحاب "السنن" عندنا؛ كما تقدمت الإشارة إلى ذلك آنفاً، وإنما هو مفسر من أهل السنة؛ لا يلتزم في روايته الأحاديث الصحيحة كما تقدم بيانه في الحديث السابق، فمن عزا إليه حديثاً موهماً القراء بذلك أنه حديث صحيح - كما فعل الشيعي هنا وفي عشرات الأحاديث الأخرى، كما تقدم ويأتي -؛ فهو من المدلسين الكذابين بلا شك أو ريب! وقد عرفت حال إسناد الواحدي في هذا الحديث. وقد جرى على سننه - في الكذب والافتراء - خميني هذا الزمان، فجاء بفرية أخرى؛ فزعم في كتابه "كشف الأسرار" - وحري به أن يسمى بـ "فضيحة الأشرار"؛ فقد كشف فيه فعلاً عن فضائح كثيرة من عقائد الشيعة لا يعلمها عنهم كثير من أهل السنة كما سترى -؛ قال الخميني (ص 149) من كتابه المذكور: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 590 "إن هذه الآية (آية العصمة المتقدمة) نزلت - باعتراف أهل السنة واتفاق الشيعة - في غدير (خم) بشأن إمامة علي بن أبي طالب"!! قلت: وما ذكره من اتفاق الشيعة لا يهمنا هنا؛ لأنهم قد اتفقوا على ما هو أضل منه! وإنما البحث فيما زعمه من "اعتراف أهل السنة"؛ فإنه من أكاذيبه أيضاً الكثيرة التي يطفح بها كتابه! وإمامه في ذلك ابن المطهر الحلي في كتابه "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" الذي يركض من خلفه عبد الحسين؛ فقد سبقتهم إلى هذه الفرية، وإلى أكثر منها، تقدم أحدها في الحديث الذي قبله، قال (ص 75) من "منهاجه": "اتفقوا على نزولها في علي عليه السلام"! فقال ابن تيمية في الرد عليه في "منهاج السنة" (2/ 14) - وتبعه الذهبي -: "هذا أعظم كذباً وفرية مما قاله في الآية السابقة: (.. ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ؛ فلم يقل هذا ولا ذاك أحد من العلماء الذين يدرون ما يقولون ... " إلخ كلامه المفصل؛ في أجوية أربعة متينة مهمة، فليراجعها من شاء التوسع والتفصيل. وإن مما يدل الباحث المنصف على افترائهم فيما ادعوه من الاتفاق: أن السيوطي في "الدر المنثور" - مع كونه من أجمع المفسرين للآثار الواردة في التفسير وأكثرهم حشراً لهل؛ دون تمييز صحيحهما من ضعيفها - لم يذكر تحت هذه الآية غير حديث أبي سعيد هذا؛ وقد عرفت وهاءه! وحديث آخر نحوه من رواية ابن مردويه عن ابن مسعود، سكت عنه - كعادته -، وواضح أنه من وضع الشيعة كما يتبين من سياقه! ثم ذكر السيوطي أحاديث كثيرة موصولة ومرسلة، يدل مجموعها على بطلان ذكر علي وغدير (خم) في نزول الآية، وأنها عامة، ليس لهل علاقة الجزء: 10 ¦ الصفحة: 591 يعلي من قريب ولا بعيد، فكيف يقال - مع كل هذه الأحاديث التي ساقها السيوطي -: إن الآية نزلت في علي؟! تالله إنها لإحدى الكبر! وإن مما يؤكد للقراء أن الشيعة يحرفون القرآن - ليطابق هذا الحديث الباطل المصرح بأن الآية نزلت يوم غدير (خم) -: أن قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) ؛ إنما يعني المشركين الذين حاولوا منعه من الدعوة، وقتله بشتى الطرق، كما قال الشافعي: "يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حتى تبلغ ما أنزل إليك". رواه عنه البيهقي في "الدلائل" (2/ 185) . فهؤلاء لم يكن لهم وجود يوم الغدير؛ لأنه كان بعد حجة الوداع في طريقه إلى المدينة كما هو معلوم! وإنما نزلت الآية قبل حجته - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة لا يزال يجاهد المشركين؛ كما تدل الأحاديث الكثيرة التي سبقت الإشارة إليها قريباً، ومنها حديث أبي هريرة المشار إليه في أول هذا التخريج. إذا عرفت هذا؛ فإنك تأكدت من بطلان الحديث، وبطلان قول الشيعة: إن المقصود بـ (الناس) في الآية أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا معه في يوم الغدير! بل المقصود عندهم أبو بكر وعمر وعثمان وكبار الصحابة! لأن معنى الآية عندهم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) : (أن علياً هو الخليفة من بعدك) (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) : كأبي بكر وغيره! ونحن لا نقول هذا تقولاً عليهم، بل هو ما يكادون يصرحون به في كتبهم، لولا خوفهم من أن ينفضح أمرهم! ويشاء الله تبرك وتعالى أن يكشف هذه الحقيقة بقلم الخميني؛ ليكون حجة الله قائمة على المغرورين به وبدولته الإسلامية الجزء: 10 ¦ الصفحة: 592 المزعومة، فقد قال الخميني - عقب فريته المتقدمة في آية العصمة؛ وقد أتبعها بذكر آية: (اليوم أكملت لكم دينكم) -؛ قال (ص 150) : "نزلت في حجة الوداع، وواضح بأن محمداً (كذا دون الصلاة عليه ولو رمزاً؛ ويتكرر هذا منه كثيراً!) كان حتى ذلك الوقت قد أبلغ كل ما عنده من أحكام. إذاً يتضح من ذلك أن هذا التبليغ يخص الإمامة. وقوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) : يريد منه أن يبلغ ما أنزل إليه؛ لأن الأحكام الأخرى خالية من التخوف والتحفظ. وهكذا يتضح - من مجموع هذه الأدلة والأحاديث - أن النبي (كذا) كان متهيباً من الناس بشأن الدعوة إلى الإمامة. ومن يعود إلى التواريخ والأخبار يعلم بأن النبي (كذا) كان محقاً في تهيبه؛ إلا أن الله أمره بأن يبلغ، ووعده بحمايته، فكان أن بلغ وبذل الجهود في ذلك حتى نفسه الأخير؛ إلا أن الحزب المناوىء لم يسمح بإنجاز الأمر"!! (ذلك قولهم بأفواههم) ، (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) !! 4923 - (لما نصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً بغدير (خم) ، فنادى له بالولاية؛ هبط جبريل عليه السلام بهذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 119/ 2) عن يحيى بن عبد الحميد الحماني: أخبرنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبد ي عن أبي سعيد الخدري قال ... فذكره. الحديث: 4923 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 593 قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو هارون العبد ي؛ فإنه متهم بالكذب؛ كما تقدم مراراً. وقيس بن الربيع ضعيف. ونحوه الحماني. ونحوه: ما روى مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة؛ كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير (خم) ، لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي بن أبي طالب فقال: "ألست ولي المؤمنين؟! ". قالوا: بلى يا رسول الله! قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه". فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب!! أصبحت مولاي ومولى كل مسلم! فأنزل الله: (اليوم أكملت لكم دينكم) . ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب؛ كتب له صيام ستين شهراً، وهو أول يوم نزل جبريل عليه السلام على محمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 290) ، وابن عساكر (12/ 118/ 1-2) . وهذا إسناد ضعيف أيضاً؛ لضعف شهر ومطر. وقد جزم بضعفه الذي قبله السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 259) . وأشار إلى ذلك ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6/ 54) ؛ فإنه ذكر عدة أحاديث في أن الآية نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عرفة يوم جمعة - وبعضها في "الصحيحين" من حديث عمر -، ثم قال ابن جرير: "وأولى الأقوال في وقت نزول الآية: القول الذي روي عن عمر بن الخطاب: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 594 أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة؛ لصحة سنده، ووهي أسانيد غيره". وقال الحافظ ابن كثير (3/ 68) - بعد أن ساق الحديث الأول من رواية ابن مردويه، وأشار إلى الحديث الآخر من روايته أيضاً -: "ولا يصح لا هذا ولا هذا، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية: أنها نزلت يوم عرفة، وكان يوم جمعة؛ كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب رضي الله عنه". (تنبيه) : لم يذكر السيوطي ولا غيره غير هذين الحديثين، لا لفظاً ولا معنى. فقول الشيعي (ص 38) : "وأخرج أهل السنة أحاديث بأسانيدهم المرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ صريحة في هذا المعنى"! فهو من أكاذيبه أو تدليساته الكثيرة؛ فلا تغتر به - وتبعه عليه الخميني (ص 156) -! ومن الأمثلة على ذلك: أنه قال (ص 38) : "ألم تر كيف فعل ربك يومئذ بمن جحد ولا يتهم علانية، وصادر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهرة، فقال: اللهم! إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فرماه الله بحجر من سجيل كما فعل من قبل بأصحاب الفيل، وأنزل في تلك الحال: (سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين ليس له دافع) ؟! "! وقال في تخريجه في الحاشية: "أخرج الإمام الثعلبي في "تفسيره الكبير" هذه الفضيلة مفصلة. وأخرجها الحاكم في تفسير (المعارج) من "المستدرك"، فراجع صفحة (502) من جزئه الثاني"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 595 وذكره نحوه الخميني (ص 157) ! قلت " فرجعت إلى الصفحة المذكورة من "المستدرك"؛ فإذا فيها ما يأتي: "عن سعيد بن جبير: (سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين ليس له دافع. من الله ذي المعارج) : ذي: الدرجات. سأل سائل: هو النضر بن الحارث بن كلدة؛ قال: اللهم! إن كان هذا هو الحق من عندك؛ فأمطر علينا حجارة من السماء". هذا كل ما جاء في "المستدرك"؛ وأنت ترى أنه لا ذكر فيه لعلي وأهل البيت، ولا لولايتهم مطلقاً! فإن لم يكن هذا كذباً مكشوفاً في التخريج؛ فهو على الأقل تدليس خبيث. ثم كيف يصح ذلك؛ وسورة (سأل) إنما نزلت بمكة؛ كما في "الدر" (6/ 263) ؟! ، ولا وجود - يومئذ - لأهل البيت؛ لأن علياً إنما تزوج فاطمة في المدينة بعد الهجرة كما هو معروف!! وانظر - إن شئت زيادة التفصيل في بطلان هذه القصة التي عزاها للثعلبي - في رد شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن المطهر الحلي الشيعي (4/ 10-15) ، وقابل روايته - وقد عزاها للثعلبي أيضاً - برواية عبد الحسين؛ تجد أن هذا اختصرها؛ ستراً لما يدل على بطلانها! هذا؛ وقد أشار الخميني إلى هذا الحديث الباطل متبنياً إياه بقوله (ص 154-155) : "إن هذا الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم ... ) نزلت بعد حجة الوداع، وعقب تنصيب أمير المؤمنين إماماً، وذلك بشهادة من الشيعة وأهل السنة"! وهكذا يتتابع الشيعة - خلفاً عن سلفهم - على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 596 والافتراء على المسلمين! دونما ورع أو حياء. ومن تلاعب الخميني وتدليسه على القراء: أنه هنا يقرر أن الآية نزلت بعد حجة الوداع؛ وفي (ص 150) يقول: "نزلت في حجة الوداع"! وقد تقدم نقله في آخر الحديث السابق. وهذا القول هو الصحيح المطابق للأحاديث الصحيحة كما تقدم. ولا أعتقد أن الخميني قال هذا القول الموافق لما عليه أهل السنة إلا تدليساً أو تقية! 4924 - (حديث علي: أنا قسيم النار يوم القيامة، أقول: خذي ذا، وذري ذا) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 406) ، وابن عدي (383/ 2) ، وابن عساكر (12/ 136/ 2) من طريق الأعمش عن موسى بن طريف عن عباية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه به. قلت: وهذا آفته موسى بن طريف، قال الذهبي: "كذبه أبو بكر بن عياش. وقال يحيى والدارقطني: ضعيف. وقال الجوزجاني: زائغ". وقد ثبت عن الأعمش أنه أنكر هذا الحديث على ابن طريف؛ فروى العقيلي بإسناد صحيح عن عبد الله بن داود الخريبي قال: كنا عند الأعمش؛ فجاء يوماً وهو مغضب فقال: ألا تعجبون من موسى بن طريف يحدث عن عباية عن علي: أنا قسيم النار؟! وعباية: هو ابن ربعي الأسدي؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 343) : "روى عن موسى بن طريف، كلاهما غاليان". الحديث: 4924 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 597 4925 - (والذي نفسي بيده! إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ثم قال: إنه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية. قال: ونزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) . قال: فكان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البرية) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 157/ 2) من طريق إبراهيم بن أنس الأنصاري: أخبرنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأقبل علي بن أبي طالب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد أتاكم أخي". ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. ومن دونه؛ لم أجد لهما ترجمة، فأحدهما هو الآفة. وروى ابن جرير الطبري في "التفسير" (30/ 171) من طريق ابن حميد قال: حدثنا عيسى بن فرقد عن أبي الجارود عن محمد بن علي: (أولئك هم خير البرية) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنت يا علي! وشيعتك". قلت: وهذا مرسل؛ محمد بن علي: هو أبو جعفر الباقر؛ الثقة الفاضل، المحتج به عند الشيخين وسائر الأئمة. الحديث: 4925 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 598 لكن السند إليه هالك؛ فإن أبا الجارود - واسمه زياد بن المنذر -؛ قال ابن معين، وأبو داود: "كذاب". وقال ابن حبان: "كان رافضياً يضع الحديث". وعيسى بن فرقد؛ قال فيه أبو حاتم: "شيخ". وابن حميد: اسمه محمد؛ حافظ ضعيف. وروي الحديث مختصراً جداً بلفظ: "علي خير البرية"! وسيأتي تخريجه وبيان وضعه برقم (5593) . 4926 - (افتخر طلحة بن شيبة - من بني عبد الدار - وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب. فقال طلحة: أنا صاحب البيت معي مفتاحه، لو أشاء بت فيه. وقال عباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، لو أشاء بت في المسجد. وقال علي: ما أدري ما تقولان! لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد! فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين)) . ضعيف أخرجه ابن جرير (10/ 68) عن ابن وهب قال: أخبرت عن أبي الحديث: 4926 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 599 صخر قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول ... فذكره. قلت: وهذا ضعيف؛ لإرساله، ولجهالة المخبر لابن وهب. لكن ذكره ابن كثير (4/ 130) من رواية ابن جرير فقال: أخبرني ابن لهيعة ... والله أعلم. وفي نزول الآية روايات أخرى؛ تراها عند ابن جرير وابن كثير والسيوطي. وأصحها: ما رواه مسلم وغيره من حديث النعمان بن بشير الأنصاري، وليس فيه ذكر لعلي رضي الله عنه ولا لغيره ممن ذكر معه. 4927 - (ما حملك على هذا؟ (يعني: علياً) قال: حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني. فقال له: ألا إن ذلك لك) (1) . موضوع علقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 44) فقال: وقال الكلبي: نزلت هذه الآية: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية) في علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لم يكن يملك غير أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم علانية. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا - مع كونه معلقاً معضلاً -؛ فإن الكلبي متهم بالكذب. وقد روي سبب النزول مسنداً عن ابن عباس ولا يصح: أخرجه الواحدي، وعنه ابن عساكر (12/ 154/ 1) من طريق عبد الرزاق قال: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله ... فذكر الآية؛ قال:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " الشيعي (ص: 45) ". (الناشر) الحديث: 4927 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 600 نزلت في علي بن أبي طالب؛ كان عنده أربعة دراهم ... الحديث دون المرفوع منه. وعبد الوهاب بن مجاهد متروك، وكذبه الثوري. وخالف عبد الرزاق: يحيى بن يمان فقال: عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال ... فذكر الحديث؛ ولم يذكر ابن عباس في إسناده. أخرجه الواحدي، وعنه ابن عساكر من طريق ابن أبي حاتم. وقد عزاه إليه الحافظ ابن كثير (2/ 54) . وقال: "وكذا رواه ابن جرير من طريق عبد الوهاب بن مجاهد؛ وهو ضعيف. لكن رواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس"! كذا قال! فهل يعني أنه رواه من غير طريق عبد الوهاب التي أخرجها عبد الرزاق عنه؟! ذلك مما أستبعده! والله أعلم. ويحيى بن يمان سيىء الحفظ. 4928 - (في قوله عز وجل: (والذي جاء بالصدق وصدق به) ؛ قال: (وصدق به) : علي بن أبي طالب) . منكر أخرجه ابن عساكر (12/ 154/ 1-2) عن ابن مجاهد عن أبيه به. قلت: وابن مجاهد: اسمه عبد الوهاب، وهو ضعيف جداً كما تقدم آنفاً. وتابعه ليث عن مجاهد به. أخرجه ابن عساكر. وليث ضعيف؛ وهو ابن أبي سليم؛ وكان اختلط. الحديث: 4928 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 601 وقد خالفهما منصور فقال: عن مجاهد: قوله: (والذي جاء بالصدق وصدق به) ؛ قال: الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة؛ فيقولون: هذا الذي أعطيتمونا فاتبعنا ما فيه. أخرجه ابن جرير (24/ 3-4) . وإسناده صحيح. ثم روى أقوالاً أخرى في تفسير الآية، ليس فيها هذا الذي رواه عبد الوهاب وليث عن مجاهد. ثم استصوب أنها عامة؛ تشمل كل من دعا إلى التوحيد وتصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ومن تلك الأقوال: ما رواه من طريق عمر بن إبراهيم بن خالد عن عبد الملك ابن عمير عن أسيد بن صفوان عن علي رضي الله عنه: في قوله: (والذي جاء بالصدق) ، قال: محمد - صلى الله عليه وسلم -، (وصدق به) قال: أبو بكر رضي الله عنه. قلت: فهذا معارض لحديث الترجمة؛ الذي يحتج به الشيعة، على وهائه. لكنه لا يصح أيضاً؛ لأن عمر بن إبراهيم هذا؛ قال الدارقطني: "كذاب خبيث". ثم إن حديث الترجمة؛ عزاه السيوطي في "الدر" (5/ 328) لابن مردويه عن أبي هريرة، وسكت عن إسناده كعادته الغالبة! 4929 - (نزلت في علي ثلاث مئة آية) . ضعيف جداً أخرجه ابن عساكر (12/ 155/ 2) عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال ... فذكره. الحديث: 4929 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 602 قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ آفته جويبر هذا - وهو ابن سعيد - المفسر؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف جداً". ثم إنه منقطع؛ فإن الضحاك - وهو ابن مزاحم الهلالي - لم يلق ابن عباس. ونحوه: ما أخرجه ابن عساكر أيضاً، وكذا أبو نعيم (1/ 64) عن عباد بن يعقوب: حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما أنزل الله آية فيها: (يا أيها الذين آمنوا) ؛ إلا وعلي رأسها وأميرها. وزاد أبو نعيم: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وقال: "لم نكتبه مرفوعاً إلا من حديث ابن أبي خيثمة، والناس رووه موقوفاً". قلت: ولا يصح لا موقوفاً ولا مرفوعاً؛ فإن الحضرمي هذا؛ أورده ابن عدي (385/ 1-2) - وساق له عدة أحاديث -. وقال: "حديثه ليس بالمحفوظ، وهو من الغالين". يعني: أنه شيعي غال مفرط في التشيع. وقال أبو حاتم: "متروك". وروى ابن عساكر من طريق إسماعيل بن عبيد الله: أخبرنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس نحوه. قلت: ويحيى هذا؛ الظاهر أنه ابن سعيد القرشي السعدي؛ قال ابن حبان: "يروي المقلوبات والملزقات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 603 ومن طريق عمرو بن ثابت عن سكين أبي يحيى عن عكرمة مولى ابن عباس به نحوه. وعمرو بن ثابت رافضي؛ على ضعفه. وسكين أبو يحيى؛ لم أعرفه، ولم يورده الولابي في "الكنى"! ومن طريق عيسى بن راشد عن علي بن بذيمة عن عكرمة بلفظ: .. إلا علي شريفها وأميرها. ولقد عاتب الله أصحاب محمد في آي من القرآن، وما ذكر علياً إلا بخير. وعيسى بن راشد مجهول، وخبره منكر؛ قاله البخاري؛ كما في "الميزان". ومن طريق عمر بن الحسن بن علي: أخبرنا أحمد بن الحسن: أخبرنا أبي: أخبرنا حصين ( ......... ) عبد الله بن قطاف عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي. قلت: وعمر بن الحسن بن علي - هو الأشناني القاضي -؛ قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني، ويروى عنه: أنه كذاب؛ ولم يصح هذا. ولكن هذا الأشناني صاحب بلايا". قلت: وحصين هذا؛ لم أعرفه؛ فإن النسخة بياضاً بمقدار كلمتين أو ثلاث! وهذا اللفظ الأخير؛ قال الشيعي في "مراجعاته" (ص 182) : "أخرجه ابن عساكر وغير واحد من أصحاب السنن"!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 604 4930 - (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) . موضوع وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وسهل بن حنيف، والحسن البصري مرسلاً. 1- أما حديث أبي سعيد؛ فله عنه طريقان: الأولى: عن علي بن زيد نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي (ق 309/ 1) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (16/ 362/ 1) . وأشار ابن عدي إلى أنه حديث منكر، وقد أورده في مناكير علي بن زيد بن جدعان (286/ 1-2) بزيادة في آخره؛ نصها: فقام إليه رجل من الأنصار - وهو يخطب - بالسيف. فقال أبو سعيد: ما تصنع؟! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكر الحديث. فقال له أبو سعيد: إنا قد سمعنا ما سمعت، ولكنا نكره أن نسل السيف على عهد عمر حتى نستأمره، فكتبوا إلى عمر في ذلك، فجاء موته قبل أن تخرجوا به. قلت: وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - متفق على تضعيفه لسوء حفظه. بل قال ابن حبان فيه: "يهم ويخطىء، فكثر ذلك منه، فاستحق الترك". وهذا الحديث يدل على أنه كما قال فيه يزيد بن زريع: "لم أحمل عنه؛ فإنه كان رافضياً". وقال الحافظ في آخر ترجمته من "التهذيب": "وهذا الحديث أنكر ما حدث به ابن جدعان". الحديث: 4930 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 605 قلت: والزيادة التي ذكرناها تؤكد بطلانه؛ إذ لا يعقل أن يكون أبو سعيد سمع الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سمعه ذلك الأنصاري، ثم يبادر إلى الإنكار عليه حينما أراد تنفيذ الأمر بقتل معاوية رضي الله عنه حين رآه على المنبر، محتجاً على ذلك بقوله: ولكنا نكره أن نسل على عهد عمر ... وإنما تنفق مثل هذه الحجة فيما إذا لم يكن هناك نص خاص منه - صلى الله عليه وسلم - بقتل شخص معين، أما والمفروض أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"؛ فلا وجه لتلك الكراهة! لكن الزيادة المذكورة تؤكد - كما ذكرنا - بطلان الحديث؛ إذ إنه قد ثبت أن معاوية رضي الله عنه خطب على المنبر، فلم لم يقتلوه إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قاله؟! وسيأتي قول ابن عدي الذي نقله عنه السيوطي بهذا المعنى قريباً إن شاء الله تعالى. والطريق الأخرى: عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد به. أخرجه ابن عدي (397/ 2) من طريق بشر بن عبد الوهاب الدمشقي حدثنا محمد بن بشر: حدثنا مجالد ... وقال: قال ابن بشر: فما فعلوا! وقال ابن عدي عقبه: "لا أعلم يرويه عن أبي الوداك غير مجالد، وعنه ابن بشر. وقد رواه غير ابن بشر عن مجالد. ومجالد له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وقد روى عنه الجزء: 10 ¦ الصفحة: 606 غير الشعبي، ولكن أكثر روايته عنه؛ وعامة ما يرويه غير محفوظ". قلت: وحال مجالد في الضعف؛ نحو علي بن زيد بن جدعان. وقد ساق حديثهما هذا ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال: "مجالد وعلي؛ ليسا بشيء". وأقره السيوطي في "اللآلىء" (1/ 221) ، وكذا ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 8) ، ولكنه استظهر أن الآفة ممن دون مجالد، وهذا محتمل بالنسبة لهذه الطريق؛ فإن بشر بن عبد الوهاب الدمشقي؛ الظاهر أنه بشر بن عبد الوهاب الأموي الذي اتهمه الذهبي بوضع حديث مسلسل العيد. وأما الطريق التي عناها ابن عراق - وهي التي ساقها ابن الجوزي -؛ فهي عنده من رواية ابن عدي أيضاً: أنبأنا علي بن العباس: حدثنا علي بن المثنى: حدثنا الوليد بن القاسم عن مجالد به. قلت: فهذا الإسناد ليس فيه من هو أولى بتعصيب الآفة من مجالد؛ فإن الوليد بن القاسم - وهو الهمداني الكوفي -؛ وثقه أحمد، وابن عدي، وابن حبان. وقال ابن معين: "ضعيف الحديث". وأورده ابن حبان في "الضعفاء" أيضاً! فقال: "انفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات؛ فخرج عن حد الاحتجاج بأفراده"! وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 607 وعلي بن المثنى - وهو الطهوي -؛ روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات". لكن أشار ابن عدي إلى ضعفه؛ كما في "التهذيب". وقال في "التقريب": "مقبول". وعلي بن العباس: هو المقانعي؛ كما في ترجمة ابن المثنى من "التهذيب"، وقد أورده السمعاني في هذه النسبة. وقال: "يروي عن محمد بن مروان الكوفي وغيره، روى عنه أبو بكر بن المقري، ومات بعد شوال سنة ست وثلاث مئة". فهو من الشيوخ المستورين. والله أعلم. 2- وأما حديث ابن مسعود؛ فيرويه عباد بن يعقوب: حدثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عنه مرفوعاً. أخرجه ابن عدي (ق 67/ 1) ، وعنه ابن عساكر: أخبرنا علي بن العباس: حدثنا عباد بن يعقوب به. ساقه ابن عدي في جملة أحاديث مستنكرة للحكم بن ظهير. وقال: "وللحكم غير ما ذكرنا من الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة". وروى عن ابن معين أنه قال فيه: "ليس بثقة". وفي رواية عنه: "كذاب". وقال ابن الجوزي: "موضوع. عباد رافضي. والحكم متروك كذاب". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 608 وأقره السيوطي؛ وابن عراق. وعباد بن يعقوب - وإن كان رافضياً -؛ فقد وثق. وقال الحافظ: "صدوق، رافضي، حديثه في "البخاري" مقرون، بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك". قلت: وقد خولف في متن الحديث؛ فرواه محمد بن علي بن غراب عن الحكم بن ظهير ... بلفظ: "يكون هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء من قريش". أخرجه ابن عدي. لكن محمد بن علي بن غراب مجهول الحال؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 28) من رواية محمد بن الحجاج الحضرمي عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وهو بهذا اللفظ صحيح؛ له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً: رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "الروض النضير" (1157) . 3- وأما حديث سهل؛ فيرويه سلمة بن الفضل: حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه مرفوعاً به، إلا أنه قال: "فلاناً" مكان: "معاوية". أخرجه ابن عدي (ق 343/ 2) : حدثنا علي بن سعيد: حدثنا الحسين بن عيسى الرازي: حدثنا سلمة بن الفضل ... وقال عقبه: "لم نكتبه إلا عن علي بن سعيد". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 609 قلت: وهو متكلم فيه. لكن العلة ممن فوقه، وهو سلمة بن الفضل - وهو الأبرش -؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ". وشيخه محمد بن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه. فلعل الآفة منها! 4- وأما حديث الحسن البصري؛ فيرويه عمرو بن عبيد المعتزلي. فقال حماد بن زيد: قيل لأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره؟! فقال: كذب عمرو. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 307) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 181) ، وابن عساكر. وقال: "وهذه الأسانيد كلها فيها مقال". ثم قال: "وقد روي: "فاقبلوه": بالباء، وهو منكر". ثم روى هو، والخطيب (1/ 259) من طريق محمد بن إسحاق الفقيه: حدثني أبو النضر القازي قال: أخبرنا الحسن بن كثير قال: أخبرنا بكر بن أيمن القيسي قال: أخبرنا عامر بن يحيى الصريمي قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر مرفوعاً بلفظ: "إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه؛ فإنه أمين مأمون". وقال الخطيب: "لم أكتب هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ورجال إسناده - ما بين محمد بن إسحاق وأبي الزبير - كلهم مجهولون". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 610 قلت: وابن إسحاق هذا: هو المعروف بـ (شاموخ) ؛ قال فيه الخطيب: "وحديثه كثير المناكير". وفي ترجمته ساق هذا الحديث. وساق له قبله حديثاً آخر في فضل علي وفاطمة والحسن والحسين؛ واستنكره. وقال الذهبي: "هذا موضوع". وقال السيوطي في "اللآلىء" - بعد قول الخطيب المتقدم -: "قلت: قال ابن عدي: هذا اللفظ - مع بطلانه - قد قرىء أيضاً بالباء الموحدة، ولا يصح أيضاً، وهو أقرب إلى العقل؛ فإن الأمة رأوه يخطب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكروا ذلك عليه. ولا يجوز أن يقال: إن الصحابة ارتدت بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - وخالفت أمره، نعوذ بالله من الخذلان والكذب على نبيه! ". قلت: وهذا الحديث مما اعتمده الشيعي في "المراجعات" في حاشية (ص 89) في الطعن على معاوية، مشيراً بالطعن على من أشار إلى استنكاره من أهل السنة، متجاهلاً ما يستلزمه الاعتماد عليه من الطعن بكل الصحابة الذين رأوا معاوية يخطب على منبره - صلى الله عليه وسلم -، فنعوذ بالله تعالى من الهوى والخذلان!! 4931 - (إن أول أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن إيماننا وعن شمائلنا) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 48/ 2) عن حرب بن الحسن الحديث: 4931 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 611 الطحان: أخبرنا يحيى بن يعلى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع مسلسل بالشيعة؛ وشرهم محمد بن عبيد الله، وقد تقدم بعض أقوال أئمة الجرح فيه في الحديث (4910) . ويحيى بن يعلى: هو الأسلمي الشيعي الضعيف؛ وهو صاحب حديث: "منأحب أن يحيا حياتي ... " الحديث؛ في فضل علي رضي الله عنه، وقد مضى برقم (894) . وحرب بن الحسن الطحان؛ قال الأزدي: "ليس حديثه بذاك"؛ كما في "الميزان". وزاد الحافظ: "وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن النجاشي: عامي الرواية؛ أي: شيعي قريب الأمر". والحديث؛ قال الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف" (4/ 154/ 351) : "رواه الطبراني، وسنده واه". 4932 - (هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. يعني: علياً رضي الله عنه) (1) . موضوع أخرجه ابن جرير في "التفسير" (19/ 74-75) ، والبزار (3/ 137/ 2417 - كشف) ، وأبو نعيم في "الدلائل" (ص 364) ، وابن عساكر (12/ 67/ 2-68/ 1) من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع الدلائل " للبيهقي ". (الناشر) الحديث: 4932 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 612 عمرو عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت: (وأنذر عشيرتك الأقربين) [دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: "يا علي! إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين] ، فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليها حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد! إنك إن لم تفعل ما تؤمر به سيعذبك ربك! فاصنع لنا صاعاً من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عساً من لبن، واجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم". فصنع لهم الطعام [وهم يومئذ أربعون رجلاً؛ يزيدون رجلاً أو ينقصون، فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب] ، وحضروا فأكلوا وشبعوا، وبقي الطعام. قال: ثم تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا بني عبد المطلب! إني - والله - ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به؛ إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وإن ربي أمرني أن أدعوكم، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ ". فأحجم القوم عنها جميعاً، وإني لأحدثهم سناً. فقلت: أنا يا نبي الله! أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثم قال ... (فذكره) . فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع! والسياق لابن عساكر؛ والزيادتان لابن جرير. وكذلك رواه البيهقي في "دلائل النبوة"؛ لكنه أسقط من الإسناد: عبد الغفار ابن القاسم، وكأنه من تدليس ابن إسحاق. ساقه الحافظ ابن كثير (6/ 348-349) من رواية البيهقي، ثم من رواية ابن جرير، وقال عقبها: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 613 "تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبو مريم؛ وهو متروك كذاب شيعي، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعفه الأئمة رحمهم الله". قلت: قد تابعه على بعض القصة والمتن: عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي بن أبي طالب به نحوه بلفظ: فقال " "أيكم يقضي ديني، ويكون خليفتي ووصيي من بعدي؟ " ... وفيه: فقلت: أنا يا رسول الله! قال: "أنت يا علي! أنت يا علي! ". أخرجه ابن عساكر (12/ 67/ 2) من طريق محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي: أخبرنا عباد بن يعقوب: أنبأنا عبد الله بن القدوس ... قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ مسلسل بالرفض من هؤلاء الثلاثة: فعبد الله بن عبد القدوس؛ قال الذهبي: "كوفي رافضي، نزل الري. روى عن الأعمش وغيره. قال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت. قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة". وعباد رافضي أيضاً كما تقدم مراراً. والمحاربي هذا؛ قال الذهبي: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 614 "تكلم فيه. وقيل: كان مؤمناً بالرجعة". لكن لم يتفرد به، فقد ذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم عن عيسى بن ميسرة الحارثي: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس به؛ إلا أنه قال: ".. ويكون خليفتي في أهلي". قلت: وهذا اللفظ هو الأشبه بالصواب؛ فقد رواه شريك عن الأعمش عن المنهال به، ولفظه: "من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟! ". أخرجه أحمد (1/ 111) ، وعنه الضياء المقدسي (476 - بتحقيقي) ، والبزار (2418) . وقال الهيثمي (9/ 113) : "وإسناده جيد"! كذا قال! ورجاله ثقات؛ غير عباد بن عبد الله الأسدي؛ فإنه ضعيف. وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ؛ ولذلك لم يحتج به مسلم، وإنما روى له متابعة كما يأتي. لكن له طريق أخرى بلفظ: ".. فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟! ". أخرجه أحمد (1/ 159) من طريق أبي صادق عن ربيعة بن ناخذ عن علي. وأخرجه ابن عساكر (12/ 67/ 1-2) من طريق أحمد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 615 قلت: وإسناده جيد؛ لولا جهالة في ربيعة بن ناخذ؛ كما تقدم مراراً. ورواه ابن جرير أيضاً في "التاريخ" (2/ 321) . ونقل السيوطي عنه أنه صححه؛ كما في "كنز العمال" (6/ 396/ 6045) . وله شاهد من حديث ابن عباس بلفظ: وقال لبني عمه: "أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ " - قال: وعلي معه جالس - فأبوا. فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال: "أنت وليي في الدنيا والآخرة". ليس فيه ذكر للخلافة مطلقاً. أخرجه أحمد (1/ 330-331) ، وعنه الحاكم (3/ 132-134) ، والنسائي في "الخصائص" (ص 6-7) في حديث طويل؛ فيه عشر خصائص لعلي رضي الله عنه هذه إحداها. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ على ضعف في أحد رواته لا يقبل ما يتفرد به، كما يشير إليه قول الهيثمي (9/ 120) : "ورجال أحمد رجال "الصحيح"؛ غير أبي بلج الفزاري؛ وهو ثقة، وفيه لين". قلت: فهذه الطرق يدل مجموعها على أن الخلافة المذكورة في هذا الحديث - وكذا في غيره مما لم نذكره هنا - إنما هي خلافة خاصة في أهله - صلى الله عليه وسلم - وعشيرته. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 616 وقد أحسن بيان ذلك الإمام ابن كثير؛ فقال - عقب الطرق المتقدمة -: "فهذه طرق متعددة لهذا الحديث عن علي رضي الله عنه، ومعنى سؤاله - صلى الله عليه وسلم - لأعمامه وأولادهم أن يقضوا عنه دينه ويخلفوه في أهله، يعني: إن قتل في سبيل الله؛ كأنه خشي إذا قام بأعباء الإنذار أن يقتل، فلما أنزل الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) ؛ فعند ذلك أمن. وكان أولاً يحرس حتى نزلت هذه الآية: (والله يعصمك من الناس) ، ولم يكن أحد في بني هاشم - إذ ذاك - أشد إيماناً وإيقاناً وتصديقاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علي رضي الله عنه، ولهذا بدرهم إلى التزام ما طلب منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم كان بعد هذا - والله أعلم - دعاؤه الناس جهرة على الصفا، وإنذاره لبطون قريش عموماً وخصوصاً؛ حتى سمى من سمى من أعمامه وعماته وبناته لينبه بالأدنى على الأعلى؛ أي: إنما أنا نذير، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم". (تنبيه) : اعلم أن الشيعي - في كتابه "المراجعات" (ص 123-125) - قد دلس - كعادته - حول هذا الحديث تدليسات فاحشة؛ هي الكذب بعينه! ثم تبعه على ذلك الخميني في "كشف الأسرار" (ص 173-175) ! وإليك البيان: أولاً: زعم أن حديث الترجمة في: "صحاح السنن المأثورة"! فهذا كذب؛ سواءً أراد به كتب الصحاح، أو الأحاديث الصحاح؛ فإن الحديث ليس في هذه ولا هذه؛ كما رأيت. ثانياً: عزا الحديث لجماعة من الأئمة، منهم الإمام أحمد في المواضع الثلاثة المتقدمة من "المسند"، والنسائي في "الخصائص" في الصفحة المشار إليها، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 617 و "مستدرك الحاكم" في الصفحة المتقدمة، موهماً أن هذه المصادر فيها الحديث بعينه! بل صرح فقال (ص 125) : "إن حديث ابن عباس يتضمن هذا النص"! وهذا زور وافتراء؛ كما يظهر لك واضحاً من هذا التخريج. فالله المستعان. ثالثاً: ذكر في الحاشي أن مسلماً رواه في "صحيحه"! عامله الله بما يستحق! ثم رأيته في (ص 133) أوهم القارىء أنه أخرجه البخاري في كتابه!! رابعاً: قال (ص 127) : "وقد صححه غير واحد من أعلام المحققين"!! وهذا كذب ظاهر؛ فإن الذين صححوه؛ إنما هو بغير لفظ الترجمة كما تقدم. خامساً: ثم قال: "وحسبك في تصحيحه ثبوته من طريق الثقات الأثبات الذين احتج بهم أصحاب الصحاح، ودونك (ص 111) من الجزء الأول من "مسند أحمد"؛ تجده يخرج هذا الحديث عن أسود بن عامر عن شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي مرفوعاً. وكل واحد من سلسلة هذا السند حجة عند الخصم، وكلهم من رجال الصحاح"!! وذكر في الحاشية أن شريكاً احتج به مسلم في "صحيحهما"! وكذلك قال في (ص 79) . وأن عباد بن عبد الله الأسدي هو "عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي؛ احتج به البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، سمع أسماء وعائشة ... "!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 618 قلت: وفي هذا من الكذب ما لا يخفى على العارفين بتراجم الرجال؛ وهاك البيان: الأول: قوله بأن مسلماً احتج بشريك ... وهو ابن عبد الله القاضي! فإن مسلماً لم يحتج به؛ وإنما روى له متابعة؛ كما صرحوا بذلك في ترجمته، منهم الحافظ المنذري في آخر كتابه "الترغيب" (4/ 284) ، والذهبي في "الميزان" (1/ 446) ، وابن حجر العسقلاني في "التهذيب" (5/ 99) وغيرهم. ثم هو - إلى ذلك - سيىء الحفظ كما تقدم؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء كثيراً". والآخر: قوله: بأن عباد بن عبد الله الأسدي هو ... ابن الزبير بن العوام القرشي! فهذا مما لم يقله أحد قبله، بل عباد بن عبد الله الأسدي - الراوي عن علي -: هو غير عباد بن عبد الله الأسدي الراوي عن أسماء وعائشة؛ فإن الأول كوفي، والآخر مدني. والأول ضعيف كما تقدم؛ وهو صاحب هذا الحديث. وأما الآخر؛ فهو الذي احتج به الشيخان؛ ولا علاقة له بهذا الحديث، ولم يذكروا في الرواة عنه المنهال بن عمرو، وإنما ذكروا أنه روى عن الأول؛ ولم يذكروا معه غيره. ولقد كنت أود أن أقول: إن هاتين الأكذوبتين لم يتعمدهما الشيعي، وإنما هما من أوهامه؛ لولا أنني أخذت عليه كثيراً من الأكاذيب التي لا يمكن تأويلها؛ كما تقدم مراراً. ولم يقنع الشيعي بما افترى من أكاذيب؛ حتى بنى عليها قوله - بكل جرأة وقلة حياء -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 619 "وإنما لم يخرجه الشيخان وأمثالهما؛ لأنهم رأوه يصادم رأيهم في الخلافة، وهذا هو السبب في إعراضهم عن كثير من النصوص الصحيحة، خافوا أن تكون سلاحاً للشيعة؛ فكتموها وهم يعلمون، وإن كثيراً من شيوخ أهل السنة - عفا الله عنهم - كانوا على هذه الوتيرة، يكتمون كل ما كان من هذا القبيل"!! هكذا قال - عامله الله بما يستحق -! وهو في الواقع وصفه ووصف إخوانه الشيعة؛ فهم الذين يردون النصوص الصحيحة، ويحتجون بالأحاديث الواهية والموضوعة، مع إيهام القراء أنها صحيحة عند أهل السنة؛ وهي عندهم ضعيفة أو موضوعة. وهل أدل على ذلك من صنيع هذا الشيعي الذي فضحناه وكشفنا عنه عواره؛ في تخريج أحاديث كتابه التي نادراً ما يكون فيها حديث صحيح؟! فإن وجد فلا حجة فيه مطلقاً على ما يزعمونه من النص على خلافة علي رضي الله عنه - برأه الله مما يقولون فيه، ويعزونه إليه من الأكاذيب والأباطيل -! سادساً: ومن أكاذيبه وتلفيقاته: أنه ذكر (ص 128) على لسن الشيخ سليم البشري أنه قال: "راجعت الحديث في (ص 111) من الجزء الأول من "مسند أحمد"، ونقبت عن رجال سنده، فإذا هم ثقات أثبات حجج"!! فهذا زور وكذب وافتراء على الشيخ البشري؛ فإن المبتدئين في هذا العلم يعلمون ما في سنده من الضعف الذي سبق بيانه. سابعاً: ساق حديث ابن عباس الذين ذكرت طرفاً منه - شاهداً فيما سبق في أول هذا الحديث - من رواية الأئمة الثلاثة الذين ذكرنا هناك: أحمد والنسائي والحاكم؛ فقال عطفاً عليهم: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 620 "وغيرهم من أصحاب "السنن"؛ بالطرق المجمع على صحتها عن عمرو بن ميمون ... "!! قلت: وفي هذا أكذوبتان أيضاً: الأولى: قوله: "وغيرهم من أصحاب السنن"!! فإنه لم يروه أحد منهم، بل ذلك من أكاذيبه أو تدليساته! والأخرى: "بالطرق المجمع على صحتها"!! فإنه ليس له إلا طريق واحد عند الثلاثة المذكورين؛ مدارها على يحيى بن حماد: حدثنا أبو عوانة: حدثنا أبو بلج: حدثنا عمرو بن ميمون. وأكذوبه ثالثة؛ وهي أن أبا بلج هذا - وإن كان ثقة على الأرجح - لكنه ليس مجمعاً على الاحتجاج به؛ فقد ضعفه ابن معين. وقال البخاري: "فيه نظر". وقال ابن حبان: "يخطىء"! وقد أشار إلى ذلك قول الهيثمي المتقدم: "وهو ثقة فيه لين". فقوله: "بالطرق المجمع على صحتها"؛ مزدوج الكذب. وثبوت حديث ابن عباس هذا وما في معناه؛ لا ينفعه فيما هو في صدده من الاستدلال به على أن علياً هو الخليفة من بعده - صلى الله عليه وسلم -، كيف وليس فيه إلا قوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عنه: "أنت وليي في الدنيا والآخرة"! ونحوه قوله في الأحاديث الأخرى: ".. ويكون خليفتي في أهلي" كما هو ظاهر؟! بل في هذا الأخير إشارة لطيفة إلى أنه ليس الجزء: 10 ¦ الصفحة: 621 خليفته في أمته كلها؛ فتنبه، ولا تغتر بشقاشق الشيعي وأكاذيبه! ثم إن في حديث ابن عباس هذا، جملة تعمد الرافضي حذفها؛ لأنها تخالف كفره بأبي بكر رضي الله عنه وفضائله، وهي في هجرته مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونصها: قال ابن عباس: فجاء أبو بكر وعلي نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنه نبي الله، قال: فقال: يا نبي الله! قال: فقال له علي: إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون؛ فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ... إلخ الحديث. فإذا كنت صادقاً في قولك: إن حديث ابن عباس هذا جاء بالطرق المجمع على صحتها؛ فلماذا حذفت هذه الجملة التي تشهد لأبي بكر رضي الله عنه بأنه صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار؟! أفلا يصدق عليك أنك كالذين عناهم الله بقوله: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) ؟! ولم لا؟! وقد كفرتم بما هو أصح منه؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! ". رواه الشيخان، وهو مخرج في "فقه السيرة" (173) ، وهو تفسير لقوله تعالى: (إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) . (فأين تذهبون) ؟! وقد يتساءل بعض الناس فيقول: إذا أنكرت الشيعة أحاديث السنة الصحيحة؛ لمخالفتها ما هم عليه من الضلال والمعاداة لسلفنا الصالح - وفي مقدمتهم أبو بكر رضي الله عنه -، فماذا يقولون في هذه الآية الصريحة في الثناء على أبي بكر؟ وهم - بطبيعة الحال - لا يستطعون إنكارها؛ لأنهم لو فعلوا لم يبق مجال لأحد في كفرهم؟ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 622 فأقول: موقفهم من الآيه موقف كل الفرق الضالة من نصوص الكتاب المخالفة لأهوائهم، وهو تحريف معانيها؛ كما فعلت اليهود من قبل بالتوراة والإنجيل! فهذا هو كبيرهم يقول في "منهاجه" (ص 125) - جواباً عن الآية -: "لا فضيلة له في الغار؛ لجواز أن يستصحبه حذراً منه؛ لئلا يظهر أمره ... "!! وقد رد عليه وبسط القول فيه جداً: شيخ الإسلام ابن تيمية في "المنهاج" (4/ 239-273) ؛ فمن شاء زيادة علم وفائدة؛ فليراجع إليه. 4933 - (يا أم سلمة! إن علياً لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 131) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 66/ 1) عن عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي قال: حدثني أبي عن الأعمش عن عباية الأسدي عن ابن عباس عن النبي عليه السلام: أنه قال لأم سلمة ... فذكره. أورده العقيلي في ترجمة داهر هذا. وقال: "كان ممن يغلو في الرفض، لا يتابع على حديثه". ونحوه قول الذهبي: "رافضي بغيض، لا يتابع على بلاياه". قلت: وابنه شر منه. وفي ترجمته أخرج الحديث: ابن عدي (222/ 2) ، وعنه ابن عساكر أيضاً (12/ 100/ 2) . وقال ابن عدي - بعد أن ساق له أحاديث أخرى؛ صرح الذهبي بإبطال بعضها -: "وعامة ما يرويه في فضائل علي، وهو فيه متهم". وقال أحمد: الحديث: 4933 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 623 "ليس بشيء". وكذا قال يحيى. وزاد: "وما يكتب حديثه إنسان فيه خير"! (تنبيه) : أورد الحديث الشيعي في "مراجعاته" (ص 141) في جملة أحاديث ثلاثة؛ استدل بها على أن قوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى ... " ليس خاصاً بمورده، استدل على ذلك بالأحاديث المشار إليها؛ وهذا أحدها! وذلك كله مما يؤكد لكل منصف أن الشيعي - في استدلالاته - إنما يجري على قاعدة: "الغاية تبرر الوسيلة"! ولذلك فهو لا يهمه أن يستدل بما صح إسناده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ما دام أنه يحقق غرضه؛ مهما كان واهياً. ومن تدليساته: أنه إذا كان الحديث في كتاب من كتب السنة معزواً إلى مخرج من المؤلفين؛ يكتفي بعزو الحديث إلى الكتاب الذي أخرج الحديث، مع العناية التامة ببيان الجزء والصفحة - وذلك من تمام التضليل -؛ ولا يذكر من خرجه من المؤلفين؛ لأنه لو فعل لكان كالذين قال الله فيهم: (يخربون بيوتهم بأيديهم) ! فهذا الحديث؛ عزاه الشيعي "للكنز" و "منتخبه"، ولم يزد، وهو فيهما معزو للعقيلي! فأعرض الشيعي عن هذا العزو؛ لأنه يدل على ضعف الحديث، ذلك؛ لأن المقصود به كتابه "الضعفاء"! والحديث الثاني من الأحاديث الثلاثة؛ علقه النسائي - وهو منكر - كما يأتي تحقيقه في الذي بعده بإذن الله تعالى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 624 4934 - (وأما أنت يا علي! فأنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا النبوة) . منكر بهذا السياق أخرجه ابن عساكر (12/ 101/ 1) عن عبد الله بن شبيب: حدثني ابن أبي أويس: حدثني محمد بن إسماعيل: حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: لما قدمت ابنة حمزة المدين ة؛ اختصم فيها علي وجعفر وزيد. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا؛ أسمع". فقال زيد: هي ابنة أخي وأنا أحق بها، وقال علي: ابنة عمي وأنا جئت بها، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي، قال: "خذها يا جعفر! أنت أحقهم بها". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأقضين بينكم. أما أنت يا زيد! فمولاي وأنا مولاك. وأما أنت يا جعفر! فأشبهت خلقي وخلقي. وأما أنت يا علي ... " الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الرحمن بن أبي بكر - وهو ابن أبي مليكة التيمي المدني -؛ ضعفه جماعة. وقال أحمد، والبخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". قلت: وهذا إن سلم من عبد الله بن شبيب؛ فإنه واه؛ قال أبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث"؛ كما في "الميزان". واعلم أن هذه القصة صحيحة ثابتة في "صحيح البخاري" في مواطن - منها الحديث: 4934 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 625 (عمرة القضاء) - من رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه؛ لكن ليس فيه ذكر المنزلة، وإنما هو بلفظ: وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك". وكذلك أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 36-37) ، والبيهقي في "السنن" (8/ 5) ، والترمذي أيضاً (2/ 299) ؛ إلا أنه لم يسق من القصة إلا قوله هذا لعلي رضي الله عنه؛ ولكنه أشار إليها؛ فقال: "وفي الحديث قصة". أخرجوه كلهم من رواية عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به. ولعبيد الله هذا إسناد آخر؛ فإنه قال: أنبأ إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة ابن يريم وهانىء بن هانىء عن علي قال: لما خرجنا من مكة؛ اتبعتنا ابنة حمزة ... الحديث بتمامه، وفيه: وقال لي: "أنت مني وأنا منك". أخرجه الحاكم (3/ 120) . وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وفيه نظر بينته في "الإرواء" (2190) . وتابعه جمع عن إسرائيل به؛ وقد خرجتهم في المصدر المذكور آنفاً. وكل هؤلاء رووه بلفظ: "أنت مني وأنا منك". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 626 وخالفهم القاسم بن يزيد الجرمي فقال: عن إسرائيل ... بلفظ: "أنت مني بمنزلة هارون، وأنا منك". ذكره النسائي في "الخصائص" (ص 14) معلقاً؛ فقال: رواه القاسم بن يزيد المخزومي (كذا) عن إسرائيل به. وتابعه زكريا بن أبي زائدة وغيره عن أبي إسحاق: وحدثني هانىء بن هانىء وهبيرة بن يريم به. أخرجه البيهقي. والخلاصة؛ أن المحفوظ في هذه القصة إنما هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت مني وأنا منك"، وأن ذكر المنزلة فيه منكر؛ لتفرد الجرمي به دون سائر الثقات من أصحاب إسرائيل، مع عدم معرفتنا لحال الإسناد إليه، ولتفرد عبد الرحمن بن أبي بكر به في حديث عبد الله بن جعفر. والله تعالى ولي التوفيق. وقد رويت القصة بسياق آخر، وفيه: "وأما أنت يا علي! فأخي، وأبو ولدي، ومني، وإلي ... "! أخرجه الحاكم (3/ 217) من طريق محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله ابن قسيط، عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه أسامة بن زيد ... فذكر القصة. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي! قلت: وذلك من أوهامهما؛ فإن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم مقروناً بغيره، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه، فأنى له الصحة؟! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 627 4935 - (والذي بعثني بالحق! ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي. قال علي: وما أرث منك يا رسول الله؟! قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم. وأنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي. وأنت أخي ورفيقي. ثم تلا: (إخواناً على سرر متقابلين) : المتحابين في الله؛ ينظر بعضهم إلى بعض) . ضعيف أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة" (1085) ، وابن عساكر (12/ 69/ 1) من طريق عبد المؤمن بن عباد قال: يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل (زاد ابن عساكر: عن رجل من قريش) عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجده، فقال: "أين فلان بن فلان؟ ". فجعل ينظر في وجوه أصحابه ... (فذكر الحديث في المؤاخاة، وفيه) فقال علي: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري، حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري؛ فإن كان هذا من سخط علي؛ فلك العتبى والكرامة! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد المؤمن هذا؛ قال أبو حاتم (3/ 1/ 66) : "ضعيف الحديث". وقال البخاري (3/ 2/ 117) : "لا يتابع على حديثه". الحديث: 4935 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 628 وذكره الساجي، وابن الجارود في "الضعفاء": والرجل القرشي؛ لم يسم. وعبد الله بن شرحبيل - وهو ابن حسنة وهو القرشي -؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 81-82) : "روى عن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن أزهر. روى عنه الزهري". وكذا في "التاريخ" للبخاري (3/ 1/ 117) ؛ إلا أنه زاد: "وسعد بن إبراهيم". قلت: فقد روى عنه ثلاثة: الزهري وسعد بن إبراهيم ويزيد بن معن - الراوي عنه هذا الحديث -؛ ولكني لم أجد ليزيد هذا ترجمة! لكن قال الحافظ - في ترجمة زيد من "الإصابة" -: "ولحديثه طرق عن عبد الله بن شرحبيل. وقال ابن السكن: روي حديثه من ثلاث طرق ليس فيها ما يصح. وقال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض، ولا يتابع عليه، رواه بعضهم عن ابن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى، ولا يصح". والحديث من أحاديث الشيعي في "مراجعاته" (ص 147،148) ؛ التي ساقها مساق المسلمات كعادته؛ لموافقته لهواه! ولكنه غفل عن دلالته على ما فيه من الموافقة في قوله: "ما ورثت الأنبياء من قبلي: كتاب ربهم وسنة نبيهم" - لحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 629 "لا نورث، ما تركنا صدقة". وهذا مما أنكرته الشيعة على الصديق رضي الله عنه، وطعنوا فيه ما شاء لهم هواهم وضلالهم؛ لأنه لم يورث السيدة فاطمة رضي الله عنها؛ عملاً بهذا الحديث المتفق عليه عنه، وقد رواه جمع آخر من الصحابة الكرام رضي الله عنهم مثل: عمر وعثمان وسعد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعائشة وغيرهم، فانظر المجلد الخامس من "الصحيحة" رقم (2038) ؛ الأمر الذي يدل على كذب الشيعة وجهلهم، وفي مقدمتهم ابن المطهر الحلي، فقد زعم في "منهاجه" (ص 35) : أن أبا بكر انفرد بهذا الحديث! ولقد أحسن الرد عليه وبسط القول فيه شيخ الإسلام ابن تيمية - جزاه الله خيراً - في "منهاج السنة" في ثمان صفحات كبار (2/ 157-165) ، فليراجعه من أحب أن يزداد معرفة بحقيقة ما عليه الشيعة من أكاذيب وضلالات. ومن ذلك: أنني رأيت الكليني في كتابه "الكافي" - الذي يعتبره الشيعة كـ "صحيح البخاري" عندنا - روى فيه بإسناده (1/ 32) عن أبي عبد الله (هو جعفر ابن محمد الصادق رحمه الله) قال: "إن العلماء ورثة الأنبياء؛ لم يورثوا درهماً ولا ديناراً؛ وإنما ورثوا أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها؛ فقد أخذ حظاً وافراً". فهذا يؤيد حديث الصديق الأكبر رضي الله عنه، ويؤكد ما تقدم من تحاملهم عليه. وحديث أبي عبد الله الصادق: هو عندنا مرفوع في "صحيح ابن حبان" وغيره؛ في آخر حديث؛ أوله: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 630 "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً ... "؛ انظر "صحيح الجامع الصغير" (6297) . وقد رواه الكليني في مكان آخر (1/ 34) عن أبي عبد الله مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4936 - (قم؛ فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب، أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والأنصار؛ ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟! أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا أنه ليس بعدي نبي؟! ألا من أحبك حف بالأمن والإيمان، ومن أبغضك أماته الله ميتةً جاهليةً، وحوسب بعمله في الإسلام) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 109/ 1-2) : حدثنا محمود ابن محمد المروزي: أخبرنا أحمد بن آدم المروزي: أخبرنا جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: لما آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه المهاجرين والأنصار؛ فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم؛ خرج علي رضي الله عنه مغضباً؛ حتى أتى جدولاً من الأرض فتوسد ذراعه، فنسف عليه الريح، فطلبه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وجده، فوكزه برجله فقال له ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته حامد هذا؛ قال الذهبي: "كذبه الجوزجاني وابن عدي. وعده أحمد بن علي السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث". والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 111) . وقال: الحديث: 4936 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 631 "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه حامد بن آدم المروزي؛ وهو كذاب". قلت: وأما الشيعي؛ فأورده (143) محتجاً به؛ كعادته في الاحتجاج بالأحاديث الموضوعة! ثم رأيت للحديث طريقاً أخرى دون قوله: "أما ترضى .... " إلخ: أخرجه ابن عساكر (12/ 60/ 1) من طريق حفص ابن جميع: حدثني سماك بن حرب قال: قلت لجابر: إن هؤلاء القوم يدعونني إلى شتم علي. قال: وما عسيت أن تشتمه به؟! قال: أكنيه بأبي تراب. قال: فوالله، ما كانت لعلي كنية أحب إليه من أبي تراب؛ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين الناس، ولم يؤاخ بينه وبين أحد، فخرج مغضباً ... الحديث. لكن حفص بن جميع ضعيف. وقال الساجي: "يحدث عن سماك بأحاديث مناكير، وفيه ضعف". 4937 - (يا علي! إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي. يا علي! ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا النبوة؟! والذي نفسي بيده! إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالاً، كما يذاد البعير الضال عن الماء، بعصاً معك من العوسج، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي) . منكر جداً أخرجه ابن عساكر (12/ 93) عن حرام بن عثمان عن الحديث: 4937 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 632 عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال: جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن مضطجعين في المسجد، وفي يده عسيب رطب، فضربنا وقال: "أترقدون في المسجد؟! إنه لا يرقد فيه أحد". فأجفلنا، وأجفل معنا علي بن أبي طالب! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تعال يا علي! إنه ... " الحديث. قلت: وهذا آفته حرام هذا؛ قال الشافعي، وابن معين: "الحديث عن حرام حرام". وقال ابن حبان: "كان غالياً في التشيع، يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل". وطول ابن عدي في "الكامل" (110/ 1-111/ 2) ترجمته، وقال في آخرها: "وعامة أحاديثه مناكير". وساق له الذهبي أحاديث أنكرت عليه؛ هذا أحدها؛ وقال: "وهذا حديث منكر جداً". (تنبيه) : هذا الحديث؛ أورده الشيعي في "المراجعات" (ص 144) دون عزو لأحد أو تخريج؛ خلافاً لعادته؛ إلا قوله في الحاشية: "كما في الباب 17 من ينابيع المودة"! وهذا من كتب الشيعة! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 633 4938 - (يا علي! أنت أول المؤمنين إيماناً، وأول المسلمين إسلاماً، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى) . منكر أخرجه أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (ق 49/ 2) ، وابن عساكر (12/ 100/ 1-2) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري - وصي المأمون -: حدثني أمير المؤمنين المأمون: حدثني أمير المؤمنين الرشيد: حدثني أمير المؤمنين المنصور عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب؛ وعنده جماعة، فتذاكروا السابقين إلى الإسلام، فقال عمر: أما علي؛ فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه ثلاث خصال؛ لوددت أن لي واحدة منهن، فكان إلي أحب مما طلعت عليه الشمس: كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من الصحابة؛ إذ ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده على منكب علي فقال له ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ ما بين والد المنصور - واسمه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس - وإبراهيم بن سعيد الجوهري، من الملوك العباسيين؛ لا يعرف حالهم في الرواية، مع ما عرف عن المأمون - واسمه عبد الله - من التجهم، والمناداة بخلق القرآن، وامتحان العلماء وتعذيبهم به. ثم إن الظاهر أن في الإسناد سقطاً بين الرشيد - واسمه هارون - وبين المنصور - واسمه عبد الله -؛ فإن الرشيد يرويه عن أبيه محمد المهدي عن أبيه المنصور. والله أعلم. الحديث: 4938 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 634 ثم إن الجملة الأخيرة من الحديث صحيحة ثابتة في "الصحيحين" وغيرهما من طرق، ولكنها مستنكرة في هذا السياق؛ لآن المعروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالها حينما خرج إلى تبوك! 4939 - (بات علي ليلة خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، على فراشه؛ ليعمي على قريش. وفيه نزلت الآية: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 73/ 1) من طريق عبد النور بن عبد الله عن محمد بن المغيرة القرشي عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس قال ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد النور هذا؛ قال العقيلي (ص 267) : "كان ممن يغلو في الرفض، لا يقيم الحديث، وليس من أهله". ثم ساق له حديثاً في زواج فاطمة من علي؛ وقال: "الحديث بطوله لا أصل له، وضعه عبد النور". وقال الذهبي فيه: "كذاب". ثم ساق الحديث وكلام العقيلي فيه وفي راويه هذا الكذاب. ومن طريقه: أخرجه ابن عساكر (12/ 90/ 1) بطوله. ثم روى ابن عساكر من طريق عباد بن ثابت: حدثني سليمان بن قرم: حدثني عبد الرحمن بن ميمون أبو عبد الله: حدثني أبي عن عبد الله بن عباس به نحوه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ميمون هذا هو أبو عبد الله البصري الكندي؛ الحديث: 4939 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 635 ويقال: القرشي، مولى سمرة؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد قال فيه أحمد: "أحاديثه مناكير". وابنه عبد الرحمن؛ لم يوثقه غير ابن حبان. وقال الحافظ: "مقبول". وسليمان بن قرم سيىء الحفظ يتشيع. والمعروف عن ابن عباس: ما رواه أبو بلج عن عمرو بن ميمون عنه قال: شرى علي نفسه، ولبس ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نام مكانه ... الحديث. أخرجه الحاكم (3/ 4) وغيره، وسبق الكلام عليه تحت الحديث (4932) . وهذا إخبار من ابن عباس أن علياً رضي الله عنه شرى نفسه، وليس فيه الآية نزلت في شأنه؛ فالفرق بينهما واضح. فاستدلال الشيعي في "مراجعاته" (ص 45) بحديث الحاكم هذا على أن الآية نزلت فيه؛ لا يخفى ما فيه؛ لا سيما والمعروف في كتب التفسير أنها نزلت في صهيب رضي الله عنه! راجع الآية في "تفسير ابن كثير" وغيره. 4940 - (اسكني؛ فقد أنكحتك أحب أهل بيتي إلي) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 159) ، وابن عساكر (12/ 91/ 1) من طريقين عن أيوب عن أبي يزيد المدني عن أسماء بنت عميس قالت: كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما أصبحنا؛ جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الباب فقال: الحديث: 4940 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 636 "يا أم أيمن! ادعي لي أخي". فقالت: هو أخوك وتنكحه؟! قال: "نعم؛ يا أم أيمن! ". فجاء علي، فنصح النبي - صلى الله عليه وسلم - من الماء، ودعا له، ثم قال: "ادعي لي فاطمة". فجاءت تعثر من الحياء. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... (فذكره) . قالت: ونضح النبي عليها من الماء، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى سواداً بين يديه. فقال: "من هذا؟ ". فقلت: أنا أسماء. قال: "أسماء بنت عميس؟ ". قلت: نعم. قال: "جئت في زفاف ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ". قلت: نعم. فدعا لي. قلت: سكت عنه الحاكم ولم يصححه - على خلاف عادته -، ولعل ذلك للخطأ الذي في متنه! وبينه الذهبي بقوله: "الحديث غلط؛ لأن أسماء كانت - ليلة زفاف فاطمة - بالحبشة". قلت: ولا أجد في إسناده علة ظاهرة؛ فإن رجاله ثقات؛ إلا أن يكون الانقطاع بين أبي يزيد المدني وأسماء؛ فقد قال في إسناد ابن عساكر: إن أسماء بنت عميس قالت ... وهذا صورته الإرسال. والله أعلم. (تنبيه) : أورد الشيعي الحديث في "مراجعاته" (ص 147) من رواية الحاكم في الموضع الذي نقلته عنه؛ ثم قال: "وأخرجه الذهبي في "تلخيصه" مسلماً بصحته"! وهذا كذب مكشوف على الذهبي؛ لأنه وصف الحديث بأنه غلط كما الجزء: 10 ¦ الصفحة: 637 رأيته، فكيف يقال: إنه سلم بصحته؟! ولكن مثل هذا الكذب ليس غريباً عن هذا الشيعي؛ فطالما كشفنا عن أكاذيب أخرى له هي أوضح وأفضح من هذه؛ فلراجع على سبيل المثال الحديث (4931) ؛ تجد تحته عدة أكاذيب له، والعياذ بالله تعالى!! 4941 - (أنت أخي وصاحبي) (1) . ضعيف أخرجه ابن عبد البر - في ترجمة علي من "الاستيعاب" (3/ 1098) - من طريق حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وله علتان: الأولى: الانقطاع بين الحكم - وهو ابن عتيبة الكندي مولاهم - وبين مقسم؛ فإنه لم يسمع منه إلا خمسة أحاديث؛ ليس منها هذا. والأخرى: عنعنة الحجاج - وهو ابن أرطاة -؛ فإنه مدلس. وقد وجدت له متابعاً؛ لكن الإسناد إليه ضعيف. أخرجه ابن عساكر (12/ 69/ 1) من طريق محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن شعبة عن الحكم به. قلت: وعبد الله بن أبي جعفر الرازي؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". وقد روي الحديث بإسناد موضوع بزيادة فيه؛ يأتي بعد حديث.   (1) قاله - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عنه؛ كما سيأتي برقم (4943) . (الناشر) الحديث: 4941 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 638 4942 - (بشارة أتتني من عند ربي؛ إن الله لما أراد أن يزوج علياً فاطمة؛ أمر ملكاً أن يهز شجرة طوبى، فهزها، فنثرت رقاقاً - يعني: صكاكاً -، وأنشأ الله ملائكة التقطوها، فإذا كانت القيامة ثارت الملائكة في الخلق، فلا يرون محباً لنا - أهل البيت - محضاً؛ إلا دفعوا إليه منها كتاباً: براءة له من النار؛ من أخي وابن عمي وابنتي، فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار) . موضوع أخرجه الخطيب (4/ 210) من طريق عمر بن محمد بن إبراهيم البجلي: حدثنا أبو علي أحمد بن صدقة البيع: حدثنا عبد الله بن داود بن قبيصة الأنصاري: حدثنا موسى بن علي: حدثنا قنبر بن أحمد بن قنبر مولى علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن كعب بن نوفل عن بلال بن حمامة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ضاحكاً مستبشراً. فقام إليه عبد الرحمن ابن عوف فقال: ما أضحكك يا رسول الله؟! قال ... فذكره. وقال: "رجاله - ما بين بلال وعمر بن محمد -؛ كلهم مجهولون". قلت: ساقه في ترجمة أحمد بن صدقة هذا. وقال فيه الذهبي: "تكلم فيه، ولا أعرفه". وزاد عليه الحافظ؛ فساق إسناده بهذا الحديث؛ إلا أنه لم يسق لفظه، فقال: "فذكر حديثاً ركيك اللفظ في تزويج علي من فاطمة". وذكره في ترجمة بلال بن حمامة - من القسم الرابع من "الإصابة" - وقال: الحديث: 4942 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 639 "فرق أبو موسى بينه وبين بلال المؤذن. والحديث واه جداً، ولو ثبت لكان هو بلال بن رباح المؤذن". وقال الذهبي في ترجمة قنبر مولى علي: "لم يثبت حديثه. قال الأزدي: يقال: كبر حتى كان لا يدري ما يقول أو يروي؟! قلت: قل ما روى". قلت: ولا أدري لم لم يصرح الحافظ بوضع الحديث؟! فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة! وقد أوردوا مثله - بل دونه - في الموضوعات؛ فانظر الحديث (9،10،11،12،13) من "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة". والحديث؛ عزاه الشيعي (ص 146) لأبي بكر الخوارزمي - نقلاً عن "الصواعق"، وكفى!! 4943 - (يا علي! أنت أخي، وصاحبي، ورفيقي في الجنة) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (12/ 268) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 71/ 2) عن عثمان بن عبد الرحمن: حدثنا محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عثمان بن عبد الرحمن - وهو القرشي الوقاصي -؛ قال الحافظ: "متروك، وكذبه ابن معين". قلت: وقال صالح بن محمد الحافظ: "كان يضع الحديث". الحديث: 4943 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 640 قلت: وقد روي بإسناد آخر خير من هذا؛ دون الزيادة في آخره، وقد مضى قبل حديث. 4944 - (ألا أرضيك يا علي؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: أنت أخي ووزيري؛ تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبرىء ذمتي. فمن أحبك في حياة مني؛ فقد قضى نحبه. ومن أحبك في حياة منك بعدي؛ ختم الله له بالأمن والإيمان. ومن أحبك بعدي ولم يرك؛ ختم الله له بالأمن والإيمان، وأمنه يوم الفزع الأكبر. ومن مات وهو يبغضك يا علي؛ مات ميتة جاهلية، يحاسبه الله بما عمل في الإسلام) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 205/ 2) : حدثنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا محمد بن يزيد - هو أبو هشام الرفاعي -: أخبرنا عبد الله ابن محمد الطهوي عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال: بينما أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظل بالمدينة، وهو يطلب علياً رضي الله عنه؛ إذ انتهينا إلى حائط، فنظرنا فيه، فنظر إلى علي وهو نائم في الأرض وقد اغبر. فقال: "لا ألوم الناس، يكنونك أبا تراب". فلقد رأيت علياً تغير وجهه، واشتد ذلك عليه! فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون مجاهد ضعفاء - على خلاف في ابن أبي شيبة -. غير عبد الله بن محمد الطهوي؛ فلم أجد له ترجمة. الحديث: 4944 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 641 وقصر الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (9/ 121) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه"! ثم ذكره من حديث علي نحوه. وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه زكريا الأصبهاني، وهو ضعيف"! ثم وقفت على إسناد أبي يعلى؛ فتبين أن في "المجمع" خطأ: فقد أخرجه ابن عساكر (12/ 79/ 2) من طريق أبي يعلى - وهذا في "مسنده" (1/ 402/ 268) -: أخبرنا سويد بن سعيد: أخبرنا زكريا بن عبد الله بن يزيد الصهباني عن عبد المؤمن عن أبي المغيرة عن علي ... فهو الصهباني؛ وليس الأصبهاني. وعلى الصواب وقع في "الميزان" و "اللسان". وقالا: "قال الأزدي: منكر الحديث". لكن من فوقه لم أعرفهما. وسويد بن سعيد؛ كان عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه. وأخرج ابن عساكر (12/ 70/ 1) من طريق الخطيب بسنده عن أبي يحيى التيمي إسماعيل بن إبراهيم عن مطير أبي خالد عن أنس بن مالك قال: كنا إذا أردنا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أمرنا علي بن أبي طالب أو سلمان الفارسي أو ثابت بن معاذ الأنصاري؛ لأنهم كانوا أجرأ أصحابه على سؤاله. فلما نزلت: (إذا جاء نصر الله والفتح) ، وعلمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعيت إليه نفسه؛ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 642 قلنا لسلمان: سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من نسند إليه أمورنا ويكون مفزعنا، ومن أحب الناس إليه؟ فلقيه فسأله، فأعرض عنه. ثم سأله، فأعرض عنه. فخشي سلمان أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مقته ووجد عليه. فلما كان بعد لقيه؛ قال: "يا سلمان! يا عبد الله! ألا أحدثك عما كنت تسألني؟ فقال: يا رسول الله! إني خشيت أن تكون قد مقتني ووجدت علي! قال: "كلا يا سلمان! إن أخي، ووزيري، وخليفتي في أهل بيتي، وخير من تركت بعدي - يقضي ديني، وينجز موعدي -: علي بن أبي طالب". وقال الخطيب: "مطير هذا مجهول". قلت: بل هو معروف، ولكن بالضعف؛ وهو مطير بن أبي خالد، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 394) برواية جمع عنه؛ منهم ابنه موسى بن مطير. ثم روى عن أبي زرعة أنه قال فيه: "ضعيف الحديث". وعن أبيه: "متروك الحديث". ووقع في "الميزان" و "اللسان": (مطهر بن أبي خالد) ! والظاهر أنه تحريف من بعض النساخ أو الطابعين. ويؤيده أن الحافظ قال: "قلت: وهو والد موسى بن مطين (كذا) الآتي ذكره". قلت: ووالد موسى: هو (مطير) ، وليس (مطهراً) ، ولا (مطيناً) ! وعلى الصواب ذكره الحافظ في المكان الذي أشار إليه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 643 ووقع في سند الحديث: (مطير أبي خالد) ! فإن لم يكن سقط من الأصل لفظة (ابن) ؛ فأبو خالد هو كنية مطير أيضاً كأبيه. والله أعلم. ثم إن أبا يحيى التيمي - إسماعيل بن إبراهيم - ضعيف أيضاً؛ كما في "التقريب". وهذا الحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 113) من حديث سلمان نفسه نحوه بلفظ: "فإن وصيي، وموضع سري، وخير من أترك بعدي ... " والباقي مثله. وقال: "رواه الطبراني، وفي إسناده ناصح بن عبد الله، وهو متروك". (تنبيه) : أورد الشيعي حديث الطبراني هذا، وأتبعه بقوله (ص 225) : "وهذا نص في كونه الوصي، وصريح في أنه أفضل الناس بعد النبي، وفيه من الدلالة الالتزامية - على خلافته ووجوب طاعته - ما لا يخفى على أولي الألباب"! وأقول: أولو الألباب يقولون: أثبت العرش ثم انقش! فالحديث ضعيف جداً، بل هو موضوع؛ فقد ثبت من طرق عن علي رضي الله عنه: أن أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبو بكر وعمر؛ كما في "البخاري" وغيره. ولكن الشيعي وأصحابه يكابرون ويجحدون!! ثم رأيت الحديث هذا؛ قد أورده السيوطي في "اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (1/ 185) من طريق جعفر بن أحمد عن مطر عن أنس وقال: "مطر متروك. وجعفر تكلموا فيه". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 644 ثم أورده من طريق أخرى عن أنس؛ وحكم بوضعها. وأورده من حديث سلمان أيضاً من طريق أخرى عنه؛ وأعله بقوله: "قال عبد الغني بن سعيد: رواته مجهولون وضعفاء. وإسماعيل بن زياد متروك". ورواه العقيلي في "الضعفاء" (358) من طريق قيس بن ميناء عن سلمان به مختصراً؛ بفلظ: "وصيي علي بن أبي طالب". أورده في ترجمة قيس هذا. وقال: "كوفي لا يتابع على حديثه، وكان له مذهب سوء". وساق له الذهبي هذا الحديث. وقال: "كذب". وأقره الحافظ في "اللسان"، والسيوطي في "اللآلىء" (1/ 185-186) . وقد روي حديث الوصية - بأتم من هذا - من حديث بريدة، وسيأتي برقم (4962) . (تنبيه آخر) : حديث علي المتقدم من رواية أبي يعلى - التي فيها تلك العلل التي تستوجب أنه شديد الضعف -؛ قد ذكره في "كنز العمال" (6/ 404/ 6127) من رواية أبي يعلى، وقال: "قال البوصيري: رواته ثقات"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 645 وهو خطأ ظاهر؛ إما من البوصيري أو عليه! وقد استغله الشيعي (ص 231) ؛ فاعتمده! 4945 - (ادعوا لي أخي. يعني: علياً. قاله في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -) . موضوع أخرجه ابن سعد (2/ 263 - بيروت) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه ... فذكره. قال: فدعي له علي، فقال: "ادن مني". فدنوت منه، فاستند إلي، فلم يزل مستنداً إلي، وإنه ليكلمني حتى إن بعض ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصيبني. ثم نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثقل في حجري، فصحت: يا عباس! أدركني فإني هالك! فجاء العباس، فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب؛ كما تقدم مراراً. وعبد الله بن محمد بن عمر العلوي مقبول؛ كما في "التقريب". وأما أبوه محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب؛ فثقة. لكن روايته عن جده مرسلة؛ كما قال الحافظ. وقال في "الفتح" (8/ 107) : "فيه انقطاع؛ مع الواقدي، وهو متروك، وعبد الله فيه لين". واكتفى الشيعي في هذا الحديث - كعادته - بعزوه لابن سعد؛ وكفى!! وروي من حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو في بيتها لما حضره الموت -: الحديث: 4945 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 646 "ادعوا لي حبيبي". فدعوت له أبا بكر. فنظر إليه، ثم وضع رأسه. ثم قال: "ادعوا لي حبيبي". فدعوا له عمر. فلما نظر إليه، وضع رأسه. ثم قال: "ادعوا لي حبيبي". فقلت: ويلكم ادعوا لي علي بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره. فلما رآه أفرد الثوب الذي كان عليه، ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه. أخرجه ابن عساكر (12/ 163/ 2) من طريق الدارقطني بسنده عن إسماعيل ابن أبان: أخبرنا عبد الله بن مسلم الملائي عن أبيه عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة ... وقال: "قال الدارقطني: تفرد به مسلم؛ وهو غريب من حديث ابنه. تفرد به إسماعيل". قلت: وهو ابن أبان الوراق؛ وهو ثقة، وليس هو الغنوي المتهم بالكذب. لكن عبد الله بن مسلم الملائي؛ لم أجد له ترجمة، وقد ذكره الحافظ المزي في الرواة عن أبيه، وهو غير عبد الله بن مسلم المكي الضعيف. وأما أبوه مسلم الملائي - وهو ابن كيسان الأعور -؛ فهو متروك؛ كما قال النسائي وغيره. قلت: وهذا من أكاذيبه - أو على الأقل: من أوهامه الفاحشة -؛ فقد خالفه عبد الله بن عون الثقة الثبت؛ رواه عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد قال: ذكروا عند عائشة أن علياً كان وصياً! فقالت: متى أوصى إليه؟! فقد كنت مسندته إلى صدري - أو قالت: حجري -، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات، فمتى أوصى إليه؟! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 647 أخرجه البخاري (2/ 185) ، ومسلم (5/ 75) ، وأحمد (6/ 32) . قلت: فهذا يبطل حديث مسلم الملائي، وكذلك حديث الواقدي؛ إلا أن هذا ليس فيه التصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - مات وهو مستند إلى علي رضي الله عنه. وأما رواية الشيعي هذا الحديث بلفظ: "فقال: "ادن مني"، فدنا منه إليه، فلم يزل كذلك وهو يكلمه حتى فاضت نفسه الزكية"! فقوله: "حتى فاضت نفسه الزكية"! من زياداته ودسائسه لتأييد مذهبه! نسأل الله السلامة! ونحو حديث الواقدي: ما روته أم موسى عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي أحلف به! إن كان علي لأقرب الناس عهداً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة وهو يقول: "جاء علي؟ جاء علي؟ " (مراراً) . فقالت فاطمة: كأنك بعثته في حاجة. قالت: فجاء بعد. قالت أم سلمة: فظننت أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب؛ وكنت من أدناهم إلى الباب، فأكب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل يساره ويناجيه، ثم قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه ذلك، فكان علي أقرب الناس عهداً. أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 28-29) ، والحاكم (3/ 138-139) ، وأحمد، وابنه (6/ 300) ، وابن عساكر من طريق مغيرة عن أم موسى. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 648 قلت: وفيه نظر من وجهين: الأول: أن أم موسى هذه، لم تثبت عدالتها وضبطها. وقد أوردها الذهبي نفسه في "فصل النسوة المجهولات" من "الميزان"، وقال فيها: "تفرد عنها مغيرة بن مقسم. قال الدارقطني: يخرج حديثها اعتباراً". ولذلك لم يوثقها الحافظ في "التقريب" بل قال فيها: "مقبولة". يعني: عند المتابعة. وأما قول الهيثمي (9/ 112) - بعد أن عزاه لأحمد وأبي يعلى والطبراني -: "ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير أم موسى، وهي ثقة"! أقول: فهذا من تساهله؛ لأن عمدته في مثل هذا التوثيق إنما هو ابن حبان، وهو مشهور بالتساهل في التوثيق، كما ذكرناه مراراً. والآخر: أن المغيرة - وهو ابن مقسم الضبي - وإن كان ثقة متقناً؛ إلا أنه كان يدلس؛ كما قال الحافظ، وقد عنعنه. فهذا لو صح عن أم سلمة؛ لأمكن التوفيق بينه وبين حديث عائشة الصحيح؛ بحمل قول أم سلمة: (الناس) على الرجال؛ فلا ينافي ذلك أن يخرج علي بعد مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إياه، وأن تتولى أمره عائشة رضي الله عنها، ويموت - صلى الله عليه وسلم - وهي مسندته إلى صدرها؛ وهذا ظاهر جداً. وفي الباب حديث آخر أنكر من هذا، سيأتي برقم (6627) .   (1) انظر " الصحيحة " (6/572) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 649 4946 - (أوحى الله عز وجل - ليلة المبيت على الفراش - إلى جبرائيل وميكائيل: إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟! فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب! آخيت بينه وبين محمد - صلى الله عليه وسلم -، فبات على فراشه ليفديه بنفسه ويؤثره بالحياة!! اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا، فكان جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرائيل ينادي: بخ بخ! من مثلك يا ابن أبي طالب؟! يباهي الله بك الملائكة! وأنزل الملائكة! وأنزل الله تعالى في ذلك: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)) . الحديث. موضوع قال الشيعي في "مراجعاته" (ص 148) : "أخرجه أصحاب "السنن" في "مسانيدهم". وذكره الإمام فخرالدين الرازي في تفسير هذه الآية من سورة البقرة (ص 189) من الجزء الثاني من "تفسيره الكبير" مختصراً"!! وأقول: أولاً: إن لوائح الوضع على هذا الحديث ظاهرة بينة؛ لا تخفى على أحد أوتي فهماً وبصيرة، فما فائدة ذكر الفخر الرازي إياه في "تفسيره"؛ وهو محشو بالأحاديث الباطلة والموضوعة؟! وهو في ذلك مثل "الإحياء" للغزالي! وثانياً: فإن قوله: "أخرجه أصحاب "السنن" في "مسانيدهم ... "! تعبير يدل على جهله بهذا العلم؛ فإن أصحاب "السنن" عند أهل المعرفة به هم غير الحديث: 4946 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 650 أصحاب "المسانيد"! وغالب الظن أن المقصود بهذا التعبير التعمية والتضليل؛ وإلا فمن هم هؤلاء؟! وأصحاب "السنن الأربعة"، وكذلك أصحاب "المسانيد" - عندنا معشر أهل السنة - مع أن كتبهم لا تخلو من أحاديث ضعيفة؛ فهي أرفع من أن تسود بمثل هذا الحديث البين بطلانه! فالله المستعان. 4947 - (أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب، آمنت قبل الناس سبع سنين) . موضوع أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 3) ، والحاكم (3/ 111-112) من طريق المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال: قال علي ... فذكره. قلت: وبيض له الحاكم؛ فلم يذكر فيه شيئاً! لكن الذهبي أفاد في "تلخيصه" أنه قال: "صحيح على شرط الشيخين"! ثم تعقبه بقوله: "كذا قال، و [ليس] هو على شرط واحد منهما، بل ولا هو بصحيح، بل حديث باطل؛ فتدبره. وعباد؛ قال ابن المديني: ضعيف". وقال في ترجمته من "الميزان": "وهذا كذب على علي رضي الله عنه". وصدق رحمه الله، وآفته عباد هذا؛ فقد قال البخاري: "فيه نظر". الحديث: 4947 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 651 والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات". ولم يتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (1/ 166) بطائل! ثم روى الحاكم، وابن عساكر (12/ 63/ 1) من طريق شعيب بن صفوان عن الأجلح عن سلمة بن كهيل عن حبة بن جوين عن علي قال: عبد ت الله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع سنين؛ قبل أن يعبد هـ أحد من هذه الأمة. سكت عنه الحاكم! وقال الذهبي: "وهذا باطل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول ما أوحي إليه؛ آمن به خديجة وأبو بكر وبلال وزيد مع علي؛ قبله بساعات أو بعده بساعات، وعبد وا الله مع نبيه؛ فأين السبع سنين؟! ولعل السمع أخطأ؛ فيكون أمير المؤمنين قال: عبد ت الله ولي سبع سنين؛ ولم يضبط الراوي. ثم حبة شيعي جبل، قد قال ما يعلم بطلانه من أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً! وذكره أبو إسحاق الجوزجاني فقال: هو غير ثقة. وشعيب والأجلح متكلم فيهما". قلت: ومثله وأنكر منه: ما أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 3) قال: أخبرنا علي بن المنذر (الأصل: نذر) الكوفي قال: أخبرنا ابن فضيل قال: أخبرنا الأجلح عن عبد الله بن [أبي] الهذيل عن علي رضي الله عنه قال: ما أعرف أحداً من هذه الأمة عبد الله - بعد نبينا - غيري، عبد ت الله قبل أن يعبد هـ أحد من هذه الأمة تسع سنين! قلت: ورجال إسناده ثقات كلهم؛ لكن من دون ابن أبي الهذيل كلهم من الشيعة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 652 والأجلح منهم متكلم فيه؛ كما تقدم عن الذهبي، فلعله هو العلة. والله أعلم. والطرف الأول من حديث الترجمة؛ قد روي بإسناد صحيح مرسل، وهو الآتي قريباً برقم (4950) . 4948 - (كان علي يقول في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ؛ والله! لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله! لئن مات أو قتل؛ لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله! إني لأخوه، ووليه، وابن عمه، ووارث علمه، فمن أحق به مني؟!) . منكر أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 13) ، والحاكم (3/ 126) ، وابن عساكر (12/ 79/ 2) من طريق أسباط بن نصر عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره. قلت: وسكت عليه الحاكم والذهبي؛ ولعل ذلك لظهور علته، وهي تنحصر في سماك، أو في الراوي عنه: أسباط. أما الأول؛ فلأنه وإن كان ثقة؛ فقد تكلموا في روايته عن عكرمة خاصة، فقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن". وأما الآخر؛ فقال الحافظ: "صدوق، كثير الخطأ، يغرب". الحديث: 4948 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 653 (تنبيه) : أورد الشيعي في "مراجعاته" (ص 148) طرفاً من هذا الحديث، وعزاه للحاكم؛ وقال: "وأخرجه الذهبي في "تلخيصه"؛ مسلماً بصحته"!! قلت: وهذا من تدليساته الكثيرة؛ فإن الذهبي سكت عليه، والحاكم نفسه لم يصرح بصحة إسناده - على خلاف عادته -، وإنما سكت عليه أيضاً، فتنبه!! ثم رأيته أفصح بالكذب فقال (ص 222) - بعد أن ذكر طرفه الأول والأخير منه -: "هذه الكلمة بعين لفظها ثابتة عن علي، أخرجها الحاكم في صفحة (126) ، من الجزء (3) من "المستدرك" بالسند الصحيح على شرط البخاري ومسلم، واعترف الذهبي في "تلخيصه" بذلك"!! 4949 - (أنشدكم الله! هل فيكم أحد آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينه - إذ آخى بين المسلمين - غيري؟ قالوا: اللهم! لا) . موضوع أخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 1098) من طريق زياد ابن المنذر عن سعيد بن محمد الأزدي عن أبي الطفيل قال: لما احتضر عمر؛ جعلها شورى بين علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن ابن عوف وسعد. فقال لهم علي ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته زياد بن المنذر؛ قال الحافظ: "رافضي؛ كذبه يحيى بن معين". وسعيد بن محمد الأزدي؛ لم أجد من ذكره، وإني لأخشى أن يكون هو الحديث: 4949 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 654 محمد بن سعيد الأسدي - ويقال: الأزدي -؛ وهو المصلوب بالزندقة؛ فقد قيل: إنهم قلبوا اسمه على مئة وجه، فيكون هذا الوجه من تلك الوجوه؛ قلبه - تعمية لأمره - هذا الرافضي الكذاب. والله أعلم. والحديث؛ احتج به الشيعي، وعزاه لابن عبد البر؛ وكفى!! ثم وجدت للحديث طريقين آخرين: الأول: عن يحيى بن المغيرة الرازي: حدثنا زافر عن رجل عن الحارث بن محمد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت علياً يقول: بايع الناس أبا بكر؛ وأنا - والله! - أولى بالأمر منه وأحق منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفاراً، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف! ثم بيع الناس عمر، وأنا - والله! - أولى بالأمر منه وأحق به منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفاراً، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف! ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! إذن أسمع وأطيع؛ إن عمر جعلني في خمسة نفر أنا سادسهم؛ لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح، ولا يعرفونه لي، كلنا فيه شرع سواء، وأيم الله ... ثم قال: نشدتكم الله أيها النفر! جميعاً: أفيكم أحد آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيري؟ قالوا: اللهم! لا. ثم قال: نشدتكم الله ... أفيكم أحد له مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: لا ... الحديث. أخرجه العقيلي في ترجمة الحارث هذا من "الضعفاء" (ص 74-75) ، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 174/ 2-175/ 1) . وقالا: "فيه رجلان مجهولان: رجل لم يسمه زافر، والحارث بن محمد". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 655 ثم ساقه من طريق آخر عن محمد بن حميد قال: حدثنا زافر: حدثنا الحارث بن محمد عن أبي الطفيل عن علي ... فذكر الحديث نحوه. قال العقيلي: "وهذا عمل محمد بن حميد، أسقط الرجل؛ أراد أن يجود الحديث. والصواب ما قال يحيى بن المغيرة ويحيى ثقة وهذا الحديث لا أصل له عن علي". وقال الذهبي - عقب قول العقيلي: "أراد أن يجوده" -: "قلت: فأفسده، وهو خبر منكر". ثم ساقه بتمامه إلا قليلاً من آخره؛ فقال: "وذكر الحديث؛ فهذا غير صحيح، وحاشا أمير المؤمنين من قول هذا". قلت: وقال الحافظ في "اللسان": "ولعل الآفة في هذا الحديث من زافر". قلت: وهو ابن سليمان القهستاني؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الأوهام". قلت: وسواء كانت الآفة منه أو ممن فوقه؛ فلا شك في أن الحديث موضوع لا أصل له؛ كما صرح بذلك العقيلي، وأشار إلى ذلك الذهبي بتبرئته علياً رضي الله عنه من قوله. وكذلك جزم بوضعه الحافظ ابن عساكر، واستدل على ذلك ببعض فقراته؛ كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى. والطريق الآخر: عن مثنى أبي عبد الله عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة وهبيرة. وعن العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي. وعن عمرو بن واثلة قالوا: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 656 قال علي بن أبي طالب يوم الشورى ... فذكر الحديث نحوه بطوله. أخرجه ابن عساكر (12/ 174/ 1-2) . وقال: "وفي هذا الحديث ما يدل على أنه موضوه؛ وهو قوله: "وصلى القبلتين"؛ وكل أصحاب الشورى قد صلى القبلتين. وقوله: "أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة؟ " - وقد كان لعثمان مثل ما له من هذه الفضيلة وزيادة". قلت: ولعل آفة هذه الطريق: المثنى هذا؛ فإني لم أجد له ترجمة. 4950 - (أنا عبد الله وأخو رسوله) . ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/ 23) : أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي: أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال: لما كان يوم بدر؛ برز عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فخرج إليهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرز شيبة لحمزة، فقال له شيبة: من أنت؟ فقال: أنا أسد الله ورسوله. قال: كفء كريم؛ فاختلفا ضربتين، فقتله حمزة. ثم برز الوليد لعلي فقال: من أنت؟ ... فذكره. فقتله علي. ثم برز عتبة لعبيدة بن الحارث، فقال عتبة: من أنت؟ قال: أنا الذي في الحلف. قال: كفء كريم، فاختلفا ضربتين أوهن كل منهما صاحبه، فأجاز حمزة وعلي على عتبة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ وإنما علته الإرسال؛ فإن البهي هذا أورده الحافظ في فصل الألقاب من "التهذيب"؛ وقال: "هو عبد الله بن يسار، مولى مصعب بن الزبير". الحديث: 4950 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 657 والصواب حذف قوله: "ابن يسار"، كما فعل الخزرجي؛ فإنهم لم يوردوه منسوباً إلى أبيه، وإنما فيمن لم ينسب إلى أبيه؛ فقال الحافظ هناك: "عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير أبو محمد، يقال اسم أبيه: يسار. روى عن عائشة وفاطمة بنت قيس و ... ". وروى توثيقه عن ابن سعد، وابن حبان، وأخرج له مسلم. وعن أبي حاتم أنه قال فيه: "لا يحتج بالبهي، وهو مضطرب الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء". 4951 - (لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها؛ أحب إلي من أن أعطى حمر النعم: تزوجه فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسكناه المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - يحل له فيه ما يحل له -، والراية يوم خيبر) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (3/ 125) ، وابن عساكر (12/ 87/ 2) من طريق علي بن عبد الله بن جعفر المديني: حدثنا أبي: أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: بل المديني عبد الله بن جعفر؛ ضعيف". وقال في "الميزان": الحديث: 4951 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 658 "متفق على ضعفه. وقال ابن المديني: أبي ضعيف. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جداً. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الجوزجاني: واه. وقال ابن حبان: هو الذي روى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً: (الديك الأبيض صديقي، وصديق صديقي، وعدو عدوي) ". قلت: لكن تزوجه بفاطمة وحمله الراية؛ فمتواتر في دواوين السنة. والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 121) . وقال: "رواه أبو يعلى في "الكبير" (1) ؛ وفيه عبد الله بن جعفر بن نجيح، وهو متروك". وأما الشيعي؛ فعزاه في حاشية (ص 149) للحاكم وأبي يعلى؛ ولم يكشف عن علته كما هي عادته! بل زاد على ذلك، فقال في صلب الكتاب بأنه: "حديث صحيح على شرط الشيخين"! وهذا كذب مفضوح عند كل من له علم بتراجم الرواة؛ فإن عبد الله بن جعفر هذا - مع ضعفه الشديد - لم يخرج له الشيخان. وسهيل بن أبي صالح؛ لم يخرج له البخاري. أفلا نجعل لعنة الله على الكاذبين؟! ومن تدليسات هذا الشيعي - إن لم نقل: من أكاذيبه -؛ قوله عطفاً على عزوه المشار إليه آنفاً: "وأخرجه بهذا المعنى - مع قرب الألفاظ -: أحمد بن حنبل من حديث عبد الله بن عمر (ص 26) من الجزء الثاني من (مسنده) "!!   (1) وهو في " المقصد العلي " (1329) ، ورمز له بـ: (كـ) ؛ يعني: في " الكبير ". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 659 وكشفاً عن تدليسه؛ أقول: أولاً: إن لفظ حديث ابن عمر بعيد جداً عن لفظ حديث الترجمة في الخصلة الثانية؛ فإن أحمد أخرجه في المكان الذي أشار إليه من طريق هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر قال: كنا نقول في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -: رسول الله خير الناس، ثم أبو بكر، ثم عمر، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ... ". قلت: فذكرها؛ إلا أنه قال في الخصلة الثانية: "وسد الأبواب إلا بابه في المسجد". فتأمل كم الفرق بين هذا اللفظ ولفظ الترجمة: وسكناه المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يحل له فيه ما يحل له؟! هذا الفرق في اللفظ؛ فما بالك في المعنى، وهو مقصود الألفاظ؟! ثانياً: في حديث ابن عمر هذا ما لا يؤمن به الشيعة؛ وهو أن خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبو بكر وعمر، ويجادلون في ذلك مجادلة كبيرة بالباطل، ويرتكبون في سبيل ذلك كل سهل ووعر، ويعرضون عن الأحاديث الصحيحة - كحديث ابن عمر هذا - إلى الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة والموضوعة - كحديث عمر هذا، وما قبله من الأحاديث وما يأتي -. فما أشبه هذا الشيعي وأمثاله الذين يأخذون من النص ما يوافق أهواءهم، ويدعون منه ما يخالفهم، فما أشبههم بمن خاطبهم الله تعالى بقوله: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الجزء: 10 ¦ الصفحة: 660 الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) ! ومن تدليساته أيضاً؛ قوله عطفاً على ما سبق: "ورواه عن كل من عمر وابنه عبد الله؛ غير واحد من الأثبات بأسانيد مختلفة"! فأقول: ليس له عن عمر إلا تلك الطريق الواهية، ولا عن ابن عمر إلا تلك الطريق المذكورة؛ وهي جيدة. وقال الهيثمي فيه: "رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال (الصحيح) "! وأقول: هشام بن سعد؛ وإن أخرج له مسلم؛ ففي حفظه ضعف يسير، وهو حسن الحديث. ولذلك حسن الحافظ ابن حجر إسناد حديثه هذا في "الفتح" (7/ 13) . لكن له شواهد كثيرة تؤيد صحة هذه الخصلة في حديث ابن عمر. وقد جمع الحافظ بينها وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبقين في المسجد باب إلا سد؛ إلا باب أبي بكر" أخرجه البخاري، فراجعه في "فتح الباري". 4952 - (ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (3/ 116-117) من طريق مسلم الملائي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: سمعت سعد بن مالك وقال له رجل: إن علياً يقع فيك؛ أنك تخلفت عنه، فقال سعد: والله! إنه لرأي رأيته؛ وأخطأ رأيي، إن علياً أعطي ثلاثاً؛ لأن أكون أعطيت إحداهن أحب إلي من الدنيا وما فيها ... قلت: فذكر قصة غدير (خم) مختصراً؛ وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم! من كنت مولاه فعلي مولاه، وال من والاه، وعاد من عاداه"، وقصة الحديث: 4952 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 661 دعائه له من الرمد، وفتح علي خيبر، ثم قال في الثالثة: وأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس وغيره من المسجد. فقال له العباس: تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك، وتسكن علياً؟! فقال ... فذكره. قلت: سكت عنه الحاكم؛ وكأنه لظهور علته. وقال الذهبي في "تلخيصه": "سكت الحاكم عن تصحيحه، ومسلم متروك". وأما الشيعي؛ فقال بكل وقاحة (ص 150) : "حديث صحيح"! وزاد على ذلك، فقال في الحاشية - بعد أن عزاه للحاكم -: "وهذا الحديث في صحاح السنن، وقد أخرجه غير واحد من أثبات السنة وثقاتها"!! والحديث؛ قد روي من طريق أخرى نحوه، وقد مضى برقم (4495) . 4953 - (أما بعد؛ فإني أمرت بسد هذه الأبواب؛ إلا باب علي وقال فيه قائلكم. وإني - والله! - ما سددت شيئاً ولا فتحته؛ ولكني أمرت بشيء فاتبعته) . ضعيف أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 9) ، وأحمد (4/ 369) ، ومن طريقه الحاكم (3/ 125) ، وكذا ابن عساكر (12/ 92/ 2) من طريق محمد ابن جعفر: حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبواب شارعة في المسجد. قال: فقال يوماً: "سدوا هذه الأبواب إلا باب علي". قال: فتكلم في ذلك الناس. قال: فقام الحديث: 4953 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 662 رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! وأما الذهبي؛ فلم يوافقه ولا خالفه، كما هي عادته؛ وإنما قال: "رواه عوف عن ميمون أبي عبد الله"! قلت: ولعله لم يكن مستحضراً لحال ميمون هذا، أو لم يعرفه؛ لأن في طبقته جماعة؛ كل منهم يسمى ميموناً، فأشار الذهبي إلى أن راوي هذا الحديث إنما هو ميمون الذي روى عنه عوف. والواقع: أن ميموناً هذا: هو أبو عبد الله البصري الكندي - ويقال: القرشي - مولى ابن سمرة، فهو الذي روى عنه عوف الأعرابي؛ كما روى عنه غيره. وقد اتفقوا على تضعيفه؛ غير أن ابن حبان أورده في كتابه "الثقات". وقال: "كان يحيى القطان سيىء الرأي فيه". قلت: وكذلك كل من تكلم فيه، كان سيىء الرأي فيه؛ ومنهم الإمام أحمد، فقد قال فيه: "أحاديثه مناكير". ولذلك قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". قلت: فيتعجب من توثيقه إياه في قوله في "الفتح" (7/ 13) : "أخرجه أحمد والنسائي والحاكم، ورجاله ثقات" (1) !!   (1) ونحوه قول السيوطي في " اللآلئ " (1/180) : " وثقه غير واحد، وتكلم بعضهم في حفظه "! فإنه لم يوثقه إلا ابن حبان، كما تقدم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 663 ولقد كان شيخه الهيثمي أقرب إلى الصواب منه؛ حين قال في "المجمع" (9/ 114) : "رواه أحمد، وفيه ميمون أبو عبد الله؛ وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة". وأخرجه العقيلي في ترجمته من "الضعفاء" (414) ؛ لكن من طريق المعتمر عن عوف به. وقال: "وقد روي من طريق أصلح من هذا، وفيها لين أيضاً". قلت: لعله يشير إلى حديث إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه؛ الذي سبق تخريجه والكلام عليه تحت الحديث (4495) . وقد اختلف على ميمون في إسناده: فرواه محمد بن جعفر والمعتمر عن عوف عنه هكذا. وخالفهما أبو الأشهب فقال: أخبرنا عوف عن ميمون عن البراء به. أخرجه ابن عساكر عقب حديثه عن زيد بن أرقم. وخالف كثير النواء؛ فقال: عن ميمون أبي عبد الله عن ابن عباس به نحوه. لكن كثيراً هذا ضعيف، وكذا بعض من دونه؛ كما تقدم بيانه عند الرقم المشار إليه آنفاً. ومع ذلك؛ فإني لا أستبعد أن يكون هذا الاضطراب في إسناده ليس هو ممن دون ميمون هذا، لا سيما من الوجهين الأولين، وإنما هو من ميمون نفسه؛ الأمر الذي يدل على ضعفه وقلة ضبطه. والله أعلم. والحديث؛ رواه معلى بن عبد الرحمن: حدثنا شعبة عن أبي بلج عن مصعب ابن سعد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 664 "سدوا عني كل خوخة في المسجد؛ إلا خوخة علي". أخرجه البزار (3/ 195/ 2551) ، وقال: "لا يروى عن سعد إلا من هذا الطريق، وأخطأ معلى فيه؛ لأن شعبة وأبا عوانة يرويانه عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس، وهو الصواب". قلت: تقدم تخريجه تحت الحديث (2929) ، وأنه جيد. وقوله في حديث سعد: "لا يروى إلا من هذا الطريق"! إنما هو بالنسبة لما وقع له؛ وإلا فقد أخرجه النسائي (2/ 40 و 41) ، وأحمد (1/ 175) من طريق أخرى عنه. وقال الحافظ في "الفتح" (7/ 14) : "وإسناده قوي". 4954 - (إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده لهارون وذريته، وإني سألت الله أن يطهر مسجدي لك ولذريتك من بعدك) . موضوع أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 179 - لآلىء) بسنده، عن الحسن بن عبيد الله الأبزاري: حدثنا إبراهيم بن سعيد عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي ... فذكره. وقال: "باطل. من عمل الأبزاري". قلت: ويقال فيه: (الحسين) مصغراً، وله ترجمة في "الميزان" و "اللسان"، وذكرا له حديثاً آخر من أكاذيبه. الحديث: 4954 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 665 4955 - (إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون، وإني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك وبذريتك) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص 268 - زوائد) من طريق عبيد الله بن موسى: حدثنا أبو ميمونة عن عيسى الملائي عن علي بن حسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال ... فذكره. ثم أرسل إلى أبي بكر؛ أن: "سد بابك". فاسترجع، ثم قال: سمعاً وطاعة، فسد بابه. ثم أرسل إلى عمر، ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي؛ ولكن الله فتح باب علي وسد أبوابكم". وقال البزار: "أبو ميمونة مجهول. وعيسى الملائي لا نعلم روى إلا هذا" (1) . قلت: عيسى الملائي؛ قال أبو الفتح الأزدي: "تركوه"؛ كما في "الميزان" و "اللسان". وأما أبو ميمونة؛ فقد أغفلوه، وهو غير أبي ميمونة الفارسي المدني؛ فإنه دون هذا في الطبقة؛ لأن الفارسي تابعي يروي عن أبي هريرة وغيره. وكأن الهيثمي أشار إليه بقوله في "المجمع" (9/ 115) : "رواه البزار، وفي إسناده من لم أعرفه".   (1) في الأصل بياض؛ أتممته من " اللآلئ " (1/181) الحديث: 4955 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 666 4956 - (ما بال أقوام يتنقصون علياً؟! من تنقص علياً فقد تنقصني، ومن فارق علياً فقد فارقني، إن علياً مني وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)) . ضعيف جداً أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 128) من حديث بريدة. قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً أميراً على اليمن، وبعث خالد بن الوليد على الجبل، فقال: "إن اجتمعتما فعلي على الناس". فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جارية من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها؛ فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد؛ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منزله، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً! فتح الله على المسلمين. فقالوا: ما أقدمك؟ قلت: جارية أخذها على من الخمس، فجئت لأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا: فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه يسقط من عين النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع الكلام، فخرج مغضباً فقال ... فذكره. "يا بريدة! أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليكم بعدي؟! ". فقلت: يا رسول الله! بالصحبة، إلا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديداً. قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه جماعة لم أعرفهم، وحسين الأشقر؛ ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان". قلت: قال في "الميزان": الحديث: 4956 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 667 "قال خ: فيه نظر. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال الجوزجاني: غال شتام للخيرة ... وأما ابن حبان؛ فذكره في (الثقات) ". وأقول: إن قصة بريدة هذه مع علي؛ وردت عنه من طرق: عند النسائي في "الخصائص" (ص 15-16) ، وأحمد (5/ 347،350،350-351،356،359) ، وابن عساكر (12/ 105/ 2-108/ 1) من طرق عنه بعضها صحيح، وليس في شيء منها حديث الترجمة. نعم؛ في بعضها قصة الجارية، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في آخرها: "فإن له في الخمس أكثر من ذلك". (تنبيه) : قال الشيعي في "مراجعاته" (ص 155-156) - بعد أن ساق الحديث من طريق الطبراني هذه -: "وهذا الحديث مما لا ريب في صدوره، وطرقه إلى بريدة كثيرة، وهي معتبرة بأسرها"! فأقول: وهذا كذب مكشوف، فمن أين لهذه الطريق الاعتبار؛ وفيها ما عرفت من جهالة جماعة من رواته، وضعف حسين الأشقر مع تشيعه؟! وهب أن هذا مرضي عنه عند الشيعي؛ فهل الجماعة من الشيعة أيضاً على جهالتهم؟! ثم إنه إن كان يعني أنه لا ريب في صدوره من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو التقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحسبه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين". وكيف لا يرى أن هذا الحديث كذب؛ مع تفرد أولئك المجهولين وذاك الشيعي الجزء: 10 ¦ الصفحة: 668 الضعيف به، دون سائر الرواة الثقات وغيرهم كما سبق بيانه؟! فصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: "إذا لم تستحي؛ فاصنع ما شئت". 4957 - (سألت الله فيك خمساً، فأعطاني أربعاً ومنعني واحدة: سألته فأعطاني فيك أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة. وأنت معي؛ معك لواء الحمد، وأنت تحمله. وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي) . موضوع أخرجه الخطيب في ترجمة أحمد بن غالب بن الأجلح أبي العباس من "تاريخه" (4/ 338-339) بروايته عن محمد بن يحيى بن الضريس: حدثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب: حدثني أبي عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب مرفوعاً. قلت: ولم يذكر في ترجمته جرحاً ولا تعديلاً. لكن الآفة من عيسى هذا؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "يروي عن آبائه أشياء موضوعة". وقال أبو نعيم: "روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء". قلت: وساق له ابن عدي (ق 295/ 1) جملة من مثل هذا الحديث، وقال: "وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه". الحديث: 4957 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 669 قلت: وأورده ابن عراق في (الوضاعين والكذابين) الذين ساق أسماءهم في فصل خاص في أول كتابه (1/ 17-133) . وإن مما يؤكد ذلك؛ قوله في هذا الحديث: "أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة"! فإن هذا من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده؛ كما جاء في "الصحيحين" وغيرهما؛ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسواهما (1) . فجاء هذا الكذاب، فجعله من خصوصيات علي رضي الله عنه. فقبح الله الوضاعين، وقبح معهم من يذيع أكاذيبهم، ويسود الكتب بها! (تنبيه) : أورد الشيعي هذا الحديث محتجاً به في "مراجعاته" دون أي تخريج؛ اللهم إلا أنه ذكر أنه من أحاديث "الكنز" (ص 396 جزء 6) ! واقتصاره على هذا فقط: من تدليساته التي لا تتناهى، ولا يمكن للقارىء - بل لأكثر القراء - أن يكتشفوا سرها؛ فإن من عادته أن يخرج الحديث بعزوه إلى بعض أئمة الحديث غالباً؛ كأن يقول: رواه أحمد والطبراني و ... ، ثم يذكر المصدر الذي نقل ذلك منه كـ "الكنز" مثلاً؛ وهو الغالب عليه، فلماذا لم ينقل عنه مخرج هذا الحديث؟! ذلك؛ لأنه لو فعل لانفضح أمره، ذلك؛ أن "الكنز" قال في الموضع الذي أشار إليه الشيعي نفسه: "رواه ابن الجوزي في (الواهيات) ".   (1) انظر تخريجي على " شرح العقيدة الطحاوية " (ص 107، 108، 405) ، و " مختصري لـ " العلو للعلي العظيم " للذهبي (61) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 670 قلت: وكل من شم رائحة الحديث، وعلم الكتب المصنفة فيه؛ يعلم أن "الواهيات" كتاب لابن الجوزي خصه بالأحاديث الواهية والمنكرة، التي لم تبلغ عنده دركة الوضع، وهذا غالبي، فكثيراً ما يورد فيه بعض الموضوعات أيضاً، كما نبه على ذلك الحفاظ. وعليه؛ فعزو الحديث إلى "الواهيات" تضعيف له؛ من أجل ذلك لم ينقل الشيعي عن "الكنز" رواية ابن الجوزي له في "الواهيات"!! وقد يقول قائل: لعل الشيعي لا يعلم موضوع كتاب "الواهيات"؛ فلا يلزم أن نسيء الظن به، ونجزم أنه تعمد ترك عزو الحديث إليه لما ذكرت! فأقول: إني أستبعد ذلك عنه، ولئن سلمنا به؛ فقد خلصناه من إساءة الظن به وألصقنا به الجهل؛ بما يترفع عنه المبتدئون في هذا العلم، فسواء كان هذا أو ذاك؛ فأحلاهما مر! ولقد ذكرني هذا الجهل المنسوب للشيعي بقصة طريفة تروى؛ خلاصتها: أن خطيباً في بعض القرى ذكر حديثاً في خطبته؛ قال عقبه: "رواه ابن الجوزي في (الموضوعات) "!! 4958 - (اللهم! إن أخي موسى سألك؛ (قال رب اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. واحلل عقدة من لساني. يفقهوا قولي. واجعل لي وزيراً من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيراً. ونذكرك كثيراً. إنك كنت بنا بصيراً) . فأوحيت إليه: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) . اللهم! وإني عبدك الحديث: 4958 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 671 ونبيك، فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً اشدد به ظهري) . موضوع أورده الشيعي في "مراجعاته" (ص 161) من رواية الثعلبي في "تفسيره" بالإسناد إلى أبي ذر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهاتين - وإلا صمتا - ورأيته بهاتين - وإلا عميتا - يقول: "علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله". أما إني صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فسأل سائل في المسجد؛ فلم يعطه أحد شيئاً، وكان علي راكعاً، فأومأ بخنصره إليه - وكان يتختم بها -، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، فتضرع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله عز وجل يدعوه، فقال ... فذكره. قال أبو ذر: فوالله! ما استتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلمة؛ حتى هبط عليه الأمين جبريل بهذه الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) . قلت: وسكت الشيعي عن إسناده كعادته، بل أخذ يوهم القراء بأنه صحيح، وذلك بأن نقل ترجمة الثعلبي عن ابن خلكان؛ الذي نقل عن بعضهم أنه قال فيه: "صحيح النقل، موثوق به"! فيتوهم من لا علم عنده؛ أن هذا معناه أن كل ما ينقله من الأحاديث صحيح في ذاته! وليس الأمر كذلك، كما يعلمه عامة المشتغلين بهذا العلم الشريف، وإنما المراد أنه لا ينقل إلا ما سمعه، وأنه ثقة في روايته ما سمع، كغيره من الحفاظ. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 672 وأما كون ما روى صحيحاً في نفسه أو لا؛ فهذا أمر يعود إلى النظر في إسناده الذي روى الحديث به؛ فإن صح فبها؛ وإلا فإن مجرد روايته إياه لا تكون تصحيحاً له؛ كما لا يخفى، شأنه في ذلك شأن كل أئمة الحديث الذين لم يتقيدوا برواية الصحيح فقط. وكم من حديث رواه الثعلبي هذا، وهو مطعون فيه عند العلماء، ومنه حديث الترجمة هذا؛ فقد قال الحافظ ابن حجر - بعد أن ضعف الحديث من طريق أخرى في نزول الآية المذكورة في علي، كما تقدم برقم (4921) -؛ قال الحافظ (ص 56-57 ج4) : "ورواه الثعلبي من حديث أبي ذر مطولاً، وإسناده ساقط". ومضى كلام شيخ الإسلام مفصلاً في إبطاله تحت الحديث (4921) . وقد حكم ابن عدي بوضع الطرف الأول منه من رواية أخرى. وكذلك الذهبي، بل حلف بالله على وضعه! وقد سبق تخريجها برقم (357) . 4959 - (أيها الناس! إني قد كرهت تخلفكم وتنحيكم عني؛ حتى خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إلي من شجرة تليني؛ لكن علي بن أبي طالب أنزله الله مني بمنزلتي منه؛ رضي الله عنه كما أنا عنه راض؛ فإنه لا يختار على قربي ومحبتي شيئاً) . منكر أخرجه ابن عساكر (12/ 116/ 1-2) من طريق عبد الله بن صالح: أخبرنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة وابن هبيرة عن قبيصة بن ذؤيب وأبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال: الحديث: 4959 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 673 خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى نزل (خم) (1) ؛ فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب، فشق على النبي - صلى الله عليه وسلم - تأخر الناس عنه، فأمر علياً فجمعهم. فلما اجتمعوا قام فيهم، وهو متوسد على علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال ... فذكره. ثم قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم! وال من والاه، وعاد من عاداه". وابتدر الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يبكون ويتضرعون إليه، ويقولون: يا رسول الله! إنما تنحينا؛ كراهية أن نثقل عليك، فنعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله! فرضي عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك. فقال أبو بكر: يا رسول الله! استغفر لنا جميعاً. فقال لهم: "أبشروا؛ فوالذي نفسي بيده! ليدخلن الجنة من أصحابي سبعون ألفاً بغير حساب، ومع كل ألف سبعون ألفاً، ومن بعدهم مثلهم أضعافاً". قال أبو بكر: يا رسول الله! زدنا - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضع رمل -. فحفن بيديه من ذلك الرمل ملء كفيه، ثم قال: "هكذا". قال أبو بكر: زدنا يا رسول الله! ففعل مثل ذلك ثلاث مرات. فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله! فقال عمر: ومن يدخل النار بعد الذي سمعنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد ثلاث حنفات من الرمل من الله؟! فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فقال: "والذي نفسي بيده! ما يفي بهذا أمتي حتى يوفى عدتهم من الأعراب". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. ونحوه عبد الله بن صالح. والمتن منكر.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " الصحيحة " (1750) "، وسيشير إليه الشيخ بعد قليل. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 674 وحديث غدير (خم) صحيح؛ قد جاء من طرق صحاح ليس فيها هذا المتن، ولا التنحي، ولا الشفاعة. وقد ذكر الشيعي في "مراجعاته" (ص 172) نقلاً عن "صواعق ابن حجر": أن ابن السماك أخرج عن أبي بكر مرفوعاً: "علي مني بمنزلتي من ربي". وسكت عنه كعادته! وما وقفت على إسناده، وما إخاله يصح، والمعروف - ولا يصح - بلفظ: ".. بمنزلة رأسي من بدني". وقد مضى (3914) ، ولعله محرف منه! 4960 - (والذي نفسي بيده! فليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة، أو لأبعثن إليهم رجلاً مني - أو كنفسي -؛ فليضربن أعناق مقاتليهم، وليسبين ذراريهم. فأخذ بيد علي فقال: هذا هو) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1/ 244) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن طلحة عن المطلب بن عبد الله عن مصعب بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة؛ انصرف إلى الطائف فحاصرها تسع عشرة أو ثمان عشرة لم يفتحها، ثم أوغل روحة أو غدوة، [نزل] ، ثم هجر؛ فقال: "أيها الناس! إني فرط لكم، وأوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده ... ". قال: فرأى الناس أنه أبو بكر أو عمر؛ فأخذ ... الحديث: 4960 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 675 ومن طريق عبيد الله بن موسى: أخرجه البزار (3/ 223-224) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ طلحة هذا: هو ابن جبر؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 480) ، وروى عن ابن معين أنه قال فيه: "لا شيء". وزاد في "الميزان": "وقال مرة: ثقة. وهاه الجوزجاني فقال: غير ثقة". زاد في "اللسان": "وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الطبري: لا تثبت بنقله حجة". قلت: والمطلب بن عبد الله صدوق، لكنه كثير التدليس والإرسال، كما قال الحافظ، وقد أرسله في رواية كما يأتي. وشيخه مصعب بن عبد الرحمن - وهو ابن عوف - غير معروف، وقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 303/ 1) برواية المطلب هذا عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما قول الهيثمي (9/ 134) : "رواه أبو يعلى، وفيه طلحة بن جبر؛ وثقه ابن معين في رواية، وضعفه الجوزجاني؛ وبقية رجاله ثقات"! وأورده في موضع آخر (9/ 163) ، فقال: "رواه البزار (1) ، وفيه طلحة بن جبر، وهو ضعيف"! فأقول: الظاهر أن مصعباً هذا أورده ابن حبان في "الثقات"؛ فاعتمده الهيثمي، وهذا ليس بجيد؛ لما عرف من تساهل ابن حبان في التوثيق! على أن كتاب "الثقات" لا تطوله يدي الآن للتحقق من ورود مصعب فيه.   (1) وهو فيه برقم (2618 - كشف) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 676 ثم رأيته فيه (5/ 411) ، وقال: "روى عنه أهل المدينة. قتل يوم الحرة سنة (63) ، وكان على قضاء مكة". وقد خولف ابن جبر في إسناده ومتنه، فقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 1109-1110) : "وروى معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفد ثقيف حين جاءه: "لتسلمن أو لأبعثن رجلاً مني - أو قال: مثل نفسي -؛ فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم". قال عمر: فوالله! ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب صدري له؛ رجاء أن يقول: هو هذا. قال: فالتفت إلى علي رضي الله عنه؛ فأخذ بيده ثم قال: "هو هذا". قلت: وهذا إسناد صحيح؛ ولكنه مرسل. وإني لأستنكر منه قوله: "قال عمر: فوالله .... رجاء أن يقول: هو هذا". فإن هذا إنما قاله عمر يوم خيبر؛ حين قال - صلى الله عليه وسلم -: "لأعطين الراية ... "؛ قال عمر: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها. قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ... الحديث. رواه مسلم (7/ 121) من حديث أبي هريرة. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى؛ من رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيغ عن أبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 677 "لينتهين بنو ربيعة؛ أو لأبعثن عليهم رجلاً كنفسي، ينفذ فيهم أمري؛ فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية". فما راعني إلا وكف عمر في حجزي من خلفي: من يعني؟ قلت: إياك يعني وصاحبك؟! قال: فمن يعني؟ قلت: خاصف النعل قال: وعلي يخصف النعل. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن أبا إسحاق - وهو السبيعي - مدلس، وكان اختلط، وابنه يونس روى عنه بعد اختلاطه. (تنبيه) : حديث الترجمة؛ عزاه في "الكنز" (6/ 405) لابن أبي شيبة، وقد رأيت أن أبا يعلى قد أخرجه من طريقه، فعرفنا بواسطته إسناده الذي تمكنا به معرفة ضعف الحديث وعلته. فالحمد لله على توفيقه. ثم رأيته في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 85/ 12186) . ورواه (12/ 68/ 12142) مختصراً عن شريك عن عياش العامري عن عبد الله ابن شداد قال: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد أبي سرح من اليمن، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر نحوه. وهذا مرسل ضعيف. 4961 - (يا أيها الناس! إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أني موشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وإنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، الحديث: 4961 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 678 وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم! اشهد. ثم قال: أيها الناس! إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني: علياً رضي الله عنه -. اللهم! وال من ولاه. وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس! إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض: حوض ما بين بصري إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة. وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين؛ فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر: كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به؛ لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي؛ فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضا حتى يردا علي الحوض". ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 149/ 2) ، وابن عساكر (12/ 114/ 1-2) عن زيد بن الحسن الأنماطي: أخبرنا معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لما صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حجة الوداع؛ نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهن، فقم ما تحتهن من الشوك، وعمد إليهن فصلى تحتهن، ثم قام فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الأنماطي هذا؛ قال أبو حاتم: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 679 "منكر الحديث". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! ولم يعبأ به الحافظ؛ فقال في "التقريب": "ضعيف". والحديث؛ أورده الهيثمي (9/ 164-165) من رواية الطبراني بهذا التمام من حديث حذيفة بن أسيد، وأعله بالأنماطي هذا؛ إلا أنه حكى قول أبي حاتم وابن حبان فيه. وأما الشيعي؛ فقد صدر الحديث بقوله (ص 187) : "أخرج الطبراني وغيره بسند مجمع على صحته عن زيد بن أرقم قال ... " فذكره بتمامه؛ إلا أنه اختصر كلمات من أوله. قلت: وفي كلام الشيعي هذا على قصره خطيئتان - ولا أقول: خطآن -: الأولى: قوله: "بسند مجمع على صحته"! فهذا كذب بواح؛ فإن مثل هذه الدعوى لا يمكن إثباتها حتى من عالم ثقة متخصص في علم الحديث، فكيف ومدعيها ليس في العير ولا في النفير؟! بل هو ممن بلونا منه الكذب الكثير، كما سبق بيانه مراراً. ومن الدليل على ذلك: أنه لما أراد أن يثبت هذه الدعوى الكاذبة في الحاشية؛ لم يزد على أن أضاف إليها دعوى كاذبة أخرى، فقال: "صرح بصحته غير واحد من الأعلام؛ حتى اعترف بذلك ابن حجر.. في الصواعق ص 25"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 680 قلت: فلم يستطع أن ينقل عن أحد صحته إلا ابن حجر المذكور، وليس هو الحافظ العسقلاني، وإنما هو الهيتمي الفقيه. ومع الأسف؛ فقد صرح هذا في الكتاب المذكور بأن سند الطبراني صحيح! وهذا لا يقبل من مثله؛ لأنه ليس من أهل المعرفة بالتصحيح والتضعيف، لا سيما وفيه ذلك الأنماطي الذي جزم العسقلاني - كما سبق - بأنه ضعيف، فأنى لإسناده الصحة، بل الإجماع عليها؟! والأخرى: جعله الحديث من رواية زيد بن أرقم، وإنما هو من رواية حذيفة ابن أسيد كما رأيت! والظاهر أنه تعمد تغيير صحابي الحديث تضليلاً؛ فإنه يفعل مثله أو نحوه كثيراً! عامله الله بما يستحق! واعلم أن الكلام إنما هو في خصوص هذا الإسناد الذي جاء بهذا السياق، فلا يعترضن أحد علينا بأن حديث (الغدير) قد جاء من طرق كثيرة؛ فهو صحيح قطعاً! فإننا نقول: نعم؛ هو صحيح في الجملة؛ إلا أن طرقها تختلف متونها اختلافاً كثيراً، فما اتفقت عليه من المتن فهو صحيح، ومن ذلك قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم! وال من ولاه وعاد من عاداه". وله طرق صحيحة قد كنت جمعت قسماً كبيراً منها في "الصحيحة" (1750) . وما اختلف عليه منه؛ فالمرجع حينئذ إلى الإسناد؛ فإن صح فبها، وإن لم يصح فلا. ولا يجوز حينئذ تصحيح هذا النوع - كما يفعل الشيعي - بالنوع الأول، كما هو ظاهر لا يخفى على أولي النهى؛ فإن أهل الأهواء كثيراً ما يستغلون الحديث الجزء: 10 ¦ الصفحة: 681 الضعيف إسناده؛ لأن له سياقاً خاصاً لم يرد في الأسانيد الصحيحة، ثم يزعمون أن الحديث صحيح، ويعنون أصله، وهم يستدلون بذلك على السياق الخاص!! ثم اعلم أن الحديث؛ قد روى مسلم (7/ 122-123) من طريق أخرى طرفاً منه من حديث يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً فينا خطيباً بماء يدعى: (خماً) - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر؛ ثم قال: "أما بعد: ألا أيها الناس؛ فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين؛ أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به". فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي؛ أذكركم الله في أهل بيتي؛ أذكركم الله أهل بيتي" (ثلاثاً) . وهكذا أخرجه أحمد (5/ 366-367) . وأخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 15) ، والحاكم (3/ 109) من طريق الأعمش: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد به نحوه، وزاد: "فانظروا كيف تخلفوني فيهما؛ فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض". ثم قال: "إن الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن". ثم إنه أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: "من كنت وليه فهذا وليه، اللهم! وال من والاه، وعاد من عاداه". وزاد الحاكم: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 682 "فذكر الحديث بطوله". وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! وسكت عنه الذهبي! وأقول: هو كما قال؛ لولا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه. وقد اختلف عليه في إسناده: فروي عنه هكذا. وروي عنه عن زيد بن أرقم به دون قوله: "إن الله مولاي ... " إلخ. أخرجه الترمذي من طريق الأعمش أيضاً عن عطية عن أبي سعيد، والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد به ... فأسقط من بينهما أبا الطفيل. أخرجه الترمذي (2/ 308) . وقال: "حسن غريب". وأخرجه أحمد (3/ 17،26) من هذا الوجه بأتم منه. وقول الشيعي (ص 20) أنه أخرجه من طريقين ... من أكاذيبه! ثم أخرجه الحاكم (3/ 533) من طريق كامل أبي العلاء: سمعت حبيب ابن أبي ثابت يخبر عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى انتهينا إلى غدير (خم) ، فأمر بروح، فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: "يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الجزء: 10 ¦ الصفحة: 683 الله عز وجل"، ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: "يا أيها الناس! من أولى بأنفسكم؟! " قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: "من كنت مولاه؛ فعلي مولاه". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقول: وهو كما قالا؛ لولا عنعنة حبيب. على أن كاملاً أبا العلاء - وإن كان من رجال مسلم -؛ ففي حفظه ضعف، كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله: "صدوق يخطىء". فمخالفة مثله للأعمش مما يتوقف فيه. على أن حديثه في الجملة - أو غالبه - صحيح؛ لأنه ثابت في الطرق والأحاديث الأخرى؛ إلا ما يتعلق بالبعث؛ فعندي فيه وقفة الآن؛ فإن جاء له شاهد معتبر به تقوى به. وقد جاء هذا في حديث زيد هذا من رواية الطبراني، ساقه الهيثمي (9/ 163-164) بأتم من رواية الحاكم؛ إلا أنه أعله بأن فيه حكيم بن جبير؛ وهو ضعيف. وقد نقلت عنه فيما تقدم طرفاً منه (رقم: 4914) . (تنبيه) : يكشف لك هذا التخريج أن حديث الغدير قد اختلف رواته - قبل مخرجيه من الأئمة - في سياقه؛ فمنهم المطول، ومنهم المختصر. فمن جنف الشيعي وحيفه وطغيانه وحقده على أئمة السنة؛ قوله - بعد أن ساق بعض الروايات فيه - ومنها رواية النسائي عن زيد -؛ قال (ص 190) : الجزء: 10 ¦ الصفحة: 684 "وهذا الحديث؛ أخرجه مسلم من عدة طرق (1) عن زيد بن أرقم، لكنه اختصره فبعثره - وكذلك يفعلون -"!! كذا قال! فض الله فاه! ما أقل حياءه! فما الذي حمله على اتهام الإمام مسلم بأنه هو الذي اختصره - إن كان هناك اختصار مقصود - دون من فوقه من رواته؟! وكيف يصح اتهامه إياه بذلك، وهذا الإمام أحمد قد رواه أيضاً مثل روايته مختصراً؟! ثم ماذا يقول عن النسائي وغيره ممن أخرج الحديث من طرق أخرى؛ يزيد بعضهم على بعض، وينقص بعضهم عن بعض، وخصوصاً الترمذي في روايته، أكل هؤلاء اختصروا الحديث وبتروه؟! بل ماذا يقول هذا الشيعي الجائر في صنيع الحاكم نفسه - وهو المتهم بالتشيع الصريح - بأنه اختصر الحديث بقوله المتقدم: ".. فذكر الحديث بطوله"؟! أليس الحاكم هو الأولى بأن يتهم باختصار الحديث من مسلم، لو كان الاختصار تهمة؟! ولكن صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت". ومن تقادير الله اللطيفة: أنه كشف عن أن الأمر الذي اتهم الشيعي الإمام مسلماً به: إنما هو صنيع الشيعي نفسه، فهو الذي يختصر الروايات ويبترها؛ لهوى في نفسه؛ فإنه - بعد أن صعن في الإمام تلك الطعنة الفاشلة - قال:   (1) قلت: وقوله: " من عدة طرق "! من أكاذيبه الكثيرة؛ فإنه لم يروه إلا من طريق يزيد ابنُ حبان كما تقدم؛ وكذلك أحمد. ويأتي بيان كذبة أخرى من هذا القبيل قريباً. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 685 "وعن سعد أيضاً قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغ غدير (خم) ؛ وقف للناس ... ". قلت: فذكر الحديث؛ وهو صحيح المتن ضعيف السند؛ لأن فيه راوياً فيه جهالة. ومع ذلك فقد وقع في سياقه ما يدل على ضعف راويه، وهو قوله في أوله: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق مكة وهو متوجه إليها، فلما بلغ ... الحديث (1) . هكذا نصه عند مخرجه النسائي الذي عزاه الشيعي إليه. ومع ذلك؛ حذف منه قوله: بطريق مكة وهو متوجه إليها! دون أن ينبه على ذلك؛ لأنه لو فعل خشي أن يتسرب إلى بعض القراء الشك في صحة أصل الحديث! ولكنه لجهله بهذا العلم؛ لا يستطيع أن يدفع الشك المشار إليه بمثل أن يقال: أصل الحديث صحيح! وأما قوله: وهو متوجه إليها ... فهو خطأ من بعض رواته؛ لأن الطرق الأخرى في حديث زيد وغيره متفقة على أن ذلك كان مرجعه من حجة الوداع. وقد ذكر الشيعي نفسه بعض الروايات في ذلك (ص 188،189) . وبهذا يتبين أنه قد صدق في الشيعي المثل السائر: (رمتني بدائها وانسلت) !! واعلم أن من الاستغلال الذي أشرت إليه فيما سبق: أن حديث الغدير؛ أورده الشيعي (190) من رواية الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب من طريقين - كذا قال -، فذكره، وزاد - بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعاد من عاداه" -: قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب! أصبحت   (1) عزاه الشيعي لـ " خصائص النسائي ".وقد رواه ابن عساكر أيضاً (12/155/1 - 2) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 686 وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة!! قلت: ليس في حديث البراء هذا زيادة أخرى على الأحاديث الأخرى التي ساقها الشيعي، فهو إنما ساقه من حديثه من أجل هذه الزيادة! وهي مما لا يصح في حديث الغدير الصحيح؛ فإن الإمام أحمد أخرجه في الصفحة التي ذكرها الشيعي نفسه (4/ 281) من طريق حماد بن سلمة: أنبأنا علي ابن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب به. قلت: وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف؛ كما تقدم مراراً. ومن طريقه: أخرجه ابن عساكر أيضاً (12/ 114/ 2) ، وكذا ابن ماجه (116) ؛ ولكنه لم يذكر هذه الزيادة. ولعله تعمد حذفها إشارة منه إلى نكارتها؛ لتفرد ابن جدعان بها في هذه الطريق. نعم؛ تابعه عليها - عند ابن عساكر - أبو هارون العبد ي. ولكنه شر منه؛ فإنه متهم بالكذب. ومما يؤكد نكارة هذه الزيادة: ما رواه أبو إسحاق عن البراء وزيد بن أرقم قالا ... الحديث دون الزيادة. أخرجه ابن شاهين في "السنة" (رقم 12 - منسوختي) ، وابن عساكر (12/ 115/ 1) . (تنبيه) : قول الشعي فيما تقدم: إن الحديث رواه أحمد من طريقين عن البراء بن عازب! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 687 فهو من أكاذيبه التي لا تتناهى؛ فإنما هو عنده من طريق ابن جدعان فقط؛ كما سبق. قلت: ومن ذلك الاستغلال؛ قول الشيعي (ص 195) : "ورب قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة؛ كأنس بن مالك"!! قلت: يشير بالشهادة إلى مناشدة علي رضي الله عنه من سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم غدير (خم) ما قال، فقام جمع فشهدوا، فزعم الشيعي - عامله الله بما يستحق - أن أنساً رضي الله عنه أقعده البغض عن القيام بتلك الشهادة!! وكذب عدو الله! فما كان لأنس - وهو الذي خدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، ودعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيراً - أن يكتم الشهادة! والشيعي - في زعمه الكاذب هذا - إنما استدل عليه بروايتين: الأولى: وعم أن علياً رضي الله عنه قال لأنس: ما لك لا تقوم مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتشهد بما سمعته يؤمئذ منه؟! فقال: يا أمير المؤمنين! كبرت سني ونسيت. فقال علي: إن كنت كاذباً؛ فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة! فما قام حتى ابيض وجهه برصاً. فكان بعد ذلك يقول: أصابتني دعوة العبد الصالح. قلت: وهذه رواية شيعية تقطر فرية وإثماً! وهي من رواياتهم الكثيرة التي لا سنام لها ولا خطام، والشيعي نفسه لم ينسبها إلى أي مرجع من مراجع السنة. أما من كتب أهل السنة؛ فلأنه لا أصل لها في شيء منها. وأما من كتب الشيعة؛ فكأنه لم يعزه إلى شيء منها؛ لعلمه بأن عزو مثل هذه الرواية إلى كتاب إنما هو فضيحة لها! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 688 وعلى كل حال؛ فليس الشاهد فيها؛ وإنما في الرواية السنية الآتية: الثانية: قال: "ويشهد لها ما أخرجه الإمام أحمد في آخر (ص 119) من الجزء الأول من "مسنده"؛ حيث قال: فقاموا إلا ثلاثة لم يقوموا؛ فأصابتهم دعوته"!! فأقول: والجواب من وجوه: الأول: أن عزوها للإمام أحمد خطأ؛ سببه الجهل بكتب السنة؛ فإن الشيعي يظن أن كل ما في "مسند أحمد" هو من روايته، وليس الأمر كذلك عند أهل العلم، وليس هذا مجال بسط ذلك؛ وإنما هي من رواية ابنه عبد الله عن غير أبيه؛ فقد قال عبد الله في "مسند أبيه" - في المكان الذي أشار إليه الشيعي -: حدثنا أحمد ابن عمر الوكيعي: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسي: حدثني سماك بن عبيد بن الوليد العنسي قال: دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني: أنه شهد علياً رضي الله عنه في الرحبة قال: أنشد الله ... قلت: فذكر ما أشرنا إليه آنفاً؛ وزاد في آخره: "وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقام (كذا) إلا ثلاثة لم يقوموا؛ فدعا عليهم؛ فأصابتهم دعوته"! الثاني: أن الاحتجاج بهذه الزيادة التي في آخر هذه الرواية؛ إنما يجوز إذا كان إسنادها ثابتاً؛ وهيهات هيهات؛ فإن فيه - كما رأيت - الوليد بن عقبة بن نزار العنسي؛ وهو مجهول كما قال الحافظ. وقال الذهبي: "لا يعرف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 689 وقد خالفه يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به دون هذه الزيادة. وخالفه كل من روى قصة المناشدة هذه عن علي رضي الله عنه؛ وهم جمع من التابعين: عند أحمد (1/ 84،118،119) ، والنسائي (ص 16،17،18،29) ، وابن عساكر (12/ 110/ 2-113/ 1) ؛ كل هؤلاء لم يذكروا الزيادة المتضمنة للاستثناء. الثالث: هب أن الاستثناء المشار إليه ثابت في القصة؛ فليس فيه تسمية الثلاثة الذين لم يقوموا؛ فأصابتهم دعوة علي رضي الله عنه؛ فضلاً أن يكون قد سمي منهم أنس بن مالك رضي الله عنه. الرابع: هب أنهم سموا، فليس فيه تعيين ما أصابهم من دعوته. ومن البدهي: أنه يجوز تعيين الاسم والدعوة بمثل تلك الرواية الشيعية الجائرة؛ لأنها بمنزلة الرواية الإسرائيلية التي يراد تفسير النص الشرعي الثابت بها! وهذا باطل لا يخفى! ومن ذلك أيضاً: ما ذكره (ص 200) قال: "مما أخرجه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير سورة المعارج بسندين معتبرين (!) : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان يوم غدير (خم) ؛ نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي، فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، فشاع ذلك فطار في البلاد، وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقة له، فأناخها ونزل عنها وقال: يا محمد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلنا منك، وأمرتنا أن نصلي خمساً، فقبلنا منك، وأمرتنا بالزكاة، فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم رمضان، فقبلنا، وأمرتنا بالحج، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 690 عمك تفضله علينا؛ فقلت: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، فهذا شيء منك أم من الله؟! فقال - صلى الله عليه وسلم -: "فوالله الذي لا إله إلا هو! إن هذا لمن الله عز وجل". فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم! إن كان ما يقول محمد حقاً؛ فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم! فما وصل إلى راحلته حتى رماه اله سبحانه بحجر سقط على هامته، فخرج من دبره فقتله، وأنزل الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين ليس له دافع. من الله ذي المعارج) ، انتهى الحديث بعين لفظه"!! قلت: فهذا السياق باطل، لا يشك في ذلك من عنده ذرة من علم بعلم الحديث والتفسير، وبيانه من وجوه: الأول: أن قوله: إن كان هذا هو الحق من عندك ... إنما هو من قول أبي جهل - لعنه الله - كما رواه البخاري في "صحيحه". وهذا أصح مما روى الحاكم (2/ 502) عن سعيد بن جبير: أنه النضر بن الحارث بن كلدة؛ لأن هذا مرسل. الثاني: أن آية: (سأل سائل بعذاب واقع) إلى آخر السورة مكية؛ فكيف يصح القول بأنها نزلت في (خم) بعد رجوعه من حجة الوداع؟! وقد روى جمع - منهم ابن الضريس - عن ابن عباس قال: نزلت سورة (سأل) بمكة. وروى ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وروى الحاكم في مرسل سعيد بن جبير المتقدم: أن الذي سأل هو النضر بن الحارث. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 691 فهذا كله يبطل ما عزاه الشيعي إلى الثعلبي. الثالث: أن روايات الغدير - ما صح منها وما لم يصح -؛ لم يرد في شيء منها هذا التفصيل الذي تضمنته رواية الثعلبي هذه. وأما قول الشيعي: "بسندين معتبرين"! فهو غير مصدق في ذلك؛ لكثرة ما بلونا عليه من الكذب، ولجهله بهذا العلم الشريف! وكثيراً ما يكون الحديث جاء من طريق واحدة يرويها صحابي واحد، وعنه تابعي واحد، وعنه تابع تابعي واحد، ثم تتعدد الطرق من تحته، فيقول الشيعي: "من طريقين أو طرق"! انظر - على سبيل المثال - التعليق المتقدم على (ص 685) من هذا الحديث؛ تر عجباً. ومن ذلك قوله (ص 38) - مشيراً إلى هذه القصة الباطلة -: "أخرج الإمام الثعلبي في "تفسيره" هذه القضية مفصلة .... وأخرجها الحاكم في تفسير المعارج من "المستدرك" فراجع صفحة (502) من جزئه الثاني"!! وأنت إذا رجعت إلى المكان المشار إليه من "المستدرك"؛ لا تجد للقصة أو القضية - على تعبيره - ذكراً، بل تجد ما يدل على نقيضها، وهو مرسل سعيد بن جبير الذي سبق! وسياقه هكذا: ... عن سعيد بن جبير: (سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين ليس له دافع. من الله ذي المعارج) : ذي الدرجات. (سأل سائل) قال: هو النضر بن الحارث بن كلدة؛ قال: اللهم! إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 692 قلت: فهذا هو نص القضية التي أحال عليها الشيعي؛ فهل تجد فيه أن الآية نزلت فيمن جحد ولاية علي رضي الله عنه؟! وأن الذي قال: اللهم! إن كان ... ونزب فيه (سأل) هو الحارث بن النعمان الذي جاء في القصة الباطلة؟! أم تجد فيه أنه النضر بن الحارث بن كلدة؟! فماذا يستطيع الإنسان أن يقول في مثل هذا الشيعي الذي لا يتورع عن الكذب وعن تضليل القراء؟! فإلى الله المشتكى! ومن ذلك أيضاً قوله (ص 208) : "وقيل لعمر - فيما أخرجه الدارقطني -: إنك تصنع لعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: إنه مولاي"!! قلت: نقله الشيعي عن كتاب "الصواعق" للهيتمي (ص 26) ؛ وقد سكتا عليه! فبئس ما صنعا!! فقد أخرجه ابن عساكر (12/ 119/ 1) من طريق الدارقطني بسنده عن سعيد بن محمد الأسدي: أخبرنا حسين الأشقر عن قيس عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعمر ... قلت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الانقطاع؛ فإن سالماً لم يدرك عمر رضي الله عنه. الثانية: حسين - وهو ابن الحسن الأشقر -؛ فإنه - على ضعفه - من غلاة الشيعة، وقد كذبه بعضهم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 693 الثالثة: سعيد بن محمد الأسدي؛ إن لم يكن هو الوراق الثقفي الكوفي؛ فلم أعرفه. والثقفي مضى له ذكر في الحديث (4895) . 4962 - (لكل نبي وصي ووارث، وإن علياً وصيي ووارثي) . موضوع أخرجه ابن عدي - في ترجمة شريك بن عبد الله من "الكامل" (ق 193/ 1) - من طريق علي بن سهل: حدثنا محمد بن حميد: حدثنا سلمة: حدثني محمد بن إسحاق عن شريك بن عبد الله عن أبي ربيعة الإيادب عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" بإسناده عن البغوي: حدثنا محمد بن حميد الرازي: حدثنا علي بن مجاهد: حدثنا محمد بن إسحاق به. وقال: "الرازي؛ كذبه أبو زرعة وغيره". أورده السيوطي في "اللآلىء" (1/ 186) ؛ وزاد: "قلت: قال الجورقاني: هذا حديث باطل. وفي إسناده ظلمات: علي بن مجاهد؛ كان يضع الحديث. ومحمد بن حميد؛ كذبه صالح وغيره". قلت: وقد اختلف شيخ الرازي - في رواية ابن عدي عنه - عن شيخه في رواية البغوي كما ترى -؛ فهو سلمة - وهو ابن الفضل - في رواية الأول، وهو علي ابن مجاهد في رواية الآخر. ولعل ذلك من تخاليط الرازي أو أكاذيبه. وقد تابعه في روايته عن سلمة: أحمد بن عبد الله الفرياناني فقال: حدثنا سلمة بن الفضل به. الحديث: 4962 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 694 رواه ابن الجوزي في "الموضوعات". وقال: "الفرياناني يضع". وأقره السيوطي في "اللآلىء"، ثم ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 356-357) . قلت: ولعله سرقه من الرازي أو العكس؛ وهذا أقرب؛ فقد جاء عن غير واحد أن ابن حميد كان يسرق الحديث، كما قال الذهبي. وعلى كل حال؛ فهما آفة الحديث. وإن كان سلمة بن الفضل فيه ضعف من قبل حفظه. وابن إسحاق من جهة عنعنته؛ فإنه مدلس. وشريك؛ لسوء حفظه. لكن الذهبي رفع العهدة عنه، فقال عقب الحديث - وقد ساقه من طريق الرازي عن سلمة به -: "قلت: هذا كذب، ولا يحتمله شريك". قلت: وأشار إلى الآفة هو الرازي؛ حيث قال عقب اسمه في سند الحديث: "وليس بثقة". (تنبيه) قلت: نقل الشيعي في "مراجعاته" (ص 224) قول الذهبي المذكور بشيء من الخبث والمكر، ثم قال: "والجواب: أن الإمام أحمد بن حنبل والإمام أبا القاسم البغوي والإمام ابن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 695 جرير الطبري وإمام الجرح والتعديل ابن معين وغيرهم من طبقتهم، وثقوا محمد ابن حميد ورووا عنه؛ فهو شيخهم ومعتمدهم؛ كما يعترف به الذهبي في ترجمة محمد بن حميد من (الميزان) "!! قلت: فيه أنواع من الكذب والتدليس: أولاً: قوله: "وثقوا محمد بن حميد"!! كذب بهذا التعميم؛ فإن أحداً من المذكورين لم يصرح بتوثيقه؛ سوى بن معين، مع مخالفة الأئمة الآخرين إياه كما يأتي. نعم؛ سائر المذكورين رووا عنه، ولا يلزم من ذلك أنه ثقة عندهم، كما هو معلوم عند العارفين بهذا الشأن. فهذا ابن خراش من الرواة عنه يقول فيه: "حدثنا ابن حميد، وكان - والله - يكذب". وقال صالح جزرة: "كنا نتهم ابن حميد في كل شيء يحدثنا؛ ما رأيت أجرأ على الله منه؛ كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضها على بعض"! نعم؛ قد أثنى الإمام أحمد عليه خيراً، ولكن هذا ليس نصاً في التوثيق أيضاً؛ لاحتمال أنه لشيء آخر، وهو الحفظ والعلم مثلاً، وهذا هو الذي رواه ابنه عبد الله عنه، فقال عبد الله عن أبيه: "لا يزال بالري علم؛ ما دام محمد بن حميد حياً". ثم هب أنه يلزم من كل ذلك أنهم وثقوه؛ فمن المحتمل أن ذلك كان منهم قبل أن يتبين لهم كذبه الذي عرفه منه الآخرون من الأئمة؛ فقد قال أبو علي النيسابوري: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 696 "قلت: لابن خزيمة: لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد؛ فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه؟ فقال: إنه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه؛ ما أثنى عليه أصلاً". قلت: ومن المحتمل أن أولئك الأئمة الذين رووا عنه لم يستمروا على الرواية عنه؛ فهذا داود بن يحيى يقول: "حدثنا عنه أبو حاتم قديماً، ثم تركه بآخرة". ثانياً: هب أن الشيعي صادق فيما نقله من التوثيق؛ فذلك غير كاف للرد على قول الذهبي: "ليس بثقة"؛ لأن الشيعي يعلم أن في مقابل التوثيق تكذيباً صدر من أئمة آخرين، فلا بد حينئذ من الترجيح، ومن المعلوم أيضاً أن التكذيب جرح مفسر، فهو مقدم على التوثيق! هذا في قواعدنا نحن معاشر أهل السنة. وأما الشيعة؛ فلست أعلم مذهبهم في ذلك وإن كان لا يعقل غير ما عليه أهل السنة. وهب أن الأمر كذلك عندهم؛ فذلك مما لا ينفع معهم؛ لأنهم إنما يتبعون أهواءهم، وقاعدة الغربيين: (الغاية تبرر الوسيلة) !! ثالثاً: هب أن الرازي هذا ثقة على مذهب الشيعي؛ فهل يلزم منه أن يكون من فوقه من رجال الإسناد ثقات أيضاً؟! مع أننا قد سبق أن بينا أن الأمر ليس كذلك! ثم هب أنهم ثقات؛ فهل بمجرد ذلك يصح الإسناد؛ أم لا بد من سلامته من كل علة قادحة؟! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 697 لعل الشيعي يعرف هذه الحقائق، ثم هو يتجاهلها للقاعدة السابقة: (الغاية تبرر الوسيلة) ! ومن أجل ذلك؛ تراه يتجاهل حكم الأئمة الآخرين على الحديث بالوضع؛ كالجورقاني، وابن الجوزي، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وابن عراق! رابعاً: قوله: "فهو شيخهم ومعتمدهم، كما يعترف به الذهبي ... "! كذب على الذهبي؛ فإنه لم يذكر لفظ: "معتمدهم" أصلاً، وإنما زادها الشيعي من عند نفسه زوراً وتضليلاً، فعليه من الله مايستحق! 4963 - (ألا قلت: فكيف تكونان خيراً مني؛ وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى؟!) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 323) ، والحاكم (4/ 29) عن هاشم بن سعيد الكوفي: حدثنا كنانة قال: حدثتنا صفية بنت حيي قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام، فذكرت ذلك له فقال ... فذكره. وكان الذي بلغها أنهم قالوا: نحن أكرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، وقالوا: نحن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبنات عمه. هذا لفظ الترمذي. وقال: "حديث غريب، لا نعرفه من حديث ضفية إلا من حديث هاشم الكوفي، وليس إسناده بذلك القوي". قلت: وقال الحافظ في "التقريب": الحديث: 4963 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 698 "ضعيف". قلت: وكنانة مولى صفية؛ لم يوثقه غير ابن حبان. لكن روى عنه جمع. وقال الحافظ: "مقبول" (1) ! وقد ذكر الحافظ في ترجمته من "التهذيب" أن الحديث رواه ابن عدي من طريق يزيد بن مغلس الباهلي: حدثنا كنانة بن نبيه مولى صفية ... فذكر الحديث. قلت: وهذا ظاهره أن يزيد بن المغلس تابع هاشم بن سعيد. وحينئذ يتقوى الحديث بمتابعته. ولكني أرى أن في إسناد ابن عدي انقطاعاً أو سقطاً؛ فإن ابن المغلس إنما يروي عن مالك وطبقته من أتباع التابعين، فمثله لم يدرك أحداً من التابعين قطعاً، وكنانة منهم. ويؤيده أنهم ذكروا في شيوخ يزيد هذا هاشم بن سعيد الراوي للحديث عن كنانة، فالظاهر أنه هو الساقط بين يزيد وكنانة. والله أعلم. والحديث؛ بيض له الحاكم والذهبي، ولعل ذلك لظهور ضعفه. وأشار إلى ذلك ابن عبد البر في ترجمة صفية من "الاستيعاب" (4/ 1872) بقوله: "ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على صفية ... " فذكره.   (1) وقد تراجح للشيخ - رحمه الله - أخيراً، أن (كنانة) هذا (صدوق) ؛ فانظر ما سبق من هذه " السلسلة " (1/190 - 191) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 699 وتجاهل الشيعي في "مراجعاته" (ص 239) ضعف الحديث، فاستدل به على أن عائشة رضي الله عنها ليست أفضل من صفية وسائر زوجاته - صلى الله عليه وسلم -. ومن غرائب جهله أو تجاهله: أنه عزاه للترمذي، ولم ينقل عنه تضعيفه إياه بقوله: "حديث غريب ... " إلخ. كما جهل أو تجاهل أيضاً إشارة ابن عبد البر إلى تضعيفه. ولكن هذا غريباً منه وهو يكذب على العلماء الكذب الصريح؛ كما تقدم بيانه مراراً وتكراراً! 4964 - (خذ هذا السيف؛ فانطلق، فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (4/ 39) من طريق أبي معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: أهديت مارية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابن عم لها؛ قالت: فوقع عليها وقعة، فاستمرت حاملاً. قالت: فعزلها عند ابن عمها. قالت: فقال أهل الإفك والزور: من حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره! وكانت أمة قليلة اللبن، فابتاعت له ضائنة لبون، فكان يغذى بلبنها، فحسن عليها لحمه. قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم. فقال: "كيف ترين؟ ". فقلت: من غذي بلحم الضأن يحسن لحمه! قال: "ولا الشبه؟ ". قالت: فحملني ما يحمل النساء من الغيرة أن قلت: ما أرى الحديث: 4964 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 700 شبهاً! قالت: وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يقول الناس. فقال لعلي ... (فذكر الحديث) . قالت: فانطلق؛ فإذا هو في حائط على نخلة يخترف رطبات. قال: فلما نظر إلى علي ومعه السيف؛ استقبلته رعدة. قال: فسقطت الخرقة؛ فإذا هو لم يخلق الله عز وجل له ما للرجال؛ شيء ممسوح. قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعله لظهور ضعفه؛ فإن سليمان بن الأرقم متفق بين الأئمة على تضعيفه، بل هو ضعيف جداً؛ فقد قال البخاري: "تركوه". وقال أبو داود، وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني: "متروك الحديث". وقال أبو داود: "قلت لأحمد: روى عن الزهري عن أنس في التلبية؟ قال: لا نبالي روى أم لم يرو"! وقال ابن عدي في آخر ترجمته - وقد ساق له نيفاً وعشرين حديثاً (154/ 1-2) -: "وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد". قلت: وللحديث أصل صحيح، زاد عليه ابن الأرقم هذا زيادات منكرة، تدل على أنه سيىء الحفظ جداً، أو أنه يتعمد الكذب والزيادة؛ لهوى في نفسه، ثم يحتج بها أهل الأهواء! فأنا أسوق لك النص الصحيح للحديث؛ ليتبين لك تلك الزيادات المنكرة، فروى ثابت عن أنس: أن رجلاً كان يتهم بأم ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "اذهب فاضرب عنقه". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 701 فأتاه علي؛ فإذا هو في ركي يتبرد فيها. فقال له علي: اخرج. فناوله يده، فأخرجه؛ فإذا هو محبوب ليس له ذكر، فكف علي عنه. ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنه لمحبوب؛ ما له ذكر. أخرجه مسلم (8/ 119) ، والحاكم (4/ 39-40) ، وأحمد (3/ 281) ، وابن عبد البر في ترجمة مارية من "الاستيعاب" (4/ 1912) ؛ كلهم عن عفان: حدثنا حماد بن سلمة: أخبرنا ثابت ... وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"! فوهم في استدراكه على مسلم! وقال ابن عبد البر: "وروى الأعمش هذا الحديث فقال فيه: قال علي: يا رسول الله! أكون كالسكة المحماة؛ أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب". قلت: هذه الزيادة لم أقف عليها من رواية الأعمش، وإنما من رواية غيره من حديث علي نفسه، وقد مضى تخريجه في "الصحيحة" برقم (1904) ، وليس فيه أيضاً تلك الزيادات المنكرة التي تفرد بها ابن الأرقم في هذا الحديث. وأشدها نكارة ما ذكره عن عائشة أنها قالت: ما أرى شبهاً! فقد استغلها عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" أسوأ الاستغلال، واتكأ عليها في اتهامه للسيدة عائشة في خلقها ودينها، فقال (ص 247-248) : "وحسبك مثالاً لهذا ما أيدته - نزولاً على حكم العاطفة - من إفك أهل الزور إذ قالوا - بهتاناً وعدواناً - في السيدة مارية وولدها عليه السلام ما قالوا، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 702 حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة - على يد أمير المؤمنين - محسوسة ملموسة! (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً) "! وعلق على هذا بقوله: "من أراد تفصيل هذه المصيبة؛ فليراجع أحوال السيدة مارية رضي الله عنها في (ص 39) من الجزء الرابع من "المستدرك" للحاكم، أو من "تلخيصه" للذهبي"! يشير بذلك إلى هذا الحديث المنكر! وإن من مكره وخبثه: أنه لم يكتف في الاعتماد عليه - مع ضعفه الشديد - بل إنه زد على ذلك أنه لم يسق لفظه؛ تدليساً على الناس وتضليلاً؛ فإنه لو فعل وساق اللفظ؛ لتبين منه لكل من كان له لب ودين أن عائشة بريئة مما نسب إليها في هذا الحديث المنكر من القول - براءتها مما اتهمها المنافقون به؛ فبرأها الله تعالى بقرآن يتلى -، آمن الشيعة بذلك أم كفروا، عامل الله الكذابين والمؤيدين لهم بما يستحقون! وإنا لله وإنا إليه راجعون. وتأمل ما في إيراده في آخر كلامه للآية الكريمة: (ورد الله الذين كفروا ... ) من رمي السيدة عائشة بالكفر، مع أنه يترضى عنها أحياناً (ص 229) ! ويتعرف (ص 238) بأن لها فضلها ومنزلتها! وما إخال ذلك منه إلا من باب التقية المعهودة منهم، وإلا؛ فكيف يتلقي ذلك مع حشره إياها في زمرة الذين كفروا؟! عامله الله بما يستحق! ثم إن الحديث؛ أخرجه ابن شاهين أيضاً من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري به؛ كما في "الإصابة" (6/ 14) للحافظ العسقلاني؛ وقال: "وسليمان ضعيف". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 703 4965 - (لقد رأيت خالاً بخدها؛ اقشعرت كل شعرة منك) . موضوع أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 160-161) : أخبرنا محمد ابن عمر: حدثني الثوري عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من كلب، فبعث عائشة تنظر إليها، فذهبت ثم وجعت. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيت؟ ". فقالت: ما رأيت طائلاً. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فقالت: يا رسول الله! ما دونك سر! قلت: وهذا موضوع؛ فإنه مع كونه مرسلاً، فإن محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب، كما تقدم مراراً. وقد استغل الشيعي أيضاً هذا الحديث الباطل استغلالاً غير شريف؛ فطعن به على السيدة عائشة رضي الله عنها، فنسبها إلى الكذب، كما طعن عليها بالحديث الذي قبله! الحديث: 4965 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 704 4966 - (إنا لم نرد هذا، إنا لم نرد هذا) . ضعيف أخرجه الديلمي عن عائشة: أنها خاصمت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر؛ فقالت: يا رسول الله! اقصد! فلطم أبو بكر خدها؛ وقال: تقولين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقصد؟! وجعل الدم يسيل من أنفها على ثيابها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل الدم من ثيابها بيده؛ ويقول ... فذكره. كذا في "كنز العمال" (7/ 116/ 1020) . الحديث: 4966 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 704 قلت: وعزوه للديلمي يشعر بضعف إسناده؛ كما نص عليه في مقدمة "الجامع الكبير"، ونقلته عنه في مقدمتي لكل من "صحيح الجامع الصغير وزيادته" و "ضعيف الجامع الصغير وزيادته". وقد صرح بضعفه الحافظ العراقي؛ فقال في "تخريج الإحياء" (2/ 40) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، والخطيب في "التاريخ" من حديث عائشة بسند ضعيف". قلت: ومع ذلك؛ احتج به الشيعي في "مراجعاته" (249) في الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها! عامله الله بما يستحق! وقد روى طرفاً منه ابن سعد (8/ 80) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهري عن ابن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "يا أبا بكر! ألا تعذرني من عائشة؟! ". قال: فرفع أبو بكر يده، فضرب صدرها ضربة شديدة، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "غفر الله لك يا أبا بكر! ما أردت هذا". لكنه إسناد واه بمرة؛ فإن محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب. ومحمد بن عبد الله: هو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة؛ قال الحافظ: "رموه بالوضع". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 705 ثم وقفت على إسناد الحديث عند الديلمي في "مسنده" (ص 319-320- مصورة) : أخرجه من طريق إسماعيل بن إبراهيم المنقري عن أبيه عن مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ... قلت: والمبارك بن فضالة؛ وإن كان صدوقاً؛ فهو مدلس تدليس التسوية (1) ! وإسماعيل بن إبراهيم المنقري وأبوه؛ لم أعرفهما. 4967 - (إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه) (2) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1148) عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها قالت: وكان متاعي فيه خف، وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثفال بطيء؛ يبطىء بالركب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " [حولوا متاع عائشة على جمل صفية] ، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب". قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله! غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أم عبد الله! إن متاعك كان فيه خف، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ بالركب، فحولنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها". قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟! قالت: فتبسم فقال:   (1) انظر كلام الشيخ حول تدليس المبارك في " الصحيحة " (1/950 - 951) . (الناشر) (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم برقم (2985) ؛ لكن يستفاد منه ". (الناشر) الحديث: 4967 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 706 "أو في شك أنت يا أم عبد الله؟! ". قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله، فهلا عدلت؟! وسمعني أبو بكر - وكان فيه غرب؛ أي: حدة -؛ فأقبل علي فلطم وجهي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مهلاً يا أبا بكر! ". فقال: يا رسول الله! أما سمعت ما قالت؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس. وسلمة بن الفضل كثير الخطأ؛ كما قال الحافظ. وقال الهيثمي (4/ 322) : "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن إسحاق؛ وهو مدلس. وسلمة بن الفضل، وقد وثقه جماعة: ابن معين وابن حبان وأبو حاتم، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال "الصحيح". وقد رواه أبو الشيخ ابن حبان في "كتاب الأمثال"، وليس فيه غير أسامة ابن زيد الليثي؛ وهو من رجال "الصحيح"؛ وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات"! كذا قال! وفي آخر كلامه وقفة عندي؛ فقد قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 40) : "رواه أبو يعلى في "مسنده"؛ وأبو الشيخ في "كتاب الأمثال" من حديث عائشة، وفيه ابن إسحاق؛ وقد عنعنه". قلت: فهذا صريح في مخالفة ما ذكره الهيثمي. ومن المحتمل أن يكون أبو الشيخ أخرجه من طريقين، في أحدهما ابن إسحاق دون الطريق الأخرى، وفي هذه الليثي فقط كما أفاده الهيثمي؛ فإن صح كلامه؛ فالحديث حسن عندي على أقل المراتب. والله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 707 4968 - (علمني ألف باب، يفتح كل باب ألف باب) . منكر أخرجه ابن عدي (ق 111/ 2) ، وعنه ابن عساكر (12/ 161/ 1) من طريق ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه: "ادعوا لي أخي". فدعوا له أبا بكر، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا لي أخي". فدعوا له عمر، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا لي أخي". فدعي له عثمان، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا لي أخي". فدعي له علي بن أبي طالب، فستره بثوب، وانكب عليه. فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال ... فذكره. وقال ابن عدي: "هذا حديث منكر، ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة؛ فإنه شديد الإفراط في التشيع، وقد تكلم فيه الأئمة ونسبوه إلى الضعف". وأقره الحافظ ابن عساكر، ثم الحافظ الذهبي في ترجمة ابن لهيعة، أورده في جملة ما أنكر عليه من الأحاديث. والحديث؛ مما احتج به الشيعي في "المراجعات" (ص 253) ؛ وقال: "وأخرجه أبو نعيم في "حليته"، وأبو أحمد الفرضي في "نسخته" كما في ص (392) من الجزء السادس من [الكنز] "! وكذلك قال (ص 251) . الحديث: 4968 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 708 وأنا أظن أن عزوه إلى "الحلية" خطأ من صاحب "الكنز" أو طابعه، اغتر به الشيعي؛ فإن نصه في الموضع المشار إليه من الشيعي: "عن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف باب.. (أبو أحمد الفرضي في "جزئه"، وفيه الأجلح أبو جحفة (!) قال في "المغني": صدوق شيعي جلد. حل) "! قلت: والمعروف من صاحب "الكنز" - تبعاً لأصله "الجامع الكبير" - أنه يسوق رموز مخرجي الحديث أولاً، ثم يتكلم عليه - على قلة كلامه -! وهنا نجد رمز (حل) قد جاء بعد كلامه على الأجلح، مما يشعر أنه مقحم! وقد تأكدت من ذلك بعد رجوعي إلى نسخة مصورة عندي من "الجامع الكبير"؛ فلم يقع فيها الرمز المذكور. وتأيد ذلك بأني رجعت إلى "فهرس الحلية" للشيخ الغماري؛ فلم أر الحديث فيه. (تنبيه) : حديث علي هذا مع ضعفه؛ فإن الشيعي قد دس فيه زيادة من عنده؛ دون أن ينبه القراء إلى ذلك؛ فإنه ساقه عقب الحديث المتقدم (4945) الذي فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو مستند إلى علي، فزاد - بعد قوله: ... علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: - يعني: حينئذ -. يعني: حين وفاته - صلى الله عليه وسلم -! فإن قيل: إن معنى هذه الزيادة في حديث ابن عمرو؛ فإنه صريح أن التعليم المذكور كان في مرضه. فأقول: كلا؛ ليس في معناه، وذلك من وجهين: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 709 الأول: أنه ليس فيه أن المرض هو مرض موته. والآخر: هب أنه مرض موته؛ فليس فيه أنه علمه ومات مستنداً إلى علي؛ بل هو صريح بأن علياً خرج وتركه مريضاً. فهذا كله من الأدلة الكثيرة على أن الشيعة يستحلون الدس والكذب في سبيل تأييد ما هم عليه من الضلال! نسأل الله السلامة. وفي الباب في فضل علي وأهل بيته: عن أبي أمامة الباهلي، وسوف يأتي إن شاء الله تخريجه برقم (6254) . 4969 - (توفي [- صلى الله عليه وسلم -] وإنه لمستند إلى صدر علي) . موضوع أخرجه ابن سعد (2/ 263) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي غطفان قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سحري ونحري؟! فقال ابن عباس: أتعقل؟! والله! لتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لمستند إلى صدر علي؛ وهو الذي غسله وأخي الفضل ابن عباس. وأبي أبي أن يحضر، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب. وشيخه سليمان بن داود بن الحصين؛ لا يعرف؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 111) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 4969 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 710 ثم رأيت الحافظ قال في "الفتح" (8/ 107) : "لا يعرف حاله". قلت: وإن مما يؤكد وضع الحديث؛ مخالفته لحديث عروة المذكور عن عائشة؛ فإن عروة وهو - ابن الزبير - من كبار التابعين وثقاتهم، وقد رواه عنه جمع من الثقات في "مسند الإمام أحمد" (6/ 121،200،270،274) ، و "صحيح البخاري" (8/ 105-110) ، و "مسلم" (7/ 137-138) . وتابعه عندهما جماعة من الثقات عن عائشة رضي الله عنها، وكذلك في "المسند" (6/ 32،48،64،74،77،231،274) ، و "ابن سعد" (2/ 261،262) . فهو حديث مشهور عن عائشة رضي الله عنها؛ إن لم يكن متواتراً. ولذلك جزم به إبراهيم النخعي فقال: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يوص، وقبض وهو مستند إلى صدر عائشة. رواه ابن سعد بإسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن بن جريس؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 221) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. فمثل هذا الحديث المشهور عن عائشة يبعد جداً أن يخفى على ابن عباس رضي الله عنه! فنفيه عن عائشة وإثباته لعلي رضي الله عنه؛ إنما هو من صنع الكذابين من الشيعة أو من يساندهم. ونحوه ما رواه الواقدي أيضاً: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن حرام بن عثمان عن أبي حازم عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن كعب الأحبار قام زمن عمر فقال - ونحن جلوس عند عمر أمير المؤمنين -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 711 ما كان آخر ما تكلم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عمر: سل علياً. قال: أين هو؟ قال: هو هنا. فسأله، فقال علي: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: "الصلاة الصلاة". فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا، وعليه يبعثون. قال: فمن غسله يا أمير المؤمنين؟! قال: سل علياً. قال: فسأله؟ فقال: كنت أنا أغسله، وكان عباس جالساً، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء. أخرجه ابن سعد. قلت: وهذا موضوع أيضاً؛ والآفة الواقدي، أو الشيخ شيخه حرام بن عثمان؛ فقد قال الإمام الشافعي وغيره: "الرواية عن حرام حرام"! وقال الحافظ: "وفي سنده الواقدي، وحرام بن عثمان؛ وهما متروكان". ومما يؤكد وضعه، أن في رواية لعائشة في حديثها المتقدم: فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى"؛ حتى قبض. أخرجه البخاري. نعم؛ قد روي بإسناد آخر خير من هذا عن علي قال: كان آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاة الصلاة! اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم". وله شواهد خرجتها في "الصحيحة" (868) من حديث أم سلمة وغيرها. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 712 فإن صح هذا القدر عن علي؛ فهو محمول على ما سمعه هو نفسه من النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه، فلا ينافي حينئذ قول عائشة المذكور؛ لأنه محدد لا يقبل التخصيص كما هو ظاهر لكل ذي عينين. ومن ذلك أيضاً: ما رواه الواقدي: حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن علي بن حسين قال: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه في حجر علي. أخرجه ابن سعد. قال الحافظ: "فيه انقطاع، مع الواقدي. وعبد الله فيه لين". ثم أخرج عن الواقدي: حدثني أبو الجويرية عن أبيه عن الشعبي مثله. قال الحافظ: "فيه الواقدي، والانقطاع، وأبو الحويرث (قلت: وهو أبو الجويرية) ؛ اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن الحارث المدني؛ قال مالك: ليس بثقة. وأبوه لا يعرف حاله". قلت: وهذه الأحاديث الموضوعة؛ لم يتورع عبد الحسين الشيعي - كعادته - عن الاحتجاج بها في معارضة حديث السيدة عائشة المعارض لها؛ تحت عنوان: "الصحاح المعارضة لدعوى أم المؤمنين" (ص 247-252) ! ولم يعزها لغير ابن سعد. ومدارها كلها - كما رأيت - على الواقدي الكذاب، مع عدم سلامتها ممن فوقه. ولم يكتف الشيعي بهذا؛ بل أخذ يحتج بما جاء في "نهج البلاغة" و "شرحها" لابن أبي الحديد المعتزلي!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 713 وضم إلى ذلك احتجاجه بحديث أم سلمة المتقدم تحت الحديث (4945) ؛ وتقديمه لحديثها - وهو ضعيف كما سبق - على حديث عائشة المروي من طرق كثيرة صحيحة عنها! ثم رجحه على حديثها بالطعن عليها والغمز منها بأمور بعضها ثابت عنها، منها أمور لازمة لغير الأنبياء المعصومين، كحضورها وقعة المل، وقد تابت منه. ومنها ما لا عيب عليها فيها؛ كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها وهي مادة رجليها! ومنها ما لا يصح نسبته إليها، وإنما اعتماده في ذلك على كتب التاريخ التي تروي ما هب ودب، وبخاصة "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد المعتزلي! إلى غير ذلك من الأمور التي يطول الكلام بنقدها، ولم تتجه الهمة إلى بسط الكلام عليها. لكن لا بد من الكلام على أمر منها؛ قد يشكل على من لا علم عنده بطرق الحديث وألفاظه، ومكر هذا الشيعي وخبثه وضلاله، وطعنه في أهل السنة عامة، وأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق خاصة؛ ألا وهو حديث البخاري عن عبد الله ابن عمر قال: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيباً، فأشار نحو مسكن عائشة فقال: "ههنا الفتنة (ثلاثاً) من حيث يطلع قرن الشيطان". ولفظه عند مسلم: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيت عائشة فقال: "رأس الكفر من ها هنا؛ حيث يطلع قرن الشيطان". فأوهم الشيعي قراءه أن الفتنة في الحديث إنما هي عائشة - رضي الله عنها، وبرأها الله من ذلك كما برأها من المنافقين من قبل -! وكل من أمعن النظر في بعض طرق الحديث - فضلاً عن مجموعها -؛ يعلم الجزء: 10 ¦ الصفحة: 714 يقيناً أن الجهة التي أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ههنا"؛ إنما هي جهة المشرق، وهي على التحديد العراق، والواقع يشهد أنها منبع الفتن قديماً وحديثاً. وقد جمعت طرق الحديث وألفاظه وخرجتها في "الصحيحة" برقم (2494) ، وقد قدمت إليك خلاصتها بما فيه كفاية للكشف عن تدجيل الشيعي وبهته، فلا داعي للإعادة. 4970 - (جاء الملك بصورتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فتزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابنة سبع سنين. وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين. وتزوجني بكراً لم يكن في أحد من الناس. وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد. وكنت من أحب الناس إليه. ونزل في آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيها. ورأيت جبريل عليه الصلاة والسلام؛ ولم يره أحد من نسائه غيري. وقبض في بيتي؛ لم يله أحد غير الملك إلا أنا) . منكر أخرجه الحاكم (4/ 10) من طريق إسماعيل بن أبي خالد: أنبأ عبد الرحمن بن الضحاك: أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه، فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟! قال: نعم يا أم المؤمنين؟! فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟! قالت: خلال لي تسع؛ لم يكن لأحد من النساء قبلي؛ إلا ما آتى الله عز وجل مريم بنت عمران، والله! ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟! قالت ... فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! الحديث: 4970 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 715 قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن الضحاك، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 246-247) من رواية إسماعيل بن أبي خالد هذا؛ إلا أنه وقع فيه عبد الرحمن بن أبي الضحاك! ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ولم أره في "ثقات ابن حبان"؛ فهو على كل حال مجهول، فهو علة الحديث. وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ إلا أنه لا يتقوى بها، فقال ابن سعد (8/ 65) : أخبرنا هشام أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عائشة به نحوه. وقال في الخلة الأخيرة: ومرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي؛ فمرضته، فقبض ولم يشهده غيري والملائكة. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن عبد الملك بن عمير لم يذكروا له رواية عن عائشة. على أنه قد رمي بالتدليس. فمن المحتمل أن يكون الواسطة بينه وبينها رجلاً مطعوناً أو مجهولاً؛ كعبد الرحمن هذا. وإنما أوردت الحديث من أجل ذكر مريم فيه مع هذه الخلة الأخيرة؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، وقد استغلها الشيعي عبد الحسين في "مراجعاته" (257-258) ؛ فجزم بنسبة الحديث إليها، ثم أخذ يغمز منها بسبب هذه الخلة، وهي مما لم يثبت عنها كما تبين لك من هذا التخريج، بخلاف الخلال التي قبلها، فكلها صحيحة ثابتة عنها في "الصحيحين" وغيرهما. فاعلم هذا؛ يساعدك على دفع المطاعن الشيعية عن أم المؤمنين رضي الله عنها! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 716 4971 - (دعوهن؛ فإنهن خير منكم) . منكر روي عن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ادعوا لي بصحيفة ودواة؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً". فكرهنا ذلك أشد الكراهة. ثم قال: "ادعوا لي بصحيفة؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده أبداً". فقالت النسوة من وراء الستر: ألا يسمعون ما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقلت: إنكن صواحبات يوسف! إذا مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصرتن أعينكن. وإذا صح ركبتن رقبته! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال الهيثمي (9/ 34) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري؛ قال العقيلي: في حديث نظر. وبقية رجاله وثقوا، وفي بعضهم خلاف"! قلت: ومحمد بن جعفر هذا؛ لم أجده في "الضعفاء" للعقيلي (1) ! وفي "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 189) : "محمد بن إسماعيل الجعفري، وهو ابن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. روى عن الدراوردي ... روى عنه أبو زرعة. سألت أبي عنه؟ فقال: منكر الحديث، يتكلمون فيه".   (1) الحديث رواه الطبراني في " الأوسط " (5338) ؛ ومننه تبين أن في نقل الهيثمي تحريفاً في اسم الرواي، وهو (موسى بن جعفر ... ) ، وهو الذي قال فيه العقيلي: " في حديثه نظر ". (الناشر) الحديث: 4971 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 717 قلت: فمن الظاهر أنه هذا، وقع عند الطبراني منسوباً إلى جده، ولكني لم أجده منسوباً إلى أبيه عند العقيلي! فالله أعلم. وذكر في "اللسان" أن أبا نعيم الأصبهاني قال: "متروك". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن عباس نحوه؛ دون قوله: فقالت النسوة ... إلخ؛ فهو منكر. وراجع شرح الحديث في "فتح الباري" (1/ 185-187 و 8/ 100-103) . 4972 - (أنفذوا بعث أسامة، لعن الله من تخلف عنه. وكرر ذلك) . منكر أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في "كتاب السقيفة" قال: حدثنا حمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعيد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار؛ منهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يغير على مؤتة (قلت: فساق الحديث فيه) . وقام أسامة فتجهز للخروج، فلما أفاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول ... فذكره. فخرج أسامة واللواء على رأسه؛ والصحابة بين يديه ... إلخ. قلت: ساقه هكذا - إلا ما اختصرته أنا - عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" الحديث: 4972 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 718 (291-292) ، وسكت عليه كعادته؛ إلا أنه زعم أن الشهرستاني أرسله إرسال المسلمات في المقدمة الرابعة من كتاب "الملل والنحل"! وكأنه - لبالغ جهله بالحديث - لا يعلم أن الشهرستاني ليس من علماء هذا الشأن أولاً، وأن إسناد الحديث الذي نقله عن الجوهري ضعيف لا يصح ثانياً!! وبيان هذا من وجوه: الأول: أن عبد الله بن عبد الرحمن هذا؛ يغلب على الظن أنه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري الذي روى له ابن جرير في "تاريخه" (3/ 218-222) قطعة كبيرة من قصة بيعة السقيفة، ولم أجد من ذكره غير ابن أبي حاتم (2/ 2/ 96) . وقال: "روى عن جده أبي عمرة. روى عنه المسعودي". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! الثاني: رجال سعيد بن كثير الأنصاري؛ مبهمون لا يعرفون. الثالث: حمد بن إسحاق بن صالح؛ لم أجده. الرابع: أحمد بن عبد العزيز الجوهري: هو من رجال الشيعة المجهولين، أورده الطوسي في "الفهرست" (36/ 100) . وقال: "له كتاب السقيفة". ولم يزد على ذلك شيئاً، فدل على أنه غير معروف لديهم؛ فضلاً عن غيرهم من أهل السنة؛ فقد قال في "المقدمة" (ص 2) : ".. فإذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول؛ فلا بد من أن أشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح، وهل يعول على روايته أم لا؟ ... ". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 719 قلت: ومن هذا تعلم جهل عبد الحسين الشيعي حتى برجال مذهبه! فيحتج بحديث الجوهري هذا؛ وهو غير معروف عندهم، فضلاً عمن فوقه ممن لا يعرفون أيضاً! ومن الترجمة السابقة؛ تعلم أن كتاب "السقيفة" هو من كتب الشيعة التي لا يعتمد عليها عندنا. وقد علق عليه السيد محمد صادق آل بحر العلوم بقوله: "ينقل عن كتاب "السقيفة" هذا كثيراً: ابن أبي الحديد المعتزلي في "شرح نهج البلاغة"؛ مع نسبته لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري؛ فراجع". قلت: وعن ابن أبي الحديد الشيعي؛ نقله عبد الحسين؛ كما صرح بذلك عقب الحديث، مع تدليسه على القراء وإيهامه إياهم أن مؤلف "السقيفة" هو من أهل السنة! كما يظهر ذلك لمن أمعن النظر في المراجعة (91) ، وجوابه عليها في المراجعة التي بعدها! 4973 - (إنه لا يحل المسجد لجنب ولا حائض؛ إلا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه، وعلي وفاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -. ألا! هل بينت لكم الأسماء أن تضلوا) (1) . موضوع أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 3/ 2) من طريق عبد الملك ابن أبي غنية عن أبي الخطاب عمر الهجري عن محدوج عن جسرة بنت دجاجة قالت: أخبرتني أم سلمة قالت: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيته، حتى انتهى إلى صرح المسجد؛ فنادى بأعلى صوته ... فذكره.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كرر برقم (2685) ". (الناشر) الحديث: 4973 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 720 قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أبو الخطاب مجهول، وقد مضى (1) . ومثله محدوج؛ وهو الباهلي. وجسرة مختلف فيها، وقد قال البخاري: "عندها عجائب". ولم يوثقها من يوثق بتوثيقه. وقد روي الحديث من طريق أخرى عنها عن عائشة، وهو أقوى من هذا، وقد أوردته في "ضعيف أبي داود" (32) ؛ من أجل جسرة هذه. والحديث؛ رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 99/ 269) من هذا الوجه دون قوله: "ألا هل بينت ... ". وكذلك رواه ابن ماجه (645) ؛ إلا أنه لم يذكر الاستثناء مطلقاً، وكأنه تعمد حذفها؛ لما فيها من النكارة. ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "فهذا الاستثناء باطل موضوع؛ من زيادة بعض غلاة الشيعة، ولم يخرجه ابن ماجه في الحديث". راجع كتابي المشار إليه آنفاً. وخالف ابن أبي غنية في إسناده منصور بن [أبي] الأسود؛ فقال: عن عمر ابن عمير الهجري عن عروة بن فيروز عن جسرة به.   (1) في " الإرواء " (1/211) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 721 أخرجه ابن عساكر أيضاً. ومنصور هذا؛ شيعي ثقة. أما عروة بن فيروز؛ فلم أجد أحداً ذكره! ولعل رواية الهجري عنه مما يدل على عدم ضبطه واضطرابه في إسناده - أي: الهجري -: فتارة يرويه عن محدوج، وتارة عن ابن فيروز. والله أعلم. ونحو هذا الحديث: ما روى الحسن بن زيد عن خارجة بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك". أخرجه البزار (ص 268 - زوائد) (1) . وقال: "لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف ومنقطع؛ لأن خارجة بن سعد: هو خارجة بن عبد الله بن سعد بن أبي وقاص، فيما ظهر لي؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 375) ، وقال: "روى عن أبيه. روى عنه يونس بن حمران". قلت: ولم يزد على ذلك؛ فهو مجهول الحال. ثم ترجم لأبيه عبد الله بن سعد بن أبي وقاص (2/ 2/ 63-64) ؛ وأفاد أنه أخو مصعب، وعمر، ويحيى، وإبراهيم، وعمرو؛ بني سعد. وقال: "روى عن أبي أيوب. روى [عنه ابنه] خارجة بن عبد الله". ولم يزد!   (1) وهو في " مسنده " برقم (2557) . (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 722 قلت: وعلى ذلك؛ فالحديث - على جهالة خارجة وأبيه عبد الله -؛ فهو مرسل. ثم إن الحسن بن زيد - وهو العلوي أبو محمد المدني والد الست نفيسة - فيه ضعف من قبل حفظه؛ قال الحافظ: "صدوق يهم، وكان فاضلاً". وأما قول الهيثمي في "المجمع" (9/ 115) : "رواه البزار، وخارجة لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! فأقول: فيه ما لا يخفى من التقصير والتساهل؛ إذا تذكرت ما تقدم من التحقيق. والحديث؛ أخرجه الترمذي (3729) من حديث عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه مختصراً. وعطية: هو ابن سعد العوفي، وهو ضعيف مدلس، كما سبق مراراً. 4974 - (لما نزلت: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) ؛ قالوا: يا رسول الله! ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي، وفاطمة، وابناهما) . باطل أخرجه الطبراني (1/ 124/ 2) ، والقطيعي في زياداته على "الفضائل" (2/ 669) عن حرب بن حسن الطحان: أخبرنا حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم، مسلسل بالعلل: الأولى: قيس بن الربيع ضعيف؛ لسوء حفظه. الحديث: 4974 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 723 الثانية: حسين الأشقر؛ قال الحافظ: "صدوق يهم؛ ويلغو في التشيع". الثالثة: حرب بن حسن الطحان؛ قال في "الميزان": "ليس حديثه بذاك. قاله الأزدي". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"؛ كما في "اللسان"! قلت: فأحد هؤلاء الثلاثة هو العلة؛ فإن الحديث منكر ظاهر النكارة؛ بل هو باطل، وذلك من وجهين: الأول: أن الثابت عن ابن عباس في تفسير الآية خلاف هذا، بل صح عنه إنكاره على سعيد بن جبير ذلك؛ فقد روى شعبة: أنبأني عبد الملك قال: سمعت طاوساً يقول: سأل رجل ابن عباس - المعنى - عن قوله عز وجل: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) ، فقال سعيد بن جبير: قرابة محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عباس: عجلت؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم قرابة، فنزلت: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) : "إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم". أخرجه البخاري (6/ 386 و 8/ 433) ، وأحمد (1/ 229،286) ، والطبري في "تفسيره" (25/ 15) . وأخرجه الحاكم (2/ 444) من طريقين آخرين عن ابن عباس نحوه، وأحدهما عند الطبري. وقال الحاكم في أحدهما: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 724 "صحيح على شرط البخاري". وفي الآخر: "صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذهبي. والآخر: أن الآية مكية؛ كما جزم بذلك غير واحد من الحفاظ، كابن كثير وابن حجر وغيرهما. فكيف يأمر الله بمودة أبناء علي وفاطمة وهما لم يتزوجا بعد؟! ولهذا قال الحافظ في "الفتح" (8/ 433) - بعد أن ساق حديث الترجمة -: "وإسناده واه، فيه ضعيف ورافضي. وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح، وذكر الزمخشري هنا أحاديث ظاهر وضعها. ورده الزجاج بما صح عن ابن عباس من رواية طاوس في حديث الباب، وبما نقله الشعبي عنه؛ وهو المعتمد ... ويؤيد ذلك أن السورة مكية". والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 168) . وقال: "رواه الطبراني، وفيه جماعة ضعفاء، وقد وثقوا". قلت: وذكره ابن كثير في "تفسيره" (7/ 365) من رواية ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين: حدثنا رجل - سماه -: حدثنا حسين الأشقر ... فذكره نحو ما تقدم من رواية الطبراني. ثم قال ابن كثير: "وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مبهم لا يعرف (قلت: قد عرف من رواية الطبراني كما تقدم) عن شيخ شيعي محترق، وهو حسين الأشقر، ولا يقبل خبره في هذا المحل، وذكر نزول الآية بعيد؛ فإنها مكية، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية؛ فإنها لم تتزوج بعلي رضي الله عنه إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 725 والحق: تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ كما رواه عنه البخاري؛ ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم؛ فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً؛ ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم؛ كالعباس وبنيه، وعلي وأهل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين". (تنبيهان) : الأول: عزا حديث الترجمة ابن حجر الهيتمي في "الصواعق" (ص 101) لأحمد أيضاً والحاكم! وهذا وهم فاحش؛ فإنما أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس ما يبطله؛ كما سبق بيانه. والآخر: أن عبد الحسين الشيعي - في كتابه "المراجعات" (ص 33) - فسر الآية المذكورة بما دل عليه هذا الحديث الباطل؛ غير ملتفت إلى أن الآية مكية، وأن ابن عباس فسرها على نقيضه! 4975 - (يا أيها الناس! إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوأ لقومهما بيوتاً، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقربوا فيه النساء؛ إلا هارون وذريته. ولا يحل لأحد أن يعرن (1) النساء في مسجدي هذا؛ ولا يبيت فيه جنب؛ إلا علي وذريته) . موضوع أخرجه ابن عساكر (12/ 93/ 2) عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع   (1) كذا؛ ولعلها: " يعرك ". (الناشر) الحديث: 4975 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 726 عن أبيه وعمه عن أبيهما أبي رافع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبيد الله، وقد مضى له عدة أحاديث فانظر مثلاً: (1546،1754،4882،4887) . 4976 - (أيها الناس! أما تستحون؟! تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تعمرون!) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ق 47/ 1) من طريق علي بن ثابت عن الوازع بن نافع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أم المنذر (1) قالت: اطلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات عشية إلى الناس، فقال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الوازع بن نافع؛ ضعيف جداً؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك". والحديث؛ أورده المنذري في "الترغيب" (4/ 131) مشيراً إلى ضعفه من رواية الطبراني. وقال الهيثمي (10/ 284) : "وفيه الوازع بن نافع؛ وهو متروك".   (1) في طريق الطبراني التي سيشير إليها الشيخ - بعدُ - تسميتها: (أم الوليد) . وانظر " معجم الطبراني " (25/172/421) ، و " ضعيف الترغيب " (1953) . (الناشر) الحديث: 4976 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 727 4977 - (ألا تعجبون من أسامة؟! اشترى إلى شهر! إن أسامة لطويل الأمل. والذي نفسي بيده! ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي، ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض، ولا لقمت إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت، يا بني آدم! إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى. والذي نفسي بيده؛ (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين)) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدني في "قصر الأمل" (1/ 2/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 91) ، وابن عساكر (2/ 348/ 2) عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري قال: اشترى أسامة بن زيد بن ثابت وليدة بمئة دينار إلى شهر. فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وعلته أبو بكر بن أبي مريم؛ ضعيف، وكان اختلط. والحديث؛ رواه أيضاً البيهقي والأصبهاني؛ كما في "الترغيب" (4/ 131) ؛ وأشار إلى تضعيفه. الحديث: 4977 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 728 4978 - (إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها -؛ وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب؛ من ثقله) (1) . منكر أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5796،5798) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم في أواخر المجلد الثاني فيما أظن ". قلت: وهو فيه برقم (866) . (الناشر) الحديث: 4978 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 728 أتت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة! فعظم الرب تعالى ذكره، ثم قال ... فذكره. وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (ص 71) من هذه الطريق، لكنه زاد في متنه أداة الاستثناء فقال: " ... إلا قيد أربع أصابع". فاختلف المعنى. ثم أخرجه ابن جرير (5797) من طريق أخرى عن إسرائيل نفسه به؛ إلا أنه زاد في إسناده فقال: عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه. وقد أخرجه غير هؤلاء. وللحديث ثلاث علل: الأولى: جهالة عبد الله بن خليفة؛ قال الذهبي: "لا يكاد يعرف". وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول"؛ أي: عند المتابعة، وإلا؛ فلين الحديث؛ كما ذكر في المقدمة. الثانية: اختلاط أبي إسحاق - وهو السبيعي -، وعنعنته؛ فإنه كان مدلساً. الثالثة: الاضطراب في سنده وفي متنه؛ كما رأيته في رواية ابن جرير وعبد الله بن أحمد. وبهذا أعله شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموعة الفتاوى" (16/ 434-436) ؛ فإنه ذكره كمثال للأحاديث الضعيفة التي يرويها بعض المؤلفين في الصفات، كعبد الرحمن بن منده وغيره، فقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 729 "ومن ذلك: حديث عبد الله بن خليفة المشهور الذي يرويه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد رواه أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في "المختارة". وطائفة من أهل الحديث ترده لاضطرابه، كما فعل ذلك أبو بكر الإسماعيلي وابن الجوزي وغيرهم، لكن أكثر أهل السنة قبلوه. ورواه الإمام أحمد وغيره مختصراً وذكر أنه حدث به وكيع. لكن كثير ممن رواه رووه بقوله: "إنه ما يفضل منه إلا أربع أصابع"؛ فجعل العرش يفضل منه أربع أصابع. واعتقد القاضي وابن الزاغوني صحة هذا اللفظ، فأمروه، وتكلموا على معناه بأن ذلك القدر لا يحصل عليه الاستواء، وذكر عن أيمن العائذ أنه قال: هو موضع جلوس محمد - صلى الله عليه وسلم - (!) ". ثم ذكر لفظ ابن جرير المخالف، ثم قال: "فلو لم يكن في الحديث إلا اختلاف الروايتين؛ هذه تنفي ما أثبتت هذه، ولا يمكن مع ذلك الجزم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الإثبات، وأنه يفضل من العرش أربع أصابع لا يستوي عليها الرب. وهذا معنى غريب ليس له قط شاهد في شيء من الروايات، بل هذا يقتضي أن يكون العرش أعظم من الرب وأكبر! وهذا باطل مخالف للكتاب والسنة والعقل". ثم أطال الكلام في ترجيح رواية ابن جرير المخالفة النافية، وهي بلا شك أولى من حيث المعنى. ولكن الحديث عندي معلول بما ذكرنا من العلل، وهي تحيط بكل من الروايتين المثبتة والنافية؛ فلا فائدة تذكر من الإطالة. والله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 730 4979 - (لا تمنوا الموت؛ فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 332) : حدثنا أبو عامر وأبو أحمد قالا: حدثنا كثير ابن زيد: حدثني الحارث بن يزيد - قال أبو أحمد: عن الحارث بن أبي يزيد - قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول ... فذكره مرفوعاً. وتابعهما سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الحارث بن أبي يزيد به. أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 362/ 10589) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كثير بن زيد - وهو الأسلمي مولاهم -؛ في حفظه ضعف، وقد اضطرب في اسم والد الحارث؛ كما في هذه الرواية. وزاده بياناً الإمام البخاري في "التاريخ الكبير"؛ فقال (1/ 2/ 285) : "الحارث بن يزيد مولى الحكم عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنوا الموت ... "؛ قاله أبو أحمد الزبيري عن كثير بن زيد. وقال عيسى وحاتم: عن كثير بن الحارث بن أبي يزيد مولى الحاكم. وقال وكيع: عن كثير عن سلمة بن أبي يزيد. قال أبو عبد الله (هو البخاري) : وسلمة لا يصح ههنا". قلت: وقوله: "قاله أبو أحمد الزبيري"؛ لعله سبق قلم! والصواب: قال أبو عامر؛ فإن الزبيري قال: الحارث بن أبي يزيد؛ كما بينته رواية أحمد. وعيسى: هو ابن يونس. وقد أسنده عنه ابن عدي أيضاً في ترجمة كثير من "الكامل"، والبيهقي في "الزهد" (ق 72/ 1) . الحديث: 4979 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 731 وخلاصة كلام البخاري: أن كثير بن زيد اضطرب في إسناده على ثلاثة وجوه: الأول: الحارث بن يزيد. الثاني: الحارث بن أبي يزيد. الثالث: سلمة بن أبي يزيد. وفاته وجه رابع، وهو قول هشام بن عبيد الله الرازي: حدثنا سليمان بن بلال: حدثنا كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن جابر مرفوعاً. أخرجه ابن عدي (6/ 68) . وذكره الذهبي من هذا الوجه في ترجمة كثير، ثم قال: "وقد رواه البزار في "مسنده" عن عدة عن العقدي: حدثنا كثير بن زيد: حدثنا الحارث بن أبي يزيد عن جابر ... فهذا - مع نكارته - له علة كما رأيت". يعني: الاضطراب، وهو من كثير بن زيد نفسه، وليس من الرواة عنه؛ فإنهم ثقات جميعاً على ضعف في الرازي. والاضطراب دليل على أن الراوي لم يضبط الحديث ولم يحفظه، ولذلك كان الحديث المضطرب من أقسام الحديث الضعيف؛ حتى ولو كان الاضطراب من ثقة، فما بالك إذا كان من مضعف؛ كما هو الشأن هنا! ثم إن الحارث بن يزيد - على الخلاف في أبيه كما رأيت - ليس بالمشهور؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 94) . وقال: "روى عن جابر. روى عنه كثير بن زيد، ومحمد بن أبي يحيى الأسلمي والد إبراهيم". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 732 فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. نعم؛ وثقه ابن حبان كما في "التعجيل"! وتساهله في التوثيق مشهور، ولذلك لا يعتمد عليه المحققون. ومما سبق تعلم تساهل المنذري (4/ 136) في قوله: "رواه أحمد بإسناد حسن، والبيهقي"! ومثله قول الهيثمي (10/ 203) : "رواه أحمد والبزار، وإسناده حسن"! ومثله قول الحاكم (4/ 240) - وقد أخرج الشطر الثاني منه -: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! 4980 - (لما خلق الله آدم عليه السلام وذريته؛ قالت الملائكة: يا رب! خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة! فقال الله تبارك وتعالى: لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له: (كن) فكان) . ضعيف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 106 - هندية) عن أبي زرعة الرازي: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا عبد الله بن صالح النرسي: حدثنا عروة بن رويم عن الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. وقال البيهقي: "وقال فيه غيره: عن هشام بن عمار بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري. وفي ثبوته نظر". الحديث: 4980 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 733 قلت: وعلته: إما النرسي هذا؛ فإني لم أعرفه. وإما هشام بن عمار؛ فإنه - مع كونه من شيوخ البخاري -؛ فقد كان يتلقن. 4981 - (ما من شيء أكرم على الله من ابن آدم. قيل: ولا الملائكة؟! قال: الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر) . منكر مرفوعاً أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 108) عن عبيد الله بن تمام السلمي عن خالد الحذاء عن بشر بن شغاف عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "تفرد به عبيد الله بن تمام، قال البخاري: عنده عجائب". قلت: وهو متفق على تضعيفه، بل كذبه بعضهم؛ فقال الساجي: "كذاب، يحدث بمناكير عن يونس وخالد وابن أبي هند". ثم قال البيهقي: "ورواه غيره عن خالد الحذاء موقوفاً على عبد الله بن عمرو، وهو الصحيح". ثم ساق إسناده بذلك. الحديث: 4981 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 734 4982 - (هلم يا عمر! اجلس حتى أخبرك بغنى الرب عن صلاة أبي جحش الليثي؛ إن لله في السماء الدنيا ملائكة خشوعاً، لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة؛ رفعوا رؤوسهم، ثم قالوا: ربنا! ما عبد ناك حق عبادتك) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 87-88) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 114-115) - من طريقه - عن عبد الملك بن قدامة الجمحي عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار عن أبيه عن عبد الله بن عمر: الحديث: 4982 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 734 أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء والصلاة قائمة؛ وثلاثة نفر جلوس؛ أحدهم أبو جحش الليثي. قال: قوموا فصلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقام اثنان، وأبى أبو جحش أن يقوم، فقال له عمر: صل يا أبا جحش! مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: لا أقوم حتى يأتيني رجل هو أقوى مني ذراعاً، وأشد مني بطشاً، فيصرعني، ثم يدس وجهي في التراب. قال عمر: فقمت إليه، فكنت أشد منه ذراعاً، وأقوى منه بطشاً، فصرعته ثم دسست وجهه في التراب، فأتى علي عثمان فحجزني. فخرج عمر بن الخطاب مغضباً، حتى انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى الغضب في وجهه؛ قال: "ما رابك يا أبا حفص؟ ". فقال: يا رسول الله! أتيت على نفر جلوس على باب المسجد وقد أقيمت الصلاة، وفيهم أبو جحش الليثي، فقام الرجلان ... (فأعاد الحديث) . ثم قال عمر: والله يا رسول الله! ما كانت معونة عثمان إياه إلا أنه ضافه ليلة، فأحب أن يشكرها له! فسمعه عثمان فقال: يا رسول الله! ألا تسمع ما يقول لنا عمر عندك؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن رضى عمر رحمة الله! لوددت أنك كنت جئتني برأس الخبيث". فقام عمر. فلما بعد ناداه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هلم يا عمر! أين أردت أن تذهب؟ ". فقال: أردت أن آتيك برأس الخبيث. فقال: "اجلس حتى أخبرك بغنى الرب ... " الحديث. فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وما يقولون يا رسول الله؟! قال: "أما أهل السماء الدنيا فيقولون: سبحان ذي الملك والملكوت. وأما أهل السماء الثانية فيقولون: سبحان الحي الذي لا يموت؛ فقلها يا عمر! في صلاتك". فقال: يا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 735 رسول الله! فكيف بالذي علمتني وأمرتني أن أقوله في صلاتي؟ قال: "قل هذه مرة، وهذه مرة". وكان الذي أمر به أن قال: "أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جل وجهك". هكذا ساقه الحاكم - دون البيهقي - بتمامه. لكن سقط من سياقه ذكر ملائكة السماء الثانية الذين أشير إليهم وما يقولونه في آخر الحديث! والظاهر أنه من الناسخ أو الطابع؛ فقد ذكرهم البيهقي، وهو قد تلقاه عن الحاكم - كما سبق - ولفظه: "وإن لله في السماء الثانية [ملائكة] سجوداً، لا يعرفون رؤوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم ثم قالوا: ربنا! ما عبد ناك حق عبادتك". وقال البيهقي عقبه: "قد أخرجته بطوله في (مناقب عمر رضي الله عنه) ". وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: منكر غريب، وما هو على شرط (خ) ؛ عبد الملك ضعيف، تفرد به". قلت: وكذا جزم بضعفه الحافظ في "التقريب". وقال في "الإصابة" - عقب قول الذهبي المذكور -: "قلت: وليس في سنده [إلا] أبو عبد الملك بن قدامة الجمحي، وهو مختلف فيه؛ وثقه ابن معين والعجلي. وضعفه أبو حاتم والنسائي. وقال البخاري: يعرف وينكر"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 736 وأقول: والحصر المذكور غير مسلم عندي؛ فإن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار - وإن كان من رجال البخاري -؛ ففيه كلام كثير، حتى إن ابن عدي ختم ترجمته بقوله فيه: "هو من جملة من يكتب حديثه من الضعفاء". والحافظ نفسه لم يوثقه في "التقريب"؛ بل قال فيه: "هو صدوق يخطىء". 4983 - (ما أحسن من مسلم ولا كافر إلا أثابه الله. قلنا: يا رسول الله! ما إثابة الله الكافر؟ فقال: إن كان وصل رحماً، أو تصدق بصدقة، أو عمل حسنة؛ أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك. قلنا: فما في الآخرة؟ قال: عذاباً دون العذاب. وقرأ: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)) . منكر أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 321/ 1) ، والحاكم (2/ 253) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 187) ، وكذا ابن ماجه في "تفسيره" من طريق عامر بن مدرك: حدثنا عتبة بن يقظان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال البيهقي: "في إسناده من لا يحتج به". قلت: وهو عتبة هذا؛ قال الذهبي: "قواه بعضهم. قال النسائي: غير ثقة. وقال ابن الجنيد: لا يساوي شيئاً روى ابن ماجه في "تفسيره" ... ". الحديث: 4983 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 737 قلت: فساق الحديث؛ وقال عقبه: "عامر صدوق، والخبر منكر". والبعض الذي أشار إليه؛ إنما هو ابن حبان، فلو أنه أفصح عنه لكان أصوب في البيان، ولم يوثقه غيره! ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ضعيف". والنكارة التي أشار إليها الذهبي؛ إنما هي في آخر الحديث؛ لأنه مخالف لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "وأما الكافر؛ فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة؛ لم يكن له حسنة يجزى بها". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (53) ، وهو مطابق تماماً لقوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) . وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: عتبة واه". 4984 - (ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة) . ضعيف أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 294) من طريق إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الكوفي عن حبيب بن أبي العالية، عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: الحديث: 4984 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 738 "تفرد به إبراهيم بن محمد الكوفي هذا، وهو منكر". قلت: ولم أجد له ترجمة! لكن حبيب بن أبي العالية؛ قال الذهبي: "ضعفه يحيى بن معين. وغمزه أحمد". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الدر" (6/ 149) لابن أبي حاتم أيضاً، وابن مردويه. وأخرجه البغوي في "تفسيره" (8/ 167) من رواية بشر بن الحسين عن الزبير ابن عدي عن أنس بن مالك مرفوعاً به. قلت: وبشر هذا متروك. بل قال أبو حاتم: "يكذب على الزبير". وقال الدارقطني: "يروي عن الزبير بواطيل، والزبير ثقة، والنسخة موضوعة". وأورده السيوطي من حديث جابر: عند ابن مردويه، وعلي بن أبي طالب: عند ابن النجار، ولم يتكلم عليهما بشيء كما هي عادته الغالبة. وما أراهما يصلحان للاستشهاد. والله أعلم. 4985 - (قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً، ولسانه صادقاً، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة؛ وجعل أذنه مستمعة، وعينه ناظرة. فأما الأذن فقمع، والعين فمقرة لما يوعي القلب، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 147) ، وعنه أبو سليمان الحراني في "الفوائد" الحديث: 4985 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 739 (ق 30/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 73- هندية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 30) عن بقية قال: وأخبرني بحير بن سعد عن خالد بن معدان قال: قال أبو ذر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ فقد صرح بقية بالتحديث؛ لولا أنه متقطع بين خالد بن معدان وأبي ذر؛ فقد جاء في ترجمة خالد هذا: "وأرسل عن معاذ، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي ذر، وعائشة". وذهل عن هذا المنذري، ثم الهيثمي! ففي "الترغيب" (1/ 25) : "رواه أحمد، والبيهقي، وفي إسناد أحمد احتمال للتحسين"! وفي "المجمع" (10/ 232) : "رواه أحمد، وإسناده حسن"! قلت: وجزمه بالتحسين أقرب إلى حال إسناده من تردد المنذري فيه؛ لولا أنهما لم يتنبها للانقطاع الذي بينته. والمعصوم من عصمه الله تعالى. 4986 - (ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها) . ضعيف أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 313) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (3) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 93/ 182) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 316) ، وأبو العباس المقدسي في "حديثه" (ق 45/ 2) ، وكذا الأصبهاني في "الترغيب" (ق 137/ 2-138/ 1) من طرق عن سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا يزيد الحديث: 4986 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 740 ابن يحيى القرشي: حدثنا ثور بن يزيد: حدثنا خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير يزيد بن يحيى القرشي؛ وهو أخو خالد القرشي؛ كما في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 297) ، وقال: "سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بقوي الحديث" (1) . وقال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي". قلت: ومن ذلك تعلم خطأ المنذري في تجويده لأحد إسنادي البيهقي بقوله في "الترغيب" (2/ 231) : "رواه الطبراني عن شيخه محمد بن إبراهيم الصوري، ولا يحضرني فيه جرح ولا عدالة. وبقية إسناده ثقات معروفون. ورواه البيهقي بأسانيد أحدها جيد"! أقول: أما الصوري؛ فأورده الذهبي في "الميزان". وقال: "روى عن الفريابي ومؤمل بن إسماعيل. وعنه إبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وجماعة. روى عن زراد بن الجراح خبراً باطلاً أو منكراً في ذكر المهدي. قال الجلاب: هذا باطل، ومحمد الصوري لم يسمع من رواد. قال: وكان مع هذا غالياً في التشيع". قال الحافظ في "اللسان": "وهذا الكلام برمته منقول من كتاب "الأباطيل" للجورقاني. ومحمد بن إبراهيم قد ذكره ابن حبان في (الثقات) "!   (1) قلت: وفي هذا دليل على وهم قول الذهبي في " المغني ": " بيض له ابن أبي حاتم. قال أبو حاتم: ليس بالقوي "!! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 741 قلت: وأورده ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (14/ 786- المصورة) من رواية أبي الحسن بن حذلم فقط. وأما التجويد؛ فهو بعيد؛ لأن مدار طريقي البيهقي على سليمان بن عبد الرحمن عن القرشي؛ وهذا مجهول أو ضعيف، ولم يوثقه أحد؛ فأنى له الجودة؟! وقال الهيثمي (9/ 73-74) : "رواه الطبراني، ورجاله ثقات، وفي شيخ الطبراني محمد بن إبراهيم الصوري خلاف"! قلت: وله شيخ أخر فيه، لكنه خالف الطرق المشار إليها في إسناده؛ فقال في "مسند الشاميين" (ص 82) : حدثنا أحمد بن المعلى: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد به؛ إلا أنه قال: "عن جبير بن نفير عن أبيه" مكان: "عن معاذ". ورواية الجماعة أصح؛ لاسيما وابن المعلى قال فيه النسائي: "لا بأس به". نعم؛ له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها؛ إلا تحسر عليها يوم القيامة". غير أن إسناده ضعيف جداً؛ فإن البيهقي أخرجه، وكذا أبو نعيم في "الحلية" (5/ 361-362) من طريق عمرو بن حصين: حدثنا محمد بن علاثة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عمر بن عبد العزيز عن عروة عنها: وقال البيهقي: "وفي هذا الإسناد ضعف؛ غير أن له شواهد من حديث معاذ"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 742 قلت: يعني: حديث الترجمة، وفي قوله: "ضعف"، تساهل كبير؛ فإن هذا إنما يقال في الراوي الصدوق الذي في حفظه ضعف، فمثله يعتضد بغيره، وعمرو بن حصين - وهو العقيلي - ليس كذلك، بل هو شديد الضعف، كما يدل عليه أقوال مجرحيه من الأئمة، فقال أبو حاتم: "ذاهب الحديث، وليس بشيء". وقال الدارقطني: "متروك". وهو الذي اعتمده الحافظ في "التقريب". قلت: فلا يصلح الحديث للاعتضاد. ثم رأيت الحديث في "مجمع الزوائد" (10/ 80) . وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي؛ وهو متروك". وقد أورده في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" (4/ 433- مصورة الجامعة الإسلامية) من رواية "الأوسط" من هذا الوجه. واعلم أنني كنت اغتررت برهة من الزمن بكلام المنذري والهيثمي المتقدمين؛ قبل أن أطلع على إسناد الطبراني والبيهقي، وأوردت الحديث في الكتاب الآخر رقم (2197) (1) ، و "صحيح الجامع"، فلما وقفت على إسنادهما، وتبين أن مداره على القرشي عند كل من أخرجه؛ رجعت عن ذلك كله، وكتبت على هامش "الصحيح"   (1) أي قبلُ؛ وإلا فإنَّ الحديث قد حذفه الشيخ - رحمه الله - من " الصحيحة " قبل أن يطبع هذا المجلد منها؛ فتنبَّه. (الناشر) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 743 أن ينقل إلى "الضعيف"، وشرحت السبب هنا كما ترى، والهادي هو الله. 4987 - (إن لكل شيء صقالة، وإن صقالة القلوب ذكر الله) . موضوع أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 319-320) من طريق سعيد ابن سنان: حدثني أبو الزاهرية عن أبي شجرة - واسمه كثير بن مرة - عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول ... فذكره، وزاد: "وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله". سكت عنه البيهقي، وليس له ذلك؛ فقد ذكر في "المقدمة" أنه اقتصر على ما لا يغلب كونه كذباً؛ وليس هذا من هذا القبيل؛ فإن سعيد بن سنان - وهو أبو مهدي الحمصي - ضعيف جداً؛ كما يشعر بذلك قول البخاري: "منكر الحديث". والنسائي: "متروك الحديث". وقال الحافظ: "متروك. ورماه الدارقطني وغيره بالوضع". ومن طريقه: رواه ابن أبي الدنيا أيضاً؛ كما في "الترغيب" (2/ 228) ، وصدره بلفظة: "عن"؛ فما أصاب ولا أحسن! وقد روي الحديث عن أبي الدرداء موقوفاً عليه بلفظ: "جلاء" بدل: "صقالة" في الموضعين. أخرجه البيهقي (1/ 320) من طريق أبي عقيل عن عبد الله بن يزيد بن ربيعة قال: قال أبو الدرداء ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن عبد الله بن يزيد بن ربيعة - ويقال: عبد الله الحديث: 4987 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 744 ابن ربيعة بن يزيد - مجهول. ثم هو لم يدرك أبا الدرداء. ومع ذلك؛ فالوقف أشبه بالصواب. وأما الزيادة؛ فقد صحت من طريق أخرى عن معاذ موقوفاً عليه. أخرجه البيهقي (1/ 318) وغيره من حديث لأبي الدرداء في فضل الذكر. صححه الحاكم والذهبي، وحسنه المنذري (2/ 228) . وقد روي عن معاذ مرفوعاً من طرق، وله شواهد من حديث جابر وغيره، فراجع تعليقي على "الترغيب" (2/ 228-229) . 4988 - (لا تزال مصلياً قانتاً؛ ما ذكرت الله قائماً وقاعداً، أو في سوقك، أو في ناديك، أو حيثما كنت) . ضعيف أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 336) عن أبي أسامة عن أبي بكر قال: سمعت يحيى بن أبي كثير قال: قال - صلى الله عليه وسلم - لرجل ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل؛ يحيى بن أبي كثير تابعي صغير، كل رواياته عن التابعين. وأبو بكر هذا؛ لم أعرفه الآن. الحديث: 4988 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 745 4989 - (يقول الله عز وجل: من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 115) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 337) من طريقين عن صفوان بن أبي الصهباء، عن بكير بن عتيق عن سالم ابن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده. الحديث: 4989 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 745 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ صفوان هذا؛ لم يوثقه أحد غير ابن حبان. ومع ذلك فقد أعاده في "الضعفاء" فقال: "منكر الحديث، يروي عن الأثبات ما لا أصل له، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق فيه الثقات". ثم أخرج له البيهقي شاهداً من طريق الضحاك بن حمرة عن يزيد بن حميد عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به. قلت: ويزيد هذا لم أعرفه. والضحاك بن حمرة مختلف فيه؛ فوثقه ابن راهويه وابن حبان، وحسن له الترمذي؛ لكن قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال النسائي، والدولابي: "ليس بثقة". وقال الدراقطني: "ليس بالقوي، يعتبر به". وقال ابن عدي: "أحاديثه غرائب". وقال في بعض النسخ: "متروك الحديث". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ضعيف". وقد روي الحديث عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "القرآن" بدل: "ذكري"، وإسناده ضعيف جداً، كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 206) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 746 وتحسين الترمذي إياه - ولغيره -؛ من تساهله الذي عرف به، ونبهت عليه مراراً! وسرقه بعضهم؛ فرواه بإسناد صحيح عن حذيفة بلفظ حديث الترجمة؛ إلا أنه قال: "أعطيته قبل أن يسألني". أخرجه ابن عساكر في "جزء فضيلة ذكر الله عز وجل" (ق 2/ 2) عن عبد الرحمن بن واقد الواقدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن ربعي عن حذيفة. والواقدي هذا؛ قال ابن عدي: "يحدث بالمناكير عن الثقات، ويسرق الحديث". ثم ذكر له حديثاً سرقه، وقال - عن عبد ان الأهوازي -: "وهو فيه أبطل، أو قال: الباطل". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! 4990 - (ما يأتي على هذا القبر من يوم؛ إلا وهو ينادي بصوت طلق ذلق: يا ابن آدم! كيف نسيتني؟! ألم تعلم أني بيت الوحدة، وبيت الغربة، وبيت الوحشة، وبيت الدود، وبيت الضيق إلا من وسعني الله عليه؟! القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 82/ 1 - ترتيبه) عن محمد بن الحديث: 4990 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 747 أيوب بن سويد: حدثنا أبي: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فجلس إلى قبر منها، فقال ... فذكره. وقال: "لم يروه عن الأوزاعي إلا أيوب، تفرد بن ابنه". قلت: وهو متهم بالوضع؛ قال الحاكم، وأبو نعيم: "روى عن أبيه أحاديث موضوعة". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". قال أبو زرعة: "رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة". وذكر له الذهبي بعضها. وأبوه أيوب؛ قريب منه في الضعف. وساق له ابن عدي جملة مناكير من غير رواية ابنه عنه. قلت: ومن ذلك تعلم أن اقتصار المنذري في "الترغيب" (4/ 129) على الإشارة إلى تضعيف الحديث، والهيثمي في "المجمع" (3/ 46) على تضعيف محمد بن أيوب، تضعيفاً ليناً، ودون أن يضعف معه أباه؛ كل ذلك تساهل غير محمود!! وقد روي بعض هذا الحديث من رواية عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. أخرجه الترمذي (2/ 129) . وقال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 748 "حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه"! قلت: أنى له الحسن، وعطية ضعيف مدلس. والوصافي ضعيف جداً. وبه أعله المنذري فقال: "وهو واه". وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 131) من طريق ابن أبي بزة عن مؤمل ابن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمزحون ويضحكون؛ فقال: "أكثروا ذكر هادم اللذات. يعني: الموت. وقال: "قال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له". قلت: لكن قوله: "أكثروا ... " (1) . 4991 - (إن الله قال: يا عيسى! إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم. فقال: يا رب! كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم؟! قال: أعطيهم من حلمي وعلمي) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 348) ، وأحمد (6/ 450) ، وأبو نعيم في "الحلية"   (1) كذا أصل الشيخ - رحمه الله -! ولعله يريد أن يقول: لكن قوله " أكثروا ... " صحيح ثابت من حديث جمع من الصحابة، وهو مخرج في " الإرواء " (682) ! (الناشر) الحديث: 4991 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 749 (1/ 227) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر" (ق 47/ 1) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (ق 129/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (4/ 115/ 4482) ، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 127/ 1) من طريق معاوية بن صالح عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة أنه سمع أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! ووافقه الذهبي!! وقال أبو نعيم: "تفرد به معاوية بن صالح عن أبي حلبس". قلت: وهو مجهول الحال؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288) برواية معاوية بن صالح عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وروى عنه أيضاً صفوان بن عمرو؛ كما في "التعجيل"، وذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته في توثيق المجهولين! قلت: ومن ذلك تعلم خطأ تصحيح الحاكم والذهبي؛ فإن أبا حلبس هذا لم تثبت عدالته، فضلاً عن أنه لم يخرج له البخاري مطلقاً، بل ولا أحد من سائر الستة! وكذا معاوية بن صالح؛ لم يخرج له البخاري! 4992 - (نعم - وأبيك! - لتنبأن) . منكر أخرجه مسلم (8/ 2) ، وابن ماجه (2/ 157) ، وأبو يعلى (10/ 480/ 6092) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة - وهذا في "المصنف" (8/ 541) -: حدثنا شريك عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: الحديث: 4992 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 750 جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! نبئني من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ فقال ... فذكره. "أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك". قال: نبئني يا رسول الله! عن مالي كيف أتصدق فيه؟ قال: "نعم - والله! - لتنبأن: تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش وتخاف الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت نفسك ههنا؛ قلت: مالي لفلان، ومالي لفلان، وهو لهم وإن كرهت". والسياق لابن ماجه وأبي يعلى. وليس عند مسلم - وكذا ابن أبي شيبة - قضية الصدقة؛ إلا من طريق أخرى عن عمارة. وكذلك هي عند أحمد كما يأتي؛ إلا أن هذا أخرج القضية الأولى من طريق أخرى عن شريك فقال (2/ 391) : حدثنا أسود بن عامر: حدثنا شريك به؛ إلا أنه قال ... فذكر القضية الأولى وقال فيها: "نعم - والله! - لتنبأن"؛ كما في القضية الثانية عند ابن ماجه. وخالفه ابن أبي شيبة، وعنه مسلم؛ فقال: "وأبيك" مكان: "والله"! الجزء: 10 ¦ الصفحة: 751 وهذا من أوهام شريك عندي، والصواب رواية الأسود إن كانت محفوظة عن عمارة في هذه الجملة؛ لأنها لم ترد عند الثقات كما يأتي. وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 329-330) عقبها: "فلعلها تصحفت"! وأقول: بل الأقرب أنها من شريك نفسه - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ فإنه سيىء الحفظ، فاضطرب في ضبط هذه الجملة، فقال مرة: "والله". وأخرى: "وأبيه". وقد تابعه فيها في القضية الثانية: ابن فضيل عن عمارة بلفظ: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: "أما - وأبيك! - لتنبأنه: أن تصدق ... " الحديث. أخرجه أحمد (2/ 231) : حدثنا محمد بن فضيل به. وأخرجه مسلم (3/ 93) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا ابن فضيل به. ومن هذا الوجه رواه البخاري في "الأدب المفرد" (778) . وخالفهم أحمد بن حرب فقال: حدثنا محمد بن فضيل به؛ دون قوله: "أما - وأبيك! - لتنبأنه". أخرجه النسائي (2/ 125) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 752 وتابعه أبو كريب: أخبرنا محمد بن فضيل به. أخرجه أبو يعلى (11/ 482) . وتابعه في بعضه جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع به؛ دون قوله: "أما - وأبيك! - ... ". أخرجه أحمد (2/ 250) : حدثنا جرير به. ومن طريقه: ابن حبان (3324) . وأخرجه مسلم (3/ 93) ، وابو يعلى (4/ 1444) من طريق زهير بن حرب: حدثنا جرير به؛ مثل رواية أحمد بن حرب؛ ليس فيه: "أما - وأبيك! - لتنبأنه". وكذلك رواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا عمارة بن القعقاع بن شرمبة به. أخرجه أحمد (2/ 415) ، والبخاري (3/ 221) ، ومسلم (3/ 94) . وتابعه سفيان الثوري عن عمارة به. أخرجه أحمد (2/ 447) ، والبخاري (5/ 387) ، والنسائي (1/ 353) ، وابن حبان (434) . هذا ما يتلعق بالقضية الثانية. وأما الأولى؛ فقد خالفه جرير أيضاً؛ فرواه عن عمارة به؛ دون قوله: "نعم - وأبيك! - لتنبأن". أخرجه البخاري (10/ 329) ، ومسلم (8/ 2) ، وأبو يعلى (10/ 468) ، وابن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 753 حبان (1435،3301،3324 - الإحسان) . قلت: ويتحرر عندي من هذا التخريج أنه قد اختلف على عمارة بن القعقاع في ذكر الحلف بالأب: فتفرد بذكره شريك ومحمد بن فضيل، على خلاف في ذلك عليهما، ولم يذكره جرير بن عبد الحميد، وعبد الواحد بن زياد، وسفيان الثوري عن عمارة. والقلب يطمئن لروايتهم؛ لأنهم أكثر وأحفظ. زد على ذلك أنه لم يختلف عليهم في ذلك؛ بخلاف شريك وابن فضيل؛ فقد اختلف الرواة في ذلك عليهما كما رأيت، وذلك مما يضعف الثقة بزيادتهما على الثقات. وإذا لم يكن هذا كافياً في ترجيح رواية الأكثر عن عمارة بن القعقاع؛ فلا أقل من التوقف في ترجيح رواية شريك وابن فضيل المخالفة لهم. ولكن الأمر ينعكس تماماً حينما نجد لعمارة متابعين عن أبي زرعة، لم يذكروا في الحديث الحلف مطلقاً، وهما: 1- عبد الله بن شبرمة عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة بالقضية الأولى. أخرجه مسلم، وأحمد (2/ 327-328) ، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (5) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2241) من طرق عنه. 2- يحيى بن أيوب: حدثنا أبو زرعة به. أخرجه عبد الله بن المبارك في "البر والصلة" رقم (6) ، وعنه أحمد (2/ 402) ، والبخاري في "الأدب" (6) . وسنده صحيح على شرط الشيخين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 754 وعلقه - مع الذي قبله - البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم. قلت: فاتفاق هذين الثقتين - مع رواية الأكثر عن عمارة - لا يدع شكاً في أن روايتهم هي الأرجح. ومن ذلك؛ يتبين أن زيادة الحلف بالأب في هذا الحديث زيادة شاذة غير محفوظة. وإن مما يؤكد ذلك: أن الحديث قد جاء من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، مثل رواية الجماعة عن أبي زرعة ... ليس فيه الحلف بالأب. أخرجه ابن المبارك (رقم 5) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (3) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (20121) ، وغيرهم، وحسنه الترمذي، وهو مخرج في "المشكاة"، و"الإرواء" (837،2170) . واعلم أن الغرض من هذا البحث إنما هو مجرد التثبت من هذه الزيادة؛ هل صحت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بالذات أم لا؟ وليس لأنه معارض للأحاديث الكثيرة المصرحة بالنهي عن الحلف بغير الله؛ فإنه لو صح فالجواب عنه معروف من وجوه ذكرها الحافظ وغيره، ويكفي في ذلك قاعدة: (القول مقدم على الفعل عند التعارض) . ولقد أوحى إلي هذا البحث وجوب إعادة النظر في الزيادة المشابهة لهذه؛ والتي وقعت في حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل (وفي رواية: أعرابي) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد، ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام (وفي رواية: فقال: يا رسول الله! أخبرني ماذا فرض الله علي من الجزء: 10 ¦ الصفحة: 755 الصلاة) ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا؛ إلا أن تطوع". (قلت: ثم سأل عن الصيام والزكاة، وفيه) فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام، قال: هل علي غيرها؟ قال: "لا؛ إلا أن تطوع". قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله! لا أزيد على هذا ولا أنقص [مما فرض الله علي شيئاً] ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح إن صدق". أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" - والسياق للبخاري، مع رواياته وزياداته حسبما جاء في كتابي "مختصر البخاري" رقم (36) -؛ أخرجاه من طريق مالك عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة ... وكذلك أخرجه أبو داود وغيره عن مالك، وهو مخرج في كتابي "صحيح أبي داود" برقم (414) . وقد تابعه إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به. أخرجاه أيضاً من حديث قتيبة بن سعيد: حدثنا إسماعيل بن جعفر به. أخرجه البخاري في موضعين (4/ 82 و 12/ 278) عن قتيبة به. وأما مسلم فقال: حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر ... لم يسق الحديث؛ وإنما قال: بهذا الحديث، نحو حديث مالك؛ غير أنه قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح - وأبيه! - إن صدق". أو: "دخل الجنة - وأبيه! - إن صدق". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 756 قلت: فزاد في الحديث: "وأبيه"، مع تردده في قوله: "أفلح"، أو: "دخل الجنة"! وظاهره أنه من يحيى وقتيبة معاً؛ وعليه؛ فقد وقع فيه خلاف حول هذه الزيادة بين ثلاث طوائف: الأولى: البخاري ومسلم؛ في روايتهما عن قتيبة بن سعيد. الثانية: بين قتيبة وغيره من جهة، ويحيى بن أيوب وغيره من جهة أخرى؛ في الرواية عن إسماعيل بن جعفر. الثالثة: بين مالك وإسماعيل بن جعفر. وبيان هذا الإجمال على ما يلي: أما الأولى؛ فالبخاري لم يذكر في روايته عن قتيبة تلك الزيادة؛ خلافاً لمسلم على ظاهر روايته، ولم أجد - فيما وقفت عليه الآن من الروايات - متابعاً لأي منهما؛ إلا أنه مما لا شك فيه أن البخاري مقدم في حفظه وإتقانه على مسلم، لا سيما وأن رواية هذا ليست صريحة في المخالفة؛ لاحتمال أن تكون الزيادة ليحيى ابن أيوب وحده دون قتيبة الذي قرنه مسلم به؛ لأته مشارك له في رواية أصل الحديث لا في الزيادة! هذا محتمل. والله أعلم. وأما الثانية؛ فلكل من قتيبة ويحيى بن أيوب متابع: أما قتيبة؛ فتبعه علي بن حجر: عند النسائي (1/ 297) ، على خلاف عليه يأتي. لكن المتابعين ليحيى أكثر؛ فتابعه يحيى بن حسان: عند الدارمي (1/ 370-371) ، وعلي بن حجر أيضاً: عند ابن خزيمة في "صحيحه" (306) ، وكذا ابن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 757 منده - خلافاً لرواية النسائي -، وداود بن رشيد: عند البيهقي (2/ 446) ؛ لكن ذكر المحقق أن في نسخة: "والله" بدل: "وأبيه". وعلى كل حال؛فرواية يحيى - حتى الآن - أرجح من رواية قتيبة؛ لاقترانها بمتابع قوي لم يختلف عليه، وهو يحيى بن حسان - وهو التنيسي -؛ وهو ثقة من رجال الشيخين؛ بخلاف متابع قتيبة - وهو علي بن حجر -؛ فقد اختلف عليه كما رأيت. وأما الثالثة؛ فقد تبين مما سبق أن مدار الحديث على أبي سهيل، وأن رواه عنه مالك وإسماعيل، وأنهما اختلفا عليه في زيادة: "وأبيه"؛ فأثبتها إسماعيل، ولم يذكرها مالك. فيرد حينئذ - في سبيل التوفيق بينهما - قاعدتان مشهورتان: إحداهما: زيادة الثقة مقبولة. والأخرى: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه مردودة. فعلى أيهما ينبغي الاعتماد والعمل هنا؟! الذي تحرر عندي - من علم المصطلح، ومن تطبيقهم له على مفردات الأحاديث - أنه لا اختلاف بين القاعدتين؛ فإن الأولى محمولة على ما إذا تساويا في الثقة والضبط. وأما إذا اختلفا في ذلك؛ فالاعتماد على الأوثق والأحفظ. وبذلك تلتقي هذه القاعدة مع القاعدة الأخرى ولا تختلفان أبداً، ويسمى حديث الأوثق حينذاك: محفوظاً، ومخالفه: شاذاً. وهذا هو المعتمد في تعريف (الشاذ) بحسب الاصطلاح؛ كما قال الحافظ (1) .   (1) انظر " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر (ص 9، 14) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 758 إذا عرفت هذا؛ فقد تمهد لدينا إمكانية ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل بمرجحات ثلاثة: الأول: أن مالكاً أوثق من إسماعيل؛ فإن هذا - وإن كان ثقة -؛ فمالك أقوى منه في ذلك وأحفظ. ويكفي في الدلالة على ذلك أن الإمام البخاري سئل عن أصح الأسانيد؟ فقال: مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: من أثبت أصحاب الزهري؟ قال: مالك أثبت في كل شيء. الثاني: أن مالكاً لم يختلف الرواة عليه في ذلك؛ خلافاً لإسماعيل؛ فمنهم من رواه عنه مثل رواية مالك، كما سبق. الثالث: أنني وجدت لروايته شاهداً بل شواهد؛ خلافاً لرواية إسماعيل. فلا بأس من أن أسوق ما عرفت منها: الأول: عن أنس؛ وله طريقان: الأولى: عن قتادة عنه قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات؟ قال: "افترض الله على عباده صلوات خمساً". قال: يا رسول الله! قبلهن أو بعدهن شيء؟ قال: "افترض الله على عباده صلوات خمساً". فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئاً، ولا ينقص منه شيئاً. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 759 "إن صدق الرجل؛ ليدخلن الجنة". أخرجه النسائي (1/ 80) ، وابن حبان (1444) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2/ 270) من طريق نوح بن قيس عن خالد بن قيس عن قتادة عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وقد مضى في "الصحيحة" برقم (2794) . الثانية: عن ثابت عنه به مطولاً؛ وفيه سؤال الرجل عن الزكاة أيضاً، وعن صوم رمضان والحج، وفيه قوله: ثم أولى، قال: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لئن صدق؛ ليدخلن الجنة". أخرجه مسلم (1/ 32) ، وأبو عوانة (1/ 2-3) ، والترمذي (619) - وحسنه -، والنسائي (1/ 297) ، والدارمي (1/ 164) ، والبغوي في "شرح السنة" رقم (4،5) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 5 - بتحقيقي) ، وأحمد (3/ 143،193) ، ابن منده في "الإيمان" (ق 16/ 2) من طرق عن سليمان بن المغيرة عنه. وعلق البخاري في "صحيحه" بعضه (1/ 25/ 19 - مختصر البخاري - بقلمي) . وكنت عزوته إليه عزواً مطلقاً في تعليقي على "الإيمان"، فأوهم أنه عنده مسند أيضاً؛ فليقيد. الثاني: عن أبي هريرة: أن أعرابياً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 760 "تعبد الله لا تشرك به شيئاً" (ثم ذكر - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والزكاة ورمضان) . قال: والذي نفسي بيده! لا أزيد على هذا شيئاً أبداً، ولا أنقص منه. فلما ولى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة؛ فلينظر إلى هذا". أخرجه مسلم (1/ 33) ، وأبو عوانة (1/ 4) ، وابن منده (16/ 2) . الثالث: عن ابن عباس؛ وله عنه طريقان: الأولى: عن سالم بن أبي الجعد عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ... الحديث نحو حديث أنس من الطريق الثاني؛ وفي آخره: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: "والذي نفسي بيده! لئن صدق؛ ليدخلن الجنة". أخرجه الدارمي (1/ 165) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 4 - بتحقيقي) عن ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد ... قلت: ورجال إسناده ثقات رجال البخاري؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط. والأخرى: عن كريب مولى ابن عباس عنه نحوه؛ وفيه تسمية الرجل بـ: (ضمام ابن ثعلبة) ؛ وفيه قال: ثم قال: لا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف إلى بعيره. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولى: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 761 "إن يصدق ذو العقيصتين؛ يدخل الجنة". أخرجه الدارمي، وأحمد (1/ 250،264) من طريق محمد بن إسحاق: حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عنه. قلت: وهذا إسناد حسن. وسكت عليه الحافظ (1/ 161) مشيراً بذلك إلى تقويته. وقد جاءت تسميته بـ: (ضمام بن ثعلبة) في طريق ثالثة عن أنس بن مالك؛ نحو الطريق الثاني عنه باختصار بلفظ: فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنبأنا رسول من ورائي من قومي، وأنبأنا ضمام ابن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر. أخرجه البخاري (50 - المختصر) ، والنسائي (1/ 297) ، وأحمد (3/ 168) ، وابن منده من طريق عن الليث عن سعيد عن شريك بن أبي نمر أنه سمع أنس ابن مالك. وإسناده على شرط الشيخين؛ على ضعف في شريك هذا. وبالجملة؛ فهذه شواهد ثلاثة لحديث مالك؛ من رواية أنس وابن عباس وأبي هريرة، لم يرد فيها تلك الزيادة: "وأبيه"، فدل ذلك على أنها زيادة شاذة غير محفوظة. ومما لا شك فيه أن الاستشهاد المذكور، إنما هو باعتبار أن الحادثة واحدة في الأحاديث الأربعة، وهو الذي صرح به ابن بطال وآخرون في خصوص الحديثين الأولين: حديث طلحة، وحديث أنس، فجزموا بأن الرجل المبهم في الحديث الجزء: 10 ¦ الصفحة: 762 الأول: هو ضمام بن ثعلبة المصرح به في بعض طرق الحديث الثاني، وحديث ابن عباس أيضاً الثالث. قال الحافظ في "الفتح" (1/ 88) : "والحامل لهم على ذلك: إيراد مسلم لقصته عقب حديث طلحة، ولأن في كل منهما أنه بدوي، وأن كلاً منهما قال في آخر حديثه: لا أزيد على هذا ولا أنقص". قلت: وكذلك في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة كما تقدم؛ فهي أحاديث أربعة، تتحدث عن قصة واحدة، فإذا تفرد أحد الرواة عنهم بشيء دون الآخرين؛ قام في النفس مانع من قبولها، لا سيما إذا اختلف عليه في ذلك؛ كهذه الزيادة: "وأبيه"؛ لأنه يلزم من قبولها توهيم الرواة الآخرين، ونسبتهم إلى قلة الضبط والحفظ. وإذا كان لا بد من ذلك؛ فنسبة الفرد الواحد إلى ذلك أولى، كما لا يخفى على أولي النهى. وأما ما ذكره الحافظ عن القرطبي؛ أنه تعقب جزم ابن بطال المتقدم؛ بأن سياق حديث طلحة وأنس، مختلف، وأسئلتهما متباينة! فالجواب: أنه لا اختلاف ولا تباين في الحقيقة؛ وإنما هو الاختصار من بعض الرواة حسب المناسبات؛ ألا ترى إلى حديث أنس من الطريق الأولى كم هو مختصر عنه في الطريق الأخرى؟! فهل يقول قائل: إنهما يتحدثان عن قصتين مختلفتين؛ لتباين الأسئلة فيهما؟! وكذلك يقال عن حديث ابن عباس في طريقيه! فإذا كان هذا الاختلاف في حديث الرواي الواحد لا يدل على تعدد القصة؛ فأولى أن لا يدل عليه الاختلاف في حديث راويين مختلفين. وهذه هي طريقة العلماء المحققين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 763 ألا ترى إلى العلامة ابن القيم في (فصل صلاة الخوف) من كتابه "زاد المعاد"؛ كيف أنه لم يجعل كل رواية رويت في صلاة الخوف صفة مستقلة؟! بل أنكر ذلك فقال: "وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف صفات أخر ترجع كلها إلى هذا، وهذه أصولها، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات، وذكرها ابن حزم نحو خمس عشرة صفة، والصحيح ما ذكرناه أولاً (يعني: ست صفات) ؛ وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة؛ جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من اختلاف الرواة". والخلاصة: أن الزيادة المذكورة في حديث طلحة - وكذا في حديث أبي هرية الذي قبله - زيادة شاذة لا تصح عندي. ومن صححها؛ فإنما نظر إلى كون راويها - إسماعيل بن جعفر - ثقة، دون النظر إلى المخالفة - مالك - له فيها، واختلاف الرواة على إسماعيل في إثباتها. فلا جرم أن أعرض عن روايتها إمام الأئمة أبو عبد الله البخاري، وهذا هو غاية الدقة في التخريج، جزاه الله خيراً. ثم إنه قد بدا لي شيء آخر أكد لي نكارة الزيادة في حديث طلحة خاصة، ألا وهو أنه بينما نرى الأعرابي السائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام؛ يحلف بالله دون سواه؛ إذا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يحلف بأبيه كما تقول الزيادة! فهذه المقابلة مستنكرة عندي مهما قيل في تأويل الزيادة. والله أعلم. ثم رأيت ابن عبد البر قد جزم في "التمهيد" (14/ 367) بأن الزيادة غير محفوظة - كما سيأتي -؛ فالحمد لله على توفيقه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 764 (تنبيه) : خفي هذا التحقيق - حول حديث الترجمة - على كثير من المتقدمين والمتأخرين؛ اتكالاً منهم على وروده في "الصحيح"، دون أن يتنبهوا لما جاء في تعريف الحديث الصحيح في علم المصطلح؛ من قولهم: "ولم يشذ ولم يعل"! أو لوجود زيادة في بعض الطرق دون بعض؛ فيحيل في حديث الزيادة - الضعيف سنده - على الحديث الخالي منها لصحة سنده! وهذا ما وقع فيه المعلق على "مسند أبي يعلى"، فإنه لما تكلم على حديث الزيادة من طريق شريك؛ قال (10/ 480) : "إسناده ضعيف؛ لضعف شريك بن عبد الله القاضي"، فأصاب؛ إلا أنه تابع فقال: "غير أن الحديث صحيح، وقد تقدم برقم (6082) ، وسيأتي برقم (6094) ، وأما الجزء الثاني (يعني: الذي فيه ذكر الصدقة) ، فقد تقدم برقم (6080) ، وإسناده صحيح أيضاً"! فأخطأ في هذا التصحيح؛ لأن الحديث بالأرقام الثلاثة التي أشار بها إليه؛ ليس فيها جملة القسم بالله أو أبيه؛ وهي شاذة كما علمت. ومن هذا القبيل: زيادة تفرد بها ابن حبان (1/ 329/ 434) في آخر القضية الأولى بلفظ: قال: فيرون أن للأم ثلثي البر. وإسناده هكذا: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال: حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 765 قلت: وإبراهيم بن بشار - وإن كان صدوقاً -؛ ففيه كلام من قبل حفظه. ولذلك قال الذهبي في "الكاشف": "ليس بالقوي". وأصل هذا: ما رواه عبد الله بن أحمد في "العلل" (2/ 332/ 2315) - وعنه ابن أبي حاتم في "الجرح" - عن أبيه أحمد أنه قال في إبراهيم هذا: "كان يحضر معنا عند سفيان، ثم يملي على الناس ما سمعوه من سفيان، وربما أملى عليهم ما لم يسمعوا، كأنه يغير الألفاظ، فتكون زيادة في الحديث. فقلت له: ألا تتقي الله؟! تملي عليهم ما لم يسمعوا؟! وذمه في ذلك ذماً شديداً". وقول البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 277) : "يهم في الشيء بعد الشيء"، وقول ابن معين: "لم يكن يكتب عند سفيان، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان". وراجع "التهذيب" إن شئت. وأقول: ويؤيد ما قاله هؤلاء الأئمة - جزاهم الله عن المسلمين خيراً! - إن الحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (2/ 476/ 1118) قال: حدثنا سفيان به؛ دون قوله: فيرون أن للأم ثلثي البر. وتابعه أبو بكر محمد بن ميمون المكي: حدثنا سفيان بن عيينة به. أخرجه ابن ماجه (3658) . وشيخه محمد هذا؛ وثقه بعضهم، وكنيته في "التهذيب": (أبو عبد الله) . فالله أعلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 766 قلت: فالزيادة المذكورة منكرة؛ لمخالفة الرمادي للحافظ الحميدي ومن تابعه من جهة، ولعدم ورودها في الطرق الأخرى المتقدمة. ومن هذا التحقيق؛ تعلم خطأ قول المعلق على "الإحسان" (2/ 176 - مؤسسة الرسالة) : "إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير إبراهيم بن بشار الرمادي؛ وهو حافظ، وقد توبع ... "!! ثم أفاض في تخريجه!! فأقول: أولاً: ليس إسناده بصحيح؛ لما علمت من حال الرمادي في روايته عن سفيان. ثانياً: لو سلم منه؛ فدونه الراوي عنه أبو خليفة - واسمه الفضل بن الحباب -، وليس من رجال الشيخين، ولا بقية الستة! ثم هو مختلف فيه: فمنهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه. وقد ساق له الحافظ في "اللسان" حديث جابر رفعه: "من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء ... " الحديث. واستظهر أن الغلط فيه من أبي خليفة. والله أعلم. ثالثاً: لو سلمنا - فرضاً - بصحة إسناده؛ فذلك مما لا يستلزم صحة متنه؛ إلا إذا سلم من الشذوذ والعلة، وهو غير سالم كما عرفت مما سبق. والله سبحانه وتعالى أعلم. وبعد تخريج حديث طلحة بن عبيد الله من رواية إسماعيل بن جعفر بسنين؛ طبع كتاب "التمهيد" للحافظ ابن عبد البر، فرأيته ذكر هذا الحديث تحت حديث: الجزء: 10 ¦ الصفحة: 767 "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ... " الحديث، متفق عليه، وهو مخرج في "الإرواء" (2560) ، أورده تحته؛ لمخالفته إياه في الحلف بالأب، فقال (14/ 367) مجيباً عن هذه الزيادة: "هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل؛ لم يقولوا ذلك فيه. وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه: "أفلح - والله! - إن صدق" أو: "دخل الجنة - والله! - إن صدق"، وهذا أولى من رواية من روى: "وأبيه"؛ لأنها لفظة منكرة، تردها الآثار الصحاح". قلت: فوافق قول هذا الحافظ ما كنت انتهيت إليه من شذوذ هذه اللفظة. فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله. وقد رويت هذه اللفظة في قصة أخرى، وهي منكرة أيضاً فيها، وسيأتي تخريجها والكلام عليها برقم (6311) . 4993 - (إن الله إذا أحب عبد اً وأراد أن يصافيه؛ صب عليه البلاء صباً، وثجه عليه ثجاً؛ فإذا دعا العبد قال: يا رباه! قال الله: لبيك عبد ي! لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك؛ إما أن أعجله لك، وإما أن أدخره لك) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (85/ 2-86/ 1) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: ويزيد هذا ضعيف. ولذلك أشار المنذري (4/ 146-147) إلى تضعيف الحديث. الحديث: 4993 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 768 4994 - (إن الله عز وجل يقول للملائكة: انطلقوا إلى عبد ي فصبوا عليه البلاء صباً. فليأتونه فيصبون عليه البلاء صباً، فيحمد الله. فيرجعون فيقولون: ربنا! صببنا عليه البلاء كما أمرتنا. فيقول: ارجعوا؛ فإني أحب أن أسمع صوته) . ضعيف جداً أخرجه المخلص في "العاشر من حديثه" (207/ 1) : حدثنا عبد الواحد: حدثنا أيوب بن سليمان: حدثنا أبو اليمان: حدثنا عفير بن معدان عن سليم ابن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عفير هذا؛ وهو ضعيف جداً، كما تقدم برقم (293) ، ونقلته ثمة عن الهيثمي. وأما في هذا الحديث؛ فقال (2/ 291) : إنه ضعيف، فقط! والصواب الأول. وعزاه للطبراني في "الكبير". وكذلك صنع المنذري (4/ 147) ؛ وأشار إلى تضعيف الحديث. وأخرجه الطبراني (8/ 195/ 7697) ، والبغوي أيضاً في "شرح السنة" (1425) من الوجه المذكور. الحديث: 4994 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 769 4995 - (إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به؛ كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار: فمنه ما يخرج كالذهب الإبريز؛ فذلك الذي نجاه الله من الشبهات، ومنه ما يخرج كالذهب دون ذلك؛ فذلك الذي يشك بعض الشك، ومنه ما يخرج كالذهب الأسود؛ فذلك الذي قدافتتن) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (86/ 1) ، ومن طريقه الحديث: 4995 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 769 الأصفهاني في "الترغيب" (59/ 1) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لما سبق في الذي قبله. وبه: أخرجه الطبراني؛ كما في "الترغيب"، و "المجمع"؛ وضعفاه. 4996 - (للمصيبات والأوجاع أسرع في ذنوب العبد مني في هذه الشجرة) . ضعيف أخرجه أبو يعلى (3/ 1063) ، وابن أبي الدنيا (70/ 2،73/ 1) عن حسن بن صالح عن جابر الجعفي عن زياد النميري عن أنس بن مالك قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شجرة؛ فهزها حتى تساقط ورقها، ثم قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زياد النميري ضعيف. ومثله - بل شر منه - جابر الجعفي. ولذلك أشار المنذري إلى تضعيف الحديث (4/ 149) . وقصر الهيثمي في "المجمع" (2/ 301) ؛ فأعله بضعف الجعفي فقط! الحديث: 4996 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 770 4997 - (كان إذا فرغ من صلاته؛ رفع يديه وضمهما وقال: رب! اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، لك الملك، ولك الحمد) . منكر بهذا السياق أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (1154) : أخبرنا الحديث: 4997 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 770 عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثني علقمة بن مرثد وإسماعيل بن أمية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... إلخ. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله؛ فإن علقمة وإسماعيل لم يثبت لهما لقاء أحد من الصحابة. ثم إن ذكر رفع اليدين وضمهما فيه، وزيادة: "لك الملك ولك الحمد"؛ كل ذلك منكر؛ فقد وصله مسلم من طريق أخرى من حديث علي رضي الله عنه بحديث دعاء الاستفتاح مطولاً؛ وفي آخره: "وإذا سلم قال: اللهم! اغفر لي ... " إلخ دون الزيادة. وكذلك أخرجه أبو داود، وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبو داود" (738/ 1352) . وعزاه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على "الزهد" لأبي داود فقط؛ وهو تقصير واضح! وبهذه المناسبة أقول: لقد اطلعت منذ ثلاث سنين على الجزء الأول من كتاب بعنوان: "الألباني شذوذه وأخطاؤه"؛ بقلم أرشد السلفي، طبع المطبعة العلمية - ماليكاؤن (ناسك) الهند، ثم على الجزء الثاني منه؛ فتصفحتهما، فتبين لي أن مؤلفه من متعصبة الحنفية، وله اطلاع لا بأس به على كتب الحديث ورجاله، ولم نعرف شخصه، بل غلب على الظن أن هذا الاسم مزور لا حقيقة له! ولذلك دارت الظنون حول بعض المشهورين بعدائهم الشديد للسنة وأهلها، ولكن لما كان الجزء: 10 ¦ الصفحة: 771 لا يجوز الحكم بالظن؛ أمسكنا عن الجزم بهويته، ثم بدأت الأخبار تتوارد من هنا وهناك أنه هو الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي المذكور! فإذا ثبت هذا؛ فإنه يؤسفني أن يحشر نفسه في زمرة أعداء السنة، في الوقت الذي يتظاهر بخدمتها وتحقيق كتبها، ولا يظهر لي شخصياً إلا كل ود واحترام حينما كنا نلتقي به في المكتب الإسلامي في بيروت، وكان يومئذ على تصحيح تجارب كتاب "مصنف عبد الرزاق"!! وإلى أن نتيقن أنه هو؛ فإنه لا بد لي من أن أشير إلى أن الرد المذكور محشو بالبهت والافتراء علي، وبالجهل بعلم الحديث ومصطلحه، والطعن في أهله؛ كالإمام أحمد وابن تيمية وغيرهما، مع التعصب الشديد للمذهب الحنفي. وهذا - بالطبع - لا يعني أنه لم يصب في شيء مطلقاً مما انتقدني فيه! فما منا من أحد إلا رد ورد عليه؛ إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال الإمام مالك رحمه الله. ولدي الآن مسودة الرد على الجزءين المذكورين؛ فإذا انكشف الغطاء وتيقنا أنهما للشيخ الأعظمي؛ استخرنا الله في تبييضهما، عسى الله أن ييسر لنا نشرهما. 4998 - (ما من عبد يمرض؛ إلا أمر الله حافظه أن ما عمل من سيئة فلا يكتبها، وما عمل من حسنة أن يكتبها عشر حسنات؛ وأن يكتب له من العمل الصالح كما كان يعمل وهو صحيح؛ وإن لم يعمل) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1566) من طريق عبد الأعلى ابن أبي المساور: أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. الحديث: 4998 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 772 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الأعلى هذا؛ قال الحافظ: "متروك. وكذبه ابن معين". قلت: ومنه تعلم تساهل الهيثمي في قوله (2/ 304) : "رواه أبو يعلى، وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور، وهو ضعيف"! قلت: وقد خولف في إسناده؛ فقال ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (87/ 1) حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرني أبو مسعود الجريري عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة به. قلت: فزاد في الإسناد: (عن أبيه) ! ولم أعرفه، ولم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم في كتابيهما، ولا غيرهما من المتأخرين؛ فهو علة الحديث؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ غير أن أبا مسعود الجريري كان اختلط قبل موته بثلاث سنين. لكن للحديث إسناد آخر جيد؛ إلا أنه موقوف، فقال ابن أبي الدنيا (67/ 1) :حدثنا أحمد بن حنبل: أخبرنا عبد الله: أخبرنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي هريرة قال: إذا مرض العبد المسلم؛ يقال لصاحب اليمين: اكتب على عبد ي صالح ما كان يعمل. ويقال لصاحب الشمال: أقصر عن عبد ي ما كان في وثاقي. فقال رجل عند أبي هريرة: يا ليتني لا أرال (1) ضاجعاً. فقال أبو هريرة: كره للعبد الخطايا. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.   (1) كذا الأصل بالإهمال! فيمكن أن تقرأ: (أراك) ، أو: (أزال) . الجزء: 10 ¦ الصفحة: 773 ثم استدركت، فقلت: الظاهر أنه منقطع؛ فإنهم لم يذكروا لحسان بن عطية رواية عن أبي هريرة وغيره من الصحابة؛ غير أبي أمامة المتوفى سنة (86) ، وقالوا: أرسل عن أبي واقد الليثي؛ وقد توفي سنة (68) ، وأبو هريرة توفي قبله بنحو عشر سنين؛ فإنه توفي سنة (59) على أكثر ما قيل. وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف مرفوعاً وموقوفاً. 4999 - (من عاد مريضاً وجلس عنده ساعة؛ أجرى الله له عمل ألف سنة لا يعصي الله فيها طرفة عين) . موضوع أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (ق 164/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 161) و "أخبار أصبهان" (1/ 114،325) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن وهيب بن الورد عن أبي منصور عن رجل من الأنصار [عن أبان] عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث وهيب، لم نكتبه إلا من حديث سعيد بن يحيى. وعبد المجيد". قلت: هو عند بن أبي الدنيا من غير طريق سعيد بن يحيى - وهو ابن سعيد الأنصاري -؛ فإنه قال: حدثنا عبد الوهاب الوراق قال: حدثنا عبد المجيد ... وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: أبان هذا - وهو ابن أبي عياش - متروك؛ كما قال الحافظ. الثانية: رجل من الأنصار؛ مبهم. الثالثة: أبو منصور؛ لم أعرفه. الحديث: 4999 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 774 الرابعة: عبد المجيد بن عبد العزيز؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء، وكان مرجئاً، أفرط ابن حبان فقال: متروك". والحديث؛ قال المنذري (4/ 163) : "رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب المرض والكفارات"، ولوائح الوضع عليه تلوح". (تنبيه) : هكذا لفظ الحديث: "ألف سنة" عند مخرجيه؛ إلا أنه وقع في نسخة أخرى من "الكفارات" بلفظ: "سنة"، فالظاهر أنه سقط منها (ق 71/ 1) لفظة: "ألف"! ويؤيده أن المنذري لما عزاه إليه؛ ذكره باللفظ الأول: "ألف سنة". وكأنه لذلك حكم على الحديث بالوضع. والله أعلم. 5000 - (لا ترد دعوة المريض حتى يبرأ) . موضوع أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (71/ 2) : حدثنا سويد بن سعيد: أخبرنا عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الرحيم بن زيد - وهو ابن الحواري العمي -؛ كذبه ابن معين. وقال البخاري: "تركوه". وأبوه زيد ضعيف. وسويد بن سعيد؛ كان يتلقن؛ كما تقدم مراراً. والحديث؛ أورده المنذري (4/ 164) من رواية ابن أبي الدنيا؛ مشيراً لضعفه. الحديث: 5000 ¦ الجزء: 10 ¦ الصفحة: 775 انتهى بفضل الله وكرمه المجلد العاشر من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة " ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الحادي عشر، وأوله حديث: 5001 - (من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته) . " وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الجزء: 10 ¦ الصفحة: 776 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة : الحمدُ لله وحْدَه، والصلاة والسَّلام على مَنْ لا نبيَّ بَعْدَه، وبعد: فهذا هو المجلدُ الحادي عشر من " سلسلةِ الأحاديث الضعيفة والموضوعةِ، وأثرها السيئ في الأمة "؛ يَخْرُج إلى عالمِ المطبوعاتِ ليرى النورَ بعد عشراتِ السنين، يخرجُ إلى قُرائهِ ومُنْتَظِرِيه وراغبيهِ بمئاتِ الأحاديثِ الضََّعيفةِ والموضوعةِ في مجالاتِ الشريعة المختلفةِ؛ من العقائد، والآدابِ والأخلاقِ، والأحكامِ، وغير فلكَ مِمَّا سيَراه كل مُحبٍّ للعِلْم وأهلِهِ، يخرجُ ليلحقَ بأمثالِه من المجلداتِ السابقةِ، ليكونَ المسلمُ على بَينَةٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ، فلا ينْسِبُ إلى نبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ما لم يَقُلْهُ، فيقعَ تحتَ وعِيدِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: " كفَى بالمرء إثماً أنْ يُحَدِّبَ بكلِّ ما سَمعَ "، أو تحتَ وعيدِ قولِهِ الآخر: " مَنْ كذب على مُتَعَمِّداً؛ فَلْيَتَبَؤأْ مقعَدَهُ مِنَ النار "، وحتى لا يقعَ المسلمُ في الضلالِ والبدعةِ، ويصرفَ جُهدَهُ ووقتَهُ فيما لم يشرعْهُ الله ورسولُه، وهو يحسَبُ أنه يُحْسِنُ صُنْعاً!! وسيرى القارئُ الكريمُ تحتَ أحاديثِ هذا المجلَّدِ- كسابقه- الكثيرَ والكثيرَ مِنَ الأبحاثِ والتحقيقاتِ الحديثيَّةِ، والردودِ العلميةِ القويَّةِ، والفوائدِ والتنبيهاتِ الخفيَّةِ؛ كلّ في مكانهِ ومناسبتِهِ، وخُذْ أمثلةً على ذلك الأحاديث: (5009، 5016، 5020، 5023، 5048، 5035، 5028، 5026، 5025، 5049، 5095، 5086، 5083، 5066، 5096، 1807، 5151، 5120، 5128، 5126، 5135، 514842، 51، 5151، 5154، 5155، 5186، 5182، 5173، 5172، 5158، 5199، 5191-52174، 5206، 520، 5221، 5228، 5235، 5240، 5251، 5254، 5277، 5290، 5296، 5305، 5311، 5320، 5326، 5342، 5353، 5355، 5361، 5371- 5375، 5397، 5412، 5420- 5423، 5433، 5445- 5455، 5458، 5460، 5461، 5464، 5473، 5469، 5484، 5499) . وبطبيعة الحال؛ فإن هذا المجلد- كسَابِقِه- لم يُراجِعْهُ الشيخُ المراجعةَ الأخيرة لتهيئته للطباعة، ولو فعل لزاد وأفاد، ومن ذلك- بل أهمه- أننا وجَلْنَا عدداً من الأحاديثِ لم   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] هذه ملاحظات على المجلد الحادي عشر وقفت عليها في موقع ثمرات المطابع - جزاهم الله خيرا - وأحببت إضافتها هنا تنبيها للقارئ أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة   الملاحظات: سبق التنبيه على أهم الإشكالات الواردة على كتب الشيخ المطبوعة بعد وفاته رحمه الله وغفر له ومن ذلك: - أن الشيخ لم يراجع المراجعة النهائية ومن له عناية بكتب الشيخ عرف أهمية هذا العمل بالنسبة لكتبه. - أن الشيخ لم يحكم على مجموعة من الأحاديث فجاء الناشر بمجموعة من طلاب العلم - حسب وصفه لهم - فوضعوا لها الحكم المناسب عليها من خلال دراسة الشيخ لطرقه وتحقيقه، وليت الناشر سماهم إذن لأحسن الإحالة لو كانت على مليء، وليته أضاف الحكم بين قوسين معكوفتين ليعرف القارئ أن هذه الزيادات على كلام المؤلف رحمه الله تعالى وقد أشار الناشر إلى أرقام هذه الأحاديث في مقدمة المجلد وبلغت 53حديثاً - وبالطبع خلا هذا المجلد من مقدمات المؤلف المعهودة بطولها وما فيها من فوائد ودراسات وقضايا وردود. - إلا أن جهد الناشر في العناية بالكتاب، يظهر في التعليقات المختلفة التي تدل على مقابلة الكتاب على كثير من أصوله ونحوها من وجوه العناية الأخرى المشكورة. - أشار الشيخ إلى حذف حديث رقم 23 من صحيح الكلم الطيب لأنه ذهب إلى ضعفه 11/1/33. - في الكتاب فائدة هامة حول معنى حديث (زينوا القرآن بأصواتكم) 11/2/524-528. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 3 يُثَبِّتْ عليها الشيخُ- رحمه الله- الحُكْمَ المختصرَ قبلَ التخريجِ- كعادتِه-، فَوَضَعْنَا الحكمَ المناسِبَ عليها من خلالِ دراسةِ الشيخِ لطُرقهِ وتحقيقه، مع الرجوع إلى بعض إخواننا طلابِ العلْمِ في ذلكَ، وإليكَ أرقام هذه الأحاديث كلّها: (5001، 5009، 5020، 5039،5024، 5040، 5146،5044، 5150، 5152، 5157،5155، 5166،5162، 5187، 5217، 5219، 5230، 5242، 5253، 5257، 5260، 5264، 5266، 5268، 5287، 5288، 5291، 5295، 5306، 5308، 5309، 5311، 5314، 5318، 5345، 5349، 5357، 5364، 5376، 5385، 5390، 5392، 5410، 5412، 5415، 5470، 5471، 5473، 5479، 5489، 5490، 5498) . وهناكَ حديثٌ قُمْنَا بِحَذْفِهِ؛ نظراً لرجوع الشَّيخِ- رحمه الله- عن تضعيفه، وتخرِيجِه إيَّاهُ في " الصحيحة "، وهُو الحديث (5209) ، وآخرُ خُرِّجَ هناكَ، لكنْ لَم نَرَ حَذْفَهُ؛ لأنَّ فيه هنا فَوَائدَ زَوَائدَ على ما هُنَالك، وهو الحديث (5004) . ووجدنا- أيضاً- بعضَ الأحاديثِ أَخَذَتِ الرقمَ المكررَ قبلَها، فَفَصَلْنا اللاحقَ عن السَّابقِ بوضع [/م] بعد الرقم المكرر، ولم نُعدِّلِ الأرقامَ؛ لأن الشيخَ- رحمه الله- كانَ يُحِيلُ عليها في كُتُبِه الأخرى، فتيسيراً على الباحث تركناها كما هي، وهذه الأحاديث هي: (5043، 5141، 5142) . وقَدْ وجَدْنَا- أيضاً- قَفْزَاً في ترقيمِ الأحَاديثِ في ثَلاثَةِ مَواضعَ، نَتَجَ عنها سُقُوطُ ثلاثة أرقامً، وهي: (5178، 5278، 5292) . وأخيراً؛ لا يفُوتنا التوجُّه بالشُّكْرِ إلى كلِّ مَنْ كانتْ له يَدٌ في إنجازِ هذا العملِ العظيم في جَميع مراحِلِهِ؛ بما فيه عمل الفهارس العلميًةِ المختلفة على نحو ما كانتْ تُصْنَعُ في حياةِ الشَيخِ- رحمه الله-؛ فجزاهم الله خيراً، وشَكَرَ لهم. وصلى الله وسَلم على نبيِّنا محمد وآله وصحبهِ أجمعين. 26 من جمادى الآخرة 1422 هـ الناشر الجزء: 11 ¦ الصفحة: 4 5001 - (من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه) . ضعيف رواه الطبري (ج 3 رقم: 2329 ص 223) قال: حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) ؛ قال: أخبر الله أن المؤمن إذا سلم الأمر إلى الله ورجع واسترجع عند المصيبة؛ كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وله علتان: الأولى: الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس؛ فإنه لم يسمع منه، ولم يره؛ كما قال الحافظ وغيره من المتقدمين والمتأخرين. والأخرى: الضعف في ابن أبي طلحة نفسه؛ فقد تكلم فيه بعض الأئمة؛ فقال أحمد: "له أشياء منكرات". وقال يعقوب بن سفيان: "ضعيف الحديث منكر". ووثقه العجلي وغيره. وقال الحافظ: "صدوق يخطىء، أرسل عن ابن عباس". وجزم بضعفه الهيثمي؛ كما يأتي. الحديث: 5001 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 5 وعبد الله بن صالح فيه ضعف أيضاً؛ كما تقدم مراراً. والحديث؛ قال الهيثمي (2/ 331) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه علي بن أبي طلحة؛ وهو ضعيف". ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 169) إلى ضعف الحديث، وقال: "وفي رواية له (يعني: الطبراني) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطيت أمتي شيئاً لم يعطه أحد من الأمم عند المصيبة: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ". قلت: وبين علته الهيثمي فقال: (2/ 330) : "وفيه محمد بن خالد الطحان؛ وهو ضعيف". وكذا جزم بضعفه الحافظ في "التقريب". وحديث الترجمة؛ أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 255/ 13027) ، والسلفي في "الأربعين" (9/ 1 - حديث 28) من الوجه المذكور. وحديث الطحان الضعيف: عند الطبراني (12/ 40/ 12411) . 5002 - (من حفر قبراً؛ بنى الله له بيتاً في الجنة، ومن غسل ميتاً؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومن كفن ميتاً؛ كساه الله من حلل الكرامة، ومن عزى حزيناً؛ ألبسه الله التقوى وصلى على روحه في الأرواح، ومن عزى مصاباً؛ كساه الله حلتين من حلل الجنة، لا تقوم لهما الدنيا، ومن اتبع جنازة حتى يقضى دفنها؛ كتبت له ثلاثة قراريط؛ الحديث: 5002 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 6 القيراط منها أعظم من جبل أحد، ومن كفل يتيماً أو أرملة؛ أظله الله في ظله وأدخله جنته) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (9/ 135/ 9288 - ط) ، (1/ 78/ 1 - من ترتيبه) عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته الخليل بن مرة؛ فإنه ضعيف كما جزم به الحافظ وغيره. وذكره ابن حبان في "الضعفاء" وقال: "يروي عن جماعة من البصريين والمدنيين من المجاهيل". قلت: وشيخه إسماعيل بن إبراهيم لم أتيقن من هو، ولا أستبعد أنه الذي في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 155) : "إسماعيل بن إبراهيم السلمي، ويقال: الشيباني. روى عن ابن عباس. روى عنه يعقوب بن خالد ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة. وبعض الرواة يقول: إبراهيم بن إسماعيل؛ يعد في المدنيين". قلت: وعليه، فلا أستبعد - أيضاً - أن يكون أحد المدنيين المجاهيل الذين أشار إليهم ابن حبان في كلمته السابقة. وقال الذهبي: "لا يدرى من ذا؟ ". ونقل في "التهذيب" عن أبي حاتم أنه قال فيه: "مجهول". ولم أره في كتاب ابنه. والله أعلم. والحديث؛ قال الهيثمي (3/ 21) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 7 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الخليل بن مرة؛ وفيه كلام". ومن طريقه أخرج طرفه الأول منه: ابن شاهين في "الترغيب" (310/ 1) بلفظ: "من حفر قبراً؛ بنى الله له بيتاً في الجنة، وأجرى له مثل أجره إلى يوم القيامة". 5003 - (من أتى جنازة في أهلها؛ فله قيراط، فإن اتبعها؛ فله قيراط، [فإن صلى عليها؛ فله قيراط] ، فإن انتظرها حتى تدفن؛ فله قيراط) . منكر أخرجه البزار في "مسنده" (ص 90) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج الصواف: حدثنا معدي بن سليمان عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به. حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا معدي به. وقال: "لا نعلم رواه إلا معدي". قلت: قال أبو زرعة: "واهي الحديث، يحدث عن ابن عجلان بمناكير". وقال ابن حبان: "يروي المقلوبات عن الثقات، والملزقات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". وضعفه آخرون، وشذ الترمذي فصحح حديثه. وأما قول الهيثمي في "المجمع" (3/ 30) : الحديث: 5003 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 8 "رواه البزار، وفيه معدي بن سليمان، صحح له الترمذي ووثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه أبو زرعة والنسائي، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! فأقول: لم أجد من صرح بتوثيقه من أئمة الجرح والتعديل، ولم يذكروا عن أبي حاتم فيه إلا قوله: "شيخ"، وهذا ليس صريحاً في التوثيق، بل هو يدل على عدم الضعف المطلق؛ كما قال الذهبي في مقدمة "الميزان"، والحافظ تبعاً له في "اللسان"؛ ونفي الضعف المطلق لا يستلزم أنه موثق عنده كما هو ظاهر. وكأنه لذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ضعيف". وقال في "زوائد البزار": "قلت: جعل فيه ثلاثة قراريط، فلم يتابع عليه، وقد ضعفه غير واحد". قلت: وجعلها أربعة في رواية عنه ذكرها الذهبي في ترجمته من "الميزان"؛ ولعلها في "ضعفاء ابن حبان" من رواية عبيد الله بن يوسف الجبيري عنه بلفظ: "من أوذن بجنازة فأتى أهلها فعزاهم؛ كتب له قيراط، فإن شيعها؛ كتب له قيراطان، فإن صلى عليها؛ كتب له ثلاثة قراريط، فإن انتظر دفنها؛ كتب له أربعة قراريط، والقيراط مثل أحد". ثم رأيته عند ابن حبان (3/ 40) . والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من طرق كثيرة عن أبي هريرة نحوه؛ دون ذكر القيراط الثالث والرابع، وكذلك رواه جمع آخر من الصحابة، وقد خرجت أحاديثهم في "أحكام الجنائز" (ص 68-69) . وقد تكلم الحافظ الناجي في "العجالة" (ق 220/ 2-221/ 1) على الجزء: 11 ¦ الصفحة: 9 الحديث بإسهاب، وقال: "والآفة من معدي". ثم قال: "وبالجملة؛ فهذا اللفظ منكر مخالف للأحاديث المشهورة. وقد بينت أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن، وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد". 5004 - (لما افتتح - صلى الله عليه وسلم - مكة رن إبليس رنة اجتمعت إليه جنوده، فقال: ايأسوا أن ترتد أمة محمد على الشرك بعد يومكم هذا، ولكن افتنوهم في دينهم، وأفشوا فيهم النوح) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 156/ 2-157/ 1) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ... فذكره. قلت: وهذا الإسناد ضعيف؛ فإن ابن أبي المغيرة هذا - وإن كان قد وثق كما يأتي عن الهيثمي -؛ فقد قال ابن منده: "ليس هو بالقوي في سعيد بن جبير". وهو الذي روى عنه مطرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (وسع كرسيه السماوات والأرض) ؛ قال: "علمه". قال ابن منده: الحديث: 5004 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 10 "لم يتابع عليه". قال الذهبي عقبه: "قلت: قد روى عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كرسيه: موضع قدمه، والعرش لا يقدر قدره". قلت: يشير إلى أن ما رواه ابن أبي المغيرة عن سعيد عن ابن عباس منكر. وقال الحافظ فيه: "صدوق يهم". وأشار الهيثمي إلى تليينه بقوله (3/ 13) : "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون". وتساهل المنذري - مع وهم في العزو - فقال (4/ 177) : "رواه أحمد بإسناد حسن"! ومن طريق الطبراني: أخرجه الضياء في "المختارة" (59/ 13/ 1) . 5005 - (لا تصلي الملائكة على نائحة، ولا على مرنة) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 362) من طريق سليمان بن داود (وهو الطيالسي) وهذا في "مسنده" (2457) : حدثنا عمران: حدثنا قتادة عن أبي مراية عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وأبو مراية؛ اسمه: عبد الله بن عمرو العجلي. قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 118) : "روى عن سلمان وأبي موسى الأشعري وعمران بن حصين. روى عنه قتادة الحديث: 5005 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 11 وأسلم العجلي". وفي "تعجيل المنفعة" (519/ 1392) : "قال أبو سعيد: كان قليل الحديث. وذكره ابن بان في (الثقات) ". وقال الهيثمي (3/ 13) : "رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه أبو مرانة (!) ؛ ولم أجد من وثقه ولا جرحه، وبقية رجاله ثقات"! قلت: ولي عليه ملاحظتان: الأولى: قوله: "أبو مرانة" تصحيف؛ فإن كان منه؛ فقوله: "ولم أجد من وثقه" في محله، وإن كان الأصل "أبو مراية" فصحفه الناسخ أو الطابع؛ فقوله المذكور في غير محله؛ لتوثيق ابن حبان إياه، وعادته أن يحتج بتوثيقه؛ خلافاً للذهبي والعسقلاني وغيرهما من النقاد؛ فإن القاعدة عندهم عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان؛ لأنه يوثق المجهولين، كما سبق التنبيه على هذا مراراً وتكراراً. والأخرى: قوله: "وبقية رجاله ثقات"؛ فإن هذا الإطلاق يوهم أن ليس فيهم من تكلم فيه، والأمر على خلافه؛ فإن عمران هذا - وهو ابن داور أبو العوام القطان البصري - فيه كلام من قبل حفظه؛ أشار إليه الحافظ بقوله في "التقريب": "صدوق يهم". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف؛ لجهالة حال أبي مراية، وللكلام المشار إليه في عمران. والله أعلم. وأما الحافظ المنذري فقال: (4/ 177) : "رواه أحمد، وإسناده حسن إن شاء الله"!! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 12 5006 - (إن هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين في جهنم؛ صف عن يمينهم، وصف عن يسارهم، فينبحن على أهل النار كما تنبح الكلاب) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 77/ 1 - زوائده) عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال: "لم يروه عن يحيى إلا سليمان". قلت: وهو ضعيف جداً؛ كما يشعر بذلك قول البخاري: "منكر الحديث"، كما رواه عنه ابن عدي في "الكامل" (158/ 2) ، وساق له أحاديث مما أنكر عليه، ثم قال: "وعامة ما يرويه عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه". وساق له الذهبي - فيما أنكر عليه - هذا الحديث أيضاً. ولذلك أشار إليه المنذري (4/ 177) إلى تضعيف الحديث. وقال الهيثمي (3/ 14) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو ضعيف". الحديث: 5006 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 13 5007 - (ليس للنساء في الجنازة نصيب) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص 87 - زوائد) عن أبي غسان: حدثنا الصباح أبو عبد الله عن جابر عن عطاء عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن النائحة والمستمعة، وقال: ... فذكره. الحديث: 5007 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 13 وقال الهيثمي في "مختصر الزوائد" (1/ 348) : "الصباح ضعيف". كذا قال! ويأتي بيان ما فيه، وتعقبه الحافظ هناك بقوله: "قلت: وجابر: هو الجعفي؛ أشد ضعفاً منه". قلت: وقد اتفقا على تضعيف الصباح هذا، ولم أعرفه، وإلى ذلك يشير الهيثمي نفسه بقوله في "المجمع" (3/ 13) : "رواه البزار، والطبراني في "الكبير"، وفيه الصباح أبو عبد الله، ولم أجد من ذكره"! قلت: والشطر الأول من الحديث يرويه محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النائحة والمستمعة. أخرجه أحمد (3/ 65) ، وأبو داود (3128) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن بن عطية وأبوه عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيفان. 5008 - (في قول الله عز وجل: (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) . قال: يجلسه فيما بينه وبين جبريل، ويشفع لأمته، فذلك المقام المحمود) . باطل أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 163/ 2) عن أبي صالح عبد الله بن صالح: حدثني ابن لهيعة عن عطاء بن دينار الهذلي عن سعيد بن الحديث: 5008 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 14 جبير عن ابن عباس أنه قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين الهذلي وسعيد، قال الحافظ: "صدوق؛ إلا أن روايته عن سعيد بن جبير من صحيفة". والأخرى: ضعف ابن لهيعة. وقال الهيثمي (7/ 51) . "رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة؛ وهو ضعيف إذا لم يتابع. وعطاء بن دينار؛ قيل: لم يسمع من سعيد بن جبير". 5009 - (تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس، فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء، ثم ينادي مناد: يا أيها الناس! فيقبل الناس بعضهم على بعض: هل سمعتم؟ فمنهم من يقول: نعم، ومنهم من يشك، ثم ينادي الثانية: يا أيها الناس! فيقول الناس: هل سمعتم؟ فيقولون: نعم، ثم ينادي: أيها الناس: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) ، قال: فوالذي نفسي بيده! إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أو يتبايعانه أبداً، وإن الرجل ليمدر حوضه فما يسقي فيه شيئاً، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبداً، ويشتغل الناس) . ضعيف أخرجه الحاكم (4/ 539) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 325/ 899) من طريق أبي بكر بن عياش عن محمد بن عبد الله مولى المغيرة ابن شعبة عن كعب بن علقمة عن ابن حجيرة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه الحديث: 5009 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 15 قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط مسلم". ووافقه الذهبي!! وأقول: كلا، وذلك لأمرين: الأول: أن ابن عياش لم يحتج به مسلم؛ على ضعف في حفظه. والآخر: أن محمد بن عبد الله مولى المغيرة بن شعبة لم يخرج له مسلم أصلاً؛ على جهالته، وهو محمد بن يزيد بن أبي زياد، هكذا ساق نسبه الحافظ المزي في ترجمة شيخه كعب بن علقمة التنوخي المصري، وترجمة الراوي عنه أبي بكر بن عياش، وزاد في ترجمته هو نفسه: "الثقفي الفلسطيني ويقال: الكوفي، نزيل مصر، مولى المغيرة بن شعبة، وهو صاحب حديث الصور"، وذكر أن أبا حاتم قال فيه (4/ 1/ 126) : "مجهول". وصحح له الترمذي حديث: "كفارة النذر كفارة اليمين". وزاد الحافظ في "تهذيبه" عن الدارقطني أنه قال فيه أيضاً: "مجهول"؛ واعتمده الذهبي في "المغني"! قلت: ومن هذا التحقيق تعرف خطأ موافقته للحاكم في قوله: "صحيح على شرط مسلم"! وقول المنذري في "الترغيب" (4/ 191) : "رواه الطبراني بإسناد جيد، رواته ثقات مشهورون"! وقول الهيثمي (10/ 331) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 16 "رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير محمد بن عبد الله مولى المغيرة؛ وهو ثقة"! ونحوه سكوت الحافظ عنه في "الفتح" (13/ 88) ! بقي شيء واحد، وهو أن راوي الحديث - محمد بن عبد الله مولى المغيرة -: فيما يبدو - هو غير محمد بن يزيد بن أبي زياد المجهول. فأقول: إن كان الأمر كذلك؛ فهو مجهول العين؛ لأنه لم يذكره أحد من أئمة الجرح والتعديل - هذا فيما علمت -، لكن الظاهر عندي أنه هو نفسه، وعليه؛ فعبد الله لا بد أن يكون جده المكنى في "التهذيب" بأبي زياد، فهو محمد بن يزيد بن أبي زياد عبد الله. والله أعلم. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن ابن حجيرة؛ فقال ابن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" (ق 2/ 2) : حدثنا هارون بن سفيان: حدثنا محمد بن عمر: حدثنا معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن فضالة بن عبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن حجيرة به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وكذلك الإسناد الأول عن فضالة بن عبيد؛ لكن مدارهما على محمد بن عمر، وهو الواقدي، وهو متروك شديد الضعف؛ فلا يصلح للاستشهاد به. لكن الشطر الثاني من الحديث له شاهد قوي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 17 أخرجه الشيخان وغيرهما، وزاد البخاري خصلة رابعة بلفظ: "ولتقومن الساعة؛ وقد رفع أكلته إلى فيه، فلا يطعمها". وهو رواية لابن حبان (6807) . وهو قطعة من حديث طويل ساق السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" طرفه الأخير منه بدءاً من قوله: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ... "؛ وعزاه للشيخين وابن ماجه، وفيه تساهل كبير! فإن ابن ماجه ليس له منه إلا طلوع الشمس من مغربها (رقم 4068) ؛ وهذا رواه أحمد أيضاً (2/ 231) ، فكان عزوه إليه أولى. ومسلم وإن كان أخرج هذا القدر أيضاً (1/ 95) ؛ فإنه ليس عنده الخصلة الرابعة المذكورة! 5010 - (يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر، يطؤهم الناس بأقدامهم، فيقال: ما بال هؤلاء في صور الذر؟! فيقال: هؤلاء المتكبرون في الدنيا) . موضوع أخرجه البزار في "مسنده" (314- زوائده) عن القاسم بن عبد الله - يعني: العمري - عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العمري هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، رماه أحمد بالكذب". قلت: وكذلك كذبه ابن معين. ولفظ أحمد: الحديث: 5010 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 18 "كان يكذب ويضع الحديث". ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 194) إلى تضعيف الحديث. وقال الهيثمي (10/ 334) : "رواه البزار؛ وفيه القاسم بن عبد الله العمري، وهو متروك". ويغني عنه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال؛ يغشاهم الذل من كل مكان؛ يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: (بولس) ، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال". أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي - وحسنه -، وهو مخرج في "المشكاة" (5112) . 5011 - (إن العار والتخزية يبلغ من ابن آدم في المقام بين يدي الله ما يتمنى العبد يؤمر به إلى النار ويتحول من ذلك المقام) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي في "الكامل" (262/ 1) من طريق الحارث بن سريج الخوارزمي: أخبرنا معتمر: حدثنا الفضل بن عيسى: حدثنا محمد بن المنكدر أن جابر بن عبد الله حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره في جملة أحاديث ساقها للفضل هذا. ثم قال: "وله غير ما ذكرت من الحديث، والضعف بين على ما يرويه". وأعله الذهبي بالحارث بن سريج أيضاً، فقال: الحديث: 5011 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 19 "واه". وأقول: ولكنه قد توبع، فأخرجه الحاكم (4/ 577) من طريق عبد الوهاب ابن عطاء: أنبأ الفضل بن عيسى الرقاشي به نحوه، ولفظه: "إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب! لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب". وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: الفضل واه". وأورده الهيثمي في "المجمع" (10/ 336) بلفظ: "إن العرق ... " والباقي مثله إلا أنه قال: "مما أجد". ثم قال: "رواه البزار، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف جداً". ولقد وهم المنذري في "الترغيب" (4/ 195-196) في متن هذا الحديث، فإذا ساقه بلفظ البزار المذكور، وقال: "رواه البزار، والحاكم من حديث الفضل بن عيسى، وهو واه ... "! وقد عرفت أن لفظ الحاكم يختلف عن لفظ البزار؛ فوجب التنبيه عليه، ولعل هذا الاختلاف في متنه - وبخاصة في لفظة: "العار" و: "العرق" -؛ إنما هو من الرقاشي نفسه، وليس من بعض رواته أو مخرجيه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 20 5012 - (إنه يكون للوالدين على ولدهما دين، فإذا كان يوم القيامة يتعلقان به. فيقول: أنا ولدكما! فيودان أو يتمنيان لو كان أكثر من ذلك!) . منكر أخرجه الطبراني في "الكبير" (10/ 219/ 10526) : حدثنا أحمد بن عمرو البزار: حدثنا عمرو بن مخلد: أخبرنا يحيى بن زكريا الأنصاري: أخبرنا هارون بن عنترة عن زاذان قال: دخلت على عبد الله بن مسعود وقد سبق إلى مجلسه أصحاب الخز والديباج، فقلت: أدنيت الناس وأقصيتني؟! فقال: اذن، فأدناني حتى أقعدني على بساطه، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهو إسناد ضعيف؛ البزار - وهو صاحب "المسند" المعروف به -؛ قال الدارقطني: "ثقة يخطىء كثيراً". وشيخه عمرو بن مخلد؛ لم أجد له ترجمة. ومثله شيخه الأنصاري. والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 202) إلى تضعيفه. وقال الهيثمي (10/ 355) : "رواه الطبراني عن عمرو بن مخلد عن يحيى بن زكريا الأنصاري، ولم أعرفهما، وبقية رجاله وثقوا؛ على ضعف في بعضهم". الحديث: 5012 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 21 وأخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (1416) من طريق عيسى بن يونس عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب: أخبرنا زاذان أبو عمر به نحوه أتم منه. لكنه أوقفه. قلت: وعيسى بن يونس - وهو الفاخوري الرملي - صدوق، وقد خالف يحيى ابن زكري الأنصاري في إسناده ومتنه. أما الإسناد؛ فإنه أدخل بين هارون وزاذان: عبد الله بن السائب - وهو الكندي - وهو ثقة، ثم إنه أوقفه. وأما المتن؛ فليس فيه: "فيقول: أنا ولدكما ... " إلخ. والله أعلم. 5013 - (يوضع للأنبياء منابر من ذهب يجلسون عليها، ويبقى منبري لا أجلس عليه - أو قال: لا أقعد عليه - قائماً بين يدي ربي، منتصباً بأمتي؛ مخافة أنيبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي، فأقول: يا رب! أمتي أمتي! فيقول الله تعالى: يا محمد! ما تريد أن أصنع بأمتك؟ فأقول: يا رب! عجل حسابهم؛ فيدعى بهم، فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكاً برجال قد بعث بهم إلى النار، حتى إن مالكاً خازن النار ليقول: يا محمد! ما تركت لغضب ربك من أمتك من نقمة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 97/ 2) و "الأوسط" (3/ 446-447) من طريق محمد بن ثابت البناني عن عبيد الله بن عبد الله الحديث: 5013 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 22 ابن الحارث بن نوفل عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل البناني هذا؛ فإنهم اتفقوا على تضعيفه، بل قال البخاري: "فيه نظر". ففيه إشارة إلى أنه شديد الضعف عنده متروك. فقول المنذري في "الترغيب" (4/ 220) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، والبيهقي في "البعث"، وليس في إسنادهما من ترك"!! قلت: فهو غير مسلم على إطلاقه، مع أنه غير كاشف عن علته. وخير منه في ذلك قول الهيثمي (10/ 380) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه محمد بن ثابت البناني؛ وهو ضعيف". 5014 - (إن الهدية يطلب بها وجه الرسول وقضاء الحاجة، وإن الصدقة يبتغى بها وجه الله) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" (2/ 16/ 1) : أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن يحيى بن هاني قال: أخبرني أبو حذيفة عن عبد الملك بن محمد عن عبد الرحمن بن علقمة قال: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيف، فأهدوا إليه هدية. فقال: "هدية أم صدقة؟ ". قالوا: هدية، فقال: ... فذكره. قالوا: الحديث: 5014 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 23 لا؛ بل هدية، فقبلها منهم. فشغلوه عن الظهر حتى صلاها مع العصر. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أبي حذيفة وشيخه عبد الملك بن محمد - وهو ابن نسير الكوفي -، قال الحافظ في كل منهما: "مجهول". وعبد الرحمن بن علقمة مختلف في صحبته؛ قال الحافظ: "يقال: له صحبة. وذكره ابن حبان في "الثقات"". والحديث عزاه الحافظ في "الإصابة" (4/ 172) للنسائي وإسحاق بن راهويه ويحيى الحماني وأبي داود الطيالسي في "مسانيدهم"! ومن الوجه المذكور: أخرجه عبد الباقي بن قانع في "معجم الصحابة". 5015 - (إياكم والسرية لتي إن لقيت فرت، وإن غنمت غلت) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2/ 5/ 1) ، ومن طريقه ابن ماجه (2829) : أخبرنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة قال: أخبرنا يزيد بن أبي حبيب عن لهيعة بن عقبة قال: سمعت أبا الورد صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة. وأبوه لهيعة بن عقبة؛ روى عنه جمع غير يزيد بن أبي حبيب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الأزدي: "حديثه ليس بالقائم". وقال ابن القطان: الحديث: 5015 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 24 "مجهول الحال". ولخص ذلك الحافظ فقال: "مستور". 5016 - (إذا هممت بأمر؛ فعليك بالتؤدة حتى يأتيك الله بالمخرج من أمرك) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2/ 72/ 2-73/ 1) : أبو معاوية قال: أخبرنا سعد بن سعيد عن الزهري عن رجل من بلي قال: دخلت مع أبي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فانتجاه دوني، فقلت: يا أبة! أي شيء قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال ... فذكره. قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ لسوء حفظ سعد بن سعيد - وهو أخو يحيى ابن سعيد الأنصاري -؛ قال الحافظ: "صدوق، سيىء الحفظ". (تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث التي لم يطلع عليها الحافظ السيوطي ولذلك لم يورده في كتابه "الجامع الكبير"! الحديث: 5016 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 25 5017 - (من تعلم لغير الله، أو أراد به غير الله؛ فليتبوأ مقعده من النار) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 109) ، والنسائي في "الكبرى - كتاب العلم - نسخة تطوان"، وابن ماجه (258) ، والأصبهاني في "الترغيب" (377/ 1) من طريق محمد بن عباد الهنائي: حدثنا علي بن المبارك عن أيوب السختياني بن دريك عن ابن عمر مرفوعاً. وقال الترمذي: الحديث: 5017 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 25 "حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أيوب إلا من هذا الوجه"! قلت: وفي تحسينه نظر؛ بينه الحافظ المنذري في "الترغيب" (1/ 69) فقال - بعد عزوه للمذكورين إلا النسائي -: "خالد بن دريك لم يسمع من ابن عمر، ورجال إسنادهما ثقات". 5018 - (ما من رجل يضع ثوبه وهو محرم، فتصيبه الشمس حتى تغرب؛ إلا غربت بخطاياه) . منكر أخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" (2/ 75/ 1) : ابن فضيل عن يزيد عن عاصم بن عبيد الله عن فلان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ عاصم بن عبيد الله، وهو العمري. ونحوه يزيد، وهو ابن أبي زياد الهاشمي مولاهم. وخالفه عاصم بن عمر بن حفص؛ فرواه عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن جابر بن عبد الله مرفوعاً بلفظ: "ما من محرم يضحى لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس؛ إلا غابت بذنوبه؛ فعاد كما ولدته أمه". أخرجه ابن ماجه (2925) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 229) ، والبيهقي (5/ 43) ، وأحمد (3/ 373) . وابن حفص هذا ضعيف أيضاً. وتابعه سفيان الثوري؛ لكن خالفه في صحابيه فقال: عن عاصم بن الحديث: 5018 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 26 عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه مرفوعاً به. أخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب عنه. وسفيان ثقة؛ لكن ابن القاسم هذا ليس بالمشهور؛ كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه (2/ 2/ 110) . ورواه من طريق عاصم أيضاً فقال: وحدثني عاصم بن عبيد الله به. أخرجه البيهقي، وكذا الطبراني؛ كما في "المجمع" (3/ 224) ، وقال: "وفيه عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف؛ لضعف عاصم، واضطراب الرواة عنه في إسناده ومتنه. وقد أشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيفه. 5019 - (أيما مسلم دعا بها - يعني: دعوة يونس عليه السلام - في مرضه أربعين مرة، فمات في مرضه ذلك؛ أعطي أجر شهيد، وإن برأ برأ وقد غفر له جميع ذنوبه) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 505-506) من طريق محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني: حدثنا أحمد بن عمر بن بكر السكسكي: حدثني أبي عن محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به الحديث: 5019 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 27 أعطى؟! الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ". فقال رجل: يا رسول الله! هل كانت ليونس خاصة أم المؤمنين عامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تسمع قول الله عز وجل: (فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ؟! "، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعله لوضوح علته؛ فإن عمرو بن بكر السكسكي ضعيف جداً؛ قال الذهبي: "واه، أحاديثه شبه موضوعة". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك". قلت: وابنه أحمد لم أجده، ويغلب على الظن أنه محرف من (إبراهيم) ؛ فإن له ابناً بهذا الاسم، ففي "الميزان": "إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي، قال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة. وأبوه أيضاً لا شيء". زاد في "اللسان": "قال ابن حبان: لست أدري هو الجاني على أبيه، أو أبوه كان يخصه بالموضوعات؟! ". قلت: فهو آفة هذا الحديث أو أبوه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 28 وأما محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني؛ فهو ثقة؛ كما قال الدارقطني، كما رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 120/ 2-121/ 2) ، ولم يذكر له وفاة، وكناه بأبي العباس، وكذا السمعاني في "الأنساب" (390/ 2) . فما وقع في ترجمته في مقدمة "موارد الظمآن" أنه أبو بكر: وهم! وكذلك مغايرته بين المترجم وبين محمد بن قتيبة اللخمي، فإنهما واحد. ثم إن السمعاني أفاد أنه توفي بعد سنة عشر وثلاث مئة. ثم إن الحديث قد صح عن سعد بن أبي وقاص بدون حديث الترجمة؛ فانظر "الترغيب" (2/ 275) مع تعليقي عليه. 5020 - (ما من مسلم أو إنسان أو عبد يقول حين يمسي وحين يصبح ثلاث مرات: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً؛ إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة) . ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9/ 78 و 10/ 240) ، وفي "المسند" (2/ 10/ 2) ، وعنه ابن ماجه (3870) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (471) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (4/ 1681/ 3010) : أخبرنا محمد بن بشر قال: أخبرنا مسعر قال: حدثني أبو عقيل عن سابق عن أبي سلام خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الجهالة، والاضطراب: 1- أما الجهالة؛ فهي جهالة سابق هذا - وهو ابن ناجية -؛ قال الذهبي في "الميزان": الحديث: 5020 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 29 "ما روى عنه سوى هاشم بن بلال". قلت: وهو أبو عقيل؛ كما سبق، فهو مجهول العين، وقد كنت قلت في تعليقي على "الكلم الطيب" (ص 34 - الطبعة الثانية) : إنه مجهول الحال؛ فقد رجعت عنه، ولعل السبب في ذلك أنني اعتمدت يومئذ على قول الحافظ في "التقريب": إنه مقبول! ولم أرجع إلى ترجمته في "التهذيب" لأتبين أنه لم يرو عنه سوى هاشم هذا، فتنبه! وهاشم بن بلال - هو أبو عقيل -؛ وهو ثقة؛ من رجال مسلم. 2- وأما الاضطراب؛ فهو أن شعبة خالف مسعراً في إسناده فقال: سمعت أبا عقيل يحدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام قال: كنا قعوداً في مسجد حمص؛ إذ مر رجل فقالوا: هذا خدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فنهضت فسألته، فقلت: حدثنا بما سمعت من من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتداوله الرجال فيما بينهم. قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من مسلم يقول ثلاث مرات حين يمسي أو حين يصبح ... " الحديث. أخرجه أحمد (5/ 367) ، وأبو داود (5072) ، والنسائي في "اليوم والليلة" (رقم 4) من طرق عن شعبة به. ثم قال أحمد: حدثنا عفان: حدثنا شعبة به؛ إلا أنه قال: عن أبي سلام البراء رجل من أهل دمشق قال: كنا قعوداً ... إلخ. وأخرجه الحاكم (1/ 518) من طريق أحمد الأولى، ومن طريق وهب بن جرير: حدثنا شعبة به؛ إلا أنه قال: سمعت أبا عقيل هاشم بن بلال يحدث عن أبي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 30 سلام سابق بن ناجية قال: ... فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا وهم من وجهين: الأول: أنه أوهم أن رواية أحمد بهذا الإسناد؛ وليس كذلك كما رأيت، والظاهر أنه ساقه بلفظ رواية وهب بن جرير، ولم يتنبه أن رواية أحمد مخالفة لها؛ وبيانه في الوجه التالي: والآخر: أنه أسقط من الإسناد سابقاً شيخ أبي عقيل، وسمى أبا سلام سابق ابن ناجية، وإنما هو شيخ أبي عقيل، كما في رواية محمد بن جعفر وحفص بن عمر عن شعبة. وتابعه عليها مسعر، وإن خالفه في جعل أبي سلام خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو عن أبي سلام عن خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتابعه في ذلك كله هشيم عن هاشم بن بلال به. أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 24) ، والنسائي أيضاً (ولعله في "الكبرى") ، والبغوي؛ كما في "الإصابة" للحافظ رحمه الله؛ وقال: "وعلى هذا؛ فأبو سلام رواه عن الخادم، والخادم مبهم، وقد أخرج أبو داود في "العلم" من طريق شعبة حديثاً آخر قال فيه: عن شعبة بهذا السند عن أبي سلام عن رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد وقع في هذا السند خطأ آخر بينته في ترجمة (سابق) من حرف السين من القسم الأخير. وحديث شعبة في هذا هو الجزء: 11 ¦ الصفحة: 31 المحفوظ. وأبو سلام المذكور هو ممطور الحبشي، وهو تابعي". قلت: الجزم بأنه ممطور، يدفعه رواية عفان المتقدمة عن شعبة، ففيها أنه أبو سلام البراء، فلعل الحافظ لم يقف عليها، أو على الأقل لم يستحضرها عند تحريره لهذا البحث، ثم إنني لم أجد له ترجمة في المصادر التي بين يدي الآن، فهي علة أخرى في هذا الإسناد. وأما قوله: "وحديث شعبة هو المحفوظ"؛ فمما لا شك فيه، خلافاً لابن عبد البر؛ فإنه صوب رواية مسعر المتقدمة، وقد علمت أنها جعلت أبا سلام خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -! وهو واهم في ذلك، ومما يدلك عليه قوله عقب التصويب المذكور: "وكذلك رواه هشيم وشعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام". فإن رواية هشيم هي مثل رواية شعبة عن أبي سلام عن خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما تقدم. ثم قال ابن عبد البر: "ورواه وكيع عن مسعر فأخطأ في إسناده، فجعله عن مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلامة، فقد أخطأ أيضاً". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة؛ لجهالة سابق بن ناجية، وشيخه أبي سلام، واضطراب الرواة في إسناده على أبي عقيل على الوجوه المتقدمة، وإن كان الراجح منها رواية شعبة؛ ففيها الجهالة في الموضعين المذكورين. والله أعلم. وقد رواه سعيد بن المرزبان عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعاً بلفظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 32 "من قال حين يسمي: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً؛ كان حقاً على الله أن يرضيه". رواه الترمذي (3386) ؛ وقال: "حسن غريب"! لكن ابن المرزبان هذا مدلس، بل ضعفه البخاري وغيره تضعيفاً شديداً وتركوه، ومن المحتمل أنه تلقاه عن سابق بن ناجية المجهول ثم دلسه، وقال - وهماً منه أو قصداً وتدليساً -: "عن أبي سلمة"، بدل: (أبي سلام) ، و: "عن ثوبان" بدل: "عن خادم النبي عليه الصلاة والسلام". ولذلك؛ لم أذهب في تعليقي على "الكلم الطيب" إلى تقوية الحديث بمجموع الطريقين، مع ما بين متنيهما من الاختلاف في اللفظ كما هو ظاهر بأدنى تأمل. وقد جاء ذكره في "صحيح الكلم الطيب" برقم (23) سهواً مني، أرجو الله أن يغفره لي، فيرجى حذفه. وقد يشتبه بحديث آخر مختصر جداً عن أبي سعيد الخدري؛ مخرج في "الصحيحة" (334) ؛ كما وقع لبعض الطلبة، فليتنبه له. وقد جاء هذا الورد في حديث آخر مقيداً بالصباح فقط، وبأجر آخر، وهو في "الصحيحة" (2686) ، ولعل هذا الحديث الصحيح - والذي قبله - هو الذي حمل الحافظ العسقلاني على قوله في حديث الترجمة: "حديث حسن"! ثم قلده من قلده من المعاصرين؛ كالشيخ عبد القادر أرناؤوط في تعليقه على "الوابل الصيب" (ص 57) !! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 33 ومن تخريجنا لهذا الحديث؛ تعلم خطأ قول النووي في "الأذكار" - بعد أن ضعف ابن المرزبان المتقدم، وذكر تحسين الترمذي لحديثه -: "فلعله صح عنده من طريق آخر، وقد رواه أبو داود والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه، فثبت أصل الحديث، ولله الحمد"!! قلت: ووجه الخطأ من وجوه: الأول: أنه ليس للحديث بلفظ ابن المرزبان طريق آخر؛ إلا طريق خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولفظه يختلف عن هذا بعض الشيء؛ كما ترى. الثاني: أن هذه الطريق ضعيفة أيضاً؛ لما فيها من الجهالة والاضطراب. الثالث: أن قوله: "بأسانيد جيدة"؛ لا يصح من ناحيتين: الأولى: أن مدار تلك الأسانيد على سابق بن ناجية. والأخرى: أنه مجهول، واضطرب عليه كما سبق؛ فإنى لإسناده الجودة؟! ثم وقفت على وجه آخر من الاضطراب: فرواه ابن قانع في "معجم الصحابة" في ترجمة "سابق خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -" من طريق مصعب بن المقدام: أخبرنا مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلام عن سابق خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره موقوفاً عليه لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقلبه أيضاً فجعل سابقاً شيخ أبي سلام؛ وإنما هو شيخ أبي عقيل كما تقدم في رواية ابن بشر وغيره عن مسعر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 34 ولعل هذه الرواية عمدة خليفة بن خياط في إيراده (سابقاً) هذا في "الصحابة"، وهو وهم! كما صرح بذلك الحافظ في القسم الرابع من "الإصابة". قلت: ولعل الوهم من مصعب هذا؛ فإنه كثير الخطأ؛ كما في "التقريب". والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "معجم الشيوخ" لابن جميع (296) رواه من طريق علي بن حرب الطائي: حدثنا عبد الرحمن الزجاج عن أبي سعد - هو البقال - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، وزاد: "وهو ثان رجليه قبل أن يكلم أحداً: رضيت ... ". قلت: وأبو سعد البقال: هو سعيد بن المرزبان، وهو متروك؛ كما تقدم. وهذه الزيادة منكرة جداً؛ لم يذكر في شيء من الروايات المتقدمة، وكأن الراوي اختلط عليه هذا الحديث بحديث آخر فيه هذه الزيادة، لكن بعد صلاة الفجر يقول: "لا إله إلا الله ... "؛ جاء ذلك من حديث أبي ذر وأبي أمامة، فانظر "الترغيب" (1/ 166/ 1 و 168/ 6 - الطبعة المنيرية) . ولعل ذلك من عبد الرحمن الزجاج - وهو ابن الحسن أبو مسعود الموصلي الزجاج -؛ فقد قال الذهبي في "المغني": "قال أبو حاتم: لا يحتج به". 5021 - (من صام الأربعاء والخميس؛ كتبت له براءة من النار) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1353-1354) : حدثنا سويد بن سعيد: أخبرنا بقية بن الوليد عن أبي بكر قال: حدثني محمد بن يزيد عن الحديث: 5021 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 35 حنش الصنعاني عن ابن عباس مرفوعاً. ثم رواه بهذا الإسناد عن أبي بكر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل: الأولى: سويد بن سعيد؛ قال الحافظ: "صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي؛ فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". الثانية: عنعنة بقية بن الوليد؛ فإنه مدلس. الثالثة: ضعف أبي بكر واختلاطه، وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الشامي؛ قال الحافظ: "ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط". الرابعة: اضطراب أبي بكر في إسناده كما ترى؛ ففي الرواية الأولى قال: حدثني محمد بن يزيد عن حنش الصنعاني عن ابن عباس، وفي الأخرى قال: عن زيد بن أسلم عن ابن عمر ... واضطرابه فيه مما يؤكد ضعفه. والحديث أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 86) من رواية أبي يعلى عن ابن عباس وحده، وأشار إلى ضعفه. وأورده الهيثمي (3/ 198) من روايته عنه وعن ابن عمر وقال في كل منها: "وفيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 36 5022 - (لو أن غرباً من جهنم وضع في الأرض؛ لآذى من في المشرق) . منكر أخرجه ابن عدي (ق 45/ 1) عن عثمان بن يحيى القرقساني: حدثنا يحيى بن سلام الإفريقي: حدثنا تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "تمام بن نجيح عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، وهو غير ثقة". قلت: وضعفه الأكثرون، بل قال البخاري: "فيه نظر". وقال ابن حبان: "روى أشياء موضوعة عن الثقات؛ كأنه المتعمد لها". قلت: ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف؛ وسبقه الذهبي في "الكاشف". والحسن - وهو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه. ويحيى بن سلام؛ قال ابن عدي (424/ 2) : "بصري كان بأفريقية، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه". قلت: وقد وثق، فانظر ترجمته في "اللسان". وأما عثمان بن يحيى القرقساني؛ فلم أجد من وثقه، وقد قال السمعاني: "حدث عنه أحمد بن يحيى بن الأزهر السجستاني؛ مات سنة 248". الحديث: 5022 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 37 والحديث أورده الذهبي في ترجمة تمام في جملة ما أنكر عليه. ورواه الطبراني من طريقه بأتم منه ولفظه: "لو أن غرباً من جهنم جعل في وسط الأرض؛ لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب، ولو أن شررة من شرر جهنم بالمشرق لوجد حرها من بالمغرب". وقال المنذري (4/ 227) : "رواه الطبراني، وفي إسناده احتمال للتحسين"! كذا قال! ويرده ما سبق من البيان، وقول الهيثمي (10/ 387) : " ... وفيه تمام بن نجيح، وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله أحسن حالاً من تمام". ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" (ق 5/ 2) من طريق مبشر بن إسماعيل - حلبي - قال: حدثنا تمام بن نجيح به مثل لفظ الطبراني؛ إلا أنه قال: "لأذاب" بدل: "لآذى". ومبشر بن إسماعيل ثقة؛ من رجال الشيخين، فالعلة من تمام، إن سلم من عنعنة البصري. ومن هذه الطريق: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 212/ 2/ 3823) ؛ وقال: "لم يروه عن الحسن إلا تمام بن نجيح". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 38 وروى منه الشطر الثاني: الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 189-190) . 5023 - (إن في جهنم لوادياً تستعيذ جهنم من ذلك الوادي كل يوم أربع مئة مرة، أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: لحامل كتاب الله، وللمصدق في غير ذات الله، وللحاج إلى بيت الله، وللخارج في سبيل الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 177/ 2) : حدثنا يحيى بن عبد الله بن عبدويه: حدثني أبي: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن يونس عن الحسن عن ابن عباس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير يحيى بن عبد الله بن عبدويه وأبيه، وقد ترجمهما الخطيب (10/ 38 و 14/ 929) ؛ ولم يذكر فيهما شيئاً؛ سوى أنه ساق لهما حديثاً آخر بهذا الإسناد؛ أخرجه من طريق الطبراني، وهذا في "الكبير" أيضاً، وكذا في "الصغير" (ص 244) ؛ وقال: "لم يروه عن يونس إلا عبد الوهاب، تفرد به يحيى بن عبد الله عن أبيه". وقال المنذري في "الترغيب" (1/ 33) بعد أن ساق الحديث: "رفعه غريب، ولعله موقوف". قلت: وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعاً به دون قوله: "لحامل كتاب الله ... " إلخ؛ وزاد: "بأعمالهم، وإن من أبغض القراء إلى الله الذين يزورون الأمراء". أخرجه ابن ماجه (256) ، والترمذي (2/ 62) - دون الزيادة -، والعقيلي في الحديث: 5023 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 39 "الضعفاء" (ص 201) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (194/ 162) من طريق عمار بن سيف الضبي عن أبي معان البصري عن ابن سيرين عنه. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"! كذا قال! ولعل قوله: "حسن" زيادة من بعض النساخ؛ فإن المنذري نقل في "الترغيب" (1/ 33/ 4/ 229) عن الترمذي أنه قال: "حديث غريب" فقط، وهذا هو اللائق بحال إسناده؛ كما أبان عنه العقيلي بقوله: "وهذا إسناد فيه ضعف، وأبو معان هذا مجهول". وقال الذهبي في ترجمته: "لا يعرف، تفرد عنه عمار بن سيف". وقال الحافظ: "مجهول". قلت: وعمار بن سيف؛ فيه ضعف؛ لغفلته؛ قال الحافظ: "ضعيف الحديث، وكان عابداً". والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 168) من حديث أبي هريرة مرفوعاً مع الزيادة بلفظ: "وإن أبغض الخلق إلى الله عز وجل: قارىء يزور العمال". وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه بكير بن شهاب الدامغاني، وهو ضعيف". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 40 قلت: أخرجه ابن عدي (ق 37/ 1) من طريق رواد بن الجراح أبي عصام العسقلاني عن بكير الدامغاني عن محمد بن سيرين به نحوه. وقال: "بكير؛ منكر الحديث". ثم رواه من طريق أخرى عن رواد عن أبي الحسن الحنظلي عن بكير به. قال: "فزاد في الإسناد: "أبي الحسن الحنظلي"؛ وهذا أشبه من الذي قبله؛ لأن هذا الحديث منكر، وإذا كان حديثاً منكراً فيرويه مجهول، وأبو الحسن الحنظلي مجهول". وقد روي الحديث بلفظ آخر عن أبي هريرة؛ وسيأتي إن شاء الله برقم (5152) ؛ وروي عن علي، وهو الآتي بعده هنا. (تنبيهان) : 1- أبو معان: بالنون، هذا هو الصواب، ووقع في "ابن ماجه": "أبو معاذ" بالذال! وعليه جريت في التعليق على "المشكاة" (275) ، وهو وهم؛ فليعلم. 2- على الرغم من تصريح العقيلي بتضعيف إسناد الحديث وتجهيل راويه؛ فقد أورده المعلق عليه الدكتور القلعجي في "الأحاديث الصحيحة" التي فهرسها في آخر "العقيلي" (47/ 509) !! 5024 - (تعوذوا بالله من جب الحزن، أو وادي الحزن. قيل: يا رسول الله! وما جب الحزن أو وادي الحزن؟ قال: واد في جهنم، تعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين، وإن من شرار القراء من يزور الأمراء) . الحديث: 5024 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 41 ضعيف. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 201) ، وابن عدي (ق 210/ 1) ، وتمام في "الفوائد" (79/ 2) من طريق أبي بكر الداهري عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي مرفوعاً به. وقال العقيلي: "وأبو بكر هذا حدث بأحاديث لا أصل لها، ويحيل على الثقات، من ذلك هذا الحديث". وقال ابن عدي: "هذا الحديث عن الثوري باطل، ليس يرويه عنه غير أبي بكر الداهري، وهو منكر الحديث". وقال أحمد، وابن المديني: "ليس بشيء". وقال ابن معين، والنسائي: "ليس بثقة". وقال الجوزجاني: "كذاب، وبعض الناس قد مشاه وقواه، فلم يلتفت إليه". وقال أبو نعيم الأصبهاني: "يروي عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات". وقال يعقوب بن شيبة: "متروك؛ يتكلمون فيه". قلت: فالحديث ضعيف الإسناد جداً، فلا أدري - بعد هذا - كيف حسنه المنذري بقوله (4/ 229) : "رواه البيهقي بإسناد حسن"؟! وإني لأستبعد جداً أن يكون عند البيهقي من غير طريق الداهري المتقدم، مع قول ابن عدي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 42 "لا يرويه غيره". فالظاهر أنه من أوهام المنذري أو تساهله! والله أعلم. ثم وقفت على إسناد البيهقي في كتاب "البعث والنشور" (264/ 530) ؛ فإذا هو من طريق محمد بن نوح السعدي - يعني: النيسابوري -: حدثنا يحيى بن اليمان؛ حدثنا سفيان الثوري به دون قوله: "وإن من شرار ... ". وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن اليمان - وإن كان صدوقاً - فقد كان يخطىء كثيراً، وتغير؛ كما قال الحافظ. ومحمد بن نوح هذا؛ لم أتبينه. وأبو إسحاق: هو السبيعي؛ مدلس مختلط. 5025 - (يدعى أحدهم، فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه، فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم! ائتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم فيقول: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هذا. قال: وأما الكافر فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم؛ فيلبس تاجاً، فيراه أصحابه فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم! لا تأتنا بهذا. قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم! اخزه. فيقول: أبعدكم الله؛ فإن لكل رجل منكم مثل هذا) . ضعيف أخرجه الترمذي (2/ 193) ، وابن حبان (2588) ، والبزار في الحديث: 5025 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 43 "مسنده" من طريق السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: في قول الله: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) ، قال: ... فذكره، والسياق للترمذي، وقال: "حديث حسن غريب. والسدي اسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن". قلت: وهو ثقة من رجال مسلم؛ لكن العلة من أبيه - وهو عبد الرحمن بن أبي كريمة -؛ قال الذهبي: "ما روى عنه سوى ولده". قلت: فهو مجهول العين. وقول الحافظ في "التقريب": "مجهول الحال"! لعله سبق قلم؛ فإن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعداً، وهذا لم يرو عنه غير ابنه إسماعيل؛ كما سبق عن الذهبي، وهو ظاهر كلام الحافظ في "التهذيب"؛ حيث لم يذكر له راوياً غير ابنه. وعليه؛ فتحسين الترمذي لإسناده غير حسن، لا سيما وقد أشار إلى أنه لا يروى إلا من هذه الطريق، وذلك بقوله: "غريب"؛ وهو ما صرح به البزار عقبه، فقال: "لا يروى إلا من هذا الوجه"، كما في "تفسير الحافظ ابن كثير" (5/ 208 - منار) ، ولم يعزه الحافظ إلا إليه، ففاته أنه عند الترمذي وابن حبان؛ وذلك مما يتعجب منه. ولكن الكمال لله وحده. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 44 وقد عزاه المنذري في "الترغيب" (4/ 238) إليهما؛ وزاد: "والبيهقي"؛ يعني: في "كتاب البعث". (فائدة) : المراد هنا بـ (الإمام) : هو كتاب الأعمال. ولهذا قال تعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم) ؛ أي: من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح؛ يقرأه ويحب قراءته. ورجحه الحافظ ابن كثير؛ خلافاً لابن جرير؛ فإنه قال - بعد أن ذكر هذا القول وغيره -: "والأولى قول من قال: معنى ذلك: يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به ويأتمون به في الدنيا؛ لأن الأغلب من استعمال العرب (الإمام) : فيما ائتم واقتدي به". قال ابن كثير: "وقال بعض السلف: هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث؛ لأن إمامهم النبي - صلى الله عليه وسلم -". 5026 - (إن في الجنة طيراً له سبعون ألف ريشة، فإذا وضع الخوان قدام ولي من الأولياء؛ جاء الطير فسقط عليه، فانتفض؛ فخرج من كل ريشة لون ألذ من الشهد، وألين من الزبد، وأحلى من العسل، ثم يطير) . ضعيف أخرجه ابن مردويه في "ثلاثة مجالس من الأمالي" (190-191) : الحديث: 5026 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 45 حدثنا محمد بن الحسن بن الفرج المقرىء الأنباري: أخبرنا مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار: أخبرنا عبد الله بن داود الخريبي: أخبرنا الأعمش عن شقيق عن علقمة قال: خطبنا عبد الله يوماً، فقال في خطبته: (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق) ، فقال: هذه البطائن، فكيف لو رأيتم الظواهر؟! ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته مسلم بن عيسى هذا؛ قال الدارقطني: "متروك"؛ كما في "الميزان". وقد اتهمه في "التلخيص" بوضع حديث في فضل فاطمة رضي الله عنها يأتي بعد هذا. لكن حديث الترجمة أورده المنذري (4/ 260) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وقال: "رواه ابن أبي الدنيا، وقد حسن الترمذي إسناده لغير هذا المتن"! أقول: وما أظنه بحسن؛ لا سيما وقد صدره المنذري بصيغة التمريض "روي"؛ مشيراً إلى تضعيفه، والله أعلم. ثم تأكد ظني؛ فقد رأيته في "الزهد" لهناد، و "صفة الجنة" لأبي نعيم (2/ 181) من طريق عبيد الله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به. قلت: وعطية وعبيد الله بن الوليد ضعيفان. (تنبيه) : قول ابن مسعود: هذه البطائن، فكيف لو رأيتم الظواهر. قد صح عنه من طريق أخرى؛ يرويه سفيان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عنه به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 46 أخرجه ابن جرير (27/ 86) ، والحاكم (2/ 475) ، وعنه البيهقي في "البعث" (183/ 339) . وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي!! قلت: وذلك من أوهامهما؛ فإن هبيرة هذا لم يخرج له الشيخان، وهو لا بأس به؛ كما في "التقريب". 5027 - (أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام بسفرجلة من الجنة؛ فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت خديجة بفاطمة، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة؛ شممت رقبة فاطمة) . موضوع أخرجه الحاكم (3/ 156) من طريق مسلم بن عيسى الصفار السكري: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي: حدثنا شهاب بن حرب مجهول، والباقون من رواته ثقات"! وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا كذب جلي؛ لأن فاطمة ولدت قبل النبوة، فضلاً عن الإسراء، وهو من وضع مسلم بن عيسى الصفار على الخريبي عن شهاب". قلت: ولم أر في الرواة شهاب بن حرب. فالله أعلم. ومضى للصفار حديث آخر برقم (2166) من روايته عن الخريبي بسند آخر. الحديث: 5027 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 47 5028 - (ما من عبد يدخل الجنة؛ إلا جلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين؛ يغنيانه بأحسن صوت سمعته الجن والإنس، وليس بمزامير الشيطان، ولكن بتحميد الله وتقديسه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 113/ 7478) ، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 286/ 2) ، والبيهقي في "البعث" (421) عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً. وذكره ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 5) من رواية جعفر الفريابي - ولعله عند ابن أبي الدنيا أو البيهقي -: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ... ، وقال المنذري (4/ 266) : "رواه الطبراني، والبيهقي". وقال الهيثمي (10/ 419) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم"! قلت: ليس فيهم من لا يعرف، بل كلهم ثقات؛ سوى واحد، فهو معروف بالضعف، بل الضعف الشديد، وهو خالد هذا - وهو الدمشقي -؛ قال الحافظ: "ضعيف - مع كونه كان فقيهاً -، وقد اتهمه ابن معين". وأبوه يزيد - وهو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك - صدوق ربما وهم. ومن أجل ذلك؛ أشار المنذري إلى تضعيف الحديث. وقد صح بعضه موقوفاً؛ فقد ذكره ابن القيم (2/ 3) من رواية جعفر الحديث: 5028 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 48 الفريابي: حدثنا سعد بن حفص: حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: إن في الجنة نهراً طول الجنة، حافتاه العذارى قيام متقابلات، يغنين بأصوات حتى يسمعها الخلائق، ما يرون في الجنة لذة مثلها، فقلنا: يا أبا هريرة! وما ذاك الغناء؟ قال: إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس، وثناء على الرب عز وجل. هكذا رواه موقوفاً. وعزاه المنذري (4/ 267) للبيهقي؛ وهو في "البعث" (213/ 425) : قلت: وإسناده جيد، ورجاله ثقات رجال "الصحيح"؛ غير أبي عبد الرحيم - واسمه خالد بن أبي يزيد الحراني -، وهو ثقة. وأشار المنذري لتقويته. وقد صح مرفوعاً أنهن يغنين بغير ذلك، فراجع "صحيح الجامع الصغير وزيادته" رقم (1557) و (1598) . ثم رأيت تخريج الحديث لأخينا الفاضل علي رضا في تعليقه على كتاب أبي نعيم "صفة الجنة" (3/ 272-273) ؛ صدره بقوله: "حسن"! ثم انتقد بحق كلمة الهيثمي المتقدمة، وتكلم على رواة الطبراني واحداً بعد واحد، ولكنه سقط من قلمه أن يترجم لخالد بن يزيد بن أبي مالك - علة الحديث -، ومن غرائبه الدالة على سقط المشار إليه أنه بعد أن ترجم للراوي عنه - سليمان بن عبد الرحمن - بقول الذهبي: "مفت ثقة، ولكنه مكثر عن الضعفاء"؛ قال عقبه مباشرة: "وأبوه: يزيد بن عبد الرحمن؛ صدوق ربما وهم". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 49 قلت: ويزيد هذا: هو أبو خالد - العلة -، فغفل عن ترجمته، وبالتالي عن سوء حاله، وبناء على ذلك حسنه! ثم أيده بقول العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 537) : " [أخرجه] الطبراني بإسناد حسن"! وهذا من أوهامه رحمه الله، التي قلده فيها المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (4/ 447) !! 5029 - (إذا دخل أهل الجنة الجنة، فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض، فيسير سرير هذا إلى سرير هذا، وسرير هذا إلى سرير هذا، حتى يجتمعا جميعاً، فيتكىء هذا، ويتكىء هذا، فيقول أحدهما لصاحبه: تعلم متى غفر الله لنا؟ فيقول صاحبه: نعم، يوم كنا في موضع كذا وكذا، فدعونا الله؛ فغفر لنا) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 149-150) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (3/ 1119/ 610) ، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (76/ 239) ، ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ" (7/ 143/ 2) ، والبزار في "مسنده" (4/ 211/ 3553) ، والبيهقي في "البعث" (221/ 443) عن سعيد بن دينار الدمشقي: حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك به مرفوعاً. وقال البزار: "تفرد به أنس بهذا الإسناد". قلت: وفيه علل: الحديث: 5029 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 50 الأولى: عنعنة الحسن - وهو البصري -؛ فإنه مدلس. الثانية: الربيع بن صبيح؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". الثالثة: سعيد بن دينار الدمشقي؛ فإنه مجهول؛ كما في "الميزان"، وبه أعله العقيلي، فقال: "لا يتابع على حديثه هذا، ولا يعرف إلا به، وليس بمعروف في النقل". وبهذين أعله الهيثمي، فقال (10/ 421) : "رواه البزار، ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير سعيد بن دينار، والربيع بن صبيح؛ وهما ضعيفان، وقد وثقا". وقد أشار المنذري (4/ 269) إلى تضعيف الحديث، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا أيضاً. وساق إسناده ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 18) ساكتاً عليه! 5030 - (إن في الجنة شجرة، الورقة منها تغطي جزيرة العرب، أعلى الشجرة كسوة لأهل الجنة، وأسفل الشجرة خيل بلق، سروجها زمرد أخضر، ولجمها در أبيض، لا تروث ولا تبول، لها أجنحة، تطير بأولياء الله حيث يشاؤون، فيقول من دون تلك الشجرة: يا رب! بم نال هؤلاء هذا؟ فيقول الله تعالى: كانوا يصومون وأنتم تفطرون، وكانوا يصلون وأنتم تنامون، وكانوا يتصدقون وأنتم تبخلون، وكانوا يجاهدون الحديث: 5030 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 51 وأنت تقعدون. من ترك الحج لحاجة من حوائج الناس؛ لم تقض له تلك الحاجة حتى ينظر إلى المخلفين قدموا، ومن أنفق مالاً فيما يرضي الله، فظن أن لا يخلف الله عليه؛ لم يمت حتى ينفق أضعافه فيما يسخط الله، ومن ترك معونة أخيه المسلم فيما يؤجر عليه؛ لم يمت حتى يبتلى بمعونة من يأثم فيه ولا يؤجر عليه) . موضوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" (5/ 136) في ترجمة أحمد ابن محمد أبي حنش السقطي: حدثنا أبو خثيمة زهير بن حرب: أخبرنا الحسن ابن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. ورواه الذهبي من طريق الخطيب في ترجمة السقطي المذكور، وقال: "نكرة لا يعرف، وأتى بخبر موضوع ... " فذكره. وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: ويحتمل عندي أنه هو أحمد بن محمد بن حسين السقطي المتقدم في "الميزان" قبل هذا بنحو عشرين ترجمة؛ فإنه من طبقته، قال فيه: "روى عن يحيى بن معين. ذكروا أنه وضع حديثاً على يحيى عن عبد الرزاق ... ". والحديث؛ أورده المنذري (1/ 214-215/ 4/ 269) من حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً نحوه؛ دون قضية الحج وما بعدها، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 52 "رواه ابن أبي الدنيا". قلت: يعني في "صفة الجنة" له، وأشار إلى ضعفه. وقد ساق إسناده ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 20) ، فقال: "قال ابن أبي الدنيا: وحدثنا الفضل بن جعفر بن حسن: حدثنا أبي عن الحسن بن علي عن علي قال: ... فذكره مرفوعاً. والفضل هذا وأبوه؛ لم أعرفهما، ولعله وقع في اسمهما تحريف ما! ثم رأيت في "تاريخ الخطيب" (12/ 364) : "الفضل بن جعفر بن عبد الله بن الزبرقان أبو سهل؛ المعروف بـ (ابن أبي يحيى) مولى العباس بن عبد المطلب، وهو أخو العباس ويحيى". ثم سمى من حدث عنهم، وليس منهم أبوه! ثم قال: "روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا.. و.. وكان ثقة". فالظاهر أنه هذا، فيكون قوله في اسم جده: (حسن) محرفاً، أو سقط قبله شيء. والله أعلم. وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (3/ 1088-1089/ 588) من طريق أخرى عن عبد المجيد بن أبي رواد عن أبيه قال: حدثني من أصدق عن زيد بن علي عن أبيه عن ابن أبي طالب به مثل حديث ابن أبي الدنيا. وعبد المجيد هذا فيه ضعف. وشيخ أبيه لم يسم، ويحتمل أن يكون متهماً؛ فقد أخرجه ابن الجوزي في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 53 "الموضوعات" (3/ 255) من طريق الخطيب - قلت: وليس في "التاريخ" - بسنده عن محمد بن مروان الكوفي عن سعد بن طريف عن زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب به. وقال ابن الجوزي: "موضوع، وفيه ثلاث آفات: إحداهن: إرساله؛ فإن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب. والثانية: محمد بن مروان - وهو السدي الصغير -؛ قال ابن نمير: كذاب. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث. والثالثة: أظهر، وهو سعد بن طريف، وهو المتهم به؛ قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور". وأخرج أبو نعيم في "صفة الجنة" (3/ 238/ 407) من طريق سيف بن محمد الثوري: حدثنا سعد بن طريف به مختصراً مثل حديث أبي سعيد الخدري أوله فقط، دون قوله: "فيقول من دون تلك الشجرة ... ". قلت: وسيف بن محمد الثوري؛ قال أحمد: "كذاب يضع الحديث"؛ كما في "المغني". 5031 - (من قام إذا استقبلته الشمس؛ فتوضأ، فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى ركعتين؛ غفر له خطاياه، وكان كما ولدته أمه) . ضعيف. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 488) عن ابن عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر: أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً الحديث: 5031 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 54 يحدث أصحابه، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن عم ابن عقيل؛ وإليه أشار الهيثمي بقوله (2/ 236) : "رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه". وأشار المنذري (1/ 236) إلى تضعيف الحديث. وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عقيل - وهو عبد الله بن محمد ابن عقيل -، وهو صدوق في حديثه لين؛ كما في "التقريب". 5032 - (إذا أراد الله بعبد خيراً؛ فقهه في الدين، وألهمه رشده) . منكر بهذا التمام أخرجه البزار (ص 21 - زوائده) : حدثنا الفضل بن سهل: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "لا نعلم روي عن عبد الله بهذا الإسناد". قلت: ورجاله موثقون؛ كما قال الهيثمي (1/ 121) ، وفي كلامه إشارة إلى أن في بعضهم شيئاً، وهو - عندي - أحمد بن محمد بن أيوب؛ فقد قال أبو حاتم: "روى عن أبي بكر بالمناكير". قلت: وهذا منها؛ فقد قال الذهبي في ترجمته: "صدوق، وله ما ينكر، فمن ذلك ما ساقه ابن عدي أنه روى عن أبي بكر الحديث: 5032 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 55 ابن عياش ... " فذكره. قلت: وقول المنذري في "الترغيب" (1/ 51) : "رواه البزار، والطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به"! ففيه نظر من وجهين: الأول: ما عرفته من النكارة. والآخر: أن الطبراني ليس عنده قوله: "وألهمه رشده"؛ وهو موضع النكارة؛ فقد قال في "كبيره" (3/ 78/ 1) ، (10/ 242/ 10445 - ط": حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب - صاحب المغازي -: أخبرنا أبو بكر بن عياش: ... فذكره دون الزيادة. وخالف أبا بكر في إسناده زائدة فقال: عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: ... فذكره موقوفاً عليه دون الزيادة. أخرجه الطبراني (3/ 12/ 1) ، (9/ 164/ 8756) . وجملة القول؛ أن الحديث بهذه الزيادة منكر، وأما بدونها فهو صحيح، جاء عن جمع من الصحابة؛ منهم معاوية رضي الله عنه في "الصحيحين" وغيرهما، وهو مخرج في "الصحيحة" (1194) . 5033 - (ليس منا من لم يوقر الكبير، ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف، وينه عن المنكر) . ضعيف أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 257) : حدثنا عثمان بن محمد - الحديث: 5033 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 56 قال عبد الله بن أحمد: وسمعته أنا من عثمان بن محمد -: حدثنا جرير عن ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن عكرمة عن ابن عباس يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ليث - وهو ابن أبي سليم -، وهو ضعيف مختلط. وقد سقط من الإسناد عند ابن حبان، فصار ظاهر الصحة، فقال في "صحيحه" (1913 - موارد) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير عن عكرمة، وعن أبي بشر عن عكرمة به. قلت: ولا أدري ممن هذا السقط؟! ومثله زيادة: (أبي بشر) في الإسناد؟! وأخرجه الترمذي (1/ 350) من طريق يزيد بن هارون عن شريك عن ليث عن عكرمة به. وقال: "حديث حسن غريب"! كذا قال! وشريك ضعيف أيضاً؛ وقد أسقط من الإسناد عبد الملك بن سعيد؛ خلافاً لجرير - وهو ابن عبد الحميد -، وهو ثقة من رجال الشيخين. والحديث أشار إليه الحاكم في "المستدرك" (1/ 62) ، وقال: "وإنما تركته؛ لأن راويه ليث بن أبي سليم". وهو صحيح بدون زيادة: "ويأمر بالمعروف ... "؛ فإنه قد جاء من حديث ابن عمرو وغيره، وهو مخرج في "التعليق الرغيب" (1/ 67) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 57 5034 - (إنما الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده؛ فاتبعه، وأمر تبين لك غيه؛ فاجتنبه، وأمر اختلف فيه؛ فرده إلى عالمه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 97/ 2) وابن عبد البر في "الجامع" (2/ 24) - وسقط من إسناده رجال - عن موسى بن خلف العمي عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال: ... " فذكره. وليس عند ابن عبد البر ذكر عيسى عليه السلام، وقال المنذري (1/ 82) : "رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به"! كذا قال! ونحوه قول الهيثمي (1/ 157) : " ... ورجاله موثقون"! وكلا القولين خطأ - وبخاصة الأول -؛ فإن أبا المقدام هذا؛ اسمه هشام بن زياد القرشي المدني، وهو مجمع على تضعيفه، وتركه جماعة. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك". ومن طريقه أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (60/ 2) . ومن عادة الهيثمي إذا قال في إسناد ما: "ورجاله موثقون": أنه يعني أن في رواته من وثق توثيقاً ضعيفاً لا يعتد به، وهذا لم يوثقه أحد، فلعله اختلط عليه بأبي المقدام الكوفي الحداد؛ فإنه من طبقة هذا، وقد وثقه أحمد وابن معين وغيرهما، وضعفه الدارقطني. وقال الحافظ: الحديث: 5034 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 58 "صدوق يهم". وغالب الظن أن المنذري توهم أنه هذا، وإلا؛ فما أظنه يتساهل هذا التساهل الشديد فيقول: "لا بأس بإسناده"؛ وهو يعلم أنه القرشي المدني المتروك! ومن هذا البيان؛ يتضح أن الحديث شديد الضعف، وأن إيراد الشيخ الغماري إياه في "كنزه" الذي ادعى في مقدمته أنه ليس فيه حديث ضعيف: إنما جاءه من تقليده لغيره، وعدم رجوعه إلى الأصول وتطبيق قواعد علم الحديث على الأسانيد. ومثله المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (1/ 184) ؛ فإنهم حسنوه؛ تقليداً للمنذري، وجهلاً منهم بمراد الهيثمي، والله المستعان! 5035 - (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك) . ضعيف الإسناد أخرجه أبو داود (1/ 4) ، والنسائي في "الكبرى" (1/ 20/ 41،42 - هندية) ، وابن ماجه (1/ 142) ، والحاكم (1/ 157-158) ، والبيهقي (1/ 99) من طرق عن عكرمة بن عمار عن يحيى ابن أبي كثير عن هلال بن عياض (وقال بعضهم: عياض بن هلال على القلب، وبعضهم: عياض بن عبد الله) قال: حدثني أبو سعيد الخدري مرفوعاً. قال داود: "لم يسنده إلا عكرمة". قال المنذري في "مختصره": الحديث: 5035 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 59 "وعكرمة هذا - الذي أشار إليه أبو داود -: هو أبو عمار عكرمة بن عمار العجلي اليمامي، وقد احتج به مسلم في "صحيحه"، وضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبي كثير، وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى ابن أبي كثير، واستشهد البخاري بحديثه عن يحيى بن أبي كثير"! والحق: أن عكرمة هذا لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن في غير روايته عن ابن أبي كثير؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب". وقد أبعد المنذري النجعة؛ فلم يحم حول علة الحديث الحقيقية؛ خلاف موقفه في "الترغيب"؛ حيث أصاب كبد الحقيقة، حين قال - بعد أن عزاه لأبي داود وابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه" -: "رووه كلهم من رواية هلال بن عياض - أو عياض بن هلال - عن أبي سعيد، وعياض هذا روى له أصحاب "السنن"، ولا أعرفه بجرح ولا بعدالة، وهو في عداد المجهولين". وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول". وقال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير". ومنه؛ تعلم أن موافقة الذهبي الحاكم على قوله: "إنه حديث صحيح الإسناد"! وهم، فلا يغتر به! وللحديث علة أخرى؛ وهي الاضطراب؛ كما سبقت الإشارة إليه في التخريج؛ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 60 وإن كان البيهقي روى عن ابن خزيمة أن الصحيح في اسم الراوي عن أبي سعيد: عياض بن هلال، قال ابن خزيمة: "وأحسب الوهم فيه من عكرمة بن عمار حين قال: عن هلال بن عياض". فتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله: "قلت: كيف يتعين أن يكون الوهم عن عكرمة، وهو مذكور في هذا السند الذي هو فيه على الصحيح؟! بل يحتمل أن يكون الوهم من غيره، وقد ذكر صاحب "الإمام" أن أبان بن يزيد رواه أيضاً عن يحيى بن أبي كثير فقال: هلال ابن عياض، فتابع أبان عكرمة على ذلك، وابن القطان أحال الاضطراب في اسمه على يحيى بن أبي كثير، ثم ذكر البيهقي عن أبي داود أنه قال: لم يسنده إلا عكرمة بن عمار". قلت: تقدم قريباً أن أبان تابعه، ثم إن البيهقي أخرج الحديث عن ابن أبي كثير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. وبقي فيه علل لم يذكرها، منها: أنه سكت عن عكرمة هنا، وتكلم فيه كثيراً في (باب مس الفرج بظهر الكف) ، وفي باب (الكسر بالماء) . ومنها: أن راوي الحديث عن أبي سعيد الخدري لا يعرف، ولا يحصل من أمره شيء. ومنها: الاضطراب في متن الحديث؛ كما هو مبين في كتاب ابن القطان. وأخرجه النسائي من حديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة. والحديث المرسل: عند البيهقي (1/ 100) من طريق الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 61 وبالجملة؛ فالحديث ضعيف؛ لاضطراب عكرمة فيه عن يحيى، ولجهالة تابعيه؛ إلا في رواية النسائي عن عكرمة؛ فسمى تابعيه أبا سلمة، وهو ثقة من رجال الستة؛ لكن هذا من اضطراب عكرمة، فلا حجة فيه، وقد رجح المرسل أبو حاتم، فراجعه في "ضعيف أبي داود" (رقم 3) . ورواية النسائي عن عكرمة: أخرجها في "السنن الكبرى" (1/ 19/ 40 - هندية) ، (1/ 70/ 31) ، وكذا الطبراني في "الأوسط" (1/ 32-33 - مصورة الجامعة الإسلامية) (2/ 154/ 1286) عن شيخه أحمد بن محمد بن صدقة؛ كلاهما عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل المقرىء: حدثنا جدي عبيد بن عقيل: حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به نحوه. وقال الطبراني: "لم يروه بهذا الإسناد إلا عبيد، ورواه الثوري عن عكرمة بن عمار عن عياض بن هلال عن أبي سعيد الخدري". قلت: عبيد بن عقيل صدوق، وكذلك من دونه، وكذا من فوقه، لكن العلة اضطراب عكرمة بن عمار فيه، مع مخالفة الأوزاعي إياه، حيث أرسله كما سبق. ثم وجدت له طريقاً؛ فانظر "الصحيحة" (3120) . 5036 - (لا يسبغ عبد الوضوء؛ إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . منكر أخرجه البزار (ص 34 - زوائده) عن خالد بن مخلد: حدثنا إسحاق ابن حازم: سمعت محمد بن كعب: حدثني حمران قال: الحديث: 5036 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 62 دعا عثمان بوضوء وهو يريد الخروج إلى الصلاة في ليلة باردة، فجئته بماء؛ فغسل وجهه ويديه، فقلت: حسبك؛ قد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره، وقال: "لا نعلم أسند محمد بن كعب عن حمران إلا هذا". قلت: وكلاهما ثقة من رجال الشيخين. وإسحاق بن حازم ثقة أيضاً. وخالد بن مخلد - وإن كان من رجال "الصحيحين" -؛ فقد تكلم فيه جماعة، وساق له ابن عدي عشرة أحاديث استنكرها، وقد ساق بعضها الذهبي في "الميزان"؛ أحدها مما أخرجه البخاري في "صحيحه"، وقال الذهبي فيه: "ولولا هيبة "الجامع الصحيح" لعددته في منكرات خالد بن مخلد ... ". قلت: وأرى أنا أن هذا الحديث من منكراته؛ فإن الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من طرق عن حمران به نحوه، وليس فيه قوله: ".. وما تأخر". وعلى هذا؛ فقول المنذري (1/ 95) : "رواه البزار بإسناد حسن"! وقول الهيثمي (1/ 237) : "رواه البزار، ورجاله موثقون، والحديث حسن إن شاء الله"!! ومثله قول الحافظ ابن رجب في "اختيار الأولى" (ص 15-16) : "وإسناده لا بأس به"!! إنما هو جرياً منهم جميعاً على ظاهر الإسناد، دون النظر إلى ما في متنه من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 63 النكارة التي ذكرتها. وقول الهيثمي أبعد عن الصواب؛ لأنه صرح بتحسين متن الحديث وسنده؛ فتنبه! وقد أشار إلى ما ذكرت الحافظ ابن حجر في "الخصال المكفرة" بعد أن عزاه لابن أبي شيبة في "المصنف" - ولم أره فيه -، و "المسند"، وإلى أبي بكر المروزي، والبزار، فقال (ص 14-15) : "وأصل الحديث في "الصحيحين"، لكن ليس فيه: "وما تأخر"". وخفي هذا على المعلق الدمشقي عليه؛ فقال: "له شواهد كثيرة في الأصول الستة وغيرها باختلاف بعض ألفاظه"!! قلت: فلم يتنبه لإشارة الحافظ المذكورة، فضلاً عن أنه لم يعلم أن تلك الشواهد ضد الحديث، وليست له؛ لأنها كلها ليست فيها الزيادة! 5037 - (يد الرحمن فوق رأس المؤذن، وإنه ليغفر له مدى صوته أين بلغ) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (25/ 2 - زوائد المعجمين) عن عمر بن حفص العبدي عن ثابت عن أنس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ثابت إلا عمر". قلت: قال الهيثمي (1/ 326) : "وقد أجمعوا على ضعفه". وقال أحمد: "تركنا حديثه وحرقناه". وقال النسائي وغيره: الحديث: 5037 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 64 "متروك". لكن الشطر الثاني من الحديث صحيح؛ لأنه ورد عن جمع من الصحابة؛ منهم أبو هريرة والبراء بن عازب وغيرهم، وأحاديثهم مخرجة في "صحيح أبي داود" رقم (528) . 5038 - (لو أقسمت؛ لبررت؛ إن أحب عباد الله إلى الله: لرعاة الشمس والقمر - يعني: المؤذنين -؛ إنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 25 - زوائده) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 99) عن جنادة بن مروان الأزدي الحمصي: حدثنا الحارث بن النعمان: سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الحارث بن النعمان - وهو ابن أخت سعيد بن جبير؛ كما صرحت به رواية الطبراني -؛ وهو متفق على ضعفه، بل قال البخاري: "منكر الحديث". والأخرى: جنادة بن مروان؛ قال الذهبي: "اتهمه أبو حاتم". وبهذا أعله الهيثمي (1/ 326-327) ، وفي ذلك بعض النظر؛ فإن نص أبي حاتم عند ابنه (1/ 1/ 516) : "ليس بقوي، أخشى أن يكون كذب في حديث عبد الله بن بسر: أنه رأى في الحديث: 5038 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 65 شارب النبي - صلى الله عليه وسلم - بياضاً بحيال شفتيه". قال الحافظ في "اللسان" - متعقباً على الذهبي ما ذكره من الاتهام -: "قلت: أراد أبو حاتم بقوله: "كذب": أخطأ، وذكره ابن حبان في "الثقات"؛ وأخرج له هو والحاكم في "الصحيح" ... ". قلت: فإعلال الحديث بشيخه الحارث أولى؛ كما لا يخفى. والحديث مما أشارالمنذري (1/ 109) إلى تضعيفه. والجملة الأخيرة من الحديث؛ عزاها الحافظ لابن حبان، فقال في "التلخيص" (1/ 208) : "وفي "صحيح ابن حبان" من حديث أبي هريرة: "يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة" زاد السراج: "لقولهم: لا إله إلا الله". وفيه عن ابن أبي أوفى: "إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة؛ لذكر الله" ... "! قلت: فيه ما يأتي: أولاً: ما عزاه لابن حبان وهم؛ فإن لفظه: "المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة" (1668) ؛ وهكذا رواه هو (1667) ، ومسلم (52/ 5) ، والسراج في "مسنده" (ق 23/ 2) وغيرهما عن معاوية رضي الله عنه. ثانياً: زيادة السراج المذكورة منكرة عندي؛ وفي سندها جهالة، وقد تقدم تخريجه. ثالثاً: حديث: "إن خيار عباد الله ... " حسن لغيره؛ كما تبين لي أخيراً في "الصحيحة" (3440) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 66 5039 - (من بنى بيتاً يعبد الله فيه من مال حلال؛ بنى الله له بيتاً في الجنة من در وياقوت) . منكر بهذا التمام أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 19/ 1) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي: حدثنا سعيد بن سليمان: حدثنا سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وأخرجه البزار في "مسنده" (ص 46 - زوائده) : حدثنا محمد بن مسكين: حدثنا سعيد بن سليمان به؛ دون قوله: "من در وياقوت". وقال الطبراني: "لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد". قلت: وهو النشيطي؛ ضعيف؛ لكن شيخه اليمامي أضعف منه؛ فقد قال فيه البخاري: "منكر الحديث". وذكره العقيلي في "الضعفاء" (ص 197) ، وساق له هذا الحديث من طريق ثالث عن سعيد بن سليمان، ثم ساقه من طريق أخرى عن أبان العطار: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن محمود بن عمرو عن أبي هريرة نحوه موقوفاً. وقال: "هذا أولى". وقال الحافظ في ترجمة اليمامي من "اللسان" - بعد أن ساق الحديث -: "والمستغرب منه قوله: "من در وياقوت"؛ فإن للحديث طريقاً جيدة ليس هذا فيها". قلت: وكأنه يشير إلى رواية أبان العطار المتقدمة، ولكنها موقوفة؛ كما سبق. الحديث: 5039 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 67 قد وجدت له طريقاً آخر مرفوعاً مختصراً؛ يرويه المثنى بن الصباح عن عطاء ابن أبي رباح عن المحرر بن أبي هريرة عن أبيه بلفظ: "من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة". أخرجه الطبراني أيضاً؛ وقال: "تفرد به المثنى". قلت: وهو ضعيف؛ لكنه بهذا اللفظ صحيح؛ له شواهد كثيرة صحيحة، بعضها في "الصحيحين"، وهي مخرجة عندي في "الروض النضير" تحت رقم (883) . ورواه المثنى أيضاً عن عطاء عن عائشة مرفوعاً بلفظه المتقدم؛ لكنه زاد فيه: "لا يريد به رياءً ولا سمعة". وهو منكر أيضاً؛ أخرجه الطبراني في "الأوسط" عنه. وتابعه عنده كثير بن عبد الرحمن عن عطاء به دون الزيادة؛ وقال: "لم يروه عن عطاء إلا كثير". قلت: وهو كثير بن أبي كثير العامري، وهو ضعيف؛ لكن لفظه هو الصحيح؛ لشواهده التي سبقت الإشارة إليها. 5040 - (كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين، وكان أحدهما باراً برحمه، عادلاً على رعيته، وكان الآخر عاقاً برحمه، جائراً الحديث: 5040 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 68 على رعيته، وكان في عصرهما نبي، فأوحى الله إلى ذلك النبي: إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين، وبقي من عمر العاق ثلاثون سنة، فأخبر النبي رعية هذا ورعية هذا، فأحزن ذلك رعية العادل، وأحزن ذلك رعية الجائر، ففرقوا بين الأمهات والأطفال، وتركوا الطعام والشراب، وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل، ويزيل عنهم الجائر؛ فأقاموا ثلاثاً، فأوحى الله إلى ذلك النبي: أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم، وأجبت دعاءهم، فجعلت ما بقي من عمر البار لذلك الجائر، وما بقي من عمر الجائر لهذا البار. فرجعوا إلى بيوتهم، ومات العاق لتمام ثلاث سنين، وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير)) . ضعيف رواه أبو الحسن بن معروف، والخطيب، وابن عساكر عن عبد الصمد ابن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعاً؛ كما في "الجامع الكبير" للسيوطي. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن عبد الصمد هذا ليس بحجة؛ كما تقدم في حديث آخر له برقم (2898) . 5041 - (انكحوا إلى الأكفاء، وأنكحوهم، واختاروا لنطفكم، وإياكم والزنج؛ فإنه خلق مشوه) . باطل بهذا التمام أخرجه الدارقطني في "سننه" (415) من طريق أبي أمية بن يعلى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 5041 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 69 قلت: وهذا إسناد واه؛ فيه أبو أمية بن يعلى، قال الذهبي في "الميزان" - وتبعه الحافظ في "اللسان" -: "ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للخواص". قلت: والحديث أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 404) من هذا الوجه؛ ثم قال: "قال أبي: هذا الحديث باطل، لا يحتمل هشام بن عروة هذا. قلت: فممن هو؟ قال: من راويه. قلت: ما حال أبي أمية بن يعلى؟ قال: ضعيف الحديث". ثم قال (1/ 407) : "سمعت أبي وأبا زرعة وذكرا حديث هشام بن عروة ... [يعني: هذا الحديث] فقالا جميعاً: لا يصح هذا الحديث". قلت: لكن الطرف الأول منه قد جاء من طرق أخرى عن هشام، ومن طريق آخر عن عائشة، ومن حديث ابن عمر؛ ولذلك؛ خرجته في "الصحيحة" (1067) . 5042 - (هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء؛ فليقل: بسم الله) . منكر بهذا اللفظ أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 332) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (19) من طريق قطن بن نسير: حدثنا عدي بن أبي عمارة الذارع قال: سمعت قتادة عن أنس بن مالم مرفوعاً به. وزاد الحديث: 5042 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 70 العقيلي: ".. اللهم! إني أعوذ بك م ن الخبث والخبائث والشيطان الرجيم". وقال: "عدي هذا بصري، في حديثه اضطراب، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه؛ قلت: كيف هو؟ قال: شيخ". وقال الحافظ في "اللسان": "ومن أغلاطه: أنه روى عن قتادة عن أنس في القول عند دخول الخلاء، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم. وقيل: عن النضر بن أنس عن أبيه. والأول أصح". قلت: وقد سبقه إلى هذا الترجيح البيهقي، وبينت وجهه في كتابي الآخر (1070) ، وذكرت هناك أن لقتادة فيه إسناداً آخر عن زيد بن أرقم، وأن كلاً منهما صحيح، فراجعه إن شئت. ثم إن عدياً هذا قد أخطأ في متن الحديث أيضاً، فزاد في أوله: "بسم الله"، وفي آخره: "والشيطان الرجيم"! ومن أجل هذه الزيادة أوردته هنا، وإلا فهو بدونها صحيح، كما رواه شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة، كما خرجته هناك. نعم؛ في التسمية عند دخول الخلاء حديث آخر صحيح، وهو مخرج عندي في "إرواء الغليل" برقم (50) . 5043 - (من دخل على قوم لطعام لم يدع إليه، فأكل شيئاً؛ أكل حراماً) . ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 133/ 1) عن بقية بن الوليد عن يحيى بن خالد عن روح بن القاسم عن المقبري عن عروة عن عائشة مرفوعاً. الحديث: 5043 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 71 وقال: "لم يروه عن روح إلا يحيى؛ تفرد به بقية". قلت: وهو ثقة؛ ولكنه مدلس وقد عنعنه. وشيخه يحيى بن خالد مجهول؛ كما قال ابن عدي؛ وساق له هذا الحديث، وقال: "إنه منكر". وقال الذهبي: "باطل". ومن طريقه رواه البزار، وابن عدي بلفظ: " ... لم يدع له؛ دخل فاسقاً، وأكل حراماً". واقتصر الهيثمي (4/ 55) على إعلاله بيحيى هذا فقط؛ وهو قصور؛ لما علمت من عنعنة بقية. لكن أخرجه الدولابي في "الكنى" (1/ 180) : حدثنا أحمد بن الفرج الحجازي قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا يحيى بن خالد أبو زكريا به. قلت: فصرح فيه بقية بالتحديث؛ لكن أحمد بن الفرج ضعفه محمد بن عوف الطائي، وقال ابن عدي: "لا يحتج به"؛ فلا قيمة لتصريحه المذكور. وقد خولف في إسناده؛ فقال الطيالسي في "مسنده" (ص 306 - رقم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 72 2337) : حدثنا اليمان أبو حذيفة عن طلحة بن أبي عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: ... فذكره موقوفاً عليه. وهذا إسناد ضعيف؛ اليمان هذا - وهو ابن المغيرة - ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب". وشيخه طلحة بن أبي عثمان لم أعرفه! وفي "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 483) : "طلحة بن عثمان، رجل من الحجبة. روى عن المقبري. روى عنه روح بن القاسم". قلت: فلعله هذا، وتكون أداة الكنية (أبي) مقحمة من الناسخ. ويحتمل أنه طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي المتروك. والله أعلم. وأخرج أبو داود (2/ 136) من طريق أبان بن طارق عن نافع قال: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره بلفظ: ".. ومن دخل على غيره دعوة؛ دخل سارقاً، وخرج مغيراً". وأبان هذا مجهول الحال؛ كما في "التقريب". وفي "الميزان": "قال ابن عدي: هذا حديث منكر، لا يعرف إلا به. وقال أبو زرعة: مجهول". ومن طريقه أخرجه البزار؛ كما في "المجمع"؛ وقال: "وهو ضعيف"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 73 كذا قال! والصواب أنه مجهول؛ فإنه لم يضعفه أحد. ثم إن في الحديث جملة في أوله صحيحة؛ وقد خرجته في الكتاب الآخر (1085) . 5043/ م - (من صلى الفجر - أو قال: الغداة -، فقعد في مقعده، فلم يلغ بشيء من أمر الدنيا، يذكر الله حتى يصلي الضحى أربع ركعات؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لا ذنب له) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسند عائشة" (7/ 329/ 4365) من طريق طيب بن سليمان قال: سمعت عمرة تقول: سمعت أم المؤمنين تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الطيب هذا؛ قال الدارقطني: "بصري ضعيف". وأورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 497) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ووثقه ابن حبان والطبراني! وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف، وكأن الطبراني جرى في ذلك على سننه! ولعله لذلك أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 166) إلى تضعيف حديثه هذا. والمعروف في أحاديث الجلوس بعد الصلاة الغداة والصلاة بعد طلوع الشمس: أن له أجر حجة وعمرة، فقوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 74 "خرج من ذنوبه ... " إلخ؛ منكر عندي، والله أعلم. (تنبيه) : الطيب بن سليمان؛ كذا وقع في "المسند": (سليمان) ، وهو كذلك في "الميزان" و "اللسان". وفي نسخة من "الميزان": (سلمان) ؛ وهو الصواب - والله أعلم -؛ لمطابقته لما في "الجرح"؛ و "ثقات ابن حبان" (6/ 493) ، و "سؤالات البرقاني للإمام الدارقطني"؛ كما حققته في ترجمته من كتابي الجديد: "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان" يسر الله لي إتمامه بمنه وكرمه. والحديث؛ قال المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (1/ 370) : "حسن، قال الهيثمي ... "! 5044 - (من أم قوماً؛ فليتق الله، وليعلم أنه ضامن مسؤول لما ضمن، وإن أحسن؛ كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينتقص من أجورهم شيئاً، وما كان من نقص؛ فهو عليه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 30/ 1) من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام: حدثنا يوسف بن الحجاج - هو البلدي - عن المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الفضل عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أبي الجوزاء إلا يحيى، ولا عنه إلا المعارك، تفرد به يوسف". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: يحيى بن أبي الفضل؛ لم أجد له ترجمة، وقد أورده ابن حجر في "التهذيب" في شيوخ معارك بن عباد، وكذا المزي في "تهذيبه"؛ لكن وقع فيه: الحديث: 5044 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 75 (يحيى بن الفضل) . الثانية: المعارك بن عباد؛ أورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين"، وقال: "ضعفه الدارقطني وغيره". ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف. الثالثة: يوسف بن الحجاج؛ لم أجد له ترجمة أيضاً، وقد ذكره المزي في الرواة عن المعارك ونسبه: "البلدي"، ولم يورده السمعاني في هذه النسبة، ولا ياقوت في "معجم البلدان"، مما يشعر بأنه غير مشهور ولا معروف. والله تعالى أعلم. والحديث؛ قال في "مجمع الزوائد" (2/ 66) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه معارك بن عباد؛ ضعفه أحمد والبخاري وأبو زرعة والدارقطني وغيره، وذكره ابن حبان في "الثقات"". قلت: وقال ابن حبان: "يخطىء ويهم". فلو نقله الهيثمي عنه لأصاب؛ فإنه يلتقي حينئذ قوله مع أقوال المضعفين؛ كما لا يخفى. نعم؛ قد صح من الحديث قوله: "الإمام ضامن" وقوله: "إن أحسن فله؛ وإلا فعليه"؛ ثبت ذلك من حديث أبي هريرة، وعقبة بن عامر، وهما مخرجان في "صحيح أبي داود" (530،593) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 76 5045 - (تزاحموا تراحموا) . لا أعرف له أصلاً وقد اشتهر عند بعض أئمة مساجد دمشق اليوم! ولعل أصله ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 32/ 2) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 114) من طريق مجالد عن الشعبي عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استووا تستوي قلوبكم، وتماسوا تراحموا". قال سريج (ابن يونس، أحد رواته) : "تماسوا"؛ يعني: ازدحموا في الصلاة. وقال غيره " "تماسوا": تواصلوا. وقال الطبراني: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به سريج". قلت: وهو ثقة؛ لكن مجالداً ليس بالقوي. وأضعف منه الحارث - وهو الأعور -، وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 90) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الحارث، وهو ضعيف". الحديث: 5045 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 77 5046 - (من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي أحداً؛ أضعف الله له أجر الصف الأول) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 33/ 1) من طريق الوليد الحديث: 5046 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 77 ابن الفضيل العنزي: حدثنا نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به الوليد". قلت: وهو متهم بالوضع؛ قال ابن حبان: "يروي الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به بحال". وقال الحاكم، وأبو نعيم، وأبو سعيد النقاش: "روى عن الكوفيين الموضوعات". قلت: ولم يعرفه أبو حاتم؛ فقال ابنه (4/ 2/ 13) عنه: "وهو مجهول"! وشيخه نوح بن أبي مريم أشهر منه بالوضع، وبه أعله الهيثمي؛ لكنه قال (2/ 95-96) : "وهو ضعيف"!! وزيد العمي ضعيف. والحديث أشار المنذري (1/ 174) إلى تضعيفه؛ فقصر!! والحديث سرقه بعض الضعفاء؛ فقال الحكيم الترمذي في "الرياضة" (367-368) : حدثنا الفضل بن محمد: حدثنا زريق بن الورد الرقي: حدثنا سلم بن سالم بن (كذا) عبد الغفار بن ميمون عن عبد الملك الجزري به مرفوعاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 78 قلت: والفضل بن محمد هذا؛ الظاهر أنه الباهلي الأنطاكي الأحدب العطار؛ قال ابن عدي: "كتبنا عنه بأنطاكية، حدثنا بأحاديث لم نكتبها عن غيره، ووصل أحاديث، وسرق أحاديث، وزاد في المتون"، وقال: "له أحاديث لا يتابعه الثقات عليها". وقال الدارقطني وابن عدي: "كذاب". ومن فوقه لم أعرفهم. ويحتمل أن سلم بن سالم بن عبد الغفار ... إلخ؛ خطأ من الناسخ، والصواب: سلم بن سالم عن عبد الغفار بن ميمون، فإن يكن كذلك؛ فسلم بن سالم معروف؛ وهو البلخي الزاهد؛ ضعفه ابن معين وغيره. 5047 - (من سد فرجة في الصف غفر له) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 58 - زوائده) : حدثنا عبد الرحمن ابن الأسود بن مأمول الوراق: حدثنا يحيى بن السكن: حدثنا أبو العوام - وأظنه صدقة ابن أبي سهل - عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه مرفوعاً. وقال: "لم نسمعه إلا من عبد الرحمن، وكان من أفاضل الناس". قلت: هو من شيوخ الترمذي والنسائي وغيرهما؛ مات بعد الأربعين ومئتين، وجزم الحافظ في "التقريب" بأنه ثقة؛ مع أنه لم يحك توثيقه في "التهذيب" عن أحد! الحديث: 5047 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 79 وشيخه يحيى بن السكن؛ قال الذهبي: "ليس بالقوي، وضعفه صالح جزرة"! قلت: كلام صالح فيه يدل على أنه أسوأ من ذلك؛ فقد روى الخطيب في ترجمة يحيى من "التاريخ" (14/ 146) عنه أنه قال فيه: "بصري، كان يكون بالرقة، وكان أبو الوليد يقول: هو يكذب، وهو شيخ مقارب، كان يكون بالرقة وببغداد". ثم روى الخطيب أيضاً عنه - أعني: صالحاً - أنه قال: "لا يسوى فلساً". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! ولعله عمدة المنذري (1/ 175) في قوله - وإن تبعه الهيثمي (2/ 91) -: "رواه البزار بإسناد حسن"! وأما أبو العوام؛ فليس هو صدقة بن أبي سهل؛ كما ظنه الظان - وأظنه البزار نفسه -! وإنما هو عمران القطان؛ فقد ذكره الخطيب في شيوخ يحيى بن السكن، وهو صدوق يهم. ومما تقدم بيانه؛ تعلم تساهل المنذري وكذا الهيثمي في قولهما السابق آنفاً. وفي فضل سد الفرج حديث آخر من رواية عائشة رضي الله عنها، بعض أسانيده صحيحة، وقد خرجته في "الصحيحة" (1892،2532) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 80 5048 - (إن اليهود قوم سئموا دينهم، وهم قوم حسد، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث: على رد السلام، وإقامة الصفوف، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة: آمين) . ضعيف بهذا التمام أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 38/ 1) : حدثنا عمرو بن إسحاق: حدثنا أبي: حدثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي: حدثنا عيسى بن يزيد أن طاوساً أبا عبد الرحمن حدثه أن منبهاً أبا وهب حدثه يرده إلى معاذ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس في بيت من بيوت أزواجه، وعنده عائشة، فدخل عليه نفر من اليهود فقالوا: السام عليك يا محمد! قال: "وعليكم". فجلسوا فتحدثوا، وقد فهمت عائشة تحيتهم التي حيوا بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستجمعت غضباً وتصبرت، فلم تملك غيظها فقالت: بل السام عليكم وغضب الله ولعنته، بهذا تحيون نبي الله - صلى الله عليه وسلم -! ثم خرجوا، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حملك على ما قلت؟! ". قالت: أو لم تسمع كيف حيوك يا رسول الله؟! والله ما ملكت نفسي حين سمعت تحيتهم إياك، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف رأيت رددت عليهم؟ إن اليهود قوم ... " الحديث. وقال: "لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد، ولا تعلم منبهاً أبا وهب أسند غير هذا الحديث". قلت: وهو حديث غريب بهذا السياق، وله علل: الحديث: 5048 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 81 الأولى: منبه هذا؛ فإنه غير معروف، وقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 418) من رواية طاوس هذه، وأشار إلى أنه لا يعلم أحداً روى عنه؛ فهو مجهول العين. الثانية: عيسى بن يزيد مجهول أيضاً؛ أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 291) ، وقال: " ... الشامي، سمع طاوساً. روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي". الثالثة: عمرو بن الحارث - وهو الزبيدي الحمصي -؛ قال الذهبي: "تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم: زبريق، ومولاة له اسمها علوة؛ فهو غير معروف العدالة، وزبريق ضعيف". الرابعة: إسحاق والد عمرو - وهو إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي، بن زبريق -؛ ضعفه الذهبي كما رأيت آنفاً، وقال الحافظ: "صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب". الخامسة: ولده عمرو؛ فلم أجد له ترجمة. قلت: ومن هذا التخريج؛ يتبين للقارىء الكريم مبلغ تساهل الحافظ المنذري (1/ 178) - وإن تبعه الهيثمي (2/ 112-113) - في قوله: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن"!! وقلده الثلاثة (1/ 397) !! ثم إن المنذري وهم فيه وهماً آخر؛ حيث جعله من حديث عائشة؛ فإنه - بعد أن ساق حديثها من رواية ابن ماجه ورواية أحمد - قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 82 "ورواه الطبراني ... " إلخ كلامه المتقدم! وإنما هو من حديث معاذ كما رأيت، وكذلك ذكره الهيثمي. وحديث عائشة المشار إليه؛ قد رواه ابن خزيمة بنحو حديث معاذ، لكن ليس فيه ذكر إقامة الصفوف. وكذلك رواه أنس بن مالك، وقد خرجتهما في "الصحيحة" (691،692) . لكني وجدت لحديثها طريقاً أخرى فيه الزيادة المذكورة، أخرجه أبو بكر المعدل في "اثنا عشر مجلساً" (8/ 2) من طريق سليمان بن عبد الجبار: حدثنا منصور ابن أبي نويرة: حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "إن اليهود يحسدون أمتي على ثلاث خصال: تحية أهل الجنة، والصلاة في الصف كما تصف الملائكة، وآمين جعلها الله على ألسنتهم". وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير منصور بن أبي نويرة؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 179) ، وقال: " ... العلاف، روى عن أبي بكر بن عياش، أدركه أبي". فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول عنده. وقال البخاري في "التاريخ" (7/ 349) : "روى عنه أبو الأزهر، سمع القاسم بن محمد"! كذا وقع فيه! وقد نظر فيه محققه؛ فراجعه؛ وذكر أن ابن حبان أورده في الطبقة الرابعة بروايته عن الحسن بن صالح وأبي بكر بن عياش، روى عنه محمد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 83 ابن سفيان بن أبي الزرد. وأما سليمان بن عبد الجبار؛ فهو سامرائي، كتب عنه أبو حاتم بها، وقال أحمد فيه: "صدوق". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف بهذا السياق والتمام، وجله صحيح، ويحتمل أن يكون منه الزيادة المذكورة؛ والله أعلم. لا سيما ولها شاهد من حديث أنس، تقدم تخريجه برقم (1516) . 5049 - (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلب؟!) . ضعيف شاذ بهذا اللفظ أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (504- موارد و 2280 - الإحسان) ، والطبراني في "الأوسط" (5/ 132/ 4251) من طريق الربيع بن ثعلب: حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن محمد بن ميسرة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. وقال الطبراني: "تفرد به الربيع". قلت: والربيع بن ثعلب ثقة صالح؛ له ترجمة في "الجرح والتعديل" (3/ 456/ 2060) ، وفي "تاريخ بغداد" (8/ 418) . وأبو إسماعيل المؤدب اسمه إبراهيم بن سليمان بن رزين الأردني؛ مختلف فيه؛ قال الذهبي: الحديث: 5049 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 84 "وهو مشهور بكنيته، ضعفه يحيى بن معين مرة، وقال أخرى: ليس بذاك. وقال هو وأحمد: ليس به بأس، ووثقه الدارقطني". وقال الحافظ: "صدوق يغرب". ومحمد بن ميسرة: هو محمد بن أبي حفصة البصري؛ مختلف فيه أيضاً؛ فوثقه ابن معين وأبو داود. وقال ابن معين في رواية: "صويلح، ليس بالقوي". وقال النسائي: "ضعيف". وقال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء". وقال ابن المديني: "ليس به بأس". وقال ابن عدي في "الضعفاء" (ق 372/ 1) : "وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم". وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". قلت: وقد خالفه جمع من الثقات - كشعبة والحمادين وغيرهم -، فرووه بلفظ: " ... رأس الحمار". أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" برقم (634) ، و "الإرواء" (510) . فهذا هو المحفوظ، ولفظ الترجمة شاذ أو منكر؛ أخطأ فيه محمد بن ميسرة هذا، أو الراوي عنه. ومن هذا التحقيق؛ تعلم خطأ قول المنذري (1/ 180) : "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد"! ونحوه قول الهيثمي (2/ 78) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 85 "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات؛ خلا شيخ الطبراني العباس ابن الربيع بن ثعلب؛ فإني لم أجد من ترجمه". قلت: ترجمه الخطيب (12/ 149-150) ، وذكر وفاته سنة (291) ، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. لكن تابعه - عند ابن حبان - الهيثم بن خلف الدوري؛ ترجمه الخطيب أيضاً (14/ 63) ، وروى عن الإسماعيلي أنه أحد الأثبات. وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى؛ أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 225) من طريق يوسف بن عدي: حدثنا معمر بن سليمان عن زيد بن حبان عن مسعر عن محمد بن زياد به. وقال: "هذا من غرائب حديث مسعر، ذاكر به القدماء قديماً؛ من حديث يوسف ابن عدي، وأنه من مفاريده، رواه غير واحد من المتأخرين عن جماعة عن مسعر، فروي من حديث وكيع، ومحمد بن عبد الوهاب القتات، وعبد الرحمن بن مصعب الكوفي بأسانيد لا قوام لها مما وهمت فيه الضعاف عن قريب". قلت: ومن هؤلاء الضعاف: زيد بن حبان في الطريق الأولى؛ فقال الدارقطني: "ضعيف الحديث، لا يثبت حديثه عن مسعر". وقال العقيلي: "حدث عن مسعر بحديث لا يتابع عليه". وقال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ، تغير بآخره". قلت: فمثله لا يحتج بحديثه، لا سيما مع المخالفة لأحاديث الثقات. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 86 نعم؛ قد صح الحديث موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما يؤمن أحدكم - إذا رفع رأسه في الصلاة قبل الإمام - أن يعود رأسه رأس كلب؟! أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/ 373/ 3752) ، والطبراني في "الكبير" (9/ 274/ 9174-9175) من طريقين عن زياد بن فياض عن تميم ابن سلمة عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ثم استدركت فقلت: إنه منقطع؛ فإن تميماً هذا لم يدرك ابن مسعود؛ بين وفاتيهما نحو سبعين سنة، فلعل هذا الحديث الموقوف هو أصل هذا الحديث المرفوع، اختلط على بعض رواته الضعفاء، فتوهم أن المرفوع لفظه لفظ هذا الموقوف، فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - توهماً، وإنما المحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً بلفظ: " ... رأس الحمار"، كما تقدم، وهو رواية لابن حبان (2279) . ولعل الحافظ ابن حجر يشير إليها بقوله الآتي - والله أعلم -؛ فقد جاء في حاشية "الموارد" ما نصه: "بهامش الأصل: من خط شيخ الإسلام ابن حجر: بل بلفظ: ... رأس حمار". وبهذا اللفظ الصحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 185،358، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 87 457 و 6/ 447 و 8/ 96 و 9/ 118) من طرق كثيرة عن محمد بن زياد؛ وبعضها عن مسعر بن كدام عنه. 5050 - (ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله؛ فلا يدرون ما يتلى مما ترك؟! هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل؛ فشهدت أبدانهم، وغابت قلوبهم، ولا يقبل الله من عبد عملاً حتى يشهد بقلبه مع بدنه) . ضعيف أخرجه ابن نصر في "كتاب الصلاة" (ق 28/ 2-29/ 1) : حدثنا يحيى بن يحيى: أخبرنا يحيى بن سليم عن عثمان بن أبي دهرش قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة جهر فيها بالقراءة، فلما فرغ من صلاته قال: "يا فلان! هل أسقطت من هذه السورة شيئاً؟ " قال: لا أدري يا رسول الله! قال: فسأل آخر؟ فقال: لا أدري يا رسول الله! قال: "هل فيكم أبي؟ ". قالوا: نعم يا رسول الله! قال: "يا أبي! هل أسقطت من هذه السورة من شيء؟ ". قال: نعم يا رسول الله! آية كذا وكذا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن أبي دهرش؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 149) : "روى عنه ابن عيينة، ويحيى بن سليم الطائفي، وابن المبارك". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال. الحديث: 5050 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 88 ويحيى بن سليم - وهو الطائفي - سيىء الحفظ، وقد خولف في إسناده؛ فقال ابن نصر عقبه: حدثنا صدقة بن الفضل قال: أخبرنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي دهرش عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة جهر فيها ... فذكر الحديث. قلت: وابن عيينة ثقة حافظ؛ فروايته أصح، وفيها أن ابن أبي دهرش تلقاه عن رجل من آل الحكم لم يسمه، والظاهر أنه لم يعرفه. فهو علة الحديث؛ الظاهر أنه تابعي؛ فهو - مع الجهالة - مرسل. والحديث؛ أورده المنذري (1/ 185) من الطريق الأولى، وقال: "رواه محمد بن نصر المروزي في "كتاب الصلاة" هكذا مرسلاً، ووصله أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بأبي بن كعب، والمرسل أصح"! قلت: أخرجه الديلمي (3/ 54/ 1) من طريق [أحمد بن محمد النسوي: حدثنا أحمد بن إبراهيم الصيدلاني: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ... عن أبي بن كعب] . 5051 - (هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر؛ يعني: سنة الفجر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 203/ 2) عن يحيى ابن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: الحديث: 5051 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 89 " (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، و (قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن"؛ وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر، وقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث بن أبي سليم ضعيف؛ وكان اختلط. وعبيد الله بن زحر ضعيف. وخالفه عبد الواحد بن زياد فقال: عن ليث قال: حدثني أبو محمد قال: رافقت ابن عمر شهراً، فسمعته في الركعتين قبل صلاة الصبح يقرأ ... الحديث نحوه مرفوعاً دون حديث الترجمة. أخرجه أبو يعلى (10/ 83/ 5720) . وقد عرفت أن مدار الحديث على ليث، وهو ضعيف، وأن إسناد الطبراني أشد ضعفاً. وقد وهم فيه المنذري والهيثمي، فقال الأول منهما (1/ 202) : "رواه أبو يعلى بإسناد حسن، والطبراني في "الكبير" - واللفظ له -"! وقال الهيثمي (2/ 218) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى بنحوه؛ وقال: عن أبي محمد عن ابن عمر. وقال الطبراني: عن مجاهد عن ابن عمر، ورجال أبي يعلى ثقات"! قلت: كيف ذلك؛ وفيه - كالطبراني - ليث بن أبي سليم كما عرفت؟! نعم؛ الحديث باستثناء حديث الترجمة حديث صحيح؛ لشواهده الكثيرة، وقد خرجت منه: " (قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن" في "الصحيحة" (586) ، وخرجت هناك بعض شواهده، فراجعه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 90 5052 - (كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار، فقالت عائشة: يا رسول الله! أراك تستحب الصلاة هذه الساعة؟! قال: تفتح فيها أبواب السماء، وينظر الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه، وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى) . ضعيف جداً أخرجه البزار (ص 76 - زوائده) عن عتبة بن السكن الحمصي: حدثنا الأوزاعي: أخبرني صالح بن جبير: حدثني أبو أسماء الرحبي: حدثني ثوبان مرفوعاً به. وقال: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن ثوبان بهذا الإسناد". قلت: وهو واه جداً؛ وعلته هذا؛ قال الدارقطني: "متروك الحديث". وقال البيهقي: "واه، منسوب إلى الوضع". وقال القراب: "روى عن الأوزاعي أحاديث لم يتابع عليها". وقال ابن حبان: "يخطىء ويخالف". الحديث: 5052 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 91 5053 - (من صلى قبل الظهر أربع ركعات؛ كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء؛ كن كمثلهن من ليلة القدر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 56/ 2) عن ناهض بن سالم الباهلي: حدثنا عمار أبو هاشم عن الربيع بن لوط عن عمه البراء بن عازب مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن الربيع إلا عمار". الحديث: 5053 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 91 قلت: وعمار: هو ابن عمارة أبو هاشم الزعفراني؛ وهو ثقة. وكذا الربيع بن لوط؛ لكن ذكر الحافظ في ترجمة عمار أن بينه وبين ابن لوط رجلاً سماه؛ لكن في النسخة سقط، فيراجع له أصله "تهذيب الكمال" للمزي. وناهض بن سالم الباهلي؛ لم أجد له ترجمة. والحديث؛ قال الهيثمي (2/ 221) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره، ولم أجد من ذكرهم"!! وغير الباهلي لم أدر المعني به؛ إلا أن يكون شيخ الطبراني؛ فقد قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ: حدثنا سعيد بن منصور: حدثنا ناهض بن سالم الباهلي ... لكن الهيثمي ليس من عادته الكلام على شيوخ الطبراني المجهولين أو المستورين الذين لم يرد لهم ذكر في "الميزان" مثلاً. والله أعلم. وقد روي الحديث بإسناد أسوأ حالاً من هذا، ويأتي قريباً إن شاء الله تعالى برقم (5058) . والجملة الأولى من الحديث قد رويت عن ابن مسعود موقوفاً عليه قال: ليس بشيء يعدل صلاة الليل من صلاة النهار؛ إلا أربعاً قبل الظهر، وفضلهن على صلاة النهار؛ كفضل صلاة الجماعة على صلاة الواحد. أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 35/ 1) عن بشر بن الوليد الكندي: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود ومرة ومسروق قالوا: قال عبد الله: ... فذكره. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 92 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق: هو السبيعي، وكان اختلط، وهو مدلس. وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ. والكندي فقيه مشهور، ولكنه متكلم فيه؛ كما تراه مبسوطاً في "اللسان". وقال المنذري (1/ 203) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وهو موقوف لا بأس به"!! كذا قال! ونحوه قول الهيثمي (2/ 221) : " ... وفيه بشر بن الوليد الكندي، وثقه جماعة، وفيه كلام، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "!! كذا قال! وشريك - مع ضعفه - لم يحتج به في "الصحيح"، وإنما أخرج له مسلم متابعة؛ كما في "الميزان"؛ فتنبه. وروى النسائي في "سننه" (4954-4955) من طريق أيمن مولى ابن الزبير (وفي الموضع الثاني: ابن عمر) عن تبيع عن كعب قال: من توضأ فأحسن وضوءه، ثم شهد صلاة العتمة في جماعة، ثم صلى إليها أربعاً مثلها، يقرأ فيها، ويتم ركوعها وسجودها؛ كان له من الأجر مثل ليلة القدر. قلت: وهذا إسناد لا بأس به؛ إن كان أيمن هذا هو ابن عبيد الحبشي. ولكنه مقطوع موقوف على كعب - وهو كعب الأحبار -، ولو أنه رفع الحديث لم يكن حجة؛ لأنه في هذه الحالة يكون مرسلاً، فكيف وقد أوقفه؟! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 93 5054 - (صلاة الهجير مثل صلاة الليل) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 16/ 2) : حدثنا المقدام بن داود: أخبرنا ذؤيب: أخبرنا سليمان بن سالم عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن جده مرفوعاً. فسألت عبد الرحمن بن حميد عن (الهجير) ؟ فقال: إذا زالت الشمس. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: سليمان بن سالم هذا - وهو أبو أيوب المدني مولى عبد الرحمن بن حميد -؛ كذا ترجمه البخاري في "التاريخ" (7/ 18) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وابن أبي حاتم (2/ 1/ 119) ، وقال: "سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ". وذكره ابن حبان في "الثقات". قلت: وقد روى عنه جمع، فالعلة ممن دونه. الثانية: ذؤيب - وهو ابن عمامة السهمي - قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني، ولم يهدر". وقال في ترجمة المقدام الآتي: "وذؤيب ضعيف". لكن قال أبو زرعة: "هو صدوق". وذكره ابن حبان في "الثقات". الحديث: 5054 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 94 الثالثة: المقدام بن داود؛ قال النسائي: "ليس بثقة". وقال ابن يونس وغيره: "تكلموا فيه". وضعفه الدارقطني. وقال مسلمة بن قاسم: "رواياته لا بأس بها". ومن هذا التحقيق؛ يتبين تساهل الهيثمي في قوله (2/ 221) : "رواه الطبراني في "الكبير"؛ ورجاله موثقون"! فإن المقدام هذا لم يوثقه أحد! وقول مسلمة: "رواياته لا بأس بها"؛ ليس صريحاً في التوثيق مع تصريح غيره بتضعيفه. على أن قول الهيثمي: ".. موثقون"؛ فيه إشعار منه بأن توثيق من وثقهم ليس قوياً. فتأمل! وقال المنذري (1/ 203) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفي سنده لين". 5055 - (من حافظ على أربع ركعات قبل العصر؛ بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1702) عن يحيى بن سليم قال: سمعت محمد بن سعد المؤذن عن عبد الله بن عنبسة قال: سمعت أم الحديث: 5055 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 95 حبيبة بنت أبي سفيان تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن عنبسة، ومحمد بن سعد المؤذن؛ لم أعرفهما. ويحيى بن سليم - وهو الطائفي - فيه ضعف من قبل حفظه. والحديث؛ أعله المنذري (1/ 204) - ثم الهيثمي (2/ 222) - بالمؤذن، فقال فيه الأول منهما: "لا يدرى من هو؟ ". وقال الآخر: "لم أعرفه". 5056 - (من صلى أربع ركعات قبل العصر؛ لم تمسه النار) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 470) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 57/ 1) - والسياق له - من طريق حجاج بن نصير: حدثنا اليمان ابن المغيرة العبدي عن عبد الكريم بن أبي أمية عن مجاهد أخبره عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جئت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد في أناس من أصحابه؛ منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأدركت آخر الحديث ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الطبراني: "لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد، تفرد به حجاج". قلت: وهو ضعيف كان يقبل التلقين. الحديث: 5056 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 96 وشيخه اليمان بن المغيرة ضعيف أيضاً. ومثله عبد الكريم بن أبي أمية. فهو إسناد مسلسل بالضعفاء. فالعجب من الهيثمي حيث أعله بضعف ابن أبي أمية فقط! وأفاد أنه في "كبير الطبراني" مختصراً بلفظ: " ... حرمه الله على النار"!! قلت: وكذلك رواه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 305) مختصراً من طريقين آخرين عن اليمان بن مغيرة به؛ إلا أنه وقع فيه: "عبد الله بن عمر"، وقال: "تفرد به اليمان عن عبد الكريم". وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير" من حديث أم سلمة مرفوعاً بزيادة: قلت: يا رسول الله! قد رأيتك تصلي وتدع؟! قال: "لست كأحدكم". قال الهيثمي: "وفيه نافع بن مهران وغيره، ولم أجد من ذكرهم". قلت: ولذلك أشار إلى تضعيفه. 5057 - (لا تزال أمتي يصلون هذه الأربع ركعات قبل العصر؛ حتى تمشي على الأرض مغفوراً حتماً) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 57/ 1) من طريق عبد الوهاب بن عبد الله بن يحيى الأسدي: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة الحديث: 5057 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 97 عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو موضوع؛ آفته عبد الملك بن هارون؛ فقد كذبه يحيى والسعدي وغيرهما. وقال ابن حبان: "يضع الحديث". وقال صالح بن محمد: "عامة حديثه كذب". وقال الحاكم في "المدخل": "روى عن أبيه أحاديث موضوعة". قلت: والراوي عنه عبد الوهاب بن عبد الله بن يحيى الأسدي؛ لم أعرفه. واقتصر الهيثمي (2/ 222) على إعلال الحديث بعبد الملك وقال: "وهو متروك". وقال المنذري (1/ 204) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وهو غريب". قلت: ورواه الخطيب (14/ 308) من طريق يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن كركا الخياط: حدثنا أحمد بن يعقوب البصري: حدثنا هشيم - في رحبة عبيد الله بن المهدي -: حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "من صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر؛ غفر الله له مغفرة عزماً". أورده في ترجمة يوسف هذا؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو آفته، أو شيخه أحمد بن يعقوب البصري؛ فإني لم أجد من ذكره. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 98 ومن فوقه ثقات من رجال "الصحيحين". ثم رأيت لعبد الوهاب - الذي في إسناد الطبراني - متابعاً، أخرجه السلفي في "آخر مجلس من أمالي أبي مطيع المصري" (ق 64/ 2) عن محمد بن يوسف العائدي: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة به نحوه بلفظ: " ... دخل الجنة ألبتة". 5058 - (أربع قبل الظهر: كعدلهن بعد العشاء، وأربع بعد العشاء: كعدلهن من ليلة القدر) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 58/ 2) عن يحيى ابن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً به. وقال: "لم يروه عن ابن جحادة إلا يحيى". قلت: وهو متهم بالوضع؛ قال ابن أبي حاتم: "يفتعل الحديث". وقال البخاري: "منكر الحديث". وضعفه سائر الأئمة. وشذ عنهم أبو علي بن السكن فقال: "صالح الحديث"! والحديث أعله الهيثمي (2/ 230) بـ (يحيى) هذا، فقال: "وهو ضعيف جداً". الحديث: 5058 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 99 وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث (1/ 205) . وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا من حديث البراء بن عازب؛ وقد مضى برقم (5053) . 5059 - (من صلى صلاة الغداة، فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس؛ كان له حجاباً من النار - أو قال: ستراً من النار -) . موضوع أخرجه الحافظ أبو محمد القاري في "حديثه" (1/ 196/ 2) ، وابن عدي (ق 173/ 1) عن خالد العمري: حدثنا سفيان الثوري عن سعد بن طريف عن عمير بن مأمون قال: سمعت الحسن بن علي يقول: ... فذكره. وقال: "غريب، تفرد بروايته خالد بن يزيد العمري عن الثوري". قلت: العمري كذبه أبو حاتم ويحيى. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". وساق له في "الميزان" و "اللسان" بعض موضوعاته. لكن فوقه سعد بن طريف؛ وهو قريب منه؛ فقد اتفقوا على تضعيفه. وقال ابن معين: "لا يحل لأحد أن يروي عنه". وقال النسائي والدارقطني: "متروك الحديث". وقال ابن عدي: الحديث: 5059 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 100 "وهو بين الضعف جداً". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". قلت: فهو علة الحديث؛ لأن العمري قد تابعه أبو معاوية عن سعد به. أخرجه ابن عدي. ولذلك؛ أخرج الحديث في ترجمة سعد. وأشار إلى ما ذكرته قول الحافظ أبي محمد عقبه: "ورواه العلاء بن راشد عن سعد بن طريف به". ثم إن عمير بن مأمون؛ قال الدارقطني: "لا شيء". والحديث؛ أورده المنذري في "الترغيب" (1/ 165) من رواية البيهقي عن الحسن بن علي نحوه. وقال في آخره: "وأخذ الحسن بجلده فمده. رواه البيهقي"؛ وصدره بقوله: "روي"؛ مشيراً به إلى ضعفه. 5060 - (من صلى العشاء في جماعة، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد؛ كان كعدل ليلة القدر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 22/ 1) : حدثنا محمد ابن الفضل السقطي: حدثنا مهدي بن حفص: حدثنا إسحاق الأزرق عن أبي حنيفة عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: الحديث: 5060 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 101 "لم يروه عن ابن عمر إلا محارب، ولا عنه إلا أبو حنيفة؛ تفرد به إسحاق". قلت: وهو ابن يوسف الواسطي؛ وهو ثقة، وكذلك سائر رجال الإسناد؛ غير أبي حنيفة رحمه الله؛ فإن الأئمة قد ضعفوه، كما تقدم بيان ذلك مبسوطاً بما لا تراه في كتاب تحت الحديث (458) . ولذلك؛ قال الحافظ العراقي: "لم يصح"؛ كما نقله الشوكاني (3/ 16) . وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله عقب الحديث: "رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه من ضعف [في] الحديث". وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه؛ اتقاء منه لشر متعصبة الحنيفة في زمانه، كفانا الله شر التعصب وأهله!! وسائر رجال الحديث مترجمون في "التهذيب"؛ غير السقطي، فترجمته في "تاريخ بغداد" (3/ 153) ؛ قال الخطيب: "وكان ثقة، وذكره الدارقطني فقال: "صدوق". مات سنة ثمان وثمانين ومئتين". وروي الحديث بلفظ: "من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة، قرأ في الركعتين الأوليين: (قل يا أيها الكافرون) ، و (قل هو الله أحد) ، وفي الأخريين: (تبارك الذي بيده الملك) و (آلم تنزيل) ؛ كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر". أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 60 - المكتبة الأثرية) من طريق أبي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 102 فروة عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: أبو فروة؛ اسمه يزيد بن سنان بن يزيد الجزري الرهاوي. وهو ضعيف، وتركه النسائي. ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير". لكن الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة؛ دون قوله: "قبل أن يخرج من المسجد"؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 72/ 1) ، وابن نصر أيضاً عن عبد الله بن عمرو قال: من صلى بعد العشاء الآخرة أربع ركعات؛ كن كعدلهن من ليلة القدر. قلت: وإسناده صحيح. ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة، وابن مسعود، وكعب بن ماتع، ومجاهد، وعبد الرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم. والأسانيد إليهم كلهم صحيحة - باستثناء كعب -، وهي وإن كانت موقوفة؛ فلها حكم الرفع؛ لأنها لا تقال بالرأي؛ كما هو ظاهر. 5061 - (كان إذا صلى العشاء؛ ركع أربع ركعات، وأوتر بسجدة، ثم نام حتى يصلي - بعد - صلاته بالليل) . منكر أخرجه أحمد (4/ 4) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 203-204) من طريق منصور بن سلمة أبي سلمة الخزاعي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الحديث: 5061 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 103 الموالي قال: أخبرني نافع بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات رجال البخاري؛ غير نافع بن ثابت، وهو حفيد عبد الله بن الزبير، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 457) برواية آخرين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال: "مات في المدينة سنة خمس وخمسين ومئة، وهو ابن ثلاث وسبعين". قلت: فأفاد أن ولادته كانت سنة (82) ، وعليه؛ فهو لم يدرك جده عبد الله بن الزبير؛ فإنه مات قبله بثمان سنين، فهو منقطع،. وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 272) : "رواه أحمد، والطبراني في "الكبير"؛ وفيه نافع بن ثابت، وثابت: هو ابن عبد الله بن الزبير، ولم يدركه، وإنما روى عن أبيه ثابت". قلت: والحديث - مع ضعفه وانقطاعه -؛ فإنه منكر عندي؛ لأن المعروف من حديث عائشة وابن عباس وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما هو إيتاره بعد صلاة الليل. وفي هذا خلافه، فهو منكر. 5062 - (إذا وضعت جنبك على الفراش، وقرأت فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) ؛ فقد أمنت من كل شيء إلا الموت) . ضعيف أخرجه البزار من حديث أنس مرفوعاً. وقال المنذري (3/ 139/ 1) : "ورجاله رجال "الصحيح"؛ إلا غسان بن عبيد"! قلت: وكذا قال الهيثمي (10/ 121) ؛ إلا أنه بين حال غسان هذا؛ فقال: الحديث: 5062 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 104 "وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان". وإليه أشار الحافظ ابن حجر بقوله في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ق 36/ 1) : "وفي مسنده راو ضعيف". 5063 - (من بات ليلة في خفة من الطعام والشراب يصلي؛ تدالت حوله الحور العين حتى يصبح) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 139/ 1) عن أصرم بن حوشب: أخبرنا عبد الله بن إبراهيم عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ مسلسل بالضعفاء والمتروكين: أولاً: عباد بن منصور؛ قال الحافظ: "صدوق، رمي بالقدر، وكان يدلس، وتغير بأخرة". ثانياً: عبد الله بن إبراهيم؛ الظاهر أنه أبو محمد الغفاري المدني، وهو متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع؛ كما في "التقريب". قلت: وقال الحاكم: "روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها غيره". ثالثاً: أصرم بن حوشب؛ قال يحيى: "كذاب خبيث". وقال البخاري ومسلم والنسائي وأبو حاتم: الحديث: 5063 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 105 "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "كان يضع الحديث". وقال الحاكم والنقاش: "يروي الموضوعات". قلت: إن سلم من شيخه؛ فهو آفة هذا الحديث، وبه أعله الهيثمي (2/ 255) ، وقال: "وهو متروك". وأشار المنذري (1/ 219) إلى تضعيف الحديث، ولو أنه حذفه من كتابه لأصاب. 5064 - (ما خيب الله امرأ قام في جوف الليل، فافتتح سورة البقرة وآل عمران) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 61/ 2) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 129-130) عن بشر بن يحيى المروزي: حدثنا فضيل بن عياض عن ليث بن أبي سليم عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعاً. وقالا: "لم يروه عن الشعبي إلا ليث، ولا عنه إلا فضيل، تفرد به بشر". قلت: وهو مجهول الحال؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 370) : "سمع منه أبي بالري وهو حاج، وسمعته يقول: كان صاحب رأي". وليث بن أبي سليم ضعيف، كما تقدم مراراً. وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 254) : الحديث: 5064 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 106 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ليث بن أبي سليم، وفيه كلام، وهو ثقة مدلس"! أقول: ووصفه إياه بأنه ثقة مدلس وهم ظاهر مزدوج؛ فإن أحداً من الأئمة لم يطلق عليه أنه ثقة، ولا وصفه أحد بالتدليس، بل هو مجمع على تضعيفه؛ لولا ما روى أبو داود قال: سألت يحيى عن ليث؛ فقال: "لا بأس به"! وهو مخالف لما رواه غيره عن ابن معين من التضعيف، وهو المعتمد؛ لموافقته لسائر أقوال الأئمة المضعفة له. ومن الوهم أيضاً؛ قول المنذري (1/ 219) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفي إسناده بقية"! فإن بقية لا علاقة له بهذا الحديث ألبتة. 5065 - (إن في الجنة باباً يقال له: الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى؟ هذا بابكم، فادخلوه برحمة الله) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 59/ 1) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن يحيى إلا سليمان". قلت: وهو متروك؛ كما قال الهيثمي (2/ 239) . الحديث: 5065 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 107 والحديث؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (1/ 237) ! 5066 - (ألا أهب لك؟! ألا أبشرك؟! ألا أمنحك؟! ألا أتحفك؟! قال: نعم يا رسول الله! قال: تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بـ (الحمد) وسورة، ثم تقول بعد القراءة - وأنت قائم قبل الركوع -: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقولهن عشراً تمام هذه الركعة قبل أن تبتدىء بالركعة الثانية، تفعل في الثلاث ركعات كما وصفت لك؛ حتى تتم أربع ركعات) . موضوع بهذا السياق أخرجه الحاكم (1/ 319) : حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ - إملاء من أصل كتابه -: حدثنا أحمد بن داود بن عبد الغفار - بمصر -: حدثنا إسحاق بن كامل: حدثنا إدريس بن يحيى عن حيوة بن شريح عن يزيد ابن أبي حبيب عن نافع عن ابن عمر قال: وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة، فلما قدم اعتنقه وقبل بين عينيه، ثم قال: ... فذكره. وقال: "هذا إسناد صحيح لا غبار عليه"!! كذا قال! ووافقه الذهبي! وهذا عجيب؛ فإن أحمد بن داود هذا أورده الذهبي نفسه في "الميزان" وقال: "كذبه الدارقطني وغيره، ومن أكاذيبه ... ". ثم ساق له حديثين موضوعين غير هذا. وقال ابن حبان وابن طاهر: الحديث: 5066 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 108 "كان يضع الحديث"! ولذلك؛ تعقب الحاكم المنذري بقوله في "الترغيب" (1/ 238) : "وشيخه أحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحراني ثم المصري؛ تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه الدارقطني". قلت: وقوله: "وشيخه أحمد ... " وهم؛ كما نبه عليه الحافظ الناجي، وحكيته عنه في "التعليق الرغيب"؛ فإنما هو شيخ شيخه أبي علي الحافظ؛ كما تقدم. والحديث قد روي عن جمع من الصحابة؛ أشهرهم ابن عباس، وأبو رافع، وابن عمرو، بأتم من هذا، وليس فيها: "ولا قوة إلا بالله"، فهي زيادة منكرة. وفيها: أن في كل ركعة خمساً وسبعين تسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة، خلافاً لهذا، ففيه خمس وعشرون فقط؛ وقد خرجت الأحاديث المشار إليها في "صحيح أبي داود" (1173،1174) . وفيها أيضاً: أن المخاطب بهذا الحديث إنما هو العباس بن عبد المطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم -. نعم؛ في رواية لأبي داود (1175) من طريق عروة بن رويم: حدثني الأنصاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجعفر ... بهذا الحديث، فذكر نحوه؛ أي: نحو حديث ابن عمرو الذي في "السنن" قبله. وفي سنده جهالة كما بينته في "صحيح أبي داود" (1175) . فإذا ثبت هذا؛ ففيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب جعفراً بمثل ما خاطب به عمه العباس. والله أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 109 ونحو حديث الترجمة في النكارة: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 64/ 1) من طريق موسى بن جعفر بن أبي كثير عن عبد القدوس بن حبيب عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا غلام! ألا أحبوك؟! ألا أنحلك؟! ألا أعطيك؟! ". قال: قلت: بلى - بأبي أنت وأمي - يا رسول الله! قال: فظننت أنه سيقطع لي قطعة من مال، فقال: "أربع ركعات تصليهن ... " فذكره مثل حديث أبي رافع وغيره؛ لكنه زاد في آخره: "فإذا فرغت؛ قلت بعد التشهد وقبل التسليم: اللهم! إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين ... " إلخ الدعاء، وفي آخره: "فإذا فعلت ذلك يا ابن عباس! غفر الله لك ذنوبك؛ صغيرها وكبيرها، وقديمها وحديثها، وسرها وعلانيتها، وعمدها وخطأها". قلت: وإسناده ضعيف جداً؛ عبد القدوس بن حبيب متروك متهم بالوضع. وموسى بن جعفر: هو الأنصاري، لا يعرف؛ كما قال الذهبي، وأقره الحافظ. وأعله الهيثمي (2/ 282) بابن حبيب، فقال: "وهو متروك". ثم أخرجه الطبراني من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أبي الجوزاء قال: قال لي ابن عباس: يا أبا الجوزاء! ألا أحبوك؟! ألا أتحفك؟! ألا أعطيك؟! قلت: بلى. فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 110 "من صلى أربع ركعات ... " فذكر نحوه، وزاد فيه: "من صلاهن؛ غفر له كل ذنب كان أو هو كائن". وقال الطبراني: "لم يروه عن محمد بن جحادة إلا يحيى". قلت: وهو ضعيف جداً. بل قال ابن أبي حاتم: "يفتعل الحديث". وقال ابن معين: "كذاب خبيث عدو الله". وقول الهيثمي فيه: "وهو ضعيف"! فيه تساهل كبير. 5067 - (إن يوم الجمعة وليلة الجمعة أربع وعشرون ساعة؛ ليس فيها ساعة إلا ولله فيها ست مئة عتيق من النار) . ضعيف جداً أخرجه أبو يعلى (2/ 882) من طريق عوام البصري عن عبد الواحد بن زيد عن ثابت عن أنس مرفوعاً. قال: ثم خرجنا من عنده فدخلنا على الحسن، فذكرنا له حديث ثابت، فقال: سمعته، وزاد فيه: "كلهم قد استوجب النار". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الواحد بن زيد - وهو البصري الزاهد -؛ قال البخاري: الحديث: 5067 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 111 "عبد الواحد صاحب الحسن؛ تركوه". وعوام البصري؛ أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 23) : "عوام بن المقطع؛ رجل من كلب، يعد في البصريين، سمع أباه، روى عنه بكر بن معبد، سمعت أبي يقول ذلك: ويقول: هما مجهولان". واعلم أنه وقع في نسختنا من "أبي يعلى" تحريف في بعض الرواة الذين تحت عوام البصري، وصورته هكذا: حدثنا عبد الله بن عبد الصمد ثابت (!) عبد الصمد بن علي عن عوام البصري ... وعبد الله بن عبد الصمد شيخ أبي يعلى: هو عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش - واسمه علي الموصلي الأسدي -، وهو ثقة مات سنة (255) ، وقد روى عن جمع منهم أبوه، وعليه؛ فمن المحتمل احتمالاً قوياً أن قوله في النسخة: "ثابت" محرف، وصوابه: "حدثنا أبي" أو نحوه. ويؤيده قول الهيثمي (2/ 165) : "رواه أبو يعلى من رواية عبد الصمد بن أبي خداش عن أم (!) عوام البصري، ولم أجد من ترجمها"!! وعبد الصمد بن أبي خداش: هو والد عبد الله بن عبد الصمد كما علمت، ولم أجد له ترجمة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 112 وأم عوام؛ كذا وقع في "المجمع"! وأظن أن أداة الكنية (أم) مقحمة من بعض النساخ. والله أعلم. ثم إن الهيثمي ذهل عن العلة القادحة فيمن فوق من لم يعرفها؛ وهو عبد الواحد بن زيد المتروك! وأشار المنذري (1/ 250) إلى تضعيف الحديث، وقال: "ورواه البيهقي باختصار، ولفظه: "لله في كل جمعة ست مئة ألف عتيق من النار" ... ". 5068 - (الزكاة قنطرة الإسلام) . ضعيف أخرجه ابن شاهين في (الخامس) من "الأفراد" (ق 34/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 84/ 2) وابن عدي في "الكامل" (204/ 1) ، والقضاعي في "مسند شهاب" (ق 17/ 2) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" من طريق الطبراني؛ كلهم عن بقية بن الوليد عن الضحاك بن حمرة عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي الدرداء مرفوعاً. وقال ابن شاهين: "حديث غريب، لا أعلم حدث به عن الضحاك بن حمرة إلا بقية". ونحوه قول الطبراني: "لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية". قلت: وهو ثقة؛ ولكنه مدلس وقد عنعنه. لكن شيخه الضحاك بن حمرة - بضم المهملة - ضعيف؛ كما جزم به في الحديث: 5068 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 113 "التقريب"؛ فإعلاله به أولى، وفيه توثيق لين؛ أشار إليه الهيثمي بقوله (3/ 62) : "رواه الطبراني في "الكبير"، و "الأوسط"، ورجاله موثقون؛ إلا أن بقية مدلس، وهو ثقة". وأما قول المنذري (1/ 263) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، و "الكبير"، وفيه ابن لهيعة، والبيهقي؛ وفيه بقية بن الوليد"! ففيه ما هو مخالف لحال إسناده عند جميع مخرجيه، فلعل قوله: "وفيه ابن لهيعة" مقحم من بعض النساخ؛ فإنه لا ذكر لابن لهيعة عند أحدهم، لا سيما وقد صرحوا بأن بقية تفرد به. والحديث؛ قال الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على "تفسير البيضاوي" (ق 19/ 2) : "رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان" مرفوعاً، وسنده ضعيف". ثم رأيت الحافظ ابن حجر أعله في أول كتابه "تخريج أحاديث الكشاف" بابن حمرة؛ وجزم بضعفه. 5069 - (ما خالطت الصدقة - أو قال: الزكاة - مالاً؛ إلا أفسدته) . ضعيف أخرجه البزار (ص 94 - زوائده) عن عثمان بن عبد الرحمن الحديث: 5069 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 114 الجمحي: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الجمحي هذا، وهو متفق على تضعيفه، ولذلك؛ قال الهيثمي في "زوائد البزار" - أو الحافظ -: "قلت: إسناده لين". قلت: وأشار إلى ذلك المنذري في "الترغيب" (1/ 270) . وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 64) : "رواه البزار، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الجمحي؛ قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به". قلت: وقد انكشفت لي علة أخرى، وهي أن أحد رواته أخطأ في اسم الجمحي هذا، وإنما هو محمد بن عثمان، فقال الحميدي: حدثنا محمد بن عثمان ابن صفوان الجمحي قال: حدثنا هشام بن عروة به. وكذلك رواه جمع؛ منهم الإمام أحمد كما في "شعب البيهقي" (22 باب ق 184/ 1) ؛ وابن عدي، وقال: "ومحمد بن عثمان يعرف بهذا الحديث، ولا أعلم أنه رواه عن هشام بن عروة غيره". قلت: فإذا كان تفرد به محمد بن عثمان عن هشام؛ فمن رواه عن عثمان بن عبد الرحمن فقد وهم، وأظنه من مخرجه البزار نفسه؛ فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه كما هو معلوم؛ وقد خرجت رواية الحميدي وغيره في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" (رقم 63) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 115 5070 - (ظهرت لهم الصلاة فقبلوها، وخفيت لهم الزكاة فأكلوها، أولئك هم المنافقون) . موضوع أخرجه البزار (ص 94) : حدثنا قتيبة: حدثنا عبد الله - هو ابن إبراهيم الغفاري -: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يتابع عليه عبد الله بن إبراهيم، وهو ضعيف"! قلت: كذا قال! وتبعه الهيثمي فقال (3/ 64) أيضاً: "وهو ضعيف"! قلت: وهو شر من ذلك بكثير؛ فقد اتهمه ابن حبان وغيره بوضع الحديث، كما تقدم مراراً تحت أحاديث كثيرة منها الحديث (92) . ونحوه شيخه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فانظر الحديث (25،333) . الحديث: 5070 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 116 5071 - (إن في النار حجراً يقال له: (ويل) ؛ يصعد عليه العرفاء وينزلون فيه) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 96 - زوائده) من طريق أسد ابن موسى: حدثنا خالد بن سليمان الزيات - رجل من أهل العراق -: حدثنا هاشم ابن موسى: حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه مرفوعاً. وقال: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن سعد". وقال الحافظ العسقلاني: الحديث: 5071 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 116 "إسناده ضعيف". قلت: وهو كما قال؛ فإن هاشم بن موسى وخالد بن سليمان؛ لم أر من ترجمهما. ولذلك؛ أشار المنذري (1/ 280) إلى تضعيف الحديث. وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 89) : "رواه أبو يعلى، وفيه جماعة لم أجد من ذكرهم"! وعزوه إياه لأبي يعلى سبق قلم، أو سهو من الناسخ؛ فليس الحديث في "مسند أبي يعلى"، ولم يعزه المنذري إلا للبزار. 5072 - (طوبى له إن لم يكن عريفاً) . ضعيف جداً أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 982) : حدثنا محمد: أخبرنا مبارك: أخبرنا عبد العزيز عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرت به جنازة، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مبارك - وهو ابن سحيم البصري مولى عبد العزيز بن صهيب -، وهو متروك بإجماعهم. والظاهر أنه التبس على المنذري بغيره، فقال (1/ 280) : "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى"! وكذا التبس أمره على الهيثمي فقال (3/ 89) : "رواه أبو يعلى عن محمد؛ ولم ينسبه فلم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! قلت: وكأنهما ظنا أنه مبارك بن حسان السلمي، أو مبارك بن فضالة مولى الحديث: 5072 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 117 زيد بن الخطاب، وكلاهما بصري من هذه الطبقة، يرويان عن الحسن البصري وغيره! وليس كذلك؛ فقد نسبه أبو يعلى في حديث قبل هذا الحديث فقال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي: أخبرنا مبارك مولى عبد العزيز بن صهيب: أخبرنا عبد العزيز: أخبرنا أنس ... ثم ساق بهذا الإسناد حديثاً ثانياً، ونسب فيه شيخه محمداً كما نسبه في الأول. ثم ساق به هذا الحديث الثالث، ولكنه لم ينسبه كما رأيت، وهو هو كما هي عادة أصحاب "المسانيد"؛ مما هو معروف عند العارفين بهذا العلم الشريف، فلا أدري كيف لم يتنبه الهيثمي لذلك، كما لم يتنبه هو والمنذري لكون المبارك في إسناد هذا الحديث هو مولى عبد العزيز الذي في الإسناد الأول! 5073 - (ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجراً من الذي يقبل من حاجة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 245) عن يوسف بن أسباط عن عائذ بن شريح عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عائذ هذا؛ قال أبو حاتم: "في حديثه ضعف". وقال ابن طاهر: "ليس بشيء". ويوسف بن أسباط؛ ضعيف أيضاً. والحديث؛ قال الهيثمي (3/ 101) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عائذ بن شريح؛ وهو ضعيف". الحديث: 5073 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 118 وذكره بنحوه من حديث ابن عمر، وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه مصعب بن سعيد، وهو ضعيف". قلت: هو أبو خيثمة المصيصي؛ قال ابن عدي: "يحدث عن الثقات بالمناكير، والضعف على رواياته بين". قلت: وساق له الذهبي أحاديث منها، ثم قال: "قلت: ما هذه إلا مناكير وبلايا". 5074 - (ما نقصت صدقة من مال قط، وما مد عبد يده بصدقة؛ إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى؛ إلا فتح الله عليه باب فقر) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 149/ 2) : حدثنا محمد بن أبان الأصبهاني: أخبرنا الحسين بن محمد بن شيبة الواسطي: أخبرنا يزيد بن هارون: أنبأنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس رفعه قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم -؛ قال الحافظ: "ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن". ومثله شريك - وهو ابن عبد الله القاضي -، قال الحافظ: "صدوق، يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً الحديث: 5074 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 119 فاضلاً عابداً شديداً على أهل البدع". فهو أو شيخه علة الحديث. وأما قول الهيثمي (3/ 110) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه من لم أعرفه"!! قلت: فلا أدري وجهه؛ فكلهم من رجال "التهذيب"؛ غير محمد بن أبان الأصبهاني؛ فلعله الذي عناه بقوله: "لم أعرفه"؛ وحق له ذلك؛ فإن ترجمته عزيزة؛ فقد ترجمه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين"، ثم أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 224) ، وهو ثقة كثير الحديث؛ مات سنة ثنتين - وقال أبو نعيم: ثلاث - وتسعين ومئتين. والحديث؛ أشار المنذري (2/ 20) إلى تضعيفه. ثم إنني إنما خرجته من أجل الجملة الوسطى منه، وإلا؛ فسائره ثابت في أحاديث صحيحة: فالجملة الأولى في حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "ما نقصت صدقة من مال ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (2328) ، و "الإرواء" (2200) . والجملة الأخيرة؛ جاءت في حديث لابن عباس، قواه المنذري في "الترغيب" (2/ 3) . وله شاهد من حديث أبي هريرة خرجته هناك برقم (2231،2543) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 120 5075 - (من صام الأيام في الحج، ولم يجد هدياً إذا استمتع؛ فهو ما بين إحرام أحدكم إلى يوم عرفة؛ فهو آخرهن) . منكر أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 194/ 2) : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدثنا أبي عن أبيه: حدثني النعمان بن المنذر قال: زعم سالم بن عبد الله عن أبيه، وزعم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أحمد هذا - وهو البتلهي الدمشقي -؛ قال الذهبي: "عن أبيه، له مناكير، قال أحمد الحاكم: فيه نظر، وحدث عنه أبو الجهم الشعراني ببواطيل"؛ ثم ساق له حديثين باطلين. قلت: وقد غمز منه ابن حبان كما يأتي قريباً. وقال أبو عوانة في "صحيحه" - بعد أن روى عنه -: "سألني أبو حاتم: ما كتبت بالشام - قدمتي الثالثة -؟ فأخبرته بكتبي مئة حديث لأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، كلها عن أبيه. فساءه ذلك؛ وقال: سمعت أن أحمد يقول: لم أسمع من أبي شيئاً. فقلت: لا يقول: حدثني أبي، وإنما يقول: عن أبيه إجازة". أقول: قد قال في هذا الحديث: "حدثني أبي"، وكذلك قال في حديثين آخرين قبله في "المعجم الكبير"؛ فهذا قد يدل على كذبه؛ لأن الإمام الطبراني حافظ ثقة، وقد صرح عنه بالتحديث، ولا ينافيه قول الإسفراييني: "إنما كان الحديث: 5075 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 121 يقول: عن أبيه إجازة"؛ فإنه يروي ما وقع له - وهو حافظ ثقة أيضاً -؛ فالظاهر أنه كان يحدث تارة هكذا، وتارة هكذا! ولعل تصريحه بالتحديث لم يكن كذباً مقصوداً منه؛ فقد قال أبو أحمد الحاكم: "الغالب علي أنني سمعت أبا الجهم - وسألته عن حال بن محمد -؛ فقال: قد كان كبر؛ فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن". أي: أنه اختلط في آخره؛ فلعله في هذه الحالة صرح بالتحديث. والله أعلم. وأبوه محمد بن يحيى بن حمزة؛ قال ابن حبان: "هو ثقة في نفسه، يتقى من حديثه ما رواه عنه أحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة وأخوه عبيد؛ فإنهما كانا يدخلان عليه كل شيء". قال الحافظ في "اللسان" عقبه: "قلت: وقد تقدم في ترجمة أحمد أن محمداً هذا كان قد اختلط"! قلت: وهذا وهم من الحافظ رحمه الله! فالذي اختلط إنما هو أحمد كما رأيت. ومثل هذا؛ قول الهيثمي في تخريجه لهذا الحديث في "المجمع" (3/ 237) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه حمزة بن واقد، ولم أجد من ترجمه"! قلت: ليس له ذكر في رواة الحديث، ولا علاقة له بهذا الحديث، وإنما هو من رواية ابنه يحيى بن حمزة: حدثني النعمان؛ فإنه من رواية أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدثني أبي (يعني: محمد بن يحيى بن حمزة) عن أبيه (يعني: يحيى بن حمزة) : حدثني النعمان بن المنذر ... الجزء: 11 ¦ الصفحة: 122 وليحيى بن حمزة حديث آخر، يرويه عن النعمان بن المنذر: عند الطبراني في "معجمه" (3/ 201/ 2) . فالحديث حديثه وليس حديث أبيه. 5076 - (أحذركم الدجالين الثلاث. فقال ابن مسعود: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قد أخبرتنا عن الدجال الأعور، وعن أكذب الكذابين؛ فمن الثالث؟ فقال: رجل يخرج في قوم؛ أولهم مثبور، وآخرهم مثبور، عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة، وهو الدجال الأليس؛ يأكل عباد الله) . منكر بمرة أخرجه الحاكم (4/ 513) عن صالح بن عمر بن شعيب قال: سمعت جدي شعيب بن عمر الأزرق قال: حججنا فمررنا بطريق المنكدر، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه، فضللنا الطريق، قال: فبينا نحن كذلك؛ إذ نحن بأعرابي كأنما نبع علينا من الأرض، فقال: يا شيخ! تدري أين أنت؟ قلت: لا. قال: أنت بالربائب، وهذا التل الأبيض الذي تراه عظام بكر بن وائل وتغلب، وهذا قبر كليب وأخيه مهلهل. قال: فدلنا على الطريق، ثم قال: ها هنا رجل له من النبي - صلى الله عليه وسلم - صحبة، هل لكم فيه؟ قال: فقلت: نعم، قال: فذهب بنا إلى شيخ معصوب الحاجبين بعصابة في قبة أدم. فقلنا له: من أنت؟ قال: أنا العداء بن خالد، فارس الصحبا (!) في الجاهلية، قال: فقلنا له: حدثنا رحمك الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث؟ قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ قام قومة له كأنه مفزع، ثم رجع؛ فقال: ... فذكره. وقال: الحديث: 5076 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 123 "قال محمد: وهو أبعد الناس من شيبة". وقال الحاكم: "رواه الإمام ابن خزيمة ولم يضعفه"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: شعيب مجهول، والحديث منكر بمرة". قلت: أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 350) ، وقال: "روى عن جدته أم صالح عن عائشة، روى عنه معلى بن أسد". وكذا في "تاريخ البخاري" (2/ 2/ 224) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: ومن العجائب أن الذهبي - مع حكمه عليه بالجهالة هنا في "التلخيص" - لم يورده في "الميزان" مطلقاً، ولم يستدركه عليه الحافظ في "اللسان"!! ومثله صالح بن عمر بن شعيب لم يورداه أيضاً، لا هما ولا اللذان قلبهما. والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 334) مع اختلاف في بعض الأحرف؛ وقال: "رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم". 5077 - (أظل الله عبداً - في ظله يوم لا ظل إلا ظله - أنظر معسراً، أو ترك لغارم) . ضعيف جداً أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 73) الحديث: 5077 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 124 عن العباس بن الفضل الأنصاري عن هشام بن زياد القرشي عن أبيه عن محجن مولى عثمان عن عثمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالعلل: الأولى: محجن مولى عثمان؛ قال الذهبي: "قال البخاري: لم يصح حديثه". وتبعه ابن عدي. قلت: وهو في عداد المجهولين، وإن أورده ابن حبان في "الثقات"، وقال: "روى عنه أهل المدينة"! فقد تعقبه الحافظ بقوله في "التعجيل" (ص 395) : "قلت: الراوي عنه ضعيف، ولم يذكروا عنه راوياً غيره". الثانية: زياد القرشي؛ قال أبو حاتم: "حديثه ليس بالمرضي". قال الحافظ في "التعجيل" (ص 141-142) : "قلت: أظنه والد أبي المقدام هشام بن زياد، وقد لينه البخاري. وقال العقيلي: ليس بالمرضي. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ابنه ضعيف". الثالثة: ابنه هشام بن زياد القرشي - وهو أبو المقدام المدني -؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك". الرابعة: العباس بن الفضل الأنصاري؛ قال الحافظ: "متروك، واتهمه أبو زرعة". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 125 قلت: ونحوه قول أحمد - فيما رواه ابنه عبد الله - قال: "لم يسمع منه أبي، ونهاني أن أكتب عن رجل عنه". قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى -: "فالعجب لعبد الله أن يخرج حديثه في "زيادات المسند" بعد نهي أبيه". قلت: لعله نسي! 5078 - (اذهب بضعفائنا ونسائنا؛ فليصلوا الصبح بمنى؛ وليرموا جمرة العقبة قبل أن يصيبهم دفعة الناس؛ قاله للعباس) . منكر أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 412) عن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفير عن عطاء قال: أخبرني ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس ليلة المزدلفة: ... فذكره. قال: فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته ابن أبي الصفير هذا، أورده ابن حبان في "المجروحين" (1/ 110) ، وقال: "تركه ابن مهدي، وضعفه ابن معين، سيىء الحفظ، رديء العزم، يقلب ما يروي". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الوهم". قلت: ومع ذلك سكت الحافظ في "الفتح" (3/ 415) على هذا الحديث مع ما فيه من الضعف الظاهر، فدل هذا وأمثاله على أنه ينبغي أن ينظر إلى ما الحديث: 5078 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 126 سكت عنه فيه بتحفظ، ولا يبادر إلى القول بتحسينه؛ كما اشتهر عنه؛ أن ما سكت عليه في "الفتح" فهو حسن؛ فتأمل! ومثل هذا الحديث في النكارة: ما رواه شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: كنت فيمن بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، فرمينا الجمرة مع الفجر. أخرجه الطحاوي أيضاً. قلت: وشعبة هذا؛ قال فيه الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". وقال ابن حبان (1/ 357) : "يروي عن ابن عباس ما لا أصل له، كأنه ابن عباس آخر، قال مالك: لم يكن بثقة". قلت: ومما يدل على نكارة هذين الحديثين: أن المحفوظ عن ابن عباس من طرق عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لغلمان عبد المطلب: "لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس". وهو حديث صحيح، وقد حسنه الحافظ، وقد خرجته في "الإرواء" (1076) . على أن حديث الترجمة ليس صريحاً في الرمي قبل طلوع الشمس كما هو ظاهر، وبنحوه أجاب عنه الطحاوي فراجعه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 127 5079 - (من كذب على والديه أو علي؛ لم يرح رائحة الجنة) . منكر أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 314) عن إسماعيل بن عياش: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محيريز عن أبيه عن أوس بن أوس رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أورده في ترجمة عبد الرحمن هذا - وهو الجمحي القرشي -؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ويظهر أنه مجهول؛ فإن أباه عبد الله ابن محيريز - مع ثقته وفضله - لم يذكروا ابنه هذا في الرواة عنه! وهو مكي نزل الشام وسكن بيت المقدس؛ ولا وجدت أحداً غير البخاري ذكر عبد الرحمن هذا. وإسماعيل بن عياش ثقة في الشاميين، ولعل روايته لهذا الحديث من هذا القبيل. والله أعلم. والحديث؛ أخرجه ابن عساكر أيضاً في "تاريخ دمشق" (10/ 15/ 2) من الوجه المذكور بلفظ: " ... على نبيه أو على عينيه أو على والديه ... " والباقي مثله. الحديث: 5079 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 128 5080 - (من كذب علي؛ وقي الشفاعة) . منكر أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 371) من طريق معرف ابن واصل: حدثنا يعقوب بن أبي سارة عن عبد الرحمن عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أورده في ترجمة عبد الرحمن هذا، ولم ينسبه؛ مما يشعر أنه مجهول. وفي "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 305-306) رواة آخرون بهذا الاسم؛ لم الحديث: 5080 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 128 ينسبوا، رووا كلهم عن أنس فيهم موثق. ويعقوب بن أبي سارة لم أعرفه. وفي شيوخ معرف بن واصل من "التهذيب" (10/ 229) : يعقوب بن أبي نباتة، ولم أعرفه أيضاً. 5081 - (أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً، لم يعطهن نبي قبلي: أما واحدة؛ فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان؛ نظر الله إليهم، ومن نظر الله إليه؛ لم يعذبه أبداً. وأما الثانية؛ فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك. وأما الثالثة؛ فإن الملائكة تستغفر لهم في ليلهم ونهارهم. وأما الرابعة؛ فإن الله يأمر جنته: أن استعدي وتزيني لعبادي، فيوشك أن يذهب عنهم نصب الدنيا وأذاها، ويصيرون إلى رحمتي وكرامتي. وأما الخامسة؛ فإذا كان آخر ليلة؛ غفر الله لهم جميعاً. فقال قائل: هي ليلة القدر يا رسول الله؟ قال: لا، ألم تر إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم؟!) . ضعيف أخرجه الحسن بن سفيان في "الأربعين" (ق 70/ 1) ، وكذا عبد الخالق الشحامي في "أربعينه" (ق 31/ 2) ، وابن عساكر في "فضل الحديث: 5081 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 129 رمضان" (ق 3/ 1) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 65/ 1) عن الهيثم بن أبي الحواري عن زيد العمي عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زيد العمي - وهو ابن الحواري أبو الحواري، العمي - ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه ضعيف، على أن شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه". واتهمه ابن حبان، فقال: "يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصول لها، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى يمرض القول فيه، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره، ولا أكتبه إلا للاعتبار". قلت: والهيثم بن أبي الحواري؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي. والحديث؛ قال المنذري (2/ 65-66) : "رواه البيهقي، وإسناده مقارب، أصلح مما قبله"! قلت: ويشير إلى ما ذكره من رواية أحمد، والبزار، والبيهقي، وأبي الشيخ في "كتاب الثواب" عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه؛ ولم يذكر الخصلة الأولى، وذكر بديلها: "وتصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره". قلت: وأشار المنذري إلى تضعيفه بتصديره إياه بقوله: "روي". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 130 وعلته: أنه من رواية هشام بن أبي هشام عن محمد بن الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. هكذا أخرجه أحمد (2/ 292) ، والبزار (963 - كشف) ، وكذا ابن نصر في "قيام الليل" (ص 187 - هند - المكتبة الأثرية) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 142) ، والباطرقاني في "أماليه" (رقم 8 - نسختي) ، وأبو نعيم في "حديث محمد بن يونس الكديمي" (ق 27/ 1) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (4/ 176) ، والدينوري كما في "المنتقى من المجالسة" (ق 260/ 1-2) ، وابن عساكر في "فضل رمضان" (ق 3/ 1) ، وأبو اليمن ابن عساكر في "أحاديث رمضان" (ق 37/ 1) . وكتب الحافظ محمد بن عبد الله بن المحب على هامش "فضل رمضان": "هو في تاسع "أمالي زرقويه"، والثالث من "مسند الحارث بن أبي أسامة" ... ". قلت: هو في "زوائده" (ق 40/ 1) . وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته هشام هذا - وهو ابن زياد بن أبي يزيد القرشي أبو المقدام - ضعفوه، واتهمه ابن حبان، وقال الحافظ: "متروك". ومحمد بن الأسود: هو محمد بن محمد بن الأسود؛ كذلك وقع عند بعض مخرجي الحديث، وهو من بني زهرة، وأمه من ولد سعد، قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 87) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 131 "روى عن خاله عامر بن سعد، روى عنه عبد الله بن عون". قلت: فهو عندي مجهول. وقال الحافظ: "مستور". 5082 - (أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما مر بالمؤمنين شهر خير لهم منه، ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله عز وجل ليكتب أجره ونوافله من قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذلك أن المؤمن يعد فيه القوة للعبادة من النفقة، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، يغتنمه الفاجر) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1884) ، وأحمد (2/ 330،374،524) ، عن كثير بن زيد: حدثني عمرو بن تميم عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال ابن خزيمة: "عمرو بن تميم؛ هذا يقال له: مولى بني رمانة، مدني"! قلت: كذا وقع: "رمانة" بالراء المهملة. وفي "تاريخ البخاري" (3/ 2/ 318) : "زمانة"، وكذا في "التعجيل" (ص 305) نقلاً عن البخاري. وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 222) : "مولى بني مازن". ولعل الصواب ما في "التاريخ"؛ وإليه جنح الحافظ. ثم إن الرجل مجهول، ونقل الذهبي عن البخاري أنه قال: الحديث: 5082 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 132 "في حديثه نظر". وفي نقل "التعجيل" عنه: "فيه نظر". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وأما أبوه تميم؛ فلم أجد له ترجمة. نعم؛ في "التعجيل": "تميم بن يزيد مولى بني زمعة عن رجل، له صحبة. وعنه عثمان بن حكيم. مجهول. قلت: أخرج له ابن خزيمة في "صحيحه" حديثاً في فضل رمضان ... ". قلت: تميم بن يزيد؛ أورده البخاري، ثم ابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأستبعد أن يكون هو والد عمرو هذا؛ لأنهما قد ترجما لعمرو، فلو كان هو؛ لذكرا أنه روى عنه ابنه عمرو أيضاً. والله أعلم. وفي "اللسان": "تميم بن عويم الهذلي. روى محمد بن سليمان بن مشمول عن عمرو بن تميم ابن عويم عن أبيه عن جده ... (فذكر حديثاً) قال شيخ شيخنا العلائي: لا أعرف عمراً ولا تميماً ... ومحمد بن سليمان ضعفوه. انتهى. وفي الرواة: عمرو بن تميم مدني؛ روى عن أبيه عن أبي هريرة. روى عنه كثير ابن زيد؛ فإن يكن هو؛ فقد ارتفعت جهالة عينه". والحديث؛ أورده الهيثمي (3/ 140-141) باختصار من أوله، ثم قال: "رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط" عن تميم مولى ابن (كذا) رمانة، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 133 ولم أجد من ترجمه"! 5083 - (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . شاذ بزيادة: "وما تأخر" أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 73/ 2 - مخطوطة الظاهرية) : أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن يزيد هذا - وهو القرشي العدوي مولى آل عمر بن أبي عبد الرحمن المقرىء المكي -، وهو ثقة بلا خلاف نعلمه؛ وإنما حكمت على هذه الزيادة بالشذوذ للأسباب الآتية: أولاً: مخالفة ابن يزيد لكل من روى الحديث من الثقات الحفاظ المشهورين عن سفيان - وهو ابن عيينة -؛ فإن أحداً منهم لم يأت بها عنه، وهم جمع: 1- الإمام أحمد؛ فإنه في "المسند" (2/ 341) : حدثنا سفيان عن الزهري به دون الزيادة. وقال: سمعته أربع مرات من سفيان، وقال مرة: "من صام رمضان". قلت: يعني: مكان: "من قام رمضان"؛ وهي رواية كثيرين ممن يأتي ذكره. 2- الإمام الشافعي؛ قال (رقم 664 - ترتيبه) : حدثنا سفيان بن عيينة به دون الشطر الثاني. ومن طريق الشافعي: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 121) . الحديث: 5083 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 134 3- الإمام الحميدي؛ فقال في "مسنده" (950،1007) : حدثنا سفيان به. 4- علي بن المديني؛ فقال البخاري (1/ 500) : حدثني علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حفظناه - وأيما حفظ - من الزهري به. 5-6- مخلد بن خالد، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف؛ أخرجه عنهما أبو داود؛ فقال (1372) : حدثنا مخلد بن خالد وابن أبي خلف قالا: حدثنا سفيان به. 7- عمرو بن علي الفلاس الحافظ؛ فقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1894) : حدثنا عمرو بن علي: أخبرنا سفيان به دون الشطر الثاني. لكنه أخرج هذا القدر بالإسناد نفسه في مكان آخر برقم (2202) . 8- إسحاق بن راهويه الإمام؛ قال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 181 - الأثرية) : حدثنا إسحاق: أخبرنا سفيان به دون الشطر الأول. وقد أخرجه بتمامه من طريق يحيى عن أبي سلمة؛ كما يأتي. وأخرجه النسائي في "الصغرى" (1/ 308) و "الكبرى" (ق 73/ 2) عن إسحاق أيضاً بالشطر الأول دون الثاني. 9- قتيبة بن سعيد؛ فقال النسائي في "الكبرى": أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال: "من صام ومضان ... "، وهكذا هو في "الصغرى"؛ لكن ليس فيه الشطر الثاني، وقال فيه: أخبرنا قتيبة ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال: "من صام رمضان - وفي حديث قتيبة: من قام شهر رمضان - ... " والباقي مثله سواء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 135 وإني لألاحظ فرقاً واختلافاً بيناً بين رواية قتيبة في "الكبرى" و "الصغرى" وبين روايته في "الصغرى" المقرونة مع رواية ابن يزيد؛ ففي هذه التصريح بأن لفظ حديث قتيبة: "من قام شهر رمضان"، وفي تلك أنه قال: "من صام رمضان"! والصواب عندي من هذا الاختلاف هو أن لفظ قتيبة: "من صام ... " لاتفاق "الصغرى" و "الكبرى" عليه من جهة، ولأن رواية ابن يزيد قد أفردها في "الكبرى"، وهي بلفظ: "من قام ... " من جهة أخرى، وهو لفظ حديث الترجمة، وإنما سبب هذا الوهم أنه جمع رواية ابن قتيبة وابن يزيد في "الصغرى" في سياق واحد، وأراد أن يبين الفرق بين لفظيهما؛ وهم، فأعطى لفظ هذا لهذا، وبالعكس. لكن؛ يشكل على هذا: أن ابن الجارود أخرجه أيضاً في "المنتقى" (404) عن ابن يزيد المقرىء بلفظ قتيبة بن سعيد فقال: حدثنا ابن المقرىء قال: حدثنا سفيان بلفظ: "من صام رمضان ... " الحديث بتمامه! فلعل ابن يزيد لم يضبط هذا اللفظ، فكان يرويه تارة هكذا، وتارة هكذا، أو أن كلاً من اللفظين صحيح، فكان يروي هذا تارة، وهذا تارة. والله أعلم. وهنا مشكلة أخرى، وهي أن الحافظ المنذري قال في "الترغيب" (2/ 64) - بعد أن عزا الحديث للشيخين وغيرهما، ومنهم النسائي - قال: "قال النسائي: وفي حديث قتيبة: "وما تأخر" ... "! فأقول: ليست هذه الزيادة في "صغرى النسائي" مطلقاً، لا عن قتيبة ولا عن غيره! نعم؛ هي في "كبراه"، مضروباً عليها في حديث قتيبة، ومثبتة في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 136 رواية ابن يزيد المقرىء كما تراه في حديث الترجمة؛ ولكن فيها فوقها إشارة التضبيب (صـ) ؛ وهي تعني - في الاصطلاح - أن الكلمة ثابتة في رواية الكتاب، وأن فيها شيئاً من الفساد لفظاً أو معنى. قال السيوطي في "التدريب" (ص 299) : "فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل، وأن الرواية ثابتة به؛ لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح". والذي يظهر لي: أن المقصود بها هنا الإشارة إلى شذوذ هذه الزيادة؛ لعدم ورودها في رواية أولئك الحفاظ الذين ذكرناهم، وقد يتيسر لنا الوقوف على غيرهم فيما بعد. ولا فرق عندي في ذلك بين أن تكون الزيادة من قتيبة بن سعيد كما ذكر المنذري وغيره كما يأتي، أو من محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء؛ فإن الخطأ ليس لازماً لأحدهما دون الآخر، أو دون غيرهما؛ فقد قال المنذري بعد كلامه السابق: "انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان، وهو ثقة ثبت، وإسناده على شرط (الصحيح) "! وقد أشار الحافظ إلى الرد عليه في دعواه التفرد؛ فقال - بعد أن ذكر الزيادة من رواية النسائي عن قتيبة - (4/ 99) : "وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان. أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" واستنكره؛ وليس بمنكر؛ فقد تابعه قتيبة كما ترى، وهشام بن عمار؛ وهو في الجزء الثاني عشر من "فوائده"، والحسين بن الحسن المروزي؛ أخرجه في "كتاب الجزء: 11 ¦ الصفحة: 137 الصيام" له، ويوسف بن يعقوب النجاحي؛ أخرجه أبو بكر بن المقرىء في "فوائده"؛ كلهم عن سفيان. والمشهور عن الزهري بدونها". قلت: الذين لم يذكروها عن سفيان أكثر عدداً، وأقوى ضبطاً وحفظاً، فلا جرم أن أعرض عن إخراجها الشيخان وغيرهما ممن ألف في "الصحيح"؛ فهذا وحده يكفي لعدم اطمئنان النفس لثبوتها عن سفيان؛ فضلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا انضم إلى ذلك الأسباب الآتية: ثانياً: لقد تابع سفيان في الشطر الأول جماعة من الثقات الحفاظ في روايته عن الزهري، فلم يأت أحد منهم عنه بهذه الزيادة، وإليك ذكر من وقفنا عليه منهم: 1- مالك عن ابن شهاب به دون الزيادة. أخرجه في "الموطأ" (1/ 113/ 2) ، وعنه أبو داود (1371) ، والنسائي في "الصغرى" (1/ 308) ، و"الكبرى" (ق 73/ 2) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (4/ 258/ 7719) . 2- معمر بن راشد الأزدي عن الزهري به دونها. أخرجه عبد الرزاق (7719) ، وعنه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "كتابيه"، وكذا أبو داود (1371) ، والترمذي (1/ 154) - وقال: "حسن صحيح" -، وأحمد (2/ 281) ؛ كلهم عن عبد الرزاق. وتابعه عبد الأعلى عند أحمد. 3- عقيل بن خالد الأيلي عن ابن شهاب به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 138 أخرجه البخاري (1/ 499 - أوربا) . 4- يونس الأيلي عن ابن شهاب به. أخرجه النسائي في "كتابيه". 5- صالح بن كيسان عن ابن شهاب به. أخرجه أيضاً في "كتابيه". 6- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به. أخرجه أيضاً فيهما. 7- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن ابن شهاب به. أخرجه الإمام أحمد (2/ 289) . 8- سليمان بن كثير عن الزهري به. علقه البخاري، ووصله الذهلي في "الزهريات". 9- الأوزاعي عن الزهري به. أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 74/ 1) . قلت: فهؤلاء تسعة من الثقات الحفاظ لم يأت أحد منهم بتلك الزيادة، فدل على شذوذ من خالفهم بذكرها، وقد وافقهم سفيان بن عيينة في رواية الثمانية الأولين من الثقات الحفاظ، فالأخذ بروايته الموافقة لهؤلاء التسعة أولى من الأخذ برواية من شذ عنهم. ويزداد هذا الترجيح قوة بالسبب الآتي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 139 ثالثاً: لقد تابع الزهري عن أبي سلمة ثلاثة من الثقات، كلهم لم يذكروا الزيادة - إلا أحدهم فقد اختلف عليه فيها، والمحفوظ عنه عدم ذكرها - وهم: 1- يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة به. أخرجه البخاري (1/ 17،474) ، ومسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى" (73/ 1،74/ 1) ، والدارمي (2/ 26) ، والطيالسي (2360) ، وأحمد (2/ 408،423) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 152) والبيهقي (4/ 306) . 2- يحيى بن سعيد عن أبي سلمة به. أخرجه النسائي (1/ 308) ، وابن ماجه (1641) ، وأحمد (2/ 232،473) . 3- محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة به. أخرجه ابن ماجه (1326) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 121) ، وأحمد (2/ 503) من طرق عنه. وخالفهم حماد بن سلمة فقال: أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قال حماد وثابت عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: ... فذكر الشطر الأول منه بلفظ: "من صام.."، وزاد: ".. وما تأخر"! أخرجه أحمد (2/ 385) . قلت: وهذه زيادة شاذة بل منكرة؛ لمخالفة حماد لرواية الجماعة عن محمد بن عمرو، ولكل من روى الحديث في كل الطبقات مما سبق ويأتي، لا سيما وحماد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 140 ابن سلمة فيه كلام في روايته عن غير ثابت. وروايته عنه هنا مرسلة؛ لأنه رواها عن الحسن - وهو البصري -؛ فلا تقوم بها حجة؛ لاسيما مع المخالفة. قلت: فلحماد بن سلمة فيه إسنادان: أ- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. ب- عن ثابت عن الحسن مرسلاً. وهكذا ذكره في "الفتح" (4/ 218) . هذه هي الحقيقة؛ خلافاً لقول المنذري - عقب كلامه السابق -: "ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن؛ إلا أن حماداً شك في وصله أو إرساله"! قلت: فلم يشك حماد، وإنما انتقل من إسناد موصول إلى إسناد آخر مرسل. أقول هذا بياناً للحقيقة، وإن كان لا حجة في شيء من ذلك؛ لما ذكرته قريباً. ومنه؛ تعلم أن تحسين المنذري لإسناده - وإن تبعه عليه الحافظ العراقي في "التقريب - بشرحه طرح التثريب" (4/ 160) ، وسكت عليه الحافظ في "الفتح" -؛ كل ذلك ليس بحسن؛ لأنهم نظروا إلى الإسناد نظرة مجردة عن النظر في الأسانيد الأخرى التي بها يمكن الكشف عن العلل؛ لا سيما ما كان منها خفياً، كما فعلنا هنا. والله الموفق. رابعاً: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قد تابعه جماعة أيضاً على روايته عن أبي هريرة بدون الزيادة؛ وهم: 1- حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... بالشطر الأول منه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 141 أخرجه البخاري (1/ 17،499) ، ومسلم (2/ 176) ، والنسائي في "كتابيه"، وابن خزيمة في "صحيحه" (2203) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (7720) ، وابن نصر (ص 151) ، وأحمد (2/ 486) ؛ كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنه. 2- الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه بالشطر الثاني دون الزيادة. أخرجه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى"، والبيهقي (4/ 307) - وعزاه للبخاري أيضاً! ولم أره فيه، ولا عزاه إليه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 161) ، ومن قبله المنذري في "الترغيب" (2/ 72) -. 3- إسحاق بن عبد الله مولى زائدة قال: لقي أبو هريرة كعب الأحبار فقال: كيف تجدون رمضان في كتاب الله؟ قال كعب: بل كيف سمعت صاحبك يقول فيه؟ قال: سمعته يقول فيه: ... فذكر الشطر الأول منه دون الزيادة. أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 120-121) ، وإسناده حسن. خامساً: أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه جمع من الصحابة بدون الزيادة أيضاً، وهم: 1- عائشة رضي الله عنها مرفوعاً بالشطرين. أخرجه النسائي في "كتابيه" من طريقين عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته بالشطر الأول، ومن أحدهما بالشطر الآخر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 142 وإسناده صحيح. 2- عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً بهما نحوه. أخرجه النسائي، وابن نصر (ص 151) ، وابن ماجه (1328) ، والطيالسي (224) ، وأحمد (1/ 191،194-195) من طريق النضر بن شيبان قال: لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن فقلت: حدثني بحديث سمعته من أبيك يذكره في شهر رمضان. قال: نعم: حدثني أبي ... وقال النسائي: "هذا خطأ، والصواب: أبو سلمة عن أبي هريرة". قلت: ورجاله ثقات؛ غير النضر هذا؛ فإنه لين الحديث، وقد صرح بسماع أبي سلمة من أبيه، وذلك مما اتفقوا - أو كادوا - على نفيه؛ فقال أحمد وابن المديني وجماعة: "حديثه عن أبيه مرسل". قلت: وقد خالفه يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة عن عبد الرحمن بن عوف به. أخرجه الطحاوي؛ وقال: "هكذا روى هذا الحديث: مالك بن أنس ويونس عن الزهري، وأما ابن عيينة فرواه عن الزهري بخلاف ذلك". ثم ساقه من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، كما تقدم من طرق كثيرة؛ منها: مالك ويونس. فالظاهر أنه روي عن مالك كرواية يونس هذه، وأنا لا أستبعد أن تكون هاتان الجزء: 11 ¦ الصفحة: 143 الروايتان ثابتتين عن الزهري، فقد لاحظت - فيما تقدم - أن له أسانيد عدة في هذا الحديث؛ ألخصها لك الآن: أ- عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ب- عن حميد بن عبد الرحمن عنه. ج- عن عروة عن عائشة. د- عن أبي سلمة أيضاً عن أبيه عبد الرحمن بن عوف. مثل هذه الأسانيد في الحديث الواحد للزهري تحتمل منه؛ نظراً لحفظه وإتقانه، إذا كان الراوي عنه ثقة حافظاً. 3- أبو سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "من صام رمضان، وعرف حدوده، وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ؛ كفر ما قبله". أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (879 - موارد) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 304) ، وأحمد (3/ 55) ، وأبو يعلى (1058) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 392) من طريق عبد الله بن قريط عن عطاء بن يسار عنه. وابن قريط هذا؛ فيه جهالة؛ كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 65) . وسائر رجاله ثقات. 4- عبادة بن الصامت مرفوعاً بالشطر الثاني دون الزيادة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 144 أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 182) : حدثنا إسحاق: أخبرنا بقية ابن الوليد: حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وإسحاق: هو ابن راهويه الإمام. لكن خالفه من هو مثله في الحفظ والضبط، فقال أحمد (5/ 324) : حدثنا حيوة بن شريح: حدثنا بقية ... به، فزاد في آخره: "وما تأخر". وقال ابن كثير في "التفسير" (4/ 531) : "إسناده حسن"! قلت: كلا؛ فإنه منقطع؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "لم يصح سماع خالد من عبادة بن الصامت". ولعل الإمام أحمد رحمه الله قد أشار إلى هذا؛ بإيراده الحديث عقب حديث آخر من طريق حيوة بن شريح وغيره بسنده المذكور، لكنه قال: عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت؛ فبين خالد وعبادة شخصان! وللحديث طريق أخرى، وقد وقع فيها من الاختلاف ما وقع في الأولى، فأخرجه أحمد (5/ 324) من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن عمر بن عبد الرحمن عن عبادة بن الصامت به دون الزيادة. ثم أخرجه (5/ 318) من طريق سعيد بن سلمة - يعني: ابن أبي الحسام - و (5/ 321) من طريق زهير بن محمد؛ كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل بها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 145 وابن سلمة وزهير - وإن كان فيهما كلام -؛ فإن مما لا شك فيه أن أحدهما يشد من عضد الآخر؛ فالنفس تطمئن للأخذ بما زادا على عبيد الله بن عمرو - وهو الرقي الثقة -. ولكن ابن عقيل نفسه فيه ضعف من قبل حفظه، فالظاهر أن هذا الاختلاف منه، فهو الذي كان يذكر هذه الزيادة تارة، ولا يذكرها أخرى، وكل من أولئك الثلاثة حدث بما سمع منه، وفي هذه الحالة لا يحتج به؛ لاضطرابه في هذه الزيادة، ولمخالفته بها جميع روايات الحديث المحفوظة على ما سبق بيانه مفصلاً. على أن شيخه عمر بن عبد الرحمن غير معروف؛ فقد أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 171) ، وابن أبي حاتم (3/ 1/ 120) برواية ابن عقيل هذه عنه عن عبادة؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وجملة القول: أن حديث عبادة هذا ليس له إسناد ثابت، فالأول منقطع، والآخر فيه ذاك المجهول. وقد غفل عن هذه الحقيقة الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 163) ؛ حين وقف عند ابن عقيل قائلاً: "وحديثه حسن"! دون أن ينظر إلى ما بيناه من الانقطاع والجهالة. ومثل ذلك صنيع الهيثمي (3/ 185) ، ونحوه قول الحافظ ابن حجر (4/ 99) : "حديث عبادة عند الإمام أحمد من وجهين، وإسناده حسن"! ومثل هذه الأقوال من هؤلاء الأئمة كان حملني برهة من الزمن على تحسين هذه الزيادة في حديث عبادة، وتصحيحها في حديث أبي هريرة، ورمزت بذلك لها على نسختي من "الترغيب" التي كنت أدرس منها على الإخوان ما كان من الأحاديث الثابتة، والآن - وقد يسر الله لي جمع طرق الحديث وسردها على وجه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 146 يكشف لكل طالب علم بصير أن الزيادة المذكورة لا تصح بوجه من الوجوه -؛ فقد رجعت عن الرمز المذكور إلى التضعيف. والله ولي التوفيق، هو حسبي، عليه توكلت، وإليه أنيب! 5084 - (من زوج كريمته من فاسق؛ فقد قطع رحمها) . موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 260) من طريق الحسن بن محمد البلخي عن حميد عن أنس مرفوعاً. وقالا: "حديث باطل، وإنما هو من كلام الشعبي، والبلخي يروي عن الثقات الأشياء الموضوعة والأحاديث المقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه بحال". وكذا قال الذهبي، وتبعه السيوطي في "اللآلي" (2/ 163) . وقد مضى له حديث آخر برقم (830) ، ويأتي له ثالث بعده. الحديث: 5084 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 147 5085 - (إذا حملت المرأة؛ فلها أجر الصائم القائم القانت المخبت المجاهد في سبيل الله عز وجل، فإذا ضربها الطلق؛ فلا يدري أحد من الخلائق ما لها من الأجر، فإذا وضعت؛ فلها بكل وضعة عتق نسمة) . موضوع أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 274) من طريق ابن عدي، وهذا في "كامله" (ق 90/ 1) ؛ كلاهما عن الحسن بن محمد البلخي: حدثنا عوف الأعرابي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن حبان: الحديث: 5085 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 147 "هذا الحديث لا أصل له"؛ واتهم به البلخي هذا وسبق كلامه فيه آنفاً. وقال ابن عدي: "هذا منكر، والحسن ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات". ولم يتكلم السيوطي في "اللآلي" (2/ 175) على الحديث بشيء، فلا أدري؛ أسقط كلامه عليه من الناسخ، أم أنه أقر ابن الجوزي على وضعه؟ والأول هو الأقرب عندي. والله أعلم. 5086 - (كان يصوم شعبان كله. قالت عائشة: يا رسول الله! أحب الشهور إليك أن تصوم شعبان؟ قال: إن الله يكتب على كل نفس منيته تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم) . منكر أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1201) : حدثنا سويد بن سعيد: أخبرنا مسلم بن خالد بن طريف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عائشة حدثتهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: مسلم بن خالد - وهو الزنجي -؛ كما جزم به الهيثمي (3/ 192) ، وقال: "وفيه كلام، وقد وثق". قلت: ساق له الذهبي أحاديث أنكرت عليه في "الميزان"، وختم ترجمته الحديث: 5086 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 148 بقوله: "فهذه الأحاديث وأمثالها يرد بها قوة الرجل ويضعف". فلا جرم قال فيه الإمام البخاري في "تاريخه" (4/ 1/ 260) : "منكر الحديث". والأخرى: سويد بن سعيد؛ قال الحافظ: "صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". ومع هذا كله؛ حسن إسناده المنذري، فقال (2/ 79) : "رواه أبو يعلى، وهو غريب، وإسناده حسن"! وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (4/ 187) ! (تنبيه) : "ابن طريف"، هكذا وقع في "المسند"! وفي "تهذيب التهذيب": "مسلم بن خالد بن فروة، ويقال: ابن المخزومي " كذا في الأصل بياض قدر كلمة، فلعل الأصل: "طريف". لكن قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 183) : "وهو ابن خالد بن سعيد بن جرجة ... "! فالله أعلم. وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى، ولكنها لا تساوي شيئاً؛ يرويه إسماعيل ابن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 149 أخرجه المحاملي في "الثاني من الأمالي" (ق 201/ 2) . وإسماعيل هذا ضعيف جداً؛ قال البخاري وأبو حاتم والدارقطني: "منكر الحديث". لكن الجملة الأولى من حديث الترجمة صحيحة من حديث يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن: حدثتني عائشة قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من أشهر السنة أكثر من صيامه من شعبان، كان يصومه كله. أخرجه ابن خزيمة (2078) ، وأحمد (6/ 84،128،189،233،249) من طرق عن يحيى به. وأخرجه البخاري (3/ 186 - فتح) ؛ لكن دون قوله: كان يصومه كله. وكذا رواه مسلم (3/ 161) . قلت: وهي زيادة محفوظة عن يحيى. وقد تابعه محمد بن عمرو: حدثنا أبو سلمة به بلفظ: كان يصوم شعبان إلا قليلاً، بل كان يصومه كله. أخرجه أحمد (6/ 143،165) . ويشهد لها رواية عبد الله بن أبي قيس أنه سمع عائشة تقول: كان أحب الشهور إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصومه: شعبان، ثم يصله برمضان. أخرجه ابن خزيمة (2077) ، وأحمد (6/ 188) ، وغيرهما بإسناد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 150 صحيح. (تنبيه) : عزا الزيادة المذكورة: المنذري في "الترغيب" (2/ 80) لرواية البخاري ومسلم! وذلك من أوهامه رحمه الله. ويقابله أن الحافظ لما ذكرها في "الفتح"؛ لم يخرجها مطلقاً! وتبعه على ذلك البدر العيني في "عمدة القاري" (5/ 311) ! 5087 - (من قال: الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته، والحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته، والحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه، والحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته؛ فقالها يطلب بها ما عنده؛ كتب الله له بها ألف حسنة، ورفع له بها ألف درجة، ووكل به سبعين ألف ملك، يستغفرون له إلى يوم القيامة) . منكر أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 206/ 1) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك قال: سمعت مجاهداً يقول: سمعت ابن عمر يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: أيوب بن نهيك؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 259) : "سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث. وسمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عنه؛ ولم يقرأ علينا حديثه، وقال: هو منكر الحديث". وقال الأزدي: "متروك". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"؛ ولكنه قال: الحديث: 5087 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 151 "يخطىء"! قال الحافظ في "اللسان": "ومن مناكيره عن مجاهد ... " فساق هذا الحديث من رواية ابن عساكر في "تاريخه"! وفاته أنه في "المعجم"، ثم قال: "ويحيى ضعيف؛ لكنه لا يحتمل هذا". قلت: يشير إلى أن ابن نهيك أشد ضعفاً من يحيى البابلتي؛ وهذا من رجال "التهذيب"؛ وجزم الحافظ بضعفه في "التقريب". وأما الذهبي فقال في "المغني": "تركوه". وهو العلة الثانية. 5088 - (من صام يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة، ثم تصدق يوم الجمعة بما قل من ماله أو كثر؛ غفر له كل ذنب عمله، حتى يصير كيوم ولدته أمه من الخطايا) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 197/ 1) : حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني: أخبرنا يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك قال: سمعت محمد بن قيس المدني أبا حازم يقول: سمعت ابن عمر يقول: ... فذكره مرفوعاً. وأخرجه الحافظ عبد الغني المقدسي في جزء له عنوانه "الجزء الثالث والسبعون" (ق 1/ 2 - بخطه) من طريق أخرى عن أبي شعيب عبد الله بن الحسن الحراني به؛ إلا أنه قال: ... سمعت محمد بن قيس المدني: حدثنا أبو حازم الحديث: 5088 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 152 قال: سمعت ابن عمر ... قلت: فهذا خلاف ما في "الطبراني"، وليس هو خطأ من الناسخ، بل هكذا الرواية عنده، وقد أشار إلى ذلك الناسخ بكتبه لفظة: "صح" بين: "المدني" و: "أبا حازم". ويؤكده أن الطبراني ساق عقبه ثلاثة أحاديث أخرى بإسناده المذكور بلفظ: ... سمعت محمد بن قيس المدني يقول: سمعت ابن عمر يقول ... فأسقط منه: "أبا حازم". ولم نجد في الرواة من يسمى محمد بن قيس المدني أبا حازم، سمع ابن عمر! ولذلك؛ قال الهيثمي (3/ 199) : "رواه الطبراني، وفيه محمد بن قيس المدني أبو حازم؛ ولم أجد من ترجمه"! قلت: وأنا أظن أن الصواب رواية المقدسي: سمعت محمد بن قيس المدني: حدثنا أبو حازم قال: سمعت ابن عمر ... فإن محمد بن قيس المدني معروف من أتباع التابعين، وهو قاص عمر بن عبد العزيز؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وأبو حازم - من هذه الطبقة - جماعة، والذي يروي منهم عن ابن عمر - سماعاً -: سلمان الأشجعي الكوفي، وهو ثقة من رجال الشيخين. وقد يتبادر إلى الذهن أنه سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج المدني القاص؛ مولى الأسود بن سفيان المخزومي، وله رواية عن ابن عمر! ولكنهم صرحوا أنه لم يسمع منه، وهنا قد صرح بالسماع منه، فليس به. فإن قيل: فهذا الاختلاف بين رواية الطبراني ورواية المقدسي في تابعي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 153 الحديث؛ ممن هو؟ قلت: لا يتعدى ذلك أيوب بن نهيك أو البابلتي. لكن من المحتمل أن يكون من أبي شعيب الحراني؛ فإنه - مع كونه ثقة، وله ترجمة حسنة في "تاريخ بغداد" (9/ 435) -؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"؛ وقال: "يخطىء ويهم". قلت: فمن المحتمل أن يكون هو الذي اضطرب في إسناده، فرواه مرة هكذا، ومرة هكذا. والله أعلم. وجملة القول: أن آفة هذا الحديث؛ إنما هو أيوب بن نهيك، وقد عرفت حاله من الحديث الذي قبله. ثم رأيت الحديث قد روي عنه على وجه آخر من طريق عبد الله بن واقد قال: حدثني أيوب بن نهيك - مولى سعد بن أبي وقاص - عن عطاء عن ابن عمر به. أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 295) وقال: "عبد الله بن واقد غير قوي، وثقه بعض الحفاظ، وضعفه بعضهم. ورواه يحيى البابلتي عن أيوب بن نهيك عن محمد بن قيس عن أبي حازم عن ابن عمر. والبابلتي ضعيف. وروي في صوم الأربعاء والخميس والجمعة من أوجه أخر أضعف من هذا عن أنس". قلت: حديث أنس سيأتي - بإذن الله تعالى - برقم (5193،5194) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 154 5089 - (من مثل بذي روح ثم لم يتب؛ مثل الله به يوم القيامة) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 92،115) من ثلاث طرق عن شريك عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن (وفي الطريقين: أراه) ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير شريك بن عبد الله القاضي؛ فإنه وإن كان من رجال مسلم؛ فإنه لم يحتج به، وإنما روى له متابعة؛ كما نص عليه الحافظ الذهبي في آخر ترجمته من "الميزان"، ومن قبله الحافظ المنذري في آخر كتابه "الترغيب" وحكى اختلاف العلماء فيه. ولخص أقوالهم الحافظ ابن حجر في "التقريب"، فقال: "صدوق يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة". ومن ذلك؛ تعلم تساهل المنذري - في تخريجه الحديث - بقوله (2/ 6) : "رواه أحمد؛ ورواته ثقات مشهورون"! ونحوه قول الهيثمي (3/ 32) - وتبعه الشيخ الساعاتي في "الفتح الرباني" (16/ 29) -: "رواه أحمد، ورجاله ثقات"! والمحفوظ عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "لعن الله من مثل بالحيوان". أخرجه الشيخان، وأحمد (2/ 13،43،60،86،103،141) ، وغيرهم. الحديث: 5089 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 155 5090 - (العمرتان تكفران ما بينهما، والحج المبرور ليس له ثواب - أو قال: جزاء - إلا الجنة، وما سبح الحاج من تسبيحة، ولا هلل من تهليلة، ولا كبر من تكبيرة؛ إلا بشر بها تبشيرة) . منكر بالشطر الثاني أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 134/ 1) عن أبي مروان عبد الملك بن محمد القاضي: أخبرنا عبد الله بن زيدان البلجي: أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا سليمان بن حرب: أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عبيد الله بن عمر - قال: ثم لقيت عبيد الله بن عمر فحدثني - عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله من الحسن بن علي - وهو الخلال الحلواني - فمن فوقه؛ كلهم ثقات رجال الشيخين. أما من دونهم؛ فلم أعرفهما، ولعل المناوي أشار إليهما حين قال - وقد عزاه السيوطي للبيهقي في "شعب الإيمان" -: "فيه من لم أعرفهم، ولم أرهم في كتب الرجال". قلت: فأحد المشار إليهما: هو آفة الشطر المذكور، وإلا؛ فالشطر الأول منه صحيح، رواه جماعة من الثقات عن سمي به؛ ومنهم عبيد الله بن عمر المذكور في إسناد الحديث - وهو العمري المصغر -: فقال الطيالسي في "مسنده" (2425) : حدثنا العمري عن سمي به؛ دون الشطر الثاني. وكذلك أخرجه مسلم (4/ 107) : حدثنا ابن نمير: حدثنا أبي: حدثنا عبيد الله به، وتابعه: الحديث: 5090 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 156 1- مالك عن سمي به. أخرجه في "الموطأ" (1/ 346/ 65) ، وعنه البخاري (4/ 476 - فتح) ، ومسلم أيضاً، والنسائي (2/ 4) ، وابن ماجه (2888) ، والبيهقي (5/ 261) ، وأحمد (2/ 462) كلهم عن مالك به. 2- وتابعه سهيل عن سمي به. أخرجه مسلم، والنسائي، والطيالسي (2423) . 3- وسفيان الثوري عنه. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 3/ 8798) ، ومسلم، وأحمد (2/ 461) ، والترمذي (1/ 175-176) . وقال: "حديث حسن صحيح". 4- وسفيان بن عيينة عنه. فقال أحمد (2/ 246) ، والحميدي (1003) : حدثنا سفيان: حدثنا سمي به. وأخرجه مسلم، وابن الجارود في "المنتقى" (502) من طرق عن ابن عيينة به. 5- ومحمد بن عجلان عن سمي به. أخرجه البيهقي. قلت: فهؤلاء خمسة متابعون ثقات لعبيد الله العمري، كلهم لم يذكروا الشطر الثاني من حديث الترجمة. وكذلك الطيالسي وابن نمير في روايتيهما عن العمري لم يذكروها كما رأيت؛ فلا شك في نكارته وعدم ثبوته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 157 فالعجب من المنذري؛ كيف ذكر في "الترغيب" (2/ 106) هذه الزيادة من رواية الأصبهاني ساكتاً عليها؟! فذلك هو الذي حملني على تحقيق القول فيها وإثبات نكارتها وأنا في صدد المرحلة التي قبل الأخيرة من إنجاز مشروعي: "صحيح الترغيب والترهيب"، و "ضعيف الترغيب والترهيب". 5091 - (الحاج يشفع في أربع مئة أهل بيت - أو قال: من أهل بيته -، ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) . منكر بهذا التمام أخرجه البزار في "مسنده" (1154 - كشف) عن عبد الله بن عيسى - رجل من أهل اليمن - عن سلمة بن وهرام عن رجل عن أبي موسى رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل: الأولى: الرجل الذي لم يسم. وبه أعله المنذري (2/ 108) ، والهيثمي (3/ 211) . الثانية: سلمة بن وهرام؛ مختلف فيه، فوثقه بعضهم، وضعفه آخرون. الثالثة: عبد الله بن عيسى - وهو الجندي اليمني -؛ ذكره العقيلي في "الضعفاء"؛ وساق له حديثاً آخر في الحج، مضى برقم (543) ، وقال: "إسناد مجهول، فيه نظر". وأما الشطر الثاني؛ فقد صح من حديث أبي هريرة بلفظ: "من حج الله فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه". الحديث: 5091 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 158 أخرجه الشيخان وغيرهما؛ وهو في "مختصر البخاري" برقم (756) . 5092 - (إن آدم أتى البيت ألف أتية - لم يركب قط فيهن - من الهند على رجليه) . ضعيف جداً أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (ق 176/ 1، ورقم 2792 - المطبوعة) عن القاسم بن عبد الرحمن: حدثنا أبو حازم - وهو نبتل مولى ابن عباس - عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "في القلب من القاسم بن عبد الرحمن شيء". قلت: وهو الأنصاري؛ قال ابن معين: "ضعيف جداً"؛ كما في "الميزان" وساق له في "اللسان" هذا الحديث ونقل كلام ابن خزيمة المذكور فيه وأقره. وقال المنذري (2/ 108) : "القاسم هذا واه". وأما أبو حازم نبتل؛ فهو ثقة؛ كما رواه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 508) عن أحمد. ومن هذا التخريج؛ يتبين جهل المعلقين الثلاثة على "ترغيب المنذري"، بل وتظاهرهم بالتحقيق والعلم! فإنهم قالوا في تخريج الحديث (2/ 113) : "ضعيف، رواه ابن خزيمة في "صحيحه"؛ وانظر: "ميزان الاعتدال" (3/ 374) - ترجمة القاسم بن عبد الرحمن"! كذا قالوا! هداهم الله وعرفهم أنفسهم. وفيه جهالات: أولاً: اقتصارهم على قولهم: "ضعيف"! والصواب: "ضعيف جداً"؛ لقول الحديث: 5092 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 159 ابن معين الصريح بذلك. ثانياً: أعادوا قول المنذري: "رواه ابن خزيمة في "صحيحه" ... " دون بيان منهم لمكان الحديث منه بالجزء والصفحة؛ كما يقتضيه أصول التخريج. ثالثاً: لم يعبأوا بقول المنذري في الراوي: "هذا واه"؛ الذي يستلزم شدة ضعف الحديث. رابعاً: أحالوا في ترجمة الراوي على "الميزان"؛ وفي الصفحة التي أشاروا إليها أربع تراجم باسم (القاسم بن عبد الرحمن) ؛ أحدهم ثقة، والثاني ضعيف، والثالث ضعيف جداً - وهو هذا -، والربع مجهول! ولجهلهم بالمراد منهم في هذا الحديث؛ أطلقوا ولم ينسبوه! فماذا أفادوا القراء بتعليقهم هذا؟! نعم لقد كشفوا به - وبأمثاله - عن جهلهم وظلمهم وتعديهم على هذا العلم. هداهم الله تعالى! 5093 - (إن للكعبة لساناً وشفتين، ولقد اشتكت إلى الله فقالت: يا رب! قل عوادي، وقل زواري! فأوحى الله عز وجل: إني خالق بشراً خشعاً سجداً، يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى بيضها) . باطل أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 110/ 2) ، وابن عدي من طريق سهل بن قرين: حدثني أبي: حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا سهل". الحديث: 5093 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 160 كذا في مسودتي، ولعله سقط منها أو من الأصل: "عن أبيه" أو نحو ذلك! وسهل هذا؛ قال الذهبي: "وهو بصري؛ غمزه ابن حبان وابن عدي، وكذبه الأزدي". وقال ابن عدي: "منكر الحديث". وساق له بهذا الإسناد حديثين آخرين؛ وقال: "ليس له غيرها، وهي باطلة؛ متونها وأسانيدها إلا الثالث ... ". وأبوه قرين؛ لم أجد له ترجمة. والحديث؛ قال الهيثمي (3/ 208) . "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه سهل بن قرين؛ وهو ضعيف". 5094 - (إن داود النبي قال: إلهي! ما لعبادك عليك إذا هم زاروك في بيتك؟ قال: إن لكل زائر على المزور حقاً؛ يا داود! إن لهم علي أن عافيهم في الدنيا، وأغفر لهم إذا لقيتهم) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 110/ 2) عن محمد بن حمزة الرقي عن الخليل بن مرة عن الوضين بن عطاء عن ابن أبي عن أبي ذر مرفوعاً. الحديث: 5094 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 161 قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء: الأول: الوضين بن عطاء؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". الثاني: الخليل بن مرة؛ ضعفه الجمهور، بل قال البخاري: "منكر الحديث"، ولذلك؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب". الثالث: محمد بن حمزة الرقي؛ قال الذهبي: "منكر الحديث". وقال الحافظ في "اللسان": "وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يروي عن الخليل؛ وهو ضعيف". قلت: وبه أعله الهيثمي، فقال (3/ 208) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن حمزة الرقي؛ وهو ضعيف". 5095 - (ما راح مسلم في سبيل الله مجاهداً، أو حاجاً مهلاً أو ملبياً؛ إلا غربت الشمس بذنوبه، وخرج منها) . منكر أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 96/ 6161) : حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي قال: حدثنا أحمد بن الفرج الجوري قال: حدثنا حفص بن أبي داود عن الهيثم بن حبيب عن محمد بن المنكدر عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعاً. وقال: الحديث: 5095 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 162 "لم يروه عن الهيثم بن حبيب إلا حفص بن أبي داود، تفرد به أحمد بن الفرج". قلت: وهو الجشمي المقرىء؛ كما في إسناد حديث قبله في "الأوسط"، وكذا ترجمه الخطيب في "التاريخ" (4/ 341) ، وساق له حديثاً آخر عن أبي أمامة، فيه كذاب، وقد تقدم برقم (345) ، ثم روى عن ابن بكير الحافظ أنه قال: "أحمد بن الفرج الجشمي ضعيف". وأقره الذهبي في "الميزان"، والحافظ في "اللسان". لكن شيخه حفص بن أبي داود مثله، أو أسوأ حالاً منه، وهو (حفص بن سليمان الأسدي أبو عمرو البزار الكوفي الغاضري) صاحب عاصم بن أبي النجود؛ فقد ذكروه في الرواة عن الهيثم بن حبيب، وذكر الحافظ في ترجمة (الجوري) من "التبصير" (1/ 369) أنه روى عن حفص الغاضري؛ وهو متروك الحديث - مع إمامته في القراءة -؛ كما قال في "التقريب". ولم يعرفه الهيثمي - وربما معه غيره - فقال في "المجمع" (3/ 209) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه من لم أعرفه"! وأقره الثلاثة الجهلة (2/ 118) !! ويمكن أن يكون الهيثمي عنى بقوله المذكور (أحمد بن الفرج الجوري) أيضاً؛ فإن ترجمته عزيزة كما رأيت. وأما شيخ الطبراني محمد بن حنيفة الواسطي؛ فليس من عادته أن يتكلم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 163 فيهم إلا نادراً. وقال فيه الدارقطني: "ليس بالقوي"؛ كما في "التاريخ" (2/ 296) ، و "الميزان"، و "اللسان". لكنه قد توبع من قبل أحمد بن محمد بن تميم الواسطي: أخبرنا أحمد - يعني: ابن الفرج الفارسي -: حدثنا حفص بن أبي داود به. أخرجه الخطيب (4/ 402) في ترجمة (الواسطي) هذا، وذكر أنه روى عنه المعافى بن زكريا الجريري، وأبو القاسم بن الثلاج، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (تنبيه) : الهيثم بن حبيب المذكور في إسناد الحديث: هو الصيرفي الكوفي، وهو ثقة من أتباع التابعين، وهو غير (الهيثم بن حبيب) الذي اتهمه الذهبي بخبر باطل في المهدي، هذا متأخر عن الأول، وهو متروك، وقد ميز بينهما الحافظ في "التهذيب" - تبعاً لأصله -، وفي "التقريب"، ثم نسي فجعلهما واحداً في "اللسان"! كما بينته في "تيسير الانتفاع". 5096 - (من خرج في هذا الوجه - لحج أو عمرة - فمات؛ لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: ادخل الجنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 111/ 2) : حدثنا محمد ابن أحمد: حدثنا محمد بن صالح العدوي: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن جعفر بن برقان: حدثني الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن الزهري إلا جعفر، تفرد به حسين". الحديث: 5096 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 164 قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين - وكذا من فوقه؛ إلا ابن برقان؛ فإن البخاري لم يخرج له، ثم هو متكلم فيه روايته عن الزهري، وهذه منها؛ فقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، يهم في حديث الزهري". وقد جاء في حاشية "مجمع الزوائد" (3/ 208) ما نصه: "فائدة: هو من رواية جعفر بن برقان عن الزهري، وهو ضعيف في الزهري خاصة، وذكر الطبراني أن جعفراً انفرد به". قلت: وأظنه من تعليقات الحافظ ابن حجر على "المجمع". ويحتمل عندي أن يكون الوهم ليس من جعفر، وإنما ممن دونه، فإني لم أعرف محمد بن أحمد هذا شيخ الطبراني، ولا شيخه محمد بن صالح العدوي؛ بل وجدت الثقة قد خالفه في إسناده؛ فقال أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1133) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 215-216) : حدثنا الحسن بن حماد: أخبرنا حسين - يعني: الجعفي - عن ابن السماك عن عائذ عن عطاء عن عائشة به. وزاد: قالت: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يباهي بالطائفين". والحسن بن حماد: هو الحضرمي البغدادي، أو الضبي الكوفي الصيرفي، وكلاهما روى عنه أبو يعلى، وكلاهما ثقة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 165 وقد تابعه الحسن بن أبي الربيع: حدثنا حسين بن علي الجعفي به. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 262) . وابن أبي الربيع: هو ابن يحيى بن الجعد الجرجاني، وهو ثقة أيضاً. فهذان ثقتان خالفا العدوي في إسناده، فلم يذكرا فيه: جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة. فالوهم ليس من جعفر؛ إذ لم يثبت أن هذا مما حدث به، وإنما هو من العدوي أو الراوي عنه، والحديث إنما هو عن الجعفي عن ابن السماك عن عائذ عن عطاء عنها. وقد تابعه عبد الحميد بن صالح: عند ابن الأعرابي في "معجمه" (ق 172/ 2) ، ويحيى بن أيوب العابد: عند الخطيب في "التاريخ" (5/ 369) ؛ كلاهما عن محمد بن صبيح بن السماك به. فالحديث - إذن - حديث ابن السماك عن عائذ. وابن السماك صدوق متكلم فيه؛ لكنه لم يتفرد به، فتابعه يحيى بن يمان: عند العقيلي (342) ، وابن عدي (ق 255/ 2) ، وتمام في "الفوائد" (ق 205/ 1) . وتابعه محمد بن الحسن الهمداني: عند الدارقطني في "سننه" (ص 288) ؛ كلاهما عن عائذ بن نسير به. فالحديث قد دارت طرقه على عائذ، وقد صرح أبو نعيم (8/ 216) أنه لم يروه عن عطاء إلا عائذ. وبه صرح ابن عدي قبله، فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 166 "لا يرويه غير عائذ، وهو غير محفوظ". وقال العقيلي: "هو منكر الحديث، قال ابن معين: ليس به بأس، ولكن روى أحاديث مناكير. وفي رواية عنه قال: حديثه ضعيف". والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 417) ، وأعله بعائذ هذا. وتعقبه السيوطي وغيره بأنه لم يتهم بكذب، وساق له بعض الشواهد التي لا تساوي شيئاً لشدة ضعفها! فيبقى الحديث في مرتبة الضعف. وقد أشار إلى تضعيفه: المنذري في "الترغيب" (2/ 112) . وقال الهيثمي (3/ 208) : "رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"؛ وفي إسناد الطبراني محمد بن صالح العدوي، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال "الصحيح" (!) ، وإسناد أبي يعلى فيه عائذ بن نسير، وهو ضعيف"! قلت: والزيادة المتقدمة: "إن الله يباهي بالطائفين"؛ رواها غير أبي يعلى، وقد سبق تخريجها برقم (3114) ؛ ونبهت هناك على أن (نسير) ضبطه بالنون والسين المهملة؛ خلافاً لمن وهم. وقد روي الحديث عن ابن السماك بلفظ آخر وهو: ............ (1) ثم وجدت للحديث شاهداً من حديث عائشة من رواية مدرك بن قزعة عن   (1) سقط مص الحديث من قلم الشيخ - رحمه الله -. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 167 محمد بن مسلم عنها. أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (198/ 2) . ومدرك هذا لم أجده. ومحمد بن مسلم؛ الظاهر أنه أبو الزبير؛ فقد ذكروا له رواية عن عائشة، ولكنه مدلس. والحديث؛ صححه الدكتور القلعجي في فهرس الأحاديث الصحيحة الذي وضعه في آخر "ضعفاء العقيلي" (ص 522) ! وذلك؛ لأن العقيلي ذكره عقب حديث عائشة من طريق أخرى ضعيفة عن عطاء مرسلاً، وقال: "هذا أولى"! فما أجهله بهذا العلم!! وما أجرأه على الخوض فيما لا يعلم!! 5097 - (من بلغ الثمانين من هذه الأمة؛ لم يعرض ولم يحاسب، وقيل: ادخل الجنة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 215) : حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلمة العامري الفقيه: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله محمد بن المقري: حدثنا علي بن حرب: حدثنا حسين الجعفي عن محمد بن السماك عن عائذ ابن نسير عن عطاء عن عائشة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عطاء إلا عائذ، ولا عنه إلا ابن السماك". قلت: وفيه ضعف. الحديث: 5097 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 168 وعائذ أسوأ منه؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله. وقد رواه جمع عن ابن السماك باللفظ السابق، فهو اللفظ منكر؛ لتفرد هذه الطريق به. وعلي بن حرب - وهو الطائي الموصلي؛ وإن كان ثقة -؛ فاللذان دونه لم أعرفهما. 5098 - (يا عكراش! كل من حيث شئت؛ فإنه من غير لون واحد) . ضعيف رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (97-98) : حدثنا إسماعيل القاضي: أخبرنا أبو الهذيل العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري: حدثني عبيد الله بن عكراش: حدثني أبي قال: بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقدمت عليه المدينة، فوجدته جالساً مع المهاجرين والأنصار، فأتيته بإبل كأنها عروق الأرطى، فقال: "من الرجل؟ "، فقلت: عكراش بن ذؤيب، قال: "ارفع في النسب"، فقلت: ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد، وهذه صدقات بني مرة بن عبيد، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "هذه إبل قومي؛ هذه صدقات قومي". ثم أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها، ثم أخذ بيدي، فانطلق بي إلى منزل أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الحديث: 5098 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 169 "هل من طعام؟ "، فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر فأقبلنا نأكل منها، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما بين يديه، وجعلت أخبط في نواحيها، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال: "يا عكراش! كل من موضع واحد؛ فإنه طعام واحد"، ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر - شك عبيد الله بن عكراش رطباً كان تمراً -، فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق، ثم قال: ... (فذكر الحديث) ، ثم أتينا بماء فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم مسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ثم قال: "يا عكراش! هكذا الوضوء، مما غيرت النار". وكذا رواه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 183-184) ، والترمذي - مختصراً - (1949) ، وكذا ابن ماجه (3274) . وقال الترمذي: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل". قلت: وفي ترجمته أورده ابن حبان، وقال فيه: "كان ينفرد بأشياء مناكير عن أقوام مشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بأخباره التي انفرد بها". وقال في عبيد الله بن عكراش (2/ 64) : "منكر الحديث جداً، فلا أدري المناكير في حديثه وقعت من جهته أو من العلاء بن الفضل؟ ومن أيهما كان؛ فهو غير محتج به على الأحوال". والحديث قد تقدم تخريجه - مختصراً - تحت الحديث (1127) من هذه "السلسلة". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 170 5099 - (ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم (ثلاث مرات) ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها، وعيسى ابن مريم آخرها) . ضعيف أخرجه الحاكم (3/ 41) عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: لما اشتد جزع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من قتل يوم مؤتة؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! قلت: وكأنه توهم أن جبير بن نفير صحابي، ولعل السبب أنه أدرك زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه وعن أبي بكر الصديق؛ ولكن مرسلاً؛ كما في "التهذيب". وقال أبو حاتم: "ثقة، من كبار تابعي أهل الشام القدماء". وإنما الصحبة لأبيه، ولذلك تعقبه الذهبي بقوله: "قلت: ذا مرسل، وهو خبر منكر". الحديث: 5099 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 171 5100 - (زني شعر الحسين، وتصدقي بوزنه فضة، وأعطي القابلة رجل العقيقة) . منكر أخرجه الحاكم (3/ 179) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 304) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا حسين بن زيد العلوي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه: الحديث: 5100 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 171 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة رضي الله عنها، فقال: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! قلت: ورده الذهبي بقوله: "قلت: لا". وأقول: وله علتان: الأولى: ضعف حسين بن زيد؛ فقد أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "قال أبو حاتم: تعرف وتنكر". والأخرى: المخالفة في السند والمتن؛ وقد أشار إليها البيهقي بقوله عقب الحديث: "كذا قال، وروى الحميدي عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى القابلة رجل العقيقة. ورواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً؛ في أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل". قلت: فقد خالف الحميدي سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في الإسناد والمتن. أما الإسناد؛ فإنه لم يذكر فيه: عن جده عن علي؛ فهو مرسل، بل معضل. وأما المتن؛ فإنه أوقفه على علي وجعله من فعله، ولم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 172 ولعل هذا الاختلاف إنما هو من العلوي نفسه - وهو مما يدل على ضعفه -؛ فقد تابعه على إرساله حفص بن غياث؛ كما رأيت فيما علقه البيهقي، وقد وصله في مكان آخر (9/ 302) من طريق أبي داود في "المراسيل" عن محمد بن العلاء عن حفص به مرسلاً؛ ولفظه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين عليهما السلام: أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا، ولا تكسروا منها عظماً". وكذلك رواه الخلال من طريق أخرى عن حفص به مرسلاً؛ كما نقله ابن القيم في "تحفة المودود في أحكام المولود" (ص 27 - هندية) ، ولم يسق منه إلا الشطر الأخير المتعلق برجل العقيقة. والواقع أنني ما أخرجت الحديث هنا إلا من أجل الشطر المذكور وإلا، فطرفه الأول ثابت؛ لوروده في عدة أحاديث يقوي بعضها بعضاً، أقواها حديث عبد الله ابن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبي رافع قال: لما ولدت فاطمة حسناً رضي الله عنهما قالت ... قال - صلى الله عليه وسلم -: "احلقي شعره، وتصدقي بوزنه من الورق على الأوفاض أو على المساكين" - يعني: أهل الصفة -؛ ففعلت ذلك، فلما ولدت حسيناً؛ فعلت مثل ذلك. أخرجه البيهقي؛ وأحمد (6/ 390،392) . قلت: وإسناده حسن. وقال الهيثمي (4/ 57) : "رواه أحمد؛ والطبراني في "الكبير"، وهو حديث حسن". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 173 وفي الباب عن أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وعلي بن أبي طالب؛ وهي مخرجة في "المجمع" (4/ 57،59) . وقد روى مالك في "الموطأ" (2/ 45) عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال: وزنت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم، فتصدقت بزنة ذلك فضة. وعن محمد بن علي بن الحسين أنه قال: ... فذكره؛ دون ذكر زينب وأم كلثوم. 5101 - (الحمد لله الذي أطعمني الخمير، وألبسني الحرير، وزوجني خديجة، وكنت لها عاشقاً) . موضوع أخرجه الحاكم (3/ 182) عن سهل بن سليمان النبلي - بواسط -: حدثنا منصور بن المهاجر: حدثنا محمد بن الحجاج: حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: سكت عنه الحاكم، وتبعه الذهبي! فأخطآ خطأً فاحشاً؛ فإنه - مع إرساله - موضوع؛ آفته محمد بن الحجاج هذا؛ وهو اللخمي الواسطي، المترجم في "الميزان" وغيره بأنه كذاب خبيث، وضع حديث الهريسة المتقدم برقم (690) ، ولا أدري كيف خفي حاله على الذهبي مع شهرة هذا الكذاب، وكونه واسيطاً، وشيخه ومن دونه كلهم واسطيون؟! ففي ذلك ما يكفي لدلالة الحافظ مثله على تحديد شخصيته، وأنه ليس غيره ممن شاركه في اسمه واسم أبيه! الحديث: 5101 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 174 وسفيان بن حسين ثقة من رجال الشيخين؛ لكنهم ضعفوه في روايته عن الزهري، ولذلك؛ لم يخرجا له عنه شيئاً. على أن متن الحديث باطل عندي؛ فإني أكاد أقطع بأنه يستحيل أن يحمد النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه على أن ألبسه الحرير، وهو القائل: "من لبس الحرير في الدنيا؛ فلن يلبسه في الآخرة". أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "الصحيحة" (384) ، وغيره من الأحاديث الصحيحة المحرمة لبس الحرير على الرجال. 5102 - (من طاف بالبيت خمسين مرة؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) . ضعيف أخرجه الترمذي (1/ 164) ، والمخلص في "الفوائد" (ق 184/ 2) ، وعنه ابن الجوزي في "منهاج القاصدين" (1/ 56/ 1) ، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (ق 132/ 1) عن سفيان بن وكيع: حدثنا يحيى ابن يمان عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي - مضعفاً -: "حديث غريب؛ سألت محمداً - يعني: البخاري - عن هذا الحديث؟ فقال: إنما يروى هذا عن ابن عباس قوله". قلت: وهو مسلسل بالعلل: الأولى: أبو إسحاق - وهو السبيعي -، وهو مدلس، وكان اختلط. الثانية: شريك - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ قال الحافظ: الحديث: 5102 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 175 "صدوق يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة". الثالثة: يحيى بن يمان؛ قال الحافظ: "صدوق عابد، يخطىء كثيراً، وقد تغير". الرابعة: سفيان بن وكيع؛ قال الحافظ: "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح، فلم يقبل، فسقط حديثه". (تنبيه) : حكى الناجي في "العجالة" (ق 132/ 2) عن المحب الطبري أن الحديث رواه الطبراني بلفظ: "خمسين أسبوعاً"! وقد راجعته في "مسند ابن عباس" من "المعجم الكبير" للطبراني (ج 3 ق 74-187) ؛ فلم أعثر عليه! فالله أعلم. أما الموقوف الذي أشار إليه البخاري؛ فلم أره الآن، وما أراه يصح أيضاً. 5103 - (ما وسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن، النقي التقي الوادع اللين) . لا أصل له! وإنما هو من الإسرائيليات؛ كما صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه؛ ففي "مجموعة الفتاوى" (18/ 122،376) : "هذا مذكور في الإسرئيليات، ليس له إسناد معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه: وسع قلبه الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي. وإلا؛ فمن قال: إن ذات الله تحل في قلوب الناس؛ فهو أكفر من النصارى الحديث: 5103 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 176 الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده". وأقره الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص 373) ، ومن قبله الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 13) ؛ فقال - وقد ذكره الغزالي بقوله: "وفي الخبر ..... " -: "لم أر له أصلاً". وإذا عرفت هذا؛ فقول شيخ الإسلام في مكان آخر (2/ 384) : "وفي حديث مأثور: "ما وسعني أرضي ولا سمائي ... "" فذكره بتمامه؛ فهو مما ينبغي أن لا يؤخذ على ظاهره، ولعل ذلك كان منه قبل أن يتحقق من أنه لا أصل له. والله أعلم. ويغني عن حديث الترجمة - في معناه الذي فسره به ابن تيمية - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تعالى آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه ألينها وأرقها". أخرجه الطبراني وغيره بسند حسن؛ كما بينته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1691) . 5104 - (ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف، فيستقبل القبلة بوجهه، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (مئة مرة) ، ثم يقول: (قل هو الله أحد) (مئة مرة) ، ثم يقول: اللهم! صل على محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وإنك حميد مجيد، وعلى سامعهم (مئة مرة) ؛ الحديث: 5104 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 177 إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي! ما جزاء عبدي هذا؟ سبحني وهللني، وكبرني وعظمني، وعرفني، وأثنى علي، وصلى على نبيي؟! اشهدوا ملائكتي! أني قد غفرت له، وشفعته في نفسه، ولو سألني عبدي هذا؛ لشفعته في أهل الموقف كلهم) . ضعيف أخرجه ابن عساكر في "جزء فضل عرفةط (4/ 2-5/ 1) من طريق البيهقي، بسنده عن عبد الرحمن بن محمد الطلحي: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال البيهقي: "هذا متن غريب، وليس في إسناده من ينسب إلى الوضع". وقال الحافظ ابن حجر في "أماليه"؛ كما في "اللآلي" (2/ 70) : "رواته كلهم موثقون؛ إلا الطلحي؛ فإنه مجهول"! قلت: لم أر من وصفه بالجهالة، وأنا أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 281) : "عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف. روى عن أبيه. روى عنه يحيى بن آدم. سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بالقوي". ونقله عنه - باختصار - الذهبي في "الميزان"، والحافظ في "اللسان". وقد تابعه أحمد بن ناصح: حدثنا المحاربي به نحوه. أخرجه الديلمي، وابن النجار من طريقين عنه به. وأحمد بن ناصح - وهو المصيصي - صدوق، فبرئت ذمة الطلحي منه. وقد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 178 أشار إلى ذلك أحد رواته عند ابن النجار - وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن مهران البغدادي الحافظ -، فقال عقبه: "تفرد به المحاربي عن محمد بن سوقة". قلت: والمحاربي - وإن كان أخرج له الشيخان -؛ فقد قال أحمد: "كان يدلس". وقد عنعنه في رواية البيهقي عن الطلحي، وكذا في رواية ابن النجار عن بن ناصح، بخلاف رواية الديلمي عنه؛ فقد صرح فيها بالتحديث، وكذلك في نقل السيوطي للحديث عن البيهقي. فإن كان محفوظاً؛ فالحديث ثابت. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في "الشعب" (3/ 463/ 4074) من طريق الطلحي عن المحاربي معنعناً؛ فهي العلة. 5105 - (يا مالك يوم الدين! إياك نغبد وإياك نستعين) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8163) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (329) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 164) عن عبد السلام بن هاشم قال: حدثنا حنبل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فلقي العدو، فسمعته يقول: ... (فذكره) . فلقد رأيت الرجال تصرع؛ تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ حنبل هذا - وهو ابن عبد الله - مجهول؛ كما قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 304) عن أبيه؛ وتبعه الذهبي. الحديث: 5105 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 179 وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (3/ 53) ! وعبد السلام بن هاشم؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: "قال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال الفلاس: لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه". وبه أعله الهيثمي، فقال في "المجمع" (5/ 378) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد السلام بن هاشم؛ وهو ضعيف". والحديث؛ أورده شيخ الإسلام في بعض رسائله مشيراً لضعفه دون أن يعزوه لأحد، ولذلك؛ بادرت إلى تخريجه، وبيان علته المؤكدة لضعفه. والحمد لله على توفيقه. 5106 - (لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا؛ لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 82/ 2 و 314/ 2 و 2/ 288 - ط) ، وابن دوست في "الأمالي" (ق 117/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 477/ 4113) عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن طاوس عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى يقول: ... فذكره. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 106/ 2 و 11/ 53/ 11022 - ط) من طريق يزيد بن قبيس، والرئيس أبو القاسم بن الجراح في "ستة مجالس من الأمالي" (ق 186/ 2) من طريق إسحاق بن حاتم العلاف قالا: أخبرنا عبد المجيد الحديث: 5106 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 180 ابن عبد العزيز بن أبي رواد به؛ إلا أنهما لم يذكرا في إسناده: الحسن بن عمارة. قلت: ولعل ذلك من عبد المجيد؛ فإن يزيد بن قبيس ثقة من رجال "التهذيب". وكذلك العلاف ثقة؛ كما في "تاريخ بغداد" (6/ 315) . وأما عبد المجيد؛ ففيه كلام كثير، وقد قال الحافظ: "صدوق يخطىء، أفرط ابن حبان فقال: متروك". قلت: فالظاهر أنه - لسوء حفظه - كان يضطرب في إسناده، فتارة يثبت فيه الحسن بن عمارة، وتارة يسقطه. والحديث حديث ابن عمارة، ويدل عليه أمران: الأول: أنه تابعه على إثباته: أبو مطيع البلخي؛ فقال الطبراني (11021) : حدثنا العباس بن محمد المجاشعي الأصبهاني: أخبرنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني: أخبرنا أبو مطيع قاضي بلخ عن الحسن - يعني: ابن عمارة - عن الحكم به. وأبو مطيع: هو الحكم بن عبد الله الخراساني الفقيه الحنفي، وهو - وإن كان ضعيفاً -؛ فيشهد له الأمر الآتي: الثاني: أن ابن عدي ساق الحديث في ترجمة الحسن بن عمارة، وقد أطال فيها جداً، وختمها بقوله: "هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". وقال الحافظ: "متروك". قلت: فهو علة الحديث. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 181 ولا أدري كيف خفي هذا على الحافظ الهيثمي؛ فقال (3/ 277) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده من لم أعرفه"!! 5107 - (إن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل، وإن لم تستطع؛ فإن في الصبر على ما يكره خيراً كثيراً) . ضعيف أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في "رسالة التوبة" (ص 250 - جامع الرسائل) مشيراً لضعفه بتصديره إياه بقوله: "روي ... "؛ وعلق عليه محققه صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم بقوله: "قال العراقي عن هذا الحديث في تعليقه على "الإحياء" (12/ 34) : "الترمذي من حديث ابن عباس"، ولم أستطع معرفة مكان الحديث"!! قلت: أورده الغزالي في "الإحياء" في موضعين: الأول: في "رياضة النفس" (3/ 51) بلفظ: "اعبد الله في الرضا، فإن لم تستطع؛ ففي الصبر على ما تكره خير كثير". فقال الحافظ العراقي في "تخريجه" (3/ 51 - طبع الحلبي،ق 109/ 1 - مخطوطة الظاهرية) : "الطبراني في "الكبير""!! والآخر: في "الصبر والشكر" (4/ 54) بلفظ: "في الصبر على ما تكره خير كثير". فقال الحافظ العراقي (4/ 54 - ط،ق 144/ 1 - مخطوطة) : الحديث: 5107 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 182 "الترمذي من حديث ابن عباس، وقد تقدم"!! فأقول - وبالله التوفيق -: حديث الترجمة واللفظان اللذان ذكرهما الغزالي؛ كل ذلك طرف من حديث ابن عباس المعروف الذي أوله: "يا غلام! احفظ الله يحفظك ... " الحديث؛ أخرجه أحمد، والترمذي، وأبو يعلى، والطبراني في "الكبير" وغيرهم من طرق عن ابن عباس مرفوعاً - يزيد بعضهم على بعض -، وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في شرحه للحديث في "جامع العلوم والحكم" (ص 132-140) دون أن يخرجها، وقد خرجت أنبأنا طائفة منها في "تخريج السنة لابن أبي عاصم" (316-318) . وقد ذكر ابن رجب (ص 140) أن حديث الترجمة في رواية عمر مولى غفرة وغيره عن بن عباس. قلت: ورواية عمر هذا؛ أخرجها هناد في "الزهد" (1/ 304/ 536) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 203/ 10000) ، وهي عند الطبراني في "الكبير" (3/ 126/ 2) أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس، لكن ليس فيها عند الطبراني حديث الترجمة. وإنما وجدته في رواية أخرى عن ابن عباس؛ أخرجها الحاكم (3/ 541) بإسناد منقطع، وفيه إلى ذلك راو متروك، وآخر مختلف فيه؛ كما قال الذهبي. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 314) من طريق الحجاج بن فرافضة عن رجلين سماهما عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به، وفيه: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 183 "فاعمل لله تعالى بالرضا واليقين، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً". والحجاج بن فرافصة؛ ضعيف؛ قال الحافظ: "صدوق عابد يهم". ومن طريقه: أخرجه أحمد (1/ 307) ؛ ولكنه أعضله؛ فقال: عنه، رفعه إلى ابن عباس ... فذكره مقتصراً على الشطر الثاني من حديث الترجمة. والحديث له شاهد؛ أخرجه الخطيب في "التاريخ" (14/ 125) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وفيه: "اعبد الله بالصبر مع اليقين". وإسناده ضعيف جداً؛ كما بينته في "تخريج السنة" (318) . وجملة القول: أن حديث الترجمة من حديث ابن عباس ضعيف؛ كما أشار إليه ابن تيمية رحمة الله عليه؛ لأن طرقه كلها ضعيفة، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، ولشدة ضعف شاهده. وأن عزوه لرواية الترمذي وهم، وإنما روى أصله، وليس فيه حديث الترجمة. وكذلك عزوه لرواية الطبراني؛ إلا أن يعني أنه رواه من غير طريق ابن عباس، كأبي سعيد الخدري مثلاً، فذلك من الممكن. والله أعلم. وقد روي من حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الله ابن عباس: "يا غلام! ألا أعلمك ... " الحديث؛ وفيه حديث الترجمة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 184 ذكره أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 406 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو سعد المدني: أخبرنا أبو بكر ابن شيبة الحزامي: أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن المطلب: أخبرنا زهرة بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زهرة بن عمرو؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 615) من رواية ثقتين آخرين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأبو سعيد بن المطلب؛ مقبول عند الحافظ. وأبو بكر بن شيبة الحزامي؛ صدوق يخطىء. وأبو سعد المدني؛ لم أعرفه. 5108 - (من سرق وأخاف السبيل؛ فاقطع يده بسرقته، ورجله بإخافته، ومن قتل؛ فاقتله، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام؛ فاصلبه) . منكر أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (10/ 276/ 11854) عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين، وهم من بجيلة، قال أنس: فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، وساقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرج الحديث: 5108 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 185 الحرام. قال أنس: فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه السلام عن القضاء فيمن حارب؛ فقال: ... فذكره. وقال: "في إسناده نظر". ونحوه قول ابن كثير (2/ 51) : "إن صح سنده". وتبعه صديق حسن خان، فقال في "نيل المرام من تفسير آيات الأحكام" (ص 210) - تبعاً للشوكاني في "فتح القدير" (2/ 34) -: "وهذا - مع ما فيه من النكارة الشديدة - لا يدرى كيف صحته". قلت: وهو ظاهر الضعف، وله علتان: الأولى: ضعف ابن لهيعة؛ فإنه سيىء الحفظ؛ إلا فيما رواه عنه العبادلة. واحتجاج الشيخ أحمد شاكر به مطلقاً؛ مما لا وجه له عندي، بل مخالف لما عليه الأئمة النقاد من قبلنا كابن حجر وغيره. والأخرى: تدليس الوليد بن مسلم؛ فإنه كان يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن في الإسناد كله كما ترى. وأما قول صديقنا الأستاذ محمود شاكر في تعليقه على "التفسير": "ثم إن يزيد بن أبي حبيب لم يدرك أن يسمع من أنس، ولم يذكر أنه سمع منه"! قلت: فهو إعلال عجيب غريب؛ فإنه إذا كان لم يدرك أن يسمع من أنس، فما فائدة قوله: "ولم يذكر أنه سمع منه"؛ فإن هذا إنما يقال إذا أدركه، وكان الجزء: 11 ¦ الصفحة: 186 يمكنه السماع منه وكان موصوفاً بالتدليس! وهذا وذاك من النفي منفي بالنسبة ليزيد بن أبي حبيب؛ فإنه مات سنة ثمان وعشرين ومئة، وقد قارب الثمانين؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، وابن حبان نحوه في "الثقات" (3/ 295) ، وقد توفي أنس رضي الله عنه سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين، ومعنى هذا أنه أدرك من حياة أنس نحو خمس وثلاثين سنة، فكيف يقال: "لم يدرك أن يسمع من أنس"؟! ثم هو لم يوصف بالتدليس؛ فما معنى أن يقال فيه: "ولم يذكر أنه سمع منه"؟! فالمعاصرة كافية في مثله لإثبات الاتصال عند الجمهور، كما هو معلوم. وجملة القول: أن الحديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وعنعنة الوليد. ولذلك؛ فلا يصح الاستدلال به على ما ذهب إليه الجمهور من أن آية المحاربة منزلة على أحوال؛ نحو ما في هذا الحديث من التفصيل. وذهب آخرون إلى أن (أو) فيها للتخيير؛ كما في قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ونحوها من الآيات؛ وهو الظاهر. وقد ذهب إليه الشوكاني وصديق حسن خان، وهو قول ابن عباس - في رواية -، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعطاء، وغيرهم؛ وحكي عن الإمام مالك. والله أعلم. ثم رأيت الإمام الشافعي قد أخرج الحديث في "مسنده" (ص 111 - طبع المطبوعات العلمية) : أخبرنا إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس الجزء: 11 ¦ الصفحة: 187 موقوفاً عليه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي - متروك. وصالح مولى التوأمة ضعيف. 5109 - (من قال: جزى الله عنا محمداً بما هو أهله؛ أتعب سبعين كاتباً ألف صباح) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 449 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال: حدثنا ابن رشدين: حدثنا هانىء بن المتوكل: حدثنا معاوية بن صالح عن جعفر بن محمد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عكرمة إلا جعفر، ولا عنه إلا معاوية، تفرد به هانىء". قلت: قال ابن حبان: "كان تدخل عليه المناكير، وكثرت، فلا يجوز الاحتجاج به بحال، فمن مناكيره ... ". قلت: فساق له أحاديث، هذا أحدها. ومن طريقه: أخرجه الطبراني في "الكبير" أيضاً (3/ 124/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 230) . وأشار المنذري في "الترغيب" (2/ 282) إلى تضعيف الحديث. وقال الحديث: 5109 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 188 الهيثمي (10/ 163) : "هانىء ضعيف". 5110 - (من صلى علي في يوم [الجمعة] ألف مرة؛ لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة) . ضعيف جداً رواه ابن سمعون في "الأمالي" (172/ 1) عن محمد ابن عبد العزيز الدينوري: أخبرنا قرة بن حبيب القشيري: أخبرنا الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس بن مالك مرفوعاً. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن شاهين في "الترغيب والترهيب" (ق 261/ 2) ؛ وإليه عزاه المنذري (2/ 281) مشيراً إلى تضعيفه. قلت: وعلته: الحكم بن عطية؛ فإنه ضعيف؛ كما في "التقريب". والدينوري شر منه؛ قال الذهبي: "ليس بثقة؛ أتى ببلايا". لكن رواه الأصبهاني في "ترغيبه" (ص 234 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن عبد الله بن محمد بن سنان القزاز البصري: أخبرنا قرة بن حبيب به. ومحمد بن عبد الله بن محمد؛ لم أعرفه، ولعل الأصل: " ... عن محمد بن سنان"؛ فإن محمد بن سنان القزاز البصري معروف، وهو ضعيف. والله أعلم. الحديث: 5110 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 189 وقال السخاوي في "القول البديع" (ص 95) : "رواه ابن شاهين في "ترغيبه" وغيره، وابن بشكوال من طريقه، وابن سمعون في "أماليه"؛ وهو عند الديلمي من طريق أبي الشيخ الحافظ، وأخرجه الضياء في "المختارة" وقال: "لا أعرفه من حديث الحكم بن عطية، قال الدارقطني: حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها. وقال أحمد: لا بأس به؛ إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة. قال: وروي عن يحيى بن معين أنه قال: هو ثقة". قلت (السخاوي) : وقد رواه غير الحكم، وأخرجه أبو الشيخ من طريق حاتم ابن ميمون عن ثابت؛ ولفظه: "لم يمت حتى يبشر بالجنة". وبالجملة؛ فهو حديث منكر: كما قاله شيخنا". يعني الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله. وقال في مكان آخر (145) : "أخرجه ابن شاهين بسند ضعيف". قلت: وسقط الحديث من مطبوعة "المختارة"، وليس فيه ترجمة لـ (الحكم ابن عطية) عن ثابت عن أنس. فالظاهر أنها كانت قصاصة من القصاصات التي كان يلحقها بمكانها، وقد شاهدت منها الشيء الكثير في نسخة الظاهرية، وهي بخط المؤلف رحمه الله، وهذه ربما ضاعت أو لم تصور. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 190 5111 - (من قرأ سورة (يس) في ليلة الجمعة؛ غفر له) . ضعيف جداً أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 244 - مصورة الجامعة) من طريق زيد بن الحريش: أخبرنا الأغلب بن تميم: أخبرنا أيوب ويونس عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، آفته الأغلب بن تميم قال ابن حبان (1/ 166) : "منكر الحديث، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، حتى خرج عن حد الاحتجاج به لكثرة خطئه". وضعفه آخرون. وزيد بن الحريش قال ابن حبان في "الثقات": "ربما أخطأ". وقال ابن القطان: "مجهول الحال". قلت: ومن طريقه أخرجه ابن السني في "اليوم والليلة" (رقم 668) وابن عدي في "الكامل" (1/ 416) دون ذكر ليلة الجمعة وقالا: "في يوم وليلة ابتغاء وجه الله غفر له". وهو مخرج في "الروض النضير" (1146) . الحديث: 5111 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 191 5112 - (من قرأ (حم) الدخان في ليلة الجمعة، أو يوم الجمعة؛ بنى الله له بيتاً في الجنة) . ضعيف جداً أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 244 - الحديث: 5112 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 191 مصورة الجامعة الإسلامية) عن حفص بن عمر المازني: أخبرنا فضال بن جبير عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فضال بن جبير؛ قال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها". وبه أعله الهيثمي؛ فقال (2/ 168) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف جداً". وحفص بن عمر المازني لا يعرف؛ كما في "اللسان". 5113 - (أتحبون أن يستظل نبيكم بظل من نار يوم القيامة؟!) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 235 - مصورة الجامعة الإسلامية) عن أحمد بن عبدة الضبي: حدثنا الحسن بن صالح بن أبي الأسود: حدثنا عمي منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن شمر بن عطية عن أبي حازم الأنصاري قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بنطع من الغنيمة، فقيل: استظل به يا رسول الله! فقال: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن الأعمش إلا منصور، ولا عنه إلا ابن أخيه الحسن، تفرد به أحمد". قلت: وهو ثقة من شيوخ مسلم؛ لكن العلة من شيخه الحسن بن صالح بن أبي الأسود؛ فإنه غير معروف؛ قال الذهبي: الحديث: 5113 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 192 "زائغ حائد عن الحق؛ قاله الأزدي". وأما ابن حبان؛ فذكره على قاعدته في "الثقات"، وقال: "روى عنه أحمد بن عبدة الضبي"! ومن فوقه ثقات؛ غير أبي حازم الأنصاري؛ فإنه مختلف في صحبته، وقد أخرج حديثه هذا أبو داود في "المراسيل"، كأنه يشير إلى أنه لم يثبت عنده صحبته، ولم أره ذكر في حديث آخر إلا الحديث الآتي، وهو في كل منهما لم يصرح بما يدل على صحبته، ولا الراوي عنه ذكر ذلك، على أن الإسناد إليه غير ثابت؛ كما رأيت. وروي عنه بالسند المتقدم قال: 5114 - (كان [- صلى الله عليه وسلم -] يوم بدر في الظل، وأصحابه يقاتلون في الشمس، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: أنت في الظل، وأصحابك يقاتلون في الشمس؟! فتحول إلى الشمس) . منكر أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 166) من طريق الحسن ابن سفيان: أخبرنا أحمد بن عبدة: أخبرنا الحسن بن صالح بن أبي الأسود بإسناده المتقدم في الحديث الذي قبله. وقال: "أخرجه أبو نعيم، وأبو موسى". الحديث: 5114 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 193 5115 - (الشهداء ثلاثة: رجل خرج بنفسه وماله محتسباً في سبيل الله، لا يريد أن يقاتل، ولا يقتل، يكثر سواد المسلمين، فإن مات أو قتل الحديث: 5115 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 193 غفرت له ذنوبه كلها، وأجير من عذاب القبر، ويؤمن من الفزع، ويزوج من الحور العين، وحلت عليه حلة الكرامة، ويوضع على رأسه تاج الوقار والخلد. والثاني: خرج بنفسه وماله محتسباً يريد أن يقتل ولا يقتل، فإن مات أو قتل؛ كانت ركبته مع إبراهيم خليل الرحمن بيد يدي الله تبارك وتعالى في مقعد صدق عند مليك مقتدر. والثالث: خرج بنفسه وماله محتسباً يريد أن يقتل ويقتل، فإن مات أو قتل؛ جاء يوم القيامة شاهراً سيفه واضعه على عاتقه، والناس جاثون على الركب يقولون: ألا افسحوا لنا؛ فإنا قد بذلنا دماءنا لله تبارك وتعالى. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده! لو قال ذلك لإبراهيم خليل الرحمن أو لنبي من الأنبياء؛ لزحل لهم عن الطريق؛ لما يرى من واجب حقهم، حتى يؤتوا منابر من نور تحت العرش، فيجلسون عليها، ينظرون كيف يقضى بين الناس، لا يجدون غم الموت، ولا يقيمون في البرزخ، ولا تفزعهم الصيحة، ولا يهمهم الحساب؛ ولا الميزان، ولا الصراط، ينظرون كيف قضى بين الناس، ولا يسألون شيئاً إلا أعطوه، ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا فيه، ويعطون من الجنة ما أحبوا، ويتبوؤن من الجنة حيث أحبوا) . موضوع أخرجه البزار في "مسنده" (ص 185-186 - زوائده) : حدثنا سلمة بن شبيب - فيما أحسب -: حدثنا محمد بن معاوية: حدثنا مسلم بن خالد عن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 194 شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "لا نعلمه عن نس إلا من هذا الطريق، ومحمد بن معاوية حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وأحسب هذا أتي منه". قال العسقلاني - عقبه -: "قال الشيخ (يعني: الهيثمي) : وإن كان هو النيسابوري؛ فهو متروك. قلت: هو هو". وأقول: صدق الحافظ - رحمه الله -. وقد تردد فيه الهيثمي في "مجمع الزوائد" أيضاً، ولكنه وقع في وهم آخر؛ فإنه قال (5/ 292) : "رواه البزار، وضعفه بشيخه محمد بن معاوية، فإن كان النيسابوري؛ فهو متروك. وفيه أيضاً مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف وقد وثق"! قلت: محمد بن معاوية؛ إنما هو شيخ شيخ البزار - وهو سلمة بن شبيب -، وكان هذا مستملي شيخه محمد بن معاوية، وهذا من القرائن التي حملت الحافظ ابن حجر على الجزم بأنه هو صاحب الحديث. ومنها عندي قول البزار فيه: "حدث بأحاديث لم يتابع عليها"؛ وقد قال هذا في - ابن معاوية - جماعة من الأئمة، منهم: البخاري وابن أبي حاتم وأبو أحمد الحاكم، ولم يقل ذلك أحد من الأئمة في غيره من الرواة ممن يسمى محمد بن معاوية. ثم إنه متهم بالكذب؛ فقد قال فيه ابن معين: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 195 "كذاب". وكذا قال الدارقطني وأبو الطاهر المدني، وزادا: "يضع الحديث". قلت: ولوائح الوضع عندي ظاهرة على حديثه هذا؛ بل قوله في الرجل الأول: "غفرت له ذنوبه كلها" باطل؛ لمخالفته للحديث الصحيح: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج عندي في أماكن؛ فراجع "صحيح الجامع" (7975) . ولهذا؛ فاقتصار المنذري (2/ 193) على الإشارة لتضعيفه مع استغرابه غريب؛ فإنه قال: "رواه البزار والبيهقي والأصبهاني، وهو حديث غريب"! 5116 - (إن من العلم كهيئة المكنون، لا يعرفه إلا العلماء بالله، فإذا نطقوا به؛ لم ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل) . منكر أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في "الأربعين في أخلاق الصوفية" (ق 8/ 2) : أنبأنا حامد بن عبد الله الهروي: أخبرنا نصر بن محمد بن الحارث البوزجاني: أخبرنا عبد السلام بن صالح: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ آفته عبد السلام بن صالح - وهو أبو الصلت الهروي -، وقد كذبه العقيلي وابن طاهر، واتهم بوضع أحاديث، منها: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"؛ وقد تقدم برقم (2955) . الحديث: 5116 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 196 وذكرنا هناك شيئاً من أقوال الأئمة فيه، وأقوال ابن معين المتناقضة حوله، والجمع بينها؛ فراجعها إن شئت. ومن دونه لم أعرفهما. وأما أبو عبد الرحمن السلمي شيخ الصوفية في زمانه؛ فهو متهم أيضاً؛ قال الذهبي: "تكلموا فيه، وليس بعمدة، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: " [كان غير ثقة، ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئاً يسيراً، فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع؛ حدث عن الأصم بـ "تاريخ يحيى بن معين" وبأشياء كثيرة سواه. قال: و] كان يضع الأحاديث للصوفية"، وفي القلب مما ينفرد به". والحديث؛ أورده السيوطي في رسالته: "تأييد الحقيقة العلية" (ق 3/ 1) من رواية الطبسي في "ترغيبه" من طريق نصر بن أحمد البوزجاني به. وقال السيوطي: "هذا إسناد ضعيف، عبد السلام بن صالح: هو أبو الصلت الهروي، من رجال ابن ماجه، كان رجلاً صالحاً؛ لكنه شيعي ... فالحاصل أن حديثه في مرتبة الضعيف الذي ليس بالموضوع". قلت: وكذلك جزم بضعف إسناده: الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" الجزء: 11 ¦ الصفحة: 197 (1/ 19) ، بعد أن عزاه لـ "أربعين السلمي". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموعة الفتاوى" (13/ 259-260) : "ليس إسناده ثابتاً باتفاق أهل المعرفة". 5117 - (أربعة من كن فيه؛ بنى الله له بيتاً في الجنة، وكان في نور الله الأعظم، من كانت عصمته: لا إله إلا الله، وإذا أصاب حسنة قال: الحمد لله، وإذا أصاب ذنباً قال: أستغفر الله، وإذا أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون) . موضوع رواه الديلمي (1/ 1/ 171) عن هارون بن مسلم عن أبي علي اللهبي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو علي اللهبي - واسمه علي بن أبي علي -؛ قال السمعاني (487/ 1) - وكأنه نقله عن ابن حبان -: "عداده في أهل المدينة، يروي عن الثقات الموضوعات، وعن الأثبات المقلوبات؛ لا يجوز الاحتجاج به. روى عنه أبو مصعب". وفي "اللسان" عن الحاكم: "يروي عن ابن المنكدر أحاديث موضوعة، يرويها عنه الثقات". وقال البخاري: "منكر الحديث". وهارون بن مسلم؛ لم أعرفه. والحديث؛ تقدم بنحوه في هذا الكتاب (2736) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. الحديث: 5117 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 198 5118 - (من قرأ القرآن؛ فقد استدرج النبوة بين جنبيه؛ غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 552) ، وعنه البيهقي في "الأسماء" (263-264) وفي "الشعب" (2/ 522/ 2591) عن يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق: حدثنا يحيى بن أيوب: حدثنا خالد بن يزيد عن ثعلبة بن يزيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: وفيه نظر عندي، ذلك؛ لأن ثعلبة هذا - الذي روى عن ابن عمرو -: هو ثعلبة أبو الكنود الحمراوي؛ فقد أورده هكذا ابن أبي حاتم (1/ 1/ 463) من روايته عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وأبي موسى الغافقي. وعنه خالد بن يزيد، وسليمان بن أبي زينب. ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ إلا أنه وقع عنده: "ثعلبة بن أبي الكنود"!! والصواب إسقاط لفظة: (ابن) ؛ فإنه هكذا في "تاريخ البخاري" (1/ 2/ 175) ، و "كنى الدولابي" (2/ 91) ، و "ثقات ابن حبان" (3/ 27) . ووقع في ترجمة (خالد بن يزيد المصري) من "تهذيب المزي": "روى عن أبي الكنود ثعلبة بن أبي حكيم الحمراوي". قلت: فلعل (أبو حكيم) هو كنية والد ثعلبة، واسمه: (يزيد) ؛ كما وقع في إسناد هذا الحديث - إن كان محفوظاً -؛ فإن (يحيى بن عثمان بن صالح السهمي) فيه كلام. الحديث: 5118 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 199 فإن صح ذلك؛ فهو غير (ثعلبة بن يزيد الحماني الكوفي) الذي روى عن علي، وعنه حبيب بن أبي ثابت وجمع، وهو من رجال "التهذيب"؛ فقد فرق بينهما: البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حبان. والحمراوي دون الحماني في الشهرة، ولم أر من وثقه غير ابن حبان (4/ 99) . نعم؛ روى عنه ثقتان - مع تابعيه -؛ فهو مجهول الحال عندي، وهو علة الحديث إن سلم من ابن صالح. والله أعلم. على أنه قد روي الحديث موقوفاً على ابن عمرو: أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (7-8) بإسناد رجاله ثقات رجال الشيخين عن ثعلبة هذا به. قلت: ولعل هذا الموقوف هو الصواب؛ فقد أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (275-276) ، وابن أبي شيبة (10/ 467/ 1002) - مختصراً - عن إسماعيل بن رافع عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عبد الله بن عمرو موقوفاً نحوه. وخالفهما: ابن نصر في "قيام الليل" (72) ، والطبراني، ومن طريقه يوسف بن عبد الهادي في "هداية الإنسان" (ق 135/ 2) ؛ فروه عن إسماعيل بن رافع به مرفوعاً. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه إسماعيل بن رافع، وهو متروك". قلت: ومن طريقه أخرج الجملة الأولى منه: الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (ق 33/ 1) ؛ لكنه قال: عن رجل عن عبد الله بن عمرو موقوفاً! والصواب رواية الوقف؛ فقد وجدت له طريقاً آخر موقوفاً؛ فقال أبو عبيد في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 200 "فضائل القرآن" (53/ 8-9) : حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو قال: ... فذكره نحوه. وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف المعروف في (عبد الله بن صالح) ؛ وهو أبو صالح كاتب الليث. وأبو يحيى: هو مصدع الأعرج المعرقب، وهو صدوق؛ كما قال الذهبي، ومن رجال مسلم. وسكت عنه المعلق على "الفضائل" فأحسن؛ لأنه ليس من فرسان هذا المجال، ولقد صدق من قال: (من عرف نفسه عرف ربه) ! بخلاف غيره من المعتدين على هذا العلم، كأمثال المعلقين الثلاثة على الطبعة الجديدة لكتاب المنذري "الترغيب والترهيب" تصحيحاً وتضعيفاً! والله المستعان. 5119 - (اهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنك لا تأتين بشيء أحب إليه من كثرة ذكره) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/ 129/ 313) و "الأوسط" (7/ 376 و 421/ 6731 و 6818) من طرق عن هشام بن عمار: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس المدني: حدثني مرقع عن أم سليم أم أنس ابن مالك: أنها قالت: يا رسول الله! أوصني؟ قال: ... فذكره. وقال: "لا يروى عن أم سليم إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام". الحديث: 5119 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 201 قلت: وهو صدوق؛ ولكنه كبر فصار يتلقن. وإسحاق بن إبراهيم بن نسطاس؛ ضعفه الجمهور. وقال البخاري: "فيه نظر". وأما الطبراني فقال: "من ثقات المدنيين"!! قلت: فكأنه لم يتبين له حاله! ولذلك؛ جزم بتضعيفه الهيثمي، فقال (10/ 75) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس؛ وهو ضعيف". ومن ذلك؛ تعلم خطأ قول المنذري (2/ 231) : "رواه الطبراني بإسناد جيد"! وفي رواية عنها نحوه بلفظ: " ... واذكري الله كثيراً؛ فإنه أحب الأعمال إلى الله أن تلقينه به". رواه الطبراني في "الكبير" (25/ 149/ 259) من طريق محمد بن إسماعيل الأنصاري عن يونس بن عمران بن أبي أنس ... وكلاهما ذكرهما ابن أبي حاتم ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. ويونس لم يرو عنه غير الأنصاري؛ فهو مجهول. وبقية رجاله ثقات؛ كما قال الهيثمي. وأم أنس في هذا الطريق: هي غير أم أنس بن مالك؛ كما استظهره الحافظ في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 202 "الإصابة"، وسبقه إلى ذلك الطبراني؛ فإنه قال تحت ترجمة (أم أنس الأنصارية) : "وليست بأم أنس بن مالك"! ومن الغريب أنه قال مثله في الموضع الثاني (6818) من الطريق الأولى؛ طريق (ابن نسطاس) ، فقال: "لا يروى عن أم أنس الأنصارية - وليست بأم سليم أم أنس بن مالك؛ هذه امرأة أخرى - إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار"! وهو أورده في "مسند أم سليم أم أنس" من "معجمه الكبير" كما تقدم، وقد وقع التصريح بذلك في الموضع الأول من "الأوسط" (6731) !! ولم يظهر لي ما استظهره الحافظ تبعاً للطبراني من التعدد، لا سيما وشيخه الهيثمي مال في كتابه "مجمع البحرين" (7/ 320) إلى أنها أم سليم أم أنس! والله أعلم. 5120 - (من أكثر ذكر الله؛ فقد برىء من النفاق) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 471/ 6927) و "الصغير" (ص 203 - هندية) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 285/ 1) ، وأبو محمد المخلدي في "الفوائد المنتخبة" (ق 3/ 1/ 2) ، والأزدي محمد بن الحسين في "أحاديث منتقاة" (ق 2/ 1-2) ، وأبو موسى المديني في "اللطائف" (ق 81/ 2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 415/ 576) ، والأصبهاني في "الترغيب" (1/ 321/ 731) من طرق عن مؤمل بن الحديث: 5120 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 203 إسماعيل: حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال الطبراني: "لم يروه عن سهيل إلا حماد، تفرد به مؤمل". قلت: وهو ضعيف؛ لسوء حفظه وكثرة خطئه. وقام الدليل على خطئه في إسناده ورفعه؛ فقال علي بن الجعد: حدثني حماد ابن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن كعب قال: ... فذكره موقوفاً عليه. أخرجه البيهقي (577) ، وقال: "وهو أصح من رواية مؤمل". وغفل عن هذا كله: السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 754) ؛ فقال: "رواه ابن شاهين في "الترغيب في الذكر"، ورجاله ثقات"! (تنبيه) : لقد وهم في هذا الحديث رجال: 1- الحافظ المنذري؛ فإنه أورده في كتابه "الترغيب" (2/ 231/ 27) بلفظ: "من لم يكثر ذكر الله؛ فقد برىء من الإيمان". وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير"، وهو حديث غريب"!! قلت: ولا أصل له فيهما بهذا اللفظ، ولا عند أحد ممن ذكرنا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 204 2- الحافظ الهيثمي؛ فإنه قلده في "مجمع الزوائد" (10/ 79) في عزوه ولفظه! وكذلك فعل في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" (ق 134/ 1 - المصورة و 7/ 319/ 4521 - ط) ؛ لكن وقع في المطبوعة: "من لا يكثر.."! 3- وقلدهما السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 205) ؛ لكنه عزاه لـ "الأوسط" فقط. 4- غفل المعلق على مطبوعة "مجمع البحرين" في تعليقه عليه - وقد عزاه لمصورة "الأوسط" -؛ أن لفظه فيه مخالف للفظ "المجمع"! وكأنه أخذ بخطأ من ذكرنا! وقد كنت أوردت هذا اللفظ قديماً في "المجلد الثاني" برقم (890) ، وحكمت عليه بالوضع؛ تبعاً للحافظ ابن حجر، ونقلت هناك كلام المنذري المتقدم، وأتبعته بتخريج الهيثمي إياه، وإعلاله بشيخ الطبراني (محمد بن سهل ابن المهاجر) ، وتعقب الحافظ إياه، وجزمه بأنه مجهول، وحديثه موضوع؛ فراجعه إن شئت. وكان ذلك قبل طبع "المعجم الأوسط"، أما وقد طبع، ووقفنا فيه على لفظه المذكور أعلاه، والذي رواه الجماعة مع الطبراني؛ فقد تبين أن اللفظ الآخر موضوع لا أصل له، وأنه لا وجه لإعلاله بابن المهاجر؛ لأن لفظه متابع عليه من الطرق التي سبقت الإشارة إليها. 5- ومن الطبيعي جداً أن يغفل أيضاً عما تقدم المعلقون الثلاثة؛ بل وأن يتخبطوا في نقل كلام العلماء، فقالوا في تعليقهم على "الترغيب" (2/ 375-376) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 205 "ضعيف، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4 (كذا) / 79) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" عن شيخه محمد بن سهل بن المهاجر عن مؤمل بن إسماعيل، وفي "الميزان" (3/ 576) : محمد بن سهل عن مؤمل بن إسماعيل، يروي الموضوعات. فإن كان هو ابن المهاجر؛ فهو ضعيف، وإن كان غيره؛ فالحديث حسن. وانظر: "لسان الميزان" (5/ 195) "!! فتأمل أيها القارىء! فيما نقلوه عن الهيثمي؛ فلجهلهم حتى بالكتابة؛ خلطوا معه كلام الذهبي بما قرنوا به من الإشارة إلى الجزء والصفحة في أثناء كلام الهيثمي، ولم يميزوا بينهما صراحة أو إشارة! بحيث لم يعد القارىء يمكنه أن يعرف أن قوله: "فالحديث حسن"؛ قول الهيثمي إلا إذا رجع إلى كلامه في "المجمع"! وإذا رجع إلى المجلد (4) الذي أشاروا إليه؛ فلا يجد الحديث فيه؛ لأنه خطأ، صوابه (10) ! وتصحيح ما صنعوا حذف ما قرنوا من إشارة الجزء والصفحة. ثم إنهم كتموا عن القراء تعليق الحافظ ابن حجر على كلام الهيثمي بأن الحديث موضوع؛ لكي لا يتعارض مع قولهم بأنه: "ضعيف"! وهكذا؛ فليكن التحقيق!! وقد كنت نقلت تعقيب الحافظ في المكان الذي سبقت الإشارة إليه من المجلد الثاني. 5121 - (إن الله يقول: يا ابن آدم! إنك إذا ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني كفرتني) . ضعيف جداً رواه الطبراني في "الأوسط" (مصورة الجامعة الإسلامية 4/ الحديث: 5121 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 206 433) من طريق حجاج بن محمد عن أبي بكر الهذلي عن عامر الشعبي أن أبا هريرة حدثه مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن الشعبي إلا أبو بكر، تفرد به حجاج". قلت: وهو المصيصي؛ ثقة من رجال الشيخين؛ لكنه اختلط في آخر عمره. وشيخه أبو بكر الهذلي متروك الحديث؛ كما في "التقريب". 5122 - (من قال إحدى عشرة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد؛ كتب الله له ألفي ألف حسنة، ومن زاد زاده الله عز وجل) . موضوع أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ق 76/ 1) ، والمحاملي في "الأمالي" (440/ 523) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 198/ 1) عن أبي الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً. قلت: وهكذا أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 264/ 2) ؛ إلا أنه أدخل بين أبي الورقاء وابن أبي أوفى: ابن المنكدر. وقال: "أبو الورقاء - مع ضعفه - يكتب حديثه"! كذا قال! وهو أسوأ من ذلك؛ فقد ضعفه أحمد وغيره جداً، وقال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 84) عن أبيه: "أحاديثه عن ابن أبي أوفى بواطيل، لا تكاد ترى لها أصلاً، كأنه لا يشبه حديث ابن أبي أوفى، ولو أن رجلاً حلف أن عامة حديثه كذب؛ لم يحنث". الحديث: 5122 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 207 ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك؛ اتهموه". والحديث؛ أورده الهيثمي (10/ 85) - من رواية الطبراني؛ دون قوله: "إحدى عشرة مرة"، ودون قوله: "ومن زاد ... " إلخ -، وقال: "وفيه فائد أبو الورقاء، وهو متروك". وكذلك أورده المنذري (2/ 242) ، وأشار لضعفه. وقال الناجي - بعدما أشار إلى رواية الطبراني -: "ورواه ابن جرير الطبري في "كتاب آداب النفوس" من حديث جابر نحوه غير مقيد بعدد، وزاد في آخره: "ومن زاد زاده الله" ... ". قلت: ثم وقفت على حديث جابر في "تاريخ ابن عساكر" (11/ 64) ؛ أخرجه من طريق عبيس بن ميمون عن مطر الوراق عن أبي نضرة عن جابر مرفوعاً بتمامه؛ وفيه الزيادة والعدد أيضاً؛ إلا أنه جعله قبيل الزيادة. قلت: ومطر الوراق ضعيف. لكن عبيس بن ميمون ضعيف جداً؛ قال البخاري وغيره: "منكر الحديث". وقد روي الحديث بلفظ: ".. أربعون ألف حسنة"؛ سيأتي برقم (6313) . ورواه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 157) من طريق أخرى عن فائد عن جابر؛ دون الزيادة والعدد. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 208 5123 - (كفارة المجلس؛ أن لا يقوم حتى يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، تب علي، واغفر لي (يقولها ثلاث مرات) ! فإن كان مجلس لغط؛ كانت كفارة له، وإن كان مجلس ذكر؛ كان طابعاً له) . منكر أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 79/ 2) من طريق خالد بن يزيد العمري: أخبرنا داود بن قيس عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته العمري؛ كذبه أبو حاتم ويحيى. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". قلت: وقد خالفه عبد العزيز بن عبد الله الأويسي وأحمد بن الحسين اللهبي قالا: حدثنا داود بن قيس الفراء به نحوه؛ دون قوله: "ثلاث مرات". أخرجه الحاكم (1/ 537) ، وقال: "صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وتابعهما مسلم بن أبي مريم عن نافع بن جبير به؛ دون الزيادة. أخرجه الطبراني من طريق ابن عجلان عن مسلم بن أبي مريم به. قلت: وإسناده حسن. فالزيادة المذكورة باطلة في حديث جبير هذا. وقد أورده المنذري في "الترغيب" الحديث: 5123 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 209 (2/ 236) من رواية ابن أبي الدنيا بلفظ: "إذا جلس أحدكم في مجلس؛ فلا يبرحن منه حتى يقول ثلاث مرات ... " فذكره. أورده عقب رواية الحاكم المتقدمة الصحيحة، وسكت عنه! وما أظنه يصح إسناده، بل لعله من طريق العمري المتقدم. وقد جاءت أحاديث من قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله في كفارة المجلس عن جمع من الصحابة؛ منهم: أبو هريرة، وأبو برزة، وعائشة، ورافع بن خديج، وعبد الله بن جعفر، والسائب بن يزيد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وعبد الله بن عمرو، وأحاديثهم مخرجة في "الترغيب"، و "المجمع" (10/ 141-142) ؛ وليس في شيء منها تلك الزيادة "ثلاث مرات"؛ اللهم إلا في رواية أبي داود (4857) ، وابن حبان (2367) عن ابن عمرو به موقوفاً عليه، وفي إسناده سعيد بن أبي هلال؛ وهو وإن كان ثقة؛ فقد كان اختلط. والله أعلم. 5124 - (ما من عبد قال: لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار؛ إلا طمست ما في الصحيفة من السيئات؛ حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات) . موضوع أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 910-911) ، وابن أبي شريح الأنصاري في "جزء بيبي" (ق 163/ 1) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 259/ 1) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 197/ 1-2) عن الهذيل الحديث: 5124 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 210 ابن إبراهيم الحماني: أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن الزهري - من ولد سعد بن أبي وقاص - عن الزهري عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عثمان هذا؛ قال الحافظ: "متروك، وكذبه ابن معين". وقال الهيثمي (10/ 82) : "رواه أبو يعلى، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري، وهو متروك". وأشار المنذري (2/ 239) إلى تضعيف الحديث؛ فقصر. والهذيل بن إبراهيم الحماني - وفي "اللسان": "الحمامي"؛ ولعله تصحيف -؛ قال ابن حبان في "الثقات": "حدثنا عنه أبو يعلى، يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ فإنه يروي عن عثمان بن عبد الرحمن، ومجاشع بن يوسف، وصالح بن بيان الساحلي". 5125 - (إن لله تعالى عموداً تحت العرش؛ فإذا قال العبد: لا إله إلا الله؛ اهتز ذلك العمود، فيقول الله عز وجل: اسكن. فيقول: يا رب! وكيف أسكن ولم تغفر لقائلها؟! قال: فيقول: فإني قد غفرت له، قال: فيسكن عند ذاك) . موضوع أخرجه البزار (ص 296) ، وابن شاهين في "الترغيب والترهيب" (ق 258/ 2) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 202/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (2/ 122/ 2) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 10/ 1) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري: حدثنا عبد الله بن الحديث: 5125 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 211 أبي بكر عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الغفاري هذا؛ قال الحافظ: "متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع". وقال الهيثمي (10/ 82) : "رواه البزار، وفيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو، وهو ضعيف جداً". وساق له الذهبي أحاديث مما أنكر عليه، هذا أحدها، وقال في حديثين منها: "وهما باطلان". وفي آخر: "فهذا غير صحيح". وأخرجه ابن شاهين - أيضاً - من طريق عمر بن صبيح عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً نحوه، وزاد في آخره: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكثروا من هز ذلك العمود"! قلت: وهذا موضوع أيضاً؛ آفته عمر بن صبيح؛ قال الحافظ: "متروك؛ كذبه ابن راهويه". 5126 - (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير - عشر مرات -؛ كن له كعدل عتق عشر رقاب، أو رقبة) . شاذ أخرجه أحمد (5/ 418) ، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" الحديث: 5126 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 212 (3/ 129) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 201/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 344) من طريق داود عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب مرفوعاً به. قلت: وهو إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لولا الشك الذي في آخره. ونحوه: ما رواه حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند به؛ إلا أنه قال: "كانت له كعدل محرر أو محررين". أخرجه الطبراني (4/ 196/ 4017) ، والبيهقي. والرواية الأولى أصح؛ لأن حماد بن سلمة في روايته عن غير ثابت البناني غيره أقوى منه! وأوهى مما مضى: ما روى حجاج بن نصير: أخبرنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي به؛ إلا أنه قال: " ... كن له كعدل عشر رقاب من ولد إسماعيل عليه السلام". أخرجه الطبراني. قلت: وحجاج بن نصير؛ قال الحافظ: "ضعيف، كان يقبل التلقين". والصحيح المحفوظ في هذا الحديث؛ إنما هو بلفظ: " ... كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 213 كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون قال: ... فذكره موقوفاً. وعبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن ربيع بن خثيم ... بمثل ذلك. قال: فقلت للربيع: ممن سمعته؟ قال: من عمرو بن ميمون. قال: فأتيت عمرو بن ميمون فقلت: ممن سمعته؟ قال: من ابن أبي ليلى. قال: فأتيت ابن أبي ليلى فقلت: ممن سمعته؟ قال: من أبي أيوب الأنصاري يحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري (11/ 169-172- فتح) ، ومسلم (8/ 69-70) ، وأحمد (5/ 422) ، وكذا الطبراني (1/ 201/ 2) إلا أنه وصل رواية أبي إسحاق أيضاً من طريق حديج بن معاوية (وهو صدوق يخطىء) عنه عن عمرو بن ميمون عن الربيع بن خثيم عن ابن أبي ليلى عن أيوب. وقد أشار الحافظ إلى حديث الترجمة؛ وأعله بقوله (11/ 172) : "وأما ذكر: "رقبة" بالإفراد في حديث أبي أيوب، فشاذ؛ والمحفوظ: "أربعة"". قلت: وكذلك رواية: "محرر أو محررين"، ورواية: "عشر رقاب"؛ كما بينته آنفاً. وإنما يصح عندي الرواية الأخيرة: "عشر رقاب" في حديث آخر لأبي أيوب رضي الله عنه، مقيداً بالصبح والمساء، وهو مخرج عندي في الكتاب الآخر (2563) . وحديث الربيع بن خثيم؛ أخرجه أيضاً يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 128-129) من طرق عنه، وفي أحدها زيادة بلفظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 214 "بعد الصبح". وسندها صحيح؛ لكنه لم يصرح برفعه؛ إلا أنه في حكم المرفوع. 5127 - (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ لم يسبقها عمل، ولم تبق معها سيئة) . ضعيف جداً رواه الدولابي في "الكنى" (2/ 28) عن أبي عثمان سليم بن عثمان قال: حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو عثمان هذا؛ قال أبو حاتم: "عنده عجائب، وهو مجهول". وقال الذهبي: "ليس بثقة". وقال الحافظ في "اللسان": "تعين توهينه". قلت: ولم يعرفه المنذري، فقال (2/ 242) : "رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في "الصحيح"، وسليم بن عثمان الطائي ثم الفوزي؛ يكشف حاله"! فأقول: قد فعلنا، فتبين أنه ليس بثقة. والله أعلم. وقال الهيثمي (10/ 85) : الحديث: 5127 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 215 "رواه الطبراني، وفيه سليم بن عثمان الطائي ثم الفوزي، وقد ضعفه غير واحد من قبل حفظه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "لم يرو عنه غير سليمان بن سلمة الخبائري، وهو ضعيف" (1) ، فإن وجد له راو غيره اعتبر حديثه، ويلزق به ما يستأهل من جرح أو تعديل، وذكره ابن أبي حاتم، وقال عن أبيه: "روى عنه محمد بن عوف، وأبو عتبة أحمد بن الفرج، وهو مجهول، وعنده عجائب". وقد روى عنه ثلاثة، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ". قلت: لم يرو عنه كبير أحد؛ سوى محمد بن عوف الحمصي الحافظ. وأما أبو عتبة؛ فقد ضعفه ابن عوف المذكور، وهو بلديه. وأما الخبائزي؛ فمتروك، وحسبك قول ابن حبان فيه: "ليس بشيء". وسيأتي له حديث آخر منكر، برقم (6619) . 5128 - (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو الحي الذي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا يريد بها إلا وجهه؛ أدخله الله بها جنات النعيم) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 197/ 1) ، (12/ 349/ 13311) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك قال: سمعت محمد بن قيس يقول: سمعت ابن عمر يقول: ... فذكره مرفوعاً.   (1) الذي في " الثقات " (6 / 415) : " ليس بشيء ". (الناشر) الحديث: 5128 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 216 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وقد تقدم الكشف عن علته تحت الحديث (5087) ؛ فراجعه. وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 85) : "رواه الطبراني، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو ضعيف". وقلده المعلقون على "الترغيب" (2/ 401) ، وقالوا عقبه: "وقال الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 149) : والذي رأيته في "مجمع الهيثمي": "وهو حي لا يموت" وهو الأشبه. والله أعلم"!! قلت: ونقلهم هذا عن الناجي مما لا فائدة فيه؛ سوى تسويد البياض وتكثير السواد؛ إلا لو أرادوا التحقيق والرد، وهو لا يحسنون شيئاً من ذلك، وإلا؛ لبادروا لبيان أن الموجود في "المجمع" المطبوع وفي المكان الذي أشاروا إليه مطابق لما في "الترغيب"، ولو أرادوا زيادة في التحقيق لرجعوا إلى الأصل؛ أعني "معجم الطبراني الكبير" (12/ 349/ 1331) ؛ ليجدوه كذلك! ولو كانوا أهلاً للتحقيق لقالوا أخيراً: ما دام أن الحديث ضعيف عندهم؛ فلا داعي للتدقيق في التحقيق، على حد المثل المعروف في بعض البلاد: "هذا الميت لا يستحق هذا العزاء"!! 5129 - (من قال: سبحان الله وبحمده؛ كتب له مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة، ومن قال: لا إله إلا الله؛ كان له بها عهد عند الله يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 207/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 267/ 1) عن إسماعيل بن إبراهيم الترجماني: أخبرنا عامر بن الحديث: 5129 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 217 يساف عن النضر بن عبيد عن الحسن بن ذكوان عن عطاء عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا حديث ضعيف؛ النضر بن عبيد؛ قال الذهبي: "شيخ ليس بعمدة، تفرد عنه عامر بن إبراهيم الأصبهاني، وهو النضر بن عبد الله؛ وقد مر". وقال هناك: "قال أبو نعيم: لم يحدث عنه غير عامر بن إبراهيم الأصبهاني". قلت: ذكره في "أخبار أصبهان" (2/ 329-330) ، وقال: " ... أبو غالب، كوفي قدم أصبهان". ثم ساق له ثلاثة أحاديث أخرى من رواية عامر بن إبراهيم عنه، وهذا من رواية عامر بن يساف عنه كما ترى، فإما أن يكون النضر بن عبيد هو غير النضر ابن عبد الله، خلافاً لما جرى عليه الذهبي ثم العسقلاني، وإما أن يكون قولهم: "تفرد عنه عامر بن إبراهيم" خطأ؛ فقد روى عنه عامر بن يساف أيضاً كما ترى. وابن يساف هو عامر بن عبد الله بن يساف اليمامي؛ كما في "الكامل"، وقال: "منكر الحديث عن الثقات". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال: "وهذه الأحاديث غير محفوظة، إنما يرويها عامر بن يساف، ومع ضعفه؛ يكتب حديثه". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 218 والحسن بن ذكوان من رجال البخاري؛ لكن فيه كلام من قبل حفظه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله: "صدوق يخطىء". وقد تابعه من هو أسوأ حالاً منه، وهو أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر قال: "جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سل واستفهم". فقال: يا رسول الله! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت بمثل ما آمنت به، وعملت مثلما عملت به؛ إني لكائن معك في الجنة؟ قال: "نعم". ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث بتقديم وتأخير، فقال رجل: كيف يهلك بعد هذا يا رسول الله؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل؛ لو وضع على جبل لأثقله، فتقوم النعمة من نعم الله، فيكاد أن يستنفد ذلك كله؛ إلا أن يتطاول الله برحمته". ونزلت هذه السورة: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إلى قوله: (نعيماً وملكاً كبيراً) . قال الحبشي: وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 219 "نعم". فاستبكى حتى فاضت نفسه. قال ابن عمر: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدليه في حفرته بيده. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1581) . قلت: وأيوب هذا؛ ضعفه الجمهور. ولذلك؛ جزم بضعفه الحافظ في "التقريب". وساق له الذهبي حديثين، أحدهما قال فيه: "وهذا باطل". والآخر؛ هذا؛ لكنه جعل مكان ابن عمر: ابن عباس؛ ثم قال: "هذا منكر غير صحيح". لكن يبدو أنه لم يتفرد بهذا السياق؛ فقد رواه سويد بن عبد العزيز: حدثني أبو عبد الله النجراني عن الحسن بن ذكوان به. أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 396/ 2 و 18/ 164/ 1) . وسويد بن عبد العزيز لين الحديث؛ كما في "التقريب". وقال الذهبي: "بل هو واه جداً". 5130 - (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله وأتوب إليه؛ من قالها كتبت كما قالها، ثم علقت بالعرش، لا يمحوها ذنب عمله صاحبها، حتى يلقى الله يوم القيامة وهي مختومة كما قالها) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (298 - زوائده) عن يحيى بن عمرو الحديث: 5130 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 220 ابن مالك عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى؛ قال الذهبي: "ضعفه أبو داود وغيره، ورماه حماد بن زيد بالكذب". ثم ساق له بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث؛ صرح بأنها من مناكيره. وبه أعله المنذري (2/ 244) ، ثم الهيثمي (10/ 94) . 5131 - (إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه: قبر أمي آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها، فأذن لي، فستأذنته في الاستغفار لها؛ فلم يأذن لي، ونزل علي: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) حتى ختم الآية، (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) ؛ فأخذني ما يأخذ الولد لوالده من الرقة، فذلك الذي أبكاني) . ضعيف أخرجه ابن حبان (792 - موارد) ، والحاكم (2/ 336) عن ابن جريج عن أيوب بن هانىء عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر في المقابر، وخرجنا معه، فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطى القبور، حتى انتهى إلى قبر منها، فناجاه طويلاً، ثم ارتفع نحيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باكياً، فبكينا لبكائه، ثم أقبل إلينا، فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! ما الذي أبكاك؛ فقد بكانا وأفزعنا؟! فجاء فجلس إلينا، فقال: "أفزعكم بكائي؟ "، فقلنا: نعم يا رسول الله! فقال: ... فذكره. الحديث: 5131 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 221 وقال الحاكم: "صحيح على شرطهما"!! قلت: ورده الذهبي بقوله: "قلت: أيوب بن هانىء ضعفه ابن معين". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق فيه لين". قلت: لم يرو عنه غير ابن جريج. وكأنه لذلك قال ابن عدي في "الكامل" (ق 19/ 2) : "لا أعرفه". قلت: وفي الحديث نكارة ظاهرة، وهي نزول الآيتين: (ما كان للنبي والذين آمنوا ... ) إلى آخرهما في زيارته - صلى الله عليه وسلم - لقبر أمه! والمحفوظ أنهما نزلتا في موت عمه أبي طالب مشركاً، وفي ذلك أحاديث كثيرة سردها السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 282-284) ، وأحدها في "صحيح البخاري" (3/ 255،305-306) ، و "صحيح مسلم" (1/ 40) وغيرهما من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه. نعم؛ قد رويت القصة من حديث إسحاق بن عبد الله بن كيسان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً نحوه؛ وفيه: "ولكن نزلت على قبر أمي، فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة؛ فأبى الله أن يأذن لي، فرحمتها، وهي أمي، فبكيت، ثم جاءني جبريل عليه السلام فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة إياه فلما تبين الجزء: 11 ¦ الصفحة: 222 له أنه عدو لله تبرأ منه) ؛ فتبرأ أنت من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه، فرحمتها وهي أمي ... ". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 145/ 1-2) ، وابن مردويه أيضاً؛ كما في "الدر" للسيوطي - وسكت عنه -، وهو من عجائبه! فإنه ساق قبله من رواية ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر لأبيه، فنهاه الله عن ذلك، قال: "فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه؟! "، فنزلت ... فذكر الآية. فقال السيوطي: "قلت: إن هذا الأثر ضعيف معلول؛ فإن عطية ضعيف". قلت: فهلا بادرت إلى تضعيف الذي قبله؟! وهو أولى بذلك؛ لأن إسحاق ابن عبد الله بن كيسان ضعيف جداً، وأباه ضعيف! فتأمل الفرق بينه وبين الحافظ ابن كثير وقد عقب عليه بقوله: "وهذا حديث غريب، وسياق عجيب، وأغرب منه وأشد نكارة: ما رواه الخطيب البغدادي في "كتاب السابق واللاحق" بسند مجهول عن عائشة في حديث فيه قصة: أن الله أحيا أمه فآمنت، ثم عادت، وكذلك ما رواه السهيلي في "الروض" بسند فيه جماعة مجهولون: أن الله أحيا له أباه وأمه فآمنا به. وقد قال الحافظ ابن دحية: هذا الحديث موضوع يرده القرآن والإجماع؛ قال الله تعالى: (ولا الذين يموتون وهم كفار) ... ". وأما قوله في حديث الترجمة: "وإني أستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، فاستأذنته في الاستغفار لها فلم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 223 يأذن لي". فهو صحيح ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - من رواية جمع من الصحابة رضي الله عنهم، وقد خرجته من حديث أبي هريرة وبريدة في "أحكام الجنائز وبدعها" (ص 187-188) . 5132 - (يا أبا المنذر! قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك،وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، مئة مرة في كل يوم؛ فإنك يومئذ أفضل الناس عملاً؛ إلا من قال مثل ما قلت، وأكثر من قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها سيد الاستغفار، وإنها ممحاة للخطايا - أحسبه قال - موجبة للجنة) . ضعيف جداً أخرجه البزار في "مسنده" (ص 296 - زوائده) : حدثنا عباد بن أحمد العرزمي: حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن جابر عن أبي مجالد عن زيد بن وهب عن أبي المنذر الجهني قال: قلت: يا نبي الله! علمني أفضل الكلام؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالمتروكين: الأول: جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -، فقد كذب؛ كما تقدم مراراً. الثاني: عبد الرحمن - وهو ابن محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي -؛ قال الذهبي: "ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: ليس بقوي". الحديث: 5132 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 224 قلت: الدارقطني صرح بأنه متروك كما يأتي قريباً. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" وقال: "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"! الثالث: ولده محمد بن عبد الرحمن؛ قال الذهبي: "قال الدارقطني: متروك الحديث؛ هو وأبوه وجده". قلت: وقرأت في "جزء مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة شيوخه" (ق 3/ 1) (1) : "سمعت أبي يقول: ذكرت لأبي نعيم (يعني: الفضل بن دكين) عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي؟ فقال: كان هؤلاء أهل بيت يتوارثون الضعف قرناً بعد قرن". الرابع: ابن أخيه: عباد بن أحمد العرزمي؛ قال الذهبي: "قال الدارقطني: متروك". قلت: وأما أبو مجالد شيخ جابر بن يزيد؛ فلم أعرفه، وكذا وقع في "أسد الغابة" (5/ 306) ! لكن وقع في "الإصابة" (8/ 182) : "ابن أبي المجالد"، ولعله الصواب؛ ففي الرواة: عبد الله بن أبي المجالد الكوفي، وهو ثقة مترجم في "التهذيب".   (1) مخطوط بخط الحافظ ابن عساكر وروايته. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 225 قلت: ومن هذا التحقيق؛ يتبين لك تساهل المنذري (2/ 250) ، ثم الهيثمي (10/ 86 و 88) ؛ بإعلالها الحديث بجابر الجعفي من رواية البزار ذاته! وأما قول ابن عبد البر في ترجمة أبي المنذر الجهني - بعد أن ذكر طرفاً من أول الحديث في "الاستيعاب" (4/ 1761) -: "فذكر حديثاً حسناً في فضل الذكر"! فهو إنما يعني حسناً في المعنى، لا إسناداً، وله مثل هذا غير قليل من الأمثلة؛ ولا مجال الآن لذكرها. 5133 - (من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ كتب له بكل حرف عشر حسنات) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 201/ 2) و "الأوسط" (7/ 253-254) : حدثنا محمد بن عيسى بن شيبة البصري: أخبرنا محمد بن منصور الطوسي: أخبرنا أبو الجواب: أخبرنا عمار بن رزيق عن فطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الخراساني عن حمران قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أن عطاء الخراساني - وهو ابن أبي مسلم -؛ ضعفه البخاري وغيره. وقال شعبة: "كان نسياً". ولذلك قال الحافظ: "صدوق، يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس". وأما الطوسي؛ فليس من رجال مسلم، ولكنه ثقة. الحديث: 5133 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 226 وأما ابن شيبة البصري؛ فكذلك، ولكنه لم يوثقه أحد، وقد روى عنه النسائي أيضاً في "حديث مالك". وقال الحافظ فيه: "مقبول". قلت: ولعله قد توبع؛ فقد قال المنذري في "الترغيب" (2/ 250) : "رواه ابن أبي الدنيا بإسناد لا بأس به"! قلت: فإن ابن أبي الدنيا من طبقة من يروي عن الطوسي. والله أعلم. وأما قوله: "بإسناد لا بأس به"؛ فقد تبين لك مما سبق أن الأمر ليس كذلك، وهذت إذا كان إسناد ابن أبي الدنيا من طريق الخراساني، وهو ما أرجحه. والله أعلم. ونحو قول المنذري ما في "المجمع" (10/ 91) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجالهما رجال "الصحيح"؛ غير محمد بن منصور الطوسي؛ وهو ثقة"! ومن طريقه: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 219) . 5134 - (من قرأ في ليلة: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) ؛ كان له نوراً من (أبين) إلى (مكة) ، حشوة الملائكة) . ضعيف أخرجه البزار (ص 303 - زوائده) ، والحاكم (2/ 371) عن النضر بن شميل: حدثني أبو قرة الأسدي قال: سمعت سعيد بن المسيب الحديث: 5134 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 227 يحدث عن عمر بن الخطاب مرفوعاً به. وقال البزار: "لا نعلمه مرفوعً إلا عن عمر بهذا الإسناد". وقال الهيثمي - عقبه -: "وأبو قرة؛ تفرد عنه النضر". وقال الحافظ - عقبه -: "قلت: قد وثق، وصح سماع سعيد من عمر"! وأقول: لم أدر أحداً وثقه، وقد ترجمه الحافظ في "التهذيب"، ولم يحك عن أحد توثيقه، بل قال: "قلت: وأخرج ابن خزيمة حديثه في "صحيحه"، وقال: لا أعرفه بعدالة ولا جرح". فإن كان هناك من وثقه؛ فهو من المتساهلين كابن حبان، فلا جرم أن الحافظ نفسه لم يقم وزناً لمثل هذا التوثيق؛ فإنه قال في ترجمته من "التقريب": "من أهل البادية، مجهول". وسبقه إلى ذلك الذهبي في "الميزان"، وقال - تبعاً للمنذري في "الترغيب" (2/ 258) -: "تفرد عنه النضر بن شميل". وأما الحاكم؛ فقال عقبه: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: أبو قرة فيه جهالة، ولم يضعف". وقال الحافظ ابن كثير - بعدما عزاه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 228 للبزار بإسناده -: "غريب جداً". 5135 - (من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة؛ كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 131-132) : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي: أخبرنا كثير بن يحيى: أخبرنا حفص بن عمر الرقاشي: أخبرنا عبد الله بن حسن بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهو إسناد ضعيف عندي، وإن حسنه المنذري (2/ 261) ، وتبعه الهيثمي (10/ 102) ؛ فإن حفص بن عمر الرقاشي لم أجد من ترجمه (1) ، وقد ذكره الحافظ في الرواة عن عبد الله بن حسن بن حسن، وذكر أنه مولاه، ولم ينسبه، ولم يورده السمعاني في "الأنساب". ويحتمل - على بعد - أن يكون الذي في "تاريخ البخاري" (1/ 2/ 365) ، و "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 177) : "حفص بن عمر مولى علي بن أبي طالب الهاشمي. سمع علي بن حسين. روى عنه أبو علقمة الفروي". قلت: فإن يكن هو؛ فهو مجهول الحال. وكثير بن يحيى؛ هو أبو مالك البصري؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 158) :   (1) ذكره الشيخ المؤلف - رحمه الله - في " الإرواء " (3 / 243) . (الناشر) الحديث: 5135 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 229 "روى عنه أبي وأبو زرعة، سألت أبي عنه؟ فقال: محله الصدق، وكان يتشيع، وقال أبو زرعة: صدوق". لكن قال الذهبي: "نهى عباس العنبري الناس عن الأخذ عنه"! قلت: ولعل ذلك لتشيعه. والله أعلم. والحديث؛ قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/ 154/ 2) - بعدما ساق إسناده من طريق الطبراني -: "حديث غريب، وفي سنده ضعف". لكنه قال: عن الطبراني عن محمد بن حيان بن علي المازني: حدثنا كثير بن يحيى به!! وهو في "المعجم" - كما رأيت - من روايته عن إبراهيم بن هاشم البغوي: أخبرنا كثير بن يحيى ... فلعل في نسخة "النتائج" خطأ، أو هو في مسودتي، وليست نسخة "النتائج" في متناول يدي الآن؛ فإنها من مخطوطات المكتبة المحمودية في المدينةالمنورة. ثم رأيت الحديث في كتاب "الدعاء" للطبراني (2/ 674) : حدثنا إبراهيم ابن هاشم البغوي ومحمد بن حيان المازني: حدثنا كثير بن يحيى صاحب البصري ... إلخ. فهذا يبين أن الحافظ نقله عن كتاب الطبراني هذا، وليس عن "المعجم الكبير". والحديث؛ حسن إسناده المنذري في "الترغيب" (2/ 261) ، والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 102) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 230 وقلدهما المعلق على كتاب "الدعاء"؛ وتعقب تضعيف الحافظ المذكور بقوله: "لم أقف على ضعف في إسناده؛ سوى كثير بن يحيى ... "!! قلت: وفاته جهالة حال حفص بن عمر الرقاشي. والله أعلم. لكن الحديث صحيح بلفظ: " ... لم يحل بيه وبين دخول الجنة إلا الموت". وقد تقدم تخريجه في "الصحيحة" (972) . فلا تغتر ببعض من يصرح بضعفه من المعاصرين، ولا بالشيخ الغماري الذي أورد حديث الترجمة في كتابه الذي أسماه "الكنز الثمين" (رقم 3868) ؛ فإنه مقلد متجمهد! بل ويزعم أنه مجدد القرن الرابع عشر! 5136 - (من قال في دبر الصلاة: سبحان الله العظيم وبحمده، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ قام مغفوراً له) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 299 - زوائده) : حدثنا نصر بن علي: حدثنا خلف بن عقبة: حدثنا أبو الزهراء عن أنس مرفوعاً. وقال - هو أو الهيثمي -: "أبو الزهراء غير معروف". ونحوه في "المجمع" (10/ 103) ؛ وزاد: "وبقية رجاله ثقات". وقال المنذري (2/ 262) : " ... وسده إلى أبي الزهراء جيد، وأبو الزهراء لا أعرفه". الحديث: 5136 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 231 قلت: أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 375) بهذا الحديث ووصفه بأه خادم أنس، وقال: "روى عنه خلف (1) بن عقبة القشيري"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأورد خلفاً هذا (1/ 2/ 371) بهذه الرواية، ولم يذكر فيه أيضاً جرحاً ولا تعديلاً. ولعله في "ثقات ابن حبان"؛ لتوثيق الهيثمي وتجويد المنذري المتقدمين. والله أعلم. ومن الوجه المتقدم: أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص 35 رقم 129) . 5137 - (نزل عليه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إن سرك أن تعبد الله ليلة حق عبادته؛ فقل: اللهم! لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك، ولك الحمد دائماً لا منتهى له دون مشيئتك، وعند كل طرفة عين وتنفس) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 437 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 95/ 4389) من طريقي عن منجاب بن الحارث: حدثنا علي بن الصلت العامري عن عبد الله بن شريك عن بشر ابن غالب عن علي مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به منجاب". قلت: هو ثقة من رجال مسلم. وإنما العلة من شيخه علي بن الصلت   (1) الأصل (خالد) ! وهو خطأ مطبعي الحديث: 5137 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 232 العامري؛ فإنه غير معروف، فقال الهيثمي (10/ 97) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه علي بن الصلت، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". وعزاه المنذري (2/ 259) لأبي الشيخ بن حيان - أيضاً - نحوه؛ وقال: "وفي إسنادهما علي بن الصلت العامري، لا يحضرني حاله". قلت: ويحتمل - على بعد - أنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 190) : "علي بن الصلت. روى عن أبي أيوب. روى عنه المسيب بن رافع". قلت: المسيب تابعي معروف، روى عن بعض الصحابة وكبار التابعين، فمن المستبعد أن يكون هو هذا الذي روى عنه منجاب بن الحارث، ومنجاب من الطبقة العاشرة مات سنة (231) . وقال الناجي في "عجالته" - تعليقاً على قول المنذري السابق -: "ذكره ابن حبان في "الثقات". وأما ابن خزيمة فقال في "صحيحه": لا أعرفه، ولا أدري لقي أبا أيوب أو لا؟! .. قال: ولا يحتج بمثل هذه الأسانيد إلا معاند أو جاهل"! قلت: ذكر هذا ابن خزيمة في حديث آخر معلق في "صحيحه" (2/ 222) من روايته عن أبي أيوب الأنصاري. وإنما استبعدت أن يكون هو هذا؛ لأنه دون هذا في الطبقة، وتأكدت من ذلك حينما رأيت ابن حباب ذكره في طبقة التابعين من "ثقاته" (5/ 163) ولم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 233 ينسبه عامرياً، وكذا هو في "تاريخ البخاري"، و "الجرح والتعديل". ثم إن حديث ابن خزيمة وصله جماعة خرجتهم في "صحيح أبي داود" (1161) . 5138 - (نزل علي جبريل فقال: إن خير الدعاء أن تقول في صلاتك: اللهم! لك الحمد كله، ولك الملك كله، ولك الخلق كله، وإليك يرجع الأمر كله، أسألك الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله) . موضوع أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 97/ 4000) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (7/ 2 رقم الحديث: 7) من طريق خالد ابن يزيد العمري عن ابن أبي ذئب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري: أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله! أي الدعاء خير؛ أدعو به في صلاتي؟ قال عليه السلام: ... فذكره. وقال البيهقي: "تفرد به خالد العمري". قلت: وهذا موضوع، آفته العمري؛ كذبه أبو حاتم. وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". والحديث؛ عزاه المنذري (2/ 254) للبيهقي، وأشار لضعفه! وتبعه المعلقون الثلاثة؛ لجهلهم بحال خالد العمري؛ مع أنهم قلوا عن البيهقي قوله بتفرد العمري به، وسكتوا عنه!! الحديث: 5138 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 234 5139 - (يا خالد بن الوليد! ألا أعلمك كلمات تقولهن، [لا تقولهن] ثلاث مرات حتى يذهب الله ذلك عنك؟! قال: بلى يا رسول الله! بأبي أنت وأمي؛ فإنما شكوت ذلك إليك رجاء هذا منك. قال: قل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون) . موضوع رواه الطبراني في "الأوسط" (4/ 441 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق أبي معبد حفص بن غيلان عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة: حدث خالد بن الوليد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهاويل يراها بالليل، حالت بينه وبين صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ... فذكره. قالت عائشة: فلم ألبث إلا ليالي حتى جاء خالد بن الوليد فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي؛ والذي بعثك بالحق! ما أتممت الكلمات التي علمتني ثلاث مرات؛ حتى أذهب الله عني ما كنت أجد، ما أبالي لو دخلت على أسد في حبسه بليل. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته الحكم بن عبد الله الأيلي؛ قال أحمد: "أحاديثه موضوعة". وقال أبو حاتم، وابن أبي الحواري: "كذاب". وتركه جماعة، وضعفه آخرون؛ فلا جرم أن أشار المنذري (2/ 263) إلى تضعيف الحديث. وأعله به الهيثمي فقال (10/ 127) : "وفيه الحكم بن عبد الله الأيلي، وهو متروك". الحديث: 5139 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 235 والدعاء المذكور في حديث الترجمة؛ قد روي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن حديث غيره، فهو ثابت. 5140 - (ما من عبد يقول: لا إله إلا الله والله أكبر؛ إلا أعتق الله ربعه من النار، فإن قالها مرتين؛ أعتق نصفه من النار، فإن قالها ثلاثاً؛ أعتق ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعاً؛ أعتقه الله من النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 435 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال: حدثنا مقدام بن داود: حدثنا أسد بن موسى: حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن زيد بن أرطأة عن أبي الدرداء مرفوعاً، وقال: "لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو بكر". قلت: وهو ضعيف مختلط. ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 250) إلى تضعيفه. وبه أعله الهيثمي فقال (10/ 87) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيهما أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف". قلت: والمقدام بن داود؛ قال النسائي: "ليس بثقة". وقال ابن يونس وغيره: "تكلموا فيه". الحديث: 5140 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 236 5141 - (م ن صلى علي من أمتي صلاة مخلصاً من قلبه؛ صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر الحديث: 5141 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 236 حسنات، ومحا عنه عشر سيئات) . ضعيف بهذا التمام أخرجه البزار في "مسنده" (ص 307 - زوائده) ، وكذا النسائي في "عمل اليوم والليلة" (65) ، والطبراني في "الكبير" [22/ 195/ 513] من طريق سعيد بن أبي جعفر أبي الصباح عن سعيد بن عمير عن أبي بردة بن نيار مرفوعاً به. واللفظ للنسائي. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة سعيد بن عمير والراوي عنه سعيد بن أبي جعفر أبي الصباح (1) ، وأبو جعفر والد سعيد اسمه سعيد أيضاً، وهو ثعلبي، وقيل: تغلبي؛ قال الذهبي: "ضعفه الأزدي، وقال ابن حبان (يعني في "الثقات") : أخذ عنه وكيع". وقال الحافظ: "مقبول"؛ يعني: عند المتابعة، وكذا قال في شيخه سعيد بن عمير، ووثقه ابن حبان أيضاً ‍‍‍! وروى ابن عدي في "الكامل" (ق 182/ 2) عن ابن معين أنه قال: "لا أعرفه". وقال الذهبي في ترجمته من "الميزان": "انفرد سعيد بن سعيد التغلبي عن سعيد بن عمير عن ابن عمر بحديث: يا علي! أنا أخوك في الدنيا والآخرة. وهذا موضوع". قلت: يشير إلى أحدهما هو المتهم بوضعه، فحري بإسناد يدور عليهما أن   (1) قد وثقهما الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (3360) ، بل ونقل حديثهما هذا هناك. فلعل الشيخ أراد حذفه من هنا ونسي، ويؤيد هذا أن رقم هذا الحديث مكرر. والله أعلم. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 237 لا يوثق به. فمن تساهل المنذري في "الترغيب" (2/ 278) : أن لا يشير إلى تضعيف الحديث! وأسوأ من ذلك قول الهيثمي (10/ 162) : "رواه البزار، ورجاله ثقات"! وإنما يصح من الحديث قوله: "من صلى علي واحدة؛ صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات". وهو مخرج في "المشكاة" (902) ؛ وانظر "الترغيب" (2/ 277،279) . 5141/ م - (من صلى علي؛ بلغتني صلاته، وصليت عليه، وكتب له سوى ذلك عشر حسنات) (1) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 448 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال: حدثنا أحمد: حدثنا إسحاق: حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أبي جعفر إلا محمد بن سليمان". قلت: وهو صدوق؛ كما في "التقريب". لكن العلة من شيخه أبي جعفر الرازي؛ فإنه صدوق سيىء الحفظ.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا متن هذا الحديث: " راجع ترجمة إسحاق بن راهويه في (المزي) ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 238 وقول الهيثمي (10/ 162-163) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه راو لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"!! فأقول: فيه أمران: الأول: أن أبا جعفر الرازي لا يصح أن يطلق عليه أنه ثقة؛ لأنه م ختلف فيه من جهة، ولأن الراجح فيه ما ذكرته آنفاً من جهة أخرى، وهو قول الحافظ الفسوي قديماً، والعسقلاني حديثاً. والآخر: أن الراوي الذي لم يعرفه - وهو إسحاق -؛ إنما هو إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه، أو إسحاق بن زيد الخطابي؛ فقد ذكرهما ابن أبي حاتم (3/ 2/ 267) في الرواة عن محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني. فإن كان الأول؛ فهو ثقة إمام، وهو من شيوخ الشيخين. وإن كان الآخر؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 220) برواية أبيه عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 5142 - (من صلى على محمد وقال: اللهم! أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة؛ وجبت له شفاعتي) . ضعيف أخرجه أحمد (4/ 108) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -" (رقم: 53) ، وكذا ابن أبي عاصم (59/ 78) ، والبزار (4/ 45/ 3157) ، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص 280) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 13-14/ 4480،4481) و "الأوسط" (1/ 187/ 1/ 3428 - بترقيمي) من طرق عن ابن لهيعة قال: الحديث: 5142 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 239 حدثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء [بن شريح] الحضرمي عن رويفع ابن ثابت الأنصاري مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن رويفع إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة". قلت: هو سيىء الحفظ؛ إلا فيما رواه عنه أحد العبادلة، ومنهم أبو عبد الرحمن المقري عبد الله بن يزيد: عند الطبراني في "الكبير" بالرقم الثاني بسند صحيح عنه؛ لكن ذكر فيه (ابن هبيرة) مكان (بكر بن سوادة) ، ولا يضر؛ فإنه ثقة من رجال مسلم مثل (بكر) ، واسمه (عبد الله بن هبيرة) . وكذلك شيخهما (زياد بن نعيم) ثقة أيضاً، وهو (زياد بن ربيعة بن نعيم الحضرمي) . فالعلة: (وفاء بن شريح الحضرمي) ؛ بيض له الذهبي في "الكاشف". وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول". قلت: وذلك؛ لأنه لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 497) ، ولم يذكر البخاري راوياً عنه غير زياد بن نعيم هذا، وقرن معه ابن أبي حاتم وابن حبان: (بكر بن سوادة) ، وساق له حديثاً من رواية عمرو بن الحارث عن بكر عن وفاء عن سهل ابن سعد. وهو مخرج في "الصحيحة" شاهداً تحت الحديث (259) ، وقد سقط (بكر) هذا من إسناد "الثقات"، وهو ثابت في "صحيح ابن حبان" (1786) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 240 وأنت ترى أن بكراً إنما روى في حديث الترجمة عن (وفاء) بواسطة (زياد بن نعيم) ؛ فأخشى أن يكون سقط أيضاً (زياد) هذا من إسناد حديث (سهل بن سعد) ، فإن كان كذلك؛ فيكون (وفاء) مجهول العين، وإلا؛ فهو مجهول الحال. وهو - على كل الأحوال - علة هذا الحديث. والله أعلم. تنبيهات: 1- قال المنذري في "الترغيب" (2/ 282) : "رواه البزار، والطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وبعض أسانيدهم حسن"! يشير إلى رواية عبد الله بن يزيد المقرىء. ونحوه في "مجمع الزوائد" للهيثمي (10/ 163) ! قلت: وهذا منهما اعتداد بتوثيق ابن حبان لـ (وفاء) ! وقد عرفت ما فيه. 2- وغفل الحافظ الناجي عن اعتداد المنذري المذكور، فتعقبه بقوله في "عجالته" (ق 127/ 2) : "كيف يكون السند حسناً ومداره على (ابن لهيعة) ؛ وحاله مشهور؟! "!! فكان عليه أن يتنبه للاستثناء المذكور، وأن ينبه على جهالة (وفاء) المزبور! 3- وتبع الهيثمي على التحسين والاعتداد المذكور: المعلق على "مجمع البحرين" (8/ 26) ؛ فإنه أقره عليه، بل وأيده؛ فإنه - بعد أن ذكر أن ابن لهيعة مختلط - استدرك بأن رواية (المقرىء) عنه قبل الاختلاط، وعليه قال: "فالحديث حسن"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 241 فغفل أيضاً عن جهالة (وفاء) ! 4- (وفاء) : هذا هو الصواب بالفاء، وكذلك هو في أكثر كتب التراجم والروايات. ووقع في "الجرح" و "الثقات": (وقاء) بالقاف! وهو خطأ؛ كما حققته في "تيسير الانتفاع". ووقع في مصورة "الأوسط": (رقا) ! وفي مطبوعته (4/ 174/ 3309) : (ورقاء) ! 5- سقط رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب "فضل الصلاة" لابن أبي عاصم؛ خلافاً لكل الطرق عن ابن لهيعة، واستظهر محققه الفاضل الأخ حمدي السلفي أنه من الناسخ. ويؤيده أنه فيه من رواية (عبد الغفار بن داود) عنه، وهي عند البزار مرفوعة مع غيره من المتابعين له، ولذلك كنت أود لو أنه جعل قوله الصريح في الرفع: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" بين معكوفتين [] ؛ مع التنبيه على ذلك في الحاشية. 5142/ م - (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة؛ يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر) . ضعيف بهذا التمام أخرجه الترمذي (1/ 146) ، وابن ماجه (1728) ، وابن مخلد في "المنتقى من أحاديثه" (2/ 83/ 1) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (92/ 1) ، والبغوي في "شرح السنة" (ق 129/ 1) ، والقاضي أبو يعلى في "المجالس الستة" (ق 116/ 2،128/ 1) من طريق مسعود بن واصل عن نهاس بن قهم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 242 هريرة مرفوعاً به. وقال الترمذي - مضعفاً -: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس. وسألت محمداً (يعني: الإمام البخاري) عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا، وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم". قلت: وقد اتفقوا على تضعيفه. ونحوه مسعود بن واصل؛ إلا أن ابن حبان أورده في "الثقات"؛ لكنه قال: "ربما أغرب". ولذلك؛ قال البغوي عقب الحديث: "وإسناده ضعيف". ثم ذكر الترمذي عن البخاري أنه قال: "قد روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً شيئاً من هذا". قلت: بل قد روي موصولاً، أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 100-101/ مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق إسماعيل بن بشر: أخبرنا مقاتل بن إبراهيم: أخبرنا عثمان بن عبد الله عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. لكن مقاتلاً هذا وعثمان بن عبد الله لم أعرفهما. ثم روى الأصبهاني من طريق حرمي بن عمارة: حدثني هارون بن موسى قال: سمعت الحسن يحدث عن أنس قال: كان يقال في أيام العشر: لكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم. قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 243 يعني: في الفضل. قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ لكن الحسن - وهو البصري - مدلس؛ وقد عنعنه. نعم؛ قد قال المنذري في "الترغيب" (2/ 125) : "رواه البيهقي والأصبهاني، وإسناد البيهقي لا بأس به". فهذا صريح في المغايرة بين إسناد البيهقي وإسناد الأصبهاني؛ فإن كان يعني أنها من غير طريق الحسن البصري؛ فممكن، وإلا؛ فالإسناد لا يخلو من بأس. واعلم أنني خرجت الحديث هنا من أجل الشطر الثاني منه، وإلا؛ فشطره الأول صحيح؛ جاء من حديث ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمرو، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (890) . 5143 - (ذروة سنام الإسلام: الجهاد في سبيل الله، لا يناله إلا أفضلهم) . ضعيف أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 75/ 2) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: علي بن يزيد: هو الدمشقي الألهاني، وهو ضعيف. والأخرى: عثمان بن أبي العاتكة؛ قال الحافظ: "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". الحديث: 5143 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 244 ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 176) إلى تضعيف الحديث. وقال الهيثمي (5/ 274) : "رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد، وهو ضعيف". قلت: والحديث صحيح؛ دون قوله: "لا يناله إلا أفضلهم"؛ فقد أخرجه أحمد (5/ 231،234،235،237،245-246) من طرق عن معاذ بن جبل مرفوعاً به. وهو عند الترمذي وغيره في قصة مسير معاذ مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله - صلى الله عليه وسلم - له: "لقد سألتني عن عظيم ... " الحديث بطوله، وصححه الترمذي وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (412) وغيره. 5144 - (كل عين باكية يوم القيامة؛ إلا عين غضت عن محارم الله، وعين سهرت في سبيل الله، وعين خرج منها رأس الذباب من خشية الله عز وجل) (1) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 130 - مصورة الجامعة) من طريق داود بن عطاء المديني: حدثني عمر بن صهبان: حدثني صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: عمر بن صبهان - وهو أبو جعفر المدني -؛ قال الحافظ:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق متن هذا الحديث: " تقدم برقم (1562) ". (الناشر) الحديث: 5144 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 245 "ضعيف". والأخرى: داود بن عطاء المدني؛ ضعيف أيضاً. لكنه قد توبع؛ فقال ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 86/ 2) ، والبزار (1659 - الكشف) : حدثنا صاحب لنا كان ينسب إلى حفظ الحديث (1) : حدثنا عمر بن سهل المازني عن عمر بن صبهان به. قلت: وعمر بن سهل المازني فيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". والحديث له طرق ليس فيها: "مثل رأس الذباب.."، ولذلك؛ خرجته بدونها في "الصحيحة"، مخرجاً طرقه هناك (2673) . 5145 - (إذا رجف قلب المؤمن في سبيل الله؛ تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عذق النخلة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (6/ 288-289) ؛ و "الأوسط" (2/ 224 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 367) عن عمرو بن حصين العقيلي: حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن الأعمش عن أبي وائل عن سلما مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا عبد العزيز، تفرد به عمرو". قلت: وهو متروك، كذبه الخطيب؛ كما تقدم مراراً تحت الأرقام (41، 382،425) .   (1) سمى البزار شيخه (عبد الله بن شبيب) ، ولعله الذي أبهمه ابن أبي عاصم. (الناشر) الحديث: 5145 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 246 وقد روي موقوفاً: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 286، 303) بسند صحيح عن أبي وائل عن سلمة بن سبرة عن سلمان قال: ... فذكره موقوفاً عليه. لكن سلمة بن سبرة لا يعرف إلا بهذه الرواية؛ فهو مجهول، وإن وثقه ابن حبان. 5146 - (الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة: آخر ساعة من يوم الجمعة يوم غروب الشمس أغفل ما يكون الناس) . موضوع أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (233 - 234/ مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن أحمد بن راشد: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المصيصي: أخبرنا حجاج بن محمد: أخبرنا أبو غسان محمد بن مطرف عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته المصيصي هذا؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 116 - دار الوعي) : "يسوي الحديث، ويسرقه، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، يقلب حديث الزبيدي عن الزهري على الأوزاعي، وحديث الأوزاعي على مالك، وحديث زياد بن سعد على يعقوب بن عطاء، وما يشبه هذا". وقال الذهبي في أول ترجمته: "أحد المتروكين". الحديث: 5146 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 247 ثم ساق له أحاديث منكرة، رواها له ابن حبان، ثم قال في آخرها: "قلت: هذا رجل كذاب، قال الحاكم: أحاديثه موضوعة". (فائدة) : قال الحافظ - عقب ما نقلته عن ابن حبان آنفاً -: "ومعنى تسوية الحديث: أنه يحذف من الإسناد من فيه مقال، وهذا يطلق عليه تدليس التسوية". 5147 - (من طلب الدنيا بعمل الآخرة؛ طمس وجهه، ومحق ذكره، وأثبت اسمه في النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (2/ 268/ 2128) عن نصر بن خالد النحوي: أخبرنا همام بن الضريس عن الهيثم عن الجارود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالمجهولين؛ الهيثم فمن دونه لم أعرفهم. وقال الهيثمي (10/ 220) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم". الحديث: 5147 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 248 5148 - (من قال: لا إله إلا الله [مخلصاً] ؛ دخل الجنة. قيل: وما إخلاصها؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 3 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن زيد ابن أرقم مرفوعاً، وقال: "تفرد به محمد". الحديث: 5148 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 248 قلت: وهو كذاب وضاع؛ قال الذهبي: "قال الدارقطني وغيره: كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل". وقال ابن عدي أيضاً: "روى عن شريك وحماد بن زيد أحاديث أنكرت عليه، وهو ممن يضع الحديث". وقال الحاكم: "روى عن مالك وإبراهيم بن سعد أحاديث موضوعة". ولذلك؛ قال الهيثمي (1/ 18) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، وهو وضاع". قلت: ولذلك؛ فقد أساء الحافظ المنذري بإيراده هذا الحديث في "الترغيب" (2/ 238) من رواية الطبراني مقتصراً على تصديره إياه بقوله: "روي"؛ الدال على ضعفه فقط! وإن كان ذلك يتفق مع اصطلاحه الذي وضعه في مقدمة الكتاب، ولكنه اصطلاح غير دقيق؛ حيث يشمل الضعيف والموضوع، والتفريق بينهما واجب؛ لا سيما عند الجمهور الذي يرى العمل بالحديث الضعيف - في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب - دون الموضوع، فتأمل! 5149 - (إن صلاة المرابط تعدل خمس مئة صلاة، ونفقة الدينار والدرهم أفضل من سبع مئة دينار في غيره) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 101/ 2) : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا يحيى بن صالح عن جميع بن ثوب عن خالد الحديث: 5149 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 249 ابن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ رجاله ثقات؛ غير جميع بن ثوب، فهو الآفة؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". وقال ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (1/ 218) : "كان يخطىء كثيراً، لا يحتج به إذا انفرد". والحديث؛ أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 164) من رواية البيهقي؛ دون أن يشير إلى تضعيفه! 5150 - (من ترك صلاة متعمداً؛ أحبط الله عمله وبرئت منه ذمة الله؛ حتى يراجع لله توبة) . ضعيف جداً بتمامه أخرجه الأصفهاني في "الترغيب" (ص 477 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق عمرو بن عبد الغفار الفقيمي عن حسن ابن عمرو الفقيمي: حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن معمر أبي طوالة الأنصاري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عمرو بن عبد الغفار؛ قال الذهبي: "قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث". وذكره العقيلي والساجي والعجلي في "الضعفاء". الحديث: 5150 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 250 وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وأخرج له الحاكم في "المستدرك"! وسعد بن سعيد الأنصاري؛ قال الحافظ: "صدوق سيىء الحفظ". قلت: وإنما أخرجت الحديث هنا؛ من أجل الزيادة التي في آخره: "حتى يراجع لله توبة"، وإلا؛ فهو بدونها صحيح؛ له شواهد كثيرة، خرجت بعضها في "الإرواء" (2026) . 5151 - (من سل سخيمته على طريق من طرق المسلمين؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) (1) . ضعيف رواه الطبراني في "الصغير" (167) و "الأوسط" (1/ 33 مصورة الجامعة) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2230) من طريق محمد بن عمرو الأنصاري عن محمد بن سيرين قال: قال رجل لأبي هريرة أفتيتنا في كل شيء؛ يوشك أن تفتينا في الخراء! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن ابن سيرين إلا محمد بن عمرو، تفرد به كامل". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير الأنصاري هذا؛ وكنيته أبو سهل؛ فإنه ضعيف. ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/ 186) وصححه، ووافقه الذهبي! فوهما   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " الروض (1142) ". (الناشر) الحديث: 5151 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 251 فقد ضعفه الجمهور، وقال الذهبي نفسه في "الميزان": "ضعفه يحيى القطان، وابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن عدي أيضاً. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ليس يساوي شيئاً". ونص ابن عدي عقب الحديث: "وله غير ما ذكرت، وأحاديثه إفرادات، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء". ولذلك؛ قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 105) : "وإسناده ضعيف". لكن قد جاء الحديث مختصراً بلفظ: "من آذى المسلمين في طرقهم؛ وجبت عليه لعنتهم". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 200/ 3050) من طريقين عن شعيب بن بيان: حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد حسن؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (1/ 83) ، والهيثمي في "المجمع" (1/ 204) . وشعيب وعمران؛ فيهما كلام من قبل حفظهما، لا ينزل حديثهما من مرتبة الحسن؛ لا سيما وفي معناه أحاديث أخرى، فانظر "الإرواء" (62) . (تنبيه) : وقع الحديث في مطبوعة "الكامل" بلفظ: "من تميل بسخينة"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 252 وهو من التصحيفات والأخطاء الكثيرة التي وقعت فيه من اللجنة المتخصصة! وبإشراف الناشر! لو أن أحداً ممن لا قيمة لوقته تفرد لتتبعها؛ لكان من ذلك مجلد. والله المستعان! 5152 - (تعوذوا بالله من جب الحزن! قالوا: يا رسول الله! وما جب الحزن؟ قال: واد في جهنم، إن جهنم تتعوذ بالله من شر ذلك الوادي في كل يوم أربع مئة مرة، يلقى فيه الغرارون. قيل: وما الغرارون؟ قال: المراؤون بأعمالهم في الدنيا) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (مصورة الجامعة الإسلامية 4/ 472) من طريق محمد بن ماهان: حدثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن سليمان إلا محمد بن الفضل، تفرد به محمد بن ماهان". قلت: وثقه ابن حبان والدارقطني، وإنما الآفة من شيخه محمد بن الفضل بن عطية؛ فإنه متروك متهم؛ كما تقدم مراراً. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (10/ 389) ، فقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو مجمع على ضعفه". وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن ابن سيرين به نحوه، وقد خرجته وبينت علته فيما مضى برقم (5023) . الحديث: 5152 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 253 5153 - (إذا كان يوم القيامة؛ صارت أمتي ثلاث فرق: فرقة يعبدون الله خالصاً، وفرقة يعبدون الله رياء، وفرقة يعبدون الله ليستأكلوا به الناس. فإذا جمعهم قال للذي يستأكل الناس: بعزتي وجلالي! ما أردت بعبادتي؟! قال: بعزتك وجلالك! أستأكل به الناس. قال: لم ينفعك ما جمعت شيئاً؛ انطلقوا به إلى النار! ثم يقول للذي كان يعبده رياءً: بعزتي وجلالي! ما أردت بعبادتي؟! قال: بعزتك وجلالك! أردت به رياء الناس. قال: لم يصعد إلي منه شيء؛ انطلقوا به إلى النار! ثم يقول للذي كان يعبده خالصاً: بعزتي وجلالي! ما أردت بعبادتي؟! قال: بعزتك وجلالك! أنت أعلم بذلك مني؛ أردت به وجهك وذكرك! قال: صدق عبدي! انطلقوا به إلى الجنة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 465) ، والأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 29) من طريق عبيد بن إسحاق العطار: حدثنا قطري الخشاب عن عبد الوارث عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علتان: الأولى: عبد الوارث هذا - وهو مولى أنس -؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 74) عن أبيه: "شيخ". وفي "الميزان": الحديث: 5153 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 254 "ضعفه الدارقطني. وقال الترمذي عن البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: مجهول". والأخرى: عبيد بن إسحاق العطار؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 401) : "قال ابن معين: لا شيء. وقال أبي: ما رأينا إلا خيراً، وما كان بذاك الثبت، في حديثه بعض الإنكار". وفي "الميزان" و "اللسان": "وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن الجارود: يعرف بعطار المطلقات، والأحاديث التي يحدث بها باطلة، وقال البخاري: منكر الحديث". قلت: ولذلك؛ قال الهيثمي (10/ 222) - بعدما عزاه للطبراني -: "وفيه عبيد بن إسحاق العطار وهو متروك". ومع كل ما تقدم من الضعف الشديد في الراويين؛ صدره المنذري (1/ 37) بقوله: "وعن أنس بن مالك ... "! 5154 - (يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة، فتنصب بين يدي الله تعالى، فيقول الله تبارك وتعالى: ألقوا هذا واقبلوا هذا! فتقول الملائكة: وعزتك! ما رأينا إلا خيراً! فيقول الله تعالى: إن هذا كان لغير وجهي، وإني لا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 465 مصورة الجامعة الحديث: 5154 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 255 الإسلامية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 35 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي: حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الطبراني: "لم يروه عن أبي عمران إلا الحارث". قلت: قال ابن ابي حاتم (1/ 2/ 81) : "قال عبد الرحمن بن مهدي: كان من شيوخنا، وما رأيت إلا خيراً. وقال أحمد: مضطرب الحديث. وقال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال أبي: يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 224) : "كان شيخاً صالحاً ممن كثر وهمه، حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا". قلت: وضعفه آخرون، سماهم في "التهذيب"، وقال: "استشهد به البخاري متابعة في موضعين". ورمز له أنه من رجال مسلم! فلا أدري أخرج له محتجاً به، أم مقروناً بغيره؟ وأيا ما كان؛ فالرجل ليس في موضع الحجة؛ لسود حفظه. وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "صدوق يخطىء". ومن هذا التحقيق؛ يتبين لك ما في قول المنذري في "الترغيب" (1/ 37) من الإغماض؛ حيث قال - وتبعه الهيثمي (10/ 350) -: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 256 "رواه البزار، والطبراني بإسنادين - رواة أحدهما رواة "الصحيح" -، والبيهقي"! ثم تبين لي أن في رواية الطبراني خطأ من بعض الناسخين، وأن الراوي هو (الحارث بن غسان) ، كما في رواية الأصبهاني. وهكذا رواه البزار وغيره؛ كما حققته فيما يأتي برقم (6638) ، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. 5155 - (قليل الفقه خير من كثيرالعبادة، وكفى بالمرء فقهاً إذا عبد الله، وكفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه، إنما الناس رجلان: مؤمن وجاهل، فلا يؤذى المؤمن، ولا يجاور الجاهل) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 381/ 1216) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 20 - مصورة الجامعة الإسلامية) و (9/ 318/ 8693) ، وتمام في "الفوائد" (ق 236/ 2) ، وأبو الطيب الحوراني في "جزئه" (ق 70/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 173-174) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 239) ، وابن جميع في "معجم الشيوخ" (ص 368) من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث عن إسحاق بن أسيد عن ابن رجاء بن حيوة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن [ابن] رجاء إلا إسحاق، انفرد به الليث". وقال أبو نعيم: "غريب من حديث رجاء، تفرد به إسحاق بن أسيد، ولم يروه عن رجاء إلا ابنه". قلت: واسمه: عاصم بن رجاء بن حيوة الكندي الفلسطيني، وهو حسن الحديث: 5155 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 257 الحديث عندي؛ فإنه لم يجرح بجرح بين؛ بل قال فيه ابن معين: "صويلح". وقال أبو زرعة: "لا بأس به". وذكره ابن حبان في "الثقات". وليس فيه إلا قول الذهبي - بعد أن ساق فيه قول أبي زرعة وابن معين فيه -: "ويقال: تكلم فيه قتيبة". قلت: وهذا لو ثبت عن قتيبة؛ لم يكن جرحاً؛ لأنه لم يذكر سببه. ولولا ما أشار إليه ابن معين بقوله: "صويلح" من ضعف يسير؛ لصححت حديثه. ولعل هذا الذي اخترته رمى إليه الحافظ بقوله في "التقريب": "صدوق يهم". لكن الراوي عنه إسحاق بن أسيد ليس فيه توثيق معتبر، وقد قال فيه ابن عدي والحاكم: "مجهول". قلت: لكنه مجهول الحال؛ فقد روى عنه جماعة، ذكرهم ابن أبي حاتم (1/ 1/ 213) ، وقال عن أبيه: "شيخ خراساني، ليس بالمشهور، ولا يشتغل به". وقال الذهبي عقبه: "قلت: حدث عنه يحيى بن أيوب والليث، وهو جائز الحديث، يكنى أبا عبد الرحمن". وقال الحافظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 258 "فيه ضعف". ولهذا؛ قال المنذري في "الترغيب" (1/ 51) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفي إسناده إسحاق بن أسيد، وفيه توثيق لين، ورفع هذا الحديث غريب. قال البيهقي (1) : ورويناه صحيحً من قول مطرف ابن عبد الله بن الشخير ... " ثم ذكره. وأعله الهيثمي بقول أبي حاتم المتقدم في ابن أسيد. والحديث؛ أخرجه ابن وهب في "مسنده" (8/ 167/ 1) ، - ومن طريقه الخطيب -: أخبرني الليث عن أبي عبد الرحمن الخراساني عن رجاء بن حيوة عن أبيه به. كذا قال: عن رجاء بن حيوة ... ، فقال عقبه: "كذا كان في الأصل، والصواب عن ابن رجاء بن حيوة". قلت: وكذا في "التاريخ". (تنبيه) : وقع في "الترغيب"، و "المجمع": "عبد الله بن عمر"، والصواب: "عبد الله بن عمرو"؛ كذلك هو في جميع المصادر التي ذكرنا. 5156 - (من جاءه أجله وهو يطلب العلم؛ لقي الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 19 مصورة الجامعة   (1) في " شعب الإيمان " (2 / 264 / 1704) . (الناشر) الحديث: 5156 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 259 الإسلامية) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 95) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 78) من طريق العباس بن بكار الضبي: حدثنا محمد بن الجعد القرشي عن الزهري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن الزهري إلا محمد بن الجعد، تفرد به العباس". قلت: وهو كذاب؛ كما قال الدارقطني. وساق له الذهبي أباطيل. وساق له العسقلاني خبراً آخر، وقال: "هذا من وضع العباس". قلت: هذه هي علة الحديث. وأما الهيثمي؛ فأعله بشيخه؛ فقال في "مجمع الزوائد" (1/ 123) : "وفيه محمد بن الجعد، وهو متروك"! قلت: محمد بن الجعد الذي في إسناد هذا الحديث: هو القرشي؛ كما جاء مصرحاً به في الإسناد، وهذا غير محمد بن الجعد الذي يسمى حماداً؛ وهو الهذلي البصري. والأول؛ قال فيه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 223) عن أبيه: "هو شيخ بصري، ليس بمشهور". وأورده الذهبي في "الميزان"، وقال: "قال الأزدي: متروك". ثم ساق له هذا الحديث. وأما حماد بن الجعد؛ فهو معروف، ولكن بالضعف، وهو من رجال "التهذيب". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 260 وللحديث علة أخرى؛ وهي الاضطراب في إسناده؛ فقد علقه ابن عبد البر (1/ 31/ 46) من حديث أبي هريرة وغيره بنحوه، ثم قال: "وهو مضطرب الإسناد جداً؛ لأن منهم من يجعله عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، ومنهم من يجعله عن سعيد عن أبي هريرة وأبي ذر، ومنهم من يرسله عن سعيد". قلت: وفي إسناد مرسل سعيد: علي بن زيد - وهو ابن جدعان -، وهو ضعيف. وروي من حديث الحسن البصري مرسلاً نحوه. أخرجه الدارمي (1/ 100) من طريق نصر بن القاسم عن محمد بن إسماعيل عن عمرو بن كثير عنه. قلت: وهذا - مع إرساله - ضعيف الإسناد؛ نصر بن القاسم؛ قال الذهبي: "لا يكاد يعرف، وعنه بشر بن ثابت فقط، وقيل: بينهما رجل". وقال الحافظ: "مجهول". 5157 - (علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه الله علماً، فبذله للناس، ولم يأخذ عليه طمعاً، ولم يشتر به ثمناً؛ فذلك تستغفر له حيتان البحر ودواب البر والطير في جو السماء، ويقدم على الله سيداً شريفاً، حتى يرافق المرسلين، ورجل آتاه الله علماً، فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، وشرى به ثمناً؛ فذاك يلجم بلجام من نار يوم الحديث: 5157 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 261 القيامة، ويناد مناد: هذا الذي آتاه الله علماً، فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طنعاً، واشترى به ثمناً، وكذلك حتى يفرغ من الحساب) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 7329 - بترقيمي) من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد". قلت: وإسناده ضعيف، وله علتان: الأولى: شهر بن حوشب؛ فإنه ضعيف؛ لسوء حفظه. والأخرى: عبد الله بن خراش، وبه أعله المنذري؛ وقال: "وثقه ابن حبان وحده فيما أعلم". وبه أعله الهيثمي أيضاً، وزاد عليه فقال (1/ 124) : "ضعفه البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن عدي". قلت: وتوثيق ابن حبان إياه - مع تفرده به -؛ فقد أشار إلى أن فيه شيئاً بقوله: "ربما أخطأ". وبالغ فيه الساجي؛ فقال: "ضعيف الحديث جداً، كان يضع الحديث". وقال محمد بن عمار الموصلي: "كذاب". قلت: وجدت له طريقاً أخرى: أخرجها ابن عبد البر في "جامعه" (1/ 38) ؛ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 262 وفيه خالد بن عبد الأعلى؛ ولم أعرفه، وفيها انقطاع أيضاً. ثم وجدت الحافظ العراقي جزم بضعف إسناد الحديث في "تخريج الإحياء" (1/ 55) . 5158 - (القلوب أربعة: قلب أجرد، فيه مثل السراج يزهر، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح: فأما القلب الأجرد؛ فقلب المؤمن؛ سراجه فيه نوره. وأما القلب الأغلف؛ فقلب الكافر. وأما القلب المنكوس؛ فقلب المنافق؛ عرف ثم أنكر. وأما القلب المصفح؛ فقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة، يمدها القيح والدم، فأي المدتين غلبت الأخرى؛ غلبت عليه) . ضعيف أخرجه أحمد (3/ 17) ، والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 223 - هند) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 385) من طريق ليث بن أبي سليم عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الطبراني: "لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد". وقال أبو نعيم: "ورواه جرير عن الأعمش، فخالف ليثاً فقال: عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة؛ وأرسله"! قلت: كذا قال: "وأرسله"! والظاهر أنه يعني: "فأوقفه"؛ لأنه هكذا وصله جمع عن الأعمش عن عمرو به موقوفاً. الحديث: 5158 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 263 أخرجه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 54 - بتحقيقي) ، وأحمد في "السنة" (1/ 377/ 820 - دار ابن القيم) ، والطبري في "التفسير" (1/ 322) : ورجاله كلهم ثقات، ولذلك؛ كنت قلت في التعليق على "الإيمان": "حديث موقوف صحيح". فتعقبني المعلق على "إغاثة اللهفان" بأنه منقطع بين أبي البخيري - واسمه سعيد بن فيروز؛ - لأنه لم يسمع من حذيفة، كما قال أبو حاتم وغيره! فأقول: هذا لا يرد علي؛ لأني لم أصحح إسناده، وإنما صححت وقفه بالنسبة للمرفوع. على أن نسبة القول المذكور لأبي حاتم غير صحيح؛ لأنه لم يذكر في كتابه "المراسيل" في ترجمة (أبي البختري) (ص 51،52) حذيفة في جملة الصحابة الذين لم يسمع منهم (أبو البختري) ، وإنما ذكر فيهم: (أبا سعيد الخدري) ، وكذا نقله عنه الحافظ في "التهذيب". نعم؛ ذكره هذا تبعاً لأصله " تهذيب المزي" فيهم، فيكون الإسناد منقطعاً موقوفاً ومرفوعاً، وفي هذا علة أخرى؛ وهي ضعف ليث بن أبي سليم، مع مخالفته للأعمش. وبه أعله الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 123) . فمن الغرائب - بعد هذا - قول الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1/ 56 و 3/ 293) - بعدما ساق إسناد أحمد -: "وهذا إسناد جيد حسن"!! فغفل عن ضعف ليث، ومخالفته للأعمش، وعن الانقطاع بين أبي البختري وأبي سعيد! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 264 5159 - (ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 20 مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق يزيد بن عياض عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن صفوان إلا يزيد". قلت: وهو كذاب؛ كما قال الهيثمي (1/ 121) . وقصر الحافظ العراقي؛ فقال في "المغني" (1/ 7) : "إسناده ضعيف". وكذلك اقتصر الحافظ المنذري في "الترغيب" (1/ 61) على الإشارة إلى تضعيفه، وقال: "رواه الدارقطني، والبيهقي، وقال: المحفوظ [أن] هذا اللفظ من قول الزهري" (1) .   (1) وروي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ولا يصح ألبتة؛ كما بينه الشيخ - رحمه الله - في " تخريج المشكاة " (217) . (الناشر) الحديث: 5159 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 265 5160 - (تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه) (2) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 18 مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق أحمد بن محمد بن ماهان: حدثنا أبي: حدثنا عباد بن كثير عن   (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " مضى برقم (1610) ". (الناشر) الحديث: 5160 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 265 أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن كثير؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 129-130) : "متروك الحديث". 5161 - (تقعد الملائكة على أبواب المسجد يوم الجمعة، يكتبون مجيء الناس حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام؛ طويت الصحف ورفعت الأقلام؛ فيقول الملائكة بعضها لبعض: ما حبس فلاناً وحبس فلاناً؟ فتقول الملائكة بعضهم لبعض: اللهم! إن كان مريضاً فاشفه، وإن كان ضالاً فاهده، وإن كان عائلاً فأغنه) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1771) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 232 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف مطر الوراق؛ قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف". قلت: ولذلك؛ لم يحتج به الشيخان، وإنما أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم مقروناً. وقد روي الحديث بأتم منه من حديث ابن عباس، ولكنه ضعيف جداً، وهو: الحديث: 5161 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 266 5162 - (إذا كان يوم الجمعة؛ دفع إلى الملائكة ألوية الحمد إلى كل مسجد يجمع فيه، ويحضر جبريل المسجد الحرام، مع كل ملك كتاب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، معهم أقلام من فضة وقراطيس فضة، يكتبون الناس على منازلهم؛ فمن جاء قبل الإمام؛ كتب: من السابقين، ومن جاء بعد خروج الإمام؛ كتب: شهد الخطبة، ومن جاء حتى تقام الصلاة، كتب: شهد الجمعة، فإذا سلم الإمام؛ تصفح الملك وجوه القوم، فإذا فقد الملك منهم رجلاً كان فيما خلا من السابقين؛ قال: يا رب! إنا فقدنا فلاناً ولسنا ندري ما خلفه اليوم؛ فإن كنت قبضته فارحمه، وإن كان مريضاً فاشفه، وإن كان مسافراً فأحسن صحابته. ويؤمن من معه من الكتاب) . ضعيف جداً أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 232) من طريق إسحاق بن المنذر: أخبرنا فرات بن السائب الجزري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته فرات بن السائب هذا؛ قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي والدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان (2/ 207) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار". قلت: وإسحاق بن المنذر؛ لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 235) جرحاً ولا تعديلاً. الحديث: 5162 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 267 5163 - (من أحيا ليلتي العيدين إيماناً واحتساباً؛ لم يمت قلبه حين تموت القلوب) . موضوع أخرجه الأصفهاني في "الترغيب" (ص 101 - مصورة الجامعة) من طريق عمر بن هارون البلخي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ فإنه كذاب؛ كما تقدم مراراً، فانظر الحديث (288) . وقد رواه بقية عن ثور بن يزيد، وقد سبق تخريجه برقم (521) ، وكنت ذكرت هناك أن بقية مدلس، وأنه لا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه من أولئك الكذابين. فأقول الآن: فقد تعين الآن الكذاب الذي يمكن أن يكون بقية تلقاه عنه ثم دلسه، ألا وهو البلخي هذا. وخالفهما إبراهيم بن محمد؛ فقال: قال ثور بن يزيد: عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء موقوفاً به. أخرجه البيهقي في "الشعب" (3/ 341/ 3711) . وإبراهيم هذا متهم. الحديث: 5163 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 268 5164 - (أوحى الله تعالى إلى آدم عليه السلام؛ أن يا آدم! حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث الموت. قال: وما حدث علي يا ربي؟! قال: ما لا تدري، وهو الموت. قال: وما الموت؟ قال: سوف الحديث: 5164 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 268 تذوقه. قال: من أستخلف (1) في أهلي؟ قال: اعرض ذلك على السماوات والأرض والجبال؛ فعرض على السماوات فأبت، وعرض على الأرض فأبت، وعرض على الجبال فأبت، وقبله ابنه؛ قاتل أخيه، فخرج آدم عليه السلام من أرض الهند حاجاً، فما نزل منزلاً أكل فيه وشرب؛ إلا صار عمراناً بعده وقرى، حتى قدم مكة؛ فاستقبلته الملائكة بالبطحاء، فقالوا: السلام عليك يا آدم! بر حجك، أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. - قال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والبيت يؤمئذ ياقوتة حمراء جوفاء، لها بابان، من يطوف يرى من في جوف البيت، ومن في جوف البيت يرى من يطوف -؛ فقضى آدم نسكه؛ فأوحى الله إليه: يا آدم! قضيت نسكك؟ قال: نعم يا رب! قال: فسل حاجتك تعط. قال: حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي. قال: أما ذنبك يا آدم؛ فقد غفرناه حين وقعت بذنبك، وأما ذنب ولدك؛ فمن عرفني، وآمن بي، وصدق رسلي وكتابي؛ غفرنا له ذنبه) . موضوع أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 434-435/ 1021) من طريق عمران بن عبد الرحيم: أخبرنا عبد السلام بن مطهر: أخبرنا أبو هرمز عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو هرمز هذا - واسمه نافع -، وهو كذاب عند ابن معين؛ كما تقدم في حديث آخر له موضوع برقم (446) ، واتهمه ابن حبان   (1) الأصل: (استخلفت) ؛ وعليها ضبة! والمثبت من " الترغيب ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 269 أيضاً؛ فقال في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 58 - حلب) : "كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه، كأنه أنس آخر، ولا أعلم له سماعاً، لا يجوز الاحتجاج به، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار". ثم ساق له أحاديث كثيرة، لوائح الوضع على بعضها ظاهرة. وعمران بن عبد الرحيم؛ قال السليماني: "فيه نظر، هو الذي وضع حديث أبي حنيفة عن مالك رحمهما الله تعالى". والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 109) إلى تضعيفه، فقصر! ذلك؛ لما عرفت من حال نافع وعمران، مع أن آثار الوضع عليه بينة! 5165 - (ما من عبد ولا أمة يضن بنفقة ينفقها فيما يرضي الله؛ إلا أنفق أضعافها فيما يسخط الله، وما من عبد يدع الحج لحاجة عرضت له من حوائج الدنيا؛ إلا رأى محقه قبل أن يقضي الله له تلك الحاجة - يعني: حجة الإسلام -، وما من عبد يدع المشي في حاجة أخيه المسلم - قضيت أو لم تقض -؛ إلا ابتلي بمعونة من مأثم عليه، ولا يؤجر فيه) . منكر أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 446/ 1052 - ط) من طريق الحكم بن سليمان بن أبي يزيد الهمذاني عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حمزة الثمالي متفق على ضعفه، بل تركه الدارقطني وغيره. وقال النسائي: الحديث: 5165 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 270 "ليس بثقة". وقال ابن حبان (1/ 206) : "كثير الوهم في الأخبار، حتى خرج عن حد الاحتجاج به، مع غلوه في تشيعه". والحديث؛ قال المنذري (2/ 110) - بعدما عزاه للأصبهاني -: "وفيه نكارة". 5166 - (المقام المحمود، ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه، يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به، وهو كسعة ما بين السماء والأرض، فيجاء بكم حفاة عراة غرلاً، فيكون أول من يكسى إبراهيم، يقول الله: اكسوا خليلي، فيؤتى بريطتين بيضاوين من رباط الجنة، ثم أكسى على إثره، ثم أقوم على يمين الله مقاماً يغبطني الأولون والآخرون) . منكر بهذا التمام أخرجه الدارمي (2/ 325) : حدثنا محمد بن الفضل: حدثنا الصعق بن حزن عن علي بن الحكم عن عثمان بن عمير عن أبي وائل عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قيل له: ما المقام المحمود؟ قال: "ذاك ... " الحديث. وأخرجه أحمد أيضاً (1/ 398) : حدثنا عارم بن الفضل: حدثنا أبو سعيد: حدثنا ابن زيد: حدثنا علي بن الحكم البناني عن عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود به نحوه؛ دون ذكر النزول والكرسي والأطيط والسعة. قلت: ومع هذا الاختلاف في الإسناد والمتن؛ فمداره - كما ترى - على محمد ابن الفضل - ولقبه عارم -، وهو ثقة من رجال الشيخين؛ لكنه كان اختلط، فمن الممكن أن يكون هذا الاختلاف منه. الحديث: 5166 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 271 ويمكن أن يكون من عثمان بن عمير؛ فإنه - مع ضعفه - مختلط مدلس؛ قال الحافظ: "ضعيف، واختلط، وكان يدلس، ويغلو في التشيع". قال ابن حبان (2/ 95) : "كان ممن اختلط؛ حتى لا يدري ما يحدث به، ولا يجوز الاحتجاج بخبره". قلت: وقد كنت خرجت حديثين آخرين في الأطيط تحت الحديث (866) ، وذكرت عن الحافظ الذهبي أنه لا يصح فيه شيء، أحدهما من حديث ابن مسعود من طريق منقطعة، وذكرت بأني وجدته من طريق موصولة، فهي هذه. وبينت هناك أنه مما يؤكد بطلان هذا الحديث: أنه صح تفسير المقام المحمود بالشفاعة العظمى، فراجعه. وإنما يصح من حديث الترجمة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر الناس حفاة عراة غرلاً، فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام"، ثم قرأ: (كما بدأنا أول خلق نعيده) . أخرجه أحمد (1/ 223،235،253) ، والبخاري (8/ 353 - فتح) ، ومسلم (8/ 157) ، والترمذي (3167) - وصححه -، والنسائي (1/ 295) ، وابن حبان (7273،7303) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. 5167 - (أشهدوا هذا الحجر خيراً؛ فإنه يوم القيامة شافع مشفع، له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه) . منكر بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 118/ 1 - الحديث: 5167 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 272 زوائده) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن العلاء الحمصي: حدثنا إسماعيل ابن عياش: أخبرنا الوليد بن عباد عن خالد الحذاء عن عطاء عن عائشة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن خالد إلا الوليد". قلت: وهو مجهول العين؛ قال ابن عدي (ق 410/ 1) : "ليس بمستقيم، ولا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش، والوليد ليس بمعروف". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" على قاعدته المعروفة! وإسماعيل بن عياش ثقة في الشاميين، ولا يدرى إذا كان الوليد بن عباد منهم أم لا؟! وقال المنذري (2/ 123) - وتبعه الهيثمي (3/ 242) -: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات؛ إلا أن الوليد بن عباد مجهول"! قلت: وفي إطلاق التوثيق نظر من وجهين: الأول: ما سبقت الإشارة إليه في ابن عياش. والآخر: أن شيخ الطبراني لم أجد من وثقه؛ بل الظاهر أنه من شيوخه المقلين المجهولين؛ فإنه لم يخرج له في "المعجم الصغير"، ولم يترجم له ابن عساكر في "تاريخ دمشق". والله أعلم. واعلم أن في فضل الحجر الأسود أحاديث صحيحة؛ لكن ليس فيها: أنه شافع مشفع، ولا قوله: "أشهدوا هذا الحجر خيراً"، ومن أجل ذلك خرجته هنا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 273 5168 - (إن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهله معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يديه بالصدقة، وأبوالها وأرواثها لأهلها عند الله يوم القيامة من مسك الجنة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 229-230) ، وابن قانع في "المعجم" من طريق سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد". قلت: وهو أبو مهدي الحمصي؛ قال الحافظ: "متروك، رماه الدارقطني وغيره بالوضع". ومن فوقه فيهم جهالة؛ كما أفاده الحافظ في "اللسان" عن الحافظ العلائي. وإليهم أشار الهيثمي بقوله (5/ 259) : "وفيه من لم أعرفه". وقال المنذري (2/ 161) : "رواه الطبراني في "الكبير"، و "الأوسط"، وفيه نكارة". قلت: وهي في قوله: "وأبوالها ... " إلخ. وأما ما قبله؛ فصحيح ثابت من حديث أبي هريرة وأبي كبشة وغيرهما، أخرجها أبو عوانة في "مستخرجه" (5/ 15،19) وغيره، وانظر "التعليق الرغيب" (2/ 160،161) . (فائدة) : قال ابن حجر في "الإصابة": الحديث: 5168 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 274 "و (عريب) بمهملة، بوزن عظيم". قلت: وساق له - هو وابن عبد البر من قبله - حديثاً آخر في الخيل من رواية ابنه عبد الله عنه. وقال ابن عبد البر (3/ 1239) : "ليس حديثه بالقائم". 5169 - (إن لم تغل أمتي؛ لم يقم لهم عدو أبداً) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 235) قال: حدثنا موسى ابن هارون: حدثنا إسحاق بن راهويه: أنبأنا بقية بن الوليد: حدثني محمد بن عبد الرحمن اليحصبي: حدثني أبي عن حبيب بن مسلمة قال: سمعت أبا ذر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قال أبو ذر لحبيب بن مسلمة: هل يثبت لكم العدو حلب شاة؟ قال: نعم، وثلاث شياه غزر، قال أبو ذر: غللتم ورب الكعبة! وقال: "لا يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية". وهو ثقة إذا صرح بالتحديث كما فعل هنا. لكن عبد الرحمن اليحصبي - وهو ابن عرق الحمصي -؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولا روى عنه غير ابنه محمد؛ كما في "الميزان"، فهو في عداد المجهولين، فهو علة هذا الحديث. فقول المنذربي في "الترغيب" (2/ 186) : "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد، ليس فيه ما يقال؛ إلا تدليس الحديث: 5169 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 275 بقية بن الوليد؛ فقد صرح بالتحديث"! ونحوه في "المجمع" (5/ 338) ! أقول: فهو مردود، وهو أثر من آثار اعتدادهما بتوثيق ابن حبان، الذي نبهنا على تساهله في التوثيق مراراً. ولذلك؛ لم يعتد الحافظ ابن حجر بتوثيقه لابن عرق هذا؛ فقال فيه: "مقبول"؛ يعني: عند المتابعة، وإلا؛ فهو لين الحديث إذا تفرد؛ كما نبه عليه في المقدمة. وقد أشار الذهبي إلى جهالته؛ فقال في "الميزان": "وعنه ابنه محمد وحده". كما أشار إلى تليين توثيق ابن حبان إياه بقوله في "المغني": "وثق". 5170 - (يا بنية! قومي، فاشهدي رزق ربك عز وجل، ولا تكوني من الغافلين؛ فإن الله عز وجل يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) . موضوع أخرجه ابن بشران في "الأمالي" (ق 39/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 35/ 1-2) كلاهما من طريق المشمعل بن ملحان القيسي: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت محمد رضي الله عنها قالت: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجعة متصبحة، فحركني برجله، ثم قال: ... الحديث: 5170 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 276 فذكره. وقال البيهقي: "إسناده ضعيف"! قلت: كيف هذا؛ وعبد الملك بن هارون متهم بالكذب؟! فقال يحيى: "كذاب". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن حبان (2/ 133) : "كان ممن يضع الحديث، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار". والمشمعل بن ملحان؛ صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب". قلت: وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن مبشر بن عبد الله الجوهري عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاطمة بعد أن صلى الصبح وهي نائمة ... فذكر معناه. رواه البيهقي. قلت: وإسماعيل هذا؛ لم أجد له ترجمة الآن. والحديث؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 5) لضعفه؛ وعزاه للبيهقي وحده. 5171 - (من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا الحديث: 5171 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 277 قوة إلا بالله؛ كتب الله له ألفي ألف حسنة، ومحا عنه ألفي ألف سيئة، ورفع له ألفي ألف درجة) . موضوع أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 183) من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته نهشل هذا؛ قال ابن حبان (3/ 52) : "كان يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يحل كتابه حديثه إلا على جهة التعجب، كان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يرميه بالكذب". قلت: وقد صح الحديث من رواية ابن عمر وأبيه عمر دون الزيادة في الذكر بعد قوله: " وهو على كل شيء قدير"، وبلفظ: "ألف ألف ... " في كل الجمل الثلاث، لكن في حديث ابن عمر: "بنى له بيتاً في الجنة" بدل قوله: "ورفع له ألف ألف درجة"، وهو رواية في حديث عمر؛ كما حققته في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب" (3/ 5) (1) . 5172 - (لأن يجعل أحدكم في فيه تراباً؛ خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 257) ، وابن أبي الدنيا في "الورع" (ق 167/ 2 و 84/ 117 ط) ، وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 57/ 5763) من طريق محمد بن إسحاق عن سعيد بن يسار مولى الحسن بن علي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. وقال البيهقي:   (1) والضحاك لم يسمع من ابن عباس؛ كما ذكر الشيخ في " الضعيفة " (7 / 400) . (الناشر) الحديث: 5172 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 278 "وروى حفص بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والأول أولى". قلت: في الإسناد الأول محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعنه. وفي الإسناد الآخر حفص بن عبد الرحمن، ولم أعرفه، ولا رأيت من وصله عنه. وقوله: "عن أبي إسحاق"؛ لعله وهم منه [أو من بعض النساخ] ؛ فإنهم لم يذكروه في الرواة عن (سعيد بن يسار) ؛ والصواب: "ابن إسحاق". إذا عرفت هذا؛ فقد أخطأ - أو تساهل - في هذا الحديث جماعة، فلا بأس من بيان ذلك، فأقول: 1- المنذري؛ فإنه قال في "الترغيب" (3/ 13/ 12) : "رواه أحمد بإسناد جيد"! 2- الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (10/ 293) : "رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير محمد بن إسحاق؛ وقد وثق"! قلت: فسكت عن عنعنته، فاغتر به الجهلة الثلاثة؛ فحسنوه في تعليقهم على "الترغيب" (2/ 536) . 3- السيوطي في "الجامع الصغير" و "الكبير" (2/ 636) ؛ فإنه غفل عن عزوه لأحمد، فعزاه للبيهقي فقط، فكان ذلك مدعاة لوقوع شارحه وغيره في الخطأ كما يأتي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 279 4- المناوي في "فيض القدير"؛ فإنه أعله بما ليس بعلة، فقال - معللاً رواية البيهقي -: "وفيه إبراهيم بن سعيد، قال الذهبي: مجهول، منكر الحديث. ورواه عنه أيضاً أحمد، وابن منيع، والديلمي"! قلت: فيه ما يأتي: أولاً: إبراهيم بن سعيد ليس هو الذي ضعفه الذهبي؛ فإن هذا مدني متقدم الطبقة. وأما صاحب هذا الحديث؛ فهو (إبراهيم بن سعيد الجوهري البغدادي) ، وهو شيخ ابن أبي الدنيا فيه، يرويه عن يزيد بن هارون: حدثنا محمد بن إسحاق؛ وهو ثقة من شيوخ مسلم، وذكروه في شيوخ ابن أبي الدنيا أيضاً. وقال الحافظ فيه: "من العاشرة"، وفي الذي قبله: "من السابعة". فأين هذا من هذا؟! ثانياً: ظاهر كلامه يشعر بأن أحمد رواه عن هذا المجهول! وهو وهم فاحش أيضاً، والظاهر أيضاً أنه نقل عزوه لأحمد عن غيره، ولم يقف هو عليه في "مسنده"، وإلا؛ لما وقع منه هذا الخبط والخلط؛ فإنه رواه فيه عن (يزيد) مباشرة - وهو ابن هارون - شيخه. ثالثاً: لو كان إبراهيم بن سعيد مجهولاً أو تضعيفاً؛ فلا يضر؛ فإنه متابع من الإمام أحمد كما رأيت، وإنما العلة عنعنة ابن إسحاق كما سبق. 5- أحمد شاكر رحمه الله؛ فإنه قال في تعليقه على "المسند" (13/ 237) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 280 "إسناده صحيح"! وهذا على ما اختاره من الإعراض عن كلام الطاعنين فيه، وعدم الاعتداد بقاعدة: "الجرح المفسر مقدم على التعديل"؛ وذلك بسبب أخطائه وإن قلت، وتدليسه الذي رماه به الإمام أحمد وغيره. فقال الإمام: "هو كثير التدليس جداً، قيل له: فإذا قال: "أخبرني" و "حدثني"؛ فهو ثقة؟ قال: هو يقول: "أخبرني" ويخالف. فقيل له: أروى عنه يحيى بن سعيد؟ قال: لا". وهذا جرح مفسر، لا يجوز هدره والإعراض عنه. ولذلك؛ كان من المقرر عند المتأخرين أن حديثه حسن بشرط التحديث؛ فتنبه! هذا أولاً. ثم قال الشيخ رحمه الله: "ذكره السيوطي في "الجامع الصغير"، ونسبه للبيهقي في "الشعب" فقط. وأعله المناوي براو ضعيف، فهو من وجه آخر، غير الذي في (المسند) "! قلت: وهذا خطأ مبني على خطأ. والمعصوم من عصمه الله! 5173 - (إني لأعلم أرضاً يقال لها: عمان؛ ينضح بجانبها - وفي رواية: بناحيتها - البحر؛ الحجة منها أفضل من حجتين من غيرها) . ضعيف أخرجه أحمد (2/ 30) قال: حدثنا يزيد: أخبرنا جرير بن حازم، وإسحاق بن عيسى قال: حدثنا جرير بن حازم عن الزبير عن الخريت عن الحسن بن هادية قال: الحديث: 5173 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 281 لقيت ابن عمر - قال إسحاق: - فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل عمان. قال: من أهل عمان؟ قلت: نعم، قال: أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! قلت: بلى! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات؛ غير الحسن بن هادية، وقد أورده الحافظ في "التعجيل" لهذا الحديث، وقال: "وعنه الزبير بن الخريت (وفي الأصل: الحريث، وهو تصحيف) ؛ ذكره ابن حبان في (الثقات) ". وأورده أيضاً في "لسان الميزان"، وقال: "قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا أعرفه". وأما قول العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث من "المسند": "إسناده صحيح"! فغير صحيح؛ لأنه جرى على الاعتداد بتوثيق ابن حبان، وقد عرف عند العلماء أن توثيق ابن حبان مجروح؛ لأنه بناه على قاعدة له وحده، وهي: أن الرجل إذا روى عنه ثقة، ولم يعرف عنه جرح؛ فهو ثقة عنده! وعلى ذلك بنى كتابه المعروف بـ "الثقات"، وكذلك تجد فيه كثيراً من المجاهيل عند الجمهور؛ إنما أورده ابن حبان فيه لرواية ثقة عنده، ومن العجائب أنه يقول في بعضهم: "روى عنه مهدي بن ميمون؛ لا أدري من هو ولا ابن من هو؟! "!! انظر ترجمة أيوب عن أبيه عن كعب بن سور من "اللسان"، وانظر مقدمته أيضاً (1/ 14) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 282 وقد وقع الشيخ أحمد شاكر في كثير من الخطيئات في تصحيح أحاديث من "المسند" وغيره؛ بسبب تقليده لابن حبان في هذه القاعدة الباطلة؛ كما حققه الحافظ في المقدمة المشار إليها، وقد حاولت إقناعه بالرجوع عن ذلك حين اجتمعت به في "المدينة الطيبة" على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أداء فريضة الحج سنة 1368، وأوردت له خلاصة كلام الحافظ، والمثال الذي نقلته عنه آنفاً، فلم يعتد ذلك، وصرح بأنه لا ينظر إلى نقله عن ابن حبان بعين الاعتبار؛ لأنه وقف على خطيئات له فيما ينقله عن بعض الأئمة، فأردت التبسط معه في الموضوع؛ فرأيته يضيق صدره بذلك، فلا أدري أهو من طبعه؛ أم هو أمر عارض له لمرضه؛ فإنه كان ملازماً فراشه في الفندق؟! فأمسكت عن الكلام معه في هذه المسألة؛ وفي نفسي حسرات من قلة الاستفادة من مثل هذا الفاضل! ومن المؤسف حقاً؛ أن ترى جل العلماء الذين لقيتهم في مكة والمدينة ليس عندهم رحابة صدر في البحث، بل هم يريدون أن يفرضوا آراءهم على من يباحثهم فرضاً، سواء اقتنعوا بذلك أم لا، ثم هم يقولون عن أنفسهم: إنهم سلفيون أو سنيون أو من أهل الحديث! هذا؛ وقد روي الحديث بلفظ آخر، ومن الطريق نفسه؛ إلا أنه عن الخريت عن تابعي آخر، فوجب سوقه وبيان علته، وهو: 5174 - (إني لأعلم أرضاً يقال لها: عمان؛ ينضح بناجيتها البحر، بها حي من العرب، لو أتاهم رسولي؛ ما رموه بسهم ولا حجر) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 44) ، والحارث في "مسنده" (124/ 1 - زوائده) ، وأبو يعلى (1/ 35) ، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (رقم 4،5 - بتحقيقي) - من طريق أبي يعلى وغيره -، والعقيلي في "الضعفاء" الحديث: 5174 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 283 (ص 369) عن جرير بن حازم: أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال: خرج رجل من (طاحية) مهاجراً يقال له: (بيرح بن أسد) ، فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأيام، فرآه عمر رضي الله عنه، فعلم أنه غريب، فقال له: من أنت؟ قال: من أهل (عمان) ؟ قال: نعم، فأخذ بيده، فأدخله على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: هذا من الأرض التي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. والسياق لأحمد. وقال الضياء: "قال أحمد: إنما هو "سمعت -". وقال يزيد (يعني: ابن هارون) : "سمعت" بالرفع". قلت: ولعل النصب أقرب إلى الصواب. ولفظ العقيلي صريح في ذلك؛ فإنه قال: فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما: ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في أهل عمان؟ فقال أبو بكر: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. ولفظ أبي يعلى نحوه. ولذلك؛ أورده هو والإمام أحمد في (مسند أبي بكر رضي الله عنه) . وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي لبيد - واسمه لمازة بن زبار الأزدي البصري -، وهو ثقة؛ لكنه لم يلق أبا بكر؛ كما قال ابن المديني؛ بل قال ابن حبان في "الثقات" (1/ 198) : "يروي عن علي بن أبي طالب؛ إن كان سمع منه". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 284 قلت: فعلة الإسناد الانقطاع، ولعل أبا لبيد تلقاه من طريق (بيرح) صاحب القصة؛ ولا أعرفه بجرح أو التعديل؛ فقد أورده الحافظ في فصل: "من أدرك النبي صلي الله عليه ويلم ولم يجتمع به؛ سواء أسلم في حياته أم بعده". ثم ساق له هذا الحديث؛ وقال: "قال الرشاطي: قدم المدينة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأيام، وكان قد رآه. كذا قال". وبالجملة؛ فلم تطمئن النفس لتصحيح هذا الحديث؛ للانقطاع المذكور. والله سبحانه وتعالى أعلم. نعم؛ قد صح الشطر الثاني من الحديث، رواه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أبي برزة الأسلمي مرفوعاً بلفظ: "لو أنك أتيت أهل عمان؛ ما سبوك ولا ضربوك". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (2730) . 5175 - (المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وادون؛ وإن بعدت منازلهم وأبدانهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون؛ وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم) . موضوع أخرجه أبو بكر المعدل في "اثنا عشر مجلساً من الأمالي" (2/ 1) : حدثنا أبو محمد بن حيان: حدثنا إبراهيم بن داود: حدثنا النوفلي بحلب: حدثنا عبيد بن الصلت الحلبي: حدثنا علي بن الحسن الشامي: حدثنا سعيد بن أبي عروبة وخليد بن دعلج عن قتادة عن أنس مرفوعاً. الحديث: 5175 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 285 قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته الشامي هذا؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 114) : "يروي عن مالك وسليمان بن بلال ما ليس من أحاديثهم، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب". وقال الدارقطني: "يكذب، يروي عن الثقات بواطيل: مالك، والثوري، وابن أبي ذئب، وغيرهم". وأبو محمد بن حيان: هو الحافظ المعروف بأبي الشيخ؛ صاحب كتاب "طبقات الأصبهانيين" وغيره، وقد أخرج هذا الحديث في "كتاب التوبيخ"؛ كما في "الترغيب" (3/ 24) ؛ وأشار لضعفه. وأخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (2/ 990/ 2425) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 448/ 1 و 6/ 114/ 7648 - ط) من طريق أخرى عن علي بن الحسن به. وقال البيهقي: "في هذا الإسناد ضعف"! قلت: وهذا تساهله وتسامحه في النقد! وقلده الثلاثة المعلقون على "ترغيب المنذري" (2/ 563) ! 5176 - (من قال: لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، [ولا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل شيء] ؛ عوفي من الهم والحزن) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 93) : حدثنا محمد الحديث: 5176 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 286 ابن زكريا: أخبرنا العباس: أخبرنا أبو هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن زكريا هذا - وهو الغلابي -؛ كما صرح به الطبراني في حديث آخر قبله؛ قال الدارقطني: "يضع الحديث". وساق له الذهبي حديثاً ظاهر الوضع؛ وقال: "فهذا من كذب الغلابي". قلت: فهو الآفة. ولقد أبعد الهيثمي النجعة؛ فأعله بمن فوقه، فقال (10/ 137) : "رواه الطبراني، وفيه العباس بن بكار، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان"! 5177 - (مسكين مسكين: رجل ليس له امرأة؛ وإن كان كثير المال، ومسكينة مسكينة: امرأة ليس لها زوج؛ وإن كانت كثيرة المال) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 162/ 1-2 - زوائده) ، والواحدي في "الوسيط" (3/ 114/ 2) عن خالد بن خداش: أخبرنا محمد بن ثابت العبدي عن هارون بن رئاب عن أبي نجيح مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن هارون إلا محمد". قلت: وهو ضعيف؛ لسوء حفظه، وقد ترجمه ابن عدي في "الكامل" (ق 329/ 1) ، وساق له أحاديث مما أنكر عليه؛ ثم ختم ترجمته بقوله: "وعامة أحاديثه مما لا يتابع عليه". الحديث: 5177 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 287 وله ترجمة في "التهذيب"، وجمهور من تكلم فيه ضعفه، وقد لخص ذلك الحافظ في "التقريب" فقال: "صدوق، لين الحديث". قلت: فعلى هذا؛ فالحديث لين ضعيف، مع أنه مرسل؛ لأن أبا نجيح تابعي؛ اسمه يسار. ومن ذلك تعلم تساهل الهيثمي في قوله (4/ 252) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات (!) ؛ إلا أن أبا نجيح لا صحبة له". ثم رأيت البيهقي قد أخرج الحديث في "الشعب" (2/ 134/ 2) من طريق أخرى عن محمد بن ثابت به. وقال: "أبو نجيح اسمه يسار، وهو والد عبد الله بن أبي نجيح، وهو من التابعين، والحديث مرسل". وأورده المنذري في "الترغيب" (3/ 67) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ: "الدنيا متاع، ومن خير متاعها امرأة تعين زوجها على الآخرة، مسكين مسكين ... " الحديث. وقال: "ذكره رزين، ولم أره في شيء من أصوله، وشطره الأخير منكر". قلت: شطره الأخير قد عرفت أصله، وأنه ضعيف. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 288 وأما الشطر الأول؛ فله أصل صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا: المرأة الصالحة". أخرجه مسلم (4/ 178) ، والنسائي (2/ 72-73) ، وابن حبان (4020) ، والبيهقي (7/ 80) ، وأحمد (2/ 168) من طريق شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يحدث عن عبد الله بن عمرو به. وأخرجه ابن ماجه (1855) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو نحوه. وابن أنعم؛ ضعيف من قبل حفظه. 5179 (1) - (أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 179/ 2 - زوائده) عن عمر ابن يحيى الأبلي: أخبرنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ابن المنكدر إلا عبد الحميد". قلت: وهو ضعيف عند الجمهور؛ كما تقدم تحت الحديث (898) . وعمر بن يحيى الأبلي؛ اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث. وقد رواه غيره عن عبد الحميد بلفظ آخر؛ سبق ذكره وتخريجه هناك.   (1) كذا الأصل الخطي للشيخ - رحمه الله - لم يذكر حديثاً برقم (5178) . (الناشر) الحديث: 5179 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 289 وقصر الحافظ الهيثمي في الكشف عن علته؛ فقال (4/ 325) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه"! وأشار المنذري في "الترغيب" (3/ 82) إلى تضعيف الحديث. 5180 - (من ترك الصلاة متعمداً؛ فقد كفر جهاراً) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 14/ 1 - زوائده) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أبي جعفر إلا هاشم". قلت: وأبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان -؛ ضعيف لسوء حفظه؛ قال الحافظ: "صدوق، سيىء الحفظ، خصوصاً عن مغيرة". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 120) : "كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا فيما وافق الثقات، ولا يجوز الاعتبار بروايته إلا فيما لم يخالف الأثبات". قلت: وقد روى جماعة من الثقات عنه عن الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً طويلاً في المعراج؛ فيه ألفاظ منكرة جداً؛ كما قال الذهبي، وذكر نحوه ابن كثير. انظر تعليقي على "الترغيب" (1/ 199) . وأقول: وهذا الحديث من مناكيره عندي؛ فإن في الترهيب من ترك الصلاة أحاديث كثيرة صحيحة، وفي بعضها: "فقد كفر"؛ فزاد أبو جعفر: الحديث: 5180 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 290 "جهاراً"؛ فهو منكر بهذه الزيادة. والله أعلم. ومما يؤكد ذلك: أن يزيد الرقاشي قد رواه عن أنس مرفوعاً به نحوه، دون الزيادة المنكرة، ولفظه: "ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة؛ فإذا تركها فقد كفر". أخرجه ابن ماجه (1080) ، وابن نصر في "كتاب الصلاة" (238/ 1-2) من طرق عنه. والرقاشي - وإن كان مضعفاً -؛ فإنه يشهد لحديثه أحاديث تراها في "الترغيب" (1/ 194) ، ولذلك؛ أوردته في "صحيح الجامع" (5264) . ومن ذلك؛ تعلم تساهل المنذري في قوله (1/ 195) : "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد لا بأس به"! ونحوه في "مجمع الزوائد" (1/ 295) ! 5181 - (كان إذا سمع النداء قال: اللهم! رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، صل على محمد عبدك ورسولك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قال هذا عند النداء؛ جعله الله في شفاعتي يوم القيامة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الدعاء" (2/ 999/ 432) و "الأوسط" (1/ 26/ 2) عن محمد بن أبي السري: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة ابن عبد الله عن سليمان بن أبي كريمة عن أبي قرة عطاء بن قرة عن عبد الله الحديث: 5181 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 291 ابن ضمرة السلولي: سمعت أبا الدرداء يقول: ... فذكره. وقال: "لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمرو". قلت: وهو التنيسي؛ ثقة من رجال الشيخين؛ لكن فوقه علل: الأولى: عطاء بن قرة؛ لم يوثقه غير ابن حبان. وقال علي بن المديني: "شامي، لا أعرفه". الثانية: سليمان بن أبي كريمة؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 138) عن أبيه: "ضعيف الحديث". وقال ابن عدي (ق 156/ 1) - وقد ساق له عدة أحاديث منكرة -: "وله غير ما ذكرت، وليس بالكثير، وعامة أحاديثه مناكير، ويرويها عنه عمرو، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً، وقد تكلموا فيمن هو أمثل منه بكثير، ولم يتكلموا في سليمان هذا؛ لأنهم لم يخبروا حديثه". الثالثة: صدقة بن عبد الله - وهو السمين - أبو معاوية، وهو ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب". وبه فقط أعله الهيثمي، فقال في "المجمع" (1/ 333) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه صدقة بن عبد الله السمين؛ ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، ووثقه دحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصري"! قلت: وما دام أنهم اختلفوا فيه - وإن كان الراجح قول الأئمة المضعفين له -؛ فكان الأولى بالهيثمي أن يعله بشيخه سليمان بن أبي كريمة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 292 والحديث؛ أخرجه الطبراني في "الكبير" بالإسناد المذكور بنحوه؛ كما في "الترغيب" (1/ 114) - وأعله بصدقة -. وكذا الهيثمي. وقد صح الحديث من رواية جابر مرفوعاً بلفظ: "من قال حين يسمع النداء: اللهم! رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة! آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة". رواه البخاري، وأصحاب "السنن"، وغيرهم، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (540) وغيره. وزيادة: "إنك لا تخلف الميعاد" فيه؛ شاذة لا تصح كما بينته هناك. وقد رويت في حديث آخر في إجابة المؤذن فيه زيادات منكرة، منها هذه، وهو مخرج برقم (6714) . 5182 - (ما من مسلم يقول إذا أصبح: الحمد لله، ربي الله، لا أشرك به شيئاً، أشهد أن لا إله إلا الله؛ إلا ظل يغفر له ذنوبه حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى؛ بات يغفر له ذنوبه حتى يصبح) . ضعيف جداً أخرجه البزار في "مسنده" (ص 302 - زوائده) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 59) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 33/ 1) كلهم عن سعيد بن عامر عن أبان بن أبي عياش عن الحكم بن حيان المحاربي عن أبان المحاربي - وكان من الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عبد القيس - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. الحديث: 5182 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 293 وخالفه الربيع بن بدر فقال: عن أبان عن عمرو بن الحكم عن عمرو بن معدي كرب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. أخرجه ابن السني (60) . قلت: وأبان بن أبي عياش متروك. ومثله الربيع بن بدر. لكن سعيد بن عامر ثقة، فالآفة من أبان. (تنبيه) : لقد ساق الهيثمي في "المجمع" (10/ 116) الحديث عن أبان المحاربي - وكان أحد الوفد ... فذكره كما تقدم، وقال: "رواه البزار، وفيه أبان بن أبي عياش؛ وهو متروك". ثم قال - عقبه مباشرة -: "وعن الحكم بن حيان المحاربي - وكان من الوفد ... " إلخ، وقال: "رواه الطبراني، وفيه أبان بن أبي عياش؛ وهو متروك"!! قلت: فقد وهم وهماً فاحشاً، لزم منه جعل الحكم بن حيان المحاربي من الصحابة الذين وفدوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -! وهذا ما لم يقله أحد من قبله، والحديث عند الطبراني كما هو عند الآخرين من رواية الحكم عن أبان المحاربي، وفي ترجمة (أبان) أورده الطبراني، فالظاهر أنه سقط من قلمه: "أبان المحاربي" حين نقل الحديث من أصله، فكان هذا الخطأ، والمعصوم من عصمه الله تعالى! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 294 5183 - (من اغتسل يوم الجمعة غفرت له ذنوبه وخطاياه، وإذا أخذ في المشي إلى الجمعة؛ كان له بكل خطوة عمل عشرين سنة، فإذا فرغ من صلاة الجمعة؛ أجيز بعمل مئتي سنة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 50/ 1) : حدثنا جبرون ابن عيسى المقرىء المصري: حدثنا يحيى بن سليمان الحفري المغربي: حدثنا عباد بن عبد الصمد أبو معمر عن أنس بن مالك: سمعت أبا بكر الصديق يقول: ... فذكره مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى". قلت: وهو ضعيف؛ كما تقدم تحت الحديث (316،317) . وجبرون غير معروف عندي؛ كما تقدم هناك. لكن الآفة من عباد بن عبد الصمد؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 170-171) : "منكر الحديث جداً، يروي عن أنس ما ليس من حديثه، وما أراه سمع منه شيئاً، فلا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات؛ فكيف إذا انفرد بأوابد؟! وهو الذي روى عن أنس مرفوعاً: (أمتي على خمس طبقات ... ) "؛ فذكره بتمامه وقد مضى تخريجه والكلام على طرقه برقم (2940) . والحديث؛ قال الهيثمي (2/ 174) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عباد بن عبد الصمد أبو معمر؛ ضعفه البخاري وابن حبان". الحديث: 5183 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 295 قلت: والأقرب إلى الصواب أن يقال: ضعفه جداً ... بل إن ابن حبان اتهمه بالوضع، وقد ذكرت نص عبارته آنفاً. وأما البخاري فقد قال فيه: "منكر الحديث". وهذا جرح شديد منه؛ كما سبق التنبيه عليه مراراً. ثم إن الحديث رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 50/ 1-2) من طريق إبراهيم بن محمد بن عبيدة: حدثنا أبي: حدثنا الجراح بن مليح: حدثني إبراهيم ابن عبد الحميد عن الضحاك بن حمرة عن أبي نصيرة عن أبي رجاء العطاردي عن عتيق أبي بكر وعن عمران بن حصين الخزاعي مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "بكل خطوة عشرون حسنة" مكان: "بكل خطوة عمل عشرون سنة"؛ والباقي مثله. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وفيه علل: الأولى: الضحاك بن حمرة؛ مختلف فيه، وقد ضعفه البخاري جداً؛ فقال: "منكر الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". الثانية: إبراهيم بن عبد الحميد؛ لم أعرفه. وفي "اللسان" ثلاثة من الرواة بهذا الاسم والنسبة فلعله أحدهم؛ وثلاثتهم مجهولون (1) .   (1) هو ابن ذي حماية؛ كما في الإسناد الذي يليه في " الأوسط "، بل هو في طريق " الطريق " (18 / 139 / 292) جاء مصرحا به كذلك، وهو ثقة عند الشيخ - رحمه الله -؛ كما تراه في " الإرواء " (3 / 326) . (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 296 الثالثة والرابعة: إبراهيم بن محمد بن عبيدة وأبوه؛ لم أعرفهما. وقد اقتصر الهيثمي في إعلاله بالأولى؛ فقال: "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه الضحاك بن حمرة، ضعفه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في (الثقات) "!! وقد أخرجه أيضاً البخاري في "الضعفاء" تعليقاً من رواية إسحاق بن راهويه عن بقية: حدثني الضحاك بن حمرة به؛ إلا أنه ذكره باللفظ الأول: ".. عمل عشرين سنة". وكذلك أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 193) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 204/ 1) من طريقين آخرين عن بقية به؛ إلا أن ابن عدي قال: عن أبي بكر ... لم يذكر عتيقاً. قلت: فدلت رواية بقية على أن المحفوظ عن الضحاك هو اللفظ الأول: "عمل عشرين سنة". واللفظ الآخر عنه: "عشرون حسنة"، خطأ عليه من إبراهيم بن عبد الحميد؛ أو ممن دونه من المجهولين. 5184 - (كل مال - وإن كان تحت سبع أرضين -؛ تؤدى زكاته؛ فليس بكنز، وكل مال لا تؤدى زكاته - وإن كان طاهراً -؛ فهو كنز) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 85/ 1) ، والبيهقي (4/ 82-83) عن سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر الحديث: 5184 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 297 مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن عبيد الله إلا سويد". قلت: وهو لين الحديث. وقد خالفه جماعة من الثقات؛ فرووه عن عبيد الله به موقوفاً على ابن عمر. أخرجه البيهقي من طريق ابن نمير عن عبيد الله به. وقال: "هذا هو الصحيح؛ موقوف، وكذلك رواه جماعة عن نافع، وجماعة عن عبيد الله ابن عمر، وقد رواه سويد بن عبد العزيز - وليس بالقوي - عن ابن عمر مرفوعاً". ثم ساقه عن سويد كما سبق. ثم رواه من طريق هارون بن زياد المصيصي: حدثنا محمد بن كثير عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً به. قلت: وهارون هذا شبه مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان؛ كما في "اللسان". وأشار البيهقي إلى تليينه بقوله عقبه: "ليس هذا بمحفوظ، وإنما المشهور: عن سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً". قلت: وهو الصحيح أيضاً عن ابن دينار؛ فقال مالك في "الموطأ" (1/ 249) ، ومن طريقه البيهقي: عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمرو وهو يسأل عن الكنز ما هو؟ فقال: هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة. وأما ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 12) من طريق عبد العزيز بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 298 عبد الرحمن البالسي: حدثنا خصيف بن عبد الرحمن عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً بلفظ: "أيما مال أديت زكاته؛ فليس بكنز". فأقول: هذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته البالسي هذا؛ اتهمه الإمام أحمد. وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 138) : "يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيكثر؛ والملزقات بالأثبات فيفحش". 5185 - (من أنظر معسراً إلى ميسرته؛ أنظره الله بذنبه إلى توبته) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 144/ 1) عن الحسين بن علي الصدائي: حدثنا الحكم بن الجارود: حدثنا ابن ابي المتئد - خال ابن عيينة - عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به الصدائي". قلت: وهو صدوق. لكن العلة ممن فوقه؛ فالحكم بن الجارود؛ قال أبو حاتم: "مجهول". وابن أبي المتئد وأبوه؛ لم أعرفهما. وفي "الكنى" للدولابي (2/ 105) : "وأبو المتئد: نعيم". ثم روى بإسناده عن يحيى قال: كان أبو المتئد لا يماكس في شيء يشتريه في الحج؛ ويقول: أنا في سبيل من سبل الله! الحديث: 5185 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 299 5186 - (سلك رجلان مفازة: عابد، والآخر به رهق، فعطش العابد حتى سقط؛ فجعل صاحبه ينظر إليه؛ ومعه ميضأة فيها شيء من ماء، فجعل ينظر إليه وهو صريع، فقال: والله! لئن مات هذا العبد الصالح عطشاً ومعي ماء؛ لا أصيب من الله خيراً أبداً، ولئن سقيته مائي لأموتن، فتوكل على الله وعزم، فرش عليه من مائه وسقاه فضله، فقام، فقطعا المفازة. فيوقف الذي به رهق للحساب، فيؤمر به إلى النار، فتسوقه الملائكة، فيرى العابد، فيقول: يا فلان! أما تعرفني؟ فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا فلان الذي آثرتك على نفسي يوم المفازة. فيقول: بلى أعرفك. فيقول للملائكة: قفوا. فيقفون، فيجيء حتى يقف فيدعو ربه عز وجل، فيقول: يا رب! قد عرفت يده عندي، وكيف آثرني على نفسه، يا رب! هبه لي، فيقول: هو لك، فيجيء فيأخذ بيد أخيه، فيدخله الجنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 93/ 2) عن الصلت بن مسعود: حدثنا جعفر بن سليمان: حدثنا أبو ظلال: حدثنا أنس بن مالك مرفوعاً به. قال: فقلت لأبي ظلال: أحدثك أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. وقال الطبراني: "لم يروه عن أبي ظلال إلا جعفر، تفرد به الصلت". قلت: وهما ثقتان من رجال مسلم. وإنما العلة من أبي ظلال - واسمه هلال القسملي -؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 85) : الحديث: 5186 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 300 "كان شيخاً مغفلاً، يروي عن أنس ما ليس من حديثه. لا يجوز الاحتجاج به بحال". وكلمات سائر الأئمة تدور على تضعيفه، اللهم! إلا ما ذكره الحافظ في "التهذيب" عن البخاري أنه قال فيه: "مقارب الحديث"! وهذا ليس نصاً في التوثيق، ولا سيما وقد قال فيما ذكره الحافظ أيضاً: "عنده مناكير". ورواه العقيلي في "الضعفاء" عن البخاري (ص 450) . إذا عرفت هذا؛ فلا أدري ما هو عمدة الحافظ المنذري في قوله في "الترغيب" (3/ 50) : "وأبو ظلال؛ اسمه: هلال بن سويد - أو ابن أبي سويد -؛ وثقه البخاري وابن حبان لا غير". أما توثيق ابن حبان؛ فمعدته أن ابن حبان قال في "ثقات التابعين" (1/ 249 - الظاهرية) : "هلال بن أبي هلال، يروي عن أنس، روى عنه يحيى بن المتوكل". فهذا ليس فيه أنه أبو ظلال، فيحتمل أنه غيره عنده على الأقل. ويؤيده أنه أورد أبا ظلال في "الضعفاء"؛ فقال (3/ 85) : "هلال بن أبي مالك أبو ظلال القسملي. من أهل البصرة، واسم أبيه سويد الأزدي الأحمري، وقد قيل: إنه هلال بن أبي هلال. يروي عن أنس بن مالك. روى عنه جعفر بن سليمان الضبعي ومروان بن معاوية، كان شيخاً مغفلاً. يروي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 301 عن أنس ما ليس من حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحال". قلت: فهذا نص من ابن حبان أن أبا ظلال هو عنده غير هلال بن أبي هلال. وكذلك فرق بينهما البخاري فيما ذكره الحافظ، ولم يتبين لي ذلك، والأقرب أنهما واحد؛ وهو مقتضى كلام الحافظ المزي. وما رواه يحيى بن المتوكل ليس صريحاً في المغايرة، وهذا لو كان ابن المتوكل - وهوأبو عقيل - ثقة، فكيف وهو ضعيف؟! وأما توثيق البخاري الذي حكاه المنذري؛ فلا أعرف له وجهاً؛ إلا أحد أمرين: الأول: أن يكون المنذري يرى ما يراه بعض المعاصرين أن سكوت البخاري عن الراوي في "التاريخ الكبير" توثيق له، وقد ترجم لهلال أبي ظلال في "التاريخ" (4/ 2/ 205) وسكت عنه! فأقول: وهذا مردود؛ لأنه من الممكن أن يكون سكوت البخاري عنه لا لكونه ثقة عنده؛ بل لأمر آخر؛ كأن يكون غير مستحضر حين كتابته حاله، وإلا؛ تناقض توثيقه المظنون مع جرحه المقطوع؛ فقد وجدت عديداً من الرواة جرحهم في كتابه "الضعفاء الصغير"؛ ومع ذلك سكت عنهم في "التاريخ الكبير"، فهذا مثلاً في المجلد الذي بين يدي، أورد فيه (4/ 2/ 106) : "نصر بن حماد الوراق، أبو الحارث البجلي، عن الربيع بن صبيح"؛ وسكت عنه، مع أنه أورده في "الضعفاء" وقال (ص 35) : "يتكلمون فيه". والآخر: أن يكون قول البخاري: "مقارب الحديث" عند المنذري هو بمعنى: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 302 ثقة، وهذا هو الوجه؛ فقد نقل الترمذي في "سننه" عن البخاري أنه قال في بعض الرواة: "ثقة مقارب الحديث". ولكنه على كل حال ليس هو كقوله في الراوي: "ثقة"، بل هو دونه في المرتبة، ولذلك؛ نصوا في علم المصطلح على أن قولهم: "مقارب الحديث" كقولهم: "صالح الحديث" و: "شيخ وسط"، ونحو ذلك، وذلك في المرتبة الرابعة من مراتب التعديل والتوثيق عندهم (1) . فإذا كان هذا المعنى هو عمدة المنذري فيما نسبه للبخاري من التوثيق؛ فلا يخلو الأمر من تساهل. والله أعلم. وجملة القول: أن أبا ظلال متفق على تضعيفه؛ إلا البخاري. ولا يقوي حديثه قول البيهقي بعد إخراجه إياه: "وهذا الإسناد وإن كان غير قوي؛ فله شاهد من حديث أنس". ذكره المنذري؛ ثم قال: "ثم روى بإسناده من طريق علي بن أبي سارة - وهو متروك - عن ثابت البناني عن أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". قلت: فذكره. قلنا: لا يقويه لشدة ضعف ابن أبي سارة؛ كما أشار إلى ذلك المنذري بقوله: "وهو متروك". وقد أخرجه من طريقه: ابن عدي أيضاً (ق 287/ 2) في جملة أحاديث ساقها له؛ ثم قال:   (1) انظر " فتح المغيث " للحافظ السخاوي (2 / 335 - 340) . (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 303 "وهذه الأحاديث التي ذكرتها له عن ثابت؛ كلها غير محفوظة، وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضاً". قلت: وقد مضى له حديث آخر (1891) . ثم إن لحديث الترجمة طريقاً أخرى عن أنس نحوه، وقد مر برقم (93) . 5187 - (الأعمال سبعة: عملان موجبان، وعملان بأمثالهما، وعمل بعشرة أمثاله، وعمل بسبع مئة ضعف، وعمل لا يعلم ثواب عامله إلا الله: فأما الموجبان؛ فمن لقي الله عز وجل [يعبده] لا يشرك به شيئاً؛ وجبت له الجنة، ومن لقي الله يشرك به شيئاً وجبت له النار. ومن عمل سيئة؛ جزي بها، ومن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها؛ جزي مثلها. ومن عمل حسنة؛ جزي عشراً. ومن أنفق ماله في سبيل الله؛ ضعفت له نفقته: الدرهم بسبع مئة، والدينار بسبع مئة. والصيام لا يعلم ثواب عامله إلا الله عز وجل) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 477/ 869) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 295/ 3589) عن أبي عقيل: أنبأنا عمر بن محمد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً. وقال الطبراني: الحديث: 5187 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 304 "لم يروه عن عبد الله بن دينار إلا عمر، تفرد به أبو عقيل". قلت: واسمه يحيى بن المتوكل العمري المديني، وهو ضعيف اتفاقاً. وقال فيه عمرو بن علي: "فيه ضعف شديد". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 116) : "منكر الحديث، ينفرد بأشياء ليس لها أصول من حديث النبي عليه الصلاة والسلام؛ لا يسمعها الممعن في الصناعة إلا لم يرتب أنها معمولة". أقول: ولعل هذا القول من ابن حبان هو عمدة الحافظ الهيثمي في قوله فيه: "وهو كذاب"، كما كنت نقلته عنه في أول الكتاب، تحت الحديث (8) ، وإلا؛ فإني لم أر أحداً أطلق عليه الكذب! وعمر بن محمد: هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المدني، وهو ثقة من رجال الشيخين. وقد رواه ابن وهب عنه: أن زيداً حدثه قال: لا أعلم إلا أنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. أخرجه البيهقي (3588) هكذا معضلاً. 5188 - (اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا) . منكر بهذا السياق روي عن أبي هريرة، وله عنه طريقان: الأولى: عن زهير بن محمد أبي المنذر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه الحديث: 5188 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 305 عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/ 92) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 144/ 4308) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود قال: حدثنا زهير ابن محمد به. وقال الطبراني: "لم يروه عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير بن محمد". قلت: وهو مختلف فيه، وفصل فيه بعضهم؛ فوثقه في رواية العراقيين عنه، وضعفه في رواية الشاميين. وإلى هذا جنح الحافظ في "التقريب"؛ فقال: "رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيراً الذي روى عنه الشاميون آخر! وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه؛ فكثر غلطه". وقال العقيلي: "لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين". إذا عرفت هذا؛ فقول المنذري في "الترغيب" (2/ 60) - وتبعه الهيثمي في "المجمع" (3/ 179) -: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات"! فهو مما لا يخفى ما فيه من تساهل حين أطلقا التوثيق. واغتر بهما المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب "الترغيب"؛ فقالوا (2/ 9/ 1431) : "حسن، قال الهيثمي ... " إلخ!! قلت: ولهم من مثل هذا التحسين - بل التصحيح - الارتجالي الشيء الكثير؛ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 306 وقد نبهت على بعضه فيما تقدم من هذه "السلسلة" أو الأخرى. ومحمد بن سليمان بن أبي داود: هو حراني شامي؛ صدوق. والطريق الأخرى عن أبي هريرة؛ إسنادها حسن، وفي بعضهم خلاف، وليس فيها الجملة الوسطى، ولفظه: "سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا". ولذلك؛ خرجته في "الصحيحة" (3352) . وقد رويت جملة الصوم عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده علي مرفوعاً. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/ 357) في ترجمة ابن ضميرة؛ وقال: "وهو ضعيف، منكر الحديث، وضعفه بين على حديثه". وروى عن أحمد أنه: متروك الحديث. 5189 - (من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعةً؛ فكأنما صام السنة) . منكر بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 103/ 1) : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن شاذان: حدثنا أبي: حدثنا سعيد بن الصلت: حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن يزيد بن خصيفة عن ثوبان عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن الحسن إلا سعيد، تفرد به شاذان، وقال: عن يزيد عن ثوبان! وإنما هو عن يزيد - يعني: ابن خصيفة - عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان". الحديث: 5189 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 307 قلت: ولست أدري إذا كان الطبراني يعني أنه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلاً، أم عنه عن أبي هريرة مرفوعاً؟ فإذا كان الأول فالحديث مرسل، وإذا كان الآخر فهو موصول؛ ولكن الطبراني لم يذكر إسناده إلى يزيد بن خصيفة بذلك لينظر فيه، ولا ساق متنه لنعتبره بغيره؛ فإن قوله فيه: "متابعة"؛ منكر عندي لأمرين: الأول: تفرد سعيد بن الصلت به؛ فإني لم أعرفه، وكذا اللذان دونه. نعم؛ أورد ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 34) سعيد بن الصلت؛ فقال: "مصري، روى عن سهيل بن بيضاء؛ مرسل، وروى عن ابن عباس - يعني: متصلاً -. روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي وبكر بن سوادة". ولكن هذا ليس صاحب هذا الحديث؛ لأنه تابعي متقدم على سعيد بن الصلت راوي هذا الحديث. والآخر: أن الحديث أخرجه البزار في "مسنده" (ص 103 - زوائده) بإسنادين له عن زهير، قال أحدهما: عنه عن العلاء، وقال الآخر: عنه عن سهيل، ثم اتفقا فقالا: عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به دون زيادة: "متتابعة". وكذلك جاء الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وغيره من الصحابة، وقد خرجت أحاديثهم في "الروض النضير" رقم (911) ، وفي "إرواء الغليل" (950) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 308 5190 - (من صام رمضان، وأتبعه ستاً من شوال؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 103/ 1) من طريق عمران ابن هارون: حدثنا مسلمة بن علي: حدثنا أبو عبد الله الحمصي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يروه إلا أبو عبد الله، تفرد به مسلمة". قلت: وهو متهم، وسبقت له أحاديث أخرى موضوعة برقم (141،145،151) . وأبو عبد الله الحمصي؛ يغلب على ظني أنه محمد بن سعيد الأسدي المصلوب الكذاب الوضاع؛ فقد غيروا اسمه على نحو مئة اسم؛ تعمية له؛ فقيل في كنيته: أبو عبد الرحمن، وأبو عبد الله، وأبو قيس، وقيل في نسبته: الدمشقي، والأردني، والطبري. فلا أستبعد أن يقول فيه ذاك المتهم مسلمة: أبو عبد الله الحمصي! ويحتمل أنه أبو عبد الله الحمصي المسمى: مرزوقاً؛ فقد أورده الدولابي في "الكنى" هكذا، وهو من رجال الترمذي؛ لكنهم لم يذكروا له رواية عن نافع، بخلاف المصلوب. والله أعلم. والحديث؛ أشار إلى تضعيفه المنذري (2/ 75) . وأعله الهيثمي (3/ 184) بمسلمة الخشني. الحديث: 5190 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 309 5191 - (كان يعدل صومه بصوم ألف يوم، يعني: يوم عرفة) . منكر أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 164) ، والطبراني في "الأوسط" (2/ 124/ 2/ 6945 - بترقيمي) عن الوليد بن مسلم قال: حدثنا أبو داود سليمان بن موسى الكوفي: حدثنا دلهم بن صالح عن أبي إسحاق عن مسروق: أنه دخل على عائشة يوم عرفة، فقال: اسقوني. فقالت عائشة: يا غلام! اسقه عسلاً. ثم قالت: وما أنت يا مسروق! بصائم؟! قال: لا؛ إني أخاف أن يكون يوم الأضحى. فقالت عائشة: ليس ذاك، إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام، ويوم النحر يوم ينحر الإمام، أو ما سمعت يا مسروق! أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكرته. والسياق للطبراني؛ إلا لفظ الترجمة؛ فللعقيلي. وقال الطبراني: "لم يروه عن أبي إسحاق إلا دلهم، ولا عنه إلا سليمان. تفرد به الوليد". قلت: وهذا إسناد ضعيف ومتن منكر، وهو مسلسل بالعلل: الأولى: عنعنة أبي إسحاق؛ فإنه مدلس، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي، على أنه كان اختلط. الثانية: دلهم بن صالح ضعيف؛ كما في "التقريب" وغيره. وبه أعله الهيثمي؛ فقال (3/ 190) : "ضعفه ابن معين وابن حبان". ونص كلامه في "الضعفاء" (1/ 294-295) : الحديث: 5191 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 310 "منكر الحديث جداً، ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات". الثالثة: سليمان بن موسى الكوفي؛ مختلف فيه. وفي ترجمته ساق الحديث العقيلي؛ وقال: "لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به". وقال الحافظ: "فيه لين". الرابعة: عنعنة الوليد بن مسلم؛ فإنه مدلس أيضاً؛ ولكنه كان يدلس تدليس التسوية. ثم قال العقيلي عقب الحديث: "والمعروف في هذا حديث أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: يعدل صوم عرفة كفارة سنتين". قلت: أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (952) وغيره. قلت: فقد أشار العقيلي بحديث أبي قتادة إلى نكارة متن حديث الترجمة. وكأن المنذري لم يتنبه لهذا، ولا للعلل التي ذكرنا؛ فقال في "الترغيب" (2/ 76) - محسناً! -: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن، والبيهقي، وفي رواية للبيهقي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم"!! قلت: فالصواب تعديله بصوم سنتين، وهو المروي عن ابن عمر من طريقين: الأولى: عن الفضيل بن ميسرة: حدثني أبو حريز أنه سمع سعيد بن جبير يقول: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 311 سأل رجل عبد الله بن عمر عن صوم يوم عرفة؟ فقال: كنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعدله صوم سنتين. قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات، ورجاله ثقات؛ غير أبي حريز - وهو عبد الله بن الحسين الأزدي -؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء". ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى"؛ لكنه قال: سنة. وكأنه لذلك قال المزي في "التحفة" (5/ 428) : "وحديثه هذا منكر". قلت: وقد وجدت له طريقاً أخرى - وهي الطريق الثانية -، تؤكد نكارة هذا: أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (ق 241/ 2) من طريق قطبة بن العلاء الغنوي: حدثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن عبد الله بن عمر مرفوعاً بلفظ: "صوم يوم عرفة يعدل سنتين: سنة مقبلة، وسنة متأخرة". وقطبة بن العلاء ضعيف. لكن يشهد لحديثه حديث أبي قتادة المتقدم وما في معناه، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (4/ 108-110) . ثم رأيت الحديث قد أخرجه البيهقي في "الشعب" (3/ 357-358) باللفظين: لفظ حديث الترجمة، ولفظه المختصر: "صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم". رواه من طريق سليمان بن أحمد الواسطي: أخبرنا الوليد بن مسلم بإسناده المتقدم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 312 وسليمان هذا؛ كذبه يحيى، وضعفه النسائي وغيره. وبه أعله المناوي! وفاته أنه قد توبع باللفظ الأول، فالعلة ممن فوقه. (تنبيه) : وقع الحديث في عدة نسخ من "الجامع الصغير" باللفظ الثاني معزواً لـ (حب) ، وعليه نسخة "فيض القدير"؛ خلافاً لنسخة "التيسير"؛ ففيه (هب) وهذا هو الصواب؛ وهو الموافق لما في "الجامع الكبير"؛ فإن (حب) يرمز إلى ابن حبان في "صحيحه"؛ ولم يخرجه فيه، و (هب) يرمز إلى البيهقي في "الشعب"، وقد عرفت أنه أخرجه فيه. 5192 - (عليك بالبيض: ثلاثة أيام من كل شهر) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 107/ 1) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا عيسى بن يونس عن بدر بن الخليل عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عمر: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصيام؟ فقال: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن بدر إلا عيسى، تفرد به سليمان". قلت: وهو متروك، بل صرح ابن معين وغيره بأنه كان يضع الحديث. وله ترجمة مطولة في "اللسان"؛ فلا أدري بعد هذا كيف ساغ للمنذري أن يوثقه في "الترغيب" بقوله (2/ 84) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات"؟! وكذا قال الهيثمي أيضاً (3/ 196) ! إلا أنه عزاه لـ "كبير الطبراني" أيضاً، الحديث: 5192 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 313 ولم أره فيه من نسخة الظاهرية! فإن كان فيه؛ فإني أستبعد أن يكون ليس فيه الشاذكوني؛ لأن الطبراني نفسه قال: إنه تفرد به. وفي الحض على صوم ثلاثة أيام من كل شهر أحاديث كثيرة، ولكن لا يوجد فيما هذا الحض! 5193 - (من صام الأربعاء والخميس والجمعة؛ بنى الله له بيتاً في الجنة، يرى ظاهره من باطنه، وباطنه من ظاهره) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 187/ 255) عن شهاب ابن خراش عن صالح بن جبلة عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ميمون إلا صالح، تفرد به شهاب". قلت: وهو مختلف فيه؛ فوثقه جماعة، وضعفه آخرون. وقد لخص ذلك الحافظ؛ فقال في "التقريب": "صدوق يخطىء". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 362) : "كان رجلاً صالحاً، وكان ممن يخطىء كثيراً، حتى خرج عن حد الاحتجاج به إلا عند الاعتبار". ولعل إعلاله بشيخه صالح بن جبلة أولى؛ فإنه ليس بالمشهور. أورده ابن حبان في "الثقات"، وقال الأزدي: "ضعيف". الحديث: 5193 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 314 وقد وقفت للحديث على طريق أخرى، أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (137) عن محمد بن خالد الحنظلي عن سلم بن سالم عن سعيد عن عبد الجبار عن أبي بكر العنسي عن أبي قبيل المعافري عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: أبو بكر العنسي؛ قال ابن عدي في آخر كتابه (ق 428/ 2) : "مجهول، له أحاديث مناكير عن الثقات". الثانية: سعيد بن عبد الجبار، هو الزبيدي الحمصي فيما يغلب على ظني، وهو ضعيف، وكان جرير يكذبه. الثالثة: سلم بن سالم - وهو البلخي -؛ وهو متروك. الرابعة: محمد بن خالد الحنظلي؛ لم أجد له ترجمة. قلت: ولشدة ضعف هذا الطريق؛ فإنه لا يصلح شاهداً ومقوياً للطريق الأولى. والله أعلم. ثم رأيته في "شعب الإيمان" (3/ 397/ 3873) من طريق أبي عتبة: حدثنا بقية عن أبي بكر العنسي به؛ إلا أنه قال: عن أنس بن مالك. وقال: "أبو بكر العنسي مجهول، يأتي بما لا يتابع عليه". ورواه الهيثم بن خارجة: حدثنا شهاب بن خراش عن صالح بن جبلة عن ميمون بن مهران عن أبي أمامة به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 299-300/ 7981) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 315 وقد روي عن شهاب عن صالح بإسناد آخر نحوه، وهو الآتي. 5194 - (من صام الأربعاء والخميس والجمعة؛ بنى الله له قصراً في الجنة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد، وكتب له براءة من النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 188/ 256) بإسناد الذي قبله: حدثنا أحمد بن رشدين: حدثنا زهير: حدثنا شهاب عن صالح عن أبي قبيل المصري أنه سمع أنس بن مالك يقول: ... فذكره مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أنس إلا أبو قبيل، واسمه حي بن يؤمن". قلت: وهو ثقة؛ لكن العلى من اللذين دونه، وقد سبق الكلام عليهما في الحديث الذي قبله. إلا أن دونهما من هو شر منهما؛ وهو شيخ الطبراني، وهو أحمد بن محمد ابن الحجاج بن رشدين أبو جعفر المصري؛ قال ابن عدي: "كذبوه". الحديث: 5194 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 316 5195 - (انظروا إلى هذا الرجل الذي قد نور الله قلبه، لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب، [ولقد رأيت عليه حلة شراها بمئتي درهم] ، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون. يعني: مصعب بن عمير) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 108) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 230/ 2) عن الحسن بن سفيان: حدثنا إبراهيم الحوراني: حدثنا عبد العزيز بن عمير [من أهل خرسان، نزيل دمشق] : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء: حدثنا جعفر بن الحديث: 5195 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 316 برقان عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن عمر بن الخطاب قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مصعب بن عمير مقبلاً؛ وعليه إهاب كبش قد تنطق به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 192/ 1) من طريق البيهقي وغيره عن الحسن بن سفيان به، وفيه الزيادة. أورده في ترجمة عبد العزيز بن عمير؛ وكناه بأبي الفقير الخراساني الزاهد، وذكر في الرواة عنه إبراهيم بن أيوب الحوراني، وفي شيوخه زيد بن أبي الزرقاء؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ولا وفاة. وأطال في حكاية أقواله وبعض أحواله. وأورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 391) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ لكن وقع فيه: (عبد العزيز بن عمر) ! والصواب: (ابن عمير) ؛ كما في "الحلية" و "التاريخ" وغيرهما. وإبراهيم بن أيوب الحوراني؛ ترجمه ابن أبي حاتم أيضاً (1/ 1/ 88) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي "اللسان": "ذكره أبو العرب في "الضعفاء"، ونقل عن أبي الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي أنه قال: إبراهيم بن أيوب؛ حوراني ضعيف. قال أبو العرب: وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر". (تنبيه) : عقب هذه الترجمة ترجمة أخرى عند ابن أبي حاتم، وهي: "إبراهيم بن أيوب الفرساني الأصبهاني. روى عن سفيان الثوري ... سألت أبي عنه فقال: لا أعرفه". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 317 وترجمه أبو نعيم أيضاً في "أخبار أصبهان" (1/ 172-173) ، وقال: "سمع من الثوري والمبارك بن فضالة ... "؛ وساق له أحاديث. ومن الواضح أنه أقدم طبقة من الحوراني، وقد اختلطت الترجمتان في "اللسان"؛ فصارتا ترجمة واحدة هي ترجمة الحوراني! والصواب التفريق بينهما كما فعل ابن أبي حاتم. ولعل الخلط المذكور وقع من بعض نساخ "اللسان"؛ فإن الترجمة الأولى لم تقع في "الميزان". والله أعلم. 5196 - (إن في جهنم وادياً، وفي الوادي بئر يقال له: هبهب، حقاً على الله أن يسكن فيه كل جبار عنيد) (1) . ضعيف أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 49) ، وأبو يعلى (4/ 1741) ، وابن عدي (ق 31/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 200/ 2) ، والحاكم (4/ 596-597) من طريق أزهر بن سنان: أخبرنا محمد بن واسع قال: قلت: لبلال بن أبي بردة: إن أباك حدثني عن جدك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وقال الطبراني: "لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد". وقال الحاكم: "تفرد به أزهر بن سنان". قلت: وهو ضعيف اتفاقاً، لم يخالف في ذلك إلا ابن عدي؛ فإنه قال في آخر ترجمته:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم برقم (1181) ، فيطبع غيره ". لكن هنا زيادات على ما هنالك. (الناشر) الحديث: 5196 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 318 "أحاديثه صالحة، ليس بالمنكر جداً، وأرجو أنه لا بأس به"! ولذلك؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب". وللحديث علة أخرى، وهي الوقف، أعله بذلك العقيلي؛ فإنه ساقه من طريق هشام بن حسان عن محمد بن واسع قال: بلغني أن في النار جباً يقال له: جب الحزن ... الحديث نحوه. وقال: "وهذا أولى من حديث أزهر". 5197 - (من أرضى سلطاناً بسخط ربه عز وجل؛ خرج من دين الله تبارك وتعالى) . موضوع أخرجه الحاكم (4/ 104) عن عنبسة بن عبد الرحمن عن علاق بن أبي مسلم قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "تفرد به علاق بن أبي مسلم، والرواة إليه كلهم ثقات"! قلت: كذا قال، ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما الفاحشة؛ فإن عنبسة بن عبد الرحمن هذا: هو القرشي؛ كما صرح الذهبي نفسه في ترجمة علاق بن أبي مسلم - ويقال: عبد الملك بن علاق -؛ قال الذهبي في "الميزان": "عن أنس؛ قال الترمذي: مجهول. وقال الأزدي: متروك الحديث. وقد تفرد عنه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي". قلت: وقال في ترجمة عنبسة: الحديث: 5197 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 319 "قال البخاري: تركوه، وروى الترمذي عن البخاري: ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم: كان يضع الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك، رماه أبو حاتم بالوضع". 5198 - (إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 9/ 2-10/ 2) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أخبرنا إسماعيل بن راشد قال: كان من حديث ابن ملجم - لعنه الله - وأصحابه ... (قلت: فذكره بطوله، وفيه قتل ابن ملجم لعلي رضي الله عنه، ووصية علي قبل موته وفيها) : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا؛ فإني سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ فإن إسماعيل بن راشد - على جهالته - لم يدرك علياً رضي الله عنه؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، فقال (1/ 1/ 169) : "إسماعيل بن راشد السلمي، وهو إسماعيل بن أبي إسماعيل أخو محمد ابن أبي إسماعيل. روى عن سعيد بن جبير. روى عنه حصين بن عبد الرحمن السلمي، يعد في الكوفيين". وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي؛ قال الحافظ: "صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل؛ فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين". قلت: فالظاهر أن إسماعيل بن راشد هذا من شيوخ الطرائفي المجهولين، ولا الحديث: 5198 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 320 أستبعد أن يكون في "ثقات ابن حبان"؛ فقد قال الهيثمي (9/ 145) : "رواه الطبراني، وهو مرسل، وإسناده حسن"! كذا قال! والشاهد أن تحسينه لإسناده المرسل لا بد أن يكون بعد أن قد رأى من وثق إسماعيل هذا، وظني أنه ابن حبان، والله أعلم (1) . 5199 - (صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه. يعني: يوم عاشوراء) . منكر بهذا التمام أخرجه أبو داود (2447) : حدثنا محمد بن المنهال: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد عن قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه: أن (أسلم) أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن ابن مسلمة - ويقال: ابن المنهال بن مسلمة، وقيل غير ذلك -، وهو مجهول العين؛ كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان": "تفرد عنه قتادة". وبروايته فقط عنه: ترجمه البخاري (3/ 1/ 354) ، وابن أبي حاتم (2/ 2/ 288) ، وابن حبان في "الثقات" (1/ 132 - مخطوطة الظاهرية) ؛ وقد صرح البيهقي بتجهيله كما يأتي، فلا تغتر بتوثيق ابن حبان إياه، فهو كثير   (1) لم أكن وقفت على الحديث عند الطبراني عند تعليقي على " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " ثم أوقفني عليه الأخ الفاضل عبد المجيد السلفي في كتاب أرسله إلي، تاريخه 2 / 8 / 1397 فوصلني في 15 / 10 / 1397 وكان من أسباب ذلك أنني قضيت شهر رمضان في سويسرا. الحديث: 5199 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 321 التوثيق للمجهولين؛ كما نبهت عليه مراراً؛ فقال المنذري عقب الحديث في "مختصر السنن" (3/ 326) : "وأخرجه النسائي، وذكر البيهقي عبد الرحمن هذا؛ فقال: وهو مجهول، ومختلف في اسمه، ولا يدرى من عمه؟ "!! وفي هذا التخريج نظر من وجهين: الأول: إطلاقه العزو للنسائي يوهم أنه في "الصغرى" له، وليس كذلك، وإنما أخرجه في "الكبرى"، كما يأتي. والآخر: أنه أخرجه بمتن أبي داود، وليس كذلك أيضاً؛ فإنه ليس عنده قوله: "واقضوه". وهو موضع النكارة في الحديث، وإلا؛ فسائره صحيح؛ له شواهد كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما، وقد خرجت طرفاً كبيراً منها في "الصحيحة" (2624) . ولذلك؛ قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (3/ 325) : "قال عبد الحق: ولا يصح هذا الحديث في القضاء، قال: ولفظة: "اقضوه"، تفرد بها أبو داود؛ ولم يذكرها النسائي". وصدق رحمه الله، وإن كنت لم أر في كتابه "الأحكام الوسطى" (1) (ق 94/ 1) إلا الجملة الأولى منه، فلعل سائرها في "الأحكام الكبرى" له. والحديث؛ أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 221) من طريق أخرى عن محمد بن المنهال به؛ إلا أنه وقع عنده: "شعبة" مكان: "سعيد"!   (1) وما جاء في نسخة الظاهرية على طرتها أنها: " الأحكام الكبرى "! خطأ، كما تبين لي بعد أن باشرت تحقيقها وتخريجها منذ سنين. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 322 وهو وهم من بعض الرواة؛ كما أشار إلى ذلك ابن التركماني في "الجوهر النقي". وقد تابعه جمع عن سعيد بن أبي عروبة؛ فقال أحمد (5/ 409) : حدثنا روح: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة الخزاعي! عن عمه به دون قوله: "واقضوه". وأخرجه الطحاوي (1/ 336) ؛ لكن وقع عنده: "شعبة عن قتادة"! ولعله تحريف مطبعي. وكذلك تابعه محمد بن بكر، وبشر - وهو ابن المفضل -؛ كلاهما عن سعيد به دون الزيادة. أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 37/ 2) ، وذكر أنه خالفه في إسناده شعبة فقال: عن قتادة عن عبد الرحمن بن المنهال الخزاعي عن عمه به دون الزيادة. أخرجه النسائي (37/ 1) ، وأحمد (5/ 367-368) كلاهما عن محمد ابن جعفر: حدثنا شعبة: إلا أن أحمد قال: "عبد الرحمن بن المنهال أبو ابن سلمة". وتابعه حجاج: حدثني شعبة به؛ إلا أنه قال: "عبد الرحمن أبي المنهال بن سلمة - وفي مكان آخر: مسلمة - الخزاعي". أخرجه أحمد (5/ 29،367-368) . وتابعهم عبد الرحمن بن زياد: حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا المنهال يحدث عن عمه به. أخرجه الطحاوي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 323 قلت: وهذا الاختلاف في اسم شيخ قتادة في هذا الحديث؛ ليدل - عند العارفين بهذا العلم الشريف - أنه غير مشهور ولا معروف، ولذلك؛ جهله البيهقي كما تقدم، وضعف حديثه عبد الحق الإشبيلي، وتبعه على ذلك شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/ 118) ، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"، فقد ذكر الحديث؛ وقال: "حديث غريب، مختلف في إسناده ومتنه، وفي صحته نظر". نقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 436) ، وأقره. فالعجب من الحافظ ابن حجر؛ كيف سكت عليه في "الفتح" (4/ 201) ، بل أشار قبل ذلك (4/ 114) إلى تقويته؟! فإنه قال في صدد البحث في وجوب القضاء على من لم يبيت النية، وأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأتموا بقية يومكم". - كما في الأحاديث الصحيحة - لا ينافي الأمر بالقضاء، قال: "بل ورد ذلك صريحاً في حديث أخرجه أبو داود والنسائي ... " فذكره، وقال: "وعلى تقدير أن لا يثبت؛ فلا يتعين ترك الفضاء ... "! أقول: وكذلك لا يتعين إيجاب القضاء، بل هذا خلاف الأصل؛ فإنه ينافي البراءة الأصلية، فالإيجاب لا بد له من أمر خاص، وهذا غير موجود إلا في هذا الحديث، وهو ضعيف السند منكر المتن؛ كما تقدم بيانه، فلا تغتر بموقف الحافظ منه؛ فإنه خلاف ما تقتضيه القواعد العلمية الحديثية! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 324 5200 - (إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين، فإن لم يدرك الخطبة؛ فليصل أربعاً) . لا أصل له مرفوعاً وإنما روي موقوفاً، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 128) بإسناد صحيح عن يحيى بن ابي كثير قال: حدثت عن عمر بن الخطاب أنه قال: ... فذكره. ورواه عبد الرزاق أيضاً في "مصنفه" (3/ 237/ 5484) مختصراً. وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الواسطة بين يحيى وعمر. ومثله في الانقطاع: ما أخرجه هو، وعبد الرزاق (3/ 237/ 5485) عن عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب قال: كانت الجمعة أربعاً، فجعلت ركعتين من أجل الخطبة، فمن فاتته الخطبة؛ فليصل أربعاً. ثم روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عون قال: ذكر لمحمد قول أهل مكة: إذا لم يدرك الخطبة صلى أربعاً؟ فقال: ليس هذا بشيء. قلت: ومحمد: هو ابن سيرين التابعي الجليل، وابن عون؛ اسمه عبد الله بن عون بن أرطبان، أبو عون البصري؛ وهو ثقة ثبت. ويشير بقوله: "أهل مكة" إلى ما رواه ابن أبي شيبة أيضاً بسند صحيح عن عطاء وطاوس ومجاهد قالوا: الحديث: 5200 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 325 إذا فاتته الخطبة يوم الجمعة؛ صلى أربعاً. ورواه عبد الرزاق (3/ 238/ 5486) عن ابن جريج عن عطاء به أتم منه. واعلم أنه حملني على كتابة هذا التحقيق في أثر عمر المذكور: أنني رأيت الشيخ مهدي حسن الشاه جهانبوري ذكر في كتابه "السيف المجلى على المحلى" (3/ 65) أن الخطبة جزء الصلاة ونصفها كما ورد في الحديث المرفوع والموقوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ما في "كنز العمال". فاستغربت ما ذكره من الرفع، فرجعت إلى المصدر الذي عزاه إليه: "الكنز"؛ فرأيت قد ذكر فيه (4/ 273/ 5618) هذا الأثر موقوفاً على عمر من قوله من رواية عبد الرزاق وابن أبي شيبة كما خرجناه عنهما؛ فتيقنت أن الشيخ وهم في رفعه، وعزوه إلى "الكنز" مرفوعاً. وله من مثل هذا الوهم في كتابه المذكور الشيء الكثير، ومن أقربها إلى ما نحن فيه: ما ذكره في (3/ 66) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت عن الخطبة حتى فرغ من صلاته؛ كما في "السنن". كذا قال! ومن المعلوم أن المقصود من كلمة "السنن" عند الإطلاق "السنن الأربعة" أو أحدها، وليس الحديث المذكور في شيء منها مطلقاً، فإن كان الشيخ يعلم ذلك؛ فهو تدليس خبيث، وإن كان لا يعلم؛ فالأمر كما قيل: أحلاهما مر! وإنما أخرج الحديث: الدارقطني في "سننه" (ص 169) ، وأعله بالإرسال؛ فإنه أخرجه من طريق عبيد بن محمد العبدي: حدثنا معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 326 دخل رجل - من قيس - المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قم؛ فاركع ركعتين"؛ وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته. وقال الدارقطني: "أسنده هذا الشيخ عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس، ووهم فيه، والصواب: عن معتمر عن أبيه مرسل، كذا رواه أحمد بن حنبل وغيره عن معتمر". ثم رواه بإسناده عن أحمد مرسلاً. ثم أخرجه هو، وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 110) عن هشيم عن أبي معشر عن محمد بن قيس به نحوه. وقال: "هذا مرسل لا تقوم به حجة، وأبو معشر اسمه نجيح، وهو ضعيف". ونقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 203) وأقره، ومر عليه محققه الحنفي، فلم يعلق عليه بشيء؛ مع أنه خلاف مذهبه؛ فإنهم أجابوا عن حديث جابر في قوله - صلى الله عليه وسلم - لسليك: "قم؛ فصل ركعتين وتجوز فيهما"؛ أجاب الحنفية عنه بأجوبة مردودة؛ أحدها: ما دل عليه هذا الحديث المعلول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنصت له حتى فرغ من صلاته!! وهذا الجواب قد رده الحافظ الزيلعي من جهة أخرى؛ فإنه قال - جزاه الله خيراً على إنصافه وتجرده عن العصبية المذهبية؛ خلافاً لجماهيرهم -: "وهذا الجواب يرده ما في الحديث (يعني: حديث سليك في رواية) : "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج؛ فليصل ركعتين". أخرجه البخاري ومسلم. وأخرجه مسلم في قصة سليك؛ كما تقدم". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 327 وإن من عجائب هؤلاء المتعصبة: أنهم يحتجون بالحديث الضعيف على خصومهم لرد أحاديثهم الصحيحة؛ ثم هم لا يعملون بما احتجوا به: عليهم؛ فهذا حديث الترجمة مثلاً، فإنهم لا يقولون بما فيه صراحة: "فإن لم يدرك الخطبة؛ فليصل أربعاً"؛ كيف وهم قد ردوا الحديث الصحيح: "من أدرك ركعة من الجمعة؛ فليصل إليها أخرى"؟! [انظر "الأجوبة النافعة" (ص 41) ، و "الإرواء" (615) ] فقالوا: بل من أدرك الإمام في الجمعة قبل السلام؛ فإنه يتمها ولا يصليها أربعاً؛ خلافاً للآثار الصحيحة عن ابن مسعود وابن عمر وغيرهما! ومن البين الواضح أن من لم يعمل بهذه الآثار والحديث الموافق لها؛ لا يعمل من باب أولى بحديث الترجمة الذي احتجوا به على مخالفيهم في مجال آخر. وإليك مثالاً آخر: الحديث المرسل المتقدم؛ فإنهم لا يعملون به، بل إنه لا يمكن العمل به، وذلك من أدلة ضعفه؛ لأن لازمه أنه كلما دخل داخل يريد أن يصلي التحية؛ فعلى الخطيب أن يمسك عن خطبته حتى يفرغ!! ولذلك؛ قال ابن المنير في رد جواب الحنفية المتقدم: "إن الحديث لو ثبت؛ لم يسغ على قاعدتهم؛ لأنه يستلزم جواز قطع الخطبة لأجل الداخل، والعمل عندهم لا يجوز قطعه بعد الشروع فيه؛ لا سيما إذا كان واجباً". نقلته من "فتح الباري" (2/ 409 - طبعة الخطيب) . ومن أوهام الشيخ مهدي قوله (3/ 29) : "ألم يقرع بسمع (كذا) ابن حزم قوله - صلى الله عليه وسلم -: عليكم بالسواد الأعظم ... "!! فجزم بنسبة هذا الحديث إليه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولا يصح؛ كما سبق بيانه برقم (2896) . وكذلك صحح الحديث المتقدم (59) : ".. أصحابي كالنجوم ... " الجزء: 11 ¦ الصفحة: 328 وحديث (87) : "إذا صعد الخطيب المنبر؛ فلا صلاة ولا كلام"!! تأييداً لمذهبه، ورداً للأحاديث الصحيحة؛ كما تقدم بيانه هناك. وحديث السواد الأعظم يحتج به الشيخ على ابن حزم لمخالفته الجمهور في قوله بوجوب غسل الجمعة،ولا يشعر المسكين أنه حجة عليه - لو صح - في عشرات المسائل بل مئاتها التي خالف الحنفية فيها الجمهور، في الطهارة والصلاة والعقود وغيرها من أبواب الشريعة؛ وهو القائل عن نفسه في الكتاب المذكور (2/ 20) : "وأنا حنفي غال في الحنفية"!! نسأل الله تعالى السلامة من كل بلاء ورزية، والوفاة على الملة الحنيفية!! قلت: ومع هذه الأخطاء الفاحشة، الدالة على عدم معرفة الشيخ بهذا العلم الشريف؛ يتعصب له الشيخ محمد يوسف البنوري في رسالة "الأستاذ المودودي" (ص 50) فيصفه بأنه: "أكبر محدث في عصره، وأفقه رجل في البلاد ... "!! ولئن صدق الشيخ البنوري في هذا الوصف؛ فما أرى السبب في مباينة ما في رسالة الشيخ من الأخطاء الكثيرة التي أثبتنا بعضها هنا؛ إلا أنه ألفها في حالة نفسية متوترة؛ حيث قال في آخر الجزء الأول منها: "فرغت من تسويده سنة (1388) من الهجرة؛ وأنا مريض بمرض الفالج من خمسة أعوام، عاجز عن القيام والقعود إلا بمعين". اللهم! متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا؛ إنك سميع مجيب!! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 329 ومن الأحاديث التي ينبغي تخريجها وبيان الحق فيها - مما تعرض له الشيخ الشاه جهانبوري في رسالته (3/ 24) بكلام يباين أصول علماء الحديث ومصطلحهم - الحديث التالي: 5201 - (من جاء منكم الجمعة؛ فليغتسل. فلما كان الشتاء قلنا: يا رسول الله! أمرتنا بالغسل للجمعة، وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد؟ فقال: من اغتسل فبها ونعمت، ومن لم يغتسل؛ فلا حرج) . موضوع بهذا التمام أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 324/ 1) عن الفضل بن المختار عن أبان عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، في ترجمة الفضل هذا، وقال: "عامة حديثه مما لا يتابع عليه؛ إما إسناداً وإما متناً". قلت: وقال فيه أبو حاتم: "أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل". قلت: وهو راوي حديث المجرة الموضوع، وقد مضى برقم (284) . لكن أبان - وهو ابن أبي عياش - ليس خيراً منه، بل لعله شر منه؛ فقد اتفقوا على تركه. وقال شعبة: "لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان". وقال فيه أحمد: "كذاب". قلت: فهو أو الراوي عنه آفة هذا الحديث، وقد لفقه من حديثين صحيحين، محرفاً لأحدهما: الحديث: 5201 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 330 الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من جاء منكم الجمعة؛ فليغتسل"؛ فإنه متفق عليه من حديث عمر وابنه عبد الله وغيرهما بألفاظ متقاربة، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (367) . والحديث الآخر لفظه: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". هكذا روي عن جمع من الصحابة منهم أنس نفسه، بأسانيد ثلاثة: عن يزيد الرقاشي، وثابت البناني، والحسن البصري؛ ثلاثتهم عن أنس به. أخرجه عنهم الطحاوي وغيره، وطرقه يقوي بعضها بعضاً، وهي مخرجة في "صحيح أبي داود" أيضاً برقم (380) . فجاء هذا الكذاب (أبان) ؛ فرواه باللفظ المذكور أعلاه: "من اغتسل فبها ونعمت، ومن لم يغتسل فلا حرج". فجعل لفظه صريح الدلالة في عدم وجوب غسل الجمعة! وليس هذا فحسب، بل إنه ربط بينه وبين الحديث الأول: "من جاء منكم الجمعة؛ فليغتسل" - وهو ظاهر على وجوب الغسل -؛ فربط بينهما بجملة الشتاء والسؤال، بحيث يدل الجواب على أن الحديث الأول منسوخ قطعاً. ولذلك؛ استدل به للحنفية الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 88) على أن أحاديث الوجوب منسوخة! فإنه ساقه من طريق ابن عدي كما سقناه، ثم عقب عليه بقوله: "إلا أن هذا سند ضعيف يسد بغيره"! كذا فيه: "يسد" بالسين المهملة؛ أي: يصلح، ولعله: "يشد" بالمعجمة، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فإن القلب يشهد بأن في العبارة تحريفاً من بعض الناسخين الجزء: 11 ¦ الصفحة: 331 أو غيرهم، ولعل الأصل: "ضعيف بمرة" أو نحوه؛ فإني أكبر الحافظ الزيلعي أن يقتصر على تضعيف هذا الإسناد الهالك بهذا المتن الباطل، وليس هذا فقط، بل ويقول فيه: "يسد (أو يشد) بغيره"!! إني أستبعد جداً أن يقول هذا، وهو يعلم أن الشديد الضعف لا يقوى بغيره، لا سيما إذا كان متنه باطلاً كهذا. وأما الشيخ مهدي الحنفي الذي سبق ذكره في الحديث المتقدم؛ فقد نقل عبارة الزيلعي هذه واستدلاله به على النسخ، وسلم بذلك كله متعقباً عليه بقوله: "وسيأتي تحقيق الحديث المذكور (يعني: من توضأ يوم الجمعة ... ) ؛ فإن بعض طرقه صحيح أو حسن، والمجموع ينهض حجة للنسخ؛ فافهم"!! فانطلى عليه حال إسناد هذا الحديث الهالك والمتن الباطل، فلم ينبه على شيء من ذلك؛ وبخاصة الفرق بين متنه ومتن تلك الأحاديث التي يتقوى بها متنها دون متنه، وهي لا تدل على النسخ المزعوم مطلقاً، وتجد بيان ذلك في "المحلى" (2/ 14) ، و "الفتح" (2/ 300) . 5202 - (لا عليكما، صوما مكانه يوماً آخر) . ضعيف روي من حديث عائشة، وله عنها طريقان: أحدهما عن عروة، والآخر عن عمرة. 1- أما طريق عروة؛ فله عنه طريقان: الحديث: 5202 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 332 الأولى: عن زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عنها قالت: أهدي لي ولحفصة طعام، وكنا صائمتين، فأفطرنا، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا له: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية، فاشتهيناها فأفطرنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أخرجه أبو داود (2457) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (ق 63/ 2) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 227) ، وابن عدي في "الكامل" (151/ 2) ، والبيهقي (4/ 281) ؛ وقال - تبعاً لابن عدي، وهذا تبعاً للبخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 450) -: "لا يعرف لزميل سماع من عروة، ولا تقوم به الحجة". ثم قال ابن عدي: "وحديث عروة عن عائشة معروف بزميل، وإسناده لا بأس به"! وهذا منه غريب؛ إذ كيف يكون إسناده لا بأس به، وفيه زميل، وقد قال فيه البخاري: "لا تقوم به الحجة"، ولم يرو عنه غير يزيد بن الهاد؟! ففيه إشارة إلى أنه مجهول، وقد صرح بذلك جمع، أقدمهم الإمام أحمد فقال: "لا أدري من هو؟! ". وتبعه الخطابي؛ فقال في "معالم السنن" (3/ 335) : "إسناده ضعيف، وزميل مجهول، ولو ثبت الحديث؛ أشبه أن يكون إنما أمرهما بذلك استحباباً". وتبعه على هذا الحافظ المنذري في "مختصر السنن". ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب": الجزء: 11 ¦ الصفحة: 333 "مجهول". ونحوه في "الميزان"، وقال: "ومن مناكيره ... "؛ ثم ساق له هذا الحديث. ثم قال البيهقي: "وروي من أوجه أخرى عن عائشة، لا يصح شيء منها، وقد بينت ضعفها في (الخلافيات) ". قلت: وسأبينها في حدود ما اطلعت عليه، وما توفيقي إلا بالله. والطريق الأخرى: عن الزهري عن عروة. وله عن الزهري طرق: الأولى: عن جعفر بن برقان قال: حدثنا الزهري عن عروة عن عائشة به. أخرجه الترمذي (1/ 142) ، والنسائي (ق 63/ 2) ، والبيهقي (4/ 280) ، وأحمد (6/ 263) ، وأبو يعلى (3/ 1140) كلهم عن كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان ... وأعلوه بالإرسال؛ فقال الترمذي عقبه: "وروى صالح بن أبي الأخضر، ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا. ورواه مالك بن أنس، ومعمر، وعبيد الله بن عمر، وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلاً، ولم يذكروا فيه: عن عروة، وهو أصح؛ لأنه روي عن ابن جريج قال: سألت الزهري قلت له: أحدثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئاً، ولكني سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من نا عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث". وقال البيهقي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 334 "هكذا رواه جعفر بن برقان، وصالح بن أبي الأخضر، وسفيان بن حسين؛ عن الزهري؛ وقد وهموا فيه عن الزهري". وكذا قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 227) عن أبيه، والنسائي؛ كما يأتي في الطريق الثالثة. وعلة هذه الطريق الأولى - بالإضافة إلى مخالفة الثقات الحفاظ - جعفر هذا؛ فإنه وإن كان أخرج له مسلم؛ فهو ضعيف في روايته عن الزهري خاصة، صرح بذلك جمع من أئمة الجرح، كأحمد وابن معين وابن عدي وغيرهم، ويأتي كلام النسائي بذلك قريباً. الثانية: عن سفيان بن حسين عن الزهري به. أخرجه النسائي (63/ 2-64/ 1) ؛ وأعله بابن حسين؛ كما يأتي. الثالثة: عن صالح بن أبي الأخضر عنه به. أخرجه ابن صاعد في "مجلسان" (ق 52/ 1) - من طريق روح بن عبادة عنه -، ورواه النسائي (64/ 1) ، والبيهقي - من طريق سفيان بن عيينة - قالا: سمعنا من صالح بن أبي الأخضر ... فذكره، قال سفيان: فسألوا الزهري - وأنا شاهد - فقالوا: هو عن عروة؟ فقال: لا. وقول سفيان؛ هذا أخرجه الطحاوي أيضاً في "شرح المعاني" (1/ 354) . ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه: حدثنا ابن أبي مريم عن ابن عيينة بلفظ: فقال: لم أسمعه من عروة، إنما حدثني رجل على باب ... فذكره نحو رواية ابن جريج المتقدمة عند الترمذي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 335 وقد وصلها هو، وعبد الرزاق (4/ 276) ، والطحاوي؛ عنه. ولعله هو السائل الذي أشار إليه سفيان في قوله المذكور. وقد قال النسائي عقبه: "الصواب ما روى ابن عيينة عن الزهري؛ وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري وغير الزهري، وسفيان بن حسين وجعفر بن برقان ليسا بالقويين في الزهري، ولا بأس بهما في غير الزهري". وقال البيهقي: "فهذان ابن جريج وسفيان بن عيينة شهدا على الزهري - وهما شاهدا عدل - بأنه لم يسمعه من عروة، فكيف يصح وصل من وصله؟! قال أبو عسيى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا يصح حديث الزهري عن عروة عن عائشة. وكذلد قال محمد ابن يحيى الذهلي، واحتج بحكاية ابن جريج وسفيان بن عيينة، وبإرسال من أرسل الحديث من الأئمة". الرابعة والخامسة والسادسة: عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن شهاب به. أخرجه النسائي من طريق يحيى بن أيوب عنه. قال يحيى بن أيوب: وسمعت صالح بن كيسان بمثله. قال النسائي: "وجدته عندي في موضع آخر: حدثني صالح بن كيسان ويحيى بن سعيد. وهذا أيضاً خطأ مثله". قلت: وهو من يحيى بن أيوب - وهو أبو العباس المصري -، فإنه وإن كان احتج به الشيخان؛ فقد تكلم فيه بعض الأئمة؛ لسوء حفظه ومخالفته. بل قال فيه الإمام أحمد: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 336 "يخطىء خطأ كثيراً". ويحيى بن سعيد؛ قد ذكره البيهقي (4/ 279) في زمرة الثقات الحفاظ الذين رووا الحديث عن الزهري منقطعاً، فدل ذلك على خطأ يحيى بن أيوب عليه حين رواه عنه عن الزهري عن عروة عن عائشة متصلاً. ورواية ابن سعيد المنقطعة قد وصلها البيهقي عنه كما سيأتي. السابعة: عن عبد الله بن عمر العمري عن ابن شهاب به. أخرجه الطحاوي (1/ 354) . والعمري هذا - وهو المكبر - ضعيف إذا تفرد؛ فكيف إذا خالف الثقات؟! وقد قرنه ابن أبي حاتم (1/ 227) مع سفيان بن حسين وجعفر بن برقان المخالفين المتقدمين آنفاً. ومن الثقات الذين خالفهم: أخوه عبيد الله بن عمر العمري الثقة الثبت؛ فقد ذكره البيهقي في زمرة الثقات الحفاظ الذين أرسلوا الحديث؛ كما تقدم قريباً، وكذلك ذكره فيهم الترمذي في كلامه السابق في الطريق الأولى. وقد وصله عنه النسائي. وما تعقب به ابن التركماني البيهقي في ذكره عبيد الله في تلك الزمرة بقوله: "قلت: أخرجه أبو عمر من حديث أبي خالد الأحمر عن عبيد الله ويحيى ابن سعيد وحجاج بن أرطأة؛ كلهم عن الزهري عن عروة أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين ... الحديث"!! فالجواب من وجهين: الأول: أن أبا خالد الأحمر - واسمه سليمان بن حيان -، وإن كان ممن أخرج له الشيخان؛ ففي حفظه أيضاً كلام. ولذلك؛ قال فيه الحافظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 337 "صدوق يخطىء". فلا عبرة بحديثه إذا خالف الثقات. والآخر: أن ظاهر إسناده الإرسال أيضاً؛ لأن قوله: "عن عروة: أن عائشة وحفصة ... " صورته المرسل؛ كما هو ظاهر، فيكون أبو خالد قد شذ مرتين: الأولى: من جهة مخالفة الثقات الحفاظ الذين رووه عن الزهري مرسلاً. والأخرى: الذين خالفوا هؤلاء ممن سبق ذكرهم؛ فرووه عنه عن عروة عن عائشة متصلاً!! 2- وأما طريق عمرة؛ تفرد به جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عنها عن عائشة به. أخرجه النسائي، والطحاوي (1/ 355) ، وابن حبان (951 - موارد) . وقال النسائي: "هذا خطأ". قلت: يعني: من جرير؛ فإن حاله كحال أبي خالد الأحمر وغيره، وقد بين ذلك البيهقي؛ فقال: "وجرير بن حازم وإن كان من الثقات؛ فهو واهم فيه، وقد خطأه في ذلك أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني. والمحفوظ: عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن عائشة مرسلاً". ثم روى بإسناده عن الأثرم قال: "قلت لأبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - تحفظه عن يحيى عن عمرة عن عائشة ... فأنكره، وقال: من رواه؟ قلت: جرير بن حازم. فقال: جرير كان يحدث بالتوهم". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 338 وعن أحمد بن منصور الرمادي قال: "قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن! تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ... ؟ فقال لي: من روى هذا؟ قال: قلت: ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك؛ فقال: مثلك يقول مثل هذا؟! حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهري أن عائشة ... ". وجملة القول: أن الحديث ضعيف لا يصح، وأن الصواب فيه عن الزهري مرسلاً، وأن من قال عنه: عن عروة، أو قال: عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة؛ فقد وهم عليهما - بلا شك - وهماً فاحشاً؛ لمخالفة الحفاظ الثقات أولاً، وقد تقدم تسمية بعضهم - ومنهم مالك في "الموطأ" (1/ 306/ 50) -، ولمصادمة ذلك لتصريحه بأنه لم يسمعه من عروة، وإنما من رجل لم يسمه، فما لعروة - بله عمرة - بهذا الحديث صلة. وإنما أفضت في الكشف عن علة الحديث وطرقه؛ لأني رأيت صنيع ابن التركماني في "الجوهر النقي" قد حشر ما وقع عليه من الطرق موهماً أن الحديث بها ثابت، ولا غرابة في ذلك؛ لما هو معروف به من التعصب للمذهب، وإنما الغرابة أن ابن القيم - بعدما ساق بعض الطرق المذكورة دون أي مناقشة لمفرادتها، وبيان ما في رواته من الضعف أو الشذوذ والمخالفة لروايات الثقات الأثبات - قال في "تهذيب السنن" (3/ 336) : "فالذي يغلب على الظن: أن اللفظة محفوظة في الحديث، وتعليلها - لما ذكر - قد تبين ضعفه"! وظني أن ابن القيم رحمه الله لو تتبع الطرق ورواتها - وما قاله الزهري نفسه من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 339 النفي لسماعه للحديث من عروة -؛ لما ذهب إلى هذا الذي حكينا عنه، ولوجد أن الأئمة الذين أعلوا الحديث بالإرسال كانوا على الحق والصواب، وأن قولهم فيه هو فصل الخطاب. ثم إن الحديث لو صح؛ فهو محمول على الاستحباب؛ كما تقدم عن الخطابي (1) . ومما يشهد له: قوله - صلى الله عليه وسلم - لأحد أصحابه - وقد دعي إلى الطعام وهو صائم -: "أفطر، وصم مكانه يوماً إن شئت"؛ وهو حديث ثابت؛ كما حققته في "آداب الزفاف" (ص 159) ، ثم في "إرواء الغليل" (1952) . 5203 - (إنا أهل بيت؛ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق؛ معهم رايات سود، فيسألون الخير، فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ماسألوا؛ فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي؛ فيملؤها قسطاً؛ كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم؛ فليأتهم ولو حبواً على الثلج) . منكر أخرجه ابن ماجه (2/ 518) ، وابن أبي عاصم في "السنة" برقم (1499) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/ 1494) عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ اغرورقت عيناه، وتغير لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً   (1) كرر الشيخ - رحمه الله - الحديث برقم (5480) لكن من طريق آخر. (الناشر) الحديث: 5203 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 340 نكرهه؟! فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الشيعي -. قال الذهبي: "أحد علماء الكوفة المشاهير؛ على سوء حفظه". وقال الحافظ: "ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن". وقال البوصيري في "زوائده" (ق 249/ 1) : "مختلف فيه، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة (يعني: شيخ ابن ماجه فيه) ، وأبو يعلى بزيادة ونقص، لكن لم يتفرد به يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم؛ فقد رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم به"! قلت: ما أحسن البوصيري صنعاً بهذا الاستدراك؛ فإنه الحديث عند الحاكم (4/ 464) من طريق محمد بن عثمان بن سعيد القرشي: حدثنا يزيد بن محمد الثقفي: حدثنا حنان (الأصل: حبان) بن سدير عن عمرو بن قيس الملائي به. سكت عنه الحاكم! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: هذا موضوع". أقول: لعل آفته من حنان هذا؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 299) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، والحافظ في "اللسان" (2/ 367) ، وساق له من مناكيره حديثاً من روايته عن أهل البيت، وقال: "قال الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" وفي "العلل": إنه من شيوخ الشيعة". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 341 قلت: وهو في "رجال الكشي"؛ انظر "الفهرس" (ص 108) . وقد تصحف اسمه في "المستدرك" إلى (حبان) ؛ كما سبقت الإشارة إليه. وفي "الميزان": "حبان بن مديد"؛ وقال: "قال الأزدري: ليس بالقوي عندهم". ثم ساق له هذا الحديث. ووقع في "اللسان". "حبان بن مدير"؛ وعزا الحديث الحاكم؛ وذكر تعقب الذهبي له بما سبق، وأقره؛ ولكنه قال: "وأنا أخشى أن يكون هذا هو حنان - بفتح المهملة ونونين مخففاً -، وأبوه (سدير) بفتح السين المهملة بوزن (قدير) ، تصحف اسمه واسم أبيه". قلت: والراوي عنه يزيد بن محمد الثقفي؛ لم أعرفه! وكذا الراوي عنه: محمد بن عثمان بن سعيد القرشي! ومن طبقته: محمد ابن عثمان بن سعيد بن عبد السلام بن أبي السوار المصري، حدث عن أبي صالح كاتب الليث؛ قال أبو سعيد بن يونس: لم يكن بثقة؛ كما في "اللسان" (5/ 279) ، فلعله هو. ثم إن الحديث قد أنكره جماعة من الأئمة المتقدمين على يزيد بن أبي زياد؛ فقال وكيع: "يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله - حديث الرايات - ليس بشيء". وقال أبو أسامة: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 342 "لو حلف لي خمسين يميناً قسامة ما صدقته"؛ يعني: في هذا الحديث. وذكر الذهبي عن الإمام أحمد أنه قال فيه مثل قول وكيع المتقدم. 5204 - (كيف بكم - أيها الناس! - إذا طغى نساؤكم، وفسق فتيانكم؟ قالوا: يا رسول الله! إن هذا لكائن؟! قال: نعم، وأشد منه، كيف أنتم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! قالوا: يا رسول الله! إن هذا لكائن؟ قال: وأشد منه، كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً، والمعروف منكراً؟!) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 301/ 1) : حدثنا محمد بن الفرج: حدثنا محمد بن الزبرقان: حدثنا موسى بن عبيدة قال: أخبرني عمر بن هارون وموسى بن أبي عيسى عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ موسى بن عبيدة - وهو الربذي - ضعيف عند الجمهور، وبعضهم ضعفه جداً. والحديث؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 280-281) ؛ وقال: "رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"؛ إلا أنه قال: "فسق شبابكم"، وفي إسناد أبي يعلى: موسى بن عبيدة، وهو متروك، وفي إسناد الطبراني: جرير ابن المسلم؛ ولم أعرفه، والراوي عنه شيخ الطبراني همام بن يحيى؛ لم أعرفه"! قلت: جرير هذا روى له الطبراني حديثاً آخر في "المعجم الصغير" (ص 206) ، ونسبه فيه صنعانياً. وروي من حديث أبي أمامة مرفوعاً بلفظ: الحديث: 5204 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 343 "كيف أنتم إذا طغى نساؤكم ... " الحديث نحوه، وزاد في آخره: قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟! قال: "نعم، وأشد منه سيكون، يقول الله تعالى: بي حلفت! لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيهم حيراناً". أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 417-418) ، والحافظ عبد الغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف" (91-92) عن حماد بن عبد الرحمن الكلبي: حدثنا خالد بن الزبرقان القرشي عن سليم بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة ... وقال ابن أبي حاتم: "قال أبي: هذا حديث منكر، وحماد ضعيف الحديث". قلت: وشيخه خالد بن الزبرقان؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 332) : "سمعت أبي يقول: هو منكر الحديث. وغيري يحكي عن أبي أنه قال: صالح الحديث". ثم أخرجه المقدسي من حديث ابن مسعود مختصراً. ورجاله ثقات؛ غير أبي نصر الفضل بن محمد بن سعيد؛ يرويه عن أبي الشيخ عن أبي يعلى بإسناده الحسن عنه. غير أني لم أجده في "مسند أبي يعلى"، ولا في "المجمع"؛ فلينظر إن كان فيه؛ فإن كان ابن سعيد هذا معروفاً؛ فهو حسن ينقل إلى "الصحيحة"؛ فإني لم أعرف ابن سعيد هذا! ثم وقفت على إسناد الطبراني، فوجدت فيه علتين أخريين، إحداهما واهية جداً، كما عرفت منه أحد الراويين اللذين لم يعرفهما الهيثمي، فقال الطبراني في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 344 "المعجم الأوسط" (2/ 298/ 12/ 9479) : حدثنا همام بن يحيى: حدثنا حريز بن المسلم الصنعاني: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز (الأصل: عبد المجيد) ابن أبي رواد (الأصل: داود) عن ياسين الزيات عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وقال: "لم يروه عن الأعمش إلا ياسين، ولا عن ياسين إلا عبد المجيد، تفرد به حريز بن المسلم". قلت: هو بالحاء المهملة وآخره؛ زاي كما في "الإكمال" (2/ 85-86) ؛ وكناه بـ (أبي المسلم) ؛ وقال: "صنعاني، يروي عن عبد المجيد بن أبي رواد وغيره. روى عنه إبراهيم بن محمد بن المعمر". قلت: وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 213) ، وقال: "روى عن سفيان بن عيينة. وعنه أهل اليمن". ووقع عند الهيثمي: (جرير) بالجيم! فلا أدري إذا كان وقع له كذلك في "المعجم"؛ فلم يعرفه، أو أنه تحرف على ناسخ "المجمع"؟! والله أعلم. وشيخه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء، وكان مرجئاً، أفرط ابن حبان فقال: متروك". وأقول: الآفة من شيخه ياسين الزيات؛ فإنه مجمع على ضعفه، بل هو متروك؛ كما قال النسائي وغيره. وقال البخاري (4/ 2/ 429) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 345 "يتكلمون فيه، منكر الحديث". فلا أدري لماذا سكت عنه الهيثمي، وأعل الحديث بما تقدم ممن لم يعرفه؟! ثم رأيت ابن المبارك قد أخرج الحديث في "الزهد" (484/ 1376) ؛ قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن موسى بن أبي عيسى المديني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. فهذا يعل رواية موسى بن عبيدة المتقدمة عند أبي يعلى، ويؤكد ضعف ابن عبيدة حين أسنده عن موسى بن أبي عيسى عن أبي هريرة؛ فإن سفيان بن عيينة ثقة، وقد رواه عنه مرسلاً. وموسى بن أبي عيسى المديني - وهو الحناط أبو هارون الغفاري -، وهو ثقة؛ لكنهم لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، ولذلك؛ ذكره الحافظ في الطبقة السادسة؛ أي: أتباع التابعين، وفيهم ذكره اب حبان في "ثقاته" (7/ 454) . وعليه؛ فهو منقطع بينه وبين أبي هريرة، بل معضل. وعمر بن هارون: هو الزرقي الأنصاري المديني؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال (5/ 153) : "يروي عن أبي هريرة. روى عنه يحيى بن حمزة". كذا وقع فيه: (يحيى) ! وفي "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل": (عمر) . والله أعلم؛ وذكرا في ترجمته أنه روى عن أبيه، وزاد البخاري: "وروى موسى بن عبيدة: حدثنا عمر بن هارون عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلا أدري هو هذا أم لا؟ ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 346 وأورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: ".. عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، لا يعرف، والخبر منكر". وعقب عليه في "اللسان" بقول ابن حبان المذكور آنفاً. قلت: وعمر هذا وقرينه؛ لم يعرفهما المعلق على "مسند أبي يعلى" (11/ 304-305) ؛ فقال: "إسناده ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيدة الربذي، وقد تركه كثير من أهل العلم، وشيخه وشيخ شيخه لم أعرفهما"! والصواب: "وشيخاه لم أعرفهما"؛ كما يظهر بأدنى تأمل. ثم رأيت في "تاريخ البخاري" (4/ 2/ 441) ، و "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 323) قد ذكرا من طريق عبد العزيز الأويسي عن سعيد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن نافع عن ابن عباس الحميري عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكر الحديث بطرفه الأول فقط. قلت: وهذا إسناد مجهول؛ الحميري هذا وأبوه لا يعرفان إلا في هذا الحديث. وقد أورده الحافظ في ترجمة الأب من "الإصابة" من طريق ابن أبي حاتم فقط، ولم يزد!! 5205 - (كان من دعائه الذي كان يقول: يا كائناً قبل أن يكون شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعدما لا يكون شيء! أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات، الغافرات الواجبات المنجيات) . موضوع أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 11) من طريق الحديث: 5205 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 347 محمد بن سنان القزاز: حدثنا محمد بن الحارث مولى بني هاشم: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني؛ متهم بالوضع؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 264) : "حدث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمئتي حديث كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به، ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب". ثم ساق له بضعة عشر حديثاً، قد مضى اثنان منها برقم (54،2411) . ومحمد بن الحارث ضعيف؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث الأول من الحديثين المشار إليهما. ومثله القزاز؛ فإنه ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد أشار البيهقي إلى تضعيف الحديث بقوله عقبه: "إن صح"! وهذا تقصير منه ظاهر، فكان الأولى أن ينزه كتابه منه ولا يورده فيه! 5206 - (هذه صفة ربي عز وجل وتقدس علواً كبيراً) . منكر أخرجه البيهقي في "الأسماء" (ص 279) من طريق مخلد بن أبي عاصم: أخبرنا محمد بن موسى - يعني الحرشي -: أخبرنا عبد الله بن عيسى: أخبرنا داود - يعني: ابن أبي هند - عن عكرمة عن ابن عباس: أن اليهود جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - - منهم كعب بن الأشرف، وحيي بن الحديث: 5206 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 348 أخطب -، فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك الذي بعثك، فأنزل الله عز وجل: (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد) : فيخرج منه، (ولم يولد) : فيخرج من شيء، (ولم يكن له كفواً أحد) : ولا شبه، فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن عيسى متفق على تضعيفه، وهو الخزاز أبو خلف؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 216) : "لا يتابع على أكثر حديثه". وقال ابن عدي (ق 225/ 1-2) : "يروي عن يونس بن عبيد وداود بن أبي هند ما لا يوافقه عليه الثقات، وأحاديثه إفرادات كلها، وليس هو ممن يحتج بحديثه". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسين: حدثنا محمد ابن موسى الحرشي به مختصراً؛ دون حديث الترجمة وتفسير السورة. والحرشي؛ قال الحافظ في "التقريب": "لين". ومخلد بن أبي عاصم؛ لم أعرفه، ولعل فيه تحريفاً. وقد خالفه في متنه محمد بن أحمد بن الحسين - شيخ ابن عدي - فاختصره؛ كما رأيت؛ وهو الصواب. فقد رواه يزيد عن عكرمة مرسلاً به نحوه. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 221) بسند صحيح عنه. وهو يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي، وهو ثقة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 349 وكذلك أخرجه ابن جرير، والحاكم (2/ 540) ، والبيهقي (ص 32،279) عن أبي بن كعب قال: إن المشركين قالوا: يا محمد! انسب لنا ربك! فأنزل الله السورة. صححه الحاكم والذهبي! وفيه أبو جعفر الرازي، وهو ضعيف. لكن لحديثه شواهد تقويه؛ فراجعها في "الدرالمنثور". ولقد كان الباعث على تحرير هذا: أنني رأيت الشيخ عبد الله الحبشي في رسالته "الصراط المستقيم" (ص 29) قد قال: "أخرجه البيهقي بالإسناد الصحيح عن ابن عباس ... " فذكر الحديث! فتصحيحه لهذا الإسناد لأكبر دليل على جهل هذا الرجل بهذا العلم، وقد بلغنا أه صار له أتباع كثر في لبنان؛ مما ذكرني بالقول المشهور: (إن البغاث بأرضنا يستنسر) ! 5207 - (من قرأ ألف آية في سبيل الله؛ كتبه الله مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين) . منكر أخرجه أبو يعلى (1489) ، والحاكم (2/ 87) ، وعنه البيهقي في "السنن" (9/ 172) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير زبان؛ قال أحمد: "أحاديثه مناكير". وضعفه ابن حبان جداً؛ كما بينته في "ضعيف أبي داود" (230) . فقول الحاكم: الحديث: 5207 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 350 "صحيح الإسناد"! مردود؛ وإن وافقه الذهبي! 5208 - (الليل خلق من خلق الله عز وجل عظيم، لعله أعانك عليه (يعني: الصيد) شيء؟ انبذها عنك) . منكر أخرجه أبو داود في "المراسيل" (383) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 241) من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة عن أبي رزين قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيد، فقال: إني رميته من الليل فأعياني، ووجدت سهمي فيه من الغد، وقد عرفت سهمي؟ فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل؛ أبو رزين هذا: هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي التابعي، وهو ثقة. وكذلك سائر رواته؛ إلا أن جريراً - وهو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي -، وهو ثقة، لكنه قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه؛ وفي "التقريب": "ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه". قلت: وقد خالفه في إسناده من هو أحفظ منه: فقال سفيان - وهو الثوري -: عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن أبي رزين عن أبي رزين مرفوعاً به، نحوه مختصراً، ليس فيه ذكر الليل والنهار. أخرجه البيهقي، وقال: "وأبو رزين هذا؛ اسمه مسعود مولى شقيق بن سلمة، وليس بأبي رزين مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والحديث مرسل. قاله البخاري". الحديث: 5208 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 351 قلت: وعبد الله بن أبي رزين هذا لا يعرف إلا في هذا لإسناد. وقد قال الذهبي في "الميزان": "ذكره ابن حبان في "الثقات"، لا يدرى من هو؟ ". قلت: فهو علة هذا الإسناد الصحيح مرسلاً. وقد وهم المناوي وهماً فاحشاً؛ فإنه على الرغم من أن السيوطي صرح بقوله: ".. عن أبي رزين مرسلاً" علق عليه بأن أبا رزين هو العقيلي!! قلت: ولو كان هو العقيلي؛ لم يكن الحديث مرسلاً؛ لأنه صحابي معروف، واسمه لقيط بن صبرة. ثم إن في الحديث عندي نكارة؛ فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأبي ثعلبة الخشني: "إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال، وسهمك فيه؛ فكله؛ ما لم ينتن". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1350) . وفي رواية من حديث عدي بن حاتم: "إذا عرفت سهمك فيه لم تر فيه أثر غيره، وتعلم أنه قتله؛ فكله". قلت: فلم يأمر - صلى الله عليه وسلم - بنبذ الصيد لمجرد احتمال أن يكون قتل بطريق غير شرعي، كما في حديث الترجمة، بينما الأمر على خلاف ذلك في الحديث الصحيح؛ فقد أحال فيه على ظاهر الأمر من نتانة أو مشاركة سبع، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 352 5209 - ( ............................................ ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: (ما أطيبك وما أطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك. . .) . رواه ابن ماجه. وقد كتب الشيخ رحمه الله عليه بخطه: " نقل إلى " الصحيحة " (3420) لشاهد له قوي ". (الناشر) . الحديث: 5209 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 353 5210 - (ليدخلن بشفاعة عثمان سبعون ألفاً - كلهم قد استوجبوا النار - الجنة بغير حساب) . منكر أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان رضي الله عنه من "التاريخ" (10/ 105/ 2) من طريقين عن عبد الرحمن بن نافع: أخبرنا محمد بن يزيد القرشي: أخبرنا محمد بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. ثم من طريق الحسين بن عبيد الله العجلي: أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري عن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه. وهذا إسناد ضعيف من الوجهين؛ ففي الأول: عبد الرحمن بن نافع؛ ولم أعرفه. ومثله محمد بن يزيد القرشي، و [لا] أستبعد أن يكون هو يزيد بن محمد القرشي، انقلب على الراوي؛ فقد ذكره في الرواة عن محمد بن عمرو - وهو ابن حلحلة الديلي المدني - الراوي عن عطاء؛ وهو يزيد بن محمد بن قيس القرشي المطلبي، وهو ثقة؛ فإن كان هو؛ فقد انقلب اسمه على عبد الرحمن بن نافع هذا، وهو مما يدل على عدم حفظه وضبطه. وأما الوجه الآخر؛ فآفته الحسين بن عبيد الله العجلي؛ قال الدارقطني: "كان يضع الحديث". الحديث: 5210 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 353 والحديث؛ أورده السيوطي من رواية ابن عساكر هذه؛ فتعقبه المناوي بقوله: "قضية تصرف المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل قال: روي بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه، وهو منكر. اهـ. وأقره عليه الذهبي في اختصاره لـ (تاريخه) "! قلت: ولم أر قول ابن عساكر في الموضع الذي أشرت إليه آنفاً؛ فلعله ذكر ذلك في موضع آخر. وإن مما يؤكد نكارته: أن الحديث صح عن غير ما واحد من الصحابة مرفوعاً بنحوه دون ذكر عثمان، وهو مخرج في "المشكاة" (5601) من حديث عبد الله ابن أبي الجدعاء. وقد أخرجه الحاكم (3/ 408) - وصححه هو والذهبي -، وزاد: قال الحسن: إنه أويس القرني. ويخالفه ما أخرجه ابن عساكر أيضاً بسند صحيح عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ: "ليدخلن الجنة - بشفاعة رجل من أمتي - مثل أحد الحيين: ربيعة ومضر"؛ وزاد: فكان المشيخة يرون ذلك الرجل عثمان بن عفان. وجملة القول: أن الحديث - باللفظ المذكور أعلاه - منكر لا يصح. والله تعالى أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 354 5211 - (ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم (ثلاث مرات) ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها، وعيسى ابن مريم آخرها) (1) . منكر أخرجه الحاكم (3/ 41) عن عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه رضي الله عنه قال: لما اشتد جزع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من قتل يوم (مؤتة) ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"!! ورده الذهبي بقوله: "قلت: ذا مرسل: وهو خبر منكر". قلت: وليس رجاله على شرط الشيخين؛ إلا عيسى بن يونس. وأما سائرهم؛ فإنما احتج بهم مسلم وحده. وقال المناوي: "ورواه ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير - أحد التابعين -؛ قال ابن حجر: وإسناده حسن".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم برقم (5099) ". (الناشر) الحديث: 5211 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 355 5212 - (ما ترون مما تكرهون؛ فذلك ما تجزون، يؤخر الخير لأهله في الآخرة) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 532-533) عن محمد بن مسلمة الواسطي: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأ سفيان بن حسين عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي قال: الحديث: 5212 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 355 بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ نزلت هذه الآية: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) ؛ فأمسك أبو بكر، وقال: يا رسول الله! أكل ما عملنا من سوء رأيناه؟! فقال: ... فذكره. وقال: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: مرسل". قلت: ومع الإرسال علة أخرى؛ وهي محمد بن مسلمة الواسطي؛ فإنه واه؛ قال الذهبي: "أتى بخبر باطل اتهم به، وقال أبو القاسم اللالكائي: ضعيف ... وساق له ابن عدي أحاديث تستنكر، وقال أبو محمد الخلال: هو ضعيف جداً". لكن الظاهر أنه لم يتفرد به؛ فقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 380) لإسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد، والحاكم، وابن مردويه عن أسماء. وكذا وقع فيه: "أسماء"؛ فصار الحديث بذلك موصولاً. لكن الظاهر أنه سقط من الناسخ أداة الكنية: "أبي"، وساعد على ذلك أنه لم يكن في أصله وصفه بالرحبي، وإلا؛ لصار التحريف هكذا: "أسماء الرحبي"! فإذا كان الأمر كما ذكرنا، وكان من مخرجي الحديث إسحاق بن راهويه وعبد ابن حميد - وهما من طبقة الواسطي -؛ كان ذلك دليلاً واضحاً على أنهما قد تابعاه عليه، أو على الأقل: على أنه لم يتفرد به، فالعلة حينئذ إنما هي الإرسال. والله أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 356 وإن مما يؤيد ما ذكرته من التحريف والسقط: أن السيوطي ذكره في "الجامع الصغير" من رواية الحاكم عن أبي أسماء الرحبي مرسلاً. وكذا في "الجامع الكبير" له. وقد روي الحديث من طرق أخرى عن أبي بكر الصديق بنحوه، دون الشطر الثاني منه؛ فانظر "التعليق الرغيب" (4/ 152/ 54) . 5213 - (قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء، فمن كن فيه فهو العاقل، ومن لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة بالله عز وجل، وحسن الطاعة لله عز وجل، وحسن الصبر لله عز وجل) . موضوع أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 21) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 172) من طريق سليمان بن عيسى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال ابن الجوزي: "ليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو حاتم الرازي: سليمان بن عيسى كذاب، وقال ابن عدي: يضع الحديث". وتابعه من هو مثله؛ عبد العزيز بن أبي رجاء: حدثنا ابن جريج به. أخرجه أبو نعيم أيضاً (3/ 323) ، وقال: "غريب من حديث عطاء، لا أعلم عنه راوياً إلا ابن جريج". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" بقوله (1/ 127) : "وعبد العزيز؛ قال الدارقطني: متروك، له تصنيف في العقل؛ موضوع كله". الحديث: 5213 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 357 وله متابعات أخرى لا وزن لها، فانظر "اللآلي" و "تنزيه الشريعة" (10/ 175) . 5214 - (ما يحل لمؤمن أن يشتد إلى أخيه بنظرة تؤذيه) . ضعيف أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (689) : أخبرنا موسى ابن عبيدة عن حمزة بن عبدة - قال ابن صاعد: كذا في كتابي، ولا أدري من حمزة؟ - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان: الأولى: الإرسال والجهالة؛ فإن حمزة لم أعرفه، وقد أشار يحية بن صاعد إلى جهالته، ولم أجده في شيء من كتب الرجال التي عندي. وقد وقع في "الجامع الصغير" و "الكبير" من رواية ابن المبارك: "حمزة بن عبيد" مصغراً، ولم أجده أيضاً! وأما قول المناوي: هو ابن عبد الله بن عمر، قال الذهبي: ثقة إمام"!! فلا وجه له؛ فإن حفيد ابن عمر اسمه حمزة بن عبد الله، وهذا اسمه: حمزة بن عبدة - أو ابن عبيد -؛ فأين هذا من هذا؟! ثم هو - مع جهالته - تابعي، فحديثه مرسل، وقد صرح بإرساله السيوطي. والأخرى: ضعف موسى بن عبيدة - وهو الربذي -؛ قال الحافظ: "ضعيف". الحديث: 5214 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 358 5215 - (مشيك إلى المسجد، ورجوعك إلى بيتك في الأجر سواء) . منكر أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (رقم 10) عن ابن المبارك: أنبأنا أبو بكر بن أبي مريم عن يحيى بن يحيى الغساني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إساد مرسل؛ بل معضل؛ فإنه الغساني هذا لم يذكروا له رواية عن الصحابة، وهو ثقة. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط. ونعيم بن حماد نفسه ضعيف أيضاً. والحديث؛ عزاه في "الجامع الصغير" لسعيد بن منصور في "سننه". وأما في "الكبير"؛ فعزاه لابن زنجويه. والله أعلم. الحديث: 5215 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 359 5216 - (من احتجب عن الناس؛ لم يحجب عن النار) . ضعيف أخرجه ابن منده في "الصحابة" - كما في "أسد الغابة" (2/ 161) - من طريق إدريس بن يونس بن راشد عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبدة بن رباح عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ رباح لا يعرف إلا في هذا الحديث. وابنه عبدة بن رباح؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 89) : "عبدة بن رباح الغساني روى عن يزيد بن أبي مالك، وعبادة بن نسي. روى عنه الوليد بن مسلم". الحديث: 5216 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 359 وإدريس بن يونس؛ لم أجد من ذكره. 5217 - (من بلغه حديث فكذب به؛ فقد كذب ثلاثة: الله، ورسوله، والذي حدث به) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 29/ 1 - مجمع البحرين) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد: حدثنا سعيد بن عمرو السكوني: حدثنا بقية بن الوليد عن محفوظ بن مسور عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال: "لم يروه عن ابن المنكدر إلا محفوظ، تفرد به بقية". قلت: وبقية بن الوليد مشهور بالتدليس والرواية عن الضعفاء والمجهولين؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 191) : "دخلت حمص، وأكثر همي شأن بقية، فتتبعت حديثه، وكتبت النسخ على الوجه، وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقة مأموناً، ولكنه كان مدلساً، سمع من عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك، مثل: المجاشع بن عمرو، والسري بن عبد الحميد وعمر بن موسى التميمي وأشباههم، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء؛ فكان يقول: قال عبيد الله بن عمر عن نافع، و: قال مالك عن نافع كذا، فحملوا: بقية عن عبيد الله وبقية عن مالك، وأسقط الواهي بينهما، فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط". الحديث: 5217 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 360 ثم ساق له أحاديث عدة من روايته عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس؛ وقال: "كلها موضوعة". وقال أحمد وابن معين وغيره: "إذا حدث عن الثقات - مثل صفوان بن عمرو وغيره -؛ فاقبلوه، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين؛ فلا". وقال يعقوب: "ثقة حسن الحديث إذا حدث عن المعروفين، ويحدث عن قوم متروكي الحديث، وعن الضعفاء، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم"! قلت: وشيخه في هذا الحديث - محفوظ بن مسور -؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين. وأما قول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 149) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محفوظ بن ميسور، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً"! أقول: فلا أدري وجهه! فإنه لم يذكر فيه في "من يسمى بمحفوظ" إلا رجلين، ليس هذا أحدهما، ولا ذكره أيضاً في "الأفراد". ثم إن الذي في "مجمع الزوائد": "ابن ميسور" مخالف لما نقلته عن "مجمع البحرين": "ابن مسور"، وكلاهما للهيثمي. والله أعلم. ومن هذا البيان؛ تعلم ما في جزم الشيخ عبد الله الغماري نسبة الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من التلبيس على الناس، والمخالفة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حدث عني الجزء: 11 ¦ الصفحة: 361 بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين". رواه مسلم وغيره؛ فقد قال في رسالته "مصباح الزجاجة" (ص 42) : "فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... " فذكره، ونقل ما سبق نقله عن "مجمع الزوائد"؛ وأقره على ذلك، ولم يزد عليه ولا حرفاً واحداً!! ثم رأيت الحديث في "التمهيد" لابن عبد البر (1/ 152) من طريق أخرى عن بقية بن الوليد به. وكذلك رواه ابن عساكر في "التاريخ" (7/ 142) . 5218 - (إن لكل شيء شرفاً، وإن أشرف المجالس ما استقل به القبلة، ومن نظر في كتاب أخيه عن غيره أمره؛ فكأنما ينظر في النار) (1) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 98/ 1) ، والحاكم (4/ 270) من طريق هشام بن زياد أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ من أجل أبي المقدام هذا. وسكت عنه الحاكم! فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: هشام متروك". وكذا قال الحافظ في "التقريب". لكن الشطر الأول منه تابعه عليه مصادف بن زياد المديني، رواه عنه محمد ابن معاوية - وأثنى عليه خيراً - قال سمعت محمد بن كعب به.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم برقم (2786) ". (الناشر) الحديث: 5218 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 362 ولكن قال الذهبي عقب ما سبق: "ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني؛ فبطل الحديث". 5219 - (ما من ميت يموت، فيقرأ عنده سورة (يس) ؛ إلا هون الله عز وجل عليه) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (4/ 17) - عن أبي نعيم معلقاً، وهذا في "أخبار أصبهان" (1/ 188) -، والروياني في "مسنده" (1/ 13/ 1 - المنتقى منه) عن عبد الحميد بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن صفوان ابن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء وأبي ذر رفعه. قلت: وهذا موضوع؛ آفته مروان هذا؛ قال الشيخان وأبو حاتم: "منكر الحديث". وقال أبو عروبة الحراني: "يضع الحديث". وقال الساجي: "كذاب يضع الحديث". قلت: وقد خولف في إسناده ومتنه؛ فقال الإمام أحمد (5/ 105) : حدثنا أبو المغيرة: حدثنا صفوان: حدثني المشيخة: أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه، فقال: هل منكم أحد يقرأ (يس) ؟ قال: فقرأها صالح بن شريح السكوني، فلما بلغ أربعين منها قبض. قال: فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها. قال صفوان: وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد. الحديث: 5219 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 363 قلت: صفوان - وهو ابن عمرو السكسكي الحمصي - جل روايته عن التابعين، فقوله: "حدثني المشيخة" يعني: مشيخة من التابعين، فعليه؛ فالحديث مقطوع موقوف عليهم، رفعه ووصله ذلك الكذاب مروان، فهذا هو علة هذا الإسناد. وأما قول الهيثمي (2/ 322) : "رواه أحمد، وفيه من لم يسم"! فمن الواضح أنه لم يصنع شيئاً؛ لأنه يعني بذلك: "المشيخة"، وهم جماعة من التابعين، فلو أنهم أسندوه؛ لكان إسناداً حسناً عندي، والله أعلم. 5220 - (لو يعلم المار بين يدي المصلي؛ لأحب أن ينكسر فخذه، ولا يمر بين يديه) . منكر أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 282) : حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: سمعت عبد الحميد بن عبد الرحمن - عامل عمر بن عبد العزيز -؛ ومر رجل بين يديه وهو يصلي، فجبذه حتى كاد يخرق ثيابه؛ فلما انصرف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه مرسل أو معضل؛ فإن عبد الحميد بن عبد الرحمن - وهو ابن زيد الخطاب القرشي العدوي -، وإن كان له رواية عن ابن عباس، فالغالب عليه روايته عن التابعين، فعلة الحديث الإرسال أو الإعضال. ولفظه منكر؛ فإن المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بلفظ: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه؛ لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن الحديث: 5220 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 364 يمر بين يديه". وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (698) . 5221 - (أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم، والذي نفسي بيده! لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه) . ضعيف أخرجه الحاكم (2/ 248) ، وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (ق 78/ 1-2 - حلب) من طريق سليمان بن بلال عن عبد الأعلى بن عبد الله ابن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول - على طريقه -، فوقف عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا له، ثم قرأ هذه الآية: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين"! ورده الذهبي بقوله: "كذا قال! وأنا أحسبه موضوعاً، وقطن لم يرو له (خ) ، وعبد الأعلى لم يخرجا له"! قلت: أما أنه موضوع فلا! كيف وليس فيه ما يخالف الكتاب والسنة؟! وكون الموتى لا يسمعون لا يلزم منه أن لا يسمع الله منهم من شاء ما شاء متى شاء، كما أسمع أهل قليب بدر مناداة النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم بقوله: "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ "، فقال عمر رضي الله عنه: إنك لتنادي أجساداً لا أرواح فيها؟! الحديث: 5221 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 365 فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"! وأما سائر كلامه فمسلم، ولكن ذلك لا يستلزم شيئاً من الضعف في الراويين المشار إليهما. أما قطن؛ فمع أن مسلماً قد أخرج له؛ فقد قال فيه أبو حاتم: "صالح الحديث". وقال النسائي: "ليس به بأس". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحافظ: "صدوق". وأما عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة - وهو المدني؛ مولى آل عثمان -؛ فقد وثقه ابن معين، وابن حبان. وقال الحافظ فيه: "ثقة فقيه". نعم؛ شيخ الحاكم فيه - أبو الحسين عبيد الله بن محمد القطيعي -؛ لم أعرفه. هذا؛ وقد وهم فيه الهيثمي وهماً فاحشاً؛ فإنه أورد الحديث في "مجمع الزوائد" (6/ 123) عن ابن عمر قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مصعب بن عمير حين رجع من أحد ... الحديث نحوه. وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة؛ وهو متروك"! وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 108) من طريق الطبراني؛ فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 366 حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا عمر بن حفص السدوسي: حدثنا أبو بلال الأشعري: حدثنا يحيى بن العلاء عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. فلما رأيت هذا ألقي في النفس أن الهيثمي أراد يقول: يحيى بن العلاء متروك، فسبقه القلم؛ فقال ما سبق. والله أعلم. ثم إن هذا قد كشف لي عن خطأ آخر وقع في "المجمع"؛ وهو جعله الحديث من مسند ابن عمر (1) ، وإنما هو من رواية عبيد بن عمير مرسلاً - وهو الليثي -، وهو تابعي ثقة. وقد أخرجه أبو نعيم من طريق أخرى عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الأعلى بإسناده عن عبيد بن عمير مرسلاً. وأخرجه الحاكم (3/ 29) من طريق العطاف بن خالد المخزومي: حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زار قبور الشهداء بأحد، فقال: "اللهم! إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء، وأنه من زارهم وسلم عليهم إلى يوم القيامة؛ ردوا عليه". قال العطاف: وحدثتني خالتي: أنها زارت قبور الشهداء، قالت: وليس معي إلا غلامان يحفظان علي الدابة،   (1) هو في " الأوسط " (3712) من مسند ابن عمر، ولم يذكر فيه عبيد بن عمير، كما سيأتي من كلام ابن رجب. فليحرر. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 367 قالت: فسلمت عليهم، فسمعت رد السلام، قالوا: والله! إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضاً. قالت: فاقشعررت، فقلت: يا غلام! أدن بغلتي، فركبت. وقال: "هذا إسناد مدني صحيح"!! ورده الذهبي بقوله: "قلت: مرسل". قلت: والعطاف هذا صدوق يهم؛ كما في "التقريب". وقد أشار البيهقي إلى إعلال الحديث، فقال عقبه: "كذا وجدته في كتابي عن أبي هريرة". ثم رواه من طريق حاتم بن إسماعيل عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال: ... فذكره دون حديث الترجمة. وقال: "ورواه قتيبة عن حاتم مرسلاً". وقال الحافظ ابن رجب في "أهوال القبور" (ق 83/ 2) - بعد ذكر حديث الترجمة -: "ورواه عمر بن صهبان عن معاذ بن عبد الله عن وهب بن قطن عن عبيد بن عمير مرسلاً. ورواه يحيى بن العلاء عن عبد الأعلى بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الطبراني. وذكر ابن عمر فيه وهم. وروي عن عبيد بن عمير عن أبي ذر، ولعل المرسل أشبه. وبالجملة؛ فهو إسناد مضطرب، ومتنه مختص بالشهداء، وهذا أشبه من حديث بشر بن بكر". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 368 قلت: يعني: حديثه المتقدم برقم (4493) : "ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا، فسلم عليه؛ إلا عرفه ورد عليه السلام". 5222 - (من دعا رجلاً بغير اسمه؛ لعنته الملائكة) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (388) ، وابن قانع في "المعجم" من طريق بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن عمير بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط. وبقية بن الوليد مدلس. وقد روي الحديث من طريق أخرى موقوفاً؛ فقال ابن المبارك في "الزهد" (683) : أخبرنا إسماعيل بن عياش قال:أخبرني أبو سلمة الحمصي عن العلاء ابن سفيان عن أبي مريم الغساني: أن رجالاً خرجوا من الجند ينتضلون؛ منهم سعيد بن عامر، فبينما هم كذلك؛ إذأصابهم الحر، فوضع سعيد قلنسوته على رأسه - وكان رجلاً أصلع -، فلما رمى سعيد صاح به الواصف في شيء ذكره من رميته: يا أصلع! وهو لا يعرفه، فقال له سعيد: إن كنت لغنياً عن أن تلعنك الملائكة. فقال رجل منهم: وعم تلعنه الملائكة؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضاً؛ وعلته أبو مريم الغساني، وهو جد أبي بكر ابن أبي مريم الذي في الإسناد السابق، وهو - وإن كان ذكروه في الصحابة - فلا الحديث: 5222 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 369 يثبت ذلك؛ لأنهم إنما ذكروه من رواية حفيده أبي بكر بن أبي مريم عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكروا حديثاً في نزول سورة (مريم) . فكما أن الحديث لا يثبت بروايته - أعني: الحفيد - فكذلك لا تثبت صحبة جده؛ ما دام أنها لم ترد من غير طريقه. على أن العلاء بن سفيان - الذي رواه عن أبي مريم - ليس معروف الحال؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 356) ، وذكر أنه روى عنه أبو بكر بن أبي مريم أيضاً، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 5223 - (من ذكرت عنده فلم يصل علي؛ فقد شقي) . ضعيف أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (375) من طريق أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء عن الفضل بن مبشر قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الفضل هذا قد اتفقوا على تضعيفه. وأما ابن مغراء فمختلف فيه، وقد مشاه غير واحد في غير روايته عن الأعمش. وقد صح الحديث بلفظ آخر؛ فانظره في "الصحيحة" (2337) . الحديث: 5223 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 370 5224 - (من لم يوتر؛ فلا صلاة له) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 13/ 1 - مجمع البحرين) : الحديث: 5224 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 370 حدثنا علي بن سعيد: حدثنا عبد الله بن أبي رومان الإسكندراني: حدثنا عيسى بن واقد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. فبلغ ذلك عائشة، فقالت: من سمع هذا من أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -؟ والله! ما بعد العهد، وما نسيت! إنما قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة، قد حافظ على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها، لم ينقص منها شيئاً؛ جاء وله عند الله عهد ألا يعذبه، ومن جاء قد انتقص منهن شيئاً؛ فليس له عند الله عهد؛ إن شاء رحمه، وإن شاء عذبه". وقال: "لم يروه عن محمد إلا عيسى، تفرد به عبد الله". قلت: وهو المعافري؛ قال الذهبي: "ضعفه غير واحد، روى حديثاً كذباً". قلت: وأنا أظن أنه يشير إلى هذا الحديث؛ فإنه ظاهر الكذب. وقال الحافظ ابن حجر: "وهاه الدارقطني، وقال ابن يونس: وهو ضعيف الحديث، روى مناكير". قلت: وشيخه عيسى بن واقد؛ لم أجد له ترجمة. وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 293) ؛ فقصر! وقد روي الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة وعن بريدة بفلظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 371 "من لم يوتر؛ فليس منا". وهو ضعيف أيضاً؛ ولكنه أحسن حالاً من حديث الترجمة، وقد خرجته في "إرواء الغليل" (417) . 5225 - (يسمعون، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا يعني: الموتى إذا سلم عليهم، ألا ترضى أن يرد عليك بعددهم من الملائكة؟) . منكر أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 369) من طريق محمد بن الأشعث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال أبو رزين: يا رسول الله! إن طريقي على الموتى، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم؟ قال: "قل: السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين! أنتم لنا سلف، ونحن لكم تبع، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". قال أبو رزين: يا رسول الله! يسمعون؟ قال: ... فذكره. وقال: "محمد بن الأشعث مجهول في النسب والرواية، وحديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا بهذا الإسناد، وأما "السلام عليكم ... "؛ فيروى بغير هذا الإسناد من طريق صالح، وسائر الحديث غير محفوظ". وأقره ابن رجب في "الأهوال" (ق 83/ 1) ، والذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "اللسان". الحديث: 5225 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 372 5226 - (الناس رجلان: عالم ومتعلم، ولا خير فيما سواهما) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 79/ 1) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 376) عن سليمان بن داود الشاذكوني: أخبرنا الربيع الحديث: 5226 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 372 ابن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله - يعني: ابن مسعود - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته الشاذكوني، كان يكذب في الحديث؛ كما قال صالح بن محمد الحافظ. وقال البغوي: "رماه الأئمة بالكذب". وشيخه - الربيع بن بدر - متروك. وبه أعله الهيثي؛ فقصر! قال (1/ 122) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"؛ وفي سند "الأوسط" نهشل ابن سعيد، وفي الآخر الربيع بن بدر؛ وهما كذابان"! قلت: ولذلك؛ تعقبه المناوي بقوله: "وأقول: في سند "الكبير" - أيضاً - سليمان بن داود الشاذكوني الحافظ؛ قال الذهبي في "الضعفاء": كذبه ابن معين، وقال البخاري: "فيه نظر". فتعصيب الهيثمي الجناية برأس الربيع وحده تعصب". قلت: وإطلاق الهيثمي على الربيع أنه كذاب، والتسوية بينه وبين نهشل ليس بصواب؛ لأنني لم أر أحداً أطلق عليه ذلك، فتعصيب الجناية بتلميذه أولى؛ كما لا يخفى. ثم إن الحديث قد سبق تخريجه برقم (2427) وقد روي عن ابن عباس وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (414) . 5227 - (نهى أن يبال في الماء الجاري) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 33 - مصورة الجامعة الحديث: 5227 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 373 الإسلامية) : حدثنا أحمد: حدثنا المتوكل بن محمد بن سورة: حدثنا الحارث بن عطية عن الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر قال: ... فذكره مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن الأوزاعي إلا الحارث". قلت: وهو مختلف فيه، وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم". لكن فوقه أبو الزبير، وهو مدلس، وقد عنعنه. والمتوكل بن محمد بن سورة؛ لم أجد له ترجمة، ولعله في "ثقات ابن حبان"؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 204) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات"! وأما المنذري؛ فقال في "الترغيب" (1/ 84) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، بإسناد جيد"! كذا قال! وقد كنت اعتمدت عليه في إيرادي إياه في "صحيح الجامع الصغير" (6690) ؛ بناءً على القاعدة التي جريت عليها فيه، ونصصت عليها في "مقدمته" (1/ 8،21) ، والآن وقد وقفت على إسناده وانكشفت لي علته، فليحذف منه؛ وليطبع في "الضعيف". ثم انكشفت لي العلة الحقيقية، وهي المخالفة في المتن؛ فقد رواه الليث بن سعد عن أبي الزبير به؛ إلا أنه قال: "الراكد" بدل: "الجاري". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 374 أخرجه مسلم (1/ 162) ، والنسائي (1/ 15) ، وابن حبان (343) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (1/ 216) ، وأحمد (3/ 350) . وترجم له أبو عوانة بقوله: "بيان حظر البول في الماء الراكد، والدليل على إباحة البول في الماء الجاري". وتابعه ابن لهيعة: حدثنا أبو الزبير به. أخرجه أحمد (3/ 341) . قلت: فاتفاق الليث وابن لهيعة على روايته بلفظ: "الراكد"؛ دليل على نكارة لفظ حديث الترجمة؛ كما تقتضيه قواعد علم مصطلح الحديث. ثم رأيت في "ثقات ابن حبان" (9/ 198) ما يأتي: "متوكل بن محمد بن أبي سورة: من أهل المصيصة؛ يروي عن الأوزاعي. روى عنه يمان بن سعيد اليحصبي وأهل الثغر، وليس هذا بمتوكل بن أبي السورة صاحب الحارث بن عطية"!! قلت: فمن هو؟! لا أردي، ولعل غيري كذلك لا يدري! ولم يتنبه المناوي لعلة الحديث التي سبق بيانها، فاغتر بتجويد المنذري لإسناده،وتوثيق الهيثمي لرجاله؛ فقال في "التيسير" (1/ 476) : "وإسناده جيد"! وقلده في ذلك الغماري - على عادته - في "كنزه"، فأورده فيه (4195) ، وعلق عليه بقوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 375 "للاستقذار لا للتنجيس"!! فأقول: أثبت العرش ثم انقش! (تنبيه) : مما يؤخذ على السيد سابق في كتابه النافع "فقه السنة"؛ كثرة الأحاديث الضعيفة فيه، وفقدان الدقة العلمية في تخريجها، كما تراه مفصلاً في كتابي "تمام المنة"؛ كهذا الحديث، فقد أورده فيه تحت المقطع (9) من "قضاء الحاجة"؛ موهماً القراء صحته بقوله: "قال في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني، ورجاله ثقات"! قلت: فاحتصر من كلام "المجمع" قوله: "في الأوسط"! وهذا اختصار مخل؛ لأن إطلاق العزو للطبراني يعني: أنه في "معجمه الكبير"، وكذلك علق عليه بعض طلبة هذا العلم بقوله: "لم أجده في (المعجم الكبير) "! وصدق فإنه في "الأوسط"؛ كما تقدم! 5228 - (نهى أن يشق التمر عما فيه) (1) . منكر أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 191/ 1) عن قيس بن الربيع عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر أنه قال: فذكره مرفوعاً. ثم أخرجه من طريق داود بن الزبرقان عن عمه أبي حفص الكندي عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر به. قلت: والإسناد الأول ضعيف؛ قيس بن الربيع؛ قال الحافظ: "صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " مجمع الزوائد (5 / 42) ". الحديث: 5228 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 376 والآخر ضعيف جداً؛ فإن داود بن الزبرقان؛ قال الحافظ: "متروك، وكذبه الأزدي". وقد أشار البيهقي إلى تضعيف الحديث بأن روى بسنده عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة (زاد في رواية: عن أنس) قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر عتيق، فجعل يفتشه، يخرج السوس منه. ثم قال عقبه: "وهذا - مع إرساله - أصح من حديث قيس بن الربيع وداود بن الزبرقان؛ فإن صح؛ فالمراد بالأول ما يكون جديداً". 5229 - (نهى عن إجابة طعام الفاسقين) (1) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 180/ 2-181/ 1) : أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي: أنبأنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني - بـ (الكوفة) -: حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى القاضي: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة: حدثنا الفضيل بن عياض: حدثنا هشام بن حسان عن الحسن عن عمران ابن حصين قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وفيه علل: الأولى: عنعنة الحسن البصري؛ فإنه مدلس؛ مع أنهم اختلفوا في ثبوت سماعه من عمران.   (1) خرّج الشيخ - رحمه الله - هذا الحديث مرتين، وأشار فوق التخريج الثاني إلى دمجها، فقال: " ينقل ويضم إلى رقم (5229) ". (الناشر) الحديث: 5229 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 377 الثانية: ابن أبي سكينة هذا؛ لم أجد له ترجمة. الثالثة: أبو عبد الرحمن السلمي؛ متهم بوضع أحاديث الصوفية. وبه أعله المناوي، فقال: "كان يضع الحديث". وقال الهيثمي في "المجمع" (4/ 54) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وفيه أبو مروان الواسطي، ولم أجد من ترجمه". قلت: هو يحيى بن أبي زكريا الغساني، أورده ابن حبان في "المجروحين" (3/ 126) وقال: "كنيته أبو مروان؛ يروي عن هشام بن عروة، كان ممن يروي عن الثقات المقلوبات، حتى إذا سمعها من الحديث صناعته؛ لم يشك أنها مقلوبة، لا يجوز الرواية عنه؛ لما أكثر من مخالفة الثقات فيما يروي عن الثقات". وله ترجمة في "التهذيب"، وذكر فيه أن من شيوخه هشام بن حسان، ومن الرواة عنه أيوب بن أبي هند. ومن طريقه: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 168/ 376) من رواية عبد الرحيم بن مطرف أبي سفيان السروجي: حدثنا أيوب بن أبي هند: حدثنا [أبو] مروان الواسطي عن هشام بن حسان به. ومن هذا الوجه: أخرجه في "الأوسط" أيضاً (1/ 133/ 1) و (رقم 436 - مصورتي) ، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 378 "لا يروى عن عمران إلا بهذا الإسناد". قلت: وأيوب هذا؛ قال الذهبي في "الميزان": "لا يدرى من هو؟! ". وذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته! وقال أبو حاتم: "لا أعرفه". وكذا نقل الأزدي عن ابن معين. وقال الأزدي: "ضعيف لا يحتج به". 5230 - (نهى عن أكل الطعام الحار حتى يسكن) . ضعيف جداً أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 194/ 1) : أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي: أنبأنا عبد الله بن محمد بن علي: حدثنا علي بن سعيد العسكري: حدثنا العباس بن أبي طالب: حدثنا أبو المسيب سلم بن سلام الواسطي عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن صهيب قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وفيه علل: الأولى: أبو بكر بن أبي مريم؛ ضعيف مختلط. الثانية: سلم بن سلام؛ روى عنه جماعة ولم يوثقه أحد؛ فهو مستور. الثالثة: أبو عبد الرحمن السلمي؛ متهم؛ كما سبق آنفاً. لكن أخرجه البيهقي أيضاً من طريق يحيى بن أيوب عن الحسن بن هانىء الحضرمي عن عبد الواحد بن معاوية بن حديج: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الطعام الحار حتى يبرد. لكنه إسناد معضل مظلم؛ فإن الحسن بن هانىء الحديث: 5230 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 379 الحضرمي؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 40) برواية يحيى هذا عنه عن عبد الواحد؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وما عبد الواحد بن معاوية؛ فلم يذكره هو ولا غيره فيما اطلعت. والله أعلم. 5231 - (نهى عن الصلاة في الحمام، وعن السلام على بادي العورة) . موضوع أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 23) عن إبراهيم بن هدبة قال: حدثني أنس قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته إبراهيم هذا؛ قال العقيلي: "يرمى بالكذب". وقال ابن معين: "كذاب خبيث". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 114-115) : "دجال من الدجاجلة، وكان رقاصاً بالبصرة، يدعى إلى الأعراس فيرقص فيها، فلما كبر جعل يروي عن أنس، ويضع عليه، فلا يحل لمسلم أن يكتب حديثه، ولا يذكره؛ إلا على وجه التعجب". قلت: ومع هذا كله؛ أورد السيوطي حديثه هذا في "الجامع الصغير" مع زعمه أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! وبيض له المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء، فكأنه لم يقف على إسناده! الحديث: 5231 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 380 5232 - (نهى عن العب نفساً واحداً؛ وقال: ذلك شرب الشيطان) . ضعيف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 206/ 1) عن ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب مرفوعاً. وقال: "هذا مرسل". قلت: أو معضل؛ فإن الزهري أكثر حديثه عن التابعين، ورجاله ثقات. ثم أخرجه البيهقي من طريق عبد الرزاق - وهذا في "المصنف" (10/ 426/ 19585) - عن معمر عن خالد الحذاء عن عكرمة قال: لا تشربوا نفساً واحداً؛ فإنه شراب الشيطان. وهذا إسناد صحيح؛ ولكنه مقطوع. الحديث: 5232 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 381 5233 - (نهى عن فتح التمرة، وقشر الرطبة) . ضعيف جداً قال عبدان في "تاريخ الصحابة": حدثنا محمد بن حسين - ولقبه بنان؛ بغدادي -: أخبرنا محمد بن عمرو بن جبلة: أخبرنا محمد بن خالد المخزومي: أخبرنا خالد بن عبد الرحمن عن إسحاق صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً. كذا في "أسد الغابة" (1/ 68) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مع انقطاع فيه، وله علل: الأولى: إسحاق هذا؛ لا يعرف إلا بهذا الإسناد غير منسوب، وقد قال الحافظ في "الإصابة": الحديث: 5233 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 381 "في إسناد ضعف وانقطاع، أخرجه أبو موسى". الثانية: خالد بن عبد الرحمن؛ الظاهر أنه خالد بن عبد الرحمن بن خالد ابن سلمة المخزومي المكي، روى عن سفيان الثوري وطبقته؛ قال البخاري، وأبو حاتم: "ذاهب الحديث". زاد أبو حاتم: "تركوا حديثه". وقال البخاري: "رماه عمرو بن علي بالوضع". الثالثة: محمد بن خالد المخزومي؛ قال الذهبي: "عن سفيان الثوري، قال ابن الجوزي: مجروح". قلت: ولعله أخو شيخه خالد بن عبد الرحمن، فقد عرفت أنه مخزومي أيضاً، وأنه شاركه في الرواية عن الثوري. الرابعة: محمد بن حسين؛ أورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 224) من رواية خالد بن محمد المؤدب البصري عنه، وذكر أنه جار ابن إشكاب؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ولا وفاة. 5234 - (أو ليس الدهر كله غداً؟) . ضعيف أورده أبو موسى في "الصحابة" من طريق أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عوف بن سراقة عن أخيه قال: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوجه إلى أحد: إنه قيل لي: إنك تقتل غداً؟ الحديث: 5234 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 382 فقال: ... فذكره. كذا في "الإصابة" في ترجمة (جعال بن سراقة الضمري) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أسامة بن زيد هذا ضعيف؛ كما في "التقريب" وغيره. والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع" لابن قانع عن ابن سراقة بزيادة: "ويحك ... " في أوله، وسكت عنه المناوي! 5235 - (ويل لأمتي من علماء السوء، يتخذون هذا العلم تجارة يتبعونها من أمراء زمانهم ربحاً لأنفسهم، لا أربح الله تجارتهم) . ضعيف أخرجه الديلمي (4/ 134) عن الحاكم معلقاً: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد العدل: حدثنا أبو الفضل صالح بن نوح: حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله: حدثني أبي: حدثني إبراهيم بن طهمان: حدثنا الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أنس رفعه. قلت: وهذا سند ضعيف؛ صالح بن نوح لم أعرفه. وأحمد بن محمد بن أحمد العدل؛ الظاهر أنه ابن بالويه، أبو أحمد البالوب النيسابوري، روى عنه الحاكم؛ وقال: "تغير بآخره، وهو صدوق". قلت: فهو علة الحديث، أو شيخه. وأما المناوي؛ فقد أبعد النجعة حين أعله بقوله: "وفيه إبراهيم بن طهمان؛ مختلف فيه، وحجاج بن حجاج؛ مجهول"! الحديث: 5235 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 383 قلت: لقد توهم المناوي أن الحجاج هذا هو ابن الحجاج الأسلمي؛ شيخ لشعبة، فهو الذي قال فيه الذهبي في "الضعفاء": "مجهول". ولكنه ليس به؛ وإنما هو حجاج بن حجاج الباهلي الأحول، من رجال مسلم؛ قال الذهبي في "الميزان": "ثقة، يروي عنه إبراهيم بن طهمان". وأما إبراهيم بن طهمان؛ فهو من رجال الشيخين، وقد قال فيه الحافظ في "التقريب": "ثقة، يغرب". قلت: فمثله لا يعل به الحديث؛ إلا إذا ضاقت السبل، ولم يعثر على علة في إسناده، وهو منكر كهذا، فحينئذ يمكن العروج عليه والإعلال به. أما والطريق إليه غير سالمة من العلة كما ذكرنا؛ فلا وجه لإعلال الحديث به. فتأمل! 5236 - (ويل للوالي من الرعية؛ إلا والياً يحوطهم من ورائهم بالنصيحة) . ضعيف أخرجه الروياني في "مسنده" (ق 165/ 2) عن علي بن عابس: حدثني شيخ؛ يقال له: أبو بكر -؛ قال: كان يجالسنا عند عبد الملك بن أبي سليمان -: أخبرنا الحسن قال: دخل عبيد الله بن زياد على عبد الله بن مغفل قال: حدثني بشيء سمعته الحديث: 5236 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 384 من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تحدثني بشيء سمعته من غيره؛ وإن كان ثقة في نفسك، فقال: لولا أني سمعته غير مرة ما حدثتك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن عابس متفق على ضعفه، بل قال ابن حبان (2/ 104-105) : "كان ممن فحش خطؤه، وكثر وهمه فيما يرويه؛ فبطل الاحتجاج به". وشيخه أبو بكر لم أعرفه. والحسن - وهو البصري - مدلس، وقد ذكره بصيغة التدليس. ولعل أصل الحديث: ما روى وهب بن كيسان عن ابن مغفل صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أنكر من بعض أهل العراق شيئاً - قال: حسبت أنه قال: من سمرة - فأتاه، فدخل عليه، فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيما إمام بات غاشاً لرعيته؛ حرم الله عليه الجنة، وأدخله النار". قال: وهل كنت إلا من حثالة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! قال: وهل كان فيهم حثالة؟! ألم يكونوا شرفاً ومكرمة وخيار من كان معه؟ أخرجه الروياني (ق 166/ 1) عن محمد بن عجلان عن وهب بن كيسان به. قلت: وهذا إسناد جيد. وقال المنذري (3/ 141) : "رواه الطبراني بإسناد حسن". وقد صح نحوه من حديث معقل بن يسار؛ فانظر "الصحيحة" (2631) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 385 ويأتي له شاهد تحت الحديث الآتي برقم (5642) . 5237 - (لا تأكلوا البصل النيء) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (3366) عن عبد الله بن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن عثمان بن نعيم عن المغيرة بن نهيك عن دخين الحجري أنه سمع عقبة ابن عامر الجهني يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "لا تأكلوا البصل"، ثم قال كلمة خفية: "النيء". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان والمغيرة مجهولان؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وأما قول البوصيري في "الزوائد" (ق 227/ 1) : "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة"! فهو ضعيف، وإن تبعه المناوي؛ فإنه من رواية عبد الله بن وهب عنه كما رأيت، وحديثه عنه صحيح؛ كما نبه على ذلك غير ما واحد من الحفاظ. الحديث: 5237 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 386 5238 - (ليستغن أحدكم بغنى الله؛ قالوا: يا رسول الله! وما غنى الله؟ قال: غداء يومه، وعشاء ليلته) . ضعيف أخرجه المروزي في "زيادات الزهد" (1167) : أخبرنا أبو النضر عمرو بن حمران قال: حدثنا هشام عن واصل مولى أبي عيينة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ الحديث: 5238 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 386 غير عمرو بن حمران، وهو صالح الحديث؛ كما قال أبو حاتم. وهشام: هو ابن حسان، وهو من أقران واصل مولى أبي عيينة، وهذا لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، وإنما عن أبي الزبير المكي ونحوه من التابعين، ولذلك؛ جعله الحافظ في "التقريب" من الطبقة السادسة، الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، وعليه؛ فحديثه معضل؛ كما ذكرنا. فقول السيوطي: "رواه ابن المبارك عن واصل مرسلاً"! ليس كما ينبغي. على أن عزوه إياه لابن المبارك خطأ ظاهر؛ فإنما رواه المروزي في "زوائده"؛ كما سبق. وكأن المناوي لم يقف على إسناده فيه؛ فإنه لم يعلق على قول السيوطي هذا بشيء، اللهم إلا قوله: "واصل في التابعين أسدي، ورقاشي، وبصري، ومهلبي، وغيرهم، فتمييزه كان أولى"! قلت: إنما هو المهلبي منهم؛ فإنه واصل مولى أبي عيينة؛ كما صرحت بذلك الرواية نفسها. ثم إن سائر المذكورين كلهم من الطبقة السادسة أيضاً؛ دون البصري - واسمه واصل بن عبد الرحمن أبو حرة -؛ فإنه من كبار الطبقة السابعة، والأسدي - واسمه واصل بن عبد الأعلى -؛ فإنه من العاشرة، فجعله إياهم من التابعين لا يخفى ما فيه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 387 5239 - (ليس منا من انتهب، أو سلب، أو أشار بالسلب) . ضعيف أخرجه الطبراني [12/ 84/ 12612] ، والحاكم (2/ 135) ، والضياء في "المختارة" (58/ 193/ 2) عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم: "حديث صحيح"! وأقره الذهبي على ما في النسخة المطبوعة! وأما المناوي؛ فقد حكى عنه أنه تعقبه بقوله: "قابوس لين". قلت: وهذا هو الصواب اللائق بما قيل في قابوس. ثم قال المناوي: "وقال الهيثمي: فيه - عند الطبراني - قابوس، وهو ضعيف. وقال في موضع آخر: فيه أبو الصباح عبد الغفور، متروك. اهـ؛ وكأنهما روايتان". الحديث: 5239 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 388 5240 - (ما من مولود إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته) . باطل أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 280) : حدثنا القاضي محمد ابن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي قال: حدثنا محمد بن نعيم قال: حدثنا أبو عاصم: قال حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. قال أبو عاصم: ما نجد لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فضيلة مثل هذه؛ لأن طينتهما من طينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث ابن عون عن محمد، لم نكتبه إلا من الحديث: 5240 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 388 حديث أبي عاصم النبيل عنه، وهو أحد الثقات الأعلام من أهل البصرة"! قلت: نعم، ولكن يبقى النظر فيمن دونه: فمحمد بن نعيم لم أعرفه. وأما الأهوازي؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: "لقبه سكرة، قال أبو بكر بن عبدان الشيرازي: أقر بالوضع". فالإسناد ساقط بمرة. وقد روي من حديث ابن مسعود بلفظ: "ما من مولود إلا وفي سرته من تربته التي ولد منها، فإذا رد إلى أرذل العمر؛ رد إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها، وإني وأبا بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة، وفيها ندفن". أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 313 و 13/ 40-41) من طريق محمد بن عبد الرحمن البغدادي: حدثنا موسى بن سهل أبو هارون الرازي: حدثنا إسحاق بن الأزرق: حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الأحوص الجشمي عن عبد الله بن مسعود به. أورده في الموضع الأول في ترجمة محمد بن عبد الرحمن البغدادي؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال عقب الحديث: "غريب من حديث الثوري عن الشيباني، لا أعلم يروى إلا من هذا الوجه، وقيل: إن محمد بن مهاجر المعروف بأخي حنيف رواه عن إسحاق بن الأزرق". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 389 وأورده في الموضع الآخر في ترجمة موسى بن سهل، ولم يذكر فيه أيضاً جرحاً ولا تعديلاً. لكن أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: " ... عن إسحاق الأزرق بخبر باطل"، ثم ساق هذا؛ ثم قال: "رواه عنه نكرة مثله". وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 328) من طريق أخرى عن أحمد بن سعيد الإخميمي قال: حدثنا محمد بن زكريا النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي اليسع عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود به. وقال: "لا يصح؛ محمد وأحمد مطعون فيهما، وفيه مجاهيل؛ منهم أبو اليسع". قال السيوطي عقبه في "اللآلي" (1/ 160) : "قلت: أخرجه ابن عساكر من هذا الطريق فقال ... حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص. ولم أر لمحمد ذكراً في "الميزان"؛ ولا في "اللسان"، وورد من طريق آخر، أخرجه الخطيب ... "، ثم ساقه كما تقدم، وقال: "وقد أورد المؤلف هذا الطريق في "العلل"، وقد قال الدارقطني: موسى بن سهل ضعيف". ثم ساقه من طريق ابن عساكر أيضاً من طريق أبي عبد الله بن باكويه الشيرازي في "جزئه" بسنده عن أحمد بن الحسن بن أبان المصري: حدثنا الضحاك بن مخلد بإسناده المتقدم عن أبي هريرة به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 390 وسكت عنه هو، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 373) ! وليس بصواب؛ فإن ابن أبان هذا كذاب دجال من الدجاجلة، يضع الحديث على الثقات وضعاً؛ كما قال ابن حبان (1/ 149-150) . وقال الدارقطني: "حدثونا عنه، وهو كذاب". ومن طريقه: أخرجه الصابوني في "المئتين"، وقال: "حديث غريب". وبالجملة؛ فالحديث باطل من جميع طرقه. وأما الشواهد التي ذكرها له السيوطي؛ فهي مع كونها شواهد قاصرة؛ فهي ما بين موقوف ومقطوع، وخيرها حديث ابن عمر مرفوعاً: "دفن بالطينة التي خلق منها". فهذا القدر ثابت؛ لأن له شواهد مرفوعة، يرتقي بها إلى مرتبة الحسن، ولذلك؛ خرجته في "الصحيحة" (1858) . 5241 - (لا تدعوا الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر؛ فإن فيهما الرغائب) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 203/ 2-204/ 1) ، وابن ثرثال في "سداسياته" (ق 225/ 1) عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث بن أبي سليم ضعيف مختلط. الحديث: 5241 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 391 وأعله الهيثمي بغيره؛ فقال (2/ 217-218) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عبد الرحيم بن يحيى، وهو ضعيف. وروى أحمد منه: "وركعتي الفجر حافظوا عليهما؛ فإن فيهما الرغائب". وفيه رجل لم يسم"! فأقول: عبد الرحيم هذا ليس في طريق ابن ثرثال، فإعلاله بالليث أولى؛ كما فعلنا. وله طريق أخرى؛ أخرجه الإمام أحمد (2/ 82) من طريق أيوب بن سليمان - وجل من أهل صنعاء - عن ابن عمر مرفوعاً في حديث طويل بلفظ: "وركعتا الفجر حافظوا عليهما؛ فإنهما من الفضائل". وأيوب هذا؛ قال فيه الحافظ في "التعجيل": "فيه جهالة". وتساهل الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على المسند" (7/ 292) ، فصحح حديثه هذا؛ وعلل ذلك بقوله: "وإنما صححت حديثه بأنه تابعي مستور، لم يذكر بجرح، فحديثه حسن على الأقل، ثم لم يأت فيه شيء منكر انفرد به؛ كما سيأتي، فيكون حديثه هذا صحيحاً"!! ثم أطال النفس في ذكر الشواهد لحديثه هذا الطويل وتخريجها، ولكنه بالنسبة لهذه الفقرة الخاصة بالركعتين لم يذكر لها شاهداً إلا حديث الترجمة، ونقل كلام الجزء: 11 ¦ الصفحة: 392 الهيثمي المتقدم في إعلاله بعبد الرحيم بن يحيى، وخفي عليه - تبعاً للهيثمي - أن فوقه الليث المختلط. ولكنه تعقبه في قوله: "وفيه رجل لم يسم"، وحقق أنه هو أيوب بن سليمان الصنعاني؛ كما وقع في "المسند" على ما سبق، ولكنه تحقيق لا طائل تحته، فسواء سمي أو لم يسم؛ فهو مجهول العين. ثم من أين له أنه تابعي؟! فقد يكون تابع تابعي! وكونه هو روى عن ابن عمر لا تثبت تابعيته بذلك؛ ما دام مجهولاً لا يحتج به. فتأمل! 5242 - (من شرب الخمر سخط الله عليه أربعين صباحاً، فإن عاد فمثل ذلك، وما يدريه لعل منيته تكون في تلك الليالي، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً، وما يدريه لعل منيته تكون في تلك الليالي، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً؛ فهذه عشرون ومئة ليلة، فإن عاد؛ فهو في ردغة الخبال يوم القيامة. قيل: وما ردغة الخبال؟ قال: عرق أهل النار وصديدهم) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 308) عن أبي همام: أخبرنا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير ثعلبة بن مسلم - وهو الخثعمي الشامي -؛ أورده الذهبي في "الميزان"، فقال: "عن أبي بن كعب، وعنه إسماعيل بن عياش بخبر منكر". الحديث: 5242 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 393 قلت: ولعله يعني هذا، وقوله: "عن أبي بن كعب" مستغرب جداً، وما رأيت أحداً سواه ذكره، وهو يستلزم أن يكون تابعياً، وهو بعيد جداً؛ كما يتبين من شيوخه في "التهذيب"! وقال في "التقريب": "مستور، من الخامسة". والله أعلم. وبالجملة؛ فهو علة هذا الحديث. وأبو همام؛ لم يتبين لي من هو بعد مراجعة "الكنى" للدولابي، وهذا الباب نفسه من "التهذيب"، و "اللسان". ولعله من الذين أشار إليهم المنذري بقوله في "الترغيب" (3/ 189) : "رواه الأصبهاني، وفيه إسماعيل بن عياش، ومن لا يحضرني حاله"! قلت: إسماعيل شامي، وهو ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه منها. فالعلة من شيخه ثعلبة، أو من أبي همام هذا. والله أعلم. 5243 - (من فارق الدنيا وهو سكران؛ دخل القبر سكران، وبعث من قبره سكران، وأمر به إلى النار سكران إلى جبل يقال له: سكران؛ فيه عين يجري منه القيح والدم؛ هو طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والأرض) . موضوع أخرجه ابن عدي (71/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 309) من طريق أبي هدبة عن الأشعث الحراني عن أنس مرفوعاً. وقال ابن عدي - وقد ذكر لأبي هدبة غير هذا الحديث أيضاً -: "وهذه الأحاديث مع غيرها [مما رواه ابن عدي] كلها بواطيل، وهو متروك الحديث: 5243 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 394 الحديث، بَيَّنَ الأمر في الضعف جداً". قلت: واسمه إبراهيم بن هدبة، وهو دجال من الدجاجلة؛ كما تقدم أكثر من مرة، فأستغرب من الحافظ المنذري إيراده لحديثه هذا في "الترغيب" (3/ 189) وإن قال: "رواه الأصبهاني - وأظنه في "مسند أبي يعلى" أيضاً مختصراً -؛ وفيه نكارة"! فإن قوله: "وفيه نكارة"؛ دون ما يستحقه من الحكم عليه بالبطلان؛ كما فعل ابن عدي. 5244 - (من أقر بعين مؤمن؛ أقر الله بعينه يوم القيامة) . ضعيف أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (685) : أخبرنا يحيى ابن عبد الله عن عبيد الله بن زحر عن بعض أصحابه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل مظلم؛ مسلسل بالعلل: الأولى: جهالة صاحب ابن زحر، وأحسن أحواله أن يكون تابعياً؛ فهو مرسل، ويحتمل أن يكون من طبقته، فيكون معضلاً. الثانية: ابن زحر - نفسه - ضعيف. الثالثة: يحيى بن عبد الله، هكذا وقع غير منسوب، ولابن المبارك شيخان بهذا الاسم: الحديث: 5244 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 395 أحدهما: البخاري، ترجمه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 188-189) ، وابن أبي حاتم (4/ 2/ 162) برواية ابن المبارك فقط عنه، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. والآخر: الكندي الأجلح أبو حجية، ترجمه ابن أبي حاتم أيضاً (4/ 2/ 163) وذكر أنه روى عنه الثوري أيضاً، وقد روى عنه جمع آخر، وهو مترجم في "التهذيب" باسم: "الأجلح" - وهو لقبه -، وهو مختلف فيه. وفي "التقريب" أنه صدوق. 5245 - (إن الله بعث حبيبي جبريل عليه السلام إلى إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم! إني لم أتخذك خليلاً على أنك أعبد عبادي، ولكني اطلعت على قلوب الآدميين، فلم أجد أسخى من قلبك، فلذلك؛ اتخذتك خليلاً) (1) . ضعيف جداً أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (2/ 171/ 1) عن عبد الملك بن عبد الملك الصائغ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً على إرساله؛ فإن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف جداً، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم (25) . وعبد الملك بن عبد الملك؛ قال البخاري: "في حديثه نظر". وقال البزار:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن في أصله الخطي: " الحديث (5246) نقل إلى " الصحيحة "، فيعوض "، وقد عوضه الشيخ بالحديث الآتي بهذا الرقم. (الناشر) الحديث: 5245 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 396 "ليس بمعروف". والحديث؛ عزاه المنذري في "الترغيب" (3/ 249) لأبي الشيخ في "الثواب"، والطبراني، وأشار إلى ضعفه. ولكني لم أره عند الطبراني، ولا عزاه إليه السيوطي، وقد أورده في "الجامع الكبير" (1/ 142/ 2) من رواية أبي الشيخ وحده، وقد ذكره هو والمنذري من حديث عمر، فلعله سقط من نسخة "التاريخ" اسم عمر، ولم أره في "مجمع الزوائد" بعد مزيد البحث عنه؛ كما أشرت إليه في التعليق على "الترغيب". 5246 - (للنار باب يدخل منه إلا من شفى غيظه بسخط الله) . ضعيف جداً أخرجه البزار (2/ 439/ 2055) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 83) من طريق قدامة بن محمد بن قدامة: حدثنا إسماعيل بن شيبة - وقال العقيلي: شبيب - الطائفي: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال العقيلي في ترجمة إسماعيل هذا: "أحاديثه مناكير، ليس فيها شيء محفوظ". وقال ابن عدي في "الكامل" (1/ 313) : "لا أعلم له رواية عن غير ابن جريج، وأحاديثه عن ابن جريج فيها نظر". وذكره النسائي في "الضعفاء"، وقال (284 - هندية) : "يروي عن ابن جريج، منكر الحديث، روى عنه قدامة بن محمد". ومن غرائب ابن حبان أنه أورده في "الثقات"، وقال (8/ 93) : "روى قدامة بن محمد الخشرمي عنه، يتقى حديثه من رواية قدامة عنه"! الحديث: 5246 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 397 وذكر قدامة هذا في "الضعفاء والمجروحين" (2/ 219) ، وقال: "لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"! قلت: فكان الأولى به - إذ وثق إسماعيل هذا - أن يذكره برواية ثقة عنه، لا برواية هذا الضعيف عنده! مع أنه قد مشاه غيره؛ كما قال الذهبي، وقال فيه الحافظ: "صدوق يخطىء". فالعلة من شيخه إسماعيل، وقد قال فيه الذهبي: "واه". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للحكيم الترمذي! فتعقبه المناوي بقوله: "ظاهر صنيع المصنف أن الحكيم أسنده على عادة المحدثين، وليس كذلك، بل قال: "روي عن ابن عباس"، فكما أن المصنف لم يصب في عزوه إليه - مع كونه لم يسنده -؛ لم يصب في عدوله عن عزوه لمن أسنده من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو البيهقي؛ فإنه خرجه باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور ... ". ثم تكلم على إسناده بنحو ما تقدم مع اختصاره. وعزاه في "الجامع الكبير" للحاكم في "التاريخ"، والعقيلي، وابن عدي عن ابن عباس! وما أظن عزوه لابن عدي إلا وهماً. 5247 - (لا ترع أخاك المسلم؛ فإن روعة المسلم ظلم عظيم) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (ص 211 - زوائده) ، والعقيلي في الحديث: 5247 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 398 "الضعفاء" (ص 180) عن شعيب بن بيان الصفار قال: حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه: أن رجلاً أخذ ثوب رجل؛ فلم يرده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال العقيلي: "شعيب يحدث عن الثقات بالمناكير، وكاد يغلب على حديثه الوهم، وقد روي هذا الإسناد، في إسناده لين أيضاً". قلت: وقال الجوزجاني: "له مناكير". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! وقال الذهبي: "صدوق". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء". وهذا هو الأقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى، فالأولى إعلال الحديث بعاصم بن عبيد الله؛ فإنه ضعيف معروف بذلك. وبه أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (6/ 253) : "رواه الطبراني، والبزار، وفيه عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف". ورواه أبو الشيخ أيضاً في "كتاب التوبيخ"؛ كما في "الترغيب" (3/ 291) للحافظ المنذري، وأشار لضعف الحديث. ثم إن لفظ الحديث عند البزار (1523 - كشف) مختصر: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 399 "إن روعة المسلم ... "، ولفظ الطبراني: أن رجلاً أخذ نعل رجل فغيبها وهو يمزح، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لا تروعوا المسلم ... " إلخ. وللحديث شاهد أشار إليه العقيلي آنفاً، وهو من حديث حسين بن عبد الله الهاشمي: حدثنا عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن عن أبيه عن جده أبي حسن - وكان عقبياً بدرياً -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالساً ومعه نفر من أصحابه، فقام رجل ونسي نعليه، فأخذهما آخر، فوضعهما تحته، فجاء الرجل فقال: نعلي؟! فقال القوم: ما رأيناهما، فقال الرجل: أنبأنا أخذتهما وكنت ألعب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فكيف بروعة المؤمن؟! "؛ قالها ثلاثاً. وأخرجه أيضاً البزار (1522 - كشف) قبل الحديث الأول به. رواه ابن السكن؛ كما في "الإصابة". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، وهو ضعيف". قلت: ولذلك؛ لين إسناده العقيلي؛ كما تقدم. وأشار إلى ذلك المنذري بتصديره إياه بقوله: "وروي". 5248 - (لا يزال أربعون رجلاً من أمتي؛ قلوبهم على قلب إبراهيم، يدفع الله بهم عن أهل الأرض، يقال لهم: الأبدال؛ إنهم لم يدركوها بصلاة، وبصوم، ولا صدقة. قالوا: فبم أدركوها؟ قال: بالسخاء والنصيحة للمسلمين) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 76/ 1) : حدثنا أحمد الحديث: 5248 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 400 ابن داود المكي: أخبرنا ثابت بن عياش الأحدب: أخبرنا أبو رجاء الكلبي: أخبرنا الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو رجاء الكلبي هو روح بن المسيب؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 299) : "كان ممن يروي عن الثقات الموضوعات، ويقلب الأسانيد، ويرفع الموقوفات". وضعفه غيره، وهو مترجم في "الميزان"، و "اللسان". ولم يعرفه الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (10/ 63) : "رواه الطبراني من رواية ثابت بن عياش الأحدب عن أبي رجاء الكلبي، وكلاهما لم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! قلت: أحمد بن داود المكي ليس من رجال "الصحيح"! ولكن الهيثمي هذه عادته؛ أنه يقول هذا نحوه، ولا يعني به شيخ الطبراني أيضاً، فتنبه. ثم إن المكي لا أعرفه أيضاً، كشيخه ثابت. والله أعلم. وروى مجاشع بن عمرو عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأبدال؟ قال: "هم ستون رجلاً". قلت: يا رسول الله! حلهم لي؟ قال: "ليسوا بالمتنطعين، ولا بالمبتدعين، ولا بالمتعمقين، لم ينالوا ما نالوه بكثرة صيام، ولا صلاة، ولا صدقة، ولكن بسخاء النفس، وسلامة القلوب، والتضحية الجزء: 11 ¦ الصفحة: 401 لأمتهم، إنهم يا علي! في أمتي أقل من الكبريت الأحمر". أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأولياء" (ص 102 رقم 8) . قلت: وهذا موضوع؛ آفته مجاشع هذا؛ فإنه أحد الكذابي؛ كما قال ابن معين. ثم روى برقم (58) عن صالح المري قال: سمعت الحسن يقول: ... فذكره مرفوعاً بلفظ: "إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاة، ولا صوم، ولا صدقة، ولكن دخلوها برحمة الله، وسخارة النفس، وسلامة الصدر". قلت: وهذا مرسل؛ الحسن: هو البصري. وصالح المري ضعيف. 5249 - (من عمل عملاً رياءً؛ لم يكتب لا له ولا عليه) . موضوع أخرجه البزار في "مسنده" (ص 216 - زوائده) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 322/ 1-2) عن محمد بن السائب في قوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه ... ) الآية، قال: حدثني أبو صالح قال: كان عبد الرحمن بن غنم في مسجد دمشق في نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم معاذ بن جبل، فقال عبد الرحمن بن غنم: يا أيها الناس! إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي، فقال معاذ: اللهم غفراً! فقال: يا معاذ! أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الحديث: 5249 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 402 "من صام رياءً؛ فقد أشرك، ومن تصدق رياءً؛ فقد أشرك، ومن صلى رياءً؛ فقد أشرك"؟! قال: بلى، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية: (فمن كان يرجو لقاء ربه ... ) الآية، فشق ذلك على القوم واشتد عليهم، فقال: "ألا أفرجها عنكم؟! "، قالوا: بلى؛ فرج الله عنك الهم والأذى! فقال: "هي مثل الآية التي في (الروم) : (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ... ) الآية، من عمل عملاً ... " إلخ - واللفظ للبزار -. وقال الهيثمي عقبه: "محمد بن السائب: هو الكلبي؛ كذاب". وكذا قال في "المجمع" (8/ 54) . وأبو صالح: هو باذام مولى أم هانىء، وهو ضعيف؛ لكن الحمل فيه على الكلبي، وكأنه لذلك لم يتعرض لإعلاله به - أيضاً - الهيثمي. ثم إن حديث الترجمة باطل ظاهر البطلان؛ فإنه مع مخالفته لصراحة الآية: (ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) ؛ فهو معارض للأحاديث الصحيحة في الترهيب من الرياء في العبادة والموافقة لصراحة الآية، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى: أنبأنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه". رواه مسلم (8/ 223) . بل هو معارض لقوله في الحديث نفسه: "من صام رياءً؛ فقد أشرك ... " إلخ؛ إذ كيف يقال فيمن أشرك: " ... لا عليه"؟! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 403 فمن العجيب حقاً أن يلين القول في هذا الحديث الباطل حافظان جليلان: الأول: مخرجه البيهقي؛ حيث قال عقبه: "إن صح"! والآخر: الحافظ المنذري؛ فإنه قال (1/ 36) - بعد أن ذكر طرفه الأول من رواية البيهقي -: "وإسناده ليس بالقائم"!! وجملة الصيام والصدقة والصلاة التي بعدها: "فقد أشرك" قد جاءت بإسناد خير من هذا؛ يرويه عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن شداد بن أوس مرفوعاً. أخرجه أحمد (4/ 125-126) ، وكذا الطيالسي (1120) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (191/ 159) ، والحاكم (4/ 329) ، والبيهقي (2/ 321/ 1) ، وسكت عليه الحاكم والذهبي. وهو إسناد ضعيف يحتمل التحسين. والله أعلم. 5250 - (كل مسلم عليه صلاة، وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة؛ فهي صلاة) . منكر أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) : حدثنا عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الأنماطي: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة: أخبرنا حرمي بن عمارة: أخبرنا حازم بن إبراهيم أبو محمد الكوفي:أخبرنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. الحديث: 5250 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 404 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سماك بن حرب - وإن كان من رجال مسلم -؛ فقد تكلم فيه الأئمة. وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، وروايته عن عكرمة - خاصة - مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن". وحازم بن إبراهيم: هو البجلي؛ ترجمه ابن عدي (ق 110/ 2) ؛ ولكنه قال: "بصري"، ثم ساق له أحاديث أخرى، ولم يحك فيه عن أحد جرحاً ولا تعديلاً، ثم قال: "وله غير ما ذكرت، وأرجو أنه لا بأس به". وقد وثقه ابن حبان وغيره؛ كما في "اللسان". ومن دونه ثقات من رجال مسلم - على كلام في ابن عمارة -؛ إلا الأنماطي، وقد ترجمه الخطيب (10/ 148) برواية جمع عنه، وقال: "وما علمت من حاله إلا خيراً". وقد تابع حازماً: الوليد بن أبي ثور عن سماك به أتم منه بلفظ: "ميسم". أخرجه أبو يعلى، والطبراني وغيرهما. والمحفوظ في الحديث بلفظ: "صدقة" مكان: "صلاة"؛ كما بينته في "الصحيحة" (577) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 405 5251 - (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال، والمتبتلين من الرجال؛ الذي يقول: لا يتزوج، والمتبتلات اللائي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده. فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استبان ذلك في وجوههم، وقال: [و] البائت وحده) . منكر أخرجه أحمد (2/ 287،289) - مطولاً ومختصراً، وهذا هو المطول -، والبخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 362) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 196) من طريق طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته جهالة الطيب هذا؛ فقد قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 498) عن أبيه: "لا يعرف". وتبعه على ذلك الذهبي؛ فقال في "الميزان": "لا يكاد يعرف، وله ما ينكر"؛ ثم ساق له هذا الحديث. وأقره الحافظ في "اللسان". وقد أشار الإمام البخاري إلى أنه قد خولف في إسناده؛ فإنه ذكر عقب الحديث أن عمر بن حبيب الصنعاني روى عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح: حدثني رجل من هذيل: رأيت عبد الله بن عمر وأقبلت امرأة تمشي مشية الرجال، فقلت: هذه أم سعيد الحديث: 5251 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 406 بنت أبي جميل. قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس منا من الرجال من تشبه بالنساء، ولا من تشبه بالرجال من النساء". وقال العقيلي عقبه: "وهذا أولى". وقال البخاري: "وهذا مرسل، ولا يصح حديث أبي هريرة". وقد أشار البخاري - رحمه الله - إلى إعلال الحديث بمخالفة عمرو بن دينار - وهو ثقة حجة - للطيب - المجهول - بروايته عن عطاء عن رجل عن ابن عمر. فخالفه إسناداً ومتناً، وذلك دليل على أنه لا يحتج به. وأما تعقب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (14/ 244) الإمام البخاري بقوله: "وهذا من البخاري - رحمه الله - تعليل غير قائم؛ فهذا حديث وذاك حديث، وما يمتنع أن يروي عطاء هذ وذاك؟! وما هما بمعنى واحد، وإن اشتركا في بعض المعنى، بل أحدهما يؤيد الآخر ويقويه"!! قلت: يقال له: أثبت العرش ثم انقش؛ فإن مثل هذا التعقب إنما يصح أن يقال في ثقة روى شيئاً لم يروه الثقة الآخر، وليس الأمر كذلك هنا؛ فقد عرفت أن الطيب مجهول، ولم يوثقه أحد مطلقاً سوى ابن حبان الذي عرف بتوثيقه للمجهولين، ولكن الشيخ - رحمه الله تعالى - جرى في كتاباته كلها على الاعتداد بتوثيقه، خلافاً لجماهير العلماء في أصولهم وفروعهم، فكم من راو وثقه وهو عندهم مجهول، وكم من حديث صححه، وهو عندهم معلول! كل ذلك منه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 407 اعتماد على توثيق ابن حبان! وهذا هو المثال بين يديك. والحديث؛ أورده الهيثمي (4/ 251 و 8/ 103) - مطولاً ومختصراً -، وقال: "رواه أحمد، وفيه طيب بن محمد وثقه ابن حبان، وضعفه العقيلي، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "، وقال المنذري (4/ 66) : "رواه أحمد من رواية الطيب بن محمد، وبقية رواته رواة (الصحيح) ". (تنبيه) : على ثلاثة أمور: الأول: حديث الهذلي عن ابن عمر، هكذا وقع في "التاريخ": "ابن عمر" بدون الواو؛ وهكذا نقله عنه الحافظ في "التعجيل"! وعند العقيلي: "ابن عمرو" بالواو، وهو الصواب؛ فقد أخرجه أحمد في (مسند عبد الله بن عمرو) (2/ 220) ووقع فيه: "عبد الله بن عمرو بن العاصي"، وكذلك نقله عنه المنذري والهيثمي، وكذلك هو في "الحلية" من روايته عن أحمد. الثاني: الراوي عن عمرو بن دينار في "التاريخ": "عمر بن حبيب الصنعاني"، وفي "العقيلي": "عمرو بن حوشب الصنعاني"، وكذا هو في "المسند"؛ إلا أنه لم يقل: "الصنعاني"؛ وإنما "رجل صالح". وأكثر نسخ "المسند" على هذا: "عمرو بن حوشب"؛ كما حققه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (11/ 103-104) ، وذكر أن في نسخة (ك) رسماً غير بين، يمكن أن يقرأ: "معمر" وبهامشها "عمرو"، وعليها علامة نسخة. وأقول: لعل أصل الرسم الذي إليه: "عمر"؛ لأنه موافق لـ "التاريخ" الجزء: 11 ¦ الصفحة: 408 من جهة، ولأنه مطبق لما في كتب التراجم - كما بينه الشيخ نفسه - من جهة أخرى، وهو الذي استقر عليه رأيه. وأرجح أن الصواب: أنه "عمر بن حبيب الصنعاني"؛ كما في "التاريخ"؛ لأنه هو الذي ذكروا في ترجمته أنه روى عن عمرو بن دينار، بينما لم يذكروا ذلك في ترجمة "عمرو بن حوشب"، وإنما ذكروا أنه روى عن إسماعيل بن أمية فحسب. الثالث: علمت مما سبق أن بين عطاء وابن عمرو: الرجل من هذيل في رواية البخاري وغيره؛ إلا أنه قد سقط الرجل من رواية الطبراني؛ كما أفاده الهيثمي، وكذلك سقط من رواية أبي نعيم، وهي من طريق أحمد! فالظاهر أن ذلك من أوهام بعض النساخ أو الرواة. كما وهم الحافظ على البخاري؛ فعزا إليه في "التعجيل" أنه روى عن عمرو ابن دينار عن عطاء قال: سمعت ابن عمر ... فذكر الحديث! وهذا وهم فاحش كنت اعتمدت عليه حين خرجت الحديث في "حجاب المرأة" (ص 66-67) ، والآ تبينت أن ذلك من أوهامه - رحمه الله -، فمن كان عنده نسخة؛ فليصححها على ما هنا. 5252 - (نصرت بالصبا، وكانت عذاباً على من قبلي) . ضعيف جداً أخرجه الشافعي في "مسنده" (ص 29) : أخبرنا من لا أتهم: أخبرنا عبد الله بن عبيد عن محمد بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإ شيخ الشافعي الذي لم يسمه: هو الحديث: 5252 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 409 إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي؛ فقد قال أبو العباس الأصم - وهو راوي "المسند" قبل هذا الحديث (ص 28) -: "سمعت الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعي رضي الله عنه إذا قال: "أخبرني من لا أتهم"؛ يريد به إبراهيم بن أبي يحيى، وإذا قال: "أخبرني الثقة"؛ يريد به يحيى بن حسان". قلت: أما يحيى هذا - وهو التنيسي -؛ فهو ثقة من رجال الشيخين. وأما إبراهيم؛ فهو متروك، اتهمه غير واحد؛ كما تقدم مراراً. وشيخه عبد الله بن عبيد؛ فلم أعرفه. ومثله محمد بن عمرو، ويحتمل أنه الليثي المدني، أو القرشي المدني، وهما تابعيان. ولذلك؛ ذكر السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (5968) . وأعله الحافظ في "الفتح" (6/ 231) بالانقطاع فقط، فقصر! والحديث؛ في "الصحيحين" من حديث ابن عباس مرفوعاً دون قوله: "وكانت عذاباً على من قبلي"، وقال مكانه: "وأهلكت عاد بالدبور". وهو مخرج في "الروض النضير" (126) . 5253 - (نهى عن المجر) . ضعيف أخرجه أبو عبيد في "الغريب" (35/ 1) ، وابن قتيبة في "إصلاح الحديث: 5253 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 410 غلط أبي عبيد" (ق 52/ 2) ، والبيهقي (5/ 341) عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي: "تفرد به - بهذا اللفظ - موسى بن عبيدة، قال ابن معين: "فأنكر على موسى هذا، وكان من أسباب تضعيفه". وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه سمعه ينهى عن بيع المجر. فعاد الحديث إلى رواية نافع، فكأن ابن إسحاق أداه على المعنى. والله أعلم". وموسى بن عبيدة؛ قال الحافظ: "ضعيف، ولا سيما في عبد الله بن دينار، وكان عابداً". ومحمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. (فائدة) : لمجر: أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة. قاله أبو عبيد عن أبي زيد. وقال ابن قتيبة عقبه: "وفيه قول آخر؛ رأيت أهل العلم باللغة عليه: أن المجر في الغنم خاصة دون الإبل". 5254 - (من أهديت له هدية وعنده قوم؛ فهم شركاؤه فيها) (1) . ضعيف روي عن ابن عباس، وعائشة، والحسن بن علي.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كان هنا حديث بنفس الرقم " كان قريتان إحداهما صالحة. . . " فانظر (6690) ". (الناشر) الحديث: 5254 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 411 1- أما رواية ابن عباس؛ فرواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (97/ 2) : حدثنا أبو نعيم: حدثنا مندل عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عنه مرفوعاً. وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 112/ 2) و "الأوسط" (1/ 151/ 2 - مجمع البحرين) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 351) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 249) ، والبيهقي (6/ 183) ؛ قال الطبراني، وأبو نعيم: "لم يروه عن عمرو إلا ابن جريج، تفرد به مندل، ولا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد". قلت: ومندل - وهو ابن علي العنزي - ضعيف، ولكنه لم يتفرد به كما قال الطبراني؛ فقد تابعه عبد السلام بن عبد القدوس؛ لكنه خالفه في تابعي الحديث فقال: حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (255) ، وابن عساكر في "التاريخ" (19/ 78/ 1) ؛ ثم ذكر العقيلي رواية مندل المتقدمة؛ وقال في عبد السلام هذا: "لا يتابع على شيء من حديثه، وليس ممن يقيم الحديث، ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلت: وكنيته أبو محمد الكلاعي، وبكنيته هذه وقع في إسناد ابن عساكر. وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 150) : "يروي الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به بحال"، ثم ساق له من موضوعاته: "أربع لا يشبعن من أربع ... "؛ وقد مضى برقم (766) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 412 وقد روي من وجه آخر عن عمرو بن دينار؛ وفيه نظر؛ كما قال البيهقي في "سننه" (6/ 183) ؛ ثم ساقه من طريق محمد بن [أبي] السري: حدثنا عبد الرزاق: أنبأ محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار به. وقال: "وكذلك رواه أبو الأزهر عن عبد الرزاق. ورواه أحمد بن يوسف عن عبد الرزاق: ... فذكره عن ابن عباس موقوفاً غير مرفوع؛ وهو أصح". قلت: وذلك؛ لأن أحمد بن يوسف ثقة حافظ؛ بخلاف أبي الأزهر - واسمه أحمد بن الأزهر -؛ فإنه وإن كان صدوقاً يحفظ؛ إلا أنه كان كبر، فصار كتابه أثبت من حفظه. وأما ابن أبي السري؛ فهو ضعيف؛ له أوهام كثيرة. ولذلك؛ قال الحافظ في "الفتح" (5/ 167) : "واختلف على عبد الرزاق في رفعه ووقفه؛ والمشهور عنه الوقف، وهو أصح الروايتين عنه". قلت: ومدارهما على محمد بن مسلم؛ كما رأيت، وهو الطائفي؛ وهو صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب". فلعل الاختلاف المذكور منه. فلا جرم أن الإمام البخاري لما علق الحديث في "صحيحه"؛ صدره بصيغة التمريض: ويذكر عن ابن عباس: أن جلساءه شركاؤه، ثم عقب عليه بقوله: "ولم يصح". قلت: وقد ضعف الحديث - أيضاً - الإمام أحمد؛ فقد ذكره ابن قدامة في "المنتخب" (1/ 195/ 1) من طريق مندل بإسناده المتقدم، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 413 "قال علي بن سعيد: سألت أبا عبد الله عن هذا الحديث؟ فقال: ما أدري من أين جاء هذا الحديث؟! وهو عندي منكر! ". 2- وأما حديث عائشة؛ فيرويه الوضاح بن خيثمة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً مثله. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (445) ، وقال: "الوضاح لا يتابع عليه، ولا يصح في هذا المتن حديث". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 85) : "منكر الحديث، يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنها معمولة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد؛ لسوء حفظه، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه؛ فلا ضير". 3- وأما حديث الحسن بن علي؛ فيرويه يحيى بن سعيد الواسطي: أخبرنا يحيى بن العلاء عن طلحة بن عبد الله عن الحسن بن علي مرفوعاً به. أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 131/ 2) . وأعله الهيثمي (4/ 148) بـ (يحيى بن سعيد) هذا، فقال: "وهو ضعيف"! قلت: ولقد أبعد النجعة؛ ففوقه (يحيى بن العلاء) ؛ وهو بجلي رازي، وهو متهم بالكذب، فتعصيب الجناية به في هذا الحديث أولى من (يحيى بن سعيد) . ومما سبق؛ تعلم تساهل أو تسامح الحافظ ابن حجر في اقتصاره على إعلال حديث الحسن وعائشة بقوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 414 "وإسنادهما ضعيف أيضاً"! فإن الحق أن يقال: " ... ضعيف جداً"؛ وذلك؛ خشية أن يغتر من لا علم عنده بشدة ضعف هذين الإسنادين؛ فيغتر بقول الحافظ المذكور؛ فيدعي - بناءً عليه - تقوية الحديث بكثرة الطرق! ولعل هذا هو السبب في إيراد الدكتور القلعجي هذا الحديث في فهرسه الذي وضعه في آخر "ضعفاء العقيلي" للأحاديث الصحيحة - بزعمه - مما ورد فيه (ص 521) ؛ على رغم قول العقيلي: "لا يصح في هذا الباب شيء". ووافقه الجوزي في "الموضوعات" (3/ 92-93) - بعد أن أعل حديث ابن عباس بطريقيه، وحديث عائشة بنحو ما تقدم -: وكذلك وافقه ابن القيم في "المنار". ولم يستطع السيوطي أن ينقذه من الضعف المستفاد من جميع طرقه! أما الوضع فنعم. ولذلك؛ صرح الشيخ القارىء في "الأسرار المرفوعة" بتخطئة ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع، وهو ظاهر كلام السخاوي في "المقاصد". وبناءً عليه مختصره الزرقاني: "ضعيف". 5255 - (الحمد لله؛ ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا) . ضعيف أخرجه ابن ماجه (4150) ، والبيهقي في "سننه" (7/ 280) الحديث: 5255 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 415 كلاهما من طريق سويد بن سعيد: حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً بطعام سخن، فأكل، فلما فرغ قال: ... فذكره. وليس عند البيهقي قوله: "الحمد لله". وأشار إلى تضعيفه بقوله: "هذا إن صح يحتمل معنى الأول - يعني: بعد أن يذهب فوره -، ويحتمل غيره". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سويد؛ فإنه - مع كونه من شيوخ مسلم - فقد ضعفوه. قال الحافظ: "صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". قلت: ومن هنا يظهر لك تساهل البوصيري في "الزوائد" (279/ 2) ؛ حيث قال: "هذا إسناد حسن؛ سويد مختلف فيه، رواه البيهقي في "سننه الكبرى" ... وله شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر. رواه البيهقي"! قلت: ولعله تبع المنذري في تحسينه، على أنه أيسر خطأ منه؛ فإن المنذري قال (4/ 109) : "رواه ابن ماجه بإسناد حسن، والبيهقي بإسناد صحيح"!! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 416 ووجه ما ذكرت ظاهر جداً؛ فإنه غاير بين إسناد ابن ماجه والبيهقي؛ وهو واحد؛ فإن مدارهما على سويد بن سعيد! ومع ذلك حسن وصحح!! ثم إن في جعله حديث أسماء شاهداً لهذا نظراً لا يخفى؛ فإن لفظه: أنها كانت إذا ثردت غطته شيئاً حتى يذهب فوره، ثم يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنه أعظم للبركة". فإن هذا أخص من حديث الترجمة. ولذلك؛ قال البيهقي: يحتمل أنه معناه أو يحتمل غيره؛ كما تقدم. وفي إسناده قرة بن عبد الرحمن، وفيه ضعف. ومن طريقه: رواه الدارمي (2/ 100) ، وابن أبي الدنيا في "الجوع" (14/ 2) . 5256 - (إذا تاب العبد من ذنوبه؛ أنسى الله حفظته ذنوبه، وأنسى ذلك جوارحه ومعالمه من الأرض؛ حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب) . ضعيف أخرجه الأصبهاني (201) من طريق أبي صالح العباس بن زياد: أخبرنا سعدان الخطمي عن سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعدان الخطمي، والعباس بن زياد؛ ولم أجد لهما ترجمة. وكأنه لذلك أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 75) إلى تضعيف الحديث. الحديث: 5256 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 417 5257 - (النادم ينتظر من الله الرحمة، والمعجب ينتظر المقت، واعملوا عباد الله! أن كل عامل سيقدم على عمله، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى حسن عمله وسوء عمله، وإنما الأعمال بخواتيمها، والليل والنهار مطيتان، فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة، واحذروا التسويف؛ فإن الموت يأتي بغتة، ولا تغترن أحدكم بحلم الله عز وجل؛ فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله. ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)) (1) . ضعيف أخرجه الأصبهاني (201) من طريق عبد الله بن إبراهيم الكوفي: أخبرنا ثابت بن محمد قال: سمعت سفيان الثوري يقول: حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ثابت بن محمد: هو العابد أبو محمد؛ قال الحافظ: "صدوق زاهد، يخطىء في أحاديث". قلت: وتابعه إسحاق بن بشر قال: حدثنا سفيان الثوري به. أخرجه ابن بشران في "الأمالي" (2/ 126/ 1) . لكن إسحاق بن بشر متروك، كذبه ابن المديني وغيره. وتابعه أيضاً مطرف بن مازن قاضي اليمن عن سفيان الثوري به، دون قوله: "واعلموا عباد الله ... " إلخ.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق متن هذا الحديث من الأصل: " " ترغيب (4 / 75) ". الحديث: 5257 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 418 أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 355) . ومطرف هذا ممن لا يفرح به أيضاً؛ فقد كذبه ابن معين وغيره. وعبد الله بن إبراهيم الكوفي - الذي في طريق الأصبهاني -؛ يحتمل أنه الذي في "الميزان"؛ و"اللسان": "عبد الله بن إبراهيم المؤدب، عن سويد بن سعيد؛ كذبه الدارقطني". قلت: فيحتمل أنه هذا؛ فإنه من هذه الطبقة. والله أعلم. 5258 - (إن الله تعالى ناجى موسى بمئة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام؛ وصايا كلها، فلما سمع موسى كلام الآدميين؛ مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب، وكان فيما ناجاه أن قال: يا موسى! إنه لم يتصنع المتصنعون لي بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم، ولا تعبدني العابدون بمثل البكاء من خيفتي. فقال موسى: يا إله البرية كلها! ويا مالك يوم الدين! يا ذا الجلال والإكرام! فلماذا أعددت لهم؟ وماذا جزيتهم؟ قال: يا موسى! أما الزاهدون في الدنيا؛ فإني أبيحهم جنتي، يتبوؤون حيث يشاؤون، وأما الورعون عما حرمت عليهم؛ فإنه ليس من عبد يلقاني يوم القيامة إلا ناقشته الحساب، وفتشته عما كان في يديه إلا ما كان من الورعين؛ فإني أستحييهم وأجلهم، [وأكرمهم] ؛ فأدخلهم الجنة بغير حساب، وأما البكاؤون من خيفتي؛ فلهم الرفيق الأعلى، لا يشاركون فيه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/ 557/ 3949) الحديث: 5258 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 419 - والسياق له - وفي "الكبير" أيضاً (12/ 120-121) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 345/ 10527) ، والأصبهاني في "الترغيب" (1/ 225/ 479) من طريق أبي مالك الجنبي عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو مالك الجنبي". قلت: واسمه: عمرو بن هاشم؛ قال الحافظ: "لين الحديث، أفرط فيه ابن حبان". قلت: فالآفة من شيخه (جويبر) ؛ فإنه ضعيف جداً متروك، وحديثه عليه لوائح الإسرائيليات. وتساهل الهيثمي حين قال في "المجمع" (10/ 296) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه جويبر بن سعيد، وهو ضعيف"! ثم إنه منقطع بين الضحاك وابن عباس؛ فإنه لم يسمع منه. وقد أخرجه الأصبهاني برقم (480) بإسناده عن سعيد الفزاري قال: بلغني أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام ... فذكره نحوه. 5259 - (ألا إن كل جواد في الجنة؛ حتم على الله، وأنا به كفيل، ألا وإن كل بخيل في النار؛ حتم على الله، وأنا به كفيل. قالوا: يا رسول الله! من الجواد ومن البخيل؟ قال: الجواد من جاد بحقوق الله في ماله، والبخيل من منع حقوق الله وبخل على ربه، وليس الجواد من الحديث: 5259 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 420 أخذ حراماً وأنفق إسرافاً) . منكر أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 238/ 513 و 2/ 637/ 1525) عن أيوب بن سالم: أخبرنا يوسف بن حماد بن مليكة الصنعاني عن نبيه ابن عمر عن عبد الرزاق عن عبد الوهاب بن حسن الحنفي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الوهاب بن حسن الحنفي؛ الظاهر أنه التميمي الذي ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 71) ؛ روى عن شيبان مولى الضحاك، وعنه محمد بن ميمون؛ وقال عن أبيه: "أحاديثه مناكير، ولا أعرفه". وذكره في "اللسان" عن البخاري؛ أنه قال فيه: "منكر الحديث". ومن دون عبد الرزاق لم أعرفهم. والحديث؛ قال المنذري (3/ 248) : "رواه الأصبهاني؛ وهو غريب". قلت: وفيه عنعنة الحسن البصري، وجماعة لم أعرفهم. 5260 - (إن من الإيمان أن يحب الرجل [رجلاً] ؛ لا يحبه إلا لله؛ من غير مال أعطاه؛ فذلك الإيمان) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 488) : حدثنا محمد بن الحديث: 5260 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 421 جابان: حدثنا محمد بن مهران الجمال: حدثنا محمد بن المعلى عن الجراح بن الضحاك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أبي إسحاق إلا الجراح". قلت: وهو صدوق، وسائر رجاله ثقات؛ غير محمد بن جابان؛ فلم أجد له ترجمة، وأظنه الذي في "المعجم الصغير" (ص 186) : حدثنا محمد بن حامان الجنديسابوري ... كذا بخطي: "حامان" بالميم بين الألفين، ولعله تحريف!! وأبو إسحاق: وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ وكان اختلط، ثم هو - إلى ذلك - مدلس، وقد عنعن! والحديث؛ سكت عليه المنذري (4/ 46) ! وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 90) مختصراً موقوفاً بلفظ: "إن من الإيمان أن يحب الرجل أخاه؛ لا يحبه إلا الله". وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده إسحاق الدبري، وهو منقطع بين عبد الرزاق وإسحاق"!! 5261 - (إن الرجل ليؤتى كتابه منشوراً فيقول: يا رب! فأين حسنات كذا وكذا عملتها؛ ليست في صحيفتي؟! فيقول له: محيت باغتيابك الناس) (1) . موضوع أخرجه الأصبهاني (584) من طريق الحسن بن دينار عن   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " ترغيب " (3 / 301) ". (الناشر) الحديث: 5261 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 422 الخصيب بن جحدر عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخصيب أو الحسن؛ فإنهما متهمان بالكذب: فالأول: كذبه شعبة، والقطان، وابن معين. وقال البخاري، وابن الجارود: "كذاب". والآخر: كذبه أحمد، ويحيى. وقال أبو حاتم، وأبو خيثمة: "كذاب". 5262 - (الغيبة والنميمة تحتان الإيمان؛ كما يعضد الراعي الشجر) (1) . موضوع أخرجه الأصبهاني (584) من طريق أبي خالد عبد العزيز بن أبان الأموي: حدثنا عمرو أبو عبد الله الجعفي عن عبيد بن اصطفى (كذا) عن يزيد بن حسن عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأموي هذا؛ فقد كذبوه، قال ابن معين: "كذب خبيث يضع الحديث". وقال ابن نمير: "هو كذاب". ومن بينه وبين أبان؛ لم أعرفهم.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " " ترغيب " (3 / 301) ". (الناشر) الحديث: 5262 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 423 5263 - (إياكم والكبر؛ فإن الكبر يكون في الرجل وإن عليه العباءة) (1) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 483) : حدثنا أحمد ابن القاسم: حدثنا عمي بن المساور: حدثنا سويد بن عبد العزيز: حدثنا عبد الله ابن حميد عن طاوس عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن طاوس إلا عبد الله بن حميد، تفرد به سويد". قلت: وهو لين الحديث؛ كما في "التقريب"، بل هو واه جداً؛ كما قال الذهبي في "الميزان". وسائر رجاله ثقات. ومما سبق من التحرير؛ تعلم تساهل المنذري (4/ 16) - ثم الهيثمي (10/ 226) - في قولهما: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات"!   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " سيأتي تخريجه مبسوطاً برقم (6667) ". (الناشر) . الحديث: 5263 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 424 5264 - (أيها الناس! استحيوا من الله حق الحياء. فقال رجل: يا رسول الله! إنا لنستحيي من الله تعالى! فقال: من كان منكم مستحيياً من الله حق الحياء؛ فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ البطن وما وعى، والرأس وما حوى، وليذكر الموت والبلى، وليترك زينة الحياة الدنيا) (2) . موضوع بهذا التمام أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 498) عن   (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " " ترغيب " (3 / 130) ". (الناشر) الحديث: 5264 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 424 خالد بن يزيد العمري: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن مسلم بن أبي مريم عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - على المنبر والناس حوله -: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته خالد بن يزيد العمري؛ كذبه أبو حاتم ويحيى. وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 284-285) : "منكر الحديث جداً، لا يشتغل بذكره؛ لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات". قلت: وشيخه هنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة؛ ضعيف. ومن هذا الوجه: أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 50) دون قوله: "فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه". وقد روي الحديث من طرق أخرى عن ابن مسعود وغيره دون الزيادة المذكورة، وهو بذلك يرتقي إلى مرتبة الحسن؛ كما بينته في "الروض النضير" (601) ، وإنما أخرجته هنا لهذه الزيادة التي تفرد بها هذا الكذاب. 5265 - (بدموع عينيك؛ فإن عيناً بكت من خشية الله لا تمسها النار أبداً) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (133) عن يوسف بن الغرق عن أيوب الحبطي عن نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! بم أتقي النار؟ قال: ... فذكره. الحديث: 5265 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 425 قلت: وهذا إسناد هالك؛ مسلسل بالمتروكين: نفيع بن الحارث فمن دونه؛ ثلاثتهم متهمون بالكذب، فأحدهم آفته. والحديث معروف من طرق أخرى دون قوله: (بم أتقي النار؟ قال: بدموع عينيك) . وهو مخرج في "المشكاة" (3829) ، و "الترغيب" (2/ 153) . وإنما أوردته هنا من أجل الزيادة المذكورة. 5266 - (ما من شيء إلا وله توبة؛ إلا صاحب سوء الخلق؛ فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (304) من طريق أبي عمر بن حفص المقرىء الضرير: حدثني عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن إبراهيم التيمي عن أبيه [عن عائشة] مرفوعاً. وفي رواية له من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن رجل من أهل الجزيرة عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من ذنب أعظم عند الله عز وجل من سوء الخلق، وذلك؛ أن صاحبه لا يخرج من ذنب إلا وقع في ذنب". قلت: والطريق الأولى هالكة؛ لأنها من رواية عمرو بن جميع، وهو كذاب.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " " ترغيب " (4 / 260) ". (الناشر) الحديث: 5266 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 426 وقريب منها الطريق الأخرى؛ فإن فيها مروان بن سالم - وهو الجزري -؛ وهو متروك، رماه الساجي وغيره بالوضع. ثم هو مرسل؛ ميمون بن مهران تابعي. والرواي عنه لم يسم. 5267 - (من أصلح بين اثنين؛ أصلح الله أمره، وأعطاه بكل كلمة تكلم بينهما عتق رقبة، ورجع مغفوراً له ما تقدم من ذنبه) . منكر جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 106/ 185) من طريق عبيد بن هاشم الجوزجاني: حدثنا محمد بن الأزهر عن أبي فضالة عن موسى بن جابان عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه؛ فيه علل: الأولى: موسى بن جابان؛ ليس له ذكر في كتب التراجم المعروفة، وهذا من الغرائب بمكان! فقد أورده الأمير ابن ماكولا في "باب جابان.."، فقال (2/ 11) : "وموسى بن جابان، حدث عن لقمان بن عامر، حدث عنه ميسرة بن عبدربه، وميسرة غير ثقة، ولا يعرف موسى بن جابان إلا به". وميسرة هذا كذاب معروف، له ترجمة مطولة في "اللسان". الثانية: أبو فضالة؛ الظاهر أنه (مبارك بن فضالة) ؛ فإنه من هذه الطبقة، وهو صدوق؛ ولكنه مدلس، فأخشى أن يكون تلقاه عن (ميسرة) الكذاب ثم دلسه؛ لقول الأمير المتقدم في موسى: الحديث: 5267 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 427 "لا يعرف إلا بميسرة". الثالثة: محمد بن الأزهر؛ الظاهر أنه (الجوزجاني) ؛ بقرينة الراوي عنه - الجوزجاني -، قال الذهبي في "المغني": "محمد بن الأزهر الجوزجاني، عن يحيى القطان، نهى أحمد عن الكتابة عنه". وقال ابن عدي في "الكامل" (6/ 132) : "ليس بالمعروف، وإذا لم يكن معروفاً، ويحدث عن الضعفاء؛ فسبيلهم سبيل واحد، لا يجب أن يشتغل برواياتهم وحديثهم". الرابعة: عبيد بن هاشم الجوزجاني؛ لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر. والله أعلم. والحديث؛ قال المنذري (3/ 293/ 7) - بعد أن أشار لضعفه -: "رواه الأصبهاني، وهو حديث غريب جداً". 5268 - (من اغتيب عنده أخوه، فاستطاع نصرته فنصره؛ نصره الله في الدنيا والآخرة، فإن لم ينصره؛ أذله (1) الله في الدنيا والآخرة) . ضعيف جداً أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (94/ 2) - من طريق محمد بن سعيد -، والأصبهاني (580) - من طريق عبد الرزاق -: أنبأنا معمر والثوري جميعاً عن أبان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان - هذا - هو ابن أبي عياش، وهو متروك   (1) في الأصل بخط الشيخ - رحمه الله -: " أدركه (كذا) ". وفي حاشية " ضعيف الترغيب " له: " الأصل أدركه، والتصويب من الأصبهاني ". فأثبتنا هنا ما هناك. (الناشر) الحديث: 5268 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 428 متهم بالكذب. والحديث؛ أورده في "الميزان" من رواية ابن عدي من هذا الوجه. وروى أبو الشيخ الشطر الثاني منه؛ كما في "الترغيب" (3/ 303) . 5269 - (من تواضع لأخيه المسلم؛ رفعه الله، ومن ارتفع عليه؛ وضعه الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 272/ 1) من طريق عبد العظيم ابن حبيب: حدثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن المقبري إلا أبو معشر؛ تفرد به عبد العظيم". قلت: قال الدارقطني: "ليس بثقة". وأبو معشر؛ اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني؛ ضعيف. والحديث؛ أشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيفه. وأعله الهيثمي (8/ 83) بـ (عبد العظيم) ، فقال: "وهو ضعيف"! الحديث: 5269 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 429 5270 - (من قل ماله، وكثر عياله، وحسنت صلاته، ولم يغتب المسلمين؛ جاء يوم القيامة وهو معي كهاتين) . موضوع أخرجه أبو يعلى (1/ 280) ، والأصبهاني (585) عن مسلمة الحديث: 5270 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 429 ابن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته مسلمة بن علي - وهو الخشني -؛ متروك اتفاقاً، وقد اتهمه الحاكم وغيره بالوضع، وقد مضت له أحاديث موضوعة؛ فانظر الأرقام (141،145،151،476) . والحديث؛ أشارالمنذري في "الترغيب" (4/ 94) إلى تضعيفه. 5271 - (من مشى في حاجة أخيه المسلم؛ كتب الله له بكل خطوة سبعين حسنة، ومحا عنه سبعين سيئة إلى أن يرجع من حيث فارقهم؛ فإن قضيت حاجته على يديه؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وإن هلك فيما بين ذلك؛ دخل الجنة بغير حساب) (1) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (292) من طريق ابن أبي عاصم: حدثنا محمد بن بحر الهجيمي: حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن الحسن عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الرحمن بن زيد - وهو ابن أسلم العدوي مولاهم -، وهو ضعيف جداً، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم برقم (25) . ثم تبين أن (عبد الرحمن) محرف من (عبد الرحيم) ؛ فقد رأيت الحديث في "مسند أبي يعلى" (5/ 175/ 2789) : حدثنا محمد بن بحر: حدثنا   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " " ترغيب " (4 / 251) ". (الناشر) الحديث: 5271 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 430 عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه به. ومن طريق أبي يعلى: أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/ 199) ، وعنه تلقاه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 173) . وقال: "حديث لا يصح؛ قال يحيى: عبد الرحيم بن زيد كذاب، وأبوه ليس بشيء". وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 88) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 129) . أقول: وإن مما يؤيد أنه (عبد الرحيم بن زيد) أن أباه (زيداً) - وهو (العمي) -، قد ذكروه في الرواة عن (الحسن) - وهو البصري -، بخلاف (زيد) - وهو ابن أسلم والد (عبد الرحمن) -؛ فلم يذكروه في الرواة عنه، والله تعالى أعلم. وقد وقع هذا التحريف في مطبوعة "ترغيب الأصبهاني" أيضاً (1/ 481) ، ولم يعلق عليه المخرج بشيء سوى قوله: "عزاه الهيثمي في "المجمع" (8/ 190) لأبي يعلى، وفيه عبد الرحيم بن زيد العمي؛ وهو متروك"!! ومع أن فيه ما يفلت النظر إلى الاختلاف في تمام اسم (العبد) ؛ ومع ذلك فإنه لم يعلق عليه بشيء! ثم إن (محمد بن بحر الهجيمي) قد ذكره ابن أبي حاتم، وقال: "روى عنه أبو زرعة". ومن المعلوم أن أبا زرعة لا يروي إلا عن ثقة عنده. وقد خالفه العقيلي؛ فقال (4/ 38) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 431 "منكر الحديث، كثير الوهم". ثم ذكر له حديثاً منكراً، سيأتي برقم (6542) إن شاء الله تعالى. 5272 - (لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم؛ ما دامت مائدته موضوعة) . ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الأربعين الصوفية" (56/ 2) ، وكذا أبو عبد الرحمن السلمي (7/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (513) من طريق مندل عن عبد الله بن سنان عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علتان: الأولى: عبد الله بن سنان - وهو الزهري الكوفي -؛ أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 208) ؛ وروى عن ابن معين أنه قال: "كوفي؛ كان ينزل القطيعة؛ قطيعة الربيع، ليس حديثه بشيء". وقال ابن عدي: "عامة حديثه لا يتابع عليه". والأخرى: مندل - وهو ابن علي العنزي -؛ ضعيف. والحديث؛ أشارالمنذري (3/ 243) إلى تضعيفه. ثم بدا أن عبد الله بن سنان محرف من (سيار) - وهو عبد الله بن سيار، مولى بني طلحة -؛ كوفي، فهو الذي ذكروا أنه روى عن عائشة بنت طلحة، الحديث: 5272 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 432 بخلاف الزهري هذا؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عنها، وإنما عن محمد بن المنكدر وزيد بن أسلم وهشام بن عروة. وتأكدت من ذلك حينما رأيت البخاري أورد الحديث في ترجمة عبد الله بن سيار هذا؛ فقال (3/ 1/ 110) : "قال فروة: حدثنا القاسم بن مالك عن عبد الله بن سيار مولى عائشة بنت طلحة: سمعت عائشة بنت طلحة ... به". ومن هذا يتبين أن العلة الثانية في الحديث غير قادحة؛ لمتابعة القاسم بن مالك مندلاً. والقاسم هذا من رجال الشيخين؛ على لين فيه؛ كما في "التقريب". والراوي عنه - فروة بن أبي المغراء - صدوق من رجال البخاري؛ لكنه خالف مندلاً فأوقفه. ثم ازددت تأكداً من أن الحديث هو لابن سيار - وليس لابن سنان - حين رأيت ابن راهويه قد أخرجه في "مسنده" (4/ 108/ 2) من طريق مندل عن عبد الله بن سيار به. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. 5273 - (لا تسبوها؛ فنعمت الدابة؛ فإنها أيقظتكم لذكر الله) (1) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 276/ 1) عن آدم: حدثنا أبو يوسف القاضي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " " الترغيب والترهيب " (3 / 287) ". الحديث: 5273 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 433 نزلنا منزلاً، فأذتنا البراغيث، فسببناها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به آدم". قلت: وهو ابن أبي إياس؛ ثقة. وأبو يوسف القاضي فيه ضعف من قبل حفظه. لكن الآفة ممن فوقه؛ فإن الأصبغ بن نباتة متروك رمي بالرفض. وسعد بن طريف مثله؛ بل قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 357) : "كان يضع الحديث على الفور". 5274 - (لا يصحبنا اليوم من آذى جاره) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 255/ 1) من طريق يحيى الحماني: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، قال: ... فذكره، فقال رجل من القوم: أنبأنا بلت في أصل حائط جاري؟! فقال: "لا تصحبنا اليوم". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ من أجل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد عرفت حاله من قريب. ويحيى الحماني - وهو ابن عبد الحميد - فيه ضعف. الحديث: 5274 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 434 وبه وحده أعله الهيثمي؛ فقال (8/ 170) : "وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو ضعيف"! وأشار المنذري (3/ 234-235) إلى تضعيفه، ثم قال: "رواه الطبراني؛ وفيه نكارة". وقد وجدت له طريقاً أخرى؛ فقال ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (82/ 330) : حدثني عبد الله بن أبي بدر: أنبأنا يزيد بن هارون: أنبأنا عبد الملك ابن قدامة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره نحوه. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ عبد الملك بن قدامة ضعيف. وأبوه - قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي - تابعي، روى عنه جمع؛ وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحافظ: "مقبول". 5275 - (تنسخ دواوين أهل الأرض في دواوين أهل السماء كل اثنين وخميس، فيغفر لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً؛ إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 128/ 9274 - ط) و (3/ 271/ 1 - مجمع البحرين) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (273-274) من طريق عبد الصمد بن عبد العزيز المقرىء: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن منصور عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: الحديث: 5275 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 435 "لم يروه عن منصور إلا عمرو؛ ولا عنه إلا عبد الصمد، تفرد به محمد بن عمار". ثم رواه من طريق سعيد بن بشير عن أبي الزبير عن جابر نحوه. قلت: في الطريق الأولى: عمرو بن أبي قيس - وهو الرازي الأزرق -؛ وفيه ضعف؛ قال الحافظ: "صدوق له أوهام". وعبد الصمد بن عبد العزيز المقرىء؛ ذكره البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 105) دون جرح أو تعديل، وابن حبان في "الثقات" (8/ 415) برواية محمد ابن مسلم بن وارة عنه، فهو مجهول الحال. وفي الطريق الأخرى عنعنة أبي الزبير؛ وضعف سعيد بن بشير. ثم خرجته بتوسع برقم (6825) . ومما سبق يتبين تساهل الهيثمي في قوله - في كل من الطريقين (8/ 66) -: "ورجاله ثقات"! وكذا قال المنذري في حديث جابر (3/ 282) ! 5276 - (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ومجلاة للبصر) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 35 - الجامعة الإسلامية) من طريق الحارث بن مسلم عن بحر السقا عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: الحديث: 5276 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 436 "لم يروه عن بحر إلا الحارث". قلت: والظاهر أنه الرازي المقرىء، روى عن الثوري وطبقته. قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 88) عن أبيه: "شيخ ثقة صدوق، وصليت خلفه". وعن أبي زرعة قال: "صدوق، لا بأس به، وكان رجلاً صالحاً". قلت: وخفي هذا على الذهبي ثم العسقلاني، فلم يزيدا في ترجمته على قولهما: "قال السليماني: فيه نظر"! وعلة الحديث ممن فوقه: أولاً: بحر السقا - وهو ابن كنيز الباهلي -؛ متفق على تضعيفه؛ بل تركه أبو داود، والدارقطني، وغيرهما. ثانياً: جويبر - وهو ابن سعيد الأزدي البلخي -، وهو أيضاً متروك. وقال الحافظ: "ضعيف جداً". ثالثاً: الضحاك - وهو ابن مزاحم -؛ لم يلق ابن عباس. ومع هذه العلل؛ سكت المنذري (1/ 101) عن الحديث؛ فلم يضعفه ولو بالإشارة إليه؛ كما هي غالب عادته!! وأما الهيثمي؛ فاقتصر على قوله (1/ 220) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 437 "وفيه بحر بن كنيز السقا، وقد أجمعوا على ضعفه"! وإنما أخرجت الحديث هنا؛ لزيادة: "ومجلاة للبصر"، وإلا؛ فهو بدونها صحيح، وهو مخرج في "المشكاة" (381) ، و"الإرواء" (66) . 5277 - (تخللوا؛ فإنه نظافة، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 35 - الجامعة، ورقم 7311 - ط) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 183-184) ، والخطيب في "التلخيص" (ق 111/ 2) عن النضر بن هشام الأصبهاني: حدثنا إبراهيم بن حيان بن حكيم بن حنظلة بن سويد بن علقمة بن سعد بن معاذ الأنصاري: حدثني شريك عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن مغيرة إلا شريك، ولا عنه إلا إبراهيم، تفرد به النضر". قلت: ترجمه أبو نعيم في "الأخبار" (2/ 330) بروايته عن جمع، وعنه اثنان، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولا وفاة، فهو مجهول الحال. لكن قال أبو حاتم كما في "الجرح": "صدوق". فالآفة من شيخه إبراهيم بن حيان؛ فقد أورده ابن عدي (4/ 1) ، وقال: "ضعيف جداً، حدث عن شعبة والحمادين وغيرهم من الثقات بالبواطيل"؛ ثم ساق له حديثين آخرين، ثم قال: الحديث: 5277 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 438 "وهذان الحديثان مع أحاديث أخرى يرويها إبراهيم؛ عامتها موضوعة مناكير". والفقرة الوسطى من الحديث؛ أوردها الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 111) ، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف جداً". قلت: وقد اشتهرت بلفظ: "بني الدين على النظافة"! ولم يجد الحفاظ له أصلاً، وإن أورده الغزالي في "الإحياء"؛ فقد تعقبه العراقي بقوله: "لم أجده". وأقره الحافظ السخاوي في "المقاصد". والحديث؛ أورده المنذري (1/ 103) مصدراً له بحرف: (عن) ! ثم قال: "رواه الطبراني في "الأوسط" هكذا مرفوعاً، ووقفه في "الكبير" على ابن مسعود بإسناد حسن، وهو الأشبه"! وفيه نظر من وجهين - بل ثلاثة -: الأول: سكوته عن ضعفه الشديد الذي تقدم بيانه؛ خلافاً للهيثمي؛ فإنه لم يسعه إلا أن يكشف عن علته، فقال: " ... وفيه إبراهيم بن حيان؛ قال ابن عدي: أحاديثه موضوعة". الثاني: أنه أوهم أنه في "الكبير" بلفظ "الأوسط"! وليس كذلك؛ فإنه أخرجه في "الكبير" (3/ 28/ 2) من طريق طلحة بن مصرف قال: حدثت عن عبد الله بن مسعود أنه قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 439 خللوا الأصابع الخمس؛ لا يحشوها الله ناراً. فهذا لفظ غير حديث الترجمة؛ كما هو ظاهر. والثالث: أنه منقطع بين طلحة وابن مسعود، فتحسينه إياه غير حسن. وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (1/ 236) : "رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات". وقد روي الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر قريب من هذا، وهو أقرب إلى حديث الغزالي المذكور آنفاً، وسبق تخريجه برقم (3264) . (تنبيه) : من أوهام المناوي أنه نقل في "الفيض" قول ابن عدي في راوي حديث الترجمة: "أحاديثه موضوعة"، وقول المنذري في إسناد الموقوف: "إسناده حس، وهو الأشبه"!! فخفي عليه الانقطاع المنافي للتحسين! هذا أولاً. وثانياً: قال في "التيسير" في حديث الترجمة: "وإسناده حسن"! فكأن بصره انتقل حين نقله من "الفيض" إلى تحسين المنذري. ولذلك؛ تعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" (3/ 264) بأن تحسينه إياه باطل؛ إذ كيف يكون حسناً؛ وفي سنده من أحاديثه موضوعة؟! (1)   (1) العبارة في أصل الشيخ المؤلِّف - رحمه الله -: " ... كيف يكون مرفوعاً من في سنده أحادثيه موضوعة "، ولعل الصواب ما أثبتناه. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 440 لكن الغماري بدوره لم يتنبه للانقطاع الذي في سند "الكبير" ولا لمخالفة متنه للمرفوع!! 5279 - (1) (يخرج خلق من أهل النار، فيمر الرجل بالرجل من أهل الجنة فيقول: يا فلان! ألا تعرفني؟! فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا الذي استوهبتني وضوءاً؛ فوهبت لك؛ فيشفع فيه، ويمر الرجل فيقول: يا فلان! أما تعرفني؟! فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا الذي بعثتني في حاجة كذا وكذا؛ فقضيتها لك؛ فيشفع له فيشفع فيه) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (290-291) من طريق الفضل بن حماد: أخبرنا مسدد: أخبرنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد الرقاشي - وهو ابن أبان القاص - ضعيف. وبقية رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الفضل بن حماد - وهو الواسطي -؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 352) : "في إسناده نظر". وقال الذهبي: "فيه جهالة". قلت: لكنه قد توبع؛ فأخرجه ابن ماجه (3685) من طريق وكيع عن الأعمش به نحوه.   (1) كذا الترقيم في أصل الشيخ - رحمه الله - فلم يذكر الرقم (5278) . (الناشر) الحديث: 5279 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 441 وقد سبق في هذه "السلسلة" (93) . وانظر كذلك (5186) ، و "الترغيب" (2/ 50-51) ، و"المشكاة" (5604) . وقد روي بإسناد آخر عن أنس، وهو الآتي بعده: 5280 - (إذا كان يوم القيامة؛ جمع الله أهل الجنة صفوفاً، وأهل النار صفوفاً، قال: فينظر الرجل من صفوف أهل النار إلى الرجل من صفوف أهل الجنة، فيقول: يا فلان! أما تذكر يوم صنعت إليك في الديا معروفاً؟! فيأخذ بيده، فيقول: يا رب! إن هذا اصطنع إلي في الدنيا معروفاً، فيقال له: أدخله الجنة برحمتي) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (290) من طريق الحسين بن علي بن الوليد الفسوي: أخبرنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت أبا بكر بن عياش يحدث عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته الأخنسي هذا؛ قال الذهبي: "قال البخاري: يتكلمون فيه. لكنه سماه محمداً. فقيل: هما واحد. وقال أبو زرعة: كوفي تركوه. وتركه أبو حاتم". وذكر له الحافظ في "اللسان" هذا الحديث من تخريج البيهقي في "البعث"؛ وقال: "تفرد به أحمد، وهو خبر منكر بهذا السند". الحديث: 5280 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 442 5281 - (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد برىء مما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن أتاه غير مصدق له؛ لم يقبل له صلاة أربعين ليلة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 394) : حدثنا محمد بن الحسن: حدثنا محمد بن [أبي] السري: حدثنا رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن قتادة إلا جرير، ولا عنه إلا رشدين، تفرد به محمد بن السري". قلت: وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن بن حسان الهاشمي مولاهم، أبو عبد الله بن أبي السري العسقلاني؛ مختلف فيه. قال الحافظ: "صدوق عارف، له أوهام كثيرة". قلت: وشيخه رشدين بن سعد ضعيف. وله أعله المنذري (4/ 52) ، ثم الهيثمي (5/ 118) . والحديث محفوظ دون الشطر الثاني منه؛ فهو منكر، وهو مخرج في "الإرواء" (2006) ، ثم أعيد تخريجه برقم (6523) وفيه فائدة زائدة. الحديث: 5281 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 443 5282 - (لو كان لأحدكم هذه السارية؛ لكره أن تجدع، كيف يعمد أحدكم فيجدع صلاته التي هي الله؟! أتموا صلاتكم؛ فإن الله لا يقبل إلا تاماً) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 40/ 2) من طريق خالد ابن يزيد العمري: حدثنا عبد الملك بن يحيى بن الزبير عن بلال بن يحيى بن طلحة عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: الحديث: 5282 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 443 "لم يروه عن بلال إلا عبد الملك، تفرد به خالد". قلت: وهو متفق على تضعيفه؛ بل كذبه بعضهم. قال الذهبي: "كذبه أبو حاتم، ويحيى. قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات"؛ ثم ذكر له عدة مناكير، قال في أحدها: "إنها من بلاياه". وساق له الحافظ في "اللسان" آخر؛ وقال: "فهذا من وضع خالد". وعبد الملك: هو ابن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 375) من رواية الوليد بن مسلم عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وفي ذهني أنه في "ثقات ابن حبان"، وليس هو تحت يدي الآن لأتحقق منه، فليراجعه من شاء (1) . ومن ذلك؛ تعلم أن المنذري وهم وهماً فاحشاً حين قال (1/ 182) - وتبعه الهيثمي؛ كما هي عادته (2/ 121) -: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن"!! 5283 - (خطوتان: إحداهما أحب الخطا إلى الله، والأخرى أبغض الخطا إلى الله، فأما الخطوة التي يحبها الله عز وجل؛ فرجل نظر إلى خلل في الصف فسده، وأما التي يبغض الله؛ فإذا أراد الرجل أن يقوم مد   (1) هو فيه (7 / 95) . (الناشر) الحديث: 5283 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 444 مد رجله اليمنى، ووضع يده عليها،وأثبت اليسرى، ثم قام) . ضعيف أخرجه الحاكم (1/ 272) ، وعنه البيهقي (2/ 288) من طريق أحمد بن الفرج: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم؛ فقد احتج بقية في الشواهد"! وأقره المنذري (1/ 175) ! ورده الذهبي بقوله: "قلت: لا؛ فإن خالداً عن معاذ منقطع". وأقول: وفيه علة أخرى؛ وهي أحمد بن الفرج؛ فإنه مع كونه ليس من رجال مسلم مطلقاً - لا في الأصول، ولا في الشواهد -؛ فقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، حتى كذبه محمد بن عوف الطائي. وقال ابن عدي: "لا يحتج به". ومشاه آخرون. ثم إن تصحيح الحاكم إياه على شرط مسلم منتقد من جهة أخرى، ذلك؛ أنه إذا كان مسلم احتج ببقية في الشواهد؛ فلا يكون الحديث على شرطه إذا تفرد به بقية؛ كما هو الشأن هنا؛ إلا إذا ذكر له الحاكم شاهداً، وذلك مما لم يفعله، فخرج الحديث عن كونه على شرط مسلم! فكيف وأحمد بن الفرج لم يخرج له مطلقاً؛ كما سبق؟! والشطر الثاني من الحديث؛ قد روي معناه عن ابن عباس ومجاهد: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 72/ 2) بإسنادين عنهما. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 445 وفي سند الأول: خصيف الجزري، وهو ضعيف. وفي الآخر محمد بن علي السلمي عن إبراهيم بن معبد، ولم أعرفهما. 5284 - (أمرنا أن نصلي من الليل ما قل وكثر، ونجعل آخر ذلك وتراً) . ضعيف أخرجه البزار (ص 78 - زوائده) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 61/ 2) من طريق سلام بن أبي خبزة: حدثنا يونس عن الحسن عن سمرة قال: ... فذكره مرفوعاً. وقال البزار: "تفرد به سلام، وهو بصري ضعيف قدري". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علتان: الأولى: عنعنة الحسن البصري. والأخرى: سلام هذا متروك؛ قال ابن المديني: "يضع الحديث". وقال النسائي: "متروك". وقال الدارقطني: "ضعيف". قلت: لكنه قد توبع؛ فقال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 33 - المكتبة الأثرية) : حدثنا محمد بن يحيى: حدثنا صفوان بن عيسى عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن به. الحديث: 5284 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 446 قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إن كان إسماعيل بن مسلم هذا هو البصري العبدي؛ وإن كان هو المكي؛ فضعيف، ولم يذكرهما الحافظ المزي في شيوخ صفوان بن عيسى. والله أعلم. وسواء كان هذا أو ذاك؛ فعلة عنعنة الحسن لا تزال قائمة. وللحديث طريق أخرى؛ فقال البزار: حدثنا خالد بن يوسف: حدثنا أبي: حدثنا جعفر بن سعد عن [خبيب بن] سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده سمرة ابن جندب به. قلت: ولكنها طريق هالكة؛ خالد بن يوسف ضعيف. وأبوه يوسف - وهو ابن خالد السمتي - شر منه، قال الذهبي في ترجمة ابنه خالد: "أما أبوه؛ فهالك، وأما هو؛ ضعيف". ومن فوقهما ليس فيهم ثقة، وقد تكلمت عليهم في "صحيح أبي داود" تحت الحديث (480) . 5285 - (لا بد من صلاة بليل، ولو حلب ناقة، ولو حلب شاة، وما كان بعد صلاة العشاء الآخرة؛ فهو من الليل) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 39/ 2) من طريق محمد ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن إياس بن معاوية المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. الحديث: 5285 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 447 قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: عنعنة ابن إسحاق. وبها أعله الهيثمي - وأشار إلى ذلك المنذري (1/ 217) -، فقال الهيثمي (2/ 252) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات"! قلت: وفاتتهما علة ثانية؛ وهي: الأخرى: الإرسال أوالإعضال، وذلك؛ لأن المزني هذا ليس صحابياً؛ كما توهم الطبراني فأورد الحديث في ترجمته من "المعجم"؛ وتبعه على ذلك المنذري حين لم ينبه على ذلك، وتبعه الهيثمي! إلا أن الأول زاد في الإيهام بأن قرن الترضي عليه باسمه فقال: "وعن إياس بن معاوية المزني رضي الله عنه ... "! قلت: وإنما هو تابعي صغير؛ قال الحافظ في "القسم الرابع" من "الإصابة": "وقد وهم من جعله صحابياً، وهو تابعي صغير، مشهور بذلك، وهو إياس القاضي المشهور بالذكاء، مات سنة إحدى وعشرين ومئة، وقيل: سنة اثنتين وعشرين". من أجل ذلك صرح الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 328) بأنه مرسل. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "التهجد" (1/ 3) : حدثنا إسحاق بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 448 إسماعيل: حدثنا سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره باللفظ الآخر: "ولو قدر حلب شاة ... " دون ما بعده. وهذا إسناد صحيح؛ لكنه مرسل، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إسحاق ابن إسماعيل - وهو الطالقاني -، وهو ثقة. 5286 - (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله إلا هو؛ عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم؛ سبع مرات؛ كفاه الله ما أهمه، صادقاً كان أو كاذباً) . منكر أخرجه أبو داود (5081) - عن يزيد بن محمد الدمشقي -، وابن عساكر في "التاريخ" (10/ 146/ 2) - من طريق أبي زرعة وإبراهيم بن عبد الله بن صفوان - ثلاثتهم قالوا: حدثنا عبد الرزاق بن عمر بن مسلم - زاد يزيد بن محمد الدمشقي: وكان من ثقات المسلمين من المتعبدين -: أخبرنا مدرك بن أبي سعد (وقال يزيد: ابن سعد، شيخ ثقة) عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: ... فذكره موقوفاً عليه. وخالفهم أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق المقرىء فقال: أخبرنا جدي عبد الرزاق ابن عمر بإسناده المذكور عن أبي الدرداء مرفوعاً. أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 71) ، وابن عساكر (10/ 157/ 1) من طريقين عنه؛ إلا أن ابن السني لم يذكر فيه قوله: "صادقاً كان أو كاذباً". الحديث: 5286 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 449 وكذلك لم يذكر هذه الزيادة في رواية أبي داود الحافظ ابن كثير في "التفسير"، والسيوطي في "الدر المنثور" (3/ 297) . ولما ذكرها ابن كثير من رواية ابن عساكر الأولى الموقوفة؛ قال: "وهذه زيادة غريبة". ثم قال في حديث ابن عساكر هذا المرفوع - وفيه الزيادة -. "وهذا منكر، والله أعلم". وجملة القول في هذا الحديث: أن إسناد الموقوف رجاله ثقات، بخلاف المرفوع؛ فإن مداره على أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق المقرىء، ولم أعرفه، ولا ذكره ابن الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء". ومع ذلك؛ فقد خالف الثقات الذين أوقفوه؛ كما رأيت، فحري بمثله أن يكون ما رفعه منكراً. وأما قول المنذري في "الترغيب" (1/ 227) : "رواه أبو داود هكذا موقوفاً، ورفعه ابن السني وغيره، وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، فسبيله سبيل المرفوع"! فأقول: ذلك من الممكن بالنسبة لأصل الحديث، بخلاف الزيادة؛ فإنها غريبة منكرة؛ كما قال ابن كثير، وهو ظاهر جداً؛ إذ لا يعقل أن يؤجر المرء على شيء لا يصدق به، بل هذا شيء غير معهود في الشرع. والله أعلم. ثم رأيت الحديث قد روي مرسلاً بلفظ: "من قال: حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم؛ قال الله عز وجل: لأكفين عبدي؛ صادقاً كان أو كاذباً". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 450 أخرجه الطبراني في "الدعاء" (ق 118/ 2) ، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (235/ 1) من طريق هشام بن عمار: حدثنا مدرك بن أبي سعد الفزاري عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ على ضعف في هشام بن عمار؛ فإنه كان يتلقن. فهذه على أخرى في الحديث؛ وهي الإرسال والاضطراب في متنه. والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما المقدسي فقال: "هذا حديث مرسل، ورجاله كلهم ثقات"! 5287 - (يا علي! ألا أعلمك دعاءً إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك؛ فيستجاب لك بإذن الله، ويفرج عنك؛ توضأ وصل ركعتين، [واحمد الله، وأثن عليه، وصل على نبيك، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قل: اللهم! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم! كاشف الغم، مفرج الهم، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما! فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها، رحمةً تغنيني بها عن رحمة من سواك] ) (1) .   (1) ما بين المعكوفتين لم يذكره الشيخ - رحمه الله - في أصله، وإنما أشار إليه بالنقط ثم قال: " وتمامه في " الترغيب " للمنذري (1 / 243) ". (الناشر) الحديث: 5287 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 451 منكر. أخرجه الأصبهاني (2/ 534/ 1278 - ط) عن إسحاق بن الفيض: أخبرنا المضاء: حدثني عبد العزيز عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم: 1- إسحاق بن الفيض؛ لم أعرفه، ولم أره في شيء من كتب الرجال التي عندي، ولا في "تاريخ بغداد"، ولم يذكره الذهبي ولا العسقلاني فيمن روى عن مضاء. وكذلك صنع قبلهما ابن أبي حاتم الرازي. 2- المضاء: هو ابن الجارود الدينوري؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 403) عن أبيه: "شيخ دينوري، ليس بمشهور، محله الصدق". وعقب عليه الحافظ ابن حجر في "اللسان" بقوله: "ورأيت له خبراً منكراً، أخرجه الإمام الرافعي في "تاريخ قزوين" في ترجمة الحسن بن الحسين بن هبةالله ... ". ثم ساق له حديثاً آخر غير هذا. 3- عبد العزيز؛ لم أعرفه أيضاً! ومن المحتمل أنه عبد العزيز بن زياد العمي البصري الوزان، سمع قتادة؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 382) : "قال أبي: أثنى عليه عبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي خيراً، وكان عنده حديثان منقطعان، وهو مجهول". وتبعه الذهبي على تجهيله إياه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 452 ويحتمل أنه غيره، فقال في "الميزان": "عبد العزيز بن سلمة؛ شيخ، عداده في التابعين؛ مجهول. وكذا عبد العزيز عن قتادة". وبالجملة؛ فالحديث ضعيف مظلم، فلا أدري كيف سكت عنه المنذري؟! وقبله حديث آخر عنده من رواية ابن أبي أوفى، وفيه متروك متهم؛ كما بينته في تعليقي عليه. 5288 - (من كان يؤمن بالله ورسوله؛ فليؤد زكاة ماله، ومن كان يؤمن بالله ورسوله؛ فليقل حقاً أو ليسكت، ومن كان يؤمن بالله ورسوله؛ فليكرم ضيفه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 433-434/ 13561) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك الحلبي قال: سمعت مجاهداً يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ وقد مضى به عدة أحاديث، فانظر رقم (5087) . وقال الهيثمي (3/ 65) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو ضعيف"! قلت: وهذا تقصير واضح؛ فإن فوقه أيوب بن نهيك الحلبي؛ وهو أسوأ منه الحديث: 5288 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 453 حالاً؛ فإن الحافظ لما ترجم لأيوب في "اللسان"، وساق له من مناكيره حديثاً آخر غير هذا، وقد مضى برقم (5087) من رواية يحيى أيضاً عنه؛ ثم قال عقبه: "ويحيى ضعيف؛ لكنه لا يحتمل هذا". والحديث؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (1/ 264) . 5289 - (كان مما ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي بالليل، وينساه بالنهار، فأنزل الله عز وجل: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)) . ضعيف أخرجه ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي: أخبرنا ابن نفيل: أخبر محمد ابن الزبير الحراني عن الحجاج - يعني: الجزري - عن عكرمة عن ابن عباس قال: ... فذكره. وقال: قال لي أبو جعفر بن نفيل: ليس هو الحجاج بن أرطأة، هو شيخ لنا جزري. قلت: وهذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله، وله علتان: الأولى: الحجاج هذا: هو الرقي؛ فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، فقال (1/ 2/ 169) : "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا أعرفه". والأخرى: محمد بن الزبير هذا، وهو إمام مسجد حران؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 259) : "سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بالمتين. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: في الحديث: 5289 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 454 حديثه شيء". وقال ابن عدي: "منكر الحديث". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! 5290 - (كان يصلي قبل الجمعة أربعاً، وبعدها أربعاً، يجعل التسليم في آخرهن ركعة) . منكر أخرجه ابن حبان في "الثقات" - كما في "اللسان" (5/ 245) -، والطبراني في "معجمه الأوسط" (رقم 1612 - مصورتي) من طريق خليفة: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السهمي: حدثنا حصين عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير السهمي هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 326) عن أبيه: "ليس بمشهور". وذكر له البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 162) حديثاً آخر، وقال عقبه: "لا يتابع عليه". وفي "اللسان": "وقال يحيى بن معين: ضعيف. ونقله ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات" ... "، ثم ساق له هذا الحديث. وترجمه ابن عدي، فروى قول البخاري المتقدم فيه بلفظ: "لا يتابع في حديثه"؛ ثم ساق له حديثين آخرين، أحدهما هذا؛ لكنه بلفظ الحديث: 5290 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 455 آخر؛ أخرجه (359/ 1) من طريق محمد بن المثنى: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السهمي - بصري -: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النهار بعد المكتوبة؟ قال: ومن يطيق ذلك؟! ... فذكره. وقال: "وهذا رواه عن أبي إسحاق جماعة، ولمحمد غير ما ذكرت، وهو عندي لا بأس به". قلت: وهذا اللفظ الذي ساقه ابن عدي هو معروف؛ كما أشار إلى ذلك ابن عدي من رواية جماعة عن أبي إسحاق، وهو حديث فيه طول: أخرجه الإمام أحمد وغيره، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات، وبعد الظهر ركعتين. وقد أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (489-490- بتحقيقي) من طرق عن أبي إسحاق به. فلعل السهمي اضطرب فيه؛ فرواه مرة هكذر على الصواب؛ كما رواه الجماعة عن أبي إسحاق، ومرة رواه كما في حديث الترجمة، فجعل (الجمعة) مكان (الظهر) ، و (الركعتين بعد الظهر) (أربعاً بعد الجمعة) ، وذلك مما يدل على ضعفه وقلة ضبطه. على أنه من الممكن أن يكون هذا الاختلاف ليس منه؛ وإنما من أحد الراويين عنه: خليفة - وهو ابن خياط العصفري -، ومحمد بن المثنى. فإن كان كذلك؛ فرواية الثاني منهما أرجح؛ لأنه ثقة ثبت، احتج به الستة، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 456 بخلاف الأول؛ فإنه صدوق ربما أخطأ؛ كما في "التقريب"، ولم يحتج به إلا البخاري. قلت: وهذا كله يؤكد ما كنت ذهبت إليه تحت الحديث (1001) من الشك في ثبوت حديث الترجمة، وأن المعروف إنما هو ما رواه الجماعة عن أبي إسحاق بلفظ: "الظهر"، لا: "الجمعة". فمن جود إسناده - كما سبق هناك - أو حسنه - كما فعل أحد المعاصرين المجهولين في رده علي (1/ 15) -؛ فإنما هو بالنظر إلى ظاهر إسناده؛ مع تساهل ظاهر في توثيق السهمي، دون نظر أو علم بالاضطراب في متنه، أو الاختلاف على السهمي. والله أعلم. وقد روي الحديث عن ابن مسعود دون قوله: يجعل التسليم ... وقد مضى برقم (1016) . 5291 - (كلوا، ولا تكسروا عظماً) . منكر أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 324) : حدثنا عبد الله ابن محمد بن جعفر - إملاءً وقراءة - قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا أبو برة محمد بن أبي هاشم - مولى بني هاشم - بمكة قال: أبو كعب البداح بن سهل الأنصاري عن أبيه سهل بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: أتى جابر بن عبد الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه، فرد السلام، قال: فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متغيراً، وما أحسب وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغير إلا من جوع، فأتيت منزلي، فقلت للمرأة: ويحك! لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت الحديث: 5291 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 457 عليه، فرد علي السلام ووجهه متغير، وما أحسب وجهه تغير إلا من الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: والله! ما لنا إلا هذا لك أن نذبح الداجن وتضعين ما كان عندك، ثم نحمله إلى رسول الله؟ قالت: أفعل من ذلك ما أحببت. قال: فذبحت الداجن، وصنعت ما كان عندها، وطحنت وخبزت وطبخت، ثم ثردنا في جفنة لنا، فوضعت الداجن، ثم حملتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعتها بين يديه، فقال: "ما هذا يا جابر! "، قلت: يا رسول الله! أتيتك، فسلمت عليك، فرأيت وجهك متغيراً، فظننت أن وجهك لم يتغير إلا من الجوع، فذبحت داجناً كانت لنا، ثم حملتها إليك. قال: "يا جابر! اذهب، فاجمع لي قومك"، قال: فأتيت أحياء العرب، فلم أزل أجمعهم، فأتيته بهم. فقال: "أدخلهم علي أرسالاً". فكانوا يأكلون منها، فإذا شبع قوم خرجوا ودخل آخرون، حتى أكلوا جميعاً، وفضل في الجفنة شبه ما كان فيها، وكان يقول: ... (فذكره) . ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع العظام في وسط الجفنة، فوضع يده عليها، ثم تكلم بكلام لم أسمعه؛ إلا أني شفتيه تتحركان، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها، فقال لي: "خذ شاتك يا جابر! بارك الله لك فيها". فأخذتها ومضيت وإنها لتنازعني أذنها؛ حتى أتيت بها البيت، فقالت لي المرأة: ما هذه يا جابر؟! قلت: والله! شاتنا التي ذبحناها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دعا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 458 الله فأحياها. قالت: أنا أشهد أنه لرسول الله، أنا أشهد أنه لرسول الله، أنا أشهد أنه لرسول الله. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ سهل بن عبد الرحمن، وابنه البداح، ومحمد بن أبي هاشم لم أجد لهم ترجمة في شيء من كتب التراجم التي عندي. وأما عبد الرحمن بن حماد؛ فالظاهر أنه أبو سلمة الشعيثي، له ترجمة في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 225-226) ، وقال: "سألت أبي عنه؟ فقال: ليس بالقوي، كدت أن أدركه. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: بصري لا بأس به". وأما عبد الله بن محمد بن جعفر؛ فهو الحافظ المشهور بأبي الشيخ ابن حيان؛ وهو ثقة؛ يكثر عنه أبو نعيم، توفي سنة (369) . وقد ظن الدكتور محمد خليل هراس - رحمه الله - في تعليقه على "الخصائص الكبرى" للسيوطي (2/ 283) أنه غيره؛ فقال مبيناً حاله: "قال في "الميزان": قال ابن المقرىء: رأيتهم يضعفونه وينكرون عليه أشياء. وقال الحاكم عن الدارقطني: كذاب، ألف كتاب "سنن الشافعي" وفيها نحو مئتي حديث لم يحدث بها الشافعي"!! قلت: وهذا إنما قاله الذهبي في ترجمة عبد الله بن محمد بن جعفر أبي القاسم القزويني القاضي، وذكر أنه توفي سنة خمس عشرة وثلاث مئة، وهو قطعاً ليس شيخ أبي نعيم في هذا الحديث؛ لأن أبا نعيم لم يدركه؛ فإنه ولد سنة (336) ؛ أي: بعد وفاة القزويني بإحدى وعشرين سنة! فلم يبق إلا أنه أبو الشيخ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 459 ابن حيان؛ كما ذكرنا. ولا غرابة في أن يقع الدكتور الهراس - رحمه الله - في هذا الخطأ؛ فإنه ليس من العلماء في هذا الشأن، وإنما الغريب أن يقع فيه م له معرفة به؛ ألا وهو ابن عراق في "تنزيه الشريعة"؛ كما كنت بينت ذلك في حديث آخر تقدم برقم (265) . ونحو ذلك؛ قول الحافظ ابن حجر في رسالة "من عاش بعد الموت" (ق 18/ 2) : "وهذا الإسناد لا بأس به، وهو أصرح ما رأيته في هذا الباب"! مع أنه قد قال - قبل ذلك مباشرة -: "أصل هذا الحديث في "الصحيح" باختصار، وليس فيه قصة إحياء الشاة". قلت: فإذا كان كذلك؛ أفلا تكون القصة منكرة، أو على الأقل شاذة؛ لمخالفتها لما رواه الثقات الذين لم يذكروها في حديث جابر؟! وقد أخرجه البخاري في "مغازي الصحيح"، وغيره؛ كالفريابي في "دلائل النبوة"، والبيهقي أيضاً (1/ 1/ 131/ 1-136/ 2) ، وأحمد (3/ 377) من طرق عن جابر؛ دون ذكر إحياء الشاة. ومن هذا التخريج والتحقيق؛ يتبين لك خطأ الشيخ حسن مرزوق الميداني (والظاهر أنه المعروف بحبنكة) في تقويته للقصة بقوله: "وقد ثبت في حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع عظام الداجن بعد الأكل، فوضع يده عليها، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 460 5293 - (1) (تعلموا العلم؛ فإن تعليمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل أهل الجنة، وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء؛ يرفع الله به أقواماً؛ فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم، ويقتدى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه؛ لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم؛ يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام؛ هو إمام العمل والعمل تابعه، ويلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء) . موضوع أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (1/ 54-55) من طريق موسى بن محمد بن عطاء القرشي قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن الحسن عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع، وله آفتان: الأولى: عبد الرحيم بن زيد العمي؛ فإنه متروك.   (1) كذا الترقيم في أصل الشيخ - رحمه الله - فلم يذكر الرقم (5292) (الناشر) الحديث: 5293 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 461 والأخرى: ابن عطاء القرشي هذا: هو الدمياطي البلقاوي المقدسي؛ قال الذهبي في "الميزان": "أحد التلفى". وقال في "المغني": "كذاب، متهم". وقال ابن حبان وغيره: "كان يضع الحديث". وقال ابن عدي: "كان يسرق الحديث". قلت: وقد رواه المسيب بن شريك عن حميد عن أنس مرفوعاً به. أخرجه الدواليبي في "فضل العلم" (رقم 3 - نسختي) بإسناده إلى الحسن ابن علي المكتب عن المسيب به. والحسن بن علي المكتب لم أعرفه. لكن الآفة من شيخه المسيب؛ فإنه متروك! ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة على حديثه. وقال الساجي وغيره: "متروك الحديث". ونقل الفلاس الإجماع على ذلك. قلت: فلا يبعد أن يكون البلقاوي سرقه منه؛ وركب له إسناداً آخر إلى معاذ. على أن الحسن لم يسمع منه؛ ولوائح الوضع والتركيب ظاهرة على الحديث. وأما قول ابن عبد البر عقبه: "وهو حديث حسن جداً؛ ولكن ليس له إسناد قوي، ورويناه من طرق شتى موقوفاً"!! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 462 قلت: ثم ساق إسناد أحدها، وفيه أبو عصمة نوح بن أبي مريم، وهو وضاع! وقال المنذري في "الترغيب" (1/ 54) عقبه: "كذا قال - رحمه الله -! ورفعه غريب جداً". 5294 - (إن للصلاة المكتوبة عند الله وزناً؛ من انتقص منها شيئاً حوسب به فيها على ما انتقص) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (4/ 475) من طريق سليمان بن محمد عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن محمد بن عبد الرحمن الأسدي عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته أبو بكر هذا؛ قال أحمد وغيره: "كان يضع الحديث". وقال الحاكم: "يروي الموضوعات عن الأثبات - مثل هشام بن عروة وغيره -". الحديث: 5294 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 463 5295 - (من قرأ عشر آيات في ليلة؛ كتب من المصلين، ولم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية؛ كتب من الحافظين، ومن قرأ مئة آية؛ كتب من القانتين، ومن قرأ ثلاث مئة آية؛ لم يحاجه القرآن في تلك الليلة، ويقول ربك عز وجل: لقد نصب عبدي في، ومن قرأ ألف آية؛ كان له قنطار؛ القيراط منه خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة؛ قيل له: اقرأ وارق، فكلما قرأ آية؛ صعد درجة حتى ينتهي إلى ما معه، يقول الله عز وجل له: اقبض بيمينك على الخلد، وبشمالك الحديث: 5295 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 463 على النعيم) . منكر رواه ابن عساكر (15/ 75/ 1) عن أحمد بن المعلى: حدثنا محمد بن تمام (الأصل: ابن خليل) : حدثنا ابن عياش عن يحيى بن الحارث: حدثني القاسم أبو عبد الرحمن عن فضالة بن عبيد وتميم الداري مرفوعاً. قال: وحدثني محمد بن تمام اللخمي: حدثني منبه عن صدقة - وهو ابن عبد الله - عن يحيى بن الحارث عن القاسم به. أورده في ترجمة محمد بن تمام اللخمي هذا؛ وقال فيه: "من أهل دمشق، حدث عن منبه بن عثمان. روى عنه ابن المعلى وعلي بن محمد ومحمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال. قال أبو عبد الله بن منده: مات محمد بن تمام بعد الستين؛ يعني: ومئتين". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: فهو من المستورين الذين يستشهد بهم في المتابعات، ولا يحتج بهم استقلالاً لجهالة حالهم؛ لا سيما عند المخالفة. وهنا قد خالفه محمد بن بكير الحضرمي فقال: أخبرنا إسماعيل بن عياش به مختصراً بلفظ: "من قرأ عشر آيات في ليلة؛ كتب له قنطار من الأجر، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة ... " والباقي مثله. أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 63/ 1) و "الأوسط" (1/ 62/ 2 - مجمع البحرين) ، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 464 "لا يروى عن فضالة وتميم إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسماعيل". قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن إسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين مقبوله؛ كما قال المنذري (2/ 221-222) وتبعه الهيثمي (2/ 267) ، وهذه منها. ومحمد بن بكير الحضرمي - وهو ابن بكير بن واصل - وثقه يعقوب بن شيبة وغيره؛ كما في "تاريخ بغداد" (2/ 95-96) ، فروايته مقدمة على رواية ابن تمام. 5296 - (من قال إذا أصبح: سبحان الله وبحمده ألف مرة؛ فقد اشترى نفسه من الله، وكان في آخر يومه عتيق الله) . ضعيف أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 831/ 918) ، والطبراني في "الأوسط" (ص 435 - مجمع البحرين، مصورة الجامعة الإسلامية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 79/ 2) عن الحارث بن أبي الزبير المدني: حدثني أبو يزيد اليمامي عن طاوس بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن طاوس إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو إسناد مظلم؛ فإن طاوس بن عبد الله لم أجد له ترجمة، مع أن الحافظ المزي قد ذكره في الرواة عن أبيه عبد الله! ومثله أبو يزيد اليمامي. وأما الحارث بن أبي الزبير؛ فقال الأزدي: الحديث: 5296 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 465 "ذهب علمه". قلت: لكن روى عنه أبو زرعة، وهو لا يروي إلا عن ثقة؛ فقد قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 75) : "حدثنا عنه الحسن بن عرفة وأبو زرعة. سألت أبي عنه؟ فقال: هو شيخ؛ بقي حتى أدركه أبو زرعة وأصحابنا وكتبوا عنه". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: فعلة الحديث من اللذين فوقه أو أحدهما. وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (10/ 114) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه من لم أعرفه". ولذلك؛ أشار المنذري (1/ 231) إلى تضعيف الحديث؛ وعزاه للخرائطي أيضاً. ولم يعزه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 806) إلا إليه! وقيده بـ "مكارم الأخلاق"! واعلم أن هذا العدد (الألف) هو أكثر ما وقفت عليه مما روي في الذكر، وثمة حديث آخر جاء في التهليل ألف مرة، ولكنه منكر، والمحفوظ: "مئة مرة إذا أصبح، ومئة مرة إذا أمسى". كما هو مبين في "الصحيحة" (2762) . وأما أكثر من ذلك؛ فهو من مبتدعات الصوفيين والطرقيين! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 466 وأما حديث: "من قال: لا إله إلا الله سبعين ألفاً؛ فقد اشترى نفسه من الله تعالى"! فقد قال الحافظ ابن حجر - وقد سئل عنه -: "ليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف، بل هو باطل موضوع، لا تحل روايته إلا مقروناً ببيان حاله". نقله الشيخ محمد بن أحمد نجم الدين الغيطي في "الابتهاج في الكلام على الإسراء والمعراج" (5/ 1) ، ثم علق عليه بقوله: "لكن ينبغي للشخص أن يفعلها اقتداءً بالسلف (!) ، وامتثالاً لقول من أوصى بها، وتبركاً بأفعالهم" (!) كذا قال! ويعني بـ (السلف) هنا: مشايخ الصوفية، وبـ (من أوصى بها) : ابن عربي - النكرة -، كما ذكر هو نفسه قبيل الحديث. فانظر أيها المسلم! كيف جعل كلام هؤلاء وفعلهم بمنزلة كلام الله تعالى، وكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله؟! والله عز وجل يقول: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدينا ما لم يأذن به الله". وأما ما رواه إبراهيم بن الحكم: حدثني أبي: حدثنا أبان بن أبي عياش، قال: من قال: لا إله إلا الله مئتي مرة؛ بعثه الله يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر. أخرجه الأصبهاني (ق 256/ 2) ! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 467 فهو مع كونه مقطوعاً موقوفاً على أبان بن أبي عياش؛ فهو نفسه متروك. وإبراهيم بن الحكم ضعيف. وأبوه خير منه. 5297 - (من قال حين يصبح - ثلاث مرات -: اللهم! لك الحمد لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصاً لك ديني، إني أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت، أتوب إليك من شر عملي، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت، فإن مات في ذلك اليوم دخل الجنة. وإن قال حين يمسي - ثلاث مرات -: اللهم! لك الحمد لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت، أتوب إليك من شر عملي، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت، فمات في تلك الليلة دخل الجنة. ثم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحلف على غيره، يقول: والله! ما قالها عبد في يوم فيموت في ذلك اليوم؛ إلا دخل الجنة، وإن قالها حين يمسي فتوفي في تلك الليلة؛ دخل الجنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 438) : حدثنا بكر: حدثنا عمرو بن هاشم: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور: حدثني يحيى بن حارث الذماري عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. ثم قال: الحديث: 5297 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 468 "لم يروه عن يحيى إلا محمد بن شعيب، تفرد به عمرو بن هاشم". قلت: وهو البيروتي، وهو صدوق يخطىء؛ كما في "التقريب". والراوي عنه - بكر - هو ابن سهل الدمياطي؛ ضعفه النسائي. وعلي بن يزيد - وهو الألهاني الدمشقي - مثله في الضعف أو أسوأ. وبه أعله الهيثمي، فقال (10/ 114) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف". ولذلك؛ أشار المنذري (1/ 231) إلى تضعيف الحديث. 5298 - (جاءني جبريل بدعوات فقال: إذا نزل بك أمر من أمر دنياك؛ فقدمهن، ثم سل حاجتك: يا بديع السماوات والأرض! يا ذا الجلال والإكرام! يا صريخ المستصرخين! يا غياث المستغيثين! يا كاشف السوء! يا أرحم الراحمين! يا مجيب دعوة المضطرين! يا إله العالمين! بك أنزل حاجتي، وأنت أعلم؛ فاقضها) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (3/ 327) من طريق محمد ابن زكريا البصري: أخبرنا الحكم بن أسلم: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي الحصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن زكريا هذا - وهو الغلابي -؛ قال الدارقطني: الحديث: 5298 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 469 "يضع الحديث". والحكم بن أسلم صدوق؛ كما في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 114) . ومن فوقه من رجال البخاري؛ على ضعف في أبي بكر بن عياش. (تنبيه) : قال المنذري في تخريج الحديث (1/ 244) : "رواه الأصبهاني، وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وله شواهد كثيرة"! قلت: فوهم في أمرين: الأول: أنه أعله بإسماعيل بن عياش! وإنما هو أبو بكر بن عياش. والآخر: أنه خفي عليه علته الحقيقية القادحة؛ وهي الغلابي. وأما قوله: "وله شواهد كثيرة". فالظاهر أنه يشير إلى حديث أنس عند الأصبهاني أيضاً بلفظ آخر؛ ذكره هو قبل هذا بحديث، وقد سبق تخريجه برقم (5287) ، وإلى حديث ابن أبي أوفى الذي ذكره قبل حديث أنس، وهو حديث ضعيف جداً؛ فيه فائد بن عبد الرحمن ابن أبي الورقاء؛ وهو متروك؛ كما قال المنذري نفسه. 5299 - (الساعة التي في يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس) . منكر أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 453) عن هانىء بن خالد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 5299 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 470 قلت: وهذا إسناد مظلم، أورده في ترجمة هانىء هذا؛ وقال: "بصري. حديثه غير محفوظ، وليس بمعروف بالنقل، ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". قلت: وشيخه والليث فوقه؛ كلاهما ضعيف أيضاً. (تنبيه) : هكذا وقع الحديث في نسخة "الضعفاء": "إلى غروب الشمس". وفي "اللسان" نقلاً عنه بلفظ: "إلى طلوع الشمس". وهذا أقرب إلى الصواب، ولكني لا أستبعد صحة لفظ النسخة مع سقط في المتن؛ فقد ذكر المنذري في "الترغيب" (1/ 251-252) عن أبي هريرة أنه قال: إن ساعة الجمعة: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. هكذا ذكره موقوفاً، ولعله أصل هذا الحديث؛ وهم أحد رواته في رفعه. والله أعلم. وأكثر الأحاديث في ساعة الإجابة: أنها في آخر ساعة بعد صلاة العصر، وما يخالف ذلك من الأحاديث فلا يصح منها شيء. فراجع إن شئت "صحيح الترغيب" (700-703) ، و "ضعيف الترغيب" (428-431) . 5300 - (جهزوا صاحبكم؛ فإن الفرق (1) فلق كبده) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الخوف"، ومن طريقه الحاكم (2/   (1) هو الخوف. و (فلق) : شق. الحديث: 5300 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 471 494) وعن هذا: البيهقي في "الشعب" (1/ 530/ 936) : حدثني محمد ابن إسحاق بن حمزة البخاري: حدثنا أبي: حدثنا عبد الله بن المبارك: أنبأنا محمد بن مطرف عن أبي حازم أظنه عن سهل بن سعد: أن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار، فكان يبكي عند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه في البيت، فلما دخل عليه؛ اعتنقه الفتى وخر ميتاً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "هذا البخاري وأبوه؛ لا يدرى من هما؟! والخبر شبه موضوع"! وتعقبه الحافظ ابن حجر في "اللسان" بقوله: "قلت: بل إسحاق؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، فقال: إسحاق بن حمزة بن يوسف بن فروخ أبو محمد - من أهل بخارى -: روى عن أبي حمزة السكري وغنجار. روى عنه أبو بكر بن حريث وأهل بلده. وذكره الخليلي في "الإرشاد" وقال: كان من المكثرين من أصحاب غنجار. روى عنه البخاري، وإسحاق بن إبراهيم بن عمار، وعلي بن الحسين البخاريان". وأعاده في موضع آخر، فقال: "إسحاق بن حمزة الحافظ البخاري، الراوي عن غنجار. رضيه محمد بن إسماعيل البخاري، وأثنى عليه؛ لكنه لم يخرجه في تصانيفه". قلت: فالعلة - إذن - من ابنه محمد. وقد وجدت له طريقاً أخرى عند الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" الجزء: 11 ¦ الصفحة: 472 (ص 132 - الجامعة الإسلامية) من طريق ابن أبي الدنيا عن خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي عن أبي سنان عن الحسن عن حذيفة رضي الله عنه قال: ... فذكره، وزاد: "والذي نفسي بيده! لقد أعاذه الله عز وجل منها. من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف شيئاً هرب منه". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ خازم بن جبلة أورده الحافظ في "اللسان" بروايته عن خارجة بن مصعب، وقال: "قال محمد بن مخلد الدوري: لا يكتب حديثه". وشيخه أبو سنان؛ الظاهر أنه عيسى بن سنان القسملي، وهو لين الحديث؛ كما في "التقريب". 5301 - (يا أمة الله! أسفري؛ فإن الإسفار من الإسلام، وإن النقاب من الفجور) . منكر أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 346/ 2) : أخبرنا محمد بن محمد يعقوب - في كتابه إلينا -: أخبرنا عبد الله بن محمد الوراق البغدادي: أخبرنا يحيى بن أيوب المقابري: حدثني شيخ لبقية بـ (باب الشام) - يقال له: سعيد ابن حميد - عن قريبة بنت منيعة عن أمها: أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! النار النار. فقال: "ما نجواك! "، فأخبرته بأمرها وهي منتقبة. فقال: ... فذكره. قلت: وهذا متن منكر، وإسناد مظلم؛ قريبة هذه لم أجد أحداً ترجمها. الحديث: 5301 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 473 بل إن أمها (منيعة) لا تعرف إلا من طريقها، ولعله لذلك لم يوردها ابن عبد البر في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب"، ولا الحافظ في "الإصابة". وإنما أوردها ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 549-550) من رواية ابن منده - هذه - وأبي نعيم! وبمثل هذا الإسناد لا تثبت الصحبة، كما لا يخفى على أهل العلم. وسعيد بن حميد؛ الظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين، وقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 41) ، فقال: " ... الأسدي. روى عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبي اليسر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أنظر معسراً ... روى عنه عيسى بن يونس". قلت: فالظاهر أنه هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال. وأما عبد الله بن محمد الوراق البغدادي؛ فأورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/ 107) برواية ابن المنادي عنه في "كتاب الملاحم"، ولم يزد! فهو مجهول أيضاً. وأما محمد بن محمد بن يعقوب؛ فالظاهر أنه أبو الحسين النيسابوري المعروف بـ (الحجاجي) ، وهو حافظ ثقة ثبت، له ترجمة جيدة عند الخطيب (3/ 223-224) . هذا حال الحديث من حيث إسناده. وأما متنه؛ فهو منكر؛ لأنه مخالف لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين". رواه البخاري وغيره؛ فإنه يدل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 474 على إقرار تنقب المرأة غير المحرمة، وهذا ما كان عليه كثير من الصحابيات الفاضلات؛ فإنهن كن ينتقبن، ويسترن وجوههن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما شرحت ذلك قديماً في فصل خاص كنت عقدته في كتابي "حجاب المرأة المسلمة" تحت عنوان: "مشروعية ستر الوجه"؛ فليراجعه من شاء الاطلاع على الآثار الواردة في ذلك (ص 47-51) . 5302 - (إن جهنم لما سيق إليها أهلها؛ تلقتهم [بعنق] ؛ فلفحتهم لفحة، فلم تدع لحماً على عظم إلا ألقته على العرقوب) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 473) ، والبيهقي في "البعث" (ص 97- مصورة الجامعة 503) من طريق محمد بن سليمان الأصبهاني عن أبي سنان ضرار بن مرة عن عبد الله بن الهذيل عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال الطبراني: "تفرد به محمد بن سليمان". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الهيثمي (10/ 389) وغيره. وقد خالفه محمد بن فضيل، وسفيان الثوري؛ فروياه عن أبي سنان به موقوفاً على أبي هريرة؛ ولم يذكر سفيان أبا هريرة مطلقاً. ولذلك؛ قال المنذري في "الترغيب" (4/ 240) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، والبيهقي مرفوعاً، ورواه غيرهما موقوفاً عليه؛ وهو أصح". الحديث: 5302 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 475 5303 - (الشهيد يغفر له في أول دفقة من دمه، ويزوج حوراوين، ويشفع في سبعين من أهل بيته. والمرابط إذا مات في رباطه؛ كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة، وغدي عليه وريح برزقه، ويزوج سبعين حوراء، وقيل له: قف؛ فاشفع إلى يفرغ من الحساب) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 188/ 1 و 2/ 227 - مجمع البحرين) : حدثنا بكر بن سهل:أخبرنا عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هرية مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ابن جريج إلا عبد المجيد، تفرد به عبد الرحمن". قلت: ولم أجد له ترجمة. وشيخه - عبد المجيد - تكلموا فيه من قبل حفظه، وقد مضى له حديث برقم (975) . وبكر بن سهل؛ قال الذهبي: "مقارب الحال، قال النسائي: ضعيف". وبه أعله الهيثمي (5/ 293) ؛ فقصر! وإنما خرجت الحديث في هذا الكتاب من أجل قوله في آخره: "وقيل له: قف فاشفع، إلى أن يفرغ من الحساب". الحديث: 5303 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 476 وإلا؛ فسائره ثابت في أحاديث أخرى. أما الشطر الثاني منه؛ فقد روي من طريق أخرى عن أبي هريرة نفسه، وقد مضى تخريجه تحت الحديث المتقدم (4661) . وأما الشطر الأول؛ فله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 50) . 5304 - (إن الرجل لا يكون مؤمناً حتى يكون قلبه مع لسانه سواءً، ويكون لسانه مع قلبه سواءً، ولا يخالف قوله عمله، ويأمن جاره بوائقه) . ضعيف أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 9/ 1) من طريق أبي عوانة موسى بن يوسف بن موسى القطان الكوفي: أخبرنا سعيد بن أبي الربيع البصري: أخبرني حماد بن بشر بن عبد الله بن جابر العبدي: أخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد فيه نظر؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (1/ 78) ، ولعل وجه ذلك: جهالة حماد بن بشر! كذا في مسودتي بخط أحد الطلبة في الجامعة الإسلامية؛ الذي كان يكتب بعض الأحاديث التي أمليها عليه من كتاب الأصبهاني، فلا أدري أهكذا هو في الأصل، أم هو خطأ من الكاتب؟! والأصل لا يمكن الرجوع إليه الآن؛ فإنه في المدينة، وأنا في دمشق! أقول هذا؛ لأنني لم أجد في الرواة حماد بن بشر، وإنما حماد بن بشير، أورده الحديث: 5304 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 477 ابن أبي حاتم، فقال (1/ 2/ 133) : " ... الربعي. بصري، روى عن عمرو بن عبيد عن الحسن. روى عنه سعيد ابن أبي أيوب، وحيوة بن شريح". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 21) ؛ إلا أنه لم يذكر بينه وبين الحسن: عمرو بن عبيد. وكذلك صنع ابن حبان في "الثقات" (6/ 221) . قلت: فأنا أظن أنه هو راوي هذا الحديث؛ فإنه من هذه الطبقة تقريباً؛ ثم هو بصري كما رأيت، وكذلك من دونه كلاهما بصري: أما سعيد بن أبي الربيع البصري؛ فهو سعيد بن الربيع، وأداة الكنية: (أبي) مقحمة من الناسخ؛ فقد ذكره هكذا البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما؛ وهو أبو زيد الهروي البصري؛ قال أحمد: "شيخ ثقة؛ لم أسمع منه شيئاً، هو بصري". وقال أبو حاتم: "أبو زيد الهروي صدوق". وقال العجلي: "بصري ثقة". وأما موسى بن يوسف بن موسى القطان الكوفي أبو عوانة؛ فترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 167) برواية ثلاثة من الثقات، وقال: "سمعت منه، وكان صدوقاً". وجملة القول: أن علة هذا الإسناد من حماد بن بشر؛ فإنه إن كان ابن بشير الجزء: 11 ¦ الصفحة: 478 الربعي؛ فهو غير مشهور، وتوثيق ابن حبان إياه غير موثوق؛ لما عرف به تساهله في التوثيق، وفي سماعه حينئذ من أنس نظر. وإن كان غيره؛ فهو غير معروف. والله أعلم. 5305 - (إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة: لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، بيد كل واحد صحفتان، واحدة من ذهب، والآخرى من فضة، في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها، يجد لآخرها من الطيب واللذة مثل الذي يجد لأولها، ثم يكون ذلك كريح المسك الأذفر، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، إخواناً على سرر متقابلين) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 480) حدثنا محمد بن موسى الإصطخري: حدثنا الحسن بن كثير: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا نصر بن يحيى: حدثنا أبي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ محمد بن موسى الإصطخري روى له الطبراني في "الصغير" أيضاً، ومن المحتمل أنه الذي في "اللسان": "محمد بن موسى بن إبراهيم الإصطخري. شيخ مجهول، روى عن شعيب ابن عمران العسكري خبراً موضوعاً، كتبته في ترجمة الراوي عنه محمد بن أحمد ابن محمد بن إدريس البكراوي". والبكراوي - هذا - لم أجده عنده في "اللسان". والله أعلم! الحديث: 5305 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 479 والحسن بن كثير لم أعرفه! وفي "اللسان" ثلاثة كلهم يسمى الحسن بن كثير، وليس فيهم موثق، مع احتمال أن يكون ثالثهم هو المقصود هنا - وهو الحسن ابن كثير بن يحيى بن أبي كثير -، وهو ضعيف. ثم تأكدت أنه هو في تخريج حديث آخر له يأتي برقم (6900) . ونصر بن يحيى لم أجده فيما عندي من المصادر. وأبوه يحيى يحتمل أنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني؛ فقد ذكروا له رواية عن أنس؛ ولم يذكر الحافظ المزي ابنه نصراً هذا في جملة الرواة عنه. ثم رأيته منسوباً في الحديث المشار إليه هكذا: (نصر بن يحيى بن أبي كثير) ؛ فليس بالأنصاري، وإنما اليمامي؛ كما في حديث آخر، ولم أعرفه. فلا أدري وجه قول المنذري (4/ 250) : "رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني - واللفظ له -، ورواته ثقات"؟! وتبعه الهيثمي - كعادته -، فقال (10/ 401) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات! "! ولعل الحافظ وثق بتوثيقهما هذا؛ فقال في "الفتح" (6/ 324) : "أخرجه الطبراني بإسناد قوي"! وقد أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (1530) من طريق صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس به دون قوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 480 "إخواناً ... ". ولعل ابن أبي الدنيا أخرجه من هذه الطريق؛ فإن ابن القيم عزاه إليه في "حادي الأرواح" (2/ 36) ، وهي ضعيفة أيضاً؛ فإن كلاً من الرقاشي والمري ضعيف. ثم رأيته في "صفة الجنة" لابن أبي الدنيا (69/ 206) ؛ لكن دون قوله: "بيد كل واحد صحفتان ... " إلخ، ومن الطريق الذي ظننته، وقد سقط من الإسناد أوله، مع تحريف في اسم والد (صالح المري) . ومن طريقه وبتمامه: أخرجه الحسين المروزي في "زوائد زهد ابن المبارك" (536/ 1530) . وقد صح الطرف الأول منه موقوفاً؛ يرويه سعيد بن أبي عروبة - في قول الله سبحانه وتعالى: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب) - قال قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام، [كل] غلام على عمل ليس عليه صاحبه. أخرجه الحسين المروزي في "زوائد الزهد" أيضاً (1580) ، والبيهقي في "البعث" (207/ 412) ، وابن جرير الطبري في "التفسير" (29/ 136) ؛ وإسناده صحيح. وأبو أيوب: هو الأزدي. (تنبيه) : عزاه المعلق على "البعث" لابن المبارك بالرقم المذكور ‍‍‍! وهو خطأ، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 481 يقع فيه الناقل بسبب العجلة، أو الجهل بالفرق بين الأصل - "زهد ابن المبارك" - والزيادة عليه، وهما زيادتان: إحداهما: لحسين المروزي، وهذا يقع فيه الخطأ أكثر؛ لأنه في تضاعيف أحاديث أصله، ولا يتنبه له إلا بالنظر في السند. والآخر: لنعيم بن حماد، وهو متميز عن الأصل؛ لأنه ملحق بآخره. ولعله من الخطأ أيضاً عزو العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (10/ 541) إياه للحاكم في "المستدرك" وصححه؛ فإني لم أره فيه. والله أعلم. 5306 - (فخذ عبد الله بن خراش في جهنم مثل أحد، وضرسه مثل البيضاء. قال أبو هريرة: ولم ذاك يا رسول الله؟! قال: كان عاقاً لوالديه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7/ 438-439/ 6853) : حدثنا محمد بن ياسر الحذاء الدمشقي الجبيلي (1) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غنيم الكلاعي عن أبي غسان الضبي قال: خرجت أمشي مع أبي بظهر الحرة، فلقيني أبو هريرة فقال: من هذا؟ قلت: أبي. قال: لا تمش بين يدي أبيك، ولكن امش خلفه وإلى جنبه، ولا تدع أحداً يحول بينك وبينه، ولا تمش فوق إجار أبوك تحته، ولا تأكل عرقاً أبوك قد نظر إليه؛ لعله قد اشتهاه. ثم قال: أتعرف عبد الله بن خراش؟ قلت: لا. قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فخذه ... " الحديث، وقال:   (1) في أصل الشيخ - رحمه الله -: " الحنبلي "، والصواب ما أثبتناه؛ كما في " أنساب السمعاني "، والمطبوع، وغيرها. (الناشر) الحديث: 5306 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 482 "لم يروه عن أبي غسان إلا أبو غنم، تفرد به الوليد". قلت: الوليد بن مسلم يخشى منه تدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث بين شيخه أبي غنم الكلاعي وأبي غسان الضبي. وهذان ممن لم أجد من ترجم لهما. وهشام بن عمار كان إذا لقن؛ تلقن. ومحمد بن ياسر الحذاء الدمشقي؛ لم أجد له ترجمة، فلعله في "تاريخ ابن عساكر". من أجل ذلك؛ قال المنذري (4/ 239) : "رواه الطبراني بإسناد لا يحضرني". وأما الهيثمي؛ فقال (8/ 148) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وأبو غسان وأبو غنم - الراوي عنه - لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات"! 5307 - (ليس منا من حلف بالأمانة، وليس منا من خان امرأ مسلماً في أهله وخادمه. ومن قال حين يمسي وحين يصبح: اللهم! إني أشهدك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، أبوء بنعمتك علي، وأبوء بذنبي؛ فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب غيرك؛ فإن قالها من يومه ذلك حين يصبح فمات من ليلته؛ مات شهيداً) (1) . ضعيف جداً أخرجه أبو القاسم الأصفهاني في "الترغيب" (1/ 71)   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " الترغيب (1 / 225) ". (الناشر) . الحديث: 5307 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 483 من طريق محمد بن عقبة بن علقمة قال: قال عباد: حدثني ليث بن أبي سليم عن سليمان عن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ليث بن أبي سليم؛ وهو حمصي ضعيف؛ كان اختلط. الثانية: عباد - وهو ابن كثير الرملي الفلسطيني -؛ وهو ضعيف. الثالثة: الراوي عنه - محمد بن عقبة بن علقمة -؛ قال أبو حاتم وابنه فيه: "صدوق". لكن قال ابن حبان في ترجمة أبيه: "يعتبر حديثه من غير رواية ابنه محمد عنه؛ لأن محمداً كان يدخل عليه الحديث ويكذب فيه". واعتمد هذا الحافظ في "التقريب"؛ فقال في ترجمة عقبة: "صدوق، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ما ليس من حديثه". قلت: ثم إن قول محمد بن عقبة في الإسناد: "قال عباد" صيغته صيغة انقطاع، وهو لم يدرك عباداً، وإنما يروي عنه أبوه عقبة، كم ذكروا في ترجمة عباد، فإما أن يكون سقط من الإسناد قوله: "قال أبي"، أو أنه هو أسقط الواسطة بينه وبين عباد، أو أنه بلغه عنه دون أن يكون له إسناد إليه. والله أعلم. 5308 - (إن الله عز وجل ليدرأ بالصدقة سبعين [باباً من] ميتة السوء) . ضعيف أخرجه ابن المبارك في "البر والصلة" (رقم 277 - نسختي) : قال: الحديث: 5308 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 484 أخبرنا سفيان عن محرز عن يزيد عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي -، وهو ضعيف. والأخرى: محرز - بسكون المهملة وكسر الراء -، وهو ابن عبد الله الجزري أبو رجاء؛ قال الحافظ: "صدوق يدلس". قلت: وقد عنعنه؛ كما ترى. ولذلك؛ جزم الحافظ العراقي (1/ 225) بضعف سنده. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس، وفيه مدلس أيضاً، وآخر ضعيف، وهو مخرج في "الإرواء" (885) ، وهو تحت الطبع، يسر الله تمامه (1) . 5309 - (ما خلق الله من صباح يعلم ملك في السماء ولا في الأرض ما يصنع الله في ذلك اليوم، وإن العبد له رزقه؛ فلو اجتمع عليه الثقلان - الجن والأنس - على أن يصدوا عنه شيئاً من ذلك؛ ما استطاعوا) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 285-286) من طريق بقية بن الوليد: حدثني أبو صالح القرشي عن صفوان بن سليم عن حكيم بن عثمان عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل أبي صالح القرشي؛ فإني لم أجد من   (1) وقد طبع - والحمد لله - في حياة الشيخ - رحمه الله -. (الناشر) الحديث: 5309 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 485 ترجمه، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين الذين أشار إليهم ابن معين حين سئل عن بقية؟ فقال: "ثقة إذا حدث عن المعروفين، ولكن له مشايخ لا يدرى من هم؟! ". هذه هي علة الحديث، وقد ذهل عنها الهيثمي؛ فقال (4/ 72) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه بقية، وهو لين الحديث"! أقول: وبقية لين إذا عنعن في السند، وهنا قد صرح بالتحديث؛ كما ترى، فالعلة من شيخه كما ذكرنا. ولعله لذلك قال المنذري (3/ 8) : "رواه الطبراني بإسناد لين، ويشبه أن يكون موقوفاً". 5310 - (من اصطنع إليكم معروفاً فجازوه، فإن عجزتم عن مجازاته؛ فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد شكرتم؛ فإن الله شاكر يحب الشاكرين) (1) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 261) : حدثنا أحمد ابن عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش عن الوليد بن عباد عن عرفطة عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الوهاب بن الضحاك؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، كذبه أبو حاتم".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " " الترغيب " (2 / 55 ". (الناشر) الحديث: 5310 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 486 وبه أعله الهيثمي (8/ 181) . والوليد بن عباد وعرفطة؛ قال ابن عدي (351) : "ليسا بمعروفين". ذكر ذلك في ترجمة الوليد. وقال فيه: "لا يحدث عنه غير إسماعيل بن عياش، ليس بمستقيم". والحديث صحيح من رواية أخرى أتم منه بلفظ: " ... حتى تعلموا أن قد كافأتموه"؛ دون ما بعده. وهو مخرج في الكتاب الآخر (254) ، وغيره. 5311 - (من دعا بهؤلاء الكلمات الخمس؛ لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه: لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 448) : حدثنا مطلب بن شعيب: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا الليث عن أبي إسحاق الهمداني عن معاوية ابن أبي سفيان. وقال: "لم يروه عن أبي إسحاق عن معاوية إلا الليث". قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: أبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والسبيع من الحديث: 5311 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 487 همدان، وهو وإن كان ثقة؛ فقد كان اختلط، كما كان يدلس، وقد عنعنه كما ترى. والأخرى: عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - فيه ضعف؛ كما تقدم مراراً. ومما سبق تعلم أن قول المنذري في "الترغيب" (2/ 274) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" بإسناد حسن"! أقول: فهو غير حسن؛ وإن تبعه الهيثمي (10/ 157) ؛ فإن ذلك من تساهلهما الذي عرفا به؛ نسأله تعالى الهداية والتوفيق! ثم رأيت الحديث في "المعجم الكبير" (19/ 361/ 849) و "الدعاء" (2/ 838/ 125) بإسناده في "الأوسط"، وقد طبع هذا فيما بعد، وهو فيه (9/ 288/ 8629) . كما رأيت المعلقين الثلاثة على "الترغيب" في طبعتهم الجديدة البراقة! قد حسنوا الحديث؛ تقليداً لمؤلفه وللهيثمي، مؤكدين بذلك أنهم (إمعة) ؛ لا بحث عندهم ولا تحقيق؛ إلا مجرد الدعوى والنقيق! 5312 - (من فرج على مسلم كربة؛ جعل الله تعالى له يوم القيامة شعبتين من نور على الصراط؛ يستضيء بضوئهما عالم يحصيهم إلا رب العزة) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 259) قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد بن أسيد الأصبهاني: أخبرنا العلاء بن مسلمة بن عثمان: حدثنا محمد بن الحديث: 5312 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 488 مصعب القرقساني: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وقال: "لم يروه عن الأوزاعي إلا محمد، تفرد به العلاء". قلت: قال ابن حبان في "المجروحين" (2/ 185) : "يروي عن العراقيين المقلوبات، وعن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به بحال". وقال ابن طاهر: "كان يضع الحديث". وشيخه القرقساني ضعيف. وشيخ الطبراني؛ له ترجمة في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم، توفي سنة (310) ، وساق له أحاديث هذا أحدها. وقال المنذري (2/ 36) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وهو غريب"! وهذا جرح لين، وتساهل بين! ونحوه قول الهيثمي (8/ 193) : "رواه ... وفيه العلاء بن مسلمة (الأصل: سلمة) بن عثمان، وهو ضعيف"! فإنه متهم بالوضع كما سبق! ثم رأيت الحافظ الذهبي قد ذكر هذا الحديث في ترجمة الحسين بن الفضل ابن عمير البجلي الكوفي - من رواية الحاكم؛ أي: في "تاريخ نيسابور" -، وقال الذهبي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 489 "حديث باطل، رواه عن محمد بن مصعب ... "! وإنما رواه الحسين بن الفضل عن العلاء بن مسلمة عن محمد بن مصعب، كما في رواية الطبراني هذه؛ فإني أستبعد أن يكون الحسين سمعه من محمد بن مصعب مباشرة؛ والله أعلم. وانظر الحديث الآتي (6153) . 5313 - (من قال حين يتحرك من الليل: باسم الله - عشر مرات -، وسبحان الله عشراً -، آمنت بالله وكفرت بالطاغوت - عشراً -؛ وقي كل شيء يتخوفه، ولم ينبغي لذنب أن يدركه إلى مثلها) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 9/ 9013) : حدثنا المقدام ابن داود: حدثنا عثمان بن صالح: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف المقدام بن داود. وبه أعله الهيثمي (10/ 125) ! وهو قصور؛ فإن فوقع ابن لهيعة كما ترى، وهو ضعيف أيضاً؛ لسوء حفظه. والحديث؛ أشار المنذري (1/ 213) إلى تضعيفه، ووقع فيه: "كل ذنب" مكان: "كل شيء"! وهو خطأ غفل عنه المعلقون الثلاثة عليه؛ لعجزهم عن التحقيق، مع أنهم رجعوا إلى "مجمع الزوائد" كما يأتي؛ وهو فيه على الصواب! قال الهيثمي في "المجمع" (10/ 125) : "رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه (المقدام بن داود) ، وهو ضعيف، الحديث: 5313 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 490 وقال ابن دقيق العيد: "وثق"، فعلى هذا يكون الحديث حسناً"! قلت: وفيه ما يلي: أولاً: ما بناه على قوله: "وثق"؛ فهو على شفا جرف هار؛ لأن هذا التوثيق لين، كما يشير إلى ذلك بالفعل المبني للمجهول، ولم يوثقه أحد من الأئمة المعروفين، سوى مسلمة بن قاسم القرطبي بقوله: "رواياته لا بأس بها". ومسلمة هذا نفسه ضعيف؛ فلا قيمة لتوثيقه، ولا سيما مع مخالفته للمضعفين له، ومنهم النسائي الذي قال: "المقدام ليس بثقة". ثانياً: لو سلمنا بما تقدم من البناء؛ فهو سينهار من جهة أخرى؛ وهي إغضاؤه الطرف عن ضعف ابن لهيعة. هذا هو التحقيق الذي يعجز عنه المعلقون المشار إليهم. وإن مما يدل على ذلك؛ أنهم نقلوا كلام الهيثمي المتقدم دون قوله: "وقال ابن دقيق العيد ... " إلخ؛ لأنه ينافي تضعيفهم للحديث؛ تقليداً منهم لمن ضعفه!! ورواه الخرائطي في "المكارم" (2/ 914/ 1017) من طريق آخر عن ابن لهيعة موقوفاً. 5314 - (من قال بعد صلاة الصبح - وهو ثان رجله قبل أن يتكلم -: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير - عشر مرات -؛ كتب له بكل مرة عشر حسنات، ومحي عنه الحديث: 5314 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 491 عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكن في يومه ذلك حرزاً من كل مكروه، وحرزاً من الشيطان الرجيم، وكان له بكل مرة عتق رقبة من ولد إسماعيل، عن كل رقبة اثنا عشر ألفاً، ولم يلحقه يومئذ ذنب إلا الشرك بالله. ومن قال ذلك بعد صلاة المغرب؛ كان له مثل ذلك) (1) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 450 - مجمع البحرين) ، و "مسند الشاميين" (ص 5 - مصورة الجامعة) من طريق موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي: حدثنا هانىء بن عبد الرحمن ورديح بن عطية أنهما سمعا إبراهيم بن أبي عبلة قال: سمعت أم الدرداء: سمعت أبا الدرداء يقول: ... فذكره مرفوعاً، وقال: "لم يروه عن إبراهيم إلا هانىء، ورديح تفرد به موسى". قلت: قال الذهبي: "أحد التلفى. كذبه أبو زرعة وأبو حاتم. وقال النسائي: ليس ثقة". وقال الدارقطني وغيره: "متروك". وقال العقيلي في "الضعفاء": "يحدث عن الثقات بالبواطيل والموضوعات". وقال الهيثمي (10/ 108) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي؛ وهو متروك".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " " الترغيب " (1 / 168) ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 492 وأما المنذري؛ فسكت عنه! أورده عقب حديث آخر في الباب جود إسناده، ولكنه يختلف عن هذا في اللفظ والمعنى، وذلك من عيوب كتابه! والحديث المشار إليه؛ خرجته في "الصحيحة" (2664) . 5315 - (من مشى في حاجة أخيه المسلم؛ أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك يدعون له، ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يفرغ، فإذا فرغ؛ كتب الله له حجة وعمرة. ومن عاد مريضاً؛ أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك، لا يرفع قدماً إلا كتب له حسنة، ولا يضع قدماً إلا حطت عنه سيئة، ورفع له بها درجة، حتى يقعد في مقعده، فإذا قعد غمرته الرحمة، ولا يزال كذلك حتى إذا أقبل حيث ينتهي إلى منزله) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5/ 201/ 4393 - ط) : حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي: حدثنا غسان بن الربيع: حدثنا جعفر بن ميسرة عن أبيه عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة قالا: ... فذكره موقوفاً عليهما، وقال: "لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف جداً؛ آفته جعفر بن ميسرة - وهو الأشجعي -؛ قال البخاري: "ضعيف. منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث جداً". وغسان بن الربيع - وهو الأزدي الموصلي -؛ قال الذهبي: الحديث: 5315 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 493 "كان صالحاً ورعاً؛ ليس بحجة في الحديث. قال الدارقطني: ضعيف. وقال مرة: صالح". وقال الحافظ في "اللسان": "وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان نبيلاً فاضلاً ورعاً. وأخرج حديثه في "صحيحه" عن أبي يعلى عنه". قلت: فالعلة من شيخه جعفر كما سبق، وبه أعله الهيثمي (2/ 299) . وأشار المنذري (4/ 163) إلى تضعيف الحديث، وقال: "وليس في أصلي رفعه". قلت: وقد رفعه أبو الشيخ ابن حيان؛ كما ذكر المنذري في مكان آخر (3/ 251) . 5316 - (لا تعجلن إلى شيء تظن أنك إن استعجلت إليه أنك مدركه، وإن كان الله لم يقدر ذلك، ولا تستأخرن عن شيء تظن أنك إن استأخرت عنه أنه مرفوع عنك، وإن كان الله [قد] قدره عليك) . ضعيف جداً أورده - هكذا بهذا التمام - المنذري في "الترغيب" (3/ 8) من رواية الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وأشار إلى ضعفه. وتبعه على ذلك الهيثمي (4/ 71) ، وقال: "وفيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف". قلت: وقد أورده في "مجمع البحرين" أيضاً (3/ 286) من رواية "الأوسط" من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعاً به مختصراً بلفظ: الحديث: 5316 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 494 "لا تعجلن إلى شيء تظن أنك إن استأخرت عنه أنه مرفوع عنك، إن كان الله قد قدره عليك". وقال: "كذا وقع مختصراً". قلت: وهو فاسد المعنى كما يدل عليه السياق الأول! ولعل ذلك من عبد الوهاب ابن مجاهد نفسه؛ فإنه ضعيف جداً؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 146) : "كان يروي عن أبيه ولم يره، ويجيب في كل ما يسأل وإن لم يحفظ، فاستحق الترك، كان الثوري يرميه بالكذب". ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وكذبه الثوري". ومما ذكره ابن حبان وغيره؛ يتبين أن في الإسناد علة أخرى، ألا وهي الانقطاع بين عبد الوهاب وأبيه مجاهد، ولعل الهيثمي لم يشر إليها؛ لأنها دون العلة الأولى في الجرح! والله أعلم. ثم وقفت على الحديث في "المعجم الأوسط" للطبراني، فرأيت الحديث فيه (1/ 193/ 1) بالنص الذي نقلته عن "الترغيب" دون قوله: "وإن كان الله لم يقدر ذلك"، وزيادة: "قد" فيه.وقال: "لم يرو هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا معاوية، ولا يروى عن معاوية إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الوهاب". 5317 - (يجيء الظالم يوم القيامة، حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة؛ لقيه المظلوم فعرفه وعرف ما ظلمه به، فما يبرح الحديث: 5317 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 495 الذين ظلموا يقتصون من الذين ظلموا؛ حتى ينزعوا ما في أيديهم من الحسنات، فإن لم يكن لهم حسنات؛ رد عليهم من سيئاتهم، حتى يوردوا الدرك الأسفل من النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 466) : حدثنا محمد بن علي الأحمر الناقد: حدثنا عمار بن طالوت: حدثنا محمد بن أبي عدي عن حسين المعلم عن أيوب عن الجهم بن فضالة الباهلي عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن أيوب إلا حسين، تفرد به محمد بن أبي عدي". قلت: وهو ثقة؛ وكذا من فوقه؛ إلا الجهم بن فضالة الباهلي؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، فأورده في "الثقات" (4/ 113) من روايته عن أبي أمامة، وقال: "روى قزعة بن سويد عن أبيه عنه". وأورده ابن أبي حاتم (1/ 1/ 521) من رواية أيوب وسويد بن حجير عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال. فالحديث ضعيف، لا سيما وفي متنه زيادات لم ترد في الحديث الصحيح بلفظ: "أتدرون ما المفلس؟ ... ". وهو مخرج في الكتاب الآخر برقم (847) . وأما قول المنذري (4/ 202) في الحديث: "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ ورواته مختلف فيهم"! فليس بدقيق؛ لأنه ليس فيهم من هو مختلف فيه، أي: في توثيقه، بل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 496 كلهم ثقات؛ إلا من وثقه ابن حبان. وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (10/ 354) : ".. ورجاله وثقوا". وأما قول المعلقين الثلاثة على "الترغيب" (4/ 307) : "حسن بشواهده"! فهو من جهلهم وغفلتهم؛ لأن التفصيل الوارد فيه ليس له ولا شاهد واحد، بل هو مخالف للحديث الصحيح الذي أشرت إليه آنفاً. 5318 - (يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة. فقالت أم سلمة: يا رسول الله! وا سوأتاه! ينظر بعضنا إلى بعض؟! فقال: شغل الناس. قلت: ما شغلهم؟ قال: نشر الصحائف؛ فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل) . منكر أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (237/ 233) -: حدثنا عمر بن شبة -، والطبراني في "الأوسط" (4/ 462) -: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني - قالا: حدثنا سعيد بن سليمان عن عبد الحميد بن سليمان عن محمد بن أبي موسى عن عطاء بن يسار عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الطبراني: "لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد". ورواه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 236-237/ 747) : قال لنا سعيد ابن سليمان به. الحديث: 5318 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 497 قلت: وهو الواسطي، وهو ثقة حافظ من رجال الشيخين. لكن شيخه عبد الحميد بن سليمان - وهو الخزاعي الضرير أخو فليح - اتفقوا على تضعيفه؛ إلا أحمد؛ فإنه قال: "ما كان أرى به بأساً"! ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". ولم يذكر الذهبي في ترجمته من "الميزان" إلا أقوال من جرحه، ومنها: قول أبي داود فيه: "غير ثقة". إلا أن هذه العبارة تحرفت في طبعة الخانجي؛ فصارت هكذا: "وقال أبو داود وغيره: ثقة"!! وقال الذهبي في "المغني": "ضعفوه جداً". ومن هذا التحقيق؛ تعلم خطأ الحافظ المنذري في قوله في هذا الحديث (4/ 193) : "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد صحيح"! وقلده السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 317) ! ومثله قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 333) : "رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير محمد بن موسى بن أبي عياش؛ وهو ثقة"!! وقد زاد هذا في الوهم شيئين: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 498 الأول: أنه جعل عبد الحميد بن سليمان من رجال "الصحيح"، وليس كذلك؛ فإنه لم يرو غير الترمذي وابن ماجه. والآخر: أنه قال: "محمد بن موسى بن أبي عياش"! وإنما هو: "محمد ابن أبي موسى" كما تقدم في إسناد "الأوسط"؛ وكذلك أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 84) إلا أنه قال: "ويقال: ابن أبي عياش. روى عن عطاء بن يسار. روى عنه عبد الحميد بن سليمان، وأبو أويس". ثم إنني لم أره في "مسند أم سلمة" من "المعجم الكبير". والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد خولف (عبد الحميد) في إسناده ومتنه؛ كما حققته في الكتاب الآخر: "الصحيحة" (3469) ، وبينت أن الحديث حسن لغيره؛ دون قوله في آخره: "قلت: ما شغلهم؟ ... " إلخ. 5319 - (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (7141) وفي "مسند الشاميين" (ص 85) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي - مكحول -: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي قال: سمعت أبي يحدث عن ثور بن يزيد وغالب بن عبد الله عن مكحول عن ابن غنم عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. الحديث: 5319 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 499 قلت: وهذه الطريق ليس فيها أبو بكر بن أبي مريم الضعيف الذي في إسناد أحمد (4/ 124) ، والترمذي (2577) ، والحاكم (1/ 77 و 4/ 325) . ولم يتنبه لذلك صاحبنا السلفي فقال: "رواه أحمد ... " إلخ! ومن طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس. أخرجه الطبراني أيضاً (7143) . فلعل قول السلفي المذكور كان في الأصل على هذه الطريق؛ فطبع سهواً على الطريق الأولى! لكن يعكر عليه أنها تبقى حينئذ بدون تعليق. فتأمل! وسواء كان هذا أو ذاك؛ فالسكوت عن هذه الطريق غير لائق؛ لأنه قد يوهم من لا علم عنده أنه من الممكن أن يقوى بها طريق ابن أبي مريم! وليس كذلك؛ لأن فيها من هو شر منه؛ ألا وهو إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي؛ قال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: "يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة، وأبوه أيضاً لا شيء". تحريف خطير في حديث ضعيف، واستغلال غير شريف!! 5320 - (كان في عماء، فوقه هواء، وما تحته هواء، ثم خلق العرش على الماء) (1) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (رقم 1093) : حدثا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين قال:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " راجع (4858) ". (الناشر) الحديث: 5320 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 500 كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يسأل، فإذا سأله أبو رزين أعجبه، قال: قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ فقال: ... فذكره. قلت: ومن طريق الطيالسي: أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 376) . وتابعه جمع عن حماد به. أخرجه الترمذي (3108) ، وابن ماجه (1/ 77-78) ، وأحمد في "المسند" (4/ 11 و12) وابنه في "السنة" (ص 46) ، والبيهقي أيضاً (ص 406) كلهم عن حماد به إلا أن البيهقي قال: "ثم خلق العرش، ثم استوى عليه". وقال الترمذي: "حديث حسن". قلت: وهذا أولى من قول الذهبي في "العلو" (ص 11 - طبع المنار) : "رواه الترمذي، وابن ماجه، وإسناده حسن"! إذ كيف يكون حسن الإسناد وفيه وكيع بن حدس هذا، وقال البيهقي عقبه: "تفرد به يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس". والذهبي نفسه لما أورده في "الميزان"؛ قال: "لا يعرف، تفرد عنه يعلى بن عطاء". قلت: فهو مجهول العين، وليس مجهول الحال؛ كما قال ابن القطان فيما نقل عنه في "التهذيب"، ولا مجهول الصفة؛ كما زعم الكوثري في تعليقه على الجزء: 11 ¦ الصفحة: 501 "الأسماء" وفي تعليقه على "السيف الصقيل" (ص 96) ! وأما قوله فيه: "في سنده حماد بن سلمة؛ مختلط"! فهو من عدائه للسة وأهلها، وحماد بن سلمة من أئمتها، وممن احتج بهم مسلم في "صحيحه"؛ فضلاً عن أصحاب "السنن" وغيرهم، وما أحد من الأئمة رماه بالاختلاط؛ وإنما قال بعضهم: إنه تغير. فرحم الله ابن المديني حين قال: "من تكلم في حماد بن سلمة؛ فاتهموه في الدين". فالعلة ممن فوقه كما عرفت. ومنه تعلم خطأ ابن العربي في "العارضة" في قوله: "إن الحديث صحيح سنداً ومتناً"! كما نقله عنه الأستاذ الدعاس في تعليقه على "الترمذي" وأقره كما هي عامة عادته في النقل! أما خطؤه في صحيح السد؛ فواضح مما تقدم. وأما تصحيحه لمتنه؛ فموضع نظر، وإن حسنه الترمذي كما سبق! وذلك؛ لأنني لم أجد له شاهداً إلا قوله: "وكا عرشه على الماء"؛ فإنه من القرآن، وفي حديث عمران بن حصين عند البخاري وغيره: "وكان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 502 وأما سوى ذلك؛ فلم أجد له شاهداً، لا سيما وقد اختلفوا في تفسيره، فلو أنه صح إسناده لوجب التسليم به؛ كسائر أحاديث الصفات. (تنبيه) : أورد الحافظ الذهبي هذا الحديث في كتابه "العلو" (ص 98 - طبع الهند، وص 11 - طبعة المنار) بإسناده إلى حماد بن سلمة؛ وزاد: "ثم استوى عليه". إلا أنه تحرف لفظه في طبعة المنار؛ فوقع فيه: "استولى عليه"!! وما في الهندية هو الصواب؛ لأنه موافق لمخطوطة الظاهرية (ق 7/ 1) ، ولأنه مفسر في "العلو" نفسه من رواية إسحاق بن راهويه بلفظ: "ثم كان العرش، فارتفع عليه". وقد استغل هذا التحريف - جهلاً أو تجاهلاً - أحد جهمية الأزهريين من السوريين في كتاب له - زعم - "هذه عقيدة السلف والخلف في ذات الله تعالى ... "؛ عقد فيه فصلاً (ص 78) بعنوان: "التأويل والرسول عليه الصلاة والسلام ... "؛ ذهب فيه إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الاستواء على العرش بالاستيلاء (!) وأنه أشار بذلك إلى أمته باقتفاء أثره بتأويل كل ما يوهم ظاهره التجسيم، وقال: "والسؤال هنا: هل يوجد دليل على ما قلته؟ نعم؛ ها هو الدليل، جاء في كتاب "العلو" للذهبي ... " ثم ساق الحديث بنصه المحرف؛ ثم قال: "فأنت ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أول قوله تعالى: ( .... استوى) بقوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 503 (استولى عليه) "! قال: "وبهذا يكون المؤولون قد اقتفوا أثر الرسول عليه الصلاة والسلام بصرف كل لفظ عن ظاهره - يفهم منه التجسيم - إلى لفظ آخر ينفي عنه ذلك"!!! قلت: وبذلك أعطى سلاحاً للمعتزلة الذي ينكرون كثيراً من صفات الله تعالى - كالسمع والبصر، وكرؤيته تعالى - بالتأويل الذي يؤدي إلى التعطيل، قال المؤلف نفسه عنهم (ص 123) : "بادعاء أن رؤية الله مستحيلة، فهي تقتضي الجسمية، والجسمية والجهة عندهم كفر". قلت: وهذا ما يصرح به هذا المؤلف الأنوك! في كثير من المواضع، فإذن المعتزلة على حق عنده، بل هو منهم؛ ولو تظاهر بأنه من أهل السنة والجماعة! فهو ينكر علو الله على خلقه، وأن القرآن كلام الله حقيقة؛ بحجة أن ذلك تجسيم وتشبيه!! ويتظاهر بأنه يؤمن برؤية الله في الآخرة تبعاً للأشاعرة، ويتجاهل أن ذلك يستلزم التجسيم على مذهبه؛ وكذا الجهة. ولكن ذاك السلاح غير ماض؛ لأنه قائم على حديث لا وجود له إلا في ذهنه ضعيف السند، فيبادر إلى الإجابة عن ذلك بقوله: "وسواء أكان الحديث صحيحاً أو ضعيفاً؛ فلا أقل من أن يحمل على التفسير"!! ما هذا الكلام أيها الأنوك الأحمق؟!! فما هو الذي يقابل التفسير الذي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 504 ينبغي أن يحمل الحديث عليه إذا صح؟! وبعبارة أخرى: فالحديث صحيح أو ضعيف، فإذا كان صحيحاً، فماذا؟ وإذا كان ضعيفاً؛ فماذا؟! أليس في كل من الحالين يحمل الحديث على التفسير؟! ولكن في حالة كونه ضعيفاً؛ ما قيمة هذا التفسير الذي لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -؟! وجملة القول: أن هذا الكلام ركيك جداً، يدل على عجمة هذا الجهمي، وليس ذلك في لسانه فقط، بل وفي تفكيره أيضاً؛ لأنه في الوقت الذي يقطع بأن هناك دليلاً على أن الرسول أول كما تقدم، ويكرر ذلك في مواضع أخر؛ فيقول (ص 80) : "فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد فسر الاستواء بالاستيلاء؛ فهذا هو التأويل بعينه"! إذ إنه يقول هذا الكلام الذي لا يشعر أنه به يهدم ما بنى؛ لجهله بكون الحديث صحيحاً أو ضعيفاً، فكيف وقد صرح جازماً بضعفه في مكان ثالث، فقال (ص 103) : "وقدمت لك أن الرسول عليه الصلاة والسلام فسر الاستواء بالاستيلاء؛ حتى وإن كان أثراً ضعيفاً؛ فيستأنس به في التأويل"!! إذن؛ هو ليس بدليل؛ لأن الدليل لا يستأنس به فقط، بل ويحتج به، فكيف جاز له أن يتقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "إنه فسر الاستواء بالاستيلاء"؟! فليتبوأ - إذن - مقعده من النار! ثم ما فائدة هذا التأويل الذي ذهب إليه الأشاعرة وغيرهم من الجهمية والمعطلة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 505 - مع بطلانه في نفسه عندنا - ما داموا هم أنفسهم لا يأخذون به إلا مع تأويله أيضاً؟! ، ذلك لأنهم قد أورد عليهم أهل السنة حقاً أن تأويل الاستواء بالاستيلاء؛ معناه: أنه لم يكن مستولياً عليه من قبل، لا سيما بملاحظة الآية التي فيها: (ثم استوى على العرش) ؛ فإن (ثم) تفيد التراخي كما هو معلوم، وهذا التأويل مما لا يقول به مسلم؛ لأنه صريح في أن الله لم يكن مستولياً عليه سابقاً؛ بل كان مغلوباً على أمره، ثم استولى عليه! لا سيما وهم يستشهدون بذاك الشعر: قد استوى بشر على العراق * * * بغير سيف ولا دم مهراق! تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً! فلما أورد هذا عليهم؛ انفكوا عنه؛ فقال بعض متأخريهم - كما نقله هذا الأزهري (ص 25) -: "ولكن لا يخفى عليك الفرق بين استيلاء المخلوق واستيلاء الخالق"! وقال الكوثري في تعليقه على "الأسماء" (ص 406،410) : "ومن حمله على معنى الاستيلاء؛ حمله عليه بتجريده من معنى المغالبة"! فأقول: إذا جردتم "الاستيلاء" من معنى المغالبة؛ فقد أبطلتم تأويلكم من أصله؛ لأن الاستيلاء يلازمه المغالبة عادة كما تدل عليه البيت المشار إليه، فإذا كان لا بد من التجريد تمسكاً بالتنزيه؛ فهلا قلتم كما قال السلف: "استوى: استعلى"؛ ثم جردتم الاستعلاء من كل ما لا يليق بالله تعالى؛ كالمكان، والاستقرار، ونحو ذلك، لا سيما وذلك غير لازم من الاستعلاء حتى في المخلوق؛ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 506 فالسماء فوق الأرض ومستعلية عليها، ومع ذلك فهي غير مستقرة عليها، ولا هي بحاجة إليها، فالله تعالى أولى بأن لا يلزم من استعلائه على المخلوقات كلها استقراره عليها، أو حاجته إليها سبحانه، وهو الغني عن العالمين. ومن مثل هذا؛ يتبين للقارىء اللبيب أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم، وليس العكس؛ خلافاً لما اشتهر عند المتأخرين من علماء الكلام. 5321 - (تكبيرات، وتسبيحات، وتحميدات مئة؛ حين تريدان أن تناما، فتبيتان على ألف حسنة، ومثلها حين تصبحان، فتقومان على ألف حسنة) . منكر بهذا التمام أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 69) ، وكذا أبو داود (2/ 323) - إلا أنه لم يسق لفظه - كلاهما من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن كعب القرظي عن شبث بن ربعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبي، فقال علي لفاطمة: ائتي أباك؛ فسليه خادماً نتقي به العمل، فأتت أباها حين أمست، فقال لها: "ما لك يا بنية؟! " قالت: لا شيء، جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله شيئاً، فلما رجعت قال لها علي: ما فعلت؟ قالت: لم أسأله شيئاً واستحييت منه. حتى إذا كانت الليلة القابلة قال لها: ائتي أباك فسليه خادماً تتقين به العمل، فأتت أباها، فاستحيت أن تسأله شيئاً. الحديث: 5321 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 507 حتى إذا كانت الليلة الثالثة مساءً؛ خرجنا جميعاً حتى أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما أتى بكما؟! ". فقال علي: يا رسول الله! شق علينا العمل، فأردنا أن تعطينا خادماً نتقي به العمل! فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل أدلكما على خير لكما من حمر النعم؟ " قال علي: يا رسول الله! نعم. قال: ... فذكره. فقال علي: فما فاتتني منذ سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ليلة صفين؛ فإني نسيتها، حتى ذكرتها من آخر الليل فقلتها. قلت: وهذا إساد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير شبث بن ربعي؛ ذكره البخاري في "الضعفاء"، وقال: "روى عنه محمد بن كعب، لا يصح، ولا نعلمه سمع من شبث". ولم يذكروا عنه راوياً آخر سوى سليمان التيمي؛ فهو غير مشهور. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"؛ ولكنه وصفه بأنه يخطىء. وهذا أدق وأصح من قول أبي حاتم فيه (2/ 1/ 388) : "حديثه مستقيم، لا أعلم به بأساً"! وذلك لأنه - مع قلة حديثه - قد روى هذا الحديث عن علي، وقد رواه عنه جمع من الثقات، فلم يذكروا فيه قوله: "ومثلها حين تصبحان ... "؛ فهي زيادة منكرة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 508 وقد خالفهم في مواطن أخرى؛ منها قوله: فأتت أباها حين أمست، فقال لها ... إلى قوله: ثم أخرجنا جميعاً حتى أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما أتى بكما ... "؛ فإنه مخالف لرواية "الصحيحين" من طريق ابن أبي ليلى عن علي بلفظ: فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادماً، فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت أقوم فقال: "مكانك". فجلس بيننا؛ حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟! ". ومنها قوله: "حمر النعم"؛ فإنه خلاف رواية "الصحيحين" كما ترى! وقد تكلم الحافظ على الحديث وجمع طرقه وألفاظه - كما هي عادته -، وذكر رواية شبث هذه مشيراً إلى ما فيها من المخالفة؛ وقال (11/ 101) : "فيحتمل أن تكون قصة أخرى"!! قلت: هذا احتمال بعيد! ثم إنه إنما يصار إلى مثله فيما ثبت سنده، وليس الأمر كذلك هنا؛ لما عرفت من حال شبث هذا، وأما دعمه لذلك بقوله: "فقد أخرج أبو داود من طريق أم الحكم أو ضباعة بنت الزبير؛ أي: ابن عبد المطلب قالت: أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبياً، فذهبت أنا وأختي فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نشكو إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي، فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 509 "سبقكن يتامى بدر ... ". فذكر قصة التسبيح إثر كل صلاة، ولم يذكر قصة التسبيح عند النوم، فلعله علم فاطمة في كل مرة أحد الذكرين"!! قلت: هذه غير تلك قطعاً، مع ثبوت سندها؛ فإن فيها ذهاب فاطمة مع أم الحكم - وهي بنت الزبير بن عبد المطلب، وقيل: هي ضباعة نفسها - أو مع ضباعة. وفي تلك أنها ذهبت مع علي. وفيها ذكر التسبيح إثر الصلاة؛ دون التسبيح عند النوم. فتأمل! ثم إن شبثاً هذا قد قيل في ترجمته أقوال عجيبة، يدل مجموعها على أنه كان مضطرب البال، لا يكاد يستقر على حال، تارة إلى اليمين، وتارة إلى الشمال، وقد لخص تلك الأقوال الحافظ ابن حجر في "التقريب"؛ فقال: " ... مخضرم. 1- كان مؤذ سجاح ثم أسلم. 2- ثم كان ممن أعان على عثمان. 3- ثم صحب علياً. 4- ثم صار من الخوارج عليه. 5- ثم تاب فحضر قتل الحسين. 6- ثم كان ممن طلب بدم الحسين مع المختار. 7- ثم ولي شرطة الكوفة. 8- ثم حضر قتل المختار، ومات بالكوفة في حدود الثمانين"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 510 ولم يذكر الحافظ رأيه فيه ومرتبته في الرواية، وكأن ذلك لهذا الاضطراب الذي شرحه بإيجاز، والذي يدل على عدم استقرار ذهنه، وسلامة فكره. والله أعلم. ومثل حديثه هذا في النكارة: ما أورده الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" (ص 85) من رواية عبد بن حميد - في مسند علي - من "مسنده": أخبرنا يزيد بن هارون: أخبرنا مسلم بن عبيد عن أبي عبد الله عن أبي جعفر مولى علي بن أبي طالب أن علياً قال في يوم: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة: "سبحي حين تنامين ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، فهذه مئة، وهي ألف حسنة؛ من قالها كل ليلة حين ينام؛ فهي خير له من أن يعتق رقبة كل ليلة، وكل عرق في جسده يمحى به عنه سيئة، ويكتب له حسنة". قال علي: فما تركتهن منذ سمعت فاطمة قالتها لي، ولا يوم صفين. قال الحافظ الناجي: "وهذا منكر إسناداً ومتناً، ولا أعرف أبا جعفر مولى علي، ولا أبا عبد الله الراوي عنه، إن لم يكونا مصحفين، والعلم عند الله". حديث الكروبيين. 5322 - (ينزل أهل السماء الدنيا - وهم أكثر من أهل الأرض، ومن الجن والإنس -، فيقول أهل الأرض: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، وسيأتي، ثم تشقق السماء الثانية ... (وساق الحديث إلى السماء الحديث: 5322 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 511 السابعة، قال:) فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، وسيأتي، ثم يأتي الرب تبارك وتعالى في الكروبيين، وهو أكثر من أهل السماوات والأرض) . منكر موقوف أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص 43) - وهذا السياق له -، وابن جرير (19/ 5) ، والحاكم (4/ 569-570) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: (يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً) ؛ قال: ... فذكره. وقال الحاكم: "رواة هذا الحديث - عن آخرهم - محتج بهم؛ غير علي بن زيد بن جدعان القرشي، وهو - وإن كان موقوفاً على ابن عباس -؛ فإنه عجيب بمرة". وأما الذهبي؛ فعلى خلاف عادته قال: "قلت: إسناده قوي" (1) ! 5323 - (إن الله تعالى لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها، وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها العبد، فيدعون له من بعده، فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر) . منكر أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" من طريق الوليد بن عبد الملك ابن عبيد الله بن مسرح: حدثنا سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله عن عمه أبي مشجعة بن ربعي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ذكرنا [زيادة العمر] عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ... فذكره. نقلته من "تفسير ابن كثير" (7/ 54) ، ووقع فيه أخطاء كثيرة في رجال   (1) سكت الشيخ - رحمه الله - عن ذكر علته لظهورها، وهي ضعف ابن جدعان. (الناشر) الحديث: 5323 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 512 إسناده، صححتها من كتب الرجال (1) ، ويبدو لي أن في أول متنه سقطاً لعله قولهم: قوله تعالى: (وما يعمر من معمر ... ) الآية، أو نحوه. ثم تحققت من ذلك كما يأتي. وسكت عن إسناده ابن كثير، وهو إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالمجهولين: 1- أبو مشجعة هذا؛ لم يذكروا له راوياً غير ابن أخيه مسلمة بن عبد الله؛ وقال الحافظ: "مقبول"؛ يعني: عند المتابعة، وإلا؛ فهو لين الحديث. 2- مسلمة بن عبد الله الجهني؛ قال دحيم: "لم يرو عنه أحد نعرفه غير الشعيثي". وقال الحافظ أيضاً: "مقبول". 3- سليمان بن عطاء - وهو ابن قيس القرشي - متفق على تضعيفه، بل قال ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (1/ 329) : "روى عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات، فلست أدري؛ التخليط فيها منه أو من مسلمة ابن عبد الله؟! ".   (1) ثم تأكدت من ذلك حينما وقفت على الحديث عن ابن حبان وغيره؛ كما سيأتي، ومنها استدركت الزيادة التي بين المعكوفتين. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 513 وأما الوليد بن عبد الملك؛ فقال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 10) عن أبيه: "صدوق". وذكر أنه روى عنه أبوه، وكذا أبو زرعة، ورواية هذا عنه توثيق منه له؛ كما هو معروف عنه. فآفة الحديث ممن فوقه. وقد أخرجه من طريقه أيضاً: ابن حبان، وابن عدي (ق 160/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 190/ 2 - مصورة الجامعة) ؛ وفي روايتهم ما أشرت إليه من السقط في "تفسير ابن كثير". وهذا الحديث مما فات السيوطي؛ فلم يورده في "الجامع الكبير"، بل ولا في "الدرالمنثور" في تفسير الآية: (وما يعمر من معمر ... ) ! وإنما أورد فيها الحديث الآتي بعده، ولم يورده أيضاً في آخر سورة (المنافقون) في قوله تعالى: (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) . وهو بها أليق وألصق، وهي بمعنى الطرف الأول من الحديث. وأما سائره؛ فمنكر لا شاهد له، بل هو مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة المصرحة بأن هناك أسباباً شرعية لإطالة العمر؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره (وفي رواية: أجله) ؛ فليصل رحمه"؛ أخرجه الشيخان من حديث أنس، وله شواهد خرجت بعضها في "صحيح أبي داود" (1486) . وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حسن الخلق وحسن الجوار؛ يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار". أخرجه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 514 أحمد بسند صحيح؛ كما تراه مبيناً في "الصحيحة" (519) . وقد يظن بعض الناس أن هذه الأحاديث تخالف الآية السابقة: (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ... ) ، وغيرها من الآيات والأحاديث التي في معناها! والحقيقة؛ أنه لا مخالفة؛ لأن الأحاديث المذكورة آنفاً إنما تتحدث عن مبدأ الأخذ بالأسباب، ولا تتحدث عما سبق في علم الله الأزلي من الآجال المحددة؛ فإن علم الله تعالى لا يتغير ولا يتبدل؛ تماماً كما هو الشأن في الأعمال الصالحة والطالحة، والسعادة والشقاوة، فالآيات والأحاديث التي تأمر بالإيمان والعمل الصالح، وتنهى عن نقيضهما لا تكاد تحصى، وفي بعضها يقول الله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) ، وقد ذكر العلماء المحققون أن الباء في هذه الآية؛ إنما هي باء السببية، فذلك كله لا ينافي ما سبق في علم الله تعالى من السعادة والشقاوة، بل إنما هما أمران متلازمان: السعادة مع العمل الصالح، والشقاوة مع العمل الطالح. وهذا صريح في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها". أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "تخريج السنة" (175-176) . فانظر كيف أن نهاية الأمر كان مقروناً بالعمل دخول الجنة والنار. فكما أنه لا يقال: إن العمل ليس سبباً للدخول؛ فكذلك لا يقال: إن صلة الرحم وغيرها ليست سبباً لطول العمر بحجة أن العمر محدود؛ فإن الدخول أيضاً الجزء: 11 ¦ الصفحة: 515 محدود: (فريق في الجنة وفريق في السعير) . وما أحسن وأجمل جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حدث أصحابه بقوله: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة". فقالوا: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟! فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له: أما من كان من أهل السعادة؛ فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة؛ فييسر لعمل أهل الشقاوة". ثم قرأ: (فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى) ، إلى قوله: (فسنيسره للعسرى) . أخرجه الشيخان. وجملة القول: أن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً، فالعمل الصالح سبب لدخول الجنة، والعمل السيىء لدخول النار، فكذلك جعل بعض الأخلاق الصالحة سبباً لطول العمر. فكما أنه لا منافاة بين العمل وما كتب لصاحبه عند ربه؛ فكذلك لا منافاة بين الأخلاق الصالحة وما كتب لصاحبها عند ربه، بل كل ميسر لما خلق له. وأنت إذا تأملت هذا؛ نجوت من الاضطراب الذي خاض فيه كثير من العلماء؛ مما لا يكاد الباحث يخلص منه بنتيجة ظاهرة سوى قيل وقال، والأمر واضح على ما شرحنا والحمد لله، وإن شئت أن تقف على كلماتهم في ذلك؛ فراجع "روح المعاني" للعلامة الآلوسي (7/ 169-170) . 5324 - (من قرأ: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ؛ عدلت بربع القرآن ... ) . موضوع رواه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 113 - الأثرية) من طريق الحديث: 5324 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 516 عمر بن رياح: سمعت يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وله عنده تتمة حذفتها؛ لثبوتها في أحاديث أخرى. وهذا القدر منه موضوع؛ لتفرد عمر بن رياح به؛ قال البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ 156/ 2009) : "قال عمرو بن علي: هو دجال". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 86) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب". ويزيد الرقاشي ضعيف؛ كما تقدم مراراً. 5325 - (كنت ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وأعرابي معه ابنة له حسناء، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ رجاء أن يتزوجها. قال: فجعلت ألتفت إليها، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ برأسي فيلويه ... ) الحديث. منكر بهذا السياق أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (12/ 97/ 6731) من طريق قبيصة بن عقبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ظاهرة الصحة، وقد جرى على ذلك الحافظ ابن حجر؛ فقال في "الفتح" (4/ 58 - بولاق) : "رواه أبو يعلى بإسناد قوي"! قلت: وهو في نقدي معلول، فعزمت على بيان ذلك؛ أداءً للأمانة العلمية، الحديث: 5325 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 517 ولكي لا يغتر به بعض الطلبة ممن لا معرفة عندهم بعلل الحديث، كما وقع ذلك لبعض الطلاب المعاصرين ممن كتب في حجاب المرأة، وللمعلق على "مسند أبي يعلى" (12/ 97) ! فأقول: فيه ثلاث علل: الأولى: أبو إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي -؛ فإنه مع كونه من رجال الشيخين؛ فإنه مدلس، وكان اختلط في آخره. قال الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح" (ص 431) : "أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه". وقد أورده ابن الصلاح وغيره في جملة المختلطين، وحكمهم: الاحتجاج بهم بما حدثوا به قبل اختلاطهم، بخلاف ما حدثوا به بعد اختلاطهم؛ فلا يحتج به، ومثله ما لم يتبين أحدث به قبل الاختلاط أم بعده؟ كما هو الشأن في هذا الحديث؛ فإني لم أجد من صرح بأن ابنه يونس بن أبي إسحاق سمع منه قبل الاختلاط. ثم هو - إلى ذلك - قد عنعنه. الثانية: يونس بن أبي إسحاق، وإن كان قد احتج به مسلم؛ فلعل ذلك منه على سبيل الاختيار والانتقاء من حديثه؛ فقد قال الحافظ فيه في كتابه "تقريب التهذيب": "صدوق يهم قليلاً". قلت: وقد خالفه في متنه ابنه إسرائيل - كما يأتي -؛ وهو أوثق منه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 518 الثالثة: قبيصة بن عقبة؛ قال الحافظ: "صدوق ربما خالف". واعلم أنه مما لا يخفى علي - والحمد لله - أن مثل هذا الجرح والذي قبله مما لا يسقط صاحبه من مرتبة الاحتجاج بحديثه مطلقاً! كلا، ولكن قل من يعلم من المشتغلين بهذا العلم أن مثله مما يعرض صاحبه لنقد حديثه عند مخالفته لمن هو أوثق منه، فيصير بسبب ذلك حديثه شاذاً، أو منكراً. وهذا هو الواقع في هذا الحديث؛ فقد جاء من طرق دون قوله: (فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها) ! بل جاء كذلك من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به. أخرجه أحمد (1/ 213) قال: حدثنا حجين بن المثنى وأبو أحمد (يعني: الزبيري) - المعنى - قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق به؛ دون الزيادة. أما الطريق الثانية؛ فهي من رواية الحكم بن عتيبة عن ابن عباس به. أخرجه أحمد أيضاً (1/ 113) ؛ ورجاله ثقات كالذي قبله. قلت: فاتفاق هذه الطرق الثلاث على خلاف رواية يونس؛ لدليل واضح على شذوذ ما تفرد به دونهم، بل وعلى نكارته؛ فإنه يحتمل أن يكون ذلك من أبي إسحاق نفسه، حدث به في حالة اختلاطه؛ فذكرها تارة، فسمعها منه يونس، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 519 ولم يذكرها تارة، فلم يذكرها إسرائيل في حديثه عنه؛ وهذا هو الصواب؛ لموافقته للطرق الأخرى. ويؤيده: أن سليمان بن يسار رواه أيضاً عن ابن عباس مثله دون الزيادة؛ لكنه جعله من مسند ابن عباس، وذكر أن السائل إنما هي المرأة الخثعمية، وأنها هي التي كان ينظر الفضل إليها، وأنها قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً.. (1) . فتأول الحافظ قولها: "أبي" بأنها لعلها أرادت به جدها؛ لأن أباها كان معها! وهذا التأويل لو كان للتوفيق بين حديث "الصحيحين" من جهة وحديث الترجمة من جهة أخرى؛ لكان لا وجه له عندي؛ لم ذكرته من المخالفة فيها، ولك لما كانت الطرق الثلاث متفقة على أن أباها كان معها؛ كان لا بد من التأويل المذكور. والله أعلم. ويؤيده أيضاً: أن الحديث قد جاء من حديث علي رضي الله عنه مطولاً، وفيه قصة الفضل مع الخثعمية، وليس فيها تلك الزيادة (2) ؛ فثبت أنها منكرة. (تنبيه) : كان في آخر الحديث: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة. فحذفته مشيراً إلى ذلك بالنقط ( ... ) ، وبقولي: (الحديث) ؛ لأن هذا القدر منه صحيح، رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (رقم 1098) .   (1) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " جلباب المرأة المسلمة " (ص 61 / المعارف) (الناشر) (2) أخرجه أحمد وغيره، وهو مخرج في المصدر السابق. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 520 5326 - (زينوا أصواتكم بالقرآن) . منكر مقلوب تفرد بروايته - هكذا - الخطابي في "معالم السنن" (2/ 138) من طريق الدبري عن عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن منصور عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهو إسناد ضعيف، ومتن منكر مقلوب، ولولا أن الخطابي - عفا الله عنا وعنه - أورده مصححاً إياه، ومحتجاً به على أن اللفظ الذي في "سنن أبي داود" وغيره من طريق الأعمش عن طلحة بلفظ: "زينوا القرآن بأصواتكم"، مقلوب عنده (1) ! لولا ذلك لما تكلفت مؤنة الرد عليه، وبيان خطأ ما ذهب إليه رواية ومعنى. أما الرواية: فالرد عليه من وجوه: الأول: أن الإسناد الذي ساقه لا تقوم به حجة؛ لأنه من رواية الدبري عن عبد الرزاق؛ فإن الدبري - مع أنه قد تكلم بعضهم فيه؛ فإنه - ممن سمع من عبد الرزاق بعد اختلاطه؛ قال ابن الصلاح: "وجدت فيما روى الطبراني عن الدبري عنه أحاديث استنكرتها جداً، فأحلت أمرها على ذلك". الثاني: أنه خالفه الإمام الحجة، الإمام أحمد - إسناداً ومتناً -؛ فقال في "مسنده" (4/ 296) : حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا سفيان عن منصور والأعمش عن طلحة بلفظ أبي داود.   (1) وأقره على ذلك السندي في حاشيته على " السندي " (1 / 157) ! الحديث: 5326 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 521 فهذا هو المحفوظ عن عبد الرزاق بهذا الإسناد الصحيح عن منصور. وأحمد ممن سمع من عبد الرزاق قبل اختلاطه. وقد تابعه عبيد الله بن موسى عن سفيان به. أخرجه ابن حبان (660 - موارد) ، والدارمي (2/ 274) . وقد تابع سفيان - وهو الثوري - إبراهيم بن طهمان عن منصور والحكم عن طلحة بن مصرف به. أخرجه الحاكم (1/ 575) . وعنده (1/ 571-572) طرق أخرى عن منصور وحده. الثالث: أن منصوراً قد تابعه الأعمش والحكم كما رأيت. وتابعهم شعبة عن طلحة به. أخرجه الطيالسي (738) ، وأحمد (4/ 304) ، والحاكم (1/ 573) . ولهم عنده متابعون آخرون كثيرون، وفيما ذكرنا كفاية. الرابع: أن طلحة - وهو ابن مصرف - قد تابعه جماعة: منهم زبيد بن الحارث عن عبد الرحمن بن عوسجة به. أخرجه الحاكم (1/ 575) ، والخطيب (4/ 261) . الخامس: أن عبد الرحمن بن عوسجة قد تابعه عن البراء: زاذان أبو عمر، وعدي بن ثابت، وأوس بن ضمعج. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 522 أخرج أحاديثهم الحاكم باللفظ المحفوظ؛ إلا أن زاذان زاد فقال: ".. فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً". وأخرجه الدارمي (2/ 274) أيضاً، وتمام في "الفوائد". وسنده جيد؛ كما بينته في "صحيح أبي داود" (1320) وفي الكتاب الآخر (771) . السادس: أن البراء تابعه جمع من الصحابة باللفظ المحفوظ، منهم: عائشة وأبو هريرة، وعبد الله بن مسعود، وقد خرجت أحاديثهم في "الصحيح" تحت الرقم المذكور آنفاً. أقول: ففي هذه الطرق والمتابعات والشواهد دلالة قاطعة على أن حديث الترجمة منكر مقلوب؛ لمخالفة راويه هذه الروايات، والنكارة تثبت بأقل من ذلك؛ كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف. فإن قيل: لم يتفرد الدبري بالحديث؛ فقد قال الحاكم (1/ 572) : حدثنا عبد الله بن سعد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي: حدثنا عبد الرحمن بن بشر: حدثنا عبد الرزاق: أنبأ معمر والثوري عن الأعمش بإسناده المتقدم بلفظ: "زينوا أصواتكم بالقرآن". فأقول: رجال إسناده ثقات معروفون؛ غير عبد الله بن سعد؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر الآن، فإن كان ثقة كالذين فوقه؛ فيكون الوهم من عبد الرزاق نفسه؛ لاختلاطه كما تقدم، ولأننا لا ندري أسمع من عبد الرزاق قبل الاختلاط أم بعده؟ والثاني هو الأقرب؛ لأن عبد الرزاق مات سنة (211) ، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 523 وابن بشر سنة (260) أو (262) ، فبين وفاتيهما قرابة خمسين سنة، ومعنى هذا أنه سمع منه في آخر حياته! والله أعلم. وجملة القول: أن حديث الترجمة هو المقلوب يقيناً، وهو إما منكر أو شاذ في اصطلاحهم. هذا من حيث الرواية. وأما المعنى: فقال الخطابي - في الحديث المحفوظ: "زينوا القرآن بأصواتكم" -: "معناه: زينوا أصواتكم بالقرآن! من باب المقلوب كما قالوا: عرضت الناقة على الحوض؛ أي: عرضت الحوض على الناقة. وكقولهم: إذا طلعت الشعرى واستوى العود على الحرباء؛ أي: استوى الحرباء على العود". ثم روى بإسناده الصحيح عن شعبة قال: نهاني أيوب أن أحدث: "زينوا القرآن بأصواتكم". ثم قال: "قلت: ورواه معمر عن منصور عن طلحة، فقدم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح"، ثم ساق إسناده إلى الدبري بسنده المتقدم. ثم قال: "والمعنى: اشغلوا أصواتكم بالقرآن، والهجوا بقراءته، واتخذوه شعاراً وزينة". والجواب من وجوه: أولاً: أن القلب المدعى خلاف الأصل؛ فالواجب التمسك بالأصل ما دام ممكناً، وهو كذلك هنا عند الجمهور؛ كما سيأتي. ثانياً: ما رواه عن شعبة أن أيوب نهاه أن يحدث بحديث: "زينوا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 524 القرآن ... "؛ ليس لأنه حديث مقلوب كما يدعي الخطابي، وإنما خشية أن يتأوله المبتدعة بما يخالفون به السنة؛ فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام أيضاً بإسناده الصحيح عن شعبة به، وقال عقبه: "وإنما كره أيوب - فيما نرى - أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الألحان المبتدعة، فلهذا نهاه أن يحدث به". ذكره ابن كثير في "فضائل القرآن" (ص 56) ، ثم قال عقبه: "قلت: ثم إن شعبة (1) رحمه الله روى الحديث متوكلاً على الله كما روي له، ولو ترك كل حديث يتأوله مبطل؛ لترك من السنة شيء كثير، بل قد تطرقوا إلى تأويل آيات كثيرة من القرآن، وحملوها على غير محاملها الشرعية المرادة، وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله". ثالثاً: ما عزاه لغير واحد من أئمة الحديث من أن المعنى: "زينوا أصواتكم بالقرآن"! فهو - مع أنه لم يسنده إليهم، ولا سمى واحداً منهم -؛ فهو مردود بما في "غريب ابن الأثير"؛ فإنه ذكر هذا المعنى المقلوب (!) ولم يعزه لأحد، ثم أتبعه بقوله: "وقيل: أراد بـ (القرآن) : القراءة، فهو مصدر (قرأ يقرأ قراءة وقرآناً) ؛ أي: زينوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحة هذا - وأن القلب لا وجه له -: حديث أبي موسى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استمع إلى قراءته فقال: "لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود"، فقال: لو علمت أنك تستمع؛ لحبرته لك تحبيراً (2) ؛ أي: حسنت قراءته وزينتها، ويؤيد ذلك - تأييداً لا شبهة فيه - حديث ابن عباس: أن   (1) انظر تخريج روايته فيما تقدم (ص 520) . (الناشر) (2) انظر " صفة الصلاة " (ص 130) . (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 525 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل شيء حلية، وحلية القرآن حسن الصوت". والله أعلم". قلت: حديث ابن عباس هذا ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، كما تقدم بيانه برقم (4322) ، فالأولى الاستدلال بالزيادة المتقدمة في بعض طرق حديث البراء المحفوظ بلفظ: "فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً". ويشهد أيضاً لصحة ما تقدم حديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"؛ فإن المراد به وبأمثاله تحسين الصوت، وبذلك فسره جماعة من السلف؛ منهم ابن أبي مليكة، والراوي عنه بهذا الحديث - وهو عبد الجبار بن الورد -؛ فإنه قال عقب الحديث: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع. أخرجه أبو داود، وهو في "صحيحه" برقم (1322،1323) . قال ابن كثير عقبه: "فقد فهم من هذا أن السلف رضي الله عنهم إنما فهموا من التغني بالقرآن إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه؛ كما قال الأئمة رحمهم الله". ويشهد له أيضاً حديث أبي هريرة مرفوعاً: "ما أذن الله بشيء ما أذن (وفي لفظ: كأذنه) لنبي [حسن الصوت (وفي لفظ: حسن الترنم) ] ، يتغنى بالقرآن [يجهر به] ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 526 قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (9/ 63) : "ظواهر الأخبار ترجح أن المراد: تحسين الصوت، ويؤيده قوله: "يجهر به"؛ فإنها إن كات مرفوعة قامت الحجة به، وإن كانت غير مرفوعة؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره؛ لا سيما إذا كان فقيهاً. ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب، وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين لصوت، وتقديم حسن الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك ... ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير؛ قال النووي في "التبيان": أجمعوا على تحريمه. ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه؛ حرم". ثم ذكر (9/ 80) أن ابن أبي داود أخرج من طريق ابن أبي مشجعة قال: كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت؛ لحسن صوته بين يدي القوم. ومن طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته. وقال الحافظ: "سنده صحيح؛ وهو في "الحلية" لأبي نعيم [1/ 258] . و (الصنج) - بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم -: هو آلة تتخذ من نحاس، كالطبقين، يضرب أحدهما بالآخر. و (البربط) - بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة، بوزن جعفر -: هو آلة تشبه العود، فارسي معرب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 527 و (الناي) - بنون بغير همز -: هو المزمار". وجملة القول: أن الخطابي أخطأ خطأ فاحشاً في تصحيحه لحديث الترجمة، وترجيحه إياه على اللفظ الصحيح المخالف له، مع كثرة طرقه وشواهده، وتفرد أحد الرواة برواية معارضه، كما أخطأ في ادعائه أن معنى الحديث على القلب، والكمال لله تعالى وحده. فإن قيل: فإن لحديث الترجمة شاهداً من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "زينوا أصواتكم بالقرآن ... "؛ مثل حديث الترجمة. وفي رواية: "أحسنوا الأصوات بالقرآن". أوردهما الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 170) ، وقال: "رواه الطبراني بإسنادين، وفي إحدهما عبد الله بن خراش، وثقه ابن حبان وقال: "ربما أخطأ"، ووثقه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! فأقول: كلا الإسنادين ضعيف جداً؛ فلا يفرح بهما ولا يستشهد بهما مطلقاً؛ لشدة ضعف رواتهما؛ فكيف مع المخالفة لأحاديث الثقات، كما هو الشأن هنا؟! وإليك البيان: أما الأول: فأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 110/ 1) من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس ... باللفظ الأول. وهذا إسناد ضعيف؛ آفته ابن خراش هذا؛ فإنه مجمع على تضعيفه. ولا ينافي ذلك أن ابن حبان أورده في "الثقات"، وذلك لأمرين: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 528 الأول: ما عرف عند المحققين في هذا الفن أن ابن حبان متساهل في التوثيق، ولا سيما وقد قال فيه هو نفسه: "ربما أخطأ". والآخر: أنه معارض لكل من تكلم فيه، وكلهم جرحوه، والجرح مقدم على التعديل، لا سيما إذا كان من الأئمة المشهورين بالنقد والمعرفة بهذا العلم، كالإمام البخاري وغيره كما يأتي؛ بخاصة إذا كان المعدل متساهلاً كابن حبان، وإليك ما قالوا فيه: 1- الإمام البخاري: "منكر الحديث". قاله في "التاريخ الصغير" (ص 194) و "الكبير" (5/ 80) ، ونقله عنه جمع كما يأتي. 2- أبو حاتم الرازي: "منكر الحديث، ذاهب الحديث، ضعيف الحديث". 3- أبو زرعة: "ليس بشيء، ضعيف الحديث". رواه والذي قبله: ابن أبي حاتم (2/ 2/ 46) . 4- النسائي: "ليس بثقة"؛ قاله في كتابه "الضعفاء والمتروكون" (ص 18) . 5- قال الساجي: "ضعيف الحديث جداً، ليس بشيء، كان يضع الحديث". 6- وقال محمد بن عمار الموصلي: "كذاب". كما في "التهذيب" وغيره. 7- وأورده العقيلي في "الضعفاء" (201-202) ، وساق له أحاديث منكرة، وقال عقبها: "كلها غير محفوظة، ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 529 8- وقال الحافظ العسقلاني في "التقريب": "ضعيف، وأطلق عليه ابن عمار الكذب". قلت: فهذا يبين لك إجماع الأئمة الموثوق بنقدهم على تضعيفه، ولم ينقل الحافظ أو غيره توثيقه عن أحد من الحفاظ سوى ابن حبان، وقد عرفت الجواب عنه. ولذلك؛ فإني أعتقد أن قول الهيثمي المتقدم فيه: "ووثقه البخاري وغيره" وهم فاحش؛ لاسيما بالنسبة للبخاري؛ فإنه قد جرحه جرحاً شديداً كما يشعر بذلك قوله السابق: "منكر الحديث"، وقد ذكره في كتابيه المتقدمين، ورواه عنه العقيلي، وذكره الحافظ وغيره. وأما الإسناد الآخر؛ فقال الطبراني (3/ 170/ 2) : حدثنا أبو يزيد القراطيسي: أخبرنا نعيم بن حماد: أخبرنا عبدة بن سليمان عن سعيد أبي سعد البقال عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس ... باللفظ الآخر. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء والعلل: الأولى: الانقطاع بين الضحاك وابن عباس؛ فإنه لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة؛ كما في "التهذيب"، بل إنه لم يلق ابن عباس. الثانية والثالثة: ضعف وتدليس سعيد - وهو ابن المرزبان البقال -؛ قال الحافظ: "ضعيف مدلس". الرابعة: نعيم بن حماد؛ تكلموا فيه، وقال الحافظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 530 "صدوق يخطىء كثيراً". لكن هذا لم يتفرد به؛ فقد تابعه أبو سعيد الأشج: حدثنا عبدة بن سليمان به، وتابع هذا: مرجى بن رجاء عن سعيد البقال به. أخرجهما ابن عدي (ق 156/ 1) في ترجمة البقال، مشيراً إلى أنه هو علة الحديث. 5327 - (ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة، يدخلهم الدرجات العلى) . ضعيف أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2319 - موارد) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1/ 309) من طريقين عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال الهيثمي (10/ 78) : "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن"! قلت: وهذا من تساهله؛ فإن دراجاً هذا ضعفه الجمهور، وله ما لا يتابع عليه. فقال أحمد: "أحاديثه مناكير"، ولينه. وقال فضلك الرازي: "ما هو بثقة ولا كرامة". وقال النسائي: "منكر الحديث". و "ليس بالقوي". وقال أبو حاتم: "ضعيف". وكذا قال الدارقطني. وقال مرة: الحديث: 5327 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 531 "متروك". ووثقه ابن معين، وابن المديني. وقال أبو داود: "مستقيم؛ إلا عن أبي الهيثم". وقد ساق له ابن عدي أحاديث، وقال: "عامتها لا يتابع عليها". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق؛ في حديثه عن أبي الهيثم ضعف". 5328 - (إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في النهار؛ فارموه بالبعر) . لا أصل له بهذا اللفظ وقد أورده الشيرازي في "المهذب" (2/ 389) من حديث أبي هريرة مرفوعاً؛ وزاد عقبه: "ويقول: إن صلاة النهار عجماء". وهذا الطرف منه تعقبه النووي بأنه باطل، وقد سبق نص كلامه فيه حين أوردناه برقم (1014) . وأما هذا الطرف الذي ذكرته هنا؛ فلم يتكلم عليه بشيء! وقد روى معناه: ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 365) عن يحيى بن أبي كثير قال: قالوا: يا رسول الله! إن ههنا قوماً يجهرون بالقراءة بالنهار؟ فقال: "ارموهم بالبعر". وهذا إسناد معضل؛ فإن يحيى بن أبي كثير يروي عن أبي هريرة وغيره الحديث: 5328 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 532 بالواسطة، فقد سقط من الإسناد رجلان. وقد ذكر ابن أبي شيبة في الباب آثاراً كثيرة، ليس فيها شيء مرفوع، وأصحها وأصرحها: ما رواه بسند صحيح عن ابن عمر: أنه رأى رجلاً يجهر بالقراءة نهاراً، فدعاه، فقال: إن صلاة النهار لا يجهر فيها؛ فأسر قراءتك. وهذا الأثر مما ينبغي الأخذ به؛ لمطابقته للسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث، تجد بعضه في "صفة الصلاة"؛ إلا ما استثني من الصلوات التي جهر فيها - صلى الله عليه وسلم -؛ كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الحديث المتقدم. 5329 - (يا جبريل! ما منعك أن لا (1) تأخذ بيدي؟ قال: إنك أخذت بيد يهودي؛ فكرهت أن تمس يدي يداً مستها يد كافر) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 158/ 1-2) من طريق عمر بن أبي عمر العبدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقبل جبريل عليه السلام، فناوله يده، فأبى أن يتناولها، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ، ثم ناوله يده، فتناولها، فقال: ... فذكره. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا عمر".   (1) كذا الأصل! وفي " المجمع " (1 / 246) : " أن تأخذ " وكلاهما جائز؛ كما في قوله تعالى في (الأعراف) : " ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ". وفي (ص) : " ما منعك أن تسجد ". انظر " تفسير القرطبي "، و " ابن كثير ". (الناشر) الحديث: 5329 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 533 قلت: وهو عمر بن رياح العبدي أبو حفص البصري الضرير، وهو مجمع على ضعفه؛ كما قال الهيثمي، بل هو متهم؛ فقد قال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب". وقال عمرو بن علي الفلاس: "كان دجالاً". وقال الساجي: "يحدث ببواطيل ومناكير". وقال الذهبي في "الميزان" - بعد أن نقل قول الفلاس وغيره فيه -: "وله خبر باطل ... "، ثم ساق هذا. 5330 - (أتؤمن بشجرة المسك وتجدها في كتابكم؟ قال: نعم. قال: فإن البول والجنابة عرق يسيل من ذوائبهم إلى أقدامهم كالمسك) . موضوع بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 200/ 5010) و "الأوسط" أيضاً (2/ 189/ 2) عن يحيى بن راشد: حدثنا عبد النور ابن عبد الله بن سنان عن هارون بن سعد عن ثمامة بن عقبة قال: سمعت زيد ابن أرقم قال: كنت جالساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رجل من اليهود [يقال له: ثعلبة بن الحارث] : أتزعم أن في الجنة طعاماً وشراباً وأزواجاً؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". فقال اليهودي: إنا نجدها طيبة مطيبة؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. والزيادة لـ "الأوسط"، وقال: "تفرد به عبد النور بن عبد الله". الحديث: 5330 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 534 قلت: وهو كذاب، وقد مضى له حديث آخر من موضوعاته برقم (1845) ، فراجعه. والحديث؛ قد رواه الأعمش عن ثمامة بن عقبة به نحوه. أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما. وليس في هذه الرواية ذكر الذوائب، ولا اسم اليهودي، ولا قوله - صلى الله عليه وسلم - له: "أتؤمن ... "؛ فراجع - إن شئت - سياقها في "الترغيب" (4/ 258 - المنيرية) ، وهو في "صحيح الترغيب" برقم (3739) . 5331 - (ندمت أن لا أكون طلبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فيجعل الحسن والحسين مؤذنين) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 118/ 1) من طريق نهشل بن سعيد الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن الحارث الأعور عن علي قال: ... فذكره. وقال: "لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف جداً، إن لم يكن موضوعاً؛ آفته نهشل هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه". والحارث الأعور ضعيف. وبه وحده أعله الهيثمي (1/ 326) فقصر! ومن أجل ذلك خرجته. الحديث: 5331 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 535 5332 - (لا صلاة لمن لا تشهد له) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 118/ 1) بإسناد الحديث الذي قبله، وقال فيه ما قال في ذاك، وقد عرفت أنه ضعيف جداً، وأن الهيثمي تساهل فيه، وكذلك فعل في هذا. لكنه قد روي من حديث ابن مسعود مرفوعاً بلفظ: "تعلموا؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد". أخرجه الطبراني أيضاً (2/ 149/ 865 - مجمع البحرين - ط) ، وكذا في "الكبير" (3/ 55/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 203/ 1) من طريق صغدي بن سنان عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول: ... فذكره. وقال الطبراني: "لم يروه عن أبي حمزة إلا صغدي". قلت: وهو - كما قال ابن عدي -: "يتبين على حديثه الضعف". لكنه قد توبع؛ فقال البزار في "مسنده" (ص 64 - زوائده) : حدثنا محمد ابن مرداس: حدثنا محبوب بن الحسن: حدثنا أبو حمزة به. قلت: وهذه متابعة لا بأس بها؛ فإن محبوباً هذا: هو محمد بن الحسن بن هلال، مختلف فيه. وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، فيه لين". الحديث: 5332 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 536 والراوي عنه: محمد بن مرداس - وهو الأنصاري البصري -؛ روى عنه جمع من الثقات والأئمة، منهم البخاري في "جزء القراءة"، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأما أبو حاتم؛ فقال: "مجهول"! قلت: فالأولى إعلال الحديث بشيخ صغدي، وهو أبو حمزة - وهو ميمون القصاب الأعور الكوفي -؛ كما أشار عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (ق 55/ 2) ؛ وقال: "وهو ضعيف عندهم". وقال في "زوائد البزار": "أبو حمزة: هو ميمون الأعور، واه". قلت: ولعل أصل الحديث موقوف على ابن مسعود، فرفعه هذا الأعور؛ لقلة ضبطه وسوء حفظه؛ فقد ذكره البيهقي (2/ 139) موقوفاً عليه، فقال: "وروينا عن ابن مسعود: لا صلاة إلا بتشهد". ولم أعرف الآن إسناده. نعم؛ أخرج هو، وعبد الرزاق في "المصنف" (2/ 206/ 3080) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 131/ 443) عن حملة بن عبد الرحمن سمع عمر بن الخطاب قال: ... فذكره موقوفاً عليه. لكن الحملة هذا؛ لم يذكر فيه البخاري - وكذا ابن أبي حاتم (1/ 2/ 316) - جرحاً ولا تعديلاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 537 5333 - (الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب فيها مالاً من حله، وأنفقه في حقه؛ أثابه الله عليه، وأورده جنته، ومن اكتسب فيها مالاً من غير حله، وأنفقه في غير حقه؛ أحله الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله؛ له النار يوم القيامة، يقول الله: (كلما خبت زدناهم سعيراً)) (1) . ضعيف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 141/ 1) من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير يحيى هذا؛ فإنه ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وأشار المنذري في "الترغيب" (3/ 14-15) إلى تضعيف الحديث.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " مضى برقم (2534) ". (الناشر) الحديث: 5333 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 538 5334 - (إن رجلاً كان فيمن قبلكم حمل خمراً، ثم جعل في كل زق نصفاً ماءً، ثم باعه، فلما جمع الثمن؛ جاء ثعلب فأخذ الكيس، وصعد الدقل، فجعل يأخذ ديناراً فيرمي به في السفينة، ويأخذ ديناراً فيرمي به في الماء؛ حتى فرغ ما في الكيس) . منكر بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 110/ 2) و (4/ 333/ 5309 - ط) من طريق أحمد بن ملاعب بن حيان: حدثنا صالح بن إسحاق: حدثنا يحيى بن كثير الباهلي - قال صالح: وكان ثقة، وكان لا بأس به -: حدثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً به. الحديث: 5334 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 538 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ صالح بن إسحاق هذا؛ الظاهر أنه العجلي البصري، روى عن عبد الوارث بن سعيد؛ قال الأزدي: "متروك"؛ كما في "الميزان"؛ زاد الحافظ: "وبقية كلامه: "يتكلمون فيه ... " وساق له حديثاً منكراً. وفي "الثقات" لابن حبان: "صالح بن إسحاق الجرمي؛ يروي عن يزيد بن زريع والبصريين. روى عنه أحمد بن حيان بن ملاعب" (!) . فالظاهر أنه هو". قلت: وتوثيقه لشيخه يحيى بن كثير الباهلي مما لا يوثق به؛ لأمرين: الأول: أنه - على ضعفه في نفسه - ليس معروفاً بنقد الرجال. والآخر: أنه مخالف لجميع من تكلم فيه من الأئمة، كابن معين وأبي حاتم وغيرهم كثير؛ فقد أجمعوا على تضعيف يحيى هذا - وهو أبو النضر من أهل البصرة -، وتجد كلماتهم فيه في "التهذيب". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 130) : "شيخ يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". قلت: فكيف به إذا خالف؛ كما هو الشأن في هذا الحديث؟! فإنه قد صح من طريق أخرى عن أبي هريرة به نحوه لكن بلفظ: "قرد" بدل: "ثعلب". رواه أحمد والبيهقي وغيرهما، وهو مخرج عندي في "أحاديث بيوع الموسوعة". وله طريق أخرى عن أبي هريرة باللفظ المحفوظ، وزاد في أوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 539 "لا تشربوا اللبن بالماء". أخرجه ابن عدي في ترجمة سليمان بن أرقم (ق 154/ 2) ، ومن طريقه البيهقي عن الحسن عن أبي هريرة. وسليمان هذا ضعيف. 5335 - (أهل المدائن حبس في سبيل الله؛ فلا تحتكروا عليهم الطعام، ولا تغلوا عليهم الأسعار) . منكر أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (19/ 131/ 1) من طريق الوليد بن مسلم: حدثني أبو يزيد الدمشقي: حدثني شيخ كان يجلس في المقصورة قال: سمعت سليمان بن حبيب المحاربي يحدث عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ لجهالة الشيخ الذي لم يسم. وكذلك الراوي عنه أبو يزيد الدمشقي؛ فإني لم أعرفه، بل إن ابن عساكر نفسه لم يعرفه؛ فإنه لم يترجم له بشيء مطلقاً؛ سوى أنه ساق له هذا الحديث! والحديث؛ أورده المنذري في "الترغيب" (3/ 27) من حديث أبي أمامة بزيادة: "فإن من احتكر عليهم طعاماً أربعين يوماً ثم تصدق به؛ لم تكن له كفارة". وقال: "ذكره رزين أيضاً، ولم أجده، وفيه كارة ظاهرة". فأقول: هذه الزيادة قد رويت من حديث معاذ وغيره بإسنادين، في كل واحد الحديث: 5335 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 540 منهما متهم بالكذب، وقد سبق تخريجهما برقم (858،859) ، فكأن رزيناً لفق من حديث معاذ هذا وحديث الترجمة حديثاً آخر، وعزاه لحديث أبي أمامة، وهذا ليس بجيد كما لا يخفى، وهو يفعل ذلك - مع الأسف - كثيراً، ومن ذلك الحديث الآتي بعده. ثم رأيت الطبراني قد أخرج الحديث في "المعجم الكبير" (8/ 116/ 7487) من طريق حماد بن عبد الرحمن: حدثنا خالد بن الزبرقان عن سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي به. وهذا إسناد ضعيف جداً: 1- حماد بن عبد الرحمن: هو الكلبي؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "شيخ مجهول، منكر الحديث، ضعيف الحديث". وقال أبو زرعة: "له أحاديث مناكير". وبه أعله الهيثمي (4/ 81) . وقلده المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب المنذري "الترغيب" (2/ 568) ! وخفيت عليهم جميعاً العلة التالية: 2- خالد بن الزبرقان؛ قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: هو منكر الحديث، وغيري يحكي عن أبي أنه قال: صالح الحديث". وقد جاء الحديث مختصراً جداً من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتكر الطعام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 541 أخرجه الروياني في "مسنده" (2/ 278/ 1199) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 524/ 11212) ، وأشار إليه في "السنن" (6/ 30) . قلت: وهذا إسناد حسن، وفي القاسم كلام لا يضر، وهو ابن عبد الرحمن الدمشقي صاحب أبي أمامة، وقد ذكروا في ترجمته أنه يقال فيه: إنه كان مولى لجويرية بنت أبي سفيان، فورث بنو يزيد بن معاوية ولاءه، فلذلك يقال: مولى بني يزيد بن معاوية. وقد وقع في "الشعب": ".. القاسم بن يزيد" كذا! فلعله قد سقط منه قوله: (مولى) بين القاسم ويزيد. والله أعلم. 5336 - (يحشر الحكارون وقتلة الأنفس إلى جهنم في درجة واحدة) . ضعيف أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 44/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (17/ 229/ 1) عن مهنى بن يحيى السامي: حدثنا بقية عن سعيد ابن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال ابن عدي: "لا أعلم رواه عن سعيد بن عبد العزيز غير بقية، ولا عن بقية غير مهنى بن يحيى". قلت: مهنى ثقة نبيل؛ كما قال الدارقطني. وإنما العلة من شيخه بقية؛ فإنه كان مدلساً، وقد عنعنه؛ كما ترى. على أن سعيد بن عبد العزيز - وإن كان ثقة جليلاً -؛ فقد اختلط آخر عمره، ولا أدري أسمع منه بقية قبل اختلاطه أم بعده؟ الحديث: 5336 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 542 والحديث؛ أورده المنذري بزيادة: "ومن دخل في شيء من سعر المسلمين يغليه عليهم؛ كان حقاً على الله أن يعذبه في معظم النار يوم القيامة". وقال: "ذكره رزين أيضاً، وهو مما انفرد به مهنى بن يحيى عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة، وفي الحديث نكارة ظاهرة"! هكذا أورده دون أن يعزوه لأحد من المخرجين وبالزيادة المذكورة، وهي في حديث آخر أيضاً عند أحمد وغيره عن معقل بن يسار، وهو في "الترغيب"؛ وأعله بالجهالة! وكذلك فعل الهيثمي (4/ 101) ! وإنما علته من الحسن البصري؛ فإنه لم يصرح بالتحديث، ولبيان ذلك خرجته فيما سيأتي رقم (6646) . 5337 - (أقل من الذنوب، يهن عليك الموت، وأقل من الدين؛ تعش حراً، [وانظر في أي نصاب تضع ولدك؛ فإن العرق دساس] (1)) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 298/ 1) - والزيادة له -، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 145/ 2) عن عبيد الله بن العباس ابن الربيع الحارثي - من أهل نجران اليمن -: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً. أورده ابن عدي في جملة ما أنكر على محمد بن عبد الرحمن هذا. وقال البيهقي:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " تقدم برقم (2023) ". (الناشر) الحديث: 5337 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 543 "في إسناده ضعف"! وأشار المنذري (3/ 32) إلى ضعفه! قلت: بل هو شر من ذلك؛ فإن ابن البيلماني متهم بالوضع، وقد مضى له بعض الأحاديث، فانظر مثلاً (54،820) . 5338 - (يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة؛ حتى يوقف بين يديه، فيقال: يا ابن آدم! فيما أخذت هذا الدين؟ وفيم ضيعت حقوق الناس؟! فيقول: يا رب! إنك تعلم أني أخذته؛ فلم آكل، ولم أشرب، ولم ألبس، ولم أضيع، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة، فيقول الله عز وجل: صدق عبدي: أنا أحق من قضى عنك اليوم. فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه، فترجح حسناته على سيئاته، فيدخل الجنة بفضل رحمته) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1326) ، وعنه ابن عساكر (8/ 36) - عن صدقة بن موسى -، وأحمد (1/ 197-198) - عن عبد الصمد -، وهو والبزار (1332 - كشف الأستار) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 141) ، وابن عساكر أيضاً - عن يزيد بن هارون -، وأبو نعيم أيضاً من طريق الطبراني - عن مسلم بن إبراهيم - كلهم قالوا: عن صدقة بن موسى: حدثنا أبو عمران: حدثني قيس بن زيد عن قاضي المصرين [هو شريح، والمصران: البصرة والكوفة] عن عبد الرحمن بن أبي بكر مرفوعاً. وقال البزار: "لا نعلمه عن عبد الرحمن مرفوعاً إلا بهذا الإسناد". وقال أبو نعيم: "غريب من حديث شريح، تفرد به صدقة عن أبي عمران". قلت: صدقة - وهو الدقيقي - فيه ضعف؛ كما يشعر بذلك قول الحافظ: الحديث: 5338 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 544 "صدوق له أوهام". وبه أعله الهيثمي، فقال (4/ 133) : "رواه أحمد، والبزار والطبراني في "الكبير"، وفيه صدقة الدقيقي، وثقه مسلم بن إبراهيم، وضعفه جماعة"! قلت: وهذا يوهم أنه ليس فيه غيره ممن يعل به الحديث! وليس كذلك؛ فإن قيس بن زيد أورده الذهبي في "الميزان"، وقال: "قال الأزدي: ضعيف". وأقره هو والحافظ في "اللسان"؛ إلا أن هذا زاد فقال: "روى عنه أبو عمران الجوني، وأورد له أبو نعيم في "الصحابة" حديثاً مرسلاً، وقال: هو مجهول، ولا تصح له صحبة ولا رؤية". انظر "المعرفة" (2/ 149/ 2) . قلت: وأما ابن حبان، فأورده في "الثقات" (3/ 220) على قاعدته في توثيق المجهولين، ولم يذكر عنه راوياً غير الجوني! والظاهر أنه خفيت هذه العلة على المنذري أيضاً؛ فحسن إسناد الحديث، مع إيهام خلاف الواقع، فقال في "الترغيب" (3/ 36) : "رواه أحمد، والبزار، والطبراني، وأبو نعيم، وأحد أسانيدهم حسن"! أما الإيهام؛ فما أظنه يخفى على من تأمل هذا التخريج والتحقيق؛ فإنه أوهم أن للحديث أكثر من إسناد واحد! وليس كذلك؛ فإن مداره على الدقيقي بإسناده الجزء: 11 ¦ الصفحة: 545 عن قيس بن زيد. فتنبه! ومن هذه الطريق: أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (117) . 5339 - (أشكر الناس لله عز وجل: أشكرهم للناس) . ضعيف وقد روي من حديث الأشعث بن قيس، وأسامة بن زيد، وعبد الله ابن مسعود. 1- أما حديث الأشعث؛ فيرويه عبد الله بن شريك العامري عن عبد الرحمن ابن عدي الكندي عنه. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 141 برقم 1048) ، وأحمد (5/ 212) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 648) ، والطبري (مسند عمر - 73/ 120) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة عبد الرحمن بن عدي الكندي؛ قال الحافظ في "التقريب": "مجهول". قلت: وأما ابن حبان؛ فذكره على قاعدته في توثيق المجهولين في كتابه "الثقات" (3/ 160) ؛ إلا أنه وقع عنده: (ابن عثمان) مكان: (ابن عدي) ! وهو خطأ قديم؛ فإنه كذلك وقع في مخطوطة الظاهرية منه. وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 56) - والهيثمي في "المجمع" (8/ 180) -: الحديث: 5339 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 546 "رواه أحمد، ورجاله ثقات"! فمن الظاهر أنهما اعتمدا في ذلك على توثيق ابن حبان المذكور، وقد عرفت ما فيه. وأزيد على ما تقدم فأقول: إنه مع جهالة الكندي الراوي عن الأشعث؛ فقد خالفه في متنه: أبو معشر زياد بن كليب؛ فقال: عن الأشعث به مرفوعاً بلفظ: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس". أخرجه أحمد (5/ 211،212) بإسنادين صحيحين عنه - أعني: أبا معشراً -. إلا أنه منقطع بينه وبين الأشعث؛ فإن بين وفاتيهما نحو ثمانين سنة. لكن لهذا اللفظ شاهد قوي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كنت خرجته في "الصحيحة" برقم (416) ، فهو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2- وأما حديث أسامة؛ فيرويه عبد المنعم بن نعيم: حدثنا الجريري عن أبي عثمان النهدي عنه به. أخرجه الطبراني في "الكبير" (425) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن نعيم هذا؛ قال الحافظ: "متروك". وهذا أصح وأدق من قول الهيثمي فيه: "ضعيف"؛ فإنه ضعيف جداً؛ كما يدلك على ذلك قول الحافظ هذا، وهو تابع في ذلك للإمام الدارقطني. ونحوه قول النسائي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 547 "ليس بثقة". وأشد من ذلك قول الإمام البخاري: "منكر الحديث". وكذا قال أبو حاتم. ومما ذكرنا؛ تعلم تساهل الذهبي في قوله في "المغني في الضعفاء والمتروكين": "ضعفه الدارقطني وغيره"! (تنبيه) : حديث أسامة هذا؛ عزاه السيوطي في "الجامع" للطبراني، والبيهقي في "شعب الإيمان"؛ فقال المناوي في شرحه: "وفيه عندهما أبو نعيم؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: ضعفه الدارقطني وغيره. اهـ؛ وبه أعل الهيثمي خبر الطبراني"! فقوله: "أبو نعيم" خطأ! والصواب: (ابن نعيم) ، أو (عبد المنعم بن نعيم) . 3- وأما حديث ابن مسعود؛ فعزاه السيوطي لابن عدي، ولم يتكلم المناوي عليه بشيء، ولا وقفت عليه الآن لننظر فيه، ثم قال المناوي: "رمز المصنف لصحته، ولعله من الصحيح لغيره"! قلت: بل هو ضعيف؛ والصحيح اللفظ الآخر كما تقدم بيانه. 5340 - (أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك - يعني: الجهاد -، وقليل منكن من يفعله) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (رقم 1474 - كشف الأستار عن زوائد البزار) من طريق مندل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال: الحديث: 5340 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 548 جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال؛ فإن نصبوا (1) أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، ورشدين حدث عنه جماعة"! قلت: وما فائدة ذلك، وهو ممن أجمعوا على ضعفه؟! بل قال فيه البخاري في "التاريخ الصغير" (ص 163) : "منكر الحديث". وحكاه عنه في "التهذيب". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 302) : "كثير المناكير، يروي عن أبيه أشياء ليس تشبه حديث الأثبات عنه، كان الغالب عليه الوهم والخطأ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به". ثم ساق له هذا الحديث من طريق جبارة بن مغلس: حدثنا مندل بن علي به أتم منه. ولذلك؛ جزم الهيثمي في "المجمع" (4/ 305،306) بأنه ضعيف، وكذا الحافظ في "التقريب". ومندل ضعيف أيضاً. فاقتصار الهيثمي في إعلال الحديث عليه قصور، وبخاصة في الموضع الثاني   (1) كذا الأصل! وفي " الترغيب " و " المجمع ": (يصيبوا) ؛ وهو الصواب؛ لمطابقته لرواية ابن حبان، ونحوها رواية الطبراني: " فإن أصابوا أثروا ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 549 المشار إليه؛ فإنه ذكره فيه من رواية الطبراني، وهذا قد أخرجه في "المعجم الكبير" (3/ 149/ 2-150/ 1) من طريق يحيى بن العلاء عن رشدين بن كريب به مطولاً مثل رواية ابن حبان. ويحيى بن العلاء وضاع؛ كما تقدم غير مرة، فالسكوت عنه غير جيد. وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى عن ابن عباس، وشاهداً من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن. أما الطريق؛ فيرويه هشام بن يوسف - وهو الصنعاني - عن القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن بن جبيرة (1) عن سعيد بن المسيب: سمع ابن عباس قال: ... فذكره مختصراً جداً، ولفظه: قالت امرأة: يا رسول الله! ما جزاء غزو المرأة؟ قال: "طاعة الزوج، واعتراف بحقه". أخرجه الطبراني (3/ 93/ 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته القاسم بن فياض؛ لم تثبت عدالته. وقال ابن المديني: "مجهول، ولم يرو عنه غير هشام". وضعفه آخرون. ووثقه أبو داود فقط.   (1) بضم الجيم؛ كما في " التهذيب "، ووقع في الأصل: (حندة) ! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 550 وتناقض فيه ابن حبان، فذكره في "الثقات"! ثم ذكره في "الضعفاء" (2/ 213) ، وقال: "كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك في روايته؛ بطل الاحتجاج بخبره"! ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: "ليس بشيء". وهذه الطريق مما فات الهيثمي؛ فلم يتعرض لها بذكر؛ مع أنها على شرطه! وأما الشاهد؛ فيرويه العباس بن وليد بن مزيد قال: حدثنا أبو سعيد الساحلي - وهو عبد الله بن سعيد بن مسلم بن عبيد؛ وهو أبو نصيرة - عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع أصحابه، فقلت: يا رسول الله! إني وافدة النساء إليك، إنه ليس من امرأة سمعت بمخرجي إليك إلا وهي على مثل رأيي، وإن الله تبارك وتعالى بعثك إلى الرجال والنساء؛ فآمنا بك وبالهدى الذي جئت به، وإن الله قد فضلكم علينا - معشر الرجال - بالجماعة والجمعة، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن أحدكم إذا خرج غازياً أو حاجاً أو معتمراً؛ حفظنا أموالكم، وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، وإنا - معشر النساء - مقصورات محصورات قواعد بيوتكم (أفما نشارككم في هذا الأجر) (1) ؟ فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه بوجهه كله فقال:   (1) هذه الجملة وقعت في الأصل في آخر كلام الصحابية، فنقلت إلى هنا استرشاداً بـ " أسد الغابة " وغيره. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 551 "سمعتم بمثل مقالة هذه المرأة؟ "، قالوا: ما ظننا أن أحداً من النساء تهتدي إلى مثل ما اهتدت إليه هذه المرأة! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اعلمي - وأعلمي من وراءك من النساء - أن حسن تبعل المرأة لزوجها، واتباعها موفقته ومرضاته؛ يعدل ذلك كله". فانطلقت تهلل وتكبر وتحمد الله عز وجل استبشاراً. أخرجه أسلم بن سهل الواسطي المعروف بـ (بحشل) في "تاريخ واسط" (ص 83-84) تحت باب "من روى عن أسماء بنت يزيد بن السكن" قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي: حدثنا العباس ... قلت: ومن هذا الباب استشعرت بصواب ما سبق إلى وهلي أول ما اطلعت على إسناده، وهو أن فيه سقطاً بين أبي سعيد الساحلي وأسماء بنت يزيد، ذلك؛ لأنه لا يمكن للساحلي - وقد سمع منه العباس بن الوليد المتوفى سنة (269) - أن يكون روى عن أسماء هذه، فلا بد أن يكون بينه وبينها واسطة؛ إذا فرضنا سلامة الإسناد من الانقطاع، فتابعت البحث، فتأكدت من ذلك حين وجدت ابن الأثير في "أسد الغابة" قد أورد الحديث في ترجمة أسماء من رواية مسلم بن عبيد عنها، وهذا الرجل موجود في إسناد (بحشل) ، فغلب على ظني أن ما وقع في "تاريخه": " ... بن مسلم بن عبيد" خطأ مطبعي صوابه: " ... عن مسلم بن عبيد"، فيكون هو المعني بـ (الباب) . ثم تيقنت ذلك بالرجوع إلى "تاريخ دمشق" للحافظ ابن عساكر، فبدأت بترجمة أبي سعيد الساحلي، فرأيته يقول فيها (19/ 33/ 2) ما لفظه: "اسمه أخطل بن المؤمل، ويقال: عبد الله بن سعيد. تقدم ذكره في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 552 حرف الألف". ثم رجعت إلى هناك، وإذا به يقول (2/ 305/ 2) : "أخطل بن المؤمل أبو سعيد الجبيلي، حدث عن مسلم بن عبيد، روى عنه العباس بن الوليد البيروتي". ثم ساق الحديث بإسناده إلى محمد بن يعقوب: أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد (الأصل: يزيد! وهو خطأ) : أخبرني أبو سعيد الساحلي - واسمه الأخطل بن المؤمل الجبيلي -: أخبرنا مسلم بن عبيد عن أسماء بنت يزيد الأنصارية - من بني عبد الأشهل -: أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث بطوله. ثم قال: "قال ابن منده: رواه أبو حاتم الرازاي (1) عن العباس بن الوليد بن مزيد، وفرق ابن منده بين أسماء هذه وبين أسماء بنت يزيد بن السكن". قلت: وخطؤوه في ذلك، كما بينه ابن الأثير، والحافظ في "الإصابة". ورواية بحشل هذه صريحة في أنها ابنة يزيد بن السكن. ثم قال ابن عساكر: "غريب، لم نكتبه إلا من حديث العباس". ثم رواه بإسناد آخر عن العباس به؛ إلا أنه قال: "حدثني أبو سعيد الأخطل ابن المؤمل الساحلي من أهل جبيل، وكان من أصحاب الحديث"!   (1) يشير إلى رواية بحشل عنه، وقد أخرجه من طريقه أبو العباس بن أبي الغنائم في " الأربعين " (الحديث 34) . (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 553 ثم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. قلت: فهو من المستورين. فما ذكره أبو العباس بن أبي الغنائم عقب الحديث قال: قال عبد اللطيف بن يورنداز: "هذا حديث حسن الإسناد"! ينافيه استغراب ابن عساكر إياه، وهو الأقرب لحال الساحلي هذا. ومن طريقه: رواه ابن عساكر أيضاً في مكان آخر من "التاريخ" (9/ 182/ 2) ، والحافظ ابن حجر في "المسلسلات" (ق 64/ 2-65/ 1) . 5341 - (إن المرأة إذا خرجت من بيتها؛ وزوجها كاره لذلك؛ لعنها كل ملك في السماء، وكل شيء مرت عليه - غير الجن والإنس - حتى ترجع) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 170/ 1-2 مجمع البحرين) من طريق سويد بن عبد العزيز عن محمد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد". قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال أحمد: "متروك الحديث". وقال ابن معين، والنسائي: "ليس بثقة". الحديث: 5341 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 554 وضعفه غيرهم؛ منهم ابن حبان؛ إلا أنه اضطرب كلامه فيه، فضعفه جداً في أول ترجمته، ثم لينه في آخرها، فقال في "الضعفاء" (1/ 350-351) : "كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يجيء في أخباره من المقلوبات أشياء تتخايل إلى من سمعها أنها علمت عمداً". ثم قال: "والذي عندي في سويد: تنكب ما خالف الثقات من حديثه، والاعتبار بما روى مما لم يخالف الأثبات، والاحتجاج بما وافق الثقات، وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات"! وقد أشار الذهبي في "الميزان" إلى هذا التناقض؛ ورد تليينه إياه؛ فقال: "وقد هرت (أي: طعن) ابن حبان سويداً، ثم آخر شيء قال: "وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات". قلت: لا، ولا كرامة، بل هو واه جداً". ولخص الحافظ في "التهذيب" كلام ابن حبان بفقرتيه، فظهر فيه التناقض دون أن يشير أنه من ابن حبان، فقال: "وضعفه ابن حبان جداً، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات"! والحديث؛ قال الهيثمي (4/ 313) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات". وقال المنذري (3/ 79/ 35) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 555 "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات؛ إلا سويد بن عبد العزيز". وترجمه في آخر الكتاب بتضعيف الجمهور إياه وتوثيق (دحيم) ، ولم يقل: "وغيره"؛ فأصاب. 5342 - (من كفل يتيماً - له - ذو قرابة، أو لا قرابة له؛ فأنا وهو في الجنة كهاتين - وضم إصبعيه -، ومن سعى على ثلاث بنات؛ فهو في الجنة، وكان له كأجر مجاهد في سبيل الله صائماً قائماً) . ضعيف أخرجه البزار في "مسنده" (1909،1912 - كشف الأستار) : حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي: حدثنا بيان بن حمران: حدثنا المفضل بن فضالة - أخو مبارك بن فضالة - عن ليث عن أبي رزين عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال: "لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، والمفضل بصري مشهور، وهم إخوة ثلاثة"! قلت: وهو إسناد ضعيف مظلم، مسلسل بالمجهولين والضعفاء، وإليك البيان: 1- إسحاق بن سليمان البغدادي؛ أورده الخطيب (6/ 365) من رواية البزار وحده عنه، وساق له حديثاً آخر من طريق البزار، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول العين. 2- بيان بن حمران؛ ذكره الخطيب أيضاً بحديث آخر، ثم روى (7/ 111) عن الدارقطني أنه قال: "بيان بن حمران المدائني؛ روى عن مفضل بن فضالة البصري - أخي مبارك -، وعمر بن موسى الوجيهي. روى عنه ابنه محمد بن بيان، ورزق الله بن مهران، الحديث: 5342 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 556 وإسحاق بن إسماعيل السقطي"؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال. 3- المفضل بن فضالة؛ ضعفه ابن معين وجمع. وشذ ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف. 4- ليث - وهو ابن أبي سليم -؛ أجمعوا على تضعيفه أو كادوا. وقال الحافظ: "صدوق، اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه، فترك". وبه - فقط - أعل المنذري الحديث في "الترغيب" (3/ 84) ؛ فقصر! وتبعه على ذلك - الهيثمي - كعادته؛ إلا أنه وصف ابن أبي سليم بما ليس فيه؛ فقال (8/ 157،162) : "رواه البزار، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس"! وأقره على ذلك الشيخ حبيب الأعظمي - كعادته - في تعليقه على "الكشف" (2/ 384،386) ! وقد رأيت الشيخ الهيثمي يكرر هذا الوصف كثيراً في "مجمعه"، وكنت أتعجب منه وأتساءل في نفسي: هل وجد الشيخ هذا الوصف منقولاً في بعض الكتب التي لم نطلع عليها، أم هو الوهم؟! وكان ذلك يمنعني من الجزم بوهمه، حتى رأيت الحافظ ابن حجر قد تعقبه في "زوائد البزار" - له -؛ فقد نقل فيه (ص 297) عنه أنه قال في حديث آخر في فضل التسبيح: "وليث بن أبي سليم ثقة، ولكنه مدلس"! فتعقبه الحافظ فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 557 "قلت: ما علمت أحداً صرح بأنه ثقة، ولا من وصفه بالتدليس قبل الشيخ". وراجع "مجمع الزوائد" (10/ 93-94) مع التعليق عليه؛ فإن المعلق غير كلام الهيثمي، فجعل مكان قوله "مدلس": "اختلط"، غير منتبه أن ذلك تكرر من الهيثمي، بحيث إن هذا التغيير لا يطابق المعهود منه! والله أعلم. (تنبيه) : قوله: "ذو قرابة" كذا وقع في "كشف الأستار" في الموضعين منه؛ برفع "ذو"، وكذلك نقله المنذري ثم الهيثمي عن البزار. وتوهم المعلق عليه - الشيخ الأعظمي - أن ذلك خطأ من حيث الإعراب، فجعله منصوباً: "ذا"! والرفع له وجه معروف في اللغة؛ وذلك بتقدير: "هو ذو"، وما كان كذلك لم يجز تغييره، بل يثبت كما هو في الأصل، ثم يعلق عليه بما يراه المعلق صواباً أو خطأ، كما هو مبين في علم المصطلح. ثم إن الطرف الأول من الحديث صحيح، جاء من طريق أخرى عن أبي هريرة، سبق تخريجه في "الصحيحة"، وله شاهد خرجته تحته، وآخر خرجته هناك برقم (800) . هذا؛ ولليث فيه إسناد آخر، بلفظ آخر أشبه بالصواب؛ رواه عن محمد بن المنكدر عن أم ذرة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين - وجمع بي السبابة والوسطى -، والساعي على اليتيم والأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله والصائم القائم لا يفتر". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 558 أخرجه أبو يعلى (3/ 1191) ، والطبراني أيضاً في "الأوسط" - كما في "المجمع" (8/ 160) - وقال: "وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات"! كذا قال! وقد عرفت مما تقدم أن ليثاً ليس بمدلس، وإنما هو مختلط؛ إلا أن حديثه هذا له شاهد بالشطر الثاني من حديث أبي هريرة في "الصحيحين"، و "المسند" (2/ 361) ؛ لكن ليس فيه ذكر اليتيم، وصححه الترمذي (1/ 356) . وأما الشطر الأول؛ فسبقت الإشارة إلى صحته وموضع تخريجه آنفاً. 5343 - (من كفل يتيماً له أو لغيره؛ وجبت له الجنة؛ إلا أن يكون عمل عملاً لا يغفر، ومن ذهبت كريمتاه؛ وجبت له الجنة؛ إلا أن يكون عمل عملاً لا يغفر) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 136/ 2) عن إسماعيل ابن عيسى العطار: أخبرنا داود بن الزبرقان عن أبي سفيان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: "أبو سفيان: هو - عندي - سعيد بن مسروق. والله أعلم". قلت: يعني: والد سفيان الثوري، وهو ثقة من رجال الشيخين. لكن الراوي عنه - داود بن الزبرقان - ضعيف جداً؛ قال الحافظ: "متروك؛ كذبه الأزدي". وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 162) : الحديث: 5343 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 559 "رواه الطبراني، وفيه داود بن الزبرقان، وهو متروك". وتابعه على الشطر الأول منه: حنش عن عكرمة بلفظ: "من قبض يتيماً من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه؛ أدخله الله الجنة ألبتة؛ إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر له". أخرجه الترمذي (1/ 349) ، والحارث بن أبي أسامة في "زوائده" (108/ 1) ، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 655/ 702) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 125/ 2) . وقال الترمذي: "حنش: هو حسين بن قيس؛ وهو أبو علي الرحبي، وهو ضعيف عند أهل الحديث". قلت: وهو متروك؛ كما في "التقريب". (تنبيه) : ذكر المنذري في "الترغيب" (3/ 230) هذا الحديث من رواية الترمذي وحده؛ وقال: "وقال: حديث حسن صحيح"! وهذا من أوهامه رحمه الله؛ فإنما قال الترمذي هذا التصحيح في حديث سهل بن سعد في فضل كافل اليتيم، وهو أول حديث في الباب عند المنذري؛ فاقتضى التنبيه. ثم وجدت للحديث شاهداً، ولكنه واه؛ من رواية المسيب بن شريك قال:   (1) للشيخ - رحمه الله - قول آخر على هذا الإسناد، في " الصحيحة " (2882) ، وفيه بحث في رجال إسناده يختلف عما هنا. فينظر. والقاسم الآتي له ترجمة في " ثقات ابن حبان " (9 / 18) و " تاريخ بغداد " (12 / 427) موثقاً. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 560 حدثنا الهيثم بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن تميم بن طرفة عن أبيه عن عدي مرفوعاً؛ دون الاستثناء. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 26/ 5477) ، وقال: "لم يسند عبد الله بن تميم بن طرفة حديثاً غير هذا، ولا يروى هذا الحديث عن عدي بن حاتم إلا بهذا الإسناد، تفرد به القاسم بن سعيد بن المسيب بن شريك". قلت: كذا وقع في الأصل هنا، وفي الإسناد أيضاً: "القاسم بن سعيد بن المسيب ... "؛ ولم أجد للقاسم هذا ترجمة! لكني رأيت الحافظ الهيثمي قال في "المجمع" - عقب الحديث (8/ 162) -: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه المسيب بن شريك، وهو متروك". قلت: ففيه إشعار بأن نسختنا من "الأوسط" تحرف فيها: "عن المسيب.." إلى: "ابن المسيب". والمسيب هذا؛ له ترجمة سيئة في "الميزان"، و "اللسان"؛ حتى قال فيه الفلاس: "متروك الحديث، قد أجمع أهل العلم على ترك حديثه". وعبد الله بن تميم؛ وكذا وقع أيضاً في الأصل: "عبد الله" مكبراً! ووقع في الرواة عن تميم بن طرفة من "تهذيب المزي": "عبيد الله" مصغراً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 561 ولم أجد له ترجمة؛ لا مكبراً ولا مصغراً، ويبدو أنه مجهول قليل الرواية، ليس له إلا هذا الحديث كما تقدم عن الطبراني. وفي كلام المزي إشارة إلى ذلك، حيث قال - بعدما ذكر روايته عن أبيه تميم -: "إن كان محفوظاً". والله أعلم. 5344 - (إن يوم الجمعة يوم عيد [وذكر] ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، [ولكن اجعلوه يوم ذكر] ؛ إلا أن تصوموا قبله أو بعده) (1) . منكر أخرجه الطحاوي (1/ 339) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (رقم 2163،2166) ، والحاكم (1/ 437) ، وأحمد (2/ 303،532) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 406/ 2 - مخطوطة الظاهرية وص 429-430 - مطبوعة المجمع - حرف العين) من طرق عن معاوية بن صالح عن أبي بشر عن عامر بن لدين الأشعري أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد؛ إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه، وليس ببيان بن بشر، وبجعفر بن أبي وحشية"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: أبو بشر مجهول". قلت: ولم يورده في "الميزان"، وهو من رجال "التهذيب"؛ خلافاً لما كنت أشرت إليه في "الإرواء" (4/ 117) ! وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " أعيد تخريجه برقم (2624) "، وفي العزو خطأ، والصواب (2826) . (الناشر) الحديث: 5344 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 562 وذكر ابن عساكر - والزيادتان له - في ترجمة عامر أنه أبو بشر القنسريني! ثم أفرده بالترجمة في "الكنى"، فقال (ق 80/ 1 - مصورة باريس) : "يقال: إنه من أهل قنسرين، حدث عن عامر بن لدين الأشعري، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز. روى عنه معاوية بن صالح الحمصي؛ وراشد بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز. مات سنة ثلاثين ومئة في خلافة مروان بن محمد". وإنما حكمت على الحديث بالنكارة؛ لأن ما فيه من النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم قد صح من طرق عن أبي هريرة، كنت أشرت إليها في تخريج حديثه هذا - الصحيح - في "إرواء الغليل" (رقم 959) ؛ وليس في شيء منها ما رواه أبو بشر هذا من العيد والذكر، أضف إلى ذلك جهالته. والله أعلم. (تنبيه) : قد أخرج الحديث: البزار في "مسنده" (1069 - كشف الأستار) من طريق أسد بن موسى: حدثنا معاوية بن صالح به؛ إلا أنه قال: عن عامر بن لدي الأشعري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. فأسقط منه أبا هريرة، فصار السماع لابن لدين منه - صلى الله عليه وسلم -! وقد جزم الحافظ وغيره بأنه خطأ، وأن الصواب رواية الجماعة، وأنه من مسند أبي هريرة. وأنا أظن أن الخطأ من أسد بن موسى؛ لأنه خالف الجماعة، ولأن فيه بعض الكلام؛ كما تراه في "التهذيب". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يغرب؛ وفيه نصب". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 563 ولم يتنبه لهذا: البزار، ولا المنذري، ولا الهيثمي وغيرهم! فقال البزار عقبه: "لا نعلم أسند عامر بن لدين إلا هذا"! وانطلى الأمر على المعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، فنقل عن الهيثمي قوله في "مجمع الزوائد" (3/ 199) : "رواه البزار، وإسناده حسن"! وسكت عليه كما هو شأنه في كل ما ينقله عنه في تعليقه على هذا الكتاب! والهيثمي قلد في ذلك الحافظ المنذري في "الترغيب" (2/ 87) ، وهكذا يتتابع الناس في الخطأ. وزاد في ذلك المنذري؛ فإنه أورده من رواية ابن خزيمة المتقدمة عقب حديث أبي هريرة الصحيح المشار إليه آنفاً، فأوهم صحتها، ثم بعد حديثين ساقه من رواية ابن لدين المسندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "رواه البزار بإسناد حسن"! فأوهم أنها رواية أخرى غير رواية ابن خزيمة، وأنها تزداد بها قوة على قوة! وهما في الحقيقة رواية واحدة وضعيفة من أصلها كما سلف بيانه. والله المستعان. وقد تعقبه الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" بما ذكرنا من السقط. وقد نقلت كلامه في تعليقي على "ضعيف الترغيب" (637) ؛ وهو تحت الطبع مع مقابله: "صحيح الترغيب" يسر الله تمام طبعهما (1) .   (1) وقد طبعا - ولله الحمد والمنة - بعد وفاة الشيخ - رحمه الله - بقليل. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 564 ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن أبي هريرة دون جملة الذكر، فتأكدت من نكارتها؛ يرويه عبد الملك بن عمير عن رجل من بني الحارث بن كعب - يقال له: أبو الأوبر - قال: كنت قاعداً عند أبي هريرة؛ إذ جاءه رجل فقال: إنك نهيت الناس عن الصيام يوم الجمعة؟ قال: ما نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تصوموا يوم الجمعة؛ فإنه يوم عيد؛ إلا أن تصلوه بأيام". أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3601 - الإحسان) من طريق جرير عن عبد الملك بن عمير به. وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكن جرير - وهو ابن عبد الحميد - تكلم في حفظه في آخر عمره. وقد خالفه شعبة؛ فقال الطيالسي في "مسنده" (2595) : حدثنا شعبة عن عبد الملك به؛ إلا أنه لم يذكر: "فإنه يوم عيد". وكذلك أخرجه أحمد (2/ 458) : حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة به. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 339) من طريق أخرى عن شعبة به. وتابعه شريك - وهو ابن عبد الله -: عند الطحاوي، وأحمد (2/ 526) . وأبو عوانة: عند أحمد (2/ 422) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 565 قلت: فاتفاق هؤلاء الثقات الثلاثة - على مخالفة جرير في هذه الزيادة - دليل واضح على أنها غير محفوظة؛ فهي شاذة. ويؤكد ذلك عدم ورودها في الطرق التي سبقت الإشارة إليها آنفاً عن أبي هريرة. 5345 - (من مشى في حاجة أخيه؛ كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله؛ جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد ما بين الخافقين) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 191/ 1 - مصورة الجامعة الإسلامية، ورقم 7462 - نسختي وترقيمي) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 424/ 3965) من طريق أحمد بن خالد الخلال: أخبرنا الحسن بن بشر قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن عطاء عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. ومن هذا الوجه: أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 89-90) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 126-127) ، وقال: "غريب؛ لا أعلم رواه عن عطاء غير ابن أبي رواد"! قلت: وهذا يشعر بأن من دونه قد توبع! وليس كذلك كما يفيده قول الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز بن أبي رواد إلا بشر بن سلم البجلي، تفرد به ابنه". قلت: ابنه - الحسن بن بشر - من شيوخ البخاري، وقد تكلم في حفظه؛ قال الحافظ في "التقريب": الحديث: 5345 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 566 "صدوق يخطىء". لكن العلة من أبيه بشر؛ فقد قال فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 358) عن أبيه: "منكر الحديث". وأقره الحافظ في "اللسان". قلت: ومما يدل على ذلك: ما عند أبي نعيم والخطيب في أول هذا الحديث بلفظ: عن ابن عباس أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه رجل، فسلم عليه، ثم جلس، فقال له ابن عباس: يا فلان! أراك مكتئباً حزيناً. قال: نعم؛ يا ابن عم رسول الله! لفلان علي حق ولاء، وحرمة صحب هذا القبر؛ ما أقدر عليه! قال ابن عباس: أفلا أكلمه [لك] ؟ قال: إن أحببت! فانتعل ابن عباس، ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ قال: لا، ولكني سمعت صاحب هذا القبر - والعهد به قريب؛ فدمعت عيناه - وهو يقول: ... فذكره. وبهذا اللفظ والتمام: أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 99) من رواية البيهقي. وموضع النكارة فيه؛ قول الرجل: وحرمة صاحب هذا القبر! فإن فيه الحلف بغير الله عز وجل، وهو شرك؛ كما جاء في الأحاديث الصحيحة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 567 ولئن جوزنا خفاء ذلك على الرجل؛ فليس بجائز أن يخفى على ابن عباس، وإذا كان كذلك؛ فكيف يعقل أن يسكت ابن عباس عن هذا المنكر ولا ينهاه عنه؟! نعم؛ قد روي الحديث من طريق أخرى عن عبد العزيز بن أبي رواد، بلفظ آخر يختلف عن لفظ بشر بن مسلم؛ فقد رواه الوليد بن صالح عن أبي محمد الخراساني عن عبد العزيز بن أبي رواد؛ بلفظ: "من مشى مع أخيه في حاجة فناصحه في الله؛ جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، [بين الخندق] والخندق كما بين السماء والأرض". أخرجه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص 79-80 - مجموعة الرسائل) - والزيادة له -، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 200) - والسياق له -، وقال: "غريب من حديث عبد العزيز، لم نكتبه إلا من حديث الوليد بن صالح". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين. لكن شيخه - أبو محمد الخراساني - ليس كذلك؛ فقد قال فيه ابن حجر في (كنى) "اللسان" - تبعاً لابن أبي حاتم عن أبيه -: "مجهول". فهو علة هذا اللفظ. وقد روي بلفظ ثالث من طريق أخرى عن ابن عباس في حديث طويل فيه: ".. ولأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته؛ أفضل من أن يعتكف في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 568 مسجدي هذا شهرين"؛ وأشار بإصبعيه. أخرجه الحاكم (4/ 269-270) عن محمد بن معاوية: حدثنا مصادف بن زياد المديني - قال: وأثنى عليه خيراً - عن محمد بن كعب القرظي قال: قال ابن عباس ... ثم ساقه من طريق أبي المقدام هشام بن زياد: حدثنا محمد بن كعب القرظي به نحوه. ثم قال الحاكم: "قد اتفق هشام بن زياد النصري، ومصادف بن زياد المديني على روايته عن محمد بن كعب القرظي. والله أعلم"! فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني، فبطل الحديث". قلت: وهذه الطريق مع أنها أضعف الطرق؛ فإن لفظه له شاهد نحوه من حديث ابن عمر؛ خرجته في "الصحيحة" (906) . وجملة القول: أن الحديث ضعيف؛ لضعف في بعض رواته، وجهالة في غيرهم، واضطرابهم في متنه، والنكارة التي فيه. وقد ضعفه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 185) . وخالفه تلميذه الهيثمي، فقال (8/ 192) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده جيد"! وكأنه لم يستحضر حال بشر بن سلم، وإلا؛ لما جاز له أن يجود إسناده. والله أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 569 5346 - (دخلت الجنة؛ فسمعت فيها خشفة بين يدي، فقلت: ما هذا؟ قال: بلال. قال: فمضيت؛ فإذا أكثر أهل الجة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين، ولم أر أحداً أقل من الأغنياء والنساء. قيل لي: أما الأغنياء؛ فهم ههنا بالباب يحاسبون ويمحصون. وأما النساء؛ فألهاهن الأحمران: الذهب والحرير. قال: ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية، فلما كنت عند الباب؛ أتيت بكفة فوضعت فيها، ووضعت أمتي في كفة؛ فرجحت بها، ثم أتي بأبي بكر رضي الله عنه، فوضع في كفة، وجيء بجميع أمتي في كفة فوضعوا، فرجح أبو بكر رضي الله عنه، وجيء بعمر فوضع في كفة، وجيء بجميع أمتي فوضعوا؛ فرجح عمر رضي الله عنه. وعرضت أمتي رجلاً رجلاً، فجعلوا يمرون، فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس، فقلت: عبد الرحمن! فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! ما خلصت إليك حتى ظنت أني لا أنظر إليك أبداً إلا بعد المشيبات! قال: وما ذاك؟ قال: من كثرة مالي؛ أحاسب وأمحص) . منكر جداً أخرجه أحمد (5/ 259) : حدثنا الهذيل بن ميمون الكوفي الجعفي - كان يجلس في مسجد المدينة، يعني: مدينة أبي جعفر، قال عبد الله: هذا شيخ قديم كوفي - عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بمن ليس بثقة؛ سوى القاسم - وهو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي -؛ فقد وثق. وغلا فيه ابن حبان - فقال (2/ 212) : الحديث: 5346 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 570 "كان ممن يروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعضلات، ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات؛ حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها"!! ووثقه غيره. وذكر البخاري أن ما ينكر من حديثه؛ إنما هو من الرواة الضعفاء عنه. والمتقرر فيه: أنه حسن الحديث؛ فالعلة هنا ممن دونه: أولاً: علي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيف. ثانياً: عبيد الله بن زحر مثله في الضعف، أو ذاك شر منه، وقال ابن حبان فيه (2/ 62) : "منكر الحديث جداً، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة، بل التنكب عن رواية عبيد الله بن زحر على الأحوال أولى". ثالثاً: مطرح بن يزيد ضعيف اتفاقاً. رابعاً: الهذيل بن ميمون الكوفي غير معروف فيما يبدو إلا في هذه الرواية؛ فإن الحافظ لما أورده في "التعجيل"؛ لم يزد في ترجمته على قول عبد الله بن أحمد المذكور في الإسناد، ولعله الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 113) : "هذيل بن ميمون. روى عن الأحوص بن حكيم. روى عنه يحيى بن أيوب البغدادي المعروف بـ (الزاهد) . سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعرفه، لا أعلمه روى الجزء: 11 ¦ الصفحة: 571 عنه غير يحيى بن أيوب الزاهد". قلت: وهو المقابري؛ وهو من شيوخ أحمد، وبين وفاتيهما سبع سنوات، فلا أستبعد أن يكون هذا الذي سمع منه يحيى: هو الكوفي الذي سمع منه الإمام أحمد، فيكون مجهول الحال. والله أعلم. والحديث؛ قال الهيثمي (9/ 59) : "رواه أحمد؛ والطبراني بنحوه باختصار، وفيهما مطرح بن يزيد، وعلي بن يزيد الألهاني، وكلاهما مجمع على ضعفه. ومما يدلك على ضعف هذا أن عبد الرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر، والحديبية، وأحد العشرة، وهو أفضل الصحابة والحمد لله". ولم يستحضر المنذري أن الحديث في "المسند"، و"الطبراني"! فقد ذكر طرفه الأول في كتاب "اللباس" من "الترغيب والترهيب" (3/ 105) ؛ ثم قال: "رواه أبو الشيخ ابن حيان وغيره من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه"! قلت: وصدره بلفظة: (عن) ؛ فلم يصب؛ لما فيه من إيهام قوته؛ كما بينته في مقدمة "صحيح الترغيب" و "ضعيف الترغيب"!! 5347 - (ما أنعم الله على عبد نعمة، فعلم أنها من عند الله؛ إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده عليها. وما أذنب عبد ذنباً، فندم عليه؛ إلا كتب الله له مغفرة قبل أن يستغفره. وما اشترى عبد ثوباً بدينار الحديث: 5347 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 572 أو نصف دينار، فلبسه، فحمد الله عليه؛ إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له) . ضعيف جداً أخرجه الحاكم (1/ 514) من طريق محمد بن جامع العطار: حدثنا السكن بن أبي السكن البرجمي: حدثنا الوليد بن أبي هشام عن القاسم ابن محمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال: "هذا حديث لا أعلم في إسناده أحداً ذكر بجرح"! كذا قال! وقد ردوه عليه تلويحاً وتصريحاً: فقال المنذري في "الترغيب" (3/ 101) : "رواه ابن أبي الدنيا، والحاكم، والبيهقي. وقال الحاكم: "رواته؛ لا أعلم فيهم مجروحاً"! كذا قال". وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": "قلت: بلى؛ قال ابن عدي: محمد بن جامع العطار لا يتابع على أحاديثه". قلت: وقد اتفقوا على تضعيفه، بل قال ابن عبد البر: "متروك الحديث". ونحوه قول أبي زرعة؛ فقال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 223) : "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: ليس بصدوق، ما حدثت عنه شيئاً، ولم يقرأ علينا حديثه". وشذ ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 573 قلت: والوليد بن أبي هشام؛ قال الحافظ: "مستور". لكنه عند ابن أبي الدنيا في "الشكر" (ص 12) ، وكذا البيهقي في "الشعب" (4/ 92/ 4379-4380) من طريق هشام بن زياد عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد به. بيد أن هشاماً هذا - وهو أبو المقدام - متروك؛ كما هو في "التقريب". 5348 - (عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى الله عز وجل، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد) (1) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 317/ 6154) من طريق عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون عن الأعمش عن أبي العلاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: جهالة أبي العلاء هذا؛ قال الذهبي في ترجمة ابن أبي الجون: "لا أعرفه". وأشار إلى ذلك الحافظ في ترجمته من (كنى) "اللسان". والأخرى: ابن أبي الجون هذا، وهو مختلف فيه؛ كما تراه في "التهذيب"، و   (1) الحديث ثابت سوى الجملة الأخيرة؛ كما حققه في " الإرواء " (452) . (الناشر) الحديث: 5348 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 574 "مجمع الزوائد" (2/ 251) . وأشار إلى ذلك المنذري في "الترغيب" (1/ 216) ، وأكد ذلك بقوله في ترجمته في آخر كتابه: "صويلح". وفاته - هو والهيثمي - العلة الأولى، وإعلاله به أولى. والحديث؛ أخرجه ابن عدي وابن عساكر؛ كما في "الإرواء"، فراجعه. وقد جاء من طريق أخرى دون قوله: "ومطردة للداء عن الجسد". وهو أقوى من هذا، وله بعض الشواهد مذكورة هناك. 5349 - (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم! أنت خلقتني، وأنت تهديني، وأنت تطعمني وتسقيني، وأنت تميتني وأنت تحييني؛ لم يسأل إلا أعطاه الله إياه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 1003 - نسختي) : حدثنا أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم قال: أخبرنا محمد بن حمران قال: أخبرنا أبو روح عن الحسن قال: قال سمرة بن جندب: ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مراراً، ومن أبي بكر مراراً، ومن عمر مراراً؟! قلت: بلى. قال: ... فذكره. قال: فلقيت عبد الله بن سلام، فقلت: ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله الحديث: 5349 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 575 - صلى الله عليه وسلم - مراراً، ومن أبي بكر مراراً، ومن عمر مراراً؟! قال: بلى. فحدثته بهذا الحديث، فقال: بأبي وأمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! هؤلاء الكلمات كان الله عز وجل أعطاهن موسى عليه السلام، فكان يدعو بهن في كل يوم سبع مرات، فلا يسأل الله عز وجل شيئاً إلا أعطاه إياه. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات. وأبو روح؛ الظاهر أنه سلام بن مسكين البصري؛ فإنهم ذكروه في الرواة عن الحسن البصري. وأما أحمد - شيخ الطبراني -؛ فالظاهر أنه الذي قبله بأحاديث، ابتداءً من الحديث (978) ؛ فإنه قال فيه: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن صباح الأيلي بمصر ... ثم ساق له أحاديث كثيرة يقول في أول كل واحد منها: "حدثنا أحمد ... " لا ينسبه، وكذلك يفعل في شيوخه الآخرين، ينسبه في حديثه الأول، ثم يقتصر على اسمه فقط دون أبيه في سائر أحاديثه اختصاراً. و (الأيلي) مهملة في الأصل، فإن كان الباء الموحدة (الأبلي) فهو بضمها وتشديد اللام؛ ونسبة إلى (أبلة) : بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة، وهي اليوم من البصرة، قاله ابن الجزري في "اللباب"، وإن كان بالمثناة من تحت: (الأيلي) ؛ فهو بفتح الألف وسكون المثناة؛ نسبة إلى (أيلة) : بلدة على ساحل بحر القلزم (الأحمر) مما يلي ديار مصر؛ ولعلها المعروفة اليوم بـ (إيلات) ، التي احتلها اليهود من خليج العقبة. وسواءً كان هذا أو ذاك؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال! ومن شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير": أحمد بن محمد بن الصباح الجزء: 11 ¦ الصفحة: 576 أبو عبد الله البصري، روى له بإسناده حديثاً آخر عن النعمان بن بشير مرفوعاً: "إن الله كتب كتاباً؛ فهو عنده على العرش.." الحديث (رقم 886 - الروض النضير) ، فيحتمل أن يكون هو هذا، ولكني لم أجده أيضاً، فإن ثبت أنه ثقة ضابط؛ فالحديث ثابت، وإلا؛ فلا، وأما قول المنذري في "الترغيب" (1/ 232) - وتبعه الهيثمي - كعادته - في "المجمع" (10/ 118) -: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن"! فالظاهر أنه قائم على إغماض النظر عن شيخ الطبراني، وهو أمر نعرفه عن الهيثمي، وقد رأيته صرح في بعض المواطن - ولا يحضرني الآن مكانه (1) - أن شيوخ الطبراني الذين لم يوردهم الذهبي في "الميزان" على الستر أو العدالة، أو كما قال! وهذا مذهب فيه تساهل كبير، كما لا يخفى على من تشبع بأقوال أهل هذا العلم ونقاده. ثم استدركت فقلت: الحسن: هو البصري كما تقدم؛ وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث! 5350 - (إذا طلعت الشمس من مطلعها كهيأتها لصلاة العصر حين تغرب من مغربها؛ فصلى رجل ركعتين وأربع سجدات؛ كتب له أجر ذلك اليوم - وحسبته قال -؛ وكفر عنه خطيئته وإثمه - وأحسبه قال -، فإن مات من يومه دخل الجنة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 226/ 7790) من   (1) هو في مقدمة " المجمع ". (الناشر) الحديث: 5350 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 577 طريقين عن ميمون بن زيد عن ليث بن أبي سليم عن ثابت بن عجلان عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: ضعف ليث واختلاطه؛ كما تقدم مراراً. والأخرى: ميمون بن زيد؛ أورده الذهبي في "ديوان الضعفاء"، وقال: "قال الأزدي: فيه ضعف". وأما في "الميزان" و "المغني"؛ فقال: "لينه أبو حاتم". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 226) - بعد أن عزاه لـ "المعجم" -: "وفيه ميمون بن زيد؛ قال الذهبي: "لينه أبو حاتم". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "يخطىء". وبقية رجاله موثقون؛ إلا أن فيهم ليث بن أبي سليم؛ وفيه كلام"! قلت: لقد ألان القول في ليث؛ بحيث أشعر أنه قد وثق، ولعله تبع في ذلك المنذري؛ فإنه قال في "الترغيب" (1/ 237) : "رواه الطبراني، وإسناده مقارب، وليس في رواته من ترك حديثه، ولا أجمع على ضعفه"! قلت: وهذا من تساهله الذي غلب عليه في الكتاب المذكور، ولذلك صدر هذا الحديث بلفظة: (عن) ؛ المشعر بعدم ضعفه عنده! فإن الحديث ضعيف لا يشترط فيه أن يكون فيه من أجمع على ضعفه؛ بل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 578 يكفي - عند المحققين - أن يكون الراجح فيه الضعف لسبب من الأسباب الجارحة؛ وما أكثرها! ولذلك قالوا: الجرح مقدم على التعديل؛ على التفصيل المعروف. وليث؛ سبب جرحه سوء حفظه واختلاطه. على أن الإجماع الذي زعمه معارض بإجماع قبله؛ كما كنت علقته على "ضعيف الترغيب والترهيب" (1/ 167) رداً لقول المنذري المذكور، فليراجعه من شاء. 5351 - (يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك، ووارى عورتك، وإن كان لك بيت يظلك؛ فذاك، وإن كانت لك دابة؛ فبخ!) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 9497 - مصورتي) من طريق الحسن بن عمارة عن عدي بن ثابت عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قلت: يا رسول الله! ما يكفيني من الدنيا؟ فقال: "ما سد جوعتك ... " الحديث. وقال: "لم يروه عن عدي بن ثابت إلا الحسن بن عمارة". قلت: وهو متروك؛ كما قال الهيثمي (10/ 254) بعد أن عزاه لـ "أوسط الطبراني". وأشار المنذري (3/ 111) لتضعيف الحديث؛ إلا أنه أطلق العزو للطبراني، فأوهم أنه في "المعجم الكبير"؛ وليس فيه! الحديث: 5351 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 579 5352 - (ما من أحد يلبس ثوباً ليباهي به؛ لينظر الناس إليه؛ إلا لم ينظر الله إليه حتى ينزعه) . ضعيف جداً رواه الطبراني (23/ 283/ 618) ، والسلفي في "معجم السفر" (ق 85/ 2) ، وابن عساكر (13/ 211/ 2) عن عبد الخالق بن زيد ابن واقد عن أبيه عن محمد بن عبد الملك بن مروان عن أبيه عن أم سلمة مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ آفته عبد الخالق بن زيد؛ قال النسائي: "ليس بثقة". وقال البخاري: "منكر الحديث". وضعفه غيرهما. وقال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 149) : "يروي المناكير عن المشاهير؛ التي إذا سمعها المستمع شهد أنها مقلوبة أو معمولة، لا يجوز الاحتجاج به". والحديث؛ أشار المنذري (3/ 111) إلى تضعيفه! وأعله الهيثمي (5/ 135) بابن زيد هذا. الحديث: 5352 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 580 5353 - (ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل؛ أبصره رجل مكاتب. فقال: تصدق علي بارك الله فيك! فقال الخضر: آمنت بالله، ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي شيء أعطيكه. فقال المسكين: أسألك بوجه الله! الحديث: 5353 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 580 لما تصدقت علي؛ فإني نظرت السيماء (وفي رواية: سيماء الخير) في وجهك، ورجوت البركة عندك! فقال الخضر: آمنت بالله، ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتتبيعني! فقال المسكين: وهل يستقيم هذا؟! قال: نعم، الحق أقول؛ لقد سألتني بأمر عظيم، أما إني لا أخيبك بوجه ربي؛ يعني! قال: فقدم إلى السوق فباعه بأربع مئة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء، فقال له: إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني بعمل؟ قال: أكره أن أشق عليك؛ إنك شيخ كبير. قال: ليس يشق علي. قال: فقم وانقل هذه الحجارة، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم. فخرج الرجل لبعض حاجته؛ ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة! قال: أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه. قال: ثم عرض للرجل سفر، فقال: إني أحسبك أميناً، فاخلفني في أهلي خلافة حسة. قال: فأوصني بعمل. قال: إني أكره أن أشق عليك. قال: ليس يشق علي. قال: فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك. قال: فمضى الرجل لسفره. [قال:] فرجع الرجل وقد شيد بناءه! فقال: أسألك بوجه الله! ما سبيلك وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقعني في العبودية. فقال الخضر: سأخبرك من أنا؟ أنا الخضر الذي سمعت به؛ سألني [رجل] مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله، فأمكنته من رقبتي، فباعني. وأخبرك أنه من سئل بوجه الله، فرد سائله وهو يقدر؛ وقف يوم القيامة [ليس على وجهه] جلد ولا لحم؛ إلا عظم يتقعقع. فقال الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا نبي الله! ولم أعلم. قال: لا بأس؛ أحسنت الجزء: 11 ¦ الصفحة: 581 وأبقيت. فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا نبي الله! احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيرك؛ فأخلي سبيلك؟ فقال: أحب أن تخلي سبيلي؛ فأعبد ربي. فخلى سبيله. فقال الخضر: الحمد لله الذي أوقعني في العبودية؛ ثم نجاني منها) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 357) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 132-134/ 7530) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 287) من طريق سليمان بن عبيد الله الحطاب: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: ... فذكره. والطبراي أيضاً، وفي "مسند الشاميين" (ص 163) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 319/ 2) عن محمد بن الفضل بن عمران الكندي: حدثنا بقية عن محمد بن زياد الألهاني به. قلت: وهذا إسناد ضعيف من الطريقين عن بقية: أما الأولى؛ فلضعف سليمان بن عبيد الله؛ قال النسائي: "ليس بالقوي". وقال ابن معين: "ليس بشيء". وذكره العقيلي في "الضعفاء". ولا ينافي ضعفه قول أبي حاتم فيه: "صدوق، ما رأيت إلا خيراً"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 582 لاحتمال أنه يعني أنه ليس بمتهم، وذلك لا ينافي الضعف الناشىء من سوء الحفظ، والذي يستلزم النظر في حديثه، بل هذا ما صرح به ابنه في مقدمة "الجرح والتعديل" (1/ 37) ، فراجعه إن شئت. وأما توثيق ابن حبان؛ فقد عرف تساهله في التوثيق؛ فلا إشكال. ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب" - ملخصاً للأقوال المتقدمة فيه -: "صدوق، ليس بالقوي". قلت: فمثله لا يحتج به؛ فلا يقبل منه تصريح بقية بالتحديث فيه. وعلى ذلك جرى من قبلنا من النقاد؛ فقال الذهبي في ترجمة بقية من "الميزان": "ومن مناكير بقية: حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعاً: بينما الخضر يمشي في سوق لبني إسرائيل ... الحديث بطوله. هذا الحديث قال ابن جوصا: سألت محمد بن عوف عنه؟ فقال: هذا موضوع. فسألت أبا زرعة عنه؟ فقال: حديث منكر. قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن بقية غير سليمان بن عبيد الله الرقي، وقد ادعاه عبد الوهاب بن ضحاك العرضي، وهو متهم، وأما سليمان؛ فقال فيه ابن معين: ليس بشيء. فسلم عنه بقية". قلت: وقد فاته الطريق الأخرى عند الطبراني؛ أعني: محمد بن الفضل بن عمران الكندي، ولكني لم أجد له ترجمة، مع أنه لم يذكر تحديث بقية، وكذلك سليمان الرقي لم يذكر ذلك عند الطبراني، فكأنه أحال بها على رواية الكندي، ومن أجل ذلك لم يتعرض لذكر التحديث من تكلم على رواية الطبراني، فقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 103) : "رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون؛ إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو الجزء: 11 ¦ الصفحة: 583 مدلس؛ ولكنه ثقة". وأعاده بنحوه في مكان آخر (8/ 213) . وقال المنذري في "الترغيب" (2/ 18) : "رواه الطبراني وغير الطبراني، وحسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد. والله أعلم". قلت: وصدره بلفظة: (روي) إشارة منه إلى ضعف الحديث المطابق لاستبعاده تحسين بعض مشايخه إياه؛ فأجاد كما قال الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (114-115) ، وإن كان العهد به تصديره لأحاديث بقية بلفظة: (عن) كما حققته في مقدمتي لكتابي "صحيح الترغيب والترهيب" وفي "ضعيفه" أيضاً، فلعل ذلك لضعف سليمان، وجهالة ابن عمران الكندي. وقد أشار إليها الحافظ ابن كثير في "البداية"؛ فإنه ساق الحديث بطوله من رواية أبي نعيم الأصبهاني: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني ... فساقه من الطريقين المتقدمين، ثم قال (1/ 330) : "وهذا حديث رفعه خطأ، والأشبه أن يكون موقوفاً، وفي رجاله من لا يعرف. والله أعلم". وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة (الخضر) من "الإصابة" - بعد أن ساقه من رواية الطبراني أيضاً -: "قلت: وسند الحديث حسن؛ لولا عنعنة بقية، ولو ثبت لكان نصاً أن الخضر نبي لحكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الرجل: "يا نبي الله! "، وتقريره على ذلك". قلت: وهذا صريح في أن الحافظ لم يقف على تحديث بقية المتقدم، وإلا؛ لجزم بحسنه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 584 والحق أنه ضعيف؛ لما عرفت من حال المصرح بالتحديث. والله أعلم. ونبوة الخضر ليست بحاجة في إثباتها إلى مثل هذا الحديث؛ بعد قوله تعالى في القرآ حكاية عن الخضر: (وما فعلته عن أمري) ، وغير ذلك من الأدلة المعروفة. 5354 - (إن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين حتى اكتوى؛ فتنحت) . منكر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4/ 288) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 107/ 203) من طريقين عن قتادة: أن الملائكة ... الحديث. قلت: إسناد مرسل؛ فإن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس رضي الله عنه. والمحفوظ عن عمران أن الملائكة كانت تسلم عليه. فقد روى مطرف عنه أنه قال: كان يسلم علي حتى اكتويت؛ فتركت، ثم تركت الكي؛ فعاد. أخرجه مسلم (4/ 48) - واللفظ له -، وابن سعد (4/ 289 و 7/ 11) ، والحاكم (3/ 472) ؛ ولفظهما - والسياق لابن سعد -: قال مطرف: أرسل إلي عمران بن حصين في مرضه فقال: إنه كانت تسلم علي - يعني: الملائكة -؛ فإن عشت فاكتم علي، وإن مت؛ فحدث به إن شئت. وإسناده صحيح. الحديث: 5354 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 585 5355 - (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره: مئة ألف صلاة، وفي مسجدي: ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس: خمس مئة صلاة) . ضعيف بطرفه الأخير أخرجه البزار في "مسنده" (422 - كشف الأستار) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 248) من طريق سعيد بن سالم القداح عن سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال البزار: "لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعاً إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو إسناد ضعيف؛ كما يأتي بيانه. وقد عزا الحافظ المنذري إليه أنه حسن إسناده، فقال في "الترغيب" (2/ 137) : "رواه البزار، وقال: "إسناده حسن". كذا قال! "! فلا أدري أهو وهم من المنذري، أم أسقط ذكره من قلم الهيثمي في "كشف الأستار"؛ كما سقط منه عزوه في "مجمع الزوائد" (4/ 7) إلى البزار؟! وإنما عزاه للطبراني في "الكبير" بنحوه. وقد عزاه إليه المنذري أيضاً. ثم قال الهيثمي: "ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن"! قلت: بل هو حديث منكر؛ فإن آخره مخالف لحديث أبي ذر الصحيح بلفظ: الحديث: 5355 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 586 "صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه"؛ يعني: بيت المقدس. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8395 - مصورتي) ، والحاكم (4/ 509) . وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وقال الطبراني: "لم يروه عن قتادة إلا الحجاج وسعيد بن بشير؛ تفرد به عن الحجاج: إبراهيم ابن طهمان، وتفرد به عن سعيد: محمد بن سليمان بن أبي داود"! قلت: بل تابعه الوليد بن مسلم: حدثا سعيد بن بشير به. أخرجه الطحاوي في "المشكل" (1/ 248) . قلت: فهذا الحديث الصحيح يفيد أن الصلاة في بيت المقدس بمئتي صلاة وخمسين صلاة؛ لأن الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - بألف صلاة كما في غير ما حديث، وهذا خلاف ما في هذا الحديث الضعيف. وعلته: ضعف سعيد بن سالم القداح وشيخه، وكأنه لذلك أشار المنذري فيما تقدم إلى رده لتحسين البزار لإسناده. وأيده في ذلك الحافظ إبراهيم الناجي الحلبي في كتابه "عجالة الإملاء" بقوله (135/ 1) : "وهو كما قال المصنف؛ إذ فيه سعيد بن سالم القداح، وقد ضعفوه، ورواه عن سعيد بن بشير، وله ترجمة في آخر هذا الكتاب "الترغيب" في الرواة المختلف فيهم". قلت: وقال شيخه الحافظ ابن حجر فيه - أعني: ابن بشير هذا -: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 587 "ضعيف". فمن غرائب المنذري التي جرى عليها في "ترغيبه": أن يصدر الأحاديث الضعيفة بلفظ: "عن" المشعر بأنه غير ضعيف، بل أنه صحيح أو حسن أو قريب منهما! ومن ذلك هذا الحديث؛ فقد صدره بـ: (عن) مع انتقاده لقول البزار فيه: "حسن"؛ كما تقدم! فإن قيل: لعله فعل ذلك لشاهده الذي ذكره بعد أربعة أحاديث من حديث جابر مرفوعاً به مطولاً، لكن ليس فيه موضع الشاهد منه، وقال: "رواه البيهقي، ورواه أيضاً هو وغيره من حديث ابن عمر بنحوه"! فقد أورده السيوطي أيضاً في "الجامع الكبير" دون الشاهد، وقال: "رواه البيهقي في "الشعب" - وضعفه -، وابن عساكر عن ابن عمر". ولم يعزه للبيهقي عن جابر بهذا اللفظ، وإنما أورده قبل ذلك بأحاديث بلفظ: "صلاة في المسجد الحرام مئة ألف صلاة ... " الحديث بلفظ حديث الترجمة تماماً. وقال في تخريجه: "رواه البيهقي في "الشعب"، والخطيب في "المتفق والمفترق" عن جابر، وفيه إبراهيم بن أبي حية؛ واه". يعي: أنه ضعيف جداً، وعليه؛ فلا يصلح شاهداً؛ كما هو معلوم من علم المصطلح. وأنا أظن أن المنذري لما عزاه من حديث جابر للبيهقي؛ يعني: هذا اللفظ: وأما اللفظ الذي ساقه هو؛ فإنما هو لفظ حديث ابن عمر؛ فقد وجدته كذلك في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم، وإسناده ضعيف جداً؛ كما تقدم بيانه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 588 برقم (831) . وأنكر من حديث الترجمة: ما أخرجه ابن ماجه في حديث لأنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: ".. وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة"! فصارت الصلاة في الأقصى أفضل من الصلاة في المسجد النبوي! وقد صدره المنذري أيضاً بـ: (عن) ! مع قوله في تخريجه (1/ 136) : "رواه ابن ماجه، ورواته ثقات؛ إلا أن أبا الخطاب الدمشقي لا تحضرني الآن ترجمته ... "! والحقيقة أنه مجهول؛ كما صرح بذلك الحافظ في "التقريب". ونحوه قول الذهبي في "الميزان": "ليس بالمشهور"، ثم ساق له هذا الحديث، وقال: "هذا منكر جداً". ونقل الناجي (134/ 2) مثله عن العلائي وغيره. وقريب منه: حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً: "إن الصلاة في المسجد الأقصى كألف صلاة فيما سواه". أخرجه ابن ماجه وغيره. وهو منكر جداً؛ كما قال الذهبي أيضاً، وبيانه في كتابي "ضعيف أبي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 589 داود" رقم (68) ، وفي تعليقي على "الأحكام الوسطى" لعبد الحق الإشبيلي رقم (832) . واعلم أنه كان من الممكن الجمع بين هذه الأحاديث المتناقضة في فضل الصلاة في المسجد الأقصى: بأن يؤخذ بالزائد فالزائد. وعلى ذلك جرى الإمام الطحاوي! ولكن هذا إنما يصار إليه حينما تكون الأحاديث كلها من قسم المقبول، وليس الأمر كذلك؛ كما تبين لك من هذا التخريج، والله تعالى هو الحق لا رب سواه. 5356 - (إن هذه الآية: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية) ؛ نزلت في النفقات على الخيل في سبيل الله) . موضوع آفته سعيد بن سنان الحمصي؛ كما سيأتي في الحديث الآتي. وغفل عنه الهيثمي هنا - كما غفل عنه هناك -؛ فقد أورده في تفسير (البقرة) ، وقال (6/ 324) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ويزيد بن عبد الله وأبوه لا يعرفان"! والحديث؛ أورده الذهبي فيما أنكر على سعيد بن سنان. الحديث: 5356 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 590 5357 - (إن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة، وأبوالها وأرواثها لأهلها عند الله يوم القيامة من مسك الجنة) . موضوع بهذا التمام أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" في ترجمة الحديث: 5357 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 590 أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني، فقال (رقم 1058 - مصورتي) : حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو جعفر (النفيلي) قال: أخبرنا سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده قال: ... فذكره. وقال: "لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد بن سنان". قلت: وهو أبو مهدي الحمصي؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع". قلت: ولست أشك أن قوله في آخر الحديث: "من مسك الجنة" إنما هو من وضعه، وإلا؛ فسائر الحديث ثابت صحيح من حديث غير واحد من الصحابة، تراها في "الترغيب والترهيب" (2/ 160-161) . وقد أشار إلى ذلك المنذري بقوله: "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه نكارة". وإن من غرائب الحافظ الهيثمي قوله في إعلال الحديث (5/ 259) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه"! يشير إلى يزيد بن عبد الله وأبيه؛ فإنهما لا ذكر لهما في شيء من كتب الرجال. فخفي عليه حال سعيد بن سنان، أو فاته إعلال الحديث به، وهو آفته! ثم إن شيخ الطبراني ضعيف أيضاً؛ قال أبو عروبة: "ليس بمؤتمن على دينه". وقال ابن عدي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 591 "هو ممن يكتب حديثه". 5358 - (من سره أن لا يجد الشيطان عنده طعاماً ولا مقيلاً؛ فليسلم إذا دخل بيته، وليسم على طعامه) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 294/ 6102) في أحاديث ساقها بإسناد واحد من طريق خلف بن عبد الحميد السرخسي: حدثنا أبو الصباح عبد الغفور بن سعيد الأنصاري عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عبد الغفور هذا؛ قال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين": "كان ممن يضع الحديث على الثقات: كعب وغيره، لا يحل كتابة حديثه ولا ذكره إلا على جهة التعجب". وأشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري بقوله: "تركوه". وقال في "التاريخ الصغير": "سكتوا عنه". وبه أعله الهيثمي (8/ 38) . والراوي عنه مجهول؛ قال أحمد: "لا أعرفه". والحديث؛ اقتصر المنذري في "الترغيب" (3/ 116) على الإشارة إلى الحديث: 5358 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 592 تضعيفه، وهو قصور ظاهر. والذي صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب: إنما هو ذكر الله عند دخول البيت وعند الطعام، وواضح أن المراد التسمية في كل منهما؛ انظر "الترغيب والترهيب" حديث جابر عند مسلم وغيره. وفي السلام عند دخول البيت حديث آخر، تراه مخرجاً في "المشكاة" (727) و "الترغيب" (2/ 262) . 5359 - (الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل؛ فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً وسئلت عنه؟ قالت: (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)) . ضعيف أخرجه أبو يعلى من طريق عبد الله بن صالح: حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام أياماً لم يطعم طعاماً، حتى شق ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه، فلم يجد عند واحدة منهن شيئاً! فأتى فاطمة فقال: "يا بنية! هل عندك شيء آكله؛ فإني جائع؟ ". قالت: لا والله - بأبي أنت وأمي -! فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها، فوضعته في جفنة لها، وقالت: والله! لأوثرن بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسي ومن عندي، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجع إليها، فقالت: بأبي أنت وأمي؛ قد أتى الله بشيء فخبأته لك. قال: الحديث: 5359 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 593 "هلمي يا بنية! ". قالت: فأتيته بالجفنة، فكشفت عنها؛ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله، فحمدت الله، وصليت على نبيه، وقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه حمد الله، وقال: "من أين لك هذا يا بنية؟! ". قالت: يا أبت! (هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب) ! فحمد الله، وقال: ... فذكر الحديث. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي، ثم آكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأكل علي، وفاطمة، وحسن، وحسين، وجميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأهل بيته حتى شبعوا جميعاً، قالت: وبقيت الجفنة كما هي. قالت: فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران؛ وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً. ذكره ابن كثير في "التفسير" (1/ 360) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، سكت عنه ابن كثير؛ لأنه ساق إسناده، وهذه عادته وعادة المحدثين: إذا ساقوا إسناد الحديث؛ فقد برئت ذمتهم وارتفعت المسؤولية عنهم إذا كان الحديث إسناده ضعيفاً أو موضوعاً. وقد غفل عن هذه الحقيقة العلمية من قام باختصار "تفسير ابن كثير" وغيرهم، فيتوهمون أن سكوت ابن كثير عن الحديث معناه أن الحديث ثابت عنده! وليس كذلك؛ وبخاصة إذا ساق إسناده؛ كما بينت ذلك في غير ما موضع. وهذا الحديث من هذا القبيل؛ فإن في إسناده عبد الله بن صالح عن عبد الله الجزء: 11 ¦ الصفحة: 594 ابن لهيعة، وكلاهما ضعيف. ولجهل الشيخ الصابوني بهذا العلم الشريف، وبتلك الحقيقة العلمية؛ فقد أورد هذا الحديث مصححاً له في "مختصره" (1/ 280) ، ثم نقل عزو الحافظ ابن كثير لأبي يعلى من "تفسير ابن كثير" إلى حاشية "مختصره"؛ موهماً القراء أنه من تخريجه! فما أحراه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المتشبع بما لم يعط؛ كلابس ثوبي زور"! ثم إن الحديث - مع ضعف إسناده -؛ ففي متنه نكارة في نقدي؛ مثل قوله: "فإني جائع"؛ لأنه غير معروف مثله عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما أذكر! ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها لأبيها مرتين: بأبي أنت وأمي! فإنه ممجوج مرفوض؛ كما هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان! ونحوه قولها بعد أن حمدت الله: وصليت على نبيه. فإنه ليس معهوداً أيضاً قرن الصلاة على النبي مع حمد الله تعالى في مثل هذه المناسبة! والله أعلم. 5360 - (نعم السواك الزيتون؛ من شجرة مباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر، هو سواكي، وسواك الأنبياء قبلي) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 670 - مصورتي) : حدثنا الحديث: 5360 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 595 أحمد قال: أخبرنا معلل قال: أخبرنا محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل مرفوعاً به. وقال: "لم يروه عن إبراهيم إلا محمد". قلت: وهو العكاشي؛ نسب إلى جده الأعلى؛ فإنه محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة بن محصن الأسدي؛ كذبوه؛ كما في "التقريب". وقال الذهبي: "ليس بثقة، قال الدارقطني: متروك يضع". قلت: فهو علة هذا الحديث. وخفي ذلك على الهيثمي؛ فأعله بالذي دونه، فقال (2/ 100) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه معلل بن محمد؛ ولم أجد من ذكره"! قلت: كذا قال! وتبعه الشيخ محمد بن سليمان المغربي في "جمع الفوائد" (1/ 91) ؛ ثم المعلق عليه، دون أن ينتبهوا إلى ما فيه من الوهم: أولاً: الغفلة عن آفته الحقيقية؛ وهي العكاشي كما ذكرنا. وقد تنبه لها الهيثمي في حديث آخر، أخرجه الطبراني قبيل هذا بالسند نفسه، وهو حديث: "اتخذوا الديك الأبيض ... ". فقال الهيثمي (5/ 117) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن محصن العكاشي، وهو كذاب"، وقد مضى برقم (1695) . ولم أره في "كتاب الطب" من "جمع الفوائد" للمغربي، وهو مؤخر فيه عن موضعه في "مجمع الهيثمي"، فلا أدري الجزء: 11 ¦ الصفحة: 596 أسقط من قلمه، أم أودعه في كتاب آخر عنده؟! والله أعلم. ثانياً: قوله: "معلل بن محمد" خطأ! والصواب: "معلل بن نفيل"؛ كذلك وقع في إسناد حديث آخر ساقه قبل هذا الحديث بحديث، وكذلك وقع في حديث آخر عنده (632) وفي أحاديث أخرى بعده (652-655) ، ونسبه في الأول منها فقال: "الحراني". وبعد كتابة ما سبق؛ رجعت إلى "مجمع البحرين" للهيثمي (1/ 34/ 2) ، فوجدته قد ساق الحديث بالإسناد المذكور تحته؛ إلا أنه وقع فيه: ".. معلل بن محمد بن محصن عن إبراهيم ... لم يروه عن إبراهيم إلا محمد"! فانكشف لي سبب الوهمين السابقين من الهيثمي. وبيانه: أنه لما نقل الحديث من "المعجم الأوسط"، أدخل راوياً في آخر، فبدل أن يكتب: "معلل: أخبرنا محمد بن محصن" كتب: "معلل بن محمد بن محصن"! ولما نقل الحديث من "مجمع البحرين" إلى "مجمع الفوائد" وتكلم على إسناده؛ وقع منه ما وقع من الوهمين المشار إليهما! والمعصوم من عصمه الله. 5361 - (من فصل في سبيل الله، فمات أو قتل؛ فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله؛ فإنه شهيد، وإن له الجنة) . ضعيف أخرجه أبو داود (1/ 391) : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا بقية بن الوليد عن ابن ثوبان عن أبيه يرد إلى مكحول إلى عبد الرحمن بن غنم الأشعري أن أبا مالك الأشعري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. الحديث: 5361 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 597 وتابعه عبيد بن شريك: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة به. أخرجه البيهقي في "السنن" (9/ 166) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ إلا أن مكحولاً رمي بالتدليس. أما بقية؛ فهو مشهور بذلك، وقد قال غير واحد من الأئمة: "كان يدلس عن المتروكين". ولذلك؛ فهو من الثقات الذين لا يحتج بحديثهم ما عنعن، وهذا منه. نعم؛ قد خالف أبا داود وعبيد بن شريك: محمد بن محمد بن سليمان، فقال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به. فصرح بتحديث بقية. أخرجه الحاكم (2/ 78) ، وقال: "صحيح على شرط مسلم"! فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: ابن ثوبان لم يحتج به مسلم؛ وليس بذاك، وبقية ثقة، وعبد الرحمن ابن غنم لم يدركه مكحول فيما أظن"! قلت: بين وفاتيهما قرابة أربعين سنة؛ لأن ابن غنم توفي سنة (78) ، ومكحول توفي سنة (112) في قول، وسنة (118) في قول آخر، ولم يذكروا سنة ولادته، حتى يمكن القول بمعاصرته إياه، ولكن ثبوت المعاصرة إنما تفيد في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 598 الراوي الذي لم يعرف بتدليس، ومكحول ليس كذلك؛ كما سبق. وابن ثوبان - وإن كان فيه كلام - فالراجح أنه حسن الحديث. وأما بقية؛ فقد عرفت حاله، وإنما وثقه الذهبي لتصريحه بالتحديث في رواية الحاكم، وهو الذي غرني قديماً حينما خرجت الحديث في "أحكام الجنائز" (ص 37) ، وقلت عقبه: "وصححه الحاكم، وإنما هو حسن فقط". فلم يتنبه الذهبي - كما لم أتنبه أنا يومئذ - لكون التصريح بتحديث بقية شاذ - بل منكر -؛ لأمرين: الأول: مخالفة محمد بن محمد بن سليمان لأبي داود وعبيد بن شريك كما سبق؛ فإنهما عنعناه عنه. والآخر: أن محمداً هذا - وهو الباغندي - مع كونه من الحفاظ؛ فقد تكلم فيه بعضهم كلاماً سيئاً حتى اتهم بالكذب! والذهبي نفسه قال في ترجمته من "الميزان": "كان مدلساً، وفيه شيء. قال ابن عدي: أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب. وقال الإسماعيلي: لا أتهمه، ولكنه خبيث التدليس". قلت: فمثله لا يحتج به عند التفرد، فكيف مع المخالفة؟! ثم وجدت له مخالفاً ثالثاً ثقة: فقال الطبراني في "الكبير" (1/ 167/ 1) : حدثنا خير بن عرفة المصري: أخبرنا حيوة بن شريح الحمصي: أخبرنا بقية بن الوليد عن ابن ثوبان به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 599 5362 - (يا عائشة! اتخذت الدنيا بطنك؟! أكثر من أكلة كل يوم سرف، والله لا يحب المسرفين) . موضوع أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 161/ 2) من طريق العلاء بن مسلمة الرواس (الأصل: سلمة الروامي) : حدثني خالد بن نجيح المصري: حدثنا عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة قالت: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا آكل في يوم مرتين فقال: ... فذكره. وقال: "في إسناده ضعف"! كذا قال! وأقره العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 78) ! وفيه تساهل كبير؛ فإنما يصح مثل هذا القول فيما لو كان السند إلى ابن لهيعة ثابتاً، وأنى له ذلك؟! وفيه آفتان: الأولى: خالد بن نجيح المصري؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 355) عن أبيه: "هو كذاب، كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح؛ يتوهم أنها من فعله". الأخرى: العلاء بن مسلمة الرواس؛ قال ابن حبان (2/ 185) : "يروي عن العراقيين المقلوبات، وعن الثقات الموضوعات". وقال ابن طاهر: "كان يضع الحديث". الحديث: 5362 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 600 نعم؛ قد رواه البيهقي (2/ 158/ 1-2) بإسناد آخر عن ابن لهيعة نحوه؛ هو خير من هذا: أخرجه من طريق يحيى بن عثمان المصري: حدثني أبي عن ابن لهيعة ... فذكره بلفظ: "يا عائشة! أما تحبين أن يكون لك شغل إلا في جوفك؟! الأكل في اليوم مرتين من الإسراف، والله لا يحب المسرفين". (تنبيه) : كنت خرجت هذا الحديث فيما تقدم برقم (257) نقلاً عن "الإحياء" و "تخريجه"، وعن "الترغيب" للمنذري، وكان ذلك قبل أن نطلع على إسناده في "شعب البيهقي"، فلما وقفت عليه فيه؛ بادرت إلى تخريجه،وبيان الفرق بين إسناديه ولفظيه، فتبين الآن أنه ليس عند البيهقي لفظ: "إياك والسرف"، الذي جاء في "الإحياء"، وعزاه العراقي للبيهقي، فاقتضى التنبيه. 5363 - (ثلاثة لا تقبل لهم شهادة أن لا إله إلا الله: الراكب والمركوب، والراكبة والمركوبة، والإمام الجائر) (1) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 3256) : حدثنا بكر: قال: أخبرنا أبو عطاء بلال بن عمرو عن صالح بن أبي صالح عن عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ابن حرملة إلا عمر بن راشد، ولا عن عمر إلا صالح بن أبي صالح، تفرد به أبو عطاء".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " سيأتي بزيادة فائدة برقم (6659) ". (الناشر) الحديث: 5363 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 601 قلت: ولم أجد من ترجمه، ولم يذكره الدولابي في "الكنى". ومثله صالح بن أبي صالح، وفي "التهذيب" بهذا الاسم جمع، ولكنهم من التابعين، وهو دونهم كما ترى. وأما عمر بن راشد؛ فهو المدني الجاري، يروي عن مالك وابن عجلان وطبقتهما. قال أبو حاتم: "وجدت حديثه كذباً وزوراً". وقال الحاكم، وأبو نعيم: "يروي عن مالك أحاديث موضوعة". وبه أعل الحديث الهيثمي، فقال في "المجمع" (4/ 282) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمر بن راشد المدني الجاري؛ وهو كذاب". وأما المنذري؛ فقد اكتفى بالإشارة إلى ضعفه (3/ 138) ‍‍! وهذا من تساهله الذي شرحت القول عنه في مقدمة "صحيح الترغيب" و "ضعيفه"، وهو تحت الطبع (1) . 5364 - (من ولي أمة من أمتي - قلت أو كثرت -، فلم يعدل فيهم؛ كبه الله على وجهه في النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 6773 - مصورتي) من طريق هشام بن عمار: حدثنا عبد العزيز بن الحصين عن عمار الدهني: حدثني   (1) وقد طبع بعد وفاة الشيخ - رحمه الله - بقليل. (الناشر) الحديث: 5364 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 602 إبراهيم بن [يزيد] معقل بن يسار عن أبيها معقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. وقال: "لم يرو هذا الحديث عن عمار الدهني إلا عبد العزيز بن الحصين، تفرد به هشام". قلت: عبد العزيز هذا واه؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (3/ 139) . وقد خولف في إسناده؛ فقال عبيد الله بن موسى: حدثنا إسرائيل عن عامر الدهني عن أبيه عن أم معقل عن أبيها قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أخرجه الحاكم (4/ 90-91) ، وقال: "هذه أم معقل بنت معقل بن سنان الأشجعي، وهو صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! قلت: لم أر من ذكر أم معقل هذه، وأخشى أن يكون محرفاً من (ابنة معقل) كما في الإسناد الأول، وليس اعتمادي عليه فيما ذهبت إليه فحسب؛ فقد روى الإمام أحمد (4/ 25) : حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت إسماعيل البصري يحدث عن ابنة معقل بن يسار عن أبيها معقل قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس من والي أمة - قلت أو كثرت - لا يعدل فيها؛ إلا كبه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار". لكني لم أعرف إسماعيل البصري! وفي طبقته جماعة؛ فيهم الثقة والضعيف والمجهول. وذكر الحافظ في ترجمة (ابنة معقل) من "التعجيل" أنه روى عنها الجزء: 11 ¦ الصفحة: 603 إسماعيل الأودي، ولم يذكره السمعاني في هذه النسبة (الأودي) ، وقد رواه عنه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 221/ 514) ، ونسبه في رواية ثانية (517) فقال: (الكندي) ، وفي أخرى (518) : (الأزرق) . ومثله ابنة معقل هذه؛ فإن الحافظ لم يذكر راوياً عنها غير إسماعيل المذكور. وقد تابعها أخوها عبد الرحمن بن معقل بن يسار عن أبيه بلفظ: "أيما وال ولي شيئاً من أمر المسلمين، فلم ينصح لهم كنصحه لنفسه؛ كبه الله على وجهه يوم القيامة في النار". أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 94) بإسناد جيد عنه؛ كما بينته في "الروض النضير" (رقم 868) . وأما عبد الرحمن هذا؛ فقد قلت هناك: إني لم أجد من ذكره! وأقول الآن: لعله عبد الرحمن بن عبد الله بن معقل بن يسار؛ فقد ذكره هكذا ابن أبي حاتم (2/ 2/ 252) ، وكذا ابن حبان في "الثقات" (3/ 154 - طبع الهند) ، وذكرا أنه روى عن عمر أو ابن عمر. وروى عنه قرة بن خالد السدوسي. وعليه؛ يكون قد نسب في هذه الرواية إلى جده معقل، فهو تابعي مستور. وجملة القول: أن الحديث لم يثبت عندي بهذا اللفظ؛ لاضطراب الرواة في الراوي عن معقل؛ هل هو عبد الرحمن أو ابنة معقل؟ وسواء كان هذا أو ذاك فكلاهما مجهول. ولو أن الحديث جاء بإسنادين ثابتين عنهما؛ لكان احتمال تقوية الحديث بمجموع روايتيهما وارداً، فكيف وقد جاء من طرق أخرى عن معقل رضي الله عنه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 604 في "الصحيحين" وغيرهما بغير هذا اللفظ، فراجعها إن شئت في "الأحاديث الصحيحة" (1754،2631) . 5365 - (لا تنكحوا القرابة القريبة؛ فإن الولد يخلق ضاوياً) . لا أصل له مرفوعاً وقد اشتهر اليوم عند متفقهة هذا الزمن ودكاترته، الذين لا يتقون الله في طلابهم، فيلقون عليهم من الأقوال والآراء ما لا حجة عليه ولا برهان، ومن الأحاديث ما لا سنام له ولا خطام، وما لا أصل له من كلامه عليه الصلاة والسلام، كهذا الحديث؛ فإني سئلت عنه مراراً من بعض طلابهم؟ فقد قال الحافظ ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (ق 118/ 1) : "غريب. قال ابن الصلاح: لم أجد له أصلاً". ولعله غرهم أن ابن الأثير أورده في "النهاية" في مادة (ضوا) ، جاهلين أنه لا يتقيد فيه بما ثبت من الحديث؛ لأن غرضه شرح الغريب منه، ثبت أو لم يثبت، وكم من حديث فيه لا يعرف له أصل في كتب الحديث؛ فضلاً عن الأحاديث الضعيفة! مثله في ذلك مثل الغزالي في "الإحياء"، بل هذا أهل لينتقد أكثر من ذاك؛ لأن كتابه كتاب هداية وتربية وتوجيه، فلا يجوز إيراد الأحاديث الضعيفة فيه والواهية، ولذلك؛ بالغ العلماء في انتقاده والرد عليه، ولعله هو عمدة ابن الأثير في حديث الترجمة؛ فقد أورده الغزالي في "إحيائه" (2/ 38) في جملة أحاديث صرح بنسبتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلها منكرة! بين ذلك العراقي في "تخريجه" إياه، فقال - بعد أن نقل عن ابن الصلاح أنه لا أصل له، وأقره -: "قلت: إنما يعرف من قول عمر أنه قال لآل السائب: قد أضويتم؛ فانكحوا الحديث: 5365 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 605 في النوابغ. وراه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" وقال: معناه: تزوجوا الغرائب. قال: ويقال: أغربوا ولا تضووا". قلت: فهذا صريح من الحافظ الحربي أن الجملة الأخيرة: "أغربوا ولا تضووا" ليس حديثاً، فلا تغتر بإيهام ابن الأثير أنه حديث! 5366 - (نعم؛ ما لم تقم على باب سدة، أو تأتي أميراً تسأله) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 2769) - بإسناد صحيح - عن خالد بن حارث قال: حدثني طريف بن عيسى العنبري قال: أخبرنا يوسف بن عبد الحميد قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لأهله، فذكر علياً وفاطمة وغيرهما. فقلت: يا رسول الله! من أهل البيت أنا؟ قال: ... فذكره. وقال: "لم يرو هذا الحديث ن طريف إلا خالد". قلت: وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين. وإنما العلة ممن فوقه؛ فإن طريفاً هذا وشيخه يوسف ليسا بمعروفين؛ فقد أوردهما ابن أبي حاتم (2/ 1/ 494) و (4/ 2/ 226) بهذه الرواية، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك فعل البخاري في "التاريخ"، وابن حبان في "الثقات"؛ فإنه أورد يوسف هذا في طبقة التابعين من كتابه "الثقات" (3/ 296) بهذه الرواية أيضاً. الحديث: 5366 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 606 والظن به أنه أورد طريفاً أيضاً في طبقة أتباع التابعين منهم، ولكن المجلد الخاص بها ما علمنا أنه طبع بعد، ومخطوطة الظاهرية منه محجوزة الآن في قسم التصوير من المجمع العلمي بدمشق لتصويره، فلعلنا نتمكن من مراجعته بعد إن شاء الله تعالى. وإن مما يؤيد ظني المذكور؛ قول المنذري في "الترغيب" (3/ 151) - وتبعه الهيثمي في "المجمع" (9/ 173) -: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات"! قلت: وهذا من تساهلهما الذي عرفا به؛ إذ إنهما جريا في كتابيهما على الاعتداد بما تفرد ابن حبان بتوثيقه من الرواة، مع تساهله في ذلك عند المحققين من العلماء؛ كما سبق التنبيه على ذلك مراراً. ثم رأيت طريفاً المذكور في "الثقات" (8/ 327) من رواية خالد بن الحارث عنه؛ فهو مجهول كشيخه يوسف. 5367 - (من مشى مع ظالم ليعينه - وهو يعلم أنه ظالم -؛ فقد خرج من الإسلام) (1) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 32/ 2) : حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي: حدثني أبي: أخبرنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي: أخبرنا عياش بن مؤنس أن أبا الحسن نمران بن مخمر حدثه أن أوس بن شرحبيل - أحد بني المجمع - حدثه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " مضى برقم (758) ". (الناشر) الحديث: 5367 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 607 قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم: أولاً: أوس بن شرحبيل؛ قيل: له صحبة: وأنكر ذلك ابن حبان كما يأتي. وقيل فيه: شرحبيل بن أوس، على القلب. أورده البخاري في "التاريخ" هكذا (2/ 2/ 250) . وقال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 337) : "وهو أشبه، له صحبة". وجوز ابن شاهين أنهما اثنان. وقال البغوي: "والأصح عندي: شرحبيل". ورجح الحافظ المغايرة. ثانياً: أبو الحسن نمران بن مخمر؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 497) برواية جمع عنه؛ أحدهم حريز بن عثمان عنه. وجاء في "تعجيل المنفعة" أنه ذكره ابن حبان في "الثقات". ولم أره في "التابعين" منه، فلعله أورده في "أتباعهم"؛ ولا تطوله الآن يدي. ثالثاً: عياش بن مؤنس. أورده ابن أبي حاتم (3/ 2/ 5) فقال: "عياش بن مؤنس أبو معاذ. روى عن شداد بن شرحبيل الأنصاري. وسمع منه (!) نمران بن مخمر، وروى عنه حبيب بن صالح"! هكذا قال! جعله تابعياً يروي عنه نمران بن مخمر، وظاهر كلامه في ترجمة نمران أنه تابعي أيضاً. وقد عكس ذلك ابن حبان فأصاب؛ فقال في "الثقات" في (التابعين) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 608 أيضاً (3/ 207) : "عياش بن مؤنس، يروي عن نمران بن مخمر عن شرحبيل بن أوس - ويقال: إن له صحبة، وما أراه بمحفوظ -. روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي". وهكذا أورده البخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 47) : "عياش بن مؤنس، سمع نمران. روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي". قلت: ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذلك صنع ابن أبي حاتم كما رأيت؛ فهو مجهول العين، أو مجهول الحال؛ إن صح أنه سمع منه حبيب بن صالح أيضاً. وأما عمرو بن إسحاق - شيخ الطبراني -؛ فلم أقف له على ترجمة، ولا في "تاريخ دمشق" لابن عساكر! وأما أبوه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي؛ فضعيف، بل كذبه بعضهم. لكن قال البخاري في ترجمة شرحبيل: "وقال عمرو بن الحارث ... " فذكره، فلا أدري إذا كان عنده من طريق أخرى عن عمرو أم لا. وسواء كان هذا أو ذاك؛ فالعلة من عياش بن مؤنس؛ لجهالته كما علمت. ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 153) إلى تضعيف الحديث، وقال: "وهو حديث غريب". وقال الهيثمي في "المجمع": ".. وفيه عياش بن مؤنس، ولم أجد من ترجمة (!) ؛ وبقية رجاله وثقوا"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 609 5368 - (لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته، وردد لعنته على واحد منهم ثلاثاً، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، قال: ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط. ملعون من ذبح لغير الله. ملعون من أتى شيئاً من البهائم. ملعون من عق والديه. ملعون من جمع بين المرأة وابنتها. ملعون من غير حدود الأرض. ملعون من ادعى إلى غير مواليه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8492 - ط) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (73/ 254/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 341/ 1) من طرق عن أبي مصعب الزهري: حدثني محرر بن هارون - رجل من قريش - عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً. وتابعه عبد الله بن عمر بن الرماح - عند ابن عدي -، وبشر بن الحكم بن حبيب بن مهران - عند البيهقي في "الشعب" (2/ 132/ 2) -؛ كلاهما عن محرر بن هارون به. وخالف أبو عتبة أحمد بن الفرج فقال: حدثنا ابن أبي فديك: حدثنا هارون الحديث: 5368 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 610 التيمي عن الأعرج به. أخرجه الحاكم (4/ 356) ، وسكت عنه! وتعقبه الذهبي، فقال: "قلت: هارون ضعفوه". قلت: هو هارون بن هارون بن عبد الله بن محرر بن الهدير القرشي التيمي، فهو أخو محرر بن هارون، وكلاهما ضعيف جداً. لكن أبو عتبة أحمد بن الفرج ضعيف، فلا يحتج به عند التفرد، فكيف عند المخالفة؟ ولم يتنبه لهذا المنذري؛ فقال (3/ 198) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح"؛ إلا محرز بن هارون التيمي، ويقال: (محرر) بالإهمال. ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر، وقال: "صحيح الإسناد". وكلاهما واه؛ ولكن محرز قد حسن له الترمذي، ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون"! قلت: إن كان لا بد من المفاضلة بينهما؛ فالعكس هو الصواب، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ ابن حجر في الأول: "محرر - براءين؛ وزن محمد؛ على الصحيح - ابن هارون بن عبد الله التيمي - متروك". وقال في أخيه: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 611 "ضعيف". ولكني أرى أنهما في شدة الضعف سواء؛ فالأول قد قال فيه البخاري وغيره: "منكر الحديث". وقال ابن حبان (3/ 20) : "كان ممن يروي عن الأعرج ما ليس من حديثه، وعن غيره ما ليس من حديث الأثبات، لا تحل الرواية عنه، ولا الاحتجاج به". وقال في أخيه هارون (3/ 94) : "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار لأهل الصناعة فقط". وضعفه غيره. لكن الحديث قد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ آخر، وفيه ذكر السبعة غير: ".. ملعون من جمع بين امرأة وابنتها"، وذكر مكانه: "لعن الله من كمه أعمى عن الطريق". وهو مخرج في "الصحيحة" (3462) . 5369 - (يا معشر المسلمين! اتقوا الله وصلوا أرحامكم؛ فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم. وإياكم والبغي؛ فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة بغي. وإياكم وعقوق الوالدين؛ فإن ريح الجنة توجد من الحديث: 5369 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 612 مسيرة ألف عام، والله! لا يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لرب العالمين. والكذب كله إثم؛ إلا ما نفعت به مؤمناً، ودفعت به عن دين. وإن في الجنة لسوقاً ما يباع فيها ولا يشترى، ليس فيها إلا الصور، فمن أحب صورة من رجل أو امرأة؛ دخل فيها) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 5794) ، ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة" (2/ 42/ 195) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن طريف البجلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن كثير الكوفي قال: أخبرنا جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن مجتمعون، فقال: ... فذكره. وقال: "لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أحمد بن محمد ابن طريف". قلت: ولم أجد له ترجمة فيما لدي من كتب الرجال؛ وقد ذكره في "التهذيب" في الرواة عن أبيه محمد بن طريف، وكناه بأبي زيد، وكنية أبيه: أبو جعفر الكوفي، وهو من شيوخ مسلم الثقات. لكن محمد بن كثير الكوفي متهم؛ قال البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 217) : "منكر الحديث". وقال ابن حبان (2/ 287) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 613 "كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات، التي إذا سمعها من الحديث صناعته؛ علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يحتج به بحال". وفي "ميزان الذهبي": "قال أحمد: خرقنا حديثه. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن المديني: كتبنا عنه عجائب، وخططت على حديثه. ومشاه ابن معين". قلت: وساق له ابن عدي في "الكامل" (6/ 255-256) أحاديث منكرة جداً، تدل على سوء حاله، وقال: "وهو منكر الحديث عن كل من يروي عنه، والبلاء منه". ومن هذه الأحاديث: ما أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 76) بلفظ: "من عطس أو تجشأ، أو سمع عطسة أو جشاءً، فقال: الحمد لله على كل حال من الأحوال؛ صرف الله عنه سبعين داءً، أهونها الجذام". ولعله يأتي إن شاء الله تعالى. قلت: وبه أعل الهيثمي حديث الترجمة، فقال (5/ 125) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن كثير الكوفي، وهو ضعيف جداً". وفيه علة ثالثة، وهي جابر الجعفي؛ فإنه ضعيف، بل قد كذبه بعضهم. وقد أعله به أيضاً الهيثمي في مكان آخر، فقال (8/ 149) : "رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق محمد بن كثير عن جابر الجعفي، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 614 وكلاهما ضعيف جداً". وأشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيف الحديث في موضعين منه بقوله في أوله: "وروي عن جابر.." (3/ 99،221-222) . والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الكبير" بتقديم وتأخير، وقال: "رواه ابن عساكر [6/ 223] عن محمد بن الفرات الجرمي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي. ومحمد كذبه أحمد وغيره، وقال (د) : روى أحاديث موضوعة". واعلم أنه قد صح من الحديث ما يتعلق بثواب صلة الرحم، وعقوبة البغي وقطيعة الرحم، روي ذلك من طرق؛ خرجتها في "الصحيحة" (978) . والفقرة الأخيرة منه في سوق الجنة؛ قد روي بإسناد خير من هذا؛ ولكنه ضعيف لا يصح؛ كما سبق بيانه برقم (1982) في المجلد الرابع. 5370 - (أربعة يصبحون في غضب الله، ويسمون في سخط الله. قلت: ومن هم يا رسول الله؟! قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي تأتيه الرجال) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 110) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 306/ 1) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (2/ 121/ 1) و (4/ 356/ 5385) ، والطبراني في "الأوسط" (رقم 7001) من طريق دحيم: حدثنا ابن أبي فديك عن محمد بن سلام الخزاعي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 5370 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 615 أورده البخاري في ترجمة ابن سلام الخزاعي هذا، وقال: "لا يتابع عليه". وقال ابن عدي: "وهذا الذي أنكره البخاري لا أعلم رواه عن محمد بن سلام غير ابن أبي فديك". وكذا قال الطبراني أن ابن أبي فديك تفرد به عن ابن سلام. وقال أبو حاتم: "مجهول". وقال الذهبي: "لا يعرف". قلت: وأما أبوه سلام الخزاعي؛ فلعله سلام بن أبي مطيع - واسمه سعد - الخزاعي؛ المترجم في "التهذيب" برواية الشيخين عنه. وبروايته هو عن قتادة وهشام ابن عروة؛ وغيرهما. فإن يكن هو؛ فمعنى ذلك أن في الإسناد انقطاعاً؛ لأنه من أتباع التابعين، ولذلك؛ لم يذكروا له رواية عن الصحابة. وقال الحافظ في "التقريب": "ثقة صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف، من السابعة، مات سنة أربع وستين (ومئة) ، وقيل بعدها". 5371 - (يا أيها الناس! قتيل قتل وأنا فيكم ولا يعلم من قتله؟! لو اجمتع أهل السماء والأرض على قتل امرىء؛ لعذبهم الله؛ إلا أن يفعل ما يشاء. وفي رواية: إلا أن لا يشاء ذلك) . منكر بهذا التمام أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 258/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (8/ 32) وفي "الشعب" (4/ 347/ 5351) من طرق عن عطاء بن مسلم الخفاف عن العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت الحديث: 5371 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 616 عن ابن عباس قال: قتل قتيل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم من قتله؟ فصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: ... فذكره. والسياق لـ "الشعب"، والرواية الأخرى لابن عدي. وقال: "عطاء بن مسلم؛ في أحاديثه بعض ما ينكر عليه". قلت: وقد بين سبب ذلك ابن أبي حاتم، فقال (3/ 1/ 336) عن أبيه: "كان شيخاً صالحاً يشبه بيوسف بن أسباط، وكان دفن كتبه، وليس بقوي؛ فلا يثبت حديثه". ولذلك؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء كثيراً". قلت: ومما يدل على ضعفه: اضطرابه في متن هذا الحديث؛ فهو تارة يذكر الزيادة التي في آخره: "إلا أن لا يشاء ذلك"؛ وهي من رواية الحسن بن حماد الحضرمي وإبراهيم ابن موسى الرازي - وكلاهما ثقة -. وتارة لا يذكرها؛ كما في رواية للبيهقي من طريق علي بن قادم عنه - وهو ثقة أيضاً -، وتابعه محمد بن مهران الجمال - وهو ثقة حافظ -، فرواه عنه بدونها أيضاً؛ إلا أنه قال: "بلا عدد ولا حساب". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 172/ 2) . ويؤكد نكارة هذه الزيادة أمور: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 617 أولاً: أن الحديث قد جاء عن جمع من الصحابة بأسانيد قوية بألفاظ متقاربة، ليس في شيء منها هذه الزيادة، وقد خرجت بعضها في "الروض النضير" تحت الحديث (925) ، وأخرج الكثير منها الحافظ المنذري في "الترغيب" (3/ 202) ؛ فليراجعه من شاء الوقوف عليها، أو في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب". ثانياً: أن الحديث قد روي بهذه القصة عن أبي سعيد الخدري قال: قتل قتيل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصعد المنبر ... الحديث نحوه دون الزيادة. أخرجه البزار (ص 236 - زوائده) ، والحاكم (4/ 352) من طريق داود ابن عبد الحميد: حدثنا عمرو بن قيس الملائي عن عطية عنه، وزاد: "والذي نفسي بيده! لا يبغضنا - أهل البيت - أحد؛ إلا كبه الله في النار". وقال البزار: "أحاديث داود عن عمرو؛ لا نعلم أحداً تابعه عليها، وهو ضعيف، وعطية كذلك". وسكت عنه الحاكم! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: خبر واه". وقال الهيثمي (5/ 296) : "رواه البزار، وفيه داود بن عبد الحميد، وغير من الضعفاء". لكن أخرجه الترمذي (1/ 262) من طريق يزيد الرقاشي: حدثنا أبو الحكم البجلي قال: سمعت أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يذكران عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكر الحديث دون الزيادة. وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 618 "حديث غريب". قلت: أي: ضعيف؛ لضعف يزيد الرقاشي. وقد تابعه أبو حمزة الأعور عن أبي الحكم البجلي عن أبي هريرة وحده. أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 117/ 2) . وأبو حمزة هذا؛ اسمه ميمون القصاب، وهو ضعيف أيضاً. لكن العله يتقوى أحدهما بالآخر؛ فيكون الحديث حسناً بهما، وهو صحيح قطعاً بالشواهد التي سبقت الإشارة إليها. ثالثاً: أن الحديث لو كان عند ابن عباس بهذه الزيادة؛ لم يذهب - إن شاء الله - إلى أن القاتل لا توبة له، وقد صح هذا عنه من طرق؛ كما تراه مخرجاً في "الصحيحة" برقم (2697) . من أجل ما سبق من البيان والتحقيق؛ لم يحسن المنذري صنعاً حين أورد حديث الترجمة في "الترغيب" (3/ 202) من رواية البيهقي ساكتاً عليه! والله المستعان. 5372 - (من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء؛ فليتق الله، وليصل رحمه) . ضعيف بهذا التمام أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 143) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 224/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (3165) ، وابن بشران في "الأمالي" (2/ 132/ 1) ، والحاكم (4/ 160) ، والضياء في "المختارة" (1/ 188-189) من طريق معمر عن أبي الحديث: 5372 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 619 إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط، ومعمر ليس ممن روى عنه قبل الاختلاط، ثم - هو إلى اختلاطه - مدلس، وقد عنعنه عند جميع من خرجه. وكذلك رواه أبو حفص الأبار عن منصور عن أبي إسحاق عن عاصم به. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7024) . نعم؛ إنه قد توبع؛ فقد أخرجه البزار في "مسنده" (1879) من طريق عبد الحميد بن عبد العزيز بن أبي رواد: حدثنا ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة به، دون قوله: "ويدفع عنه ميتة السوء". وقال البزار: "قد روي هذا مرفوعاً من وجوه، وأعلى من روى ذلك علي، وقد روي عن علي من طريق آخر، ولا أحسب ابن جريج سمع هذا من حبيب، ولا رواه غيره". قلت: فلا غناء في هذه المتابعة، وذلك؛ لوجوه: الأول: ما أشار إليه البزار من الانقطاع بين ابن جريج وحبيب، وليس ذلك لأنه لم يعاصره؛ فإن بين وفاتيهما نحو ثلاثين سنة فقط، ويوم مات ابن جريج كان قد جاوز السبعين، وإنما لأنه كان يدلس، وهو معروف بذلك. الثاني: الانقطاع أيضاً بين حبيب بن أبي ثابت وعاصم بن ضمرة؛ فإنه موصوف بالتدليس أيضاً، وقد عنعنه، ولعله لذلك قال أبو داود: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 620 "ليس لحبيب عن عاصم بن ضمرة شيء يصح". الثالث: ضعف عبد المجيد بن عبد العزيز؛ مع كونه من رجال مسلم؛ قال الحافظ: "صدوق يخطىء، وكان مرجئاً، أفرط ابن حبان فقال: متروك". الرابع: أنه ليس في هذه المتابعة تلك الزيادة: ".. ميتة السوء"! وإنما خرجت الحديث هنا من أجلها، وإلا؛ فالحديث بدونها صحيح؛ قد جاء عن جمع من الصحابة؛ كما أشار إلى ذلك البزار فيما تقدم عنه، وقد خرجت بعضها في "الصحيحة" (276) ، وفي "صحيح أبي داود" (1486) . ومما سبق من التحقيق؛ تعلم ما في قول المنذري من التساهل والإجمال؛ إذ قال (3/ 223) : "رواه عبد الله بن أحمد في "زوائده"، والبزار بإسناد جيد، والحاكم"! ومثله قول الهيثمي (8/ 153) - وأقره الأعظمي في تعليقه على "كشف الأستار" -: "رواه عبد الله بن أحمد، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، ورجال البزار رجال "الصحيح"؛ غير عاصم بن ضمرة، وهو ثقة"! وما ذكرته من التساهل والإجمال ظاهر؛ لأنه لو سلمنا بجودة إسناد البزار وثقة رجاله كلهم؛ لم يفد ذلك في حديث الترجمة شيئاً؛ لما ذكرنا أن فيه الزيادة، وهي ليست عند البزار! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 621 وقد وجدت لها شاهداً؛ ولكنه مما لا غناء فيه أيضاً؛ لما فيه من الضعف الشديد، وهو ما أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1014) من طريق صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بها في العمر، ويدفع بها ميتة السوء، ويدفع الله بها المكروه والمحذور". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وفيه علتان: الأولى: صالح المري - وهو ابن بشير الزاهد - ضعيف جداً؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 372) : "كان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن على التوهم، فيجعله عن أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات، فاستحق الترك". ولذلك؛ قال البخاري وغيره: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك". وضعفه الآخرون. وبه أعله الهيثمي، فقال (8/ 151) : "رواه أبو يعلى، وفيه صالح المري، وهو ضعيف". والأخرى: الرقاشي؛ وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد تركه بعضهم، فهو قريب من صالح المري، فانظر ترجمته في "تهذيب الجزء: 11 ¦ الصفحة: 622 التهذيب". ولذلك؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 223-224) إلى تضعيف الحديث. وفي (أن الصدقة تمنع ميتة السوء) طريق أخرى عن الرقاشي، وأحاديث أخرى شديدة الضعف أيضاً، وهي مخرجة في "إرواء الغليل" برقم (885) . 5373 - (ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم؛ فيقرب قصعتهم شيطان) . موضوع أخرجه الحارث بن أبي أسامة (ق 108/ 2 - زوائد مسنده) ، والطبراني في "الأوسط" (7307) عن يزيد بن هارون: حدثنا الحسن بن واصل: حدثني الأسود بن عبد الرحمن العدوي عن هصان بن كاهل عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً. وقال الطبراني: "لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، تفرد به يزيد بن هارون". ومن هذا الوجه: أخرجه الخطيب البغدادي في "الموضح" (2/ 16) في ترجمة الحسن بن واصل. وقال: "وهو الحسن بن دينار". قلت: وهو متروك؛ كذبه غير واحد؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 232) . "يحدث الموضوعات عن الأثبات، ويخالف الثقات في الروايات، حتى يسبق إلى القلب أنه كان يتعمد لها، تركه ابن المبارك ووكيع، وأما أحمد بن حنبل الحديث: 5373 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 623 ويحيى بن معين؛ فكانا يكذبانه.."؛ ثم ساق له أحاديث؛ هذا أحدها، وقال: "باطل لا أصل له". ولذلك؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (آخر الصدقات) . وقعقع حوله السيوطي في "اللآلي"؛ فلم يصنع شيئاً كغالب عادته! وقد أقره في "الجامع الكبير". وتساهل بعضهم فحسنه! فقال المنذري (3/ 230) : "حديث غريب، رواه الطبراني في "الأوسط"، والأصبهاني؛ كلاهما من رواية الحسن بن واصل، وكان شيخنا أبو الحسن رحمه الله يقول: هو حديث حسن"! قلت: ولعله أراد (حسن) لغة لا اصطلاحاً. وقلده الهيثمي؛ بل زاد عليه ضغثاً على إبالة؛ فقال (8/ 160) : "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه الحسن بن واصل، وهو الحسن بن دينار، وهو ضعيف لسوء حفظه، وهو حديث حسن"! 5374 - (أنا أول من يفتح باب الجنة؛ إلا أني تأتي امرأة تبادرني، فأقول لها: ما لك، ومن أنت؟! فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1569-1570) عن عبد السلام بن عجلان الهجيمي: أخبرنا أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة مرفوعاً. الحديث: 5374 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 624 قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير عبد السلام هذا؛ قال الذهبي في "الميزان": "قال أبو حاتم: يكتب حديثه. وتوقف غيره في الاحتجاج به". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"! ولكنه قال: "يخطىء ويخالف". قلت: ومن كان كذلك؛ فحري أن لا يحتج به، ولا سيما ولم يوثقه أحد غيره، فقول المنذري (3/ 231) : "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن"! غير حسن. ومن طريقه عبد السلام المذكور: أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 71) ؛ لكن وقع فيه: "عن أبي يزيد المدني" مكان: "أخبرنا أبو عثمان النهدي"! ولعله من سوء حفظ عبد السلام نفسه. والله أعلم. وأما قول الهيثمي في "المجمع" (8/ 162) : "رواه أبو يعلى، وفيه عبد السلام بن عجلان، وثقه أبو حاتم (كذا) ، وابن حبان، وقال: يخطىء ويخالف. وبقية رجاله ثقات"!! قلت: فقوله: "وثقه أبو حاتم" خطأ؛ لأن أبا حاتم إنما قال فيه: "شيخ يكتب حديثه". وهذا ليس يعني أنه ثقة عنده، بل هو دونه؛ كما في "درجات رواة الحديث" الجزء: 11 ¦ الصفحة: 625 عنده (1/ 37) ، أي: في المرتبة الثالثة؛ قال: "وإذا قيل: "شيخ"؛ فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه؛ إلا أنه دون الثانية". ولذلك؛ قال الذهبي في "الميزان" (2/ 385) : "قوله: "هو شيخ"؛ ليس هو عبارة جرح، ولكنها أيضاً ما هي عبارة توثيق، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة. ومن ذلك قوله: "يكتب حديثه"؛ أي: ليس هو بحجة". ولذلك؛ رأيت الحافظ لما ترجم في "التهذيب" لـ (العباس بن الفضل المدني) بسماع أبي حاتم منه وقوله: "شيخ"، وبذكر ابن حبان إياه في "الثقات" [8/ 511] ؛ لم يوثقه في "التقريب"، بل قال فيه: "مقبول". فخذها فائدة قد لا تراها في مكان آخر. وإن مما يدل على ضعف عبد السلام هذا، وأنه لا يحتج به: اضطرابه في إسناده ومتنه: أما الإسناد؛ فقد جعل (أبا يزيد المدني) مكان (أبي عثمان النهدي) عند الخرائطي، كما تقدم. وأما المتن؛ فلفظه عنده: "حرم الله على كل آدمي الجنة يدخلها قبلي؛ غير أني أنظر عن يميني؛ فإذا امرأة تبادرني إلى باب الجنة، فأقول: ما لهذه تبادرني؟ فيقال لي: يا محمد! هذه امرأة كانت حسناء جملاء، وكان عليها يتامى لها، فصبرت عليهن حتى بلغ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 626 أمرهن الذي بلغ، فشكر الله لها ذلك". (2/ 646 - "المكارم" - الطبعة الجديدة) . إذا عرفت هذا؛ فمن الخطأ - الناشىء من قلة التحقيق - قول المعلق على "مسند أبي يعلى" (12/ 7) : "إسناده جيد"! لا سيما وقد نقل عن البوصيري أنه ضعف إسناده بـ (عبد السلام) هذا في "إتحاف الخيرة" (2/ 139) ! وما نقله من توثيق ابن شاهين إياه؛ ففيه نظر؛ لمخالفته لقول أبي حاتم، ونسبة ابن حبان - على تساهله - إياه إلى الخطأ والمخالفة. يضاف إلى ذلك أننا قد لمسنا في توثيقات ابن شاهين من التساهل ما عرف به غيره، وإذا رجعت إلى ترجمته في "التذكرة" و "السير"؛ رأيت فيه كلاماً كم حيث معرفته بالرجال، فراجع لكي تتحقق مما نقول، ولا تكن ممن يعرف الحق بالرجال! 5375 - (إن الله تعالى يقول: يا عبادي! كلكم مذنب إلا من عافيت؛ فاستغفروني أغفر لكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد؛ أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام؛ إذا أردت شيئاً فإنما أقول له: كن فيكون) . ضعيف أخرجه أحمد (5/ 177) من طريق شهر عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ شهر - وهو ابن حوشب -، وقال في الحديث: 5375 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 627 "التقريب": "صدوق، كثير الإرسال والأوهام". وقد كان الداعي إلى تخريجه: أنني سافرت سفرة اضطرارية إلى الإمارات العربية، فكنت في دعوة غداء عند بعض المحبين في الله في (أبو ظبي) يوم الجمعة 9 محرم سنة 1402 هـ، وفي المجلس شاب يماني سلفي يدعى بـ (عبد الماجد) ، فسأل أحد الحاضرين: هل (الماجد) من أسماء الله تعالى؟ فقلت: لا أعلمه إلا في رواية الترمذي للحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة: "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مئة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة"، فزاد الترمذي فيه سرد الأسماء، وفيها هذا الاسم (الماجد) ! لكن العلماء ضعفوا هذه الزيادة، وهي في "المشكاة" (2288) ، مع بيان ضعفها. فذكر أحد الحاضرين أنه رأى هذا الاسم في حديث آخر في "مختصر تفسير ابن كثير" للشيخ الصابوني، فطلبته، فرأيته قد ساقه محذوف السند كعادته، غير مشير إلى ضعفه؛ لأنه من الجمهور الذي لا علم عنده بالصناعة هذه؛ بل هو يستكثر بما ليس عنده؛ فإن الحديث يكون في الأصل "تفسير ابن كثير" مخرجاً معزواً لبعض أصحاب الحديث المؤلفين، فيختصر التخريج من "مختصره"، ويجعله في أسفل حاشيته، يوهم القراء أن التخريج له، وليس له منه إلا التزوير، كما يشير إلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من تشبع بما لم يعط؛ فهو كلابس ثوبي زور". ولو أنه فعل ذلك مرة أو مرتين لما تعرضنا له بذكر، ولكنه جعل ذلك ديدنة ومنهاجاً؛ فإنه جعل كل التخريجات التي في الأصل في حاشية "مختصره"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 628 والله تعالى هو المستعان. ثم إن الحديث في "المسند" بأتم مما ذكر أعلاه تبعاً للمختصر. وأصله في "صحيح مسلم" من طريق أخرى عن أبي ذر بلفظ: "قال الله تعالى: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي ... " الحديث بطوله، وليس فيه مما في حديث الترجمة إلا الاستغفار. أخرجه مسلم (8/ 17) . وهو رواية أحمد (5/ 160) . 5376 - (لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفاً واحداً ما أحاطوا بالله أبداً) . ضعيف رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة: حدثنا منجاب بن الحارث: أنبأنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: في قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ؛ قال: ... فذكره. كذا في "مجموع الفتاوى" (16/ 438-439) ؛ وسكت عن إسناده. وهو ظاهر الوهن؛ لضعف عطية وبشر بن عمارة. بل قال ابن تيمية: "له شواهد، مثل ما في "الصحاح" في تفسير قوله تعالى: (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) ؛ قال ابن عباس: ما السماوات السبع ومن فيهن في يد الرحمن؛ إلا كخردلة في يد أحدكم. الحديث: 5376 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 629 ومعلوم أن العرش لا يبلغ هذا؛ فإن له حملة وله حول، قال تعالى: (الذين يحملون العرش ومن حوله) "! 5377 - (إن أول هذه الأمة خيارهم، وآخرهم شرارهم؛ مختلفين متفرقين، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليأته منيته وهو يأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10517) : حدثنا عبدان ابن أحمد: حدثنا خليفة بن خياط وماهر بن نوح قالا: حدثنا المفضل بن معروف: حدثنا عون بن أبي راشد عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير المفضل هذا، فقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 184) : ".. ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! قلت: وحق له أن لا يعرفه؛ فإنه محرف من (الفضل) ؛ فإنه هكذا على الصواب أورده المزي في الرواة عن عون بن أبي راشد من "التهذيب"، وكذلك السمعاني في نسبة (القطعي) : بضم القاف وفتح الطاء وكسر العين المهملتين، وقال: "يروي عن بشر بن حرب الندبي". وقد أورده العقيلي في "الضعفاء"، وقال: "كان قليل الضبط، يخالف في حديثه"؛ ثم ساق له هذا الحديث. الحديث: 5377 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 630 ثم ساقه من رواية زيد بن وهب ومن رواية الشعبي؛ كلاهما عن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو. ثم قال: "هذه الرواية أولى". قال الحافظ في "اللسان": "والحديث من طريق الأعمش عن زيد: في "مسلم" بطوله، وعند (د، س) ، وطريق الشعبي أيضاً عند مسلم"! قلت: هو عنده في أول "الإمارة"، وليس فيه الشطر الأول من المتن، وقال: "فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة؛ فلتأته منيته وهو يؤمن بالله ... "، الحديث نحوه. وهو مخرج في الكتاب الآخر: "الصحيحة" (241) . وجملة القول: أن الطرف الأول من الحديث منكر؛ لمخالفة الفضل بن معروف في لفظه لرواية زيد بن وهب والشعبي عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: إسناداً ومتناً. والله أعلم. 5378 - (كان يقول - بعد التكبير وبعد أن يقول: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً -: اللهم! لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق ... ) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (10993) عن جنادة بن سلم عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته جنادة هذا؛ ضعفه أبو زرعة. وقال أبو حاتم: "ما أقربه أن يترك؛ عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة؛ فحدث بها عن عبيد الله بن عمر". الحديث: 5378 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 631 وأما ابن حبان؛ فوثقه! فلا يلتفت إليه. ولذلك؛ قال الذهبي في "الكاشف": "ضعف". وإن مما يدل على ضعفه: أن الحديث رواه مالك عن أبي الزبير به دون ذكر دعاء التوجه في أوله. ومن طريق مالك: أخرجه مسلم (2/ 184) . وتابعه سليمان الأحول، وقيس بن سعد: عند مسلم، والطبراني (10987،11012) وغيرهما. وكذلك هو في "صحيح البخاري" (رقم 582 - مختصره) . ولم يتنبه للفرق بين رواية جنادة - هذه الضعيفة - ورواية الشيخين وغيرها - المخالفة لها -: صاحبنا الشيخ حمدي السلفي، فلم يعلق عليها بشيء يبين ضعفها، بل إنه أوهم صحتها بإحالته بها على رواية الشيخين المتقدمة! ولذلك؛ رأينا بيان ذلك. 5379 - (كان [- صلى الله عليه وسلم -] إذا استفتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين. سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين) . ضعيف أخرجه أبو محمد الجوهري في "مجلسان من الأمالي" (ق 68/ الحديث: 5379 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 632 2) ، والطبراني في "المعجم الكبير" رقم (13324) عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته الأسلمي هذا؛ ضعفه أحمد وجماعة. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 107) ، وقال: "هو ضعيف". وكذا قال الحافظ في "التقريب". وساق له الذهبي هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه. 5380 - (قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار، فيدخلهم الجنة؛ فعل) . موضوع قال ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 179) : "وقال ابن مردويه في "تفسيره": حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا جبير (1) ابن عرفة: حدثنا يزيد بن مروان الخلال: حدثنا أبو خليد: حدثنا سفيان - يعني: الثوري - عن عمرو بن دينار عن جابر قال: ... فذكره". وسكت عنه، وتبعه الصنعاني في "رفع الأستار" (ص 85) ، ولكنه لم يسق إسناده؛ فما أحسن!   (1) كذا في الأصول! وإنما هو خير بن عرفة، وهو مجهول الحال. (الناشر) الحديث: 5380 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 633 ولذلك؛ رأيت أنه لا بد من أن أكشف عن حاله؛ فأقول: إن إسناده هالك، والمتهم به الخلال هذا؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان"، وقال: "قال يحيى بن معين: كذاب. وقال عثمان الدارمي: قد أدركته، وهو ضعيف قريب مما قال يحيى". وشيخه أبو خليد: اسمه عتبة بن حماد الدمشقي، وهو صدوق؛ كما في "التقريب". وأما شيخ الطبراني سليمان بن أحمد: جبير بن عرفة؛ فلم أجد له ترجمة الآن. 5381 - (إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها، وهو في الباب الأول من جهنم، لا تسود وجوههم ولا تزرق عيونهم، ولا يغلون بالأغلال، ولا يقرنون مع الشياطين، ولا يضربون بالمقامع، ولا يطرحون في الأدراك، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها يوماً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج، وأطولهم مكثاً فيها: مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة ... وذكر بقية الحديث) . موضوع أورده السيوطي في أول رسالة: "الكشف عن مجازة هذه الأمة الألف"، فقال: الحديث: 5381 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 634 قال الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول": حدثنا صالح بن أحمد بن أبي محمد: حدثنا يعلى (كذا) ابن هلال عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وسكت عنه السيوطي، وتبعه العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته القيمة: "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" (ص 6 مخطوطة المكتب الإسلامي) ؛ وأنا في صدد تحقيقها إن شاء الله تعالى (1) ، ولذلك؛ وجدتني مندفعاً إلى تحقيق القول فيه، وشكر الله للحافظ السيوطي حيث ساق إسناده من "النوادر" الذي لا نعرف له وجوداً في عالم المخطوطات؛ بله المطبوعات، وإذا كان ذلك يبرر له أن يسكت عنه - كما جرى عليه عرف المحدثين -؛ فما عذر العلامة الصنعاني في السكوت عليه، وفيه ما يأتي بيانه؟! أول ما يبدو لنا من الضعف في هذا الإسناد؛ إنما هو في شخص ليث - وهو ابن أبي سليم الحمصي الكوفي -، وهو معروف بالضعف عند جماهير العلماء قديماً وحديثاً، فمثله لا يخفى حاله على الإمام الصنعاني! فالظاهر أنه لم يقف على إسناده؛ لكن كا عليه أن يشعر القارىء بذلك؛ كما هو منصوص عليه في علم المصطلح، لكي لا يغتر أحد بسكوته عليه. لكن قد بدا لي - بعد إمعان النظر في هذا الإسناد والمتن - أنه موضوع من الناحيتين: أما الإسناد؛ فلأنه لا يوجد في الرواة من اسمه يعلى بن هلال، وتذكرت أن فيهم المعلى بن هلال، وفيه كلام، فرجعت إلى "الميزان" للذهبي، فوجدته قد   (1) وقد طبعت في حياة الشيخ - رحمه الله -، وكتب الله لها القبول - كسائر مؤلفاته - القبول. والحديث في (ص 71) من المطبوع. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 635 نقل تكذيبه عن غير واحد من الأئمة، وساق له أحاديث تدل على حاله؛ منها حديث: "التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء"، يرويه المعلى بن هلال عن ليث عن مجاهد، وقد كنت خرجته فيما تقدم (916) ، فتيقنت أنه هو صاحب هذا الحديث، وأن اسمه تحرف إلى (يعلى) على السيوطي أو غيره. وأما المتن؛ فلقوله فيه: "لا تسود وجوههم"؛ فإنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي فيها: "أن الله يقول لملائكته: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان؛ فيخرجون منها قد اسودوا ... " الحديث. أخرجه الشيخان، وابن أبي عاصم في "السنة" (842 - بتحقيقي) ، وابن حبان (2599) بنحوه. 5382 - (الحقب الواحد: ثلاثون ألف سنة) . موضوع أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7957) من طريق جعفر ابن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا بثين فيها أحقاباً) : "الحقب ... ". قلت: وهذا موضوع؛ آفته جعفر هذا؛ فإنه متهم بالوضع، وقال الحافظ في "التقريب": "متروك الحديث". قلت: وقد سبق له بعض الموضوعات كالحديث (345،607) . وبه أعل هذا الحديث الهيثمي في "المجمع" (7/ 133) ؛ لكنه سهل القول الحديث: 5382 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 636 فيه، فقال: "هو ضعيف"! وهو متردد الرأي فيه؛ فتارة يقتصر على تضعيفه، وتارة يكذبه، وتارة يتركه. والحديث؛ أورده ابن كثير في تفسير الآية المذكورة؛ من رواية ابن أبي حاتم من الوجه المذكور؛ لكن بلفظ: "ألف ألف سنة"! كذا وقع فيه "ألف ألف" مكررة، فلا أدري أهكذا رواية ابن أبي حاتم، أم هو خطأ من الناسخ أو الطابع لابن كثير، فليراجع له "الدر المنثور" للترجيح. ثم قال ابن كثير: "وهذا حديث منكر جداً، والقاسم والراوي عنه جعفر بن الزبير كلاهما متروك". كذا قال! ولا دخل للقاسم في هذا الحديث؛ فإن المعتمد فيه أنه حسن الحديث إذا كان الراوي عنه ثقة. (تنبيه) : كان الداعي إلى تخريج هذا الحديث: أنني لما أقمت مضطراً في بيروت أواخر سنة 1401 منفياً من عمان إلى دمشق بتاريخ 19 شوال من السنة المذكورة؛ قضيت وقت غربتي في تحقيق كتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للعلامة الصنعاني؛ فرأيت فيه هذا الحديث منقولاً عن "حادي الأرواح" لابن القيم (2/ 216) بلفظ: "الحقب: خمسون ألف سنة"! وقال الصنعاني مفسراً: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 637 "و (الأحقاب) جمع، وأقله ثلاثة، يعني: مئة ألف سنة وخمسين ألف سنة". فتبينت منه أن الذي في "الحادي" المطبوع ليس خطأ من الطابع؛ وإنما هو من ابن القيم نفسه، أو من نسخته التي نقل عنها من "المعجم"؛ بدليل نقل الصنعاني عنه وتفسيره إياه! هذا من جهة. ومن جهة أخرى؛ لما رأيت الإمامين ابن القيم والصنعاني سكتا عن الحديث، وكان لا بد من التعليق عليه لبيان مرتبته من الثبوت؛ فكان هذا التخريج الذي يدلك على تساهل أفاضل العلماء في هذا المجال - فضلاً عمن دونهم فضلاً وعلماً -! والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وروى الحاكم (2/ 512) عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود في قوله تعالى: (لابثين فيها أحقاباً) قال: الحقب: ثمانون سنة. وقال: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي! وأقره السيوطي في "الدر" (6/ 307) ! وأقول: أبو بلج: هذا اسمه يحيى بن سليم؛ قال الحافظ: "صدوق ربما أخطأ". فمثله حسن الحديث. لكن قد سقط من "المستدرك" ما دونه من المسند، فلا أدري ما حاله؟ وروى البزار (4/ 186/ 3503) عن سليمان بن مسلم قال: سألت سليمان الجزء: 11 ¦ الصفحة: 638 التيمي: هل يخرج من النار أحد؟ فقال: حدثني نافع عن ابن عمر مرفوعاً: "والله! لا يخرج من النار أحد؛ حتى يمكث فيها أحقاباً". قال: والحقب: بضع وثمانون سنة، كل سنة ثلاث مئة وستون يوماً مما تعدون. وذكره الهيثمي في "المجمع" (10/ 395) ، وقال: "وفيه سليمان بن مسلم الخشاب، وهو ضعيف جداً". وسكت عنه ابن كثير في "التفسير"؛ فإن سليمان هذا؛ قال ابن حبان: "لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار"؛ كما في "الميزان" للحافظ الذهبي، وساق له حديثين - هذا أحدهما -، ثم قال: "قلت: وهما موضوعان في نقدي". وأقره الحافظ العسقلاني في "اللسان"، ونقل عن ابن عدي أنه قال فيهما: "هما منكران جداً". ثم رأيت لحديث ابن مسعود شاهداً من رواية الحجاج بن نصير: حدثنا همام عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة به. أخرجه البزار (3/ 2278) ، وقال: "لا نعلم أحداً رفعه إلا الحجاج، وغيره يوقفه". قلت: وهو ضعيف كان يقبل التلقين؛ كما قال الحافظ في "التقريب". وبه أعله الهيثمي؛ لكنه قال (3/ 78) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 639 "وثقه ابن حبان، وقال: يخطىء ويهم. وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات". قلت: فيبدو لي - والله أعلم - أن الحديث بهذا اللفظ المختصر حسن بمجموع الطريقين. والله أعلم. 5383 - (إن آخر رجل يدخل الجنة: رجل يتقلب على الصراط ظهراً لبطن؛ كالغلام يضربه أبوه وهو يفر منه، يعجز عنه عمله أن يسعى، فيقول: يا رب! بلغ بي الجنة ونجني من النار، فيوحي الله تعالى إليه: عبدي! إن أنا نجيتك من النار وأدخلتك الجنة؛ أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟ فيقول العبد: نعم يا رب! وعزتك وجلالك! لئن نجيتني (1) من النار؛ لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي. فيجوز الجسر، ويقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النار، فيوحي الله إليه: عبدي! اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك، فيوحي الله إليه: عبدي! اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك، وأدخلك الجنة! فيقول العبد: لا وعزتك! ما أذنبت ذنباً قط، ولا أخطأت خطيئة قط، فيوحي الله إليه: عبدي! إن لي عليك بينة، فيلتفت العبد يميناً وشمالاً، فلا يرى أحداً، فيقول: يا رب! أرني بينتك! فيستنطق الله جلده بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد؛ يقول: يا رب! عندي - وعزتك! - العظائم المضمرات! فيوحي الله عز وجل إليه: عبدي! أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها أغفرها لك، وأدخلك الجنة! ثم ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، يقول: هذا أدنى أهل الجنة منزلة؛ فكيف بالذي فوقه؟!) (2) .   (1) الأصل: " تنجيني "، والتصويب من " الحادي و " المجمع ". (الناشر) . (2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " يأتي برقم (6027) ". (الناشر) . الحديث: 5383 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 640 ضعيف. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7669) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي: حدثني أبي عن أبيه: حدثني أبو يحيى الكلاعي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل؛ يزيد بن سنان الرهاوي وابنه محمد؛ ضعيفان. وأما أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"؛ ولم يزد فيه على قوله: "كتب إلى أبي وإلي"! فالظاهر أنه مجهول. والحديث؛ سكت عنه ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 218-219) ! وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 402) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم، وضعفاء فيهم توثيق لين". 5384 - (لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ جاءه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! أرسلني الله عز وجل إليك؛ تكريماً لك، وتشريفاً لك، وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك: يقول: كيف تجدك؟ قال: أجدني - يا جبريل - مغموماً، وأجدني - يا جبريل -؛ مكروباً. ثم جاءه اليوم الثاني، فقال ذلك له، فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رد عليه أول يوم. ثم جاءه اليوم الثالث، فقال له كما قال أول يوم، ورد عليه كما رد. وجاء الحديث: 5384 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 641 معه ملك يقال له: إسماعيل على مئة ألف ملك، كل ملك منهم على مئة ألف ملك؛ فاستأذن فسأل عنه؛ ثم قال جبريل: هذا ملك الموت؛ يستأذن عليك، ما استأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ائذن له. فأذن له، فسلم عليه، ثم قال: يا محمد! إن الله عز وجل أرسلني إليك، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضته، وإن أمرتني أن أتركه تركته. قال: أو تفعل يا ملك الموت؟! قال: نعم؛ بذلك أمرت، وأمرت أن أطيعك! قال: فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل عليه السلام، فقال جبريل: يا محمد! إن الله عز وجل اشتاق إلى لقائك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لملك الموت: امض لما أمرت به. فقبض روحه. فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءت التعزية؛ سمعوا صوتاً من ناحية البيت: سلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته! إن في الله عزاءً من كل مصيبة؛ وخلفاً من كل هالك، ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا: فإنما المصاب من حرم الثواب! فقال علي عليه السلام: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السلام) . موضوع أخرجه الإمام الشافعي في "السنن" عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص عن جعفر بن محمد عن أبي أن رجالاً من قريش دخلوا على أبيه علي بن الحسين فقال: ألا أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: بلى، فحدثنا عن أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -. قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً على إرساله، آفته: القاسم هذا - وهو العمري المدني -؛ قال الإمام أحمد: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 642 "ليس بشيء، كان يكذب ويضع الحديث". وكذبه ابن معين أيضاً. ولهذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، رماه أحمد بالكذب". قلت: وقد تابعه من هو مثله، ولعل أحدهما سرقه من الآخر؛ فأخرجه الطبراني في "الكبير" (2890) من طريق عبد الجبار بن العلاء: حدثنا عبد الله ابن ميمون القداح: حدثنا جعفر بن محمد به؛ إلا أنه أسنده فقال: عن أبيه عن علي بن حسين قال: سمعت أبي يقول: ... فذكره. قلت: والقداح هذا؛ قال أبو حاتم: "متروك". وقال البخاري: "ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: "لا يجوز أن يحتج به". وفي "التقريب": "منكر الحديث، متروك". وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (9/ 35) . ثم سرقه منهما كذاب آخر وغاير في الإسناد؛ إلا وهو أبو الوليد المخزومي؛ فقال: حدثنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: ... فذكره مختصراً بلفظ: عزتهم الملائكة؛ يسمعون الحس ولا يرون الشخص، فقالت: ... فذكره. أخرجه الحاكم (3/ 57) ، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 643 "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!! وهذا من أوهامهما الفاحشة! ومن الظاهر أنهما لم يعرفا أبا الوليد المخزومي هذا، وقد أورده الذهبي في كنى "الميزان"، وقال: "هو خالد بن إسماعيل؛ الكذاب". ثم ترجمه هناك في الأسماء، فقال: "قال ابن عدي: كان يضع الحديث على الثقات. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال". ثم رواه أحد المتروكين بسند آخر - وهو عباد بن عبد الصمد - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أحدق به أصحابه، فبكوا حوله واجتمعوا، فدخل رجل أصهب اللحية؛ جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن في الله عزاءً من كل مصيبة ... الحديث، فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل؟ فقال أبو بكر وعلي: نعم؛ هذا أخو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الخضر عليه السلام. أخرجه الحاكم (3/ 58) ؛ وقال: "هذا شاهد لما تقدم، وإن كان عباد بن عبد الصمد ليس من شرط هذا الكتاب"! ووافقه الذهبي! وأقول: لا يستشهد به أيضاً لشدة ضعفه؛ أورده الذهبي نفسه في "الميزان"، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 644 "بصري واه. قال البخاري: منكر الحديث. ووهاه ابن حبان وقال: له عن أنس نسخة أكثرها موضوعة. وقال أبو حاتم: ضعيف جداً"، ثم ساق له أحاديث قال في أحدها: "يشبه وضع القصاص". وقال في آخر: "وهذا إفك بين". وإذا عرفت هذا الحديث وشدة ضعفها؛ فمن الغريب اعتماد شيخ الإسلام ابن تيمية على الطريق الأولى في ميله في فتوى له إلى القول بحياة الخضر في حياته - صلى الله عليه وسلم -! فقد سئل عنها في استفتاء له، فأجاب بقوله: "وأما حياته؛ فهو حي، والحديث المذكور: "لو كان حياً لزارني"؛ لا أصل له، ولا يعرف له إسناد، بل المروي في "مسند الشافعي" وغيره: أنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن قال: إنه لم يجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد قال ما لا علم له به؛ فإنه من العلم الذي لا يحاط به ... "!! قلت: وهذه الفتوى كأنها كانت منه قبل أن يتمكن من العلم الصحيح؛ فإن أكثر فتاوته على خلافها، وأن الخضر مات، وأنه لو أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجب عليه أن يأتيه وينصره، كما بينت ذلك من كلامه في مقدمتي لكتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للإمام الصنعاني، وهو تحت الطبع (1) . وقوله: "إنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -"! كأنه يعني: بعد وفاته معزياً به. وهذا هو الذي رواه الشافعي وغيره كما رأيت. وسكوته عن إسناده - بل واحتجاجه به على   (1) ثم طبع بحمد الله في حياة الشيخ - رحمه الله - في المكتب الإسلامي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 645 حياته، ورده على من قال بوفاته ونسبته إلى القول بغير علم - من شطط القول، لا سيما وهو ممن يشمله رده!! 5385 - (إنه يسمع الآن خفق نعالكم؛ أتاه منكر ونكير، أعينهما مثل قدور النحاس، وأنيابهما مثل صياصي البقر، وأصواتهما مثل الرعد، فليجلسانه، فيسألانه: ما كان يعبد؟ ومن كان نبيه؟ فإن كان ممن يعبد الله؛ قال: كنت أعبد الله، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ جاء بالبينات، فآمنا به واتبعناه، فذلك قول الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، فيقال له: على اليقين حييت، وعليه مت، وعليه تبعث، ثم يفتح له باب إلى الجة، ويوسع له في حفرته. وإن كان من أهل الشك؛ قال: لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيقال له: على الشك حييت، وعليه مت، وعليه تبعث، ثم يفتح له باب إلى النار، ويسلط عليه عقارب وتنانين، لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئاً؛ تنهشه، وتؤمر الأرض فتضم؛ حتى تختلف أضلاعه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4766) من طريق ابن لهيعة عن موسى بن جبير الحذاء أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان يحدثان عن أبي هريرة قال: شهدنا جنازة مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس؛ قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وقال: "لم يروه إلا موسى بن جبير، تفرد به ابن لهيعة". الحديث: 5385 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 646 قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه. وقال المنذري في "الترغيب" (4/ 187) : "ابن لهيعة حديثه حسن في المتابعات، وأما ما تفرد به؛ فقليل من يحتج به". قلت: وشيخه موسى بن جبير الحذاء؛ لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ومع ذلك فقد قال فيه: "كان يخطىء ويخالف". ولهذا؛ قال ابن القطان: "لا يعرف حاله". وأشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "مقبول". يعني: عند المتابعة، وإلا؛ فهو ضعيف لين الحديث. وهو في هذا الحديث قد جاء بأمور تفرد بها دون الثقات؛ كذكر العقارب والتنين ... إلخ. فالحديث بهذه الزيادة منكر. والله أعلم. 5386 - (يا أبا رزين! إن مسلم إذا زار أخاه المسلم؛ شيعه سبعون ألف ملك؛ يصلون عليه، يقولون: اللهم! كما وصله فيك؛ فصله) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8485) من طريق عمرو بن الحصين: أخبرنا محمد بن عبد الله بن علاثة: أخبرنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن مالك بن يخامر عن لقيط بن عامر أبي رزين العقيلي قال: ... فذكره مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن عطاء الخراساني إلا ابنه عثمان، ولا عن عثمان إلا ابن علاثة، تفرد به عمرو بن الحصين". قلت: وهو متروك متهم؛ كما تقدم مراراً. وبه أعله الهيثمي، فقال في "المجمع" (8/ 173) : الحديث: 5386 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 647 "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عمرو بن الحصين، وهو متروك". قلت: وابن علاثة صدوق يخطىء. وعثمان بن عطاء الخراساني ضعيف. وأبو عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني - صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب". 5387 - (إن في الجنة غرفاً، يرى ظواهرها من بواطنها، وبواطنها من ظواهرها، أعدها الله للمتحابين فيه، والمتزاورين فيه؛ والمتباذلين فيه) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 3049) من طريق إسماعيل بن سيف قال: أخبرنا عوين بن عمرو القيسي - أخو رباح بن عمرو - قال: أخبرنا سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن سعيد إلا عوين، تفرد به إسماعيل". قلت: ضعفه البزار. وقال ابن عدي: "كان يسرق الحديث، روى عن الثقات أحاديث غير محفوظة". وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات"، وقال: "مستقيم الحديث إذا حدث عن ثقة"! قلت: وشيخه عوين - ويقال: عون - ليس بثقة؛قال ابن معين: "لا شيء". وقال البخاري: الحديث: 5387 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 648 "منكر الحديث، مجهول". وقال العقيلي في "الضعفاء": "لا يتابع على حديثه". والحديث؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (3/ 240) ! وهو قصور. ومثله - بل وأولى منه بالتقصير - قول الهيثمي (10/ 278) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه إسماعيل بن سيف، وهو ضعيف"! قلت: شيخه أسوأ حالاً منه كما رأيت، فتضعيفه به أولى. وقد صح الحديث في: "من أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام"، ورد من حديث ابن عمرو، وأبي مالك الأشعري، فانظرهما - إن شئت - في "صحيح الترغيب". وفي فضل المتحابين في الله وسائر المذكورين في الحديث أحاديث كثيرة؛ عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وعمرو بن عبسة، وأبي هريرة، وغيرهم، وهي مخرجة في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب" (4/ 46-48) . 5388 - (من زار أخاه المؤمن؛ خاض في رياض الجنة حتى يرجع، ومن عاد أخاه المؤمن؛ خاض في رياض الجنة حتى يرجع) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الكبير" (7389) عن عبد الأعلى ابن أبي المساور: حدثنا عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أتينا صفوان بن عسال فقال: أزائرين؟ قلنا: نعم. فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 5388 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 649 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن أبي المساور؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، كذبه ابن معين". وأما الهيثمي؛ فألان القول فيه، فقال (2/ 298) : "ضعيف"! وكأنه تبع في ذلك المنذري الذي أشار (3/ 240) إلى تضعيف الحديث فقط! 5389 - (نعم الإدام الخل، هلاكاً بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم، وهلاك بالرجل أن يحتقر ما في بيته أن يقدمه إلى أصحابه) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم: 5198) ، (6/ 30/ 5062 - ط) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي قال: أخبرنا يزيد بن عبد الرحمن المعني: قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: نزل بجابر بن عبد الله ضيف له، فجاءهم بخبز وخل، فقال: كلوا؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن عبد الواحد بن أيمن إلا المحاربي". قلت: قال الحافظ في "التقريب": "لا بأس به، وكان يدلس". الحديث: 5389 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 650 قلت: وقد عنعنه كما ترى، فلولا ذلك؛ لكان الإسناد جيداً؛ فإن رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير يزيد بن عبد الرحمن المعني، فقال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 278) : "سمع منه أبي وروى عنه، وقال: صدوق". ولعل المنذري أشار إلى هذا الإسناد بقوله في "الترغيب" (3/ 244) : "رواه أحمد، والطبراني، وأبو يعلى ... وبعض أسانيدهم حسن". ذلك؛ أن إسناد أحمد لا يحتمل التحسين عندي؛ فإنه قال: حدثنا أسباط ابن محمد: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: دخل على جابر نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقدم إليهم خبزاً وخلاً، وقال: كلوا ... إلخ. ومن هذا الوجه رواه البيهقي (7/ 279) . فإن الوصافي هذا ضعيف؛ كما قال الحافظ. لكنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 537،589) من طريق إبراهيم بن عيينة عن أبي طالب القاضي عن محارب بن دثار عن جابر به نحوه. وقال المنذري في "الترغيب" (3/ 244) : "رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى، وبعض أسانيدهم حسن، و "نعم الإدام الخل" في "الصحيح". ولعل قوله: "إنه هلاك بالرجل ... " إلخ من كلام الجزء: 11 ¦ الصفحة: 651 جابر؛ مدرج غير مرفوع. والله أعلم". وقال الهيثمي (8/ 180) : "رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط"، وأبو يعلى، وفي إسناد أبي يعلى أبو طالب القاص، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا"! قلت: أبو طالب هذا: هو يحيى بن يعقوب بن مدرك بن سعد الأنصاري القاضي؛ خال أبي يوسف؛ كما في "الكنى" للدولابي (2/ 16) ؛ ثم ساق له هذا الحديث من طريق أبي تميلة عنه عن محارب به؛ دون قوله: "هلاكاً بالقوم ... ". ويحيى بن يعقوب؛ أورده البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 2/ 312-313) ، وقال: "منكر الحديث، عداده في الكوفيين". ورواه عنه ابن عدي في "الكامل" (ق 423/ 2) . وقال الذهبي في كنى "الميزان": "فيه لين، غمزه أبو أحمد الحاكم". وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات"، ومع ذلك قال فيه: "وكان يخطىء"! قلت: فلا تطمئن النفس لهذه الزيادة التي زادها على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم الإدام الخل". لا سيما ولم يتفق عليه فيها؛ فهذا أبو تميلة - واسمه يحيى بن واضح الجزء: 11 ¦ الصفحة: 652 الأنصاري؛ وهو ثقة - لم يذكرها عنه كما رأيت؛ خلافاً لإبراهيم بن عيينة، وهو صدوق يهم؛ كما في "التقريب"، فإن كان حفظه عن أبي طالب؛ فالعلة منه؛ أعني: أبا طالب، وهو شديد الضعف؛ كما أشار إلى ذلك البخاري في قوله المتقدم فيه: "منكر الحديث". وأما أصل الحديث: "نعم الإدام الخل"؛ فقد صح عن جابر وغيره من طرق؛ خرجت بعضها في "الصحيحة" (2220) . 5390 - (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر أيام التشريق [من صلاة الظهر] حتى يخرج من منى، يكبر في دبر كل صلاة) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7229،7230) و "الأوسط" (7417) عن سليمان بن داود الشاذكوني: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا شرقي بن القطامي عن عمرو بن قيس عن محل بن وداعة عن شريح بن أبرهة قال: ... فذكره. وقال: "لا يروي هذا الحديث عن شريح بن أبرهة إلا بهذا الإسناد، تفرد به شرقي ابن القطامي". قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الهيثمي (3/ 264) . وعبد الواحد بن عبد الله الأنصاري؛ لم أعرفه. لكن الشاذكوني؛ كذبه ابن معين وغيره. الحديث: 5390 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 653 5391 - (من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله؛ فليس ذلك بمؤمن) . ضعيف جداً أخرجه الخرائطي في "مساوي الأخلاق" (ق 36/ 1- مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق سويد بن عبد العزيز: حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وزاد: "وليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: سويد بن عبد العزيز؛ قال الذهبي: "واه جداً". الثانية: عثمان بن عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني - ضعيف؛ كما قال العسقلاني وغيره. الثالثة: أبوه عطاء؛ قال الحافظ: "صدوق، يهم كثيراً، ويرسل ويدلس". وأما الزيادة؛ فهي صحيحة؛ لورودها من طرق عن جمع من الصحابة، وقد خرجت بعضها في "الصحيحة" تحت الحديث (549) . (تنبيه) : أورد المنذري الحديث في "الترغيب" (3/ 236) بزيادة: "أتدري ما حق الجار؟ ... " الحديث. وقال: الحديث: 5391 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 654 "رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق". وأشار إلى ضعفه! والذي رأيته في "مكارم الأخلاق" المطبوعة (ص 40) أوله: "أتدري ... " إلخ؛ ليس في أوله حديث الترجمة، وقد سبق تخريجه برقم (2587) ، وإسنادهما واحد، فلا أدري أوهم المنذري فجعلهما حديثاً واحداً، أم هو رواية في "المكارم" المطبوعة؟! وظني أن فيها خرماً، أو أن المنذري استجاز جعلهما حديثاً واحداً؛ لما رأى وحدة سندهما! والله أعلم. 5392 - (صلاة المرابط تعدل خمس مئة صلاة؛ ونفقة الدينار والدرهم فيه أفضل من سبع مئة دينار ينفقه في غيره) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (101/ 2) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (ص 245) من طريق أبي الشيخ، وهذا عن ابن أبي عاصم، والبيهقي في "الشعب" (4/ 43/ 4295) بسنده عن جميع ابن ثوب عن خالد بن معدان عن أبي أمامة به مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جميع - بالفتح؛ ويقال: بالضم -؛ وهو ضعيف جداً؛ كما يفيده قول البخاري فيه: "منكر الحديث". وكذا قال الدارقطني وغيره. وقال النسائي: "متروك الحديث". والحديث؛ أورده المنذري (2/ 152) من رواية البيهقي، وأشار إلى تضعيفه، وأتبعه بقوله: الحديث: 5392 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 655 "وروى أبو الشيخ وغيره من حديث أنس: "إن الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاة". وفيه نكارة". 5393 - (إن فيهم - يعني: قريشاً - لخصالاً أربعة (!) : إنهم لأصلح الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة عند مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأمنعهم من ظلم الملوك) . منكر أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 207 - نسختي) : حدثنا أحمد بن رشدين قال: أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرنا الليث بن سعد قال: حدثني موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال: قال المستورد الفهري: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - وذكر قريشاً -: ... فذكره. وقال: "تفرد به عبد الملك بن شعيب بن الليث". قلت: هو ثقة من رجال مسلم، وكذلك من فوقه. لكن الراوي عنه أحمد بن رشدين - وهو أحمد بن محمد بن الحجاج المصري -؛ قال ابن عدي - كما في "الميزان" -: "كذبوه، وأنكرت عليه أشياء". ثم ذكر الذهبي أحاديث أنكرت عليه من أباطيله. وكان ينبغي أن يذكر هذا الحديث منها؛ لمخالفة ابن رشدين للإمام مسلم في "صحيحه"؛ فإنه قال (8/ 176) : حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني عبد الله بن وهب ... فساقه إلى المستورد القرشي قال - عند عمرو بن العاص -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الحديث: 5393 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 656 "تقوم الساعة والروم أكثر الناس". فقال له عمرو: أبصر ما تقول! قال: أقول ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالاً أربعاً ... فذكرها؛ كما في حديث الترجمة؛ إلا أنه قال: "لأحلم" مكان: "لأصلح". وزاد: "وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك". ومن هذا يتبين أن الحديث عند عبد الملك موقوف على عمرو بن العاص، جعله ابن رشدين مرفوعاً من رواية المستورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قاله في قريش! وذلك من أكاذيبه أو أخطائه. وخفي هذا على الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (10/ 26-27) : "رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه أحمد بن رشدين، وهو ضعيف، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! 5394 - (من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر، أو إدخال سرور؛ رفعه الله في الدرجات العلى من الجنة) (1) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم - 3518) من طريق إدريس ابن يونس الحراني قال: أخبرنا يحيى بن عمر بن صباح قال: حدثنا سليمان بن وهب عن إبراهيم بن أبي عبلة عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء مرفوعاً به. وقال: "لم يروه عن إبراهيم إلا سليمان، ولا عن سليمان إلا يحيى، تفرد به إدريس ابن يونس".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " مسند الشهاب ". (الناشر) الحديث: 5394 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 657 قلت: قال ابن القطان: "لا يعرف حاله". ويحيى بن عمر بن صباح؛ لعله الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 174) : "يحيى بن عمر الليثي، روى عن العلاء بن عبد الكريم، ومسكين أبي فاطمة، و ... روى عنه عبد الله بن أحمد الدورقي. قال أبي: لا أعرفه". قلت: ولعل آفة الحديث شيخه سليمان بن وهب؛ فقد أخرجه أبو الفضل بن طاهر في "الكلام على أحاديث الشهاب" من طريق أخرى عنه به؛ قال: "سليمان بن وهب: هو النخعي. ووهب جده، وهو سليمان بن عمرو". قلت: وهو معروف بالكذب والوضع، وقد تقدمت له أحاديث. والحديث؛ سكت عنه المنذري (3/ 252) ثم الهيثمي (8/ 192) ! وعزاه الأول لـ "كبير الطبراني" أيضاً. وقد روي نحوه من حديث عائشة وابن عمر بإسنادين واهيين جداً، وسيأتي تخريجهما برقم (5771) . ثم رأيته في "الترغيب" للأصبهاني (1/ 482-483) من طريق عبد الوهاب ابن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش عن شريح بن عبيد عن أبي الدرداء به. وعبد الوهاب هذا متروك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 658 5395 - (رباط يوم في سبيل الله كصيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطاً؛ جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأمن الفتان، ويبعث يوم القيامة شهيداً) . منكر بذكر (الشهيد) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6179) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا شعيب بن يحيى عن نافع بن يزيد قال: أخبرني معاوية ابن يزيد بن شرحبيل أن عبد الله بن الوليد مولى المغيرة حدثه أنه سمع ابن أبي زكريا يحدث عن شرحبيل بن السمط: أنه رأى سلمان الفارسي وهو مرابط بساحل حمص، فقال: ما لك على هذا؟ قال: مرابط. قال سلمان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بكر بن سهل ضعيف؛ كما قال النسائي وغيره. ومعاوية بن يزيد بن شرحبيل، وشيخه عبد الله بن الوليد مولى المغيرة؛ لم أعرفهما. ولعل الهيثمي أرادهما بقوله في "مجمع الزوائد" (5/ 290) : "رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم". وسائر الرواة معروفون. وابن أبي زكريا اسمه عبد الله الخزاعي، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. وفي "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 388) : "معاوية بن يزيد بن أبي الزرقاء البغدادي، روى عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي". الحديث: 5395 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 659 فيحتمل أن يكون هو ابن شرحبيل؛ فإنه من هذه الطبقة. والله أعلم. والحديث؛ أخرجه أحمد (5/ 440،441) من طريقين آخرين عن ابن أبي زكريا به؛ دون قوله: ".. ويبعث يوم القيامة شهيداً". فهي زيادة منكرة؛ لتفرد الطبراني بها في هذا الطريق المظلم. ومما يؤكد ذلك: أنه تابعه جمع من الثقات عن شرحبيل بن السمط به؛ دون الزيادة. أخرجه مسلم (6/ 51) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 101-102) ، والحاكم (2/ 80) ، والطبراني أيضاً (6177،6178،6180) . ثم رواه الطبراني (6077،6134) من طريقين آخرين عن سلمان به نحوه، دون الزيادة؛ فهي زيادة باطلة. 5396 - (يقول الله عز وجل: من عادى لي ولياً؛ فقد ناصبني بالمحاربة، وما ترددت عن شيء أنا فاعله؛ كترددي عن الموت المؤمن؛ يكره الموت وأكره مساءته. وربما سألني وليي المؤمن الغنى؛ فأصرفه من الغنى إلى الفقر، ولو صرفته إلى الغنى؛ لكان شراً له. إن الله عز وجل قال: وعزتي، وجلالي، وعلوي، وبهائي، وجمالي؛ وارتفاع مكاني! لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه؛ إلا أثبت أجله عند الحديث: 5396 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 660 بصره، وضمنت السماء والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر) (1) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12719) : حدثنا عبيد بن كثير التمار: حدثنا محمد بن الجنيد: حدثنا عياض بن سعيد الثمالي عن عيسى بن مسلم القرشي عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً مظلم؛ فإن ما بين ابن عباس والشيخ التمار؛ لم أجد لهم ترجمة، وقال الهيثمي (10/ 270) : "رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم". قلت: الشيخ التمار متروك الحديث؛ كما قال الأزدي والدارقطني. وقال ابن حبان: "أدخلت عليه نسخة مقلوبة". قلت: فهو آفة الحديث؛ فما كان للهيثمي أن يغفل عنه! 5397 - (يا جارية! هذه صفة المؤمنين حقاً، لو كان أبوك (يعني: حاتماً الطائي) مسلماً؛ لترحمنا عليه! خلوا عنها؛ فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق) . موضوع أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (باب وفد طيىء - من المجلد الثاني - مخطوطة الأوقاف الحلبية) ، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " ينظر (1775) من الضعيفة " ". (الناشر) الحديث: 5397 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 661 32/ 1 و 19/ 223/ 1) عن أبي سعيد عبيد بن كثير بن عبد الواحد الكوفي: حدثنا ضرار بن صرد قال: حدثنا عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال: قال علي ابن أبي طالب: لما أتي بسبايا طيىء وقفت جارية [حمراء، لعساء، دلفاء، عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة والهامة، درماء الكعبين، خدلة الساقين، لفاء الفخذين؛ خميصة الخصرين، ضامرة الكشحين، مصقولة المتنين. قال: فلما رأيتها أعجبت بها، وقلت: لأطلبن إلى رسول الله [أن] يجعلها في فيئي، فلما تكلمت؛ أنسيت جمالها من فصاحتها] (1) ؛ فقالت: يا محمد! إن رأيت أن تخلي عنا، ولا تشمت بنا أحياء العرب؛ فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضيف، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط! أنبأنا ابنة حاتم طيىء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله! تحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! لا يدخل أحد الجنة إلا بحسن الخلق". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علل: الأولى: جهالة عبد الرحمن بن جندب؛ أورده الحافظ في "اللسان"، وقال:   (1) ما بين المعكوفتين من " تاريخ ابن كثير " (5 / 67) ؛ لأن مسودتي التي نقلت منها الحديث وتخريجه؛ كنت اختصرت هذا القدر منها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 662 "مجهول". الثانية: أبو حمزة الثمالي - واسمه ثابت بن أبي صفية -؛ قال الحافظ في "التقريب": "ضعيف رافضي". الثالثة: ضرار بن صرد؛ قال الحافظ: "صدوق له أوهام". الرابعة: عبيد بن كثير - وهو التمار، شيخ الطبراني في الحديث المتقدم قبله -، وهو ضعيف جداً كما عرفته. وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير بقوله عقب الحديث: "هذا حديث حسن المتن، غريب الإسناد جداً، عزيز المخرج"! وأما تحسينه لمتنه؛ فالظاهر أنه يعني: الحسن اللغوي، لا الاصطلاحي؛ أي: من حيث المعنى، ولعله عنى المقدار المرفوع منه فقط، وإلا؛ فيد الصنع والوضع ظاهرة فيه عندي، لا سيما في وصف علي رضي الله عنه للجارية، كما لو كان رآها عارية أمام النبي - صلى الله عليه وسلم -! وإلا؛ فمن أين له أن يصفها بقوله: (خدلة الساقين) ؛ أي: ممتلئة الساقين؟! بل قوله: (لفاء الفخذين) ؛ أي: سمينتهما، بحيث تدانيا من السمن؟! وقوله: (خميصة الخصرين) ؛ أي: ضامرة الخصرين؟! وقوله: (ضامرة الكشحين) ؛ وكأنه تفسير لما قبله؛ فإن الكشح ما بين الخاصرة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 663 والضلوع؟! وقوله: (مصقولة المتنين) ؛ أي: ناعمة المنكبين؟! ومعنى (حمراء) : البيضاء أو الشقراء، ومنه الحديث الموضوع: "خذوا نصف دينكم عن الحميراء"؟! وقوله: (لعساء) ؛ أي: باطن شفتها أسود؟! وقوله: (دلفاء) ؛ أي: تمشي رويداً، وتقارب الخطى من سمنها؟! وقوله: (عيطاء) ؛ أي: طويلة العنق؟! وقوله: (درماء الكعبين) ؛ أي: غطاهما اللحم والشحم، حتى لم يبن لهما حجم؟! ثم رأيت الحافظ ابن حجر قد ساق الحديث في "تخريج المختصر" (ق 45/ 1-2) من طريق البيهقي به؛ واقتصر على تضعيفه بقوله: "هذا حديث غريب، أخرجه الحاكم في "الإكليل" هكذا، والبيهقي في "الدلائل" من طريقه ... "! ولم يبين علله!! 5398 - (إذا رأيت من أخيك ثلاث خصال؛ فارجه: الحياء، والأمانة، والصدق. وإذا لم ترها منه؛ فلا ترجه) . ضعيف جداً أخرجه ابن عدي في مقدمة "الكامل" (ص 252 - طبع بغداد) من طريق أبي زهير قال: حدثنا رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. وقال: الحديث: 5398 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 664 "لم نكتبه إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو ضعيف جداً؛ رشدين هذا؛ قال أحمد، والبخاري: "منكر الحديث". وضعفه جماعة. وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 302) : "كثير المناكير، يروي عن أبيه أشياء ليست حديث الأثبات عنه، كان الغالب عليه الوهم والخطأ". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للديلمي أيضاً. وقد ذكر المعلق على "ابن عدي" - الأستاذ السامرائي - أنه في "مسند الفردوس" (مخطوط ورقة 23 - تسديد القوس) . ونقل عن العلائي أنه قال في رشدين: "ضعيف". لكن وقع في نقله: (راشد) ، وكذلك وقع في المقدمة! وهو من الأخطاء المطبعية الكثيرة والكثيرة جداً، التي وقعت في مطبوعته هذه، والظاهر أنه لم يقم هو بنفسه على تصحيح تجاربها. والله أعلم. 5399 - (يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ... فيما أحسب) (1) . شاذ أخرجه مسلم (8/ 105) من طريق شداد أبي طلحة الراسبي عن   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن في أصله: " مضى (1316) ". قلت: لكن هنا فوائد ليست هناك. (الناشر) الحديث: 5399 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 665 غيلان بن جرير عن أبي بردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك؟! أورده شاهداً لما ساقه من قبل من ثلاثة طرق عن أبي بردة بلفظ: "إذا كان يوم القيامة؛ دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول: هذا فكاكك من النار". هذا لفظ طلحة بن يحيى عن أبي بردة. ولفظ عون وسعيد بن أبي بردة: "لا يموت رجل إلا أدخل الله مكانه النار يهودياً أو نصرانياً". قلت: وهذا أخرجه أحمد (4/ 391،398) - عنهما -، والطيالسي (499) - عن سعيد وحده -. وتابعهما عمارة القرشي: عند أحمد (4/ 407) . وأما لفظ طلحة بن يحيى؛ فأخرجه أحمد أيضاً (4/ 410) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 80) . وقد تابعه عليه بريد - وهو ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري -: عند أحمد (4/ 402) . وتابعه أيضاً محمد بن المنكدر، ومعاوية بن إسحاق: عنده (4/ 407-408) . وعبد الملك بن عمير: عند ابن عساكر بنحوه، وتقدم لفظه في "الصحيحة" برقم (1381) . قلت: وطلحة بن يحيى وإن كان فيه كلام من قبل حفظه؛ حتى قال الحافظ فيه: "صدوق يخطىء"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 666 فحديثه قوي بهذه المتابعات الكثيرة، لا سيما وله شاهد من حديث أنس، ذكرته تحت الرقم المذكور، فالحديث بهذين اللفظين صحيح. وأما اللفظ الأول؛ فهو منكر أو شاذ على الأقل؛ لأنه تفرد به الراسبي، وهو وإن كان وثقه أحمد وغيره؛ فقد ضعفه شيخه عبد الصمد بن عبد الوارث. وقال العقيلي: "له غير حديث لا يتابع عليه". وقال ابن حبان: "ربما أخطأ". وقال الدارقطني: "يعتبر به". وقال الحاكم أبو أحمد: "ليس بالقوي عندهم". قلت: فهذه الأقوال تدل على أن الرجل لم يكن قوياً في حفظه، وإن كان صدوقاً في نفسه. ولذلك؛ لم يخرج له مسلم إلا في الشواهد؛ كهذا الحديث. وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء" (1) . فمثله حديثه مرشح للتقوية بالشاهد والمتابعة، أو للضعف بالمخالفة كحديث الترجمة. وبها أعله البيهقي، فقال في "شعب الإيمان" (1/ 266-267) - بعد أن   (1) وأما قول الذهبي في " الكاشف ": " وثقه أحمد وغيره، وضعفه من لا يعلم "! فأظن أن في العبارة تحريفاً، وإلا؛ فكيف يجوز وصف من ضعفه بأنه لا يعلم، وفيهم جمع من أهل العلم المعروفين؟! كما يشير إلى ذلك كلام البيهقي، وسمينا من عرفنا منهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 667 ساق الحديث الصحيح من الطرق الثلاث عند مسلم وأتبعه بحديث الترجمة -: "فهذا حديث شك فيه [بعض] رواته، وشداد أبو طلحة ممن تكلم أهل العلم بالحديث فيه، وإن كان مسلم استشهد به في كتابه؛ فليس هو ممن يقبل منه ما يخالف فيه، والذين خالفوه في لفظ الحديث عدد، وهو واحد، وكل واحد ممن خالفه أحفظ منه، فلا معنى للاشتغال بتأويل ما رواه، مع خلاف ظاهر ما رواه الأصول الصحيحة الممهدة في أن لا تزر وازرة وزر أخرى. والله أعلم". قلت: وهذا منه رحمه الله في غاية التحقيق، وإليه يرجع الفضل في تنبهي لهذه العلة، بعد أن كنت أوردت الحديث في "صحيح الجامع" برقم (7891) اعتماداً مني على الإمام مسلم، وليس بتحقيقي؛ اتباعاً للقاعدة الغالبة: أن ما أخرجه الشيخان أو أحدهما؛ فقد جاوز القنطرة، لا سيما والعمر أقصر، والوقت أضيق من التوجه إلى نقد "الصحيحين"؛ للتعرف على الأحاديث القليلة التي يمكن أن تكون معلولة عند العارفين بهذا العلم. بينما مجال نقد أحاديث غيرهما من كتب السنة واسع جداً. وهذا ما جريت عليه في كل مؤلفاتي؛ إلا في بعض الأحوال النادرة، مما جرني إليه البحث والتحقيق، أو نبهني على ذلك بعض من سبقني من أهل العلم والتوفيق، كهذا الحديث، والحمد لله وحده. من أجل ذلك - وتعاوناً على البر والتقوى - أرجو من كل من كان عنده نسخة من "ضعيف الجامع الصغير" أن ينقل إليه هذا الحديث، والله تعالى أسأل أن يغفر لنا خطايانا، وأن لا يؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا؛ إنه سميع مجيب! هذا؛ وممن لم يتنبه لعلة هذا الحديث الإمام النووي رحمه الله؛ فإنه تأوله الجزء: 11 ¦ الصفحة: 668 توفيقاً بينه وبين الأصول التي أشار إليها البيهقي رحمه الله تعالى؛ ولا حاجة إلى ذلك كما سبق. وأما كون الكافر في النار مكان المسلم فيها. وفكاكاً له منها؛ فقد جاء بيانه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار؛ ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: (أولئك هم الوارثون) ". وهو مخرج في "الصحيحة" (2279) . ونحوه في "صحيح البخاري" (6569) ، وهو من حديث أبي هريرة. وبه احتج البيهقي على ما ذكرنا من المعنى، فقال عقبه: "ويشبه أن يكون هذا الحديث تفسيراً لحديث الفداء، فالكافر إذا أورث على المؤمن مقعده من الجنة، والمؤمن إذا أورث على الكافر مقعده من النار؛ يصير في التقدير كأنه فدى المؤمن بالكافر. والله أعلم". ونحوه في "شرح مسلم" للنووي؛ فراجعه إن شئت. (فائدة) : قد أطال الإمام البخاري الكلام في إعلال حديث الفداء الصحيح هذا بذكر طرقه عن أبي بردة عن أبيه - وقد ذكرت آنفاً بعضها -، ثم ختم ذلك بقوله (1/ 1/ 37-39) : "والخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة، وأن قوماً يعذبون ثم يخرجون: أكثر وأبين وأشهر"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 669 ولست أرى فيما ذكره ما يصح أن يعل الحديث به؛ لأنه ليس صريحاً في نفي العذاب عن كل مؤمن، حتى على الرواية التي صدر بها كلامه بلفظ: إن أمتي أمة مرحومة، جعل عذابها بأيديها في الدنيا"، وقد خرجته في "الصحيحة" (959) ! ولذلك؛ قال البيهقي في الرد عليه - بعد أن ذكر خلاصة كلامه -: "والحديث قد صح عند مسلم وغيره رحمهم الله من الأوجه التي أشرنا إليها وغيرها، ووجهه ما ذكرناه، وذلك لا ينافي حديث الشفاعة؛ فإن حديث الفداء - وإن ورد مورد العموم في كل مؤمن - فيحتمل أن يكون المراد به كل مؤمن قد صارت ذنوبه مكفرة بما أصابه من البلايا في حياته، ففي بعض ألفاظه: "إن أمتي أمة مرحومة، جعل الله عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة؛ دفع الله إلى رجل من المسلمين رجلاً من أهل الأديان؛ فكان فداءه من النار". وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تصر ذنوبه مكفرة في حياته. ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في حديث الفداء بعد الشفاعة. والله أعلم". 5400 - (شهر رمضان شهر أمتي، ترمض فيه ذنوبهم، فإذا صامه عبد مسلم، ولم يكذب، ولم يغتب، وفطره طيب؛ خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها) . ضعيف جداً أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (ص 228) عن الحاكم معلقاً عليه بسنده إلى عصام بن طليق عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وفيه علتان: الحديث: 5400 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 670 الأولى: أبو هارون العبدي متروك، وتقدم مراراً. والأخرى: عصام بن طليق، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وقال ابن معين: "ليس بشيء". والحديث؛ أورده المنذري في "الترغيب" من رواية أبي الشيخ، وأشار إلى تضعيفه، ولفظه: "إن شهر رمضان شهر أمتي، يمرض مريضهم فيعودونه، فإذا صام مسلم لم يكذب، ولم يغتب، وفطره طيب، سعى إلى العتمات محافظاً على فرائضه؛ خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها". وتعقبه الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" (124/ 1) بما خلاصته: أن عزوه لأبي الشيخ وهم، وإنما هو في "مسند الفردوس" وغيره. قلت: قد سقت الحديث بلفظ "المسند". وبمقابلته باللفظ المعزو لأبي الشيخ؛ يظهر أن بينهما فرقاً جلياً؛ فإن في كل منهما من الزيادة ما ليس في الآخر، فإن ثبت الوهم - وهذا ما أستبعده -؛ فهو وهم في المتن أيضاً. والله أعلم. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى؛ يرويه محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي: حدثنا الوليد بن مسلم الدمشقي عن عمرو بن محمد الأصبهاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به. وقال: ... الحديث بطوله. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 28) في ترجمة (عمرو بن محمد الأصبهاني) ، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 671 "يروي عن زيد بن أسلم، وأراه صحفه بعض الرواة، وهو عندي (عمر بن محمد بن صبهان) ". قلت: وهذا؛ قال الذهبي في "المغني": "ساقط. قال أبو زرعة: واه". والآفة: من الراوي عنه (محمد بن إبراهيم الشامي) ؛ فإنه كذاب؛ كما قال الدارقطني، ولعله الذي صحف اسم شيخ شيخه عمداً! وقال الحاكم: "روى عن الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز أحاديث موضوعة". وقال ابن حبان: "يضع الحديث على الشاميين". ورأيت الحديث في "الدر المنثور" (1/ 188) برواية أبي الشيخ مثل لفظ "الترغيب"؛ ومن الظاهر أنه نقله منه! 5401 - (يا جبريل! ما لي أراك متغير اللون؟! فقال: ما جئتك حتى أمر الله عز وجل بمفاتيح النار. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا جبريل! صف لي النار، وانعت لي جهنم! فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداءً مظلمة، لا يضيء شررها، ولا يطفأ لهبها. الحديث: 5401 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 672 والذي بعثك بالحق! لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم؛ لمات من في الأرض كلهم جميعاً من حره. والذي بعثك بالحق! لو أن ثوباً من ثياب النار علق بين السماء والأرض؛ لمات من في الأرض جميعاً من حره. والذي بعثك بالحق! لو أن خازناً من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا، فنظروا إليه؛ لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه. والذي بعثك بالحق! لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا؛ لا رفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى السفلى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حسبي يا جبريل! لا ينصدع قلبي فأموت. قال: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل وهو يبكي. فقال: تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به؟! قال: وما لي لا أبكي! أن أحق بالبكاء؛ لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها، وما أدري لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به إبليس؛ فقد كان من الملائكة. وما يدريني لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت. قال: فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبكى جبريل عليه السلام، فما زالا يبكيان حتى نوديا أن: يا جبريل! ويا محمد! إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه. فارتفع جبريل عليه السلام، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون؛ فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 673 أتضحكون ووراءكم جهنم؟! فلو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولما أسغتم الطعام والشراب، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل. فنودي: يا محمد! لا تقنط عبادي، إنما بعثتك ميسراً، ولم أبعثك معسراً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سددوا وقاربوا) . موضوع أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 2750 - مصورتي) من طريق الحكم بن مروان الكوفي قال: أخبرنا سلام الطويل عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن عدي بن عدي الكندي قال: قال عمر بن الخطاب: جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... فذكره. وقال: "لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به سلام". قلت: قال الهيثمي (10/ 387) : "وهو مجمع على ضعفه". قلت: بل اتهمه بعضهم بالكذب. بل قال ابن حبان (1/ 339) : "يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها". وقال الحاكم: "روى أحاديث موضوعة". قلت: وهذا في نقدي من موضوعاته؛ فإن قوله عن إبليس: "كان من الملائكة"؛ مخالف لقوله تعالى: (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 674 ولا يصح تفسير الآية بأن المراد الملائكة وأنه أطلق عليهم (الجن) ؛ لأنهم لا يرون؛ لأن القرآن والسنة مصرحان بأن إبليس خلق من نار، والحديث يصرح بأن الملائكة خلقت من نور. وكذلك ذكره فيه هاروت وماروت، فيه إشارة إلى قصتهما المعروفة مع الزهرة، وهي من الإسرائيليات الباطلة التي لا يصح نسبتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما تقدم برقم (170، 912،913) . 5402 - (إن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حزيناً لا يرفع رأسه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أراك - يا جبريل - حزيناً؟! قال: إني رأيت لفحة من جهنم؛ فلم يرجع إلي روحي بعد) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 5472) عن محمد ابن علي بن خلف العطار قال: أخبرنا محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن عمر ابن علي قال: حدثني أبي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به، وقال: "لم يروه عن زيد بن أسلم إلا علي بن عبد الله، تفرد به محمد بن علي بن خلف". قلت: هو متهم؛ قال ابن عدي: "عنده عجائب، وهو منكر الحديث". وأما الخطيب؛ فذكر توثيقه في "التاريخ" (3/ 57) عن محمد بن منصور! الحديث: 5402 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 675 وأما محمد بن علي بن عبد الله ... فلم أجد له ترجمة. وكذا أبوه. لكني وجدت في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 194) : "علي بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. روى عنه داود ابن عبد الله بن أبي الكرام الجعفري. سمعت أبي يقول: سمعت داود الجعفري يقول: قال لي علي بن عبيد الله - وكان أبصر الناس بالطب - وفي نسخة: بالطلب -". قلت: فلعله هذا. وعلى كل حال؛ فهو مجهول. 5403 - (ينشىء الله سحابة لأهل النار، فيقال: يا أهل النار! أي شيء تطلبون؟ فيذكرون سحابة الدنيا، فيقولون: يا ربنا! الشراب. فتمطرهم أغلالاً تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمراً تلتهب عليهم) . ضعيف أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (ق 143/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (4115 - ط) ، وابن عدي (6/ 394) من طريق منصور بن عمار (وقال الطبراني: ابن عباد. وهو تصحيف) قال: أخبرنا بشير بن طلحة عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره، ولم يذكر ابن أبي الدنيا الرفع - والسياق للطبراني - وقال: "لا يروى عن يعلى إلا بهذا الإساد، تفرد به منصور". قلت: وهو ضعيف؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 176) عن أبيه: الحديث: 5403 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 676 "ليس بالقوي، صاحب مواعظ". وقال ابن عدي: "منكر الحديث". وبشير بن طلحة؛ قال أحمد: "ليس به بأس". وخالد بن دريك: هو الشامي، ثقة؛ لكنه عن يعلى بن منية مرسل. فالحديث له علتان؛ بل ثلاث: الإرسال، وضعف ابن عمار، واضطرابه في رفعه ووقفه. وقد أشار إلى هذه العلة الأخيرة الحافظ المنذري، فقال (4/ 232) : "رواه الطبراني، وقد روي موقوفاً عليه، وهو أصح". وأما الهيثمي؛ فقال (10/ 390) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من فيه ضعف قليل، ومن لم أعرفه"! 5404 - (الرفق يمن، والخرق شؤم) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4243) عن إسماعيل ابن توبة القزويني قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن المعلى بن عرفان عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن المعلى إلا محمد، تفرد به إسماعيل". قلت: وهو صدوق. الحديث: 5404 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 677 وشيخه محمد بن الحسن - وهو الفقيه الشيباني تلميذ أبي حنيفة - لينه النسائي من قبل حفظه. فالآفة من المعلى بن عرفان؛ فإنه منكر الحديث؛ كما قال البخاري. وقال النسائي: "متروك الحديث". وبه أعله الهيثمي، فقال (8/ 19) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه المعلى بن عرفان، وهو متروك". قلت: وقد روي من حديث عائشة رضي الله عنها، وقد مضى الكلام عليه برقم (3889) . 5405 - (لما فتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - خيبر؛ أصابه من سهمه أربعة أزواج نعال، وأربعة أزواج خفاف، وعشر أواقي ذهب وفضة، وحمار أسود. قال: فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - الحمار، فقال له: ما اسمك؟ قال: يزيد ابن شهاب، أخرج الله من نسل جدي ستين حماراً، كلهم لم يركبهم إلا نبي، ولم يبق من نسل جدي غيري، ولا من الأنبياء غيرك، أتوقعك أن تركبني، وكنت قبلك لرجل من اليهود، وكنت أعثر به عمداً، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد سميتك يعفوراً، يا يعفور! قال: لبيك. قال: أتشتهي الإناث؟ قال: لا، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يركبه في حاجته؛ فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل، فيأتي الباب فيقرعه برأسه، فإذا خرج إليه صاحب الدار؛ أومأ الحديث: 5405 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 678 إليه أن: أجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فلما قبض النبي عليه الصلاة والسلام؛ جاء إلى بئر كانت لأبي الهيثم بن التيهان؛ فتردى فيها، فصارت قبره؛ جزعاً منه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) . موضوع أورده ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (3/ 308) في ترجمة محمد بن مزيد أبي جعفر مولى بني هاشم عن أبي حذيفة موسى بن مسعود عن عبد الله بن حبيب الهذلي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي منظور - وكانت له صحبة - قال: ... فذكره. وقال عقبه: "وهذا حديث لا أصل له، وإسناده ليس بشيء، ولا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ". وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 294) ، وقال: "هذا حديث موضوع، فلعن الله واضعه؛ فإنه لم يقصد إلا القدح في الإسلام والاستهزاء به! ". ثم نقل كلام ابن حبان المذكور آنفاً، وأقروه عليه، كالحافظ الذهبي في "الميزان"، والعسقلاني في "اللسان"، وفي "الفتح" (كتاب الجهاد) . وقد خفي حال أبي جعفر هذا على الخطيب البغدادي، فترجمه في "التاريخ" (3/ 287-288) دون أن يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! 5406 - (دخل رجل على أهله، فلما رأى ما بهم من الحاجة؛ خرج إلى البرية، فلما رأت امرأته؛ قامت إلى الرحى فوضعتها، وإلى التنور فسجرته، ثم قالت: اللهم ارزقنا! فنظرت؛ فإذا الجفنة قد امتلأت، الحديث: 5406 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 679 قال: وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئاً. قال: فرجع الزوج قال: أصبتم بعدي شيئاً؟ قالت امرأته: نعم؛ من ربنا؛ فأم إلى الرحى [فرفعها] ؛ فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال: أما إنه لو لم يرفعها؛ لم تزل تدور إلى يوم القيامة. شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: والله! لأن يأتي أحدكم صبيراً، ثم يحمله؛ يبيعه فيستعف منه؛ خير له من أن يأتي رجلاً يسأله) . ...... (1) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/ 513) قال: حدثنا ابن عامر: أنبأنا أبو بكر عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: ... فذكره. ثم قال (2/ 421) : حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عبد الحميد - يعني: ابن بهرام - قال: حدثنا شهر بن حوشب قال: قال أبو هريرة: بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء؛ فجاء الرجل من سفره، فدخل على امرأته جائعاً قد أصابته مسبغة شديدة، فقال لامرأته: أعندك شيء؟ قالت: نعم؛ أبشر أتاك رزق الله! فاستحثها فقال: ويحك! ابتغي إن كان عندك شيء، قالت: نعم، هنية نرجو رحمة الله، حتى إذا طال عليه الطوى قال: ويحك! قومي فابتغي إن كان عندك خبز فأتيني به؛ فإني قد بلغت وجهدت! فقالت: نعم، الآن ينضج التنور فلا تعجل، فلما إذ سكت عنها ساعة، وتحينت   (1) كذا أصل الشيخ - رحمه الله -، لم يحكم عليه، والحديث بهذا اللفظ ثابت؛ كما في " الصحيحة " (6 / 1052) ، ولعل الشيخ - رحمه الله - أورده هنا من أجل طريق شهر الآتية؛ فإنه قال في " الصحيحة " هناك: " وشهر بن حوشب ضعيف، وفي حديثه زيادات منكرة ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 680 أيضاً أن يقول لها؛ قالت هي من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري، فقامت فوجدت تنورها ملآن جنوب الغنم، ورحييها تطحنان، فقامت إلى الرحى، فنفضتها وأخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم. قال أبو هريرة: فوالذي نفس أبي القاسم بيده - عن قول محمد - صلى الله عليه وسلم - -! : "لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها؛ لطحنتها إلى يوم القيامة". 5407 - (كان يعلق أصابعه؛ ثلاثاً) . شاذ أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 140) : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ابن لكعب بن مالك عن أبيه به. قلت: وهو إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. وابن كعب بن مالك: هو إما عبد الله، أو عبد الرحمن، وبالأخير جزم بعض الرواة كما يأتي. وأيهما كان؛ فهو ثقة من رجالهما، وعلى هذا؛ فالإسناد صحيح. لكن المتن شاذ؛ لأن ابن بشار قد خولف فيه؛ فقال الإمام أحمد (3/ 454) : حدثنا عبد الرحمن به. فذكره بلفظ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعق أصابعه الثلاث من الطعام. وهكذا أخرجه مسلم (2032) عن شيوخه الثلاثة: أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن حاتم قالوا: حدثنا ابن مهدي به. الحديث: 5407 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 681 وقال ابن أبي شيبة في روايته: عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه. قلت: فاتفاق هؤلاء الحفاظ على هذا اللفظ: (الثلاث) ؛ يدل على وهم وشذوذ ابن بشار بروايته بلفظ: (ثلاثاً) . ولعل الترمذي قد أشار إلى ذلك بقوله عقب حديث الترجمة: "وروى غير محمد بن بشار هذا الحديث قال: (يلعق أصابعه الثلاث) ". ويؤيده: ما أخرجه هو (143) ، ومسلم، وأبو داود (3848) ، والدارمي (2/ 97) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 194 و 195) ، والبيهقي (7/ 278) ، وأحمد أيضاً (6/ 386) من طرق عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن ابن سعد المدني عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع، ويلعق يده قبل أن يمسحها. والأحاديث في اللعق والأمر به كثيرة، وقد خرجت بعضها في "إرواء الغليل" (1969) . وأما تثليث اللعق؛ فلا أعلم فيه حديثاً غير هذا، وقد عرفت أنه خطأ، وأن المحفوظ الأكل بالأصابع الثلاثة. 5408 - (كان يتختم في يمينه ويقول: اليمين أحق بالزينة من الشمال) . ضعيف أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 125) عن محمد بن إسحاق بن يزيد الأنطاكي: أخبرنا الفريابي المقدسي: أخبرنا الحسن بن مخلد الحديث: 5408 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 682 عن المفضل بن فضالة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الحسن بن مخلد؛ قال الأزدي: "روى عن علي بن مسهر مناكير". والأخرى: محمد بن إسحاق بن يزيد الأنطاكي؛ في "الميزان": "حدث بدمياط عن الهيثم بن جميل، تكلم فيه". قال الحافظ: "وقال مسلمة بن قاسم: مجهول". وأما المفضل بن فضالة؛ فإن كان البصري فضعيف، وإن كان المصري فثقة. وقوله: "واليمين أحق بالزينة"؛ قد روي في آخر حديث أنس بلفظ: "تختموا بالعقيق؛ فإنه ينفي الفقر، واليمين أحق بالزينة". وقد تكلمت عليه فيما سبق برقم (227) . 5409 - (كان يتختم في يمينه، وقبض والخاتم في يمينه) . ضعيف جداً أخرجه أبو الشيخ (ص 125) من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، ورجاله ثقات؛ غير عبيد هذا - وهو الأسدي الكوفي -؛ قال الحافظ في "التقريب": الحديث: 5409 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 683 "متروك، كذبه ابن معين، واتهمه أبو داود بالوضع". قلت: وإنما أوردت هذا والذي قبله؛ للشطر الثاني من كل منهما. وإلا؛ فالشطر الأول صحيح ثابت في "الصحيحين" وغيرهما عن جمع من الصحابة، قد خرجت بعضها في "إرواء الغليل" (رقم 820) . 5410 - (كان عليه الصلاة والسلام قبل الإسراء والمعراج يصلي ركعتين صباحاً، وركعتين مساءً؛ كما كان يفعل النبي إبراهيم عليه السلام. رواه البخاري) ! لا أصل له كذا رأيته في كتاب "التربية الإسلامية للصف الخامس الابتدائي" (ص - 44) تأليف عبد الحميد السائح، عبد العزيز الخياط، عز الدين الخطيب التميمي، يوسف العظم، زهير كحالة. هكذا جاء في طرة الكتاب من الطبعة الثانية عشرة! طبع مطابع الجمعية العلمية الملكية بعمان. قلت: وهذا حديث لا أصل له؛ كما كنت بينته في كتابي "دفاع عن الحديث النبوي" في الرد على "فقه الدكتور البوطي" (ص 42) الذي ذكر فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما ذكر هؤلاء المؤلفون مما تراه أعلاه، ولعلهم قلدوه في ذلك! ولكنهم زادوا عليه قولهم: "رواه البخاري"! وهذا كذب على الإمام البخاري؛ فإنه لم يرو شيئاً من هذا؛ لا هو ولا غيره من أئمة السنة والحديث. ولهذا؛ قلت في ردي على الدكتور البوطي: الحديث: 5410 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 684 "أقول: لا أعرف لهذا الحديث إسناداً؛ فإن كان الدكتور قد وقف عليه؛ فليذكر لنا مصدره لندرسه، وما أخاله يصح. نعم؛ ذكر ابن سيد الناس في "عيون الأثر" (1/ 91) عن مقاتل بن سليمان: "وفرض الله أول الاسلام الصلاة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، ثم فرض الخمس ليلة المعراج". ثم ذكر نحوه عن الحربي (1/ 149) ، ونقل عن ابن عبد البر؛ أنه قال: "لا يوجد هذا في أثر صحيح". ثم أشار ابن سيد الناس (1/ 152) إلى تضعيف قول الحربي. قلت: ومقاتل بن سليمان متروك شديد الضعف، قال الحافظ: "كذبوه وهجروه، ورمي بالتجسيم". قلت: فمثله لا يكون حديثه إلا موضوعاً. هذا لو وصله وأسنده، فكيف به وقد أرسله وأعضله؟! فيا للعجب من هؤلاء الأساتذة الخمسة؛ ألم يكن فيهم رجل واحد يتنبه لهذا الخطأ الفاحش المزدوج، يحول بينهم وبين الوقوع في الكذب - لغة - على الإمام البخاري، بل وعلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟! ومن هذا القبيل: ما وقع في كتاب "الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية" (1) (ص 34) ما نصه - بعد أن ساق سورة (العصر) -:   (1) لمؤلفه الدكتور صادق أمين، وأظنه اسما مستعارا؛ لا حقيقة له ولا مسمى. ثم تبين أنه الدكتور عبد الله عزام أصلحنا الله وإياه! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 685 "ولذلك؛ وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة العصر بأنها تعدل ثلث القرآن". "صحيح البخاري" الجزء (6/ 233) "!! كذا قال مؤلفه الدكتور! وهذا يشبه ما قبله في الكذب المخالف للواقع، بل هو فيه أغرق؛ لأنه ذكر الجزء والصفحة، ولا شيء منه هناك! 5411 - (كان يحب القثاء) . ضعيف أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 203) قال: حدثنا محمد ابن حميد الرازي: حدثنا إبراهيم بن المختار عن محمد بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: بعثني معاذ بن عفراء بقناع من رطب وعليه أجر من قثاء زغب، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب القثاء، فأتيته وعنده حلية قد قدمت عليه من البحرين، فملأ يده منها، فأعطانيه. ثم أخرجه هو (رقم 204،349) ، وأحمد (6/ 359) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 215) من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقناع من رطب وأجر زغب، فأعطاني ملء كفه حلياً، أو قالت: ذهباً. قلت: والإسناد الأول ضعيف مسلسل بالعلل: أولاً: أبو عبيدة بن محمد وثق توثيقاً ليناً. وإلى ذلك أشار الذهبي في "الكاشف" بقوله: الحديث: 5411 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 686 "وثق". والحافظ في "التقريب" بقوله: "مقبول". ثانياً: عنعنة محمد بن إسحاق؛ فإنه كان مدلساً. ثالثاً: إبراهيم بن المختار؛ فإنه ضعيف؛ كما في المصدرين السابقين. رابعاً: محمد بن حميد الرازي ضعيف. لكنهما لم ينفردا به في الجملة؛ فقد تابعهما يونس عن محمد بن إسحاق به مختصراً جداً بلفظ: كان يعجبه القثاء. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم - 6723) ، وقال: "تفرد به يونس بن بكير"! كذا قال! وقد وفاته متابعة إبراهيم بن المختار المتقدمة. كما فاته متابعة شريك في الطريق الثانية؛ لكن ليس فيه حديث الترجمة. وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - فيه ضعف من قبل حفظه. لكن لعل حديثه يتقوى بالطريق الأخرى؛ ولا عكس؛ لأن في الأولى من الزيادة ما ليس في الأخرى. والله أعلم. 5412 - (كان يأكل متكئاً، فنزل عليه جبريل عليه السلام، فقال: انظروا إلى هذا العبد كيف يأكل متكئاً؟! الحديث: 5412 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 687 قال: فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) . ضعيف أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/ 275) من طريق ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن إسماعيل الأعور قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ إسماعيل: هو ابن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي أبو محمد القرشي مولاهم الكوفي الأعور، وهو السدي الأكبر؛ وهو من رجال مسلم؛ وفيه ضعف. وابن لهيعة معروف بالضعف وسوء الحفظ. وله شاهد يرويه بقية بن الوليد قال: حدثني الزبيدي قال: حدثني الزهري عن أحمد بن عبد الله بن عباس قال: كان ابن عمر (!) رضي الله عنهما يحدث: أن الله عز وجل أرسل إلى نبيه صلي لله عليه وسلم ملكاً من الملائكة ومعه جبرئيل عليه السلام، فقال الملك: إن الله عز وجل يخيرك بين أن تكون عبداً نبياً، وبين أن تكون ملكاً. فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، بل أكون عبداً نبياً". فما أكل بعد ذلك طعاماً متكئاً. أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 16-17) من طريق أحمد بن شعيب النسائي بسنده الصحيح عن بقية به. وقال: "قال لنا أحمد بن شعيب: لا نعلم أحمد بن عبد الله هذا إلا أحمد بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 688 محمد بن عبد الله بن عباس، كأن الزهري نسبه إلى جده، لا نعلم له سماعاً من جده"! قلت: كذا وقع في الأصل هنا وفيما تقدم: "أحمد بن عبد الله"! وما أراه إلا محرفاً: من "محمد بن عبد الله"؛ فقد أورد الحديث الحافظ المزي في "التحفة" (5/ 232) في ترجمة محمد بن عبد الله بن العباس عن أبيه ابن عباس، ثم ساق الحديث من رواية النسائي في "الوليمة" يعني: من "سننه الكبري"؛ وهو في جزء صغير منه، محفوظ في مكتبة الظاهرية بدمشق - حرسها الله تعالى - لا تطوله يدي؛ فإني أكتب هذا وأنا في عمان بعد هجرتي إليها في أول رمضان سنة (1400) . وقال الحافظ المزي: "ذكره أبو القاسم (يعني: ابن عساكر) في ترجمة محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس عن جده،وقال في آخره: "كذا قال: محمد بن عبد الله"، وإنما هو: محمد بن علي بن عبد الله. كذا قال أبو القاسم! والصواب: (محمد بن عبد الله) ؛ كما جاء في الرواية. وكذلك ذكره البخاري في "التاريخ" (ج 1 ق 1 ص 124) فيمن اسمه (محمد بن عبد الله) . وكذلك ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه محمد بن عبد الله". وكذلك أورده الحافظ في "الفتح - كتاب الأطعمة"، لكنه في "النكت الظراف" تعقب الحافظ المزي في تعقبه المتقدم على ابن عساكر؛ فقال: "قلت: ذكره الذهلي في "علل حديث الزهري" عن يزيد بن عبدربه عن بقية في ترجمة محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ووقع في السند (محمد ابن عبد الله بن عباس) . فالذهلي سلف ابن عساكر في دعوى أن "علياً" سقط الجزء: 11 ¦ الصفحة: 689 بين "محمد" و "عبد الله". وذكر شيخي في "شرح الترمذي": أن أبا الشيخ أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه النسائي، فوقع عنده في السند: "محمد بن علي بن عبد الله بن عباس". وكذلك رويناه في "فوائد أبي محمد بن صاعد" من طريق عبد الله بن سالم عن الزبيدي. ورواه معمر عن الزهري قال: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه ... فذكر الحديث. وقيل: إن هذا أرجح طريق، والله أعلم". قلت: إذا عرفت هذا؛ تبين لك أن الرواة اختلفوا على الزهري في إسناد الحديث على وجوه؛ أهمها: أ- عنه عن محمد بن عبد الله بن عباس. ب- عنه عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. وعليه؛ فما وقع في إسناد الطحاوي: "أحمد بن عبد الله" خطأ مطبعي على الغالب. وقوله عن النسائي: " ... إلا أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباس" خطأ آخر! ولعل الأصل: "ولا نعلم محمد بن عبد الله هذا إلا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس"؛ بدليل ما تقدم. والله أعلم. وأيضاً؛ فقوله في إسناد الحديث: "كان ابن عمر" خطأ ثالث، والصواب: "كان ابن عباس"؛ كما نقله الحافظان المزي والعسقلاني عن النسائي. ولم يتنبه لهذا: الشيخ حسن النعماني المعلق على "المشكل"، فذكر في التعليق أن الرواية عن ابن عمر لا عن ابن عباس! وجملة القول: أن هذا الشاهد ضعيف؛ لأنه إن كان عن محمد بن عبد الله الجزء: 11 ¦ الصفحة: 690 ابن عباس؛ فهو مجهول لم يوثقه أحد، وإن كان عن ابن أخيه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس؛ فإنه منقطع؛ كما أشار إلى ذلك الطحاوي بقوله: "لا نعلم له سماعاً من جده". ثم إنه لو صح الحديث؛ لكان نصاً في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا آكل متكئاً". رواه البخاري وغيره؛ كما تراه مخرجاً في "مختصر الشمائل" (رقم 124،125) ، و"الإرواء" (1966) ؛ فقد اختلفوا في تفسير الاتكاء فيه على أقوال تراها في "الفتح"، وقد ذكر أن ابن الجوزي جزم بأنه الميل على أحد الشقين، ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك. قلت: وهو الذي يتبادر لي هنا. والله أعلم. 5413 - (رجب شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات؛ فمن صام يوماً من رجب؛ فكأنما صام سنة، ومن صام منه سبعة أيام؛ غلقت عنه سبعة أبواب جهنم، ومن صام منه ثمانية أيام؛ فتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام منه عشرة أيام؛ لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، ومن صام منه خمسة عشر يوماً؛ نادى مناد في السماء: قد غفر لك ما مضى، فاستأنف العمل، ومن زاد؛ زاده الله عز وجل. وفي رجب حمل الله نوحاً في السفينة، فصام رجب، وأمر من معه أن يصوموا؛ فجرت بهم السفينة ستة أشهر، آخر ذلك يوم عاشوراء؛ أهبط على الجودي، فصام نوح ومن معه والوحش؛ شكراً لله عز وجل. وفي يوم عاشوراء أفلق الله البحر لبني إسرائيل. وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم - صلى الله عليه وسلم - وعلى مدينة يونس، وفيه ولد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -) . الحديث: 5413 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 691 موضوع. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5538) من طريق عثمان ابن مطر الشيباني عن عبد الغفور - يعني: ابن سعيد - عن عبد العزيز بن سعيد عن أبيه - قال عثمان: وكانت لأبيه صحبة - قال: ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عثمان بن مطر؛ قال ابن حبان (2/ 99) : "يروي الموضوعات عن الأثبات". وشيخه عبد الغفور؛ قريب منه. وبه أعله الهيثمي، فقال (3/ 188) : "وهو متروك". قلت: وقال ابن حبان (2/ 148) : "كان ممن يضع الحديث على الثقات على كعب وغيره، لا يحل كتابة حديثه ولا الذكر عنه إلا على جهة الاعتبار". وقوله في إسناد الطبراني: "يعني: ابن سعيد"! خطأ لا أدري ممن هو؟! فإنه عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 55) - بعد أن ساق نسبه هكذا -: "روى عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه عثمان بن مطر الشيباني". وقال الحافظ في ترجمة سعيد الشامي - والد عبد العزيز - من "الإصابة": "جاءت عنه أحاديث من رواية ولده عنه. تفرد بها عبد الغفور أبو الصباح بن عبد العزيز عن أبيه عبد العزيز عن أبيه سعيد ... "؛ ثم ساق بعضها. وعبد العزيز بن سعيد والد عبد الغفور؛ لم أجد من ترجمه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 692 5414 - (كان شديد البياض) . منكر قال ابن كثير في "السيرة" من "البداية" (6/ 17) : وقال يعقوب ابن سفيان: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: حدثني عمرو بن الحارث: حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي: أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... فذكره. وقال: "وهذا إسناد حسن، ولم يخرجوه"! كذا قال! وأقول: وأنى له الحسن، وإسحاق هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب"؟! ومحمد بن مسلم: هو الإمام الزهري. ثم إن الحديث منكر؛ فقد جاءت أحاديث كثيرة عن غير ما واحد من الصحابة في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان أبيض، وفي بعضها: أنه كا مشرباً بحمرة. وفي غيرها: أبيض ليس بالأبهق (1) ، وهو الكريه البياض كلون الجص، يريد أنه كان نير البياض؛ كما في "النهاية"، وليس في شيء منها أنه كان شديد البياض، وقد ذكر طائفة منها ابن كثير نفسه، وروى بعضها الترمذي في "الشمائل"؛ فانظر كتابي "مختصر الشمائل" (رقم 1، 5،10، 12) .   (1) كذا الأصل، والرواية (الأمهق) . (الناشر) الحديث: 5414 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 693 5415 - (من لم يستحي مما قال أو قيل له؛ فهو لغير رشدة، حملته أمه على غير طهر) (1) . موضوع أخرجه الطبراني في "الكبير" (7236) : حدثنا محمد بن خالد الراسبي: حدثنا أبو ميسرة النهاوندي: حدثنا الوليد بن مسلمة الحراني: حدثنا عبيد الله ابن عبد الله بن عمرو بن شويفع عن أبيه عن جده شويفع مرفوعاً. قلت: سكت عنه صاحبنا السلفي؛ فلم يعلق عليه بشيء، وهو موضوع؛ آفته الوليد بن مسلمة هذا - وهو الطبري -؛ قال الحافظ في "الإصابة": "تفرد به الوليد، وهو ضعيف، نسبوه إلى وضع الحديث". وله ترجمة سيئة في "الميزان"، و"اللسان". وأبو ميسرة النهاوندي: اسمه أحمد بن عبد الله بن ميسرة؛ قال ابن عدي: "يحدث عن الثقات بالمناكير، ويسرق حديث الناس". وقال ابن حبان: "لا يحل الاحتجاج به".   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " ليس في " الجامع " ". (الناشر) الحديث: 5415 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 694 5416 - (من جلب طعاماً إلى مصر من أمصار المسلمين، فباعه بسعر يومه؛ كان له عند الله أجر شهيد في سبيل الله عز وجل) . ضعيف رواه الخطيب في "تاريخه" (13/ 442) بسند صحيح عن الوليد ابن صالح: حدثنا عيسى بن يونس: حدثنا أبو عمرو البصري عن فرقد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله مرفوعاً. الحديث: 5416 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 694 وهذا سند ضعيف؛ فرقد هذا: هو ابن يعقوب السبخي، وهو لين الحديث كثير الخطأ؛ كما في "التقريب". وأبو عمرو البصري لم أعرفه. وأما الوليد بن صالح؛ فوثقه أبو حاتم وغيره، وله ترجمة في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 7) ، و"تاريخ بغداد"، وفي ترجمته ساق الحديث. وقد خالفه عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، فقال: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم به. أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (رقم 129) ، والجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص 44،356) ، والإسماعيلي في "المعجم" (59/ 2) من طرق عن إبراهيم بن فيل البالسي: حدثنا عبد الوهاب به. وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات. فقد أسقط ابن نجدة: أبا عمرو البصري وفرقداً بين عيسى وإبراهيم، وجعل مكانهما الأعمش. وهو ثقة؛ لكنه موصوف بالتدليس، فأخشى أن يكون بينه وبين إبراهيم فرقد هذا. ولذلك؛ فإني أتوقف عن تصحيح الحديث إلى أن يثبت سماعه إياه من إبراهيم. والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 240/ 1) للديلمي فقط! وكذلك فعل في رسالته: "أبواب السعادة في أسباب الشهادة" (رقم 45 - مصر) . الجزء: 11 ¦ الصفحة: 695 وعزاه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 189) لابن مردويه في "التفسير" بسند ضعيف. وانظر: "أبشر؛ فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد ... ". 5417 - (من سعى على امرأته وولده وما ملكت يمينه، يقيم فيهم أمر الله، ويطعمهم من حلال؛ كان حقاً على الله أن يجعله مع الشهداء في درجاتهم..) . باطل أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 353 - مخطوطة الظاهرية) عن الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل رفعه في حديث طويل؛ هذا قطعة منه. وقال: "إسناده مجهول، فيه نظر، لا يعرف إلا من هذا الوجه". وقال الذهبي في ترجمة الفضل بن عطاء هذا: "سنده مظلم، والمتن باطل". وأقره الحافظ في "اللسان". وقال ابن عبد البر في ترجمة أبي كاهل: "له حديث منكر طويل، فلم أذكره". وأقره الحافظ في "الإصابة"، وعزاه لأبي أحمد - يعني: ابن عدي -، وابن السكن أيضاً، وقال هذا الأخير: "إسناده مجهول". وأما السيوطي؛ فعزاه في "أبواب السعادة في أسباب الشهادة" (رقم 46 - الحديث: 5417 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 696 مصر) للطبراني فقط في "الكبير"، ونقل عن الذهبي قوله: "إسناده مظلم" فقط دون ما بعده: "والمتن باطل"! 5418 - (الثوم من طيبات الرزق) . مقطوع ضعيف أخرجه الترمذي (1812 - حمص) : حدثنا محمد بن حميد: حدثنا زيد الحباب عن أبي خلدة عن أبي العالية قال: ... فذكره موقوفاً عليه. قلت: ومع وقفه لا يصح الإسناد إليه؛ لأن محمد بن حميد - وهو الرازي - مع حفظه؛ فقد ضعفوه. وإنما حملني على تخريج هذا المقطوع - خلافاً لعادتي -: أنني رأيت أحد المعلقين على رسالة "موضوعات الصغاني" قد وهم وهماً فاحشاً في هذا، فقال (ص 60) : ".. فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الثوم من طيبات الرزق". وهذا الحديث أخرجه الترمذي في "جامعه"، كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الرخصة في أكل الثوم: "تحفة الأحوذي" (5/ 530) عن أبي العالية بسند صحيح"!! هذا كلامه بالحرف الواحد! فهو ينقله مقطوعاً، ويصيره مرفوعاً، فعلى ماذا يدل هذا التناقض؟! أقل ما يقال: إنه لم يفهم هذا العلم بعد، فلا يجوز لمثله أن يتولى فن التخريج والتحقيق إلا بعد أن يمضي عليه زمن يشعر هو في نفسه بأنه قد استوى عوده، ويشهد له من له سابقة في هذا المجال، ولهذا أنصح دائماً إخواننا الناشئين في هذا العلم أن لا يتسرعوا بنشر ما يخرجونه أو يحققونه، وإنما يحتفظون الحديث: 5418 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 697 بذلك لأنفسهم إلى أن ينضجوا فيه. والحق والحق أقول: إن من فتن هذا الزمان حب الظهور وحشر النفس في زمرة المؤلفين، وخاصة في علم الحديث الذي عرف الناس قدره أخيراً بعد أن أهملوه قروناً، ولكنهم لم يقدروه حق قدره، وتوهموا أن المرء بمجرد أن يحسن الرجوع إلى بعض المصادر من مصادره والنقل منها؛ صار بإمكانه أن يعلق وأن يؤلف! نسأل الله السلامة من العجب والغرور!! 5419 - (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة) . ضعيف بهذا السياق أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 301/ 1 - النسخة القديمة 4/ 1519 - النسخة الحديثة الهندية) ، وتمام في "الفوائد" (ق 279/ 2) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 413/ 2) عن إسماعيل بن عياش الحمصي عن الوليد بن عباد عن عامر الأحول عن أبي صالح الخولاني عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما كنت بينته في "تخريج فضائل الشام ودمشق" (الحديث التاسع والعشرون) ، فلا داعي لإعادة الكلام، وإنما ذكرته في هذه "السلسلة" لأمور، أهمها اثنان: الأول: زيادة مصادر في التخريج. والآخر: التأكد أو التحقق من أن إسناد الحديث عند أبي يعلى يدور على الوليد بن عباد؛ فقد كان كلام الهيثمي على الحديث شككني في ذلك؛ لأنه لما الحديث: 5419 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 698 عزاه في مكان للطبراني؛ أعله بجهالة الوليد هذا، ولما عزاه في مكان آخر لأبي يعلى قال: "ورجاله ثقات"! وتساءلت هناك: هل إسناد أبي يعلى من الوجه المذكور أم لا..؟ ولم أكن وقفت يومئذ على إسناد أبي يعلى، فلما تفضل الله علي بالوقوف عليه؛ بادرت إلى إزالة الشك، والتحقق من أن الإسناد واحد، وأن توثيق الهيثمي لرجال أبي يعلى إنما هو اعتماد منه على توثيق ابن حبان للوليد المذكور في سند الطبراني أيضاً، وذلك مما يفعله الهيثمي كثيراً، وهو من تساهله المعروف لدى العارفين بهذا العلم الشريف! واعلم أن أصل الحديث صحيح؛ بل متواتر، جاء عن جمع من الصحابة، منهم أبو هريرة دون ذكر أبواب دمشق وبيت المقدس، خرجت الكثير الطيب منها في "الصحيحة" فانظر "صحيح الجامع" (7164-7173) . وقد رويت هذه الزيادة بلفظ: قالوا: وأين هم؟ قال: "بيت المقدس، وأكناف بين المقدس"! لكن في إسنادها جهالة؛ كما بينته في "الصحيحة" تحت الحديث (1957) . نعم؛ صح عن معاذ موقوفاً عليه بلفظ: وهم أهل الشام. انظر الحديث (1958) من "الصحيحة". 5420 - (لا تسبو الدنيا؛ فنعم مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر) . موضوع رواه الهيثم بن كليب في "السند" (47/ 1) ، وابن عدي في الحديث: 5420 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 699 "الكامل" (ق 12/ 2) ، والضياء المقدسي في "جزء من حديث أبي نصر العكبري وغيره" (183/ 1) عن إسماعيل بن أبان: أخبرنا السري بن إسماعيل عن عامر عن مسروق عن عبد الله مرفوعاً. وقال ابن عدي: "وإسماعيل بن أبان الغنوي؛ عامة رواياته مما لا يتابع عليه؛ إما إسناداً وإما متناً. قال ابن معين: كذاب. وقال البخاري: متروك الحديث. تركه أحمد. وقال أحمد: كتبنا عنه هشام بن عروة وغيره، ثم حدث - أحاديث في الخضرة - أحاديث موضوعة، أراه عن فطر أو غيره، فتركناه". قلت: وهذا الحديث ذكره الذهبي في ترجمته من مناكيره. وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 128) : "كان يضع الحديث على الثقات. قال ابن معين: وضع على سفيان أحاديث لم تكن". قلت: وشيخه السري بن إسماعيل ليس خيراً منه؛ أورده ابن حبان أيضاً في "المجروحين" (1/ 355) ، وقال: "كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل؛ قال يحيى القطان: استبان لي كذبه في مجلس واحد. وكان يحيى بن معين شديد الحمل عليه". قلت: وهو من الأحاديث التي سود بها المدعو: (عز الدين بليق اللبناني) كتابه "منهاج الصالحين"، فأورده فيه (ص 117/ رقم 68) من رواية الديلمي، وأشار في مقدمته (ص 7) أنه استبعد عنه الأحاديث الضعيفة والموضوعة! والواقع يشهد أنه بخلاف ذلك؛ وهذا مثال من أمثلة كثيرة، قد نتعرض لذكر بعضها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 700 5421 - (من أحب أن يكون أعز الناس؛ فليتق الله، ومن أحب أن يكون أقوى الناس؛ فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس؛ فليكن بما في يد الله أغنى منه بما في يده) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي الدنيا في "القناعة" (2/ 3/ 1) قال: حدثنا سليمان بن منصور: حدثنا أبو المطرف المغيرة بن مطرف عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعاً. ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (30/ 1) من طريق عباد بن عباد عن هشام بن زياد عن محمد بن كعب به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أبو المقدام هشام بن زياد، وهو ضعيف بمرة؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان"، وحكى تضعيفه عن جمع من الأئمة دون خلاف بينهم. ولذلك؛ قال في "الكاشف": "ضعفوه". وبعضهم ضعفه أشد التضعيف؛ فقال ابن حبان في "المجروحين": "كان يروي الموضوعات عن الثقات، والمقلوبات عن الأثبات، حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المتعمد لها". وقال الحافظ في "التقريب" - تبعاً لقول النسائي فيه -: "متروك". ومن طريقه: رواه عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" (ص 295) ، وابن أبي حاتم - كما في "تفسير ابن كثير" (4/ 54) - وسكت عليه؛ لأنه ساق الحديث: 5421 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 701 إسناده، فبرئت بذلك ذمته، وجهل ذلك الحلبيان اللذان اختصرا "التفسير"؛ فأورداه في "مختصريهما"؛ مع أنهما صرحا في مقدمتيهما أنهما التزما أن لا يوردا إلا الأحاديث الصحيحة! فأخلا بذلك في كثير من الأحاديث، وقد تقدم التنبيه على بعضها. 5422 - (قال ربكم: وعزتي وجلالي! لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل) (1) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدثني أبي عن أبيه قال: كتب إلي المهدي بعهدي، وأمرني أن أصلب في الحكم، وقال في كتابه: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعاً به. ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 44) . ومن هذا الوجه: أخرجه أيضاً أبو الشيخ ابن حيان - كما في "الترغيب" (3/ 148) -، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" (ق 49/ 1) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 466/ 1 و 15/ 274/ 1 و 18/ 31/ 2) . أورده أبو نعيم في ترجمة والد المهدي أبي جعفر المنصور، وقال: "روى عنه ابنه المهدي أحاديث". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك فعل الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/ 53-61) ، وقد أطال في ترجمته، الأمر الذي يدل أنه كان غير معروف حاله في الرواية عندهم.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " كأنه خرج برقم (6429) فقابل ". (الناشر) الحديث: 5422 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 702 ومثله ابنه المهدي - واسمه محمد - ترجمه الخطيب (5/ 391-401) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي ظني أنه هو وأباه المقصودان بقول الهيثمي في "المجمع" (7/ 267) : "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه من لم أعرفهم". وقد أعله المنذري بعلتين أخريين: الأولى: أحمد بن محمد؛ شيخ الطبراني؛ قال: "فيه نظر"! والأخرى: قال: "وجد المهدي: هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وروايته عن ابن عباس مرسلة"! قلت: والجواب عن الأولى: أنه قد تابعه أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي ومحمد بن الحسن بن فيل وغيرهما عند ابن عساكر في المجلد (18) . وأما الأخرى: فالذي يظهر لي أن الجد هنا إنما هو علي بن عبد الله بن عباس لا ابنه محمد؛ فإن المهدي هو محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فقول المهدي: "حدثني أبي" صريح في أنه يعني: المنصور. وقوله: "عن أبيه" إنما يعني أبا المنصور محمد بن علي. فقوله: "عن جده" إنما يعني - إذن - علي بن عبد الله بن عباس، وهذا ظاهر، والله أعلم. (تنبيه) : هذا الحديث مما عزاه مؤلف "منهاج الصالحين" لرواية الإمام أحمد برقم (583) ! وهو من أخطائه الفاحشة التي طف بها كتابه، وأنا الآن في صدد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 703 تتبعها والكشف عنها؛ تحذيراً وتذكيراً. 5423 - (يا سلمان! ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم، فيلقي له وسادةً إكراماً له؛ إلا غفر الله له) . ضعيف جداً أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (2/ 124-125) ، وأبو الشيخ في "الأخلاق" (ص 266) ، والطبراني في "الكبير" (6068) ، والحاكم (3/ 599) من طريق عمران بن خالد الخزاعي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: دخل سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو متكىء على وسادة، فألقاها له، فقال سلمان: صدق الله ورسوله! فقال عمر: حدثنا يا أبا عبد الله! قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متكىء على وسادة؛ فألقاها إلي، ثم قال لي: ... فذكره. قلت: أورده ابن حبان في ترجمة عمران هذا، وقال: "روى عنه أهل البصرة العجائب، وما لا يشبه حديث الثقات، فلا يجوز الاحتجاج به". وأما الحاكم؛ فسكت عنه! وبيض له الذهبي في "تلخيصه"! ولكنه قال في "الميزان": "وهذا خبر ساقط". الحديث: 5423 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 704 قلت: ومن هذا الوجه: رواه الطبراني في "الصغير" أيضاً (ص 157 - هندية) بلفظ مقلوب أوله؛ فقال: دخل عمر بن الخطاب على سلمان ... والباقي مثله! وأورده الهيثمي بروايتي الطبراني؛ وقال عقب كل واحدة منهما: "وفيه عمران بن خالد الخزاعي، وهو ضعيف"! وهذا الحديث مما سود به مؤلف "منهاج الصالحين" كتابه هذا (1138) ، وقد زعم أنه استبعد عنه الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد استدركت عليه أكثر من ثلاث مئة حديث من النوعين. ثم رواه الطبراني (6188) من طريق سويد بن عبد العزيز عن أبي عبد الله النجراني عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: قال سلمان الفارسي: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا زار أحدكم أخاه، فألقى له شيئاً يقيه من التراب؛ وقاه الله عذاب النار". قلت: وسويد هذا واه جداً. ولم يورده الهيثمي (8/ 174) عقب الروايتين السابقتين، وكأنه استغنى بهما عن هذا! والله أعلم. 5424 - (استوصوا بالكهول خيراً، وارحموا الشباب) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 1/ 49 - مختصره) من طريق عثمان بن عبد الله القرشي: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن الحديث: 5424 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 705 أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: قال الحافظ عقبه: "قلت: عثمان متروك". قلت: وهو عثمان بن عبد الله الأموي؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 102) : "يروي عن الليث ومالك وابن لهيعة، ويضع عليهم الحديث، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار". وكلمات سائر الأئمة تدور كلها حول اتهامه بالوضع. وقد أطال ابن حجر ترجمته في "لسان الميزان"؛ فليراجعه من شاء. 5425 - (من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه؛ فكأنما ينظر في النار) . ضعيف جداً رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (ق 40/ 1) ، والحاكم (4/ 270) من طريق أبي المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته هشام هذا؛ فإنه متروك؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"، والذهبي من قبل في "التلخيص". وقد تابعه - عند الحاكم - محمد بن معاوية: حدثنا مصادف بن زياد المديني قال: سمعت محمد بن كعب به مختصراً بلفظ: "لا ينظر أحد منكم في كتاب أخيه إلا بإذنه". الحديث: 5425 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 706 سكت الحاكم عن الحديث من الوجهين! فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني، فبطل الحديث". ولذلك؛ قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 229) : "طرقه واهية". 5426 - (لا تظهر الشماتة لأخيك؛ فيرحمه الله ويبتليك) . ضعيف أخرجه الترمذي (2508) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 186) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 96) ، وكذا المخلص في "الفوائد المنتقاة" (7/) (1) ، وأبو الحسن الحربي في "الأمالي" (247/ 1) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (158/ 2) ، والماليني في "الأربعين" (42/ 2) ، والطبراني في "المنتقى منه" (81/ 2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 310/ 1) ، والخطيب أيضاً في "الموضح" (2/ 5) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (5/ 177/ 2) ، وأبو جعفر الطوسي في "الأمالي" (ص 20) ، وابن حبان في "المجروحين" (2/ 213-214) من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني والقاسم بن أمية الحذاء كلاهما عن حفص بن غياث عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث برد ومكحول، لم نكتبه إلا من حديث حفص بن غياث النخعي". وقال الترمذي:   (1) كذا أصل الشيخ - رحمه الله -، بدون رقم الصفحة. (الناشر) الحديث: 5426 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 707 "هذا حديث حسن غريب، ومكحول قد سمع من واثلة بن الأسقع"! قلت: وقد خالفه ابن حبان، فقال: "وهذا لا أصل له من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ القاسم بن أمية شيخ يروي عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". قلت: وهذا الإعلال رده الحافظ ابن حجر في "التهذيب" بقوله: "كذا قال! وشهادة أبي زرعة وأبي حاتم له أنه صدوق أولى من تضعيف ابن حبان". وسبقه إلى هذا المعنى الذهبي في "الميزان". ولذلك؛ لا تطمئن النفس لهذا الإعلال، وإن تبعه عليه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 224) ! على أن السيوطي قد رده من جهة أخرى، وهي أن القاسم هذا قد تابعه آخران سماهما، فانظر "اللآلي" (4/ 428) . ولذلك؛ أورده الحافظ ابن حجر في جملة الأحاديث التي حكم القزويني بوضعها، ورد ذلك عليه، وهي مطبوعة في آخر "المشكاة" (3/ 311- بتحقيقي) ، ولكنه لم يحقق القول فيه على خلاف عادته؛ فإنه ادعى أن الترمذي إنما حسنه لاعتضاده بشاهد ساقه الترمذي له بمعناه! ومع أن هذا لا يصلح في الشواهد؛ لأن فيه متهماً بالكذب؛ كما تقدم نقله عند تخريج حديثه برقم (178) ؛ لأن الترمذي قد وصف حديث الترجمة بأنه: "حسن غريب"، وما يحسنه لشواهده إنما يقول فيه: "حسن" فقط؛ كما صرح بذلك في آخر كتابه "السنن". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 708 فالصواب أنه حسنه لذاته؛ لثقة رجاله، واتصال إسناده عنده. أما الثقة؛ فلا مجال للنظر فيها لما سبق، وإنما النظر في الاتصال المذكور؛ فإن تصريحه بسماع مكحول من واثلة قد خالفه فيه شيخه البخاري؛ فقال: إنه لم يسمع منه. ولا يشك عارف بهذا الفن أنه أعلم منه بعلل الحديث ورجاله، ولا سيما أنه وافقه على ذلك أبو حاتم الرازي، فأخشى أن يكون الترمذي اعتمد في ذلك على رواية لا تثبت؛ فقد جاء في "التهذيب" ما نصه: "قال أبو حاتم: قلت لأبي مسهر: هل سمع مكحول من أحد من الصحابة؟! قال: من أنس. قلت: قيل: سمع من أبي هند؟ قال: من رواه؟ قلت: حيوة عن أبي صخرة عن مكحول: أنه سمع أبا هند. فكأنه لم يلتفت إلى ذلك. فقلت له: فواثلة بن الأسقع؟ فقال: من يرويه؟ قلت: حدثنا أبو صالح: حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة! فكأنه أومى برأسه". قلت: فهذا لو صح عن مكحول؛ ثبت سماعه منه، ولكن في الطريق إليه ما يدفعه؛ فأبو صالح - وهو عبد الله بن صالح المصري - كثير الغلط؛ كما قال الحافظ في "التقريب". والعلاء بن الحارث كان اختلط، ولهذا لم يعتد به أبو حاتم، وهو الراوي له، فنفى سماعه منه؛ كما تقدم. وأيضاً؛ لو ثبت سماعه منه في الجملة؛ لم يلزم ثبوت سماعه لهذا الحديث منه؛ لأن ابن حبان رماه بالتدليس. نعم؛ إن صح ما في رواية الشهاب القضاعي من طريق أبي يعلى الساجي: أخبرنا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 709 القاسم بن أمية الحذاء قال: سمعت حفص بن غياث يقول: سمعت برداً يقول: سمعت مكحولاً يقول: سمعت واثلة يقول ... قلت: ففي هذا الإسناد التصريح بسماع مكحول. والساجي - واسمه زكريا بن يحيى - أحد الأثبات؛ كما قال الذهبي. لكن لا أدري ما حال الذين دون الساجي؛ فإن الكناشة التي عندي لم أكتبهم فيها يوم نسخت الأحاديث فيها من أصولها المحفوظة في المكتبة الظاهرية، ولا سبيل الآن إلى الرجوع إلى الأصل؛ لأني أكتب هذا التحقيق وأنا في عمان. وعلى كل حال؛ فأنا في شك كبير في ثبوت سماعه في هذه الطريق؛ لمخالفتها لسائر طرق الحديث عند كل من ذكرنا من المخرجين. والخلاصة: أن علة الحديث عندي: الانقطاع بين مكحول وواثلة. والله أعلم. بقي شيء واحد؛ وهو أن السيوطي ذكر له شاهداً من حديث ابن عباس، وضعفه بإبراهيم بن الحكم بن أبان. وقد ضعفه البخاري جداً؛ فلا يستشهد به، والله أعلم. 5427 - (من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله؛ فلينظر كيف منزلة الله عنده؛ فإن الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه) . ضعيف أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 512،575) ، ومن طريقه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 81) ، والبزار في "مسنده" (ص 295 - زوائد الحديث: 5427 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 710 ابن حجر) ، والحاكم (1/ 494-495) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 321) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (2/ 268/ 2) من طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة قال: سمعت أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري يقول: قال جابر بن عبد الله: ... فذكره مرفوعاً، وزادوا في أوله: "يا أيها الناس! إن لله سرايا من الملائكة، تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض، فارتعوا في رياض الجنة؟ " (1) . قالوا: أين رياض الجنة؟ قال: "مجالس الذكر؛ فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم، من كان ... " وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: "قلت: عمر ضعيف". وفي ترجمته أورد الحديث، وقال: "كان يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على سبيل الاعتبار". وقال الحافظ في "التقريب": "ضعيف". وقال الهيثمي في "المجمع": "رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، وفيه عمر مولى غفرة؛ وقد وثقه غير واحد، وضعفه جماعة، وبقية رجالهم رجال (الصحيح) ". ونحوه في "الترغيب" (3/ 234) ؛ إلا أنه قال: "والحديث حسن. والله أعلم"! قلت: وهو تساهل منه! وقد ذكره الذهبي فيما أنكر على عمر، مع تصريحه بضعفه آنفاً. والله أعلم.   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - على هامش الأصل: " سيأتي برقم " (6205) ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 711 ثم رأيت الحديث قد رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص 242) من طريق غيلان يحدث عن مطرف (وهو ابن الشخير) قال: سمعته يقول: من أحب أن يعلم ما له عند الله؛ فلينظر ما لله عنده. وإسناده صحيح مقطوع. وغيلان: هو ابن جرير البصري. فلعل أصل الحديث موقوف، رفعه ذاك الضعيف. والله أعلم. والحديث؛ أورده شارح "الطحاوية" في بحث الفوقية، ولم يصرح بأنه مرفوع؛ فإنه قال: "جاء في الأثر ... " فذكره؛ لكنه قال: "في قلبه" مكان: "عنده"! و: "من قلبه" مكان: "من نفسه"! وكنت لما خرجت الشرح المذكور علقت عليه بقولي: "لا أعرفه". وها قد عرفته فيما بعد مقطوعاً صحيحاً بطرفه الأول، وبتمامه مرفوعاً ضعيفاً، فبادرت إلى نشره، مع الشكر لمن كان السبب إلى إرشادي إلى وجوده في "المستدرك"، كما أشرت بذلك في الطبعة التاسعة من الشرح المذكور (ص 290) . وأما مخرجه الشيخ شعيب الأرناؤوط فقد علق عليه (ص 389 - طبع مؤسسة الرسالة) بقوله: "أطلق المؤلف كلمة (الأثر) على المأثور من كلام السلف؛ كما هو في اصطلاح الجزء: 11 ¦ الصفحة: 712 الفقهاء؛ فإن النص الذي أورده ليس بحديث"! كذا قال! وهذا من تهوره وادعاء ما لم يحط به علمه، فهلا وقف عند قولي: "لا أعرفه"، أو ما هو بمعناه مثل قولهم: "لم أجده"،أو "لم أقف عليه"؟! 5428 - (لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا استظهار أوفق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر) . موضوع رواه الطبراي في "المعجم الكبير" (2688) ، وابن حبان في "المجروحين" (2/ 306-307) من طريق عثمان بن سعيد الزيات: حدثنا محمد ابن عبد الله أبو رجاء الحبطي التستري: حدثنا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً. وقال الطبراني: "لم يروه عن شعبة إلا الحبطي، تفرد به عثمان بن سعيد الزيات، ولا يروى عن علي رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد". قلت: وهو موضوع؛ آفته الحبطي هذا؛ قال الهيثمي (10/ 283) : "كذاب". وهو معنى قول ابن حبان في الحبطي هذا: "يروي عن شعبة ما ليس من حديثه، ممن يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات". وهو من الأحاديث التي سود بها المدعو (عز الدين بليق) كتابه الذي سماه "منهاج الصالحين" (رقم 1575) . ومن مصائبه أنه عزاه لابن ماجه أيضاً، الحديث: 5428 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 713 فكأنه قلد في ذلك الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء"! وقد أخطأ هذا خطأ آخر، فقال: "رواه ابن ماجه، والطبراني عن أبي ذر، وفي الباب عن علي بن أبي طالب"!! ووجه الخطأ: أنه جعل حديث الترجمة لأبي ذر عند ابن ماجه، وإنما هو لعلي عند الطبراني،ولأبي ذر - لدى الأول - جملة العقل واللتان بعدها، وقد رويت من طرق أخرى عن غيره من الصحابة؛ وكلها ضعيفة، وقد سبق تخريجها رقم (1910) . ثم إن في الحديث علة أخرى، وهي الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور -؛ فيه لين؛ كما قال الذهبي في "الكاشف". ولأبي نعيم في "الحلية" (2/ 36) الجملة الأولى والثانية. وللقضاعي (ق 71/ 1) أكثره. وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" (914) مختصراً من رواية أبي بكر بن كامل في "معجمه" وابن النجار عن الحارث عن علي! 5429 - (أول شيء كتب الله عز وجل في اللوح المحفوظ: بسم الله الرحمن الرحيم، إنه من استسلم لقضائي، ورضي بحكمي، وصبر علي بلائي؛ بعثته يوم القيامة مع الصديقين) . موضوع أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" عن إسماعيل بن بشر: حدثنا حماد بن قريش: حدثنا سليمان بن عمرو عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. الحديث: 5429 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 714 قال الحافظ في "الغرائب الملتقطة" (1/ 1/ 3) : "قلت: جويبر ضعيف، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. والراوي عنه تالف. وفي السند أيضاً ... "! كذا بياض بخط الحافظ. قلت: والتالف: هو سليمان بن عمرو، وهو أبو داود النخعي الكذاب؛ كما وصفه الذهبي، وذكر أن أحمد قال: "كان يضع الحديث". وقال يحيى: "كان أكذب الناس". وفي "اللسان": "قال ابن المديني: كان من الدجالين. وقال ابن راهويه: لا أدري في الدنيا أكذب منه"! قال الحافظ ابن حجر: "قلت: الكلام فيه لا يحصر؛ فقد كذبه ونسبه إلى الوضع من المتقدمين والمتأخرين ممن نقل كلامهم في الجرح والعدالة فوق الثلاثين نفساً". قلت: وهو من أقبح الأحاديث التي شان بها الكاتب بليق كتابه "المنهاج" (1612) ! 5430 - (يؤتى بحسنات العبد وسيئاته، فيقتص بعضها ببعض، فإن بقيت حسنة؛ وسع الله له في الجنة) . ضعيف أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 113) ، والطبري في "التفسير" (26/ 12) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (12832) من طريق الحكم بن أبان العدني عن الغطريف أبي هارون عن جابر بن زيد عن ابن عباس الحديث: 5430 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 715 مرفوعاً به - زاد غير البخاري - عن الروح الأمين قال - زاد الطبراني -: قال الرب عز وجل ... فذكره. أورده البخاري في ترجمة (الغطريف) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذلك فعل ابن أبي حاتم، وذكر أنه يماني؛ فهو مجهول. وأما قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 218) : "رواه الطبراني، وإسناده جيد"! قلت: فالظاهر أنه - أعني: الغطريف - وثقه ابن حبان؛ فإن الهيثمي كثير الاعتماد على توثيقه، وقد أشار إلى ذلك في مكان آخر، فقال (10/ 355) : "رواه البزار [3456] ، ورجاله وثقوا، على ضعف في بعضهم". والبعض الذي أشار إليه: هو الحكم بن أبان؛ فقد قال الحافظ فيه: "صدوق عابد، وله أوهام". ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد أورد الحديث في "التفسير" (4/ 158) من رواية ابن جرير وابن أبي حاتم من هذا الوجه؛ وقال: "وهو حديث غريب، وإسناده جيد لا بأس به"!! 5431 - (ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب) . ضعيف رواه ابن عدي (207/ 2) ، وابن عساكر في "التوبة" (4/ 1) عن غسان بن عبيد: حدثنا أبو عاتكة طريف بن سليمان عن أنس مرفوعاً. وقال ابن عدي: الحديث: 5431 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 716 "طريف بن سليمان أبو عاتكة؛ عامة ما يرويه عن أنس لا يتابعه عليه أحد من الثقات". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 382) : "منكر الحديث جداً". وقال البخاري: "منكر الحديث". وغسان بن عبيد فيه ضعف. وأخرجه الديلمي (4/ 20) من طريق أحمد بن محمد بن غالب عن أنس مرفوعاً. وابن غالب هذا: هو غلام خليل الزاهد، وهو متروك. والحديث؛ أورده السيوطي من رواية أبي المظفر السمعاني في "أماليه" عن سلمان، وله عنده تتمة. 5432 - (سبعة من السنة في الصبي يوم السابع: يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، ويثقب أذنه، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ بدم عقيقته، ويتصدق بوزن شعره في رأسه ذهباً أو فضة) . منكر بهذا التمام أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 552 - بترقيمي) عن رواد بن الجراح عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس قال: سبعة ... الحديث. وقال: "لم يروه عن عبد الملك إلا رواد". قلت: وهو ضعيف؛ لاختلاطه واختلاف العلماء فيه؛ فمنهم من وثقه، الحديث: 5432 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 717 ومنهم من ضعفه، ومنهم من بالغ في تضعيفه؛ كالدارقطني فقال: "متروك". ولخص أقوالهم الحافظ ابن حجر، فقال في "التقريب": "صدوق، اختلط بآخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد". قلت: فالعجب منه كيف احتج به لشرعية ثقب أذن الصبي، وقال - عقبه -: "وهو يستدرك على قول بعض الشارحين: لا مستند لأصحابنا في قولهم: إنه سنة"! قلت: وكيف يجوز إثبات السنة بمثل هذا الإسناد الواهي؟! ولا سيما وفي متنه جملة مستنكرة، وهي أنه يلطخ رأسه بدم عقيقته؛ فإن هذا التلطيخ كان في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل مكان الدم خلوقاً، وقد ذكر الحافظ نفسه في "الفتح" بعض الأحاديث الواردة في ذلك (9/ 594) ، وخرجت أنا بعضها في "الإرواء" (4/ 388-389) ؛ فليراجعها من شاء. هذا؛ ولعل الحافظ لم يتيسر له الرجوع إلى سند الحديث؛ فاعتمد على قول شيخه الهيثمي في "المجمع" (4/ 59) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات"! وهذا مع كونه غير مسلم - لما فيه من إهمال الجرح المفسر بالاختلاط عمداً أو سهواً -؛ فإنه لا يعني أن الإسناد قوي، كما سبق التنبيه عليه مراراً. ومن المحتمل أن ذلك كان بسبب العجلة. ومما يشعر بذلك: أنه لم يسق الحديث بتمامه، بل طرفه الأول، ثم موضع الشاهد منه، فقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 718 "فذكر السابع منها: وثقب أذنه". فهذا خطأ ظاهر فإنه الرابع منها، ولا تعليل له إلا العجلة، والله أعلم. 5433 - (إنك لم تدع لنا شيئاً، قال الله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) ، فرددناها عليك) . منكر أخرجه أحمد في "الزهد" - كما في "الدر المنثور" (2/ 188) - ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (6114) ، والخطيب (14/ 44) أيضاً، وابن جرير في "التفسير" (5/ 120) من طريق هشام بن لاحق عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك يا رسول الله! فقال: "وعليك [السلام] ورحمة الله". ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله! ورحمة الله. فقال: "وعليك [السلام] ورحمة الله وبركاته". ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله! ورحمة الله وبركاته. فقال له: "وعليك". فقال له الرجل: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي؛ أتاك فلان وفلان، فسلما عليك، فرددت عليهما أكثر مما رددت علي؟! فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير هشام بن لاحق؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 33) - بعد أن عزاه للطبراني -: الحديث: 5433 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 719 "وفيه هشام بن لاحق؛ قواه النسائي، وترك أحمد حديثه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! قلت: وأورده ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 90-91) ، وقال: "منكر الحديث، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به لما أكثر من المقلوبات عن أقوام ثقات". قلت: وعزاه السيوطي لابن المنذر أيضاً، وابن أبي حاتم، وابن مردويه بسند حسن! كذا قال! وفيه تساهل ظاهر؛ فإن هشاماً هذا لم يوثقه - غير النسائي - إلا ابن عدي؛ فقال: "أحاديثه حسان، أرجو أنه لا بأس به". وتناقض فيه ابن حبان، فأورده في "الثقات" أيضاً، فقال: "روى عن عاصم. وعنه أحمد بن هشام بن بهرام نسخة، في القلب من بعضها"! ذكره في "اللسان". وفيه أن العقيلي ذكره في "الضعفاء"، وقال هو والساجي: "قال البخاري: هو مضطرب الحديث، عنده مناكير، أنكر شبابة أحاديثه". قال الساجي: "وهو لا يتابع". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 720 قلت: فقد ضعفه الجمهور، وقولهم مقدم على قول من وثقه؛ لأنه جرح مفسر، حتى في كلام ابن حبان في "الثقات"، فهو يلتقي مع طعنه فيه في "الضعفاء"؛ ويتحصل من مجموع كلمتيه أن الرجل صدوق في نفسه؛ لكنه يخطىء، فهو لذلك بكتاب "الضعفاء" أليق. وقال ابن الجوزي في "العلل" (2/ 231) : "لا يصح. قال أحمد: تركت حديث هشام بن لاحق. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". وأقره الحافظ في "تخريج الكشاف" (ص 46) . ثم إن قول الهيثمي المتقدم: "وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! فهو غير صحيح؛ لأن الراوي عن هشام - عند الطبراني - عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ وإن كان ثقة؛ فليس من رجال "الصحيح"؛ فإنه لم يرو عنه من الستة إلا النسائي! وللحديث شاهد من حديث نافع أبي هرمز عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه. أخرجه الطبراني في "الكبير" (12007) وفي "الأوسط" أيضاً؛ كما في "المجمع"؛ وقال: "وفيه نافع بن هرمز، وهو ضعيف جداً". قلت: فمثله لا يستشهد به. وأما الحديث الذي رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 771 - بترقيمي) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 721 في ترجمة (أحمد بن يحيى الحلواني) بسنده الصحيح عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يا عائشة! هذا جبريل يقرأ عليك السلام". فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته. فذهبت تزيد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلى هذا انتهى السلام"، فقال: " (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) ". وقال الطبراني: "لم يروه عن العلاء بن المسيب إلا عباد بن العوام". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، وكذلك من فوقه. إلا أن العلاء بن المسيب قد تكلم فيه من قبل حفظه، حتى قال الحاكم: "له أوهام في الإسناد والمتن". وأشر إلى ذلك الحافظ في "التقريب" بقوله: "ثقة ربما وهم". قلت: وأنا أظن أن قوله في هذا الحديث: فذهبت تزيد ... إلخ؛ غير محفوظ فيه؛ لأنه قد جاء من طرق عن عائشة رضي الله عنها بدونها. كذلك أخرجه البخاري (3768،6249،6253) ، ومسلم (7/ 139) ، والنسائي في "عشرة النساء"، والدارمي (2/ 277) ، وابن سعد (8/ 67- الجزء: 11 ¦ الصفحة: 722 68،79) ، وأحمد (6/ 146،150، 208،224) من طرق كثيرة عن عائشة دون الزيادة. فهي شاذة في نقدي. والله سبحانه تعالى أعلم. ولعل سبب الوهم: أنه جاء في بعض الآثار ما يشبه هذه الزيادة، فاشتبه الأمر على الراوي، ودخل عليه رواية في أخرى، وهي ما رواه مالك في "الموطأ" (3/ 132) عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه قال: كنت جالساً عند عبد الله بن عباس، فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ ثم زاد شيئاً مع ذلك أيضاً، قال ابن عباس - وهو يومئذ قد ذهب بصره -: من هذا؟ قالوا: هذا اليماني الذي يغشاك، فعرفوه إياه. قال: فقال ابن عباس: إن السلام انتهى إلى بركة. قلت: وإسناده صحيح. ونحوه: ما رواه مالك أيضاً (3/ 133-134) عن يحيى بن سعيد: أن رجلاً سلم على عبد الله بن عمر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، والغاديات والرائحات! فقال له عبد الله بن عمر: وعليك آنفاً! كأنه كره ذلك. قلت: وإسناده منقطع بين يحيى وابن عمر. لكن أخرجه البيهقي في "الشعب" من طريق عبد الله بن بابيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 723 فقال: حسبك إلى: "وبركاته"؛ انتهى إلى: "وبركاته". ومن طريق زهرة بن معبد قال: قال عمر: انتهى السلام إلى "وبركاته". ورجاله ثقات؛ كما قال الحافظ في "الفتح" (11/ 6 - السلفية) ، ولم يتعرض بذكر للإسناد إلى عبد الله بن بابيه - ويقال: ابن باباه -، وهو ثقة. ولا يخفى أن أثر ابن عمر هذا لو صح لا يشهد - كأثر ابن عباس - لحديث الترجمة، وذلك لأمرين: 1- أن الحديث مرفوع، والأثر موقوف. 2- أن الحديث في رد السلام، والأثر في إلقائه. ويؤيد ذلك: أنه ثبت عن ابن عمر وغيره من السلف ما يخالف هذا الحديث الضعيف: فروى البخاري في "الأدب المفرد" (ص 49 - دار الكتب العلمية) عن عمرو بن شعيب عن سالم مولى ابن عمر قال: كان ابن عمر إذا سلم عليه، فرد؛ زاد، فأتيته وهو جالس، فقلت: السلام عليكم. فقال: السلام عليكم ورحمة الله. ثم أتيته مرة أخرى فقلت: السلام عليكم ورحمة الله. قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثم أتيته مرة ثالثة فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته. قلت: ورجاله ثقات معروفون؛ غير سالم هذا، وقد وقع في "الأدب" - كما ترى - أنه مولى ابن عمر، وكذلك وقع في "الفتح" نقلاً عنه! ويبدو أنه خطأ قديم؛ فإنه في كتب الرجال: أنه مولى عبد الله بن عمرو، منها الجزء: 11 ¦ الصفحة: 724 "التاريخ الكبير" للبخاري نفسه، ويبدو أنه مجهول؛ لأنه لم يذكروا راوياً عنه غير ابن شعيب هذا. وأما ابن حبان: فذكره في "الثقات" على قاعدته المعروفة، ولكن ذلك لا يمنع من الاستشهاد به؛ كما لا يخفى على الخبراء بهذا العلم الشريف. ثم روى في "الأدب المفرد" (ص 147،165) عن زيد بن ثابت: أنه كتب إلى معاوية - والظاهر أنه جواب كتاب من معاوية إليه -: "والسلام عليك - أمير المؤمنين! - ورحمة الله وبركاته ومغفرته"، زاد في الموضع الأول: "وطيب صلواته". قلت: إسناده صحيح. وسكت عنه الحافظ وعن الذي قبله. وذكر عن ابن دقيق العيد أنه نقل عن أبي الوليد بن رشد أنه يؤخذ من قوله تعالى: (فحيوا بأحسن منها) الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدىء. ثم ذكر بعض الأحاديث المرفوعة الصريحة في ذلك، ثم قال: "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت؛ قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على (وبركاته) ". ومن تلك الأحاديث الصريحة: ما ذكره من رواية البيهقي في "الشعب" - بسند ضعيف - من حديث زيد بن أرقم: كنا إذا سلم علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته. قلت: وفاته أنه أخرجه البخاري أيضاً في "التاريخ"؛ كما كنت خرجته في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 725 "الصحيحة" (1449) ، وذهبت هناك إلى تجويد إسناده؛ لأنه ليس في رجاله من ينظر فيه غير إبراهيم بن المختار الرازي، وهو وإن كان مختلفاً فيه؛ فقد اعتمدت على قول أبي حاتم فيه: "صالح الحديث"؛ مع تشدده المعروف في التوثيق، لا سيما وقد وافقه على ذلك أبو داود، وهو مقتضى توثيق ابن شاهين وابن حبان إياه؛ إلا أن هذا قال: "يتقى حديثه من رواية ابن حميد عنه". وهذا ليس من روايته عنه، بل من رواية محمد بن سعيد بن الأصبهاني عنه، كما ذكرته هناك؛ خلافاً لأحد الطلبة الأفاضل الذي كتب إلى يرجح أنه محمد ابن حميد؛ دون أيما دليل سوى أن كلاً منهما روى عن إبراهيم بن المختار، غير ملتفت إلى أن الأول من شيوخ البخاري يقيناً، والآخر لم يذكره أحد في شيوخه أو أنه روى عنه، مع تصريحهم بأنه تركه. وهذا ظاهره أنه حدث عنه مطلقاً لعلمه بشدة ضعفه، أو أنه تبين له ذلك بعد أن سمع منه. وأما أنه حدث عنه وصار من جملة شيوخه ثم تركه؛ فهذا مما لا يفهمه أحد له معرفة بهذا العلم؛ إلا أن ينص أحد أنه كان من شيوخه ثم تركه، فهذا ما لم يقله أحد؛ خلافاً لما رمى إليه المشار إليه بقوله: "والبخاري قد أتى ابن (كذا بالضم ولعله سبق قلم) حميد ثم تركه"! وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن؛ لمخالفته لظاهر آية رد التحية بأحسن منها، والأحاديث والآثار الموافقة لها. والله تعالى أعلم. ثم إن حديث الترجمة؛ قد أورده ابن علان في "شرح الأذكار" (5/ 291) ؛ وقال - ولعله نقله عن "نتائج الأفكار" للحافظ ابن حجر -: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 726 "أخرجه أحمد في "الزهد"، ولم يخرجه في "المسند"؛ لضعف هشام بن لاحق عنده، وقد وثقه غيره". قلت: وقد سبق بيان أن الراجح التضعيف، لا سيما وقد تركه الإمام أحمد؛ كم تقدم نقله عن جمع من الأئمة. ومع ذلك؛ فإنه لم يعجب الكاتب المشار إليه آنفاً؛ فإنه أخذ يحاول التشكيك في ثبوت ذلك عن الإمام أحمد في مقال له آخر، أرسله إلي بعد كتابه الأول، فقال: "ولم أجد هذا القول مستفيضاً عن أحمد"!! وهذا مما يدل الواقف على كلامه ونقده للأحاديث على أنه ناشىء في هذا المجال؛ - وهذا أقل ما يمكن أن يقال -، وإلا؛ فمتى كان شرطاً في قبول قول الإمام أن يكون مستفيضاً؟! ألا ترى أنه يمكن لمخالفه أن يعارضه بقوله هذا فيما مال هو إليه من الاعتماد على قول أحمد الآخر: "لم يكن به بأس"؟! أليس في ذلك كله مخالفة صريحة لقول العلماء: "الجرح مقدم على التعديل" بشرطه المعروف؟! وهل يمكن لأحد اليوم أن يصنف أقوال أئمة الجرح والتعديل من حيث روايتها عنهم، فيقول: هذا القول آحاد عن فلان! وهذا مستفيض عنه أو عن غيره! وهذا متواتر؟! وللمشار إليه من مثل هذا النقد المخالف للعلماء أمور أخرى حول هذا الحديث وغيره، لا نطيل الكلام ببيان فسادها. وقد كنت كتبت إليه بشيء من ذلك في الرد على كتابته الأولى إلي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك قريباً، لذلك؛ لم أنشط للرد عليه في مقاله الآخر، لا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 727 سيما وقد تجاهل فيه ردي عليه المومى إليه ولو بكلمة واحدة، مع إعراضه عن كلام الحافظ الذي كنت نقلته إليه؛ ذهب فيه إلى شرعية الزيادة على ".. وبركاته" في رد السلام خلافاً للكاتب؛ فإنه أصر على عدم مشروعيتها في مقال آخر! فإنه بعد أن تكلم على حديث الترجمة بما عنده من علم؛ كشفت آنفاً عن بعضه! أخذ يسوق شواهد له تقويه بزعمه، تدل المبتدىء في هذا العلم أنه لم يصل فيه بعد إلى مقامه! فإنه بعد أن ساق حديث عائشة الذي بينت آنفاً شذوذه؛ أتبعه ببعض الآثار عن الصحابة، منها أثر ابن عباس وابن عمر المتقدمين، وهي لا تشهد للحديث مطلقاً؛ لأنها في رد الزيادة على ".. وبركاته" في ابتداء السلام، والحديث إنما هو في رده؛ كما لا يخفى على البصير. وبدهي جداً: أن يخفى على مثله ما هو أدق من ذلك على الباحثين؛ فقد نقل من "شرح ابن علان للأذكار" (5/ 292) قول الحافظ في حديث عائشة المتقدم: "هذا حديث حسن غريب جداً، قد أخرج لرواته في "الصحيح"؛ إلا أن ابن المسيب لم يسمع من عائشة". فعقب عليه بقوله: "وما أدري ما وجه قوله: "ابن المسيب لم يسمع من عائشة"؟! فلينظر "الأوسط" أو "مجمع البحرين" ... "!! قلت: فخفي عليه أن (ابن المسيب) هذا ليس هو سعيد بن المسيب التابعي الجليل، وإنما هو العلاء بن المسيب، وهو علة الحديث؛ كما تقدم منقولاً من مصورة "المعجم الأوسط"، فهو معذور أن يخفى ذلك عليه؛ لأن كل مراجعه إنما هي من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 728 المطبوعات، فبالأولى أن يخفى عليه خطأ الحافظ في إعلاله بالانقطاع! وكأنه لم يتنبه - الحافظ - لقول العلاء بن المسيب: "عن أبيه"، أو أنه لم يقع ذلك في نسخته من "الأوسط"، والظاهر الأول، وإلا؛ لأعله شيخه الهيثمي بالانقطاع لظهوره. والله أعلم. والحقيقة: أن العلة إنما هي المخالفة والشذوذ من العلاء كما سبق بيانه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في تمام كلامه السابق، ولأمر ما لم ينقله الكاتب! فقال الحافظ: "وسيأتي حديثها بدون هذه الزيادة في (باب الحكم السلام) ". يشير إلى رواية الشيخين المتقدمة من طرق. ثم تبين لي أن في متن حديث الترجمة نكارة تؤكد ضعفه، وهي قوله في الرد على الرجل الأخير الذي انتهى سلامه إلى "وبركاته": "وعليك"؛ وقوله في آخر الحديث: "فرددناها عليك"؛ فإن السياق يقتضي أن يرد عليه بالمثل؛ أي: إلى قوله: "وبركاته"، وكون الرجل لم يدع مجالاً للزيادة عليه لا يستلزم أن يكون الرد بـ: "وعليك"؛ لأنه دون المثل، كما هو ظاهر من الآية الكريمة: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) . قال الحسن البصري في تفسيرها: إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال: السلام عليك؛ فقل: السلام عليكم ورحمة الله، (أو ردوها) : يقول: إن لم تقل له: السلام عليك ورحمة الله؛ فرد عليه كما قال: السلام عليكم؛ كما سلم، ولا تقل: وعليك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 729 أخرجه البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عنه؛ كما في "الدر" (2/ 188) . ولهذا؛ قال الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 456) - وتبعه صديق حسن خان في "نيل المرام" (ص 161) -: "ومعنى قوله: (أو ردوها) : الاقتصار على مثل اللفظ الذي جاء به المبتدىء، فإذا قال: السلام عليكم؛ قال المجيب: وعليكم السلام". قلت: فثبت أن قوله في الحديث: "وعليك" منكر؛ لأنه دون الرد بالمثل، بله الرد بالأحسن. فالحديث ضعيف سنداً ومتناً. هذا ما ظهر لي؛ (وفوق كل ذي علم عليم) . 5434 - (إن محرم الحلال كمحلل الحرام) . ضعيف أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 103) ، وأبو بكر النيسابوري في "الفوائد" (142/ 1) ، والقاسم السرقسطي في "الدلائل" (2/ 146/ 2) ، وأبو بكر اليزدي في "مجلس له" (68/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (82/ 2) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري عن يحيى بن عباد بن حارثة الليثي أن أباه أخبره: أنه كان يصحب عبد الله بن عمر في الحج والعمرة، فقال: قال لي ابن عمر: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أورده ابن حبان في ترجمة إبراهيم هذا، وقال فيه: "كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل". ثم روى عنه ابن معين أنه قال فيه: "ليس بشيء". ثم قال عقب الحديث: الحديث: 5434 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 730 "وهذا من قول ابن عمر محفوظ، فأما من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلا". قلت: ويحيى بن عباد بن حارثة الليثي وأبوه: أوردها ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 77-78 و 4/ 2/ 172) ، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان؛ فذكر عباداً في "الثقات" دون ابنه! والله أعلم. وجملة القول: أن هذا الإسناد ضعيف؛ لضعف إبراهيم، وجهالة شيخه يحيى ابن عباد وأبيه عباد. لكن للحديث إسناد آخر؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (8148 - بترقيمي) : حدثنا موسى بن هارون: حدثنا أبو موسى الأنصاري: حدثنا عاصم بن عبد العزيز الأشجعي عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عبيد الله ابن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد زعم الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 176) أن رجاله رجال "الصحيح"! وهو من أوهامه رحمه الله؛ فإن من دون الحارث - باستثناء الأنصاري - ليسوا من رجال "الصحيح". وفي الأشجعي وشيخه الحارث ضعف؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ في كل منهما: "صدوق يهم". والأشجعي أضعف؛ فإنه ضعفه الأكثر. بل قال فيه البخاري: "فيه نظر". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 731 فالظاهر أنه هو علة هذا الإسناد. وقد أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 308) من هذا الوجه، وقال: "قال أبي: هذا حديث منكر". قلت: وقد صح موقوفاً على عبد الله بن مسعود؛ فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (20573) ، وعنه الطبراني في "المعجم الكبير" (8852) ، والبغوي في "حديث علي بن الجعد" (9/ 113/ 1) من طرق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود به. وقال الهيثمي (1/ 177) : "ورجاله رجال (الصحيح) ". وفي رواية للطبراني (8853) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق قال: كنت جالساً عند عبد الرحمن بن عبد الله، فأتاه رجل يسأله عن ابنه القاسم؟ فقال: غدا إلى الكناسة يطلب الضباب. فقال: أتأكله؟ فقال عبد الرحمن: ومن حرمه؟! سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ... فذكره. قال الهيثمي أيضاً (4/ 39) : "ورجاله رجال (الصحيح) ". قلت: وهو كما قال؛ إلا أن أبا إسحاق هذا - وهو السبيعي - كان اختلط. لكنه لم يتفرد به؛ فقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 17/ 2) من طريق المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: ... فذكره. ثم روى ابن عساكر عن الحافظ أحمد العجلي قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 732 "عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود؛ يقال: إنه لم يسمع من أبيه إلا حرفاً واحداً ... ". ثم ذكر هذا الحديث. وكأنه يشير إلى رواية الطبراني المتقدمة من طريق إسرائيل؛ فإنها صريحة في سماع عبد الرحمن من أبيه ابن مسعود. 5435 - (يسلم الرجال على النساء، ولا يسلم النساء على الرجال) . موضوع أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (243) ، وابن حبان في "الضعفاء" (1/ 190) من طريق بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً. أورده ابن حبان في ترجمة بشر هذا، وقال: "له نسخة فيها مئة حديث؛ كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال.."، ثم ساق له بهذا الإسناد أحاديث هذا أحدها. وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 234) ، وقال: "لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو حاتم الرازي: بشر وبكار مجهولان". والحديث؛ عزاه الحافظ في "الفتح" (11/ 34) لأبي نعيم (!) في "عمل يوم وليلة"، وقال: "وسنده واه، ومن حديث عمرو بن بن حريث مثله موقوفاً عليه، وسنده جيد"! ذكره تحت شرح (باب: تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال) ، وحكى خلاف العلماء في ذلك، وانتهى من ذلك إلى الجواز إذا أمنت الفتنة، وهو الحديث: 5435 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 733 الراجح؛ لثبوت سلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على النساء. وكذلك صح سلام الصحابة على العجوز التي كانت تقدم إليهم أصول السلق مطبوخاً مع الطحين بعد صلاة الجمعة. رواه البخاري في "صحيحه" (6248) . وروى في "الأدب المفرد" (1046) بسند حسن عن الحسن (وهو البصري) قال: كن النساء يسلمن على الرجال. 5436 - (رأس هذا الأمر الإسلام، ومن أسلم سلم، وعمودة الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، لا يناله إلا أفضلهم) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 55/ 96) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ بن جبل مرفوعاً. ثم رواه (8/ 266/ 7885) من طريق أخرى عن عثمان به مختصراً؛ دون ما قبل الذروة.. ولم يذكر معاذاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيف. وبه أعله الهيثمي (5/ 274) . ونحوه عثمان بن أبي العاتكة. وقال الحافظ في "التقريب": "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". الحديث: 5436 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 734 بيد أنه قد خالفه في متن الحديث وإسناده: أبو عبد الرحيم - وهو الحراني خالد بن أبي يزيد الثقة -؛ فقال: عن أبي عبد الملك عن القاسم عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الإسلام ثلاثة أبيات: سفلى، وعليا، وغرفة. فأما السفلى؛ فالإسلام؛ دخل عليه عامة المسلمين، فلا يسأل أحد منهم إلا قال: أنا مسلم. وأما العليا؛ فتفاضل أعمالهم؛ بعض المسلمين أفضل من بعض. وأما الغرفة العليا؛ فالجهاد في سبيل الله، لا ينالها إلا أفضلهم". أخرجه الطبراني في "الكبير" (18/ 318/ 822) . وقال الهيثمي: "وأبو عبد الملك لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"! قلت: هو علي بن يزيد الألهاني، وأبو عبد الملك كنيته، وهو صاحب القاسم، وقد عرفت ضعفه مما تقدم. ومما يؤكد ذلك: اضطرابه في متن الحديث وسنده. أما المتن؛ فظاهر. وأما السند؛ فرواه عثمان عنه عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ. ورواه أبو عبد الرحيم عنه عن القاسم عن فضالة. وهو عن معاذ معروف من طرق عنه مختصراً ومطولاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 735 وقد رواه شعبة عن الحكم قال: سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل قال: ... فذكر حديثه الطويل الذي أوله: "لقد سألت عن عظيم ... " الحديث، وفي آخره: "وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟! ". ورواه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن معاذ، وهو مخرج في "الإرواء" (413) . وأما طريق شعبة هذه؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في أول كتاب "الإيمان" رقم (1) ، وأحمد (5/ 337) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 147/ 304) من طرق عن شعبة به نحو حديث الترمذي، وفيه حديث الترجمة دون قوله: "لا يناله إلا أفضلهم". ورجاله ثقات؛ إلا أن عروة بن النزال فيه جهالة، مع انقطاع؛ بينه أحمد (5/ 233) من رواية روح عن شعبة: قال شعبة: فقلت له: سمعه من معاذ؟ قال: لم يسمعه منه وقد أدركه. وجملة القول: أن الحديث بهذه الزيادة: "لا يناله إلا أفضلهم"؛ ضعيف لا يصح؛ لتفرد الألهاني به، واضطرابه في سنده ومتنه. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5437 - (سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) ؛ من الذي لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال: الحديث: 5437 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 736 هم الشهداء، يتقلدون أسيافهم حول عرشه، تتلقاهم الملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت، [أزمتها الدر [الأبيض] ، برحال [الذهب، أعنتها] السندس والإستبرق] ، نمارها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجال، يسيرون في الجنة [على خيول] ، يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا إلى ربنا؛ لننظر كيف يقضي بين خلقه؟ يضحك إليهم إلهي، وإذا ضحك إلى عبد في موطن؛ فلا حساب عليه) . منكر بهذا التمام قال في "الدر المنثور" (5/ 336) : "أخرجه أبو يعلى، والدارقطني في "الأفراد"، وابن المنذر، والحاكم - وصححه -، وابن مردويه، والبيهقي في "البعث" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... (فذكره) ". قلت: وفي عزوه بهذا التمام للحاكم نظر؛ فإنه إنما أخرجه في "المستدرك" (2/ 253) دون قوله: "يتقلدون أسيافهم.." إلخ؛ عن أبي أسامة عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة. وقال: "صحيح الإسناد". وأقره المنذري في "الترغيب" (2/ 199) . وأما الذهبي؛ فزاد في "التلخيص": ".. على شرط البخاري ومسلم". قلت: وهو الصواب؛ فإن رجاله كلهم على شرطهما. وعمر هذا: هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المدني؛ نزيل عسقلان، ولم يعرفه الحافظ ابن كثير كما يأتي. ثم قال المنذري: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 737 "ورواه ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن عياش أطول منه؛ وقال فيه: (هم الشهداء، يبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول عرشه ... ) "! قلت: وإسماعيل بن عياش - وهو الحمصي الشامي - مختلف فيه. والذي استقر عليه رأي الحفاظ النقاد فيه: أنه ثقة فيما يرويه عن الشاميين، ضعيف فيما يرويه عن غيرهم، ولذلك؛ كان الواجب على المنذري أن يسمي لنا شيخه فيه! وقد وقفت عليه بواسطة "تفسير ابن كثير"؛ فإنه - جزاه الله خيراً - ذكر إسناد أبي يعلى، فقال: "وقال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن معين: حدثنا أبو اليمان: حدثنا إسماعيل ابن عياش عن عمر بن محمد ... " فذكره كما تقدم في إسناد الحاكم. ثم قال: "رجاله كلهم ثقات؛ إلا شيخ إسماعيل بن عياش؛ فإنه غير معروف. والله سبحانه وتعالى أعلم"! وأقول: بل هو معروف؛ فإنه من ذرية عمر بن الخطاب كما تقدم؛ فقد ذكر الحافظ المزي - شيخ ابن كثير - في ترجمة عمر بن محمد هذا أنه روى عن زيد بن أسلم، وعنه جماعة منهم إسماعيل بن عياش فهو علة تلك الزيادة التي لم يروها الحاكم؛ لأن شيخه عمر هذا مدني كما تقدم،وقد عرفت من ترجمته آنفاً أنه ضعيف فيما يرويه عن المدنيين وغيرهم. وقد يقول قائل: قد ذكرت آنفاً أن عمر هذا كان نزيل (عسقلان) ؛ وهي من بلاد الشام، فيمكن أن يكون إسماعيل سمعه منه فيها، وأنه حفظه عنه؟! فأقول: هذا ممكن، ولكن لا بد له من مرجح، وهذا مفقود، وحينئذ يبقى حكم هذه الزيادة على الضعف، حتى يتبين المرجح؛ كشأن المختلط الذي لم يعلم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 738 أحدث بالحديث قبل الاختلاط أم بعده؟ فهو على الضعف حتى يتبين أنه حدث به قبل الاختلاط. على أنه يترجح عندي ضعف هذه الزيادة من جهة أخرى؛ وهي مخالفة إسماعيل لأبي أسامة - واسمه حماد بن أسامة -، وهو ثقة ثبت، ولم يروها كما تقدم من تخريج الحاكم. ويبعد جداً أن يكون حدث بها عمر بن محمد، ولا يحفظها أبو أسامة عنه، ويحفظها إسماعيل، مع ما فيه من القال والقيل! ولذلك؛ فإن هذه الزيادة منكرة عندي،بخلاف ما قبلها، ولذلك؛ لم أوردها مع حديث الحاكم في "صحيح الترغيب" (2/ 147/ 1378) ، والله سبحانه وتعالى أعلم. (تنبيه) : قد عزا الحديث لأبي يعلى الحافظ ابن حجر أيضاً في "المطالب العالية" (3/ 365/ 3721) ، وذكر الشيخ الأعظمي في تعليقه عليه: أن البوصيري قد سكت عليه! وقد كشفنا لك عن علته بفضل الله وتوفيقه. ولم أره في "مجمع الزوائد" للهيثمي، ولا عزاه المنذري لأبي يعلى كما تقدم! فلعله في بعض النسخ منه. والله أعلم. ثم إن متن الحديث قد نقلته من "تفسير ابن كثير"، والزيادات التي بين المعكوفات [] ؛ إنما هي من "الترغيب"، وبعضها من "الدر". ووقع فيه: "البرهة" مكان: "النزهة"! ولعله تصحيف. ثم رأيت الحافظ قد ساق إسناد أبي يعلى في "المطالب العالية المسندة" (2/ 45/ 2) كما ساقه ابن كثير. وقد رواه آخرون عن إسماعيل، وعن محمد بن عمر؛ دون قوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 739 "تتلقاهم الملائكة ... ". وتقدم برقم (3685) . 5438 - (إن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - حين قبض سعد بن معاذ [من جرح أصابه يوم الخندق]- من جوف الليل معتجراً بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد! من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعاً يجر ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات) . ضعيف أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 271) : حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي قال: حدثني من شئت من رجال قومي: إن جبريل ... الحديث. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة شيخ معاذ بن رفاعة. على أن هذا نفسه فيه نظر؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، وحكى أبو الفتح الأزدي عن عباس الدوري عن ابن معين أنه قال فيه: "ضعيف". قال الأزدي: "ولا يحتج بحديثه"؛ كما في "التهذيب". وقد روى عنه جمع، ولم يذكر فيه البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في كتابه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال؛ إن لم يكن ضعيفاً. وأما الحافظ؛ فقال: "صدوق"! وبيض له الذهبي في "الكاشف". الحديث: 5438 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 740 وقد خولف ابن إسحاق في إسناده ومتنه؛ فقال يزيد بن الهاد: عن معاذ بن رفاعة عن جابر بن عبد الله قال: ... فذكره مختصراً نحوه، ولفظه: جاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات؛ فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش؟ قال: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا سعد بن معاذ. أخرجه البيهقي في "الدلائل" - كما في "السيرة" لابن كثير (3/ 245) -، رواه عن شيخه الحاكم، وقد أخرجه هذا في "المستدرك" (3/ 206) مختصراً نحوه؛ ليس فيه ذكر جبريل عليه السلام، فصار الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس من قول جبريل. وكذلك رواه الإمام أحمد (3/ 327) ، والنسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة الأشراف" (2/ 379) -، وعزاه إليه الذهبي أيضاً في "سير أعلام النبلاء" (1/ 293) ؛ لكن ذكره بلفظ البيهقي الذي فيه ذكر جبريل، وكأنه من أوهامه؛ إذا صح ما في "التحفة"! وتبعه على الوهم المعلق عليه؛ فعزاه لأحمد والحاكم، وقد عرفت أن روايتهما كرواية النسائي! وجملة القول: أن حديث الترجمة ضعيف عندي؛ للجهالة، والضعف الذي في بعض رواته، ومخالفة ابن إسحاق لابن الهاد في إسناده ومتنه. وقد وجدت له طريقاً أخرى، ولكنها واهية أيضاً، فلا يستشهد بها؛ يرويه أبو قرة محمد بن حميد: حدثنا سعيد بن تليد: حدثنا محمد بن فضالة عن أبي طاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر عن عمه عبد الله بن أبي بكر قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 741 مات سعد بن معاذ من جرح أصابه يوم الخندق شهيداً، قال: فلبغني أن جبريل عليه السلام نزل في جنازته معتجراً.. الحديث مثله. أخرجه ابن عبد البر في ترجمة (سعد بن معاذ) من "الاستيعاب". قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإنه مع كونه بلاغاً من عبد الله بن أبي بكر، وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري التابعي؛ فيما يظهر لي؛ فإن في الطريق إليه جمعاً لا يحتج بهم: الأول: عبد الملك بن محمد بن أبي بكر - وهو الحزمي -؛ أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 431) ، وابن أبي حاتم (2/ 2/ 369) من رواية ابن وهب عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ويحتمل عندي أنه الذي في "الميزان" و "اللسان": "عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس في القبلة وضوء". وعنه بقية. قال الدارقطني: عبد الملك ضعيف". قلت: وهو من طبقة الحزمي هذا، وحديثه في القبلة في "سنن الدارقطني" (1/ 136) معلقاً. الثاني: محمد بن فضالة؛ لم أعرفه، ويحتمل - على بعد - أنه الذي في "الميزان" و "لسانه": الجزء: 11 ¦ الصفحة: 742 "محمد بن فضالة بن الصقر، شيخ شامي. حدث عن هشام بن عمار. قال أبو أحمد الحاكم: فيه نظر". وإنما استبعدت أن يكون هو هذا؛ لأمرين: الأول: أنه متقدم الطبقة على هذا. والآخر: أني أخشى أن يكون اسم (محمد) محرفاً من (المفضل) ؛ فقد جاء في ترجمة (سعيد بن تليد) من "التهذيب" أنه روى عن المفضل بن فضالة، وهو المصري؛ فإن يكن هو؛ فهو ثقة. والله أعلم. والثالث: أبو قرة محمد بن حميد - وهو ابن هشام الرعيني -؛ ذكره الحافظ المزي فيمن روى عن سعيد بن تليد، ولم أجد له ترجمة. واعلم أن الكلام على هذا الحديث وإيراده هنا في هذا الكتاب؛ إنما هو من أجل ما فيه من ذكر جبريل واعتجاره بعمامة الإستبرق. وإلا؛ فجملة: "اهتز العرش" منه صحيحة، جاءت من وجوه كثيرة متواترة؛ كما قال ابن عبد البر، والذهبي، وبعضها في "الصحيحين"، فانظر: ترجمة سعد في "سير النبلاء"، و "فتح الباري" (7/ 123-124) ، و "الصحيحة" (1288) ، و "الإرواء" (3/ 166-167) ، و "مختصر الشمائل" (31/ 16) ، و "الظلال" (1/ 247-248) . 5439 - (سئلت اليهود عن موسى؟ فأكثروا [فيه] وزادوا ونقصوا؛ حتى كفروا. وسئلت النصارى عن عيسى؟ فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا؛ حتى كفروا. الحديث: 5439 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 743 وإنه سيفشو عني أحاديث، فما أتاكم من حديثي؛ فأقرأوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله؛ فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله؛ فلم أقله) . منكر أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 316/ 13224) : حدثنا علي بن سعيد الرازي: حدثنا الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي: حدثنا قتادة ابن الفضيل عن أبي حاضر عن الوضين عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالعلل: 1- الوضين: هو ابن عطاء الدمشقي؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق سيىء الحفظ، ورمي بالقدر. من السادسة". 2- أبو حاضر؛ أورده ابن أبي حاتم في "الكنى" (4/ 2/ 362) برواية قتادة بن الفضيل عنه، وقال عن أبيه: "مجهول". وكذا في "الميزان" و "اللسان". ثم أوردوا ثلاثتهم في "الأسماء"، فقالوا - واللفظ للأول -: "عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون أبو حاضر. روى عن رجل عن ابن عباس. روى عنه عيسى بن يونس". ونحوه في "التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 1/ 424) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 744 وأما الذهبي؛ فقال: "عبد الملك بن عبدربه الطائي عن خلف بن خليفة وغيره، منكر الحديث، وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع، وله عن شعيب بن صفوان"! قلت: والظاهر أن هذا غير الذي ترجم له ابن أبي حاتم والبخاري؛ فإنه متأخر عنه، وليس هو - بالتالي - أبا حاضر هذا الذي روى عن الوضين؛ للسبب نفسه. ولكن هل هو ابن زيتون أبو حاضر؟ صنيع ابن أبي حاتم يدل على الفرق بينهما؛ بترجمته لكل منهما. وخالفه الحافظ المزي؛ فذكره في شيوخ قتادةة بن الفضيل، وفي الرواة عن الوضين: عبد الملك بن عبدربه أبو حاضر. فالله أعلم. وقد تبعه على ذلك الهيثمي، فأعل الحديث به؛ فقال في "مجمع الزوائد" (1/ 170) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبدربه، وهو منكر الحديث"! ولكنه لفق بين ما ذهب إليه المزي، وبين قول الذهبي في الطائي: "منكر الحديث". وقد عرفت أن أبا حاضر هذا غير الطائي، وأنه مجهول؛ كما قال أبو حاتم، وتبعه الذهبي والعسقلاني؛ فهو غير عبد الملك بن عبدربه الطائي الذي قال فيه الذهبي: "منكر الحديث". والله أعلم. 3- قتادة بن الفضيل؛ قال أبو حاتم: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 745 "شيخ". وذكره ابن حبان في "الثقات". وروى عنه جمع، ومع ذلك قال فيه الحافظ: "مقبول"! يعني: عند المتابعة، وإلا؛ فلين الحديث. 4- الزبير بن محمد الرهاوي؛ قد ذكروه في الرواة عن قتادة بن الفضيل، ولكني لم أجد له ترجمة. والشطر الثاني من الحديث؛ قد نص كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه من وضع الزنادقة، وقد ذكرت طرفاً منه في الرد على "منهاج الصالحين" للمدعو (عز الدين بليق) ، رقم الحديث (247) . 5440 - (يا معاذ! إذا كان في الشتاء؛ فغلس بالفجر، وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم. وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر؛ فإن الليل قصير، والناس ينامون، فأمهلهم حتى يدركوا) . موضوع أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 75 - النهضة) ، وعنه البغوي في "شرح السنة" (2/ 198/ 356) ، والديلمي في "مسنده" (3/ 282-283) من طريق يوسف بن أسباط: حدثنا المنهال بن الجراح عن عبادة ابن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، ومتن منكر، والمتهم به: المنهال بن الجراح - وهو الحديث: 5440 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 746 الجراح بن المنهال أبو العطوف -، قلب اسمه يوسف بن أسباط الضعيف وغيره. وقد أورده - أعني: الجراح هذا - ابن حبان في "الضعفاء"، وقال (1/ 218) : "كنيته أبو العطوف، وبه يعرف، وكان رجل سوء؛ يشرب الخمر، ويكذب في الحديث". وقال الدارقطني: "متروك". وضعفه آخرون. ثم إن الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة المتفقة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الفجر بغلس؛ وهي مخرجة في "الإرواء" (1/ 278-281) : وقد تابعه على الشطر الأول منه محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي به في حديث له طويل. أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 618) . ومحمد بن سعيد هذا: هو الشامي المصلوب في الزندقة، كذبوه. وقال ابن عساكر: "وقد روي هذا من وجه آخر أتم من هذا، بإسناد أشبه منه". ثم ساقه من طريق البغوي: حدثني السري بن يحيى أبو عبيدة التميمي: أخبرنا سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخر بن لوذان الأنصاري السلمي - وكان فيمن بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عمال اليمن -، فقال: ... فذكر الحديث بطوله، وفيه الحديث بشطريه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 747 وقد قال الحافظ في ترجمة (عبيد) هذا من "الإصابة": "ذكره البغوي وغيره في الصحابة، وقال ابن السكن: يقال: له صحبة، ولم يصح إسناد حديثه. وأخرج هو، والبغوي، والطبري من طريق سيف بن عمر عن سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد ... ". قلت: فذكر طرفه الأول من الحديث الطويل. وفي إسناد هؤلاء الثلاثة (سيف بن عمر) ، وليس له ذكر في رواية ابن عساكر عن البغوي؛ فإما أن يكون رواية أخرى للبغوي، لم تتيسر للحافظ، أو أنه لم يقف عليها، أو أن في إسنادها عند ابن عساكر شيئاً من الخطأ أو السقط. والله أعلم. وعلى كل حال؛ ففي الإسناد عندهم جميعاً: (يوسف) والد (سهل) - وهو يوسف بن سهل (1) بن مالك الأنصاري -، كذا ساقه المزي في ترجمة (سيف بن عمر) ، وقد ذكر في شيوخه: ابنه هذا (سهلاً) ، وهو ثقة؛ بخلاف أبيه (يوسف بن سهل) ؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من المراجع، حتى ولا في "ثقات ابن حبان"! وأما (سيف بن عمر) ؛ فمعروف؛ لكنه متهم بالوضع؛ قال الذهبي في "المغني": "له تواليف، متروك باتفاق".   (1) في أصل الشيخ - رحمه الله -: " سهيل ". (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 748 بخلاف السري بن يحيى؛ فإنه صدوق؛ كما قال ابن أبي حاتم. وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 302) . 5441 - (إن الله عز وجل يقول: أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصير كلاً إلى النار) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 3500 - بترقيمي) عن أحمد بن بكر البالسي قال: أخبرنا عروة بن مروان الرقي قال: أخبرنا معتمر بن سليمان عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً. وقال: "لم يروه عن ابن المنكدر إلا الحجاج، ولا عن الحجاج إلا معتمر، تفرد به عروة بن مروان". قلت: وهو ضعيف؛ قال الدارقطني: "كان أمياً، ليس بالقوي في الحديث". والحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعنه. والبالسي ضعيف؛ كما قال الدارقطني. وقال ابن عدي: "روى مناكير عن الثقات". وأما الأزدي؛ فقال: "كان يضع الحديث". وفي مقابله ابن حبان؛ فإنه ذكره في "الثقات"؛ ولكنه قال: "كان يخطىء". الحديث: 5441 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 749 وبه وحده أعله الهيثمي، فقال في "المجمع" (7/ 289) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن بكر البالسي، وهو ضعيف"! قلت: وإعلاله بمن فوقه ممن ذكرنا أولى؛ فإن كلام الطبراني يشعر أنه لم يتفرد به. والله أعلم. 5442 - (قال ربكم: ابن آدم! أنزلت عليك سبع آيات، ثلاث لي، وثلاث لك، وواحدة بيني وبينك: فأما التي لي؛ فـ (الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين) ، [والتي بيني وبينك] : (إياك نعبد وإياك نستعين) ؛ منك العبادة وعلي العون لك. وأما التي لك: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 6547 - بترقيمي) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي ابن كعب قال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتحة الكتاب؛ ثم قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن أرقم هذا؛ فإنه متروك؛ كما قال الذهبي في "الكاشف"، والهيثمي في "المجمع" (2/ 112) ، وبه أعله. ثم إن في متنه نكارة؛ فقد صح بلفظ: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني الحديث: 5442 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 750 عبدي ... " الحديث. رواه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما" وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (502) . (تنبيه) : ما بين المعكوفتين سقط من الأصل، ويظهر أنه سقط قديم؛ فإنه كذلك في "المجمع" برواية "الأوسط"، وقد استدركته من "الدر المنثور" (1/ 6) ، و "الجامع الكبير" (1/ 599) ؛ لكن وقع فيه: (طب) ؛ أي: الطبراني في "الكبيرط! والظاهر أنه خطأ من الناسخ؛ فإنه ليس فيه. 5443 - (كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم، اللهم! اصرف [عني] شره. وفي رواية: شر فلان) . منكر بزيادة الصرف أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص 103 - التازية) من طريق عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبي بكرة قال: حدثني راشد أبو محمد عن عبد الله بن الحارث قال: سمعت ابن عباس يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: راشد هذا - وهو ابن نجيح الحماني - قال أبو حاتم: "صالح الحديث". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "ربما أخطأ". ولخص هذا الحافظ، فقال: "صدوق، ربما أخطأ". الحديث: 5443 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 751 والأخرى: عبد الملك بن الخطاب؛ ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن القطان: "حاله مجهولة". وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول". قلت: فهو العلة. ولا يقويه أنه رواه الطبراني في "الكبير" (10/ 386/ 10772) عن خالد ابن يوسف السمتي: حدثنا أبي عن راشد بن نجيح (الأصل: ابن أبي نجيح!) به. والزيادة له؛ وكذا الرواية. وهذا إسناد أشد ضعفاً من الذي قبله، وآفته يوسف هذا؛ فقال الذهبي في ترجمة ابنه خالد: "أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف". والحديث صحيح محفوظ من طريق أخرى عن ابن عباس به، دون قوله: "اللهم! اصرف عني شره..". فقد أخرجه البخاري (6346، 7426) ، وفي "المفرد" أيضاً؛ ومسلم (8/ 85) ، والترمذي (3431) - وصححه -، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (414/ 652-653) ، وابن ماجه (3883) ، والطيالسي (2651) ، وأحمد (1/ 228، 254، 339، 356) ، وابن أبي شيبة (10/ 196/ 9204) ، والطبراني في "الكبير" (12/ 158) وفي "الدعاء" (2/ 1274/ 1023،1024) من طريق أبي العالية عن ابن عباس به دون الزيادة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 752 فهي منكرة. فيتعجب من الحافظ كيف سكت عليها في "الفتح" (11/ 147) ؛ وقد ذكرها من طريق "الأدب المفرد"؟! وزاد أحمد والطبراني والنسائي: ثم يدعو. وسنده صحيح. 5444 - (بينا أنا جالس؛ إذ جاء جبريل، فوكز بين كتفي، فقمت إلى شجرة مثل وكري الطير، فقعد في إحداهما، وقعدت في الأخرى، فسمت فارتفعت؛ حتى سدت الخافقين؛ وأنا أقلب بصري، ولو شئت أن أمس السماء لمسست، فنظرت إلى جبريل كأنه حلس لاطىء، فعرفت فضل علمه بالله علي، وفتح لي بابين من أبواب الجنة، ورأيت النور الأعظم، وإذا دون الحجاب رفرف الدر والياقوت، فأوحى إلي ما شاء أن يوحي) . ضعيف أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 209-210- مكتبة الكليات الأزهرية) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/ 171) ، والبزار في "مسنده" (1/ 47/ 58) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 99/ 59 - مجمع البحرين) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 316) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 109 - هندية) من طريق الحارث بن عبيد الإيادي عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال أبو نعيم مضعفاً: "غريب، لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران، تفرد به الحارث بن عبيد أبو قدامة". الحديث: 5444 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 753 قلت: قال الذهبي في "الكاشف": "ليس بالقوي، وضعفه ابن معين". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء". قلت: ولم يصرح أحد بتوثيقه. ومع ذلك؛ رجح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله توثيقه، وقد رددت عليه في "شرح الطحاوية" (ص 348 - الطبعة السادسة) . ومما يؤكد ضعفه: أنه خالفه حماد بن سلمة؛ فقال: أخبرنا أبو عمران الجوني عن محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب التميمي - زاد بعضهم - عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. أخرجه البيهقي هكذا بالزيادة، وعلقه قبيل ذلك بدونها. وهكذا رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 194) ، وكذا ابن المبارك في "الزهد"، والحسن بن سفيان في "مسنده" - كما في "اللسان" -، وقال: "وجزم البخاري وابن أبي حاتم والعسكري وابن حبان [يعني في "الثقات" (3/ 234) ] بأنه مرسل". وذكره نحوه في ترجمة محمد بن عمير هذا من "الإصابة"، وقال: "قال ابن منده: ذكر في الصحابة، ولا يعرف له صحبة ولا رؤية". ثم قال الحافظ: "وأما أبوه: فلا أدري هل له إدراك أم لا؟ فإني لم أجد أحداً ممن صنف في الصحابة ذكره، وأخلق به أن يكون أدرك العهد النبوي"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 754 وأقول: نعم؛ لو صح ذكره في الإسناد؛ ولكن الظاهر أنه شاذ لا يصح؛ كما يشعر بذلك إعلال الأئمة إياه بالإرسال، وعدم ذكره في روايتهم - إلا البيهقي - على ما في ثبوتها في كتابه من الشك كما سبقت الإشارة إليه. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5445 - (اعمم ولا تخص؛ فإن بين الخصوص والعموم كما بين السماء والأرض) . ضعيف أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 1/ 14) من طريق الدارقطني عن محمد بن إسماعيل الصائغ عن علي بن جرير الخراساني عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول: اللهم! ارحمني، فضرب بيده بين كتفي فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ مترجمون في "التهذيب"؛ غير علي بن جرير الخراساني؛ والظاهر أنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 178) : "علي بن جرير الباوردي، روى عنه.. (بياض) . سئل أبي عنه؟ فقال: صدوق". فإن (الباوردي) نسبة إلى (أبيورد) ؛ وهو بلد بـ (خراسان) ، كما في "معجم البلدان" وغيره، ولم أجد له ترجمة في غير المصدر المذكور، وهي غير كافية؛ لجهالة من روى عنه، فهو شبه المجهول عندي، لا سيما وقد خولف في إسناده. الحديث: 5445 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 755 فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 130) من طريق العيشي: حدثنا حماد بن سلمة: حدثنا ثابت عن عمرو بن شعيب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد خرج لصلاة الفجر؛ وعلي يقول: اللهم! اغفر لي وارحمني، اللهم! تب علي. فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - على منكبه، وقال: ... فذكره، دون قوله: "ولا تخص". وكذا رواه أبو داود في "المراسيل"؛ كما ذكره البيهقي عقبه، وهو في النسخة المطبوعة من "المراسيل" (ص 11-12) ؛ لكنها مختصرة من الأسانيد وبعض المتون؛ كما تبين لنا بالمراجعة، فلم نعرف هل هو من طريق العيشي هذا أم غيره؟! وبالجملة؛ فالصواب في الحديث أنه مرسل عمرو بن شعيب، أخطأ الخراساني في وصله عن علي؛ لأن العيشي - وهو عبيد الله بن محمد - ثقة اتفاقاً. ثم إن المتن منكر مخالف لكثير من الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أدعيته؛ فإنها بصيغة الإفراد، حتى في الصلاة. ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - بين السجدتين: "اللهم! اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وارفعني، واهدني، وارزقني". انظر كتابي "صفة الصلاة"، والرد على (عز الدين بليق) ؛ وقد أورد هذا الحديث في كتابه الذي سماه "منهاج الصالحين"! وإنما هو منهاجه هو؛ لجهله الجزء: 11 ¦ الصفحة: 756 بالشريعة، وكثرة الأحاديث الضعيفة فيه والموضوعة والمنكرة، وقد جاوزت الأربع مئة حديث في ردي المشار إليه، وهذا منها برقم (168) . وقد أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (1/ 124) من رواية الديلمي وأبي داود والبيهقي مرفوعاً. ثم ذكره (3/ 160) في مسند علي من رواية الديلمي كما تقدم! ومعلوم أن ما عزاه إليه ضعيف، يكفي، مجرد العزو إليه عن بيان ضعفه؛ كما نص عليه في المقدمة. 5446 - (دثر مكان البيت، فلم يحج هود ولا صالح؛ حتى بوأه الله لإبراهيم) . ضعيف جداً أخرجه أبو إسحاق الحربي في "المناسك" (ص 482) من طريق إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: دثر ... إلخ. قال عروة: قلت لعائشة: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: عن رسول الله. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم وأبوه محمد متروكان، مترجمان في "الميزان"، و "اللسان"، وغيرهما. ومحمد هذا: هو الذي بمشورته جلد الإمام مالك؛ كما هو مصرح به في "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 1/ 167) ، و"الصغير" أيضاً (ص 190) ، و"الضعفاء" لابن حبان (2/ 264) وغيرها. لكن وقع مثله في ترجمة ابنه إبراهيم من "الميزان" و "اللسان"! الحديث: 5446 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 757 فالظاهر أنه خطأ. والله أعلم. والحديث؛ أورده الذهبي - ثم العسقلاني - في مناكير إبراهيم هذا. 5447 - (لا تكن فتاناً، ولا مختالاً، ولا تاجراً إلا تاجر خير؛ فإن أولئك المسبوقون في العمل) . ضعيف أخرجه الطيالسي في "مسنده" (رقم 96) : حدثنا شعبة عن الحكم عن رجل من أهل البصرة - ويكنونه أهل البصرة: أبو المودع، وأهل الكوفة يكنونه بـ:أبي محمد، وكان من هذيل - عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به. وفيه قصة. وأخرجه أحمد (1/ 87) من طريقين آخرين عن شعبة به؛ إلا أنه قال في الطريق الأخرى منهما: (مورع) - بالراء - بدل (مودع) - بالراء أيضاً -. وكذلك أعاده أحمد (1/ 139) من الطريق الأخرى. ثم رواه عبد الله من طريق حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن أبي محمد الهذلي عن علي. قلت: وأبو محمد هذا - أو أبو المودع، أو أبو المورع، وقيل: أبو المروع -؛ قال الحسيني: "مجهول"؛ كما في "التعجيل"؛ وقال الذهبي في كنيته الأولى والثالثة: الحديث: 5447 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 758 "لا يعرف". قلت: وذلك؛ لأنه لم يرو عنه غير الحكم بن عتيبة. وأما قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 173) - بعدما عزاه لأحمد وابنه -: "ولم أجد من وثقه، وقد روى عنه جماعة". فهو خطأ، قلده فيه الشيخ المناوي في "الجامع الأزهر" (3/ 107/ 1) ؛ يتبين ذلك لكل من رجع إلى ترجمته في "تعجيل المنفعة". هذا؛ ويغلب على ظني أنه ثعلبة بن يزيد المترجم في "التهذيب"؛ فقد رأيت الحديث في "طبقات الأصبهانيين" لأبي الشيخ (ص 233- ظاهرية) من طريق أبان بن تغلب عن الحكم بن عتيبة عن ثعلبة بن يزيد عن علي بن أبي طالب به دون الاستثناء. وكذا رواه الطحاوي في "المشكل" (3/ 15) بالاستثناء. ويؤيد ذلك: أن ثعلبة هذا كوفي يروي عن علي، وعنه الحكم وغيره؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 207) : "كان غالياً في التشيع، لا يحتج بأخباره التي ينفرد بها عن علي". ثم تناقض فأورده في "الثقات" (4/ 98 - دائرة المعارف) من روايته عن علي، وعنه حبيب بن أبي ثابت! وقال الحافظ المزي في "التهذيب" (4/ 399 - الرسالة) : "قال البخاري: في حديثه نظر، لا يتابع في حديثه. روى له النسائي في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 759 "مسند علي" وقال: ثقة". واعلم أن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله قد حسن إسناد الحديث في تعليقه على "المسند" (2/ 69) ؛ مع أنه نقل قول الذهبي المتقدم في أبي محمد: "لا يعرف"! ولكنه عقب عليه بقوله: "وأنا أرى أن التابعين على الستر والثقة حتى نجد خلافهما"!! قلت: وعلى هذا جرى في كثير من أحاديث "المسند"! وهو توسع غير محمود عندي؛ لأن النفس لا تطمئن لكون التابعي أياً كان على الستر والثقة؛ لأننا نخشى في روايته غير اتهامه في نفسه، وهو احتمال أن يكون ضعيفاً في حفظه، فلو أنه اشترط إلى ذلك أن يكون معروفاً برواية جمع من الثقات عنه، ولم يتبين في حديثه ما يضعف به من الخطأ والمخالفة للثقات؛ لكان مقبولاً. والله أعلم. ثم رأيت الحديث قد أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1/ 39/ 90) من طريق أبان بن تغلب به؛ إلا أنه قال: ثعلبة بن يزيد، أو يزيد بن ثعلبة ... وذكر الاستثناء، ثم قال: "وهذا خبر - عندنا - صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح، وذلك؛ أنه خبر لا يعرف لبعض ما فيه مخرج عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصح إلا من هذا الوجه. وأخرى: أن في إسناده شكاً فيمن حدث عن علي رحمة الله عليه؛ أثعلبة بن يزيد هو أم يزيد بن ثعلبة؟ والثالثة: أن الذي فيه من ذكر (التاجر) إنما روي عن علي موقوفاً عليه من كلامه غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبخلاف اللفظ الذي فيه"! الجزء: 11 ¦ الصفحة: 760 ثم ساق عدة روايات موقوفة على علي رضي الله عنه، وأتبعها بقوله: "وقد وافق علياً رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذم التجارة جماعة من الصحابة، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده". ثم ساق عدة أحاديث في أن التجار هم الفجار إلا من بر وصدق، ونحو ذلك، وبعضها مخرج في "الصحيحة" (366) . ولكن إن كان هذا يشهد لما في حديث الترجمة من ذكر التاجر؛ فإنه لم يجب عن الأمر الآخر الذي أورده هو على نفسه؛ وهو الشك في الراوي عن علي: ثعلبة ابن يزيد أو العكس؟! فإن كان الأول؛ فقد عرفت البخاري وغيره فيه، وإن كان الآخر فمن هو؟ ولا نعلم في الرواة من يسمى يزيد بن ثعلبة. ولا يخفى أن الطبري رحمه الله لا تتم دعواه إلا بعد أن يجيب عن الشك المذكور بترجيح أحد طرفيه، ثم بيان أن الذي رجحه ثقة عند المحدثين! وهذا ما لم يفعله، فنحن على الضعف الذي ظهر لنا، حتى يتبين لنا ما يضطرنا إلى الانتقال إلى ما ذهب إليه الإمام الطبري من الصحة. والله أعلم. (تنبيه) : قوله: "المسبوقون"! كذا في رواية الطيالسي وأحمد في الموضع الأول. وفي الرواية الأخرى له وابنه عبد الله: "المسوفون"؛ وكذا في رواية ثعلبة عند الطحاوي؛ خلافاً لرواية الطبري عنه؛ فإنها باللفظ الأول. وهذا الاختلاف مما قد يزيد في ضعف الحديث؛ لأنه يدل على أن راويه لم يضبطه. والعلم عند الله تعالى. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 761 5448 - ((يمحو الله ما يشاء) ؛ إلا الشقاوة، والسعادة، والحياة، والموت) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 9626 - مصورتي) من طريق محمد بن جابر عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. وقال: "لم يروه عن ابن أبي ليلى إلا محمد بن جابر، ولا رواه عن نافع إلا ابن أبي ليلى". قلت: وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي الفقيه، وهو صدوق سيىء الحفظ جداً؛ كما قال الحافظ في "التقريب". ونحوه الراوي عنه: محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي -؛ قال الحافظ أيضاً: "صدوق، ذهبت كتبه؛ فساء حفظه وخلط كثيراً، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة". وبه وحده أعله الهيثمي، فقال في "المجمع" (7/ 43) : "وهو ضعيف من غير تعمد كذب". ولذلك؛ جزم السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 66) بأن سنده ضعيف، وعزاه لابن مردويه أيضاً. وتبعه على ذلك الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 85) . الحديث: 5448 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 762 ويحتمل عندي احتمالاً قوياً أن أصل الحديث الموقوف على ابن عباس؛ أخطأ في إسناده ورفعه: محمد بن جابر عن ابن أبي ليلى؛ فقد خالفه سفيان وغيره من الثقات فرووه عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به موقوفاً. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (16/ 478 - شاكر) . ونسبه السيوطي لعبد الرزاق أيضاً، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "الشعب". وقد رواه ابن جرير عن مجاهد أيضاً مقطوعاً. وسنده صحيح. وكأنه تلقاه عن ابن عباس رضي الله عنه فإنه من تلامذته. وثبت خلافه عن عمر وغيره، فروى ابن جرير (16/ 181-182) من طريق أبي حكيمة عن أبي عثمان النهدي: أن عمر بن الخطاب قال - وهو يطوف بالبيت ويبكي -: اللهم! إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنباً؛ فامحه؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة. ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 63) في ترجمة عصمة أبي حكيمة هذا. وقد قال فيه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 20) عن أبيه: "محله الصدق". وذكره ابن حبان في "الثقات". والظاهر أنه قد توبع؛ فقد رواه ابن جرير من طريق معتمر عن أبيه عن أبي حكيمة عن أبي عثمان، وأحسبني قد سمعته من أبي عثمان مثله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 763 وأبو المعتمر: اسمه سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة من رجال الشيخين. ثم روى ابن جرير من طريق شريك عن هلال بن حميد عن عبد الله بن عكيم عن عبد الله أنه كان يقول: اللهم! إن كنت كتبتني في السعداء؛ فأثبتني في السعداء؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. ورجاله ثقات؛ لولا ضعف حفظ شريك؛ لكنه يتقوى بطريق حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم! إن كنت كتبتني في أهل الشقاوة؛ فامحني، وأثبتني في أهل السعادة. رواه ابن جرير، والطبراني في "الكبير" (8847) . ورجاله ثقات رجال مسلم إلا أن أبا قلابة لم يدرك ابن مسعود؛ كما قال الهيثمي (10/ 185) ، ولكنه شاهد قوي للطريق الموصولة قبله. والله أعلم. ولعل الواسطة بينهما أبو وائل شقيق بن سلمة؛ فقد روى الأعمش عنه: أنه كان يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات. رواه ابن جرير بسند صحيح عنه. وكان أبو وائل من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود. واعلم أن المفسرين اختلفوا اختلافاً كثيراً في تفسير آيتي (الرعد) : (لكل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 764 أجل كتاب. يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) على أقوال كثيرة، استوعبها الشوكاني في "الفتح"، وذكر بعضها ابن جرير، ثم ابن كثير، واختار هذا ما هو أقرب للسياق؛ فقال: "أي: لكل كتاب أجل، يعني: لكل كتاب أنزله الله من السماء مدة مضروبة عند الله، ومقدار معين، فلهذا: (يمحو الله ما يشاء) : منها: (ويثبت) ؛ يعني: حتى نسخت كلها بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله صلوات الله وسلامه عليه". فالمحو والإثبات فيهما خاص بالأحكام في الكتب المتقدمة أو في الشريعة المحمدية، ينسخ منها ما يشاء، ويثبت ما يشاء. وهو يلتقي مع ما رواه ابن جرير (16/ 485) وغيره بسند فيه ضعف عن ابن عباس: (يمحو الله ما يشاء) ، قال: من القرآن؛ يقول: يبدل الله ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله. (وعنده أم الكتاب) ، يقول: وجملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ، وما يبدل، كل ذلك في كتاب. وقد وجدت ما يقويه من رواية عكرمة عن ابن عباس، من وجهين عن عكرمة: الأول: رواه يزيد النحوي عنه ابن عباس؛ في قوله: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) ، وقال: (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل ... ) الآية، وقال: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ؛ فأول ما نسخ من القرآن القبلة ... الحديث. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 765 رواه النسائي أواخر "الطلاق"، وأبو داود مختصراً. وإسناده حسن؛ كما هو مبين في "الإرواء" (7/ 161/ 2080) . والآخر: رواه سليمان التيمي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ في قول الله عز وجل: (يمحو الله ما يشاء) ، قال: من أحد الكتابين؛ هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت. (وعنده أم الكتاب) ؛ أي: جملة الكتاب. رواه ابن جرير (16/ 480،481) ، والحاكم (2/ 349) . وقال: "صحيح غريب". ووافقه الذهبي. قلت: وفي رواية لابن جرير (16/ 491) من طريق علي عن ابن عباس: (وعنده أم الكتاب) ، يقول: وجملة ذلك عنده في أم الكتاب؛ الناسخ والمنسوخ،، وما يبدل وما يثبت، كل ذلك في كتاب. وفي سنده انقطاع وضعف. ثم اعلم أنه - وإن كان المحو والإثبات في الآية خاصاً بالأحكام الشرعية؛ كما تقدم -؛ فليس في الشرع ما ينفيهما في غيرها، بل إن ظواهر بعض النصوص تدل على خلاف ذلك؛ كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر"؛ وهو حديث حسن مخرج في "الصحيحة" (154) . وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره (وفي بعض الطرق: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 766 في آجله) ؛ فليصل رحمه". متفق عليه، وهو مخرج في المصدر السابق برقم (276) . وقد صح عن ابن عباس أنه قال: لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر. أخرجه الحاكم (2/ 350) . وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. إذا عرفت ما تقدم؛ فاعلم أن المحو المذكور والزيادة في الرزق والعمر؛ إنما هو بالنسبة للقضاء أو القدر المعلق، وأما القضاء المبرم المطابق للعلم الإلهي؛ فلا محو ولا تغيير، كما كنت شرحت ذلك في تعليقي على "مختصر مسلم" للمنذري (ص 470) ؛ فراجعه فإنه هام! ثم رأيت القرطبي قد أشار إلى ذلك في تفسيره "الجامع"، فقال (5/ 332) : "والعقيدة: أنه لا تبديل لقضاء الله، وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعاً محتوماً - وهو الثابت -، ومنه ما يكون مصروفاً بأسباب - وهو الممحو - والله أعلم. قال الغزنوي (1) : وعندي: أن ما في اللوح خرج عن الغيب؛ لإحاطة بعض الملائكة، فيحتمل التبديل؛ لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال، وما في علمه من تقدير الأشياء   (1) قلت: الظاهر أنه عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي، الملقب بـ (تاج الشريعة) ، فقيه حنفي مفسر، له " تفسير التفسير "، أبدع فيه؛ كما قال غير واحد، توفي سنة (582) ؛ كما في " الأعلام ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 767 لا يبدل". وإذا عرفت هذا؛ سهل عليك فهم كثير من النصوص المرفوعة والآثار الموقوفة، وقد تقدم بعضها، وتخلصت من الوقوع في تأويلها. والله الهادي. ثم وقفت على كلام جيد لشيخ الإسلام ابن تيمية، يؤيده ما ذهبت إليه في "مجموع الفتاوى" (8/ 516-518،540،541) و (14/ 488-492) ، فراجعه؛ فإنه مهم! 5449 - ((يمحو الله ما يشاء ويثبت) ؛ قال: يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه) . ضعيف جداً رواه ابن سعد في "الطبقات" (3/ 574) : أخبرنا عفان ابن مسلم قال: أخبرنا همام بن يحيى عن الكلبي في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) قال: ... فذكره. فقلت: من حدثك؟ قال: حدثني أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه ابن جرير (16/ 484-485) من طريق أخرى عن عفان به. وهذا إسناد ضعيف جداً، إن لم يكن موضوعاً؛ آفته الكلبي هذا؛ فإنه سبئي متهم بالكذب، بل قد اعترف هو بذلك. فروى ابن حبان (2/ 254) : أخبرنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا عمر ابن شبة قال: حدثنا أبو عاصم قال: قال لي سفيان الثوري: قال لي الكلبي: ما سمعته مني عن أبي صالح عن ابن عباس؛ فهو كذب. الحديث: 5449 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 768 ورجال هذا الإسناد ثقات؛ على ضعف في عبد الملك هذا - وهو الرقاشي -، وليس لفظه صريحاً بالاعتراف المذكور، لا سيما وقد رواه ابن أبي حاتم (3/ 271) :أخبرنا عمر بن شبة بلفظ: زعم لي سفيان الثوري قال: قال لنا الكلبي: ما حدثت (1) عني عن أبي صالح عن ابن عباس؛ فهو كذب؛ فلا تروه. وهذا إسناد صحيح؛ فهو يحتمل أن الكذب من أبي صالح؛ وهو المسمى (باذام) أو (باذان) مولى أم هانىء وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس، ورواه عنه الكلبي هذا؛ كما في "طبقات ابن سعد" (6/ 296) ، وهو ضعيف، أو أشد. انظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم 225) ، فكأن الكلبي يتهم بذلك أبا صالح نفسه! ويرجح هذا رواية أخرى عند ابن حبان أيضاً (2/ 255) بإسناده المتقدم بلفظ: .. عن سفيان قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك فهو كذب. ويقويه رواية يحيى بن سعيد عن سفيان قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل شيء حدثتك؛ فهو كذب. أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 101) : قال لنا علي: حدثنا يحيى بن سعيد. وكذلك رواه في "التاريخ الصغير" (ص 158) . وهذا إسناد صحيح غاية؛ فهو أصح من الأول، لا سيما والرواية الأخرى منه   (1) كذا الأصل! وفي " تهذيب ابن حجر " عن ابن أبي حاتم: " عن "، ولعله الصواب. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 769 بمعناه؛ فهو المعتمد. وقد سقط من رواية "الميزان" (تحقيق البجاوي) قوله: "قال لي أبو صالح"؛ فصارت العبارة فيه: كل ما حدثتك عن أبي صالح؛ فهو كذب! والخلاصة: أن القائل: "كل شيء حدثتك فهو كذب"؛ إنما هو أبو صالح؛ وليس هو الكلبي، وإنما هو الراوي لذلك عن أبي صالح، ولذلك؛ حذر من التحديث بذلك بقوله للثوري: فلا تروه. ومن البداهة في مكان: أن أبا صالح - على ضعفه - لا يدان بذلك؛ لوهاء الكلبي؛ فتنبه، ولا تتورط بما وقع في "الميزان"؛ كما وقع لي فيما تقدم من الكلام على الحديث (111) من هذه "السلسلة"، والمعصوم من عصمه الله تعالى! وجملة القول: أن حديث الترجمة ضعيف جداً؛ لأن مداره على الكلبي عن أبي صالح، وقد عرفت وهاءهما الشديد. ولهذا؛ لم يحسن السيوطي بسكوته على الحديث في "الدر المنثور" (4/ 66) ؛ لا سيما وقد وقع فيه: ... عن الكلبي رضي الله عنه! فأوهم أن الكلبي صحابي! وإنما هو من صغار التابعين، والترضي خاص بالصحابة عرفاً. وأما أتباعهم فيترحم عليهم؛ وما أدري إذا كان الكلبي السبئي يستحق الترحم عليه؟! (تنبيه) : قد ذكر أبو السعود في "تفسيره" من الأقوال التي قيلت في تفسير الجزء: 11 ¦ الصفحة: 770 آية (يمحو الله ما يشاء ... ) قول: "يمحو الأجل أو السعادة والشقاوة"، ثم قال: "وبه قال ابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم، والقائلون به يتضرعون إلى الله أن يجعلهم سعداء، وهذا رواه جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام"!! ففيه ثلاثة أخطاء: الأول: قوله: "وابن عمر"! . صوابه "عمر"؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله. الثاني: قوله: "رواه جابر"؛ فليس لجابر إلا حديث الترجمة. الثالث: أطلق العزو لجابر؛ فأوهم أنه جابر بن عبد الله بن عمرو - لأنه المتبادر عند الإطلاق -، وليس به، وإنما هو جابر بن عبد الله بن رئاب كما تقدم، وكلاهما أنصاري؛ فتنبه! 5450 - (يا أبا بكر! برد أمرنا وصلح) (1) . ضعيف جداً رواه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 21 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/ 73) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 28/ 2) ، والخطابي في "غريب الحديث" (ق 33/ 1- ظاهرية و 1/ 180-181- جامعة أو القرى) عن الحسين بن حريث: حدثنا أوس ابن عبد الله بن بريدة: حدثني الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه:   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن من الأصل: " مضى برقم (4112) ". (الناشر) الحديث: 5450 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 771 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توجه نحو المدينة؛ خرج بريدة الأسلمي في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سهم، فيتلقى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ليلاً. فقال له: "من أنت؟ ". قال: بريدة. فالتفت إلى أبي بكر، وقال: "يا أبا بكر! برد أمرنا وصلح". ثم قال: "ممن؟ ". قال: من أسلم. قال لأبي بكر: "سلمنا". ثم قال: "ممن؟ ". قال: من بني سهم. قال: "خرج سهمك". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أوس هذا متروك؛ كما قال الدارقطني. ونحوه قول البخاري: "فيه نظر". وله طريق أخرى، ولكنها واهية أيضاً؛ لأنها من رواية عبد العزيز بن عمران: حدثنا أفلح بن سعيد عن سليمان بن فروة عن أبيه عن بريدة الأسلمي به مختصراً؛ قال: لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مهاجره؛ لقي ركباً، فقال: "يا أبا بكر! سل القوم ممن هم؟ ". قالوا: من أسلم. قال: "سلمت يا أبا بكر! سلهم من أي أسلم؟ ". قالوا: من بني سهم. قال: "ارم بسهمك يا أبا بكر! ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 772 أخرجه البزار في "مسنده" (2/ 301-302- كشف الأستار) ، وقال: "لا نعلم رواه إلا بريدة، ولا نعلم له إلا هذا الطريق"! كذا قال! والطريق الأولى ترد عليه. وقد أعل هذه الهيثمي في "المجمع" (6/ 55) بقوله: "وعبد العزيز بن عمران الزهري متروك". (تنبيه) : كان الداعي إلى تخريج الحديث: أنني شرعت قريباً في أواسط شهر الله المحرم سنة (1404) في اختصار كتاب ابن قيم الجوزية: "تحفة المودود في أحكام المولود"، فمر بي هذا الحديث، وقد عزاه في موضع لابن أبي خيثمة، وفي آخر لأبي عمر بن عبد البر في "الاستذكار"؛ ساكتاً عليه فيهما، فتذكرت أن شيخه ابن تيمية كان قد ذكر طرفاً منه في كتابه "الكلم الطيب" الذي كنت حققته وخرجت أحاديثه، ثم طبعته سنة (1385) في المكتب الإسلامي، ذكره مع أحاديث أخرى (ص 125-127) قائلاً: "هذه الأحاديث في (الصحاح) ". فعلقت عليه يومئذ بأنني لم أعثر عليه، وأبديت شكي في كونه في "الصحاح"! والآن تأكدت من خطأ عزوه إليها، وتبينت أن إسناد الحديث ضعيف جداً: والله تعالى هو الموفق الهادي. واعلم أن ابن أبي خيثمة: هو الحافظ أحمد بن زهير بن حرب النسائي البغدادي صاحب "التاريخ الكبير"، فالظاهر أن ابن القيم منه نقله، ومن طريقه: أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار"؛ فقد رأيته أخرجه في "الاستيعاب" أيضاً في ترجمة بريدة بن الحصيب رضي الله عنه من رواية قاسم بن أصبغ قال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 773 أخبرنا أحمد بن زهير: قال: أخبرنا حسين بن حريث عن الحسين بن واقد به، وزاد في أوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتطير، ولكن يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكباً ... وهكذا أورده ابن القيم أيضاً في "مفتاح دار السعادة" - من رواية "الاستذكار" -: "الحسين بن حريث عن الحسين بن واقد"؛ ليس بينهما (أوس بن عبد الله) المتروك! وكأنه سقط من بعض النساخ، بدليل أنه زاد فيه - أعني: "الاستذكار" - عقب الحديث: "قال أحمد بن زهير: قال لنا أبو عمار [قلت: هو الحسين بن حريث] : سمعت أوساً يحدث هذا الحديث بعد ذلك عن أخيه سهل بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن بريدة، فأعدت ثلاثاً: من حدثك؟ قال: سهل أخي". قلت: فهذا صريح في أن ابن حريث سمع الحديث أولاً من أوس يحدث به عن ابن واقد، ثم سمعه بعد منه عن أخيه سهل بن عبد الله، وهو متروك أيضاً. فهذا يدلنا على أمرين: الأول: أن مدار الحديث عند ابن عبد البر في كتابيه على أوس. والآخر: أن أوساً كان يضطرب في إسناده: فمرة يرويه عن ابن واقد - وهو صدوق -، وأخرى عن أخيه سهل المتروك. ويؤيد الأول: أن السيوطي أورد الزيادة التي عند ابن عبد البر في كتابه "الجامع الصغير" من رواية الحكيم، والبغوي عن بريدة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 774 فقال المناوي في "شرحه" عليه: "ورواه عنه قاسم بن أصبغ، وسكت عليه عبد الحق مصححاً له. قال ابن القطان: وما مثله يصحح؛ فإن فيه أوس بن عبد الله بن بريدة، منكر الحديث". وقد عرفت أن الحديث عند ابن عبد البر من طريق قاسم بن أصبغ؛ ففيه إذن أوس بن عبد الله؛ وهو متروك. وقد خفي هذا على محقق "الوابل الصيب" لابن القيم - الشيخ إسماعيل الأنصاري -؛ فإنه مع كونه لم يفصح عن درجته؛ خلافاً لما نص عليه في مقدمته؛ فإنه تكلف جداً في تأويل عزو ابن تيمية الحديث هذا لـ "الصحاح" كما تقدم، وقد تبعه ابن القيم في "الوابل"! بل وأوهم الشيخ القراء بأنه صحيح، فقال: "فيمكن أن يكون مرادهما بكونه في "الصحاح": أنه في الأحاديث الصحيحة؛ لأن عبارة "في الصحيح" قد تطلق على الصحيح المقابل للحسن والضعيف، كما تطلق على ما في بعض الكتب التي التزم مؤلفوها فيها الصحة"!! قلت: الإطلاق الآخر هو المتبادر والمعروف عند علماء الحديث. وأما الأول؛ فغير معهود إلا نادراً جداً، ولقرينة قوية، وإلا؛ كان تدليساً وتضليلاً، وليس هنا في كلام الشيخين أية قرينة، بل القرينة فيه تؤكد أنه بالمعنى المعروف؛ فإن الأحاديث التي أورداها في فصل "الفأل والطيرة"، كلها في "الصحاح" بالمعنى المعهود؛ فهذا يبعد أن يكونا أراد بذلك المعنى النادر. ثم هب أن هذا هو المراد؛ فهل الحديث صحيح الإسناد، حتى يؤول كلامهما بذاك التكلف البارد؟! نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصدع بالحق، وأن لا تأخذنا في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 775 ذلك لومة لائم، ولا جلالة عالم. ثم إن مما يؤكد ضعف هذا الحديث: أن أوس بن عبد الله قد خالفه في متنه قتادة - الإمام الثقة - فرواه عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً بلفظ آخر، تراه مخرجاً في الكتاب الآخر: "الصحيحة" (762) ، فليراجعه من شاء. 5451 - (إنه سيولد لك بعدي ولد، فسمه باسمي وكنه بكنيتي. قاله لعلي) . منكر بهذا اللفظ أورده ابن القيم في "تحفة المودود" (ص 83-84- الهندية العربية) ساكتاً عليه، فقال: وقال ابن أبي خثيمة في "تاريخه": حدثنا ابن الأصبهاني: حدثنا علي بن هاشم عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، وزاد: فكانت رخصة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي. قلت: ورجاله ثقات؛ على كلام في علي بن هاشم - وهو ابن البريد -، وهو صدوق، ولكنه شيعي، وقد تكلم بعضهم فيه من قبل حفظه، فقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 110) : "كان غالياً في التشيع؛ مم يروي المناكير عن المشاهير؛ حتى كثر ذلك في رواياته، مع ما يقلب من الأسانيد". وجرى على ظاهر إسناده: الأخ عبد القادر أرناؤوط؛ فقال في تعليقه على "التحفة" (ص 143 - دار البيان) : "وإسناده حسن"! الحديث: 5451 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 776 فلم يتنبه لكون ابن البريد قد خالفه الثقات في لفظه، على ما فيه من ضعف في حفظه كما تقدم، وهم: 1- أبو أسامة حماد بن أسامة؛ قال: عن فطر به، ولفظه: قال علي للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن ولد لي غلام بعدك؛ أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: "نعم". أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/ 668) : حدثنا أبو أسامة به. ومن طريقه: أخرجه أبو داود (4967) ، وعن هذا البيهقي (9/ 309) . 2- وكيع بن الجراح؛ قال: حدثنا فطر به، وزاد: فكانت رخصة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي. أخرجه أحمد (1/ 95) : حدثنا وكيع به. 3 و 4- قال ابن سعد في "الطبقات" (5/ 91) : أخبرنا الفضل بن دكين وإسحاق بن يوسف الأزرق قالا: حدثنا فطر بن خليفة به. والفضل بن دكين: كنيته أبو نعيم. ومن طريقه: أخرجه البيهقي، وكذا الحاكم (4/ 478) ، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي. وأقول: إنما هو على شرط البخاري وحده؛ فإن فطر بن خليفة لم يخرج له الجزء: 11 ¦ الصفحة: 777 مسلم شيئاً؛ علي أن البخاري روى له مقروناً. 5- أبو غسان؛ قرنه الحاكم بأبي نعيم. 6- يحيى بن سعيد القطان: حدثنا فطر بن خليفة به. أخرجه الترمذي (2846) ، وقال: "هذا حديث صحيح". 7- إبراهيم؛ وهو ابن موسى، أبو إسحاق الفراء الرازي. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (843) . قلت: فهؤلاء سبعة ثقات حفاظ قد خالفوا علي بن هاشم في لفظه؛ فلم يرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلوأن واحداً منهم فقط خالفه؛ لكان كافياً في الحكم على لفظه بالنكارة، فكيف بهم مجتمعين؟! وإنما يقع المرء في مثل هذا الخطأ: من فوقه عند الظاهر السند، دون إفراغ الجهد في تتبع الطرق والأسانيد والألفاظ، والنظر فيها بعين الناقد البصير! وهذا ما يفعله الجم الغفير من المشتغلين بالتخريج في العصر الحاضر، بل وفيما قبله أيضاً. واعلم أن الزيادة المتقدمة قد اتفق من ذكرنا من الثقات على ذكرها في الحديث دون الأول منهم، وهي صريحة في أنها رخصة خاصة بعلي رضي الله عنه، فلا يعارضها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي". متفق عليه. وقد قال الحافظ في "الفتح" (10/ 573) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 778 "روينا هذه الرخصة في "أمالي الجوهري". وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقه، وسندها قوي". وقد عزا الحديث لابن ماجه أيضاً، وهو وهم! وتقوية الحافظ لسند الحديث فيه إشعار بأنه لم يرتض إعلال البيهقي إياه بالانقطاع. وقد رد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بما يوضح أن لا انقطاع فيه. فإن قال قائل: ألا يقوي حديث الترجمة ما رواه ابن سعد (5/ 91-92) : أخبرنا محمد بن الصلت وخالد بن مخلد قالا: حدثنا الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه قال: وقع بين علي وطلحة كلام، فقال له طلحة: لا كجرأتك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! سميت باسمه، وكنيت بكنيته، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجمعهما أحد من أمته بعده؟ فقال علي: إن الجريء من اجترأ على الله وعلى رسوله، اذهب يا فلان! فادع فلاناً وفلاناً - لنفر من قريش -، قال: فجاءوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه سيولد لك بعدي غلام، فقد نحلته اسمي وكنيتي، ولا تحل لأحد من أمتي بعده"؟ والجواب: لا؛ لأسباب: الأول: أن الربيع بن المنذر الثوري لا يعرف حاله؛ فقد ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير"، وابن أبي حاتم، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. الثاني: أنه منقطع بين منذر الثوري وعلي رضي الله عنه. ويؤكد ذلك: أن الحاكم أخرجه في "علوم الحديث" (ص 190) من طريق الجزء: 11 ¦ الصفحة: 779 أخرى عن ابن الصلت قال فيه: عن أبيه - أظنه - عن ابن الحنفية. الثالث: أن لفظه مخالف أيضاً للفظ المحفوظ عن فطر بن خليفة برواية الثقات عنه كما تقدم، وكذلك هو مخالف للفظ ابن الصلت عند الحاكم؛ فإنه قال: .. فشهدوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص لعلي أن يجمعهما، وحرمهما على أمته من بعده. ومثله في النكارة: ما رواه الحاكم - من طريق عبد العزيز بن الخطاب -، وأبو بكر القطيعي في زياداته في "فضائل الصحابة" للإمام أحمد (2/ 676) ، ومن طريق الخطيب في "التاريخ" (11/ 218) ، وعنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 245) - من طريق الحسن بن بشر - كلاهما عن قيس بن الربيع عن ليث عن محمد بن الأشعث عن ابن الحنفية عن علي مرفوعاً مختصراً بلفظ: "يولد لك ابن؛ قد نحلته اسمي وكنيتي". وقال ابن الجوزي: "لا يصح، والحسن بن بشر منكر الحديث". قلت: تعصيب الجناية به - وقد تابعه عبد العزيز بن الخطاب، كما ذكرنا، وهو صدوق عند الحافظ - مما لا يجوز. وإنما العلة من قيس بن الربيع؛ أو شيخه الليث - وهو ابن أبي سليم -؛ فإنهما ضعيفان. 5452 - (ما سميتموه؟ فقلنا: محمداً. فقال: هذا اسمي، وكنيته أبو القاسم) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/ 187/ 459) ، الحديث: 5452 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 780 وابن قانع في "معجم الصحابة"، والحاكم (3/ 374-375) من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن عيسى بن طلحة: حدثتني ظئر لمحمد بن طلحة قالت: لما ولد محمد بن طلحة؛ أتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: ... فذكره. سكت عنه الحاكم، وكأنه لوهائه. وقد قال الذهبي عقبه: "قلت: أبو شيبة واه". وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 49) : "رواه الطبراني، وفيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة، وهو متروك". وقال الحافظ في "التقريب": "متروك الحديث". قلت: فالعجب منه؛ كيف أورد الحديث في "الفتح" (10/ 573) من رواية الطبراني من طريق عيسى بن طلحة.. ولم يذكر أن فيه هذا المتروك، بل إنه أوهم القراء أنه صحيح؛ لأنه احتج به لقول من قال: إن النهي الثابت في "الصحيح" عن التكني بكنيته - صلى الله عليه وسلم - خاص بزمانه - صلى الله عليه وسلم -. وقال: "وهذا أقوى". وأعجب من ذلك: أن الطبراني نفسه جزم في مكان آخر من "المعجم" (19/ 242) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي كناه؛ فقال في ترجمة محمد بن طلحة بن عبيد الله: "ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسماه محمداً، وكناه أبا القاسم"! ثم ساق بسند آخر قصة أخرى؛ فيها نهي عمر عن أن يدعى محمداً! وأن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 781 محمد بن طلحة قال له: أذكرك الله يا أمير المؤمنين! فوالله! لمحمد - صلى الله عليه وسلم - سماني محمداً. ورواه أحمد أيضاً (4/ 216) . وسنده صحيح. وليس فيه عندهما أنه كناه أبا القاسم، فهذا يؤكد بطلان ما رواه أبو شيبة من التكنية. والله أعلم. وقد روي خلافه؛ فقال ابن أبي خيثمة: وقيل: إن محمد بن طلحة لما ولد؛ أتى طلحة النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: أسمه محمداً، وأكنيه أبا القاسم. فقال: "لا تجمعهما له، هو أبو سليمان". ذكره ابن القيم في "التحفة" (ص 47 - هندية) . قلت: وهذا أولى بالصحة؛ لموافقته للأحاديث الصحيحة، وإن كنت لم أقف على إسناده (1) . 5453 - (لا يأخذ أحدكم من طول لحيته، ولكن من الصدغين) . ضعيف جداً رواه ابن عدي (260/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 323-324) ، والخطيب في "تاريخه" (5/ 187) عن عفير بن معدان عن عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال ابن عدي: "عفير بن معدان؛ عامة رواياته غير محفوظة". وفي "التقريب":   (1) ثم وقف الشيخ - رحمه الله - على إسناده، فخرّجه فيما يأتي (برقم 5464) ، فانظره. (الناشر) الحديث: 5453 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 782 "ضعيف". قلت: ولبعضه شاهد موقوف؛ أخرجه المحاملي في "الأمالي" (ج 12/ رقم 65) عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: (ثم ليقضوا تفثهم) قال: التفث: حلق الرأس، وأخذ الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والوقوف بعرفة والمزدلفة. ورجاله كلهم ثقات؛ إلا أن هشيماً كثير التدليس، وقد عنعنه؛ ولولا ذاك لحكمت على إسناده بالصحة. ثم وجدت الإمام الطبري قد أخرج هذا الأثر في تفسير الآية المذكورة (17/ 109) من طريق هشيم قال: أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس به. فقد صرح هشيم بالإخبار؛ فأمنا بذلك شر تدليسه؛ فصح إسناده والحمد لله. ثم روى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: (ثم ليقضوا تفثهم) : رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار، والطواف بالبيت والصفا والمروة. قلت: وإسناده صحيح. ثم روى نحوه في قص اللحية عن مجاهد مثله. وسنده صحيح. وكان الباعث على تخريج حديث الترجمة ورود سؤال من أحد الإخوان السلفيين عن صحته، وأرانيه في رسالة بيده بعنوان: "إعفاء اللحى وقص الشارب" الجزء: 11 ¦ الصفحة: 783 للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي، فأمرته أن يخرجه من "تاريخ بغداد"؛ فأريته ضعفه بسبب عفير بن معدان، فرأيت تخريجه في هذه "السلسلة" تعميماً للفائدة، ولأنبه على بعض الأمور: أولاً: أن الشيخ المذكور أورد الحديث من رواية الخطيب ساكتاً عليه عقب نقله عن النووي قوله: "والمختار تركها على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً". والحديث؛ مع ضعفه حجة عليه؛ لأنه صريح في جواز الأخذ من (الصدغين) تثنية (الصدغ) : جانب الوجه من العين إلى الأذن. والمراد: الشعر الذي فوقه. ثانياً: لم يورد جملة الصدغين؛ فلا أدري أكان ذلك عمداً أو سهواً؟! ثالثاً: يبدو أن المؤلف لم يكن دقيقاً في نقل الأحاديث من مصادرها الأصيلة، ولعله كلف بعض الطلبة بنقلها، وتصحيح تجارب الرسالة؛ فقد رأيت فيها بعض الأخطاء التي لا تحتمل، فانظر إلى قوله (ص 4) : "ولمسلم: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المجوس؛ لأنهم كانوا يقصرون لحاهم ويطولون الشوارب" ... "! هكذا وقعت هذه الجملة التعليلية: "لأنهم كانوا ... " بين الهلالين المزدوجين؛ وليست من الحديث لا عند مسلم ولا عند غيره، وإنما هي من كلام المؤلف! فكان حقها أن تقع بعد الهلالين الأخيرين. فالظاهر أن الشيخ لم يشرف بنفسه على تصحيح تجارب الرسالة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 784 والحديث؛ قطعة من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس". رواه مسلم (1/ 153) . وقد أورده الشيخ في الصفحة التالية (5) دون هذه الجملة الأخيرة: "خالفوا المجوس"، وقدمها في الصفحة التي قبل هذه، ومعها الإدراج الذي أشرت إليه آنفاً. رابعاً: ذكر (ص 7) حديث زيد بن أرقم مرفوعاً بلفظ: "من لم يأخذ شاربه فليس منا"، وقال: "صححه الترمذي"! وأقول: نص الحديث عند الترمذي (2762) : ".. من شاربه.." بزيادة: "من"، وكذلك هو في "المشكاة" (4438) برواية آخرين، وكذلك رواه ابن حبان (1481 - موارد) ، والضياء المقدسي. ولا يخفى الفرق بين هذا وبين ما وقع في الرسالة؛ فإن الأول يدل على أن الأخذ إنما هو من بعض الشارب، وليس كله كما يرى المؤلف، وذلك بقص ما طال على الشفة، وهو المراد بالحف والجز الوارد في بعض الأحاديث الصحيحة؛ كما بينته السنة العملية. وراجع لهذا "آداب الزفاف" (ص 120) . خامساً: قال (ص 14) : "ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة؛ لفعل ابن عمر". وعلق عليه، فقال: "الحجة في روايته لا في رأيه؛ ولا شك أن قول الرسول وفعله أحق وأولى بالاتباع من قول غيره أو فعله؛ كائناً ما كان"! فأقول: نعم؛ لكن نصب المخالفة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر خطأ؛ لأنه ليس الجزء: 11 ¦ الصفحة: 785 هناك حديث من فعله أنه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأخذ من لحيته. وقوله: "وفروا اللحى"؛ يمكن أن يكون على إطلاقه، فلا يكون فعل ابن عمر مخالفاً له، فيعود الخلاف بين العلماء إلى فهم النص. وابن عمر - باعتباره راوياً له - يمكن أن يقال: الراوي أدرى بمرويه من غيره، لا سيما وقد وافقه على الأخذ منها بعض السلف كما تقدم، دون مخالف له منهم فيما علمنا. والله أعلم. ثم وقفت على أثر هام يؤيد ما تقدم من الأخذ، مروياً عن السلف؛ فروى البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 263/ 1) : أخبرنا أبو طاهر الفقيه: حدثنا أبو عثمان البصري: حدثنا محمد بن عبد الوهاب: أنبأنا يعلى بن عبيد: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يأخذون من جوانبها وينظفونها. يعني: الليحة. قلت: وهذا إسناد جيد؛ من فوق البصري كلهم ثقات من رجال "التهذيب". وأما أبو عثمان البصري؛ فهو عمرو بن عبد الله؛ كما في ترجمة محمد بن عبد الوهاب - وهو الفراء النيسابوري - من "التهذيب". وقد ذكره الحافظ الذهبي في وفيات سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وسمى جده "درهماً المطوعي"، ووصفه بأنه: "مسند نيسابور" في كتابه "تذكرة الحفاظ" (4/ 847) . وأما أبو طاهر الفقيه؛ فهو من شيوخ الحاكم المشهورين الذين أكثر عنهم في "المستدرك"، وشاركه في الرواية عنه تلميذه البيهقي؛ واسمه: محمد بن محمد ابن محمش الزيادي، أورده الذهبي في "التذكرة" أيضاً في وفيات سنة عشر الجزء: 11 ¦ الصفحة: 786 وأربع مئة، ووصفه بأنه: "مسند نيسابور العلامة". وله ترجمة في "طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 82) . 5454 - (إن الأقلف لا يترك في الإسلام حتى يختن؛ ولو بلغ ثمانين سنة) . موضوع رواه البيهقي (8/ 324) من طريقين عن أبي علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن أبيه علي رضي الله عنه قال: وجدنا في قائم سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيفة ... فذكره. وقال البيهقي: "وهذا حديث ينفرد به أهل البيت عليهم السلام بهذا الإسناد"! قلت: هذا كلام لا يروي ولا يشفي. ونحوه قول ابن القيم في "تحفة المودود في أحكام المولود" (ص 56) - بعد أن عزاه (ص 54) للبيهقي وأقره على ما قال -: "حديث لا يعرف، ولم يروه أهل الحديث، ولم يخرج إلا من هذا الوجه وحده، تفرد به موسى بن إسماعيل عن آبائه بهذا السند، فهو نظير أمثاله من الأحاديث التي تفرد بها غير الحفاظ المعروفين بحمل الحديث"! الحديث: 5454 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 787 قلت: وكأنه يشير إلى أن علة الحديث جهالة موسى بن إسماعيل بن موسى هذا، وهو - وإن كان كما يشير -؛ فإني لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال المعتمدة عندنا. وكذلك أبوه إسماعيل بن موسى. وإنما أوردهما النجاشي في "رجاله" (ص 19،292) ، ولم يزد في ترجمتيهما على أن ذكر لهما بعض الكتب من رواية محمد بن محمد بن الأشعث هذا؛ ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً، كما هو الغالب عليه. والحقيقة التي تجب أن تقال: إن تعصيب علة الحديث بهذين الرجلين العلويين خطأ؛ لأن ابن الأشعث هذا متهم، أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال: "قال ابن عدي: كتبت عنه، وحمله شدة تشيعه أن أخرج إلينا نسخة قريباً من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن آبائه بخط طري عامتها مناكير. فذكرنا ذلك للحسين بن علي بن الحسين بن عمر بن علي بن الحسين بن علي العلوي شيخ أهل البيت بمصر؛ فقال: كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة، ما ذكر قط أن عنده رواية لا عن أبيه ولا عن غيره. قال السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال: آية من آيات الله! وضع ذلك الكتاب، يعني: (العلويات) ". قلت: فهذا الأفاك هو آفة الحديث. فالعجب من البيهقي - ثم ابن قيم الجوزية - كيف لم يبينا ذلك؟! فلعلهما لم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 788 يستحضرا ترجمته. والله أعلم. هذا حال الرجل عند علمائنا. وأما عند الشيعة؛ فقد أورده النجاشي في "رجاله" (ص 268) ، فقال: "ثقة، من أصحابنا، سكن مصر، له كتاب "الحج"؛ ذكر فيه ما روته العامة عن جعفر بن محمد عليه السلام في الحج"!! كذا قال! ولم يتعرض لذكر النسخة التي أشار إليها ابن عدي وما فيها من المناكير، ولا لكتابه "العلويات" الذي وضعه، كما شهد بذلك الإمام الدارقطني! وما ذاك إلا لتعصب الشيعة لأصحابهم، وعدم اهتمامهم بعلم أئمتنا ونقدهم إياهم، ومع ذلك؛ فإن بعض معاصريهم اليوم يدعون إلى التقريب بين السنة والشيعة! وهذا في رأيي مستحيل؛ ما لم يتفقوا معنا على القواعد العلمية الصحيحة التي لا تحابي سنياً ولا شيعياً، وهيهات هيهات! وللطرف الأول من الحديث شاهد من رواية أو الأسود قالت: سمعت منية بنت عبيد بن أبي برزة تحدث عن جدها أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: في الأقلف يحج بيت الله؟ قال: "لا؛ حتى يختتن". أخرجه البيهقي (8/ 324) . وعزاه ابن القيم لرواية ابن المنذر، وقال: "هذا إسناد مجهول لا يثبت". قلت: يشير إلى حال منية هذه؛ بكسر النون بعدها تحتانية؛ قال الحافظ في "التقريب"، و "اللسان": الجزء: 11 ¦ الصفحة: 789 "لا يعرف حالها". قلت: وأشار إلى ذلك الذهبي في "الميزان"؛ بإيراده إياها في "فصل النسوة المجهولات". ثم أورد في "الكنى" أم الأسود هذه، فقال: "مولاة أبي زرعة، عن منية بنت عبيد وأم نائلة. قال النسائي في آخر "الضعفاء": غير ثقة". ثم قدر تخريجه فيما يأتي برقم (5526) . 5455 - (كان يحفي شاربه) . ضعيف جداً قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 166) وقد ذكره من حديث أم عياش: "رواه الطبراني، وفيه عبد الكريم بن روح، وهو متروك"! قلت: والمراد بـ (الطبراني) عند الإطلاق؛ إنما هو "المعجم الكبير" من "معاجمه" الثلاثة. على هذا جرى هو وغيره من الحفاظ، وإليه عزاه السيوطي في "الجامع الصغير"! ولم أره في ترجمة أم عياش من المجلد الخامس والعشرين، وقد طبع أخيراً بهمة أخينا الفاضل حمدي عبد المجيد السلفي - جزاه الله خيراً -، وقد أورد لها فيه (ص 91-92) خمسة أحاديث، ليس منها حديث الترجمة؛ فلعله أورده في غيرها لمناسبة ما! وليس هو في "المعجم الصغير"؛ فإنه ليس فيه أي حديث؛ كما يستفاد من كتابي "الروض النضير"، وقد كنت رتبت به "المعجم الصغير" على أسماء الحديث: 5455 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 790 الصحابة، ورتبت تحتها أحاديث كل منهم على الحروف. ولا هو في "المعجم الأوسط"، وإنما فيه من الخمسة حديثان في ترجمة محمد بن أحمد بن هشام الحربي (2/ 21) رقم (5401،5402) ، وقد كنت رقمت أحاديثه، وفهرست أسماء رواته من الصحابة، وذكرت أرقام أحاديث كل واحد منهم تحت اسمه، فلم أجد في اسم أم عياش سوى الرقمين المذكورين؛ ولكن النسخة التي فهرستها فيها - مع الأسف - خرم، وأستبعد أن يكون الحديث فيما سقط منها؛ لأن أحداً لم يعزه "لأوسط الطبراني"، ولأن الحافظ ابن حجر لم يعزه في "الإصابة" إلا لابن منده. فالله أعلم. والحديث؛ قال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير": "إسناده ضعيف، وقول المؤلف: حسن؛ غير حسن". وإنما أخذ تحسين السيوطي من الرمز له بالحسن في "الجامع"! والاعتماد على رموزه فيه؛ مما لا يحسن؛ لأسباب كنت ذكرتها في مقدمة كتابي: "صحيح الجامع" و "ضعيف الجامع". ثم إن مما يحسن التنبيه عليه: أن ثاني تلك الأحاديث الخمسة قد رواه ابن ماجه أيضاً، وفيه عبد الكريم هذا، فنقل الشيخ حمدي السلفي عن "الزوائد" أنه قال: "وعبد الكريم مختلف فيه"! فهذا القول من البوصيري مؤلف "الزوائد" غير دقيق، وذلك؛ لأن أحداً لم يصرح بتوثيقه، كل ما في الأمر أن ابن حبان أورده في كتاب "الثقات"، وقال: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 791 "يخطىء ويخالف". هكذا ذكروا في "تهذيب المزي" و "تهذيبه" للعسقلاني! وهذا في نقدي من الأمور التي ينبغي أن يؤخذ على ابن حبان في كتابه هذا "الثقات"؛ فإن من كان من شأنه أن يخطىء ويخالف؛ كيف يكون ثقة؟! إن وصفه إياه بهاتين الصفتين يجعله بكتابه "الضعفاء" أليق من كتابه "الثقات"، كما لا يخفى على أولي النهى! ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بضعف عبد الكريم هذا. وقال الذهبي في "الكاشف": "فيه لين". ولذلك؛ فإنه لم يحسن صنعاً حين نقل قول ابن حبان السابق دون أن يعزوه إلى كتابه "الثقات"، وتبعه على ذلك الخزرجي في "الخلاصة"؛ لأن هذا الصنيع يوهم من لا علم عنده أنه قال ذلك في كتابه "الضعفاء"؛ لما ذكرته آنفاً. وقد أورد فيه ابن حبان جماعة من الضعفاء؛ لقوله فيهم: "كان يخطىء" ونحوه. فانظر مثلاً ترجمة إسحاق بن إبراهيم (1/ 134) ، وأيمن بن نابل (1/ 183) ، وثابت بن زهير (1/ 206) ، والصباح بن يحيى (1/ 377) ؛ بل قال في جعفر ابن الحارث أبي الأشهب (1/ 212) : "كان يخطىء في الشيء بعد الشيء، ولم يكثر خطؤه حتى يصير من المجروحين في الحقيقة؛ ولكنه ممن لا يحتج به إذا انفرد، وهو من الثقات يقرب". وذكر نحوه في آخرين؛ فانظر (1/ 260،262، 353) . ومما لا يرتاب فيه عارف بهذا الفن: أن قوله في الراوي: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 792 "يخطىء ويخالف"؛ إن لم يكن أقرب إلى الجرح من قوله في أبي الأشهب هذا: ".. ولم يكثر خطؤه ... "؛ فليس هو خيراً منه. وبعد؛ فإن تناقض ابن حبان في بعض الرواة معلوم عند العارفين به، فكثيراً ما يورد الراوي الواحد في كتابيه: "الثقات" و "الضعفاء"، فهذا الراوي قريب منه؛ إلا أنه أورده في "الثقات"، ووصفه فيه بصفة الضعفاء!! وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد جداً، ولم أجد في معناه غيره؛ اللهم؛ إلا ما رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 449) من طريق حماد بن سلمة قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن ابن جريج: أنه قال لابن عمر: رأيتك تحفي شاربك؟! قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحفي شاربه. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن حماد بن سلمة إنما أخرج له البخاري تعليقاً، وقد تكلم فيه بعضهم؛ قال الحافظ في "التقريب": "أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة". وقال الذهبي في "الميزان": "وكان ثقة، له أوهام". وقال في "الكاشف": "هو ثقة صدوق يغلط، وليس في قوة مالك". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 793 قلت: وأنا أظن أن هذا الحديث من أغلاطه؛ وذلك؛ لأن المحفوظ عن عبيد الله ابن عمر - وهو العمري المصغر - عن سعيد عن ابن جريج قال: قلت لابن عمر: أربع خلال رأيتك تصنعهن، لم أر أحداً يصنعهن؟! قال: ما هي؟ قال: رأيتك تلبس هذه النعال السبتية، ورأيتك تستلم هذين الركنين اليمانيين؛ لا تستلم غيرهما، ورأيتك لا تهل حتى تضع رجلك في الغرز، ورأيتك تصفر لحيتك؟! قال: أما لبسي هذه النعال السبتية؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسها، أو يتوضأ فيها، ويستحبها. وأما استلام هذين الركنين؛ فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمهما، لا يستلم غيرهما. وأما تصفيري لحيتي؛ فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفر لحيته. وأما إهلالي إذا استوت بي راحلتي؛ فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وضع رجله في الغرز واستوت به راحلته أهل. أخرجه أحمد (2/ 17-18) : حدثنا يحيى عن عبيد الله به. قلت: ويحيى: هو ابن سعيد القطان الإمام؛ قال الحافظ: "ثقة متقن حافظ، إمام قدوة". قلت: فهذا هو الحديث؛ ساقه هذا الحافظ المتقن عن عبيد الله بن عمر بتمامه؛ فأخطأ عليه حماد بن سلمة، فلم يسقه بتمامه، وذكر مكان الخلة: إحفاء الشارب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 794 وكذلك رواه الإمام مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ مثل رواية يحيى عن عبيد الله. وأخرجه الشيخان وغيرهما عن مالك به، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1554) . وكذلك رواه الطيالسي (1928) عن العمري عن سعيد به. ولعل أصل الحديث الذي وهم فيه حماد - على ما بينا - موقوف على ابن عمر؛ فقد علقه البخاري (10/ 334 - فتح) بقوله: "وكان ابن عمر يحفي شاربه، حتى ينظر إلى بياض الجلد؛ ويأخذ هذين؛ يعني: بين الشارب واللحية". لكن في سنده ضعف؛ فقد قال الحافظ: "وصله أبو بكر الأثرم من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: رأيت ابن عمر يحفي شاربه حتى لا يترك منه شيئاً. وأخرج الطبري من طريق عبد الله بن أبي عثمان: رأيت ابن عمر يأخذ من شاربه أعلاه وأسفله". قلت: عمر بن أبي سلمة ضعفه جمع. وقال الحافظ: "صدوق يخطىء". وعبد الله بن أبي عثمان - وهو القرشي -؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "صدوق؛ لا بأس بحديثه". قلت: فإن صح السند إليه - كما هو الظاهر -؛ فهو جيد؛ ولكنه لا يصلح الجزء: 11 ¦ الصفحة: 795 شاهداً لرواية عمر بن أبي سلمة؛ لأن المتبادر من حديثه خلافها؛ لأن قوله: يأخذ من شاربه أعلاه وأسفله؛ صريح - أو كالصريح - في أنه كان لا يحفيه؛ وإلا؛ لو أراد الإحفاء لم يكن لقوله: أعلاه وأسفله؛ معنى كما هو ظاهر. وقريب من حديث ابن أبي عثمان هذا: ما رواه البيهقي (1/ 151) من طريق أخرى عن ابن عمر: أنه كان يستعرض سبلته فيجزها، كما تجز الشاة أو يجز البعير. ورجاله ثقات؛ غير شيخ شيخ البيهقي أبي بكر محمد بن جعفر المزكي؛ فلم أعرفه. لكن الظاهر أنه لم يتفرد به؛ فقد سكت عنه الحافظ في "الفتح" (10/ 348) ؛ وعزاه للطبري أيضاً، وهو في طبقة المزكي هذا بل أعلى. ويقويه ما عند البيهقي أيضاً من طريق ابن عجلان عن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، ورافع بن خديج؛ وأبا أسيد الأنصاري، وابن الأكوع، وأبا رافع ينهكون شواربهم حتى الحلق. وإسناده حسن؛ إن كان شيخ ابن عجلان: عبيد الله بن أبي رافع هذا؛ فقد قال البيهقي عقبه: "كذا وجدته. وقال غيره: عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، وقيل: ابن رافع". وكأنه يعني بـ "غيره": إبراهيم بن سويد؛ فقد قال: حدثني عثمان بن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 796 عبيد الله بن رافع: أنه رأى أبا سعيد الخدري ... إلخ؛ إلا أنه لم يذكر أبا رافع معهم. أخرجه الطبراني (1/ 212/ 668) . وقال الهيثمي (5/ 166) : "وعثمان هذا لم أعرفه"! كذا قال هنا! وقال في موضعين آخرين (5/ 163،164) : "وعثمان؛ ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعفه"! قلت: وقال (3/ 156) : "روى عنه ابن أبي ذئب". قلت: وإبراهيم بن سويد أيضاً - كما ترى في هذه الرواية -، وهو إبراهيم بن سويد بن حبان المدني، وهو ثقة. وهو أقوى من محمد بن عجلان، فروايته أرجح. وروى أيضاً إبراهيم بن طهمان: عند الطبراني (2/ 196/ 1740 و 4/ 262/ 4240) في أثر آخر. فقد روى عن عثمان هذا ثلاثة من الثقات، فالنفس تطمئن لروايته، ولا سيما وقد وثقه ابن حبان (3/ 177) . فالإسناد حسن. والله أعلم. لكن قد خالف ابن عمر ومن معه من الصحابة جمع آخر منهم: فأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 255/ 3218) ، والبيهقي - واللفظ له - من طريق شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: رأيت خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقصون (ولفظ الطبراني: يقمون) شواربهم، ويعفون لحاهم، ويصفرونها: أبوأمامة الباهلي، وعبد الله بن بسر، وعتبة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 797 ابن عبد السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، والمقدام بن معدي كرب الكندي؛ كانوا يقصون (ولفظ الطبراني: يقمون) شواربهم مع طرف الشفة. قلت: وإسناده جيد، كما قال الهيثمي (5/ 167) . وسكت عنه الحافظ، ووقع فيه وهم فاحش؛ فإنه لم يذكر فيه قوله: كانوا يقصون ... إلخ، بل ذكره عقب رواية عبيد الله بن أبي رافع المتقدم؛ فإنه قال عقبها: "لفظ الطبري. وفي رواية البيهقي: يقصون ... " إلخ! فأوهم أنها رواية في حديث عبيد الله، وإنما هي من رواية شرحبيل! فلعل هذا الخلط من أحد النساخ أو الطباع. وإذا عرفت ما تقدم؛ يتبين لك أن الإحفاء غير ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، وإنما ثبت عن بعض الصحابة، كما ثبت عن بعضهم خلافه، وهو إحفاء ما على طرف الشفة، وهو الذي من فعله - صلى الله عليه وسلم - في شارب المغيرة كما سيأتي بعد صفحات. وهذا الإحفاء هو المراد بالأحاديث القولية الآمرة بالإحفاء وما في معناها، وليس أخذ الشارب كله؛ لمنافاته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يأخذ من شاربه ... ". والأحاديث يفسر بعضها بعضاً، وهو الذي اختاره الإمام مالك، ثم النووي وغيره (1) ، وهو الصواب إن شاء الله تعالى. واختار الطحاوي الإحفاء، وأجاب عن حديث المغيرة بقوله: "فليس فيه دليل على شيء؛ لأنه يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك ولم   (1) انظر " المجموع شرح المهذب " (1 / 287 - 288) . (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 798 يكن بحضرته مقراض يقدر على إحفاء الشارب"! قلت: وهذا الجواب ظاهر التكلف؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في بيته؛ لأن في الحديث - كما تقدم - أن المغيرة كان ضيفاً عليه - صلى الله عليه وسلم - لما قص شاربه، فهل يعقل أن لا يكون عنده - صلى الله عليه وسلم - مقراض بل مقاريض؛ إذا تذكرنا أنه كان له تسع زوجات؟! فلعل الطحاوي لم يستحضر ضيافة المغيرة عليه - صلى الله عليه وسلم -، أو أنها لم تقع له، وهذا هو الأقرب الذي يقتضيه حسن الظن به؛ لأنه إنما روى الحديث مختصراً. وكذلك ذكره الشوكاني (1/ 101) ، وقال عقبه - بعد أن حكى خلاصة كلام الطحاوي بقوله: "قال: وهذا لا يكون معه إحفاء" -: "ويجاب عنه أنه محتمل، ودعوى أنه لا يكون معه إحفاء ممنوعة، وهو إن صح كما ذكر؛ لا يعارض تلك الأقوال منه - صلى الله عليه وسلم -"! قلت: وجواب الشوكاني أبعد عن الصواب من جواب الطحاوي؛ لأن الاحتمال المذكور باطل؛ لا يمكن تصوره من كل من استحضر قص الشارب على السواك. وأما ترجيح أقواله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو صحيح لو كانت معارضة لفعله معارضة لا يمكن التوفيق، وليس الأمر كذلك؛ لما سبق بيانه. واعلم أن الباعث إلى تخريج هذا الحديث: أنني رأيت الشوكاني ذكره من حديث ابن عباس نقلاً عن ابن القيم، فارتبت في ذلك، فرجعت إلى كتابه "زاد المعاد"؛ فرأيته فيه بلفظ: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 799 كان يجز شاربه. فعرفت أنه تحرف على الشوكاني أو الناسخ أو الطابع لفظ: (يجز) إلى: (يحفي) ! ويؤكد ذلك أن ابن القيم قال عقب حديث ابن عباس هذا مباشرة: "قال الطحاوي: وهذا (يعني: الجز) الأغلب فيه الإحفاء، وهو يحتمل الوجهين". قلت: فلو كان لفظ الحديث: (يحفي) ؛ لما صح تفسيره بما ذكر، كما هو ظاهر. ثم اعلم أن حديث ابن عباس ورد من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً بألفاظ؛ هذا أحدها. أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 333) . والثاني: بلفظ: كان يقص شاربه. أخرجه الإمام أحمد (1/ 301) ، والدينوري في "المجالسة" (26/ 25-26) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (2/ 166/ 2) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (11725) ، وزادوا: وكان أبوكم إبراهيم من قبله يقص شاربه. والثالث: بلفظ: كان يقص أو يأخذ من شاربه، وكان إبراهيم خليل الرحمن يفعله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 800 أخرجه الترمذي (2761) من طريق إسرائيل عن سماك به. واللفظان قبله أخرجهما من ذكرنا من طريق حسن بن صالح عن سماك به. والحسن بن صالح وإسرائيل؛ كلاهما ثقة. فالظاهر أن هذا الاختلاف في لفظه؛ إنما هو من سماك بن حرب؛ فإنه متكلم فيه إذا روى عن عكرمة؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن". أقول هذا تحقيقاً للرواية، وإلا؛ فلا فرق عندي بين هذه الألفاظ الثلاثة من حيث الدراية؛ فإن لفظ: (يجز) هو بمعنى: (يقص) ، وبمعناه اللفظ الآخر: (يأخذ من شاربه) ؛ فإن (من) تبعيضية؛ فهو كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا". أخرجه الترمذي وغيره وصححوه. وقد جاء بيان صفة الأخذ في السنة العملية؛ فإليها المرجع في تفسير النصوص القولية المختلف في فهمها؛ فإن من القواعد المقررة: أن الفعل يبين القول حتى لو كان من كلام الله تعالى. وإليك ما وقفت عليه من السنة: أولاً: عن المغيرة بن شعبة قال: ضفت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة.. وكان شاربي وفى، فقصه لي على سواك. رواه أبو داود وغيره. وإسناده صحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (182) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 801 و "مختصر الشمائل" (140) . وفي رواية للطحاوي والبيهقي: فدعا بسواك وشفرة، فوضع السواك تحت الشارب، فقص عليه. ثانيا: عن أيوب السختياني عن يوسف بن طلق بن حبيب: أن حجاماً أخذ من شارب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأى شيبة في لحيته ... الحديث. رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 433) . قلت: ورجاله ثقات؛ غير يوسف بن طلق بن حبيب؛ فلم أعرفه! ومن المحتمل أن يكون قوله: (يوسف بن) خطأ من الناسخ أو الطابع، أو محرفاً عن شيء؛ كأن يكون (أبي يوسف طلق بن حبيب) ؛ فإن طلقاً هذا قد ذكر المزي في الرواة عنه من "تهذيبه": أيوب السختياني. فإذا ثبت هذا الاحتمال؛ فيكون الإسناد صحيحاً مرسلاً؛ فهو شاهد قوي لما قبله. ثالثاً: عن مندل عن عبد الرحمن بن زياد عن أشياخ لهم قالوا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ الشارب من أطرافه. أخرجه ابن سعد (1/ 449) . لكن مندل هذا - وهو ابن علي العنزي - ضعيف لسوء حفظه. وعبد الرحمن بن زياد لم أعرفه، ويحتمل أن يكون عبد الرحمن بن زياد؛ تابعي روى له الترمذي. أو عبد الرحمن بن زياد مولى بني هاشم، وكلاهما مقبول عند الحافظ. والله أعلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 802 5456 - (فما عدلت بينهما؛ يعني: في القبلة) . موضوع ذكر البيهقي من حديث أبي أحمد بن عدي: حدثنا القاسم بن مهدي: حدثنا يعقوب بن كاسب: حدثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري عن أنس: أن رجلاً كان جالساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء بني له، فقبله، وأجلسه في حجره، ثم جاءت بنيته، فأجلسها إلى جنبه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. كذا أورده ابن القيم في "تحفة المودود في أحكام المولود" (ص 76 - هندية) ، وكأنه ساقه بسنده لتبرأ ذمته منه. ولما بدأت في أواخر محرم 1404 هـ باختصار الكتاب المذكور، كان من منهجي فيه أن أحذف منه لم يصح من الأحاديث والأحكام، ولما وصلت إلى هذا الحديث كان لا بد من دراسة سنده، فتبين لي أنه مما يجب حذفه؛ لأن إسناده ضعيف جداً؛ آفته القاسم بن مهدي شيخ ابن عدي، وهو القاسم بن عبد الله بن مهدي الإخميمي؛ قال فيه الدارقطني: "متهم بوضع الحديث". وذكر له الذهبي حديثاً موضوعاً باطلاً، ولما حكى عن ابن عدي أنه قال: "وهو عندي لا بأس به" تعقبه بقوله: "قلت: قد ذكرت له حديثاً باطلاً، فيكفيه". قلت: وأنا أظن أن هذا الحديث من أباطيله أيضاً. ثم وجدت له متابعاً في "كامل ابن عدي"، وأشار إلى تحسينه، فنقلته إلى الحديث: 5456 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 803 "الصحيحة" (3098) (1) . 5457 - (إن نطفة الرجل بيضاء غليظة، فمنها يكون العظام والعصب، وإن نطفة المرأة صفراء رقيقة، فمنها يكون الدم واللحم) . ضعيف أخرجه أحمد (1/ 465) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 213/ 10360) من طريقين عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبد الله: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الناس يقولون: هذا رسول الله. فقال يهودي: إن كان رسول الله فسأسأله عن شيء، فإن كان نبياً علمه. فقال: يا أبا القاسم! أخبرني؛ أمن نطفة الرجل يخلق الإنسان أم من نطفة المرأة؟ فقال: ... فذكره. والسياق للطبراني؛ وزاد أحمد: فقام اليهودي فقال: هكذا كان يقول من قبلك. ومن هذا الوجه: رواه البزار في "مسنده - كشف الأستار) (ق 218/ 1 - المصورة) - ولم يسق لفظه -، وقال: "لا نعلم رواه عن القاسم هكذا إلا عطاء، وعنه إلا أبو كدينة"! قلت: اسمه يحيى بن المهلب البجلي، وهو صدوق من رجال البخاري؛ لكنه قد توبع؛ فإنه عند الطبراني عن حمزة الزيات - وهو من رجال مسلم - عن عطاء بن السائب.   (1) وسبق فيها أيضاً (برقم 2883) . (الناشر) الحديث: 5457 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 804 فالعلة من عطاء؛ فإنه كان اختلط. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (8/ 241) ، فقال: "رواه أحمد، والطبراني، والبزار بإسنادين، وفي أحد إسناديه عامر بن مدرك، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات، وفي إسناد الجماعة عطاء بن السائب، وقد اختلط"! قلت: في هذا التخريج تسامح كبير لا يعبر عن الواقع! فإن رواية عامر بن مدرك - عند البزار - ليس فيها هذا التفصيل الذي في رواية عطاء؛ فإن لفظ عامر: "ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا؛ غلب الشبه". وعامر هذا - وإن كان لين الحديث؛ فإن - لحديثه شواهد في "صحيح مسلم" وغيره، خرجت بعضها في "الصحيحة" (1342) ؛ بخلاف حديث عطاء؛ فإن ما فيه من العظام والعصب، واللحم والدم؛ لم يرد في شيء من تلك الشواهد، فكان منكراً، ولذلك؛ خرجته هنا. ولحديث عامر شاهد من حديث ابن عباس نحوه؛ وزاد في آخره: "وإن اجتمعا؛ كان منها ومنه". قالوا: صدقت. أخرجه البزار (2375) : حدثنا السكن بن سعيد: حدثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقد روي عن غيره من وجوه، وفي حديث ابن عباس زيادة". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 805 قلت: يشير إلى ما ذكرت من الزيادة فيما أظن. وفي ثبوتها نظر عندي؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة المشار إليها آنفاً (1) . وأيضاً فـ (مسلم) الراوي عن مجاهد؛ إن كان هو (الملائي الأعور) ؛ فهو ضعيف، وإن كان هو (مسلماً البطين) ؛ فهو ثقة، وقد روى كلاهما عن مجاهد؛ كما في "تهذيب المزي". فمن الصعب - والحالة هذه - تحديد هذه - تحديد المراد منهما هنا، وبخاصة أنهما لم يذكرا في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ لكن الحديث بالأول منهما أشبه. والله أعلم. والسكن بن سعيد - شيخ البزار - لم أعرفه! 5458 - (يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم؛ تأجج أفواههم ناراً. فقيل: من هو؟ قال: ألم تر أن الله يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً) ... الآية) ؟! . موضوع أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1797) ، وعنه ابن حبان في "صحيحه" (2580 - موارد) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 151-152/ 1) من طريق يونس بن بكير: حدثنا زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث عن أبي برزة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته نافع هذا أو زياد. والأول: هو نفيع أبو داود الأعمى؛ كما جزم به في "التهذيب"، وهو متروك. وقد كذبه ابن معين؛ كما في "التقريب". وقال فيه ابن حبان في   (1) وانظر " فتح الباري " (7 / 272 - 274) . (الناشر) الحديث: 5458 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 806 "الضعفاء" (3/ 55) : "كان ممن يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهماً، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إلا على جهة الاعتبار". فإن قيل: فكيف روى له هذا الحديث في "الصحيح"؟! فأقول: الظاهر - والله أعلم - أنه توهم أنه غير نفيع هذا، ومع ذلك؛ فإنه لم يورده في التابعين من "الثقات"؛ بخلاف ما فعله في الراوي عنه: زياد بن المنذر، كما يأتي. والآخر: زياد بن المنذر - وهو أبو الجارود الثقفي -؛ قال الحافظ: "رافضي، كذبه يحيى بن معين". قلت: وأورده ابن حبان أيضاً في "الضعفاء"، وقال: "كان رافضياً، يضع الحديث في مثالب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويروي في فضائل أهل البيت أشياء ما لها أصول، لا تحل كتابة حديثه". قال الحافظ عقبه في "التهذيب": "قلت: وفي "الثقات" لابن حبان: "زياد بن المنذر. روى عن نافع بن الحارث، وعنه يونس بن بكير". فهو هو، غفل عنه ابن حبان". قلت: وفي "الميزان" ترجمة أخرى؛ قال عقب (ابن المنذر) المتقدم: "زياد بن المنذر، أبو حازم، شيعي، ضعفه أبو حاتم، ولم يذكره ولده عبد الرحمن في كتابه". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 807 قلت: وكذلك لم يذكره الحافظ في "اللسان"، فكأنه ذهب عليه، أو سقط من قلم بعض النساخ. وإنما أورده رجلاً آخر من زياداته، ونسبه (الطائي) ، ثم أفاد أنه انقلب اسمه على الراوي، وأن الصواب: (المنذر بن زياد) ، فلعل ابن حبان توهم أيضاً أن زياداً هذا: هو أبو حازم الذي ضعفه أبو حاتم. والله أعلم. وبالجملة؛ فآفة الحديث هو أو شيخه نفيع. وبالأول أعله ابن عدي؛ فقال الحافظ في "تخريج الكشاف" (4/ 39) - بعد ما عزاه لـ "صحيح ابن حبان" -: "وفي إسناده زياد أبو المنذر، كذبه ابن معين. وشيخه نافع بن الحارث، ضعيف أيضاً، وقد أورده ابن عدي في "الضعفاء" في ترجمة زياد، وأعله به". والحديث؛ عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضاً، وابن مردويه من الوجه المتقدم. وزاد عليهم السيوطي في "الدر" (2/ 124) : ابن أبي شيبة في "مسنده"، والطبراني. وإذا علمت حال إسناد هذا الحديث؛ فقد أساء الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على "البيضاوي" (ق 101/ 2) ؛ حيث قال: "رواه ابن حبان وغيره"! فسكت عنه؛ فأوهم صحته! ولعله قلد في ذلك الحافظ ابن كثير، فهو أولى بالانتقاد؛ لما عرف به أنه من الحفاظ النقاد. ولذلك؛ اغتر بسكوته مختصر كتابه الشيخ الصابوني (1/ 361) ؛ فإنه سكت عليه؛ وقد عزاه لابن مردويه فقط ‍‍‍‍!! وذلك قل من جل مما يدل على مبلغ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 808 معرفة الرجل بهذا العلم. وكذلك أشار إلى هذا الحديث: العلامة ابن القيم في "تحفة المودود" (ص 103) ساكتاً عليه! وكان هو الباعث على تخريجه وتحقيق الكلام على إسناده؛ لأتمكن من الإبقاء عليه أو حذفه من "مختصره"، الذي أنا في صدده، فقد حذفته. (تنبيه) : وقع الحديث في "تفسير ابن كثير" بلفظ: "القوم"! وواضح أنه خطأ مطبعي، ومع ذلك خفي على الشيخ الصابوني؛ فأورده كما وجده! 5459 - (نظرت - يعني: ليلة أسري به -؛ فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشارفهم، ثم يجعل في أفواههم صخراً من نار يخرج من أسافلهم. قلت: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً؛ إنما يأكلون في بطونهم ناراً) . ضعيف جداً أخرجه ابن جرير في "التفسير" (4/ 184) عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة أسري به قال: نظرت ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو هارون هذا - واسمه عمارة بن جوين - متروك، ومنهم من كذبه. والحديث؛ عزاه السيوطي لابن أبي حاتم أيضاً، وإسناده من هذا الوجه الواهي؛ كما تراه في "تفسير ابن كثير" (1/ 456) . وهو قطعة من الحديث الطويل جداً في الإسراء والمعراج؛ أخرجه ابن جرير الحديث: 5459 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 809 أيضاً (15/ 10-12) ، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 136-142) من طريق أبي هارون المذكور. وقد ساقه ابن كثير بطوله في "تفسيره" من طريقه، وقال: "وهو مضعف عند الأئمة، على غرابة الحديث وما فيه من النكارة". قلت: ومما فيه قوله: "ثم مضيت هنية؛ فإذا أنبأنا بنساء يعلقن بثديهن، فسمعتهن يصحن إلى الله عز وجل. قلت: يا جبريل! من هؤلاء النساء؟ قال: هؤلاء الزناة من أمتك ... " الحديث بطوله. وقصة النساء هذه؛ مما أشار إليه ابن القيم أيضاً في "التحفة" (ص 103) ؛ دون أن ينبه على ضعفها، بل ساقه مساق المسلمات! والله المستعان. 5460 - (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم؛ فأحسنوا أسماءكم) . ضعيف أخرجه أبو داود (4948) ، والدارمي (2/ 294) ، وابن حبان (1944) ، والبيهقي (9/ 306) ، وأحمد (5/ 194) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (ق 29/ 1) ، والبغوي في "حديث علي بن الجعد" (9/ 110/ 1) ، ومن طريقه أبو محمد البغوي في "شرح السنة" (12/ 327/ 3360) ، وابن عساكر في "التاريخ" (6/ 17/ 1 و 8/ 529/ 2) كلهم من طريق داود بن عمرو عن عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي عن أبي الدرداء مرفوعاً به. وقال أبو داود - معللاً إياه بالانقطاع -: "ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء". الحديث: 5460 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 810 وتبعه جمع، فقال البيهقي عقبه: "هذا مرسل؛ ابن أبي زكريا لم يسمع من أبي الدرداء". وكذا قال المنذري في "الترغيب" (3/ 85) . وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 577) : "ورجاله ثقات؛ إلا أن في سنده انقطاعاً بين عبد الله بن أبي زكريا - راويه عن أبي الدرداء - وأبي الدرداء؛ فإنه لم يدركه"! وفيما ذكره من التوثيق نظر؛ فإن داود بن عمرو فيه كلام؛ أورده الذهبي في "الميزان"، وقال: "وثقه ابن معين. وقال العجلي: ليس بالقوي، انفرد بهذا الحديث". قلت: والحافظ نفسه ضعفه في "التقريب" بقوله فيه: "صدوق يخطىء". ومن هذا التحقيق؛ يتبين للباحث خطأ النووي في قوله في "الأذكار": "روينا في "سنن أبي داود" بالإسناد الجيد عن أبي الدرداء ... " فذكره! وكذا ابن القيم في قوله في "تحفة المودود" (ص 36) : "رواه أبو داود بسند حسن"! ووهم مؤلف "أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب" وهماً آخر أفحش من هذا؛ فقال (ص 61-62) : الجزء: 11 ¦ الصفحة: 811 "رواه البخاري"! ومن الغرائب: أن المناوي بعد أن نقل في "فيض القدير" تجويد النووي لإسناده، وتعقبه بالانقطاع الذي نقلناه آنفاً عن البيهقي وغيره، وجزم بقوله تبعاً لهم: "فالحديث منقطع"! عاد في كتابه الآخر "التيسير" - وهو مختصر الأول كما نص عليه في مقدمته - فقال: "وإسناده جيد؛ كما في "تهذيب الأسماء" وغيره"! فما أسرع ما نسي! 5461 - (يا أبا عبيدة! قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مئة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف، ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم، وهو الذين ذكر الله عز وجل؛ يعني: قوله تعالى: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم) . ضعيف أخرجه ابن جرير (3/ 144-145) ، والبغوي في "تفسيره" (2/ 118 - المنار) ، وكذا ابن أبي حاتم - كما في "تفسير ابن كثير" (1/ 355) - وغيرهم من طريق محمد بن حمير قال: حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي عبيدة بن الجراح قال: الحديث: 5461 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 812 قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد عذاباً يوم القيامة؟ قال: "رجل قتل نبياً، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف". ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ... ) ؛ إلى أن انتهى إلى: (وما لهم من ناصرين) . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكر حديث الترجمة. قلت: سكت عنه ابن كثير، وهو حديث منكر عندي، وإسناده ضعيف مجهول؛ علته أبو الحسن هذا؛ فإنه مجهول؛ كما قال الذهبي في آخر "الميزان"، والحافظ ابن حجر في "اللسان". وبه أعله الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف" (4/ 24) . وأنكر من هذا الحديث: الأثر الذي ساقه ابن كثير عقب هذا من رواية [ابن] أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قتلت بنو إسرائيل ثلاث مئة نبي من أول النهار، وأقاموا سوق بقلهم من آخره. وقال في مكان آخر (1/ 102) : "قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود قال: ... فذكره بلفظ: كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاث مئة نبي، ثم يقيمون سوق بقلهم من آخر النهار". قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان الطيالسي قد ثبت السند إليه به؛ فإنه ليس في "مسنده" المطبوع، وهو المفروض؛ لأنه ليس من شرطه؛ فإنه موقوف الجزء: 11 ¦ الصفحة: 813 على ابن مسعود. فإن صح عنه؛ فهو من الإسرائيليات الباطلة التي يكذبها العقل والنقل: أما العقل؛ فإنه من غير المعقول أن يتوفر هذا العدد الكبير من الأنبياء في وقت واحد وبلد واحد، ويتمكن اليهود من ذبحهم ذبح النعاج قبل انتهاء النهار، وفي آخره يقيمون سوقهم! هذا من أبطل الباطل. وأما النقل؛ فهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي ... " الحديث؛ متفق عليه، وهو مخرج في "الإرواء" (2473) . فهذا صريح في أن أنبياء بني إسرائيل كان يخلف بعضهم بعضاً، ويأتي أحدهم بعد الآخر؛ كقوله تعالى: (ثم أرسلنا رسلنا تترى) ؛ أي: متواترين واحداً بعد واحد. نعم؛ ذلك لا ينفي أن يرسل الله أكثر من رسول - بله نبي - واحد في وقت واحد لحكمة يعلمها؛ مثل هارون مع موسى، وقوله في أصحاب القرية: (إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون) . وأما بعث مثل ذاك العدد الضخم من الأنبياء في زمن واحد؛ فليس من سنة الله تبارك وتعالى. ولا بد من التنبيه هنا على موقفين متباينين تجاه هذا الأثر؛ من رجلين معاصرين: الأول: الشيخ محمد علي الصابوني مختصر "تفسير الحافظ ابن كثير"؛ فإن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 814 هذا الرجل؛ مع أنه صرح في المقدمة تحت عنوان: طريقة الاختصار (ص 9) أنه اقتصر على الأحاديث الصحيحة، وحذف الضعيف منها، كما حذف الروايات الإسرائيلية! ومع ذلك؛ فإنه لم يف بهذا، وهو أمر طبيعي بالنسبة إليه؛ فإنه ليس من رجال هذا الميدان؛ فقد أبقى في كتابه هذا "المختصر" كثيراً من الأحاديث الضعيفة والواهية، والإسرائيليات المنكرة! والمثال على كل من الأمرين ظاهر بين يديك؛ فالحديث - مع ضعف إسناده الظاهر عند المحدثين ونكارته البينة عند المحققين - انطلى عليه أمره، وغره فيه أن ابن كثير لما أورده سكت عليه ولم يبين ضعفه! وخفي عليه - لجهله وبعده عن هذا العلم - أن المحدث إذا ساق الحديث بإسناده؛ فقد برئت ذمته منه. ولذلك؛ كان من الواجب عليه أحد أمرين: إما أن يختصر هذا النوع من الحديث؛ فلا يورده في "مختصره". وإما أن يبين درجته إذا احتفظ به؛ وهذا مما لا سبيل له إليه؛ لما ذكرنا أنه ليس من رجال هذا العلم. ولكن إذا كان قد اغتر بسكوت ابن كثير على بعضها، وكان عاجزاً عن أن يعرف بنفسه درجة الحديث؛ فما له أورد كثيراً من الأحاديث الضعيفة الأخرى التي بين ابن كثير بنفسه وهاءها وضعفها؛ ونقل هو ذلك عنه في الحواشي؟! خلافاً لشرطه! فانظر مثلاً الأحاديث الواردة في (المجلد الأول) صفحة (103، 111، 119، 158، 195، 226، 277، 361، 543، 549، 609، 613، 619، 633) . فهذه الأحاديث المشار إليها كلها ضعفها ابن كثير، فأين دعوى مختصره: أنه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 815 اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وحذف الضعيف؟! فكيف وبعضها موضوع؛ كحديث (ص 619) : "من أعان ظالماً؛ سلطه الله عليه". قال ابن كثير: "وهو حديث غريب"! وهذا من تساهله كما بينته في "الضعيفة" (1937) . على أن هناك أحاديث أوردها ساكتاً عليها كغالب عادته، وهي مما ضعفه ابن كثير؛ كحديث ابن مردويه في نزول آية: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ... ) في علي (1/ 245) ؛ قال ابن كثير: "فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف"! قلت: بل هو متروك، وكذبه الثوري؛ كما قال الحافظ. وحديث ابن مردويه الآخر (1/ 540) ؛ قال ابن كثير: "هذا حديث غريب جداً"؛ وهو مخرج في "الضعيفة" (4439) . وعلى العكس من ذلك؛ أوهم بجهله صحة حديث عن ابن عباس ضعفه ابن كثير مرفوعاً، وصححه موقوفاً نقلاً عن الترمذي، فقال المختصر - بعد التضعيف -: "وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس"! فأسقط منه قول الترمذي: "موقوفاً"! ورأيته في حديث واحد في المجلد الأول من "مختصره" (ص 566) قائلاً: "الحديث؛ وإن كان ضعيف السند؛ ففي أحاديث الشفاعة ما يؤيده ويؤكده"! كذا قال! وهو مما يدل على جهل بالغ؛ لأنه ليس في شيء من الأحاديث الجزء: 11 ¦ الصفحة: 816 التي أشار إليها ما في هذا الحديث الضعيف من النكارة، ينبئك عنها طرفه الأول منه: "إن ربي عز وجل استشارني في أمتي: ماذا أفعل بهم؟ فقلت: ما شئت.. فاستشارني الثانية ... "!! ولا أدري كيف استساغ هذا المختصر مثل هذا التعبير الذي فيه رائحة التشبيه بالعبيد: (وأمرهم شورى بينهم) ؟! مع ضعف إسناده؛ فإن فيه ابن لهيعة، وهو معروف بالضعف، وله تخاليط كثيرة. ومن جهل هذا الرجل: أنه تأول أثر ابن مسعود - المتقدم - في قتل اليهود للأنبياء بالمئات في اليوم الواحد؛ مع أنه اشترط على نفسه - كما سبق - أن يحذف الروايات الإسرائيلية، فقد أخل به أيضاً - حين أورده -، ولظهور نكارته تأوله بتأويل بارد؛ فعلق عليه بقوله (1/ 71) : "وعبارة: "في اليوم" لا تعني كل يوم، ولكن بعض الأيام"! ولقد كان الأولى به - لو كان عنده علم وبصيرة فيه - أن لا يورده؛ وفاءً بشرطه، وأن يستريح من تكلف تأويله البارد الظاهر بطلانه بداهة، لا سيما بالنسبة للفظ ابن أبي حاتم المتقدم: "قتلت بنو إسرائيل ثلاث مئة نبي من أول النهار ... "؛ فإنه أصرح في إبطال تأويله، وهو على علم به؛ فقد أورده في "مختصره" (1/ 274) ، دون أن يتنبه لبطلانه! والله المستعان. وأما الرجل الآخر المعاصر؛ فهو المدعو (عز الدين بليق) ، مؤلف ما سماه بـ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 817 "منهاج الصالحين"، فلقد كان موقفه من هذا الأثر موقفاً آخر معاكساً لموقف الشيخ الصابوني تماماً؛ فإنه أنكره أشد الإنكار في أول كتابه: "موازين القرآن الكريم" (ص 13-14) ، وكتابه الآخر: "موازين القرآن والسنة" (ص 69) . وبقدر ما أصاب في إنكاره إياه؛ فقد أخطأ أقبح الخطأ في اعتباره إياه مثالاً لبعض الأحاديث الموضوعة التي وردت في كتب التفسير، وجهل أو تجاهل - لسوء طويته - أنه ليس حديثاً؛ وإنما هو من الإسرائيليات! فتأمل تباين موقف الرجلين من هذا الأثر، ثم تأمل كيف يلتقيان في الإساءة - بجهلهما - إلى الإسلام، وتوهمهما الأثر حديثاً، ذاك بتأويله إياه، وهذا بضربه له مثالاً للأحاديث الموضوعة، لا سيما وقد أتبعه بمثال آخر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلق الله التربة يوم السبت ... " الحديث، وهو صحيح لا غبار عليه سنداً ومتناً؛ رواه مسلم في "صحيحه"! ومع ذلك جعله (بليق) مثالاً آخر للأحاديث الموضوعة! وسود لإثبات ذلك - زعم - ست صفحات (15-21) ! وأصل ضلاله هذا؛ إنما هو من سوء الفهم، ولربما من سوء القصد - أيضاً -؛ فإنه فسر (التربة) فيه بأنها الأرض! والصواب أنها التراب، كما يدل عليه تمام الحديث واللغة، على ما بينته في آخر المجلد الرابع من "السلسلة" الأخرى: "الصحيحة" (الاستدراك 15) . ومن عجيب حال هذا الرجل: أنه في الوقت الذي يطعن في عشرات الأحاديث الصحيحة في كتابه الثاني المتقدم، وبعضها متواتر؛ كأحاديث عيسى عليه السلام وغيرها فهو في الوقت نفسه قد حشا كتابه "المنهاج" بمئات الأحاديث الضعيفة والمنكرة، وبعضها من الموضوعات، كحديث عرض الحديث الجزء: 11 ¦ الصفحة: 818 على القرآن؛ فإن وافقه قبل، وإن خالفه رفض! وهو من وضع الزنادقة؛ كما بينته في غير ما موضع! وغيره كثير وكثير. فالله المستعان. هذا؛ وقوله في أول حديث الترجمة. "أشد الناس عذاباً رجل قتل نبياً"؛ قد جاء بإسناد حسن عن ابن مسعود، وهو مخرج في "السلسلة" الأخرى برقم (281) . 5462 - (إذا مات أحدكم؛ فقد قامت قيامته؛ فاعبدوا الله كأنكم ترونه، واستغفروه كل ساعة) (1) . موضوع أخرجه الديلمي (1/ 1/ 151- زهر الفردوس) من طريق عنبسة ابن عبد الرحمن: حدثنا محمد بن زاذان عن أنس مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عنبسة هذا؛ فإنه كان يضع الحديث. وقد مضى له غير ما حديث موضوع؛ فانظر اسمه في فهرس المجلد الأول والثاني من هذه "السلسلة". وقريب منه: شيخه محمد بن زاذان؛ فإنه متروك، فانظر الحديث (435،518) . والحديث؛ ذكره السخاوي في "المقاصد" (ص 75) من رواية العسكري عن أنس بلفظ: "الموت القيامة، إذا مات أحدكم؛ فقد قامت قيامته، يرى ما له من خير وشر".   (1) سبق تخريج الشيخ - رحمه الله - الحديث برقم (1166) مختصراً. فانظره. (الناشر) . الحديث: 5462 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 819 ولم يتكلم على إسناده بشيء، لا في رواية العسكري ولا في رواية الديلمي، وقد ذكرها تحت حديث: "من مات؛ فقد قامت قيامته" (ص 428) مشيراً إلى أنه لا أصل له بهذا اللفظ الأخير. وقال: "وللطبراني من حديث زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال: يقولون: القيامة القيامة، وإنما قيامة المرء موته. ومن رواية سفيان بن أبي قيس قال: شهدت جنازة فيها علقمة، فلما دفن قال: أما هذا؛ فقد قامت قيامته". 5463 - (يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم؛ ستراً من الله عز وجل عليهم) (1) . باطل رواه ابن عدي في "الكامل" (ق 17/ 2) عن إسحاق بن إبراهيم الطبري: حدثنا مروان الفزاري عن حميد الطويل عن أنس مرفوعاً. وقال: "منكر المتن بهذا الإسناد". وأقره الذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "اللسان". ومن قبلهما ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 248) ؛ فإنه أورد الحديث من طريق ابن عدي، ثم قال: "هذا حديث لا يصح، والمتهم به إسحاق، قال ابن عدي ... ". وقال ابن   (1) خرّج الشيخ - رحمه الله - هذا الحديث قديماً برقم (433) ، فانظره. (الناشر) الحديث: 5463 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 820 حبان في إسحاق هذا (1/ 138) : "منكر الحديث جداً، يأتي عن الثقات بالأشياء الموضوعات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب". ثم ساق له عدة أحاديث موضوعة تدل على حاله السيئة؛ فليراجعه من شاء. ولذلك؛ قال الحاكم في - "المدخل" كما في "اللسان" -: "روى عن الفضيل وابن عيينة أحاديث موضوعة". ولذلك؛ فالحديث باطل؛ كما قال ابن القيم في "مناره" (ص 51) ، قال: "والأحاديث الصحيحة بخلافه، قال البخاري في "صحيحه": (باب ما يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم) . ثم ذكر حديث: "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان". ومن عجائب السيوطي: أنه تعقب - في "اللآلي" (2/ 449) - ابن الجوزي بقوله: "قلت: له طريق آخر ... ". ثم ساق حديث ابن عباس المتقدم برقم (434) ، وهو موضوع أيضاً؛ فيه كذاب؛ كما بينته هناك. ولذلك؛ تعقبه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" بقوله (2/ 381) : "هو من طريق إسحاق بن بشر؛ وهو كذاب وضاع، فلا يصلح شاهداً". ولهذا؛ فقد أساء السيوطي بتعقبه المذكور من جهة، وبسكوته عليه وفيه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 821 الكذاب من جهة أخرى، كما سكت عليه أيضاً في كتابه الآخر "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" (80/ 118 - تحقيق الأخ الفاضل محمد الصباغ) ! وقريب من ذلك: ما صنعه الزرقاني في "مختصر المقاصد الحسنة" (76/ 222) ؛ فإنه أورد الحديث، وقال: "ضعيف"! فأوهم أنه ليس شديد الضعف، ليس فيه من رمي بالكذب والوضع! وهذا إنما يأتي من التقليد وقلة التحقيق. ونحوه في "تذكرة الموضوعات" للشيخ محمد طاهر الفتني (ص 224) . 5464 - (لا أجمعهما له، هو أبو سليمان) (1) . ضعيف جداً أخرجه ابن أبي خثيمة في "التاريخ" (328) : أخبرنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن يحيى عن إبراهيم بن أبي يحيى عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ قال: لما ولد محمد بن طلحة بن عبيد الله؛ أتى به طلحة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أسمه محمداً". فقال: يا رسول الله! أكنيه أبا القاسم؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ ابن قنفذ تابعي لم يدرك القصة. وإبراهيم ابن أبي يحيى؛ الظاهر أنه إبراهيم بن أبي حية اليسع؛ فإن كنيته اليسع أبو يحيى؛ ولقبه أبو حية؛ كما في "اللسان". قال البخاري:   (1) مال الشيخ - رحمه الله - إلى ثبوته قبل وقوفه على إسناده، فانظر آخر الحديث (5452) . (الناشر) الحديث: 5464 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 822 "منكر الحديث". وقال الدارقطني: "متروك". وقد أشار ابن عبد البر إلى ضعف هذا الحديث في "الاستيعاب". لكن قد صح النهي عن الجمع بين اسمه - صلى الله عليه وسلم - وكنيته في غير هذا الحديث، كما بينته في التعليق على "مختصر تحفة المودود" لابن القيم بقلمي. ولم يصح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كناه بأبي القاسم؛ خلافاً لما ذكره ابن عبد البر! 5465 - (إذا كان يوم القيامة؛ خرج صائح من عند الله، فنادى بأعلى صوته: يا أمة محمد! إن الله قد عفا لكم عن حقه قبلكم، فتعافوا فيما بينكم، وادخلوا الجنة بسلام) . ضعيف أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (341) : حدثنا محمد ابن بشير الكندي قال: أخبرنا معن بن عيسى الأشجعي وعبد الله بن إبراهيم الغفاري عن زيد بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه عن جده عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته زيد هذا؛ فإنه مجهول؛ كما قال الذهبي في ترجمة (عبد الله بن إبراهيم الغفاري) من "الميزان". وأورد فيها حديثين آخرين من روايته عن زيد، فقال ابن عدي: "لم أسمع بزيد إلا في هذين الحديثين، ولا أعلم روى عنه إلا عبد الله بن إبراهيم"! الحديث: 5465 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 823 قلت: ويرده هذا الحديث؛ فقد روى عنه معن بن عيسى الأشجعي؛ وهو ثقة ثبت؛ حتى قال أبو حاتم: "هو أثبت أصحاب مالك". لكن الراوي عنه محمد بن بشير الكندي فيه كلام؛ قال يحيى: "ليس بثقة". وقال الدارقطني: "ليس بالقوي". 5466 - (من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم أتى الركن ليستلمه؛ خاض في الرحمة، فإذا استلمه فقال: بسم الله والله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ غمرته الرحمة، فإذا طاف بالبيت؛ كتب الله له بكل قدم سبعين ألف حسنة، وحط عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وشفع في سبعين من أهل بيته، فإذا أتى مقام إبراهيم، فصلى عنده ركعتين إيماناً واحتساباً؛ كتب الله له عتق أربعة عشر محرراً من ولد إسماعيل، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) . منكر أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (104/ 2 - مصورة الجامعة الإسلامية: الثانية) من طريق عيسى بن إبراهيم الطرسوسي: حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا إسماعيل بن عياش عن المغيرة بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. الحديث: 5466 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 824 قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ المغيرة بن قيس بصري منكر الحديث؛ كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 227-228) عن أبيه. وابن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها. والطرسوسي؛ لم أعرفه. 5467 - (يوشك أن تظهر فتنة لا ينجي منها إلا الله، أو دعاء كدعاء الغريق) . منكر أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (123/ 1) من طريق يحيى ابن المتوكل عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد ضعيف بمرة؛ يحيى بن المتوكل: هو المدني أبو عقيل؛ مجمع على ضعفه. بل قال ابن حبان (3/ 116) : "منكر الحديث، ينفرد بأشياء ليس لها أصول من حديث النبي عليه الصلاة والسلام، لا يسمعها الممعن في الصناعة إلا لم يرتب أنها معمولة". ويعقوب بن سلمة: هو الليثي مولاهم المدني، وهو مجهول الحال. وأبوه لين الحديث؛ كما في "التقريب"! وحقه أن يقول في أبيه: إنه مجهول؛ لأنه لم يذكر له في "التهذيب" راوياً غير ابنه، بل ختم ترجمته فيه بقوله: "لا يعرف"، وهو الذي جزم به الذهبي في "الميزان". الحديث: 5467 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 825 5468 - (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان؛ نظر الله إلى خلقه، وإذا نظر الله إلى عبد؛ لم يعذبه أبداً، ولله في كل يوم ألف ألف عتيق من النار، فإذا كانت ليلة تسع وعشرين؛ أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر كله، فإذا كانت ليلة الفطر؛ ارتجت الملائكة، وتجلى الجبار بنوره - مع أنه لا يصفه الواصفون -؛ فيقول للملائكة - وهم في عيدهم من الغد -: يا معشر الملائكة - يوحي إليهم -! ما جزاء الأجير إذا أوفى عمله؟ فتقول الملائكة: يوفى أجره. فيقول الله تعالى: أشهدكم أني قد غفرت لهم) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (180/ 1) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 189-190) من طريق حماد بن مدرك: حدثنا عثمان ابن عبد الله الشامي: حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال ابن الجوزي عقبه: "هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه مجاهيل، والمتهم به عثمان ابن عبد الله؛ قال ابن عدي: حدث بمناكير عن الثقات، وله أحاديث موضوعة. وقال ابن حبان: يضع على الثقات". قلت: وحماد بن مدرك؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه من المجاهيل الذين أشار إليهم ابن الجوزي، وقد أقره السيوطي في "اللآلي المصنوعة" (2/ 100-101) . ومع هذا كله؛ أورد المنذري هذا الحديث في "ترغيبه" (2/ 68-69) من رواية الأصبهاني هذه! وذلك من تساهله الذي حملني على جعل كتابه إلى الحديث: 5468 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 826 قسمين: "صحيح الترغيب" و "ضعيف الترغيب"؛ وقد شرحت تساهله هذا في مقدمة "الصحيح" بما لا تجده في غيره، وقد تم طبع المجلد الأول منه، يسر الله لنا طبع سائرها مع "الضعيف" (1) . 5469 - (إذا كان أول ليلة من رمضان؛ فتحت أبواب السماء؛ فلا يغلق منها باب حتى يكون آخر ليلة من رمضان. فليس من عبد مؤمن يصلي ليلة؛ إلا كتب الله له ألفاً وخمس مئة حسنة بكل سجدة، ويبنى له بيت في الجنة من ياقوتة حمراء، لها ستون ألف باب [لكل باب] منها قصر من ذهب موشح بياقوتة حمراء. فإذا صام أول يوم من رمضان؛ غفر له ما تقدم إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان. ويستغفر له كل يوم سبعون ألف ملك من صلاة الغداة إلى أن توارى بالحجاب، وكان له بكل سجدة يسجدها في شهر رمضان بليل أو نهار شجرة يسير الراكب في ظلها خمس مئة عام) . موضوع أخرجه البيهقي في "الشعب" (3/ 314/ 3635) ، والأصبهاني في "الترغيب" (180/ 1) من طريق محمد بن مروان السدي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة العبدي وعن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: والسدي هذا - وهو الصغير - متهم بالكذب.   (1) ثم طبع الكتاب - بقسميه - في خمسة مجلدات بعد وفاة الشيخ - رحمه الله - بقليل. (الناشر) الحديث: 5469 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 827 ولست أدري لماذا لم يورد ابن الجوزي حديثه هذا في "الموضوعات"؟! وقد أورد له حديثاً في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وقال فيه: "كذاب"؛ كما تقدم برقم (203) ؛ فلعله لم يقف عليه. وقد أساء المنذري بإيراده إياه في "الترغيب" (2/ 66-67) دون أن يبين حال راويه؛ فإنه لم يزد على قوله: "رواه البيهقي، وقال: "قد روينا في الأحاديث المشهورة ما يدل على هذا، أو لبعض معناه". كذا قال رحمه الله"!! وكأن المنذري أشار إلى نقد كلام البيهقي؛ فإنه ليس في الأحاديث المعروفة ما في هذا إلا الفقرة الأولى؛ فإنها في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة نحوه. وقنع المنذري بالإشارة إلى تضعيفه فقط! وقلده المعلقون الثلاثة، فصرحوا بأنه "ضعيف"؛ مع أنهم عزوه للبيهقي والأصبهاني بالأرقام! ولا يحسنون إلا هذا: كالعيس في البيداء يقتلها الظما * * * والماء فوق ظهورها محمول. 5470 - (إذا كان غداة الفطر؛ قامت الملائكة على أفواه الطرق فنادوا: يا معشر الناس! اغدوا إلى رب رحيم، يمن بالخير ويثيب الجزيل؛ أمركم بصوم النهار فصمتوه، فإذ أطعتم ربكم فاقبضوا أجوركم. فإذا صلوا نادى مناد من السماء: ارجعوا إلى منازلكم راشدين؛ الحديث: 5470 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 828 فقد غفرت ذنوبكم، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة) . ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" (618) ، والمعافى بن زكريا في "الجليس" (4/ 83) ، والأصبهاني في "الترغيب" (188/ 1) من طريقين عن سعيد بن عبد الجبار [عن توبة] عن سعيد بن أوس الأنصاري عن أبيه مرفوعاً به. والزيادة للطبراني. وكذلك رواه الحسن بن سفيان في "مسنده"؛ إلا أنه قال: عن توبة أو أبي توبة. وكذلك أخرجه المعافى في "الجليس"؛ لكنه قال: عن أبي توبة.. بغير شك، وكذا نقله في "الإصابة". قلت: وأبو توبة - أو توبة - لم أعرفه. ومن المحتمل أن يكون هو الذي في "الجرح" (1/ 1/ 446) : "توبة بن نمر الحضرمي المصري، وكان قاضي مصر، فلما مات استقضي عبد الله بن لهيعة، وابنته تحت ابن لهيعة. روى عن أبي عفير عن ابن عمر. روى عنه الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وابن لهيعة". ولعله مما يرجح الاحتمال المذكور: أن الراوي عنه - سعيد بن عبد الجبار - هو حضرمي أيضاً، وهو سعيد بن عبد الجبار بن وائل الحضرمي، وهو ضعيف. وعلى كل حال؛ فقد روي الحديث من طريق أخرى عند الطبراني (617) من رواية عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الزبير عن سعيد بن أوس الأنصاري به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 829 وهذا إسناد واه بمرة؛ أبو الزبير مدلس؛ وقد عنعنه. لكن الآفة ممن دونه؛ فإن جابراً هذا - وهو الجعفي - متروك. وعمرو بن شمر شر منه. قال الحاكم: "كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، وليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عن جابر غيره". وأعله الهيثمي (2/ 201) بالجعفي وحده، فقصر. ومدار الطريقين على سعيد بن أوس الأنصاري، ولم أجد من ترجمه. ووقع في "ترغيب الأصبهاني": سعد بن أوس ولم أجده أيضاً؛ فهو علة الحديث. والله أعلم. 5471 - (إن الله يحب [أهل] البيت الخصب) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (209/ 2) من طريق ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن قدامة الجوهري: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن جريج: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مع إعضاله؛ فإن ابن جريج - واسمه عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج - لم يثبت له لقاء أحد من الصحابة. وفي الطريق إليه محمد بن قدامة الجوهري، وفيه لين؛ كما في "التقريب". وأعله السيوطي في "الجامع الصغير" بالإعضال فقط! والزيادة منه. الحديث: 5471 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 830 5472 - (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه) . ضعيف أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (210/ 1) من طريق ابن أبي الدنيا بسنده عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن [ابن] جريج عن علي ابن زيد بن جدعان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ ابن جدعان تابعي معروف بالضعف. وابن جريج مدلس. وعبد المجيد بن عبد العزيز - وهو ابن أبي رواد المكي - ضعيف أيضاً. وبالغ فيه ابن حبان؛ فقال في "الضعفاء" (2/ 161) : "منكر الحديث جداً، يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير؛ فاستحق الترك"! والحديث؛ أعله السيوطي في "الجامع" بالإرسال فقط. وزاد المناوي إعلاله بضعف ابن جدعان. واعلم أنني إنما أوردت الحديث هنا لهذه الزيادة: "في مأكله ومشربه"! لتفرد هذه الطريق بها؛ فإنها - مع ضعفها - مخالفة للطرق الأخرى التي روت الحديث موصولاً مسنداً عن ابن عمرو، ووالد أبي الأحوص دونها؛ وهما مخرجان في "غاية المرام" (75) . الحديث: 5472 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 831 5473 - (إنا أمرنا أن نأخذ الخير بأيماننا) . منكر أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (211/ 1) من طريق عبد العزيز الحديث: 5473 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 831 ابن أبان: حدثنا محمد بن بشر بن بشير بن معبد الأسلمي قال: حدثني أبي عن جدي - وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: أنه كان بـ (أذربيجان) ، فأتوا بطعام، وعندهم ناس من الدهاقين، فلما فرغوا؛ أتوا بماء يغسلون أيديهم، وأتوا بأشنان، فأخذه بيمينه، فتغامزت الدهاقين! فقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد العزيز هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "متروك، وكذبه ابن معين". وقد خالفه في متنه: طلق بن غنام - وهو ثقة - فقال: حدثنا محمد بن بشر ابن بشير عن أبيه بشر بن بشير: أنه أتي بأشنان يغسل يده، فأخذه بيده اليمنى، قال: إنا لا نأخذ الخير إلا بأيماننا. رواه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 96) . فهذا موقوف، وهو الصواب. وإن كان معنى المرفوع صحيحاً، يدل على ذلك حديث الأمر بالأخذ والإعطاء باليمين، وهو مخرج في الكتاب الآخر (1236) . 5474 - (السلطان ظل الله تعالى في الأرض، فإن أحسنوا؛ فلهم الأجر، وعليكم الشكر، وإن أساءوا؛ فعليهم الإصر وعليكم الصبر، لا يحملنكم إساءته على تخرجوا من طاعته؛ فإن الذل في طاعة الله الحديث: 5474 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 832 خير من خلود في النار، لولاهم ما صلح الناس) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 214/ 2) من طريق عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن سعد بن سعيد الأنصاري وعبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب، وخضعت له الأجساد؛ ما هو؟ قال: ... فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن عبد الغفار؛ قال ابن عدي: "اتهم بوضع الحديث". وقد رواه غيره من المتهمين بإسناد آخر عن ابن عمر مرفوعاً نحوه؛ وقد مضى برقم (604) . 5475 - (اطلب العافية لغيرك؛ ترزقها في نفسك) . ضعيف جداً أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (226/ 2) من طريق محمد ابن كثير الفهري: حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن لهيعة ضعيف. لكن الآفة من الفهري هذا؛ فإنه متروك؛ قال ابن معين: "ليس بثقة". وقال ابن عدي: "روى بواطيل، والبلاء منه". الحديث: 5475 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 833 5476 - (ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين، والناس في الحساب: رجل لم تأخذه [في الله] لومة لائم، ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حرم عليه) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (232/ 2) من طريق غسان ابن مالك السلمي: حدثا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن رستم عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ والبلاء من عنبسة هذا؛ فإنه متروك، رماه أبو حاتم بالوضع. وقال ابن حبان (2/ 178) : "صاحب أشياء موضوعة، وما لا أصل له". وغسان بن مالك؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 50) عن أبيه: "ليس بالقوي، بين في حديثه الإنكار". لكن روى عنه أبو زرعة الرازي؛ فهو ثقة عنده. وعلى كل حال؛ فالآفة من شيخه عنبسة. الحديث: 5476 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 834 5477 - (يا بني أكثر من الدعاء؛ فإنه يرد القضاء المبرم. يا بني! أكثر من قول: لا إله إلا الله؛ فإنها أثقل من سبع سماوات ومن الأرضين وما فيهن. يا بني! لا تغفل عن قراءة القرآن إذا أصبحت وإذا أمسيت؛ فإن القرآن يحيي القلب الميت، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وبالقرآن تسير الجبال. يا بني! أكثر من ذكر الموت؛ فإنك إذا أكثرت ذكر الموت: زهدت في الدنيا، ورغبت في الآخرة، وإن الآخرة الحديث: 5477 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 834 هي دار القرار، والدنيا غرارة لأهلها، والمغرور من اغتر بها) . موضوع أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (238/ 1) من طريق أبي محمد بن حيان: حدثنا أبو إسحاق بن أحمد الفارسي: حدثنا سهل بن زياد القطان عن كثير بن سليم عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آثار الصنع عليه ظاهرة، وهو من صنع كثير هذا؛ فقد قال فيه ابن حبان (2/ 223) : "كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه من غير رؤيته، ويضع عليه، ثم يحدث به". ونحوه قول أبي حاتم فيما رواه ابنه عنه (3/ 2/ 152) : "ضعيف الحديث، منكر الحديث، لا يروي عن أنس حديثاً له أصل من رواية غيره". وقد مضى له حديث آخر استنكره أبو زرعة برقم (117) . 5478 - (ثلاث من كن فيه؛ آواه الله في كنفه، ونشر عليه رحمته، وأدخله في محبته: من إذا أعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر) . موضوع أخرجه الحاكم (1/ 125) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (4/ 105/ 4433) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 236/ 1) من طريق يعقوب ابن سفيان: حدثنا عمر بن راشد - كان ينزل (الجار) -: حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب عن هشام بن عروة عن محمد بن علي عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم: الحديث: 5478 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 835 "صحيح الإسناد؛ فإن عمر بن راشد شيخ من أهل الحجاز من أهل المدينة، قد روى عنه أكابر المحدثين"!! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل واه؛ فإن عمر قال فيه أبو حاتم: وجدت حديثه كذباً". قلت: تمام كلام أبي حاتم في رواية ابنه عنه (3/ 1/ 108) : ".. وزوراً، والعجب من يعقوب بن سفيان كيف روى عنه؟! لأني في ذلك الوقت وأنا شاب؛ علمت أن تلك الأحاديث موضوعة، فلم تطب نفسي أن أسمعها، فكيف خفي على يعقوب بن سفيان ذلك؟! ". قلت: وفي ذلك إشارة إلى أن رواية الثقة عن شيخ لا يكون توثيقاً له، وهو الصحيح؛ حتى ولو كان ينص على عدالة شيوخه، كما قال الحافظ ابن كثير في "مختصره" (ص 106) ؛ خلافاً لما أشار إليه كلام الحاكم المتقدم: "قد روى عنه أكابر المحدثين"! فلا جرم أن الحافظ الذهبي لم يعرج عليه. وكأن الحاكم أشار بذلك إلى رواية يعقوب بن سفيان عنه. ثم أخرجه البيهقي (4434) من طريق ابن عدي، وهذا في "الكامل" (6/ 378) : حدثنا أحمد بن داود بن أبي صالح: حدثنا أبو مصعب المديني - يقلب (مطرف) -: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب به نحوه. ساقه ابن عدي مع أحاديث أخرى في ترجمة (مطرف) هذا؛ وقال: "يأتي بمناكير". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 836 فتعقبه الذهبي في "الميزان" بقوله: "قلت: هذه أباطيل؛ حاشا مطرفاً من روايتها! وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عدي؟! فقد كذبه الدارقطني، ولو حولت هذه إلى ترجمته كان أولى". ونحوه في "التهذيب" لابن حجر. 5479 - (في الجنة شجرة أصلها من ذهب، وأغصانها الفضة، وثمرها الياقوت والزبرجد، ينبعث لها ريح؛ فيحك بعضها بعضاً، فما سمع شيء قط أحسن منه) . ضعيف أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (4/ 56/ 2) : أخبرنا عتاب ابن بشير عن عبد الله بن مسلم بن هرمز الهرمزي عن مجاهد قال: قيل لأبي هريرة: هل في الجنة سماع؟ قال: نعم؛ شجرة ... إلخ. قلت: وهذا - مع وقفه -؛ فيه ابن هرمز هذا، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وعتاب صدوق يخطىء؛ مع كونه من رجال البخاري. وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً. أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة" من طريق مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن رجل عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: مسلمة هذا متروك. الحديث: 5479 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 837 وتابعيه مجهول لم يسم. وله شاهد؛ يرويه حفص بن عمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "إن في الجنة ... " فذكره بنحوه. أخرجه ابن الجوزي في "جامع المسانيد" (ق 42/ 1) . وحفص هذا؛ الظاهر أنه ابن عمر بن سعد القرظ المدني المؤذن؛ فإنه من هذه الطبقة. فإن يكن هو؛ فهو مقبول عند الحافظ. وبالجملة؛ فالحديث لا يزال في مرتبة الضعف؛ لتعريه عن شاهد معتبر. والله أعلم. 5480 - (اقضيا يوماً آخر) (1) . ضعيف أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (94/ 1) : عن ابن جريج قال: قلت: لابن شهاب: أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أفطر في تطوع؛ فليقضه"؟ قال: لم أسمع من عروة في ذلك شيئاً، ولكني سمعت في خلافة سليمان ابن عبد الملك من ناس عن بعض من نساء عائشة أنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين، فقرب إلينا طعام، فابتدرناه فأكلناه، فدخل النبي   (1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر (5202) ". (الناشر) الحديث: 5480 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 838 - صلى الله عليه وسلم -؛ فبادرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها -؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. 5481 - (عشر مباح للمسلمين في مغازيهم: العسل، والماء، والتراب، والخل، والملح، والحجر، والعود - ما لم ينحت - والجلد الطري، والطعام يخرج به) . موضوع أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (4/ 95/ 2) : أخبرنا عبد الملك بن محمد الشامي - وهو صاحب الأوزاعي -: أخبرنا أبو سلمة العاملي: حدثني الزهري: حدثني عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - يوم حنين بالجعرانة - ... فذكره. وقال: "حديث منكر، وعبد الملك عندهم في حد الترك". قلت: وقد وثقه بعضهم، وهو لين الحديث؛ كما قال الحافظ. وإنما آفة الحديث: شيخه أبو سلمة العاملي - واسمه: الحكم بن عبد الله بن خطاف -، وهو متروك، ورماه أبو حاتم بالكذب. الحديث: 5481 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 839 5482 - (من مات وعليه صوم نذر؛ فليصم عنه وليه) . منكر أخرجه ابن راهويه في "المسند" (4/ 95/ 2-96/ 1) : أخبرنا عبد الله بن واقد الجزري: أخبرنا حيوة بن شريح: أخبرني سالم بن غيلان عن عروة ابن الزبير عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف ومتن منكر؛ بزيادة: "نذر"! تفرد به الجزري هذا، وهو متروك، وكان أحمد يثني عليه، وقال: الحديث: 5482 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 839 "لعله كبر واختلط، وكان يدلس"! قلت: قد صرح هنا بالتحديث؛ فالعلة من سوء حفظه. ويؤكد ذلك: أن ابن وهب تابعه في أصل الحديث دون هذه الزيادة، فقال: قال حيوة به. أخرجه أحمد (6/ 69) . وكذلك أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عن عروة به؛ وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2079) . وأما قول ابن راهويه عقب الحديث. "السنة على هذا". فهو الراجح من الناحية الفقهية، وعليه حمل هذا الحديث عند المحققين؛ فكأن الجزري روى الحديث بالمعنى الذي يراه، وهذا من شؤم الرواية بالمعنى! 5483 - (إن الدين يقتص من صاحبه يوم القيامة إذا مات ولم يقضه؛ إلا من تدين في ثلاث: رجل تذهب قوته [في سبيل الله] ، فيدين ما يتقوى به على عدو الله وعدو رسوله؛ فمات فلم يقضه. ورجل مات عنده مسلم؛ فلم يجد ما يكفنه إلا بدين؛ فمات ولم يقضه. ورجل خاف على نفسه العزبة ولم يكن عنده ما يتزوج، فاستدان الحديث: 5483 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 840 فتزوج؛ ليعف نفسه خشية على دينه. فالله يقضي عن هؤلاء الدين يوم القيامة) . ضعيف أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (4/ 112/ 2-113/ 1) - والسياق له -، ويعقوب الفسوي في "التاريخ" (2/ 525-526) ، وابن ماجه (2/ 83) - والزيادة لهما -، والبزار (1340) ، وكذا أبو يعلى - كما في "زوائد ابن ماجه" للبوصيري (ق 151/ 1) - من طريق الإفريقي عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم عن عمران بن عبد المعافري عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الإفريقي. ومثله شيخه عمران؛ فقد ضعفه ابن معين، وتبعه الحافظ، ولم يلتفت إلى توثيق الفسوي له. وكذلك فعل الذهبي، فقال فيه في "الكاشف": "لين". وأعله الهيثمي (4/ 133) بالإفريقي فقط من رواية البزار! وهو قصور ظاهر قلده عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على "كشف الأستار" (2/ 118) كما هي عادته! 5484 - (أمر عماراً أن يفعل هكذا؛ وضرب بيديه الأرض، ثم نفضهما، ومسح على وجهه ويديه، وقال سلمة: ومرفقيه) . منكر بذكر المرفقين أخرجه ابن ماجه (1/ 201) من طريق حميد بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى عن الحكم وسلمة بن كهيل: أنهما سألا عبد الله بن أبي أوفى عن التيمم؟ فقال: ... فذكره. الحديث: 5484 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 841 قلت: وهذا متن منكر، وإسناده ضعيف؛ علته ابن أبي ليلى - واسمه محمد ابن عبد الرحمن -؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق؛ سيىء الحفظ جداً". قلت: وضعفه وسقوطه عن مرتبة الاحتجاج به؛ أمر معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف، ولولا أني رأيت المعلق على ترجمة سلمة بن كهيل من "تهذيب التهذيب" نقل تصحيح بعضهم لهذا الإسناد؛ لما خرجته كما ستراه في الحديث التالي، لا سيما وحديث التيمم في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عمار ليس فيه ذكر المرفقين، وهو مخرج في "الصحيحة" (694) ، و "صحيح أبي داود" (343) . (تنبيه) : قد أعل الحديث البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (ق 41/ 2) بضعف حفظ ابن أبي ليلى؛ ولكنه قال: "ولم ينفرد به ابن أبي ليلى؛ فقد رواه ابن أبي شيبة في "مسنده" عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبي أوفى عن أبيه ... فذكره"! كذا وقع في "المخطوطة": "عن أبيه"! فلعلها مقحمة من بعض النساخ؛ فإنهم لم يذكروا لأبي أوفى رواية مطلقاً، لا من رواية ابنه عبد الله، ولا غيره. وكذلك وقع في المطبوعة (1/ 80) ، ووقع فيها: "مصنفه" مكان: "مسنده"؛ وهو خطأ أيضاً؛ فإن الحديث ليس في "مصنف ابن أبي شيبة". ثم لينظر في قول البوصيري: "فذكره"؛ هل يعني أنه بلفظ سلمة: "ومرفقيه"، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 842 وهو منكر كما تقدم، أم بلفظ الحكم: "يديه"، وهو المحفوظ؟! 5485 - (لا تنفخ؛ فإن النفخ كلام) . منكر أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (4/ 214/ 2) : أخبرنا يونس ابن بكير: أخبرنا عنبسة بن الأزهر عن سلمة بن كهيل عن أم سلمة: أنها قالت لذي قرابة لما قام فصلى فنفخ: لا تفعل؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لغلامه رباح: ... فذكره. قلت: وهذا متن منكر، وإسناد ضعيف منقطع؛ فإن سلمة بن كهيل ما أظنه لقي أم سلمة؛ فإنه كوفي وهي مدنية، وقد ماتت وله من العمر نحو (15) عاماً، وقد قال ابن المديني في "العلل": "لم يلق سلمة أحداً من الصحابة إلا جندباً وأبا جحيفة". واستدرك عليه بعضهم بأن ابن ماجه روى في "باب التيمم" من "سننه" بإسناد صحيح عن الحكم وسلمة بن كهيل: أنهما سألا عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن التيمم ... الحديث! فأقول: هذا ممكن؛ فان ابن أبي أوفى تأخرت وفاته؛ فإنه مات سنة (87) بالكوفة، وهو آخر من مات فيها من الصحابة؛ لكن قوله: "بإسناد صحيح"! غير صحيح، كما تقدم بيانه آنفاً. ثم إن عنبسة بن الأزهر ويونس بن بكير؛ فيهما ضعف من قبل حفظهما. وقد خولفا في إسناده ولفظه، فأخرجه ابن راهويه أيضاً، وأحمد (6/ 301، الحديث: 5485 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 843 323) ، والترمذي (381، 382) ، وابن حبان (483) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (ص 379) من طرق ثلاث عن أبي صالح مولى طلحة عن أم سلمة قالت: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غلاماً لنا - يقال له: أفلح - إذا سجد نفخ، فقال: "يا أفلح! ترب وجهك". وضعفه الترمذي بقوله: "وإسناده ليس بذاك، وميمون أبو حمزة ضعفه بعض أهل العلم". وأقره الحافظ في "الفتح" (3/ 85) . لكن أبو حمزة قد توبع عند أحمد وابن حبان؛ فعلة الحديث أبو صالح هذا؛ فإنه لا يعرف؛ كما قال الذهبي. 5486 - (يا أيها الناس! حرم هذا المسجد على كل جنب من الرجال، أو حائض من النساء؛ إلا النبي، وأزواجه، وعلياً، وفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا بينت الأسماء أن تضلوا) . منكر أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 38) ، وابن حزم في "المحلى" (2/ 252 - طبع الجمهورية) من طريق عطاء بن مسلم عن ابن أبي غنية عن إسماعيل عن جسرة - وكانت من خيار النساء - قالت: كنت مع أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عندي، حتى دخل المسجد فقال: ... فذكره. وقال ابن حزم: "باطل، عطاء بن مسلم الخفاف منكر الحديث. وإسماعيل مجهول". الحديث: 5486 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 844 قلت: وقد رواه أفلت بن خليفة عن جسرة به نحوه مختصراً. وأعله ابن حزم بأفلت هذا، وأعله غيره بجسرة؛ وهو الراجح عندي؛ كما بينته في "ضعيف أبي داود" (32) ، فلا نعيد القول فيه. 5487 - (لا ترقدوا في مسجدي هذا، فخرج الناس، وخرج علي رضي الله عنه، فقال لعلي: [ارجع] فقد أحل لك فيه ما أحل لي، كأني بك تذودهم على الحوض، وفي يدك عصا عوسج) . منكر جداً أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 37-38) من طريق حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أناساً من المسجد، وقال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حرام هذا؛ قال الشافعي وغيره: "الرواية عن حرام حرام". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 269) : "كان غالياً في التشيع، منكر الحديث فيما يرويه، يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل". وساق له الذهبي مما أنكر عليه عدة أحاديث؛ هذا منها، وقال: "وهذا حديث منكر جداً". الحديث: 5487 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 845 5488 - (لما تجلى الله تعالى للجبل؛ طارت لعظمته ستة أجبل، فوقعت ثلاثة في المدينة، وثلاثة في مكة: وقع بالمدينة أحد، وورقان، الحديث: 5488 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 845 ورضوى، ووقع بمكة ثبير، وحراء، وثور) (1) . ضعيف جداً أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 79) ، والخطيب في "التاريخ" (10/ 441) عن عبد العزيز بن عمران عن معاوية بن عبد الله عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعاً. وقال الخطيب: "هذا الحديث غريب جداً، لم أكتبه إلا بهذا الإسناد". قلت: ثم روى عن ابن معين أنه قال في عبد العزيز هذا - وهو ابن عمران بن عبد العزيز الزهري المدني -: "ليس بثقة؛ إنما كان صاحب شعر". وعن البخاري: "منكر الحديث، لا يكتب حديثه". وعن النسائي: "متروك الحديث". ولذلك؛ أورد ابن الجوزي الحديث في "الموضوعات" (1/ 120-121) ؛ وقال: "قال ابن حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له، وعبد العزيز بن عمران يروي المناكير عن المشاهير". وتعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 24) بأن له متابعاً! متروكاً. ورده عليه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 144) بقوله: "بل هو كذاب؛ فلا يصلح تابعاً". وهو كما قال.   (1) سبق للشيخ - رحمه الله - تخريج الحديث برقم (162) ، وسيأتي ضمن الحديث التالي برقم (5490) ، وما ههنا فيه فوائد زوائد. (الناشر) الجزء: 11 ¦ الصفحة: 846 قلت: والجلد بن أيوب؛ قال الدارقطني: "متروك"، وقال أحمد: "ضعيف، ليس يسوى حديثه شيئاً". وفي ترجمته أورد الحديث ابن حبان في "ضعفائه" (1/ 211) ، وقال: "موضوع، لا أصل له". وذكر أن إسماعيل بن علية كان يرميه بالكذب. قلت: وهذه العلة لم يتعرض لذكرها من ذكرنا من النقاد: ابن الجوزي، والسيوطي، وابن عراق! 5489 - (هل تدرون ما اسم هذا الجبل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: هذا [حمت] جبل من جبال الجنة، اللهم! بارك فيه، وبارك لأهله فيه، وقال للروحاء: هذه سجاسج واد من أودية الجنة، ولقد مر بها موسى؛ عليه عباءتان قطوانيتان على ناقة ورقاء؛ في سبعين ألفاً من بني إسرائيل حاجين البيت العتيق، ولا تمر الساعة حتى يمر بها عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله حاجاً أو معتمراً؛ أو يجمع الله له ذلك كله) . ضعيف جداً أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 16/ 12،13) - والسياق له -، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 80) - مختصراً - من طريق كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أول غزوة غزاها - الأبواء، حتى إذا كنا بـ (الروحاء) ؛ نزل بـ (عرق الظبية) ، فصلى، ثم قال: ... فذكره. الحديث: 5489 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 847 قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لأن كثيراً ضعيف متهم بالكذب. وقد اقتصر الهيثمي في "المجمع" (6/ 68) على تضعيفه! وقد استدركت الزيادة التي بين المعكوفيين منه ومن "التاريخ"؛ فقد سقطت من "المعجم". واعلم أن إيراد الحديث في هذا الكتاب إنما هو باعتبار النصف الأول منه؛ لغرابته ونكارته؛ إلا؛ فالنصف الآخر ثابت في بعض الأحاديث الصحيحة، فانظر "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب" (2/ 115-117) . ومن أحاديث كثير المذكور الحديث التالي: 5490 - (أربعة أجبال من أجبال الجنة، وأربعة أنهار من أنهار الجنة، وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة، قيل: فما الجبال؟ قال: أحد يحبنا ونحبه - جبل من جبال الجنة، [و (ورقان) جبل من جبال الجنة] ، والطور جبل من جبال الجنة، ولبنان من جبال الجنة. والأنهار الأربعة: النيل، والفرات، وسيحان، وجيحان. والملاحم: بدر، وأحد، والخندق، وحنين) . موضوع بهذا التمام أخرجه الطبراني في "الكبير" (17/ 18/ 19) - والسياق له -، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/ 80-81) - مختصراً - بإسنادهما المتقدم، والزيادة من "التاريخ"؛ والظاهر أنها سقطت من أصل رواية الطبراني؛ فإنها لم ترد أيضاً في "مجمع الزوائد" (4/ 14) . وقد عزاه للطبراني، وضعفه بكثير! الحديث: 5490 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 848 وهو عندي بهذا السياق موضع؛ لكن صح منه: "أحد جبل يحبنا ونحبه"؛ فقد رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "فقه السيرة" (ص 291) ، وقد أخرجه ابن شبة عن جمع من الصحابة. "وأربعة أنهار من الجنة ... " مخرج في "الصحيحة" (110) . ثم روى ابن شبة الحديث (1/ 85) من طريق عبد العزيز عن أبي معشر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه بتقديم وتأخير. وهذا إسناد ضعيف جداً كسابقه؛ عبد العزيز: هو ابن عمران الزهري المدني، وهو متروك كما تقدم بيانه في الحديث الآنف الذكر (4588) . وأبو معشر: اسمه نجيح بن عبد الرحمن؛ ضعيف. 5491 - (يا أم قيس! ترين هذه المقبرة؛ يبعث الله منها سبعين ألفاً يوم القيامة على صورة القمر ليلة البدر، يدخلون الجنة بغير حساب، [كأن وجوههم القمر ليلة البدر] . فقام عكاشة فقال: وأنا يا رسول الله؟! قال: وأنت. فقام آخر فقال: وأنا يا رسول الله؟! قال: سبقك بها عكاشة) . منكر أخرجه الطبراني في "الكبير" (25/ 181/ 445) - والسياق له -، وابن شبة في "التاريخ" (1/ 91-92) - والزيادة له - من طرق عن سعد أبي عاصم: حدثنا نافع مولى حمنة بنت شجاع قالت: قالت لي أم قيس: لو رأيتني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذ بيدي في سكة من سكك المدينة، ما فيها بيت، حتى انتهى إلى بقيع الغرقد، فقال لي: ... فذكره. وزاد الثاني: الحديث: 5491 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 849 قال سعد: فقلت لها: ما له لم يقل للآخر؟ قالت: أراه كان منافقاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ نافع هذا؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 453) لهذه الرواية؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك أورده ابن حبان في "الثقات" (3/ 269) ؛ على قاعدته المعروف شذوذها عن قواعد الأئمة. وسعد هذا: هو ابن زياد أبو عاصم مولى سليمان بن علي؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 83) عن أبيه: "يكتب حديثه، وليس بالمتين". قلت: وأما قول الهيثمي (2/ 13) : "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه من لم أعرفه"! فهو عجيب؛ لأن الطبراني رواه بإسنادين صحيحين عن سعد؛ فهو يعنيه وشيخه نافعاً، وقد ترجمهما ابن أبي حاتم! والحديث منكر؛ لأن المحفوظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في السبعين ألفاً أنهم: "الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". أخرجه الشيخان. والظاهر: أنه في عامة أمته - صلى الله عليه وسلم -؛ وليس في الذين يدفنون في البقيع. والله أعلم. والحديث؛ سكت عنه الحافظ في "الفتح" (11/ 413 - السلفية) ! فلم يصب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 850 ثم رواه ابن شبة من طريق عبد العزيز عن حماد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرسلاً دون قصة عكاشة. وهذا ضعيف جداً؛ عبد العزيز متروك؛ كما تقدم. وحماد ضعيف. 5492 - (مقبرة بغربي المدينة؛ يقرضها السيل يساراً، يبعث منها كذا وكذا؛ لا حساب عليهم) . ضعيف جداً أخرجه ابن شبة في "التاريخ" (1/ 93) من طريق عبد العزيز ابن عمران عن عبد العزيز بن مبشر عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عمران هذا، وهو متروك؛ كما تقدم غير مرة. وعبد العزيز بن مبشر؛ لم أعرفه. والمقبري الراوي عن أبيه؛ إن كان سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ فهو ثقة كأبيه. وإن كان عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ فهو متروك. والله أعلم. الحديث: 5492 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 851 5493 - (جزاك الله من أم وربيبة خيراً؛ فنعم الأم، ونعم الربيبة كنت لي. يعني: فاطمة بنت أسد أم علي) . ضعيف جداً أخرجه ابن شبة في "التاريخ" (1/ 124) : حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال: حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل الحديث: 5493 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 851 قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - قال: ولم يدعه قط إلا أباه، وهو جده - قال: حدثنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: بينما نحن جلوس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ أتى آت، فقال: يا رسول الله! إن أم علي وجعفر وعقيل قد ماتت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا بنا إلى أمي". فقمنا وكأن على رؤوس من معه الطير. فلما انتهينا إلى الباب؛ نزع قميصه، فقال: "إذا غسلتموها فأشعروها إياه تحت أكفانها". فلما خرجوا بها؛ جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة يحمل، ومرة يتقدم، ومرة يتأخر، حتى انتهينا إلى القبر، فتمعك في اللحد، ثم خرج، فقال: "أدخلوها باسم الله، وعلى اسم الله". فلما أن دفنوها قام قائماً، فقال: ... فذكره. قال: فقلنا له - أو قيل له -: يا رسول الله! لقد صنعت شيئين ما رأيناك صنعت مثلهما قط؟! قال: "ما هو؟ ". قلنا: نزعك قميصك، وتمعكك في اللحد؟! قال: "أما قميصي؛ فأردت أن لا تمسها النار أبداً إن شاء الله. وأما تمعكي في اللحد؛ فأردت أن يوسع الله عليها قبرها". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته من أحد راوييه: إما القاسم بن محمد؛ فقد قال أبو حاتم: "متروك". وقال أحمد: "ليس بشيء". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 852 وإما عبيد بن إسحاق؛ ضعفه يحيى. وقال البخاري: "عنده مناكير". وقال الأزدي: "متروك الحديث". وقال ابن عدي: "عامة حديثه منكر". وأما أبو حاتم؛ فرضيه! 5494 - (أجهدوا أيمانهم أنهم ذبحوها، ثم اذكروا اسم الله وكلوا) . ضعيف رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 131/ 1-2531) وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (411/ 878) من طريق محمد بن حمير قال: حدثني سلمة بن العيار عن جرير بن حازم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: كان أناس من العرب (وفي رواية أبي الشيخ: الأعراب) يأتون باللحم، فكان في أنفسنا منه بشيء، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ... فذكره. إلا أن لفظ أبي الشيخ: "ذكوها" مكان: "ذبحوها". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله ثقات؛ غير أبي هارون العبدي - واسمه عمارة بن جوين -؛ قال الحافظ: "متروك، ومنهم من كذبه". وخفي حاله على الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (4/ 36) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات"! الحديث: 5494 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 853 وانطلى الأمر على الحافظ ابن حجر؛ فقلده في "الفتح" (9/ 635) ! ولو أنه رجع إلى سنده في "الأوسط"؛ لم يخف عليه حاله. وقد صح منه الشطر الثاني من حديث عائشة رضي الله عنها: أن قوماً قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن قوماً يأتوننا بلحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: "سموا عليه أنتم، وكلوه". قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر. أخرجه البخاري (5507) وغيره، وقد خرجته في "صحيح أبي داود" (2518) . وقد اختلف في وصله وإرساله، وأشار البخاري إلى ترجيح الوصل؛ خلافاً للدارقطني؛ كما بينه الحافظ. وممن أرسله: سفيان بن عيينة، وزاد في روايته: "اجتهدوا أيمانهم، وكلوا". فقال الحافظ: "أي: حلفوهم على أنهم سموا حين ذبحوا. وهذه الزيادة غريبة في هذا الحديث، وابن عيينة ثقة؛ لكن روايته هذه مرسلة". وأقول: بل هي - إلى ذلك - شاذة في حديث عائشة؛ لأنها لم تذكر في شيء من الطرق الأخرى الموصولة أو المرسلة. وحديث الترجمة لو صح؛ يدل على أنه سقط منها قوله: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 854 إنهم ذبحوها! وهو الذي يقتضيه سياق حديث عائشة. والله أعلم. 5495 - (إن الله عز وجل خلق الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسماً، وذلك قول الله عز وجل: (وأصحاب اليمين) ، (وأصحاب الشمال) ؛ فأنا من أصحاب اليمين؛ وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرها ثلثاً، فذلك قوله: (وأصحاب الميمنة) ، (والسابقون السابقون) ؛ فأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) ، وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله عز وجل، ثم جعل القبائل بيوتاً؛ فجعلني في خيرها بيتاً، وذلك قوله: (إنما يريد ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) ، وأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب) . موضوع بهذا التمام أخرجه يعقوب الفسوي في "المعرفة" (1/ 498) : حدثني يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا قيس عن الأعمش عن عباية بن ربعي الأسدي عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ ليس فيه ثقة سوى الأعمش: أولاً: عباية هذا؛ ذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال: "غال ملحد، وكان يشرب الدن وحده". ثانياً: قيس - وهو ابن الربيع - ضعيف. الحديث: 5495 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 855 ثالثاً: يحيى بن عبد الحميد - وهو الحماني -؛ قال في "التقريب": "حافظ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث". قلت: وآثار الوضع والغلو في المتن ظاهرة؛ لا سيما في الجملة الأخيرة منه: ".. مطهرون من الذنوب". فإنه يشعر بأن التطهير في الآية تطهير كوني! وليس كذلك؛ بل هو تطهير شرعي؛ كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية - في رده على الرافضي - في كتابه العظيم: "منهاج السنة". وقد رواه الفسوي وغيره من طريق أخرى أخصر منه؛ ليس فيه ما ذكرنا؛ ولكن في إسناده؛ يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم؛ وقد اضطرب في إسناده؛ كما تقدم بيانه برقم (3073) . لكن صح من رواية مسلم وغيره مختصراً جداً، وصححه الترمذي؛ وقد خرجته لمناسبته تحت الحديث المتقدم (163) . 5496 - (سيخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسه أحد بعده) . ضعيف أخرجه الفسوي في "المعرفة" (1/ 563) ، وابن سعد في "الطبقات" (7/ 500-501) ، وابن عساكر في "التاريخ" (15/ 445/ 2) من طريق أبي صخر عن عبد الله بن معتب - أو مغيث - بن أبي بردة عن أبيه عن جده مرفوعاً. وزاد ابن سعد: الحديث: 5496 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 856 قال نافع بن يزيد: قال ربيعة: فكنا نقول: هو محمد بن كعب القرظي. و (الكاهنان) : قريظة والنضير. قلت: وعزاه الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/ 199-200) للفسوي، وابن وهب. وتحرف على الطابع اسم (معتب) أو (مغيث) إلى: (سعيد) ! وسكت الذهبي عن إسناده! وهو ضعيف؛ لجهالة عبد الله بن معتب أو مغيث وأبيه؛ فقد أورد الأول منهما ابن أبي حاتم (2/ 2/ 174) بهذه الرواية؛ غير أنه قال: " ... ابن مغيث ... "، ولم يشك، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ولم يذكر أباه مطلقاً؛ لا فيمن اسمه (مغيث) ، ولا فيمن اسمه (معتب) . والله أعلم. 5497 - (يكون في أمتي رجل - يقال له: صلة بن أشيم - يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا) . ضعيف أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 77) ، وابن سعد في "الطبقات" (7/ 134) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 241) من طريق عبد الله بن المبارك: أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف معضل؛ ابن جابر هذا من أتباع التابعين، وهو ثقة. وابن المبارك أشهر من أن يذكر. الحديث: 5497 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 857 5498 - (إنا لله وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل آنفاً، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقلت: أجل؛ إنا لله وإنا إليه راجعون، مم ذاك يا جبريل؟! فقال: إن أمتك مفتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير. فقلت: فتنة كفر أو فتنة ضلالة؟ قال: كل سيكون. فقلت: من أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله عز وجل؟! قال: بكتاب الله عز وجل يضلون، فأول ذلك من أمرائهم وقرائهم، تمنع الأمراء الحقوق، ويسأل الناس حقوقهم فلا يعطوها؛ فيغشوا ويقتتلوا، ويتبع القراء أهواء الأمراء؛ فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون. فقلت: يا جبريل! فبم يسلم (الأصل: يسأل) من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبر؛ إن أعطوا الذي لهم أخذوه، وإن منعوا تركوه) . ضعيف جداً أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 308-309) من طريق محمد بن حمير عن مسلمة بن علي عن عمر بن ذر عن أبي قلابة عن أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر بن الخطاب قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحيتي (كذا! ولعل الصواب: بلحيته) - وأنا أعرف الحزن في وجهه -، فقال: ... فذكره. وقال: "ومحمد بن حمير هذا حمصي ليس بالقوي. ومسلمة بن علي دمشقي ضعيف الحديث. وعمر بن ذر هذا أظنه غير الهمداني، وهو عندي شيخ مجهول، ولا يصح هذا الحديث". أقول: أما أن الحديث لا يصح؛ فنعم. وأما أن محمد بن حمير ليس بالقوي، وأنه ممن يعل به الحديث؛ فلا؛ لأنه قد الحديث: 5498 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 858 وثقه ابن معين وغيره، وحسبك أنه ممن احتج بهم البخاري في "صحيحه". وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق". وإنما علة الحديث: من شيخه مسلمة بن علي؛ فإنه متروك؛ كما في "التقريب". وقد تقدمت له أحاديث كثيرة. 5499 - (نهاني أن أتختم في هذه وهذه. يعني: الخنصر والإبهام) . شاذ بهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه (3648) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عاصم عن أبي بردة عن علي قال: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عاصم - وهو ابن كليب الجرمي -؛ فهو من رجال مسلم وحده؛ غير أن البخاري روى له تعليقاً. وعبد الله بن إدريس: هو الأودي. وابن أبي شيبة: اسمه عبد الله بن محمد، وهو الثقة الحافظ صاحب "المصنف" وغيره من المؤلفات؛ فالسند صحيح. لكن في المتن شذوذ ونكارة من وجهين: الأول: قوله: هذه وهذه! وإنما هو:.. أو هذه ... على الشك. والآخر: قوله: يعني: الخنصر والإبهام! والصواب: السبابة أو الوسطى. وبيان ذلك من وجوه: الحديث: 5499 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 859 الأول: أنه قد جاء من طريق ثقتين آخرين عن ابن إدريس على الصواب، فقال مسلم (6/ 152) : حدثني محمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب جميعاً عن ابن إدريس قال: سمعت عاصم بن كليب ... بلفظ: نهاني - يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - - أن أجعل خاتمي في هذه أو التي تليها ... لم يدر عاصم في أي الثنتين. قلت: وما اتفق عليه ثقتان أولى بالاعتماد عليه مما تفرد به ثقة واحد وخالف؛ لا سيما إذا جاء ما يشهد له من رواية الثقات الآخرين عن عاصم، كما يأتي بيانه. وهذا المخالف يحتمل أن يكون ابن ماجه نفسه أو شيخه ابن أبي شيبة، فليراجع كتابه "المصنف - كتاب اللباس" من شاء التحقق من ذلك؛ فإني بعيد عن مخطوطته، ومطبوعته الجديدة؛ فإن المطبوعة القديمة منه لم تصل إلى "اللباس" منه. ثم رأيته في المطبوعة الجديدة (8/ 504) بلفظ: هذه وهذه. يعني: السبابة والوسطى. فثبت أن الوهم من ابن ماجه، أو لعله من أحد نساخ كتابه. وقوله: هذه وهذه ... كذا هو في المطبوعة! والآخر: أن ابن إدريس قد تابعه جمع من الثقات على الوجهين الراجحين؛ فأنا ذاكر من وقفت عليه منهم، ومخرج لروايتهم؛ ليكون القارىء على بينة مما نقول: فأولهم: سفيان بن عيينة عن عاصم بن كليب عن ابن لأبي موسى به ... فذكر الحديث بنحوه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 860 هكذا أخرجه مسلم؛ لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ حديث ابن إدريس المتقدم عنده. وقد رواه بإسناده عنه: الترمذي (1787) ، وساق لفظه؛ فإذا هو هكذا: هذه وهذه، وأشار إلى السبابة والوسطى. وقال: "حديث حسن صحيح". قلت: ففيه بيان ما أجمل في رواية ابن إدريس الراجحة، بذكره السبابة والوسطى؛ خلافاً لحديث الترجمة: الخنصر والإبهام؛ لكنه وافقه في قوله: هذه وهذه. فجمع بينهما ولم يتردد. لكني أظن أنه سقطت ألف (أو) من بعض النساخ أو الطابعين (!) ؛ فقد رواه الحميدي في "مسنده" (52) : حدثنا سفيان بإسناده المذكور بلفظ: (أو) ، وهو المحفوظ؛ لما سيأتي التصريح به من بعض الثقات أنه شك عاصم. وقد أخرجه أبو عوانة في "مسنده" (5/ 497) من طريق الحميدي؛ إلا أنه قد اختصره. وثانيهم: شعبة عن عاصم به نحوه. كذا أخرجه مسلم أيضاً. وقد أخرجه أحمد (1/ 109،138) من طريقين؛ أحدهما عن محمد بن جعفر - وعنه تلقاه مسلم -؛ ولفظه: الجزء: 11 ¦ الصفحة: 861 في السبابة أو الوسطى. ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي في "الزينة"؛ لكن سقط منه ألف (أو) . وكذلك وقع عند أبي عوانة (5/ 496) ، والطيالسي (167) . ويؤكد السقوط: رواية أحمد الأخرى عن شعبة: في ذه أو ذه: الوسطى والسبابة ... وزاد فيها: وقال جابر - يعني: الجعفي -: هي الوسطى لا شك فيها. وقد رواها في مكان آخر (1/ 150) عن شعبة أيضاً عن جابر بلفظ: أن أضع الخاتم في الوسطى. وهذه فائدة هامة؛ لكن جابر الجعفي ضعيف لا يحتج به. وإن مما يؤكد السقوط المذكور: رواية الثقة الآتي وهو: ثالثهم: أبو الأحوص عن عاصم بلفظ: ... هذه أو هذه. قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها. أخرجه مسلم، وأبو عوانة (5/ 497) ، والنسائي - مختصراً -. وقال أبو عوانة: وأومأ إلى الوسطى أو التي تليها ... بالإثبات الألف أيضاً. رابعهم: أبو عوانة عن عاصم بلفظ: ونهاني أن أجعل خاتمي في هذه، وأهوى أبو بردة إلى السبابة أو الوسطى. قال الجزء: 11 ¦ الصفحة: 862 عاصم: أنا الذي اشتبه علي أيتهما عنى. أخرجه أحمد (1/ 154) ، وأبو عوانة (5/ 498) - مختصراً -. وأبو عوانة: اسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة ثبت، أخرج له الشيخان وغيرهما. وهي تؤكد خطأ حديث الترجمة من الوجهين المتقدمين. ومثلها ما يأتي: خامسهم: بشر بن المفضل: حدثنا عاصم مثله، ولفظه: ... في هذه، أو في هذه: في السبابة والوسطى. شك عاصم. أخرجه أبو داود (2/ 198- التازية) . وبشر بن المفضل ثقة ثبت من رجال الشيخين أيضاً. سادسهم: سفيان عن عاصم مختصراً بلفظ: نهاني أن أجعل الخاتم في هذه أو في هذه. قال عبد الرزاق: لإصبعيه السبابة والوسطى. أخرجه أحمد (1/ 124) . وسفيان: هو الثوري، وهو أشهر من أن يذكر بالثقة والحفظ. سابعهم: محمد بن فضيل عن عاصم به؛ إلا أنه اختصره، فقال: نهاني أن أجعل خاتمي في هذه السباحة أو التي تليها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 863 أخرجه أحمد (1/ 78) . ومحمد بن فضيل ثقة من رجال الشيخين أيضاً. ثامنهم: علي بن عاصم: أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي مثله؛ إلا أنه قال: هذه أو هذه: السبابة والوسطى. وزاد: قال: فكان قائماً؛ فما أدري في أيتهما قال. أخرجه أحمد (1/ 134) . وعلي بن عاصم لا بأس به في الشواهد والمتابعات. تاسعهم: صالح بن عمر: أخبرنا عاصم بن كليب؛ بلفظ: قال عاصم: وأنا اشتبه علي أيتهما هي؟! أخرجه أبو يعلى (1/ 176) . وجملة القول: أنه ثبت - برواية ابن إدريس المحفوظة عنه، ومتابعة الثقات التسعة له - أن حديث الترجمة ضعيف شاذ لا صحة له، وأن الصحيح رواية مسلم وغيره: النهي عن التختم في السبابة والوسطى؛ شك راويه عاصم بن كليب. فقول الشيخ الطيبي - كما في "المرقاة" (4/ 445) -: " (أو) هذه ليست لترديد الراوي؛ بل للتقسيم؛ كما في قوله تعالى: (ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً) "! فهذا خطأ ظاهر؛ وإن أقره الشيخ علي القاري، وقلده المعلق على (صحيح الجزء: 11 ¦ الصفحة: 864 مسلم - طبع إستنبول) ؛ منشؤه من الوقوف والجمود على المتون، دون الرجوع إلى الأصول! ولكن ليت شعري؛ إذا كان هذا عذر الشيخين المذكورين؛ فما عذر المعلق على "صحيح مسلم"؛ وهو يرى فيه عقب الحديث قول ابن إدريس: لم يدر عاصم في أي الثنتين؟! أليس هو التقليد؟!! ثم إن مما يؤكد خطأ ذكر الخنصر في الحديث؛ قول أنس رضي الله عنه: كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه. وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى. أخرجه مسلم، والبخاري (5874) نحوه من طريق أخرى عنه. وفي معناه: ما رواه الطبراني عن أبي موسى قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألبس خاتمي في السبابة والوسطى؛ فقال: "إنما خاتم لهذه وهذه"؛ يعني: الخنصر والبنصر. قال الهيثمي (5/ 153) : "وفيه محمد بن عبيد الله؛ فإن كان العرزمي؛ فهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات"! قلت: بل هو متروك؛ كما قال الحافظ وغيره. فإن قيل: فإذا كان الراوي عاصم شك، ولم يدر أي الإصبعين أراد النبي الجزء: 11 ¦ الصفحة: 865 - صلى الله عليه وسلم -: السبابة والوسطى؟ فعلى ماذا العمل؟ فأقول: إلى أن يتبين لنا أيهما أراد - صلى الله عليه وسلم - برواية أخرى أو بحديث آخر؛ فينبغي أن يكون العمل بلفظي الحديث احتياطاً، فلا يتختم في الوطسى ولا في السبابة. وهو الذي نقله القاري عن النووي: أنه يكره ذلك كراهة تنزيه. والله أعلم. 5500 - (يا وائل بن حجر! إذا صليت؛ فاجعل يديك حذاء أذنيك، والمرأة تجعل يديها حذاء ثدييها) . ضعيف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 19/ 28) عن ميمونة بنت حجر بن عبد الجبار بن وائل بن حجر قالت: سمعت عمتي أم يحيى بنت عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيها عبد الجبار عن علقمة - عمها - عن وائل بن حجر قال: جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هذا وائل بن حجر؛ جاءكم، لم يجئكم رغبة ولا رهبة؛ جاء حباً لله ولرسوله". وبسط له رداءه، وأجلسه إلى جنبه وضمه إليه، وأصعد به المنبر، فخطب الناس، فقال لأصحابه: "ارفقوا به؛ فإنه حديث عهد بالملك". فقلت: إن أهلي قد غلبوني على الذي لي! قال: "أنا أعطيكه، وأعطيك ضعفه". فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن ميمونة بنت حجر، وعمتها أم يحيى بنت عبد الجبار؛ لم أجد لهما ترجمة. وقال الهيثمي في موضعين من "المجمع" (2/ الحديث: 5500 ¦ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 866 103 و 9/ 373-374) : "رواه الطبراني من طريق ميمونة بنت حجر بن عبد الجبار عن عمتها أم يحيى بنت عبد الجبار؛ ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات". قلت: ولا أعلم حديثاً صحيحاً في التفريق بين صلاة الرجل وصلاة المرأة؛ وإنما هو الرأي والاجتهاد. وقد ثبت عن بعض السلف خلافه، فانظر آخر كتابي "صفة الصلاة". ومما يؤيد ذلك: أنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل يديه حذو منكبيه تارة، ويحاذي بهما أذنيه تارة؛ كما تراه مخرجاً في "صفة الصلاة". فالتفريق المذكور في الحديث منكر. والله أعلم.   انتهى بحمد الله وفضله المجلد الحادي عشر من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيىء في الأمة "، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثاني عشر، وأوله حديث: 5501 - (لا تدخلوا على النساء وإن كن كنائن. . .) . و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ". الجزء: 11 ¦ الصفحة: 867 بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ المقدمة : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فهذا هو المجلد الثاني عشر من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأثرها السيئ في الأمة ". يخرج إلى عالم المطبوعات ليرى النور بعد عشرات السنين. ليلحق بأمثاله من المجلدات السابقة. ليكون المسلم على بينة من أمر دينه، فلا ينسب إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، فيقع تحت وعيد قوله صلى الله عليه وسلم. " كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع "، أو تحت وعيد قوله الآخر: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار "، وحتى لا يقع المسلم في الضلال والبدعة، ويصرف جهده ووقته فيما لم يشرعه الله ورسوله، وهو يحسب أنه يحسن صنعأ! ! وسيرى القارئ الكريم تحت أحاديث هذا المجلد - كسابقه - الكثير والكثير من الأبحاث والتحقيقات الحديثية، والردود العلمية القوية، والفوائد والتنبيهات الخفية. كل في مكانه ومناسبته، وخذ أمثلة على ذلك الأحاديث: (5512، 13 55، 5515، 7 551، 5529، 5533 - 5539، 5542، 5543، 5550، 5553، 5556، 5557، 5560، 5561، 5564، 5571، 5576، 5579، 5581، 5589، 5590، 5593 - 5598، 5600 - 5607 وهكذا معظم أحاديث هذا المجلد) . وبطبيعة الحال فإن هذا المجلد - كسابقه - لم يراجعه الشيخ المراجعة الأخيرة لتهيئته للطباعة، ولو فعل لزاد وأفاد، ولذلك. وجدنا بعض الملاحظات على هذا المجلد، منها - بل أهمها - أننا وجدنا عددا من الأحاديث لم يثبت عليها الشيخ - رحمه الله - الحكم المختصر قبل التخريج - كعادته -، فوضعنا الحكم المناسب عليها بناء على نظرنا في دراسة الشيخ لطرقه وتحقيقه، مع الرجوع إلى بعض إخواننا طلاب العلم في ذلك، وإليك أرقام هذه الأحاديث كلها: (5530،   [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة] ينظر التعليقات الموجودة بداية من المجلد الثامن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 3 5532، 5507، 5558، 5559، 5563، 5577، 5594، 4 562، 5668، 5679، 5682، 5726، 5727، 5731، 4 575، 5828، 0 583، 2 584، 5848، 5858، 5859، 5873، 5878، 0 588، 5881، 5890، 1 92 5، 27 59، 46 9 5، 5948، 5955) . وهنالك حديث قمنا بحذفه. نظرا لتخريج الشيخ - رحمه الله - إياه في هذا المجلد برقم (5702) تخريجا أوسع بفوائد زوائد، وهو الحديث (5501) . ووجدنا بعض الأحاديث أخذت الرقم المكرر قبلها، ففصلنا اللاحق عن السابق بوضع [/ م] بعد الرقم المكرر، ولم نعدل الأرقام؛ لأن الشيخ - رحمه الله - كان يحيل عليها في كتبه الأخرى، فتيسيراً على الباحث تركناها كما هي، وهذه الأحاديث هي: (5723، 5743، 5798، 1 585، 5894، 5978) . وقد وجدنا - أيضا - قفزا في ترقيم الأحاديث في خمسة مواضع، نتج عنها سقوط خمسة أرقام، وهي: (5533، 5764، 5792، 5952، 5989) . وأخير " لا يفوتنا التوجه بالشكر إلى كل من كانت له يد في إنجاز هذا العمل العظيم في جميع مراحله. بما فيه عمل الفهارس العلمية المختلفة على نحو ما كانت تصنع في حياة الشيخ - رحمه الله -. فجزاهم الله خيرا وشكر لهم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا، والحمد لله رب العالين. 21 من شهر صفر 1423 هـ الناشر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 4 5501 - ( ....................................... ) (1) .   (1) كان هنا الحديث: " لا تدخلوا على النساء وإن كن كنائن. . . "، وقد أعاد الشيخ - رحمه الله - تخريجه بفوائد زوائد في هذا المجلد برقم (5702) ، فرأينا حذفه من هنا. (الناشر) . الحديث: 5501 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 5 5502 - (من كتم على غال فهو مثله) . ضعيف. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 16 / 2) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 375 / 1) من طريق إسحاق بن ثعلبة عن مكحول عن سمرة مرفوعا. وقال ابن عدي مضعفاً لاسحاق هذا: " روى عن مكحول عن سمرة أحاديث كلها غير محفوظة ". وقال أبو حاتم فيه: " مجهول، منكر الحديث ". قلت: ومكحول - (وهو الشامي الفقيه - ثقة. ولكنه قد رمي بالتدليس، فمن المحتمل أن يكون أسقط الواسطة بينه وبين سمرة. فقد روي الحديث بإسناد مظلم عن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه سمرة به. وسليمان هذا. مجهول الحال، فربما يكون هو الواسطة بين مكحول وسمرة. وقد تكلمت على رجال إسناده إلى سليمان، وما فيه من الضعف والجهالة في " ضعيف أبي داود " (272) . الحديث: 5502 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 5 5503 - (أكرم الله عز وجل هذه الأمة بالعمائم والآلوية) . ضعيف. أخرجه سعيد بن منصور في " السنن " (برقم 2528) : نا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو قال: سمعت خالد بن معدان وفضيل بن فضالة الحديث: 5503 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 5 يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله: خالد بن معدان تابعي معروف، وهو ثقة كاللذين دونه. وقد روي جله موصولا من رواية عنبسة بن عبد الرحمن عن خالد بن كلاب أنه سمع أنس بن مالك يقول. . . فذكره مرفوعا بلفظ: " إن الله أكرم أمتي بالألوية ". أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (117 - 118) ، وابن عساكر (2 / 144 / 1) . وقال العقيلي: " خالد بن كلاب مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ ". يعني هذا. وقال الذهبي: " الحديث منكر، وخالد تركه الأزدي ". وكذا في " اللسان ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، من رواية العقيلي، ونقل عنه هو وابن حجر أنه قال: " حديثه؛ لا أصل له ". وأقره السيوطي في " اللآلي "، ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (ق 288 / 1) . قلت: ولست أدري لماذا تتابعوا على الحمل في هذا الحديث على خالد هذا، والراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن - وهو الأموي - معروف بالضعف الشديد بل الجزء: 12 ¦ الصفحة: 6 الوضع. والحافظ نفسه قال فيه في " التقريب ": " متروك، رماه أبو حاتم بالوضع "؟ ثم إنهم قد خفي عليهم - جميعا - حديث الترجمة، وهو مما ينقذ الحديث من الحكم عليه بالوضع كما هو ظاهر، ولعله لذلك اقتصر الحافظ في الفتح " (6 / 127) على قوله في حديث أنس: " إسناده ضعيف ". وقد عزاه لرواية أبي يعلى، وما وجدته في نسخة " مسنده " المصورة التي عندي، ولا أورده الهيثمي في " مجمعه " (5 / 321) وهو على شرطه. لكن قد أورده الحافظ في " المطالب العالية " (2 / 151) من رواية أبي يعلى أيضا ومنه تبين أنه عنده من الطريق المتقدمة طريق خالد بن كلاب، ولم يذكر الراوي عنه: هل هو عنبسة بن عبد الرحمن أم غيره؟ والذي يغلب على الظن أنه الأول. والله أعلم. 5504 - (إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عند الجارية، فعقوا عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة) . غريب. أخرجه البزار (233 1) ، والبيهقي (9 / 1 0 3 - 2 0 3) من طريق الضحاك بن مخلد: ثنا أبو حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، وقال البزار: " لا نعلمه عن الأعرج عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ". قلت: ووقع عنده: " أبو حفص الشاعر "، ولم يسمه، ولم أجد له ذكرا فيما عندي من كتب الرجال، لا في الأسماء ولا في الكنى، وليراجع له " الكنى " للدولابي. الحديث: 5504 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 7 وكذلك أبوه تميم. لم أعرفه، وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 58) : " رواه البزار من رواية أبي حفص الشاعر عن أبيه، ولم أجد من ترجمهما ". قلت: أما الشطر الثاني من الحديث. فهو صحيح من رواية عائشة وأم كرز الكعبية، وهو مخرج في " الإرواء " (166 1) و " صحيح أبي داود " (2522، 2524، 2525) . 5505 - (من رفع رأسه من الركوع قبل الإمام. فلا صلاة له) . ضعيف. رواه عبد الرزاق في " المصنف " (2 / 375 / 3759) عن رجل عن محمد بن جابر قال: سمعت عبد الله بن بدر يحدث عن علي بن شيبان عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ظاهر الضعف. لجهالة الرجل الذي لم يسم. وضعف محمد بن جابر، وهو الحنفي اليمامي. قال الحافظ في " التقريب " " صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن ". ومن طريقه رواه بقي بن مخلد أيضا. كما في ترجمة شيبان بن محرز من " الإصابة "؛ لكنه عزاه لابن ماجه أيضا! وهو من أوهامه رحمه الله. الحديث: 5505 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 5506 - (من زار القبور. فليس منا) . ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (3 / 569 / 5 670) عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. الحديث: 5506 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 قلت: وهذا إسناد مرسل، فهو ضعيف. ولعل الحديث - إن صح - كان في وقت النهي عن زيارة القبور، ثم نسخ ذلك بإذن النبي صلى الله عليه وسلم بزيارتها، كما جاء في أحاديث كثيرة، قد ذكرنا قسما طيبا منها في " أحكام الجنائز ". فليراجعها من شاء الوقوف عليها. 5507 - (كان يصافح النساء وعلى يده ثوب) . ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في المصنف " (6 / 9 / 9832) عن إبراهيم قال:. . . فذكره مرفوعا قلت: وهو مرسل. بل معضل، والسند إلى إبراهيم صحيح. الحديث: 5507 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 5508 - (هذا سجاسج: واد من أودية الجنة، قد صلى في هذا المسجد قبلي سبعون نبيا، ولقد مر به موسى بن عمران حاجاً أو معتمرا في سبعين ألفا من بني إسرائيل على ناقة له ورقاء، عليه عباءتان قطوانيتان) . ضعيف جداً) . أخرجه أبو إسحاق الحربي في " كتاب المناسك " ص 446 - تحقيق حمد الجاسر) من طريق كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده: أن النبي صلى في مسجد الروحاء الذي عند عرق الظبية، وقال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا كثير هذا متروك، كما هو معروف. الحديث: 5508 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 5509 - (نِعْمَ القوم حِمْيَر؛ بأفواههِمُ السلامُ، وبأيديهمُ الطعام) . ضعيف جداً. أخرجه الفسوي في " المعرفة " (2 / 220) : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي: حدثني عمرو بن الحارث بن العلاء أبو عون بن أبي عبد الله أن قيس بن الحارث الغامدي: حدثنا ابن الصّنابحي قال: إن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! العن حميراً. فقال: (يرجم الله حميراً) ! فقال: يا رسول الله! العن حميراً. قال: (يرحم الله حميراً) ! فقال: يا رسول الله! إنما قلت: العن حِمْيَراً. فقال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ اسحاق بن إبراهيم؛ قال الحافظ: " صدوق يهم كثيرا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب ". وعمرو بن الحارث بن العلاء - كذا وقع في الأصل - وأظنه خطأ؛ فإنه: ابن الحارث بن الضحاك كما في " الجرح " (3 / 1 / 226) وغيره، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا؛ إلا أن يكون (العلاء) من أجداده، وهذا مما لم يذكروه. أشار الذهبي إلى أنه مجهول؛ فقال في " الميزان ". (تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها " علوة "، فهو غير معروف العدالة. وابن زيريق ضعيف) . وقال الحافظ فيه وفي أبي عون - واسمه عبد الله -: " مقبول ". الحديث: 5509 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 10 ثم تأكد ما ظننته من الخطأ؛ أنه وقع على الصواب في حديث آخر، وهو الآتي بعده: 5510 - (إذا سألتمْ، فَسَلُوا الله عز وجل الفردوس؛ فإنها سرُّ الجنة، يقول الرجل منكم لراعيهِ: عليك بِسرِّ الوادي؛ فإنه أَعْشَبُهُ وأَمْرَعُهُ) . ضعيف جدا. أخرجه الفسوي في " المعرفة " (2 / 348 - 349) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق (الأصل: رزيق! وهو خطأ) قال: حدثني عمرو بن الحارث بن الضحاك قال: حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عوف أن سويد بن جبلة حدثهم أن عرباض بن سارية حدثهم، يرده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:. . . فذكره. قلت وإسناده ضعيف جدا؛ كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله. الحديث: 5510 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 11 5511 - (بل أنت عُتْبَةُ بنُ عَبدٍ) . ضعيف. أخرجه الفسوي في " التاريخ " (2 / 349) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (17 / 120 / 296) ، وابن قانع في " معجم الصحابة " من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور: ثنا محمد بن القاسم الطائي قال: سمعت يحيى ابن عتبة بن عبد يحدث عن أبيه: أنه أتى في أناس يريدون أن يغيروا أسماءهم، قال: فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاني وأنا غلام حدث، فقال: " ما اسمك "؟ فقلت: عتلة بن عبد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره، وزاد: الحديث: 5511 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 11 " أرني سيفك ". فسله، فسله، فلما نظر إليه؛ فإذا وسيف فيه دقة وضعف فقال: " لا تضرب بهذا؛ ولكن اطعن به طعناً ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى هذا لا يعرف إلا في هذه الرواية، وبها أورده ابن حبان في " ثقاته " على قاعدته في توثيق المجهولين، ولم يورده البخاري في " التاريخ "، ولا ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "، مع أنهما ذكراه في شيوخ الطائي الراوي عنه هنا. وذكر الثاني منهما أنه روى عنه أيضاً يحيى بن صالح الوحاظي الثقة وغيره، فهو مجهول الحال، ولعله في " ثقات ابن حبان "؛ فقد قال الهيثمي (8 / 53) : (رواه الطبراني من طرق، ورجال بعضها ثقات) ! كذا قال، وإنما له طريق واحدة، هي طريق يحيى هذا، وإنما الطرق التي أشار إليها عن ابن شابور فقط، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في أول التخريج. 5512 - (كلُّ سارحَةٍ ورائحةٍ على قومٍ؛ حرامٌ على غيرِهم) . ضعيف جدا. أخرجه الفسوي في " المعرفة والتاريخ " (2 / 431 - 432) ، والطبراني في " الكبير " (8 / 207 / 7732) عن سليمان بن سلمة الحمصي قال: ثنا بقية قال: ثنا سلامة بن عميرة المنابحبي - حي من اليمن - عن لقمان ابن عامر الوصابي - حي من اليمن - عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ آفته سليمان هذا؛ فإنه متروك متهم، وقد مضت له أحاديث في المجلد الثاني برقم (586، 594، 779) ، وقول الهيثمي الحديث: 5512 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 12 (4 / 163) بعد أن عزاه للطبراني: (وفيه سليمان بن سلمة الخبائري؛ وهو ضعيف) . ففيه تساهل؛ لأن الخبائري أسوأ حالاً، بشهادة الهيثمي نفسه في بعض الأحاديث التي أشرت إليها آنفاً. وقال المناوي بعد أن نقل قول الهيثمي المذكور: (وقال غيره: فيه الحسن بن علي المعمري " الأصل: العمري؛ وهو خطأ "، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: حافظ رفع موقوفات قليلة. وسليمان بن سلمة الخبائري تركه أبو حاتم وغيره. و (بقية) ضعفوه) . ولنا عليه مؤاخذتان: الأولى: إعلاله بالمعمري لا وجه له؛ لأمرين: أحدهما: أن رفعه موقوفات قليلة مع كثرة حفظه لا يخرجه من العدالة والإحتجاج به، وما أحسن ما قال الحافظ البرديجي: (ليس بعجب أن ينفرد المعمري بعشرين أو ثلاثين حديثا في كثرة ما كتب) . وقا الحافظ: في آخر ترجمته من " اللسان ": (فاستقر الحال آخرا على توثيقه؛ فإن غاية ما قيل فيه: إنه حدّث بأحاديث لم يتابع عليها وقد علمت من كلام الدارقطني أنه رجع عنها، فإن كان أخطأ فيها كما قال خصمه فقط رجع عنها، وإن كان مصيبا فيها كما كان يدعي فذاك أرفع له والله أعلم) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 13 والآخر: أن المعمري لم ينفرد به؛ فقد تابعه الحافظ الفسوي فقال: حدثني سليمان بن سلمة الحمصي به، والسياق له. والأخرى: إعلاله ببقية وقوله: " ضعفوه "؛ فليس بجيد؛ لأنه إنما ضعفوه لتدليسه، وهنا قد صرح بالتحديث كما ترى. وفي الحديث علة أخرى لم يتعرض لذكرها المناوي ولا الهيثمي، وهي سلامة ابن عميرة؛ فإني لم أجده له ترجمة، فهو من مشايخ بقية المجهولين، وقد قال العجلي: (بقية ثقة ما روى عن المعروفين، وما روى عن المجهولين فليس بشيء) . وقال يعقوب بن شيبة: (صدوق ثقة، ويتقى حديثه عن مشيخته الذين لا يعرفون، وله أحاديث مناكير جداً) . ومما سبق؛ يظهر جليّاً أن إسناد الحديث ضعيف جدا، فقول المناوي في [التيسير] : " إسناده ضعيف "؛ مردود، مع أنه قد ذكر في [الفيض]-كما تقدم - أن فيه الخبائري المتروك. (تنبيه) : قوله: (المنابحبي) ؛ كذا وقع في " المعرفة " ولم أعرف هذه النسبة، وأظنها محرفة؛ فإني لم أجدها في شيء من كتب الأنساب وغيرها. والله أعلم. 5513 - (مَنْ لَمْ يَقْرَأْ خَلْفَ الإمامِ؛ فَصَلاتُهُ خِدَاجٌ) . موضوع بذكر (الإمام) . أخرجه الفسوي (2 / 432) عن شيخه المتقدم سليمان الحمصي قال: حدثنا المؤمل بن عمر أوقعنب العتبي: حدثنا يوسف أبو الحديث: 5513 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 14 عنبسة خادم أبي أمامة قال: سمعت أبا أمامة يقول:. . . فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناده ضعيف جداً؛ لما علمت آنفاً من حال سليمان هذا، وأنه متروك متهم. واللذان فوقه؛ لم أعرفهما. لكني وجدت في ترجمة أبي أمامة صدي بن عجلان في [الإصابة] حديثاً آخر له؛ من رواية وهب بن صدقة: سمعت جدي يوسف بن حزن الباهلي: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول:. . . فذكره. قلت: فالظاهر أنه هذا؛ ولكن لم أجد له ترجمة أيضاً، ومثله حفيده وهب بن صدقة. فالله أعلم. وقد روي الحديث بإسناد آخر مظلم؛ من طريق سليمان بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن سوار: نا عمرو بن ميمون بن مهران: حدثني أبي ميمون بن مهران عن أبيه مهران مرفوعاً به. أخرجه البيهقي في [القراءة خلف الإمام] (62 / 131) ، وابن عساكر في " التاريخ " (13 / 326 / 2) ، وكذا الطبراني في " الأوسط " (2 / 293 / 9322) ؛ دون قوله: " خلف الإمام " وقال: (لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن) . قلت: الظاهر لي أنه التميمي الدمشقي ابن بنت شرحبيل، وهو صدوق يخطئ؛ كما في " التقريب ". وقال الذهبي في " الكاشف ": الجزء: 12 ¦ الصفحة: 15 (مفت ثقة؛ لكنه مُكْثِرٌ عن الضعفاء) . وذكر في " الميزان " أن أبا حاتم قال: (صدوق؛ إلا أنه من أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين) . قلت: وعبد الرحمن بن سوار؛ لم أجد له ترجمة، فالظاهر أنه من المجهولين الذين أشار إليهم أبو حاتم آنفاً. وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 111) -بعد عزوه للطبراني -: (وفي إسناده جماعة لم أعرفهم) . كذا قال! وليس فيه ممن لا يعرف سوى ابن سوار هذا. وشيخ الطبراني الوليد بن حماد الرملي؛ ترجمه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " برواية جماعة عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد تابعه عند البيهقي: عبد الله بن حماد الآملي؛ إن لم يكن تحرف اسمه من الناسخ. والله أعلم. وجملة القول؛ أن علة هذا الإسناد ابن سوار هذا، ومن فوقه ثقات من رجال " التهذيب "، غير مهران والد ميمون الجزري، فأورده في " الإصابة " وساق له حديثين بهذا الإسناد، هذا أحدهما - من رواية ابن السكن وقال: (قال ابن السكن: لا يروي عن ميمون شيء إلا من هذا الوجه) . قلت: وكأنه يشير إلى عدم ثبوت صحبته، وقد ذكره البخاري في الصحابة؛ كما قال البغوي ونقله العسقلاني، ولم يورده البخاري في " التاريخ الكبير ". والله أعلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 16 وإنما حكمت على الحديث بالوضع؛ لوهاء سنده، ولمخالفته للحديث الصحيح المعروف بلفظ: (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب؛ فهي خداج) يقولها ثلاثاً. رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (779) ، وزاد في رواية: (فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي!) . قلت: فهذه الزيادة موقوفة على أبي هريرة، فجعلها سليمان الحمصي وابن سوار في صلب الحديث مرفوعاً! وأما حديث عبادة: (. . . فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) . فهو ضعيف بهذا اللفظ؛ له ثلاث علل؛ كما شرحته في " ضعيف أبي داود " (146 - 147) ، وإنما صح مختصراً بلفظ: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) . أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (780) ، ولو صح باللفظ الأول؛ فهو لا يدل على وجوب قراءة المؤتم للفاتحة، وإنما الجواز كما بينه العلامة اللكنوي في [إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة بالفاتحة خلف الإمام] (ص 209) . ويؤكد ذلك أنه صَحَّ بلفظ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 17 (فلا تفعلوا؛ إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب) . أخرجه عبد الرزاق في " الصنف " (2 / 128) ، وأحمد (5 / 410) ، والبخاري في " جزء القراءة "، والبيهقي في " القراءة خلف الإمام " (161 / 129 - 130) وقوّاه. وإسناده صحيح. وعلى هذا اللفظ اعتمدت في كتابي " صفة الصلاة " ودلالته على الجواز؛ بل الجواز المرجوح أوضح من اللفظ الأول كما هو ظاهر؛ إذا لوحظ قوله: " إلا أن. . . "، فلا يصح إذن اعتباره شاهداً لحديث الترجمة كما قد يتوهمه بعضهم ممن لا فقه عندهم! نعم؛ لو صح الحديث الآتي بعده لكان شاهداً قويا له؛ لكن فيه ما سأبينه. 5514 - (لا صَلاةَ لمنْ لمْ بقرأْ بفاتِحَةِ الكتابِ خَلْفَ الإِمَام) . منكر بزيادة (خلف) . أخرجه البيهقي في " القراءة خلف الإمام " (ص56) من طرق عن محمد بن سليمان بن فارس: حدثني أبو إبرهيم محمد بن يحيى الصفار - وكان جارنا -: ثنا عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفوعاً. قال أبو الطيب: قلت لمحمد بن سليمان: (خلف الإمام) ؟ قال: (خلف الإمام) . وقال: (إسناد صحيح) ! قلت: وفيه نظر من وجهين: الحديث: 5514 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 18 الأول: أن أبا إبراهيم محمد بن يحيى الصفار ما رأيت له ترجمة، وهو من طبقة أبي عبد الله محمد بن يحيى النيسابوري الإمام المخرج له في " الصحيحين "، وما أظن أن البيهقي توهم أنه هو لمعرفته بالرجال واختلاف كنيتيهما، وتميز الأول عن الإمام بلقب (الصفار) . والآخر: أنه قد خالفه الحسن بن مكرم فقال: أنا عثمان بن عمر به؛ دون قوله: " خلف الإمام ". والحسن هذا؛ روى عنه جمع من الثقات الحفاظ، ووثقه الخطيب، فراجع " تاريخه " إن شئت (7 / 432) . أخرجه البيهقي في " القراءة " (12 / 22) . وتابعه الإمام الدارمي؛ فقال في " سننه " (1 / 283) : أخبرنا عثمان بن عمر به؛ دون الزيادة. وعثمان هذا؛ هو ابن عمر بن فارس العبدي، ثقة من رجال الشيخين. وتابعه جمع عن يونس به: عند البيهقي (13 / 25) . وتابعه أيضاً عبد الله بن وهب: أخبرني يونس به. أخرج مسلم (2 / 9) ، وأبو عوانة (2 / 125) ، والدارقطني في " سننه " (1 / 322 / 18) ، والبيهقي أيضاً (12 / 21) وكذا في " السنن " (2 / 61) . ويونس هذا؛ ثقة ثبث محتج به في " الصحيحين ". وقد تابعه معمر: عند عبد الرزاق (2 / 93 / 2623) ، ومسلم، وأبي عوانة، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 19 والنسائي (1 / 145) ، والبيهقي أيضاً (13 / 26و27) وفي " السنن " (2 / 374) ، وأحمد (5 / 322) . وصالح: عند مسلم، وأبي عوانة، والبيهقي (12 / 23) وفي " السنن " (2 / 375) ، وأحمد (5 / 321) . وسفيان بن عيينة: عند الستة وغيرهم، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (780) . ورواه عنه: ابن الجارود أيضاً في " المنتقى " (185) . وجمع آخر: عند البيهقي (14 / 28 - 31) . كل هؤلاء الثقات وغيرهم رووه عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة؛ بدون الزيادة. فهي زيادة منكرة؛ بل باطلة دونما شك أو ريب. ولعل أبا الطيب - وهو محمد بن أحمد الذهلي - كان يرى ذلك؛ كما يشعر به سؤاله لمحمد بن سليمان عنها، وكأنه كان سؤالا استنكارياً. والله أعلم. فإن قيل: هل خفيت على البيهقي هذه الروايات الدالة على خطأ الصفَّار هذا لو فرض أنه ثقة عنده؟ فأقول: ما أظن ذلك يخفى على من دونه علماً ومعرفة، ولكنه التعصب المذهبي يحمل صاحبه على تجاهل الحقيقة؛ انتصاراً للمذهب. نسأل الله السلامة! 5515 - (مَنْ أرادَ كَنْزَ الحديثِ؛ فَعَلَيْهِ ب " لا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله ") . ضعيف. أخرجه البخاري في " التاريخ " (2 / 1 / 282 / 970) تعليقاً، الحديث: 5515 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 20 ووصله الفسوي في " المعرفة " (2 / 445) ، والطبراني في " الكبير " (18 / 301 / 773) من طريق خالد بن يزيد عن عبد الله بن مسروح عن ربيعة بن يورا عن فضالة بن عبيد مَرْفُوعًا. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ ربيعة بن يورا؛ أورده. البخاري في " التاريخ " لهذه الرواية، وكذا ابن أبي حاتم (1 / 2 / 475) ، ولم يذكرا فيه جَرْحًا ولا تَعْدِيلًا، فهو في عداد المجهولين. وأما ابن حبان؛ فأورده في (الثقات) ! وعبد الله بن مسروح؛ لعله خير من ربيعة؛ فقد أورده البخاري وابن أبي حاتم لهذه الرواية أَيْضًا؛ لكن قال أبو حاتم: (أراه هو صاحبه عقبة بن عامر) . قلت: ترجمته عنده قبيل هذا، وذكر أنه روى عنه مرثد بن عبد الله اليزني وخالد بن يزيد الصدفي. يعني: الراوي لهذا الحديث. وأظن أن (الصدفي) محرف (المصري) ؛ فإنه لم ينسبه النسبة الأولى أحد ممن ترجم له، ومنهم ابن أبي حاتم (1 / 2 / 358) . وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 99) : " رواه الطبراني من طريق عبد الله بن يزيد عن ربيعة بن يورا، وعبد الله؛ لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". كذا وقع فيه: " عبد الله بن يزيد "! وكأنه سبق نظر أو قلم؛ ولذلك لم يعرفه، وإنما هو عبد الله بن مسروح، وقد ترجمه من ذكرنا، ويحتمل اِحْتِمَالًا كَبِيرًا أن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 21 يكون في " ثقات ابن حبان ". (تنبيه) : تحرف اسم (يورا) في بعض المصادر، فوقع في " المجمع ": (بورا) بالباء الموحدة، وفي " المعرفة ": (نورا) بالنون، وقال محققه الفاضل الدكتور العمري: " هكذا في الأصل، ولم أجده "! وقوله: " الحديث "؛ هكذا في المصادر الثلاثة، وفي " المجمع ": (الجنة) ! 5516 - (يخرجُ ناسٌ مِنَ المشرقِ، فَيُوَطِّئونَ للمهديِّ سُلْطَانَهُ) . ضعيف. أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة والتاريخ " (2 / 497) ، وابن ماجه (4139 - الأعظمي) من طريق ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مَرْفُوعًا. قلت: وهذا إِسْنَاد ضعيف؛ من أجل ابن لهيعة وشيخه؛ قال البوصيري في " الزوائد " (250 / 1) : " هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عمرو بن جابر وابن لهيعة ". قلت: ابن لهيعة ضعفه معروف. وأما الحضرمي؛ فقد اختلفوا فيه، والأكثرون على تضعيفه، ووثقه الفسوي وغيره، وقال ابن لهيعة نفسه: " كان ضعيف العقل، كان يقول: علي في السحاب. كان يجلس معنا فيبصر سحابة فيقول: هذا علي قد مرّ في السحاب. كان شَيْخًا أحمق ". وقال أحمد: " روى عن جابر مناكير، وبلغني أنه كان يكذب ". وجزم الحافظ بضعفه في (التقريب) . الحديث: 5516 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 22 5517 - (إنَّ العَبْدَ يَلْبَثُ مُؤْمِنًا أَحْقَاباً، ثمّ أحْقَاباً ثمّ يموتُ والله عنه سَاخِطٌ، وإنَّ العبدَ يلبثُ كَافِرًا أحقاباً، ثمّ أحقاباً ثمّ يموتُ والله عنه راضٍ. ومَنْ ماتَ همّازاً لَمّازاً ملقباً للناسِ؛ كان عَلامَتُهُ يومَ القيامةِ أَنْ يَسِمَه اللهُ على الخُرْطُومِ مِنْ كلا الشّفتين) . ضعيف. أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة " (2 / 515 - 516) ، والطبراني في " الأوسط " (2 / 259 / 8965) من طريق أبي صالح: حدثني الليث: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الملك بن عبد الله عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو مَرْفُوعًا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل: الأولى: أبو صالح هذا - وهو عبد الله بن صالح -؛ كاتب الليث. ومن طريقه رواه ابن أبي حاتم؛ كما في " تفسير ابن كثير " وغيره. وبه أعله الهيثمي، فقال في " المجمع " (213 / 7) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وفيه عبد الله بن صالح، وثقه عبد الملك بن شعيب؛ وضعفه غيره ". قلت: وفيه كلام كثير، والذي يتلخص منه وانتهى إليه الحفاظ المتأخرون أن فيه ضَعْفًا، فقال الذهبي في " الميزان ": " له مناكير ". وقال في " الكاشف ": " فيه لين ". وقال الحافظ في " التقريب ": الحديث: 5517 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 23 " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ". الثانية: سعيد بن أبي هلال؛ فإنه كان اختلط؛ كما قال الإمام أحمد. الثالثة: عبد الملك بن عبد الله؛ هو التجيبي؛ كما في ترجمة شيخه الصدفي من " تهذيب المزي "، والظاهر أنه مصري؛ لأن (التجيبي) نسبة إلى (تجيب) ، محلة بفسطاط مصر؛ كما في " أنساب السمعاني "، ولم أعرفه، وفي " الجرح والتعديل " (2 / 2 / 354 - 355) جماعة من طبقته لم ينسب أحد منهم هذه النسبة، ولم يحك فيهم جَرْحًا ولا تَعْدِيلًا. وعيسى بن هلال الصدفي؛ ذكره الفسوي في ثقات التابعين في مصر، وفي ترجمته ساق الحديث. وكذلك ذكره ابن حبان في " الثقات "! (3 / 193) ، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ". قلت: فمثله حسن الحديث؛ لكن أشار الذهبي إلى تليين توثيقه بقوله في " الكاشف ": " وُثِّق "؛ بل قال في حديث آخر له ذكره في " الكبائر " (ق 28 / 2) : " ليس إسناده بذاك ". وقال أبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب " (ق 198 / 1) : " حديث غريب ". ولعلي أتوجه إلى تخريج الحديث المشار إليه في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى، ولذلك لم ينشرح الصدر لتقوية حديث الترجمة لو صح إسناده إليه. والله أعلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 24 قلت: والحديث من جملة الأحاديث الضعيفة التي سَوَّدَ بها الشيخ الصابوني كتابه " مختصر تفسير ابن كثير، (3 / 535) ! زَاعِمًا في المقدمة أنه جرد منه الأحاديث الضعيفة! وهو في ذلك غير صادق! ولا هو أهل لذلك! كما شرحت ذلك بعض الشيء في مقدمة المجلد اَلرَّابِع من " سلسلة الأحاديث الصحيحة "، وقد تم طبعه، وتداولته الأيدي في منتصف هذه السنة (1404) ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وقد لقينا عَنَتَا كَبِيرًا في سبيل طباعته لجهل القائمين على الطباعة بطرق تصحيح التجارب، وإهمالهم وإخلالهم بالمواعيد؛ بحيث أنه تحمل إخراجه إلى حيز الوجود أكثر من سنة! والله المستعان. 5518 - (إن أبي إِبْرَاهِيم - عليه اَلسَّلَام - هَمَّ أن يَدْعُوَ عليهم - يعني: أهل العِراقِ -، فأوحَى اَللَّه تعالى إليه: لا تَفْعَل؟ فإنِّي جَعَلتُ خَزَائِن علمي فيهم، وأَسْكَنْتُ الرحمة في قُلُوبهمْ) . موضوع. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (1 / 24 - 25) ، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1 / 62) عن أبي عمر محمد بن أحمد الحليمي قال: نبأنا آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب عن معن بن الوليد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا في صاعنا ومُدِّنا، وفي شامنا وفي يَمَنِنا، وفي حِجازنا ". قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان في اليوم الثاني قال مثل ذلك، فقام إليه الرجل فقال: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان في اليوم الثالث قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم. فولى الرجل وهو يبكي، فدعاه الحديث: 5518 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 25 النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أمن العراق أنت؟ ". قال: نعم. قال:. . . فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به الحليمي هذا، من ولد حليمة السعدية، ظئر النبي صلى الله عليه وسلم، قال السمعاني في " الأنساب ": " حدث عن أدم بن أبي إياس أربعة أحاديث مناكير بإسناد واحد، والحمل عليه فيها ". وقال الذهبي في " الميزان ": " يروي عن آدم بن أبي إياس أحاديث منكرة باطلة، قال أبو نصر بن ماكولا: الحمل عليه فيها ". ثم ساق له الحديث التالي لهذا. وزاد في " اللسان ": " وقال ابن عساكر: منكر الحديث ". قلت: ومن فوقه كلهم ثقات من رجال البخاري؛ غير معن بن الوليد، ولم أجد له ترجمة، وهو غير معن بن الوليد بن هشام الغساني الدمشقي؛ فإنه متأخر عن هذا، سمع منه أبو حاتم، وترجمه ابنه (4 / 1 / 278) مُوَثَّقًا. وإن مما يؤكد وضع هذا الحديث أن طرفه الأول، وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة إلى قول الرجل: " وفي عراقنا "؛ قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره، كما خرجته في " الصحيحة " (2246) من طرق عنه صلى الله عليه وسلم، ليس في شيء منها هذه الزيادة في مَدْح العراق؛ بل فيها قوله صلى الله عليه وسلم جَوَابًا على قول الرجل: " وفي عراقنا؟ ": (بها الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 26 فثبت بطلان حديث الترجمة. 5519 - (إذا كان يَوْم اَلْقِيَامَة؟ نُصِبَ لإبراهيم مِنْبَرٌ أمامَ العَرْشِ، ونُصِبَ لي مِنْبَر أمام العرش، ونُصِب لأبي بكر كرسيّ فيجلس عليه، وينادي مناد: يا لَكَ من صِدِّيقٍ بين خليل وحبيب!) . موضوع. أخرجه الخطيب (4 / 386 - 387) بسند الذي قبله عن معاذ مَرْفُوعًا. وقد عرفت آفته. الحديث: 5519 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 27 5520 - (دَخَلَ إِبْلِيس العراق فقضى حَاجَته، ثم دخل اَلشَّام فطردوه حتى بَلَغَ (بُسَاق) ، ثم دَخَلَ مِصْر فَبَاضَ بها وفَرَّخَ وبَسَطَ عَبْقَرِيَّهُ) (1) . ضعيف. أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة، (2 / 748 - 749) ، وأبو الشيخ في " العظمة " (12 / 28 / 2) ، والطبراني في " الكبير " (12 / 340 / 13290) من طريق ابن شهاب عن يعقوب بن عبد الله بن المغيرة بن الأخنس عن ابن عمر مَرْفُوعًا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير يعقوب بن عبد الله؛ فإني لم أجده في شيء من كتب الرجال هكذا: (ابن عبد الله) ، وإنما فيها: (ابن عتبة ابن المغيرة بن الأخنس) ، وهو ثقة، من السادسة عند ابن حجر في (التقريب) ، فإن كان هو فالإسناد منقطع، ومن الغريب أن الحافظ الهيثمي مر على هذا دون أي تنبيه؟ فقال (60 / 10) :   (1) العبقري: ضرب من البُسُط. كما في (القاموس) . الحديث: 5520 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 27 " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "؛ من رواية يعقوب بن عبد الله بن عتبة بن الأخنس (!) عن ابن عمر. ولم يسمع منه، ورجاله ثقا ت ". كذا وقع في كتابه " المجمع " جمع بين (عبد الله) و (عتبة) فقال: (ابن عبد الله بن عتبة) ، ولم يذكر (المغيرة) ، وهو خلاف ما في كتب التراجم كما تقدم، فالظاهر أنه خطأ مطبعي أو من تصرف بعض النساخ أو المصححين؛ فقد وقع في نحوه الأستاذ صلاح الدين المنجد في تعليقه على " ابن عساكر "؛ فإنه صحح اسم (عبد الله) فجعله (عتبة) وقال في التعليق: " في الأصل (عبد الله) ، وهو خطأ "! وإنما الخطأ ما فعل؛ فإنه في الأصول كلها التي وقفنا عليها: (عبد الله) ؛ لاسيما وابن عساكر رواه من طريق الفسوي! ثم إن للحديث طَرِيقًا أخرى: عند ابن عساكر، يرويه بسنده عن خطاب بن أيوب: ثنا عباد بن كثير عن سعيد عن قتادة عن سالم عن ابن عمر به نحوه؛ دون ذكر (بساق) . وخطاب بن أيوب؛ ذكره ابن أبي حاتم (1 / 2 / 386) بغير هذه الرواية، ولم يذكر فيه جَرْحًا ولا تَعْدِيلًا. وعباد بن كثير؛ هو الثقفي البصري؛ متروك، قال أحمد: " روى أحاديث كذب ". هذا؛ ولعل أصل الحديث موقوف، وهم بعض الرواة فرفعه؛ فقد قال أبو عذبة: قدمت على عمر بن الخطاب رابع أربعة من الشام ونحن حجاج، فبينا نحن عنده الجزء: 12 ¦ الصفحة: 28 أتاه آت من قبل العراق، فأخبر أنهم قد حصبوا إمامهم، وقد كان عمر عوضهم منه مكان إمام كان قبله فحصبوه، فخرج إلى الصلاة مغضباً، فسها في صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: من ههنا من أهل الشام؟ فقمت أنا وأصحابي، فقال: يا أهل الشام! تجهزوا لأهل العراق؛ فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ. ثم قال: اللهم! إنهم قد لبّسوا علي، فلبِّس عليهم، وعجِّل لهم الغلام الثقفي؛ يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم! أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة " (2 / 529، 754) عن شريح بن عبيد، و (2 / 755) عن عبد الرحمن بن ميسرة؛ كلاهما عنه. قلت: وهذا إسناد حسن: أبو عذبة؛ أورده ابن أبي حاتم برواية شريح عنه، ولم يذكر فيه جَرْحًا ولا تَعْدِيلًا؛ لكن قد روى عنه أَيْضًا عبد الرحمن بن ميسرة؛ كما ترى، وذكره الفسوي في ثقات التابعين المصريين. والله أعلم. 5521 - (إنما يفتري الكذب من لا يؤمن، إن العبد يَزِلُّ الزّلّة، ثم يرجع إلى ربه فيتوبُ، فيتوب الله عليه) . موضوع. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 113 / 235) : حدثني عمر بن إسماعيل الهمداني قال: حدثنا يعلى بن الأشدق عن عبد الله ابن جراد قال: قال أبو الدرداء: يا رسول الله! هل يسرق المؤمن؟ قال: " قد يكون ذلك ". قال: هل يزني المؤمن؟ قال: الحديث: 5521 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 29 " بلى وإن كره أبو الدرداء ". قال: هل يكذب المؤمن؟ قال:. . . فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته يعلى بن الأشدق أو الهمداني؛ فإن الأول أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة؟ ليس بشيء. وقال ابن حبان: وضعوا له أحاديث يحدث بها ولم يدر ". والآخر متروك, وكان ابن معين يكذبه. انظر الحديث المتقدم: " أنا مدينة العلم. . " (2955) . وإني متعجب جدا من إيراد الإمام الطبري بهذا الحديث ساكتا عنه, وفيه هذان المتهمان, وأنا وإن كنت حديث عهد بالاطلاع على كتابه " التهذيب " ودراسته فقد بدأت أشعر بأن عنده شيئا من التساهل في إيراد الحديث وتقويته, ولا أدري إذا كان هذا الشعور سيزداد مع الدراسة أو سيضمحل, ذلك ما سنخرجه من أحاديثه: 5522 - (إني قد علمت ما لقيت في الله ورسوله، وما ذهب من مالك, وقد طيبت لك الهدية , فما أهدي اليك من شيء؛ فهو لك) . موضوع. أخرجه الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 172 / 375) من طريق الهيثم بن الربيع قال: حدثني الأصبع بن زيد عن سليمان بن الحكم عن محمد ابن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: لما بعثني رسول الله (ص) الى اليمن قال:. . . . فذكره. وقال: " هذا خبر غير جائز الاحتجاج بمثله؛ لوهي سنده، وضعف كثير من نقلته، الحديث: 5522 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 30 ومحمد بن سعيد؛ هو المصلوب ". قلت: قال الحافظ في " التقريب ": " كذبوه، وقال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث ". وسليمان بن الحكم واه باتفاقهم؛ كما قال الذهبي في " الضعفاء ". والهيثم بن الربيع؛ الظاهر أنه العقيلي البصري؛ قال الحافظ: " ضعيف ". قلت: وأشار الطبري في كلمته السابقة إلى ضعفه وضعف اللذين قبله. 5523 - (اللهم مشبع الجوعة، [وقاضي الحاجة] ، ورافع الوضعة، لا تجع فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -) . ضعيف. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 420 / 974) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 230 / 2 / 4165) من طريق مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني عن عتبة أب معاذ البصري عن عكرمه عن عمران ابن حصين قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا، إذ أقبلت فاطمة رحمها الله، فوقفت بين يديه، فنظرت إليها، وقد ذهب الدم من وجهها، وغلبت الصفرة من شدة الجوع، قال: فنظر إليها رسول الله، فقال: " ادني يافاطمة! ". فدنت حتى قامت بين يديه، فرفع يده، فوضعها على صدرها في موضع القلادة، وفرج بين أصابعه، ثم قال ":. . . فذكره. الحديث: 5523 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 31 قال عمران: فنظرت إليها، وقد غلب الدم على وجهها وذهبت الصفرة، كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم. قال عمران: فلقيتها بعد، فسألتها؟ فقالت: ما جعت بعد ياعمران! وقال الطبراني عقبه - والزيادة له -: " لا يرويه عن عكرمة إلا عتبة أبو معاذ، تفرد به مسهر بن عبد الملك، ولا يروى عن عمران إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف؛ لأن مسهرا لين الحديث؛ كما في " التقريب ". وأما شيخه عتبة أبو معاذ؛ فصدوق له أوهام. فهو خير منه، ومع ذلك فالهيثمي ما أعله إلا به؛ فقال في " المجمع " (9 / 203) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عتبة بن حميد؛ وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا ". 5524 - (من قل ماله، وكثر عياله، وحسنت صلاته، ولم يغتب المسلمين؛ جاء يوم القيامة وهو معي كهاتين) . ضعيف جدا. رواه الطبري في " التهذيب " (1 / 422 / 981) ، وأبو يعلى في " مسنده " (65 / 2) ، والأصبهاني في " الترغيب " (234 / 1) ، والخطيب في " التاريخ " (11 / 259) عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ لأن مسملة بن علي هذا متروك؛ كما قال الحديث: 5524 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 32 الحافظ في " التقريب ". والحديث؛ أورده الهيثمي في " المجمع " (10 / 256) ؛ دون أن يعزوه لأحد خلافا للمعروف من عادته، والظاهر أنه سقط منم الناسخ أو الطابع. 5525 - (أدوا الفرائض، واقبلوا الرخص، ودعوا الناس؛ فقد كفيتموهم) . ضعيف. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق14 / 1 - زوائده) : حدثنا الحسن بن قتيبة: ثنا سفيان عن العلاء بن المسيب عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ الحسن هذا؛ قال الذهبي: " هو هالك ". ثم هو مرسل إن كانت الرواية هكذا، كما يشير إلى ذلك الناسخ بكتبه حرف (ص) ؛ إشارة إلى أنه كذلك وقع في الأصل. ولعله سقط منه (عن ابن عمر) ؛ فقد أورده السيوطي في " جامعيه " من رواية الخطيب في " التاريخ " عنه، وذكر المناوي في " شرحيه " أن إسناده ضعيف. ولم يبين علته، ولست أدري إذا كان عند الخطيب من هذا الوجه أو غيره؛ فإني لم أره في " فهرس تاريخه " الذي وضعه الشيخ الغماري. والله أعلم. الحديث: 5525 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 33 5526 - (الأقلف لا يحج بيت الله حتى يختتن) . ضعيف. أخرجه الروياني في " مسنده " (30 / 19 / 2) ، والبيهقي (8 / 324) الحديث: 5526 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 33 عن أحمد بن يونس: حدثني أم الأسود قالت: سمعت منية بنت عبيد ابن أبي برزة تحدث عن جدها أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأقلف يحج بيت الله؟ قال: " لا؛ حتى يختتن ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته منية هذه؛ قال الحافظ في " التقريب ": " لا يعرف حالها ". قلت: لعل الأولى أن يقال: " لا يعرف عينها "، وقد أشار إلى ذلك الذهبي بقوله في " الميزان ": " تفردت عنها أم الأسود ". ولذلك؛ نقل ابن القيم في " تحفة المودود " قول ابن المنذر بعدما عزاه له. فقال: " ثم قال ابن المنذر: لا يثبت؛ لأن إسناده مجهول ". وروى لها الترمذي حديثا آخر في التعزية، وقال: " ليس إسناده بالقوي ". وهو مخرج في " الإرواء " (3 / 217) . 5527 - (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما تناكر منها في الله اختلف) . ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الكبير " (6 / 324) من طريق الحديث: 5527 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 34 عبد الأعلى بن أبي المساور عن عكرمة عن الحارث بن عميرة قال: انطلقت حتى أتيت المدائن، وإذا أنا برجل عليه ثياب خلقان، ومعه أديم أحمر يعركه، فالتفت، فنظر إلي، فأومأ بيده: مكانك ياعبد الله! فقمت، فقلت لمن كان عندي: من هذا الرجل؟ قالوا: هذا سلمان، فدخل بيته، فلبس ثيابا بياضا، ثم أقبل وأخذ بيدي وصافحني وساءلني، فقلت: يأبا عبد الله! ما رأيتني فيما مضى ولا عرفتني؟ ! قال: بلى؛ والذي نفس بيده! لقد عرف روحي روحك حين رأيتك، ألست الحارث بن عميرة؟ فقلت: بلى. فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ آفته ابن أبي المساور؛ قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، وكذبه ابن معين ". وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (8 / 88) ، وقال في مكان آخر (10 / 273) : " رواه الطبراني بأسانيد ضعيفة ". قلت: لعل الصواب أن يقال: بإسنادين ضعيفين؛ فإنه مع ما في تعبيره من الإجمال والتساهل الموهم أن إسناد هذا ضعيف فقط وليس بمتروك بخلاف تصريحه الأول؛ فإن إسناده الآخر عند الطبراني (6 / 323 / 6169) بلفظ: " الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ". وهو - وإن كان فيه من لا يعرف؛ فإنه - بهذا اللفظ صحيح ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 12 ¦ الصفحة: 35 فقد أخرجه أحمد (2 / 295، 527، 539) ، ومسلم (8 / 41 - 42) من طريقين صحيحين عن أبي هريرة مرفوعا. وأحدهما في " الأدب المفرد " للبخاري (901) . ورواه البغوي في " شرح السنة " (13 / 65) من طريق ثالثة عن أبي هريرة وأبي داود في (الأدب) . وعلقه البخاري في أول " الأنبياء " من حديث عائشة، ووصله في " الأدب المفرد " (900) من طريقين عن يحيى بن سعيد عن عمرة عنها. وأحدهما في " مسند أبي يعلى " (3 / 1082 - 1083، وعنده: عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: كانت بمكة امرأة مزاحة، فنزلت على امرأة مثلها، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: صدق حبي، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:. . . . فذكرته. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الطبراني في " الكبير " (9 / 207 / 8912) من حديث انب مسعود. وسقط من الناسخ رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد عزاه إليه مرفوعا من رواية الطبراني: الهيثمي في " المجمع " (8 / 78) ، والسيوطي في " الجامع الصغير ". انظر " صحيح الجامع " (2765) . قلت: وفي كل هذه الطرق لا يوجد فيها ما جاء في حديث الترجمة: " في الله "، فهي زيادة منكرة، ومن أجلها خرجت الحديث هنا. وقد وجدت لها طريقا أخرى، ولكنها مثلها في الوهاء، فلا بد من البيان لها: فقد قال أبو يعلى في " المعجم " (ق18 / 1) : ثنا الحسن بن خالد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 36 السكري: ثنا بشر بن إبراهيم: ثنا عبد الله بن مهران عن أبي هاشم صاحب الرمان عن زاذان عن ابن عمر مرفوعا مثل حديث الترجمة. وآفة هذا الإسناد: بشر بن إبراهيم، وهو الأنصاري البصري المفلوج؛ قال العقيلي: " يروي عن الأوزاعي أحاديث موضوعة لا يتابع عليها ". وقال ابن عدي: " هو عندي ممن يضع الحديث ". قلت: ولعله سرقه من ابن أبي المساور المتقدم ذكره. والله أعلم. ومما تفرد به هذا الوضاع: الحديث الآتي: 5528 - (يوشك أن يظهر الجهل، ويخزن [العلم] ، ويتواصل الناس بألسنتهم، ويتباعدون بقلوبهم، فإذا فعلوا ذلك؛ طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) . موضوع. أخرجه أبو يعلى في " المعجم " بإسناده السابق عن بشر بن إبراهيم بسنده المتقدم عن ابن عمر مرفوعا. وبشر هذا؛ وضاع؛ كما ذكرته آنفا عن ابن عدي وغيره، وكأنه سرقه أيضا من بعض الضعفاء، وغير من متنه شيئا؛ فقد رواه الحجاج بن فرافصة عن أبي عمر عن سلمان الفارسي مرفوعا بلفظ: " إذا ظهر القول، وخزن العمل, وائتلفت الألسنة. . . " والباقي نحوه. أخرجه الطبراني (6 / 323 / 6170) وأبو عمر؛ لم أعرفه، وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (7 / 287) : الحديث: 5528 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 37 " رواه الطبراني في " الأوسط "، و " الكبير " وفيه جماعة لم أعرفهم ". وقد روي الحديث بزيادة أخرى؛ بإسناد ضعيف أيضا من حديث علي، وقد تقدم برقم (2992) . 5529 - (إن الخضر في البحر، واليسع في البر، يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج؛ يحجان ويعتمران كل عام، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل) . موضوع. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق110 / 1 - زوائده) : حدثنا عبد الرحيم بن واقد: ثنا القاسم بن بهرام: ثنا أبان عن أنس مرفوعا به. قال الهيثمي عقبه: " قلت: وقد ذهب من الأصل مقدار ثلث سطر ". قلت: وكذلك أورده السيوطي في " الجامع الكبير " إلى قوله: " قابل " من رواية الحارث، ثم قال: " وفيه أبان، وعبد الرحيم بن واقد؛ متروكان ". وهو حديث موضوع؛ ككل أحاديث حياة الخضر عليه السلام، على ما حققه العلماء الأجلاء؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد أورد ابن الجوزي طائفة كبيرة منها في " الموضوعات "، وتبعه السيوطي في " اللآلي المصنوعة "، وليس هذا فيها، فكان عليه أن يورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " الذي استدرك فيه ما فات ابن الجوزي من الموضوعات؛ فإن أبان هذا -وهو ابن أيي عياش -؛ كان يكذب في الحديث؛ كما قال شعبة. الحديث: 5529 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 38 5530 - (عويمر حكيم أمتي، وجندب طريد أمتي؛ يعيش وحده، ويموت وحده، والله وحده يكفيه) . ضعيف. أخرجه الحارث في " مسنده " (ق 120 / 2 - زوائده) بسند صحيح عن صفوان عن أبي المثنى المليكي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى أصحابه قال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى أبي المثنى؛ فإن صفوان - وهو ابن عمرو السكسكي - ثقة؛ لكنه مرسل؛ على جهالة في أبي المثنى، واسمه ضمضم الأملوكي، روى عنه هلال بن يساف أيضا كما في " الجرح والتعديل " على خلاف في ذلك تراه في " التهذييب "، وقال ابن حبان في " الثقات " (3 / 121) : " وهذا الذي يقال له (المليكي) ". وكذا قال السمعاني في " الأنساب ". ولم يرتض ذلك ابن أبي حاتم؛ فقال: " وقال ابن المبارك: (المليكي) ، وهو وهم " قلت: ويدفع هذا التوهيم رواية الحارث هذه؛ فإنها من غير طريق ابن المبارك. فتأمل. وجملة القول؛ أن الحديث مرسل، وبه أعله السيوطي في " الجامع الصغير "، على جهالة في مرسله. والله أعلم. (تنبيه) : هكذا وقع آخر الحديث في " زوائد المسند ": الحديث: 5530 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 39 " والله وحده يكفيه ". ووقع في " الجامع " بلفظ: " والله يبعثه وحده ". ولعل هذا هو الصواب؛ لأنه يشهد له الحديث التالي: 5531 - (رحم (يرحم) الله أبا ذر؛ يمشي وحده، ويموت وحده ويبعث وحده) . ضعيف. أخرجه ابن إسحاق في " السيرة " (4 / 179 - ابن هشام) ، ومن طريقه ابن سعد في " الطبقات " (4 / 234 - 235) ، وكذا الحاكم (3 / 50 - 51) - والسياق له - من طريق بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون: يارسول الله! تخلف فلان - فيقول: " دعوه؛ إن يكفيه خير؛ فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك؛ فقد أراحكم الله منه ". حتى قيل: يارسول الله! تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " دعوه إن يك فيه خير؛ فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك؛ فقد أراحكم الله منه ". فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره، فلما أبطأ عليه؛ أخذ متاعه، فجعله على ظهره، فخرج يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ي بعض منازله، ونظر ناظر من المسلمين فقال: يارسول الله! هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحديث: 5531 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 40 " كن أبا ذر " فلما تأمله القوم؛ قالوا: يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . فذكر الحديث. فضرب الدهر من ضربته وسيّر أبو ذر إلى (الربذة) فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم فقولوا هذا أبو ذر فلما مات فعلوا به كذلك فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة فقالوا ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله. . . " الحديث، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه، فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ورده الذهبي بقوله: " قلت: فيه إرسال ". قلت: يشير إلى اعلاله بالانقطاع بين القرظي وابن مسعود لكن قد روى البخاري في " التاريخ " (1 / 216) بإسناد قوي سماع القرظي منه فالأولى إعلاله ببريدة بين سفيان الأسلمي، فقد أورده الذهبي في " الميزان " وقال: " قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو داود: لم يكن بذاك، وكان يتكلم في عثمان. وقال الدارقطني: متروك. وقيل: كان يشرب الخمر، وهو مقل ". واعتمد في كتابه " الكاشف " قول البخاري، وفي الضعفاء قول الجزء: 12 ¦ الصفحة: 41 الدارقطني. وهذا يعني أنه ـ عنده ـ ضعيف جداً فهو أولى من قول ابن حجر فيه: " ليس بالقوي ". وبالجملة فهو علة الحديث وليس الإرسال وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " الإصابة " عند عزوه لابن إسحاق: " بسند ضعيف " 5532 - (اصبروا وأبشروا فإني قد باركت على صاعكم ومدكم فكلوا ولا تفرقوا، فإن الطعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الاربعة يكفي الخمسة والستة وإن البركة في الجماعة فمن صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعا أو شهيداً يوم القيامة ومن خرج عنها رغبة عما فيها أبدل الله به من هو خير منه فيها ومن أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء) . ضعيف. أخرجه البزار في " مسنده " (رقم 1185 - كشف الأستار) من طريق سعيد بن زيد عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر قال: غلا السعر بالمدينة واشتد الجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكر. وقال: " لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه، تفرد به عمرو بن دينار وهو لين وأحاديثه لا يشركه فيها أحد قد روى عنه جماعة ". قلت: يشير إلى أنه عمرو بن دينار البصري قهرمان آل الزبير وهو مجمع على ضعفه وليس هو عمرو بن دينار المكي الحجة المحتج به في الصحيحين فإنه أقدم من الأول ولم يذكروا له رواية عن سالم بن عبد الله بن عمر ولا ذكروا الحديث: 5532 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 42 في الرواة عنه سعيد بن زيد وإنما ذكروا ذلك في الأول وقد ذكروا فيه قول النسائي والفلاس: " روى عن سالم أحاديث منكرة " وقال ابن حبان في الضعفاء (2 / 71) : " كان ممن ينفرد بالموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ". ويبدوا أنه اختلط هذا على الهيثمي بعمرو بن دينار الثقة فقال في " مجمع الزوائد " (3 / 306) : " رواه البرزا ورجاله رجال الصحيح " وكأنه اغتر بقول المنذري في الترغيب (2 / 143) : " رواه البزار بإسناد جيد ولئن كان هذا غريبا من المنذري فهو من الهيثمي أغرب لأنه نقل في الزوائد عن البزار الإشارة إلى أنه عمرو بن دينار الضعيف كما تقدم ثم نسي! فَجَّل من لا ينسى. ثم جاء احد المتأخرين من المغاربة وهو الشيخ عبد الله بن محمد العماري فأورد هذا الحديث في كتابه الذي أسماه " الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين " وزعم في مقدمته أنه جرد فيه الأحاديث الثابتة من " الجامع الصغير " وضم إليه أحاديث من مصادر أخرى، منها: " الترغيب والترهيب " للحافظ المنذري وادعى فيها أنه لم يعتمد في صحة الحديث أو حسنه على رموز السيوطي في الجامع وإنما على تصريح الحفاظ أو على ما تقتضيه القواعد وهذا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 43 الأخير لا أثر له في كتابه وإنما هو التقليد لبعض الحفاظ دون الرجوع إلى قواعدهم وأصولهم وتراجم رجالهم والأدلة على ذلك كثيرة فقد حشا الكتاب بعشرات الأحاديث الضعيفة والمنكرة وحسبك دليلاً على ذلك هذا الحديث فإنه ليس في " الجامع " وإنما نقله من " الترغيب " لفظاً وتخريجاً واغتر بتجويد المنذري لإسناده وجهل أو تجاهل تساهل المنذري في التصحيح والتحسين كما كنت بينته في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " (1 / 12 - 15، 48 - 54) ولعله أعني: الشيخ الغماري لم يتيسر له الوقوف على إسناد هذا الحديث وإلا لم يخف عليه إن شاء الله تعالى وهاؤه ولم يغتر أيضا بتجويد المنذري إياه والله أعلم. ثم إن سعيد بن زيد الراوي عن عمرو بن دينار وإن كان روى له مسلم ففيه ضعف وقال الحافظ في التقريب: " صدوق له أوهام " لكن إعلال الحديث بشيخه عمرو بن دينار أولى لشده ضعفه ويبدو لمن أمعن النظر في متنه من العارفين بهذا العلم أن غالبه مركب من عدة أحاديث صحيحة ولعل هذا هو الذي غر الشيخ الغماري فركن إليه ولم يندفع إلى النظر في إسناده والله أعلم. . ثم رأيت ابن ماجة قد أخرج في سننه (3255، 3287) من طريق سعيد بن زيد أيضاً الطرف المتعلق بالطعام، لكنه قال: " ثنا عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير. . . ". فأوضح أنه عمرو بن دينار الضعيف ولذلك تنبه له المنذري حينما أخرج الجزء: 12 ¦ الصفحة: 44 منه جملة التجمع على الطعام فقال (3 / 121 / 2) : " وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهي الحديث " 5533 - (إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم من بابت وفي يده ريحُ غَمَرِ فاصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) (1) . موضوع. أخرجه الترمذي (1860) والحاكم (4 / 119، 137) وابن عدي في الكامل (7 / 2606) من طريق أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " كذا قال والذي نقله المنذري عنه في " الترغيب " (3 / 130) إنما هو أنه قال: " صحيح الإسناد " ولعل الصواب هذا هو الأصل فإنه وإن يكن خطأ فالأول أشد خطأ لأن يعقوب هذا ليس من رجال الشيخين مع ضعفه الشديد كما يأتي أقول هذا من باب حسن الظن بالحاكم وإلا فهو له من مثله من الأخطاء الفاحشة الشيء الكثير كما هو معروف عند الدارسين لكتابة الناقدين له حسب القواعد الحديثية وقد مضت له أمثلة كثيرة في هذا الكتاب الحافل ببيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة وهذا منها فقد قال الذهبي عقب قوله المتقدم:   (1) وقد صحح الشيخ رحمه الله الشطر الأخير منه: " من بات. . . " في " صحيح الجامع " برقم (6115) . (الناشر) . الحديث: 5533 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 45 " قلت: بل موضوع فإن يعقوب كذبه أحمد والناس " وأشار الترمذي إلى تضعيفه بهذا السياق فقال عقبه: " هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: يعني منه قوله صلى الله عليه وسلم: " من باب. . . . " إلخ فإنه الذي ترجم له في الباب بقوله " باب ما جاء في كراهية البيتوته وفي يده ريح غمر ". فهذا القدر من الحديث هو الذي يعنيه الترمذي بقوله المذكور ويؤيده أمران اثنان: الأول: أن حديث سهيل هذا الذي علقه الترمذي قد رواه جمع من الأئمة من طرق عدة عن سهيل به دون ما قبله الذي تفرد به ابن الوليد الكذاب! هكذا أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1220) وأبو داود (3852) وابن حبان في " صحيحه " (1354) وأحمد (2 / 263، 527) والبيهقي في السنن (7 / 276) وفي الشعب (3 / 182 / 1) وغيرهم ممن ذكرنا في الروض النضير تحت الحديث (823) . والآخر: أن الترمذي أتبع حديث سهيل بمتابعة الأعمش له عن أبي صالح به. ساقه بإسناده الصحيح عنه به دون ما تفرد به ذاك الكذاب وقال عقبه: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث الأعمش إلا من هذا الوجه ". قلت: قد رواه البيهقي أيضاً في الشعب من هذا الوجه وعلقه من وجه آخر عن الأعمش به. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 46 فالإسناد صحيح ولهذا القدر من الحديث شواهد من حديث ابن عباس وغيره خرجتها في المصدر المشار إليه آنفاً. وبالجملة فالذي استغربه الترمذي وضعفه إنما هو حديث الترجمة الذي تفرد ذالك الكذاب بذكر الزيادة أوله والذي استحسنه هو الشطر الثاني منه الذي رواه سهيل وغيره من الثقات كما ذكر واستحسنه أيضاً البغوي في شرح السنة (11 / 217 / 2878) بعد أن رواه من طريق سهيل. وإسناد صحيح على شرط مسلم كما قال الحافظ في الفتح. واعلم أنني وقفت لبعض المؤلفين على أخطاء فاحشة حول حديث الترجمة فلا بد من بيانها نصحاً لقرائها: الأول: الحافظ المنذري رحمه الله تعالى فإنه أورد الحديث في الترغيب (3 / 130) من رواية الترمذي واستغرابه إياه - والحاكم - وتصحيحه إياه ثم تعقبه بقوله: " يعقوب بن الوليد الأزدي كذاب واتهم لا يحتج به لكن رواه البيهقي والبغوي وغيرهما من حديث زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح [عن أبيه] (*) عن أبي هريرة كما أشار إليه الترمذي وقال البغوي في شرح السنة: حديث حسن وهو كما قال رحمه الله فإن سهيل بن أبي صالح - وإن كان تكلم فيه فقد - روى له مسلم في الصحيح احتجاجا واستشهادا وروى له البخاري مقروناً. . . وقد روى عنه شعبة ومالك ووثقه الجمهور وهو   (*) ما بين المعقوفتين من قلم الحافظ المنذري ولم ينبه عليه الشيخ ـ رحمهما الله تعالى ـ. (الناشر) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 47 حديث حسن. والله أعلم ". قلت: فاستدراكه بقوله: " لكن رواه البيهقي والبغوي. . . " إلى قوله: " وهو حديث حسن " صريح في أنه يعني حديث الترجمة ويؤكد ذلك أنه ساق قبله قوله صلى الله عليه وسلم: " من نام وفي يده ريح غمر. . . " من حديث أبي هريرة رواية أي داود والترمذي وحسنه وابن حبان وصححه ومن حديث فاطمة رضي الله عنها برواية ابن ماجة ثم ساقه بعده من حديث ابن عباس وقواه ومن حديث أبي سعيد وحسن إسناده فلا يعقل أن يقصد باستدراكه المذكور هذا القدر من حديث الترجمة لأن هذا صحيح يقيناً عنده ولو بمجموع هذه الشواهد فهو إذن يعني بالاستدراك والتحسين الذي فيه الحديث بتمامه! وهذا من أخطائه الفاحشة التي نبهنا على بعضها في مقدمة كتابي صحيح الترغيب فراجعها إن شئت. ومن العجيب حقا أن لا ينبه على هذا الخطأ الفاحش العلامة الحافظ الناجي تلميذ الحافظ العسقلاني في كتابه القيم " عجالة الإملاء المتيسرة من التذنيب، على ما وقع للحافظ المنذري من الوهم وغيره في كتابه الترغيب والترحيب " (177 / 2) بل لعله انطلى عليه الأمر كما انطلى على غيره ممن لا يذكر معه كما يأتي فإن غاية ما صنعه في هذا الباب أنه فسر كلمتي " حساس لحاس " فقال: " (حساس) بالحاء المهملة لا بالجيم أي شديد الحس والإدارك و (الحس) : الحركة والصوت الخفي و (لحاس) أي: كثير اللحس لما يصل وشدد للمبالغة ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 48 الثاني: المحقق المناوي فإنه بعد أن ذكر في فيض القدير تصحيح الحاكم للحديث وقال: " واغتر به المصنف فلم يرمز لضعفه وما درى أن الذهبي رده عليه ردا شنيعا [فقال] : بل موضوع. . . " قال: " وقال الذهبي في موضع آخر: يعقوب بن الوليد الأزدي كذب واتهم فلا يحتج به. قال: لكن رواه البيهقي والبغوي من وجه آخر. . . فهو من هذا الوجه حسن ". قلت: هذا الذي عزاه للذهبي هو خطأ آخر من المناوي وإنما هو خلاصة كلام المنذري المتقدم وهي أصرح منه في الخطأ كما هو ظاهر وكأن المناوي رحمه الله تنبه لهذا الخطأ الفاحش حين اختصر كتابه " فيض القدير " إلى " التيسير بشرح الجامع الصغير " فإنه لم يزد فيه على قوله: " وقال الحاكم: على شرطهما ورد بأنه ضعيف بل موضوع ". فلم يعرج على الاستدراك المذكور فأصاب. والله تعالى هو الهادي إلى الصواب. الثالث: الذين قاموا على نشر " الجامع الكبير " للسيوطي والتعليق عليه من دكاترة لجنة " الجامع " من مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة فقد كتبوا على الحديث ما يدل على أنهم اغتروا باستثناء المنذري المتقدم فنقلوا (2 / 1853 / 1135 - 5621) منه ـ دون أن يسموه ـ قول البغوي المتقدم: " حديث حسن " وقد عرفت انه يعني الشطر الثاني منه فأوهموا القراء خلاف مرداده تقليداً منهم للمنذري. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 49 الرابع: الشيخ عبد الله الغماري في كتابه الذي أسماه " الكنز الثمين "، وأدعى أن كل ما فيه من الأحاديث صحيح ثابت! كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله، واستدللت به على أنها مجرد دعوى، وهذا الحديث دليل آخر، وما أكثر الأدلة على ذلك؛ فإنه قلد المنذري في خطئه الذي سبق بيانه، وإليك البيان: أولا: أورد الحديث في كتابه (832) على أنه صحيح! وهو موضوع؛ فيه ذاك المتهم بالكذب. ثانيا: الحديث؛ ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " وكذا " الكبير " برواية (ت ك) ؛ أي: الترمذي والحاكم. فعدل هو عنهما، فعزاه ل (هب والبغوي) ؛ اغترارا منه بقول المنذري: " ولكن رواه البيهقي والبغوي. . . وقال: حديث حسن ". وجهل أن هذا الاستدراك خطأ من المنذري، وأن المذكورين لم يخرجا الحديث بتمامه، وإنما الشطر الثاني منه، وهو الذي قال فيه البغوي: " حديث حسن "؛ كما سبق تحقيقه بالأرقام! وهذا شؤم التقليد الذي يدعي هو وإخوته محاربته، ويجعل نفسه إماما في العلم بمعرفة تصحيح الحديث وتحسينه الوارد في " معجم الطبراني " وغيره كما أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب (ص ف) ! وصرح فيها أنه ألفه غريبا عن أهله وبعيدا عن كتبه، معتمدا على فضل الله - وفيه غناء (!) - ثم على ما جادت به ذاكرته. .! فليصدق من شاء! مع أنه يصرح أنه جرده من " الجامع الصغير " إلا قليلا! ولئن صدق فيما قال؛ فهو دليل صريح على أنه لم يحقق أحاديث الجزء: 12 ¦ الصفحة: 50 كتابه ويراجع أسانيدها ويتتبع شواهدها وعللها! فهو السبب في كثرة الأحاديث الضعيفة والمنكرة التي وقعت فيه مما كنت أوردته في كتابي " ضعيف الجامع الصغير " بعد مزيد من البحث والتحقيق كما هو مشروح في مقدمته. ولله في خلقه شؤون! الخامس: الأستاذ عزت الدعاس المعلق على " سنن الترمذي " فإنه علق على حديث الترجمة بقوله (6 / 137) : " أخرجه أبو داود في " الأطعمة ". . . وابن ماجه "! وإنما عندهما الشطر الثاني منه! فإلى الله المشتكى من جهل المؤلفين بهذا العلم الشريف، وكثرة الدخلاء فيه والمدعين له! وإنا لله وإنا إليه راجعون. وسيأتي لهذا الكذاب - يعقوب - حديث آخر برقم (6095) . 5534 - (إن لله عبادا يجلسهم الله يوم القيامة على منابر من نور، ويغشى وجوههم النور، حتى يفرغ من حساب الخلائق) . ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في " الكبير " (8 / 131 / 7527) عن الحسين (الأصل: الحسن) ابن أبي السري العسقلاني: ثنا محمد بن حمير: ثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: هذا إسناد ضعيف جدا؛ رجاله ثقات غير ابن أبي السري؛ وهو الحسين بن المتوكل بن عبد الرحمن أبو عبد الله بن أبي السري؛ اتهمه أهله الأقربون، فقال أخوه محمد بن أبي السري: " لا تكتبوا عن أخي؛ فإنه كذاب ". وقال أبو عروبة الحراني: الحديث: 5534 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 51 " هو خال أمي، وهو كذاب ". وضعفه أبو داود وابن حبان. ومنه يتبين خطأ قول المنذري (4 / 48) - وتبعه الهيثمي (10 / 277) ، وقلده الغماري في " كنزه " (1013) -: " وإسناده جيد "! 5535 - (إن من أمتي من لو جاء أحدكم فسأله دينارا لم يعطه، ولو سأله درهما لم يعطه، ولو سأله فلسا لم يعطه، ولو سأل الله الجنة لأعطاه الله إياها: ذو طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره) . ضعيف. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 116 / 2 / 7699) بسند صحيح عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ قال الإمام أحمد: " لم يسمع سالم من ثوبان، ولم يلقه؛ بينهما معدان بن أبي طلحة، وليست هذه الأحاديث بصحاح ". وقال أبو حاتم: " أدرك أبا أمامة، ولم يدرك عمرو بن عبسة، ولا أبا الدرداء ولا ثوبان ". وقد رواه هناد وابن صصري عن سالم بن أبي الجعد نحوه مرسلا؛ كما في " الجامع الكبير " (1 / 273) . وقد خفيت هذه العلة على الشيخ الغماري، فأورد الحديث في " كنزه " - الذي زعم في مقدمته أنه جرده عن الضعيف والمعلل من الحديث - (رقم 1075) ! وهو في الحقيقة لم يصنع شيئا سوى مجرد النقل عن " الجامع الصغير " غالبا الحديث: 5535 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 52 و " الترغيب " أحيانا، ولذلك؛ نراه يخطئ بخطئهما، ويقلدهما تقليدا أعمى، وإن كان يتظاهر بمحاربة التقليد مطلقا، وهذا ما أصابه في هذا الحديث نفسه؛ فإنه نقله عن " الترغيب " (4 / 94) ؛ فإنه قال فيه: " رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في (الصحيح) "! وصدره مع ذلك بصيغة (عن) التي ليست عنده نصا في التحسين؛ بله التصحيح، كما كنت فصلت ذلك في مقدمة " صحيح الترغيب "! ولعل الغماري يعلم ذلك، وأما أن قوله: " رواته ثقات "، أو: " محتج بهم في (الصحيح) " لا يكفي في صحة الحديث؛ فهو على علم به؛ لأنه نبه عليه في المسألة الرابعة من المقدمة (ص ن) ، فكيف جاز له أن يعتمد على المنذري، فيورد الحديث فيما زعم أن كل أحاديثه صحيحة؟ ! وليس هذا فقط! بل اغتر أيضا بإطلاق المنذري العزو للطبراني، الموهم أنه يعني (المعجم الكبير) - وكثيرا ما يفعل ذلك كما نبهت عليه في المقدمة المشار إليها آنفا، وذلك من مساوئ كتابه التي لا يعلمها جماهير المتأخرين المستفيدين من كتابه كالغماري هذا -؛ فإن الحديث إنما رواه الطبراني في " الأوسط " فحسب! لكن جملة (الطمرين) لها شواهد، كنت ذكرتها تحت هذا الحديث في " الصحيحة " (2642) ؛ غير متنبه إلى أنه بحاجة إلى شواهد لسائره، فلما تنبهت لهذا ولم أجدها؛ رأيت لزاما علي أن أودعه هنا. وأن أستثني من الضعف الجملة المشار إليها. والله هو الهادي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 53 5536 - (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وهو مازح، وببيت في أعلى الجنة لمن حسنت سريرته) . ضعيف. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 50 / 2 / 865) عن عتيق الزبيري قال: نا عقبة (*) بن علي عن عبد الله بن عمر عن ابن عمر مرفوعا. وقال: " لم يروه عن عبد الله بن عمر إلا عقبة، تفرد به عتيق ". قلت: وثقه الدارقطني، وروى عنه أبو زرعة؛ ولكن شيخه عقبة* بن علي ضعفه العقيلي؛ فقال: " لا يتابع على حديثه، وربما حدث بالمنكر عن الثقات ". وبه أعله الهيثمي؛ فقال في " المجمع " (1 / 157) : " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عقبة بن علي، وهو ضعيف ". وشيخه عبد الله بن عمر؛ لعله حفيد عمر، فهو عبد الله بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب، وهو ثقة من رجال الشيخين، فإن يكن هو؛ فالعلة من عقبة، كما ذكرنا. وإن مما يشهد لضعفه وما قال العقيلي فيه: أن هذا الحديث قد جاء عن غير واحد من الصحابة مثله؛ إلا الفقرة الأخيرة؛ فقالوا فيها: ". . . لمن حسن خلقه ". مكان قوله: - - - - - - - - - - - - - - - - في أصل الشيخ - رحمه الله -: (علقمة) ، والتصحيح من المصادر المذكور، وسيذكره الشيخ على الجادة بعد أسطر. (الناشر) . الحديث: 5536 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 54 ". . . لمن حسنت سريرته ". فهو بهذا اللفظ من مناكير عقبة التي أشار إليها العقيلي فيما تقدم، ولذلك خرجته هنا، وإلا؛ فالحديث ثابت بمجموع طرقه؛ لكن باللفظ الذي ذكرته من رواية من أشرنا إليهم من الصحابة، وهو مخرج في " الصحيحة " (273) ، وله شاهد آخر من حديث أنس حسنه الترمذي؛ لكن فيه نكارة من جهة أخرى، ولذلك؛ خرجته فيما تقدم من هذا الكتاب برقم (1056) ، فراجعه إن شئت. ومن هذا التخريج والتحقيق تعلم خطأ الشيخ الغماري في إيراده هذا الحديث المنكر في " كنزه " الذي زعم أنه كنز فيه الأحاديث الصحيحة فقط! والواقع يشهد بخلاف ذلك، وقد سبقت عدة أمثلة، هذا منها - وليس آخرها -، وكأنه اغتر بسكوت المنذري عليه، ولم يعلم أن الهيثمي أبان عن علته، وإن علم فالمصيبة أعظم. وإن ظن أنه ثابت بشواهده؛ فهي عليه، لا له! 5537 - (اهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنك لا تأتي الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره) . ضعيف. أخرجه الطبراني في " الكبير " (25 / 129 / 313) عن هشام ابن عمار: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس: حدثني مربع عن أم أنس أنها قالت: يا رسول الله! أوصني. قال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناده واه؛ مربع هذا؛ لم أجد من ذكره، ومن المحتمل أنه محرف الحديث: 5537 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 55 من (مرقع) ، وهما اثنان: أحدهما: التميمي الحنظلي، وهو صدوق؛ كما في " التقريب ". والآخر: الأسدي، ذكره ابن أبي حاتم برواية اثنين عنه: أحدهما ليث بن أبي سليم الضعيف، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو - في أحسن الأحوال - مجهول الحال. وابن نسطاس؛ متفق على ضعفه؛ إلا الطبراني؛ بل قال البخاري: " فيه نظر ". وبه أعله الهيثمي، فقال - بعد عزوه للطبراني (4 / 218) -: " وهو ضعيف ". وكذا قال في مكان آخر (10 / 75) . وأما المنذري؛ فقال في " الترغيب " (2 / 231) : " رواه الطبراني بإسناد جيد "! وكذا قال! وهو خطأ واضح، قلده فيه الغماري، فأورد الحديث في " كنزه " (1250) ! ثم رواه الطبراني (25 / 149 / 359) من طريق محمد بن إسماعيل الأنصاري عن يونس بن عمران بن أبي أنس عن جدته أم أنس به نحوه. وهذا إسناد ضعيف أيضا، أعله الهيثمي باللذين دون أم أنس فقال: " وكلاهما ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 56 قلت: وكذلك فعل البخاري من قبل؛ لكنه أفاد أن الأنصاري هذا هو محمد بن إسماعيل بن مجمع. وذكر الحافظ في " اللسان " أن ابن المديني قال فيه: " مجهول ". أي: مجهول الحال. وأما شيخه يونس؛ فهو مجهول العين؛ لأنه لم يرو عنه غيره. 5538 - (أولاد - وفي رواية أطفال - المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) . منكر بهذا التمام. أخرجه الحاكم (1 / 384) ، وعنه البيهقي في " البعث " (155 / 210) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 263) ، والديلمي (1 / 1 / 118) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (19 / 219 / 2) ، والحافظ عبد الغني في " تخريج حديثه " (ج73 / 40 / 1) من طريق مؤمل بن إسماعيل: ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! ! قلت: وهذا خطأ فاحش، وبخاصة من الذهبي؛ لأن مؤملا هذا ليس من رجال الشيخين أولا، ثم هو شديد الخطأ ثانيا؛ فقد قال فيه إمام المحدثين البخاري: " منكر الحديث ". وقد اعترف كل من ترجم له - حتى الذهبي - بأنه سيئ الحفظ، فقال في " الميزان ": الحديث: 5538 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 57 " حافظ عالم يخطئ. وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة، كثير الخطأ. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق سيئ الحفظ ". وقد أعتمد قول أبي حاتم المتقدم الذهبي نفسه في " الكاشف "، ثم أتبعه ببيان سبب كثرة خطئه فقال: " وقيل: دفن كتبه، وحدث حفظا؛ فغلط ". قلت: فمثله لا يحتج به إذا انفرد، فكيف إذا خالف؟ ! فقد جاء بإسناد آخر حسن مختصرا بلفظ: " ذراري المؤمنين يكفلهم إبراهيم في الجنة ". أخرجه ابن حبان وغيره، وسبق تخريجه في " الصحيحة " (603) . ثم إن الحديث يخالف بظاهره ما جاء في عدة أحاديث صحيحة: إن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أول من يدخل الجنة، وأن أولاد الآباء يأبون أن يدخلوا الجنة إلا وأبائهم معهم، فيدخلون جميعا. فهذا من شؤم الأحاديث الضعيفة التي يحلو لبعضهم أن يملؤوا بها كتبهم دون تحقيق وبصيرة؛ كالشيخ الغماري؛ فإنه أورد الحديث هذا في " كنزه " (1278) موهما القراء بصحته! وزاد ضغثا على أبالة أن عزاه ل (حب) ؛ أي: ابن حبان، وهو لم يروه إلا مختصرا من الطريق الأخرى كما ذكرت آنفا! ومثله في الوهم عزو السيوطي في " الجامعين " ل (حم) ؛ أي: مسند أحمد؛ فإنه لم يروه إلا بلفظ ابن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 58 حبان الصحيح! فمن المحتمل أن هذا الرمز (حم) تحرف على الغماري إلى (حب) ، فوقع في الوهم؛ لأن كل - أو على الأقل: جل - مادة كتابه " الكنز " من " الجامع الصغير "! فهو مقلد له، فانضم هنا إلى التقليد الوهم على الوهم، ظلمات بعضها فوق بعض! وهناك مخالفة أخرى لمؤمل بن إسماعيل من جماعة من الثقات: منهم: يحيى القطان قال: عن سفيان به موقوفا. أخرجه ابن عساكر. منهم: وكيع. فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (3 / 379) : حدثنا وكيع عن سفيان به مختصرا بلفظ: " أطفال المسلمين في جبل بين إبراهيم وسارة يكفلونهم ". وقال العلامة الزبيدي في " شرح الإحياء " (8 / 567) بعد أن أشار إلى رواية وكيع هذه: " ورواه ابن مهدي وأبو نعيم؛ كلاهما عن الثوري؛ فوقفاه. وقال الدارقطني: إنه أشبه ". ووقع له مثل الوهم المتقدم؛ فإنه بعد أن أقر الحاكم على تصحيح الحديث على شرطهما قال: " وكذا صححه ابن حبان "! ! وقد عرفت أن ابن حبان إنما رواه باللفظ الصحيح. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 59 وأقبح من هذا الوهم قول الشيخ (أبو الوفاء مصطفى المراغي) في تخريجه للحديث في شرحه ل " بعث ابن أبي داود " (ص 66) : " أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه وأحمد والحاكم. . . " فذكره! فالظاهر أنه في أثناء النقل دخل عليه حديث في حديث، فوقع في هذا الوهم الفاحش فعزاه للشيخين وابن ماجه! ! ! 5539 - (الأئمة من قريش، ولهم عليكم حق عظيم، ولكم مثل ذلك، فأطيعوهم ما عملوا بثلاث: إذا حكموا عدلوا، وإذا استرحموا رحموا، وإذا عاهدوا وفوا، ومن لم يفعل ذلك منهم؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) . منكر بهذا السياق. أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (3 / 2) من طريق الأعمش عن سهل أبي الأسد عن بكير بن الحاث الجزري عن أنس بن مالك قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مجتمعون في بيت رجل من الأنصار، فأخذ بعضادتي الباب وقال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علل: الأولى: الاضطراب في إسناده؛ فقد رواه وكيع عن الأعمش هكذا. وتابعه: شيبان عن الأعمش به؛ إلا أنه قال: بكير الجزري. لم ينسبه. أخرجه البيهقي في " سننه " (3 / 121) ، وهو رواية لأحمد (3 / 183) . الحديث: 5539 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 60 وخالفهما جرير فقال: عن الأعمش عن بكير الجزري عن أبي الأسد عن أنس قال:. . . فذكر نحوه؛ دون قوله: (عظيم) ، (فأطيعوهم) ، وقلب إسناده. أخرجه الداني أيضاً. وعلقه الدولابي في " الكنى " (1 / 106) وقال: «سهل أبي الأسد» . وخالفهم شعبة فقال: عن علي أبي الأسد قال: حدثني بكير بن وهب الجزري قال: قال لي أنس بن مالك:. . . فذكره نحوه. أخرجه أحمد (3 / 129) , والدولابي , وابن عساكر (17 / 150 / 1) , وعلقه البخاري في ترجمة بكير بن وهب الجزري من «التاريخ» (1 / 2 / 112) , وذكر له وجوهاً أخرى من الاضطراب، ومن المعلوم أن الاضطراب علة من العلل يضعف به الحديث؛ لأنه يدل على أن الراوي لم يحفظه، وسواء كان ذلك في الإسناد أو المتن. الثانية: الاضطراب في متنه، وهو تفرد جرير بقوله فيه «عظيم» ، «فأطيعوهم» دون سائر الرواة. ومما لاشك فيه أن الأرجح رواية الأكثر، فتكون هذه الزيادة منكرة. الثالثة: الجهالة؛ فإن كلاً من أبي الأسد - على اختلاف في اسمه - وبكير بن وهب - على الاختلاف في اسم أبيه - فيهما جهالة , وبخاصة الثاني منهما، وقد قال الحافظ في كل منهما: «مقبول» ؛ يعني: عند المتابعة. وقد وجدت لهما متابِعِين كُثُراً، ولاسيما على الفقرة الأولى من الحديث؛ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 61 فقد خرجته في «إرواء الغليل» (520) من ستة طرق , ثم وجدت له طريقاً سابعاً في «كبير الطبراني» (725) مثل رواية الأكثر دون الزيادة المنكرة , ولذلك؛ أوردته بدونها في «صحيح الجامع» (2755) من رواية أحمد والنسائي والضياء عن أنس. وأما الشيخ عبد الله الغماري؛ فأورده في «كنزه» بلفظ: «الأئمة من قريش، ولي عليكم حق عظيم، ولهم ذلك ما فعلوا ثلاثاً،. . .» إلخ. وعزاه لأحمد والطبراني في «الكبير» عن أنس! وهذا من أخطائه الكثيرة أو تساهله , فإنَّ هذا اللفظ ليس عندهما ولا عند غيرهما مِمَّن أخرج الحديث، وأقرب شيء إليه حديث الترجمة , ولعل قوله: «ولي» خطأ مطبعي، صوابه: «ولهم» . وقوله: «ولهم» ؛ صوابه: «ولكم» . 5540 - (إِنَّ الشياطينَ تَغْدُو بِرَايَاتِهَا إلى الأَسْوَاقِ , فَيَدْخُلُونَ مَعَ أولِ دَاخِلٍ , ويَخْرُجُونَ مَعَ آخِرِ خَارِجٍ) . ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8 / 161 / 7618) و «مسند الشاميين» (ص 101) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الوهاب بن الضحاك، وبه أعله الهيثمي (4 / 77) . وشرحبيل بن مسلم؛ فيه ضعف من قبل حفظه. الحديث: 5540 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 62 5541 - (إنَّ لله ملائكةً تغدُو براياتِهَا إلى المسَاجِدِ، فيدخُلُون مع أول داخِلٍ، ويخرُجُونَ مع آخرِ خارج) . ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ص 101 - 102) بإسناده المتقدم في الحديث الذي قبله. الحديث: 5541 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 63 5542 - (لا يقطعُ صلاةَ المسلمِ شيءٌ؛ إلا الحِمَار، والكَافر، والكَلْب، والمرأة) . منكر بذكر (الكافر) . أخرجه أحمد (6 / 84) ، والطبراني في «مسند الشاميين» (ص 198) بسند صحيح عن راشد بن سعد المقرائي عن عائشة قالت: قال رسول الله. . . فذكره. فقالت عائشة: يا رسول الله! لقد قُرِنَّا بدوابِّ سُوءٍ! قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن راشد بن سعد - وهو حمصي -، وإن كان ثقة؛ فما أراه سمع من عائشة , وذلك لسببين: الأول: أنه غير معروف السماع من عائشة رضي الله عنها؛ بل لم يذكر الحافظ المزي في «التهذيب» له رواية عنها. والآخر: أنهم ذكروا أنه روى عن ثوبان وسعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء؛ فقال أبو حاتم والحربي: «لم يسمع من ثوبان» . وقال أحمد: «لا ينبغي أن يكون سمع منه» . وقال أبو زرعة: الحديث: 5542 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 63 «راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص؛ مرسل» . فقال الحافظ العسقلاني عقب ذلك: «وفي روايته عن أبي الدرداء نظر» . قلت: يبدو لي أن في هذا القول تسامحاً كبيراً؛ فإن من المعروف عند العلماء أن مثله إنما يقال في الأمر المحتمل، وليس فيما هو مجزوم به كما هو الشأن في هذه الرواية؛ فإن في وفاته أقوالاً، أكثرها أنه مات قبل عثمان بسنة، وعثمان توفي سنة (35) ، فيكون بين وفاتيهما نحو (74) أربع وسبعين سنة , فمثله لا يمكن أن يسمع منه من كانت وفاته سنة (108) كالمقرائي هذا، إلا أن يكون معمراً قديم الولادة , وهذا غير معروف عنه، والأصل عدمه. فهو لم يسمع منه جزماً، وإذا كان من ذكرنا من الأئمة قد نفوا سماعه من ثوبان - ووفاته سنة (54) -، ومن سعد بن أبي وقاص - ووفاته سنة (55) -، فكذلك يقال في روايته عن عائشة أنه لم يسمع منها؛ لأنه توفيت سنة (57) , فأولى وأولى الجزم أنه لم يسمع من أبي الدرداء، وهو قديم الوفاة كما بينا. وجملة القول؛ بأن هذا الإسناد علته الانقطاع , فثبت ضعفه. ثم إن في متن الحديث نكارة من ناحيتين: الأولى: ذكر الكافر فيه؛ فإن الحديث محفوظ من رواية جمع من الصحابة؛ كأبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم؛ عن النبي به نحوه دون ذكر الكافر، وهذه الأحاديث في «صحيح مسلم» وغيره، وبعضها مخرج في «صحيح أبي داود» (669، 700) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 64 نعم؛ قد رويت هذه الزيادة (الكافر) في حديث آخر عن ابن عباس مرفوعاً نحوه؛ لكنه معلول أيضاً، وهو مخرج في «ضعيف أبي داود» (110) والأخرى: أنه قد جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها من طرق صحيحة: عند الشيخين وغيرهما: أنه ذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة. فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب! والله لقد رأيت رسول الله يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة. . . الحديث. وهو مخرج بنحوه في «صحيح أبي داود» (706) ، فلو كانت سمعت من النبي حديث الترجمة؛ لما أنكرت الحديث وقد ذكروه أمامها بعد وفاة النبي، وتحتج على ذلك بالاضطجاع المذكور. فالظاهر أن أحد الرواة اختلط عليه ما ذكروه أمامه من الحديث المرفوع بقولها الذي أنكرته به؛ فذكر أن النبي هو الذي ذكر الحديث أمامها، وأنها قالت ذلك بحضوره! وهذا منكر جداً. فالصواب أن الإنكار منها وقع بعده , وأن الحديث روي لها ولم تسمعه منه، وإلا؛ لَسَلَّمَتْ به تسليماً، ومما يؤكد ذلك قولها في رواية لمسلم بعدما ذكروا لها الحديث: إن المرأة لدابة سوء؛ لقد رأيتني بين يدي رسول الله. . . . فهذا عين ما جاء في آخر حديث الترجمة , فهو يؤكد أن السيدة رضي الله عنها قالته بعد وفاته , فوهم الراوي، فزعم أنه قالت ذلك بحضوره؛ كما وهم في نسبة الحديث لروايتها عنه مباشرة. وبالجملة؛ فالحديث صحيح من رواية غيرها من الصحابة , وبدون زيادة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 65 (الكافر) , وأن نسبة الحديث إلى روايتها عنه ^ مباشرة منكر , لا يصح. والله تعالى أعلم. ومن أوهام الهيثمي قوله (2 / 60) : «رواه أحمد. ورجاله موثقون» . وحقه أن يقول: «. . . ثقات» ؛ فإنه لا خلاف فيهم. 5543 - (إذا صَلَّى أحدُكُم؛ فَلْيُصَلِّ إلى رَحْلِهِ , أو ليَخُطّ خطاً في الأرضِ، أو لِيَنْصبْ سهماً من كنانتِهِ، ولا يضرُّهُ ما وراءَ ذلك) (*) . منكر بذكر (الخط) . أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ص 261 - 262) و (2 / 258 / 1298) من طريق محمد بن كثير الصنعاني: ثنا عبد الله بن شوذب عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أبو هارون هذا - واسمه عمارة بن جوين -؛ قال الذهبي والعسقلاني: «متروك» , زاد الثاني: «ومنهم من كذَّبه» . قلت: وهذا الحديث بهذا الإسناد غريبٌ جداً، لم أره في شيء من كتب   (*) أعاد الشيخ - رحمه الله - تخريج هذا الحديث مرة أخرى باختصار مع بعض الزيادات، وكتب فوقه هناك: «سبق تخريجه بأوسع، رقم (5543) ، فهو المعتمد؛ لكن يؤخذ من تخريجه ما فيه من زيادة» . فقمنا بالدمج كما أراد الشيخ - رحمه الله - وانظر «تمام المنة» (ص 300 - 302) . (الناشر) . الحديث: 5543 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 66 السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها. والحديث محفوظ مفرقاً في أحاديث أخرى؛ إلا الخط: فقد روي من طريق أخرى من حديث أبي هريرة: عند أبي داود وغيره. لكن في إسناده اضطراب شديد وجهالة , ولذلك؛ ضعفه جمع؛ كما بينته في «ضعيف أبي داود (رقم 107 - 108) بما لا يدع أي شك في ضعفه وعدم صلاحيته للاحتجاج به؛ ثم لما وقفت على هذا بادرت لإخراجه والكشف عن عِلَّتِهِ هذه؛ خشيَةَ أن يعثر عليه أحد ممن لا علم عنده، فيتوهم أنه يصلح شاهداً لحديث أبي هريرة , فيقع في الخطأ؛ لجهله بأنه لا يصلح للاستشهاد به لشدة ضعفه. وفيه علة أخرى؛ لكنها ليست مثل الأولى في الضعف. وهي ضعف محمد بن كثير الصنعاني؛ قال الحافظ: «صدوق كثير الخطأ» . فيحتمل أنه - لشدَّة وهمه، وكثرة خطئه - انقلب عليه إسناده، فجعله من حديث أبي سعيد الخدري، وهو من حديث أبي هريرة. والله أعلم. ومن تلك الأحاديث المحفوظة قوله: «إذا وضع أحدُكُم بين يديه مثلَ مؤخَّرة الرجل؛ فليصلِّ ولا يبالِ مَنْ مَرَّ وراء ذلك» . أخرجه مسلم وأبوعوانة في «صحيحيهما» ، وصححه الترمذي، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» (686) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 67 هذا؛ وقد ذكر الحافظ السخاوي في «فتح المغيث» (1 / 224) لحديث أبي هريرة المشار إليه شاهدين: أحدهما: من حديث إبراهيم بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله " دخل من قبل باب بني شيبة , حتى جاء إلى وجه الكعبة، فاستقبل القبلة , فخط من بين يديه خطاً عَرْضاً، ثم كبر، فصلى؛ والناس يطوفون بين الخط والكعبة. رواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» . كذا قال! ولم أره في الرواية المختصرة من «مسند أبي يعلى» ! وكأنه لذلك لم يورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» لا في «الصلاة» ولا في «الحج» ؛ لكن لم يورده الحافظ ابن حجر أيضاً في «المطالب العالية» ! مع أنه قد نص في المقدمة أنه يستدرك على شيخه الهيثمي ما فاته ذكره في «المجمع» ؛ لأنه يعتمد فيه على الرواية المختصرة. وكذلك لم يورده السيوطي في (مسند أبي محذورة) من «الجامع الكبير» . فالله أعلم. وإبراهيم هذا؛ هو ابن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة , وهو مجهول، وله حديث آخر في الأذان؛ له طرق أخرى عن أبي محذورة , خرجته من أجلها في «صحيح أبي داود» (515 - 522) ، وهو ابن عم إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة؛ كما صرح الحافظ المزي في «تهذيبه» ، وهو صدوق يخطئ، وليس هو صاحب هذا الحديث، وإنما هو الأول؛ لكنهم يذكروا له رواية عن أبيه، وإنما عن جده عبد الملك، وقد صرح بسماعه منه في حديث الأذان المشار إليه , فقوله هنا: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 68 «عن أبيه عن جده» ؛ لعله خطأ من الناسخ أو الطابع؛ فإن المطبوعة سيئة جداً؛ فيها أخطاء فاحشة , فلعل الصواب: «عن جده عن أبيه» . والله أعلم. والشاهد الآخر: قال السخاوي عقب الشاهد المتقدم: «وكذا عند الطبراني من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفي سندهما ضعف؛ لكنهما من طريقين: إحداهما مرسلة , والأخرى مقطوعة يتقوى بها حديث أبي هريرة» ! قلت: وفيما قاله نظر من وجوه: الأول: أن حديث أبي هريرة قَوْلِيٌّ، كحديث الترجمة , وحديث أبي يعلى فِعْلِيٌّ، فشهادته قاصرة , تدل على شرعية الخط - لو صح -، وليس على أن النبي ^ أمر به. وهذا مما يجب أن يتنبه له في الشواهد. الثاني: حديث الطبراني لم نقف عليه ولا أورده الهيثمي أيضاً؛ فإنه من شرطه؛ لأن الطبراني إذا أطلق العزو إليه فالمراد «المعجم الكبير» له، كما هو المصطلح عليه عند العلماء، ومن المؤسف أن الجزء الذي فيه أحاديث أبي موسى - واسمه عبد الله بن قيس - لم يطبع منه. الثاني: أنه لم يسق لفظه لننظر فيه؛ أهو فعلي أو قولي؟ الرابع: قوله: «لكنهما من طريقين. . .» إلخ. لم يتبين لي مراده؛ فإن الشاهد الأول عن أبي محذورة , والآخر عن أبي موسى، فأين الإرسال والانقطاع , وهذا نقوله إذا فسرنا قوله: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 69 «مَقْطُوعَة» بـ «مُنْقَطِعَة» عَلَى اصْطِلاحِ الْبَعْضِ، وَإِلا فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ «مَوْقُوفَةً عَلَى التَّابِعِيِّ» ، فَالأَمْرُ أَشْكَلُ. هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ السَّخَاوِيُّ قَبْلَ ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ مَرْفُوعَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ، وَلَكِنْ فِيهِمَا مَتْرُوكَانِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَرِّجْ السَّخَاوِيُّ نَفْسَهُ عَلَيْهِمَا فِي الاسْتِشْهَادِِ بِهِمَا. واللهُ أَعْلَمُ. 5544 - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا، وَفِي مَكَّتِنَا وَفِي مَدِينَتِنَا، وَفِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا» ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَفِي الْعِرَاقِ وَمِصْرَ، فَقَالَ: «هُنَاكَ يَطْلَعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ، وَثَمَّ الزَّلازِلُ وَالْفِتَنُ» . مُنْكَرٌ بِذِكْرِ مِصْرَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 266) مِنْ طَرِيقِ أَبِي فَرْوَةَ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي أَبُو رَزِينٍ الْفِلِسْطِينِيُّ عَنْ أبِي عُبَيْدٍ حَاجِبِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعَاً. قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ مُسَلْسَلٌ بِالْعِلَلِ: [الأُولَى] أبُو فَرْوَةَ هَذَا، أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ (4 / 2 / 288) بِرِوَايَتِهِ عَنْ جَمْعٍ عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: كَتَبَ إِلَى أَبِي وإلَيَّ، وَلَمْ يَزِدْ! . [الثانيةُ] أَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيِّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. [الثالثة] يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ ضعيف، كما فِي «التقريب» . الحديث: 5544 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 70 الرَّابِعَة: أَبُو رَزِينٍ الْفَلَسْطِينِيُّ، لَمْ أَعْرِفْهُ. وَبِالْجُمْلَةِ، فَهُوَ إِسْنَاٌد وَاهٍ مُظْلِمٌ، وَذِكْرُ مِصْرَ فِي الْمَتْنِ مُنْكَرٌ جِدَّاً. فَقَدْ أَخْرَحَهُ الْبُخَارِيُّ (7094) ، وَأَحْمَدُ (2 / 118) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي «الْكَبِيْرِ» (12 / 384) جَمِيعَاً مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ناَفِعٍ بِهِ، دُونَ ذِكْرِ مِصْرَ. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَأَحْمَدَ «نَجْدِنَا» بَدَلَ «عِرَاقِنَا» ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِـ «نَجْدِنَا» كَمَا كُنْتُ بَيَّنْتُهُ فِي تَخْرِيْجِ «فَضَائِلِ الشَّامِ» (الْحَدِيثُ الثَّامِنُ) . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْكَبِيْرِ» (12 / 84 / 12553) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، دُونَ ذِكْرِ مِصْرَ، وَبِلَفْظِ «عِرَاقِنَا» . 5545 - «تَعَيَّشُوا بِنِسَائِكِمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعِيشَ مَعَ امْرَأَتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَإِنْ شَاءَ أَفْسَدَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَصْلَحَهَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، إِنْ بُلَّ شَهْرَيْنِ لَمْ يَلِنْ، وَإِنْ أُقِيمَ لَمْ يَسْتَقِمْ، فَعَاشِرُوهُنَّ بِأَخْلاقِهِنَّ» . ضَعِيفٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 484_485) : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا أبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظِ عَنْ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ قَالَ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:. . . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُوهُ لَمْ أَعْرِفْهُمَا. وَالأَوَّلُ أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (4 / 1 / 473) فقالَ: «نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ أبُو إِبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْهُ أبُو أَيُّوبَ الْبَهْرَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمْصِيُّ» . الحديث: 5545 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 71 وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا تَرَى، فَهُوَ مَجْهُولٌ. وَأمَّا أَبُوهُ خُزَيْمَةَ، فَلَم يُتَرْجِمْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلا غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ، مَعَ أنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ فِي الرُّوَاةِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ: «رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ مَحْفُوظٍ نُسْخَةًً كَبِيْرَةً» . وَقَدْ رَوَى لَهُ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثَاً آخَرَ (ص 468) بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَوَقَعَ فِيهِ: «أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةُ بْنُ جُنَادَةَ» . 5546 - «وَاكِلِي ضَيْفَكِ، فَإِنَّ الضَّيْفَ يَسْتَحِي أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ» . مُنْكَرٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 487) بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحَدِيثِ الَّذي قَبْلَهُ عَنْ ابْنِ عَائِذٍ عَنْ ثَوْبَانَ: أنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدَّمَ لَهُ طَعَامَاً، فَقَالَ النَّبِيُّ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، فِيهِ مَجْهُولانِ كَمَا تَقَدَّمَ بيانُهُ آنِفَاً. وَفِي مَتْنِهِ نَكَارَةٌ عِنْدِي، لأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَأْمُرَ النَّبِيُّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنْ تُشَارِكَ ضَيْفَهَا ثَوْبَانَ فِي الطَّعَامِ، وَهُوَ لَيْسَ مَحْرَمَاً لَهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ. الحديث: 5546 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 72 5547 - «كُلُّوا مِنْهَا ثُلُثَاً - يَعْنِي الضَّحَايَا -» . مُنْكَرٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 611) قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثنَا بِشْرٌ عنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ الحديث: 5547 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 72 رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول. . . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ رِجَالُ الْبُخَارِيِّ، غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ جَابِرٍ الْحِمْصِيُّ، كَمَا فِي حَدِيثٍ سَابِقٍ لَهُ عِنْدَهُ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً، وَهُوَ عِلَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ لِمَا يَأْتِي. وَبِشْرٌ: هُوَ ابْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ. وَالْحَدِيثُ هَكَذَا ضُبِطَ بِالأَصْلِ «ثُلُثَاً» ، وَهُوَ خَطَأٌ لا نَدْرِي: أَهُوَ مِنْ بَعْضِ نَاسِخِي الْكِتَابِ، أم هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْحِمْصِيُّ الْمَذْكُورُ؟ ! . وَسَوَاءً كَانَ هَذَا أَوْ ذَاكَ، فَهُوَ مُنْكَرٌ، لأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ طُرُقٍ بِلَفْظِ «ثَلاثَاً» : أَيْ ثَلاثَ لَيَالٍ، وَلَيْسَ ثُلُثَ الأُضْحِيَّةِ، وَلا بَأْسَ مِنْ أنْ أَسُوقَ بَعْضَهَا: [أوَّلاً] : قَالَ أبُو عَوَانَةَ فِي «صَحِيحِهِ» (5 / 234) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ قَالا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ. . . . (قُلْتُ: فَسَاقَهُ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْ عَلِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً نَحْوَ الآتِي، ثُمَّ قَالَ:) قالَ: وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ بِإِسْنَادِهِ الأَوَّلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُوا مِنْهَا ثَلاثَاً» . قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ فِيهِ «وَأَبُو الْحَسَنِ» ، والْمَذْكُورُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ «وَأَبُو الْحُسَيْنِ» ، ثُمَّ وَقَعَ فيه «قَالَ: وَحَدَّثَنَا» ، فَلَعَلَّ الصَّوابَ «قَالا» ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ - وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَيْضَاً -، وَسَوَاءٌ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 73 أَكَانَ الْمَعْنِىَّ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا، فَهُوَ ثِقَةٌ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى خَطَأ مَنْ نَسَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ «ثُلُثَاً» ، وَيُؤَكِّدُهُ مَا يَأتِي: [ثَانِيَاً] قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: «كُلُوا مِنْهَا ثَلاثَاً. يَعْنِي لُحُومَ الأَضَاحِي» . أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمَعَانِي» (2 / 306_307) تَحْتَ: بَابِ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِي بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، لَكِنْ وَقَعَ فِيهِ «ثلثاً» بِإِسْقَاطِ أَلَفِ اللامِ كِتَابَةً لا لَفْظَاً، كِكِتَابَةِ الْعَلَمِينَ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ. فَعَلَى هَذَا يُرَجَّحُ أَنَّ مَا فِي الأَصْلِ كُتِبَ كَذَلِكَ، لَكَنْ أَخْطَأَ مَنْ ضَبَطَهُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَاللامِ. وَاللهُ أَعْلمُ. [ثَالثَاً] رَوَاهُ ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ بهِ بِلَفْظِ: «كُلُوا مِنَ الأَضَاحِي ثَلاثَاًَ» . فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ حَتَّى يَنْفِرَ مِنْ مِنَيً مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِي. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (5574) ، وَمُسْلِمٌ (6 / 79 - 80) ، وَأبُو عَوَانَةَ (5 / 232) . وَأَخْرَجَهُ أحْمَدُ (2 / 9) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: «لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَتِهِ فوقَ ثَلاثٍ» . وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ (2 / 34) . وَتابَعَهُ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 74 «وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ (2 / 81) . وَهَكَذَا رَوَاهُ جَمْعٌ آخَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَوْعَبَ الْكَثِيْرَ مِنْهَا الطَّحَاوِيُّ، فسَاقَهَا بِأَسَانِيدِهِ، وَبَعْضُهَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» ، وَكُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى النَّهْي عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ إِلا فِي ثَلاثَةِ أيَّامٍ، مِمَّا يُؤَكِّدُ خَطَأَ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ بِالضَّبْطِ الَّذِي سَبَقَ بَيَانَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّهْي قَدْ صَحَّتْ أَحَادِيثٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِزَمَنٍ مُعِينٍ، ثُمَّ نُسِخَ، مِنْهَا: حَدِيثُ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي «الإِرْوَاءِ» ، مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ برقم (1155) . وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ، وهِيَ مُخَرَّجَةٌ هُنَاكَ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَفْسَهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ (12 / 320 / 13235) ، لَكِنْ فِيهِ: يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. 5548 - «أُولَئِكَ قَوْمُنَا. يَعْنِي: بَنِي الْعَنْبَرِ» . مَوْضُوعٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيِّ فِي «الْمَعْجَمِ الْكَبِيْرِ» (8 / 157 / 7604) و «مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ» (ص655) : حَدَّثَنَا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ الأَزْرَقُ: ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أبِي أُمَامَةَ قَالَ: الحديث: 5548 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 75 كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ رُكْبَانَاً، فَمَرَرْنَا بِهَجْمَةٍ (1) ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ ، فَقَالُوا: لَبَنِي الْعَنْبَرِ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:. . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا مَوْضُوعٌ أَعَلَّهُ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ بِمَنْ لَيْسَ هُوَ آفَتَهُ، فَقَالَ (10 / 47) : «رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ دَاوُدَ بْنِ الْمِقْدَامِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقٍ فِي الإِمَامِ: وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ» . كَذَا قَالَ! ، وَإِنَّمَا الآفَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ الْوَجِيهِِيُّ الْحِمْصِيُّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوَثِّقْهُ أحدٌ، بَلْ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: «مُنْكَرُ الْحَدِيثِ» . وَقَالَ ابن عدِيٍّ: «هُوَ مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ مَتْنَاً وَإِسْنَادَاً» . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ» . 5549 - «كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَمْرَضَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ» . مَوْضُوعٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيِّ فِي «الْمَعْجَمِ الْكَبِيْرِ» (7603) بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ. قُلْتُ: وَقضدْ عَرَفْتَ أَنَّ فِيهِ عُمَرُ بْنُ مُوسَى الْوَجِيهِِيُّ، وَأَنَّهُ «كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ» . وَقَدْ تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَكْحُولٍ بِهِ.   (1) كَذَا فِي «الْكَبِيْرِ» وَ «الْمَجْمَعِ» ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَوَقَعَ فِي «مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ» : بِهِجْرَةٍ، وهو خَطَأٌ. وَالْهَجْمَةُ مِنَ الإِبِلِ: قَرِيبٌ مِنَ الْمِائَةِِ. الحديث: 5549 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 76 أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضَاً (7602) و «مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ» أيْضََاً (ص655) مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عنْهُ. قُلْتُ: وَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ وَاهِيَةٌ، لا تُغْنِي وَلا تُسْمِنُ مِنْ جُوعٍ، فَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ الْوَقَّاصِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ فِي الضَّعْفِ مِثْلُ الْوَجِيهِيِّ، فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ، بَلْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: «لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، كَانَ يَكْذِبُ» . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «متروكُ الْحَدِيثِ، ذَاهٍبُ الْحَدِيثِ» . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: «كَانَ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ» . وَبِهِ أَعَلَّهُ الْهَيْثَمِيُّ، فَقَالَ فِي «الْمَجْمَعِ» (2 / 318) : «رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ» . وَفَاتَهُ أَنَّهُ مُتَابِعٌ لِلْوَجِيهِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ نَفْسَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ الرَّاوِي عَنْ الْوَقَّاصِيِّ: عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، وَهُوَ الْمَدَنِيُّ، لَمْ يُوَثِّقْهُ إِلاَّ ابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ عِنْدَ الْحَافِظِ: مَقْبُولٌ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَدَنِيِّ الْمُؤَذِّنِ، فهَذَا فِِيهِ لِيْنٌ. وَالْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ فِي «تَخْرِيْجِ الْمُخْتَصَرِ» (ق76 / 1) مِنْ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْوَقَّاصِيِّ فقط، وقَالَ: «وَهُوَ مَتْرُوكٌ» . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 77 ذَكَرَهُ فِي جُمْلَةِ أَحَادِيثَ فِي مَوْتِ الْفَجْأَةِ، أَعَلَّهَا كُلَّهَا، غَيْرَ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، رَفَعَهُ مَرَّةً، وَمَرَّةً لَمْ يَرْفَعْهُ، بِلَفْظِ: «مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ» . وَقَالَ: «أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَيْرَهُ» . قُلْتُ: وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي «الْمِشْكَاةِ» (1611) مُصَحَّحَاً، وَمِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيِّ أَيْضَاً. 5550 - «رَحِمَ اللهُ إِخْوَانِي بِقَزْوِينَ» يَقُولُهَا ثَلاثَاً، ثُمَّ بَكَى، فَانْصَبَّتْ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِهِ، فَجَعَلَتْ تَقْطُرُ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، مَا قَزْوِينُ هَذِهِ؟ ، وَمَنْ إِخْوَانُكَ الَّذِينَ بِهَا؟ ، فَإِنَّكَ ذَكَرْتُهُمْ هَهُنَا حَتَّى بَكَيْتَ؟ ، قَالَ: «قَزْوِينُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا: (الدَّيْلَمُ) ، وَهِيَ الْيَوْمَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ، وَسَيَفْتَحُهَا اللهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى أُمَّتِي، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، فَلْيَأْخُذْ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّبَاطِ بِقَزْوِينَ» (1) . مَوْضُوعٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (ص 683) مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ مُقَاتِلِِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:   (1) خَرَّجَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا الْحَدِيثَ فيمَا سَبَقَ مِنْ هَذِهِ السِّلْسِلَةِ بِرَقَمِ (3247) ، وَفِي كُلِّ الْمَوْضِعَيْنِ زَوَائِدُ يَسِيرَةٌ عَلَى الآخَرِ. (النَّاشِرُ) . الحديث: 5550 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 78 بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدٌ مَعَنَا، إذْ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، كَأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ أَمْرَاً، فَقَالَ:. . . . . . . . فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ فِي «ذَيْلِ الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ» (ص93. هِنْدَيَّةُ) مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ، وَقَالَ: «مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ كَذَّابٌ. وَالرَّاوِي عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الْخُرَاسَانِيُّ عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ كَذَّابٌ وَضَّاعٌ أَيْضَاً. فَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي حَاتِمٍ أنه أَوْرَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ زَافِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ يرفعه إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ. . . . . . .» . قُلْتُ: فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، ثُمَّ قَالَ السُّيُوطِيُّ: «هَذَا الإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا يُتَابعُ عَلَى حَدِيثِهِ، عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثِيْرُ الْغَلَطِ، وَاسِعُ الوَهْمِ» . قُلْتُ: بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ عَلَى هِشَامٍ هَذَا، فَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الضُّعَفَاءِ» (3 / 90) ، وَتَبِعَهُ الذَّهَبِيُّ، فَقَالَ فِي «ضُعَفَائِهِ» (ص711 / 6754) : قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثُرَتْ مُخَالَفَتُهُ للأثبات، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ. ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيثَيْنِ أَرَاهُمَا مَوْضُوعَيْنِ، أَحَدَهُمَا عَنْ ابْنِ أَبِي ذئبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 79 «الدَّجَاجُ غَنَمُ فُقَرَاءِ أُمَّتِي، وَالْجُمُعَةُ حَجُّهُمْ» . قُلْتُ: لَكِنْ تَعْصِيبُ الْجِنَايَةِ فِي هذَا الْحَدِيثِ بِالرَّاوِي لَهُ عَنْ هِشَامٍ، وَهُوَ: عَبْدُ اللهِ (وَفِي الأَصْلِ: مُحَمَّدُ! ، وَهُوَ خَطَأٌ) ابْنُ يَزِيدَ بْنِ مَحْمَشٍ أَوْلَى، لأنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِِ. فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي «الْمَوْضُوعَاتِ» (2 / 253) : «هذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، وَيُلَقَّبُ مَحْمَشٌ» . وَأَقَرَّهُ السُّيُوطِيُّ فِي «اللآلَي» (2 / 28) . ثُمَّ إِِنَّ حَدِيثَ التَّرْجَمَةِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي «الذَّيْلِ» (ص92) مِنْ رِوَايَةِ الْحَافِظِ أبِي الْعَلاءِ الْعَطَّارِ بِسَنَدِهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْغَازِيِّ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَّا. . . . . . بسنده عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً. وَقَالَ: «قَالَ فِي «الْمِيزَانِ» : دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَازِيِّ شَيْخٌ كَذَّابٌ، لَهُ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَّا» . قُلْتُ: وَمِنْ تَسَاهُلِ السُّيُوطِيِّ وتناقضاته الْعَجِيبَةِ: أنَّهُ مَعَ حُكْمِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِالْوَضْعِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، فَقَدْ أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ معاً، وَرِوَايَةِ الْعَطَّارِِ هَذِهِ عَنْ عليٍّ فِي كِتَابِهِ «الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ» الَّذِي ادَّعَى فِي مُقَدِّمَتِهِ: أَنَّهُ صَانَهُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ كَذَّابٌ أَوْ وَضَّاعٌ! . وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي مُقَدِّمَةِ ضَعِيفِ الْجَامِعِ وَزِيَادَته أنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعِ الْوَفَاءَ بِهَذَا الشَّرْطِ مَعَ الأَسَفِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ شَاهِدٌ جَدِيدٌ عَلَى ذَلِكَ. والله المستعان الجزء: 12 ¦ الصفحة: 80 5551 - (ليس صغير بصغير مع الإصرار، وليست كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، طوبى لمن وجد في كتابه يوم القيامة استغفار كثيراً) (1) . موضوع. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 683) من طريق بشر بن عبيد الراسبي: ثنا أبو عبد الرحمن العنبري عن مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الراسبي هذا؛ قال الذهبي: " كذبه الأزدي. وقال ابن عدي: منكر الحديث عن الأئمة بيِّن الضعف جداً " ثم ساق له ثلاثة أحاديث منكرة، وقال: " وهذه أحاديث غير صحيحة، فالله المستعان ". ثم أتبعها بحديث رابع، وقال: " وهذا موضوع ". وبه أعله الحافظ السخاوي في " المقاصد "، فقال: " وهو متروك ". قلت: وشيخه أبو عبد الرحمن العنبري؛ لم أعرفه. وللحديث بعض الشواهد دون جملة الاستغفار وقد تكلم عليها في " المقاصد " (ص 467 / 1308) ، فليراجعها من شاء.   (1) صحح الشيخ - رحمه الله - الفقرة الأخيرة منه في " صحيح الجامع " برقم (3990) ، و " صحيح الترغيب والترهيب " برقم (1618 - ط: المعارف) . أما الفقرة الأولى، وكذا الوسطى منه؛ فقد سبقتا برقم (4474، 4810) من هذا الكتاب. (الناشر) الحديث: 5551 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 81 5552 - (مسألة الغني شَين في وجهه، [ومسألة الغني نار،] إن أُعطي قليلاً فقليل، وإن أُعطي كَثِيرًا فَكَثِير) . منكر بهذا التمام. أخرجه البزار في " مسنده " (1 / 435 / 922 - كشف الأستار) ، وأبو الشيخ في " الأ قران " (2 / 1) ، والطبراني في " الكبيرة " (18 / 175 / 400) من طرق عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عمران بن حصين مَرْفُوعًا. وقال البزّار - والزيادة له -: " لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن عمران، وإسماعيل ليس بالقوي ". قلت: وهو المكي أبو إسحاق؛ قال في " التقريب ": " ضعيف الحديث ". قلت: وقد خالفه جمع من الثقات؛ فرووه عن الحسن به؛ دون الزيادة وما بعدها، وزادوا: " يوم القيامة ". أخرجه أحمد (4 / 426، 436) ، والطبراني في " الكبير " (18 / 164 / 362) وفي " الأوسط " (2 / 216 / 1 / 8342) . وجود المنذري في " الترغيب " (2 / 3) إسناده! وفيه نظر؛ لأن اَلْحَسَن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه في كل الطرق عنه. لكن هذا القدر من الحديث له شاهد صحيح من رواية ثوبان مَرْفُوعًا؛ كما بينته في " التعليق الرغيب ". الحديث: 5552 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 82 ثم وجدت لإسماعيل مُتَابِعًا، وهو أبو حمزة العطار قال: ثنا الحسن عن عمران بتمامه دون زيادة البزّار. أخرجه الطّبراني (18 / 162 / 356) . وأبو حمزة اسمه إسحاق بن الربيع البصري؛ ضعفه جمع، منهم عمرو بن علي قال: " ضعيف الحديث ". وقال ابن عدي: " ومع ضعفه يكتب حديثه ". وهذان النصان من هذين الإمامين يدفعان قول الحافظ في " التقريب ": " تُكُلِّم فيه؛ للقدر ". وبالجملة؛ فالحديث بتمامه لا يزال في مرتبة الضعف؛ لعدم الشاهد. 5553 - (توضأ صلى الله عليه وسلم، فمسح أسفل الخف وأعلاه) . منكر بزيادة (الأسفل) . أخرجه أحمد (4 / 251) : ثنا الوليد بن مسلم: ثنا ثور عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة به. وأخرجه أبو داود (165) : حدثنا موسى بن مروان ومحمود بن خالد الدمشقي، والترمذي (1 / 162 / 97 - شاكر) : حدثنا أبو الوليد الدمشقي - واسمه أحمد بن عبد الرحمن بن بكار البسري؛ ثقة -، وابن ماجه (1 / 195) : حدثنا هشام بن عمار، وابن الجارود (رقم 84) ، والطبراني في " مسند الشاميين " (ص 419) من طريق عبد الله بن يوسف، والدارقطني في " سننه " (1 / - 195 / الحديث: 5553 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 83 6 و 7) عن داود بن رشيد وعيسى بن أبي عمران، والبيهقي (1 / 290) عن الحكم بن موسى وداود بن رشيد وأحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني، والطبراني في " الكبير " (20 / 396 / 939) عن الهيثم بن خارجة وعبد الله بن يوسف، وكذا في " مسند الشاميين " (ص 83) ؛ كلهم قالوا: ثنا الوليد بن مسلم به. إلا أنهم اختلفوا عليه في إسناده: فمنهم من قال عنه: (عن) في جميع الرواة فيه، كعبد الله بن يوسف والحكم بن موسى والهيثم بن خارجة. ومنهم من صرح بالتحديث عن بعضهم، ثم اختلفوا عليه فيه: فأكثرهم قال: عنه: ثنا ثور. . . كما في رواية أحمد، وتابعه محمود بن خالد الدمشقي وأبو الوليد الدمشقي وهشام بن عمار - وهو دمشقي أَيْضًا - - وكذلك وقع في " مسند الثاميين " - عن ابن يوسف وابن خارجة. وخالفهم جَمِيعًا داود بن رشيد، فقال: عنه عن ثور بن يزيد: ثنا رجاء بن حيوة. فذكر التحديث بين ثور ورجاء، وليس بين الوليد وثور. لكنه في رواية الحلواني عنه قال: (عن رجاء) . فلم يذكر التحديث بين ثور ورجاء، فهو في فلك موافق لرواية أحمد والثقات الذين معه. فتكون روايته هذه أرجح من الأولى التي فيها التحديث بين ثور ورجاء. فتكون شاذة لمخالفته فيها الثقات الذين تابعوه في روايته عن الوليد بن مسلم، وخالفوه في ذكره التحديث بين ثور ورجاء، ولم نجد له مُتَابِعًا؛ اللهم الا ما في " التلخيص " لابن حجر (1 / 159) ؛ قال: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 84 " وذكر الدارقطني في " العلل " أن محمد بن عيسى بن سُمَيْع رواه عن ثور كذلك ". قلت: لكن ابن سميع هذا لا يحتج به؛ كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه (4 / 1 / 38) ، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطئ ". ولذلك، قال الدارقطني في " العلل " - كما في " نصب الراية " (1 / 181) وغيره -: " هذا حديث لا يثبت؛ لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد [قال: حدثتُ عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم] مُرْسَلًا [ليس فيه المغيرة] ". وما بين القوسين سقط من الأصل، استدركته من " سنن الدارقطني ". وهو تلقاه عمن قبله؛ كأحمد والبخاري؛ كما يأتي. وقال الأثرم: " سمعت أحمد بن حنبل يُضَعِّف هذا الحديث، ويذكر أنه ذكره لعبد الرحمن ابن مهدي، فذكر عن ابن المبارك عن ثور قال: حدثت عن رجاء. . . " فذكر مثل ما تقدم عن الدارقطني (1) . وتتابع المحدثون الأئمة على إعلال هذا الحديث بعلة الانقطاع، فقال أبو داود عقب الحديث: " بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء. وقال الترمذي:   (1) ورواه ابن حزم في " المحلى " (2 / 114) بسنده عن أحمد. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 85 " وهذا حديث معلول: لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل (يعني: الإمام البخاري) عن هذا الحديث؛ فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك. . . . " إلخ ما تقدم عن الدارقطني؛ إلا أنه وقع في الترمذي خطأ نبه عليه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على " الترمذي " (1 / 164) ؛ فراجعه إن شئت. " وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 54 / 135) عقب الحديث عن أبيه: " ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح ". قلت: وفيه إشارة إلى أن في الحديث علة أخرى وهي في متنه؛ فإن المحفوظ عن المغيرة من طرق كثيرة جداً: أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. ليس فيها ذكر الأسفل. بل في بعضها: " على ظاهرهما ". وإسناده حسن صحيح كما كنت بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 151، 152) ، ونقل الحافظ في " التلخيص " أن البخاري قال في " التاريخ الأوسط ": " وهذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة ". قلت: ويؤكد ذلك أن عبد الملك بن عمير قد رواه عن ورّاد كاتب المغيرة عن المغيرة؛ ولم يذكر أسفل الخف. كذلك رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عنه؛ كما نبه عليه الدارقطني في " العلل "، وحكاه عنه الحافظ ابن حجر في " النكت الظراف على الأطراف " (8 / 497 - 498) . وإسماعيل هذا؛ وإن كان ضَعِيفًا؛ فقد تابعه الحكم بن هشام الثقفي: حدثني الجزء: 12 ¦ الصفحة: 86 عبد الملك بن عمير به. أخرجه الطبراني في " الكبير " (20 / 390 / 923) من طريقين عنه. والحكم هذا؛ صدوق، فالإسناد جيد. وعزاه أخونا السلفي لأحمد وأبي داود والترمذي! وهو تساهل منه، فإنما أخرجوه من الطريق السابقة عن الوليد بن مسلم. .! هذا؛ وإن مما يزيد الأمر تَأْكِيدًا: أنه قد روى المسح على الخفين عن اَلْمُغِيرَة نحو ستين رَجُلًا؛ كما حكاه الحافظ في " الفتح " (1 / 307) عن البزّار، ورواه معه من الصحابة أكثر من الثمانين - ومنهم العشرة المبشرون بالجنة -، ولذلك؛ صرح جمع من الحفاظ بتواتره عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ساق أحاديث كثيرين منهم: ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 175 - 184) ، ولحديث المغيرة عنده طرق، وكذلك عند النسائي في " الكبرى " (1 / 43، 44، 59، 60، 61، 62، 68، 71، 100 - 101) ، كما استوعب الكثير منها عنه: الطّبراني في " الكبير " (858، 864 - 882، 887 - 889، 944 - 946، 963، 971، 976، 985، 990، 992 - 997، 1000 - 1002، 1005 - 1007، 1018، 1028 - 1041، 1050، 1051، 1062 - 1064، 1078 - 1081، 1085) وفي " الأوسط " أَيْضًا (رقم 529، 1133، 1309، 1392، 2028، 2805، 3258، 3592، 3669، 3763، 5272، 5420، 5452، 5535، 9096، 9264 - بترقيمي) . أقول: فعدم ورود زيادة المسح أسفل الخفين في هذه الروايات المتواترة عن الصحابة بصورة عامة، وعن المغيرة بصورة خاصة إلا في رواية الوليد هذه؛ فهو مما لا يدع أي شك في شذوذها حسب قواعد علم الحديث الشريف. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 87 وهذا لو كان إسناد الوليد بها صَحِيحًا، فكيف وقد أعله اَلْأَئِمَّة - كما تقدم - بالإرسال والانقطاع! أما الإرسال؛ فليس مُسَلَّمًا عندي؛ لمجيئه مَوْصُولًا من طريق عبد الملك بن عمير عن وراد؛ لكن ليس فيه الزيادة كما سبق بيانه. وكنت أود أن أفسر قولهم بالإرسال هنا بالانقطاع الذي هو من معانيه عند المتقدمين من علمائنا. وبه فسره الإمام البغوي في " شرح السنة " (1 / 463) ؛ فقد قال بعد أن ذكر الحديث معلقاً: " والحديث مرسل؛ لأنه يرويه ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة. وثورلم يسمع هذا من رجاء ". كنت أود أن أفسره بالانقطاع؛ لكن ظاهر كلامهم المتقدم صريح بأن الإرسال فيه غير الانقطاع، فهما عندهم علتان. وثمة علة ثالثة عند أبي حاتم، وهي في المتن كما سبق بيانه، وهي علة قادحة كما شرحنا. ومثلها: الانقطاع، والمقصود به ما بين ثور ورجاء؛ كما تقدم في رواية ابن المبارك. وقد أجاب عن هذه العلة ابن التركماني في " الجوهر النقي "، وتبعه أبو الحسن السندي في " حاشية ابن ماجه "، ثم الشيخ أحمد شاكر في تعليقه - وقلده المعلق على " شرح السنة " للبغوي - فقالوا - واللفظ لأحمد شاكر -: " إن الوليد بن مسلم كان ثقة حَافِظًا مُتْقِنًا، فإن خالفه ابن المبارك في هذه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 88 الرواية؛ فإنما زاد أحدهما على الآخر، وزيادة الثقة مقبولة "! قلت: لقد فات هؤلاء كلهم - وبخاصة أحمد شاكر منهم - أمران هامّان جداً في هذا الحديث: الأول: أن قاعدة (زيادة الثقة مقبولة) ليست على إطلاقها عند المحققين من المحدثين وغيرهم؛ بل الصواب الذي صرح به الحافظ ابن كثير وابن حجر وغيرهما: تقييدها بما إذا لم يخالف الثقة من هو أوثق منه أو أكثر عدداً. وإلا؛ كانت شاذة مردودة، وسواء كان ذلك في الإسناد أو المتن، ولذلك؛ اشترطوا في تعريف الحديث الصحيح: " أن لا يشذ ". وعلى ذلك جروا في كتب العلل والتخريجات وغيرها، كما يعلم ذلك من درس ذلك دراسة واعية. ومن لم يتنبه لهذا القيد، أو لم يأخذ به؛ كان مُضْطَرِبًا أشد الاضطراب في التصحيح والتضعيف، والأمثلة على ذلك كثيرة جِدًّا لا ضرورة للتوسع في ذكرها، وحسبك الآن - مَثَلاً - هذا الحديث؛ فقد أعله ابن حزم بمخالفة الوليد بن مسلم لعبد الله بن المبارك، تَابِعًا في ذلك الإمام أحمد وغيره ممن سبق ذكرهم، فأصاب؛ لكنه لم يشعر أنه خالف قاعدته التي قررها في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام "، وهي الأخذ بزيادة الثقة مُطْلَقًا؛ فقال (2 / 90 - 96) : " إذا روى العدل زيادة على ما روى غيره، فسواء انفرد بها، أو شاركه فيها غيره، مثله أو دونه أو فوقه؛ فالأخذ بتلك الزيادة فرض. . . "! وفي هذا الحديث يقول في " المحلى ": الجزء: 12 ¦ الصفحة: 89 (أخطأ فيه الوليد بن مسلم في موضعين. . .) . ثم ساق بإسناده إلى أحمد روايته عن عبد الله بن المبارك عن ثور قال: حدثت عن رجاء. . . إلخ، ليس كما تقدم، ليس له دليل على التخطئة سوى مخالفته لابن المبارك الذي هو أحفظ من الوليد، فأصاب تفريعا وأخطأ تفصيلاً، بخلاف أحمد شاكر، فإنه مع تأييده لابن حزم في قاعدته المذكورة في كتابه (الباعث الحثيث) (ص 68) خالف المحدثين جميعا، فقدم رواية الوليد على رواية ابن المبارك! فأخطأ تأصيلاً وتفريعاً! ! والأمر الآخر: أن الرواة اختلفوا على الوليد بن مسلم في مكان تصريحه بالتحديث في إسناد هذا الحديث، فيمنهم من ذكره بينه وبين ثور بن يزيد، ومنهم من ذكره بين ثور ورجاء بن حيوة. فهو إسناد مضطرب، والمضطرب من أقسام الحديث الضعيف، إلا إذا ترجحت رواية على أخرى، وكانت الرواية الراجحة سالمة من علة أخرى تستوجب ضَعفها. وليس الأمر كذلك هنا، فقد بيّنا في مطلع هذا التخريج أن الرواية الراجحة إنما هي التي صرح فيها الوليد بالتحديث بينه وبين شيخه ثور بن يزيد، ولم يصرح بذلك بين ثور ورجاء، بل عنعنه، وأنت إذا تذكرت أن الوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية، علمت أن الحديث يضعف بهذه العنعنه وحدها، فلا يكفي تصريحه بالتحديث بينه وبين شيخه، بل لا بد أن يصرح به بين شيخه وشيخ شيخه أيضا، ولهذا قال الحافظ في (تخريج المختصر) (ق 21 / 2) في حديث آخر: (وإسناده على شرط الصحيح، فقد صرح الوليد بالتحديث له ولشيخه، فَأُمِنَ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 90 التدليس والتسوية) . فكيف إذا انضم إلى ذلك تصريح الإمام ابن المبارك بالانقطاع في هذا الموضع نفسه؟ ! (فائدة) : قال عبد الله بن أحمد في ((مسائله)) (ص 33 - طبع المكتب الإسلامي) : ((سمعت أبي سئل عن المسح كيف هو؟ قال: خططاً بالأصبع؛ كذا سمعنا. وأشار بيده، وكان أبي لا يذهب إلى أن يمسح أسفل الخفين)) . قلت: وهذا مما يؤكد ضعف الحديث عند أحمد كما لا يخفى. 5554 - (كانَ قَبْلَ أن يبْني المسْجِدَ يُصَلِّي إلي خَشَبَةٍ، فلما بنَى المسجد بُنِيَ له مِحْرابٌ، فتقدَّم إليه، فَحَنَّتِ الخشَبَةُ حَنينَ البعيرِ، فَوضَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَهُ عليها، فسَكَنتْ) . منكر. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (6 / 155 / 5726) عن عبد المهيمن ابن عباس بن سهل بن سعد: حدثني أبي عن جدي قال:. . . . فذكره. قلت: وهذا إسناد واهٍ؛ عبد المهيمن؛ قال الذهبي في ((الميزان)) : ((قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ليس بقوي)) قلت: والسند إليه صحيح، فهو من منكراته؛ لأن قصة الخشبة وحنينها الحديث: 5554 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 91 صحيحة مشهورة من رواية جمع من الصحابة، إن لم تكن متواترة لكثرة طرقها وتعدد مخارجها، وفيها كلها أن ذلك كان حين اتُّخِذَ المنبر للنبي صلى الله عليه وسلم وانتقل في خطبته من الخشبة إليه، وليس فيها ذكر للمحراب مطلقاً! فهو من أوهام عبد المهيمن بن عباس، وكأنه كان يضرب في روايته لهذه القصة. فقد أخرجها ابن سعد في ((الطبقات)) (1 / 251) ، والطبراني أيضاً (5727) من طريقين آخرين عن عبد المهيمن به مختصراً بذكر النبر؛ دون حنين الخشبة. وكذلك رواه عبد الله بن عمر العمري عن العباس بن سهل به؛ أتم منه. أخرجه أحمد (5 / 337) ، وعنه الطبراني (5732) . وتابعهما سعد بن سعيد بن قيس عن عباس بن سهل به مطولاً، وفبه ذكر المنبر والحنين. أخرجه ابن سعد والبيهقي في ((الدلائل)) (2 / 559) بإسناد جيد على شرط مسلم. وتابعه على قصة المنبر: أبو حازم بن دينار عن سهل بن سعد به، وفيه صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر، وفيه: فلما فرغ؛ أقبل على الناس، فقال: ((أيها الناس! إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي)) . أخرجه البخاري (917) ، ومسلم (2 / 74) ، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1521 و 1522) ، وابن سعد (1 / 252 - 253) ، وأحمد (5 / 339) ، والطبراني (5752، 5790، 5881، 5977، 5992) ، وأبو نعيم في الجزء: 12 ¦ الصفحة: 92 ((الدلائل)) (ص 343) من طرق عن أبي حازم به. وفي بعض طرقه عند الطبراني: ((فلما جلس عليه؛ حنت الخشبة التي كان يقوم عليها، فجاء فوضع يده عليها حتى سكنت)) وهي زيادة صحيحة ثابتة في رواية بعض الصحابة المشار إليهم آنفا، وهي عند أبي نعيم أيضا في ((دلائل النبوة)) (ص 343) مثل رواية الطبراني، والدارمي (1 / 19) مختصراً، ومعناها أشار إليه أحمد في روايته بلفظ: ((فقيل لسهل بن سعد: هل كان من شأن الجذع ما يقول الناس؟ قال: قد كان منه الذي كان)) . وإسناده صحيح على شرط مسلم. ثم رأيت الحافظ ابن حجر قد أفاض في ((تخريج المختصر)) في تخريج حديث حنبن الخشبة والمنبر بأسانيده عن جمع من الصحابة (ق 52 / 1 - 57 / 2) ، ونقل عن البيهقي أنه قال: ((أمره ظاهر، نقله الخلف عن السلف، وإيراد الأحاديث فيه كالتكلف. يعني لشدة شهرته. وهو كما قال؛ فقد وقع لنا من حديث: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك الجزء: 12 ¦ الصفحة: 93 وجابر بن عبد الله وسهل بن سعد وأبي بن كعب وأبي سعيد وعائشة وأم سلمة)) . ثم أفاض في تخريجها وذكر طرقها وألفاظها، وكلها ليس فيها ذكر المحراب، فثبتت نكارته، ولا يصح في المحراب وأنه كان في مسجده صلى الله عليه وسلم حديث، وللسيوطي في ذلك رسالة نافعة مطبوعة. فلتراجع. 5555 - (لولا أن بني إسرائيل قالوا: {وإنا إن شاء الله لمهتدون} ؛ ما أعطوا أبدا، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها؛ لأجزأت عنهم، ولكن شددوا فشدد الله عليهم) . منكر. أخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((تفسير ابن كثير)) ، و ((تخريج المختصر)) لابن حجر (ق 172 / 1) - من طريق سرور بن المغيرة بن أخي منصور بن زادان عن عباد بن منصور عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعا. وأخرجه البزار في ((مسنده)) (ق 200 / 2 - كشف الأستار) ، وتمام في ((الفوائد)) (12 / 2) ومن طريقه ابن حجر وابن أبي حاتم من طريق أبي سعيد الحديث: 5555 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 94 الحداد أحمد بن داود: ثنا سرور بن المغيرة به مختصرا. وقال البزار: ((لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد)) . قلت: وهو ضعيف؛ فيه علل ثلاثة: الأولى: عنعنة الحسن البصري. الثانية: ضعيف عباد بن منصور وعنعنته أيضا؛ قال الحافظ في ((التقريب)) : ((صدوق، رمى بالقدر، وكان يدلس، وتغير بآخره)) . وبه أعله الحافظ في ((تخريج الكشاف)) ؛ لكنه أجمل القور فيه، فقال (4 / 8) : ((وفي سنده عباد بن منصور، وفيه ضعف)) الثالثة: سرور بن المغيرة؛ ليس بالمشهور؛ أورده ابن أبي حاتم في ((الجرح)) (2 / 1 / 325) برواية الحداد هذا عنه، وقال عن أبيه: ((شيخ)) ! ولم يزد، وقال الذهبي في ((الميزان)) : ((ذكره الأزدي وتكلم فيه)) . وأما ابن حبان؛ فذكره في ((الثقات)) ! وهو عمدة الهيثيمي في توثيقه بقوله في ((المجمع)) (6 / 314) : ((رواه البزار، وفيه عباد بن منصور، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات)) ! على أن أبا سعيد الحداد هذا تركه أبو حاتم وغيره؛ فقال ابنه (1 / 1 / 50) الجزء: 12 ¦ الصفحة: 95 عنه وعن أبي زرعة: ((أدركناه، ولم نكتب عنه)) . لكن وثقه ابن معين وابن سعد؛ كما في ((تاريخ بغداد)) (3 / 139) ، فالعلة ممن فوقه، لا سيما وقد توبع؛ كما يشعر بذلك قول ابن كثير بعد أن ذكره من طريقه: ((ورواه الحافظ ابن مردويه في ((تفسيره)) من وجه آخر عن سرور بن المغيرة. . . . . .)) إلخ. ثم قال عقبه مبينا ضعفه: ((وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة، كما تقدم مثله عن السدي)) ولذلك؛ فإنه قد أساء الشيخ الصابوني كل الإساءة حين أورد الحديث في ((مختصره)) (1 / 77) ! فأوهم القراء بذلك أنه صحيح كما نص عليه في المقدمة! على ما كنت شرحت ذلك في مقدمة المجلد الرابع من ((الصحيحة)) ، ثم زاد في الإيهام بحذفه تضعيف ابن كثير إياه، واقتصاره على تخريج الحديث فقط في حاشيته! فهذا أسلوب جديد منه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى العلماء! فليضم إلى ما كنت ذكرته عنه هناك. والله المستعان. ثم إن الحديث قد أخرجه ابن حجر بسند صحيح عن عبيدة بن عمر السلماني قال: كان في بني اسرائيل رجل عقيم. . . القصة، وفيها الحديث بنحوه موقوفا عليه، فهو من الإسرائيليات، قال ابن حجر عقبها: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 96 ((ورواه عمرو بن الأزهر عن هشام بن حسان، فقال: عن محمد بن سرين عن عبيدة وأبي هريرة. ذكره الدارقطني في ((العلل)) ، قال: وهم عمرو في ذكر أبي هريرة. قلت (هو ابن حجر) : وهو ضعيف جدا؛ لكن له طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعة متصلة مختصرة. . .)) . قلت: ثم ساق حديث الترجمة. وعمرو بن الأزهر هذا؛ له ترجمة سيئة جدا في ((الميزان)) و ((لسانه)) ، حتى قال الإمام أحمد: ((كان يضع الحديث)) . وقال يحيى: ((كان كذابا ضعيفا)) . وقال أبو سعيد الحداد المتقدم: ((كان يكذب مجاوبة. . . لا أكثر في المسلمين مثله)) . 5556 - (لدوا للموت، وابنوا للخراب) . ضعيف. وهو قطعة من حديث أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7 / 396 / 10731) من رواية موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي حكيم مولى الزبير رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: ((ما من صباح يصبح على العباد إلا وصارخ يصرخ: لدوا للموت، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب)) . وضعفه الحافظ ابن حجر في ((تخريج المختصر)) بقوله (ق 202 / 1) : الحديث: 5556 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 97 ((هذا حديث غريب، وموسى وشيخه ضعيفان، وأبو حكيم مجهول، وقد أخرج الترمذي من طريق موسى هذا بهذا الإسناد حديثا غير هذا واستغربه)) . قلت: يشير إلى الحديث المتقدم (4496) بلفظ: ((ما من صباح يصبح العبد إلا ومناد ينادي: سبحان الملك القدوس)) . وقد بينت هناك أن محمد بن ثابت هذا ليس هو البناني الضعيف، وإنما هو آخر مجهول تفرد بالرواية عن أبي حكيم وعنه موسى بن عبيدة، ولا هو أيضا محمد بن ثابت العبدي كما وقع في ترجمة أبي حكيم هذا من ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر! وكأنه سبق قلم منه؛ فإنه ليس في ((تهذيب المزي)) : (العبدي) . ومن الغريب أن يتتابع المخرجون لهذا الحديث على تقليد الحافظ بن حجر في تضعيفه في ((تخريج المختصر)) لمحمد بن ثابت هذا دون أن يتنبهوا أنه واهم في ذلك، وأنه المجهول الذي صرح به في ((التقريب)) ! كالحافظ السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (332 / 855) ، وعلى القاري في ((الموضوعات الكبرى)) (ص 277 - تحقيق الصباغ) ، والمناوي في ((فيض القدير)) ، والشيخ الحوت في ((أسنى المطالب)) (ص 168) ، والعجلوني في ((كشف الخفاء)) وغيرهم! ! والله المستعان. ومن المفارقات العجيبة التي وقفت عليها في هذا الحديث قول الزرقاني في ((مختصر المقاصد الحسنة)) (791 / 157) إنه حديث صحيح! وهذا مما لم يقله أحد قبله، وأظنه أُتي من ظاهر كلام السخاوي في حديث أبي هريرة الآتي كشاهد لهذا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 98 ويقابل هذا ما نقله الشيخ القاري - وقلده الشيخ القاوقجي في ((اللؤلؤ المرصوع)) (ص 62) - عن الإمام أحمد أنه قال في حديث الترجمة: ((وهو مما يدور في الأسواق! ولا أصل له)) ! وفي صحة هذا النقل عن الإمام أحمد نظر عندي، لسببين: الأول: أنني لم أره في شيء من المصادر القديمة المعتمدة. والآخر: أن المري عن الإمام أحمد أنه قال: أربعة أحاديث تدور على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل. . . فذكرها، وليس منها حديث الترجمة. رواه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2 / 236) بسند عنه. ومع ذلك، فقد قال الحافظ العراقي في ((التقييد والإيضاح)) (223) - وأقره السيوطي في ((اللآلي)) - (2 / 140) : ((لا يصح هذا الكلام عن الإمام أحمد، فإنه أخرج حديثاً منها في ((المسند)) . . .)) إلخ، فراجعه إن شئت، فإنه لم يتعرض لنقده من حيث إسناده. فلينظر. هذا، وقد روي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: (إن ملكاً بباب من أبواب الجنة يقول: من يقرض اليوم، يجز غدا. . .)) . الحديث الجزء: 12 ¦ الصفحة: 99 أخرجه أحمد (2 / 305 - 306) ، وابن حبان (815) ، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8 / 380 / 8935 - الحرمين) من طرق عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه به، دون حديث الترجمة. ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي في ((الكبرى)) ، والطبراني في ((الأوسط)) (2 / 269 / 2 / 9098) وقال: ((تفرد به حماد)) . قلت: وهو ثقة إمام، ولذا، قال الحافظ في ((تخريج المختصر)) : ((حديث صحيح)) . قلت: وهو في ((الصحيحة)) (920) من رواية ابن حبان. وقبله من رواية الشيخين من طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه. وله في ((الأوسط)) طريق أخرى عن أبي هريرة مختصراً، لكن فيه (2 / 164 / 1 7508) و (7 / 236 / 7374 - حرمين) داود بن الزبرقان، وهو متروك. ثم قال الحافظ: ((وأخرجه البيهقي في ((الشعب)) [10730] من رواية مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به، وزاد: ((وإن ملكاً بباب آخر يقول: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. وإن ملكاً بباب آخر ينادي: يا بني آدم! لدوا للموت، وابنوا للخراب)) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 100 قلت: سكت عنه الحافظ؛ لظهور علته؛ فإن مؤملاً هذا؛ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق سيئ الحفظ ". قلت: فمثله لا يحتج به عند التفرد، فكيف وقد خالف الثقات وزاد عليهم في حديثهم ما ليس فيه، فتكون زيادته منكرة. والحديث؛ ذكره السخاوي من رواية البيهقي عن مؤمل بن إسماعيل به، وقال: وهو عند أحمد والنسائي في " الكبرى " بدون الشاهد منه، وصححه ابن حبان ثم شيخنا ". وعلى ضوء تخريجنا السابق يتبين أنه يعني الحديث بدون الشاهد؛ خلافاً لما فهمه الزرقاني في " مختصره " فصحح الشاهد كما سبق. 5557 - (إن الرجلَ ليكونُ مِنْ أَهْلِ الصلاة والزكَاةِ والحَجِّ والعُمْرَةِ والصيامِ والجهادِ - حتى ذَكَرَ سهام الخير -؛ وما يُجْزَى يومَ القيامةِ إلا بقدر عَقْلِهِ.) باطل. أخرجه أبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر " (254 / 1 - 2) ، والعقيلي في " الضعفاء " (ص 416) ، وابن حبان أيضاً (3 / 40) ، وابن أبي الدنيا في " العقل وفضله " (ص 12) ، ومشرق بن عبد الله الفقيه في " حديثه " (ق 60 / 1) ، والخطيب في " التاريخ " (13 / 79) ، والواحدي في " تفسيره " (4 / 156) ، وابن عساكر في " تاريخه " (9 / 458 / 2) ، وابن الجوزي في الحديث: 5557 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 101 منهاج القاصدين " (1 / 21 / 2) وفي " الموضوعات " (1 / 172) من طريق الخطيب؛ كلهم عن منصور بن صقير الجزري: حدثتا موسى بن أعين عن عبيد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً به. وقال العقيلي: " منصور هذا في حديثه بعض الوهم، ولا يتابع عليه ". وقال ابن حبان: " يروي عن موسى بن أعين وعبيد الله بن عَمر [و] المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ". وقال ابن الجوزي: " هذا حديث ليس بصحيح، قال ابن حبان:. . . " إلى آخر كلامه. ثم قال ابن حبان: " وهذا خبر مقلوب تتبعته مرة؛ لأن أجد لهذا الحديث أصلا أرجع إليه، فلم أره؛ إلا من حديث إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر. وإسحاق بن أبي فروة ليس بشيء في الحديث، وعبيد الله بن عَمرو سمع من إسحاق بن أبي فروة، فكأن موسى بن أعين سمعه من عبيد الله بن عمرو في المذاكرة عن إسحاق بن أبي فروة فحكاه. فسمعه منصور عنه فَسقط عليه إسحاق بن أبي فروة، فصار: عبيد الله عن نافع! ". قلت: قد وصله العقيلي من طريقين عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع به، وقال: " هذه الرواية بهذا الحديث أشبه، وابن أبي فروة أحمل ". قلت: وهو متروك؛ كما قال أبو زرعة وغيره، فهو آفة الحديث، وقد أسقطه منصور بن صقير، فإن كان فعل ذلك عمداً. لزم إلحاقه بالمدلسين تدليس التسوية، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 102 ولم يورده أحد فيهم فيما علمت؛ حتى ولا الحافظ في " طبقات المدلسين "، ولعل ذلك لعدم ظهور تعمده لإسقاطه، والدته أعلم. والحديث؛ قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 129 (: " سمعت أبي سئل عن حديث رواه منصور. . . (فذكره وقال:) قال أبي: سمعت ابن أبي الثلج (اسمه محمد بن عبد الله بن إسماعيل - من شيوخ البخاري -) يقول: ذكرت هذا الحديث ليحيى بن معين فقال: هذا حديث باطل؛ إنما رواه موسى بن أعين عن صاحبه عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرُفع إسحاق من الوسط فقيل: موسى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قال أبي: وكان موسى وعبيد الله ابن عمرو صاحبين يكتب بعضهما عن بعض، وهو حديث باطل في الأصل. قيل لأبي: ما كان منصور هذا؟ قال: ليس بقوي، كان جندياً، وفي حديثه اضطراب ". قال ابن أبي حاتم: " حدثنا ابن أبي الثلج قال: كنا نذكر هذا الحديث ليحيى بن معين سنتين أو ثلاثاً فيقول: " هو باطل "، ولا يدفعه شيء، حتى قدم علينا زكريا بن عدي فحدثنا بهذا الحديث عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة، فأتيناه فأخبرناه، فقال: هذا بابن أبي فروة أشبه منه بعبيد الله بن عمرو ". قلت: وزكريا بن عدي وهو أخو يوسف؛ ثقة جليل يحفظ، احتج به مسلم، وقد ساق الإسناد على وجهه، فساعد على الكشف عن علته التي لما وقف ابن معين عليها أكد قوله ببطلان الحديث، وتبعه على ذلك العقيلي وأبو حاتم وابن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 103 حبان وغيرهم كما تقدم، ولعله أحد الطريقين المشار إليهما آنفاً عند العقيلي " وليس كتابه بين يدي - وهو من مخطوطات الظاهرية العامرة - لأتأكد من ذلك (*) ، ولكنه قد توبع أيضاً. فقال الخطيب عقب قول أبي حاتم المتقدم: " قلت: وقد روى حديث موسى بن أعين: بقية بن الوليد عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله؛ كما ذكر يحيى بن معين؛ إلا أنه خالفه في المتن ". ثم ساقه بإسناده عن موسى بن سليمان: حدثنا بقية: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة به، بلفظ: " لا تعجبوا بإسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة عقله ". لكن موسى بن سليمان هذا؛ قال الحافظ في " التقريب ": " صالح الحديث؛ إلا عن بقية ". قلت: لأنه تلقن في حديث رواه ابن عدي في " مقدمة الكامل " (ص 63) عن شيخه محمد بن حاتم الهزهاز المنبجي، فقال الشيخ في موسى: " لقنوه - أصحاب الحديث - فتلقن، ثم رجع عنه ". لكني لم أجد لهذا الشيخ ترجمة، وقد ذكر الذهبي في " التذكرة " جماعة بهذا الاسم (محمد بن حاتم) ، ليس فيهم هذا. والله أعلم.   (*) لا يشوش على كلام شيخنا الألباني - رحمه الله - هذا أنه ذكر " ضعفاء العقيلي " قبل ذلك - وبعد - ونقل عنه؛ لأنه - كما هو معلوم عن شيخنا - يخرج الحديث، ثم يتركُهُ، ويرجع إليه بعد ذلك مراتٍ ومراتٍ مُضيفأ وحاذفاَ، فلعلًه كتبَ هذا لاحقاً؛ خاصة أنه تُوفي قبل تهيئة الكتاب للطبع. . (الناشر) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 104 وقد توهم بقية على هذا اللفظ؛ فأخرجه ابن أبي الدنيا (ص 11) ، والعقيلي (ص 36، 416) ، وابن عدي (ق 15 / 1) ، والحكيم الترمذي في " الرياضة " (368) ، والقضائي في " مسند الشهاب " (ق 79 / 1 - 2) من طريق خالد بن حيان عن عبيد الله بن عمرو. وقال بعضهم في لفظه: " لا يعجبنكم إسلام امرئ. . .! إلخ. وقال العقيلي: " منكر، لا يتابع عليه ابن أبي فروة ". قلت: قد رواه ابن عدي (105 / 1) من طريق حبيب ين رزيق: ثنا ابن أبي ذئب ومالك بن أنس عن نافع به. وقال: " هذا باطل عن مالك وابن أبي ذئب؛ حبيب هذا يضع الحديث، وإنما يروي هذا عبيد الله بن عمرو الرقي عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع، وإسحاق متروك الحديث ". ثم إن بقية بن الوليد قد اتهم بالتدليس في هذا الحديث تدليس التسوية؛ فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " أيضاً (2 / 154) / " سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي قال: حدثنا نافع عن ابن عمر [عن النبي صلى الله عليه وسلم قال] : " لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه ". قال أبي: هذا الحديث له علة قل من يفهمه] : رواه عبيد الله بن عَمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب، وهو أسدي، فكأن بقية كنى عبيد الله بن عمرو ونسبه إلى بني أسد؛ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 105 لكيلا يفطن له، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى له، وكان بقية من أفعل الناس لهذا. وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب: " حدثنا نافع "؛ فهو وهم، غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث، ولم يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته عبيد الله بن عمرو، فلم يتفقد لفظة بقية في قوله: " حدثنا نافع " أو: " عن نافع " ". قلت: يتلخص من كلامه أمران: 1 - أن بقية كان يدلس الشيوخ والأسماء 2 - اتهامه بأنه كان يدلس تدليس التسوية، كالوليد بن مسلم. أما الأول؛ فهو من المسالم به؛ فقد ذكر ذلك عنه كثير ممن ترجم له من الأئمة، القدامى منهم والمحدَثين؛ لكن في شيوخه، وليس في شيوخهم، منهم الحافظ يعقوب الفسوي؛ فقال في " المعرفة والتاريخ " (2 / 424) : " وبقية يقارب إسماعيل والوليد في حديث الشاميين، وهو ثقة إذا حدث عن ثقة، فحديثه يقوم مقام الحجة، يذكر بحفظ، إلا أنه يشتهي المُلَح والطرائف من الحديث، ويروي عن شيوخ فيهم ضعف، وكان يشتهي الحديث، فيكني الضعيف المعروف بالاسم، ويسمي المعروف بالكنية باسمه. وسمعت إسحاق بن راهويه قال: قال ابن المبارك: أعياني بقية! كان يكني الأسامي، ويسمي الكنى، قال: حدثني أبو سعيد الوحاظي، فإذا هو عبد القدوس. وقد قال أهل العلم: بقية إذا لم يُسَمِ الذي يروي عنه وكناه؛ فلا يسوى حديثه شيئا ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 106 ورواه عنه الخطيب في " تاريخ بغداد " (7 / 124) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10 / 208 - 209، 212 - 213) ، وتجد عندهما روايات أخرى في ذلك عن ابن معين وغيره. وأما الآخر - وهو اتهامه بأنه كان يدلس تدليس التسوية -؛ فما أعتقد أن ذلك صح عنه، وذلك لأمور: أولاً: أن استدلال أبي حاتم برواية إسحاق بن راهويه عن بقية - إن كانت محفوظة - لا تنهض بذلك؛ لأن فيها تصريح أبي وهب - شيخ بقية - بالتحديث عن نافع، وكذلك صرح بقية بالتحديث عن أبي وهب، فهي رواية مسلسلة بالتحديث، فأين التدليس المدَّعى؟ ! والمدلس إذا أسقط من الإسناد راوياً - سواء كان شيخه أو شيخ شيخه -؛ رواه بصيغة توهم السماع؛ كأن يقيل: قال فلان، أو: عن فلان، ونحوه. فلو قال مكان ذلك: سمعت، أو: حدثني، أو نحو ذلك مما هو صريح في الاتصال؛ كان كذباً، وسقطت به عدالته (1) ، وبقية صدولَى اتفاقاً، وقد قال أبو زمعة: " ما لبقية عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين، فأما الصدق فلا يؤتى من الصدق، وإذا حدث عن الثقات فهو ثقة "؛ كما رواه عنه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 435) ، وتقدم نحوه عن يعقوب الفسوي. ولذلك؛ اضطر أبو حاتم إلى توهيم الإمام إسحاق بن راهويه في الإسناد: حدثنا نافع) ؛ لتصوره الانقطاع بين أبي وهب ونافع؛ الناتج من إسقاط بقية لابن أبي فروة من بينهما! وإذا جاز مثل هذا التوهيم منه، أفلا يجوز لغيره أن يقول:   (1) انظر " جامع التحصيل في أحكام المراسيل " للعلائي (ص 113.) الجزء: 12 ¦ الصفحة: 107 لعل الإسقاط المذكور كان من أبي حاتم مجرد دعوى؛ فإن بقية قد ذكر ابن أبي فروة في إسناد الحديث كما تقدم في رواية موسى بن سليمان، على ما فيها من الكلام الذي سبق بيانه؟ ! وعلى افتراض سقوطه في رواية ابن راهويه عن بقية؛ فليس هناك دليل على أنه كان مقصوداً من بقية، فيمكن أن يكون وهما منه كما تقدم مثله في أول هذا التخريج من منصور بن صقير، وذلك لا يبرر اتهامه بتدليس التسوية كما لا يخفى على الناقد البصير بهذا الفن الشريف، بل ويمكن أن يكون الإسقاط المدعى من غير بقية؛ فقد أشار إلى ذلك الحافظ في " النكت على ابن الصلاح "، فقال (2 / 622) : " تنبيه آخر: ذكر شيخنا ممن عرف بالتسوية جماعة، وفاته أن ابن حبان قال في ترجمة بقية: إن أصحابه كانوا يسوون حديثه ". قلت: ذكر ذلك ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 200 - 201) بعد أن صرح بأن بقية كان مدلساً يسقط الضعفاء من شيوخه بينه وبين شيوخهم الثقات، فقال: " فراْيته ثقةً مأموناً، ولكنه كان مدلساً؛ سمع من عبيد الله بن عمرو وشعبة ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام متروكين عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك؛ مثل المجامع بن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وعمر بن موسى المَيتمي (1) وأشباههم، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، وكان يقول: قال عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال مالك عن نافع، فحملوا عن بقية عن عبيد الله، وبقية عن   (1) الأصل: (المثيمي) وهو خطأ! والتصحيح من " تاريخ ابن عساكر " وتهذيب المزي " وغيرهما، وهو نسبة إلى (ميتم) : قبيلة من حمير. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 108 مالك، وأسقط الواهي بينهما، فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط. وإنما امتحن بقية بتلاميذ له كانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فالتزق ذلك كله به ". قلت: هذا كله كلام ابن حبان رحمه الله، وهو صريح في تبرئته من تدليس التسوية، وأن ذلك كان من بعض تلاميذه. ولعل هذا هو سبب إعراض كل من ترجم عن رميه بهذا النوع من التدليس، وبخاصة المتأخرين منهم الذين أحاطوا بكل ما قيل فيه من مدح وقدح من الأئمة المتقدمين، واقتصروا على وصفه بتدليس شيوخه فقط، فقال الذهبي في كتابه " الكاشف ": " وثقه الجمهور فيما سمعه من الثقات، وقال النسائي: إذا قال: (ثنا) و: (نا) ؛ فهوثقة ". وهذا الحافظ ابن حجر؛ لما أورده في " طبقات المدلسين "؛ لم يزد على قوله: " وكان كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وصفه الأئمة بذلك ". أورده في " المرتبة الرابعة "، وهي التي يورد فيه: " من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل؛ كبقية بن الوليد. كما قال في مقدمة الرسالة. قلت: فلم يرمه لا هو ولا الذهبي بتدليس التسوية، وقوله فيما تقدم نقله عنه في " النكت ": " ذكر شيخنا " إنما يعني به الحافظ العراقي؛ فإنه لما ذكر في كتابه " التقييد والإيضاح (ص 78 - الحلبية) تدليس التسوية، ضرب على الجزء: 12 ¦ الصفحة: 109 ذلك مثالاً هذا الحديث نقلا عن (العلل) لابن أبي حاتم، وكان نقله عنه باختصار تبعه عليه السيوطي في (التدريب) (1 / 224 - 225) ، ذلك؛ أنهما لم ينقلا عنه قوله المتقدم: (وأما ما ثال إسحاق في روايته. . .) إلخ. وبناء على ذلك تصرفا فيما نقلاه عنه، فقالا: (عن نافع) بدل: (حدثنا نافع) ، وهو تصرف غير مرضي (1) ؛ لأنه خلاف ما وقع في رواية ابن راهوية عند أبي حاتم ولا يجوز تغييره إلا بالبيان كما فعل أبو حاتم في تمام كلامه، فاختصارهما إياه من الاختصار المخل كما هو ظاهر، ويكفي العاقل دليلا على ذلك أن هذا التحقيق الذي أجريناه على كلامه ما كان بإمكاننا ذلك لو لم نقف عليه في (العلل) واعتمدنا فقط على ما نقلاه عنه! ولذلك؛ انطلى الأمر على بعض الطلاب في العصر الحاضر وأخذوا يعللون بعض أحاديث بقية التي صرح فيها بالتحديث عن شيخه بتدليس التسوية! كحديث: ((وكاء السَّه العينان، فَمَنْ نام؛ فَلْيَتَوَضَّأْ)) وهو مخرج في (صحيح أبي داود) (198) ، وأوردته في (صحيح الجامع) (4025) ، فلم يعجب بعضهم اغترارا بأن فيه تدليس التسوية! ونحوه تعليق بعضهم على ترجمة بقية في (سير أعلام النبلاء) بقوله (8 / 458) : (بل قد وصفوه بأخبث أنواع التدليس، وهو تدليس التسوية، وهو أن يحذف من سنده غير شيخه. . .) .   (1) وكذلك فعل العلائي في " جامع التحصيل " (118) ! ولعله سلفهما. 111 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 110 واستند في ذلك على (التدريب) ، وقد خفي عليه ما ذكرته من التحقيق. زد على ذلك أن من علماء التخريج لم يجرء على إعلال حديث بقية بتدليس التسوية فيما علمت، وإنما يعللونه بعنعنته عن شيخه، فإذا صرح بالتحديث عنه صححوه، فهو دليل عملي منهم على عدم الاعتداد بقول من اتهمه بتدليس التسوية، ولا نذهب بعيدا في ضرب الأمثلة. فهذا هو الإمام مسلم قد ذكر في مقدمة (صحيحه) (ص 14، 20) بقية بالتدليس. ثم روى في (النكاح) من (صحيحه) (4 / 152) بسنده عن بقية: حدثنا الزبيدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: ((من دُعي إلى عرس أو نحوه؛ فَلْيُجِبْ)) . ولما أخرجه الذهبي في (السير) (8 / 467) من طريق أبي عوانة الحافظ بسنده عن جمع قالوا: حدثنا بقية: حدثنا الزبيدي به؛ قال المعلق المشار إليه آنفا: (إسناده صحيح؛ فقد صرح بقية بالتحديث) ! ! وقد فاته إخراج مسلم إياه! كما غفل عن اتهامه بتدليس التسوية كما تقدم نقلع عنه؛ فإن شيخ بقية (الزبيدي) لم يصرح بالتحديث! ! (تنبيه) : قال المحقق ابن قيم الجوزية في (المنار) (ص 66 - 67) : (أحاديث العقل كلها كذب. . .) ثم ساق منها أحاديث، هذا أحدها. وذكر عن أبي الفتح الأزدي وأبي جعفر العقيلي وابن حبان: أنه لا يصح في العقل حديث. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 111 قلت: ومن تتبع الأحاديث التي أوردها ابن أبي الدنيا في كتابه (العقل) ودرس أسانيدها؛ تبين له مصداق ما قاله هؤلاء الأئمة. فلا يهولنك تضليل الشيخ الكوثري في مقدمة الكتاب المذكور (ص4) : (إن المعتزلة كما تغالوا في تحكيم العقل تغالى كثير من الرواة في رد كل ما ورد في فضل العقل؛ نكاية في هؤلاء، والحق بين طرفي الإفراط والتفريط) ! أقول: نعم؛ الحق بينهما، فما هو؟ ! وهلا بينت للقراء ولو حديثا واحدا من أحاديث العقل؛ ثابتا لا ينبغي رده، لا سيما وقد ادعى ناشر الرسالة في طرتها أنك صححتها، والواقع يشهد أنك لم تتكلم على حديث واحد منها مطلقا لا بتحسين ولا بتضعيف! ! وما أحسن ما قيل: والدعاوي ما لم تقيموا عليها. . . بينات أبناؤها أدعياء (تنبيه آخر) : تقدم في كلام ابن عدي على رواية حبيب بن رزيق أن عبيد الله بن عمرو - هو الروقي؛ لكن وقع عند ابن أبي الدنيا أنه العمري، وهو الذي ذكره الخطيب والمزي وغيرهما في شيوخ بقية، دون الأول. ووقع في (تاريخ ابن عساكر) : (عبيد الله بن عمر) مطلقا غير منسوب، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فكلاهما ثقة. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5558 - (إن لكل شيء آفة تُهْلِكُهُ، وإن آفة هذا الدين الأهواءُ) . ضعيف. أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في (الحجة في بيان المحجّة) (ق46 / 1) عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن كُرْز بن وبرة الحارثي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. الحديث: 5558 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 112 قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل أو معضل. الوصافي؛ ضعيف؛ كما في (التقريب) . وكرز؛ أورده البخاري في (التاريخ) برواية الواصافي عنه، وقال: (مرسل) . وهذا يفيد بظاهره أنه تابعي، وهذا ما يفيده صنيع ابن حبان؛ فإنه أورده في (ثقات التابعين) فقال: (كرز وبرة العابد، كوفي، سمع أنس بن مالك، روى عنه عبيد الله بن الوليد الوصافي، سكن جرجان، وبها مات) . وهذا ينافي ظاهر ما ذكره ابن أبي حاتم (3 / 2 / 170) : أنه روى عن نعيم ابن أبي هند، وقول أبي نعيم في (الحلية) (5 / 82) : (أسند عن طاوس، وعطاء، والربيع بن خُثيم، ومحمد بن كعب القرظي، وغيرهم) . قلت: فهؤلاء كلهم من التابعين، فالظاهر أن كرزا من أتباعهم، وهذا ما صرح به الحافظ ابن حجر في القسم الرابع من حرف الكاف من (الإصابة) فقال: (. . . العابد، من أتباع التابعيين، أرسل شيئا. . .) خلافا لقول الذهبي في التجريد (وهو تابعي) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 113 وكأنه تبع في ذلك ابن حبان؛ فإنه أورده في وفيات سنة (أربعين ومئة) من كتابه العظيم (تاريخ الإسلام) (5 / 292) ، وقال: (أحد الأولياء، روى عن أنس بن مالك، وطارق بن شهاب. . . . و. . . و. . .) . ثم رأيت ابن حبان تناقض؛ فأورده في (مشاهير أتباع التابعين بخرسان) من كتابه (مشاهير علماء الأمصار) (ص199 / 1598) ، فقال: (كزر بن وبرة الحارثي، من أهل الكوفة، سكن جرجان، من المتجردين للعبادة، والمتقشفين للزهادة) . فلعله تبين له أن روايته عن أنس لا تصح. والله أعلم. ثم إن الحديث من الأحاديث الكثيرة التي لم يوردها السيوطي لا في (الجامع الكبير) ولا في (الصغير) ولا في (ذيله) . 5559 - (إذا ظهرَ القولُ، وخُزِنَ العملُ، وائتَلَفَت الألسنةُ، وتباغضت القلوب، وقطع كل ذي رحم رحمه، فعند ذلك لعنهم الله وأصمهم، وأعمى أبصارهم) . ضعيف. أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (6 / 323 / 6170) ، والخرائطي في (مساوئ الأخلاق) (ق27 / 2) ، وأبو نعيم في (الحلية) (3 / 109) ، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (4 / 228 / 1) من طرق عن محمد بن عبد الله بن عمار: ثنا عيسى بن يونس عن محمد بن عبد الله بن عُلاثة عن الحجاج بن فُرافِصَة عن أبي عمر عن سلمان رضي الله عنه مرفوعا. قلت: وهو إسناد ضعيف، أعله الهيثمي بما ليس فيه؛ فقال (7 / 287) : الحديث: 5559 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 114 (رواه الطبراني في (الأوسط) و (الكبير) ، وفيه جماعة لم أعرفهم) ! قلت: بل كلهم معروفون مترجمون في (التهذيب) وغيره، وإنما خفي عليه أبو عمر وابن عمار: فأما الأول؛ فجاء مسمى عند الخرائطي: (زاذان أبي عمر) ، وهو صدوق من رجال مسلم. وأما الآخر؛ فلم يعرفه هو وغيره؛ لأنه وقع عند الطبراني منسوبا لجده: (محمد ابن عمار) ، وهو: (محمد بن عبد الله بن عمار) ؛ كما وقع عند أبي نعيم، وهو الموصلي، كما وقع عند الطبراني، وهو أبو جعفر الأزدي؛ ثقة حافظ من شيوخ النسائي، كما في (التقريب) . إذا عرفت هذا؛ فإنما علة الحديث من الحجاج بن فُراصة أو الراوي عنه: ابن علاثة، فالأول قال الحافظ: (صدوق عابد يهم) . والآخر: قال فيه: (صدوق يخطئ) . والحديث؛ عزاه السيوطي في (الدر المنثور) (6 / 65 - 66) للحسن بن سفيان أيضا مرفوعا عن سلمان، ولأحمد في (الزهد) وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه موقوفا، وعزاه ابن كثير في (تفسيره) للطبراني؛ ساقه بإسناده إلى سلمان مرفوعا كما تقدم. وأما مختصِره الصابوني؛ فعزاه فيه (3 / 335) للإمام أحمد، وهذا كذب الجزء: 12 ¦ الصفحة: 115 عليه؛ فإنه لم يروه في (مسنده) مطلقا، وهو المقصود عند العلماء عند إطلاق العزو إليه، وإنما رواه في (الزهد) موقوفا كما ذكر عن السيوطي، فليتأمل القارئ كم في هذا العزو الموجز من جهالات! وأخطر من ذلك كله أنه أورد الحديث في (مختصره) ! وقد تعهد في مقدمته أن لا يورد إلا الصحيح، وهيهات أن يستطيع الوفاء به، وهو من أجهل الناس بهذا العلم الشريف كما كنت بينته في غير هذا المكان! والله المستعان. وإنما يؤكد ما ذكرته في هذا الرجل ما يأتي بيانه في الحديث التالي: 5560 - (عليكم بـ (لا إله إلا الله) والاستغفار، فأكثروا منه؛ فإن إبليس قال: أهلكتُ الناس فأهلكوني بـ (لا إله إلا الله) والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، وهم يحسبون أنهم مهتدون) . موضوع. أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (1 / 43 - 44) : حدثنا محرز بن عون: نا عثمان بن مطر: نا عبد الغفور عن أبي نصير عن أبي رجاء عن أبي بكر مرفوعا. قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) (رقم 7 - بتحقيقي) ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في (الحجة في بيان المحجة) (ق35 / 1) من طريق أخرى عن محرز بن عون به. وهذا إسناد موضوع؛ آفته عبد الغفور هذا، وهو ابن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي؛ كما في (الجرح والتعديل) (3 / 1 / 55) ، وروي عن ابن معين أنه قال: الحديث: 5560 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 116 (ليس حديثه بشيء) . وعن أبيه قال: (ضعيف الحديث) . وقال ابن حبان في (الضعفاء) (2 / 148) : (كان ممن يضع الحديث على الثقات) . وعثمان بن مطر؛ قريب منه؛ قال ابن حبان (2 / 99) : (كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات) . وضعفه الجمهور، وقال ابن عدي: (متروك الحديث) . وبه وحده أعله الهيثمي، فقال (10 / 207) : (رواه أبو يعلى، وفيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف) ! وأما أبو نصير؛ فهكذا وقع في مصورتنا من (مسند أب يعلى) ، ووقع في (تفسير ابن كثير) (4 / 177) وقد عزاه إليه: (أبو بصيرة) ، ووقع في (السنة) لابن أبي عاصم: (أبو بصير) ، وفي (الحجة) : (أبو نصير) بالصاد المهملة بعد النون، ولعل هذا هو الصواب؛ فقد وجدت في (باب النون) من (المقتنى في الكنى) للذهبي: (أبو نصير الواسطي، عن أبي رجاء، وعنه سويد بن عبد العزيز وغيره) . ويؤيد ما ذكرته من الاحتمال أنه الراوي لهذا الحديث عن أبي نصير إنما هو عبد الغفور، واسطي كما تقدم، وأبو نصير رواه عن أي رجاء، واسمه عمران بن ملحان العطاردي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 117 لكن أبو نصير الواسطي لم أعرفه. ثم تأكدت أنه ليس به، وأن كل ما تقدم ذكره من الكنى الأربعة أصابها تحريف النساخ، وأن الصواب فيها: (أبو نُصَيرة الواسطي) . فقد ترجمه الحافظ في كنى (التهذيب) وسماه مسلم بن عبيد تبعا للدولابي في (الكنى) (2 / 140) ، وذكر الحافظ في شيوخه أبا رجاء العطاردي، وفي الرواة عنه أبا الصباح الواسطي، وهو عبد الغفور الراوي لهذا الحديث عنه كما رأيت، فهو هذا يقينا. فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لتهتدي لولا أن هدانا الله. ثم هو ثقة؛ كما قال الحافظ في (التقريب) تبعا للإمام أحمد وغيره. وهذا يؤكد أن العلة من أبي الصباح كما تقدم. (تنبيه) : هذا الحديث من جملة الأحاديث الكثيرة جدا، التي صححها الشيخ الصابوني ببالغ جهله في اختصاره لـ (تفسير ابن كثير) ، بل وأوهم القراء أن ابن كثير نفسه قد صححه، وزاد على ذلك أن عزاه لأبي يعلى في تعليقه عليه، وإنما أخذه من ابن كثير بعد حذف إسناده الدال على وضعه! والله المستعان. وإنم مما يدلك على عجزه في تخريج الأحلديث وجهله بها وأنه لا يخرج في ذلك عن تخريج ابن كثير الذي ينسبه لنفسه: أنك تراه يبيِّض للأحاديث التي لم يخرجها ابن كثير ولم يعزها لأحد؛ كقول ابن كثير عقب حديث الترجمة: (وفي الأثر المروي: قال اإبليس: وعزتك وجلالك! لا أزال أغويهم ما دامت الجزء: 12 ¦ الصفحة: 118 أرواحهم في أجسادهم. فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي! لا أزال أغفر لهم ما استغفروني) . قلت: فهذا الحديث أورده ابن كثير هكذا كما ترى دون عزو، بل ظاهر عبارته أنه من الإسرائييات؛ لأنه قال فيه: (وفي الأثر. . .) بعد أن قال في حديث الترجمة وما قبله: (وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى. . .) . فقلده الشبخ علي الصابوني على ذلك كله، ولم يبين لقرائه هل هو حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم موقوف، ولا ذكر من رواه، فضلا عن أن يميز صحته من ضعفه، بل قال: (وفي الأثر. . .) . والحق أنه حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين عنه يقوي أحدهما الآخر، ولذلك؛ أوردته في (صحيح الجامع) (1646) ، وخرّجته في (المشكاة) (2344) و (الصحيحة) (104) . 5561 - (إن جِئْتِ ولم تجديني؛ فأتي أبا بكر؛ فهو الخليفة بعدي) . منكر. أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في (الحجة) (ق145 / 1) عن الفضل بن جبير الوراق: حدثنا يحيى بن كثير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله شيئا، فقال لها: (تعودين) . فقالت: يا رسول الله! إن جئتُ ولم أجدكَ - كأنها تعرض الحديث: 5561 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 119 بالموت -؟ قال:. . . فذكره. وقال: (واللفظة الأخيرة تفرد بها الفضل بن جبير من هذا الوجه) . قلت: وهو غير معروف؛ أورده الذهبي في (الميزان) وقال: (قال العقيلي: لا يتابع على حديثه) . ثم ساق له من رواية سلم بن سلام عنه عن خلف عن علقمة بن مرثد عن أبيه عن عائشة مرفوعا؛ قال لرجل: (انطلق؛ فقل لأبي بكر: أنتَ خليفتي، فَصَلِّ بالناس. . .) ، الحديث. قلت: والحديث صحيح بدون ذكر: (فهو الخليفة بعدي) ؛ ورواه جبير بن مطعم قال: أتت امرأةٌ النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيتَ إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول: الموت -؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إن لم تجديني؛ فأتي أبا بكر) . أخرجه البخاري (3659، 7220، 7360) ، ومسلم (7 / 110) ، والترمذي (3677) - وصححه -، والطيالسي (944) ، وأحمد (4 / 82، 83) ، وابن سعد في (الطبقات) (3 / 178) . وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث الصحيح على أن أبا بكر هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحافظ في (الفتح) (13 / 333) : (وهذا صحيح؛ لكن بطريق الإشارة لا التصريح، فلا يعارض جَزْمَ عمرَ بأن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 120 النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف (يعني كما في البخاري 7218) ؛ لأن مراده نفي النص على ذلك صريحاً والله أعلم ". هذا؛ وقد روى الأصبهاني أحاديث أخرى فيها التصريح بخلافة أبي بكر، ولا يصح شيء من أسانيدها، ومتونها منكرة؛ بل باطلة؛ كما يدل على ذلك جزم عمر المذكور. والله ولي التوفيق. 5562 - (ما صَحِبَ المرسلين أجمعينَ، ولا صاحَبَ (يَس) - يعني: نَفْسَهُ - أفضلُ مِنْ أبي بكر الصديق) . موضوع. أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة " (ص 146 / 1) من طريق أحمد بن الحسن المصري: نا ابن عائشة: نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته المصري هذا؛ قال ابن حبان (1 / 149 - 150) : " من أهل الأُبُلَّة، كذاب دجال يضع الحديث على الثقات وضعا ". وقال الدارقطني: " حدثونا عنه، وهو كذاب ". ومَنْ فوقه مِنْ رجال مسلم. والحديث؛ عزاه السيوطي في " الزيادة على الجامع الصغير " للحاكم في " تاريخه " وكذا في " الجامع الكبير "، وما أظنه إلا بهذا الإسناد. وقد كنت أوردته في " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " (5085) مقتصراً الحديث: 5562 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 121 على تضعيفه؛ نظراً لنكارة متنه، والآن وقد تبين أن فيه هذا الكذاب، فَلْيُشَرْ هناك إلى وضعه. 5563 - (إذا جَمَعِ اللهُ الأولين والآخِرِينَ يومَ القيامَةِ في صعيد واحد؛ سَمعُوا صَوْت مناد يَهْتِفُ من نَحْوِ العرشِ: ألا لا يَعْرِفَنَّ أَحداً كتابَهُ قًبلَ أبي بكرٍ وعمرَ) . ضعيف جداً. أخرجه الأصبهاني في " الحجة " (ق 149 / 2) من طريق الفضل بن جبير: نا داود بن الزبرقان عن مطر الوراق عن عطاء قال: مر عمر رضي الله عنه برجل وهو يكلم امرأة، فعلاه بالدرة، فقال: يا أمير المؤمنين! إنها امرأتي. قال: ها؛ فاقتص. قال: قد غفرت لك يا أمير المؤمنين. قال: ليس مغفرتها بيدك، ولكن إن شئت أن تعفوَ فاعف. قال: قد غفرت لك يا أمير المؤمنين. قال: ثم مر من فوره إلى منزل عبد الرحمن وهو يقول: ويل أمك يا عمر! تضرب الناس ولا يضربونك، وتشتم الناس ولا يشتمونك، حتى دخل على عبد الرحمن، فقص عليه القصة، فقال: ليس بأس يا أمير المؤمنين، إنما أنت مؤدب، وإن شئت حدثتك بما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله ثلاث علل: الأولى: مطر الوراق، وهو ضعيف من قبل حفظه. الثانية: داود بن الزبرقان؛ قال الحافظ: الحديث: 5563 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 122 " متروك، وكذبه الأزدي ". قلت: فهو الآفة. والثالثة: الفضل بن جبير، وهو مجهول؛ كما سبق بيانه قبل حديث. 5564 - (إني لأرجو إنْ طالتْ بي حياة أن أُدْرِكَ عيسى ابن مريم عليه السلام، فإن عَجلَ بي موتٌ؟ فَمَنْ لَقِيَهُ منكم؟ فَلْيُقْرِئْهُ مني السلام) . شاذ. أخرجه أحمد (2 / 298) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن قد خولف في رفعه محمد بن جعفر - وهو: غندر -، فقال أحمد عقبه مباشرة و (ص 299) : ثنا يزيد بن هارون: أنا شعبة به؛ إلا أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل أوقفه على أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولذا؛ قال الهيثمي في " المجمع " (8 / 5، 205) : " رواه أحمد بإسنادين: مرفوع وموقوف، ورجالهما رجال الصحيح ". قلت: ولعل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أشار إلى ترجيح وقفه بإيراده إياه بعد المرفوع، وهو الذي يترجح عندي. لأنه جاء موقوفا من طرق: أولاً: قال كثير بن زيد: عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة مرفوعاً: الحديث: 5564 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 123 يوشك المسيح عيسى ابن مريم أن ينزل حَكَمَاً قسطاً، وإماماً عدلاً، فَيَقْتُلَ الخنزيرَ، ويكسِرَ الصليبَ، وتكون الدعوة واحدة ". فأقرئوه - أو أقرئه - السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدثه فَيُصَذقُنِي. فلما حضرته الوفاة قال: أقرئوه مني السلام.) : أخرجه أحمد (2 / 394) . قال الهيثمي (8 / 5) : " وكثير بن زيد؛ وثقه أحمد وجماعة، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطئ ". قلت: فمثله حسن الحديث في الشواهد كما هنا. ثانياً قال عبد الوهاب: أخبرنا ابن عون قال: مررت على عامر في مجلس بني أعبد فقال: حدثني غير واحد من (الأصل: عن) هؤلاء: أن أبا هريرة قال: " من لقي عيسى ابن مريم منكم؛ فَلْيُقْرِئْهُ مني السلام ". أخرجه الداني في " الفتن " (ق 144 / 1) . وهذا إسناد جيد إن كان من دون عبد الوهاب - وهو ابن عطاء الخفاف - ثقاتاً، فإنه قد أصاب بعض أسمائهم لطخ حالت بيننا وبين معرفتهم. ثالثاً: قال علي بن معبد: حدثنا خالد بن حيان عن جعفر بن برهان عن يزيد ابن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت: فذكر حديث نزول عيسى عليه السلام نحو حديث كثير) قال أبو هريرة: أفلا تروني شيخاً كبيراً قد كادت أن تلتقي ترقوتاي من الكبر، إني لأرجو أن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 124 لا أموت حتى ألقاه، وأحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصدقني، فإن أنا مت [دون أن] ألقاه ولقيتموه بعدي؛ فاقرؤوا عليه مني السلام. أخرجه الداني أيضاً وسنده حسن أيضاً في المتابعات والشواهد. رابعاً: قال محمد بن إسحاق: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية (الأصل: حبيبة) قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلت: فذكر حديث النزول بزيادة) : " وليسلكن فجاً حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما (1) ، وليأتين قبري حتى يسلم علي، ولأردن عليه ". يقول أبو هريرة: أي بني أخي! إن رأيتموه فقولوا: أبو هريرة يقرئك السلام. أخرجه الحاكم (2 / 595) ، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقلدهما جمع؛ كالكشميري في: " التصريح بما تواتر في نزول المسيح " وأبو غدة المعلق عليه (ص 101 - 102) ، والغماري في كتابيه: " إقامة البرهان على نزول عيسى في آخر الزمان " (ص 33) ، و:   (1) الأصل: (أو بنيتهما) ، والتصويب من " صحيح مسلم " (4 / 60) ، وأحمد (2 / 240، 272، 513) والداني (44 1 / 1) ؛ فقد أخرجوا الزيادة من طريق أخرى عن أبي هريرة دون ما بعد التثنية، وفي رواية لأحمد (2 / 290) : " أو يجمعهما ". ومن المحتمل أن يكون الأصل صحيحاً ويكون معناه بمعنى رواية أحمد؛ أي: بنية الحج والعمرة. يعني: يقرنهما؛ كما قال الداني عقب الرواية ألأ ولى: " أو ليثنينهما ". ومن العجيب أن هذه اللفظة (أو بنيتهما) خفي معناها أو صوابها على جمع ممن نقلوا الحديث من " المستدرك "؛ كالذهبي في " التلخيص "، والشيخ الكشميري في " التصريح " (ص 102) ، والغماري في " إقامة البرهان " (34) وغيره، وكالسيوطي في " الدر " (2 / 245) ؛ فإنهم جميعا حذفوها! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 125 " عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام "؛ بل إن هذا الأخير أورده في كتابه الآخر الذي سماه بـ " الكنز الثمين " برقم (3245) الذي جرده من الأحاديث الضعيفة بزعمه! وكل ذلك إنما يقع من الجهل بهذا العلم الشريف أو إهمال التحقيق فيه! وإلا؛ فهل يخفى على المحقق الناظر في هذا السند أنه لا يصح، وذلك من ناحيتين: الأولى: عنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس مشهور بذلك. والأخرى: جهالة عطاء مولى أم صبية؛ فإن الذهبي نفسه قد أورده في " الميزان " وقال: " لا يعرف، تفرد عنه المقبري ". ونحوه قول الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني: عند المتابعة؟ ! وقد وجدت له متابعا على بعضه - بسند لا بأس به - خرجته في " الصحيحة " (2733) ، ولم أذكره هنا؛ لأنه ليس فيه موضع الشاهد منه، وهو قول أبي هريرة: إن رأيتموه؛ فقولوا: أبو هريرة يُقْرِئُك السلام. وبالجملة؛ فهذه الطرق الأربعة عن أبي هريرة - وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف؛ فإن - مجموعها يعطي لما اتفقت عليه من متونها قوة وصحة لا ريب فيها، فهي صالحة لترجيح أن حديث الترجمة موقوف غير مرفوع، وقد خفي هذا التحقيق على الغماري، فاغتر في كتابيه المشار إليهما اَنفأ (ص 34، 93) بقول الهيثمي: " رجال إسناده رجال (الصحيح) ! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 126 فأورد الحديث في " كنزه (1179) ؛ مع أنه قد صرح في مقدمته (ص ن) أنه لا يكفي في صحة الحديث أو حسنه مجرد ثقة رجاله؛ بل لا بد أن يكون سالماً من النكارة والشذوذ والمخالفة كما هو مبين في علم الحديث! وهذا حق؛ لكنه لم يلتزمه في هذا الكتاب ولا في غيره إلا ما ندر، كما يتبين لكل ذي بصيرة من هذا الحديث وغيره مما تقدم وما قد يأتي. وأما الشيخ الكشميري؛ فقد تنبه لشيء من ذلك؛ فقال (ص 180) - بعد أن ذكر الحديث من الطريقين موقوفاً ومرفوعاً -: " ومن أمعن النظر في أحاديث الباب؛ علم أن الإيصاء بإبلاغ السلام وقراءته على عيسى ابن مريم عليه السلام صحيح مرفوعا وموقوفاً. وأما الجملة من قوله: " إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى ابن مريم عليه السلام ". فالنظر في أحاديث الباب يحكم بأنها موقوفة لا مرفوعة ". قلت: وفيما ادعاه من صحة الإيصاء مرفوعا نظر عندي؛ لأنه - أعني: الإيصاء - لم يرد في شيء من الأحاديث التي ساقها في كتابه، وقد بلغ عددها خمسةً وسبعين حديثاً، وزاد عليها المعلق أبو غدة عشرة أخرى، فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، وفيه ما سكت عنه ولم يبين حاله! أقول: في هذه الأحاديث كلها لم يرد الإيصاء إلا في حديثين اثنين (*) : حديث الترجمة أحدهما، وقد عرفت أنه ضعيف؛ لشذوذه. والآخر: الحديث (67) ، وهو عن أبي هريرة أيضاً في قَتْلِ عيسى الدجالَ   (*) وهنالك حديث ثالث صحيح عند الشيخ - رحمه الله -، ذكره في " الصحيحة " (2308) . رأيناه في " قصة المسيح " (ص 142) . (الناشر) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 127 وكَسْرِهِ الصليبَ. . . وفيه: " ألا من أدركه منكم؛ فليقرأ عليه السلام ". قال: " أخرجه الطبراني؛ كما في " الدر المنثور "،: فذكر المعلق عليه أن الهيثمي أورده في " المجمع " (8 / 255) من رواية الطبراني في " الأوسط " و " الصغير " وقال: " وفي سنده محمد بن عقبة السدوسي؛ وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم ". قال أبو غدة: " وقال شيخنا الغماري في " عقيدة أهل الإسلام (ص 93) : إسناده حسن "! قلت: كذا قال الغماري في الكتاب المذكور، وما أحسن! وأما في كتابه الآخر " إقامة البرهان " (ص 34) ؛ فلم يحسنه، وإنما ساق إسناد الطبراني فيه، فأحسن، وإنما نقل إعلال الهيثمي إياه بالسدوسي، وهو وإن كان كافياً في تضعيف الحديث عند أهل المعرفة؛ لما هو معلوم من تساهل ابن حبان في التوثيق من جهة؛ ولأن أبا حاتم قال في السدوسي: " تركت حديثه ". فهو عنده شديد الضعف؛ فهذا الجرح مقدم على توثيق ابن حبان؛ لأنه جرح مفسر، ولو فرض أن ابن حبان غير متساهل في التوفيق من جهة أخرى. أقول: فهذا يكفي في تضعيف الحديث ورد تحسينه لمن تجرد عن التقليد، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 128 فكيف إذا عرف أن إعلال الهيثمي قاصر؛ لأن شيخ السدوسي في الإسناد - وهو محمد بن عثمان بن سيار القرشي - مجهول؛ كما قال الدارقطني، وقد كنت بينت هذا في " الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير " قبل نحو نصف قرن من الزمان، فأعلنت الحديث بهاتين العلتين: السدوسي والقرشي، والله تعالى ولي التوفيق، وهو الهادي. 5565 - (يَأْتي علَى الناسِ زمان يستخفي المؤمنُ فيهم، كما يستخفي المنافقُ فيكُمُ اليومَ) . ضعيف. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 46) : حدثنا محمد بن الجزر بن عمرو الطبراني: أنا سعيد بن أبي زيدون القيصراني: ثنا محمد بن يوسف الفريابي: أنا ابن ثوبان عن ابن أبي أنيسة قال: سمعت أبا الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول:. . . فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن أبي زيدون؛ لم أجد له ترجمة، وكذلك الراوي عنه. والحديث؛ عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لابن السني وحده. الحديث: 5565 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 129 5566 - (لو استطعت؛ لأَخْفَيتُ عورتي من شِعَارِي) . موضوع. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 44) عن الوليد ابن الوليد: ثنا ابن ثوبان عن يحيى بن الحارث عن القاسم: أن رجلاً قال لأبي هريرة: إن رجالاً يعرُّون نساءهم؛ يأمرونهن يمشين بين الحديث: 5566 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 129 أيديهم؟ ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:. . . فذكره. قلت: وهذا موضوع؛ آفته الوليد هذا - وهو ابن موسى الدمشقي -؛ قال الحاكم: " روى عن ابن ثوبان أحاديث موضوعة ". قلت: وهذا منها. 5567 - (بئسَ العبدُ المحتَكِرُ، إنْ أَرْخَصَ اللهًُ الأسعارَ؛ حَزِنَ، وإنْ أغلاها الله فَرِحَ) . ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20 / 95 / 176) : حدثنا أحمد بن النضر العسكري: ثنا سليمان بن سلمة الخبائري: ثنا بقية بن الوليد: ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار: ما هو؟ قال: " إذا سمع بِرُخْصٍ؛ ساءه، وإذا سمع بغلاءٍ؛ فرح به. . . بئس العبد. . . ". قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لأن الخبائري متروك. وبه أعله الهيثمي؛ كما كنت نقلت عنه في " غاية المرام " رقم (326) ، وكنت ذكرت له متابعاً ضعيفاً، والآن وقفت له على متابع آخر، قرنه معه الطبراني في " مسند الشاميين " فقال (ص 76) : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: ثنا عمرو بن عثمان. (ح) : وثنا أحمد بن النضر العسكري: ثنا سليمان بن سلمة الخبائري؛ قالا: ثنا بقية بن الوليد: ثنا ثور بن يزيد به. وهذه متابعة قوية؛ عمرو بن عثمان - وهو أبو حفص الحمصي -؛ صدوق. الحديث: 5567 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 130 لكن الراوي عنه إبراهيم بن محمد بن عرق؛ لم أعرفه. 5568 - (يَنْزِلُ عيسى ابنُ مريمَ على ثمانمئةِ رَجُلٍ، وأربعمئةِ امرأةٍ، خِيَار مَنْ على الأرضِ يَوْمئذٍ، وكَصُلَحَاءِ مَنْ مَضَى) . موضوع. أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 120 - 121) ، وعلقه عنه الديلمي في " مسند الفردوس " (ص 324 - مصورة الجامعة) من طريق محمد بن عمر: ثنا سعيد بن بانك، سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة مرفوعاً به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب. وسعيد بن بانَك، بفتح النون، وهو جده، واسم أبيه مسلم، وهو ثقة. والحديث؛ أورده الشيخ الكشميري في " التصريح " (254 / 69) معزواً للديلمي فقط نقلاً عن " كنز العمال "! ففاته العزو إلى من علقه عنه - وهو أبو نعيم - أولاً، والأهم منه: أنه سكت عليه ثانياً! وعذره أنه لم يقف على إسناده، ولعله لذلك أيضاً سكت عن أحاديث أخرى، نبه المعلق عليه: الشيخُ أبو غدة على وضع أربعة منها، أشار إليها في آخر الكتاب (ص 272) ، ويمكن الاستدراك عليه بغير حديث الترجمة لو تفرغنا له! الحديث: 5568 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 131 5569 - (إذا عَطسَ العَاطِسُ؛ فشَمِّتْهُ؛ مَنْ شمَّتَ عاطِساً؛ ذَهَبَ عنهُ ذاتُ الجَنْبِ) . موضوع. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 10 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق: معلل بن نفيل الحراني: ثنا محمد بن محصن عن إبراهيم الحديث: 5569 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 131 ابن أبي عبلة عن عن عبد الله بن الديلمي عن حذيفة مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن محصن هذا - وهو العكاشي -؛ كذاب وضاع. ومعلل الحراني؛ أورده الحافظ ابن حجر في الرواة عن العكاشي في ترجمة هذا، ولم أجد من ترجمه، ولعله في " تاريخ دمشق " لابن عساكر. 5570 - (نِعْمَ السّواكُ الزيتونُ؛ مِنْ شَجَرةٍ مُباركةٍ، يُطيِّبُ الفم، ويُذْهِبُ الحَفَرَ، وهو سوَاكِي وسوَاكُ الأنبياء قبلي) . موضوع. أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " بسنده المتقدم عن محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن محصن؛ كما عرفت من الحديث الذي قبله. وأما الهيثمي؛ فأعله بالرواي عنه: معلل بن نفيل الحراني! فما أحسن؛ قال في " المجمع " (2 / 100) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه معلل بن محمد، ولم أجد من ذكره ". كذا وقع فيه: " ابن محمد "! وهو خطأ، ولعله مطبعي. وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لـ " الأوسط " أيضاً، وسكت عنه أيضاً كما هو الغالب عليه! الحديث: 5570 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 132 5571 - (يدخلُ رَجُلٌ من هذه الأمةِ الجنةَ قبْلَ موته) (1) . باطل منكر. أخرجه ابن حبان في " الثقات " (4 / 361) ، والطبراني في " مسند الشاميين " (1 / 55 / 54) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7 / 374) من طرق عن زهير بن عباد الرواسي: ثنا رُديح بن عطية عن إبراهيم بن أبي عبلة عن شريك بن خُباشة النميري: أنه ذهب يستسقي من (جب سليمان) الذي في بيت المقدس، فانقطع دلوه، فنزل الجب ليخرجه، فبينما هو يطلبه في نواحي الجب، إذ هو بشجرة، فتناول ورقة من الشجرة، فأخرجها معه، فإذا هي ليست من شجر الدنيا (!) فأتى بها عمر بن الخطاب، فقال: أشهد أن هذا لهو الحق، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . (فذكره) ، فجعل الورقة بين دفتي المصحف. قلت: هذا متن باطل منكر، وإسناد ضعيف ينتهي إلى مجهول لا يعرف إلا بهذه الرواية، وهو شريك بن خُباشة هذا؛ فإنه لم يذكره أحد من المتقدمين؛ كالبخاري في " التاريخ الكبير "، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "؛ إلا ابن حبان؛ فقد ذكره في " ثقاته " على قاعدته في توثيق المجهولين. ولم يذكر هو فيه ما يدل على حاله سوى هذه الرواية. فالعجب من الذهبي كيف لم يذكره في " الميزان " مع روايته لهذا المتن الباطل بطلاناً جلياً! ومن الحافظ كيف لم يستدركه عليه في " اللسان "! وأعجب من ذلك: أنه أورده في القسم الثالث من " الإصابة "، وهو الذي   (1) خَرَّجَ الشيخُ - رحمه الله - هذا الحديثَ مرتين بزيادات في كل منهما على الآخر، وكتب فوق المتن الثاني: " يُوحَّد مع التخريج القديم ". فَفَعَلْنَا. (الناشر) . الحديث: 5571 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 133 يذكر فيه المخضرمين من الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه، وسواء أسلموا في حياته أم لا؟ وهؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق أهل العلم بالحديث! ثم لم يذكر ما يدل على عدالته وثقته! ولا بد من ذلك ما دام أنه ليس صحابياً؛ ولكنه عقب عليه بقوله: " وأخرجه ابن الكلبي من وجه آخر عن امرأة شريك بن خباشة قالت: خرجنا مع عمر أيام خرج إلى الشام. . . فذكر القصة مطولة، ولم يذكر المرفوع، وفيه أن عمر أرسل إلى كعب فقال: هل تجد في الكتاب أن رجلاً من هذه الأمة يدخل الجنة في الدنيا؟ قال: نعم؛ وإن كان في القوم نبأتك به. قال: فهو فيهم، فتأملهم. فقال: هو هذا. فجعل شعار بني نمير خضرة بهذه الورقة إلى اليوم ". قلت: وسكت عنه أيضاً؛ ومن الظاهر أن ذلك لظهور ضعفه؛ فإن ابن الكلبي - واسمه هشام بن محمد بن السائب - معروف متهم بالوضع كأبيه، فهو أوهى من الذي قبله. وامرأة شريك؛ لم أعرفها، ومع ذلك؛ فروايتها أشبه من حيث إنه ليس فيها الحديث المرفوع. وقصة عمر مع كعب، وأنه من الكتب المتقدمة؛ أي: الإسرائيليات؛ أشبه؛ لكن ما فيها من أن كعباً عرف الرجل من الوصف المذكور في الكتاب؛ من أبطل الباطل؛ كما هو ظاهر. ثم إن في الطريق الأولى زهيراً الرواسي، وقد اختلفوا فيه؛ قال الذهبي في " الميزان ": الجزء: 12 ¦ الصفحة: 134 " قال الدارقطني: مجهول. ووثقه آخرون ". قلت: وضعفه ابن عبد البر؛ كما في " اللسان "، ولم يحك توثيقه إلا عن ابن حبان، وهذا نفسه أشار إلى أن فيه ضعفاً في حفظه، وذلك بقوله فيه: " يخطئ ويخالف ". فهو آفة الحديث أو شريك. وأما حكمي على الحديث بالبطلان وتعجبي من سكوت الذهبي والعسقلاني عن الحديث وراويه؛ فذلك ظاهر من وجوه، أهمها: أن الجنة ليست في الأرض وتحت (جب سليمان) ! وإنما هي في السماء، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة. والنصوص في ذلك كثيرة؛ كقوله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنتهى. عندها جنة المأوى} ، وهي في السماء السابعة؛ كما جاء في حديث أنس في " صحيح البخاري " وغيره، وانظر " فتح الباري " (7 / 213) ؛ فإن آدم عليه السلام أهبط من الجنة التي وعد بها المتقون، على القول الصحيح، وفي الحديث الصحيح: ". . فإذا سألتُمُ اللهَ؛ فاسألوه الفردوسَ؛ فإنها أوسط الجنة - أو أعلى الجنة -، فوقه عرش الرحمن ". رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (921 - 922) . فكيف يصح أن تكون تلك الشجرة من الجنة وهي في الجب؟ ! وحديث الترجمة؛ عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لابن عساكر وحده! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 135 5572 - (كانَ يُشِيرُ بإصْبَعِهِ إذا دَعَا، ولا يُحَرِّكُها) . شاذ أو منكر (بنفي التحريك) . أخرجه أبو داود وغيره من طريق زياد بن سعد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد حسن لو سلم من المخالفة في موضعين من سنده: الأول: أن زياد بن سعد - وإن كان ثقة؛ فقد - خالفه أربعة من الثقات؛ كلهم رووه عن ابن عجلان به؛ دون قوله: " ولا يحركها ". رواه مسلم وغيره، وقد خرجت رواياتهم في " ضعيف أبي داود " (175) . والآخر: أن ابن عجلان قد خالفه في هذه الزيادة ثلاثة من الثقات، وهم: عثمان بن حكيم، ومخرمة بن بكير، وعمرو بن دينار؛ فقالوا: عن عامر بن عبد الله به؛ دون الزيادة. وإن مما لاشك فيه: أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة أوثقُ وأحفظُ عند العلماء من ابن عجلان، فتكون روايته المخالفة لأحدهم شاذة أو منكرة، فكيف إذا خالفهم جميعاً، فكيف إذا وافقهم في رواية الأربعة عنه، فقد سميناهم لك آنفاً؟ ! ولذلك؛ قال ابن القيم: " في صحة هذه الزيادة نظر ". ومما لاشك فيه أيضاً لدى أهل العلم بهذا الفن أن المخالفة والشذوذ يثبت بأقل مما بينا. ومن الظاهر أن النووي لما صححه في " المجموع " (3 / 454) لم يتنبه لهذه المخالفة. وكذلك مَنْ قواه في التعليق على " شرح السنة " (3 / 178) ! الحديث: 5572 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 136 وإن مما يؤكد ذلك؛ عدم ورود هذه الزيادة في شئ من أحاديث إشارته صلى الله عليه وسلم في التشهد، وهي كثيرة، وبعضها في " صحيح مسلم " كما يأتي، وانظر " مجمع الزوائد " (2 / 139 - 140) . من ذلك: حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس] في التشهد [في الصلاة؛ وضع يده على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام، فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها. رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (907) من رواية مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن عن ابن عمر. وتابعه جماعة عن الحميدي في " مسنده " (287 / 648) عن ابن أبي مريم، وتابع هذا عند مسلم وغيره: عبيدُ الله بنُ عمر عن نافع عن ابن عمر، والسياق له، والزيادة التي بين المعكوفتين لابن أبي مريم. وقد رواه عنه كثير بن زيد، فخالف في إسناده وزاد في متنه نفي التحريك. أخرجه ابن حبان في " الثقات " في ترجمة ابن أبي مريم - من أتباع التابعين - من طريق أبي عامر العقدي: ثنا كثير بن زيد عن مسلم بن أبي مريم عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على ركبته اليسرى، ويشير بإصبعه ولا يحركها، ويقول: إنها مذبة الشيطان، ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 137 قلت: وكثير بن زيد مختلف فيه، وبالكاد أن يبلغ حديثه مرتبة الحسن، وهذا عند التفرد، وأما عند المخالفة؛ فلا يحتج به، ولذلك؛ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق سئ الحفظ ". ويبدو لي أنه أصابه سوء حفظ في روايته لهذا الحديث سنداً ومتناً. أ - أما السند؛ فإنه خالف مالكاً - وهو جبل في الحفظ - في شيخ ابن أبي مريم؛ فجعله نافعاً! وهو عند مالك: علي بن عبد الرحمن، ونافع؛ إنما هو شيخ عبيد الله بن عمر كما تقدم، فكأنه اختلط عليه أحد الشيخين بالآخر. ب - وأما المتن؛ فزاد فيه: " ولا يحركها "، فهي زيادة منكرة؛ لتفرد كثير بن زيد بها؛ خلافاً لرواية نافع وعلي بن عبد الرحمن عند مسلم وغيره كما سبق. وإن مما يؤكد ذلك أن كثيراً لم يثبت عليها، فقد قال أبو أحمد الزبيري: ثنا كثير بن زيد عن نافع قال: كان ابن عمر. . . (فذكره) ، وأشار بإصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لهي أشد على الشيطان من الحديد. يعني السبابة ". أخرجه أحمد (2 / 119) ، والبزار (1 / 272 / 563) ، وقال: " تفرد به كثير بن زيد عن نافع، وليس عنه إلا هذا ". وأبو أحمد الزبيري؛ ثقة ثبت، فيبدو أن كثيراً كان - لسوء حفظه - يذكر هذه الزيادة تارة، ولا يذكرها أخرى، وهو الصواب إن شاء الله تعالى؛ لما سبق، ولأنه صح التحريك من حديث وائل بن حجر بلفظ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 138 " فرأيته صلى الله عليه وسلم يحركها يدعو بها ". وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (717) . ثم رأيت في " مسند الروياني " (2 / 423 / 1439) رواية مناقضة لرواية ابن حبان بلفظ: " تحريك الإصبع في الصلاة مذعرة للشيطان ". لكن راويه عن كثير (محمد بن عمر) ، وهو الواقدي متروك. 5573 - (انطَلِقْ إلى السُّوقِ واشْتَرِ له نَعْلاً، ولا تَكُنْ سَوْدَاءَ، واشْتَرِ له خَاتماً، ولْيَكُنْ فَصُّهُ عقيقاً؛ فإنهُ مَنْ تَخَتَّمَ بالعَقِيقِ لم يُقْضَ له إلا الذي هو أَسْعَدُ) . موضوع. أخرجه ابن حبان في ترجمة نوفل الآتي في كتابه " الثقات " (أتباع التابعين) من طريق محمد بن أيوب بن سويد: حدثني أبي: حدثني نوفل بن الفرات عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: أتى بعض بني جعفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أرسل معي من يشتري لي نعلاً وخاتماً. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً، فقال: . . . فذكره، وقال: " البلية في هذا الخبر من محمد بن أيوب؛ لأن نوفلاً كان ثقة، وكان محمد بن أيوب يضع الحديث، وهذا الحديث موضوع ". قلت: وذكر له في " الضعفاء " (2 / 299 - 300) أحاديث أخرى موضوعة. الحديث: 5573 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 139 وأقره الحافظ في " اللسان " على وضعها، كما أقره على وضع هذا أيضاً. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 58) ، وأعله بأبي محمد هذا أيضاً، فقال: " فأما أبوه أيوب؛ فقال ابن المبارك: ارم به. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: ليس بثقة ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 272) ؛ لكنه ذكر للشطر الأخير منه شاهداً عزاه للبخاري في " التاريخ ": حدثنا أبو عثمان سعيد بن مروان: حدثنا داود بن رشيد: حدثنا هشام بن ناصح عن سعيد بن عبد الرحمن عن فاطمة الكبرى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تختم بالعقيق. . . " إلخ. وقال السيوطي: " وهذا أصل] أصيل في الباب [، وهو أمثل ما ورد في الباب ". وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 276) ، والزيادة استدركتها منه. وفي ثبوت هذا الشاهد وجعله أصلاً أصيلاً نظر عندي؛ لأسباب: أولاً: هشام هذا؛ لم أجد له ترجمة؛ إلا عند البخاري في " التاريخ " (3 / 2 / 196) برواية ابن رشيد هذا عنه عن سعيد بن عبد الرحمن عن فاطمة الصغرى. ولم يزد؛ فلم يذكر الحديث، ولا إسناده إلى داود. فلعل ذلك في بعض النسخ من " التاريخ "، أو أنه عنى به " التاريخ الأوسط "، وهو غير مطبوع، وليس هو في " التاريخ الصغير " أيضاً؛ فإني قد راجعته في مظانه منه، فلم أجده. وعليه؛ فهشام المذكور مجهول أو شبه المجهول. والله تعالى أعلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 140 ثانياً: شيخه سعيد بن عبد الرحمن؛ لم أعرف من هو. ثالثاً: فاطمة الكبرى هي بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدري إذا كان سعيد قد سمع منها، هذا إذا كانت الكبرى كما في نقل السيوطي، وأما إذا كانت الصغرى كما في " تاريخ البخاري "؛ فيكون الإسناد مرسلاً؛ لأنها فاطمة بنت الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم، فهي تابعية، فيكون الحديث مرسلاً. فهو علة أخرى فيه. والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا؛ وقد تقدمت أحاديث أخرى في فضل التختم بالعقيق، وكلها باطلة، كما سبق بيانه بالأرقام (226 - 230) . 5574 - (ما زالَ يَقْنُتُ في الفَجْرِ حتَى فَارَقَ الذئيا) . منكر. أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (3 / 110 / 4964) ، ومن طريقه أحمد (3 / 162) ، وكذا الدارقطني في " سننه " (2 / 39) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال:. . . فذكره مرفوعاً. وتابعه: أبو نعيم قال: ثنا أبو جعفر الرازي به. أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 143) ، والدارقطني أيضاً، والحاكم في غير " المستدرك "، وعنه البيهقي في " سننه " (2 / 201) ، وكذا البغوي في " شرح السنة " (3 / 123) ، ولفظه: عن الربيع بن أنس قال: كنت جالساً عند أنس بن مالك، فقيل له: إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً؟ فقال:. . . فذكره. وأخرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1 / 444 / 753) من طريق الحديث: 5574 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 141 عبد الرزاق المتقدمة، ومن طريق النعمان بن عبد السلام أن أبا جعفر أخبرهم به نحوه، وقال: " حديث لا يصح، قال أحمد: أبو جعفر الرازي مضطرب الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير ". قلت: وقال فيه الحافظ في " التقريب ": " صدوق سيئ الحفظ، خصوصاً عن مغيرة ". وإن مما يدل على سوء حفظه: اضطرابه في روايته لهذا الحديث، فهو يذكر فيه صلاة الصبح تارة، كما تقدم، وتارة أخرى لا يذكرها؛ فقال خالد بن يزيد: حدثنا أبو جعفر الرازي. . . فذكره عن الربيع قال: سئل أنس عن قنوت النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهراً، فقال: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يقنت حتى مات. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (2 / 30) . وخالد بن يزيد هذا؛ هو صاحب اللؤلؤ؛ كما في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 361) لابن أبي حاتم، قال: " سئل عنه أبو زرعة؟ فقال: ليس به بأس ". وتابعه؟ يحيى بن أبي بكير ثنا أبو جعفر. . . بلفظ: " قنت [صلى الله عليه وسلم] حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات ". أخرجه البزار (1 / 269) الجزء: 12 ¦ الصفحة: 142 ويحيى هذا؛ ثقة، من رجال الشيخين. وتارة أخرى يذكر الصبح؛ لكن لا يذكر الموت، ويزيد في الحق، ويخالف في شيخه، فيقول: عن عاصم عن أنس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح بعد الركوع، يدعو على أحياء من أحياء العرب، وكان قنوته قبل ذلك وبعده قبل الركوع. أخرجه عبد الرزاق أيضاً (3 / 9 0 1 / 4963) ، ومن طريقه الحازمي في " الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار " (ص 71) . وهو بهذا المعنى محفوظ عن عاصم؛ فقد أخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن عاصم أتم منه. رواه البخاري (1002) بلفظ: " قنت بعد الركوع شهراً يدعو عليهم. . . ". ولم يذكر الصبح. وهو مخرج في " الإرواء " (2 / 162) . لكن له طرق أخرى عن أنس، في بعضهما ذكر الصبح، فراجع المصدر المذكور إن شئت. والطرق المشار إليها بلغت سبعة طرق عن أنس، ليس فيها ما في حديث أبي جعفر الرازي من الاستمرار على القنوت في الصبح حتى فارق الدنيا؛ بل في بعضها ما يخالفه كرواية أنس بن سيرين عن أنس بن مالك بلفظ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 143 " قنت شهراً بعد الركوع في صلاة الفجر يدعو على بني عصية ". رواه مسلم وغيره. ونحوه من طريق عبد العزيز بن صهيب عنه عند البخاري. فقد تبين أن أحداً من الرواة السبعة لم يذكر ما في حديث الترجمة، ولا يشك ذو بصيرة بهذا العلم أن النكارة تثبت بأقل مما ذكرنا، فلا يكاد عجبي ينتهي من تصحيح ابن جرير الطبري لهذا الحديث وهو من الأمثلة الكثيرة عندي على أنه من المتساهلين في التصحيح، وأما الحاكم ومن نحا نحوه فهو مشهور بذلك؛ فقد قال عقب الحديث كما في " البيهقي ": " هذا حديث صحيح سنده، ثقة رواته "! كذا في نقله عنه، وأما البغوي فقال: " قال الحاكم: وإسناد هذا الحديث حسن "! وهذا - وإن كان خطأ أيضا؛ فهو - أقرب من الذي قبله. وأبعد عن الصواب من كل ما سبق قول النووي - عفا الله عنا وعنه - في " المجموع " (3 / 504) عقب الحديث: " حديث صحيح، رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، وممن نص على صحته الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه، والبيهقي، ورواه الدارقطني من طرق بأسانيد صحيحة: "! قلت: وهذه مجازفة عجيبة من الإمام النووي ما أحببتها له رحمه الله فإن الطرق التي أشار إليها بعيدة عن الصحة بعدَ المشرقين، لا سيما وهي في الحقيقة - بعد طريق أبي جعفر الرازي - طريق واحد؛ لأنها كلها تدور على عمرو بن عبيد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 144 عن الحسن عن أنس، كما سيأتي. وهذا اصطلاح خاص للنووي رحمه الله في كثير من كتبه؛ أنه يقول هذا القول في الحديث الذي ليس له إلى صحابيه إلا طريق واحدة، لمجرد أن له طرقاً إلى أحد رواته كما كنت بينت ذلك في مقدمة تحقيقي لكتابه " رياض الصالحين (ص ـ ي ـ ل) مؤيداً ذلك بالنقل عن الحافظ ابن حجر العسقلاني، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق. فهذه الطريق: أخرجها الطحاوي (1 / 143) عن عبد الوارث، والدارقطني عن عبد الرزاق وقريش بن أنس جميعاً عن عمرو بن عبيد، وفي رواية عن قريش: ثنا إسماعيل المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس. وهذه الرواية أخرجها البزار أيضاً في " مسنده " (1 / 269 - كشف الأستار) وقال: " هكذا رواه إسماعيل وعمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس، ورواه محمد بن سيرين وأبو مجلز وقتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً. وهؤلاء أثبات، وإسماعيل لين، وعمرو يستغنى عن ذكره لسوء مذهبه ". قلت: وإسماعيل؛ هو ابن مسلم المكي، وهو ضعيف الحديث، كما في " التقريب ". وعمرو بن عبيد؛ هو المعتزلي المشهور، كان داعية إلى البدعة. قال الحافظ: " اتهمه جماعة مع أنه كان عابداً ". قلت: فيُتعجب منه كيف ذكر حديثه هذا شاهداً لحديث الترجمة في الجزء: 12 ¦ الصفحة: 145 " التلخيص الكبير " (1 / 245) ، وهو يعلم أن مثله لا يستشهد به لشدة ضعفه! وكأنه استدرك ذلك على نفسه بعد أن ذكر أن بعض الرواة غلط فقال: " عن عوف " بدل: " عن عمرو "؛ قال: " فصار ظاهر الحديث الصحة، وليس كذلك، بل هو من رواية عمرو - وهو ابن عبيد - رأس القدرية، ولا يقوم بحديثه حجة "! قلت: وكذلك يتعجب من الحافظ الهيثمي حيث قال في " مجمع الزوائد " (2 / 139) : " رواه البحار، ورجاله موثقون "! فإن أحداً من الأئمة لم يوثق إسماعيل المكي؛ بل تركه جمع، منهم الخطيب في " الكفاية " (372) ، ومثله - بل شر منه - عمرو بن عبيد؛ فقد كذبه بعضهم. وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى لم أر أحداً من المخرجين ذكرها، وإن كانت مما لا يفرح به ولا يتقوى بها. أخرجها الإسماعيلي في " معجمه " من طريق وهيب بن محمد بن عباد ابن صهيب: أخبرنا حسين بن حكيم البصري: حدثنا السري بن عبد الرحمن عن أيوب عن الحسن عن محمد عن أنس به. قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون أيوب لم أجد لهم ترجمة؛ سوى السري بن عبد الرحمن، فالظاهر أنه الذي في " تاريخ البخاري " (2 / 2 / 175) و " جرح ابن أبي حاتم " (2 / 1 / 282) : الجزء: 12 ¦ الصفحة: 146 كسري بن عبد الرحمن؛ حجازي، روى عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، روى عنه موسى بن يعقوب الزمعي ". ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكر ابن أبي حاتم (1 / 2 / 51) : " الحسين بن حكيم البلخي، روى عن سفيان بن عيينه، روى عنه علي بن ميسرة الهمداني الرازي ". قلت: فيحتمل أن يكون هو هذا الراوي عن السري، ويكون (البصري) محرفاً من (البلخي) ، أو العكس، أو هو بصري بلدي. والله أعلم. هذا؛ ولقد أنصف البيهقي بعض الشيء حيث قال عقب رواية إسماعيل وعمرو بن عبيد (2 / 204 (: " إلا أنا لا نحتج بإسماعيل المكي، ولا بعمرو بن عبيد ". ولكنه أبعد النجعة حيث أتبعها بقوله: " ولحديثهما هذا شواهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن خلفائه رضي الله عنهم ". ثم ساقها وادعى صحتها، وقد رد ذلك عليه ابن التركماني في " الجوهر النقي " وأطال البحث فيه، وعلى فرض الصحة فهي كلها شواهد قاصرة؛ لأن غاية ما فيها القنوت في الفجر وليس ذلك موضع بحث أو شك، وإنما هو قوله: " حتى فارق الدنيا كما تقدم، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى هذا كله بقوله في " الدراية " (1 / 196) : " وذكر له البيهقي شواهد فيها مقال ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 147 وإنما يصح أن يذكر له شاهدا من حيث المعنى، وليس المبنى: ما أخرجه الدارقطني (2 / 41 / 20) من طريق محمد بن مصبح بن هلقام البزاز: حدثنا أبي: ثنا قيس عن أبان بن تغلب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الدنيا ". لكنه - كما ترى - لم يذكر الفجر، فهو شاهد قاصر أيضاً مع وهاء إسناده، كما أشار إلى ذلك الدارقطني عقبه بقوله: " خالفه إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد ". ثم ساق إسناده إليه عن سعيد قال: أشهد أني سمعت ابن عباس يقول: " إن القنوت في صلاة الصبح بدعة ". لكن في الطريق إلى إبراهيم متروك كما قال البيهقي، وهو مخرج في " الإرواء " (436) . فالأولى معارضته بما صح من طرق عن سعيد بن جبير وغيره عن ابن عباس أنه: كان لا يقنت في صلاة الصبح. أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 309، 311) وعبد الرزاق (3 / 107) ، والطبري (2 / 37، 38، 39) ، والطحاوي (1 / 48 1) بأسانيد صحيحة عنه. وكذلك صح عن سعيد بن جبير أنه: كان لا يقنت في صلاة الفجر. أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 310، 311) ، والطبري (2 / 40) من طرق الجزء: 12 ¦ الصفحة: 148 صحيحة أيضا عنه. وفي رواية للطبري عن أبي بشر قال: سألت سعيد بن جبير عن القنوت؟ فقال: " بدعة ". وفي لفظ: " لا أعلمه ". قلت: فلو كان الشاهد المذكور ثابتاً عن سعيد بن جبير وابن عباس؛ لكانا كلاهما عمل به. فذلك دليل قاطع على بطلان الشاهد المذكور. وهذا لو كان إسناده قائماً، فكيف وهو واه بمرة؛ فإن محمد بن مصبح وأباه؛ قال الذهبي في " الميزان ": " لا أعرفهما ". وقيس بن الربيع فيه ضعف، وقد جاء عنه نقيض ما روى عنه هذان المجهولان؛ فقال الحافظ ابن حجر عقب قوله المتقدم في عمرو بن عبيد وطعنه في حديثه: " ويعكر على هذا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان: قلنا لأنس: إن قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الفجر؟ فقال: كذبوا؛ إنما قنت شهراً واحداً يدعو على حي من أحياء المشركين. وقيس وإن كان ضعيفاً لكنه لم يتهم بكذب. وروى ابن خزيمة في " صحيحه " من طريق سعيد عن قتادة عن أنس: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 149 أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت؛ إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم. فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة. قلت: ويعكر أيضاً على حديث الترجمة وما في معناه: ما أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 245 / 693) من طريق غالب من فرقد الطحان قال: كنت عند أنس بن مالك شهرين، فلم يقنت في صلاة الغداة. وغالب هذا؛ لم أجد من ترجمه، وكذا قال الهيثمي (2 / 147) في حديث آخر له عن أنس. وأما قول المعلق على (نصب الراية) (2 / 132) : (وقال النيموي: إسناده حسن) ! فهو تحسينٌ انتصاراً لمذهبه الحنفي؛ نكاية بمخالفيه الذين انتصروا لمذهبهم الشافعي بتصحيح حديث الترجمة، وهكذا يضيع الحق بسبب التعصب المذهبي؛ والله تعالى هو المحمود على أن عافانا منه، ورزقنا حب السنة ونصرتها، والتعصُّب لها وحدها، فلله الشكر على ما أعطى، وأسأله المزيد من فضله في الآخرة والأولى. وجملة القول: أن حديث الترجمة منكر لا يصح؛ لأنه ليس له طريق تقوم به الحجة، بل بعضها أشد ضعفاً من بعض، ثم هو إلى ذلك مخالف لما رواه الثقات عن أنس: (أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح شهراً) . كما تقدم. ولفظ ابن خزيمة: لم يكن يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 150 وله عنده في (صحيحه) (619) شاهد من حديث أبي هريرة، وإسناد كل منهما صحيح؛ كما قال الحافظ في (الدراية) (1 / 195) ، وسبقه إلى ذلك ابن عبد الهادي؛ فقال: في (التنقيح) : - كما في (نصب الراية) (2 / 133) -: (وسند هذين الحديثين صحيح، وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة) : وهو الذي نصره ابن القيم في (زاد المعاد) بأسلوب رائع وتحقيق متين. فليراجع من شاء المزيد من العلم، وهو الذي انتهى إليه الحافظ ابن حجر الشافعي - وهو من إنصافه وتنزيهه عن التقليد -؛ فقال في (الراية) : (ويؤخذ من جميع الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا في النوازل، وقد جاء ذلك صريحاً؛ فعند ابن حبان عن أبي هريرة. . .) . فذكر حديثه وحديث أنس المذكورين آنفاً. (تنبيهات) : أولاً: حديث أبي هريرة هذا عزاه لابن حبان الزيلعيُّ أيضاً (2 / 130) ، ولم يورده الهيثمي في (موارد الظمآن) فلا أدري السبب! ثانياً حديث الترجمة عزاه الزيلعي وغيره للحاكم في (كتاب الأربعين) له؛ وعزاه الحافظ في (التلخيص) (ا / 244) إليه في (كتاب القنوت) له؛ وكرر ذلك في موضع آخر يأتي الإشارة إليه قريباً. فلعل الحاكم رواه في كلِّ من الكتابين المذكورين، ويكون ذلك هو سبب الاختلاف في النقل عنه مرتبةً، فالبيهقي نقل عنه التصحيح، والبغوي التحسين كما تقدم، فيكون التصحيح في أحد الكتابين المذكورين، والتحسين في الكتاب الآخر، والله سبحانه وتعالى أعلم. ثالثاً: ثم قال الحافظ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 151 عزا هذا الحديثُ بعض الأئمة إلى مسلم؛ فوهم! وعزاه النووي إلى (المستدرك) للحاكم! وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء مفرد في (القنوت) ، ونقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم، فظن الشيخ أنه في (المستدرك) . رابعاً: تقدم حديث عمرو بن عبيد وإسماعيل المكي من رواية جمع؛ منهم البزار، فلما خرجه الشيخ الأعظمي في تعليقه عليه (1 / 269) قال: يعزه لأحمد؛ ولأن هذا لم يخرجه من هذا الوجه، وإنما رواه من طريق الرازي التي أخرجها البزار أيضاً، ولما علق عليه الأعظمي لم يعزه لأحمد، فهذا خطأ أيضاً، ظلمات بعضها فوق بعض، والظاهر أنه انقلب عليه تخريج الهيثمي للحديثين، فجعل ما لهذا لذاك وبالعكس! خامساً: النيموي المتقدم ذكره، هو من كبار متعصبة الحنيفية في الهند، يدل على ذلك كتابه (آثار السنن) الذي رد عليه العلامة المحدث محمد بن عبد الرحمن المباركفوري مؤلف (تحفة الأحوذي) في كتابه (أبكار السنن) ، بيّن فيه جهل النيموي بهذا العلم الشريف، وتضعيفه للأحاديث الصحيحة، وتصحيحه للأحاديث الضعيفة؛ اتباعاً للهوى وتعصباً للمذهب. مثله الأعظمي المشار إليه آنفاً في بعض تآليفه. 5575 - (الحِجَامَةُ يومَ الثُّلاثاءِ لِسَبْعَ عَشرةَ من الشهرِ دواءٌ لداءِ السَّنَةِ) . موضوع. أخرجه ابن سعد في (الطبقات (1 / 448) ، وابن جرير الطبري في (تهذيب الآثار) (2 / 116 / 1318) ، والطبراني في (المعجم الحديث: 5575 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 152 الكبير) (2 - / 215 / 499) ، والبيهقي في (السنن الكبرى) (9 / 340) من طريق ابن عدي وهذا في (الكامل) (144 / 2) ؛ كلهم عن سلام بن سلم عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعاً. وقال ابن جرير (2 / 125) : (سنده عندنا واهٍ، لا يثبت بمثله في الدين حجة، ولا نعلمه يصح) . وأشار إلى أن علته سلام المدائني - وهو الطويل -، وبه أعله البيهقي فقال: (هو متروك) . وبه أعله ابن الجوزي أيضاً، وقد أورده من طريق ابن عدي أيضاً في (الموضوعات) (3 / 214) ؛ لكنه أعله أيضاً بزيد العمي فقال: قال ابن حبان: (يروي أشياء موضوعة لا أصل لها، وحتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها) . وأقره السيوطي في (الآلي) (2 / 412) ؛ لكنه تعقبه في حديث أنس الآتي بما لا ينهض؛ كما سأبينه إن شاء الله تعالى، وهو ما أخرجه ابن حبان في (الضعفاء) (1 / 309) من طريق محمد بن الفضل عن زيد العمي عن معاوية ابن قرة عن أنس مرفوعاً: (من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة. . .) ؛ الحديث مثله. أورده في ترجمة زيد العمي هذا، وأعله به وتبعه على ذلك ابن الجوزي، وقد رواه من طريقه؛ لكنه زاد على ابن حبان في الإعلال فقال: (ومحمد بن الفضل؛ قال أحمد: ليس بشيء؛ حديثه حديث أهل الكذب. وقال يحيى: كان كذاباً) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 153 قلت: وهو محمد بن الفضل بن عطية المروزي، وقد قال فيه ابن حبان نفسه (2 / 278) (كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار، كان أبو بكر بن أبي شيبة شديد الحمل عليه) . قلت: وأنت إذا قابلت كلام ابن حبان هذا بكلامه المتقدم في زيد العمي تبين لك أنه أشد ضعفاً عنده من زيد العمي، فتعصيب الجناية في هذا الحديث به وإيراده في ترجمته أولى من إيراده في ترجمة العمي وتعصيب الجناية به، ولاسيما وقد قيل فيه: (صالح) . ولذلك؛ اقتصر الحافظ ابن حجر على قوله فيه: (ضعيف) . وأما ابن الفضل فقال فيه: (كذبوه) . قلت: فهو آفة هذا الحديث. وأما تعقيب السيوطي على ابن الجوزي بقوله في (اللآلي) : (قلت: له متابع، أخرجه البيهقي في (سننه) بسنده عن هشيم عن زيد العمي به، قال: ورواه أبو جزي نصر بن طريف بإسنادين له عن أبي هريرة مرفوعاً) . قلت: لقد أساء السيوطي - ولا أقول: أخطأ - بهذا التعقيب من ناحيتين: الأولى: أن هشيماً مدلس معروف بذلك حتى عند السيوطي في (تدريب الراوي) (1 / 226) ، وذكره الحافظ العسقلاني في المرتبة الثالثة من مراتب الجزء: 12 ¦ الصفحة: 154 التدليس، وهي كما قال في المقدمة من (طبقات المدلسين) : (مَنْ أكثر مِنَ التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع) . وإذا الأمر كذلك؛ فلا يجوز للسيوطي أن يجعل هشيماً متابعاً لمحمد بن الفضل، إلا لو صرح بالتحديث؛ لأنه يوهم من لا علم عنده بهذه الصناعة أنها متابعة قوية؛ لأن هشيماً معروف الثقة عند عامة المشتغلين بها بخلاف تدليسه؛ فقلّ من يعرفه أو يتذكره، بل إنه من المحتمل احتمالاً قوياً أن يكون سمعه من محمد بن الفضل ثم دَلَّسَه. والأخرى: وهي أسوأ من الأولى: أنه لم ينقل كلام البيهقي بتمامه؛ بل بتر منه ما يدل صراحة أن ما رواه أبو جزي لا يصلح الاستشهاد به لشدة ضعفه، فقال البيهقي: (وهو متروك، لا ينبغي ذكره) . هذا هو تمام كلام البيهقي الذي نقله السيوطي عنه مبتوراً. عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه. ولأبي جزي ترجمة سيئة جداً في (الميزان) و (اللسان) ، مما جاء فيها: (وقال النسائي وغيره: متروك. وقال يحيى: من المعروفين بوضع الحديث) . ومن الغريب أن الشيخ ابن عراق في (تنزيه الشريعة) (2 / 360) أقر السيوطي على دعواه متابعة هشيم لمحمد بن الفضل! فيغلب على ظني الآن أنهما لم يتذكرا ما شرحته من تدليس هشيم، وعلى ذلك يحمل أيضاً ما كنت نقلته الجزء: 12 ¦ الصفحة: 155 تحت هذا الرقم (1410) أن الذهبي جوّد إسناده! فإنه ممن وصف هشيماً بالتدليس في (الكاشف) ، بالإضافة إلى أنه ضعف زيداً العمي كما نقلته عنه هناك. نعم قد وجدت شاهداً لحديث الترجمة بلفظ حديث أنس المتقدم بزيادة: (وتسع عشرة، وإحدى وعشرين. . .) ؛ دون قوله: (يوم الثلاثاء) . أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن، كما هو مبين في (الصحيحة) برقم (622) . فدل ذلك على بطلان ذكر: (الثلاثاء) فيه. (تنبيه) : لقد نقل المناوي في كلامه ونقده لحديث الترجمة ما تقدم من تضعيف ابن جرير إياه، كما نقل مثله عن غيره، وعن ابن الجوزي أنه موضوع، ثم ذهل عن ذلك في كتابه الآخر (التيسير بشرح الجامع الصغير) فحسَّن إسناده! وهو وهم محض، فلا يغتر به. 5576 - (مَنْ وافقَ منكم يومَ الثلاثاءِ لسبع عشرةَ مضتْ مِنَ الشَهرِ؛ فلا يُجَاوِزْها حتى يَحْتَجِمَ، فاحتَجِمُوا فيه) . موضوع. أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (! ! / 162 / 11366) ؛ وابن حبان في (الضعفاء) (3 / 58 / 59) ، ومن طريقه ابن الجوزي في (الموضوعات) (3 / 214) عن نافع ابن هرمز عن عطاء عن ابن عباس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم يوم الثلاثاء، فقلت: هذا اليوم تحتجم؟ ! قال: (نعم، من وافق. . .) الحديث. أورده ابن حبان في ترجمة نافع هذا، وقال: الحديث: 5576 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 156 (كان ممن يروي عن أنس ماليس من حديثه كأنه أنس آخر) . وقال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح، أبو هرمز؛ قال يحيى: ليس بشيء، كذاب. وقال النسائي: لس بثقة. وقال الدارقطني: متروك) . وأقره السيوطي في (اللآلي) (2 / 412) . (تنبيه) : جاء الحديث في (مجمع الزوائد) (5 / 93) بهذا السياق؛ إلا الجملة الأخيرة منه: (فلا يجاوزها. . .) ؛ فإنها فيه بلفظ: (فهو دواء لداء السنة) . وبعده قوله: (رواه الطبراني، وفيه زيد بن أبي الحواري العمي، وهو ضعيف، وقد ووثقه الدارقطني وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح) ! وهذا خلط عجيب متناً وتخريجاً! ولعله من الناسخ أو الطابع، وأرى أنه سقط منه شيء، ودخل عليه حديث في حديث، وإليك البيان: أولاً: لقد علق الناشر على قوله: (فهو) ، فقال: ((فهو) غير موجود في الأصل) . ومعنى ذلك أنه: لما كان الكلام الأخير غير متصل بما قبله؛ زاد الناشر هذه اللفظة (فهو) ؛ لربط الكلام بعضه ببعض، ففيه إشعار أن في الكلام سقطاً، فما هو؟ والجواب في الآتي: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 157 ثانياً: قد جاءت هذه الجملة الأخيرة: (دواء لداء السنة) في حديث معقل ابن يسار الذي تقدم قبيل هذا، وجاء تخريجه أنه رواه الطبراني؛ كما رأيت بالأرقام، وعزاه إليه السيوطي في (الجامع الصغير) ، ولما كان (المجمع) ملتزماً إيراد أحاديث الطبراني الزائدة على الكتب الستة، فالمفروض أن يكون حديث معقل هذا فيه، والواقع ليس كذلك. ثالثاً: لقد جاء فيه عقب حديث ابن عباس هذا أن فيه زيد بن أبي الحواري! وهذا خلاف الواقع كما رأيت في تخريجي إياه؛ وإنما هو في إسناد حديث معقل المشار إليه آنفاً. ومن هذه الحقائق نستنتج ما يلي: لقد سقط من مطبوعة (مجمع الزوائد) شيئان: الأول: تمام حديث ابن عباس الذي هو قوله: (فلا يجاوزها. . .) إلخ، مع عزوه للطبراني وإعلاله بأبي هرمز. والآخر: حديث معقل بن يسار بتمامه إلا الجملة الأخيرة منه الدالة عليه: (دواء لداء السنة) . وعليه؛ فقوله عقبها: (رواه الطبراني، وفيه زيد. . .) . إنما هو تخريج حديث معقل، وليس لحديث ابن عباس، وأن تخريج هذا سقط من (المجمع) ، فوجب بيان ذلك والتنبيه عليه؛ حتى لا يشكل ذلك على أحد. ومن العجيب أن لا ينبه على هذا صاحبنا الشيخ حمدي السلفي في تعلقيه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 158 على حديث معقل المشار إليه في (المعجم الكبير) حين نقل عن الهيثمي في تخريجه وإعلاله بزيد؛ وهو نقله عن المطبوعة من (المجمع) مشيراً إلى الجزء والصفحة منه، وهو إنما وقع فيه عقب حديث ابن عباس كما بينه آنفاً! وتبعه على ذلك المعلق على تهذيب الآثار) ! 5577 - (رأيتُهُ كَبَّر في أيامِ التشريقِ من صلاةِ الظهرِ يوم النحرِ حتى خرجِ مِنْ مِنَىً، يُكَبِّرُ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ) . ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في (الأوسط) (ص / 158 / 7417) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني: ثنا عبد الواحد بن عبد الله الأنصاري: نا شرقي بن القطامي عن عمرو بن قيس عن مُحل بن وادعة عن شريح بن أبرهة قال:. . . فذكره مرفوعاً، وقال: (لا يروى عن شريح إلا بهذا الإسناد، تفرد به شرقي بن القطامي) . قلت: وبه أعله الهيثمي، فقال (2 / 197) : (رواه الطبراني في (الأوسط) ، وفيه شرقي بن قطامي؛ ضعفه زكريا الساجي، وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وذكره ابن عدي في (الكامل)) . كذا قال! ولا فائدة كبرى من قوله: (وذكره ابن عدي. . .) ؛ ما دام أنه لم يذكر قوله فيه، هو: (ليس له من الحديث إلا نحو عشرة، وفي بعض ما رواه مناكير) . وقد ضعفه غير الساجي أيضاً، وكذبه شعبة واليوسفي. ومن مناكيره: الحديث: 5577 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 159 (من استنجى من الريح؛ فليس منا) . وهو مخرج في (الإرواء) (1 / 68 / 49) . ثم إن في إسناد الحديث عللاً أخرى لم يتعرض الهيثمي ليانها: أولاً: محل بن وداعة؛ لم أجده في شيء من كتب الرجال. ثانياً: عبد الواحد بن عبد الله الأنصاري؛ حاله كالذي قبله. ثالثاً: الشاذكوني؛ متروك؛ مع حفظه؛ بل كذبه ابن معين وصالح جزرة، وغايرهما. لكنْ؛ لعل للحديث طريقاً أخرى إلى شرقي بن قطامي؛ فقد ذكره الحافظ في ترجمة شريح من رواية ابن قانع وأبي نعيم عنه، وقال: (وإسناده ضعيف) . 5578 - (كان يُكبِّر في صلاةِ الفجرِ يومَ عرفةَ إلى صلاةِ العصْرِ من آخريِ أيامِ التشريقِ؛ حين يُسَلِّمُ من المكتوبات) . موضوع. أخرجه الطبراني في جزء (فضل عشر ذي الحجة) (ق13 / 1) ، والدارقطني في (سننه) (2 / 49 / 27) ، والبيهقي (3 / 315) عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن علي بن الحسين (وقال البيهقي: عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط) عن جابر بن عبد الله قال:. . . فذكره. وقال البيهقي: (عن عمرو بن شمر، وجابر الجعفي؛ لا يحتج بهما) . قلت: عمرو؛ شَرٌّ منه؛ فقد كذبه بعضهم، وقال ابن حيان: الحديث: 5578 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 160 " رافضي، يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات ". بل قال الحاكم: " كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، وليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عن جابر غيره ". وقد ساق له الذهبي في " الميزان " نماذج من أحاديثه التي أنكرت عليه، هذا أحدها. وفي رواية للدارقطني (29) من طريق نائل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر وعبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله بلفظ: كان إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: " على مكانكم " ويقول: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ". وبالإضافة إلى سوء حال عمرو بن شمر، فقد اختلف عليه في إسناده على وجوه تقدم الإشارة إلى بعضها، وهذا وجه آخر يرويه نائل بن نجيح، وهو ضعيف. وسائر الوجوه قد ذكرها الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 224) ، وفيما ذكرنا كفاية. 5579 - (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلَمْ تَضُرَّ مَعَهُ خَطِيئَةٌ كَمَا لَوْ لَقِيَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ دَخَلَ النَّارَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ مَعَهُ حَسَنَةٌ) . ضعيف. أخرجه أحمد (2 / 170) : ثنا أبو أحمد وأبو نعيم قالا: ثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه - هذا في حديث أبي أحمد الزبيري - قال: الحديث: 5579 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 161 نزل رجل على مسروق، فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:. . . فذكره. قال أبو نعيم في حديثه: جاء رجل أو شيخ من أهل المدينة، فنزل على مسروق، فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا؛ لَمْ تَضُرَّهُ مَعَهُ خَطِيئَةٌ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ مَعَهُ حَسَنَةٌ ". قال عبد الله (هو ابن الإمام أحمد) : " والصواب ما قاله أبو نعيم ". وأخرجه ابن جرير في " تهذيب الآثار " (2 / 165 / 1439) من طريقين آخرين عن أبي أحمد - وهو الزبيري -، ثم من طريق معاوية بن هشام عن سفيان. به، ولفظه: " نزل شيخ على مسروق من أهل المدينة، فحدثه عن عبد الله بن عمرو. . . " إلخ. ولفظ أبي أحمد الزبيري قال: " نزل عليه مسروق ضيفاً فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول:. . ". قلت: وهو بهذا اللفظ مخالف للفظه عند أحمد، وللفظ أبي نعيم ومعاوية بن هشام؛ فإن ألفاظهم متفقة على أن مسروقاً هو المُضِيفُ، والرجل هو الضيف؛ بخلاف هذا اللفظ. فيمكن أن يكون قد سقط من الناسخ أو الطابع لـ " التهذيب " ذكر الرجل، فيكون الأصل " نزل [رجل] على مسروق ضيفاً ". وبذلك يتفق الجزء: 12 ¦ الصفحة: 162 هذا اللفظ مع الألفاظ الأخرى. ثم إن ظاهر هذه الألفاظ أن القائل: " سمعت عبد الله بن عمرو "، والمحدث عنه: إنما هو الرجل الذي لم يسلم، وليس مسروقاً كما جزم به الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " المسند " (10 / 122 - 123) ، دون حجة ملزمة مقنعة! بل هو خلاف الظاهر؛ لأن كلام محمد بن المنتشر إنما هو عن نزول الرجل على مسروق، وقوله: " سمعت عبد الله بن عمرو "؛ فإعادة الضمير المستتر لـ " فقال " إلى أقرب مذكور - الذي هو مسروق -؛ خلاف ما يقتضيه سياق الكلام والأسلوب العربي الذي أفهمه. أقول هذا وأنا متذكر لأصلي الأعجمي! ولكن {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} . على أنه قد سبقني إلى هذا الفهم وجرى عليه الحافظ الهيثمي - وما يدريني لعله مستعرب مثلي -؛ فإنه ابتدأ الحديث في " المجمع " (1 / 19) بقوله: " وعن رجل قال: " سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص. . . ". فساق الحديث، وقال: " رواه أحمد والطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح؛ ما خلا التابعي؛ فإنه لم يسمَّ، ورواه الطبراني فجعله من رواية مسروق عن عبد الله بن عمرو ". قلت: رواية الطبراني هذه لا أدري حال إسنادها؛ فإن الجزء الذي فيه مسند ابن عمرو من " معجم الطبراني الكبير " لم يطبع بعد، ولا أستبعد أن تكون كرواية أبي أحمد الزبيري عند ابن جرير؛ فإنها صريحة بما قال الهيثمي، ولكن قد علمت ما فيها من الشذوذ والمخالفة للروايات الأخرى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 163 وإلى أن يتبين لنا حال رواية الطبراني هذه، نتوقف عن الحكم على هذا الإسناد بصحة أو ضعف. ثم وقفت - والحمد لله - على رواية الطبراني، ساقها السيوطي في " اللآلي " (1 / 44) : قال الطبراني: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه: حدثنا أبي: وأنبأنا يحيى بن أليمان: حدثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن مسروق قال: سمعت عبد الله بن عمرو فذكره. . . مرفوعاً بلفظ: " لا يضر مع الإسلام ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل ". وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (/ 108) من طريق أخرى عن إسحاق به. وقال: " تفرد به يحيى بن عمان، وقال غير يحيى: نزل رجل على مسروق فقال: سمعت عبد الله بن عمر [و] يقول. . . ". قلت: يشير إلى رواية أبي نعيم ومن تابعه عند أحمد وغيره. وهو يريد بذلك إعلال رواية يحيى المصرحة بسماع مسروق للحديث من جهة، وبإسقاطه ذكر الرجل من جهة أخرى، وكذلك فعل الطبراني؛ فقال - كما في " اللآلي " -: " هكذا رواه يحيى بن اليمان، وخالفه الناس؛ حدثنا علي بن عبد العزيز: حدثنا أبو نعيم. . . ". قلت: فساقه كما تقدم في رواية أحمد. وفي إعلال الطبراني وصاحبه أبي نعيم الأصبهاني لرواية يحيى بن اليمان بمخالفته لرواية أبي نعيم - واسمه الفضل بن دكين - دليل قاطع على أنهما يفهمان الجزء: 12 ¦ الصفحة: 164 [من] (*) رواية أبي نعيم أن القائل: سمعت عبد الله بن عمرو إنما هو الرجل الذي أسقطه يحيى، فصار القائل في روايته مسروقاً، ولو كان الأمر كما فهم الشيخ أحمد شاكر - أن القائل في رواية أبي نعيم هو نفسه -؛ لم يكن ثمة خلاف بين روايته ورواية ابن اليمان كما هو ظاهر! فهو دليل صريح من هذين الإمامين إلى خطأ الشيخ في فهمه المذكور. هذا؛ وبالإضافة إلى مخالفة ابن اليمان لأبي نعيم ومَنْ تابعه، فهو ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه إذا تفرد، فكيف إذا خالف؟ ! ثم إن قول عبد الله بن أحمد في آخر الحديث: " والصواب ما قاله أبو نعيم ". فلم يظهر لي كبير خلاف بين روايته ورواية أبي أحمد الزبيري حتى يصار إلى الترجيح، لا سيما بعد أن تبين أن مرجع روايتيهما إلى الرجل الذي لم يسم. والله أعلم. هذا؛ ولما أورد السيوطي الحديث في " الجامع الكبير " برواية أحمد والطبراني قال: " وصُحِّحَ ". فأشار إلى تمريض تصحيحه، وهو الصواب. كما شرحناه لك شرحاً ربما لا تجده في كتاب.   (*) ما بين المعقوفتين ليست في أصل الشيخ - رحمه الله -. (الناشر) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 165 5580 - (الكلامُ في المسجِدِ لَغْوٌ؛ إلا قراءةَ القراَنِ؛ وذِكْرَ اللهِ عز وجل؛ أو مسألةَ خَيْرٍ) . منكر. أخرجه اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (مجلد 2 / 628 / 1121) : أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد: أخبرنا علي بن محمد ابن أحمد بن يزيد قال: ثنا أبي قال: أنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسبب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. قلت: وهذا حديث منكر، وإسناد مظلم؛ من دون سعيد بن أبي عروبة؛ لم أعرفهم، ومحمد بن أحمد بن يزيد والد علي؛ يحتمل أن يكون هو الذي في " الميزان ": " محمد بن أحمد بن يزيد البلخي، عن عبد الأعلى النرسي. قال ابن عدي: يسرق الحديث، كتبت عنه بدمشق، وكان يقول: إنه من سامرا، حدثنا بأشياء منكرة، ولم يكن من أهل الحديث، فحدثنا عن عبد الأعلى: حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً: " ائتمن الله على وحيه جبرائيل ومحمداً ومعاوية " ". قلت: والظاهر أنه من شيوخ الطبراني أيضاً؛ فقد ذكره الخطيب في " تاريخ بغداد " (1 / 372) : " محمد بن أحمد بن يزيد النرسي. حدث عن أبي عمرو الدوري المقري. روى عنه أبو القاسم الطبراني ". ثم ساق له حديثاً آخر، وهو في " صغير الطبراني " (ص 166) وفي " الروض الحديث: 5580 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 166 النضير " برقم (441) . لكن يرد هنا إشكال، وهو أن الحافظ ذكر في " اللسان " في مكان آخر أنه مات سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة. ومن المعلوم أن سعيد بن أبي عروبة مات سنة خمس وخمسين ومئة، فبين وفاتيهما نحو قرن ونصف من الزمان، فالظاهر أنه سقط راوٍ أو أكثر من بينهما. والله أعلم. 5581 - (لُعِنَتِ القدريةُ على لِسَانِ سبعينَ نبياً، آخرهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم) . ضعيف. أحَرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1 / 149) من طريق الدارقطني، وهذا في كتابه " العلل " - كما في " الجامع الصغير " - بسنده عن محمد بن عثمان قال: نا عبادة بن زياد قال: نا أبو صالح الحراني (الأصل: الحراز) قال: نا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:. . . فذكره،، قال ابن الجوزي: " حديث لا يصح. فإن الحارث كذاب. قاله ابن المديني، وكذلك محمد بن عثمان ". ونقله عنه المناوي في " فيض القدير " وأقره. ولخص ذلك في والتيسير " فقال: " في إسناده كذاب ". وفي إطلاق ذلك نظر من ناحيتين: الأولى: أن الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور -، وإن كان قال فيه ابن المديني: " كذاب ". وقال الشعبي: الحديث: 5581 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 167 " كان يكذب ". فإن العلماء لم يحملوا ذلك على الكذب في رواية الحديث؛ فقال الذهبي في " الميزان " بعد أن حكى أقوال الموثقين والجارحين: " والجمهور على توهين أمره، مع روايتهم لحديثه في ألأبواب، فهذا الشعبي يكذبه ثم يروي عنه، والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكايته، وأما في الحديث النبوي فلا ". ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": " كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف ". وقال الذهبي في " تاريخ الإسلام " (3 / 4) : " كان فقيهاً فاضلاً من علماء الكوفة؛ ولكنه ليِّن الحديث ". قلت: فهذا هو القول العدل فيه: إنه ضعيف، ليس بكذاب، ولا بثقة. وعلى ذلك جرى الحفاظ الذين جاءوا من بعد الأئمة المتقدمين - فيما أعلم -؛ كالنووي والزيلعي والعراقي وغيرهم ممن ذكرنا، فمحاولة بعض المعاصرين - كالمعلق على " التقريب " - ترجيح توثيقه والاحتجاج بحديثه حتى إن أحد المغاربة الغماريين - واغتر به بعض الطلبة - ألف في ذلك رسالة خاصة بحجة أن تضعيف من ضعفه جرح غير مفسر؛ فهي محاولة مردودة؛ لأن اتفاق الحفاظ المشار إليهم بعد اختلاف مَن تقدمهم حجة لا يجوز مخالفتها؛ ألا ترى إلى قول الحافظ ابن عدي فيه: " عامة ما يرويه غير محفوظ ". وهذا إنما قاله بعد أن سبر حديثه، وقابله بأحاديث الثقات، فهل يستطيع من يرجح خلافه أن يقول مثلاً: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 168 " عامة ما يقوله محفوظ "؟ ! فرحم الله امرأً عرف حدَّه، فوقف عنده. والناحية الأخرى: قول ابن الجوزي: " وكذلك محمد بن عثمان ". ففيه نظر أيضاً؛ فإن محمداً هذا هو ابن عثمان بن أبي شيبة أبو جعفر، من الحفاظ المعروفين؛ قال الخطيب: " له تاريخ كبير، وله معرفة وفهم ". وثقه جماعة؛ لكن كذبه عبد الله بن أحمد وغيره؛ مثل الحافظ (مطين) ؛ لكني رجحت في مقدمة كتابه " مسائل أبي جعفر شيوخه " أن هذا التكذيب كان بباعث البلدية والمعاصرة، وإليه مال ابن عدي، وقال: " لم أر له حديثاً منكراً ". وبه ختم ابن حجر ترجمته في " لسانه " مشيراً إلى أنه اختياره. والله أعلم. ثم إن في الحديث علتين أمرين: الأولى: اختلاط أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - وعنعنته؛ فإنه كان مدلساً، ولذلك؛ قال أبو خيثمة: " كان يحيى بن سعيد يحدث عن حديث الحارث ما قال فيه أبو إسحاق: سمعت الحارث ". وقال شعبة: " لم يسمع أبو إسحاق منه؛ إلا أربعة أحاديث ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 169 والأخرى: عبادة بن زياد - وهو ابن موسى الأسدي، ويقال فيه (عَبَّاد) -؛ قال فيه أبوداود: " صدوق ". وقال موسى بن هارون: " تركت حديثه ". وقال ابن عدي: " له أحاديث مناكير في الفضائل " وللحديث شاهد يرويه محمد بن الفضل بن عطية عن كرز بن وبرة الحارثي عن محمد بن كعب القرظي قال: ذكرت القدرية عند عبد الله بن عمر، فقال: " لعنت القدرية على لسان سبعين نبيا منهم نبينا محمد صَلَى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2 / 149 / 2 / 7304) ، واللالكائي في " شرح أصول السنة " (2 / 643 / 1159) ، وزاد الطبراني: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الناس في صعيد واحد؛ نادى منادٍ يُسمِعُ الأولين والآخرين: أين خصماء الله؟ فيقوم القدرية ". وقال: لم يروه عن كرزبن وبرة إلا محمد بن الفضل بن عطية ". قلت: وهو متروك؛ كما قال الهيثمي (7 / 206) وغيره. وهذه الزيادة رواها بقية عن حبيب بن عمر الأنصاري عن أبيه عن ابن عمر عن عمر مرفوعًا مختصرًا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 170 أخرجه ابن الجوزي في " العلل " (1 / 142 / 219) من طريق الدارقطني. وأعله بالاضطراب وجهالة حبيب. وقد روي الحديث عن معاذ بن جبل وأبي هريرة بإسنادين ضعيفين، وقد خرجتهما وبينت ضعفهما في " ظلال الجنة " (1 / 142 - 143 / 325) فليرجع إليه من شاء. وأحسن ما روي في الباب: حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بلفظ: " ستة لعنتهم، لعنهم الله، وكل نبي مجاب الدعوة: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله. . . " الحديث. فقد صححه جمع؛ لكن أعله الترمذي بالإرسال، واستنكره الذهبي، وقد بينت ذلك مع تخريجه في " ظلال الجنة " رقم (44، 337) وقد فات ابنَ الجوزي حديثُ عائشة هذا، فأورده في " العلل " (1 / 143) من حديث علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وفي إسناده من يضع الحديث. 5582 - (إِذَا سَالَتْ عَلَيْهِ الْأَمْطَارُ، وَجَفَّفَتْهُ الرِّيَاحُ، فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيْهِ. يَعْنِيْ: الْحِيْطَأن تَكُوْنُ فِيْهَا الْعَذِرَةُ) ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 65 / 1 / 1191) حدثنا أحمد قال: ثنا عمروبن عثمان الكِلابي قال: ثنا موسى بن أعين عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: سئل ابن عمر عن الحيطان يكون فيها العذرة وأبوال الناس وروث الدواب؟ قال:. . . فذكره وقال في آخره: الحديث: 5582 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 171 " يذكر ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وقال الطبراني: " لم يروه عن عبيد الله بن عمر إلا موسى، تفرد به عمرو " قلت: وهو ليِّن، تركه النسائي كما في " الكاشف "، قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، وكان قد عمي ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 286) : رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عمرو بن عثمان الكِلابي الرقي، ضعفه أبو حاتم والأزدي، ووثقه أبوحاتم بن حبان. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة. وبقية رجاله رجال (الصحيح) ؛ خلا شيخ الطبراني ". قلت: كذا سكت عنه، وكأنه لم يعرفه، وهو أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني، ساق له الطبراني في " أوسطه " عشرات الأحاديث من رواية الكلابي هذا وغيره (1 / 57 / 2 - 65 / 1 / 1015 - 1191) ؛ هذا آخرها. وأخرج أحدها في " معجمه الصغير " (ص: 5 - الهندية) و (رقم: 808 - الروض النضير) كناه فيه بـ " أبي الفوارس ". وقد أورده الذهبي في " الميزان " وفي " الضعفاء " وقال: " قال أبوعروبة: ليس بمؤتمن على دينه ". 5583 - (لَأَنْ أَحْرُسَ ثَلَاثَ لِيَالٍ مُرَابِطًا مِنْ وَرَاءِ بَيْضَةِ الْمُسْلِمِيْنَ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِيْ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ: الْمَدِيْنَةِ أُوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) موضوع. أخرجه الديلمي في آخر حرف (لا) من " مسند الفردوس " (ص: 216 - مصورتي) من طريق أبي الشيخ بسنده عن مهدي بن جعفر: حدثنا الحديث: 5583 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 172 محمد بن شعيب بن شابور: حدثنا سعيد بن خالد بن أبي طويل أنه سمع أنس بن مالك يقول:. . . . فذكره مرفوعًا. قلت: وهذذا إسناد ضعيف جدًّا؛ بل موضوع؛ فإن ابن أبي طويل هذا اتهمه غير واحد من الأئمة؛ كما تقدم بيانه تحت حديثه هذا. وقد رواه عنه بعضهم بلفظ آخر أغرق في النكارة من هذا (1234) وأخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 317) بنحوه، وقال فيه: " يروي عن أنس بن مالك ما لم يتابع عليه، لا يحل الاحتجاج به ". ولذا قال الحافظ: " منكر الحديث ". ومهدي بن جعفر؛ صدوق له أوهام، وقد خالفه غيرواحد؛ فرواه عن ابن شابور به بسياق آخر، كما تقدمت الإشارة إليه آنفًا. ثم أخرجه الديلمي من طريق ابن شاهين بسنده عن يحيى بن صالح: حدثنا جميع عن خالد عن أبي أمامة رفعه مثله. قلت: وهذا كالذي قبله في الضعف، جميع هذا هو ابن ثوب السلمي؛ قال البخاري وغيره: " منكر الحديث " وقال النسائي: متروك الحديث ". والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية أبي الشيخ عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 173 أنس، وابن شاهين، والبيهقي في " الشعب " عن أبي أمامة. 5584 - (لَأَنْ أَلْعَقَ الْقَصْعَةَ أَحَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا طَعَامًا) منكر. أخرجه الديلمي في " مسنده " (ص: 217) من طريق الحسن بن سفيان: حدثنا نصر بن علي: حدثتني أم يونس بنت يقظان المجاشعية: حدثتني ريطة - وكان أبوها من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أبيها رفعه. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ مَنْ فَوْقَ نصر بن علي؛ لم أعرفهم، وقد ذكروا في المجهولات من النساء: ريطة بنت حريث أم يونس بنت شنداد فراجع " الميزان " و " التقريب ". والحديث عزاه السيوطي في " الكبير " للحسن بن سفيان. الحديث: 5584 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 174 5585 - (لَأَنْ أَمْرَضَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصِحَّ فَأُعْتِقَ مِائَةَ رَجُلٍ، ثُمَّ أُجَهِّزُهُمْ وَخُيُوْلَهُمْ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ عَزَّوَِجَلَّ) منكر. أخرجه الديلمي عقب الحديث السابق من طريق أبي الشيخ عن الحسن بن مدرك: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله القرشي: حدثنا عون بن حبان عن عاصم بن ضمرة عن علي رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ القرشي هذا منكر الحديث؛ كما قال أبوحاتم وتبعه الحافظ. الحديث: 5585 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 174 وشيخه عون بن حبان؛ كأنه مجهول؛ لم يذكره البخاري وابن أبي حاتم، وأما ابن حبان فذكره في (ثقات أتباع التابعين) ، فقال: " شيخ بصري، يروي عن إبراهيم النخعي وبكر بن عبد الله المزني. روى عنه أبو وهب عبد العزيز بن عبد الله القرشي، يُغْرِبُ " وفي " اللسان ": " وقال ابن عدي في ترجمة القرشي هذا: عون بن حبان؛ عزيز الحديث المسند جدًّا، ونسخته عشرون حديثا بأسانيد مختلفة، يرويها الحسن بن مدرك عن عبد العزيز القرشي عنه ". والحديث عزاه السيوطي في " الكبير " للديلمي، وحقه أن يعزوه لأبي الشيخ؛ كما هو الملاحظ عليه في مثله مما سبق قريبًا. 5586 - (لَأَنْ تَدْعُوَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ فَتُطْعِمَهُ وَتَسْقِيَهُ؛ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ مِنْ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِيْنَ دِرْهَمًا) منكر. أخرجه الديلمي عقب الحديث السابق بسنده عن يزيد الرقاشي عن أنس رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد الرقاشي؛ قال الذهبي في " الكاشف " والعسقلاني في " التقريب ": " ضعيف ". الحديث: 5586 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 175 5587 - (لَأَنْ يُّوَسِّعَ أَحَدُكُمْ لِأَخِيْهِ فِي الْمَجْلِسِ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ عِتْقِ رَقَبَةٍ) . منكر. أخرجه الديلمي (ص: 218) من طريق ابن شاهين عن محمد بن الحديث: 5587 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 175 القاسم مولى بني هاشم: حدثنا عباس بن مطرف عن رِشدين بن سعد عن جرير عن نافع عن ابن عمر رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رشدين هذا؛ قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف، ورجح أبو حاتم عليه ابنَ لهيعة. وقال ابن يونس: كان صالحًا في دينه، فأدركته غفلة الصالحين؛ فخلط في الحديث ". ومن دونه لم أعرفهما. والحديث عزاه السيوطي لابن شاهين. واعلم أنني بادرت بتخريج هذا الحديث والأربعة التي قبله من " مسند الفردوس " لأنه أوردها في فصل (لا) مما لا يخطر طلبه فيه عند الحاجة. 5588 - (مَنْ قَالَ: إِنِّيْ مُؤْمِنٌ؛ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَالِمٌ؛ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ؛ فَهُوَ فِي النَّارِ) ضعيف. أخرجه ابن جرير الطبري في " التهذيب " (2 / 195 / 1522) : حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن موسى بن زياد أبي الديلم عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرسال الحسن إياه - وهو ابن أبي الحسن البصري، ومراسيله قالوا: كالريح! - فإن السند إليه ضعيف؛ موسى بن زياد أورده البخاري في " التاريخ " (4 / 1 / 284) ، وابن أبي حاتم (4 / 1 / 143) برواية مغيرة بن مقسم عنه، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. الحديث: 5588 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 176 وأورده الدولابي في كتابه بهذه الكنية: (أبي الديلم) . فهو في عدادالمجهولين. وابن حميد: هو محمد بن حميد الرازي؛ حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. وقد وجدت للشطر الأخير منه طريقًا أخرى: أخرجها البغوي في " حديث علي بن الجعد " (13 / 142 / 2) من طريق أبي الأشهب عن الحسن به. وأبو الأشهب - واسمه جعفربن حبان العطاردي البصري - ثقة من رجال الشيخين، فهو عن الحسن صحيح. وقد وصله عنه بعض التلفاء، وهو ضرار بن عمرو عن الحسن عن أنس مرفوعًأ، وزاد في أوله فقال: " من قال: إنه في النار؛ فهو في النار، ومن قال: إنه في الجنة؛ فهو في النار " أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق: 204 / 2) وقال: " ضرار؛ منكر الحديث ". وقال البخاري والدولابي: " فيه نظر ". وذكر له الذهبي هذا الحديث من مناكيره. وروى الحديث بتمامه من طريق نصربن زكريا الخجندي: نا أحمد بن الحسن: نا عمروبن عاصم عن همام عن ليث عن نعيم بن أبي هند عن عمر بن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 177 الخطاب مرفوعًا. أخرجه أبوعلي النيسابوري في " جزء من فوائده " (2 / 2) بسنده عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الانقطاع بين نعيم بن أبي هند وعمر بن الخطاب؛ فإن أكثر حديثه عن التابعين، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة غير أبيه، مات سنة (110) . الثانية: ليث - وهو ابن أبي سُلَيم -؛ ضعيف وكان اختلط. الثالثة: عمرو - وهو ابن عاصم الكِلابي -؛ فيه ضعف من قِبَلِ حفظه، وقد خالفه في إسناده محمد بن كثير العبدي الثقة كما يأتي. الرابعة: نصر بن زكريا الخجندي؛ الظاهر أنه الذي في " الميزان ": " نصر بن ركريا البخاري، عن يحيى بن أكثم بخبر باطل هو آفته ". ورواه ابن بطة في " الإبانة " (7 / 91 / 2) بإسناد صحيح عن قتادة: أن عمر بن الخطاب قال:. . . . فذكره موقوفًا عليه، قال: فنازعه رجل فقال: إن تذهبوا بالسطان فإن لنا الجنة! قال: فقال عمر: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رعم أنه في الجنة فهو في النار ". ورجاله كلهم معروفون من رجال " التهذيب " غير شيخ ابن بطة: أبي ذر أحمد بن محمد بن الباغندي، وهو ثقة، له ترجمة في " تاريخ بغداد " (5 / 86) الجزء: 12 ¦ الصفحة: 178 فالعلة الانقطاع بين قتادة وعمر. وقد وجدت للجملة الثانية من حديث الترجمة طريقين آخرين: الأول: رواه محمد بن كثير: نا همام عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر - لا أعلمه إلا - عن النبي صَلَى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:. . . فذكره. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2 / 129 / 1 / 6989) ، (7 / 433 / 6842 - ط) وقال: " لا يروى عن رسول الله صَلَى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن كثير ". قلت: وهو العبدي البصري، ثقة من رجال الشيخين، وقد خالفه عمروبن عاصم الكلابي؛ فرواه عن ليث بإسناد آخر له عن عمر، كما تقدم. وهذا أصح؛ لأن العبدي أوثق من الكلابي، ومداره على ليث، وقد عرفت ضعفه، وبه أعله الهيثمي (1 / 186) . والآخر: يرويه موسى بن إبراهيم المروزي قال: نا موسى بن جعفر عن جعفربن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي مرفوعًا، وزاد: " ومن قال: إني في النار؛ فهو في النار ". وهذا إسناد مسلسل بأهل البيت رضي الله عنهم؛ لكن راويه المروزي هذا كذاب، كما تقدم مرارًا في عدة أحاديث، فانظر مثلًا الأرقام (109، 311، 774) الجزء: 12 ¦ الصفحة: 179 وتابعه كذاب مثله: داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضا بإسناده عن آبائه، دون الزيادة. أخرجه الرافعي في " تاريخ قزوين " (3 / 495) . ورواه بعض الضعفاء مقطوعاً عن يحيى بن أبي كثير موقوفاً عليه، وزاد: " ومن قال إني جاهل، فهو جاهل ". أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 34) من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي: ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عنه. قلت: وهذا مع وقفه فإن المصيصي هذا كان يسرق الأخبار كما قال ابن حبان، ثم إنه خالف من رواه عن محمد بن كثير بغير هذا الإسناد عن ابن عمر مرفوعاً ببعضه كما تقدم. وجملة القول، بأن حديث الترجمة لا يزال على ضعفه، لأن كل هذه الطرق لا يوجد فيها ما يصلح الاعتضاد به، لا سيما وكثير منها منقطع وفي طبقة واحدة، والله أعلم. إذا عرفت ما سبق، فمن الغريب جزم ابن الجوزي في كتابه " تلبيس إبليس " بنسبة الجملة الأولى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (181) : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال: إني في الجنة، فهو في النار "! ولقد كان الأولى به أن يورده في كتابه الآخر: " العلل المتناهية "، أو " الأحاديث الموضوعة "، ولكنه في الواقع يجمع في شخصيته العلمية بين النقيضين، شأنه في ذلك شأن ابن حبان، فكما أن هذا متساهل في التوثيق، فهو متشدد في التجريح، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 180 فابن الجوزي بقدر ما يتشدد في الكتابين المذكورين فهو يتساهل في كتبه الأخرى فيروي فيها المنكرات والواهيات، بل والموضوعات، وقد صرح بنحو هذا الحافظ السخاوي، فقال في " فتح المغيث " (1 / 237 - 238) : " ثم إن من العجب إيراد ابن الجوزي في كتابه " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " كثيراً مما أورده في " الموضوعات "، كما أن في " الموضوعات " كثيراً من الأحاديث الواهية، بل قد أكثر في تصانيفه الوعظية وما أشبهها من إيراد الموضوع وشبهه ". قلت: وقد أخرجت بعض تلك الأحاديث التي تصلح مثالاً لما ذكره السخاوي رحمه الله فيما يأتي، فانظر الحديث الآتي برقم (6919) وما بعده. ولذلك، فقد أحسن أخونا أبو الحارث الحلبي صنعاً في حذفه الأحاديث الضعيفة من مختصره الذي سماه " المنتقى النفيس من تلبيس إبليس ". 5589 - (يا عليّ! إنك سَتَقْدمُ على الله أنت وشِيعَتُك راضينَ مرضِيِّينَ، ويَقْدمُ عليه عدوُّك غضاباً مقمحين) موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 233 / 2 / 4091) من طريق عبد الكريم أبي يعفور عن جابر عن أبي الطفيل عن عبد الله بن نجي: أن علياً أتى البصرة بذهب أو فضة، فنكت وقال: ابيضّي واصفرّي، وغرِّي غيري. غري أهل الشام غداً لو ظهروا عليك. فشق قوله على الناس، فذكر ذلك له، فأذن في الناس، فدخلوا عليه، فقال إن خليلي صلى الله عليه وسلم قال:. . . . . فذكره. وزاد: الحديث: 5589 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 181 " ثم جمع عليٌّ يده إلى عنقه يريهم كيف الإقماح ". وقال الطبراني: " لم يروه عن أبي الطفيل إلا جابر، تفرد به عبد الكريم أبو يعفور ". قلت: وهو عبد الكريم بن يعفور أبو يعفور الجعفي، كما في " تاريخ البخاري " برواية قتيبة بن سعيد عنه، وسكت عليه، وروى عنه أيضاً أبو موسى الأنصاري، كما في " جرح ابن أبي حاتم " (3 / 1 / 61 / 320) وقال: " سألت أبي عنه؟ فقال: هو من عتق الشيعة. قلت ما حاله؟ قال: هو شيخ ليس بالمعروف " وذكر أنه روى عن جابر بن زيد. كذا وقع فيه: (زيد) وأظنه خطأً مطبعياً، والصواب: (يزيد) ، فإنه جابر بن يزيد، وهو الجعفي. وفي " الميزان ": " عبد الكريم الخزاز، عن جابر الجعفي، قال الأزدي: واهي الحديث جداً. عبد الكريم، شيخ الوليد بن صالح، أراه (الخزاز) ، قال أبو حاتم: كان يكذب. عبد الكريم بن يعفور الخزاز، هو المذكور، قال أبو حاتم: من عتق الشيعة ". قلت: هذا هو الأول الراوي عن الجعفي يقيناً، لكن ليس عند ابن أبي حاتم (الخزاز) . وأما عبد الكريم الذي قبله، فهو آخر، فرق بينه وبين ابنِ يعفور ابنُ أبي حاتم نفسُه، وقال عن أبيه: " كان يكذب " الجزء: 12 ¦ الصفحة: 182 وكلام الحافظ في " اللسان " مشوش لا يتحصل منه شئ واضح، ولعله من النساخ. وجملة القول، أن ابن يعفور هذا مجهول الحال. والله سبحانه وتعالى أعلم. وشيخه جابر، هو الجعفي، كما تقدم، قال الحافظ: " ضعيف رافضي ". وقال الذهبي في " الكاشف ": " من أكبر علماء الشيعة، وثقه شعبة، فشذ، وتركه الحفاظ ". وبه أعله الهيثمي، فقال في " المجمع " (9 / 131) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف ". وأقول: إن هذا الحديث - مع ضعف إسناده الشديد - لوائح الوضع الشيعي ظاهرة عليه، كبعض الأحاديث الأخرى الآتية، ولذلك يستغلها بعض متعصبة دعاتهم، الذين يتظاهرون بالتقارب والتعاطف مع أهل السنة، كالشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه " أصل الشيعة وأصولها "، فإنه زعم فيه (ص 109 - 111 / طبعة 1377) : أن أول من وضع بذرة التشيع في الإسلام وتعاهدها حتى نمت وترعرعت في حياته، ثم أثمرت بعد وفاته، إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم! ! ثم استشهد على ذلك ببعض أحاديث نقلها عن السيوطي وغيره، موهماً القراء صحتها وثبوتها عنده، أعني: السيوطي، ومن عزا الحديث إليهم من أهل السنة، فقال: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 183 " لا من طريق الشيعة والإمامية، بل من أحاديث علماء السنة وأعلامهم، ومن طرقهم الوثيقة التي لا يظن ذو مسكَةٍ فيها الكذب والوضع ". ثم ساق بعضها معزوّة لابن عساكر وغيره، ممن نص السيوطي نفسه في مقدمة " الجامع الكبير " أن مجرد العزو إليهم يعني ضعف حديثهم فيستغني بالعزو إليها عن بيان ضعفه. فهل جهل الشيعي ذلك، وهو الموصوف في طرة كتابة بـ " سماحة الإمام الأكبر " أم تجاهله لغاية في نفسه؟ ! ثم لم يقنع بذلك حتى أوهم القراء أنها من الطرق الوثيقة! ! وهذا مما يؤكد - مع الأسف - أن الشيعة لا يزالون - كما وصف قدماؤهم - أكذب الطوائف في الحديث النبوي، وع فارق في الوسيلة، فأولئك بلصق الأسانيد وتركيبها على الأحاديث التي يضعونها انتصاراً لتشيعهم، وهؤلاء بالتقاط الأحاديث المنكرة والموضوعة من كتب أهل السنة وإيهام القراء منهم ومن غيرهم أنها ثابتة عند أهل السنة! وهؤلاء الشيعة يعلمون يقيناً أنه ليس كل حديث رواه أهل السنة في أي كتاب من كتبهم هو صحيح عندهم، ولو كان له طرق أو أسانيد، ولذلك، ألفوا كتبهم المتنوعة لتمييز صحيحها من ضعيفها كما هو معلوم، وما هذه " السلسلة " التي بيدك إلا سيراً على نهجهم واقتفاءً لآثارهم في نصحهم للأمة. فكيف جاز لـ " سماحة الإمام الأكبر " أن يتجاهل هذا كله ويوهم الناس جميعاً خلاف الحقيقة! ! وهذا نقوله فيما عزاه لمؤلفٍ من أهل السنة يروى الأحاديث بطرقه وأسانيده عادة، كابن عدي وابن عساكر، فما يقول القراء الكرام في هذا الشيعي إذا علموا أنه عزا حديث الترجمة لابن الأثير في " النهاية " فقط، وهو لا يروي فيه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 الأحاديث بالأسانيد، وإنما يعلقها فقط تعليقاً ليشرح منها لفظاً غريباً مثل (مقمحين) في هذا الحديث؟ ! فهو كما لو عزا الحديث لـ " القاموس " أو " لسان العرب " وغيرها من كتب اللغة! فهل يفعل ذلك عالم مخلص مهما كان مذهبه؟ ! فكيف وهو يوهم القراء أنه عند ابن الأثير بطريق من الطرق الوثيقة، وقد عرفت أنه عند الطبراني من طريق غير وثيقة، بل هي من رواية شيعي مجهول عن شيعي متروك متهم، فرجع الحديث إلى أنه من طريق الشيعة؟ ! ورواية أهل السنة إياه من الأدلة الكثيرة على تجردهم وإنصافهم، ولهذا كان علامة أهل السنة أنهم يروون ما لهم وما عليهم، ومن علامة غيرهم أنهم يروون ما لهم، ولا يروون ما عليهم! قلت: والحديث الآتي من الأدلة الكثيرة على ذلك، وهو في الوقت نفسه من أحاديث الشيعي المتقدم ذكره، والتي زعم أنها من طرق أهل السنة الوثيقة التي لا يظن ذو مسكة فيها الكذب والوضع! فتأمله لتعلم هل هو صادق فيما قال فيه أم لا؟ ! وقد وقفت لحديث الترجمة على طريق أخرى، يوريه حرب بن الحسن الطحان: ثنا يحيى بن يعلى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي:. . . . . . . . فذكره مختصراً بلفظ: " أنت وشيعتك تردون عليَّ الحوض رواءً مرويين مبيضة وجوهكم، وإن عدوك يردون عليَّ ظماء مقبحين " أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 319 / 948) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مسلسل بالضعفاء وبعضهم أشد ضعفاً من بعض، وأحدهم شيعي، كما يأتي بيانه تحت الحديث (5591) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 185 5590 - (يا عليّ! أنتَ وأصحَابُك في الجنة، أنت وشِيعَتُك في الجنة، إلا أنه ممَّنْ يزعمُ أنه يُحِبُكَ أقوام يُضْفَزُون الإسلام ثم يَلْفِظُونَهُ، يقرأون القرآنَ لا يجاوزُ تراقِيَهُمْ، لهم نَبَزٌ, يقال لهم: الرافضة، فإن أَدْرَكْتَهُم فجاهِدْهُمْ، فإنهم مشركون. فقلتُ: يا رسولَ الله! ما العلامةُ فيهم؟ قال: لا يشهدونَ جُمُعَةً ولا جماعةً، ويَطْعَنونَ على السَّلَفِ الأول) موضوع. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2 / 112 / 2 / 6749) ، والخطيب في " التاريخ " (12 / 358) من طريق الفضل بن غانم: حدثنا سوار بن مصعب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندي، فأتته فاطمة، فسبقها علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:. . . . فذكره، وقال الطبراني: " لم يروه عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة إلا سوار بن مصعب " قلت: وهو متهم، قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي وغيره: " متروك ". وقال ابن حبان (1 / 356) : " كان ممن يأتي بالمناكير عن المشتهير، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها ". بل قال الحاكم: " روى عن الأعمش وابن خالد المناكير، وعن عطية الموضوعات " الحديث: 5590 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 186 قلت: وهذا من روايته عن عطية كما ترى، فهو من موضوعاته، على ضعف عطية. والفضل بن غانم، قريب منه، قال الذهبي: " قال يحيى: ليس بشئ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الخطيب: ضعيف " وبه أعله الهيثمي (10 / 22) ، والأولى إعلاله بشيخه، لأنه متهم كما تقدم، على أنه قد تابعه جميع بن عمير البصري، لكن خالفه في إسناده، فقال: حدثنا سوار عن محمد بن جحادة عن الشعبي عن علي مرفوعاً به. رواه عنه عصام بن الحكم العكبري. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4 / 329) ، والخطيب في " التاريخ " (12 / 289) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 397) وقال: " حديث لا يصح، وسوار ليس بثقة، قال ابن نمير: جميع من أكذب الناس. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث " قلت: هذا خطأ فاحش! تبعه عليه السيوطي في " اللآلي " (1 / 379) ، وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1 / 366) ، وصاحبي المعلِّق على " فضائل الصحابة ": وصي الله بن محمد عباس (2 / 655) وغيرهم، فإن الذي قال فيه ابن نمير وابن حبان ما ذكر، إنما هو جميع بن عمير التيمي الكوفي، وهو تابعي، روى عن ابن عمر وعائشة! وأما جميع الراوي لهذا الحديث، فهو متأخر عن هذا جداً، من طبقة شيوخ الأئمة الستة! ثم هو بصري والأول كوفي! ووقع في رواية أبي نعيم: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 187 " جميع بن عبد الله "، فسمى أباه (عبد الله) فلعله خطأ من الناسخ أو الطابع. ثم إن الحافظ قد أورده في " التهذيب " تمييزاً، برواية آخر عنه، وقال: " قلت: له في " الموضوعات " لابن الجوزي حديث باطل في شيعة علي " ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما في " التقريب "، فجزم بأنه ضعيف. وهذا مما لا وجه له عندي، فإنه لم يرو تضعيفه عن أحد، وفي ظني أنه توهم أنه هو آفة هذا الحديث الباطل، كما يشعر به كلامه في " التهذيب "، وفاته أن الآفة من شيخه سوار بن مصعب، وهو متهم كما تقدم، فالصواب أن يقال فيه: " مجهول الحال ". كما هي قاعدة أهل الحديث، وانظر الكلام الآتي على هانئ بن هانئ في الحديث (5594) . ومثله العكبري الراوي عنه، ففي ترجمته أورد الخطيب حديثه هذا، وذكر أنه روى عنه ثلاثة، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وإن مما يؤكد أن آفة الحديث إنما هو سوار هذا، وأنه هو الذي اضطرب وتلون في روايته بأسانيد مختلفة: أن أبا بكر القطيعي أخرجه في زوائده في " فضائل الصحابة " بسند صحيح عنه، فقال (2 / 654 / 1115) : حدثنا إبراهيم بن شريك قال: ثنا عقبة بن مكرم الضبي قال: ثنا يونس بن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 188 بكير عن السوار بن مصعب عن أبي الجحاف. قال أبو مكرم عقبه - وكان من الشيعة -: عن محمد بن عمرو عن فاطمة الكبرى عن أم سلمة قالت:. . . . . . الحديث قلت: وأبو جحاف اسمه داود بن أبي عوف سويد التميمي، وهو صدوق شيعي. فالآفة سوار كما تقدم، وقال السيوطي: " سوار متروك ". (تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث التي أوردها الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه " أصل الشيعة "، زاعماً أنها عند أهل السنة من طرقهم الوثيقة التي لا يظن ذو مسكة فيها الكذب والوضع! كما تقدم نقله عنه والرد عليه في الحديث الذي قبله، فهذا مثال آخر على كذبه على أهل السنة، ولكن من يهن عليه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصعب عليه بعده شئ! ثم إنه لم ينقل منه إلا طرفه الأول: " يا علي! أنت وأصحابك في الجنة "! فهو من الأدلة الكثيرة على ما ذكرته هناك: أن أهل الأهواء يروون ما لهم دون ما عليهم! (فائدة) : قوله (يُضْفَزُون الإسلام) ، أي: يلقنونه ثم يتركونه ولا يقبلونه. كذا في " النهاية ". وكان الأصل " يصفون "، وفي " المجمع ": " يرفضون "! والتصحيح من " التاريخ " و " النهاية ". ثم رأيت للحديث طريقاً أخرى، من رواية أبي جناب الكلبي عن أبي سليمان الهمداني أو النخعي عن عمه عن علي قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 189 ((يا علي! أنت وشيعتك في الجنة وإن قوما لهم نبز يقال لههم: الرافضة، إن أدركتهم؛ فاقتلهم فإنهم مشركون)) . قال علي ينتحلون حُبَّنَا أهل البيت وليسو كذلك! وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر. أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (3 / 192) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ آفته أبو جناب الكلبي أو مَنْ فوقه، واسمه يحيى بن أبي حية، وهو بكنيته أشهر؛ قال الحافظ في التقريب ((التقريب)) : ((ضعفوه؛ لكثرة تدليسه)) . وشيخه أبو (وفي الأصل: ابن) سليمان الهمداني: أورده الذهبي في ((الميزان)) وقال: ((عن أبيه عن علي. لا يُدرى من هو؟ كأبيه. وأتى بخبر منكر)) . قلت: كأنه يشير إلى هذا. والله اعلم. 5591 - (أَمَا تَرْضَى أَنْ تكون رابعَ أربعَة؟ أول من يدخلُ الجنةَ أنا، وأنت والحسنُ، والحسينُ، وأزواجنا عن أيمانِنَا وعن شَمَائِلِنَا، وذَرارِينا خَلْفَ أزواجِنَا، وشيعتنا من ورائنا) . موضوع. أخرجه أبو بكر القطيعي في زوائد ((الفضائل)) (2 / 624 / 1068) : حدثنا محمد بن يونس قال: ثنا عبيد الله بن عائشة قال: أنا إسماعيل بن عمرو عن عمرو بن موسى عن زيد بن علي بن حسين عن أبيه عن جده عن الحديث: 5591 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 190 علي بن أبي طالب قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إياي، فقال:. . . فذكره. قلت وهذا موضوع؛ آفته عمرو بن موسى - وهو الوجيهي - وهو كما قال ابن عدي: ((ممن يضع الحديث متناً وإسناداً)) . وقال أبو حاتم: ((ذاهب الحديث، كان يضع الحديث)) . وإسماعيل بن عمرو - وهو الأصبهاني -؛ ضعيف، وبه أعله السيوطي في ((الجامع الكبير)) . وعزاه لابن عساكر. وإعلاله بشيخه الوجيهي أولى كما لا يخفى، وما أظنه عند ابن عساكر إلا من طريقه. وللحديث طريق آخر مضى برقم (4931) ، يرويه حرب بن الحسن الطحان: ثنا يحيى بن يعلى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي:. . . فذكره مختصراً بلفظ: ((إن أول أربعة يدخلون الجنة. . .)) الحديث. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (1 / 319 / 950) قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء: الأول محمد بن عبيد الله؛ قال البخاري: ((منكر الحديث)) . وقال ابن أبي حاتم: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 191 ((ضعيف الحديث، منكر الحديث جداَ، ذاهب)) . وقال الدارقطني: ((متروك وله معضلات)) . قلت: وهذا من معضلاته! الثاني: يحيى بن يعلى - وهو الأسلمي القطواني -؛ متفق على تضعيفه، وهو من شيعة الكوفة. الثالث: حرب بن حسان الطحان؛ قال الأزدي: ((ليس حديثه بذلك)) . وأما ابن حبان: فذكره في ((الثقات)) . وأعله الهيثمي به وبالذي قبله؛ فقال في ((المجمع)) (9 / 131) : ((. . . . وكلاهما ضعيف)) . قلت: وإعلاله بالأول أولى؛ لأنه أشدهم ضعفاً. فتنبه. 5592 - (والذي نَفْسِي بيده! لولا أن يقول فيك طوائفُ من أُمَّتي ما قَالتِ النصارى في عيسى بن مريمَ؛ لقُلْتُ فيك اليوم مقالاً، لا تَمُرُّ بأحدٍ من المسلمين إلا أَخَذَ الترابَ مِنْ أثرِ قَدَمَيْكَ، يَطْلُبُونَ به البَرَكَةَ) . موضوع. أخرجه الطبراني (1 / 320 / 951) بإسناد الذي قبله. وقد عرفت أنه مسلسل بالضعفاء؛ أحدهم منكر الحديث جداً عند أبي حاتم، متهم عند البخاري، وآخر؛ وهو من شيعة الكوفة. الحديث: 5592 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 192 5593 - (عَلِيٌّ خَيْرُ البَرِيَّةِ) . موضوع. أخرجه ابن حبان في ((الضعفاء)) (1 / 140) ، وابن عدي (1 / 170) ، ومن طريق ابن الجوزي في الموضوعات (1 / 348 - 349) ، وكذا ابن عساكر في ((التاريخ)) (12 / 313) من طريق أحمد بن سالم أبي سمرة: حدثنا شريك عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. قلت: وهذا باطل ظاهر البطلان؛ آفته أحمد بن سالم هذا، وفي ترجمته أورده ابن عدي وقال: ((له مناكير)) . وقال ابن حبان: ((يروي عن الثقات الأوابد والطامات)) . وقال ابن الجوزي: ((لا يصح عن رسول الله صى الله عليه وسلم، وقال ابن حبان. . .)) . قلت: وكأنه توبع، لكن من مثله، ولعله سرقه أحدهم عن الآخر، فقال الذهبي عقبه: ((ويروى عن غير أحمد عن شريك، وهذا كذب، وإنما جاء عن الأعمش عن عطية العوفي عن جابر قال)) كنا نعد عليا من خيارنا)) . وهذا حقٌّ)) . وأقره الحافظ في ((اللسان)) . قلت: ورى ابن عساكر بإسناد مظلم عن أبي الزبير عن جابر نحوه، وفيه أن قوله تعالى ((أولئك هم خير البرية)) نزل في علي رضي الله عنه، وقال: ((فكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا: قد جاءنا خير البرية)) . الحديث: 5593 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 193 وقد مضى برقم (4925) . قلت: وهذا من الأحاديث التي سود بها السيوطي كتابه ((الدر المنثور)) (6 / 379) ساكتاً عنها، ليأتي من بعده من الفرق الضالة ليستغلوها، ويوهموا المسلمين صِحَّتها؛ ليضلوا عن سبيل الله، كما فعل الشيعي عبد الحسين في مراجعاته، وقد خرجت منها نحو مئة حديث ما بين ضعيف وموضوع فيما تقدم (4882 - 4975) ، منها حديث أبي الزبير هذا المشار إلى آنفاً. وكذلك أورده الشيعي الآخر محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه ((أصل الشيعة)) (ص 110) نقلاً عن كتاب السيوطي ((الدر المنثور)) في أحاديث أخرى تقدم آنفاً بعضا زاعما أنها: ((من أحاديث علماء السنة وأعلامهم، ومن طرقهم الوثيقة التي لا يظن ذو مسكة فيها الكذب والوضع)) ! فاللهم لعنتك على الكذابين والوضاعين، مهما تعددت مذاهبهم، وتنوَّعت أساليبهم، وبخاصة منهم الرافضة! قال العلامة ابن قيم الجوزية في ((المنار)) : ((وأما ما وضعت الرافضة في فضائل علي؛ فأكثر من أن يعد)) ، قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب ((الإرشاد)) : ((وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث)) . ولا يستبعد هذا؛ فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك؛ لوجدت الأمر كما قال)) . والله المستعان ولا حول لا قوة إلا بالله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 194 5594 - (ائْذَنُوا له، مرحباً بالطَّيب الْمُطَيَّبِ) . ضعيف. أخرجه البخاري في ((التاريخ)) (4 / 2 / 229) ، والترمذي (3799) ، وابن ماجه (1 / 65) ، وابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (مسند علي 155 / 14) ، وأحمد (1 / 99، 125، 199) ، وأبو يعلى (1 / 117) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1 / 140) ، والحاكم (3 / 388) ، والخطيب في ((التاريخ)) (1 / 151) من طرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال: جاء عمار بن ياسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:. . . فذكره. لكنه شك في رفعه في رواية ابن يمان عن سفيان؛ فقال)) : أراه عن علي)) . لكن ابن يمان - واسمه يحيى - فيه ضعف، لا سيما وقد خالف الثقات عن سفيان؛ فلم يشكوا. وقد تابعه شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت هانئ بن هانئ يقول:. . . فذكه؛ دون قوله ((ائذنوا له)) . ولم يذكر عليا. أخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (117) حدثنا شعبة به مرسلاً. لكن رواه محمد بن جعفر: حدثنا شعبة به مسندا عن علي. أخرجه أحمد (1 / 138) ، وابن جرير (156 / 16) . وتابعه يحيى -وهو ابن سعيد - عن شعبة به. الحديث: 5594 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 195 أخرجه أحمد (1 / 123) . وتابع سفيان وشعبة شريك -وهو القاضي -؛ فقال: عن أبي إسحاق عن هانئ عن علي به. أخرجه ابن جرير (156 / 17) . وتابعهم الصُّبَيّ بن الأشعث عن أبي إسحاق به. أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (6 / 155) . وتابعهم الأعمش؛ لكنه خالفهم في متنه فأوقفه على علي؛ فقال عن أبي إسحاق عن هانئ قال: كنا عند علي، فدخل عليه عمار بن ياسر، فقال: مرحبا بالطيب المطيب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن عمارا ملئ إيماناً إلى مشاشه)) . رواه ابن جير (157 / 158) ، وأبو يعلى (1 / 117) وغيرهما، وهو مخرج - كشاهد - في ((الصحيحة)) (2 / 466 - 467) من طريق عثام بن علي عن الأعمش. وخالفه نوح بن دراج عن الأعمش به مرفوعاً؛ دون زيادة الإيمان. أخرجه الخطيب (13 / 315) . لكن نوح هذا؛ قال الحافظ: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 196 ((متروك وقد كذبه بن معين)) . فلا قيمة لما تفرد به، فكيف مع المخالفة لعََثّام بن علي وهو ثقة من رجال البخاري؟ ! فروايته هي المحفوظة عن الأعمش، لكن اتفاق سفيان -وهو الثوري - وشعبة وشريك على رفع الحديث تجعل رواية الأعمش شاذة فتكون روايتهم عن أبي إسحاق هي المحفوظة. والله اعلم. فإن: فإذا كانت رواية الجماعة هي الصواب فهل يثبت الحديث بذلك؟ فأقول: كلا، وغن كان قد صححه الترمذي والطبري والحاكم والذهبي وحسَّنه العسقلاني في ((الإصابة)) ، وكنت تبعته عليه في تعليقي على ((المشكاة)) ، والىن بدا لي أن ذلك لا يتماشى مع القواعد الحديثية التي تشرط في كل رجال الإسناد العدالة والضبط، وهذا ما لم أجده متوفراً في هانئ بن هانئ؛ فإنه مجهول عند المحدثين، ولم يوثقه إلا بعض المتساهلين، وهذا ترجمته في ((تهذيب التهذيب)) : ((روى عنه ابو إسحاق السبيعي وحده. قال النسائي ليس به بأس. وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة قال: وكان يتشيع. وقال ابن المديني: مجهول، وقال حرملة عن الشافعي: لا يعرف، وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله)) . قلت: ومن الثابت في ((علم المصطلح)) أن الراوي إذا تفرد عنه واحد تكون جهالته جخالة عينية، فهو إذا مجهول العين؛ لتفرد أبي إسحاق عنه كما عرفت من ((تهذيب الحافظ)) ؛ ولذلك؛ فقوله في هانئ هذا في ((التقريب)) : الجزء: 12 ¦ الصفحة: 197 ((مستور)) ! غير مقبول منه؛ لأن هذا إنما يقال في مجهول الحال؛ كما نص عليه في مقدمة ((التقريب)) ؛ فإنه قال في صدد بيان مراتب الرواة: ((االسابعة من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: (مستور) ، أو (مجهول الحال)) ) . ثم قال: ((التاسعة: من لم يروي عنه غير واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ (مجهول)) ) . وقد يقول قائل: قوله في كل من المرتبتين: ((ولم يوثق)) ؛ يدل بمفهومه أنه لا يورد فيهما من كان موثقا. فأقول: نعم ولكنه ذلك غير مضطرد عنده، فهناك من وثق، ومع ذلك أورده في إحديهما، فهذا مثلاً: أحمد بن عبد الرحمن القرشي المخزومي؛ قال فيه ((مستور)) ، مع أنه روى عنه اثنان ابن ماجة والمحاملي، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ! والحارث بن مخلد الرزقي الأنصاري؛ قال فيه: ((مجهول الحال)) ؛ تبعا لابن القطان مع أنه ذكر في ((التهذيب)) أن ابن حبان وثقه! ومِمَّن قال فيه ((مجهول)) : إبراهيم بن طريف الشامي. مع أنه أحمد بن صالح وابن شاهين وابن حبان! فهذا كحال هانئ بن هانئ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 198 إسحاق بن يزيد الهذلي المدني. وثقه ابن حبان أيضاً. إسماعيل بن أبي بكر الرملي. وثقه ابن حبان أيضاً. والأمثلة غيرها كثيرة يجدها من يتتبعها. وفيما ذكرنا كفاية. وبالجملة؛ فهانئ هذا مجهول؛ كما قال ابن المديني، ولم نجد ما يصلح حجة لتوثيقه، وبالتالي لتحسين حديثه، بل وجدنا ابن سعد قد قال في ((الطبقات)) (6 / 223) بعد قوله المتقدم نقله عن ((التهذيب)) قال: ((وكان منكر الحديث)) . وهذه فائدة هامة تلحق بكلام ابن سعد؛ فإنها سقطت من ((التهذيب)) . والله أعلم. ثم إن مما يلفت النظر: أن الطبري مع تصريحه بصحة سند هذا الحديث عنده قد أعله بخمس علل لم يُجِبْْ عن شئ منها، أقواها قوله: ((والخامسة: أن هانئ بن هانئ مجهول، ولا تثبت الحجةفي الدين إلا بنقل العدول المعروفين بالعدالة)) فمع تسليمه بجهالة هانئ، فلا أدري كيف يلتقي ذلك مع تصحيحه لإسناده! وقد أشار إلى هذا محققه الفاضل محمود محمد شاكر؛ فإنه قال بعد أن أشار إلى إعلال ابن جرير بما أشرنا إليه: ((ولكنه لم يأتي بحجة في تصحيح إسناده)) . قلت: وذلك ما يكثر منه حتى ألقي في النفس أنه من المتساهلين. س الجزء: 12 ¦ الصفحة: 199 5595 - (ليسترجع أحدكم في كل شيء، حتى في شسع نعله [إذا انقطع] ، فإنه من المصائب) . ضعيف جداً. أخرجه مسدد بن مسرهد في مسنده، كما في المطالب العالية (3 / 232 / 3352) ، ومن طريقه ابن السني في (عمل اليوم والليلة) (ص 115 / 346) ، وابن حبان في الضعفاء (3 / 122) ، والبزار في (مسنده) من طرق عن يحيي بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. والزيادة لابن حبان، أورده في ترجمة يحيي بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب التيمي المدني، وقال فيه: (يروي عن أبيه ما لا أصل له - وأبوه ثقة -، فلما كثرت روايته عن أبيه ما ليس من حديثه، سقط عن حد الاحتجاج به، وكان سيء الصلاة، وكان ابن عيينة شديد الحمل عليه) . ثم روي عن يحيي بن سعيد القطان أنه كان يحدث عنه ثم ترك الرواية عنه. ثم ساق له أحاديث مما أنكر عليه، هذا أحدها، وكذلك صنع الذهبي، لكنه ذكره بلفظ: (إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع، فإنها من المصائب) . ولعله لفظ ابن عدي في (الكامل) ، فقد عزاه إليه السيوطي في (الجامع الكبير) ، وإلى أبي الشيخ في الثواب، والبيهقي في (شعب الإيمان) من هذا الوجه. وقد أخرجه الديلمي في (مسند الفردوس) (1 / 1 / 161) من طريق أبي الشيخ. الحديث: 5595 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 200 ثم ذكر السيوطي أن هناداً رواه عن يحيي بن عبيد الله عن أبيه مرسلاً. قلت: وهذه علة ثانية في الحديث، وهي الإرسال. وفيه علة ثالثة: وهي جهالة عبيد الله والد يحيي، وإن وثقه ابن حبان كما تقدم في كلامه على يحيي، ولذلك أورده في التابعين من (ثقاته) ، ولكنه لم يتابع على توثيقه إياه، بل قال الشافعي: (لا نعرفه) ، وقال ابن القطان الفاسي: (مجهول الحال) . أما قول الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 331) : (رواه البزار، وفيه بكر بن خنيس، وهو ضعيف) . فأقول: هذا إعلال غير قادح، وذهول عن العلة الحقيقة القادحة، وهي انفراد يحيي بن عبيد الله به. ومن طريقه أخرجه البزار، فقد وقفت على إسناده في (كشف الأستار) للهيثمي نفسه، أورده في (كتاب الأذكار) منه، فتبين أن الهيثمي قد أبعد النجعة في الإعلال المذكور. ثم إن البزار قد أخرج للحديث شاهداً من طريق خارجة بن مصعب: ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وقال: (لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، ولا نعلم أحداً حدث به عن خالد إلا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 201 خارجة، وليس هو بالحافظ) . قلت: وبه أعله الهيثمي في (المجمع) ، فقال: (وهو متروك) . وكذا قال الحافظ في التقريب وزاد: (وكان يدلس على الكذابين، ويقال ان ابن معين كذبه) . والحديث أشار إلى تضعيفه ابن القيم الجوزية في (الوابل الصيب) (ص 170 - المنيرية) بقوله: (ويذكر عن أبي هريرة. . .) الخ. وكذلك قال قبله شيخه ابن تيمية في (الكلم الطيب) ، وهو الصواب خلافا لما كنت علقته عليه (ص 81 / 140) غير منتبه لشدة ضعفه أولاً، ولا لكون الشاهد الذي قويته وحسنته من أجله ليس فيه الاسترجاع الذي في هذا ثانياً. ولذلك بادرت إلى بيان هذا نصحاً لنفسي وقرائي. والله تعالى أسأل أن يغفر لي خطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، وهو الغفور الرحيم. على أنني كنت خرجته في (تخريج المشكاة) (1760) من رواية أبي نعيم مضعفاً إياه كما هنا، ويظهر أنه لم يتيسر لي يومئذ الرجوع إلى التخريج المذكور، فوقع ما ذكرنا من الخطأ، والله المستعان. والشاهد المشار إليه هو من حديث أنس، وقد مضى تخريجه والكشف عن علته برقم (1362) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 202 5596 - (ضع يديك على رأسك، فإن جبريل لما نزل بها إلي قال: ضع يديك على رأسك، فإنها شفاء من كل داء إلا السام، والسام: الموت. يعني: آية: (لو أنزلنا هذا القرآن. . .)) . ضعيف. أخرجه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) (1 / 154 / 412) قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن يوسف المقرئ: ثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد قال: قرأت على خلف فلما بلغت هذه الآية: (لو أنزلنا هذا القرآن) قال: ضع يديك على رأسك، فإني قرأت على سليم فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يديك على رأسك، فإني قرأت على حمزة فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يديك على رأسك، فإني قرأت على الأعمش فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يديك على رأسك، فإني قرأت على يحيي بن وثاب فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يديك على رأسك، فإني قرأت على علقمة والأسود فلما بلغت هذه الآية قالا: ضع يديك على رأسك، فإنا قرأنا على عبد الله فلما بلغنا هذه الآية قال: ضعا أيديكما على روؤسكما، فإني قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت هذه الآية قال لي:. . . فذكره. قلت وهذا إسناد ضعيف أورده أبو نعيم في ترجمة أبي الطيب هذا، ولم يذكر فيه شيئاً سوى هذا الحديث، فالظاهر أنه غير معروف. ومن فوقه ثقات من رجال (التهذيب) ، غير إدريس بن عبد الكريم الحداد، وهو ثقة، كما في (اللسان) . وسليم هو ابن عيسى القارئ أورده ابن أبي حاتم برواية جمع من الثقات، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً. وسائرهم من رجال مسلم، على ضعف في حمزة - وهو ابن حبيب الزيات الحديث: 5596 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 203 القارئ -، وقد قال الحافظ: (صدوق زاهد، ربما وهم) . وخلف، هو ابن هشام البزار المقرئ. ثم رأيت الحديث في (تاريخ بغداد) (1 / 277) في ترجمة محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر أبو الطيب المقرئ، يعرف بـ (غلام ابن شنبوذ) ، خرج عن بغداد وتغرب، وحدث بجرجان وأصبهان عن إدريس بن عبد الكريم المقرئ وأبي الحسن بن شنبوذ. روى عنه أبو النصر بن محمد بن أبي بكر الإسماعيلي وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ الأصبهاني. أخيرنا أبو نعيم الحافظ قال: أنبأنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر المقرئ البغدادي - قدم علينا - قال: نبأنا إدريس بن عبد الكريم الحداد. . . الحديث، وقال عقبه: (ذكر بعض أصحابنا عن أبي نعيم قال: سمعت من هذا الشيخ في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة) . قلت: فهذا اختلاف عجيب في اسم هذا الشيخ أبي الطيب، فتلميذه الراوي عنه مباشرة يورده في (الأحمدين) ، وتلميذ تلميذه الخطيب يورده في (المحمدين) ويقول في الترجمة وفي الرواية: إنه محمد بن أحمد. . . الخ! ! وأعجب من ذلك أن الخطيب أورده في مكان آخر من (التاريخ) فقال (1 / 271) : (محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الفرج المقرئ، يعرف بـ (غلام الشنبوذي) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 204 روي عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ وغيره، كتب في القراءات، وتكلم الناس في رواياته. . .) . لكن من الممكن الجمع بين هذه الترجمة والتي قبلها بأن يقال: لعل إبراهيم الجد هنا، ويوسف الجد هناك، إنما هذا أو ذاك الجد الأعلى. ويبدو أن الذهبي يرى هذا، فقد أورده في (الميزان) - كما في هذه الترجمة -، ولخص فيها كلام الخطيب، ثم قال: (وقال الخطيب في ترجمته: خرج عن بغداد) . فذكر خلاصة ما في الترجمة الأولى. ثم أعاده بعد ثلاث تراجم، فقال: (محمد بن أحمد بن يوسف أبو الطيب البغدادي غلام ابن شنبوذ. زعم أنه قرأ على إدريس بن عبد الكريم، وروى عنه حديثاً باطلاً بإسناد ما فيهم متهم! فالآفة هو. روي عنه أبو نعيم) . فتعقبه الحافظ في (اللسان) ، فقال: (وقد كرره المؤلف سهواً، وهو محمد بن أحمد المقرئ المذكور قبل قليل، والحديث الذي أشار إليه، أورده الخطيب في ترجمته قال. . .) . قلت: فساق الحديث كما تقدم نقلنا عنه. ثم رأيت أبا نعيم قد أعاد ذكر شيخه أبا الطيب هذا في (المحمدين) ، فقال (2 / 288) : (محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر البصري أبو الطيب المقرئ، نزيل بغداد، قدم علينا قبل الخمسين، وسماعي منه سنة تسع وأربعين وثلاث مئة) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 205 فغلب على الظن أن هذا هو الصواب في اسمه: (محمد بن أحمد) . وأن إيراد أبي نعيم إياه في (الأحمدين) وهم، لعل سببه أنه سقط من كتابه أو حفظه اسم (محمد) ، ولذلك، لم يترجموه في (الأحمدين) . والله أعلم. وجملة القول، أن علة هذا الحديث إنما هو محمد بن أحمد هذا. 5597 - (تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، حتى إذا أردتن النوم، فلتؤب كل امرأة إلى بيتها) . ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) (7 / 36 / 12077) عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير قال: قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد، فام نساؤهم، وكن متجاورات في دار، فجئن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله! بالليل، فنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا تبددنا [إلى] بيوتنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، ولكنه مرسل. وابن جريج مدلس وقد عنعنه. لكنه صرح بالتحديث في رواية عبد المجيد عنه: أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد به. كذا قال: (إسماعيل بن كثير) مكان (عبد الله بن كثير) ، وكلاهما ثقة، لكن عبد المجيد - وهو ابن عبد العزيز ابن أبي رواد - فيه ضعف، قال الحافظ: (صدوق يخطئ، وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك) . أخرجه البيهقي (7 / 236) ، ومنه صححت بعض الأخطاء وقعت في رواية الحديث: 5597 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 206 (المصنف) . (تنبيه) : لقد أعل ابن القيم في (زاد المعاد) (3 / 316) الحديث بالإرسال، لكنه مال إلى تقويته، فقال: (وهذا وإن كان مرسلا، فالظاهر أن مجاهداً إما أن يكون سمعه من تابعي ثقة، أو من صحابي، والتابعون لم يكن الكذب معروفاً فيهم. . .) إلخ. قلت: وهذا مردود باتفاق علماء الحديث في (المصطلح) : أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف. وما ذاك إلا لاحتمال أن يكون بين التابعي الثقة وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - تابعي واحد أو أكثر، واحتمال أن يكون الواسطة مجهولاً أو ضعيف الحفظ، وليس من الضروري ليكون حديث التابعي ضعيفاً أن يكون متهماً كما لا يخفى، ولذلك، فما استظهره غير ظاهر، بل هو من نمط تقويته لحديث الحسن البصري عن عمر مرفوعاً: (لو لبث أهل النار عدد رمل عالج، لكان لهم يوم يخرجون فيه) . وقد مضى الرد عليه تحت الحديث (607) في المجلد الثاني (صفحة 73) . ثم إن في متن سبب الحديث نكارة عندي، وهو ما ذكرته النسوة من الوحشة، وبناء على ذلك جاء الإذن بخروجهن عند إحداهن، وقد صح في حديث فريعة المعروف في (السنن) أنه صلى الله عليه وسلم نهاها عن الخروج، وقال لها: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله) . وهو مخرج في الإرواء (2141) . وفي رواية لعبد الرزاق (12076) ، والطبراني في الكبير (24 / 442 / الجزء: 12 ¦ الصفحة: 207 1081) : أنها ذكرت نفس الشكوى: الوحشة، وأشياء أخرى، ومع ذلك أمرها أن لا تخرج من بيتها. (تنبيه هام) : كنت ذهبت في الإرواء إلى أن إسناد حديث فريعة ضعيف، ثم بدا لي أنه صحيح بعد أن اطلعت على كلام ابن القيم فيه، وتحقيق أنه صحيح، بما لم أره لغيره جزاه الله خيراً، وازددت قناعة حين علمت أنه صححه مع الترمذي ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي، ومن قبلهم محمد بن يحيي الذهلي الحافظ الثقة الجليل، وأقرهم الحافظ في (بلوغ المرام) ، والحافظ ابن كثير في (التفسير) ، واستعمله أكثر فقهاء الأمصار، كما قال ابن عبد البر في (الاستيعاب) ، ومنهم بعض الصحابة كابن عمر، قال: (لا تخرج المتوفى عنها في عدتها من بيت زوجها) . أخرجه عبد الرزاق (7 / 31 / 12062) بإسناد (الصحيحين) . وقد صح غيره خلافه. ولكن مما لا شك فيه أن الآثار إذا اختلفت عنهم، فالأولى بالترجيح ما كان موافقاً للحديث، ولا سيما إذا أنكر على المخالف في زمانهم. فقد روي عبد الرزاق أيضاً (7 / 30 / 12055) ، والبيهقي (7 / 436) من طريقين صحيحين عن القاسم بن محمد: أن عائشة رضي الله عنها كانت تخرج المرأة وهي في عدتهها من وفاة زوجها. قال: فأبى ذلك الناس، إلا خلافها، فلا نأخذ بقولها وندع قول الناس! والقاسم بن محمد، هو ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أحد الفقهاء الجزء: 12 ¦ الصفحة: 208 بالمدينة، وعائشة خالته، ومع ذلك لم يأخذ بقولها، لمخالفتها لقول الناس، وإنما هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر. والله سبحانه وتعالى أعلم. 5598 - (كان يقول في دبر الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، [وهو حي لا يموت، بيده الخير] ، وهو على كل شئ قدير، [ثلاث مرات] ) . شاذ بالزيادتين، وصحيح جداً بدونهما. وإليك البيان: لقد جاء الحديث في (الصحيحين) والسنن والمسانيد، من رواية وراد كاتب المغيرة، من طرق كثيرة جداً عنه عن المغيرة بن شعبة مرفوعاً، ليس في أكثرها الزيادتان، وإنما شذ بعض الرواة بذكرهما في بعض الطرق، خلافاً لأكثر الثقات فيها، وهاك رواتها: الأول: عبد الملك بن عمير بن رواد. أخرجه البخاري (2 / 335 و 13 / 264 - فتح) ، ومسلم (2 / 96) ، وأبو عوانة (2 / 65) ، والدرامي (1 / 311) ، وابن خزيمة في (صحيحه) (1 / 365) ، والبيهقي (2 / 185) ، وأحمد (5 / 251) ، والحميدي (رقم 762) ، وعبد بن حميد (54 / 1) ، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) (رقم 112) ، والطبراني في (المعجم الكبير) (20 / 386، 387، 388، 389) ، والبغوي في (شرح السنة) (3 / 225) ، والطبراني في (الدعاء) (ق 77 / 2 - 80 / 1) ، وكذا النسائي (1 / 197) لكن وقع فيه (عبد الملك بن أعين) ! وهو خطأ، أخرجوه من طرق عنه، دون الزيادة. الحديث: 5598 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 209 الثاني: المسيب بن رافع عن وارد. أخرجه البخاري (11 / 133) ، ومسلم (2 / 95) ، وأبو عوانة (2 / 265) ، وأبو داود (1504) و (رقم 1349 - صحيحه) ، والنسائي أيضاً وابن أبي شيبة في المصنف (10 / 231) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2 / 185) ، وأحمد (4 / 250) ، وعبد الحميد أيضاً في الكبير (20 / 386، 389، 392) وفي الدعاء (ق79 / 2 - 80 / 2) من طرق عنه. الثالث: عامر الشعبي عنه أخرجه البخاري (11 / 306) ، والنسائي أيضاً وابن خزيمة وأحمد (4 / 250، 254) ، والطبراني في الكبير (20 / 382، 383، 384) وفي المعجم الأوسط أيضاً (1 / 215 / 2 رقم 3863) والدعاء (ق77 / 1) من طرق عنه. الرابع: عبدة بن أبي لبابة عنه. أخرجه البخاري (11 / 512) ، ومسلم أيضاً وأبو عوانة والنسائي وابن خزيمة وعبد الرزاق في المصنف (2 / 244) ، وأحمد (4 / 345، 251، 255) ، والحميدي أيضاً وابن السني (112) ، والطبراني في الكبير (20 / 388، 391، 393) والدعاء (80 / 1 و81 / 1) من طرق عنه. الخامس: أبو سعيد - وقد اختلف في اسمه. أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد (4 / 247) ، والطبراني (20 / 394 - 395) والدعاء (ق79 / 2) من طريق ابن عون عنه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 210 السادس والسابع والثامن والتاسع: سليم بن عبد الرحمن النخعي، ومكحول، وعبد ربه، ورجاء بن حيوة. أخرجه عنهم الطبراني في الكبير (20 / 3939، 394، 395، 396) والدعاء (80 / 2 - 81 / 1) . قلت: وكل هؤلاء الرواة التسعة لم ترج عنهم الزيادتان المذكورتان إلا في بعض الروايات عنهم؛ فالأولى جاءت عن المسيب بن رافع والأخرى عن الشعبي لكن الرواة عنهما لم يتفقوا عليهما؛ بل إن أكثرهم لم يذكرهما، فلا بد - إذن - من تحرير القول في ذلك إن شاء الله تعالى. أما الزيادة الأولى فمدارها على منصور - وهو ابن المعتمر؛ تفرد بها عنه شيبان، وهو ابن عبد الرحمن النحوي - وهو ثقة من رجال الشيخين. أخرجه الطبراني (20 / 392 / 962) . وبقية رجاله ثقات حفاظ، وقال الحافظ في فتح الباري (2 / 332) : ورواته موثقون. ولست أدري لم عدل عن قوله: ثقات إلى قوله (موثقون) ؟ ! إلا أن يكون أشار بذلك إلى مخالفة النحوي للثقات، ولاسيما وقد قال فيه الساجي: (صدوق، وعنده مناكير) . فإن مثل هذا القول - وإن كان ظاهره مخالفاً لقول الجمهور الذين وثقوه فإنه - مما يستفاد منه في مثل ما نحن فيه من مخالفته للثقات الآخرين، وهم: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 211 1 - جرير بن عبد الحميد. عند البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي. 2 - شعبة بن الحجاج. عند أحمد (4 / 250) ، والطبراني (20 / 386 / 906، 392 / 928) . 3 - زائدة بن قدامة. عند عبد بن حميد. 4 - وجعفر بن الحارث النخعي. عند الطبراني (392 / 927) . كل هؤلاء الثقات - وفيهم شعبة؛ أمير المؤمنين في الحديث - رووه عن منصور دون الزيادة، فلا شك أن اجتماعهم على تركها دليل على شذوذها فما بالك إذا علمت أن الأعمش قد تابع منصوراً في روايته عن المسيب دونها؟ ! أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود والبيهقي وابن أبي شيبة والطبراني (20 / 389 / 920، 392 / 925) . ثم هل بقي ريب في شذوذها إذا تذكرت أن سائر الرواة الثمانية الذي تابعوا المسيب في روايته عن وراد لم يذكروها! ! اللهم إلا ما في رواية ابن السني من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير وعبدة بن أبي لبابة: سمعاً ورّاداً به، فزاد: (بيده الخير) . ولكنها شاذة أيضاً؛ لوجوه: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 212 الأول: أن ابن السني روى عن شيخه أبي خليفة: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي: حدثنا سفيان بن عيينة به. حدثنا أبو مسلم الكشي وأبو خليفة قالا: ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي به؛ دون الزيادة. وهذا أصح؛ لأن الطبراني أحفظ من ابن السني؛ ولأنه قرن مع أبي خليفة الكشي، واثنان أحفظ من واحد. الثاني: أن الرمادي - مع حفظه - له أوهام؛ كما في (التقريب) . وقد خالف الحفاظ الأئمة: أحمد والحميدي؛ فقالا: ثنا سفيان به؛ دون الزيادة. وكذلك أخرجه أبو عوانة والنسائي وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان به. الثالث: أنه خالف جميع روايات الثقات المتقدمة عن وراد. فثبت مما تقدم أن الزيادة الأولى شاذة لا تثبت. وأما الزيادة الأخرى: (ثلاث مرات) ؛ فقد تفرد بها هشيم بإسناد له غريب: فقال أحمد (4 / 250) : ثنا هشيم: أنا غير واحد؛ منهم مغيرة عن الشعبي عن وراد به. وهكذا أخرجه النسائي (1 / 197) من طريقين آخرين عنه به. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 213 وابن خزيمة (1 / 365 / 742) عن روايتين عنه به؛ إلا أنه قال: (منهم المغيرة ومجال ورجل ثالث) . وهكذا رواه البخاري (11 / 306 / 6473) من طريق أخرى عن هشيم به؛ إلا أنه لم يسم مجالداً فقال: (. . . وفلان. . .) ؛ لكن لم يذكر الزيادة؛ لكنها جاءت في نسخة الصّغاني كما في (الفتح ((11 / 307) ، وهي في المطبعة الإستنبولية (7 / 184) . ورواه الطبراني في (الكبير) (20 / 383 / 897) و (الأوسط) (1 / 215 / 2 / 3863) من طريق الحسن بن علي بن راشد الواسطي: ثنا هشيم به؛ لكنه قال: (عن مغيرة وزكريا واسماعيل ومجالد) : فذكر ولم يذكر الزيادة. والحسن المذكور؛ ثقة؛ كما في (الفتح) . قلت: ولهذه الزيادة عندي عدة علل: الأولى: تفرد هشيم بها دون كل الطرق التي سبقت الإشارة إليها عن الشعبي وغيره عن وارد. الثانية: اختلاف الرواة عليه في الزيادة؛ فمنهم من لم يذكرها كالحسن الواسطي. وتابعه يحيى بن أبي بكير: عند الطبراني (20 / 383 / 898) ؛ على أنهما لم يذكرا أيضاً تصريحه بالتحديث! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 214 الثالثة: اضطرابه هو أو الرواة عنه في ذكر عدد شيوخه. الرابعة: عدم تصريحه بكون السياق لهم جميعاً أو لأحدهم وفيهم مجالد - وهو ابن سعيد - وليس بالقوي، ومن المحتمل أن تكون الزيادة منه، فتكون منكرة. الخامسة: أنه كان مدلساً تدليساً غريبا؛ سماه الحافظ ابن حجر وغيره تدليس العطف، قال في (طبقات المدلسين) : (ومن عجائبه في التدليس أن أصحابه قالوا له: نريد أن لا تدلس لنا شيئاً. فواعدهم، فلما أصبح أملى عليهم مجلساً، يقول في أول كل حديث منه: ثنا فلان وفلان عن فلان، فلما فرغ قال: هل دلست لكم اليوم شيئاً؟ قالوا: لا. قال: فإن كل شيء حدثتكم عن الأول سمعته، وكل شيء حدثتكم عن الثاني فلم أسمعه منه) . وعلى هذا فنستطيع أن نقول: هذه شهادة منه: أن من عطفهم على المغيرة عند ابن خزيمة والطبراني لم يسمعه منهم. وهم عند البخاري غير مُسَمَّين، فتكون روايته عنهم معللة بـ (العنعنة) . فإذا قالت: هذه علة غير قادحة ما دام أنه صرح بالسماع من المغيرة. قلت: هو كذلك لولا العلة التالية، وهي: السادسة: المغيرة، هو ابن مقسم الضبي؛ كما في (الفتح) ، وكان يدلس؛ كما في (التقريب) ، وقد عنعنه عن الشعبي، فالظاهر أنه لم يسمعه منه. ويؤيد ذلك أنه رواه أبو عوانة الوضاح بن عبد الله: عند الطبراني (20 / 382 / 896) ، وعلي بن عاصم: عند أحمد (4 / 254) ؛ كلاهما عن مغيرة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 215 عن شباك عن عامر به. فأدخلا بني المغيرة وعامر الشعبي شباكاً - وهو الضبي الكوفي - وهو مدلس أيضاً! ويرويه عنه مدلس! ! السابعة: وإذا دار الحديث على المغيرة ورواه عنه هشيم بالزيادة؛ فقد خالفه أبو عوانة وابن عاصم؛ فلم يذكرا الزيادة، فدل ذلك أيضاً على شذوذها؛ ولكن لعل الوهم ليس منه؛ لأنه كان ثقة ثبتاً، وإنما من أحد شيوخه الذين عطفهم على المغيرة ودلس عنهم - كما تقدم - أو من شيخ المغيرة الذي دلسه أيضاً، وهذا بالإضافة إلى مخالفته للثقات من الرواة الذين رووه عن الشعبي بدونها كما ذكرنا في العلة الأولى. وجملة القول؛ أن هذه الزيادة يكفي في إثبات شذوذها وعدم صحتها بعض هذه العلل، فكيف بها مجتمعة؟ والله أعلم. ثم استدركت فقلت: يمكن أن يضم إلى ما سبق من العلل في رواية هشيم علة ثامنة، وهي: أن أحد الرواة الذين بينه وبين الشعبي الذي جاءت بهذه الزيادة الشاذة فقد أسقط مكانها زيادة محفوظة رواها الوضاح وعلي بن عاصم المتقدم ذكرهما عن المغيرة بسنده عن الشعبي، وهي ثابتة عند من تابعه من الرواة عن الوارد، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجد منك الجدُّ) . ومن عجيب المصادفات أنه أصاب هذا الشطر الثاني من روايات الثقات عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 216 الوارد ما أصاب الشطر الأول منها زيادة ونقصاً من بعضهم! فقال عبد بن حميد في (المنتخب من المسند) (ق / 1) : أخبرنا عبد الرزاق: أنا معمر عن عبد الملك بن عمير: حدثني وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة: أن اكتب إلي بشيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . (قلت: فذكر حديثين ثالثاً، وهو:) قال: وسمعته يقول: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا راد لما قضيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) . قلت: فلم يذكر الشطر الأول من الحديث، وزاد قوله: (ولا راد لما قضيت) وحذف قوله: (ولا معطي لما منعت) ! وهي محفوظة في روايات الثقات في (الصحيحين) وغيرهما. فالزيادة شاذة، وذكرها الحافظ في (الفتح 2 / 333) ؛ دون أن يشير إلى شذوذها! بل لعله أشار إلى تقويتها بقوله: (ووقع عند الطبراني تاماً من وجه آخر؛ كما سنذكره في (كتاب القدر) إن شاء الله تعالى) . وقال هناك (11 / 513) : (وقوله: (ولا معطي لما منعت) زاد فيه مسعر عن عبد الملك بن عمير عن وارد: (ولا راد لما قضيت) . أخرجه الطبراني بسند صحيح عنه) . قلت: كأن الحافظ - رحمه الله - نظر إلى ظاهر السند فصححه! وإلا؛ فكيف يكون صحيحاً وهو شاذ؟ ! والدليل عليه أن أحداً من أصحاب ابن عمير لم يذكر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 217 هذه الزيادة، وقد أخرجه الطبراني في (كبيره) (909 - 920) من طريق معمر وشريك وزائدة وأبي عوانة وابن عيينة وزيد بن أبي أنيسة والحكم بن هشام وعمرو بن قيس والأعمش؛ كلهم عن ابن عمير؛ دون الزيادة، وبعض رواياتهم في الصحيحين كما تقدم. ثم إن رواية مسعر التي عزاها للطبراني، لعلها في كتاب (الدعاء) له فإني لم أرها في (معاجيمه الثلاثة) بل هي في (كبيره) (رقم908) من رواية أبي نعيم عن مسعر دون الشطر الثاني كله. ثم روى عقبها رواية عبد الزراق عن معمر التي تقدمت برواية عبد بن حميد؛ لكن ليس فيها: (ولا راد لما قضيت) . فذلك مما يؤكد شذوذها. والله أعلم. وقد غفل عن هذا التحقيق الشيخ مصطفى العدوي في تخريجه على (مسند عبد الحميد) (1 / 355 / 391) فصححه، ثم عزاه للشيخين! ! هذا، وقد رويت بعض تلك الزيادات في أحاديث، فرأيت من تمام الفائدة أن أتكلم عليها. الأول: عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى قال: (لا إله إلا الله. . .) إلخ، وفيه زيادة: (يحيي ويميت) . أخرجه البزار (4 / 21 - 22 - الكشف) من طريق ابن علاثة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر. وقال: (لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد) . الجزء: 12 ¦ الصفحة: 218 قلت: وهو ضعيف من أجل ابن علاثة، واسمه محمد بن عبد الله بن علاثة، وهو ضعيف؛ تقدمت له بعض الأحاديث. وأما الهيثمي؛ فقال: (10 / 103) : (رواه البزار، وإسناده حسن) . وأقول: أما بالزيادة هنا فلا، أعني: دبر كل صلاة. وإنما صحت في صلاة الصبح والمغرب؛ كما هو مخرج فيما سبق (2563) . الثاني: عن ابن عباس قال:. . . فذكره بزيادة: (بيده الخير) . أخرجه البزار أيضاً (4 / 22 / 3099) ، والطبراني في (المعجم الكبير) (12 / 173 / 12796) من طريق يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه عن أبي الجوزاء عنه. ولم يذكر الطبراني الزيادة؛ ولكنه ذكر مكانها: (يحيي ويميت) . وقال البزار: (لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد) . قلت: وهو ضعيف أيضاً؛ يحيى بن عمرو هذا ضعيف؛ كما قال الذهبي في (الكاشف) والحافظ في (التقريب) وزاد: (ويقال: إن حماد بن زيد كذبه) . وأما الهيثمي؛ فقال بعدما عزاه للبزار والطبراني: (وإسنادهما حسن) ! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 219 وهذا من تساهله ثم إن الزيادتين يقال فيهما ما قلته في الزيادة الأولى. 5599 - (ما يمنعُ أحدَكُم إذا عَرف الإجابةَ من نفسه، فَشُفي من مرضِهِ، أو قدم من سفرٍ؛ يقول: الحمد لله الذي بعزتهِ وجَلالِه تَتِمُّ الصالحات) . ضعيف جداً. أخرجه الحاكم في (المستدرك) (1 / 545) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال: (عيسى بن ميمون؛ غير متهم بالوضع) ! وكذا قال الذهبي! أقول: إن سلم بذلك، فهل يبرر للحاكم أن يستدرك بحديث مثله على الشيخين؟ ! ولاسيما وقد ضعفه البخاري جداً؛ فقال في (التاريخ الكبير) (3 / 2 / 401) (والصغير) : (منكر الحديث) . وقال الفلاس وأبو حاتم: (متروك الحديث) . وقال ابن حبان (2 / 118) : (يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات) . ثم روى عن ابن مهدي قال: (استعديت على عيسى بن ميمون، فقلت: هذه الأحاديث التي تحدث بها عن القاسم عن عائشة؟ ! فقال: لا أعود!) . الحديث: 5599 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 220 5600 - (كَانَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ اسْتَقْبَلَها بِوَجْهِهِ، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمَدَّ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، اللَّهُمَّ! اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا) (*) . منكر بهذا التمام. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (11 / 213 / 11533) من طريقين عن أبي علي الرحبي - وهو الحسين بن قيس - عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الحسين هذا - وهو الملقب ب (حنش) -؛ قال الحافظ في " التقريب ": " متروك ". وبه أعله الهيثمي (10 / 135 - 136) . ومن طريقه أخرجه مسدد وأبو يعلى في " مسنديهما " - كما في " المطالب العالية " (3 / 238) والتعليق عليه -، والخطابي في " غريب الحديث " (1 / 679) ، وقال: " قوله: " اجعلها رياحاً "؛ يريد: اجعلها لقاحاً للسحاب. " ولا تجعلها ريحاً "؛ يريد: لا تجعلها عذاباً. وتصديق هذا في كتاب الله عز وجل، وبيانه ما ذكر ابن عباس. . . ". ثم روى بإسناده الصحيح عن الشافعي: أخبرنا من لا أتهم: " العلاء بن   (*) قُدِّر للشيخ - رحمه الله - تخريج هذا الحديث فيما سبق في هذه " السلسله برقم (4217) . (الناشر) . الحديث: 5600 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 221 راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال: " في كتاب الله - يعني: آية الرحمة -: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} . قال: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} . وقال - يعني: في آية العذاب -: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} . وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} ". قلت: وهذا الأثر لا يصح؛ لا من حيث إسناده، ولا من حيث دلالته. أما الأول: فلأن فيه شيخ الشافعي الذي لم يسمه؛ على الرغم من وصفه إياه بأنه غير متهم عنده، ومن شيوخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، وهو متروك متهم بالكذب، فلا يبعد أنه يعنيه بذاك الوصف. وشيخه العلاء بن راشد؛ أورده البخاري في " التاريخ الكبير " وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما عدم صحته من حيث الدلالة؛ فلأن هناك آية أخرى تدل على أنه لا فرق بين (الرياح) و (الريح) . فكما أن (الرياح) تستعمل في الرحمة، فكذلك (الريح) ، وجرى العمل بذلك في الأحاديث الصحيحة. وكأن الخطابي تلقى التفريق بين اللفظين عن الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام؛ فقد حكاه أبو جعفر الطحاوي في " مشكل الآثار " (1 / 398) عنه، واستشهد على ذلك أبو عبيد بحديث الترجمة، فرد عليه الطحاوي بقوله: " أما الحديث؛ فلا أصل له، وقد كان الأولى به - لجلالة قدره ولصدقه في روايته غير هذا الحديث - أن لا يضيف إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا يعرفه أهل الجزء: 12 ¦ الصفحة: 222 الحديث عنها! ثم اعتبرنا في كتاب الله تعالى ما يدل على أن المعنى واحد فيهما، فوجدنا الله تعالى قد قال: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} ؛ فكانت الريح الطيبة من الله تعالى رحمة، والريح العاصف منه عز وجل عذاباً، ففي ذلك ما قد دل على انتفاء ما رواه أبو عبيد مما ذكره [من الحديث] . ثم اعتبرنا ما يروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يدخل في هذا المعنى، فوجدنا. . . ". قلت: ثم ذكر أحاديث في الدعاء إذا عصفت الريح: " اللهما إني أساثك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ". وقد خرجت بعضها في " الصحيحة " (2756) . فإن مما يؤكد ضعف حديث الترجمة وأثر ابن عباس؛ بل بطلانهما: أنه صح عنه خلافهما؟ فقال مجاهد: هاجت ريح، فَسَبُّوها. فقال ابن عباس: " لا تسبوها، فإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب، ولكن قولوا: اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذاباً ". أخرجه ابن أبي ثمينة في " المصنف " (10 / 217) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 83) بسند صحيح عنه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 223 5601 - (مَنْ سَاءَ خُلُقَهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالصِّبْيَانِ؛ فَاقْرَأُوا فِي أُذُنِهِ: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ. . .} ) . موضوع. أخرجه الطبراني في ما المعجم الأوسط " (1 / 6 / 1 / 64) من طريق الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي قال: يا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي خلف عن أنس بن مالك مرفوعاً، وقال: " لا يروى إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو موضوع؛ آفته أحد هؤلاء الثلاثة: الأول: أبو خلف - وهو الأعمى - خادم أنس رضي الله عنه؛ قال الحافظ في " التقريب ": " متروك، ورماه ابن معين بالكذب ". الثاني: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير؛ قال البخاري في " التاريخ الكبير " (1 / 1 / 142) و " الضعفاء الصغير " (ص 275) : " ليس بذاك الثقة ". ونقل الذهبي عنه أنه قال: " منكر الحديث ". وعن النسائي: " متروك الحديث ". الثالث: الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي؛ قال البخاري في " التاريخ الكبير " (1 / 2 / 342) : " قال لي سليمان بن عبد الرحمن: رأيته بدمشق، عنده عجائب، منكر الحديث: 5601 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 224 الحديث؛ ذاهب. تركت أنا حديثه ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال أبو زرعة: " ضعيف الحديث، منكر الحديث ". قلت: وسليمان بن عبد الرحمن هو الدمشقي، وهو راوي هذا الحديث عن الحكم هذا. وقد روي طرف من هذا الحديث من طريق المنهال بن عيسى: ثنا يونس بن عبيد قال: ليس رجل يكون على دابة صعبة، فيقول في أُذُنِهَا: {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون} إلا وقفت بإذن الله تعالى. أخرجه ابن السني في " عمل اليوم " (رقم 504) . قلت: وهذا مع كونه مقطوعاً موقوفاً على يونس بن عبيد - وهو تابعي ثقة -؛ فالسند إليه لا يصح؛ لأن المنهال بن عيسى مجهول؛ كما قال أبو حاتم فيما نقله ابن علان في تخريج " الأذكار " (5 / 152) عن الحافظ ابن حجر، ثم ذكر عنه أنه قال: " وقد وجدته عن أعلى من يونس؛ أخرجه الثعلبي في " التفسير " بسنده من طريق الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموساً؛ فليقرأ في أذنها: {أفغير دين الله يبغون. .} الآية. وذكره القرطبي عن ابن عباس في " التفسير " بغير سند ولا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 225 عزو لمخرج، وهو مما يعاب به ". قلت: الحكم هذا هو ابن عتيبة الثقة الثبت الفقيه، فهل السند إليه صحيح؟ وذلك ما لا أظنه. وإلا؛ فما الفرق بين ما عابه على القرطبي، وما فعله هو من حذفه السند الذي دون الحكم؟ ! فلو أنه صرح بصحته لم يُعَبْ ذلك عليه، أمَا وهو ما لم يفعله: فلا فرق حينئذ بين عدم ذكره بتمامه وبين عدم ذكر القرطبي إياه مطلقاً! أقول هذا مع كون المفروض في حالة مثل هذا الحذف من السند أن يكون صحيحاً، ولكننا نعلم بالتجربة أن ذلك ليس مضطرداً. والله أعلم. ومن أحاديث المحاربيِّ المتقدمِ الحديثُ التالي: 5602 - (نَهى عَنْ إرضَاعِ الحَمْقَاءِ) . ضعيف جداً. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 6 / 1 / 65) من طريق سليمان بن عبد الرحمن: نا الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي قال: نا أبو معمر عباد بن عبد الصمد التيمي عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعاً، وقال: " لم يروه عن سالم بن عبد الله إلا أبو معمر، ولا عن أبي معمر إلا الحكم بن يعلى، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن ". قلت: هو ثقة من شيوخ البخاري؛ كما ذكرت في الحديث السابق. وإنما الآفة من شيخه المحاربي؛ فإنه متروك؛ كما سبق آنفاً. ومثله أو شر منه: شيخه عباد بن عبد الصمد؛ قال البخاري: الحديث: 5602 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 226 " منكر الحديث ". وقال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 82) : " سألت أبي عنه؟ فقال: ضعيف الحديث جداً، منكر الحديث، لا أعرف له حديثاً صحيحاً ". وقال ابن حبان (2 / 170 - 171) : " منكر الحديث جداً، يروي عن أنس ما ليس من حديثه، وما أراه سمع منه، له عنه نسخة أكثرها موضوعة ". ومنه تعلم تساهل الهيثمي في قوله (4 / 262) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عباد بن عبد الصمد، وهو ضعيف "! فلعله سقط من الناسخ أو الطابع قوله: " جداً "؛ فإنه هو اللائق بحاله المفهوم من كلام الأئمة، كما سقط منه لفظ (ابن) المضاف إلى عمر حيث فيه: " وعن عمر. . . "، فصار الحديث بسبب ذلك من مسند عمر وهو خطأ ظاهر. وقد رواه بعض الضعفاء من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ: " لا تسترضعوا الورهاء "؛ أي: الحمقاء. أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 27 - هندية) عن أبي أمية بن يعلى الثقفي - بصري - عن هشام بن عروة عن أبيه عنها. وقال: " لم يروه عن هشام إلا أبو أمية ". قلت: كلا؛ فقد تابعه عكرمة بن إبراهيم عن هشام به، وزاد في متنه: " فإن اللبن يورث ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 227 أخرجه البزار في " مسنده " (2 / 169 / 1446 - كشف الأستار) ، وقال: " لا نعلمه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وعكرمة ليّن الحديث، وقد احتمل حديثه ". كذا قال! وهو معارض برواية الطبراني المتقدمة؛ لكن لعله يعني بهذه الزيادة. ثم إن عكرمة هذا؛ أجمع الأئمة النقاد على تضعيفه؛ بل قال ابن معين وأبو داود: " ليس بشيء ". وقال النسائي في رواية: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان (2 / 188) : " كان ممن يقلب الأخبار، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به ". وأما متابعه أبو أمية - واسمه إسماعيل -؛ فهو أسوأ حالاً منه؛ قال فيه ابن معين والنسائي والدارقطني: " متروك ". وقال البخاري في " التاريخ الكبير " و " الصغير ": " سكتوا عنه ". وأما قول الذهبي في دي الميزان ": " وقد مشاه شعبة وقال: اكتبوا عنه فإنه شريف ". فهو مما لا ينبغي الالتفات إليه؛ لأنه لم يثبت عن شعبة؛ فقد ذكر أبو عبيد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 228 الآجري في " سؤالاته " أنه قال لأ بي داود (ص 367) : " حكى رجل عن شيبان الأبلي أنه سمع شعبة يقول: اكتبوا عن أبي أمية ابن يعلى؛ فإنه شريف لا يكذب، واكتبوا عن الحسن بن دينار؛ فإنه صدوق. قال أبو عبيد: غلام خليل حكى هذا عن شيبان. قال أبو داود: كذب الذي حكى هذا ". قال عقبه الحافظ في " اللسان " متعقباً على الذهبي: " قلت: وغلام خليل - كما تقدم - مجمع على تكذيبه، فكيف جزم المؤلف أن شعبة قال: اكتبوا عنه ". ثم إن الهيثمي ذكر حديث عائشة برواية البزار والطبراني، ثم قال: " وإسنادهما ضعيف "! 5603 - ( {وله أَسْلَمَ مَنْ في السَّماوات والأرض طَوْعَاً وكَرْهاً} . أما {مَنْ في السماوات} ؛ فالملائكة، وأما من في {الأرض} ؛ فَمَنْ وُلِدَ على الإسلام، وأما {كرهاً} ؛ فَمَنْ أُتي به مِنْ سبايا الأمم في السَّلاسِلِ والأغلالِ؛ يُقَادُونَ إلى الجنةِ وهم كارِهون) . موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (11 / 194 / 11473) من طريق سعيد بن حرص النفيلي: ثنا محمد بن محصن العكاشي: ثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به. قلت: وهذا موضوع؛ آفته العكاشي هذا؛ فإنه كذاب كما تقدم مراراً في الحديث: 5603 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 229 أحاديث له فانظر (408، 497، 662) ، وبه أعله الهيثمى فقال (6 / 326) : " وهو متروك ". والنفيلى، قال الحافظ: " صدوق تغير فى اخر عمره ". لكن الآفه من شيخه كما سبق، ولعل السيوطى خفيت عليه، فقال فى " الدر المنثور " (2 / 48) : " أخرجه الطبرانى بسند ضعيف ". فان لم يكن كذلك، فهو تساهل كبير منه، وما هو عن عادته ببعيد! وأورده الحافظ بن كثير فى تفسير الآيه المذكوره بإسناد الطبرانى وسكت عنه! لكنه استغرب معناه، وقال: " ولكن المعنى الأول للآيه أقوى ". يعنى: أن المؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرهاً؛ فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم الذى لا يخالف ولا يمانع. 5604 - (اذا أصابَ أحدَكُم همٌّ أو حزنٌ، فليقل سبعَ مراتٍ: اللهُ ربى لا أشرك به شيئاً) . منكر بزيادة (السبع) . أخرجه النسائى فى " عمل اليوم والليله " (رقم 650 - طبع المغرب) : أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: الحديث: 5604 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 230 أخبرنا جرير عن مسعر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عمر بن عبد العزيز قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته فقال. . . فذكروه. قلت: وهذا اسناد رجاله كلهم ثقات زكريا بن يحيى - وهو السجزى - ثقة حافظ. واسحاق بن ابراهيم هو ابن راهويه الامام الحافظ (انظر " تهذيب المزى " 2 / 373) . وجرير - وهو ابن عبد الحميد الضبى - من رجال الشيخين، لكن قال الحافظ: " ثقه صحيح الكتاب، قيل: كان فى اخر عمره يهم من حفظه ". قلت: وطول الذهبى ترجمته فى " الميزان "، وهى تدل على أن الرجل ثقه, وأن حفظه لا يخلو من شىء، وبيض له فى " الكاشف "! ومسعر - وهو ابن كدام الهلالى - ثقة ثبت احتج به الشيخان. وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، احتج به الشيخان أيضا، لكن قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وأما أبوه عمر بن عبد العزيز، فهو الامام العادل والخليفة الراشد، التابعى الجليل، ثقة مأمون، احتج به الشيخان. قلت: فالحديث مرسل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 231 لكن قد وصله جماعة من الثقات، منهم: أبونعيم - عند البخارى فى " التاريخ " والنسائى فى " اليوم والليله " والطبرانى وأبى نعيم فى " الحلية " - ووكيع - عند ابن ماجه وابن أبى شيبه - وغيرهم من الثقات، كلهم قالوا: عن عبد العزيز بن عمر عن هلال مولى عمر بن عبد العزيز عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس مرفوعا مختصرا بلفظ: " الله الله ربى، لا أشرك به شيئا ". قلت: فدلت روايه هؤلاء الثقات على أن حديث الترجمه فيه ثلاث علل: الأولى: الارسال، كما تقدم. والثانيه: الانقطاع بين عمر بن عبد العزيز وابنه عبد العزيز. والثالثه: زيادة " سبع مرات " فهى منكره. ويؤكد ذلك: أن الحديث قد جاء من طريق أخرى عن أسماء، ومن حديث عائشه وغيرها دون الزيادة، وقد خرجت ذلك كله فى " سلسلة الاحاديث الصحيحة " برقم (2755) فأغنى ذلك عن الاعادة. 5605 - (كنت ءاماما، فلو سجدت، سجدت) . ضعيف. اخرجه الامام الشافعى فى " مسنده " (1 / 102 - من ترتيبه) : أخبرنا ءابراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن رجلا قرأ عند النبى صلى الله عليه وسلم السجدة، فسجد النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ اخر عنده الحديث: 5605 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 232 السجدة، فلم يسجد النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله! قرأ فلان عندك السجدة فسجدت، وقرأت عندك السجدة فلم تسجد، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره. قلت: وهذا اسناد ضعيف، فانه مع ارساله فيه ءابراهيم بن محمد - وهو ابن أبى يحيى الأسلمى - وهو متروك. لكن تابعه هشام بن سعيد وحفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به. أخرجه البيهقى (2 / 324) . وخالفهم جمع فأعضلوه، فقال عبد الرزاق (3 / 346 / 5914) : عن معمر عن زيد بن أسلم قال: قرأ رجل000 الحديث، وقال: وقاله ابن جريج عن عطاء. وقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2 / 19) : حدثنا أبوخالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم به. وقد روى موصولا ولا يصح، فقال البيهقى: " رواه اسحق بن عبد الله بن أبى فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة موصولا، واسحاق ضعيف. وروى عن الأوزاعى عن قرة عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة، وهو أيضا ضعيف، والمحفوظ من حديث عطاء بن يسار مرسل، وحديثه عن زيد بن ثابت موصول مختصر ". قلت: يشير الى ما أخرجه البخارى فى " صحيحه " (1072، 1073) من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت قال: الجزء: 12 ¦ الصفحة: 233 " قرأت على النبى صلى الله عليه وسلم ((والنجم)) فلم يسجد فيها ". قلت: فهذا شاهد قوى لما فى حديث الترجمة من عدم سجوده صلى الله عليه وسلم للسجدة، وأما سائره فلم أجد ما يقويه. ولو صح عنه صلى الله عليه وسلم، فلا يدل على عدم شرعية السجود لها إذا لم يسجد القارىء. وإنما على أن القارىء عليه أن يسجد، سواء كان يرى وجوبها أو سنيتها - كما هو الراجح - ليسجد معه الذين يستمعون له، وقد روى الطحاوى فى " شرح المعانى " (1 / 208) بسند جيد عن ابن أبى مليكة قال: لقد قرأ ابن الزبير السجدة وأنا شاهد، فلم يسجد، فقام الحارث بن عبد الله فسجد، ثم قال: يا أمير المؤمنين ما منعك أن تسجد إذ قرأت السجدة؟ فقال: إذا كنت فى صلاة سجدت، وإذا لم أكن فى صلاة فإنى لا أسجد. وأما ما علقه البخارى فى " صحيحه " (2 / 556) ووصله فى " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 153و2 / 124) من طريقين عن مغيرة عن إبراهيم قال: قرأ تميم ابن حذلم - وهو غلام - على عبد الله فقرأ السجدة، فقال ابن مسعود: اسجد، فأنت إمامنا فيها. ووصله الحافظ من رواية سعيد ابن منصور فقط، وسكت عليه, وفيه عندى علتان: الأولى: الإرسال، فإن إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعى - لم يدرك عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه. والأخرى: أن المغيره - وهو بن مقسم الضبى - كان يدلس، ولاسيما عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 234 إبراهيم، كما قال الحافظ نفسه فى " التقريب " نعم، رواه البخارى (2 / 2 / 124) ، وكذا ابن أ [ى شيبة فى " المصنف " (2 / 19) من طريق أبى إسحق عن سليم ابن حنظلة قال: قرأـ على عبد الله ابن مسعود (سورة بنى إسرائيل) ، فلما بلغت السجدة، قال عبد الله: اقرأها، فإنك إمامنا فيها. ورواه عبد الرزاق فى " مصنفه " (3 / 344 / 5907) عن معمر، والبيهقى عن سفيان، كلاهما عن أبى اسحق عن سليمان بن حنظلة به. كذا قالا: (سليمان) مكان (سليم) وفى (سليم) ترجمه البخارى - وفيها ساق له هذا الأثر - وابن أبى حاتم (2 / 1 / 212) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان فى " الثقات " (3 / 100) . والجواب عن هذا الأثر كالجواب عن الحديث. والله أعلم. 5606 - (إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إنى أسألك خير هذا اليوم: فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما قبله وشر ما بعده. ثم إذا أمسى، فليقل مثل ذلك) . ضعيف. أخرجه أبوداود (5084) ، والطبرانى فى " الكبير " (3 / 296 / الحديث: 5606 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 235 3453) و " مسند الشاميين " (ص333) عن محمد ابن إسماعيل: حدثنى أبى - قال ابن عوف: ورأيته فى أصل إسماعيل - قال: حدثنى ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبى مالك مرفوها. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: ضعف محمد ابن إسماعيل. والأخرى: الانقطاع بين شريح وأبى مالك. أما الأولى: فقال المنذرى فى " مختصر السنن " (6 / 341) : " فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وأبوه، وكلاهما فيه مقال "! قلت: لايستويان فأبوه ثقة فى روايته عن الشاميين وهذه منها، فالعلة من ابنه، وقد ضعفه أبوداود نفسه فى رواية الآجرى عنه، قال: " سئل أبوداود عنه؟ فقال: لم يكن بذاك، قد رأيته ودخلت حمص غير مرة وهو حى، وسألت عمرو بن عثمان عنه؟ فذمه ". وذهل النووى عن هذا، فقال فى " الأذكار ": " لم يضعفه أبوداود "! ورد الحافظ فى " نتائج الأفكار " بقوله " ق171 / 2) : " هذا حديث غريب، ورواته موثقون، إلا محمد بن إسماعيل فضعفه أبوداود وقال أبو حاتم الرازى: " لم يسمع من أبيه شيئا " لكن أبوداود لما أخرجه استظهر بقول شيخه محمد بن عوف: قرأته فى كتاب إسماعيل بن عياش. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 236 قلت ومع ضعف محمد فقد خالفه الحفاظ عن أبيه فى سنده ". قلت ثم ساقه من طرق عن إسماعيل بن عياش: ثنا محمد بن زياد الألهانى عن أبى راشد الحبرانى قال: أتيت عبد الله بن عمرو000 فذكر الحديث بلفظ آخر يختلف عن هذا كل الإختلاف، ليس فيه مما فى هذا إلا أنه من أذكار الصباح والمساء، فلفظه: " يا أبا بكر! قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شىء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسى، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسى سوءا، أو أجره إلى مسلم ". وهومخرج مع غيره مما فى معناه فى " الصحيحه " (2763) وقد حسنه الحافظ، ثم قال: " وعجبت من عدول الشيخ عن هذه الطريق القوية إلى تلك الطريق الضعيفة ". وأما الإنقطاع فقد قال بن أبى حاتم فى " المراسيل " (ص60) عن أبيه: " شريح بن عبيد لم يدرك أبا أمامة، ولا الحارث بن الحارث، ولا المقداد ". قال: وسمعته يقول: " شريح بن عبيد عن أبى مالك الأشعرى، مرسل ". ونحوه ماذكره المزى فى " التهذيب ": أن محمد بن عوف سئل: هل سمع شريح من أبى الدرداء؟ فقال: لا. قيل له: فسمه من أحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما أظن ذلك، وذلك أنه لا يقول فى شىء من ذلك: سمعت. وهو ثقة ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 237 قلت: وقد أخرج الطبرانى (3 / 291 - 298) لشريح عن أبى مالك أربعة وعشرين حديثا عامتها بهذا الإسناد عنه، لم يقل أيضا فى شىء منها: سمعت أبا مالك! ولذلك تعقب المزى الحافظ ابن حجر فى " تهذيبه " فقال عقب ما سبق عن أبى حاتم: " وإذا لم يدرك أبا أمامة الذى تأخرت وفاته (يعنى: إلى سنة 86) فبالأولى أن لا يكون أدرك أبا الدرداء (مات فى حدود سنة 35) ، وإنى لكثير التعجب من المؤلف كيف جزم بأنه لم يدرك من سمى ههنا، ولم يذكر ذلك فى المقداد وقد توفى قبل سعد بن أبى وقاص (مات سنة 33) وكذا أبوالدرداء، وأبو مالك الأشعرى وغير واحد ممن أطلق روايته عنهم ". قلت: وأنا بدورى أتعجب منه كيف نسى هذا الذى تعقبه على المزى، فلم يعل الحديث بهذه العلة الثانية، ألا وهى الإنقطاع، بينما تنبه له فى حديث آخر خرجته فيما سبق من هذه السلسله (1510) . فأعله فى " التلخيص الحبير " (3 / 141) بالإنقطاع، وصرح فى " تخريج أحاديث المختصر " (ق24 / 1) - تبعا للزركشى فى " المعتبر " (ص58) - بأن العلة القادحة هى قول أبى حاتم الرازى: لم يسمع شريح بن عبيد عن أبى مالك الأشعرى! ! ولكن لا عجب فهذه طبيعة الإنسان، ألا وهى النسيان، فقد وقعت أنا فى مثل ما وقع هو فيه من السهو، فقد أوردت حديثا فى " الصحيحة " برقم (1817) وصححته تبعا للحاكم الذهبى، وهو من هذا الوجه المنقطع! ومثله الحديث (225 - الصحيحة) بينما تنبهت لإنقطاعه فى حديث آخر ذكرته شاهدا تحت الجزء: 12 ¦ الصفحة: 238 الحديث (1502) : ولذلك قررت نقل الحديث (225) من " الصحيحه " إذا لم أجد له شاهدا معتبرا، وهو مما أستبعده، فإن الحافظ استغربه أيضا فى " نتائج الأفكار " (34 / 1) ، وأعله بضعف محمد ابن إسماعيل، ولم يتنبه أيضا لانقطاعه ولا لإستظهار أبى داود بقول شيخه ابن عوف: قرأته فى كتاب إسماعيل ابن عياش. فجل من لا يسهو ولاينسى، وغفر لى خطئى وعمدى، وكل ذلك عندى. وروى أبوداود بهذا الإسناد حديثا آخر عن أبى مالك فى (أذكار الصباح والمساء) بلفظ: " اللهم! فاطر السماوات. . . . . . ". ثم رأيت الحافظ العراقى فى " تخريج الإحياء " (1 / 297 - طبع الحلبى) ذهل أيضا عن العلة، فقال: " إسناده جيد "! 5607 - (لاأخاف على أمتى إلا ثلاث خلال: أن يكثر لهم من المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب، يأخذه المؤمن يبتغى تأويله: ((وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب)) ، وأن يروا ذا علمهم فيضيعوه، ولا يبالون عليه) . ضعيف. أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3 / 293 / 3442) و " مسندالشاميين " (ص331) و (2 / 443 / 1665) : حدثنا هاشم بن مرثد الحديث: 5607 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 239 الطبراني: ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاثة علل: الأولى: الانقطاع بين شريح وأبي مالك؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله. الثانية: ضعف محمد بن إسماعيل. وتقدم أيضاً. الثالثة: هاشم هذا؛ فإنه ضعيف أو أشد؛ قال ابن حبان: ((ليس بشيء)) ذكره عنه الذهبي. وانظر الحديث (1510) ؛ فإن هنالك حديثاً آخر لمحمد بن إسماعيل. ولحديث الترجمة شاهد من حديث عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به. أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (2 / 288) . وقال: ((صحيح)) ! وكذا في ((التلخيص)) للذهبي. قلت: فالظاهر أنه سقط الحديث من المستدرك؛ لأن نصه فيه موافق لنص ((التلخيص)) تماماً: إسناداً ولفظاً وتصحيحاً! فيبدو لي - والله أعلم - أن الناسخ أو الطابع نقل نص ((التلخيص)) إلى ((المستدرك)) فظهر التماثل على خلاف الجادة، ليس فيه بإسناد الحاكم إلى (عمر بن راشد) لننظر فيه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 240 لكن تصحيح الذهبي هنا من أوهامه! فقد قال في ((المغني)) : ((عمر بن راشد اليمامي، عن ابن أبي كثير، ضعفوه، وهو عمر بن أبي خثعم)) . 5608 - (قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ثلاثُ خلالٍ غيّبتُهنَّ عن عبادي، لو رآهنَّ رجلٌ ما عمل سوءاً أبداً: لو كشفت غطاءي حتى يراني فيستسقنَ ويعلمَ كيفَ أفعلُ لِخلقي إذا أمتُّهم؟ وقبضتُ السمواتِ والأرضينَ ثم قلت: أنا الملكُ من ذا الذي لهُ الملكُ دوني؟ ! ثم أريهم الجنة وما أعددتُ لهم فيها من كلِّ خيرٍٍ فيستيقِنُونَها، وأريهم النَّار وما أعددت لهم من كلِّ شر فيستيقنونها. ولكن عمداً غيَّبت ذلك عنهم؛ لأعلم كيف يعلمون، وقد بينتُه لهم) . ضعيف. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (3 / 294 / 3447) و ((مسند الشاميين)) (ص332) بإسناد الذي قبله. الحديث: 5608 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 241 5609 - (ما من رجلٍ يستيقظ من الليل فيوقظُ امرأَتَهُ فإنْ غَلَبَهَا النَّوم نضحَ في وجهها من الماء، فيقومان في بيتِهما فيذكُركانَ الله عزَّ وجلَّ ساعةً من الليل؛ إلا غفر لهما) . ضعيف، أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (3 / 295 / 3448) وفي ((مسند الشاميين)) (ص234) بإسناد الذي قبله. الحديث: 5609 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 241 قلت: وفيه ثلاث علل كما تقدم، وأعله الهيثمي بواحدة منها، وهي ضعف محمد بن إسماعيل بن عيَّاش! فانظر إن شئت ((مجمع الزوائد)) (2 / 263) 5610 - (إذا نامَ ابنُ آدم، قال الملكُ للشيطانِ: أعطني صحيفَتَكَ. فيعطيه إياها، فما وجد في صحيقته من حسنةٍ، محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطانِ، وكتبهنَّ حسناتٍ! فإذا أراد أحدُكم أن ينامَ، فليكبر ثلاثاً وثلاثين تكبيرةً، ويَحْمَدْ أربعاً وثلاثين تحميدةً، ويسبح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، فتلك مئة) . ضعيف. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (3 / 396 / 3451) وفي ((مسند الشاميين)) (ص332) بإسناد الحديث الذي قبله. وفيه ثلاث عللٍ، أعله الهيثمي بواحدة منها كعادته، فقال في ((مجمعه)) (10 / 121) : (وفيه محمد بن إسماعيل بن عيّاش، وهو ضعيف)) . الحديث: 5610 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 242 5611 - (ليقُلْ أحدُكم حينَ يرِيدُ أن ينامَ: أمنت بالله، وكفرتُ بالطاغوت، وعد الله حقٌّ، وصدق المرسلون، اللهم! إني أعوذ بك من طوارق هذا الليل، إلا طارقاً يطرق بخيرٍ) . ضعيف أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (3 / 297 / 3454) وفي ((مسند الشاميين)) (ص333) بإسناد الذي قبله. وأعله الهيثمي بمثل ما أعله (10 / 124) ، وفيه علتان أخريان كما تقدم بيانه. الحديث: 5611 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 242 5612 - (والذي نفسُ محمَّدٍ بيدهِ! ليُبْعَثَنَّ منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود زمرة جميعاً، يخبطون الأرض، تقولُ الملائكة: لَمَا جاء مع محمَّد أكثرُ مما جاءَ مع الأنبياءِ!) . ضعيف. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (3 / 297 / 3455) و ((مسند الشاميين)) (ص333) بإسناد ما قبله. وضعفه الهيثمي (10 / 404) بمثل ما ضعفه، وقد عرفت أن فيه علتين أخريين لم يتنبه لهما. الحديث: 5612 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 243 5613 - (إنَّ الله عزَّ وجلّ لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى أحسابكم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالحٌ تحنن الله عليه، وإنما أنتم بنو آدم، وأحبُّكم إليَّ أتقاكم) . ضعيف. أخرجه الكبراني في ((الكبير)) (3 / 297 / 3456) و ((مسند الشاميين)) (ص333) بإسناد الذي قبله. وقد عرفت علله الثلاثة! وقد أعله الهيثمي هذه المرة بما ليس فيه! فقال (10 / 231) : (رواه الطبراني، وفيه عبد الحميد بن يحي الحماني، وهو ضعيف) ! والشطر الأول من الحديث قد جاء من حديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه. رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في ((غاية المرام في تخريج الحلال والحرام)) (410) الحديث: 5613 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 243 5614 - (اللهمَّ! حبّب الموت إلى من يعلم أني رسولك) . ضعيف. أخرجه الكبراني في ((الكبير)) (3 / 297 / 3457) و ((مسند الشاميين)) (333) بإسناد الحديث الذي قبله. قلتُ: وهو ضعيف؛ فيه العلل الثلاثة المتقدم بيانها، وأعله الهيثمي (10 / 309) بالواحدة منها؛ كما جرت عادته بهذا الإسناد خاصة. وقال المناوي في ((فيض القدير)) : ((رمز المصنف لضعفه، وهو كما قال؛ فقد قال الهيثمي: فيه محمد بن إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف)) ! الحديث: 5614 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 5615 - (إنَّكم أمَّة مرحومة معافاة، فاستقيموا، وخذوا طاقة الأمر) . موضوع. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (3 / 298 / 3461) و ((مسند الشاميين)) (333) : حدَّثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: ثنا عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً. قلت: وهذا موضوع، آفته ابن الضحّاك؛ قال أبو حاتم: ((كذاب)) وبه أعله الهيثمي (10 / 70) . وابن عرق الحمصي، لم أجد له ترجمة، ولعله في ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر، فإنه على شرطه، فليراجع من تيسّر له ذلك. الحديث: 5615 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 5616 - (علَّمنا إذا دخل أحدُنا الخلاءَ أن يعتمد اليسرى وينصب اليمنى) . منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (7 / 160 / 6605) ، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (1 / 96) من طريق زَمَعَة بن صالح عن محمد ابن عبد الرحمن؛ زعم أنَّ رجلاً حدثه من بني مدلج قال: سمعت أبي يقول: جاء سراقة بن مالك بن جشعم من عند [النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: علمنا] رسول الله كذا وكذا. فقال رجل - كالمستهزئ -: أما علَّمكم كيف تخرون؟ ! قال: بلى؛ والذي بعثه بالحق! أمرنا أن نتوكأ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى. والسياق للطبراني، واللفظ الذي أعلاه للبيهقي، وما بين المعكوفتين سقط من ((المعجم)) واستدركته من ((المجمع)) (1 / 206) وأعله بقوله: ((وفيه رجلٌ لم يسمَّ)) . وتعقبه صاحبنا الشيخ حمدي السلفي بقوله: ((قلت: بل رجلان لم يسميا)) . يعني: شيخ محمد بن عبد الرحمن وأباه. وأقول: فيه علتان أخريان: إحداهما: زمعة بن صالح؛ قال الحافظ: ((ضعيف)) والأخرى: شيخه محمد بن عبد الرحمن، وهو المدلجي؛ ذكره الحافظ المزي في شيوخ زمعة، ولم أجد له ترجمة. الحديث: 5616 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 245 ولذلك؛ قال الحافظ في ((بلوغ المرام)) : ((إسناده ضعيف)) وقال في ((التلخيص الحبير)) (1 / 107) : ((قال الحازمي: لا نعلم في الباب غيره، وفي إسناده من لا يُعْرَف)) . 5617 - (ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمرُ الفاروقُ، عثمانُ ذو النورين، يُقتَلُ مظلوما) . موضوع. أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (10 / 264) من طريق إسحاق ابن إبراهيم الختلي، وهذا في ((الديباج)) كما في ((اللآلئ)) (1 / 320) حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عفان الصوفي: حدثنا محمد بن مجيب الصائغ: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعاً. أورده في ترجمة الصوفي هذا، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: ((كذاب، يكذب، رأيت له حديثاً حدث به عن أبي إسحاق الفرازي كذباً)) . فهو المتهم بهذا الحديث، وبذلك صرَّح الحافظ ابن حجر في ((اللسان)) . لكن شيخه محمد بن مجيب الصائغ، ليس خيراً منه؛ فقد قال فيه ابن معين أيضاً: ((كان كذوباً عدواً لله تعالى)) . وقال أبو حاتم: ((ذاهب الحديث)) . الحديث: 5617 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 246 قلت: فعلى هذا لا ينبغي تعصيب التهمة بالصوفي وحده، وقد أشار إلى هذا ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1 / 337) : ((هذا حديث لا يصح، وأبو بكر الصوفي ومحمد بن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين)) . ووافقه السيوطي في ((اللآلئ)) (1 / 320) ، وتعقبه ابن عراق في ((تنزيه الشريعة)) بقوله (1 / 351) : ((قلت: قال الحافظ ابن حجر: المتهم به عبد الرحمن. والله أعلم)) . وفيه ما تقدم بيانه. وللصوفي هذا حديث آخر في عثمان بلفظٍ آخر، وهو: 5618 - (لما عُرِج بي إلى السماء، دخلت جنَّة عدن، فوقعت في يدي تفاحة، فانفلقت عن حوراء مرضيَّة، كأنَّ أشفار عينيها مقاديمُ أجنحة النُّسور، فقلت: لمن أنت؟ فقال: أنا للخليفة من بعدك المقتول عثمان بن عفَّان) . موضوع. أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (2 / 320) من طريق عبد الرحمن بن عفان قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعاً. أورده في ترجمة الدمشقي هذا؛ ول: ((مجهول، وحديثه موضوع لا أصل له)) . الحديث: 5618 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 247 وكذا قال الذهبي ثم العسقلاني، ثم السيوطي في اللآلئ (1 / 313) ، وتبعهم ابن عراق (1 / 374) ومن قبلهم ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1 / 331) ؛ كلهم أعلوه بابن الدمشقي هذا! وإعلاله بالراوي عنه عبد الرحمن بن عفّان أولى؛ لأنه كذاب؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله، وإن كان قد جاء من غير طريقهما: فرواه عبد الله بن سليمان البغدادي: حدثنا الليث بن سعد. أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (9 / 464) من طريقين عنه. ولم يذكر في ترجمته شيئاً سوى أنه ساق له هذا، وقال: ((حديث منكر)) . وقد قال فيه ابن عدي في ((الكامل)) (4 / 1545) : ((ليس بذاك المعروف)) . وأما ابن حبان؛ فقد ذكره في ((الثقات)) ، وقال الذهبي في ((الميزان)) : ((فيه شيء له حديث منكر)) . ثم ساق له هذا، ثم قال: ((وقد رواه خيثمة في ((فضائل الصحابة)) عن خليل بن عبد القاهر عن يحيى بن مبارك عن الليث)) . قال الحافظ عقبه: ((فلم ينفرد به عبد الله بن سليمان؛ لكن يحيى بن مبارك أيضاً ضعّفه الدارقطني)) . (تنبيه) : قد أعلّ ابن الجوزي رواية الخطيب هذا بأن فيها عبد الله بن أحمد بن ماهبزد؛ فقال (1 / 331) : الجزء: 12 ¦ الصفحة: 248 ((لايوثق به)) . قلت: وهذا مردود بأمرين: الأول: أنه لم يتفرّد به، لأنه قد توبع، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. والآخر: أن الخطيب لما ترجمه في ((تاريخه)) قال (9 / 392) : ((وكان ثقة، سألت البرقاني عنه؟ فقال: كان يسمع معنا الحديث ببغداد، وهو شيخٌ صدوق؛ غير أنه لم يكن يعرف الحديث)) . ولذلك؛ لم يورده الذهبي في ((الميزان)) ، ولا استدركه عليه الحافظ في ((اللسان)) ، فالعلة ممن فوقه كما عرفت، وإن مما يؤكد ذلك أن له طريقاً ثالثة عن ابن سليمان، فقال الطبراني في ((المعجم الكبير)) (17 / 285 / 785) و ((الأوسط)) (1 / 175 / 1 / 3241) : حدثنا بكر بن سهل: ثنا عبد الله بن سليمان بن يوسف العبدي به؛ دون قوله: ((المقتول عثمان. .)) ، وقال: ((لم يروه عن الليث إلا عبد الله)) . كذا قال! ولعله يعني بغير الزيادة المذكورة، وإلا، فقد تابعه اثنان: عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ويحيى بن المبارك كما تقدم. وتابعهم رابع، فقال الغَسوَلِّي في ((جزئه)) : حدثنا أسامة: حدثنا عبد الله بن أحمد: حدثنا زهير بن عباد: حدثنا محمد بن تمام عن الليث به. ذكره السيوطي وسكت عنه. ومن طريق زهير بن عباد أخرجه أبو العرب التميمي الإفريقي في كتاب الجزء: 12 ¦ الصفحة: 249 ((المحن)) (ص44 - 45) ، وقال: ((محمد بن تمام الدمشقي)) ؛ لكن وقع في سنده بعض الأخطاء المطبعية، والظاهر أنه الذي في ((ميزان الذهبي)) و ((ضعفائه)) : ((محمد بن تمام البهرائي الحمصي. قال ابن منده: حدث عن محمد بن آدم المصيصي بمناكير)) . وكذا في ((اللسان)) ؛ لكن وقع فيه ((النهرواني)) ! وأظنه خطأً مطبعياً. وأما زهير بن عباد - وهو الرواسي -؛ فمختلف فيه؛ فقال الدارقطني: ((مجهول)) . وضعفه ابن عبد البر. وقال ابن حبان في ((الثقات)) : ((يخطئ ويخالف)) . وتابعهم خامس؛ وهو عبد العزيز بن محمد الدمشقي عن ليث به. رواه ابن بطة؛ كما ذكر السيوطي، وسكت عنه. قلت: وإسناده مظلم؛ فإن الدمشقي هذا لم أجد من ترجمة، وكذا بعض من دونه. وبالجملة؛ فكل هذه المتابعات والطرق إلى الليث بن سعد ليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه، لأن عامتها تدور على مجهولين، وغالبهم دمشقيون، فمن الممكن أن يكون بعضهم سرقه من الآخر. فلا غرابة في حكم ابن الجوزي ومن قبله ومن بعده على الحديث بالوضع أو النكارة كما رأيت، بل صرح ابن حبان وغيره ببطلانه وأنه لا أصل له. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 250 فقد أورده ابن حبان في ترجمة العباس بن محمد العلوي من " الضعفاء " (2 / 191) بروايته عن عمار بن هارون المستملي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً. وقال عقبه: " لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من حديث أنس، ولا ثابت، ولا حماد بن سلمة ". وتبعه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 331) ، ثم الذهبي والعسقلاني في كتابيهما. ثم رواه ابن حبان (3 / 128 - 129) من طريق يحيى بن شبيب اليمامي عن سفيان الثوري عن حميد الطويل عن أنس به. وقال في اليمامي هذا: " يوى عن الثوري ما لم يحدث به قط، لا يجوز الاحتجاج به بحال ". وقال الذهبي - وقد ساق له هذا الحديث -: " وهذا كذب ". وقال الحافظ عقبه: " وهذا ظاهر البطلان ". قلت: فمحاولة السيوطي تقوية الحديث بمثل هذه الطرق الواهية محاولة فاشلة، وإن تبعه على ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة "! وإن مما يدل البصير على ما ذكرته: استشهاده بالحديث الآتي بعده. لكن بقي حديث آخر؛ يرويه محمد بن سليمان بن همام: حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً نحوه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 251 أخرجه الخطيب في " التاريخ " (5 / 297) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 329) ، وقال الخطيب: " منكر بهذا الإسناد، وكل رجاله ثقات سوى ابن هشام، والحمل فيه عليه ". وأقره ابن الجوزي، وأقر هذا الذهبي في " الميزان " في ترجمة ابن هشام هذا؛ بل صرح بوضعه كما يأتي في آخر الحديث (5620) . وابن هشام هذا هو الوراق المعروف بابن بنت مطر، وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان بسرقة الحديث، فالظاهر أنه مما سرقه من بعض المتهمين به وركب عليه هذا الإسناد. والله أعلم. 5619 - (بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمَلَنِي، فَأَدْخَلَنِي جَنَّةَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، فَبَيْنَما أَنَا جَالِسٌ إِذْ جُعِلَتْ فِي يَدِي تُفَّاحَةٌ، فَانْفَلَقَتِ التُّفَّاحَةُ بنصْفَيْنِ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا جَارِيَةٌ لَمْ أَرَ جَارِيَةً أَحْسَنَ مِنْهَا حُسْنًا، وَلا أَجْمَلَ مِنْهَا جَمَالاً، تُسَبِّحُ تَسْبِيحًا لَمْ يَسْمَعِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ بِمِثْلِهِ. فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ؟ قَالَتْ: أَنَا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، خَلَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِلْخَلِيفَةِ الْمَظْلُومِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) . موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 219 / 598) : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري: ثنا إسحاق بن وهب العلاف: ثنا الفضل ابن سوار البصري: ثنا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن مراد بن عبد الله اليزني عن أوس بن أوس الثقفي مرفوعاً. الحديث: 5619 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 252 قلت: وهذا إسناد مظلم؛ الفضل بن سوار؛ لم أجد له ترجمة. وكذا التستري شيخ الطبراني، فأحدهما هو المتهم به. ولا يعطيه قوة قول السيوطي في " اللآلي " (1 / 314) - وأن تابعه ابن عراق (1 / 375) -: " وليس في رجاله متهم - وإسحاق بن وهب العلاف؛ قال الذهبي: ثقة. وإنما المتهم بالوضع إسحاق بن وهب الطُّهُرْمسي؛ وقد أخرجه أبو يعلى: حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري: حدثنا موسى بن إبراهيم: أنبأنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن شداد بن أوس مرفوعا به ". قلت: والجواب من وجوه: أولاً لا يلزم من سلامة إسناده من متهم أن لا يكون المن موضوعاً؛ فكم من أحاديث حكم عليها العلماء بالوضع وليس فيها متهم، ومن أقرب الأمثلة على ذلك الحديث الذي قبله؛ فإن أكثر طرقه ليس فيها من اتهم، ولكنهم نظروا في متنه وما فيه من النكارة، فحكموا عليه بالبطلان، وأن مما لا شك فيه أن يد الصنع والوضع ظاهرة في هذا الحديث أكثر من السابق كما لا يخفى على أحد. ثانياً إن كون إسحاق العلاف ثقة لا يجدي نفعاً ما لم يكن الراوي عنه ومن دونه ثقة، وقد عرفت حال الفضل بن سوار الراوي عنه. وأنا أظن أنه من أولئك المجهولين الذين افتعل بعضهم هذا الحديث ثم سرقه منه الآخرون، وافترق هذا عنهم بأنه جعل الحديث من مسند أوس بن أوس، وأولئك جعلوه من مسند عقبة ابن عامر! وحاشاهما منه، وزاد عليهم بأن زاد في من الحديث جملاً جديدة وزخرفاً من القول! الجزء: 12 ¦ الصفحة: 253 ثالثاً: " يمكن إثبات أن إسحاق هذا هو العلاف الثقة وليس الطهرمسي، إلا لو كان الراوي عنه ثقة أيضاً، وهيهات؛ فقد ذكرنا لك أنه غير معروف أيضاً، فمن الممكن أن يكون وصفه إياه بـ (العلاف) وهماً منه إن لم يكن كذباً. رابعاً: ويقال في إسناد أبي يعلى نحو ما سبق وأسوأ؛ فإن شيخه أبا واثل لم أعرفه؛ لكن موسى بن إبراهيم - وهو المروزي - كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: متروك؛ كما في " الميزان " و " اللسان ". فالعجب من الحافظ كيف سكت عليه في " المطالب العالية " (4 / 55) وفيه هذا المتهم؟ ! وكذلك سكت عليه البوصيري كما ذكر المعلق عليه! ! وقنع هو بذلك! هذا؛ وقد أعجب هذا الحديث وما فيه من المنقبة لعثمان رضي الله عنه بعضَ أهلِ الأهواء المغرضين، فسرقه وجعله لعلي رضي الله عنه، وركب عليه إسناداً آخر، وهو الآتي بعده: 5620 - (لما أُسْرِيَ بي دخلت الجنةَ، فناوَلَنِي جبريلُ ئفاحَةً، فانْفَلَقَتْ بنصفين، فخرجتْ منها حَوْرَاءُ، فقلتُ لها: لِمَنْ أنتِ؟ فقالتْ: لعلي بنِ أبي طالبٍ) . موضوع. أخرجه الخطيب في " التاريخ " (4 / 278 - 279) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 331 - 332) بإسناده عن أبي جعفر أحمد ابن عيسى بن علي بن ماهان الرازي: حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو (زُنيج) : حدثنا يحيى بن مغيرة: حدثنا جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد مرفوعاً. وقال ابن اللوزي: " لا يصح، وأحسبه انقلب على بعضه الرواة، أو أدخله بعض المتعصبين على الحديث: 5620 ¦ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 254 سليمان (وهو الأعمش، وفي الأصل: سليم!) ، وعطية قد ضعفه شعبة وأحمد ويحيى ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (1 / 315) ، وابن عراق فيه تنزيه الشريعة " (1 / 374) وزاد عليه فقال: " وجاء هذا من حديث علي أيضأ، وهو في تلك النسخة الموضوعة علي بن موسى الرضى. والله أعلم ". قلت: واَفة الإسناد الأول إما عطية؛ فإنه مع ضعفه كان شيعيأ مدلساً؛ كما في " التقريب ". وإما ابن ماهان الرازي؛ ففي ترجمته ساق الحديث، وقال: " سمعت أبا نعيم الحافظ يقول: ابن ماهان صاحب غرائب وحديث كثير ". قلت: وهذا ذكره أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 111 - 112) ، وساق له حديثين آخرين. وأما الذهبي؛ فساق له هذا الحديث، وقال عقبه: " هذا كذب، وقد روي مثله لعثمان بدل علي، بإسناد واهٍ يأتي في ترجمة عبد الله بن سليمان ويعني: الحديث المتمَدم 5618) ، ويروى بإسنادين ساقطين عن أنس، ووضع من طريق نافع عن ابن عمر ". وأقره الحافظ في " اللسان ". الجزء: 12 ¦ الصفحة: 255