الكتاب: تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام المؤلف: عيد بن سفر الحجيلي الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: الأعداد 85 - 100 السنوات 22 - 25 المحرم 1410 - ذو الحجة 1413هـ/ 1990 - 1993م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام عيد بن سفر الحجيلي الكتاب: تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام المؤلف: عيد بن سفر الحجيلي الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: الأعداد 85 - 100 السنوات 22 - 25 المحرم 1410 - ذو الحجة 1413هـ/ 1990 - 1993م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] مقدمة ... تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام بقلم: د/ عيد بن سفر الحجيلي الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فإن للصلاة أهمية عظمى ويكفي في بيان عظم شأنها وعلو قدرها أنها عمود الإسلام وثاني أركانه وبيان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" 1 وقوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسوله الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" 2. والأحاديث الدالة على أهمية الصلاة وبيان فضلها كثيرة جداً، ولم يكن فضل الصلاة خاصاً بالفرائض بل إن في التطوع من عظيم الأجر وجزيل الثواب مالا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى ومما جاء في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم   1 أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان (باب ما جاء في حرمة الصلاة) 5/ 11-12 حديث 2616 وقال: "هذا حديث حسن صحيح". 2 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الإيمان (باب دعاؤكم إيمانكم) 1/8 ومسلم في كتاب الإيمان (باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام) 1/ 45 حديث 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ثنتى عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة. أو بنى له بيت في الجنة" 1. وقوله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" 2. وحيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، واختلف العلماء في عدد هذه الأوقات وفيما يباح من الصلاة فيها مما لا يباح لاسيما تحية المسجد التي كثر الخلاف في الوقت الحاضر في فعلها في وقت النهي وقد رأيت من دخل المسجد بعد أذان المغرب فجلس ولم يصلها بحجة أن ذلك هو مذهب بعض الأئمة الأربعة علما بأن الصلاة بعد الغروب وقبل صلاة المغرب فعلها الصحابة رضي الله عنهم بحضور النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكرها3. لذلك كله ولأنني لم أعلم من أفرد أوقات النهي ببحث مستقل أحببت أن أسهم في خدمة هذا الموضوع وذلك بدراسته دراسة موازنة من خلال هذا البحث المتواضع الذي سميته: "تحقيق المقام فيما يتعلق في أوقات النهي عن الصلاة من أحكام" وجعلته في بابين وخاتمة اشتمل كل باب على عدة فصول واشتملت بعض الفصول على مباحث كما أن بعض المباحث تضمنت مطالب. وقد جعلت الباب الأول: في بيان أوقات النهي وفيه فصلان: الفصل الأول: حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه. الفصل الثاني: عدد أوقات النهي وفيه تمهيد وثلاثة مباحث: المبحث الأول: الأوقات الخمسة التي اشتهرت بالنهي. المبحث الثاني: النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر هل هو متعلق بفعل الصلاة أو بدخول الوقت. المبحث الثالث: أوقات أخرى وفيه تمهيد وستة مطالب:   1 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن) 1/503 حديث 728. 2 أخرجه مسلم في الكتاب السابق (باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما) 1/ 501 حديث 725. 3 كما سيأتي ذلك ص25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 المطلب الأول: وقت ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب. المطلب الثاني: وقت إقامة الصلاة. المطلب الثالث: وقت الخطبة يوم الجمعة. المطلب الرابع: وقت خطبة العيد والكسوف والاستسقاء. المطلب الخامس: وقت ما بعد صلاة العيد وقبلها. المطلب السادس: وقت ما بعد صلاة الجمعة في المسجد. أما الباب الثاني فهو: في بيان ما يباح ومالا يباح من الصلوات في أوقات النهي واشتمل على تسعة فصول: الفصل الأول: قضاء الفوائت وفيه أربعة مباحث: المبحث الأول: قضاء الفرائض. المبحث الثاني: قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة. المبحث الثالث: قضاء الوتر. المبحث الرابع: قضاء السنن الراتبة. الفصل الثاني: الصلاة على الجنازة. الفصل الثالث: تحية المسجد. الفصل الرابع: ركعتا الإحرام والطواف والوضوء وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: ركعتا الإحرام. المبحث الثاني: ركعتا الطواف. المبحث الثالث: ركعتا الوضوء. الفصل الخامس: صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء وفيه مبحثان: المبحث الأول: صلاة الكسوف. المبحث الثاني: صلاة الاستسقاء. الفصل السادس: سجود التلاوة وسجود الشكر وفيه مبحثان: المبحث الأول: سجود التلاوة. المبحث الثاني: سجود الشكر. الفصل السابع: إعادة الصلاة مع الجماعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الفصل الثامن: الصلاة المنذورة وصلاة الاستخارة وفيه مبحثان: المبحث الأول: الصلاة المنذورة. المبحث الثاني: صلاة الاستخارة. الفصل التاسع: التطوع في مكة في أوقات النهي. وأما الخاتمة فجعلتها في أهم ما توصلت إليه من نتائج. وقد سلكت في إعداد هذا البحث المنهج التالي: 1- حاولت حصر جميع المسائل المتعلقة بالبحث ودرست كل مسألة دراسة موازنة بينت فيها المذاهب الأربعة وقد أشير أحيانا إلى أقوال بعض الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء رضي الله عنهم أجمعين. 2- حرصت أن تخرج المسائل بأسلوب سهل فجمعت ما اتفق من المذاهب في الحكم في قوله واحد ثم ذكرت الأقوال الأخرى وبعد ذلك أذكر الأدلة لكل قول ثم أختم المسألة بما يترجح لديّ فيها وبيان سبب الترجيح والرد على أدلة القول المخالف إن وجد. 3- خرجت الأحاديث الواردة يا البحث فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما وإن لم يكن كذلك ذكرت درجته صحة أو ضعفا من واقع الكتب التي تعنى بذلك. 4- صرفت النظر عن الترجمة للأعلام خشية الإطالة. 5- وضعت في نهاية البحث ثلاثة فهارس: الأول للأحاديث والآثار مرتبة حسب الحروف الهجائية. والثاني للمصادر والمراجع ورتبتها على الحروف الهجائية أيضا وذكرت اسم الكتاب والمؤلف وتاريخ وفاته والطبعة والناشر متى ما وجدت شيئا من ذلك. أما الفهرس الثالث فهو لموضوعات البحث. وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يوفقني للعمل الذي يرضيه عني إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على سيد خلقه عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 بيان أوقات النهي حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه ... الباب الأول بيان أوقات النهي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الفصل الأول حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه أكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على ثبوت النهي عن الصلاة في بعض الأوقات1، وقد حكى النووي الإجماع على ذلك2. ومن الأدلة لهم ما يأتي: 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتين، بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب 3. 2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب" 4. 3- عن عطاء بن يزيد الجندعي أنه سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس " 5. 4- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" 6.   1 انظر مختصر الطحاوي: 24، الهداية 1/ 40، القوانين الفقهية: 53، مختصر خليل: 24، المهذب 1/ 92، روضة الطالبين 1/192، الهداية لأبي الخطاب 1/ 41، الفروع 1/572. 2 شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 0 1 1، وانظر أيضا فتح الباري 2/ 59، بلوغ الأماني 2/296. 3 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس " و"باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 2/ 45ا-146، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها "باب الأوقات التي نهر عن الصلاة فيها ا/566 حديث 825. 4 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس"1/145، ومسلم في الكتاب والباب السابقين 1/566 -567 حديث 826. 5 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس "1/145-146، ومسلم في الكتاب والباب السابقين 1/567 حديث 827. 6 أخرجه البخاري بهذا اللفظ في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس،- وبلفظ آخر في لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 1/145، وأخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين 1/567 -568 حديث 828. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 5- وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب " 1. 6- عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة2 حتى تميل الشمس وحين تضئ! الشمس للغروب حتى تغرب " 3. وحكى الحافظ ابن حجر عن طائفة من السلف إباحة التطوع في كل وقت حيث قال: "قال النووي أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها".. إلى أن قال: "قلت: وما نقله من الإجماع والاتفاق متعقب، فقد حكى غيره الإباحة مطلقا وأن أحاديث النهي منسوخة، وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم ابن حزم، وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات "4. قلت: دعوى النسخ لا دليل عليها فتبقى أحاديث النهى محكمة. قال ابن حزم: "وأما من رأى من أصحابنا النهى عن الصلاة بعد صلاة العصر منسوخا بصلاته عليه السلام الركعتين فكان يصح هذا لولا حديث وهب بن الأجدع الذي ذكرنا من إباحته عليه السلام الصلاة بعد العصر مادامت الشمس مرتفعة فبطل النسخ في ذلك "5 أهـ. فثبت بهذا أن أوقات النهي ثابتة.   1 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس " 1/ 145 ومسلم في الكتاب والباب السابقين 1/568 حديث 529. 2 معنى حين يقوم قائم الظهيرة: أي حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب، والمعنى حال استواء الشمس. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/6 1 1، سبل السلام 1/326. 3 أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين 1/568 -569 حديث 1 83. 4 فتح الباري 2/ 259 وأنظر أيضا شرح الزرقاني على موطأ الامام مالك 2/ 46، بلوغ الأماني 2/ 296. 51لمحلى 3/46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 عدد أوقات النهي تمهيد ... الفصل الثاني عدد أوقات النهي بالنظر في الأحاديث السابقة في حكم أوقات النهي يتبين أن هناك خمسة أوقات منهي عن الصلاة فيها، دل حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه على ثلاثة منها هي: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، وزادت بقية الأحاديث وقتين هما بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس. وحيث اختلف العلماء في عدد أوقات النهي فذكر بعضهم أنها خمسة واشتهر النص على ذلك في كثير من كتب الفقه1، وزاد بعضهم عليها ونقص البعض الآخر2، كما اختلفوا في تعلق النهي عن الصلاة بعد الفجر هل هو بطلوع الفجر أو بصلاة الفجر رأيت أن أجعل الكلام في هذا الفصل في ثلاثة مباحث: المبحث الأول: في الأوقات الخمسة ومعرفة من عدها جميعا أوقات نهي ومن عد بعضها وبيان الراجح من ذلك. أما المبحث الثاني: فجعلته في تعلق النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر. بينما جعلت المبحث الثالث في أوقات أخرى زادها بعض العلماء فأقول وبالله التوفيق.   1 ومنها المبسوط 1/ 150، المهذب 1 /92، حلية العلماء العلماء2/ 185، روضة الطالبين 1 /192، كفاية الأخيار 1/ 130، الهداية لأبي الخطاب 1/ 1 4، المحرر 1/ 86، الفروع 1/ 572، الإنصاف 2/ 1 0 2، الإقناع 1/157، شرح منتهى الإرادات 1/ 242. 2 كما يتضح ذلك إن شاء الله في بيان مباحث هذا الفصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 المبحث الأول الأوقات الخمسة اختلف العلماء في عد هذه الأوقات أوقات نهي على أربعة أقوال: الأول: أن الأوقات الخمسة كلها أوقات نهي وهي من بعد الفجر1 حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع، وإذا استوت حتى تزول، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، ومن حين تتضيف للغروب حتى تغرب. وبه قال الحنفية2، والحنابلة3، وكذا الشافعية إلا أنهم استثنوا وقت الزوال يوم الجمعة4، وروى الترخيص يوم الجمعة عن طاوس والحسن ومكحول والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق وأبي يوسف5، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية6، وقال ابن مفلح في الفروع:7 "وظاهر الجواز ولو لم يحضر الجامع ". ومن هؤلاء من جعل الأوقات الخمسة ثلاثة حيث جعل من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح وقت ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس وقت، وهذا هو الذي حكاه ابن قدامة في المغني عن الإمام أحمد حيث قال: "اختلف أهل العلم في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى أنها من بعد الفجر حتى ترتفع   1 ويأتي في المبحث الثاني اختلاف العلماء في تعلق النهي هل هو بطلوع الفجر أو بصلاة الفجر. 2 مختصر الطحاوي ص 24، الهداية 1/ 40- ا 4، الاختيار لتعليل المختار 1/ 40- ا 4، اللباب في شرح الكتاب 1/88-89 3 انظر الهداية 1/ 1 4، المقنع ص 35، الفروع 1/572، الإنصاف 2/ 1 20-203، الإقناع 1 /157، شرح منتهى الإرادات 1/242 4 انظر المهذب 1/92-93، روضة الطالبين 1/194، كفاية الأخيار 1/130- ا 13، مغنى المحتاج 1/128. 5 انظر الأوسط 4/ 1 9، السنن الكبرى 2/ 465، معرفة السنن والآثار 3/ 439، المغني 2/ 536، بدائع الصنائع 1/ 296. 6 انظر الاختيارات الفقهية: ص 66، الإنصاف 2/ 2 20. 7 1 / 572. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الشمس قدر رمح وبعد العصر حتى تغرب الشمس وحال قيام الشمس حتى تزول، وعدها أصحابه خمسة أوقات من الفجر إلى طلوع الشمس وقت ومن طلوعها إلى ارتفاعها وقت وحال قيامها وقت ومن العصر إلى شروع الشمس في الغروب وقت وإلى تكامل الغروب وقت "1 أهـ. وممن جزم بأن الأوقات ثلاثة من الحنابلة مرعي بن يوسف في دليل الطالب حيث قال: "فصل في أوقات النهي وهي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح ومن العصر إلى غروب الشمس وعند قيامها حتى تزول "2. ومن الشافعية النووي حيث قال: "وتكره الصلاة عند الاستواء إلا يوم الجمعة وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس كرمح والعصر حتى تغرب "3. القول الثاني: أن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها أربعة، وهي الأوقات التي ذكرها أصحاب القول الأول عدا وقت الزوال مطلقا أي بدون فرق بين يوم الجمعة وغيره، وبه قال المالكية4. الثالث: أنها أربعة أيضا وهي المذكورة في القول الأول كذلك، عدا بعد العصر وبه قال بعض العلماء5. وممن رخص في الصلاة بعد صلاة العصر علي وعائشة والزبير وابنه وتميم الداري والنعمان بن بشير وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين6. الرابع: أنها ثلاثة فقط وهي المذكورة في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وهي حين تطلع الشمس حتى ترتفع وعند استوائها حتى تزول وحين تتضيف للغروب حتى تغرب وبه قال ابن المنذر7.   1 المغنى 1/523. 2 دليل الطالب ص 41، وانظر أيضا منار السبيل 1/116. 3 انظر المنهاج مع مغني المحتاج 1/128. 4 انظر الكافي 1/165، بداية المجتهد 1/127، القوانين الفقهية ص 53، مختمر خليل ص 24. 5 حكى ذلك ولم ينسبه لأحد ابن عبد البر في الاستذكار 149/1، وابن رشد في بداية المجتهد 127/1. 6 انظر المغنى 2/527. 7 انظر الإقناع لابن المنذر 1/83، المغنى 2/ 524. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الأدلة: استدل أصحاب القول الأول على أن أوقات النهى خمسة: بالأحاديث السابقة في حكم أوقات النهى حيث دلت على خمسة أوقات نهى عن الصلاة فيها. واستدل الشافعية ومن معهم على استثناء يوم الجمعة بما يأتي: 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة 1. 2- عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: "إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة 2. 3- أن النعاس يغلب في هذا الوقت فيطرد بالتنفل خوفا من انتقاض الوضوء، لأن الخروج من المسجد فيه مشقة3. 4- أن الناس ينتظرون الجمعة في هذا الوقت وليس عليهم قطع النوافل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استحب التبكير إلى الجنة ثم رغب في الصلاة إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء4. واستدل أصحاب القول الثاني على استثناء وقت الزوال: بعمل أهل   1 أخرجه الشافعي في مسنده ص 63، والبيهقي في السنن الكبرى 2/464، والبغوي في شرح السنة 3/ 329، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/188 "وإسحاق وإبراهيم ضعيفان.. ورواه الأثرم بسند فيه الواقدي وهو متروك ". 2 رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال1/653حديث 1583 وقال هو مرسل مجاهد أكبرمن أبي الخليل وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 189: "وفيه ليث بن أسلم وهو ضعيف "، ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى 2/ 464 وقال: وله شواهد وإن كانت أسانيدها ضعيفة!. وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار 3/438: "ورواية أبي هريرة وأبي سعيد في إسنادها من لا يحتج به ولكنها إذا انضمت إلى رواية أبي قتادة أخذت بعض القوة". وضعف النووي في المجموع 175/4 حديث الرخصة في الصلاة يوم الجمعة عند الزوال. 3 انظر المهذب 1/93، كفاية الأخيار 1/ 131. 4 انظر السنن الكبرى 2/ 465، المغني 2/ 536، المجموع 4/ 175- 176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 المدينة، حيث لم يجد الإمام مالك العمل عندهم باعتبار وقت الزوال وقت نهى فاعتقد أن النهى منسوخ بعلمهم1. واستدل أصحاب القول الثالث على استثناء ما بعد العصر بما يأتي: ا- ما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر عندي قط " 2. 2- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت وهم عمر إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها 3. 3- عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة" 4. واستدل أصحاب القول الرابع بما يأتي: أ- حديث عقبة بن عامر الذي فيه: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا.. الحديث5. 2- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" 6. 3- حديث عائشة وعلي رضي الله عنهما السابقين قريبا في أدلة أصحاب القول الثالث.   1 انظر بداية المجتهد 1/128. 2 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر 1/572 حديث 835. 3 أخرجه مسلم في الكتاب السابق باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها 1/571 حديث 833. 4 أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة 55/1 حديث 1274، والنسائي في كتاب المواقيت باب الرخصة في الصلاة بعد العصر 1/ 280. وقال النووي في المجموع4/174: "إسناده حسن " وصححه الألباني، انظر صحيح سنن أبي داود 1/237. 5 سبق تخريجه ص 225 6 سبق تخريجه ص 224. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الترجيح: من دراسة الأقوال في المسألة وأدلتها يتبين أن الراجح والله أعلم القول الأول وهو أن الأوقات الخمسة كلها أوقات نهى لدلالة الأحاديث الصحيحة على ذلك، ويمكن جعلها ثلاثة لأن حال الطلوع إلى الارتفاع متصل بما بعد الفجر وحين تتضيف الشمس للغروب داخل في النهى بعد العصر إلى الغروب، فلعل الذين جعلوها خمسة نظروا إلى الأحاديث حيث ذكرتها كذلك. وأما أدلة الشافعية ومن معهم على استثناء يوم الجمعة فيجاب عنها بما يأتي: 1- حديثا أبى هريرة وأبي قتادة ضعيفان كما سبق ذلك في تخريجهما، وعلى فرض صحتهما فإنهما لا يقويان على معارضة حديث عقبة بن عامر الذي دل بعمومه على النهي عن الصلاة وقت الزوال بدون تفريق بين الجمعة وغيره. 2- قولهم إن النعاس يغلب في هذا الوقت فيطرد بالتنفل، اجتهاد مع النص لاسيما أن هذا يصلح لمن حضر الجمعة، والأصح عندهم جواز التنفل في هذا الوقت مطلقا سواء حضر الجمعة أولا1. 3- قولهم إن الناس ينتظرون الجمعة وليس عليهم قطع النوافل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رغب فيها إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء يمكن الجواب عنه بأنه اجتهاد مع النص، ويجب قطع النوافل، إذا حضر وقت النهي لأن ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم المقصود به الحث على فعل النوافل وعموم ذلك مخصوص بأحاديث النهى. وأما استدلال أصحاب القول الثاني على استثناء وقت الزوال مطلقا بعمل أهل المدينة واحتمال أن النهى منسوخ بعلمهم فغير مسلم. لاسيما أنه روى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم استثنوا من أوقات النهى ما بعد العصر حيث رخصوا   1 انظر روضة الطالبين 1/194، مغني المحتاج 1/128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 في الصلاة بعدها1، ولم ينقل عنهم الرخصة في غيرها فدل ذلك على أن النهى عند الزوال باق عندهم. وأما أدلة أصحاب القول الثالث فأجيب عنها بما يأتي: 1- فعل النبي صلى الله عليه وسلم للركعتين بعد العصر من خصائصه صلى الله عليه وسلم2، لأن ذكوان مولى عائشة روى أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال 3. ولما روى أبو سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت كان يصليهما قبل العصر ثم انه شغل عنهما أونسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها 4. 2- رد عائشة خبر عمر رضي الله عنهما الدال على النهى عن الصلاة بعد العصر فيه نظر، لأن عمررضي الله عنه مثبت لروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه غيره من الصحابة أبو سعيد وعمرو بن عبسه وأبو هريرة وابن عمر والصنابحي وأم سلمة، وعائشة رضي الله عنها لعلها قالت برأيها5. وعلى القول بروايتها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها فإن أكثر ما فيه إثبات النهي في هذين الوقتين والنهي بعد العصر ثبت بالأحاديث الأخرى. 3- حديث علي رضي الله عنه دل على جواز الصلاة بعد العصر إذا كانت الشمس مرتفعة بالمفهوم والأحاديث الأخرى دلت على المنع بمنطوقها والمنطوق مقدم على المفهوم.   1 كما سبق ذلك في القول الثالث. 2 انظر كشاف القناع 1/453. 3 أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة 1/59، حديث 1280 وضعفه الألباني. في ضعيف سنن أبي داود ص 125 وقال في إرواء الغليل 2/ 189:" ورجال إسناده ثقات ولكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه " اهـ. وأحاديث النهي عن الوصال في الصوم صحيحة. انظر صحيح مسلم بشرح النووي 7/ 211- 215. 4 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب معرفة الركعتين كان يصليهما النبي ىسيم بعد العصر 1/572 حديث 835. 5 انظر المغني 2/ 525. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وأما أدلة أصحاب القول الرابع: فأكثر ما فيها إثبات النهي في تلك الأوقات الثلاثة وليس فيها ما يدل على الإباحة فيما عداها، فبقية الأحاديث أثبت بقية أوقات النهي الخمسة والله أعلم بالصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 المبحث الثاني النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر هل هو متعلق بفعل الصلاة أو بدخول الوقت اتفق القائلون بالنهي عن الصلاة في هذين الوقتين على أن النهي بعد العصر متعلق بفعل الصلاة أي أن من لم يصل العصر له التنفل بما شاء ولا عبرة بدخول وقت العصر. قال ابن قدامة: "والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة فمن لم يصل أبيح له التنفل وإن صلى غيره ومن صلى العصر فليس التنفل وإن لم يصل أحد سواه لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر"1. وقال النووي: " لا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر بل لا يدخل حتى يصليها"2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والنهي في العصر معلق بصلاة العصر فإذا صلاها لم يصل بعدها وإن كان غيره لم يصل، وما لم يصلها فله أن يصلى، وهذا ثابت بالنص والاتفاق "3. واختلفوا في تعلق النهي عن الصلاة بعد الفجر على قولين:   1 المغني 2/525. 2 المجموع 4/167. 3 مجموع الفتاوى 23/ 200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الأول: أن النهي متعلق بفعل الصلاة كالعصر وبه قال الحسن البصري1، والشافعي2، وأحمد في رواية3، ومال إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: " ... فأما قبل الفجر فلا وجه للنهي، لكن لا يسن ذلك الوقت إلا الفجر سنتها وفرضها"، وقال أيضا: "فإذا قيل لا سنة بعد طلوع الفجر إلا ركعتان فهذا صحيح وأما النهي العام فلا4. الثاني: أن النهي متعلق بطلوع الفجر أي أنه بعد طلوع الفجر الثاني يكره التنفل بما عدا ركعتي الفجر سواء صل الفجر أو لم يصل5، روى ذلك عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب والعلاء بن زياد وحميد بن عبد الرحمن والنخعي6. وإليه ذهب أبو حنيفة7، ومالك8، وأحمد في المشهور9 وهو وجه للشافعية وحكاه النووي عن أكثر العلماء10، وقال الترمذي: "وهو ما اجتمع عليه أهل العلم كرهوا أن يصلى الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر"11.   1 انظر المغني 2/ 525، مجموع الفتاوى 23/ 0 20، سبل السلام 1/ 245. 2 انظر المهذب 1/92، روضة الطالبين1 /192، كفاية الأخيار 1/ 130. 3 انظر المغني 2/ 525، الفروع 1/ 572، الإنصاف 2/ 2 20. 4 مجموع الفتاوى 23/ 2 0 2، 5 0 2. 5 عدم كراهة ركعتي الفجر قبل الصلاة لا خلاف فيه لأنه وقتهما وورد استثناؤهما من النهي بالأحاديث الآتية قريبا للاستدلال لهذا القول. أما فعلهما بعد الصلاة فهي مسألة خلافية يأتي الكلام عنها ص 251. 6 انظر المغني 2/ 525، مجموع الفتاوى 23/200. 7 انظر المبسوط 1/ 150، االهداية 1/ 40، الاختيار لتعليل المختار 1/ 41. 8 انظر الكافي 1/ 165، القوانين الفقهية ص 53، مختصر خليل ص 24. 9 انظر الهداية لأبي الخطاب 1/ 41، المغني 2/ 525، الفروع1/572، الإنصاف 2/2 20، دليل الطالب ص41، شرح منتهى الإرادات1 /242. 10 انظر المجموع4 /167. 11 سنن الترمذي 2/ 280. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي: 1- عن عطاء بن يزيد الليثي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس " 1. 2- ما جاء في حديث عمرو بن عبسه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع " 2. 3- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس " 3. ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح كما نهى عن الصلاة بعد العصر فدل ذلك على أن النهي متعلق بفعل الصلاة، لأن النهي بعد العصر متعلق بفعل الصلاة بلا خلاف، ولو أنه أراد الوقت لاستثنى ركعتي الفجر والفرض "4. واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي: 1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين " 5.   1 سبق تخريجه ص 224. 2 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب إسلام عمرو بن عبسة 1/ 569-570 حديث 832. 3 سبق تخريجه ص 224. 4 انظر المغني 2/ 26 5، مجموع الفتاوى 23/ 2 0 2-03 2. 5 أخرجه الترمذي واللفظ له في أبواب الصلاة باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين2/278 حديث 419 وقال: "حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى وروى عنه غير واحد" وذكر الزيلعي في نصب الراية 1/256 طرق- أخرى له من غير طريق قدامة بن موسى وقال: "وكل ذلك يعكر على الترمذي في قوله لا نعرفه إلا من حديث ابن قدامة". وأخرجه أيضا أبوداود في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة1 /58حديث 1278، والبيهقي في السنن الكبرى 1/465، والمروزي في مختصر قيام الليل ص 191 وصححه الألباني. انظر إرواء الغليل 2/232. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر" 1. 3- عن حفصة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين " 2 وكون النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد عليهما مع حرصه على الصلاة د ليل على كراهة غيرهما في هذا الوقت3. الترجيح: بالنظر إلى أدلة القولين في المسألة يظهر والله أعلم أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني وهو أن النهي عن الصلاة بعد الفجر متعلق بطلوع الفجر لا بفعل الصلاة وأنه إذا طلع الفجر الثاني كره التنفل بما عدا ركعتي الفجر، لصراحة الأدلة على ذلك، ولا تعارضها أدلة أصحاب القول الأول لأن أكثر ما فيها أنها دلت على النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وليس فيها ما يدل على عدم النهي عند طلوع الفجر إلا بدليل الخطاب، وأدلة أصحاب القول الثاني دلت على النهي عند طلوع الفجر بالمنطوق، والمنطوق يقدم على المفهوم، كما أن حديث عمرو بن عبسه أحد أدلة أصحاب القول الأول اختلفت ألفاظه فجاء عند ابن ماجه بلفظ "فقلت هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى؟ قال: "نعم جوف الليل الأوسط فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح ثم انته حتى تطلع الشمس "4.   1 رواه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له 1/ 465، 466، والدارقطني 1/246، والمروزي في محتصر قيام الليل ص 191 وصحح أحمد محمد شاكر أسانيده في هامش الترمذي 2/ 280. 2 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها في باب استحباب ركعتي الفجر 1/ 500 حديث 723. 3 انظر الهداية للمرغيناني 1/ 40. 4 سنن ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة 396/1 حديث1251. وانظر المغني 2/ 526. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 أوقات أخرى تمهيد ... المبحث الثالث أوقات أخرى التمهيد: إن الأوقات التي سبق ذكرها هي ما اشتهر من أوقات النهي وقد نص بعض العلماء على أن حصرها بذلك إنها هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية وإلاّ فهناك أوقات أخرى كوقت صعود الإمام لخطبة الجمعة وعند إقامة الصلاة1. قلت: وقد ذكر الكاساني أن أوقات الكراهة اثنا عشر، ما بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع، وعند استوائها إلى أن تزول، وعند تغيرها وهو احمرارها واصفرارها إلى أن تغرب، وما بعد طلوع الفجر إلى صلاة الفجر، وما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وما بعد صلاة العصر إلى مغيب الشمس، و ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب ، وما بعد شروع الإمام في الصلاة وقبل شروعه بعد ما أخذ المؤذن في الصلاة، ووقت الخطبة يوم الجمعة، وما بعد خروج الإمام للخطبة يوم الجمعة قبل أن يشتغل بها، وما بعد فراغه منها قبل أن يشرع في الصلاة، وما قبل صلاة العيد2. وذكر الخوارزمي أنها اثنا عشر أيضا هي: وقت الطلوع، والغروب والاستواء، وبعد طلوع الفجر، وبعد الفريضة قبل طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر قبل التغير، وبعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، وعند الخطبة يوم الجمعة، وعند الإقامة يوم الجمعة، وعند خطبة العيد، وعند خطبة الكسوف، وعند خطبة الاستسقاء3. وذكر ابن جزي أن أوقات النهي عشرة عند طلوع الشمس، وغروبها، وبعد الصبح إلى الطلوع، وبعد العصر إلى الغروب، وبعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح، وعند الزوال وليس بوقت نهي على المشهور، وبعد الغروب قبل المغرب، وإذا كان الإمام على   1 انظر كفاية الأخيار 1/ 131، مغني المحتاج 1/129. 2 بدائع الصنائع 1/ 295-297. 3 الكفاية شرح الهداية 1/208 -209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 المنبر يوم الجمعة في الخطبة وقبلها، وبعد الجمعة في المسجد، وبعد صلاة العيد وقبلها في المصلى دون المسجد1. وبالنظر إلى مجموع الأوقات التي ذكرها هؤلاء يتبين زيادة ستة أوقات عن الأوقات التي سبقت دراستها. وبيانها في المطالب الآتية: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 المطلب الأول ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب عدّ هذا الوقت من أوقات الكراهة الحنفية2، والمالكية3. واستدلوا بما يأتي: 1- ما روى عن شعبة عن أبي شعيب عن طاووس قال: سئل ابن عمر عن الركعتين قبل المغرب فقال: " ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما" 4. 2- أن التنفل في هذا الوقت فيه تأخير لصلاة المغرب وهو مكروه5. والصحيح والله أعلم عدم كراهة الصلاة في هذا الوقت لما يأتي: 1- عن عبد الله المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهة أن يتخذها الناس سنة" 6. 2- عن مختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر؟ فقال: " كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم   1 القوانين الفقهية ص 53، وانظر أيضا مواهب الجليل 1/415 -417. 2 انظر بدائع الصنائع 1/297، الهداية 1/ 1 4، الاختيار 1/ 1 4، الكفاية شرح الهداية 1/ 209. 3 انظر الكافي 1/165، القوانين الفقهية ص 53، وفي مواهب الجليل1 /417 أن المشهور أنه وقت نهي وقيل لا. 4 أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة قبل المغرب 2/ 0 6 حديث 284 1 وقال: "سمعت يحي بن معين يقول: هو شعيب- يعني وهم شعبة في اسمه- وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 126. 5 انظر بدائع الصنائع 1/297، الهداية 1/ 41. 6 أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب الصلاة قبل المغرب 2/ 54. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت له: أكان رسول الله لمجيء صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا " 1. 3- عن أنس بن مالك قال: " كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فيركعون ركعتين ركعتين حتى أن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما" 2. وحديث القائلين بالكراهة ضعيف كما سبق في تخريجه. وهذه الأحاديث الصحيحة تخالفه. أما دليلهم الثاني فيجاب عنه بتقييد الكراهة بتحقق تأخير صلاة المغرب، أما جعل هذا الوقت وقت كراهة مطلقا كما يفعله بعض الناس في الوقت الحاضر من الجلوس قبل الإقامة فلا أرى له وجها بعد هذه الأدلة ولاسيما أنه سيأتي أن الصحيح أن تحية المسجد تصلى في كل وقت.   1 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب ا/573 حديث 836. 2 أخرجه مسلم في الموضع السابق حديت 837. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 المطلب الثاني عند إقامة الصلاة ذكر الحنفية هذا الوقت ضمن أوقات النهي3، والذي يظهر أنه لا خلاف في كراهة النفل المطلق في هذا الوقت، وإنما الخلاف في صلاة ركعتي الفجر فذهب أكثر أهل العلم إلى عدم فعلهما إذا أقيمت الصلاة4، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى يصليهما عند باب المسجد ثم يدخل وإن خشي فواتهما دخل مع الإمام5، وذهب الإمام مالك إلى أنه إن لم يخش أن تفوته الركعة الأولى   3 انظر بدائع الصنائع 1/297، الكفاية شرح الهداية 1/ 209. 4 انظر شرح السنة3/362، المغني 2/ 19 1، المجموع 4/56 -57، مغني المحتاج1/252. 5 انظر الهداية 1/ 71، شرح فتح القدير 1/414. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 يركعهما خارج المسجد إن خشي ذلك دخل مع الإمام1. ومن الأدلة على كراهة التنفل عند الإقامة ما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" 2. قال النووي في شرحه لهذا الحديث وما يماثله: "فيها النهي الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانا راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرهما، وهذا مذهب الشافعي والجمهور"3.   1 انظر المدونة 1/ 124، الشرح الصغير 1/147، اسهل المدارك 1/ 304. 2 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة 1/ 493 حديث 710. 3 شرح النووي على صحيح مسلم5/222. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 المطلب الثالث وقت الخطبة يوم الجمعة الذي يظهر أنه لا خلاف بين العلماء في المنع من التنفل وقت خطبة الجمعة- لغير الداخل في ذلك الوقت4 حيث ذكر الكاساني أن من أوقات النهي وقت الخطبة يوم الجمعة وما بعد خروج الإمام للخطبة يوم الجمعة قبل أن يشتغل بها وما بعد فراغه قبل أن يشرع في الصلاة5، وذكر ابن جزى6: أن من النفل المنهي عنه التنفل يوم الجمعة والإمام على المنبر في الخطبة وقبلها، وقال النووي: "وقال صاحب الحاوى إذا جلس الإمام على المنبر حرم على من في المسجد أن يبتديء صلاة النافلة وإن كان في صلاة جلس وهذا إجماع " إلى أن قال: "واتفق الأصحاب على أن النهي عن الصلاة ابتداء يدخل فيه بجلوس الإمام على المنبر ويبقى حتى يفرغ من صلاة الجمعة"7.   4 أما الداخل فسيأتي الكلام عنه في حكم تحية المسجد. 5 بدائع الصنائع 297/1، وانظر أيضا الهداية 1/ 1 4، الاختيار 1/ 1 4. 6 في القوانين الفقهية ص 53، وانظر أيضا التفريع 232/1. 7 المجموع 4/551، وانظر أيضا كفاية الاخيار 1/153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 وقال ابن قدامة: "وينقطع التطوع بجلوس الإمام على المنبر فلا يصلي أحد غير الداخل يصلي تحية المسجد ويتجوز فيها"1. ولعل من الأدلة لهم على ذلك ما جاء من وجوب الإنصات للخطبة ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " 2.   1 المغني 3/193، وانظر أيضا الإنصاف 2/ 19 4. 2 أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في كتاب الجمعة باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب 1/583 حديث 851. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 المطلب الرابع عند خطبة العيد والكسوف والاستسقاء ذكر ذلك ضمن أوقات النهي الخوارزمي من الحنفية3، وذكر الحطاب4 أن ظاهر كلام الإمام مالك أنه لا يمنع من الركوع في غير خطبة الجمعة من الخطب، ولم أقف على غير ذلك، ولعل حجة من منع التنفل أثناء هذه الخطبة القياس على خطبة الجمعة.   3 في الكفاية شرح الهداية1/259. 4 في مواهب الجليل 1/415. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 المطلب الخامس بعد صلاة العيد وقبلها بالنظر إلى أقوال الفقهاء في حكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها يظهر أن أكثرهم قال بالكراهة مع اختلاف بينهم في التقييد، حيث ذهب المالكية والحنابلة إلى كراهة التنفل قبل صلاة العيد وبعدها، إلا أن المالكية قيدوا ذلك في المصلى حيث قالوا تكره النافلة قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى دون المسجد5، وقيده الحنابلة بموضع   5 انظر التفريع 1/ 234، الكافي 1/226، القوانين الفقهية ص 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الصلاة حيث قالوا يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة سواء كان في المصلى أو في المسجد1. قال ابن قدامة: "وهو مذهب ابن عباس وابن عمر، وروى ذلك عن علي وابن مسعود وحذيفة وبريدة وسلمة بن الأكوع وجابر وابن أبي أوفى، وقال به شريح وعبد الله بن مغفل والشعبي ومالك والضحاك والقاسم وسالم ومعمر وابن جريج ومسروق، وقال الزهري: "لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها يعني صلاة العيد"2. اهـ. وقال الحنفية: ولا يتنفل قبل صلاة العيد، وأطلقه أكثرهم3، وخصه بعضهم في المصلى4. وقال الشافعية: يكره للإمام أن يتنفل قبل صلاة العيد وبعدها ولا يكره للمأموم قبلها ولا بعدها5. ودليل الجميع على كراهة التنفل في هذا الوقت هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة6 إذ روى ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها. ومعه بلال" 7. ولم أقف على دليل للمالكية للتفريق بين المصلى والمسجد، كما لم أقف على دليل للحنفية على جواز الصلاة بعد صلاة العيد، إلا أنهم ذكروا من الأدلة على المنع قبل   1 انظر المغني 3/ 280، الفروع 2/ 43 1، الإنصاف 2/ 431. 2 1 لمغني 3/ 280-1 28. 3 انظر مختمر الطحاوي ص 37، المبسوط 2/ 0 4، بدائع الصنائع1/297، الأخيار لتعليل المختار 1/ 1 4. 4 انظر الهداية 1/85. 5 روضة الطالبين 2/76، رحمة الأمة ص 0 6، ونص الشربيني في مغني المحتاج 1/313: على أن عدم الكراهة قبل الصلاة يكون بعد ارتفاع الشمس. قلت: وهذا يكون في غير تحية المسجد، لأن الشافعية يرون كما سيأتي أن ذوات الأسباب تصلى في كل وقت. 6 انظر بدائع الصنائع1/297، الهداية للمرغيناني 1/ 85، المغني 3/ 281، الفروع2/143، فتح الباري2/476 7 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب العيدين باب الصلاة قبل العيد وبعدها 2/ 11-12، ومسلم في كتاب صلاة العيدين باب ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى 6/1 0 6 حديث 884. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 الصلاة أن المبادرة إلى صلاة العيد مسنونة والاشتغال بالتطوع تأخير لها وهذا مكروه1. فلعلهم رأو إباحة التطوع بعد صلاة العيد لأنه لا تأثير له عليها. أما الحنابلة فمن أدلتهم على جواز التنفل في غير موضع الصلاة ما روى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين" 2. وأما الشافعية فاستدلوا لكراهة التنفل للإمام بأن فيه اشتغاله بغير الأهم ومخالفة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. ولعدم الكراهة لغير الإمام بانتفاء الأسباب المقتضية للكراهة3. والذي أراه في المسألة أن صلاة العيد لا سنة لها قبلها ولا بعدها4، وأنه لا يجوز التنفل قبل الصلاة5 ولا بعدها في موضع الصلاة- سواء كان في المصلى أو المسجد- وأما في غير موضع الصلاة فيجوز لوضوح الأدلة على ذلك والله أعلم بالصواب.   1 انظر بدائع الصنائع 1/297. 2 أخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها 1/410 حديث 1293، وحسنه الألباني. انظر إرواء الغليل 3/ 0 0 1، صحيح سنن ابن ماجة 1/217. 3 وهذا إن كان بعد ارتفاع الشمس حيث قيد الشربيني عدم الكراهة بذلك. مغني المحتاج1/313. 4 وممن نص على ذلك مجد الدين أبو البركات في المحرر 163/1، والحافظ ابن حجر في الفتح2/476. 5 فيما عدا تحية المسجد التي سيأتي أن الراجح أنها تصلى في كل وقت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 المطلب السادس بعد صلاة الجملة في المسجد نص ابن جزي على أن من النفل المنهي عنه التنفل بعد صلاة الجمعة في المسجد ، وذكر أن ذلك هو مذهب الإمام مالك خلافا لغيره حيث قال: "الفصل الثالث في أوقات النهي عن الصلاة وهي عشرة ... ومنها التنفل بعد الجمعة في المسجد فيمتنع في المذهب خلافا لأبي حنيفة وغيره " (6) 6.   6 القوانين الفقهية ص53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وفي المدونة1: "وقال مالك من سلم إذا كان وحده أو وراء إمام فلا بأس أن يتنفل في موضعه أو حيث أحب من المسجد إلا يوم الجمعة". وقالت القيرواني2: "وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها ولا يتنفل في المسجد" قال الشارح3: "والنهي للكراهة". قلت: ولعلهم استدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك." وفي لفظ: أنه وصف تطوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته" 4. ولم أقف على قول لغير المالكية بكراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد. فقد قال ابن الهام5: " ... فهذا البحث يفيد أن السنة بعدها ست وهو قول أبي يوسف وقيل قولهما، وأما أبو حنيفة فالسنة بعدها عنده أربع أخذا بما روى عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا قاله الترمذي في جامعه وإليه ذهب ابن المبارك والثوري ". وفي المجموع6: "فرع في سنة الجمعة بعدها وقبلها تسن قبلها وبعدها صلاة وأقلها ركعتان قبلها وركعتان بعدها والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها هذا مختصر الكلام فيها".   1 1/98. 2 في الرسالة المطبوعة مع تنوير المقالة 2/ 470. 3 في تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة 2/ 470. 4 أخرجه مسلم واللفظ له في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 0 0 6 حديث 882، وأخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها 1/225 بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلى ركعتين." 5 في شرح فتح القدير 2/39. 6 4/9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وقال ابن قدامة1: "قال أحمد: إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين وإن شاء صلى أربعا وفي رواية وإن شاء ستا، وكان ابن مسعود والنخعي وأصحاب الرأي يرون أن يصلى بعدها أربعا". وهذا يدل بعمومه على أنهم لا يرون كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد، لأنهم لو رأوا ذلك لبينوه. ومما جاء في إثبات السنة بعد الجمعة ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصلي بعدها أربعا". وفي لفظ: "إذا صليتم الجمعة فصلوا أربعا" وزاد عمرو في روايته: "فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت ". وفي لفظ آخر: "من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا" 2. والذي يترجح والله أعلم هو القول بعدم كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد، لأن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأمر بالصلاة بعد الجمعة لم يقيد بكونه خارج المسجد بل جاء في زيادة عمرو النص على الصلاة في المسجد. وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وهوأنه لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته الذي يحتمل أنه دليل المالكية يجاب عنه بأنه لا يدل على كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد وإنما يدل على أن الأولى فعل ذلك في المنزل كسائر النوافل   1 في المغني3/ 248-249. 2 أخرجه ذلك كله الإمام مسلم في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 600 حديث 881. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 بيان ما يباح وما لا يباح من الصلوات في أوقات النهي * ... الباب الثاني بيان ما يباع ومالا يباع في الصلوات في أوقات النهي لا خلاف بين العلماء في أن الذي لا يباح في هذه الأوقات هو النفل المطلق، وهو كل صلاة لا سبب لها1، واختلفوا في حكم الصلوات التي لها سبب. وقد رأيت أن أجعل هذا الباب في تسعة فصول مضمنا بعض الفصول مباحث فأقول وبالله التوفيق:   1 انظر شرح السنة 3/ 325، بدائع الصنائع 1/ 296، شرح الزركشي 2/ 59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 الفصل الأول: قضاء الفوائت قضاء الفرائض ... الفصل الأول قضاء الفوائت المبحث الأول قضاء الفرائض اختلف العلماء في قضاء الفرائض في أوقات النهي على قولين: الأول: جواز ذلك وبه قال جمهور العلماء، روى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس والزبير بن العوام والنعمان وتميم الداري وعائشة وبه قال أبو العالية والنخعي والشعبي والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر1. وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد2. الثاني: جواز قضاء الفرائض بعد الصبح وبعد العصر وعدم جوازه في الأوقات الثلاثة التي ورد ذكرها في حديث عقبة بن عامر وهي عند طلوع الشمس وعند زوالها وحين تتضيف للغروب إلا عصر اليوم فيصلي عند الغروب. وبه قال الحنفية3.   1 انظر سنن الترمذي 1/355، الأوسط 1/11 4، شرح السنة 3/326، المغني2/ 515، المجموع 4/171. 2 انظر المدونة 1/ 132، الأشراف1/ 106، الكافي 1، 164 تنوير المقالة 2/ 0 20، الوجيز ا/ 35، المجموع 4/ 171، كفاية الأخيار 1/ 131، الهداية لأبي الخطاب 1/42، المغني 2/ 515، الإنصاف 2/ 204. 3 انظر مختصر الطحاوي ص 24، المبسوط 1 /152، الهداية 1/40، الاختيار 1/ 41، البحر الرائق 1/ 264. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الأدلة: استدل الجمهور بما يأتي: 1- عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك "1. وفي لفظ لمسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" 2. وفي لفظ آخر له: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها" 3. 2- عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما إنه ليس في النوم تفريط4 إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين يتنبه لها" 5. وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أنها نصت على قضاء الفوائت عند ذكرها ولم تفرق بين وقت وآخر، فدل ذلك على جواز القضاء في كل وقت ومنه أوقات النهي، وتكون هذه الأحاديث مخصصة لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في بعض الأوقات ويبقى النهي عن الصلاة في تلك الأوقات عن مطلق النفل أما الفرائض فتصلى لدلالة هذه الأحاديث على جواز ذلك. 3- عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها" 6.   1 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها 1/148، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها 1/ 477 حديث 684. 2 الموضع السابق من صحيح مسلم. 3 أي ليس في النوم تقصير، لأنه يقال فرط في الأمر أي قصر فيه. انظر النهاية في غريب الحديث 3/ 435، المصباح المنير ص 178. 4 المصدر السابق. 5 أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين 1/472-474 حديث 681. 6 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 1/567 حديث 728. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وجه الدلالة من هذا الحديث: " أنه يفهم منه أن قضاء الفرائض لا يشملها النهي، لأن النهي فيه عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هو عن قصد التطوع، لأن من نسي الفرض فلم يذكره إلا وقت طلوع الشمس أو وقت غروبها لم يتحر الصلاة في ذلك الوقت وإنما أدركه فرضها فيه "1. واستدل الحنفية لعدم جواز القضاء في الأوقات الثلاثة بما يأتي: 1- عموم الأحاديث الدالة على منع الصلاة في تلك الأوقات حيث لم تفرق بين الفرائض وغيرها2. 2- " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس أمر بالارتحال فسار بالناس حتى ارتفعت الشمسي فأمر فنودي بالصلاة فصلى بهم صلى الله عليه وسلم " 3. قالوا فلو جاز أن تصلى الفجر عند طلوع الشمس لما أخرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ارتفاع الشمس وهو قد استيقظ قبل ذلك4. واستدلوا لاستثناء صلاة عصر اليوم: بأن هذا الوقت سبب لوجوبها، لأنه لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي في هذا الوقت لزمه أداؤها فيستحيل أن يجب عليه الأداء في هذا الوقت ويكون ممنوعا من الأداء فيه. ولا يجوز قضاء غيرها من الصلوات لأنها وجبت كاملة فلا تتأدى بالناقص- وهو ما بقى من الوقت أما هذه فجازت لبقاء شيء من وقتها5. واستدلوا لجواز القضاء بعد الصبح وبعد العصر: بأن النهي في هذين الوقتين لم يكن لمعنى في الوقت وإنما كان لحق الفرض ليصير   1 انظر الأوسط 2/ 410. 2 انظر الهداية 1/ 40، الاختيار لتعليل المختار 1/ 40- ا 4. 3 أخرجه البخاري مطولا في كتاب التيمم باب الصعيد الطيب وضؤ المسلم 1/ 88-.0 9، ومسلم كذلك في كتاب المساجد باب قضاء االصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها 1/ 474-476 حديث 682. 4 انظر المبسوط 1 /152. 5 انظر المبسوط 1/ 2 5 1، الهداية 1/ 0 4، الاختيار لتعليل المختار 1/ 1 4، اللباب في شرح الكتاب 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الوقت كالمشغول به فلا يظهر في حق فرض آخر مثله1. وبأنه يؤدى فرض الوقت فيهما فكذلك سائر الفرائض2 الترجيح: بالنظر إلى أدلة الفريقين يتبين والله أعلم أن الراجح قول الجمهور وهو أن الفرائض تقضى في كل وقت، لظهور أدلته، ولأن القول به فيه جمع بين الأدلة، فتحمل أحاديث النهي على مطلق النفل وأحاديث الأمر بالصلاة على الفرائض. وأما أدلة الحنفية فقد أجيب عنها بما يأتي: 1- عموم الأحاديث الدالة على المنع مخصص بالأحاديث الدالة على وجوب قضاء الفوائت عند ذكرها3. 2- حديث تأخير النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر حين نام عنها أجيب عنه بما يأتي: أ- أنه لم يستيقظ صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه إلا حين أصابهم حر الشمس- كما ورد ذلك عند أبي داود4 "فما أيقظهم إلا حر الشمس " وفي لفظ آخر5: "فلم توقظنا إلا الشمس طالعة" - ولا يوقظهم حر الشمس إلا وقد ارتفعت وزال وقت الكراهة فلا يكون التأخير إذآ لأجل وقت الكراهة6. ب- لو سلم أنهم استيقظوا قبل خروج وقت النهي فإن التأخير إنما كان لأجل المكان، لأن النبي عبيد قال: "هذا واد حضرنا فيه الشيطان " 7. ج- أن التأخير دليل على الجواز لا على الوجوب8.   1 انظر المراجع السابقة عدا المبسوط. 2 انظر المبسوط 1/152. 3 انظر سبل السلام 1/236. 4 في كتاب الصلاة باب من نام عن الصلاة أو نسيها 1/5 30 حديث 437 5 في الكتاب والباب السابقين 1/6 30 حديث 438. 6 انظر سبل السلام1 / 236. 7 انظر المرجع السابق، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 180. 8 انظر المغني 6/1 1 5، مجموع الفتاوى 23/ 180، كشاف القناع 2/2 45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 3- عدم جواز القضاء في الأوقات الثلاثة منقوض بجوازه في الوقتين الآخرين وبعصر اليوم1.   1 انظر المغني1/516. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 المبحث الثاني قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة اختلف العلماء في حكم قضاء سنة الفجر بعد الفرض على قولين: الأول: جواز ذلك وبه قال الشافعي2 وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار وابن جريج، وروى عن ابن عمر أنه كان يصليهما بعد الصبح3، وروى عن الإمام أحمد أنه اختار أن يقضيهما من الضحى وقال إن صلاهما بعد الفجر أجزأ4. وجزم ابن قدامة بجواز القضاء حيث قال: "فأما سنة الفجر بعدها فجائز"5 وبه قال قوم من أهل مكة6. الثاني: عدم الجواز وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف7، ومالك8 وحكاه الزرقاني عن أكثر العلماء9 ورواه عن الإمام أحمد ابنه عبد الله10، والمذهب وما عليه أكثر الأصحاب أن السنن الراتبة لا تقضى في أوقات النهي11 ومعلوم أن ركعتي الفجر   2 انظر الأم 1/149، المهذب1/92. 3 انظر شرح السنة 3/ 334، معالم السنن 2/ 1 5، المغني 2/ 531، شرح الزرقاني على الموطأ1/262. 4 حكى ذلك ابن قدامة في المغني 2/ 531. والقول بالجواز يوافق ما روى عنه من أن ماله سبب من الصلوات يصلى في أوقات النهي ومن ذلك قضاء السنن الرواتب، وركعتي الفجر من الرواتب كما هو معلوم. 5 المغني2/531. 6 حكى ذلك الترمذي في السنن 2/285. 7 المبسوط 1/ 161، الهداية 1/ 40، 71. 8 انظر المدونة 1/ 24 1، التفريع 268/1، الاستذكار1/147. 9 في شرح موطأ الإمام مالك1/262. 10 حيث قال في المسائل ص 104:أسألت أبي عن رجل جاء إلى المسجد وقد أقيمت الصلاة الغداة فتقدم فصلى مع الإمام بصلاته؟ فقال أبي:" لا يصلي ركعتي الفجر حتى ترتفع الشمس. فقلت حكى عنك رجل أنك تقول يصليهما إذا فرغ من صلاة الغداة قبل طلوع الشمس قال: ما قلت هذا قط ". قلت وروى نحوها عنه ابن هاني في المسائل 1/103-104 في المسألتين رقم 515، 517. 11 كما سيأتي ذلك ص 257. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 منها1- وفي مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح2 "وقال من فاتته ركعتا الفجر فإنه يقضيهما إذا أضحى بعد طلوع الشمس وهو مذهبه " وروى الإمام مالك3 أنه بلغه أن عبد الله بن عمر فاتته ركعتا الفجر فقضاهما بعد أن طلعت الشمس، وروى عن القاسم بن محمد أنه صنع مثل الذي صنع ابن عمر. وإليه ذهب سفيان الثوري وابن المبارك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور4. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي: 1- ما روى عن قيس بن عمرو أنه قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصلاة الصبح مرتين؟ " فقال الرجل: أني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلها فصليتهما الآن قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم 5، قالوا: وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز6. 2- أنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف7. واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:   1 وقد نص البهوتي في كشاف القناع 1/ 453على عدم جواز فعلهما. وانظر أيضا: نيل المآرب 1/ 168. /1 2 435 مسألة رقم 424. 3 في الموطأ 1/ 128. 4 انظر سنن الترمذي 2/ 288، شرح السنة 3/ 335، معالم السنن 2/ 1 5. 5 أخرجه أحمد في مسنده واللفظ له 5/447، وأبو داود في كتاب الصلاة باب من فاتته متى يقضيهما 2/ 51 حديث 267 1، والترمذي في أبواب الصلاة باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان يصليهما بعد صلاة الفجر 2/84 حديث 422 وقال: إسناد هذا الحديث ليس بمتصل محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس، وأخرجه أيضا ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما 1/365 حديث 1154. وقال البنا في بلوغ الأماني 2/312: "وسنده جيد وحسنه العراقي " قلت: وصححه الألباني. انظر صحيح سنن ابن ماجة 1/ 190. 6 انظر المغني 2/ 532. 7 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 1- عموم الأحاديث الدالة على النهي عن الصلاة بعد الفجر1. 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يصل ركعتي الفجرفليصلهما بعد ما تطلع الشمس " 2. والذي أراه في المسألة هو جواز قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة، لأنه لو لم يجز ذلك لما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عمن رآه يفعلهما، وحديث أبي هريرة يحمل على أن الأفضل صلاتهما بعد طلوع الشمس، وقد قال ابن قدامة3 بعد ذكر القولين وأدلتهما: "وإذا كان الأمر هكذا كان تأخيرهما إلى وقت الضحى أحسن لنخرج من الخلاف " اهـ. لكن إن لم يخش الرجل نسيانهما فالأولى له تأخيرهما إلى طلوع الشمس. وقد روى عن الإمام أحمد أنه يجوز قضاء الوتر والسنن الراتبة في وقت النهي لمن خاف إهمالها4.   1 انظر الهداية 1/ 71، الاستذكار 1/ 47 1، المغني 2/532. 2 أخرجه الترمذي واللفظ له في أبواب الصلاة، باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس 2/ 287. حديث 423 وقال هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه أي من حديث عمرو بن عاصم الكلابي. وأخرجه الحاكم 1/ 307 وصححه ووافقه الذهبي. وصححه الألباني. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة5 / 478 حديث 1 236، صحيح سنن الترمذي1 /133 3 في المغني 2/232. 4 انظر الإنصاف 2/ 209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 المبحث الثالث قضاء الوتر قبل الكلام عن حكم قضاء الوتر في أوقات النهي أحب أن أشير إلى أن العلماء قد اختلفوا أصلا في حكم قضاء الوتر5. فذهب الحنفية إلى وجوب قضائه وذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب القضاء وعدم وجوبه، وذهب المالكية والشافعي في قول وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الوتر لا يقضى6.   5 وليس المقام هنا بسط الكلام في المسألة، وقد بسطه د. فيحان في كتابه إسعاف أهل العصر بما ورد في أحكام الوتر ص 40-48. 6 انظر الهداية 1/ 65، الاختيار 1/ 4 5، البحر الرائق 1/ 265، المدونة1/127-128، الكافي 1/ 218، الأم 1 /43 1، المجموع4 / 42، الإنصاف 2/ 178، نيل المآرب 1/ 159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 أما حكم قضائه في أوقات النهي: فإن مقتضى مذهب الحنفية أنه لا يجوز قضاؤه في الأوقات الثلاثة التي ورد ذكرها في حديث عقبة بن عامر ويجوز في الوقتين الآخرين وهما بعد الفجر وبعد العصر لأن الوتر عندهم واجب فحكمه في القضاء كحكم قضاء الفرائض، وقد سبق1 أنه لا تقضى عندهم في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة وتقضى في الوقتين الآخرين. وروى عن كثير من الصحابة جواز فعل الوتر بعد طلوع الفجر وبه قال بعض الفقهاء: قال ابن قدامة: "المنصوص عن أحمد رحمه الله في الوتر أنه يجوز فعله قبل صلاة الفجر" إلى أن قال: "وروى ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وحذيفة وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وفضالة بن عبيد وعائشة وعبد الله بن عامر بن ربيعة وعمرو بن شرحبيل، وقال أيوب السختياني وحميد الطويل إن أكثر وترنا لبعد طلوع الفجر وبه قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي "2 0 اهـ. أما بعد هذا الوقت فمقتضى مذهب مالك أنه لا يفعل لأن الوتر عنده لا يقضى3، إنما جاز في هذا الوقت لأن وقته الضروري يمتد إلى صلاة الصبح4، ونص الزرقاني5 على عدم جواز قضائه بعد صلاة الصبح عند الإمام مالك حيث قال: "وقال الأكثرون ومنهم مالك لا يقضى بعد صلاة الصبح ". اهـ. ومقتضى مذهب الإمام أحمد أنه لا يقضى في بقية أوقات النهي، لأنه روى عنه جواز قضائه قبل صلاة الفجر6 فدل ذلك على عدم جوازه بعدها ويقاس بقية أوقات النهي على ما بعد صلاة الفجر، كما أن المذهب وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يجوز قضاء السنن الرواتب في أوقات النهي7 والوتر لا يخرج عن كونه من السنن.   1 في ص 248. 2 المغني 2/ 529- 530 وانظر أيضا الأشراف ق 47، نيل الأوطار 3/48. 3 كما سبقت الإشارة إلى ذلك قريبا. 4 انظر المدونة 1/128، الكافي 1/ 18 2، شرح الزرقاني على الموطأ 1/ 0 36. 5 في شرح الموطأ 1/ 260. 6 انظر مسائل الإمام أحمد رواية أي داود ص 71، الفروع 1/573 -574، الأنصاف 8/2 0 2. 7 كما سيأتي ذلك في المطلب الرابع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 أما مقتضى مذهب الشافعية فهو جواز قضاء الوتر في أوقات النهي، لأن المذهب عندهم جواز فعل جميع الصلوات التي لها سبب في أوقات النهي، والوتر داخل في الصلوات المذكورة. والذي اختاره في المسألة هو جواز قضاء الوتر بعد طلوع الفجر وقبل الصلاة وعدم قضائه في بقية أوقات النهي لما يأتي: 1- أن جواز فعله قبل صلاة الصبح روى عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين واتفقت عليه مذاهب الأئمة الأربعة كما يظهر ذلك من تحرير المسألة. 2- أن النهي عن الصلاة بعد الفجر أخف من النهي عنها في بقية الأوقات فإن من العلماء من يرى أن النهي إنما يكون بعد صلاة الفجر1، ولأن من العلماء من يرى أن وقت الوتر يمتد إلى قبل صلاة الصبح2. 3- لا يجوز فعله في بقية أوقات النهي لعموم الأحاديث الدالة على منع الصلاة فيها حيث إن النهي فيها للتحريم على الصحيح من أقوال العلماء3 والوتر غير واجب على الصحيح أيضا4 فلا يقضى في أوقات النهي لأن ترك المحرم أولى من فعل المندوب. وإن قيل ينبغي أن يقضى الوتر في كل وقت لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره " 5.   1 كما سبق ذلك ص 233. 2 وهم المالكية والشافعي في قول وأحمد في رواية. انظر شرح الزرقاني على الموطأ 1/ 260، حاشية الدسوقي على الشرح االكبير1/317، المجموع 4/4 1، الفروع 1/539. 3 انظر روضة الطالبين 1/ 195، المجموع 4/ 180، كشاف القناع 1/452. 4 انظر المغني 2/ 591-594، إسعاف أهل العمر بما ورد في أحكام الوتر ص 21-26. 5 أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الصلاة باب في الدعاء بعد الوتر137/2 حديث 430 1، والترمذي في أبواب الصلاة باب ما جاء في الرجل ينام عن الوتر أو ينساه 2/ 330 حديث 465، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة باب من نام عن وتره أو نسيه 1/375حديث 88 1 1، والحاكم في المستدرك 2/1 0 3 وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ". وقال الشوكاني في نيل الأوطار 3/47:! وإسناد الطريق التي أخرجه منها أبو داود صحيح ". قلت: وصححه الألباني. انظر صحيح سنن أبي داود 1/268، صحيح سنن الترمذي 1/145، صحيح سنن ابن ماجة 1 /196. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 ولأن الوتر صلاة فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من نسى صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها". وفي لفظ: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها" 1. فالجواب أن القضاء فرع عن الأداء وأداء الوتر غير واجب على الصحيح من أقوال العلماء2 فلا يقضى في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، لأن النهي للتحريم وترك المحرم أولى من فعل المندوب والله أعلم بالصواب.   1 سبق تخريجه ص 243. 2 كما سبقت الإشارة إلى ذلك قريبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 المبحث الرابع قضاء السنن الراتبة اختلفت عبارات الفقهاء في قضاء السنن الراتبة في أوقات النهي، حيث ذهب إلى جواز قضائها الشافعي3 وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية4، لأن الأصل عندهم جواز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي، والسنن الراتبة منها. واختار ابن قدامة في المغنى جواز قضائها بعد العصر، واختار في العمدة جواز القضاء بعد الفجر وبعد العصر5. واحتج لجواز القضاء بعد العصر بما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر6 وقضى الركعتين اللتين قبل العصر بعدها7.   3 انظر المهذب 1/92، روضة الطالبين 1/ 193، المجموع 4/ 170، مغني المحتاج 1/129. 4 انظر الإنصاف 2/ 258، الاختيارات الفقهية ص 66. 5 المغني 2 /533، عمدة الفقه ص 18. 6 وذلك في حديث أم سلمة الذي فيه: "يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر. إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان " أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما االنبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر1/ 571-572 حديث 834. 7 وذلك ما روى الإمام مسلم أيضا في الكتاب والباب السابقين 1/ 572 حديث 835 عن أبي سلمة أنه- سأل عائشة رضي الله عنها عن السجدتين اللتين كان رسول الله كثر يصليهما بعد العصر فقالت: كان يصليهما قبل العصر ثم أنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصرثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 ولعل حجته لجواز القضاء بعد الفجر ما سبق من الأدلة على جواز قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة وقياس بقية السنن الرواتب عليهما. والمشهور من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنها لا تقضى في أوقات الهي. قال المرداوى: "قال في الواضح أنه اختيار عامة المشايخ1. اهـ. قلت: وبالمنع قال المالكية أيضا2، وهو الظاهر من مذهب الحنفية، لأن الفرائض عندهم لا تقضى في أوقات النهي الثلاثة الواردة في حديث عقبة وتقضى بعد الفجر وبعد العصر، لكنهم أجازوا ذلك لأنهم رأوا أن النهي فيهما لمعنى في غير الوقت فلا يظهر تأثيره في الفرض3 أما في النفل فإنه ظاهر، كما أن الأصل عندهم في السنن أنها لا تقضى4. والذي أراه في المسألة عدم جواز قضاء السنن في أوقات النهي5 لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، ولأن قضاء السنن مندوب وترك المحرم أولى من فعل المندوب6، وما جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة بعد العصر قيل إنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم7. وإن لم يثبت ذلك فهو خاص فيما بعد العصر من الأوقات ولا يشمل بقية أوقات النهي والله أعلم بالصواب.   1 الإنصاف 2/208، وانظر أيضا كشاف القناع 1/453. 2 انظر: الكافي 1/ 165، مواهب الجليل 1/ 416. 3 كما سبق ذلك ص 249. 4 انظر: الهداية 1/72. 5 إلا ركعتي الفجر فقد سبق في المطلب الثاني أن الصحيح أنها تقضى بعد الصلاة لإقراره مج! حيه من فعل ذلك. 6 انظر: المغني 2/ 534، كشاف القناع 1/453. 7 انظر: كشاف القناع 1/453. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الفصل الثاني الصلاة على الجنازة اتفق العلماء على جواز الصلاة على الجنازة بعد الصبح وبعد العصر1، واختلفوا في حكم الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وهي: عند طلوع الشمس وعند زوالها وحين تتضيف للغروب على قولين: الأول: عدم الجواز وبه قال أكثر أهل العلم روى ذلك عن جابر وابن عمر وبه قال الثوري والأوزاعي وإسحاق2 وأبو حنيفة3 وأحمد في المشهور4 ومالك5 فيما عدا الزوال6. الثاني: أنها تجوز وبه قال الشافعي7 وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية8. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي: 1- عن عقبة بن عامر الجهني قال: " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين   1 انظر: الأم 1/ 49 1، المغني 18/2 5، المجموع 4/ 172، مجموع فتاوي شيخ الإسلام 23/ 191، المبدع2/ 36. 2 انظر: المغني 18/2 5، المجموع 4/ 172. 3 انظر: المبسوط 1/ 152، الهداية 1/ 40، ألاختيار 1/ 40. 4 انظر: المغني 518/2، الإنصاف 206/2، كشات القناع 452/1. 5 انظر: الكافي 238/1، مواهب الجليل 8/1 1 4. 6 لأن الزوال ليس وقت كراهة عنده كما سبق ذلك ص 227 وانظر أيضا التفريع 267/1. 7 انظر: المهذب 1/ 92، روضة الطالبين 193/1، كفاية الأخيار 1/ 131. 8 انظر: الهداية لأبي الخطاب 1/ 42، مجموع فتاوي شيخ الإسلام 12/ 191، الفروع 1/ 574، الإنصاف206/2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب" 1. ووجه الدلالة من الحديث أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة مقرونا بالدفن دليل على إرادة صلاة الجنازة2. 2- أنها صلاة من غير الصلوات الخمس فلم يجز فعلها في هذه الأوقات كالنوافل المطلقة3. وأما أصحاب القول الثاني: فإنني لم أقف على دليل من كتب الشافعية التي أطلعت عليها يخص صلاة الجنازة بالجواز في الأوقات المذكورة وإنما يذكرونها ضمن ذوات الأسباب التي يجوز فعلها في جميع الأوقات كقضاء الفوائت وسجود التلاوة وصلاة الكسوف ونحوها ويجملون الأدلة وليس فيها ما يخص صلاة الجنازة4. ولكن ابن قدامة عند ذكره للرواية الثانية عن الإمام أحمد التي تجيز صلاة الجنازة في هذه الأوقات قال: "وهذا مذهب الشافعي لأنها صلاة تباح بعد الصبح والعصر فأبيحت في سائر الأوقات كالفرائض "5. وأجيب عن ذلك بأنه لا يصح قياس الأوقات الثلاثة على الوقتين الآخرين وهما ما بعد الفجر وما بعد العصر، لأن الأوقات الثلاثة زمنها أقصر فلا يخاف على الميت فيها من التغير أما الوقتين الآخرين فإن مدتهما تطول وتأخير الصلاة على الميت إلى انتهائها يخاف منه على الجنازة من التغير فأبيحت الصلاة عليها فيهما، وكذا لا يصح قياس صلاة الجنازة على الفرائض التي تصح في جميع الأوقات، لأن الفرائض آكد6.   1 سبق تخريجه ص 179. 2 انظر: المغني 518/2. 3 المرجع السابق. 4 أما ما عداها فورد ما يخصها كما يتضح ذلك عند دراسة كل مسألة منها. 5 المغني 518/2. 6 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فمن ذلك يترجح والله أعلم: عدم جواز الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة، وهو ما قال به أكثر أهل العلم، لقوة الدليل على ذلك، ولأنه لا ضرر في تأخيرها، أما إن تحقق الضرر فيصلى عليها. قال المرداوى: "محل الخلاف في الصلاة على الجنازة إذا لم يخف عليها أما إذا خيف عليها فإنه يصلى عليها في هذه الأوقات قولا واحدا"1. فرع: في الصلاة على القبر والغائب في أوقات النهي: الصحيح من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب تحريم الصلاة على القبر والغائب في جميع أوقات النهي. وصحح ابن الجوزي جواز الصلاة على القبر في الوقتين الطويلين وهما بعد العصر وبعد الفجر2. ولم أقف على نص في المسألة لبقية المذاهب لكن الظاهر عدم الجواز عند الإمامين أبي حنيفة ومالك لأنه سبق قريبا عدم جواز الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة عند أبي حنيفة وعدم جوازها أيضا عند مالك عند طلوع الشمس وعند غروبها، فعدم جواز الصلاة على القبر والغائب عندهما في هذه الأوقات من باب أولى. كما أنه لا تجوز عندهما الصلاة على الغائب، ولا الصلاة على القبر إلا أن يكون دفن الميت قبل أن يصلى عليه3. أما الشافعية فيحتمل عندهم صحة الصلاة على القبر والغائب في أوقات النهي قياسا على الجنازة التي تصح الصلاة عليها عندهم في كل وقت، ويحتمل عدم الجواز قياسا على الصلاة المتأخر سببها التي لا تصلى في أوقات النهي على الأصح عندهم4. وعلى تحية المسجد التي تكره إن كان دخوله للمسجد لقصد فعلها فقط5.   1 الإنصاف 2/ 6 0 2، وانظر أيضا التفريع 1/ 367. 2 انظر: الفروع 1/ 574، الإنصاف 2/ 206، كشاف القناع 1/452. 3 انظر: الهداية 1/92، اللباب في شرح الكتاب 1/ 130، القوانين الفقهية ص 93، رحمة الأمة ص 68. 4 كما سيأتي ذلك في ركعتي الإحرام وصلاة الاستخارة. 5 كما سيأتي في الصفحة التالية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 والذي أراه في المسألة والعلم عند الله هو عدم جواز الصلاة على القبر والغائب في جميع أوقات النهي، لأنه لا حاجة لاختيار هذه الأوقات للصلاة على القبر أو الغائب بل يسهل على الإنسان اختيار غيرها من الأوقات، بخلاف الجنازة إذا حضرت فإنه قد يضطر إلى الصلاة عليها خشية تغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 الفصل الثالث تحية المسجد اختلف العلماء في حكم تحية المسجد لمن دخله في أوقات النهي على قولين: الأول: جوازها وبه قال الشافعية1 وأحمد في رواية اختارها أبو الخطاب في الهداية وشيخ الإسلام ابن تيمية وحكى المرداوي اختيارها عن ابن عقيل وابن الجوزي والسامرى وصاحب الفائق ومجمع البحرين2. الثاني: أنها لا تصلى في أوقات النهي وبه قال الحنفية3 والمالكية4، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب فيما عدا حال خطبة الجمعة5. الأدلة: استدل أصحاب القول الأولى بما يأتي: 1- عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " 6. وفي لفظ لمسلم7: "فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين".   1 هذا إن كان دخوله لغرض كاعتكاف أو درس علم أو انتظار صلاة أو نحو ذلك، أما إن كان دخوله لا لحاجة بل ليصلى التحية فقط فوجهان أرجحهما الكراهة كما لو تعمد تأخير الفائتة ليقضيها في أوقات النهي. انظر: روضة الطالبين 193/1، المجموع 4/ 175، كفاية الأخيار 1/ 132. 2 انظر: الهداية لأبي الخطاب 1/ 42، المغني 533/2، مجموع الفتاوى 23/ 1 19، الإنصاف 208/2. 3 انظر: مختصر الطحاوي ص 24، رؤوس المسائل ص 161، الهداية 1/ 40. 4 أنظر: الكافي 1/ 165، بداية المجتهد 1/ 29 1، تنوير المقالة 197/2، مواهب الجليل 17/1 4 5 أما في حالة الخطبة فإنها تصلى. انظر لعدم الجواز: المغني 533/2، مجموع الفتاوى 23/ 1 9 1، الإنصاف2/ 209، وانظر لاستثناء حال الخطبة: المغني 192/3، الفروع 123/2، الإنصاف 2/ 209. 6 أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين 114/1، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقمرها باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما وأنها مشروعة في جميع الأوقات 495/1 حديث 714. 7 في الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وجه الدلالة من الحديث: أن فيه الأمر بركعتين قبل أن يجلس الداخل للمسجد، والنهي عن أن يجلس حتى يركعهما، وهو عام في كل وقت عموما محفوظا لم يخص منه صورة بنص ولا إجماع1. 2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال له النبيصلى الله عليه وسلم: "أصليت يا فلان ". قال: لا. قال: "قم فاركع ". وفي لفظ: "ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" 2. وجه الدلالة من الحديث: أنه فيه الأمر بصلاة تحية المسجد أثناء الخطبة وهو وقت نهي، بل إن هذا الوقت أشد نهيا من غيره لأنه منهي فيه عن كل ما يشغل عن الاستماع إلى الخطبة حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " 3، فإذا كان قد أمر بتحية المسجد في هذا الوقت فهو في سائر الأوقات أولى4. واستدل أصحاب القول الثاني: بعموم النهي عن الصلاة في تلك الأوقات ومن ذلك: أ- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس" 5. ب- حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه الذي فيه: "ثلاث ساعات كان رسول الله جميع ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا ... " الحديث6.   1 انظر: مجموع الفتاوى 23/ 192، المجموع 4/ 173 -174. 2 أخرج الحديث بعدة ألفاظ الإمام مسلم في كتاب الجمعة باب التحية والإمام يخطب 1/ 596-597 حديث 875. 3 سبق تخريجه ص 197. 4 انظر: مجموع الفتاوى 23/ 193، المجموع 4/ 174. 5 هذا اللفظ للإمام مسلم وقد سبق تخريجه ص 176. 6 سبق تخريجه ص 179. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن النهي فيها عن الصلاة في تلك الأوقات للتحريم والأمر بتحية المسجد للندب وترك المحرم أولى من فعل المندوب1. قلت: وأحاديث النهي عن الصلاة في بعض الأوقات وأحاديث الأمر بالصلاة عند دخول المسجد كلها صحيحة وبينها عموم وخصوص حيث أن أحاديث النهي عامة في الصلوات خاصة في بعض الأوقات وأحاديث الأمر بالصلاة عند دخول المسجد عامة في الأوقات خاصة في بعض الصلوات مما جعل بعض العلماء يتوقف في الترجيح في المسألة كالشوكاني الذي قال: "وما كان بينه وبين أحاديث الباب- أي باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها- عموم وخصوص من وجه كأحاديث تحية المسجد وأحاديث قضاء الفوائت ... فلاشك أنه أعم من أحاديث الباب من وجه وأخص منها من وجه وليس أحد العمومين أولى من الآخر يجعله خاصا لما في ذلك من التحكم والوقف هو المتعين حتى يقع الترجيح بأمر خارج " 2 اهـ. ورجح النووي الجواز حيث قال: "فإن قيل حديث النهي عام في الصلوات خاص في بعض الأوقات وحديث التحية عام في الأوقات خاص في بعض الصلوات فلم رجحتم تخصيص حديث النهي دون تخصيص التحية؟ قلنا حديث النهي دخله التخصيص بالأحاديث التي ذكرناها في صلاة العصر وصلاة الصبح وبالإجماع الذي نقلناه في صلاة الجنازة وأما حديث تحية المسجد فهو على عمومه لم يأت له مخصص، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة بالتحية" (3) اهـ. ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث ذكر عدة مرجحات للجواز منها: 1- أن حديث تحية المسجد عام محفوظ لا خصوص فيه وأحاديث النهي ليس فيها حديث واحد عام بل كلها مخصوصة فوجب تقديم العام الذي لا خصوص فيه.   1 انظر: المغني 2/ 534، كشاف القناع 1/453. 2 نيل الأوطار 3/ 89، وأنظر أيضا بلوغ الأماني 2/ 279، العدة على إحكام الأحكام 2/ 471-472. 3 المجموع 4/73ا-174، وانظر أيضا مغني المحتاج 1/ 130 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 2- "أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة تحية المسجد للداخل عند الخطبة والنهي عن الصلاة في هذا الوقت أشد بلا ريب، لأنه منهي عن كل ما يشغل عن الاستماع وفى الحديث: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " فإذا كان قد أمر بتحية المسجد في وقت الخطبة فهي في سائر الأوقات أولى "1. فمن ذلك يظهر والله أعلم بالصواب أن القول بجواز تحية المسجد في كل وقت هو الأولى.   1 انظر: مجموع الفتاوى 23/ 92 ا-199، 0 21- ا 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 الفصل الرابع: ركعتا الإحرام و ركعتا الطواف وركعتا الوضوء ركعتا الإحرام ... الفصل الرابع ركعتا الإحرام وركعتا الطواف وركعتا الوضوء المبحث الأول ركعتا الإحرام أكثر أهل العلم على أنه يستحب أن يكون الإحرام عقيب صلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها وإلا صلى ركعتين وأحرم عقيبهما"1. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يستحب أن يحرم عقيب فرض إن كان وقته وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه2. وقال سماحة الشيخ بن باز: وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها لأنه لم يرد فيهما شيء منصوص3. أما حكم فعلها في وقت النهي فالظاهر أنه مكروه على المذاهب الأربعة، حيث نص على ذلك الشافعية والحنابلة فقال النووي: "ويكره ركعتا الإحرام على الأصح "4 أي في أوقات النهي، وقال المرداوي: "لا يصلي الركعتين في وقت نهي على الصحيح من المذهب "5. وأما الحنفية والمالكية فإنهم لا يجيزون في وقت النهي ركعتي الطواف وركعتي الفجر وتحية المسجد 6مع تأكد ذلك، فعدم جواز ركعتي الإحرام عندهم من باب أولى.   1 انظر: المغني 5/ 80- ا 8، الفروع 3/293. 2 انظر: الفروع 3/ 293، ألاختيارات الفقهية ص 6 1 1، الإنصاف 3/ 433. 3 انظر: فتاوى إسلامية 2/ 162. 4 روضة الطالبين 193/1، المجموع 4/ 170، وانظر أيضا كفاية الأخيار 1/ 132. 5 الإنصاف3/433، وانظر أيضا الكتاب نفسه 2/ 0 21، الفروع 3/ 294. 6 كما هو واضح في تحرير كل مسألة من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 المبحث الثاني ركعتا الطواف اختلف العلماء في حكم ركعتي الطواف في أوقات النهي على قولين: الأول: جواز فعلهما وبه قال الشافعي1، وأحمد قال أبو الخطاب رواية واحدة، ولم يذكرفي المغنى وكشاف القناع غير الجواز، وقال المرداوي عن ذلك أنه الصحيح من المذهب2، وقال الزرقاني3: "قال ابن المنذر رخص بالصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ". اهـ. وممن روى عنه أنه طاف بعد الصبح والعصر وركع ركعتي الطواف ابن عمر وابن عباس وابن الزبير والحسن والحسين وعطاء وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد، وروى عن عروة بن الزبير بعد الصبح4، وحكاه ابن عبدا لبرعن الإمام أبي ثور بعد الفجر وبعد العصر5 الثاني: عدم جواز ركعتي الطواف في أوقات النهي وبه قال أبو حنيفة6 ومالك7وأحمد في رواية8.   1 انظر: الأم 1/149، روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، مغني المحتاج 1/129. 2 انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية- المناسك والكفارات ص 349، الهداية لأبي الخطاب 1/ 2 4، المغني 17/2 5، المبدع 2/37 -38، الإنصاف 2/ 5 0 2، كشاف القناع 2/1 45. 3 في شرح الموطأ 2/358- 309. 4 حكى ذلك ابن قدامة في المغني 2/517، وذكر ابن عبد البر في الاستذكار 1/ 150 أنه روى ذلك عنهم بعد العصر ثم قال وبعضهم بعد الصبح أيضا. وانظر أيضا مصنف عبد الرزاق 5/ 61. 5 الاستذكار 1/ 49 1 وانظر أيضا المصدر نفسه ص 0 5 1، المغني 17/2 5، فقه الإمام أبي ثور ص 188. 6 انظر: مختصر الطحاوي ص 24، المبسوط 1/153، الهداية 1/ 40، اللباب في شرح الكتاب 1/ 89. 7 انظر: الكافي 1/ 165، الاستذكار 1/ 150، شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 309. 8 ذكرها المرداوي في الإنصاف 2/ 205، 206. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي: 1- عن جبيربن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم: "يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار" 1. 2- أن الطواف جائز في كل وقت مع كونه صلاة2، فكذلك ركعتاه تبعا له، لأنه إذا أبيح المتبوع ينبغي أن يباح التبع3. واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي: 1- عموم أحاديث النهي عن الصلاة في تلك الأوقات. 2- ما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه طاف بعد صلاة الصبح فلم يصل وخرج من مكة حتى نزل بذي طوى4 فصلى بعدما طلعت الشمس5.   1 أخرجه الترمذي واللفظ له في كتاب الحج باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف3/ 220 حديث 8 6 8 وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود في كتاب المناسك باب الطواف بعد العصر 2/ 449 حديث 1894، والنسائي في كتاب مناسك الحج باب إباحة الطواف في كل الأوقات 223/5، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت 1/398 حديث 4 25 1- وصححه الألباني. انظر إرواء الغليل 2/238، صحيح سنن ابن ماجة 1/ 0 1 2. 2 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطواف بالبيت صلاة ولكن الله أحل فيه النطق " وقد أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى 87/5 وبلفظ آخر: "الطواف بالبيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ". وأخرجه أيضا الترمذي في كتاب الحج 3/293 حديث 960 بلفظ: "الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه " وقال: لا نعرفه مرفوعا إلا عن حديث عطاء بن السائب والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1/154، وصحح النووي في المجموع 4/178 وقفه على ابن عباس رضي الله عنهما. 3 انظر: المهذب 1/93، المغني 17/2 5، كشاف القناع 1/452. 4 طوى: أحد أودية مكة، وبئر طوى معروفة اليوم، بجرو ل بين القبة وريع أبى لهب. انظر: معا أمكة التاريخية لعاتق البلادى ص 68ا-169. 5 ذكره بهذا اللفظ الترمذي في كتاب الحج باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف 3/ 221، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/ 91 بسنده عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد صلاة الصبح بالكعبة فلما قضى عمر رضي الله عنه طوافه نظر فلم ير الشمس فركب حتى أناخ بذي طوى فسبح ركعتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحجة مع المجوزين من وجوه منها: أ- أن قوله "لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار" عموم مقصود في الوقت فكيف يجوز أن يقال إنه لم يدخل لا ذلك المواقيت الخمسة. ب- أن هذا العموم لم يخص منه صورة لا بنص ولا إجماع وحديث النهي مخصوص بالنص والإجماع، والعموم المحفوظ راجح على العموم المخصوص. ج- أن النبي نسميه وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يطوفون بالبيت ويصلون عنده ولو أن ركعتي الطواف منهي عنهما في بعض الأوقات لبين النبي كبيه ذلك ولنقل إلينا1. والذي أراه في المسألة جواز ركعتي الطواف في كل وقت لما يأتي: 1- صحة الحديث الدالة على ذلك كما هو واضح في تخريجه. 2- أن أحاديث النهي عامة وقد خصصت بالأحاديث الدالة على جواز قضاء الفرائض2 فكذلك يمكن تخصيصها بهذا الحديث. 3- أن فعل عمر رضي الله عنه ليس فيه ما يدلي صراحة على عدم جواز الركعتين في ذلك الوقت بل يحتمل أنه فعل ذلك احتياطا. 4- أن الأولى في الطواف أن يؤتى بركعتيه بعده، وفي منع فعلهما في بعض الأوقات بدون دليل صريح تأخير لهما، وإذا كان بعد الطواف سعى فالأمر أشد.   1 انظر: مجموع الفتاوى 23/ 185. 2 انظر: المغنى 2/517. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 المبحث الثالث ركعتا الوضوء صلاة الركعتين بعد الوضوء سنة وقد جاء في فضل الصلاة بعد الوضوء حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: "يا بلال حدثني بأرجى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 عمل عملته فإني سمعت دف1 نعليك بين يدي الجنة" قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي " 2. وقد اختلف العلماء فيمن توضأ في وقت النهي هل يصلى بعده أو لا؟ فذهب الشافعية إلى أنه يصلى3، وروى ذلك عن الإمام أحمد4، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية5. ولعل حجتهم: أنها من ذوات الأسباب فلا يشملها النهي عن الصلاة في بعض الأوقات كما هو الحال عندهم في بقية ذوات الأسباب. والصحيح من مذهب الإمام أحمد أنه لا يصلى بعد الوضوء في أوقات النهى6، والظاهر أنه هو المذهب عند الحنفية والمالكية، لأنهم منعوا في أوقات النهي صلاة ما هو آكد من ذلك كركعتي الطواف وركعتي الفجر وتحية المسجد7. والحجة للجميع في منع ركعتي الوضوء في أوقات النهي عموم أحاديث النهي عن الصلاة في تلك الأوقات. والذي أراه في المسألة عدم الصلاة المذكورة في أوقات النهي وهو ما ذهب إليه الجمهور، لأن الصلاة بعد الوضوء لم يرد الأمر بفعلها كما ورد بتحية المسجد وإنما ورد الترغيب فيها وبيان ما فيها من الفضل والنهي عن الصلاة للتحريم وترك المحرم أولى في فعل المندوب.   1 دف نعليك: أي حركتهما: فتح الباري 3/ 34. 2 أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار2/48 3 انظر: روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، مغنى المحتاج 1/29 1. 4 أنظر: الفروع 1/573. 5 ففي الاختيارات ص 66: "ويستحب أن يصاب ركعتين عقب الوضوء ولو كانت وقت نهى". وأنظر أيضا: مجموع الفتاوى 23/ 221. 6 1نظر: الإنصاف 2/ 208. 7 كما سبق ذلك عنهم عمد تحرير هذه المسائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 الفصل الخامس: صلاة الكسوف و صلاة الاستسقاء صلاة الكسوف ... الفصل الخامس صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء المبحث الأول صلاة الكسوف اختلف العلماء في حكم صلاة الكسوف في أوقات النهي: فذهب إلى جواز فعلها الشافعية1 وأحمد في رواية اختارها من الحنابلة أبو الخطاب وابن عقيل وابن الجوزي وشيخ الإسلام ابن تيمية2. وذهب إلى عدم جواز فعلها أبو حنيفة3، وأحمد في المشهور وهو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب4. ولم أقف على نص عن الإمام مالك في حكمها في وقت النهي، إلا أنه روى عنه في وقتها ثلاث روايات إحداهن أنه قبل الزوال كصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء، والثانية أنه من طلوع الشمس إلى غروبها، والثالثة أنه من طلوع الشمس إلى صلاة العصر، وذكر ابن عبد البر أن الأولى هي تحصيل مذهب الإمام مالك5. قلت: ويفهم من الأولى والثالثة أنها لا تفعل في أوقات النهي، أما الثانية فيفهم منها جواز فعلها، وهذا يوافق ما حكاه ابن هبيرة6 عن الإمام مالك في إحدى الروايات في حكم فعلها إذا كان الكسوف صادف وقت نهى.   1 انظر: روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، كفاية الأخيار 1/ 131. 2 انظر: الهداية لأبي الخطاب 1/ 0 4، المغنى2/533، الإنصاف 2/8 0 2. 3 انظر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 1/228. 4 انظر: الإفصاح 1/ 79 1، المغنى 2/533، الإنصاف 2/8 0 2. 5 انظر: المدونة 1/163، التفريع 1/236، الكافي 1/227، القوانين الفقهية ص 85. 6 في الإفصاح1/ 179. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الأدلة: استدل المجيزون لصلاة الكسوف في أوقات النهي: بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الشمس والقمر من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا" وفي لفظ: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة" 1. وجه الدلالة من الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الكسوف ولا وقت تحرم فيه صلاة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم2، كما أن هذا الحديث خاص في هذه الصلاة فيقدم على النهي العام عن الصلاة في بعض الأوقات3. واستدل المانعون: بعموم أحاديث النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، والنهي فيها للتحريم والأمر بصلاة الكسوف للندب وترك المحرم أولى من فعل المندوب4. والذي أراه في المسألة جواز صلاة الكسوف في أوقات النهي وهو ما ذهب إليه الشافعية واختاره بعض الحنابلة وهو إحدى الروايات عن الإمام مالك5 لصراحة الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعلها فيخص به عموم النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، لأن هذا الأمر لم يدخله التخصيص أما النهي عن الصلاة في بعض الأوقات فقد خص منه بعض الصلوات6.   1 أخرجه مسلم في كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف 1/618 - 619، حديث 901. 2 الأم للشافعي 1/243. 3 انظر المغنى 2/ 534. 4 انظر المغنى 2/533. 5 نص عليها ابن هبيرة في الإفصاح 1/179 وتفهم من إحدى الروايات عنه في وقت صلاة الكسوف كما سبقت لإشارة لذلك قريبا. 6 كما سبق ذلك عند الترجيح في تحية المسجد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 المبحث الثاني صلاة الاستسقاء الذي يظهر لي والله أعلم بالصواب أن كراهة صلاة الاستسقاء في وقت النهي آكد، لأن الشافعية الذين قالوا بجواز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي لم يذكروا صلاة الاستسقاء ضمنها، وإنما جعلوا جوازها أصح الوجهين والوجه الثاني الكراهة1. وقال ابن قدامة2: "لا تفعل- أي صلاة الاستسقاء- في وقت النهي بغيرخلاف، لأن وقتها متسع، فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي " وقال ابن مفلح في الفروع3: "ولا تجوز صلاة الاستسقاء وقت النهي، قال صاحب المغني والمحرر وغيرهما بلا خلاف، وأطلق جماعة الروايتين "اهـ قلت: وصحح فعلها في وقت النهي أبو الخطاب الكلوذاني في الهداية4 ولم أقف للحنفية والمالكية على نص في حكم فعلها في وقت النهي لكن الظاهر أنها لا تجوز عندهم فيه كقولهم في بقية ذوات الأسباب والتي منها ما هوآكد من صلاة الاستسقاء. وقد ذكر ابن جزي5 أن وقتها بعد طلوع الشمس إلى الزوال. والذي يفهم من ذلك أنها لا تفعل في وقت النهي. والذي يترجح لدى- والله أعلم بالصواب- أن صلاة الاستسقاء لا تفعل في وقت النهي، لأنه لا حاجة إلى فعلها فيه كما قال ابن قدامة رحمه الله تعالى، كما أن ذلك هو قول أكثر أهل العلم.   1 انظر: روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، كفاية الأخيار 1/ 131. 2 في المغنى 3/337 3 1 /574 4 1/ 42 وانظر أيضا الإنصاف 2/ 209. 5 في القوانين الفقهية ص 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 الفصل السادس: سجود التلاوة و سجود الشكر سجود التلاوة ... الفصل السادس سجود التلاوة وسجود الشكر المبحث الأول سجود التلاوة اختلف الفقهاء في حكم سجود التلاوة في وقت النهي فذهب إلى جواز ذلك الشافعي1، وأحمد في رواية اختارها أبو الخطاب وشيخ الإسلام ابن تيمية2. واستدلوا بأنها صلاة لها سبب فجازت لا أوقات النهي كبقية ذوات الأسباب3 وقال أبو حنيفة تجوز في الوقتين بعد الفجر وبعد العصر، ولا تجوز في الأوقات الثلاثة الباقية وهي عند طلوع الشمس وزوالها وغروبها. واستدل بما سبق أن استدل به في قضاء الفرائض: وهو أن النهي في الوقتين لم يكن لمعنى في الوقت وإنما لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به فلا يظهر النهي فيهما في حق فرض آخر ولا فيما وجب بعينه كسجود التلاوة، أما الأوقات الثلاثة فإن النهي فيها لحق الوقت فلا تجوز فيها سجدة التلاوة ولا غيرها من الصلوات4. وأما الإمام مالك فنقل عنه في المدونة5 أنه قال: "لا بأس أن يقرأ الرجل السجدة بعد الصبح مالم يسفر وبعد العصر مالم تتغير الشمس ويسجدها، فإذا أسفر أو تغيرت الشمس فأكره له أن يقرأها، فإن قرأها إذا أسفر وإذا اصفرت الشمس لم يسجدها".   1 انظر: روضة الطالبين 1/423، المجموع 4/ 170، كفاية الأخيار 1/ 131. 2 انظر: الهداية لأبي الخطاب 1/ 42، المقنع ص هـ 3، المغنى 2/363، الاختيارات الفقهية ص 66، الإنصاف 2/ 208. 3 أنظر: المغنى 2/ 364. 4 انظر: الهداية 1/ 0 4، الاختيار 1/ 0 4- ا 4، البحر الرائق 1/263 - هـ 26. 5 1/ 110 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وقال ابن عبد البر1: "وكل وقت يكره فيه التطوع فلا يركع عند مالك فيه ركعتا الطواف ولا يسجد فيه سجدة التلاوة". والمشهور من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يسجد للتلاوة في أوقات النهي2. واحتجوا بما يأتي: 1- عموم الأحاديث الدالة على النهي عن الصلاة في تلك الأوقات3. 2- عن أبي تميمة الهجيمي قال: كنت أقص بعد صلاة الصبح فأسجد فنهاني ابن عمر فلم أنته ثلاث مرار ثم عاد فقال إني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم يسجدوا حتى تطلع الشمس 4. 3- عن عبيد الله بن مقسم أن قاصا كان يقرأ السجدة بعد الفجر فيسجد فنهاه ابن عمر فأبى أن ينتهي فحصبه وقال إنهم لا يعقلون " (5) . والذي أراه في المسألة هو عدم السجود للتلاوة في أوقات النهي وهو ما حكاه ابن عبد البر عن الإمام مالك والصحيح من مذهب الإمام أحمد وقول الإمام أبي حنيفة في الأوقات الثلاثة الواردة في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه. وذلك خوفا من الوقوع في المحرم بفعل المندوب ولأن ما استدل به المجيزون هو أن سجدة التلاوة من ذوات الأسباب، وغير مسلم لهم أن كل ذات سبب تفعل في أوقات النهي.   1 في الكافي 1/165. 2 انظر المغني 2/363، 533، الإنصاف 2/8 0 2. 3 1لمغني 2/363. 4 أخرجه أبو داود يا كتاب الصلاة باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح 2/127 حديث 5 1 4 1، وقال المنذري: "في إسناده أبو بحر البكراوي لا يحتج بحديثه " مختصر سنن أبي داود 2/ 120. وضعفه الألباني. انظر ضعيف سنن أبي داود ص. 14. 5 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 16/2 وذكره ابن قدامة في المغني 364/2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 المبحث الثاني سجود الشكر ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر إلى أنه يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم1 لما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله" 2 فإن حصل سببه في وقت نهي جاز السجود عند الشافعي3، وأحمد في رواية اختارها أبو الخطاب4. والحجة لهم في ذلك: أن سجود الشكر صلاة ذات سبب فلا يشمله النهي كسائر ذوات الأسباب. والصحيح من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يجوز في أوقات النهي فعل كثير من ذوات الأسباب كتحية المسجد وصلاة الكسوف وسجود التلاوة وقضاء السنن الرواتب5 وسجود الشكر ليس آكد منها فيشمله الحكم. وأما الإمامان أبو حنيفة ومالك فإنهما لا يريان استحباب سجود الشكر أصلا6. كما أنهما لا يريان جواز فعل كثير من ذوات الأسباب في أوقات النهي. والذي أراه في المسألة هو عدم جواز سجود الشكر في أوقات النهي، لعموم النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، ولأنه لم يرد الأمر بفعله كما ورد في تحية المسجد فيخصص به عموم النهي، وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله يحتمل أنه كان في غير أوقات النهي والله أعلم بالصواب.   1 انظر: المغني 2/ 371، المقنع ص 35، روضة الطالبين 1/ 324. 2 أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الجهاد باب في سجود الشكر 4/ 1 4 حديث 2774، والترمذي في كتاب السير باب ما جاء في سجدة الشكر 4/ 41 حديث 1578 وقال: "هذا حديث حسن غريب والعمل عليه عند أكثر أهل العلم"، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر 1/ 446 حديث 1394، وحسنه الألباني. انظر: إرواء الغليل 2/226، صحيح سنن ابن ماجه 1/233. 3 انظر: روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، مغنى المحتاج1/129. 4 انظر: الهداية 1/42، الإنصاف 2/ 209. 5 كما سبق ذلك في المسائل المذكورة. 6 انظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 95، المغنى 2/ 371-372، رحمة الأمة ص 2 4-43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الفصل السابع إعادة الصلاة مع الجماعة اختلف العلماء في حكم إعادة الصلاة مع الجماعة في أوقات النهي كأن يصلى الرجل صلاة الفجر أو العصر ثم يدرك جماعة هل له أن يصلى معهم أولا؟ فذهب الجمهور- المالكية والشافعية والحنابلة- إلى أن له ذلك- بل قال الشافعية والحنابلة يستحب له إعادة صلاته مع الجماعة التي أدركها- لكن اختلفوا فيمن له الإعادة: فرأى المالكية أنه من صلى وحده فقط أما من صلى في جماعة فلا يعيد، وهو قول للشافعية. والأصح عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة أنه يعيد وإن صلى في جماعة وشرط الحنابلة للإعادة أن تقام وهو في المسجد أو يدخل المسجد وهم يصلون، ومنهم من شرط أن تكون مع إمام الحي، والمذهب أنه يعيد سواء كان مع إمام الحي أم مع غيره1. وذهب الحنفية إلى أنه ليس له الإعادة، لأن الصلاة المعادة نافلة لصاحبها، والنفل بعد الفجر والعصر مكروه مطلقا2. واستدل الجمهور بما يأتي: 1- عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال عليّ بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما3، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " فقالا: يا رسول الله إنا كنا   1 انظر: موطأ الإمام مالك 133/1، التفريع 1/263، روضة الطالبين 1/ 4 34، كفاية الأخيار 1/132، مغنى المحتاج 1/233، الهداية لأبي الخطاب 1/42، المغنى 2/519، الفروع 1/ 574، شرح الزركشي 2/55، الإنصاف 2/ 5 20، كشاف القناع 1/452، الروض الندى ص 97. 2 انظر: البناية 2/ 604-605، مجمع الأنهر 1/ 141. 3 الفرائص: جمع فريصة وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف عند منبض القلب. ومعنى ترعد فرائصهما أي ترجف من الخوف. انظر: النهاية 3/ 431-432، لسان العرب 1/ 64، معالم السنن 1/387، نيل الأوطار 3/93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 قد صلينا في رحالنا، قال: "فلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة" 1. 2- عن بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تصلي مع الناس؟ " ألست برجل مسلم؟ " فقال: بلى يا رسول الله ولكن قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت " 2. 3- عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ " قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة". وفي لفظ: "كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ " قال: قال ما تأمر؟ قال: "صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فإذا أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل ". وفي لفظ آخر: "صل الصلاة لوقتها فإن أدركتك الصلاة معهم فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي "3. وجه الدلالة من هذه الأحاديث هو: أن حديث يزيد بن الأسود صريح في الموضوع لأن فيه مشروعية الإعادة بعد صلاة الفجر وهو وقت نهي.   1 أخرجه الترمذي واللفظ له في أبواب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة 1/424 حديث 219 وقال: "حديث حسن صحيح"، وأبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلى معهم 1/386 حديث 575، والنسائي في كتاب الإمامة باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده 25/112، وأحمد في مسنده 4/ 160، وصححه الألباني. انظر: صحيح سنن أبي داود 1/115، وصحيح سنن الترمذي 1/ 70. 2 أخرجه الإمام مالك واللفظ له في كتاب صلاة الجماعة باب إعادة الصلاة مع الإمام 1/132، والنسائي في كتاب الإمامة باب إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه 2/112، وأحمد في مسنده 4/ 34، وصححه الألباني. انظر: صحيح سنن النسائي 1/186. 3 أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب كراهة تأخير الصلاة عند وقتها وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام 1/448 -449 حديث 648. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 أما حديثا محجن وأبي ذر فدلا بعمومهما على مشروعية الإعادة ولم يفرقا بين وقت وآخر ولا بين صلاة وأخرى فيشمل ذلك الإعادة في أوقات النهي. قال ابن قدامة بعد ذكره للأحاديث المذكورة: "وهذه الأحاديث بعمومها تدل على محل النزاع، وحديث يزيد بن الأسود صريح في إعادة الفجر، والعصر مثلها"1. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث أبي ذر بعد ذكره بكل ألفاظه ما نصه: "وهذه النصوص تتناول صلاة الفجر والعصر قطعا فإنهما هما اللتان كان الأمراء يؤخرونهما بخلاف الفجر فإنهم لم يكونوا يصلونها بعد طلوع الشمس وكذلك المغرب لم يكونوا يؤخرونها، ولكن كانوا يؤخرون العصر أحيانا إلى شروع الغروب، وحينئذ فقد أمره أن يصلي الصلاة لوقتها ثم يصليها معهم بعد أن صلاها ويجعلها نافلة وهو في وقت نهي، لأنه قد صلى العصر، ولأنهم قد يؤخرون العصر إلى الاصفرار فهذا صريح بالإعادة في وقت النهي "2 اهـ. ومن رأى أن الإعادة تكون لمن صلى وحده فقط نظر إلى ما جاء في حديث جابر بن يزيد بن الأسود "صلينا في رحالنا"3، وإلى أن المصلى في جماعة حصل فضيلة الجماعة فلا معنى للإعادة4. ومن شرط أن تكون مع إمام الحي نظر إلى أن قضية النص في حديثي جابر وبسر بن محجن وردت في ذلك5. والذي أراه في المسألة هو جواز الإعادة مطلقا سواء كان المدرك للجماعة سبق أن صلى وحده أو في جماعة وسواء كانت الإعادة مع إمام الحي أم مع غيره، لأن الأحاديث السابقة تدل بإطلاقها على ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صليتما في رحالكما" عام يشمل الصلاة فرادى وجماعة وكذلك ما جاء في حديث بسر بن محجن "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت ". وأما دليل الحنفية فيمكن الجواب عنه بأنه قياس في مقابلة النص والله أعلم بالصواب.   1 1لمغني 2/521. 2 مجموع الفتاوى 23/ 190. 3 انظر المغني 2/ 519. 4 مغني المحتاج 1/233. 5 انظر: شرح الزركشي 2/55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 الفصل الثامن: الصلاة المنذورة و صلاة الاستخارة الصلاة المنذورة ... الفصل الثامن الصلاة المنذورة وصلاة الاستخارة المبحث الأول الصلاة المنذورة الصلاة المنذورة قد يكون النذر بها مطلقا أي غير محدد بوقت وقد يكون محددا بأحد أوقات النهي كأن يقول لله علىّ أن أصلى بعد العصر أو بعد الصبح كذا. وقد تكلم بعض العلماء عن حكم فعل هذه الصلاة في أوقات النهي، فأجمل النووي من الشافعية في المجموع جواز الفعل حيث قال: "وله فعل المنذورة"1 وفصل في الروضة حيث قال: "ولو نذر أن يصلى في هذه الأوقات فإن قلنا تنعقد الصلاة صح نذره وإلا فلا، وإذا صح نذره فالأولى أن يصلي في وقت آخر، كمن نذر أن يضحي بشاة يذبحها- بسكين مغصوب يصح نذره ويذبحها بغير مغصوب، ولو نذر صلاة مطلقة فله فعلها في هذه الأوقات قطعا فإن لها سببا)) (2. وذكر علماء الحنابلة جواز فعلها مطلقا أي سواء كان النذر بها مطلقا أو محددا بوقت نهي حيث قال ابن قدامة: "ويجوز فعل الصلاة المنذورة في وقت النهي سواء كان النذر مطلقا أو مؤقتا3 " وذكر أن الدليل على ذلك أنها صلاة واجبة فأشبهت الفوائت من الفرائض وصلاة الجنازة"4. وقال المرداوي: "يجوز صلاة النذر في هذه الأوقات- أي أوقات النهي- على الصحيح من المذهب ... إلى أن قال: لو نذر صلاة في أوقات النهي فالصحيح من   1 المجموع 4/170. 2 روضة الطالبين 1/194. 3 المغني 2/517. 4 انظر: المغني 2/ 517. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 المذهب أن حكمها حكم صلاة النذر المطلق في وقت النهي "1. وأما الحنفية فعندهم لا يجوز فعلها في أوقات النهي2. وأما المالكية فلم أقف لهم على نص في المسألة ولكن الظاهر أنهم كالحنفية لا يجيزون فعلها في وقت النهي، لأن عدم الجواز هو قولهم في جميع ذوات الأسباب ماعدا الفرائض وصلاة الجنازة بعد الفجر والعصر المجمع على فعلهما. والذي أراه في المسألة: أنها لا تفعل في وقت النهي إلا إذا خشي الإنسان أن لا يتمكن من فعلها لو أخرها فله فعلها لتبرأ ذمته مما وجب عليه والله أعلم بالصواب.   1 الإ نصاف 2/ 204. 2 انظر: الهداية 1/ 40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 المبحث الثاني صلاة الاستخارة الأصل في مشروعية صلاة الاستخارة حديث جابر رضي الله عنه الذي قال فيه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير فريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك ... " الحديث3. وأما فعلها في أوقات النهي فمكروه عند أكثر العلماء لأن الشافعية الذين قالوا بجواز ذوات الأسباب في أوقات النهي قالوا بكراهة صلاة الاستخارة فيها4. وأجاز شيخ الإسلام ابن تيمية صلاة الاستخارة في وقت النهي فيما يفوت5.   1 الإ نصاف 2/ 204. 2 انظر: الهداية 1/ 40. 3 أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى 2/ 51، وفي كتاب الدعوات باب الدعاء عند الاستخارة 7/ 162. 4 انظر: روضة الطالبين 1/193، المجموع 4/ 170، مغني المحتاج 1/129. 5 انظر: الفروع 1/573، الإنصاف 2/ 9 0 2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 الفصل التاسع التطوع في مكة وقت النهي اختلف العلماء في حكم صلاة التطوع في مكة في أوقات النهي على قولين: الأول: أنها لا تكره وهذا هو المشهور عند الشافعية1. الثاني: أنها تكره ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي، وبه قال أبو حنيفة، ومالك2، وأحمد فيما عدا ركعتي الطواف3، وهو وجه عند الشافعية4. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي: 1- عن أبي ذر رضي الله عنه أنه أخذ بحلقة باب الكعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمس إلا بمكة إلا بمكة" 5. 2- عن جبيربن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا   1 انظر: المهذب 1/93، المجموع 4/77ا-179، روضة الطالبين 1/ 194، حلية العلماء 2/182. 2 حيث سبق أنهما قالا بعدم جواز ركعتي الطواف في وقت النهي. 3 أما ركعتا الطواف فيجوز فعلهما في المشهور عنه كما سبق ذلك ص 267 وانظر قوله في منع الصلاة في مكة المغني 2/535، كشاف القناع 1/453. 4 انظر: روضة الطالبين 1/194، المجموع 4/179، حلية العلماء 2/182، مغني المحتاج 1/ 130. 5 رواه أحمد واللفظ له انظر الفتح الرباني 2/ 299، والدارقطني في كتاب الصلاة باب جواز النافلة عند البيت في جميع الأزمان 424/1-425، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 461 وضعفه، وضعفه أيضا ابن قدامة في المغني 2/ 535، والنووي في المجموع 4/178. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار" 1. واستدل أصحاب القول الثاني على مساواة مكة بغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي بعموم النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، وأنه معنى يمنع الصلاة فاستوت فيه مكة وغيرها كالحيض2. واستدل من استثنى ركعتي الطواف بحديث جبير بن مطعم وغيره مما سبق في تلك المسألة3. والذي أراه في المسألة هو القول بأن مكة كغيرها من البلدان في المنع من التطوع في أوقات النهي ماعدا ركعتي الطواف فيجوز فعلهما فيها لما سبق بسطه في حكم ركعتي الطواف في أوقات النهي، ولأن القائلين باستثناء مكة وهم الشافعية أصرح أدلتهم هو حديث أبي ذر رضي الله عنه وهو ضعيف كما سبق قريبا في تخريجه. وأما حديث جبير بن مطعم فالمقصود بالصلاة الواردة فيه ركعتا الطواف فيختص الحكم بهما4 ولأن القول بالمنع أحوط والله أعلم بالصواب.   1 سبق تخريجه ص 270. 2 انظر: المغني 2/ 535، كشاف القناع 2/453 3 أي مسألة حكم ركعتي الطواف في وقت النهي التي سبقت ص 267. 4 انظر: المغني 2/ 535. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الخاتمة بعد أن من الله سبحانه وتعالى علىّ بإتمام هذا البحث أحب أن أختمه بذكر أهم النتائج التي توصلت إليها من خلاله دراستي له وتتلخص في النقاط التالية: 1- ثبوت النهي عن التطوع في بعض الأوقات وأن أحاديث النهي عن الصلاة في تلك الأوقات محكمة لم يدخلها النسخ. 2- أن أوقات النهي التي اشتهر ذكرها في كتب الفقه خمسة هي من بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع، وإذا استوت حتى تزول، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، ومن حين تتضيّف للغروب حتى تغرب. ويمكن جعلها ثلاثة وذلك باعتبار ما بعد الفجر حتى ترتفع الشمس وقت واحد وما بعد العصر حتى تغرب الشمس وقت واحد أيضا ولعل هذا هو الأولى وأن من جعلها خمسة إنما نظر إلى ورود الأحاديث بذلك حيث ذكر حديث عقبة ثلاثة أوقات هي عند طلوع الشمس حتى ترتفع وحال استوائها حتى تزول وحين تتضيّف للغروب حتى تغرب وذكرت أحاديث أخرى وقتين هما بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس. 3- إجماع العلماء على عدم جواز النفل المطلق في أوقات النهي وإجماعهم أيضا على جواز صلاة الجنازة بعد الصبح وبعد العصر. 4- يجوز عند الحنفية قضاء الفرائض وسجدة التلاوة بعد الصبح وبعد العصر ولا يجوز في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة فعل شيء من الصلوات إلا عصر اليوم فيصلى عند الغروب. أما المالكية فيجوز عندهم في أوقات النهي قضاء الفرائض، وإعادة الصلاة مع الجماعة لمن صلى وحده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وأما الشافعية وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية فيرون جواز جميع الصلوات التي لها أسباب لا أوقات النهي. وأما الحنابلة فيجيزون في أوقات النهي قضاء الفرائض وركعتي الطواف وإعادة الصلاة مع الجماعة. 5- عدم جواز ركعتي الإحرام في أوقات النهي لدى المذاهب الأربعة. 6- ترجح لدي جواز قضاء الفرائض، وركعتي الفجر بعد الصلاة وقضاء الوتر بعد طلوع الفجر وقبل الصلاة وجواز تحية المسجد، وركعتي الطواف، وصلاة الكسوف وإعادة الصلاة مع الجماعة، وعدم جواز الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وعدم جواز الصلاة على القبر والغائب في جميع أوقات النهي، وعدم جواز ركعتي الإحرام والوضوء، وصلاة الاستسقاء، وعدم جواز السجود للتلاوة وسجود الشكر، وعدم جواز فعل المنذورة إلا إذا خشي عدم فعلها في غير أوقات النهي، وعدم جواز صلاة الاستخارة وأن مكة كغيرها من البلدان في المنع من التطوع في أوقات النهي إلا ركعتي الطواف. 7- الذي ورد تعليل النهي عن الصلاة فيه من هذه الأوقات هو وقت طلوع الشمس ووقت غروبها حيث جاء في حديث عمرو بن عبسة "أنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار" وفي الغروب كذلك1. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن من علل النهي عن النفل المطلق في بعض الأوقات ما فيه من اجمام النفوس من ثقل العبادة كما يجم بالنوم وغيره ومن تشويقها وتحبيب الصلاة إليها فإن العبادة إذا خصت ببعض الأوقات نشطت النفوس لها أعظم مما تنشط للشيء الدائم2.   1 وقد سبق تخرج الحديث ص 235. 2 انظر مجموع الفتاوى23/187. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع 1 – الاختيارات الفقهية في فتاوى شيخ الِإسلام ابن تيمية: اختارها علاء الدين أبو الحسن البعلي المتوفى سنة 803 هـ. تحقيق محمد حامد الفقى. الناشر: دار المعرفة. بيروت. 2 – الاختيار لتعليل المختار: تأليف عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي. المتوفى سنة 683 هـ. عليه تعليقات للشيخ محمود أبو دقيقة. الطبعة الثالثة 1395 هـ/ 1975. دار المعرفة. بيروت. 3 – إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: تأليف محمد بن ناصر الدين الألباني. الطبعة الثانية 1405 هـ. المكتب الِإسلامي. 4 – الاستذكار لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار: تأليف أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق علي الجندي. الناشر: لجنة إحياء التراث الإسلامي. جمهورية مصر العربية. 5 – إسعاف أهل العصر بما ورد في أحكام الوتر: تأليف د. فيحان بن شالي المطيري. الطبعة الأولى 405 أهـ. طبع بمطابع دار المدني. 6 – أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك: تأليف أبي بكر بن حسن الكشناوي. الطبعة الثانية. دار الفكر. بيروت. 7 – الأشراف على مذاهب أهل العلم: للِإمام الحافظ محمد بن إبراهيم بن المنذر المتوفى سنة 318 هـ. تحقيق محمد نجيب سراج الدين. الطبعة الأولى 1406 هـ/1986م. الناشر إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر. ومخطوط توجد منه صورة بالجامعة الإسلامية. 8 – الأشراف على مسائل الخلاف: للقاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المتوفى سنة 422 هـ. مطبعة الإدارة. 9 – الإفصاح عن معاني الصحاح: تأليف أبي المظفر يحي بن محمد بن هبيرة الحنبلي المتوفى سنة 560 هـ. الناشر: المؤسسة السعيدية بالرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 10 – الإقناع: للِإمام الحافظ أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر. المتوفى سنة 318 هـ. تحقيق د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين. الطبعة الأولى 1408 هـ. مطابع الفرزدق. الرياض. 11 – الإِقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: تأليف شمس الدين محمد بن أحمد الشربيني الخطيب المتوفى سنة 977 هـ. الناشر: دار المعرفة. بيروت. 12 – الإِقناع في فقه الإِمام أحمد بن حنبل: تأليف أبي النجا شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي. المتوفى سنة 968 هـ. تصحيح وتعليق عبد اللطيف محمد السبكي. الناشر: دار المعرفة. بيروت. 13 – الأم: للِإمام محمد بن إدريس الشافعي. المتوفى سنة 204 هـ. الطبعة الثانية 1393 هـ. دار المعرفة. بيروت. 14 – الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: تألَيف علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي. المتوفى سنة 855 هـ. صححه وحققه محمد حامد الفقي. الطبعة الثانية 1400 هـ/ 1980م. 15 – الأوسط في السنن والإِجماع والاختلاف: للِإمام الحافظ أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر. المتوفى سنة 318 هـ. تحقيق أبي حماد صفير. الطبعة الأولى 1405 هـ. دار طيبة الرياض. 16 – البحر الرائق شرح كنز الدقائق: تأليف زين الدين ابن نجيم الحنفي المتوفى سنة 970 هـ. الطبعة الثانية. دار المعرفة. بيروت. 17 – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: تأليف علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني. المتوفى سنة 587 هـ. الطبعة الثانية 1402 هـ. دار الكتاب العربي. بيروت. 18 – بداية المجتهد ونهاية المقتصد: تأليف أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد. المتوفى سنة 595 هـ. راجع أصوله وعلق عليه عبد الحليم محمد عبد الحليم. الطبعة الثانية 1403 هـ. الناشر: دار الكتب الإسلامية. القاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 19 – بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني: تأليف أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي المتوفى سنة 1371 هـ. مطبوع مع الفتح الرباني. الناشر: دار الشهاب. القاهرة. 20 – البناية في شرخ الهداية: لأبي محمد بن أحمد العيني المتوفى سنة 855 هـ. تصحيح المولوى محمد عمر. الطبعة الأولى 1400 هـ. دار الفكر. 21 – التفريع: لأبي القاسم عبيد الله بن الحسين بن الجلاب البصري. المتوفى سنة 378 هـ. تحقيق د. حسين الدهماني. الطبعة الأولى 1408 هـ. دار الغرب الِإسلامي. بيروت. 22 – التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852.عنى بتصحيحه والتعليق عليه عبد الله هاشم المدني. 23 – تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة: لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن خليل النسائي المالكي المتوفى سنة 942 هـ. تحقيق د. محمد عايش. الطبعة الأولى 1409 هـ. 24 – حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: للعلامة شمس الدين محمد عرفه الدسوقي. طبع بدار إحياء الكتب العربية. عيسى البابي الحلبي وشركاه. 25 – حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: للعلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الشلبي المتوفى سنة 1021 هـ. مطبوع بهامش تبيين الحقائق. الطبعة الثانية. دار المعرفة. بيروت. 26 – حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء: تأليف سيف الدين أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال. المتوفى سنة 507 هـ. تحقيق د. ياسين أحمد. الطبعة الأولى 1400 هـ. مؤسسة الرسالة. بيروت. 27 – دليل الطالب على مذهب الِإمام المبجل أحمد بن حنبل: تأليف الشيخ مرعى بن يوسف الحنبلي المتوفى سنة 01033 الطبعة الرابعة 14000 هـ/ 1980م. المكتب الِإسلامي. بيروت. 28 – رؤوس المسائل: للعلامة جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري. المتوفى سنة 538 هـ. تحقيق عبد الله نذير أحمد. الطبعة الأولى 1407 هـ. دار البشائر الِإسلامية. بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 29 – رحمة الأمة في اختلاف الأئمة: تأليف أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الدمشقي الشافعي. المتوفى سنة 780 هـ. الطبعة الأولى 1407 هـ/1987م. الناشر: دار الكتب العلمية. بيروت. 30 – روضة الطالبين وعمدة المفتين: للِإمام أبي زكريا يحي بن شرف النووي. المتوفى سنة 676 هـ. الطبعة الثانية 1405 هـ إشراف زهير الشاويش. المكتب، الإِسلامي. 31 – الروض الندى شرح كافي المبتدي: تأليف أحمد بن عبد الله بن أحمد البعلي. المتوفى سنة 1189 هـ. الناشر: المؤسسة السعيدية بالرياض. 32 – سبل السلام شرح بلوغ المرام: للِإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني، المتوفى سنة 1182هـ. صححه وعلق عليه وخرج أحاديثه فواز أحمد زمرلي وإبراهيم محمد الجمل. الطبعة الأولى 1405 هـ/ 1985م. الناشر: دار الكتاب العربي. بيروت. 33 – سلسلة الأحاديث الصحيحة: للشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني. المكتب الإِسلامي. 34 – سنن ابن ماجة: للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني. المتوفى سنة 275 هـ. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: عيسى البابي الحلبي. 35 – سنن أبي داود: للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني. المتوفى سنة 275 هـ. تحقيق عزت عبيد الدعاس. طبع محمد على السيد. حمص. 36 – سنن الزمذي (الجامع الصحيح) : للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي. المتوفى سنة 279 هـ. تحقيق أحمد شاكر وآخرين. الناشر: مصطفى البابي الحلبي. القاهرة. 37 - سنن الدارقطني: للحافظ علي بن عمر الدارقطني. المتوفى سنة 385 هـ. وبذيله التعليق المغني على الدارقطني. الطبعة الرابعة 1406 هـ. عالم الكتب. بيروت. 38- السنن الكبرى: للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. المتوفى سنة 458 هـ. وبذيله الجوهر النقي. دار الفكر. بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 39 – سنن النسائي: للحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. المتوفى سنة 303 هـ. ومعه شرح السيوطي وحاشية السندى. دار الفكر. بيروت. 40 – شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: للعلامة محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني. المتوفى سنة 1122 هـ. دار المعرفة. بيروت 1398هـ/1978م. 41 – شرح الزركشي على مختصر الخرقي: تأليف الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلى. المتوفى سنة 772 هـ. تحقيق عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين. الطبعة الأولى 1410 هـ. شركة العبيكان للطباعة والنشر. الرياض. 42 – شرخ السنة: لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي. المتوفى سنة 516 هـ. تحقيق شعيب الأرناؤط. الطبعة الأولى 1400 هـ. المكتب الِإسلامي. بيروت. 43 – الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الِإمام مالك: لأبي البركات أحمد بن محمد الدردير. المتوفى سنة 1201 هـ. مطبوع بهامش بلغة السالك. دار المعرفة. بيروت 1398 هـ. 44 – شرح فتح القدير: تأليف كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي المتوفى سنة 861 هـ. دار إحياء التراث العربي. بيروت. 45 – شرخ منتهى الإرادات: للعلامة منصور بن يونس بن إدريس البهوتي. المتوفى سنة 1051هـ. عالم الكتب. بيروت. 46 – صحيح البخاري: للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. المتوفى سنة 256 هـ. بتصحيح محمد ذهني. طبعة بولاق 1315 هـ. 47 – صحيح سنن ابن ماجة، وصحيح سنن أبي داود، وصحيح سنن الترمذي، وصحيح سنن النسائي: تأليف محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الأولى. المكتب الإسلامي. بيروت. الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج. الرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 48 – صحيح مسلم: للإِمام الحافظ أبي الحسين مسلم بن حجاج النيسابوري. المتوفى سنة 261 هـ. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: عيسى البابي الحلبي. 49 – صحيح مسلم بشرح النووي: أبي زكريا يحي بن شرف النووي. المتوفى سنة 676 هـ. المطبعة المصرية ومكتباتها. 50 – ضعيف سنن أبي داود: تأليف محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الأولى. المكتب الِإسلامي. بيروت. الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج. الرياض. 51 – العدة حاشية العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني على إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام للعلامة ابن دقيق العيد: قدم له وحققه محب الدين الخطيب، وعلي بن محمد الهندي. الناشر: المكتبة السلفية. القاهرة. 52 – عمدة الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: تأليف العلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة. المتوفى سنة 620 هـ. الطبعة الثانية 1402 هـ. الناشر ك مكتبة التوفيق. الرياض. 53 – فتاوى إسلامية لمجموعة من العلماء الأفاضل: قدم له وأشرف عليه الشيخ قاسم الشماعي. الطبعة الأولى 1408 هـ. الناشر: دار القلم. بيروت. لبنان. 54 – فتح الباري شرح صحيح البخاري: للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 هـ. قرأ أصله تصحيحاً وتحقيقاً سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز. دار الفكر. بيروت. 55 – الفتح الرباني لترتيب مسند الِإمام أحمد بن حنبل الشيباني: تأليف أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي. المتوفى بعد سنة 1371 هـ. ومعه بلوغ الأماني. الناشر: دار الشهاب. القاهرة. 56 الفروع: للِإمام شمس الدين المقدسي أبي عبد الله محمد بن مفلح. المتوفى سنة 763 هـ. مصور بالأوفست. عالم الكتب. بيروت. 57 - فقه الإمام أبي ثور: تأليف سعدي حسين على جبر. الطبعة الأولى 1403 هـ/1983م. مؤسسة الرسالة. بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 58 – القوانين الفقهية: تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن جزى الكلبي. المتوفى سنة 741 هـ. الطبعة الأولى 1404 هـ. الناشر: دار الكتاب العربي. بيروت. 59 – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل: لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة. تحقيق زهير الشاويش. الناشر: المكتب الإِسلامي، بيروت. 60 – الكافي في فقه أهل المدينة المالكي: لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر. تحقيق د. محمد بن محمد الموريتاني. الناشر: المحقق 1399 هـ/ 1979م. 61 – كشاف القناع عن متن الإقناع: تأليف منصور بن يونس البهوتي. المتوفى سنة 1051 هـ. عالم الكتب. بيروت. 62 – كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار: تأليف تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني الدمشقي الشافعي من علماء القرن التاسع الهجري. المتوفى سنة 829 هـ. دار إحياء الكتب العربية. عيسى البابي الحلبي وشركاه. 63 – الكفاية شرح الهداية: تأليف جلال الدين الخوارزمي. مطبوع مع شرح فتح القدير لابن الهمام. دار إحياء التراث العربي، بيروت. 64 – اللباب في الجمع بين السنة والكتاب: للإمام أبي محمد علي بن زكريا المنبجي. المتوفى سنة 686 هـ. تحقيق د. محمد فضل. الطبعة الأولى 1403 هـ. دار الشروق. 65 – اللباب في شرح الكتاب: تأليف عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني. أحد علماء القرن الثالث عشر. حقق الجزء الأول محمود أمين النووي وحقق بقية الكتاب محمد محيي الدين عبد الحميد. الطبعة الرابعة 1399 هـ/ 1979م. دار الحديث. حمص. بيروت. 66 – لسَان العرب: لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. المتوفى سنة 711 هـ. دار صادر. بيروت. 67 – المبدع في شرح المقنع: لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي. المتوفى سنة 884 هـ. المكتب الِإسلامي 1402 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 68 – المبس   وط: لشمس الدين محمد بن أحمد السرخسي المتوفى سنة 483 هـ. دار المعرفة. بيروت 1406 هـ. 69 – المجموع شرح المهذب: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي. المتوفى سنة 676 هـ. وبذيله فتح العزيز والتلخيص الحبير. دار الفكر. 70- مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية: جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي وساعده ابنه محمد. تصوير الطبعة الأولى 1398 هـ. 71 – المحرر في الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن حنبل: للإمام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله الحراني. المتوفى سنة 652 هـ. الناشر: دار الكتاب العربي. بيروت. 72 – المح   لى: لأبي محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم. المتوفى سنة 456 هـ. تحقيق لجنة إحياء التراث العري. الناشر: دار الآفاق الجديدة. بيروت. 73 – مختصر خليل: للشيخ خليل بن إسحاق المالكي. المتوفى سنة 769 هـ. الطبعة الأخيرة. دار الفكر. بيروت. 74 – مختصر الطح   اوي: للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي. المتوفى سنة 321 هـ. حققه أبو الوفاء الأفغاني. الطبعة الأولى 1406 هـ. دار إحياء العلوم. بيروت. 75 – مختصر قيام الليل: لأبي عبد الله محمد بن نصر المروزي. المتوفى سنة 294 هـ. الطبعة الأولى على الكمبيوتر 1408 هـ. الناشر: حديث أكاديمي. فيصل أباد. باكستان. 76 – المدونة الكبرى: للإمام مالك بن أنس. المتوفى سنة 179 هـ. الطبعة الأولى. طبعت بمطبعة السعادة. مصر 1323 هـ. دار صادر. 77 – مسائل الإِمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية. المناسك والكفارات: رواية إسحاق بن منصور الكوسج.. المتوفى سنة 251 هـ. رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 78 – مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري. المتوفى سنة 375 هـ. تحقيق زهير الشاويش. المكتب الإسلامي. 79 – مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية ابنه صالح المتوفى سنة 266 هـ. تحقيق د. فضل الرحمن دين محمد. الطبعة الأولى 1408هـ/1988م. الدار العلمية. دلهي. الهند. 80– مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية ابنه عبد الله المتوفى سنة 290 هـ. تحقيق زهير الشاويش. المكتب الِإسلامي. 81 – مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية أبي داود السجستاني. المتوفى سنة 275 هـ. دار المعرفة. بيروت. 82 – المستدرك على الصحيحين: للحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم. المتوفى سنة 405 هـ. توزيع دار الباز. مكة المكرمة. 83 – مسند الإمام أحمد: للإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني. المتوفى سنة 241 هـ. 84 – مسند الإمام الشافعي: للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 هـ. الطبعة الأولى 1405 هـ/ 1980م. دار الكتب العلمية. بيروت. 85 – المصنف: للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني. المتوفى سنة 211 هـ. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الثانية 1403 هـ. المكتب الِإسلامي. 86 – المصنف في الأحاديث والآثار: للحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة. المتوفى سنة 235 هـ. حققه عامر الأعظمي. الناشر: الدار السلفية. الهند. 87 – معالم السنن: لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي. المتوفى سنة 388 هـ. مطبوع مع سنن أبي داود. 89 – معالم مكة التاريخية والأثرية: تأليف عاتق بن غيث البلادي. الطبعة الثانية 1403 هـ. دار مكة. 89 – معرفة السنن والآثار: للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق د. عبد المعطي أمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 قلعجي. الطبعة الأولى 1412 هـ/ 1991م. الناشر: جامعة الدراسات الإسلامية كراتشي، دار قتيبة دمشق، دار الوعى حلب. القاهرة. دار الوفاء. القاهرة. 90 – المغن   ي: للعلامة أبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. المتوفى سنة 620 هـ. تحقيق د. عبد الله التركي ود. عبد الفتاح الحلو. الطبعة الأولى 406 اهـ. هجر للطباعة والنشر. القاهرة. 91 – مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: لشمس الدين محمد بن أحمد الشربيني الخطيب. المتوفى سنة 977 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي. القاهرة. 92 – المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل: للعلامة ابن قدامة المقدسي. دار الكتب العلمية. بيروت. 93 – منار السبيل في شرح الدليل: للشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان. المتوفى سنة1353 هـ. تحقيق زهير الشاويش. الطبعة الخامسة 1402 هـ. المكتب الإِسلامي. 94 – المنتقى شرح موطأ الإِمام مالك: لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي. المتوفى سنة 494 هـ. الطبعة الثالثة 1403 هـ. الناشر: دار الكتاب العربي. بيروت. 95 – المهذب في فقه مذهب الإمام الشافعي: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي. المتوفى سنة 476 هـ. طبع بمطبعة عيسى البابي الحلبي. مصر. 96 – مواهب الجليل شرح مختصر خليل: لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطّاب. المتوفى سنة 954 هـ. الطبعة الثانية 1398 هـ. دار الفكر. 97 – الموط   أ: للإمام مالك بن أنس. المتوفى سنة 179 هـ. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: عيسى البابي الحلبي. 98 – النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير المتوفى سنة 606 هـ. تحقيق محمود الطناحي، وطاهر الرازي. الطبعة الثانية 1399 هـ. دار الفكر. بيروت. 99 – نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: للشيخ محمد بن علي الشوكاني. المتوفى سنة 1250 هـ. الناشر: مكتبة الدعوة الإِسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 100 – نيل المآرب بشرح دليل الطالب: للشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني المشهور بابن أبي تغلب. المتوفى سنة 135 أهـ. تحقيق د. محمد سليمان الأشقر. الطبعة الأولى 1403 هـ. مكتبة الفلاح. الكويت. 101 – الهداي   ة: للإمام أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني. المتوفى سنة 410 هـ. تحقيق إسماعيل الأنصاري وصالح السليمان. الطبعة الأولى 1390 هـ. 102 – الهداية شرح بداية المبتدئ: برهان الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر المرغيناني. المتوفى سنة 593 هـ. الناشر: المكتبة الإسلامية. 103 – الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي: للإمام محمد بن محمد الغزالي. المتوفى سنة 505 هـ. دار المعرفة. بيروت 1399 هـ/1979م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298