الكتاب: معطية الأمان من حنث الأيمان المؤلف: عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي، أبو الفلاح (المتوفى: 1089هـ) المحقق: عبد الكريم بن صنيتان العمري الناشر: المكتبة العصرية الذهبية، جدة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1416هـ/1996م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- معطية الأمان من حنث الأيمان ابن العِماد الحنبلي الكتاب: معطية الأمان من حنث الأيمان المؤلف: عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي، أبو الفلاح (المتوفى: 1089هـ) المحقق: عبد الكريم بن صنيتان العمري الناشر: المكتبة العصرية الذهبية، جدة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1416هـ/1996م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] مقدمة ... معطية الأمان من حنث الأيمان تأليف العلامة أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089هـ حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه أ. د/ عبد الكريم بن صنيتان العمري الأستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامي بالمدينة المنورة بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فإن مذهب الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – يعتبر من أكثر المذاهب الفقهية التي خدمت في مجال التأليف والتصنيف، فلقد اعتنى الحنابلة بمذهبهم عناية فائقة، وأولوه اهتماما خاصا وفريدا في هذا الشأن، ابتداء من تلاميذ الإمام الذين دونوا عنه كثيرا من المسائل الفقهية التي أخذوها عنه مباشرة، فأفردوها بمصنفات مستقلة عرفت بـ (المسائل) ، حتى وصلت إلينا مهذبة منقحة، كمسائل ولديه عبد الله وصالح، ومسائل أبي داود، وابن هانئ وغيرهم. ثم دون المجتهدون في المذهب – بعد ذلك – مصنفات أخرى مستقلة على طريقة الفقهاء، شملت جميع أبواب الفقه، وذلك بذكر أقوال الإمام في المسألة، ونقل الروايات المتعددة عنه، وذكر الصحيح المعتمد منها، مع النص على أقوال مجتهدي المذهب في بقية المسائل الأخرى التي لم ينقل فيها عن الإمام قول. فكان نتيجة لذلك أن دونت في المذهب المصنفات المطولة والمختصرة على اختلاف طريقتها، فمنها ما اقتصر فيه مصنفوه على ذكر الأقوال وأدلتها في المذهب فقط، ومنها ما شمل غيره من المذاهب الفقهية الأخرى، مع الإشارة إلى أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء المبرزين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 فكثرت المصنفات في مذهب الحنابلة وتفاوتت بين الاختصار والتوسع ابتداء من زمن الإمام أحمد – رحمه الله – إلى يومنا هذا. واشتهرت مصنفاتهم ونالت قصب السبق، واحتلت مكانة مرموقة بين كتب المذاهب الأخرى كمؤلفات ابن قدامة رحمه الله تعالى، ومؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى. لذلك اهتم علماء الحنابلة بمؤلفات متقدميهم، وعملوا على نشرها وإظهارها، وتقديمها للقارئ للاستفادة منها، والاعتماد عليها في معرفة أقوال الإمام، والنظر في آراء مجتهدي المذهب في كثير من المسائل التي يحتاج إليها الباحث. وكان من بين متأخري فقهاء الحنابلة الذين أسهموا إسهاما بارزا في تدوين فقه الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – الفقيه والمؤرخ الشهير عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة (1089هـ) ، والذي اشتهر من خلال كتابه (شذرات الذهب) . حيث صنف كتابا خاصا في مسائل الأيمان والطلاق، دون فيه أهم المسائل الفقهية في هذين البابين، وحررها على مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وهو كتابه هذا الذي أقدمه إليك أيها القارئ الكريم، وعنوانه: [معطية الأمان من حنث الأيمان] ، ولم يقتصر فيه ابن العماد – رحمه الله – على ذكر مذهب الحنابلة فقط، بل أورد فيه أقوال الأئمة الثلاثة الآخرين، مع ذكر الأدلة في غالب المسائل التي دونها في كتابه هذا، وعرج على ذكر أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء المشهورين. وهو كتاب جامع لأهم المسائل الفقهية، والفرعيات الجزئية في كتابي الأيمان والطلاق، حرره ابن العماد بأسلوب سهل، وعبارات جزلة دقيقة، يسهل على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 القارئ فهمها، ويجد فيه الباحث بغيته من المسائل المتعلقة بهذين البابين. لذا أحببت أن أسهم إسهاما متواضعا في إخراج هذا الكتاب إلى حيز الوجود، ليستفيد منه طلاب العلم، وليكون إضافة جديدة ونافعة إلى قائمة مصادر كتب الفقه الحنبلي التي تزخر بها المكتبة الإسلامية. والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يرزقنا حسن النية في القول والعمل، وأن لا يؤاخذنا بزلات اللسان، وسقطات الكلام، وأن يوفقنا لما فيه الخير والفلاح في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتبه: أفقر العباد إلى الملك الجواد أبو وائل: عبد الكريم بن صنيتان العمري أستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 اسمه ونسبه: هو العالم، الأديب، المؤرخ، الفقيه، أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد، الدمشقي، العكري1، الحنبلي.2 ولادته ونشأته العلمية: ولد المصنف – ابن العماد الحنبلي – بمدينة دمشق، يوم الأربعاء، الثامن من شهر رجب سنة اثنتين وثلاثين وألف من الهجرة النبوية.3 وكانت دمشق – إذ ذاك – تزخر بأفذاذ العلماء، وكبار المشايخ، الذين كان لهم نشاط كبير في نشر العلوم والمعارف، وذلك بإقامة الحلقات الدراسية في المساجد، والمدارس التي انتشرت بكثرة في تلك الفترة. فنشأ المصنف وترعرع بها، وأولع بطلب العلم منذ صغره، فابتدأ يحفظ القرآن الكريم، ثم شمر عن ساعد الجد والاجتهاد، وانخرط في تلك المدارس، فلازم كبار علماء دمشق واستفاد منهم، وقرأ عليهم الفقه وغيره.4 ولما نبغ وارتوى عوده، أجازه كبار علماء دمشق، ثم واصل مسيرته العلمية، فرحل إلى القاهرة5، وأقام بها، وأخذ عن أبرز مشايخها، ولما رأى في نفسه   1 في النعت الأكمل: (العكري) بضم العين، وقال الزركلي: وفي التاج ما يؤخذ منه احتمال ضبط (العكري) هنا، بفتح الكاف مخففة أو مع التشديد، إلا أن (بيت العكر) معروفون في دمشق إلى اليوم: بفتح وسكون الكاف. وانظر: النعت الأكمل: 240، تاج العروس: 13/121، الأعلام: 3/290. 2 خلاصة الأثر: 2/340، النعت الأكمل: 240، السحب الوابلة: 192. 3 المصادر السابقة. 4 المصادر السابقة. 5 خلاصة الأثر: 2/340. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 القدرة على الجلوس مجالس العلماء، وإمكان بثه للعلم ونشره له، بدأ في ذلك، فأنشأ لنفسه حلقات علمية درس فيها أنواع العلوم من فقه، ونحو، وصرف، وغير ذلك، فعمد إليه الطلبة من كل مكان، ولازموه، واستفادوا منه، وكان لا يمل ولا يفتر من المذاكرة والاشتغال بالتدريس والتعليم. وبالإضافة إلى انشغاله بالتدريس، كان يقوم بنسخ الكثير من الكتب العلمية المفيدة بخطه، الذي وصفه معاصروه بأنه كان خطا جميلا بديعا. يقول عنه تلميذه المحبي:1 "وكتب الكثير بخطه الحسن المضبوط، وكان خطه حسنا بين الضبط حلو الأسلوب والتناسب." وكان المصنف – أيضا – من الأدباء البارزين في ذلك الوقت، وكان يميل إلى نظم الشعر، ونسب إليه بعض الأبيات.2 وبالجملة فقد كان يتمتع بذاكرة عجيبة – كما وصفه معاصروه – وفكر وقاد، وكان شخصية علمية شهيرة، واستطاع – بما وهبه الله من ذكاء – أن يظهر نفسه في ذلك الوقت، وأن يكون من الأعلام البارزين الموصوفين بالذكاء والفطنة، والقدرة الفائقة على التحرير والتصنيف والكتابة، ويتضح ذلك كله من خلال قراءة مصنفاته وآثاره العلمية. شيوخه: 1- أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي، الشافعي، أشهر فقهاء الشافعية في القرن الحادي عشر، كان عارفا بالميقات، والحساب، والطب، وله   1 خلاصة الأثر: 2/340. 2 المصدر السابق، والنعت الأكمل: 242. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 العديد من المصنفات، منها (مناسك الحج – خ) 1، و (الهداية من الضلالة في معرفة الوقت والقبلة من غير آلة – ط) ، (التذكرة في الطب) ، (النبذة اللطيفة في بيان مقاصد الحجاز ومعالمه الشريفة) وغير ذلك، مات سنة (1069هـ) وقيل غير ذلك.2 2- أيوب بن أحمد بن أيوب الحنفي، الخلوتي، الصالحي، ولد بدمشق سنة (994هـ) واشتغل بأنواع العلوم. ومات بدمشق سنة (1071هـ) 3- رجب بن حسين بن علوان الحموي، الشافعي، كان متمكنا في العلوم الرياضية كالحساب والفلك، ماهرا بالفرائض، مات بدمشق سنة (1087هـ) 4- سلطان بن أحمد بن سلامة المزاجي، الأزهري، الشافعي، من كبار الفقهاء والقراء، وكان عابدا ورعا، ولد سنة (985هـ) ، صنف الكثير من الكتب، منها: (حاشية على شرح المنهج) ، (مؤلف في القراءات) ، مات بالقاهرة سنة (1075هـ) .5 5- عبد الباقي بن عبد القادر البعلي، الأزهري، الحنبلي، مفتي الحنابلة بدمشق، كان عالما بالفقه والحديث والقراءات، ولد سنة (1005هـ) ، من مصنفاته: (العين والأثر في عقائد أهل الأثر) ،   1 اطلعت على ثلاث نسخ منه في دار الكتب بالقاهرة. 2 خلاصة الأثر: 1/175، هدية العارفين: 1/161، الأعلام: 1/92. 3 خلاصة الأثر: 1/428، الأعلام: 2/37، معجم المؤلفين: 3/30. 4 خلاصة الأثر:2/162، الأعلام: 3/180. 5 خلاصة الأثر: 2/210، هدية العارفين: 1/394، الأعلام: 3/108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 القسم الدراسي أولا: ((دراسة حياة المصنف)) ((ترجمة المصنف)) مصادر ترجمته: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: 2/340-341 نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية:61/ب-63/أ (خ) . النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل: 240-249 السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: 192-194. إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون: 2/42، 570 هدية العارفين، أسماء المؤلفين وآثار المصنفين: 1/508. الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الإمام أحمد: 59. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: 443. الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي: 2/370. مختصر طبقات الحنابلة: 124-125. المختصر من كتاب نشر النور والزهر: لعبد الله مرداد 195-196. الأعلام: 3/290. معجم المؤلفين: 5/107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 (رياض أهل الجنة في آثار أهل السنة) ، (شرح صحيح البخاري) وغير ذلك، مات بدمشق سنة (1071هـ) .1 6- علي بن إبراهيم بن علي القبردي، أبو الحسن الصالحي الدمشقي الشافعي، ولد سنة (984هـ) ، أحد العلماء المشهورين المحققين في شتى الفنون، تولى التدريس والإفتاء بالجامع الأموي بدمشق، وكف بصره في آخر حياته، ومات سنة (1060هـ) .2 7- علي بن علي، نور الدين الشبراملسي، الشافعي، من فقهاء الشافعية بمصر، ولد سنة (997هـ) ، كان دقيق الفهم، جيد النظر، له العديد من المصنفات منها (حاشية على نهاية المحتاج) 3، (حاشية على شرح الورقات) في أصول الفقه، (حاشية على المواهب اللدنية للقسطلاني) ، مات بالقاهرة سنة (1087هـ) .4 8- محمد بن بدر الدين بن عبد القادر بن محمد، أبو عبد الله شمس الدين البلباني، البعلي، الحنبلي، أحد كبار فقهاء الحنابلة بالشام، كان عابدا زاهدا، يدرس الفقه على المذاهب الأربعة، له العديد من المصنفات، منها: (كافي المبتدي من الطلاب) مطبوع مع شرحه (الروض الندي) ، و (أخصر المختصرات) مطبوع مع شرحه (كشف المخدرات) ، و (عقيدة التوحيد) ، و (بغية المستفيد في التجويد)   1 النعت الأكمل: 223، السحب الوابلة: 183، مختصر طبقات الحنابلة: 120. 2 خلاصة الأثر: 3/124. 3 مطبوع بأعلى صحائف نهاية المحتاج للرملي. 4 خلاصة الأثر: 3/174، هدية العارفين: 1/761، الأعلام: 4/314. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 مات بدمشق سنة (1083هـ) .1 9- محمد بن علاء الدين البابلي، شمس الدين الشافعي، أحد الأعلام في الحديث والفقه، وهو من أحفظ أهل عصره لمتون الأحاديث، ومن أعرف الناس بالجرح والتعديل وكان زاهدا ورعا، من مصنفاته (الجهاد وفضائله) ، مات بالقاهرة سنة (1077هـ) .2 10- محمد بن كمال الدين بن محمد بن حسين الحنفي، من علماء التفسير والحديث والأدب، عارفا بفقه الحنفية، من مصنفاته (حاشية على شرح الألفية لابن الناظم) ، (التحريرات على الهداية) ، (البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف/ط) ، مات بدمشق سنة (1085هـ) .3 تلاميذه: لم يذكر المترجمون له عدد تلاميذه، ولا أسمائهم، مما دعاني إلى القيام بقراءة واستقراء لتراجم المعاصرين له، واللاحقين بعده، فاستعرضت كتب التراجم للفترة التي عاش بها، ومصنفات القرن الثاني عشر التي اهتمت بالحوادث التاريخية وتدوين سيرة العلماء والمبرزين في تلك الفترة الزمنية، فكان أن خرجت بأسماء عدد من تلاميذه، وهم:   1- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الكريم السفرجلاني، الشافعي، 1 النعت الأكمل: 231، السحب الوابلة: 373، مختصر الطبقات: 122. 2 خلاصة الأثر: 4/39، هدية العارفين: 2/290، الأعلام: 6/270. 3 خلاصة الأثر: 4/124، الأعلام: 7/15، معجم المؤلفين: 11/163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 ولد سنة (1055هـ) ، كان أديبا شاعرا، برع في الرياضيات، وله ديوان شعر، مات بدمشق سنة (1112هـ) .1 2- سعدي بن عبد الرحمن بن محمد الحنفي، الدمشقي، محدث من أهل الشام، كان ماهرا بالفرائض، عارفا بعلم الهندسة والحساب والمساحة، مات بدمشق سنة (1132هـ) .2 3- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الذهبي، الدمشقي، المعروف بابن شاشة، أديب أهل دمشق، من مصنفاته (نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية) ، و (الفوائد المكية والروائح المسكية) ولكل منهما نسخة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، مات بدمشق سنة (1128هـ) .3 4- عبد الرحيم بن مصطفى بن أحمد الشافعي الدمشقي، له عناية بالتاريخ والتراجم، وكان خطيبا واعظا، له كتاب (المنتخب) اختصر به كتاب شيخه (شذرات الذهب) ، مات بدمشق سنة (1160هـ) .4 5- عثمان بن أحمد بن سعيد بن عثمان النجدي، من فقهاء الحنابلة، ولد في بلدة (العيينة) قرب الرياض، ورحل إلى دمشق فأخذ عن علمائها من مصنفاته: (هداية الراغب في شرح عمدة الطالب- ط) ، و (حاشية على منتهى الإرادات) (نجاة الخلف في اعتقاد السلف) ، (قطع   1 سلك الدرر: 1/15، هدية العارفين: 1/37، الأعلام: 1/68. 2 سلك الدرر: 2/156-158. 3 سلك الدرر: 2/318، هدية العارفين: 1/552، الأعلام: 3/332. 4 سلك الدرر: 3/5، معجم المؤلفين: 5/214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 النزاع في تحريم الرضاع- خ) 1، مات بالقاهرة سنة (1097هـ) .2 عبد القادر بن أحمد بن علي بن ميمي البصري، الحنفي، كان فقيها، أديبا، فاضلا، من مصنفاته (يتيمة العصر في المد والجزر) ، و (رسالة في المنطق) ، وأخرى في (العروض) ، مات بالبصرة سنة (1085هـ) .3 7- محمد بن فضل الله بن محب الله المحبي، الحموي، الحنفي، المؤرخ الشهير، ولد بدمشق سنة (1061هـ) ، وقرأ على علمائها، وبرع في فنون كثيرة، واعتنى بتراجم أهل عصره، فصنف كتابه: (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) ، وله أيضا: (نفحة الريحانة) خصصه لتراجم الأدباء، (قصد السبيل بما في اللغة من الدخيل) و (الأمثال) وغير ذلك.4 وقد تتلمذ على المصنف، وقال أثناء ترجمته له5: "وكنت في عنفوان عمري تلمذت له، وأخذت عنه، وكنت أرى لقيته فائدة أكتسبها، وجملة فخر لا أتعداها، فلزمته حتى قرأت عليه الصرف والحساب، وكان يتحفني بفوائد جليلة، ويلقيها علي ... " 8- مصطفى بن فتح الله الشافعي، الحموي، المكي، مؤرخ، أديب، من مصنفاته: (فوائد الارتحال ونتائج السفر، في أخبار أهل القرن الحادي عشر- خ) ،   1 اطلعت على نسخة من هذه الرسالة في جامعة الملك سعود، وأخرى في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 2 النعت الأكمل: 253، السحب الوابلة: 282، الأعلام: 4/202. 3 خلاصة الأثر: 2/469، النعت الأكمل: 249، الأعلام: 6/36. 4 سلك الدرر: 4/86، هدية العارفين: 2/307، الأعلام: 6/41. 5 خلاصة الأثر: 2/341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 ثلاثة مجلدات في دار الكتب المصرية، مات باليمن سنة (1123هـ) .1 9- فضل الله بن علي بن محمد بن محمد الاسطواني، الحنفي، كان رئيس الكتاب في المحكمة الكبرى، وعاش سخيا، متنعما، وجمع من نفائس الكتب ما لم يجتمع عند أحد من أبناء عصره، مات سنة (1100هـ) .2 10- يونس بن أحمد المحلي، الأزهري، الشافعي، فقيه اشتهر بقوة الحفظ، وطلاقة العبارة، والاستحضار التام، ولد بالمحلة الكبرى بمصر سنة (1029هـ) ، وأخذ عن علمائها، ثم التحق بالأزهر، ورحل من ثم إلى دمشق، وأخذ بها عن المصنف وغيره، ودرس الحديث في الجامع الأموي بها، مات سنة (1120هـ) بدمشق.3 كما أن الناسخ لنسخة (أ) وهو: محمد بن أحمد المحيوي الحنبلي، قد ذكر في آخر النسخة أنه تلميذ للمصنف، حيث قال: "تأليف شيخنا العلامة أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد ابن العماد" ولم أقف على ترجمة له.   1 سلك الدرر: 4/178، النعت الأكمل: 249، الأعلام: 7/238. 2 خلاصة الأثر: 3/275. 3 سلك الدرر: 4/266، الأعلام: 8/260، معجم المؤلفين: 13/346. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 مصنفاته: لعل أول مصدر تاريخي يخطر ببال أي باحث عند إرادته معرفة تاريخ حادثة من الحوادث، أو ترجمة علم من الأعلام، هو ذلك المصدر التاريخي الشهير (شذرات الذهب) الذي ارتبط ارتباطا وثيقا باسم مؤلفه ابن العماد الحنبلي، ولا يخفى على أحد أهمية هذا المصدر التاريخي، الذي يعد موسوعة تاريخية حافلة، اشتملت على أهم الحوادث والوفيات التي وقعت خلال القرون العشرة الأولى من الهجرة النبوية. وهذا المصدر الضخم بمجلداته العشرة هو أبرز وأهم مصنفات أبي الفلاح ابن العماد الحنبلي، ولو لم يكن له إلا هذا الكتاب لكفى. وقد نسب إليه مصنفات أخرى، لا يزال بعضها مخطوطا، في حين لا يعرف شيء عن بقية مصنفاته سوى أسماء عناوينها، وفيما يلي بيان لمصنفات ابن العماد وأماكن وجودها: 1- أسباب الخلاص بسورة الإخلاص. اطلعت على نسختين له: الأولى: محفوظة بمركز الملك فيصل بالرياض ضمن مجموع رقمه (2865/13) ، وعدد أوراقها ست عشرة ورقة من (129-144) .1 والثانية: في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (19952ب) ، في ثلاث عشرة ورقة.2   1 فهرس مخطوطات مركز الملك فيصل بالرياض: 7/150. 2 فهرس دار الكتب المصرية: 3/78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 2- بغية أولي النهى في شرح المنتهى.1 وهو شرح لمتن (منتهى الإرادات) في الفقه الحنبلي لمؤلفه تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي، الشهير بابن النجار (ت 672هـ) وقد نسب هذا الشرح – للمصنف – المحبي3، وابن حميد4، وإسماعيل باشا5، والثعالبي6، والزركلي7، وكحالة8. 3- ثبت9. ذكر فيه مشايخه الذين لقيهم وروى عنهم. 4- حاشية على أنوار التنزيل. وهي حاشية كتبها على تفسير سورة (يس) من تفسير البيضاوي القاضي عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي (ت 685هـ) المسمى بـ (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) 10.   1 هدية العارفين: 1/508. 2 السحب الوابلة: 347-348. 3 خلاصة الأثر: 2/340. 4 السحب الوابلة: 193، الدر المنضد: 59. 5 إيضاح المكنون: 2/570، هدية العارفين: 1/508. 6 الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي: 2/370. 7 الأعلام: 3/290. 8 معجم المؤلفين: 5/106. 9 النعت الأكمل: 241، مختصر طبقات الحنابلة: 124. 10 شذرات الذهب: 7/685، الأعلام: 4/110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وقد سمى هذه الحاشية بـ (نزهة العماد) ، وفرغ من تأليفها سنة خمس وستين وألف للهجرة كما ذكر ذلك في مقدمته لهذه الحاشية. وهي تقع في (49) ورقة، في كل ورقة (23) سطرا، كتبت بخط نسخ دقيق، محفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق، تحت رقم (5542- علوم القرآن) .1 5- رسائل وتحريرات، في موضوعات ومسائل مختلفة.2 6- شذرات الذهب في أخبار من ذهب.3 وهو أشهر مصنفاته، وأشهر من أن يعرف به، وقد ذكر فيه ما وقع من الحوادث المختلفة المشهورة، وتراجم الأعيان ووفياتهم، مرتبا على السنين حسب الوفيات، لا على الأسماء، ابتدأ فيه من الهجرة إلى سنة (1000هـ) منها، وقد ذكر في مقدمته الهدف من تأليفه، فقال4: " ... أردت أن أجعله دفترا جامعا لوفيات أعيان الرجال، وبعض ما اشتملوا عليه من المآثر والسجايا والخلال، فإن حفظ التاريخ أمر مهم، ونفعه من الدين بالضرورة علم، لاسيما وفيات المحدثين والمتحملين لأحاديث سيد المرسلين، فإن معرفة السند لا تتم إلا بمعرفة الرواة، وأجل ما فيها تحفظ السيرة والوفاة. هذا وقد طبع الكتاب طبعات كثيرة، غير أن الكتاب لم يسلم من الأخطاء والتحريفات والتصحيفات، حتى قام –أخيرا- الأستاذ محمود الأرناؤوط بتحقيق الكتاب تحقيقا علميا، وعلق عليه، ووثق التراجم الواردة من   1 فهرس مخطوطات الظاهرية (علوم القرآن) 314-315. 2 النعت الأكمل: 241، السحب الوابلة: 193، الفكر السامي: 2/370. 3 المصادر السابقة، ومصادر ترجمة المصنف ص (10) . 4 شذرات الذهب: 1/111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 مصادرها، وقام والده الشيخ عبد القادر بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب، فخرج هذا المصدر الهام في عشرة أجزاء بطبعة منقحة وإخراج جيد له. 7- شرح بديعية ابن حجة.1 وهذه البديعية لناظمها أبي بكر بن علي بن عبد الله الحموي، الشهير بتقي الدين ابن حجة (837هـ) .2 ولشرح لمصنف عدة نسخ خطية، منها: 1- نسخة بدار الكتب القطرية، بقلم محمد قناوي الأزهري، وهي نسخة جيدة بقلم معتاد، في سبع وثلاثين ورقة، بمعدل أربعة عشرا سطرا في الصفحة الواحدة، محفوظة تحت رقم (257) بالدار المذكورة بالدوحة.3 2- نسخة بدار الكتب الظاهرية، تحت رقم (8772) .4 8- شرح5 على (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى) ، من تأليف العلامة مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت1003هـ) 6. قال ابن بدران في المدخل7: "وقد تصدى لشرحه –أي غاية المنتهى-   1 هدية العارفين: 1/508، الأعلام: 3/290. 2 الشذرات: 9/319. 3 فهرس دار الكتب القطرية: 2/591. 4 فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (الأدب) 1/333-334. 5 النعت الأكمل: 240، المدخل: 443ن مختصر الطبقات: 124. 6 خلاصة الأثر: 4/358، هدية العارفين: 2/426. 7 المدخل: 443. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 العلامة الفقيه الأديب أبو الفلاح عبد الحي بن محمد ابن العماد، فشرحه شرحا لطيفا دل على فقهه وجودة قلمه لكنه لم يتمه". وقد ذكر البعض1 أن المصنف –ابن العماد- شرح (غاية المنتهى) للشيخ مرعي، وذكر آخرون أنه إنما شرح (منتهى الإرادات) لابن النجار. قلت: لا يمنع أن يكون قد شرح الكتابين. والله أعلم. 9- معطية الأمان من حنث الأيمان. وهو هذا الكتاب المحقق، وسيأتي الكلام عليه فيما بعد إن شاء الله تعالى.2   1 انظر مصادر ترجمة المصنف ص (10) . 2 انظر ص 28 من هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وفاته:1 في سنة (1089هـ) قصد المصنف مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وبعد أن قضى تفثه، وأتم مناسك حجه، وشارك الحجاج في أداء هذه الشعيرة العظيمة، أقام بمكة يلتمس شيئا من الراحة، فأتاه اليقين، وطواه الموت، فرحل العلم الذي دون حياة الأعلام، وسجل التاريخ الحافل بأشهر الوقائع والأيام، وسطر بمداد قلمه انتصارات هذه الأمة، وتغلبها على أعدائها في الخطوب المدلهمة. وكانت وفاته في اليوم السادس عشر من شهر ذي الحجة سنة تسع وثمانين وألف من الهجرة النبوية، وكان عمره عند موته سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر وثمانية أيام، ودفن بمقبرة المعلاة بالحجون في مكة المكرمة رحمنا الله وإياه رحمة واسعة. ثناء العلماء عليه: أثنى المترجمون للمصنف من المؤرخين وغيرهم عليه، وأبرزوا شخصية ابن العماد العلمية، كواحد من أبرز الرجال الذين قدموا للأجيال اللاحقة بعده عملا علميا استحق عليه الإشادة والثناء والتقدير. يقول عنه تلميذه المحبي2: "الشيخ، العالم، الهمام، المصنف، الأديب، المتفنن، الطرفة، الأخباري، العجيب الشأن في التجول في المذاكرة،   1 خلاصة الأثر: 2/341، النعت الأكمل: 248-249، السحب الوابلة: 149، مختصر طبقات الحنابلة: 125. 2 خلاصة الأثر: 2/341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 ومداخلة الأعيان، والتمتع بالخزائن العلمية، وتقييد الشوارد من كل فن، وكان من أدأب الناس، وأعرفهم بالفنون المتكاثرة، وأغزرهم إحاطة بالآثار، وأجودهم مساجلة، وأقدرهم على الكتابة والتحرير". وقال الغزي1: "انتفع به كثير من أبناء عصره، وكان لا يمل ولا يفتر من المذاكرة والاشتغال، وكتب الكثير بخطه الحسن المضبوط، وكان خطه حسنا بين الضبط، حلو الأسلوب والتناسب". وقال عنه عبد الرحمن الذهبي2: "أحيا فقه ابن حنبل، وأتقن الحديث، وأحسن الرواية والتحديث، وكان معرضا عن موجبات القيل والقال، إلا أنه كالشمس لا يخفى". وقال عنه ابن بدران3: "وقد تصدى لشرح كتاب (غاية المنتهى) العلامة، الفقيه، الأديب، أبو الفلاح عبد الحي بن محمد ابن العماد، فشرحه شرحا لطيفا، دل على فقهه وجودة قلمه". وقال الثعالبي4: "العالم، الهمام، المصنف، الأديب، المتفنن، الأخباري، أعرف من كان في عصره بالفنون المتكاثرة".   1 النعت الأكمل: 241. 2 نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية: 61/ب. 3 المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: 443. 4 الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي: 2/370. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 ثانيا ((دراسة الكتاب)) ((نسبة الكتاب إلى المصنف)) هذا الكتاب المحقق، والمسمى بـ[معطية الأمان من حنث الأيمان] ، هو أحد مصنفات العلامة الفقيه المؤرخ عبد الحي بن أحمد ابن العماد الحنبلي، ونسبة هذا الكتاب إليه ثابتة، لا يتطرق إليها احتمال، ولا يعتريها أدنى شك، فنسبته إليه مؤكدة كنسبة كتاب (الشذرات) إليه. وقد أثبت عنوان الكتاب منسوبا إلي المصنف على غلاف النسخ الثلاث هكذا: "كتاب معطية الأمان من حنث الأيمان، تأليف الفقير إلى الله تعالى أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد غفر الله تعالى له". كما أثبته المصنف في آخر كتابه، فنسبه إلى نفسه بقوله: "وكان الفراغ من نسخها على يد مؤلفها الحقير عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد الحنبلي ... ". كما نسبه إليه كل من: إسماعيل باشا في: هدية العارفين: 1/508. والزركلي في: الأعلام: 3/290. وعمر كحالة في: معجم المؤلفين: 5/107. وقد ورد عنوان الكتاب منسوبا إلى المصنف بنفس العنوان المثبت أعلاه، إلا أنه ورد في نسخة (ب) زيادة: "هذه رسالة في اختلاف الأئمة الأربعة في الطلاق، تأليف الإمام الشيخ عبد الحي بن أحمد ابن العماد الحنبلي الخلوتي وسماها: معطية الأمان من حنث الأيمان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ((موضوع الكتاب)) أوضح المصنف في مقدمته موضوع كتابه هذا، وأنه خاص بمسائل الأيمان والطلاق التي فشت وانتشرت بين الناس. يقول رحمه الله: " ... ولما كثر على الألسنة الأيمان والطلاق، جمعت من ذلك مسائل مهمة في هذه الأوراق ... ". فابتدأ كتابه بمقدمة ذكر فيها أن الحلف بالله تعالى، والحنث فيه يعتري كلا منهما الأحكام التكليفية الخمسة: الوجوب, والندب، والإباحة، والكراهة، والحرمة. ثم ذكر حكم تكرار الحلف، والأدلة على حكمه من الكتاب والسنة والآثار، وحكم إبرار المقسم، والإقسام بوجه الله تعالى، وحكم إجابة السائل بالله عز وجل. ثم وضع عنوانا سماه [كتاب الأيمان] ابتدأ فيه بتعريف اليمين، والأصل في مشروعيتها، ومن تصح يمينه، ثم ذكر حروف القسم ومثل لها، وكيفية إجابة القسم والنية عند الحلف، ثم بين صيغة اليمين الموجبة للكفارة. وأعقب ذلك بعقد (فصل) أوضح فيه حكم الحلف بغير الله تعالى، وأردفه بذكر (فصل) بين فيه حكم تحريم الحلال، ومن حلف بملة غير الإسلام، وأيمان البيعة، ويمين الطلاق، والحلف بالنذر ونحو ذلك. ثم ذكر شروط وجوب الكفارة، ومثل لكل شرط، وحكم يمين المكره، ثم أتبع ذلك بذكر أحكام الاستثناء في اليمين والطلاق، وشروط صحته، ث ذكر أمثلة للأيمان المؤقتة بزمن محدد وأحكامها، ونماذج للحلف على السكنى والخروج ونحو ذلك، وحكم يمين الفور عند الفقهاء. عقب ذلك عقد بابا بعنوان [باب جامع الأيمان] بين فيه المرجع في الأيمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وألفاظها، والتعريض باليمين، وأمثلة للحلف على الأكل والشرب واللبس والشم ونحو ذلك، وبين أقل ما يحنث به الحالف. ثم عقد (فصلا) لبيان أحكام الطلاق: ذكر في مقدمته تعريفه، ومتى يباح ومتى يحرم وحالات وجوبه، ومن يصح طلاقه ومن لا يصح، والتوكيل في الطلاق، وتفويض الطلاق إلى الزوجة، وطلاق السنة والبدعة، وحكم طلاق الثلاث واختلاف الفقهاء فيه، وأطال الكلام على هذه المسألة. ثم عقد (فصلا) بين فيه ألفاظ صريح الطلاق وكنايته وأحكام ذلك كله، وحكم تحريم الزوجة، وما يختلف به عدد الطلاق، وما تخالف به المدخول بها غيرها، وتعليق الطلاق بالشروط، ثم ذكر المسألة السريجية وما قاله العلماء فيها، وحكم الردة من الزوجين أو أحدهما. بعد ذلك عقد (فصلا) ذكر فيه أحكام كفارة اليمين، والأصل فيها، وبيان خصال الكفارة، ومقدار المخرج في كل منها وكيفيته، ومن يستحق هذه الخصال، ثم ذكر أحكام تكرار اليمين على الشيء الواحد، أو على أجناس مختلفة، وكيفية تكفير العبد عن يمينه. ثم ختم الكتاب ببيان مقدار الصاع والمد، وحكم إخراج القيمة في الكفارات. فالكتاب بين فيه مصنفه معظم الأحكام المتعلقة بالأيمان والطلاق التي يكثر وقوعها بين الناس على مذهب الإمام أحمد، ويذكر أقوال الأئمة الثلاثة الآخرين في معظم المسائل، كما أنه يورد أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء الآخرين في بعض المسائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 ((منهج المصنف في الكتاب)) افتتح المصنف كتابه هذا بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم بالصلاة والسلام على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. بعد ذلك بين السبب الباعث له على تأليف هذا الكتاب، وأوضح أن شيوع ألفاظ الأيمان والطلاق وانتشارها بين الناس أدى إلى الكتابة في هذه المسائل، وذكر أنه جمع من ذلك الأحكام المهمة التي يحتاج إليها في الأيمان والطلاق. وبعد معايشتي للكتاب، وقراءته من خلال تحقيقه، اتضح لي أن المصنف دون الأحكام المتعلقة بالبابين السابقين وسار على الطريقة الآتية: أولا: اقتصر على ذكر أشهر المسائل في بابي الأيمان والطلاق، سواء المتفق عليها، أو ما فيها خلاف بين الفقهاء. ثانيا: أحسن ترتيب كتابه هذا، من حيث التبويب والتقسيم، حيث ذكر مقدمة بين فيها حكم الحلف والحنث فيه. ثم عند بيانه لأحكام المسائل وجزئياتها التابعة لها، يضع عنوانا مختصرا لما سيذكره من الأحكام تحت العنوان، وقبل أن يضع العنوان يقول: (فصل) في كذا. ثالثا: بعد بيانه للمسألة وأحكامها، والأدلة الواردة فيها يختم الباب أو الفصل في بعض الأحيان بذكره لفظة (تذنيب) أو (تتمة) ، يذكر تحتهما زيادة توضيح للمسألة، أو فرعية تابعة لها، كما يتبع بعض الفصول بذكر (فائدة) قد يرى أنها تتميم للمسألة. رابعا: يبين حكم المسألة عند الحنابلة، ثم يتبعها بذكر الأقوال في المذاهب الثلاثة الأخرى وهذا ليس في جميع المسائل التي أوردها في الكتاب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وإنما يورد الخلاف في بعض المسائل، كما يشير إلى مذهب الظاهرية في بعض الأحيان. خامسا: يشير أحيانا إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين رحمهم الله، عند ذكر حكم المسألة، كما يذكر الإجماع الوارد في بعض المسائل. سادسا: يستدل للمسائل بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، ويشير إلى من خرج الأحاديث في بعض الأحيان. سابعا: يذكر الروايات المنقولة عن الإمام أحمد – رحمه الله – في المسألة، ومن نقلها من تلاميذه، ثم يبين الرواية المعتمدة في المذهب وما عليه العمل. ثامنا: نص على اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى، وذكر ذلك في كثير من المسائل التي أوردها. تاسعا: نقل المصنف معظم الأحكام والمسائل والأدلة التي أوردها في كتابه من المصادر الرئيسة في مذهب الحنابلة، كما سيأتي بيانه في المبحث التالي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ((موارد المصنف في كتابه)) يعد المصنف – رحمه الله تعالى – أحد فقهاء الحنابلة المتأخرين، حيث عاش في القرن الحادي عشر الهجري، وقد سبقه العشرات من كبار فقهاء الحنابلة وجهابذتهم، كأبي الخطاب، وأبي يعلى، وابن قدامة، وابن تيمية، وابن القيم، والمرداوي، وابن النجار وغيرهم رحمهم الله تعالى، ممن أسهموا إسهاما بارزا في تدوين فقه الإمام أحمد رحمه الله، وتقديمه للقارئ موثقا بالنقولات المعتمدة، ومقرونا بالأدلة الشرعية، من خلال مصنفاتهم المتعددة، وكتبهم التي اشتهرت وأصبحت متداولة ومعروفة لدى القارئ، فكانت هي المصادر الرئيسة – بعد الكتاب والسنة – التي يعتمد عليها الباحثون في تدوين بحوثهم ومؤلفاتهم، والمورد الذي يستقون منه قول الإمام أحمد، وآراء مجتهدي المذهب في أي مسألة من المسائل الفقهية. ومن خلال إلقاء نظرة متأنية على أبواب هذا الكتاب ومباحثه، يظهر لنا أن المصنف – رحمه الله – قد اعتمد اعتمادا كبيرا على تلك المؤلفات التي دونت في فقه الحنابلة، فنقل منها معظم المسائل التي أوردها في كتابه هذا، حيث نقل عن أشهر الكتب المعتمدة في المذهب، كما نقل عن كثير من كتب المذاهب الأخرى، حيث اقتصر على بعض المصنفات في كل مذهب، وأخذ منها الأقوال المعتمدة عندهم، ويختلف منهج المؤلف في النقل، فنجده - أحيانا – ينقل المسألة بنصها، وفي بعض الأحيان ينقلها بشيء من التصرف والتغيير في بعض الألفاظ. وعلى كل فقد استفاد المصنف ي كتابه هذا من كثير من المصادر التي سبقته سواء ما دون منها في فقه الحنابلة أو فقه لمذاهب الأخرى، وكذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 اعتمد على بعض كتب التفسير. ولاشك أن هذا يعتبر شيئا مألوفا في استفادة اللاحق من أعمال السابق في مجال التأليف والكتابة. وفيما يلي بيان لأهم المصادر التي نقل عنها المصنف واستفاد منها في تأليف كتابه هذا، مرتبة حسب أسبقية وفيات مؤلفيها: 1- الهداية في فقه الإمام أحمد. تأليف العلامة أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الحنبلي (ت 510هـ) . 2- المغني. تأليف: موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ) وقد نقل عنه معظم المسائل التي أوردها في هذا الكتاب. 3- روضة الطالبين وعمدة المفتين. تأليف العلامة أبي زكريا يحي بن شرف النووي الشافعي (ت 676هـ) 4- الشرح الكبير على متن المقنع. تأليف عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 682هـ) وقد أكثر النقل عنه، ويذكره أحيانا بعنوانه هذا أو يقول: "قال الشارح". 5- إعلام الموقعين عن رب العالمين. تأليف العلامة أبي عبد الله محمد ابن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية (ت 751هـ) وقد نقل عنه فصولا كاملة تجاوزت في بعض الأحيان الورقة ونصف الورقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 6- الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل. تأليف محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي (ت 7636هـ) . وهذا من المصادر التي اعتمد عليها المصنف اعتمادا كبيرا وخاصة في نقله للروايات واختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية. 7- قوت المحتاج في شرح المنهاج. تأليف شهاب الدين أحمد بن حمدان بن أحمد الأذرعي الشافعي (ت 783هـ) ، وقد نقل عنه المصنف في عدة مواضع ويذكره باسم (شرح المنهاج) . 8- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد. تأليف علي بن سليمان المرداوي الحنبلي (ت 885هـ) . 9- جامع الرموز في شرح النقاية. تأليف محمد القهستاني الحنفي (ت 953هـ) . وقد نقل عنه في عدة مواضع باسم (شرح النقاية) أو (قال القهستاني) . 10- ملتقى الأبحر. تأليف إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي الحنفي (ت 956هـ) . 11- الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل. تأليف شرف الدين موسى الحجاوي الحنبلي (ت 968هـ) . 12- منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات. تأليف تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي، الشهير بابن النجار (ت 972هـ) أكثر المصنف النقل عنه وإن لم يشر إليه باسمه ولا باسم مؤلفه في أكثر من المواضع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 13- تنوير الأبصار وجامع البحار. تأليف شمس الدين محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي (ت 1004هـ) . وهو أكثر كتاب نقل عنه أقوال المذهب الحنفي. 14- شرح منتهى الإرادات. تأليف منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (ت 1051هـ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ((وصف النسخ الخطية)) اجتمع لدي ثلاث نسخ لتحقيق هذا الكتاب، وكانت أول نسخة عثرت عليها في دار الكتب المصرية بالقاهرة، ولما قرأتها وتصفحتها رأيت أنه من المناسب إخراج هذا الكتاب الفقهي المهم، لاسيما وأن ابن العماد الحنبلي قد اشتهر عنه أنه أديب ومؤرخ، ولم يعرف بأنه فقيه، ففي إظهار كتابه هذا وتحقيقه إبراز لشخصية ابن العماد كفقيه من خلال تصنيفه لكتابه هذا [معطية الأمان من حنث الأيمان] . ثم بدأت رحلة البحث والتنقيب عن نسخ أخرى للكتاب، وخاصة وأنه عند رجوعي لترجمة ابن العماد في كتاب (الأعلام) وجدت أن الزركلي قد نسب إليه عدة مصنفات وقال: "منها معطية الأمان من حنث الأيمان بخطه عندي"، فانصب جهدي على الحصول على هذه النسخة، لكن كيف الطريق إليها وقد تبعثرت مكتبة الزركلي بعد وفاته، فبعضها في جامعة الملك سعود بالرياض، وبعضها في القاهرة، والبعض الآخر في بيروت، وبعد سؤال المختصين في تلك الأماكن لم أجد إجابة شافية، ولم أتمكن من الوقوف عليها. ولكن الله تعالى وفقني وهداني إليها في وقت كنت فيه أبحث عن كتاب آخر غيرها، فلم أشعر إلا وبطاقتها أمامي برقمها وعدد أوراقها، وذلك في قسم المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وبعد اطلاعي عليها، رأيت ختم مكتبة الزركلي قد كتب على غلافها الخارجي، وكذا توقيعه عليها، فحمدت الله حمدا كثيرا على هذا العون والتوفيق. ثم حصلت على نسخة ثالثة ضمن كتب المجاميع في دار الكتب المصرية بالقاهرة، فاجتمع لدي ثلاث نسخ للكتاب، إحداها نسخة المؤلف، وإليك وصفا شاملا للنسخ الثلاث: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 (النسخة الأولى) نسخة المؤلف: هذه النسخة من مخطوطات مكتبة خير الدين الزركلي، وقد وضع على غلافها ختم مكتبته هكذا "من كتب خير الدين الزركلي" وتوقيعه بخط يده بالحبر الأزرق، كما كتب على أعلى الغلاف "بخط المؤلف صاحب شذرات الذهب" وهذا وصف شامل لها: مكان الحفظ: قسم المخطوطات/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض/ تحت رقم (8425- خ) . الناسخ: المصنف ابن العماد، كما أثبت ذلك على غلافها، وكما هو مدون في آخرها بلفظ: "وكان الفراغ من نسخها على يد مؤلفها الحقير أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد الحنبلي، غفر الله له، ولمن دعا له بخير". تاريخ النسخ: الثلاثاء: 19/شوال/1076هـ. نوع الخط: خط نسخ دقيق جميل واضح، وقد اشتهر عن المصنف حسن الخط وجودة الضبط. عدد الأوراق: أربعون ورقة. عدد الأسطر: واحد وعشرون سطرا. عدد الكلمات: بمعدل إحدى عشرة كلمة في السطر الواحد. عنوان الكتاب: أثبت على الغلاف بالخط الأحمر هكذا: "كتاب معطية الأمان من حنث الأيمان، تأليف الفقير إلى الله تعالى أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد غفر الله تعالى له ولمن دعا له أو أمن، آمين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 التمليك: على الغلاف ختم مكتبة الزركلي، وأسفل الختم توقيعه. أوصاف أخرى: كتبت أسفل التوقيع عبارة "مائة وثلاثة وستون"، وفي أعلى العنوان كتب بقلم الرصاص "بخط المؤلف صاحب شذرات الذهب". وتحت عنوان الكتاب بيت شعر: إن تجد عيبا فسد الخللا ... جل من لا عيب فيه وعلا وكتبت عناوين أبواب هذه النسخة وفصولها بالقلم الأحمر، وهي نسخة جيدة امتازت بحسن الخط وجودته، وندرة الأخطاء الإملائية واللغوية. وقد اتخذت هذه النسخة أصلا نظرا لأنها بخط المؤلف وقلمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ((النسخة الثانية)) نسخة (أ) وهي أولى النسختين المحفوظتين في دار الكتب المصرية بالقاهرة، وهذه النسخة تحت رقم (295/12) مجاميع، ضمن مجموع يشتمل على اثنتي عشرة رسالة، ومجموع أوراقه (43ورقة) وكتابنا هذا هو الرسالة الثانية عشرة من بين رسائل المجموع. وهذا وصف شامل للنسخة: مكان الحفظ: دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (295/12) مجاميع1، رقم الفيلم (5308ف) . الناسخ: محمد بن أحمد المحيوي الحنبلي. تاريخ النسخ: لا يوجد تاريخ لنسخ هذا المجموع، لكن يترجح لدي أن النسخة كتبت في عصر المؤلف كما سأبينه بعد قليل إن شاء الله تعالى. نوع الخط: خط معتاد لا بأس به. عدد الأوراق: إحدى وسبعون لوحة من لوحة رقم (352) إلى (422) . عدد الأسطر: خمسة عشر سطرا في الصفحة الواحدة. وعدد الكلمات: بمعدل إحدى عشر كلمة في السطر الواحد. عنوان الكتاب: كتب على غلاف هذه النسخة: "معطية الأمان من حنث الأيمان، تأليف شيخنا العلامة أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد ابن العماد، كان الله له، وختم بالصالحات أعماله".   1 فهرس المجاميع الخطية بدار الكتب المصرية: 1/332. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ملاحظات عامة: هذه النسخة يظهر لي – والله أعلم – أنها منقولة من نسخة أخرى للمؤلف غير النسخة التي اعتمدت عليها في التحقيق كما سأوضح ذلك بعد قليل إن شاء الله تعالى، كما أنها قد كتبت في حياة المصنف بدليل قول الناسخ في آخرها: "قاله مؤلفه أبقاه الله تعالى ونفعني به". وقد رمزت لهذه النسخة بحرف (أ) . ((النسخة الثالثة)) نسخة (ب) هذه النسخة الثانية المحفوظة في دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم (19952- ب) 1، وهي ضمن مجلد يحتوي على هذا الكتاب، ورسالة أخرى للمؤلف بعنوان (أسباب الخلاص بسورة الإخلاص) . وهذا وصف شامل للنسخة: مكان الحفظ: دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (19952- ب) ، رقم الفيلم (23788) . الناسخ: محمد بن خليفة بن حسن القرط. تاريخ النسخ: الخميس: 21/11/1261هـ. نوع الخط: خط معتاد مقروء.   1 فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية: 3/78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 عدد الأسطر: ثلاثة عشر سطرا في الصفحة الواحدة. عدد الكلمات: بمعدل إحدى عشر كلمة في السطر الواحد. عنوان الكتاب: كتب على غلاف هذه النسخة: "هذه رسالة في اختلاف الأئمة الأربعة في الطلاق، تأليف الإمام الشيخ عبد الحي بن أحمد ابن العماد الحنبلي الخلوتي، سماها: معطية الأمان من حنث الأيمان، ويليها أسباب الخلاص بسورة الإخلاص، له أيضا رضي الله عنه". وهذه النسخة كثيرة الأخطاء اللغوية والنحوية، كما أنها كثيرة السقط، وقد سقط منها ورقة واحدة بكاملها هي الورقة رقم (9) ، انظر حاشية رقم (5) ص (80) من هذا الكتاب. وهذه النسخة يظهر لي أنها منقولة من النسخة التي قبلها (أ) لأنهما قد اتفقتا في الألفاظ وفي الزيادات وغير ذلك. وقد رمزت لهذه النسخة بحرف (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ((ملاحظات عامة على النسخ)) سبق أن ذكرت في مقدمة هذا المبحث أنني اعتمدت في التحقيق على نسخة المؤلف وهي مكتوبة بخط يده كما أسلفت. إلا أنه بعد نسخ الكتاب ومقابلته ترجح لدي أن للمؤلف نسخة أخرى لكتابه هذا غير النسخة التي ذكرتها والتي اعتمدت عليها في التحقيق، والذي دعاني إلى ترجيح وجود نسخة أخرى الأمور الآتية: أولا: أن النسختين (أ) ، (ب) تتفقان في أغلب الزيادات التي وردت فيهما على الأصل، وتتفقان في الترتيب وفي وجود الأخطاء غالبا. فالنسختان (أ) ، (ب) جاءتا بزيادات تصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على ورقة كاملة ذات وجهين، وهذه الزيادات لا توجد في نسخة المؤلف التي بين أيدينا البتة، مما يدل على أن موردهما واحد هو نسخة أخرى للمؤلف. ثانيا: ورد في آخر نسخة (أ) قول الناسخ: "ومن خطه نقلت"، ولو كان نقل من نسخة المؤلف التي بين أيدينا لما أورد تلك الزيادات وتلك الاختلافات عن هذه النسخة، مما يقطع ويؤكد أنه نقل عن نسخة أخرى للمؤلف. ثالثا: أن هذه الزيادات الواردة في نسختي (أ) ، (ب) كلها منقولة من مؤلفات سابقة على المصنف، ومن نفس المصادر التي كان ينقل منها في معظم مباحث الكتاب، وليست من مصادر كتبت بعد وفاته. رابعا: أن طريقة النقل والأسلوب متحدة ما بين أصل الكتاب وتلك الزيادات فهو نفس الأسلوب الذي كان ينتهجه ابن العماد من أول الكتاب إلى آخره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ((منهج تحقيق الكتاب)) سلكت في تحقيق هذا الكتاب المنهج التالي: أولا: لما كانت إحدى النسخ الثلاث المتوفرة لدي هي نسخة المؤلف وبخط يده، جعلت هذا النسخة أصلا واعتمدت عليه في النسخ والتحقيق. ثانيا: نسخت نص الكتاب حسب قواعد الإملاء والخط الحديثة. ثالثا: يوجد في نسخة المؤلف بعض الأخطاء الإملائية – وهي نادرة - فأثبت اللفظة الصحيحة في المتن مع الإشارة في الحاشية إلى الخطأ الذي وقع في نسخة المصنف. رابعا: قد تتفق النسخ الثلاث في الخطأ فأثبت الصحيح في المتن، وأشير في الحاشية إلى الخطأ الواقع في تلك النسخ. خامسا: أثبت في الحواشي الفروق الواقعة بين الأصل والنسختين الأخريين. سادسا: التزمت بتحقيق الزيادات الواردة في نسختي (أ) ، (ب) عن الأصل، فأثبت تلك الزيادات بكاملها في الحواشي، ثم أشرت إلى المصادر التي نقل منها المصنف تلك الزيادات، وأثبت أرقام صفحاتها، وأضيف إليها بعض المصادر الأخرى. سابعا: رقمت الآيات القرآنية الكريمة التي استدل بها المصنف، فذكرت في الحاشية رقم الآية واسم السورة. ثامنا: خرجت الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في الكتاب، فإذا أشار المصنف إلى موارد الحديث من كتب السنة، خرجته بما ذكره وأضيف إليها مصادر أخرى يكون الحديث قد ورد فيها ولم يذكرها المصنف، مع الإشارة إلى درجة الحديث إن لم يتطرق إليها المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 تاسعا: وثقت المسائل الفقهية من مصادرها الأصيلة، فإذا نسب المصنف القول لأحد الأئمة الأربعة، وثقت قول الإمام من كتبه المعتمدة في المذهب وبينت القول الصحيح في تلك المسألة إن كان ما ذكره المصنف غير ما هو معتمد في المذهب. عاشرا: وثقت أقوال الصحابة والتابعين من مظانها كالمصنفات والسنن وكتب شروح الأحاديث والخلاف وغيرها. حادي عشر: إذا نقل المصنف مسألة أو عبارة، وأشار إلى المصدر الذي نقل منه، وثقت هذا النقل من نفس المصدر الذي أخذ منه بالإشارة إلى رقم الجزء والصفحة التي نقل منها. ثاني عشر: وثقت المسائل التي نقلها المصنف من مصادر لا تزال مخطوطة بالإشارة إلى رقم الجزء واللوحة، ثم أضيف بجانب هذا المخطوط مصدرا آخر من المصادر المطبوعة يكون قد أشار للمسألة، ليكون معضدا لذلك النقل وليسهل على القارئ الرجوع إلى المصدر المطبوع. ثالث عشر: شرحت الألفاظ والكلمات الغريبة التي تحتاج إلى بيان وتوضيح. رابع عشر: ترجمت للأعلام غير المشهورين وأثبت مصادر الترجمة عقبها. خامس عشر: ضبطت الكلمات والعبارات التي تحتاج إلى ضبط بالشكل وأثبت عليها الحركة المناسبة لها. سادس عشر: وضعت علامة (/) للدلالة على نهاية كل لوحة من النسخ الثلاث. سابع عشر: وضعت فهارس عامة في نهاية الكتاب فجاءت على النحو التالي: 1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة مرتبة حسب ورودها في المصحف الشريف. 2- فهرس الأحاديث النبوية الشريفة مرتبة على أوائل الحروف الهجائية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 3- فهرس الآثار. 4- فهرس الأعلام. 5- فهرس للكتب الواردة في متن الكتاب. 6- فهرس للمصادر والمراجع المعتمد عليها في الدراسة والتحقيق. 7- فهرس عام لموضوعات الكتاب في القسمين الدراسي والتحقيقي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 نص الكتاب ... معطية الأمان من حنث الأيمان تأليف: العلامة أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089هـ حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: أ. د/ عبد الكريم بن صنيتان العمري الأستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين1 الحمد لله الذي سمى نفسه بالأسماء الحسنى، وأكرم من شاء من خلقه بالمقام الأسنى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث بالحنيفية، الشريعة السمحة البيضاء النقية، المنزل عليه في كتب كل علم قد حوى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} 2، وعلى آله وأصحابه القائمين بشريعته أحسن القيام، وعلى تابعيهم بإحسان إلى قيام الساعة وساعة القيام. أما بعد: فلما تأملت قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} 3، علمت بذلك أن لهذه الأمة شرفا غيره به لا يقاس، إذ زكاها الله تعالى بقبول شهادتها، فوجب حمل أفعالها على الكمال بإرادتها، فمن لامها لوما غير مأمور به فقد اعترض على بارئها4، يشهد لذلك قوله عز من قائل: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} 5   (وبه نستعين) ليست في (أ) ، ولا في (ب) . 2 الآيات رقم (1) ، (2) ، (3) من سورة النجم. 3 من الآية رقم (143) من سورة البقرة. 4 انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/190، معالم التنزيل للبغوي: 1/158-159، مدارج السالكين لابن القيم: 3/439، العدة لأبي يعلى: 4/1072، شرح مختصر الروضة: 3/16-18. 5 من الآية (148) من سورة البقرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ولقد قال من يعتد بقوله في هذا الشأن1: "إذا تكلم أحد بكلمة اضطربت فيها أقوال أهل الإتقان، فتسعة وتسعون قالوا كفر بهذا المقال، وواحد – فقط – قال: لا، وجب أن تحمل على ما هذا الواحد قد قال، ثم إن كان المتكلم مستندا إلى ذلك نجا أيضا في الآخرة، وإلا فهو والعياذ بالله تعالى من الفرقة الخاسرة". هذا ولما كثر على الألسنة: الأيمان والطلاق، جمعت من ذلك مسائل مهمة في هذه الأوراق، لا لأن أعمل أو أجيب بقول ضعيف، بل لأحمل ما سمعت من ذلك على محمل لطيف، ولأرد جماح نفسي عن الوقع في العالم، بزمام "لا يعذب الله على مسألة قال بها عالم"2، على أني أبين في كل مسألة خلافية ما عليه العمل، مجتهدا في إخلائها مما يوجب الخلل والملل، وسميتها [معطية الأمان من حنث الأيمان] . والله أسأل التوفيق لصالح الأعمال، والسلامة من سيء الأقوال والأفعال، إنه الجواد الكريم، الغفور الرحيم، وهو حسبي وكفى.   1 لم أقف على القائل، وانظر المصادر السابقة. 2 لم أقف عليه بهذه اللفظة، وقد أورد بعضهم: "لا يعذب الله بمسألة اختلف فيها"، قال السخاوي: أظنه من كلام بعض السلف. وانظر المقاصد الحسنة: 465 رقم (1325) ، الأسرار المرفوعة: 372، رقم (604) كشف الخفاء: 2/374، رقم (3125) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 مقدمة الحلف بالله تعالى، والحنث فيه، يعتري كلا منهما الأحكام الخمسة1، فيجب الحلف لإنجاء معصوم/2 من هلكة ولو نفسه كتوجه أيمان القسامة عليه وهو محق. ويندب لمصلحة كإزالة حقد، وإصلاح بين المتخاصمين. ويباح على فعل مباح/3 أو تركه كأكل سمك مثلا، أو تركه. ويكره على فعل مكروه كأكل بصل وثوم نيء أو على ترك مندوب كصلاة الضحى. ويحرم على فعل محرم كشرب خمر، أو على ترك واجب كنفقة على زوجة، أو كاذبا عالما بكذبه. ثم الحنث كذلك4: فيجب على من حلف على فعل محرم، أو ترك واجب، ويسن لمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مسنون، ويباح في مباح، ويكره لمن حلف على فعل مندوب، أو ترك مكروه، ويحرم على من حلف على فعل واجب أو ترك محرم.   1 المستوعب: 4/535-537، الشرح الكبير: 6/67-68، شرح منتهى الإرادات: 3/423. 2 نهاية ل (2) من (أ) . 3 نهاية ل (2) من (ب) . 4 المغني: 13/444، التنقيح المشبع: 393، غاية المنتهى: 3/370. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 تكرار الحلف ولا يستحب تكرار الحلف1، ويكره الإفراط فيه2، لقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} 3، فإن لم يخرج إلى حد الإكثار فليس بمكروه4. ومنهم من قال5: الأيمان كلها مكروهة لقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 6. وهو معارض بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف كثيرا. وربما كرر اليمين الواحدة ثلاثا7 فإنه قال في خطبة الكسوف: "والله يا أمة محمد ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" 8 ولقيته امرأة من الأنصار معها أولادها9، فقال: "والذي نفسي بيده   1 المقنع: 3/568. 2 المغني: 13/439، زاد المسير لابن الجوزي: 1/254. 3 الآية (10) من سورة القلم. 4 المبدع: 5/271. 5 مغني المحتاج: 4/325، فتح الباري: 11/529. 6 من الآية (224) من سورة البقرة. 7 المغني: 13/439. 8 ورد هذا من حديث عائشة رضي الله عنها، رواه البخاري في صحيحه، كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف: 1/184، واللفظ له، ومسلم في صحيحه كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف: 2/618، رقم (901) . 9 قال الحافظ في الفتح 11/529: "لم أقف على اسمها ولا على أسماء أولادها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 إنكم لأحب الناس إلي" 1 ثلاث مرات2. وقال/3: "والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا" 4 وقد حفظ عنه صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا5، ولو كان مكروها لكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عنه6.   1 الحديث ورد من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه، رواه البخاري كتاب الأيمان والنذور باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم: 4/151، ومسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل الأنصار: 4/1948 رقم (2509) . 2 في (ب) (مرار) وهو المرافق لما في صحيح البخاري. 3 نهاية لـ (2) من الأصل. 4 الحديث ورد مرفوعا من طريق ابن عباس رضي الله عنهما، ومرسلا عن عكرمة، رواه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت: 3/589 رقم (3285) ، وأبو يعلى في مسنده: 5/78 رقم (2674) ، وابن حبان في صحيحه كتاب الأيمان: 10/185رقم (4343) ، والطبراني في المعجم الكبير: 11/282 رقم (11742) ، وفي الأوسط: 2/9 رقم (1008) ، وأبو نعيم في الحلية: 7/241، وابن حزم في المحلى: 8/47-48، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الأيمان باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه: 10/47، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 7/404. قال ابن أبي حاتم عن أبيه في علل الحديث 1/440: "الأشبه إرساله"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/182: "رواه الطبراني في الأوسط: 2/9، ورجاله رجال الصحيح". 5 زاد المعاد: 1/163، غاية المنتهى: 3/370. 6 المبدع: 9/271. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 ولأن الحلف بالله تعالى تعظيم له تعالى، وربما ضم الحالف إلى يمينه وصف الله تعالى بتعظيمه وتوحيده فيكون مثابا على ذلك1. فقد روي أن رجلا حلف على شيء فقال: "والله الذي لا إله إلا هو ما فعلت كذا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إنه قد كذب ولكن غفر الله له بتوحيده" 2. وأما قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 3 فمعناه: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر والتقوى والإصلاح بين الناس، وهو أن يحلف بالله لا يفعل برا، ولا تقوى، ولا يصلح بين الناس، ثم يمتنع من فعله ليبر في يمينه فنهوا عن المضي فيها4.   1 المغني: 13/439. 2 الحديث ورد من عدة طرق منها طريق ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه أحمد في المسند: 1/253، وأبو داود كتاب الأيمان والنذور باب من يحلف كاذبا متعمدا: 3/583 رقم (3275) ، والنسائي في كتاب القضاء باب كيفية اليمين: 3/489 رقم (6006) ، والحاكم في المستدرك كتاب الأحكام: 4/95-96، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وابن حزم في المحلى: 9/388 وضعفه، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الأيمان باب ما جاء في اليمين الغموس: 10/37، وفي معرفة السنن والآثار كتاب الأيمان والنذور: 14/163، رقم (19483) وأعله، وضعفه أبو حاتم وابن حجر وغيرهما. وانظر: علل الحديث 1/441، مختصر سنن أبي داود للمنذري 4/366 التلخيص الحبير 4/209. 3 من الآية (224) من سورة البقرة. 4 زاد المسير لابن الجوزي: 1/253، المغني: 13/439-440، القواعد النورانية: 271، فتح الباري: 11/521، المبدع: 9/271، فتح القدير: 1/229-230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 قال الإمام أحمد1 رضي الله عنه وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما بإسناده في قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 2: "الرجل يحلف أن لا يصل قرابته3/ وقد جعل الله له مخرجا في التكفير، فأمره أن لا يعتل بالله وليكفر وليبر"4. ويستحب لمن دعي إلى الحلف عند حاكم، وقيل: مطلقا افتداء يمينه، وإن حلف فلا بأس5، وفاقا للحنفية6، لما روى محمد بن كعب القرظي أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر وفي يده عصا: "يا أيها الناس لا يمنعكم اليمين من حقوقكم، فوالذي نفسي بيده إن في يدي لعصا"7. وروى الشعبي قال8: "إن عمر وأبيا رضي الله عنهما احتكما إلى9زيد رضي الله عنه في نخل ادعاه أبي رضي الله عنه فتوجهت اليمين على عمر رضي الله، فقال زيد رضي الله عنه: "اعف أمير المؤمنين" فقال عمر رضي الله عنه: "ولم يعف أمير المؤمنين؟ إن عرفت شيئا استحققته بيميني،   1 الشرح الكبير: 6/84، المبدع: 9/271. 2 من الآية (224) من سورة البقرة. 3 نهاية لـ (3) من (ب) . 4 جامع البيان للطبري: 2/412، السنن الكبرى كتاب الأيمان: 10/33. 5 المقنع: 3/568، الإنصاف: 11/29، مغني ذوي الأفهام: 159. 6 الهداية للمرغيناني: 3/161، مجمع الأنهر: 2/254. 7 ذكره في المغني: 13/442، وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال بنحوه: 16/726 رقم (46535) (46536) (46537) . (قال) : أسقط من (أ) ، (ب) . (إلى) : كررت في (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وإلا تركته، والله الذي لا إله إلا هو إن النخل لنخلي، وما لأبي فيه حق"، فلما خرجا وهب النخل لأبي رضي الله عنه، فقيل له: "يا أمير المؤمنين هلا كان هذا قبل اليمين؟ " فقال1: "خفت أن لا أحلف2 ولا يحلف الناس على حقوقهم بعدي فتكون سنة"3. ولأن الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالحلف على الحق في ثلاثة مواضع4: الأول: قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي [إِنَّهُ لَحَقٌّ} 5. والثاني: قوله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} 6. والثالث: قوله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي] 7 لَتُبْعَثُنَّ} 8. وقيل: يكره الحلف حينئذ9.   (فقال) : أسقطت من (ب) . 2 في الأصل: أن لا يحلف. 3 رواه ابن الجعد في مسنده: 2/737 رقم (1802) ، ووكيع في أخبار القضاة: 1/108-109، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب آداب القاضي باب القاضي لا يحكم لنفسه: 10/144، وذكره ابن قدامة في المغني: 13/442، والذهبي في السير: 2/435. 4 زاد المعاد: 1/163، المبدع: 9/272. 5 من الآية (53) من سورة يونس. 6 من الآية (3) من سورة سبأ. 7 ما بين الحاصرتين أسقط من (أ) . 8 من الآية (7) من سورة التغابن. 9 الإنصاف: 11/29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وبه قال أصحاب الشافعي1، لما روي أن المقداد وعثمان رضي الله عنهما تحاكما إلى عمر رضي الله عنه في مال استقرضه المقداد، فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان، فقال عمر: "لقد أنصفك"، فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف، وقال: "خفت أن يوافق قدر بلاء فيقال: بيمين عثمان"2. ولا يلزم محلوفا عليه إبرار قسم كإجابة سؤال بالله تعالى3، ويسن الإبرار4 لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم أو القسم. رواه البخاري5. وإنما حمل أمره صلى الله عليه وسلم على الندب لا على الإيجاب6، لأن أبا بكر رضي الله عنه قال: "أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بما أصبت مما أخطأت"، فقال   1 انظر: الحاوي: 17/108، مغني المحتاج: 4/480. 2 أخرجه الشافعي في الأم: 7/38، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الشهادات باب تأكيد اليمين بالمكان: 10/177، وفي معرفة السنن والآثار كتاب الشهادات باب موضع اليمين: 14/300 رقم (20043) وصححه الحافظ ابن حجر في الدراية: 2/176. 3 غاية المنتهى: 3/370، هداية الراغب: 547. 4 الشرح الكبير: 6/95، شرح المنتهى: 3/423. 5 ورد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما، رواه البخاري كما قال المصنف في صحيحه كتاب الأيمان والنذور باب قول الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} : 4/152. ورواه أيضا مسلم كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء: 3/1635 رقم (2066) واللفظ له. 6 المغني: 13/503. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقسم يا أبا بكر"، ولم يخبره1. الإقسام بوجهه تعالى وأما الإقسام بوجه الله تعالى، فقيل: حرام، وقيل: مكروه، وهو الصحيح2 لما روى أبو داود: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة" 3. وتسن إجابة السائل بذلك4 وقيل: تجب5، لما روى أبو داود6 بإسناد   1 ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه البخاري كتاب التعبير باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب: 4/219، ومسلم كتاب الرؤيا باب تأويل الرؤيا: 4/1777 رقم (2269) واللفظ الذي أورده المصنف لابن ماجة كتاب تعبير الرؤيا باب تعبير الرؤيا: 2/1289 رقم (3918) . 2 الصحيح عند الحنابلة جواز الحلف بوجه الله تعالى. وانظر المبدع: 9/254، والإنصاف: 11/3، الكشاف:6/228. 3 ورد من حديث جابر رضي الله عنهما رواه أبو داود كتاب الزكاة باب كراهة المسألة بوجه الله تعالى: 2/309-310 رقم (1671) وابن عدي في الكامل: 3/1107، والبيهقي في شعب الإيمان: 3/276 رقم (3537) ، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق: 1/353، والديلمي في مسند الفردوس: 2/213 رقم (7986) وضعفه عبد الحق وابن القطان ورمز له السيوطي بالصحة. وانظر الجامع الصغير: 2/205، وفيض القدير: 6/451 حديث رقم (9972) . 4 الشرح الكبير: 6/96ن كشاف القناع: 6/227، شرح المنتهى: 3/423. 5 المصادر السابقة، والفروع: 6/342، والإنصاف: 11/3، الاختيارات الفقهية 562 وقال رحمه الله: "إنما تجب على معين، فلا تجب إجابة سائل بقسم على الناس". 6 ورد بهذه اللفظة من حديث ابن رضي الله عنهما، رواه أحمد في المسند: 1/249-250، وأبو داود كما قال المصنف في كتاب الأدب باب الرجل يستعيذ من الرجل: 14/9 رقم (5097) مع عون المعبود، وإسناده جيد كما قال المصنف، وانظر الفروع: 6/342. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 جيد: "من سألكم بوجه الله فأعطوه". وقيل1: يحرم، بناءا على أن ابتداء/2 السؤال بذلك محرم، فمن أجابه فقد أعانه على فعل المحرم، وفيه شيء. ((من حلّف غيره)) ومن قال له غيره: "بالله لتفعلن" فيمين3، وفي المغني4: إلا أن ينوي والكفارة على الحالف5، وقيل6: على المحنث. وقال النووي في/7 الروضة في أول الأيمان8: "إذا قال له غيره: "أسألك بالله"، أو "أقسم عليك بالله"، أو "أقسمت عليك بالله لتفعلن كذا"، فإن قصد به الشفاعة أو عقد اليمين للمخاطب فليس يمينا في حق واحد   1 المصادر الفقهية السابقة. 2 نهاية لـ (4) من (أ) ، (ب) . 3 الشرح الكبير: 6/80. 4 المغني: 13/502. 5 الفروع: 6/342. 6 المصدر السابق. 7 نهاية لـ (3) من الأصل. 8 روضة الطالبين: 11/4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 منهما، وإن قصد عقد اليمين لنفسه كان يمينا على الصحيح كأنه قال: أسألك، ثم حلف" انتهى. تتمة: ذكر في المستوعب والرعاية: "أنه إن أراد اليمين عند غير الحاكم فالمشروع أن يقول/ والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا ومقلب القلوب وما أشبه ذلك" انتهى. ومن ادعي عليه دين وهو معسر لم يحل له أن يحلف أنه لا حق له علي، ولو نوى الساعة، وجوزه صاحب الرعاية بالنية، قال في الفروع: "وهو متجه".   1" المستوعب: 4/548. 2" ونقله في المبدع: 9/272 عن الرعاية. 3" المغني: 14/232، الشرح الكبير: 6/315. 4" ونقله في الفروع: 6/476 عن الرعاية. 5" الفروع الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 كتاب الأيمان مدخل ... ((كتاب الأيمان)) واحدها يمين، وأصلها: اليمين1 المعروفة، سمي بها الحالف لإعطاء الحالف يمينه فيه كالعهد والمعاقدة2. وهي شرعا3: توكيد حكم بذكر معظم على وجه مخصوص. والأصل في مشروعيتها وثبوت حكمها4: الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 5 وقوله تعالى: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} 6 وغير ذلك7. وأما السنة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" متفق عليه8.   1 في (أ) ، (ب) : (اليد) بدل (اليمين) . 2 الصحاح: 6/2221، اللسان: 13/461، القاموس:4/281مادة (يمن) ، شرح المنتهى: 2/528. 3 المطلع: 387، الدر النقي: 3/796، الإقناع: 4/329، منتهى الإرادات: 2/528. 4 المغني: 13/435. 5 من الآية (89) من سورة المائدة. 6 من الآية (91) من سورة النحل. 7 كالآيات الثلاث السابقة ص60 من هذا الكتاب. 8 ورد من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، صحيح البخاري كتاب الأيمان: 4/148، ومسلم كتاب الأيمان باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه: 3/1270 رقم (9) (1649) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 لكن في البخاري "وكفرت عن يميني" مكان "وتحللتها" 1. وما ثبت أنه كان أكثر قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومصرف القلوب" 2، "ومقلب القلوب" 3، وغير ذلك مما ثبت في أخبار كثيرة غير هذين4. وأجمعت الأمة5 على مشروعية اليمين وثبوت حكمه6. ويصح من كل مكلف مختار قاصد كل منهما يمين لا من غيرهما7، خلافا لأبي حنيفة8 في المكره، لأنها عنده يمين مكلف فانعقدت كيمين المختار، وفي السكران وجهان9 بناء على أنه مكلف أو غير مكلف، ويأتي   1 قلت: أخرجه البخاري باللفظين كليهما. انظر صحيح البخاري الصفحة السابقة و4/163، كتاب كفارات الأيمان باب الكفارة قبل الحنث وبعده. 2 صحيح مسلم كتاب القدر: 4/2045 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. 3 صحيح البخاري: 4/276، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. 4 المغني: 13/435. 5 المبسوط: 8/26ن مقدمات ابن رشد: 1/406، المهذب: 2/128، المغني الصفحة السابقة. 6 في (أ) ، (ب) : (أحكامها) . 7 شرح منتهى الإرادات: 3/424، منار السبيل: 2/385. 8 البحر الرائق: 4/304-305، الفتاوى الهندية: 2/52. 9 الكافي: 4/373، المبدع: 9/251. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الكلام عليه1/2 ((يمين الكافر)) ويصح من الكافر، وتلزمه الكفارة بالحنث/3 سواء حنث في كفره أو بعد إسلامه4. وبه قال الشافعي5 وأبو ثور6 وابن المنذر7، لأن عمر رضي الله عنه نذر في الجاهلية أن يعتكف في المسجد الحرام فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره8، ولأنه من أهل القسم9، بدليل قوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} 10.   1 انظر ص174 من هذا الكتاب 2 نهاية لـ (5) من (ب) . 3 نهاية لـ (5) من (أ) . 4 الفنون: 1/379 الإفصاح: 2/324، الشرح الكبير: 6/67، زوائد الكافي: 2/198. 5 روضة الطالبين: 11/23. 6 المغني: 13/436. 7 الإشراف: 1/447. 8 أخرجه البخاري كتاب الأيمان والنذور باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم: 4/159، ومسلم كتاب الأيمان باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم: 3/1277 رقم (27) (1656) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. 9 الشرح الكبير: 6/67، الكشاف: 6/226. 10 من الآية (106) من سورة المائدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 وقال أبو حنيفة1 ومالك2 والثوري3: لا ينعقد يمينه لأنه غير مكلف4.   1 الهداية للمرغيناني: 2/75، الاختيار: 4/54. 2 الشرح الصغير: 1/325، سراج السالك: 2/17. 3 المغني: 13/436. 4 بعد هذا زيادة في (ب) : "قال الحنابلة: لا نسلم أنه غير مكلف، وإنما تسقط عنه العبادات بإسلامه، لأن الإسلام يجب ما قبله، فأما ما التزمه بنذره أو يمينه فينبغي أن يبقى حكمه في حقه لأنه من جهته" وانظر المغني: 13/436. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 فصل: حروف القسم ... ((فصل)) وحروف القسم ثلاثة1: (باء) وهي الأصل، ويليها ظاهركـ {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} 2، ومضمر: كالله أقسم به، و (واو) يليها مظهر فقط: كوالله، {وَالنَّجْمِ} 3، و (تاء) وأصلها الواو، ويليها اسم الله تعالى خاصة كـ {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} 4، وشذتا "الرحمن" و"ترب الكعبة"5، ونحوه فلا يقاس عليه. ويصح قسم بغير حرفه6: كـ"الله لأفعلن" جرا ونصبا7، لقوله صلى الله عليه وسلم   1 الكافي: 4/379، الشرح الكبير: 6/76، المبدع: 9/461، شرح المنتهى: 3/421. 2 من الآية (40) من سورة المعارج. 3 من الآية (1) من سورة النجم. 4 من الآية (57) من سورة سبأ. 5 في (أ) ، (ب) زيادة: "وتربي ونحوه". 6 المصادر السابقة، والمغني: 13/458-459. 7 في (ب) : "ونصبا: أي للاسم الكريم لأن كلا منهما لغة صحيحة، لقوله ..... " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 لركانة1 لما طلق امرأته2 "آلله ما أردت إلا طلقة" 3. ومن لا يحسن العربية إن رفع المقسم به أو نصبه مع الواو فيمين، وأما4 من يحسنها فليست في حقه يمينا، لأنه إنما عدل عن الجر إلى جعله مبتدأ أو معطوفا على شيء تقدم لإرادة اليمين5.   1 هو ركانة بن عبد يزيد بن هاشم المطلبي، صحابي جليل أسلم عام الفتح وهو الذي صارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا، مات بالمدينة المنورة سنة (42) وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: أسد الغابة لابن الأثير: 2/84، الإصابة لابن حجر: 1/520. 2 اسمها سهيمة بنت عمير المزنية. وانظر الإصابة: 4/337. 3 رواه الشافعي في مسنده كتاب الطلاق: 2/37 رقم (117) والطيالسي رقم (1188) والدارمي في كتاب الطلاق باب طلاق البتة: 2/86 رقم (2277) وأبو داود في كتاب الطلاق باب البتة: 2/656 رقم (2208) والترمذي في أبواب الطلاق واللعان باب ما جاء في الرجل طلق امرأته البتة: 2/322 رقم (1187) وابن ماجه في كتاب الطلاق باب الرجعة: 10/97 رقم (4274) والدارقطني في كتاب الطلاق: 4/34، رقم (91) والحاكم في كتاب الطلاق: 2/199 والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطلاق باب كنايات الطلاق: 7/342، وقد اختلف العلماء في تصحيح الحديث وتضعيفه فصححه أبو داود وابن حبان والحاكم وأعله البخاري بالاضطراب، ورجح الشوكاني تضعيفه. وانظر خلاصة البدر المنير: 2/222 التلخيص الحبير: 3/213 نيل الأوطار: 6/227. 4 في (ب) : "فأما". 5 الهداية لأبي الخطاب: 2/118، التنقيح المشبع: 392 الكشاف: 6/231. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وأما رفعه أو نصبه بعد الباء أو التاء فيمين لأنه لحن واللحن لا يقاوم النية1. قال الشيخ2: "الأحكام تتعلق بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة، كقوله "حلفت بالله" رفعا ونصبا، "ووالله باصوم وباصلي" ونحوه، وكقول الكافر"أشهد أن محمد رسول الله" برفع الأول ونصب الثاني، وأوصيت لزيد بمائة وأعتقت سالم ونحو ذلك". وقال: "من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب/3 عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصح شرعا". انتهى. ويجاب قسم في إيجاب: بإن المكسورة الهمزة خفيفة وثقيلة4، كقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} 5، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} 6، وبلام كقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ/7 فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} 8 وبنوني توكيد كقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً} 9، وبقد كقوله تعالى:   1 شرح المنتهى: 3/421. 2 هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وانظر الفروع: 6/338، الإنصاف: 11/12، الإقناع: 4/332. 3 نهاية لـ (4) من الأصل. 4 شرح منتهى الإرادات: 3/422ن كشف القناع: 6/231. 5 الآية (4) من سورة الطارق. 6 من الآية (3) من سورة الدخان. 7 نهاية لـ (6) من (ب) . 8 الآية (4) من سورة التين. 9 من الآية (32) من سورة يوسف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} 1، وبـ (بل) عند الكوفيين2، كقوله تعالى: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيد بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ} 3 وقال البصريون4: الجواب محذوف، واختلفوا في تقديره، وفي نفي بـ (ما) كقوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} 5 وبـ (إن) النافية كقوله تعالى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى} 6 وبـ (لا) كقوله7: وآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من حفى حتى تلاقي محمدا8   1 الآية (9) من سورة الشمس. 2 معالم التنزيل: 7/355. 3 من الآيتين (1) ، (2) من سورة ق. 4 انظر الخلاف بين الكوفيين والبصريين في: جامع البيان للطبري: 11/405-406، معالم التنزيل للبغوي: 7/355-356، زاد المسير لابن الجوزي: 8/5-6، تفسير ابن كثير: 4/221. 5 من الآية (2) من سورة النجم. 6 من الآية (107) من سورة التوبة. 7 البيت للشاعر المشهور ميمون بن قيس بن جندل المعروف بالأعشى، أحد شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات، وهذا البيت من قصيدة قالها في مدح النبي صبى الله عليه وسلم، وقد مات الأعشى كافرا سنة (7هـ) في منفوحة بالرياض، وانظر ديوان الأعشى: 185 قصيدة رقم (17) ، سيرة ابن هشام: 1/386، الأعلام: 7/341. 8 في (أ) ، (ب) زيادة (صبى الله عليه وسلم. ومعنى البيت: وقد آليت وأقسمت أن لا أرحمها مما تعاني من كلال ومن حفي وتعب حتى تزور محمدا صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وتحذف (لا) لفظا من جواب قسم1: كقوله تعالى: {تَفْتَأُ/2 تَذْكُرُ يُوسُفَ} 3، ونحو: "والله أفعل"، فلو أخلى القسم من جوابه ولم ينو الحالف قسما لم يكن يمينا كقوله "بالله أفعل"4، وإن جمع بين القسم والجواب كما في "بالله لتفعلن" لم يكن يمينا إلا بنيته عند صاحب المغني5 والذي عليه العمل أنه يمين مطلقا6.   1 التنقيح المشبع: 392، الكشاف: 231. 2 نهاية لـ (6) من (أ) . 3 من الآية (58) من سورة يوسف. 4 المغني: 13/502-503. 5 المغني: 13/502. 6 الشرح الكبير: 6/80، الفروع: 6/342. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 ((فصل)) اليمين الموجبة للكفارة بشرط الحنث هي: التي باسم الله تعالى الذي لا يسمى به غيره1، كـ"الله" و"الرحمن" و"القديم الأزلي" و"الأول الذي ليس قبله شيء" و"الآخر الذي ليس بعده شيء" و"خالق الخلق" و"رازق العالمين" و"رب العالمين" و"العالم2 بكل شيء"، أو باسمه الذي يسمى به غيره ولكن الحالف نوى به الله تعالى أو أطلق، كـ"الرحيم" و"العظيم" و"القادر" و"الرب" و"المولى" و"الرزاق"3، قال الله تعالى: {فَارْزُقُوهُمْ} 4 و"الخالق"5 و"السيد" و"القوي" ونحوه6. أو بصفة له تعالى كوجه الله تعالى نصا7، وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته وعهده وميثاقه وحقه وأمانته وإرادته وقدرته وعلمه8، وفاقا للشافعية9.   1 المقنع: 3/558، منتهى الإرادات:2/528-529. 2 في "ب" "والعا". 3 في "ب": "والرازق". 4 من الآية 8 من سورة النساء، وهذه الآية أسقطت من "أ". 5 في "ب" زيادة بعد قوله "والخالق": "قال الله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي} من الآية 110 من سورة النساء. 6 شرح منتهى الإرادات: 3/419. 7 الفروع: 6/337. 8 الكافي: 4/378، الإقناع: 4/331. 9 الأم: 7/64، المهذب: 2/129. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 ولو نوى مقدوره، أو معلومه تعالى، لأنه بالإضافة صار يمينا بذكر اسمه تعالى معه1، خلافا للشافعية2، وإن لم يضفها لم تكن يمينا إلا أن ينوي بها صفته تعالى، لأن نية الإضافة كوجودها3. وعند الحنفية4: الحلف بعلم الله، وغضبه وسخطه ورحمته وحقه5، ليس يمينا خلافا لأبي يوسف6 في: وحق الله تعالى. وأما ما لا يعد من أسمائه تعالى كالشيء والموجود أو لا ينصرف إطلاقه إليه تعالى ويحتمله كالحي والواحد والكريم/7 فإن نوى به الله تعالى فهو يمين وإلا فلا8. وبذلك قال الشافعي9.   1 هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: لا تجب الكفارة إذا نوى بقدرة الله: مقدوره، وبعلم الله: معلومه. وانظر المغني: 13/454 والإنصاف: 11/3. 2 الروضة: 11/12، مغني المحتاج: 4/322. 3 شرح المنتهى: 3/420. 4 الهداية للمرغيناني: 2/73، البحر الرائق: 4/310. 5 "وحقه" أسقطت من "ب". 6 وعن أبي يوسف رواية أخرى: أنه يكون يمينا. وانظر مجمع الأنهر: 1/546، الفتاوى الهندية: 2/52. 7 نهاية لـ"7" من "ب". 8 هذا المذهب، وقال بعضهم: "لا يكون يمينا" وانظر: المبدع 9/255، الإنصاف: 11/5. 9 هذا أحد الوجهين عند الشافعية وبه قطع صاحب المهذب والبغوي، والوجه الثاني لا يكون يمينا وصححه النووي وغيره. وانظر المهذب: 2/129، الروضة: 11/11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وقول الحالف: "وأيم الله"، "وأيمن الله"1، "ولعمر الله" يمين2، لا "ها الله"3 إلا بنيته4. والحلف بالمصحف، أو القرآن، أو سورة، أو آية منه ليس يمينا عند الحنفية، قالوا: هو بمنزلة قوله: "والنبي أفعل كذا"5، ولو قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من النبي أو القرآن [يكون عندهم6. وقال الشافعية7 والحنابلة8: الحلف بالمصحف، أو القرآن] 9، أو سورة أو آية منه ولو منسوخة: يمين. قيل10: في كل حرف كفارة، وقيل11:   1 في "ب": "وأيمان الله يضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها، وهمزته همزة وصل عند البصريين". 2 هذا المذهب، وعن أحمد رواية: لا يكون يمينا. المسائل لأبي يعلى: 3/51-52، الهداية: 2/118، المغني: 13/455،457 الإنصاف: 11/7. 3 مع قطع همزة "الله" ووصلها ومدها وقصرها. شرح المنتهى: 3/420. 4 أي: لا يكون يمينا إلا بالنية. وانظر: الشرح الكبير: 6/77، الفروع: 6/388، منتهى الإرادات: 2/528. 5 الاختيار: 4/51، مجمع الأنهر: 1/544. 6 المختار: 4/51، تبيين الحقائق: 3/111، مجمع الأنهر: 1/544. 7 الروضة: 11/13، مغني المحتاج: 4/322. 8 المقنع: 3/561، شرح منتهى الإرادات: 3/420-421. 9 ما بين الحاصرتين أسقط من "أ". 10 الفروع: 6/39، الإنصاف: 11/8. 11 وهو الذي جزم به الخرقي، قال الزركشي: "نص أحمد على هذا في رواية حرب وغيره، وهذا للوجوب أقرب منه للاستحباب؛ لأن أحمد إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز وأما ابن قدامة فقد حمله على الاستحباب". وانظر مسائل الإمام أحمد لابنه صالح: 1/283، مختصر الخرقي: 242، المغني: 13/475، شرح الزركشي: 7/99-100، الإنصاف: 11/8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 في كل آية، وقيل1: فيه كفارة واحدة، وهو الصحيح. وكذا الحلف بالتوراة ونحوها من كتب الله تعالى2. وإن قال: أقسمت أو أقسم، أو شهدت أو أشهد، أو حلفت أو أحلف، أو عزمت أو أعزم، أو آليت أو آلي، أو قسما، أو حلفا، أو ألية/3، أو شهادة، أو عزيمة لأفعلن، ولم يذكر اسم الله تعالى فعن أحمد روايتان: إحداهما: أنها يمين، سواء نوى اليمين4 أو أطلق5. وروي ذلك عن عمر6، وابن عباس7، والنخعي8، والثوري9،   1 المغني: 13/475، المبدع: 9/259، الإنصاف: 11/7. 2 المصادر السابقة، والإنصاف: 11/4، الكشاف: 6/229. 3 نهاية لـ "7"من"أ". 4 المغني: 13/469، شرح الزركشي: 7/93. 5 إن أطلق فعلى روايتين، الأولى: لا يكون يمينا، وهي المذهب، والثانية: أنه يمين. وانظر: الهداية: 2/118المستوعب: 4/539 الكافي: 4/380-381 الإنصاف:11/10. 6 المغني: 13/469. 7 المصدر السابق وعنه رواية ثانية: أته ليس بيمين. وانظر السنن الكبرى: 8/40 معرفة السنن: 14/168. 8 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 100. 9 المصدر السابق واختلاف العلماء للمروزي: 216. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وأبي حنيفة وأصحابه1. والثانية: إن نوى اليمين بالله كان يمينا وإلا فلا2. وهو قول مالك3، وإسحاق4، وابن المنذر5. وقال الشافعي6: ليس بيمين وإن/7 نوى لأنها عريت عن اسم الله تعالى وصفته فلم تكن يمينا. والصحيح أن ذلك يمين إن ذكر اسم الله تعالى، أو نوى اليمين8، لقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} 9 ... إلى قوله: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} 10فسماها يمينا11. ولأن العباس رضي الله عنه جاء برجل للنبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه على الهجرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح" فقال العباس: "أقسمت عليك يا رسول الله   1 الهداية للمرغيناني: 2/73، ملتقى الأبحر: 1/316. 2 المغني: الصفحة السابقة، الشرح الكبير: 6/75 شرح المنتهى: 3/420. 3 التفريع: 1/382، مواهب الجليل: 3/262. 4 المغني الصفحة السابقة: واختلاف العلماء للمروزي: 216. 5 الإشراف: 1/412. 6 حلية العلماء: 7/255 شرح السنة: 10/5 تحفة الطلاب: 2/479-480. 7 نهاية لـ "5" من الأصل. 8 المغني:13/469-470 الكشاف: 6/230. 9 من الآية "1" من سورة المنافقون. 10 من الآية "2" من سورة المنافقون. 11 المغني والكشاف الصفحات السابقة وزاد المسير لابن الجوزي: 8/274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 لتبايعنهن فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في يده وقال: "أبررت قسم عمي ولا هجرة" 1 فسماه صلى الله عليه وسلم قسما.2   1 أخرجه أحمد في المسند: 3/430 واللفظ له، وابن ماجة كتاب الكفارات باب إبرار المقسم: 1/683-684 رقم "2116" عن عبد الرحمن بن صفوان أو صفوان بن عبد الرحمن، وقال محققه: "قال في الزوائد: "في إسناده يزيد ابن أبي زياد أخرج له مسلم في المتابعات وضعفه الجمهور. 2 الشرح الكبير: 6/75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 فصل: الحلف بغير الله تعالى ... فصل "في الحلف بغير الله تعالى" قال في الشرح الكبير1: "ويكره الحلف بغير الله تعالى، ويحتمل أن يكون ذلك2 محرما، وذلك نحو: أن يحلف بأبيه، أو بالكعبة، أو بصحابي، أو إمام غيره"3. قال/4 الشافعي5: أخشى أن يكون معصية6، وصرح بالكراهة في شرح المنهاج7، قال: "يكره8 الحلف بغير الله للحديث الصحيح9، وقيل: إنه معصية، والحلف بالأمانة أشد كراهة من غيره". انتهى. قال10 في الشرح الكبير11: "وقيل: يجوز ذلك لأن الله تعالى أقسم   1 الشرح: 6/77. 2 "ذلك" ليست في "أ"ولا "ب" ولا في الشرح أيضا. 3 كذا في النسخ الثلاث، وفي الشرح: "أو إمام أو غيره". 4 نهاية لـ "8" من "ب". 5 من قوله "الشافعي" يبدأ سقط "ب" بمقدار ورقة كاملة هي الورقة رقم "9". 6 الأم: 7/64. 7 قوت المحتاج: 73/ب وانظر مغني المحتاج: 4/320، نهاية المحتاج: 8/174-175. 8 في الأصل "تكره". 9 مراده حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنها لآتي ص82. 10 في "أ": "ثم قال". 11 الشرح الكبير: 6/77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 بمخلوقاته فقال: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً} 1، {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} 2. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأل عن الصلاة: "أفلح وأبيه إن صدق" 3 وقال في حديث أبي العشراء4: "وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزأك" 5. انتهى.   1 الآية رقم "1"من سورة الصافات. 2 الآية رقم "1" من سورة المرسلات. 3 أخرجه بهذه اللفظة "وأبيه" مسلم كتاب الإيمان باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام: 1/41 رقم "9" "11"، بإسناده عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأخرجه البخاري كتاب الإيمان باب الزكاة من الإسلام: 1/17-18، لكن بدون لفظة "وأبيه". وللحافظ ابن حجر رحمه الله كلام نفيس للجواب على هذه اللفظة. انظر فتح الباري: 1/107، 11/534-535. وكذلك انظر التمهيد لابن عبد البر: 14/367، والمغني: 13/438. 4 أبو العشراء اسمه: أسامة ليس له صحبة وأبوه صحابي اسمه: مالك بن قهطم الدارمي. وانظر أسد الغابة: 1/82، 4/268، 5/215، الإصابة: 4/149. 5 أخرجه أحمد في المسند: 4/334 والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيد والذبائح: 9/246. وأخرجه بدون هذه لفظة"وأبيك": أبو داود كتاب الذبائح: 3/250 رقم ط2825"والترمذي في كتاب الأطعمة 4/75 رقم "1481" والنسائي في كتاب الضحايا: 3/63 رقم "4497" وابن ماجة كتاب الذبائح: 2/1063 رقم "3184" والدارمي كتاب الأضاحي: 2/9 رقم "1978" والبيهقي في معرفة السنن والآثار: 13/459، رقم "1883" وأبو يعلى في مسنده: 3/72رقم "1503" والذهبي في السير: 7/455. وقد ضعفه غير واحد من المحدثين وغيرهم وانظر: معالم السنن: 4/280، خلاصة البدر المنير: 2/371، التلخيص الحبير: 4/3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 والذي عليه العمل أنه يحرم1، لما روي عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدركه وهو يحلف بأبيه فقال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" قال عمر: "فوالله ما حلفت بها بعد ذلك ذاكرا ولا آثرا". متفق عليه2، يعني: ولا حاكيا لها عن غيري3. لكن يستثنى من ذلك الحلف بالطلاق والعتاق. قال في الفروع4: "قيل لأحمد: يكره الحلف بالطلاق أو عتق؟، قال: سبحان الله لم لا يكره؟ لا يحلف إلا بالله. وفي تحريمه وجهان5/6،واختار مالك7 وشيخنا8 التحريم وتعزيره، واختار في موضع لا يكره، وأنه قول غير واحد من أصحابنا؛ لأنه لا يحلف بمخلوق ولم يلتزم لغير الله شيئا، وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر،   1 الشرح الكبير: 6/77 المبدع: 9/263. 2 صحيح البخاري كتاب الأيمان والنذور باب لا يحلفوا بآبائكم: 4/151، ومسلم كتاب الأيمان باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى: 3/1266 رقم "1646". 3 المغني: 13/437. 4 الفروع: 6/340ز 5 الإنصاف: 11/15. 6 نهاية لـ "8" من "أ". 7 القوانين الفقهية: 106، الشرح الكبير: 2/193-194. 8 الاختيارات لابن تيمية: 562، مجموع الفتاوى: 35/262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 والالتزام لله أبلغ من الالتزام به، بدليل النذر له واليمين، ولهذا لم ينكر الصحابة على من حلف بذلك كما أنكروا على من حلف بالكعبة". انتهى. والذي عليه العمل الكراهة1، وتخيير الحالف بهما بين الإيقاع والكفارة يأتي في فصل الطلاق2. قال في الإقناع3: "ويحرم الحلف بغير الله وصفاته ولو بنبي4 لأنه شرك في تعظيم الله، فإن فعله استغفر وتاب، ولا كفارة باليمين به ولو برسول الله صلى الله عليه وسلم سواء أضافه إلى اسم الله كقوله: ومعلوم الله وخلقه ورزقه ونبيه5، أو لم يضفه مثل: والكعبة والنبي وأبي وغير ذلك6، ويكره بطلاق وعتاق". انتهى7. وقال القهستاني8 من السادة الحنفية في كتاب الأيمان9: "الإشراك بالله   1 شرح المنتهى: 3/422. 2 ص234 وما بعدها من هذا الكتاب. 3 الإقناع: 4/333. 4 في الأصل، وفي "أ" "بشيء" وما أثبته من الإقناع. 5 كذا في الأصل، وفي "أ" وفي الإقناع "وبيته". 6 إلى كلمة "ذلك" ينتهي السقط من نسخة "ب" بمقدار الورقة كما سبق التنبيه عليه ص 80. 7 وانظر كشاف القناع: 6/231-232. 8 محمد القهستاني، الحنفي من أبرز فقهاء الحنفية المتأخرين كان إماما، عالما، زاهدا، من مصنفاته "جامع الرموز في شرح النقاية" مات في حدود سنة "953هـ" ترجمته في: شذرات الذهب: 10/430، الأعلام: 7/11، معجم المؤلفين: 9/179. 9 جامع الرموز للقهستاني: 1/379. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ثلاثة: منها الحلف بغير الله، وعن ابن عمر1 أنه قال2: "الحلف بغير الله شرك" كما في كفاية3 الشعيبي4، فما أقسم بغير ذاته وصفاته من الليل والضحى وغيرهما ليس للعبد أن يحلف بها، وما اعتاده الناس بـ"جان وسرتو"5، فإن اعتقد أنه حلف والبر به واجب كفر6. وقال علي الرازي7: "إني أخاف الكفر على من قال: بحياتي وحياتك وما أشبهه، كما في النهاية"8. وذكر في المنية9: "أن الجاهل الذي يحلف بروح الأمير وحياته ورأسه لم يتحقق   1 في"ب" "أبي عمر". 2 ورد الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه أحمد في المسند: 2/125، وأبو داود كتاب الأيمان والنذور: 3/570 رقم 3251، والترمذي كتاب النذور والأيمان: 4/110 رقم 1535 وصححه، وابن حبان في صحيحه كتاب الأيمان: 10/199 رقم 4358،والحاكم في المستدرك: 4/297 وصححه. 3 الكفاية في الفقه والعبادات والمواعظ، مخطوط في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة تحت رقم (210/254 فقه حنفي) من تأليف القاضي أبي جعفر محمد بن عمر الشعيبي. 4 كفاية الشعيبي: 178/أ. 5 كلمة فارسية، وجاء في (أ) ، (ب) : "أي: بحياة رأسك". 6 بدر المتقي: 1/544. 7 في النسخ الثلاث "البرازي" والصحيح ما أثبته وهو الموافق لما في المصدر الأصلي الذي نقل منه المصنف. وهو علي بن محمد بن يزداد الرازي، أبو القاسم. مات سنة (386هـ) ترجمته في: الجواهر المضية: 2/590. 8 البحر الرائق: 4/311،ومجمع الأنهر: 1/544. 9 منية المفتي في فروع الحنفية، كتاب في الفقه من تأليف يوسف ابن أبي سعيد بن أحمد السجستاني (638هـ) وهو كتاب مخطوط في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة تحت رقم (1165) فقه حنفي، وانظر هدية العارفين: 2/554. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 إسلامه"1. انتهى كلام القهستاني2. فتلخص من مذهب السادة الحنفية: تحريم الحلف/3 بغيره تعالى وأن من حلف بغيره معتقدا أنه حلف والبر به واجب: فقد كفر4. ولا يجوز أن يحلف أحد بطلاق، ولا إعتاق، ولا نذر5، وفاقا للشافعية6؛ لأنها تخرج عن حكم اليمين إلى إيقاع فرقة وإلزام غرم.   1 منية المفتي: 225/أ، 226/ب، وانظر مجمع الأنهر: 1/544. 2 جامع الرموز: 1/379. 3 نهاية لـ (6) من الأصل. 4 مجمع الأنهر: 1/544. 5 سبق الكلام على هذه المسألة ص82 وانظر: مجموع الفتاوى: 35/262، القواعد النورانية: 256، الفروع: 6/340، تصحيح الفروع: 6/340، الإنصاف: 11/15. 6 مغني المحتاج: 4/324-325. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فصل: تحريم الحلال من طعام أو غيره غير الزوجة ... فصل ((تحريم الحلال)) من حرم حلالا سوى زوجته من طعام، أو أمة، أو لباس أو غيره كقوله: "ما أحل الله علي حرام غير زوجتي" أو لم تكن له زوجة، أو قال: "كسبي، أو طعامي، أو هذا الشراب علي كالميتة والدم أو لحم الخنزير"، أو علق تحريم الحلال – غير الزوجة- بشرط كقوله: "إن أكلته1 فهو علي حرام" لم يحرم وعليه كفارة يمين إن فعله نصا2. خلافا للشافعي3 4، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ 5 لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} 6 إلى قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} 7. وسبب نزولها أنه عليه السلام قال: "لن أعود إلى شرب العسل" متفق عليه8.   1 في (أ) : "كلمته". 2 الهداية: 2/118، شرح منتهى الإرادات: 3/426. 3 في (أ) ، (ب) : "الشافعية". 4 الإشراف: 1/417، التنبيه: 194. 5 نهاية لـ (9) من (أ) . 6 من الآية رقم (1) من سورة التحريم. 7 من الآية رقم (2) من سورة التحريم. 8 ورد من حديث عائشة رضي الله عنها رواه البخاري كتاب الأيمان والنذور باب إذا حرم طعامه: 4/158، ومسلم كتاب الطلاق باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق: 2/1100 رقم (20) (1474) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 فجعل الله تعالى ذلك يمينا، واليمين على الشيء لا يحرمه1. زمن حرم زوجته بأن قال: "أنت علي حرام"، ولمك يقل إن شاء الله فهو ظهار2 وإن نوى يمينا أو طلاقا، وتجزئه3 كفارة ظهار لتحريم الزوجة والمال4. وخالف الحنفية، قال في الكنز وشرحه5: "كل حل علي حرام، معناه: والله لا أفعل فعلا حلالا، فهو واقع على الطعام والشراب، فيحنث بأكله وشربه وإن قل6، لا7 إن نوى غير ذلك، والقياس أنه يحنث/8 كما فرغ من يمينه9؛ لأنه10 باشر فعلا حلالا كفتح العينين والتنفس ونحوهما، وهو قول زفر، والفتوى على أنه تبين منه11 امرأته بلا نية الطلاق، ولو كان له أربع نسوة   1 زاد المسير: 8/304، المغني: 13/466، الشرح الكبير: 6/86. 2 في (أ) "ظاهر". 3 في (ب) "تجزئه". 4 المغني: 10/396-397، إعلام الموقعين: 3/72، الفروع: 5/390، المبدع: 7/282، الإنصاف: 8/486-487. وسيذكر المصنف المسألة فيما بعد مفصلة، انظر ص225 من هذا الكتاب. 5 تبيين الحقائق: 3/115، البحر الرائق: 4/318-319. 6 في (ب) "قال". 7 في (أ) ، (ب) : "إلا" 8 نهاية لـ (10) من (ب) . 9 كذا في تبيين الحقائق. الصفحة السابقة، وانظر مجمع الأنهر: 1/547. 10 في (ب) : "لا". 11 "منه" أسقطت من (أ) ، (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 يقع على كل واحدة منهن تطليقة؛ لأن قوله: "حلال الله علي حرام" بمنزلة قوله "امرأتي طالق"ثم في قوله: "حلال الله" وأجناسه، إذا وقع الطلاق بغير نية كان الواقع به بائنا". انتهى1 ملخصا. ومن قال: هو يهودي، أو نصراني، أو يعبد الصليب، أو يعبد غير الله تعالى، أو بريء من الله تعالى، أو من2 الإسلام، أو من القرآن، أو من النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكفر بالله تعالى، أو لا يراه الله تعالى في موضع كذا، أو يستحل3 الزنا، أو الخمر، أو لحم الخنزير، أو ترك الصلاة ونحوها، منجزا كليفعلن4 كذا، أو معلقا كإن فعل كذا، أو إن لم يفعله فقد فعل محرما5، لحديث ثابت6 بن الضحاك7 مرفوعا: "من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال" متفق عليه8.   1 وانظر الهداية: 2/75، الاختيار: 4/53، مجمع الأنهر: 1/547. 2 من قوله "أومن ... " إلى "بالله تعالى" اسقط من (ب) . 3 في (ب) "أو يستحيل". 4 في (ب) "ليفعلن". 5 الفنون: 1/389، إعلام الموقعين: 3/56-57، شرح المنتهى: 3/426. 6 في النسخ الثلاث "سالم" والصواب ما أثبته. 7 ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصاري الأشهلي صحابي من أهل بيعة الرضوان، كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، ودليله إلى حمراء الأسد. مات سنة (45هـ) . انظر ترجمته في: أسد الغابة: 1/271، الإصابة: 1/193، الأعلام: 2/98. 8 رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب من حلف بملة سوى الإسلام: 4/152، ومسلم في كتاب الإيمان باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه: 1/104 رقم (176) (110) واللفظ له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ولم يكفر بذلك، والحديث محمول على الترهيب وتلزمه التوبة1. قال في شرح المنهاج2: "فليقل لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويستغفر الله ليجبر الخلل الحاصل فإنه معصية".انتهى. وفي وجوب الكفارة خلاف فمذهب الشافعي3 واختاره الموفق4 والناظم56: لا كفارة، والذي عليه العمل أن عليه كفارة يمين إن حالف، بأن فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله7، لحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل8 عن الرجل يقول: هو يهودي، أو نصراني أو مجوسي أو بريء من/9 الإسلام في اليمين بحلف بها فيحنث في هذه   1 الروضة: 11/7، فتح الباري: 11/539، نيل الأوطار: 8/234. 2 قوت المحتاج: 71/أوانظر مغني المحتاج: 4/324، نهاية المحتاج: 8/179. 3 روضة الطالبين: 11/7، زاد المحتاج: 4/454. 4 المغني: 13/465. 5 الناظم، هو: محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي الحنبلي، شمس الدين أبو عبد الله، كان حسن الديانة، دمث الأخلاق، كثير الإفادة، تتلمذ على ابن تيمية من مصنفاته (منظومة الآداب) ، (الفروق) ، 0عقد الفرائد وكنز الفوائد) ، مات سنة (699هـ) . انظر ترجمته في: المقصد الأرشد: 2/459، هدية العارفين: 2/139، شذرات الذهب: 7/789. 6 عقد الفرائد وكنز الفوائد للناظم: 2/365. 7 شرح الزركشي: 7/86، الكشاف: 6/237، منار السبيل: 2/389. 8 في (ب) "سأل"ز 9 نهاية لـ (10) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الأشياء، فقال: "عليه كفارة يمين" رواه1 أبو بكر2. ومن قال: عصيت الله، أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني به، أو محوت المصحف، أو أدخله الله النار، أو هو زان، أو عبد فلان حر، أو مال فلان صدقة، أو قطع الله يديه ورجليه، أو لعمره، أو لعمر أبيك ليفعلن، أو لا فعل، أو إن لم يفعل كذا، فلغو لأن هذه الأشياء لا توجب هتك الحرمة ولا كفارة3 فيها4. ومن قال: أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا، وفعله، لزمه ظهار، وطلاق، وعتاق، ونذر، ويمين بالله تعالى/5 مع النية، كما لو حلف بكل على انفراده6.   1 رواه البيهقي في كتاب الأيمان باب مت حلف بغير الله ثم حنث، أو حلف بالبراءة من الإسلام أو بملة غير الإسلام أو بالأمانة: 10/30،وقال: "هذا لا أصل له"، وعزاه لأبي بكر ابن قدامة في المغني: 13/464. 2 هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، أبو بكر المعروف بغلام الخلال، كان أحد أهل الفهم والفقه، متسع الرواية، مشهورا بالديانة، موصوفا بالأمانة، من مصنفاته (تفسير القرآن) ، (الشافي) ، (التنبيه) ، (زاد المسافر) ، (الخلاف مع الشافعي) ، مات سنة (363هـ) . انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة: 2/119، المقصد الأرشد: 2/126، المنهج الأحمد: 2/68. 3 في (ب) "والكفارة"ز 4 الهداية: 2/118، الإنصاف: 11/33، شرح المنتهى: 3/426. 5 نهاية لـ (11) من (ب) . 6 اختيارات ابن تيمية: 560، إعلام الموقعين: 3/78-79، قواعد ابن رجب: 232، المبدع: 9/276، الإنصاف: 11/36-37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وقال المالكية1 فيها كالقول في أيمان البيعة، ويأتي2. وقال الشافعية3: إذا قال: الأيمان كلها تلزمني/4 إن فعلت كذا هل يلزم بذلك الطلاق، والعتاق، واليمين بالله؟ أجاب الغزالي: "لا يلزمه بمجرد ذلك إلا إذا نواه" قاله في شرح المنهاج5. وقال جماعة6: الحلف بأيمان المسلمين من الأيمان اللاغية التي لا يلزم بها شيء البتة7. ومن متأخري من أفتى بذلك تاج الدين أبو عبد الله الأرموي8 صاحب كتاب الحاصل9.   1 القوانين الفقهية: 107، مواهب الجليل: 3/276. 2 ص 95. 3 انظر كفاية الأخيار: 2/154، مغني المحتاج: 4/324. 4 نهاية لـ (7) من الأصل. 5 شرح المنهاج: 70/ب وانظر المصدرين السابقين. 6 إعلام الموقعين: 3/79. 7 في (ب) "النية". 8 هو تاج الدين محمد بن الحسين بن عبد الله الأرموي الشافعي، من أكبر تلاميذ الرازي، كان بارعا في العقليات، وكانت له حشمة ووجاهة، وفيه تواضع، مات ببغداد سنة 655هـ، وقيل غير ذلك. ترجمته في: سير ا‘علام النبلاء: 23/334، طبقات الشافعية للإسنوي: 1/216، هدية العارفين: 2/126. 9 وهو اختصار لكتاب (المحصول) في أصول الفقه للفخر الرازي. وانظر: كشف الظنون: 2/1615. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وقال قوم1: فيها كفارة يمين، أفتى به ابن عبد البر2، وابن حزم3 وغيرهما. ولو حلف بشيء من هذه الخمسة فقال آخر: يميني في يمينك، أو عليها4، أو أنا على يمينك، أو معك في يمينك، يريد الالتزام بمثلها لزمه إلا في اليمين بالله تعالى لأنها لا تنعقد بالكناية لخلوها من اسم الله المعظم5.   1 إعلام الموقعين: 3/79. 2 هذه رواية عنه، والرواية الثانية: لا شيء فيها إلا الاستغفار، وروي عنه: أنه يلزم في الطلاق واحدة. وانظر المنتقى: 3/251، التاج والإكليل: 3/276، فتح العلي المالك: 1/197-198. 3 الصحيح أنه لا كفارة فيها عنده وانظر المحلى: 8/32. 4 في (أ) ، (ب) : "أو عليها أو مثلها". 5 الإنصاف: 11/37، شرح المنتهى: 3/427. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 أيمان البيعة مدخل ... ((أيمان البيعة)) وأيمان البيعة رتبها الحجاج1 والخليفة المعتمد2، تتضمن اليمين بالله تعالى، والطلاق، والعتاق، وصدقة المال3. فمن قال: أيمان البيعة تلزمني، فإن كان عرفا بها ونواها انعقدت يمينه بما فيها، وإن لم يعرفها ولم ينوها، أو عرفها ولم ينوها4، أو نواها ولم يعرفها فلا شيء عليه لأنها كناية عن هذه الأيمان فتعتبر فيها النية، والنية تتوقف على معرفة المنوي، فإذا لم توجد المعرفة والنية لم تنعقد5. وقال الشافعية6: لا يلزمه شيء وإن نوى إلا أن ينوي الطلاق والعتاق فيلزمه لأن الكناية تدخل فيهما.   1 هو الحجاج بن يوسف الثقفي، مات سنة (95) بواسط. 2 هو الخليفة: أبو العباس، وقيل: أبو جعفر، أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم الهاشمي العباسي، ولي الخلافة سنة (256هـ) وطالت أيام خلافته، حيث انغمس في اللهو واللذات، واشتغل بذلك عن الرعية فكرهه الناس فقام أخوه الموفق بالله بضبط أمور الدولة، وصلحت فكفت يد المعتمد عن العمل، وكان شاعرا جيد الفهم، مات ببغداد سنة (279هـ) ز ترجمته في: تاريخ بغداد: 4/60،62، سير أعلام النبلاء: 12/540، الأعلام: 1/106. 3 المستوعب: 4/543، 545، الكشاف: 6/238. 4 "أو عرفها ولم ينوها"، أسقطت من (ب) . 5 الشرح الكبير: 6/88، قواعد ابن رجب: 232، المبدع: 9/275-276ن شرح المنتهى: 3/427. 6 مغني المحتاج: 4/324، حاشية قليوبي: 4/272. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وقال صاحب التتمة1 من الشافعية2: لا يلزمه ذلك وإن نواه ما لم يتلفظ به، لأن الصريح لم يوجد، والكناية إنما يترتب عليها الحكم فيما يتضمن الإيقاع، فأما/3 الإلزام فلا، ولهذا لم يجعل الشافعي الإقرار بالكناية مع النية إقرارا لأنه التزام، ومن ها هنا قال من قال من الفقهاء كالقفال4 وغيره5، إذا قال: "الطلاق يلزمني لا أفعل" لم يقع به الطلاق وإن نواه لأنه كناية والكناية إنما يترتب عليها الحكم في غير الالتزامات، ولهذا لا تنعقد اليمين بالله تعالى بالكناية مع النية.   1 هو أبو سعد، عبد الرحمن بن مأمون بن علي النيسابوري، الشافعي، شيخ الشافعية في زمانه. من مصنفاته (التتمة) وهو تتميم لكتاب (الإبانة) لشيخه الفوراني، وشرح لمسائله وتفريع عليها، ولم يكمله، وله أيضا: مختصر في الفرائض، وآخر في الأصول، مات ببغداد سنة (478هـ) . ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 18/585، طبقات الشافعية للإسنوي: 1/146، الأعلام: 3/323. 2 تتمة الإبانة ورقة: 10/158/أ. ونقله عنه أيضا صاحب مغني المحتاج: 4/324. 3 نهاية لـ (11) من (أ) . 4 هو محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر، أبو بكر الشاشي القفال، من كبار فقهاء الشافعية. من مصنفاته (حلية العلماء) مطبوع، و (المعتمد) و (الشافي) و (الفتاوى) وغيرها. مات ببغداد سنة (507هـ) . ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 19/393، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي: 6/70، الأعلام: 5/316. 5 إعلام الموقعين: 3/75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وقال أبو بكر ابن العربي1: "أجمع المتأخرون2/3 من المالكية4 على أنه يحنث فيها بالطلاق في جميع نسائه ثلاثا ثلاثا عند الأندلسيين، وواحدة واحدة عند غيرهم، والعتق في جميع عبيده، وإن لم يكن له رقيق فعليه عتق رقبة واحدة، والمشي إلى مكة والحج ولو من أقصى المغرب، والتصدق بثلث جميع أمواله، وصيام شهرين متتابعين، وقيل: سنة إذا كان معتادا للحلف بذلك". "فتأمل هذا التفاوت5 العظيم بين هذا القول وقول أصحاب الشافعي". قاله ابن القيم6.   1 نقله عنه ابن القيم في إعلام الموقعين: 3/76. 2 في (ب) : "أي: ليس عن مالك ولا عن قدماء أصحابه/ فيها قول كما قال ابن القيم". 3 نهاية لـ (12) من (ب) . 4 انظر المنتقى: 3/251، التاج والإكليل: 3/276، الشرح الصغير: 2/219-220. 5 في (ب) "التلاوت". 6 إعلام الموقعين: 3/77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 ((الحلف بالنذر)) ومن قال: علي نذر، أو يمين، أو عهد الله، أو ميثاقه وأطلق، أو إن فعلت كذا وفعله، فعليه كفارة يمين1، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" 2 صححه3 الترمذي4. ومن قال: مالي للمساكين، وأراد به اليمين، فعليه كفارة يمين، ذكره في المستوعب5 والرعاية6.   1 الكافي: 4/379، شرح المنتهى: 3/427. 2 الحديث رواه مسلم كتاب النذر باب كفارة النذر: 3/1265 رقم (1645) مرفوعا بلفظ "كفارة النذر كفارة اليمين" عن عقبة بن عامر رضي الله عنه. وأخرجه بلفظ المصنف ابن أبي شيبة كتاب الأيمان والنذور والكفارات باب النذر إذا لم يسم له كفارة: 3/69 رقم (12183) والترمذي أبواب النذور والأيمان باب كفارة النذر إذا لم يسم: 4/106 رقم (1528) وقال: "حسن صحيح غريب" وابن ماجة كتاب الكفارات باب من نذر نذرا ولم يسمه: 2/687 رقم (2127) والطحاوي في شرح معاني الآثار كتاب الأيمان والنذور: 3/130، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الأيمان: 4/45، وضعف النووي إسناده في المجموع: 8/458. 3 صحيح الترمذي: 4/106. 4 بعد هذا زيادة في (ب) "ومن حلف فقال: علي عتق رقبة فحنث فكفارة يمين. قاله في المنتهى". وانظر منتهى الإرادات: 2/564. 5 المستوعب: 4/543. 6 وذكره في المبدع عن الرعاية: 9/277. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ومن أخبر عن نفسه بحلف بالله تعالى ولم يكن حلف فكذبة لا كفارة فيها1.   1هذا المذهب، وعن أحمد رواية: أن عليه كفارة لأنه أقر على نفسه. وانظر المسائل الفقهية لأبي يعلى: 3/60، الإنصاف: 11/39، الإقناع: 4/337. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ( فصل: شروط وجوب الكفارة ) ولوجوب الكفارة أربعة شروط1: أحدها: قصد عقد اليمين2؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} 3، فلا تنعقد لغوا بأن سبقت على لسانه بلا قصد، كقوله: لا والله، بلى والله في عرض4 حديثه5، خلافا للحنفية6، ولا من نائم، وصغير، ومجنون ونحوهم7. الشرط الثاني: كونها على مستقبل ممكن ليتأتى بره وحنثه8، فلا تنعقد على   1 منتهى الإرادات: 2/533-534، الكشاف: 6/232-233. 2 المقنع: 3/564، هداية الراغب: 546. 3 من الآية (89) من سورة المائدة. 4 في (ب) زيادة "العرض بالضم الجانب، وبالفتح خلاف الطول". 5 شرح المنتهى: 3/424. 6 مجمع الأنهر: 1/541. 7 الإنصاف: 11/15، الإقناع: 4/333. 8 غاية المنتهى: 3/371,منار السبيل: 2/386. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ماض كاذبا عالما به وهي1 الغموس، سميت بذلك لغمس الحالف بها في الإثم ثم في النار2، وكونها لا كفارة فيها قول أكثر أهل العلم3، منهم: ابن مسعود4، وابن المسيب5، والحسن6، ومالك7، وأبو حنيفة8، والأوزاعي9، والثوري10، وأحمد11، والليث12، وأبو عبيد13، وأبو ثور14، وأصحاب الحديث15؛ لأنها أعظم من أن تكفر، والكفارة   1 في (ب) "وهو". 2 انظر: شرح المنتهى: 3/424، فتح الباري: 11/555. 3 المغني: 13/448. 4 فتح الباري: 11/557. 5 حلية العلماء: 8/245. 6 المحلى: 8/36. 7 شرح الخرشي: 3/54. 8 الهداية للمرغيناني: 2/72. 9 المشهور عن الأوزاعي وجوب الكفارة، وانظر: اختلاف الفقهاء للطحاوي: 97، فنح الباري: 11/557. 10 المحلى: 8/36. 11 الإنصاف: 11/16. 12 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 97. 13 اختلاف العلماء للمروزي: 211. 14 المصدر السابق. 15 المحلى: 8/36، فتح الباري: 11/557. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 لا ترفع/1 إثمها2 لما روى البخاري3 "خمس من الكبائر لا كفارة لهن: الإشراك بالله، والفرار من الزحف، وبهت المؤمن، وقتل النفس بغير حق، والحلف على يمين فاجرة تقطع بها مال امرئ4 مسلم". ولما روى أيضا5 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال/6: "من الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس".   1 نهاية لـ (8) من الأصل. 2 المغني: 13/448، الشرح الكبير: 6/79. 3 لم يخرج البخاري نص هذا الحديث الذي ذكره المصنف وإنما أخرج في صحيحه، كتاب الأيمان والنذور باب اليمين الغموس: 4/155، بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعا: "الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس"، وأخرج في الكتاب نفسه: 4/155 بإسناده عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ... ". وأما لفظ المصنف فقد ورد عن طريق أبي هريرة رضي الله عنه، رواه أحمد في المسند: 2/362، وابن أبي حاتم في علل الحديث: 1/339 رقم (1005) ، وأبو الشيخ في التوبيخ: 2363 رقم: (211) والديلمي في مسند الفردوس: 2/197 رقم (2977) ، قال الحافظ في الفتح 11/557: "وظاهر سنده الصحة لكنه معلول لأن فيه عنعنة بقية"، ورمز له السيوطي بالحسن في الجامع الصغير: 2/7، وقال البنا في بلوغ الأماني 19/293: "إسناده جيد"، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/617 رقم (3247) والله تعالى أعلم. 4 في (ب) "مالامرء". 5 سبق تخريجه في أول الحاشية قبل السابقة. 6 نهاية لـ (13) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وقال عطاء1 والزهري2 والشافعي3 وغيرهم4: فيها الكفارة؛ لأنه وجدت منه اليمين بالله تعالى والمخالفة مع القصد. وكذا لا تنعقد اليمين ممن حلف على ماض ظانا صدق نفسه فيبين بخلافه5. وقال الشيخ6: "وكذا عقدها على زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن، كمن حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل، أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك". قاله في الإقناع7. لكن تلخص من قول صاحب الإقناع هذا وما تقدم قبله بأسطر: أنه إن8 حلف على الغير يظن أنه يطيعه فلم يطعه لا حنث، وإلا حنث، فلا كفارة في اليمين على غلبة الظن حكاه ابن عبد البر إجماعا9، وقال الشارح10: "لا نعلم فيه خلافا". وعند11 الشافعية فيها قولان صرح بهما في شرح المنهاج12؛ لقوله تعالى:   1 فتح الباري: 11/557. 2 حلية العلماء: 8/244. 3 كفاية الأخيار: 2/154، نهاية المحتاج: 8/180. 4 وهو رواية عن أحمد. وانظر المغني: 13/448 شرح الزركشي: 7/72. 5 منتهى الإرادات: 2/533. 6 مجموع الفتاوى: 33/225-233، الفروع: 3/566، الإنصاف: 11/19. 7 الإقناع: 4/334. 8 "إن"أسقطت من (ب) . 9 التمهيد: 2/267. 10 الشرح الكبير: 6/80. 11 "وعند .... المنهاج" أسقط من (ب) . 12 شرح المنهاج: 71/ب، وانظر مغني المحتاج: 4/325. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 1وهذا منه ولأنه يكثر فلو وجبت فيه كفارة لشق وحصل الضرر وهو منتف شرعا2. ولا تنعقد أيضا على وجود فعل مستحيل ذاتا كشرب ماء الكوز ولا ماء فيه، أو عادة كقتل الميت وإحيائه، وصعود السماء، والطيران، ولا كفارة فيها3. وقال4 القاضي5 والشافعي6،وأبو يوسف7: تنعقد وفيها الكفارة في الحال؛ لأنه8 حلف على نفسه في المستقبل ولم يفعل. وتنعقد بحلف على عدم المستحيل ذاتا أو عادة، كقوله: "والله لا شربت ماء الكوز" ولا ماء فيه، أو "لا رددت أمس" أو "لا قتلت فلانا الميت"، وتجب   1 من الآية (89) من سورة المائدة. 2 شرح منتهى الإرادات: 3/424. 3 انظر المغني: 13/501، المبدع: 9/266، الإنصاف: 11/16-17، منتهى الإرادات: 2/533. 4 هو القاضي محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء أبو يعلى البغدادي الحنبلي مجتهد المذهب، كان له القدم الرفيع، والباع الطويل في كثير من الفنون في الأصول والفروع، من مصنفاته: "أحكام القرآن" "الجامع الصغير"، "العدة" وغير ذلك، مات سنة (458هـ) . ترجمته في: طبقات الحنابلة: 2/193، المقصد الأرشد: 2/395، شذرات الذهب: 5/252. 5 قول القاضي في: الكافي: 4/375، الشرح الكبير: 6/79. 6 انظر روضة الطالبين: 11/34-35. 7 مجمع الأنهر: 1/564. 8 في (ب) "لا حلف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 الكفارة في الحال لاستحالة البر1. الشرط الثالث: كون حالف مختارا لليمين، فلا تنعقد2 من مكره عليها3 لحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" 4. الشرط الرابع: الحنث بفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، كمن حلف على ترك الخمر فشربها، أو صلاة فرض فتركها، فيكفر لوجود الحنث5.   1 شرح منتهى الإرادات: 3/424. 2 في (ب) "فلا ينعقد" 3 هذا المذهب، وعن أحمد: أنها تنعقد. وانظر الهداية: 2/119، الشرح الكبير: 6/81: الإنصاف: 11/20. 4 الحديث ورد من عدة طرق، منها طريق ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن ماجة في كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي: 1/659 رقم (2045) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار، كتاب الطلاق باب طلاق المكره: 3/95، وابن حبان في صحيحه: 16/202 رقم (7219) والدارقطني في سننه: 4/170-171، والطبراني في المعجم الصغير: 1/282 رقم (752) والحاكم في المستدرك، كتاب الطلاق: 2/198، وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطلاق، باب ما جاء في طلاق المكره: 7/356، وفي المعرفة: 11/74 رقم (14811) ، وحسنه النووي في روضة الطالبين: 8/193، وأعله بعضهم بالانقطاع. وانظر التلخيص الحبير: 1/281-283، الدراية: 1/175، إرواء الغليل: 1/123. 5 مغني ذوي الأفهام: 157، الإقناع: 4/334، شرح المنتهى: 3/424-425. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ولا يحنث إن خالف ما حلف عليه مكرها، أو جاهلا، أو ناسيا1، كما لو دخل في المثال ناسيا ليمينه، أو جاهلا أنها المحلوف عليها. ((يمين المكره)) قال الشارح2: "فإن حلف مكرها/3 لم تنعقد يمينه. وبه قال مالك4 والشافعي5. وذكر أبو الخطاب6/7 فيها روايتين: إحداهما: تنعقد، وهو قول أبي حنيفة8؛ لأنها يمين مكلف فانعقدت كيمين المختار ولأن هذه الكفارة لا تسقط بالشبهة فوجبت مع الإكراه". انتهى9.   1 لا يحنث إن خالف ما حلف عليه جاهلا أو ناسيا على الصحيح من المذهب إلا في الطلاق والعتاق، وعن أحمد رواية: أن عليه الكفارة، وعنه رواية ثالثة: لا حنث بفعله ناسيا ويمينه باقية. وانظر مجموع الفتاوى: 33/208، الفروع: 6/389، شرح الزركشي: 7/68، الإنصاف: 11/24-25. 2 الشرح الكبير: 6/81. 3 نهاية لـ (13) من (أ) . 4 القوانين الفقهية: 108. 5 المهذب: 2/128. 6 الهداية: 2/119، والشرح الكبير الصفحة السابقة. 7 نهاية لـ (14) من (ب) . 8 الهداية للمرغيناني: 2/72، الاختيار: 4/491. 9 انظر الشرح الكبير: 6/82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 والذي عليه العمل1 أنها غير منعقدة ولا كفارة فيها لحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"2   1 المغني: 13/448، مجموع الفتاوى: 33/226، منار السبيل: 2/386. 2 سبق تخريجه قبل قليل ص: 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 (( فصل: الاستثناء في الحلف )) ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة، وهي: اليمين بالله تعالى، والظهار، والنذر ونحوه، كقول الحالف: هو يهودي، أو بريء من الإسلام، فإن حلف بشيء منها فقال: إن شاء الله، أو إن أراد الله، أو إلا1 أن يشاء الله وقصد بذلك المشيئة لا من أراد محبته أو أمره لم يحنث، فعل أو ترك، قدم الاستثناء أو أخره إذا كان متصلا لفظا أو حكما، كانقطاعه بتنفس، أو سعال أو عطاس، أو عي ونحوه2. قال الشارح3: "أجمع العلماء على تسميته استثناء وأنه متى استثنى في يمينه لم يحنث فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن   1"إلا" أسقطت من (ب) . 2 شرح الزركشي: 7/112، غاية المنتهى: 3/371-372، الكشاف: 6/234-235. 3 الشرح الكبير: 6/83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 شاء ترك غير حنث" رواه الإمام أحمد1 وأبو داود2. ولأنه متى قال: لأفعلن إن شاء الله فقد علمنا أنه متى شاء الله فعل، ومتى لم/3 يفعل لم يشأ الله ذلك، فإن ما شاء كان4 وما لم يشأ لم يكن". انتهى5. وقال ابن الجوزي6: "فائدة الاستثناء خروجه من الكذب، قال موسى عليه السلام: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} 7 ولم يصبر فسلم منه بالاستثناء.   1 مسند أحمد: 2/6. 2 سنن أبي داود، كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين: 3/576 رقم (3262) واللفظ له، وقد ورد من طريق ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه أيضا النسائي، كتاب الأيمان والكفارات، باب من حلف فاستثنى 3/129 رقم (4735) وابن ماجة كتاب الكفارات باب الاستثناء في اليمين: 1/680 رقم (2105) والترمذي، أبواب النذور والأيمان باب الاستثناء في اليمين:4/108 رقم (1531) وحسنه، والدارمي، كتاب النذور والأيمان باب الاستثناء في اليمين: 2/106 رقم (2348) وابن حبان كتاب الأيمان: 10/184 رقم (4342) والحاكم في المستدرك كتاب الأيمان والنذور: 4/303 وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الأيمان باب الاستثناء في اليمين: 10/46. 3 نهاية لـ (9) من الأصل. 4 في (أ) ، (ب) : "فإن ما شاء الله كان" وهو الموافق لما في المغني، وما في الشرح الكبير. 5 المغني: 13/484. 6 ونقله أيضا عنه في الفروع: 6/346، وقواعد ابن اللحام: 252، والمبدع: 9/270. 7 من الآية (69) من سورة الكهف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ويتعين النطق به، ولا ينفع بالقلب إلا من مظلوم قصد الاستثناء قبل تمام المستثنى منه1، وعن أحمد رواية أخرى2: أنه يجوز الاستثناء إذا لم يطل الفصل. وهذا قول الأوزاعي3، قال في رجل قال: "لا أفعل كذا وكذا"، ثم سكت ساعة لا يتكلم ولا يحدث نفسه بالاستثناء، فقال له إنسان: "قل إن شاء الله"، قال: "إن شاء الله" أيكفر عن يمينه؟ قال: "أراه قد استثنى"ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأغزون4 قريشا"، ثم سكت، ثم قال: "إن شاء الله" رواه أحمد5 وأبو داود6، وزاد قال الوليد بن مسلم7: "ولم يغزهم"8. وحكي عن الحسن9، وعطاء10، وبعض الحنابلة11: أنه يصح الاستثناء   1 هذا المذهب، وانظر: المبدع: 9/270، الإقناع: 4/335. 2 الإنصاف: 11/26. 3 المغني: 13/485، الشرح الكبير: 6/83. 4 في (ب) : "لا أغزون". 5 لم أقف عليه في المسند، وقد ذكر في المغني: 13/485: أن الإمام أحمد احتج به. 6 سنن أبي داود: 3/589، والحديث سبق تخريجه ص57 من هذا الكتاب. 7 الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي، مولى بني أمية، من حفاظ الحديث، وثقه جمع من الأئمة وكان كثير الحديث والعلم، مات سنة (195هـ) . ترجمته في: طبقات ابن سعد: 7/326، سير أعلام النبلاء: 9/211، شذرات الذهب: 2/447. 8 سنن أبي داود: 3/590. 9 مصنف عبد الرزاق: 8/518، المحلى: 8/46، فتح الباري: 11/603. 10 المصادر السابقة. 11 المغني: 13/485، الإنصاف: 11/26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ما دام في المجلس. وعن ابن عباس1: له أن يستثني ولو بعد حين، وهو قول مجاهد2. والذي/3 عليه العمل أن الاتصال شرط4؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله /5 فلا حنث" رواه الخمسة6 إلا أبا داود. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف فاستثنى" 7. وهذا يقتضي كونه عقبه؛ لأن الفاء للتعقيب ولأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله كالشرط وجوابه، وكالاستثناء بإلا8.   1 انظر السنن الكبرى: 10/48، فتح الباري: 11/603. 2 انظر: المحلى: 8/45، فتح الباري: 11/603. 3 نهاية لـ (15) من (ب) . 4 الشرح الكبير: 6/83، الكشاف: 6/235. 5 نهاية لـ (14) من (أ) . 6 مسند أحمد: 2/6، والترمذي: كتاب النذور الأيمان: 4/108، والنسائي كتاب الأيمان والكفارات: 3/129، وابن ماجة: كتاب الكفارات: 1/680، كلهم من طريق ابن عمر رضي الله عنهما. 7 سبق تخريجه ص105 من هذا الكتاب. 8 المبدع: 9/269، شرح المنتهى: 3/425. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ((تتمة)) (الاستثناء في الطلاق) اختلفت1 أقوال العلماء في الاستثناء في الطلاق: فقال الشافعية2: إن3 قال لزوجته أنت طالق إن شاء الله لم تطلق إذا كان مريد الاستثناء قبل الحلف واتصل. وقال الحنفية4 وبعض الحنابلة5: إذا اتصل لم تطلق قبله أم لا. وقال الشيخ تقي الدين6: "إن أراد بذلك وقوع الطلاق عليها بهذا التطليق طلقت؛ لأنه كقوله: أنت طالق بمشيئة الله، وليس قوله: إن شاء الله تعليقا، بل توكيد للوقوع وتحقيق، وإن أراد بذلك حقيقة التعليق على مشيئة مستقبلة لم يقع به الطلاق حتى تطلق بعد ذلك، فإن طلقها بعد ذلك فقد شاء الله وقوع طلاقها حينئذ، وكذا إن قصد بقوله: إن شاء الله أن يقع هذا الطلاق الآن، فإنه7 يكون معلقا أيضا على المشيئة، فإذا شاء الله وقوعه فيقع حينئذ فلا يشاء الله8 وقوعه حتى يوقعه هو ثانيا". انتهى. قاله في الإنصاف9.   1 في الأصل: "اختلف". 2 الأم: 5/206، المهذب: 2/87. 3 في (أ) ، (ب) : "إذا" 4 الهداية للمرغيناني: 1/254، الاختيار: 3/142. 5 الفروع: 5/452. 6 اختيارات ابن تيمية: 455-456، الإنصاف: 9/105. 7 "فإنه" أسقطت من الأصل. 8 في (أ) "ولا يشاء الله" وكذا في (ب) وفي الإنصاف. 9 الإنصاف: 9/105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وزاد الحنفية فقالوا: إذا علقه على من لا تعلم مشيئته كالملائكة والجن، وكذا إن قال: إن شاء هذا الحائط: فلا تطلق. قاله في شرح الكنز1. وقال في التنوير2: "قال لها: أنت طالق إن شاء الله متصلا مسموعا لا يقع وإن ماتت قبل قوله: إن شاء الله، ولا يشترط القصد3 ولا العلم بمعناه، ويقبل قوله إن ادعاه في ظاهر المروي، وقيل لا يقبل، وعليه الاعتماد، وحكم من لم يوقف4 على مشيئته كالإنس والجن كذلك قال: أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء الله، أو أنت حر وحر إن شاء الله طلقت وعتق العبد، وكذا إن شاء الله أنت طالق، وبأنت طالق بمشيئة الله، أو بإرادته، أو محبته، أو رضائه لا5، وإن أضافه إلى العبد كان/6 تمليكا فيقتصر على المجلس، وإن قال: بأمره، أو بحكمه، أو بقضائه، أو بإذنه، أو بعلمه، أو بقدرته يقع في الحال أضيف إلى الله تعالى أو إلى العبد كقوله: أنت طالق بحكم القاضي، وإن باللام يقع في الوجوه كلها وإن7 بحرف "في" إن أضافه8 إلى الله لا يقع في الوجوه كلها إلا في العلم فإنه يقع في الحال، وإن أضافه إلى العبد كان تمليكا في الأربع الأول تعليقا في غيرها" انتهى بحروفه.   1 تبيين الحقائق: 2/243، البحر الرائق: 4/41. 2 تنوير الأبصار: 3/385-393. 3 في التنوير:"القصد ولا التلفظ ولا العلم بمعناه". 4 في التنوير: "ما لم يوقف" وفي (أ) "من لا يوقف"، وفي (ب) "من له يوقف". 5 أي: لا تطلق. 6 نهاية لـ (16) من (ب) . 7 أي: وإن كان بحرف. 8 في الأصل، وفي (ب) "إن أضاف" وما أثبته من (أ) وهو الموافق لما في التنوير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وقال مالك1: تطلق اتصل أم لا. وهو الذي عليه العمل عند الحنابلة في الطلاق والعتاق؛ لأن المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع2. وإن قال: إن دخلت الدار أو إن3 لم تدخلين، أو لتدخلين فأنت طالق أو حرة إن شاء الله، أو أنت4 طالق أو حرة إن دخلت أو لم تدخلي، أو لتدخلي الدار إن شاء الله5 فدخلت، فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع وإلا وقع بفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، لأن الطلاق هنا يمين لأنه تعليق على ما يمكن فعله6 وتركه7 فشمله عموم الحديث8: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث" 9. غريبة: إذا قال أنت طالق يوم أتزوجك إن شاء الله فنزوجها لم تطلق، وإن قال: أنت   1 القوانين الفقهية: 154، بلغة السالك: 1/463. 2 شرح منتهى الإرادات: 3/171-173. 3 في (ب) "وإن". 4 في (ب) "لو أنت". 5 انظر قواعد ابن اللحام: 266، المبدع: 7/365، الإنصاف: 9/106. 6 في (ب) "أو تركه". 7 شرح المنتهى: 3/171-172، الكشاف: 5/356-357. 8 في (أ) ، (ب) : "حديث". 9 سبق تخريجه ص107 من هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 حر يوم اشتريتك إن شاء الله فاشتراه عتق. قاله في المبدع1. وإن قال: أنت طالق2 إن، أو إذا، أو متى، أو كيف، أو حيث، أو أنى، أو أين، أو كلما، أو أي3 وقت شئت ونحوه، فشاءت بلفظها ولو كارهة، أو بعد تراخ، أو بعد رجوعه طلقت 4 لا إن قالت: شئت إن شئت أو شاء أبي مثلا، أو شئت إن طلعت الشمس ونحوه نصا.5 ونقل ابن المنذر6 الإجماع عليه؛ لأن المشيئة أمر خفي لا يصح تعليقه على شرط، ولأنه لم توجد منها مشيئة إنما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط وليس تعليقها بذلك مشيئة7. وقال في التنوير8: "قال لها: أنت طالق إن شئت، فقالت: شئت إن شئت، فقال: شئت ينوي الطلاق، أو قالت: شئت إن كذا لمعدوم بطل، وإن قالت: شئت إن كذا لأمر/9 قد مضى طلقت، قال لها: أنت طالق متى شئت، أو متى   1 المبدع: 7/365. 2 "أنت طالق" أسقطت من (ب) . 3 في (أ) "وأي". 4 في (أ) ، (ب) "يقع الطلاق". 5 المبدع: 7/360-361، مغني ذوي الأفهام: 133، شرح منتهى الإرادات: 3/170. 6 الإجماع لابن المنذر: 89 رقم المسألة: (417) الإشراف له: 4/207. 7 الشرح الكبير: 4/497-498. 8 تنوير الأبصار: 3/352-356. 9 نهاية لـ (17) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ما شئت1، أو إذا شئت، أو إذا ما شئت فردت الأمر لا يرتد ولا يتقيد بالمجلس ولا تطلق إلا واحدة، ولها تفريق الثلاث في: كلما شئت، ولا تجمع، ولو طلقت بعد زوج آخر لا يقع أنت طالق حيث شئت2 لا تطلق إلا إذا شاءت في المجلس، وإن قامت من مجلسها لا، وفي كيف شئت يقع رجعية فإن شاءت بائنة أو ثلاثا وقع مع نيته، وفي كم شئت، أو ما شئت لها أن تطلق ما شاءت وإن ردت ارتد"/3.انتهى بحروفه. وأنت طالق إن شاء4 زيد وعمرو لم تطلق حتى يشاءا، ولو شاء أحدهما فورا والآخر تراخيا وقع لوجود مشيئتهما جميعا5 وأنت طالق إن شاء زيد فشاء ولو مميزا يعقلها، أو سكران، أو بإشارة مفهومة ممن خرس6 أو كان أخرس وقع الطلاق لصحته منهم7.ورده الموفق8 والشارح9 في السكران10   1 في (ب) "أو متى شئت". 2 في التنوير: 3/355: "حيث شئت أو أين شئت لا تطلق". 3 نهاية لـ (16) من (أ) . 4 "إن شاء" أسقطت من (ب) . 5 الإقناع: 4/44، شرح المنتهى الإرادات: 3/170. 6 هذا هو الصحيح من المذهب، وقيل: إن خرس بعد يمينه لم تطلق. المحرر: 2/71، الفروع: 5/451، الإنصاف: 9/102. 7 كشاف القناع: 6/355. 8 الكافي: 3/208، المغني: 10/468. 9 الشرح الكبير: 4/498. 10 في السكران روايتان: الأولى: تطلق إذا شاء وهو سكران وهي المذهب، والثانية: لا تطلق. وانظر المصادر السابقة، والمبدع: 9/102، الإنصاف: 8/433. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 بأن وقوعه منه تغليظ عليه لمعصيته، وهنا التغليظ على غيره، ولا معصية ممن غلظ عليه1، ولا يقع في هذه الصور إن مات زيد أو غاب أو جن قبل المشيئة؛ لأن الشرط لم يوجد2. ولو قال: أنت طالق إلا أن يشاء فلان فمات أو جن أو أباها وقع إذا؛ لأنه أوقع الطلاق وعلق رفعه بشرط لم يوجد3 وإن خرس وفهمت إشارته أو كتابته فكنطقه4. وأنت طالق لرضا زيد أو لمشيئته، أو لقيامك، أو لسوادك ونحوه يقع في الحال5 بخلاف قوله لقدوم زيد أو لغد لم تطلق حتى يقدم أو يأتي الغد، لقوله تعالى6: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ... } 7 الآية وإن قال من قال: أنت طالق لرضا زيد، أو قيامك ونحوه: أردت الشرط، أي: تعليق الطلاق دين8 وقبل منه حكما9 لأن لفظه يحتمله10.   1 المغني والشرح الكبير، الصفحات السابقة، وشرح المنتهى: 3/170. 2 هذا الصحيح من المذهب واختار أبو بكر وقوعه. وانظر المغني: 10/468، الإنصاف: 9/101-102. 3 شرح منتهى الإرادات: 3/170. 4 ذكر ابن قدامة في المغني 10/469: أن فيه وجهين. وانظر الهداية لأبي الخطاب 2/20، الكافي: 3/209ز 5 المقنع: 3/208 6 شرح المنتهى: 3/172. 7 من الآية (789 من سورة الإسراء. 8 الكشاف: 6/357. 9 هذا الصحيح من المذهب. وانظر الشرح الكبير: 4/500، الإنصاف: 9/109. 10 في (أ) : "يحتمل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وإن قال: أنت طالق عن كنت تحبين أن يعذبك الله، أو تبغضين الجنة، أو الحياة، أو الخبز فقالت: أحب، أو أبغض لم تطلق إن قالت: كذبت؛ لاستحالة حب العذاب، وبغض/1 الجنة أو2 الحياة 3. وقال في التنوير4: "وما لم يعلم إلا منها صدقت في حق نفسها/5 خاصة كقوله إن حضت فأنت طالق وفلانة أو إن6 كنت تحبين عذاب الله فأنت كذا، أو عبده حر، فلو قالت: حضت أو أحب عذاب الله طلقت هي فقط". انتهى. وإن قال: إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق، فقال: ما رضيت، ثم قال: رضيت، طلقت لتعليقه على رضا مستقبل وقد وجد7. وقال قوم8: لم يقع لأنه انقطع بالأول. وإن قال: أنت طالق إن كان أبوك راضيا بما فعلتيه. فقال: ما رضيت، ثم قال: رضيت لم تطلق9.   1 نهاية لـ (11) من الأصل. 2 في (أ) "والحياة". 3 هذا المذهب وقال القاضي: تطلق، وقد توقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب عن هذه المسألة وقال للسائل: "دعنا من هذه المسائل". وانظر الفروع: 5/456، المبدع: 7/366، الإنصاف: 9/110. 4 تنوير الأبصار: 3/377-379. 5 نهاية لـ (18) من (ب) . 6 في (ب) "وإن". 7 الفروع: 5/457، الإنصاف: 9/109. 8 المبدع: 7/366ن الإنصاف الصفحة السابقة. 9 المبدع: 7/367، الكشاف: 5/357. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ومن حلف بطلاق أو غيره لا يفعل إن شاء زيد لم تنعقد يمينه حتى يشاء زيد أن لا يفعله، لتعليق حلفه على ذلك1. ويصح تعليق طلاق وعتق بالموت2، ويقال له3 في العتق: التدبير4.   1 شرح منتهى الإرادات: 3/172. 2 كشاف القناع: 5/358. 3 "له" أسقطت من (ب) . 4 التدبير: مصدر دبر العبد والأمة تدبيرا: إذا علق عتقه بموته؛ لأنه يعتق بعد ما يدبر سيده والممات دبر الحياة. وانظر: المطلع: 315، لسان العرب: 4/273 (دبر) م الدر النقي: 3/823. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 فصل: توقيت الفعل ... (فصل) إن حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا لفعله، كلأعطين1 زيدا درهما يوم كذا/2 أو سنة كذا تعين ذلك الوقت لذلك الفعل، فإن فعله فيه بر وإلا حنث؛ لأنه مقتضى يمينه3. وإن لم يعين وقتا بأن قال: لأعطين4 زيدا درهما لم يحنث حتى ييأس من فعله بتلف محلوف عليه، أو موت حالف أو نحو ذلك لأن اللفظ يحتمل إرادة المحلوف عليه في وقت ويحتمل غيره فيرجع إلى ما نواه ككنايات5 الطلاق والعتاق6 وإن لم تكن له نية لم يحنث قبل اليأس من فعله7، فإن الله تعالى قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ... } 8 الآية. فقال عمر: يا رسول الله أو لم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ " قال: "بلى أفأخبرتك أنك آتيه العام؟ " قال: "لا"، قال: "فإنك آتيه وتطوف به" 9   1 في (ب) "كلا أعطين". 2 نهاية لـ (17) من (أ) . 3 الإقناع: 4/335، شرح المنتهى: 3/425. 4 في (ب) : "لا أعطين". 5 في (ب) : "لكنايات". 6 المقنع: 3/568، غاية المنتهى: 3/372. 7 المبدع: 9/270. 8 من الآية (27) من سورة الفتح. 9 رواه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط: 7/119-123، من حديث طويل من طريق المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 لكن يستثنى من ذلك ما إذا حلف ليخرجن من هذه الدار أو ليرحلن1 منها، أو لا سكنت فيها وأقام فيها بعد يمينه زمنا يمكنه الخروج حنث2. وبه قال الشافعي3. وإن أقام لنقل رحله ومتاعه لم يحنث4، وفاقا لأبي حنيفة5. وحكي عن مالك6: إن أقام دون اليوم والليلة لم يحنث؛ لأن ذلك قليل يحتاج7 إليه في الانتقال. وقال الشافعي8: يحنث بإقامته لنقل رحله ومتاعه؛ لأن اسم السكنى يقع على الابتداء وعلى الاستدامة. وعن زفر9: أنه يحنث في الحال؛ لأنه لا بد من أن يكون ساكنا عقب يمينه ولو لحظة فيحنث بها10.   1 في (أ) : "وليرحلن". 2 الكافي: 4/408، كشف المخدرات: 2/236. 3 الأم: 8/401، المنهاج: 145. 4 المقنع: 3/590، الإقناع: 4/353. 5 تبيين الحقائق: 3/119، الفتاوى الهندية: 2/74. 6 مواهب الجليل: 3/303، بلغة السالك: 1/344. 7 في (ب) "محتاج". 8 الصحيح أنه لا يحنث عند الشافعي، وذكر فقهاء الشافعية وجها: أنه يحنث. وانظر الأم: 8/401-402، حلية العلماء: 7/259، نهاية المحتاج: 8/187. 9 المبسوط: 8/162، بدائع الصنائع: 3/72. 10 في (ب) : "فيها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وإن حلف ليخرجن من هذه البلدة أو ليرحلن/1 عن هذه الدار ففعل، فهل له العود إليها؟، على روايتين2، قيل: يحنث بالعود لأن ظاهر حاله قصد هجران ما حلف عليه. والذي عليه العمل3 عدم الحنث لأن يمينه على الخروج وقد خرج فانحلت يمينه إلا أن تكون له نية أو سبب يقتضي هجران ما حلف عليه4. وإن حلف لا يسكن مع فلان أو لا يساكن فلانا وهو ساكن أو مساكن له، فأقام فوق زمن يمكنه الخروج فيه عادة نهارا بنفسه وأهله ومتاعه المقصود حنث5، وكذا لو بنى بينه وبين فلان حاجزا وهما متساكنان حنث لتساكنهما قبل انتهاء بناء الحاجز6، لا إن7 أودع متاعه أو أعاره أو ملكه لغيره بلا حيلة، أو أكره على المقام، أو لم يجد مسكنا، أو ما ينقل متاعه به، أو أبت زوجته الخروج معه ولا يمكنه إجبارها ولا النقلة بدونها مع نية النقلة إذا قدر عليها، أو أمكنته8 بدون زوجته فخرج وحده/9 أو كان في الدار حجرتان لكل حجرة باب ومرحاض فسكن كل واحد حجرة ولا نية ولا سبب يقتضي منعه من ذلك لم يحنث10.   1 نهاية لـ (19) من (ب) . 2 الشرح الكبير: 6/130. 3 الإنصاف: 11/105، الكشاف: 6/264. 4 المبدع: 9/320. 5 منتهى الإرادات:2/556-557. 6 هذا المذهب، وقيل/ لا يحنث. وانظر: الإنصاف: 11/103. 7 في (ب) : "لأن". 8 أي: أمكنته نقلة. 9 نهاية لـ (18) من (أ) . 10 المحرر: 2/80، شرح المنتهى: 3/445. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 قال الشيخ1: "والزيارة ليست سكنى اتفاقا ولو طالت مدتها". وإن حلف لا ساكنت فلانا في هذه الدار وهما غير متساكنين فبينا/2 بينهما حائطا، وفتح كل منهما بابا لنفسه وسكناها لم يحنث3. وليخرجن من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله بر4، وإن حلف لا يدخل دارا فحمل بغير أمره فأدخلها ويمكنه الامتناع فلم يمتنع حنث5، وذكر أبو الخطاب عدم الحنث6 وهو الصحيح من مذهب الحنفية 7 وإن لم يمكنه الامتناع لم يحنث، قال الشارح8: "لا نعلم فيه خلافا". وإن أكره بضرب ونحوه فدخل لم يحنث9 أيضا خلافا لبعض الحنفية10. وإن حلف لا يستخدمه فخدمه وهو ساكت، فقال القاضي11: "إن كان عبده حنث وإن كان12 عبد غيره لم يحنث".   1 الاختيارات الفقهية: 564. 2 نهاية لـ (12) من الأصل. 3 على الصحيح من المذهب، وقيل: يحنث. وانظر المغني: 13/550، الإنصاف: 11/103. 4 الإقناع: 4/354. 5 هذا المذهب، وانظر المبدع: 9/320. 6 وهو أحد الوجهين عنده، والآخر: يحنث وانظر الهداية له: 2/32. 7 المبسوط: 8/171، الفتاوى الهندية: 2/68. 8 الشرح الكبير: 6/130. 9 وهو أصح الوجهين، والوجه الآخر: يحنث، وانظر المغني: 3/552. 10 تبيين الحقائق: 3/120. 11 قوله في المقنع: 3/592. 12 "كان" أسقطت من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وهو قول أبي حنيفة1. والذي عليه العمل في الحالين الحنث2؛ لأن إقراره على الخدمة استخدام3. وقال الشافعي4: لا يحنث في الحالين لأنه حلف على فعل نفسه فلا يحنث بفعل غيره كسائر الأفعال. ومن دعي لغذاء فحلف لا يتغذى لم يحنث بغذاء غيره إن قصده5، وقاس عليه الحنفية فقالوا6: وإن قال لمن أرادت الخروج أو ضرب العبد: إن خرجت/7 أو ضربت العبد فأنت طالق، يقيد الحلف بذلك الخروج أو الضرب، فإن مكثت ساعة ثم خرجت أو ضربت العبد لم يحنث عند أبي حنيفة رحمه الله وهي من مفرداته، وتسمى: يمين الفور8، وعللوها: بأن   1 البحر الرائق: 4/342، مجمع الأنهر: 1/555. 2 في (أ) ، (ب) : "الحنث في الحالين". 3 الشرح الكبير: 6/131، الإنصاف: 11/105، شرح المنتهى: 3/446. 4 المهذب: 2/139. 5 هذا المذهب، وعن أحمد رواية: أنه يحنث. وانظر الفروع: 6/357، قواعد ابن رجب: 278، المبدع: 9/283. 6 انظر الاختيار: 4/58، تبيين الحقائق: 3/123-124. 7 نهاية لـ (20) من (ب) . 8 في (ب) زيادة " يمين الفور، قال في تنوير الأبصار 3/794-795 حلف لا يخرج إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها، وفي: (لا يأتيها) : لا، كما لو حلف لا تأتي امرأته عرس فلان فذهبت قبل العرس ثمة حتى مضى" انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 مراد المتكلم الرد عن تلك الخرجة والضربة عرفا، ومبنى الأيمان على العرف1. وقال زفر2 ومالك3 والشافعي4 وأحمد5: يحنث لأنه علق الطلاق على شرط وقد وجد، وقياسها على مسألة الغذاء فيه نظر. تتمة: قال في الفنون6 فيمن قال: "أنت طالق ثلاثا إن دخلت علي البيت، ولا كنت لي زوجة إن لم تكتبي لي نصف مالك، فكتبت له بعد ستة عشر يوما يقع الثلاث؛ لأنه يقع باستدامة المقام فكذا استدامة الزوجية". انتهى، واقتصر عليه في المبدع7.   1 مصادر الحنفية السابقة: ومجمع الأنهر: 1/555. 2 حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: 3/124. 3 مواهب الجليل: 4/71. 4 المهذب: 2/96. 5 إعلام الموقعين: 4/109. 6 نقله عن الفنون في الفروع: 6/386، والمبدع: 9/319. 7 المبدع الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 جامع الأيمان مدخل ... ((باب جامع الأيمان)) يرجع في الأيمان كلها إلى نية الحالف إن كان غير ظالم بيمينه أو نيته1، فتقدم نية/2 على عموم لفظ3، وعلى سبب يمين وما هيجها إن4 احتملها لفظ الحالف5، كنيته بالسقف وبالبناء: السماء، وبالفراش وبالبساط: الأرض، وباللباس: الليل، وبنسائي طوالق: أقاربه النساء، وبجواري أحرار: سفنه، وبما أعلمته: ما جعلته أعلم6، وبما سألته حاجة ما سألته شجرة صغيرة7، وبما أكلت لحما أو فاكهة: لحما بعينه أو فاكهة بعينها8، وما رأيته: ما ضربت رئته، وما ذكرته: ما قطعت ذكره ونحو ذلك9، فمن نوى بيمينه شيئا من ذلك اختصت يمينه بما نواه، وقبل منه حكما دعوى إرادة   1 المقنع: 3/214، زوائد الكافي: 2/201. 2 نهاية لـ (19) من (أ) . 3 هذا المذهب، وقال القاضي: يقدم عموم لفظه على النية احتياطا. الإنصاف: 11/50، كشاف القناع: 6/242. 4 في (أ) ، (ب) : "إذا" 5 انظر شرح الزركشي: 7/161، المبدع: 9/282. 6 الأعلم: مشقوق الشفة العليا. المصباح المنير: 427 (علم) . 7 غاية المنتهى: 3/376، شرح منتهى الإرادات: 3/429-430، كشف المخدرات: 2/233. 8 المغني: 13/543، الكشاف: 6/542. 9 الفروع: 6/353، الإنصاف: 9/120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ما ذكره مع قرب احتمال ما نواه من ظاهر لفظه1، ومع توسطه2.3 وبه قال مالك 4، لقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ... } 5 فالناس الأول: أريد به نعيم بن مسعود، والناس الثاني: أبو سفيان وأصحابه6. ولقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} 7 ولم تدمر السماء ولا الأرض ولا مساكنهم 8. ولقوله تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} 9، {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} 10، {فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} 11، القطمير12: لفافة النواة،   1 المغني: 13/544، الفروع الصفحة السابقة. 2 في (ب) زيادة "ومع توسطه: من إطلاق العام وإرادة الخاص". 3 في قبوله منه مع التوسط روايتان: إحداهما: يقبل وصحح هذه المرداوي وغيره، والثانية لا يقبل. وانظر الإنصاف: 9/121، تصحيح الفروع: 6/354. 4 الشرح الصغير: 2/223-224، سراج السالك: 2/19-20. 5 من الآية (173) من سورة آل عمران. 6 زاد المسير لابن الجوزي: 1/504، 505، شرح المنتهى: 3/430. 7 من الآية (25) من سورة الأحقاف. 8 المغني: 13/544. 9 من الآية (13) من سورة فاطر. 10 من الآية (77) من سورة النساء. 11 من الآية (53) من سورة النساء. 12 الشرح الكبير: 6/97، فتح القدير للشوكاني: 4/343. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 والفتيل1: ما في شقها، والنقير2: النقرة التي في ظهرها، ولم يرد ذلك بعينه، بل كل شيء3. ولحديث: "وإنما لكل امرئ ما نوى" 4. وأما ما5 لا يحتمله/6 اللفظ أصلان كما لو حلف لا يأكل خبزا، وقال: أردت لا أدخل بيتا، فلا أثر له لأنها نية مجردة لا يحتملها لفظه أشبه ما لو نوى بغير يمين7. وإن بعد الاحتمال دين ولم يقبل منه حكما8. وقال أبو حنيفة9 والشافعي10: لا عبرة بالنية والسبب فيما يخالف لفظه، لأن الحنث مخالفة/11 ما عقد عليه اليمين، واليمين لفظه، فلو أحنثناه   1 شرح المنتهى: 3/430، فتح القدير: 1/177. 2 زاد المسير: 2/109، الشرح الكبير: 6/97. 3 المغني: 13/544. 4 الحديث ورد من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رواه البخاري/ كتاب بدء الوحي/ باب كيف كان بدء الوحي: 1/5-6، واللفظ له، ومسلم/ كتاب الإمارة. 3/1515 رقم (1907) . 5 في (ب) : "وأما لا يحتمله". 6 نهاية لـ (21) من (ب) . 7 المغني: 13/544-549. 8 الإنصاف: 9/121. 9 الهداية للمرغيناني: 2/75-76، مجمع الأنهر: 1/549. 10 الروضة: 11/27، مغني المحتاج: 4/321. 11 نهاية لـ (13) من الأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 على سواه لأحنثناه على ما نوى، لا على ما حلف، ولأن النية بمجردها لا تنعقد بها اليمين فكذلك لا حنث بمخالفتها. ولنا1 وللمالكية2 ما تقدم من الأدلة. جواز التعريض وتجوز التعريض في المخاطبة لغير ظالم ولو بلا حاجة، كمن سئل عن شخص فقال: ما هو هنا مشيرا على نحو كفه3. وقيل لا يجوز4، اختاره الشيخ5، لأنه تدليس كتدليس البيع6.   1 المغني: 13/543، شرح المنتهى: 3/430. 2 تبيين المسالك:2/189. 3 هذا الصحيح من المذهب، واختاره الأكثر. المبدع: 9/282، الإنصاف: 9/120، شرح منتهى الإرادات: 3/430. 4 المصادر السابقة. 5 اختيارات ابن تيمية: 563. 6 الفروع: 6/353، الإنصاف: 9/121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فصل: إن عدمت النية ... (فصل) وإن عدمت النية بأن لم ينو الحالف شيئا رجع إلى سبب يمين وما هيجها لدلالتها على النية1.   1 هذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وانظر: المذهب الأحمد: 197ن الإنصاف: 11/5051، تصحيح الفروع: 6/354. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فلو حلف ليقضينه حقه1 غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا قصد عدم تجاوزه2 وبه قال أبو حنيفة3 ومحمد4 وأبو ثور5/6 وقال الشافعي7: يحنث إذا قضاه قبل؛ لأنه نرك فعل ما حلف عليه مختارا. ولأقضينه، أو لا قضيته غدا، وقصد مطله فقضاه قبله حنث8. ولا يبيعه إلا بمائة لم يحنث إلا إذا باعه بأقل، ولا إن باعه9 بأكثر10، ومقتضى مذهب الشافعي أنه يحنث إذا باعه بأكثر لمخالفته اللفظ11. ولا يبيعه بها حنث بها وبأقل12. وقال الشافعي13: لا يحنث إذا باعه بأقل لأنه لم يتناوله يمينه. وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها قطعا لمنتها14، فباعه واشترى بثمنه ثوبا   1 في (أ) : "حقا". 2 المقنع: 3/573، منار السبيل: 2/392. 3 تبيين الحقائق: 3/159. 4 المبسوط: 9/6. 5 المغني: 13/575. 6 نهاية لـ (20) من (أ) . 7 حلية العلماء: 7/300، مغني المحتاج: 4/344. 8 منتهى الإرادات: 2/540. 9 في (ب) : "لأن ان". 10 المغني: 13/576، غاية المنتهى: 3/377. 11 روضة الطالبين: 11/37ن نهاية المحتاج: 8/214. 12 الإقناع: 4/340. 13 الروضة، ونهاية المحتاج الصفحات السابقة ومغني المحتاج: 4/343. 14 في (ب) : "لمنتهى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 ولبسه وانتفع بثمنه حنث1. فإن فعل شيئا لها فيه منة عليه سوى الانتفاع بالثوب أو بعوضه أو بالغزل وثمنه مثل: إن سكن دارها، وأكل طعامها، ولبس ثوبا غير المحلوف عليه لم يحنث؛ لأن المحلوف عليه هو الثوب فتعلقت يمينه به، أو بما حصل به ولم يتعد إلى غيره لاختصاص اليمين والسبب به2. وإن حلف لا يأوي معها في دار سماها، فإن كان للدار أثر في يمينه مثل: إن كان يكره سكناها، أو خوصم من أجلها، أو امتن عليه بها لم يحنث بالإيواء معها في غيرها3، وإن قصد باليمين جفاءها فأوى في غيرها حنث4. وأقل الإيواء ساعة5. وإن حلف لا يأوي/6 معها في هذا العيد حنث بدخوله قبل صلاة العيد لا بعدها لانقضائه بصلاته7، لقول ابن عباس رضي الله عنها8: "حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم" أي من صلاتهم. وإن قال: لا أويت معها أيام العيد أخذ بالعرف، فيحنث بدخوله معها في يوم يعد من أيام العيد عرفا في كل بلد بحسبه9.   1 الإنصاف: 11/54، غاية المنتهى: 3/377. 2 المغني: 13/567، كشاف القناع: 6/244. 3 المغني: 13/568. 4 المقنع: 3/574، الفروع: 6/359. 5 مسائل أحمد بن هانئ: 2/83، منتهى الإرادات: 2/541. 6 نهاية لـ (22) من (ب) . 7 غاية المنتهى: 3/378. 8 ذكره في المبدع: 9/288، ولم أقف عليه في كتب الآثار. 9 شرح منتهى الإرادات: 3/342. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وإن قال لها: والله لا تركت هذا الصبي ونحوه يخرج، فأفلت فخرج، أو قامت1 تصلي، أو لحاجة فخرج، فإن نوى أن لا يخرج حنث، وإن نوى أن لا تدعه يخرج فلا حنث، والسبب كالنية فيهما، وإن عدمت النية والسبب فلا حنث أيضا2.   1 في (ب) : "أو أقامت". 2 الفروع: 6/360، قواعد ابن رجب: 279، شرح المنتهى: 3/432. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 فصل: العبرة بخصوص السبب ... (فصل) والعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ1، فمن حلف "لا يدخل بلدا" لظلم فيها 2فزال، أو لوال: "لا رأى منكرا إلا رفعه إليه" فعزل، أو على زوجته فطلقها، أو على رقيقه فأعتقه لم يحنث بالمخالفة لما حلف عليه بعد، ولو لم يرد "ما دام الأمر كذلك"؛ لأن السبب يدل على3 النية في الخصوص   1 هذا أحد الوجهين في المذهب، وهو الصحيح عند ابن قدامة وابن تيمية وابن رجب وغيرهم، وهو قياس المذهب. والوجه الآخر: أن العبرة بعموم اللفظ، وهو اختيار أبي الخطاب وآخرين. والمراد هنا في كلام غير الشارع، أما كلام الشارع فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مذهب جماهير أهل العلم. وانظر التفصيل في: الهداية لأبي الخطاب: 2/31-32، المغني: 13/546-547، وقواعد ابن رجب: 278، قواعد ابن اللحام: 241، الإنصاف: 11/52-53، تصحيح الفروع: 6/360، الكشاف: 6/245. 2 "فيها" أسقطت من (ب) . 3 "على" أسقطت من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 كدلالتها/1 في العموم2. وقال ابن نصر الله3: "والمذهب عود الصفة فيحمل - يعني انحلال اليمين – على إن4 نوى تلك الولاية وذلك النكاح والملك"5. انتهى. قاله في الإقناع6. أي: فلو عاد الظلم فدخل، أو عاد الوالي لولايته فرأى منكرا ولم يرفعه إليه، أو عادت المرأة لنكاحه، أو الرقيق لملكه، وفعل ما كان حلف لا يفعله حنث لعود الصفة، وهو الذي عليه العمل7. وفصل الحنفية في الإشارة وعدمها، قال في الكنز وشرحه8: "حلف لا يأكل طعام فلان، أو لا يدخل داره، أو لا يلبس ثوبه، أو لا يركب/9   1 نهاية لـ (21) من (أ) . 2 انظر: المبدع: 9/287، الإنصاف: 11/56، الكشاف: 6/245. 3 أحمد بن نصر الله بن أحمد البغدادي الحنبلي، من أشهر فقهاء الحنابلة بمصر، كان بارعا في العلوم الشرعية كالتفسير والفقه والحديث، وله العديد من المصنفات، منها حاشية على المحرر، وأخرى على الفروع، وله كتاب (الطبقات) ، وغير ذلك، مات بمصر سنة (844هـ) . ترجمنه في: المقصد الأرشد: 1/202، الجوهر المنضد: 6، السحب الوابلة: 108. 4 في الإقناع: "أنه"ز 5 في الإقناع: "النكاح أو الملك". 6 الإقناع: 4/342. 7 انظر: قواعد ابن رجب: 279، الإنصاف: 11/56-57، تصحيح الفروع: 6/362، شرح المنتهى الإرادات: 3/422. 8 تبيين الحقائق: 3/138-139، البحر الرائق: 4/365-366. 9 نهاية لـ (14) من الأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 دابته، أو لا يكلم عبده، إن أشار إلى المضاف بأن قال: لا يأكل طعام فلان هذا1، أو لا يدخل داره هذه، أو لا يركب دابته هذه، أو لا يكلم عبده هذا، وزال ملك المضاف إليه وهو فلان عن هذه الأشياء، وفعل الحالف المحلوف عليه لا يحنث خلافا لمحمد وزفر، كما لا يحنث إن تجدد الملك في هذه الأشياء إجماعا، بأن اشترى فلان طعاما، أو دارا، أو ثوبا، أو عبدا آخر، وإن لم يشر إلى المضاف بأن قال: لا يأكل طعام فلان ... إلخ، ولم يقل2 هذا لا يحنث بعد الزوال، وحنث بالمتجدد، وفي الصديق والزوجة حنث في المشار/3 بعد الزوال إجماعا، وفي غير المشار لا، خلافا لمحمد، وحنث بالمتجدد، ولا يدخل (دارا) منكرا لا يحنث بدخولها خربة، و (هذه الدار) فدخلها بعدما انهدمت وصارت صحراء حنث، وإن بنيت دار أخرى بعد الانهدام، وإن جعلت بستانا أو مسجدا أو حماما، أو بيتا لا يحنث كهذا البيت فهدم فصار صحراء لم يحنث، حتى لو بقيت الحيطان وسقط السقف يحنث لأنه يبات فيه". انتهى ملخصا. وإن رأى المنكر أي إذا حلف لوال لا رأى منكرا إلا رفعه إليه4 في ولايته، وأمكن رفعه إليه ولم يرفعه حتى عزل حنث بعزله في الأصح، ولو رفعه إليه بعد5. وإن مات الوالي قبل إمكان رفعه إليه حنث لفوات الرفع كما لو حلف ليضربن عبده   1 "هذا" أسقطت من (ب) . 2 في (ب) : "ولم يفعل". 3 نهاية لـ (23) من (ب) 4 هذه الجملة المفسرة ليست في (أ) . 5 المبدع: 9/287، الإنصاف: 11/57. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 غدا فمات اليوم1، خلافا للحنفية2. قال في الكنز وشرحه3: "إن كلمته إلا أن يقدم زيد، أو حتى، أو إلا أن يأذن، أو حتى يأذن فامرأته طالق 4 مثلا، فكلم قبل قدومه أو إذنه حنث، وبعدهما5 لا، وإن6 مات زيد سقط الحلف". انتهى. ولا يأكل تمرا لحلاوته حنث بكل حلو7/8 بخلاف أعتق عبدي لأنه أسود أو لسواده، فلا يتجاوزه بالعتق، ولا يعطي فلانا إبرة يريد عدم تعديه، فأعطاه سكينا حنث، ولا يكلم زيدا لشربه الخمر، فكلمه وقد تركه لم يحنث، ولا يقبل تعليل بكذب: فمن قال لقنه وهو أكبر منه: "أنت حر لأنك ابني" أو لامرأته وهي أصغر منه: "أنت طالق لأنك جدتي"، وقعا9.   1 هذا المذهب، وقيل: لا يحنث، قال المرداوي: "وهو أولى". وانظر المغني: 13/546، الإنصاف: 11/57. 2 تبيين الحقائق: 3/138، البحر الرائق: 4/364-365. 3 انظر المصدرين السابقين الصفحات السابقة. 4 في (ب) : "طائفة". 5 في (أ) : "أو بعدهما". 6 في (ب) : "لو إن". 7 في (ب) : "حلف". 8 نهاية لـ (22) من (أ) . 9 الفروع: 6/358، غاية المنتهى: 3/379، شرح المنتهى: 3/433-434. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 فصل: إذا عدمت النية والسبب رجع إلى التعيين ... (فصل) فإن عدم النية، وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين1وهو الإشارة2، فمن حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد باعها أو وهي3 فضاء أو مسجد أو حمام أو "لا لبست هذا القميص" فلبسه: وهو رداء أو عمامة أو سراويل، أو "لا كلمت هذا الصبي" فصار شيخا، أو "امرأة فلان هذه أو عبده أو صديقه هذا" فزال ذلك، ثم كلمهم حنث4. وبه قال مالك5، والشافعي6. ولا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا، أو هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا أو خلا، أو هذا اللبن فصار جبنا، ولا آكل هذه الحنطة فصارت دقيقا أو سويقا أو هريسة أو خبزا، ولا أكلت هذا العجين فصار خبزا، ثم أكله ولا نية ولا سبب بخص الحالة الأولى حنث لبقاء عين المحلوف عليه7/8.   1 هذا المذهب، وقيل: يقدم الاسم شرعا أو عرفا أو لغة على التعيين. وانظر: الهداية: 2/31، الكافي: 4/394، الإنصاف: 11/58. 2 كشف المخدرات: 2/234. 3 في الأصل "أو هي". 4 هذا المذهب، وهناك احتمال بأن لا يحنث. المبدع: 9/288-289، كشاف القناع:6/247. 5 الشرح الصغير: 2/227-228. 6 انظر المهذب: 2/132، الروضة: 11/84-85. 7 الفروع: 6/365، الإنصاف: 11/59، شرح المنتهى: 3/434. 8 نهاية لـ (24) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 قال الشارح1: "وللشافعي في الرطب إذا صار تمرا، والصبي إذا صار شيخا، والحمل إذا صار كبشا وجهان2 وقال في سائر الصور لا يحنث – أي عند الشافعي- لأن اسم المحلوف3 وصورته زالت فلم يحنث، كما لو حلف لا يأكل هذه البيضة فصارت فرخا". انتهى. وإن قال: والله لا دخلت دار فلان، ولم يقل: هذه، أو لا آكل هذا التمر الحديث، فعتق، أو لا كلمت هذا الرجل الصحيح فمرض، أو لا أدخل هذه السفينة4 فنقضت ثم عادت فدخلها، أو لا أكلت هذه البيضة5 فصارت فرخا فأكله، أو لا أكلم صاحب هذا الطيلسان فكلمه بعد بيعه حنث في الجميع6. وتقدم تفصيل/7 الحنفية في الإشارة وعدمها في الفصل قبله8.   1 الشرح الكبير: 6/102. 2 أصحهما: لا يحنث. وانظر: المهذب: 2/133، حلية العلماء: 7/265، مغني المحتاج: 4/338. 3 كذا في الأصل، وفي (أ) ، (ب) : "المحلوف عليه" وهو الموافق لما في الشرح. 4 في السفينة احتمال بعدم الحنث. الإنصاف: 11/60. 5 في (ب) "البيضا". 6 المغني: 13/587، الإقناع: 4/343، شرح المنتهى: 3/434. 7 نهاية لـ (15) من الأصل. 8 انظر ص129 من هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فصل: إذا عدم ذلك رجع إلى ما يتناوله الإسم ... (فصل) فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين1 رجع في اليمين إلى   1 في (ب) "والتعين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 ما يتناوله الاسم1. ويقدم شرعي فعرفي فلغوي2. فإن لم تختلف بأن لم يكن له إلا مسمى واحد كسماء، وأرض، ورجل، وإنسان ونحوها/3 انصرف إلى مسماه بلا خلاف4. فالشرعي: ماله موضوع شرعا وموضوع لغة: كالصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو لك5. فاليمين المطلقة تنصرف إلى الموضوع الشرعي، وتتناول الصحيح منه، بخلاف الفاسد؛ لأنه ممنوع شرعا، فمن حلف لا ينكح، أو لا يبيع، أو لا يشتري- والشركة والتولية والسلم والصلح على مال شراء – فعقد عقدا فاسدا من بيع أو نكاح أو شراء لم يحنث6. وبه قال الشافعي7.   1 هذا المذهب، وقيل: يقدم ما يتناوله الاسم على التعيين. وانظر الكافي: 4/395، المحرر: 2/75، الإنصاف: 11/60. 2 على الصحيح من المذهب. وانظر الإنصاف: 11/61، دليل الطالب: 329. 3 نهاية لـ (23) من (أ) . 4 المغني: 13/603، المبدع: 9/289. 5 المقنع: 3/576. 6 هذا الصحيح من المذهب، وعن أحمد رواية: أنه يحنث في البيع وحده، وقيل: يحنث في بيع ونكاح مختلف فيه. وانظر الهداية: 2/36، الإنصاف: 11/61، منار السبيل: 2/392. 7 الحلية: 7/288، مغني المحتاج: 4/350. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وقال أبو حنيفة1: إذا قال لعبده: إن زوجتك، أو بعتك فأنت حر، فزوجه تزويجا فاسدا لم يعتق، وإن باعه بيعا فاسدا يملك به حنث؛ لأن البيع الفاسد عنده يثبت به الملك إذا اتصل به القبض. وإن حلف لا يحج فحج حجا فاسدا حنث لوجوب المضي في فاسده، وكونه كالصحيح فيما يحل ويحرم2. ولوقيد حالف يمينه بممتنع الصحة كلا يبيع الخمر أو الحر3، أو قال لامرأته: إن طلقت فلانة الأجنبية، أو إن سرقت مني شيئا وبعتيه فأنت طالق ففعلت بأن سرقت منه شيئا فباعته/4 أو فعل بأن باع الخمر أو الحر، أو قال لأجنبية أنت طالقن حنث بصورة ذلك لتعذر الصحيح فتصرف اليمين إلى ما كان على صورته5 خلافا لقاضي في الأخيرة6، وعلل ذلك بأن البيع الشرعي لم يوجد، والأول أولى؛ لأن صورة البيع وجدت7. ومن حلف: "لا يحج ولا يعتمر" حنث بإحرام أو بها8، و"لا يصوم"   1 تبيين الحقائق: 3/156، ملتقى الأبحر: 1/326، الفتاوى الهندية: 2/113، 117. 2 المغني: 5/205، الفروع: 6/369. 3 في (أ) "والحر". 4 نهاية لـ (25) من (ب) . 5 المبدع: 9/291، شرح المنتهى: 3/435. 6 الفروع: 6/366، الإنصاف: 11/62. 7 الشرح الكبير: 6/105. 8 هذا الصحيح من المذهب، وقيل: لا يحنث إلا بفراغه من أركانهما. وانظر المبدع: 9/293، منتهى الإرادات: 2/546. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 بشروع صحيح في الصوم، فإن مات أو بطل الصوم فلا حنث1، وإن كان حال حلفه صائما فاستدامه حنث2، ومن حلف لا يصلي حنث بالتكبير ولو على جنازة3، وعند الحنفية لا يحنث إلا بركعة4، لا من حلف "لا يصوم صوما" حتى يصوم يوما، أو "لا يصلي صلاة" حتى يفرغ مما يقع عليه اسمها5. وقال الحنفية6: بشفع. ومن حلف لا يبيع أو لا يؤجر أو لا يزوج فلانا فأوجب ذلك ولم يقبل فلان لم7 يحنث8، قال الشارح9: "لا نعلم فيه خلافا".   1 شرح المنتهى: 3/435. 2 وهناك وجه آخر: أنه لا يحنث، قال المرداوي: "ولعله أولى". وانظر: الإنصاف: 11/65، تصحيح الفروع: 6/369. 3 هذا المذهب، وهو قول القاضي أبي يعلى، وقال أبو الخطاب: لا يحنث حتى يصلي ركعة بسجدتيها وقيل: لا يحنث حتى يصلي ركعتين، وذكره في الشرح رواية. وانظر الجامع الصغير لأبي يعلى: 949، الهداية لأبي الخطاب: 2/38، الشرح الكبير: 6/206، الإنصاف: 11/64. 4 تبيين الحقائق: 3/154. 5 بأن يصلي ركعة بسجدتيها لأنه أقل ما يطلق عليه اسم الصلاة شرعا. الإنصاف: 11/64، شرح المنتهى: 3/436، كشاف القناع: 6/250. 6 تبيين الحقائق، الصفحة السابقة. 7 "لم" أسقطت من (ب) . 8 الإنصاف: 11/66. 9 الشرح الكبير: 6/105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وإن حلف:"لا يهب زيدا شيئا" أو "لا يوصي له" أو "لا يتصدق عليه" ففعل، ولم يقبل زيد حنث1. وبه قال أبو حنيفة2، خلافا للشافعي3. و"لا يهبه" فأهدى إليه أو باعه وحاباه، أو وقف أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث4. وهو مذهب الشافعي في صدقة التطوع5/6. وقال أبو الخطاب7: لا يحنث فيها. وهو قول أصحاب الرأي8؛ لأنهما يختلفان اسما وحكما بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "هو عليها صدقة ولنا هدية" 9. وكانت الصدقة محرمة عليه، والهدية   1 المقنع: 3/577، الإنصاف: 11/65. 2 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 128، المبسوط: 9/10. 3 لم يحنث عند الشافعي. االحلية: 7/287، المنهاج: 147. 4 هذا المذهب، وفيه وجه آخر: أنه لا يحنث. المبدع: 9/294-295، الإنصاف: 11/66-67. 5 نهاية المحتاج: 8/216. 6 نهاية لـ (24) من (أ) . 7 الهداية: 2/36. 8 البحر الرائق: 4/401، مجمع الأنهر: 1/583. 9ورد من طريق عائشة رضي الله عنها، رواه البخاري، كتاب النكاح باب الحرة تحت العبد: 3/242-243،واللفظ له، ومسلم، كتاب العتق باب إنما الولاء لمن أعتق: 2/1143-1144 رقم (11) (1504) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 حلال له، ذكر معنى ذلك في الشرح الكبير1. ولا يحنث إن كانت الصدقة واجبة2، أو من نذر، أو كفارة، أو ضيفه3 الواجب، أو أبرأه من دين له عليه أو أعاره4 -خلافا لأبي الخطاب فيها فقط5 - أو أوصى له أو حلف لا يتصدق عليه فوهبه، أو حلف لا تصدق فأطعم عياله6. وإن نذر أن يهب لفلان شيئا بر بإيجاب الهبة له كما لو حلف ليهبن له فأوجب الهبة له7.   1 الشرح الكبير: 6/107، وذكره في المغني أيضا: 13/494. 2 الإنصاف: 11/67. 3 في (ب) "أو منيفة" كذا. 4 المبدع: 9/294. 5 الهداية: 2/36. 6 الكشاف: 6/250. 7 شرح منتهى الإرادات: 3/436. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 وكالظعينة1: حقيقة في الناقة يظعن عليها، وعرفا: المرأة/2 في الهودج3. وكالدابة4: حقيقة ما دب ودرج، وعرفا: الخيل والبغال والحمير. وكالغائط5: حقيقة المكان المطمئن من الأرض، وعرفا: الخارج المستقذر. وكالعذرة6: حقيقة فناء/7 الدار، وعرفا: الغائط، ونحو ذلك، فيتعلق اليمين فيه بالعرف دون الحقيقة8. فمن حلف لا يأكل عيشا – لغة الحياة -9 حنث بأكل خبز، ولا يطأ امرأته أو أمته حنث بجماعها10، ولا يتسرى بوطء أمته مطلقا11؛ لأن التسري مأخوذ من السر وهو الوطء12، قال تعالى: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا} 13 أي وطئا14.   1 اللسان: 13/271، هداية الراغب: 549. 2 نهاية لـ (26) من (ب) . 3 اللسان الصفحة السابقة. 4 اللسان: 1/369-370، الكشاف: 6/259. 5 اللسان: 7/365، الروض المربع: 3/374. 6 اللسان: 4/554، الكشاف: 6/259. 7 نهاية لـ (16) من الأصل. 8 شرح منتهى الإرادات: 3/437. 9 اللسان: 6/321. 10 شرح منتهى الإرادات: 3/437. 11 الهداية: 2/38. 12 اللسان: 4/358 (سرر) . 13 من الآية (235) من سورة البقرة. 14 زاد المسير لابن الجوزي: 1/277ن فتح القدير للشوكاني: 1/250. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ومن حلف لا يدخل بيتا حنث بركوب سفينة، ودخول مسجد وحمام وبيت شعر وخيمة1. وقال الشافعية2: لا يحنث بدخول مسجد وحمام وكنيسة وغار جبل؛ لأنه لا يقع عليه اسم البيت إلا بتقييد كما يقال: الكعبة بيت الله والبيت الحرام. ولا يحنث3 بدخول صفة ودهليز4، وفاقا للشافعية5 والحنفية6. وإن حلف لا يشم الريحان حنث بشم ورد وبنفسج وياسمين ونسرين ونحوه من كل زهر طيب الرائحة7، خلافا للحنفية8. وقال القاضي9: تختص يمينه بالريحان الفارسي، وقدمه في المقنع10، وجزم به في الوجيز11. وهو مذهب الشافعي12.   1 غاية المنتهى: 3/382. 2 المهذب: 2/133، مغني المحتاج: 4/334. 3 الإقناع: 4/351. 4 الدهليز: الممر الواصل بين الباب والدار. المصباح المنير: 201، معجم لغة الفقهاء: 211. 5 وقال بعضهم: يحنث. وانظر: الروضة: 11/28، مغني المحتاج: 4/331. 6 البحر الرائق: 4/330. 7 الإنصاف: 11/91، منتهى الإرادات: 2/548. 8 وقال بعضهم: يحنث: وانظر: الهداية: 2/94، الدر المنتقى: 1/583. 9 قوله في: المغني: 13/604، قواعد ابن رجب: 275. 10 المقنع: 3/585. 11 ونقله عنه في المبدع: 9/37، الإنصاف: 11/91. 12 المهذب: 2/136. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ومن حلف1 لا يشم وردا أو بنفسجا، فشم دهنهما أو ماء الورد، فقال القاضي2: لا يحنث. وهو مذهب الشافعي3 وقال أبو حنيفة4: يحنث بشم دهن البنفسج لأنه يسمى بنفسجا لا بشم ماء5 الورد. وإن شم ذلك يابسا حنث6، خلافا لبعض الشافعية7. ومن/8 حلف لا يشم طيبا فشم نبتا ريحه طيب كالخزامى، أو حلف لا يذوق شيئا فازدرده9 ولو لم يدرك مذاقه حنث10. تتمة: قال ابن هشام11 في المغني12 في (أل) الجنسية: "والله لا أتزوج النساء، ولا ألبس الثياب يقع بالواحدة منها".   1 من قوله "ومن حلف" ... إلى "الشافعي" أسقط من (ب) . 2 قوله في المغني: الصفحة السابقة. 3 المهذب الصفحة السابقة. 4 المبسوط: 9/27-28. 5 "ماء" أسقطت من (ب) . 6 شرح منتهى الإرادات: 3/437. 7 انظر: حلية العلماء: 7/276. 8 نهاية لـ (25) من (أ) . 9 أي: ابتلعه. 10 الفروع: 6/384، المبدع: 9/308، غاية المنتهى: 3/383. 11 جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري الحنبلي، العلامة النحوي المشهور، كان كثير العبادة، من مصنفاته: (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) ، (شذور الذهب) ، (قطر الندى) ، مات سنة (761هـ) بمصر. ترجمته في: المقصد الأرشد: 2/66، شذرات الذهب: 8/329، السحب الوابلة: 269. 12 المغني لابن هشام: 1/62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 فصل: المسمى العرفي ... (فصل) والعرفي: ما اشتهر مجازه حتى غلب على حقيقته كالراوية1: حقيقة في الجمل يستقى عليه، وعرفا المزادة2.   1 في (ب) "كالرواية". 2 اللسان: 14/346، شرح المنتهى: 3/437. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 فصل: المسمى اللغوي ... (فصل) واللغوي1: ما لم يغلب مجازه على حقيقته. فمن حلف لا يأكل لحما حنث بأكل لحم يحرم كخنزير، وغير مأكول فيقول عامة علماء الأمصار2، قاله3 الشرح4 وأما السمك فظاهر المذهب: أنه بحنث بأكله5. وبه قال مالك6،وأبو يوسف7. وعند أبي حنيفة8، والشافعي9: لا يحنث؛ لأنه لا ينصرف إليه اطلاق اسم اللحم. ولا يحنث بأكل مخ/10 وكبد وكلية وشحمها، وطحال، وكرش ومصران وقلب،   1 الإقناع: 4/345، شرح المنتهى: 3/438. 2 انظر: الاختيار: 4/67، القوانين: 109، حلية العلماء: 7/266-267، المغني: 13/602. 3 في (ب) : "قال". 4 الشرح الكبير: 6/121. 5 المقنع لابن البنا: 3/1271، الإفصاح: 2/330. 6 التفريع: 1/385. 7 وذكر فقهاء الحنفية أن هذه رواية شاذة عن أبي يوسف، وأما الرواية المشهورة عنه فهي: أنه لا يحنث كقول أبي حنيفة. وانظر مجمع الأنهر: 1/558. 8 المبسوط: 8/176، تبيين الحقائق: 3/127. 9 التنبيه: 196. 10 نهاية لـ (27) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 وألية، ودماغ وقانصة1، وشحم2، خلافا لمالك3 في الجميع، ولبعض أصحاب الشافعي في الألية وشحم الظهر4، ولأبي حنيفة في الكرش والكبد5. وكذا لا يحنث بأكل كارع6، ولحم رأس7، ولسان ونحوه8، ومرق لحم على الصحيح9 وهو الذي عليه العمل10، خلافا للشافعية في لحم الرأس واللسان11. ومن حلف لا يأكل شحما فأكل شحم الظهر أو الجنب أو السنام حنث لأن الشحم ما يذوب من الحيوان بالنار12 وقد سمى الله تعالى   1 القانصة: مفرد قوانص، وهي للطير بمنزلة المعدة لغيرها. وانظر: المطلع: 389 معجم لغة الفقهاء: 355. 2 المغني:13 /595،598، غاية المنتهى:3/383 0 3 الإشراف للقاضي عبد الوهاب:2/241، مواهب الجليل: 3/295. 4 انظر: حلية العلماء: 7/268، روضة الطالبين: 11/39. 5 المبسوط: 8/176، الهداية للمرغيناني: 2/80. 6 المبدع: 5/295، منتهى الإرادات: 2/549. 7 في أكل لحم الرأس وجهان: الأول: ما ذكره المصنف، والثاني: يحنث لأنه لحم. وانظر: المغني: 13/600، الإنصاف: 11/69-70. 8 فيه وجهان أيضا: أحدهما: لا يحنث كما ذكر المصنف، والثاني: يحنث. وانظر: الشرح الكبير: 6/109، تصحيح الفروع: 6/370. 9 الهداية: 2/34، الفروع: 6/370. 10 الإنصاف: 11/70. 11 يحنث – عند الشافعية – بأكل لحم الرأس واللسان والأكارع، وقيل: فيه وجهان: أصحهما – عند النووي – يحنث بأكل ذلك كله. وانظر: الحلية: 7/267، الروضة: 11/40، المنهاج: 145. 12 الشرح الكبير: 6/109، كشاف القناع: 6/251. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 ما على الظهر شحما1 كقوله تعالى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ... } 2 الآية. والاستثناء معيار العموم3. وبهذا قال أبو يوسف ومحمد4. وقال القاضي5: "الشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلى وغيره. وإن أكل من كل شيء من الشاة من لحمها الأحمر والأبيض والألية والكبد والطحال والقلب، فقال شيخنا6 -يعني ابن حامد-7: لا يحنث لأن اسم الشحم لا يقع عليه8 وهو قول أبي حنيفة9، والشافعي10". انتهى.   1 زاد المسير: 3/142-143، فتح القدير للشوكاني: 2/174. 2 من الآية (146) من سورة الأنعام. 3 شرح منتهى الإرادات: 4383. 4 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن: 209، اختلاف الفقهاء للطحاوي: 12، تحفة الفقهاء: 2/320. 5 قوله في: المغني: 13/601، الإنصاف: 11/71. 6 القائل هو القاضي أبو يعلى. وانظر هذا في المغني والإنصاف الصفحات السابقة. 7 هو أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، وفقيههم ومعلمهم، وهو أستاذ القاضي أبي يعلى له العديد من المصنفات منها: (الجامع في المذهب) و (شرح مختصر الخرقي) ، مات سنة (403هـ) في طريق عودته من الحج. ترجمته في: طبقات الحنابلة: 2/171، المنهج الأحمد: 2/98، شذرات الذهب: 5/17. 8 المغني: 13/601. 9 المبسوط: 8/176، المختار: 4/67. 10 المهذب: 2/134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وإن حلف لا يأكل لبنا فأكل من لبن صيد أو آدمية حليبا كان أو رائبا حنث1لا إن أكل زبدا أو سمنا2 أو كشكا3 أو مصلا4 أو جبنا أو أقطا ونحوه مما يعمل من اللبن5. ولا يأكل زبدا أو لا يأكل6 سمنا فأكل الآخر ولم يظهر فيه طعمه7 أو لا يأكلهما فأكل لبنا لم يحنث8، خلافا لبعض أصحاب الشافعي9. ولا يأكل رأسا ولا بيضا، حنث بأكل رأس طير وسمك وجراد10 وبيض ذلك11 خلافا لأبي الخطاب12.   1 المغني: 13/590، المبدع: 9/297. 2 "أو سمنا ... " إلى قوله: "زبدا" اسقط من (أ) . 3 الكشك: طعام يصنع من القمح واللبن. وانظر المطلع: 389، معجم لغة الفقهاء: 381. 4 المصل: عصارة الأقط، وهو ماؤه الذي يعصر منه حين يطبخ. انظر: المصباح المنير 574. 5 انظر الهداية: 2/34، الكافي: 4/400، الإنصاف: 11/72. 6 في (أ) "أو يأكل". 7 الفروع: 6/383، المبدع: 9/297، شرح المنتهى: 3/438-439. 8 هذا المذهب، وقال في المغني: 13/590-591: "إن أكل لبنا لم يظهر فيه الزبد لم يحنث وإن كان الزبد فيه ظاهرا حنث". وانظر: الإنصاف: 11/72-73، كشاف القناع: 6/251. 9 حلية العلماء: 7/271، الروضة: 11/41. 10 انظر المغني: 13/606-607، المبدع: 9/308-309، الإنصاف: 11/92، شرح المنتهى: 3/439. 11 المصادر السابقة. 12 الهداية لأبي الخطاب: 2/34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وقال الشافعي1: لا يحنث إلا بأكل رؤوس بهيمة الأنعام/2. وقال أبو حنيفة3: لا يحنث بأكل رؤوس الإبل. وقال صاحباه4: لا يحنث إلا بأكل رؤوس الغنم5. وإن حلف لا يأكل فاكهة/6 حنث بأكل بطيخ وكل ثمر شجر غير بري كبلح وعنب ورمان وتفاح وكمثرى وخوخ ومشمش وسفرجل وتوت وتين وموز وأترج وجميز7، ولو كان يابسا كصنوبر وعناب وجوز ولوز وبندق وفستق وتمر وتوت/8 وزبيب ومشمش وإجاص9 ونحوها لأن يبسها لا يخرجها عن كونها فاكهة10. وبهذا قال الشافعي11، وأبو يوسف، ومحمد12.   1 الأم: 7/404. 2 نهاية لـ (26) من (أ) . 3 بدائع الصنائع: 3/59. 4 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن: 209، اختلاف الفقهاء للطحاوي: 126. 5 في (ب) زيادة: "وهو قول للشافعي". وانظر: هذا القول في الروضة: 11/37، مغني المحتاج: 4/335. 6 نهاية لـ (17) من الأصل. 7 الجميز: نوع من الشجر يشبه ثمره ثمرة التين. المعجم الوسيط: 1/134. 8 نهاية لـ (28) من (ب) . 9 الإجاص: شجر من الفصيلة الوردية حلو لذيذ، ويطلق في الشام على الكمثرى وشجرها، وكان يطلق في مصر على البرقوق وشجره، وانظر المعجم الوسيط: 1/7. 10 انظر المغني: 13/591-592، المحرر: 2/78-79، المبدع: 9/297-298، غاية المنتهى: 3/383-384. 11 التنبيه: 197، نهاية المحتاج: 8/201-202. 12 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن: 210، مجمع الأنهر: 1/561-562. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 وقال أبو حنيفة1، وأبو ثور2: لا يحنث بأكل ثمرة النخل والرمان، لقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} 3 والمعطوف يخالف المعطوف عليه4. وكذلك لا يحنث بأكل العنب عند أبي حنيفة5. ولنا6: أن العطف للتشريف كعطف جبريل وميكال7 على الملائكة وهما منهم. وفي اليابس احتمال: أنه ليس من الفاكهة8، أي: فلا حنث بأكله كما قاله الشارح9. وهو قول في مذهب الشافعي10. ولا يحنث بأكل قثاء، وخيار، وزيتون، وبلوط11، وبطم12،   1 تبيين الحقائق: 3/131. 2 قول أبي ثور في: الإشراف: 1/462، المغني: 13/591. 3 الآية (68) من سورة الرحمن. 4 المصادر السابقة، وأحكام القرآن للجصاص: 5/299. 5 الهداية للمرغيناني: 2/81. 6 المغني: 13/591-592، وشرح المنتهى: 3/439. 7 في (أ) ، (ب) : "وميكاييل". 8 الإنصاف: 11/74. 9 الشرح الكبير: 6/110. 10 روضة الطالبين: 11/44. 11 البلوط: ثمر شجرة غليظة الساق، كثيرة الأخشاب، ويستعمل قشر الساق في الطب والدباغة. انظر: المصباح المنير: 60، المعجم الوسيط: 1/69. 12 البطم: حبة خضراء، من فصيلة الفستق، شجرتها من أربعة إلى ثمانية أمتار، تنبت في الأراضي الجبلية ثمرتها مفلطحة خضراء، تتقشر عن غلاف خشبي يحوي ثمرة واحدة، وتؤكل في بلاد الشام. انظر المعجم الوسيط: 1/61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وزعرور1 أحمر2،وآس3 وسائر ثمر شجر بري لا يستطاب كالقيقب4 والعفص5 بخلاف الخروب6، ولا بأكل قرع وباذنجان، ولا بأكل ما يكون بالأرض كجزر ولفت وفجل وقلقاس7 وكمأة ونحوه8. ومن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا فأكل مذنبا9 أو منصفا حنث10.   1 الزعرور: ثمر من ثمر البادية يشبه النبق في خلقه، وفي طعمه حموضه. انظر المصباح المنير: 253. 2 في (ب) زيادة: "بخلاف الأبيض إذ هو من الفاكهة". 3 الآس: شجر دائم الخضرة، بيضي الورق، أبيض الزهر أو وردية عطري، وثماره لبية سود، تؤكل غضة، وتجفف فتكون من التوابل. وانظر المعجم الوسيط: 1/1. 4 نوع من الشجر. 5 العفص: شجرة البلوط وثمرها، وهو دواء قابض مجفف. انظر المعجم الوسيط: 2/611. 6 الخروب: شجر مثمر من الفصيلة القرنية، ثماره تؤكل وتعلفها الماشية. انظر: المعجم الوسيط: 1/223. 7 القلقاس: بقلة زراعية عسقولية من الفصيلة القلقاسية، تؤكل عسا قيلها (أي: درناتها) مطبوخة. انظر: 2/756. 8 المغني: 13/592، 593، المبدع: 9/298، الإقناع: 4/346، نيل المآرب: 2/433. 9 أي: بدا فيه الإرطاب من قبل ذنبه. المطلع: 390. 10 هذا المذهب، وقيل: لا يحنث. وانظر الشرح الكبير: 6/111، الإنصاف: 11/75، منتهى الإرادات: 2/550. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وبه قال أبو حنيفة1 ومحمد2 والشافعي3. وقال بعض أصحاب الشافعي4: لا يحنث لأنه لا يسمى رطبا ولا تمرا5. ولا يحنث إن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا بأكل الآخر، ولا يأكل تمرا فأكل رطبا أو بسرا أو دبسا أو ناطفا6 معمولين من التمر لم يحنث7، قال الشارح8: "لا نعلم خلافا". وإن حلف لا يأكل أدما حنث بأكل بيض وشواء وجبن وملح وتمر وزيتون ولبن وخل وكل مصطبغ به كالمرق والخل والزيت والشيرج9 والسمن والحليب10. وبهذا قال الشافعي11، وأبو ثور12. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف13: ما لا يصطبغ به فليس بأدم لأنه   1 البحر الرائق: 4/347. 2 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن: 210. 3 التنبيه: 196، مغني المحتاج: 4/338. 4 انظر: الإشراف: 1/464، حلية العلماء: 7/266. 5 في (ب) زيادة "وهو الصحيح من مذهبهم"، وانظر المصدرين السابقين. 6 الناطف: نوع من الحلوى. المطلع: 341. 7 المقنع: 3/580، شرح منتهى الإرادات: 3/439. 8 شرح الكبير: 6/113. 9 الشيرج: دهن السمسم. وانظر المصباح المنير: 308. 10 انظر المبدع: 9/298، الإنصاف: 11/75-76، كشاف القناع: 6/253. 11 التنبيه: 196، حلية العلماء: 7/274-275. 12 الإشراف: 1/461، المغني: 13/593. 13 الدر المنتقى: 2/562، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: 3/131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 يرفع1 إلى الفم منفردا. ولنا2: قوله صلى الله عليه وسلم: "سيد3 الإدام اللحم" 4، وقوله صلى الله عليه وسلم: "سيد   1 في (ب) : "لا يرفع الفم". 2 المغني: 13/593، والكشاف: 6/253-254. 3 "سيد" أسقطت من (أ) . 4 الحديث ورد من عدة طرق: 1- فورد من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم" رواه ابن ماجة كتاب الأطعمة: 2/1099 رقم (3305) ، ورواه ابن حبان في كتابه المجروحين: 1/332 عنه بلفظ "سيد طعام أهل الجنة اللحم". 2- وورد من حديث ربيعة بن كعب رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم" رواه أبو نعيم في الحلية: 5/362، والعقيلي في: الضعفاء الكبير: 3/258 رقم (1264) وقال: "وهذا حديث غير محفوظ ولا يثبت في هذا المتن عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء". 3- وورد من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "سيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء وسيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم". رواه الديلمي في مسند الفردوس: 2/325 رقم (3480) . 4- وورد من طريق أنس رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم". رواه البيهقي في شعب الإيمان باب المطاعم والمشارب: 5/92 رقم (5902) . 5- وورد من طريق بريدة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم" رواه البيهقي في الشعب: 5/92 رقم (5904) . وجميع طرق الحديث متكلم فيها، ولم يسلم منها شيء من نقد أئمة الجرح والتعديل وانظر: المنار المنيف لابن القيم: 128، المقاصد الحسنة للسخاوي: 244، كشف الخفاء: 1/461. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 ولا ببلع ذوب سكر في فيه، بحلفه: "لا يأكل سكرا1" ولا يأكل مائعا فأكله بخبز2،أو: "لا يشرب من النهر أو البئر" فاغترف بإناء وشرب حنث3،لا: إن4 حلف: "لا يشرب من الكوز"، فصب منه في إناء وشربه5. وفي التنوير6: "لا يشرب من دجلة فعلى الكرع، بخلاف من ماء دجلة، وفيما لا يتأتى به الكرع كالبئر والجب يحنث بالشرب بالإناء مطلقا، ولو تكلف الكرع فيما لا يتأتى فيه ذلك لا يحنث7" ولا "يأكل من هذه الشجرة "، حنث بثمرتها فقط، ولو لقطها من تحتها8.   1 انظر المغني: 13/609، الإنصاف.الصفحة السابقة. 2 المقنع: 3/589. 3 كشاف القناع: 6/261. 4 في (ب) "لان". 5 المبدع: 9/315. 6 تنوير الأبصار: 3/826. 7 في (ب) زيادة "انتهى". 8 منتهى الإرادات: 2/552. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 فصل: الحلف على لبس شيء ... (فصل) ومن حلف/1 "لا يلبس شيئا" فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا2 أو قلنسوة3 أو عمامة أو خفا أو نعلا حنث4، خلافا لبعض أصحاب الشافعي في الخف والنعل5. ولا يلبس ثوبا حنث كيف لبسه، ولو تعمم به أو ارتدى بسروايل أو اتزر بقميص لا بطيه وتركه على رأسه، ولا بنومه عليه6 أو تدثره7 به8، ولا بإدخال يده في الخف أو النعل9، ولا بلبس القلنسوة في رجله10. ولا يلبس قميصا فارتدى به حنث11، لا إن اتزر به12، ولا يلبس حليا   1 نهاية لـ (18) من الأصل. 2 الجوشن: الدرع الذي يغطي الصدر. المطلع: 390، معجم لغة الفقهاء: 169. 3 القلنسوة: مما يلبس على الرأس خاصة. 4 المغني: 13/561، الإقناع: 4/348. 5 الأصح عندهم: الحنث. وانظر روضة الطالبين: 11/58. 6 "عليه"أسقطت من (ب) . 7 أي: تلففه به. 8 هذا المذهب، وفيه وجه: أنه يحنث بتدثره به. وانظر: تصحيح الفروع: 6/375، منتهى الإرادات: 2/552. 9 المغني: 13/562. 10 الفروع: 6/375. 11 هذا المذهب، وهناك وجه: أنه لا يحنث. وانظر: تصحيح الفروع: 6/375. 12 الفروع الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 فلبس حلية ذهب أو فضة أو جوهر1، أو لبس منطقة2 محلاة3 أو خاتما من ذهب أو فضة أو دراهم، أو دنانير/4 في مرسلة5 حنث6. وقال الشافعي7: لا يحنث بلبس الخاتم في غير الخنصر؛ لأن اليمين تقتضي لبسا معتادا وليس هذا معتادا. ولا يحنث8 إن لبس عقيقا أو سبجا9 أو حريرا أو درعا، أو خرز زجاج10. ومن حلف لا يدخل دار فلان أو لا يركب دابته أو لا يلبس ثوبه حنث بما جعله لعبده وبما آجره أو استأجره11، لا بما استعاره12.   1 المقنع: 3/580. 2 المنطقة: ما يشد الإنسان به وسطه. المطلع: 171. 3 هذا المذهب في المنطقة، والوجه الثاني: ليست من الحلي فل يحنث بلبسها. وانظر الإنصاف: 11/79، كشاف القناع: 6/254. 4 نهاية لـ (28) من (أ) ، و (30) من (ب) . 5 في (أ) ، (ب) زيادة "المرسلة كمكرمة: قلادة طويلة يقع على الصدر، والقلادة فيها الخرز وغيرها، قاموس" وانظر القاموس المحيط: 3/ 395 وفيه: "أو القلادة". 6 هذا المذهب، وهناك وجه: لا يحنث. وانظر الهداية: 2/33، المغني: 13/562، الإنصاف: 10/79. 7 الحاوي: 15/360، الروضة: 11/60. 8 في (ب) زيادة "أي من حلف لا يلبس حليا". 9 السبج: الخرز الأسود. المطلع: 390. 10 الفروع: 6/376، الإقناع: 4/348. 11 المقنع: 3/580. 12 هذا الصحيح من المذهب، وعن أحمد رواية: يحنث بدخول الدار المستعارة. الإنصاف: 11/80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وبه قال أبو ثور1، والحنفية2. وقال الشافعي3: لا يحنث إلا بدخول دار يملكها. وإن حلف لا يدخل مسكنه حنث بمستأجر ومستعار4 ومغصوب يسكنه5. وبه قال الشافعي أيضا6 لا بملكه الذي لا يسكنه7. وإن حلف لا يدخل ملكه لم يحنث بمستأجر ومستعار8. وإن حلف لا يركب دابة عبد فلان، حنث بما جعل من الدواب برسمه9: كلا يركب رحل هذه الدابة، فركب ما جعل رحلا لها10، وإن حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها11 حنث12، ولا يدخل بابها فحول ودخله حنث، ولا إن وقف على حائطها، أو كان سطحها طريقا فمشى عليه13.   1 قول أبي ثور في: الإشراف: 1/471، حلية العلماء: 7/262. 2 مجمع الأنهر: 1/555. 3 الأم: 7/85، المنهاج: 145. 4 منتهى الإرادات: 2/554. 5 قال المرداوي في الإنصاف 11/80: "والصواب أنه يحنث بدخول الدار المغصوبة". 6 مغني المحتاج: 4/333. 7 منتهى الإرادات: 2/554. 8 كشاف القناع: 6/255. 9 أي: جعل ركوبها له. 10 المقنع: 3/581، شرح المنتهى: 3/442. 11 انظر الفروع: 6/377، الإنصاف: 11/81. 12 في (ب) زيادة "خلافا للشافعي" وانظر الأم: 7/77، الوجيز: 2/226. 13 شرح منتهى الإرادات: 3/442. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان حتى بـ"تنح" أو "اسكت"1. وقال أصحاب أبي حنيفة2: لا يحنث بالقليل لأنه تمام كلام سابق، والذي يقتضيه يمينه الكلام المستأنف، ذكر معناه في الشرح3. ولا يحنث بسلام من صلاة صلاها إماما4، خلافا للشافعي5. ولا كلمت زيدا فكاتبه أو راسله6 حنث7. وبه قال مالك8، والشافعي في القديم9، إلا أن ينوي مشافهته فلا يحنث10. ولا يحنث إذا ارتج عليه11 في صلاة ففتح عليه12، وإن أشار إليه حنث   1 هذا المذهب. وانظر المغني: 13/616، المبدع: 9/302، الإنصاف: 11/83. 2 مجمع الأنهر: 1/566. 3 الشرح الكبير: 6/116. 4 المبدع: 9/302. 5 مغني المحتاج: 4/345. 6 في (أ) "أو أرسله". 7 هذا قول أكثر الحنابلة، قالوا: إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه. وروى الأثرم عن أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يحنث بالمكاتبة إلا أن تكون نيته أو سبب يمينه يقتضي هجرانه وترك صلته، واختار هذا ابن قدامة وغيره. وانظر المغني: 13/612، الإنصاف: 11/82، منتهى الإرادات: 2/554. 8 القوانين الفقهية: 110، الشرح الصغير: 2/236. 9 والجديد في قول الشافعي: أنه لا يحنث. وانظر الأم: 7/84، التنبيه: 97، الحلية: 7/284. 10 انظر: مصادر الحنابلة السابقة، ومختصر الخرقي: 247. 11 أي: استغلق عليه فلم يقدر على إتمام القراءة. 12 الإقناع: 4/349، نيل المآرب: 2/435. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 على الصحيح1. وإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع، أو سلم عليه حنث2. ولا بدأته بكلام فتكلما معا لم يحنث على الصحيح3، ولا كلمته حتى يكلمني أو يبدأني فتكلما معا حنث4. ولا كلمته حينا ولا نية5: فستة أشهر6. وبه قال أصحاب الرأي7. وقال مالك8 وغيره9: سنة لقوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} 10   1 هذا أحد الوجهين، واختاره القاضي أبو يعلى، والوجه الآخر: لا يحنث. اختاره أبو الخطاب، وإليه مال ابن قدامة واحتج له. وانظر الهداية: 2/38، المغني: 13/613، الإنصاف: 11/82. 2 الإنصاف: 11/82. 3 هذا أحد الوجهين وصححه المرداوي في تصحيح الفروع، والثاني: يحنث. وانظر الشرح الكبير: 6/116، المحرر: 2/81، تصحيح الفروع: 6/379. 4 هذا الصحيح من المذهب، وقيل: لا يحنث. وانظر الفروع: 6/379، الإنصاف: 11/83-84. 5 أي: لا نية للحالف. 6 هذا المذهب، وقيل: إن عرفه فللأبد كالدهر والعمر، وقال في الفروع: "ويتوجه أقل زمن" وانظر المغني: 13/572، المبدع: 9/303، الإنصاف: 334. 7 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 120، تحفة الفقهاء: 2/334. 8 المدونة: 2/117، التاج والإكليل: 3/310. 9 قال بذلك ابن عباس رضي الله عنهما، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان ومجاهد، وربيعة الرأي. انظر أقوالهم في: الإشراف: 1/472، المغني: 13/572. 10 من الآية (25) من سورة إبراهيم عليه السلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 أي: كل عام1، وقال/2 الشافعي3 وأبو ثور4: ليس هو مقدارا فيبر بأدنى زمن. قاله في الشرح5. ولا كلمته الزمان: فستة أشهر أيضا6، ولا كلمته زمنا أو أمدا أو دهرا أو بعيدا أو مليا أو طويلا أو حقبا أو وقتا فأقل زمن7. وخالف أبو حنيفة في: بعيد وطويل وملي فقيده بأكثر من شهر8. والحقب ثمانون سنة9. وقال مالك10/11 أربعون. وقال القاضي12 وأصحاب الشافعي13: هو أدنى زمان.   1 أحجام القرآن لابن العربي: 3/1119، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 9/361. 2 نهاية لـ (31) من (ب) . 3 الأم: 7/77، المهذب: 2/139، الحلية: 7/292. 4 قول أبي ثور في: المغني: 13/572، والجامع للقرطبي: 1/323. 5 الشرح الكبير: 6/117. 6 انظر الهداية: 2/37، الإنصاف: 11/86. 7 المقنع: 3/583، غاية المنتهى: 3/387. 8 تحفة الفقهاء: 2/333، الدر المنتقى: 1/570، الفتاوى الهندية: 2/109. 9 المقنع: 3/583، الإقناع: 4/350. 10 انظر الجامع للقرطبي: 19/178. 11 نهاية لـ (29) من (أ) . 12 الجامع الصغير للقاضي: 945. 13 المهذب: 2/139، روضة الطالبين: 11/71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 والعمر1 والأبد والدهر: كل الزمان، وكذلك الزمان على الصحيح2. ولا كلمته أشهر، أو شهورا، أو أياما: فثلاثة3، وقيل في الشهور4: اثنا عشر. ولا كلمته إلى الحصاد أو الجذاذ5 فإلى أول مدته6، ولا كلمت زيدا الحول: فحول كامل لا تتمته7. وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح، أو قال لمن دق عليه {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} 8 يقصد القرآن وتنبيهه لم يحنث9. وبه قال الشافعي10.   1 في "أ"،"ب" زيادة "قيل إن العمر كالوقت ". :الكافي: 4/405، الفروع: 6/379-380، المبدع: 9/303-304، شرح المنتهى: 3/443. وقال ابن قدامة في المغني: 13/574: "ولو حمل العمر على أربعين عاما لكان حسنا، لقوله تعالى مخبرا عن نبيه عليه السلام: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ} الآية (16) من سورة يونس، وكان ذلك أربعين سنة فيجب حمل الكلام عليه، ولأن العمر في الغالب لا يكون إلا مدة طويلة، فلا يحمل على خلاف ذلك". 3 المغني: 13/574، الفروع: 6/380، الإنصاف: 11/87. 4 المصادر السابقة والهداية: 2/38. 5 في (أ) ، (ب) : "والجذاذ" وهو وقت القطع. 6 هذا المذهب، ويحتمل أن يتناول جميع مدته، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله. وانظر المقنع: 3/584، المبدع: 9/305، الإنصاف: 11/88. 7 الفروع: 6/380، الإنصاف: 11/86، الإقناع: 4/350. 8 الآية (46) من سورة الحجر. 9 المقنع: 3/586-587، منتهى الإرادات: 2/555. 10 الوجيز: 2/230، مغني المحتاج: 4/345. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وإن لم يقصد به القرآن حنث1. وقال أبو حنيفة2: إن قرأ في الصلاة لم يحنث، وإن قرأ خارجها حنث. وحقيقة "الذكر" ما نطق به3. وإن حلف "لا ملك له" لم يحنث بدين له لاختصاص الملك بالأعيان المالية، والدين إنما يتعين الملك فيما يقبضه منه4/5 وإن حلف "لا مال له" أو "لا يملك مالا"حنث بملك غير زكوي، وبدين، وضائع لم ييأس من عوده، وبمغصوب لا بمستأجر6 وبه قال الشافعي7. وقال أبو حنيفة8: لا يحنث إلا بملك مال زكوي. وإن حلف: "ليضربنه بمائة"فجمعها وضربه ضربة واحدة بر بلا خلاف9، لا إن حلف "ليضربنه مائة" ولو آلمه10.   1 المبدع: 9/311، الإنصاف: 11/94. 2 هذا ظاهر المذهب عند الحنفية. وانظر الهداية: 2/84، تبيين الحقائق: 3/137، مجمع الأنهر: 1/566. 3 الفروع: 6/381، المبدع: 9/311. 4 شرح منتهى الإرادات: 3/443. 5 نهاية لـ (19) من الأصل. 6 المغني: 13/598، المبدع: 9/305، الإقناع: 4/350. 7 المهذب: 2/138، الحلية: 7/291. 8 تبيين الحقائق: 3/162، الدر المنتقى: 1/584. 9 الفروع: 6/381، المبدع: 9/312. 10 هذا المشهور في المذهب، وعن أحمد رواية: أنه يبر كالمسألة السابقة. وانظر مختصر الخرقي: 247، الهداية: 2/38، شرح الزركشي: 7/189، الإنصاف: 11/95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وبه قال مالك1، وأبو حنيفة2. وقال ابن حامد3: يبر. وقال الشافعي4: إذا علم أو شك أنها مسته كلها أو تراكم بعضها على بعض فوصله ألم الكل لم5 يحنث. وإن حلف "لا يضربه" لا يحنث حتى يضربه ضربا يؤلمه6، خلافا للشافعي7. ومن حلف لا يفعل شيئا فوكل من يفعله ففعله حنث إلا أن ينوي8، ولو توكل الحالف وكان عقدا أضافه إلى الحالف9، أو أطلق10 لم يحنث. وفصل الحنفية، قال في ملتقى الأبحر11: "يحنث بالمباشرة/12 دون   1 القوانين الفقهية: 109، الشرح الصغير: 2/234-235. 2 المبسوط: 9/18، الفتاوى الهندية: 2/128. 3 قول ابن حامد في: المغني: 13/610، الإنصاف الصفحة السابقة. 4 الأم: 7/85، المهذب: 2/137. 5 "لم" أسقطت من (أ) . 6 المغني: 13/612. 7 الأم: 7/85، المهذب: 2/136. 8 المغني: 13/495، المقنع: 3/584. 9 الإنصاف: 11/90. 10 هذا أحد الوجهين، والثاني: أنه يحنث. وانظر المبدع: 9/306، الإنصاف الصفحة السابقة. 11 ملتقى الأبحر: 1/325-326. 12 نهاية لـ (32) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 التوكيل في البيع والشراء والإجارة والاستئجار، والصلح عن المال، والقسمة، والخصومة، وضرب الولد، وبهما1 في النكاح، والطلاق، والخلع، والعتق، والكتابة، والصلح عن دم عمد، والصدقة والقرض والاستقراض، وإن نوى المباشرة خاصة صدق ديانة لا قضاء، وكذا ضرب العبد والذبح والبناء والخياطة والإيداع والاستيداع، والإعارة والاستعارة، وقضاء الدين/2 وقبضه، والكسوة والحمل إلا أنه لو نوى المباشرة يصدق قضاء وديانة، وفي "لا يتزوج" فزوجه فضولي فأجاز بالقول حنث وبالفعل3 لا يحنث، وفي "لا يزوج عبده أو أمته" يحنث بالتوكيل والإجارة، وكذا في ابنه وابنته الصغيرين، وفي الكبيرين لا يحنث إلا بالمباشرة". انتهى كلامه4.   1 أي: بالمباشرة والتوكيل. 2 نهاية لـ (30) من (أ) . 3 في (ب) "والفعل". 4 وانظر مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: 1/573-575. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 فصل: الحلف على الشيء وهو متلبس به ... (فصل) وإن 1 حلف "لا يلبس من غزلها" وعليه منه، أو: "لا يركب، أو لا يلبس، أو لا يقوم، أو لا يقعد2، أو لا يسافر، أو لا يطأ، أو لا يمسك شيئا، أو لا يصوم، أو لا يحج، أو لا يطوف" وهو كذلك، أو: "لا يدخل دارا"3 وهو داخلها، أو: "لا يضاجعها على فراش" فضاجعته ودام، أو: "لا يدخل على فلان" فدخل فلان4 عليه، فأقام معه5 حنث في الجميع بالاستدامة6، خلافا لأبي الخطاب7، والحنفية8 في "لا يدخل دارا" وهو داخلها، وللقاضي9 في: "لا يصوم" وهو صائم. وتقدم تفصيل ما إذا حلف "لا يسكن" وهو مساكن10.   1 في (أ) "ولو". 2 في (ب) "أو لا يعقد". 3 في (ب) "دار فلان". 4 "فلان" أسقطت من (ب) . 5 "معه"أسقطت من (ب) . 6 هذا المذهب في ذلك كله. وانظر المبدع: 9/316، منتهى الإرادات: 2/556، كشاف القناع: 6/262. 7 فإنه لا يحنث عنده. وانظر الهداية له: 2/32. 8 الهداية للمرغيناني: 2/77، ملتقى الأبحر: 1/319. 9 قول القاضي في: المغني: 13/561، المقنع: 3/589. 10 انظر ص118 من هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 فصل: حلف على شيء فتلف ... (فصل) ومن حلف "ليشربن هذا الماء"، أو "ليضربن غلامه غدا، أو في غد" أو أطلق فتلف المحلوف عليه، أو مات قبل الغد أو فيه قبل الشرب، أو الضرب: حنث حال تلفه1. وقال في الشرح2: "ويحتمل أن لا يحنث". انتهى. وقال الشافعية3: "إن4 مات الحالف أو تلف الطعام في الغد بعد تمكنه من أكله حنث". انتهى. ولا يحنث إن مات حالف، أو جن قبل الغد ولم يفق حتى خرج الغد، وكذا لو أكره 5 على ترك الفعل6، ولا يبر بضربه قبل وقت عينه7. وبه قال الشافعي8، خلافا للقاضي9، وأصحاب أبي حنيفة10.   1 المغني: 13/570، المحرر: 2/82، شرح منتهى الإرادات: 3/446. 2 الشرح الكبير: 6/131. 3 هذا أحد طريقين عندهم، والطريق الثاني: أن فيه قولين. وانظر تفصيل المسألة في: المهذب: 2/140، حلية العلماء: 7/299-300، الروضة: 11/68. 4 في (أ) "إذا". 5 في (ب) "أترك". 6 المغني: 13/570، الإنصاف: 11/108. 7 منتهى الإرادات: 2/559. 8 مصادر الشافعية السابقة. 9 قول القاضي في المغني: 13/571. 10 تبيين الحقائق: 3/156، مجمع الأنهر: 1/580. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 و"ليقضينه حقه غدا" فأبرأه اليوم، أو أخذ عنه عوضا، أو منع من قضائه كرها، أو مات رب الحق فقضاه لورثته لم يحنث على الصحيح1. و"ليقضينه/2حقه عند رأس الهلال، أو مع أو إلى رأسه، أو استهلاله، أو عند أو مع رأس الشهر" فمحله عند غروب الشمس من آخر الشهر، ويحنث بعده، ولا يضر تأخر فراغ3 كيله أو وزنه أو عده، أو ذرعه لكثرته4. قال في شرح المنهاج5: "وكذا ابتداء –حينئذ- بأسباب القضاء ومقدماته كحمل الميزان"، أي: لا يحنث. وإن حلف: "لا أخذت حقك مني" فأكره على دفعه، أو أخذه حاكم/6 فدفعه إلى غريمه فأخذه حنث على الصحيح7 كحلفه: "لا تأخذ حقك الذي علي"، لا إن أكره قابض، ولا إن وضعه بين يديه أو في حجره، إلا إن كانت يمينه: "لا أعطيكه"، لبراءته8 بمثل هذا من ثمن، ومثمن، وأجرة،   1 هذا المذهب، وقيل: يحنث في ذلك كله. وانظر المغني: 13/577، المبدع: 9/321، 322، الإنصاف: 11/110،111، غاية المنتهى: 3/390. 2 نهاية لـ (33) من (ب) . 3 "فراغ" أسقطت من (ب) . 4 الشرح الكبير: 6/133، الإقناع: 4/355. 5 شرح المنهاج: 97/أ، وانظر شرح المحلي على المنهاج: 4/384، مغني المحتاج: 4/345. 6 نهاية لـ (31) من (أ) . 7 شرح منتهى الإرادات: 3/447. 8 بعد هذا زيادة في (ب) ، "قال في الإقناع: 4/356: إذا دفع ما عليه من الدين لربه ولم ينوه من الدين فمتبرع والدين باق عليه" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وزكاة ونحوها1. وإن حلف: "لا فارقتني/2 حتى استوفي حقي منك" ففارق أحدهما الآخر، طوعا لا كرها، قبل استيفاء حالف حنث على الصحيح3. و:"لا افترقنا، أو لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك" فهرب، أو فلسه حاكم، وحكم على الحالف بفراقه، أو لا، ففارقه لعلمه بوجوب مفارقته لعسرته حنث على الصحيح أيضا4. وكذا إن أبرأه، أو أذن له أن يفارقه، أو فارقه من غير إذن5، خلافا للشافعي6، والخرقي7؛ لأنه لم يفعل الفرقة8. ولا يحنث إذا أكرها9، أو قضاه بحقه عوضا عنه10، خلافا للقاضي في هذه11.   1 كشاف القناع: 6/266، وشرح المنتهى الصفحة السابقة. 2 نهاية لـ (20) من الأصل. 3 المغني: 13/580. 4 المغني: 13/581، الإنصاف: 11/113، شرح المنتهى: 3/447. 5 الشرح الكبير: 6/133، الإنصاف: 11/114. 6 المهذب: 2/140. 7 مختصر الخرقي: 246. 8 رد ابن قدامة أن هذا قول الخرقي، وقال في المغني 13/580: "وليس هذا قول الخرقي لأن الخرقي قال: "فهرب منه" فمفهومه أنه إذا فارقه بغير هرب أنه يحنث". 9 في (أ) : "ويحنث لا إذا أكرها". 10 المغني: 13/581-582، الإنصاف: 11/114-115. 11 فإنه قال: يحنث. وانظر قول القاضي في المصدرين السابقين نفس الصفحات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وفعل وكيل الحالف كفعله هو1، فإن فارقه قبل استيفاء الوكيل حنث وإلا فلا2. ولو حلف "لا يبيع زيدا" فباع ممن يعلم أنه يشتريه له حنث3. ولو توكل من حلف "لا يبيع" مثلا في بيع لم يحنث، أضافه لموكله أو لا، إلا أن تكون نيته، أو سبب اليمين الامتناع من فعل ذلك لنفسه وغيره فيحنث بذلك4.5 وإن كان الحق عينا فوهبت للحالف، وقبل الهبة حنث بفراقه لتركه الوفاء باختياره، لا إن قبضها حالف لربها قبل الهبة ثم وهبه إياها6. وإن كان حلف: "لا أفارقك ولك في قبلي حق" فأبريء، أو وهب له لم يحنث مطلقا7. وقدر الفراق: ما عد عرفا فراقا8. وإن حلف: "لا يكفل/9 مالا" فكفل بدنا وشرط البراءة من المال إن عجز عن إحضاره لم يحنث10، فإن لم يشترط البراءة حنث؛ لأنه يلزمه إذا عجز عن   1 الفروع: 6/393، غاية المنتهى: 3/391. 2 الشرح الكبير: 6/135. 3 الإنصاف: 11/90. 4 في (أ) ، (ب) زيادة "ولا فارقتك حتى أوفيك حقك، فأبريء منه، أو أكره على فراقه لم يحنث" وانظر في هذا: منتهى الإرادات: 2/560-561. 5 المغني: 13/495، الفروع: 6/393، شرح المنتهى: 6/448. 6 الإنصاف: 11/116، كشاف القناع: 6/267-268. 7 الإنصاف الصفحة السابقة، الإقناع: 4/356. 8 المقنع: 3/593. 9 نهاية لـ (34) من (ب) . 10 المغني: 13/618، الفروع: 6/394، الإنصاف: 11/90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 إحضاره1، خلافا لأبي حنيفة2، والشافعي 3كما قاله في الشرح4. وما نواه بيمينه مما يحتمله لفظه فهو على ما نواه5، على ما تقدم6. تتمة: من حلف على فعل شيء لا يبر إلا بفعل جميعه، وكذا حكم الترك7، فمن حلف "لأكلن هذا التمر"8 فأكله إلا واحدة حنث، و: "لا آكله" فأكله إلا واحدة لم يحنث9. قال في شرح المنهاج10: " (فصل) : حلف/11 لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر فأكله إلا تمرة لم يحنث، لجواز أن تكون هي المحلوف عليها   1 المصادر السابقة، وشرح المنتهى: 3/448. 2 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 126، المبسوط: 9/20-21. 3 الأم: 7/80. 4 الشرح الكبير: 6/132. 5 المبدع: 9/281ن الكشاف: 6/242. 6 انظر ص122 من هذا الكتاب. 7 هذا المذهب ما لم يكن له قرينة أو سبب أو نية، وعن أحمد رواية: لا يحنث بفعل البعض أو تركه. وانظر المغني: 13/557-558، الفروع: 6/388، الإنصاف: 11/117. 8 في (ب) "هذه الثمرة". 9 المصادر السابقة، والمبدع: 9/372. 10 شرح المنهاج: 96/أ، وانظر شرح المحلي على المنهاج: 4/283، مغني المحتاج: 4/343، نهاية المحتاج: 8/203. 11 نهاية لـ (32) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 والأصل براءة الذمة، وكذا الحكم لو ضاع من الجميع تمرة، أو: "ليأكلنها": فاختلطت، لم يبر إلا بالجميع لاحتمال أن تكون المتروكة هي المحلوف عليها، أو: "ليأكلن هذه الرمانة" فإنما يبر بجميع حبها؛ لأن يمينه تعلقت بالجميع، ولو قال: "لا آكلها" فنرك حبة لم يحنث، وهذا وإن صدق في العرف أنه أكل رمانة لكن من قال: ما أكلها، ليس حائدا عن الظاهر، فأداء العرف متردد، والوضع يقتضي الحنث1 فتعين" انتهى بحروفه.   1 كذا في الأصل، وفي (أ) ، (ب) : "عدم الحنث" وهو الموافق لما في قوت المحتاج 96/أ (خ) ، الذي نقل منه المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ( فصل: في الطلاق ) وهو لغة: التخلية1. وشرعا2: حل قيد3 النكاح أو بعضه4. وأجمعوا على مشروعيته5 للكتاب والسنة. ويباح عند حاجة إليه كسوء خلق المرأة وسوء6 عشرتها7، ويكره بلا حاجة8، وعنه9: يحرم. ويسن لتضررها بنكاح، ولتركها صلاة، وعفة10، وعنه11:   1 الصحاح: 4/1518، اللسان: 1/226-227، القاموس المحيط: 3/267-268 (طلق) . 2 المطلع: 333، منتهى الإرادات: 2/247، هداية الراغب: 479. 3 في (ب) "فيه". 4 في (ب) زيادة "أي: في البائن، أي في الرجعي". 5 الاختيار: 3/121، مقدمات ابن رشد: 1/497، الإشراف: 4/159-160، الشرح الكبير: 4/402. 6 في (أ) ، (ب) : "أو سوء". 7 الإقناع: 4/2. 8 هذا الصحيح من المذهب: الكافي: 3/159، الإنصاف: 8/429. 9 الإنصاف الصفحة السابقة. وانظر: مجموع الفتاوى: 32/277، المبدع: 7/250، الإنصاف الصفحة السابقة. 10 هذا الصحيح من المذهب. 11 الإنصاف: 8/430. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 يجب لتركها عفة، ولتفريطها في حقوق الله تعالى. قال الشيخ1: "إذا كانت تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال بل يفارقها وإلا كان ديوثا" انتهى. ويجب على المولي بعد التربص إن أبي الفيئة، وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأيا ذلك2، ويحرم في حيض أو طهر أصابها فيه، وهو مجمع3 على تحريمه4، ويسمى طلاق بدعة. واختار الشيخ تقي الدين5، وتلميذه ابن القيم6: عدم الوقوع في حيض أو صهر أصابها فيه، نص عليه في الإنصاف7 عنهما. والزوجة كالزوج فيسن لها أن تختلع إن ترك حقا لله تعالى8، ولا تجب طاعة أبويه ولو عدلين في طلاق/9 أو منع من تزويج نصا10.   1 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 32/143، الإقناع: 4/2. 2 المغني: 10/323. 3 "مجمع" أسقطت من (ب) . 4 بدائع الصنائع: 3/93-94، بداية المجتهد: 2/63، الحاوي: 10/114، الإفصاح: 2/148، الإقناع: 3/127. 5 مجموع الفتاوى: 33/7، الاختيارات: 438. 6 زاد المعاد: 5/221-241. 7 الإنصاف: 8/448. 8 كشاف القناع: 5/262. 9 نهاية لـ (359 من (ب) . 10 مجموع الفتاوى: 33/112، شرح المنتهى: 3/119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 ولا يصح الطلاق إلا من زوج1، لحديث: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" 2، ولو مميزا يعقله3، وعنه4: لا يقع وفاقا لبقية المذاهب5، وعنه6: لأب صغير ومجنون فقط الطلاق، نصره القاضي وأصحابه، وفي الترغيب7: "هي أشهر"8 وذكره الشيخ ظاهر المذهب9. ويصح الطلاق من حاكم على مول/10 بعد التربص إن أبى الفيئة11.   1 المبدع: 7/250-251. 2 ورد هذا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا، رواه ابن ماجة كتاب الطلاق، باب طلاق العبد: 1/672 رقم (2081) وقال محققه: "قال في الزوائد: في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف" والدارقطني في كتاب الطلاق: 4/37، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الخلع والطلاق، باب طلاق العبد بغير إذن سيده 7/360، وقال ابن القيم في الزاد 5/279: "والحديث وإن كان في إسناده ما فيه فالقرآن يعضده وعليه عمل الناس" انتهى. 3 المغني: 10/349، المبدع: 7/250-251، الكشاف: 5/262. 4 المصادر السابقة. 5 البحر الرائق: 3/263، الشرح الصغير: 2/542-543، الإشراف: 4/190. 6 المسائل الفقهية لأبي يعلى: 2/97، الإنصاف: 8/387. (الترغيب) كتاب في الفقه الحنبلي، من تأليف فخر الدين، محمد بن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني، الحنبلي الفقيه، المتوفى سنة (622هـ) . وانظر: طبقات الحنابلة: 2/151، المقصد الأرشد: 2/406، شذرات الذهب: 7/179. 8 ذكره في الإنصاف: 8/387. 9 المصدر السابق، واختيارات ابن تيمية: 435، مجموع الفتاوى: 34/204. 10 نهاية لـ (21) من الأصل. 11 المغني: 10/351. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 ويعتبر إرادة لفظه لمعناه، فلا طلاق لفقيه يكرره، ولاحاك ولو عن نفسه، ولا نائم، ولا زائل عقله بجنون أو إغماء أو برسام1، أو نشاف2/3 ولو بضربه نفسه4، لحديث "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه والمغلوب على عقله" 5. وكذا آكل بنج ونحوه كحشيشة6. وعند الشيخ: هي كالمسكر7. ويقع الطلاق ممن أفاق من جنون أو إغماء فذكر أنه طلق8، وكذا ممن شرب   1 البرسام: ورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان ويهذي. انظر المطلع: 292. 2 لم أقف على معناه، وأصله اليبس والجفاف. 3 نهاية لـ (33) من (أ) . 4 غاية المنتهى: 3/105، كشاف القناع: 5/263. 5 أخرجه بهذه اللفظة ابن عدي في الكامل: 5/2003، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا، وضعفه ابن القيم في زاد المعاد: 5/209. ورواد الترمذي، كتاب الطلاق باب طلاق المعتوه: 3/487 رقم (1191) مرفوعا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ المصنف إلا أنه حذف واو العطف فقال: "المعتوه المغلوب". قال الترمذي: "وهذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، ذاهب الحديث. وأخرج البخاري في صحيحه معلقا في كتاب الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره: 3/272 عن علي رضي الله عنه أنه قال: "وكل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه" والله أعلم. 6 الإنصاف: 8/438، شرح المنتهى: 3/120. 7 اختيارات ابن تيمية: 514، الإنصاف الصفحة السابقة. 8 الإقناع: 4/30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 ويعتبر إرادة لفظه لمعناه، فلا طلاق لفقيه يكرره، ولاحاك ولو عن نفسه، ولا نائم، ولا زائل عقله بجنون أو إغماء أو برسام1، أو نشاف2/3 ولو بضربه نفسه4، لحديث "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه والمغلوب على عقله" 5. وكذا آكل بنج ونحوه كحشيشة6. وعند الشيخ: هي كالمسكر7. ويقع الطلاق ممن أفاق من جنون أو إغماء فذكر أنه طلق8، وكذا ممن شرب   1 البرسام: ورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان ويهذي. انظر المطلع: 292. 2 لم أقف على معناه، وأصله اليبس والجفاف. 3 نهاية لـ (33) من (أ) . 4 غاية المنتهى: 3/105، كشاف القناع: 5/263. 5 أخرجه بهذه اللفظة ابن عدي في الكامل: 5/2003، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا، وضعفه ابن القيم في زاد المعاد: 5/209. ورواد الترمذي، كتاب الطلاق باب طلاق المعتوه: 3/487 رقم (1191) مرفوعا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ المصنف إلا أنه حذف واو العطف فقال: "المعتوه المغلوب". قال الترمذي: "وهذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، ذاهب الحديث. وأخرج البخاري في صحيحه معلقا في كتاب الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره: 3/272 عن علي رضي الله عنه أنه قال: "وكل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه" والله أعلم. 6 الإنصاف: 8/438، شرح المنتهى: 3/120. 7 اختيارات ابن تيمية: 514، الإنصاف الصفحة السابقة. 8 الإقناع: 4/30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 قال ابن المنذر1: "ثبت عدم الوقوع عن عثمان رضي الله عنه2، ولا نعلم أحدا من الصحابة رضي الله عنهم خالفه". وقال أحمد3: حديث عثمان أرفع شيء فيه، قاله في الشرح4،والذي عليه العمل وقوع طلاقه عقوبة له5. ولا يقع الطلاق من مكره على سكر6 لم يتجاوز بشربه ما أكره عليه، ولا ممن أكره ظلما بعقوبة أو تهديد له أو لولده من قادر بسلطنة، أو تغلب: كلص وقاطع طريق بقتل7، أو قطع طرف8، أو ضرب9، أو حبس، أو أخذ مال يضره كثيرا وظن إيقاع ما هدد به فطلق تبعا لقوله10. وقال الحنفية11: يقع.   1 الإشراف: 4/191. 2 رواه البخاري في صحيحه كتاب الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران: 3/272، معلقا بلفظ وقال عثمان: "ليس لمجنون ولا لسكران طلاق". 3 المغني: 10/347. 4 الشرح الكبير: 4/405. 5 قواعد ابن رجب: 230، الكشاف: 5/263-264. 6 في (ب) : "مسكر". 7 في (أ) ، (ب) : "بقتل متعلق بتهديد". 8 في (ب) "طرق". 9 في (ب) "أو طرب". 10 الإقناع: 3/4، شرح منتهى الإرادات: 3/120، 121. 11 الاختيار: 3/124، ملتقى الأبحر: 2/181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقال الشيخ1: "إن ظن أنه يضره بلا تهديد في نفسه أو أهله أو ماله لم يقع". وكمكره من سحر ليطلق، لا من شتم أو أخرق به2، بل يقع طلاقه3. وفي مختصر/4 ابن رزين5: "لا يقع من مكره بمضر وشتم وتوعد لسوقه"6. ولا يقال: لو كان الوعيد إكراها لكنا مكرهين على العبادات فلا ثواب؛ لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إننا مكرهون عليها والثواب بفضله لا مستحقا عليه عندنا، ثم العبادات تفعل للرغبة، قاله في الفروع7. ومن قصد إيقاعه دون دفع الإكراه، أو أكره على طلاق معينة فطلق غيرها، أو طلقة فطلق أكثر وقع، لا إن أكره على مبهمة فطلق معينة أو ترك التأويل بلا عذر8. وإن طلق المكره على طلاقها وغيرها وقع طلاق غيرها فقط9.   1 الاختيارات الفقهية: 436. 2 أي: وصف بالحمق وأهين وشتم. 3 منتهى الإرادات: 2/249. 4 نهاية لـ (36) من (ب) . 5 هو محمد بن أحمد بن علي بن رزين، نقل بعض المسائل عن الإمام أحمد. ولم أقف على تاريخ وفاته. ترجمته في: طبقات الحنابلة: 1/263، المقصد الأرشد: 2/337، المنهج الأحمد:1/326. 6 وذكر هذا أيضا صاحبا الفروع: 5/398، والإنصاف: 8/441. 7 الفروع: 5/369. 8 غاية المنتهى: 3/107،108. 9 المغني: 1/353. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وإكراه على عتق ويمين/1 وظهار كإكراه على طلاق2. تذنيب: إن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا أو جاهلا حنث في طلاق وعتق3 لوجود شرطهما وإن لم يقصده كأنت طالق عن قدم الحاج4. ولا يحنث في يمين مكفرة5. وعنه 6: لا يحنث في الجميع بل يمينه باقية، واختاره الشيخ7، وغيره8، لقوله تعالى9: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} 10. قال الشيخ تقي الدين11: "ويدخل في هذا من فعله متأولا إما تقليدا لمن أفتاه، أو مقلدا لعالم ميت مصيبا كان أو مخطئا، ويدخل في هذا إذا خالع وفعل   1 نهاية لـ (34) من (أ) . 2 الكشاف: 5/267. 3 في (ب) "أو عتق". 4 المغني: 13/446. 5 كشاف القناع: 5/361. 6 الإنصاف: 9/112، 114. 7 اختيارات ابن تيمية: 465. 8 منهم المجد ابن تيمية في المحرر: 2/81، وابن مفلح في الفروع: 6/389، والمرداوي في الإنصاف: 9/114. 9 المصادر السابقة، والمبدع: 7/370. 10 من الآية رقم (5) من سورة الأحزاب. 11 الاختيارات الفقهية: 465. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 المحلوف عليه معتقدا أن الفعل بعد الخلع لم يتناوله يمينه، أو فعل المحلوف معتقدا زوال النكاح ولم يكن كذلك" قال ذلك في الإقناع1 وشرحه2. (فصل) ولا يقع طلاق من غضب حتى أغمي عليه أو أغشي عليه3. وقال في الفروع4: "وعند شيخنا إن غيره ولم يزل عقله لم يقع لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد صحيح فهو كالمكره، ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه، وفي صحة حكمه الخلاف، وإنما انعقدت يمينه لأن ضررها يزول بالكفارة وهذا/5 إتلاف" انتهى. وقال في إعلام الموقعين6: "رفع صلى الله عليه وسلم حكم الطلاق عمن طلق في إغلاق7.   1 الإقناع: 4/46-47. 2 كشاف القناع: 5/361. 3 شرح منتهى الإرادات: 3/120. 4 الفروع: 5/365. 5 نهاية لـ (22) من الأصل. 6 إعلام الموقعين: 3/52. 7 ورد ذلك من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا "لا طلاق في إغلاق" رواه أحمد: 6/276، وأبو داود كتاب الطلاق باب الطلاق على غلط: 2/642 رقم (2193) ، وابن ماجة، كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي: 1/659 رقم (2046) ، والحاكم في المستدرك: 2/198، والدارقطني كتاب الطلاق: 4/36 رقم (99) والبيهقي في السنن الكبرى: 7/357، وفي معرفة السنن والآثار: 11/73 رقم (14809) ورمز له السيوطي بالصحة في الجامع الصغير 2/203، وحسنه الألباني في الإرواء: 7/113، وفي صحيح الجامع الصغير: 2/1250 رقم (7525) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 قال الإمام أحمد في رواية حنبل1: هو الغضب. وبذلك فسره أبو داود2. وهو قول القاضي إسماعيل بن إسحاق3/4 أحد أئمة المالكية، ومقدم فقهاء أهل العراق منهم، وهي عنده من لغو اليمين أيضا، فأدخل يمين الغضبان في لغو اليمين وفي يمين الإغلاق5.   1 إعلام الموقعين الصفحة السابقة. 2 سنن أبي داود: 2/643. 3 إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل أبو إسحاق الأزدي مولاهم، المالكي، قاضي بغداد، كان عالما متقنا فقيها، وتولى قضاء بغداد، ونشر مذهب مالك في العراق، له العديد من المصنفات منها: (أحكام القرآن) ، (الأموال والمغازي) مات ببغداد سنة (282هـ) . ترجمته في: الديباج المذهب: 92-95، سير أعلام النبلاء: 13/339ن الأعلام: 1/310. 4 نهاية لـ (73) من (ب) . 5 إعلام الموقعين: 3/52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وحكاه شارح أحكام1 عبد الحق2 عنه، وهو ابن بزيزة الأندلسي3، قال: "وهذا قول علي وابن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أن الأيمان المنعقدة كلها في حال الغضب لا تلزم4. وقد فسر الشافعي: "لا طلاق في إغلاق" 5 بالغضب، وفسره مسروق به فهذا مسروق والشافعي وأحمد وأبو داود والقاضي إسماعيل كلهم فسروا الإغلاق بالغضب6، وهو من أحسن التفسير؛ فإن الغضب: غول   1 الأحكام الصغرى. مطبوع متنه فقط في مجلدين (1415هـ) . 2 هو: عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي الإشبيلي، المعروف بابن الخراط، كان فقيها، حافظا، عالما بالحديث وعلله، عارفا بالرجال، موصوفا بالخير والزهد والصلاح والورع ولزوم السنة، من مصنفاته: (الأحكام الشرعية) وهي صغرى ووسطى وكبرى و (غريب القرآن والحديث) مات سنة (581هـ) . ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 21/198، شذرات الذهب:6/444، الأعلام: 3/281. 3 هو عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي، التميمي، التونسي، المالكي اشتهر بابن بزيزة، كان عالما فقيها جليلا، من أئمة المالكية، من مصنفاته: (الإسعاد في شرح الإرشاد) ، و (شرح الأحكام الصغرى) ، و (شرح التلقين) . مات سنة (662هـ) . ترجمته في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج: 178، معجم المؤلفين: 5/239. 4 إعلام الموقعين: 3/52. 5 انظر تخريج الحديث ص179-180. 6 إعلام الموقعين الصفحة السابقة، إغاثة اللهفان: 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 العقل يغتاله كما يغتاله الخمر وهو شعبة من/1 الجنون، ولا يشك فقيه النفس في أن هذا لا يقع طلاقه، ولهذا قال حبر الأمة الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين: "إنما الطلاق عن وطر" ذكره البخاري في صحيحه2، أي: عن غرض صحيح3 من المطلق في وقوعه، وهذا من كمال فقهه رضي الله عنه، وإجابة الله دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم، إذ الألفاظ إنما تترتب عليها موجباتها لقصد اللافظ بها". انتهى كلام ابن القيم في إعلام الموقعين4. قلت: تلخص مما ذكر أن ابتداء الغضب قبل الإغلاق لا يمنع وقوع الطلاق قولا واحدا؛ لأن وجود الشيء اليسير كلا وجود، وأن شدته تمنع الوقوع ولو لم تزل العقل عند قوم، وأنه في هذه الحالة من لغو اليمين عند آخرين، والمفتى به: إن5 أغمي على المطلق أو أغشي عليه من الغضب لم يقع، وإلا وقع6 والله تعالى أعلم.   1 نهاية لـ (35) من (أ) . 2 صحيح البخاري كتاب الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره: 3/272. 3 "صحيح" أسقطت من (أ) ، (ب) . 4 إعلام الموقعين: 3/52-53. 5 في (أ) ، (ب) : "أنه إن". 6 شرح منتهى الإرادات: 3/120، كشاف القناع: 5/265. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 فصل: التوكيل في الطلاق ... (فصل) ومن صح طلاقه من بالغ ومميز يعقله صح توكيله وتوكله فيه1، ولوكيل لم يحد له موكله حدا أن يطلق متى شاء، لا وقت بدعة، فإن فعل حرم ولم يقع2 خلافا لصاحب الإقناع3. وليس لوكيل أن يطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعله له4، ولا يملك الوكيل تعليق الطلاق على شرط إلا أن يأذن له موكله5، وإن وكل اثنين لم ينفرد أحدهما بالطلاق إلا بإذن من الموكل6، وإن قال لزوجته: "طلقي نفسك" كان لها ذلك متراخيا كوكيل7، ويبطل توكيل زوجة أو غيرها8 برجوع زوج عنه9، وبما يدل على الرجوع كوطء؛ لأن ذلك عزل 10، وتملك زوجة الثلاث في: "طلاقك بيدك"11   1 المغني: 10/385، هداية الراغب: 480. 2 الإنصاف: 8/444-445. 3 الإقناع: 4/5. 4 الشرح الكبير: 4/409. 5 الكشاف: 5/268-269. 6 المقنع: 3/126. 7 كشف المخدرات: 2/124. 8 في (أ) ، (ب) "أو غيرها في طلاق". 9 "عنه" أسقطت من (ب) . 10 شرح المنتهى: 3/122-123. 11 غاية المنتهى: 3/109. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 ووجب على النبي/1 صلى الله عليه وسلم تخيير نسائه2، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ... } 3 الآية، فخيرهن، وبدأ بعائشة، فقالت: إني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت. متفق عليه4 مختصرا.   1 نهاية لـ (38) من (ب) . 2 المغني: 1/392، زاد المعاد: 5/285-286. 3 من الآية (28) من سورة الأحزاب. 4 ورد من حديث عائشة رضي الله عنها، رواه البخاري في صحيحه كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأحزاب: 3/175، ومسلم كتاب الطلاق: 2/1103 رقم (22) (1475) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 فصل: طلاق السنة ... (فصل) السنة لمريده إيقاع واحدة في طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، أي: فلا يتبعها طلاقا1 قبل انقضاء عدتها2. فلو طلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار كان حكم ذلك/3 حكم جمع4 الثلاث في طهر واحد وهو بدعة محرم5.   1 في (أ) ، (ب) "طلاقا آخر". 2 المذهب الأحمد: 140، شرح الزركشي: 5/371-372. 3 نهاية لـ (36) من (أ) . 4 في (أ) "جميع". 5 الإنصاف: 8/448، شرح المنتهى: 3/124. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 قال أحمد1: طلاق السنة واحدة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض. وبه قال مالك2، والشافعي3. وقال أبو حنيفة4 والثوري5: السنة أن يطلقها ثلاثا في كل قرء طلقة، وهو قول سائر الكوفيين6، قاله في الشرح7. والطلاق في طهر متعقب لرجعة من طلاق في حيض بدعة8. ولا سنة ولا بدعة لغير مدخول بها، ولا لصغيرة وآيسة/9 ومن بان حملها، فلو قال لإحداهن: "أنت طالق للسنة" أو "للبدعة" طلقت في الحال، و"للسنة طلقة وللبدعة طلقة"10 وقعتا في الحال. ويدين في غير آيسة إذا قال: أردت إذا صارت من أهل ذلك، ويقبل حكما11.   1 المغني: 10/326. 2 التفريع: 2/73، القبس: 2/723. 3 الأم: 5/193، الحاوي: 1/114. 4 المبسوط: 6/4، بدائع الصنائع: 3/89. 5 قول الثوري في: المغني: 10/326. 6 المبسوط، والبدائع، الصفحات السابقة، والاختيار: 3/121-122. 7 الشرح الكبير: 4/411. 8 الإنصاف: 8/451. 9 نهاية لـ (23) من الأصل. 10 "طلقة" أسقطت من (أ) ، (ب) . 11 منتهى الإرادات: 2/251. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وإن طلق مدخولا بها في حيض أو طهر وطء فيه ولم يتضح حملها فهو بدعة محرم، ويقع نصا1. وقال في الفروع2: "ولم يوقع شيخنا طلاق حائض وفي طهر وطيء فيه" انتهى. وقال في الإنصاف3: "واختار تقي الدين4 وتلميذه ابن القيم5 عدم الوقوع" انتهى بمعناه. ومنع ابن عقيل في الواضح6: وقوعه في حيض؛ لأن النهي للفساد. واختار عدم الوقوع الشيخ تقي الدين، قال في البغدادية الصغرى7: "وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر "مره فليراجعها" 8، لما9 قال له10: إن ابني طلق امرأته حائضا، مما تنازع العلماء في فهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم، ففهم منه طائفة من العلماء: أن11 الطلاق قد لزمه، وفهم طائفة أخرى: أن الطلاق لم يقع   1 الإنصاف: 8/448، شرح المنتهى: 3/125. 2 الفروع: 5/372. 3 الإنصاف: 8/448. 4 اختيارات ابن تيمية: 438. 5 زاد المعاد: 5/221. 6 نقله عنه في الفروع: 5/372. 7 مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 33/21-22. 8 من حديث ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما في طلاق امرأته، رواه البخاري كتاب الطلاق: 3/268، ومسلم كتاب الطلاق: 2/1093 رقم (1) (1471) . 9 في (أ) ، (ب) : "أي: لما". 10 في (ب) "قاله". 11 "أن" أسقطت من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ولكنه1 لما فارقها ببدنه قال لعمر: "مره فليراجعها" 2 ولم يقل له3: فليرتجعها، والمراجعة مفاعلة من الجانبين، أي: ترجع ببدنها ويرجع إليها ببدنه فيجتمعان كما كانا لأن الطلاق لم يلزمه، فإذا جاء الوقت الذي أباح الله فيه4 الطلاق طلقها حينئذ إن شاء. قال هؤلاء: ولو كان الطلاق/5 قد لزمه لم يكن للأمر بالرجعة ليطلقها طلقة ثانية فائدة، بل فيه مضرة عليها، فإن له أن يطلقها بعد الرجعة بالنص والإجماع، وحينئذ فيكون في الطلاق الثاني مع الأول تكثير الطلاق، وتطويل العدة، وتعذيب الزوجين جميعا، والشارع لا يأمر بذلك./6 قالوا: ولأنه لم يأمر ابن عمر بالإشهاد على الرجعة كما أمر الله ورسوله، ولو كان الطلاق قد وقع وهو يرتجعها لأمر7 بالإشهاد" انتهى ملخصا8. ولقد أطال الانتصار لهذا القول بكلام نفيس منه قوله9: "وقول الطائفة الثانية أشبه بالأصول والنصوص فإن القول الأول متناقض إذ الأصل الذي عليه السلف والفقهاء: أن العبادات والعقود المباحة التي حرمت   1 في (ب) "ولكنها". 2 سبق تخريجه قبل قليل، انظر حاشية رقم (8) من الصفحة السابقة. 3 "له" أسقطت من (أ) ، (ب) . 4 في الأًصل: "أباح فيه". 5 نهاية لـ (39) من (ب) . 6 نهاية لـ (37) من (أ) . 7 في (ب) "لا أمر". 8 مجموع فتاوى ابن تيمية: 33/21-23. 9 مجموع الفتاوى: 33/24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 في بعض الأحوال إذا فعلت على الوجه المحرم لم تكن لازمة صحيحة" وأطال1. وتسن2 رجعتها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها3 ولأنه بالرجعة يزيل المعنى الذي حرم الطلاق لأجله4، ولا تجب في ظاهر المذهب5. وهو قول الشافعي6، والأوزاعي7، والثوري8 وابن أبي ليلى9 والحنفية10. وحكى ابن أبي موسى11 عن أحمد12: أن الرجعة تجب. واختارها13.   1 في (ب) : "وأطال رحمه الله تعالى". 2 في (ب) زيادة "وعلى المعمول به فتسن". 3 في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابقة تخريجه ص: 134. 4 المغني: 10/328. 5 الإنصاف: 8/450. 6 روضة الطالبين: 8/5، مغني المحتاج: 3/309. 7 كذا ورد قو ل الأوزاعي في المغني: 10/328، ونقل ابن المنذر في الإشراف: 4/307، عنه أنه قال: كان الرجل يؤمر بذلك أي الرجعة. 8 المغني: 10/328. 9 المغني الصفحة السابقة. 10 الأصح عندهم وجوب مراجعتها. وانظر: الاختيار: 3/123، مجمع الأنهر: 1/383. 11 هو: محمد بن أحمد ابن أبي موسى، أبو علي الهاشمي الحنبلي، إليه انتهت رئاسة المذهب في زمنه، من مصنفاته (الإرشاد) و (شرح مختصر الخرقي) ، مات سنة (428هـ) . ترجمته في: طبقات الحنابلة: 2/182، المنهج الأحمد: 2/114، شذرات الذهب: 5/138. 12 الهداية لأبي الخطاب: 2/5، المغني: 10/328. 13 انظر المصدرين السابقين: والإنصاف: 8/450. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وهو قول مالك1، وداود2، وقالا: يجبر على رجعتها لظاهر أمره صلى الله عليهن وسلم برجعتها3.   1 التفريع: 2/73، الشرح الصغير: 2/538. 2 المحلى: 10/162-163. 3 المصادر السابقة، وبداية المجتهد: 2/66، وحديث الأمر بالرجعة سبق ذكره ص186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ( فصل: الطلاق الثلاث ) وإيقاع ثلاث1 ولو بكلمات في طهر لم يصبها فيه –لا بعد رجعة أو عقد- محرم2. وفي رواية عن أحمد3: أن جمع الثلاث بفم غير محرم. اختارها الخرقي4. وهي مذهب الشافعي5وأبي ثور6 وداود7.   1 في (ب) "الثلاث". 2 منتهى الإرادات: 2/251. 3 الإنصاف: 8/452. 4 مختصر الخرقي: 185. 5 اختلاف الحديث للشافعي: 189، الأم: 5/196-197، الحاوي: 10/118-119. 6 الإشراف: 4/163. 7 المحلى: 10/173. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وتقع الثلاث، وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق فيه بين المدخول بها وغيرها1 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} 2 إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} 3. ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت: "يا رسول الله، أرأيت لو أني طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن أراجعها، قال: "إذا عصيت ربك وبانت منك امرأتك" رواه الدارقطني4. ولما روى أيضا بإسناده عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: طلق بعض آبائي امرأته ألفا، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا/5 فهل له من مخرج فقال: "إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من أمره مخرجا، بانت منه بثلاث على غير   1 المغني: 10/334، شرح منتهى الإرادات: 3/124. 2 من الآية رقم (1) من سورة الطلاق. 3 من الآية رقم (4) من سورة الطلاق. 4 سنن الدارقطني كتاب الطلاق: 4/31 رقم (84) ورواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الخلع والطلاق، باب ما جاء في إمضاء الطلاق الثلاث وإن كن مجموعات: 7/333، والحديث ضعفه غير واحد من العلماء. وانظر: نيل الأوطار: 6/228، التعليق المغني: 4/31، إرواء الغليل: 7/119. 5 نهاية لـ (30) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 السنة، وتسعمائة/1 وسبعة/2 وتسعون إثم في عنقه" 3. ولما روي4 أيضا عن علي رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه سلم رجلا طلق البتة، فغضب، وقال: "تتخذون آيات الله هزوا ولعبا، من طلق البتة ألزمناه ثلاثا، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره". ولأن النكاح ملك يصح إزالته متفرقا فصح مجتمعا كسائر الأملاك5. وقال الشارح6: "هو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم، وكان عطاء وطاووس وسعيد بن جبير وأبو الشعثاء7 وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثا فهي واحدة8" انتهى.9   1 نهاية لـ (38) من (أ) . 2 نهاية لـ (24) من الأصل. 3 رواه عبد الرزاق في مصنفه كتاب الطلاق: 6/393 رقم (11339) ، والدارقطني كتاب الطلاق: 4/20 رقم (53) وضعفه، وابن عدي في الكامل: 4/1631، وضعفه ابن القيم وغيره. وانظر مجمع الزوائد: 4/338، زاد المعاد: 5/262، نيل الأوطار: 6/232. 4 سنن الدارقطني كتاب الطلاق: 4/20 رقم (55) ، وقال: "فيه إسماعيل ابن أبي أمية، كوفي ضعيف الحديث". 5 المغني: 10/334. 6 الشرح الكبير:4/414. 7 هو جابر بن زيد الأزدي. 8 الإشراف: 4/163. 9 في (أ) ، (ب) زيادة "وقال القهستاني في شرح النقاية في أوائل كتاب الطلاق ما لفظه: "واعلم أن في الصدر الأول إذا أرسل الثلاث جملة لم يحكم إلا بوقوع واحدة إلى زمن عمر رضي الله عنه، ثم حكم بوقوع الثلاث سياسة لكثرته بين الناس. وتمامه في التمر تاشي" انتهى بحروفه" وانظر شرح النقاية "جامع الرموز: 1/302" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وقال ابن القيم في إعلام الموقعين1: "إن المطلق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن أبي بكر وصدرا من خلافة عمر، كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة، كما ثبت ذلك في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فروى مسلم2 في صحيحه عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس: "كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: "إن الناس استعجلوا3 في أمر لهم4 فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم"5. وفي صحيحه أيضا6: عن طاووس أن أبا الصهباء7 قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر؟ " فقال ابن عباس: "نعم".   1 إعلام الموقعين: 3/30. 2 صحيح مسلم، كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث: 2/1099 رقم (15) (1472) . 3 في (أ) ، (ب) : "قد استعجلوا" وهو الموافق لما في الصحيح. 4 في (أ) ، (ب) : "كانت لهم"، وفي الصحيح: "قد كانت لهم". 5 "فأمضاه عليهم" أسقطت من (ب) . 6 صحيح مسلم، كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث: 2/1099 رقم (16) (1472) . 7 هو: صهيب البكري، أبو الصهباء البصري مولى ابن عباس رضي الله عنهما، روى عنه، وعن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهم، وحدث عنه سعيد ابن جبير وطاووس ويحي بن الجزار وغيرهم. ترجمته في: الجرح والتعديل: 4/444، تهذيب الكمال: 13/241، ميزان الاعتدال: 2/321. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وفي مستدرك الحاكم1 من حديث عبد الله بن المؤمل2 عن ابن أبي مليكة3 أن أبا الجوزاء4 أتى ابن عباس فقال: "أتعلم أن ثلاثا كن يرددن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى واحدة؟ " قال: "نعم" قال الحاكم5: "هذا حديث صحيح/6. وقال الإمام أحمد/7 في مسنده8: ثنا سعد بن إبراهيم9، ثنا   1 المستدرك كتاب الطلاق: 2/196. 2 عبد الله بن المؤمل القرشي، المخزومي، كان قاضيا بمكة، ضعفه بعضهم ووثقه آخرون، مات سنة (169هـ) .د ترجمته في: الجرح والتعديل: 5/175، تهذيب الكمال: 16/187، ميزان الاعتدال: 2/510. 3 هو: عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة، القرشي التيمي، من أعلام التابعين، كان فقيها صاحب حديث وإتقان، وثقه غير واحد من الأئمة، مات سنة (117هـ) . ترجمته في: الجرح والتعديل: 5/60، تهذيب الكمال: 15/256، شذرات الذهب: 2/80. 4 هو: أوس بن عبد الله الربعي البصري، ثقة من أعلام التابعين، قتل يوم الجماجم سنة (83هـ) . ترجمته في: حلية الأولياء: 3/78، تهذيب الكمال: 3/392، سير أعلام النبلاء: 4/371. 5 المستدرك: 2/196. 6 نهاية لـ (39) من (أ) . 7 نهاية لـ (41) من (ب) . 8 مسند أحمد: 1/265، وسيأتي الكلام عليه في آخره، وبقية من أخرجه. 9 سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، أبو إسحاق الزهري، وثقه ابن معين، وقال أحمد: لم يكن به بأس، مات سنة (201هـ) . ترجمته في: تاريخ بغداد: 9/123، تهذيب الكمال: 10/238، سير أعلام النبلاء: 9/493. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 أبي1 عن محمد بن إسحاق2، قال: حدثني داود بن الحصين3 عن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس قال: "طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني عبد المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحرزن عليها حزنا شديدا، قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف طلقتها؟ " قال: "طلقتها ثلاثا" قال: فقال: "في مجلس واحد" قال: "نعم" قال: "فإنما تلك4 واحدة   1 أبوه: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بت عبد الرحمن بن عوف القرشي، مات سنة (183هـ) ترجمته في: تهذيب الكمال: 2/88. 2 محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار القرشي، مولاهم، رأى أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من أقدم مؤرخي العرب، وله كتاب (السيرة النبوية) هذبها ابن هشام، مات سنة (151هـ) . ترجمته في: الجرح والتعديل: 7/191، تهذيب الكمال: 24/405، الأعلام: 6/28. 3 داود بن الحصين، أبو سليمان الأموي مولاهم المدني، حدث عن أبيه، وعكرمة، والأعرج، وروى عنه ابن إسحاق، ومالك وغيرهما، مات سنة (135هـ) . ترجمته في: الجرح والتعديل: 3/408، سير أعلام النبلاء: 6/106، ميزان الاعتدال: 2/5. 4 في النسخ الثلاث "تملك" وما أثبته من المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 فأرجعها إن شئت"، قال: فراجعها، فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر1. وقد صحح الإمام أحمد هذا الإسناد2. ثم3 قال ابن القيم4: "والأئمة الكبار العارفون بعلل الحديث والفقه، كالإمام أحمد، وأبي عبيد، والبخاري، ضعفوا حديث البتة5، وبينوا أن رواته قوم مجاهيل لم تعرف عدالتهم، وضبطهم، وأحمد ثبت حديث الثلاث، وبين أنه الصواب". ثم قال ابن القيم6: "والمقصود أن عمر بن الخطاب لم يخف عليه أن هذا هو السنة، وأنه توسعة من الله تعالى لعباده إذ جعل الطلاق مرة بعد مرة، وإنما أمضاه سياسة، فإن ما كان مرة بعد مرة لا يملك7 المكلف إيقاع مراته كلها دفعة واحدة كاللعان، فإنه لو قال: "أشهد بالله أربع شهادات إني لمن الصادقين" كان مرة واحدة8، ولو حلف في القسامة وقال: "أقسم بالله   1 وأخرجه بهذا السياق غير الإمام أحمد أبو يعلى في مسنده: 4/379 رقم (2500) ، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الخلع والطلاق باب من جعل الثلاث واحدة: 7/339، وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 3/18: "إسناده جيد" وصحح ابن القيم إسناده في زاد المعاد: 5/263. 2 إعلام الموقعين: 3/31، وانظر: مجموع الفتاوى وزاد المعاد. الصفحات السابقة. 3 "ثم" أسقطت من (أ) . 4 إعلام الموقعين: 3/32. 5 وانظر: نيل الأوطار: 6/227، والتعليق المغني: 4/34. 6 إعلام الموقعين: 3/33. 7 في (أ) ، (ب) : "لم يملك" وهو الموافق لما في الإعلام. 8 المقنع: 3/255، المغني: 11/176-177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 خمسين يمينا أن هذا قاتله" كان ذلك يمينا واحدة1، ولو قال المقر بالزنا "أنا أقر أربع مرات أني زنيت" كان مرة واحدة2 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال في يومه سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر" 3، فلو قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يحصل له هذا الثواب حتى يقولها مرة بعد مرة4. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمده ثلاثا وثلاثين ... " الحديث5، لا يكون عاملا به حتى يقول ذلك مرة/6 بعد مرة، لا يجمع الكل بلفظ واحد7. وهذا كما أنه في الأقوال والألفاظ/8 فكذلك هو في الأفعال سواء، كقوله تعالى:   1 المغني: 12/204. 2 المقنع: 3/462-463. 3 ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه البخاري كتاب الدعوات باب فضل التسبيح: 4/114، ومسلم كتاب الذكر والدعاء باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء: 4/2071 رقم (2691) . 4 مجموع الفتاوى: 33/11. 5 ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة/ باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته: 1/418 رقم (597) . 6 نهاية لـ (25) من الأصل. 7 مجموع الفتاوى: 33/12. 8 نهاية لـ (40) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} 1 إنما هو مرة بعد مرة2، وكذا قول ابن عباس رضي الله عنهما/3: "رأى محمد ربه بفؤاده مرتين"4 إنما هو مرة بعد مرة5، وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" 6 إنما هو مرة بعد7 مرة8. فهذا المعقول من اللغة والعرف9. فالأحاديث المذكورة، وهذه النصوص المذكورة، وقوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} 10 كلها من باب واحد ومشكاة واحدة، فالأحاديث المذكورة تفسر المراد من قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ، كما أن حديث اللعان11   1 من الآية (101) من سورة التوبة. 2 معالم التنزيل للبغوي: 4/89، فتح القدير للشوكاني: 2/398. 3 نهاية لـ (42) من (ب) . 4 رواه مسلم، كتاب الإيمان: 1/158 رقم (285) (176) . 5 زاد المعاد: 3/38، شرح صحيح مسلم للنووي: 3/7. 6 ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه البخاري، كتاب الأدب باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين: 4/70،ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين: 4/2295 رقم (2998) . 7 "إنما هو مرة بعد مرة" أسقطت من (أ) ، (ب) . 8 شرح السنة: 13/88، شرح صحيح مسلم لنووي: 18/125. 9 إعلام الموقعين: 3/33. 10 من الآية (229) من سورة البقرة. 11 هو حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، في قصة لعان عويمر العجلاني امرأته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر الحديث في: صحيح البخاري كتاب الطلاق، باب من أجاز طلاق الثلاث: 3/269، ومسلم، كتاب اللعان: 2/1129 رقم (1492) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 تفسير لقوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ... } 1. فهذا كتاب الله، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه لغة العرب، وهذا عرف التخاطب، وهذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة كلهم2 معه في عصره، وثلاث سنين من عصر عمر وهم يزيدون على الألف قطعا على هذا المذهب"3. ثم قال4:5 "ولهذا ادعى بعض أهل العم أن هذا إجماع قديم، ولم تجمع الأمة –ولله الحمد- على خلافه، بل لم يزل فيهم من يفتي به قرنا بعد قرن، وإلى يومنا هذا، فأفتى به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، كما رواه حماد بن زيد، عن أيوب6 عن عكرمة عن ابن عباس "إذا قال أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحد7. وأفتى بالثلاث8، أفتى بهذا وهذا.   1 من الآية (6) من سورة النور. 2 "كلهم" أسقطت من (أ) . 3 إعلام الموقعين: 3/34. 4 في (أ) ، (ب) : "ثم قال ابن القيم". 5 إعلام الموقعين: 3/34. 6 أيوب السختياني، أبو بكر بن أبي تميمة العنزي بالولاء، من صغار التابعين، مات بالبصرة سنة (131هـ) ز ترجمته في: حلية الأولياء: 3/2، تهذيب الكمال: 3/457، شذرات الذهب: 2/135. 7 سنن أبي داود، كتاب الطلاق: 2/648. 8 اختلاف الحديث للشافعي: 187، الإشراف: 4/164، معرفة السنن والآثار: 11/37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وأفتى1 به الزبير بن العوام2، وعبد الرحمن بن عوف 3 حكاه عنهما4 ابن وضاح5. وعن علي وابن مسعود روايتان كما عن ابن عباس6. وأما التابعون فأفتى به عكرمة، رواه إسماعيل بن إبراهيم7 عن أيوب عنه8.   1 في (أ) ، (ب) : "وأفتى بأنها واحدة". 2 قولهما في: الجامع للقرطبي: 3/132، الإنصاف: 8/455، فتح الباري: 9/363، نيل الأوطار: 6/231. 3 قولهما في: الجامع للقرطبي: 3/132، الإنصاف: 8/455، فتح الباري: 9/363، نيل الأوطار: 6/231. 4 وذكر هذا أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: 33/83. 5 هو: محمد بن وضاح بن بزيع المرواني بالولاء القرطبي، أحد علماء الحديث من أهل الأندلس، كان ورعا زاهدا، صبورا على نشر العلم، متعففا صنف كتبا منها: (البدع والنهي عنها) ، و (القطعان) في الحديث، و (العباد والعوابد) ، مات سنة (286هـ) . ترجمته في: الديباج المذهب: 239، سير أعلام النبلاء: 13/445، الأعلام: 7/133. 6 انظر الروايتين في: مصنف عبد الرزاق: 6/394، 395، وابن أبي شيبة: 4/61-62، والسنن الكبرى للبيهقي: 7/332، 335، 339، والجامع للقرطبي: 3/132، والمحلى: 10/172، 173. 7 هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، المعروف بابن علية، من كبار الفقهاء، قال عنه يحي بن معين: كان ثقة مأمونا صدوقا مسلما ورعا تقيا، مات سنة (193هـ) . ترجمته في: تهذيب الكمال: 3/23، ميزان الاعتدال: 1/216، شذرات الذهب: 2/428. 8 زاد المعاد: 5/248. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وأفتى به طاووس1. وأما تابعو2 التابعين، فأفتى به محمد بن إسحاق، حكاه الإمام أحمد وغيره عنه3. وأفتى4 به خلاس بن عمرو5، والحارث العكلي6. وأما أتباع تابعي التابعين فأفتى به داود بن علي وأكثر أصحابه7.   1 المصدر السابق. 2 "تابعو" أسقطت من (أ) . 3 زاد المعاد: الصفحة السابقة، فتح الباري: 9/362. 4 إعلام الموقعين: 3/35. 5 خلاس بن عمرو الهجري، من التابعين، روى عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب وعمار بن ياسر رضي الله عنهم، وثقه الإمام أحمد وغيره. ترجمته في: الجرح والتعديل: 3/402، تهذيب الكمال: 8/364، سير أعلام النبلاء: 4/491. 6 الحارث بن يزيد العكلي التيمي، أحد الفقهاء، وثقه جمع من العلماء. ترجمته في: طبقات ابن سعد: 6/325، الجرح والتعديل: 3/93ن تهذيب الكمال: 5/308. 7 المحلى: 10/172-173. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وأفتى به بعض أصحاب مالك، حكاه/1 التلمساني2 في شرح تفريع ابن الجلاب3 قولا لبعض المالكية4. وأفتى به بعض الحنفية، حكاه أبو بكر الرازي عن محمد بن مقاتل5. وأفتى به بعض أصحاب أحمد، حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية6 عنه، قال7: "وكان الجد فتي به أحيانا"8/9   1 نهاية لـ (41) من (أ) . 2 هو: محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الخزرجي التلمساني، المالكي من فقهاء المالكية، نزل الإسكندرية، وكان من صلحاء العلماء، من مصنفاته: شرح التفريع لابن الجلاب، مات سنة (655هـ) . ترجمته في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج: 229، معجم المؤلفين: 8/206. 3 عبيد الله بن الحسن، أبو القاسم، ابن الجلاب، المالكي، كان أفقه المالكية في زمانه صنف (التفريع) في فقه المالكية مطبوع، وله كتاب آخر في (مسائل الخلاف) ، مات سنة (378هـ) . ترجمته في: الديباج المذهب: 146، سير أعلام النبلاء: 16/383، شذرات الذهب: 4/415. 4 انظر الجامع للقرطبي: 3/132، سراج السالك: 2/81، الشرح الصغير: 2/538، حاشية العدوي: 2/73. 5 إعلام الموقعين: 4/35، هو: محمد بن مقاتل الرازي، قاضي الري، (ت 248هـ) ، ترجمته في: الجواهر المضية: 3/372، ميزان الاعتدال: 4/47. 6 مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 33/84. 7 في (ب) : "قال ابن تيمية". 8 في (ب) زيادة "وكان يفتي به ابن تيمية نفسه بحيث نسب إليه هذا القول دون غيره". 9 نهاية لـ (43) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وأما الإمام أحمد نفسه فقد قال الأثرم1: "سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر واحدة بأي شيء تدفعه؟ " قال: "برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه"2، فقد صرح بأنه إنما ترك القول به لمخالفة راويه3 له، وأصل مذهبه وقاعدته التي بنى عليها: أن الحديث إذا صح لا يرده بمخالفة راويه4 له، بل الأخذ عنده بما رواه، وعلى أصله يخرج له قول: أن الثلاث واحدة، فإنه إذا صرح بأنه إنما ترك الحديث لمخالفة الراوي، وصرح في عدة مواضع: أن مخالفة الراوي لا توجب ترك الحديث خرج له في المسألة قولان"5. ثم قال ابن القيم6: "فجاء أئمة الإسلام فمضوا على آثار الصحابة قاصدين رضى الله ورسوله7، وإنفاذ دينه، فمنهم من ترك القول بحديث ابن عباس   1 هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الأثرم الطائي، الحافظ، العلامة، تلميذ الإمام أحمد، نقل عنه الكثير من المسائل، له العديد من المصنفات منها: (السنن) ، (الناسخ والمنسوخ في الحديث) ، (علل الحديث) مات سنة (273هـ) وقيل غير ذلك. ترجمنه في: طبقات الحنابلة 1/66، المقصد الأرشد: 1/161، المنهج الأحمد: 1/218. 2 المغني: 10/334، وحديث ابن عباس سبق تخريجه ص192. 3 في (ب) "رواية". 4 في (ب) "رواية". 5 إعلام الموقعين: 3/35. 6 إعلام الموقعين: 3/37. 7 في (ب) "رضى ورسوله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 لظنه أنه منسوخ1. وقال المانعون من لزوم2 الثلاث3: النسخ لا يثبت بالاحتمال، ولا ترك الحديث4 المعصوم بمخالفة راويه5 له، فإن مخالفته غير معصومة، فقد قدم الشافعي رواية ابن عباس في شأن بريرة على فتواه التي تخالفها في كون بيع الأمة طلاقها6.   1 المصدر السابق، واختلاف الحديث: 187-190، شرح صحيح مسلم: 10/71-72. 2 في (ب) "لزم". 3 إعلام الموقعين: 3/38. 4 "الحديث"أسقطت من (أ) . 5 في (ب) "رواية". 6 انظر: الحاوي: 5/277-278.، شرح صحيح مسلم: 10/143، فتح الباري: 9/404، 412، زاد المعاد: 5/130، 136. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وأخذ1 هو وأحمد2/3وغيرهما4 بحديث أبي هريرة: "من استقاء فعليه القضاء" 5 وقد خالفه أبو هريرة وأفتى بأنه لا قضاء عليه6. وأخذت الحنفية7 بحديث ابن عباس: "كل الطلاق جائز إلا طلاق   1 الأم: 2/110. 2 المغني: 4/368. 3 نهاية لـ (26) من الأصل. 4 الإقناع لابن المنذر: 1/193، المجموع: 6/320، ملتقى الأبحر: 1/200، بداية المجتهد: 1/340. 5 رواه أحمد في المسند: 2/498، وأبو داود، كتاب الصوم: 2/2776 رقم (2380) والترمذي، أبواب الصوم: 3/90 رقم (720، وقال: "حديث حسن غريب"، والنسائي، كتاب الصيام: 2/215 رقم (3130) وابن ماجة، كتاب الصيام: 1/536 رقم (1676) واللفظ له، وابن حبان في صحيحه: 8/284 رقم (3518) والحاكم: 1/427 وصححه، والدارقطني، كتاب الصيام: 2/184 رقم (20) والبيهقي في السنن الكبرى: 4/219، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 4/50. 6 روى البخاري في صحيحه، كتاب الصيام، باب الحجامة والقيء للصائم 1/332 معلقا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إذا قاء فلا يفطر، إنما يخرج ولا يولج، ويذكر عن أبي هريرة: أنه يفطر والأول أصح". قال الحافظ في الفتح 4/175: "ويمكن الجمع بين قول أبي هريرة: "إذا قاء لا يفطر" وبين قوله: "أنه يفطر" مما فصل في حديثه المرفوع، فيحتمل قوله: "قاء" أنه تعمد القيء واستدعى به" انتهى. 7 بدائع الصنائع: 7/182، الاختيار: 3/124، البحر الرائق: 3/264. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 المعتوه" 1 قالوا: وهذا صريح في طلاق المكره، وقد صح عن ابن عباس2: "ليس لمكره ولا لمضطهد3 طلاق". وأخذوا4 هم والحنابلة5 بحديث علي وابن عباس: "صلاة/6 الوسطى صلاة العصر" 7، وقد ثبت عن علي وابن عباس: أنها صلاة الصبح8. وأخذ الأئمة الأربعة9 وغيرهم10 بخبر عائشة في التحريم بلبن الفحل11،   1 سبق تخريجه ص: 174. 2 مصنف عبد الرزاق: 6/407رقم (11408) وابن أبي شيبة: 4/82 رقم (8027) واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى: 7/358. 3 في (ب) "مضطهد". 4 الدر المنتقى: 1/70. 5 المقنع: 1/106. 6 نهاية لـ (42) من (أ) . 7 أما حديث علي رضي الله عنه، فرواه البخاري، كتاب الدعوات باب الدعاء على المشركين: 4/114، ومسلم كتاب المساجد: 1/437 رقم (205) (627) . وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقد رواه أحمد في المسند: 1/301 والطبراني: في المعجم الأوسط: 3/14 رقم (2016) وفي الكبير: 11/329 رقم (119059 والهيثمي في مجمع البحرين في زوائد المعجمين: 2/159 رقم (881) وقال في مجمع الزوائد 1/309: "رجاله موثوقون". 8 قولهما أنها الصبح في: معرفة السنن والآثار: 2/305، المنتقى للباجي: 1/247. 9 الدر المنتقى: 1/377، مقدمات ابن رشد: 1/490، الأم: 5/26، المغني: 9/520، 521، الإفصاح: 2/180، زاد المعاد: 5/564. 10 الإشراف: 4/113، بداية المجتهد: 2/38. 11 وقد رواه البخاري، كتاب النكاح، باب لبن الفحل: 4/244، ومسلم كتاب الرضاع، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل: 2/1069 رقم (1445) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وقد صح عنها خلافه1 وأنه كان يدخل عليها من أرضعته بنات إخوتها، ولا يدخل2 عليها من أرضعته نساء إخوتها، وهذا باب يطول تتبعه. وترى كثيرا من الناس إذا جاء الحديث يوافق قول من قلده وقد خالفه راويه3 يقول: الحجة فيما روى لا في قوله، فإذا جاء قول الراوي موافقا لقول من قلده، والحديث يخالفه قال: لم يكن الراوي يخالف ما رواه إلا وقد صح عنده/4 نسخه وإلا كان قدحا في عدالته، فيجمعون في كلامهم بين هذا وهذا، وقد5 رأينا هذا في الباب الواحد وهذا من أقبح التناقض. والذي ندين الله به، ولا يسعنا غيره وهو القصد في هذا الباب أن الحديث إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه، أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنا من كان لا راويه6 ولا غيره7، إذ من الممكن أن ينسي الراوي الحديث أو لا يحضره وقت الفتيا، أو لا يتفطن لدلالته على تلك المسألة، أو يتأول فيه   1 التمهيد: 8/243،معرفة السنن والآثار: 11/251، المحلى: 10/2-3، فتح الباري: 9/151. 2 قوله "ولا يدخل" إلى "أخوتها" أسقط من (أ) . 3 في (ب) "رواية". 4 نهاية لـ (44) من (ب) . 5 في (أ) ، (ب) "بل قد" وهو الموافق لما في الإعلام: 3/40. 6 في (ب) "لا رواية". 7 في (أ) زيادة بعد هذا: "فظهر بهذا اختياره لعدم وقوع الثلاث بفم واحد إذ صح حديثه ولم يصح حديث بنسخه، فتأمل ذلك فإنه طاهر من كلامه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 تأويلا مرجوحا، أو يقوم في ظنه ما يعارضه ولا يكون معارضا في نفس الأمر، أو يقلده1 غيره في فتواه بخلافه لاعتقاده أنه أعلم منه، وأنه إنما خالفه لما هو أقوى منه" انتهى كلام ابن القيم مختصرا2. وقد ذكر في الفروع قريبا منه3. وقال الفخر4 الرازي5 في تفسيره عند قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} 6 ما نصه7: المسألة الثانية: اختلف المفسرون في أن هذا الكلام حكم8 مبتدأ أو هو متعلق بما قبله. قال قوم: أنه حكم مبتدأ، ومعناه: أن/9 التطليق الشرعي يجب أن يكون طلقة بعد أخرى على التفريق، دون الجمع والإرسال دفعة واحدة.   1 في (ب) "ويقلده". 2 إعلام الموقعين: 3/40. 3 الفروع: 5/372-373. 4 "الفخر" أسقطت من (أ) ، (ب) . 5 هو: محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، المفسر، توفي سنة (606هـ) انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 21/500، شذرات الذهب: 7/40، الأعلام: 6/313. 6 من الآية (229) من سورة البقرة. 7 التفسير الكبير للرازي: 6/96. 8 "حكم" أسقطت من (ب) . 9 نهاية لـ (43) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وهذا1 التفسير هو2 قول من قال: الجمع بين الثلاث حرام، وزعم أبو زيد الدبوسي3 في الأسرار4 5: أن هذا هو قول عمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعمران بن الحصين وأبي موسى الأشعري وأبي الدرداء وحذيفة رضي الله عنهم"، ثم قال بعد6 أسطر7: "ثم القائلون بهذا القول اختلفوا على قولين: الأول: وهو اختيار كثير من علماء أهل البيت8، أنه: لو طلقها ثنتين أو ثلاثا لا يقع إلا واحدة، وهذا القول هو الأقيس؛ لأن النهي يدل على اشتمال المنهي عنه على مفسدة راجحة، والقول بالوقوع سعي في إدخال تلك المفسدة في الوجود، وأنه غير جائز، فوجب أن يحكم بعدم الوقوع.   1 في (أ) ، (ب) "فهذا". 2 في (ب) "وهو". 3 هو: عبد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، البخاري، أبو زيد، الحنفي، أول من وضع علم الخلاف وأبرزهن كان أحد العلماء الأذكياء، من مصنفاته (الأسرار) ، (تقويم الأدلة) (تأسيس النظر) مات ببخارى سنة (430هـ) . ترجمته في: الفوائد البهية: 109، وفيات الأعيان: 3/48، سير أعلام النبلاء: 17/521. 4 الأسرار: أحد مصنفات الدبوسي، وهو كتاب ضخم في عدة مجلدات، حقق معظم هذا الكتاب في رسائل علمية قدمت لقسم الفقه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 5 انظر قول الدبوسي في الأسرار. (الطلاق والعدة) 100-103. 6 في (ب) "بعض". 7 التفسير الكبير: 6/96. 8 كذا في النسخ الثلاث، وفي تفسير الرازي "من علماء الدين" وانظر التفسير الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 والقول الثاني: وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه1 وإن كان محرما إلا أنه يقع بناء على أن النهي لا يدل على الفساد" انتهى2. ثم ذكر/3 بعد أسطر الانتصار للمذهب الأول بوجوه وحجج فراجعه4، ويدل على أنه الأرجح عند تقديمه على غيره، ولكن المفتى به في المسألة في المذاهب الأربعة5 هو وقوع الثلاث سواء أرسل ذلك بفم واحد أو بأفواه، في مجلس واحد، أو مجالس، لمدخول بها أو غير مدخول بها، لكن غير المدخول بها إذا أرسل الطلاق6 عليها بأفواه/7 بانت بالأولى ولم يلحق8 بها ما بعدها عند الحنابلة، حتى ادعى بعضهم الإجماع على ذلك9. وحيث قيل بوقوعه وإمضائه ثلاثا فهل يحد من راجع زوجته بعده أم لا؟ قال الأثرم: "سألت أحمد عن ذلك فقال: "لا يحد، هذا شيء اختلف الناس فيه،   1 الهداية للمرغيناني: 1/227، ملتقى الأبحر: 1/259، 261 كشف الأسرار: 1/528. 2 "انتهى" أسقطت من (ب) . 3 نهاية لـ (45) من (ب) . 4 التفسير الكبير: 6/97. 5 مجمع الأنهر: 1/382، الشرح الصغير: 2/537، المهذب: 2/79-80، الإشراف: 4/63، المغني: 10/334. 6 في (ب) "الطلاق الثلاث". 7 نهاية لـ (27) من الأصل. 8 في (ب) "يحلق". 9 الكافي لابن قدامة: 3/162، هداية الراغب: 481. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 والذي مشى عليه في المنتهى1 والإقناع2 تبعا لبن حمدان3 أنه يحد، وهو المفتى به في مذهب الحنابلة4. تتمة: 5 قال في التنوير6: "سألت المرأة الطلاق: فقال: أنت طالق خمسين طلقة7 فقالت المرأة: ثلاث تكفيني، فقال: ثلاث لك والبواقي لصواحبك، وله ثلاث نسوة/8 غيرها، تطلق المخاطبة ثلاثا لا غيرها أصلا" انتهى. وإنما أطلت9 في هذه المسألة لما ترى من الفوائد التي تسير بها وإليها الركبان، بل ينبغي لفرائدها النفيسة أن تتشنف بها الآذان، ولولا خوف الملالة والسآم،   1 منتهى الإرادات: 2/252. 2 الإقناع: 4/7. 3 هو: أحمد بن حمدان بن شبيب النميري، الحراني، الفقيه الحنبلي، برع في المذهب حتى انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقهن وغوامضه، صنف كتبا كثيرة منها (الرعاية الكبرى) ، و (الرعاية الصغرى) ، و (صفة المفتي والمستفتي) ، مات سنة (695هـ) بالقاهرة. ترجمته فيك المقصد الأرشد: 1/99، شذرات الذهب: 7/748، الأعلام: 1/119. 4 شرح منتهى الإرادات: 3/125، كشاف القناع: 5/274. 5 في (ب) أخرت التتمة إلى ما قبل الفصل التالي. 6 تنوير الأبصار: 3/396. 7 "طلقة"أسقطت من (ب) . 8 نهاية (44) من (أ) . 9 في (أ) ، (ب) "أطلت الكلام". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 لأطلقت في هذا الميدان عنان القلم، ولكن في هذا القدر كفاية، والله تعالى ولي الهداية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 فصل: صريح الطلاق وكنايته ... (فصل: في صريح الطلاق وكنايته) الصريح1: ما لا يحتمل غيره من كل شيء. والكناية2: ما يحتمل غيره ويدل على معنى الصريح. ولا يقع الطلاق بغير لفظ ولو نواه بقلبه عند عامة أهل العلم3، خلافا للزهري4 وابن سيرين5. وإن حرك لسانه به طلقت ولو لم يسمعه6، قال في الفروع7: "ويتوجه كقراءة الصلاة". وصريح الطلاق: لفظ "طلاق" وما تصرف منه، غير أمر ومضارع،   1 المطلع: 334، الدر النقي: 3/478، الإقناع: 4/9. 2 المطلع، الصفحة السابقة، ومنتهى الإرادات: 2/254. 3 البحر الرائق: 3/272، سراج السالك: 2/77، الأم: 5/276، المغني: 10/355. 4 قول الزهري في: الإشراف: 4/175. 5 هذا الذي ذكره المصنف رواية من ثلاث روايات عن ابن سيرين رحمه الله تعالى، والرواية الثانية كقول عامة أهل العلم، والثالثة التوقف. وانظر المصدر السابق ومصنف عبد الرزاق: 6/413، ومصنف ابن أبي شيبة: 4/85. 6 مسائل أحمد لابن هانئ: 1/224، الإقناع: 4/15. 7 الفروع: 5/394. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 و"مطلقة" اسم فاعل1، وبذلك قال أبو حنيفة2. وقال الشافعي3: صريحه ثلاثة ألفاظ "الطلاق" و"الفراق" و"السراح" وما تصرف منهن. فمن أتى بصريح الطلاق غير حاك ونحوه ولو هازلا أو لاعبا، أو فتح تاء "أنت" أو لم ينوه وقع طلاقه4. قال ابن المنذر5: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم/6 أن هزل الطلاق وجده سواء فيقع ظاهرا وباطنا لحديث أبي هريرة مرفوعا: "ثلاثة7 جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة" رواه الخمسة8 إلا النسائي.   1 المقنع: 3/143، الكشاف: 5/277. 2 الاختيار: 1/125، مجمع الأنهر: 1/386. 3 الأم: 5/276، التنبيه: 174. 4 منتهى الإرادات: 2/255. 5 الإجماع: 87، الإشراف: 4/194، الإقناع له: 1/315. 6 نهاية لـ (46) من (ب) . 7 كذا في النسخ الثلاث، وفي المصادر الحديثية "ثلاث". 8 أبو داو، كتاب الطلاق، باب الطلاق على الهزل: 2/643 رقم (2194) ، والترمذي، كتاب الطلاق: 3/481 رقم (1184) وقال: "حسن غريب"، وابن ماجة، كتاب الطلاق: 1/657 رقم (2039) وعزاه للإمام أحمد ابن عبد الهادي وابن حجر ولم أقف عليه في المسند، ورواه الحاكم: 2/197-198،وصححه، والدارقطني، كتاب الطلاق: 4/18-19 رقم (50) والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الخلع والطلاق: 7/341، وفي معرفة السنن والآثار: 11/43-44 رقم (14694) ، وحسنه جماعة من العلماء. وانظر: المحرر في الحديث لابن عبد الهادي: 2/569، التلخيص الحبير: 3/209، التعليق المغني: 4/19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وإن أراد الحالف أن يقول: "أنت طامع" فسبق لسانه فقال "أنت1 طالق"، أو أراد أن يقول: "طلبتك" فسبق لسانه بـ "طلقتك" ونحو ذلك دين2 ولم يقبل حكما3. وكذا إن قال: "أنت طالق" وأراد من وثاق، أو من زوج كان قبله، وادعى ذلك أو قال: أردت إن قمت، فتركت الشرط، أو قال: إن قمت، ثم قال: أردت وقعدت أو نحوه فتركته، ولم أرد طلاقا دين فيما بينه وبين الله تعالى4 ولم يقبل حكما5. ومن قيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وأراد الكذب طلقت وإن لم ينو الطلاق؛ لأن نعم صريح في الجواب، إذ لو قيل له: ألزيد/6 عليك ألف؟ فقال: نعم، كان إقرارا7. وإن قيل له: ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد الكذب لم تطلق لأنه كناية يفتقر إلى نية ولم توجد فإن نوى به الطلاق وقع8.   1 "أنت" أسقطت من (أ) ، (ب) . 2 المذهب الأحمد: 141، الإقناع: 4/9. 3 انظر: المحرر: 2/53، الإنصاف: 8/466. 4 منتهى الإرادات: 2/255، الروض المربع: 3/148-149. 5 انظر: المحرر: 2/53، الإنصاف: 8/466. 6 نهاية لـ (45) من (أ) . 7 المبدع: 7/271، كشاف القناع: 5/278-279. 8 شرح المنتهى: 3/128، هداية الراغب: 482. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وبه قال أبو حنيفة1 والشافعي2. وقال أبو يوسف ومحمد3: لا تطلق؛ لأن هذا ليس بكناية ولكنه خبر هو كاذب فيه، وليس بإيقاع4. وإن قيل لعالم بالنحو: ألم تطلق امرأتك؟ فقال: نعم، لم تطلق، وإن قال: بلى، طلقت5. وإن ألحق صريحا ببائن لم يلحق6، وفاقا للمالكية7 والشافعية8، وخالف في ذلك الحنفية9، قال في معين10 المفتي11: "رجل أبان زوجته ثم طلقها   1 تحفة الفقهاء: 2/176، البحر الرائق: 3/274، 276، الفتاوى الهندية: 1/355، 356، 358. 2 الأم: 5/276، التنبيه: 174. 3 "ومحمد" اسقط من (أ) . 4 قولهما في: مصادر الحنفية السابقة. 5 غاية المنتهى: 3/113، الكشاف: 5/279. 6 شرح منتهى الإرادات: 3/110، المسائل المهمة: 201. 7 التفريع: 2/81، الشرح الصغير: 2/518. 8الأم: 5/213، الإشراف: 4/219. 9 البحر الرائق: 3/330، الفتاوى الهندية: 1/377، مجمع الأنهر: 1/406. 10 معين المفتي على جواب المستفتي، مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة تحت رقم (95/258 فتاوى) من تأليف: محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي (ت 1004هـ) . وانظر: خلاصة الأثر: 4/18، كشف الظنون: 2/1746. 11 معين المفتي: 81/أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 ثلاثا في العدة، لحق الثلاث، وبه أفتى المحقق1 ابن الهمام2، ثم قال: وقال الشيخ سعد الدين الديري3: وكل طلاق بعد آخر واقع ... سوى بائن مع مثله لم يعلق انتهي ملخصا، وهذا اختيار من سعد المذكور بعدم الوقوع إلا في المعلق فيقع4. فالأقسام حينئذ أربعة: صريح بعد صريح، فيقع. وصريح بعد بائن فيقع. وبائن بعد بائن فلا يقع إلا إن كان معلقا فيقع. فتأمل.   1 شرح فتح القدير لابن الهمام: 3/408. 2 في (أ) ، (ب) "الكمال ابن الهمام". وهو: محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد السيواسي، الحنفي، كمال الدين ابن الهمام، من كبار فقهاء الحنفية بمصر، له العديد من المصنفات منها: (فتح القدير) شرح الهداية، (التحرير) في أصول الفقه، و (زاد الفقير) ، مات بالقاهرة سنة (861هـ) . ترجمته في: الفوائد البهية: 180، هدية العارفين: 2/201، شذرات الذهب: 9/437. 3 هو: سعد بن محمد بن عبد الله أبو السعادات، سعد الدين، المعروف بابن الديري الحنفي، تولى قضاء الحنفية بمصر مدة (25) عاما، من مصنفاته: (الحبس في التهمة) ، و (السهام المارقة في كبد الزنادقة) ، و (تكملة شرح الهداية) ، مات بمصر سنة (867هـ) . ترجمته في: الفوائد البهية: 78، شذرات الذهب: 9/452، الأعلام"3/87. 4 معين المفتي ورقة 81/أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وقال في الكنز1: "الصريح يلحق الصريح والبائن، والبائن2 يلحق الصريح لا البائن" انتهى/3 أي: إذا كان معلقا بشرط قبل المنجز البائن كما قاله في4 التنوير5.   1 الكنز مع شرحه تبيين الحقائق: 2/219. 2 "والبائن" أسقطت من (أ) ، (ب) . 3 نهاية لـ (28) من الأصل. 4 تنوير الأبصار: 3/326. 5 بعد هذا زيادة في (أ) ، (ب) بمقدار أكثر من ورقة، وهي "فائدة نفيسة: أجاب السهيلي عن قول لبيد: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر فقال: لبيد لم يرد إيقاع التسليم عليهم لحينه، وإنما أراده بعد الحول، ولو قال: "السلام عليكما"، كان مسلما لوقته الذي نطق فيه بالبيت، فلذلك ذكر الاسم الذي هو عبارة عن اللفظ، أي: إنما أتلفظ بالتسليم بعد الحول، وذلك أن السلام دعاء فلا يتقيد بالزمان المستقبل، وإنما هو لحينه، ألا ترى أنه لا يقال بعد الجمعة: اللهم ارحم زيدا، ولا بعد الموت: اللهم اغفر لي، إنما يقال: اللهم اغفر لي بعد الموت، فيكون "بعد" ظرفا للمغفرة والدعاء واقع لحينه، فإن أردت أن تجعل/ (46/أ) / الوقت ظرفا للدعاء، صرحت بلفظ الفعل، فقلت: بعد الجمعة أدعو بكذا أو أسلم أو ألفظ بكذا؛ لأن الظروف إنما يقيد بها الأحداث الواقعة فيها خبرا أو أمرا أو نهيا، وأما غيرها من المعاني كالطلاق واليمين والدعاء والتمني والاستفهام وغيرها من المعاني، فإنما هي واقعة لحين النطق بها، ولذلك يقع الطلاق ممن قال بعد يوم الجمعة: أنت طالق، وهو مطلق لحينه، ولو قال بعد الحول: والله لأخرجن، انعقدت اليمينين في الحال، ولا ينفعه أن يقول: أردت أن لا أوقع اليمين إلا بعد الحول، فإنه لو أراد ذلك لقال: بعد الحول أحلف، أو بعد الجمعة أطلقك، فأما الأمر والنهي والخبر: فإنما تقيدت بالظروف؛ لأن الظروف في الحقيقة إنما يقع فيها الفعل المأمور به، والمخبر به دون الأمر والخبر، فإنهما واقعان لحين النطق بهما، فإذا قلت: اضرب زيدا يوم الجمعة، فالضرب هو المقيد بيوم الجمعة، وأما الأمر فأنت في الحال آمر به، وكذلك إذا قلت: سافر زيد يوم الجمعة، فالمقيد باليوم المخبر به، لا الخبر، كما أن في قولك: اضربه يوم الجمعة، المقيد بالظرف المأمور به لا أمرك أنت، فلا تعلق للظروف إلا بالأحداث، فقد رجع الباب كله بابا واحدا، فلو أن لبيدا قال: إلى الحول ثم السلام عليكما لكان مسلما لحينه، ولكنه أراد أن لا يوقع اللفظ بالتسليم والوداع إلا بعد الحول، ولذلك ذكر الاسم الذي/ (48/ب) / هو بمعنى اللفظ بالتسليم ليكون ما بعد الحول ظرفا له" وهذا الجواب من أحد أعاجيبه وبدائعه. انتهى من بدائع الفوائد وفرائد القلائد لابن القيم" وانظر: ديوان لبيد: 79، نتائج الفكر للسهيلي: 47-49، بدائع الفوائد: 1/20-22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ومن أشهد عليه بطلاق ثلاث ثم أفتي بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده، ويقبل قوله: أن مستنده في إقراره بذلك، ممن يجهله مثله1. وإن أخرج زوجته من دارها وقال: "هذا طلاقك" طلقت وكان صريحا نصا، فلو فسره بمحتمل كأن نوى: أن هذا سبب طلاقك قبل حكما لعدم ما يمنع/2 منه لاحتماله3.   1 الفروع: 5/392، منتهى الإرادات: 2/256. 2 نهاية لـ (47) من (أ) . 3 انظر شرح المنتهى: 3/129، كشاف القناع: 5/280. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وقال الشارح1: "وقال أكثر الفقهاء ليس بكناية ولا يقع به طلاق وإن نوى لأن هذا لا يؤدي معنى الطلاق، ولا هو سبب له، ولا حكم فيه، فلم يصح التعبير به عنه كما لو قال: غفر الله لك" انتهى. وإن قال: "أنت طالق لا شيء، أو ليس بشيء، أو لا يلزمك، أو طلقة لا تقع عليك، أو لا ينقص بها عدد الطلاق" طلقت2. قال الشارح3: "لا نعلم فيه مخالفا". وإن قال: "أنت طالق أولا"، أو "أنت طالق واحدة أولا" لم تطلق4، خلافا لأبي حنيفة وأبي يوسف5. ومن كتب صريح طلاق امرأته بما يبين: وقع وإن لم ينوه لأن الكتابة صريحة فيه6. فلو قال: لم أرد إلا تجويد خطي، أو غم أهلي، قبل على الصحيح7؛ لأنه أعلم بنيته وقد نوى محتملا8.   1 الشرح الكبير: 4/423. 2 "طلقت" أسقطت من (ب) . 3 الشرح الكبير: 4/423. 4 الإقناع: 4/10، منتهى الإرادات: 2/257. 5 المنقول عنهما: أنه لغو لا يقع به شيء، وعن أبي يوسف رواية: أنها واحدة رجعية. وانظر: الهداية للمرغيناني: 1/236، البحر الرائق: 3/303، مجمع الأنهر: 1/396. 6 هذا الصحيح من المذهب، وانظر: الإنصاف: 8/473. 7 الفروع: 5/385، الإنصاف: الصفحة السابقة. 8 شرح منتهى الإرادات: 3/130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 قال الشارح1: "وإن لم ينو شيئا فقال أبو الخطاب2: قد خرجها القاضي الشريف3 في (الإرشاد) على روايتين4: إحداهما: يقع، وهو قول الشعبي، والنخعي، والزهري5. والثانية: لا يقع إلا بنية، وهو قول أبي حنيفة6، ومالك7، ومنصوص الشافعي8" انتهى. وإن كتبه بشيء لا يبين مثل: أن كتبه بأصبعه على وسادة أو في الهواء لم يقع9،   1 الشرح الكبير: 4/424. 2 الهداية لأبي الخطاب: 2/7. 3 سبقت ترجمته ص188. 4 الأولى: هي المذهب، وصوب المرداوي الثانية. وانظر المغني: 10/503، 504، الإنصاف: 8/473، الروض المربع: 3/150. 5 أقوالهم في: مصنف عبد الرزاق: 6/413، الإشراف: 4/174. 6 تحفة الفقهاء: 1/186، بدائع الصنائع: 3/109. 7 الشرح الصغير: 2/569. 8 المهذب: 2/83ن مغني المحتاج: 3/284. 9 الإنصاف: 8/474-175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 خلافا للشعبي1، وتبعه أبو حفص2 العكبري3. ولا يقع الطلاق بغير لفظ إلا في موضعين4: أحدهما: إذا كتب الطلاق ونواه. والثاني: من لا يقدر على الكلام كالأخرس إذا طلق بالإشارة طلقت زوجته. وبهذا قال مالك5 والشافعي6 وأصحاب الرأي7، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم8 قاله في الشرح الكبير9. ويقع الطلاق ممن لم/10 تبلغه الدعوة إلى الإسلام لعدم المانع11.   1 قول الشعبي في المغني: 10/504. 2 هو: عمر بن محمد بن رجاء أبو حفص العكبري، حدث عن عبد الله بن الإمام أحمد وكان رجلا صالحا، شديدا في السنة، وكان لا يكلم من يكلم رافضيا إلى عشرة، مات سنة (339هـ) . ترجمته في: طبقات الحنابلة: 2/56، المطلع: 447-448، المنهج الأحمد: 2/47. 3 قول العكبري في: المغني الصفحة السابقة. 4 المغني: 10/502. 5 سراج السالك: 2/77، أسهل المدارك: 2/146. 6 المهذب: 2/83، مغني المحتاج: 3/284. 7 تبيين الحقائق: 2/196، الدر المنتقى: 1/385. 8 روي عن قتادة قال: "يطلق عنه وليه" وانظر الإشراف: 4/203. 9 الشرح الكبير: 4/425. 10 نهاية لـ (49) من (ب) . 11 الإنصاف: 8/476، شرح المنتهى: 3/130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وصريح الطلاق بلسان العجم: "بهشتم" -بكسر الباء الموحدة والهاء وسكون الشين المعجمة وفتح المثناة فوق- فإذا قاله من يعرف معناه وقع ما نواه من طلقة أو أكثر بلا خلاف، فإن زاد: "بسيار" فثلاث، وإن قال: "بهشتم" عربي لا يعرف معناه، أو نطق به عجمي بلفظ/ الطلاق ولا يفهمه لم يقع وإن نوى موجبه. وأطلق في "المنتهى" فقال: "وإن أتى به –أي ببهشتم- أو بصريح الطلاق من لا يعرف معناه لم يقع، ولو نوى موجبه" انتهى.   1في (أ) ، (ب) : "وفتح التاء المثناة". 2في (ب) "بيسار". 3نهاية لـ (48) من (أ) . 4ينظر: الشرح الكبير: 4/425، المبدع: 7/274، كشاف القناع: 5/282. 5منتهى الإرادات: 2/258. 6في (أ) : "من يعرف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 فصل: كنايات الطلاق ... وصريح الطلاق بلسان العجم: "بهشتم" -بكسر الباء الموحدة والهاء وسكون الشين المعجمة وفتح المثناة فوق- فإذا قاله من يعرف معناه وقع ما نواه من طلقة أو أكثر بلا خلاف، فإن زاد: "بسيار" فثلاث، وإن قال: "بهشتم" عربي لا يعرف معناه، أو نطق به عجمي بلفظ/ الطلاق ولا يفهمه لم يقع وإن نوى موجبه. وأطلق في "المنتهى" فقال: "وإن أتى به –أي ببهشتم- أو بصريح الطلاق من لا يعرف معناه لم يقع، ولو نوى موجبه" انتهى.   1في (أ) ، (ب) : "وفتح التاء المثناة". 2في (ب) "بيسار". 3نهاية لـ (48) من (أ) . 4ينظر: الشرح الكبير: 4/425، المبدع: 7/274، كشاف القناع: 5/282. 5منتهى الإرادات: 2/258. 6في (أ) : "من يعرف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ((فصل)) وكنايات الطلاق نوعان: ظاهرة، وهي خمس عشرة1: أنت خلية، وبرية، وبائن، وبتة، وبتلة، وأنت حرة، وحبلك على غاربك، وتزوجي من شئت، وحللت للأزواج، ولا سبيل لي عليك، ولا سلطان لي عليك، وأعتقتك، وغط شعرك، وتقنعي. وخفية وهي عشرون2: اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرعي، وخليتك، وأنت مخلاة، وأنت واحدة، ولست لي بامرأة، واعتدي، واستبرئي، واعتزلي، والحقي بأهلك، ولا حاجة لي فيك، وما بقي شيء، وأغناك الله، وإن الله قد طلقك، والله قد أراحك مني، وجرى القلم، ولفظ: "فراق"، و"سراح" وما تصرف منهما غير أمر ومضارع، ومفرقة، ومسرحة بكسر الراء اسم فاعل. ولا يقع طلاق بكناية –ولو ظاهرة- إلا بنية مقارنة للفظ3 أو ما يقوم مقام النية كحال خصومة، وغضب4، وجواب سؤالها5 فيقع، فلو لم يرد   1 الفروع: 5/386-387، المبدع: 7/275،277، منتهى الإرادات: 2/258-260، الإقناع: 4/11. 2 المصادر السابقة. 3 منتهى الإرادات: 2/260. 4 إن كان في حال الخصومة والغضب روايتان: الأولى/ يقع الطلاق وإن لم يأت بالنية. وهي المذهب. والثانية: لا يقع إلا بالنية. وانظر: المحرر: 2/54، المبدع: 7/277-278، الإنصاف: 8/481-482. 5 هذا المذهب، والرواية الثانية: لا يقع إلا بالنية، وانظر المصادر السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الطلاق أو أراد غيره حال خصومة، أو غضب، أو سؤال طلاقها دين ولم يقبل حكما1/2. ويقع بكناية ظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة3؛ لأنه قول علماء الصحابة كابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة4. قال الشارح5 -بعد أن ذكر أنه يقع الثلاث-: "والرواية الثانية يقع ما نواه اختاره أبو الخطاب6 لحديث ركانة7، وإن لم ينو عددا وقع واحدة، وهو مذهب الشافعي" انتهى8   1 كشاف القناع: 5/284. 2 نهاية لـ (29) من الأصل. 3 هذا المذهب، وانظر المبدع: 7/278، 279، الإنصاف: 8/483. 4 مصنف ابن أبي شيبة: 4/92، السنن الكبرى: 7/335، شرح المنتهى: 3/131. 5 الشرح الكبير: 4/430. 6 الهداية لأبي الخطاب: 2/7. 7 انظر الحاشية التالية. 8 في (أ) ، (ب) زيادة: "وحديث ركانة المذكور، هو: ما روى أبو داود بإسناده أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي صلى الله عليهم وسلم بذلك، وقال/50/ب/: "والله ما أردت إلا واحدة" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أردت إلا واحدة؟ " فقال ركانة: "والله ما أردت إلا واحدة"، فردها/49/أ/ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمن عمر والثالثة في زمن عثمان". انظر الحديث بهذا اللفظ في: سنن أبي داود، كتاب الطلاق: 2/655 رقم (2206) ، ومسند الشافعي: 2/38 رقم (118) ، والحاكم، كتاب الطلاق: 2/199-200، وصححه، والدارقطني، كتاب الطلاق: 4/33 رقم (89) ، والبيهقي، كتاب الخلع والطلاق: 7/342، وضعفه الألباني في الإرواء: 7/142. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وقال الحنفية1 والثوري2: إن نوى ثلاثا فثلاث، وإن نوى اثنتين أو واحدة وقعت واحدة فقط. ويقع بكناية خفية طلقة رجعية في مدخول بها وإن نوى أكثر وقع3. وبه قال الشافعي4. وقال أبو حنيفة في الكنايات5: لا يقع اثنتان وإن نواهما، ويقع واحدة. قاله في الشرح6. وقوله: "أنا طالق، أو بائن، أو حرام، أو بريء" أو زاد: "منك" و"كلي، واشربي، واقعدي7، وبارك الله عليك، وأنت مليحة أو قبيحة" ونحوه، لغو لا يقع به طلاق وإن نواه8. وهذا مذهب أبي حنيفة9. وخالف مالك10، والشافعي11 في "أنا طالق"12، وبعض أصحاب   1 البحر الرائق: 3/279، الدر المنتقى: 1/403. 2 قول الثوري في: المغني: 10/364. 3 المحرر: 2/55، شرح المنتهى: 3/131، 132. 4 الأم: 5/277، الحاوي: 10/160، 161. 5 تبيين الحقائق:2/215، مجمع الأنهر: 1/403. 6 الشرح الكبير: 4/427. 7 في (أ) ، (ب) زيادة "واقربي". 8 المقنع: 3/150، غاية المنتهى: 3/117. 9 الهداية للمرغيناني: 1/236، الفتاوى الهندية: 1/375-376. 10 التاج والإكليل: 4/53، شرح الخرشي: 4/43. 11 روضة الطالبين: 8/67. 12 في الأصل: "أناطلاق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 الشافعي1 في "كلي، واشربي" فقط. ومن قال: حلفت بالطلاق وكذب دين ولزمه حكما2   1 التنبيه: 175، الروضة: 8/27. 2 منتهى الإرادات: 2/261. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 فصل: تحريم الزوجة .... (فصل) وإن قال لزوجته: أنت علي حرام، أو: ما أحل الله علي حرام، فظهار1، ولو نوى به طلاقا2، وإن قاله لمحرمة عليه بحيض أو نحوه، ونوى أنها محرمة به، فلغو3، وما أحل علي حرام، أعني به: الطلاق، يقع ثلاث نصا4، وأعني به: طلاقا، يقع واحدة، نصا. 5   1 هذا المذهب، والرواية الثانية: أنه كناية ظاهرة، والثالثة: أنه يمين. وانظر المغني: 10/396، المذهب الأحمد: 142-143، الإنصاف: 8/486-487، هداية الراغب: 482. 2 هذا الأشهر في المذهب، وعن أحمد رواية: يقع ما نواه. وانظر المحرر: 2/55، الإنصاف: 8/487-488. 3 المبدع:7/283. 4 هذا المذهب، وفيه رواية ثانية/ أنه طلقة واحدة. الإنصاف: 8/489. 5 هذا المذهب، وفيه رواية أخرى: أنه ظهار. الفروع: 5/391، الإنصاف: 8/489. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وقال ابن القيم1: "الحلف بالحرام له صيغتان: إحداهما: إن فعلت كذا فأنت علي حرام، أو ما أحل الله علي حرام. والثانية: الحرام يلزمني لا أفعل كذا. فمن قال في "الطلاق يلزمني": أنه ليس بصريح ولا بكناية، ولا يقع به شيء ففي قوله: "الحرام يلزمني" أولى، ومن قال: إنه كناية إن نوى به الطلاق كان طلاقا وإلا فلا فهكذا يقول في "الحرام يلزمني" إن نوى به التحريم كان كما لو نوى بالطلاق التطليق، وإن نوى به ما حرم الله علي يلزمني تحريمه، لم يكن تحريما ولا يمينا ولا طلاقا ولا ظهارا، ولا يجوز أن يفرق بين الرجل وبين امرأته بلفظ لم يوضع للطلاق ولا نواه، وتلزمه كفارة يمين وبهذا أفتى ابن عباس، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فصح/2 بأصح إسناد3: "الحرام يمين يكفرها" ثم قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} 4. وصح عن مسروق 5: "ما أبالي أحرمت امرأتي أو قصعة من ثريد"6. وصح عن الشعبي –في تحريم المرأة -: "لهو أهون علي من نعلي"7.   1 إعلام الموقعين: 3/64-65. 2 نهاية لـ (50) من (أ) . 3 رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة التحريم: 3/205، ومسلم،كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق: 2/1100 رقم (1473) واللفظ له. 4 من الآية رقم (21) من سورة الأحزاب. 5 نهاية لـ (51) من (ب) . 6 مصنف عبد الرزاق:6/402، السنن الكبرى: 7/352. 7 مصنف عبد الرزاق: 6/403. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وقال أبو سلمة1: "لا أبالي2 أحرمت3 امرأتي، أو حرمت ماء النهر4. وقيل5: ثلاث تطليقات. وقيل6: إنها تحرم عليه بهذا القول. وقيل بالوقف، وهو قول الشعبي7 قال: "قال علي في (الحلال علي الحرام) : "ما أنا بمحلها ولا محرمها عليك إن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر". وقيل: إن نوى به الطلاق فهو طلاق وإلا فيمين، وبه قال الشافعي8 لأنه عنده كناية في الطلاق. وقيل: فيه كفارة الظهار9، وصح عن ابن عباس أيضا، وأبي قلابة10   1 أبو سلمة ابن عبد الرحمن القرشي الزهري، أحد أعلام التابعين، مات سنة 94هـ. 2 في (أ) ، (ب) : "ما أبالي". 3 في (ب) "حرمت". 4 مصنف عبد الرزاق: 6/402، وابن أبي شيبة: 4/96، السنن الكبرى: 7/352. 5 ورد هذا عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم. وانظر الإشراف: 4/172، السنن الكبرى: 7/344، المحلى: 10/124، حلية العلماء: 7/47. 6 روي هذا عن: علي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهما، وكذا عن قتادة رحمه الله تعالى. وانظر مصنف عبد الرزاق: 6/403، المحلى: 10/124، زاد المعاد: 5/306. 7 مصنف عبد الرزاق: 6/403، وابن أبي شيبة: 4/97، المحلى: 10/126. 8 الأم: 5/279، روضة الطالبين: 3/28-29. 9 انظر أقوال هؤلاء في: مصنف عبد الرزاق: 6/404، الإشراف: 4/172، السنن الكبرى: 7/351، المحلى: 10/125، المغني: 10/397. 10 أبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي البصري من التابعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وسعيد بن جبير، ووهب بن منبه، وعثمان البتي، وهذا أقيس الأقوال وأفقهها1، ويؤيده أن الله تعالى لم يجعل للمكلف التحريم والتحليل، وإنما ذلك إليه سبحانه، وإنما جعل له مباشرة الأفعال والأقوال التي يترتب عليها التحريم والتحليل، فإذا قال: "أنت علي كظهر أمي" أو قال: "أنت علي حرام" فقد قال المنكر من القول والزور وكذب فأوجب عليه أغلظ الكفارتين وهي كفارة الظهار2. وقيل: إنه ينوي فيه أصل الطلاق وعدده إلا أنه إن نوى واحدة كانت بائنة، وإن لم ينو طلاقا فهو مول، وإن نوى الكذب فليس بشيء، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه3. وقيل: هو يمين يكفره ما يكفر اليمين على كل حال. صح ذلك أيضا عن أبي بكر/4 الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وعائشة، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعكرمة، وعطاء، ومكحول، وقتادة، والشعبي، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ونافع، والأوزاعي، وأبي ثور وخلق سواهم5.   1 إعلام الموقعين: 3/68. 2 المصدر السابق. 3 الاختيار: 3/156، مجمع الأنهر: 1/445. 4 نهاية لـ (30) من الأصل. 5 انظر أقوالهم في: مصنف عبد الرزاق: 6/399، وابن أبي شيبة: 4/96، 97، السنن الكبرى: 7/351، الإشراف: 4/172، المغني: 10/396ن المحلى: 10/126، حلية العلماء: 7/47. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وقيل: إنه طلاق1، ثم إن كانت غير مدخول بها فهو ما نواه من الواحدة وما/2 فوقها، وإن كانت مدخولا بها فهو ثلاث وإن نوى أقل منها، وهو مشهور أقوال خمسة عن مالك3. انتهى ما قاله ابن القيم بالمعنى مختصرا4. وقال في التنوير5: "قال لامرأته "أنت علي حرام" إيلاء إن نوى التحريم أو لم ينو شيئا، وظهار إن نواهن وهدر إن نوى الكذب، وتطليقة بائنة إن نوى الطلاق، وثلاث إن نواها، ويفتى بأنه طلاق وإن لم ينوه، ولو كان له نسوة وقع على/6 كل واحدة منهن طلقة، وقيل: تطلق واحدة، وإليه البيان وهو الأظهر" انتهى.   1 إعلام الموقعين: 3/70. 2 نهاية لـ (51) من (أ) . 3 المنتقى: 4/9، القوانين الفقهية: 152-153، أسهل المدارك: 142-143. 4 إعلام الموقعين: 3/64-71. 5 تنوير الأبصار: 3/455-458. 6 نهاية لـ (52) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فصل: قول الزوج (أمرك بيدك) ... (فصل) وقوله لامرأته: "أمرك بيدك" كناية ظاهرة تملك بها ثلاثا1، خلافا لأبي حنيفة2، ومالك3، والأوزاعي4. وقال الشافعي5: إن نوى ثلاثا فلها أن تطلق ثلاثا، وإن نوى غير ذلك لم تطلق ثلاثا. وعن ابن عباس6، وطاووس7: لا يقع شيء. وقوله لها: "اختاري نفسك" كناية خفية، ليس لها أن تطلق بها، ولا بـ"طلقي نفسك" أكثر من واحدة ولها أن تطلق نفسها متى شاءت ما لم8 يحد لها حدا، أو يفسخ9 ما جعل لها، أو يطأ، إلا في قوله "اختاري نفسك"   1 هذا المذهب، وعنه رواية: ليس لها أن تطلق أكثر من واحدة ما لم ينو أكثر. وانظر الهداية: 2/8، الإنصاف: 8/491، 492، هداية الراغب: 483. 2 تحفة الفقهاء: 2/187، تبيين الحقائق: 2/222. 3 القوانين الفقهية: 155. 4 الإشراف: 4/181. 5 المهذب: 2/82. 6 وروي عنه أنه قال: القضاء ما قضت. وانظر القولين عنه رضي الله عنه في: مصنف ابن أبي شيبة: 4/86-87، الإشراف: 4/182. 7 الإشراف: 4/181. 8 "ما" أسقطت من (ب) . 9 في (ب) "ويفسخ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 فيختص بالمجلس ما لم يشتغلا بقاطع، نصا1. وإن جعل أمرها في يد غيرها فكذلك2، وفاقا للشافعي3. وقال الحنفية4: يختص بالمجلس لأنه نوع تخيير أشبه ما لو قال: "اختاري". ومتى اختارت، أو طلقت: وقعت واحدة رجعية5. وقال أبو حنيفة6: هي واحدة بائنة. ويقع بكنايتها مع نية الطلاق ولو جعله لها بصريح7. ولا يقع طلاق بقولها "اخترت بنية" الطلاق، حتى تقول: "نفسي، أو أبوي أو الأزواج"8. وكذا لا يقع بقولها: "أنت طالق"، أو"أنت مني طالق"، أو "طلقتك"، أو "أنا طاق"، بل صفة طلاقها: "طلقت نفسي" أو "أنا منك طالق"9. ومتى اختلفا في وجود نية فقول موقع، وفي رجوع: فقول زوج، ونص أحمد أنه لا يقبل قول زوج في رجوع بعد إيقاع طلاق/10 ممن جعل له إلا ببينة تشهد   1 شرح منتهى الإرادات: 3/133. 2 المصدر السابق: 3/134. 3 المهذب: 2/80. 4 بدائع الصنائع: 3/113. 5 المغني: 10/390. 6 الهداية للمرغيناني: 10/243. 7 غاية المنتهى: 3/118. 8 كشاف القناع: 5/290-291. 9 الفروع: 5/394، الإنصاف: 8/497. 10 نهاية لـ (52) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أنه كان رجع قبله. قال المنقح: "وهو أظهر". وإن قال لزوجته: "وهبتك" ونحوه، "لأهلك" أو "لنفسك" فمع قبول: تقع رجعية وإلا فلغو. وقال أبو حنيفة والشافعي فيها كقولهما في الكنايات الظاهرة. وقال مالك: هي ثلاث قبلوها أو ردوها، قاله الشارح بمعناه.   1 شرح المنتهى: 3/134-135. 2 هو المرداوي، وانظر قوله في كتابه: التنقيح المشبع: 317. 3 هذا المذهب وعن أحمد رواية: إن قبلوها: فثلاث، وإن ردوها: فواحدة أي: رجعية وعنه رواية أخرى: إن قبلوها فثلاث، وإن ردوها فواحدة بائنة. وانظر المبدع: 7/290، الإنصاف: 8/497. 4 الاختيار: 3/133، مجمع الأنهر: 1/404. 5 روضة الطالبين: 8/26، مغني المحتاج: 3/282. 6 الشرح الصغير: 2/562، أسهل المدارك: 2/143 7 الشرح الكبير: 4/440. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وبه قال مالك1 والشافعي2. ولنا رواية3: لا يقع إلا واحدة. وبه4 قال الثوري5 والأوزاعي6 والحنفية7. ومن معه زوجات وثم نية، أو سبب يقتضي/8 تعميما أو تخصيصا عمل به وإلا وقع بكل واحدة طلقة9. وقال في الفروع10: "واختار شيخنا11 فيمن حلف بطلاق أو عتق وحنث يخير بين أن يوقعه أو يكفر، كحلفه بالله ليوقعنه، وذكر أن "الطلاق يلزمني" ونحوه يمين باتفاق العقلاء والأمم والفقهاء" انتهى. وقال القاضي محب الدين من متأخري الحنفية12 في منظومته13:   1 التفريع: 2/74، الشرح الصغير: 2/559. 2 المهذب: 2/81، مغني المحتاج: 3/280-281. 3 المبدع: 7/292. 4 في (أ) ، (ب) : "وبها". 5 قولهما في: الشرح الكبير: 4/444. 6 قولهما في: الشرح الكبير: 4/444. 7 تبيين الحقائق: 2/197، الفتاوى الهندية: 1/3543. 8 نهاية لـ (31) من الأصل. 9 شرح منتهى الإرادات: 3/136. 10 الفروع: 5/425-426. 11 الاختيارات الفقهية: 451. 12 محمد بن أبي بكر بن داود بن عبد الرحمن العلواني الحموي، أبو الفضل، من كبار متأخري فقهاء الحنفية، من مصنفاته: (عمدة الحكام) منظومة في الفقه، مات بدمشق سنة (1016هـ) . ترجمته في: خلاصة الأثر: 3/322، الأعلام: 6/59، معجم المؤلفين: 8/178. 13 انظر حاشية ابن عابدين: 3/268. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 لو حلف الشخص بأن قال علي ... طلاق زوجتي فلا يقع شيء/1 قالوا وإن نوى به الوقوعا ... وقد غدا مقررا مشروعا لأن ذا إضافة الشيء إلى ... غير محله كما قد نقلا وهذا اختيار القفال2 في فتاويه3، ونصره قوم من الشافعية4، وغيرهم5. فمن6 الشافعية المتأخرين: الشيخ نور الدين الزيادي7، وكان يلقب بالشافعي الصغير، لأنه عندهم كناية، والكناية إنما يترتب عليها الحكم في الإيقاع لا في الإلزام.   1 نهاية لـ (53) من (أ) . 2 هو: محمد بن أحمد بن الحسين، أبو بكر الشاشي، القفال، الفقيه الشافعي المشهور كان نابغة في الفقه، حافظا للمذهب، ورعا، زاهدا، من مصنفاته (حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء) ، وهو أشهر كتبه، و (الفتاوى) و (العمدة في فروع الشافعية) مات ببغداد سنة (507هـ) . ترجمته في: وفيات الأعيان: 4/219، طبقات الشافعية لابن السبكي: 6/60، شذرات الذهب: 6/28. 3 نقله ابن القيم أيضا في إعلام الموقعين: 3/61، 95. 4 انظر: مغني المحتاج: 3/281، حاشية قليوبي: 3/324. 5 في (أ) ، (ب) زيادة "كالصدر الشهيد من الحنفية وغيره" وانظر: الفتاوى الهندية: 1/355ن والصدر الشهيد هو: عمر بن عبد العزيز، المعروف بحسام الدين الصدر الشهيد، ت سنة (536هـ) وهو من كبار فقهاء الحنفية، وانظر ترجمته في: الفوائد البهية: 149، والأعلام: 5/51. 6 في (أ) ، (ب) : "ومن". 7 هو علي بن يحي الزيادي نور الدين الشافعي، إليه انتهت رئاسة الشافعية بمصر من مصنفاته: (شرح المحرر للرافعي) ، (حاشية على شرح المنهج) ، مات بالقاهرة سنة (1024هـ) . ترجمته في: خلاصة الأثر: 3/195، هدية العارفين: 1/754، الأعلام: 5/32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وذكر أبو القاسم بن يونس1 في شرح التنبيه2: أن الحالف إذا قال: "الطلاق يلزمني" أو: "لازم لي" ففيه ثلاثة أوجه3: أحدهما: إن نوى وقوع الطلاق وقع وإلا فلا. والثاني: يقع؛ لأن ذلك قد غلب في إرادة الطلاق فلا يحتاج إلى نية. والثالث: لا يقع به طلاق وإن نواه4.   1 هو: شرف الدين أحمد بن موسى بن يونس بن محمد الإربلي، الشافعي، من كبار فقهاء الشافعية، كان كثير الحفظ، متفننا في العلوم، من مصنفاته (شرح التنبيه) (مختصر إحياء علوم الدين) للغزالي، مات سنة (622هـ) بالموصل. ترجمته في: وفيات الأعيان: 1/108، طبقات الشافعية لابن السبكي: 8/39، هدية العارفين: 1/91. 2 اسمه: غنية الفقيه في شرح التنبيه، ومنه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق مصورة في جامعة الإمام تحت رقم (2925) وهو تحت التحقيق في الجامعة الإسلامية. 3 انظر هذه الأوجه في: شرح التنبيه المذكور ورقة (223) ، وقد ذكرها ابن القيم في: إعلام الموقعين: 3/62. 4 في (أ) ، (ب) زيادة "وقال صاحب الذخيرة من الحنفية: لو قال لها: طلاقك/لـ54/ب/ علي واجب أو لازم أو فرض أو ثابت، ذكر أبو الليث خلافا بين المتأخرين فمنهم من قال: يقع واحدة رجعية نوى أو لم ينو، ومنهم من قال: لا يقع نوى أو لم ينو، ومنهم من قال في قوله "واجب" يقع بدون النية، وفي قوله "لازم" أو "ثابت" ففعلت، وذكر القدوري في شرحه: أن على قول أبي حنيفة لا يقع الطلاق في الكل، وعند أبي يوسف: إن نوى الطلاق يقع في الكل، وعن محمد: أنه يقع في قوله: "لازم" ولا يقع في قوله "واجب". انتهى". وانظر الذخيرة: 246/ب، فتاوى أبي الليث: 72/أ، الجوهرة النيرة: 2/109. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وقال ابن القيم في إعلام الموقعين1: "اليمين بالطلاق والعتاق إلزام الحالف بهما إذا حنث بطلاق زوجته وعتق عبده مما حدث الإفتاء به بعد انقراض عصر الصحابة، فلا يحفظ عن صحابي في صيغة القسم إلزام الطلاق به أبدا، وإنما المحفوظ بصيغة الشرط والجزاء الذي قصد به الطلاق عند وجود الشرط كما في صحيح البخاري2/3 عن نافع، قال: طلق رجل امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت، فقد بانت4 منه وإن لم تخرج فليس بشيء". فذا لا ينازع فيه إلا من يمنع وقوع الطلاق المعلق بالشرط مطلقا، وأما من فصل بين القسم المحض والتعليق الذي يقصد به الوقوع فإنه يقول بالآثار المروية عن الصحابة في الوقوع وعدمه، ولا يؤخذ ببعض فتاويهم ويترك بعضها، فأما الوقوع المحفوظ عنهم: ما ذكره البخاري عن ابن عمر5، وما رواه الثوري عن الزبير بن عربي6، عن ابن مسعود رضي الله عنه في رجل   1 إعلام الموقعين: 3/54. 2 صحيح البخاري، كتاب الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره: 3/272. 3 نهاية لـ (54) من (أ) . 4 لفظة الصحيح: "فقد بتت منه". 5 صحيح البخاري الصفحة السابقة. 6 كذا في جميع النسخ "الزبير بن عربي" وهو كذلك في إعلام الموقعين: 3/54، لكن الصحيح والله تعالى أعلم أنه: "الزبير بن عدي" كما هو في السنن الكبرى للبيهقي: 7/356 بنفس الإسناد، ومما يؤكد هذا أن الأخير روى عن النخعي كما في هذا الإسناد، وروى عنه الثوري كما هو هنا أيضا، وأما الأول "الزبير بن عربي" فلم يرو عنه النخعي ولا روى عنه الثوري. والزبير بن عدي الهمداني، قاضي الري، مات سنة (131هـ) ، والزبير بن عربي النمري، هو أبو سلمة البصري وانظر: تهذيب الكمال: 9/315، 318، وسير أعلام النبلاء: 6/157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 قال لامرأته: "إن فعلت كذا وكذا فأنت طالق ففعلته" قال: "هي واحدة، وهو أحق بها"1، على أنه منقطع2. وكذلك ما رواه البيهقي3، وغيره4، عن ابن عباس في رجل قال لامرأته: "هي طالق إلى سنة" قال: يستمتع إلى سنة". ومن هذا قول أبي ذر لامرأته وقد ألحت عليه في سؤاله عن ليلة القدر5 فقال: "إن عدت سألتيني فأنت طالق"6.7 وأما الآثار عنهم في خلافه، فصح عن عائشة وابن عباس/8 وحفصة،   1 رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الخلع والطلاق، باب الطلاق بالوقت والفعل: 7/89. 2 إعلام الموقعين: 3/54. 3 السنن الكبرى، كتاب الخلع والطلاق، باب الطلاق بالوقت والفعل: 7/356، وفي معرفة السنن والآثار: 11/68. 4 ورواه ابن أبي شيبة كتاب الطلاق: كتاب الطلاق: 4/70 رقم (17894) والحاكم في المستدرك: 4/303 وصححه، وأورده الحافظ في التلخيص: 3/318. 5 حديث سؤال أبي ذر عن ليلة القدر، أخرجه النسائي كتاب الاعتكاف: 2/278، رقم (3427) والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصيام: 4/307، وقال النووي في المجموع: "إسناده ضعيف". 6 إعلام الموقعين: 3/54. 7 بعد هذا زيادة في (أ) ، (ب) : "فهذه الآثار المحفوظة عن الصحابة في وقوع الطلاق المعلق". 8 نهاية لـ (55) من (ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وأم سلمة فيمن حلفت بأن كل مملوك لها إن لم تفرق بين عبدها وبين امرأته: أنها تكفر عن يمينها ولا تفرق بينهما1. وقال الدارقطني2: "ثنا أبو بكر النيسابوري3، ثنا4 محمد بن عبد الله الأنصاري5 ثنا أشعث6 ثنا بكر7 بن عبد الله   1 رواه الدارقطني باب النذور: 4/164 رقم (13) والبيهقي كتاب الأيمان: 10/66 من السنن الكبرى، وفي معرفة السنن والآثار، كتاب الأيمان والنذور: 14/191 رقم (19619) وقد صححه ابن القيم في إعلام الموقعين: 3/55. 2 سنن الدارقطني: 4/163-164 رقم (13) وسيأتي في آخره بقية من خرجوه. 3 هو الحافظ العلامة أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، الشافعي كان إمام الشافعية في عصره بالعراق حافظا للخلاف مات سنة (324هـ) . ترجمته في: تاريخ بغداد: 10/120، سير أعلام النبلاء: 15/65، طبقات الشافعية لابن السبكي: 3/310. 4 في الأصل أسقط أحد رجال الإسناد هنا وهو "محمد بن يحي الذهلي" شيخ النيسابوري وقد ورد في (أ) ، (ب) هكذا: "محمد بن يحي بن عبد الله الأنصاري". 5 محمد بن عبد الله بن المثنى، أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي، قاضي البصرة وهو من كبار شيوخ البخاري، مات سنة (215هـ) . ترجمته في: طبقات ابن سعد: 7/215، سير أعلام النبلاء: 9/532، شذرات الذهب: 3/71. 6 أشعث بن عبد الملك الحمراني، أبو هانئ البصري، أحد علماء البصرة وفقهائها، مات سنة 142هـ) . ترجمته في: الجرح والتعديل: 2/275، تهذيب الكمال: 3/277، ميزان الاعتدال: 1/266. 7 في جميع النسخ "أبو بكر" وهو خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 المزني1 عن أبي رافع2 أن مولاة له أرادت أن تفرق بينه وبين امرأته فقالت: هي يوما يهودية، ويوما نصرانية، وكل مملوك لها حر إن لم تفرق بينهما، فسألت عائشة وابن عباس وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهم، فكلهم قال لها: "أتريدين أن تكفري3 مثل هاروت وماروت؟ " فأمروها أن تكفر عن يمينها وتخلي بينهما4.5 وصح عن ابن عمر وعائشة وأم سلمة أمي المؤمنين أنهم جعلوا في قول ليلى بنت العجماء/6 -كل مملوك لها حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية   1 بكر بن عبد الله المزني البصري، أحد أعلام التابعين، كان فقيها ثقة حجة كثير الحديث، مات سنة (108هـ) . ترجمته في: حلية الأولياء: 2/224، سير أعلام النبلاء: 4/532، شذرات الذهب: 2/45. 2 أبو رافع، اسمه: نفيع بن الصائغ، من أئمة التابعين الأولين، ومن الثقات. ترجمته في: طبقات ابن سعد: 7/87، تهذيب الكمال: 30/14، سير أعلام النبلاء: 4/414. 3 كذا في جميع النسخ وفي سنن الدارقطني وغيرها: "تكوني". 4 ورواه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الأيمان والنذور: 8/486 رقم (16000) ، والبيهقي، كتاب الأيمان: 10/66، وانظر الحاشية التالية. 5 بعد هذا زيادة من (أ) ، (ب) : "انتهى، وهذا الحديث الصحيح/55/أ/ ويعرف بحديث ليلى بنت العجمي، وله طرق كثيرة، في بعضها زيادة وفي بعضها نقص، وكل طرقه صحيحة، وذكر له ابن القيم نحوا من عشرة طرق نفى بها أن يكون في الحديث علة، أو له معارض، وأن ما عارضه معلول، وحديث ليلى هذا اشهر إسنادا وأصح، فإن رواته حفاظ أئمة، ثم قال ابن القيم". وانظر إعلام الموقعين: 4/56-58. 6 نهاية لـ (32) من الأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 ونصرانية، إن لم تطلق امرأتك- كفارة يمين واحدة1. وإذا صح عن الصحابة، ولم يعلم لهم مخالف سوى هذا الأثر المعلول، أثر عثمان ابن أبي حاضر2 في قول الحالف: عبده حر إن فعل: أنه فاعل3 يجزيه كفارة يمين4، ولم يلزموه بالعتق المحبوب إلى الله تعالى، فأن لا يلزموه بالطلاق البغيض إلى الله أولى وأحرى5، كيف وقد أفتى علي بن أبي طالب الحالف بالطلاق: أنه لا شيء عليه، ولم يعرف له في الصحابة مخالف. قال6 عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن علي التيمي7، المعروف بابن بزيزة في شرحه لأحكام عبد الحق8: " (الباب الثالث) في حكم اليمين بالطلاق والشك فيه: وقد قدمنا في (كتاب الأيمان) اختلاف العلماء في اليمين بالطلاق، والعتق، والمشي وغير ذلك، هل يلزم أم لا؟، فقال علي بن أبي طالب، وشريح، وطاووس: لا يلزم من ذلك شيء، ولا يقضى بالطلاق على من حلف به   1 مصنف عبد الرزاق: 8/486، سنن الدارقطني: 4/164، السنن الكبرى: 10/66، معرفة السنن والآثار: 14/191، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين: 4/58. 2 المشهور: عثمان بن حاضر الحميري، ويقال: الأزدي، وثقه أبو زرعة وغيره. ترجمته في: الجرح والتعديل: 6/147، تهذيب الكمال: 19/349. 3 "فاعل" أسقطت من (ب) وقد وردت هذه الكلمة في الأصل وفي (أ) . 4 مصنف عبد الرزاق: 8/485، السنن الكبرى: 10/68، معرفة السنن والآثار: 14/193. 5 إعلام الموقعين: 3/58. 6 كذا في جميع النسخ، وفي إعلام الموقعين 3/58: "قاله"ز 7 سبقت ترجمته ص181. 8 ترجمته ص181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 بحنث ولا يعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة/1" هذا لفظه بعينه2. وأما الحلف بالتزام الكفر الذي يحصل بالنية تارة، وبالفعل تارة، وبالقول تارة، وبالشك تارة، ومع هذا فقصد اليمين منع من وقوعه، فلأن يمنع من وقوع الطلاق أولى وأحرى، وإذا كانت اليمين بالطلاق قد دخلت في قول المكلف "أيمان المسلمين تلزمني" عند من ألزمه بالطلاق، فدخولها في قول رب العالمين {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} 3 أولى وأحرى/4، وإذا دخلت في قول الحالف "إن حلفت يمينا فعبدي حر" فدخولها في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" 5 أولى وأحرى6. وإذا دخلت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف فقال: إن شاء الله فإن شاء فعل وإن شاء ترك" 7 فدخولها في قوله: "من حلف على اليمين 8 ... الحديث"9 –فإن الحديث أصح وأصرح- أولى10.   1 نهاية لـ (56) من (ب) . 2 إعلام الموقعين: 3/58. 3 من الآية (2) من سورة التحريم. 4 نهاية لـ (56) من (أ) . 5 رواه مسلم، كتاب الأيمان: 3/1271-1272 رقم (1650) عن أبي هريرة رضي الله عنه. 6 إعلام الموقعين: 3/59. 7 سبق تخريجه ص: 107. 8 كذا في الأصل، وفي (أ) ، (ب) : يمين. 9 الحديث سبق تخريجه في الحاشية رقم (5) من هذه الصفحة. 10 إعلام الموقعين: 3/59-60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وإذا دخلت في قوله: "من حلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان" 1، فدخولها في قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 2 إلى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} 3 أولى بالدخول أو مثله4. وإذا دخلت في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} 5 فلو حلف بالطلاق كان موليا، فدخولها في نصوص الأيمان أولى وأحرى؛ لأن الإيلاء نوع من اليمين6، فإذا دخل الحلف بالطلاق في النوع فدخوله في الجنس سابق عليهن فإن النوع مستلزم الجنس، ولا ينعكس7. وإذا دخلت في قوله: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك" 8 فكيف لا يدخل في بقية نصوص الأيمان؟، وما الذي أوجب هذا التخصيص من غير مخصص؟ 9.   1 الحديث ورد من طريق ابن مسعود رضي الله عنه، رواه البخاري، كتاب الأيمان: 4/155، ومسلم، كتاب الإيمان: 1/122 رقم (220) (138) . 2 من الآية (89) من سورة المائدة. 3 من الآية السابقة. 4 إعلام الموقعين: 3/60. 5 من الآية (226) من سورة البقرة. 6 المغني: 13/468. 7 إعلام الموقعين 3/60. 8 رواه مسلم كتاب الأيمان باب يمين الحالف على نية المستحلف: 3/1274 رقم (1653) وأخرجه بلفظ المصنف أحمد في المسند: 2/228، وابن ماجة، كتاب الكفارات: 1/686 رقم (2121) كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 9 إعلام الموقعين 3/60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وإذا دخلت في قوله: "إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق" 1 فهلا دخلت في غيره من نصوص اليمين! وما الفرق المؤثر شرعا أو عقلا أو لغة؟ 2. وإذا دخلت في قوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} 3 فهلا دخلت في قوله: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} 4، وإذا دخلت في قول الحالف: "أيمان البيعة تلزمني" وهي الأيمان التي رتبها الحجاج، فلم لا تكون أولى بالدخول في لفظ الأيمان في كلام الله تعالى ورسوله؟ 5. فإن كان/6 يمين الطلاق يمينا شرعية –بمعنى أن الشرع اعتبرها- وجب أن تعطى حكم الأيمان، وإن لم تكن يمينا شرعية كانت باطلة في الشرع، فلا يلزم الحالف بها شيء، كما صح عن/7 طاووس: "ليس الحلف بالطلاق شيئا"8، وصح عن عكرمة9: "أنها من خطوات الشيطان لا يلزم بها شيء"، وصح عن/10   1 رواه مسلم، كتاب المساقاة باب النهي عن الحلف في البيع: 3/1228 رقم (1607) من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه. 2 إعلام الموقعين: 3/60. 3.4 من الآية (89) من سورة المائدة. 5 إعلام الموقعين الصفحة السابقة. 6 نهاية لـ (57) من (ب) . 7نهاية (57) من (أ) . 8 مصنف عبد الرزاق: 6/484، المحلى: 10/213. 9 مصنف عبد الرزاق: 8/489. 10 نهاية لـ (33) من الأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 شريح قاضي علي، وابن مسعود، أنها لا يلزم بها طلاق1. وهو مذهب داود بن علي وجميع أصحابه2، سواء كان بلفظ التنجيز: كـ "علي الطلاق" أو "يلزمني" ونحوه، أو التعليق: كـ "إن فعلت كذا فأنت طالق" أو "إن جاء رأس الشهر" ونحوه وهو قول بعض أصحاب مالك3 في بعض الصور فيما إذا حلف عليها بالطلاق على شيء لا تفعله هي كقوله: "إن كلمت فلانا فأنت طالق" فقال: لا تطلق إن كلمته؛ لأن الطلاق لا يكون بيدها إن شاءت طلقت وإن شاءت أمسكت" انتهى كلام ابن القيم4 مختصرا5.   1 أخرجه ابن حزم في المحلى عنهما: 10/213. 2 المحلى: 10/216. 3 الشرح الصغير: 2/591، أسهل المدارك: 2/151. 4 إعلام الموقعين: 3/60. 5 بعد هذا زيادة من (أ) ، (ب) : "فائدة: قال في بدائع الفوائد: ما يقول الفقيه أيده الله ... وما زال عنده إحسان في فتى علق الطلاق بشهر ... قبل ما قبل قبله رمضان في هذا البيت ثمانية أوجه: (أحدها) : هذا (والثاني) : قبل ما قبل بعده، (والثالث) : قبل ما بعد بعده، (والرابع) : قبل ما بعد قبله، فهذه أربعة متقابلة. (الخامس) : بعد ما قبل قبله (والسادس) : بعد ما قبل بعده، (والسابع) : بعد ما بعد قبله (والثامن) : بعد ما بعد بعده، وتلخيصه: أنك إن قدمت لفظة (بعد) جاء أربعة، (أحدها) : أن كلها بعد، (الثاني) : بعد أن وقبل، (الثالث) : قبلان وبعد، (الرابع) : بعدان بينهما قبل، وإن قدمت لفظة (قبل) فكذلك. وضابط الجواب عن الأقسام: أنه إذا اتفقت الألفاظ، فإن كانت (قبل) وقع الطلاق في الشهر الذي يقدمه رمضان بثلاثة شهور فهو ذو الحجة فكأنه قال: أنت طالق في ذي الحجة؛ لأن المعنى: أنت طالق في شهر رمضان قبل قبل قبله، فلو كان رمضان قبله طلقت في شوال، ولو قال: قبل قبله طلقت في ذي القعدة، وإن كانت الألفاظ كلها (بعد) طلقت في جمادى الآخرة؛ لأن المعنى: أنت طالق في شهر يكون رمضان بعد بعد بعده، فلو قال: رمضان بعده طلقت في شعبان، ولو قال: بعد/58/أ/ بعده/85/ب/ طلقت في رجب، وإن اختلفت الألفاظ وهي ست مسائل فضابطها: أن كل ما اجتمع فيه (قبل) و (بعد) فألغهما، نحو قبل بعده، وبعد قبله، واعتبر الثالث، فإذا قال: قبل ما بعد بعده، أو: بعد ما قبل قبله، فألغ اللفظتين الأوليين، يصير كأنه قال أولا: بعده رمضان، فيكون في شعبان، وفي الثاني كأنه قال: قبله رمضان، فيكون شوالا، وإن توسطت لفظة بين متضادين نحو: قبل ما بعد قبله، أو بعد ما قبل بعده فألغ اللفظتين الأولتين، ويكون شوالا في الصورة الأولى، كأنه قال في شهر قبله رمضان، وشعبان في الثانية، كأنه قال: بعده رمضان، وفي الثانية: في شوال، كأنه قال: قبله رمضان، انتهى من شرح الإقناع" وانظر بدائع الفوائد لابن القيم: 3/243-244، كشاف القناع: 5/322-323. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ومن أوقع1 طلقة ثم قال: "جعلتها ثلاثا" ولم ينو استئناف طلاق بعدها فواحدة2.   1 هذه المسألة جاءت في (أ) ، (ب) ص234 قبل قول المصنف "وقال في الفروع". 2 منتهى الإرادات: 2/264-265. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 فصل: ما يختلف به عدد الطلاق ... (فصل: فيما يختلف به عدد الطلاق) الطلاق بالرجال: فيملك الحر، والمعتق1 بعضه ثلاث طلقات وإن كان تحته أمة، ويملك العبد ولو مكاتبا أو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة أو طرأ رقه كذمي تزوج ثم لحق بدار الحرب فاسترق قبل أن يطلق طلقتين وإن كان تحته حرة2. وبه قال مالك3 والشافعي4/5. وقال أبو حنيفة6: الطلاق بالنساء فيملك زوج الحرة ثلاثا وإن كان عبدا، وزوج الأمة اثنتين وإن كان حرا. ويقع الطلاق بائنا في أربع مسائل7: إذا كان على عوض، أو قبل الدخول أو في نكاح فاسد، أو بالثلاث. وقول الزوج للزوجة: "أنت طالق"، أو: "الطلاق"8، أو "يلزمني" أو: "لازم لي" أو "علي" ونحوه صريح منجزا أو معلقا أو محلوفا به، ويقع به واحدة ما لم ينو أكثر9.   1 في (ب) "والعتق". 2 المذهب الأحمد: 143، الكشاف: 5/294، الروض المربع: 3/155. 3 التفريع: 2/75، القوانين الفقهية: 151. 4 التنبيه: 173، التذكرة: 131. 5 نهاية لـ (53) من (ب) . 6 الهداية للمرغيناني: 1/230، ملتقى الأبحر: 1/263. 7 انظر المغني: 10/274، 497، 498، منتهى الإرادات: 2/241، 264. 8 أي: أو أنت الطلاق. 9 شرح المنتهى: 3/136، الكشاف: 5/295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فصل: قول الزوج: انت طالق كل الطلاق ونحوه ... (فصل) وإن1 قال: أنت طالق كل الطلاق، أو أكثره، أو جميعه، أو منتهاه، أو غايته، أو بعدد الحصى، أو القطر، أو الرمل، أو الريح، أو التراب، أو النجوم، ونحوه، فثلاث ولو نوى واحدة؛ لأن له أقل وأكثر، فأقله واحدة وأكثره ثلاث2. وجزء طلقة كهي3، وإن قال: كعدد الماء أو التراب 4 وقع ثلاث5، وقال أبو حنيفة6: يقع واحدة بائن لأن الماء والتراب من أسماء الأجناس لا عدد له. وإن قال: أنت طالق كمائة، أو ألف فهي ثلاث، إلا أن ينوي كألف في صعوبتها7. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف8: إن لم تكن له نية وقع9 واحدة لأنه لم يصرح بالعدد وإنما شبهها بالألف وليس الموقع المشبه به. وإن قال: أشد الطلاق، أو أغلظه، أو أطوله، أو أعرضه، أو على سائر   1 في (أ) "وإذا". 2 الكافي: 3/180، شرح المنتهى: 3/138، الروض المربع: 3/105. 3 مغني ذوي الأفهام: 130. 4 في (أ) : "والتراب". 5 المقنع: 3/159. 6 شرح فتح القدير: 3/390. 7 الشرح الكبير: 4/445، غاية المنتهى: 3/122. 8 شرح فتح القدير الصفحة السابقة، الاختيار: 3/130. 9 في (أ) ، (ب) : "وقعت". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 المذاهب1، أو ملء البيت أو الدنيا، أو مثل الجبل، أو عظمه ونحوه فطلقة رجعية إن لم ينو أكثر2. وقال أبو حنيفة3: تكون بائنا لأنه وصف الطلاق بصفة زائدة فيقتضي الزيادة عليه وهي البينونة. وإن قال "أنت طالق كل يوم" فواحدة4، "وأنت طالق في كل يوم"/5 فتطلق في كل يوم واحدة6. وإن قال: "أنت طالق من واحدة إلى ثلاث" فثنتان7. وبهذا قال أبو حنيفة لأن ما بعد الغاية لا يدخل فيما قبلها8. وقال زفر: تطلق واحدة؛ لأن ابتداء الغاية ليس منها9. وقال أبو يوسف ومحمد: تطلق ثلاث/10 لأنها تطلق بها فلم يجز إلغاؤها كقوله: بعت هذا الثوب من أوله إلى آخره11.   1 انظر مجموع الفتاوى: 33/144-145، الإنصاف: 9/45. 2 شرح منتهى الإرادات: 3/138-148. 3 الهداية للمرغيناني: 1/239، الدر المنتقى: 1/299. 4 انظر: المبدع: 7/318، الإنصاف: 8/49. 5 نهاية لـ (59) من (أ) . 6 انظر المصدرين السابقين. 7 هذا المذهب، وفيه رواية: أنه ثلاث، وانظر الفروع: 5/398. 8 البحر الرائق: 3/284. 9 المصدر السابق. 10 نهاية لـ (59) من (ب) . 11 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن: 159، تبيين الحقائق: 2/201. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وإن قال: "أنت طالق طلقة في ثنتين" ونوى طلقة معهما: فثلاث، وإن نوى موجبه عند الحساب وهو يعرفه أو: لا فثنتان، وإن لم شيئا وقع من حاسب ثنتان ومن غيره طلقة1. وقال الشافعي2: إن أطلق لم يقع إلا واحدة. وقال أبو حنيفة3: لا يقع إلا واحدة سواء قصد به الحساب أو لم يقصد؛ لأن الضرب إنما يصح فيما له مساحة، فأما ما لا مساحة له فلا حقيقة فيه للحساب، قاله في الشرح4.   1 المغني: 10/539-540، كشاف القناع: 5/298. 2 المهذب: 2/84. 3 تبيين الحقائق: 2/202. 4 الشرح الكبير: 4/446. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 فصل: تخالف به بالمدخول بها غيرها ... ((فصل: فيما تخالف به المدخول بها غيرها)) وإن قال لمدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق طلقت ثلاثا إلا أن ينوي بتكراره تأكيدا متصلا أو إفهاما1. وبه قال الشافعي2. وقال الحنفية3: يدين في قصد التكرار ولا يقبل في الحكم. وإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقع واحدة ما لم ينو أكثر4. وبه قال مالك5، والشافعي6. وقال الحنفية7 فيها كالتي قبلها8. وإن أكد الأولى بثالثة لم يقبل للفصل9 بينهما10، وأنت طالق، وطالق، وطالق فثلاث11.   1 منتهى الإرادات: 2/268. 2 التنبيه: 176. 3 الدر المنتقى: 1/400. 4 الإنصاف: 9/22. 5 الشرح الصغير: 2/571. 6 روضة الطالبين: 8/78. 7 مجمع الأنهر: 1/400. 8 في (ب) زيادة: "أي: يدين ولا يقبل في الحكم". 9 في (ب) "الفصل" 10 الإقناع: 4/49. 11 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 ويقبل حكما تأكيد ثانية بثالثة، لا أولى بثانية، وكذا الفاء، وثم، وإن غاير الحروف لم يقبل، ويقبل حكما تأكيد في: أنت مطلقة، أنت مسرحة، أنت مفارقة، لا مع واو أو فاء، أو ثم، ومعلق في هذا كمنجز، فلو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق فدخلت الدار طلقت ثلاثا. وبه قال أبو يوسف، وأصحاب الشافعي في أحد الوجهين. وقال أبو حنيفة: يقع واحدة. ويقبل منه –أي المعلق أيضا- تأكيد ثانية/ لا أولى بثالثة، وغير مدخول بها تبين بالأولى ولا يلحقها ما بعدها. وإن قصد إفهاما، أو تأكيدا في مكرر مع جزاء: كإن قمت فأنت طالق، إن قمت فأنت طالق، فواحدة./   1 شرح منتهى الإرادات: 3/142، الكشاف: 5/303. 2 الهداية للمرغيناني: 1/241. 3 وهو أصحهما، روضة الطالبين: 8/79-80. 4 الهداية الصفحة السابقة. 5 نهاية لـ (34) من الأصل. 6 شرح الزركشي: 5/422، شرح المنتهى: 3/142. 7 كشاف القناع: 5/305. 8 نهاية لـ (60) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 فصل: تعليق الطلاق بالشروط ... (فصل: في تعليقه بالشروط) التعليق ترتيب شيء غير حاصل على شيء حاصل أو غير حاصل، بإن أو إحدى أخواتها من أدوات/1 الشرط الجازمة2. ويصح مع تقدم شرط وتأخره بصريح: كأنت طالق3 إن قمت، وكناية: كأنت مسرحة إن قمت مثلا مع قصد الطلاق بالكناية4. ولا يضر فصل بين شرط وجوابه بكلام منتظم: كأنت طالق يا زانية إن قمت5. ويقطعه سكوته، وتسبيحه ونحوه6.   1 نهاية لـ (60) من (ب) . 2 المبدع: 7/324، هداية الراغب: 486. 3 "طالق" أسقطت من الأصل. 4 شرح المنتهى: 3/152. 5 المصدر السابق، والكشاف: 5/324. 6 الكشاف الصفحة السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 فائدة1: رجل قال لامرأته –وهي في ماء جار-: إن خرجت من هذا الماء فأنت طالق، وإن لم تخرجي فأنت طالق، لا تطلق خرجت أم لم تخرج؛ لأنع جرى وانفصل. نقله الرافعي2 في فروع الطلاق. انتهى من طبقات ابن السبكي3 الكبرى4. وهذا مذهب الحنفية5 مطلقا6. وقيد الحنابلة: قال في الإقناع وشرحه ما لفظه7: "وإن حلف وهو في ماء: "لا أقمت في هذا الماء ولا خرجت منه" فإن كان الماء جاريا لم يحنث أقام   1 هذا العنوان ليس في الأصل وهو مثبت في (أ) ، (ب) . 2 هو: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني، أبو القاسم الرافعي، الشافعي، عمدة المحققين في فقه الإمام الشافعي، وأبرز من دونه، من مصنفاته: (المحرر) ، (فتح العزيز) مات سنة (623هـ) . ترجمته في: طبقات الشافعية لابن السبكي: 8/281، شذرات الذهب: 7/189، الأعلام: 4/55. 3 هو: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، الشافعي، المؤرخ. من مصنفاته: (طبقات الشافعية الكبرى) ، (جمع الجوامع) مات بدمشق سنة (771هـ) . ترجمته في: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 3/104، شذرات الذهب: 8/378، الأعلام: 4/184. 4 طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي: 8/368، وانظر: التنبيه: 180. 5 انظر: الدر المنتقى: 1/417. 6 في (أ) ، (ب) زيادة: "أي: إذا قال لزوجته –وهي في ماء جار-: أنت طالق إن خرجت من هذا الماء، وإن لم تخرجي فأنت طالق" وانظر المصدر السابق. 7 الإقناع: 4/51، كشاف القناع: 5/370. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 أو خرج إذا نوى ذلك الماء بعينه، كذا في المقنع1 وغيره2؛ لأن الماء المحلوف عليه جرى وانفصل3 وصار في غيره ضرورة كونه جاريا فلم تحصل المخالفة في المحلوف عليه، وفي المنتهى4: "لا يحنث إلا بقصد أو سبب". انتهى. فعلى كلام المصنف يحنث مع الإطلاق وعلى كلام صاحب المنتهى: لا يحنث، وإن كان الماء واقفا حنث ولو حمل منه كرها لأنا ألغينا نسبة الخروج إليه منه فهو مقيم فيه فيحنث أيضا وقال في المقنع5: "إذا كان واقفا حمل منه مكرها". انتهى كلام شرح الإقناع6. وأنت طالق إن فعلت، أو فعلت كذا، ففعلته، أو فعله مكرها، أو مجنونا، أو مغمى عليه، أو نائما لم يقع، وإن فعلته أو فعله ناسيا أو جاهلا وقع7. وقال في إغاثة اللهفان من مكايد8 الشيطان9: "وأما تعليق/10 الطلاق بوقت يجيء لا محالة، كرأس الشهر والسنة11   1 المقنع: 3/214. 2 الشرح الكبير: 4/508، المبدع: 7/378. 3 "انفصل" أسقطت من (أ) ، (ب) . 4 منتهى الإرادات: 2/306. 5 المقنع: 3/215. 6 الكشاف: 5/370. 7 شرح منتهى الإرادات: 3/174. 8 في جميع النسخ "مكايد" والمشهور "مصايد" وانظر كشف الظنون: 1/129 هدية العارفين: 2/158. 9 إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: 1/267-268. 10 نهاية لـ (61) من (أ) . 11 في (ب) "أو السنة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وبآخر النهار ونحوه، فللفقهاء في ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنه لا تطلق بحال. وهذا مذهب ابن حزم1، واختيار أبي عبد الرحمن صاحب الشافعي2 وهو من أجل أصحاب الوجوه. وحجتهم: أن الطلاق لا يقبل التعليق بالشرط/3 كما لا يقبله النكاح، والبيع، والإجارة، والإبراء4. قالوا: والطلاق لا يقع في الحال، ولا عند مجيء الوقت، أما في الحال فلأنه لم يوقعه منجزا، وأما عند مجيء الوقت فلأنه لم يصدر منه طلاق حينئذ، ولم يتجدد سوى مجيء الزمان، ومجيء الزمان لا يكون طلاقا. وليس مع أحد ممن خالفهم ما ينقض عليهم5. وقابل هذا القول آخرون وقالوا: يقع الطلاق في الحال، وهذا مذهب مالك6 وجماعة من التابعين7.   1 المحلى: 10/213. 2 أحمد بن يحي بن عبد العزيز البغدادي، أبو عبد الرحمن الشافعي، كان من كبار أصحاب الشافعي الملازمين له ببغداد، ثم رجع عن مذهب الشافعي، كان حيا في حدود سنة (230هـ) . ترجمته في: تاريخ بغداد: 5/200، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي: 2/64، سير أعلام النبلاء: 10/555. 3 نهاية لـ (61) من (ب) . 4 نقل هذا عنه ابن السبكي في الطبقات: 2/65. 5 في (أ) ، (ب) : "عليهم به". 6 التفريع: 2/83-84. 7 الإشراف: 4/195، المغني: 10/410، المحلى: 10/214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وحجتهم أن قالوا: لو لم يقع في الحال لحصل منه استباحة وطء مؤقت، وذلك غير جائز في الشرع؛ لأن استباحة الوطء فيه لا تكون إلا مطلقا غير مؤقتا، ولهذا حرم نكاح المتعة لدخول الأجل فيه. والقول الثالث1: إذا كان الطلاق المعلق بمجيء الوقت المعلوم ثلاثا وقع في الحال، وإن كان رجعيا لم يقع قبل مجيئه. والقول الرابع: أنها لا تطلق إلا عند مجيء الأجل، وهو قول الجمهور2". انتهى ملخصا 3. وأنت طالق مريضة –رفعا ونصبا- يقع بمرضها4. ولا يصح التعليق إلا من زوج، فمن قال: "إن تزوجت امرأة"،   1 إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: 1/268، وذكر ابن القيم أن هذا رواية عن أحمد. 2 تبيين الحقائق: 2/204، الحاوي: 10/192، المغني: 10/410. 3 في (أ) ، (ب) زيادة "واختار أبو عبد الرحمن أحمد بن يحي بن عبد العزيز أجل أصحاب الشافعي أن الطلاق المعلق بالشرط لا يقع، ولا يصح تعليق الطلاق كما لا يصح تعليق النكاح، وبهذا القول قال ابن حزم، قال في المحلى: والطلاق بالصفة عندنا كالطلاق باليمين، كل ذلك لا يلزم وبالله التوفيق، ولا يكون طلاقا إلا كما أمر الله عز وجل. انتهى، وأفتى شيخ الإسلام القاضي زكريا الشافعي في رجل قال لامرأته: تكونين طالقا، غير مقيد بشرط، أنه لا يقع في الحال ولا في المآل، وفي منتهى الإرادات من مذهبنا ما نصه: وأنت طالق اليوم أو غدا، أو قال في هذا الشهر أو الآتي وقع في الحال. انتهى/62/أ". وانظر: طبقات ابن السبكي: 2/65، إعلام الموقعين: 4/101، المحلى: 10/213، منتهى الإرادات: 2/2760. 4 الإقناع: 4/29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 أو عين "فهي طالق" لم يقع بتزوجها1، لقوله –عليه الصلاة والسلام-: "لا طلاق قبل نكاح" 2. وبه قال الشافعي3، وأكثر أهل العلم4. وقال مالك5: إن عين امرأة، أو بلدة، أو قبيلة: بأن قال: "إن تزوجت فلانة" أو "من/6 الشام" أو "من بني تميم" مثلا فهي طالق، تطلق، وإن أطلق/7 بأن قال: "إن تزوجت امرأة فهي طالق" لا تطلق إن تزوج.   1 هذا المذهب وفيه رواية: أنها تطلق. وانظر المغني: 13/489، الإنصاف: 9/59، شرح المنتهى: 3/152-153. 2 الحديث رواه غير واحد من الصحابة –رضي الله عنهم- مرفوعا، فورد من طريق علي ابن أبي طالب رضي الله عنه رواه ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب لا طلاق قبل النكاح: 1/660 رقم (2049) وفي سنده ضعف كما قال الحافظ، وورد من طريق معاذ بن جبل رضي الله عنه، رواه الدارقطني، كتاب الطلاق: 4/14 رقم (40) والحاكم في المستدرك: 2/489، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الخلع والطلاق: 7/320، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع. وورد من طريق المسور بن مخرمة رضي الله عنه رواه ابن ماجة في الكتاب والباب السابقين: 1/660 رقم (2048) ، وقال محققه: قال في الزوائد: "إسناده حسن". وانظر فتح الباري: 9/382، 384. 3 مغني المحتاج: 3/29. 4 الإشراف: 4/185، المحلى: 10/205. 5 الشرح الصغير: 2/552-553. 6 نهاية لـ (62) من (ب) . 7 نهاية لـ (35) من الأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وقال الحنفية1 والثوري2: يصح تعليقه على حدوث الملك كالوصية، فيقع مطلقا عين أو لم يعين. وإن قال لأجنبية: "إن قمت فأنت طالق"، فنزوجها، ثم قامت، لم تطلق رواية واحدة3. وإن قال: "كلما" أو "إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا" ثم قال: "أنت طالق" فثلاث، طلقة بالمنجز وتتمتها من المعلق، ويلغو قوله "قبله"، ويقع بمن لم يدخل بها المنجزة فقط4. وقال ابن سريج5: لا يقع شيء للدور6.   1 تبيين الحقائق: 2/231، الدر المنتقى: 1/416-417. 2 المغني: 13/490. 3 المقنع: 3/177. 4 منتهى الإرادات: 2/291. 5 هو: القاضي أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، أبو العباس الشافعي، أبرز فقهاء الشافعية في عصره، وعلى يده انتشر مذهب الشافعي في أكثر البلدان، له نحو أربعمائة مصنف منها: (الودائع لمنصوص الشرائع) (الأقسام والخصال) ، مات سنة (306هـ) . ترجمته في: طبقات الشافعية لابن السبكي: 3/21، وفيات الأعيان: 1/66، شذرات الذهب: 4/29. 6 قوله في: روضة الطالبين: 8/162، 167، نهاية المحتاج: 7/32-33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 قال البلقيني1 بجواز تقليد مصحح الدور في السريجية2 ومقلده لا يأثم، وإن كنت لا أفتي بصحته، لأن الفروع الاجتهادية لا يعاقب عليها، وأن ذلك ينفع عند الله3 ذكره عنه ابن حجر الهيتمي4. وتعرف هذه المسألة بالسريجية5.6   1 هو: سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير البلقيني، أبو حفص الشافعي، فقيه، مجتهد، حافظ للحديث، كان أعجوبة زمانه حفظا واستحضارا، له العديد من المصنفات منها: (التدريب) ، (تصحيح المنهاج) ، (محاسن الاصطلاح) مات بالقاهرة سنة (805هـ) . ترجمته في: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 4/36، هدية العارفين: 1/792، الأعلام: 5/46. 2 السريجية: نسبة إلى الفقيه ابن سريج المتقدم ذكره قبل قليل، وصورتها ذكرها المصنف قريبا وهي: أن يقول الزوج: "كلما"، أو "إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا"، ثم يقول: أنت طالق. 3 نقل هذا عن البلقيني المصنف عند ترجمته له في الشذرات: 4/31. 4 الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي: 4/148. 5 انظر الحاشية السابقة رقم (2) . 6 بعد هذا زيادة في (أ) ، (ب) : "وجزم بقول ابن سريج-وهو عدم الوقوع- صاحب المبسوط من الحنفية. تذنيب: قال في الإنصاف: إذا علق الطلاق على شرط لزم وليس له إبطاله، وذكر في الواضح والانتصار رواية بجواز فسخ العتق المعلق على شرط، قال في الفروع: ويتوجه ذلك في الطلاق، قلت: وقال الشيخ تقي الدين –أيضا-: لو قال إن، أو إذا أعطيتيني، أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق: أن الشرط ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده، وقال في الفروع: ووافق الشيخ تقي الدين على شرط محض كإن قدم زيد فأنت طالق. قال الشيخ تقي الدين: التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة، ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة وقول من قال: التعليق/63/أ/ لازم دعوى مجردة. انتهى ملخصا". وانظر الإنصاف: 9/60-16، الفروع: 5/103، 356، وقد ذكر في أول هذه الزيادة قول صاحب المبسوط، والثابت عنه خلاف ما ذكره، وانظر: المبسوط: 6/99، البحر الرائق: 3/293-294، حاشية ابن عابدين: 3/242. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فصل: أدوات الشرط المستعملة في الطلاق ... ((فصل)) وأدوات الشرط المستعملة غالبا في طلاق، وعتاق ست: "إن"، و"إذا"، و"متى"، و"من" و"أي"، و"كلما" وهي وحدها للتكرار، وكلها و"مهما"، و"حيثما" –بلا "لم" أو نية فور أو قرينته- للتراخي ومع "لم" للفور، إلا "إ،" فهي للتراخي، ولو/1 اقترنت بـ"لم" مع عدم نية فور أنو قرينته2. فإذا قال لزوجته: "إن، أو: إذا، أو: متى، أو: مهما، أو: من، أو: أيتكن قامت فطالق" وقع بقيام لا بتكرره إلا مع "كلما"3. ومن قال: "كلما تزوجت امرأة فهي طالق" حرم عليه عند الحنفية سائر النساء إلا بملك اليمين4.   1 نهاية لـ (63) من (ب) . 2 المذهب الأحمد: 145، منتهى الإرادات: 2/281، كشاف القناع: 5/326-327. 3 شرح المنتهى: 3/153-154، الروض المربع: 3/165-166، هداية الراغب: 487. 4 تبيين الحقائق: 2/235، مجمع الأنهر: 1/419. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وإن قال عامي: "أن قمت" -بفتح الهمزة- "فأنت طالق" فشرط كنية الشرط بأن المفتوحة الهمزة، ولو من نحوي، وإن قاله عارف بمقتضاه1،2 أو قال: "أنت طالق إذ قمت، أو وإن قمت، أو ولو قمت" طلقت في الحال، و"أنت طالق لو قمت" كإن قمت3. وإن قال لنسائه الأربع: "كلما طلقت واحدة فعبد من عبيدي حر، وثنتين فثنتين، وثلاثا فثلاثة، وأربعا فأربعا" ثم طلقهن لو معا عتق خمسة عشر عبدا4.   1 شرح المنتهى: 3/156، الكشاف: 5/330. 2 في (أ) ، (ب) زيادة: "أي: وهو التعليل، طلقت في الحال إن كان وجد، فلا تطلق إذا لم تكن قامت قبل ذلك؛ لأنه إنما طلقها لعلة فلا يثبت الطلاق بدونها، ولذلك أفتى ابن عقيل في فنونه فيمن قيل له: "زنت زوجتك" فقال: "هي طالق"، ثم تبين أنها لم تزن، أنها لا تطلق وجعل السبب كالشرط اللفظي وأولى، ذكره في الإقناع، وصرح أصحاب مالك فيمن دفن مالا ونسي مكانه فبحث عنه فلم يجده، فحلف على زوجته أنها هي التي أخذته، ثم وجده: لم يحنث، قالوا لأن قصده ونيته إن كان المال قد ذهب، فأنت الذي أخذتيه، وهذا محض الفقه، ونظير هذا ما لو دعي إلى طعام فظنه حراما، فحلف أن لا يطعمه ثم ظهر أنه حلال، فإنه لا يحنث بأكله لأن الشرط مقدر أي: إن كان حراما ونظائره كثيرة". وانظر الإقناع: 4/32، مواهب الجليل: 3/311، قواعد ابن رجب: 323، المبدع: 9/281. 3 منتهى الإرادات: 2/284، هداية الراغب: 487. 4 هذا المذهب، وقيل: يعتق عشرة، وقيل: غير ذلك. وانظر: المقنع: 3/196-197، الهداية لأبي الخطاب: 2/24، الإنصاف: 9/86-87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وإن أتى بدل "كلما" بـ"إن" أو نحوها عتق عشرة/1 أعبد فقط2، علته في "كلما" أن الزوجات أربع صفات هن أربع فيعتق أربعة، وهن أربع آحاد فيعتق أربعة، وهن اثنتان واثنتان فيعتق أربعة، وفيهن ثلاث، فيعتق بهن ثلاثة، أو تقول: يعتق بواحدة واحد3، وبثانية ثلاثة لأن فيها صفتين هي واحدة، وهي مع الأولى والثانية ثلاثة، ويعتق برابعة سبعة/4؛ لأن فيها ثلاث صفات، هي واحدة، وهي مع الثالثة اثنتان، وهي مع الثلاث التي قبلها أربع، وقيل: يعتق سبعة عشر؛ لأن صفة التثنية قد وجدت ثلاث مرات فإنها توجد بضم الأولى إلى الثانية، وبضم الثانية إلى الثالثة، وبضم الثالثة إلى الرابعة، وقيل: يعتق عشرون5، وهو قول أبي حنيفة6؛ لأن صفة الثالثة وجدت مرة ثانية بضم الثانية والثالثة إلى الرابعة، قاله في الشرح7. وإن قال لامرأته: "إن أتاك طلاقي فأنت طالق" ثم كتب إليها: "إذا أتاك كتابي فأنت طالق"، فأتاها كتابه ولم ينمح منه ذكر الطلاق فثنتان، فإن قال: أردت طالق بالأول دين وقبل منه حكما8.   1 نهاية لـ (64) من (أ) . 2 هذا المذهب، وقيل: يعتق أربعة، وقدمه المرداوي، وقال في الفروع: هو الأظهر. وانظر: المغني: 10/436، الفروع: 5/440، الإنصاف: 9/87. 3 في الأصل: "واحدة". 4 نهاية لـ (64) من (ب) . 5 المغني: 10/436. 6 انظر: البحر الرائق: 4/19. 7 الشرح الكبير: 4/488. 8 الكافي: 3/218، كشاف القناع: 5/344. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 ومن كتب: "إذا قرأت كتابي فأنت طالق" فقرئ عليها وقع وإن كانت أمية وإلا فلا1. تتمة: لا يقع الطلاق بالشك فيه، أو فيما علق عليه، فمن حلف لا يأكل تمرة مثلا، فاشتبهت عليه بغيرها وأكل الجميع لم يحنث، ومن شك في عدد ما طلق بنى على اليقين وهو الأقل2، ومن أوقع بزوجته كلمة وشك هل هي طلاق أو ظهار لم يقع3 شيء4. تذنيب: إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها إن كانت المرتدة، وإن هو المرتد5 فلها نصف المهر، وكذا لو سبقها إلى الردة6. وتقف فرقة بعد دخول على انقضاء عدة7. وبه/8 قال الشافعي9.   1 المبدع: 7/350. 2 شرح الزركشي: 5/432، التنقيح المشبع: 326، الإقناع: 4/60، الروض المربع: 3/180. 3 في (ب) "لم يلزمه". 4 غاية المنتهى: 3/169، كشف المخدرات: 2/133. 5 أي: وإن كان هو المرتد. 6 المقنع: 3/68، شرح المنتهى: 3/62. 7 هذا المذهب، والرواية الثانية: تتعجل الفرقة. وانظر: العدة: 327، الإنصاف: 8/216. 8 نهاية لـ (36) من الأصل. 9 الأم: 5/52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وقال أبو حنيفة1، ومالك2: تتعجل الفرقة. ومتى وقعت هذه الفرقة فهي فسخ لا ينقص بها عدد الطلاق3. والمرتد هو: من كفر –ولو مميزا/4- طوعا ولو هازلا، بعد إسلامه ولو كرها بحق. فمن ادعى النبوة أو أشرك بالله تعالى، أو سبه أو رسولا أو ملكا له، أو جحد5 وجوب عبادة من الخمس، ومنها الطهارة، أو حكما ظاهرا مجمعا عليه إجماعا قطعيا: كتحريم زنا أو لحم خنزير، أو حل خبز ونحوه، أو شك فيه6 ومثله لا يجهله، أو يجهله وعرف وأصر، أو سجد لكوكب أو نحوه، أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين، أو امتهن القرآن، أو ادعى اختلاقه، أو القدرة على مثله، أو أسقط حرمته/7 كفر، لا من حكى كفرا سمعه ولا يعتقده، وإن ترك عبادة من الخمس تهاونا لم يكفر إلا بالصلاة أو بشرط أو ركن لها مجمع عليه إذا دعي إلى شيء من ذلك، وامتنع8. فمن كفر بشيء مما ذكر بانت منه زوجته إن قبل الدخول9 في الحال10، وإن   1 تبيين الحقائق: 2/178. 2 الشرح الصغير: 2/422. 3 الشرح الكبير: 4/270. 4 نهاية لـ (659 من (أ) . 5 "أو جحد"أسقطت من الأصل، ومن (أ) . 6 "فيه" أسقطت من الأصل ومن (أ) . 7 نهاية لـ (65) من (ب) . 8 منتهى الإرادات: 2/498. 9 أي: إن كان قبل الدخول. 10 المبدع: 7/122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بعد الدخول بانت منه –أيضا- عند أبي حنيفة، ومالك. وعند الشافعي، وأحمد: تتوقف البينونة على انقضاء العدة، وحيث بانت منه لم تحل إلا بنكاح جديد. وإن وطئها في الردة فلها عليه مهر المثل لأنه وطء أجنبية، إلا أن يتوب قبل انقضاء العدة فلا مهر لهذا الوطء على قول من يقول إن الفرقة تقف على انقضاء العدة، وهذه المسألة من المهمات خصوصا عند الحنفية، إذ المكفرات عندهم كثيرة جدا، وغالب الأنكحة على مذهبهم نسأل الله تعالى العصمة في الأقوال والأفعال، والتوفيق لما يحبه من جميل الخصال. آمين، والله تعالى أعلم.   1 تبيين الحقائق: 2/178. 2 الشرح الصغير: 2/422. 3 الأم: 5/52. 4 هذا المذهب، وعنه رواية: تتعجل الفرقة. وانظر: الإنصاف: 8/216. 5 في (أ) ، (ب) : "زمن الردة". 6 المغني: 10/40، الشرح الصغير: 4/274. 7 انظر: مجمع الأنهر: 1/369،الفتاوى الهندية: 2/253. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 فصل: كفارة اليمين ... ((فصل: في كفارة اليمين)) الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ... } الآية1. وأما السنة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك" 2 في أخبار سوى هذا3. وأجمع المسلمون على مشروعية الكفارة في اليمين بالله تعالى4. وهي تجمع تخييرا ثم ترتيبا، فخير من/5 لزمته بين ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين من جنس واحد أو أكثر من جنس، ما يجزئ من بر وشعير وتمر وزبيب وأقط، بأن أطعم بعضه برا وبعضهم تمرا مثلا، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مسلمة سليمة مما يضر بالعمل ضررا بينا6.   1 من الآية (89) من سورة المائدة. 2 رواه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب الكفارة قبل الحنث وبعده: 4/163 عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه. 3 انظر ص242 من هذا الكتاب، وصحيح مسلم: 3/1268-1274. 4 الإجماع: 125، الاختيار: 4/84، التفريع: 1/381، الحاوي: 15/253، المغني: 13/435. 5 نهاية لـ (66) من (أ) . 6 الكافي: 3/265، 4/384-385، كشاف القناع: 5/438، 6/239. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وقال الحنفية1: يجوز تحرير الرقبة الكافرة والمسلمة، والذكر والأنثى، والصغير والكبير في كفارة اليمين والظهار. وتتقدر الكسوة بما تجزئ الصلاة فيه: للرجل ثوب ولو عتيقا إذا2 لم تذهب قوته، أو قميص تجزئه صلاته/3 فيه بأن يجعل على عاتقه منه شيئا، ولا يجزئ مئزر وحده ولا سراويل، وللمرأة قميص وخمار تجزئها صلاتها فيهما4. وبهذا قال مالك5. وقال الحنفية6: يجزئه ثوب يستر عامة بدنه، ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة. وقال الشافعي7: يجزئ أقل ما يقع عليه الاسم من سروايل أو إزار أو رداء أو مقنعة أو عمامة، وكذا منديل، وفي القلنسوة وجهان8، قاله الشارح9. وقال ابن السبكي10: "الأصح منع الدرع، والمدارس، والنعل، والجورب،   1 الهداية للمرغيناني: 2/19، البدائع: 5/107. 2 في (ب) : "إذا". 3 نهاية لـ (66) من (ب) . 4 المغني: 13/515-516، الكشاف: 6/239. 5 القوانين الفقهية: 111، سراج السالك: 2/21. 6 الهداية للمرغيناني: 2/74، بدائع الصنائع: 5/105. 7 المهذب: 2/141، مغني المحتاج: 4/327-328. 8 أصحهما عندهم عدم الإجزاء، وانظر الحلية: 7/308. 9 الشرح الكبير: 6/89. 10 ينظر: روضة الطالبين: 11/23، كفاية الأخيار: 2/155، نهاية المحتاج: 8/183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 والقلنسوة، والتبان –وهي1 سراويل قصير لا يبلغ الركبة2- لعدم اسم الكسوة. والثاني: الإجزاء لإجراء اسم اللبس. وقطع بالمنع في النعل وليكن الجورب مثله" انتهى. ويجوز3 أن يطعم بعضا ويكسو بعضا4، خلافا للشافعي5. ولا يجزئ تكميل عتق بإطعام أو كسوة، ولا تكميل إطعام بصوم كبقية الكفارات6. فإن عجز من وجبت عليه كفارة يمين عن هذه الثلاثة كعجز عن فطرة7، صام ثلاثة أيام/8 متتابعة، وجوبا لقراءة أبي وابن مسعود9 (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) إن لم يكن للمكفر عذر في نرك التتابع10. وبوجوب التتابع قال الحنفية11.   1 في (أ) ، (ب) : "وهو". 2 المصباح المنير: 72، المطلع: 117. 3 في (أ) ، (ب) : "ويجزئ" وهو أنسب". 4 على المشهور. وانظر: مختصر الخرقي: 245، قواعد ابن رجب: 229. 5 حلية العلماء: 7/306. 6 الإنصاف: 1/40. 7 انظر: كشاف القناع: 2/294. 8 نهاية لـ (37) من الأصل. 9 زاد المسير لابن الجوزي: 2/415. 10 المغني: 13/528-529، الشرح الكبير: 6/90. 11 شرح فتح القدير: 4/366. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وعن أحمد رواية أخرى1: لا يشترط التتابع. وبها قال مالك2،والشافعي3 في أظهر قوليه. ومن ماله غائب يستدين ويكفر إن قدر4 على الاستدانة وإن لم يقدر عليها صام5. ويجب إخراج كفارة فورا6 بحنث نصا؛ لأنه الأصل في الأمر7/8. والمعتبر في كفارات9 من قدرة أو عجز وقت وجوب، أي: وهو الحنث10. فمن حنث وهو عبد ولم يكفر حتى عتق لم تلزمه إلا كفارة عبد وهو الصوم11. وهذا أحد قولي الشافعي12.   1 الإنصاف: 11/42. 2 على المشهور عنه. وانظر: التفريع: 1/386، أسهل المدارك: 2/30. 3 حلية العلماء: 7/309، روضة الطالبين: 11/21. 4 في الأصل: "قدر". 5 المبدع: 9/278. 6 في (ب) "فورا". 7 هذا الصحيح من المذهب. وانظر: الإنصاف: 3/188، 11/44، غاية المنتهى: 3/374. 8 نهاية لـ (67) من (أ) . 9 في (ب) "كفارة". 10 "أي: وهو الحنث" ليست في (ب) . 11 الشرح الكبير: 4/557. 12 الأظهر عنده العبرة بوقت الأداء. وانظر المهذب: 2/115، حلية العلماء: 7/182-183، مغني المحتاج: 3/315. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وقيل: العبرة بأغلظ الأحوال من حين1 الوجوب إلى حين التكفير2. وهو ثاني قولي الشافعي3. وقيل: الاعتبار بحالة الأداء4. وهو قول أبي حنيفة 5، ومالك6. وإخراج الكفارة قبل الحنث وبعده سواء ولو كفر بالصوم7. وبه قال مالك8؛ لما روى عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير" رواه البخاري9 في أحاديث كثيرة غير هذا10.   1 "حين" أسقطت من (ب) . 2 الإنصاف: 9/210. 3 مصادر الشافعية السابقة. 4 المصدر السابق. 5 البدائع: 5/97. 6 أسهل المدارك: 2/30. 7 العدة: 412، شرح المنتهى: 3/428. 8 المختار عند المالكية أن لا يكفر قبل الحنث فإن كفر قبله ففيه روايتان: إحداهما: الإجزاء، والثانية: لا يجزئ حتى يحنث في يمينه، وقال بعضهم: المشهور عن مالك الإجزاء قبل الحنث، لكنه استحب كونها بعده. وانظر التفريع: 1/387، القوانين الفقهية: 111، مواهب الجليل: 3/275. 9 صحيح البخاري، كتاب الأيمان والنذور:4/174، ورواه مسلم في كتاب الأيمان: 3/1273-1274 رقم (1652) . 10 صحيح مسلم: 3/1268-1274، المغني: 13/482. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وقال الحنفية1: لا تجزئ/2 الكفارة قبل الحنث؛ لأنه تكفير قبل وجود سببه فأشبه ما لو كفر قبل اليمين. قال ابن عبد البر3: "العجب من أصحاب أبي حنيفة أجازوا تقديم الزكاة من غير أن يرووا فيها مثل هذه الآثار في تقديم الكفارة، وأبو تقديم الكفارة ههنا مع كثرة الرواية الواردة فيها" انتهى. وقال الشافعي: كقولنا في الإعتاق والإطعام والكسوة، وكقول الحنفية في الصيام من أجل أنه عبادة بدنية فلم يجز فعله قبل وجوبه لغير مشقة الصلاة4. ولنا5: ما ذكرنا من الحديث وغيره. والتكفير قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة6. وقال ابن أبي موسى: بعده أفضل عند أحمد7. وهو قول مالك8، والثوري9، والشافعي10، لما فيه من الخروج من الخلاف وحصول اليقين ببراءة الذمة قاله في الشرح11.   1 الهداية للمرغيناني: 2/75، حاشية ابن عابدين: 3/764. 2 نهاية لـ (67) من (ب) . 3 التمهيد: 21/247. 4 انظر: المهذب: 2/141، روضة الطالبين: 11/17. 5 المغني: 13/482. 6 المغني: 13/483. 7 المصدر السابق. 8 مواهب الجليل: 3/275. 9 الإشراف: 1/455. 10 المهذب: 2/141. 11 الشرح الكبير: 6/91. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 فصل: تكرار اليمين وتعدد الكفارة ... (فصل) ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال: كوالله لا أكلت، والله لا شربت والله لا لبست ونحوه، وكذلك إن حلف1 بأيمان كفارتها واحدة كقوله: والله، وعهد الله، وميثاقه، وقدرته، وكلامه، وكبريائه على شيء واحد أو أشياء وحنث في الكل قبل تكفير فكفارة واحدة نصا2. وروي نحو هذا عن ابن عمر، وبه قال الحسن، وعروة، وإسحاق، وروي أيضا عن عطاء، وعكرمة/3 والنخعي، وحماد، والأوزاعي4؛ لأن السبب الحنث وهو واحد، وكالحدود إذا تكررت أسبابها كإن سرق من جماعة، أو زنى بنساء5. وقال الحنفية6: عليه لكل يمين كفارة إلا أن ينوي التأكيد أو التفهيم. ونحوه عن الثوري7، وأبي ثور8، وعن أحمد مثل ذلك9. وعن الشافعي قولان كالمذهبين10.   1 في (ب) "حلف على". 2 الشرح الكبير: 6/72، 92، الكشاف: 6/241. 3 نهاية لـ (68) من (أ) . 4 أقوالهم في: السنن الكبرى: 1/56، المغني: 13/473، المحلى: 8/53. 5 المغني الصفحة السابقة، الشرح الكبير: 6/92. 6 المبسوط: 8/175. 7 اختلاف الفقهاء للطحاوي: 103. 8 الإشراف: 1/449. 9 الإنصاف: 11/45. 10 أصحهما أن عليه كفارة واحدة، وانظر: المهذب: 2/141، الحلية: 7/305. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وعن عمرو بن دينار1: إن كان في مجلس كقول الحنابلة، وإن كان في مجالس كقول الحنفية. واحتجوا: بأن الأسباب تكررت فتتكرر الكفارات كالقتل لآدمي أو صيد2. ومن حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة، فقال: والله لا أكلت، ولا شربت، ولا لبست مثلا، فحنث في الجميع فكفارة واحدة من غير خلاف3. وإن حنث في واحدة منها انحلت في البقية4. وإن اختلف موجب الكفارة: مثل أن يحلف بالله/5 تعالى، وبالظهار، وبعتق عبده، فإذا حنث فعليه كفارة يمين، وكفارة ظهار، ويعتق العبد اتفاقا؛ لأن تداخل الأحكام إنما يكون مع اتحاد الجنس كالحدود من جنس واحد، فأما الكفارات هاهنا فمن أجناس وأسبابها/أسبابهأسبأ6 مختلفة فلم تتداخل كحد الزنا والسرقة والقذف والشرب7.   1 الإشراف: 1/449. 2 المبسوط: 8/175، المغني: 13/473. 3 المغني: 13/474. 4 شرح منتهى الإرادات: 3/429. 5 نهاية لـ (68) من (ب) . 6 نهاية لـ (38) من الأصل. 7 المغني: 13/475، المبدع: 9/280. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 فصل: تكفير العبد ... ((فصل)) وليس لقن أن يكفر بغير صوم لأنه لا مال له يكفر منه، ولا لسيده منعه منه1، خلافا للحنفية2، سواء كان الحلف والحنث بإذنه أولا، وسواء أضر به الصوم أولا، وكذلك ليس له منعه من صوم نذر لوجوبه لحق الله تعالى، كصوم رمضان وقضائه3. وقال4 الشافعية5: إن وجد الحلف والحنث بلا إذن السيد لم يصم إلا بإذنه، وإذا وجد أحدهما بإذنه فهل له الصوم بغير إذنه؟، في المسألة قولان6. وقال الشارح7: "لا خلاف في أن العبد يجزئه الصيام في الكفارة؛ لأن ذلك فرض المعسر من الأحرار وهو أحسن حالا من العبد فإنه يملك في الجملة8، ولأن العبد داخل في قول الله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} 9، فإن أذن السيد لعبده/10 في التكفير بالمال لم يلزمه؛ لأنه ليس بمالك لما أذن   1 شرح المنتهى: 3/429. 2 المبسوط: 8/156، الفتاوى الهندية: 1/64. 3 كشاف القناع: 6/241. 4 في (ب) "قال". 5 المهذب: 2/142. 6 وقيل: وجهان، أصحهما: لا يجوز له الصوم بغير إذنه. وانظر حلية العلماء: 7/309، 310، مغني المحتاج: 4/329. 7 الشرح الكبير: 6/93. 8 المغني: 13/529. 9 من الآية (89) من سورة المائدة. 10 نهاية لـ (69) من (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 له فيه، وهل يجزئه بإذن السيد؟ فيه روايتان1: إحداهما: لا يجزئه، وهو ظاهر كلام الخرقي2، ولا يجزئه إلا الصيام. والثانية: يجزئه؛ لأن المنع لحق السيد وقد أذن، أشبه ما لو أذن له أن يتصدق بالمال". انتهى3. وقال الشافعية4: إذا ملكه سيده طعاما أو كسوة ليكفر بهما، ثم أذن له في ذلك صح، وأما إذا أطلق التمليك فإنه لا يملك إخراج الكفارة بغير إذن سيده، قاله ابن السبكي. والأصح عندهم لا يجزئه العتق مطلقا5. ومن بعضه حر فكحر كامل الحرية مع قدرة وعجز، وله التكفير بأحد الأمور الثلاثة6. وظاهر كلام الشافعي أنله التكفير بالإطعام والكسوة دون الإعتاق؛ لأنه لا يثبت له الولاء7. ويكفر كافر –ولو مرتدا- بغير صوم؛ لأنه لا يصح منه، وبغير إعتاق لأن من شرطه الإيمان في الرقبة، ولا يجوز لكافر شراء مسلم إلا أن يتفق إسلامه في   1 الإنصاف: 11/47. 2 مختصر الخرقي: 245. 3 الشرح الكبير: 6/93. 4 انظر: روضة الطالبين: 11/23-24، مغني المحتاج: 4/328. 5 الروضة: 11/24. 6 المغني: 13/533. 7 انظر: الحاوي: 15/338. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 يديه، أو يرث مسلما فيعتقه، فيصح/1 حينئذ إعتاقه2 عنها، وإذا كفر ثم أسلم، لم تلزمه إعادة التكفير، وإن أسلم قبل التكفير، كفر3 بما يجب عليه في تلك الحال من إعتاق، أو طعام، أو كسوة، أو صيام. ويحتمل على قول الخرقي4 أن لا يجزئه الصيام لأنه إنما يكفر بما وجب عليه حين الحنث، ولم يكن5 الصيام مما وجب عليه6.   1 نهاية لـ (69) من (ب) . 2 "إعتاقه" أسقطت من الأصل. 3 "كفر" أسقطت من (ب) . 4 مختصر الخرقي: 245. 5 "يكن" أسقطت من (ب) . 6 المغني: 13/541، 542، الشرح الكبير: 6/95، شرح المنتهى: 3/430. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 فصل: جمع المساكين على غداء أو عشاء ... (فصل) لا يجزئ في كفارة أن يغذي المساكين أو يعشيهم بخلاف نذر إطعامهم1. وهذا مذهب الشافعي2. وعن أحمد رواية أخرى3: أنه يجزئه إذا أطعمهم القدر الواجب لهم. وهو قول أبي حنيفة4، والنخعي5. وكذا لا يجوز أن يرددها على مسكين واحد عشرة أيام إن وجد غيره على الصحيح6. وقال أبو حنيفة7: يجوز ذلك. ولا يجزئ إخراج خبز8، وعنه –واختاره جمع-9 بلى. ويعطي من البر مد10 ومن غيره مدان11.   1 هذا المذهب، وفيه رواية أخرى: أنه يجزئ. وانظر: الإنصاف: 9/233، منتهى الإرادات: 2/332. 2 التنبيه: 188. 3 الإنصاف الصفحة السابقة. 4 الهداية للمرغيناني: 2/22. 5 المغني: 11/97. 6 المحرر: 2/93، المبدع: 8/65. 7 بدائع الصنائع: 5/104. 8 هذا المذهب، الإنصاف: 9/231، 232. 9 انظر المصدر السابق. 10 المد = (543 غراما) . 11 المقنع: 3/254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وعند الشافعي مد فقط من غالب قوت بلده1. وعند الحنفية2 نصف صاع من بر، أو صاع3 من شعير، والصاع عندهم4: ثمانية أرطال5 عراقية/6 وهي ألف وأربعون درهما؛ لما روى أنس رضي الله عنه أنه عليه السلام كان يتوضأ بالمد رطلين، ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال7. وعند الشافعي8، وأبي يوسف9، وأحمد10: خمسة أرطال وثلث11   1 الأم: 7/67. 2 مجمع الأنهر: 1/453. 3 الصاع عند الحنفية = (3261,5 غراما) . معجم لغة الفقهاء: 450. 4 الاختيار: 1/124. 5 الرطل= (407,5 غراما) ، (8 أرطال = 3260 غراما) معجم لغة الفقهاء: 223. 6 نهاية لـ (70) من (أ) . 7 روى البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب الوضوء بالمد: 1/49،ومسلم، كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجناية: 1/258 (51) (325) واللفظ له بإسنادهما عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد. أما لفظ المصنف فأخرجه بنحوه الدارقطني، كتاب الطهارة باب ما يستحب للمتوضئ أن يستعمله من الماء: 1/94 رقم (3) وضعفه، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الزكاة: 4/171-172 وضعفه. 8 المجموع: 2/189. 9 الاختيار: 1/124. 10 المغني: 1/294، الإنصاف: 1/258. 11 أي (2173,3 غراما) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 بالبر الرزين1 الجيد2، وبالدراهم3 ستمائة وخمسة وثمانون وخمسة أسباع درهم، لقوله عليه السلام: "صاعنا أصغر الصيعان" 4 وخمسة أرطال وثلث أصغر من الثمانية. ويعطى من خبز البر رطلان عراقية5 أو ما علم مدا، ومن6 خبز غيره أربعة7 أرطال8. ويستحب أدمه. نص عليه9، وقيل10: يجب. وقال الحنفية11: تصح الإباحة في الكفارات، وفدية الصوم دون الصدقات   1 الرزين: الثقيل. 2 "الجيد" أسقطت من (أ) . 3 في (ب) "وبالدرهم". 4 لم أقف عليه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: يا رسول، صاعنا أصغر الصيعان، ومدنا أصغر الأمداد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في قليلنا وكثيرنا، واجعل لنا مع البركة بركتين". رواه البيهقي في السنن الكبرى: 4/171، وابن حبان في صحيحه، كتاب الزكاة: 8/79 رقم (3284) . 5 أي (815 غراما) . 6 في (ب) "من" بحذف الواو. 7 أي (1630 غراما) . 8 الإنصاف: 9/233. 9 الفروع: 5/505. 10 الفروع: 5/507. 11 ملتقى الأبحر: 1/285، وانظر شرحه مجمع الأنهر: 1/453-454. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 والعشر، غذاهم/ وعشاهم، أو غذاهم غذاءين، أو عشاهم عشاءين وأشبعهم جاز وإن قل ما أكلوا، ولا بد من الإدام في خبز الشعير دوت الحنطة، قاله في ملتقى الأبحر. ولا تجزئ القيمة في شيء من الكفارات، خلافا للحنفية. والله سبحانه وتعالى أعلم. وهذا ما تيسر جمعه، والحمد لله تعالى أولا وآخرا، وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وكان الفراغ من نسخها على يد مؤلفها الحقير أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد الحنبلي، غفر الله له، ولمن دعا له بخير، في نهار الثلاثاء تاسع عشر شوال المنور من شهور سنة ست وسبعين وألف، أحسن الله ختامها، سنة 1076هـ.   1 نهاية لـ (39) من الأصل. 2 ملتقى الأبحر: 1/285، وانظر شرحه مجمع الأنهر: 1/453-454. 3 المغني: 11/101. 4 الاختيار: 3/165، الفتاوى الهندية: 1/62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع 1- الإجماع/ محمد بن إبراهيم بن المنذر، (ت 318هـ) تحقيق: عبد الله البارودي، الطبعة الأولى (1406هـ) بيروت. 2- أحكام القرآن/ أبو بكر أحمد بن علي الجصاص، (ت 370هـ) تحقيق: محمد قمحاوي، (1405هـ) بيروت. 3- أحكام القرآن/ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي، (ت 543هـ) تحقيق: علي البجاوي، دار المعرفة بيروت. 4- أخبار القضاة/ القاضي وكيع، (ت 306هـ) ، الطبعة الأولى، عالم الكتب بيروت. 5- اختلاف الحديث/ الإمام محمد بن إدريس الشافعي، (ت 204هـ) ، تحقيق: محمد أحمد، الطبعة الأولى (1406هـ) بيروت. 6- اختلاف العلماء/ أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، (ت 294هـ) الطبعة الأولى (1405هـ) عالم الكتب. 7- اختلاف الفقهاء/ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، (ت 321هـ) ، تحقيق محمد صغير، الطبعة الأولى. الباكستان. 8- الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية/ علاء الدين علي بن محمد البعلي، (ت 803هـ) ، المؤسسة السعيدية الرياض. 9- الاختيار لتعليل المختار/ عبد الله بن محمود الحنفي، (ت 683هـ) ، الطبعة الثالثة (1395هـ) دار المعرفة بيروت. 10- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل/ محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى (1399هـ) المكتب الإسلامي بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 11- أسد الغابة في معرفة الصحابة/ عز الدين ابن الأثير، (ت 630هـ) ، دار الفكر (1409هـ) بيروت. 12- الأسرار في فقه الحنفية (الطلاق والعدة) / أبو زيد عبد الله ابن عمر الدبوسي الحنفي، (ت 430هـ) ، رسالة ماجستير مطبوعة بالآلة الكاتبة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 13- الأسرار المرفوعة/ علي القاري المكي، (ت 1014هـ) ، الطبعة الأولى. 14- أسهل المدارك شرح إرشاد السالك/ أبو بكر بن حسن الكشناوي، الطبعة الثانية، دار الفكر بيروت. 15- الإشراف على مذاهب أهل العلم (النكاح والطلاق) / محمد ابن إبراهيم بن المنذر، (ت 318هـ) ، تحقيق: أبو صغير حماد حنيف. الطبعة الأولى. 16- الإشراف على مسائل الخلاف/ القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، (ت 422) الطبعة الأولى، مطبعة الإرادة. 17- الإصابة في تمييز الصحابة/ الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، (ت 852هـ) مصورة عن الطبعة الأولى. دار إحياء التراث بيروت. 18- الأعلام/ خير الدين الزركلي (ت 1396هـ) ، الطبعة الخامسة (1980هـ) دار العلم بيروت. 19- إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان/ شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) ، تحقيق: محمد عفيفي. الطبعة الأولى (1406هـ) المكتب الإسلامي. 20- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان/ للمؤلف السابق، تحقيق: محمد عفيفي المكتب الإسلامي بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 21- الإفصاح عن معاني الصحاح/ الوزير ابن هبيرة الحنبلي (ت 560هـ) ، الناشر/ المكتبة السعيدية الرياض. 22- الإقناع/ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت 318هـ) الطبعة الأولى (1408هـ) تحقيق: د/ عبد الله الجبرين. 23- الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل/ شرف الدين موسى الحجاوي (ت 968هـ) ، تعليق: عبد اللطيف السبكي، دار المعرفة بيروت. 24_ الأم/ الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ) ، الطبعة الأولى (1388هـ) مطبعة الشعب القاهرة. 25- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف/ علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت 885هـ) تحقيق: محمد حامد الفقي، الطبعة الأولى (1376هـ) . 26- إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون/ إسماعيل باشا (ت 1339هـ) ، الطبعة الأولى (1364هـ) استنابول. 27- البحر الرائق شرح كنز الدقائق/ زيد الدين ابن نجيم الحنفي (ت 970هـ) ، الطبعة الثانية، دار المعرفة بيروت. 28- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع/ علاء الدين الكاساني (ت 587هـ) الطبعة الثانية (1402هـ) بيروت. 29- بدائع الفوائد/ شمس الدين ابن القيم (ت 751هـ) ، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة. 30- بداية المجتهد ونهاية المقتصد/ أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت 595هـ) ، الطبعة الرابعة (1398هـ) ، دار المعرفة بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 31- بلغة السالك لأقرب المسالك/ أحمد بن محمد الصاوي (ت 1241هـ) ، مطبوع بأسفل صحائف (الشرح الصغير) الآتي تحت رقم (98) . 32- بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني/ أحمد بن عبد الرحمن البنا (ت 1371هـ) مطبوع بأسفل صحائف الفتح الرباني للمؤلف نفسه، دار الشهاب القاهرة. 33- تاج العروس من جواهر القاموس/ محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205هـ) الطبعة الأولى (1306هـ) القاهرة. 34- التاج والإكليل/ محمد بن يوسف المواق المالكي (ت 897هـ) ، مطبوع بهوامش (مواهب الجليل) ، الآتي تحت رقم (217) . 35- تاريخ بغداد/ الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463هـ) ، الطبعة الأولى، الناشر دار الكتاب العربي بيروت. 36- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق/ عثمان بن علي الزيلعي (ت 743هـ) ، الطبعة الأولى (1313هـ) بولاق القاهرة. 37- تتمة الإبانة/ أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري المتولي الشافعي (ت 478هـ) مخطوط منه مصورة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (212- فقه شافعي) . 38- تحفة الفقهاء/ محمد بن أحمد السمرقندي (ت 540هـ) الطبعةالأولى (1405هـ) ، دار الكتب العلمية بيروت. 39- تصحيح الفروع/ علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت 885هـ) مطبوع بأسفل صحائف كتاب الفروع لابن مفلح الآتي تحت رقم (125) . 40- التعليق المغني على سنن الدارقطني/ محمد شمس الحق آبادي، مطبوع بأسفل صحائف كتاب الدارقطني تحت رقم (87) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 41- التفريع في فقه المالكية/ أبو القاسم عبيد الله بن الجلاب (ت 378هـ) ، الطبعة الأولى (1408هـ) دار الغرب. 42- تفسير القرآن العظيم/ أبو الفداء الحافظ ابن كثير (ت 774هـ) ، دار المعرفة، بيروت (1402هـ) . 43- التفسير الكبير/ أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي (ت 606هـ) ، الطبعة الثالثة، دار إحياء التراث العربي بيروت. 44- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير/ الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) ، الطبعة الأولى، المطبعة العربية الباكستان. 45- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد/ الحافظ ابن عبد البر، (ت 463هـ) الطبعة الأولى (1402هـ) المغرب. 46- التنبيه في الفقه الشافعي/ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476هـ) ، الطبعة الأولى (1403هـ) بيروت. 47- التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع/ علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت 885هـ) ، الطبعة الأولى، المؤسسة السعيدية، الرياض. 48- تنوير الأبصار/ محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي (ت 1004هـ) ، مطبوع مع شرحه (الدر المختار) بأعلى صحائف (حاشية ابن عابدين) ، الآتي تحت رقم (60) . 49- تهذيب الكمال في أسماء الرجال/ الحافظ جمال الدين المزي (ت 742هـ) ، تحقيق: بشار عواد، الطبعة الأولى (1408هـ) ، مؤسسة الرسالة. 50- التوبيخ والتنبيه/ أبو الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني (ت 369هـ) ، تحقيق: حسن أمين، الطبعة الأولى (1408هـ) ، مكتبة التوعية القاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 51- جامع البيان في تأويل القرآن/ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310هـ) ، الطبعة الأخيرة (1412هـ) بيروت. 52- جامع الرموز/ محمد القهستاني الحنفي (ت 953هـ) ، الطبعة الأولى، القاهرة. 53- الجامع الصغير/ محمد بن الحسن الشيباني (ت 189هـ) ، الناشر: إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي باكستان. 54- الجامع الصغير/ أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي (ت 458هـ) ، رسالة ماجستير مطبوعة بالآلة الكاتبة، كلية الشريعة جامعة الإمام الرياض. 55- الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير/ جلال الدين السيوطي (ت 911هـ) ، الطبعة الرابعة، دار الكتب العلمية بيروت. 56- الجامع لأحكام القرآن/ أبو عبد الله القرطبي (ت 671هـ) ، الطبعة الثانية (1377هـ) ، دار الكتب القاهرة. 57- الجرح والتعديل/ أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327هـ) ، الطبعة الأولى (1371هـ) . 58- الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد/ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي (ت 909هـ) ، تحقيق: د/ عبد الرحمن العثيمين، الطبعة الأولى (1407هـ) ، مطبعة المدني القاهرة. 59- الجوهرة النيرة على مختصر القدوري/ أبو بكر بن علي الحدادي الحنفي (ت 800هـ) ، الطبعة الأولى (1315هـ) ، تركيا. 60- حاشية ابن عابدين/ محمد أمين الشهير بابن عابدين (ت 1252هـ) ، الطبعة الثالثة (1404هـ) ، مطبعة الحلبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 61- حاشية الشلبي على تبيين الحقائق/ أحمد بن محمد الشلبي (ت 1021هـ) ، مطبوع بهوامش تبيين الحقائق السابق تحت رقم (36) . 62- حاشية العدوي على شرح الرسالة/ علي بن أحمد العدوي (ت 1189هـ) ، الناشر: دار المعرفة بيروت. 63- حاشية قليوبي على شرح المحلي على المنهاج/ أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي الشافعي (ت 1069هـ) ، مطبعة إحياء الكتب العربية، القاهرة. 64- الحاوي الكبير/ أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450هـ) ، الطبعة الأولى (1414هـ) بيروت. 65- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء/ أبو نعيم الأصبهاني (ت 430هـ) ، الطبعة الثالثة (1400هـ) دار الكتاب العربي، بيروت. 66- حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء/ محمد بن أحمد الشاشي القفال (ت 507هـ) الطبعة الأولى (1400هـ) . 67- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر/ محمد أمين المحبي (ت 1111هـ) ، الطبعة الأولى، مكتبة خياط بيروت. 68- خلاصة البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير/ الحافظ سراج الدين ابن الملقن (ت 804هـ) الطبعة الأولى (1410هـ) ، مكتبة الرشد الرياض. 69- الدراية في تخريج أحاديث الهداية/ الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) ن الطبعة الأولى، دار المعرفة بيروت. 70- الدر المنتقى في شرح الملتقى/ محمد علي الحصكفي الحنفي (ت 1088هـ) ، مطبوع بهوامش (مجمع الأنهر) الآتي تحت رقم (157) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 71- الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الإمام أحمد/ عبد الله بن علي بن حميد النجدي الحنبلي (ت 1346هـ) ، الطبعة الأولى، دار البشائر الإسلامية. 72- الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي/ جمال الدين يوسف بن حسن ابن عبد الهادي الحنبلي (ت 909هـ) ، تحقيق: رضوان مختار، الطبعة الأولى (1411هـ) . 73- الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب/ إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون المالكي (ت 799هـ) ، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية بيروت. 74- ديوان الأعشى الكبير/ شرح وتعليق: د: محمد حسن، مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة (1403هـ) بيروت. 75- ديوان لبيد بن ربيعة العامري، منشورات دار صادر بيروت. 76- الذخيرة البرهانية/ برهان الدين محمود بن أحمد الحنفي (ت 616هـ) ، مخطوط بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة تحت رقم (1025) . 77- الروض المربع شرح زاد المستقنع/ منصور بن يونس البهوتي (ت 1051هـ) ومعه حاشية العنقري (1388هـ) مكتبة الرياض الحديثة. 78- روضة الطالبين وعمدة المفتين/ أبو زكريا يحي بن شرف النووي (ت 676هـ) الطبعة الأولى (1388هـ) المكتب الإسلامي، دمشق. 79- زاد المحتاج بشرح المنهاج/ عبد الله حسن الكوهجي، الطبعة الأولى (1407هـ) ، المكتبة العصرية بيروت. 80- زاد المسير في علم التفسير/ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت 597هـ) ، الطبعة الرابعة (1407هـ) المكتب الإسلامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 81- السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة/ محمد بن عبد الله بن حميد النجدي (ت 1295هـ) ، الطبعة الأولى (1409هـ) مكتبة الإمام أحمد. 82- سراج السالك شرح أسهل المسالك/ عثمان بن حسنين الجعلي، الطبعة الأخيرة (1402هـ) الناشر: دار الفكر. 83- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر/ أبو الفضل محمد بن خليل المرادي (ت 1206هـ) ، الطبعة الثالثة (1408هـ) ، دار البشائر الإسلامية. 84- سنن ابن ماجة/ الحافظ محمد بن يزيد ابن ماجة القزويني (ت 275هـ) ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 85- سنن أبي داود/ الحافظ أبي سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275هـ) ، الطبعة الأولى (1389هـ) ، تحقيق: عزت الدعاس، دمشق 86- سنن الترمذي/ الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت 279هـ) ، تحقيق: أحمد شاكر، الطبعة الثانية (1398هـ) . 87- سنن الدارقطني/ الحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385هـ) ، الطبعة الأولى (1310هـ) ، مطبعة الأنصاري، الهند. 88- سنن الدارمي/ الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ـ 255هـ) ، تحقيق: عبد الله هاشم/ الناشر: حديث أكاديمي، الهند. 89- السنن الكبرى/ الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ) ن الطبعة الأولى (1354هـ) دار الفكر. 90- سنن النسائي الكبير/ الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي (ت 303هـ) ، تحقيق: عبد الغفار سليمان، الطبعة الأولى (1411هـ) بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 91- سير أعلام النبلاء/ الحافظ شمس الدين الذهبي (ت 748هـ) ، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الطبعة الثانية (1402هـ) مؤسسة الرسالة. 92- السيرة النبوية/ جمال الدين أبي محمد عبد الملك بن هشام الحميري (ت 213هـ) تحقيق: مصطفى السقا (1355هـ) القاهرة. 93- شذرات الذهب في أخبار من ذهب/ أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي (ت 1089هـ) ، الطبعة الأخيرة المحققة (1413هـ) دمشق. 94- شرح الخرشي على مختصر خليل/ محمد بن عبد الله الخرشي (ت 1101هـ) ، الطبعة الثانية (1317هـ) المطبعة الأميرية مصر. 95- شرح الزركشي على مختصر الخرقي/ شمس الدين الزركشي الحنبلي (ت 772هـ) ، تحقيق د/ عبد الله الجبرين، الطبعة الأولى (1412هـ) الرياض. 96- شرح السنة/ أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت 516هـ) ، الطبعة الأولى (1390هـ) ، المكتب الإسلامي، دمشق. 97- شرح صحيح مسلم/ أبو زكريا يحي بن شرف النووي (ت 676هـ) المطبعة المصرية. 98- الشرح الصغير على أقرب المسالك/ أحمد بن محمد الدردير (ت 1201هـ) ، الطبعة الأخيرة (1410هـ) أبو ظبي. 99- الشرح الكبير على متن المقنع/ عبد الرحمن بن أبي محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 682هـ) ، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 100- شرح مختصر الروضة/ نجم الدين الطوفي (ت 716هـ) ، تحقيق: د/ عبد الله التركي، الطبعة الأولى (1409هـ) مؤسسة الرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 101- شرح معاني الآثار/ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (ت 321هـ) ، الطبعة الأولى (1399هـ) دار الكتب العلمية بيروت. 102- شرح منتهى الإرادات/ منصور بن يونس البهوتي (ت 1051هـ) الناشر: إدارة البحوث العلمية والإفتاء الرياض. 103- شعب الإيمان/ الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ) ، الطبعة الأولى (1410هـ) تحقيق محمد زغلول. 104- الصحاح/ إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ) ، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية (1399هـ) . 105- صحيح ابن حبان/ الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي (ت 354هـ) ، ترتيب: ابن بلبان الفارسي، الطبعة الأولى (1412هـ) مؤسسة الرسالة. 106- صحيح البخاري/ الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ) ، طبعة معادة (1978م) ، بهامشه حاشية السندي، دار المعرفة بيروت. 107- صحيح الجامع الصغير وزيادته/ محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الثالثة (1408هـ) المكتب الإسلامي. 108- صحيح مسلم/ الحافظ مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261هـ) ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي بيروت. 109- الضعفاء الكبير/ أبو جعفر محمد العقيلي (ت 322هـ) ، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية بيروت. 110- طبقات ابن سعد/ محمد بن سعد بن منيع البصري (ت 230هـ) ، تحقيق: محمد عطا، الطبعة الأخيرة (1410هـ) دار الكتب العلمية بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 111- طبقات الحنابلة/ القاضي محمد بن الحسين بن أبي يعلى (ت 526هـ) ، تحقيق: محمد حامد الفقي، الطبعة الأولى (1371هـ) القاهرة. 112- طبقات الشافعية الكبرى/ عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771هـ) ، الطبعة المحققة مطبعة الحلبي، القاهرة. 113- طبقات الشافعية/ عبد الرحيم الإسنوي (ت 772هـ) ، الطبعة الأولى (1407هـ) ، دار الكتب العلمية بيروت. 114- طبقات الشافعية/ تقي الدين ابن قاضي شهبة (ت 851هـ) ، الطبعة الأولى (1407هـ9 عالم الكتب بيروت. 115- العدة في أصول الفقه/ القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي (ت 458هـ) تحقيق: أحمد علي، الطبعة الأولى (1400هـ) ، مؤسسة الرسالة بيروت. 116- العدة شرح العمدة/ بهاء الدين المقدسي (ت 624هـ) ، الطبعة الأولى، المطبعة السلفية، القاهرة. 117- عقد الفرائد وكنز الفوائد/ أبو عبد الله محمد بن عبد القوي المقدسي الحنبلي (ت 659هـ9 الطبعة الأولى. 118- غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى/ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت 1033هـ) ، الطبعة الأولى، المؤسسة السعيدية، الرياض. 119- فتاوى أبي الليث/ أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي (ت 373هـ) مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، تحت رقم (63/258 فتاوى) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 120- الفتاوى الكبرى/ أحمد بن محمد ابن حجر الهيتمي (ت 974هـ) ، الطبعة الأولى (1308هـ) المكتبة الإسلامية مصر. 121- الفتاوى الهندية في مذهب الإمام أبي حنيفة/ الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الطبعة الثالثة (1393هـ) ، المكتب الإسلامي، تركيا. د 122- فتح الباري شرح صحيح البخاري/ الحافظ ابن حجر العسقلاني، (ت 852هـ) ، تحقيق: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، المطبعة السلفية، القاهرة (1380هـ) . 123- فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك/ محمد أحمد عليش (ت 1299هـ) ، الطبعة الأولى، دار المعرفة بيروت. 124- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير/ محمد ابن علي الشوكاني (ت 1250هـ) ، الطبعة الأولى، دار المعرفة بيروت. 125- الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل/ محمد بن مفلح المقدسي (ت 763هـ) ، تصحيح محمد رشيد رضا، الطبعة الأولى، القاهرة. 126- الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي/ محمد بن الحسن الثعالبي (ت 1376هـ) ، تحقيق: د/ عبد العزيز القارئ، (1396هـ) ، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة. 127- الفنون/ أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي (ت 513هـ) ، الطبعة الأولى (1411هـ) ، مكتبة لينة، دمنهور مصر. 128- فهرس المجاميع بدار الكتب المصرية/ الطبعة الأولى (1308هـ) ، القاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 129- فهرس مخطوطات دار الكتب القطرية/ الطبعة الأولى (1985هـ) . 130- فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية/ وضعه فؤاد سيد، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتب، القاهرة (1383هـ) . 131- فهرس مخطوطات الظاهرية (علوم القرآن) ، وضعه عزت حسن (1962م) . 132- فهرس مخطوطات مركز الملك فيصل/ من إصدارات المركز (1414هـ) . 133- الفوائد البهية في تراجم الحنفية/ محمد بن عبد الحي اللكنوي (ت 1304هـ) ، الطبعة الأولى، دار المعرفة بيروت. 134- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة/ محمد بن علي الشوكاني (ت 1250هـ) ، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، مطبعة السنة، القاهرة. 135- فيض القدير شرح الجامع الصغير/ عبد الرؤوف المناوي (ت 1031هـ) ، دار المعرفة، بيروت. 136- القاموس المحيط/ مجد الدين الفيروزآبادي (ت 817هـ) ، الطبعة الأولى (1371هـ) مطبعة الحلبي، القاهرة. 137- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس/ أبو بكر بن العربي، (ت 543هـ) ، الطبعة الأولى (1412هـ) ، دار الغرب بيروت. 138- القواعد في الفقه الإسلامي/ أبو الفرح عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (ت 795هـ) ، دار المعرفة، بيروت. 139- القواعد النورانية/ شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) ، تحقيق: محمد حامد الفقي، الطبعة الثانية (1404هـ) مكتبة المعارف، الرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 140- القواعد والفوائد الأصولية/ أبو الحسن ابن اللحام الحنبلي (ت 803هـ) ، تحقيق: محمد حامد الفقي، الطبعة الأولى (1403هـ) بيروت. 141- القوانين الفقهية/ محمد بن أحمد ابن جزي الكلبي (ت 741هـ) ، الطبعة الأولى، دار العلم بيروت. 142- قوت المحتاج في شرح المنهاج/ أحمد بن حمدان الأذرعي (ت 783هـ) ، مخطوط في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة تحت رقم (1380-1382) . 143- الكافي في فقه الإمام أحمد/ موفق الدين ابن قدامة (ت 620هـ) ، الطبعة الثالثة (1402هـ) . 144- الكامل في ضعفاء الرجال/ أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365هـ) ، الطبعة الأولى (1404هـ) بيروت. 145- كشاف القناع عن متن الإقناع/ منصور بن يونس البهوتي (ت 1051هـ) ، مطبعة الحكمة (1394هـ) مكة المكرمة. 146- كشف الأسرار عن أصول البزدوي/ عبد العزيز بن أحمد البخاري (ت 730هـ) ، دار الكتاب العربي بيروت. 147- كشف الخفاء ومزيل الإلباس/ إسماعيل بن محمد العجلوني (ت 1162هـ) ، مؤسسة الرسالة (1403هـ) بيروت. 148- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون/ الحاج خليفة (ت 1067هـ) ، الطبعة الأولى (1364هـ) استانبول. 149- كشف المخدرات/ زين الدين عبد الرحمن البعلي الحنبلي (ت 1192هـ) الناشر: المؤسسة السعيدية الرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 150- كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار/ تقي الدين الحسيني الشافعي (ت 829هـ) ، الطبعة الثانية، دار المعرفة بيروت. 151- كفاية الشعيبي/ أبو جعفر بن عمر الشعيبي الحنفي، مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، تحت رقم (210/ 254 فقه حنفي) . 152- كنز الدقائق في فقه الحنفية/ عبد الله بن أحمد النسفي (ت 710هـ) ن مطبوع مع شرحه (تبيين الحقائق) المتقدم تحت رقم (36) . 153- كنز العمال/ علي بن حسام الدين الهندي (ت 975هـ) ، طبع سنة (1399هـ) مؤسسة الرسالة. 154- لسان العرب/ جمال الدين ابن منظور (ت 711هـ) ، دار صادر بيروت. 155- المبدع في شرح المقنع/ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي (ت 884هـ) ، الطبعة الثالثة (1398هـ) ، دار المعرفة بيروت. 156- المبسوط/ أبو بكر السرخسي الحنفي (ت 483هـ) ، الطبعة الثالثة (1409هـ) ، دار المعرفة بيروت. 157_ مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر/ عبد الرحمن بن محمد الحنفي (ت 1078هـ) الطبعة الأولى (1317هـ) دار إحياء التراث العربي. 158- مجمع البحرين في زوائد المعجمين/ الحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807هـ) ، الطبعة الأولى (1413هـ) ، مكتبة الرشد، الرياض. 159- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد/ للمؤلف السابق، الطبعة الثالثة (1402هـ) ، دار الكتاب العربي، بيروت. 160- المجموع شرح المهذب/ أبو زكريا النووي (ت 676هـ) ،مطبوع مع (فتح العزيز) ، دار الفكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 161- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) ، ترتيب: ابن القاسم الطبعة الأولى (1381هـ) الرياض. 162- المحرر في الحديث/ الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي (ت 744هـ) ، الطبعة الأولى (1405هـ) دار المعرفة بيروت. 163- المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد/مجد الدين ابن تيمية الحراني (ت 652هـ) ، دار الكتاب العربي، بيروت. 164- المحلى/ أبو محمد ابن حزم (ت 456هـ) ،دار الآفاق بيروت. 165- المختار في فقه الحنفية/ عبد الله بن محمود الحنفي (ت 683هـ) ، مطبوع مع شرحه (الاختيار) المتقدم تحت رقم (9) . 166- مختصر الخرقي/ عمر بن الحسين الخرقي الحنبلي (ت 334هـ) مطبوع عام (1408هـ) ، الناشر: مكتبة المعارف الرياض. 167- مختصر سنن أبي داود/ الحافظ زكي الدين المنذري (ت 656هـ) ، تحقيق: أحمد شاكر، مطبعة أنصار السنة، (1367هـ) ، القاهرة. 168- مختصر طبقات الحنابلة/ محمد جميل الشطي الحنبلي (ت 1379هـ) ، الطبعة الأولى (1406هـ) دار الكتاب العربي. بيروت. 169- المختصر من كتاب نشر النور والزهر/ عبد الله مراد أبو الخير، مطبوعات نادي الطائف الأدبي. 170- مدارج السالكين/ شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) تحقيق: محمد المعتصم بالله (1410هـ) ، دار الكتاب العربي بيروت. 171- المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل/ عبد القادر ابن بدران الدمشقي (ت 1346هـ) ، تحقيق: د/ عبد الله التركي، الطبعة الثانية (1401هـ) مؤسسة الرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 172- المدونة الكبرى/ مالك بن أنس الأصبحي (ت 179هـ) ، الناشر: دار الفكر بيروت. 173- المذهب الأحمد في مذهب الإمام أحمد/ يوسف بن عبد الرحمن بن الجوزي (ت 656هـ) الطبعة الثانية (1401هـ) الرياض. 174- مسائل الإمام أحمد/ رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (ت 275هـ) ، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي. 175- المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين/ القاضي أبي يعلى الحنبلي (ت 458هـ) ، تحقيق: د/ عبد الكريم اللاحم، الطبعة الأولى، مكتبة المعارف الرياض. 176- المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة/ القاضي شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي الحنبلي (ت 855هـ) ، تحقيق: العبد الفقير محقق هذا الكتاب، الطبعة الأولى (1411هـ) ، مطابع المدني، القاهرة. 177- مستدرك الحاكم/ الحافظ محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405هـ) ، دار الفكر (1398هـ) بيروت. 178- المستوعب/ محمد بن عبد الله السامري (ت 616هـ) –القسم الرابع- رسالة دكتوراة مطبوعة بالآلة الكاتبة كلية الشريعة الرياض. 179- مسند ابن الجعد/ الحافظ أبي الحسن علي ابن الجعد (ت 230هـ) ، الطبعة الأولى (1405هـ) مكتبة الفلاح الكويت. 180- مسند أبي يعلى الموصلي/ الحافظ أحمد بن علي التميمي (ت 307هـ) ، تحقيق: حسين أسد، الطبعة الأولى (1406هـ) دمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 181- مسند أحمد/ الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (ت 241هـ) ، الطبعة الرابعة (1403هـ) ، المكتب الإسلامي، بيروت. 182- مسند الشافعي/ الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ) ، ترتيب: محمد عابد السندي، الطبعة الأولى (1370هـ) دار الكتب بيروت. 183- مسند الطيالسي/ الحافظ سليمان بن داود الطيالسي (ت204هـ) ، دار المعرفة (1406هـ) بيروت. 184- مسند الفردوس/ أبو شجاع الديلمي (ت 509هـ) ، تحقيق: سعيد زغلول، الطبعة الأولى (1406هـ) بيروت. 185- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير/ أحمد بن محمد الفيومي (ت 770هـ) ، المكتبة العلمية بيروت. 186- مصنف ابن أبي شيبة/ الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت 235هـ) ، دار التاج (1409هـ) بيروت. 187- مصنف عبد الرزاق/ الحافظ عبد الرزاق الصنعاني (ت 211هـ) ، الطبعة الأولى (1392هـ) المكتب الإسلامي. 188- المطلع على أبواب المقنع/ شمس الدين البعلي الحنبلي (ت 709هـ) ، طبع سنة (1401هـ) المكتب الإسلامي. 189- معالم التنزيل/ الحسين بن مسعود البغوي (ت 516هـ) ، الطبعة الأخيرة (1412هـ) دار طيبة الرياض. 190- المعجم الأوسط/ الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني، (ت 360هـ) ، الطبعة الأولى، تحقيق: محمود الطحان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 191- المعجم الصغير/ للمؤلف السابق، طبع عام (1406هـ) ، مؤسسة الكتب الثقافية. 192- المعجم الكبير/ للمؤلف السابق، تحقيق: حمدي السلفي، الطبعة الأولى (1399هـ) . 193- معجم لغة الفقهاء/ إعداد: محمد رواس، وحامد صادق، الطبعة الأولى (1405هـ) ، دار النفائس، الدمام. 194- معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة، الطبعة الثانية، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث، بيروت. 195- المعجم الوسيط/ إعداد مجموعة من اللغويين، مجمع اللغة العربية المكتبة الإسلامية، استانبول. 196- معرفة السنن والآثار/ الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ) ، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى (1411هـ) . 197- معين المفتي على جواب المستفتي/ محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي (ت 1004هـ) ، مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، تحت رقم (95/ 258 فتاوى) . 198- المغرب في ترتيب المعرب/ أبو الفتح المطرزي (ت 610هـ) ، الطبعة الأولى (1399هـ) ، مكتبة أسامة بن زيد، حلب سوريا. 199- المغني/ موفقالدين ابن قدامة (ت 620هـ) تحقيق: د/ عبد الله التركي، د/ عبد الفتاح الحلو، الطبعة الأخيرة (1410هـ) . 200- مغني ذوي الأفهام/ يوسف بن عبد الهادي المقدسي (ت 909هـ) ، تصحيح عبد الله بن دهيش، الطبعة الثانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 201- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب/ جمال الدين بن هشام (ت 761هـ) ، الطبعة الخامسة (1979م) دار الفكر بيروت. 202- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج/ محمد بن أحمد الشربيني (ت 977هـ) ، الطبعة الأولى (1377هـ) ، مطبعة الحلبي مصر. 203- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة/ شمس الدين السخاوي (ت 902هـ) ، الطبعة الأولى (1399هـ) . 204- مقدمات ابن رشد/ أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت 520هـ) ، الطبعة الثانية (1408هـ) دار الغرب بيروت. 205- المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد/ إبراهيم بن مفلح الحنبلي (ت 884هـ) ، تحقيق: د/ عبد الرحمن العثيمين، الطبعة الأولى (1410هـ) مكتبة الرشد الرياض. 206- المقنع في شرح مختصر الخرقي/ أبو علي الحسن بن أحمد ابن البنا الحنبلي (ت 471هـ) ، الطبعة الأولى (1414هـ) ، مكتبة الرشد، الرياض. 207- المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل/ موفق الدين ابن قدامة (ت 620هـ) ، مطبوع عام (1400هـ) مكتبة الرياض الحديثة. 208- ملتقى الأبحر/ إبراهيم الحلبي (ت 956هـ) ، الطبعة الأولى (1409هـ) مؤسسة الرسالة بيروت. 209 منار السبيل في شرح الدليل/ إبراهيم بن محمد بن ضويان (ت 1353هـ) الطبعة الثانية (1405هـ) ، مكتبة المعارف الرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 210- المنار المنيف في الصحيح والضعيف/ شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) الطبعة الثانية (1403هـ) ، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب. 211- المنتقى شرح الموطأ/ أبو الوليد الباجي (ت 494هـ) ، الطبعة الثالثة (1403هـ) دار الكتاب العربي بيروت. 212- منتهى الإرادات/ تقي الدين ابن النجار الحنبلي (ت 972هـ) ، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، عالم الكتب بيروت. 213- المنهاج/ أبو زكريا يحي بن شرف النووي (ت 676هـ) ، الناشر: دار المعرفة بيروت. 214- المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد/ مجير الدين العليمي (ت 928هـ) ، تحقيق: محمد عبد الحميد، الطبعة الأولى (1403هـ) . 215- منية المفتي في فروع الحنفية/ يوسف السجستاني الحنفي (ت 638هـ) ، مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، تحت رقم (1165) فقه حنفي. 216- المهذب في فقه الإمام الشافعي/ إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476هـ) الطبعة الثالثة (1396هـ) مطبعة الحلبي القاهرة. 217- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل/ أبو عبد الله بن الحطاب المالكي (ت 954هـ) الطبعة الثانية (1398هـ) دار الفكر. 218- ميزان الاعتدال في نقد الرجال/ شمس الدين الحافظ الذهبي (ت 748هـ) ، دار المعرفة بيروت. 219- نتائج الفكر/ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (ت 581هـ) الطبعة الأولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 220- النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل/ محمد كمال الدين الغزي (ت 1214هـ) ، الطبعة الأولى (1402هـ) ، تحقيق: محمد مطيع. 221- نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية/ عبد الرحمن بن محمد الذهبي (ت 1128هـ) مخطوط بمكتبة عارف حكمت تحت رقم (620/900 التاريخ) . 222- نيل الابتهاج بتطريز الديباج/ أحمد بن أحمد التنبكتي (ت 1036هـ) ، مطبوع بهوامش (الذيباج المذهب) المتقدم تحت رقم (73) . 223- نيل الأوطار/ محمد بن علي الشوكاني (ت 1250هـ) ، مكتبة الدعوة الإسلامية، شباب الأزهر. 224- نيل المآرب بشرح دليل الطالب/ عبد القادر بن عمر الشيباني (ت 1135هـ) تحقيق: د/ عمر الأشقر، الطبعة الأولى (1403هـ) ، الكويت. 225- هداية الراغب لشرح عمدة الطالب/ عثمان بن أحمد النجدي (ت 1100هـ) ، تحقيق: حسنين مخلوف، الطبعة الثانية (1410هـ) . 226- الهداية شرح بداية المبتدي/ أبو الحسن المرغيناني الحنفي (ت 593هـ) الطبعة الأولى، المكتبة الإسلامية. 227- الهداية في فقه الإمام أحمد، أبو الخطاب الكلوذاني (ت 510هـ) تحقيق: إسماعيل الأنصاري الطبعة ألوى (1390هـ) مطابع القصيم. 228- هدية العارفين/ إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339هـ) ، الطبعة الأولى (1364هـ) استانبول. 229- الوجيز/ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (ت 505هـ) دار المعرفة (1979م) بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 230- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان/ أحمد بن محمد بن خلكان (ت 681هـ) تحقيق: إحسان عباس الطبعة الثانية (1972م) ، دار صادر بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329