الكتاب: فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه المؤلف: محمد بن عبد الله بن عبد القادر غبان الصبحي الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الثانية، 1424هـ/2003م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه محمد بن عبد الله غبان الصبحي الكتاب: فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه المؤلف: محمد بن عبد الله بن عبد القادر غبان الصبحي الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الثانية، 1424هـ/2003م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول مقدمة ... فتْنَةُ مَقْتَلِ عُثْمانَ بنِ عَفَّان رضي الله عنه وأرضاه تأليف الدكتور/ محمد بن عبد الله غبّان الصبحي الجزء الأول: المقدمة: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3.   1 سورة آل عمران، الآية: (102) 2 سورة النساء، الآية: (1) . 3 سورة الأحزاب، الآيتان: (70-71) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وعسى الله أن يقيض لإبراز هذه الجوانب النيرة في ذاك العصر أحداً ممن يحب، ليؤكدوا صلاحيته للقدوة والاقتداء، ويكشفوا عن دور الداسِّين عليه المشوهين صورته الحسنة بالأخبار السيئة المكذوبة المتزيدة. فإن هذه الفتن، لم تشع فحسب، بل زيد فيها الكثير، وحرف منها شيء غير قليل، وشُوِّه أكثرها، حتى ظهرت تلك الحوادث مشوهة، دعت كثيرين إلى تجنب الحديث عنها، باعتبارها مما شجر بين الصحابة1عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ... "2. فإن "من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم، وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 3 وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" 4.   1 السبب هو: انخداعهم بروايات الشيعة الرافضة الباطلة، وتصديقها، بسبب حسن بهرجتها وإتقانهم لصياغتها، مما نشر الباطل وأخفى الحق عن الكثيرين. 2 رواه أبو نعيم في الحلية (4/ 108 وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 155، وفي السلسلة الصحيحة (1/ 42) . 3 سورة الحشر، الآية: (10) . 4 ابن تيمية، العقيدة الواسطية (ص: 166) ؛ والحديث رواه البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/21) ، ومسلم، الجامع الصحيح، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم (4/ 1967) ، وأبو داود، والترمذي، وأحمد بن حنبل، كلهم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومسلم وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 ويتبرؤون من طريقة الروافض، الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب، الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم، منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير من وجهه، والصحيح منه، هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم، عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم -إن صدر- حتى إنهم يغفر لهم من السيئات، ما لم يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.. "1. وهم يعلمون: أن الله حفظ لنا الدين، بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم الذين نقلوه إلى الجيل الذي لقيهم، ومن ثم انتقل إلينا عبر الأجيال، جيلاً بعد جيل، حتى وصل إلينا؛ كما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.   1 ابن تيمية، العقيدة الواسطية (ص: 174) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 إلا أن أعداء الإسلام، لما جهدوا فعجزوا عن تشكيك المسلمين بعقيدتهم، ودينهم الصحيح، عمدوا إلى الطعن في نقلته الأخيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم. يقول الإمام مالك عن أمثال هؤلاء: "إنما هؤلاء أقوام، أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين"1. ويقول أبو زرعة: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن؛ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب، والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة"2. فعمد هؤلاء المغرضون إلى الفتن، التي حدثت بين الصحابة، وأحاطوها بالكذب والافتراء، والتزييف، والتزيّد وجعلوا منها وسيلة إلى الطعن، في الصحابة رضي الله عنهم. ومن تلك الفتن: مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ونجح القوم في تحقيق شيء من بغيتهم، فانطلت حيلتهم على كثيرين، وتخيلوها من خلال الروايات الضعيفة المكذوبة، التي يرويها الهلكة، والمتروكون،   1 ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 580) . 2 ابن تيمية، منهاج السنة (1/ 18) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أما بعد1: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة2. وبعد: فإن الدراسة المثمرة للتاريخ، تكون لهدف صحيح، ويجب أن يكون التاريخ المعتمد لذلك، تاريخاً صحيحاً، من حيث نقله، وإلا فستكون الثمرة ثمرة فاسدة. ولا يكون التاريخ صحيحاً إلا إذا استُمِد من المصادر الموثوقة الصحيحة، التي في مقدمتها كتاب الله العزيز، الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 3 ففيه مادة تاريخية واسعة، متنوعة العصور، تتناول عدداً من الح-وادث، وتتعم-ق -أحياناً- في تفصيلات دقيقة. ويلي هذا المصدر الموثوق، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث، فإنها تحتوي على معلومات تاريخية، عن بعض الأمم السالفة، وعن عصر   1 هذه الخطبة تسمى خطبة الحاجة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدمها بين يدي الخطبة، وكذلك السلف الصالح في خطبهم، ودروسهم، وكتبهم ومختلف شؤونهم، وقد خصص لها فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- رسالة أسماها (خطبة الحاجة) . 2 رواه مسلم في صحيحه (2/ 592، وأحمد في المسند (3/ 371، والبيهقي في سننه (3/ 214، وليس عن أحمد: "وكل بدعة ضلالة"، وزاد هو والبيهقي: "وكل محدثة بدعة"، وصحح الألباني إسناديهما (خطبة الحاجة ص 26) . 3 سورة: فصلت، الآية: (42) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 السيرة1. أما المصدر الثالث، من مصادر التاريخ الموثوقة، فهو: الروايات التاريخية المسندة؛ صحيحة الأسانيد، التي يرويها أصحاب المصنفات المسندة والتي منها: كتب الحديث، وكتب التاريخ، والكتب التي خُصصت لتراجم الرجال؛ يروونها بأسانيدهم الصحيحة إلى شاهد العيان. هذه هي مصادر التاريخ الموثوقة2 التي يجب على كل باحث، في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ الخلفاء الراشدين، أن يستقي معلوماته منها. وعليه أن يتجنب الروايات الواهية، والموضوعة، ليكون بناؤه التاريخي سليم القواعد، صالحاً للتحليل، واستمداد العبر منه، والوصول إلى قوانين العمران، وسنن الاجتماع. وأصدق، وأصلح تاريخ لذلك هو تاريخ الأنبياء، وفي مقدمتهم 1 من المعروف أن علماء الحديث، خصصوا أبواباً لروايات السيرة النبوية في مصنفاتهم الحديثية، ككتاب المغازي في صحيح البخاري، وكتاب الجهاد في صحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، وموطأ مالك. 2 ومن مصادر التاريخ التي لا تتناسب مع موضوع هذا البحث: 1- ما يذكره المؤرخون في كتبهم التاريخية، دون إسناد، ولم تثبت معاصرتهم للأحداث: فهذا المصدر غير موثوق به خاصة بالنسبة لموضوع هذا البحث، لأهميته، وضرورة استمداد معلوماته من المصادر الموثوقة. 2- ما يستنتجه المتخصصون في علم الآثار، من التنقيب والحفريات وغيرها، وهذا المصدر لا يناسب موضوع هذا البحث أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ خلفائه الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. فإن هذا التاريخ، تاريخٌ سليم من الشذوذ، والأمراض الاجتماعية، والفكرية، ومن الأهواء والتطرف. هذا هو طابعه العام، أما ما وقع في أواخر هذه الفترة، من فتن وحروب، فعلى فرض صحة ما صورته الروايات التاريخية، فإنه لا يعمم الحكم عليها، مع أنه قد أدخل فيها الكثير من الدس، والتحريف، ثم أبرز وأشيع. فشاعت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه وموقعة الجمل، وصفين، والتحكيم، شيوعاً أعظم مما كان فيها من مواضع القدوة، وما كان فيها من العدل والإنصاف، والمثل العليا في تحقيقها، وأكثر مما كان من قصص أولئك المؤمنين الصادقين الأبرار، مما يبين قوة إيمانهم، ويقينهم، وتعلقهم بخالقهم، مما يزيد الإيمان ويحسن الاقتداء بهم1. لقد طغت شهرة هذه الفتن، على هذه المعاني السامية، من حيث الانتشار، فلا يكاد يعلم الكثيرون عن هذه الفترة إلا الفتن التي حدثت في آخرها.   1 من ذلك رفض عثمان -رضي الله عنه - قتال المحاصرين، كما سيأتي، وما في ذلك من إيثار وتقديم لمصالح الأمة على مصالحه الشخصية، فإن فيه دلالات قوية على قوة إيمانه -رضي الله عنه- وتعلقه بربه، واستحضاره للحياة الآخرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ومن ثم أحجموا عن دراستها وجمعها ظناً منهم أنها مما شجر بين الصحابة، وأخذ أفراخ أولئك الأعداء يحاجون المسلمين، ببعض المواقف المستقاة من تلك الروايات المكذوبة، فمن المسلمين من يبهت، ويسكت، ومنهم من يتلمس الأعذار، ولم يناقش في أسانيد تلك الأكذوبات، إلا عدد قليل من الأئمة؛ أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية. ولم أقف على كتاب جمع مرويات هذه الفتنة ودرس أسانيدها، ومَيَّز صحيحَها من ضعيفِها، ثم بَنَى على الروايات الصحيحة صورة صحيحة حقيقية لها. فقمت بذلك في هذا الكتاب -قدر الجهد والاستطاعة- مما أظهر لي أن هذه الفتنة، لا تعد مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، إنما هي مما شجر بين الصحابة، وأناس ليسوا من الصحابة، كما أوضحت موقف الصحابة الحقيقي تجاه عثمان رضي الله عنه وقتله، وأن أحداً من الصحابة لم يشترك في التحريض عليه، فضلاً عن قتله، ولم يخرج أحد من الصحابة عليه، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنة الفردوس مأوانا ومأواهم، وحشرنا جميعاً تحت لواء خير أوليائه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً. وليس معنى هذا أن السلف أغفلوا دراسة هذه الفتنة عموماً فقد بذل أهل السنة والجماعة جهوداً عظيمة، في توضيح صورتها على حقيقتها والرد على تلك الروايات الباطلة، التي شوهت صورتها، وكشف زيفها كابن تيمية في منهاج السنة، وابن العربي في العواصم من القواصم، والمحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 الطبري في الرياض النضرة، فجزاهم الله خيراً، وأجزل لهم المثوبة. إلا أن الموضوع كما أسلفت، لم يستكمل البحث فيه، من جهة دراسة أسانيد تلك الروايات، والبناء على صحيحها، والتحذير من ضعيفها، مع كشف عللها وبيان سبب ضعفها، وهذا العمل فيه دفاع عن العقيدة، وتصحيح لجانب من جوانبها، ألا وهو حب الصحابة، وإنزالهم من-زلتهم التي أنزلهم ربهم. وقد تنبه إلى هذا الأمر، أساتذة فضلاء دعوا إلى تنقية الروايات الواردة في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه على منهج المحدِّثين، في نقد الروايات، وذلك بدراسة أسانيدها، ومتونها، وتمييز صحيحها من سقيمها، ثم البناء على ما صح منها. وكان من هؤلاء الأساتذة: الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري، فقد اقترح عليَّ الكتابة في هذا الموضوع على هذا المنهج، فوافق ذلك رغبة في نفسي لعدة أسباب منها: أولاً: رغبتي في الذبِّ عن الصحابة، وإظهار براءة من اتُّهم منهم، ودفع الشبهات التي ألصقت بهم رضي الله عنهم، لأن محبتهم توجب ذلك، لا سيما وقد ظهر من يقدح فيهم بالباطل، يقول ابن تيمية: "إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل، فلا بد من الذب عنهم، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"1ولا يعد ذلك، مما نهينا عنه، من الخوض فيما شجر   1 منهاج السنة النبوية (6/ 254) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 بينهم، بل هو إظهار للحقيقة التي تدفع عنهم ما ألصق بهم من باطل. ثانياً: التنبيه على أن هذه الفتنة ليست مما شجر بين الصحابة، كما هو المشهور عند الكثيرين. ثالثاً: رغبتي القوية في تأصيل الصورة الصحيحة، وتصحيح المفاهيم بحقيقة هذه الفتنة، على أسس صحيحة قوية مبنية على نقد الأسانيد والمتون. رابعاً: استجابتي لحث العلماء، على تصحيح التاريخ الإسلامي، وتخليصه مما علق به من شوائب، باستخدام منهج قوي ومتين، ليتهيأ للمربين، فيربوا عليه أجيال المسلمين تربية صحيحة. خامساً: حبي الشديد لدراسة الأسانيد ومتونها. هذا وقد اعتمدت في إعداد هذا البحث، منهجاً يعين على بناء صورة تاريخية صحيحة، وهو منهج المحدثين في التعامل مع الروايات، فقمت بجمع روايات الفتنة، من بطون كتب الحديث، والتاريخ العام، وتواريخ المدن، وكتب التراجم والطبقات؛ وغيرها من المصادر المسندة للروايات. ثم قمت بتصنيف هذه الروايات، التي بلغ عددها ما يربو على ألفي رواية ودمجت المكررات، مع الإشارة إلى الفروق بينها من جهة الإسناد والمتن. ثم درست هذه الأسانيد، فتميز لديَّ صحيحها من ضعيفها، ثم اعتمدت الروايات الصحيحة، فشكلت من صحيحها صورة تكاد تكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 متكاملة عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه. ثم جمعتها مخرجة بطرقها، ودراسة أسانيدها في قسم ألحقته بآخر الرسالة، لأتيح للقارئ متابعة النتائج التي توصلت إليها، وليقف على تراجم رواة الروايات التي حكمت عليها صحة وضعفاً. واعتمدت بعض الروايات المرسلة، والضعيفة في بعض المسائل التاريخية، التي لا علاقة لها بالعقيدة، ولا الشريعة لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة؛ كما في تاريخ قتله، وسنه عند استشهاده، ونحو ذلك، ففي مثل هذه الموضوعات، آخذ بأصح ما رُوي منها، وقد أدرس متونها وأقابلها بالروايات الصحيحة، فأقدم ما ترجح لدي، مع ذكر أسباب الترجيح. وإلا فإني أطبق ما أعلمه من قواعد مصطلح الحديث دون تساهل، وذلك في ما له علاقة بالعقيدة، أو الشريعة مع تحفظ شديد، فقد يظهر للمطالع -أحياناً- أن الخبر لا علاقة له بذلك، ثم مع التأمل تظهر علاقته، لذا فإني أراعي ذلك وأتأمل الرواية قبل دراستها. وتطبيق منهج المحدثين، هو المنهج الذي أراه مناسباً، لنقد روايات التاريخ الإسلامي، وخاصة السير وعصر الخلفاء الراشدين منه، وأخص الفتن التي حدثت ابتداءً من مقتل عثمان رضي الله عنه ثم الجمل وصفين؛ لسلامة أسسه في النقد، وجودة نتائجه. ونجد أن بعضاً من غير المتخصصين في التاريخ قد رفضوا هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 المنهج1 فجانبوا الصواب، ولا حجة لهم؛ بأن السلف لم يعتمدوا هذا المنهج، في نقد الروايات التاريخية، لأنهم أعملوه كابن كثير فقد حكم على بعض الروايات بالصحة، وعلى أخرى بالضعف، وغيره كثير، كما ستراه منقولاً عنهم في هذه الرسالة. وقد نادى باستخدام هذا المنهج في التاريخ، وبالأخص في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه مجموعة من الأساتذة المتخصصين في التاريخ من المعاصرين منهم: محب الدين الخطيب2 وصادق عرجون3 ويوسف العش4. وذلك لمعرفتهم بمنهجي المحدثين والغربيين، في نقد الروايات التاريخية، مما جعلهم يؤثرون منهج المحدثين؛ لقوته وصلاحيته لذلك، ولا شك أن من لم يستوعب هذا المنهج، ولم يعرفه، يصعب عليه التسليم به، فضلاً عن تبنيه والعمل به. وإني لأدعو كل من يتردد في قبول هذا المنهج الأصيل، إلى التجرد أولاً، ثم إلى دراسته وتأمله، فإنه سيصل إلى ما وصل إليه غيره ممن دعوا   1 من الرافضين لهذا المنهج: أحمد محمد جمال في محاضرة له، مطبوعة تحت عنوان: (تاريخنا لم يقرأ بعد، وعثمان صافي الذي يرى أن طرح الموضوع بهذا العنوان: (إعادة كتابة التاريخ ينطوي صراحة على تخطئة السلف في كل ما كتبوه، ويرى أن إعادة كتابة التاريخ، ضرب من الخيال. (انظر: كتاب منهج كتابة التاريخ الإسلامي، للدكتور/محمد بن صامل العلياني السلمي (ص: 12) . 2 العواصم من القواصم (ص: 75-76 الحاشية: (66) . 3 في كتابه: (عثمان بن عفان (ص: 7-8) . 4 الذي حاول تطبيقه في كتابه: (الدولة الأموية) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 إليه. هذا وقد أثر عن السلف الصالح، ما يبين مكانة الإسناد في الدين الإسلامي، من ذلك: ما صح عن محمد بن سيرين أنه قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"1وقوله أيضاً: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم". وفي ذلك يقول عبد الله بن المبارك: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"2. ومن الدين حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلامة القلوب تجاههم، فهم الذين حملوه إلينا صافياً نقياً، كما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم بل إن أهل السنة والجماعة جعلوا ذلك أصلاً من أصولهم كما تقدم. يقول الطحاوي: "وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان"3. وقال محمد بن حاتم بن المظفر: "إن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة، وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديماً وحديثاً إسناد موصول، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم   1 رواه مسلم في مقدمة صحيحه (1/14) ، والدارمي في مقدمة سننه (1/3) . 2 مقدمة صحيح مسلم (1/15) . 3 شرح العقيدة الطحاوية (ص: 467) ، ط: (8) ، 1404?، بتحقيق الألباني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 أخبارهم"1. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سُلَّماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة، أهل الإسلام والسنة، يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والقويم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم منقولات، يؤثرونها بغير إسناد، وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل، ولا الحالي من العاطل، وأما هذه الأمة المرحومة، وأصحاب هذه الأمة المعصومة، فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين، كما يظهر الصبح لذي عينين"2. وذكر ابن حزم أن نقل الثقة عن الثقة، حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجد عند غير المسلمين، وأن المبادئ الأساسية للإسلام، والشريعة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يتعلق به من الأحكام، كلها ثابت بهذا النوع من النقل3. يقول الدكتور/ محمد أبو شهبة: "ولا أكون غالياً، أو متعصباً إذا   1 شرح المواهب (5/ 454) . 2 مجموع الفتاوى (1/9) . 3 اهتمام المحدثين بنقل الحديث (ص: 162-163) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 قلت: إن الأصول التي وضعها علماء أصول الحديث لنقد المرويات، هي أرقى وأدق ما وصل إليه العقل البشري في القديم والحديث ... "1. ويقول أبو حاتم الرازي: "لم يكن في أمة من الأمم، منذ خلق الله آدم، أمناء يحفظون آثار الرسل، إلا في هذه الأمة"2. ومن يترك هذا المنهج الصحيح، في نقد الروايات المتعلقة بالسيرة، وعصر الراشدين، فمصيره إلى الخطأ والغلط ومن الأمثلة الواقعية لذاك: ما نقله أحمد أمين في كتابه (فجر الإسلام) عن ابن أبي الحديد قوله: " ... فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: "لو كنت متخذاً خليلاً"، فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء، ونحو: "سدوا الأبواب" فإنه كان لعلي، فقلبته البكرية إلى أبي بكر ... ". وزاد أحمد أمين: "وتلمح أحاديث كثيرة، لا تكاد تشك وأنت تقرؤها أنها وضعت لتأييد الأمويين، أو العباسيين، أو العلويين، أو الحط منهم"3.   1 دفاع عن السنة (ص: 36) . 2 اهتمام المحدثين بنقل الحديث (ص: 162-163) ؛ وانظر في بيان أن الإسناد من الدين ومن خصائص هذه الأمة (الإسناد من الدين ومن خصائص أمة سيد المرسلين للدكتور: عاصم بن عبد الله القريوتي) . 3 فجر الإسلام (ص: 213) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وهذان الحديثان اتفق على تصحيحهما البخاري، ومسلم، ومن ثم المسلمون كلهم بالإجماع، لإجماعهم على أن كل ما في الصحيحين من أحاديث مسندة فهو صحيح1. فانظر إلى من يترك منهج المحدثين، ويعتمد مناهج أخرى لنقد المتون دون الإسناد، كيف يقع في مثل هذا الخطأ الجسيم. ومما يبين أهمية استخدام هذا المنهج، في نقد روايات فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه أن من يطالع هذه الروايات، لا يستطيع أن يخرج بصورة متكاملة عن الفتنة، إلا وتأتي روايات مضادة تهدم هذه الصورة، لتحل مكانها أخرى، ثم يتكرر هذا مراراً، مما يوقع القارئ في حيرة شديدة، فهذا يؤكد أن هذا التناقض يرجع إلى وجود روايات موضوعة مكذوبة، دست لأهداف دنيئة. لذا فإن أَنْسَبَ منهج لمحاكمة هذه الروايات، هو منهج المحدثين، الذي يعتمد على دراسة الإسناد، والمتن معاً؛ وهو الذي اعتمدته -كما تقدم- في نقد روايات الفتنة. وقد قسمت الكتاب إلى قسمين: القسم الأول: وسردت فيه الصورة التاريخية للحادثة، ووثقت   1 انظر في ذلك قول الحافظ ابن حجر ونقولاته في (هدي الساري ص: 346) وما بعدها، وكتاب (بين الإمام مسلم والدارقطني للدكتور: ربيع بن هادي المدخلي (ص: 16-17) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 المعلومات في الحاشية دون تفصيل، ثم أحيل إلى القسم الثاني. ليجد القارئ فيه دراسة أوسع للروايات من حيث: تخريجها وشواهدها وتراجم رواتها، وسبب الحكم عليها بالصحة، أو الحسن، أو الضعف، وأيضاً لينظر القارئ إلى الرواية كاملة غير مجزأة. ورغم أني لم أستفد كثيراً من الروايات الضعيفة، والشديدة الضعف والموضوعة في بناء الصورة التاريخية إلا أني خصصت لها موضعاً في الملحق مع دراستها وذلك ليرجع إليها، من يريد معرفة مصدر تلك الصور الباطلة المشتهرة بين الناس، مع معرفة سبب ضعفها، وبطلانها. مصادر فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه: إن المصادر التي تناولت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه تنقسم إلى قسمين؛ منها ما هو عن الفتن عامة، ومنها ما هو عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه خاصة، وسأذكر فيما يلي المصادر المفقودة التي لم أطلع عليها، ثم أذكر بعض المصادر التي استفدت منها في إعداد هذا البحث: أما المصادر المفقودة التي ألفت عن الفتن عامة فمنها: 1- كتاب (الفتن) لعثمان بن أبي شيبة، المتوفى سنة 227?1. 2- كتاب (الفتن) لعبد الله بن محمد بن أبي شيبة، المتوفى سنة 532?2.   1 ابن النديم (الفهرست: 285) . 2 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 3- كتاب (الفتن) لإسماعيل بن عيسى العطار البغدادي1. وأما المصادر المفقودة التي ألفت عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه خاصة فمنها: 1- كتاب (الشورى) ومقتل عثمان لأبي مخنف لوط بن يحيى المتوفى سنة:157?2. 2- (مقتل عثمان) لأبي عبيدة معمر بن المثنى التميمي المتوفى سنة:210?3. 3- كتاب (مقتل عثمان بن عفان) للمدائني أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي يوسف المتوفى سنة: 215?4. 4- (مقتل عثمان) لعمر بن شبة بن عبيد بن ريطة (أبو معاذ) المتوفى سنة: 262?5. 5- (سيرة عثمان) للعياشي أبي النظر محمد بن مسعود، المتوفى   1 المصدر السابق: 122. 2 ابن النديم (الفهرست 105، والطوسي، الفهرست، كما في (علم التاريخ عند المسلمين لفرانز روزنثال 311. وإسماعيل باشا، هدية العارفين (5/ 842) . 3 ابن النديم في الفهرست ص:59، ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (2/1794) ، وانظر (علم التاريخ عند المسلمين لفرانزروزنثال 279) . 4 ذكره ابن النديم (الفهرست 115، وفرانزروزنثال (علم التاريخ عند المسلمين 279) . 5 ابن النديم (الفهرست 125) ، (وفرانزروزنثال 279) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 سنة: 320هـ1. 6- (المقتل) لأبي الحسن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن أحمد بن يوسف الكاتب، ولد سنة 281هـ بالحسينية، وكان يتظاهر بالشافعية، ويبطن رأي الشيعة الإمامية، وكان فقيهاً على المذهبين، وله عدة كتب على مذاهب الشيعة؛ منها هذا الكتاب2. 7 - كتاب (المقتل) لعيسى بن مهران3وهو (رجل سوء) كما قال الدارقطني4و (من شياطين الرافضة) ومردتهم كما قال الخطيب5و (رافضي كذاب جبل) كما قال الحافظ ابن حجر6و (كذاب) كما قال أبو حاتم7وصنفه ابن النديم في فقهاء الشيعة8. وهذه الكتب كلها مفقودة، لم يصلنا منها إلا نقولات عن بعضها   1 فرانزروزنثال (311 عن الطوسي) ، وابن النديم (246 أو 279) ، و (هدية العارفين5/842) و (الأعلام للزركلي7/95) . 2 ابن النديم (الفهرست 247) . 3 ابن النديم (275) ، وفرانزروزنثال 311 عن الطوسي، وإسماعيل باشا (4/541) . 4 تاريخ بغداد (11/168) . 5 المصدر السابق. 6 لسان الميزان (4/406) 7 المصدر السابق. (الفهرست 275) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 يسيرة عند الطبري، وغيره، ومما تجدر الإشارة إليه أن الطبري وابن سعد وسائر المصادر التي استقيت منها روايات الفتنة، لم تنقل من كتاب أبي مخنف شيئاً من الروايات؛ فلعلهم أعرضوا عنه، لما فيه من كثرة الدسّ، والتحريف؛ كما هي عادته، فهو شيعي محترق1. أما المصادر التي استفدت منها في إعداد هذا الكتاب، فمنها مصادر أولية، ومنها مصادر ثانوية: أما المصادر الأولية، فمنها: 1- كتاب (الطبقات) لابن سعد، وهو كتاب نفيس للغاية، تتقدم أسانيده مروياته، وتتصف بالعلو، لأن مؤلفه توفي في أوائل القرن الثالث الهجري؛ سنة 230? مما جعل إسناده سهل الدراسة والتحقيق، كما أن غالب رجال أسانيده معروفون، ولهم تراجم، عدا أكثر شيوخ شيخه الواقدي2. ومن الجدير بالذكر، أن ابن سعد لم يرو عن سيف في طبقاته عن الفتنة إطلاقاً، ويبدو لي أن ذلك قد يرجع إلى أحد أمرين: الأول: أنه لم يطلع على روايات سيف عن الفتنة.   1 قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 419-420) : " أخباري تالف، لا يوثق به"، وقال ابن عدي: "شيعي محترق، صاحب أخبارهم". 2 كما سيأتي كثيراً عند تحقيق رواياته، وانظر على سبيل المثال الروايات الآتية في الملحق رقم: [28، 334، 338، 341، 343، 347] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 الثاني: أنه اطلع عليها، ولم يأنس لأسانيدها، التي تتسم بالإرسال -غالباً- ولم يتسامح معه كما تسامح مع شيخه الواقدي الذي يشابهه إلى حدٍّ كبير في ذلك، وإن كان يوجد في روايات الواقدي عدد لا بأس به من الروايات التي يظهر أنها متصلة الأسانيد. وتتسم روايات ابن سعد، بالاعتدال غالباً، إلا ما يرويه من طريق شيخه الواقدي، فلا اعتدال فيه ولا كرامة، بل يتسم بالغلو المفرط في تشيين مواقف الصحابة رضي الله عنهم. 2 - كتاب (التاريخ) لخليفة بن خياط، المتوفى سنة 240? ويعدّ من أحسنها، ونجد أن مصنفه يسند رواياتِه، وقد يهملها أحياناً. ويشابه تاريخ خليفة إلى حدّ كبير، طبقات ابن سعد، إلا أنه يفوقه في سلامة متون رواياته، من حيث إبراز الفتنة، بالصورة الصحيحة، النقية، السالمة من تشويه مواقف الصحابة رضوان الله عليهم وتمتاز طبقات ابن سعد على تاريخ خليفة بكثرة الروايات عن الفتنة. 3- (تاريخ الأمم والملوك) لمحمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310?، وكان دور الطبري في كتابه هذا، هو الجمع المستفيض، فقد حوى في كتابه عدة كتبة مفقودة. وبعد استقراء روايات الطبري، عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه نتج لدي أن موارده فيها هي: - أ - بلفظ (حدثني) : - أحمد بن إبراهيم، وأحمد بن ثابت، وأحمد ابن زهير بن أبي خيثمة، وأحمد بن عثمان بن حكيم، والحارث، وزياد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 أيوب، وعبد الله بن أحمد بن شبوية، وعبد الله بن أحمد المروزي، وعمر ابن شبّة، ومحمد بن موسى الحرشي، ويعقوب بن إبراهيم. ب - بلفظ (قال) : - علي بن محمد، ومحمد بن مسلمة، وأبوبكر، وأبو المعتمر، وأبو معشر، وابن عمر، وابن أبي سبرة، وآخرون1. ج - بلفظ (حُدثت عن) : - الحسن بن موسى الأشيب، وزكرياء ابن عدي. د - بلفظ (ذُكر عن) : - هشام بن محمد الكلبي. ? - بلفظ (ذَكر) : - محمد بن عمر الواقدي. و بلفظ (في رواية) - أبومخنف، وسيف بن عمر التميمي. ز - وقد يذكر معلومات قليلة جداً دون عزوها إلى أي مصدر. وتتضمن هذه الروايات -المتنوعة المصادر- الغث، والسمين من الأخبار التاريخية، بل يغلب عليها الأول. ويعود ذلك، إلى تنوع ميول أصحاب تلك المصادر، التي اعتمدها المؤلف في جمع رواياته. ولا يعيب ذلك الطبري، لأنه قد أسند هذه الروايات، ومن أسند فقد أحال وبرئت ذمته، وكان هذا هو شعار الفترة، التي كان يعيشها الطبري. وقد قال في مقدمة كتابه: "فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه   1 هكذا يقول: "وقال آخرون". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يُؤت في ذلك من قِبَلِنا، وإنما أُتي من قِبَل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا"1. بل يشكر على ذلك، لما في صنيعه هذا من كشف لمصادر تلك المعلومات المغلوطة على الصحابة رضي الله عنهم التي تناقلها الناس من زمن الفتنة إلى يومنا هذا. وطريقة الطبري هذه لم ينفرد بها، بل هي طريقة أهل عصره، من العلماء من أهل الحديث، وغيرهم، من القرن الثاني، فقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة الطبراني= سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني؛ ما يأتي: "الحافظ الثبت المعمر ... وقد عاب عليه إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي جمعه الأحاديث بالإفراد على ما فيها من النكارة الشديدة، والموضوعات، وفي بعضها القدح في كثير من القدماء من الصحابة وغيرهم، وهذا أمر لا يختص به الطبراني، فلا معنى لإفراده اليوم2 بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمّ جراً، إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برؤا من عهدته، والله أعلم"3.   1 تاريخ الأمم والملوك (1/ 8) . 2 الذي يقتضيه السياق: (باللوم) . 3 ابن حجر، لسان الميزان (3/ 75) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ومع ذلك فإن الطبري أشار إلى أنه أعرض عن ذكر بعض الأخبار، كراهة منه لبشاعتها1. 4- كتاب (المحن) لأبي عرب المتوفى سنة 333?، ففيه قليل من الروايات المتعلقة بالفتنة، ولكنه محققه لم يتقن إخراج نصه، فقد وقع في أخطاء كثيرة في قراءة مخطوطة الكتاب. وأما المصادر الثانوية فمنها: 1- كتاب (الرياض) النضرة للمحب الطبري، المتوفى سنة 694?، وقد اعتمد فيه مؤلفه عدداً من المصادر المفقودة، كالسيرة للملائي وغيرها، إلا أنه لم يضف على المصادر الأولية معلومات مهمة، فكأن تلك المصادر المفقودة قد جمعت من المصادر الأولية. ومما أنقص قيمة روايات المحب الطبري خلوها من الإسناد، فإنه يكتفي - غالباً- بذكر مُسْنِدِ الرواية، ويقتطع باقي السند، ثم يشير بعد ذكر الرواية إلى مُخَرِّجِها. وقد قدم المؤلف لكتابه بمقدمة ذكر فيها قائمة مصادره التي اعتمد عليها في كتابه، وهي جديرة بالاهتمام، لما تحتويه من أسماء عدد من المصادر التأريخية المفقودة. 2- كتاب (التمهيد) والبيان في مقتل الشهيد عثمان رضي الله عنه لمحمد بن يحيى بن محمد بن يحيى الأشعري المالكي المعروف بابن بكر،   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 356)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 المتوفى سنة 741هـ1. ولم يضف مؤلفه مادة علمية على المصادر الأولية المتقدمة، ويكاد يكون كتابه ملخصاً لروايات سيف بن عمر التميمي، وجُلّ هذه الروايات في تاريخ الأمم والملوك للطبري، ويُشْعِرُ المؤلف أحياناً أنه يستقي هذه الروايات من كتاب سيف بن عمر مباشرة، فلعله اطلع عليه. 3- كتاب (البداية والنهاية) ، وقد انحصرت استفادتي من هذا المصدر، في تعليقات مؤلفه الحافظ ابن كثير، المتوفى سنة 774هـ؛ وحكمه على بعض الأسانيد، حيث إنّهُ لم يضف روايات على المصادر المتقدمة الموجودة بين أيدينا، وجلُّ مصادره قد استقيت منها الروايات التي اعتمدها مباشرة. أما المراجع التي كتبت عن الفتنة في عصرنا الحاضر، فكثيرة جداً، ولم أستفد منها في جمع المعلومات، لأنني اشترطت اعتماد الروايات المسندة. وتناولت في آخر الكتاب كتاب العقاد، فنقدت بعضاً مما جاء فيه من أخطاء حول فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه2. والمتأمل في كتابات المعاصرين عن الفتنة، يجد أنها تنقسم إلى قسمين:   1 حاجي خليفة، إيضاح المكنون (3/ 322، وهو مطبوع عدة طبعات. 2 انظر الصفحات (227-232) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 القسم الأول: ينتقي أسوأ الروايات، ويبني عليها صورة مشوهة لهذه الحادثة. القسم الثاني: يخلط بين الروايات الحسنة، والسيئة غير معتمد على منهج موحد في الأخذ منها، إنما يأخذ ما طالته يده من الروايات، ثم يبني عليها صورة فيها حق وباطل. كما يظهر من خلال النظر في هذه الدراسات المعاصرة عن الفتنة، أنها تتنوع في تفسيرها للفتنة، فقسم منها ينحو منحاً قبلياً، فيصور الصحابة رضي الله عنهم بصورة العصابات القبلية التي تحاول كل منها اجترار الخلافة إلى قبليتها، ونزعها من عثمان رضي الله عنه وأنهم يؤثرون ذوي القربى، فبنو هاشم كانوا يريدونها لعلي رضي الله عنه وبنو تيم يريدونها لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. وبعد دراسة الروايات الصحيحة، كانت النتيجة مضادة لهذه التفسيرات الباطلة المعتمدة على الروايات الضعيفة، فهذه التصورات الخيالية غير صحيحة، وليس لها أصل في تلك الفترة الفاضلة. وقسم من هذه الدراسات، ينحو منحاً مادياً في تفسير الفتنة، فيصور أهل ذاك العصر بأنهم أناس طغى عليهم حب الدنيا، وتفشى فيهم الطمع، وتقاتلوا من أجل الدنيا، والغنائم، والأعطيات. وهذا باطل من وجوه عديدة، فإن الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- نزعوا من قلوبهم التعصب الجاهلي، منذ دخولهم في الإسلام، والشواهد والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر، حتى إن الابن لا يبالي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 بأن يقتل والده، في سبيل نشر الدعوة إلى الإسلام، ويتخلى الفرد عن عشيرته، ويهاجر بعضهم من مسقط رأسه في سبيل تمسكه بالإسلام1. كما أن الروايات التي اعتمدها هؤلاء في تفسيرهم هذا، روايات ضعيفة الأسانيد، يرويها الضعفة المتهمون بالرفض، والروافض2. ولعل سبب توجه هذه الدراسات، إلى هاتين الوجهتين المنحرفتين هو من تأثير المعسكرين الشرقي الشيوعي الإلحادي، والغربي الرأسمالي المادي، على بعض مدعي الإسلام، فنفخوا بأصحابها، ليؤكدوا هذا التفسير الباطل، والتصور الخاطئ لأفضل العصور على الإطلاق، فيسهل بذلك -عليهم- ضرب الإسلام والمسلمين من الداخل، إذ إن الأمة تحيا وتموت بعقيدتها وتأريخها. وأسأل الله العلي القدير أن يوفقني إلى تجليةِ هذا الحدث العظيم، تجليةً وافية تبرز أحداثه على حقيقتها، دون نيل من أحد من الصحابة، وأن يجد القارئ فيها ما لم يجده في غيرها، من التحقيق والتمحيص. وقد قسمت هذا الكتاب إلى قسمين: قسم صورت فيه حادثة قتل عثمان رضي الله عنه، والآخر ضمنته الروايات الواردة في فتنة مقتله. وجاء القسم الأول في مقدمة، وتمهيد، وبابين.   1 انظر المجتمع المدني -الجهاد ضد المشركين- للدكتور/ أكرم العمري (ص: 58) 2 تجد هذه الروايات في الملحق في الأقسام التالية: الروايات الضعيفة، والضعيفة جداً، وروايات الواقدي، وسيف بن عمر التميمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أوردت بعد هذه المقدمة التمهيد الذي عنونته ب-: (لمحات من سيرة عثمان رضي الله عنه) . ذكرت فيه مقتطفات من سيرته؛ منذ ولادته، حتى اشتعال الفتن التي ظهرت في أواخر خلافته، وتضمن ذلك الأحاديث النبوية الواردة في الإخبار عن الفتنة التي ستؤدي إلى استشهاده. وعنونت للباب الأول ب-: مسوغات الخروج وبدء الفتنة وقسمته إلى فصلين: الفصل الأول: مسوغات الخروج على عثمان رضي الله عنه. وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: ما صح أنهم سوغوا به خروجهم عليه أو عابوه به فقط. المبحث الثاني: ما روي في ذلك ولم يصح إسناده. المبحث الثالث: ما اشتهر من ذلك وليس له إسناد. الفصل الثاني: مثيرو الفتنة وبدؤها. وفيه مبحثان: المبحث الأول: مثيرو الفتنة. المبحث الثاني: قدوم أهل الأمصار. وعنونت للباب الثاني بـ: يوم الدار وقتل عثمان رضي الله عنه. وقسمته إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول: يوم الدار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وفيه ستة مباحث: المبحث الأول: وصف الدار. المبحث الثاني: بدء الحصار. المبحث الثالث: المفاوضات بين عثمان ومحاصريه. المبحث الرابع: دفاع الصحابة عنه ورفضه. المبحث الخامس: القتال يوم الدار. المبحث السادس: آخر أيام الحصار (الرؤيا. الفصل الثاني: قتله وقاتله. وفيه خمسة مباحث: المبحث الأول: صفة قتله. المبحث الثاني: تاريخ قتله. المبحث الثالث: سنه عند استشهاده. المبحث الرابع: قاتله. المبحث الخامس: جنازته والصلاة عليه ودفنه. الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة. وفيه مبحثان: المبحث الأول: ما أثر عن الصحابة في آثار قتل عثمان. المبحث الثاني: نقد لمواضع من كتاب العقاد: (ذو النورين عثمان بن عفان. ثم الخاتمة: وفيها أهم النتائج التي أبرزها هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 أما القسم الثاني: فهو قسم الملاحق، وقسمته تسعة أقسام: القسم الأول: الأحاديث المرفوعة الصحيحة. القسم الثاني: الأحاديث المرفوعة الضعيفة والموضوعة. القسم الثالث: الروايات التاريخية الصحيحة والحسنة. القسم الرابع: الروايات التاريخية الضعيفة. القسم الخامس: الروايات التاريخية الضعيفة جداً. القسم السادس: الروايات التاريخية الموضوعة. القسم السابع: روايات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة. القسم الثامن: روايات محمد بن عمر الواقدي عن الفتنة. القسم التاسع: الروايات المتعلقة بعبد الله بن سبأ. ثم فهرست الروايات الواردة في الرسالة، والأعلام المترجمين، والمصادر والمراجع، وموضوعات الرسالة. وفي ختام هذه المقدمة: أكرر حمدي لله تعالى الذي منَّ عليَّ بإتمام هذا الكتاب، وأشكره على كريم فضله وعظيم امتنانه، ثم أتقدم بالشكر لوالديّ الكريمين على ما قدماه لي من حسن رعاية وتشجيع طوال تأليفي لهذا الكتاب، وأشكر الجامعة الإسلامية المباركة التي كان لي شرف الانتساب إليها طيلة ربع قرن، وفي مقدمتهم مديرها معالي الدكتور/ صالح بن عبد الله العبود، والدكتور/ محمد بن حمود الوائلي، وكيل الجامعة للبحث العلمي والدراسات العليا، وأصحاب الفضيلة أعضاء المجلس العلمي، والدكتور/ محمد الأعظمي، مدير مركز البحث العلمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 سابقاً، والدكتور/ محمد بن خليفة التميمي عميد البحث العلمي في الجامعة، الذين رشحوا هذا الكتاب لطباعته ضمن مطبوعات المجلس العلمي. كما أتقدم بالشكر، والعرفان بالجميل إلى فضيلة أستاذي المشرف على هذا الكتاب طوال إعداده: الدكتور/ أكرم ضياء العمري، وكل من ساهم معي في إعداده من أصحاب الفضيلة المشايخ، والأساتذة الأربعة الفضلاء: اللذين ناقشاه وهو رسالة، والآخرَين اللَّذَيْن قاما بتقويمه للطباعة بعد ترشيحه، فأسأل الله العلي القدير للجميع المثوبة، والجزاء الحسن، وأن يعوض الجميع عما بذلوه من وقت وجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 ال تمهيد : لمحات من سيرة عثمان بن عفان من الولادة إلى الشهادة هو: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب1ينتسب إلى بني أُميّة؛ إحدى القبائل القرشية. ولد في مكة، بعد عام الفيل بستّ سنين على الصحيح2 ونشأ على الأخلاق الفاضلة الكريمة، والسيرة الحسنة الحميدة، وكان حيياً، شديد الحياء3 عفيف النفس، واللسان، أديب الطبع، هادئاً يتجنب إيذاء الناس، ويميل إلى الهدوء، ويكره الفوضى، والشجار، والصخب، وقد يضحّي في سبيل البعد عن ذلك ولو بحياته4. ولحسن خلقه، ومعاملته؛ أحبته قريش حتى ضربت العرب المثل بحبها له. وفي ذلك يقول الشعبي: "كان عثمان في قريش محبباً يوصون إليه، ويعظمونه، وإن كانت المرأة من العرب تُرقِّص صبيها وهي تقول: أُحِبُّك والرحمن حبَّ ... قريش لعثمان5 نشأ عثمان رضي الله عنه وأطل على هذه الحياة، وهو بين مشركي   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 53) ، وابن حجر، الإصابة (2/ 462) . 2 ابن حجر، الإصابة (2/ 462) . 3 ستأتي شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه رجل حيي، وانظر الزهد للإمام أحمد بن حنبل (2/39) ، وحلية الأولياء لأبي نعيم (1/56) . 4 كما سيأتي في تضحيته بنفسه وإيثاره ذلك على قتال الخارجين عليه. 5 رواه ابن الأعرابي في معجمه (ق88أ) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 245، من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 قريش الذين يعبدون الأصنام، فنبذ في نفسه ما هم عليه من شرك ووثنية، وعادات قذرة. فتجنب أرجاسهم الجاهلية، فلم يزن، ولم يقتل قط1ولما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، ودخل أبوبكر الصديق في الإسلام، ذهب إلى عثمان رضي الله عنهما يدعوه إلى الإسلام، فتأمل عثمان في هذه الدعوة بهدوء كعادته في معالجة الأمور، فوجد أنها دعوة إلى الفضيلة، ونبذ الرذيلة، دعوة إلى التوحيد، وتحذير من الشرك، دعوة إلى العبادة وترهيب من الغفلة، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة، وترهيب من الأخلاق السيئة. ثم نظر إلى قومه، فإذا هم يعبدون الأوثان، ويأكلون الميتة، ويسيئون الجوار، ويستحلون المحارم من سفك الدماء وغيرها2. وإذا بالنبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم صادق أمين، يعرف عنه كل خير، ولا يعرف عنه شر قط، فلم تُعهد عليه كذبة، ولم تحسب عليه خيانة، فإذا هو يدعو إلى عبادة الله وحده، لا شريك له، وإلى صلة الرحم، وحسن الجوار، والصلاة والصوم، وألا يعبد غير الله3.   1 ابن سعد الطبقات (3/ 67) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [130] . 2 انظر في ذلك: وصف جعفر بن أبي طالب لما كان عليه المشركون وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في (السير والمغازي لابن إسحاق [214-215] ، من رواية يونس بن بكير؛ بإسناد حسنه عادل عبد الغفور (مرويات العهد المكي من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 805. 3 ابن حجر، الإصابة (462. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 فأسلم عثمان على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان من السابقين الأولين إلى الإسلام1. فلم يدعه قومه، بل آذوه، وعذبوه مع إخوانه المؤمنين السابقين إلى الإسلام، وعدوا عليه، وفتنوهم في دينهم ليردوهم إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن يستحلوا من الخبائث، فلما ازداد عليهم الأذى والتعذيب، وقهروهم، وظلموهم وضيقوا عليهم، وحالوا بينهم وبين دينهم2خرجوا إلى الحبشة، وفي مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ومعه زوجه رقية بنت النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها3 فكان أول من هاجر بأهله من هذه الأمة4. فرَّ بدينه تاركاً وطنه وأهله، في سبيل التمسك بدينه وعقيدته، مما يبين مدى إيمانه ويقينه وتعلقه بربه وآخرته. تحمل الغربة، وفقد مركزه التجاري، ومكانته الاجتماعية، بين أهل مكة، وشخصيته المرموقة، وانتقل إلى بلاد غير بلاده لله، وفي الله لا لتجارة دنيوية، ولا لربح مادي، إنما لتجارة أخروية؛ للفوز بالجنة والنجاة   1 المصدر السابق. 2 السير والمغازي لابن إسحاق (214-215، من رواية يونس بن بكير؛ بإسناد حسنه عادل عبد الغفور في (مرويات العهد المكي من السيرة النبوية 2/ 805) . 3 رواه البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (7/ 263) . 4 ابن حجر، الإصابة (4/ 305) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 من النار. ثم لما أشيع أن أهل مكة قد أسلموا، وبلغ ذلك مهاجري الحبشة، أقبلوا حتى إذا دنوا من مكة، بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فدخلوا في جوار بعض أهل مكة، وكان فيمن رجع عثمان بن عفان وزوجه رقية رضي الله عنهما1. وبقي عثمان في مكة، يلقى الأذى والقهر من أهل مكة، ولم يرده ذلك عن دينه حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية ومعه الصحابة رضي الله عنهم فهاجر معهم عثمان، فكان ممن هاجر الهجرتين2. وثبت رضي الله عنه على إيمانه، بل كان إيمانه يزداد يوماً بعد يوم، ومكث في المدينة، لا يفارقها إلا ويسارع إلى العودة إليها، فقد صحح الحافظ ابن حجر عنه أنه كان لا يودع النساء -أي: وهو خارج من مكة- إلا على ظهر راحلته، ويسرع الخروج خشية أن يرجع في هجرته3. وكان له في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مكانة عالية، يعرفها الصحابة - رضوان الله عليهم - وينزلونه إياها، وفي ذلك يقول ابن عمر رضي الله عنهما: "كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان   1 ابن هشام (1/ 364-365) . 2 رواه البخاري في صحيحه (فتح الباري 7/ 363) . 3 ابن حجر، فتح الباري (2/ 571) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم "1. ومما يبين مكانة عثمان رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ذات يوم قاعداً في مكان فيه ماء قد كشف عن ركبتيه (أو ركبته) فلما دخل عثمان غطاها2. وكان ذات يوم مضطجعاً في بيت عائشة -رضي الله عنها- كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبوبكر، ثم عمر، وأذن لهما، وهو على حالته، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فقالت له عائشة رضي الله عنها في ذلك، فقال: "ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة " 3.   1 رواه البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (7/ 53-54) ؛ قال الحافظ ابن حجر: " قال الخطابي: إنما لم يذكر ابن عمر علياً لأنه أراد الشيخ وذوي الأسنان، الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر شاورهم، وكان علي في زمانه صلى الله عليه وسلم حديث السن، قال: "ولم يرد ابن عمر الازدراء به، ولا تأخيره عن الفضيلة بعد عثمان". أ. هـ، وما اعتذر به من جهة السن بعيد لا أثر له في التفضيل المذكور، وقد اتفق العلماء على تأويل كلام ابن عمر هذا لما تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان، ومن تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم ومن تقديم أهل بدر على من لم يشهدها، وغير ذلك، فالظاهر أن ابن عمر إنما أراد بهذا النفي أنهم كانوا يجتهدون في التفضيل، فيظهر لهم فضائل الثلاثة ظهوراً بيناً فيجزمون به، ولم يكونوا حينئذ اطلعوا على التنصيص ... " (فتح الباري 7/ 58) . 2 رواه البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (7/ 53) . 3 رواه مسلم (4/ 1866) ، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وكان يقول أيضاً: "إنه رجل حيي" 1. ولم يكتف عثمان رضي الله عنه بالقيام بفرائض الإسلام من صلاة وصيام ودفع الزكاة بل قدم الغالي والرخيص في سبيل نشر الإسلام، ونصرة المسلمين؛ فقد بذل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكثير من ماله، نصرة للإسلام وعوناً للمسلمين. فمن ذلك أنه لما قدم المهاجرون إلى المدينة، لم يكن بها ماء يستعذب غير بئر تسمى (رومة) 2ولم يكن يومئذ مال للمسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومة، فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير منها في الجنة"، فاشتراها عثمان رضي الله عنه من صلب ماله"3. ومن ذلك ما كان منه في غزوة تبوك، فلما تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم للغزوة نقصت المؤن فقال: "من جهز جيش العسرة فله الجنة"، فلما سمع عثمان ذلك، وكان رجلاً موسراً جهزه. فجاء وهو يحمل ألف دينار، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل -عليه   1 رواه مسلم (4/ 1867) . 2 رومة: بضم الراء، وسكون الواو: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابه، نزلها المشركون عام الخندق، وفيها بئر رومة ابتاعها عثمان بن عفان رضي الله عنه وتصدق بها. (ياقوت، معجم البلدان: 1043) . 3 رواه أحمد، المسند (1/ 74-75 وبتحقيق أحمد شاكر (2/ 13-14) ، وصحح إسناده، والترمذي في السنن (5/ 627-628) ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3/ 209) ، وانظر: الملحق، الروايات رقم: [66] و [76] و [164] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الصلاة والسلام- يقلبها بيده ويقول: "ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم، يرددها مراراً" 1. وشهد رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم المواقع كلها، فلم يتخلف عن غزواته إلا بأمر منه في غزوة بدر. فقد أمره بالبقاء في المدينة، لتمريض2 زوجه رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب له بسهم في الغنيمة والأجر، فامتثل الأمر وبقي في المدينة يمرضها، فلما توفيت3وخرج لدفنها، جاء البشير بانتصار المسلمين في بدر، فلما عاد النبي صلى الله عليه وسلم زوجه بأختها أم كلثوم رضي الله عنها فلذلك كان يلقب بذي النورين4. واستمر عثمان رضي الله عنه على ذلك طوال العهد النبوي، وكان عليه الصلاة والسلام يخبره ويخبر غيره من الصحابة رضوان الله عليهم المرة تلو الأخرى، بأن فتنة ستقع يكون فيها عثمان وأصحابه على الحق، ويشير عليهم باتباعه عند وقوعها.   1 رواه أحمد، المسند (4/ 75) ، 5/ 63) ، والحاكم في المستدرك، وقال الذهبي في التلخيص: "صحيح" (3/ 102) ، ورواه الترمذي (تحفة الأحوذي 10/ 191-193) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 85) ، وحسنه عبد القادر حبيب السندي في كتابه مرويات غزوة تبوك (ص: 202، 203) . 2 ابن حجر، الإصابة (2/ 462) . 3 ذكر ابن حجر أن مرضها هو الحصبة (الإصابة: 4/ 305) . 4 ابن حجر، الإصابة (2/ 462) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع هذه الفتنة التي يقتل فيها عثمان رضي الله عنه، يُعدّ ضمن قائمة كبيرة من الحوادث التي أخبر - عليه الصلاة والسلام- في حياته بأنها ستقع بعد وفاته1 ووقع عدد منها، وما بقي منها سيقع حتماً ولو بعد حين. ولا يدل ذلك على علم النبي صلى الله عليه وسلم بالغيب فإن علم الغيب صفة من صفات الله جل وعلا، ليست لأحد من خلقه، وإنما ذلك علم أطلعه الله عليه وأمره أن يبينه للناس، كما أمره أن يبين للناس أنه لا يعلم الغيب المستقبل، وأنه لا اطلاع له على شيء من الغيب إلا ما أطلعه هو عليه2. وذلك في قوله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 3. وهذه المشيئة منه سبحانه وتعالى تعمُّ الرسول الملكي والبشري. وبذلك يفهم قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا   1 ذكر جملة من ذلك البيهقي في دلائل النبوة (2/ 688-713) . 2 انظر في ذلك تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (2/ 273) و (4/ 433) . 3 سورة الأعراف، الآية: (188) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 شَاءَ} 1. وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} 2. فمما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقوع فتنة يقتل فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه، ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذٍ، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان بن عفان"3. ويروي كعب بن مرة4 البهزي رضي الله عنه قصة مشابهة لهذه القصة، فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقرَّبها: فمرّ عثمان مقنَّعاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يشير إلى عثمان: "هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى". وسواء أكانت هاتان الروايتان لقصتين اثنتين أم لواحدة، فإنَّ إخبار   1 سورة البقرة، الآية: (255) . 2 سورة الجن، الآية: (27) . 3 رواه أحمد، المسند (2/ 115) ، وبتحقيق أحمد شاكر (8/ 171) ، والترمذي، تحفة الأحوذي (10/ 203) وصححه الحافظ ابن حجر، وأحمد شاكر، وتصحيح الحافظ له نقله المباركفوري في الموضع السابق من التحفة، انظر الملحق، الرواية رقم: [5] . 4 كعب بن مرة، ويقال: مرة بن كعب السلمي، صحابي، سكن البصرة، ثم الأردن، مات سنة بضع وخمسين 4 (التقريب/ 5650) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عثمان رضي الله عنه في هذه الفتنة ثابت في كلتا القصتين، وتضيف رواية كعب بأنه وأصحابه على الحق في هذه الفتنة. مما دفع كعباً إلى زيادة التحري من الشخص المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم فقام إلى هذا الرجل، وأخذ بضبعيه، فإذا هو عثمان بن عفان، فاستقبل به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هذا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هذا1. وقد تأخرت وفاة كعب رضي الله عنه إلى ما بعد الخمسين من الهجرة، ولم يرد أنه حضر يوم الدار ليخبر بهذا الحديث الناس ليرجع المغرر به منهم، فلعله كان في الشام حيث إنَّ وفاته كانت فيها. ويبدو أنَّ تحديث كعب للناس بهذا الحديث، لم يكن إلا بعد الفتنة بسنوات، نستشف ذلك من خلال رواته عنه، فقد رواه عنه كل من: محمد بن سيرين2 وعبد الله بن شقيق3 وأبو الأشعث الصنعاني4 ومحمد بن سيرين ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، فإذا قدرنا سماعه منه وهو في الرابعة عشرة، فإنه يكون قد حدثه به بعد الفتنة باثنتي عشرة سنة.   1 رواه أحمد، المسند (4/ 109) ، 235-236، 242) و5/ 33، 35) وفضائل الصحابة 1/ 448-450، والترمذي في السنن، تحفة الأحوذي (10/ 198-199) ، وابن ماجه، السنن (1/ 41) ، وفي صحيح سنن ابن ماجه (1/ 24) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/ 485-486) ، وصححه الألباني، انظر الملحق، الروايات رقم: [6-8] . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [6] . 3 انظر الملحق الرواية رقم: [7] . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [8] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 أما رواية أبي الأشعث فجزماً بأنها كانت، بعد الفتنة، فإن مضمون الرواية ينص على أنها كانت في خلافة معاوية رضي الله عنه، وعبد الله بن شقيق من طبقتهما. ومنها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه وذلك عندما استأذن عثمان يوم الدار للحديث، فلما أذن له قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنكم تلقون بعدي فتنة واختلافاً، فقال قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟، فقال: عليكم بالأمين وأصحابه وهو يشير إلى عثمان بذلك" 1. ومن هذه الروايات ما يحدد فيه النبي صلى الله عليه وسلم تاريخ وقوع هذه الفتنة وذلك فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تدور رحى 2 الإسلام على رأس خمس وثلاثين أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين ... " 3.   1 رواه أحمد، المسند (4/ 105، 109ـ110، 5/ 33) بإسناد صحيح، ورواه أيضاً ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، 289، انظر الملحق الرواية رقم: [4] . 2 الرحى هي: التي يطحن بها. ابن منظور، لسان العرب (14/ 312) . 3 رواه أحمد، المسند (1/ 390، 393-394) وبتحقيق أحمد شاكر (5/ 263-264، 5/ 276) ، وأبوداود، السنن (4/ 98) ، وفي عون المعبود (11/ 327-328) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (1/ 355) ، والبغوي، شرح السنة (15/ 18) ، والحاكم، المستدرك (3/ 114، 4/ 521) ، وابن عدي، الكامل (2/ 742) ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: وهو كما قالا، وصححه أيضاً أبو الطيب آبادي، وأحمد شاكر، (عون المعبود 11/ 327-328) ، والسلسلة الصحيحة (2/ 703) ، وانظر الملحق الرواية رقم: [9] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 فهذا الحديث، يدل دلالة واضحة على أن الفتنة ستقع في سنة من هذه السنوات الثلاث. ويحتمل أن الشك إنما أتى من قبل أحد رواة الحديث، وعلى فرض صحة نسبة الشك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالمعنى: أن ذلك يكون فيما يشاء الله عز وجل من تلك السنين. ويحتمل أن يكون في الحديث تصحيف، وذلك بزيادة الهمزة قبل الواو، وأن الواو للعطف، فتكون هذه السنوات الثلاث كلها سني فتنة، والتاريخ يشهد لذلك فقد وقعت في هذه السنوات الثلاث، فتنة قتل عثمان رضي الله عنه، والفتن التي قامت في عهد علي رضي الله عنه وموقعة الجمل، وصفين. وشاء الله ذلك في السنة الخامسة والثلاثين، باشتعال الفتنة التي انتهت بقتل عثمان رضي الله عنه1. ومن هذه الأحاديث ما يقرن فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الفتنة بفتنة الدجال من حيث قوة اجتذابها للناس، وافتتانهم بها، وأن من ينجو منها فقد نجا. وذلك فيما رواه عبد الله بن حوالة2 رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم   1 الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 705) . 2 عبد الله بن حوالة الأزدي، أبو حَوالة، صحابي نزل الشام، ومات بها سنة ثمان وخمسين ?، وله 72 سنة، ويقال مات سنة 80?، د (التقريب/ 3287) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 قال: "من نجا من ثلاث فقد نجا - ثلاث مرات - موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه" 1. ومعلوم أن الخليفة الذي قُتل مصطبراً بالحق، معطياً القتل، أو الحق إنما هو عثمان بن عفان رضي الله عنه. فالقرائن تدل على أن الخليفة المقصود بهذا الحديث، هو عثمان بن عفان رضي الله عنه. وفي الحديث - والله أعلم - لفتة عظيمة، إلى أهمية السلامة من الخوض في هذه الفتنة حسياً ومعنوياً، أما حسياً فذلك يكون في زمن الفتنة، من تحريض وتأليب، وقتل وغير ذلك. وأما معنوياً فبعد الفتنة من خوض فيها بالباطل، وكلام فيها بغير حق، وبهذا يكون الحدث عاماً للأمة، وليس خاصاً بمن أدرك الفتنة والله أعلم. ومن الأحاديث التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه ما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن   1 رواه أحمد، المسند (4/ 105، 109-110، 5/ 33، 288) ، وإسناده حسن أو صحيح، ورواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، 289، انظر الملحق الرواية رقم: [4] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبشر عثمان بالجنة على بلوى تصيبه1. وما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم على أحد2 ومعه أبوبكر، وعمر، وعثمان، فرجف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اسكن أحد فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" 3. فالنبي والصديق معروفان، ولم يبق لعمر وعثمان رضي الله عنهما إلا الصفة الثالثة، وهي الشهادة. فهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم صريحة لعثمان رضي الله عنه بالاستشهاد في سبيل الله، وقد تكررت هذه الشهادة في قصة أخرى مرة ثانية، وعلى جبل آخر، وهو حراء4.   1 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (7/ 21-22، 43) ، 52-53) ، 10/597، 13) ، 43، 220) ، ومسلم في صحيحه، (ص: 1867-1869) ، وأحمد، المسند (4/ 393، 407) والترمذي، السنن (5/ 631) ، وأبو نعيم، حلية الأولياء (1/57-58) ، والبغوي، شرح السنة (10/ 108) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/482) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، 12، 122، 129، 133، 137-138، 140، 144، والذهبي، سير أعلام النبلاء (15/ 415) ، انظر الملحق الرواية رقم: [1] . 2 اسم لجبل بينه وبين المدينة النبوية قرابة ميل في شماليها، وهو أحمر اللون، وبه سميت وقعة أحد، ياقوت، معجم البلدان (1/ 109) . 3 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (7/ 22، 42، 53) ، وأحمد، المسند (3/112) ، والترمذي، السنن (5/ 624) ، وأبو داود، السنن (4/ 212) ، والنسائي، السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (1/ 307) ، والبغوي، شرح السنة (14/ 106) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/ 484) ، انظر الملحق الرواية رقم: [2] . 4 جبل من جبال مكة، يقع على ثلاثة أميال من منى، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه قبل نزول الوحي عليه، وفيه أتاه جبريل عليه السلام، ذكره ياقوت في معجم البلدان ثم ذكر هذا الحديث وزاد أن ذلك كان في ذروة الجبل (2/ 233-234) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم على حراء ومعه أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اهدأ فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد" 1. وتحقق ما قاله صلى الله عليه وسلم فقد استشهد كل من عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير. ولعلم النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع هذه الفتنة - بإخبار الله له -، ولشدة محبته لعثمان رضي الله عنه، وحرصه على مصالح الأمة بعده، دعاه - ذات يوم - وأخبره بأشياء تتعلق بهذه الفتنة التي ستنتهي بقتله، وحرص عليه الصلاة والسلام على سرِّيتها، حتى إنه لم يصل إلينا منها إلا ما صرح به عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة لما قيل له: ألا تقاتل؟ فقد قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً، وإني صابر نفسي عليه2.   1 رواه مسلم في صحيحه (ص: 1880، وأحمد، المسند (2/ 419) ، والترمذي في سننه، تحفة الأحوذي (10/ 186-187) ، والنسائي في السنن الكبرى، كما في تحفة الأشراف (9/ 411) . انظر الملحق الرواية رقم: [3] . 2 رواه أحمد، المسند (1/ 57-58، 69) ، وبتحقيق أحمد شاكر (1/ 334، 377) والترمذي، في سننه، تحفة الأحوذي (5/ 631، 10/ 209) ، وابن ماجه، السنن (1/42) ، وفي مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (1/ 19) وابن سعد، الطبقات (3/66-67) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/202) ، والحميدي، المسند (1/ 130) ، وابن حبان في صحيحه (الاحسان في ترتيب صحيح ابن حبان9/35) ، وأبو نعيم، حلية الأولياء (1/ 58) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (283- 285) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 59) , كلهم من طريق عائشة رضي الله عنها، وصححه الكتاني وأحمد شاكر والألباني. انظر الملحق الرواية رقم: [11] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 ويظهر من قوله هذا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشده إلى الموقف الصحيح، عند اشتعال الفتنة، وذلك أخذاً منه صلى الله عليه وسلم بحجز الفتنة أن تنطلق. وفي بعض الروايات زيادة تكشف عن بعض مكنون هذه المسارَّة، فقد جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمصك الله عز وجل فلا تفعل " 1. ولا يدل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى عثمان رضي الله عنه بعهد فيه خلافة، أو نحوها، كما يعتقد الروافض في علي رضي الله عنه، بل مضمون هذا العهد الذي ذكره عثمان رضي الله عنه يتعلق بالفتنة، والوصية بالصبر فيها وعدم الخلع كما تقدم. وإن كان يفهم من هذه الأحاديث بأنه سيكون خليفة يوماً ما. ويبدو أن هناك وصايا، وإرشادات تتعلق بهذه الفتنة، انفرد بمعرفتها عثمان رضي الله عنه، وذلك محافظة من النبي صلى الله عليه وسلم على السرِّية فيها، ومما   1 جاء ذلك في رواية الحميدي، والترمذي، وابن ماجه؛ المتقدمة في الحاشية السابقة، وهي زيادة صحيحة، فإن راويها عند الحميدي هو: سفيان بن عيينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 يبين ذلك أنه أمر عائشة رضي الله عنها بالانصراف1 عندما أراد الإسرار بها لعثمان رضي الله عنه. كما أنه أسرَّ إليه إسراراً، رغم خلو المكان من غيرهما، حتى تغير لونه، مما يدل على عظم المسرِّ به، وربط عائشة رضي الله عنها هذا الإسرار بالفتنة دليل واضح على أن هذه المسارة كانت حول الفتنة التي قتل فيها. فإنها رضي الله عنها كانت تسمع بعضاً منها، وفي ذلك تقول: فلم أحفظ من قوله إلا أنه قال: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمصك الله عز وجل فلا تفعل"2. وهذا دليل على أن الإسرار تضمن توجيهات منه صلى الله عليه وسلم، إلى عثمان ليقف الموقف الصحيح عند عرض الخلع عليه. وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر فيه على الإخبار بوقوع الفتنة، فقد أخبر بذلك علانية - كما تقدم - فإسراره يدل على أن هذا الإسرار، تضمن أشياء أخرى زيادة على الإخبار عن وقوعها، ورغب عليه الصلاة والسلام بالمحافظة على سريتها لحكمة اقتضت ذلك الله أعلم بها. وهذا الحديث يفسر لنا جلياً سبب إصرار عثمان على رفض القتال   1 فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "تنحي"، ومعنى التنحي الانصراف. الفيروز آبادي، القاموس المحيط (4/ 396) ، وابن منظور، لسان العرب (15/ 311) . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [11] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أثناء الحصار كما يفسر أيضاً سبب رفضه للتنازل عن الخلافة، وخلعها، عندما عرض القوم عليه ذلك. وهما موقفان طالما تساءل الباحثون عن السبب الذي أدى عثمان إليهما واستشكلوهما. وهذا كله يفرض علينا زيادة في الاحتياط، والتحفظ عند الحديث عن مواقف عثمان رضي الله عنه يوم الدار، إذ قد تكون تلك المواقف عملاً بنصائح وإرشادات النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن بعضها يُجزم بأنه كذلك، كما في رفض الخلع. هذا ما وقفت عليه من الأحاديث الصحيحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم التي تتعلق بفتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، وقد رُويت أحاديث أخرى، تَبَيّن لي بعد تحقيقها أنها ساقطة الأسانيد لا تصلح للاستدلال بها1. ولا شك أن عثمان رضي الله عنه بعد سماعه لهذه الأحاديث، أيقن بتحقق ذلك يوماً ما، وإن طال الزمان، فكان ينتظر وقوعه بين حين وآخر. أنّه سيقتل ظلماً في فتنة تشتعل في خلافته، ويكون فيها على الحق هو وأصحابه، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى باتباعه عند وقوع هذه الفتنة، إنها أخبار تخص عثمان رضي الله عنه تفرحه فرحة مشوبة بالقلق، فمتى وكيف   1 وقد خصصت لها موضعاً خاصاً في الملحق، لدراستها وكشف عللها، وذلك من الرواية رقم: [12] إلى الرواية رقم: [21] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 سيكون ذلك؟ عثمان رضي الله عنه رجل عاقل، حيي - بل شديد الحياء -، لم ينازع في الإمارة لا في جاهلية وفي إسلام، فلم ينازع أشراف مكة الرئاسة، ولم يطمع فيها، فإن خلقه، وسمته يأبيان عليه ذلك، ورغم ذلك فإنه سيكون أميراً، - وإن كره - لم تدفعه تلك الأخبار إلى التتوق، والتطلع إلى الخلافة، فلم يناقش، ولم ينازع عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتقدم بما معه من أدلة على أنه سيكون خليفة –يوما ما- بإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم، بل بايع مع باقي المسلمين أبا بكر الصديق، ثم عمر رضي الله عنها؛ فإنه يعلم فضلهما عليه وأحقيتهما بالخلافة قبله، وأنه لم يحن وقته. وقضى أيام خلافتيهما، وهو على أحسن سيرة، حتى استشهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على يد مجوسي حاقد1. وفي تلك الآونة بدأ المجتمع الإسلامي يصيبه بعض التغيير، فالإسلام انتشر وغزا بلاد الفرس، والروم، وفتحت بلادهم، وتظاهر بعض منهم بالإسلام، وأبطنوا الكفر، وكانوا يخططون لهدم الإسلام، والوقيعة بأهله، فكان من ذلك استشهاد عمر رضي الله عنه على يد أحدهم. وفي أثناء مرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه على إثر طعنة ذلك العلج المجوسي، دخل عليه عدد من الصحابة رضي الله عنهم فقالوا له:   1 وهو: أبو لؤلؤة المجوسي، انظر تاريخ الإسلام للذهبي، عهد الخلفاء الراشدين (ص:281) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 أوص يا أمير المؤمنين: استخلف. قال: "ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط - الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض" فسمى عثمان وعلياً والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن. وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أُمِّر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة. وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يَقبل من محسنهم، وأن يُعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم. وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام، وأن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويُرد على فقرائهم. وأوصيه بذمة الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفون إلا طاقتهم. فلما قبض، خرج الصحابة رضي الله عنهم به فانطلقوا يمشون، فسلم عبد الله بن عمر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الخطاب رضي الله عنهما قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه1 فأُدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه. فلما فُرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط. فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن بن عوف: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان2فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما، فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمّرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق. قال: ارفع يدك يا   1 وذلك أن عمر رضي الله عنه في أثناء اشتداد المرض عليه أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها - ليقول لها: يقرأ عليك عمر السلام ... ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنَّه به اليوم على نفسي. (صحيح البخاري مع فتح الباري 7/ 60-61. 2 لعل عثمان رضي الله عنه خشي إن تبرأ من هذا الأمر أن يكون بذلك قد عصى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له فيه: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمصك الله عزوجل فلا تفعل" كما سيأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 عثمان، فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه1. وفي رواية أخرى للبخاري - أيضاً - أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال لأهل الشورى: لست بالذي أنافسكم على هذا الأمر، ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم. فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم، فمال الناس على عبد الرحمن، حتى لم ير أن أحداً من الناس يتبع أولئك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحوا منها، بايعوا عثمان رضي الله عنه. وفي هذه الرواية يقول المسور بن مخرمة رضي الله عنه: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث2بكثير نوم. انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له، فشاورهما، ثم دعاني، فقال: ادع علياً، فدعوته فناجاه حتى ابهارَّ الليل3. ثم قام علي من عنده، وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى من علي شيئاً. ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح. فلما صلى للناس الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند   1 رواه البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (7/ 60-62) . 2 أي الليال الثلاث؛ منذ اجتماع أهل الشورى الأول إلى ليلة بيعة عثمان بالخلافة. 3 أي: انتصف (ابن منظور، لسان العرب 4/ 81) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين، والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد - وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر - فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً. فقال: أبايعك على سنة الله، وسنة رسوله، والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن بن عوف، وبايعه المهاجرون، والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون1. اتفق الصحابة رضي الله عنهم على بيعة عثمان بن عفان بالخلافة، وفي ذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "استخلفنا خير من بقي ولم نأله"2. تولى الخلافة رضي الله عنه، وكان على خير حال، وعلى درجة قوية من الإيمان، فقد كان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة فلا تبكي! وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه، فما بعده أشد منه" 3   1 رواه البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (13/ 193-194) . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 63) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (207) وإسناده صحيح. 3 رواه أحمد، الزهد (ص: 42، والترمذي، السنن (4/ 553) ، وابن ماجه، السنن (2/ 1426) ، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (2/ 421) ، وفي صحيح الترمذي (2/ 267) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وكان يطيل التهجد1. ولعله توقع قرب تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، مما دفعه إلى أن يلين في سياسته مع الناس، ويتخذ من المسامحة منهجاً في التعامل مع الرعية، تجنباً للفتن، وتخفيفاً من وطأتها إن وقعت، لأنها ستقع حتماً، لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بوقوعها. سار رضي الله عنه على هذه السياسة طوال فترة خلافته، ومع ذلك تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ووقعت الفتنة المنتظرة. وذلك في آخر عام من خلافة عثمان رضي الله عنه. أترى كيف وقعت، وما موقف عثمان فيها؟ وما مواقف الصحابة رضي الله عنهم عند اشتعالها؟ فيما يلي تفصيل لأحداث هذه الفتنة؛ مبنية على الروايات الصحيحة والحسنة الواردة فيها.   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 75-76) ، والزهد للإمام أحمد بن حنبل (ص: 40) ، وغيرهما، وإسناده حسن، انظر الملحق الروايات رقم: [90-92] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الباب الأول: مسوغات الخروج وبدء الفتنة الفصل الأول: مسوغات الخروج على عثمان المبحث الأول: ما صح أن الخارجين سوغوا خروجهم عليه به أو عابوه عليه ... تمهيد: قبل الخوض في تفاصيل الفتنة، أود أن القي نظرة فاحصة على ما تناقلته المصادر، والمراجع حول مسوغات خروج الخارجين على الخليفة عثمان رضي الله عنه، فإن سبر هذه المسوغات التي ذاعت بين الناس يصنفها إلى ثلاثة أصناف من حيث صحة وضعف وقوعها من الخارجين عليه. الأول: معايب صح أن الخارجين عليه أظهروا تسويغهم الخروج عليه بها أو عابوها عليه فقط. الثاني: معايب لم يصح أن الخارجين عليه سوغوا بها خروجهم عليه، وورد ذكرها في روايات ضعيفة الأسانيد. الثالث: معايب لم أقف على إسناد لها، واشتهر في المصادر والمراجع المتأخرة عن الحادثة دون إسناد أن الخارجين عليه سوغوا خروجهم بها عليه. وهذه المعايب - بأصنافها الثلاثة- منها ما هو مفترى عليه، ومنها ما هو منقبة له قلبتها القلوب الحاقدة إلى مثلبة، والباقي منها أمور لا يعيبه بها إلا من فسدت طويته، وقصد التسويغ لباطل أراد تنفيذه. وفيما يلي حديث مفصل عن هذه الأصناف الثلاثة، والمسوغات التي تندرج ضمنها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 المبحث الأول: ما صح أن الخارجين سوغوا خروجهم عليه به أو عابوه عليه أولاً: عدم شهوده غزوة بدر كانت غزوة بدر في العام الثاني من الهجرة، وذلك لما ندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى الخروج إلى عير لقريش، وتعجل بمن كان مستعداً، دون أن ينتظر أهل العوالي لاستعجاله بالخروج1. ووافق ذلك أن كانت رقية -رضي الله عنها- ابنة النبي صلى الله عليه وسلم مريضة، قعيدة الفراش، وفي أمس الحاجة إلى من يمرضها ويرعى شؤونها، وخير من يصلح لذلك هو زوجها؛ لأن الزوجة لا تكتمل حريتها عند غير زوجها؛ لذلك كله أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بالبقاء في المدينة بجانب زوجته ليقوم بتمريضها، وضرب له بسهمه في غزوة بدر فقال عثمان: وأجري يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "وأجرك" 2.   1 انظر عن هذه الغزوة: (مرويات غزوة بدر للعليمي) ، و (المجتمع المدني -الجهاد ضد المشركين ـ للدكتور / أكرم العمري (ص:39، 59) . 2 البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/ 54، 363) ، والترمذي، السنن (5/629) وأحمد، المسند (بتحقيق: أحمد شاكر 8/ 101-102، 199-200) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (3/160) ، والطيالسي، المسند (264) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (254-256) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 24-25) ، وانفرد بقول عثمان رضي الله عنه: "وأجري يا رسول الله؟ " ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص30) ، انظر الملحق الرواية رقم: [22] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وبذلك يتبين أن عثمان رضي الله عنه لم يشهد غزوة بدر، ولكنه كمن شهدها لضرب النبي صلى الله عليه وسلم له بسهم فيها، من الغنيمة والأجر. وعلم ذلك الصحابة رضوان الله عليهم فلم يصح عن أحد منهم أنه عابه بعدم شهوده بدراً، واستمر الأمر على ذلك. حتى انفجرت ينابيع الفتنة، وبدأ الخارجون على عثمان رضي الله عنه يتلمسون ما يظهرون للناس أنهم سوغوا به الخروج عليه، فعابوه بعدم شهوده بدراً. ولكن ذلك لا ينطلي إلا على الجهلة من الناس، فإن أهل البصيرة يعلمون أن عدم شهوده رضي الله عنه هذه الغزوة إنما كان بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ومن شهد بدراً لم يحصّل ذاك الأجر العظيم إلا لامتثاله أمره صلى الله عليه وسلم فالمتخلف بأمره والشاهد بأمره سواء بسواء. وبناء على ذلك ذكره الزهري1 وعروة بن الزبير2 وموسى بن عقبة3 وابن إسحاق4 وغيرهم5 فيمن شهد بدراً.   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص29، 31) . 2 المصدر السابق: (ص30) . 3 المصدر السابق: (ص29-31) . 4 ابن هشام، تهذيب سيرة ابن إسحاق (2/ 678-679) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (29-30) . 5 يعقوب بن سفيان البسوي، المعرفة والتاريخ (3/ 159-160) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 ولما جاء أحدهم1 إلى ابن عمر رضي الله عنهما يسأله عن حضور عثمان بدراً، أجابه بأنه لم يشهدها، فكبر السائل فرَحاً وشماتةً بعثمان، فناداه ابن عمر رضي الله عنهما وبيّن له أن تخلف عثمان هذا لم يكن من قِبله، إنما كان بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يُعدّ عيباً فيه، فقال له: وأما تغيبه عن بدر، فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه" 2. فلم يتخلف عثمان عن غزوة بدر رغبة عن الأجر، ولا جُبناً، ولا خوفاً، وإنما تديناً وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن النفير -كما تقدم- لم يكن عاماً، وبسبب ذلك تخلف عن بدر كثير من الصحابة رضوان الله عليهم ممن كانوا في العوالي، وممن لم يحضروا ساعة الاستعداد للرحيل، لشدة استعجال النبي صلى الله عليه وسلم؛ خشية أن تفوت العير فلا يدركونها. فعدم حضور بدر ليس بعيب في آحاد الصحابة رضوان الله عليهم   1 يحتمل أنه العلاء بن عرار (ابن حجر، فتح الباري 7/ 364) ، وتصرح بعض الروايات بأنه من أهل مصر (فتح الباري 7/ 54، 59. 2 البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/ 54، 363) ، والترمذي، السنن (5/629) ، وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 8/ 101-102، 199-200) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (3/ 160) ، والطيالسي، المسند (264) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (254-256) ، وذكره المحب الطبري الرياض النضرة (3/ 24-25) ، انظر الملحق الرواية رقم: [22] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الذين لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقعود في المدينة؛ فكيف يكون عيباً فيمن قعد لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما يكشف زيف استساغتهم الخروج عليه، بعدم شهوده بدراً، عدم عيبهم لسائر المتخلفين عنها الذين لم يتهيأ لهم الخروج إليها، وإن كان ذلك لعذر، فإن عذر عثمان رضي الله عنه أقوى من عذرهم، فلم ينقل لنا شيء من هذا، مما يؤكد لنا أن القوم يتصيدون ما يمهدون به للخروج على الخليفة فحسب. والتخلف عن شهود غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مع العذر، ممن لديه رغبة صادقة في شهودها، لا يوقع حرجاً على صاحبه، إذا كان ناصحاً لله ورسوله، وقد بين الله جل وعلا ذلك في قوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} 1. فليس على هؤلاء سبيل، بل شهد الله لهم بالإحسان. أما الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم للقعود عن القتال، وهم أغنياء   1 سورة التوبة، الآيتان (91-92) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 مستطيعون، ليس لهم عذر، ولكن رضوا بأن يكونوا مع المتخلفين، فهؤلاء هم الآثمون الذين يعاقبهم الله بالطبع على قلوبهم. كما في قوله: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 1. فمن يتخلف عن غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم بأمر منه، ويضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم في الغنيمة وفي الأجر، فإنه أولى بأن لا يكون عليه سبيل ممن تخلف عنها لعدم الاستطاعة والقدرة. ثم لو كان قد أخطأ فتخلف عن غزوة بدر بدون عذر، فإن ذلك لا يسوغ قتله صبراً، ولا يسوغ الخروج عليه وهو خليفة؟! ولو كان عثمان رضي الله عنه آثما لتخلفه عن غزوة بدر؛ فلم لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك؟ فهل هؤلاء الطاعنون فيه بهذا السبب أعرف بدين الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهم أوباش الناس، ليست لهم صحبة ولا فضل، ولم يعرفوا بخير قط، ولولا الفتنة ما عرفوا ولا ذكروا. ويستنبط المتجرد من الهوى والتعصب ضد عثمان رضي الله عنه مِنْ عدم شهوده بدراً، فضلاً ومزيَّة له على من شهدها، وذلك من جهة أن له   1 سورة التوبة، الآية (93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 مثل ما لهم من الأجر الدنيوي والأخروي، ومن جهة امتثاله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقعود عنها، ومن جهة قيامه بعمل من أفضل القربات، وهو تمريض زوجته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول أبو نعيم: "وإن طُعن عليه بتغيبه عن بدر، وعن بيعة الرضوان، قيل له: الغيبة التي يستحق بها العيب: هو أن يقصد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفضل الذي حازه أهل بدر في شهود بدر؛ طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته، ولولا طاعة الرسول ومتابعته لكان كل من شهد بدراً من الكفار كان لهم الفضل والشرف، وإنما الطاعة التي بلغت بهم الفضيلة، وهو كان رضي الله عنه خرج فيمن خرج فردَّه الرسول صلى الله عليه وسلم للقيام على ابنته، فكان في أجلِّ فرض؛ لطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخليفه، وقد ضرب له بسهمه وأجره، فشاركهم في الغنيمة والفضل والأجر، ولطاعته الله ورسوله وانقياده لهما"1.   1 أبو نعيم، الإمامة والرد على الرافضة، بتحقيق: الدكتور/ علي ناصرالفقيهي (ص:301-302) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 ثانياً: توليه يوم أحد عن المعركة ومنها توليه عن القتال، في معركة أحد التي وقعت في شهر شوال من العام الثالث للهجرة، بين المسلمين، والمشركين بالقرب من جبل أحد، الذي يقع شمال المدينة النبوية. وكان المسلمون قد انتصروا في أول المعركة، وقتلوا عدداً من المشركين، وفي ذلك يقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} 1. ونتيجة لمخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم من بعض المقاتلين فقد المسلمون مواقعهم، وأخذوا يقاتلون دون تخطيط، فلم يستطيعوا تمييز بعضهم من بعض وأسقط في أيديهم، ففر كثيرون منهم من ميدان القتال، وانتحى بعضهم جانباً دون قتال، في حين آثر آخرون الموت على الحياة فقاتلوا حتى الموت2. وقد ذكر الله جل وعلا خبر فرار من فر، وعفوه عنهم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ   1 سورة آل عمران، جزء من الآية (152) . 2 انظر عن هذه الغزوة: (المجتمع المدني -الجهاد ضد المشركين ص: 65، 86) ، ومرويات غزوة أحد لحسين الباكري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} 1. فبين الله أنه قد عفا عن جميع المتولين يوم أحد، فدخل فيهم من هو دون عثمان في الفضل والسابقية، فكيف لا يدخل هو مع فضله، وسابقته، وكثرة حسناته2. ولكن الخارجين عليه لم يعبؤوا بهذا العفو من الله، بل أظهروا وأشاعوا أنهم نقموا عليه فراره يوم أحد، مما يدل دلالة واضحة على أن تسويغهم ليس بتسويغ مجتهد مخطئ، أو تسويغ متحمس ضال، إنما هو تسويغ مضل مفسد يتلمس ما يسوغ به إفساده. وإلا لما عابوا عليه أمراً قد عفا الله عنه وغفره، ولما أشاعوا ذلك بين المسلمين على ولي أمرهم أمير المؤمنين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن فراره يوم أحد لا يُحل قتله، فكيف وقد غفر الله له، ولو استحق ذلك لما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم معاقبته، ولما بايعه الصحابة جميعاً بالخلافة. فلم ير الصحابة رضي الله عنهم في موقفه بأحد ما يستوجب التردد في بيعته بعد عفو الله عنه وعن سائر الفارين. بل رأوا في مواقفه الأخرى، ما يقدمه إلى أعظم مسؤوليات الدولة، وهي: الخلافة.   1 سورة آل عمران، الآية (155) . 2 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 298) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ولكن الخارجين عليه كانوا يفتشون عن مسوغات للفتنة، والتمرد، وقتل الخليفة، فتشبثوا بهذا الأمر وبغيره من المسوغات الواهية الأخرى. مما يبين جلياً أن الشيطان قد استحوذ عليهم، حتى أنساهم ذكر الله1 وزين لهم أعمالهم فأضلهم عن السبيل، وهم يحسبون أنهم مهتدون. ولما سأل ذلك الخارجي2 ابن عمر رضي الله عنهما عن فرار عثمان يوم أحد، شهد ابن عمر على فراره؛ فكبر الخارجي شماتة بعثمان، فقال له ابن عمر: تعال لأخبرك، ولأبين لك عما سألتني عنه: أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له ... اذهب بها الآن معك3.   1 كما في قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} سورة المجادلة، الآية (19) 2 جاء في إحدى روايات البخاري أنه رجل من أهل مصر (الفتح 7/ 54، وذكر الحافظ ابن حجر أنه العلاء بن عرار (الفتح 7/ 364) . 3 البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/ 54، 363) ، والترمذي، السنن (5/629) ، وأحمد، المسند (بتحقيق: أحمد شاكر 8/ 101-102، 199-200) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (3/ 160) ، والطيالسي، المسند (264) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (254-256) ، وذكره المحب الطبري، في الرياض النضرة (3/ 24-25) ، انظر الملحق الرواية رقم: [22] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ثالثاً: تخلفه عن بيعة الرضوان: ومنها تخلفه عن بيعة الرضوان1 وقد كانت بيعة الرضوان في مستهل ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، تحت شجرة سمرة في مكان بالقرب من مكة يسمّى بالحديبية2. دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أرسل عثمان رضي الله عنه إلى أهل مكة يفاوضهم، ويبين لهم هدف المسلمين من قدومهم، وأنه العمرة وليس القتال، فلما استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم عثمان، وبلغه أن المشركين قد قتلوه، بايع أصحابه على قتال المشركين ثأراً لعثمان رضي الله عنه. ونظراً لاحتمال عدم صدق الخبر بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيده على اليد الأخرى عن عثمان رضي الله عنه. وقد بيّن الله جل وعلا فضل أصحاب هذه البيعة، في آيات عديدة، كما بينه أيضا الرسول صلى الله عليه وسلم. فمن الآيات قوله جل وعلا: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ   1 عن بيعة الرضوان وتفاصيلها؛ انظر: مرويات غزوة الحديبية، للدكتور/ حافظ الحكمي (ص:148-157) والمجتمع المدني (الجهاد ضد المشركين، للدكتور/ أكرم العمري (ص: 127-135) . 2 قال مجد الدين ابن الأثير: "مخففة وكثير من المحدثين يشددها" النهاية في غريب الحديث والأثر (1/349. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} 1. ومن الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية لمن شهدها: "أنتم خير أهل الأرض" 2. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها" 3. ومنذ أداء تلك البيعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ظلت مفخرة لمن شهدها، يعرف الناس فضلهم وقدرهم، ومكانتهم، ولا يعاب من لم يشهدها ممن كان في المدينة، وغيرها من المسلمين، ولما بدأ الناس في الطعن على عثمان رضي الله عنه، وتلمسوا ما يعيبونه به، أظهروا أنهم استساغوا الخروج عليه بعدة أمور: منها المفتراة، ومنها ما هو منقبة له في الحقيقة. وعدم شهوده بيعة الرضوان هو من هذا الصنف الأخير، فإن عدم شهوده إياها فيه ما يدل على سموّ مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيه منقصة له. لكن أفهام القوم قاصرة، وقلوبهم حاقدة، حتى إن أحدهم جاء إلى ابن عمر -رضي الله عنهما - يناشده: أَشَهِد عثمان رضي الله عنه بيعة الرضوان؟.   1 سورة الفتح، الآية (18) ، وانظر تفسيرها في تفسير ابن كثير (4/190-191) 2 رواه البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/443) 3 رواه مسلم، الجامع الصحيح، (163) وأحمد، المسند (6/420) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 فقال له ابن عمر: لا، وقبل انصراف الرجل، بيّن له ابن عمر رضي الله عنهما أن عدم شهوده البيعة لا يعدّ عيباً فيه، بل منقبة له، فإن سبب تغيبه عنها هو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى أهل مكة، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى يديه لعثمان1 فَيَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يد من بايع بيده. وفي ذلك يقول أبو نعيم: "وأما بيعة الرضوان فلأجل عثمان رضي الله عنه وقعت هذه المبايعة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه رسولاً إلى أهل مكة لِمَا اختص به من السؤدد والدين، ووفور العشيرة، وأُخبِر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون له على الموت ليوافوا أهل مكة2. فعدم حضور عثمان رضي الله عنه بيعة الرضوان يُعَدّ منقبة له وليس مثلبة فيه، ولكن القلوب الحاقدة قلبتها إلى مثلبة وعابته بها. وتتلخص هذه المنقبة في أمور أربعة: الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم اختاره لأداء تلك المهمة، وهذا دليل على فضله رضي الله عنه وصلاحيته لها. الثاني: أنه من أهل بيعة الرضوان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع له بإحدى يديه   1 صحيح البخاري، فتح الباري (7/54، 363) والترمذي، السنن (5/629) وابن أبي شيبة، المصنف (14/442-443) ، وأحمد، المسند، بتحقيق أحمد شاكر (8/101-102، 199، 200) وأبوداود الطيالسي، المسند (264) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (3/160) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (254-256) وذكره المحبّ الطبري، الرياض النضرة (3/ 24-25) وانظر: الملحق، الرواية رقم: [22] 2 الإمامة (304 بتحقيق) الدكتور علي ناصر فقيهي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 على الأخرى. الثالث: أنه رضي الله عنه امتاز على باقي أصحاب الشجرة بأن النبي بايع عنه بيده الأخرى، فيد النبي صلى الله عليه وسلم خير من أيديهم رضي الله عنهم أجمعين. الرابع: أن البيعة إنما عقدت من أجله مما يبين مكانته عند النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 رابعاً: حميه الحمى: ومنها حميه الحمى1 فلما قدم أهل مصر المدينةَ، واستقبلهم عثمان رضي الله عنه قالوا له: ادع بالمصحف، فدعا به، فقالوا: افتح السابعة - وكانوا يسمون سورة يونس السابعة - فقرأ حتى أتى قوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} 2. فقالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى، آلله أذن لك أم على الله تفتري؟. فقال عثمان رضي الله عنه: امضه نزلت في كذا وكذا3 فأما الحمى، فإن عمر حماه قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة، فزدت في الحمى لِما زاد من إبل الصدقة، امضه..4. ورُوي أن عائشة رضي الله عنها قالت للخارجين على عثمان رضي الله عنه: اسمعوا نحدثكم عما جئتمونا له: إنكم عبتم على عثمان في ثلاث   1 الحمى: هو المكان المحمي، وهو خلاف المباح، ابن حجر، فتح الباري (5/44) 2 سورة يونس، الآية (59) 3 هكذا في الرواية. 4 خليفة بن خياط، التاريخ (168-169 والبزار، كشف الأستار (4/ 90-91) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 215-220) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/354-356) ، وإسحاق بن راهويه، كما في المطالب العالية (4/ 354-356) وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 60) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [64] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 خلال.. وذكرت منها، وموضع الغمامة، أي الحمى1. فبذلك يظهر أن الخارجين أظهروا أنهم سوغوا الخروج على عثمان بحميه الحِمى إلا أنهم لم يفصحوا عن المكان الذي حماه عثمان رضي الله عنه ويظهر ردّ عثمان رضي الله عنه أن المقصود حميه الحِمى لإبل الصدقة، فلم يعترضوا عليه بعد ردّه عليهم. ويذكر المحب الطبري أن المقصود: هو بقيع المدينة، وأنه منع الناس منه، وزاد في الحمى أضعاف البقيع، ولكنه لم يسنده ولم يعزه2وهو متأخر بعيد عن الأحداث فقد توفى سنة 694?. وفي رد عثمان رضي الله عنه على أهل مصر كفاية، وغنية، فقد ألقمهم حجراً فخرسوا عن الجواب، فإن عثمان رضي الله عنه لم يبتدع في حمي الحمى، بل سبقه إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عمر رضي الله عنه، فقد حمى عمر رضي الله عنه الشرف، والرّبذة3 لنعم الصدقة4 وهذا يدل على جواز   1 رواه عبد الله بن أحمد، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1/ 452، وإسناده ضعيف، ففيه عبد الملك بن عمير، وقد اختلط، ولم تتميز رواية الراوي عنه أكانت قبل اختلاطه أم بعده، وفيه أيضاً عنعنة عبد الملك وهو مدلس، ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين. انظر الملحق الرواية رقم: [61] . 2 الرياض النضرة (3/ 83، 93) . 3 رواه البخاري في صحيحه تعليقاً (فتح الباري 5/ 44) ؛ والشرف: موضع بالقرب من مكة، والرّبذة موضع بين مكة والمدينة، ابن حجر، فتح الباري (5/ 45) . 4 رواه ابن أبي شيبة بإسناد صححه الحافظ ابن حجر، (فنح الباري 5/ 45) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 أصل حمي الحمى للخليفة، وهو مذهب الشافعية، ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم1. فالزيادة للحاجة جائزة -أيضاً- لجواز الأصل، وقد احتاجت إبل الصدقة في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه إلى زيادة الرقعة المحمية لزيادة عدد إبل الصدقة، مما يدل على كثرة الخيرات في خلافته رضي الله عنه. ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمى في قوله: "لا حمى إلا لله ولرسوله" 2إنما هو نهي عن حمى الجاهلية الذي يخص به رئيس القبيلة نفسه دون غيره3. أما ما فعله عثمان رضي الله عنه فإنما كان لمصلحة المسلمين عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيّده راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته ... فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته" 4. ومما يذكر أنهم عابوه عليه في حمي الحمى إلا أنه لم يرد فيه إسناد5ما ذكره المحب الطبري: من أنهم نقموا عليه حميه لسوق المدينة في   1 ابن حجر، فتح الباري (5/ 44- 45) . 2 رواه البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (5/ 44) . 3 ابن حجر، فتح الباري (5/ 44- 45) . 4 رواه البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري 5/181) . 5 والأصل أن أذكر ذلك في المبحث الثالث من هذا الفصل، ولكن آثرت أن أذكره في هذا الموضع لدخوله في حمي الحمى عموماً، وقد نقموا عليه ذلك فلعل هذه الأوجه من الحمى تدخل فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 بعض ما يباع ويشترى، فقالوا: لا يشتري منه أحد النوى حتى يشتري وكيله من شراء ما يحتاج إليه عثمان رضي الله عنه لعلف إبله1. ثم ردّ على ذلك بقوله: "وهذا مما تُقُوِّل عليه واختلق، ولا أصل له، ولم يوجد له إسناد، وعلى تقدير صحة ذلك، يحمل على أنه فعله لإبل الصدقة، وألحقه بحمى المرعى لها؛ لأنه في معناه". كما ذكر أيضاً أنهم سوغوا خروجهم عليه بحميه البحر من أن تخرج فيه سفينة إلا في تجارته، ثم قال: "ولا يقول بذلك عاقل، وغاية ما يقال على تقدير صحة النقل في ذلك يحمل على أنها كانت ملكاً له، لأنه كان منبسطاً في التجارات، متسع المال في الجاهلية والإسلام، فما حمى البحر، وإنما حمى سفنه أن يحمل فيها متاع غير متاعه"2. وهذه ردود منه -رحمه الله- على فرض صحة النقل، ولكن لم يثبت لأي شيء منها إسناد يعتد به.   1 الرياض النضرة (3/83) . 2 المصدر السابق: (3/ 93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 خامساً: جمع القرآن: ورد بإسناد صحيح ما يدلّ على أن الخارجين على عثمان رضي الله عنه كانوا يعيبون عليه جمعه للمصاحف، وأن علياً رضي الله عنه كان يقول لهم: "يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيراً، أو قولوا له خيراً في المصاحف، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا"1. وورد بإسناد صحيح أيضاً إلى أبي مجلز المتوفي سنة 106 أو سنة 109هـ أنه قال: "عابوا على عثمان تمزيق المصاحف، وآمنوا بما كتب إليهم"2. وذكر المحبّ الطبري: أن مما نقم على عثمان رضي الله عنه إحراقه مصحف ابن مسعود، ومصحف أُبَيٍّ، وجمعه الناس على مصحف زيد بن ثابت3ثم ردّ عيهم4. وذكر أبوبكر بن العربي: أنهم قالوا: "وابتدع في جمع القرآن وتأليفه، وفي حرق المصاحف"5 ثم ردّ عليهم6.   1 رواه ابن أبي داود، (المصاحف 28029العلمية انظر الملحق الرواية رقم: [44] 2 رواه ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 210) ، انظر الملحق الرواية رقم: [133] 3 الرياض النضرة (3/87) . 4 المصدر السابق: (3/ 99) . 5 العواصم من القواصم (76) . 6 المصدر السابق: (80-85) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وقبل بيان بطلان هذا العيب الذي ألصق بعثمان رضي الله عنه، أسوق قصة جمع القرآن من بدايتها في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى نهايتها في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه ليتضح الأمر وينجلي. فلنعد إلى أعقاب معركة اليمامة، وذلك عندما علم عمر رضي الله عنه أن عدداً من القراء قد استشهدوا في هذه المعركة، ففكر بعقله الواعي المتميز ببعد النظر، وسلامة التفكير في أثر هذا الحادث على الأمة الإسلامية، فخشي أن يستحر1القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، فجاء إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وهو الخليفة يومئذ وأبلغه بما يخشاه، ثم اقترح عليه أن يأمر بجمع القرآن، ولكن أبا بكر الصديق تردد في قبول ذلك، وقال: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هذا والله خير، ولم يزل يراجعه حتى شرح الله صدره، ورأى رأي عمر. فأرسل إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه وأخبره بالحوار الذي دار مع عمر، فقال زيد رضي الله عنه: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلم يزل يراجعه أبوبكر حتى شرح الله صدره للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر. وبيَّن أبوبكر لزيد سبب اختياره للقيام بهذه المهمة العظيمة بأنه شاب عاقل لا يتهمه، وقد كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.   1 يستحر: استحر القتل أي؛ اشتد (القاموس المحيط للفيروز آبادي 2/8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 ثم أمره بتتبع القرآن وجمعه، وبلغ الأمر عند زيد مبلغاً عظيماً، حتى إنه كان يقول: "فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن". فانطلق زيد يتتبع القرآن يجمعه من العُسُب1 واللِّخاف2 وصدور الرجال حتى أتم جمعه". فبقيت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر، وبعد وفاته انتقلت إلى عمر رضي الله عنه وبعد استشهاده انتقلت إلى ابنته حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم3. واستمر الأمر على ذلك حتى مضت سنة كاملة من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه4حين قام الجيش الإسلامي العراقي، والشامي بفتح أرمينية وأذْرَبيجان. وكان في هذا الجيش العظيم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فرأى في صفوف الجيش وبين الجند اختلافاً في قراءة القرآن، حتى إنه سمع من   1 العسب: جمع عسيب، أي جريدة من النخل، وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص (النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين ابن الأثير 3/234 2 اللخاف: جمع لخفة، وهي حجارة بيض رقاق (النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين ابن الأثير 4/244. 3 صحيح البخاري، فتح الباري (8/344) ، (9/10-11) . 4 ابن حجر، فتح الباري (9/17) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 اختلافهم ما يكره1. كما رأى أيضاً في البصرة نحواً من ذلك، فقد كان ذات يوم جالساً في حلقة مسجد من مساجدها، زمن ولاية الوليد بن عقبة عليها؛ فإذا هاتف يهتف: من كان يقرأ على قراءة أبي موسى فليأت الزاوية التي عند أبواب كندة، ومن كان يقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود، فليأت هذه الزاوية التي عند دار عبد الله. فاجتمع القوم، واختلفوا في آية من سورة البقرة، قرأ أحدهم: {وأتموا الحج والعمرة للبيت} وقرأ آخر: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} 2. فغضب حذيفة رضي الله عنه حتى احمرّت عيناه، فقام وغرز قميصه في حجزته، وقال لرجل منهم: إما أن تركب إلى أمير المؤمنين، وإما أن أركب، فأقبل على الناس، وقال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم، فقاتل بمن أقبل من أدبر، حتى أظهر الله دينه، ثم إن الله قبضه، فطعن الناس في   1 صحيح البخاري، فتح الباري (9/ 11) ، والطبراني (كما في تاريخ دمشق لابن عساكر) ، ترجمة عثمان، 234 وإسناده من الطبراني صحيح، انظر الملحق الروايتين: [30 و45] . 2 البقرة، الآية (196) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف أبا بكر فكان ما شاء الله، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عمر فن-زل الناس وسط الإسلام، ثم إن الله قبضه، فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عثمان وأيم الله ليوشكنَّ أن تطعنوا فيه طعنة تحلقونه كله1. وركب رضي الله عنه إلى عثمان بن عفان2فقال له: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى في الكتب، ففزع لذلك عثمان بن عفان، وجمع الصحابة - وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال: ما تقولون في هذه القراءة، فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفراً؟. فقالوا: ما ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة، ولا يكون اختلاف، فقالوا: فنعم ما رأيت. فأرسل إلى حفصة -رضي الله عنها- أن أرسلي إلينا بالصحف التي جُمع فيها القرآن؛ لننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها إليه. فقام يحث الناس على تسليم ما لديهم من القرآن قائلاً: أيها الناس،   1 ابن أبي داود، المصاحف، (ط العلمية 18، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (233- 234) ، وفيه رجل لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [172] . 2 الطبراني، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة عثمان (234) ، والإسناد من الطبراني صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [45] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 عهدكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم منذ ثلاث عشرة سنة1وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون: قراءة أبيّ، وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك، فأعزم على كل رجل منكم، ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به. فاستجاب الناس، فكان الرجل يجيء بالورقة، والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة. ثم دخل عثمان رضي الله عنه فدعاهم رجلاً رجلاً، وناشدهم بالله: لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمله عليك؟ فيقول: نعم. ثم قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت. قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص2فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها، وقال للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا3ونسخوا الصحف في المصاحف، ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة.   1 انظر فتح الباري (9/ 17) . 2 ابن أبي داود، المصاحف (23- 24) ، ط قرطبة، 31 ط العلمية، وفي الإسناد مجهول، انظر الملحق الرواية رقم: [143] . 3 صحيح البخاري، فتح الباري (9/ 9) وهو في الملحق الرواية رقم: [29] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، فذلك زمان حرقت فيه المصاحف بالنار1. وبعد أن سردت قصة جمع القرآن منذ بدايتها وحتى انتهائها، نعود إلى ما نُقل عن بعضهم من تحويل هذه الفضيلة من فضائل عثمان رضي الله عنه إلى عيب يعاب به. فإنَّ عثمان رضي الله عنه لم يبتدع في جمعه المصاحف؛ بل سبقه إلى ذلك أبوبكر الصديق رضي الله عنه كما أنه لم يصنع ذلك من قبل نفسه، إنما فعله عن مشورة للصحابة رضي الله عنهم وأعجبهم هذا الفعل، وقالوا: نعم ما رأيت، وقالوا أيضاً: قد أحسن؛ أي: في فعله في المصاحف. فقد أدرك مصعبُ بن سعد صحابةَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ حين مشق2عثمان رضي الله عنه المصاحف فرآهم قد أُعجبوا بهذا الفعل منه3. وكان علي رضي الله عنه ينهى من يعيب على عثمان رضي الله عنه بذلك ويقول: يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيراً -أو   1 رواه الطبراني في الرواية التي تقدم تخريجها، وأصله في صحيح البخاري، الفتح (9/11، انظر الملحق الرواية رقم: [30] . 2 المشق هو: الحرق (ابن منظور، لسان العرب 10/ 344. 3 البخاري، التاريخ الصغير (1/ 94) ، وإسناده حسن لغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [142] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 قولوا خيراً- فوالله ما فعل الذي فعل -أي في المصاحف- إلا عن ملأ منا جميعاً أي الصحابة ... والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل1. وبعد اتفاق هذا الجمع الفاضل من خيرة الخلق، على هذا الأمر المبارك، يتبين لكل متجرد عن الهوى، أن الواجب على المسلم الرضا بهذا الصنيع الذي صنعه عثمان رضي الله عنه وحفظ الله به القرآن. ولم يثبت أن ابن مسعود رضي الله عنه خالف عثمان في ذلك، وكل ما روي في ذلك ضعيف الإسناد، -حسب ما وقفت عليه من الروايات-. كما أن هذه الروايات الضعيفة التي تتضمن ذلك، تثبت أن ابن مسعود رجع إلى ما اتفق عليه الصحابة في جمع القرآن، وأنه قام في الناس وأعلن ذلك، وأمرهم بالرجوع إلى جماعة المسلمين في ذلك. وقال: إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً، ولكن ينتزعه بذهاب العلماء، وإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، فجامعوهم على ما اجتمعوا عليه، فإن الحق فيما اجتمعوا عليه ... وكتب بذلك إلى عثمان2. ولم يثبت أن عثمان رضي الله عنه خص مصحف ابن مسعود   1 ابن أبي داود، المصاحف (28- 30) ، العلمية، ومن طريقه ابن عساكر (241- 242) ، ورواه أيضاً من غير طريقه (237- 239) ، وإسناده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر (فتح الباري 9/ 18، انظر الملحق الرواية رقم: [44] . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (239- 240) من رواية سيف بن عمر التميمي، وهو ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [290] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 بالحرق، وعلى فرض صحة ذلك، فإن المحب الطبري يرى أن فعله ذلك دواء لمفسدة كبيرة في الدين، لكثرة ما في مصحف ابن مسعود من الشذوذ المنكر عند أهل العلم بالقرآن، وبحذفه المعوذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنهما في القرآن1. ولعل سبب ذلك أن ابن مسعود كان يكتب ما يوحى من القرآن في مصحفه كلما بلغه نزول آيات منه، فاختلف ترتيبه عما امتازت به مصاحف عثمان من الترتيب بحسب العرض الأخير على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر ما أدى إليه اجتهاد الصحابة المؤيد بإجماعهم. ويحتمل أن يكون ابن مسعود فاته في مصحفه بعض ما استقصاه زيد بن ثابت ورفاقه من الآيات التي كانت عند آخرين من قراء الصحابة، زد على ذلك أن ابن مسعود كانت تغلب عليه لهجة قومه من هذيل، والنبي صلى الله عليه وسلم رخص لمثل ابن مسعود أن يقرؤوا بلهجاتهم الخاصة. فكان من الخير توحيد الأمة على قراءة كتاب ربها باللهجة المضرية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادعى الطحاوي، والباقلاني، وابن عبد البر، أن قراءة القرآن على سبع لغات كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسر الحفظ، وكثرة الضبط، وتعلم الكتابة2.   1 الرياض النضرة (3/ 99) . 2 ذكر ذلك محب الدين الخطيب، انظر العواصم من القواصم (ص: 84) حاشية رقم: (84) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وأما ما ذُكر من أن ابن مسعود رضي الله عنه خطب بالكوفة فقال: "أما بعد: فإن الله قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وإني غال مصحفي، فمن استطاع منكم أن يغل مصحفه فليفعل"1. فإني لم أقف على إسناده، وأقدم من ذكره ابن العربي المتوفى سنة 543?، وبينه وبين الحادثة ما يزيد على خمسة قرون. وهل يتوقع حصول ذلك ممن ترك القصر في منى خشية من الخلاف والفتنة ومتابعة للخليفة؟ لا والله، لا يتوقع منه أن يصعد المنبر، ويحرض الناس على الخلاف. مع أن القصر في منى عليه أدلة واضحة، تؤيد مذهب ابن مسعود فيه، بخلاف جمع القرآن فإنَّ الصحابة أجمعوا عليه، فهل يعقل أن يتابع ابن مسعود عثمان رضي الله عنهما فيما يدل على خلافه دليل واضح خشية الخلاف، ثم يخالفه فيما أجمع عليه إخوانه الصحابة رضوان الله عليهم بل ويحرض الناس على الخلاف بواسطة منبر الكوفة، وهو القائل: "إن الخلاف شر". فما أوهن هذه القصة، وما أحمق من لفقها. وأما حرق أو خرق ما سوى مصحف عثمان رضي الله عنه، فإنه   1 العواصم من القواصم (84، وانظر المسند لأحمد (1/ 414) والمصاحف لابن أبي داود، طبعة العلمية (ص: 21- 23) فقد روي فيهما أن ابن مسعود قال ذلك، وليس في الرواية أنه خطب به في الكوفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 جائز إذا كان في بقائها فساد، أو كان فيها ما ليس من القرآن، أو ما نسخ منه، أو على غير نظمه، وقد سلم بذلك الصحابة كلهم1. فما أتمه عثمان رضي الله عنه من جمع المصحف وتثبيته وتوحيد رسمه فإنَّ له به أعظم المنة على المسلمين، وبه حقق الله وعده في قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 2وأقر على عمله، وأمضاه برسمه وتلاوته في جميع أمصار ولايته، وبذلك انعقد إجماع المسلمين في الصدر الأول على أن ما قام به من أعظم حسناته، كما أن البغاة أنفسهم الذين عابوا عليه ذلك، كانوا في خلافته وبعدها يقرؤون في مصاحف عثمان التي أجمع الصحابة عليها3 والمقصود من كان منهم على بعض الخير ممن غرر به، أما أولئك المغرضون الزنادقة أمثال ابن سبأ، فلا تتوقع منهم قراءة قرآن، ولا فعل أي عبادة إلا نفاقاً وتستراً بها، وتغريراً لمن لا يعرف حقيقتهم، فإنهم إن قرأوا القرآن فإنهم لا يتجاوز حناجرهم كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه للخوارج. ويظهر من قصة جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه مدى فهم الصحابةرضي الله عنهم لآيات النهي عن الاختلاف، حيث إن الله   1 ابن العربي، العواصم من القواصم (83) . 2 سورة الحجر، الأية (9) . 3 ذكر ذلك محب الدين الخطيب، العواصم والقواصم (ص: 82) حاشية (80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 نهى عن الاختلاف وحذر منه، فلعمق فهمهم لهذه الآيات ارتعد حذيفة رضي الله عنه عندما سمع بوادر الاختلاف في قراءة القرآن، فرحل فوراً إلى المدينة النبوية، وأخبر عثمان رضي الله عنه بما رأى وبما سمع، فسرعان ما قام عثمان يخطب الناس؛ يحذرهم من مغبة هذا الخلاف، ويشاور الصحابة رضوان الله عليهم في الحل لهذه المحنة التي بدأت بالظهور، وفي مدة قصيرة يحسم الأمر ويغلق باب الخلاف الذي كاد أن ينفتح، بجمع الصحف ونسخها في مصحف واحد من المصادر الموثوقة جداً. وبإغلاق باب الفتنة هذه فرح المسلمون، بينما اغتاظ المنافقون الذين كانوا قد استبشروا ببوادر الخلاف التي كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر، ويسعون إلى تحقيقها. ولما حسم الخلاف، ولم يجد أولئك طريقاً إلى استنهاضه، ازداد حقدهم على حاسمه ومغلق بابه وسعوا في التشنيع عليه وتصوير حسنته هذه سيئة، وتلمسوا في سبيل إثبات ذلك خيوط العنكبوت الواهية، ليطعنوا فيه ويسوغوا خروجهم عليه بها، مظهرين للناس أن هذه الحسنة سيئة تستوجب الخروج عليه. وهذا ينبه المسلمين في كل زمان، ويعتبر به عقلاؤهم، فيسارعوا إلى رقع كل خلاف بينهم على أساس صحيح، مع المحافظة على أصول الإسلام، دون التنازل عن الحق، أو التسامح في شيء من الأصول عقيدة وشريعة. فإن الاتفاق إن لم يكن على العقيدة الصحيحة، فلا خير فيه، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 مظنة زيادة الخلاف، ورَقْعٌ يزيده فتقاً، فلا تترك أصول الإسلام تحت دعوى حسم ورقع الخلاف، ولكن على المخالف للعقيدة الصحيحة أن ينخلع من ربقة الانحراف إلى المعتقد الصحيح، ليحسم بذلك الخلاف؛ ومثل ذلك من يترك تصحيح العقيدة تحت دعوى جمع الشمل، وتوحيد الصف، وهذا كما تقدم يشتت الشمل، ويفرق الصف، أكثر مما كان عليه، والشواهد الحسية لا ينكر وجودها على الساحة الإسلامية اليوم إلا غافل أو متغافل. فلم يترك الصحابة رضوان الله عليهم كل قارئ، على قراءته الصحيحة، بل جمعوهم على قراءة واحدة، فاجتمع شملهم وتوحد صفهم. فهذا هو الطريق الصحيح إلى توحيد صف المسلمين، وجمع شملهم؛ فلا يتم ذلك إلا برجوعهم إلى الكتاب والسنة، وفهمهما فهماً صحيحاً مستمداً من فهم السلف الصالح لهما، وأن يعتصموا بهما، لتتحقق لهم الوحدة، فيجتمعون على عدوهم، ويرفع الله عنهم الفشل الذي استحقوه بسبب تنازعهم {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} 1. وهذه ثمرة من ثمرات دراسة تاريخ الخلفاء الراشدين، الحافل بالعبر ومواضع القدوة. وبعد توصلنا إلى هذه الحقيقة التي كان عليها سلفنا الصالح، يتبين لنا بُعد من يترك دلالة القرآن، والسنة وراءه ظهرياً ويحكم عقله، ويرفض   1 سورة الأنفال، الآية (46) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 دعوة القرآن والسنة متأولاً أن في غيرهما المصلحة. إنه أولى ممن قرأ قراءة متواترة صحيحة بأن يعاد إلى الحق، وإلى دلالة الكتاب والسنة الصحيحة وإلى ترك كل ما يراه ويبتدعه عقله القاصر، إلى ما تدل عليه النصوص الصحيحة الصريحة، فلا يقدم بين يدي الله ورسوله أمراً ولا فكرة ولا وسيلة، بل يرجع إلى ما دعا إليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 1. {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} 2. فانظر إلى كيفية المعالجة الصحيحة للأمور، فإن القراء كانوا يعلمون أن قراءتهم صحيحة، تلقوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك تنازلوا عنها، لأمر الخليفة، فاجتمعوا على قراءة واحدة في مصحف واحد. ويلاحظ أن عثمان وحذيفة رضي الله عنهما كانا يعلمان ذلك أيضاً، فلم يقولا لكل قارئ: أنت على حق، وعلى قراءة متواترة، فأنت على قراءة أبيّ، وأنت عل قراءة ابن مسعود، وكلاهما صحابيان أخذا القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من قرأ على قراءة أحدهما فهو على حق.   1 سورة الحجرات، الآية (1) . 2 سورة النساء، الآية (59) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ولكنهما تركا هذا الحق إلى ما هو أحق منه وهو الاجتماع، وعدم الفرقة، فكيف فيمن يُقرّ على خطأ أو شبهة تحت دعوى جمع الكلمة، وتوحيد الصف، وتحت شعار: "نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه". بل يتجاوز ذلك بعضهم إلى دعوة أهل العقيدة الصحيحة إلى التخلي عن الحق الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة لمخالفة غيرهم لهم فيه، تحت تلك الشعارات المغرية في ظاهرها. فعجباً من هؤلاء! لم لا يتركون أهل الحق على الحق، وإن حصل الخلاف؟ ويطلبون من أهل الباطل أو الشبه على أقل الأحوال أن يتركوا ما هم عليه من أجل جمع الكلمة وتوحيد الصف على الحق وبالحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 المبحث الثاني: ما روي في ذلك ولم يصح إسناده : أما المعايب التي رويت بأسانيد ضعيفة تفيد أن الخارجين على عثمان رضي الله عنه سوغوا خروجهم بها عليه، فمنها: أولاً: إتمام الصلاة في منى. كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الرباعية في الحج في منى ركعتين، وتبعه على ذلك الخليفتان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما أما عثمان ففعل ذلك في السنوات الست الأولى من خلافته، ثم اجتهد بعدها فأتهما أربعاً. وخالفه في ذلك عدد من الصحابة رضي الله عنهم منهم ابن عمر الذي أوضح أن السنة القصر، كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعثمان صدراً من إمارته1. ورُوي أن الناس أنكروا على عثمان ذلك، فبيّن لهم سبب إتمامه2وحجته في ذلك3 وتذكر الروايات عدة اعتذارات منها:   1 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (2/ 563، 3/ 509) ، ومسلم في صحيحه أيضاً (ص: 482) ، ومالك في الموطأ (ص: 149، 402) ، والدارمي في السنن (2/ 56) ، وانظر الملحق الروايات رقم: [24] [27] [28] [36] [63] . 2 رواه أحمد، المسند، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 351) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (249- 250، وفيه عكرمة بن إبراهيم الباهلي، وهو ضعيف، وعبد الرحمن بن أبي ذباب، لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [155] . 3 ابن حجر، فتح الباري (2/ 571) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الأول: أنه اعتذر لذلك بأنه تأهل بمكة منذ أن قدم إليها، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من تأهل ببلد، فليصل صلاة المقيم"، فاعتبر نفسه متخذاً لمكة وطناً، فأخذ لنفسه حكم المقيم1. وقد ورد لهذا الاعتذار عدة طرق عن عثمان رضي الله عنه يقوي بعضها بعضاً، إلا أن المتن فيه نكارة؛ فإنَّ عثمان رضي الله عنه مهاجريٌّ، والإقامة في مكة عليه حرام2. وهو -بلا شك- يعلم ذلك، فلما قال له المغيرة بن شعبة -أثناء الحصار-: "اركب رواحلك إلى مكة قال: لن أفارق دار هجرتي"3.   1 روى ذلك أحمد، المسند بتحقيق أحمد شاكر (1/ 351) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (249- 250) ، من رواية عبد الرحمن بن أبي ذباب، وإسناده ضعيف. انظر الملحق الرواية رقم: [155] . وأبو داود (السنن 2/ 199) ، من رواية إبراهيم النخعي، وإسناده ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [240] . وأبو داود (السنن 2/ 199) بإسناد صحيح إلى الزهري، والإسناد منقطع بينه وبين عثمان، فإن الزهري لم يدرك عثمان رضي الله عنه. انظر الملحق الرواية رقم: [192] . وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 175) ، وعزاه إلى عبد الرزاق وقال عنه: مرسل. وبمجموع هذه الروايات يرتقي إلى درجة "الحسن". 2 فتح الباري (2/ 571) . 3 أحمد، المسند بتحقيق أحمد شاكر (1/ 369) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (387- 388، وفيه انقطاع، انظر الملحق الرواية رقم: [170] ، وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري وصدره بقوله: "ثبت" (فتح الباري (2/571) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الثاني: أنه اعتذر بأنه اتخذ الأموال بالطائف، وأراد أن يقيم بها1 وهذا ضعيف الإسناد، ويرد متنه بما رُد به القول الأول. كما أن أهل الطائف لا يُعتبرون من أهل مكة، فاتخاذ الأموال في الطائف لا يجعل صاحبه من أهل مكة، فلا يتوقع أن يعتذر عثمان بهذا العذر. الثالث: أنه اعتذر بأنه سمع بأن الأعراب الذين حجوا معه العام الماضي قصروا الصلاة في أوطانهم، واحتجوا بمنى فأتم ليعلمهم أن الصلاة أربع، وذلك خوفاً من أن يستنوا به، وخطب الناس، وأعلمهم بأن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبيه، ولكنه حدث من الناس فخاف أن يستنوا2. وذكر الحافظ ابن حجر: أن الزهري قال: "إنما صلى عثمان بمنى أربعاً؛ لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع"3. وعن ابن جريج أن أعرابياً ناداه في منى: يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أول ركعتين.   1 ذكره الحافظ ابن حجر (فتح الباري 2/ 571) وعزاه إلى البيهقي. 2 رواه أبو داود، (السنن 2/ 199 بإسناد صحيح إلى الزهري، انظر الملحق الرواية رقم: [193] . 3 ذكره الحافظ ابن حجر (فتح الباري (2/ 571) ، وعزاه إلى البيهقي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 واختار ذلك الحافظ ابن حجر، ثم قال بعد أن ذكر بعض هذه الطرق: "وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ولا مانع أن يكون هذا أصل سبب الإتمام"1. الرابع: قيل إن سبب إتمامه: أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من كان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم. واختاره الحافظ ابن حجر، واستدل له بما رواه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: "لما قدم علينا معاوية حاجاً، صلى بنا الظهر ركعتين بمكة، ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان، وعمرو بن عثمان، فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك، لأنه كان قد أتم الصلاة، قال: وكان عثمان رضي الله عنه حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر، والعصر، والعشاء أربعاً أربعاً، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج، وأقام بمنى أتم الصلاة"2. ولم ير الحافظ أن اختياره لهذا القول معارض لاختياره للقول الثالث، بل يقويه من حيث إنّ حالة الإقامة في أثناء السفر أقرب إلى قياس الإقامة المطلقة عليها بخلاف السائر، ثم قال: وهذا ما أدى إليه اجتهاد عثمان رضي الله عنه3.   1 ابن حجر (فتح الباري 2/ 571) . 2 رواه أحمد، المسند (4/94 بإسناد حسنه الحافظ ابن حجر (فتح الباري 2/ 571) 3 ابن حجر (فتح الباري 2/ 571) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الخامس: قال ابن بطال: "الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة رضي الله عنهما كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر؛ لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة". قال الحافظ: "وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي، لكن الوجه الذي قبله1أولى لتصريح الراوي بالسبب". والذي يظهر لي -والله أعلم- أن اختيار الحافظ ابن حجر اختيار قوي تدل عليه الروايات المقبولة. وهو: أن عثمان رضي الله عنه أتم ليعلم الأعراب أن الصلاة الرباعية أربعاً، وفعل ذلك في منى؛ لأنه مقيم فيها نوع إقامة، وغير جاد في السير، وبذلك يتوفق بين القولين الثالث والرابع. وقال الحافظ معلقاً على قول ابن مسعود: "فليت حظي من أربع ركعتان": قال الداودي: خشي ابن مسعود أن لا تجزئ الأربع فاعلها، وتبع عثمان كراهة لخلافه، وأخبر بما يعتقده. وقال غيره: يريد أنه لو صلى أربعاً تكلفها، فليتها تقبل الركعتان. والذي يظهر أنه قال ذلك على سبيل التفويض إلى الله، لعدم اطلاعه على الغيب، وهل يقبل الله صلاته أو لا؟ فتمنى أن يقبل منه الأربع التي يصليها ركعتين ولم يقبل الزائد. وهو يشعر بأن المسافر عنده مخير بين القصر والإتمام، والركعتان لا   1 أي: القول الرابع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 بد منهما، ومع ذلك فكان يخاف أن لا يقبل منه شيء. فحاصله: أنه قال: إنما أتم متابعة لعثمان، وليت قُبل مني ركعتين من الأربع1. إذاً: فعثمان رضي الله عنه مجتهد، ومعه حجة، وهو فقيه من كبار فقهاء الصحابة خاصة في علم المناسك، حتى قال محمد بن سيرين: "كان أعلمهم بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر"2. وعلى فرض احتمال أن اجتهاده بغير حجة، فإن ذلك لا يسوغ الخروج عليه، فضلاً عن قتله.   1 ابن حجر (فتح الباري 2/ 572) 2 رواه ابن سعد (الطبقات 3/ 60) بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [89] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 ثانيا ً: ضرب عمار بن ياسر: ومنها اتهامهم له بضرب عمار بن ياسر، فلم أقف على رواية صحيحة الإسناد تدل على أن عثمان ضرب عماراً، ولا أنهم سوغوا خروجهم عليه بذلك. وروي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت: أن مما عتب الخارجون على عثمان رضي الله عنه ضربه بالسوط، والعصا1 فلعل المقصود ما أشيع من ضربه عماراً رضي الله عنهما. ورُوي بإسناد ضعيف أن سعداً، وعماراً رضي الله عنهما أرسلا إلى عثمان رضي الله عنه أن ائتنا، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها، أو أشياء فعلتها، فاعتذر عثمان رضي الله عنه، عن المجيء لشغل كان مشغولاً به، وأمرهما بالانصراف، وعقد لهما موعداً، ليستعد فيه لخصومتهما، فانصرف سعدٌ، وأبى عمار أن ينصرف، فتناوله رسول عثمان رضي الله عنه وضربه. فلما اجتمعوا مع عثمان رضي الله عنه قالوا له: ننقم عليك ضربك   1 رواه عبد الله بن أحمد، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1/ 452) ، وإسناده ضعيف، ففيه عبد الملك بن عمير، وقد اختلط، ولم تتميز رواية راويه عنه أكانت قبل اختلاطه أم بعده، وفيه أيضاً عنعنة عبد الملك وهو مدلس، ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين، انظر الملحق الرواية رقم: [61] . وأما ما روي من أن الناقم عائشة رضي الله عنها فلا صحة له، ففي إسناده ضعف، ولم يرتق بالشواهد لعدم وروده فيها، انظر الملحق الرواية رقم: [109] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 عماراً، فأخبرهم بالقصة وأنه لم يأمر بضربه، ولكن رسوله تناوله من غير أمره، ثم أقسم لهم أنه ما أمر، ولا رضي، وقال: فهذه يدي لعمار فليقتص1. هذا ما ورد في ضرب عمار، وهو ضعيف الإسناد، وعلى فرض صحته، وأن عثمان رضي الله عنه ضرب عماراً رضي الله عنه فإن ذلك لا يقدح في أحد منهما، ونشهد أنهما في الجنة، وأنهما من أكابر أولياء الله المتقين، وولي الله قد يصدر منه ما يستحق عليه العقوبة الشرعية فكيف بالتعزير. وقد ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب بالدرَّة، لمّا رأى الناس يمشون خلفه، فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟! قال: هذا ذلة للتابع، وفتنة للمتبوع2. فإذا كان عثمان رضي الله عنه أدب عماراً رضي الله عنه فإما أن يكون مصيباً في تعزيره، لاستحقاق عمار ذلك، وإما أن يكون ذلك الذي عزره عليه تاب منه، أو كفّر عنه بالتعزير وغيره من المصائب، أو بحسناته   1 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 220- 222) ، وفيه حصين بن عبد الرحمن، اختلط، والراوي عنه حصين بن نمير، روى عنه بعد اختلاطه، كما أن فيه نصباً، وفيه أيضاً جهيم الفهري، لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [218] . 2 الدارمي (السنن 1/ 132- 133، وفي إسناده سليم بن حنظلة لم أجد له ترجمة، وفيه هارون بن عنترة، قال عنه الحافظ في التقريب: "لا بأس به" وذكر المزي في تهذيب الكمال (3/ 1430خ) أنه يروي عن سليم بن حنظلة البكري، ولم أجد له ترجمة أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 العظيمة، أو بغير ذلك. أما أن يقال: كان مظلوماً مطلقاً، فالقول في عثمان رضي الله عنه كالقول فيه وزيادة، فإنه أفضل منه، وأحق بالمغفرة والرحمة. وقد يكون الإمام مجتهداً في العقوبة مثاباً عليها، وعمار مجتهد فيما فعله لا يأثم به، بل يثاب عليه لاجتهاده1. وبذلك تبين أنه لم يصح أن عثمان ضرب عماراً، ولا أن الخارجين سوغوا الخروج عليه بذلك، وغاية ما في ذلك أنه رُوي بسند ضعيف أن رسول عثمان ضرب عماراً دون علمه، وأنه أخبر بأنه لم يأمر رسوله بذلك، ولم يرض عن فعله هذا، وطلب من عمار أن يقتص منه تنازلاً منه، ليكف الخلاف. فإذاً لا حجة في ضرب عمار على عثمان رضي الله عنهما ولو قدر أنه ضرب عماراً يعزره بذلك، فتقدم أن ذلك له، ولا يقدح فيه، ولا في عمار رضي الله عنهما. ولو فرض أنه ضربه دون اجتهاد منه، فأسباب المغفرة كثيرة، وعثمان من الصحابة رضي الله عنهم الذين هم أولى الناس بها2. وذلك لا يسوغ الطعن فيه، ولا الخروج عليه فضلاً عن قتله.   1 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 255- 256) . 2 انظر بعضاً من أسباب المغفرة هذه في منهاج السنة النبوية لابن تيمية (6/205-238) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وأما ما قيل: من أنه اجتمع خمسون من المهاجرين والأنصار؛ فكتبوا أحداث عثمان رضي الله عنه وما نقموا عليه في كتاب، وقالوا لعمار: أوصل هذا الكتاب إلى عثمان رضي الله عنه، ليقرأه فلعله يرجع عن هذا الذي ينكر، وخوفوه فيه بأنه إن لم يرجع خلعوه واستبدلوا غيره. وأن عثمان رضي الله عنه طرح الكتاب بعدما قرأه، فقال له عمار: لا ترم بالكتاب، وانظر فيه، فإنه كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا - والله - لك ناصح، وخائف عليك، فقال: كذبت يا ابن سمية، وأنه أمر غلمانه فضربوه حتى وقع لجنبه وأغمي عليه، وقام عثمان رضي الله عنه فوطئ بطنه، ومذاكيره حتى أصابه الفتق، وأغمي عليه أربع صلوات ثم قضاها بعد الإفاقة، واتخذ لنفسه تباناً تحت ثيابه، وأنه أول من لبس التبان لأجل الفتق، وأن بني مخزوم غضبوا له، وقالوا: والله لئن مات عمار من هذا لنقتلن من بني أمية شيخاً عظيماً -يعنون عثمان رضي الله عنه- وأن عماراً لزم بيته إلى أن كان من أمر الفتنة ما كان1. فإن كل ذلك لم أقف على إسناد له، لتنكشف به درجة صحته، والذي ذكر هذه التفاصيل هو المحب الطبري المتوفى سنة 694?، ولم يسندها ولم يعزها إلى أحد، بل طعن في صحتها، وقال: "سياق هذه القصة لا يصح". ثم ذكر بعض مضمون الرواية الضعيفة السابقة الذكر، التي فيها أن   1 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 85) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 عثمان رضي الله عنه عرض على عمار رضي الله عنه؛ أن يقتص منه، ثم قال: "وهذا من أبلغ ما يكون في الإنصاف، وأنه روي أن عماراً رضي عن عثمان لما أنصفه بحسن الاعتذار"، ثم قال: "فما بال أهل البدعة لا يرضون، وما مثله فيه إلا كما يقال: رضي الخصمان، ولم يرض القاضي". واستدل على رضاء عمار عن عثمان رضي الله عنهما بما رواه أبو هريرة أن عثمان رضي الله عنهما لما حصر ومنع الماء قال لهم عمار رضي الله عنه: سبحان الله! قد اشترى بئر رومة وتمنعونه ماءها! خلُّوا سبيل الماء، ثم جاء إلى علي، وسأله إنفاذ الماء إليه، فأمر براوية ماء1. وذكر ابن العربي: أنه مما نقم على عثمان رضي الله عنه ضربه عماراً رضي الله عنه حتى فتق أمعاءه2 ثم قال: "إن ذلك زور3 وإفك". ولو فتق أمعاءه ما عاش أبداً، إن العلماء اعتذروا عن ذلك بوجوه لا ينبغي أن يشتغل بها: لأنها مبنية على باطل، ولا يبنى حق على باطل، وعلى الإنسان أن لا يذهب الزمان في مُماشاة الجهال؛ لأن ذلك لا آخر له4. وصدق والله فإن ضرب عمار رضي الله عنه لا أصل له، ولكن لما   1 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 85) ، وحديث أبي هريرة هذا لم يسنده، ولم أقف عليه عند غيره. 2 العواصم من القواصم (76) . 3 المصدر السابق (77) . 4 المصدر السابق (78- 79) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 كان هناك مروجون للباطل على عامة الناس، وسذاجهم الذين لا يميزون الصحيح من السقيم، وجب على أهل الحق والعلم كشف هذا الباطل، ليزداد الناس مناعة من أن يقبلوا باطلهم، ولينكشف أمرهم وينجلي، ويتضح بطلان معتقدهم لدى الناس؛ عالمهم وجاهلهم. وروى الطبري1بإسناد ضعيف أن سائلاً سأل سعيد بن المسيب عن السبب الذي دعا عمار بن ياسر إلى الخروج على عثمان فقال: كان بينه وبين عباس بن عتبة بن أبي لهب كلام، فضربهما عثمان رضي الله عنه فأورث ذاك بين آل عمار وآل عتبة شراً حتى اليوم، وكنى عما ضُربا عليه وفيه. وهذه الرواية كما أسلفت ضعيفة الإسناد غير صالحة للاحتجاج، فلا تدل على خروج عمار على عثمان رضي الله عنهما ولا على ضرب عثمان عمارا، ولا على سبب هذا الضرب.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 399، وفيه شعيب بن إبراهيم، الذي يروي ما فيه تحامل على السلف، وسيف بن عمر التميمي الذي ضعفه الأئمة. انظر الملحق الرواية رقم: [303] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 المبحث الثالث: ما اشتهر من ذلك وليس له إسناد . تنفرد بعض الكتب التي لا تستند رواياتها بعدة معايب سوغ بها الخارجون على عثمان رضي الله عنه الخروج عليه، وعدم وجود أسانيد لها يشكك في صحة صدورها من الخارجين عليه، ولعلها صدرت من أعداء عثمان رضي الله عنه المتأخرين من الرافضة، وغيرهم؛ ومن هذه المعايب: أولاً: عدم إقامة الحد على عبيد الله بن عمر. أقدم من ذكر أن ذلك مما عيب على عثمان رضي الله عنه هو المحب الطبري1ولم يسنده، والمحب الطبري متأخر توفي سنة 694?. ثم تلاه ابن المطهر الحلي الرافضي؛ المتوفي سنة 726?. فقد قال في كتابه "منهاج الاستقامة في إثبات الإمامة" عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: "إنه ضيع حدود الله، فلم يقتل عبيد الله بن عمر حين قتل الهرمزان مولى أمير المؤمنين بعد إسلامه ... "2. وقبل طرح مناقشة المحب وابن تيمية لهذه المعيبة الملصقة بعثمان رضي الله عنه أود أن أنبه إلى أن ما نقلته عن المحب لا يثبت أن الخارجين 1 الرياض النضرة (3/ 87، 100) . 2 ابن تيمية، منهاج السنة (6/ 276) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 قد عابوا على عثمان رضي الله عنه ذلك، وأنهم سوغوا خروجهم به، وقصارى ما يثبت من كلام المحب، أن هذا وقع فعلاً، دون الجزم بأصحابه ولا بعصرهم، فيحتمل أن يكون قد وقع من الرافضة بعد الفتنة بمئات السنين. وعدم إقامة حد القتل على عبيد الله بن عمر رضي الله عنهما لا يعد عيباً في عثمان رضي الله عنه فإن ابنة أبي لؤلؤة؛ ابنة لمجوسي تابعة له، لا قود فيها، ومثلها جفينة، فإنه نصراني من أهل الحيرة، وقد اتهم بالمشاركة في قتل عمر رضي الله عنه لما كان بينه وبين أبي لؤلؤة من مجانسة، وقد ذُكر لعبيد الله بن عمر: أنه رؤي عند الهرمزان حين قتل عمر، فاتهم بمشاركة أبي لؤلؤة وممالأته والمُعين على قتل الإمام العادل يرى جماعة من الأئمة قتله، بل أوجب كثير من الفقهاء القود على الآمر والمأمور. واعتذر عبيد الله بن عمر بذلك وقال: "إن عبد الرحمن بن أبي بكر أخبره، أنه رأى أبا لؤلؤة، والهرم-زان، وجفينة يدخلون في مكان يتشاورون، وبينهم خنجر له رأسان مقبضه في وسطه، وقُتل عمر صبيحة تلك الليلة، فاستدعى عثمان رضي الله عنه عبد الرحمن فسأله عن ذلك، فقال: انظرو إلى السكين، فإن كانت ذات طرفين فلا أرى القوم إلا وقد اجتمعوا على قتله، فنظروا إليها فوجدوها كما وصف عبد الرحمن، فلذلك ترك عثمان رضي الله عنه قتل عبيد الله بن عمر، لرؤيته عدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وجوب القود لذلك، أو لتردده فيه لم ير الوجوب بالشك1. ولو ثبت ذلك عند عثمان رضي الله عنه وانتفى الشك، فلترك قتله عذر، وذلك خوفاً من أن يثير قتله فتنة عظيمة، فقد كان فريق من الصحابة رضي الله عنهم لا يرون قتله، حتى قال له عمرو بن العاص رضي الله عنه: قتل أمير المؤمنين بالأمس، ويقتل ابنه اليوم؟! لا والله لا يكون هذا أبداً، فقال عثمان رضي الله عنه: أمره إليّ وسأرضي أهل الهرمزان عنه2فسكَّن بذلك الفتنة التي كادت أن تقع3. ولم يكن للهرمزان أولياء، وإنما وليه ولي الأمر، وقدر عثمان أن يعطى قدر الدية لآل عمر، لما كان على عمر من الدين، فإنه كان عليه ثمانون ألفاً، وأمر أهله أن يقضوا دينه من أموال عصبته؛ عاقلته بني عدي وقريش، فإن عاقلة الرجل هم الذين يحملون الدين كله، والدية لو طلب بها عبيد الله، أو عصبة عبيد الله إذا كان قتله خطأ، أو عفا عنه إلى الدية، فهم الذين يؤدون دين عمر، فإذا أعان بها في دين عمر كان هذا من محاسن عثمان التي يمدح بها. قد كانت أموال بيت المال في زمن عثمان كثيرة، وكان يعطي   1 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 280) . 2 سيأتي بأنه لم يكن للهرمزان أولياء يطلبون دمه. 3 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 87، 100) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 الناس عطاءً كثيراً أضعاف هذا، فكيف لا يعطي هذا لآل عمر1. وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر، كان من المفسدين في الأرض المحاربين، فيجب قتله لذلك، ولو قدر أنه معصوم الدم يحرم قتله، فإن عبيد الله بن عمر متأول يعتقد حل قتله وشبهته ظاهرة، فإن ذلك شبهة تدرأ عنه حد القتل، كما أن أسامة بن زيد لما قتل ذلك الرجل بعد أن قال: لا إله إلا الله، لاعتقاده أن هذا القول لا يعصمه، عزره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلام ولم يقتله؛ لأنه كان متأولاً. فهذه الشبهة يجوز للمجتهد جعلها مانعة من وجوب القصاص، فإن مسائل القصاص، فيها مسائل كثيرة اجتهادية2وإذا ثبتت إعانته على قتل عمر وجب قتله على الأئمة وإليهم قتله. وعبيد الله بن عمر افتأت3بقتله، وقتله كان إلى الخليفة، وليس إلى أبناء عمر رضي الله عنه، ولكن للإمام أن يعفو عمن افتأت عليه، وقد عفا عثمان رضي الله عنه عن افتآت عبيد الله بن عمر عليه4. والهرمزان معصوم الدم قبل اشتراكه في مؤامرة قتل عمر رضي الله عنه لأنه كان من الفرس الذين استنابهم كسرى على قتال المسلمين،   1 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 281) . 2 المصدر السابق (6/ 280) . 3 افتأت: أي اختلق (ابن منظور، لسان العرب 2/ 64) . 4 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 284) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 فأسره المسلمون وقدِموا به على عمر، فأظهر إسلامه، فمنَّ عليه عمر رضي الله عنه فأعتقه، فأصبح مولى للمسلمين. ولما قال عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم: " قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة لعبد الله، قال: إن شئت أن نقتلهم"، فهذا ابن عباس وهو أفقه من عبيد الله بن عمر وأدين وأفضل بكثير يستأذن عمر رضي الله عنهم في قتل علوج الفرس مطلقاً الذين كانوا بالمدينة، لما اتهموهم بالفساد، واعتقد جواز مثل هذا، فكيف لا يعتقد عبيد الله جواز قتل الهرمزان الذي تلبس بتهمة المشاركة في التخطيط لقتل الخليفة. ولعل سبب رفض بعض الصحابة رضي الله عنهم قتل عبيد الله، أن تكون وقعت لهم شبهة في عصمة الهرمزان، وهل كان من الصائلين الذين كانوا يستحقون الدفع؟ أو من المشاركين في قتل عمر الذين يستحقون القتل؟. وقد تنازع الفقهاء في المشتركين في القتل إذا باشر بعضهم دون بعض، فقيل: لا يجب القود إلاَّ على المباشر خاصة، وهو قول أبي حنيفة، وقيل: إذا كان السبب قوياً وجب على المباشر والمتسبب: كالمُكْرِهِ والمُكْرَهِ وكالشهود بالزنا والقصاص إذا رجعوا، وقالوا: تعمدنا وهذا مذهب الجمهور كمالك والشافعي وأحمد. قال شيخ الإسلام: "وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر جاز قتله في أحد القولين قصاصاً، وعمر هو القائل في المقتول: لو تمالأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 عليه أهل صنعاء لأقدتهم به"1. كما أنه تنازع الناس في قتل قاتل الأئمة، هل يكون حداً أو قصاصاً؟ فقال قوم: إنه يقتل حداً كما يقتل القاتل في المحاربة حداً، لأن قتل الأئمة فيه فساد عام، أعظم من فساد قطاع الطريق، فكان قاتلهم محارباً لله ورسوله، ساعياً في الأرض فساداً. كما أن الهرمزان لم يكن له أولياء يطلبون دمه، وإنما وليه وليُّ الأمر، فله أن يقتل قاتله، وله أن يعفو عنه إلى الدية لئلا تضيع حقوق المسلمين، وقد عفا عثمان رضي الله عنه عن قاتله ورأى قدر الدية أن يعطيها لآل عمر، لما كان على عمر من الدين، معونة منه لأهله، فهذه من محاسن عثمان رضي الله عنه التي يمدح بها ولا يذم –كما تقدم-. فإن الدية للمسلمين، وللحاكم أن يصرفها في مصارف الأموال، وتركها لآل عمر وهو بعض ما يستحقونه على المسلمين. وبكل حال فكانت مسألة اجتهادية، فلا ينكر على عثمان رضي الله عنه ما فعله باجتهاده2. وأما خوف عبيد الله من علي رضي الله عنهما أن يقتله بعد قتل عثمان رضي الله عنه فليس بصحيح، فلم يرد فيه إسناد صحيح فيما اطلعت عليه من مصادر، ولا يتوقع ذلك من علي رضي الله عنه، لأنه قد   1 المصدر السابق (6/ 280) . 2 المصدر السابق (6/ 277- 282) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 حُكِمَ الحكم في هذه المسألة بعصمة الدم، فلا يتوقع من علي رضي الله عنه استحلال نقضه، كما أن علياً رضي الله عنه ليس ولياً للمقتول، ولم يطلب ولي المقتول القود لأنه لا ولي له، فليس بعد عفو عثمان رضي الله عنه وحكمه بحقن دمه يباح قتله، ولم يعلم ابن تيمية في ذلك نزاعاً بين المسلمين. وهل يباح دم الخليفة الثالث المبشَّر بالجنة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يُقم الحد على رجل قتل رجلاً مشكوكاً في دينه متهماً بالنفاق، والمحاربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والسعي في الأرض بالفساد. ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه كان من أكف الناس عن الدماء، ومن أصبرهم على ما يُنال من عرضه وعلى من سعى في دمه -كما سيأتي- وقد رفض قتال الخارجين عليه مع علمه بأنهم يريدون قتله، وأنه على الحق، وأنهم على الباطل، ورفض عروض المناصرين له، كل ذلك خشية أن يكون أول من خلف محمداً صلى الله عليه وسلم في أمته بالسيف وسفك الدماء. وبذلك يتبين بطلان اتهام عثمان رضي الله عنه بأنه كان يستحل إراقة دماء المسلمين بتعطيل حدود الله، كما زعم من قال ذلك1. ثانياً: ضياع الخاتم. لقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب -أو فضة- وجعل فصه مما يلي كفه، ونقش فيه: محمد رسول الله، فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد   1 المصدر السابق (6/ 284) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 اتخذوها ألقاه، وقال: لا ألبسه أبداً، ثم اتخذ خاتماً من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة. وتوارث لبس هذا الخاتم الخلفاء من بعده؛ أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، رضي الله عنهم حتى وقع منه في بئر أريس1. ويبين لنا أنس رضي الله عنه قصة ضياعه والبحث عنه، فيقول: إن عثمان رضي الله عنه جلس على بئر أريس، فأخرج الخاتم فجعل يعبث به، فسقط، فاختلفنا2ثلاثة أيام مع عثمان رضي الله عنه نن-زح البئر، فلم نجده3. وفي رواية لمسلم4 إن الذي أسقطه هو: معيقيب5. وتبين لنا رواية ابن سعد والنسائي، تأريخ وقوع الخاتم، وأنه كان   1 مسلم، الجامع الصحيح (3/ 1656) ؛ والأريس: بفتح الهمزة، وتخفيف الراء، هي بئر معروفة قريباً من مسجد قباء في المدينة (ابن منظور، لسان العرب 6/ 6) . 2 أي: في الذهاب والرجوع والنزول إلى البئر والطلوع منها، وفي رواية ابن سعد "فطلبناه مع عثمان ثلاثة أيام، فلم نقدر عليه" (ابن حجر، فتح الباري 10/ 329) . 3 البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري (10/ 328) . 4 الجامع الصحيح (3/ 1656) . 5 معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، حليف بني عبد شمس، من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد، وولي بيت المال لعمر، ومات في خلافة عثمان أو علي رضي الله عنهم ع (التقريب/6825) ، وكان على خاتم عثمان رضي الله عنه (ابن حجر، الإصابة 3/ 451) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 في يد عثمان رضي الله عنه ست سنين، أي إنه وقع بعد تولي عثمان رضي الله عنه الخلافة بست سنين. قال الحافظ ابن حجر: "قال بعض العلماء: كان في خاتمه صلى الله عليه وسلم من السر شيء مما كان في خاتم سليمان عليه السلام، لأن سليمان لما فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان لما فقد خاتم النبي صلى الله عليه وسلم انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله، واتصلت إلى آخر الزمان"1. وكل ذلك يحتاج إلى دليل صحيح، وإلا فلا عبرة فيه ولا فائدة، لأن خلافة النبي صلى الله عليه وسلم لم تضع بقتل عثمان رضي الله عنه بل جاء بعده خلفاء أجلاء في مقدمتهم علي ثم معاوية رضي الله عنهما. ولم أقف على رواية مسندة تبين أن الخارجين على عثمان رضي الله عنه عابوه بذلك، وسوغوا خروجهم عليه به. وليس في ضياع خاتم النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب الخروج على الإمام، فضلاً عن قتله، هذا إن صحّ أنهم سوغوا خروجهم عليه بضياع الخاتم، وإلا فكما تقدم لم أقف على ما يدلّ على ذلك.   1 الحافظ ابن حجر، فتح الباري (10/ 328) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 ثالثاً: رده للحَكَم وابنه مروان إلى المدينة. فلم يثبت أن الخارجين على عثمان رضي الله عنه سوغوا خروجهم عليه بذلك، إنما ورد في بعض الكتب المتأخرة، فقد ذكره الرافضي المغالط، ابن المطهّر الحلي المتوفي سنة 726?. فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية عنه أنه قال: "وطرد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحَكَمَ بن أبي العاص؛ عم عثمان رضي الله عنه من المدينة، ومعه ابنه مروان، فلم يزل هو وابنه طريدين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما ولي عثمان رضي الله عنه آواه ورده إلى المدينة، وجعل مروان كاتبه وصاحب تدبيره، مع أن الله قال: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 1. ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية من وجوه متعددة، أُجملها فيما يلي: أ - أن كثيراً من أهل العلم طعن في صحة نفي النبي صلى الله عليه وسلم للحَكَم وقالوا: ذهب باختياره وليس لقصة نفيه سندٌ يعرف. ب - أنه إن كان قد طرد النبي صلى الله عليه وسلم الحكم فلا يكون ذلك من المدينة، كما قال الرافضي، بل يكون من مكة؛ لأن الطلقاء لم تسكن بالمدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة، وليس   1 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 265- 269) ، والآية في سورة المجادلة، الآية (22) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 أحد من الطلقاء الذين منهم الحكم هاجر إلى المدينة. ج - أن مروان كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم طفلاً صغيراً في أول سن التمييز، إما سبع سنين أو أكثر بقليل، أو أقل بقليل، فلم يكن له ذنب يطرد بسببه. د - أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم عزر رجلاً بالنفي، لم يلزم أن يبقى منفياً طول الزمان، فإن هذا لا يُعرف في شيء من الذنوب، ولم تأت الشريعة بذنب يبقى صاحبه منفياً دائماً، بل غاية النفي المقدر سنة، وهو نفي الزاني والمخنَّث حتى يتوب من التخنيث، فإذا كان تعزير الحاكم لذنب حتى يتوب، فإذا تاب سقطت العقوبة عنه، وإن كانت على ذنب ماض فهو أمر اجتهادي لم يقدَّر فيه قدر، ولم يوقَّت فيه وقت. وإذا كان كذلك، فالنفي كان في آخر الهجرة، فلم تطل مدته في زمن أبي بكر وعمر، فلمّا كان عثمان طالت مدته، وقد كان عثمان شَفَعَ في عبد الله بن أبي سرح إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما أهدر دمه لردته، فقبل شَفَاعة عثمان فيه، وبايعه، فكيف لا يقبل شفاعته في الحكم. بل قد رووا أن عثمان سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يرده فأذن له في ذلك، وذَنْبُه دون عبد الله بن سعيد بن أبي سرح، وقصة عبد الله ثابتة معروفة بالإسناد الثابت، وأما قصة الحكم فعامة من ذكرها، إنما ذكرها مرسلة، وقد ذكرها المؤرخون، الذين يكثر الكذب فيما يروونه، وقل أن يسلم لهم نقلهم من الزيادة والنقصان، فلم يكن هنا نقل ثابت يوجب القدح فيمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 هو دون عثمان .... "1. فيظهر مما تقدم أن عيب عثمان رضي الله عنه بذلك إنما ورد متأخراً، ولم يثبت أنه صدر من الخارجين عليه، بل صدر من أعدائه بعد استشهاده. وتقدم رد ابن تيمية المفصل في ذلك، الذي لا يبقي أدنى شبهة في قلب كل متجرد مريد للحق.   1 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 267) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 رابعاً: نفي أبي ذر رضي الله عنه. ومن هذه الأمور التي لم أقف على إسناد لها مما اشتهر أن الخارجين سوغوا خروجهم بها على عثمان رضي الله عنه ما زعموه من نفيه أبا ذر رضي الله عنه من المدينة إلى الربذة. وذلك أن أبا ذر رضي الله عنه خرج من المدينة إلى الشام، عملاً بوصية من النبي صلى الله عليه وسلم له بالخروج منها إذا بلغ البناء سلعاً، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم له: "إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها" 1 أي: من المدينة. وفي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم حدد له الوجهة التي يخرج إليها بأن أشار بيده إلى الشام2.   1 رواه الحاكم، المستدرك (3/ 344) ، من طريق عبد الله بن الصامت عن أم ذر عن أبي ذر به، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. ورواه ابن سعد، الطبقات (4/ 226- 227) ، وابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، كلاهما من طريق ابن سيرين عن أبي ذر، وذكره الذهبي من طريق زيد بن خالد الجهني عن أبي ذر رضي الله عنه. انظر الملحق الرواية رقم: [178] . وذكره الحافظ ابن حجر عن أبي يعلى من طريق زيد بن وهب عن أبي ذر (الفتح 3/ 274) ، وسكت عنه، ولم أجده في المطبوع من مسند أبي يعلى، فلعله في الكبير أو في ما لم يطبع من الصغير، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 94) . 2 جاء ذلك في رواية ابن سيرين، وفي رواية زيد بن وهب نص بالقول، ففيه: "فارتحل إلى الشام"، وفيه يقول أبو ذر: "فلما بلغ البناء سلعاً قدمت الشام فسكنت بها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وهذه الرواية صحيحة الإسناد إلى محمد بن سيرين، ولكنه لم يلق أبا ذر فقد ولد في السنة الثالثة والثلاثين من الهجرة تقريباً1وهي السنة التي توفي فيها أبوذر رضي الله عنه2. ومع ذلك فإن هذه الرواية هي أقوى ما في الباب مع ما فيها من ضعف، فإنها تنفرد بتفسير سبب خروج أبي ذر رضي الله عنه من المدينة إلى الشام، وفي الشام انفرد أبو ذر برأي في المال عن باقي الصحابة رضي الله عنهم فإنه كان يرى أنه لا يجوز للمسلم أن يدخر شيئاً من المال. يقول ابن عبد البر: "وردت عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يَفْضُل عن القوت وسداد العيش فهو كن-ز يذم فاعله، وأن آية الوعيد نزلت في ذلك"3. وآية الوعيد هي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 4. وخالفه في ذلك الصحابة كلهم رضي الله عنهم يقول ابن عبد البر: "وخالفه جمهور الصحابة، ومن بعدهم، وحملوا الوعيد على مانعي   1 قال المزي: "ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان" (تهذيب الكمال 3/ 1209) . 2 ابن حجر، تقريب التهذيب (8087) . 3 ابن حجر، فتح الباري (3/ 273) ، ولم أقف على قول ابن عبد البر هذا في كتابه الاستيعاب. 4 سورة التوبة، الآية (34) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الزكاة، وأصح ما تمسكوا به؛ حديث طلحة وغيره في قصة الأعرابي، حيث قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع"1. ويرى بعض العلماء أن ما استدل به أبو ذر رضي الله عنه على أنه كان في أول الأمر، واستدلوا بقوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} 2. فقد ذكر الحافظ ابن حجر: أن وجوب إنفاق ما فَضُلَ على الكفاية كان في أول الأمر ثم نسخ، ونقل عن ابن عبد البر أن الجمهور على أن الكن-ز المذموم ما لم تؤد زكاته، ويشهد له حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إذا أديت زكاة مالك فقد أديت ما عليك"، فذكر بعض ما تقدم من الطرق، ثم قال: ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من أهل الزهد كأبي ذر ... "3. ويظهر أن أبا ذر رضي الله عنه لم يعلم بالناسخ، وفي ذلك يقول أوس رضي الله عنه: "كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الشدّة ثم يخرج إلى قومه، ثم يُرخِّص فيه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمع الرخصة، ويتعلق بالأمر الأول"4.   1 ابن حجر، فتح الباري (3/ 273) . 2 سورة البقرة، الآية (219) . 3 ابن حجر، فتح الباري (3/ 273) . 4 المصدر نفسه (3/ 273) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وفي ذلك بيان لشدة حرصه رضي الله عنه ومسارعته بتبليغ الحديث إلى الناس، ولعل أوساً يشير إلى قوله في هذه المسألة، والله أعلم. وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواقي صدقة1. قال الحافظ: "ومفهوم الحديث أن ما زاد على الخمس ففيه صدقة، ومقتضاه أن كل مال أخرجت منه الصدقة، فلا وعيد على صاحبه، فلا يسمى ما يَفْضُل بعد إخراجه الصدقة كن-زاً، وقال ابن رشيد2: فإن ما دون الخمس لا تجب فيه الزكاة وقد عفي عن الحق فيه فليس بكنز قطعاً، والله قد أثنى على فاعل الزكاة، ومن أثنى عليه في واجب حق المال لم يلحقه ذم من جهة ما أثنى عليه فيه، وهو المال. ثم عقب الحافظ بقوله: ويتخلص أن يقال: ما لم تجب فيه الصدقة لا يسمى كن-زاً؛ لأنه معفو عنه، فليكن ما أخرجت منه الزكاة كذلك لأنه عفي عنه بإخراج ما وجب منه فلا يسمى كنزاً3.   1 رواه مسلم في صحيحه (2/ 673) . 2 محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن رشيد الفهري السَّبتي، ولد سنة 657? وتوفي سنة 721?، له كتاب: ترجمان التراجم على أبواب البخاري أطال فيه النفس ولم يكمل (ابن حجر، الدرر الكامنة 4/ 229- 231) . 3 فتح الباري (3/ 272) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 عودة أبي ذر إلى المدينة: وفي الشام حدث الخلاف بين أبي ذر ومعاوية رضي الله عنهما في ذلك، فكان معاوية يقول في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} نزلت في أهل الكتاب، بينما أبو ذر رضي الله عنه يرى أنها نزلت في المسلمين وفي أهل الكتاب. ورُوي أن أبا ذر رضي الله عنه كان يرى أن كل مال بقي عند صاحبه سواء أدى زكاته أم لم يؤدها، فإنه كن-ز يعاقب عليه، فلا يرى ادخار شيء أصلاً. وأما معاوية رضي الله عنه فقد كان يخالف أبا ذر، ويرى أن ما أُدِّي زكاته فلا عقاب عليه1. ومثله باقي الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم من العلماء يرون أن المراد بالكنز في الآية ما لم تؤد زكاته، أما إذا لم يبلغ الخمسة أوسق أو بلغ، وأُدِّيت زكاته فليس بكنز بالمعنى الشرعي، وليس على كانزه شيء2.   1 البخاري، الجامع الصحيح، (مع فتح الباري 3/ 271) ، وابن سعد، الطبقات (4/226) ، وابن شبة، تاريخ المدينة (1073- 1038) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [173] . 2 فتح الباري (3/ 273) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 قال ابن عبد البر: "وخالفه -أي أبا ذر- جمهور الصحابة ومن بعدهم وحملوا الوعيد على مانعي الزكاة، وأصح ما تمسكوا به حديث طلحة، وغيره في قصة الأعرابي حيث قال: هل عليّ غيرها، قال: لا إلا أن تطوع"1. ورجح الحافظ أن ذلك كان في أول الأمر، وقد استدل له ابن بطال بقوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} أي ما فَضُل عن الكفاية فكان ذلك واجباً في أول الأمر ثم نسخ"2. وعلى إثر هذا الخلاف كتب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما يقص عليه ما حدث بينه وبين أبي ذرّ رضي الله عنه، فأرسل عثمان إلى أبي ذرّ يطلب منه القدوم إلى المدينة، درءاً للفتنة3وليجاوره فيها4. فلما قدم أبو ذرّ رضي الله عنه المدينة دخل على عثمان رضي الله عنه فقال له: أخفتني فوالله لو أمرتني أن أتعلق بعروة قتب حتى أموت   1 المصدر السابق. 2 البخاري، الجامع الصحيح (مع فتح الباري 3/ 271) ، وابن سعد، الطبقات (4/226) ، وابن شبة، تاريخ المدينة (1037- 1038) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [173] . 3 البخاري، الجامع الصحيح، (مع فتح الباري3/ 271 وابن سعد في الطبقات (4/226) ، وابن شبة، تاريخ المدينة (1037-1038) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [173] ، [178] . 4 ابن شبة، تاريخ المدينة (1036-1037) وإسناده حسن انظر الملحق الرواية رقم: [177] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 لفعلت1. وتخوف أبو ذرّ من أن عثمان رضي الله عنه يحسبه من الخوارج الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن سيماهم التحليق2. لذا فقد رفع عمامته عن رأسه وقال: إني -والله- يا أمير المؤمنين ما أنا منهم، ولا أدركهم، ولو أمرتني أن أعضّ على عرقوبتي قتب لعضضت عليها، حتى يأتيني الموت وأنا عاضّ عليها3. قال عثمان رضي الله عنه صدقت يا أبا ذرّ، إنما أرسلنا إليك لخير؛ لتجاورنا بالمدينة. ولكنّ أبا ذر رضي الله عنه مُوصى من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من المدينة إذا بلغ البناء سلعاً، وقد خرج لما بلغ البناء سلعاً إلى الشام كما تقدم، فلما أعيد إليها، لا بد وأن يخرج من المدينة ولو إلى غير الشام. لذا فقد قال لعثمان: لا حاجة لي في ذاك إيذن لي في الربذة4فقال عثمان: نعم، ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة تغدُو عليك وتروح فتصيب   1 عبد الرزاق، المصنف (11/332) وابن أبي شيبة، المصنف (15/225) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [176] 2 ابن سعد، الطبقات (4/232) وابن شبة، تاريخ المدينة (1035-1036) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [175] و [177] . 3 المصادر السابقة. 4 ابن شبة، تاريخ المدينة (1036- 1037) ، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [177] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 من رسلها، قال أبو ذر: لا حاجة لنا في ذاك، يكفي أبا ذر صرمته ثم خرج. وفي رواية أنه لما قدم المدينة كثر عليه الناس حتى إنهم كأنهم لم يروه من قبل، فذَكر ذلك لعثمان رضي الله عنه كأنه يشكو إليه ذلك؛ فقال له عثمان: إن شئت تنحيت فكنت قريباً، فهذا الذي أنزله الربذة، ولما سُئل عن سبب نزوله الربذة ذكر ذلك، وقال: ولو أمرّوا عليَّ حبشياً لسمعت ولأطعت1. هذه هي الحقيقة التي لا مرية فيها، فلم ينف عثمان أبا ذر رضي الله عنهما إنما استأذنه، فأذن له. ولكن أعداء عثمان رضي الله عنه كانوا يشيعون عليه بأنه نفاه؛ ولذلك لما سأل غالبُ القطان، الحسنَ البصري: عثمان أخرج أبا ذر؟ قال الحسن: لا، معاذ الله2. وكل ما روي في أن عثمان نفاه إلى الربذة، فإنه ضعيف الإسناد لا يخلو من علة قادحة، مع ما في متنه من نكارة لمخالفته للروايات الصحيحة والحسنة. التي تبين أن أبا ذر استأذن للخروج إلى الربذة وأن عثمان   1 ابن سعد، الطبقات (4/ 226، وابن شبة، تاريخ المدينة (1037- 1038) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [174] . 2 ابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [179] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 أذن له1. بل إن عثمان أرسل يطلبه من الشام، ليجاوره بالمدينة، فقد قال له عندما قدم من الشام: "إنا أرسلنا إليك لخير، لتجاورنا بالمدينة"2. وقال له أيضاً: "كن عندي تغدو عليك وتروح اللقاح"3أفمن يقول ذلك له ينفيه؟!. ولم تنص على نفيه إلا رواية رواها ابن سعد، وفيها بريدة بن سفيان الأسلمي؛ الذي قال عنه الحافظ ابن حجر: "ليس بالقوي، وفيه رفض" فهل تقبل رواية رافضي -يعتقد بغض الصحابة- لرواية فيها فِرية باطلة على صحابي تعارضها الروايات الصحيحة والحسنة. واستغل الرافضة هذه الحادثة أبشع استغلال، فأشاعوا أن عثمان رضي الله عنه نفى أبا ذر إلى الربذة، وأن ذلك مما عيب عليه رضي الله عنه من قِبل الخارجين عليه، ولم أقف على ما يدل على أنه عيب عليه من قبل الخارجين عليه أو أنهم سوغوا الخروج عليه به. وأقدم من ذكر ذلك هو: ابن العربي -المتوفى سنة 542?4- ثم   1 انظر الروايات الضعيفة في ذلك، وعللها في الملحق الروايات رقم: [236- 240] . 2 ابن شبة، تاريخ المدينة (1036- 1037) ، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [177] . 3 ابن سعد، الطبقات (4/ 226- 227) ، صحيح إلى ابن سيرين، وقد ولد سنة 33? فلم يدرك الفتنة، انظر الملحق الرواية رقم: [178] . 4 العواصم من القواصم (ص:76) ، والرد في (ص: 85- 88) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 المحب الطبري المتوفى سنة 694?1 وردا على هذه الفرية. وعاب عثمان رضي الله عنه بذلك ابن المطهر الحلي الرافضي المتوفى سنة 726? بل زاد أن عثمان رضي الله عنه ضرب أبا ذر ضرباً وجيعاً2. ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، رداً جامعاً قوياً3. وكان سلف هذه الأمة يعلمون هذه الحقيقة، فإنه لما قيل للحسن البصري: عثمان أخرج أبا ذر؟ قال: لا، معاذ الله4. وكان ابن سيرين إذا ذُكر له أن عثمان رضي الله عنه سيَّر أبا ذر، أخذه أمر عظيم، ويقول: هو خرج من قبل نفسه، ولم يسيره عثمان5. وكما تقدم في رواية صحيحة الإسناد: أن أبا ذر رضي الله عنه لما رأى كثرة الناس عليه خشي الفتنة، فذكر ذلك لعثمان كأنه يستأذنه في الخروج، فقال له عثمان رضي الله عنه: "إن شئت تنحيت فكنت قريباً".   1 الرياض النضرة (3/ 83، والرد في (3/ 94) . 2 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 183) . 3 المصدر السابق: (6/ 271، 355) . 4 ابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، وإسناده صحيح. انظر الملحق الرواية رقم: [179] . 5 ابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [178] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الفصل الثاني: مثيرو الفتنة وبدؤها المحبث الأول: مثيرو الفتنة ... المبحث الأول: مثيرو الفتنة: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع الفتنة1 وإخباره حق وصدق {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى} 2وإخباره هذا من الأمور الغيبية التي أطلعه الله عليها؛ فوقوعها محقق. وقد حدد صلى الله عليه وسلم وقتها، وأنها ستكون في سنة من ثلاث، إما الخامسة، أو السادسة، أو السابعة بعد الثلاثين من الهجرة3. فترى متى وقعت؟ ومن باء بإثم إشعالها؟ وكيف بدأت؟ وماذا كان موقف عثمان رضي الله عنه منها؟ قبل الحديث عن ذلك كله، أود أن أشير إلى أن ثمة روايات ضعيفة الإسناد تتهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم بالتحريض على عثمان رضي الله عنه. ومعلوم كما تقدم أن علاقة المسلم بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور العقيدة التي لا تقبل فيها إلا الروايات الصحيحة. هذه الروايات التي تتهمهم لا تخلو أسانيدها من علة، إن لم تجتمع   1 قد تقدم التفصيل في ذلك في التمهيد. 2 سورة النجم، الآية (3- 4) . 3 كما في الحديث الصحيح الذي تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 في الإسناد الواحد منها عدة علل، ونجد في الغالب في أسانيدها من هو متهم بالرفض، أو رافضي جلد. وهؤلاء الصحابة المتهمون -باطلاً وزوراً- بالتأليب على عثمان رضي الله عنه وقتله، قد عدَّلهم الله -جل وعلا- في مواضع عديدة من كتابه العزيز. بل رضي عنهم، وشهد لهم بأنهم قد رضوا عنه، -وهذه منقبة عظيمة لهم- وذلك في قوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1. "والرضى من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً"2. والأدلة على تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم متضافرة متواترة، تحيط شخصيتهم بالإجلال والاحترام، وتحجز المؤمن عن النيل منهم والخوض فيما شجر بينهم -إن ثبت شيء من ذلك- فضلاًُ عن أن يعتمد في ذلك شيئاً لم يثبت له إسناد، ولا متن.   1 سورة التوبة، الآية (100) . 2 ابن تيمية (حكم سب الصحابة 36- 37) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فمن هذه الأدلة قوله جل وعلا: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ... } 1. ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضلهم قوله: "لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" 2. إلى غير ذلك من النصوص المستفيضة الدالة على فضلهم، وعدالتهم3فلا يحق لأحد أن يتهمهم بعد تعديل الله لهم، وثناء الرسول عليهم، ومعرفة الأمة لقدرهم في حمل الإسلام والجهاد في سبيل الله، لإقامة صرح دولته وبناء حضارته.   1 سورة الفتح، الآية (29) . 2 رواه البخاري، الجامع الصحيح، فتح الباري (7/ 21) ، ومسلم، الجامع الصحيح، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم (4/ 1967) ، وأبو داود، والترمذي، وأحمد بن حنبل: كلهم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ ومسلم وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 3 انظر في ذلك الآية (29) من سورة الفتح، والآية (59) من سورة النمل، و (صحابة رسول الله للكبيسي، و (النهي عن سب الأصحاب للمقدسي، و (حكم سب الصحابة) و (منهاج السنة النبوية 6/ 206- 241) كلاهما لابن تيمية، و (الكفاية للخطيب البغدادي) ، و (الرياض النضرة 1/1- 60) للمحب الطبري، و (شرح السنة للبغوي (14/ 86) ، و (جامع البيان في تفسير القرآن للطبري (19/2) ، (والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (1/ 9- 12) ، و (تنبيه ذوي النجابة إلى عدالة الصحابة لقرشي بن عمر بن أحمد) ، و (الإسلام والصحابة الكرام بين السنة والشيعة لمحمد بهجة البيطار، و (منزلة الصحابة في القرآن لمحمد صلاح محمد الصاوي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ومن هذه التهم الباطلة الملفقة؛ ما رُوي في اتهام عمار بن ياسر رضي الله عنهما بالتأليب على عثمان رضي الله عنه1. فإن أسانيد الروايات التي تتضمن هذه التهمة الباطلة؛ ضعيفة لا تخلو من علة، كما أن في متونها نكارة، فإنها تُثبت أن عماراً رضي الله عنه كان عاتباً على عثمان رضي الله عنه، ثم أرسله عثمان إلى مصر إلى أناس قد استمرحوا واستعلى أمرهم وبغيهم، ليعتبهم من كل ما عتبوا، ولأن يقول بالمعروف، وينشر الحسنى، ليصلح الله به فساداً. فهل يتوقع أن يرسله عثمان إلى أناس بهذا الوصف، ليعتبهم، وهو عاتب عليه! ألم يجد غيره ممن هم راضون عنه؟ ولم يثبت في الروايات الصحيحة أن عماراً رضي الله عنه عتب على عثمان رضي الله عنه ولا أنه أرسله إلى مصر. والذي تصوره أحداث هذه الفتنة أن إشعالها تم من خلال تخطيط دقيق منظم، مما يؤكد أن وراءها جماعة منظمة، تهدف إلى إشعالها، تحقيقاً لمصالحها الدنيئة، وإضعافاً لقوة المسلمين، فمن المبالغة عزو ذلك كله إلى فرد واحد.   1 روى ذلك ابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 1122- 1123) ، بإسناد ضعيف، من رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عثمان رضي الله عنه، وروايته عنه مرسلة، يقول أبو زرعة: "محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عثمان: مرسل" (انظر جامع التحصيل للعلائي 326) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ولا شك أن لهذه الجماعة السرية ممثلين ووجهاء، كان من أبرزهم عبد الله بن سبأ اليهودي، تلك الشخصية التي دار حول إثبات حقيقتها، ودورها في الفتنة نقاش وجدال وخصام بين كثير من الدارسين والباحثين. والذي أكسب هذه الشخصية هذا الاهتمام هو أثرها الفعال في إشعال الفتنة، في خلافتي عثمان وعلي رضي الله عنهما وفي إنشاء عقيدة الرافضة في الرجعة والوصية1 وسب الصحابة رضوان الله عليهم. ونجد أن أقدم وأبرز النافين لحقيقة هذه الشخصية -التي اعتمد الرافضة ما ابتدعته- هم أبناء هذه العقيدة الضالة2 سوى قلة قليلة من غيرهم منخدعة بأقوالهم ومغترة بها. وهذا النفي عبارة عن محاولة فاشلة منهم لستر حقيقة ارتباط الرافضة باليهود وأنها مستمدة منهم، وليس هذا هو الدليل اليتيم في ذلك، فإن جل عقائد الرافضة تدل على هذا الارتباط، يعرف ذلك من يقارن بينها، وبين عقائد اليهود أدنى مقارنة3وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية نقلاً عن الشعبي، عدداً من الصفات التي يلتقي فيها الروافض مع أسلافهم   1 انظر الفَرْق بين الفِرَق لعبد القاهر بن طاهر البغدادي الإسفرائيني (المتوفى سنة 429? (ص: 16) . 2 من هؤلاء مرتضى العسكري، فقد ألف عن ابن سبأ كتاباً مستقلاً، حشره بالمغالطات وجانب فيه المنهج العلمي في البحث والتأليف. 3 انظر: بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود لعبد الله الجميلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 من اليهود1. ومال بعض المستشرقين2 إلى هذه الفكرة التي تساعد الرافضة على التملص من هذا الالتقاء، وذلك ضمن سلسلة محاولاتهم التي تهدف إلى هدم الإسلام وتشجيع ومعاونة كل ما من شأنه إضعاف هذا الدين القويم. وتابعهم عدد من الكتاب المسلمين، وكان عمدة من نفى ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ، أن سيف بن عمر التميمي، قد انفرد بإثبات هذه الشخصية، وأن سيفاً هذا ضعيف طعن فيه جمع من العلماء. وتناقل بعض مثقفي العصر هذه المعلومات مسلَّمة، واقتنع بها بعضهم دون تحقق من صحتها، حتى إن أحد الباحثين3 ألف في تأكيد ذلك دراسة مستقلة؛ لم تَعْدُ نتائجها التي توصل إليها من دراسته تلك   1 انظر منهاج السنة النبوية (1/ 22- 42) . 2 منهم: الدكتور اليهودي الإنكليزي/ برنارد لويس، واليهودي الألماني/ فلهوزن، والأمريكي/ فرييدلاندر، والإيطالي/ كايتاني، (انظر ابن سبأ حقيقة لا خيال للدكتور/ سعدي الهاشمي) . 3 انظر (عبد الله بن سبأ: دراسة للروايات التاريخية عن دوره في الفتنة) ، رسالة نشرتها جامعة الكويت في حوليات كلية الآداب 1407?، وتقع الرسالة في تسعين صفحة، الحولية الثامنة، الرسالة الخامسة والأربعون، وقد نشرت نبذة عنها مجلة عالم الكتب، المجلد الثامن، العدد الرابع، ربيع الآخر 1408?، الصفحات المخصصة للكتب الحديثة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 النتائج السابقة؛ ففي ملخص هذه الرسالة الذي صُدر ب-: "وقد خلص الباحث إلى أن روايات سيف بن عمر، وروايات كتب الفرق والأدب عن ابن سبأ غير صحيحة، وأن ابن سبأ شخصية وهمية، وأن الدور المنسوب إليه في خلق وتسيير أحداث الفتنة دور مزعوم"1. والمنهج الذي سلكه الباحث، منهج ضعيف في إثبات الحقائق ونفي الأساطير، فقد اعتمد فيه مؤلفه مصادر محدودة، ونفى ما لم تذكره تلك المصادر، متوهماً وموهماً أنه قد حصر روايات التاريخ الإسلامي كلها، ومن ثم نفى هذه الشخصية لعدم وجودها في روايات موثوقة فيما اطلع عليه من مصادر، وهذا منهج ضعيف، والنتيجة المبنية عليه نتيجة غير صحيحة حيث إنّ هناك روايات موثوقة تثبت هذه الشخصية، بل وتزودنا ببعض التفاصيل عنها، وسيأتي ذكرها. وقد تنبه بعض الباحثين إلى خطأ هذه النتائج النافية لشخصية ابن سبأ، وكتبوا في إثباتها صفحات علمية قوية. منهم: الدكتور/ سليمان العودة، في رسالته، عبد الله بن سبأ ودوره في إشعال الفتنة ... ؛ حيث توصل فيها إلى إثبات هذه الشخصية، وإثبات دورها في إشعال وإذكاء الفتنة التي أدت إلى قتل عثمان رضي الله عنه ومن ثم موقعة الجمل. ومنهم: الدكتور/ سعدي الهاشمي، في محاضرته التي طبعت تحت   (ص: 9) من الرسالة نفسها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 عنوان (عبد الله بن سبأ حقيقة لا خيال) ، فقد أثبت فيها أن ابن سبأ حقيقة؛ من كتب أهل السنة والشيعة معاً، عازياً كل معلومة إلى مصادرها من كتبهم1. ومساهمة مع هذين الأستاذين الفاضلين أذكر بعضاً من الروايات المسندة الصحيحة، والحسنة، والضعيفة، التي وردتنا من غير طريق سيف بن عمر التميمي، تثبت شخصية ابن سبأ. فمنها: 1- ما رواه أبو إسحاق الفزاري بإسناد صحيح إلى سويد بن غفلة2"أنه دخل على عليّ رضي الله عنه في إمارته، فقال: إني مررت بنفر، يذكرون أبا بكر وعمر، يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك، منهم عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله بن سبأ أول من أظهر ذلك، فقال عليّ: ما لي ولهذا الخبيث الأسود، ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل، ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ، فسيَّره إلى المدائن، وقال: لا يساكنني في بلدة أبداً، ثم نهض إلى المنبر، حتى اجتمع الناس، فذكر القصة في ثنائه عليهما3 بطوله: ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما، إلا جلدته حد   1 طبعت هذه المحاضرة في عام 1406? ونشرتها مكتبة الدار في المدينة النبوية. 2 ترجم له. 3 أي: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 المفتري"1. وهذه الرواية ليست من روايات سيف بن عمر التميمي، كما أنها صحيحة الإسناد، فإن رجالها كلهم ثقات، ولو لم يُرو غيرها لأغنت في هدم الأساس الذي بنى عليه من وهّم وسطّر شخصية ابن سبأ. 2- ما رواه ابن عساكر من حديث جابر، قال: لما بويع علي خطب الناس، فقام عليه عبد الله بن سبأ، فقال له: أنت دابة الأرض2. قال: فقال له: أنت الملك، فقال له: اتق الله. فقال له: أنت خلقت الخلق، وبسطت الرزق، فأمر بقتله. فاجتمعت الرافضة؛ فقالت: دعه، وانفه إلى ساباط المدائن، فإنك إن قتلته بالمدينة خرجت أصحابه علينا وشيعته، فنفاه إلى ساباط المدائن، فَثَمّ القرامطة والرافضة، قال: ثم قامت له طائفة وهم السبئية، وكانوا أحد عشر رجلاً. فقال: ارجعوا، فإني علي بن أبي طالب، أبي مشهور وأمي مشهورة، وأنا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لا نرجع، دع داعيك، فأحرَقَهم بالنار، وقبورهم في الصحراء، أحد عشر مشهورة. فقال من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم: علمنا أنه إله؛ واحتجوا بقول ابن عباس: لا يعذب بالنار إلا خالقها.   1 ذكره عنه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (3/ 290) ، والإسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات، انظر الملحق الروايتين رقم: [390، 394] ، وابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء: عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص: 5. 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 قال ثعلب: وقد عذب بالنار قبل علي أبوبكر الصديق، شيخ الإسلام رضي الله عنه وذاك أنه رفع إليه رجل يقال له الفجاءة؛ وقالوا: إنه شتم النبي صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته، فأخرجه إلى الصحراء فأحرقه بالنار. قال: فقال ابن عباس: قد عذب أبوبكر بالنار فاعبدوه أيضاً1. 3- وما رواه ابن عساكر أيضاً من طريق: سماك، قال: بلغ علياً أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فدعا به، ودعا بالسيف -أو قال: فهمَّ بقتله- فكُلِّم فيه، فقال: لا يساكنني ببلد أنا فيه. قال: فسيره إلى المدائن2. 4- وما رواه ابن عساكر من طريق: أبي الطفيل، أنه قال: رأيت المسيب بن نجبة أتى ملببة -يعني: ابن السوداء- وعليُّ على المنبر فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله ورسوله3. 5- ما رواه ابن عساكر من طريق: زيد بن وهب وأبي الزعراء عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما لي وما لهذا الحميت4 الأسود؟ 5.   1 المصدر السابق، وانظر الملحق الرواية رقم: [398] . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:7) وانظر الملحق الرواية رقم: [396] . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:5 انظر الملحق الرواية رقم: [395] . 4 الحِمِّيْت: هو الزق (ابن منظور، لسان العرب 2/ 25) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:5) انظر الملحق الرواية رقم: [8] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وفي رواية: "ما لي ولهذا الحميت الأسود؟ يعني: عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر وعمر"1. 6- ما حسنّه الحافظ ابن حجر من رواية أبي طاهر المخلص من طريق شريك العامري أنه قال: قيل لعلي: إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم، فدعاهم، فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا، وخالقنا، ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني، فاتقوا الله وارجعوا، فأبوا. فلما كان الغد غدوا عليه، فجاء قنبر2فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، فقال: أدخلهم، فقالوا: كذلك، فلما كان الثالث قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنّكم بأخبث قتلة، فأبوا إلاّ ذلك، فقال: يا قنبر ائتني بفعلة معهم مرورهم فخدَّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر وقال: احفروا فأبعدوا في الأرض، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود. وقال: إني طارحكم فيها، أو ترجعوا، فأبوا أن يرجعوا فقذف بهم فيها حتى احترقوا قال:   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:5) 2 قنبر: خادم علي بن أبي طالب (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 7/ 146) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 إني إذا رأيت أمراً منكراً أوقدت ناري ودعوت قنبراً1 7- ما رواه ابن سعد من طريق: أبي المنجاب: أن رجلاً كان يأتي إبراهيم النخعي فيتعلم منه فيسمع قوماً يذكرون أمر علي وعثمان فقال: أنا أتعلم من هذا الرجل، وأرى الناس مختلفين في أمر علي وعثمان، فسأل إبراهيم النخعي عن ذلك فقال: (ما أنا بِسَبَلِيّ ولا مرجئ2. 8- ما رواه ابن عساكر، من طريق حجية بن عبدي الكندي، قال: رأيت علياً -كرم الله وجهه- وهو على المنبر وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الأسود؛ الذي يكذب على الله وعلى رسوله؟ -يعني: ابن الأسود- لولا أن لا يزال يخرج عليَّ عصابة تنعى عليَّ دمه كما ادُّعِيت عليَّ دماء أهل النهر لجعلت منهم ركاماً3. ولإحراقهم شاهد رواه البخاري في صحيحه عن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس رضي الله عنه، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تعذبوا بعذاب الله", ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه" 4.   1 ابن حجر، فتتح الباري (12/ 270) . 2 ابن سعد، الطبقات (6/ 275) انظر الملحق الرواية رقم: [393] . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:6) انظر الملحق الرواية رقم: [391] . 4 فتح الباري (6/149، 12/267) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 9- ما رواه ابن عساكر بإسناد حسن عن الشعبي أنه قال: "أول من كذب عبد الله بن سبأ"1. والشعبي ولد سنة عشرين من الهجرة –تقريبا- وتوفي بعد المائة بقليل؛ أي قبل ولادة سيف بن عمر التميمي تقريباً، وهذا دليل قاطع على أن ابن سبأ كان معروفاً قبل نهاية القرن الأول. إلى غير هذه الروايات2 التي رواها غير سيف بن عمر، ونجد أنها تتفق على إثبات شخصية عبد الله بن سبأ، بل تُبرز شيئاً من عقيدته، ودوره في نشرها بين الروافض، وعن بعض دوره في إشعال الفتنة. فتُرى ماذا سيكون موقف من يوهم شخصية ابن سبأ منها؟ مع اعتماده في توهيمه إياها على أن سيفاً قد انفرد في إثباتها. وبهذا يتبين بطلان ما ذهب إليه من وهم شخصية ابن سبأ وجعلها شخصية خيالية، مدعياً تفرد سيف بن عمر بإثباتها، بل جعلها من نسج الخيال. المحب الطبري المتوفى سنة 694?1 وردا على هذه الفرية. وعاب عثمان رضي الله عنه بذلك ابن المطهر الحلي الرافضي المتوفى سنة 726? بل زاد أن عثمان رضي الله عنه ضرب أبا ذر ضرباً وجيعاً2. ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، رداً جامعاً قوياً3. وكان سلف هذه الأمة يعلمون هذه الحقيقة، فإنه لما قيل للحسن البصري: عثمان أخرج أبا ذر؟ قال: لا، معاذ الله4. وكان ابن سيرين إذا ذُكر له أن عثمان رضي الله عنه سيَّر أبا ذر، أخذه أمر عظيم، ويقول: هو خرج من قبل نفسه، ولم يسيره عثمان5. وكما تقدم في رواية صحيحة الإسناد: أن أبا ذر رضي الله عنه لما رأى كثرة الناس عليه خشي الفتنة، فذكر ذلك لعثمان كأنه يستأذنه في الخروج، فقال له عثمان رضي الله عنه: "إن شئت تنحيت فكنت قريباً".   1 الرياض النضرة (3/ 83، والرد في (3/ 94) . 2 ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (6/ 183) . 3 المصدر السابق: (6/ 271، 355) . 4 ابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، وإسناده صحيح. انظر الملحق الرواية رقم: [179] . 5 ابن شبة، تاريخ المدينة (1037) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [178] . 1 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص: 4) . وانظر الملحق الرواية رقم: [389] . 2 انظر هذه الروايات مجموعة مع تخريجها والتعريف برجالها في الملحق الروايات رقم: [389- 398] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 المبحث الثاني: قدوم أهل الأمصار . بعد أن حرّض البغاة أهل الأمصار على الخليفة رضي الله عنه اتجهوا إلى المدينة، فقدم أهل مصر، وأهل العراق، والتقوا بعثمان رضي الله عنه وتفاوضوا معه. ولما علم الناس بمسير المصريين إلى عثمان رضي الله عنه أتى بعض الناس إلى حذيفة، فقالوا له: إن هؤلاء ساروا إلى هذا الرجل فما تقول؟ قال: يقتلونه والله، فقالوا له: أين هو؟ فقال في الجنة والله، فقالوا: فأين قتلته؟ فقال: في النار والله1. خرج القوم من مصر قاصدين المدينة، وبلغ خبر قدومهم عثمان رضي الله عنه قبل وصولهم وكان في قرية خارج المدينة –لم تحددها الروايات- فلما سمعوا بوجوده فيها، اتجهوا إليه فاستقبلهم فيها2 ويحدد المدائني تاريخ قدومهم بأنه كان في ليلة الأربعاء هلال ذي القعدة3.   1 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/206) ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ، وصححه (2/762، 768) وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (388-389) ، وذكره المحب الطبري، في الرياض النضرة (3/80) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [114] 2 ابن أبي شيبة، المصنف ((15/215-220) وانظر الملحق الرواية رقم: [64] 3 خليفة بن خياط، (التاريخ 168) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 التقى القوم بعثمان رضي الله عنه في هذه القرية فقالوا: ادع بالمصحف فدعا به، فقالوا: افتح السابعة، وكان يسمون سورة يونس السابعة فقرأ حتى أتى هذه الآية: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} 1. فقالوا له: قف. أرأيت ما حميت من الحمى؟ آلله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال: امضه، نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حماه قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لِما زاد من إبل الصدقة، امضه، قال: فجعلوا يأخذونه بالآية، فيقول: امضه، نزلت في كذا فما يزيدون، فأخذوا ميثاقه، وكتبوا عليه شرطاً، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصا، ولا يفارقوا جماعة، ما أقام لهم شرطهم، ثم رجعوا راضين2. وبذلك يتبين ضعف ما رُوي من أن عثمان رضي الله عنه أرسل خمسين راكباً أميرهم محمد بن مسلمة وفيهم جابر رضي الله عنه إلى وفد المصريين في ذي خشب، وأنهم وجدوا رجلاً من القوم معلقاً المصحف في   1 سورة يونس، الآية 59. 2 رواه خليفة وغيره من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [64] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 عنقه، تذرف عيناه دموعاً، وبيده السيف، وهو يقول: إلا إن هذا -يعني المصحف- يأمرنا أن نضرب بهذا -يعني السيف على ما في هذا- يعني المصحف - وأن محمدا بن مسلمة قال له: اجلس، فقد ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك، فجلس، وأنه لم يزل يكلمهم حتى رجعوا1. ونزل القوم في ذي المروة، قبل مقتله بما يقارب شهراً ونصف2. فأرسل عثمان إليهم علياً رضي الله عنه ورجلاً آخر لم تسمه الروايات. والتقى بهم علي رضي الله عنه فقال لهم: تعطون كتاب الله وتعتبون من كلّ ما سخطتم، فوافقوا على ذلك3. وفي رواية أنهم شادّوه، وشادّهم مرتين أو ثلاثاً، ثم قالوا: ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول أمير المؤمنين، يعرض عليكم كتاب الله فقبلوا4. فاصطلحوا على خمس: على أن المنفي يقلب، والمحروم يعطى، ويوفر   1 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (321) من رواية جابر رضي الله عنه، ثم روى نحوه من رواية ابن سعد عن الواقدي، انظر الملحق الرواية رقم: [328] . 2 انظر تخريج كتابه إلى أهل العراق. 3 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص: 328) من طريق خليفة وغيره، وخليفة بن خياط، التاريخ (169-170) مختصراً، كلاهما من طريق ابن سيرين، والإسناد إليه صحيح، إلا أنه لم يدرك الفتنة، فقد ولد سنة 33? والفتنة كانت سنة 35?، ولبعضه شواهد، انظر الملحق الرواية رقم: [150] 4 جاء ذلك في رواية ابن عساكر المتقدمة التي من غير طريق خليفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 الفيء، ويعدل في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوة، وكتبوا ذلك في كتاب. وأن يُردّ ابنُ عامر على البصرة، وأبو موسى الأشعري على الكوفة وأن يؤدى إلى كل ذي حقّ حقّه، ولم يكتبوا هذه، ثم انصرفوا راجعين إلى الكوفة1. هكذا اصطلح عثمان رضي الله عنه مع وفد كلّ مصرٍ على حده، ثم انصرف الوفدان إلى ديارهم راضين. وفي رواية أن عثمان اجتمع مع أهل الأمصار جميعاً، وأنه قال لهم: ليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم، الذي يحبونه فأستعمله عليهم، وأعزل عنهم الذي يكرهون، فقال أهل البصرة: رضينا بعبد الله بن عامر، فأقره علينا، وقال: أهل الكوفة: اعزل سعيداً واستعمل علينا أبا موسى ففعل، وقال أهل الشام قد رضينا بمعاوية فأقرّه علينا، وقال أهل مصر: اعزل عنا ابن أبي سرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص، ففعل، فما جاءوا بشيء إلا خرج منه، فانصرفوا راضين2.   1 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص: 328) من طريق خليفة وغيره، وخليفة بن خياط، التاريخ (169-170) مختصراً، كلاهما من طريق ابن سيرين، والإسناد إليه صحيح، إلا أنه لم يدرك الفتنة، فقد ولد سنة 33? والفتنة كانت سنة 35?، ولبعضه شواهد، انظر الملحق الرواية رقم: [150] 2 رواه ابن أبي شيبة (المصنف: 15/ 220- 222) ، وإسناده ضعيف؛ ففيه حسين بن نمير اختلط والراوي عنه ابن نمير وهو ممن روى عنه بعد الاختلاط، كما أن فيه نصباً، وفي الإسناد أيضاً: جهيم الفهري الذي لم يوثقه غير ابن حبان (انظر الملحق الرواية رقم: [218] ، وتشهد لبعضه الرواية السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وبعد عقد الصلح، كتب عثمان رضي الله عنه كتاباً إلى أهل العراق، يقول فيه: "إن جيش ذي المروة نزلوا بنا فكان مما صالحناهم عليه: أن يؤدى إلى كل ذي حقٍّ حقه، فمن كان له قِبَلنا حق فليركب إليه، فإن أبطأ أو تثاقل فليتصدق فإن الله يجزي المتصدقين"1. وبعد هذا الصلح العظيم وعودة أهل الأمصار جميعاً راضين، تبين لمشعلي الفتنة أن خطتهم قد فشلت، وأهدافهم الدنيئة لم تتحقق، لذا خططوا تخطيطاً آخر، يُذكي الفتنة ويحييها، ويدمر ما جرى من صلح بين أهل الأمصار وعثمان رضي الله عنه وبرز ذلك فيما يأتي: في أثناء طريق عودة أهل مصر، رأوا راكباً على جمل يتعرض لهم، ويفارقهم -يظهر أنه هارب منهم- فكأنه يقول: خذوني، فقبضوا عليه، وقالوا له: ما لك؟ فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان رضي الله عنه وعليه خاتمه إلى عامل مصر، فتحوا الكتاب فإذا فيه أمر بصلبهم أو قتلهم أو تقطيع أيديهم وأرجلهم، فرجعوا إلى المدينة حتى وصلوها2.   1 رواه ابن عساكر بإسناد حسن (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان رضي الله عنه 362، 487- 488) انظر الملحق الرواية رقم: [75] . 2 رواه خليفة وغيره من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [64] وأحمد في فضائل الصحابة (471، وابن شبة (3/ 133) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وقبل أن نخوض في محاولات لكشف شخصية كاتب هذا الكتاب، هناك دلائل تشكك في صحة ما أشاعه أهل الأمصار من وجود هذا الرجل الذي يحمل هذا الكتاب، فلماذا لا يكونون قد ألفوا كتاباً في أثناء الطريق وعادوا به مظهرين أنهم وجدوه مع رجل على جمل؟ ومما يقوي ذلك، أنه لم تنقل المصادر أنهم انتقموا من هذا الرجل الذي يحمل هذا الكتاب الذي فيه هلاكهم، خاصة وأنهم قوم لم يتورعوا عن دم خليفتهم وأميرهم، فمن باب أولى أنهم لا يتورعون عن دم هذا الرسول. ولو افترضنا صحة هذا الزعم، فلِم يسلك هذا الرسول طريقهم؟ أليس هناك طرق إلى مصر غير طريقهم؟ وإذا لم يكن هناك طرق أخرى ألا يستطيع أن ينحرف عن الطريق عند اقترابه منهم، ثم يعود إلى الطريق نفسه؟. ولِم يتَعرض لهم ويفارقهم، ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم، فلِمَ هذه التصرفات التي تدعوهم إلى القبض عليه؟. وإذا كان مرسله عثمان رضي الله عنه أو أحد ممن هم حوله، ألا يرشدونه إلى هذه التعليمات التي تعينه على التملص من أهل مصر، وينبهونه إلى أن يتستر ويخفي مضمون هذا الكتاب؟! بلى، هذا هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 المتحتم من خلال هذا الموقف. ولكن انظر إلى هذا الرسول -المزعوم- عندما قبض عليه، قالوا له: مالك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتشوه فإذا هم -كما في الرواية- بالكتاب على لسان عثمان رضي الله عنه عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم. ومن الذي يؤكد لنا أن الخاتم خاتم عثمان رضي الله عنه؟ فلم تنقل لنا المصادر أن أحداً من الصحابة رضي الله عنهم قد رأى هذا الخاتم وأقر أنه خاتمه. عاد القوم بعد ذهابهم يحملون هذه الأخبار، التي لا يستبعد إطلاقاً أن تكون ممثلة ملفقة، وقدموا المدينة. وتفصل بعض الروايات الضعيفة في ذهابهم إلى بعض الصحابة وعرض الكتاب عليهم، إلا أنه لم يصح في ذلك شيء من الروايات. ونفى عثمان رضي الله عنه أن يكون كتب هذا الكتاب، وقال لهم: إنهما اثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمللت، ولا علمت، وقد يُكتب الكتاب على لسان الرجل ويُنقش الخاتم، فلم يصدقوه. ولا نشك نحن في صدق عثمان رضي الله عنه كما أنهم لا يشكون في ذلك، ولكنهم لم يعبؤوا بهذا الحلف منه؛ لأنهم -ربما- يعرفون مسبقاً أنه ليس بكاتب الكتاب، وإنما هي حيلة لنقض العهد الذي أسفوا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 إبرامه، أو أسف واغتاظ مشعلوا الفتنة على وقوعه. إذا فرضنا أنهم وجدوا كتاباً فعلاً بخط كاتب عثمان رضي الله عنه وعليه خاتمه، فمن ذا الذي يكون قد باء بإثم تزويره؟! يتهم بعضهم مروان بن الحكم في ذلك، وأنه افتأت1على عثمان رضي الله عنه بكتابته، وأستبعد ذلك جداً، لما تقدم من أن تفاصيل خطة إرسال هذا الكتاب تدل على أن مرسله لم يكن يريد إيصاله إلى مصر، وإنما يهدف إلى إطلاع وفد أهل مصر عليه، كما أنه لا مصلحة لمروان في افتآت مروان بكتابة هذا الكتاب. والذي يبدو -والله أعلم- أن الذي زيف هذا الكتاب هو: عبد الله بن سبأ، أو أحدُ أعوانه، فهذه من عاداته القبيحة التي استخدمها في إشعال الفتنة، فليس هذا الكتاب هو الكتاب الوحيد المزور في هذه الفتنة؛ بل زُوّر غيره على ألسنة بعض الصحابة رضوان الله عليهم كعائشة، وعلي رضي الله عنهما. بعد عودتهم هذه حاصروا الدار، وقاموا بأبشع المعاملة مع الخليفة عثمان رضي الله عنه، وتصرفوا أقبح التصرفات. وفي الباب الآتي تفصيل ما جرى أثناء الحصار.   1 افتأت: أي اختلق (ابن منظور، لسان العرب 2/64) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الباب الثاني: يوم الدار وقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه الفصل الأول: يوم الدار (الحصار) المبحث الأول: وصف الدار ... المبحث الأول: وصف الدار لقد أطلق يوم الدار على المدة التي حوصر فيها عثمان رضي الله عنه بدءاً من رجوع المصريين إلى المدينة وانتهاءً بقتله رضي الله عنه1. واختلف في مدة الحصار، فقيل إنه استمر أكثر من عشرين يوماً2 وقيل: أكثر من شهر، وقيل: كانت مدته أربعين يوماً3 وقيل:   1 يظهر ذلك من الروايات المتعلقة بيوم الدار، انظر على سبيل المثال، الملحق الروايات رقم: [77] ، [93] ، [117] ، [147] ، [166] . 2 قال به ابن قتيبة، المعارف (196) . 3 ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 184 ج) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 كانت نيفا وأربعين ليلة1 وقيل: تسعة وأربعين يوماً2 وقيل: شهرين وعشرين يوماً3. ومكان الحصار هو: داره الكبرى التي كان يسكنها في المدينة النبوية4 ويسميها الرواة أحياناً بالقصر5. وتقع شرق المسجد النبوي مقابل باب عثمان6 ويحدها من الشمال زقاق البقيع الذي يبلغ عرضه خمسة أذرع، ومن جهة الشرق داره   1 قال به حماد بن زيد، رواه ابن أبي الدنيا، المحتضرين (خ ق12ب) (كما في حاشية تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة عثمان (405) حاشية (2)) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (405) وفيه بشار بن موسى الخفاف ضعيف وكثير الغلط. وذكر ذلك المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 45) ، وقال: «النيف يخفف ويشدد وأصله من الواو، ويقال: عشرة ومائة ونيف، وكل ما زاد على العقد فهو نيف، حتى يبلغ العقد الثاني» . 2 ذكره ابن الأثير عن الواقدي، (أسد الغابة 3/ 489) . 3 ذكره ابن الأثير عن الزبير، (أسد الغابة 3/ 489) . 4 السمهودي، وفاء الوفاء (2/ 731) . 5 جاء ذلك في رواية رواها أحمد في المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 340- 341) بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [76] . 6 المقصود باب عثمان رضي الله عنه في مبنى المسجد القديم قبل، ومما لا شك فيه أنه قد هدم وأدخل في المسجد في توسعة من توسعاته المتعددة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الصغرى، التي تليها دار أبي حزم، ويقابل دارَه الصغرى دارٌ لأبي بكر الصديق رضي الله عنه1. وبين الدار الكبرى، والمسجد النبوي: ساحة تسمى البلاط2 كانت ممتلئة بالمحاصرين أثناء الحصار3. ولعل موضع هذه الدار قد دخل في المسجد النبوي في توسعة من التوسعات التي وسع بها، ويبدو أنه المكان الذي بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وبين جدار المسجد الشرقي مما يلي باب البقيع الذي فتح حديثاً مقابل باب السلام من الجهة الشرقية4.   1 السمهودي، وفاء الوفاء (2/ 731) . 2 البلاط: موضع بجانب المسجد النبوي؛ مبلط بالحجارة (ياقوت الحموي، معجم البلدان 1/ 479) . 3 روى ما يدل على ذلك ابن سعد، الطبقات (3/ 67) ، وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 348، 363، 379-380) وصححه أحمد شاكر. ورواه عبد الله بن أحمد (المصدر السابق) ، والدارمي، السنن (2/ 171- 172) ، وأبوداود، السنن (4/ 170-171) ، وابن ماجه، السنن (2/847) ، والترمذي، السنن (4/ 461) ، والنسائي، السنن (7/ 91-92) ، والبغوي، شرح السنة (10/ 148) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 66) وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [130] . 4 فتح هذا الباب في 1/9/ 1408?، بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وفي الروايات الصحيحة نتف من أوصاف هذه الدار، يشكل مجموعها: صورة تقريبية لها تساعد على فهم الأحداث التي جرت في الدار وأدت إلى قتل عثمان رضي الله عنه. ومما وقفت عليه من وصف لهذه الدار، أنها كانت مجاورة لدور متساوية معها من حيث العلو، مما يساعد على إمكانية التنقل بينها عن طريق سطحها1. كما يجاورها دور أخرى غير ملتصقة بها، يمكن الانتقال إليها بواسطة خشب توضع بينها2. وللدار خوخة تطل على المسجد، أو نافذة تطل على الشارع، يرى المطلع منها من في الشارع، أو من في المسجد كما يمكن عن طريقها أن يرى من في المسجد أو في الشارع من في الدار3 وفي الدار درج يصلها بسطحها4.   1 الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) ؛ ومن طريق ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (395) ، من رواية النعمان بن بشير عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه، وفي إسناده مجهولان وصدوق، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [100] . 2 علي بن الجعد، المسند (2/ 959) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (420) ، وابن سعد، الطبقات (8/ 128) ، وإسناده صحيح، أو حسن. انظر الملحق الرواية رقم: [40] . 3 يفهم ذلك من الروايات الواردة في مناشداته، انظر بعضها في الملحق الروايتين رقم: [57] ، و [66] . 4 الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) ؛ ومن طريق ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (395) ، من رواية النعمان بن بشير عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه، وفي إسناده مجهولان وصدوق، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [100] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 كما أن سعة الدار كبيرة جداً، بحيث تسع عدداً كبيراً من الناس1 وفيها: مدخل يسمع من يدخله كلام من على البلاط2.   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) ، وإسناده صحيح، وهناك روايات أخرى تدل على ذلك، انظرها في تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص: 400) . وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، من طريق محمد بن سيرين عن سليط بن سليط وفيه من لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [84] . وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 227) ، وفيه أبو عبيدة الناجي وهو ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [128] . وابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) ، بإسناد صحيح إلى محمد بن سيرين ولم يدرك، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 67) ، وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 348، 363، 379-380) ، وصححه أحمد شاكر. وعبد الله بن أحمد (المصدر السابق) ، والدارمي، السنن (2/ 171-172) ، وأبو داود، السنن (4/ 170-171) ، وابن ماجه، السنن (2/ 847) ، والترمذي، السنن (4/ 461) ، والنسائي، السنن (7/ 91-92) ، والبغوي، شرح السنة (10/ 148) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 66) ، وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [130] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 المحبث الثاني: بدء الحصار ... المبحث الثاني: بدء الحصار لم تفصل الروايات الصحيحة في كيفية بدء وقوع الحصار، ولعل الأحداث التي سبقته تلقي شيئاً من الضوء على كيفية بدئه. فبينما كان عثمان رضي الله عنه يخطب الناس ذات يوم إذا برجل يقال له أعين1 يقاطعه ويقول له: يا نعثل2 إنك قد بدلت، فقال عثمان رضي الله عنه: من هذا؟ فقالوا: أعين، قال عثمان: بل أنت أيها العبد، فوثب الناس إلى أعين، وجعل رجل من بني ليث يزعهم عنه حتى أدخله   1 أعين بن ضبيعة بن ناجية بن غفال التميمي الحنظلي الدارمي، ابن أخي صعصعة بن ناجية جد الفرزدق. ذكره صاحب الاستيعاب ولم يذكر ما يدل على صحبته، وهو والد النوار زوج الفرزدق، وكان شهد الجمل مع علي، وهو الذي عقر الجمل الذي كانت عائشة -رضي الله عنها -عليه، ويقال: إنها دعت عليه بأن يُقتل غيلة فكان كذلك، وذلك سنة ثمان وثلاثين. (ابن حجر، الإصابة -القسم الأول: 1/ 55، وفي الاستيعاب لابن عبد البر 1/ 119) . 2 هو لقب أطلقه الخارجون على عثمان رضي الله عنه، نقل ابن عساكر عن ابن الكلبي أنه قال: "إنما قيل له نعثل؛ لأنه كان يشبّه برجل من أهل مصر اسمه نعثل، وكان طويل اللحية، فكان عثمان إذا نيل منه وعيب يشبّه بذلك الرجل لطول لحيته، لم يكونوا يجدون عيباً غير هذا. وقال بعضهم: إن نعثلاً من أهل أصبهان، ويقال في نعثل إنه الذكر من الضباع" [تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (331) انظر الملحق الروايات رقم: [65، 67، 68] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 الدار1. وبعد قدوم المصريين -الثاني- وقبل اشتداد الحصار كان عثمان رضي الله عنه يستطيع الخروج إلى الصلاة، ويُدخل عليه من يشاء، ثم منعوه من ذلك ومن الخروج من داره، فكان رضي الله عنه لا يستطيع الخروج لصلاة الفريضة2.   1 روى هذه الخطبة أحمد في المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 378) وحسنه أحمد شاكر، وروى الباقي أبو يعلى، المسند (1/ 151 ط. دار القبلة) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (247) وإسناده حسن، قال الهيثمي: "إسناد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح غير عباد وهو ثقة" (مجمع الزوائد 7/ 228) ، وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري محتجاً به فظهر من صنيعه هذا أنه في درجة المقبول عنده، انظر الملحق الرواية رقم: [65] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (172) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 383) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (341-342) وإسناده حسن إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد، وقد اختلف في صحبته، ووثقه ابن حبان وغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [66] . وعبد الله بن أحمد (زيادات المسند 2/ 13-14 بتحقيق أحمد شاكر) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (339-340) من رواية ثمامة بن حزن القشيري، وفيه هلال بن حق الجريري، ولم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [164] . والترمذي، السنن (5/ 627) من طريق ثمامة القشيري عن عثمان رضي الله عنه ويفهم ذلك من الروايات التالية: أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 340-341) ، والنسائي، السنن (6/236) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (342-343) وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 486-487) كلهم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده حسن، انظر الرواية رقم: [76] . وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 380-381) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (335) ، من رواية الأحنف وصحح إسناده أحمد شاكر، وفيه عمرو بن جاوان لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [165] . والدارقطني، السنن (4/ 197-198) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (343-344) من رواية موسى بن حكيم عن عثمان رضي الله عنه وفيه عمر بن عبيد الله وموسى بن حكيم لم يوثقهما غير ابن حبان، وبشر بن آدم صدوق، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [198] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 فكان يصلي بالناس رجل من المحاصرين، من أئمة الفتنة، حتى أن عبيد الله بن عدي بن الخيار تحرج من الصلاة خلفه، فاسشتار عثمان في ذلك؛ فأشار عليه بأن يصلي خلفه، وقال له: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم1. وفي بعض الروايات الضعيفة أن الذي كان يصلي بالناس هو أميرهم الغافقي2. ولا صحة لما روى الواقدي من أن علياً رضي الله عنه أمر أبا أيوب الأنصاري أن يصلي بالناس فصلى بهم أول الحصر، ثم صلى علي رضي   1 رواه البخاري في صحيحه (فتح الباري 2/ 188) . 2 رواه الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 353-354) ، من رواية سيف بن عمر التميمي، وهو ضعيف، فالإسناد ضعبف، انظر الملحق الرواية رقم: [268] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الله عنه بهم العيد وما بعده1. ومما يزيد في ضعف متن هذه الرواية؛ إضافة إلى ضعف إسنادها: أنه لو كان علي أو أبو أيوب رضي الله عنهما هما الذان يصليا بالناس، لما تحرج عبيد الله بن عدي بن الخيار من الصلاة خلفهما.   1 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 423) ، والواقدي متروك فالرواية ضعيفة جداً، انظر الروايات رقم: [335، 346، 370] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 المبحث الثالث: المفاوضات بين عثمان ومحاصريه . وبعد أن تم الحصار، وأحاط الخارجون -على عثمان رضي الله عنه- بالدار طلبوا منه خلع نفسه، أويقتلوه1. وهؤلاء الذين يطالبون الخليفة بخلع نفسه هم حثالة من الناس، وأوباشهم وأدناهم ديناً، وخلقاً، وعلماً وليسوا من أهل الحل والعقد. وبعرضهم هذا تحقق ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه وحان وقت العمل بوصيته صلى الله عليه وسلم له؛ لذا رفض عثمان رضي الله عنه خلع نفسه، وقال: "لا أخلع سربالاً سربلنيه الله2"يشير إلى ما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم3.   1 رواه خليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 66) ، من طريق أم يوسف بنت ماهك عن أمها، ولم أقف على ترجمة لهما، انظر الملحق الرواية رقم: [146] . ورواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 200-201) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 72) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (170) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (409) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك، بإسناد صحيح إلى وثاب مولى عثمان رضي الله عنه، ولم أقف على ترجمة له، انظر الملحق الرواية رقم: [147] . وبهذين الإسنادين يرتقي الخبر إلى درجة الحسن. 2 انظر الحاشية السابقة. 3 تقدم ذلك مفصلا في الفصل الذي مهدت به للبحث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 بينما كان قلة من الصحابة رضي الله عنه يرون خلاف ما ذهب إليه، وأشار عليه بعضهم بأن يخلع نفسه ليعصم دمه، ومن هؤلاء المغيرة بن الأخنس رضي الله عنه، لكنه رفض ذلك. وفي أثناء وجود أصحاب هذا الرأي عند عثمان رضي الله عنه دخل عليهم ابن عمر رضي الله عنهما. فقال له عثمان رضي الله عنه: "انظر إلى ما يقول هؤلاء، يقولون: اخلعها ولا تقتل نفسك، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إذا خلعتها أمخلد أنت في الدنيا؟ فقال عثمان رضي الله عنه: لا، قال: فإن لم تخلعها هل يزيدون على أن يقتلوك؟، قال عثمان رضي الله عنه: لا، قال: فهل يملكون لك جنة أو ناراً؟ قال: لا، قال: فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو إمامهم قتلوه"1. وفي رواية: فلا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام، كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، لا تخلع قميصاً قمصكه الله2.   1 خليفة بن خياط، التاريخ (170) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (359) وإسناده حسن، وفيه: خلعوه بدلاً من "قتلوه" وروايته من طريق خليفة، انظر الملحق الرواية رقم: [56] ، وقال محقق تاريخ خليفة الدكتور أكرم ضياء العمري معلقاً على هذه اللفظة في الحاشية: "لعل الصواب: خلعوه"، مما يدل على أن رسم الكلمة: "قتلوه" فاستغربه -حفظه الله- فلعله وقع من بعض النساخ، ويدل عليه أن النسخة التي اعتمدها ابن عساكر في روايته لم تصحف فيها اللفظة، والله أعلم. 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 66) بإسناد صحيح رجاله رجال الشيخين، وابن شبة، تاريخ المدينة (4/ 1226) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (359) بإسناد حسن لغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [81] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ولا يدل هذا الحوار على أن عثمان رضي الله عنه كان متردداً في الخلع وعدمه حتى أيده ابن عمر رضي الله عنهما لأن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له صريحة في عدم الخلع، إلا أن يكون قد نسيها ثم تذكرها بعد، والذي يبدو من عبارته رضي الله عنه التي عبر بها عن رأيه في عدم الخلع أنه متذكر للوصية حيث استخدم معانيها. وهذا الموقف الذي أملته وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم موقف حكيم، فإن الاستجابة لمطالب الثوار وهم فئة قليلة من الأمة، وليسوا من أهل الحل والعقد، ولا من رجالات الإسلام، وفقهاء الشريعة ستكون لها آثار خطيرة على مسيرة الأمة، وهيبة الخلافة، وعلاقة الراعي بالرعية، وكان ثمن دفع هذه الآثار السيئة أن دفع الخليفة حياته، وهو يعلم بمصيره ويستسلم له وهو أمر ثقيل على النفس، ولكنه قدم مصالح الأمة على مصلحته الشخصية. مما يكشف عن قوة وعزيمة وشجاعة، ويرد به على تلك التهم التي وجهت إليه من ضعف في هذه الصفات. فإنه رضي الله عنه كان قادراً -بإذن الله- على كبح الفتنة، ولكنه قدّر حدوث مفاسد أعظم من مصلحة كبحها، فأعرض عن ذلك درءاً لها؛ وبذلك يعلم خطأ من قال بأن قتل عثمان: "لا يوصف بأكثر من أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 (مشاغبة دهماء) لم تجد من يكبحها"1فإن في ذلك غمزاً في شخصية وشجاعة عثمان رضي الله عنه، وهي حقاً فتنة دهماء، ولكن عدم كبحها يعد منقبة لعثمان رضي الله عنه لما فيه من تضحية في سبيل الله، رجاء تحصيل مصلحة للأمة، وعملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبينما كان عثمان رضي الله عنه في داره، والقوم أمام الدار يحاصرونها، دخل ذات يوم ذاك المدخل الذي قدمنا أن داخله يسمع كلام من على البلاط، فإذا هو يسمع توعد المحاصرين له بالقتل، ويبدو أنه لم يكن يتوقع قبل هذا أن الأمر سيبلغ هذا المبلغ. فخرج من المدخل، ودخل على من معه في الدار، ولونه منتقع، فقال: "إنهم ليتوعدونني بالقتل آنفاً، فقالوا له: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين، فقال ولم يقتلونني؟! وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس" فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله، ولا قتلت نفساً؛ ففيم يقتلونني؟ "2.   1 العقاد، ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 122) . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 67) ، وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 348، 363، 379-380) وصححه أحمد شاكر. وعبد الله بن أحمد (المصدر السابق) ، والدارمي، السنن (2/ 171-172) ، وأبو داود، السنن (4/ 170-171) ، وابن ماجه، السنن (2/ 847) ، والترمذي، السنن (4/461) ، والنسائي، السنن (7/ 91-92) ، والبغوي، شرح السنة (10/ 148) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 66) ، وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [130] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 ثم أشرف على المحاصرين، وحاول تهدئة ثورتهم وثنيهم عن خروجهم على إمامهم، مضمناً كلامه الرد على ما عابوه به، وكشف الحقائق التي لبّسها القوم، عسى أن يفيق المغرر بهم ويعودوا إلى رشدهم. فطلب من المحاصرين أن يُخرجوا له رجلاً يكلمه، فأخرجوا له شاباً يقال له: صعصعة بن صوحان، فطلب منه عثمان رضي الله عنه أن يبين له ما نقموه عليه1. فقال صعصعة: أُخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله2 فقال له عثمان رضي الله عنه: اتلُ أي: استدل بالقرآن، فقرأ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ   1 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 203-204) بإسناد صحيح إلى ابن سيرين، ولم يعاصر الحادثة، وتشهد له رواية قتادة الآتية انظر الملحق الرواية رقم: [104] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (350) بإسناد حسن إلى قتادة؛ وقتادة لم يعاصر الحادثة، لكن تشهد له رواية ابن سيرين التالية، انظر الملحق الرواية رقم: [105] ؛ ولم تفصل الرواية في قصة هذا النفي وسبب نفيهم، بينما أوضحت روايات أخرى بعض التفاصيل عنه، ففيها أن عثمان رضي الله عنه نفى بعض المشاغبين الذين أرادوا إشعال الفتنة في الكوفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 لَقَدِيرٌ} 1. فقال عثمان: ليست لك، ولا لأصحابك، ولكنها لي ولأصحابي، وفي رواية أنه قال له: كذبت لستم بأولئك، نحن أولئك، أخرجنا أهل مكة. فقرأ عثمان الآية التي استدل بها صعصعة وما بعدها مما يفسرها ويبين زيف استدلال صعصعة بها، فتلا: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ   1 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 203-204) ، بإسناد صحيح إلى ابن سيرين؛ ولم يعاصر الحادثة وتشهد له رواية قتادة السابقة انظر الملحق الرواية رقم: [104] ؛ والآية رقم: (39) ، من سورة الحج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ} 1. وبذلك أفهم عثمان رضي الله عنه الناس الآيات فهماً صحيحاً كما نزلت مبيناً سبب نزولها، وفيمن نزلت، وعلى ما تدل، لئلا يلبّس عليهم من قرأ القرآن وهو لا يعرف معناه، ويستدل به على ما يضاد مراده. وقد قال بهذا الذي قاله عثمان رضي الله عنه أئمة التفسير من الصحابة وغيرهم؛ ابن عباس، ومجاهد والضحاك وغير واحد من السلف، فقالوا: بأنها نزلت في المهاجرين2. وفي قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ} يقول عمر بن عبد العزيز: "ألا إنها ليست على الوالي وحده، ولكنها على الوالي والمُولّى عليه، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم، وبما للوالي عليكم منه؛ إن لكم على الوالي من ذلكم أن يأخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعض، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع ... "3. كما أن نفي عثمان لمن نفاه إنما هو عمل بالآية التي التي استدل بها صعصعة، فإنها تأمر من مكنه الله في الأرض، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وعثمان خليفة، ونفيهم أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر لما قاموا به من تعدٍّ على بعض المسلمين، وإثارة الفتنة، ولو قتلهم لكان ذلك حقاً   1 المصدر السابق؛ والآيات: (39-41) من سورة الحج. 2 ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (3/ 226) . 3 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وعدلاً منه؛ لأنهم من المفسدين في الأرض الذين جعل الله جزاءهم هو: القتل أو الصلب أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، أو النفي من الأرض، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 1. فما استدل عليه صعصعة بالآية بعيد جداً عن معناها الحقيقي، كما أن إخراجهم ليس بسبب أنهم قالوا: ربنا الله، يقول ابن كثير: "إلا أن يقولوا ربنا الله أي: ما كان لهم إلى قومهم إساءة ولا كان لهم ذنب إلا أنهم وحَّدوا الله وعبدوه لا شريك له"2. فهل هذا هو سبب إخراج مشاغبي أهل الكوفة؟! وهل استدلال صعصعة بالآية صحيح، أم أنه استدلال مزيف؟ فقد حرّف المعنى ليوافق هواه. وصدور هذا الفهم السقيم لكتاب الله الكريم من متكلم القوم دليل قوي على أن القوم إما مثله، أو دونه في فهم كلام الله؛ فهل يصلح هؤلاء لمعاتبة ومناظرة ثالث المسلمين منزلة وفضلا؟، ومن هاجر الهجرتين   1 سورة المائدة، الآية (33) . 2 ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (3/ 226) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وعاصر نزول القرآن آية آية! ولذا: فإن عثمان رضي الله عنه بعد أن رد على هؤلاء، ذكّر الناس بمكانته، وبمكانة المحاصرين في الإسلام، وببعض فضائله مناشداً بالله من يعلمها أو سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبينها للناس. ومن جملة مناشدته لهم؛ ناشدهم بالإقرار بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالشهادة وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "اسكن حراء ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد"، وأنه كان معه إذ ذاك1. ومعلوم أن عثمان ليس بنبي، وأن الصديق هو أبوبكر، لاشتهاره بهذه الصفة، فلم يبق لعثمان ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم إلا الصفة الثالثة وهي: (الشهادة) ، وقد ذكَّر عثمان الناس بذلك، وعلَّم الجاهل منهم، ليتيقنوا أنه سيستشهد وأن قتله شهادة؛ فعسى أن يُنجي   1 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر1/ 340-341) ، والنسائي، السنن (6/236) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (342-343) ، وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 486-487) ، كلهم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [76] ... والترمذي، السنن (5/625) ، وعلقه البخاري في صحيحه (فتح الباري 5/ 406-407) ، والنسائي، السنن (2/ 236-237) ، والدارقطني، السنن (4/ 1994-2000) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (337-338) ، كلهم من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [42] . والترمذي، السنن (5/ 627) ، من طريق ثمامة القشيري عن عثمان رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 القوم أنفسهم من قتله، وليبين للناس ضلال من اتهمه بالتبديل؛ وليؤكد لهم أيضاً عصمة دمه، وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بحسن الخاتمة، فيفهموا أن ما ألصقوه به من معايب لا تبيح قتله؛ لأنه على أقل الأحوال لا يخرج عن كونه مسلماً معصوم الدم. ورداً على ما عابوه به من تخلف عن بيعة الرضوان، ذكّرهم وناشدهم ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه إذ ذاك إلى المشركين من أهل مكة، ولما كانت البيعة قال: هذه يد عثمان فبايع له، فانتشد له رجال1. فعدم حضوره جسدياً للبيعة لا يعني فوات فضلها منه، كما أن عدم حضورها جسدياً ليس بمذمة تلصق به، بل دليل على فضله ومكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث انتدبه لهذه المهمة العظيمة. ولمنع القوم له من الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكّرهم وناشدهم بما كان منه من توسعة للمسجد يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يوسع لنا هذا البيت في المسجد -يشير إلى بيت جانب المسجد- ببيت له في الجنة" وأنه ابتاعه من ماله فوسع به المسجد2.   1 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر1/ 340-341) ، والنسائي، السنن (6/236) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (342-343) ، وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 486-487) ، كلهم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [76] . 2 انظر الحاشية السابقة، والترمذي، السنن (5/ 627) ، من طريق ثمامة القشيري عن عثمان رضي الله عنه. وخليفة بن خياط، التاريخ (172) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/383) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (341-342) وإسناده حسن إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد وقد اختلف في صحبته، ووثقه ابن حبان وغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [66] . وعبد الله بن أحمد (زيادات المسند 2/ 13-14 بتحقيق أحمد شاكر) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (239-240) من رواية ثمامة بن حزن القشيري، وفيه هلال بن حق الجريري، ولم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [164] . وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 380-381) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، من رواية الأحنف وصحح إسناده أحمد شاكر، وفيه عمرو بن جاوان لم يوثقه غير ابن حبان. انظر الملحق الرواية رقم: [165] . والدارقطني، السنن (4/ 197-198) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (343-344) من رواية موسى بن حكيم عن عثمان رضي الله عنه وفيه عمر بن عبيد الله وموسى بن حكيم لم يوثقهما غير ابن حبان، وبشر بن آدم صدوق، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [198] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 فمنعهم له من الصلاة في هذا المسجد ظلمٌ ظاهر، فإنه مسلم له حق في المسجد كباقي المسلمين، وله زيادة أحقية فيه، لمساهمته الكبيرة في بنائه. وفي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم له ببيت في الجنة دليل ظاهر على حسن خاتمته، فلعل القوم يعون هذه الشهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم له ببيت في الجنة، فيعصمون دمه، ولعلهم يدركون أن ما كان يهبه عثمان رضي الله عنه لأهل قربته لم يكن من بيت مال المسلمين، بل هو من ماله الخاص، الذي كان به جواداً سخياً قبل أن يلي بيت مال المسلمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ولم تكن النفقة في سبيل الله هي اليتيمة من نوعها، بل أنفق ما يفوقها كثرة، ولتذكيرهم بذلك ناشدهم بما كان من تجهيزه لجيش العسرة بكامله استجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ينفق اليوم نفقة متقبلة" 1. وبشرائه بئر رومة التي كان ماؤها يباع من ابن السبيل، فابتاعها من ماله وأباحها لابن السبيل. ففي منعهم الماء عنه جزاء بعكس ما أكرم هو به المسلمين، فذكَّرهم رضي الله عنه بما كان منه من التوسيع عليهم بوهبه إياهم بئر رومة، فتمتع   1 عبد الله بن أحمد (زيادات المسند 2/ 13-14 بتحقيق أحمد شاكر) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (339-340) من رواية ثمامة بن حزن القشيري، وفيه هلال بن حق الجريري، ولم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [164] . وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/380-381) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، من رواية الأحنف وصحح إسناده أحمد شاكر، وفيه عمرو بن جاوان لم يوثقه غير ابن حبان. انظر الملحق الرواية رقم: [165] . والدارقطني، السنن (4/ 197-198) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (343-344) من رواية موسى بن حكيم عن عثمان رضي الله عنه وفيه عمر بن عبيد الله وموسى بن حكيم لم يوثقهما غير ابن حبان، وبشر بن آدم صدوق، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [147] . والترمذي، السنن (5/ 625) وعلقه البخاري في صحيحه (فتح الباري 5/ 406-407) ، والنسائي، السنن (6/ 236-237) ، والدارقطني، السنن (4/ 199-200) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (337-338) كلهم من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، إسناده صحيح انظر الملحق الرواية رقم: [43] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وسكان مدينته بهذا الماء العذب الزلال، وهم يمنعونه من الماء، ويضطرونه إلى الشرب من بئر نتنة في بيته يرمي بها النتن والأوساخ1. فلما رأى إصراراً منهم على العزم على قتله، حذرهم من ذلك ومن مغبته، فاطلع عليهم من كَوٍّ2 وقال لهم: أيها الناس، لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تقاتلون جميعاً أبداً، ولا تجاهدون عدواً أبداً، لتختلفن حتى تصيروا هكذا؛ وشبك بين أصابعه3. وفي رواية أنه قال: أيها الناس لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم، فوالله   1 الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) ؛ ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (395) من رواية النعمان بن بشير عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه، وفي إسناده مجهولان وصدوق، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [100] . 2 الكَوُّ هو: الخرق في الحائط، والثقب في البيت ونحوه (ابن منظور، لسان العرب 15/ 236) . 3 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 203) واللفظ له، وابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، وابن الأعرابي، المعجم (خ ق 125 أ) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351-352) ، كلهم من طريق أبي ليلى الكندي عن عثمان رضي الله عنه وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [141] . ابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، خليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن الأعرابي، المعجم (خ ق 125أ) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351-352) وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [57] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت، أصبت أو أخطأت، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً، ولا تغزوا جميعاً أبداً، ولا يقسم فيئكم بينكم1. وقال أيضاً: "فوالله لئن قتلوني لا يحابون بعدي أبداً، ولا يقاتلون بعدي جميعاً عدواً أبداً"2. وقد تحقق ما حذرهم منه، فبعد قتله وقع كل ما قاله رضي الله عنه، وفي ذلك يقول الحسن البصري: "فوالله إن صلى القوم جميعاً إن قلوبهم لمختلفة"3. كما حذرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه من قتله4. ثم أرسل عثمان إلى الصحابة رضي الله عنهم يشاورهم في أمر   1 ابن سعد الطبقات (3/ 67-68) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، من طريق مجاهد عن عثمان رضي الله عنه، ومجاهد لم يدرك الحادثة فالإسناد منقطع، انظر جامع التحصيل للعلائي (ص: 336-337) . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن الأعرابي، المعجم (خ ق 125أ) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351-352) وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [57] . 3 خليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، بإسناد حسن إلى الحسن، انظر الملحق الرواية رقم: [57] . 4 انظر أقواله في تحذيرهم في مبحث: (ما أثر عن الصحابة في أثر قتل عثمان) في هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 المحاصرين وتوعدهم إياه بالقتل، فأرسل إلى ابن سلام رضي الله عنه يشاوره في الأمر كما سيأتي في المبحث التالي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 المبحث الرابع: دفاع الصحابة عنه، ورفضه لذلك . فلما رأى عثمان رضي الله عنه أن تلك المحاولات السلمية لم تفد فيهم، واشتد حصارهم له، شاور عبد الله بن سلام رضي الله عنه في هذا الأمر، فأشار عليه بأن يكف عن قتالهم، ليكون ذلك أبلغ له في الحجة عند الله، فقد قال له: "الكف، الكف، فإنه أبلغ لك في الحجة" 1. وأرسل إلى عليّ رضي الله عنه يدعوه، فانطلق علي متجهاً إلى الدار ومعه بعض أهله، فلما وصلوا الدار، وكانت محاطة بالمحاصرين، فعزم على اقتحامهم، والدخول على عثمان، فتعلق به بعض أهله، وحالوا بينه وبين دخول الدار خوفاً عليه من المحاصرين أن يؤذوه، فحسر عن رأسه عمامة سوداء كان يرتديها، ورمى بها إلى رسول عثمان2.   1 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 203) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن الأعرابي، المعجم (خ ق 125أ) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351-352) وإسناده حسن انظر الملحق الرواية رقم: [141] . 2 جاءت هذه المعلومات في أربع روايات يعضد بعضها بعضاً هي: ما رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 209) ، وأبو عرب، المحن (73) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (372) من رواية منذر بن يعلى وفي الإسناد ضعف لانقطاعه. وما رواه ابن سعد، الطبقات (3/ 68-69) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (372) ، من رواية راشد بن كيسان بن أبي فزارة العبسي، وفي الإسناد انقطاع أيضاً. وما رواه ابن سعد -أيضاً -، الطبقات (3/ 68) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (371) ، من رواية أبي جعفر محمد بن علي، وفيه ضعف أيضاً، بعنعنة مدلس من المرتبة الثالثة، انظر الملحق الروايات رقم: [85-87] . وما رواه ابن سعد، الطبقات (3/ 82) ، وعلي بن الجعد، المسند (2/ 848-849) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (461) ، من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه شريك وقد اختلط، وراوي هذه الرواية عنه هو عبد الله بن نمير، وهو ممن روى عنه بعد الاختلاط، انظر الملحق الروايات رقم: [85-88] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وعمل عثمان رضي الله عنه بمشورة ابن سلام، فاتخذ موقفاً سلمياً يقتضي عدم الدخول مع القوم في قتال مهما بلغ الأمر. ولما رأى الصحابة رضوان الله عليهم قبح جرأة المحاصرين، وخشوا على عثمان رضي الله عنه منهم، جاء جمع منهم فعرضوا عليه الدفاع عنه فرفض، ثم جاءوه مرة ثانية وأكدوا على عزمهم على الدفاع عنه فرفض بشدة، فلما رأوا أن الأمر سيبلغ مبلغاً خطيراً، استعدوا للقتال دفاعاً عنه، ودخل بعضهم الدار، ولكن عثمان رضي الله عنه عزم عليهم بشدة، وشدد عليهم في الكف عن القتال دفاعاً عنه مما حال بين رغبتهم الصادقة في الدفاع عنه وبين تحقيقها. ويلاحظ من خلال الروايات الصحيحة أن رفض عثمان رضي الله عنه الدفاع عنه يشتد كلما أظهر أصحابه قوة عزمهم في الدفاع عنه، بل لما رأى إصراراً من بعضهم، وعظهم وذكّرهم بالله، وناشدهم بما له عليهم من طاعة، مما يبين قوة عزمه على الكف عن القتال، وعدم تردده في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 ذلك. وفيما يلي تفصيل لعروض الصحابة على عثمان رضي الله عنهم الدفاع عنه، وموقفه من هذه العروض: فقد جاءه حارثة بن النعمان رضي الله عنهما أثناء الحصار فقال له: إن شئت أن نقاتل دونك1. وجاءه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وأبدى له استعداد كثير من الناس للقتال دونه، واقترح عليه مقاتلتهم بمن معه من العدد والقوة، وذلك في قوله: إن معك عدداً وقوة، وأنت على الحق، وهم على الباطل، فقال له عثمان رضي الله عنه: "لن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء"2. وقال له عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: قاتلهم فوالله لقد أحل الله لك قتالهم، فقال عثمان: لا والله لا أقاتلهم أبداً"3.   1 البخاري، التاريخ الصغير (1/ 101) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (240) ، وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، انظر الملحق الرواية رقم: [116] . 2 رواه أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 369) والخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (14/ 272) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (387-388) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 70) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/329) ، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعاً من المغيرة"، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [170] . 3 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (399-400) ، وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [117] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وفي رواية: يا أمير المؤمنين، إنّا معك في الدار عصابة مستبصرة، ينصر الله بأقل منهم، فأذن لنا، فقال عثمان رضي الله عنه: أنشد الله رجلاً أهراق فيَّ دمه1. ثم أمَّره على الدار، وقال: من كانت لي عليه طاعة، فليطع عبد الله ابن الزبير2 ولم تكشف لنا الروايات ما تضمنته هذه الإمارة من صلاحيات، كما أنه لم ينقل لنا أن ابن الزبير أصدر أمراً بعد تأمير عثمان له على الدار، ولعل عثمان رضي الله عنه لما رأى موافقة وطاعة ابن الزبير رضي الله عنه في عدم القتال، كلفه بنقل هذا الأمر إلى غيره، ولذلك أمر بطاعته. ولما اشتد الأمر لم يكتف الصحابة بالعرض الأول، والاعتذار برفضه للقتال.   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، انظر الملحق الروايتين رقم: [118-119] . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (399-400) بإسناد صحيح إلى عبد الله بن الزبير، انظر الملحق الرواية رقم: [117] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 بل حث كعب بن مالك رضي الله عنه الأنصار على نصرة عثمان رضي الله عنه وقال لهم: يا معشر الأنصار كونوا أنصار الله مرتين، فجاءت الأنصار عثمان رضي الله عنهم ووقفوا ببابه. ودخل عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه وقال له: هؤلاء الأنصار بالباب: إن شئت كنا أنصار الله مرتين1فرفض القتال وقال: لا حاجة لي في ذلك كفوا2. وفي رواية أنهم قالوا له: يا أمير المؤمنين ننصر الله مرتين، نصرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وننصرك، فرفض رضي الله عنه3. وجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما وقال له: "أخترط سيفي؟ قال له: لا، أبرأ4 الله إذاً من دمك، ولكن ثم5 سيفك، وارجع إلى   1 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، بإسناد صحيح إلى قتادة، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 205) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400-401) ، بإسناد صحيح إلى ابن سيرين، انظر الملحق الرواية رقم: [126] . ويشهد لهما ما رواه البخاري، التاريخ الصغير (1/ 101) ، بإسناد فيه مبهم، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 227) من رواية الحسن البصري، بإسناد ضعيف بعنعنة مدلس، انظر الملحق الروايات رقم: [126-128] . 2 جاء ذلك في رواية خليفة عن قتادة المتقدمة في الحاشية السابقة. 3 جاء ذلك في رواية الحسن البصري انظر الملحق الرواية رقم: [128] . 4 هكذا في الأصل، ولعلها: (أبرأ إلى الله) . 5 هكذا في الأصل، والثم هو: إصلاح الشيء وإحكامه (ابن منظور، لسان العرب 12/79) ، فلعل المقصود أعد سيفك في مكانه وأحكمه، كناية عن إحجامه عن القتال، ويحتمل أن تكون مصحّفة من شمّ، والشمّ هو: إعادة السيف إلى غمده؛ فقد ورد في الحديث (انظر صحيح البخاري مع فتح الباري 7/ 429) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 أبيك"1. وبينما كان عثمان رضي الله عنه يجلس على كرسي -في الدار- وعنده الحسن بن علي، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وبين يديه مراكن مملوءة ماء ورياط مضرجة، إذا برسول الزبير بن العوام رضي الله عنه يدخل عليه، ويقرئه السلام من الزبير، ويقول له: إن الزبير يقول لك: إني على طاعتي لم أبدل، ولم أنكث، فإن شئت دخلت الدار معك، وكنت رجلاً من القوم، وإن شئت أقمت، فإنَّ بني عمرو بن عوف، وعدوني أن يصبحوا على بابي ثم يمضون على ما آمرهم به. فلما سمع عثمان رضي الله عنه الرسالة؛ كبر الله وحمده، وطلب من الرسول أن يقرئه السلام ويقول له: إن يدخل الدار لا يكون إلا رجلاً من القوم، وإن مكانه أحب إليّ، وعسى الله أن يدفع بك عني2. فهاتان طريقتان لعرض الصحابة على عثمان المناصرة في قتال المحاصرين رفضهما رضي الله عنه بشدة مع شدة حاجته إلى النصرة.   1 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 224) بإسناد يظهر أنه حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [55] . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (374) ومن طريق مصعب بن عبد الله بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [54] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ولما رأى الصحابة أن الأمر استفحل، وأن السيل بلغ الزبى1عزم بعضهم على الدفاع عنه دون استشارته، فدخل بعضهم الدار مستعداً للقتال، فقد كان ابن عمر معه في الدار2 متقلداً سيفه لابساً درعه ليقاتل دفاعاً عن عثمان رضي الله عنه، ولكن عثمان عزم عليه أن يخرج من الدار خشية أن يتقاتل مع القوم عند دخولهم عليه فيقتل3كما لبسه مرة أخرى أيضاً4. وتقلد أبو هريرة رضي الله عنه سيفه، ودخل الدار على عثمان رضي الله عنه يقول: يا أمير المؤمنين طاب أمضرب5 فقال له: يا أبا هريرة أَيَسُرُّك أن تقتل الناس جميعاً وإياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قتلت   1 بلغ الماء الزّبى أو الرّبى، ويروى بلغ السيل الزّبى أو الرّبى، والزّبى: جمع زبية الأسد، وهي حفرة تحفر له في مكان مرتفع ليصطاد، فإذا بلغها الماء فهو المجحف، والربا: جمع ربوة، وهذا المثل يضرب في الشر المفظع (انظر المستقصى في أمثال العرب، للزمخشري 2/14) . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (397-398) بإسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [56] . 3 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (398) بإسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [78] . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (398) كما رواه أيضاً من طرق أخرى، انظر الملحق الرواية رقم: [77] . 5 الميم هنا بدل اللام، فأصلها (الضرب) ، وهي لغة لبعض أهل اليمن، يجعلون لام التعريف ميماً (ابن حجر، التلخيص الحبير 2/ 205) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 رجلاً واحداً فكأنما قُتِل الناس جميعاً، فرجع ولم يقاتل1 وفي رواية: أن أبا هريرة كان متقلداً سيفه حتى نهاه عثمان2. وبعد رد عثمان على رسالة الزبير، قام أبو هريرة رضي الله عنه فقال: ألا أخبركم ما سمعت أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالوا: بلى، قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تكون بعدي فتن وأمور، فقلنا: فأين المنجى منها يا رسول الله؟ قال: إلى الأمين وحزبه؛ وأشار إلى عثمان بن عفان. فقام الناس فقالوا: قد أمكنتنا البصائر فأذن لنا في الجهاد، فقال عثمان رضي الله عنه: أعزم على من كانت لي عليه طاعة ألا يقاتل3. وانطلق الحسن، والحسين، وابن عمر، وابن الزبير، ومروان كلهم شاكي السلاح حتى دخلوا الدار. فقال عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم، فوضعتم أسلحتكم ولزمتم   1 ابن سعد، الطبقات (3/70) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (401-402) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [93] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (401) وفيه تدليس قتادة السدوسي، لكنه يتقوى بالرواية التي في الحاشية السابقة، انظر الملحق الرواية رقم: [94] . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (374) من طريق مصعب بن عبد الله بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [54] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 بيوتكم1 وقطع كل فرصة عليهم بقوله: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعاً وطاعة إلا كف يده وسلاحه2 فإن أفضلكم عندي غناء من كف يده وسلاحه فرضي الله عنه وأرضاه. وجاءت أم المؤمنين صفية رضي الله عنها على بغلة يقودها مولاها كنانة، لترد عن عثمان رضي الله عنه فلقيها الأشتر، فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت: ردوني، ولا يفضحني هذا الكلب3. يقول سليط بن سليط: نهانا عثمان عن قتالهم، ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارها4. ويقول ابن أبي مليكة: كان مع عثمان في الدار عصابة مستبصرة، منهم عبد الله بن الزبير5.   1 خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (396) بإسناد صحيح إلى ابن سيرين، ولكنه لم يدرك الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [82] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 204) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، وأبو عرب، المحن (69-70) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [38] . 3 البخاري، التاريخ الصغير (7/ 227) ، علي بن الجعد، المسند (2/ 959) ، وابن سعد، الطبقات (8/ 128) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [40] . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، من طريق محمد بن سيرين عن سليط بن سليط وفيه من لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [84] . 5 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) ، من طريق ابن سعد، والإسناد منه صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ويقول ابن سيرين: كان مع عثمان في الدار سبعمائة، لو يدعهم لضربوهم -إن شاء الله- حتى يخرجوهم من أقطارها؛ منهم ابن عمر، والحسن بن عليّ، وعبد الله بن الزبير1. ويقول أيضاً: لقد قتل عثمان -يوم قتل- وإن الدار لغاصة، منهم ابن عمر، وفيهم الحسن بن عليّ في عنقه السيف، ولكن عثمان عزم عليهم ألا يقاتلوا2. ويقول الحسن البصري: لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه3. ولكنهم تركوا الاحتكاك مع القوم استجابة لأمر الخليفة رضي الله عنه الذي أمرهم بكف أيديهم -كما تقدم-. وبذلك يظهر زيف الاتهام الذي اتهم به الصحابة رضي الله عمهم من المهاجرين والأنصار من أنهم تخاذلوا عن نصرة عثمان رضي الله عنه.   1 ابن سعد، الطبقات (3/71) ، ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (400) ، بإسناد صحيح إلى محمد بن سيرين ولم يدرك، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . ويشهد له ما رواه خليفة بن خياط، التاريخ (173) من طريق محمد بن سيرين عن سليط بن سليط وفيه من لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [84] . 2 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (395) من طريق الدارقطني، وورد بعضه بأسانيد صحيحة تقدمت الإشارة إليها. 3 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 227) ، وفيه أبو عبيدة الناجي وهو ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [128] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وكل ما روي في ذلك، فإنه لا يسلم من علة إن لم تكن عللاً قادحة في الإسناد والمتن معاً. ولما رأى بعض الصحابة إصرار عثمان رضي الله عنه على رفض قتال المحاصرين، وأن المحاصرين مصرون على قتله، لم يجدوا حيلة لحمايته سوى أن يعرضوا عليه مساعدته في الخروج إلى مكة هرباً من المحاصرين. فقد رُوي أن عبد الله بن الزبير1والمغيرة بن شعبة2 وأسامة ابن زيد3 عرضوا عليه ذلك، وكان عرضهم متفرقاً، فقد عرض كل واحد منهم عليه ذلك على حدة، وعثمان رضي الله عنه يرفض كل هذه العروض. والثابت من ذلك؛ أنه عرض عليه ذلك فرفضه، دون تحديد للأسماء4. وترى ما السبب الذي دعا عثمان رضي الله عنه إلى اتخاذ ذلك الموقف رغم حاجته إلى النصرة وقتال المحاصرين؟!.   1 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 360-361) ، وفي إسناده انقطاع، انظر الملحق الرواية رقم: [169] . 2 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/369) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (387-388) ، وفيه انقطاع أيضاً، انظر الملحق الرواية رقم: [170] . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (411-412) ، وفيه رجل ضعيف، ومجهولان، انظر الملحق الرواية رقم: [210] . 4 وذلك بمجموع الروايات الثلاث المتقدمة في الحواشي الثلاث السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 إذا عرضنا هذا التساؤل على روايات الفتنة، تطالعنا أسباب خمسة هي: الأول: العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سارّه بها، وبيَّنها عثمان رضي الله عنه يوم الدار، وأنها عَهْدٌ عُهِدَ به إليه وأنه صابر نفسه عليه1. الثاني: ما جاء في قوله: "لن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء"، أي كره أن يكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك دماء المسلمين وقتال بعضهم بعضا2. الثالث: علمه بأن البغاة لا يريدون غيره، فكره أن يتوقى بالمؤمنين، وأحب أن يقيهم بنفسه3. الرابع: علمه بأن هذه الفتنة ستنتهي بقتله، وذلك فيما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تبشيره إياه بالجنة على بلوى تصيبه، وأنه سيقتل   1 انظر الحديث الصحيح الوارد في ذلك. الملحق الرواية رقم: [11] . 2 رواه أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/196) ، والخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (14/ 272) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (387-388) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/70) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/329) ، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعاً من المغيرة" وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [170] . 3 ابن أبي الدنيا، كتاب المحتضرين (ق 12ب) ، (كما في حاشية تاريخ دمشق، ترجمة عثمان405) ، بإسناد فيه بشار وهو ضعيف كثير الغلط، وفيه أيضاً يونس وفي روايته عن الزهري وهم قليل، انظر الملحق الرواية رقم: [171] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 مصطبراً بالحق معطيه في فتنة1والدلالات تدل على أن أوانها قد حان، وأكد ذلك تلك الرؤيا التي رآها ليلة قتله، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: أفطر عندنا القابلة، ففهم رضي الله عنه أن موعد الاستشهاد قد قرب. الخامس: العمل بمشورة ابن سلام رضي الله عنه له إذ قال له: "الكف، الكف، فإنه أبلغ لك في الحجة"2. وتحقق إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بأن عثمان رضي الله عنه يتولى الخلافة ثم يقتل وهو مصطبر بالحق معطيا القتل. وذلك فيما رواه عبد الله بن حوالة3رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نجا من ثلاث فقد نجا -ثلاث مرات-: موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه"4. ومن مواقف عثمان رضي الله عنه وم الدار يتبين هدوء عثمان رضي الله عنه في التفكير، وأن شدة البلوى لم تحل بينه وبين التفكير الصحيح، وإبداء الرأي السليم، فقد تضافرت الأسباب لتحديد هذا الموقف المسالم من قتال الخارجين عليه.   1 تقدم ذكر الأحاديث الصحيحة الواردة في التمهيد. 2 جاءت هذه المعلومات في أربع روايات يعضد بعضها بعضاً وقد تقدمت الإشارة إليها، وانظر الملحق الروايات رقم: [85-88] . 3 ترجم له. 4 رواه أحمد، المسند (4/ 105، 109 -110، 5/ 33، 288) ، وإسناده حسن أو صحيح، ورواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (289) انظر الملحق الرواية رقم: [4] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 ولا شك أنه رضي الله عنه كان على الحق في مواقفه التي اتخذها، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إلى وقوع هذه الفتنة، وشهد لعثمان، وأصحابه أنهم على الحق فيها1. وأما ماروي من أنه أخذ الحربة فنودي من السماء: أن مهلاً يا عثمان، فرمى بها، فإنه ضعيف الإسناد لا يحتج به2.   1 انظر الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك في التمهيد. 2 روى ذلك أبو عرب، المحن (63) بإسناد ضعيف لانقطاعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 المحبث الخامس: القتال يوم الدار ... المبحث الخامس: القتال يوم الدار. ورغم هذه المحاولات منه رضي الله عنه لصد المدافعين عنه عن قتال المحاصرين له، فإن بعض الروايات تشير إلى أنه قد حدث احتكاك، واشتباك خفيف أدى إلى حمل الحسن بن علي رضي الله عنهما جريحاً من الدار يوم الدار1. وتفصل روايات ضعيفة2 وأخرى ضعيفة جداً3 في ذلك، وتذهب إلى أنه قد وقع قتال عنيف، ولكن لا يحتج بها لضعف أسانيدها. وفي رواية صحيحة، أنه أخرج من الدار يوم قتل عثمان رضي الله عنه أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن   1 البخاري، التاريخ الصغير (7/ 237) ، وعلي بن الجعد، المسند (2/ 959) ، وابن سعد، الطبقات (8/ 128) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [40] . 2 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 381) ، وإسناده ضعيف ففيه عبد الرحمن بن شريك، صدوق يخطئ، وشريك مثله خطؤه كثير وتغير حفظه، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، كما أنه رمي بالتشيع وفي الرواية ما يقوي بدعة التشيع، والحارث بن أبي بكر لم يوثقه غير ابن حبان، وللتفصيل انظر الملحق الروايات رقم: [153] ، و [154] . 3 جاء ذلك في رواية للواقدي، رواها عنه الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/379-380) ، والواقدي متروك، وباقي رجال السند مجهولون، وفي (4/ 394) ، من طريق الواقدي أيضا وفيه راو ضعيف آخر، وبذلك فإن الإسنادين ضعيفان جداً بالواقدي انظر الملحق الرواية رقم: [341] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 عثمان رضي الله عنه، وهم: الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم1.   1 ابن عبد البر، الاستيعاب (مع الإصابة 3/ 78) بإسناد حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 المبحث السادس: آخر أيام الحصار وفيه الرؤيا. وفي آخر يوم من أيام الحصار-وهو اليوم الذي قتل فيه- نام رضي الله عنه1 فأصبح يحدث الناس2 يقول:   1 الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (395) من رواية النعمان بن بشير عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه، وفي إسناده مجهولان وصدوق، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [100] . وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق 163ب -ق164أ) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من راواية أبي علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، عن كثير بن الصلت، قال الهيثمي: "أبو علقمة لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات"، قلت: وهو كما قال، فلم أجد له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [97] ، وبهذين الطريقين، يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. 2 أبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهم، وفي الإسناد أبوجعفر الرازي: صدوق سيء الحفظ، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان؛ من طريق يعلى بن حكيم عن نافع عن عثمان -رضي الله عنهم -، وإسناده صحيح إلى نافع، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فالإسناد منقطع، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 388-389) ومن طريقه ابن الأثير، أسد الغابة (3/490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق164 أ) ، وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/232) ؛ كلهم من رواية مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، عن عثمان رضي الله عنه، وقال الهيثمي عن رجاله: ثقات، قلت: مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . وابن سعد، الطبقات (3/ 75) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق 163ب -ق164أ) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية أبي علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، عن كثير بن الصلت، قال الهيثمي: أبو علقمة لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات، قلت: وهو كما قال، فلم أجد له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ليقتلني القوم1.   1 البزار، البحر الزخار (2/ 69-70) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ من طريق عبد الملك بن عمير، عن كثير بن الصلت، عن عثمان، وعبد الملك مدلس من الثالثة، واختلط، ولم تتميز رواية الراوي عنه هنا أهي قبل اختلاطه أم بعد؟ كما أن إسماعيل بن إبراهيم: ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . وابن سعد، الطبقات (3/75) ، وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (2/ 7) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ من رواية أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان عنه، وقال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم"، وقال أحمد شاكر: "فيه نظر"، وأعله بزياد وبأم هلال، قلت: زياد: ضعيف، وأم هلال: مجهولة، فالإسناد ضعيف بهما، انظر الملحق الرواية رقم: [99] . والبخاري، في التاريخ الكبير (1/ 262) ، وخليفة بن خياط، المسند، جمع الدكتور أكرم العمري (46) من رواية عبد الله بن سلام عن كثير بن الصلت، وفيه شعيب بن صفوان، ومحمد بن يوسف، قال الحافظ عن كل منهما: "مقبول"، انظر الملحق الرواية رقم: [102] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام1 ومعه أبوبكر   1 أبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر عن عثمان -رضي الله عنهم-، وفي الإسناد أبو جعفر الرازي: صدوق سيء الحفظ، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان؛ من طريق يعلى بن حكيم عن نافع عن عثمان -رضي الله عنهم -، وإسناده صحيح إلى نافع، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فالإسناد منقطع، انظر الرواية رقم: [97] . وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 388-389) ، ومن طريقه ابن الأثير، أسد الغابة (3/ 490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، وأبويعلى، المقصد العلي (ق164أ) ،وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، عن عثمان رضي الله عنه، وقال عنه الهيثمي: رجاله ثقات، قلت: مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . وابن سعد، الطيقات (3/75) ، وعبد الله بن أحمد بتحقيق أحمد شاكر (2/7) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ من رواية: أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان عنه، وقال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم"، وقال أحمد شاكر: "فيه نظر"، وأعله بزياد وبأم هلال، قلت: زياد ضعيف، وأم هلال: مجهولة، فالإسناد ضعيف بهما، انظر الملحق الرواية رقم: [99] . والبخاري، في التاريخ الكبير (1/ 262) ، وخليفة بن خياط، المسند، جمع الدكتور أكرم العمري (46) ، من رواية عبد الله بن سلام عن كثير بن الصلت، وفيه شعيب بن صفوان، ومحمد بن يوسف، قال الحافظ عن كل منهما: "مقبول"، انظر الملحق الرواية رقم: [102] . الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/96) ؛ من رواية النعمان بن بشير عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه، وفيه إسناده مجهولان وصدوق، وللتفصيل انظر الملحق الرواية رقم: [102] . والبزار، البحر الزخار (2/ 69-70) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ من طريق عبد الملك بن عمير، عن كثير بن الصلت عن عثمان، وعبد الملك مدلس من الثالثة، واختلط، ولم تتميز رواية الراوي عنه هنا أهي قبل اختلاطه أم بعد؟ كما أن إسماعيل بن إبراهيم: ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وعمر1 فقال النبي صلى الله عليه وسلم:   1 عبد الله بن أحمد، مسند بتحقيق أحمد شاكر (1/ 388-389) ، ومن طريق ابن الأثير، أسد الغابة (3/ 490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، وأبويعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، عن عثمان رضي الله عنه، وقال الهيثمي عن رجاله: ثقات، قلت: مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . البزار، البحر الزخار (2/ 69-70) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ من طريق عبد الملك بن عمير، عن كثير بن الصلت عن عثمان، وعبد الملك مدلس من الثالثة، واختلط، ولم تتميز رواية الراوي عنه هنا أهي قبل اختلاطه أم بعد؟ كما أن إسماعيل بن إبراهيم: ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 262) ، وخليفة بن خياط، المسند، جمع الدكتور أكرم العمري (46) ، من رواية عبد الله بن سلام عن كثير بن الصلت، وفيه شعيب بن صفوان، ومحمد بن يوسف، قال الحافظ عن كل منهما: "مقبول"، انظر الملحق الرواية رقم: [102] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 "يا عثمان أفطر عندنا" 1 فأصبح   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 75) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق163ب -ق164أ) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية أبي علقمة، مولى عبد الرحمن بن عوف، عن كثير بن الصلت، قال الهيثمي: أبو علقمة لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات، قلت: وهو كما قال، فلم أجد له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . وبهذين الطريقين، يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. أبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر عن عثمان -رضي الله عنهم-، وفي الإسناد أبو جعفر الرازي: صدوق، سيء الحفظ، وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان؛ من طريق يعلى بن حكيم عن نافع عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده صحيح إلى نافع، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فالإسناد منقطع، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 388-389) ، ومن طريقه ابن الأثير، أسد الغابة (3/490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، وأبويعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، عن عثمان رضي الله عنه، وقال عنه الهيثمي: رجاله ثقات، قلت: مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . وابن سعد، الطبقات (3/75) ، وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (2/7) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ من رواية أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان عنه، وقال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم"، وقال أحمد شاكر: "فيه نظر"، وأعله بزياد وبأم هلال، قلت: زياد ضعيف، وأم هلال مجهولة، فالإسناد ضعيف بهما، انظر الملحق الرواية رقم: [99] . والبخاري في التاريخ الكبير (1/262) ، وخليفة بن خياط، المسند جمع الدكتور أكرم العمري (46) ، من رواية عبد الله بن سلام عن كثير بن الصلت، وفيه شعيب بن صفوان، ومحمد بن يوسف، قال الحافظ عن كل منهما: "مقبول"، انظر الملحق الرواية رقم: [102] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 صائماً1   1 ابن سعد، الطبقات (3/75) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق163ب -ق164أ) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية أبي علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، عن كثير بن الصلت، قال الهيثمي: أبو علقمة لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات، قلت: وهو كما قال، فلم أجد له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . ورواه أبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر عن عثمان -رضي الله عنهم-، وفي الإسناد أبو جعفر الرازي: صدوق، سيء الحفظ، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان؛ من طريق يعلى بن حكيم عن نافع عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده صحيح إلى نافع، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فالإسناد منقطع، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وقتل من يومه1.   1 ابن سعد، الطبقات (3/75) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق163ب -ق164أ) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية أبي علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، عن كثير بن الصلت، قال الهيثمي: أبو علقمة لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات، قلت: وهو كما قال، فلم أجد له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، انظر الملحق الرواية رقم: [97] . ورواه أبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، ومن طريقه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر عن عثمان -رضي الله عنهم-، وفي الإسناد أبو جعفر الرازي: صدوق، سيء الحفظ، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . وابن سعد، الطبقات (3/ 74-75) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان؛ من طريق يعلى بن حكيم عن نافع عن عثمان رضي الله عنه، وإسناده صحيح إلى نافع، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فالإسناد منقطع. وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 388-389) ، ومن طريقه ابن الأثير، أسد الغابة (3/ 490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، وأبويعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) ؛ كلهم من رواية مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، عن عثمان رضي الله عنه، وقال عنه الهيثمي: رجاله ثقات، قلت: مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . والبزار، البحر الزخار (2/ 69-70) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) من طريق عبد الملك بن عمير، عن كثير بن الصلت عن عثمان، وعبد الملك مدلس من الثالثة، واختلط، ولم تتميز رواية الراوي عنه هنا أهي قبل اختلاطه أم بعد؟ كما أن إسماعيل بن إبراهيم ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق، فإن الشيطان لا يتمثل في صورته، كما ثبت في الصحيح عنه أنه قال: "من رآني فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي" 1   1 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (12/ 383) من حديث أنس رضي الله عنه، ومسلم في صحيحه (شرح النووي 15/ 24) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 , وقال أيضاً: "وإن الشيطان لا يتراءى بي" 1, وقال: "من رآني فقد رأى الحق2فإن الشيطان لا يتكونني" 3, وقال: "من رآني في النوم فقد رآني، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي" 4. والصورة التي لا يستطيع الشيطان التمثل ولا التكون بها، إنما هي صورة النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقية التي كان عليها في حياته5. فمن يرى شخصاً في المنام، على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعليه أن يطابق الصورة المرئية مع صورة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية، إن كان رآها، وإلا فعلى ما ورد في الصحيح من وصفه صلى الله عليه وسلم6.   1 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (12/ 383) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. 2 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (12/ 383) ومسلم في صحيحه (شرح النووي 15/ 26) من حديث أبي قتادة وأبي سعيد -رضي الله عنهما-. 3 رواه البخاري في صحيحه، فتح الباري (12/ 383) ؛ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. 4 رواه مسلم في صحيحه (شرح النووي 15/ 26) ؛ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. 5 ابن حجر، فتح الباري (12/ 386) . 6 انظر شرح مسلم للنووي (15/ 25) ، وفتح الباري، لابن حجر (12/ 384) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 لذلك يقول ابن سيرين: "إذا رآه في صورته"1. ولما قال كليب2 لعبد الله بن عباس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، قال له: صفه لي، فوصفه له وذكر أنه يشبه الحسن بن علي، قال له: قد رأيته3. وكان ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم: قال: صف لي الذي رأيته، فإن وصف له صفة لا يعرفها قال: لم تره4. وقيد الرؤيا الحقيقية على هذا النحو: القاضي أبوبكر بن العربي، فهو يرى أن ذلك لمن رآه على صورته المعروفة، وأما إذا رآه على خلاف صفته فإن رؤياه أمثال5. ويقول المازري في اشتراط تطابق صورة المرئي مع صورة النبي صلى الله عليه وسلم المعروفة: "وعلى ذلك جرى علماء التعبير، فقالوا: إذا قال الجاهل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يسأل عن صفته، فإن وافق الصفة المروية وإلا فلا يقبل منه"6.   1 علقه البخاري في صحيحه (فتح الباري 12/ 383) وستأتي شواهد له عن ابن سيرين. 2 كليب بن شهاب الجرمي والد عصام، قال عنه أبو داود: "كان من أفضل أهل الكوفة" (ابن حجر، الإصابة 3/ 323) . 3 ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 384) ، وعزاه للحاكم وجوّد إسناده. 4 ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 384) وصحح إسناده. 5 ابن حجر، فتح الباري (12/ 384) . 6 المصدر السابق (12/ 387) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 فإذا تحقق الرائي من أن المرئي هو الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تطابقت الصورة التي رآها في المنام مع الصورة المعروفة للرسول صلى الله عليه وسلم، فإن المرئي هو الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الرؤيا الحقيقية ليست كالرؤية المباشرة، فإن الثانية تثبت الصحبة للرائي، كما ينبني عليها أمور أخرى منها: أ - أن يكون الوحي لم ينقطع، وهذا مخالف للواقع. ب - ومنها أن يلزم الرائي ومن سمع رؤياه العمل بما يقتضيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يَروي ويُخبر ويَحكي عن ربه، فهذا الرائي يذكر ما يذكره عن ربه ويحكي ما يحكيه عن ربه. أما الأولى فلا تثبت الصحبة للرائي، كما لا يتعلق بها ما تقدم ذكره في الرؤية المباشرة والسماع المباشر. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "من قال: ما رآه في المنام حقاً فقد أخطأ، ومن قال إن رؤيته في اليقظة بلا واسطة، كالرؤية بالواسطة المقيدة بالنوم فقد أخطأ، ولهذا يكون لهذه تأويل وتعبير دون تلك، وكذلك ما سمعه منه من الكلام في المنام، هو سماع منه في المنام، وليس هذا كالسماع في اليقظة"1. والرؤيا الحقيقية في اليقظة "تكون مطلقة وتكون مقيدة بواسطة المرآة والماء أو غير ذلك، حتى إن المرئي يختلف باختلاف المرآة، فإذا كانت كبيرة مستديرة، رئي كذلك، وإن كانت صغيرة أو مستطيلة رُئي   1 مجموع الفتاوى (12/ 279) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 كذلك"1. والفرق بين كون الرؤيا حقيقية أو غير حقيقية، هو احترازها عن حديث النفس وتحزين الشيطان، فإن الرؤيا ثلاثة أقسام: أ- رؤيا بشرى من الله. ب- ورؤيا تحزين من الشيطان. ج- ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه في اليقظة فيراه في المنام، وقد ثبت هذا في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم2. ومما تقدم يتبين أن رؤيا الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام، رؤيا صحيحة حقة، لأنهم يعرفون صورته الحقيقية التي لا يستطيع الشيطان تقمصها أو التمثل بها، بعكس من لا يعرف صورته الحقيقية فإن الشيطان قد يلبس   1 المصدر السابق (12/ 279) . 2 ابن تيمية، مجموع الفتاوى (12/ 278) ، وانظر صحيح البخاري (فتح الباري 12/ 404-405) ، وصحيح مسلم (4/ 1773) ، ولفظه: "عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة، والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة [هكذا] ، بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس"، قال: "وأحب القيد وأكره الغل، والقيد ثبات في الدين" قال الراوي: "فلا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين". والترمذي، السنن (4/ 532، 537، 541-542) ، وابن ماجه، السنن (2/ 1285-1286) ، والدارمي، السنن (2/ 125) ، وأحمد، المسند (2/ 395) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 عليه، فيتصور بصورة غير النبي صلى الله عليه وسلم ويوهم الرائي أنه النبي صلى الله عليه وسلم. أما أقواله صلى الله عليه وسلم التي يسمعها الرائي في منامه، فتعرض على سنته فما وافقها فهو حق، وما خالفها فالخلل في سمع الرائي، فرؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق، والخلل إنما وقع في سمع الرائي أو بصره1. فتبين من ذلك أن عثمان رضي الله عنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعلاً، وليس تمثلاً من الشيطان بصورته؛ لأن عثمان رضي الله عنه يعرف صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا يستطيع الشيطان التمثل بها. كما أن في هذه الرؤيا بشارة ثانية من النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بالجنة وأنه معه فيها. وفيها أيضاً دليل على أن عثمان رضي الله عنه لم يغير ولم يبدل، بل ثبت واستقام حتى أتاه اليقين، لا كما يزعم أعداؤه المبطلون.   1 ابن حجر، فتح الباري (12/ 387) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الفصل الثاني: قتله رضي الله عنه وقاتله المبحث الأول: صفة قتله رضي الله عنه ... المبحث الأول: صفة قتله رضي الله عنه. استمر الحصار إلى صبيحة يوم الجمعة؛ الموافق للثاني عشر من شهر ذي الحجة من السنة الخامسة والثلاثين بعد الهجرة1. وفي هذا الوقت كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يجلس في داره ومعه عدد كبير2 جداً3 من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم، يريدون الدفاع عنه وحمايته من اعتداء المحاصرين منهم:   1 سيأتي في المبحث التالي تحديد تاريخ قتله. 2 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، من رواية عبد الله بن الزبير، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [119] . 3 خليفة بن خياط، التاريخ (173) ، من طريق ابن سيرين عن سليط بن سليط، وسليط هذا لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [84] . وابن سعد، الطبقات (3/ 71) ، من طريق ابن سيرين دون ذكر سليط، وبذلك يكون الإسناد منقطعاً لأن ابن سيرين لم يعاصر الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . وخليفة بن خياط، التاريخ (173) من رواية عبد الله بن الزبير، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [11] . وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 227) من رواية الحسن البصري، وفي إسناده أبو عبيدة، ضعفه غير واحد، فالخبر حسن لغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [128] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الحسن بن علي1 وعبد الله بن عمر2 وعبد الله بن الزبير3 وعبد الله بن عامر بن ربيعة رضي الله عنهم4 ومحمد   1 ابن عبد البر، الاستيعاب (3/ 78 مع الإصابة) من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها- وخليفة بن خياط، التاريخ (175) بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [51] . وخليفة بن خياط، التاريخ (173) من طريق ابن سيرين عن سليط بن سليط، وسليط هذا لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [84] . وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (396) من رواية نافع، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . 2 سعيد بن منصور، السنن (2/ 336) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 204) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وأبو عرب، المحن (69-70) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) ؛ كلهم من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [38] . وابن سعد، الطبقات (3/ 71) من طريق ابن سيرين، دون ذكر سليط، وبذلك يكون الإسناد منقطعاً لأن ابن سيرين لم يدرك الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (396) من رواية نافع، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (397-398) بإسناد حسن انظر الملحق الرواية رقم: [77] . 3 ابن عبد البر، الاستيعاب (3/ 78 مع الإصابة) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (175) ، من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها- بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [51] . وابن سعد، الطبقات (3/ 71) من طريق ابن سيرين دون ذكر سليط، وبذلك يكون الإسناد منقطعاً لأن ابن سيرين لم يعاصر الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . وابن سعد، الطبقات (3/70) ، وابن أبي شيبة، المصنف، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (399-400) بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [117] . 4 سعيد بن منصور، السنن (2/ 336) ، وابن سعد، الطبقات (3/70) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 204) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وأبو عرب، المحن (69-70) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) ؛ كلهم من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [38] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بن حاطب، ومروان بن الحكم1، وكثير بن الصلت2، ونائلة بنت الفرافصة3،   1 ابن عبد البر، الاستيعاب (3/ 78 مع الإصابة) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (175) ، من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها- بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [51] . وابن سعد، الطبقات (3/ 71) من طريق ابن سيرين دون ذكر سليط، وبذلك يكون الإسناد منقطعاً لأن ابن سيرين لم يعاصر الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [83] . وابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، وابن أبي شيبة، المصنف، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (399-400) بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [117] . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 75) ، والبزار، كشف الأستار (3/ 181) ، وأبويعلى، المقصد العلي (ق163ب -ق164أ) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ؛ كلهم من طريق أبي علقمة عن كثير بن الصلت، وإسناده ضعيف لجهالة أبي علقمة، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . وأبو عرب، المحن (67) ، من طريق عوانة بن الحكم، قال: بلغنا أن كثير بن الصلت وهذا إسناد ضعيف، لإبهام شيخ عوانة، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . والبزار، كشف الأستار (3/ 180-181) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ج3/ ق257ب) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391) ؛ كلهم من طريق عبد الملك بن عمير، عن كثير بن الصلت، وإسناده ضعيف، بإسماعيل بن إبراهيم، انظر الملحق الرواية رقم: [103] . وبمجموع هذه الطرق يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. 3 ابن سعد، الطبقات (3/ 76) ، وأبو عرب، المحن (44) ، وأبو نعيم، حلية الأولياء (1/ 57) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 42) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (228) بإسناد صحيح إلى ابن سيرين، وابن سيرين لم يدرك قتل عثمان رضي الله عنه، انظر الملحق الرواية رقم: [90] . وابن سعد، الطبقات (3/ 76) ، وأبونعيم، حلية الأولياء (1/ 57) بإسناد صحيح إلى أنس بن سيرين، وأنس لم يدرك قتل عثمان رضي الله عنه، انظر الملحق الرواية رقم: [91] وأبوسعيد بن الأعرابي، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة عثمان (228) وأحال المحقق على معجم ابن الأعرابي (ق120أ) ، من طريق أيوب السختياني عن نائلة، وفي الإسناد ضعف، لجهالة بكر بن فرقد، ولعدم تبين روايته عن النعمان بن بشير، وفي إسناده مجهول أيضاً، انظر الملحق الرواية رقم: [92] ، والخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 كنانة مولى صفية رضي الله عنها1 ورجال من بني عدي بن سراقة وابن مطيع2.   1 ابن عبد البر، الاستيعاب (3/ 78 مع الإصابة) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (175) من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها- بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [77] . وعلي بن الجعد، المسند (2/ 958-959) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (417-418) ، وإسناده حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [67-68] . 2 سعيد بن منصور، السنن (2/ 339) ، ابن سعد، الطبقات (3/70) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/ 204) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (173) ، وأبو عرب، المحن (69-70) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) ؛ كلهم من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [38] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وكان عثمان رضي الله عنه يأمرهم بالخروج، وينهاهم عن الدفاع عنه، وهم مصرون على ذلك؛ كما تقدم. وأخيراً استطاع أن يقنعهم، فخرجوا من الدار، وخُلِّي بينه، وبين المحاصرين1فلم يبق في الدار إلا عثمان وآله، وليس بينه وبين المحاصرين مدافع، ولا حامٍ من الناس، وفتح رضي الله عنه باب الدار2. فترى هل سيهاب القوم من خليفتهم فيحجموا عن إيذائه، فتزول كل الأحقاد لهول الموقف، أو أنهم أناس صادقون في غيرتهم ضالون عن جادة الحق يرون أن قتله واجب ديني؟ فسيقتلونه محسنين قتلته، لنترك بيان ذلك إلى الروايات الصحيحة التي ستكشف لنا عن حقيقة القوم، وعن صفة دخولهم عليه وما فعلوه به. لتحكي لنا أحداث تلك الساعة الحاسمة التي لم يمح ذكرها عبر العصور التي مضت منذ حدوثها إلى يومنا هذا، أي منذ ما يقارب الأربعة عشر قرناً.   1 ابن سعد، الطبقات (3/70) ، وابن أبي شيبة، المصنف، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (399-400) ، من رواية عبد الله بن الزبير بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [117] . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 70-75) وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (389-391) من رواية نافع مولى ابن عمر، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه انظر الملحق الرواية رقم: [38] . وخليفة، التاريخ (174) من رواية سعيد بن مولى أبي أسيد بإسناد صحيح أو حسن، وابن سعد، الطبقات (3/66) انظر الملحق الرواية رقم: [121] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 بعد أن خرج من في الدار ممن كان يريد الدفاع عنه، نشر رضي الله عنه المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ منه1. وكان إذ ذاك صائماً2 فإذا برجل من المحاصرين -لم تسمه   1 ابن سعد، الطبقات (3/70-75) وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (389-391) من رواية نافع مولى ابن عمر، ونافع لم يدرك عثمان رضي الله عنه انظر الملحق الرواية رقم: [38] . وخليفة، التاريخ (174) من رواية سعيد بن مولى أبي أسيد بإسناد صحيح أو حسن، وابن سعد، الطبقات (3/66) انظر الملحق الرواية رقم: [121] . والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/383–384) من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [123] . وخليفة، التاريخ (174) ، من رواية سعيد بن مولى أبي أسيد بإسناد صحيح أو حسن، وابن سعد، الطبقات (3/ 66) ، انظر الملحق الرواية رقم: [121] ، وخليفة بن خياط، التاريخ (171) ، من رواية أم أم يوسف بنت ماهك، وإسناده: ضعيف لجهالة أم يوسف وأمها، ولكن تشهد له رواية سعيد، انظر الملحق الرواية رقم: [146] . 2 البزار، كشف الأستار (3/181) ، وأبو يعلى، المقصد العلي (ق 164أ) ، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق257ب) ، وأبو نعيم، كما في تاريخ دمشق، لابن عساكر، ترجمة عثمان (391) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (390) ، من رواية نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بإسناد فيه أبوحعفر الرازي، وهو صدوق سيء الحفظ، انظر الملحق الرواية رقم: [96] . وابن سعد، الطبقات (3/75) ، وعبد الله بن أحمد، مسند أحمد (2/ 7) ، بتحقيق: أحمد شاكر، من رواية نائلة بنت الفرافصة بإسناد فيه أم هلال، وهي مجهولة، وزياد ابن عبد الله لم أجد له توثيقاً، انظر الملحق الرواية رقم: [99] . والخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه (1/ 96) ، من رواية نائلة أيضاً وفي إسناده مجاهيل، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (391-392، 394) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67) من رواية عبد الله بن سلام، بإسناد فيه فرج بن فضالة وهو ضعيف، وقد تكون في الإسناد علة أخرى فالله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الروايات- يدخل عليه، فلما رآه عثمان رضي الله عنه قال له: "بيني وبينك كتاب الله"1 فخرج الرجل، وتركه2 وما إن ولّى حتى دخل آخر، وهو رجل من بني سدوس، يقال له: الموت الأسود؛ فخنقه وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله "ما رأيت شيئاً ألين من خنّاقه، لقد رأيت خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده3. ثم أهوى إليه بالسيف، فاتقاه عثمان رضي الله عنه بيده، فقطعها، وشك الراوي أبانها أو لم يبنها. فقال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطت المفصَّل4 وذلك أنه كان من كتبة الوحي، وهو أول من كتب   1 خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 383-384) ، من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد بإسناد صحيح، انظر الملحق الروايتين رقم: [121] ، [123] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [121] . 3 خليفة بن خياط، التاريخ (174-175) ، من رواية أبي سعيد، بإسناد صحيح أو حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [52] . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 383-384) ، من رواية أبي سعيد بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [121] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 المصحف من إملاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقُتل رضي الله عنه والمصحف بين يديه1. وعلى أثر قطع اليد، انتضح الدم على المصحف الذي كان بين يديه يقرأ منه، وسقط على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 2.   1 عبد الله بن أحمد، مسند أحمد (1/388-389) بتحقيق أحمد شاكر، ومن طريقه ابن الأثير، أسد الغابة (3/490) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (393) ، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . وأبو يعلى، المقصد العلي (ق164أ) ، وأبو عرب، المحن (64) ، وذكره المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 67-68) ، والهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) ، انظر الملحق الرواية رقم: [98] . وصحح إسناده أحمد شاكر، وفيه مسلم أبو سعيد، لم يوثقه غير ابن حبان، ويشهد لهذه الفقرة ما تقدم من أنه ضُرب والمصحف بين يديه، في ما رواه خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 83-84) من رواية أبي سعيد بإسناد صحيح. 2 خليفة بن خياط، التاريخ (175) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (420) ، من رواية عبد الله بن شقيق وقد عاصر الحادثة، وفي هذه الرواية أن أبا حريث رأى هذا الدم على المصحف، والإسناد صحيح إليه، انظر الملحق الرواية رقم: [134] . وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (419) من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد، بإسناد فيه من لم يُوثق، انظر الملحق الرواية رقم: [135] ، ومن رواية معاذ بن معاذ (ص: 420) وفيه أنه رأى في مصحف عثمان أثر الدم على هذه الآية، انظر الملحق الرواية رقم: [136] . وقال خليفة بن خياط، التاريخ (175) : "وفي رواية غير أبي سعيد ... " وذكر معناه، انظر الملحق الرواية رقم: [137] ، وبمحموع هذه الطرق يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وفي رواية: إن أول من ضربه رجل يسمى رومان اليماني، ضربه بصولجان1 ولما دخلوا عليه ليقتلوه أنشد قائلاً: أرى الموت لا يبقي عزيزاً ولم يدع ... لعاد ملاذاً في البلاد ومرتقى وقال أيضاً: يبيت أهل الحصن والحصن مغلق ... ويأتي الجبال في شماريخها2العلى3 ولما أحاطوا به قالت امرأته نائلة بنت الفرافصة: "إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن"4.   1 خليفة بن خياط، التاريخ (175) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، بإسناد صحيح إلى عبد الله بن شقيق وهو معاصر للأحداث، انظر الملحق الرواية رقم: [59] ؛ والصولجان هو: العود المعوج، أو المحجن، الفيروزآبادي، القاموس المحيط (1/204) وابن منظور، لسان العرب (2/ 310) . 2 أي: رؤوسها (ابن منظور، لسان العرب 3/31) . 3 ابن أبي الدنيا، المحتضرين (ق12أ) (كما في حاشية تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 407) ، من رواية مسلم بن بانك، بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [53] . 4 ابن سعد، الطبقات (3/ 76) ، وأبو عرب، المحن (44) ، وأبو نعيم في الحلية (1/57) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (228) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 42) ، من رواية محمد بن سيرين، والإسناد إليه صحيح، إلا أنه لم يعاصر الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [90] . وابن سعد أيضاً، الطبقات (3/ 76) ، وأبو نعيم، الحلية (1/57) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (227-228) من رواية أنس بن سيرن والإسناد إليه صحيح، إلا أنه لم يدرك الحادثة، انظر الملحق الرواية رقم: [90] . وأبو سعيد بن الأعرابي، المعجم (ق120أ) ، كما في حاشية ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (228) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (228) ، من رواية أيوب السختياني، وفيه بكر بن فرقد وهو مجهول، كما لم تتبين روايته عن شيخه عبد الوهاب أهي قبل اختلاطه (أي عبد الوهاب) أم بعده؟ انظر الملحق الرواية رقم: [92] . وبمجموع هذه الطرق يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 ولما فرغ قاتله -الرجل الأسود- من قتله رفع يده أو بسطها في الدار وهو يقول: "أنا قاتل نعثل"1. وكانت قتلته وحشية، حتى إن أبا هريرة رضي الله عنه كان كلما ذكر ما صُنع بعثمان رضي الله عنه بكى حتى ينتحب يقول: هاه هاه2. وفي ذلك يقول سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه: لو أن أحداً ارفضّ3للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفضّ4.   1 علي بن الجعد، المسند (2/ 958-959) ، وابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (417-418) ، من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها- بإسناد حسن، انظر الملحق الروايتين رقم: [67-68] . 2 ابن سعد، الطبقات (3/ 81) ، وسعيد بن منصور، السنن (2/ 335) ، من رواية أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [158] . 3 ارفض: أي زال من مكانه، فتح الباري (7/176) ولم أجد هذه اللفظة في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، ولا في مختار الصحاح. 4 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري: 7/ 176، 178، 12/ 315) ، وابن سعد، الطبقات (3/79) ، وابن أبي شيبة، المصنف (15/205) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (176-177) ، وأحمد بن حنبل، فضائل الصحابة (1/278) ، والطبراني، المعجم الكبير (1/84) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (485-486) من رواية قيس بن أبي حازم، عن سعيد رضي الله عنه، انظر الملحق الرواية رقم: [33] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 المبحث الثاني: تاريخ قتله إن في تحديد السنة التي قتل فيها عثمان رضي الله عنه شبه إجماع من المؤرخين، فلم يقع خلاف في أنه كان في السنة الخامسة بعد الثلاثين من الهجرة، إلا ما رُوي عن مصعب بن عبد الله: أنه كان في السنة السادسة والثلاثين1وهو قول شاذ مخالف للإجماع. فممن قال بالقول الأول جمع غفير منهم: عبد الله بن عمرو بن عثمان ت 96?2. وعامر بن شراحيل الشعبي ت بعد المائة من الهجرة3. ونافع مولى ابن عمر ت 117?4. وقتادة بن دعامة السدوسي توفي سنة بضع وعشرة ومائة5. ومخرمة بن سليمان الوالبي ت 130?6. وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب المتوفى بعد سنة   1 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 415) . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (528) . 3 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 416) . 4 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 73) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/ 489) . 5 أبو عرب، المحن (66) . 6 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/417) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 140?1. ومحمد بن إسحاق ت 150?2. وأبو معشر ت 170?3. ويزيد بن عبيدة4. وسيف بن عمر التميمي، المتوفى في حدود 170?5. والليث بن سعد ت 175?6. وهشام بن الكلبي ت 204?7. ومحمد بن عمر الواقدي ت 207?8.   1 أحمد، المسند (2/ 11) بتحقيق أحمد شاكر، وضعفه، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (526، 528-529، 531) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/489) . 2 البخاري، التاريخ الصغير (1/84) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (530-531) . 3 أحمد، المسند (2/10بتحقيق أحمد شاكر) ، وضعّفه، وخليفة بن خياط، التاريخ (176) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (204، 209-230) . 4 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (529) . 5 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) . 6 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 7 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/417) . 8 ابن قتيبة، المعارف (197) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ويعقوب بن إبراهيم الزهري ت 208هـ. وأبو نعيم الفضل بن دكين ت 218هـ. وأبو عمر الضرير ت 220هـ. وخليفة بن خياط ت 240هـ. وعمرو بن علي ت 249هـ. والزبير بن بكار ت 256هـ. ويعقوب بن سفيان الفسوي ت 277هـ. تحديد الشهر: ولا خلاف أيضاً عند المؤرخين في تحديد الشهر الذي قتل فيه رضي الله عنه، وأنه ذو الحجة8 إلا أنه اختلف في تحديد ما بعد ذلك من اليوم والساعة وغير ذلك.   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (201) . 2 المصدر السابق (531) . 3 المصدر السابق (530) . 4 التاريخ (176) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 6 المصدر نفسه (532) . 7 المصدر نفسه (530) . 8 نقل الطبري الإجماع على ذلك في: تاريخ الأمم والملوك (4/ 415) ، ونقل ابن قتيبة عن الواقدي أنه لا خلاف في ذلك (ابن قتيبة، المعارف ص: 197) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 تحديد اليوم من الشهر: اختلف في ذلك على ثمانية أقوال، محصورة فيما بين الثامن والثامن والعشرين من ذي الحجة، وفيما يلي تفصيل هذه الأقوال: القول الأول: قال الواقدي: لثمان ليال خلت من ذي الحجة أي: (يوم التروية) 8/ 12/35?1. القول الثاني: روي عن عبد الله بن عمرو، وذكره خليفة بن خياط بصيغة التمريض أنه كان يوم النحر؛ أي: (يوم عيد الأضحى) 2 10/12/35?. القول الثالث: صح عن أبي عثمان النهدي3 وقال به عمرو بن علي4 ويعقوب الفسوي5 وحكاه الزهري6 بصيغة: "فزعم بعض الناس" أنه كان في أوسط أيام التشريق؛ وهو اليوم الثاني عشر من أيام ذي الحجة؛ 12/ 12/35?.   1 ابن قتيبة، المعارف (ص: 197) . 2 التاريخ (177) . 3 ابن أبي شيبة، المصنف (15/230) ، وابن سعد، الطبقات (3/79) ، وخليفة بن خياط، التاريخ (176) ، وأحمد في المسند تحقيق أحمد شاكر (2/10 وصححه) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (526) ، وابن الأثير في أسد الغابة (3/489) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 73) . 4 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 5 المصدر نفسه (532) . 6 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 417) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 القول الرابع: روي عن الليث بن سعد1 أنه كان مصدر الحاج؛ وهو اليوم الرابع من أيام النحر2؛ أي 13/ 12/ 35?. القول الخامس: قال أبو نعيم الفضل بن دكين3 بأنه كان لست عشرة بقين من ذي الحجة؛ 13 - 14/ 12/ 35?. القول السادس: قال أيضاً بهذا القول4 أنه كان لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة، 17/ 12/ 35?. القول السابع: أنه كان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة؛ 18/12/35? قال به: نافع مولى ابن عمر5 والشعبي6 ومخرمة بن سليمان الوالبي7 ومحمد بن إسحاق8   1 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 73) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 2 الفيروز آبادي، القاموس المحيط (2/70) ، وابن منظور، لسان العرب (4/449) . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (176) ، وابن الأثير في أسد الغابة (3/489) . 5 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) . 6 المصدر السابق (4/417) . 7 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (530) . 8 أحمد، المسند (تحقيق أحمد شاكر 2/10 وضعفه) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وأبو معشر1 وسيف بن عمر التميمي عن شيوخه2 وإبراهيم بن سعد الزهري3 وهشام بن الكلبي4 ومصعب بن عبد الله الزبيري، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري5 وعزاه الطبري إلى الجمهور6 وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة7. القول الثامن: ذكر ابن الأثير8 بصيغة التمريض أنه كان لليلتين بقيتا من ذي الحجة 27- 28/12/35?. الترجيح: والذي ترجح لديَّ من هذه الأقوال؛ القول الثالث الذي فيه أنه   1 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (201) . 3 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/417) . 4 المصدر السابق (4/ 415) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (201) . 6 تاريخ الأمم والملوك (4/415) . 7 الرياض النضرة (3/ 73) . 8 أسد الغابة (3/ 489) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 استشهد في أوسط أيام التشريق (12/12/35?) لصحة نقله عن أبي عثمان النهدي، المعاصر للحادثة. وما سواه من أقوال لم يصح إسناد شيء منها، وكل ما جاء به من أسانيد فهي ضعيفة، وبعض منها صدر ممن لم يعاصر الحادثة. تحديد اليوم من أيام الأسبوع: أما عن تحديد اليوم الذي قتل فيه من أيام الأسبوع ففيه ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يوم الجمعة، وقال به كل من: نافع مولى ابن عمر1 ومخرمة بن سليمان الوالبي2 وأبومعشر3 وهشام بن الكلبي4 ومحمد بن عمر الواقدي5ومصعب بن عبد الله الزبيري6 وخليفة بن خياط العصفري7 وأبو سليمان بن زبر8. القول الثاني: أنه كان يوم الاثنين، رُوي عن ابن إسحاق9 كما   1 خليفة بن خياط، التاريخ (176) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/ 489) . 2 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 417) . 3 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/ 10 وضعفه) . 4 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/417) . 5 ابن قتيبة، المعارف (197) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/ 489) . 6 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/415) . 7 التاريخ (176) . 8 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) . 9 المصدر السابق (529-530) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 روي عنه أيضاً القول الآتي. القول الثالث: أنه كان يوم الأربعاء، رواه ابن إسحاق1. الترجيح: والذي ترجح لديَّ من هذه الأقوال الثلاثة، قول الجمهور، وهو يوم الجمعة؛ لأنه قول الجمهور ولم يخالفه قول أقوى منه، كما أنه يوافق الحساب الفلكي فإنه ينتج أن اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة من السنة الخامسة والثلاثين يوافق يوم الجمعة2. وهذا يقوي أن وفاته كانت في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة. تحديد وقت قتله من اليوم: وفي تحديد وقت قتله من اليوم قولان هما: القول الأول: أنه كان في صبيحة، أو ضحوة اليوم، قال به الشعبي3 ومخرمة بن سليمان الوالبي4 وابن إسحاق5وهشام بن الكلبي6 والفسوي7 وحكاه الطبري عن غيرهم بلفظ "آخرون"8 وقال   1 المصدر السابق (533) 2 انظر برنامج التقويم المدمج في منسق الكلمات صخر. 3 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/416) . 4 المصدر نفسه (4/ 417) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (530) . 6 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/417) . 7 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) . 8 تاريخ الأمم والملوك (4/416) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 بعضهم: في ضحوته 1. القول الثاني: أنه كان في عصر اليوم، قال به أبو سليمان بن زبر2. الترجيح: ويترجح عندي من هذين القولين أنه كان في صبيحة اليوم، لقول الجمهور به، ولم يخالف بأقوى منه.   1 روى ذلك ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) ؛ عن أبي سليمان بن زبر، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/415) ، عن أبي يعقوب زيد. 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 المبحث الثالث: سنُّه عند استشهاده لم أقف على رواية صحيحة الإسناد تحدد سن عثمان رضي الله عنه عند استشهاده، وكل ما وقفت عليه في ذلك أقوال متضاربة مختلفة. والخلاف في ذلك قديم، حتى إن الطبري -رحمه الله- يقول: "اختلف السلف قبلنا في قدر مدة حياته"1. وبعد جمع الأقوال في ذلك نتج لديّ خمسة عشر قولاً، وهي كالتالي مرتبة على الأقل فما فوقه: القول الأول: أن سنه كانت ثلاثاً وستين سنة [63] ، رواه سيف ابن عمر التميمي عن شيوخه2. القول الثاني: نيف وسبعون، قال به أبو إسحاق السبيعي3. القول الثالث: خمس وسبعون [75] ، قال به هشام بن محمد بن السائب الكلبي4وحكاه محمد بن إسحاق5 والبخاري عن بعضهم6.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/417) . 2 المصدر نفسه (4/ 418) . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (534) . 4 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/418) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (530) . 6 التاريخ الصغير (1/ 84) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 القول الرابع: ثمانون سنة [80] حكاه ابن إسحاق1 عن بعضهم. القول الخامس: نيف وثمانون، قال به محمد بن يعلى2. القول السادس: أنه جاوز الثمانين، قال به أبو زرعة3. القول السابع: بين الثمانين والتسعين [80-90] قال به الزهري 4. القول الثامن: إحدى وثمانون سنة [81] ، قال به كل من: عثمان وأبوبكر ابنا أبي شيبة5 وأبو سليمان بن زبر6. القول التاسع: اثنتان وثمانون سنة [82] ، وقال به الجمهور، فقد قال به: أبوالمقدام، ومحمد بن عبد الله المخزومي7 وزيد8 وأبوعمرو الضرير9 وعبد الله بن عمرو الأموي10 ويحيى بن بكير11 والزبير بن   1 البخاري، التاريخ الصغير (1/ 84) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535-536) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 75-76) . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (534) . 3 التاريخ الصغير (1/596) وعنه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535) . 4 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (534) . 5 المصدر نفسه (531) . 6 المصدر نفسه (533-534) . 7 خليفة بن خياط، التاريخ (177) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535) . 8 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 415) . 9 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (531) . 10 ابن سعد، الطبقات (3/77) ؛ من طريق الواقدي. 11 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 بكار1 ومحمد بن عمر الواقدي، وادعى الإجماع عليه فقال: "لا خلاف عندهم أنه قتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة"2 وقدّم الطبري هذا القول على غيره3 وجزم به ابن الأثير4. القول العاشر: اثنتان وثمانون وأشهر [82 وأشهر] ، رواه الواقدي عن صالح بن كيسان5. القول الحادي عشر: ست وثمانون سنة [86] ، قال به قتادة6. القول الثاني عشر: ثمان وثمانون، أو تسع وثمانون سنة [88أو89] جاء عن قتادة7على الشك هكذا. القول الثالث عشر: ثمان وثمانون أو تسعون [88أو90] ، جاء عن قتادة8 أيضاً على الشك.   1 المصدر نفسه (532) . 2 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 76) . 3 تاريخ الأمم والملوك (4/417) 4 أسد الغابة (3/491) . 5 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/418) . 6 خليفة بن خياط، التاريخ (177) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/418) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535) ، والمحب الطبري، الرياض النضرة (3/76) ، وابن الأثير، أسد الغابة (3/491) . 7 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (535) . 8 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/10-11) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/418) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 القول الرابع عشر: تسعون سنة [90] ، حكاه ابن الأثير1 بصيغة التمريض (قُيل) . القول الخامس عشر: ثلاث وتسعون سنة [93] ، قال به ابن إسحاق2. الترجيح: والذي ترجح لدي من هذه الأقوال؛ القول التاسع، الذي يذهب إلى أن سنه عند استشهاده كانت اثنتين وثمانين سنة، وما يدخل فيه من الأقوال الأخرى لأسباب ثلاثة: الأول: أنه ولد في السنة السادسة بعد عام الفيل3واستشهد في السنة الخامسة والثلاثين بعد الهجرة4فمقارنة سنة ولادته مع سنة استشهاده تؤيد هذا القول5. الثاني: أن أربعة أقوال من الأقوال الخمسة عشر تدخل في هذا   1 أسد الغابة (3/491) . 2 أبو عرب، المحن (82) . 3 ابن عبد البر، الاستيعاب (3/ 70) مع الإصابة. 4 كما تقدم في المبحث المتعلق بتحديد تاريخ قتله. 5 وذلك أن الهجرة كانت سنة 53 من عام الفيل، فبعد إضافة هذا العدد إلى سنة قتله بالهجرية (35) ينتج لدينا أن سنة قتله هي: 88 من عام الفيل (53+35=88) ولما كانت سنة ولادته هي: السادس من عام الفيل، فبإنقاص ست سنين من الثمانية والثمانين (88-6=82) تكون هذه النتيجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 القول ولا تعارضه، وهذا لا يتفق مع أي قول من الأقوال الأخرى. الثالث: أنه قول الجمهور، ولم يخالفه قول أقوى منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 المبحث الرابع: قاتله لقد اتّهم في مباشرة قتل عثمان رضي الله عنه عدة أشخاص، جاء ذلك في روايات كثيرة، منها المقبول، وأكثرها ضعيف مردود. وفي الروايات الصحيحة أنه رجل أسود من أهل مصر1 ولكنها تختلف في تعيينه، ففي رواية منها أنه كان يقال له: حمار2 وفي رواية ثانية: جبلة3 وفي ثالثة: جبلة بن الأيهم4. ومصدر هذه الروايات الثلاث واحد، وهو كنانة5 مولى صفية رضي الله عنها، اختلف فيها عليه، فروى عنه محمد بن طلحة بن مصرف الرواية الأولى، والثالثة، وروى عنه زهير بن معاوية الرواية الثانية.   1 خليفة بن خياط، التاريخ (176) ؛ من رواية الحسن البصري، وابن أبي شيبة، المصنف (15/206) ؛ من رواية جندب الخير، بإسناد حسن لغيره، انظر الملحق الرواية رقم: [114] . وابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (417-418) ؛ من رواية كنانة بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [67] ، وعلي ابن الجعد، السنن (2/ 958-959) ، بإسناد حسن. 2 خليفة بن خياط، التاريخ (175) . 3 البخاري، التاريخ الكبير (7/ 237) . 4 أسد بن موسى كما في الاستيعاب (3/ 349) مع الإصابة. 5 انظر الملحق الرواية رقم: [40] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وزهير ثقة حافظ1 أما محمد فصدوق له أوهام2 فرواية زهير هذه محفوظة، فتصبح رواية محمد -الأولى- شاذة لمخالفتها لرواية أوثق منها. ويحتمل أن لفظة حمار مصحفة من جبلة، لتشابه الرسمين في طريقة الأقدمين في الكتابة، حيث إنّهم كثيراً ما يُغفلون النقط. أما روايته الثالثة، فلا يعمم الحكم عليها من حيث دخول الوهم عليها وعدمه، لأنه وافق زهيراً في بعضها وزاد اسم الأب. وزيادة الثقة مقبولة، إلا أن ما في محمد من وهم، وخفة في الضبط يخرجه من عداد من تقبل زيادتهم، خاصة وأن ما أدت إليه زيادته مردود من وجوه، فإن زيادته تجعل القاتل هو جبلة بن الأيهم، ولا يعرف بهذا الاسم إلا الغساني، ملك الغساسنة، وهو من أهل الشام3 بينما أجمعت الروايات الثلاث على أن القاتل من أهل مصر. كما أن زيادته هذه تدل على أن جبلة؛ اسم للقاتل، بينما يفهم من الروايات الثلاث أنه ليس اسماً إنما هو لقب، لقب به لسواد بشرته، يفهم هذا من قول كنانة: "رجل من أهل مصر يقال له جبلة ... أي الرجل   1 انظر ترجمته في الملحق الرواية رقم: [40] . 2 انظر ترجمته في الملحق الرواية رقم: [18] . 3 له ترجمة في سير أعلام النبلاء، للذهبي (3/378) ، وجمهرة أنساب العرب (372) والبداية والناهية لابن كثير (8/65) ، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني (15/157) ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور (5/368) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الأسود"1. وإذا تذكرنا أن الرجل الذي دخل على عثمان رضي الله عنه وخنقه أسود أيضاً، وأن الراوي قال: "خنقه ثم خنقه قبل أن يضرب بالسيف"2دلنا ذلك على أن هذا الرجل هو القاتل الذي يقال له: جبلة؛ لأنه أسود البشرة، ولأن في قول الراوي: "قبل أن يضرب بالسيف" دليلاً على أنه ضرب بالسيف. فإذا صح هذا الربط، فإنه يبين لنا نسبة هذا القاتل، حيث إن الراوي أوضح عن نسبته وأنه من بني سدوس3. ويزيد ذلك في توهم زيادة (الأيهم) ؛ لأن جبلة بن الأيهم الغساني من الغساسنة4وهذا القاتل من بني سدوس. والخلاصة: أن قاتل عثمان رضي الله عنه رجل مصري، لم تفصح الروايات عن اسمه، وبينت أنه سدوسي الأصل، أسود البشرة، لقب بـ (جِبْلة) لسواد بشرته كما لقب أيضاً ب (الموت الأسود) ، ولم أقف   1 ابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) ، من رواية كنانة مولى صفية -رضي الله عنها - بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [67] . 2 خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 383) ، بإسناد صحيح إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد؛ وهو مختلف في صحبته، انظر الملحق الرواية رقم: [121] . 3 انظر التعريف ببني سدوس في الملحق الرواية رقم: [52] . 4 انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي (3/532) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 على ترجمة تتصف بهذه الصفات. وذهب محب الدين الخطيب إلى أن القاتل: هو عبد الله بن سبأ حيث قال: "ومن الثابت أن ابن سبأ كان مع ثوار مصر عند مجيئهم من الفسطاط إلى المدينة، وهو في كل الأدوار التي مثلها كان شديد الحرص على أن يعمل من وراء ستار، فلعل (الموت الأسود) اسم مستعار له أراد أن يرمز به إليه، ليتمكن من مواصلة دسائسه لهدم الإسلام"1. وقد يشهد لما ذهب إليه: أن ابن سبأ أسود البشرة؛ فقد صح عن علي رضي الله عنه أنه وصفه بالخبث، وسواد البشرة، وذلك في قوله عنه: "الخبيث الأسود"2. وأنه يعتبر من أهل مصر لتغلغل أفكاره في بعض أهلها، ولمكثه فيها آخر أمره، ولقدومه مع أهلها3. وأن اللقبين اللذين وردا للقاتل يلتقيان مع لقبه المشهور (ابن السوداء) ، فإن الألقاب الثلاثة تشتمل على لون بشرته وهو السواد. وأن اللقب الذي لقب به القاتل (جبلة) اسم لرجل يهودي يمني4 ورُوي أن ابن سبأ من يهود اليمن5.   1 العواصم من القواصم، الحاشية (201، ص: 141) . 2 رواه أبو إسحاق الفزاري، كما في لسان الميزان (3/290) من رواية سويد بن غفلة، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [390] وما بعدها. 3 العواصم من القواصم، الحاشية (201، ص: 141) . 4 ذكر ياقوت: أن جبلة اسم لرجل يهودي يمني كان يبيع الفَخَّار (معجم البلدان 2/107) 5 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 340-341) ؛ من طريق سيف بن عمر التميمي: أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء، أمه سوداء ... ، وإسناده ضعيف، انظر الملحق الرواية رقم: [305] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 ولا صحة لاتهام كنانة بن بشر التجيبي الكندي1 ورجل بن بني عبد الدار يسمى نهران الأصبحي2 وأبي عمرو بن بديل الخزاعي3 وسودان بن رومان المرادي4 ورجل من بني أسد بن خزيمة يسمى رومان5 وسودان بن حمران6 ومحمد بن أبي بكر الصديق7 وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه8 بقتل عثمان رضي الله عنه. فكل ذلك رُوي بأسانيد ضعيفة، بينت عللها في قسم دراسة الأسانيد، كما أن متونها شاذة؛ لمخالفتها للرواية الصحيحة التي تبين أن القاتل هو رجل مصري يقال له: جبلة؛ لسواد بشرته.   1 انظر الملحق الروايتين رقم: [137] ، [220] . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [213] . 3 انظر الملحق الرواية رقم: [218] . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [202] . 5 انظر الملحق الرواية رقم: [234] . 6 انظر الملحق الرواية رقم: [215] . 7 انظر الملحق الروايات: [122] ، [123] ، [124] ، [147] ، [210] ، [215] ، [227] . 8 الملحق الرواية رقم: [46] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وأما ما يتعلق بتهمة محمد بن أبي بكر1 فإنه يضاف إلى ما تقدم أنه قد وردت رواية صحيحة الإسناد تبرئه من هذه التهمة، وتكشف عن سبب اتهامه بها؛ يرويها لنا شاهد عيان، -حضر يوم الدار ورأى القاتل- وهو كنانة مولى صفية رضي الله عنها فقد سأله محمد بن طلحة؛ هل ندى محمد بن أبي بكر بشيء من دمه -أي عثمان- فقال: معاذ الله، دخل عليه فقال له عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي، وكلمه بكلام فخرج ولم يند بشيء من دمه2. وفي رواية صحيحة أخرى أن كنانة قال: لم يند محمد بن أبي بكر من دم عثمان بشيء، فقال له محمد بن طلحة: فلم قيل إنه قتله؟ قال: معاذ الله أن يكون قتله، إنما دخل عليه فقال له عثمان.."3. وبهاتين الروايتين الصحيحتين تظهر لنا براءة محمد بن أبي بكر الصديق من دم عثمان، براءة الذئب من دم يوسف، كما تبين أن سبب تهمته هو دخوله عليه قبل القتل.   1 محمد بن أبي بكر الصديق، أبو القاسم، له رؤية، وقتل سنة ثمان وثلاثين، وكان عليٌّ يثني عليه. س ق ابن حجر (التقريب/5764) ، وذكره الحافظ في القسم الثاني من الإصابة، وهم الذين ولدوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (الإصابة 3/ 472) . 2 رواها أسد بن موسى (كما في الاستيعاب لابن عبد البر 3/349 مع الإصابة) ، بإسناد حسن إلى كنانة مولى صفية -رضي الله عنها-. 3 رواها خليفة بن خياط، التاريخ (174) ، من رواية الحسن البصري، بإسناد صحيح إلى الحسن البصري، انظر الملحق الرواية رقم: [122] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- أنه لما كلمه عثمان رضي الله عنه استحيى، ورجع، وتندم، وغطى وجهه وحاجز دونه فلم تفد محاجزته1.   1 البداية والنهاية (7/ 193-194) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 المبحث الخامس: جنازته والصلاة عليه ودفنه لم يصح مما ورد في الصلاة على عثمان رضي الله عنه، وجنازته، ودفنه إلا نتف من روايات ضعيفة، قوّى بعضها بعضاً، فمما تقوى أنه صُلِّي عليه1 وأن مالك بن أبي عامر كان ممن حمل نعشه، وسار في   1 أبو زرعة، التاريخ (187) ، بإسناد منقطع أو معضل، انظر الملحق الرواية رقم: [204] ، وابن سعد من ثلاث طرق: الأولى: (الطبقات 3/78-79) ، وإسنادها منقطع وضعيف جداً بالواقدي، انظر الملحق الرواية رقم: [349] . والثانية: (الطبقات 3/79) ، وإسنادها ضعيف جداً بأبي مالك النخعي، انظر الملحق الرواية رقم: [249] . والثالثة: (الطبقات 3/78) ، وإسنادها ضعيف جداً بالواقدي وبموسى بن محمد التميمي؛ فإن الواقدي متروك، وموسى منكر الحديث، انظر الملحق الرواية رقم: [382] . وروى ذلك أيضاً الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/413) ، بإسناد ضعيف جداً بالواقدي، ومنقطع، ورواه أيضاً ابن عساكر عن ابن إسحاق، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) ، وذكر ذلك خليفة بن خياط، التاريخ (177) ، انظر الملحق الرواية رقم: [338] ، والطبراني، المعجم الكبير (1/78-79) ، بإسناد ضعيف. وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/11) بإسناد صحيح إلى قتادة، وقتادة لم يدرك عثمان رضي الله عنه، انظر الملحق الرواية رقم: [206] . وابن سعد، الطبقات (3/79) ، ورجاله رجال الشيخين إلا الربيع بن مالك بن أبي عامر، فلم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [183] . وذكر ذلك الزبير بن بكار (ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 532) . والطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 415) ، من طريق سيف بن عمر، انظر الملحق الرواية رقم: [320] . وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (542) ، وذكره خليفة بن خياط دون إسناد بلفظ "ويقال" (التاريخ 177) ، وابن عساكر من طريق البخاري (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 458، وقسم النساء (411) ، وفي الإسناد عيسى بن منهال وثقه ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [201] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 جنازته1 وأنه دُفن في حائط من حيطان المدينة يقال له: حش كوكب2.   1 ابن سعد، الطبقات (3/79) ، ورجاله رجال الشيخين إلا الربيع بن مالك بن أبي عامر، فلم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [183] ، وذكر ذلك الزبير بن بكار (ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 532) ، والطبراني، المعجم الكبير (1/78-79) ، وفيه ضعف، وهذه الرواية تقوي التي قبلها ولا تتقوى بها. 2 ابن سعد، الطبقات (3/77-79) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (532، 538، 539، 542 -543) ، عن مالك بن أبي عامر بإسناد رجاله رجال الشيخين إلا الربيع بن أبي مالك وثقه ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [183] . والطبراني، المعجم الكبير (1/78-79) ، وأبو نعيم، معرفة الصحابة (1/259-260) ، وأبو عرب، المحن (72-73) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (542-543) ؛ كلهم من طريق عبد الملك بن الماجشون، عن مالك بن أنس، وفي إسناده ضعف، وبهاتين الطريقين، يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره، وذكر ابن الأثير، أنه دفن في حش كوكب (أسد الغابة 3/491) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وحش كوكب: هو بستان1 بالقرب من بقيع الغَرْقد2. هذه المعلومات التي صحت في هذه الموضوعات الثلاث، وأما الروايات الضعيفة التي رُويت في ذلك فإنها تارة تتوافق، وتارة تتضارب. فقد اختلفت في وقوع منع الصلاة عليه رضي الله عنه، فقد رويت روايات ضعيفة جداً في أن الأنصار مُنعوا من أن يصلى عليه3وأن منهم: أسلم بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني4. وفي رواية ضعيفة أيضاً أنه بقي ليلتين ويوماً لا يصلون عليه، وأن أباحذيفة قال: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته، وفي لفظ آخر إن تمنعوا الصلاة عليه فقد صلى الله عليه وملائكته5. ويروي ابن عساكر أنه لما قتل مكث ثلاثاً لا يدفن، حتى هتف بهم هاتف، أن ادفنوه، ولا تصلوا عليه فإن الله قد صلى عليه6.   1 الطبراني، المعجم الكبير (1/ 79) . 2 وقد أدخل هذا البستان في البقيع، فهو اليوم في جهته الشمالية الغربية؛ وبالتحديد مقابل طرف عمارة الأوقاف رقم (2) الجنوبي الغربي. 3 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 413-414) ، وإسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن فيه رجلاً مجهولاً، انظر الملحق الرواية رقم: [382] . 4 من رواية الواقدي أيضاً. 5 أبو عرب، المحن (65) . 6 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (542) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وذكر ابن الأثير وعوانة منع الصلاة عليه بصيغة التضعيف1وفي رواية لسيف أنه لم يمتنع أحد أن يصلي عليه من شيء، وأن مروان صلى عليه2. وهذه الروايات التي تثبت منع الصلاة عليه، ويثبت بعضها عدم الصلاة عليه -كما تقدم- شديدة الضعف من حيث الإسناد، ويضاف إلى ضعف أسانيدها نكارة متونها. فقد ثبت -كما تقدم- في الرواية الصحيحة أنه صُلي عليه، بل وتفصل روايات يسيرة الضعف، فتذكر أسماء الذين صلوا عليه، وهم: جبير ابن مطعم3 وحكيم بن حزام4 وحويطب بن عبد العزى5،   1 أسد الغابة (3/491) . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (538) . 3 أبو زرعة، التاريخ (187) بإسناد منقطع أو معضل، انظر الملحق الرواية رقم: [204] وابن سعد من ثلاث طرق: الأولى: (الطبقات 3/ 78-79) وإسنادها منقطع وضعيف جداً بالواقدي، انظر الملحق الرواية رقم: [349] . والثانية: (الطبقات 3/79) ، وإسنادها ضعيف جداً بأبي مالك النخعي، انظر الملحق الرواية رقم: [249] . والثالثة: (الطبقات 3/78) ، وإسنادها ضعيف جداً بالواقدي وبموسى بن محمد التميمي؛ فإن الواقدي متروك، وموسى منكر الحديث، انظر الملحق الرواية رقم: [382] . وروى ذلك أيضاً الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/413) ، بإسناد ضعيف جداً بالواقدي، ومنقطع أيضاً، انظر الملحق الرواية رقم: [338] . ورواه أيضاً ابن عساكر عن ابن إسحاق، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (533) ، وذكر ذلك خليفة بن خياط، التاريخ (177) . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (177) دون إسناد، وابن سعد، الطبقات (3/78) بإسناد ضعيف جداً، فيه الواقدي، وموسى بن محمد التميمي، وكلاهما متروك، والطبراني، المعجم الكبير (1/78-79) ، انظر الملحق الرواية رقم: [382] . 5 الطبراني، المعجم الكبير (1/78-79) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 والزبير بن العوام 1 ومالك بن أبي عامر كما تقدم، ومروان بن الحكم2 والمسور بن مخرمة3 ونيار الأسلمي، وأبوجهم بن حذيفة العدوي4 ونائلة بنت الفرافصة الكلبية زوجته، وأم البنين بنت عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزارية5. وفي رواية ضعيفة أيضاً أنه وُضع على سريره في البيت، والناس يجيئون فيصلون عليه، وأن رجلاً كان قد أعطى الله عهداً إن قدر أن يلطم وجه عثمان إلا لطمه، فدخل كأنه يصلي عليه، فوجد خلوة فرفع الثوب عن وجهه فلطم وجهه وسجاه، فيبست يمينه6.   1 أحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/ 11) بإسناد صحيح إلى قتادة، وقتادة لم يدرك عثمان رضي الله عنه، فهو منقطع، انظر الملحق الرواية رقم: [206] . وابن سعد، الطبقات (3/ 79) ، ورجاله رجال الشيخين إلا الربيع بن مالك بن أبي عامر، فلم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [183] ، وذكر ذلك الزبير بن بكار (ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 532) . 2 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/415) ، من طريق سيف بن عمر التميمي، انظر الملحق الرواية رقم: [320] . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (542) وذكره خليفة بن خياط دون إسناد بلفظ "ويقال" (التاريخ 177) . 4 ابن سعد، الطبقات (3/78) بإسناد ضعيف جداً بالواقدي المتروك، وبموسى بن محمد التميمي المنكر الحديث، انظر الملحق الرواية رقم: [382] . 5 ذكر ذلك الزبير بن بكار، دون إسناد (ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 532) . 6 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (458 وقسم النساء 411) من طريق البخاري وفيه عيسى بن منهال، لم يوثقه غير ابن حبان، انظر الملحق الرواية رقم: [201] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 ولا شك أن الظروف التي كانت تحيط بجنازته والصلاة عليه ودفنه، كانت حرجة للغاية، حيث إن الخارجين عليه كانوا محيطين بالدار، كما أن الصلاة عليه كانت ليلاً. وهذا يبين لنا جلياً عذر من لم يصلِّ عليه ممن كان في المدينة إذ ذاك، على فرض صحة نقل ما يثبت ذلك. ولم يرد أن أحداً من الصحابة رضي الله عنهم امتنع عن الصلاة عليه إلا ما روي بإسناد ضعيف عن بعض الأنصار، وإضافةً إلى ضعف الإسناد، فإن الرواية أبهمت أسماء هؤلاء الممتنعين عن الصلاة عليه، فلم تعيّن اسم واحدٍ منهم سوى شخصين اثنين، ويكفينا في ردّها أنها ضعفيفة الإسناد. كما أنها لا تدل على أنه لم يصلّ عليه سوى من سمتهم الروايات، فلا نفي لصلاة كبار الصحابة عليه، كعلي وطلحة والزبير وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة المبحث الأول: ما أثر عن الصحابة في أثر قتل عثمان رضي الله عنه ... المبحث الأول: ما أثر عن الصحابة في أثر قتل عثمان رضي الله عنه استشهد عثمان رضي الله عنه وفاز بالجنة على بلوى أصابته، كما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر الصحابة معه بفتنة قتله، وبشيء من التفصيلات التي ستكون فيها. والروايات تثبت أنه أسرَّ إليه بشيء لم يكن يرغب عليه الصلاة والسلام إعلانه، فاختص عثمان به دون غيره1. ولكن هل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم بأثر استشهاده رضي الله عنه على الأمة؟. لم يصرح أحد من الصحابة بذلك فيما وصل إلينا من روايات، وقد روى بعضهم شيئاً من آثار استشهاده، فهل ذلك بإخبار منه صلى الله عليه وسلم أم مجرد تفرس وبعد نظر منهم رضوان الله عليهم؟. كلا الاحتمالين وارد، لأنهم ليسوا ممن يطلق للسانه العنان دون وعي بما يقول، فيقولون بغير علم، كما أنهم أقوى الناس إيماناً بعد الأنبياء والرسل، فالتفرس أقرب ما يكون إليهم من غيرهم. فمن ذلك ما قاله ثمامة بن عدي رضي الله عنه2 لمّا بلغه قتل عثمان   1 وقد تقدم تفصيل ذلك في موضع سابق. 2 ثمامة بن عدي القرشي، أمير صنعاء الشام لعثمان -رضي الله عنهما - قال الطبري: كان من المهاجرين وشهد بدراً (الذهبي، التجريد 1/70) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 رضي الله عنه وذلك في خطبة خطبها، بكى فيها بكاءً شديداً فلما أفاق واستفاق1 قال: "اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وصارت ملكاً وجبرية، من أخذ شيئاً غلب عليه"2. فقد عبر ثمامة عن معنى عميق، يتصل بفهم نظام الخلافة، وأنه شورى، وأن هدمه بالقوة يحوِّل نظام الحكم إلى ملك جبري. وكان إحساسه بخطورة التحول عميقاً، وألمه لذلك شديداً؛ مما يدل على وعي بالسنن الاجتماعية التي سنها الله في خلقه. وفعلاً وقع ما قاله ثمامة رضي الله عنه إلا أنه لم يقع بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه مباشرة، فقد تولى الخلافة من بعده علي ثم معاوية رضي الله عنهما، ولم تكن خلافتهما كذلك، بل وقع ذلك بعدها.   1 الاستفاقة: من أفاق، إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه، ومنه إفاقة المريض والمجنون والمغشي عليه والنائم (مجد الدين ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/481) . 2 رواه ابن سعد، الطبقات (3/ 80) ، والبخاري، التاريخ الكبير (2/ 176) ، وابن منده (كما في الإصابة 1/204) . كلهم من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن ثمامة، وهذا إسناد صحيح موصول صححه الحافظ ابن حجر، انظر الملحق الرواية رقم: [74] . ورواه عبد الرزاق، المصنف (11/ 447) ، وابن سعد، الطبقات (3/80) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (491) ، وابن الأثير، أسد الغابة (1/296) ، كلهم من طريق أيوب عن أبي قلابة عن ثمامة، وهذا إسناد منقطع، لكن يتقوى بما قبله، انظر الملحق الروايتين رقم: [73] ، [74] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 كما ترتب على استشهاد عثمان رضي الله عنه مفاسد كثيرة، فقد انكشفت حصون الإسلام، وسهل على الأعداء استهدافه، وفي ذلك يقول سمرة بن جندب رضي الله عنه1: "إن الإسلام كان في حصن حصين، وإنهم ثلموا2 في الإسلام ثلمة بقتلهم عثمان، وإنهم شرطوا3 في الإسلام شرطة، وإنهم لا يسدوا ثلمتهم -أو لا يسدونها- إلى يوم القيامة"4. وحقاّ فإن الإسلام كان في حصن التآلف والمحبة، يجمع بين أبنائه الإيمان بالله جل وعلا. فلما تسلل إليه أعداؤه تحت ستار الإسلام، وفعلوا ما فعلوا بعثمان رضي الله عنه زال الحصن ووقع القتال بينهم5. ولعل قول سمرة هذا كان بعد وقوع الفتن التي حدثت في خلافة علي رضي الله عنه، لأن سمرة توفي سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة.   1 سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، له أحاديث، مات في البصرة سنة 58?، ع (التقريب/2630) . 2 ثلموا ثلمة: الثلمة فرجة المكسور والمهدوم (الفيروز آبادي القاموس المحيط 4/87) . 3 شرطوا: الشرط بزغ الحجام بالشرط (ابن منظور، لسان العرب، 7/ 332) . 4 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (493) ، بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [48] . 5 أما ما جرى في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه من حروب المرتدين، فإنها لم تقع بين المسلمين، إنما وقعت بين المسلمين والمرتدين عن الإسلام، فمنهم من مات على كفره، ومنهم من رجع إلى الإٍسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 ويبين حذيفة رضي الله عنه1 أثر قتل عثمان رضي الله عنه على التزام الناس بالإسلام وفهم معانيه بقوله لما بلغه قتل عثمان: "اليوم نزل الناس حافة2 الإسلام، فكم من مرحلة3 قد ارتحلوا عنه"4. ولا شك أن ذلك قد وقع فعلاً فإنَّ المجتمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كان أقوى التزاماً بالإسلام ومعانيه وفهمه. ويظهر من كلام حذيفة رضي الله عنه أنهم درجوا في الضعف، والتدني، وعبر عن ذلك بالارتحال عن الإسلام مراحل، حتى وصلوا إلى   1 حذيفة بن اليمان، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، صح في مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابي أيضاً، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي رضي الله عنه سنة 36?، ع (التقريب/1156) ، والمقصود من قول الحافظ: "أعلمه بما كان ... " أي: من أمور الفتن، فإن علم الغيب لا يعلمه إلا الله. 2 حافة الشيء جانبه وطرفه (الفيروز آبادي، القاموس المحيط، 3/135) ، وابن منظور، لسان العرب (9/ 59) ، وقد ذكر ابن منظور ومجد الدين بن الأثير: أن حذيفة رضي الله عنه قال: لما قتل عمر -رضي الله عنهما-: وذكراه، ولم أقف على ما اعتمداه في ذلك، فلعله وهم والله أعلم. انظر (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/462) . 3 المرحلة هي: المنزلة يرتحل منها (ابن منظور، لسان العرب 11/280) . 4 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/206) بإسناد صحيح رجاله رجال مسلم، انظر الملحق الرواية رقم: [115] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 حافته؛ أي: طرفه، بعد قتل عثمان. ولأقوال حذيفة رضي الله عنه في ذلك أهمية عظيمة جداً، لوعيه العميق بالفتن، وذلك لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان وبما يكون من الفتن إلى أن تقوم الساعة1. ولم يكتف حذيفة رضي الله عنه بهذا الوصف لما حصل للإسلام بقتل عثمان رضي الله عنه بل صرح بأن قتله فتنة، وأنها أول الفتن2 وحقاً فإنها فتنة توالت بعدها الفتن كما جزم رضي الله عنه بأن مصير قتلة عثمان رضي الله عنه في الآخرة إلى النار3. ويبين عبد الله بن سلام رضي الله عنه4 لقتلة عثمان رضي الله عنه أنهم لن يهرقوا محجماً من دم في الفتنة إلا ازدادوا من الله بعداً، وذلك في قوله لهم: "والله لا تهرقون محجماً من دم إلا ازددتم به من الله بعداً"5.   1 رواه مسلم في صحيحه (2216-2217) . 2 رواه يعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (2، 770) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (459) وإسناده حسن، انظر الملحق الروايتين رقم: [70] ، [265] . 3 انظر الملحق الرواية رقم: [114] . 4 عبد الله بن سلام الإسرائيلي، أبو يوسف، حليف بني الخزرج، قيل: كان اسمه الحصين، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، مشهور له أحاديث وفضل، مات بالمدينة سنة 43?، ع (التقريب/3379) . 5 رواه ابن سعد، الطبقات (3/81) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (490) ، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [132] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وبذلك يوافق ابن سلام حذيفة رضي الله عنهما في أن قتل عثمان رضي الله عنه سبب في ضعف الأمة الإسلامية، ونقص في تمثلها لمعاني الدين، بل يقعِّد قاعدة عامة تقول أنهم: كلما أهرقوا دماً كلما ازدادوا من الله بعداً. وعبد الله بن سلام رضي الله عنه كان من أحبار اليهود1 وسادتهم2 قبل إسلامه، فقد أنزل الله فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ} 3 وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بأنه سيموت وهو متمسك بالعروة الوثقى4. فأقواله ومواقفه لها أهمية منبثقة من هاتين الشهادتين له، إذ هو محافظ على بصيرته الناقدة ومقاييسه الإسلامية في ظروف الفتنة التي عصفت بالكثيرين، ومن هنا فسر بعضهم أنه المقصود بقوله تعالى: {وَمَن عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} 5 أي: التوراة، قال مجاهد: "هو   1 الذهبي، سير أعلام النبلاء (2/414) . 2 سير أعلام النبلاء (2/ 416) . 3 رواه البخاري، الجامع الصحيح (مع فتح الباري 7/ 128) ، ومسلم، الجامع الصحيح (4/ 1930-1931) ؛ والآية من سورة الأحقاف، ورقمها: (10) . 4 رواه البخاري، الجامع الصحيح (مع فتح الباري 7/129، 12/401) ، ومسلم، الجامع الصحيح (4/1931) . 5 سورة الرعد، الآية (43) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 عبد الله بن سلام"1. وبما أن أخباره هذه تتضمن أموراً غيبية، فإنّ ذلك يزيد التوثق من أن لها مصدراً موثوقاً عنده وإلا لما حدَّث بها. ومما ثبت عنه في ذلك أنه خرج يوماً على قتلة عثمان رضي الله عنه ونهاهم عن قتله، وأخبرهم أنه لم يبق من أجله إلا القليل، وقال لهم: "اتركوا هذا الرجل أربعين ليلة، فوالله لئن تركتموه فليموتن إليها، فأبوا، ثم خرج عليهم بعد ذلك بأيام، فقال: اتركوه خمس عشرة ليلة، فوالله لئن تركتموه ليموتن إليها"2. وأقسم لهم بأنهم إن قتلوه فلا يصلون جميعاً أبداً3 ووقع فعلاً ما قاله ابن سلام رضي الله عنه، من حيث تفرق قلوب القوم، حتى إن الحسن البصري يقول: فوالله إن صلى القوم جميعاً إن قلوبهم لمختلفة4.   1 الذهبي، سير أعلام النبلاء (2/ 418) ، وابن كثير، تفسير القرآن العظيم (2/521) وذكر ابن كثير أن في ذلك خلافاً، وانظر فتح القدير للشوكاني (3/91-92) . 2 رواه عبد الرزاق، المصنف (11/444) ، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ: (1/418) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (353-354) ، وحسنه البوصيري، وابن حجر (المطالب العالية 4/ 286-287) ، وفيه عنعنة الزهري، وهو مدلس من المرتبة الثالثة، انظر الملحق الرواية رقم: [231] . 3 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/204، 207) ، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [139] . 4 خليفة بن خياط، التاريخ (171) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، بإسناد حسن إلى الحسن، انظر الملحق الرواية رقم: [57] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "لم تحدث في خلافة عثمان بدعة ظاهرة، فلما قُتل وتفرق الناس حدثت بدعتان متقابلتان: بدعة الخوارج المفترين لعلي، وبدعة الرافضة المدعين لإمامته وعصمته، أو نبوته وإلاهيته"1. كما حذر ابن سلام رضي الله عنه: من ذهاب الملائكة على إثر قتله، تلك الملائكة التي أحاطت بالمدينة منذ قدمها النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ذهابهم هذا أبدياً فلن يعودوا بعد ذهابهم أبداً2 ولم تبين الرواية أي الملائكة المقصودين بقوله، أهم ملائكة مخصوصون أم ماذا؟ فإنَّ الملائكة الذين يكتبون الحسنات وكذلك الذين يكتبون السيئات لن يذهبوا، إلا بخروج روح صاحب الجسد. وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة تحيط بالمدينة آخر الزمان حينما يحاول الدجال اقتحام المدينة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال" وعن أبي بكرة عنه صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل المدينة رُعب المسيح الدجال ولها يومئذ   1 منهاج السنة النبوية (6/231) . 2 رواه عبد الرزاق، المصنف (11/445) ، وأبو عرب، المحن (68) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (354-356) ، وحسنه البوصيري (المطالب العالية 4/287) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [72] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 سبعة أبواب على كل باب ملكان"1 والأثر إذا عارض الحديث، فإن الحديث يقدم عليه. وحذرهم أيضاً من انسلال سيف الله عليهم، فلا يُغمد أبداً أو: إلى يوم القيامة وقد كان مغموداً عنهم، وأخبرهم أيضاً بأنه لم يقتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفاً، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفاً قبل أن يجتمع الناس، وذكر لهم أنه قُتل على دم يحيى بن زكريا سبعون ألفاً. وهذا التفصيل منه رضي الله عنه يؤكد لنا أنه لا يتحدث بذلك تخرصاً، ولا تفرساً، بل بعلم راسخ وأكيد.   1 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري:13/90) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 المبحث الثاني: نقد بعض كتابات المعاصرين عن الفتنة بعد أن وفقني الله إلى جمع ودراسة أسانيد ومتون روايات الفتنة، وعرضها عرضاً تاريخياً، تكشّفت لي حقائق قد اشتهر ضدها، وانتشر في بطون كتب كثيرة؛ تناولت الحديث عن الفتنة من الكُتَّاب المعاصرين. لذا رأيت أن أكشف في هذا الفصل عن بعض هذه الأخطاء التي وقع فيها بعض هؤلاء المعاصرين، واخترت كتاب كاتب يُعد من أبرزهم من حيث الشهرة، وتأثر الناس بأفكاره، وهو عباس محمود العقاد. فقد ألف العقاد كتاباً أسماه: "ذو النورين عثمان بن عفان"، وطبع الكتاب عدة طبعات، وكان له رواج كبير بين بعض مثقفي العصر، ومدرسي التاريخ الإسلامي في المعاقل التعليمية في العالم، لما لمؤلفه من شهرة عالمية. ومن طريق هؤلاء المدرسين، وغيرهم انتشرت أفكار المؤلف المبثوثة في الكتاب بين أبناء العالم الإسلامي، فالكتاب مرجع رئيس لدى كثير من أساتذة ومدرسي التاريخ الإسلامي في معاقل التعليم في العالم. فقد أسهم الكتاب مساهمة فعالة قوية في تخييل صورة الفتنة في مجتمعنا المعاصر، فاستحق بذلك أن يُهتم به من حيث النقد والتصويب، لأن ذلك بمثابة تعديل لجزء كبير من صورة هذه الحادثة التاريخية في أذهان مثقفي عصرنا الحاضر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 والحق أن المؤلف أصاب في بعض المسائل التي وقع فيها كثير ممن كتب عن الفتنة؛ فنجده يعتدل إلى حد كبير في أكثر المسائل المتعلقة بشخصية عثمان رضي الله عنه، مع وجود ملحوظات شذ فيها عن هذا الاعتدال سيأتي ذكرها. وكاد أن يُصيب في تفسير الفتنة، وألمح إلى الرد على بعض التفسيرات الخاطئة للفتنة. ووصف قتلة عثمان رضي الله عنه بأوصاف تليق بقبحهم، وفي الوقت نفسه برّأ الصحابة من هذه الفعلة الشنيعة، كما برأهم من تهمة التحريض على عثمان رضي الله عنهم، إلا أنه يقع أحياناً فيما يناقض ذلك، كما سيأتي: وردَّ على التهم التي وُجهت إلى عثمان رضي الله عنه بردود ضعيفة، ثم زل فنقض بعض هذه الردود كما سيأتي بيانه. وأطال في الرد على من وصف شخصية عثمان رضي الله عنه بالضعف، وكان ينتهز الفرص من الأحداث ليدفع هذه التهمة عن هذا الخليفة الراشد رضي الله عنه، وهذا من الإيجابيات التي في الكتاب. وقد لاحظت على الكتاب أموراً تتعلق بمنهجه في التأليف، وأخرى تتعلق ببعض الحقائق التاريخية، وقد أعرضت عما لا علاقة له بالفتنة إلا في مسألة واحدة ذكرتها؛ لأنها تساعد على تصور روح المؤلف أثناء كتابته لهذا الكتاب. فمن الأمور المنهجية ما يلي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 1- عدم عزو المعلومات إلى مصادرها، وخلو الكتاب من الحواشي الموثقة للمعلومات التاريخية، فليس في الكتاب كله إلا ثلاث عشرة حاشية، اثنتا عشرة منها لتوضيح النص، وواحدة خرَّج فيها شعراً، بعزوه إلى الطبري، وابن الأثير، وذلك للإشارة إلى ما فيهما من اختلاف مع ما ذكره المؤلف في المتن، والعجيب أنه لم يذكر المصدر الذي اعتمده، فخالف ما في الطبري وابن الأثير1. وإهمال عزو الحقائق والمعلومات التاريخية إلى مصادرها داءٌ منتشر في جُلِّ الكتّاب المعاصرين، وهو خطأ ظاهر، فإنهم لم يشاهدوا الأحداث ليصفوها للقراء، ولم يبرزوا مصادرهم المعتمدة في هذا التصوير التاريخي، مما يضعف ثقة القارئ في كتاباتهم، كما أنه يتيح الفرصة لمن يريد أن يلفق أو يخترع معلومات ويلصقها بالتاريخ الإسلامي، أن يفعل ذلك. 2- عدم تحققه من صحة الروايات. 3- اعتماده عدداً من الروايات التي لم يبين صحتها من ضعفها، ولا نعرف المنهج الذي اعتمده في اختيارها دون غيرها. 4- يتوسع في تحليل بعض الروايات الضعيفة، ويبني عليها الصورة التاريخية، بينما يهمل روايات أخرى أكثر منها وأصح وأوثق. 5- لم يذكر المؤلف قائمة مصادره، لنتبين سبب اعتماده على بعض الروايات دون بعضها الآخر، وليعلم القارئ مواطن الضعف في الكتاب   1 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 121) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 ليتمه من المصادر الأخرى التي لم يعتمدها المؤلف، وليعلم مقدار استفادته منها، ومنهجه الذي سار عليه في اختيار الروايات. 6- إن روح الكتاب والصياغة فيها شيء من البعد عن الصبغة الإسلامية الشرعية، ومما لوحظ عليه من ذلك عدم افتتاحه بالبسملة والحمدلة، وهذه سمة يتصف بها العقاد فيما اطلعت عليه من كتبه1 ولا شك أن انتهاج مثل ذلك يدل دلالة واضحة على مدى تدين صاحبه، ومدى التزامه بالعادات والتقاليد الإسلامية، ولعل سبب ذلك هو التقليد الأعمى للإفرنج الذين تتلمذ عليهم. أما الأخطاء العلمية التي وقفت عليها في هذا الكتاب فهي كما يلي: 1- لم يحقق المؤلف في مسألة الكتاب المزوَّر، واستعمل بعض العبارات المحتملة للتصديق والتكذيب، كقوله: "ثم بلغ الكتاب أجله، بقصة ذلك الكتاب الذي قيل أنهم وجدوه مع غلام لعثمان ... "2. والحق أنه كتاب مزوَّر على عثمان رضي الله عنه، فلم يكتبه ولم   1 انظر كتبه: (ذو النورين عثمان) ، طبعة مكتبة دار العروبة، وشاعر الغزل (لعمر بن أبي ربيعة) ، و (جميل بثينة) ، و (شعراء مصر) ، و (رواية قمبيز في الميزان) ، و (تذكار جيتي) ، و (عرائس الشيطان) ، وهذه الكتب السبعة طبعتها دار الكتاب العربي في مجلد واحد، الطبعة الأولى 1970م، و (عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم) ، طبعة دار الكتاب العربي، فلن تجد بسملة ولا حمدلة في افتتاح أي كتاب منها. 2 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 147) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 يأمر بكتابته، ولم يعلم به، كما تقدم إيضاح ذلك. 2- وذكر أن الكتاب المزوَّر المنسوب إلى عثمان رضي الله عنه أمراً منه بجلد عبد الرحمن بن عديس، وعمرو بن الحمق، وعروة البياع1 وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم2. ولعله اعتمد في ذلك على رواية الواقدي التي رواها الطبري في تاريخه، ونصها: "فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعد، فإذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس فاجلده مائة جلدة، واحلق رأسه ولحيته، وأطل حبسه حتى يأتيك أمري، وعمرو بن الحمق فافعل به مثل ذلك، وسودان بن حمران مثل ذلك، وعروة النِّباع، مثل ذلك ... "3. والواقدي متروك فيكون الإسناد ضعيفاً جداً. وتخالف رواية الواقدي هذه الرواية الأقوى والأصح منها في بعض النقاط، فإنَّ فيها: "أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم"4. فليس في الرواية الصحيحة تعيين الأشخاص المراد تعذيبهم، وليس فيها الجلد ولا الحبس ولا حلق الرؤوس واللحى.   1 هكذا ورد عنده (البياع) ، والصواب (النباع) . 2 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 147) . 3 تاريخ الأمم والملوك (4/373) ، انظر الملحق الرواية رقم: [383] ، [384] . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [64] ، وإسناده حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وهذا الذي يبدو أنه الصحيح، فإنَّ مزوِّر الكتاب يبدو من براعته في التزوير أنه لا ينسب إلى عثمان رضي الله عنه هذه الترهات، ولكنه التمس تضليل الناس بأن عثمان رضي الله عنه رأى أن هؤلاء من المفسدين في الأرض، ويستحقون عقاب المفسدين في الأرض، وهو الذي ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 1. فهذا المفتري المزوِّر، يأمل أن تصدق كذبته التي قد يحكم بها عثمان رضي الله عنه معتمداً على هذه الآية، أما إذا كانت بتلك الصورة فبعيد جداً أن يصدق نسبته إلى عثمان رضي الله عنه أحدٌ من العقلاء، الذين يعرفون أن حدود التعزير في الإسلام لا تتجاوز نواهي الله جل وعلا، فليس للإمام أن يعزر بحلق اللحى، لأن حلقها معصية للرب، فقد تواترت الأدلة على تحريمه. 3- ويقول في آخر كتابه: "وإن وجبت كتابة السِّيَر، فأوجب ما   1 سورة المائدة، الآية (33) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 يوجبها أن تكشف جانب الخير أغوار النفس الإنسانية، لا قصيدة مديح كما يقال، بل تحية صدق تمتحن بالنار والنور بين ظلمات الشرور. وهذه السيرة الرابعة من سير الخلفاء الراشدين لا نسميها بالعبقرية كما سمينا عبقرية عمر وعبقرية الإمام وعبقرية الصديق، لأننا نؤمن بالعبقرية لعثمان رضي الله عنه، ونؤمن في الحق أنه ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين. ومن أبى عليه ميزانه أن يحابي في كلمة تستدعيها المُجاراة لما سبقها من الكلمات ينظم قصائد المديح في محراب التاريخ، فحسب النفس البشرية أملاً أنها غنية بالحق عن قصائد المديح في هذا المحراب ... " انتهى كلامه وأنهى الكتاب بهذه العبارة1. ولي عليه في هذه العبارة عدة ملاحظات منها: أ- تسميته علياً رضي الله عنه بالإمام دون ذكر اسمه، وذلك مجاراة للرافضة. ب- رفضه أن يسمي كتابه بالعبقرية وتسويغه ذلك بمسوغ مرفوض، مع تحفظي على هذه الكلمة، والطريقة التي تناول بها تلك الشخصيات والمدرسة التي أنتجها من هذه الدراسات عن طريق العبقرية ... ج- تأخيره كتابة سيرة عثمان رضي الله عنه لتكون الرابعة، وتقديم سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليها، إذا قرن بتسمية علي رضي الله عنه بالإمام، هو غلط ظاهر ومحل نظر، واستفهام.   1 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 148) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الخاتمة الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبعد: فإنَّ أهمَّ النتائج التي ظهرت لي من خلال هذا البحث هي: 1- أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إخباره بوقوع فتنة يُقتل فيها عثمان رضي الله عنه، وأنه دعا الناس إلى أن يكونوا معه عند اشتعالها، وأنه حدد زمن وقوعها، وأن عثمان وأصحابه على الحق والهدى فيها. 2- أنه أشار إلى عظم هذه الفتنة، حتى قرنها بموته صلى الله عليه وسلم، وبفتنة الدجال، وأن من نجا منها فقد نجا، وأنه سيستشهد فيها عثمان رضي الله عنه وهو على الحق صابراً على القتل معطياً له، شهيداً، ينتقل بعد شهادته هذه إلى جنة الخلد. 3- أنه أخبر عثمان رضي الله عنه بوقوع هذه الفتنة، وأنه سيطلب منه خلع الخلافة، وأمره بأن لا يفعل. 4- أن النبي صلى الله عليه وسلم بين عظم هذه الفتنة، وأن من نجا منها فقد نجا، وأن ذلك يشمل من عاصرها ومن لم يعاصرها، ونجاة من لم يعاصرها تكون بعدم الخوض فيها بالباطل. 5- أن ما تناقلته المصادر من معايب ألصقت بعثمان رضي الله عنه منها: ما صح صدوره من الخارجين عليه، ومنها: ما لم يصح، ومنها: ما اشتهر ولم أقف على إسناد له. وأن هذه المعايب بأقسامها الثلاثة، إنما هي في الحقيقة إما مناقب له، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وإما مفتراة عليه، وإما اجتهاد منه مأجور عليه. 6- أن شخصية ابن سبأ شخصية حقيقية دلت على وجودها الروايات الصحيحة، ولم تنفرد بإثباتها روايات سيف بن عمر التميمي، بل رواها غيره بأسانيد صحيحة وضعيفة. 7- وجوب الحذر عند الحديث عن مواقف عثمان رضي الله عنه في الفتنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى مواقف يقفها عند حدوث هذه الفتنة لم يصلنا منها إلا اليسير. 8- أن عقيدة السلف في الصحابة هي: عدم الخوض فيما شجر بينهم، إلا عند ظهور مبتدع يقدح بالباطل، فيجب عندئذ الدفاع عنهم بالحق والعدل. 9- أن الله لا يرضى عن أحد من خلقه إلا وهو يعلم -سبحانه- أنه سيوافيه على مرضاته، وبما أن الصحابة قد رضي الله عنهم، فإن خاتمتهم حتماً ستكون على خير، وهذا ما وقع فعلاً. 10- أن عثمان رضي الله عنه بذل ما بوسعه في سبيل إخماد الفتنة منذ قدوم أهل الأمصار، وإلى فتحه الباب ودخول القاتل عليه وقتله له. 11- أن الصحابة رضوان الله عليهم بذلوا ما في وسعهم للدفاع عن عثمان يوم الدار، إلا أنه منعهم بل شدد في منعهم من ذلك، فحال بينهم، وبين ما يريدون من الدفاع عنه، وبما أنه أميرهم وتجب عليهم طاعته نفذوا أمره ولم يقاتلوا الخارجين عليه، بعد يأسهم من سماحه لهم بالدفاع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 12- أن من أسباب رفض عثمان القتال: أ- علمه بأن هذه الفتنة ستنتهي بقتله لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك. ب- عدم رغبته بأن يكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء. ج- علمه بأن البغاة لا يريدون غيره، فكره أن يتوقَّى بالمؤمنين، وأحب أن يقيهم بنفسه. د- عملاً بمشورة عبد الله بن سلام رضي الله عنه له بالكف عن القتال. 13- أنه لم يقع يوم الدار قتال عنيف، بل وقع اشتباك خفيف أدى إلى جرح الحسن بن علي رضي الله عنهما وحمله من الدار على إثر هذا الجرح. 14- أن عثمان رضي الله عنه رأى في النوم -في آخر يوم من أيامه- النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يقول له: يا عثمان أفطر عندنا، فأصبح صائماً، وأخرج من كان معه في الدار ممن كانوا يريدون الدفاع عنه، ثم وضع المصحف بين يديه، وأمر بفتح الباب، وأخذ يقرأ القرآن، فدخل عليه رجل أسود من أهل مصر يلقب بجبلة-لسواد بشرته- ولا يستبعد أن يكون هو عبد الله بن سبأ اليهودي؛ فقتله. 15- أنه لم يشترك في التحريض على عثمان رضي الله عنه فضلاً عن قتله أحد من الصحابة رضي الله عنهم؛ وأن كل ما رُوي في ذلك ضعيف الإسناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 16- أن محمد بن أبي بكر لم يشترك في التحريض على قتل عثمان رضي الله عنه؛ ولا في قتله، وكل ما روي في اتهامه بذلك باطل لا صحة له. 17- أن قتله كان في صبيحة يوم الجمعة، الموافق لأوسط أيام التشريق؛ (الثاني عشر) من شهر ذي الحجة من السنة الخامسة والثلاثين بعد الهجرة. 18- أن سِنَّه عند قتله كانت: اثنتين وثمانين سنة على الراجح. 19- أنه قد ترتب على قتله رضي الله عنه فتن ومحن كثيرة، لا زالت الأمة الإسلامية تعاني منها إلى اليوم. 20- أنه لا يوثق بمعظم كتابات المعاصرين عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، لعدم تحري مصنفيها الروايات الصحيحة، في بناء الصورة التاريخية للفتنة، واعتمادها -في الغالب- على الروايات الواهية التي يرويها الضعفة أو الرافضة؛ ولعدم عزوهم المعلومات إلى مصادرها. 21- أن روايات محمد بن عمر الواقدي عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه فيها دس كثير، وتخالف الروايات الصحيحة -في أكثر الحقائق- وأنها تعكس صورة مشوهة عن الفتنة، وتبرز مواقف غير صحيحة للصحابة، وتظهر فيها ملامح التشيع. 22- أن روايات سيف بن عمر التميمي عن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، عبارة عن مجموعة روايات مسندة يحذف سيف أسانيدها، ثم يرويها من طريق عدد من شيوخه يصلون -أحياناً- إلى أربعة شيوخ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وأن روايات سيف هذه لا تخلو من القدح في بعض الصحابة واتهامهم بما هم منه براء، وتعتدل أحياناً فتظهر الصورة الصحيحة لمواقفهم. 23- أن في الخروج على إمام المسلمين مضاراً كثيرة ويترتب عليه مفاسد كثيرة، فهؤلاء الخارجون على عثمان رضي الله عنه أظهروا أنهم يريدون الإصلاح، وتجنيب المسلمين مفاسد ادعوا أنها ظهرت في خلافته رضي الله عنه وها نحن نقف اليوم على ما أظهروه، وما فعلوه، وما ادعوا أنهم يهدفون إليه، فما الذي تحقق من تلكم الأهداف المزعومة؟ وماذا حصل للمجتمع الإسلامي في تلك الفترة من فتح باب الشر والفتن؟ فما الذي جناه المسلمون من خروجهم ذاك؟ ثم ماذا ترتب عليه من سلبيات على الإسلام بعامة إلى عصرنا هذا؟ فليعتبر أولو الأفئدة والأبصار، ولعلهم يعقلون. إنهم شرذمة قليلون، حاقدون ناقمون، موترون، تتكرر صور لهم في كل زمان، فتعاد الصورة، ويخرجون على ولاة الأمر لأغراض شخصية، وحقد شخصي، وحسد أعمى بعاطفة هوجاء، جنَّب الله المسلمين شرور من يدمرون الإسلام لتحقيق مصالح شخصية. ولو حصل في زمن من الأزمان أن وقع ولي الأمر في بعض الأخطاء، كما ادعى أولئك الخارجون على عثمان رضي الله عنه فإنه لا يجوز الخروج عليه شرعاً، وفي الخروج عليه مفاسد مترتبة، أشد وأرجح من تلك المفاسد المزعومة. ورحم الله علماء السلف الذين هم على الأثر، لازمين غرس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث يقول: "اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"، ويقول: "أطع الإمام وإن أخذ مالك وجلد ظهرك". فرحمهم الله حيث يقولون: "ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر، ... ". فهؤلاء العلماء الأجلاء من أئمة السلف حذروا ومنعوا من الخروج على الإمام وإن جار، فكيف بالخروج عليه لمخالفته في مسائل اجتهادية هو فيها على الصواب، وهي مجال اجتهاد، للمجتهد المخطئ فيها نصيب من الأجر. لقد حذر الإسلام من الخروج على الإمام لما في الخروج عليه من فتن ومحن وإحن وقاصمة له، ولما فيه من عودة بالإسلام والمسلمين إلى الوراء أعواماً عديدة، وتضييع لجهود بذلت في سبيله كثيرة. وأمروا -رحمهم الله- بلزوم الجماعة وعدم شق العصا من الطاعة، والموالاة لولي الأمر والطاعة له فيما ليس فيه معصية، بل جعلوا ذلك من صميم المعتقد الصحيح، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة جليلة بعنوان: "قاعدة جليلة في وجوب طاعة الله ورسوله وولاة الأمر" حشد فيها الآيات والأحاديث والآثار عن السلف الصالح في ذلك1.   1 وقد طبعت ضمن مجموع الفتاوى (الجزء 35/ 5-17) ثم استلها الدكتور/ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر، وحققها وقدم لها بمقدمة نفيسة زادت من فائدة الكتاب وطبعت عدة مرات، وقد أعادت طباعتها الجامعة الإسلامية فجزى الله الجميع خير الجزاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 الباب الثالث: الملاحق القسم الأول: الأحاديث المرفوعة الصحيحة ... القسم الأول: الأحاديث المرفوعة الصحيحة. 1- قال البخاري: "حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني عثمان بن غياث، حدثنا أبو عثمان النهدي، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: افتح له، وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو أبوبكر، فبشرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله. ثم استفتح رجل، فقال لي: افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم قال: الله المستعان) " 1. وأخرجه مسلم2 وأحمد3 والترمذي4 وأبو نعيم5 والبغوي6 وابن   1 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري:7/43، 52-53، 10/597، 13/220) . 2 الجامع الصحيح (رقم الصفحة 1867) . 3 المسند (4/ 393) . 4 السنن (5/ 631) . 5 حلية الأولياء (1/ 57) . 6 شرح السنة (10/ 108) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الأثير1 وابن عساكر2: كلهم من طريق: أبي عثمان النهديّ، عن أبي موسى به. ورواه أيضاً البخاري3 ومسلم4 وابن عساكر5: كلهم من طريق: سعيد بن المسيب، عن أبي موسى به. ورواه من وجه آخر عن أبي موسى أبو نعيم6 وابن عساكر7. وروى الحديث غير أبي موسى من الصحابة رضي الله عنهم: زيد بن أرقم8 وزيد بن ثابت9 وعبد الله بن عمرو10 وأبو هريرة11 وأنس بن مالك12. فقد يبلغ الحديث حد التواتر.   1 أسد الغابة (3/ 482) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 133-137) . 3 الجامع الصحيح (الفتح 7/ 21-22، 13/ 48) . 4 الجامع الصحيح (1868-1869) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 129) . 6 الحلية (1/ 58) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 122) 8 رواه عنه ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 141-144) 9 المصدر نفسه (140-141) . 10 رواه أحمد في المسند (الفتح الرباني 22/ 185) ، وأبو نعيم (الحلية 1/ 57-58) . 11 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 141) 12 رواه عنه البزار (كشف الأستار 2/ 225) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 137-138) ، وفي رواية أنس هذه، هذه الزيادة: (وأخْبِره أنه الخليفة بعد عمر ... ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 2- قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سعيد، عن قتادة، أن أنساً رضي الله عنه حدثهم، قال: "صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ومعه أبوبكر وعمر وعثمان، فَرَجَف، فقال: اسكن أحد -أظنه ضربه برجله- فليس عليك إلا نبيّ وصدّيق وشهيدان"1. وأخرجه أيضاً عن بشار بن يحيى بن سعيد به، وليس فيها (فضربه برجله) 2. ومن طريق يزيد بن زريع وكهمس بن المنهال، كلاهما عن سعيد به مثله3. وأخرجه أحمد4 عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة به، وليس فيه (أحد) الثانية. ورواه الترمذي5 وأبو داود6 والنسائي7 والبغوي8 وابن   1 الجامع الصحيح (الفتح 7/ 22، 42، 53) . 2 المصدر السابق. 3 المصدر السابق. 4 المسند (3/ 112) . 5 السنن (5/ 624) . 6 السنن (4/ 212) . 7 السنن الكبرى (كما في تحفة الأشراف 1/ 307) . 8 شرح السنة (14/ 106) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الأثير1 كلهم من طريق قتادة عن أنس رضي الله عنه. ورواه غير أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة: سهل بن سعد الساعدي2. 3- وقال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز (يعني ابن محمد) ، عن سهيل عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، وأبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" 3. ورواه الترمذي4 والنسائي5 وأحمد6.   1 أسد الغابة (3/ 484) . 2 رواه عنه أحمد (المسند 5/ 331) ، وعبد بن حميد (المنتخب 410) ، وأبو يعلى (كما في تحفة الأحوذي 10/ 188) ، والبغوي (شرح السنة 14/ 107) ، وصحح الحافظ ابن حجر إسناد أبي يعلى (فتح الباري 7/ 38) . 3 الجامع الصحيح (ص: 1880) . 4 السنن (تحفة الأحوذي 10/ 186-187، 258) . 5 السنن الكبرى (كما في تحفة الأشراف 9/ 411) . 6 المسند (2/ 419، 5/ 346) وبتحقيق أحمد شاكر (3/ 108-115) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 4- قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق1 أخبرني يحيى بن أيوب2 قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب3 عن ربيعة بن لقيط4 عن عبد الله بن حوالة5 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نجا من ثلاث فقد نجا، ثلاث مرات، موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه" 6. إسناده حسن: يحيى بن إسحاق، ويحيى بن أيوب، كلاهما صدوق، وقد تابعهما حجاج وليث، لكن ربيعة لم يوثقه غير العجلي وابن حبان. ولا يضره ذلك فإن الحافظ ابن حجر يوثق من هو في حاله، فلا   1 يحي بن إسحاق البجلي، أبو زكريا، شيخ أحمد، صدوق من كبار العاشرة، توفي سنة 210? م4 (التقريب/ 7499) . 2 يحيى بن أيوب الغافقي، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، توفي سنة 168? ع (التقريب/ 7511) . 3 يزيد بن أبي حبيب، أبو رجاء، ثقة فقيه، وكان يرسل، من الخامسة توفي 128? وقد قارب الثمانين عاماً (التقريب/ 7701) . 4 ربيعة بن لقيط بن حارثة بن عميرة التجيبي، وثقه العجلي، وابن حبان (تعجيل المنفعة 128) ، والثقات لابن حبان (4/ 230) ، ويوثق الحافظ ابن حجر مثله، كما في ترجمة العلاء بن اللجلاج (تهذيب التهذيب 8/ 191) (التقريب/ 5255) . 5 عبد الله بن حوالة، صحابي نزل الشام، ومات بها، سنة 58?، وله 72 سنة (التقريب/ 2287) ، (الإصابة 2/ 300) . 6 المسند (4/ 105، 109، 111، 5/ 33) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 ينزل حديثه عن درجة الحسن إن لم يصل إلى الصحة. وأخرج مثله، ابن عساكر1من طريق ابن لهيعة عن يزيد به. وروى نحوه أحمد2 عن حجاج3 ثنا ليث4 حدثني يزيد بن أبي حبيب به وفيه "قالوا: ماذا يا رسول الله؟ قال: موتي، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه، والدجال" فأخرّ الدجال. وأخرجه ابن عساكر5 من طريق عيسى بن حماد، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، بمثل حديث حجاج. 5- قال أحمد: "حدثنا أسود بن عامر6 حدثنا سنان بن هارون7 عن كليب بن   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 289) . 2 المسند (5/ 288) . 3 حجاج بن محمد المصيصي، الأعور، أبو محمد، ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره، لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة (التقريب/ 1135) وانظر (الكواكب النيرات لابن الكيال 456) ، ففيه ما يرجح أن سماع أحمد منه كان قبل اختلاطه. 4 ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه، إمام مشهور، من السابعة، توفي سنة 175? (التقريب/ 5684) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 289) . 6 أسود بن عامر الشامي، نزيل بغداد، يكنى أبا عبد الرحمن، ويلقب شاذان، ثقة من التاسعة، مات في أول سنة 208?. ع (التقريب/503) . 7 سنان بن هارون البرجمي، أبو بشر الكوفي، صدوق فيه لين، من الثامنة، ت (التقريب/2644) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وائل1 عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمرّ رجل، فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذ، قال: فنظرت فإذا هو: "عثمان بن عفان"2. إسناده حسن: رجاله ثقات إلا سناناً فإنه صدوق، وقد صحح إسناده الحافظ ابن حجر3وأحمد شاكر4. ورواه الترمذي5من طريق شاذان6عن الأسود بن عامر ... به نحوه، وفيه (مظلوماً) بدل (المقنع) . وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عمر". روى أبو نعيم7 بإسناده إلى الشافعي قال: "ما صح في الفتنة حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، إلا حديث عثمان بن عفان: أنه مر بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا يومئذ على الحق".   1 كليب بن وائل التيمي البكري، المدني، نزيل الكوفة، صدوق، من الرابعة، خ د ت (التقريب/5663) . 2 المسند (2/ 115) ، ويتحقيق أحمد شاكر (8/ 171) . 3 نقل ذلك عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي (10/ 203) . 4 المسند (2/ 115) ، ويتحقيق أحمد شاكر (8/ 171) . 5 السنن (تحفة الأحوذي 10/ 203) . 6 أسود بن عامر الشامي، نزيل بغداد، يكنى أبا عبد الرحمن، ويلقب شاذان، ثقة من التاسعة، مات في أول سنة 208?. ع (التقريب/503) . 7 حلية الأولياء (9/ 114) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 6- قال ابن ماجه: "حدثنا علي بن محمد1 ثنا عبد الله بن إدريس2 عن هشام بن حسان3 عن محمد بن سيرين4 عن كعب بن عجرة5 قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنّع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا يومئذ على الهدى" , فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال:"هذا"6. إسناده حسن لغيره. قال البوصيري: "هذا إسناد منقطع، قال أبو حاتم: محمد بن سيرين لم يسمع من كعب بن عجرة ورجال الإسناد ثقات، رواه الإمام أحمد في   1 علي بن محمد الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 233? عس (التقريب/4791) . 2 عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه، عابد، من الثامنة، مات سنة 192هـ، وله بضع وسبعون سنة، ع (التقريب/3207) . 3 هشام بن حسان الأزدي، القردوسي، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل كان يرسل عنهما، من السادسة، مات سنة 147? أو 148? ع (التقريب/7289) . 4 محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، ت سنة 110? ع (التقريب /5947) . 5 كعب بن عجرة الأنصاري، المدني، أبو محمد؛ صحابي مشهور، مات بعد الخمسين، وله نيف وسبعون، ع (التقريب/5643) . 6 سنن ابن ماجه (1/ 41) ، صحيح سنن ابن ماجه (1/ 24) ، مصباح الزجاجة (1/ 67) ، مشكاة المصابيح (3/ 1714-1715) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 مسنده من حديث (كعب بن عجرة) ، ورواه أبوبكر بن أبي شيبة في مسنده عن إسماعيل بن علية عن هشام به، ورواه أحمد بن منيع في مسنده ثنا يزيد بن هارون، ثنا هشام بن حسان؛ فذكره بزيادة، ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ثنا هدبة، ثنا همام، ثنا قتادة، عن محمد بن سيرين به"1. ونص كلام أبي حاتم في ذلك هو: "ابن سيرين عن كعب بن عجرة: مرسل"2. ورواية الإمام أحمد له من طريق مطر الوراق عن ابن سيرين به، وفيها (الحق) بدل (الهدى) 3. وأيضاً عن يزيد عن هشام به نحوه4. فهو ضعيف لانقطاعه كما بيّن البوصيري، ولكنه سيأتي من حديث غير كعب بن عجرة، كما تقويه الرواية السابقة. وقد صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وأحال على المشكاة، وفي المشكاة حديث كعب بن مرة الآتي. وجعل التبريزي الحديثين حديثاً واحداً ولم ينبه الألباني على ذلك.   1 البوصيري، مصباح الزجاجة (1/ 67) . 2 أبو حاتم، المراسيل 151، وانظر (جامع التحصيل للعلائي 324) . 3 المسند (4/ 242) . 4 المسند وفضائل الصحابة (1/ 450) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 7- قال أحمد: "حدثنا بهز1 وعبد الصمد2 قالا: ثنا أبو هلال3 عن قتادة4 عن عبد الله بن شقيق5 عن مرة البهزي6 قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بهز في حديثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق, قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه" 7. إسناده حسن لغيره: بالروايتين: السابقة واللاحقة.   1 بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات بعد المائتين، وقيل قبلها، ع (التقريب/771) . 2 عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، مولاهم التنوري، أبو سهل البصري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة ت سنة 207?، ع (التقريب/4080) 3 أبو هلال هو محمد بن سليم الراسبي البصري، قيل كان مكفوفاً، وهو صدوق فيه لين من السادسة، ت آخر سنة 167? وقيل قبل ذلك خت ع (التقريب/5923) 4 قتادة بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة، ت سنة بضع وعشرة ومائة ع (التقريب/5518) ، وكان يدلس (السير للذهبي 5/ 270) . 5 عبد الله بن شقيق العقيلي، البصري، ثقة فيه نصب، من الثالثة ت سنة 108?، بخ م ع (التقريب/ 3385) . 6 تقدمت ترجمته. 7 المسند (5/ 33) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 ورواه ابن عدي1 من طريق طالوت بن عباد، عن أبي هلال به نحوه، وفيه: "فمر بنا رجل مقنع فقال: هذا ... "؛ وإسناده ضعيف: بأبي هلال2. ورواه أحمد من وجه آخر، قال3: حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق عن هرم بن الحارث وأسامة بن خريم، عن مرة البهزي به، نحوه، وفيه: "قال: عليكم هذا وأصحابه، واتبعوا هذا وأصحابه"؛ وإسناده ضعيف أيضا: لجهالة شيخي عبد الله بن شقيق4. ورواه ابن أبي عاصم عن ابن أبي شيبة عن أبي أسامة به مثله5. وعبد الله بن شقيق لم يوصف بالتدليس لا في التقريب ولا في تعريف أهل التقديس، ولا في التبيين لأسماء المدلسين. وروى نحوه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن حوالة رضي الله عنه6.   1 الكامل في الضعفاء (4/ 1486) . 2 تحفة الأحوذي (10/ 199) . 3 المسند (5/33، 35) . 4 ذكرهما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكر أنه روى عنهما غير عبد الله بن شقيق، وسكت عنهما، فهما مجهولا العين والحال (الجرح والتعديل2/283، 9/111) . 5 الآحاد والمثاني (150 ب) . 6 المسند (4/ 109) وفضائل الصحابة (1/ 448) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وقال المباركفوري: "أخرجه أحمد1 والطبراني ورجالهما رجال الصحيح ". 8- قال أحمد: "ثنا محمد بن بكر يعني البرساني2 أنا وهيب بن خالد3 ثنا أيوب4 عن أبي قلابة5 عن أبي الأشعث6 قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية رضي الله تعالى عنه فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرّة بن كعب7 فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها فمرّ رجل مقنع، فقال:   1 المسند (5/ 33، 35) . 2 محمد بن بكر بن عثمان البرساني، أبو عثمان البصري، صدوق قد يخطئ، من التاسعة، مات سنة 204? (التقريب/ 5760) . 3 وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، مولاهم أبو بكر البصري، ثقة ثبت، لكنه تغير قليلاً بأخرة، من السابعة ت سنة 165? وقيل بعدها ع (التقريب/ 7487) 4 أيوب بن أبي تميمة السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت، حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131? وله 65 سنة ع (التقريب/ 605) . 5 عبد الله بن زيد الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، قال العجلي: "فيه نصب يسير" من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء ت سنة 104? ع (التقريب/ 3333) . 6 أبو الأشعث الصنعاني، هو شراحيل بن آده، ثقة، من الثانية، شهد فتح دمشق بخ م 4 (التقريب/ 2761) . 7 تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 "هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى، فقلت: هذا يا رسول الله؟ وأقبلت بوجهه إليه، فقال:"هذا" فإذا هو عثمان رضي الله عنه" 1. إسناده حسن: رجاله رجال الشيخين إلا أبا الأشعث، فلم يخرج له البخاري، وهو ثقة، ومحمد بن بكر: صدوق قد يخطئ. ورواه أيضاً عن إسماعيل بن إبراهيم2 عن أيوب عن أبي قلابة به نحوه، بإسقاط أبي الأشعث. ودون لفظة: "الحق". ورواه الترمذي3 ومن طريقه ابن الأثير4 من رواية عبد الوهاب الثقفي عن أيوب به نحوه، دون لفظة "الحق". ورواه البغوي5 من طريق عفان عن وهيب به نحوه، دون لفظة "الحق". ورواه الإمام أحمد6 من طريق جبير بن نفير، عن كعب بن مرة رضي الله عنه به نحوه، وفي آخره "أن ابن حوالة الأزدي قام من عند المنبر فقال: إنك لصاحب هذا؟ قال: نعم. قال: والله إني لحاضر ذلك المجلس، ولو علمت أن لي في الجيش مصدِّقاً كنت أول من تكلم به".   1 المسند (4/ 235-236) 2 المسند (4/235-236) 3 سنن الترمذي (تحفة الأحوذي 10/ 198-199) 4 أسد الغابة (3/485-486) 5 شرح السنة (14/ 110-111) . 6 المسند (4/ 236) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 9- قال أحمد: "حدثنا يزيد1 أنبأنا العوام2 حدثني أبوإسحاق الشيباني3 عن القاسم بن عبد الرحمن4 عن أبيه5 عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تدور رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من هلك، وإن بقوا يقم لهم دينهم سبعين سنة" 6. إسناده صحيح: فقد صحح إسناده أحمد شاكر وهو كما قال؛ فإن رجاله رجال الشيخين عدا القاسم فإنه من رجال البخاري فقط. وجاء الحديث من وجه آخر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رواه أحمد7وأبو داود8 ويعقوب بن سفيان9 والبغوي10   1 يزيد: هو ابن هارون السلمي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، ت 206? وقد قارب التسعين. ع (التقريب/7789) . 2 العوام: هو ابن حوشب الشيباني، ثقة ثبت فاضل، من السادسة ت سنة 148? ع (التقريب/5211) . 3 أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، الكوفي، ثقة، من الخامسة، ت 140? ع (التقريب/2568) . 4 القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، ثقة عابد، من الرابعة، ت سنة 120? هخ 4 (التقريب/ 5469) . 5 هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، ثقة، من صغار الثانية، ت سنة 79?، وقد سمع من أبيه ولكن شيئاً يسيراً ع (التقريب/3924) 6 المسند (1/ 390) ، (بتحقيق أحمد شاكر 5/ 263-264) . 7 الإمام أحمد، المسند (1/ 393-394) (وبتحقيق أحمد شاكر 5/ 276) . 8 أبو داود، السنن (4/ 98) ، (وفي عون المعبود شرح سنن أبو داود 11/ 327-328) (وفي المختصر 6/ 141) . 9 يعقوب بن سفيان الفسوي، المعرفة والتاريخ (1/ 355) . 10 البغوي، شرح السنة (15/ 18) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 والحاكم1 وابن عدي2. كلهم من طريق منصور بن المعتمر، عن ربعي عن البراء بن ناحية الكاهلي، عن ابن مسعود به نحوه، وألفاظهم متقاربة، وهذا الإسناد ضعيف، لانقطاعه بين البراء وابن مسعود، فقد قال البخاري في ترجمة البراء: "قال ابن أبي شيبة عن قبيصة هو المحاربي، وقال ابن عيينة: الكاهلي عن ابن مسعود، ولم يذكر سماعاً من ابن مسعود3". ومع وجود هذه العلة، فقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: "وهو كما قالا"4 وصححه أيضاً أبو الطيب آبادي وأحمد شاكر، ونفى قدح هذه العلة في هذا الإسناد. وذكر له الألباني طريقاً أخرى إلى ابن مسعود، من طريق الشعبي عن مسروق عنه، وعزاها إلى الطبراني والطحاوي5   1 الحاكم، المستدرك (3/ 114) (4/ 521) , 2 ابن عدي، الكامل (2/ 742) . 3 البخاري، التاريخ الكبير (2/ 118) . 4 الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 703) . 5 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 10- وقال أحمد أيضاً: "ثنا عفان1 ثنا وهيب2 ثنا موسى بن عقبة3 قال: حدثني جدِّي أبوأمي أبوحبيبة أنه دخل الدار وعثمان محصور فيها، وأنه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام، فأذن له، فقام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنكم تلقون بعدي فتنة واختلافاً، أو قال: اختلافاً وفتنة، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ عليكم بالأمين وأصحابه، وهو يشير إلى عثمان بذلك" 4. إسناده حسن: قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"؛ والذي يظهر لي أنه لا يصل إلى الصحة لما في أبي حبيبة من اختلاف، فقد ضعفه ابن معين ووثقه العجلي، وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم5 فحديثه لا يرقى إلى درجة الصحيح، والله أعلم.   1 عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار، البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: "كان إذا شك في حرف من الحديث تركه" وربما وهم، وقال ابن المديني: "أنكرناه في صفر سنة 219?، ومات بعدها بيسير"، من كبار العاشرة (التقريب/ 4625) ، ع. 2 وهيب بن خالد العجلان، الباهلي، تقدمت ترجمته. 3 موسى بن عقبة بن أبي عياش، الأسدي، مولى آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، لم يصح أن ابن معين ليّنه، توفي سنة 141?، وقيل بعدها، ع (التقريب/ 6992) . 4 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 16/ 224) . 5 البخاري (التاريخ الكبير 8/ 24) ، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 9/ 359) ، العجلي (الثقات 2/ 394) ، وابن حجر (التعجيل 474) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 ورواه ابن عساكر من طريق مصعب بن عبد الله بن مصعب عن أبيه؛ والإسناد من مصعب حسن لذاته، صحيح لغيره. 11- وقال أحمد: "ثنا يحيى1 عن إسماعيل2 قال: ثنا قيس3 عن أبي سهلة4 عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا لي بعض أصحابي، فقلت: أبوبكر، قال: لا، قلت: عمر، قال: لا، قلت: ابن عمك علي؟ قال: لا، قالت: قلت: عثمان، قال: نعم, فلما جاء عثمان قال: تنحى5 فجعل يساره، ولون عثمان يتغير، فلما كان يوم الدار وحصر فيها، قلنا6: يا أمير المؤمنين: ألا تقاتل؟ قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً وإني صابر نفسي عليه" 7. إسناده صحيح: رجاله رجال الشيخين إلا أبا سهلة وهو ثقة.   1 يحيى بن سعيد القطان، التميمي، البصري، ثقة متقن حافظ إمام قدوة، من كبار التاسعة، توفي سنة 198?، وله 78 سنة (التقريب/ 7557) . 2 إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي، البجلي، ثقة ثبت، من الرابعة، توفي سنة 146? ع (التقريب/438) . 3 قيس بن أبي حازم البجلي، الكوفي، ثقة، من الثانية مخضرم، مات بعد التسعين وقد جاز المائة وتغير، ع (التقريب/5566) (ابن الكيال، الكواكب 374) . 4 أبو سهلة مولى عثمان بن عفان، ثقة من الثالثة، ت ق (التقريب/ 8151) . 5 بالياء المنقوطة، أمر من النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة بالتنحي. 6 القائل هو: أبو سهلة. 7 المسند (6/ 51-52) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 ورواه ابن سعد1 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن إسماعيل عن قيس عن أبي سهلة مرسلاً. ورواه الحميدي2 عن سفيان، عن إسماعيل به نحوه، وزاد (قال: سفيان، وحدثوني عن ابن أبي خالد، عن قيس، عن أبي سهلة، فقالت عائشة في هذا الحديث: فلم أحفظ من قوله إلا أنه قال: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمَّصك الله عز وجل فلا تفعل". ورواه الترمذي من طريق وكيع عن إسماعيل به مقتصراً على قول قيس. أي ما بعد قوله (قلنا) وقال: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن أبي خالد " 3. وذكره المحب الطبري، وأشار إلى تخريج الترمذي وأحمد له. وقال المباركفوري: "فيه سفيان بن وكيع، وهو متكلم فيه، ولكنه تابعه محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد عند ابن ماجه4". وسيأتي ذلك، كما تابعه أيضاً عثمان بن أبي شيبة5. ورواه كما تقدم ابن أبي شيبة عن وكيع به6.   1 الطبقات (3/ 66-67) . 2 المسند (1/ 130) 3 السنن (5/ 631) . 4 تحفة الأحوذي (10/ 209) . 5 المصنف (15/ 202) . 6 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ورواه -أيضاً- أحمد، وابن ماجه: كلاهما من طريق وكيع، عن إسماعيل به نحوه بإسقاط أبي سهلة، وفي رواية ابن ماجه: أن هذه القصة التي تحكيها عائشة رضي الله عنها كانت في حين مرض وقع للنبي صلى الله عليه وسلم. ورواه من طريق أحمد، أبو نعيم1. وعندهما: أن قيساً قال: "فكانوا يرونه ذلك اليوم". وصحح إسناد ابن ماجه، الكتاني وقال: "رجاله ثقات"2 كما صححه أيضاً الألباني3 وصحح إسناد أحمد، أحمدُ شاكر4 ورواه ابن حبان5 في صحيحه، من طريق ابن أبي شيبة عن وكيع به نحوه، بإسقاط أبي سهلة، وهو خطأ، والصواب بإثباته كما في المطبوعة من مصنف ابن أبي شيبة. ورواه ابن عساكر من طريق موسى بن محمد بن حيان عن يحيى به مثله. ورواه ابن عساكر، من طريق عبد الرحمن بن محمد بن منصور   1 حلية الأولياء (1/ 58) . 2 مصباح الزجاجة (1/ 19) . 3 صحيح سنن ابن ماجه (1/ 25) ، وأحال إلى المشكاة (6070) والضلال (1175-1176) . 4 مسند أحمد بن حنبل (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 334، 377) . 5 ابن بلبان، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (9/ 35) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الحارثي عن يحيى به نحوه1كما رواه من طرق أخرى عن إسماعيل2. ورواه ابن الأثير من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن إسماعيل به نحوه3 وذكره ابن كثير4.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 284) . 2 المصدر نفسه (282-285) . 3 أسد الغابة (3/ 484-485) . 4 البداية والنهاية (7/ 218) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 القسم الثاني: الأحاديث المرفوعة الضعيفة والموضوعة 1- قال البزار: حدثنا عمر بن الخطاب1 قال: ذكر أبو المغيرة2 عن صفوان بن عمرو3 عن ماعز التميمي، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة، فقال أبوبكر رضي الله عنه: أنا أدركها؟ قال: لا، قال عمر: يا رسول الله أدركها؟ قال: لا، قال عثمان: يا رسول الله أنا أدركها؟ قال: بك يبتلون". قال البزار: "لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد"4. إسناده ضعيف: بماعز التميمي فإنه: (مجهول) . قال الهيثمي: "رواه البزار وفيه ماعز التميمي، ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد، وبقية رجاله ثقات"5 وقال عنه الحافظ: "غير معروف"6.   1 عمر بن الخطاب السجستاني، نزيل الأهواز، القشيري، صدوق، من الحادية عشرة، ت سنة 264? وقد قارب 90 سنة د (التقريب/ 4889) . 2 أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، الحمصي، ثقة من التاسعة، ت سنة 212? ع (التقريب/ 4145) . 3 صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي أبو عمرو الحمصي، ثقة، من الخامسة ت سنة 155? يخ م 4 (التقريب/ 2938) . 4 كشف الأستار (4/ 98) . 5 مجمع الزوائد (7/ 225) . 6 تعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر (ص: 48) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 2- قال أحمد: "نا أبو المغيرة1 نا أرطأة - يعني ابن المنذر2 حدثني أبوعون الأنصاري3 أن عثمان بن عفان قال لابن مسعود: هل أنت منته عما بلغني عنك؟ فاعتذر بعض العذر، فقال عثمان: ويحك إني قد سمعتُ وحفظت، وليس كما سمعتَ. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيقتل أمير وينتزي منتزي" 4 وإني أنا المقتول وليس عمر، إنما قتل عمر واحد، وإنه يجتمع عليّ"5. إسناده ضعيف: ومن طريق أحمد رواه ابن عساكر، وأخرجه أيضاً من طريق أخرى عن أبي المغيرة به؛ كما أخرجه من طريق عبد الوارث ومن طريق محمد بن أيوب كلاهما عن أبي عون الأنصاري به نحوه6.   1 أبو المغيرة هو: عبد القدوس الحجاج الخولاني. 2 أرطأة بن المنذر بن الأسود الألهاني، أبو عدي الحمصي، ثقة، من السادسة، ت سنة 163? بخ د س ق (التقريب/298) . 3 أبو العون هو: الأعور الأنصاري، الشامي، اسمه عبد الله بن أبي عبد الله، مقبول، من الخامسة، س (التقريب/8287) . 4 الانتزاء: هو التسرع إلى الشيء، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 222) إلا أن فيه: "ويتبرأ متبرئ". 5 المسند (1/ 66) تحقيق أحمد شاكر (1/ 368) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 295-296) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد1وقال: "رجاله ثقات". وضعفه "أحمد شاكر" لانقطاعه بين أبي عون وعثمان بن عفان رضي الله عنه2 وهو كما قال؛ فقد قال الحافظ: "وذكر ابن عبد البر في الكنى أنه روى عن عثمان مرسلاً"3. وقول الهيثمي عن هذا الحديث "رجاله ثقات" فيه تقصير إذ لم يبين علته، كذا قال أحمد شاكر وهو كما قال مع أنه قد يبين أحياناً نحوا من ذلك؛ فقد بيَّن في الحديث الذي بعده الانقطاع الذي فيه. وفيه علة أخرى وهي أن أبا عون هذا لم يوثقه غير ابن حبان؛ ولذا قال عنه الحافظ في التقريب: "مقبول" ولم يتابع في حديثه هذا؛ وهذه علة ٌ قادحة في الحديث تكفي في تضعيفه. وفي باقي الروايات التي رواها ابن عساكر زيادة منكرة في آخر الحديث وهي: (وإن المننتزي يكون بعدي) . ومعلوم أن علياً بعد عثمان رضي الله عنهما في الخلافة، ولا تصدق هذه الصفة فيه، ولا يتوقع من عثمان رضي الله عنه أن يتهمه بها. فهذا مما يزيد هذا الحديث ضعفاً وبطلاناً.   1 مجمع الزوائد (7/ 227) . 2 المسند (1/ 66) تحقيق أحمد شاكر (1/ 368) . 3 تهذيب التهذيب (12/ 191) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 3- قال ابن عدي نا الحسين بن عبد الغفار الأزدي، نا زهير بن عباد، نا عبد الله بن عمر الخراساني عن ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عروة بن الزبير عن عقبة بن عامر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب، ودر، وياقوت، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: للخليفة من بعدك المقتول ظلماً: عثمان ابن عفان" 1. إسناده ضعيف: ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن عساكر2. وقد بيَّن ابن عدي ضعفه بقوله: "وهذا باطل بهذا الإسناد يرويه هذا الخراساني ولا يرويه عنه غير زهير". وروى هذا الخراساني بمثل هذا السند عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه من الداء مثلها". وقال ابن عدي: "وهذا باطل لا يرويه غير عبد الله بن عمر الخراساني هذا، ولا يرويه عنه غير زهير". فصدق فيه قول ابن عدي: "يحدث عن الليث بن سعد بمناكير".   1 الكامل لا بن عدي (4/ 1574) ، ولسان الميزان لابن حجر (3/ 319) ، والمغني في الضعفاء للذهبي (1/ 349) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 100) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 4- قال ابن عساكر: "أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، وأبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا سعيد بن محمد بن أحمد البحيري، أنا الشيخ أبو عمرو محمد بن أحمد البحيري، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن بالويه البلخي، نا محمد بن عبد بن عامر، نا عصام بن يوسف، نا حماد بن سلمة، أن علي بن زيد بن جدعان حدثه، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "تدرون: ما على العرش مكتوب؟ مكتوب لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبوبكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان الشهيد، علي الرضا"1. موضوع: والمتهم به هو: محمد بن عبد بن عامر السمرقندي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "معروف بوضع الحديث"2. وقال الخطيب: "روى عن يحيى بن يحيى، وعصام بن يوسف، وجماعة أحاديث باطلة" ونقل عن الدارقطني أنه قال فيه: "كان يكذب ويضع الحديث"3. 5- قال الخطيب: "أخبرنا محمد بن عبيد الله الحنائي، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الختلي، ثنا أبوبكر عبد الرحمن بن عفان   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص: 295) . 2 ابن حجر، لسان الميزان (5/ 271) . 3 ابن حجر، لسان الميزان (5/ 271) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 الصوفي، ثنا محمد بن مجيب الصائغ، ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوباً، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبوبكر الصديق، عمر الفارق، عثمان ذو النورين يقتل مظلوماً" 1. إسناده موضوع. ورواه من طريق الخطيب ابن الجوزي2وابن عساكر، كما رواه ابن عساكر من طريق أخرى عن إسحاق بن إبراهيم به3. قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبوبكر الصوفي ومحمد بن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين"4. وعبارة يحيى بن معين فيه رواها عنه الخطيب البغدادي وهي:"كذاب، يكذب، رأيت له حديثاً حدّث به عن أبي إسحاق الفزاري كذباً"5. ونقل تكذيب يحيى بن معين له الذهبي6 والسيوطي في اللآلئ7 بعد   1 تاريخ بغداد (10/ 264) . 2 الموضوعات (1/ 337) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه ص: 45) . 4 الموضوعات (1/ 337) . 5 تاريخ بغداد (10/ 264) . 6 ميزان الاعتدال (2/ 579) . 7 اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (1/ 320) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 أن ذكر له هذا الحديث. 6- قال ابن عساكر: "كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم، ثم أخبرنا أبو القاسم إليّ فضائل ابن الحسن بن فتح الكتاني، أنا سهل بن بشر قالا: أنا محمد بن الحسين بن الطفال، أنا محمد بن أحمد الذهلي، نا الحسين بن عمر بن إبراهيم الثقفي، نا محمد بن عبد الرحمن المحرزي، نا حاتم أبو عبيدة البصري، عن هشام بن زياد أبي المقدام مولى عثمان، أنا هشام بن عروة، عن عروة عن عائشة، قالت: دخل عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فزرّ عليه قميصه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت يا عثمان إذا جئتني يوم القيامة، وأوداجك تشخب دماً، فأقول: من صنع بك هذا؟ فتقول: بين آمر، وقاتل، وخاذل، فبينما نحن كذلك إذ ينادي منادٍ من قِبل العرش: ألا إن عثمان بن عفان قد حكم في أصحابه" قال: فقال عثمان بن عفان: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" 1. إسناده ضعيف جداً: هشام بن زياد هو ابن يزيد، أبو المقدام قال عنه الحافظ: "متروك"2. ونقل في (تهذيب التهذيب) عن ابن حبان قال: "يروي الموضوعات   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (ص: 288-289) . 2 ابن حجر، تقريب النهذيب (7292) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به" وعن يعقوب بن سفيان: "لا يُفرح بحديثه". ونقل –أيضا- عن ابن معين والبخاري، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، والأزدي، وأبي حاتم تضعيفه1. والإسناد من بعده صحيح على شرط الشيخين، أكثرا منه2 فصدق قول ابن حبان -الآنف الذكر- في هشام هذا. ورواه أيضاً من طريق عبد الله بن زيدان بن يزيد البجلي، عن محمد ابن عبد الرحمن المحرزي به، إلا أن فيه عن هشام بن رفاعة عن هشام بن عروة. وعقب ابن عساكر بقوله: "كذا قال وإنما هو هشام بن زياد". 7- قال ابن عساكر: "أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل بن الفضيلي، أنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي، أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن الحسن الخزاعي، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، أنا أبو جعفر بن المنادي، أنا يزيد بن هارون3 أنا محمد بن طلحة بن مصرف4 عن أبي الرميك5 عن   1 ابن حجر، تهذيب التهذيب (11/ 38-39) . 2 المزي، تحفة الأشراف (12/ 121 -227) . 3 يزيد بن هارون بن زادان السلمي، تقدمت ترجمته. 4 هو: اليامي، كوفي صدوق له أوهام، من السابعة ت سنة 167? خ م د ت عس (التقريب/ 5892) . 5 أبو الرميك هو: أبو الرمكا سلمان بن عتبان؛ لأنه هو الذي يروي عن نعيم بن أبي هند وعنه محمد بن طلحة، أما الكنية التي وردت في السند فلم أجدها في عدة مصادر، وبهذه الكنية لم أجد مت ترجمه غير الإمام مسلم وابن حبان في الثقات، فهذا يقتضي أنه مجهول (الكنى للإمام مسلم ص: 115، ابن حبان الثقات 6/417) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 نعيم1 بن أبي هند قال: كان الناس بالكوفة إذا سمعوا أحداً يذكر عثمان بخير ضربوه. فقال لهم علي: لا تفعلوا ولكن ائتوني به. قال: فقال أعرابي: قُتل عثمان شهيداً، فأتوا به علياً، فقالوا: إن هذا يقول: إن عثمان قتل شهيداً، فقال له علي: وما علمك؟ قال: أتذكر يوم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني أوقية، وأعطاني أبوبكر أوقية، وأعطاني عمر أوقية، وأعطاني عثمان أوقية، ولم يكن عند أبي حسن شيء، فأعطاني عنه عثمان أوقية. فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يبارك لي، فقال: "ومالك لا يبارك لك ولم يعطك إلا نبي، أو صديق أو شهيد" فقال علي: خلوا سبيل الرجل، فخرج يمشي بين السماطين"2. إسناده ضعيف: فيه أبو الرميك وهو مجهول العين والحال.   1 نعيم بن أبي هند، النعمان بن أشيم الأشجعي، ثقة، رمي بالنصب، من الرابعة، توفي سنة 110? خت م مد س ق، وما نقله فيه الذهبي وابن حجر، لم أجده في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وقد ترجم له وقال: سألت أبي عنه فقال: هو صالح الحديث صدوق. (الجرح والتعديل 8/ 490) فربما قاله بعد. والله أعلم. 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان رضي الله عنه (ص:294) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 8- قال ابن عدي: "حدثنا محمد بن داود بن دينار، ثنا أحمد بن محمد بن الحباب البصري، ثنا عمرو بن فائد، ثنا موسى بن يسار، عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تعالى سيفاً مغموداً في غمده، مادام عثمان بن عفان حياً، فإذا قتل عثمان جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة" 1. إسناده موضوع. ومن طريق ابن عدي: رواه ابن عساكر2. قال ابن عدي: "وهذا بهذا اللفظ وهذا المتن لا أعرفه إلا من عمرو ابن فائد "3. وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) بعد أن ساق هذا الحديث من طريق ابن عدي: "هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه عمرو بن فايد، قال ابن المديني4: "كان يضع الحديث". وقال الدارقطني5: "متروك"   1 ابن عدي، الكامل في الضعفاء (5/1797) 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان رضي الله عنه (ص: 455_456) 3 ابن عدي في الكامل (5/ 1797) 4 في (الموضوعات) ابن المدايني، صوبته من: (لسان الميزان) وفيه: "قال ابن المديني: ذاك عندنا ضعيف، يقول بالقدر ". 5 ابن حجر لسان الميزان (4/ 372) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وقال ابن عدي: "وكان محمد بن داود يكذب"1. وذكره الحافظ في لسان الميزان؛ ونقل عن الأئمة تضعيفه، وذكر له هذا الحديث، ثم قال: "وهذا من نمط الذي قبله ظاهر النكارة"2. 9- قال ابن عساكر: "أخبرنا أبو محمد بن طاوس3 وأبو يعلى البزار4 قالا: أنا علي بن محمد المصيصي5 أنا أبو محمد بن أبي نصر6 أنا خيثمة بن سليمان7 ثنا   1 ابن الجوزي، الموضوعات (1/333) 2 في (الموضوعات) ابن المدايني، صوبته من: (لسان الميزان) وفيه: "قال ابن المديني: ذاك عندنا ضعيف، يقول بالقدر ". 3 لم أجد له ترجمة في (العبر، تاريخ دمشق، وفيات الأعلام، الأعلام) وهو أحد شيوخ ابن عساكر الذين أكثر عنهم، واسمه هبة الله بن أحمد بن عبد الله المقرئ (الإمام) 4 أبو يعلى البزار، هو: حمزة بن علي البزاز الثعلبي. قال ابن عساكر: كتبت عنه شيئاً يسيراً وكان شيخاً لا بأس به ... ت سنة 555? (تاريخ دمشق خ 5/309) 5 علي بن محمد بن علي بن أحمد أبو القاسم المصيصي الفقيه، سمع بدمشق أب محمد بن أبي نصر، كذا قال ابن عساكر وزاد: "وحدثنا عنه.." وأبو محمد بن طاوس.. ت سنة 447?،.. وكان فقيهاً مرضياً.. وكان مسنداً في الحديث (تاريخ دمشق خ 12/526) 6 أبو محمد بن أبي نصر، هو: عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، روى عن.. وخيثمة.. وعاش 93 سنة، قال أبو الوليد الدربندي: كان خيراً من ألف ومثله إسناداً وإتقاناً وزهداً مع تقدمه..وقال رشا بن نظيف، شاهدت سادات، فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر، كان قرة عين.. ت سنة 420هـ (العبر 2/ 240) 7 الإمام الثقة المعمّر محدث الشام، مصنف (فضائل الصحابة) كان رجّالاً جوالاً، صاحب حديث، حدن عنه عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، قال أبو بكر الخطيب: خيثمة ثقة ثقة، ت سنة 343? (السير 15/ 412) ومن مسنده قطعة في فضائل أبي بكر الصديق منها.. (الأعلام لخير الدين الزركلي 2/ 326) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 الخليل بن عبد القاهر الصيداوي1 ثنا يحيى بن المبارك2 ثنا ليث بن سعد3 عن يزيد بن أبي حبيب4 عن أبي الخير5عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لما أسري بي دخلت جنة عدن، فوضع في يدي تفاحة فانفلقت عن حوراء6 عيناء، مرضية كأن مقادم عينيها أجنحة النسور، فقلت: لمن أنتِ؟ قالت: للخليفة من بعدك المقتول ظلماً: عثمان". قال ابن عساكر: كذا قال، وإنما هو ابن عبد القهار"7. إسناده ضعيف: بيحيى بن المبارك فإنه ضعيف؛ وبما فيه من رواة   1 الخليل بن عبد القاهر= صوابه عبد القهار كما نبه الحافظ، روى عن يحيى بن المبارك وعنه خيثمة. ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً (تاريخ دمشق 5/ 682-683) . 2 يحيى بن المبارك هو: الدمشقي الصنعاني، قال عنه الدارقطني: "ضعيف" وقال الخطيب "مجهول" (الميزان 4/ 404) ، اللسان (6/ 274) ، الآلئ (1/ 315) . 3 الليث بن سعد: أبو الحارث، المصري. تقدمت ترجمته. 4 يزيد بن أبي حبيب تقدمت ترجمته. 5 أبو الخير: مرثد بن عبد الله اليزني المصري، ثقة فقيه، من الثالثة، ت سنة 90? ع (التقريب/ 6547) . 6 حوراء عيناء: أي بينة الحور وهو تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر، وعيناء واسعة العين بينة العين (مختار الصحاح 161، 467) . 7 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان رضي الله عنه (101) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 مجاهيل. ورواه أبو عرب، وذكره المحب الطبري1. قال ابن الجوزي - بعد أن روى عدة طرق للحديث عن كل من: أنس، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثم ذكر علل هذه الأحاديث2. 10- قال البزار: حدثنا عبد الله بن شبيب، ثنا محمد بن ميمون، ثنا عيسى بن يونس، ثنا وائل بن داود، عن البهي، عن الزبير بن العوام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "لا يقتل بعد هذا اليوم بها أحدٌ صبراً، إلا رجل قتل عثمان بن عفان". قال البزار: "لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد عن الزبير"3. وإسناده ضعيف منكر. ورواه أبو عرب4 وابن عدي ويرى ابن عدي أن المعروف أنه يروى عن مصعب بن سعيد عن عيسى بن يونس، ثم قال: "وقد رواه ابن   1 المحن لأبي عرب (ص: 44-45) تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة عثمان 101-102) ، الرياض النضرة للمحب الطبري (3/ 36) . 2 ابن الجوزي (الموضوعات 1/ 329-331) ، والسيوطي (اللآلئ المصنوعة 1/ 312-315) . 3 كشف الأستار (3/ 181) . 4 المحن (43-44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 شبيب هذا عن محمد بن عبيد - ابن ميمون كما مرّ - عن عيسى، وابن شبيب لا اعتماد عليه "، كما أن مصعب بن سعيد قال عنه ابن عدي: "يحدث عن الثقات بالمناكير ويصحف عليهم"1. وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن عيسى بن يونس، من طريق النظر بن طاهر عن عيسى بن يونس، وقال ابن عدي: "وهذا يعرف بمصعب بن سعيد أبي خيثمة المصيصي، عن عيسى بن يونس، سرقه منه النظر هذا"2. قال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، والبزار باختصار، وقالا: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وفي إسناد الطبراني، مصعب بن سعيد، وفي إسناد البزار؛ عبد الله بن شبيب، وكلاهما ضعيفان"3. ورواه أبو عرب4 عن محمد بن بسطام، عن غيلان بن المغيرة، قال: حدثنا أبو حبيبة المكفوف مصعب بن سعيد عن عيسى بن يونس عن وليد بن داود به. والصواب كما في المصادر الأخرى وائل بن داود5.   1 الكامل في الضعفاء (2362 -2363) . 2 المصدر السابق. 3 مجمع الزوائد (9/99) . 4 المحن (43-44) . 5 ولعل هذا من الأخطاء الكثيرة التي في مطبوعة المحن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وفي أوله: قتل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من قريش من المشركين صبراً يوم بدر، ثم قال: "لا يقتل بعد اليوم رجل من قريش صبراً إلا رجل قتل عثمان بن عفان فاقتلوه؛ إلا تفعلوا تقتلوا قتل الشاة". فهذه الرواية في يوم بدر، وحديث البزار في فتح مكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 القسم الثالث: الروايات التاريخية الصحيحة والحسنة 1- قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبدان، أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال: جاء رجل حج البيت، فرأى قوماً جلوساً فقال: من هؤلاء القعود؟ قالوا: هؤلاء قريش، قال: من الشيخ؟ قالوا: ابن عمر، فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء، أتحدثني؟ قال: أنشدك، بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فكبر. قال ابن عمر: تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه، أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه, وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه" , وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه، فبعث عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: "هذه يد عثمان، فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان" اذهب بهذا الآن معك" 1. ورواه الترمذي2 من طريق أبي عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب به.   1 الفتح (7/ 54، 363) . 2 السنن (5/ 629) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 ورواه الإمام أحمد1 من طريق أبي عوانة وشيبان كلاهما عن عثمان ابن موهب وألفاظهما مختلفة، ومن طريقه ابن عساكر2 وفي طريق أبي عوانة أن الرجل جاء من مصر. وروى3بعضه يعقوب بن سفيان من طريق أبي عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب به. وروى بعضه -أيضاً- أبو داود الطيالسي، ومن طريقه ابن عساكر4. وذكره المحب الطبري5 وعزاه إلى البخاري وزاد زيادة عزاها إلى الحاكمي. ورواه ابن عساكر من غير طريق عثمان بن عبد الله بن موهب. فقد رواه6 من طريقين عن حبيب بن أبي مليكة قال: "كنت جالساً عند عبد الله بن عمر فأتاه رجل" وذكره بنحوه. 2- وفي صحيح البخاري: قال أبو عبد الله وزادني أحمد: حدثنا الأنصاري، قال: حدثني أبي عن ثمامة عن أنس قال: "كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده وفي يد أبي بكر   1 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 8/ 101-102، 199-200) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 254-255) . 3 المعرفة والتاريخ (3/ 160) . 4 المسند (264) . 5 الرياض النضرة (3/ 24-25) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 255-256) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، فلما كان عثمان جلس على بئر أريس قال: فأخرج الخاتم فجعل يعبث به، فسقط. فاختلفنا ثلاثة أيا مع عثمان فننزح البئر فلم نجده"1. وروى نحوه أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه مسلم2: من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. 3- قال البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى بن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبي بكر وعمر، ومع عثمان صدراً من إمارته ثم أتمها"3 ورواه أيضاً: من طريق عبيد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنه به نحوه دون قوله: "ثم أتمها"4. ورواه مسلم: من طريق سالم بن عبد الله، عن أبيه به وزاد بعد "أتمها" "أربعاً". كما رواه أيضاً: من طريق نافع عن ابن عمر، وفيه زيادة "أربعاً" أيضاً، وزاد أيضاً:"فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً، وإذا   1 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري:10/ 328، 10، 318) . 2 الجامع الصحيح (ص: 1656) . 3 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري:2/ 563، 3/ 509) . 4 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 صلاها وحده صلى ركعتين"1ورواها مالك2من طريق نافع به. ورواه الإمام مالك أيضاً3: من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين، وأن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين، وأن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين، وأن عثمان صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته. ثم أتمها بعد". وهذا مرسل، وقد روي موصولاً عن ابن عمر. ورواه الدارمي4 من طريق سالم، عن أبيه نحوه. 4- قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر" قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان"5. ورواه مسلم6 من طرق عن عروة عن عائشة رضي الله عنها وفي بعضها (وزيد في) بدل (وأتمت) .   1 الجامع الصحيح (ص: 482) . 2 الموطأ (149) . 3 الموطأ (ص: 402) . 4 السنن (2/ 56) . 5 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري:2/ 569) . 6 الجامع الصحيح (1/ 478) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 5- قال البخاري في صحيحه: حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الواحد عن الأعمش قال: حدثنا إبراهيم قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: "صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعودرضي الله عنه فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر رضي الله عنهم بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات: ركعتان متقبلتان"1. ورواه مختصراً2 من طريق سفيان، عن الأعمش به. ووافق مسلم البخاري، عن قتيبة به مثله، كما رواه من طرق أخرى أيضاً3. ورواه الدارمي4 من طريق منصور بن أبي الأسود عن الأعمش به مختصراً. ورواد أبو داود5 من طريق أبي معاوية به. ورواه البيهقي6 من طرق عن الأعمش به.   1 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري: 2/ 563، 3/ 509) . 2 المصدر السابق. 3 الجامع الصحيح (ص: 483) . 4 السنن (2/ 55) . 5 السنن (2/ 199) . 6 السنن الكبرى (5/ 141-142) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 ورواه ابن عساكر1 من طريق أبي معاوية عن الأعمش به. 6- قال البخاري في صحيحه: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم - ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه - بمنى ركعتين"2. ورواه أيضاً من طريق أبي الوليد عن شعبة به نحوه. ورواه مسلم من طريق زهير وأبي الأحوص كلاهما عن أبي إسحاق به نحوه. ورواه أبو داود من طريق زهير عن أبي إسحاق به نحوه. 7- قال البخاري في صحيحه: حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق "أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إليّ أبوبكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبوبكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا /والله/ خير. فلم يزل عمر   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 249) . 2 فتح الباري (3/ 509) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبوبكر: إنك رجل شاب، عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن، فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل منالجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو /والله/ خير. فلم يزل أبوبكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله نهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللِّخافِ وصدورِ الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} حتى خاتمة براءة، فكانت الحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه"1. ورواه من طريق أخرى عن الزهري2 أيضاً. 8- قال البخاري في صحيحه: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري، وأخبرني أنس بن مالك، قال: "فأمر عثمان: زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال   1 الفتح (9/ 10-11) . 2 المصدر نفسه (8/ 344) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم، ففعلوا"1. 9- قال البخاري في صحيحه: حدثنا موسى، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه "أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفرع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من   1 الفتح (9/ 9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق"1. 10- قال البخاري: قال أبو عبد الله: وقال لنا محمد بن يوسف، حدثنا الأوزاعي، حدثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال: إنك إمام عامة، ونزل بك ما نرى، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج. فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم"2. 11- قال البخاري في صحيحه: حدثني بشر بن خالد أخبرنا محمد بن حعفر عن شعبة عن سليمان سمعت أبا وائل قال: قيل لأسامة: ألا تكلم هذا؟ قال: قد كلمته ما دون أن أفتح باباً أكون أول من يفتحه، وما أنا بالذي أقول لرجل - بعد أن يكون أميراً على رجلين -: أنت؟ خير بعد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه، فيطوف به أهل النار فيقولون: أي فلان، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله" 3.   1 الفتح (9/ 11) . 2 الفتح (2/ 188) . 3 الفتح (6/ 331، 13/ 48) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 كما رواه أيضاً1: من طريق سفيان عن الأعمش عن أبي وائل نحوه وفيه "إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم أني أكلمه في السر دون أن أفتح ... ". وفيه أيضاً: " ... ولا أقول لرجل - إن كان عليَّ أميراً - إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ". ورواه مسلم2 من طريق أبي معاوية عن الأعمش به نحوه. وفيه: "ألا تدخل على عثمان". ورواه الحميدي3: عن سفيان به نحوه وفيه: "ألا تكلم عثمان". ورواه البغوي4: من طريق علي عن سفيان به نحوه. 12- روى البخاري في صحيحه: "من طريق قيس5 قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول: والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر، ولو أن أحداً أرفض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفض"6.   1 المصدر السابق. 2 الجامع الصحيح (4/ 2290) ، وبشرح النووي (18/ 118) . 3 المسند (1/ 250) . 4 شرح السنة (14/ 351-352) . 5 قيس بن أبي حازم البجلي. تقدمت ترجمته. 6 الجامع الصحيح (الفتح 7/ 176، 178، 12/ 315) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وفي بعض رواياته "أنقض وينقض" بدل "أرفض ويرفض" وفي بعضها أيضاً "أنا وأخته"1. ورواه ابن أبي شيبة2 وأحمد3 وابن سعد4 وخليفة بن خياط5 والطبراني6 وابن عساكر7: كلهم من طريق قيس عن سعيد به. وألفاظهم متقاربة، واقتصرت رواية خليفة على الفقرة الثانية فقط. وفي قوله (ولو أنّ أحداً أرفض) قال الحافظ ابن حجر: "أي زال من مكانه" "وفي الرواية الثانية" "انقض" أي سقط. وزعم ابن التين أنه أرجح الروايات. وفي رواية الكشمهيني بالنون والفاء، أي: (انفض) وهو بمعنى الأول. وقوله (لكان محقوقاً أن ينقض) وفي رواية الإسماعيلي، "لكان حقيقاً" أي: واجباً، تقول: حق عليك أن تفعل كذا، وأنت حقيق أن تفعله.   1 جاء ذلك في إحدى روايات البخاري وفي رواية ابن سعد وابن عساكر. وجدير بالذكر أن في إحدى روايتي ابن عساكر شعيب بن إبراهيم وسيف بن عمر، وروايتهما هذه موافقة لرواية البخاري تماماً". 2 ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 205) . 3 فضائل الصحابة (1/ 278) . 4 ابن سعد (الطبقات 3/ 79) . 5 خليفة بن خياط (التاريخ 176-177) . 6 الطبراني (المعجم الكبير 1/ 84) . 7 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 485-486) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وإنما قال ذلك سعيد لعظم قتل عثمان وهو مأخوذ من قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} . قال ابن التين: قال سعيد ذلك على سبيل التمثيل، وقال الداودي: معناه لو تحركت القبائل وطلبت بثأر عثمان لكان أهلاً لذلك، وهذا بعيد من التأويل) 1. ثم قال في موضع آخر: "وللكشمهيني "بفاء" بدل "القاف" في الموضعين؛ ولأبي نعيم في المستخرج "بالفاء والراء" ومعانيها متقاربة والله أعلم"2. وقال الكرماني: "فإن قلت: ما مناسبته للترجمة3 قلت: إن عثمان رضي الله عنه اختار القتل على الإتيان بما يرضي القتلة، فاختياره على الكفر بطريق أولى"4ا?. قلت: جاء في باقي الروايات المخرجة آنفاً "أرفض" سوى رواية من روايتي ابن عساكر ففيها "أنقض".   1 ابن حجر (فتح الباري 7/ 176) . 2 ابن حجر (فتح الباري 7/ 182-183) . 3 أي ترجمة البخاري للباب وهي "باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر "في كتاب الإكراه". 4 الكرماني (شرح صحيح البخاري 24/ 63) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 13- روى البخاري في صحيحه: "عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً جاءه، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي، أعيّر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إليّ من أعيَّر بهذه الآية التي يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} إلى آخرها. قال: فإن الله يقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلاً، فكان الرجل يُفْتَنُ في دينه: إما يقتلوه، وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة. فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: ما قولي في عليّ وعثمان؟ أما عثمان فكان الله قد عفا عنه، فكرهتم أن يعفو عنه. وأما عليّ فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه - وأشار بيده - وهذه ابنته، أو بنته حيث ترون"1. وأخرج ابن عساكر2 آخره من طريق أخرى عن ابن عمر وفيها أن السائل هو العلاء بن عرار. وقد يكون آخر غير الذي في رواية البخاري.   1 الجامع الصحيح (مع الفتح 8/ 309-310) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 507) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 14- روى البخاري في صحيحه: من طريق سعد بن عبيدة قال: "جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله، ثم قال: لعل ذلك يسوؤك!! قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك بيته، أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: لعل ذلك يسوؤك! قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك! انطلق فاجهد على جهدك"1. ورواه ابن عساكر2 من طرق عن سعد بن عبيدة به مثله. وذكره المحب3 الطبري في (الرياض النضرة) وعزاه إلى البخاري، وفيه اختلاف يسير جداً، فكأنه تصحيف. 15- قال مسلم في صحيحه: وحدثنا عبيد الله بن معاذ. حدثنا أبي حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن. سمع حفص بن عاصم عن ابن عمر قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى صلاة المسافر، وأبوبكر وعمر. وعثمان ثماني سنين. أو قال ست سنين. قال حفص: وكان ابن عمر يصلي بمنى ركعتين. ثم يأتي فراشه, فقلت: أي عم، لو صليت بعدها ركعتين! قال: لو فعلت لأتممت الصلاة.   1 الجامع الصحيح (الفتح 7/ 70-71) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 506-507) . (3/ 50) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وحدثناه يحيى بن حبيب حدثنا خالد (يعني ابن الحارث) وحدثنا ابن المثنى. قال: حدثني عبد الصمد. قالا: حدثنا شعبة بهذا الإسناد ولم يقولا في الحديث: "بمنى" ولكن قالا: صلى في السفر"1. 16- قال مسلم في صحيحه: وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن حاتم قالا: حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون عن محمد. قال: قال جندب: جئت يوم الجرعة2. فإذا رجل جالس. فقلت: ليهراقن اليوم ههنا دماء. فقال ذاك الرجل: كلا والله، قلت: بلى والله! قال: كلا والله، قلت: بلى والله! قال: كلا والله إنه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنيه. قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم. تسمعني أخالفك وقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنهاني؟ ثم قلت: ما هذا الغضب؟ فأقبلت عليه وأسأله، فإذا هو حذيفة"3. 17- قال خليفة بن خياط: سمعت عبد الوهاب بن عبد المجيد4 قال: سمعت يحيى بن سعيد5 يقول:   (ص: 483) . (الجرعة) بفتح الجيم وبفتح الراء وإسكانها، والفتح أشهر وأجود، وهي موضع بقرب الكوفة على طريق الحيرة. (معجم البلدان لياقوت 2/ 127-128) . وكان يوم الجرعة في السنة الرابعة والثلاثين من الهجرة (خليفة بن خياط، التاريخ 168) . (ص: 2219) . 4 عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة 194? عن نحو 80 سنة ع (التقريب/4261) . 5 يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 144? ع (التقريب/ 7559) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة1 يقول: كنت مع عثمان في الدار فقال: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعاً وطاعة إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم عندي غناء من كف يده وسلاحه، ثم قال: قم يا ابن عمر فأجر بين الناس، فقام ابن عمر وقام معه رجال من بني عدي: ابن سراقة وابن مطيع ففتحوا الباب، وخرج ودخلوا الدار فقتلوا عثمان رضي الله عنه"2. إسناده صحيح: رجاله ثقات رجال الشيخين. ورواه من طريقه ابن عساكر، كما رواه ابن أبي شيبة، وابن سعد: كلاهما عن عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد به مختصراً3 وإسنادهما صحيح. ورواه ابن عساكر من طريق ابن سعد أيضاً، ورواه أبو عرب من طريق حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد به مطولاً4 وفيه زيادة.   1 عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي، المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين ع (التقريب/ 3403) ولد سنة 6? (العلائي جامع التحصيل ص: 259) . 2 خليفة بن خياط (التاريخ 173) . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) ، ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 204) ، ابن سعد، الطبقات (3/ 70) ، أبو عرب، المحن (69-70) . 4 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (402-403) ، أبو عرب، المحن (69-70) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ولا يضره اختلاط عبد الوهاب، فقد حُجب الناس عنه حين اختلاطه، ولم يحدث1. وتابعه حماد بن زيد وعبد الله بن إدريس، كما تقدم. ورواه سعيد بن منصور، عن ابن عياش، عن يحيى بن سعيد به، وفيه "فاحجز بين الناس"2. وجاء من وجه آخر عند الدراقطني فقد: 18- روى ابن عساكر من طريق الدارقطني قال: أنا أحمد بن محمد بن زياد، نا إسماعيل بن إسحاق، نا سليمان بن حرب، نا جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن نافع: "أن الحسن بن علي لم يزل مع عثمان وهو محصور حتى عزم عليه ليخرجن"3. ورواه أيضاً4من طريق: عارم بن الفضل، نا جرير به عن نافع: "أن الحسن بن علي وعبد الله بن عمر لم يزالا مع عثمان في الدار". 19- قال البخاري في التاريخ الكبير: قال أحمد بن يونس5 نا زهير6 قال: نا كنانة مولى صفية قال:   1 الذهبي (ميزان الاعتدال 2/ 681) ، ابن الكيال (الكواكب النيرات 316-317) 2 السنن (2/ 336) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 396) . 4 المصدر نفسه (395) . 5 أحمد بن يونس هو: أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي، ثقة حافظ من كبار العاشرة، ت سنة 227?، وهو ابن أربع وتسعين سنة ع (التقريب/ 630) . 6 زهير بن معاوية بن خديج أبو خيثمة الجعفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت من السابعة، ت سنة 172? وكان مولده سنة 100? ع (التقريب/ 2051) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 كنت أقود بصفية لترد عن عثمان، فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى [مالت] 1 فقالت: ردوني، ولا يفضحني هذا الكلب. وكنت فيمن حمل الحسن جريحاً، ورأيت قاتل عثمان من أهل مصر يقال له: جَبَلة"2. إسناده حسن: رجاله رجال الشيخين إلا كنانة؛ وهو: مولى صفية رضي الله عنها تابعي وثقهُ ابن حبان3 والعجلي4 وتبعهما السخاوي5, وضعفه الأزدي6 وسكت عنه البخاري7 وكذا ابن أبي حاتم8. وقال عنه الذهبي في الكاشف: "وثق"9 وقال الحافظ في التقريب "مقبول ضعفه الأزدي بلا حجة"10.   1 ما بين المعكوفتين سقط من التاريخ الكبير أثبته من باقي المصادر المذكورة. (7/ 237) . (الثقات 5/ 339) . (معرفة الثقات 2/ 229) ، وقال المحقق في الحاشية كذا في س وت والتهذيب وكان في الأصل: "مولى ضباعة" ولم أجد ترجمة بهذا الاسم، والله أعلم. وهو الصواب تؤيده إشارة السخاوي إلى أن العجلي قد وثق كنانة مولى صفية (التحفة اللطيفة 3/ 438) . 5 التحفة اللطيفة (3/ 438) . 6 ابن حجر (تهذيب النهذيب 8/ 403-404) والسخاوي (التحفة اللطيفة 3/ 438) . (التاريخ الكبير 7/ 237) . (الجرح والتعديل 7/ 169) . (3/ 10) . 10 (5669) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وبعد استقرائي لعدد من الرواة الذين قال فيهم الذهبي في الكاشف: "وثق" وجدت أن هذه العبارة تشابه قول الحافظ في التقريب:"صدوق". فإن أحد عشر راوياً قال فيهم الذهبي: "وثق"، لم يذكر منهم في الميزان إلا سبعة، قال في أحدهم: "ما علمت فيه بأساً"، ولم يذكر في المغني في الضعفاء إلا ثلاثة منهم، وجلهم قال عنهم الحافظ ابن حجر: صدوق، أو أورد لفظة التوثيق؛ وقد يضيف إليها أحياناً ما يشعر بخفة الضبط. أما قول الحافظ عنه: "مقبول" فلعله لم يطلع على توثيق العجلي له، وإلا لقال عنه: "ثقة" أو "صدوق" كما هي عادته في مثله؛ فإنه يطلق التوثيق لمن يوثقه ابن حبان والعجلي معاً، خاصة إذا كان من التابعين1. ولا شك أن الحافظ قد اطلع على كتاب العجلي، لكن لعل النسخة التي اطلع عليها هي المحرفة التي فيها (مولى ضباعة) . وبذلك يتبين أن حديثه لا ينزل عن رتبة الحسن. والله أعلم. وروى هذا الخبر: علي بن الجعد2 عن زهير به، ومن طريقه ابن عساكر3 مختصراً وليس فيه: "جبلة".   1 كما في ترجمة العلاء بن اللجلاج. انظر (التقريب/ 5255) وقارن بتهذيب التهذيب (8/ 191) . 2 المسند (2/ 959) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 397، 420) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وزاد علي بن الجعد قال: "فوضعت خشباً بين منزلها وبين منزل عثمان ينقل عليه الطعام والشراب". ورواه ابن سعد1 عن مالك بن إسماعيل2 والحسن بن موسى3 كلاهما عن زهير به. وفي رواية الحسن كزيادة علي بن الجعد وفيه "حتى مالت فقالت" وليس فيه جبلة. 20- قال خليفة: وحدثنا عبد الأعلى4 وكهمس5 عن ابن أبي عروبة6 عن   1 الطبقات (8/ 128) . 2 مالك بن إسماعيل النهدي أبو غسان الكوفي، ثقة، متقن صحيح الكتاب عابد، من صغار التاسعة ت سنة 21? (التقريب/ 6424) . 3 الحسن بن موسى الأشيب أبو علي البغدادي، ثقة، من التاسعة، ت: سنة 210? ع (التقريب/ 1288) . 4 عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي، أبو محمد، ثقة، من الثامنة، ت سنة 189? ع (التقريب/3734) . 5 كهمس بن المنهال السدوسي، أبو عثمان البصري، صدوق، رمي بالقدر، من التاسعة خ (التقريب/ 5761) . 6 ابن أبي عروبة: هو سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ، كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة، ت سنة 156? ع (التقريب/2365) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 قتادة1 [عن الحسن] 2 وزاد عبد الأعلى3 "أن الحسن بن علي كان آخر من خرج من عند عثمان"4. إسناده صحيح: رجاله رجال البخاري. ولا يضره تدليس واختلاط ابن أبي عروبة، حيث إن روايته هنا عن قتادة وهو ثبت فيه. ورواية عبد الأعلى وكهمس عنه، في صحيح البخاري5. ورواه من طريق خليفة: ابن عساكر6 عن عبد الأعلى دون كهمس به. وما بين المعكوفتين سقط من تاريخ خليفة بن خياط وأثبته من تاريخ دمشق وليس في تاريخ دمشق "وزاد عبد الأعلى".   1 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. 2 الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيراً، ويدلس .... وهو رأس الطبقة الثالثة ت سنة 110?، وقد قارب 90 سنة ع (التقريب/1227) . 3 لم تذكر هذه الزيادة؛ وقد تكون هي التي بين المعكوفتين التي أثبتها من تاريخ دمشق حيث إن ابن عساكر رواه من طريق عبد الأعلى فقط ولم يروه من طريق كهمس. 4 التاريخ (ص: 174) . 5 انظر رجال البخاري للكلابادي (2/ 485، 875) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان ص: 397) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 21- قال ابن سعد: "أخبرنا شبابة بن سوار الفزاري1 قال: وحدثني إبراهيم بن سعد2 عن أبيه3 عن جده4 قال: سمعت عثمان بن عفان يقولك إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في قيود فضعوها"5. إسناده صحيح: ورواه ابن أبي شيبة6 عن غندر7 وأبي أسامة8 قالا: أخبرنا شعبة9 عن سعد بن إبراهيم به نحوه.   1 شبابة بن سوار المدائني، ثقة حافظ رمي بالإرجاء من التاسعة، توفي سنة 206? ع (التقريب/ 2733) . 2 إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني نزيل بغداد، ثقة حجة، تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، ت سنة 185? ع (التقريب/ 177) . 3 سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولي قضاء المدينة، وكان ثقة فاضلاً عابداً، من الخامسة، ت سنة 125?، وقيل بعدها، وهو ابن 72 سنة ع (التقريب/ 2227) . 4 إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل له رؤية، وسماعة من عمر أثبته يعقوب بن شيبة، ت سنة 95?، خ م د س ق (التقريب/ 206) . 5 ابن سعد، الطبقات (3/ 69-70) . 6 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 224) . 7 غندر هو: محمد بن جعفر الهذلي البصري، المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب، إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193?، ع (التقريب/5787) . 8 أبو أسامة هو: حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي أبو أسامة مشهور بكنيته؛ ثقة ثبت ربما دلس وكان بآخره يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة، مات سنة 201? وهو ابن 80 سنة ع (التقريب/ 1487) . 9 شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، الواسطي، ثم البصري ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: "هو أمير المؤمنين في الحديث" من السابعة، مات سنة 160? ع (التقريب/ 2790) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين. ووافقه خليفة1 في روايته عن غندر به وفيه "إن كان في الحق أن تضعوا ... ". ومن طريق خليفة رواه ابن عساكر2. ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند3 عن سويد4 قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثني أبي عن أبيه، وذكره بمثله. ومن طريقه ابن عساكر أيضاً؛ كما رواه ابن عساكر أيضا من طريق يعقوب، نا شبابة به5. وذكره المحب6 الطبري وعزاه إلى أحمد. وصحح إسناده "أحمد شاكر". وذكره الهيثمي7 وقال: "رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح".   1 التاريخ (171) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 350، 351، 360، 361) 3 المسند (1/ 387-388بتحقيق أحمد شاكر) 4 سويد بن سعيد بن سهل الهروي، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول، من قدماء العاشرة ت سنة 240? وله 100سنة م ق (التقريب/ 2690) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 350، 351، 360، 361) 6 المحب الطبري (الرياض النضرة 3/ 66) . 7 الهيثمي (مجمع الزوائد 7/ 227) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 قلت: وهو كما قالا؛ فإن رجاله رجال الشيخين فإسناده صحيح لا يضره ما قيل في إبراهيم بن سعد فهو ثقة حجة، أخرج له الشيخان، وباقي أصحاب الكتب الستة. وقد قال ابن حجر: "تكلم فيه بلا قادح". فالجرح فيه غير مفسر، فيقدم عليه التعديل كما بينه علماء الجرح والتعديل. وقد تابعه شعبة كما في روايتي خليفة وابن أبي شيبة. 22- قال الترمذي: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن1 أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي2 حدثنا عبيد الله بن عمر3 عن زيد4 هو ابن أبي أنيسة عن أبي   1 عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام السمرقندي، أبو محمد الدارمي، الحافظ، صاحب المسند، ثقة فاضل متقن، من الحادية عشرة مات سنة 255? وله 74 سنة، م د ت، (التقريب/ 3434) 2 عبد الله بن جعفر بن غيلان، الرقي، ابو عبد الرحمن القرشي، مولاهم ثقة لكنه تغير بأخرة، فلم يفحش اختلاطه، من العاشرة، مات سنة 220? (التقريب/ 3253) 3 عبيد الله بن عمرو الرقي أبو وهب الأسدي، ثقة فقيه ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 180? عن 79سنة (التقريب/ 4327) 4 زيد ابن أبي أنيسة الجزري أبو أسامة، أصله من الكوفة، ثم سكن الرها، ثقة له أفراد، من السادسة، مات سنة 119? وقيل: سنة 124?، وله 36سنة ع (التقريب/ 2118) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 إسحاق1 عن أبي عبد الرحمن السلمي2 قال: لما حصر عثمان أشرف عليهم فوق داره، ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثبت حراء، فليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد"، قالوا: نعم، قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جيش العسرة: "من ينفق نفقة متقبلة" والناس مجهدون معسرون فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم، ثم قال: أذكركم بالله، هل تعلمون أن بئر رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا: نعم، وأشياء عدّها. هذا حديث حسن صحيح غريب"3. إسناده صحيح. وذكره البخاري4 في صحيحه تعليقاً، قال: "وقال عبدان عن أبيه، عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن - به نحوه وفيه -:   1 عمرو بن عبيد الله بن عبيد، ويقال: علي، ويقال ابن أبي شعيرة الهمداني، أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثالثة اختلط بأخرة، ملت سنة 129? وقيل قبل ذلك، ع (التقريب/ 5065) 2 عبد الله بن حبيب بن ربيعة، أبو عبد الرحمن السلمي، الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد السبعين، ع (التقريب/ 3271) 3 السنن (5/625) 4 فتح الباري (5/406-407) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألستم تعلمون.." ولم يذكر انتفاض حراء. ورواه النسائي1 من طريق أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة به نحوه. ورواه الدارقطني2 من طريق عبدان عن أبيه عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي بمثل رواية البخاري. ورواه ابن عساكر3 من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة بإسناده مثل لفظ الترمذي. ولا يعلله اختلاط عبد الله بن جعفر؛ لأن رواية الدارمي عنه وقعت في صحيح مسلم4 ولأنه لم يفحش اختلاطه. واختلف في سماع أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه والراجح أنه سمع منه. فقد روى عنه، عن عثمان رضي الله عنه البخاري في صحيحه مسنداً، ومعلوم أن البخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء. ورجح العلائي وابن حجر5 سماعه منه.   1 السنن (6/236-237) 2 السنن (4/199-200) 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (337-338) 4 انظر رجال مسلم لابن منجويه (1/349) 5 وللتفصيل انظر جامع التحصيل للعلائي (254) وفتح الباري (9/74_ 76) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 23- قال ابن أبي داود: حدثنا يونس بن حبيب1 قال: حدثنا أبو داود2 حدثنا شعبة بن الحجاج3 عن علقمة بن مرثد الحضرمي4؛ قال أبو داود: ونا محمد بن أبان الجعفي5 سمعه من علقمة بن مرثد، وحديث محمد أتمّ عن علقمة6, لما خرج المختار كنا في هذا الحي من حضرموت أول من تسرع إليه. فأتانا سويد7 بن غفلة الجعفي، فقال: إن لكم عليّ حقاً؛ وإن لكم جواراً، وإن لكم قرابة. والله لا أحدثكم اليوم إلا شيئاً سمعته من المختار.   1 يونس بن حبيب بن عبد القاهر الأصبهاني العجلي، وثقه ابن أبي حاتم، وأوصى بالرواية عنه أبو مسعود بن الفرات (ابن أبي حاتم، الجرح: 9/ 237) . 2 سليمان بن داود الجارود، أبو داود الطيالسي، البصري، ثقة حافظ غلط في أحاديث، من التاسعة، ت سنة 204?، خت، م4 (التقريب/ 2550) . 3 شعبة بن الحجاج تقدمت ترجمته. 4 علقمة بن مرثد، الحضرمي، أبو الحارث الكوفي، ثقة، من السادسة، ع (التقريب/ 4682) . 5 محمد بن أبان الجعفي، كوفي قال ابن معين: ضعيف، وبين الإمام أحمد: أن سبب ترك الناس لحديثه هو قوله بالإرجاء، ولأنه كان رئيساً من رؤساء المرجئة (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 7/ 200) . 6 في الأصل: "عقبة" وهو تحريف. انظر تاريخ دمشق (ترجمة عثمان241، حاشية5) 7 سويد بن غفلة، أبو أمية الجعفي، مخضرم، من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته ثم نزل الكوفة، ومات سنة 80? وله 130سنة ع (التقريب/ 2695) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 أقبلت من مكة، فإني لأسير إذ غمزني غامز من خلفي، فالتفتّ فإذا المختار. فقال لي: يا شيخ ما بقي في قلبك من حبّ ذاك الرجل -يعني علياً - قلت: إني أشهد الله أني أحبه بسمعي وقلبي، وبصري، ولساني، قال: ولكني أشهد الله أني أبغضه بقلبي، وسمعي، وبصري، ولساني، قال: قلت: أبيت والله إلا تثبيطاً عن آل محمد وتربيثاً 1 لحراق المصاحف - أوقال: خراق, أو أحدهما يشك أبو داود - فقال سويد: والله لا أحدثمكم إلا شيئاً سمعته من علي بن أبي طالب - سمعته يقول: يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيراً - أو قولوا له خيراً - في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فعل الذي في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعاً، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفراً، قلنا فما ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحف واحدٍ، فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف. قلنا: فنعم ما رأيت. قال فقيل: أي الناس أفصح، وأي الناس أقرأ؟ قالوا: أفصح الناس سعيد بن العاص، وأقرأهم زيد بن ثابت، فقال: ليكتب أحدهما، ويملي الآخر. ففعلا، وجمع الناس على مصحف. قال: قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل"2, 3.   1 في الأصل: "ترثيثاً"، والصواب ما أثبته، ومعناه: تثبيطاً، كما ي النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 182) . 2 يعني لو ولي قبل إنفاذ الجمع لجمعه. 3 المصاحف (28-29 العلمية) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 ورواه من طريقه ابن عساكر1 وزاد بعد عقبة "بن جرول الحضرمي" 2. إسناده صحيح: رجاله كلهم ثقات رجال مسلم إلا يونس، وعقبة، وابن أبي داود، وهم ثقات، وصححه الحافظ ابن حجر3 ورواه ابن أبي داود من طرق أخرى4 كما رواه ابن عساكر من طرق أخرى أيضاً غير طريق ابن أبي داود5. 24- قال ابن عساكر: "أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنا أبو نعيم الحافظ ثنا سليمان بن أحمد6 ثنا أبو زرعة7 ثنا أبواليمان8 أنا شعيب9 عن الزهري10 أخبرني أنس بن مالك:   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (241-242) 2 عقبة، صوابه العيزار بن جرول التنعي الحضرمي، قال ابن معين: العيزار بن جرول الحضرمي ثقة (الجرح والتعديل 7/37) 3 فتح الباري (9/18) 4 المصاحف (29-30 العلمية) 5 وانظر ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (237-239) 6 هو الطبراني. 7 أبو زرعة هو روح بن الفرج، أبو الزنباع القطان، المصري، ثقة، من الحادية عشرة، ت سنة 282? وله 84 تمييز (التقريب/ 1967) . 8 أبو اليمان هو الحكم بن نافع البهراني، الحمصي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، من العاشرة، ت سنة 222? ع (التقريب/1464) . 9 شعيب بن أبي حمزة الأموي، مولاهم، واسم أبيه دينار، أبو بشر الحمصي، ثقة عابد قال ابن معين: من أثبت الناس في الزهري من السابعة، مات سنة 172? ع (التقريب/ 2798) . 10 الزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب، مترجم له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان وكان يغزو مع أهل العراق قبل أرمينية في غزوهم ذلك فيمن اجتمع من أهل العراق وأهل الشام، فتنازعوا في القرآن حتى سمع حذيفة من اختلافهم فيه ما يكره. فركب حذيفة حتى قدم على عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في الكتب، ففزع عثمان بن عفان، فأرسل إلى حفصة بنت عمر أن أرسلي إليّ بالصحف التي جمع فيها القرآن، فأرسلت إليه بها حفصة، فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال لهم: إذا اختلفتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن إنما نزل بلسانهم. ففعلوا حتى كتبت المصاحف، ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به. فذلك زمان حرقت فيه المصاحف بالنار"1. إسناده من الطبراني صحيح: رجاله رجال الشيخين إلا روح وهو ثقة، وتُكلم في سماع أبي اليمان من شعيب وأن أكثره كان مناولة،   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 234) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 إلا أنه قال ليحيى بن معين لما سأله عن ذلك: "ليس هو مناولة، المناولة لم أخرجها لأحد"1. وبذلك يكون الإسناد من الطبراني صحيحاً والله أعلم. وأصله في صحيح البخاري2. 25- وفي مصنف ابن أبي شيبة: أسود3 بن عامر قال: حدثنا جرير بن حازم4 عن ابن سيرين5 قال: ما علمت أن علياً اتهم في قتل عثمان حتى بويع؛ اتهمه الناس"6. ورواه ابن عساكر7 من طريق هشام عن ابن سيرين ولفظه: "لقد قتل عثمان وما أعلم أحداً يتهم علياً في قتله".   1 ابن حجر، تهذيب التهذيب (2/ 442) . 2 انظر الرواية رقم: [30] . 3 الأسود بن عامر الشامي، تقدمت ترجمته. 4 جرير بن حازم بن زيد الأزدي، البصري، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إذا حدث من حفظه، من السادسة، ت سنة 170? بعد ما اختلط لكن لم يحدث في حال اختلاطه. ع (التقريب/911) . 5 ابن سيرين، محمد بن سيرين الأنصاري، تقدمت ترجمته. (11/ 146، 15/ 229) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 395) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 إسناده صحيح مرسل: فالإسناد صحيح إلى ابن سيرين، وهو: ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر؛ لكنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه1 فهو: مرسل منه. 26- قال البخاري في التاريخ الكبير: حدثني زياد بن يحيى2 نا ابن أبي عدي3 نا سعيد بن أبي عروبة4 حدثني إسماعيل بن عمران5 عن أبي عثمان النهدي6 قال: قال أبو موسى7: إن قتل هذا - يعني عثمان - لو كان هدى لاحتلبت به العرب لبناً، ولكنه ضلال فاحتلبوا دماً"8.   1 ابن حبان (الثقات 5/ 349) ، المزي (تهذيب الكمال 1208-1209) . 2 زياد بن يحيى بن حسان، أبو الخطاب الحساني النكري، البصري، ثقة، من العاشرة، ت سنة 254? ع (التقريب/ 2104) . 3 ابن أبي عدي هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وقد ينسب لجده، وقيل هو إبراهيم أبو عمرو البصري، ثقة، من التاسعة، ت سنة 194? ع (التقريب/ 5697) . 4 سعيد بن أبي عروبة، مهران اليشكري، تقدمت ترجمته. 5 إسماعيل بن عمران هو الضبيعي، ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وذكر له هذا الخبر وقال: حديثه في البصريين، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات (البخاري التاريخ الكبير 1/ 369، ابن حبان، الثقات 6/ 30) . 6 أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن مل مشهور بكنيته، مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت، ت سنة 95? عاش 130سنة ع (التقريب/ 4017) . 7 هو: الأشعري رضي الله عنه. (1/ 369) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 ومن طريقه رواه ابن عساكر1. إسناده حسن لغيره. سعيد بن أبي عروبة اختلط، ورواية ابن أبي عدي عنه بعد اختلاطه2 كما أن إسماعيل بن عمران مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان؛ وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين, إلا أنه رُوي عن أبي موسى من وجه آخر، رواه ابن عساكر3 من طريق الحسن بن عرفة، نا إسماعيل4 بن إبراهيم بن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي موسى الأشعري، قال: لو كان قتل عثمان هدى لاحتلبت به الأمة لبناً، ولكنه كان ضلالاً فاحتلبت به الأمة دماً". وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه، فإن قتادة مدلس5 ولم يسمع من أبي موسى. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: قتادة لم يسمع من أبي موسى"6 وذكره ابن كثير وقال: "منقطع"7.   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 489-490) . 2 انظر تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر (4/ 58) ، والكواكب النيرات لابن الكيال (199) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 489-490) . 4 إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن علية، ثقة حافظ، من الثامنة، مات سنة 193?، وهو ابن 83 ع (التقريب/416) . 5 الذهبي (سير أعلام النبلاء 5/ 270) . 6 المراسيل (141) وانظر جامع التحصيل للعلائي (312) . 7 البداية والنهاية (7/ 201) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 ولا يزيده ضعفاً اختلاف ابن أبي عروبة حيث إن رواية ابن علية عنه في صحيح مسلم1 كما لا تزيده ضعفاً عنعنة ابن أبي عروبة؛ لأنه أثبت الناس في قتادة2. فإسناده من الحسن بن عرفة3 إلى منتهاه لا يعلله إلا الانقطاع المذكور آنفاً. وبذلك يكون الخبر قوياً بالذي قبله ومقوياً له؛ إن صح من ابن عساكر إلى الحسن بن عرفة. 27- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه4 وأبوالقاسم الحسين بن الحسن بن محمد5 قالا: أنا نصر بن إبراهيم المقدسي6 أنبا أبو الفرج عبد   1 الكواكب النيرات لابن الكيال (90) . 2 ابن حجر، (التقريب/ 2365) 3 الحسن بن عرفة، أبو علي العبدي، بغدادي، مؤدب، من رجال الحديث، كان مسند زمانه، توفي بسامراء سنة 257?، وولد سنة 158? له "جزء مروي على العصور". وثقه يحيى بن معين، وقال النسائي: "لا بأس به" (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 7/394-396) ، وقال الحافظ في التقريب: "صدوق" (1255) 4 نصر الله بن محمد بن عبد القوي، المصيصي، الشافعي الأصولي، الأشعري نسباً ومذهباً، ت542? عن 94? (ابن عساكر، تاريخ دمشق 17/533، العبر للذهبي 2/462) 5 أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم الأسدي، قال عنه الذهبي: "المسند الصدوق" ولد سنة 466? ت سنة 551? (ابن عساكر، تاريخ دمشق، 4/664، الذهبي، العبر 3/14، السير 20/246) 6 نصر بن إبراهيم المقدسي، قال عنه الذهبي: "كان إماماً علامة، مفتياً، محدثاً، حافظاً، زاهداً، ت سنة 490? " (تاريخ دمشق 17/ 36) (العبر2/ 363) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال1 بصور، أنا أبويعقوب إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي2 نا جدي الحسن ابن سفيان3 نا أمية بن بسطام4 نا المعتمر5 قال: سمعت حميداً6يحدث عن الحسن7 عن سمرة قال: إن الإسلام كان في حصن حصين، وإنهم ثلموا8 في الإسلام ثُلمة بقتلهم عثمان، وإنهم شرطوا9 شرطة، وأنهم لن يسدوا ثلمتهم - أو لا   1 عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان أبو الفرج البغدادي، ولد سنة 362?، ت سنة 447?، وثقه الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 11/ 34) . 2 إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي، قال التنوخي عنه: "شيخ ثقة" ولد سنة 293?، ت سنة 374? (تاريخ بغداد 6/ 401) . 3 الحسن بن سفيان الشيباني النسوي، صاحب المسند في الحديث، قال ابن أبي حاتم: "كتب إليّ وهو صدوق" وقال الذهبي: "وكان ثقة حجة واسع الرحلة" ت سنة 303? (الجرح والتعديل 3/ 16) ، الذهبي، التذكرة (1/ 703) . 4 أمية بن بسطام العيشي، بصري، يكنى أبا بكر، صدوق، من العاشرة ت سنة 231? خ م س (التقريب/552) . 5 المعتمر بن سليمان التيمي، أبو محمد البصري، يلقب الطفيل، ثقة من كبار التاسعة، ت سنة 187?، وقد جاوز الثمانين ع (التقريب/ 6785) . 6 حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، ثقة مدلس، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء، من الخامسة، ت سنة 142? وله 75 ع (التقريب/ 1544) . 7 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 8 ثلموا: الثُلمة بالضم فرجة المكسور والمهدوم (القاموس المحيط 4/ 87) . 9 شرطوا: الشرط بزغ الحجام بالمشرط (لسان العرب 7/ 332) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 يسدونها - إلى يوم القيامة، وإن أهل المدينة كانت فيهم الخلافة فأخرجوها1 ولم تعد فيهم"2. إسناده حسن: رجاله ثقات إلا الحسين شيخ ابن عساكر، وأمية ابن بسطام وهما صدوقان. ولا تضره كثرة الإرسال وتدليس الحسن، لتصريحه بسماع حديث العقيقة عن سمرة كما رواه البخاري3. وقد روى عنه نسخة كبيرة غالبها في السنن الأربعة، وعند علي بن المديني أن كلها سماع، وكذلك حكى الترمذي4 عن البخاري عن علي نحو هذا. وقال يحيى بن سعيد القطان وجماعة كثيرون: هي كتاب، وذلك لا يقتضي الانقطاع5.   1 هذه اللفظة رسمها من مخطوطة الظاهرية من تاريخ ابن عساكر (فأحرموها) ولعل الصواب (فحُرِمُوها) وعلى تقدير أن الصواب (فَاَخْرَجُوهَا) فيعني به ما فعله علي رضي الله عنه من نقله الخلافة من المدينة إلى الكوفة بعد أن مكث بالمدينة مدة يسيرة. 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (492) 3 البخاري (الجامع الصحيح الفتح 9/ 590) . 4 الترمذي (السنن 1/ 343) . 5 العلائي (جامع التحصيل 198-199) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وساق العلائي حديثاً من المسند صرح فيه الحسن بالسماع من سمرة ثم قال: "وهذا يقتضي سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة. والله أعلم"1. كما لا يضره تدليس حميد الطويل، وقد ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة2 وهي من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم، إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقاً ومنهم من قبلهم3. لأن من يطالع ترجمته في المصادر التي ترجمت له4 يجد أنه لم يتهم بالتدليس عن غير أنس بن مالك رضي الله عنه. ومع ذلك ففي قبول ورد حديثه عن أنس خلاف. قال أبوبكر البرديجي: "وأما حديث حميد - أي عن أنس - فلا يحتج منه، إلا بما قال حدثنا أنس"5. وعارضه العلائي فقال: "فعلى تقدير أن تكون أحاديث حميد - أي عن أنس - مدلسة فقد تبين الواسطة - أي ثابت - فيها، وهو ثقة صحيح"6.   1 الترمذي (السنن 1/ 343) . 2 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 86) . 3 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 23) . 4 المزي، تهذيب الكمال (336خ) ، العلائي، جماع التحصيل (201-202) ، الذهبي، الميزان (1/ 610) ، ابن حجر، (التقريب/ 1544) ، تهذيب التهذيب (3/ 38-40) ، تعريف أهل التقديس (86) ، سبطبن العجمي، التبيين (23) . 5 ابن حجر (تهذيب التهذيب 3/ 38-40) . 6 العلائي (جامع التحصيل 198-199) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 هذا في حديثه عن أنس الذي اتهم بالتدليس عنه، فكيف بروايته عن شيخه المختص به وهو الحسن؟ قال أبو حاتم: "أكثر - وفي نسخة أكبر - أصحاب الحسن قتادة ثم حميد"1. وقال الدارمي: "قلت لابن معين: يونس بن عبيد أحب إليك في الحسن أو حميد؟ فقال: كلاهما. قلت: فمحمداً أحب إليك فيه أو حبيب بن الشهيد؟ فقال: كلاهما"2. وسبب اتهامه بالتدليس عن أنس أنه سمع من أنس بلا واسطة، وسمع منه عن طريق ثابت ثم اختلط عليه ما سمع بواسطة بما سمعه دون واسطة، فأصبحت روايته عن أنس مما سمعه بواسطة تدليس3. وسبب إدراج الحافظ له في المرتبة الثالثة حَمْلٌ لقولِ البرديجي، السابق على العموم، وهو خاص في أنس رضي الله عنه وحقه أن ينقل منها. وهذا حكم مبني على ما وقفت عليه من مصادر والله أعلم.   1 ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 3/ 219) . 2 المرجع السابق. 3 انظر ترجمته في المصادر المشار إليها آنفاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 28- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي1 قال: أخبرنا فطر بن خليفة2 عن زيد بن علي3 أن زيد بن ثابت كان يبكي على عثمان يوم الدار"4. وأخرجه ابن أبي شيبة5 عن وكيع6 عن فطر به مثله. ورواه ابن عساكر7 من طريق ابن سعد. وإسناده حسن: رجاله ثقات، إلا فطر بن خليفة فإنه: صدوق. 29- قال ابن سعد: أخبرنا كثير بن هشام8 قال: أخبرنا جعفر بن برقان9 قال: حدثني   1 محمد بن عبيد الطنافسي، الكوفي، ثقة يحفظ، من الحادية عشرة، ت سنة 204? ع (التقريب/ 6114) . 2 فطر بن خليفة المخزومي، مولاهم، أبو بكر الحناط، صدوق رمي بالتشيع من الخامسة، ت بعد سنة 150? خ ع (التقريب/ 5441) . 3 زيد بن علي أبو القموص، العبدي، ثقة، من الثالثة، ع (التقريب/ 2152) . 4 ابن سعد، الطبقات (3/ 81) . 5 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 227) . 6 وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفين ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة ت سنة 196?، وله سبعون سنة ع (التقريب/ 7414) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 490) . 8 كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة، ت سنة 207? بخ م4 (التقريب/5633) . 9 جعفر بن برقان الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق، من السابعة، ت سنة 150?، بخ م 4 (التقريب/ 932) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 العلاء بن عبد الله بن رافع1 عن ميمون بن مهران2 قال: لما قتل عثمان، قال حذيفة هكذا - وحلق بيده يعني عقد عشرة – "فُتِقَ في الإسلام فُتق لا يرتقه جبل""3. وإسناده حسن مرسل: فإن ميمون بن مهران ممن يرسل؛ وهذا الخبر من مرسلاته، لتأخر وفاته. ورواه ابن أبي شيبة عن كثير بن هشام به مثله. 30- قال خليفة: "حدثنا أبو داود4 قال: نا محمد بن طلحة5 قال: نا كنانة6 مولى صفية قال: شهدت مقتل عثمان. قال: قلت: من قتله؟ قال: رجل من أهل مصر، يقال له: حمار"7.   1 العلاء بن عبد الله بن رافع الحضرمي، الجزري، مقبول، من السابعة د س (التقريب/ 5245) . 2 ميمون بن مهران الجزري، أبو أيوب، أصله كوفي، نزل الرقة، ثقة فقيه وكان يرسل، من الرابعة، ت سنة 117? بخ م (التقريب/ 7049) . 3 الطبقات (3/ 80) . 4 أبو داود هو: سليمان بن داود الطيالسي، تقدمت ترجمته. 5 محمد بن طلحة بن مصرف اليامي، تقدمت ترجمته. 6 كنانة مولى صفية -رضي الله عنها -مقبول ضعفه الأزدي بلا حجة، من الثالثة بخ ت (التقريب/ 5669) وتقدم تفصيل لترجمته. 7 خليفة بن خياط (التاريخ 175) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 إسناده حسن: محمد بن طلحة صدوق وكنانة مقبول، وقد مر تفصيلٌ عن حال كنانة هذا، وترجح أن روايته لا تنزل عن رتبة الحسن إن سلم متنها. وكنانة ممن عاصر الحادثة فروايته عنها قوية. وتقدم بإسناد صحيح إلى كنانة أنه رأى قاتل عثمان رجلاً أسود، من أهل مصر، يقال له: جبلة1. وفي رواية جبلة بن الأيهم، وهذه الزيادة2 غير صحيحة. وبذلك يتضح أن حماراً مصحفة من جبلة، لتشابه الرسم بينهما. 31- قال خليفة بن خياط: "وفي حديث المعتمر3 عن أبيه4 عن أبي نضرة5 عن أبي سعيد، قال: دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له: الموت الأسود، فخنقه: وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئاً ألين من خناقة، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان، تردد في جسده"6.   1 انظر: الرواية رقم: [67] . 2 انظر: المبحث المتعلق بقاتله. 3 المعتمر بن سليمان التيمي، تقدمت ترجمته. 4 سليمان بن طرخان التيمي، أبو المعتمر، البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 143?، وهو ابن سبع وتسعين ع (التقريب/2575) . 5 أبونضرة هو: المنذر بن مالك بن قطعة، العبدي، البصري، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، ت سنة 108? خت، م 4 (التقريب/ 6890) . 6 خليفة بن خياط (التاريخ 174-175) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 إسناده صحيح أو حسن: ورواه الطبري1 قال: قال أبو المعتمر2: فحدثنا الحسن3 وذكره ضمن رواية أطول من هذه، وليس فيه من بني سدوس، وفيه: "وخنقه ثم خفقه"؛ وليس فيه "قبل أن يضرب بالسيف" وفيه "ثم خرج فقال: والله.." وفيه: "حلقه" بدل "خناقه". وإسناد خليفة إلى أبي سعيد صحيح، وهو مولى أبي أسيد الأنصاري في الصحابة، ولم يذكر ما يدلّ على صحبته، لكنه ثبت أنه أدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاله الحافظ ابن حجر4. وذكره الذهبي في (التجريد) 5 وقال مسلم -رحمه الله تعالى- "شهد مقتل عثمان". وذكره ابن الأثير في أسد الغابة6. وعدّه ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة من التابعين7 وذكره ابن حبان في ثقات التابعين8.   1 الطبري (التاريخ 4/ 383-384) . 2 تقدمت ترجمته. 3 ابن حجر (الإصابة 4/ 99، القسم الثالث) . 4 الذهبي (التجريد 2/ 173) . 5 مسلم (الكنى 21) . 6 ابن الأثير (أسد الغابة 5/ 141) . 7 ابن سعد، الطبقات (5/88) 8 ابن حبان (الثقات 5/588-589) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 فظهر أنه مختلف في صحبته، فإن ثبتت فالصحابة كلهم عدول، فالرواية صحيحة لا غبار عليها، وإن لم تثبت صحبته فهو تابعي، وثقه ابن حبان واختلف في صحبته، فلا تنزل روايته عن رتبة الحسن. والله أعلم. فدلت هذه الرواية على أن هذا الرجل - الموت الأسود - هو قاتل عثمان رضي الله تعالى عن عثمان بدليل قوله قبل أن يضرب بالسيف أي أنه خنقه أولاً ثم ضربه بالسيف. وقد يكون القاتل غيره على قراءة "يُضرب" بضم الياء أي على البناء للمجهول، ولكن الأول أظهر لسكوت الرواية عن الضارب بالسيف والله أعلم. (وبنو سَدُوس) بفتح السين وضم الدال: نسبة إلى جماعة قبائل، منها سدوس بن شيبان بن بكر، وهو في ربيعة وأكثرهم من أهل البصرة. والسُدُوسي بضم السين الأولى والدال من ظني. قال ابن الكلبي: "كل سدوس في العرب فهو مفتوح السين إلا سدوس بن أصمع من ظني، فهو مضموم السين" قاله الدارقطني1. وقال القاضي أبوبكر بن العربي2: "فقتله المرء الأسود"3 وعلق عليه محب الدين الخطيب - رحمه الله - تعليقة جيدة رجح فيها أن   1 الأنساب للسمعاني (7/ 102، 108) . 2 ابن العربي (العواصم من القواصم 141) 3 وذكر الاستانبولي أن في نسخة "د" من نسخ العواصم "الموت الأسود"، وفي طبعة عمار الطالبي (ص: 399) : "الموت الأسود" وهو الصواب، كما تقدم في روايات خليفة والطبري وابن سعد، والأولى صحيحة، والثانية حسنة، انظر الرواية رقم: [51] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الصواب "الموت الأسود" ثم قال: "ومن الثابت أن ابن سبأ كان من ثوار مصر عند مجيئهم من الفسطاط إلى المدينة، وهو في كل الأدوار التي مثلها كان شديد الحرص على أن يعمل من وراء ستار، فلعل "الموت الأسود" اسم مستعار له، أراد أن يرمز به إليه ليتمكن من مواصلة دسائسه لهدم الإسلام"1. ولم يبين محب الدين الخطيب معنى قوله: "ومن الثابت"، فلعله درس إسناد تلك الرواية فوجده صحيحاً، والله أعلم. 32- قال ابن أبي الدنيا: حدثني الحارث بن محمد التميمي2 حدثني أبو الحسن-يعني علي بن محمد القرشي-3 عن سعيد بن مسلم بن بانك4 عن أبيه5.   1 ابن العربي (العواصم من القواصم 141) . 2 الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي أبو محمد، ولد سنة 186?. قال الدارقطني: هو صدوق، وقال إبراهيم الحربي: ثقة، وقال الخطيب: ثقة. ت سنة 282? عن 76 سنة (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 8/ 218-219) . 3 علي بن محمد بن أبي الخصيب، القرشي، الكوفي، صدوق ربما أخطأ من العاشرة، مات سنة 258? ق (التقريب/ 4792) . 4 سعيد بن مسلم بن بانك، المدني، أبو مصعب، ثقة من السادسة، س ت (التقريب/2394) 5 مسلم بن بانك سمع ابن عمر وعائشة. قال أبو حاتم: يروى عنه، وسكت عنه البخاري، وذكره ابن حبان في الثقات (البخاري التاريخ الكبير 7/ 256، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 8/ 181، ابن حبان الثقات 5/ 392) . ولم يذكره العلائي في جامع التحصيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 أن عثمان بن عفان قال متمثلاً يوم دخل عليه فقتل: (من الطويل) : أرى الموت لا يبقي عزيزاً ولم يدع ... لعاد ملاذاً في البلاد ومرتقى وقال أيضاً: يبيت أهل الحصن والحصن مغلق ... ويأتي الجبال في شماريخها العلى"1 ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده حسن: علي، صدوق ربما أخطأ، ومسلم بن بانك قال عنه أبي حاتم: يُروى عنه، ووثقه ابن حبان. وباقي رجاله ثقات، ومسلم بن بانك سمع ابن عمر وعائشة. 33- قال ابن عساكر: "أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو نصر أحمد بن محمد بن الطوسي قالا: أنا أبو الحسين بن النقور - زاد ابن السمرقندي: وأبو محمد الصريفيني، قالا: أنا أبو القاسم بن حبابة. (ح) وأخبرنا أبو الفتح محمد بن علي، وأبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم، وأبو محمد عبد السلام بن أحمد، وأبو عبد الله سمرة بن جندب، وأخوه أبو محمد عبد القادر بن جندب، قالوا: أنا محمد بن عبد العزيز الفارسي، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح. قالا: أنا عبد الله بن محمد   1 المحتضرين (ق12) كما في حاشية تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 407) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 407) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 البغوي1 نا مصعب بن عبد الله بن مصعب2 نا أبي3 عن موسى بن عقبة4 عن أبي حبيبة5 وهو جد موسى أبو أمه - قال: بعثني الزبير إلى عثمان، وهو محصور، فدخلت عليه في يوم صائف وهو على كرسي وعنده الحسن بن علي، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وبين يديه مراكن مملأة ماء ورياط6 مضرجة، فقلت: بعثني إليك   1 عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أبو القاسم، قال الحافظ ابن حجر: "وثقه الدارقطني والخطيب وغيرهما" (اللسان 3/ 338-341) . 2 مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري المدني، نزيل بغداد، صدوق عالم بالنسب، من العاشرة، مات سنة 236? س ق (التقريب/ 6693) روى عنه عبد الله بن محمد البغوي (تهذيب الكمال 1333) . 3 عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، ضعفه ابن معين، وذكره الخطيب فقال: "كان محموداً في ولايته، جميل السيرة مع جلالة قدره"، وذكره ابن حبان في الثقات، وسكت عنه البخاري وقال عنه أبو حاتم: "شيخ" (ابن سعد، الطبقات 5/ 434-435، البخاري التاريخ الكبير 5/ 211، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 5/ 178، ابن حبان، الثقات7/ 56، الذهبي، السير 8/ 517، المغني 1/ 358، ابن حجر، اللسان 3/ 362، التعجيل 235، السخاوي، التحفة اللطيفة 2/ 418-420) . 4 موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي، تقدمت ترجمته. 5 أبو حبيبة مولى عروة، وثقه العجلي، وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم (ثقات العجلي 2/ 394، التاريخ الكبير، الكنى 24، الجرح والتعديل 9/ 359) . 6 الرياط: جمع ريطة، وهي ملاءة ليست بلفقين، وقيل: كل ثوب رقيق ليّن. ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 الزبير بن العوام، وهو يقرئك السلام، ويقول لك: إني على طاعتي لم أبدل، ولم أنكث، فإن شئت دخلت الدار معك وكنت رجلاً من القوم، وإن شئت أقمت، فإن بني عمرو بن عوف وعدوني أن يصبحوا على بابي، ثم يمضون على ما آمرهم به؛ فلما سمع الرسالة، قال: الله أكبر، الحمد لله الذي عصم أخي، أقرئه السلام، وقل له: إن يدخل الدار لا يكن إلا رجلاً من القوم، ومكانك أحب إليّ، وعسى الله أن يدفع بك عني، فلما سمع الرسالة أبو هريرة قام فقال: ألا أخبركم ما سمعت أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: بلى - زاد ابن حبابة يا أبا هريرة - قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تكون بعدي فتن وأمور" فقلنا: فأين المنجى منها يا رسول الله؟ قال: "إلى الأمين وحزبه، وأشار إلى عثمان بن عفان" فقام الناس فقالوا: قد أمكنتنا البصائر فأذن لنا في الجهاد. فقال عثمان: أعزم - أو كلمة نحوها - على من كانت لي عليه طاعة ألا يقاتل"1. إسناده من البغوي حسن لذاته، وبعضه صحيح لغيره؛ فمصعب وثقه أبو حاتم، وابن حبان، وتقدم منه حديث أبي هريرة في الأحاديث   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 374) ، وانظر حديث مصعب بن عبد الله (ظاهيرة مج 117 ورقة 151ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 التي تشير إلى الفتنة1 بإسناد صححه أحمد شاكر، وأيضاً خرجه القزويني الحاكمي كما في الرياض النضرة. ورواه ابن عساكر من طريق: الزبير بن بكار وفيه اختلاف. ولم أدرس الإسناد من ابن عساكر إلى مصعب بن عبد الله؛ لأن الرواية في جزء حديث مصعب بن عبد الله في الظاهرية، وقد اطلع عليها فيه محقق ترجمة عثمان رضي الله عنه من تاريخ دمشق لابن عساكر2. 34- روى ابن أبي شيبة: عن علي بن حفص3 قال: "حدثنا محمد بن طلحة4 عن عاصم بن كليب الجرمي5 عن أبي قلابة6 قال: "جاء الحسن بن علي إلى عثمان فقال: أخترط سيفي، قال: لا، أبرأ الله7 إذاً من دمك، ولكن ثم سيفك وارجع إلى أبيك"8.   1 انظر الروايات: [6-8] . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان بن عفان ص: 86 الحاشية رقم: [1] ) . 3 علي بن حفص المدائني، نزيل بغداد، صدوق، من التاسعة، م د ت س (التقريب/ 4719) 4 محمد بن طلحة بن مصرف اليامي، تقدمت ترجمته. 5 عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي، الكوفي، صدوق، رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة ? خت م 4 (التقريب/ 3075) . 6 أبو قلابة هو: عبد الله بن زيد الجرمي، تقدمت ترجمته. 7 هكذا في المصنف ولعلها: "أبرأ إلى الله" 8 المصنف (15/ 224) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 رجاله رجال مسلم. إسناده حسن: إن صح سماع أبي قلابة من الحسن، إذ أنه يروي عن بعض الصحابة ولم يسمع منهم وعن بعض آخر سمع منه. وأبو قلابة؛ قيل فيه نصب يسير، فإن كان في هذه الرواية ما يدعو إلى النصب فيضعف به وإلا فلا يعلل به. أما ما فيها من بيان للموقف الحسن من الحسن تجاه عثمان، فلا يعلل به؛ لأن النصب في كراهة علي وبنيه، واتهامهم بدم عثمان. 35- قال خليفة: "حدثنا كهمس بن المنهال1 قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة2 عن يعلى بن حكيم3 عن نافع4 قال: دخل ابن عمر على عثمان وعنده المغيرة ابن5 الأخنس فقال: انظر ما يقول هؤلاء، يقولون اخلعها ولا تقتل نفسك. فقال ابن عمر: إذا خلعتها أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا، قال: فإن لم تخلعها هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا، قال: فهل يملكون   1 كهمس بن المنهال السدوسي، تقدمت ترجمته. 2 سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري، تقدمت ترجمته. 3 يعلى بن حكيم الثقفي، المكي، نزيل البصرة، ثقة، من السادسة، خ م د س ت (التقريب/ 7841) 4 نافع مولى ابن عمر، المدني، ثقة ثبت فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة 117? ع (التقريب/ 7086) . 5 ابن شريق الثقفي حليف بني زهرة، قتل يوم الدار (الذهبي، التجريد 2/ 91) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 لك جنة أو ناراً؟ قال: لا، قال: فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو إمامهم قتلوه"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق خليفة به نحوه وفيه "خلعوه" بدل "قتلوه". وإسناده حسن: فإن كهمس صدوق وباقي رجاله ثقات، ولا يضره ما في سعيد بن أبي عروبة من تدليس، فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين3كما لا يضره اختلاطه، فإن رواية كهمس عنه في صحيح البخاري4. وسعيد ذكره الحافظ في المرتبة الثانية من المدلسين وهم: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى5. وقد أخرج مسلم في صحيحه من طريق سعيد بن يعلى6 وهما من الطبقة السادسة.   1 خليفة بن خياط، التاريخ (170) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 359) (ص: 31) . 4 الكلابادي، رجال البخاري (2/ 485، 875) . 5 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 63) . 6 ابن منجويه (رجال مسلم 1/ 245) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 كما لا يضره -إن شاء الله تعالى- اختلاط سعيد، حيث إن البخاري أخرج لكهمس عن سعيد1. مما يرجح أنه رواية كهمس عنه قبل الاختلاط. 36- قال ابن سعد: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة2 عبد الملك بن أبي سليمان3 قال: حدثني أبو ليلى الكندي4 قال: شهدت عثمان وهو محصور، فاطلع من كوٍّ5 وهو يقول: يا أيها الناس لا تقتلوني واستتيبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تُصَلون جميعاً أبداً، ولا تجاهدون عدواً جميعاً أبداً، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا وشبك بين أصابعه، ثم قال: "يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم   1 البخاري (الجامع الصحيح مع الفتح 7/ 42) . 2 أبو أسامة حماد بن أسامة القرشي، تقدمت ترجمته. 3 عبد الملك بن أبي سليمان، ميسرة العرزمي، صدوق له أوهام، من الخامسة، ت سنة 145?، خت م4 (التقريب/ 4184) . 4 أبو ليلى الكندي، مولاهم، الكوفي، يقال هو سلمة بن معاوية، وقيل: بالعكس، وقيل: سعيد بن بشر، وقيل: المعلى، ثقة، من الثانية، بخ د ق (التقريب/8332) وذكر المزي أنه روى عن عثمان (المزي، تهذيب الكمال 3/ 1642) . 5 الكو: الخرق في الحائط (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 386) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 صالح وما قول لوط منكم ببعيد. وأرسل إلى عبد الله بن سلام فقال: ما ترى؟ فقال: الكف الكف فإنه أبلغ لك في الحجة1"2. ومن طريقه رواه ابن عساكر3. وإسناده حسن: فإن عبد الملك صدوق. ورواه ابن الأعرابي4 ومن طريقه ابن عساكر5 عن الحسن بن علي ابن عفان، نا أبو أسامة به نحوه، وفيه زيادة: "فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم". ورواه مختصراً خليفة بن خياط6 عن يزيد بن هارون7 عن عبد الملك به، وفيه أبو الكندي بدل أبي ليلى الكندي. ومن طريقه ابن عساكر8 وفيه أبو ليلى الكندي.   1 وستأتي رواية ابن أبي شيبة له. 2 الطبقات (3/ 71) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 351، 352) 4 ابن الأعرابي (المعجم، ق 125أ) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 351، 352) 6 خليفة بن خياط (التاريخ 171) 7 تقدمت ترجمته. 8 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 351-352) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 ولا يضره ما في أبي أسامة من وهم حيث تابعه يزيد بن هارون، كما في رواية خليفة المختصرة، كما لا يضره وصف عبد الملك بالوهم، فقد صحح حديثاً له ابن الجوزي، ووثقه الذهبي وأثنى عليه؛ ويشهد له: 37- ما رواه خليفة بن خياط قال: حدثنا أبو داود1قال: نا سهل السراج2عن الحسن3قال: قال عثمان: لا تقتلوني، فوالله لئن قتلتموني لا تقاتلون عدواً جميعاً أبداً، ولا تقسمون فيئاً4 جميعاً أبداً، ولا تصلُّون جميعاً أبداً قال الحسن: فوالله إن صلى القوم جميعاً إن قلوبهم لمختلفة"5. ومن طريقه ابن عساكر6. وإسناده إلى الحسن البصري حسن ويشهد له ما قبله7.   1 أبو داود هو: سليمان بن داود بن الجارود أبو داود الطيالسي البصري، تقدمت ترجمته. 2 سهل بن أبي الصلت العيشي، البصري، السراج، صدوق له أفراد، كان القطان لا يرضاه، من السابعة، قد (التقريب/ 2663) . 3 الحسن هو البصري، تقدمت ترجمته. 4 الفيء: الغنيمة والخراج (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1/ 24) . 5 خليفة بن خياط، التاريخ (171) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 351) . 7 انظر في ذلك: (دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب ... للدكتور عبد العزيز بن سعد التخيفي 2/ 63-65) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 38- وفي كتاب التاريخ لخليفة بن خياط: خالد بن الحارث1 قال: نا عمران بن حدير2 عن عبد الله بن شقيق3 قال: أول من ضرب عثمان، رومان اليماني بصولجان"4,5. ومن طريقه رواه ابن عساكر6 وفيه قال خليفة: نا خالد بن الحارث. إسناده صحيح: إلى عبد الله بن شقيق، وهو معاصر للأحداث. فقد روى عن عثمان رضي الله عنه كما في صحيح مسلم7. 39- قال أحمد: نا محمد بن جعفر8 نا شعبة9 عن حصين10 عن هلال بن يساف11 عن عبد الله بن ظالم12 قال:   1 خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي، أبو عثمان البصري، ثقة، ثبت، من الثامنة، مات سنة 186? ومولده سنة 120? ع (التقريب/ 1619) . 2 عمران بن حدير، السدوسي، أبو عبيدة، البصري، ثقة ثقة، من السادسة، ت سنة 149?، م د ت س (التقريب/ 5148) . 3 عبد الله بن شقيق العقيلي، تقدمت ترجمته. 4 الصولجان: المحجن (الفيروز آبادي، القاموس المحيط (1/ 204) ، والمحجن هو: العصا المعوجة، أو عصا معقفة الرأس (ابن منظور لسان العرب 13/ 108) . 5 خليفة بن خياط، التاريخ (175) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 418) . 7 ابن منجويه، رجال صحيح مسلم (1/ 36) . 8 محمد بن جعفر هو: غندر الهذلي، تقدمت ترجمته. 9 شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، تقدمت ترجمته. 10 حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل، الكوفي، ثقة، تغير حفظه في آخره، من الخامسة، ت سنة 136? وله 93سنة ع (التقريب/1369) . 11 هلال بن يساف، الأشجعي مولاهم، الكوفي، من الثالثة، خت م 4 (التقريب/ 7352) 12 عبد الله بن ظالم التيمي، المازني، صدوق، لينه البخاري، من الثالثة 4 (التقريب/ 3400) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 جاء رجل إلى سعيد بن زيد، فقال: إني أحببت علياً حباً لم أحبه شيئاً قط، قال: نعم ما رأيت، أحببت رجلاً من أهل الجنة, وجاءه رجل فقال: إني أبغضت عثمان بغضاً لم أبغضه شيئاً قط. قال: بئس ما رأيت، أبغضت رجلاً من أهل الجنة"1. إسناده صحيح: إلى عبد الله بن ظالم، وهو صدوق، فالإسناد حسن. وذكره (المحب) 2 وعزاه إلى أحمد في المناقب، وهذه عادته عندما يعزو إلى فضائل الصحابة للإمام أحمد3. ورواه ابن الأثير4 وفيه سفيان عن هلال بن يساف عن أبي طالب عن سعيد به مطولاً، وفي آخره حديث سعيد الذي فيه "اثبت حراء". وفي المسند حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن حصين ومنصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد. وقال وكيع مرة: قال منصور عن سعيد بن زيد، وقال مرة حصين: عن ابن ظالم عن سعيد بن زيد: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اسكن حراء ... الحديث5.   1 أحمد (فضائل الصحابة 2/ 570) . 2 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 35) . 3 كما قرر ذلك محقق كتاب فضائل الصحابة لأحمد، وذلك في (1/ 37) . 4 ابن الأثير (أسد الغابة 3/ 483) . 5 الإمام أحمد (المسند 3/ 109، 110، تحقيق أحمد شاكر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 والإسناد إلى عبد الله بن ظالم صحيح، لا يضره اختلاط حصين بآخره؛ لأن رواية شعبة عنه كانت قبل اختلاطه1. وعبد الله بن ظالم مختلف فيه. وثقه ابن حبان2 والعجلي3 وقال البخاري في حديث له عن العشرة المبشرين بالجنة: "لم يصح" وقال: "ليس له إلا هذا الحديث وحديث بحسب أصحابي القتل"4. وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق لينه البخاري". وتضعيف البخاري للرجل ليس بالأمر الذي يترك، خاصة وأن أحاديثه ليست بالتي تشفع لصاحبها، لقلتها. وقد وقفت على حديث رواه ولم يذكره البخاري، وهو حديث أبي هريرة "إن فساد أمتي على يدي غلمة من قريش"5. وقول البخاري فيه: "لا يصح حديثه"6لم أجده في التاريخ الكبير، ولم يذكر عبد الله هذا في الضعفاء له، ولم ينقله عنه لا ابن عدي ولا العقيلي.   1 نص على ذلك ابن الكيال في (الكواكب النيرات 136) . 2 ابن حبان، الثقات (5/ 18) ذكره وسكت عنه. 3 العجلي (معرفة الثقات 2/ 39) . 4 البخاري (التاريخ الكبير 5/ 124-125) . 5 ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب 5/ 269) . 6 ذكر ذلك عنه محقق كتاب فضائل الصحابة (1/ 97) من قول ابن عدي والعقيلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 فيحتمل أنه من استنتاج من عزاه إليه من قوله عن حديثه: "لم يصح"، ويؤيد هذا أن ابن عدي بعد أن ذكر قول البخاري ساق حديث العشرة ثم قال: "وهذا الحديث هو الذي أراده البخاري، ولعل ليس لعبد الله بن ظالم غيره"1. وتبين مما سبق أن احتمال ابن عدي هذا غير صحيح، فله حديث: "بحسب أصحابي: القتل"2. وقد صحح أحمد شاكر له حديثاً3. فعبارة البخاري كما يظهر خاصة في حديث العشرة. 40- قال عبد الله بن أحمد: "حدثنا محمد بن بشر4 فثنا مسعر5 فثنا عبد الملك بن عمير6 عن موسى بن طلحة7 قال:   1 ابن عدي (الكامل في الضعفاء 4/ 1538) والضعفاء للعقيلي (2/ 267) . 2 تحقيق مسند أحمد (3/ 109-110) . 3 البخاري، التاريخ الكبير (5/ 124-125) . 4 محمد بن بشر العبدي، الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، ت سنة 203? ع (التقريب/ 5756) . 5 مسعر بن كدام بن ظهر الهلالي، الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، ت سنة 153?، ع (التقريب/6605) . 6 عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي، الكوفي، ثقة، فصيح عالم تغير حفظه، وربما دلس، من الرابعة، مات سنة 136? وله 103سنين ع (التقريب/ 4200) . 7 موسى بن طلحة بن عبيد الله التميمي، نزيل الكوفة، ثقة جليل، من الثانية، ويقال إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 103? ع (التقريب/ 6978) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 قالت عائشة: اسمعوا نحدثكم عما جئتمونا له. إنكم عتبتم على عثمان في ثلاث خلال: في إمارة الفتى، وموضع الغمامة1 وضربه بالسوط والعصا حتى إذا مصتموه2 مَوْص الثوب بالصابون عدوتم عليه الفقر3 الثلاث؛ حرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام؛ وإن كان عثمان لأحصنهم فرجاً، وأوصلهم للرحم"4. ورواه أيضاً5 عن أبيه. فثنا هشيم6 عن عبد الملك بن عمير، عن موسى به نحوه. وفيها أنها قالت: "يا أيها الناس إنا نقمنا على عثمان ... ". وعبد الملك بن عمير ثقة، ولكنه اختلط7 ولم ينص أحد على أن مسعراً ممن روى عنه قبل الاختلاط.   1 أي حميه الحمى. 2 مصتموه: الموص الغسل، ومصت الشيء، غسلته (ابن منظور، لسان العرب 7/ 95) أرادت أنهم استتابوه عما نقموا عليه، فلما أعطاهم ما طلبوا قتلوه. 3 قال أبو الهيثم: الفقرات هي الأمور العظام، جمع فقرة، كما قيل في قتل عثمان رضي الله عنه (ابن منظور، لسان العرب 5/ 64) . 4 أحمد (فضائل الصحابة) 1/ 452) . 5 الإمام أحمد (فضائل الصحابة 1/ 455) . 6 هشيم بن بشير بن القاسم السلمي، الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة 183?، وقد قارب الثمانين ع (التقريب/ 7312) 7 ابن الكيال (الكواكب النيرات 486) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 كما أنه يدلس، وقد ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة1 وهم الذين أكثروا من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع2. وبذلك يتبين أن قوله في (التقريب) : "ربما دلس"، فيه نظر، ولعله هو الصحيح؛ حيث لم أجد من وصفه بذلك في ترجمته. ويعكر عليه أن سبط بن العجمي ذكره أيضاً في (التبيين) 3. ورواية عبد الملك هنا لم يصرح فيها بالسماع، فيعلل الحديث به. أما الرواية الثانية، فلا يضرها اختلاط عبد الملك؛ حيث إن هشيم لا يستبعد أن يكون ممن روى عنه قبل الاختلاط؛ لتخريج مسلم له عن عبد الملك4. إن لم يكن هذا في المتابعات، حيث قال الحافظ: وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات5.   1 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 96) . 2 المصدر نفسه (23) . 3 سبط بن العجمي (التبيين لأسماء المدلسين 39) . 4 ابن منجويه (رجال مسلم 1/ 439، 2/ 326) ، وفيه أن مسلماً أخرج له عن عبد الملك في الجنائز والصوم والصلاة. 5 ابن حجر (هدي الساري 422) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 ويعللها أن هشيماً كثير التدليس، ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة1؛ كما أنه كثير الإرسال الخفي2 وهو شَرٌّ من التدليس. فتبقى هذه الروايات على الضعف. والرواية الأولى أقوى من الثانية. ولقولها رضي الله عنها: "مصتموه موص الثوب بالصابون" شاهد من رواية عبد الله بن شقيق3 ومن رواية محمد بن سيرين4 عنها رضي الله عنها. 41- قال أبو عبد الله المحاملي: "نا أبو الأشعث5 نا حزم بن أبي حزم6 قال: سمعت أبا الأسود7 يقول: سمعت أبا بكرة يقول:   1 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 115) . 2 ابن حجر (التقريب/ 7312) . 3 انظر الرواية رقم: [111] . 4 انظر الرواية رقم: [110] . 5 أبو الأشعث: هو أحمد بن المقدام العجلي، بصري، صدوق، صاحب حديث، طعن أبو داود في مروءته، من العاشرة، ت سنة 253? وله بضع وتسعون، خ ت س ق (التقريب/ 110) . 6 حزم بن أبي حزم القطعي، البصري، صدوق يهم، من السابعة، ت سنة 175? خ (التقريب/ 1190) . 7 أبو الأسود هو مسلم بن مخراق العبدي، البصري، يكنى أبا الأسود، صدوق، من الرابعة، م د س (التقريب/ 6643) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 "لأن أخرّ1 من السماء إلى الأرض أحب إليّ من أشرك في دم عثمان"2. ومن طريقه رواه ابن عساكر3. إسناده حسن. ورواه الطبراني4 قال: "حدثنا أبو خليفة، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجي، ثنا حزم بن أبي حزم، عن أبي الأسود قال: سمعت أبا بكرة يقول: لأن أخرَّ من السماء فأنقطع أحب إليّ من أكون شركت في دم عثمان رضي الله عنه. قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح"5. 42- في سنن البيهقي: "عبد الله بن يوسف الأصبهاني6 أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن   1 الخر: السقوط (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 2/ 19) . 2 كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة عثمان 492) . 3 كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة عثمان 492) . 4 الطبراني (المعجم الكبير 1/ 87) . 5 الهيثمي (مجمع الزوائد 9/ 93) . 6 عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بابويه، الأصبهاني، سكن نيسابور، أبو محمد، قدم بغداد حاجاً سنة 390? وحدث بها ... وثقه الخطيب البغدادي، ت سنة 435? (الخطيب، تاريخ بغداد: 10/ 198، ابن حجر، اللسان 3/ 380) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 محمد بن إسحاق الفاكهي1 بمكة، أنا أبو يحيى بن أبي مسرة2 نا خلاد ابن يحيى3 نا يونس بن أبي إسحاق4 عن أبي إسحاق5 عن عبد الرحمن بن يزيد6 قال: "كنا مع عبد الله بن مسعود بجمع، فلما دخل مسجد منى سأل: كم صلى أمير المؤمنين؟ قالوا: أربعاً، فصلى أربعاً، قال: فقلنا: ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين، وأبا بكر صلى ركعتين؟   1 لم أجد له ترجمة، وفي الرواة عبد الله بن محمد بن إسحاق الفهمي، البيطاري، أبو محمد، من أهل مصر، يروي عنه الفسوي (ابن حبان، الثقات 8/ 343) ، فلعله هو، ووثقه أحمد بن صالح (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 5/ 160) . 2 عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث المكي، أبو يحيى بن أبي ميسرة، قال عنه ابن أبي حاتم: "محله الصدق" وذكره ابن حبان في الثقات (الجرح والتعديل 5/ 6، ابن حبان، الثقات 8/ 369) . 3 خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي، أبو محمد الكوفي، نزيل مكة، صدوق، رمي بالإرجاء، وهو من كبار شيوخ البخاري، من التاسعة، ت سنة 213?، وقيل: سنة 217? خ د ت. ابن حجر (التقريب/ 1766) . 4 يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أبو إسرائيل الكوفي، صدوق يهم قليلاً، من الخامسة، ت سنة 152? على الصحيح، ر م 4 (التقريب/ 7899) . 5 أبو إسحاق السبيعي، عمرو بن عبد الله بن عبيد، تقدمت ترجمته. 6 عبد الرحمن بن يزيد النخعي، أبو بكر الكوفي، ثقة، من كبار الثالثة، ت سنة 83? (التقريب/4043) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 فقال: بلى، وأنا أحدثكموه الآن، ولكن عثمان كان إماماً فما أخلفه، والخلاف شرّ". قال البيهقي عن إسناده: "موصول"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2 كما رواه البيهقي3 من طريقين آخرين عن الأعمش قال: حدثني معاوية بن قرة، عن أشياخه: أن عبد الله صلى بعدها - يعني أربعاً - فقيل له: عبت على عثمان، ثم تصلي أربعاً؟ قال: الاختلاف شر. وفي الرواية الأخرى: "صلى عثمان الظهر بمنى أربعاً، فبلغ ذلك عبد الله فعاب عليه، ثم صلى بأصحابه العصر في رحله أربعاً، فقلت: "وقال ابن خليد: فقيل له: عبت على عثمان وصليت أربعاً؟ قال: إني أكره الخلاف". فإن كان عبد الله بن محمد الفاكهي هو الفهمي، فإن رجاله كلهم ثقات، غير أبي يحيى، وخلاد، ويونس؛ وهم صدوقون فإسناده حسن، وإلا فضعيف بجهالة عبد الله الفاكهي. 43- قال خليفة بن خياط: حدثنا المعتمر بن سليمان4 قال: سمعت أبي5 قال: نا أبونضرة6 عن   1 السنن (3/ 143-144) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 248-249) . 3 السنن (3/ 143-144) . 4 المعتمر بن سليمان التيمي، تقدمت ترجمته. 5 سليمان بن طرخان التيمي، تقدمت ترجمته. 6 أبو نضرة هو: المنذر بن مالك بن قطعة العبدي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري1 قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم، فقالوا: ادع بالمصحف، فدعا به، فقالوا: افتح السابعة - وكانوا يسمون سورة يونس السابعة - فقرأ حتى أتى هذه الآية: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} 2. فقالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى؟ آلله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال: امضه. نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حماه قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى، لما زاد من إبل الصدقة، امضه، قال: فجعلوا يأخذونه بالآية، فيقول: امضه، نزلت في كذا، فما يزيدون فأخذوا مثياقه وكتبوا عليه شرطاً، وأخذ عليهم أن لا يشقوا عصا، ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم شرطهم، ثم رجعوا راضين، فبينا هم بالطريق، إذا راكب يتعرض لهم ويفارقهم، ثم يرجع إليهم، ثم يفارقهم، قالوا: ما لك؟ قال: أنا رسول   1 أبو سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري الساعدي، اختلف في صحبته، فذكره في الصحابة كل من ابن منده وأبو نعيم، وابن الأثير، والذهبي؛ وذكره ابن سعد، وابن حبان -في التابعين. أما الحافظ ابن حجر فقد ذكره في القسم الثالث من الإصابة، وقال: "ذكره ابن منده في الصحابة ولم يذكر ما يدل على صحبته لكنه ثبت أنه أدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه فيكون من أهل هذا القسم". (أبو نعيم، معرفة الصحابة خ 2/ 2/ 267، ب، ابن الأثير، أسد الغابة (15/ 14، الذهبي، التجريد 2/173، ابن سعد، الطبقات 5/ 88، ابن حبان، الثقات 5/588 ابن حجر، الإصابة 4/99، مسلم، الكنى 121خ، الدولابي، الكنى 15) . 2 سورة يونس، الآية (59) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، ففتشوا فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم، فأقبلوا حتى قدموا المدينة فأتوا علياً فقالوا: ألم تر إلى عدو الله كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله قد أحل دمه فقم معنا إليه. قال: والله لا أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتاباً، فنظر بعضهم إلى بعض، وخرج علي من المدينة. فانطلقوا إلى عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقلا: إنهما اثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت، ولا أمللت ولا علمت، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل وينقش الخاتم على الخاتم. قالوا: قد أحل الله دمك، ونقضت العهد والميثاق. وحصروه في القصر رضي الله عنه"1. إسناده حسن: رجاله ثقات، وأبو سعيد مختلف في صحبته. ذكره ابن حبان في ثقاته2 وقال عنه الهيثمي: "ثقة"3 وذلك بعد أن ذكر هذا الخبر ثم قال: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير أبي سعيد مولى أبي أسيد، وهو ثقة4 ولم يخالفهما أحد.   1 خليفة بن خياط (التاريخ 168-169) . 2 ابن حبان (الثقات 5/ 588) . 3 مجمع الزوائد (7/ 228-229) . 4 وقد شهد مقتل عثمان (مسلم، الكنى 121) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وفي رواية الهيثمي زيادات، منها: "أن كتاباً مزوراً إلى أهل مصر باسم علي رضي الله عنه". ومن طريق خليفة رواه ابن عساكر1 كما روى بعضه من طريق يحيى بن يحيى إلى قوله: "لما زاد في الصدقة". وروي عن المعتمر بن سليمان من أوجه كثيرة، أمثلها وأعلاها سنداً، رواية خليفة المتقدمة. فقد رواه عن المعتمر غير ما ذكرت أربعة، دخلت في رواياتهم أخبارٌ من غير رواية أبي سعيد، أشير إلى بعضها، كما أن في بعضها ركاكة؛ وهم: أولاً: أحمد بن المقدام2 أخرجه عنه البزار3. وقال عنه الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، غير أبي سعيد مولى أبي أسيد، وهو ثقة4 وأخرجه أبو نعيم. ثانياً: عفان بن مسلم5 أخرجه عنه ابن أبي شيبة6 وعفان ثقة ثبت.   1 مجمع الزوائد (7/ 229) . 2 أحمد بن المقدام العجلي، تقدمت ترجمته. 3 الهيثمي (كشف الأستار عن زوائد البزار 4/ 90-91) . 4 الهيثمي (مجمع الزوائد 7/ 229) 5 عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، تقدمت ترجمته. 6 ابن أبي شيبة، المصنف (15/ 215-220) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 ثالثاً: يعقوب بن إبراهيم1 وأخرجه عنه الطبري2 ويعقوب ثقة. رابعاً: رواه عن إسحاق بن راهويه3 في مسنده، وقال عنه الحافظ: "رجاله ثقات سمع عضهم من بعض"4. وذكره المحب الطبري5 وعزاه إلى أبي حاتم. 44- قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر6 حدثنا شعبة7 عن سماك بن حرب8 قال: سمعت عباد بن زاهر أبا رواع9 قال: سمعت عثمان يخطب فقال:   1 يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح العبدي، الدورقي، ثقة من العاشرة، مات سنة 252? وله ست وثمانون سنة، وكان من الحفاظ، ع (التقريب/ 7812) . 2 الطبري (تاريخ الأمم والملوك 4/ 354-356) . 3 إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد، قرين أحمد بن حنبل، ذكر أبو داود أنه تغير قبل موته بيسير، مات سنة 238? وله اثنتان وسبعون سنة خ م د ت س (التقريب/ 332) . 4 ابن حجر (المطالب العالية 4/ 283-286) . 5 المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 60) . 6 محمد بن جعفر الهذلي، البصري، المعروف بغندر، تقدمت ترجمته. 7 شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، تقدمت ترجمته. 8 سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي، الكوفي، صدوق، وقد تغير بآخره فكان ربما تلقن، من الرابعة، ت سنة 123?، خت م4 (التقريب/ 2624) (ابن الكيال، الكواكب 237-241) . 9 عباد ن زاهر أبو الرواع عن عثمان، وعنه سماك بن حرب. قال أبو حاتم "شيخ" (ابن حجر، تعجيل المنفعة، 208، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 6/ 80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإن ناساً يعلموني به عسى أن لا يكون أحدهم رآه قط "1. وجاء من وجه آخر: قال ابن عساكر2: أخبرنا أبو سهل3 محمد بن إبراهيم، أنا إبراهيم4 بن منصور، أنا أبوبكر5 بن المقرئ، أنا أبو يعلى6 حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثني غندر، نا شعبة به. وزاد: "فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق: يا نَعْثَلُ إنك قد بدلت فقال: من هذا؟ فقالوا: أعين. قال: بل أنت أيها العبد. قال: فوثبت الناس   1 الإمام أحمد (المسند، تحقيق أحمد شاكر 1/ 378) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 247) . 3 محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن سعدويه، الأصفهاني، ولد سنة 446?، سمع الكثير وحدث، وكان حسن السيرة ثقة ثبتاً، قاله ابن الجوزي في المنتظم (10/ 63) ، وذكر الذهبي في العبر أنه توفي سنة 530? 2/ 438. 4 إبراهيم بن منصور السلمي الكراني، الأصبهاني، صالح ثقة عفيف، روى مسند أبي يعلى عن ابن المقرئ، ومات سنة 455? وله 93 سنة، قاله الذهبي (العبر 2/304) . 5 أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ الأصبهاني، الحافظ، صاحب الرحلة الواسعة، توفي سنة 381? عن 96 لقي أبا يعلى، قال أبو نعيم: "محدث كبير ثقة، صاحب مسانيد، سمع ما لا يحصى كثرة" (العبر، للذهبي 2/ 159) . 6 أبو يعلى الموصلي: أحمد بن علي بن المثنى التميمي، صاحب المسند الكبير والصغير، رحل إليه والد أبي عبد الله بن منده، وقال له: "إنما رحلت إليك لإجماع أهل العصر على ثقتك وإتقانك" وقال عنه الدارقطني: ثقة مأمون. (الذهبي، السير14/177) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 إلى أعين. قال: وجعل رجل من بني ليث يزعهم عنه حتى أدخله الدار"1. وإسناد ابن عساكر هذا: صحيح إلى سماك. وحسن إسناد أحمد، (أحمدُ شاكر) - رحمه الله تعالى -!. ولا يضرهما اختلاط سماك، فإن سماع شعبة منه قديم، فحديثه عنه صحيح مستقيم، قال ابن الكيال2. وذكره الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) 3 مستدلاً به على تفسير حديث، وسكت عنه، وقد قال في مقدمته في معرض ذكره لطريقته في الكتاب: "ثم استخرج ثانياً ما يتعلق به غرض صحيح في ذلك الحديث من الفوائد المتنية والإسنادية من تتمات وزيادات، وكشف غامض، وتصريح مدلس بسماع، ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك؛ منتزعاً كل ذلك من أمهات المسانيد، والجوامع، والمستخرجات والأجزاء، والفوائد، بشرط الصحة، أو الحسن فيما أورده من ذلك"4. فعلى شرطه هذا يكون الخبر عنده صحيحاً أو حسناً.   1 وهذه الزيادة زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة، فإن عبيد الله بن عمر القواريري ثقة ثبت. 2 الكواكب انيرات (237-241) (7/56-57) 4 هدي الساري (4) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وقال الهيثمي عن إسناد أبي يعلى: "رجاله رجال الصحيح غير عباد ابن زاهر وهو ثقة"1. 45- قال خليفة بن خياط: حدثنا المعتمر عن أبيه2 عن أبي نضرة3 عن أبي سعيد مولى أبي أسيد4 قال: أشرف عليهم ذات يوم فقال: السلام عليكم، فما سمع أحداً ردّ عليه إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت رومة من مالي فاستعذبت5 بها، وجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم. قال: فعلام منعتموني أن أشرب من مائها حتى أفطر على ماء البحر - يعني ماء البئر المالح -؟ ! قال: أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد، فهل علمتم أن أحداً من الناس منع أن يصلي فيه من قبلي؟ قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن نبي الله ذكر كذا وكذا أشياء في شأنه، وذكر أيضاً:   1 مجمع الزائد (7/ 228) 2 تقدمت ترجمته 3 تقدمت ترجمته 4 تقدمت ترجمته 5 قال محقق تاريخ خليفة الدكتور أكرم ضياء العمري: "لعل الصواب ماءها. أي فاستعذبت ماءها". وبذلك يكون المعنى: وقفته ليستعذب منه، أي يستقى عذباً (ابن منظور، لسان العرب: 1/ 583) وفي تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (341) : "يستعذبوا بها" من رواية سليمان التيمي أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 كتابه المفضل ففشى1 النهي، وجعل الناس يقولون: مهلاً عن أمير المؤمنين؟ "2. ومن طريقه رواه ابن عساكر كما رواه من طريق هلال بن حق عن سليمان التيمي - والد المعتمر - به نحوه3. وإسناده حسن: إلى أبي سعيد. ورواه الطبري4 قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم5 قال: حدثنا معتمر به نحوه" وفيه زياد، وهي مقبولة؛ لأنها من يعقوب، وهو ثقة، ونص هذه الزيادة ما يلي، قال: وقام الأشتر - قال: ولا أدري يومئذ أو في يوم آخر - فقال: لعله مكر به وبكم. قال: فوطئه الناس، حتى لقد لقي كذا وكذا، قال: فرأيته أشرف عليهم مرّة أخرى، فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم. قال: ثم إنه فتح له الباب، ووضع المصحف بين يديه، قال: وذاك إنه رأى من الليل أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفطر عندنا الليلة".   1 ففشى النهي، أي: انتشر (الفيرز آبادي، القاموس المحيط 4/376) 2 خليفة بن خياط (التاريخ، 172) 3 ابن عساكر (ترجمة عثمان، ص: 341-342) 4 الطبري (تاريخ الأمم والملوك، 4/383) . 5 يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 46- قال علي بن الجعد: أبنا زهير1 عن كنانة مولى صفية2 قال: رأيت قاتل عثمان، رجلاً أسود من أهل مصر وهو في الدار رافعاً يديه، أو باسطاً يديه، يقول: أنا قاتل نعثل3" 4. إسناده حسن: ومن طريقه رواه ابن عساكر5. ورواه ابن سعد6 قال: "أخبرنا أحمد بن عبد الله7 بن يونس قال: أخبرنا زهير بن معاوية قال: أخبرنا كنانة به، وزاد يقال له: "جبلة، أي: الرجل الأسود".وإسناده حسن أيضاً. مداره على كنانة، وقد سبق أن بينت ما ترجح لدي فيه8 وفي رواية ابن سعد صرح زهير بالسماع من كنانة.   1 زهير بن معاوية بن خديج، تقدمت ترجمته. 2 كنانة مولى صفية، تقدمت ترجمته. 3 تقدم التعريف به، وهو لَقَبٌ لقَّب به الخارجون "على عثمان" عثمان رضي الله عنه. 4 علي بن الجعد (المسند 2/958_959) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 417-418) 6 ابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) . 7 أحمد بن عبد الله بن يونس، تقدمت ترجمته. 8 في الكلام على الرواية رقم: [40] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 ورواه ابن عساكر1 من طريق محمد بن طلحة2 بن مصرف قال: سمعت كنانة يقول: وذكره، وفيه زيادة أنه كان يدور بداره ويقول ... " وأيضاً فيه زيادة: "ما تعرض له أحد من الناس" وهذه من زيادة غير الثقة، فلا يعتد بها، فهي ضعيفة، خاصة وأن محمد بن طلحة له أوهام، فلا يستبعد أن تكون هذه الزيادة من أوهامه. 47- قال علي بن الجعد: "أبنا زهير3 عن كنانة مولى صفية4 قال: رأيت قاتل عثمان، رجل أسود من أهل مصر، وهو في الدار رافعاً يديه، أو باسطاً يديه، وهو يقول: أنا قاتِلُ نَعْثل"5. ومن طريقه رواه ابن عساكر6 كما رواه من طريق محمد بن طلحة7 بن مصرف قال: سمعت كنانة به، نحوه، وفيه: "شهدت قتل عثمان" قال: فسمعت رجلاً ... وفيه "يطوف حول دار عثمان". ورواه ابن سعد8 قال:   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 417) 2 محمد بن طلحة بن مصرف، تقدمت ترجمته. 3 زهير بن معاوية بن خديخ، تقدمت ترجمته. 4 كنانة مولى صفية، تقدمت ترجمته. 5 علي بن الجعد (المسند 2/ 958-959) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 417-418) . 7 محمد بن طلحة بن مصرف تقدمت ترجمته 8 ابن سعد، الطبقات (3/ 83-84) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 "أخبرنا أحمد بن عبد الله1 بن يونس قال: أخبرنا زهير بن معاوية به وفيه ... "من أهل مصر يقال له: جبلة" ... 2. وهذا الخبر إسناده حسن. 48- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "غندر3 عن شعبة4 عن عاصم5 قال: سمعت أبا وائل6 يقول: لما قتل عثمان قال أبو موسى: إن هذه الفتنة فتنة باقرة7 كداء البطن8 لا   1 أحمد بن عبد الله بن يونس، تقدمت ترجمته. 2 وذكر المحب الطبري رواية أخرى عن كنانة وفيها تصريح بأن اسم القاتل جبلة بن الأيهم وعزاها إلى أبي عمر (الرياض النضرة 3/ 71) . 3 غندر هو: محمد بن جعفر الهذلي، تقدمت ترجمته. 4 شعبة هو: ابن الحجاج، تقدمت ترجمته. 5 عاصم بن بهدلة بن أبي النجود، الكوفي، صدوق له أوهام وحديثه في الصحيحين، مقرون من السادسة، ت سنة 128? ع (التقريب/3054) . 6 أبو وائل هو: شقيق بن سلمة الأسدي، الكوفي، ثقة مخضرم، توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة ع (التقريب/ 2861) . 7 فتنة باقرة أي: صارعة للألفة، شاقة للعصا (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1/390) 8 أي: كمرض البطن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 ندري أنى تؤتى؛ تأتيكم من مأمنكم1 وتدع الحليم كأنه ابن أمس، قطعوا أرحامكم وانتصلوا2 رماحكم"3. إسناده حسن: رجاله رجال الشيخين وفي عاصم كلام لا يضر، جمع الدكتور عبد العزيز التخيفي كلام النقاد فيه، ثم رجح أن حديثه يكون في درجة الحسن، وهو كما قال4. وتدل هذه الرواية على أن للفتنة مثيرين، قطعوا الأرحام، وانتصلوا رماح المسلمين؛ ليقاتل بعضهم بعضاً. 49- قال يعقوب بن سفيان: "حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة5 حدثنا يحيى بن آدم6 حدثنا عمار بن   1 أي من الموضع الذي تظنونه مأمن، والمأمن هو الموضع الأمن (ابن منظور، لسان العرب 3/ 22) . 2 أي: أخرجوا نصال سهامكم وسيوفكم، كناية عن إثارة الحرب فيكم (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 58-59) . (15/ 227) . 4 دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب (2/ 2-10) . 5 أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، الواسطي الأصل، الكوفي ثقة حافظ، صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة 235?، خ م د س ق (التقريب/ 3525) . 6 يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 رزيق1 عن الأعمش2 عن زيد بن وهب3 عن حذيفة قال: أرأيتم يوم الدار؟ كانت فتنة يوم عثمان، فإنها أول الفتن، وآخرها الدجال. وهذا مما يدل على ضعف حديث زيد، كيف يقول في الحديث الأول: إن وهذا مما أخرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان، وإن كان قد مات آمن به في قبره، ثم جعل قتله أول الفتن"4. ورواه ابن عساكر5 من طريق ابن أبي شيبة به. ورواه أيضاً6 من طريق ابن أبي شيبة عن يحيى بن آدم، عن أبي إسرائيل، عن الحكم، عن أبي سليمان زيد بن وهب عن حذيفة قال: "أول الفتن الدار وآخرها الدجال". وإسناد يعقوب حسن، رجاله رجال مسلم. وعمار بن رزيق، قال عنه الحافظ: "لا بأس به".   1 عمار بن رزيق، مصغر، الضبي، أبو الأحوص، الكوفي، لا بأس به، من الثانية، ت سنة 159?، م د س ق (التقريب/ 4821) . 2 الأعمش هو: سليمان بن مهران الأسدي، الكاهلي، أبو محمد اكوفي، ثقة حافظ، ورع ولكنه يدلس من الخامسة، ت سنة 147?،وكان مولده سنة 61? ع (التقريب/ 2615) . 3 زيد بن وهب الجهني، أبو سليمان الكوفي، مخضرم، ثقة جليل، لم يصب من قال: في حديثه خلل، مات بعد الثمانين وقيل: 96?، ع (التقريب/2159) . 4 المعرفة والتاريخ (2/ 770) ، ولم أجد هذه الرواية في مصنف ابن أبي شيبة. 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 458-459) 6 المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 50- وفي مصنف ابن أبي شيبة: قال: وحدثنا أبوبكر قال: حدثنا عبد الله بن إدريس1 عن حصين2 عن أبي وائل شقيق بن سلمة3 عن خالد العبسي4 عن حذيفة. وذكر عثمان فقال: "اللهم لم أقتل ولم آمر ولم أرض"5. ورواه الخطيب البغدادي من طريق علي بن عاصم عن حصين بن عبد الرحمن به نحوه ولفظه: "اللهم إني لم أشهد، ولم أقتل ولم أرض"، ومن طريق الخطيب رواه ابن عساكر6. إسناده حسن: وحصين بن عبد الرحمن اختلط، وقد أخرج له مسلم من رواية عبد الله بن إدريس7. وخالد العبسي قال عنه أبو حاتم: "شيخ"8 وذكره ابن حبان في الثقات9.   1 عبد الله بن إدريس الأودي، تقدمت ترجمته. 2 حصين بن عبد الرحمن السلمي، تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 خالد بن ربيع العبسي، الكوفي، مقبول، من الثانية، بخ (التقريب/1630) . (15/ 206) . 6 تاريخ بغداد (8/ 291) ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 489) . 7 ابن منجويه (رجال صحيح مسلم 1/ 139) . 8 ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 3/ 329) . 9 ابن حبان (الثقات 4/ 198) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 51- وفي مصنف عبد الرزاق: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر1 عن أيوب2 عن حميد بن هلال3 قال: قال لهم ابن سلام: "إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم هذه، منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اليوم، فوالله لئن قتلتموه ليذهبن ثم لا يعودوا أبداً، فوالله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله أجذم، لا يد له، وإن سيف الله لم يزل مغموداً عنكم، وإنكم والله لئن قتلتموه ليسلنه الله ثم لا يغمده عنكم - إما قال: أبداً، وإما قال: إلى يوم القيامة - وما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفاً، ولا خليفة، إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفاً قبل أن يجتمعوا- وذكر أنه قتل على دم يحيى بن زكريا سبعون ألفاً"4. وذكر بعضه (المحب الطبري) 5 وعزاه إلى الحاكمي، والقاضي أبي بكر بن الضحاك. رجاله ثقات رجال الشيخين، فإسناده صحيح إن سمع حميد من ابن سلام رضي الله عنه.   1 معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة، من كبار السابعة، ت سنة 154? وهو ابن 58سنة، ع (التقريب/ 6809) 2 أيوب هو ابن أبي تميمة السختياني، تقدمت ترجمته. 3 حميد بن هلال العدوي، البصري، ثقة عالم، وتوقف فيه ابن سيرين لدخوله في عمل السلطان، من الثالثة، ع (التقريب/1563) . 4 عبد الرزاق الصنعاني (المصنف 11/ 445) . 5 المحب الطبري (الرياض النضرة 3/ 71) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 وقد ذكر العلائي حميداً هذا وذكر له أحاديث رواها عن بعض الصحابة ولم يسمع منهم1. وروى ابن عساكر2 بعضه ضمن خبر أطول من طريق حميد عن عبد الله3 بن معقل عن ابن سلام؛ وكذا رواه أبو عرب4. قال البوصيري: "رواه إسحاق بسند صحيح" وذكره ابن حجر في (المطالب) وسكت عنه5. وله رواية عن جمع من الصحابة في الصحيحين6 منهم من توفي في سنة قريبة من سنة وفاة ابن سلام رضي الله عنه، كعبد الله بن معقل المتوفى سنة 57هـ، وكأبي رفاعة المتوفى سنة 44هـ وعبد الله بن سلام توفي سنة 43هـ   1 جامع التحصيل (202) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 354-356) . 3 عبد الله بن معقل بن مقرن المزني، أبو الوليد الكوفي، ثقة من كبار الثالثة، مات سنة 88?، ع (التقريب/3634) . 4 المحن (68) . 5 المطالب العالية (4/ 287) . 6 أخرجا له عنه، انظر رجال البخاري للكلابادي (1/ 178، 392) ، ورجال مسلم لابن منجويه (1/ 163، 346) . 7 انظر رجال مسلم لابن منجويه (1/ 107، 163) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 فإن صح سماعه من ابن سلام فالخبر صحيح، وإن لم يصح وكان بينهما ابن معقل كما في رواية أبو عرب وابن عساكر - فهو صحيح أيضاً؛ لأنه ثقة. 51- وفي مصنف عبد الرزاق: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر1عن أيوب2 عن أبي قلابة3 أن رجلاً من قريش يقال له ثمامة كان على صنعاء، فلما جاءه قتل عثمان خطب فبكى بكاءً شديداُ، فلما أفاق واستفاق، قال: اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وصارت ملكاً وجبريّة، "من أخذ شيئاً غلب عليه"4. ورواه ابن سعد5 من طريق حماد بن زيد6 عن أيوب به نحوه. ورواه من طريق ابن سعد ابن الأثير7 وابن عساكر8 إلا أن في رواية ابن الأثير بعد أبي قلابة أبا الأشعث الصنعاني.   1 معمر بن راشد تقدمت ترجمته. 2 أيوب بن أبي تميمة السختياني تقدمت ترجمته. 3 أبو قلابة هو: عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، تقدمت ترجمته. (11/ 447) . 5 الطبقات (3/ 80) . 6 حماد بن زيد بن درهم البصري، الجهضمي أبو إسماعيل، البصري، ثقة ثبت فقيه، قيل إنه كان ضريراً ولعله طرأ عليه؛ لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة، ت سنة 179?، وله 81سنة ع (التقريب/ 1498) . 7 أسد الغابة (1/ 296) . 8 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 491) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 رجاله ثقات، رجال الشيخين، وإسناده حسن لغيره. أما هذا الإسناد فضعيف مدلَّس، أبو قلابة مدلِّس وتدليسه قليل؛ ذكره الحافظ في المرتبة الأولى من طبقات المدلسين1 ولكنه لم يصرح هنا بالسماع ثم صرح، ولو لم يصرح في الرواية التالية لما ضر تدليسه لخفته. وجاء من وجه آخر موصولاً بإسناد صحيح. 52- قال ابن سعد: وأخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي2 قال: أخبرنا وهيب بن خالد3 عن أيوب4 عن أبي قلابة5 عن أبي الأشعث الصنعاني6 عن ثمامة بن عدي بمثله سواء قال: وكان من قريش"7. ورواه هكذا عن أبي قلابة عن أبي الأشعث. البخاري في التاريخ الكبير8 عن موسى9 عن وهيب به نحوه.   (ص: 21) وانظر جامع التفصيل للعلائي (129، 257) ، وميزان الاعتدال للذهبي (2/ 426) . 2 أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، أبو إسحاق البصري، ثقة كان يحفظ، من التاسعة، مات سنة 211?، م د ت س (التقريب/ 7) . 3 وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، تقدمت ترجمته. 4 أيوب السختياني، تقدمت ترجمته. 5 أبو قلابة هو: عبد الله بن زيد الجرمي، تقدمت ترجمته. 6 أبو الأشعث الصنعاني، شراحيل بن آده، تقدمت ترجمته. 7 الطبقات (3/ 80) . (2/ 176) . 9 موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت من صغار التاسعة، ولا التفات إلى قول ابن خراش: "تكلم الناس فيه"، مات سنة 223? ع (التقريب/ 6943) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ورواه ابن منده1 من طريق النضر بن معبد2 عن أبي قلابة نحوه؛ وصححه الحافظ ابن حجر3. وهو كما قال، فإن رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم، ولا يضره ما في أبي قلابة من تدليس لأنه خفيف. 53- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو عبد الله بن البنا4 أبوالقاسم المهرواني5 انا أبو عمر ابن مهدي6 أنا أبوبكر محمد بن أحمد بن يعقوب7 نا جدي8 نا موسى بن   1 كما في الإصابة للحافظ ابن حجر (1/ 204) . 2 النضر بن معبد أبو قحذم، ذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: "لا يتابع عليه"، وقال ابن عدي: "مقدار ما يرويه لا يتابع عليه" وذكره ابن حبان في الثقات. (العقيلي 4/ 291، ابن عدي 7/ 2490، ابن حبان 5/ 475، 7/ 535، ابن حجر، لسان الميزان 6/ 165-166) 3 الإصابة للحافظ ابن حجر (1/ 204) . 4 يحيى بن الحسن بن أحمد البناء أبو عبد الله، البغدادي، كان ذا علم وصلاح، قال عنه الذهبي: "الشيخ الإمام، الصدق العابد الخيّر، المتبع، الفقيه" ... وأثنى عليه ومدحه وطرّاه عبد الله بن عيسى الأندلسي (الذهبي العبر 2/ 440، السير 20/ 6) . 5 يوسف بن محمد بن أحمد المهرواني، أبو القاسم، الهمذاني، العبد الصالح (الذهبي، العبر 2/ 325) وكان من ثقات النقلة (السير 347) . 6 عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي، البغدادي البزار، قال الخطيب: "وكان ثقة أميناً" (تاريخ بغداد 11/ 13، الذهبي، العبر 2/ 218) . 7 محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، وثقه الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 1/ 373-375) . 8 يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور، أبو يوسف السدوسي البصري، نزيل بغداد، وثقه الخطيب البغدادي وغيره، ت سنة 262? (تاريخ بغداد 14/ 281) (الذهبي، تذكرة الحفاظ 2/ 577) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 إسماعيل1 نا جرير بن حازم2 عن الصلت ابن بهرام3 عن زيد بن وهب4 قال: "جاءنا كتاب من عثمان، قرئ على الناس: السلام عليكم. أما بعد: فإن جيش ذي المروة نزلوا بنا، فكان مما صالحناهم عليه: أن يؤدى إلى كل ذي حق حقه. فمن كان له قبلنا حق فليركب إليه، فإن أبطأ أو تثاقل فليتصدق فإن الله يجزي المتصدقين. فقال الناس: اللهم تصدقنا. فلبثنا أربعين ليلة، ثم جاءنا قتله، فجزع الناس من ذلك. فخرجت إلى صاحب لي كنت أستريح إليه، فقلت: قد صنع الناس ما ترى، وفينا رهط من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فاذهب بنا إليهم. فدخلنا على أبي موسى وهو أمير الكوفة، فكان قوله نهياً عن الفتنة، والأمر بالجلوس في البيوت. فخرجنا فأتينا منزل حذيفة فلم نجده، فأتينا المسجد فوجدناه مسنداً ظهره إلى سارية، ومعه رجل، فقلت: إني أظن أن له حاجة، فجلسنا دونهما، فجاء رجل فجلس إليهما، فقمنا فجلسنا إليه وهو عاضّ على إبهامه، وهو يقول: أتتكم ترمي بالنّشَّف5 ثم تليها أخرى ترمي   1 موسى بن إسماعيل المنقري، تقدمت ترجمته. 2 جرير بن حازم الأزدي، تقدمت ترجمته. 3 الصلت بن بهرام، قال أحمد: "كوفي"، وقال يحيى: "ثقة" وقال ابن عيينة: "كان أصدق أهل الكوفة" (ابن حجر، لسان الميزان 3/ 194) . 4 زيد بن وهب الجهني، تقدمت ترجمته. 5 النَّشَف: هي حجارة سود، كأنها أحرقت بالنار، وإذا تركت على رأس الماء طفت ولم تغص فيه، وهي التي يحك بها الوسخ على اليد والرجل، ومنه حديث حذيفة -ثم ذكره وقال: يعني أن الأولى من الفتن التي لا تؤثر في أديان الناس لخفتها والتي بعدها -أي الرضف -كهيئة حجارة قد أحميت بالنار فكانت رضفاً فهي أبلغ في أديانهم وأثلم لأبدانهم (ابن منظور، لسان العرب 9/ 330) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 بالرَّضَف1 ثم المظلمة التي يصبح المرء فيها مهتدياً، ويمسي ضالاً، ويمسي مهتدياً ويصبح ضالاً، والعاقل حيران بين ذلك، لا يدري أضلَّ أم اهتدى؟ إلا أن لها دفعات ومثاعب2 فإن استطعت أن تموت -أو تكون- في وقفاتها فافعل. فقال الرجل الذي جلس إليه: جزاكم الله أصحاب محمد شراً، فوالله لقد لبّستم علينا حتى ما ندري أنقعد أم نقوم، فهلاّ نهيت الناس يوم الجرعة. قال: قد نهيت عنها نفسي، وابن الخضرامة، ولو لم أنهه لكان من القائمين فيها، والقائلين"3. وروى بعضه4 من طريق محمد بن الفضل عن الصلت به. إسناده حسن: رجاله ثقات إلا شيخ ابن عساكر، فلم أقف على توثيق له غير قول الذي "الصادق".   1 سبق التعريف بها في الحاشية السابقة (ابن منظور، لسان العرب 9/ 121) 2 المثاعب جمع مثعب، والثعب هو: تفجير الدم (ابن منظور، لسان العرب 1/ 236) 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 362، 487-488) 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 487-488، 362) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 54- قال الإمام أحمد: حدثني أبو قطن1 حدثنا يونس2 - يعني ابن أبي إسحاق - عن أبيه3 عن أبي سلمة4بن عبد الرحمن، قال: "أشرف عثمان من القصر وهو محصور، فقال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله بقدمه، ثم قال: "اسكُنْ حراء، ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد"، وأنا معه، فانتشد له رجال, ثم قال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين من أهل مكة، قال: هذه يدي، وهذه يد عثمان، فبايع لي، فانتشد له رجال, قال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يوسع لنا هذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة"؟ فابتعته من مالي، فوسعت به في المسجد، فانتشد له رجال، ثم قال:   1 عمرو بن الهشيم بن قطن، القطعي، أبو قطن البصري، ثقة، من صغار التاسعة، مات على رأس المائتين، بخ م 4 (التقريب/ 5130) . 2 يونس بن أبي إسحاق، تقدمت ترجمته. 3 عمرو بن عبد الله السبيعي، تقدمت ترجمته. 4 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر، من الثالثة، ت سنة 94? أو سنة 104? وكان مولده سنة بضع وعشرين، ع (التقريب/ 8142) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة، قال: "من ينفق اليوم نفقة متقبلة؟ " فجهزت نصف الجيش من مالي، فانتشد له رجال. قال: وأنشد بالله من شهد رومة1 يباع ماؤها من ابن السبيل فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل. فانتشد له رجال"2. إسناده حسن. ورواه من طريقه ابن عساكر3وذكره ابن الأثير4 عن الإمام أحمد. ورواه النسائي5: من طريق عيسى بن يونس عن أبيه به نحوه، ولم يسم الجبل، وفيه تقديم وتأخير يسير. ورواه ابن عساكر6: من طريق عيسى بن يونس عن أبيه بمثل رواية النسائي وزاد في آخره: "ولكن طال عليكم عمري فاستعجلتم، وأردتم خلع سربال سربلنيه الله، وأنا لا أخلعه حتى أموت أو أقتل".   1 رومة: أرض بالمدينة بين الجُرف وزغابة، نزلها المشركون عام الخندق، وفيها بئر رومة، اسم بئر، ابتاعها عثمان بن عفان رضي الله عنه وتصدق بها (ياقوت الحموي، معجم البلدان 3/104) 2 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 340-341) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 342-343) . 4 أسد الغابة (3/ 486-487) . 5 السنن (6/ 236) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 342-343) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 قال أحمد شاكر1: "إسناده صحيح، إلا أنهم تكلموا في سماع أبي سلمة بن عبد الرحمن من طلحة ومن عبادة بن الصامت". قال الحافظ في (التهذيب) : "ولئن كان كذلك فلم يسمع أيضاً من عثمان، ولا من أبي الدرداء، فإنّ كلاً منهما مات قبل طلحة، وقد صححنا فيما مضى سماعه من عثمان"2. قلت: وقد رجحّ سماع أبي سلمة من عثمان الحافظ ابن حجر، واستدل على ذلك3ولكن يونس قال عنه الحافظ: "صدوق يهم قليلاً". وباقي رجاله ثقات. فبذلك يكون الإسناد حسناً لا صحيحاً. 55- قال خليفة بن خياط: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون4 عن أبيه5 عن نافع6 قال: "لبس ابن عمر الدرع يوم الدار مرتين"7.   1 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 340-341) . 2 تهذيب التهذيب (12/ 117-118) . 3 انظر فتح الباري (9/ 75-77) ، ومسند أحمد (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 336-337 الحاشية) 4 عبيد الله بن عبد الله بن عون بن أرطبان البصري، سمع أباه سمع منه محمد بن عقبة، معروف الحديث (البخاري، التاريخ الكبير5/ 388) وقال عنه أبو حاتم: صالح الحديث (الجرح والتعديل 5/ 322) . 5 عبد الله بن عون بن أرطبان، أبو عون البصري، ثقة ثبت، فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة، مات سنة 150? على الصحيح، ع (التقريب/ 3519) . 6 نافع مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. 7 خليفة بن خياط (التاريخ 173) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 ومن طريقه رواه ابن عساكر؛ ورواه أيضاً: من طريق عبد العزيز بن معاوية وأبي محمد: يحيى ابن السري. كلاهما عن ابن عون به1. كما رواه أيضاً من طريق ابن الأعرابي2 عن عبد العزيز به مقطوعاً؛ فلم يذكر فيه نافعاً3. ورواه أيضاً من طريق عثمان بن موسى عن نافع به وزاد: "والله لنقاتلن عن عثمان"4. ورواه من طريق5 موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمر أو عن نافع مولى ابن عمر أو عنهما جميعاً، أن عبد الله بن عمر لم يَدْعُ بسلاحه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرتين: يوم الدار، ويوم نجدة الحروري. وإسناد خليفة حسن. ورواه ابن عساكر6 من طريق حسين المعلم، عن نافع عن ابن عمر وفيه زيادات ولفظه: "لبس ابن عمر الدرع يوم الدار مرتين. فأتى عثمان، فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت له حق الرسالة، وحق النبوة؛ وصحبت أبا   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 398) . 2 وانظر معجم ابن الأعرابي (ق 212) ظاهرية حديث (280) . 3 ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 398) . 4 المصدر السابق 399. 5 المصدر السابق: 397. 6 المصدر السابق 399. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 بكر فعرفت له حق الولاية؛ وصحبت عمر، فكنت أعرف له حق الوالد وحق الولاية، وأنا أعرف لك مثل ذلك. فقال له عثمان: جزاكم الله خيراً من أهل بيت. اقعد في بيتك حتى يأتيك أمري". وذكره البوصيري في الإتحاف وقال: "رواه الحارث عن الحسن بن قتيبة وهو ضعيف، وسكت عنه الحافظ في المطالب"1. وقد تابعه الحسن بن مكرم عن ابن عساكر كما مر. 56- قال خليفة بن خياط: "وحدثني كهمس2 قال: نا ابن أبي عروبة3 عن يعلى بن حكيم4 عن نافع5 أو غيره: أن ابن عمر كان يومئذ متقلداً سيفه حتى عزم عليه عثمان أن يخرج مخافة أن يقتل"6. ورواه من طريقه7 ابن عساكر، كما رواه من طريق إبراهيم بن طهمان، عن سعيد به، وليس فيها شكّ في الراوي عن ابن عمر، وفيه زيادة. رجاله رجال الشيخين، وكهمس صدوق فإسناده حسن.   (4/ 290) . 2 كهمس هو ابن المنهال، تقدمت ترجمته. 3 ابن أبي عروبة هو سعيد، تقدمت ترجمته. 4 يعلى بن حكيم، تقدمت ترجمته. 5 نافع هو مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. (التاريخ، 173) . 7 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 398) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 وتقدم الكلام على هذا الإسناد، ونفي تعليله بتدليس واختلاط سعيد بن أبي عروبة1. 57- قال البخاري في التاريخ الكبير: حدثني يحيى بن موسى2 نا أبو داود3 نا حزم4 القُطَعي، نا أبو الأسود5 سوادة6 أخبرني طلق بن خشاف7 قال: قُتل عثمان فتفرقنا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة قالت: "قتل مظلوماً، لعن الله قتلته"8. ورواه من طريقه ابن عساكر9. وهذا إسناد حسن لذاته: رجاله كلهم ثقات، إلا حزم ومسلم، فهما صدوقان.   1 انظر الرواية رقم: [41] . 2 يحيى بن موسى البلخي، كوفي، ثقة من العاشرة، ت سنة 240?، خ د ت س (التقريب/ 7655) . 3 أبو داود: هو الطيالسي؛ سليمان بن داود. تقدمت ترجمته. 4 حزم بن أبي حزم القطعي، تقدمت ترجمته. 5 تحريف وخلط استغربه محقق التاريخ الكبير، والصواب أنه أبو الأسود مسلم بن مخراق العبدي، إذ إ، حزم روى عنه وأيضاً عن طلق، والمثبت خطأ لم يُذكر أنه يَروي عن طلق ولا عنه حزم. 6 مسلم بن مخراق العبدي تقدمت ترجمته. 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه ص: 497) . 8 التاريخ الكبير (4/ 358) . 9 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 497) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 58- قال ابن سعد: أخبرنا روح بن عبادة1 وعفان بن مسلم2 قالا: أخبرنا حماد3 بن سلمة قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَين4 عن إبراهيم عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 5قال: عثمان بن عفان"6. إسناده حسن: رجاله رجال مسلم كلهم ثقات إلا عبد الله بن عثمان وهو صدوق، وإبراهيم بن عكرمة وثقه ابن حبان، والعجلي، وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم. ولا يضره اختلاط حماد بن سلمة لقول يحيى بن معين: "من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة فعليه بعفان بن مسلم"7.   1 روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي، أبو محمد البصري، ثقة فاضل له تصانيف، من التاسعة، ت سنة 205? أو 207? ع (التقريب/1962) . 2 تقدمت ترجمته. 3 حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، ثقة، عابد، أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بآخره، من كبار الثامنة، مات سنة 167? خت م 4 (التقريب/ 1499) . 4 عبد الله بن عثمان بن خثيم، القارئ المكي، أبو عثمان، صدوق، من الخامسة، ت سنة 132? خن م4 (التقريب/ 3466) . 5 جزء من الآية (76) من سورة النحل. 6 الطبقات (3/ 60) . 7 انظر الكواكب النيرات (لابن الكيال 461) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 والراوي عنه هنا عفان. ورواه من طريق ابن سعد ابن عساكر1 إلا أن فيه: "عن إبراهيم2 بن عكرمة يعني: ابن يعلى بن أمية الثقفي عن ابن عباس". وهو الصواب. فيكون ما في المطبوع من الطبقات تحريفاً. ورواه البخاري3 في التاريخ الكبير من طريق حجاج وآدم، عن حماد بن سلمة به مثله على الصواب. ورواه أيضاً عن إسحاق، أخبرنا عفان، حدثنا وهيب، قال: ثنا ابن خثيم به مثله على الصواب. ومن طريق البخاري الأولى؛ رواه ابن عساكر4. ورواه العجلي عن عفان به مثله على الصواب. ومن طريقه ابن عساكر5. ورواه ابن عساكر من طرق أخرى6.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 211) 2 إبراهيم بن عكرمة بن يعلى بن أمية الثقفي، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، وذكره ابن حبان والعجلي في الثقات (البخاري، التاريخ الكبير 1/ 306، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 2/ 120، العجلي، معرفة الثقات 1/ 203، ابن حبان، الثقات 4/6) . (1/ 306-307) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 210-211) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 210-211) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 210-212) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 ورواه الطبري1 من طريق يحيى بن إسحاق السيلحيني عن حماد به نحوه، وذكره (المحب الطبري) 2 في (الرياض النضرة) . 59- قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم3 قال: أخبرنا جرير بن حازم4 قال: أخبرني يعلى5 بن حكيم عن نافع6 قال: حدثني عبد الله بن عمر قال: قال لي عثمان وهو محصور في الدار: ما ترى فيما أشار به عليّ المغيرة بن الأخنس؟ قال قلت: ما أشار به عليك؟ قال: إن هؤلاء القوم يريدون خلعي، فإن خلعت تركوني وإن لم أخلع قتلوني، قال: قلت: أرأيت إن خلعت تترك مخلداً في الدنيا؟ قال: لا. قال: فهل يملكون الجنة والنار؟ قال: لا.   1 التفسير (14/ 151، ط/ البابي الحلبي) . (3/ 34) . 3 عفان بن مسلم، تقدمت ترجمته. 4 جرير بن حازم الأزدي، تقدمت ترجمته. 5 يعلى بن حكيم الثقفي، تقدمت ترجمته. 6 نافع المدني مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 قال: فقلت: أرأيت إن لم تخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا. قلت: فلا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام، كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، لا تخلع قميصاً قمصكه الله"1. ووافق ابن أبي شيبة ابن سعد في روايته عن عفان. وروى نحوه ابن عساكر من طريق: سعيد بن أبي عروبة، عن يعلى ابن حكيم. إسناده صحيح: رجاله رجال الشيخين. وتقدم من رواية سعيد بن أبي عروبة، عن يعلى بن حكيم بإسناد يتقوى بهذا. 60- روى خليفة: عن عبد الرحمن بن مهدي2 قال: "نا حصين بن بكر3 عن يحيى ابن4 عتيق عن محمد بن سيرين قال:   1 الطبقات (3/ 66) . 2 عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت، حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: "ما رأيت أعلم منه"، من التاسعة، ت سنة 198?، وهو ابن 73سنة ع (التقريب/ 4081) . 3 حصين بن بكر صوابه حصن بن أبي بكر الذي يروي عن يحيى بن عتيق. قال يحيى بن معين: "ثقة" وقال أبو حاتم: "صدوق" (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 3/ 190، 305-306) . 4 يحيى بن عتيق الطفاوي، البصري، ثقة من السادسة، مات قبل أيوب، وكان أصغر من أيوب (التقريب/ 7603) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 انطلق الحسن والحسين وابن عمر وابن الزبير ومروان، كلهم شاكي السلاح، حتى دخلوا الدار، فقال عثمان: أعزم عليكم لما1 رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم، فخرج ابن عمر والحسن وقال ابن الزبير ومروان: ونحن نعزم على أنفسنا؛ أن لا نبرح"2. ومن طريق خليفة رواه ابن عساكر3. إسناده صحيح إلى ابن سيرين4؛ رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا حصن وهو ثقة. ولكن ابن سيرين لم يدرك الحادثة، فهو منقطع. 61- قال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم5 عن ابن عون6 عن ابن سيرين7 قال: كان مع عثمان يومئذ في الدار سبعمائة لو يدعهم لضربوهم إن شاء الله حتى يخرجوهم من أقطارها8منهم ابن عمر، والحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير"9.   1 بمعنى "إلا". 2 التاريخ (174) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان ص: 396) . 4 محمد بن سيرين تقدمت ترجمته. 5 إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، تقدمت ترجمته. 6 ابن عون: هو عبد الله بن عون البصري، تقدمت ترجمته. 7 ابن سيرين، هو محمد بن سيرين، تقدمت ترجمته. 8 أقطارها: أي نواحي المدينة وجوانبها (ابن منظور، لسان العرب 5/ 106) . 9 الطبقات (3/ 71) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 إسناده صحيح إلى ابن سيرين، ولكنه منقطع بينه وبين الحادثة، فابن سيرين ولد سنة: 33 من الهجرة تقريباً، لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه1. ورواه من طريقه ابن عساكر2وتقدم ما يشهد لوجود الحسن وابن عمر في الدار أثناء الحصار مع رواية نافع3. ويشهد لبعضه ما رواه خليفة موصولاً. 62- ففي كتاب التاريخ لخليفة: "ابن مهدي4 قال: نا سعيد بن عبد الرحمن5 عن محمد بن سيرين6 قال: قال سليط7 بن سليط: نهانا عثمان عن قتالهم، ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارها"8. ومن طريقه رواه ابن عساكر9.   1 المزي، تهذيب الكمال (3/ 1308-1209) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه 396) . 3 انظر الرواية رقم: [39] . 4 ابن مهدي هو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، تقدمت ترجمته. 5 سعيد بن عبد الرحمن لم أجد له ترجمة. 6 محمد بن سيرين الأنصاري تقدمت ترجمته. 7 سُليط بن سليط روى عن عثمان وعنه ابن سيرين قاله أبو حاتم ثم سكت عنه كما سكت عنه البخاري (البخاري، التاريخ الكبير 4/ 190، وابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 286) ووثقه ابن حبان (الثقات 4/ 342) . 8 التاريخ (173) . 9 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 403) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 وفي إسناده مجهول، لم أجد في الرواة الذين اسمهم سعيد بن عبد الرحمن من يصلح لأن يكون سعيداً هذا. ويحتمل أن يكون سعيد بن عبد الرحمن فيكون سعيد هو سعيد بن عبد العزيز1 الذي يروي عنه ابن مهدي، ويروي هو عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي2 كما في (تهذيب الكمال) . وبذلك يكون عبد الرحمن هو ابن عمرو الأوزاعي الذي يروي عن ابن سيرين. ومع ذلك ففي مخطوطة ومطبوعة ابن عساكر "سعيد بن عبد الرحمن"3. وسليط بن سليط لم أجد أحداً وثقه غير ابن حبان وذلك بذكره له في ثقاته. فبذلك يكون الإسناد ضعيفاً لعدم اعتداد العلماء بتوثيق ابن حبان إذا انفرد، كما هو الشأن في هذه الرواية. وحسناً بما قبله.   1 سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي، ثقة إمام لكنه اختلط في آخر أمره، من السابعة، ت سنة 167? (التقريب/ 2358) . 2 عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة، جليل، من السابعة، مات سنة 157? ع (التقريب/ 3067) . 3 انظر التقريب لابن حجر (5947) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 ويلاحظ أن احتمال اختلاف شيخ ابن سيرين في الرواية وارد، بل قوي، لأن ابن سيرين كان ممن لا يرى الرواية بالمعنى1 والروايتان مختلفتا الألفاظ جداً، وإن اتفقتا على بعض المعاني منها: 1- أن عدد المدافعين عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار كانوا عدداً كبيراً. 2- أن عثمان رضي الله عنه منع الناس من الدفاع عنه. 63- وفي مصنف أبي شيبة: "أبو معاوية2 عن الأعمش3 عن منذر بن يعلى4 قال: كان يوم أرادوا قتل عثمان أرسل مروان إلى علي ألا تأتي هذا الرجل فتمنعه، فإنهم لن يبرموا دونك، فقال علي: لنأتينهم، فأخذ ابن الحنفية بكتفيه فاحتضنه، فقال:   1 انظر: التقريب، لابن حجر (5947) . 2 أبو معاوية هو الضرير واسمه محمد بن خازم، الكوفي، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، من كبار التاسعة، ت سنة 195? وله 82 سنة، وقد رمي بالإرجاء ع (التقريب/ 5841) . ووصفه ابن سعد بالتدليس (الطبقات 6/ 392) . وذكره الحافظ في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين (36 عاصم) . 3 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 4 منذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى الكوفي، ثقة، من السادسة، ع (التقريب/ 6894) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 يا أبت أين تذهب؟ والله ما يزيدونك إلا رهبة، فأرسل إليهم علي بعمامته ينهاهم عنه"1. إسناده ضعيف: لانقطاعه، فإن منذر يروي عن علي رضي الله عنه بواسطة محمد بن علي2 وقد روى هذا الخبر من طريقه، كما سيأتي في روايتي أبي عرب وابن عساكر. ورواه أبو عرب3 عن يحيى عن أبيه عن جده عن مطر4 يعني ابن أبي خليفة عن منذر الثوري عن محمد بن علي، قال: لما جاء الركب الذين قتلوا عثمان أرسل عثمان إلى عليّ أن ردّ هؤلاء، فانطلق وأنا معه متكئ عليَّ، فانتهينا إلى الدار فألحم القتال فيها، ولم يستطع أن يدخل، قال: فنزع عمامة سوداء على رأسه، فألقاها إليه أماناً له، ثم قال: "اللهم اشهد أني لم أقتل ولم أمالئ". ورواه ابن عساكر5 من طريق ابن داود6 عن فطر به نحوه.   (15/ 209) . 2 ابن حجر، تهذيب التهذيب (10/ 304) . 3 المحن (73) . 4 مطر بن خليفة صوابه فطر بن خليفة تقدمت ترجمته. 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 372) 6 عبد الله بن داود بن عامر الهمداني، الخريبي، كوفي الأصل، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة 213?، وله 87سنة خ4 (التقريب/ 3297) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 وفي إسناد أبي عرب من لم أقف على ترجمة له. وتشهد له الرواية الآتية. 64- قال ابن سعد: أخبرنا كثير بن هشام1 عن جعفر بن برقان2 قال: حدثني راشد3 بن كيسان أبو فزارة العبسي أن عثمان بعث إلى علي وهو محصور في الدار أن ائتني، فقام بعض أهل عليّ حتى حبسه وقال: ألا ترى إلى ما بين يديك من الكتائب؟ لا تخلص إليه، وعلى عليّ عمامة سوداء فنقضها على رأسه ثم رمى بها إلى رسول عثمان وقال: أخبره بالذي قد رأيت. ثم خرج عليّ من المسجد حتى انتهى إلى أحجار الزيت في سوق المدينة فأتاه قتله فقال: اللهم إني أبرأ إليك من دمه أن أكون قتلت أو مالأت على قتله"4. ورجاله ثقات، رجال مسلم، لكنه منقطع. (أبو فزارة) لا تتوقع معاصرته للقصة. وهو من الخامسة عن ابن حجر، وهم الذي لم يلقوا إلا الواحد والاثنين من الصحابة5.   1 كثير بن هشام الكلابي، تقدمت ترجمته. 2 جعفر بن برقان الكلابي، تقدمت ترجمته. 3 راشد بن كيسان العبسي أبو فزارة الكوفي، ثقة، من الخامسة بخ م د ت ق (التقريب/ 1856) . 4 الطبقات (3/ 68-69) ، وابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 372) (التقريب، ص: 75) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 ورواية هذا الخبر تقتضي لراويه المباشر الالتقاء بعدد كبير من الصحابة لتوافرهم في المدينة في وقت حدوث تفاصيل هذه الرواية. ورواه من طريق ابن سعد، ابن عساكر1. وجعفر بن برقان قال عنه الحافظ: "صدوق يهم في حديث الزهري" ويرجح الدكتور (عبد العزيز التخيفي) توثيقه ويحمل كل طعن فيه من قبل حفظه إلى حديثه عن الزهري فقط. ونتيجته هذه معقولة مقبولة2. وبذلك يتبين أن الإسناد إلى أبي فزارة صحيح، فيشهد للذي قبله والذي قبله يشهد له فيكون الإسناد حسناً لغيره. 65- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن زيد3 الواسطي ويزيد بن هارون4 قالا: أخبرنا العوام بن حوشب5 عن حبيب6 بن أبي ثابت عن أبي حعفر7محمد بن عليّ قال:   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 372) . 2 عبد العزيز التخيفي، دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب ممن قال عنه ابن حجر: "ثقة يهم أو صدوق يهم أو صدوق له أوهام" (1/ 259-260) . 3 محمد بن يزيد الكلاعي الواسطي، أصله شامي، ثقة ثبت عابد، من كبار التاسعة، مات سنة 190 ? د ت س (التقريب/ 6403) . 4 يزيد بن هارون الواسطي، تقدمت ترجمته. 5 العوام بن حوشب بن يزيد الواسطي، تقدمت ترجمته. 6 حبيب بن أبي ثابت الأسدي، الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة 119?، ع (التقريب/1084) . 7 محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل، من الرابعة، ت سنة بضع عشرة ومائة ع (التقريب/6151) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 بعث عثمان إلى عليّ يدعوه وهو محصور في الدار فأراد أن يأتيه، فتعلقوا به ومنعوه، قال فحل عمامة سوداء على رأسه، وقال هذا. أو قال: اللهم لا أرضى قتله ولا آمر به، والله لا أرضى قتله ولا آمر"1. ومن طريقه ابن عساكر2 وفيه: "فحسر عمامة سوداء عن رأسه وقال ... " ورواه من طريق3 السري بن عاصم وابن معين كلاهما عن يزيد بن هارون به نحوه. وذكره (المحب الطبري) 4 وقال: "خرجه ابن السمان". ورجاله ثقات رجال الشيخين إلا محمد بن يزيد، فلم يخرجا له، وهو ثقة ثبت، و (حبيب) كثير الإرسال والتدليس، ولم يصرح بالسماع وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين5. واختلف في شخصية محمد بن علي راوي القصة، فذهب يحيى بن معين إلى أنه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الذي يروي عنه حبيب كما في إسناد هذه الرواية ولا نجد في ترجمته في (تهذيب الكمال) غير ابن عباس هذا، ولم يذكر المزي في ترجمة محمد بن علي بن عباس أنه يروي   1 الطبقات (3/ 68) ، وابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 371) 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 371، 465) 3 المصدر السابق. 4 الرياض (3/ 78) . 5 طبقات المدلسين (37 عاصم) ، وهذه المرتبة هي التي لا يقبل حديث أصحابها إلا بما صرحوا فيه بالسماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 عن ابن الحنفية، ووهّم ابنُ عساكر ابنَ معين في ذلك وقال: إنما هو أبو جعفر أي: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، ويؤيد قوله: أن اسمه في رواية ابن سعد قُرِن بكنيته، والأول لا يكنى بأبي جعفر. أما (المحب الطبري) فقد جعله محمد بن الحنفية عندما ذكر الرواية في كتابه (الرياض النضرة) ثم عزاها إلى ابن السمان1. فيترجح أنه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، لتصريح الروايات بكنيته ولا يكنى بهذه الكنية ممن يسمى محمد بن جعفر إلا هو. وعلى ذلك يكون الإسناد منقطعاً؛ لأن محمد بن علي أبو جعفر ولد سنة 56?، والحادثة كانت سنة 35?، فوقعت قبل ولادته بإحدى وعشرين سنة. قال أبو زرعة: "محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم لم يدرك هو ولا أبوه علياً رضي الله عنه"2. وقال: "محمد بن علي بن الحسين عن علي مرسل"3. فالإسناد ضعيف بتدليس حبيب، وبالانقطاع بين محمد بن علي والحادثة.   1 الرياض النضرة (3/ 78) . 2 ابن أبي حاتم (المراسيل 150) . 3 المصدر نفسه (149) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 66- قال ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن نمير1 عن شريك2 عن عبد الله3 بن عيسى عن عبد الرحمن4 بن أبي ليلى، قال: رأيت علياً عند أحجار الزيت رافعاً ضبعيه5 يقول: اللهم إني أبرأ إليك من أمر عثمان"6. ورواه علي بن الجعد7 عن شريك به إلى ابن أبي ليلى أنه قال: "سمعت علياً وهو على باب المسجد أو عند أحجار الزيت رافعاً صوته: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان".   1 عبد الله بن نمير الهمداني، الكوفي، ثقة، صاحب حديث، من أهل السنة، من كبار التاسعة، ت سنة 199? وله 84 سنة ع (التقريب/ 3668) . 2 شريك بن عبد الله النخعي، الكوفي، القاضي بواسط، ثم الكوفة، أبو عبد الله صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً عابداً، شديداً على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة 187? خت م 4 (التقريب/ 2787) . 3 عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي، ثقة فيه تشيع، من السادسة، ت سنة 130? ع (التقريب/ 3523) . 4 عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثانية، اختلف في سماعه من عمر مات بوقعة الجماجم سنة 83? ع (التقريب/ 3993) . 5 الضبع هو: العضد كلها، وأوسطها بلحمها أو الإبط ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 55) . 6 ابن سعد، (الطبقات 3/ 82) . 7 المسند (2/ 848-849) . وعلي بن الجعد هو: ابن عبيد الجوهري البغدادي، ثقة ثبت، رمي بالتشيع، من صغار التاسعة، مات سنة 230? خ د (التقريب/ 4698) . وفي تاريخ بغداد أنه قدم البصرة سنة 156? وكتب عن ابن عيينة سنة 160? في الكوفة (11/ 360) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 فذكر ذلك لعبد الملك بن مروان فقال: "ما أرى له ذنباً". ومن طريقه رواه ابن عساكر1 وزاد في آخره: "وقد روي أنه كان غائباً يوم قتل"، فقد تكون هذه الزيادة من كلام ابن عساكر. رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا شريك، فلم يخرج له البخاري وخرج له مسلم في (المتابعات) 2 وقال عنه ابن حبان: "وكان في آخر أمره يخطئ فيما يروي، تغير عليه حفظه، فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليط، مثل: يزيد ... وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوهام كثيرة"3. والراوي عنه هنا هو ابن نمير وهو كوفي، فيكون ممن روى عنه بعد الاختلاط. كما أن علي بن الجعد لم تتميز -عندي- روايته، أهي قبل الاختلاط أم بعده؟ فالإسناد ضعيف. ويتقوى بمجموع الروايات السابقة ما يلي: 1- أن عثمان رضي الله عنه بعث - وهو محصور في الدار - إلى عليّ رضي الله عنه أن ائتني.   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 461) 2 المزي، تهذيب الكمال (2/ 581) . 3 الثقات لابن حبان (6/ 444) ، ابن الكيال، الكواكب النيرات (254) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2- أن علياًَ رضي الله عنه استجاب لهذا الطلب، وانطلق إلى دار عثمان، فلما رأى أهل علي من حول الدار حبسوه عن دخولها خشية عليه من القتل، فحلّ عمامته السوداء التي كان يرتديها، ورمى بها إلى رسول عثمان، ثم خرج حتى انتهى إلى أحجار الزيت، فأتاه خبر قتل عثمان رضي الله عنه، فقال قولة تبرأ بها من قتل عثمان، ومن الممالاة عليه. 67- قال ابن سعد: قال أخبرنا عفان بن مسلم1 قال: أخبرنا سليم بن أخضر2قال: حدثني ابن عون3 عن محمد4 قال: كان أعلمهم بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر"5. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا سليم فلم يخرج له البخاري وخرج له مسلم.   1 تقدمت ترجمته. 2 سليم بن أخضر البصري، ثقة ضابط، من الثامنة، ت سنة 180? م د ت س (التقريب/ 2523) . 3 عبد الله بن عون بن أرطبان، تقدمت ترجمته. 4 محمد بن سيرين تقدمت ترجمته. 5 الطبقات (3/ 60) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 68- قال ابن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم1 قال: أخبرنا قرة2 بن خالد وسلام3 بن مسكين قالا: أخبرنا محمد بن سيرين4 قال: لما أحاطوا بعثمان، ودخلوا عليه ليقتلوه، قالت امرأته: إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن"5. إسناده حسن لغيره. وإسناده صحيح إلى محمد بن سيرين، رجاله رجال الشيخين، ولكنه منقطع، محمد بن سيرين لم يدرك قتل عثمان رضي الله عنه، حيث ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه فكان عمره سنتين. ورواه أبو عرب6 من طريق عامر بن النعمان عن سلام به؛ وفيه "لما أناخوا بعثمان".   1 مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون، مكثر، عمي بآخره، من صغار التاسعة، مات سنة 222? وهو أكبر شيخ لأبي داود ع (التقريب/ 6616) . 2 قرة بن خالد السدوسي، البصري، ثقة ضابط، من السادسة، ت سنة 155? ع (التقريب/ 5540) . 3 سلام بن مسكين بن ربيعة الأزدي، البصري، أبو روح، يقال: اسمه سليمان، ثقة رمي بالقدر، من السابعة، مات سنة 167?، خ م د س ق (التقريب/ 2710) . 4 محمد بن سيرين الأنصاري تقدمت ترجمته. 5 الطبقات (3/ 76) . 6 المحن (44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 ورواه أبو نعيم1 من طريق أسد بن موسى عن سلام بن مسكين به مثله؛ وفيه "حين أطافوا". ورواه ابن عساكر2 من طريق أبي النعمان عن سلام به؛ وفيه: (لما أطافوا) وذكره (المحب الطبري) 3 وعزاه إلى أبي عمر؛ وتشهد له الرواية الآتية. 69- قال ابن سعد: أخبرنا أبو معاوية الضرير4 عن عاصم5 الأحول عن ابن سيرين6 قال: قالت امرأة عثمان حين قتل: لقد قتلتموه وإنه ليحيي الليل كله بالقرآن في ركعة"7. وهذا الإسناد صحيح: إلى أنس بن سيرين، رجاله رجال الشيخين. ولكنه منقطع، فقد كان عُمْر أنسٍ عند قتل عثمان رضي الله عنه إما سنة أو سنتين؛ لأنه ولد لسنة أو لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه8.   1 حلية الأولياء (1/ 57.) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 228) . 3 الرياض النضرة (3/ 42) . 4 محمد بن خازم، أبو معاوية الضرير، تقدمت ترجمته. 5 عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان، فكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 40? ع (التقريب/ 3060) 6 أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى وقيل أبو حمزة، وقيل أبو عبد الله البصري، أخو محمد، ثقة، من الثالثة، ت سنة 118? وقيل: سنة 120? ع (التقريب/ 563) . 7 الطبقات (3/ 76) . 8 ابن حجر (تهذيب التهذيب 1/ 374) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 ورواه أبو نعيم1 من طريق محمود بن خداش عن أبي معاوية به؛ إلا أنه قال: أنس بن مالك، ثم نبه أبو نعيم إلى هذه المخالفة فقال: كذا قال "أنس بن مالك ورواه الناس فقالوا: أنس بن سيرين". ورواه من طريقه ابن عساكر2كما رواه من طرق أخرى عن ابن سيرين3ويشهد لهما أيضاً ما رواه: 70- أبو سعيد بن الأعرابي قال: نا بكر بن فرقد4 أبو أمية التميمي، نا عبد الوهاب5 بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب السختياني6 عن امرأة عثمان (نائلة بنت الفرافصة) 7 قالت: إن تقتلوه أو تتركوه فإنه كان يحييى الليل بركعة يجمع فيها القرآن"8. ورواه من طريقه ابن عساكر. إسناده ضعيف: لجهالة بكر بن فرقد، كما أنه لم تتبين رواية بكر عن عبد الوهاب أكانت قبل اختلاطه أم بعده؟   1 حلية الأولياء (1/ 57) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 227-228) . 3 المصدر السابق. 4 بكر بن فرقد لم أجد له ترجمة. 5 تقدمت ترجمته. 6 أيوب بن أبي تميمة السختياني تقدمت ترجمته. 7 نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه (ابن حبان، الثقات 5/ 486) . (ق 120أ) كما في حاشية تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 228) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 كما أن أيوب ولد سنة 66? ففي سماعه من (نائلة) نظر، ولكنه يحسن بالروايتين اللتين قبله. 71- قال ابن سعد: أخبرنا أبو معاوية الضرير1 قال: أخبرنا الأعمش2 عن أبي صالح3 عن أبي هريرة قال: دخلت على عثمان يوم الدار، فقلت: يا أمير المؤمنين، طاب أم ضرب؟ فقال: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً وإياي؟ قال: قلت: لا، قال: فإنك والله إن قتلت رجلاً واحداً فكأنما قتل الناس جميعاً، قال: فرجعت ولم أقاتل"4. ورواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية به5. ورواه خليفة بن خياط6 قال: حدثنا عن الأعمش به مختصراً، وفيه أن عثمان قال لأبي هريرة رضي الله عنهما: "أعزم عليك لتخرجن". ومن طريق خليفة رواه ابن عساكر7وفيه قال خليفة: حدثني عمر ابن علي عن أبي معاوية به.   1 أبو معاوية محمد بن خازم، تقدمت ترجمته. 2 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 3 أبو صالح هو ذكوان السمان، المدين، ثقة ثبت، من الثالثة، ت سنة 101?، ع (التقريب/ 1841) . 4 ابن سعد، الطبقات (3/ 70) 5 السنن (2/ 334) . 6 خليفة بن خياط (التاريخ 173) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 401-402) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 كما رواه ابن عساكر1 من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، نا أبو معاوية به مثله، وفيه اختلاف يسير جداً منه أنه فيه: "فكأنما قتلت الناس جميعاً". ورواه أيضاً2 من طريق عثمان بن حكيم عن أبي صالح به نحوه، وفيه زيادة. إسناده صحيح: من معاوية إلى منتهاه على شرط الشيخين، فقد أخرجا به في غير ما موضع3. ولا تعلله عنعنة الأعمش، وإن كان مدلساً حيث إن صاحبي الصحيحين أخرجا له بهذه الصيغة عن أبي صالح كما تقدم. وإخراج البخاري له بهذه الصيغة وهو مدلس، يدل على ثبوت لقياه لشيخه هذا عند البخاري، لعدم اكتفاء البخاري بالمعاصرة، واشتراط الاجتماع ولو مرة4.   1 المصدر السابق. 2 المصدر السابق. 3 المزي، تحفة الأشراف (9/ 376-384) ، وانظر البخاري مع الفتح (1/ 564) ، ومسلم (1/ 459) . 4 ابن حجر (هدي الساري 12) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 72- قال خليفة بن خياط: حدثنا كهمس1 عن ابن أبي عروبة2 عن قتادة3 [عن الحسن] 4 أن أبا هريرة كان متقلداً سيفه حتى نهاه عثمان"5. ومن طريقه رواه ابن عساكر6 بزيادة ما بين (المعكوفتين) . وفي تاريخ خليفة سقطت هذه الزيادة. ورجاله رجال البخاري، وكهمس بن المنهال صدوق، ولا يعلل الخبر بتدليس ابن أبي عروبة ولا اختلاطه. فإن الحافظ ذكره في المرتبة الثانية7كما أنه من أثبت الناس في قتادة كما قال الحافظ ابن حجر. أما اختلاطه، فإني أرجح أن رواية كهمس عنه كانت قبل اختلاطه، وذلك لتخريج البخاري له من رواية كهمس عنه8 والله أعلم. وقتادة مدلس، ولم يصفه الحافظ ابن حجر في التقريب، لكنه لم يفته ذلك في طبقات المدلسين، فقد ذكره في المرتبة الثالثة9 وهم الذين   1 كهمس هو ابن المنهال، تقدمت ترجمته. 2 ابن أبي عروبة هو سعيد، تقدمت ترجمته. 3 قتادة بن دعامة السدوسي تقدمت ترجمته. 4 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 5 التاريخ (173) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 401) 7 ابن حجر (تعريف أهل التقديس 63) . 8 البخاري (الجامع الصحيح مع الفتح 7/ 42) . 9 ابن حجر (طبقات المدلسين، ت عاصم 43) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 أكثروا من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع1. قال الذهبي: "وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع، فإنه مدلس معروف بذلك"2. والحسن متكلم في سماعه من أبي هريرة رضي الله عنه3. فالخبر بهذا الإسناد ضعيف: ولكنه يتقوى بما قبله فيكون حسناً لغيره. 73- قال يعقوب بن سفيان: حدثنا ابن نمير4 حدثنا محمد بن الصلت5 حدثنا منصور بن أبي الأسود6 عن الأعمش7 عن زيد بن وهب8عن حذيفة قال:   1 ابن حجر (طبقات المدلسين ت عاصم 13) . 2 الذهبي (سير أعلام النبلاء 5/ 270) 3 الترمذي (السنن، كتاب الزهد 2، 69) ، ابن أبي حاتم (المراسيل 36-37) ، المزي، تحفة الأشراف (9/ 317) ، العلائي (جامع التحصيل، 196-197) . 4 ابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، الكوفي، ثقة حافظ، فاضل، من العاشرة، ت سنة 234? ع (التقريب/ 6053) . 5 محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدي، أبو جعفر الكوفي، الأصم، ثقة من كبار العاشرة، ت بعد سنة 220? خ م ت س ق (التقريب/ 5970) . 6 منصور بن أبي الأسود الليثي، الكوفي، يقال: اسم أبيه حازم، صدوق رمي بالتشيع، من الثامنة، دت س (التقريب/ 6896) . 7 الأعمش هو: سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 8 زيد بن وهب تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 من كان يحب مخرج الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره"1. رجاله ثقات، رجال الشيخين إلا منصور، فلم يخرجا له، وهو صدوق رمي بالتشيع. وفيه سقط بين "يحب" و "مخرج" توقع محقق المعرفة والتاريخ الدكتور/ أكرم العمري أنه "عثمان". فتكون العبارة هكذا: "من كان يحب عثمان فخرج"، ومما يؤكد هذا التوقع أن يعقوب بن سفيان رد هذا الخبر وكذبه إذ قال: و"مما يستدل على كذب هذا الحديث، الرواية الصحيحة عن حذيفة أنه قيل له في عثمان إن قتل فأين هو؟ قال: في الجنة. وقوله: ما مشى قول2 إلى سلطان ليذلوه إلا أذلهم الله حينما قيل له: ساروا إلى عثمان". هذا يؤكد أن السقط هو "عثمان". ورأيت أن يعقوب بن سفيان ضعف الحديث بزيد بن وهب، مما جعله يسرد له أحاديث أخرى يطعن فيه من أجلها. ولذا قال عن زيد بن وهب: "في حديثه خلل كثير"3.   1 المعرفة والتاريخ (2/ 768) . 2 هكذا في المطبوع والصواب (قوم) . 3 ابن حجر (تهذيب النهذيب 3/ 427) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 ولكن الحافظ ابن حجر يخالف يعقوب في زيد بن وهب، فقد قال عنه في التقريب: "ثقة جليل" ثم أشار إلى قول يعقوب فقال: "لم يصب من قال في حديثه خلل". وهو الصواب الذي يؤيده قول الأعمش فيه: "إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من الذي حدثك عنه"1. كما وثقه جمع من الأئمة2 ولم يغمز فيه أحد غير يعقوب، بسبب هذا الخبر الذي سيتبين أن الحمل فيه على غيره. وذلك بأن أحد رواته، وهو منصور بن أبي الأسود قد رمي بالتشيع، والخبر على هذا الوجه فيه دعوة إلى مذهبه إذ فيه طعن في الصحابة. وقد روى الخبر غيره على وجهه الصحيح، وفيه: "من كان يحب قتل عثمان" كما في الرواية التالية عن ابن عساكر والمحب الطبري. 74- قال أبو يعلى: نا إسحاق بن إسماعيل3 ثنا إسحاق بن سليمان الرازي4 قال:   1 ابن حجر (تهذي بالتهذيب 3/ 427) . 2 المصدر نفسه 3 إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، نزيل بغداد، ثقة من العاشرة، مات سنة 230?، د (التقريب/ 341) . 4 إسحاق بن سليمان الرازي، كوفي الأصل، ثقة فاضل، من التاسعة، ت سنة 200? ع (التقريب/ 357) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 سمعت أبا جعفر الرازي1 يذكر عن (أيوب السختياني) 2 عن نافع3 عن ابن عمر4 أن عثمان أصبح يحدث الناس، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: "يا عثمان أفطر عندنا" فأصبح صائماً، وقتل من يومه"5. ومن طريقه رواه ابن عساكر6. رجاله كلهم ثقات، غير أبي جعفر الرازي، فإنه صدوق سيء الحفظ. ورواه البزار7 قال: حدثنا إبراهيم بن زياد، ثنا إسحاق بن سليمان به نحوه، ومنه أن عثمان أشرف عليهم فقال: وذكره. وقال الهيثمي: "رواه أبو يعلى في الكبير، والبزار، وفيه من لم أعرفه"8.   1 أبو جعفر الرازي، مشهور بكنيته، واسمه: عيسى بن أبي عيسى، وأصله من مرو، وكان يتجر إلى الري، صدوق سيء الحفظ، خصوصاً عن مغيرة، من كبار السابعة، ت سنة 160? بخ 4 (التقريب/ 8019) . 2 أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني، تقدمت ترجمته. 3 نافع، أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. 4 ابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، صحابي جليل، ولد بعد المبعث بيسير، واستصغر يوم أحد، وهو ابن أربع عشرة، وهو أحد المكثرين من الصحابة، والعبادلة، وكان من أشد الناس اتباعاً للأثر، مات سنة 73? ع (التقريب/ 3490) . 5 الهيثمي (المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي، ق 164أ) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 390) 7 الهيثمي (كشف الأستار عن زوائد البزار 3/ 181) . 8 الهيثمي (مجمع الزوائد 7/ 232) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 ورواه اللالكائي1 وأبو نعيم2: كلاهما من طريق إسحاق بن سليمان به مثله. ورواه ابن عساكر3 من طرق: عن إسحاق بن إسماعيل، ومن طريق أحمد بن بديل كلاهما عن إسحاق بن سليمان به مثله. وذكره (المحب الطبري) 4ولم يعزه. كما روي من أوجه أخر عن نافع. 75- رواه ابن سعد قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة، ويزيد بن هارون، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن يعلى5 بن حكيم، عن نافع "6 ... وذكره دون ذكر ابن عمر. فالإسناد صحيح: إلى نافع، ولكنه منقطع بين نافع والحادثة، يقول أبو زرعة: "نافع مولى ابن عمر عن عثمان مرسل". ولا يضره ما في سعيد من تدليس، فقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات (المدلسين) 7 ولا يضره اختلاطه أيضاً، فإن رواية يزيد بن هارون عنه صحيحة، لأنه صحيح السماع منه8.   1 اللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ق 257 ب) . 2 رواه من طريقه ابن عساكر كما في تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 391) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 389-391) 4 المحب الطبري (الرياض النضرة 3/ 68) 5 تقدمت ترجمته. 6 ابن سعد (الطبقات 3/ 74-75) (ص: 31) . 8 ابن الكيال، الكواكب النيرات (193) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 وبهاتين الطريقين يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. 76- قال عبد الله بن أحمد: حدثنا عثمان بن أبي شيبة1 حدثنا يونس2 بن أبي اليعفور العبدي، عن أبيه3 عن مسلم أبي سعيد4 مولى عثمان بن عفان: أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكاً، ودعا بسراويل فشدها عليه، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر، وأنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه"5. إسناده حسن لغيره.   1 عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة العبسي، الكوفي، ثقة حافظ شهير، وله أوهام، من العاشرة، مات سنة 239? وله ثلاث وثمانون سنة خ م د س ق (التقريب/ 4513) . 2 يونس بن أبي اليعفور العبدي، الكوفي، صدوق يخطئ كثيراً، من الثامنة، م ق (التقريب/ 7920) . 3 أبو يعفور: وقدان العبدي، الكوفي، مشهور بكنيته، وهو الكبير، ويقال: اسمه واقد، ثقة من الرابعة، مات سنة 120? ع (التقريب/ 7413) . 4 مسلم: أبو سعيد مولى عثمان سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 7/ 262، الجرح والتعديل 8/ 185، والثقات 5/ 394، ابن حجر، التعجيل 402) . 5 أحمد بن حنبل (المسند 1/ 388-389 بتحقيق أحمد شاكر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 ورواه من طريقه ابن الأثير1 وابن عساكر2 وشذ ابن الأثير فأدخل الإمام أحمد بين ابنه وابن أبي شيبة. ورواه أبو يعلى3 عن ابن أبي شيبة به مثله؛ ومن طريقه ابن عساكر أيضاً4. كما رواه أبو عرب5 من طريق ابن أبي شيبة به مثله. وذكره المحب الطبري6وعزاه إلى أحمد، وذكره الهيثمي، وقال: "رواه عبد الله وأبو يعلى في الكبير، ورجالهما ثقات"7. وصحح إسناده أحمد شاكر - رحمه الله تعالى -. وفيه مسلم لم يوثقه غير ابن حبان، وهو متساهل بالتوثيق، ويوثق المجاهيل. كما أن فيه يونس وهو صدوق يخطئ كثيراً، ومثله لا يصل حديثه إلى الصحيح، وقد يحسن. فإسناده ضعيف بمسلم حيث لم يوثقه غير ابن حبان، وتشهد له رواية ابن عمر الحسنة السابقة، فيحسن كما تقدم.   1 ابن الأثير (أسد الغابة 3/ 490) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 393) 3 الهيثمي (المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي، ق 164) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 405) 5 أبو عرب (المحن64) . (الرياض النضرة 3/ 67-68) 7 الهيثمي (مجمع الزوائد 7/ 232) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 77- روى ابن سعد وعبد الله بن أحمد واللفظ له: من طريق زياد بن عبد الله1 عن أم هلال2 ابنة وكيع عن (نائلة3 بنت الفرافصة) امرأة عثمان بن عفان قالت: "نعس أمير المؤمنين عثمان فأغفى، فاستيقظ، فقال: لَيَقْتُلَنَّنِي القوم. قلت: كلاّ إن شاء الله، لم يبلغ ذاك، إن رعيتّك استعتبوك، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأبوبكر، وعمر فقالوا: تفطر عندنا الليلة"4. وهذا الإسناد ضعيف: بزياد بن عبد الله وبأم هلال، فزياد ضعيف وأم هلال مجهولة. قال أحمد شاكر: "فيه نظر" ثم أعله بزياد وأمّ هلال.   1 زياد بن عبد الله بن حريز الأسدي، عن أوس وأم هلال بنت وكيع وعنه داود بن أبي هند فقط "فيه نظر" (البخاري التاريخ الكبير 3/ 360) (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 3/ 536) (ابن حجر، تعجيل المنفعة 141) . 2 أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت الفرافصة، وعنهما زياد بن عبد الله لا تعرف. (ابن حجر، تعجيل المنفعة 564) . 3 نائلة بنت الفرافصة، تقدمت ترجمتها. 4 ابن سعد (الطبقات 3/ 75) ، الإمام أحمد: (المسند 2/ 7 بتحقيق أحمد شاكر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 وقال الهيثمي: "فيه من لم أعرفهم"1. ولكنه يتقوى بما قبله وبما بعده. فقد رواه عن نائلة غير أم هلال. 78- قال الخطيب البغدادي: أنا أبو عمر عبد الواحد2 بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز، أخبرنا إسماعيل بن محمد3 الصفار، نا محمد بن عبيد الله4 بن يزيد المنادي، نا شبابة5 بن سوار، نا يحيى بن أبي راشد مولى عمرو6 بن حريث عن عقبة7 بن أسيد ويحيى بن عبد الرحمن8 الجرشي، عن النعمان بن بشير9 عن (نائلة بنت الفرافصة) الكلبية امرأة عثمان بن عفان قالت: لما حُصِر عثمان رُئي قبل قتله بيوم ظل صائماً، فلما كان عند إفطاره سألهم الماء العذب، فأبوا عليه، وقالوا: دونك ذاك الرَّكِيْ10 قالت:   1 مجمع الزوائد (7/ 232) . 2 أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز، تقدمت ترجمته. 3 إسماعيل بن محمد الصفار البغدادي، سمع محمد بن عبيد الله بن المنادي، وعنه أبو عمر بن مهدي، قال الدارقطني: "كان ثقة متعصباً للسنة" ت سنة 341? في بغداد (الذهبي، السير 15/ 440) . 4 محمد بن عبيد الله بن يزيد المنادي البغدادي، صدوق من العاشرة، مات سنة 272?، وله 101سنة خ (التقريب/6113) . 5 شبابة بن سوار مولى بني فزارة، تقدمت ترجمته. 6 يحيى بن أبي راشد، لم أجد له ترجمة. 7 عقبة بن أسيد، سكت عنه ابن أبي حاتم وذكره العجلي في ثقاته (الجرح 6/308، الثقات 2/ 142) . 8 يحيى بن عبد الرحمن الجرشي، لم أجد له ترجمة. 9 النعمان بن بشير الأنصاري، له ولأبويه صحبة، ثم سكن الشام فقتل بحمص سنة 65?، وله 64سنة ع (التقريب/ 7152) . 10 الرَّكِّي: الركية، البئر (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 338) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 وركي في الدار يلقى فيه النتن، قالت: فبات من غير أن يفطر، فلما كان عند السحر أتيت جارات لي على أجاجير1 متواصلة، فسألتهم الماء العذب فأعطوني كوزاً من ماء فجئت به، فنزلت فإذا عثمان قد وضع رأسه أسفل الدرجة وهو نائم يغُّط، فحركته فانتبه، فقلت: هذا ماء عذب أتيتك به، فرفع رأسه إلى السماء، فنظر إلى الفجر، فقال: إني أصبحت صائماً. قلت: ومن أين، ولم أر أحداً أتاك بطعام ولا شراب؟ فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع عليّ من هذا السقف ومعه دلو من ماء، فقال: "اشرب يا عثمان"، فشربت حتى رويت، ثم قال: "ازدد" فشربت حتى نهلت، ثم قال: أما إن القوم سيكثر - أو قال: سيكثرون - عليك، فإن قاتلتَهم ظفرت، وإن تركتهم أفطرت عندنا"، قالت: فدخلوا عليه من يومه فقتلوه رضي الله عنه! "2. ورواه من طريقه ابن عساكر واللفظ له. كما رواه من طريقين آخرين إلى شبابة به وأحدهما مختصر. وفي إسناد الخطيب من لم أجد لهم ترجمة كما في الحاشية. ويحيى بن أبي راشد، ويحيى بن الجرشي لم أجد لهما ترجمة، ومحمد: صدوق، وباقي رجال الإسناد ثقات.   1 أجاجير: جمع إجَّار، والإجَّار السطح كالإنجار (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1/ 376) . 2 الخطيب البغدادي (تلخيص المتشابه 1/ 96) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 79- روى ابن عساكر من طرق: عن فرج بن فضالة1 عن مروان بن أبي أمية، عن عبد الله بن سلام قال: "أتيت عثمان لأسلّم عليه وهو محصور، فدخلت عليه فقال: مرحباً بأخي ما يسرني أنك كنت وراءك، رأيت في هذه الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة2 في خوخة من البيت فقال لي: يا عثمان حصروك؟ قلت: نعم، قال: أعطوك؟ قلت: نعم، قال: فدليّ لي دلو فشربت منه حتى رويت، وإني لأجد برد ذلك الماء بين ثديي وبين كتفي، فقال: "إن شئت أفطرت عندنا، وإن شئت نُصرت عليهم". فاخترت أن أفطر عنده. فقتل في ذلك اليوم"3. وإسناده ضعيف: بفرج بن فضالة. وذكره من هذا الوجه (المحب الطبري) 4. ورواه سعيد5 بن منصور، عن فرج بن فضالة، عن مروان بن أبي أمية.   1 فرج بن فضالة بن النعمان التنوخي، الشامي، ضعيف، من الثامنة، ت سنة 177?، د ت ق (التقريب/ 5383) . 2 الخوخة هي: واحدة الخوخ، والخوخة: كُوّة في البيت تؤدي إليه الضوء (ابن منظور، لسان العرب 3/ 14) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 391، 392، 394) . (الرياض النضرة 3/ 67) . 5 السنن (2/ 336) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 80- قال البخاري في التاريخ الكبير: "قال لي خليفة حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعيب بن صفوان قال: ثنا عبد الملك بن عمير أنَّ محمّد بن يوسف بن عبد الله بن سلام حدث عن الحجاج عن جده عبد الله وذكر نحوه1"2. وهذا الإسناد ضعيف: بشعيب بن صفوان ومحمد بن يوسف، فقد قال الحافظ عن كل واحدمنهما: "مقبول" وحديث المقبول ضعيف إلا إذا توبع ولم يتابعا على روايتهما هذه عن ابن سلام رضي الله عنه. 81- قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم3 قال: أخبرنا وهيب4 بن خالد قال: أخبرنا موسى بن عقبة5 عن أبي علقمة6؛ مولى عبد الرحمن بن عوف عن كثير7 ابن الصلت الكندي قال: نام عثمان في اليوم الذي قتل فيه، وذلك يوم   1 أي: "إن عثمان قال لكثير بن الصلت إني مقتول، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر، فقال لي: يا عثمان أنت عندنا غداً، وأنت مقتول غداً". 2 البخاري (التاريخ الكبير 1/ 262) ، وانظر مسند خليفة بن خياط (جمع د/ أكرم ضياء العمري 46) . 3 عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، تقدمت ترجمته. 4 وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، تقدمت ترجمته. 5 موسى بن عقبة بن أبي عياش، تقدمت ترجمته. 6 أبو علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، لم أجد له ترجمة، وقال الهيثمي: "لم أعرفه" الهيثمي (مجمع الزوائد 7/ 232) . 7 كثير بن الصلت بن معدي كرب، الكندي، امدني، ثقة؛ من الثانية، وهم من جعله صحابياً س (التقريب/ 5615) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 الجمعة، فلما استيقظ قال: لولا أن يقول الناس: تمنى عثمان أمنية لحدثتكم حديثاً، قال: قلنا: حدثنا - أصلحك الله - فلسنا على ما يقول الناس، قال: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي هذا، فقال: "إنك شاهد فينا الجمعة"1. إسناده حسن لغيره. ورواه أبو يعلى2 من طريق عفان به. ورواه البزار3 عن محمد بن المثنى، ثنا المغيرة بن سلمة وابن عساكر4 من طريق مسلم بن إبراهيم كلاهما عن وهيب بن خالد به. وذكره الهيثمي في المجمع وقال: "فيه أبو علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"5. ورجاله ثقات، كما قال، ولم أجد لأبي علقمة ترجمة، وتشهد له الروايات السابقة. ورواه أبو عرب6 قال: "وحدثني غير واحد، عن أسد عن زياد بن عبد الله، عن عوانة بن الحكم قال: بلغنا أن كثير بن الصلت، وذكره بنحوه. وهذا إسناد ضعيف، لجهالة شيوخ أبي عرب؛ والراوي عن (كثير) أيضاً.   1 ابن سعد (الطبقات 3/ 75) . 2 الهيثمي (المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ق 163ب -ق 164أ) . 3 الهيثمي (كشف الأستار 3/ 181) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 390) . 5 الهيثمي، مجمع الزوائد (7/ 232) . 6 أبو عرب (المحن 67) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 ورواه البزار1 واللالكائي2 وابن عساكر3 كلهم من طريق خلف4 ابن تميم نا إسماعيل بن إبراهيم5 بن المهاجر، عن عبد الملك بن عمير6 قال: سمعت كثير بن الصلت: وليس فيه: "الجمعة". ورجاله مقبولون، غير إسماعيل فإنه ضعيف. ورواه ابن عساكر7 أيضاً من طريق: شعيب عن سيف وكلاهما ضعيف، ورواه أبو عرب8 من طريق قتادة عن عثمان به مختصراً. فمجموع هذه الطرق يجعل الخبر حسناً لغيره، ولكن فيما اتفقت الروايات عليه من ألفاظ لا كل ما ورد في طرقه. والله أعلم. 82- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "يزيد بن هارون9 عن ابن عون10 عن محمد بن سيرين11 قال: أشرف عليكم عثمان من القصر، فقال: ائتوني برجل أتاليه كتاب الله،   1 الهيثمي (كشف الأستار 3/ 180-181) . 2 اللالكائي (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 3/ ق257ب) وفي المطبوع (7/ 1355) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 391) . 4 خلف بن تميم بن أبي عتاب، أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل المصيصة، صدوق عابد، من التاسعة، ت سنة 206?، س ق (التقريب/ 1727) . 5 إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر البجلي الكوفي، ضعيف من السابعة ت ق (التقريب/ 416) . 6 عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي، تقدمت ترجمته. 7 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 391) 8 المحن (44) . 9 يزيد بن هارون السلمي تقدمت ترجمته. 10 ابن عون هو: عبد الله بن عون بن أرطبان، تقدمت ترجمته. 11 محمد بن سيرين الأنصاري، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 فأتوه بصعصعة بن صوحان، وكان شاباً، فقال: ما وجدتم أحداً تأتوني غير هذا الشاب، قال: فتكلم صعصعة بكلام، فقال له عثمان: اتل، فقال صعصعة: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} ، فقال: ليست لك ولا لأصحابك، ولكنّها لي ولأصحابي، ثم تلا عثمان: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} حتى بلغ {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ} 1"2. إسناده صحيح إلى ابن سيرين: ولكن ابن سيرين لم يعاصر الحادثة؛ فيكون مرسلا منه. ويتقوى بما رواه: 83- خليفة بن خياط قال: حدثنا كهمس بن المنهال3 قال: نا سعيد بن أبي عروبة4 عن قتادة 5 قال: أشرف عليهم عثمان حين حصر. فقال: أخرجوا إليّ رجلاً أكلمه، فأخرجوا صعصعة بن صوحان، فقال عثمان: ما نقمتم عليّ؟   1 سورة الحج، الآية (39-41) . 2 ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 203-204) . 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته 5 تقدمت ترجمته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 أُخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا: ربنا الله، قال عثمان: كذبت لستم أولئك، نحن أولئك، أخرجنا أهل مكة فقال الله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} 1 فكان ثناء قبل بلاء"2. ورواه من طريقه ابن عساكر3. وإسناده حسن: إلى قتادة، وقتادة لم يدرك الحادثة، فالإسناد منقطع. وبمجموع هاتين الطريقين قد يرتقي الخبر إلى درجة الحسن، إن لم يكن مخرج الروايتين واحداً. فإن قتادة وابن سيرين بصريان، فيحتمل أنهما أخذاه عن واحد. 84- قال ابن سعد: أخبرنا عبد الله4 بن إدريس قال: أخبرنا ليث5 عن زياد6 بن أبي   1 سورة الحج، الآية (41) . 2 خليفة بن خياط (التاريخ 171) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 350) . 4 عبد الله بن إدريس تقدمت ترجمته. 5 ليث بن أبي سليم بن زُنَيم، واسم أبيه أيمن، وقيل غير ذلك، صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فترك، من السادسة، مات سنة 148? خت م4 (التقريب/5685) . 6 زياد بن أبي مليح الهذلي، قال البخاري وأبو حاتم: "ليس بالقوي" (البخاري، التاريخ الكبير 3/370) ولم أجده في الجرح، وقول أبي حاتم في (الميزان 2/93 والمغني 1/244) كلاهما للذهبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 مليح عن أبيه1 عن ابن عباس قال: لو أجمع الناس على قتل عثمان لرموا بالحجارة كما رُمي قوم لوط"2. إسناده حسن لغيره. ورواه من طريقه3 ابن عساكر. ورواه يحيى4 بن معين، عن إدريس به نحوه، ومن طريقه ابن عساكر5 أيضاً. وقال يحيى عَقِبَه: "وما سمعنا بهذا إلا من ابن إدريس". وذكر لفظ ما رواه يحيى (المحب الطبري) وعزاه إلى الحاكمي6 وإسناده ضعيف؛ لتفرد زياد وليث به. فإن ليثاً اختلط فلم يُمَيّز حديثه فترك، وزياد قال فيه البخاري وأبو حاتم: "ليس بالقوي". وله شاهد عند ابن سعد من طريق زهدم عن ابن عباس.   1 أبو المليح بن أسامة بن عمير، أبو عامر بن عمير بن حنيف بن ناجية الهذلي، اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، ثقة، من الثالثة، مات سنة 98?، وقيل: 108?، وقيل بعد ذلك. ع (التقريب/ 8390) . 2 ابن سعد (الطبقات 3/ 80) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 459) (التاريخ 2/ 295) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 459) . 6 الرياض النضرة (3/ 81) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 85- فقد قال في الطبقات: أخبرنا عارم بن الفضل1 قال: أخبرنا الصعق2 بن حزن، قال: أخبرنا قتادة3 عن زهدم4 الجرمي قال: خطب ابن عباس فقال: "لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء"5. وإسناده حسن لغيره. ورواه من طريقه ابن عساكر6. رجاله رجال الشيخين، لكنه ضعيف بعنعنة قتادة. والصعق ثقة، لم يضعفه غير الدارقطني، ولم يفسّر جرحه، واجتمع على توثيقه جماعة من الحفاظ7. فلا يضره تضعيف الدارقطني له.   1 عارم هو: محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، لقبه عارم، ثقة ثبت، تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة 223? أو سنة 224? ع (التقريب/ 6226) . وانظر الكواكب النيرات لابن الكيال (328) وفيه أنه تغير سنة 220?. 2 الصعق بن حزن بن قيس البكري، البصري، أبو عبد الله، صدوق يهم، وكان زاهداً من السابعة، بخ م مد س (التقريب/ 2931) . 3 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. 4 زهدم الجرمي، ابن مضرس، أبو مسلم البصري، ثقة، من الثالثة، خ م ت س (التقريب/ 2039) . 5 ابن سعد (الطبقات 3/ 80) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 459) 7 انظر في ذلك رسالة الدكتور/ عبد العزيز التخيفي (من قال عنه الحافظ ابن حجر ثقة يهم أو صدوق يهم أو صدوق له أوهام 1/ 510) . فقد رجح توثيقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 وقتادة مدلس، مشهور بذلك، ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة1 وقد عنعن في هذا الخبر، فالإسناد ضعيف بها. لكنه يتقوى بما قبله فيحسن لغيره. 86- وفي تاريخ خليفة بن خياط: "أبو عاصم2 قال: نا عمر بن أبي زائدة3 عن أبيه4 عن أبي خالد5 الوالبي قال: قالت عائشة: استتابوه حتى تركوه كالثوب الرحيض6 ثم قتلوه"7.   1 تعريف أهل التقديس (102) . 2 الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، أبو عاصم النبيل، البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 212? أو بعدها ع (التقريب/ 2977) . 3 عمر بن أبي زائدة الهمداني؛ بالسكون، الوادعي، الكوفي، أخو زكريا، صدوق، رمي بالقدر، من السادسة، مات بعد الخمسين خ م س (التقريب/ 4897) . 4 والد عمر وزكريا واسمه خالد أو هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمْداني الوادعي الكوفي، أفاد بذلك الحافظ ابن حجر في ترجمة ابنه زكريا (التقريب/ 2022) ولم أجد له ترجمة. 5 أبو خالد، الكوفي، اسمه هرمز، ويقال: هرم، مقبول، من الثانية، وفد على عمر، وقيل: حديثه مرسل، فيكون من الثالثة، د ت ق (التقريب/ 8073) . قال أبو حاتم: "صالح الحديث" وذكره ابن حبان في الثقات، وقال عنه الذهبي: "صدوق" (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 9/ 120-121، ابن حبان في الثقات 5/ 514، الذهبي، الكاشف 3/ 290) . 6 الرحض هو: الغسل، والرحيض المغسول (ابن منظور، لسان العرب: 7/153) (175) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 إسناده حسن لغيره. ورواه من طريقه ابن عساكر1. أبو زائدة لم أجد له ترجمة، وأبو خالد صدوق، وباقي رجاله رجال البخاري. ويشهد له ما رواه: 87- خليفة قال: حدثنا أبو قتيبة2 قال: نا يونس بن أبي إسحاق3 عن عون بن عبد الله4 بن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط، ولا أغضب لعثمان من السيف؟ استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالقلب المصفى قتلتموه) "5. إسناده حسن لغيره. ومن طريق خليفة، أخرجه ابن عساكر6. وهذا إسناد ضعيف؛ لما فيه من إرسال، حيث إن عوناً هذا وصفه غير واحد بأنه يرسل، ولم يصرح هنا بالسماع.   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 495) 2 أبو قتيبة هو: مسلم بن قتيبة الشعيري، الخراساني، نزيل البصرة، صدوق من التاسعة، ت سنة 200? أو بعدها، خ 4 (التقريب/ 2471) 3 يونس بن أبي إسحاق السبيعي، تقدمت ترجمته. 4 عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، الكوفي، ثقة، عابد، من الرابعة، ت قبل سنة 120 ? م 4 (التقريب/ 5223) . 5 خليفة بن خياط (التاريخ 175-176) . (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 495) . المزي (تهذيب الكمال 1066) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 ويقال: "إن روايته عن الصحابة مرسلة"1.كما أن يونس ممن يهم قليلاً، وأبا قتيبة صدوق، ويتقوى بما قبله ويقويه، ويقويهما أيضاً ما رواه: 88- ابن سعد قال: أخبرنا عفان بن مسلم2 قال: أخبرنا جرير بن حازم3 قال: سمعت محمد بن سيرين4 يقولك قالت عائشة حين قتل عثمان: مصتم5 الرجل موص الإناء ثم قتلتموه"6. إسناده حسن لغيره.   1 قال المزي: يقال: إن روايته عن الصحابة مرسلة (المزي، تهذيب الكمال 1066) وقال ابن سعد: ثقة كثير الإرسال (ابن سعد الطبقات، 6/313) وقال الترمذي: عون بن عبد الله لم يلق ابن مسعود (السنن 2/ 47) . والصحيح أنه سمع من بعضهم أخرج له مسلم عن ابن عمر (انظر رجال مسلم لابن منجويه 2/ 121) ونصَّ البخاري على أنه سمع من أبي هريرة وابن عمرو (البخاري، التاريخ الكبير، 7/14) وذكره العلائي في جامع التحصيل (305) وعجيب من الحافظ إهماله ذكر ذلك في التقريب مع أنه ذكره في تهذيب التهذيب (8/171-173) 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته 4 تقدمت ترجمته 5 الموص: الغسل (ابن منظور، لسان العرب 7/ 95) 6 الطبقات (3/82-83) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 ورواه خليفة بن خياط1 قال: حدثنا روح بن عبادة2 قال: نا سعيد3 بن عبد الرحمن عن ابن سيرين قال: قالت عائشة: "مصتموه موص الإناء ثم قتلتموه". ومن طريقه ابن عساكر4. وإسناد ابن سعد صحيح إلى ابن سيرين؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، ومثله إسناد خليفة، إلا سعيداً فلم أجد له ترجمة، ويتقوى بالذي قبله. وبمثل رواية ابن سعد رواه ابن عساكر5: من طريق موسى بن إسماعيل نا جرير بن حازم به. وأيضاً بمثل رواية خليفة6 من طريق هشام عن محمد بن سيرين به. وابن سيرين عن عائشة رضي الله عنها منقطع. قال أبو حاتم: "لم يسمع ابن سيرين من عائشة شيئاً"7 لكنه يتقوى بالشواهد التي تقدمت، والتي ستأتي.   1 التاريخ (176) 2 روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسيّ، تقدمت ترجمته. 3 سعيد بن عبد الرحمن، لم أجد له ترجمة. 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 495) 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 495) 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 495) 7 العلائي (جامع التحصيل 324) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 89- قال ابن سعد: أخبرنا عارم1 بن الفضل، قال: أخبرنا حماد بن زيد2 عن الزبير3 عن عبد الله بن شقيق4 عن عائشة قالت: مصتموه موص الإناء ثم قتلتموه تعني عثمان"5. إسناده صحيح أو حسن لغيره. وفيه اختلاط عارم، وقد يكون ابن سعد ممن سمع منه قبل الاختلاط، يقوي هذا الاحتمال أن العلماء ذكروا أنه اختلط سنة 220? وابن سعد توفي 230? ومن سمع منه قبل الاختلاط فحديثه صحيح. ومن خلال استقراء شيوخ ابن سعد ووفياتهم يظهر أنه كان قبل هذه السنة في بغداد حيث بقي فيها حتى توفي سنة 230?، وعارم توفي سنة 224? في البصرة6. فقد يكون ابن سعد سمع منه في البصرة، ثم رحل قبل وفاته إلى بغداد، واختلط عارم وهو في بغداد وبذلك يكون سماعه منه قبل اختلاطه والله أعلم.   1 عارم بن الفضل، هو: محمد بن الفضل السدوسي، تقدمت ترجمته. 2 حماد بن زيد بن درهم الأزدي، تقدمت ترجمته. 3 الزبير بن الخريت البصري، ثقة، من الخامسة، خ م د ت ق (التقريب/ 1993) . 4 عبد الله بن شقيق، تقدمت ترجمته. 5 ابن سعد (الطبقات 3/ 82) 6 ابن سعد (الطبقات 7/ 305) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 إذا ثبت ذلك فالإسناد صحيح، لأن من سمع من عارم قبل الاختلاط فحديثه صحيح1 وإلا فالخبر حسن لغيره، بما تقدم وسيأتي من شواهد. 90- وفي تاريخ خليفة: "محمد بن عمرو نا أبو معاوية2 عن الأعمش3 عن خيثمة4 عن مسروق5 عن عائشة قالت حين قتل عثمان: "تركتموه كالثوب النقي من الدنس ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش". فقال لها مسروق: هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه، قال: فقالت عائشة: لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون. ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا. قال الأعمش: "فكانوا يرون أنه كتب على لسانها"6.   1 المزي (تهذيب الكمال 1258) ، ابن الكيال (الكواكب النيرات 382) . 2 أبو معاوية الضرير هو: محمد خازم، تقدمت ترجمته. 3 العمش، هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 4 خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، الكوفي، ثقة، وكان يرسل، من الثالثة، ت سنة 80? ع (التقريب/ 1773) . 5 مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، الوادعي، أبو عائشة، الكوفي، ثقة فقيه، عابد مخضرم، من الثانية، ت سنة 63? ع (التقريب/ 6601) . 6 التاريخ (176) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 إسناده صحيح: فقد ذكره ابن كثير من طريق أبي معاوية به وقال: "وهذا إسناد صحيح إليها"1 وهو كما قال، فإن رجاله كلهم ثقات، كوفيون، رجال الشيخين، وفيه عنعنة الأعمش، وقد تقدمت عدة شواهد له. ورواه ابن سعد2 عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش به. ورواه ابن شبه3 عن حبان بن بشر، عن يحيى بن آدم، عن الأعمش به نحوه. ورواه ابن عساكر4 من طريقي سعدان بن نصر وعلي بن حرب، كلاهما عن أبي معاوية به نحوه. وزاد في رواية علي في آخره "وهي لا تعلم". 91- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثني حامد5 (بن عمر البكراوي) نا حماد6 بن زيد، نا يزيد بن حازم7 عن سليمان بن يسار8.   1 البداية والنهاية (7/ 204) . 2 الطبقات (3/ 82) . 3 تاريخ المدينة (1225) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 496) 5 حامد بن عمر بن حفص البكراوي، البصري، ثقة، من العاشرة، ت سنة 233?، خ م (التقريب/ 1067) . 6 تقدمت ترجمته. 7 يزيد بن حازم بن زيد الأزدي، البصري، ثقة، من السادسة، ت سنة 148? قد (التقريب/ 7700) . 8 سليمان بن يسار الهلالي، المدني، ثقة، فاضل أحد الفقهاء السبعة من كبار الثالثة، ت بعد المائة، وقيل قبلها. ع (التقريب/ 2619) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 أن أبا أسيد كانت له صحبة، فذهب بصره قبل قتل عثمان [فلما قتل عثمان] قال: الحمد الله الذي منّ عليّ ببصري في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض نبيه، وأراد الفتنة بعباده كفّ بصري"1. إسناده صحيح. ورواه من طريقه ابن عساكر2 بزيادة ما بين المعكوفتين. ورواه يعقوب بن سفيان3 قال: حدثنا سلمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد به نحوه. ومن طريقه ابن عساكر4أيضاً. 92- قال ابن أبي شيبة: أبو معاوية5 عن حجاج6 الصواف، عن حميد بن هلال7 عن يعلى8 بن الوليد عن جندب9 الخير، قال: أتينا حذيفة حين سار المصريون   (1/ 107) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 491-492) 3 يعقوب بن سفيان (المعرفة والتاريخ 1/ 442، 3/ 25) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 491-492) 5 أبو معاوية الضرير، محمد بن خازم تقدمت ترجمته. 6 حجاج بن أبي عثمان الصواف أبو الصلت الكندي مولاهم، البصري، ثقة، حافظ، من السادسة، مات سنة 143? ع (التقريب/ 1131) . 7 حميد بن هلال، تقدمت ترجمته. 8 يعلى بن الوليد الشامي، ذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح وسكتا عنه (التاريخ 8/ 415، الجرح 9/ 302) . 9 جندب الخير الأزدي، أبو عبد الله، قاتل الساحر، مختلف في صحبته، ذكرخ ابن حبان في ثقات التابعين ت (التقريب/ 977) وذكره الحافظ في القسم الأول من الإصابة (1/ 250) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 إلى عثمان، فقلنا: إن هؤلاء قد ساروا إلى هذا الرجل فما تقول؟ قال: يقتلونه والله، قال: قلنا: أين هو؟ قال: في الجنة والله، قال: قلنا: فأين قتلته؟ قال: في النار والله"1. إسناده صحيح: وصححه يعقوب بن سفيان2. ورواه يعقوب3 بن سفيان عن أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا أبو معاوية به نحوه. ومن طريقه رواه ابن عساكر4. ورواه يعقوب5 أيضاً عن الحجاج6؛ حدثني مهدي بن ميمون7   1 المصنف (15/ 206) . 2 المعرفة والتاريخ (2/ 768) . 3 المعرفة والتاريخ (2/ 762) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 388-389) 5 المعرفة والتاريخ (2/762) 6 حجاج بن المنهال الأنماطي، أبو محمد السلمي البصري، ثقة فاضل، من التاسعة، ت سنة 216?، ع (التقريب/ 1137) . 7 مهدي بن ميمون الأزدي أبو يحيى البصري، ثقة، من السادسة، ت سنة 172? ع (التقريب/ 6932) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 حدثنا محمد بن عبد الله1 بن أبي يعقوب عن الوليد بن مسلم2 أبي بشر عن جندب3 بن عبد الله به نحوه. ومن طريقه4 ابن عساكر، كما رواه من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء، نا مهدي به نحوه. ورواه أيضاً ابن عساكر5 مطولاً من طريق يونس بن عبيد، عن الوليد أبي بشر به. ورواه خيثمة بن سليمان6: نا أبو عبيدة السري بن يحيى، نا عثمان بن زفر، نا غالب بن نجيح، عن عمرة بن مرة، عن جندب به نحوه. ومن طريقه رواه ابن عساكر7 وذكره (المحب الطبري في رياضه) 8.   1 محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميمي، البصري، وقد ينسب إلى جده، ثقة، من السادسة، ع (التقريب/ 6055) . 2 الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري، أبو بشر البصري، ثقة، من الخامسة، ر م د س (التقريب/ 7455) . 3 جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي، أبو عبد الله، وربما ينسب إلى جده، له صحبة، ت سنة 60? ع (التقريب/ 975) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 388-389) 5 المصدر نفسه 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 388-389) 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 388) 8 الرياض النضرة (3/ 80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 وإسناد الطريق الأولى رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا يعلى بن الوليد فلم أقف على جرح له ولا توثيق؛ فهو مستور. وإسناد الطريق الثانية صحيح لذاته، وهو من طريق جندب بن عبد الله غير جندب الخير، وسواء كانا واحداً وغلط راوٍ من الرواة، أم كانا اثنين فإن ذلك لا تأثير له، لأنهما صحابيان، والراوي عن الثاني ثقة لم يوصف بالتدليس. أما إسناد الطريق الثالثة فإنه حسن بما قبله، فيه غالب بن نجيح، قال عنه الحافظ: "مقبول". فالخبر صحيح. 93- قال ابن أبي شيبة: "أبو أسامة1 قال: حدثنا حماد بن زيد2 عن يزيد بن حميد3 أبي التياح، عن عبد الله بن أبي الهذيل4 قال: لما جاء قتل عثمان قال حذيفة: "اليوم نزل الناس حافَّةَ الإسلام، فكم من مرحلة قد ارتحلوا عنه، قال: وقال ابن أبي الهذيل: "فوالله لقد جار هؤلاء القوم عن القصد، حتى إن بينه وبينهم وعورة، ما يهتدون له وما يعرفونه"5. إسناده صحيح: رجاله رجال مسلم.   1 أبو أسامة هو حماد بن أسامة، تقدمت ترجمته. 2 حماد بن زيد الأزدي، تقدمت ترجمته. 3 يزيد بن حميد الضبعي، أبو التياح، بصري، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 128? ع (التقريب/ 7704) . 4 عبد الله بن أبي الهذيل الكوفي، أبو المغيرة، ثقة، من الثانية، مات في ولاية خالد القسري على العراق، رم ت س (التقريب/ 3679) . 5 المصنف (15/ 206) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 94- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثنا موسى بن إسماعيل1 ثنا حماد2 عن ثابت3 عن عبد الله4 بن رباح، أن حارثة بن النعمان قال لعثمان وهو محصور: إن شئت أن نقاتل دونك"5. ورواه من طريقه ابن عساكر6 وفيه: عبد الله بن زياد والصواب ابن رباح. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: - عن هذا الخبر - "رواه البخاري في (التاريخ) من طريق ثابت بن عبد الله بن رباح"7. وفي رواية ابن عساكر: "حماد بن زيد". إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال مسلم. 94- قال ابن سعد: أخبرنا أبو أسامة8 حماد بن أسامة قال: أخبرنا هشام بن   1 موسى بن إسماعيل المنقري، تقدمت ترجمته. 2 حماد بن زيد، تقدمت ترجمته. 3 ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين وله 86سنة ع (التقريب/ 810) . 4 عبد الله بن رباح الأنصاري، أبو خالد المدني، سكن البصرة، ثقة من الثالثة، قتلته الأزارقة م، (التقريب/ 3307) . (1/ 101) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 402) 7 الإصابة (1/ 299) . 8 تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 عروة1 عن أبيه2 عن عبد الله بن الزبي قال: قلت لعثمان يوم الدار: قاتلهم، فوالله لقد أحل الله لك قتالهم. فقال: لا، والله لا أقاتلهم أبداً. قال: فدخلوا عليه وهو صائم، قال: وقد كان عثمان أمَّر عبد الله بن الزبير على الدار، وقال عثمان: من كانت لي عليه طاعة فليطع عبد الله بن الزبير"3. ورواه من طريقه ابن عساكر4 وأخرجه ابن أبي شيبة عن حماد به. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. وتدليس أبي أسامة تدليس خفيف لا يضر، فقد ذكر الحافظ في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين5. وأخف منه هشام بن عروة فقد ذكره في المرتبة الأولى6.   1 هشام بن هروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه، ربما دلس، من الخامسة، ت سنة 145?، وله 87سنة ع (التقريب/ 7302) . 2 عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة 94? على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان ع (التقريب/ 4561) . 3 الطبقات (3/ 70) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 399-400) 5 ابن حجر (طبقات المدلسين 30) . 6 ابن حجر (طبقات المدلسين، 26) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 95- قال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ابن علية1 عن أيوب2 عن ابن أبي مليكة3 عن عبد الله بن الزبير قال: "قلت لعثمان: يا أمير المؤمنين، إن معك في الدار عصابة مستنصرة بنصر الله بأقل منهم لعثمان، فأذن لي فلأقاتل، فقال: أنشدك الله رجلاً، أو قال: أذكر بالله رجلاً أهراق فيَّ دمه، أو قال: أهراق فيَّ دماً"4. إسناده صحيح: رجاله ثقات رجال الشيخين. ورواه ابن عساكر5 من طريق ابن سعد. 96- قال خليفة بن خياط: حدثنا ابن علية6 قال: نا أيوب7 عن ابن أبي مليكة8 عن عبد الله ابن الزبير قال: قلت لعثمان: إنا معك في الدار عصابة مستبصرة ينصر الله   1 تقدمت ترجمته. 2 أيوب هو: السختياني، تقدمت ترجمته. 3 عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، ابن عبد الله بن جدعان، يقال: اسم أبي مليكة زهير، التيمي، المدني، أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 117? ع (التقريب/ 3454) . 4 الطبقات (3/ 70) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 400) 6 إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية، تقدمت ترجمته. 7 أيوب بن أبي تميمة السختياني، تقدمت ترجمته. 8 عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 بأقل منهم؛ فأذن لنا فقال: أذكر الله رجلاً أهراق فيّ دمه، أو قال: دماً"1. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. وذكره البوصيري وقال: "موقوف رواته ثقات"2 وقال الحافظ في المطالب: "لأحمد بن منيع"3. ورواه ابن عساكر4 من طريق خليفة. 97- قال خليفة بن خياط: حدثنا معاذ5 عن ابن عون6 عن نافع7قالك كان ابن عمر مع عثمان في الدار"8. إسناده صحيح: رجاله ثقات رجال الشيخين. ومن طريق خليفة رواه ابن عساكر9.   1 التاريخ (173) . 2 المطالب العالية (4/ 294) . 3 المصدر نفسه. 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 400) 5 معاذ بن معاذ بن نصر العنبري، البصري، ثقة، متقن، من كبار التاسعة، مات سنة 196? ع (التقريب/ 6740) . 6 ابن عون هو: عبد الله بن عون تقدمت ترجمته. 7 نافع مولى ابن عمر تقدمت ترجمته. 8 التاريخ (173) . 9 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 397-398) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 98- قال خليفة: حدثنا المعتمر1 عن أبيه2 عن أبي نضرة3 عن أبي سعيد4 مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب ووضع المصحف بين يديه فدخل عليه رجل فقال: بيني وبينك كتاب الله فخرج وتركه. ثم دخل عليه آخر، فقال: بيني وبينك كتاب الله فأهوى إليه بالسيف فاتّقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها. فقال: أما والله إنها لأول كفّ خطت المفصل"5. إسناده حسن: رجاله رجال الشيخين إلا أبا سعي وهو مختلف في صحبته وقد وثقه ابن حبان.   1 المعتمر بن سليمان التيمي، تقدمت ترجمته. 2 سليمان التيمي، تقدمت ترجمته. 3 المنذر بن مالك البصري، تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 التاريخ (174) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 99- قال خليفة بن خياط: حدثنا المعتمر1 عن أبيه2 عن الحسن3: أن ابن أبي بكر أخذ بلحيته فقال عثمان: لقد أخذت مني مأخذاً أو قعدت مني مقعداً ما كان أبوك ليقعده، فخرج وتركه"4. إسناده حسن لغيره: فهو صحيح إلى الحسن مرسل منه: رجاله رجال الشيخين؛ وسيأتي له شاهد من رواية كنانة مولى صفية، والإسناد صحيح إلى كنانة. وبذلك تبين أن للرواية لها مخرجين، أحدهما الحسن، والآخر كنانة. فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره. 100- قال الطبري: "قال أبو المعتمر5: فحدثنا الحسن6 أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته. قال: فقال له: قد أخذت منا مأخذاً، وقعدت مني مقعداً ما كان أبوبكر ليقعده أو ليأخذه. قال: فخرج وتركه. قال: ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود، قال: فخنقه ثم خفقه، قال: ثم خرج فقال:   1 المعتمر بن سليمان التيمي، تقدمت ترجمته. 2 سليمان بن طرخان، تقدمت ترجمته. 3 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 4 التاريخ (174) . 5 سليمان بن طرخان التيمي، تقدمت ترجمته. 6 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 والله ما رأيت شيئاً قط ألين من حلقه، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه يتردد في جسده كنفس الجان. قال: فخرج. قال في حديث أبي سعيد: دخل على عثمان رجل، فقال: بيني وبينك كتاب الله - قال: والمصحف بين يديه - قال: فيهوي له بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فقال: لا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها؟ قال: فقال: أما والله إنها لأول كف خطت المفصل. وقال1 في غير حديث أبي سعيد: فدخل عليه التجيبي، فأشعره مشقص فانتضح الدم على هذه الآية: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 2 قال: فإنها في المصحف ما حكت. قال: وأخذت ابنة الفرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها، فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل، قال: فلما أشعر - أو قال قتل - ناحت عليه. قال: فقال بعضهم: قاتلها الله! ما أعظم عجيزتها! قال: فعلمت أن عدو الله لم يرد إلا الدنيا"3. إسناده صحيح إلى الحسن البصري: فقد روى الطبري قبل هذه الرواية رواية عن يعقوب بن إبراهيم4 قال:   1 أي: خليفة: كما سيأتي في مح الرواية رقم: [137] . 2 من الآية (137) من سورة البقرة. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 383-384) . 4 الدورقي تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 حدثنا معتمر بن سليمان1 التيمي، قال: حدثنا أبي2 قال: حدثنا أبو نضرة3 عن أبي سعيد4 مولى أبي أسيد الأنصاري ... وبعد انتهاء الرواية قال: قال: أبو المعتمر، فحدثنا الحسن وذكره ... فيظهر أن رواية الطبري عن أبي المعتمر هي بالسند السابق. وبذلك يكون إسناد هذه الرواية صحيحاً إلى الحسن البصري، ورجاله ثقات، رجال الشيخين، وإلا فيكون منقطعاً بين الطبري وأبي المعتمر. والأول أظهر، ويدل عليه ما رواه خليفة بهذا السند، فإنه موافق لما في هذه الرواية تماماً، إلا أن رواية الطبري هذه ليس فيها دخول الرجل الأول. 101- قال أسد بن موسى: حدثنا محمد بن طلحة5 قال: نا كنانة6 مولى صفية بنت حيي، وكان شهد يوم الدار، أنه لم يند محمد بن أبي بكر، من دم عثمان بشيء.   1 تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 محمد بن طلحة بن مصرف، تقدمت ترجمته. 6 كنانة مولى صفية، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 قال محمد بن طلحة: فقلت لكنانة: فلم قيل إنه قتله؟ قال: معاذ الله أن يكون قتله إنما دخل عليه فقال له عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي، وكلمه بكلام فخرج ولم يند1 من دمه بشيء، فقلت لكنانة: فمن قتله؟ قال رجل من أهل مصر يقال له: جبلة بن الأيهم"2. ورواه المحب الطبري3 وعزاه إلى أبي عمر4. إسناده صحيح لغيره: وهو حسن لذاته صحيح بما قبله. قال الحافظ ابن كثير: "ويروى أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه، حتى دخلت في حلقه، والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان: لقد أخذت بلحيةٍ كان أبوك يكرمها، فتندم من ذلك وغطى وجهه ورجع وحاجز دونه، فلم يفد، وكان أمر الله قدراً مقدوراً، وكان ذلك في الكتاب مسطوراً"5.   1 الندى هو: البلل، والندى على وجوه، ندى الماء، وندى الخير، وندى الشر، ... (ابن منظور، لسان العرب 15/ 314) ، والمعنى أي: هل تبلل بشيء من دمه كناية عن الاشتراك في قتله؟. 2 ذكره أبو عمر بن عبد البر في (الاستيعاب 3/ 349) . 3 الرياض النضرة (3/ 71) . 4 أي: ابن عبد البر. 5 البداية والنهاية (7/ 193-194) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وذكره ابن عبد البر1 أيضاً في موضع آخر بالسند نفسه، ولكن في لفظه اختلاف يسير، قال فيه كنانة: شهدت مقتل عثمان فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم، محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه، الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم. فقال محمد بن طلحة: فقلت له: هل ندى2 محمد بن أبي بكر بشيء من دمه؟ قال: معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي، فكلمه بكلام فخرج، ولم يند بشيء من دمه. قال: فقلت لكنانة: من قتله؟ قال: قتله رجل من أهل مصر، يقال له: جبلة بن الأيهم، ثم طاف بالمدينة ثلاثاً يقول: أنا قاتل نعثل. 102- وفي مصنف عبد الرزاق الصنعاني: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر3 عن ابن طاوس4عن أبيه5قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت علياً يقول: والله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله. ولكن غلبت"6.   1 الاستيعاب (مع الإصابة 3/ 78) . 2 تقدم التعريف بها. 3 معمر هو: ابن راشد، تقدمت ترجمته. 4 ابن طاوس: هو عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، أبو محمد -ثقة فاضل عابد من السادسة، ت سنة 132?، ع (التقريب/ 3397) . 5 طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري، مولاهم، يقال: اسمه ذكوان، وطاوس لقب، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة 106?، وقيل بعد ذلك ع (التقريب/ 3009) . (11/ 450) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. أخرج مسلم بهذا الإسناد في صحيحه في عدة مواضع1. ورواه ابن أبي شيبة2 عن ابن إدريس عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس ولفظه: "قال علي: ما قتلت، وإن كنت لقتله لكارهاً". ورواه ابن سعد3 عن أبي معاوية عن ليث عن طاوس به بمثل رواية معمر، وزاد: يقول ذلك ثلاث مرات. ورواه من طريق ابن سعد ابن عساكر4. وذكره المحب5 كما رواه ابن عساكر6 من طريق وكيع وابن أبي زائدة، كلاهما عن مسعر، عن عبد الكريم، عن طاوس، عن ابن عباس قال - واللفظ لوكيع - قال: "أشهد على عليٍّ بثلاث أنه قال: ما أمرت ولا قتلت ولقد نهيت" ولفظ ابن أبي زائدة نحوه وزاد: "ولقد كنت كارهاً - أي قتله -".   1 منها ما أخرجه في كتاب البيوع (3/1160) وانظر تحفة الأشراف للمزي (5/9-16) . 2 المصنف (15/ 208) . 3 الطبقات (3/ 82) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 462) 5 الرياض النضرة (3/ 78) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 462) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 ورواه أيضاً1 من طريق مجاهد عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: "إن شاء الناس قمت لهم خلف مقام إبراهيم، فحلفت لهم بالله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني". كما رُوي من وجوه أخر عن علي رضي الله عنه. منها ما رواه ابن عساكر من طريق خليد2 بن شريك قال: سمعت علي بن أبي طالب وهو على منبر الكوفة يقول: - أي بني أمية -: "من شاء نفلت له يميني بين المقام والركن: ما قتلت عثمان ولا شركت في دمه". ومنها ما رواه3 من طريق علي بن ربيعة الوالبي قال: قال علي ابن أبي طالب: "لوددت أن بني أمية قبلوا مني خمسين يميناً قسامة أحلف بها، ما أمرت بقتل عثمان ولا مالأت". وما رواه ابن أبي شيبة4 من طريق أبي زرارة وأبي عبد الله قالا: "سمعنا علياً يقول: والله ما شاركتُ وما قتلتُ ولا أمرتُ ولا رضيتُ يعني: قتل عثمان". وزاد ابن عساكر في أوله: "نشهد شهادة يسألنا الله عنها يوم القيامة إنا سمعنا" وذكره وفيه تقديم وتأخير".   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 463) 2 نفسه (464) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 463) 4 المصنف (15/ 208) ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 465) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 ورواه ابن عساكر أيضاً1 من طريق أبي خلدة الحنفي، قال: "سمعت علياً يخطب فذكر عثمان في خطبته فقال:"ألا إن الناس يزعمون أني قتلت عثمان، لا والله الذي لا إله إلا هو، ما قتلت، ولا مالأت". وذكره (المحب الطبري) 2 دون إسناد كعادته، عن محمد بن سيرين، قال: "لما قدم عليٌّ البصرة اعتذر على المنبر من قتل عثمان فقال: والله ما مالأت ولا شاركت ولا رضيت" خرجه ابن السمان. ورواه ابن عساكر3 من طريق قتادة أبي الخطاب، عن الحسن قال: "قتل عثمان وعلي غائب في أرض له، فلما بلغه، قال: اللهم إني لم أرض ولم أمالئ". 103- قال خليفة: "وحدثنا كهمس4 قال: نا ابن أبي عروبة5 عن قتادة6 أن زيد ابن ثابت قال لعثمان:"هؤلاء الأنصار بالباب: إن شئت كنا أنصار الله مرتين، فقال: لا حاجة لي في ذلك، كُفُّوا"7. إسناده حسن لغيره.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 464) 2 الرياض النضرة (3/ 78) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 465) . 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 خليفة بن خياط (التاريخ ص: 173) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 ومن طريق خليفة أخرجه ابن عساكر1. وأخرجه ابن أبي شيبة2 وابن سعد من وجه آخر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه كلاهما عن عبد الله بن إدريس3 قال: أخبرنا هشام بن4 حسان عن محمد بن سيرين5 قال: جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال: وذكره بنحوه وفي آخره"أما القتال فلا". ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر6 وفي روايته زيادة:"وهو محصور ومعه ثلاثمائة من الأنصار، فدخل على عثمان فقال: ... ". وهذا الإسناد رجاله رجال الشيخين، إلا أن ابن سيرين لم يدرك زيد بن ثابت7.   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان ص: 401) 2 ابن سعد (الطبقات 3/ 70) ، وابن أبي شيبة (المصنف 15/ 205) . 3 عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي، تقدمت ترجمته. 4 هشام بن حسان الأزدي، تقدمت ترجمته. 5 محمد بن سيرين الأنصاري، تقدمت ترجمته. 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان ص: 400) 7 فإن روايته عن عائشة، وابن عباس، وعقبة بن عبد الغافر، ومعقل بن يسار، وأبي برزة، وعمران بن حصين: مرسلة؛ فلم يسمع منهم. (العلائي، جامع التحصيل 324) فمن باب أولى أن لا يكون قد سمع من زيد بن ثابت، يدل على ذلك أن زيد بن ثابت توفي في حدود سنة خمسين من الهجرة، وابن عباس سنة 68?،ومعقل بن يسار بعد سنة 60?، وأبو برزة سنة 65 أو بعدها، وعمران بن حصين سنة 52?. (انظر تراجمهم في التقريب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 ورواه أبو عرب1 عن يحيى، عن أبيه، عن جده، عن سعيد عنه محمد ابن سيرين به مثله. وبهاتين الطريقين يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره. وسيأتي لهما شاهد. 104- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثنا إسماعيل2 حدثني ابن وهب3عن يونس4 عن ابن شهاب5 بلغني أن كعب بن مالك قال: يا معشر الأنصار، كونوا أنصار الله مرتين، يعني في أمر عثمان"6. ورواه من طريقه ابن عساكر. رجاله ثقات رجال الشيخين. إسناده ضعيف: لانقطاعه؛ فشيخ الزهري مبهم. كما أن رواية يونس عن الزهري وهماً قليلاً. فيعتبر هذا من بلاغات الزهري. ويشهد له ما تقدم، وما سيأتي، فيرتقي إلى درجة الحسن.   1 أبو عرب، المحن (ص: 69) . 2 إسماعيل هو ابن أبي أويس الأصبحي، أبو عبد الله المدني، صدوق أخطأ، في أحاديث من حفظه، من العاشرة، مات سنة 226? خ م د ت ق (التقريب/ 460) 3 عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد، المصري، الفقيه، ثقة، حافظ، عابد، من التاسعة، ت سنة 197? وله 72 سنة ع (التقريب/ 3694) 4 يونس بن يزيد الأيلي ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة مات سنة 59? على الصحيح ع (التقريب/ 7919) 5 محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر، الفقيه، الحافظ متفق على جلالته وإتقانه وهو من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة 125?، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، ع (التقريب/ 6296) . (1/ 101) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 105- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "يزيد بن هارون1 قال: أخبرنا أبو عبيدة2 الناجي عن الحسن3 قال: أتت الأنصار عثمان فقالوا: يا أمير المؤمنين ننصر الله مرتين، نصرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وننصرك، قال: لا حاجة في ذاك، ارجعوا. وقال الحسن: والله لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه"4. إسناده ضعيف: أبو عبيدة ضعفه غير واحد من الأئمة، والحسن مدلس؛ لكنه حسن بما تقدم من شواهد له. 106- قال ابن أبي شيبة: "غندر5 عن شعبة6 عن سعد7 بن إبراهيم أنه سمع أباه8 قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف بمنى، محلوقاً رأسه يبكي، يقول: ما كنت أخشى أن أبقى حتى يقتل عثمان "9. رجاله رجال الشيخين.   1 يزيد بن هارون السلمي، تقدمت ترجمته. 2 أبو عبيدة الناجي هو: بكر بن الأسود سمع الحسن، ضعفه يحيى بن معين والنسائي، والدارقطني، وابو نعيم، وكذبه يحيى بن كثير العنبري، وذكره ابن شاهين في الثقات. (مسلم، الكنى 155، ابن حجر اللسان 2/47) 3 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. (15/227) 5 غندر هو محمد بن جعفر تقدمت ترجمته. 6 شعبة هو ابن الحجاج، تقدمت ترجمته. 7 سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف تقدمت ترجمته. 8 إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف تقدمت ترجمته. 9 المصنف (15/ 242) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 إسناده صحيح. 107- قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم1 وسليمان2 بن حرب قالا: أخبرنا حماد بن زيد3 أخبرنا يحيى بن سعيد4 عن أبي أمامة5 بن سهل، قال: كنت مع عثمان في الدار وهو محصور، قال: وكنا ندخل مدخلاً إذا دخلنا سمعنا كلام من على البلاط6 قال: فدخل يوماً لحاجة منتقعاً لونه، فقال:"إنهم ليتوعدونني بالقتل آنفاً، قال: قلنا: يكفيكهم الله يا أمير المؤمين، قال: ولم يقتلونني وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس؟ فو الله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام   1 تقدمت ترجمته. 2 سليمان بن حرب الأزدي البصري، قاضي مكة، ثقة إمام حافظ، من التاسعة ت 224? وله 80سنة ع (التقريب/ 2545) 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 سعد بن سهل بن حنيف، الأنصاري، أبو أمامة معروف بكنيته معدود في الصحابة. له رؤية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 100? وله 92سنة ع (التقريب/ 402) 6 اسم لموضع أمام الباب الشرقي للمسجد النبوي، بينه وبين دار عثمان (السمهودي، وفا الوفاء 2/ 734) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلاً منذ هداني، ولا قتلت نفساً؛ ففيم يقتلونني؟ " 1. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. ووافق الإمام أحمد2 ابن سعد، عن عفان وسليمان به مثله، إلا أن فيه"كُنّا مع عثمان " كما رواه ابنه عبد الله عن عبيد الله بن عمر القواريري عن حماد به. وروى الدارمي3 المرفوع منه فقط، عن أبي النعمان عن حماد بن زيد به. ورواه أبو داود4 عن سليمان بن حرب عن حماد به. ورواه ابن ماجه5 والترمذي6 كلاهما عن أحمد بن عبدة الضبي عن حماّد به. ورواه النسائي7 من طريق محمد بن عيسى عن حماد بن زيد به. ورواه البغوي8 من طريق الحسين بن الفضل البجلي عن سليمان به.   1 الطبقات (3/ 67) 2 بتحقيق أحمد شاكر (1/348، 363، 379_ 380) 3 السنن (2/ 171-172) 4 السنن (4/ 170-171) 5 السنن (2/847) 6 السنن (4/ 461) . 7 السنن (7/ 91-92) 8 شرح السنة (10/148) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 وابن عساكر1 من طريق أبي يعلى عن عبيد الله القواريري، وأبي الربيع الزهراني، كلاهما عن حماد بن زيد به. وذكره (المحب الطبري) 2 وعزاه إلى أحمد. قال الترمذي:"وهذا حديث حسن ". قال أحمد شاكر:"إسناده صحيح". وقد روى هذا الخبر غير أبي أمامة. فقد رواه ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما- أخرجه عنه ابن سعد3 والإمام أحمد4 والنسائي5 وابن عساكر6. وقال أحمد شاكر:"إسناده صحيح" 7. ورواه أيضاً مجبّر، أخرجه عنه الإمام أحمد8 ومن طريق ابن عساكر9 قال"أحمد شاكر":"في إسناده نظر، وأعله بالانقطاع بين مجبر والقصة" 10.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 351) 2 الرياض النضرة (3/ 66) 3 الطبقات (3/ 69) 4 المسند (بتحقيق أحمد شاكر، 1/ 355) 5 السنن (7/ 103) 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 348-350) 7 المسند (بتحقيق أحمد شاكر، 1/ 355) 8 المسند (بتحقيق أحمد شاكر، 2/368) 9 ابن سعد، الطبقات (3/ 69) 10 المسند (ت شاكر 2/368) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 ورواه أيضاً ميمون بن مهران1 وبسر بن سعيد2 وأبو عبد الرحمن3. وروى المرفوع منه غير عثمان رضي الله عنه: جابر بن عبد الله4 وابن مسعود5 وعائشة رضي الله عنهم. 108- قال ابن سعد: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي6 قال أخبرنا أبو الأشهب7 قال: حدثني عوف8 عن محمد بن سيرين أن حذيفة بن اليمان، قال:   1 النسائي (السنن 7/ 103-104) 2 أبو نعيم (حلية الأولياء 1/ 379) 3 انظر كشف الأستار (2/ 211-212) ، شرح السنة للبغوي (10/ 147-148) 4 صحيح البخاري (مع الفتح 12/ 201) ، صحيح مسلم (3/ 1302-1303) ، مسند أحمد (1/ 382، 428، 444، 465، 6/ 181) ، السنن الدارمي (2/ 218) السنن أبو داود (4/ 126) ، السنن ابن ماجه (ص: 847) ، سنن النسائي (7، 90-91) . 5 انظر مسند أحمد (6/ 181، 214) ، سنن أبو داود (4/ 126) ، سنن النسائي (7/ 91، 101-102) . 6 عمرو بن عاصم الكلابي القيسي، أبو عثمان البصري، صدوق في حفظه شيء، من صغار التاسعة، مات سنة 213? ع (التقريب/ 5055) . 7 أبو الأشهب هو: هوذة بن خليفة بن عبد الله بن أبي بكرة الثقفي، البكراوي، أبو الأشهب البصري، الأصم، نزيل بغداد، صدوق من التاسعة، مات سنة 216? ق (التقريب/ 7327) . 8 عوف بن أبي جميلة الأعراب، العبدي، البصري، ثقة، رمي بالقدر والتشيع، من السادسة، مات سنة 146?، وله 86سنة ع (التقريب/ 5215) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 "اللهم إن كان قتل عثمان خيراً فليس لي منه نصيب، وإن كان قتله شراً فإني منه برئ، والله لئن كان قتله خيراً ليحلبنها لبناً، ولئن كان قتله شراً ليمتصنّ بها دماً"1. ورواه من طريقه ابن عساكر. إسناده حسن: عمرو وأبو الأشهب كلاهما صدوقان، وباقي رجاله ثقات، رجال الشيخين. وروى نحوه ابن أبي شيبة2 من طريق هشام بن محمد عن حذيفة رضي الله عنه. وابن عساكر3 من طريق أبي عبد الله النجراني، وفيه زيادات، وأن ذلك كان في مرضه الذي مات فيه. وذكر نحوه (المحب الطبري) 4 وعزاه إلى القزويني الحاكمي. 109- قال ابن سعد: أخبرنا أبو معاوية5 الضرير، قال: أخبرنا الأعمش6 عن أبي صالح7 قال: سمعت عبد الله بن سلام يوم قتل عثمان يقول:   1 الطبقات (3/ 83) . 2 المصنف (15/ 224-225) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 488) 4 الرياض النضرة (3/ 80) . 5 أبو معاوية هو: محمد بن خازم تقدمت ترجمته. 6 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 7 أبو صالح هو: ذكوان السمان الزيات المدني: تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 والله لا تهرقون محجماً من دم، إلا ازددتم به من الله بعداً"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. ولا يضره ما في أبي معاوية من وهم، لأنه أحفظ الناس لحديث الأعمش، كما في ترجمته في (التقريب) . 110- قال ابن أبي شيبة: "وكيع3 عن عمران بن حدير4 عن أبي مجلز5 قال: عابوا على عثمان تمزيق المصاحف، وآمنوا بما كتب لهم"6. إسناده صحيح: إلى أبي مجلز، رجاله رجال مسلم. 111- قال خليفة: حدثنا خالد بن الحارث7 قال: نا عمران8 بن حدير، قال: أن لا يكن عبد الله بن شقيق9 حدثني أن أول قطرة قطرت من دمه على:   1 الطبقات (3/ 81) . 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 490) 3 وكيع بن الجراح بن مليح تقدمت ترجمته. 4 عمران بن حدير السدوسي، تقدمت ترجمته. 5 أبو مجلز لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي، البصري، مشهور بكنيته ثقة، من كبار الثالثة، ت سنة 106? وقيل سنة 109? ع (التقريب/ 7490) . 6 المصنف (15/ 210) . 7 خالد بن الحارث بن عبيد الهجيني، البصري، تقدمت ترجمته. 8 عمران بن حدير -مصغر -السدوسي البصري، تقدمت ترجمته. 9 عبد الله بن شقيق العقيلي، البصري، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} 1فإن أبا حريث ذكر أنه ذهب وسهيل النميري، فأخرجوا إليه المصحف، فإذا القطرة على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} قال: فإنها في المصحف ما حكت"2. ورواه ابن عساكر3 من طريقه به مثله، إلا أن فيه المزي بدل النميري. وإسناده صحيح: إلى ابن شقيق، وقد عاصر الأحداث4. ويشهد له ما رواه: 112- ابن عساكر قال: أخبرنا أبوبكر5 بن المزرفي، أنا أبو جعفر6 بن المسلمة، أنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم7 المعروف بالأدمي، نا أبوبكر عبد الله   1 سورة البقرة، الآية (137) . 2 خليفة بن خياط (التاريخ 175) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 420) 4 انظر ملحق الرواية رقم: [59] . 5 أبو بكر المزرفي هو: محمد بن الحسين الفرضي الحنبلي، ت سنة 527? ببغداد، وله 88 سنة، سمع أبا جعفر بن المسلمة (الذهبي، العبر 2/ 431) 6 أبو جعفر بن المسلمة، لم أجد له ترجمة. 7 أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم، المعروف بالأدمي، وثقه الخطيب البغدادي (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 11/ 310) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 ابن سليمان بن الأشعث1 نا علي بن حرب الطائي2 نا قريش بن أنس3 نا سليمان التيمي4 عن أبي نضرة5 عن أبي سعيد6مولى أبي أسيد قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده، فوقعت على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 7 فمد يده، فقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل"8. ورواه أيضاً من طريق أبي العباس بن يعقوب، قال: أنا أبو قلابة، نا قريش بن أنس به، إلا أن فيه اختلافاً.   1 أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ابن أبي داود صاحب السنن، قال عنه الخطيب: "وكان فهماً عالماً حافظاً توفي سنة 316? " (الخطيب، تاريخ بغداد 9/ 464) . 2 صدوق فاضل، من صغار العاشرة، ت سنة 265? وقد جاوز التسعين س (التقريب/ 4701) . 3 قريش بن أنس الأنصاري، ويقال: الأموي، أبو أنس البصري، صدوق تغير بأخرة، قدر ست سنين، من التاسعة مات سنة 208? خ م د ت س (التقريب/ 5543) ولم يذكر ابن الكيال من روى عنه بعد الاختلاط (ابن الكيال، الكواكب 370) 4 سليمان التيمي هو ابن طرخان، أبو المعتمر البصري، تقدمت ترجمته. 5 أبو نضرة هو: المنذر بن مالك بن قطعة، البصري، تقدمت ترجمته. 6 أبو سعيد مولى أبي أسيد، هو الأنصاري، تقدمت ترجمته. 7 سورة البقرة، الآية (137) . 8 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 419) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 ففيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: "لما دخل المصريون على عثمان والمصحف بين يديه، فضربوه على يديه، فجرى الدم على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . والأول هو المحفوظ؛ لأن أبا قلابة هذا قال عنه الحافظ: "صدوق، يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد"1. وسماع أبي العباس بن يعقوب عنه كان بعد اختلاطه2. ويحتمل أن يكون أبو نضرة سمعه من أبي سعيد مولى أبي أسيد مرة، ومن أبي سعيد الخدري أخرى، ولكنه احتمال ضعيف لما ثبت من أنه إسناد ضعيف، لاختلاط أبي قلابة، وإثبات أن سماع أبي العباس كان بعد اختلاطه. والله أعلم. والإسناد من سليمان التيمي صحيح رجاله رجال الستة، ومن ابن عساكر إليه؛ التوقف فيه أولى لعدم وجود توثيق لبعض رواته.   1 قاله الحافظ ابن حجر وزاد: من الحادية عشرة، مات سنة 267?. وله 86 سنة ت (التقريب/ 4210) . 2 ابن الكيال (الكواكب النيرات 313) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 113- ورواه ابن عساكر أيضاً: من طرق أخرى بألفاظ مختلفة، فرواه من طريق شعيب بن إبراهيم أنه قال: "نا سيف بن عمر، عن عبد الله بن سعيد بن ثابت، قال: رأيت مصحف عثمان ونضح الدماء فيه على أشياء من الوعد والوعيد فكان ذلك عند الناس من الآيات". ويشهد لهما ما رواه ابن عساكر 1 أيضاً قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال، أنا أبو طاهر بن محمود، أنا أبوبكر بن المقرئ، قال: سمعت محمد بن الحسن بن قتيبة يقول:"سمعت نوح بن حبيب القومسي، يقول: سمعت معاذ بن معاذ يقول: رأيت في مصحف عثمان رضي الله عنه في موضع {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] أثر الدم"2. 114- وقال خليفة: وفي غير حديث أبي سعيد: "ودخل التجيبي فأشعره مشقصاً، فانتضح الدم على قوله: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} فهي في المصحف ما حكت"3. فبهذه الطرق يرتقي الخبر إلى درجة الحسن لغيره، والله أعلم.   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 420) . 2 المصدر نفسه. 3 خليفة بن خياط (التاريخ 175) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 115- قال يعقوب بن سفيان الفسوي: حدثنا أبو نعيم1 حدثنا الأعمش2 عن أبي إسحاق3 عن يزيد بن يثيع4 قال:"تجهز ناس من بني عبس إلى عثمان يقاتلونه، فقال حذيفة: ما سعى قوم ليذلوا سلطان الله في الأرض، إلا أذلهم الله في الدنيا قبل أن يموتوا"5. إسناده صحيح: لا يضره اختلاط السبيعي، فرواية الأعمش عنه في مسلم6 وصححه يعقوب بن سفيان7. ورواه المحاملي8 عن عمر بن الحسن قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حفص عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد قال: "تجهزت بنو عبس إلى عثمان، فبلغ ذلك حذيفة، فقال: اربعوا على أنفسكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول فرقة   1 أبو نعيم هو الفضل بن دكين، الكوفي، الملائي، مشهور بكنيته ثقة ثبت، من التاسعة، توفي سنة 218?، وكان مولده سنة 130? ع (التقريب/ 5401) . 2 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 3 أبو إسحاق السبيعي، عمرو بن عبد الله بن عبيد، تقدمت ترجمته. 4 يزيد بن يثيع أو زيد، الهمداني الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، ت س (التقريب/ 2160) . 5 المعرفة والتاريخ (2/ 762) . 6 انظر الكواكب النيرات لابن الكيال (354) . 7 المعرفة والتاريخ (2/ 768) . 8 الأمالي (خ 1 / 135) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 تسير إلى سلطان الله في الأرض ليذلوه أذلهم الله يوم القيامة". ورواه البزار1 مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد قال عنه الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح خلا كثير بن أبي كثير التيمي، وهو ثقة"2. 116- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "أبو معاوية3 عن الأعمش4 قال: حدثنا أبو صالح5 قال: قال عبد الله بن سلام:"لما حصر عثمان في الدار، قال: لا تقتلوه، فإنه لم يبق من أجله إلا قليل، والله لئن قتلتموه لا تصلُّوا جميعاً أبداً"6. إسناده صحيح: ورواه أيضاً عن أبي أسامة عن الأعمش به مثله. 117- روى عبد الرزاق: عن معمر7 عن ابن طاوس8 عن أبيه9 قال: "لما وقعت فتنة عثمان قال رجل لأهله: أوثقوني بالحديد، فإني مجنون، فلما قتل عثمان قال: خلوا عني، فالحمد الله الذي شفاني من   1 كشف الأستار (2/ 234-235) . 2 مجمع الزوائد (5/ 216) . 3 أبو معاوية هو محمد بن خازم، تقدمت ترجمته. 4 الأعمش هو: سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 5 أبو صالح، هو ذكوان السمان، تقدمت ترجمته. 6 ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 204، 227) . 7 معمر بن راشد، تقدمت ترجمته. 8 عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، تقدمت ترجمته. 9 طاوس بن كيسان، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 الجنون وعافاني من قتل عثمان"1. ورواه من طريقه ابن2 البناء وابن عساكر3. وذكره المحب الطبري4 وقال:"وخرّجه خيثمة بن سليمان". وإسناده صحيح: رجاله رجال الشيخين، وطاوس أدرك زمن عثمان، ولم يسمع منه شيئاً. قال أبو زرعة5. وبذلك يظهر أن الإسناد منقطع. 118- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "أبو أسامة6 عن عبد الملك7 بن أبي سليمان قال: سمعت أبا ليلى الكندي8 يقول: رأيت عثمان اطلع على الناس وهو محصور، فقال: أيها الناس لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تقاتلون جميعاً أبداً، ولا تجاهدون عدواً أبداً، لتختلفُن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين   (11/ 450) . 2 الراسلة المغنية في السكوت ولزوم البيوت (ص: 46) ، وقال محققها «إسناده صحيح" فلم يتنبه لهذا الانقطاع ... 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 501) . 4 الرياض النضرة (3/ 81) . 5 العلائي (حامع التحصيل 244) . 6 حماد بن أسامة القرشي، تقدمت ترجمته. 7 عبد الملك بن أبي سليمان، ميسرة العرزمي، تقدمت ترجمته. 8 أبو ليلى الكندي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 أصابعه، يا قوم: {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} ، قال: وأرسل إلى عبد الله بن سلام، فسأله، فقال: الكف الكف فإنه أبلغ لك في الحجة، فدخلوا عليه فقتلوه"1. إسناده حسن: رجاله ثقات، إلا عبد الملك، وهو صدوق. وأبو أسامة يدلس، ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين2 وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم، ولقلة تدليسهم في جنب ما رووا3. وتقدم من رواية ابن سعد بإسناد حسن أيضاً، ففيه عبد الملك وهو صدوق. 119- قال البخاري في (التاريخ الصغير) : "وقال شعبة4 عن أبي إسحاق5 عن مصعب بن سعد6: أنه أدرك   (15/ 203) (30) . 3 ابن حجر (طبقات المدلسين 13) . 4 شعبة هو ابن الحجاج بن الورد العتكي، تقدمت ترجمته. 5 أبو إسحاق، هو السبيعي، عمرو بن عبد الله، تقدمت ترجمته. 6 مصعب بن سعد بن أبي وقاص، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين مشق عثمان المصاحف فأعجبهم"1. إسناده حسن لغيره: رجاله ثقات رجال الشيخين. ولا يضره اختلاط أبي إسحاق السبيعي، حيث إن رواية شعبة عنه قبل الاختلاط2. ومما يدل على ذلك، إخراج الشيخين له عنه في صحيحهما3. إلا أنه منقطع بين البخاري وشعبة، فقد علقه البخاري عنه وروايته عن شعبة بواسطة، فبذلك يكون إسناده ضعيفاً لانقطاعه. لكن يشهد له ما رواه ابن أبي داود بإسناد صحيح عن علي رضي الله عنه أنه قال:"يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيراً -، أو قولوا له خيراً - في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعاً ... " إلى أن قال:"والله لو وليتُ لفعلتُ مثل الذي فعل". فهذا يدل على إعجاب علي بما فعل عثمان رضي الله عنه بالمصاحف. وإن عثمان فعل ذلك بمشورة الصحابة، وعن ملأ منهم جميعاً. وما رواه أيضاً بإسناد ضعيف يتقوى بهذه الرواية أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا حينما فرق عثمان رضي الله عنه المصاحف في الناس"قد أحسن".   (1/ 94) . 2 انظر ترجمته في الكواكب النيرات لابن الكيال (341) . 3 الجامع الصحيح للبخاري (الفتح 8/ 28) .، الجامع الصحيح لمسلم (1/ 405) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 62- وما رواه ابن أبي داود أيضاً قال: "نا عمي1 نا أبو رجاء2 أنا إسرائيل3 عن أبي إسحاق4 عن مصعب بن سعد5 قال: قام عثمان فخطب الناس فقال:"أيها الناس عهدكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم منذ ثلاث عشرة، وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون: قراءة أُبَيّ، وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك، فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلاً رجلاً فناشدهم: لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمله عليك؟ فيقول: نعم. فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن   1 هو محمد بن الأشعث السجستاني أبو أبي داود، ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 146) . 2 صوابه ابن رجاء وهو خطأ مطبعي، إذ إنه في المخطوط على الصواب (ابن رجاء) كذا رآه محقق تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، انظر (ص:236، حاشية 4) وفي تاريخ دمشق لما رواه ابن عساكر من طريق ابن أبي داود رواه على الصواب. عبد الله بن رجاء الفداني البصري، صدوق، يهم قليلاً من التاسعة، مات سنة 220? خ خد س ق (التقريب/ 3312) . 3 إسرائيل بن يونس بن إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة 160? ع (التقريب/ 401) . 4 أبو إسحاق هو: عمرو بن عبد الله السبيعي، تقدمت ترجمته. 5 مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو زرارة المدني، ثقة، من الثالثة، أرسل عن عكرمة بن أبي جهل، مات سنة 103هت، ع (التقريب/ 6688) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 ثابت. قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص. قال عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد. فكتب زيد، فكتب مصاحف. ففرقها في الناس، فسمعت بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقول: قد أحسن"1. 120- ومن طريقه رواه ابن عساكر2: وقال محققه معلقاً على قوله:"منذ ثلاث عشرة": وقد رأى الخبر في كتاب (المصاحف) من طريق آخر وفيه:"إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة" وذكر ابن الأثير في (الكامل) خبر غزو حذيفة الباب، وأمر المصاحف في حوادث سنة ثلاثين. رجاله رجال البخاري إلا ابن أبي داود، كما أن عمه مجهول عندي. أما اختلاط السبيعي فلا يضره حيث إن رواية إسرائيل عنه في صحيحي3 البخاري ومسلم4. أما ما في الرواية من أن بعض الصحابة قال عن عثمان حينما جمع المصحف (قد أحسن) يحسن برواية البخاري التي في التاريخ الصغير وفيها أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أعجبهم مشق عثمان للمصاحف.   1 المصاحف (23-24 قرطبة) 31 العلمية) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 236) 3 انظر فتح الباري (6/ 24) . 4 انظر صحيح البخاري الأحاديث رقم: (498، 778، 1599) ، والجامع الصحيح لمسلم (1852) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 121- قال ابن شبة: حدثنا هارون بن عمر1 قال: ثنا أسد بن موسى2 قال: حدثنا عبد الرحمن3 بن زياد، عن عاصم بن محمد العمري4 قال: سمعت أبي5 قال: دخل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على عثمان رضي الله عنه فقال له: ما ترى فيما يسألني هؤلاء القوم؟ قال: أرى أن تعطيهم ما وراء عتبة بابك، ولا تخلع لهم سربال الله الذي سربلك من هذه   1 هارون بن عمر ليس في الرواة الذين في المصادر المشهورة عندي هارون بن عمر، غير هارون بن عمر، أبو عمرو الدمشقي، حدث في بغداد سنة 22? (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 14/ 13) . ولم أجده في (تاريخ دمشق لابن عساكر) حيث سقط من المخطوط منه حرف الهاء، عدا ترجمة واحدة فقط. ولم أجد شيخه أسد بن موسى في الموجود من المخطوط، فقد يكون في المفقود وإلا لدل ذلك على أن ابن عساكر لم يعرف لأحد دخولاً إلى دمشق وبالتالي يبعد احتمال أن يكون هارون الدمشقي هو الراوي عن أسد والله أعلم. 2 أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، أسد السنة، صدوق، يغرب وفيه نصب، من التاسعة، ت سنة 212? وله ثمانون خت د س (التقريب/399) 3 عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قاضيها، ضعيف حفظه، من السابعة، ت سنة 156?، وقيل: بعدها، وقيل: جاز المائة ولم يصح, وكان رجلاً صالحاً بخ د ت ق (التقريب/3862) 4 عاصم بن محمد بن زيد بن عي بن عمر بن الخطاب العمري، المدني، ثقة، من السابعة ع (التقريب/3078) . 5 محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، المدني، ثقة، من الثالثة، ع (التقريب/ 5892) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 الخلافة"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق شبابة3 بن سوار عن عاصم به نحوه؛ وزاد قال: فقال: دونك عطاءك وكان واجداً عليه. قال: ليس هذا يوم ذاك؛ ثم خرج ابن عمر عليهم فقال: إياكم وقتل هذا الشيخ، والله لئن قتلتموه لم تحجوا البيت جميعاً أبداً، ولم تجاهدوا عدوَّكم جميعاً أبداً، ولم تقسموا فيأكم جميعاً أبداً، إلا أن تجتمع الأجساد والأهواء مختلفة، والله لقد رأيتنا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، نقول أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان. وإسناد ابن شبة ضعيف: بعبد الرحمن بن زياد فإنه ضعيف، وهارون لم يعرف فيه جرحاً ولا تعديلاً. كما رواه ابن عساكر من طريق شبابة بن سوار عن عاصم بن محمد العمري عن أبيه، عن ابن عمر: أنه دخل على عثمان - وهو محصور - فكان يستشيره، فقال: ما تقول في هؤلاء القوم؟ فقال: أرى أن تعطيهم ما سألوك من وراء عتبة بابك غير أن لا تخلع لهم سربالك الذي سربلك الله به من الخلافة. وبعضه يقوى برواية نافع عن ابن عمر السابقة، فيرتقي إلى درجة   1 تاريخ المدينة (4/ 1226) . 2 تاريخ دمشق (359) . 3 شبابة بن سوار المدائني، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 الحسن. 122- قال خليفة: حدثني عمر بن أبي خليفة1 قال: حدثتنا أم يوسف بنت ماهك عن أمها2 قالت: دخلت على عثمان وهو محصور، وفي حجره المصحف، وهم يقولون: اعتزلنا، وهو يقول: لا أخلع سربالاً سربلنيه الله"3. ورواه ابن سعد4 عن موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا عمر بن أبي خليفة به نحوه. لم أقف على ترجمة لأم يوسف، ولا لأمها. لكن يشهد لطلبهم الخلع ورفضه، وقوله لهم: "لا أخلع سربالاً سربلنيه الله" ما رواه: 123- ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية5 عن ابن عون6 عن الحسن7 قال: أنبأني وثاب8   1 عمر بن أبي خليفة: حجاج العبدي، البصري، مقبول، من الثامنة، مات سنة 189? س (التقريب/ 4891) 2 لم أجد لأم يوسف ولا لأمها ترجمة، وأم يوسف هي أخت يوسف بن ماهك، كما في ترجمة عمر في تهذيب الكمال للمزي (1008) 3 خليفة بن خياط (التاريخ 171) 4 ابن سعد (الطبقات 3/66) 5 ابن علية هو: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي تقدمت ترجمته. 6 ابن عون هو: عبد الله بن عون بن أرطبان، تقدمت ترجمته. 7 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 8 وثاب مولى عثمان رضي الله عنه روى عنه، وروى عن الحسن البصري، قاله أبو حاتم (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 9/48) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، فكان يكون بين يدي عثمان، قال: فرأيت في حلقه طعنتين كأنهما كيتان طعنهما يوم الدار دار عثمان، قال (بعثني) أمير المؤمنين عثمان فقال: ادع الأشتر، فجاء، قال ابن عون: أظنه قال: فطرحت لأمير المؤمنين وسادة، فقال: يا أشتر، ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس من إحداهن بدّ، يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول: هذا أمركم، فاختاروا له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك، قال: ما من إحداهن بد؟ (قال: ما من إحداهن بد) فقال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع لهم سربالاً سربلنيه الله أبداً. قال ابن عون: وقال غير الحسن: لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليّ من أخلع أمة محمد بعضها على بعض. وقال ابن عون: وهذه أشبه بكلامه، ولا أن أقص لهم من نفسي، فوالله لقد علمت أن صاحبيّ بين يديّ كانا يقصان من أنفسهما وما يقوم بدني بالقصاص، وأما أن يقتلوني فوالله لئن قتلوني لا يحابون بعدي أبداً، ولا يقاتلون بعدي جميعاً عدواً أبداً، فقام الأشتر فانطلق، فمكثنا فقلنا: لعل الناس، ثم جاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من الباب ثم رجع، ثم جاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلاً حتى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته، فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه، وقال: ما أغنى عنك معاوية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 ما أغنى عنك ابن عامر، ما أغنى عنك كتبك، فقال: أرسل لي لحيتي يا ابن أخي، أرسل لي لحيتي يا ابن أخي، قال: فأنا رأيته استعدى رجلاً من القوم بعينه، فقام إليه بمشقص حتى وجأ به في رأسه فأثبته ثم مرّ، قال: ثم دخلوا عليه والله حتى قتلوه"1. ورواه ابن سعد2 قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون به مثله. ورواه مختصراً خليفة3 بن خياط عن ابن علية به. ورواه من طريقه ابن عساكر مطولاً4. ورواه الطبري5 قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون به نحوه، وفيه: "وأما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني ... ". إسناده صحيح: إلى وثاب، ولم أجد له ترجمة. وتقدم لبعضه شاهد في الرواية السابقة. ويشهد لهما ما تقدم من مشورة عثمان لابن عمر، والمغيرة بن الأخنس رضي الله عنهم في   1 ابن أبي شيبة (المصنف 154/ 200-201) 2 الطبقات (3/ 72) 3 التاريخ (170) 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان (409) 5 تاريخ الأمم والملوك (4/371-372) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 الخلع1. 124- قال الترمذي: حدثنا أبو زرعة2 حدثنا الحسن بن بشر3 حدثنا الحكم بن عبد الملك4 عن قتادة5 عن أنس بن مالك، قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان، كان عثمان بن عفان رسولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، قال: فبايع الناس، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم. هذا حديث حسن صحيح غريب"6. ورواه البيهقي7 من طريق هشام عن الحسن بن بشر، وأبو نعيم من   1 انظر الرواية رقم: [56] 2 أبو زرعة هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، الرازي، إمام حافظ ثقة حافظ مشهور، الحادية عشرة، ت 264? وله 64 عام م ت س ق (التقريب/ 4316) 3 الحسن بن بشر بن سلم، الهمداني، البجلي، أبو علي الكوفي، صدوق يخطئ، من العاشرة، ت سنة 221? خ ت س (التقريب/ 1214) 4 الحكم بن عبد الملك القرشي البصري، نزل الكوفة، ضعيف من السابعة، بخ ت س ق (التقريب/ 1415) 5 قتادة بن دعانة السدوسي البصري، تقدمت ترجمته. 6 السنن (5/626-227) (تحفة الحوذي 10/194-195) 7 ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (4/ 186) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 طريق العباس بن محمد عن الحسن بن بشر به1. ورواه ابن عساكر من2 طريق أحمد بن يوسف عن الحسن بن بشر به مثله. وذكره (المحب الطبري في الرياض) 3 وعزاه إلى الترمذي. إسناده ضعيف: بالحكم؛ وباقي رجاله ثقات، إلا الحسن بن بشر فإن صدوق يخطئ، وتشهد له رواية البخاري4 عن ابن عمر، ورواية ابن أبي شيبة عن سلمة؛ دون قوله: "فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم"5. 125- قال ابن أبي شيبة: حدثنا عبيد الله بن موسى6 عن موسى بن عبيدة7 قال: حدثني إياس بن8 سلمة عن أبيه9 قال: بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع عليهم   1 الإمامة (304-305) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 72) 3 الرياض النضرة (3/23) . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [22] 5 وهي الرواية الآتية. 6 عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي، الكوفي، أبو محمد، ثقة كان يتشيع، من التاسعة ت سنة 213? ق (التقريب/ 4345) 7 موسى بن عبيدة، ابن نشيط الربذي، أبو عبد العزيز المدني، ضعيف لا سيما في عبد الله بن دينار، وكان عابداً من صغار السادسة، ت سنة 153? ت ق (التقريب/6989) . 8 إياس بن سلمة بن الأكوع، الأسلمي، أبو سلمة، ويقال: أبو بكر، المدني ثقة، من الثالثة: ت سنة 119? وهو ابن 97 سنة ع (التقريب/ 588) . 9 سلمة بن عمرو بن الأكوع، أبو مسلم وأبو إياس، شهد بيعة الرضوان، ت سنة 74? ع (التقريب/2503) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 طليعة، فرجع يحسن الثناء، فقالوا له: إنك أعرابي، قعقعوا لك السلام فطار فؤادك فما دريت ما قيل لك، وما قلت. ثم أرسلوا عروة بن مسعود فجاءه فقال: يا محمد! ما هذا الحديث؟ تدعو إلى ذات الله، ثم جئت قومك بأوباش الناس، من تعرف ومن لا تعرف، لتقطع أرحامهم، وتستحلّ حرمتهم، ودماءهم، وأموالهم، فقال: إني لم آت قومي إلا لأصل أرحامهم، يبدلهم الله بدين خير من دينهم، معائش خير من معائشهم، فرجع حامداً يحسن الثناء، قال: قال إياس عن أبيه فاشتد البلاء على من كان في يد المشركين من المسلمين، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر، فقال: يا عمر هل أنت مبلغ عني إخوانك من أسارى المسلمين؟ فقال: بلى، يا نبي الله، والله مالي بمكة من عشيرة، غيري أكثر عشيرة مني، فدعا عثمان فأرسله إليهم فخرج عثمان إلى راحلته حتى جاء عسكر المشركين، فعتبوا به، وأساؤوا له القول، ثم أجاره أبان بن سعيد ابن العاص ابن عمه، وحمله على السرج وردفه، فلما قدم قال: يا ابن عمّ ما لي اراك متخشماً أسبل، قال: وكان إزاره إلى نصف ساقيه، فقال له عثمان أزرة صاحبنا، فلم يدع أحداً بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال سلمة: فبينما نحن قائلون، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس البيعةَ البيعةَ، نزل روح القدس، فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، وذلك قول الله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 1 قال: فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئاً لأبي عبد الله، يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف" 2. إسناده ضعيف: بموسى وباقي رجاله ثقات، رجال الشيخين. ورواه الطبراني3 من طريقه، ولكن مختصر. ورواه الطبري4 مختصراً من طريق محمد بن عمارة عن عبيد الله بن موسى به، وروى بعضه أبو نعيم من طريق أبي بكر عن عبد الله بن موسى به5 والصواب - كما تقدم - عبيد الله بن موسى. ورواه ابن عساكر6 مختصراً من طريق سعيد بن سلام بن أبي الهيفا الأسدي، نا موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع لعثمان بن عفان بإحدى يديه على الأخرى، وقال: "اللهم إن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك".   1 من الآية (18) من سورة الفتح. 2 المصنف (14/442-443) 3 المعجم الكبير 1/90-91) 4 التفسير (26/86) 5 الإمامة (304) 6 تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (71) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 126- وذكره (المحب الطبري) 1 وقال: "خرجه ابن الضحاك في الآحاد والمثاني"2. وذكره في موضع آخر وقال: "أخرجه أبو عمرو الغفاري"3. وذكره الهيثمي وقال:"فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف"4. ولإرسال عثمان رضي الله عنه إلى أهل مكة قبل بيعة الرضوان، ولبيعة الرضوان، وبيعة النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى يديه على الأخرى لعثمان شاهد رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما والترمذي عن أنس5. 127- وفي تاريخ خليفة: "ابن علية6 عن ابن7 عون، عن محمد8: أن عثمان بعث إليهم علياً ورجلاً آخر، فقال علي: تعطون كتاب الله وتعتبون من كل ما سخطتم؟ فأقبل معه ناس من وجوههم فاصطلحوا على خمس: أن المنفي يقلب، والمحروم يعطى، ويوفر الفيء، ويعدل في القسم، ويستعمل ذو الأمانة   1 الرياض النضرة (3/23-24) 2 وابن الضحاك هو ابن أبي عاصم، وكتابه: الآحاد والمثاني، موجود لدي منه صورة، ولم أتبين الخبر في ترجمة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فيه، ولعله موجو ولم أتنبه لما في ترجمته من طمس. 3 الرياض النضرة (3/23-24) 4 مجمع الزوائد. 5 انظر الملحق الرواية رقم [22] والرواية رقم [148] . 6 ابن عليه هو: إبراهيم بن مقسم الأسدي، تقدمت ترجمته. 7 ابن عون هو: عبد الله بن عون ابن أرطبان، تقدمت ترجمته. 8 محمد هو ابن سيرين تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 والقوة، كتبوا في ذلك كتاب، وأن يرد ابن عامر على البصرة، وأبو موسى الأشعري على الكوفة"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق موسى بن زكريا التستري، قال: نا خليفة ثنا ابن علية به. إسناده صحيح إلى ابن سيرين: لكنه مرسل منه فابن سيرين، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه3 أي أنه ولد سنة 33? وهذه الحادثة كانت سنة 35? فكانت سنه في ذلك الوقت ما يقارب العامين، وهي سن لا تصلح للتحمّل. ولكنه يتقوى برواية أبي سعيد مولى أبي أسيد4. 128- روى ابن عساكر من طريق الدارقطني قال: "نا أبو عثمان سعيد بن محمد الحناط، نا محمد بن عمرو بن العباس5 الباهلي، نا ابن أبي عدي6 عن ابن عون7 عن محمد8 قال:   1 خليفة بن خياط (التاريخ 169-170) 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 328) 3 ذكر ولادته هكذا هكذا كل من إسماعيل بن علية والبخاري وابن حبان (المزي، تهذيب الكمال 3/ 1208 خ) 4 انظر الملحق الرواية رقم: [64] 5 محمد بن عمرو بن العباس أبو بكر الباهلي، البصري وثقه عبد الرحمن بن يوسف ت سنة 249 ? في البصرة (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 3/127) 6 ابن أبي عدي هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي تقدمت ترجمته. 7 ابن عون، هو: عبد الله بن عون، تقدمت ترجمته. 8 محمد هو ابن سيرين، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 لما كان حيث نزل بابن عفان، جمعهم؛ فاستشارهم في أولئك القوم، يعني الذين حصروه، قال: فأرسل إليهم علياً ومعه رجل آخر، فعرض عليهم كتاب الله، فشادهم وشادوه مرتين أو ثلاثاً، ثم قالوا: ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول أمير المؤمنين، يعرض عليكم كتاب الله. قال: فقبلوه واشترطوا خمساً، فكتبوهنّ في الكتاب وثنتين لم يكتبوهنا في الكتاب: المنفي يقلب، والمحروم يعطى، ويوفر الفيء، ويعدل في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوة، ويردّ ابن عامر على أهل البصرة، فإنهم به راضون، ويستعمل الأشعري على الكوفة. قال: فذهبوا"1. ولبعضه شواهد تقدمت من رواية خليفة بن خياط. بإسناده عن أبي سعيد مولى أبي أسيد2. 129- قال ابن أبي شيبة: "محمد بن بشر3 قال: حدثنا إسمعيل بن أبي خالد4 قال: حدثني حصين رجل5 من بني الحارث، قال: أخبرتني سرية6 زيد بن أرقم، قالت:   1 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 328) 2 انظر الملحق الرواية رقم: [64] 3 محمد بن بشر العبدي، تقدمت ترجمته. 4 إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي، تقدمت ترجمته. 5 حصين بن عبد الرحمن الحارثي، كوفي مقبول، من السادسة، مات سنة 139 ? (التقريب/ 1370) 6 لم أجد لها ذكر في ترجمة زيد رضي الله عنه في تهذيب الكمال ولا في مسند زيد في مسند الإمام أحمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 جاء عليّ يعود زيد بن أرقم، وعنده القوم، فقال للقوم: أنصتوا واسكتوا، فوالله لا تسألوني اليوم عن شيء إلا أخبرتكم به، فقال له زيد: أنشدك الله أنت قتلت عثمان؟ فأطرق ساعة ثم قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قتلته، ولا أمرت بقتله، وما سرني"1. إسناده ضعيف: ورواه الحاكم من طريق2: عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حصين الحارثي، قال: جاء علي بن أبي طالب إلى زيد بن أرقم به نحوه. هكذا منقطعاً بين حصين وعليّ، والصواب كما في المصنف أن بينهما سرية زيد. وسرية زيد بن أرقم لم أعرفها. وحصين تفرد به، وهو مقبول عند الحافظ ابن حجر، ولم يتابع. ورواه ابن عساكر3 من طريق: يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، عن إسماعيل بمثل إسناد الحاكم. ورواه أيضاً 4 من طريق: أبي حمزة، عن إسماعيل به بمثل رواية ابن أبي شيبة دون قوله: "وما سرّني".   1 المصنف (15/208-209) 2 المستدرك (3/106) 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 465-466) 4 تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 ويشهد لتبرؤ علي رضي الله عنه من قتله، ومن الأمر به ومن الرضى به ما رواه ابن سعد بإسناد حسن لغيره1. 73- قال ابن شبه: حدثنا أبو داود2 قال: حدثنا الجراح بن مليح3 قال: حدثنا قيس ابن مسلم الجدلي4 عن أم الحجاج5 العوفية قالت: كنت عند عائشة رضي الله عنها فدخل عليها الأشتر - وعثمان رضي الله عنه محصور فقال: "يا أم المؤمنين ما تقولين في قتل هذا الرجل؟ قالت: فتكلمت امرأة بينة اللسان صيته، فقالت: معاذ الله؛ أن آمر بسفك دماء المسلمين، وقتل إمامهم، واستحلال حرمتهم، فقال: الأشتر: كتبتن إلينا حتى إذا كانت الحرب على ساق انسللتن منها. قال أبو وكيع: والذي آمن به المؤمنون، وكفر به الكافرون، ما كتبت إليكم سوداء في بيضاء حتى قعدت مقعدي هذا"6.   1 انظر الملحق الروايات [85-87] 2 أبو داود الطيالسي تقدمت ترجمته. 3 الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي، والد وكيع، صدوق يهم، من السابعة ت سنة 175 ? بخ م د ت ق (التقريب/ 908) 4 قيس بن مسلم الجدلي، أبو عمرو الكوفي، ثقة، رمي بالإرجاء، من السادسة ت سنة 120? 5 لم أجد لها ترجمة. 6 تاريخ المدينة (1224-1225) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 إسناده ضعيف: رجاله رجال مسلم، إلا أم الحجاج العوفية، فلم أجد لها ترجمة، وسرية زيد بن أرقم لم أعرفها لإبهامها. ويشهد لحَلِف عائشة -رضي الله عنها- بعدم كتابة سوداء في بيضاء، ما رواه خليفة بإسناد صحيح1 فيرتقي ذلك إلى الحسن لغيره. 130- قال البخاري في التاريخ الكبير: "قال أبو عاصم2 أخبرنا عمر بن سعيد3: سمع عيسى4 سمع خاله5 خرجت مع ابن عمر رضي الله عنهما في جنازة، فسئل عن علي وعثمان رضي الله عنهما فدفعه ابن عمر، وقال: سألتني عن رجلين، كلاهما أراه خيراً مني. تريد أن أجرح أحدهما بعيب الآخر". وقال البخاري: "ويقال عن عمر بن سعيد: عن عيسى بن عبيد سمع عبد الله ابن بابيه سمع ابن عمر رضي الله عنهما"6.   1 انظر الملحق الرواية رقم: [112] 2 أبو عاصم هو النبيل: الضحاك بن مخلد بن الضحاك، تقدمت ترجمته. 3 عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي، المكي، ثقة، من السادسة، خ م مد ت س ق (التقريب/ 4905) . 4 عيسى هو: ابن عبيد أو ابن عتبة. ذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان (الثقات 7/ 231) (التاريخ 6/ 388، الجرح 6/ 282) . 5 عبد الله بن باباه المكي، ثقة، من الثالثة، م 4 (التقريب/3220) . 6 التاريخ الكبير: 6/ 388. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 رجاله ثقات رجال مسلم سوى عيسى وقد وثقه ابن حبان وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وأخرجه ابن عساكر1 من طريق عيسى عن خاله به، وذكره (المحب) 2 وعزاه إلى أبي عمر. ورواه ابن عساكر من طريق خيثمة بن سليمان عن إسحاق بن يسار، نا أبو عاصم، نا عيسى بن عتبة3. وعند البخاري في الصحيح أن شخصا سأل ابن عمر عن علي وعثمان4. 131- قال أحمد: "نا أبو سعيد5 مولى بني هاشم، نا عكرمة6 بن إبراهيم الباهلي، نا   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 507-508) 2 المحب الطبري (الرياض النضرة 3/ 50) 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 507، 508) . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [22] . 5 هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، أبو سعيد، مولى بني هاشم، نزيل مكة، لقبه جردمه، صدوق ربما أخطأ، من التاسعة، ت سنة 197?، خ صد س ق (التقريب/3918) . 6 عكرمة بن إبراهيم الباهلي، قال عنه ابن معين وأبو داود: «ليس بشيء" وقال النسائي: «ضعيف" وقال يعقوب بن سفيان وأبو حفص محمد بن علي: «منكر الحديث" (تاريخ بغداد للخطيب 12/ 262) ، وانظر (التعجيل للحافظ ابن حجر 290) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 عبد الله1 بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه2. أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم" 3. إسناده حسن لغيره. ورواه من طريقه ابن عساكر4كما رواه 5 من طريق حرمي بن عمارة، وأبي عتاب سهل بن حماد، كلاهما عن عكرمة به نحوه. وهذا الإسناد ضعيف، بضعف عكرمة الباهلي، وعبد الرحمن بن أبي ذباب لم يوثقه غير ابن حبان؛ ويشهد له ما رواه: 132- أبو داود قال: "حدثنا هناد بن السري6 عن أبي الأحوص7 عن   1 عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب، ثقة من الثالثة، د ت س (التقريب/ 3427) . 2 عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ذئاب الدوسي، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه (البخاري، التاريخ الكبير 5/ 300، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 5/ 249، ابن حبان، الثقات 5/ 80) . 3 المسند، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 351) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان249-250) . 5 المصدر نفسه. 6 هناد بن السري بن مصعب التميمي، أبو السري، الكوفي، ثقة، من العاشرة، ت سنة 243?، وله 91سنة عخ م 4 (التقريب/7320) . 7 أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، مولاهم، الكوفي، ثقة، متقن، صاحب حديث من السابعة، ت سنة 179? ع (التقريب/ 2703) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 المغيرة1 عن إبراهيم2 قال: إن عثمان صلى أربعاً، لأنه اتخذها وطناً"3. إسناده حسن لغيره: فإن رجاله ثقات، رجال الشيخين إلا (هناد) فلم يخرِّج له البخاري وهو ثقة. وفيه: عنعة المغيرة، وهو مدلس4 لا سيما عن إبراهيم، كما أن فيه إرسال إبراهيم، فإنه ولد ما يقارب سنة 46?، أي بعد موت عثمان رضي الله عنه بإحدى عشرة سنة تقريباً، وبذلك تكون روايته عن عثمان رضي الله عنه منقطعة. فهذا إسناد ضعيف أيضا لكنه يتقوى بالرواية السابقة ويقويها فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره. وتشهد للروايتين أيضا: روايات الزهري الآتية5.   1 المغيرة بن مقسم الضبي، مولاهم، أبو هشام الكوفي، الأعمى، ثقة، متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم، من السادسة، ت سنة 136? على الصحيح ت (التقريب/ 6851) وكان عثمانياً، يحمل بعض الحمل على عليّ، قاله العجلي (الذهبي، سير أعلام النبلاء 6/ 120) . 2 إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمران الكوفي، الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، ت سنة 96?، وهو ابن 50سنة أو نحوها ع (التقريب/ 270) 3 السنن (2/ 199) . 4 ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين (ص: 46) . 5 انظر الملحق الروايات رقم: [192-194] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 133- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "عبد الرحمن بن مهدي1 عن سفيان2 عن أبيه3 عن أبي يعلى4 عن ابن الحنفية قال: قال علي: "لو سيرني عثمان إلى صرار5لسمعت، وأطعت"6. إسناده صحيح: رجاله ثقات، رجال الشيخين. ورواه ابن عساكر7 من طريق: يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري به مثله. ورواه أيضاً8 من طريق: سفيان، عن أبيه، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية به، وذكره (المحب الطبري) 9 في (الرياض النضرة) .   1 عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، تقدمت ترجمته. 2 سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، تقدمت ترجمته. 3 سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، من السادسة، مات سنة 126?، وقيل بعدها ع (التقريب/ 2393) . 4 أبو يعلى هو: المنذر بن يعلى الثوري، تقدمت ترجمته. 5 صرار: قيل موضع على ثلاثة أميال من المدينة، على طريق العراق (ياقوت، معجم البلدان 3/ 398) . 6 المصنف (15/ 225) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 363) . 8 المصدر نفسه. (3/ 49) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 134- قال ابن سعد: أخبرنا أبو معاوية1 قال: أخبرنا الأعمش2 عن أبي صالح3 قال: كان أبو هريرة إذا ذكر ما صُنع بعثمان بكى، قال: فكأني أسمعه يقول: "هاه هاه ينتحب"4. إسناده صحيح: رجاله ثقات رجال الشيخين ولا تضره عنعنة الأعمش حيث أخرجا له في الصحيحين معنعناً عن أبي صالح5. وأبوصالح وهو: ذكوان السمان شهد يوم الدار وروى عن أبي هريرة وعدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم6. وروى هذا الخبر أيضا: سعيد بن منصور7 عن أبي معاوية به دون قوله: "هاه هاه". 135- قال خليفة: حدثنا عبد الأعلى8 بن الهيثم قال: حدثني أبي9 قال: قلت   1 أبو معاوية هو: محمد بن خازم الضرير، تقدمت ترجمته. 2 الأعمش هو: سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 3 أبو صالح هو: ذكوان السمان، تقدمت ترجمته. 4 ابن سعد (الطبقات 3/ 81) . 5 انظر التعليق على الرواية رقم: (93) . 6 انظر: تهذيب الكمال للمزي: 1/396. 7 السنن (2/ 335) 8 لم أجد له ترجمة. 9 لم أجد له ترجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 للحسن1: أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين والأنصار؟ قال: لا، كانوا أعلاجاً2 من أهل مصر"3. معناه صحيح: فلم يكن في قتلة عثمان رضي الله عنه أحد من المهاجرين والأنصار، وتقدم بيان ذلك4. ولكن في الإسناد تصحيف، فليس في شيوخ (خليفة) أحد بهذا الاسم، وليس في الرواة عن الحسن5 أحد بهذا الاسم. وفي الرواة عن الحسن البصري، عبيد الصيد6 وله ابن يسمى الهيثم7 قال ابن حبان في ترجمة الهيثم: "يروي عن أبيه عن الحسن"8. فبذلك يكون الإسناد كالتالي: "عبد الأعلى9 عن الهيثم قال: حدثني   1 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 2 العلج: العَيْر، والحمار، وحمار الوحش، والرجل من كفار العجم (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1/207) 3 التاريخ (176) 4 انظر: الباب الثاني/الفصل الثاني/المبحث الرابع: (قاتل عثمان) . 5 المزي (تهذيب الكمال 256 خ) 6 عبيد بن عبد الرحمن المزني، أبو عبيدة، البصري، الصيرفي، يعرف بالصيد، صدوق، من السادسة، د (التقريب/ 4382) 7 الهيثم بن عبيد الصيد وهو ابن عبيد بن عبد الرحمن روى عن أبيه وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم وذكره ابن حبان في الثقات وقال يروي عن أبيه عن الحسن. 8 الثقات (9/236) 9 عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 أبي ... "، وهذا إسناد ضعيف بالهيثم، فلم يوثقه غير ابن حبان. لكن يشهد لآخره ما رواه خليفة بإسناد حسن أن قاتل عثمان رضي الله عنه: رجل من أهل مصر1. وما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح إلى جندب الخير، أنه قال: "أتينا حذيفة حين سار المصريون إلى عثمان فقلنا: إن هؤلاء قد ساروا إلى هذا الرجل فما تقول؟ قال: يقتلونه 2 والله ... وما رواه أسد بن موسى، بإسناد صحيح لغيره، عن كنانة مولى صفية أنه قال: قتله رجل من أهل مصر، يقال له: جبلة بن الأيهم" 3. 136- قال يعقوب بن سفيان: حدثنا عبيد الله بن موسى4 عن إسرائيل5 عن أبي إسحاق6 عن جارية7 قال: سمعت ابن مسعود يقول حين قدم علينا بيعة عثمان: حمد   1 انظر الوسيط (ص 220-224) 2 المصدر نفسه. 3 انظر الوسيط (ص: 220 _ 224) 4 عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي، الكوفي، ثقة، كان يتشيع، من التاسعة، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرئيل من أبي نعيم، واستصغر في سفيان الثوري ت سنة 213 ? على الصحيح، ع (التقريب/ 4345) 5 إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، تقدمت ترجمته. 6 أبو إسحاق السبيعي تقدمت ترجمته. 7 جارية بن قدامة التميمي السعدي، صحابي على الصحيح، مات في ولاية يزيد، ابن عساكر (التقريب/ 885) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 الله وأثنى عليه ثم قال: ما ألونا عن أعلى هذي فوق أن بايعناه"1. ومن طريقه رواه ابن عساكر2 وفيه تصحّف جارية إلى "جارٍ له" والصواب جارية. إسناده صحيح: أما عن تشيع عبيد الله فإن الرواية لا تدعو إلى تشيعه بل تخالف مذهب التشيع في عثمان رضي الله عنه، واختلاط أبي إسحاق لا يضر، حيث إن رواية إسرائيل عنه في الصحيحين"3. 137- قال ابن سعد: أخبرنا أبو معاوية4 قال: أخبرنا الأعمش5 عن عبد الله بن سنان6 الأسدي، قال: قال: عبد الله7 حين استخلف عثمان: ما ألونا عن أعلى ذي فوق"8.   1 المعرفة والتاريخ (2/761) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 209) 3 البخاري مع الفتح (6/24) ، صحيح مسلم (1852) 4 أبو معاوية الضرير: هو محمد بن خازم، تقدمت ترجمته. 5 الأعمش هو: سليمان بن مهران الأسدي، تقدمت ترجمته. 6 عبد الله بن سنان الأسدي، وثقه ابن سعد وابن حبان ويحيى بن معين (الطبقات 6/ 178، تعجيل المنفعة 28، الجرح والتعديل 5/ 68) . 7 عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه. 8 الطبقات (3/ 62-63) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 وأخرجه يعقوب بن سفيان1 عن أبي نعيم الفضل بن دكين، ثنا الأعمش به. إسناده صحيح: وأخرج نحوه من طرق متعددة عن ابن مسعود كل من: يعقوبُ بن سفيان، وابنُ سعد، وابن عساكر2 138- قال أحمد: ثنا يحيى بن سعيد3 القطان، عن حماد بن سلمة4 حدثني عبد الملك ابن عمير5عن رفاعة بن شداد6. قال: كنت أقوم على رأس (المختار) فلما عرفت كذبه هممت أن أسل سيفي فأضرب عنقه، فذكرت حديثاً حدثناه عمرو بن الحمق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أمنّ رجلاً على نفسه فقتله، أعطي لواء الغدر يوم القيامة) ".   1 المعرفة والتاريخ (2/ 760) . 2 يعقوب بن سفيان (المعرفة والتاريخ 2/ 760-761) وابن سعد (الطبقات 3/ 63) ، وابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 206-209) . 3 يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي، تقدمت ترجمته. 4 حماد بن سلمة تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 رفاعة بن شداد بن عبد الله بن قيس القتباني، أبو عاصم، الكوفي، ثقة، من كبار الثالثة، س ق (التقريب/ 1947) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 وروى أحمد أيضاً1 عن بهز بن أسد، عن حماد به نحوه وفيه: "فلما بيّنت كَذَابَته"2. وروى أحمد 3 أيضاً عن ابن نمير4 ثنا عيسى5 القارئ أبو عمر بن عمر، ثنا السدي6 عن رفاعة القتباني قال: "دخلت على (المختار) ، فألقى لي وسادة وقال: لولا أن أخي جبريل قام عن هذه لألقيتها لك: فأردت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثاً حدثنيه أخي عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مؤمناً أمنّ مؤمناً على دمه فقتله، فأنا من القاتل بريء". ورواه ابن عساكر7 من طريق علي بن الجعد عن حماد به مثله. كما رواه8 أيضاً من طريق الحارث بن حصين الثقفي، عن السدي به، وفيه: "رفاعة بن عاصم القتباني".   1 المسند (5/ 223-2234، 436-437) . 2 المسند (5/ 223-224، 436-437) . 3 المصدر نفسه. 4 هو عبد الله بن نمير، تقدمت ترجمته. 5 عيسى بن عمر الأسدي الهمداني، أبو عمر، الكوفي، القارئ، ثقة من السابعة، مات سنة 156? ت س (التقريب/ 5314) . 6 السدي هو: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، السدي، أبو محمد الكوفي، صدوق يهم، رمي بالتشيع، من الرابعة، مات سنة 127? م 4 (التقريب/ 463) . 7 تاريخ دمشق (13/ 431-432) 8 المصدر نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 ورواه ابن أبي عاصم1 من طريق يزيد بن هارون عن حماد به نحوه. ورجال طريق أحمد الأولى ثقات، رجال مسلم غير رفاعة، وهو ثقة، وفيه تدليس عبد الملك، وهو من المرتبة الثالثة2 فيضعف الإسناد به، لكن يقويه الإسناد الثالث لأحمد الذي من طريق السدي، فإن رجاله ثقات، رجال مسلم أيضاً سوى عيسى القارئ وهو ثقة. والسدي صدوق يهم، رمي بالتشيع. ورواه ابن ماجه3 من طريق عبد الملك بن عمير وصححه4 البوصيري، والألباني5 وذكره الذهبي في (السير) 6. ورواه البخاري في التاريخ7 الكبير، والنسائي8 والطحاوي9 والخرائطي10 كلهم من طريق: عبد الملك بن عمير به. قال الألباني: "وهذا سند صحيح"11.   1 الآحاد والمثاني (خ 254) . 2 ابن حجر (طبقات المدلسين، 41) . 3 السنن (2/ 896) . 4 مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (2/ 355) . 5 صحيح سنن ابن ماجه (2/ 107) . (3/ 539) . (3/ 323) . 8 السنن الكبرى (كما في السلسلة 1/ 725) . 9 المشكل (1/ 77) . 10 مكارم الأخلاق (29) . 11 السلسة الصحيحة (1/ 725) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 وفي رواية النسائي "إذا اطمأن الرجل إلى الرجل ثم قتله، رفع له لواء ... ". وفي رواية البخاري في التاريخ1 والطحاوي2 والخرائطي3 والطبراني4 وأبي نعيم من طريق السدي عن رفاعة: "من أمَّن رجلاً على دمه فقتله، فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً". وأخرجه الطيالسي5 ثنا محمد بن أبان عن السدي، بلفظ: "إذا أمن الرجل على نفسه". ورواه ابن حبان في صحيحه6 بلفظ: "أيما رجل أمّن رجلاً" ويشكل أن رفاعة يسمع من يدعي أن جبريل ينزل إليه، ثم يعده في عداد المؤمنين، ولعل ذلك زيادة من التورع منه، حيث إنه لا يعلم: هل قامت عليه الحجة الكافية أم لا؟. ويلاحظ أن رواية واحدة فقط هي التي فيها تخصيص هذا الأمر في المؤمن، أما باقي الروايات فتعمم، وهي أصح من الروايات المخصصة.   (2/ 322) . 2 المشكل (1/ 78) . 3 المعجم الصغير (19، 121) 4 السلسة الصحيحة (1/ 725) 5 المسند (181) . 6 صحيح ابن حبان (1682) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 139- وفي مصنف عبد الرزاق: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر1 عن قتادة2 قال: قال ابن سلام: "لئن كان قتل عثمان هدى لتحلبن لبناً، ولئن كان قتل عثمان ضلالة لتحلبن دماً". قال: وقال حذيفة: طارت القلوب مطارها، ثَكِلَتْ كلَّ شجاع بطل من العرب أمّه اليوم، والله لا يأتيكم بعد بعده هذه إلا أصغر، أبتر، الآخر شر"3. إسناده ضعيف: رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا أن قتادة مشهور بالتدليس4 ولم يصرح هنا بالسماع فالرواية معلولة به. وفي بعض رواياته بينه وبين ابن سلام رضي الله عنه، أبو المليح وقد روي نحو هذا الخبر من قول الحسن5. وللفقرة الأولى شاهد من رواية ابن سيرين عن ابن سلام6. 140- قال عبد الله بن أحمد: حدثني محمد بن أبي بكر بن علي7 المقدمي، حدثنا محمد ابن   1 معمر هو: ابن راشد، تقدمت ترجمته. 2 قتادة هو ابن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. 3 عبد الرزاق الصنعاني (المصنف 11/ 446) . 4 ابن حجر (طبقات المدلسين 43 عاصم) والسير للذهبي (5/ 270) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 500) 6 رواه ابن سعد وغيره بإسناد حسن. 7 محمد بن أبي بكر بن علي المقدمي، الثقفي، مولاهم البصري، ثقة من العاشرة، ت سنة 234? خ م س (التقريب/ 5761) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 عبد الله1 الأنصاري، حدثنا هلال بن حق الجريري2 عن ثمامة بن حزن القشيري3 قال: شهدت الدار يوم أصيب عثمان فاطلع عليهم اطلاعه، فقال: ادعوا لي صاحبيكم اللذين ألّباكم عليّ، فدعيا له، فقال: نشدتكما الله، أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله، فقال: من يشتري هذه البقعة من خلص ماله فيكون فيها كالمسلمين، وله خير منها في الجنة؟ فاشتريتها من خالص مالي فجعلتها بين المسلمين، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين. ثم قال: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن فيها بئر يستعذب منه إلا رومة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتريها من خالص ماله، فيكون دلوه فيها كدلي المسلمين، وله خير منها في الجنة؟ فاشتريتها من خالص مالي، فأنتم تمنعوني أن أشرب منها؟ ثم قال: هل   1 محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله الأنصاري، البصري، ثقة من التاسعة، مات سنة 215? ع (التقريب/ 6046) وذكره ابن الكيال في المختلطين (ص: 394) ، ولم يذكر من روى عنه قال: أخبرنا الاختلاط ولا من روى عنه بعده. 2 هلال بن حق ذكره البخاري في التاريخ الكبير وسكت عنه، وذكره أيضاً ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 8/ 210، والثقات 7/ 576) . 3 ثمامة بن حزن القشيري، البصري، والد أبي الورد، ثقة، من الثانية مخضرم، وفد على عمر بن الخطاب، وله 35 سنة، بخ م ت س (التقريب/ 850) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 تعلمون أني صاحب جيش العسرة؟ قالوا: اللهم نعم"1. ومن طريقه رواه ابن عساكر2 ورواه أيضاً من طريق: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ثمامة بن أنس، نا محمد بن عبد الله الأنصاري به نحوه. وصحح إسناده (أحمد شاكر) وليس كما قال، بل إسناده ضعيف بهلال، فهو مجهول الحال، لم يوثقه غير ابن حبان، كما أن محمد بن عبد الله قد اختلط ولم أتبين الراوي عنه، هل روى عنه قبل اختلاطه أم بعده؟. وله عدة شواهد3. 141- قال أحمد: حدثنا بهز، حدثنا أبو عوانة، حدثنا حصين عن عمرو بن جاوان، قال: قال الأحنف: انطلقنا حجاجاً فمررنا بالمدينة، فبينما نحن في منزلنا إذ جاءنا آتٍ، فقال: الناس من فزع في المسجد، فانطلقت أنا وصاحبي، فإذا الناس مجتمعون على نفر في المسجد، قال: فتخللتهم حتى قمت عليهم، فإذا علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، قال: فلم يكن ذلك بأسرع من أن جاء عثمان يمشي، فقال: أههنا علي؟ قالوا: نعم، قال: أههنا الزبير؟ قالوا: نعم، قال: أههنا طلحة؟ قالوا: نعم، قال: أههنا سعد؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو   1 أحمد (المسند بتحقيق أحمد شاكر 2/ 13 -14) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 339-340) 3 انظر الملحق الروايات رقم: [66، 67، 165، 198] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له فابتعته، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني قد ابتعته، فقال: اجعله في مسجدنا وأجره لك؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبتاع بئر رومة فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني قد ابتعتها، يعني بئر رومة، فقال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة، فقال: من يجهّز هؤلاء غفر الله له، فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً؟ قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد ثم انصرف"1. ورواه ابن عساكر من طريق: يحيى بن حماد، نا أبو عوانة: ومن طريق جريد: كلاهما عن حصين به نحوه. وصحح إسناده أحمد شاكر، لكن في تصحيحه نظراً، فإن عمراً لم يوثقه غير ابن حبان، لبعضه عدة شواهد2.   1 المسند (ت أحمد شاكر 1/ 380-381) . 2 انظر الملحق الروايات رقم: [43، 66، 76، 164، 198] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 142- قال ابن سعد: أخبرنا عمرو1 بن عاصم قال: أخبرنا همام2 قال: حدثني قتادة3 عن أبي المليح4 عن عبد الله بن سلام قال: "ما قتل نبي قطّ إلا قتل به سبعون ألفاً من أمته، ولا قتل خليفة قط إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفاً"5. إسناده حسن: رجاله ثقات، رجال الشيخين. وعمرو بن عاصم قال عنه أبو داود: "لا أنشظ لحديثه" لكن وثقه ابن معين، والنسائي6 واحتج به الشيخان، فهو صحيح الحديث إن شاء الله تعالى. غير أن قتادة مشهور بالتدليس7من الثالثة، وقد عنعن فيضعف الخبر به. لكن يشهد له ما رواه عبد الرزاق8فيصبح حسناً لغيره.   1 عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي، تقدمت ترجمته. 2 همام بن يحيى بن دينار العوذي، البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة مات سنة 164?، ع (التقريب/ 7319) . 3 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. 4 أبو المليح بن أسامة بن عمير، تقدمت ترجمته. 5 ابن سعد (الطبقات 3/ 83) . 6 ابن حجر (هدي الساري 431) . 7 ابن حجر (طبقات المدلسين 43، عاصم) والسير للذهبي (5/ 270) . 8 انظر الملحق الرواية رقم: [72] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 143- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثنا محمد بن يوسف1 ثنا سفيان2 عن أسلم المنقري3 عن عبد الله4 بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه5 رضي الله عنه قال: قلت لأبيّ بن كعب - لما وقع الناس في أمر عثمان -: أبا المنذر ما المخرج؟ قال: كتاب الله، ما استبان لك فاعمل به، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه"6. إسناده حسن.   1 محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي الزيدان، مولاهم ثقة، فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان وهو مقدم فيه / مع ذلك / عندهم على عبد الرزاق، من التاسعة، ت سنة 212? ع (التقريب/ 6415) . 2 سفيان هو: ابن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه، عابد، إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس مات سنة 161? وله أربع وستون ع (التقريب/ 2445) . 3 أسلم المنقري، سكنى أبا سعد، ثقة، ت سنة 142?، من السادسة د (التقريب/407) 4 عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، مولاهم الكوفي، مقبول من الخامسة خت د س (التقريب/ 3423) وقال الذهبي في الكاشف: «وثق" (2/ 92) ولم يذكره في الميزان، ولا الحافظ في اللسان. وقال الحافظ في التهذيب «وثقه ابن حبان" وقال الأثرم: «قلت لأحمد: سعيد وعبد الله أخوان؟ قال: نعم، قلت: فأيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما عندي حسن الحديث". (ابن حجر تهذيب التهذيب 5/ 290) ، والأثرم هو صاحب الإمام أحمد (الذهبي، التذكرة 2/ 571) . 5 عبد الرحمن بن أبزى، الخزاعي مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رجلاً، وكان على خراسان لعلي. ع (التقريب/ 3794) . 6 البخاري (التاريخ الصغير، 1/ 89) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 ورواه ابن أبي شيبة1 عن أبي أسامة2 قال: حدثنا الثوري، قال: حدثنا سالم المنقري به مثله وفيه: "فآمن به وكله إلى عالمه". وفيه "سالم" بدل "أسلم" وهو تصحيف. ورواه يعقوب بن سفيان3 عن عبد الله4 بن عثمان، قال: حدثنا عبد الله5 قال: حدثنا سفيان به إلى قوله: "لقيت أبيّ بن كعب" فقط. وإسناد البخاري حسن، وقد صرح سفيان بالسماع في رواية ابن أبي شيبة، وقد تابع محمد بن يوسف، أبو أسامة عن الثوري: مما زاده قوة إلى قوته، خاصة وإن احتمال خطأ الفريابي في رواية الثوري قليل. وإسناد ابن أبي شيبة حسن أيضاً، كما تابعهما أيضاً ابن المبارك والإسناد إليه صحيح. 144- وفي مصنف عبد الرزاق: "عن معمر6 عن أيوب7 عن أبي قلابة8: أن رجلاً من حمص يقال   1 ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 211) . 2 أبو أسامة هو: حماد بن أسامة القرشي، تقدمت ترجمته. 3 يعقوب بن سفيان (المعرفة والتاريخ 1/ 220) . 4 عبد الله بن عثمان بن جلة بن أبي رواد، العتكي، أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة إحدى وعشرين خ م د ت س (التقريب/ 3465) . 5 عبد الله هو: ابن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثقة، ثبت، فقيه علم، جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، ت سنة 181? وله 63 سنة ع (التقريب/ 3570) . 6 معمر بن راشد، تقدمت ترجمته. 7 أيوب السختياني، تقدمت ترجمته. 8 أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 له كريب بن سيف - أو سيف بن كريب - جاء إلى عثمان فقال: ما جاء بك؟ أبإذن جئت أم عاص؟ قال: بل نصيحة أمير المؤمنين، قال: وما نصيحتك؟ قال: لا تكل المؤمن إلى إيمانه، حتى تعطيه من المال ما يصلحه - أو قال: ما يعيِّشه - ولا تكل ذا الأمانة إلى أمانته، حتى تطالعه في عملك، ولا ترسل السقيم إلى البريء ليبرئه، فإن الله يبرئ السقيم، وقد يسقمُ السقيمُ البريء، قال: ما أردت إلا الخير، قال: فردهم، وهم زيد بن صوحان وأصحابه"1. إسناده إلى أبي قلابة صحيح؛ رجاله رجال الشيخين. وأبو قلابة، ت سنة 104?، كثير الإرسال، قال العجلي: "فيه نصب يسير". 145- قال أحمد: حدثنا إسماعيل2 بن أبان الوراق، حدثنا يعقوب3 عن جعفر4 بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى5 عن عثمان بن عفان، قال: قال له عبد الله بن الزبير حين حُصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك، فهل لك أن تحول إلى   (11/ 334) . 2 إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي، أبو إسحاق أو أبو إبراهيم كوفي ثقة، تكلم فيه للتشيع، مات سنة 216?، من التاسعة، خ صد ت (التقريب/ 410) . 3 يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري، أبو الحسن القمي، صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة 174? خت 4 (التقريب/ 7822) . 4 ترجم له. 5 سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ترجم له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 مكة، فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله عليه مثل نصف أوزار الناس"1. وروى المرفوع منه فقط البزار2 عن محمد بن موسى القطان، عن إسماعيل به وقال: "وأنا أظن إنما هو: عن يعقوب، عن جعفر بن حميد، عن ابن أبزى، وأخاف أن يكون خطأ". إسناده ضعيف: فابن أبزى لم يدرك عثمان. قال أبو زرعة:"سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن عثمان مرسل"3. كما أن إسماعيل فيه تشيع، وفي الرواية ما يدعو إلى التشيع، وقد تكلم فيه للتشيع4. وقال أحمد شاكر: "إسناده ضعيف لانقطاعه". وعلله بعدم سماع ابن أبزى من عثمان رضي الله عنه لكن لبعضه شاهد رواه: 146- أحمد أيضاً قال: حدثنا علي بن عياش5 نا الوليد بن مسلم6- قال: وأخبرني   1 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 361) . 2 كشف الأستار (2/ 48) . 3 العلائي (جامع التحصيل 220) . 4 كما تقدم في ترجمته. 5 علي بن عياش الألهاني، الحمصي، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات سنة 219? خ 4 (التقريب/ 4779) . 6 الوليدبن مسلم القرشي، مولاهم، أبو العباس الدمشقي، ثقة لكنه كثير التدليس، والتسوية، من الثامنة، ت سنة 195? 4 (التقريب/ 7456) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 الأوزاعي1 عن محمد بن عبد الملك بن مروان2 أنه حدثه عن المغيرة بن شعبة أنه دخل على عثمان وهو محصور، فقال: إنك إمام العامة، وقد نزل بك ما ترى، وإني أعرض عليك خصالاً ثلاثاً اختر إحداهن: إما أن تخرج فتقاتلهم، فإن معك عدداً وقوة، وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن نخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه، فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها. وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية. فقال عثمان: أما أن أخرج فأقاتل، فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء، وأما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلوني بها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم، فلن أكون أنا إياه، وأما أن ألحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، فلن أفارق دار هجرتي، ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم " 3. إسناده ضعيف. ورواه من طريقه ابن عساكر4.   1 الأوزاعي هو: عبد الرحمن بن عمرو، تقدمت ترجمته. 2 محمد بن عبد الملك بن مروان الأموي، وثقه علي بن الحسن بن الجنيد، وذكره ابن حبان في الثقات، قتل سنة 132? (ابن أبي حاتم الجرح 8/ 4، ابن حجر، التعجيل 370-371) . 3 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 369) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 387-388) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 ورواه الخطيب البغدادي1 من طريق يعقوب بن القاسم الطلحي، عن الوليد به نحوه. ومن طريقه ابن عساكر 2 وذكره (المحب الطبري في الرياض النضرة) 3. وفيه: "وإن شئت خرجت بمن معك فقاتلناهم ... ". قال ابن أبي حاتم:"محمد بن عبد الملك بن مروان روى عن المغيرة بن شعبة مرسلاً" 4. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعاً من المغيرة"5. وقال أحمد شاكر: "في إسناده نظر" ثم نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في محمد بن عبد الملك "ما أظن روايته عن المغيرة إلا مرسلة". ثم قال أحمد شاكر: "وأنا أرجح هذا؛ لأن المغيرة بن شعبة مات سنة 50? فيبعد أن يسمع منه ثم يعيش بعده 82سنة، ولو كان لذكر في المعمرين من الرواة؛ ولذلك أرجح أن الحديث ضعيف؛ لانقطاعه"6. قلت: وفيه الوليد بن مسلم كثير التدليس والتسوية، ولم يصرح شيخه بالسماع. فالإسناد ضعيف بهاتين العلتين.   1 تاريخ بغداد (14/ 272) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 387-388) (3/ 70) . 4 الجرح (8/ 4) . (7/ 329) . 6 مسند أحمد (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 369) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 وبعضه يقوي ويتقوى بما قبله. فينتج من هاتين الروايتين: أنه عرض على عثمان رضي الله عنه الخروج إلى مكة للهرب من الخارجين عليه، وأنه رفض ذلك مبيناً سبب رفضه هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يلحد رجل من قريش بمكة" فهذا الذي اتفقت عليه الروايتان حسن لغيره، والباقي ضعيف. 147- قال أبوبكر ابن أبي الدنيا: نا بشار بن موسى1 أنا عبد الله بن المبارك2 حدثني يونس بن يزيد3 عن الزهري4 عن أبي سلمة5 عن أبي قتادة6 قال: دخلت على عثمان وهو محصور، أنا ورجل من قومي نستأذنه في الحج، فأذن لنا، فلما خرجت استقبلني الحسن بن علي بالباب، فدخل وعليه سلاحه، فرجعت معه، فدخل فوقف بين يدي عثمان. قال: يا أمير المؤمنين ها أنا ذا بين يديك فمرني بأمرك. فقال له عثمان: يا ابن أخي وصلتك رحم أن القوم ما يريدون غيري، ووالله لا أتوقى بالمؤمنين، ولكن أوقي المؤمنين بنفسي، فلما سمعت ذلك منه قلت: يا أمير المؤمنين، إن كان من أمرك كون، فما تأمر، قال: انظر ما اجتمعت عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم   1 بشار بن موسى الخفاف شيباني عجلي، بصري، نزل بغداد، ضعيف كثير الغلط، كثير الحديث، من العاشرة، فق (التقريب/ 674) . 2 عبد الله بن المبارك الخراساني، تقدمت ترجمته. 3 يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، تقدمت ترجمته. 4 محمد بن مسلم الزهري، تقدمت ترجمته. 5 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، تقدمت ترجمته. 6 أبو قتادة الأنصاري، ترجم له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 فإن الله لا يجمعهم على ضلالة، كونوا مع الجماعة حيث كانت. قال بشار: فحدثت به حماد بن زيد، فرقّ ودمعت عيناه وقال: رحم الله أمير المؤمنين، حوصر نيفاً وأربعين ليلة، لم تبد منه كلمة يكون لمبتدع فيها حجة"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف: بشار ضعيف كثير الغلط، ويونس في روايته عن الزهري وهم قليل. ولعرض الحسن على عثمان رضي الله عنهما القتال دونه شواهد3 فيتقوى بها إلى درجة الحسن لغيره. ولقوله: "أقي المؤمنين بنفسي" شاهد، رواه سعيد بن منصور4 عن أبي معشر5 عن سعيد بن أبي سعيد6 عن أبي هريرة.   1 المحتضرين (خ ق 12 ب حديث: 343، كما في حاشية تاريخ دمشق (ترجمة عثمان ص: 405) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان، ص 405) 3 انظر الملحق الرواية رقم: [55] 4 السنن (2/334) 5 تقدمت ترجمته. 6 سعيد بن أبي سعيد؛ كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين. . مات في حدود العشرين، وقيل قبلها، وقيل بعدها، ع (التقريب/ 2321) (تهذيب الكمال 1/490) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 وذكره (المحب الطبري في الرياض النضرة) 1. 148- قال ابن أبي داود: نا محمد بن عمر بن هياج، نا يحيى بن عبد الرحمن2- يعني الأرحبي - حدثني عبد الله بن عبد الملك3 بن الحر، عن إياد بن لقيط4 عن يزيد بن معاوية5 قال: إني لفي المسجدزمن الوليد بن عقبة، في حلقة فيها حذيفة، وليس إذ ذاك حجزة ولا جلاوزة، إذ هتف هاتف: من كان يقرأ على قراءة أبي موسى فليأت الزاوية التي عند أبواب كندة، ومن كان يقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود فليأت هذه الزاوية التي عند دار عبد الله. فاختلفا في آية من سورة البقرة، قرأ هذا {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، وقرأ هذا: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّوَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فغضب حذيفة واحمرت عيناه ثم قام فغرز قميصه في حجرته وهو في المسجد - وذلك في زمن عثمان   (3/ 45) 2 يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، الكوفي، صدوق من الحادية عشرة، ت سنة 255 ?، ت س ق (التقريب/ 6174) 3 عبد الملك بن سعيد بن حيان، ابن أبجر، الكوفي، ثقة عابد، من السادسة م د ت س (التقريب/ 4181) 4 أياد بن لقيط السدوسي، ثقة من الرابعة، بخ م د ت س (التقريب/ 582) 5 يزيد بن معاوية العامري، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 8/355، الجرح والتعديل 9/286، ابن حبان، الثقات 5/ 544) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 فقال: إما أن تركب إلى أمير المؤمنين وإما أن أركب، فهكذا كان من قبلكم، ثم أقبل فجلس، فقال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم فقاتل بمن أقبل من أدبر حتى أظهر الله دينه، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف أبا بكر فكان ما شاء الله، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عمر، فنزل وسط الإسلام، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عثمان. وأيم الله ليوشكن أن تطعنوا فيه طعنة تحلقونه كله"1. إسناده ضعيف: يزيد لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، إلا محمد بن عمرو ويحيى فهما صدوقان. ومن طريق ابن أبي داود رواه ابن عساكر2. ولغضب حذيفة من اختلافهم في القرآن شاهد رواه البخاري3 فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره. 149- قال البخاري في صحيحه: حدثنا عليّ سمع هشيماً، أخبرنا حصين عن زيد بن وهب، قال: "مررت بالربذة، فإذا أبا ذر رضي الله عنه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك،   1 المصاحف (18 العلمية) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 233-234) 3 انظر الملحق الرواية رقم: [30] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمرّوا عليّ حبشياً لسمعت وأطعت"1. 150- قال ابن سعد: أخبرنا هشيم2 قال: أخبرنا حصين3 عن زيد بن وهب4 قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر، قال: فقلت: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، قال: فقلت: نزلت فينا وفيهم. قال فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فكتب يشكوني إلى عثمان، قال: فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمت المدينة وكثر الناس عليّ كأنهم لم يروني قبل ذلك. قال: فذكر ذلك لعثمان فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً. فذاك أنزلني هذا المنزل، ولو أمَّر عليّ حبشياً لسمعت وأطعت"5. إسناده صحيح: ولا يعلّه ما في هشيم من كثرة التدليس، لأنه صرحض   1 الجامع الصحيح (فتح الباري 3/ 271) . 2 هشيم بن بشير السلمي، تقدمت ترجمته. 3 حصين بن عبد الرحمن السلمي، تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 الطبقات (4/ 226) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 بالسماع، وقد قال ابن سعد: " ... كان ثقة، كثير الحديث، ثبتاً، يدلس كثيراً؛ فما قال في حديثه أخبرنا فهو حجة؛ وما لم يقل فيه أخبرنا فليس بشيء"1. ولا يعلل أيضاً باختلاط حصين لأن حديث هشيم عنه ليس مما كان بعد الاختلاط، ولذلك قال أحمد: "ليس أحد أصح حديثاً عن حصين من هشيم"2. ورواه ابن شبة3 من طريق أحمد بن معاوية عن هشيم به، ولم يصرح فيه هشيم بالسماع، وفيه: "لو أمَّروا" وفيه أيضاً: "وأطعت". ويلاحظ أن رواية البخاري المتقدمة فيها: "فذكرت ذلك" بدل "فذكر ذلك". 151- قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم4 وعمرو بن عاصم الكلابي 5 قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة6 عن حميد بن هلال7 قال: حدثنا عبد الله بن الصامت8 قال: "دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان بن   1 الطبقات (7/ 313) ، وتهذيب التهذيب لابن جحر (11/ 61) . 2 ابن حجر تهذيب التهذيب (11/ 61) . 3 تاريخ المدينة (ص: 1037-1038) . 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 سليمان بن المغيرة القيسي، مولاهم، البصري، أبو سعيد، ثقة ثقة قاله يحيى بن معين، من السابعة، أخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، مات سنة 165? ع (التقريب/ 2612) . 7 تقدمت ترجمته. 8 عبد الله بن الصامت الغفاري، البصري، ثقة، من الثالثة، توفي بعد السبعين، خت م 4 (التقريب/ 3391) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 عفان من الباب الذي لا يدخل عليه منه، قال: وتخوفنا عثمان عليه، قال: فانتهى إليه فسلم عليه، قال: ثم ما بدأه بشيء إلا أن قال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين؟ والله ما أنا منهم ولا أدركهم، لو أمرتني أن آخذ بعرقوتي قتب لأخذت بهما حتى أموت، قال: ثم استأذنه إلى الربذة، قال: فقال: نعم، نأذن لك ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة، فتصيب من رسلها. فقال: فنادى أبو ذر: دونكم معاشر قريش دنياكم فاعذموها لا حاجة لنا فيها. قال: فما نراه بشيء، قال: فانطلق وانطلقت معه حتى قدمنا الربذة، قال: فصادفنا مولى لعثمان غلاماً حبشياً يؤمهم، فنودي بالصلاة فتقدم فلما رأى أبا ذر نكص، فأومأ إليه أبو ذر: تقدم فصل. فصلى خلفه أبو ذر"1. إسناده صحيح. ورواه ابن شبة من طريق: عمرو بن عاصم به نحوه2. ومن طريق عبد الوارث عن حميد به ولفظه: أرسل عثمان رضي الله عنه إلى أبي ذر، فقال: لست منهم، لو أمرتني أن أتعلق بعرقوة قتب لتعلقت به حتى أموت3. 152- قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر4 عن أيوب5- أو غيره - عن حميد بن هلال6 عن   1 الطبقات (4/ 232) . 2 تاريخ المدينة (1035-1036) وانظر مجلة العرب جزء 7، 8 سنة 2، محرم صفر 1406 ? ص 475) 3 تاريخ المدينة (1041) . 4 معمر هو ابن راشد، تقدمت ترجمته. 5 أيوب السختياني، تقدمت ترجمته. 6 حميد بن هلال تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 عبد الله بن الصامت1 قال: "لما قدم أبو ذر على عثمان قال: أخفتني، فوالله لو أمرتني أن أتعلق بعروة قتب حتى أموت لفعلت"2. إسناده صحيح. ورواه ابن أبي شيبة3 عن ابن علية4 عن أيوب عن حميد عن أبي ذر به نحوه. وإسناد عبد الرزاق صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا عبد الله فلم يخرج له البخاري وهو ثقة. وإسناد ابن أبي شيبة مثله، وفيه علو، حيث رواه حميد عن أبي ذر دون واسطة، وحميد لم يوصف بالتدليس5. فلعل رواية عبد الرزاق من المزيد في متصل الأسانيد. وروى عبد الله بن سيدان عن أبي ذر قال: "لو أمرني عثمان أن أمشي على رأسي لمشيت6". وعبد الله بن سيدان هو المطرودي، مختلف في صحبته، وقال عنه البخاري: "لا يتابع في حديثه"7.   1 عبد الله بن الصامت الغفار، تقدمت ترجمته. 2 المصنف (11/332) . 3 المصنف (15/225) 4 إسماعيل بن علية، تقدمت ترجمته. 5 لم أجده في التبيين لأسماء المدلسين، لسبط بن العجمي، ولا في طبقات المدلسين للحافظ ابن حجر. 6 رواه ابن أبي شيبة إلى عبد الله بإسناد رجاله رجال مسلم، وفيه عنعنة الأعمش. (المصنف 15/225) 7 انظر طبقات ابن سعد (7/438، والتاريخ الكبير للبخاري (15/110) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 153- قال ابن شبة: حدثنا هارون بن معروف1 قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة2 قال ابن شوذب3 حدثنا عن مطرف4 عن حميد بن هلال5 عن عبد الله بن الصامت 6 قال: دخلت مع أبي ذر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه قال: وعلى أبي ذر عمامة، فرفع العمامة عن رأسه وقال: إني والله يا أمير المؤمنين ما أنا منهم - قال ابن شوذب: يعني من الخوارج - ولو أمرتني أن أعض على عرقوبي قتب لعضضت عليهما حتى يأتيني الموت وأنا عاض عليهما. قال: صدقت يا أبا ذر إنا إنما أرسلنا إليك لخير، لتجاورنا بالمدينة. قال: لا حاجة لي في ذاك، ايذن لي في الربذة. قال: نعم، ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة، تغدو عليك وتروح. قال: لا حاجة لنا في ذاك. يكفي أبا ذر صرمته. قال: ثم خرج، فلما بلغ   1 ترجم له. 2 تقدمت ترجمته. 3 عبد الله بن شوذب الخراساني، أبو عبد الرحمن، سكن البصرة، ثم الشام، صدوق عابد، من السابعة، مات سنة 56 أو 57? بخ 4 (التقريب/ 3387) . 4 هكذا في المطبوعة، وهو تصحيف إما من الناسخ أو من المحقق، وصوابه مطر، وهو: ابن طهمان الوراق، أبو رجاء السلمي، مولاهم الخراساني، سكن البصرة، صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف، من السادسة، مات سنة 125? ويقال سنة 129? خت م 4 (التقريب/ 6699) . 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 الباب التفت إليهم فقال: يا معاشر قريش اعذموها ودعونا وديننا. قال: ودخل عليه وهو يقسم مال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وعنده كعب، فأقبل عثمان رضي الله عنه فقال: يا أبا إسحاق ما تقول في رجل جمع هذا المال فكان يتصدق منه، ويحمل في السبيل ويصل الرحم؟ فقال: إني لأرجو له (خيراً) فغضب أبو ذر ورفع عليه العصا وقال: ما يدريك يا ابن اليهودية ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع السويداء من قلبه"1. إسناده حسن: فإن رجاله ثقات إلا ضمرة وابن شوذب ومطر، وهم صدوقون. ويشهد لأكثره ما قبله. قال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون2 قال: أخبرنا هشام بن حسان3 عن محمد ابن سيرين4 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: إذا بلغ البناء5 سلعاً فاخرج منها. ونحا بيده نحو الشام، ولا أرى أمراءك يدعونك. قال يا رسول الله أفلا أقتل من يحول بيني وبين أمرك؟ قال: لا، قال: فما تأمرني؟ قال: اسمع وأطع ولو لعبد حبشي. قال: فلما كان ذلك خرج إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان: إن   1 تاريخ المدينة (1036-1037) . 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 في الأصل: النبأ وهو تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 أبا ذر أفسد الناس بالشام، فبعث إليه عثمان فقدم عليه، ثم بعثوا أهله من بعده، فوجدوا عنده كيساً أو شيئاً فظنوا أنها دراهم، فقالوا: ما شاء الله فإذا هي فلوس. فلما قدم المدينة، قال له عثمان: كن عندي تغدو عليك وتروح اللقاح، قال: لا حاجة لي في دنياكم، ثم قال: ائذن لي حتى أخرج إلى الربذة، فأذن له فخرج إلى الربذة وقد أقيمت الصلاة وعليها عبد لعثمان حبشي، فتأخر، فقال أبو ذر: تقدم، فصل، فقد أمرت أن أسمع وأطيع ولو لعبد حبشي، فأنت عبد حبشي"1. إسناده صحيح: إلى ابن سيرين، وابن سيرين ولد سنة 33? فروايته هذه مرسلة. ورواه ابن شبة2من طريق: قرة عن ابن سيرين به مختصراً، وفي آخره: "فكان محمد إذا ذكر له أن عثمان رضي الله عنه سيّره أخذه أمر عظيم، ويقول: "هو خرج من قبل نفسه ولم يسيره عثمان". وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: "إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها" رواه غير ابن سيرين، فقد رواه كل من: 1- أم ذر، وذلك فيما ذكره الذهبي في السير عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أم ذر. 2- زيد بن خالد الجهني، وذلك فيما ذكره الذهبي أيضاً عن عاصم ابن كليب، عن أبي الجويرية، عن زيد بن خالد الجهني، قال: كنت عند عثمان إذ جاء أبو ذر، فلما رآه عثمان قال: مرحباً وأهلاً بأخي، فقال أبو   1 الطبقات (4/ 226-227) . 2 تاريخ المدينة (1037) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 ذر: مرحباً وأهلاً بأخي، لقد أغلظت علينا في العزيمة، والله لو عزمت عليّ أن أحبو لحبوت، ما استطعت، إني خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو حائط بني فلان، فقال لي: "ويحك بعدي" فبكيت، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لباقٍ بعدك؟ قال: "نعم، فإذا رأيت البناء على سلع، فالحق بالمغرب، أرض قضاعة". قال عثمان: أحببت أن أجعلك مع أصحابك، وخفت عليك جهال الناس. 3- ما رواه الحاكم عن أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا أبو قلابة ابن الرقاشي ثنا سعيد بن عامر ثنا أبو عامر - وهو صالح بن رستم الخزاز - عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: قالت أم ذر: والله ما سير عثمان أبا ذر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بلغ البنيان سلعاً فاخرج منها". قال أبو ذر: فلما بلغ البنيان سلعاً وجاوز، خرج أبو ذر إلى الشام. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 المجلد الثاني الباب الثالث: الملاحق (تابع) القسم الرابع: الروايات التاريخية الضعيفة ... القسم الرابع: الروايات التاريخية الضعيفة: 1- قال ابن شبة: حدثنا الحكم بن موسى1 وهارون2 قالا: حدثنا ضمرة3 بن ربيعة، عن غالب القطان4 قال: قلت للحسن5: عثمان أخرج أبا ذر؟ قال: لا، معاذ الله"6. مرسل: إسناده صحيح إلى الحسن البصري، مرسل منه؛ فقد ولد -رحمه الله- سنة إحدى وثلاثين من الهجرة7 تقريباً؛ وبذلك يكون عمره أثناء فتنة مقتل عثمان –رضي الله عنه- قرابة الأربع سنوات.   1 الحكم بن موسى بن أبي زهير البغدادي، أبو صالح، القنطري، صدوق، من العاشرة، مات سنة 232?، خت م مدس ق (التقريب/ 1462) . 2 هارون بن معروف المروزي، أبو علي الخزاز الضرير، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة 231?، وله 74 سنة، خ م د (التقريب/ 7242) . 3 الفلسطيني أصله دمشقي، صدوق يهم قليلاً، من التاسعة، مات سنة 202?، بخ 4 (التقريب/ 2988) . 4 غالب بن غُطَّاف، وهو ابن غيلان القطان، أبو سليمان البصري، صدوق، من السادسة، ع (التقريب/ 5 346) . 5 الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدمت ترجمته. 6 تاريخ المدينة (1037) . 7 قال العلائي: "حضر يوم الدار وهو ابن أربع عشرة سنة" (جامع التحصيل 195) . وقال أبو زرعة: "وكان الحسن البصري، يوم بويع لعلي رضي الله عنه ابن أربع عشرة" (المراسيل لابن أبي حاتم 36-37) ويوم الدار كان سنة 35هجرية، وبطرح 14 من 35 ينتج 21، فهي السنة التي تتوقع ولادة الحسن فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 2- وفي مصنف عبد الرزاق: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر1 عمن سمع ابن سيرين2 يقول: بعث عثمان سليط بن سليط، وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فقال: اذهبا إلى ابن سلام فتنكرا له كأنكما أتاويان، فقولا له: إنه كان من أمر الناس ما قد ترى، فبم تأمرنا؟ فأتيا ابن سلام فقالا له نحو مقالته، فقال لأحدهما: أنت فلان بن فلان، وقال للآخر: أنت فلان بن فلان، بعثكما أمير المؤمنين فاقرءا عليه السلام، وأخبراه أنه مقتول فليكف فإنه أقوى لحجته يوم القيامة عند الله، فأتياه فأخبراه، فقال عثمان: عزمت عليكم لا يقاتل معي منكم أحد، فقال مروان: وأنا أعزم على نفسي لأقاتلن، فقاتل فضرب على عنقه، فلم يزل ملقياً ذقنه على صدره حتى مات"3. إسناده ضعيف: رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه منقطع في موضعين: الموضع الأول: بين معمر وابن سيرين كما هو ظاهر. الموضع الثاني: ببن ابن سيرين والقصة، لأن ابن سيرين ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه فكان عمره وقت هذه القصة عامين فقط.   1 معمر هو: ابن راشد، تقدمت ترجمته. 2 ابن سيرين هو: محمد بن سيرين، تقدمت ترجمته. 3 عبد الرزاق الصنعاني (المصنف 11/ 445) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 ويشهد لأمر ابن سلام عثمان بالكف ما رواه ابن سعد بإسناد حسن. كما يشهد لعزم عثمان على الناس بالكف عدة شواهد1. 3- قال ابن أبي داود: نا عثمان بن هشام2 بن دلهم، نا إسماعيل بن الخليل3 عن علي بن مسهر4 عن إسماعيل5 بن أبي خالد قال: لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان رضي الله عنه صعد عثمان المنبر فقال: جزاكم الله يا أصحاب محمد عني شراً، أذعتم السيئة وكتمتم الحسنة، وأغريتم بي سفهاء الناس، أيكم يأتي هؤلاء القوم فيسألهم ما الذي نقموا وما الذي يريدون ثلاث مرات لا يجيبه أحد، فقام علي رضي الله عنه فقال: أنا. فقال عثمان: أنت أقربهم رحماً، وأحفهم بذلك، فأتاهم فرحبوا وقالوا: ما كان يأتينا أحد أحب إلينا منك، فقال: ما الذي نقمتم؟ قالوا: نقمنا أنه محا كتاب الله، وحمى الحمى، واستعمل أقرباءه، وأعطى مروان مائتي ألف، وتناول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليهم عثمان رضي الله عنه: أما القرآن فمن عند الله، إنما نهيتكم لأني خفت عليكم الاختلاف   1 انظر الباب الثاني، الفصل الأول، المبحث الرابع. 2 لم أجد له ترجمة، قال عنه الهيثمي: لم أعرفه (مجمع الزوائد 9/ 133) . 3 إسماعيل بن الخليل الخزاز، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من العاشرة، ت سنة 225? خ م مد (التقريب/ 441) . 4 علي بن مسهر القرشي، الكوفي، قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعد أن أضرّ، من الثامنة، ت سنة 189? ع (التقريب/ 4800) . 5 إسماعيل بن أبي خالد تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 فاقرؤوا على أي حرف شئتم، وأما الحمى فوالله ما حميته لإبلي ولا غنمي وإنما حميته لإبل الصدقة لتسمن، وتصلح، وتكون أكثر ثمناً للمسلمين، وأما قولكم: إني أعطيت مروان مائتي ألف، فهذا بيت مالهم فليستعملوا عليه من أحبوا، وأما قولهم: تناول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنما أنا بشر أغضب وأرضى فمن ادعى قِبَلي حقاً أو مظلمة فهذا أنا، فإن شاء قود، وإن شاء عفو، وإن شاء أرضي، فرضي الناس، واصطلحوا، ودخلوا المدينة، وكتب بذلك إلى أهل البصرة، وأهل الكوفة، فمن لم يستطع أن يجيء فليوكل وكيلاً"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2 وفيه: "مائة ألف". إسناده ضعيف: رجاله رجال الشيخين إلا عثمان وهو مجهول، وإسماعيل بن أبي خالد (ت سنة 146?) فروايته عن الفتنة منقطعة. 4- قال ابن سعد: أخبرنا حجاج3 بن نصير، قال: أخبرنا أبو خلدة4 عن المسيب5 بن   1 المصاحف (45-46 العلمية) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان242-243) . 3 حجاج بن نصير، الفساطيطي، القيسي، أبو محمد البصري، ضعيف كان يقبل التلقين، من التاسعة، مات سنة 213? ت (التقريب/ 1139) . 4 أبو خلدة، خالد بن دينار التميمي السعدي مشهور بكنيته، البصري، الخياط، صدوق، من الخامسة، خ د تس (التقريب/ 1627) . 5 المسيب بن دارم، بصري روى عنه أبو خلدة، روى عن عمر وأبي هريرة، سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 7/ 407، الجرح والتعديل 8/ 294، الثقات 5/ 437) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 دارم، قال: إن الذي قتل عثمان قام في قتال العدو سبع عشرة كرة، يقتل من حوله لا يصيبه شيء حتى مات على فراشه"1. ورواه من طريقه ابن عساكر وفيه أبو وحيدة، وهو تصحيف. إسناده ضعيف: حجاج ضعيف، والمسيب لم يوثقه غير ابن حبان. ويخالف الذهبي ما جاء في هذه الرواية، بقوله: "عامة من سعى في دم عثمان قتلوا، عسى القتل خيراً لهم وتمحيصاً"2. 5- قال ابن سعد: أخبرنا أبوبكر3 بن عبد بن أبي أويس المدني، قال: حدثني عم4 جدتي الربيع بن مالك بن أبي عامر عن أبيه5 قال: كنت أحد حملة عثمان بن عفان حين توفي، حملناه على باب، وإن رأسه ليقرع الباب لإسراعنا به، وإن بنا من الخوف لأمراً عظيماً، حتى واريناه في قبره في حش كوكب"6.   1 الطبقات (3/ 83) . 2 سير أعلام النبلاء (3/ 481) . 3 عبد الحميد بن عبد الله بن أويس، تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 مالك بن أبي عامر، تقدمت ترجمته. 6 الطبقات (3/ 79) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 ورواه من طريقه الطبري1 وابن عساكر2. إسناده ضعيف: رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا الربيع فلم يوثقه غير ابن حبان. وروى ابن عساكر3 من طريق: مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل، عن أبيه قال: "كنت فيمن دفن عثمان بن عفان، دفناه ليلاً ثم تفرقنا في السكك، وكنت سادس سنة"4. 6- قال ابن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم5 قال: أخبرنا سلام بن6 مسكين، قال: أخبرنا مالك بن دينار7: أخبرني من سمع عبد الله بن سلام يقول يوم قتل عثمان: اليوم هلكت العرب"8. ورواه من طريقه ابن عساكر9.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 414) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان542) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 539) . 4 كذا، والصواب أنها: "ستة". 5 مسلم بن إبراهيم الأزدي، تقدمت ترجمته. 6 سلام بن مسكين بن ربيعة الأزدي، تقدمت ترجمته. 7 مالك بن دينار البصري، صدوق عابد، من الخامسة، مات سنة 130? خت 4 (التقريب/ 6435) . 8 ابن سعد (الطبقات 3/ 81) . 9 ابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 409) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 ورواه ابن أبي شيبة1 عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سلام بن مسكين به مثله. إسناده ضعيف: رجاله ثقات غير مالك فإنه صدوق، ولكن فيه مبهماً بين مالك وابن سلام رضي الله عنه كما هو ظاهر. 7- وفي مصنف ابن أبي شيبة: أبو أسامة2 عن صدقة بن أبي عمران3 قال: حدثنا أبو اليعفور4 عن أبي سعيد5 مولى ابن مسعود، قال: قال عبد الله: لئن قتلوا عثمان لا يصيبوا منه خلفاً"6. ورواه ابن عساكر7 من طريق: محمد بن كثير، أنا إسرائيل، ثنا أبو يعفور العبدي، عن مسلم أبي سعيد قال: ما سمعت ابن مسعود يذكر عثمان بسبَّة قط، ولقد سمعته يقول: لئن قتلتموه لا تستخلفون بعده مثله". ورواه أيضاً من طريق: قبيصة، نا إسرائيل بالإسناد الذي قبله   1 ابن أبي شيبة (المصنف 15/ 212) . 2 أبو أسامة هو: حماد بن أسامة القرشي، تقدمت ترجمته. 3 صدقة بن أبي عمران الكوفي، قاضي الأهواز، صدوق، من السابعة، خت م ق (التقريب/ 2916) . 4 أبو يعفور، وقدان العبدي، تقدمت ترجمته. 5 أبو سعيد مولى ابن مسعود صوابه: أبو سعيد مسلم بن سعيد، تقدمت ترجمته. (15/ 204-205) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 358) . (15/ 204-205) ، وابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 358) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 ولفظه: ما سمعت عبد الله بن مسعود قائلاً في عثمان سبَّة قط، ولقد سمعته يقول: لئن قتلتموه، لا يستخلفون بعده مثله. ومدار هذه الروايات على أبي سعيد، ولم يوثقه غير ابن حبان، وهو معروف بتساهله الذي أداه إلى توثيق المجاهيل، فضلاً عن الضعفاء كما بيّن العلماء ذلك1. 7- وفي مصنف ابن أبي شيبة: "أبو معاوية2 عن الأعمش3 عن ثابت4 بن عبيد، عن أبي جعفر5 الأنصاري، قال: دخلت مع المصريين على عثمان، فلما ضربوه خرجت أشتد قد ملأت فروجي عدواً، حتى دخلت المسجد فإذا رجل جالس في نحو من عشرة عليه عمامة سوداء، فقال: ويحك ما وراءك؟ قال: قلت: قد والله فرغ من الرجل قال: فقال: تباً لكم آخر الدهر، قال: فنظرت فإذا هو عليّ"6.   1 انظر ما نقله المعلمي في التنكيل (ص: 54،57،256،258،665) وسليم الهلالي، وعلي ابن حسن عبد الحميد في الرد العلمي (2/154-170) فقد نقلوا ذلك عن عدد من العلماء. 2 أبو معاوية هو محمد بن خازم، تقدمت ترجمته. 3 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 4 ثابت بن عبيد الأنصاري، مولى زيد بن ثابت، كوفي، ثقة، من الثالثة، بخ م 4 (التقريب/ 821) . 5 أبو جعفر الأنصاري، أدرك أبا بكر، مقبول، روى عنه ثابت بن عبيد، من الثانية، تمييز (التقريب/ 8081) . (15/ 209-210) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 ورواه ابن عساكر1 من طريق: وكيع، وأبي نعيم، كلاهما عن الأعمش به، وذكره المحب الطبري، في الرياض النضرة2. ورواه سعيد في السنن من طريق أبي معاوية3. وإسناده ضعيف: لتفرد أبي جعفر الأنصاري، وهو مقبول عند الحافظ كما أن فيه عنعنة الأعمش. 8- قال ابن سعد: أخبرنا سليمان بن حرب4 وعارم بن الفضل5 قالا: أخبرنا حماد بن زيد6 قال: أخبرنا يحيى بن سعيد7 قال: أبو حميد الساعدي، لما قتل عثمان، وكان ممن شهد بدراً: اللهم إن لك عليّ ألا أفعل كذا، ولا أفعل كذا، ولا أضحك حتى ألقاك"8. ورواه من طريقه ابن عساكر9.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 460) . (3/77) . (2/ 335) . 4 سليمان بن حرب الأزدي، تقدمت ترجمته. 5 عارم بن الفضل هو محمد بن الفضل، تقدمت ترجمته. 6 حماد بن زيد، تقدمت ترجمته. 7 يحيى بن سعيد هو الأنصاري، تقدمت ترجمته. 8 ابن سعد (الطبقات 3/81) . 9 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 491) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 ورواه ابن الأعرابي1 من طريق الأسود بن عامر، نا حماد بن زيد به نحوه، ومن طريقه ابن عساكر 2. إسناده ضعيف: رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا أنه منقطع بين يحيى بن سعيد، وأبي حميد الساعدي، حيث إن يحيى من الرابعة (ت 144?) وأبو حميد الساعدي رضي الله عنه (ت سنة 60?) ولم يذكر أحد أن يحيى بن سعيد عمّر طويلاً3. ويحيى مدلس ذكره الحافظ في المرتبة الأولى4. 9- قال يحيى بن معين: قال رجل لطاوس5: ما رأيت أجرأ على الله من فلان؟ قال: لم تر قاتل عثمان"6. ورواه عن يحيى ابنُ عساكر7 كما رواه8 عن سلمة بن وهرام، عن   1 ابن الأعرابي (المعجم ق 10 أ) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 491) 3 خليفة (الطبقات 270) ، ابن سعد (الطبقات 335 ط/ الجامعة) ، البخاري (التاريخ الكبير 8/ 275) ، ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 9/ 147) ، الذهبي (التذكرة 1/ 137) المزي (تهذيب الكمال 1500) . 4 ابن حجر (طبقات المدلسين 27 عاصم) . 5 طاوس بن كيسان تقدمت ترجمته. 6 التاريخ (2/ 276) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 456-457) . (3/ 81) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 طاوس، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة، وعزاه إلى البغوي. 10- قال البخاري في التاريخ الكبير: قال لي علي؛ وبشر بن يوسف، حدثنا محمد بن إبراهيم اليشكري، قال: حدثتني أم كلثوم بنت ثمامة. أنها أرادت الحج فقال أخوها: أقرئي أم المؤمنين عائشة السلام، وسليها عن عثمان، حين قتل، قالت: "من سب عثمان فعليه لعنة الله". وقال لنا أبو النعمان: "حدثنا حماد بن إبراهيم"1. ورواه بنحوه الإمام أحمد2؛ من طريق: فاطمة بنت عبد الرحمن، عن أمها به، وفيه زيادة. ورواه ابن عساكر3 وفي بعض4 طرقه أن اسمها أم كلثوم بنت ثمامة الحبطي، وأن أخاها اسمه: المخارق بن ثمامة، وأن زوجها اسمه عمر بن إبراهيم اليشكري، وكل طرق ابن عساكر من طريقها، وذكره المحب5 والهيثمي، وقال الهيثمي: "أم كلثوم لم أعرفها". قلت: قال الحافظ عنها: "مقبولة". ولم أجد له في ذلك مستنداً، فلم يذكر من وثقها ولا من جرحها، ولم أجد عنده غير ذلك.   (1/ 26) . 2 المسند (6/ 250، 261) . 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 91-93، 497) . (ص: 93) من المصدر السابق. 5 الرياض النضرة (3/ 26) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 فالإسناد ضعيف بها. 11- وفي تاريخ خليفة بن خياط: أبوبكر الكلبي1 قال: نا مسعر2 عن عبد الملك3 بن ميسرة، عن النزال4 بن سبرة، قال: سمعت عثمان يقول: "أستغفر الله إن كنت ظَلَمْتُ، وقد عفوت إن كنت ظُلِمْتُ"5. ورواه من طريقه ابن عساكر6 وفيه أن خليفة قال: وثنا رجل، نا مسعر. رجاله ثقات، رجال البخاري، غير أبي بكر الكلبي، فلم أجد له ترجمة، ولبعض شيوخ خليفة شيخ يقارب اسمُه اسمَ أبي بكر هذا، فإن كان هو فلم يصرح خليفة بالسماع فيُحتمل السقط. وإن لم يكن هو ذاك ففي الإسناد مجهول؛ وبذلك يكون: إسناده ضعيفاً: لجهالة، أبي بكر أو لانقطاعه بين خليفة، وأبي   1 أبو بكر الكلبي، لم أجد له ترجمة، ولحجاج بن المنهال وأبي داود الطيالسي -شيخي خليفة - شيخ اسمه أبو بكر الكليبي - بزيادة ياء على نسب الأول، قال عنه أبو حاتم: شيخ ليس بمعروف (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل9/ 345، والسمعاني، الأنساب 11/142) 2 مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي، تقدمت ترجمته. 3 عبد الملك بن ميسرة الهلالي، الكوفي، الزراّد، ثقة، من الرابعة، ع (التقريب/4221) 4 النزال بن سبرة الهلالي، الكوفي، ثقة، من الثانية، وقيل إن له صحبة، خ د تم س ق (التقريب/ 7105) . 5 خليفة بن خياط (التاريخ 171) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 360) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 بكر والله أعلم. 12- قال خليفة: حدثنا غندر1 قال: نا شعبة2 عن سماك3 بن حرب قال: سمعت حنظلة4 ابن قنان: أشرف علينا عثمان فقال: أفيكم ابنا محدوج؟ فقال: أنشدكما الله ألستما تعلمان أن عمر قال: إن ربيعة فاجر، أو غادر، وإني والله لا أجعل فرائضهم وفرائض قوم جاؤوا من مسيرة شهر، وإنما مهر أحدهم عند طنبه، إني زدتهم في غداة واحدة خمس مائة حتى ألحقتهم بهم؟ قالوا: بلى. قال: أذكركما الله ألستما تعلمان أنكما أتيتماني فقلتما: إن كندة أكلة رأس، وإن ربيعة هي الرأس، وإن الأشعث بن قيس قد أكلهم فنزعته واستعملتكما؟ قالوا: بلى. قال: اللهم إن كانوا كفروا معروفي، وبدلوا نعمتي فلا ترضهم عن إمامهم، ولا ترضي إماماً عنهم"5. ورواه ابن عساكر من طريقه6 ورواه ابن أبي شيبة عن غندر به نحوه.   1 غندر هو: محمد بن جعفر، تقدمت ترجمته. 2 شعبة بن الحجاج، تقدمت ترجمته. 3 سماك بن حرب، تقدمت ترجمته. 4 حنظلة بن قنان، أبو قنان، ويقال: أبو محمد، روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه روى عنه سماك بن حرب، قاله أبو حاتم وسكت عنه (الجرح والتعديل 3/ 240) . 5 خليفة بن خياط (التاريخ 171-172) . 6 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 350) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 وإسناده إلى حنظلة حسن، وحنظلة سكت عنه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات1 فالإسناد ضعيف. ولا يضره اختلاط سماك؛ لأن رواية شعبة عنه كانت قبل اختلاطه2. 13- قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء3 أخبرنا ابن المبارك4 عن معمر5 عن الزهري6 أن عثمان إنما صلى بمنى أربعاً؛ لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج"7. إسناده صحيح: إلى الزهري، لكنه من مرسلاته، فإنه لم يدرك عثمان رضي الله عنه.   1 ابن حبان (الثقات 4/ 167) . 2 ابن الكيال (الكواكب النيرات 238) . 3 محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، ت سنة 247?، وهو ابن 87 سنة، ع (التقريب/ 6204) . 4 عبد الله بن المبارك المروزي، تقدمت ترجمته. 5 معمر بن راشد الأزدي، تقدمت ترجمته. 6 محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله الزهري، تقدمت ترجمته. 7 السنن (2/ 199) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 قال المنذري: "هذا منقطع، الزهري لم يدرك عثمان"1. ويتقوى بعضه بروايتي: إبراهيم النخعي2 وابن أبي ذباب3. 14- قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء4 أخبرنا ابن المبارك5 عن يونس6 عن الزهري7 قال: لما اتخذ عثمان الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى أربعاً. قال: ثم أخذ به الأئمة بعده"8. رجاله ثقات، رجال الشيخين. وفي رواية يونس عن الزهري وهم قليل، والزهري يدلس ويرسل، وروايته هذه مرسلة. قال المنذري: "الزهري لم يدرك عثمان"9. فالإسناد ضعيف: لانقطاعه، وصحيح إلى الزهري.   1 مختصر سنن أبي داود (2/ 412-413) . 2 انظر الرواية رقم: [156] . 3 انظر الرواية رقم: [155] . 4 محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، تقدمت ترجمته. 5 عبد الله بن المبارك، تقدمت ترجمته. 6 يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، تقدمت ترجمته. 7 محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، تقدمت ترجمته. 8 السنن (2/ 199) . 9 مختصر سنن أبي داود (2/ 413) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 15- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل1 ثنا حماد2 عن أيوب3 عن الزهري4 أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب، لأنهم كثروا عامئذ، فصلى بالناس أربعاً ليعلمهم أن الصلاة أربع"5. ورواه من طريقه البيهقي6 وابن عساكر7. إسناده ضعيف. رجاله ثقات إلا أنه منقطع، الزهري لم يدرك هذه الواقعة؛ لأنه لم يدر عثمان رضي الله عنه كما تقدم. 16- قال أحمد: ثنا يزيد8؛ ومحمد بن زيد9 قالا: ثنا العوام10 قال محمد، عن   1 موسى بن إسماعيل النقري، أبو سلمة التبوذكي، تقدمت ترجمته. 2 حماد بن زيد بن درهم الأزدي، تقدمت ترجمته. 3 أيوب بن أبي تميمة السختياني، تقدمت ترجمته. 4 محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، تقدمت ترجمته. 5 السنن (2/ 199-200) ، وعون المعبود (5/ 442) . 6 السنن الكبرى (3/ 144) . 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 249) . 8 تقدمت ترجمته. 9 محمد بن يزيد الكلاعي الواسطي، تقدمت ترجمته. 10 العاوم بن حوشب بن يزيد الشيباني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 القاسم، وقال يزيد في حديثه، حدثني القاسم بن عوف الشيباني1 عن رجل قال: كنا قد حملنا لأبي ذر شيئاً نريد أن نعطيه إياه، فأتينا الربذة فسألنا عنه، فلم نجده، قيل: استأذن في الحج، فأذن له، فأتيناه بالبلدة وهي منى، فبينا نحن عنده إذ قيل له: إن عثمان صلى أربعاً، فاشتدّ ذلك على أبي ذر، وقال قولاً شديداً، وقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، وصليت مع أبي بكر وعمر2 ثم قام أبو ذر فصلى أربعاً فقيل له: عبت على أمير المؤمنين شيئاً ثم صنعت. قال: الخلاف أشدّ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال: إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذلّه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته التي ثلم وليس بفاعل، ثم يعود فيكون فيمن يعزه، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا يغلبونا على ثلاث: أن نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونعلم الناس السنن"3. إسناده ضعيف: ففيه راوٍ مبهم، والقاسم عن أبي ذر4مرسل.   1 القاسم بن عوف الشيباني الكوفي، صدوق، يغرب، من الثالثة، م س ق (التقريب/ 5474) . 2 في الأصل: "وعم"، وهو تحريف ظاهر. 3 المسند (5/ 165) . 4 ابن حجر، تهذيب التهذيب (8/ 326) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 17- قال البيهقي: أنا علي بن أحمد1 بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار2 ثنا موسى بن إسحاق3 القاضي، نا يعقوب بن حميد4 بن كاسب، نا سليمان ابن5 سالم مولى عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الرحمن6 بن حميد، عن أبيه7 عن عثمان بن عفان. أنه أتم الصلاة بمنى ثم خطب الناس فقال: "يا أيها الناس: إن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبيه، ولكنه حدث العام من الناس فخفت   1 علي بن أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج، أبو الحسن الأهوازي، وأصله شيرازي، وثقه الخطيب البغدادي، ت سنة 415? (تاريخ بغداد 11/ 329) . 2 أحمد بن عبيد بن أحمد ت سنة 352? (الذهبي، السير 15/ 441) . 3 موسى بن إسحاق الخطمي القاضي، ت سنة 297?، أبو بكر، أبوه مديني، قال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه وهو ثقة صدوق" (تاريخ بغداد 13/ 52-53) (الذهبي، العبر 1/ 434) . 4 يعقوب بن حميد بن كاسب المدني، نزيل مكة، وقد ينسب لجده، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة 240?، عخ ق (التقريب/ 7815) . 5 سليمان بن سالم المديني، أبو الربيع، مولى عبد الرحمن بن حميد بن عوف، قال عنه أبو حاتم: "شيخ" (الجرح والتعديل 4/ 119- 120) ، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 273) 6 عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، ثقة، من السادسة، مات سنة 137? ع (التقريب/ 3847) . 7 حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، ثقة، من الثانية، مات سنة 105?، وقيل إن روايته عن عمر مرسلة ع (التقريب/ 1552) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 أن يستنوا"1. ورواه من طريقه ابن عساكر. ورجاله مقبولون إلا أحمد بن عبيد الصفار، فلم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً. 18- قال ابن سعد: أنا عبد الله بن مسلمة2 بن قعنب؛ وخالد بن مخلد3 قالا: نا محمد ابن هلال4 عن جدته5. وكانت تدخل على عثمان وهو محصور، فولدت هلالاً ففقدها يوماً، فقيل لعثمان بن عفان: إنها قد ولدت هذه الليلة غلاماً، قالت: فأرسل إليّ بخمسين درهماً، وشقيقة سنبلانِّية، وقال: هذا   1 السنن (3/ 144) . 2 عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثة عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحداً، من صغار التاسعة، ت في سنة 221? بمكة، خ م د ت س (التقريب/ 3620) 3 خالد بن مخلد القطواني، أبو الهيثم، البجلي، مولاهم، الكوفي، صدوق يتشيع، وله أفراد من كبار العاشرة، مات سنة 213?، وقيل بعدها، خ م كد ت س ق (التقريب/ 1677) . 4 محمد بن هلال بن أبي هلال المدني، مولى بني كعب، صدوق، من السادسة، مات سنة 162? بخ د س ق (التقريب/ 6366) . 5 لم أجد في الروايات من تتسمى بهذا الاسم غير أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت الفرافصة وعنها زياد بن عبد الله، لا تعرف، وأم هلال عن عائشة -رضي الله عنها -وعنها عمرو بن عبد الرحمن لا تعرف. (ابن حجر، التعجيل 564) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 عطاء ابنك وكسوته، فإذا مرت به سنة رفعناه إلى مائة"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف: أم هلال مجهولة. 19- قال الدارقطني: نا ابن صاعد3 نا بشر بن آدم4 ابن بنت أزهر السّمّان، نا جدي5 أزهر بن سعد، عن ابن عون6 حدثني عمر بن7 عبيد الله، حدثني موسى8 ابن حكيم قال: كتب ابن عامر إلى عثمان كتاباً، فقدمت عليه وقد نزل به أولئك،   1 الطبقات (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ... (ط الجامعة 447-448) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 222) . 3 يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، أبو محمد، مولى أبي جعفر المنصور، كان أحد حفاظ الحديث، وممن عني به، ورحل في طلبه، روى عنه الدارقطني، ولد سنة 228?، وتوفي سنة 318?، قال إبراهيم الحربي: "بنو صاعد: ثلاث أوثقهم يحيى، وقَدَّمه أبو علي الحافظ على أبي القاسم بن منيع، وأبي بكر بن أبي داود في الفهم والحفظ" وقال ابن عبدان: "ابن صاعد أكثر حديثاً ولا يتقدمه أحد في الدراية" ... الخطيب، تاريخ بغداد (14/ 231) . 4 ترجم له. 5 أزهر بن سعد السمان، أبو بكر الباهلي، بصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة 203? وهو ابن 94 خ م د ت س (التقريب/ 307) . 6 عبد الله بن عون، تقدمت ترجمته. 7 عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي، سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 6/ 176، الجرح والتعديل 6/120، الثقات 7/ 177) 8 ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 402) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 فعمدت إلى الكتب فخيطتها فجعلتها في قبائي - ثم لبست لباس المرأة، فلم أزل حتى دخلت عليه فجلست بين يديه، فجعلت أفتق قبائي وهو ينظر فدفعتها إليه، فقرأها. ثم أشرف على المسجد، فإذا طلحة جالس في المسجد في المشرق؛ فقال: يا طلحة، قال: لبيك، قال: نشدتك الله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يشتري قطعة فيزيدها في المسجد وله بها كذا وكذا؟ " فاشتريتها من مالي؟ فقال: طلحة: اللهم نعم، فقال: أنتم فيه آمنون وأنا فيه خائف! ثم قال: يا طلحة، قال: يا لبيك، قال: أنشدتك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يشتري بئر ومة - يعني بكذا - فيجعلها للمسملمين وله بها كذا وكذا؟ " فاشتريتها من مالي، فقال: طلحة: اللهم نعم. فقال: يا طلحة، قال: يا لبيك! قال: نشدتك بالله هل تعلمني حملت في جيش العسرة على مائة؟ قال: طلحة: اللهم نعم، ثم قال: طلحة: اللهم لا أعلم عثمان إلا مظلوماً"1. ورواه ابن عساكر2 من طريقه كما رواه من طريق: محمد بن عبد العزيز بن محمد، عن أبي محمد بن شريح، عن يحيى بن محمد بن صاعد به، وذكره المحب3 في الرياض النضرة، وعزاه للدارقطني. إسناده ضعيف: عمر وموسى لم يوثقهما غير ابن حبان، وبشر   1 السنن (4/ 197-198) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 343-344) . (3/ 57) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 صدوق، وباقي رجاله ثقات. ولمناشدة عثمان رضي الله عنه عدة شواهد صحيحة، ليس في شيء منها تخصيص طلحة رضي الله عنه بالمناشدة. 20- قال أبو عرب: وحدثني سعيد بن محمد بن محمد القيسي، قال: وحدثنا سعيد بن عبد الله الأنباري، وحدثنا بد الله بن خالد بن يزيد اللؤلؤي قال: حدثنا أبي، عن حماد بن زيد، عن أيوب قال: لما كان يوم الدار أخذ عثمان الحربة، فنودي من السماء: مهلاً يا عثمان فرمى بها"1. سناده ضعيف: لانقطاعه. أيوب2 السختياني ولد ما يقارب سنة 66?3 أي بعد الفتنة بإحدى وثلاثين سنة. 21- قال ابن أبي الدنيا: حدثني هارون بن أبي يحيى4 السلمي، عن شيخ من ضبَّة، أن عثمان جعل يقول حين ضرب والدماء تسايل على لحيته: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. اللهم إني أستعديك عليهم، وأستعينك   1 المحن (63) . 2 تقدمت ترجمته. 3 قارن بين سنة وفاته؛ وسنه عند الوفاة. 4 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 على جميع أموري، وأسألك الصبر على ما ابتليتني"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2 وذكره المحب الطبري3 ولم يعزه إلى أحد. إسناده ضعيف: شيخ هارون لم يسم، وهارون لم أجد له ترجمة. 22- روى ابن عساكر من طريق البخاري4 أنه قال: نا موسى بن إسماعيل5 عن عيسى بن منهال6 نا غالب7 عن محمد بن سيرين8 قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي، وما أظن أن تُغفر لي، قلت: يا عبد الله ما سمعت أحداً يقول ما تقول. قال: كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل،   1 المحتضرين (ق12، كما في حاشية تاريخ دمشق، لابن عساكر، ترجمة عثمان 406) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 406) . 3 الرياض النضرة (3/ 72-73) . 4 هو محمد بن إسماعيل صاحب الصحيح؛ لم أجد هذا الخبر في التاريخ الكبير ولا الصغير. 5 المنقري، تقدمت ترجمته. 6 عيسى بن منهال البصري، سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 6/ 399، الجرح والتعديل 6/ 288، الثقات 7/237) . 7 غالب بن خُطاف، وهو ابن أبي غيلان القطان، أبو سليمان البصري، صدوق، من السادسة، ع (التقريب/ 5346) . 8 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 وضع على سريره في البيت والناس يجيئون فيصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه وسجيته، وقد يبست يميني. رأيتها يابسة كأنها عود"1. إسناده ضعيف: بعيسى بن منهال فلم يوثقه غير ابن حبان، وهو متساهل بالتوثيق وكثيراً ما يوثق المجاهيل. ووردت رواية عند ابن عرب2 تبين أن اسم هذا الأثيم كميل3 وأن الحجاج انتقم منه فأمر يزيد بن هبيرة بقتله، فقتله. 23- قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا عبد الأعلى4 بن مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز5 عن عبد الله بن أبي عبد الله العبسي6 قال: قتله سودان بن رومان المرادي"7. ورواه من طريقه ابن عساكر8. إسناده ضعيف.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 458، وقسم النساء 411) . 2 المحن (204-205) . 3 كميل بن زياد بن نهيك النخعي. 4 عبد الأعلى بن مسهر الغسائي، أبو مسهر الدمشقي، ثقة فاضل، من كبار العاشرة، ت سنة 218? وله ثمان وسبعون سنة (التقريب/ 3738) . 5 سعيد بن عبد العزيز التنوخي، تقدمت ترجمته. 6 عبد الله بن أبي عبد الله العبسي، لم أجد له ترجمة. 7 التاريخ (187) . 8 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 417) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 لجهالة عبد الله بن أبي عبد الله. 24- قال ابن أبي الدنيا: نا شجاع بن الأشرس1 بن ميمون السرخسي، نا الليث ابن سعد2 عن عبيد الله بن المغيرة3 وعبد الكريم4 بن الحارث الحضرمي أن عبد الله بن سلام قال لمن حضر تشحط عثمان في الموت حين ضربه أبو رومان الأصبحي: ماذا كان قول عثمان وهو يتشحط؟ قالوا: سمعناه يقول: اللهم اجمع أمة محمد؛ ثلاثاً. قال: والذي نفسي بيده لو دعا الله على تلك الحال ألا يجتمعوا أبداً ما اجتمعوا إلى يوم القيامة"5. ورواه من طريقه ابن عساكر.   1 شجاع بن أشرس روى عن الليث بن سعد. قال عنه أبو زرعة: ثقة (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 379) . روى عنه ابن أبي الدنيا، وقال عنه يحيى بن معين ليسبه بأس، ثقة (الخطيب، تاريخ بغداد 9/ 250-251) . 2 الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، تقدمت ترجمته. 3 عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب، أبو المغيرة السبي، المصري، صدوق، من الرابعة، مات سنة 131?، ت ق (التقريب/ 4343) تهذيب التهذيب (3/ 49-50) . 4 عبد الكريم بن الحارث الحضرمي، المصري، ثقة، عابد، من السادسة، وروايته عن المستورد (م) منقطعة م س (التقريب/ 4148) ت سنة 136? (تهذيب التهذيب 6/ 371-372) . 5 ابن أبي الدنيا (المحتضرين ق 12، كما في حاشية تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة عثمان بن عفان 406) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 وهذا الإسناد ضعيف: لانقطاعه، فإن عبيد الله بن المغيرة، وعبدا لكريم بن الحارث لم يدركا قتل عثمان، لتأخر وفاتيهما. ولا يتوقع لقيهما لعبد الله بن سلام رضي الله عنه لتقدم وفاته حيث توفي سنة 42?1. وإلا لكانا معمرين فوق المائة، ولم يُذكر ذلك في ترجمتيهما. وفيه علة أخرى أيضاً وهي: أن الشخص الذي سأله عبد الله بن سلام مبهم لم يبين اسمه. وهذه علة قادحة في الخبر، إذ أنه قد لا يكون صحابياً وإلا لم يعل الخبر به. والله أعلم. 25- قال أبو زرعة الدمشقي: فأخبرني عبد الأعلى2 أنه سمع سعيد بن عبد العزيز3 يقول: صلى جبير بن مطعم على عثمان في ثمانية"4. ورواه من طريقه ابن عساكر5. رجاله ثقات، إلا أنه منقطع، إن لم يكن معضلاً؛ فإن سعيد بن عبد العزيز: ولد ما يقارب سنة 79?.   1 الذهبي (سير أعلام النبلاء 2/ 424) 2 عبد الأعلى بن مسهر الغساني، تقدمت ترجمته. 3 سعيد بن عبد العزيز التنوخي، تقدمت ترجمته. 4 التاريخ (187) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 541) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 26- ذكر ابن إسحاق: أن عثمان رضي الله عنه قتل بوم الأربعاء، ودفن بالبقيع، وصلى عليه جبير بن مطعم. وكانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشرة ليلة1. وابن إسحاق هو: محمد بن إسحاق بن يسار2 (ت سنة 150?) ، فروايته هذه منقطعة. فالإسناد ضعيف: لانقطاعه. 27- قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق3حدثنا معمر4 عن قتادة5 قال: صلى الزبير على عثمان ودفنه، وكان أوصى إليه"6. رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا أن فيه انقطاعاً. قال الهيثمي في مجمع الزوائد7 بعد أن ذكر هذا الخبر: (رجاله رجال الصحيح، إلا أن قتادة لم يدرك القصة) .   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 533) . 2 ترجم له. 3 عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة، حافظ، مصنف شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة 211?، واه 85سنة ع (التقريب/ 4064) . 4 معمر بن راشد الأزدي، تقدمت ترجمته. 5 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. 6 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/ 11) . (7/ 233) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 وقتادة لم يدرك من الصحابة إلا أنس رضي الله تعالى عنهم. ومعروف بالتدليس، والإرسال1. فالإسناد ضعيف: لانقطاعه. 28- قال ابن سعد: أخبرنا أبوبكر2 بن عبد الله بن أبي أويس، قال: حدثني عم جدتي الربيع بن مالك3 بن أبي عامر عن أبيه4 قال: كان الناس يتوقون أن يدفنوا موتاهم في حش كوكب، فكان عثمان بن عفان يقول: يوشك أن يهلك رجل صالح فيدفن هناك فيتأسى الناس به، قال مالك بن أبي عامر، فكان عثمان بن عفان أول من دفن هناك.   1 انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (142) ، وجامع التحصيل للعلائي (312) ، وطبقات المدلسين لابن جحر (43) ، والسير للذهبي (5/ 270) . 2 عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، أبو بكر بن أبي أويس، مشهور بكنيته، كأبيه، ثقة، من التاسعة، ووقع عند الأزدي: "أبو بكر الأعشى" في إسناد حديث، فنسبه إلى الوضع فلم يصب، مات سنة 202? خ م د ت س (التقريب/ 3767) . 3 الربيع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المديني، عم مالك بن أنس. قال ابن أبي أويس "مات بعد سنة 160?،وقد جالسته" قال أبو حاتم: "لم يُرو عنه العلم" وذكره ابن حبان في الثقات (البخاري، التاريخ الكبير 3/ 273، ابن أبي حاتم، الجرح 3/ 468، ابن حبان، الثقات 6/ 296) . 4 مالك بن أبي عامر الأصبحي، سمع عمر، ثقة، من الثانية، مات سنة 74? على الصحيح ع (التقريب/ 6443) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 قال محمد بن سعد: "فذكرت الحديث لمحمد بن عمر فعرفه"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة، وقال: "خرجه القلعي"3 رجاله ثقات، رجال الشيخين، إلا الربيع ولم يوثقه غير ابن حبان. فالإسناد ضعيف به. 29- قال البزار: حدثنا أبو سعيد عبيد الله4 بن سعيد، ثنا حبيب بن خالد5 الأنصاري، ثنا الأعمش6 عن زيد بن وهب7 قال: أنكر الناس من أمير في زمن حذيفة شيئاً، فأقبل رجل في المسجد، مسجد الأعظم يتخلل الناس، حتى انتهى إلى حذيفة. وهو قاعد في حلقة، فقام على رأسه فقال يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تأمر بالمعروف، وتنهى   1 الطبقات (3/ 77) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 543) . (3/ 41) . 4 لم أجد له ترجمة. 5 قال عنه أبو حاتم: "ليس بالقوي" وذكره ابن حبان في الثقات. ابن حجر، لسان الميزان (2/ 170) ، ابن حبان، لاثقات (6/ 181) . 6 هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 عن المنكر؟ فرفع حذيفة رأسه فعرف ما أراد، فقال له حذيفة: إن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لحسن، وليس من السُّنَّة أن تشهر السلاح على أميرك". قال البزار: "لا نعلم رواه عن الأعمش إلا حبيب"1. وقال الهيثمي: "حبيب بن خالد وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم ليس بالقوي"2. كما أن أبا سعيد مجهول، فلم أجد له ترجمة. 30- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثنا إسماعيل3 حدثني مالك4 عن يحيى بن سعيد5 سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة6 قال: قام عامر بن ربيعة يصلي من الليل، وذلك حين بدأ الناس في الطعن على عثمان، فأتى فقيل له: قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالحي عباده، فقام فصلى. ثم اشتكى فما خرج   1 الهيثمي (كشف الأستار 2/ 251) . 2 الهيثمي (مجمع الزوائد 5/ 224) . 3 إسماعيل بن أبي أويس تقدمت ترجمته. 4 مالك هو ابن أنس بن مالك الأصبحي، المدني، فقيه، إمام دار الهجرة رأس المتقنين، وكبير المتثبتين، من السابعة، مات سنة 179?، وكان مولده سنة 93? وقال الواقدي: بلغ 90 سنة. (التقريب/ 6425) . 5 يحيى بن سعيد هو الأنصاري، تقدمت ترجمته. 6 عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 قط إلا بجنازته"1. وقال ابن الأثير2: "روى مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، وذكره بنحوه وفيه: (ثمّ نام فأتي في المنام فقيل له: قم فاسأل الله أن ... ) ". ورجال هذا الإسناد رجال الشيخين؛ إلا أنه: إسناد ضعيف: بإسماعيل بن أبي أويس. قال عنه الحافظ: "لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا إن شاركه فيه غيره فيعتبر به". وأما أحاديثه التي في الصحيحين فهي قليلة منقاة من أصوله. قال الحافظ: "احتج بن الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري". وقال أيضاً: "روينا في مناقب البخاري بسند صحيح، أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منه، وأن يعلم على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله"3.   1 البخاري (التاريخ الصغير 1/ 89) . 2 ابن الأثير (أسد الغابة 3/ 18) . 3 ابن حجر (هدي الساري 391) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 ويظهر أنه تفرد بهذه الرواية، فلم أقف على متابع له فيها. وحكى ابن الأثير قولاً يخالف هذه الرواية، قال: "وقيل: توفي بعد قتل عثمان رضي الله عنه بأيام"1 ولم يسنده ولم يعزه. 31- روى ابن عساكر: من طريق معمر2 بن عقيل، قال: حدثني شيخ من أهل الشام أبو جناب3 حدثتني ريطة4 مولاة أسامة بن زيد قالت: "بعثني أسامة إلى عثمان بن عفان وهو محصور، فقال: انطلقي، فإن النساء ألطف بهذا الأمر من الرجال، فأته فقولي له: إن ابن أخيك أسامة يقرئك السلام، ويقول: إن عندي بني عم لي أدنى، وعندي ركائب، فإن شئت نقبت عليك ناحية الدار فخرجت حتى تأتي مكة قوماً تأمن فيهم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك إذ خاف قومه. قالت: فأتيته فأخبرته بذلك. فقال: أقرئيه السلام ورحمة الله وقولي له: جزاك الله من ابن أخ خيراً، ما كنت أدع مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره ومسجده مخافة الموت. فأتيته، فأخبرته، فمكث أياماً فقال: ويحك فارجعي فإني لا أراه إلا مقتولاً، فوافق دخولي عليه دخول القوم. فجاء محمد بن أبي بكر الصديق، وعليه ثوب قطن مصبوغ، فأخذ بلحية عثمان   1 أسد الغابة (3/ 18) . 2 قال الأزدي: "لا يصح حديثه" (ابن حجر، لسان الميزان 6/ 68) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد لها ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 فهزها حتى سمع صرير أضراسه بعضها على بعض، فقال: يا ابن أخ دع لحيتي، فإنك لتجذب ما يعز على أبيك أن يؤذيها. فرأيته كأنه استحيا، فقام فجعل بطرف ثوبه هكذا: ألا ارجعوا، ألا ارجعوا. قالت: وجاء رجل من خلف عثمان بسعفة رطبة فضرب بها جبهته، فرأيت الدم وهو يسيل، وهو يمسحه بأصبعه ويقول: اللهم لا يطلب بدمي غيرك. قالت: وجاء آخر فضرب بالسيف على صدره فأقعصه، وتعاوروه بأسيافهم. قالت ريطة: فرأيتهم ينتهبون بيته، فهذا يأخذ الثوب وهذا يأخذ المرآة، وهذا يأخذ الشيء"1. إسناده ضعيف: بمعمر كما أن ريطة مجهولة، ومثلها أبو جناب. 32- قال أبو يعلى: نا سفيان بن وكيع2 نا جميع بن عمر بن عبد الرحمن3 العجلي، عن مجالد4 عن طحرب5 العجلي، عن الحسن بن علي، قال:   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 411-412) . 2 سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسي، الكوفي، كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقة فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فَنُصِح فلم يقبل فسقط حديثه، من العاشرة، ت ق (التقريب/ 2456) . 3 جميع بن عمير (بن عبد الرحمن) العجلي، أبو بكر الكوفين ضعيف، رافضي، من الثامنة، تم (التقريب/ 966) . 4 مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، أبو عمرو الكوفي، ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره، من صغار السادسة، ت سنة 144? م 4 (التقريب/ 6478) . 5 طحرب العجلي: مولى الحسن بن علي -رضي الله عنهما -قال الأزدي: "لا يقوم إسناد حديثه" أ. ?. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي عن الحسن بن علي، روى عنه مجالد (ابن حجر، لسان الميزان 3/ 208) (ابن حبان، الثقات 4/ 399) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 لا أقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً يده على العرش، ورأيت أبا بكر واضعاً يده على النبي صلى الله عليه وسلم، ورأيت عمر واضعاً يده على أبي بكر، ورأيت عثمان واضعاً يده على عمر، ورأيت دماً دونهم فقلت: ما هذه الدماء؟ قيل: دم عثمان يطلب به. وقال ابن حمدان: يطلب الله به"1. إسناده ضعيف: مسلسل بالضعفاء. ورواه ابن عدي2 عن عمر بن سنان، عن سفيان به مثله إلا أنه قال: "ما هذا الدم". وفيه جميع بن عبد الرحمن بإسقاط عمر، وقد ورد بالحالين في كتب التراجم. ورواه ابن عساكر3 من هذين الطريقين، ومن طريق: أبي يحيى البزار زكريا بن يحيى، عن سفيان: به مثله. ومن طريق: حبان بن علي العنزي، عن مجالد بن سعيد، وشك   1 أبو يعلى (المسند 4/ 1598) -كما في حاشية تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 493-494) . 2 ابن عدي (الكامل في الضعفاء 2/ 589) في ترجمة جميع. 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 493-493) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 الراوي في إدخال الشعبي بينه وبين طحرب: به مثله 1. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة2. وعزاه إلى كتاب المنتقى للديلمي. 33- وفي مصنف ابن أبي شيبة: ابن المبارك3 عن ابن لهيعة4 عن يزيد بن أبي حبيب5 قال: قال كعب: كأني أنظر إلى هذا، وفي يديه شهابان من نار - يعني قاتل عثمان - فقتله"6. إسناده ضعيف: لانقطاعه بين يزيد وكعب رضي الله عنه. يزيد بن أبي حبيب ولد ما يقارب سنة 48?، وكعب بن مالك رضي الله عنه توفي في خلافة علي رضي الله عنه؛ أي قبل سنة 40?7. فيه عنعنة ابن لهيعة وهو يدلس عن الضعفاء كما قال ابن حبان8.   1 ابن عدي (الكامل في الضعفاء 2/ 589) في ترجمة جميع. 2 المحب الطبري (الرياض النضرة 3/ 77) . 3 عبد الله بن المبارك، تقدمت ترجمته. 4 عبد الله بن لهيعة، تقدمت ترجمته. 5 يزيد بن أبي حبيب، تقدمت ترجمته. (12/ 44، 15/ 215) . 7 انظر ترجمتي يزيد وكعب -رضي الله عنهما -في (التقريب/ 7701-5649) 8 المجروحين (2/11) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 34- روى الطبري: بإسناده إلى يزيد بن أبي حبيب1 قال: "ولي قتل عثمان نهران الأصبحي، وكان قاتل عبد الله بن بسرة، وهو رجل من بني عبد الدار"2. وهذا إسناد ضعيف منقطع. يزيد بن أبي حبيب لم يدرك الفتنة؛ لأنه ولد ما يقارب سنة ثمان وأربعين، أي: بعد فتنة قتل عثمان بثلاث عشرة سنة. وقد وصف بأنه يرسل3. 35- وفي مسند أحمد: قال عبد الله بن أحمد4. حدثني سريج بن يونس5 حدثنا محبوب6 بن محرز، عن إبراهيم7 بن عبد الله بن فروخ،   1 يزيد بن أبي حبيب المصري، تقدمت ترجمته. 2 الطبري (تاريخ الأمم والملوك 4/ 394) . 3 وصفه بذلك الحافظ ابن حجر (التقريب/ 7701) . 4 عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني، أبو عبد الرحمن، ولد الإمام، ثقة، من الثانية عشرة، مات سنة 248? ت س (التقريب/ 3205) . 5 سريج بن يونس بن إبراهيم البغدادي، أبو الحارث، مروزي الأصل، ثقةن عابد، من العاشرة، مات سنة 235? خ م ست (التقريب/ 2219) . 6 محبوب بن محرز التميمي، القواريري، العطار، أبو محرز الكوفي، لين الحديث، من التاسعة، بخ ت (التقريب/ 6494) . 7 إبراهيم بن عبد الله بن فروخ، ترجح له الحافظ ابن حجر في التعجيل ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال: "ذكره الذهبي في الميزان فقال: " ... وترك الموضع بياضاً فلم يكتب فيه شيئاً ولم أجده في الميزان ولا غيره من المصادر التي وقفت عليها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 عن أبيه1 قال: شهدت عثمان بن عفان، دفن في ثيابه بدمائه ولم يغسل"2. ورواه من طريقه ابن عساكر3. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد4وسكت عنه. إسناده ضعيف: بجهالة إبراهيم بن عبد الله بن فروخ. محبوب بن محرز قال عنه الحافظ في التقريب: "لين الحديث" وفي التعجيل: "كوفي ثقة"5 وإبراهيم لم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعبد الله بن فروخ: صدوق. وباقي رجاله ثقات. قال الحافظ ابن كثير: " ... حملوه على باب بعد ما غسلوه وكفنوه، وزعم بعضهم أنه لم يغسل ولم يكفن، والصحيح الأول"6.   1 عبد الله بن فروخ التيمي، مولى آل طلحة، بصري، صدوق، من الثالثة، س (التقريب/ 3530) . (بتحقيق أحمد شاكر 2/ 4) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 538-539) . (7/ 233) . (ص: 19) 6 البداية والنهاية (7/ 199) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 36- قال خليفة: حدثنا أبو الحسن1 عن أبي زكريا العجلاني2 عن نافع3 عن ابن عمر قال: ضربه ابن أبي بكر بمشاقص في أوداجه، وبَعَجَع سودان بن حمران بحربة"4. ورواه من طريقه ابن عساكر5. إسناده ضعيف: لجهالة أبي زكريا العجلاني، ومتنه شاذ لمخالفته   1 أبو الحسن هو: علي بن محمد المدائني، ت سنة 225? قال ابن معين: ثقة ثقة ثقة، وقال الذهبي: "صدوق" قال الحافظ: "لم أره في ثقات ابن حبان وهو على شرطه" وضعفه ابن عدي فقال: "ليس بالقوي في الحديث وهو صاحب أخبار قلّ ماله من الروايات المسندة" (ابن عدي، الكامل 5/ 1855، الذهبي/ المغني في الضعفاء 2/ 454، ابن حجر، لسان الميزان 4/ 253) . وتوثيق يعض عليه بالنواجذ، كما أوصى الذهبي (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل خ ص 1) . ونظراً لإنصاف تبن عدي في توثيق الرجال فإنه يجب الالتفات إلى تضعيفه هذا، فينزل برتية حديث المدتئني إلى الحسن لهذا الاختلاف المعتبر فيه. 2 أبو زكريا العجلاني، لم أجد له ترجمة، ويشبه أن يكون يحيى بن اليمان العجلي، أبو زكريا، ت سنة 189? الكوفي قال عنه الحافظ: "صدوق عابد يخطئ كثيراً وقد تغير من كبار التاسعة" بخ م 4 وليس في الأنساب للسمعاني، هذه النسبة وفيه: العِجْلي والعَجْلي (9/ 238-239) . (خليفة بن خياط، الطبقات 172، المزي، تهذيب الكمال خ 1572، الذهبي، السير 8/ 356، ابن حجر، التقريب7679، ابن الكيال، الكواكب النيرات 436) . 3 نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. 4 خليفة بن خياط (التاريخ 175) . 5 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 418) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 الرواية الصحيحة التي فيها أن محمد بن أبي بكر خرج من عند عثمان بعد ما وعظه"1. 37- قال ابن عساكر: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي2 نا عبد الرحمن بن منصور3 نا العتبي4 عن أبيه5 قال: بعث عثمان بن عفان إلى ابن عباس وهو محصور فأتاه، وعنده مروان بن الحكم، فقال عثمان: يا ابن عباس، أما ترى إلى ابن عمك، كان هذا الأمر في بني تيم وعدي فرضي وسلم، حتى إذا صار الأمر إلى ابن عمه بغاه الغوائل؟ قال ابن عباس: فقلت له: إن ابن عمك والله، ما زال عن الحق ولا يزول، ولو أن حسناً وحسيناً بغيا في دين الله الغوائل لجاهدهما في الله حق جهاده، ولو كنت كأبي بكر، وعمر لكان لك كما كان لهما، بل كان لك أفضل لقرابتك، ورحمك وسنك، ولكنك ركبت الأمر وهاباه. قال ابن عباس: فاعترضني مروان، فقال: دعنا من تخطئتك يا ابن عباس، فأنت كما قال الشاعر (من الوافر) . دعوتك للغياث ولست أدري ... أمن خلفي المنية أم أمامي   1 انظر (ص:) . 2 الحسين بن القاسم بن جعفر بن محمد أبو علي الكوكبي، الكاتب صاحب أخبار وآداب ت سنة 327? (تاريخ بغداد 8/ 86-87) قال الحافظ: أخباري مشهور، رأيت في أخباره مناكير كثيرة بأسانيد جياد (اللسان 2/ 309) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمة. 5 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 فشققت الكلام رخي بال ... وقد جل الفعال عن الكلام إن يكن عندك لهذا الرجل غياث فأغثه، وإلا فما أشغله عن التفعهم لكلامك والفكر في جوابك. قال ابن عباس: فقلت له: هو والله كان عنك وعن أهل بيتك أشغل، إذ أوردتموه ولم تصدروه، ثم أقبلت على عثمان فقلت له: (من الوافر) : جعلت شعار جلدك قوم سوء ... وقد يجزئ المقارن بالقرين فما نظروا لدنيا أنت فيها ... بإصلاح، ولا نظروا لدين ثم قلت له: إن القوم والله غير قابلين إلا قتلك أو خلعك، فإن قتلت قتلت على ما قد عملت وعلمت، وإن تركت فإن باب التوبة مفتوح. قال القاضي أبوالفرج: فقد أنبأ هذا الخبر: أن أصح التأويلين فيما قاله علي لعثمان في الخبر المتقدم هو ما وصفنا"1. إسناده ضعيف: الحسين ذكر فيه الحافظ ابن حجر ما يقتضي تضعيفه، وباقي رجاله مجهولون. 38- روى ابن عساكر: من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا عن زياد بن حسان2 البصري ببعض   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 367-368) . 2 زياد بن يحيى بن زياد بن حسان الحساني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 هذا الحديث، حدثني الهيثم بن الربيع1 وأخبرني عمر بن بكير، ومحمد بن صالح بسائره، عن علي بن محمد القرشي، عن عبد الله بن عبد الرحمن الهمداني قال: "دخل أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني على معاوية، فقال له معاوية: أبو الطفيل؟ قال: نعم، قال: أنت من قتلة عثمان؟ قال: لا ولكن ممن حضره فلم ينصره، قال: ما منعك من نصهر؟ قال: لم ينصره المهاجرون، والأنصار، ولم تنصره أنت، قال معاوية: أما طلبي بدمه نصرة له؟ فضحك أبو الطفيل وقال: أنت وعثمان كما قال الشاعر: لا ألفينك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي قال معاوية: يا أبا الطفيل، ما أبقى لك الدهر من ثكلك علي بن أبي طالب؟ قال: ثكل العجوز المقلات، والشيخ الرقوب، قال: فكيف حبك له؟ قال: حب أم موسى لموسى، وأشكو إلى الله التقصير. تفسيره: قال المقلات التي لا يعيش لها ولد، والرقوب: الرجل الذي قد يئس أن يولد له"2. وهذا إسناد ضعيف: بالهيثم بن الربيع العقيلي، فإنه ضعيف؛ كما   1 الهيثم بن الربيع العقيلي، أبو المثنى البصري، أو الواسطي، ضعيف من السابعة ت (التقريب/ 7373) روى عنه زياد بن يحيى الحساني (ابن حجر، تهذيب التهذيب 11/ 97) وذكره العقيلي في الضعفاء (4/ 353) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، مجلد عاصم -عائذ ص: 461) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 أن في متنه شذوذاً، فقد صح بأسانيد كثيرة، نصرة المهاجرين، والأنصار لعثمان يوم الدار1. 39- وفي مصنف ابن أبي شيبة: قال وحدثنا أبوبكر قال: حدثنا عثمان2 قال: حدثنا أبو محصن3 أخو حماد بن نمير - رجل من أهل واسط - قال: حدثنا حصين4 بن عبد الرحمن قال: حدثني جهم5 رجل من بني فهر، قال: أنا شاهد هذا الأمر، قال: جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان أن أتينا، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها، قال: فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم فإني مشتغل، وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن، قال أبو محصن مرتين: أشرن أستعد لخصومتكم، قال: فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، قالها أبو محصن مرتين، قال: فتناوله رسول   1 انظر: ما يتعلق بدفاع الصحابة عن عثمان -رضي الله عنهم - (ص:) 2 عفان بن مسلم الباهلي، تقدمت ترجمته. 3 حصين بن نمير الواسطي، أبو محصن الضرير الكوفي، الأصل، لا بأس به، رمي بالنصب، من الثامنة، خ د ت س (التقريب/ 1389) . 4 حصين بن عبد الرحمن السلمي، تقدمت ترجمته. 5 جهيم الفهري، ويقال: جهم، سمع عثمان وسعداً وعماراً، وروى عنه حصين بن عبد الرحمن، وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (البخاري، التاريخ الكبير 2/ 251، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، 2/ 540، ابن حبان، الثقات 4/ 119) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 عثمان فضربه، قال: فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما تنقمون مني؟ قالوا: ننقم عليك ضربك عماراً قال: قال عثمان: جاء سعد، وعمار فأرسلت إليهما، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، فتناوله رسولي من غير أمري، فوالله ما أمرت ولا رضيت، فهذه يدي لعمار فيصطبر، قال أبو محصن: يعني: يقتص، قالوا: ننقم عليك أنك جعلت الحروف حرفاً واحداً، قال: جاءني حذيفة فقال: ما كنت صانعاً إذا قيل: قراءة فلان، وقراءة فلان، وقراءة فلان، كما اختلف أهل الكتاب فإن يك صواباً فمن الله، وإن يك خطأ فمن حذيفة، قالوا: ننقم عليكم أنك حميت الحمى، قال: جاءتني قريش فقالت: إنه ليس من العرب قوم إلا لهم حمى يرعون فيه غيرها، فقلت ذلك لهم، فإن رضيتم فأقروا، وإن كرهتم، فغيروا، أو قال لا تقروا - شك أبو محصن، قالوا: وتنقم1 عليك أنك استعملت السفهاء أقاربك2 فليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم الذي يحبونه فأستعمله عليهم، وأعزل عنهم الذي يكرهون، قال: فقال أهل البصرة: رضينا بعبد الله بن عامر، فأقره علينا، وقال أهل الكوفة: اعزل سعيداً، وقال الوليد - شك أبو محصن: واستعمل   1 هكذا، والصواب: [وننقم] . 2 في الرواية سقط ظاهر؛ وهو هكذا في المصنف ولم يشر المحقق إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 علينا أبا موسى ففعل، قال: وقال أهل الشام: قد رضينا بمعاوية فأقره علينا، وقال أهل مصر: أعزل عنا ابن أبي السرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص، ففعل، قال: فما جاؤوا بشيء إلا خرج منه. قال: فانصرفوا راضين، فبينما بعضهم في بعض الطريق، إذا مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه فأصابوا معه كتاباً في أدواة إلى عاملهم أن خذ فلاناً، وفلاناً فاضرب أعناقهم، قال: فرجعوا قبدؤوا بعلي فجاء معهم إلى عثمان، فقالوا: هذا كتابك، وهذا خاتمك، فقال عثمان: والله ما كتبت ولا علمت ولا أمرت، قال: فما تظن، قال أبو محصن: تتهم، قال: أظن كاتبي غدر وأظنك به يا علي، قال: فقال له علي: ولم تظنني بذاك؟ قال: لأنك مطاع عند القوم، قال: ثم لم تردهم علي. قال: فأبى القوم وألحوا عليه حتى حصروه، قال: فأشرف عليهم وقال: بم تستحلون دمي؟ فو الله ما حل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: مرتد عن الإسلام، أو ثيب زان، أو قاتل نفس، فو الله ما عملت شيئاً منهن منذ أسلمت قال: فألح القوم عليه، قال: وناشد عثمان الناس أن لا تراق فيه محجمة من دم. فلقد رأيت ابن الزبير يخرج عليهم في كتيبة حتى يهزمهم، لو شاؤوا أن يقتلوا منهم لقتلوا، قال: ورأيت سعيد بن الأسود البختري وإنه ليضرب رجلاً بعرض السيف لو شاء أن يقتله لقتله، ولكن عثمان عزم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 على الناس فأمسكوا1. قال: فدخل عليه أبو عمرو بن بديل الخزاعي التجيبي، قال: فطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه وعلاه الآخر بالسيف فقتلوه، ثم انطلقوا هراباً يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى أتوا بلداً بين مصر والشام، قال فكمنوا في غار، قال: فجاء نبطي من تلك البلاد معه حمار، قال: فدخل ذباب في منخر الحمار، قال: فنفر حتى دخل عليهم الغار، طلبه صاحبه فرآهم: فانطلق إلى عامل معاوية قال: فأخبره بهم، قال: فأخذهم معاوية فضرب أعناقهم"2. إسناده ضعيف: رجاله رجال البخاري، إلا جهيم الفهري، فلم يوثّقه غير ابن حبان، وفي حصين بن نمير نصب؛ فما كان في هذه الرواية من لمز أو غمز في أحد من الصحابة فإنّه ضعيف، بحصين بن نمير. وحصين بن عبد الرحمن اختلط، ورواية حصين بن نمير عنه بعد الاختلاط3وأما ما أخرج له البخاري عن حصين بن عبد الرحمن فإنه حديث واحد تابعه عليه عند هشيم ومحمد بن فضيل4.   1 في الأصل: (فامكسوا) وهو تحريف. (15/ 220-222) . 3 السخاوي (فتح المغيث 3/ 374) . 4 ابن حجر (هدي الساري ص: 398) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 40- قال يعقوب بن سفيان: حدثني سعيد بن أسد1 حدثنا ضمرة2 عن رجاء بن أبي سلمة3عن مطرف4بن الشخير قال: لما دخل علي البصرة يوم الجمل جلست إلى عمار بن ياسر، فجعل يقطع في عثمان فقلت له: إنكم أصحاب محمد سبقتمونا صحبة ثم أدركناكم فأعلمتمونا ألاّ ذنب في الإسلام أعظم من الذم، ثم أنتم اليوم تحلونه. قال: فجاء رسول علي فقال: أجب يا أبا اليقظان أمير المؤمنين فهو يقول: إنه بدّل -يعني عثمان-"5. إسناده ضعيف. سعيد بن أسد لم يوثقه غير ابن حبان، وفي الإسناد انقطاع رجاء بن أبي سلمة ولد سنة (91?) ، ومطرف ت (سنة 95?) . فيبعد أن يحمله عنه وعمره أربع سنوات. وبذلك يتبين أن الراوي عن مطرف ساقط، فيحتمل أن يكون قنافة، الذي تقدم في الرواية   1 سعيد بن أسد بن موسى المصري، سكت عنه ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (الجرح والتعديل 4/ 5، الثقات 8/ 271) . 2 ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله، أصله دمشقي، صدوق يهم قليلاً، من التاسعة، مات سنة 202? بخ 4 (التقريب/ 2988) . 3 رجاء بن أبي سلمة: مهران أبو المقدام الفلسطيني، أصله من البصرة، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة 161? وله 70 سنة، مد س ق (التقريب/ 1924) . 4 تقدمت ترجمته. 5 المعرفة والتاريخ (2/ 92) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 السابقة. ولورود هذا الاحتمال لا يتقوّى هذا الخبر بالذي قبله كما لا يتقوّى الذي قبله به. 41- قال أبو عرب: وحدثني غير واحد عن أسد بن الفرات، عن زياد بن عبد الله قال: حدثنا مجالد قال: حدثنا أبو حرب قال: قال لي عثمان ولرجل من الأنصار: قوما فاجلسا على بيت المال، قال: فقمنا وجلسنا عليه وفيه غرارتان مملوءتان دراهم، وقد بلغت عراهما سقف البيت، قال: ثم رموا شيئاً على الباب فدفعوه فوقع، فدخل على عثمان وقد فتح المصحف وافتتح سورة البقرة، فلما رآهم قال: بيني وبينكم كتاب الله، قالوا: أي عدو الله، مالك ولكتاب الله؟ قال: وشتموه, ودخل على عثمان محمد بن أبي بكر وهو جالس يقرأ في المصحف، فأخذ بلحيته، فقال: لو كان أبوك لم يقبض على ما قبضت، ثم وجأ في لبته بسهم، فقطرت من دمه قطرة على المصحف, ودخل عليه المصري، رجل من تجيب من كندة سالاً السيف، فخرجت امرأة من كلب يقال لها: نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو الكلبية زوجة عثمان، فقبضت على السيف فقطع يدها، وضربه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 بالسيف حتى مات. ونادى منادٍ: أن الرجل قد قتل"1. إسناده ضعيف: لجهالة شيوخ أبي عرب، كما هو ظاهر. 42- روى عبد الرزاق في المصنف عن معمر2 عن الأعمش3 قال: قال عثمان لحذيفة ولقيه: والله ما يدعني ما يبلغني عنك بظهر الغيب، ثم ولّى حذيفة، فلما أجاز4 قال: ردوه. قال له عثمان أيضاً مثل قوله الأول، فقال له حذيفة: والله لتخرجنّ كما يخرج الثور، ولتسخطن كما يسخط الجمل"5. وإسناده ضعيف لما فيه من انقطاع ظاهر، الأعمش ولد (سنة 61?) وعثمان رضي الله عنه توفي (سنة 35?) ، فبذلك يكون توفي قبل ولادة الأعمش بستة وعشرين عاماً. ورواه ابن أبي شيبة6 مطولاً من طريق: شيبان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن صخر بن الوليد، عن جزء بن بكير العبسي، قال: "جاء حذيفة ... ". وجزي بن بكير العبسي قال فيه البخاري7: "منكر الحديث".   1 أبو عرب (المحن: 65) . 2 معمر بن راشد الأزدي، تقدمت ترجمته. 3 الأعمش هو: سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 4 أجاز الموضع الذي فيه عثمان أي: تركه خلفه (اللسان 5/ 326) . 5 المصنف (11/ 450) . 6 المصنف (15/ 211-212) . 7 التاريخ الكبير (2/ 251) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 فهذا الإسناد ضعيف جداً به. 43- قال أحمد: حدثنا عبد الصمد1 حدثنا القاسم2 - يعني ابن الفضل -، حدثنا عمرو3 بن مرة عن سالم4 بن أبي الجعد قال: دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر، فقال: إني سائلكم وإني أحب أن تصدقوني، نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكت اقوم فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم، فبعث إلى طلحة والزبير، فقال عثمان: ألا أحدثكما عنه، يعني عماراً، أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بيدي نتمشى في البطحاء حتى أتى على أبيه وأمه وعليه يعذبون: فقال أبو عمار: يا رسول الله، الدهر هكذا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اصبر ثم قال: اللهم اغفر لآل ياسر، وقد   1 عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، تقدمت ترجمته. 2 القاسم بن الفضل بن معدان الحُدَّائي، أبو المغيرة البصري، ثقة، من السابعة، رمي بالإرجاء، مات سنة 167?، بخ م 4 (التقريب/ 5482) . 3 عمرو بن مرة الجملي، المرادي، أبو عبد الله الكوفي، الأعمى، ثقة عابد، كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118?، وقيل قبلها ع (التقريب/ 5112) . 4 سالم بن أبي الجعد: رافع الغطفاني، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، ت سنة 97? وقيل سنة 100? ولم يثبت أنه جاوز المائة ع (التقريب/ 2170) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 فعلت" 1. ورواه من طريقه ابن الأثير2 وابن عساكر3 وفي رواية ابن عساكر اختصار. وروى أبو نعيم4 المرفوع منه فقط، من طريق: عبد العزيز بن أبان عن القاسم به. إسناده ضعيف: ورجاله رجال مسلم، إلا أنه منقطع. سالم بن أبي الجعد لم يدرك عثمان، ولا من قبل عثمان من الصحابة رضي الله عنهم جزم بذلك أبو حاتم الرازي5. وقال العلائي: "كثير الإرسال عن كبار الصحابة ... ". ثم نقل قول أبي حاتم ونسبه إلى أبي زرعة الرازي6. وضعف هذا الخبر: أحمد شاكر7- رحمه الله تعالى - بالعلة نفسها. 44- ورواه ابن عساكر: من طريق أبي يعلى، عن عبد الله بن بكار عن القاسم، عن عمرو   1 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 349) . 2 أسد الغابة (3/ 487) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 246) . 4 حلية الأولياء (1/ 140) . 5 ذكره عنه الحافظ ابن حجر في الإصابة (2/ 120) ، ولم أجده في الجرح والتعديل في ترجمة سالم (4/ 181) . 6 جامع التحصيل (217) . 7 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 349) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عثمان قال: "ذكر عثمان بني أمية فقال: والله لو أن مفاتيح الجنة بيدي لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا الجنة من عند آخرهم، ولاستعملتهم على رغم من رغم، قال: فقال عمار: فإن ذلك يرغم بأنفي، قال: أرغم الله بأنفك. قال: بأنف أبي بكر وعمر. قال: فغضب، فقام إليه فوطئه فأجفله الناس عنه. قال: فبعث إلى طلحة والزبير فقال: ائتيا هذا الرجل فخيِّراه بين ثلاث: بين أن يقتص أو يأخذ أرشاً أو يعفو. فأتياه فقالا: إن هذا الرجل قد أنصف فخيّّرك بين أن تقتص أو تأخذ أرشاً أو تعفو. قال: والله لا أقبل منهن واحدة حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشكو إليه. قال: وجمع عثمان بني أمية فقال: يا ذبان الطمع، والله ما زلتم بي على هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خشيت أن أكون قد أهلكته وهلكت. قال عثمان: أما إنه لا يمنعني أن أحدث ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى بالبطحاء، فإذا أنا بعمار وأبي عمار وأم عمار يعذبون في الشمس. فقال ياسر: يا رسول الله الدهر هكذا؟ فقال: "اصبر. اللهم اغفر لآل ياسر" 1. إسناده ضعيف: لانقطاعه، فسالم لم يدرك عثمان كما سيأتي في   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 246) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 الروايه التالية، ولجهالة عبد الله بن بكار، وقد رواه عن القاسم، عبد الصمد، شيخ أحمد كما سيأتي، لكن في رواية عبد الله بن بكار زيادة تفرد بها عن القاسم، وابن بكار هذا لم يترجم له سوى ابن حبان1 الذي يوثق المجاهيل، فلا يعتد بتوثيقه هذا، ويبقى ابن بكار على جهالته عيناً وحالاً. 45- قال البزار: حدثنا بشر بن آدم2 أبنا زيد بن الحباب3 ثنا ابن لهيعة4 حدثني يزيد بن عمرو المعافري5 قال: سمعت أبا ثور6 الفهمي يقول: قدم عبد   1 الثقات (7/ 62) . 2 بشر بن آدم السمان، صدوق فيه لين، من العاشرة، ت سنة 254? د ت ابن عساكر ق (التقريب/ 675) . 3 زيد بن الحباب العكلي، أصله من خراسان، وكان بالكوفة، ورحل في الحديث فأكثر منه، وهو صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، ت سنة 230? ر م 4 (التقريب/ 2124) . 4 ابن لهيعة هو: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، المصري القاضي، صدوق من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، وله في مسلم بعض شيء مقرون، ت سنة 174?، وقد ناف على الثمانبن (التقريب/ 3563) . 5 يزيد بن عمرو المعافري، المصري، صدوق، من الرابعة د ت ق (التقريب/ 7758) 6 أبو ثور الفهمي، قال أبو زرعة الرازي: له صحبة ولا أعرف اسمه، وقال البغوي: سكن مصر. وذكره الحافظ ابن حجر في القسم الثاني من الإصابة (ابن حجر، الإصابة 4/30) . (الدولابي، الكنى 21) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 الرحمن بن عديس البلوي - وكان ممن بايع تحت الشجرة - فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عثمان، فقال أبو ثور: دخلت على عثمان، فقال: زوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم ابنته، ثم بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي - يعني اليمين - فما مسست بها ذكري، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا شربت خمراً في جاهلية ولا إسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري هذه الزنقة ويزيدها في المسجد وله بيت في الجنة" فاشتريتها وزدتها في المسجد. قال البزار: لم أره بتمامه"1. ورواه يعقوب2 بن سفيان، وابن عساكر، وابن الجوزي، كلهم من طرق: عن ابن لهيعة، وفيها زيادات منكرة. وإسناده ضعيف. عبد الله بن لهيعة، ضعيف فلا يحتج بحديثه3. قال علي بن المديني: "سمعت عبد الرحمن بن مهدي وقيل له: تحمل على عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة؟ قال عبد الرحمن، لا أحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا   1 الهيثمي، كشف الأستار في زاوئد البزار (3/ 177-178) ، وهو أحمد بن عمرو البزار ت سنة 292?. 2 المعرفة والتاريخ (2/ 488-489) . 3 انظر ترجمته في المجروحين لابن حبان (2/ 11-14) ، والكامل في الضعفاء، لابن عدي (4/ 1462-1472) ، والمغني في الضعفاء (1/ 352) ، وميزان الاعتدال (2/ 475-483) كلاهما للذهبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 كثيراً، ثم قال عبد الرحمن: كتب إليَّ ابن لهيعة كتاباً فيه: ثنا عمرو بن شعيب، قال عبد الرحمن: فقرأته على ابن المبارك، فأخرج إلى ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة فإذا: حدثني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب". وقال يحيى بن معين: "أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة، والسماع عنه واحد. القديم والحديث" وقال أيضاً "ضعيف لا يحتج به". وذكر عند يحيى احتراق كتب ابن لهيعة، فقال: "هو ضعيف قبل أن تحترق، وبعد ما احترقت". وقال السعدي: "ابن لهيعة لا يوقف على حديثه، ولا ينبغي أن يحتج بروايته، أو يعتد بروايته". وقال الحميري، عن يحيى بن سعيد، أنه كان لا يراه شيئاً. وقال أبو زرعة: "سماع الأوائل، والأواخر منه سواء، إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله، وليس ممن يحتج به". وقال ابن حبان: "قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين، والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيراً، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به". وهو راوي الحديث الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: "ادعوا لي أخي، فدعي له أبوبكر، فأعرض عنه، ثم قال: ادعوا لي أخي، فدعي له عثمان، فأعرض عنه، ثم دعي علي فستره بثوبه، وأكب عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 فلما خرج من عنده قيل له: ما قال لك؟ قال: علمني ألف باب كل باب يفتح ألف باب". وذكره البخاري في كتابه الضعفاء الصغير، وساق إسناده إلى يحيى بن سعيد: "أنه كان لا يراه شيئاً". قال الذهبي: "وقال ابن عدي: لعل البلاء فيه من ابن لهيعة، فإنه مفرط في التّشيّع". كما له مناكير أخرى ذكرها له ابن عدي والذهبي. وخلاصة القول فيه ما قاله أبو حاتم بن حبان: "وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه، لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين. ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، لما فيه مما ليس من حديثه". وقال الجوزجاني: "لا نور على حديثه ولا ينبغي أن يحتج به". 46- قال الطبري: حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم1 قال: حدثنا عبد الرحمن2 بن   1 أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة 261 ?، خ، م، س ق (التقريب/ 79) . 2 عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي، الكوفي، صدوق يخطئ من العاشرة، مات سنة 227? بخ (التقريب/ 3893) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 شريك، قال: حدثني أبي1 عن محمد بن إسحاق2 عن يعقوب3 بن عتبة بن الأخنس، عن ابن الحارث4 بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن الحارث5 بن هشام قال: كأني أنظر إلى عبد الرحمن بن عديس البلوي وهو مسند ظهره إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان بن عفان رضي الله عنه محصور، فخرج مروان بن الحكم، فقال: من يبارز؟ فقال عبد الرحمن بن عديس لفلان بن عروة: قم إلى هذا الرجل، فقام إليه غلام شاب طوال فأخذ رفرف الدرع فغرزه في منطقته فأعور له عن ساقه، فأهوى له مروان وضربه ابن عروة على عنقه، فكأني أنظر إليه حين استدار وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليدفف عنه، قال: فوثبت عليه فاطمة بنت أوس   1 شريك بن عبد الله النخعي، تقدمت ترجمته. 2 محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، المدني، إمام المغازي، صدوق يدلس، ورمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، ت سنة 150? خت م 4 (التقريب/ 5725) . 3 يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي، ثقة، من السادسة، مات سنة 128? د س ق (التقريب/ 7825) . 4 الصواب والله أعلم الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، المدني، وثقه ابن حبان وسكت عنه كل من ابن سعد والبخاري وابن أبي حاتم (ابن سعد، الطبقات ط الجامعة 207، البخاري، التاريخ الكبير 2/ 265، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 3/ 70، ابن حبان، الثقات 6/ 171، السخاوي، التحفة اللطيفة 1/ 44) . 5 أبو بكر بن الحارث بن هشام بن المغيرة، ولد في خلافة عمر وتوفي (سنة 94?) بالمدينة؛ وثقه ابن سعد وقال: كان كثير الحديث ... (ابن سعد، الطبقات 5/ 207) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 جدة إبراهيم بن عدي - قال: وكانت أرضعت مروان وأرضعت له - فقالت: إن كنت إنما تريد قتل الرجل فقد قتل، وإن كنت تريد أن تعلب بلحمه فهذا قبيح. قال: فكف عنه، فما زالوا يشكرونها لها، فاستعملوا ابنها إبراهيم بعد"1. إسناده ضعيف. فيه عبد الرحمن بن شريك، صدوق يخطئ، وشريك مثله ويخطئ كثيراً، وتغير حفظه، ومحمد بن إسحاق، مدلس وقد عنعن، كما أنه رمي بالتشيع، وفي هذه الرواية ما يقوي بدعة التشيع، حيث احتوت على إثبات اشتراك ابن عديس، في الخروج على عثمان رضي الله عنه. والحارث بن أبي بكر لم يوثقه غير ابن حبان، وابن حبان متساهل في التوثيق، يوثق المجاهيل فلا يعتد أهل العلم بتوثيقه إذا انفرد. فهذه عِدّة علل تقدح في صحة الرواية، فلا يعتمد عليها في إثبات تلك التهمة التي رمي بها هذا الصحابي الذي بايع تحت الشجرة. 47- قال خليفة: قال أبو الحسن2: قدم أهل مصر عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي، وأهل البصرة عليهم حكيم بن جبلة العبدي، وأهل الكوفة فيهم الأشتر مالك بن الحارث النخعي المدينة في أمر عثمان، فكان مقدم   1 الطبري (التريخ 4/ 381) . 2 أبو الحسن هو علي بن محمد المدائني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 المصريين ليلة الأربعاء هلال ذي القعدة"1. ومن طريقه رواه ابن عساكر2. وهذا ضعيف: لأن أبا الحسن المدائني ساقه دون إسناد، والراجح أيضاً أن خليفة نقله من كتاب المدائني وجادة، حيث لم يصرح بالسماع عنه. 48- قال الطبراني: نا أحمد بن محمد3 بن صدقة البغدادي، وإسحاق بن داود4 الصواف التستري قالا: نا محمد بن خالد5 بن خداش، ثنا مسلم بن قتيبة6 نا مبارك7 عن الحسن8 قال: حدثني سياف عثمان9.   1 خليفة بن خياط (التاريخ 168) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 320) . 3 أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة، ت سنة 293?، قال الذهبي: إمام حافظ متقن فقيه (تاريخ بغداد 5/ 40-41، تذكرة الحفاظ 4/ 83، السير 4/ 84، طبقات القراء 1/ 119) . 4 لم أجد له ترجمة. 5 محمد بن خالد بن خداش المهبلي، أبو بكر البصري، نزيل بغداد الضرير، صدوق يغرب، من صغار العاشرة ق (التقريب/ 5843) . 6 تقدمت ترجمته. 7 مبارك بن فضالة، أبو فضالة البصري؛ صدوق يدلس ويسوي، من السادسة، (ت سنة 166?) على الصحيح، خت د ت ق (التقريب/ 6464) . 8 تقدمت ترجمته. 9 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 أن رجلاً من الأنصار دخل على عثمان، فقال: ارجع ابن أخي فلست بقاتلي، قال: وكيف علمت ذاك؟ قال: لأنه أتي بك النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعك، فحنكك ودعا لك بالبركة، ثم دخل عليه رجل آخر من الأنصار فقال: ارجع ابن أخي، فلست بقاتلي، قال: بم تدري؟ قال: لأنه أتي بك النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة ... قال: ثم دخل عليه محمد بن أبي بكر، فقال: أنت قاتلي، قال: وما يدريك يا نعثل؟ قال: لأنه أتي بك النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعك يحنكك ويدعو لك بالبركة فخريت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوثب على صدره وقبض على لحيته، فقال: إن تفعل كان يعز على أبيك، أو يسؤه. قال: فوجاه في نحره بمشاقص كانت في يده"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. وذكره ابن كثير ثم قال: "هذا غريب جداً وفيه نكارة"3. إسناده ضعيف: مبارك يدلس ويسوي وقد عنعن، ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من طبقاته4. رجاله مقبولون.   1 المعجم الكبير (1/ 83) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 414-415) . 3 البداية والنهاية (7/ 194) . (43) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 49- روى الخطيب البغدادي وابن عساكر: من طريق: الربيع بن صبيح1 عن علي بن زيد2 بن جدعان، عن الحسن قال: لما كانت تلك الفتن جعل رجل يسأل عن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنسهم، لا يسأل أحداً إلا قالوا له: سعد بن مالك: قال: وقد قيل له إن سعداً رجل إن أنت رفقت به كنت قمناً أن تصيب منه حاجتك، وإن أنت خرقت به كنت قمناً ألا تصيب منه شيئاً. قال: فجلس إليه أياماً لا يسأله عن شيء حتى عرف مجلسه، واستأنس إليه ثم قال: "أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ} . قال: فقال سعد: مه لئن قلت لا جرم، لا تسألني عن شيء أعلمه إلا أخبرتك به. قال: فقال له: ما تقول في عثمان؟ قال: كان إذا كنا مع   1 الربيع بن صبيح، السعدي، البصري، صدوق سيء الحفظ، وكان عابداً مجاهداً، قال الرمهرمزي هو أول من صنف الكتب بالبصرة من السابعة، مات سنة ستين. خت ت ق (التقريب/ 1895) . 2 علي بن زيد بن جدعان هو: علي بن زيد بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي، البصري، أصله حجازي، ينسب أبوه إلى جد جده، ضعيف، من الرابعة مات سنة 131? بخ م 4 (التقريب/ 4734) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسننا وضوءاً، وأطولنا صلاة، وأعظمه نفقة في سبيل الله عز وجل، ثم ولي المسلمين زماناً لا ينكرون منه شيئاً، ثم أنكروا منه أشياء، فما أتوا إليه أعظم مما أتى إليهم. فقلت له: هذا علي يدعو الناس، وهذا معاوية يدعو الناس، وقد جلس عنهما عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال سعد: أما إني لا أحدثك ما سمعت من وراء وراء، ما أحدثك إلا ما سمعته أذناي ووعاه قلبي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن استطعت أن تكون عبد الله المقتول ولا تقتل أحداً من أهل القبلة فافعل" 1. إسناده ضعيف: علي بن زيد بن جدعان: ضعيف، ورواية مسلم له مقرونة بغيره2. 50- وفي مصنف ابن أبي شيبة: أبو أسامة3 عن ابن أبي عروبة4 عن قتادة5 قال: أخذ علي بيد   1 الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 3/ 447-448) ، وابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان ص: 232، 484-485) . 2 مسلم (الجامع الصحيح بشرح النووي 12/ 146) ، ابن منجويه (رجال صحيح مسلم، 2/ 56) . 3 أبو أسامة هو: حماد بن أسامة القرشي، تقدمت ترجمته. 4 ابن أبي عروبة هو: سعيد، تقدمت ترجمته. 5 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 الأشتر ثم انطلق به حتى أتى طلحة فقال: إن هؤلاء - يعني أهل مصر - يسمعون منك ويطيعونك، فانههم عن قتل عثمان، فقال: ما أستطيع دفع دم أراد الله إهراقه، فأخذ علي بيد الأشتر، ثم انصرف وهو يقول: بئس ما ظن ابن الحضرمية أن يقتل ابن عمي، ويغلبني على ملكي بئس ما أرى"1. رجاله ثقات رجال الشيخين. ولكنه معلول بعدة علل: 1- حماد بن أسامة يدلس، ذكره الحافظ في المرتبة الثانية، وقد عنعن في هذا الخبر. 2- وسعيد كثير التدليس، وقد عنعن. 3- وقتادة أيضاً مدلس من المرتبة الثالثة عند ابن حجر، وقد توفي (سنة 110?) . فالإسناد ضعيف: مسلسل بالمدلّسين، ولم يصرّح أحد منهم بالسماع. 51- قال الطبري: حدثني عبد الله2 بن أحمد بن شبويه، قال: حدثني3 أبي، قال:   (15/ 229) . 2 عبد الله بن أحمد بن محمد بن شَبُّويَهْ، المروزي، الخزاعي، سكت عنه ابن أبي حاتم/ وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث" (الجرح والتعديل 5/ 6، الثقات 8/ 366) . 3 أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، أبو الحسن بن سنبوبه ثقة، من العاشرة، مات سنة 230? د (التقريب/ 94) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 حدثني عبد الله1 عن إسحاق بن يحيى2 عن موسى بن طلحة3 قال: أرسل عثمان إلى طلحة يدعوه فخرجت معه حتى دخل على عثمان، وإذ علي، وسعد، والزبير، وعثمان ومعاوية، فحمد الله معاوية وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته في الأرض، وولاة أمر هذه الأمة، لا يطمع في ذلك أحد غيركم، اخترتم صاحبكم من غير غلبة ولا طمع، وقد كبرت سنه وولى عمره، ولو انتظرتم به الهرم كان قريباً، مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغ به ذلك، وقد فشت قالة خفتها عليكم، فما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به، ولا تطمعوا الناس في أمركم، فوالله لئن طمعوا في ذلك لا رأيتم فيها أبداً إلا أدباراً. قال عليّ: وما لك وذلك وما أدراك لا أم لك؟ قال: دع أمي مكانها، ليست بشر أمهاتكم، قد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأجبني فيما أقول لك. فقال عثمان: صدق ابن أخي، إني أخبركم عني وعما وليت، إن صاحبيَّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل احتساباً، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي قرابته، وأنا في رهط أهل   1 عبد الله بن المبارك الخراساني، تقدمت ترجمته. 2 إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، ضعيف، من الخامسة، ت ق (التقريب/ 390) . 3 موسى بن طلحة بن عبيد الله، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 عيلة وقلة معاش، فبسطت يدي في شيء من ذلك المال، لمكان ما أقوم فيه، ورأيت أن ذلك لي، فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه، فأمري لأمركم تبع. قالوا: أصبت وأحسنت، قالوا: أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد ومروان - وكانوا يزعمون أنع أعطى مروان خمسة عشر ألفاً، وابن أسيد خمسين ألفاً - فردوا منهما ذلك، فرضوا وقبلوا وخرجوا راضين"1. إسناده ضعيف: إسحاق ضعيف، وعبد الله بن أحمد. وباقي رجاله ثقات. 52- قال عبد الرزاق: أنا معمر2 عن الزهري3 عن كثير4 بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه5 قال: كان ابن سلام يدخل على رؤوس قريش قبل أن يأتي أهل مصر، فيقول لهم: لا تقتلوا هذا الرجل -يعني عثمان- فيقولون: والله ما نريد قتله. قال أفلح: فيخرج وهو متكئ على يدي فيقول: والله ليقتله.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 344-345) . 2 معمر هو: ابن راشد الأزدين، تقدمت ترجمته. 3 الزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب تقدمت ترجمته. 4 كثير بن أفلح المدني، مولى أبو أيوب الأنصاري، ثقة، من الثانية، س (التقريب/ 5606) . 5 أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري مخضرم، ثقة، من الثانية، مات (سنة 63?) م (التقريب/ 549) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 قال: وقال ابن سلام حين حوصر: اتركوا هذا الرجل أربعين ليلة، فوالله لئن تركتموه فليموتن إليها. فأبوا. ثم خرج إليهم بعد ذلك بأيام فقال: اتركوه خمس عشرة ليلة، فوالله لئن تركتموه ليموتن إليها"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. ورواه يعقوب بن سفيان3من طريق: ابن ثور عن معمر به، بإسقاط أفلح من الإسناد، ونبه على وجوده في رواية عبد الرزاق، وفيه: "حضر" بدل "حوصر"، والسياق يقتضي: "حوصر". ومن طريق يعقوب 4 رواه ابن عساكر وفيه "لتقتلنه". إسناده ضعيف: "رواه إسحاق بإسناد حسن" وتبعه في تحسينه ابن حجر فقال: "إسناده إسناد حسن"5. ورجاله ثقات، لكن الزهري يرسل، ويدلس، ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة6 ولم يصرح هنا بالسماع فالخبر معل به.   1 عبد الرزاق الصنعاني (المصنف 11/ 444) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 353-354) . 3 يعقوب بن سفيان (المعرفة والتاريخ 1/ 418) . 4 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 353 _ 354) . 5 المطالب العالية (4/ 286-287) . 6 ابن حجر (طبقات المدلسين 45 عاصم) . العلائي (جامع التحصيل 331) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 53- روى ابن عساكر: من طريق يحيى الحماني وعنبسة بن سعيد، وأبي كريب؛ كلهم عن ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: "بلغني أن الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جنوا". وزاد عنبسة قال ابن المبارك: (أيسره) ، وفي رواية الحماني أنه قال: (الجنون لهم قليل) "1. إسناده ضعيف: لجهالة من أبلغ يزيد، ولما في ابن لهيعة من ضعف2. 54- روى ابن عساكر من طريق أبي عوانة قال: كان القواد الذين ولوا قتله ستة: علقمة بن عبس، وكنانة بن بشر، وحكيم بن جبلة، والأشتر، وعبد الله بن بديل، وحمران بن فلان، أو فلان بن حمران: وقال مرة أخرى: قتله كنانة بن بشر، وقتل مكانه"3. وأبو عوانة (ت سنة 175?) فهو منقطع أو معضل. 55- قال خليفة بن خياط: حدثنا كهمس4 عن ابن أبي عروبة5 عن قتادة6 قال: الذي ولي   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 458) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: [224] . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 448-449) . 4 كهمس بن المنهال تقدمت ترجمته. 5 سعيد بن أبي عروبة تقدمت ترجمته. 6 قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 قتل عثمان رومان - رجل من بني أسد بن خزيمة - أخذ ابن أبي بكر بلحيته وذبحه رومان بمشاقص كانت معه"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف: لانقطاعه ورجاله رجال البخاري، فإن قتادة ولد (سنة 60 ?) أي بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمس وعشرين سنة. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين3 وقال الذهبي عنه: "هو حجة بالإجماع، إذا بين السماع فإنه مدلس معروف بذلك"4. ومتن هذه الرواية شاذ، لما فيه من مخالفة للرواية الصحيحة التي فيها أن محمد بن أبي بكر خرج ولم يند من دم عثمان بشيء5. 56- قال ابن سعد: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي6 من عامر بن لؤي، قال:   1 التاريخ (175) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 418) . (ص: 43) . 4 الذهبي، (سير أعلام النبلاء 5/ 270) . 5 انظر الملحق الروايات رقم: [122، 123، 124] . 6 عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس، ابن سعد بن أبي سرح، الأويسي، أبو القاسم المدني، ثقة، من كبار العاشرة، خ د ت كن ق (التقريب/4106) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 أخبرنا إبراهيم بن سعد1 عن أبيه2 عن عمرو بن العاص أنه قال لعثمان: إنك ركبت بنا نهابير وركبناها معك، فتب يتب الناس معك، فرفع عثمان يديه فقال: اللهم إني أتوب إليك"3. إسناده ضعيف. رجاله رجال البخاري، ولكنه منقطع، فسعد بن إبراهيم ولد (سنة 53?) فلم يدرك قتل عثمان رضي الله عنه. 57- قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب4 قال: حدثنا إبراهيم5 بن سعد، عن محمد بن إسحاق6 قال: حدثني بريدة بن سفيان7 الأسلمي، عن محمد بن   1 إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، تقدمت ترجمته. 2 سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تقدمت ترجمته. 3 الطبقات (3/ 69) . 4 أحمد بن محمد بن أيوب، صاحب المغازي، يكنى أبا جعفر، صدوق، كانت فيه غفلة، لم يدفع بحجة، قاله أحمد، من العاشرة، مات (سنة 228?) د (التقريب/93) 5 إبراهيم بن سعد بن إبراهيم تقدمت ترجمته. 6 محمد بن إسحاق بن يسار المطربي، تقدمت ترجمته. 7 بريدة بن سفيان الأسلمي، المدني، ليس بالقوي، وفيه رفض، من السادسة س (التقريب/ 661) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 كعب القرظي1 عن عبد الله بن مسعود2 قال: لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وأصابه بها قدره، ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني، وكفناني، وضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلا ذلك به، ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عماراً فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل أن تطأها، فقام إليه الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فاستهل عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ... ثم نزل هو وأصحابه فواروه، ثم حدثهم عبد الله بن مسعود وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك"3. كعب القرظي1 عن عبد الله بن مسعود2 قال: لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وأصابه بها قدره، ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني، وكفناني، وضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلا ذلك به، ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عماراً فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل أن تطأها، فقام إليه الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فاستهل عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ... ثم نزل هو وأصحابه فواروه، ثم حدثهم عبد الله بن مسعود وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك"3. إسناده ضعيف. بريدة ليس بالقوي، وفيه رفض، وفي هذه الرواية ما يشيد بدعته، فترد روايته لذلك، ولما فيه من ضعف.   1 محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة القرظي، المدني، وكان قد نزل الكوفة مدة، ثقة، عالم من الثالثة، ولد سنة 40 على الصحيح، ووهم من قال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال البخاري: إن أباه ممن لم ينبت من سبي قريظة، مات محمد سنة 120? وقيل قبل ذلك ع (التقريب/ 6257) . 2 عبد الله بن مسعود الصحابي. 3 الطبقات (4/ 234-235) .. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 وتكلم في سماع محمد بن كعب من ابن مسعود رضي الله عنه1. 58- قال ابن شبة: حدثني يزيد بن هارون2 قال: أنبأنا محمد بن عمرو3 عن أبي عمرو بن خماش4 عن مالك بن أنس5 بن الحدثان قال: كنت أسمع بأبي ذر فلم يكن أحداً أحب إليّ أن أراه أو ألقاه منه، فكتب معاوية إلى عثمان: إن كان لك في الشام حاجة فأخرج أبا ذر منه، فإنه قد نغل6 الناس عندي، فكتب إليه عثمان رضي الله عنه يأمره   1 انظر تهذيب التهذيب لابن جحر (9/ 420-421) وحامع التحصيل (329) . 2 يزيد بن هارون تقدمت ترجمته. 3 محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة 145? على الصحيح، ع (التقريب/ 6188) . 4 أبو عمرو بن حِمَاس بكسر المهملة والتخفيف، الليثي، مقبول، من السادسة، مات سنة 139? د (التقريب/ 8270) . روى عن مالك بن أوس بن الدحثان، وعنه محمد بن عمرو بن علقمة (المزي، تهذيب الكمال 3/ 1298، 1630) . 5 مالك بن أوس بن الحدثان النصري، أبو سعيد المدني، له رؤية، مات سنة 92? وقيل 91? ع (التقريب/ 6426) . (ويلاحظ أن في مطبوعة تاريخ المدينة: مالك بن أنس، وكذلك أبو عمرو بن خماش، وهو تصحيف نبه عليه حمد الجاسر في مقالاته التي نبه فيها على أخطاء محقق تاريخ المدينة في قراءة المخطوطة، ويلاحظ أن مالك بن أوس كتب في المخطوطة مالك بن أنس وهو خطأ من الناسخ وليس من المحقق (انظر مجلة العرب جزء 7، 8 سنة 2، صفر 1406? ص: 475) . 6 أي: أفسد (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 60) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 بالقدوم، فلما قدم تصايح الناس: هذا أبو ذر، فخرجت أنظر إليه فيمن ينظر، فدخل المسجد فصلى ركعتين، ثم أتى عثمان رضي الله عنه حتى وقف عليه، فما سبه ولا أنبه، فقال له عثمان رضي الله عنه: أين كنت حين أغير على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت على البئر أستقي، ثم رفع أبو ذر بصوته الأشد: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سبِيلِ اللَّهِ} 1 إلى آخر الآية. فأمره عثمان رضي الله عنه أن يخرج إلى الربذة فخرج"2. إسناده ضعيف. بأبي عمرو فإنه مقبول عند الحافظ ابن حجر ولم يتابع فهو لين الحديث. 59- قال ابن شبة: حدثنا أحمد بن عيسى3 قال: حدثنا عبد الله بن وهب4 قال: أخبرني هشام بن سعد5 عن زيد بن أسلم6:   1 سورة التوبة، الآية (34) . 2 تاريخ المدينة (1034-1035) . 3 أحمد بن عيسى بن حسان المصري، يعرف بابن التستري صدوق تكلم في بعض سماعاته قال الخطيب: بلا حجة، من العاشرة مات سنة 243? خ م س ق (التقريب/86) 4 تقدمت ترجمته. 5 هشام بن سعد المدني، أبو عباد، أو أبو سعيد، صدوق له أوهام رمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة 160? أو قبلها. خت م 4 (التقريب/ 7294) . 6 زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر المدني، ثقة، عالم، وكان يرسل من الثالثة (مات سنة 136?) ع (التقريب/ 2117) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى أبي ذر وهو بالشام، فلما أتاه قال: ايذن لي يا أمير المؤمنين أتكلم، قال: اجلس، ثم أعادها عليه، فقال له: اجلس، ثم أعادها الثالثة، فقال: يا أمير المؤمنين ايذن لي فوالله لا أقول إلا خيراً. قال: تكلم. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كيف بك يا أبا ذر إذا أخرجت؟ فبكيت فقلت: فأين تأمرني يا رسول الله؟ ههنا وأشار نحو الشام، وإن أمر عليك عبد أسود مجدع فاسمع له وأطع" 1. إسناده ضعيف. فإن زيد بن أسلم يرسل، وهذا الخبر من مرسلاته، فقد نص ابن معين، وعلي بن الحسين بن الجنيد على أن روايته عن أبي هريرة مرسلة، وزاد ابن الجنيد روايته عن جابر ورافع بن خديج وعائشة كذلك2. فكيف بروايته عن أبي ذر وعثمان اللذين توفيا قبل هؤلاء بسنين كثيرة. 60- قال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون3 قال: أخبرنا العوام بن حوشب4 قال:   1 تاريخ المدينة (1039) . 2 انظر المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 59) ، وجامع التحصيل للعلائي (ص: 216) . 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 حدثني رجل من أصحاب الآجري عن شيخين من بني ثعلية رجل وامرأته قالا: نزلنا الربذة فمر بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية، فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فاستأذناه أن نغسل رأسه فأذن لنا واستأنس بنا، فبينا نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل العراق، حسبته قال من أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا ذر ما فعل بك هذا الرجل وفعل، فهل أنت ناصب لنا راية؟ فلنكمل برجال ما شئت. فقال: يا أهل الإسلام لا تعرضوا علي ذاكم، ولا تذلوا السلطان، فإنه من أذل السلطان فلا توبة له، والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة أو أطول جبل لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي، ولو سيرني ما بين الأفق إلى الأفق أو قال: ما بين المشرق والمغرب لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي، [ولو ردني إلى منزلي لسمعت، وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي] "1. إسناده ضعيف. فإن شيخ العوام مبهم ومثله شيخاه اللذان يرويان القصة. ورواه ابن شبة2 عن يزيد به نحوه. وفيه: "رجل من أصحاب الأخرس من بني ثعلبة ... ". وسقط من روايته ما بين المعكوفتين.   1 الطبقات (4/ 227) . 2 المصنف (15/ 226) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 61- قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين1 قال: حدثنا جعفر بن برقان2 عن ثابت3 بن الحجاج عن عبد الله بن سيدان السلمي4 قال: تناجى أبو ذر وعثمان حتى ارتفعت أصواتهما، ثم انصرف أبو ذر متبسماً فقال له الناس: ما لك ولأمير المؤمنين؟ قال: سامع مطيع، ولو أمرني أن آتي صنعاء أو عدن، ثم استطعت أن أفعل لفعلت. وأمره عثمان أن يخرج إلى الربذة"5.   1 تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 ثابت بن الحجاج الكلابي، الرقي، ثقة، من الثالثة، د (التقريب/ 812) . 4 عبد الله بن سيدان المطرودي، من بني مطرود، فخذ من بني سليم، قيل: له صحبة (ابن سعد، الطبقات 7/ 438، وابن حبان، الثقات 3/ 247) وقال البخاري: "لا يتابع في حديثه". قال الحافظ: "يعني في حديثه عن أبي بكر في صلاة الجمعة قبل نصف النهار" (البخاري، التاريخ الكبير 5/ 110، وابن حجر، الإصابة 2/ 323) . وقال اللالكائي: "مجهول لا حجة فيه" (الذهبي، الميزان 2، 437) . وقال ابن عدي: "لا يتابع في حديثه ... وهو شبه المجهول". (الكامل في الضعفاء 4/ 1537) . وذكر ابن حبان أنه يقال له صحبة، نزل الربذة. وانظر الإصابة لابن حجر (القسم الأول 2/ 323) . والأنساب للسمعاني (2/ 313-314) . والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 68) وفيه الرقي مولى بني سليم. 5 الطبقات (4/ 227) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 ورواه ابن شبة1 عن كثير بن هشام عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران وثابت بن الحجاج، وغيرهما أن أبا ذر وذكره بنحوه؛ وليس في آخره: "وأمره عثمان أن يخرج إلى الربذة". إسناده ضعيف. عبد الله بن سيدان مجهول الحال والعين. كما أن متنه يخالف الروايات الصحيحة التي تثبت أن أبا ذر رضي الله عنه استأذن عثمان رضي الله عنه بالخروج إلى الربذة فأذن له2.   1 تاريخ المدينة (ص: 1039) . 2 انظر الملحق الروايات رقم: [173-179] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 القسم الخامس: الروايات التاريخية الضعيفة جدا ً 1- قال البخاري في التاريخ الصغير: "حدثني إبراهيم بن المنذر1 حدثني عباس بن أبي شملة2 حدثني موسى بن يعقوب3 عن عباد بن إسحاق4 عن حبيب5 مولى أسيد ابن الأخنس قال: بعثني عثمان بن عفان إلى محمد بن عمرو بن حزم: إنّا نرمي من قبلك بالليل، فقال: ما نرميه ولكن الله يرميه: فأخبرت، فقال: كذب لو رماني الله ما أخطأني"6. إسناده ضعيف جداً: بعباس كما أن حبيب مجهول.   1 إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي، صدوق تكلم فيه أحمد لأجل القرآن، من العاشرة، (ت سنة 236?) خ ت س ق (التقريب/ 253) . 2 عباس بن أبي شملة، أبو الفضل، مولى بني تيم، شبه أبو حاتم حديثه بحديث الواقدي وذكره ابن أبي حاتم والبخاري وسكتا عنه (الجرح والتعديل 6/ 217) و (التاريخ الكبير 7/ 8) . 3 موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب الزمعي، أبو محمد المدني، صدوق سيء الحفظ، من السابعة، مات بعد الأربعين -أي ومائة -بخ 4 (التقريب/ 7026) . وذكره ابن شاهين في الثقات (ص: 222) . 4 عباد بن إسحاق هو: عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث المدني، نزيل البصرة، ويقال له عباد، صدوق، رمي بالقدر، من السادسة، بخ م 4 (التقريب/ 3800) . 5 حبيب مولى أسيد بن الأخنس، قال أبو حاتم: لا أعرفه (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 3/ 111) وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 139) . 6 البخاري (التاريخ الصغير 1/ 94) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 2- وفي مصنف عبد الرزاق: عن معمر1 عن أبان2 قال: أخبرني سلام3 عن عبد الله4 بن رباح قال: دخلت أنا وأبو قتادة5 على عثمان وهو محصور، فاستأذناه في الحج فأذن لنا، فقلنا: يا أمير المؤمنين قد حضر من أمر هؤلاء ما قد ترى، فماذا تأمرنا؟ قال: عليكم بالجماعة، قلنا: فإنا نخاف أن تكون الجماعة مع هؤلاء الذين يخالفون، قال: الزموا الجماعة حيث كانت. قال: فخرجنا من عنده، فلقيت الحسن بن علي داخلاً عليه، فرجعنا معه لنسمع ما يقول، قال: أنا هذا يا أمير المؤمنين فأمرني بأمرك، قال: اجلس يا ابن أخي حتى يأتي الله بأمره، فإنه لا حاجة لي في الدنيا -أو قال: في القتال- "6.   1 معمر بن راشد الأزدي، تقدمت ترجمته. 2 أبان بن أبي عياش: فيروز البصري، أبو إسماعيل العبدي، متروك من الخامسة، مات في حدود الأربعين، د (التقريب/ 142) . 3 سلام هو سالم المكي، كما في رواية ابن عساكر سالم بن شوال، بلفظ الشهر، المكي، مولى أم حبيبة، ثقة، من الثالثة، م س (التقريب/ 2175) . 4 عبد الله بن رباح الأنصاري، تقدمت ترجمته. 5 أبو قتادة الأنصاري، هو الحارث السلمي، المدني، شهد أحداً وما بعدها، ولم يصح شهوده بدراً، مات سنة 54? وقيل: 38? والأول أصح وأشهر، ع (التقريب/ 8311) . (11/ 446) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 3- ورواه ابن عساكر: من طريق علي بن سليم، عن أبان بن أبي عياش، عن سالم المكي، عن عبد الله بن رباح أنه قال: "انطلقت أنا وأبو قتادة إلى عثمان حين حصره القوم، فلما خرجنا من عنده استقبلت الحسن بن علي بن أبي طالب داخلاً عليه، فرجعت معه لننظر ما يقول له الحسن فقال: يا أمير المؤمنين مرني بأمرك فإني طوع يديك، فمرني بما شئت، فقال له عثمان: ابن أخي ارجع فاجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره، فلا حاجة لنا في إهراق الدماء"1. إسناده ضعيف جداً: بأبان فإنه متروك. 4- قال البزار: حدثني عبد الله بن شبيب2 ثنا يعقوب بن محمد3حدثني عبد الله   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 396) . 2 عبد الله بن شبيب أبو سعيد الربعي، أخباري علامة، لكنه واهٍ، قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، (ابن حجر، لسان الميزان 3/ 298) . 3 يعقوب بن محمد الزهري المدني، نزيل بغداد، صدوق كثير الوهم، والرواية عن الضعفاء، من كبار العاشرة، (ت سنة 213?) خت ق (التقريب/ 7834) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 بن يحيى بن عروة1 حدثني عبد الله بن عمر2عن نافع3 عن ابن عمر أن عثمان قال: خلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بدر وضرب لي بسهم، وقال عثمان في بيعة الرضوان: فضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه على شماله، وشمال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يميني "4. ورواه ابن عساكر5 من طريق خيثمة بن سليمان نا خلف بن محمد كردوس الواسطي، نا يعقوب بن محمد الزهري به نحوه؛ دون ذكر بدر وما يتعلق بها. وزاد في آخره: "قال القوم في حديثهم فبينما النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة إذ قيل: هذا عثمان قد جاء، فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة". وذكره المحب الطبري وعزاه إلى خيثمة بن سليمان بمثل رواية ابن عساكر.   1 عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، كأنه نسب في هذا الخبر إلى جده، وهو الذي يروي عنه يعقوب الزهري، قال عنه أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف جداً (الجرح والتعديل 5/ 158) . 2 عبد الله بن عمر بن حفص العمري، المدني، ضعيف، عابد، من السابعة، ت سنة 171? وقيل بعدها، م 4 (التقريب/ 3489) . 3 نافع مولى ابن عمر تقدمت ترجمته. 4 الهيثمي (كشف الأستار 3/ 177) . 5 مجمع الزوائد (9/ 84) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 وذكره الهيثمي1 في المجمع وقال: رواه البزار عن شيخه عبد الله ابن شبيب وهو ضعيف". وهو كما قال، ويعقوب صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء، وعبد الله بن محمد بن يحيى عن عروة متروك الحديث، وعبد الله العمري ضعيف. فإسناده ضعيف جداً. وتقدم ما يشهد له. 5- قال العقيلي: نا محمد بن إسماعيل الصائغ، عن شبابة بن سوار قال: أنا أبو العطوف، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: إنما كانت بيعة الرضوان بيعة الشجرة في عثمان بن عفان خاصة، لما احتبس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قتلوه لا أنا بذنبهم" قال: فبايعناه ولم يبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا نفر، ونحن ألف وثلاثمائة"2. ذكره العقيلي في ترجمة أبي العطوف ثم قال: "لا يتابع عليه". ورواه من طريقه ابن عساكر3. إسناده ضعيف جداً. أبو العطوف قال عنه البخاري: "منكر الحديث"4.   1 مجمع الزوائد (9/ 184) . 2 الضعفاء (1/ 201) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 71-72) . 4 الضعفاء (1/ 201) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 6- قال ابن ماجه: حدثنا علي بن محمد1ثنا وكيع2ثنا الصلت بن دينار3عن عقبة بن صهبان4قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: ما تغنيت ولا تمنيت، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم"5. إسناده ضعيف جداً، الصلت بن دينار متروك. ورواه أبو نعيم6 من طريق سفيان الثوري7 عن الصلت به مقتصراً على قوله: "ما أخذته بيميني منذ أسلمت". ورواه ابن عساكر8 من طريق إسحاق بن إسماعيل قال: نا وكيع به؛ وفيه: ما تمنيت ولا تغنيت؛ كما رواه منقطعاً وأشار إلى انقطاعه إلى   1 علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، تقدمت ترجمته. 2 وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، تقدمت ترجمته. 3 الصلت بن دينار الأزدي، البصري، أبو شعيب المجنون، مشهور بكنيته، متروك ناصبي، من السادسة، د ت (التقريب/ 2947) . 4 عقبة بن صهبان الأزدي، ثقة، من الثالثة، مات بعد السبعين خ م ق (التقريب/ 4640) . 5 ابن ماجه (السنن 1/ 113) . 6 أبو نعيم (حلية الأولياء 1/ 61) . 7 سفيان الثوري، تقدمت ترجمته. 8 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 218) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 أنه روي موصولاً من وجه آخر. وكل هذه الطرق مدارها على الصلت، فالخبر ضعيف جداً به، كما ضعفه جداً الألباني1. 7- قال البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم2صاعقة، ثنا شبابة بن سوار3 ثنا خارجة بن مصعب4 عن عبد الله بن عبيد الحميري5 عن أبيه6 قال: كنت عند عثمان - رحمه الله - حين حوصر، فقال: هاهنا طلحة؟ فقال طلحة - رحمه الله -: نعم، فقال: نشدتك الله أما علمت أنا كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه، فأخذت بيد فلان، وأخذ فلان بيد فلان، حتى أخذ كل رجل بيد صاحبه وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم   1 ضعيف سنن ابن ماجه (26) . 2 محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير البغدادي البزاز أبو يحيى المعروف بصاعقة ثقة حافظ، من الحادية عشرة، (ت سنة 255?) وله 70 خ د ت س (التقريب/6091) . 3 شبابة بن سوار المدائني، تقدمت ترجمته. 4 خارجة بن مصعب بن خارجة أبو الحجاج السرخسي متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال إن ابن معين كذبه، من الثامنة، ت سنة 168?، ت ق (التقريب/ 1612) . 5 عبد الله بن عبيد الحميري، البصري المؤدب، ثقة من السابعة، ت س ت (التقريب/3457) 6 ذكره ابن حبان في الثقات وقال: شيخ من أهل الحجاز يروي عن عثمان بن عفان (الثقات 5/ 138) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 بيدي، وقال: هذا جليسي في الدنيا، وولي في الآخرة، فقال: اللهم نعم". قال البزار: لا نعلمه يُروى عن عثمان، ولا عن طلحة إلا بهذا الإسناد"1. قلت: ورواه ابن عساكر2 من طريق أبي الفضل عباس بن محمد قال: ثنا شبابة به نحوه وفيه: "كنت فيمن حصر عثمان، فأشرف ذات يوم فقال: ... " وزاد في آخره "فقال الحميري: كيف نقاتل رجلاً قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فيه؟ قال: فرجع في سبعمائة من قومه". ورواه أيضاً3 من طريق الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نا شبابة به بمثل رواية أبي الفضل، وفيها زيادة "فسلم عليهم فلم يردوا عليه". إسناده ضعيف جداً بخارجة فإنه متروك، وعبيد لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات. 8- قال عبد الله بن أحمد: حدثني عبيد الله بن عمر القواريري4 حدثني القاسم بن الحكم بن   1 كشف الأستار (3/ 180) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 346-347) . 3 المصدر نفسه. 4 عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، أبو سعيد البصري، نزيل بغداد، ثقة ثبت، من العاشرة، مات (سنة 235?) على الأصح وله 85 سنة خ م د س (التقريب/ 4325) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 أوس الأنصاري1 حدثني أبو عبادة الزرقي2 الأنصاري، من أهل المدينة عن زيد بن أسلم3 عن أبيه4 قال: شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز، ولو ألقي حجر لما وقع إلا على رأس رجل، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل فقال: أيها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا. ثم قال: أيها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا. ثم قال: أيها الناس أفيكم طلحة؟ فقام طلحة بن عبيد الله، فقال له عثمان ألا أراك هاهنا. ما كنت أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني؟ أنشدك الله يا طلحة، تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع كذا وكذا، ليس معه أحد من أصحابه غيري وغيرك؟ فقال: نعم. فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا طلحة إنه ليس من نبي إلا ومعه من أصحابه رفيق من أمته في الجنة، وإن عثمان بن عفان هذا - يعنيني - رفيقي معي في الجنة؟ قال طلحة: اللهم   1 القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري، أبو محمد البصري، لين، من التاسعة، تمييز (التقريب/ 5456) . 2 عيسى بن عبد الرحمن بن فروة، وقيل ابن سبرة، الأنصاري، أبو عبادة الزرقي، متروك من السابعة ت (التقريب/ 5306) . 3 زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله، وأبو أسامة، المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136? ع (التقريب/ 2117) . 4 أسلم العدوي مولى عمر، ثقة، مخضرم، (مات سنة 80?) وقيل بعد (سنة 60?) ، وهو ابن 114سنة ع (التقريب/ 406) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 نعم. ثم انصرف" 1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. ورواه البزار3 من طريق محمد بن المثنى عن القاسم بن الحكم به نحوه. وقال: "رواه طلحة بن عبيد الله وعثمان، ولا نعلم روى أسلم عن عثمان غير هذا الحديث". وذكره الهيثمي4 وقال: "روى النسائي بعضه بإسناد منقطع، رواه عبد الله وأبو يعلى في الكبير والبزار، وفي إسناد عبد الله والبزار أبو عبادة الزرقي، وهو متروك، وأسقطه أبو يعلى من السند، والله أعلم. قلت ورواية أبي يعلى في المقصد العلي5 كما قال الهيثمي، مُسْقَطٌ منها أبو عبادة، لكن رواه ابن عساكر6 من طريقه بإثبات أبي عبادة. وذكره المحب الطبري7 وعزاه إلى أحمد. إسناده ضعيف جداً بأبي عبادة الأنصاري الزرقي، والقاسم لين.   1 المسند (بتحقيق أحمد شاكر 2/ 12-13) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 346) . 3 كشف الأستار (3/ 179-180) . 4 مجمع الزوائد (9/ 91) . (خ 163) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 345-346) . 7 الرياض النضرة (3/ 26-27) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. كما ضعف إسناده أحمد شاكر بأبي عبادة. 9- قال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون1 قال: أخبرنا أبو مالك2 عبد الملك ابن حسين النخعي، عن عمران بن مسلم بن3 رباح، عن عبد الله البهي4 أن جبير بن مطعم صلى على عثمان في ستة عشر رجلاً بجبير سبعة عشر. قال ابن سعد: الحديث الأول، صلى عليه أربعة أثبت"5. ورواه من طريقه ابن عساكر6. إسناده ضعيف جداً، أبو مالك متروك، وعمران قال عنه الحافظ: "مقبول".   1 تقدمت ترجمته. 2 أبو مالك النخعي الواسطي، اسمه عبد الملك، وقيل عبادة بن الحسين، وقيل: ابن أبي الحسين، ويقال له: ابن ذر، متروك، من السابعة، ق (التقريب/ 8337) . 3 عمران بن مسلم بن رباح الثقفي، الكوفي، وقد ينسب لجده، مقبول من السادسة، بخ (التقريب/ 5167) . 4 عبد الله البهي، مولى مصعب بن الزبير، يقال: اسم أبيه يسار، صدوق يخطئ، من الثالثة، بخ م 4 (التقريب/ 3723) . 5 الطبقات (3/ 79) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 541) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 10- قال يعقوب بن سفيان: حدثني ابن نمير1 حدثنا أبي2 ثنا الأعمش3 عن إسماعيل4 بن رجاء الزبيدي، عن الوليد بن صخر الفزاري5 عن جزي6 بن بكير العبسي، قال: لما قتل عثمان أتينا حذيفة فدخلنا صفة له. قال: والله ما أدري ما بال عثمان، والله ما أدري ما حال من قتل عثمان، إن هو إلا كافر قتل الآخر، أو مؤمن خاض إليه الفتنة، حتى قتله، فهو أكمل الناس إيماناً"7. ورواه أيضاً8 عن محفوظ بن أبي ثوبة حدثني أبو نعيم، حدثنا الأعمش به نحوه. وفيه صخر بن الوليد وهو الصواب، لعدم وجود الاسم الأول في المصادر التي بين يدي، فهو قلب صوبته الرواية الثانية هذه. وفيه: "فزعنا" بدل "أتينا" وفيه: "ما أدري كافراً أو مؤمناً خاض   1 ابن نمير هو: محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، تقدمت ترجمته. 2 عبد الله بن نمير، تقدمت ترجمته. 3 الأعمش هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته. 4 إسماعيل بن رجاء الزبيدي، أبو إسحاق الكوفي، ثقة تكلم فيه الأزدي بلا حجة، من الخامسة، م 4 (التقريب/ 443) . 5 الوليد بن صخر صوابه صخر بن الوليد، الفزاري، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه (التاريخ الكبير 4/ 311-314، الجرح والتعديل 4/ 426) . 6 جزي بن بكير العبسي قال عنه البخاري منكر الحديث (التاريخ الكبير 2/ 251) 7 المعرفة والتاريخ (2/ 763) ، والضعفاء للعقيلي (1/ 201) . 8 المعرفة والتاريخ (2/ 763) ، والضعفاء للعقيلي (1/ 201) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 الفتنة إلى كافر يقتله". ورواه العقيلي1 من طريق أبي نعيم به. إسناده ضعيف جداً بجزي بن بكير العبسي، قال البخاري: منكر الحديث. ويدل على نكارة متنه ما تقدم عن حذيفة من جزمه بأن عثمان في الجنة، وبأن قتلته في النار2. واستعظامه قتله3 وعيبه من خرج من أهل الأمصار إلى عثمان رضي الله عنه4. 11- قال البخاري في التاريخ الصغير: حدثني محمد بن أبي بكر5المقدمي، ثنا حصين بن نمير6ثنا حصين7بن عبد الرحمن8حدثني جهيم9الفهري، قال: أنا شاهد الأمر كله، فقال عثمان: ليقم أهل كل مصر كرهوا   1 المرجع السابق. 2 انظر الملحق الرواية رقم: [114] . 3 انظر الملحق الرواية رقم: [115] . 4 انظر الملحق الرواية رقم: [138] . 5 محمد بن أبي بكر المقدمي، تقدمت ترجمته. 6 حصين بن نمير الواسطي، تقدمت ترجمته. 7 في التاريخ الصغير بدل "حصين بن عبد الرحمن"، "جبير" وفي تاريخ ابن عساكر نا حصين بن نمير حدثني جهيم، دون ذكر لهما. وبعد الخبر قال ابن عساكر: ثقال البخاري: هذا خطأ هو عن حصين بن نمير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن جهيم، ولعل ذلك في نسخة ابن عساكر للتاريخ الصغير حيث لم أجده في المطبوعة. 8 حصين بن عبد الرحمن السلمي، تقدمت ترجمته. 9 جهيم الفهري، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 صاحبهم، حتى أعزله عنهم، وأستعمل الذين يحبون. فقال أهل البصرة: رضينا بعبد الله بن عامر، فأقره. قال أهل الكوفة: اعزل عنا سعيد بن العاص، واستعمل أبا موسى ففعل. وقال أهل الشام: قد رضينا بمعاوية فأقره. وقال أهل مصر: اعزل عنا ابن أبي سرح واستعمل علينا عمرو بن العاص، ففعل. فدخل علينا أبو عمرو بن بديل الخزاعي والبحري أو التنوخي، فطعنه أبو عمرو في ودجه وعلاه الآخر بالسيف فقتلاه، فأخذهما معاوية فضرب أعناقهم"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف جداً. فيه حصين بن نمير، فيه ضعف، ورمي بالنصب، لم يخرج له إلا البخاري حديثاً واحداً تابعه عليه عنده هشيم، ومحمد بن فضيل3. وحصين بن عبد الرحمن اختلط في آخره، ورواية حصين بن عبد الرحمن عنه بعد اختلاطه4. وجهيم مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان، وابن حبان لا يعتد بتوثيقه إلا في حالات ليس هذه منها. فتبين أن إسناد هذا الخبر ضعيف لعلل، لو لم يكن فيه إلا واحدة   1 البخاري (التاريخ الصغير 1/ 109-110) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 404) 3 ابن حجر (هدي الساري 398) . 4 السخاوي (فتح المغيث 3/ 374) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 لضعف بها، فكيف بها إذا اجتمعت. 12- قال البزار: حدثنا يوسف بن موسى القطان الواسطي1ثنا عثمان بن مخلد2 ثنا سلام أبو المنذر3 عن علي بن زيد4 عن سعيد بن المسيب5 قال: رفع عثمان صوته على عبد الرحمن بن عوف، فقال له: لأي شيء ترفع صوتك؟ وقد شهدت بدراً، ولم تشهد، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تبايع، وفررت يوم أحد ولم أفر، فقال عثمان: أما قولك إنك شهدت بدراً ولم أشهد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني على ابنته وضرب لي بسهم، وأعطاني أجري. وأما قولك: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أبايع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أناس من المشركين وقد علمت ذلك، فلما احتبست ضرب بيمينه على شماله فقال: - هذه لعثمان بن عفان - فشمال رسول   1 يوسف بن موسى بن راشد القطان، أبو يعقوب الكوفي، نزيل الري، ثم بغداد، صدوق من العاشرة، (ت سنة 253?) ، خ د ت عس ق (التقريب/ 7887) . 2 عثمان بن مخلد الواسطي ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، (الجرح 2/ 268) . 3 سلام بن سليمان المزني، أبو المنذر القارئ النحوي، البصري، نزيل الكوفة، صدوق، يهم، قرأ على عاصم، من السابعة، توفي سنة 171? ت س (التقريب/ 2705) . 4 علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان، تقدمت ترجمته. 5 سعيد بن المسيب القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، من كبار الثانية، اتفقوا على أن مرسلاته من أصح المراسيل. وقال ابن المديني: "لا أعلم أحداً في التابعين أوسع علماً منه" ت سنة 90? وقد ناهز الثمانين ع (التقريب/ 2396) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 الله صلى الله عليه وسلم خير من يميني، وأما قولك فررت يوم أحد ولم أفر، فإن الله تبارك وتعالى قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} فلم تعيرني بذنب قد عفا الله عنه. قال البزار: لا نعلمه يروى عن سعيد عن عثمان إلا من هذا الوجه ولا رواه عن زيد إلا سلام"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق علي بن الحكم عن سلام به نحوه؛ وزاد "وهو خليفة" قبل "فقال له"، وزاد يعني بيعة الرضوان، ولم يذكر الآية. إسناده ضعيف جداً , عثمان لم يوثقه ولم يجرحه أحد، وسلام فيه وهم، وعلي بن زيد قال عنه الحافظ: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به ... وكان يتشيع3. وقال ابن عدي: وكان يغلو في التّشيع4.   1 كشف الأستار (3/ 178-179) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 253) . 3 ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 6/ 187) . 4 الكامل (5/ 1840) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 وقال يزيد بن زريع: رأيته ولم أحمل عنه لأنه كان رافضياً1. وأنكر ما روى، ما حدّث به حماد بن سلمة عنه، عن أبي نضرة عن أبي سعيد رفعه. "إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه" ... وفي لفظ (فارجموه) 2. قلت: وروايته هذه التي بين أيدينا تتضمن منازعة بين صحابيين جليلين هما: عثمان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما، ومذهب الرفض يدعو إلى إظهار الصحابة بهذا المظهر، فلا تقبل هذه الرواية وتضعف بعلي لأنه كان رافضياً والله أعلم. وبذلك يتبين عدم صحة قول الهيثمي عن هذا الخبر: إسناده حسن3. 13- روى الخطيب وابن عساكر من طريق: عكرمة بن إبراهيم الأزدي، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة قال: "ما رأيت أحداً أخطب من عائشة ولا أعرب لقد رأيتها يوم الجمل، وثار إليها الناس، فقالوا: يا أم المؤمنين، حدثينا عن عثمان وقتله، قال: فاستجلست الناس، ثم حمدت الله وأثنت عليه، ثم قالت: إنما نقمنا على عثمان خصالاً ثلاثاً: إمرة الفتى، وضربة السوط، وموقع الغمامة   1 ابن حجر (تهذيب التهذيب 7/ 284 ج) . 2 ابن حجر (تهذيب التهذيب 7/ 284 ج) . 3 مجمع الزوائد (9/ 85) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 المحماة، فلما أعتبنا مصتموه موص الثوب بالصابون، عدوتم به الفقر الثلاث: عدوتم به الشهر الرحام، والبلد الحرام، وحرمة الخلافة، والله لعثمان كان أتقانا للرب، وأوصلكم للرحم، وأحصنكم فرجاً؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. قال القاضي الذهلي: قال أبي سألت أحمد بن يحيى عن قول عائشة في عثمان: مصتموه موص الثوب ثم عدوتم به الفقر الثلاث. قال: الموص والغسل واحد، وأما الفقر الثلاث فإنه مأخوذ من أن البعير يفقر ثلاث فقر، يحز حزات، فإذا كان مُعْيياً جعل يجر على الفقرة الأولى مع الزمام، فيشتد عليه. فإذا لان أنزلوها إلى الثانية، ثم إلى الثالثة. فيقول: صنعتم به هذا ثم جزتموه إلى أكثر منه. قال: ومعناه أنكم أذللتموه. قال: ويقال: فقرة وفقر"1. وهذا إسناد ضعيف جداً، فقد اتفق يحيى بن معين، وأبو داود على أن عكرمة هذا: ليس بشيء. وقال عنه النسائي: "ضعيف" وقال يعقوب بن سفيان: "منكر الحديث". وقال عمرو بن علي: "ضعيف منكر الحديث"2.   1 تاريخ بغداد (12/ 262) ، وتاريخ دمشق (ترجمة عثمان 497-499) . 2 تاريخ بغداد (12/ 262) ، وانظر تعجيب المنفعة لابن جحر (290) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 14- روى ابن عساكر: من طريق يعقوب بن شيبة1 نا يحيى بن عبد الحميد عن ابن أبزى2 قال: لما حصر عثمان قال علي للحسن: ائت ابن عمك، فأتاه الحسن بن علي، فقال له عثمان: ما جاء بك يا ابن أخي؟ قال: جئت لأفي بيعتك، قال: يا ابن أخي أنت منها في حِلّ"3. وإسناده ضعيف جداً؛ فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال عنه الذهبي: "حافظ منكر الحديث" وقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: "كان يكذب جهاراً" وقال النسائي: "ضعيف"4. وقال البخاري: "كان أحمد وعلي يتكلمان فيه" وقال محمد بن عبد الله بن نمير: "ابن الحماني كذّاب"،وقال مرّة "ثقة". وقال ابن عدي: "ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به". قلت: ولذا قال: "ليحيى الحماني سند صالح". قال الذهبي: "قلت: إلا أنه شيعي بغيض. قال: زياد بن أيوب،   1 يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور، تقدمت ترجمته. 2 ابن أبزى هو: عبد الرحمن بن أبروى الخزاعي، تقدمت ترجمته. 3 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 396-397) . 4 الذهبي (المغني 2/739) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 سمعت يحيى الحماني، يقول: كان معاوية على غير ملة الإسلام. قال زياد: كذب عدوُ الله"1. 15- قال الطبراني: نا أبو خليفة2 نا أبو عمر3 حفص بن عمر الحوضي، نا الحسن بن4 أبي جعفر، نا مجالد5 عن الشعبي6 قال: لقي مسروق7 الأشتر8 فقال   1 ابن سعد (الطبقات 6/411) ، والبخاري (التاريخ الكبير 8/291) وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 9/168) والذهبي (ميزان الاعتدال 4/ 392) . 2 الفضل بن الحباب الجمحي، أبو خليفة، واسم أبيه عمرون وزالحباب لقبه، (ت سنة 305 ?) وكان مولده (سنة 207 ?) قال الذهبي: "وكان ثقة عالماً، ما علمت عليه ليناً إلا ما قال: السليماني إنه من الرافضة، فهذا لم يصحّ عن أبي خليفة. (الذهبي، الميزان 3/350، السير، 14/ 7، التذكرة 2/ 670، البغدادي، الموضح 2/323، ابن حبان، الثقات 9/8، ابن حجر، اللسان 4/438) . 3 حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة، الأزدي، النمري، أبو عمرو الحوضي، وهو بها أشهر، ثقة ثبت، عيب بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، ت سنة225 ?) خ د س (التقريب/ 1412) 4 الحسن بن أبي جعفر الجفري، البصري، ضعيف الحديث مع عبادته، وفضله، مات سنة (167?) ق (التقريب/ 1222) 5 مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، تقدمت ترجمته. 6 عامر بن شراحيل الشعبي، تقدمت ترجمته. 7 مسروق بن الأجدع الهمداني، تقدمت ترجمته. 8 مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة النخعي، الملقب بالأشتر مخضرم، نزل الكوفة بعد أن شهد اليرموك وغيرها، وولاه علي مصر، فمات قبل أن يدخلها (سنة 37 ?) س (التقريب/ 6429) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 مسروق للأشتر: قتلتم عثمان؟ قال: نعم، قال: أما والله لقد قتلتموه صوّاماً قوّاماً. قال: فانطلق الأشتر فأخبر عماراً، فأتى عمار مسروقاً، فقال: والله ليجلدن عماراً، وليسيرن أبا ذرّ، وليحمينّ الحمى، وتقول: قتلتموه صواماً قواماً؟ فقال له مسروق: فوالله ما فعلتم واحدة من ثنتين: ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، وما صبرتم فهو خير للصابرين، قال: فكأنما ألقمه حجراً. وقال الشعبي: وما ولدت همدانية مثل مسروق"1. إسناده ضعيف جداً: ورواه عن الطبراني أبو نعيم2 كما رواه عن أبي أحمد الغطريفي، عن أبي خليفة به. ورواه من طريق الطبراني ابن عساكر3. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد4 وقال: فيه الحسن بن أبي جعفر الجفري، وهو ضعيف لغفلته. قلت: وهو كما قال؛ وفيه علل أخرى؛ الفضل بن الحباب اتهم بالرفض، وفي الخبر طعن في بعض الصحابة. وفي الخبر مخالفة للغة العرب، ففي قوله: "وليحمين الحمى"حكاية   1 المعجم الكبير (1/81) 2 حلية الأولياء (1/57) 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 502-503) (9/95) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 للماضي ولا تصح في هذه الأفعال، لأنها خلصت للاستقبال بعد أن وقعت جواباً للقسم، مقترنة بلامه1. 16- قال الطبري: "حدثني جعفر2 قال: حدثنا عمرو3 وعلي4 قالا: حدثنا حسين5 أبيه6 عن محمد بن السائب7 الكلبي، قال: إنما ردَّ أهلَ مصر إلى عثمان بعد انصرافهم عنه أنه أدركهم غلام لعثمان على جمل له، بصحيفة إلى أمير مصر أن يقتل بعضهم، وأن يصلب   1 ذكر ذلك محقق تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، (ص: 502) حاشية (9) . 2 حعفر، هو: جعفر بن عبد الله المحمدي، هكذا جاء اسمه مصرحاً به في غيرما موضع من تاريخ الطبري (4/ 333-335، 367-369، 381، 412، 416، 427) . ولم أجد له ترجمة، ولم ينقل عن الطبري إلا في ثلاثة عشر موضعاً كلها في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه وشيوخه فيها هم عمرو وعلي. 3 عمرو، هو: عمرو بن حماد بن طلحة القناد، الكوفي، وقد ينسب إلى جده، صدوق رمي بالرفض، من العاشرة، ت سنة 220 ?، بخ م د س فق (التقريب/ 5014) . 4 علي، هو: علي بن حسين بن عيسى بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم أجد له ترجمة. 5 حسين بن عيسى بن زيد بن علي بن حسين بن أبي طالب رضي الله عنه سكت عنه ابن أبي حاتم (الجرح 3/60) . 6 عيسى بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سكت عنه ابن أبي حاتم (الجرح 6/276) . 7 محمد بن السائب بن بشر الكلبي، الكوفي النسابة، المفسر، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، من السادسة، مات سنة ست وأربعين، ت فق (ت سنة 146 ?) (التقريب/ 5901) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 بعضهم، فلما أتوا عثمان، قالوا: هذا غلامك، قال: غلامي انطلق بغير علمي، قالوا: جملك، قال: أخذه من الدار بغير أمري، قالوا: خاتمك، قال: نقش عليه، فقال عبد الرحمن بن عديس التجيبيّ حين أقبل أهل مصر: أقبلن من بلبيس والصعيد ... خوصاً كأمثال القسي قود مستحقبات حلق الحديد ... يطلبن حق الله في الوليد عند عثمان وفي سعيد ... يا رب فارجعنا بما نريد فلما رأى عثمان ما قد نزل به، وما قد انبعث عليه من الناس، كتب إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بالشام: "بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة، ونكثوا البيعة، فابعث إلى من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول". فلما جاء معاوية الكتاب تربص به، وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد علم اجتماعهم، فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد ابن كرز، وإلى أهل الشام يستنفرهم ويعظم حقه عليهم، ويذكر الخلفاء وما أمر الله عز وجل به من طاعتهم، ومناصحتهم، ووعدهم أن ينجدهم جند أو بطانة دون الناس، وذكرهم بلاءه عندهم، وصنيعه إليهم، فإن كان عندكم غياث فالعجل العجل، فإن القوم معاجلي. فلما قرئ كتابه قام يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر عثمان، فعظم حقه، وحضهم على نصره، وأمرهم بالمسير إليه، فتابعه ناس كثير، وساروا معه حتى إذا كانوا بوادي القرى، بلغهم قتل عثمان رضي الله عنه فرجعوا. وكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر، أن اندب إلى أهل البصرة، نسخة كتاب إلى أهل الشام. فجمع عبد الله بن عامر الناس، فقرأ كتابه عليهم، فقامت خطباء من أهل البصرة يحضونه على نصر عثمان والمسير إليه، فيهم مجاشع بن مسعود السلمي، وكان أول من تكلم، وهو يومئذ سيد قيس بالبصرة. وقام أيضاً قيس بن الهيثم السلمي فخطب، وحضّ النّاس على نصر عثمان، فسارع الناس إلى ذلك، فاستعمل عليهم عبد الله بن عامر مجاشع بن مسعود، فسار بهم حتى إذا نزل الناس الربذة ونزلت مقدمته عند صرار - ناحية من المدينة - أتاهم قتل عثمان"1. وروى الطبري البيتين معلقة عن ابن إسحاق مرسلة من ابن إسحاق2 وفيها تغير. إسناده ضعيف جداً، فإن فيه هذه العلل: 1- جعفر شيخ الطبري لم أجد له ترجمة. 2- عمرو بن حماد رافضي.   1 الطبري (تاريخ الأمم والملوك 4/368-369) 2 الطبري (التاريخ 4/ 381) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 3- حسين لم أجد له ترجمة. عيسى بن موسى والد حسين ربما دلَّس، وقد عنعن في روايته هذه. محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، ورمي بالرفض. محمد بن السائب الكلبي (ت سنة 146?) فلم يدرك الحادثة فهو منقطع أيضاً. فإسناده فيه هذه العلل لا يعتمد عليه في شيء، ويكفيه علة واحدة من هذه العلل الست. 17- قال الطبري: حدثني جعفر بن عبد الله المحمدي1 قال: حدثنا عمرو بن حماد، وعلي بن الحسين، قالا: حدثنا حسين بن عيسى، عن أبيه، عن أبي ميمونة2 عن أبي بشير3 العابدي قال: نبذ عثمان رضي الله عنه ثلاثة أيام لا يدفن، ثم إن حكيم بن حزام القرشي، ثم أحد بني أسد بن عبد العزى، وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، كلَّما علياً في دفنه، وطلبا إليه أن يأذن لأهله في ذلك، ففعل وأذن لهم علي، فلما سمع بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به نا س يسير من أهله، وهم يريدون   1 تقدمت ترجمته. 2 أبو ميمونة الفارسي، المدني الأبار، قيل اسمه سليم أو سليمان أو سلمى، وقيل أسامة، ثقة من الثالثة، ومنهم من فرق بين الفارسي والأبار وكل منهما مدني، يروي عن أبي هريرة، فالله أعلم 4 (التقريب/ 8408) . 3 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 به حائطاً بالمدينة يقال له: حش كوكب، كانت اليهود تدفن فيه موتاهم، فلما خرج به على الناس رجموا سريره وهموا بطرحه، فبلغ ذلك علياً، فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفن عنه ففعلوا، فانطلق حتى دفن رضي الله عنه في حش كوكب، فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى أفضى به إلى البقيع، فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر المسلمين"1. إسناده ضعيف بما فيه من مجاهيل2. 18- قال الطبري: وحدثني جعفر3 قال: حدثنا عمر4 وعلي5 قالا: حدثنا حسين6 عن أبيه7 عن المجالد بن سعيد الهمداني8 عن يسار بن أبي   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 412) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. 8 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 كرب1 عن أبيه2 - وكان أبو كرب عاملاً على بيت مال عثمان - قال: دفن عثمان رضي الله عنه بين المغرب، والعتمة، ولم يشهد جنازته إلا مروان بن الحكم، وثلاثة من مواليه، وابنته الخامسة، فناحت ابنته، ورفعت صوتها تندب، وأخذ الناس الحجارة وقالوا: نعثل نعثل وكادت ترجم، فقالوا: الحائط الحائط، فدفن في حائط خارجاً"3. إسناده ضعيف بما في من مجاهيل4. وتشابه هذه الرواية عبارات أبي عرب في المحن5. 19- قال الطبري: "حدثني جعفر بن عبد الله6 المحمدي، قال: حدثنا عمرو بن حماد7 بن طلحة، وعلي بن الحسين8 بن عيسى. قالا: حدثنا حسين 9   1 يسار بن أبي كرب، سكت عنه البخاري، وابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 8/ 421، الجرح والتعديل 9/ 307، الثقات 7/ 654) . 2 لم أجد له ترجمة. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 412) . 4 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 5 أبو عرب، المحن (65) . 6 لم أجد له ترجمة. 7 عمرو بن حماد بن طلحة القناد، تقدمت ترجمته. 8 تقدمت ترجمته. 9 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 ابن عيسى1 عن أبيه2. عن هارون بن سعد3 عن العلاء بن عبد الله4 بن زيد العنبري، أنه قال: اجتمع ناس من المسلمين. فتذاكروا أعمال عثمان، وما صنع، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلاً يكلمه، ويخبره بإحداثه، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري - وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس - فأتاه فدخل عليه. فقال له: إن ناساً من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك، فوجدوك قد كتبت أموراً عظاماً، فاتق الله عز وجل، وتب إليه، وانزع عنها. قال له عثمان: انظر إلى هذا. فإن الناس يزعمون أنه قارئ ثم هو يجيء فيكلمني في المحقرات، فوالله ما يدري أين الله، قال عامر: أنا لا أدري أين الله؟ قال: نعم. والله ما تدري أين الله، قال عالمر: بل والله إني لأدري إن الله بالمرصاد لك. فأرسل عثمان إلى معاوية بن أبي سفيان، وغلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وإلى سعيد بن العاص، وإلى عمرو بن العاص بن وائل السهمي، وإلى عبد الله بن عامر، فجمعهم ليشاورهم في أمره، وما طلب   1 تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 ليس في الرواة فيما اطلعت عليه من مصادر أحد بهذا الاسم، وفي الرواة العلاء بن عبد الله بن بدر البصري (العنزي) ، (الغنوي) قد ينسب إلى جده ثقة، من السادسة قد (التقريب/ 5244) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 إليه، وما بلغه عنهم. فلما اجتمعوا عنده قال لهم: إن لكل امرئ وزراء، ونصحاء، وإنكم وزرائي، ونصحائي، وأهل ثقتي. وقد صنع الناس ما قد رأيتم، وطلبوا إليّ أن أعزل عمالي، وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون، فاجتهدوا رأيكم، وأشيروا عليّ، فقال له عبد الله بن عامر: رأيي لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمرهم في المغازي حتى يذلوا لك فلا يكون همّة أحدهم إلا نفسه، وما هو فيه من دبرة دابته، وقمل فروه. ثم أقبل عثمان على سعيد بن العاص فقال له: ما رأيك؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن كنت ترى رأينا فاحسم عنك الداء، واقطع عنك الذي تخاف، واعمل برأيي تصب، قال: وما هو؟ قال: إن لكل قوم قادة متى تهلك يتفرقوا، ولا يجتمع لهم أمر. فقال عثمان: إن هذا الرأي لولا ما فيه. ثم أقبل معاوية فقال: ما رأيك؟ قال: أرى لك يا أمير المؤمنين أن ترد عمالك على الكفاية لما قبلهم، وأن ضامن لك قبلي. ثم أقبل على عبد الله بن سعد، فقال: ما رأيك؟ قال: أرى يا أمير المؤمنين أن الناس أهل طمع، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم. ثم أقبل على عمرو بن العاص فقال له: ما رأيك؟ قال: ارى أنك قد ركبت الناس بما يكرهون، فاعتزم أن تعتدل، فإن أبيت فاعتزم أن تعتزل، فإن أبيت فاعتزم عزماً، وامض قدماً. فقال عثمان: مالك قمل فروك؟ أهذا لجد منك؟ فأسكت عنه دهراً، حتى إذا تفرق القوم قال عمرو: لا والله يا أمير المؤمنين، لأنت أعز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 عليّ من ذلك، ولكن علمت أن سيبلغ الناس قول كل رجل منا، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي، فأقود إليك خيراً، أو أدفع عنك شراً"1. إسناده ضعيف بما فيه من مجاهيل وبعمرو بن حماد، فإنه رمي بالفرض؛ وفي هذا الخبر ما يدعو إلى هذه البدعة2. 20- قال الطبري: حدثني جعفر3 قال: حدثنا عمرو بن حماد4 وعلي بن الحسين5 قالا: حدثنا حسين6 عن أبيه7 عن عمرو بن أبي المقدام8 عن عبد الملك بن عمير الزهري9 أنه قال: جمع عثمان أمراء الأجناد: معاوية بن أبي سفيان، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر، وعبد الله بن سعد بن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 333-334) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. 8 عمرو بن أبي المقدام، عمرو بن ثابت، الكوفي، مولى بكر بن وائل، ضعيف رمي بالرفض، من الثامنة (ت سنة 172?) دفق (التقريب/ 4995) . 9 ليس في الرواة الذين في المصادر التي اطلعت عليها راو بهذا الاسم، وفيهم عبد الملك ابن عمير بن سويد اللخمي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 أبي سرح، وعمرو بن العاص، فقال: أشيروا علي، فإن الناس قد تنمروا لي، فقال له معاوية: أشير عليك أن تأمر أمراء أجنادك فيكفيك كل رجل منهم ما قبله، وأكفيك أنا أهل الشام، فقال له عبد الله بن عامر: أرى لك أن تجمرهم في هذه البعوث حتى يَهُمّ كل رجل منهم دبر دابته، وتشغلهم عن الإرجاف بك، فقال عبد الله بن سعد: أشير عليك أن تنظر ما أسخطهم فترضيهم، ثم تخرج لهم هذا المال فيقسم بينهم. ثم قام عمرو بن العاص فقال: يا عثمان إنك قد ركبت الناس بمثل بني أمية، فقلت: وقالوا: وزغت، وزاغوا، فاعتدل أو اعتزل، فإن أبيت فاعتزم عزماً، وامض قدماً، فقال له عثمان: مالك قمل فروك أهذا الجد منك؟ فأسكت عمرو حتى إذا تفرقوا قال: لا والله يا أمير المؤمنين، لأنت أكرم عليَّ من ذلك، ولكني قد علمت أن بالباب قوماً قد علموا أنك جمعتنا لنشير عليك، فأحببت أن يبلغهم قولي فأقود لك خيراً، أو أدفع عنك شراً، فرد عثمان عماله على أعمالهم، وأمرهم بالتضييق على من قِبَلهم، وأمرهم بتجمير الناس في البعوث، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه، وردّ سعيد بن العاص أميراً على الكوفة، فخرج أهل الكوفة عليه بالسّلاح فتلقّوه فردوه، وقالوا: لا والله لا يلي علينا حكماً ما حملنا سيوفنا"1. إسناده ضعيف بما فيه من مجاهيل، وبعمرو بن أبي المقدام؛ فهو ضعيف رمي بالرفض، وفي الخبر ما يدعو إلى بدعة الرفض، ومثله عمرو   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 334-335) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 بن حماد1. 21- قال الطبري: حدثني جعفر بن عبد الله2 المحمدي3 قال: حدثنا عمرو4 عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني5 عن عمه عبد الرحمن بن يسار6 أنه قال: لما رأى الناس ما صنع عثمان، كتب من بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى من بالآفاق منهم - وكانوا قد تفرقوا في الثغور -: إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل، تطلبون دين محمد صلى الله عليه وسلم فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك، فهلموا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه وسلم فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه. وكتب عثمان إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح عامله على مصر حين تراجع الناس عنه وزعم أنه تائب - بكتاب في الذين شخصوا من مصر، وكانوا أشد أهل الأمصار عليه: أما بعد؛ فانظر فلاناً وفلاناً فاضرب أعناقهم إذا قدموا عليك، فانظر فلاناً وفلاناً، فعاقبهم بكذا وكذا - منهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم قوم من التابعين - فكان رسوله في ذلك أبو الأعور بن سفيان السلمي، حمله   1 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 عبد الرحمن بن يسار، أبو مزرد والد معاوية، مقبول، من الثالثة، بخ (التقريب/ 8363) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 عثمان على جمل له، ثم أمره أن يقبل حتى يدخل مصر قبل أن يدخلها القوم، فلحقهم أبو الأعور ببعض الطريق، فسألوه أين يريد؟ قال: أريد مصر، ومعه رجل من أهل الشام من خولان، فلما رأوه على جمل عثمان، قالوا له: هل معك كتاب؟ قال: لا، قالوا: فبم أرسلت؟ قال: لا علم لي، قالوا: ليس معك كتاب، ولا علم لك بما أرسلت، إن أمرك لمريب، ففتشوه فوجدوا معه كتاباً في أداوة يابسة، فنظروا في الكتاب فإذا فيه قتل بعضهم، وعقوبة بعضهم في أنفسهم وأموالهم. فلما رأوا ذلك رجعوا إلى المدينة، فبلغ الناس رجوعهم والذي كان من أمرهم، فتراجعوا من الآفاق كلها، وثار أهل المدينة"1. إسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق، وجعفر مجهول، وعمرو صدوق رمي بالرفض2 وعبد الرحمن لم يتابع. 22- قال الطبري: حدثني جعفر بن عبد الله المحمدي3 قال: حدثنا عمرو بن حماد4 وعلي بن حسين5 قالا: حدثنا حسين6 بن عيسى عن أبيه7 قال: لما   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 367) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان رضي الله عنه وأبى إلا الإقامة على أمره، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم، فقام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له نيار بن عياض - وكان شيخاً كبيراً - فنادى: يا عثمان، فأشرف عليه من أعلى داره، فناشده الله، وذكره الله لما اعتزلهم، فبينا هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، وزعماو أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي، فقالوا لعثمان عند ذلك ادفع إلينا قاتل نيار بن عياض، فلنقتله به، فقال: لم أكن لأقتل رجلاً نصرني، وأنتم تريدون قتلي، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه، وخرج عليهم مروان بن الحكم من دار عثمان في عصابة، وخرج سعيد بن العاص في عصابة، وخرج المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة في عصابة، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وكان الذي حداهم على القتال أنه بلغهم أن مدداً من أهل البصرة قد نزلوا صراراً - وهي من المدينة على ليلة - وأن أهل الشام قد توجهوا مقبلين، فقاتلوهم قتالاً شديداً على باب الدار، فحمل المغيرة بن الأخنس الثقفي على القوم وهو يقول مرتجزاً: قد علمت جارية عطبول ... ... لها وشاح ولها حجول ... أني بنصل السيف خنشليل ... فحمل عليه عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وهو يقول: إن تك بالسيف كما تقول ... ... فاثبت لقرن ماجد يصول ... بمشرقي حده مصقول ... فضرب عبد الله فقتله، وحمل رفاعة بن رافع الأنصاري ثم الزرقي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 على مروان بن الحكم، فضربه فصرعه، فنزل عنه وهو يرى أنه قتله، وجرح عبد الله بن الزبير جراحات وانهزم القوم حتى لجأوا إلى القصر، فاعتصموا ببابه، فاقتتلوا عليد قتالاً شديداً، فقتل في المعركة على الباب زياد بن نعيم الفهري، في ناس من أصحاب عثمان، فلم يزل الناس يقتتلون حتى فتح عمرو بن حزم الأنصاري باب داره وهو إلى جنب دار عثمان بن عفان ثم نادى الناس فأقبلوا عليه من داره فقاتلوهم في جوف الدار حتى انهزموا وخلي لهم عن باب الدار، فخرجوا هراباً في طرق المدينة، وبقي عثمان في أناس من أهل بيته، وأصحابه فقتلوا معه، وقتل عثمان رضي الله عنه"1. إسناده ضعيف بما فيه من مجاهيل2 وعيسى الذي يظهر أنه لم يدرك الحادثة لأنه يروي عن أبيه زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب3. قال الطبري: "حدثني جعفر4 قال: حدثنا عمرو5 وعلي6 قالا: حدثنا حسين7   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 381-383) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . 3 انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 276) . 4 جعفر بن عبد الله المحمدي تقدمت ترجمته. 5 عمرو بن حماد بن طلحة القناد تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 عن أبيه1 عن محمد بن إسحاق بن يسار2 المدني، عن يحيى بن عباد3 بن عبد الله بن الزبير عن أبيه4 قال: كتب أهل مصر بالسقيا - أو بذي خشب - إلى عثمان بكتاب، فجاء به رجل منهم حتى دخل به عليه، فلم يرد عليه شيئاً، فأمر به فأخرج من الدار، وكان من أهل مصر الذين ساروا إلى عثمان ستمائة رجل على أربعة ألوية، لها رؤوس أربعة، مع كل رجل منهم لواء، وكان جماع أمرهم جميعاً إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وإلى عبد الرحمن بن عديس التجيبي فكان فيما كتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فاعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالله الله ثم الله الله، فإنك على دنيا فاستتم إليها معها آخره، ولا تلبس نصيبك من الآخرة، فلا تسوغ لك الدنيا. واعلم أنا والله لله نغضب، وفي الله نرضى، وأنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة مصرحة، أو ضلالة مجلحة مبلجة، فهذه مقالتنا لك، وقضيتنا إليك، والله عذيرنا منك.   1 تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام المدني، ثقة، من الخامسة (مات بعد المائة وله 36 سنة) 4 (التقريب/ 7575) . 4 عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام، كان قاضي مكة زمن أبيه، وخليفته إذا حج، ثقة من الثالثة، ع (التقريب/ 3135) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 والسلام. وكتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة، ويحتجون، ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبداً حتى يقتلوه، أو يعطيهم ما يلزمه من حق الله. فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته، فقال لهم: قد صنع القوم ما قد رأيتم، فما المخرج؟ فأشاروا عليه إن يرسل إلى علي بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردهم عنه، ويعطيهم ما يرضيهم، ليطاولهم حتى يأتيه أمداد. فقال: إن القوم لن يقبلوا التعليل، وهم محمليَّ عهداً، وقد كان مني في قدمتهم الأولى ما كان، فمتى أعطهم ذلك يسألوني الوفاء به، فقال مروان بن الحكم: يا أمير المؤمنين مقاربتهم حتى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب فأعطهم ما سألوك، وطاولهم ما طاولوك، فإن هم بغوا عليك فلا عهد لهم. فأرسل إلى علي فدعاه، فلما جاءه قال: يا أبا حسن، إنه قد كان من الناس ما قد رأيت، وكان مني ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي، فارددهم عني، فإن لهم الله عز وجل أن أعتبهم من كل ما يكرهون، وأن أعطيهم الحق من نفسي ومن غيري، وإن كان في ذلك سفك دمي، فقال له علي: الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وإني لأرى قوماً لا يرضون إلا بالرضا، وقد كنت أعطيهم في قدمتهم الأولى عهداً من الله لترجعن عن جميع ما نقموا، فرردتهم عنك ثم لم تفِ لهم بشيء من ذلك، فلا تغرني هذه المرة من شيء، فإني معطيهم عليك الحق، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 قال: نعم، فأعطهم فوالله لأفين لهم، فخرج علي إلى الناس، فقال: أيها الناس إنكم إنما طلبتم الحق فقد أعطيتموه، إن عثمان قد زعم أنه منصفكم من نفسه، ومن غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون. فاقبلوا منه، ووكدوا عليه. قال الناس: قد قبلنا فاستوثق منه لنا، فإنا والله لا نرضى بقول دون فعل. فقال لهم علي: ذلك لكم. ثم دخل عليه فأخبره الخبر. فقال عثمان: اضرب بيني وبينهم، أجلاً يكون لي فيه مهلة، فإني لا أقدر على رد ما كرهوا في يوم واحد. قال له علي: ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك قال: نعم، ولكن أجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام. قال علي: نعم، فخرج إلى الناس فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتاباً أجله فيه ثلاثاً، على أن يرد كل مظلمة ويعزل كل عامل كرهوه، ثم أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عليه ناساً من وجوه المهاجرين والأنصار، فكف المسلمون عنه، ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهب للقتال، ويستعد بالسلاح - وقد كان اتخذ جنداً عظيماً من رقيق الخمس - فلما مضت الأيام الثلاثة وهو على حاله لم يغير شيئاً مما كرهوه، ولم يعزل عاملاً - ثار به الناس. وخرج عمرو بن حزم الأنصاري حتى أتى المصريين؛ وهم بذي خشب فأخبرهم الخبر، وسار معهم حتى قدموا المدينة فأرسلوا إلى عثمان: ألم نفارقك على أنك زعمت أنك تائب من إحداثك، وراجع عما كرهنا منك؟ وأعطينا على ذلك عهد الله وميثاقه؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 قال: بلى أنا على ذلك، قالوا: فما هذا الكتاب الذي وجدنا مع رسولك وكتبت به إلى عاملك؟ قال: ما فعلت، ولا لي علم بما تقولون. قالوا: بريدك على جملك، وكتاب كاتبك عليه خاتمك. قال: أما الجمل فمسروق، وقد يشبه الخط الخط، وأما الخاتم فانتقش عليه. قالوا: فإنا لا نعجل عليك، وإن كنا قد اتهمناك، اعزل عنا عمالك الفساق، واستعمل علينا من لا يتهم على دمائنا وأموالنا، واردد علينا مظالمنا. قال عثمان: ما أراني إذاً في شيء إن كنت أستعمل من هويتم وأعزل من كرهتم، الأمر إذاً أمركم. قالوا: والله لتفعلن أو لتعزلن أو لتقتلن. فانظر لنفسك أو دع، فأبى عليهم، وقال: لم أكن لخلع سربالاً سربلنيه الله، فحصروه أربعين ليلة، وطلحة يصلي بالناس"1. إسناده ضعيف: بما فيه من مجاهيل2.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 369-371) . 2 انظر التعليق على الرواية رقم: (256) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 القسم السادس: الروايات التاريخية التي رويت بأسانيد واهية جدا ً 1- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم1 علي بن إبراهيم، أبنا رشا2 بن نظيف، أنا الحسن3 بن إسماعيل، نا أحمد4 بن مروان، نا إبراهيم5 بن إسحاق الحربي، نا عفان بن مسلم6 الصفار، نا عبد الواحد7 بن زياد، ثنا عثمان8 بن حكيم، عن أبي صالح9 عن أبي هريرة قال: "أتيت عثمان بن عفان يوم الدار. فقلت: جئت أقاتل معك. قال: أيسرك أن تقتل الناس كلهم؟ قلت: لا، قال: فإنك إن قتلت نفساً واحدة   1 علي بن إبراهيم النسيب، تقدمت ترجمته. 2 رشا بن نظيف بن ما شاء الله، ترجم له. 3 الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب، أبو محمد المصري، ضعفه الدارقطني (ابن حجر، لسان الميزان 2/ 197، 248) . 4 أحمد بن مروان الدينوري، ترجم له. 5 إبراهيم بن إسحاق الحربي (ت سنة 285?) ، من جلة أصحاب الإمام أحمد، وثقه الدارقطني وقال: كان إماماً وكان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه، وقال محمد بن صالح القاضي: لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الفقه والحديث والأدب والزهد (الخطيب، التاريخ 6/ 27-40، الذهبي، التذكرة 2/ 584-586) . 6 عفان بن مسلم الباهلي، تقدمت ترجمته. 7 عبد الواحد بن زياد العبدي، البصري، ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال، من الثامنة، (ت سنة 176?) ، وقيل بعدها ع (التقريب/ 4240) . 8 عثمان بن حكيم بن عباد الأنصاري الأوسي، المدني ثم الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات قبل الأربعين خت م 4 (التقريب/ 4461) . 9 أبو صالح ذكوان السمان، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 كأنك قتلت الناس كلهم، فقال: انصرف مأذوناً غير مأزور. قال: ثم جاء الحسن بن علي بن أبي طالب، فقال: جئت يا أمير المؤمنين أقاتل معك فأمرني بأمرك، فالتفت عثمان إليه فقال: انصرف مأذوناً لك، مأجوراً غير مأزور، جزاكم الله من أهل بيت خيراً"1. إسناده موضوع؛ أحمد بن مروان صرح الدارقطني بأنه يضع الحديث. وروى ما يتعلق بموقف أبي هريرة دون الزيادة التي تتعلق بموقف الحسن كل من: خليفة بن خياط، وابن عساكر بإسناد صحيح، فما تفردت به هذه الرواية مردود، وما توبعت فيه فمقبول بذاك الإسناد لا بهذا. 2- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم2 العلوي، أن رشا بن نظيف3 أنا الحسن بن إسماعيل4 أنا أحمد بن مروان5 نا زيد بن إسماعيل6. حدثنا شبابة7 بن   1 تاريخ دمشق (401-402) . 2 أبو القاسم العلوي هو علي بن إبراهيم بن العباس، قال عنه الذهبي: وكان ثقة نبيلاً محتشماً مهيباً سديداً شريفاً، صاحب حديث وسنة (العبر 2/ 392) . 3 ترجم له. 4 الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب، تقدم في الذي قبله 5 أحمد بن مروان الدينوري المالكي، ترجم له. 6 لم أجد له ترجمة. 7 شبابة بن سوار المدائني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 سوار، نا حفص بن مورق1 الباهلي، عن حجاج2 بن أبي عثمان الصواف، عن زيد بن وهب3 عن حذيفة قال: أول الفتن قتل عثمان بن عفان، وآخر الفتن خروج الدجال. والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حُب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره"4. وذكره المحب الطبري5 وعزاه إلى السلفي الحافظ. وهذا الإسناد موضوع والمتهم به أحمد بن مروان، صرح الدارقطني بأنه يضع الحديث. لكن متنه ورد بإسناد مقبول6. 3- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس7 أبنا رشا بن   1 حفص بن مورق الباهلي، وفي مخطوطة ابن عساكر "بن مروان" بدل "بن مورق" ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم، وفي الرواة حفص بن قيس أبو سهل يروي عن شبابة، تقدمت ترجمته. 2 حجاج بن أبي عثمان، الصواف، أبو الصلت الكندي، مولاهم، البصري، تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 459) . 5 الرياض النضرة (3/ 81) . 6 انظر الملحق الرواية رقم: [70] . 7 علي بن إبراهيم بن العباس، ترجم له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 نظيف1 أبنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل2 أنا أحمد بن مروان3 نا أبو إسماعيل4 نا نعيم بن حماد5 نا عيسى بن عبيد6 عن عمه7 قال: الذي قتل عثمان بن عفان رجل من مراد من أهل مصر أزرق أشقر"8. إسناده موضوع: أحمد بن مروان صرح الدارقطني9 بأنه يضع الحديث.   1 رشا بن نظيف، قال أبو القاسم العلوي: "كان رشا ثقة" (ت سنة 444?) ، ووثقه أيضاً الكتاني (ابن عساكر، تاريخ دمشق 6/ 255) . 2 الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب المصري، ترجم له. 3 أحمد بن مروان الدينوري المالكي، اتهمه الدارقطني ومشاه غيره (الذهبي، الميزان 1/156) 4 الترمذي محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، نزيل بغداد، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، لم يتضح كلام أبي حاتم فيه، من الحادية عشرة (ت سنة 280?) ت س (التقريب/ 5738) . 5 نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي، نزيل مصر، صدوق يخطئ كثيراً، من العاشرة، (ت سنة 228?) وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي حديثه مستقيم. خ مق د ت ق (التقريب/ 7166) . 6 عيسى بن عبيد بن مالك الكندي، أبو المنيب، صدوق من الثامنة د ت س (التقريب/ 5309) روى عن عميه: معبد وعمرو ابني مالك (المزي، تهذيب الكمال 1081، ابن حجر، تهذيب التهذيب 220) . 7 إما معبد أو عمرو. أما عمرو فلم أجد له ترجمة. والغالب أنه معبد لأن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: "روى عنه ابن أخيه عيسى بن عبيد بن مالك الكندي" (ابن حبان، الثقات 5/ 433) والله أعلم. 8 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 418) . 9 أحمد بن مروان الدينوري المالكي، اتهمه الدارقطني ومشاه غيره (الذهبي، الميزان 1/ 156) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 4- قال الطبراني: حدثنا عمرو بن أبي الطاهر1 المصري، نا عبد المنعم2 بن بشير الأنصاري، نا علي بن غراب المحاربي3 عن عبد الله4 بن سعيد عن أبيه5 قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب، وعن يمينه عمار بن ياسر، وعن يساره محمد بن أبي بكر إذ جاء غراب6 بن فلان الذيدني، فقال: يا أمير المؤمنين ما تقول في عثمان؟ فبدره الرجلان فقالا: عم تسأل عن رجل كفر بالله من بعد إيمانه، ونافق؟ فقال الرجل لهما: لست إياكما أسأل، ولا إليكما جئت. فقال له علي: لست أقول ما قالا: فقالا له جميعاً: فلم قتلناه إذاً؟ قال: ولي عليكم فأساء الولاية في آخر أيامه، وجزعتم فأسأتم الجزع، والله إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان كما قال الله عز وجل:   1 لم أجد له ترجمة. 2 عبد المنعم بن بشير الأنصاري أبو الخير المصري، سيأتي عند الحكم على الخبر. 3 علي بن غراب، باسم الطائر، الفزاري، مولاهم الكوفي، القاضي، قال الفلكي: غراب لقب، وهو عبد العزيز سماه مروان بن معاوية، وقال مرة: علي بن أبي الوليد، صدوق، وكان يدلس ويتشيع، وأفرط ابن حبان في تضعيفه، من الثامنة، مات (سنة 184?) س ق (التقريب/ 4783) . 4 عبد الله بن سعيد بن أبي هند، الفزاري، مولاهم، أبو بكر المدني، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة بضع وأربعين ع (التقريب/ 3358) . 5 سعيد بن أبي هند الفزاري، مولاهم، ثقة، من الثالثة، أرسل عن أبي موسى (مات سنة 116?) ، وقيل بعدها ع (التقريب/ 2409) . 6 لم أجد له ترجمة، ولم يذكر السمعاني نسبته في كتابه الأنساب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} "1. موضوع: والمتهم به عبد المنعم. ورواه من طريقه ابن عساكر2 وفيه "الصيلافي" بدل "الصيدفي". وذكره الهيثمي3 في مجمع الزوائد وقال: "وفيه عبد المنعم بن بشير ولا يحل الاحتجاج به". قلت: هذا الخبر باطل بعدة علل لو لم يكن فيه إلا واحدة منها لضُعِّف بها. أولاً: سعيد بن أبي هند عن علي رضي الله عنه، قال أبو زرعة: "هو مرسل"4. وهذه علة لو لم يكن في الخبر غيرها لضعف بها. ثانياً: علي بن غراب مدلس، ذكره الحافظ في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين5 وهم الذين لا تقبل روايتهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع.   1 المعجم الكبير (1/ 79-80) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 474) . (9/ 97) . 4 العلائي (جامع التحصيل ص: 224) . 5 طبقات المدلسين (ص: 42) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 ثالثاً: علي بن غراب قال عنه ابن حبان: "كان غالياً في التّشيع"1. وروايته هنا فيها اتهام لبعض الصحابة رضي الله عنهم بقتل عثمان رضي الله عنه فترد به. رابعاً: عبد المنعم بن بشير، جرحه يحيى بن معين، واتهمه وقال2: ابن حبان: "منكر الحديث جداً، يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال"3. وقال الخليلي: "وضّاع على الأئمة" وقال أحمد: "كذّاب"4. خامساً: شيخ الطبراني عمرو بن أبي الطاهر لم أجد له ترجمة فهو مجهول عندي.   1 المجروحين (2/ 105) . 2 ابن حجر (لسان الميزان 4/ 74-75) . 3 المجروحين (2/ 158) . 4 ابن حجر (لسان الميزان 4/ 74-75) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة تمهيد: في هذا القسم مرويات سيف بن عمر التميمي عن فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، اجتمعت لديَّ أثناء جردي للمصادر لاستخراج مرويات الفتنة، أورد هذه الروايات مع تراجم لرجال أسانيدها، وهي ضعيفة لأنها من طريق سيف وهو ضعيف1 وبعضها ضعيف جداً لوجود رواة آخرين متروكين، كشعيب بن إبراهيم الكوفي الذي ينقل سيف من طريقه عدداً من هذه المرويات. ويغلب على روايات سيف أنها تدافع أحياناً عن بعض الصحابة رضي الله عنهم بينما نجدها في أحايين أخرى تشوه لنا صوراً لآخرين من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وتغنينا عن سيف ومروياته في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه المرويات المسندة الصحيحة، والحسنة التي رسمت لنا صورة جميلة مشرقة لمواقف الصحابة رضي الله عنهم في هذه الحادثة الأليمة من تاريخ الإسلام. يلمح من خلال مقابلة عدد من مرويات سيف هذه بالروايات المسندة الأخرى أن روايات سيف تجمع عدداً من تلك الروايات، وتسوقها بإسناد واحد، وهي ملحوظة تحتاج إلى دقة في المقابلة قد تخرج لنا نتيجة مهمة في سيف ورواياته. جل هذه الروايات يرويها لنا الطبري بسنده إلى سيف، وقلة منها التي يرويها ابن عساكر.   1 وأكتفي بهذه الإشارة عن تكرار الحكم عليها عند كل رواية تفادياً للتكرار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 وقد ترجمت لسيف في أول رواية منها، ولشيوخه وشيوخهم عند أول ورود لهم، وتركت الإشارة في الحاشية إلى تقدم تراجمهم عند تكرار ورودهم في الأسانيد؛ تفادياً للتكرار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 1- قال الطبري: "كتب إليّ السري1 عن شعيب2 عن سيف3 عن محمد4 وطلحة5 وأبي حارثة6 وأبي عثمان7 قالوا: صلى عثمان بالناس بعدما نزلوا به في المسجد ثلاثين يوماً، ثم إنهم منعوه الصلاة، فصلى بالناس أميرهم الغافقي، دان له المصريون، والكوفيون، والبصريون، وتفرق   1 السري بن يحيى بن السري التميمي، كوفي، أبو عبيدة، ابن أخي هناد بن السري، قال أبو حاتم: "كان صدوقاً" (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 285) . 2 شعيب بن إبراهيم الرفاعي، الكوفي، قال الذهبي: "راوية كتب سيف فيه جهالة" وذكر الخطيب البغدادي أنه يقال له أيضاً: شعيب بن أبي طلحة قال عنه ابن عدي: "له أحاديث وأخبار وهو ليس بذلك المعروف، ومقدار ما يروي من الحديث والأخبار ليست بالكثيرة، وفيه بعض النكرة، لأن في أخباره وأحاديثه ما فيه تحامل على السلف (المغني في الضعفاء للذهبي 1/ 298، والموضح لأوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي 2/ 1319، وفي الضعفاء لابن عدي 4/ 1319، والعقيلي 1/ 298) . 3 سيف بن عمر التميمي، صاحب كتاب الردة ويقال الضبي، الكوفي، ضعيف الحديث، عمدة في التاريخ أفحش بخ القول فيه، من الثامنة، مات زمن الرشيد ت (التقريب/ 2724) . 4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة لم أجد له ترجمة. 5 طلحة بن الأعلم أبو لاهيثم، الحنفي، كوفي، قال عنه أبو حاتم "شيخ" "ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 482" وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 488) . 6 لم أجد له ترجمة. 7 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 أهل المدينة في حيطانهم1 ولزموا بيوتهم، لا يخرج أحد ولا يجلس إلا وعليه سيفه يمتنع به من رهق القوم، وكان الحصار أربعين يوماً، وفيهن كان القتل، ومن تعرض لهم وضعوا فيه السلاح، وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوماً يكفون"2. 2- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة3 وأبي عثمان4 ومحمد5 وطلحة6 قالوا: قتل عثمان رضي الله عنه ثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة يوم الجمعة في آخر ساعة"7. 3- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان8 قالوا: فلما بويع الناس، جاء السابق فقدم بالسلامة، فأخبرهم من الموسم   1 أي في بساتينهم (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 2/ 368) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 353-354) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة. 5 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة لم أجد له ترجمة. 6 طلحة بن الأعلم، تقدمت ترجمته. 7 تاريخ الأمم والملوك (4/ 416) . 8 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 أنهم يريدون جميعاً المصريين وأشياعهم، وأنهم يريدون أن يجمعوا ذلك إلى حجتهم؛ فلما أتاهم ذلك مع ما بلغهم من نفور أهل الأمصار أعلقهم الشيطان، وقالوا: لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل فيشتغل بذلك الناس عنا، ولم يبق خصلة1 يرجون بها النجاة إلا قتله فراموا2 الباب، فمنعهم من ذلك الحسن، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص، ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم واجتلدوا3 فناداهم عثمان: الله الله أنتم في حل من نصرتي فأبوا، ففتح الباب، وخرج ومعه الترس4 والسيف ليَنَهِنْهَهُم5 فلما رأوه أدبر المصريون وركبهم هؤلاء، ونَهْنَهَهُم6 فتراجعوا وعظم على الفريقين، وأقسم على الصحابة ليدخلن، فأبوا أن ينصرفوا فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين - وقد كان المغيرة بن الأخنس بن شريق7 فيمن حج، ثم تعجل8 في نفر   1 الخصلة هي: الخلة والفضيلة والرذيلة أو قد غلب على الفضيلة (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 379) . 2 الروم: الطلب: أي طلبوا الباب واتجهوا إليه (القاموس المحيط 4/ 124) . 3 جالدوا بالسيوف أي: تضاربوا (القاموس 1/ 294) . 4 الترس: من السلاح المتوقي بها (ابن منظور، لسان العرب 6/ 32) . 5 النهنهة: الكف تقول: نهنهت فلاناً إذا زجرته فتنهنه أي كففته فكف (لسان العرب 13/ 550) . 6 انظر الحاشية السابقة. 7 المُغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي، قيل إنه قتل يوم الدار مع عثمان ذكره الحافظ ابن حجر في القسم الأول من الإصابة (3/ 452) . 8 التعجيل في الحج هو المكوث في منى يومين بعد العيد، وذلك كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (سورة البقرة، الآية: 203) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 حجوا معه، فأدرك عثمان قبل أن يقتل وشهد المناوشة1 ودخل الدار فيمن دخل وجلس على الباب من داخل وقال: ما عذرنا عند الله إن تركناك ونحن نستطيع ألا ندعهم حتى نموت، فاتخذ عثمان تلك الأيام القرآن نحبا2 يصلي وعنده المصحف، فإذا أعيا3 جلس فقرأ فيه - وكانوا يرون القراءة في المصحف من العبادة - وكان القوم الذين كفكفهم4 بينه وبين الباب، فلما بقي المصريون لا يمنعهم أحد من الباب ولا يقدرون على الدخول جاءوا بنار، فأحرقوا الباب والسقيفة5 فتأجج الباب والسقيفة، حتى إذا احترق الخشب خرت السقيفة على الباب، فثار أهل الدار وعثمان يصلي، حتى منعوهم الدخول وكان أول من برز لهم المغيرة بن الأخنس وهو يرتجز: قد علمت جارية عطبول6 ... ذات وشاح7 ولها جديل8   1 المناوشة هي: المناولة في القتال (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 302) . 2 النحب: رفع الصوت بالبكاء (ابن منظور، لسان العرب 1/ 749) . 3 الإعياء هو: العجز عن الشيء وعدم إطاقة إحكامه (القاموس المحيط 15/ 111) . 4 كفكفهم أي ردهم (ابن منظور، لسان العرب 9/ 303) . 5 السقيفة: السقف غماء البيت (لسان العرب 9/ 155) . 6 العطبول: الحسنة التامة، الجميلة الفتية الممتلئة، طويلة العنق (لسان العرب 11/ 456) . 7 الوشاح: كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما معطوف أحدهما على الآخر، وأديم عريض يرصع بالجوهر، فتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها (القاموس المحيط 1/ 264) . 8 الجديل: الزمام المجدول من أدم، وجعل من أدم أو شعر في عنق البعير والوشاح (القاموس المحيط 3/ 357) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 أني بنصل1 السيف خنشليل2 ... لأمنن منكم خليلي بصارم3 ليس بذي فلول4. وخرج الحسن بن علي وهو يقول: لا دينهم ديني ولا أنا منهم ... حتى أسير إلى طمار5 شمام6 وخرج محمد بن طلحة وهو يقول: أنا ابن من حامى عليه بأحد ... ورد أحزابا على رغم معد وخرج سعيد بن العاص وهو يقول: صبرنا غداة الدار والموت واقب7 ... بأسافنا دون ابن أروى نضارب وكنا غداة الروع في الدار نصة ... نشافههم بالضرب والموت ثاقب8 فكان آخر من خرج عبد الله بن الزبير، وأمره عثمان أن يصير إلى أبيه في وصية بما أراد، وأمره أن يأتي أهل الدار فيأمرهم بالانصراف إلى   1 النصل: حديدة السهم والرمح والسيف ما لم يكن له مقبض (القاموس 4/ 58) . 2 الخنشليل: البعير السريع والضخم الشديد (القاموس 3/ 392) . 3 الصارم: السيف القاطع كالصروم (القاموس المحيط 4/ 140) . 4 سيف فلول: أي منثلم (القاموس 4/ 33) . 5 طمار: اسم للمكان المرتفع (لسان العرب 4/ 502) . 6 شمام: مشتق من الشمم وهو العلو، وجبل أشم طويل الرأس؛ وهو اسم جبل لباهلة (ياقوت/ معجم البلدان 3/ 361) (لسان العرب 12/ 327) . 7 الثاقب: المضيء والواضح (لسان العرب 1/ 240) . 8 الوقوب: الدخول في الشيء (القاموس المحيط 1/ 143، لسان العرب 1/ 801) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 منازلهم، فخرج عبد الله بن الزبير آخرهم، فما زال يدعى بها ويحدث الناس عن عثمان بآخر ما مات عليه"1. 4- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته وعزم، وعزم له المسلمون على الصبر، والامتناع عليهم بسلطان الله, قال: اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب، وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني، وأرسل إلى طلحة والزبير وعلي وعدة: أن ادنوا. فاجتمعوا فأشرف عليهم فقال: يا أيها الناس، اجلسوا، فجلسوا جميعاً، المحارب الطارئ، والمسالم المقيم. فقال: يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه، ولأدعن هؤلاء وما وراء بابي غير معطيهم شيئاً يتخذونه عليكم دخلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون الله عز وجل الصانع في ذلك ما أحب وأمر أهل المدينة بالرجوع. وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن، ومحمداً، وابن الزبير، وأشباها   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 387-389) . 2 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 منازلهم، فخرج عبد الله بن الزبير آخرهم، فما زال يدعى بها ويحدث الناس عن عثمان بآخر ما مات عليه"1. 4- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته وعزم، وعزم له المسلمون على الصبر، والامتناع عليهم بسلطان الله, قال: اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب، وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني، وأرسل إلى طلحة والزبير وعلي وعدة: أن ادنوا. فاجتمعوا فأشرف عليهم فقال: يا أيها الناس، اجلسوا، فجلسوا جميعاً، المحارب الطارئ، والمسالم المقيم. فقال: يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه، ولأدعن هؤلاء وما وراء بابي غير معطيهم شيئاً يتخذونه عليكم دخلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون الله عز وجل الصانع في ذلك ما أحب وأمر أهل المدينة بالرجوع. وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن، ومحمداً، وابن الزبير، وأشباها   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 387-389) . 2 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 وإلى الزبير، وإلى عائشة رضي الله عنها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أولهم إنجاداً له علي وأم حبيبة؛ جاء علي في الغلس فقال: يا أيها الناس، إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هذا الرجل المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي، وما تعرض لكم هذا الرجل، فبم تستحلون حصره وقتله؟ قالوا: لا والله ولا نعمة عين لا نتركه يأكل ولا يشرب، فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت فيما أنهضتني، فرجع، وجاءت أم حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملة على إداوة، فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة فضربوا وجه بغلتها، فقالت: إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل، قالوا: كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فندت بأم حبيبة فتلقاها الناس وقد مالت رحالتها، فتعلقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل، فذهبوا بها إلى بيتها. وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة واستتبعت أخاها، فأبى فقالت: أما والله لئن استطعت أنيحرمهم الله ما يحاولون لأفعلن. وجاء حنظلة الكاتب حتى قام على محمد بن أبي بكر، فقال: يا محمد تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها؟ وتدعوك ذوبان العب إلى ما لا يحل فتتبعهم؟ فقال: ما أنت وذاك يا ابن التميمة، فقال: يا ابن الخثعمية، إن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف، وانصرف وهو يقول: عجبت لما يخوض الناس فيه ... يرمون الخلافة أن تزولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 ولو زالت لزال الخير عنهم ... ولاقوا بعدها ذلا ذليلا وكانوا كاليهود أو النصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا ولحق بالكوفة, وخرجت عائشة وهي ممتلئة غيظاً على أهل مصر، وجاءها مروان بن الحكم فقال: يا أم المؤمنين، لو أقمت كان أجدر أن يراقبوا هذا الرجل فقالت: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة ثم لا أجد من يمنعني؟ لا والله ولا أعير ولا أدري الأم1 يسلم أمر هؤلاء؟ وبلغ طلحة والزبير ما لقي علي وأم حبيبة فلزموا بيوتهم؛ وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات عليهم الرقباء، فأشرف عثمان على الناس، فقال: يا عبد الله بن عباس - فدعي له - فقال: اذهب فأنت على الموسم - وكان ممن لزم الباب - فقال: والله يا أمير المؤمنين لجهاد هؤلاء أحب إليّ من الحج، فأقسم عليه لينطلقن، فانطلق ابن عباس على الموسم تلك السنة، ورمى عثمان إلى الزبير بوصيته، فانصرف بها - وفي الزبير اختلاف أأدرك مقتله أو خرج قبله؟ - وقال عثمان: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ ... } 2 الآية، اللهم حل بين الأحزاب وبين ما يأملون كما فعل بأشياعهم من قبل"3.   1 هكذا في الرواية ولعلها: "إلام". 2 سورة هود، الآية (89) . 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 385-387) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 ولبعض هذه الرواية شواهد صحيحة تقدمت منها: محاولة علي رضي الله عنه مساعدته، وإلقائه عمامته في الدار، ليدل على محاولته مساعدة عثمان رضي الله عنهما1. ومجيء أم حبيبة رضي الله عنها لمساعدة عثمان وضرب البغاة لوجه بغلتها ورجوعها2. 6- قال الطبري: كتب إليّ السري3 عن شعيب عن سيف عن محمد4 وطلحة5 وأبي حارثة6 وأبي عثمان7 قالوا: وأحرقوا الباب وعثمان في الصلاة، وقد افتتح {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} 8 وكان سريع القراءة، فما كرثه ما سمع، وما يخطئ وما يتتعتع، حتى أتى عليها قبل أن يصلوا إليه - ثم عاد فجلس إلى عند المصحف وقرأ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ   1 انظر الملحق الروايات: [85-87] . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [40] والتعليق عليها. 3 تقدمت ترجمته. 4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويره لم أجد له ترجمة. 5 طلحة بن الأعلم، تقدمت ترجمته. 6 لم أجد له ترجمة. 7 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة. 8 سورة طه، الآيتان (1-2) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 1. وارتجز المغيرة بن الأخنس وهو دون الدار في أصحابه: قد علمت ذات القرون الميل ... والحلى والأنامل الطفول لتصدقن بيعتي خليلي ... بصارم ذي رونق مصقول لا أستقبل أن أقت قيلي وأقبل أبو هريرة والناس محجمون عن الدار إلا أولئك العصبة، فدسروا فاستقتلوا، فقام معهم وقال: أنا أسوتكم، وقال هذا يوم طاب امضرب - يعني أنه حل القتال، وطاب، وهذه لغة حمير - ونادى يا قوم، ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ وبادر مروان يومئذ ونادى: رجل رجل، فبرز له رجل من بني ليث يدعى النباع، فاختلفا، فضربه مروان أسفل رجليه، وضربه الآخر على أصل العنق فقلبه فانكب مروان واستلقى فاجتر هذا أصحابه واجتر الآخر أصحابه، فقال المصريون: أما والله لولا أن تكونوا حجة علينا في الأمة لقد قتلناكم بعد تحذير. فقال المغيرة: من يبارز؟ فبرز له رجل فاجتلد وهو يقول: أضربهم باليابس ... ضرب غلام بائس من الحياة آيس   1 سورة آل عمران، الآية (173) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 فأجابه صاحبه ... وقال الناس: قتل المغيرة بن الأخنس، فقال الذي قتله: إنا لله، فقال له عبد الرحمن بن عديس: ما لك؟ قال: إني أتيت فيما يرى النائم، فقيل لي: بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار، فابتليت له؛ وقتل قباث الكناني نيار بن عبد الله الأسلمي، واقتحم الناس الدار من الدور التي حولها حتى ملؤوها، ولا يشعر الذين بالباب، وأقبلت القبائل على أبنائهم فذهبوا بهم إذ غلبوا على أميرهم، وندبوا رجلاً لقتله، فانتدب له رجل، فدخل عليه البيت, فقال: اخلعها وندعك, فقال: ويحك والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله عز وجل، وأنا على مكاني حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاء, فخرج وقالوا: ما صنعت؟ فقال: علقنا ولله، والله ما ينجينا من الناس إلا قتله وما يحل لنا قتله، فأدخلوا عليه رجلاً من بني ليث، فقال: ممن الرجل؟ فقال: ليثي، فقال: لست بصاحبي، قال: وكيف؟ فقال: ألست الذي دعا لك النبي صلى الله عليه وسلم في نفر أن تحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فلن تضيع، فرجع وفارق القوم، فأدخلوا عليه رجلاً من قريش فقال: يا عثمان، إني قاتلك، قال: كلا يا فلان، لا تقتلني، قال: وكيف؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارف دماً حراماً. فاستغفر ورجع، وفارق أصحابه فأقبل عبد الله بن سلام حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 قام على باب الدار ينهاهم عن قتله، وقال: يا قوم لا تسلوا سيف الله عليكم، فوالله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرة، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسيف. ويلكم إن مدينتكم محفوفة بملائكة الله، والله لئن قتلتموه لتتركنها، فقالوا: يا ابن اليهودية، وما أنت وهذا فرجع عنهم, قالوا: وكان آخر من دخل عليه ممن رجع إلى القوم محمد بن أبي بكر، فقال له عثمان: ويلك أعلى الله تغضب هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك؟ فنكل ورجع, قالوا: فلما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره، ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي، فضربه الغافقي بحديدة معه، وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف فاستقر بين يديه، وسالت عليه الدماء، وجاء سودان بن حمران ليضربه، فانكبت عليه نائلة ابنة الفرافصة، واتقت السيف بيدها، فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أصابع يدها وولت، فغمز أوراكها، وقال: إنها لكبيرة العجيزة، وضرب عثمان فقتله، ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه - وقد كان عثمان أعتق من كف منهم - فلما رأوا سودان قد ضربه، أهوى له بعضهم فضرب عنقه فقتله، ووثب قتيرة على الغلام فقتله، وانتهبوا ما في البيت وأخرجوا من فيه، ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى, فلما خرجوا إلى الدار، وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فقتله، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا، حتى تناولوا ما على النساء، وأخذ رجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 ملاءة نائلة - والرجل يدعى كلثوم بن تجيب - فتنحت نائلة، فقال: ويح أمك من عجيزة ما أتمك، وبصر به غلام لعثمان فقتله وقتل، وتنادى القوم: أبصر رجل من صاحبه، وتنادوا في الدار: أدركوا بيت المال لا تسبقوا إليه، وسمع أصحاب بيت المال أصواتهم وليس فيه إلا غرارتان فقالوا: النجاء، فإن القوم إنما يحاولون الدنيا، فهربوا وأتوا بيت المال فانتهبوه وماج الناس فيه، فالتانيء يسترجع ويبكي والطارئ يفرح، وندم القوم، وكان الزبير قد خرج من المدينة، فأقام على طريق مكة لئلا يشهد مقتله، فلما أتاه الخبر بمقتل عثمان وهو بحيث هو، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله عثمان، وانتصر له، وقيل له: إن القوم نادمون، فقال: دبروا دبروا {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} 1 الآية، وأتى الخبر طلحة، فقال: رحم الله عثمان وانتصر له وللإسلام، وقيل له: إن القوم نادمون. فقال: تباً لهم وقرأ: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُون} 2. وأتى علي فقيل: قتل عثمان، فقال: رحم الله عثمان، وخلف علينا بخير، وقيل: ندم القوم، فقرأ: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ} 3 الآية، وطُلب سعد، فإذا هو في حائطه، وقد قال: لا   1 سورة سبأ، الآية (54) . 2 سورة يس، الآية (50) . 3 سورة الحشر، الآية (16) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 أشهد قتله، فلما جاءه قتله قال: فررنا إلى المدينة تدنينا وقرأ: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} 1 اللهم أندمهم ثم خذهم. ولبعض ما جاءت به هذه الرواية شواهد صحيحة، تقدمت منها: قول أبي هريرة: هذا يوم طاب أمضرب2 وعرض الخارجين على عثمان الخلع وقوله لهم: ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله عز وجلّ3"4. 7- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على رأس إحدى عشرة سنة، وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً من مقتل عمر رضي الله عنه"5.   1 سورة الكهف، الآية (104) . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [93] . 3 انظر (ص:) 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 389-392) . 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 416) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 8- روى ابن عساكر: من طريق السري1 بن يحيى قال: أنا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر عن أبي حارثة وأبي عثمان ومحمد وطلحة قالوا: قتل عثمان لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة يوم الجمعة في آخر ساعة دخلوا عليه وهو يدعو: اللهم لا تكلني إلى نفسي فتعجز عني، ولا إلى الدنيا فتغرني، ولا إلى الناس فيخذلوني، ولكن تول أنت صلاح آخرتي التي أصير إليها، وأخرجني من الدنيا سالماً، اللهم حل بينهم وبين ما يشتهون من الدنيا. وبغضهم إلى خلقك واجعلهم شيناً على من تولاهم، أما والله لولا أنها ساعة الجمعة وأني أمرت أن أدعو عليكم لما فعلت ولصبرت. فقتل - رحمه الله -، وقتل قاتله، وقتل ناصره، وأغلق الباب على ثلاثة قتلى، وفي الدار أحد المصريين. وقتل قاتله، فقالت نائلة لعبد الرحمن بن عديس: إنك أمس القوم بي رحماً، وأولاهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات: فشتمها وزجرها حتى إذا كان في جوف الليل خرج مروان حتى يأتي دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله، وعليّ، والحسن، وكعب بن مالك وعامة من ثم من الصحابة، وتوافى إلى موضع الجنائز صبيان ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا به إلى البقيع، فدفنوه فيه مما يلي حشان كوكب.   1 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان فأخرجوهم، فرأوهم، فمنعوهم من أن يدفنوهم، فأدخلوهم حشان كوكب، فلما انفشوا خرجوا بهما فدفنوهما إلى جنب عثمان ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة: فاطمة أم إبراهيم بن عربي. ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر فقالوا: إنك أمس القوم بنا رحماً، فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا، فكلمهم في ذلك فأبوا؛ فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر، ومن لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما، فجر بأرجلهما، فرمي بهما في البلاط فأكلتهما الكلاب. وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما: نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على أسماء الرقيق، لفضلهما وبلائهما ولم يحفظ الناس اسم الثالث"1. 9- قال الطبري: "وأما سيف فإنه روى فيما كتب به إليّ السري عن شعيب عنه عن أبي حارثة وأبي عثمان ومحمد وطلحة أن عثمان لما قتل أرسلت نائلة إلى عبد الرحمن بن عديس فقالت له: إنك أمس القوم رحماً وأولاهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات. قال: فشتمها، وزجرها، حتى إذا كان في جوف الليل خرج مروان حتى أتى دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله،   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 536-538) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 وعليّ، والحسن، وكعب بن مالك، وعامة من ثم من سحابه، فتوافى إلى موضع الجنائز صبيان، ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا إلى البقيع، فدفنوه فيه مما يلي حش كوكب، حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان الذين قتلوا معه فأخرجوهم. فرأوهم فمنعوهم من أن يدفنوا، فأدخلوهم حش كوكب، فلما أمسوا خرجوا بعبدين منهم، فدفنوهما إلى جنب عثمان، ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة فاطمة أم إبراهيم بن عدي، ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر، فقالوا: إنك أمس بنا رحماً، فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا، فكلمهم في ذلك فأبوا، فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر ومن لف لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما، فجرا بأرجلهما فرمي بهما على البلاط، فأكلتهما الكلاب، وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على الرقيق لفضلهما وبلائهما، ولم يحفظ الناس اسم الثالث، ولم يغسل عثمان، وكفن في ثيابه ودمائه ولا غسل غلاماه"1. 10- قال الطبري: "كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد3 وطلحة وأبي   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 414-415) . 2 تقدمت ترجمته. 3 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 حارثة وأبي عثمان قالوا: لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء؛ المقلل يقول: ستمائة، والمكثر يقول: ألف. على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التجيبي، وعروة بن شيبم الليثي، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وسواد بن رومان الأصبحي، وزرع بن يشكر اليافعي، وسودان بن حمران السكوني، وقتيرة بن فلان السكوني، وعلى القوم جميعاً الغافقي بن حرب العكي، ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، وإنما أخرجوا كالحجاج ومعهم ابن سوداء1. وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق، وعلى الرفاق زيد بن صوحان العبدي، والأشتر النخعي، وزياد بن النضر الحارثي، وعبد الله بن الأصم، أحد بني عامر بن صعصعة، وعددهم كعدد أهل مصر، وعليهم جميعاً عمرو بن الأصم. وخرج أهل البصرة في أربع رفاق، وعلى الرفاق حكيم بن جبلة العبدي، وذريح بن عباد العبدي، وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي، وابن المحرش بن عبد بن عمرو الحنفي؛ وعددهم كعدد أهل مصر، وأميرهم جميعاً حرقوص بن زهير السعدي سوى من تلاحق بهم من الناس. فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون علياً، وأما أهل البصرة فإنهم كانوا يشتهون طلحة، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير.   1 ابن سوداء هو: عبد الله بن سبأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 فخرجوا وهم على الخروج جميع وفي الناس شتى لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها، وأن أمرها سيتم دون الآخرين، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث، تقدم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب، وناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص، وجاءهم ناس من مصر، وتركوا عامتهم بذي مروة. ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالا: لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد، فإنه بلغنا أنهم قد عسكروا لنا، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا واستحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا فهم إذا علموا علمنا أشد، وأن أمرنا هذا لباطل، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلاً لنرجعن إليكم بالخبر. قالوا: اذهبا، فدخل الرجلان فلقينا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً، وطلحة، والزبير وقالا: إنما نأتم هذا البيت، ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا، ما جئنا إلا لذلك، واستأذناهم للناس بالدخول فكلهم أبى ونهى وقال: بيض ما يفرخن. فرجعا إليهم فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا علياً، ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير، وقال كل فريق منهم إن بايعوا صاحبنا ولا كدناهم وفرقنا جماعتهم، ثم كررنا حتى نبغتهم، فأتى المصريون علياً وهو في عسكر عند أحجار الزيت، عليه حلة أفواف معتم بشقيقة حمراء يمانية، متقلد السيف، ليس عليه قميص، وقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 سرح الحسن1 إلى عثمان فيمن اجتمع إليه. فالحسن جالس عند عثمان، وعليّ عند أحجار الزيت، فسلم عليه المصريون وعرضوا له، فصاح بهم واطّردهم، وقال: لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فارجعوا لا صحبكم الله. قالوا: نعم، فانصرفوا من عنده على ذلك. وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب عليّ، وقد أرسل ابنيه إلى عثمان، فسلم البصريون عليه وعرضوا له، فصاح بهم واطردهم، وقال: لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى، وقد سرح ابنه عبد الله إلى عثمان، فسلموا عليه وعرضوا له، فصاح بهم واطردهم وقال: لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج القوم وأروهم أنهم يرجعون، فانفشوا عن ذي خشب، والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم وهي ثلاث مراحل، كي يفترق أهل المدينة ثم يكروا راجعين. فافترق أهل المدينة لخروجهم. فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم، فبغتوهم فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة، فنزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن.   1 الحسن بن علي -رضي الله عنهما -تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 وصلى عثمان بالناس أياماً، ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحداً من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم عليّ، فقال: ما ردكم بعد ذهابكم، ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتاباً بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعاً، كأنما كانوا على ميعاد. فقال لهم عليّ: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل، ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة. قالوا: فضعوه على ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا. وهو في ذلك يصلي بهم، وهم يصلون خلفه، ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدق من التراث، وكانوا لا يمنعون أحداً من الكلام، وكانوا زمراً بالمدينة، يمنعون الناس من الاجتماع. وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن الله عز وجل بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً، فبلغ عن الله ما أمره به، ثم مضى وقد قضى الذي عليه، وخلف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه، ويبان الأمور التي قدر، فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبوبكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ثم أدخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملأ من الأمة، ثم أجمع أهل الشورى على ملأ منهم ومن الناس عليّ، على غير طلب مني ولا محبة، فعملت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 فيهم ما يعرفون ولا ينكرون تابعاً غير مستتبع، متبعاً غير مبتدع، مقتدياً غير متكلف. فلما انتهت الأمور، وانتكث الشر بأهله بدت ضغائن وأهواء عليَّ غير أجرام ولا ترة فيما مضى إلا إمضاء الكتاب، فطلبوا أمراً وأعلنوا غيره بغير حجة ولاعذر، فعابوا علي أشياء مما كانوا يرون، وأشياء عن ملأ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسي، وكففتها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله عز وجل جرأة، حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه، وأرض الهجرة، وثابت إليهم الأعراب فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون، فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق. فأتى الكتاب أهل الأمصار، فخرجوا على الصعبة والذلول، فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري، وبعث عبد الله بن سعد معاوية بن حديج السكوني، وخرج من أهل الكوفة القعقاع بن عمرو. وكان المحضضين بالكوفة على إغاثة أهل المدينة عقبة بن عمرو، وعبد الله بن أبي أوفى، وحنظلة بن الربيع التميمي، في أمثالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وكان المحضضين بالكوفة من التابعين أصحاب عبد الله مسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وشريح بن الحارث، وعبد الله بن عكيم في أمثالهم، يسيرون فيها، ويطوفون على مجالسها، يقولون: يا أيها الناس إن الكلام اليوم وليس غداً، وإن النظر يحسن اليوم ويقبح غداً، وإن القتال يحل اليوم ويحرم غداً، انهضوا إلى خليفتكم وعصمة أمركم. وقال بالبصرة عمران بن حصين وأنس بن مالك، وهشام بن عامر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 في أمثالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون مثل ذلك، ومن التابعين كعب بن سور وهرم بن حيان العبدي، وأشباه لهما يقولون ذلك، وقام بالشام عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو أمامة في أمثالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون مثل ذلك، ومن التابعين شريك بن خباشة النميري، وأبو مسلم الخولاني، وعبد الرحمن بن غنم بمثل ذلك. وقام بمصر خارجة في أشباه له، وقد كان بعض المحضضين قد شهد قدومهم، فلما رأوا حالهم انصرفوا إلى أمصارهم بذلك وقاموا فيهم. ولما جاءت الجمعة التي على إثر نزول المصريين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عثمان فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء العدى الله الله؛ فوالله، إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فامحوا الخطايا بالصواب، فإن الله عز وجل لا يمحو السيء إلا بالحسن. فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا أشهد بذلك، فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده، فقام زيد بن ثابت فقال: ابغني الكتاب، فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده وقال فأفظع، وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشياً عليه، فاحتمل فأدخل داره، وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن يساعدهم إلا ثلاثة نفر، فإنهم كانوا يراسلونهم: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، وعمار بن ياسر، وشمر أناس من الناس فاستقتلوا، منهم سعد بن مالك، وأبو هريرة، وزيد بن ثابت، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 والحسن بن عليّ؛ فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا، فانصرفوا، وأٌبل عليّ عليه السلام حتى دخل على عثمان، وأقبل طلحة حتى دخل عليه، وأقبل الزبير حتى دخل عليه يعودونه من صرعته، ويشكون بثهم، ثم رجعوا إلى منازلهم"1. 11- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد3 وطلحة وعطية4 قالوا: كتب عثمان إلى أهل الأمصار: أما بعد، فإني آخذ العمال بموافاتي في كل موسم، وقد سلطت الأمة منذ وليت على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فلا يُرْفع عليّ شيء ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته، وليس لي ولعيالي حق قبل الرعيّة إلا متروك لهم. وقد رفع إليّ أهل المدينة أن أقواماً يشتمون وآخرون يضربون، فيا من ضُرب سراً، وشتم سراً، من ادعى شيئاً من ذلك فليواف المواسم فليأخذ بحقه حيث كان مني أو من عمالي، أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين. فلما قرئ في الأمصار أبكى الناس، ودعوا لعثمان وقالوا: إن الأمة لتمخض بشر، وبعث إلى عمال   1 تاريخ الأمم والملوك (348-353) . 2 تقدمت ترجمته. 3 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. 4 عطية بن الحارث، أبو روق، الهمداني، الكوفي، صاحب التفسير، صدوق، من الخامسة، د س ق (التقريب/ 4615) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 الأمصار فقدموا عليه: عبد الله بن عامر، ومعاوية، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيداً وعمراً، فقال: ويحكم ما هذه الشكاية؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقاً عليكم وما يعصب هذا إلا بي، فقالوا له: ألم تبعث؟ ألم نرجع إليك الخبر عن القوم؟ ألم يرجعوا ولم يشافههم أحد بشيء؟ لا والله ما صدقوا ولا بروا، ولا نعلم لهذا الأمر أصلاً، وما كنت لتأخذ به أحداً فيقيمك على شيء، وما هي إلا إذاعة لا يحل الأخذ بها، ولا الانتهاء إليها, قال: فأشيروا عليّ. قال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع بصنع في السر، فيلقى به غير ذي المعرفة، فيخبر به، فيتحدث به في مجالسهم، قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم ثم قتل هؤلاء الذين يخرج هذا من عندهم, وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذين عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم، فإنه خير من أن تدعهم. قال معاوية: قد وليتني فوليت قوماً لا يأتيك عنهم إلا الخير، والرجلان أعلم بناحيتيهما، قال: فما الرأي؟ قال: حسن الأدب، قال: فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم وتراخيت عنهم، وزدتهم على ما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريقة صاحبيك، فتشتد في موضع الشدة وتلين في موضع اللين. إن الشدة تنبغي لمن لا يألو الناس شراً، واللين لمن يخالف الناس بالنصح، وقد فرشتهما جميعاً اللين, وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به عليّ قد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 سمعت، ولكل أمر باب يؤتى منه، إن هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه، فيكفكف به اللين والمؤاتاة والمتابعة إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها، فإن سده شيء فرفق، فذاك والله ليفتحن، وليست لأحد عليّ حجة حق، وقد علم الله أني لم آل الناس خيراً، ولا نفسي. والله إن رحا الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها. كفكفوا الناس، وهبوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها. فلما نفر عثمان أشخص معاوية، وعبد الله بن سعد إلى المدينة، ورجع ابن عامر وسعيد معه، ولما استقل عثمان رجز الحادي: قد علمت ضوامر المطي ... وضامرات عوج القسي أن الأمير بعده عليّ ... وفي الزبير خلف رضي وطلحة الحامي لها ولي فقال كعب وهو يسير خلف عثمان: الأمير والله بعده صاحب البغلة، وأشار إلى معاوية"1. 12- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة2 وأبي عثمان قالا:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 342-343) . 2 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 لما ولي عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله، وكان لا يعزل أحداً إلا عن شكاة أو استعفاء من غير شكاة، وكان عبد الله بن سعد من جند مصر، فأمر عبد الله بن سعد على جنده، ورماه بالرجال، وسرحه إلى إفريقية، وسرح معه عبد الله بن نافع بن عبد القيس وعبد الله بن نافع بن الحصين الفهريين، وقال لعبد الله بن سعد: إن فتح الله عز وجل عليكم غداً إفريقية، فلك مما أفاء الله على المسلمين خمس الخمس من الغنيمة نفلاً. وأمر العبدين على الجند، ورماهما بالرجال وسرحهما إلى الأندلس، وأمرهما وعبد الله بن سعد بالاجتماع على الأجل، ثم يقيم عبد الله بن سعد في عمله ويسيران إلى عملهما. فخرجوا حتى قطعوا مصر، فلما وغلوا في أرض إفريقية فأمعنوا انتهوا إلى الأجل، ومعه الأفناء فاقتتلوا فقتل الأجل، قتله عبد الله بن سعد؛ وفتح أفريقية سهلها وجبلها. ثم اجتمعوا على الإسلام وحسنت طلعتهم، وقسم عبد الله ما أفاء الله عليهم على الجند، وأخذ خمس الخمس، وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان مع ابن وثيمة النصري، وضرب فسطاطاً في موضع القيروان، ووفد وفداً، فشكوا عبد الله فيما أخذ، فقال لهم: أنا نفلته - وكذلك كان يصنع - وقد أمرت له بذلك، وذاك إليكم الآ، فإن رضيتم فقد جاز، وإن سخطتم فهو رد، قالوا: فإنا نسخطه، قال: فهو رد، وكتب إلى عبد الله برد ذلك واستصلاحهم، قالوا: فاعزله عنا، فإنا لا نريد أن يتأمر علينا، وقد وقع ما وقع، فكتب إليه أن استخلف على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 أفريقية رجلاً ممن ترضى ويرضون، واقسم الخمس الذي كنت نفلتك في سبيل الله، فإنهم قد سخطوا النفل. ففعل ورجع عبد الله بن سعد إلى مصر وقد فتح أفريقية، وقتل الأجل. فما زالوا من أسمع أهل البلدان، وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك، أحسن أمة سلاماً وطاعة، حتى دب إليهم أهل العراق، فلما دب إليهم دعاة أهل العراق واستثاروهم شقوا عصاهم، وفرقوا بينهم إلى اليوم. وكان من سبب تفريقهم ردوا على أهل الأهواء، فقالوا: إنا لا نخالف الأئمة بما تجني العمال ولا نحمل ذلك عليهم، فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا لهم: لا نقبل ذلك حتى نبورهم، فخرج ميسرة في بضعة عشر إنساناً حتى يقدم على هشام، فطلبوا الإذن، فصعب عليهم، فأتوا الأبرش، فقالوا: أبلغ أمير المؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده، فإذا أصاب نفلهم دوننا وقال: هم أحق به، فقلنا: هو أخلص لجهادنا لأنا لا نأخذ منه شيئاً، إن كان لنا فهم منه في حِلٍّ، وإن لم يكن لنا لم نرده. وقالوا: إذا حاصرنا مدينة قال: تقدموا وأخر جنده فقلنا: تقدموا، فإنه ازدياد في الجهاد، ومثلكم كفى إخوانه، فوقيناهم بأنفسنا وكفيناهم. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يبقرونها على السخال، يطلبون الفراء البيض، لأمير المؤمنين، فيقتلون ألف شاة فيجلد، فقلنا: ما أيسر هذا لأمير المؤمنين، فاحتملنا ذلك، وخليناهم وذلك. ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا، فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولا سنة، ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم: أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا؟ قال: نفعل. فلما طال عليهم ونفدت نفقاتهم، كتبوا أسماءهم في رقاع، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 ورفعوها إلى الوزراء، وقالوا: هذه أسماؤنا وأنسابنا، فإن سألكم أمير المؤمنين عنا فأخبروه، ثم كان وجههم إلى أفريقية فخرجوا على عامل هشام فقتلوه، واستولوا على أفريقية، وبلغ هشاماً الخبر، وسأل عن النفر، فرفعت إليه أسماؤهم، فإذا هم الذين جاء الخبر أنهم صنعوا ما صنعوا". 13- قال الطبري: وفيما كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: مات عثمان رضي الله عنه وعلى الشام معاوية، وعامل معاوية على حمص عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردن أبو الأعور بن سفيان، وعلى فلسطين علقمة بن حكيم الكناني، وعلى البحر عبد الله بن قيس الفزاري، وعلى القضاء أبو الدرداء"1. 14- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: لما قدم مسيرة أهل الكوفة على معاوية أنزلهم داراً، ثم خلا بهم، فقال لهم وقالوا له، فلما فرغوا قال: لم تؤتوا إلا من الحمق، والله ما أرى منطقاً سديداً، ولا عذراً مبيناً، ولا حلماً ولا قوة، وإنك يا صعصعة لأحمقهم، اصنعوا وقولوا ما شئتم ما لم تدعوا شيئاً من أمر الله، فإن كل   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 421) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 شيء يحتمل لكم إلا معصيته، فأما فيما بيننا وبينكم فأنتم أمراء أنفسكم، فرآهم بعد وهم يشهدون الصلاة، ويقفون مع قاص الجامعة، فدخل عليهم يوماً وبعضهم يقرئ بعضاً، فقال: إن في هذا لخلفاً مما قدمتم به عليّ من النزاع إلى أمر الجاهلية، اذهبوا حيث شئتم، واعلموا أنكم إن لزمتم جماعتكم سعدتم بذلك دونهم، وإن لم تلزموها شقيتم بذلك دونهم، ولم تضروا أحداً، فجزوه خيراً، وأثنوا عليه، فقال: يا ابن الكواء أي رجل أنا؟ قال: بعيد الثرى، كثير المرعى، طيب البديهة، بعيد الغور، الغالب عليك الحلم، ركن من أركان الإسلام، سدت بك فرجة مخوفة. قال: فأخبرني عن أهل الإحداث من أهل الأمصار فإنك أعقل أصحابك، قال: كاتبتهم وكاتبوني، وأنكروني وعرفتهم، فأما أهل الإحداث من أهل المدينة، فهم أحرص الأمة على الشر وأعجزه عنه. وأما أهل الإحداث من أهل الكوفة فإنهم أنظر الناس في صغير وأركبه لكبير. وأما أهل الإحداث من أهل البصرة، فإنهم يردون جميعاً ويصدرون شتى، وأما أهل الإحداث من أهل مصر أوفى الناس بشر، وأسرعه ندامة، وأما أهل الإحداث من أهل الشام فأطوع الناس لمرشدهم، وأعصاه لمغويهم"1. 15- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب3 عن سيف عن محمد وطلحة   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 328-329) . 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 بإسنادهما، قالا: لما ولي عثمان بعث عبد الله بن عامر إلى كابل - وهي عمالة سجستان - فبلغ كابل حتى استفرغها، فكانت عمالة سجستان أعظم من خراسان، حتى مات معاوية، وامتنع أهل كابل. قالوا: وكان أول كتاب كتبه عثمان إلى عماله: أما بعد، فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة، ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة، وإن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة، لم يخلقوا جباة، وليوشكن أئمتكم ان يصيروا جباة، ولا يكونوا رعاة، فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء، والأمانة والوفاء. ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين، فيما عليهم فتعطوهم ما لهم، وتأخذوهم بما عليهم، ثم تثنوا بالذمة فتعطوهم الذي لهم، وتأخذوهم بالذي عليهم. ثم العدو الذي تنتابون، فاستفتحوا عليهم بالوفاء. قالوا: وكان أول كتاب كتبه إلى أمراء الأجناد في الفروج: أما بعد، فإنكم حماة المسلمين وذادتهم، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان عن ملأ منا، ولا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل، فيغير الله ما بكم، ويستبدل بكم غيركم، فانظروا كيف تكونون، فإني أنظر فيما ألزمني الله النظر فيه، والقيام عليه. قالوا: وكان أول كتاب كتبه إلى عمال الخراج: أما بعد، فإن الله خلق الخلق بالحق، فلا يقبل إلا الحق، خذوا الحق واعطوا الحق به. والأمانة الأمانة قوموا عليها، ولا تكونوا أول من يسلبها، فتكونوا من بعدكم إلى ما اكتسبتم، والوفاء الوفاء لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 تظلموا اليتيم، ولا المعاهدة، فإن الله خصم لمن ظلمهم. قالوا: وكان كتابه إلى العامة: أما بعد، فإنكم إنما بلغتم ما بلغتم بالاقتداء والاتباع، فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم، فإن أمر هذه الأمة صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم: تكامل النعم، وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم1 القرآن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الكفر في العجمة) فإذا استعجم عليهم أمر تكلفوا وابتدعوا"2. 16- قال الطبري: كتب إليّ السري3 عن شعيب عن سيف عن محمد4 وطلحة قالا: لما بلغ عثمان الذي كان بين عبد الله وسعد فيما كان، غضب عليهما وهمّ بهما، ثم ترك ذلك، وعزل سعداً، وأخذ ما عليه، وأقر عبد الله وتقدم إليه، وأمّر مكان سعد الوليد بن عقبة - وكان على عرب الجزيرة عامل لعمر بن الخطاب - فقدم الوليد في السنة الثانية من إمارة عثمان، وقد كان سعد عمل عليها سنة بعض أخرى، فقدم الكوفة، وكان أحب الناس في الناس وأرفقهم بهم، فكان كذلك خمس سنين،   1 العجمة من العجم، وهو خلاف العرب (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/149) 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 244-245) . 3 تقدمت ترجمته. 4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 وليس على داره باب"1. 17- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا: مات عمر وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى قضائها خارجة بن حذافة السهمي، فولي عثمان، فأقرهما سنتين، من إمارته، ثم عزل عمراً واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح"2. 18- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا: وأرسل عثمان عبد الله بن نافع بن الحصين، وعبد الله بن نافع بن عبد القيس من فورهما ذلك من أفريقية إلى الأندلس، فأتياهما من قبل البحر. وكتب عثمان إلى من انتدب من أهل الأندلس: أما بعد، فإن القسطنطينية إنما تفتح من قبل الأندلس، وإنكم إن افتتحتموها كنتم شركاء من يفتحها في الأجر، والسلام. وقال كعب الأحبار: يعبر البحر إلى الأندلس أقوام يفتتحونها، يعرفون بنورهم يوم القيامة"3. 19- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 252) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 253) . 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 255) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 بلغ عثمان أن ابن ذي الحبكة النهدي يعالج نيرنجا - قال محمد بن سلمة: إنما هو نيرج - فأرسل إلى الوليد بن عقبة ليسأله عن ذلك، فإن أقر به فأرجعه، فدعا به فسأله، فقال: إنما هو رفق وأمر يعجب منه، فأمر به فعزر، وأخبر الناس خبره، وقرأ عليهم كتاب عثمان: إنه قد جد بكم فعليكم بالجد، وإياكم والهزال، فكان الناس عليه، وتعجبوا من وقوف عثمان على مثل خبره، فغضب نفر في الذين نفروا، فضرب معهم فكتب إلى عثمان فيهم، فلما سير إلى الشام من سير، سير كعب بن ذي الحبكة ومالك بن عبد الله - وكان دينه كدينه - إلى دنباوند لأنها أرض سحر، فقال في ذلك كعب بن ذي الحبكة للوليد: لعمري لئن طردتني ما إلى التي ... طمعت بها من سقطتي لسبيل رجوت رجوعي يابن أروى ورجعتي ... إلى الحق دهراً غال ذلك غول وإن اغترابي في البلاد وجفوتي ... وشتمي في ذات الإله قليل وإن دعائي كل يوم وليلة ... عليك بدنباوندكم لطويل فلما ولي سعيد أقفله وأحسن إليه واستصلحه، فكفره فلم يزدد إلا فساداً. واستعار ضابئ بن الحارث البرجمي في زمان الوليد بن عقبة من قوم من الأنصار كلباً يدعى قرحان، يصيد الظباء، فحبسه عنهم، فنافره الأنصاريون، واستغاثوا عليه، بقومه فكاثروه، فانتزعوه منه، وردوه على الأنصار، فهجاهم وقال في ذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 تحشم دوني وفد قرحان خطة ... تضل لها الوجناء وهي حسير فباتوا شباعاً ناعمين كأنما ... حباهم ببيت المرزبان أمير فكلبكم لا تتركوا فهو أمكم ... فإن عقوق الأمهات كبير فاستعدوا عليه عثمان، فأرسل إليه، فعزره وحبسه كما كان يصنع بالمسلمين، فاستثقل ذلك، فما زال في الحبس حتى مات فيه. وقال في الفتك يعتذر إلى أصحابه: هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... فعلت ووليت البكاء حلائله وقائلة قد مات في السجن ضابئ ... ألا من لخصم لم يجد من يجادله وقائلة لا يبعد الله ضابئاً ... فنعم الفتى تخلو به وتحاوله فلذلك صار عنير بن ضابئ سبئياً"1. 20- الطبري: وكتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد3 وطلحة قالا: فلما ولي عثمان لم يأخذهم بالذي كان يأخذهم به عمر، فانساحوا في البلاد، فلما رأوها، ورأوا الدنيا، ورآهم الناس انقطع إليهم من لم يكن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 401-403) . 2 تقدمت ترجمته. 3 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 له طول ولا مزية في الإسلام، فكان مغموراً في الناس وصاروا أوزاعاً إليهم وأملوهم، وتقدموا في ذلك فقالوا: يملكون فنكون قد عرفناهم وتقدمنا في التقريب والانقطاع إليهم، فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام، وأول فتنة كانت في العامة ليس إلا ذلك"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق أبي بكر بن سيف عن السري به مثله. 21- ابن عساكر من طريق: السري3 عن شعيب4 ونا سيف عن محمد5 وطلحة قالا: "ام عثمان بالمدينة فقال: إن الناس تبلغني عنهم هناك وهناك، وإني والله لا أكون أول من فتح بابها، ولا أدار رحاها؛ ألا وإني زام نفسي بزمام، وملجمها بلجام فأقودها بزمامها وأكبعها بلجامها، ومناولكم طرف الحبل؛ فمن اتبعني حملته على الأمر الذي يعرف، ومن لم يتبعني ففي الله خلف منه وعزاء عنه، ألا وإن لكل نفس يوم القيامة سائقاً وشاهداً، سائق يسوقها على أمر الله، وشاهد يشهد عليها بعملها. فمن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 397) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 299-300) . 3 السري بن يحيى، تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 كان يريد الله بشيء فليبشر، ومن كان إنما يريد الدنيا فقد خسر"1. 22- ابن عساكر من طريق: السري بن يحيى أبنا شعيب بن إبراهيم، أنا سيف بن عمر عن محمد وطلحة قالا: "صرف حذيفة عن غزو الري إلى غزو الباب مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة، وخرج معه سعيد بن العاص فبلغ معه أذربيجان - وكذلك كانوا يصنعون، يجعلون للناس رداءاً حتى قفل حذيفة ثم رجعا. فقال له حذيفة: إني قد سمعت في سفرتي هذه أمراً لئن ترك الناس ليضلن القرآن ثم لا يقومون عليه أبداً. قال: وما ذاك؟ قال: رأيت أمداد أهل الشام حين قدموا علينا، فرأيت أناساً من أهل حمص يزعمون لأناس من أهل الكوفة أنهم أصوب قراءة منهم، وأن المقداد أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول الكوفيون مثل ذلك. ورأيت من أهل دمشق قوماً يقولون لهؤلاء: نحن أصوب منكم قراءة وقرآناً، ويقول هؤلاء لهم مثل ذلك. فلما رجع إلى الكوفة دخل المسجد فتقوض إليه الناس، فحذرهم ما سمع في غزاته تلك، وحذرهم ما يخاف فساده على ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أخذ عنهم وعامة التابعين. وقال له أقوام ممن قرأ على عبد الله: وما تنكر؟ ألسنا نقرأ على قراءة ابن أم عبد، وأهل البصرة يقرؤون على قراءة أبي موسى، ويسمونها لباب   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 240-241) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 الفؤاد؟ وأهل حمص يقرؤون على قراءة المقداد وسالم؟ فغضب حذيفة من ذلك وأصحابه وأولئك التابعون، وقالوا: إنما أنتم أعراب؛ وإنما بعث عبد الله إليكم ولم يبعث إلى من هو أعلم منه، فاسكتوا إنكم على خطأ. وقال حذيفة: والله لئن عشت حتى آتي أمير المؤمنين لأشكون إليه ذلك، ولأمرته ولأشيرن عليه أن يحول بينهم وبين ذلك حتى رجعوا إلى جماعة المسلمين والذي عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وقال الناس مثل ذلك. فقال عبد الله: والله إذاً ليصلين الله وجهك نار جهنم. فقال سعيد بن العاص: أعلى الله تألى والصواب مع صاحبك؟ فغضب سعيد فقام، وغضب ابن مسعود فقام، وغضب القوم فتفرقوا، وغضب حذيفة فرحل إلى عثمان حتى قدم عليه فأخبره بالذي حدث في نفسه من تكذيب بعضهم بعضاً بما يقرأ، ويقول: أنا النذير العريان فأدركوا، فجمع عثمان الصحابة وأقام حذيفة فيهم بالذي رأى وسمع، وبالذي عليه حال الناس، فأعظموا ذلك ورأوا جميعاً مثل الذي رأى، وأبوا أن يتركوا ويمضي هذا القرن لا يعرب القرآنز فسأل عثمان: ما لباب الفؤاد؟ فقيل: مصحف كتبه أبو موسى - وكان قرأ على رجال كثير ممن لم يكن جمع على النبي صلى الله عليه وسلم - وسأل عن مصحف ابن مسعود، فقيل له: قرأ على مجمع ابن جارية، وخباب بن الأرت جمع القرآن بالكوفة فكتب مصحفاً، وسأل عن المقدادن فقيل له: جمع القرآن بالشام، فلم يكونوا قرأوا على النبي صلى الله عليه وسلم، إنما جمعوا القرآن في أمصارهم، فاكتتبت المصحف وهو بالمدينة - وفيها الذين قرأوا القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم - وبثها في الأمصار، وأمر الناس أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 يعمدوا إليها، وأن يدعوا ما تعلم في الأمصار، فكل الناس عرف فضل ذلك، أجمعوا عليه وتركوا ما سواه، إلا ما كان من أهل الكوفة فإن قراء قراءة عبد الله نزوا في ذلك حتى كادوا يتفضلون على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعابوا الناس، فقام فيهم ابن مسعود فقال: ولا كل هذا، إنكم والله قد سبقتم سبقاً بيناً، فاربعوا على طلعكم، ولما قدم المصحف الذي بعث به عثمان، على سعيد واجتمع عليه الناس، وفرح به أصحاب النبي، بعث سعيد إلى ابن مسعود يأمره أن يدفع إليه مصحفه، فقال: هذا مصحفي، تستطيع أن تأخذ ما في قلبي؟ فقال له سعيد: يا عبد الله، والله ما أنا عليك بمسيطر، إن شئت تابعت أهل دار الهجرة وجماعة المسلمين وإن شئت فارقتهم وأنت أعلم"1 وروى الطبري بعضه2. ولبعض قصة حذيفة رضي الله عنه في غضبه لتفرق الناس في قراءة القرآن عدة شواهد صحيحة تقدمت3. 23- وروى ابن عساكر من طريق: شعيب عن سيف عن محمد4 وطلحة قالا: "وبلغ عثمان شدة ذلك على عبد الله، فكتب إليه إن الذي أتاك من   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 234-236) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 281) . 3 انظر الملحق الروايتين رقم: [45، 172] . 4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 قبلي ليس برأي ابتدعته ولا حدث أحدثته، ولكن هذا القرآن واحد، جاء من عند واحد، وهؤلاء قراء القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، أهل دار الهجرة، والمهاجرون، والأنصار، وصالحو الأمصار، قد نهضوا فيه وقاموا به في كل أفق وخافوا أن يلبس من بعدهم وأن يجعله الناس عضين، وليس بهم أنت ولا أمثالك. فقام ابن مسعود يوم خطبته فخطب وعذر المسلمين، وقال: إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً، ولكن ينتزعه بذهاب العلماء. وإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، فجامعوهم على ما اجتمعوا عليه فإن الحق فيما اجتمعوا عليه، فوالله ما تابعه أصحابه ولكن استعربوا، فكتب ابن مسعود بذلك إلى عثمان، واستأذنه في الرجوع إلى المدينة، وأعلمه أنه يكره المقام بالكوفة لما يخاف أن يحدث فيها بعد فشو الدنيا والإذاعة والتكلف، ويأبى أن يأذن له، حتى أذن له قبل موته بأشهر لإكثاره عليه. وكتب عثمان إلى الأمراء: أما بعد، فإن الرعية قد طعنت في الانتشار، ونزعت إلى الشر، وأعداها على ذلك ثلاث: دنيا مؤثرة، وأهواء متشرعة، وظعائن محمولة، ويوشك أن ننفر ثم نغير فلا تجعلوا لأحد علة، كفوا عنهم ما لم يحرفوا ديناً، وخذوا العفو من أخلاقهم واحملوهم ودين الله لا تركبنه. وكتب إليهم: استعينوا على الناس وكلما ينوبكم بالصبر، والصلاة، وأمر الله أقيموه ولا تداهنوا فيه، وإياكم والعجلة فيما سوى ذلك، وارضوا من الشر بأيسره، فإن قليل الشر كثير، واعلموا أن الذي ألف بين القلوب هو الذي يفرقها ويباعد بعضها من بعض، سيروا سيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 قوم يريدون الله لئلا تكون لهم على الله حجة. وكتب: إن الله ألف بين قلوب المسلمين على طاعته، وقال سبحانه: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} 1 وهو مفرقها على معصيته، ولا تعجلوا على أحد بحدِّ قبل استيجابه، فإن الله تعالى قال: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍإِلاّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} 2. من كفر داويناه بدائه، ومن تولى عن الجماعة أنصفناه وأعطيناه حتى نقطع حجته وعذره إن شاء الله"3. 24- قال الطبري: كتب إليّ السري4 عن شعيب عن سيف عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: كنت جالساً عند سعد، وعند ابن أخيه، هاشم بن عتبة، فأتى ابن مسعود سعداً، فقال له: أدّ المال الذي قبلك، فقال له سعد: ما أراك إلا ستلقى شراً، هل أنت إلا ابن مسعود عبد من هذيل؟ فقال: أجل، والله إني لابن مسعود، وإنك لابن حمينة، فقال هاشم: أجل والله، إنكما لصاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينظر إليكما. فطرح سعد عوداً كان في يده - وكان رجلاً فيه حدة - ورفع يديه وقال: اللهم رب   1 سورة الأنفال، الآية (63) . 2 سورة الغاشية، الآية (22) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 239-240) . 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 السماوات والأرض ... فقال عبد الله: ويلك قل خيراً ولا تلعن، فقال سعد عند ذلك: أما والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك دعوة لا تخطئك. فولى عبد الله سريعاً حتى خرج"1.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 252) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 25- قال الطبري: كتب إليّ السري1 عن شعيب عن سيف عن بدر بن الخليل2 بن عثمان بن قطبة الأسدي، عن رجل من بني أسد، قال: ما زال معاوية يطمع فيها بعد مقدمه على عثمان حين جمعهم، فاجتمعوا إليه بالموسم ثم ارتحل فحدا به الراجز: إن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلف رضي قال كعب: كذبت صاحب الشهباء بعده - يعني معاوية - فأخبر معاوية، فسأله عن الذي بلغه، قال: نعم، أنت الأمير بعده، لكنها والله لا تصل إليك حتى تكذب بحديثي هذا، فوقعت في نفس معاوية. وشاركهم في هذا المكان أبو حارثة، وأبو عثمان عن رجاء بن حيوة وغيره. قالوا: فلما ورد عثمان المدينة رد الأمراء إلى أعمالهم، فمضوا جميعاً وأقام سعيد بعدهم، فلما ودع معاوية عثمان خرج من عنده وعليه ثياب السفر متقلداً سيفه متنكباً قوسه. فإذا هو بنفر من المهاجرين، فيهم طلحة والزبير وعلي. فقام عليهم فتوكأ على قوسه بعدما سلم عليهم، ثم قال: إنكم قد علمتم أن هذا الأمر كان إذا الناس يتغالبون إلى رجال، فلم يكن منكم أحد إلا وفي فصيلته من يرأسه، ويستبد عليه،   1 تقدمت ترجمته. 2 بدر بن الخليل بن قطبة الأسدي، الكوفي، قال عنه ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ، وسكت عنه البخاري، وذكره ابن حبان في الثقات (التاريخ الكبير 2/ 138، الجرح والتعديل 2/ 412، الثقات 6/ 116) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 ويقطع الأمر دونه، ولا يشهده ولا يؤامره، حتى بعث الله جل وعز نبيه صلى الله عليه وسلم وأكرم به من ابتعه، فكانوا يرأسون من جاء من بعده، وأمرهم شورى بينهم، يتفاضلون بالسابقة والقدمة والاجتهاد، فإن أخذوا بذلك وقاموا عليه كان الأمر أمرهم، والناس تبع لهم، وإن أصغوا إلى الدنيا وطلبوها بالتغالب سلبوا ذلك، ورده الله إلى من كان يرأسهم. وإلا فليحذروا الغير، فإن الله على البدل قادر، وله المشيئة في ملكه وأمره. إني قد خلفت فيكم شيخاً فاستوصوا به خيراً، وكانفوه تكونوا أسعد منه بذلك. ثم ودعهم ومضى. فقال علي: ما كنت أرى أن في هذا خيراً، فقال الزبير: لا والله، ما كان قد أعظم في صدرك وصدورنا منه الغداة. وكان معاوية قد قال لعثمان غداة ودعه وخرج: يا أمير المؤمنين، انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به، فإن أهل الشام على الأمر لم يزالوا، فقال: أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، وإن كان فيه قطع خيط عنقي. قال: فأبعث إليك جنداً منهم يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياك. قال: أن أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند تساكنهم، وأضيق على أهل دار الهجرة والنصرة، قال: والله يا أمير المؤمنين لتغتالن أو لتغزين، قال: حسبي الله ونعم الوكيل. وقال معاوية: يا أيسار الجزور، وأين أيسار الجزور، ثم خرج حتى وقف على النفر، ثم مضى. وقد كان أهل مصر كاتبوا أشياعهم من أهل الكوفة وأهل البصرة وجميع من أجابهم أن يثوروا خلاف أمرائهم، واتعدوا يوماً حيث شخص أمراؤهم، فلم يستقم ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 لأحد منهم، ولم ينهض إلا أهل الكوفة، فإن يزيد بن قيس الأرحبي ثار فيها واجتمع إليه أصحابه، وعلى الحرب يومئذ القعقعاع بن عمرو فأتاه فأحاط الناس بهم وناشدوه، فقال يزيد للقعقاع: ما سبيلك علي وعلى هؤلاء، فوالله إني لسامع مطيع، وإني للازم لجماعتي، إلا أني أستعفي ومن ترى من إمارة سعيد، فقال: استعفي الخاصة من أمر قد رضيته العامة؟ قال: فذاك إلى أمير المؤمنين. فتركه والاستعفاء، ولم يستطيعوا أن يظهروا غير ذلك، فاستقبلوا سعيداً، فردوه من الجرعة واجتمع على أبي موسى، وأقره عثمان رضي الله عنه. ولما رجع الأمراء لم يكن للسبئية سبيل إلى الخروج إلى الأمصار، وكاتبوا أشياعهم من أهل الأمصار أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون، وأظهروا أنهم يأمرون بالمعروف، ويسألون عثمان عن أشياء لتطير في الناس، ولتحقق عليه، فتوافوا بالمدينة، وأرسل عثمان رجلين: مخزومياً وزهرياً، فقال: انظرا ما يريدون، واعلما علمهم - وكانا ممن قد ناله من عثمان أدب فاصطبروا للحق ولم يضطغنا - فلما رأوهما باثوهما وأخبروهما بما يريدون، فقالا: من معكم على هذا من أهل المدينة؟ قالوا: ثلاثة نفر، فقالا: هل إلا؟ قالوا: لا، قالا: فكيف تريدون أن تصنعوا؟ قالوا: نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب الناس، ثم نرجع إليهم فنزعم لهم أنا قررناه بها، فلم يخرج منها ولم يتب، ثم نخرج كأنا حجاج حتى نقدم فنحيط به، فنخلعه فإن أبى قتلناه. وكانت إياها، فرجعا إلى عثمان بالخبر، فقال: اللهم سلم هؤلاء، فإن لم تسلمهم شقوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 أما عمار فحمل على عباس بن عتبة بن أبي لهب وعركه. وأما محمد بن أبي بكر فإنه أعجب حتى رأى أن الحقوق لا تلزمه، وأما ابن سهلة فإنه لا يتعرض للبلاء. فأرسل إلى الكوفيين والبصريين، ونادى الصلاة جامعة، وهم عنده في أصل المنبر، فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحاطوا بهم، فحمد الله وأثنى عليه وأخبرهم خبر القوم، وقام الرجلان، فقالوا جميعاً: اقتلهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى نفسه أو إلى أحد وعلى الناس إمام فعليه لعنة الله فاقتلوه". وقال عمر بن الخطاب: "لا أحل لكم إلا ما قتلتموه وأنا شريككم". فقال عثمان: بل نعفو، ونقبل، ونبصرهم بجهدنا، ولا نحاد أحداً حتى يركب حداً، أو يبدي كفراً. إن هؤلاء ذكروا أموراً قد علموا منها مثل الذي علمتم، ألا إنهم زعموا أنهم يذاكرونيها ليوجبوها عليّ عند من لا يعلم. وقالوا: أتم الصلاة في السفر، وكانت لا تتم، ألا وإني قدمت بلداً فيه أهلي، فأتممت لهذين الأمرين، أو كذلك؟ قالوا: اللهم نعم. وقالوا: وحميت حمى، وإني والله ما حميت حتى حُمِيَ قبلي، والله ما حموا شيئاً لأحد ما حموا إلا غلب عليه أهل المدينة، ثم لم يمنعوا من رعية أحداً، واقتصروا لصدقات المسلمين يحمونها لئلا يكون بين من يليها وبين أحد تنازع، ثم ما منعوا ولا نحوا منها أحداً إلا من ساق درهماً، وما لي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 من بعير غير راحلتين، وما لي ثاغبة ولا راغبة، وإني قد وليت وإني أكثر العرب بعيراً وشاة، فما لي اليوم شاة ولا بعير، غير بعيرين لحجي، أكذلك؟ قالوا: اللهم نعم. وقالوا: كان القرآن كتباً، فتركها إلا واحداً. ألا وإن القرآن واحد، جاء من عند واحد، وإنما أنا في ذلك تابع لهؤلاء، أكذلك؟ قالوا: نعم، وسألوه أن يقيلهم. وقالوا: إني رددت الحَكَم وقد سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحكم مكي، سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الطائف ثم رده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم رده، أكذلك؟ قالوا: اللهم نعم. وقالوا: استعملت الأحداث، ولم أستعمل إلا مجتمعاً محتملاً مرضياً وهؤلاء أهل عملهم فسلوهم عنهم، وهؤلاء أهل بلده، ولقد ولى مَن قبلي أحدث منهم، وقيل في ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد مما قيل لي في استعماله أسامة، أكذلك؟ قالوا: اللهم نعم، يعيبون للناس ما لا يفسرون. وقالوا: إني أعطيت ابن أبي سرح ما أفاء الله عليه، وإني إنما نفلته خمس ما أفاء الله عليه من الخمس، فكان مائة ألف، وقد أنفذ مثل ذلك أبوبكر وعمر رضي الله عنهما فزعم الجند أنهم يكرهون ذلك، فرددته عليهم وليس ذاك لهم، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم، فأما حبي فإنه لم يصل معهم على جور، بل أحمل الحقوق عليهم، وأما إعطاؤهم فإني ما أعطيهم من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 مالي ولا أستحل أموال المسلمين لنفسي، ولا لأحد من الناس، ولقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرغيبة من صلب مالي أزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري ودعت الذي لي في أهلي قال الملحدون ما قالوا، وإني والله ما حملت على مصر من الأمصار فضلاً فيجوز ذلك لمن قاله، ولقد رددته عليهم، وما قدم علي إلا الأخماس، ولا يحل لي منها شيء، فولي المسلمين وضعها في أهلها دوني، ولا يتفلت من مال الله بفلس فما فوقه، وما أتبلغ منه ما آكل إلا مالي. وقالوا: أعطيت الأرض رجالاً، وإن هذه الأرضين شاركهم فيها المهاجرون والأنصار أيام افتتحت، فمن أقام بمكان من هذه الفتوح فهو أسوة أهله، ومن رجع إلى أهله لم يذهب ذلك ما حوى الله له، فنظرت في الذي يصيبهم مما أفاء الله عليهم فبعته لهم بأمرهم من رجال أهل عقار ببلاد العرب، فنقلت إليهم نصيبهم فهو في أيديهم دوني. وكان عثمان قد قسم ماله وأرضه في بني أمية وجعل ولده كبعض من يعطي، فبدأ ببني أبي العاص، فأعطى آل الحكم رجالهم عشرة آلاف، عشرة آلاف، فأخذوا مائة ألف، وأعطى بني عثمان مثل ذلك، وقسم في بني العاص وفي بني العيص وبني حرب، ولانت حاشية عثمان لأولئك الطوائف، وأبى المسلمون إلا قتلهم، وأبى إلا تركهم، فذهبوا ورجعوا إلى بلادهم على أن يغزوه مع الحجاج كالحجاج، فتكاتبوا وقالوا: موعدكم ضواحي المدينة في شوال، حتى إذا دخل شوال من سنة اثنتي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 عشرة1 ضربوا كالحجاج فنزلوا قرب المدينة"2. 26- قال الطبري: وأما سيف فإنه قال - فيما كتب - إليّ السري عن شعيب عنه ذكر عن بدر بن عثمان3 عن عمه4 قال: آخر خطبة خطبها عثمان رضي الله عنه في جماعة: إن الله عز وجل إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطكموها لتركنوا إليها. إن الدنيا تفنى، والآخرة تبقى، فلا تبطرنكم الفانية؛ ولا تشغلكم عن الباقية، فآثروا ما يبقى على ما يفنى، فإن الدنيا منقطعة، وإن المصير إلى الله. اتقوا الله عز وجل فإن تقواه جنة من بأسه، ووسيلة عنده، واحذروا من الله الغير والزموا جماعتكم، لا تصيروا أحزاباً واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً "5. ورواه ابن عساكر6 من طريق السري به مثله.   1 هكذا وهو وهم ظاهر والصحيح سنة خمس وثلاثين. 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 343-348) . 3 قد يكون بدر بن عثمان الأموي، مولاهم، الكوفي، ثقةن من السادسة، م س (التقريب/ 643) . 4 لم أعرفه. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 384) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 231) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 27- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن بدر1 بن عثمان عن عمه 2 قال: لما بايع أهل الشورى عثمان، خرج وهو أشدهم كآبة، فأتى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنكم في دار قلعة، وفي بقية أعمار، فبادروا آجالكم بخير ما تقدرون عليه، فلقد أتيتم، صبحتم أو مسيتم، ألا وإن الدنيا طويت على الغرور، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور. اعتبروا بمن مضى ثم جدوا ولا تغفلوا، فإنه لا يغفل عنكم. أين أبناء الدنيا وإخوانها الذين آثاروها وعمروها، ومتعوا بها طويلاً، ألم تلفظهم؟ ارموا الدنيا حيث رمى الله بها، واطلبوا الآخرة، فإن الله قد ضرب لها مثلاً، وللذين هو خير، فقال عز وجل: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} 3 إلى قوله {أَمَلاً} 4 وأقبل الناس يبايعونه"5.   1 لم أعرفه. 2 لم أعرفه. 3 سورة الكهف، الآيتان (45-46) . 4 سورة الكهف، الآيتان (45-46) . 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 243) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 28- قال الطبري: كتب إليّ السري1 عن شعيب عن سيف عن رزيق2 بن عبد الله الرازي، عن علقمة بن مرثد3 عن حمران بن أبان4 قال: أرسلني عثمان إلى العباس بعدما بويع، فدعوته إليه، فقال: ما لك تعبدتني، قال: لم أكن قط أحوج إليك مني اليوم، قال: الزم خمساً، لا تنازعك الأمة خزائمها ما لزمتها، قال: وما هن؟ قال: الصبر على القتل، والتحبب والصفح، والمداراة، وكتمان السر"5. 29- روى ابن عساكر من طريق: السري بن يحيى عن شعيب عن سيف عن مبشر بن الفضيل6 وسهل بن يوسف7 عن محمد بن سعد8 بن أبي وقاص قال:   1 السري، تقدمت ترجمته. 2 رزيق بن عبد الله الرازي، لم أجد له ترجمة. 3 علقمة بن مرثد، تقدمت ترجمته. 4 حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، اشتراه زمن أبي بكر الصديق، ثقة، من الثانية، مات سنة 175? ع (التقريب/ 1513) . 5 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 400) . 6 مبشر بن فضيل، قال الذهبي: "شيخ لسيف لا يدرى من هو" وذكره العقيلي في الضعفاء وقال: "مجهول بالنقل، عن محمد بن سعيد بن أبي وقاص، إسناده لا يصح". (العقيلي، الضعفاء 4/ 236، الذهبي، الميزان 3، 434، ابن حجر، اللسان 5/ 13) 7 سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري، مجهول الحال، قال ابن عبد البر: "لا يعرف ولا أبوه" (ابن حجر، اللسان 3/ 122) . 8 محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو القاسم المدني، نزيل الكوفة، كان يلقب "ظل الشيطان" لقصره، ثقة، من الثالثة، قتله الحجاج بعد الثمانين خ م مد ت س ق (التقريب/ 5904) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 "قدم عمار من مصر وابي شاك، فبلغه فبعثني إليه أدعوه، فقام معي ليس عليه رداء وعليه قلنسية من شعر معتم عليها بعمامة وسخة وجبة فراء يمانية؛ فلما دخل على سعد وهو متكئ، استلقى ووضع يده على جبهته ثم قال: ويحك يا أبا اليقظان، إن كنت فينا لمن أهل الخير، فما الذي بلغني من سعيك في فساد بين المسلمين، والتأليب على أمير المؤمنين، أمعك عقلك أم لا؟ فأهوى عمار إلى عمامته - وغضب - فنزعها وقال: خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه. فقال سعد: إن لله وإنا إليه راجعون، ويحك حين كبر سنك ورق عظمك، ونفد عمرك فلم يبق منك إلا ظمء كظمء الحمار خلعت ربقة الإسلام من عنقك وخرجت من الدين عرياناً كما ولدتك أمك؟ فقام عمار مغضباً مولياً وهو يقول: أعوذ بربي من فتنة سعد. فقال سعد: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} 1 اللهم زد عثمان بعفوه وحلمه عندك درجات، حتى خرج عمار من الباب. وأقبل عليّ سعد يبكي له حتى أخضل لحيته وقال: من يأمن الفتنة يا بني؟ لا يخرجن منك ما سمعت منه فإنه من الأمانة، وإني أكره أن يتعلق به الناس عليه فينالونه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحق مع عمار ما لم تغلب عليه دلهة الكبر" فقد دله وخرف. وكان بعد يكثر أن يقول:   1 سورة التوبة، الآية (49) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 ليت شعري كيف يصنع الله بعمار مع بلائه وقدمه في الإسلام وحدثه الذي أحدث"1. 30- روى ابن عساكر من طريق: السري بن يحيى عن شعيب قال: "نا سيف عن سهل بن يوسف2 عن عبد الرحمن بن كعب3 قال: "دفن عثمان ليلة السبت، لم يغسل؛ ولم يمتنع أحد أن يصلي عليه من شيء، وصلى عليه مروان، فخرجوا به حتى دفنوه مما يلي حشان كوكب من البقيع، ومنع القوم من غلاميه من الغد، فلما ذهبوا دفنوهما إلى جنب عثمان، وقد كانا أدخلا حين منعا حشان كوكب. وكان القوم يتخذون الحشيش في ذلك الزمان كما يتخذ أهل هذا الزمان الأرياف، وأهل الأرياف القرط والفصافص، وحمل العبدين عشرة رهط ومعهم امرأة: فاطمة أم إبراهيم بن عربي"4. 31- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن سهل5 عن   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 301-302) . 2 سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري، تقدمت ترجمته. 3 عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري، أبو الخطاب المدني، ثقة، من كبار التابعين، ويقال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومات في خلافة سليمان (ع) (التقريب/ 3991) . 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 538) . 5 سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 القاسم1 قال: كان مما أحدث عثمان فرضي به منه أنه ضرب رجلاً في منازعة استخف فيها بالعباس بن عبد المطلب، فقيل له: فقال: نعم، أيفخم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه وأرخص في الاستخفاف به؟ لقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك، ومن رضي به منه"2. 32- روى ابن عساكر من طريق: السري بن يحيى أبنا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر عن الضريس3 معاوية بن صعصعة، عن هلال4 بن جاوان، عن صعصعة5 بن معاوية التميمي، قال: "أرسل عثمان وهو محصور إلى علي، وطلحة، والزبير، وأقوام من الصحابة فقال: احضروا غداً فكونوا حيث تسمعون ما أقول لهذه الخارجة، ففعلوا، وأشرف عليهم، فقال: أنشد الله من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من يشتري هذا المربد ويزيده في مسجدنا وله الجنة، وأجره في   1 القاسم بن محمد، لم أجد له ترجمة. 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 400) . 3 ترجم له ابن أبي حاتم بالضريس ابن أبي الضريس الأسدي، وقال: "روى عن ثم ... " ثم قال: روى عنه وفيه ( ... ) أيضاً ثم قال: سمعت أبي يقول ذلك. وذكره المزي فيمن روى عنهم سيف، ولم أجد له ترجمة عند غيرهما (الجرح والتعديل 4/ 470، المزي، تهذيب الكمال 1/ 566) . 4 لم أجد له ترجمة. 5 صعصعة بن معاوية التميمي، السعدي عم الأحنف، له صحبة، وقيل: إنه مخضرم، مات في ولاية الحجاج على العراق، بخ س ق (التقريب/ 2929) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 الدنيا ما بقي درجات له؟ " فاشتريته بعشرين ألفاً وزدته في المسجد، قالوا: اللهم نعم، وقال الخوارج: صدقوا، ولكنك غيرت. ثم قال: أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يجهز جيش العسرة وله الجنة" فجهزتهم حتى ما فقدوا عقالاً ولا خطاماً، قالوا: نعم. فقال الخوارج: صدقوا ولكنك غيرت. قال: أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يشتري رومة وله الجنة" فاشتريتها، فقال: "اجعلها للمساكين ولك أجرها والجنة" قالوا: اللهم نعم. قال الخوارج: صدقوا ولكنك غيرت، وعدد أشياء وقال: الله أكبر، ويلكم خصمتم؛ والله كيف يكون من يكون هذا له مغيراً؟ يا أيها النفر من أهل الشورى، اعلموا أنهم سيقولون لكم غداً كما قالوا لي اليوم، فلما خرجوا بعد على عليّ جعل ينشد الناس عن مثل ذلك، ويشهد له به فيقولون: صدقوا ولكنك غيرت، فقال: ما اليوم قتلت، ولكن قتلت يوم قتل ابن بيضاء"1. ثم قال ابن عساكر عقبه: "هذا حديث غريب". ويلاحظ أن الخبر قد روي من وجوه كثيرة تقدمت وليس فيها قولة الخوارج "صدقوا ولكنك غيرت"2.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 336) . 2 انظر الروايات رقم: [42، 66، 76، 104، 130، 164، 165] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 33- قال الطبري: "كتب إليّ السري1 عن شعيب عن سيف عن عاصم بن سليمان2 عن عامر الشعبي3 قال: أول خليفة زاد الناس في أعطياتهم مائة عثمان، فجرت. وكان عمر يجعل لكل نفس منفوسة من أهل الفيء في رمضان درهماً في كل يوم، وفرض لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمين درهمين. فقيل له: لو صنعت لهم طعاماً فجمعتهم عليه، فقال: أشبع الناس في بيوتهم، فأقر عثمان الذي كان صنع عمر، وزاد فوضع طعام رمضان، فقال: للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين بالناس في رمضان"4. 34- قال الطبري: "وفي هذه السنة عزل عثمان المغيرة بن شعبة عن الكوفة، وولاها سعد بن أبي وقاص - في ما كتب به إليّ السري5 عن شعيب عن سيف عن المجالد6 عن الشعبي7 قال: كان عمر قال: أوصي الخليفة من بعدي أن   1 تقدمت ترجمته. 2 عاصم بن سليمان الأحول، تقدمت ترجمته. 3 عامر بن شراحيل، ترجم له. 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 245-246) . 5 تقدمت ترجمته. 6 المجالد بن سعيد بن عمير، تقدمت ترجمته. 7 ترجم له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 يستعمل سعد بن أبي وقاص، فإني لم أعزله عن سوء، وقد خشيت أن يلحقه من ذلك. وكان أول عامل بعث به عثمان سعد ابن أبي وقاص على الكوفة، وعزل المغيرة بن شعبة، والمغيرة يومئذ بالمدينة، فعمل عليها سعد سنة وبعض أخرى، وأقر أبا موسى سنوات"1. 35- روى ابن عساكر من طريق: "السري بن يحيى، عن شعيب قال: "ونا سيف عن عبد الله بن سعيد بن ثابت2 عن أبيه3 قال: دفن عثمان من ليلته، وحضره من أراد المقام؛ والخروج، وندم القوم، وسقط في أيديهم. ولما صلي عليه خرج من خرج، وأقام من أقام من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقلن: هجم البلاء وانكفأ الإسلام"4. 36- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن عبد الله بن سعيد5 بن ثابت، ويحيى بن سعيد6 قالا: سأل سائل سعيد بن المسيب عن محمد بن أبي حذيفة: ما دعاه إلى   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 244) . 2 عبد الله بن سعيد بن ثابت بن الجدع الأنصاري، لم أجد له ترجمة. 3 سعيد بن ثابت، لم أجد له ترجمة. 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 539) . 5 لم أجد له ترجمة. 6 يحيى بن سعيد بن ثابت الأنصاري، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 الخروج على عثمان؟ فقال: كان يتيماً في حجر عثمان، فكان عثمان والي أيتام أهل بيته، ومحتمل كلهم. فسأل عثمان العمل حين ولي، فقال: يا بني لو كنت رضا ثم سألتني العمل لاستعملتك، ولكن لست هناك، قال: فاذن لي فلأخرج فلأطلب ما يقوتني، قال: اذهب حيث شئت، وجهزه من عنده، وحمله وأعطاه، فلما وقع إلى مصر كان فيمن تغير عليه أن منعه الولاية. قيل: فعمار بن ياسر؟ قال: كان بينه وبين عباس بن عتبة بن أبي لهب كلام، فضربهما عثمان فأورث ذلك بين آل عمار وآل عتبة شراً حتى اليوم، وكنى عما ضربا عليه وفيه"1. ورواه ابن عساكر من طريق أبي بكر بن سيف عن السري2 به. 37- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن عبد الله بن سعيد بن ثابت3 قال: فسألت ابن سليمان بن أبي حثمة، فأخبرني أنه تقاذف"4.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 399) . 2 تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 399) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 38- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن عطية1 عن يزيد الفقعسي2 قال: كان عبد الله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتى أتى مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمد يرجع، وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} 3 فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها. ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، وكان علي وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء، ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناول أمر الأمة، ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا   1 عطية بن الحارث الهمداني، تقدمت ترجمته. 2 يزيد الفقعسي، نسبة إلى فقعس بن طريف بن عمرو بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد، وممن ينسب بهذه النسبة حسين بن عرفطة بن نضلة بن الأشتر؛ له صحبة (ابن منظور، اللسان 6/ 165 وحاشية الأنساب للسمعاني 10/ 236) . 3 سورة القصص، الآية (85) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 في هذا الأمر فحركوه، ابدأوا بالطعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إلى هذا الأمر. فبث دعاته، وكاتب من كان استفسد في الأمصار، وكاتبوه، ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب، يضعونها في عيوب ولاتهم، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون، فيقرأه أولئك في أمصارهم وهؤلاء في أمصارهم، حتى تناولوا بذلك المدينة، وأوسعوا الأرض إذاعة وهم يريدون غير ما يظهرون، ويسرون غير ما يبدون، فيقول أهل كل مصر: إنا لفي عافية، مما ابتلي به هؤلاء إلا أهل المدينة، فإنهم جاءهم ذلك عن جميع الأمصار، فقالوا: إنا لفي عافية مما فيه الناس. وجامعه محمد، وطلحة، من هذا المكان قالوا: فأتوا عثمان، فقالوا: يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذي يأتينا؟ قال: لا والله ما جاءني إلا السلامة، قالوا: فإنا قد أتانا. وأخبروه بالذي أسقطوا إليهم، قال: فأنتم شركائي وشهود المؤمنين، فأشيروا عليّ، قالوا: نشير إليك أن تبعث رجالاً ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام، وفرق رجالاً سواهم، فرجعوا جميعاً قبل عمار، فقالوا: أيها الناس ما أنكرنا شيئاً ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم، وقالوا جميعاً: الأمر أمر المسلمين إلا أنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 أمراءهم يقسطون بينهم، ويقومون عليهم. واستبطأ الناس عماراً حتى ظنوا أنه قد اغتيل، فلم يفجأهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عماراً قد استماله قوم بمصر، وقد انقطعوا إليه منهم عبد الله بن السوداء، وخالد بن ملجم، وسودان بن حمران، وكنانة بن بشر"1. وتقدم ما يشهد بثبوت شخصية ابن سبأ ولشيء من دوره الخطير في إشعال الفتنة وبثه العقائد الفاسدة في بعض المسلمين2. 39- قال الطبري: "وكتب إليّ السري3 عن شعيب عن سيف عن عطية4 قال: مات عثمان رضي الله عنه وعلى الكوفة، على صلاتها أبو موسى، وعلى خراج السواد جابر بن عمرو المزني - وهو صاحب المسناة إلى جانب الكوفة - وسماك الأنصاري وعلى حربها القعقاع بن عمرو، وعلى قريقساء جرير بن عبد الله، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وعلى ماه مالك بن حبيب، وعلى همذان النسير، وعلى الري سعيد بن قيس، وعلى أصبهان السائب بن الأقرع، وعلى ماسبذان حبيش، وعلى بيت المال عقبة بن عمرو. وكان على قضاء عثمان يومئذ   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 340-341) . 2 انظر 118-125. 3 تقدمت ترجمته. 4 عطية بن الحارث الهمداني، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 زيد بن ثابت"1. 40- قال الطبري: "وفيما كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن عمارة بن القعقاع3 عن الحسن البصري4 قال: كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بإذن وأجل، فشكوه فبلغه، فقام فقال: ألا إني قد سننت في الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعاً، ثم ثنياً، ثم رباعياً، ثم سدساً، ثم بازلاً؛ ألا فهل ينتظر البازل إلا النقصان، ألا فإن الإسلام قد بزل، ألا وإن قريشاً يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عباده، ألا فأما وابن الخطاب حي فلا. إني قائم دون شعب الحرة، آخذ بحلاقيم قريش وحجرها أن يتهافتوا في النار"5. ورواه ابن عساكر6 من طريق أبي بكر بن سيف عن السري به مثله.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/422) 2 تقدمت ترجمته. 3 عمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي، الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن مسعود، وهو من السادسة، ع (التقريب/ 4859) . 4 الحسن بن أبي الحسن البصري تقدمت ترجمته. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 396-397) . 6 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 299) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 ورواية الحسن عن عمر مرسلة بلا شك قاله العلائي1. 41- قال الطبري: "وكتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن عمرو بن محمد3 قال: بعثت ليلى ابنة عميس إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، فقالت: إن المصباح يأكل نفسه ويضيء للناس، فلا تأثما في أمر تسوقانه إلى من لا يأثم فيكما، فإن هذا الأمر الذي تحاولون اليوم لغيركم غداً، فاتقوا الله أن يكون عملكم اليوم حسرة عليكم، فلجّا وخرجا مغضبين، يقولان: لا ننسى ما صنع بما عثمان، وتقول: ما صنع بكما؟ ألا ألزمكما الله فلقيهما سعد بن العاص وقد كان بين محمد بن أبي بكر وبينه شيء، فأنكره حين لقيه خارجاً من عند ليلى، فتمثل له في تلك الحال بيتاً: استبق ودك الصديق ولا تكن ... فيئاً يعض بخاذل ملجاجا فأجابه سعيد متمثلاً: ترون إذا ضربا صميماً من الذي ... له جانب ناء عن الجرم معور"4 ورواه ابن عساكر5 من طريق السري بن يحيى به نحوه.   1 جامع التحصيل (195) . 2 تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 387) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان302) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 42- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن عمرو1 عن الشعبي2 قال: لم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش، وقد كان حصرهم بالمدينة وامتنع عليهم، وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد، فإن الرجل ليستأذنه في الغزو وهو ممن حبس بالمدينة من المهاجرين، ولم يكن يفعل ذلك بغيرهم من أهل مكة، فيقول: فيقول: قد كان في غزوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مايبلغك، وخير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك. فما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد، وانقطع إليهم الناس، وكان أحب إليهم من عمر"3. ورواه ابن عساكر4 من طريق أبي بكر بن سيف عن السري به مثله. 43- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن عمرو5 عن   1 في الرواة عن الشعبي عمرو بن عبد الله السبيعي، أبو إسحاق، تقدمت ترجمته، لكن صرح سيف في تاريخ الطبري (3/ 343) بأنه عمرو بن محمد. 2 الشعبي هو عامر بن شراحيل، ترجم له. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/397) 4 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 300) 5 في الرواة عن الشعبي عمرو بن عبد الله السبيعي، أبو إسحاق، تقدمت ترجمته، (ص) لكن صرح سيف في تاريخ الطبري (3/ 343) بأنه عمرو بن محمد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 الشعبي1 قال: كان أول ما نزغ به أهل الكوفة - وهو أول مصر نزع الشيطان بينهم الإسلام - أن سعد بن أبي وقاص استقرض من عبد الله بن مسعود من بيت المال مالاً، فأقرضه فما تقاضاه لم يتيسر عليه، فارتفع بينهما الكلام حتى استعان عبد الله بأناس من الناس على استخراج المال، واستعان سعد بأناس من الناس على استنظاره، فافترقوا وبعضهم يلوم بعضاً، يلوم هؤلاء سعداً ويلوم هؤلاء عبد الله "2. 44- روى ابن عساكر: من طريق: السري بن يحيى3 قال: "نا شعيب بن إبراهيم أنا سيف بن عمر عن الغصن بن القاسم4 عن رجل، عن خنساء5 -مولاة أسامة بن زيد- وكانت تكون مع نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان. أنها كانت في الدار يوم يومئذ فدخل إليه محمد بن أبي بكر، فأخذ بلحيته، وأهوى بمشقص معه ليجأ بها في حلقه، فقال: مهلاً يا ابن أخي، فوالله لقد أخذت مأخذاً ما كان أبوك ليأخذ به، فتركه ونصرف مستحيياً   1 هو عامر بن شرحيل ترجم له. 2 تاريخ الأمم والملوك (4/251-252) 3 تقدمت ترجمته. 4 الغصن بن القاسم، أبو القاسم الشنوري، يروي عن نافع وغيره، يقال: هو والد القاسم بن غصن. (الأنساب للسمعاني 8/161) 5 لم أجد لها ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 نادماً، فاستقبله القوم على باب الصفة، فردهم طويلاً حتى غلبوه، فدخلوا وخرج محمد راجعاً، فأتاه رجل بيده جريدة يقدمهم، حتى قام عل عثمان فضرب بها رأسه فشجه، فقطر دمه على المصحف حتى لطخه ثم تغاووا عليه، فأتاه رجل فضربه على الثدي بالسيف فسقط، ووثبت نائلة بنت الفرافصة الكلبية فصاحت وألقت نفسها عليه، وقالت: يا بنت شيبة أيقتل أمير المؤمنين؟ فأخذت السيف فقطع الرجل يدها، وانتهبوا ماتع البيت، ومر رجل على عثمان ورأسه مع المصحف، فضرب رأسه برجله ونحاه عن المصحف، وقال: ما رأيت كاليوم وجه كافر أحسن ولا مضجع كافر أكرم، فلا والله ما تركوا في داره شيئاً، حتى الأقداح إلا ذهبوا به"1. وتقدم ما يشهد لصحة انصراف محمد بن أبي بكر بعد وعظ عثمان رضي الله عنه له2. 45- روى ابن عساكر: من طريق: السري بن يحيى قال: نا شعيب بن إبراهيم، أنا سيف بن عمر عن أبي القاسم الشنوي، عن نافع3 قال: "ورافقني بالساحل فسألته عن أمر عثمان، فقال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: أرسل إلي وهو محصور، وقد فتح الباب ودخل عليه الناس   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 410-411) 2 انظر (ص:) 3 نافع مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 فقال: ما ترى فيما يعرض هؤلاء وهؤلاء؟ الذين يأمرونه بالاستقتال والذين يحصرونه على الخلع أو القتل - فقال: وما يعرضون عليك؟ فقال: أم هؤلاء فالاستقتال، ووالله ما أجد ما أمتنع به، ولا أمنعهم منه، وأما هؤلاء فإنهم يعرضون علي أن أخلعها وألحق بمنزلي، فوالله لهي أهون عليّ إن لم أؤجر عليها من قتالي، فقلت له: إن يستقتل يقتل أعلام الدين، ولا يبقى أحد، فلا يفعل، وأما ما عرض هؤلاء فلا تفعل، أمخلد أنت إذا خلعتها؟ قال: لا، قلت: فقتلوك إن أنت لم تخلعها؟ قال: زعموا ذلك. قلت: يملكون تعجيل يومك أو تأخيره؟ قال: لا. قلت: أيملكون لك جنة أو نار؟ قال: لا. قلت: فلا أرى أن تخلع قميصاً قمصكه الله، فيكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو إمامهم خلعوه حتى لا يقوم لله دين، ولا للمسلمين نظام. وأدخل معي في ذلك غير، ففعل، فأدخل في ذلك من شهده أو غاب عنه، فاجتمع الملأ أن الخير في الصبر. فقال: اللهم إني أشري نفسي في صلاح الدين. فجاد والله بنفسه نظراً لله ولدينه"1. وتقدم ما يشهد لحوار عثمان مع ابن عمر رضي الله عنهما في شأن عرض الخارجين على عثمان، على عثمان الخلع2   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 361) . 2 انظر الملحق الرواية رقم: [56] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768 46- قال الطبري: "كتب إليّ السري1 عن شعيب2 عن سيف عن القاسم ابن محمد3 عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: خطب عثمان الناس بعدما بويع فقال: أما بعد، فإني قد حملت وقد قبلت، ألا وإني متبع ولست بمبتدع، ألا وإن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: اتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم، وسن سنة أهل الخير فيما لم تسنوا عن ملأ، والكف عنكم إلا فيما استوجبتم. ألا وإن الدنيا خضرة قد شهيت إلى الناس، ومال إليها كثير منهم، فلا تركنوا إلى الدنيا ولا تثقوا بها فإنها ليست بثقة، واعلموا أنها غير تاركة إلا من تركها"4. 47- قال الطبري: "كتب إليّ السري5 عن شعيب عن سيف عن القاسم بن الوليد6 عن المسيب بن عبد خير7 عن عبد الله بن عكيم8 قال: لما وقع بين   1 السري بن يحيى، تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 القاسم بن محمد، يشبه أن يكون القاسم بن محمد بن عبد الرحمن القرشي المخزومي الذي يروي عن عبي الله بن عبد الله بن عتبة، وعنه حبيب بن أبي ثابت، قال عنه الحافظ: "مقبول" من السادسة، س (المزي، تهذيب الكمال 1116، ابن حجر، التقريب/ 5493) 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 422) . 5 تقدمت ترجمته. 6 القاسم بن الوليد الهمداني، أبو عبد الرحمن الكوفي، القاضي، صدوق، يغرب من السابعة، (مات سنة 141?) (التقريب/ 5503) . 7 المسيب بن عبد خير، ثقة من السادسة، د عس (التقريب/ 6676) . 8 عبد الله بن عكيم الجهني، أبو معبد الكوفي، مخضرم، من الثانية، وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلى جهينة؛ مات في إمرة الحجاج م 4 (التقريب/ 3482) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 769 ابن مسعود، وسعد الكلام في قرض أقرضه عبد الله إياه، فلم يتيسر على سعد قضاؤه، غضب عليهما عثمان، وانتزعها من سعد، وعزله، وغضب على عبد الله وأقره، واستعمل الوليد بن عقبة - وكان عاملاً على ربيعة بالجزيرة - فقدم الكوفة فلم يتخذ لداره باباً حتى خرج من الكوفة"1. 48- قال الطبري: "وكتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن مبشر بن الفضل عن جابر قال: أجرى عثمان على أبي ذر كل يوم عظماً، وعلى رافع بن خديج مثله، وكانا قد تنحيا عن المدينة لشيء سمعاه لم يفسر لهما وأبصرا وقد أخطئا"3. إسناده ضعيف بشعيب وسيف ومبشر. 49- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن مبشر بن الفضيل   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 252) . 2 تقدمت ترجمته. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 285) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 770 عن سالم بن عبد الله1 قال: لما ولي عثمان، حج سنواته كلها إلا آخر حجة، وحج بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما كان يصنع عمر، فكان عبد الرحمن بن عوف في موضعه، وجعل في موضع نفسه سعيد بن زيد هذا في مؤخر القطار، وهذا في مقدمه، وأمن الناس، وكتب في الأمصار أن يوافيه العمال في كل موسم ومن يشكونهم. وكتب إلى الناس إلى الأمصار أن ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، ولا يذل المؤمن نفسه، فإني مع الضعيف على القوي ما دام مظلوماً إن شاء الله. فكان الناس بذلك، فجرى ذلك إلى أن اتخذه أقوال وسيلة إلى تفريق الأمة"2. 50- ابن عساكر: من طريق السري3 بن يحيى عن شعيب قال: "ونا سيف عن مبشر4 قال: "سألت سالم بن عبد الله5 عن محمد بن أبي بكر6 ما دعاه   1 سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي، العدوي، أبو عمر أبو عبد الله، المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً، عادلاً فاضلاً كان يشبه بأبيه في الهدى والسمت، من كبار الثالثة، مات في آخر (سنة 106?) على الصحيح ع (التقريب/ 2176) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 397-398) . 3 تقدمت ترجمته. 4 مبشر بن فضيل تقدمت ترجمته. 5 سالم بن عبد الله بن عمر، تقدمت ترجمته. 6 محمد بن أبي بكر الصديق، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 771 إلى ركوب عثمان؟ فقال: الغضب، والطمع، فقلت: ما الغضب، والطمع؟ قال: كان من الإسلام بالمكان الذي هو به، وغره أقوام فطمع، وكانت له دالة، ولزمه حق فأخذه عثمان من ظهره، ولم يدهن، فاجتمع هذا إلى هذا، فصار مذمماً بعد أن كان محمداً"1. 51- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن مبش عن سالم2 بن عبد الله، قال: لما ولي عثمان لان لهم، فانتزع الحقوق انتزاعاً، ولم يعطل حقاً، فأحبوه على لينه، فأسلمهم ذلك إلى أمر الله عز وجل"3. 52- قال الطبري: "كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن المجالد4 عن الشعبي5 عن المغيرة بن شعبة6 قال: قلت لعلي: إن هذا الرجل مقتول، وإنه إن قتل وأنت بالمدينة اتخذوا فيك، فاخرج فكن بمكان كذا وكذا،   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 302) . 2 سالم بن عبد الله بن عمر، تقدمت ترجمته. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 400) . 4 المجالد بن سعيد الهمداني، تقدمت ترجمته. 5 عامر بن شراحيل، تقدمت ترجمته. 6 المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي، صحابي مشهور، ولي إمرة البصرة ثم الكوفة، مات (سنة 50?) (التقريب/ 6840) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 772 فإنك إن فعلت وكنت في غار باليمن طلبك الناس، فأبى، وحصر عثمان اثنين وعشرين يوماً، ثم أحرقوا الباب، وفي الدار أناس كثير، فيهم عبد الله بن الزبير، ومروان، فقالوا: ائذن لنا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً، فأنا صابر عليه، وإن القوم لم يحرقوا باب الدار إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه، فأخرج على رجل يستقتل ويقاتل، وخرج الناس كلهم، ودعا بالمصحف يقرأ فيه والحسن عنده، فقال: إن أباك الآن لفي أمر عظيم، فأقسمت عليك لما خرجت؛ وأمر عثمان أبا كرب - رجلاً من همدان - وآخر من الأنصار أن يقوما على باب بيت المال وليس فيه إلا غرارتان من ورق، فلما أطفئت النار بعدما ناوشهم ابن الزبير، ومروان، وتوعد محمد بن أبي بكر ابن الزبير، ومروان، فلما دخل على عثمان هربا، ودخل محمد بن أبي بكر على عثمان، فأخذ بلحيته، فقال: أرسل لحيتي، فلم يكن أبوك لِيَتَنَاوَلَهَا. فأرسلها، ودخلوا عليه، فمنهم من يجؤه بنعل سيفه، وآخر يلكزه، وجاءه رجل بمشاقص معه، فوجأه في ترقوته، فسال الدم على المصحف وهم في ذلك يهابون في قتله، وكان كبيراً، وغشي عليه، ودخل آخرون فلما رأوه مغشياً عليه جروا برجله، فصاحت نائلة، وبناته، وجاء التجيبي مخترطاً سيفه ليضعه في بطنه، فوقته نائلة، فقطع يدها، واتكأ بالسيف عليه في صدره وقتل عثمان رضي الله عنه قبل غروب الشمس، ونادى منادٍ: ما يحل من دمه ويحرج ماله، فانتهبوا كل شيء ثم تبادروا بيت المال، فألقى الرجلان المفاتيح، ونجوا، وقالوا: الهرب الهرب، هذا ما طلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 773 القوم"1. ورواه ابن عساكر2 من طريق السري به نحوه. وتقدمت شواهد صحيحة لبعض ما في هذه الرواية، فمن ذلك: أنه كان في الدار أناس كثير3 وأنه عرض على عثمان قتال الخارجين عليه فرفض وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً فأنا صابر عليه"4. وقراءته في المصحف قبل دخول القتلة عليه. وسيلان دمه رضي الله عنه على المصحف، بعد ضربه5. 53- قال الطبري: "وكتب إليّ السري6 عن شعيب عن سيف عن مجالد7 عن الشعبي قال: "دفن عثمان رضي الله عنه من الليل، وصلى عليه مروان بن الحكم، وخرجت ابنته تبكي في أثره، ونائلة ابنة الفرافصة، رحمهم الله"8.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 392-393) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 425-416) . 3 انظر: صفة قتله (ص:) 4 انظر الرواية رقم: [11] . 5 انظر (ص:) 6 تقدمت ترجمته. 7 مجالد بن سعيد الهمداني، تقدمت ترجمته. 8 تاريخ الأمم والملوك (4/ 415) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 774 ورواه من طريقه ابن عساكر1. 54- قال الطبري: "وكتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد بن مسرقة عن عاصم بن كليب عن سلمة بن نباتة3 قال: خرجنا معتمرين، فأتينا الربذة فطلبنا أبا ذر في منزله، فلم نجده، وقالوا: ذهب إلى الماء، فتنحينا، ونزلنا قريباً من منزله، فمر ومعه عظم جزور يحمله معه غلام، فسلم ثم مضى حتى أتى منزله، فلم يمكث إلا قليلاً حتى جاء. فجلس إلينا وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: اسمع، وأطع وإن كان عليك حبشي مجدّع، فنزلت هذا الماء وعليه رقيق من رقيق مال الله وعليهم حبشي - وليس بأجدع، وهو ما علمت وأثنى عليه - ولهم في كل يوم جزور، ولي منها عظم آكله أنا وعيالي. قلت: ما لك من المال؟ قال: صرمة من الغنم، وقطيع من الإبل، في أحدهما غلامي، وفي الآخر أمتي، وغلامي حر إلى رأس السنة. قال: قلت: إن أصحابك قبلنا أكثر الناس مالاً، قال: أما إنهم ليس لهم في مال الله حق إلا ولي مثله. وأما الآخرون، فإنهم رووا في سبب   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 539) . 2 تقدمت ترجمته. 3 سلمة بن نباتة الحارثي، ويقال: ابن نعامة، ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات. (التاريخ الكبير 4/ 76، الجرح 4/ 174، الثقات 4/ 318) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 775 ذلك أشياء كثيرة، وأموراً شنيعة. كرهت ذكرها"1. إسناده ضعيف بشعيب، وسيف، كما أن سلمة لم يوثقه غير ابن حبان. 55- قال الطبري: "مما كتب إليّ به السري2 عن شعيب عن سيف عن المستنير3 بن يزيد، عن قيس بن يزيد4 النخعي، قال: لما رجع معاوية المسيرين، قالوا: إن العراق والشام ليسا لنا بدار، فعليكم بالجزيرة. فأتوها اختياراً، فغدا عليهم عبد الرحمن بن خالد، فسامهم الشدة فضرعوا له وتابعوه، وسرح الأشتر إلى عثمان، فدعا به، وقال: اذهب حيث شئت، فقال: أرجع إلى عبد الرحمن؛ فرجع. ووفد سعيد بن العاص إلى عثمان في سنة إحدى عشرة من إمارة عثمان. وقبل مخرج سعيد بن العاص من الكوفة بسنة، وبعض أخرى بعث الأشعث بن قيس على أذربيجان، وسعيد بن قيس على الري، وكان سعيد بن قيس على همذان، فعزل وجعل عليها النسير العجلي، وعلى أصبهان السائب بن الأقرع، وعلى ماه مالك بن حبيب اليربوعي، وعلى   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 285-286) . 2 تقدمت ترجمته. 3 المستنير بن يزيد النخعي لم أجد له ترجمة. 4 في التعجيل: "قيس بن يزيد، مختلف في صحبته. قال ابن أبي حاتم عن أبيه:"لا أعلم له صحبة"، وذكره ابن حبان في الثقات التابعين" (346) قلت: فقد يكون هو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 776 الموصل حكيم بن سلامة الحزامي، وجرير بن عبد الله على قرقسياء، وسلمان بن ربيعة على الباب، وعلى الحرب القعقاع بن عمرو، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وخلت الكوفة من الرؤساء إلا منزوعاً أو مفتوناً. فخرج يزيد بن قيس وهو يريد خلع عثمان، فدخل المسجد، فجلس فيه وثاب إليه الذين كان فيه ابن السوداء1 يكاتبهم، فانقض عليه القعقاع، فأخذ يزيد بن قيس، فقال: إنما نستعفي من سعيد، قال: هذا ما لا يعرض لكم فيه، لا تجلس لهذا ولا يجتمعن إليك واطلب حاجتك فلعمري لتعطينها. فرجع إلى بيته واستأجر رجلاً، وأعطاه دراهم وبغلاً، على أن يأتي المسيرين. وكتب إليهم: لا تضعوا كتابي من أيديكم حتى تجيئوا، فإن أهل المصر قد جامعونا. فانطلق الرجل، فأتى عليهم وقد رجع الأشتر، فدفع إليهم الكتاب، فقالوا: ما اسمك؟ قال: بغثر. قالوا: ممن؟ قال: من كلب. قالوا: سبع ذليل يبغثر النفوس، لا حاجة لنا بك. وخالفهم الأشتر، ورجع عاصياً. فلما خرج قال لأصحابه: أخرجنا أخرجه الله، لا نجد بداً مما صنع إن علم بنا عبد الرحمن لم يصدقنا ولم يستقلها، فاتبعوه فلم يلحقوه، وبلغ عبد الرحمن أنهم قد رحلوا، فطلبهم في السواد، فسار الأشتر سبعاً، والقوم عشراً فلم يفجأ الناس في يوم الجمعة إلا والأشتر على باب المسجد يقول:   1 ابن السوداء هو عبد الله بن سبأ اليهودي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 777 إني قد جئتكم من عند أمير المؤمنين عثمان، وتركت سعيداً يريده على نقصان نسائكم إلى مائة درهم، ورد أهل البلاء منكم إلى ألفين، ويقول: ما بال أشراف النساء وهذه العلاوة بين هذين العدلين، ويزعم أن فيئكم بستان قريش، وقد سايرته مرحلة فما زال يرجز بذلك حتى فارقته يقول: ويل لأشراف النساء مني ... صحمح كأنني من جن فاستخف الناس، وجعل أهل الحجى ينهونه فلا يسمع منهم، وكانت نفجة، فخرج يزيد، وأمر منادياً ينادي: من شاء أن يلحق بيزيد بن قيس لرد سعيد، وطلب أمير غيره فليفعل. وبقي حلماء الناس وأشرافهم ووجوههم في المسجد، وذهب من سواهم، وعمرو بن حريث يومئذ الخليفة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً، بعد أن كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، فلا تعودوا في شر قد استنقذكم الله عز وجل منه. أبعد الإسلام وهديه وسنته لا تعرفون حقاً، ولا تصيبون بابه؟ فقال القعقاع بن عمرو: أترد السيل عن عبابه، فاردد الفرات عن أدراجه، هيهات لا والله لا تسكن الغوغاء إلا المشرفية. ويوشك أن تنتضي ثم يعجون عجيج العتدان، ويتمنون ما هم فيه فلا يرده الله عليهم أبداً، فاصبر، فقال: أصبر، وتحول إلى منزله؛ وخرج يزيد بن قيس حتى نزل الجرعة ومعه الأشتر، وقد كان سعيد تلبث في الطريق، فطلع عليهم سعيد وهم مقيمون له معسكرون، فقالوا: لا حاجة لنا بك. فقال: فما اختلفتم الآن إنما كان يكفيكم أن تبعثوا إلى أمير المؤمنين رجلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 778 وتضعوا إليّ رجلاً، وهل يخرج الألف لهم عقول إلى رجل، ثم انصرف عنهم، وتحسوا بمولى له على بعير قد حسر، فقال: والله ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع. فضرب الأشتر عنقه، ومضى سعيد حتى قد على عثمان، فأخبره الخبر، فقال: ما يريدون؟ أخلعوا يداً من طاعة؟ قال: أظهروا أنهم يريدون البدل. قال: فمن يريدون؟ قال: أبا موسى، قال: قد أثبتنا أبا موسى عليهم، ووالله لا نجعل لأحد عذراً، ولا نترك لهم حجة، ولنصبرن كما أمرنا حتى نبلغ ما يريدون. ورجع من قرب عمله من الكوفة، ورجع جرير من قرقيسياء وعتيبة من حلوان، وقام أبو موسى فتكلم بالكوفة فقال: أيها الناس لا تنفروا في مثل هذا، وتعودوا لمثله، الزموا جماعتكم والطاعة، وإياكم والعجلة، اصبروا فكأنكم بأمير، قالوا: فصل بنا، قال: لا، إلا على السمع والطاعة لعثمان بن عفان، قالوا: على السمع والطاعة لعثمان"1. 57- قال الطبري: "كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن المستنير3 عن أخيه4 قال: والله ما علمت ولا سمعت بأحد غزا عثمان رضي الله عنه ولا ركب إليه إلا قتل، لقد اجتمع بالكوفة نفر، فيهم الأشتر، وزيد بن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 330-332) . 2 تقدمت ترجمته. 3 المستنير بن يزيد النخعي لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 779 صوحان، وكعب بن ذي الحبكة، وأبو زينب، وأبو مورع، وكميل بن زياد، وعمير بن ضابئ، فقالوا: لا والله لا يرفع رأس ما دام عثمان على الناس، فقال عمير بن ضابئ وكميل بن زياد: نحن نقتله، فركبا إلى المدينة، فأما عمير فإنه نكل عنه، وأما كميل بن زياد فإنه جسر وثاوره، وكان جالساً يرصده، حتى أتى على عثمان، فوجأ عثمان وجهه، فوقع على أسته، وقال: أوجعتني يا أمير المؤمنين. قال: أولست بفاتك؟ قال: لا والله الذي لا إله إلا هو، فحلف وقد اجتمع عليه الناس، فقالوا: فتشه يا أمير المؤمنين، فقال: لا قد رزق الله العافية، ولا أشتهي أن أطلع منه على غير ما قال. وقال: إن كان كما قلت يا كميل فاقتد مني - وجئاً - فوالله ما حسبتك إلا تريدني، وقال: إن كنت صادقاً فأجزل الله، وإن كنت كاذباً فأذل الله، وقعد له على قدميه، وقال: دونك، قال: قد تركتك، فبقيا حتى أكثر الناس في نجائهما. فلما قدم الحجاج، قال: من كان من بعث المهلب فليواف مكتبه، ولا يجعل على نفسه سبيلاً. فقام إليه عمير: وقال إني شيخ ضعيف، ولي ابنان قويان، فأخرج أحدهما مكاني أو كليهما. فقال: من أنت؟ قال: أنا عمير بن ضابئ، فقال: والله لقد عصيت الله عز وجل منذ أربعين سنة، والله لأنكلن بك المسلمين، غضبت لسارق الكلب ظالماً، إن أباك إذ غل لهم، وإنك هممت، ونكلت، وإني أهم ثم لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 780 ورواه ابن عساكر1 من طريق السري بن يحيى به، وفيه "حرك" بدل "حول". 59- روى ابن عساكر: من طريق: السري بن يحيى2 قال: نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر قال: ونا أبو عمرو3 عن الحسن4 قال: "قلت: تعقل مقتل عثمان رضي الله عنه؟ قال: نعم، قلت: فهل تعرف أحداً قام بذلك؟ قال: نعم، قهر الرجل فلم يجد ناصراً، فجاء أبو هريرة وسعد ابن مالك فجئيا بحيالهم وناديا: أبدلنا صفحتك، فأشرف عليهما، وقال: والله لا تقتلان أنفسكما إن رأيتما الطاعة فانصرفا، فوالله ليضربنهم الله بذل ولا ينال إبليس مني أمراً، يدخل به على سلطان الله عز وجل دخلاً"5. وقد تقدم ما ينقض بعض ما في هذه الرواية، وذلك في قوله: "قهر الرجل فلم يجد ناصراً" فقد تقدم أن أعداداً كبيرة من الرجال استعدوا للدفاع عن عثمان رضي الله عنه ولكنه رفض ذلك6.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان333-334) . 2 تقدمت ترجمته. 3 أبو عمرو مولى إبراهيم بن طلحة لم أجد له ترجمة. 4 الحسن بن أبي الحسن البصري تقدمت ترجمته. 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 4/ 373) . 6 انظر دفاع الصحابة عن عثمان رضي الله عنه ورفضه ذلك (ص:) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 781 ورواه ابن عساكر 1 من طريق السري بن يحي به، وفيه "حرك" بدل "حول". - روى ابن عساكر: من طريق: السري بن يحيى2 قال: نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر قال: ونا أبو عمرو3 عن الحسن4 قال: "قلت: تعقل مقتل عثمان رضي الله عنه؟ قال: نعم، قلت: فهل تعرف أحداً قام بذلك؟ قال: نعم، قهر الرجل فلم يجد ناصراً، فجاء أبو هريرة وسعد ابن مالك فجئيا بحيالهم وناديا: أبدلنا صفحتك، فأشرف عليهما، وقال: والله لا تقتلان أنفسكما إن رأيتما الطاعة فانصرفا، فوالله ليضربنهم الله بذل ولا ينال إبليس مني أمراً، يدخل به على سلطان الله عز وجل دخلاً"5. وقد تقدم ما ينقض بعض ما في هذه الرواية، وذلك في قوله: "قهر الرجل فلم يجد ناصراً" فقد تقدم أن أعداداً كبيرة من الرجال استعدوا للدفاع عن عثمان رضي الله عنه ولكنه رفض ذلك6.   1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 333-334) . 2 تقدمت ترجمته. 3 أبو عمرو مولى إبراهيم بن طلحة لم أجد له ترجمة. 4 الحسن بن أبي الحسن البصري تقدمت ترجمته. 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 4/ 373) . 6 انظر دفاع الصحابة عن عثمان رضي الله عنه ورفضه ذلك (ص:) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 782 60- قال الطبري: "كتب إليّ السري1 عن شعيب عن سيف قال: حدثنا رجل من بني أسد، قال: كان من حديثه أنه كان قد غزا عثمان رضي الله عنه فيمن غزاه، فلما قدم الحجاج ونادى بما نادى به، عرض رجل عليه ما عوض نفسه، فقبل منه، فلما ولي قال أسماء بن خارجة: لقد كان شأن عمير مما يهمني، قال: ومن عمير؟ قال: هذا الشيخ، قال: ذكرتني الطعن وكنت ناسياً، أليس فيمن خرج إلى عثمان؟ قال: بلى، قال: فهل بالكوفة أحد غيره؟ قال: نعم، كميل، قال: عليّ بعمير، فضرب عنقه، ودعا بكميل فهرب، فأخذ النخع به، فقال له الأسود بن الهيثم: ما تريد من شيخ قد كفاكه الكبر. فقال: أما والله لتحبسن عني لسانك أو لأحسن رأسك بالسيف. قال: أفعل، فلما رأى كميل ما لقي قومه من الخوف - وهما ألفا مقاتل - قال: الموت خير من الخوف إذا أخيف ألفان من سببي وحرموا. فخرج حتى أتى الحجاج، فقال له الحجاج: أنت الذي أردت ثم لم يكشفك أمير المؤمنين، ولم ترض، حتى أقعدته للقصاص، إذ دفعك عن نفسه؟ فقال: على أي ذلك تقتلني؟ على عفوه أو على عافيتي؟ قال: يا أدهم بن المحرز، اقتله، قال: والأجر بيني وبينك، قال: نعم، قال أدهم: بل الأجر لك، وما كان من إثم فعلي.   1 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 783 وقال مالك بن عبد الله وكان من المسيرين: مضت لابن أروى في كميل ظلامة ... عفاه له والمستقيد يلام وقال له لا أقبح اليوم مثلة ... عليك أبا عمرو وأنت إمام رويدك رأسي والذي نسكت له ... قريش بنا على الكبير حرام وللعفو أمن يعرف الناس فضله ... وليس علينا في القصاص أثام ولو علم الفاروق ما أنت صانع ... نهى عنك نهياً ليس فيه كلام"1. 61- قال الطبري: "وكتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن أبي منصور3 قال: سمعت القماذبان4 يحدث عن قتل أبيه5 قال: كانت العجم6 بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض، فمر فيروز بأبي، ومعه خنجر له رأسان، فتناوله منه، وقال: ما تصنع بهذا في هذه البلاد، فقال: آنس به، فرآه رجل فلما أصيب عمر قال: رأيت هذا مع الهرمزان، دفعه إلى فيروز. فأقبل عبيد الله فقتله، فلما ولي عثمان دعاني فأمكنني منه، ثم قال:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 403 -404) . 2 السري بن يحيى بن السري التميمي، تقدمت ترجمته. 3 أبو منصور لم أجد له ترجمة. 4 القماذبان بن الهرمزان. 5 الهرمزان قاتل عمر رضي الله عنه. 6 العجم خلاف العرب (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 149) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 784 يا بني هذا قاتل أبيك، وأنت أولى به منا، فاذهب فاقتله، فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي، إلا أنهم يطلبون إلي فيه. فقلت لهم: ألي قتله؟ قالوا: نعم - وسبوا عبيد الله - فقلت: أفلكم أن تمنعوه؟ قالوا: لا، وسبوه فرتكه لله ولهم. فاحتملوني فوالله ما بلغت المنزل إلا على رؤوس الرجال، وأكفهم"1.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 223-224.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 785 القسم الثامن: مرويات محمد بن عمر الواقدي عن الفتنة 1- قال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر1 حدثني إبراهيم بن جعفر2 عن أم الربيع3 بنت عبد الرحمن بن محمد بن مسلمة، عن أبيها4 قال: وحدثني يحيى بن عبد العزيز5 عن جعفر بن محمود6 عن محمد بن مسلمة7 قال: وحدثني ابن جريج8 وداود9 بن عبد الرحمن   1 الواقدي، هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، المدني، القاضي، نزيل بغداد، متروك مع سعة علمه، من التاسعة، مات سنة 207? وله ثمان وسبعون ق (التقريب/ 6175) 2 إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة الحارثي الأنصاري، روى عن أبيه عن جدته نويلة، قال عنه أبو حاتم: صالح (البخاري: التاريخ الكبير 1/278، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 2/ 91) 3 لم أجد لها ترجمة 4 لم أجد له ترجمة. 5 يحيى بن عبد العزيز، أبو عبد العزيز الأردني، نزل اليمامة، مقبول، من السابعة وهو والد أبي عبد الرحمن الشافعي، بخ د (التقريب/ 9597) . 6 جعفر بن محمود بن عبد الله بن محمد بن مسلمة الأنصاري، المدني، وقيل بإسقاط عبد الله، صدوق، من الرابعة صد (التقريب/ 956) . 7 محمد بن مسلمة بن سلمة الأنصاري، صحابي مشهور، مات سنة 42 ? وكان من الفضلاء، ع (التقريب/ 6300، وتهذيب الكمال 1272) . 8 عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة 150 ? أو بعدها، وقد جاوز السبعين، وقيل جاز المائة، ولم يثبت، ع (التقريب/ 4193) . 9 داود بن عبد الرحمن العطار أبو سليمان المكي، ثقة لم يثبت أن ابن معين تكلم فيه، من الثامنة، مات سنة 174?، وكان مولده سنة 100 ? ع (التقريب/ 1798) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 789 العطار، عن عمرو بن دينار1 عن جابر2 بن عبد الله، أن المصريين لما أقبلوا من مصر يريدون عثمان، ونزلوا بذي خشب دعا عثمان محمد بن مسلمة فقال: اذهب إليهم فارددهم عني، وأعطهم الرضى، وأخبرهم أني فاعل بالأمور التي طلبوا، ونازع عن كذا من الأمور التي تكلموا فيها. فركب محمد بن مسلمة إليهم إلى ذي خشب. قال جابر: وأرسل معه عثمان خمسين راكباً من الأنصار أنا فيهم. وكان رؤساؤهم أربعة: عبد الرحمن بن عديس البلوي، وسودان بن حمران المرادي، وابن البياع، وعمرو بن الحمق الخزاعي، لقد كان الاسم غلب حتى يقال: جيش عمرو بن الحمق. فأتاهم محمد بن مسلمة فقال: إن أمير المؤمنين يقول كذا ويقول كذا، وأخبرهم بقوله، فلم يزل بهم حتى رجعوا، فلما كانوا بالبويب رأوا جملاً عليه ميسم الصدقة، فأخذوه، فإذا غلام لعثمان، فأخذوا متاعه ففتشوه فوجدوا فيه قصبة من رصاص فيها كتاب في جوف الإدارة في الماء إلى عبد الله بن سعد، أن افعل بفلان كذا، وبفلان كذا من القوم   1 عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجمحي مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 126? ع (التقريب/ 5024) 2 جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري ثم السلمي، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين، وهو ابن 94 سنة ع (التقريب/ 871) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 790 الذين شرعوا في عثمان، فرجع القوم ثانية، حتى نزلوا بذي خشب، فأرسل عثمان إلى محمد بن مسلمة فقال: اخرج فارددهم عني، فقال: لا أفعل. قال: فقدموا، فحصروا عثمان"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. وهذا الإسناد لا يعلل بغير الواقدي. 2- قال الطبري: قال محمد3: وحدثني إبراهيم بن سالم4 عن أبيه5 عن بُسر6 ابن سعيد، قال: وحدثني عبد الله بن عياش7 بن أبي ربيعة، قال:   1 الطبقات (3/64) 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 321-322) . 3 محمد بن عمر الواقدي، تقدمت ترجمته. 4 إبراهيم بن سالم بن أبي أمية التميمي، المدني، أبو إسحاق المعروف ببردان، صدوق، من السادسة، ت سنة 193? د (التقريب/ 176) . 5 سالم بن أبي أمية، أبو النضر، مولى عمر بن عبيد الله التيمي، المدني، ثقة، ثبت، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 129? ع (التقريب/ 2169) . 6 بُسر بن سعيد المدني، العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة جليل، من الثانية، ت سنة 100? ع (التقريب/ 666) . 7 عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، القرشي، أبو الحارث، قال الحافظ ابن حجر: «صحابي شهير، ولد بأرض الحبشة إذ هاجر أبوه إليها وأمه ... » ت سنة 64? (ابن حجر، التعجيل 231-232) وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا ما يدل على صحبته ولا ما ينفيها (التاريخ الكبير 5/ 149-150، الجرح 5/ 125) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 791 دخلت على عثمان رضي الله عنه فتحدثت عنده ساعة، فقال: يا ابن عياش، تعال، فأخذ بيدي، فأسمعني كلام من على باب عثمان، فسمعنا كلاماً، منهم من يقول: ما تنتظرون به؟ ومنهم من يقول: انظروا عسى أن يراجع، فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيد الله، فوقف على. فقال: أين ابن عديس؟ فقيل: ها هو ذا، قال: فجاءه ابن عديس فناجاه بشيء، ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل، ولا يخرج من عنده. قال: فقال لي عثمان: هذا ما أمر به طلحة بن عبيد الله. ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن عبيد الله، فإنه حمّل عليّ هؤلاء وألبهم، والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً، وأن يسفك دمه، إنه انتهك مني ما لا يحل له، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه فيقتل، أو رجل زنى بعد إحصانه فيرجم، أو رجل قتل نفساً بغير نفس" ففيم أقتل؟ قال: ثم رجع عثمان. قال ابن عياش: فأردت أن أخرج، فمنعوني حتى مرَّ بي محمد بن أبي بكر، فقال: خلوه، فخلوني) "1.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 378-379) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 792 وهذا الإسناد ليس فيه ما يعله غير الواقدي. 3- قال الطبري: "ذكر محمد بن عمر الواقدي1 أن أسامة بن زيد2 حدثه عن داود بن الحصين3 عن عكرمة4 عن ابن عباس5 قال: لما حصر عثمان الحصر الآخر، قال عكرمة: فقلت لابن عباس: أو كانا حصرين؟ فقال ابن عباس: نعم، الحصر الأول، حصر اثنتي عشرة - وقدم المصريون، فلقيهم عليّ بذي خشب، فردهم عنه، وقد كان والله عليّ له صاحب صدق، حتى أوغر نفس عليّ عليه، جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على عليّ، فيتحمل، ويقولون: لو شاء ما كلمك أحد، وذلك أن علياً كان يكلمه وينصحه، ويغلط عليه في المنطق في مروان وذويه، فيقولون لعثمان: هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمه وابن عمته، فما ظنك بما غاب عنك منه، فلم يزالوا بعليّ حتى أجمع ألا   1 تقدمت ترجمته. 2 أسامة بن زيد الليثي، مولاهم، أبو زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، ت سنة 153هت وهو ابن 75 سنة بالمدينة ع (التقريب/ 317) . 3 داود بن الحصين الأموي، مولاهم، أبو سليمان المدني، ثقة إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة 135? هـ (التقريب/ 1779) . 4 عكرمة مولى ابن عباس، أبو عبد الله، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، من الثالثة مات سنة 104? وقيل بعد ذلك ع (التقريب/ 4663) . 5 عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 793 يقوم دونه، فدخلت عليه اليوم الذي خرجت فيه إلى مكة، فذكرت له أن عثمان دعاني إلى الخروج، فقال لي، ما يريد عثمان أن ينصحه أحد، اتخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلا قد تسبب بطائفة من الأرض، يأكل خراجها، ويستذل أهلها، فقلت له: إن له رحماً وحقاً، فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت، فإنك لا تعذر إلا بذلك. قال ابن عباس: فالله يعلم أني رأيت فيه الانكسار والرقة لعثمان، ثم إني لأراه يؤتى إليه عظيم. ثم قال عكرمة: وسمعت ابن عباس يقول: قال لي عثمان: يا ابن عباس، اذهب إلى خالد بن العاص، وهو بمكة، فقل له: يقرأ عليك أمير المؤمنين السلام، ويقول لك: إني محصور منذ كذا وكذا يوماً، لا أشرب إلا من الأجاج من داري، وقد منعت بئراً اشتريتها من صلب مالي رومة، فإنما يشربها الناس ولا أشرب منها شيئاً، ولا آكل إلا مما في بيتي، منعت أن آكل مما في السوق شيئاً، وأنا محصور كما ترى، فأمره، وقل له: فليحج بالناس، وليس بفاعل، فإن أبى فاحجج أنت بالناس. فقدمت الحج في العشر، فجئت خالد بن العاص، فقلت له ما قال لي عثمان، فقال لي: هل طاقة بعداوة من ترى؟ فأبى أن يحج وقال: فحج أنت بالناس: فأنت ابن عم الرجل، وهذا الأمر لا يفضي إلا إليه - يعني علياً - وأنت أحق أن تحمل له ذلك، فحججت بالناس، ثم قفلت في آخر الشهر، فقدمت المدينة وإذا عثمان قد قتل، وإذا الناس يتواثبون على رقبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 794 عليّ بن أبي طالب. فلما رآني عليّ ترك الناس، وأقبل عليّ فانتجاني، فقال: ما ترى فيما وقع؟ فإنه قد وقع أمر عظيم كما ترى لا طاقة لأحد به، فقلت: أرى أنه لا بد للناس منك اليوم، فأرى أنه لا يبايع اليوم أحد إلا اتهم بدم هذا الرجل، فأبى إلا أن يبايع، فاتهم بدمه"1. وهذا الخبر معلٌ بغير الواقدي فإن حديث داود عن عكرمة فيه ضعف. 4- قال الطبري: "قال محمد2: وحدثني أسامة بن زيد 3 الليثي عن يحيى بن عبد الرحمن4 بن حاطب، عن أبيه5 قال: أنا أنظر إلى عثمان يخطب على عصا النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يخطب عليها أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، فقال له جهجاه: قم يا نعثل فانزل عن هذا المنبر، وأخذ العصا، فكسرها على ركبته اليمنى، فدخلت شظية منها فيها، فبقي الجرح حتى أصابته الأكلة،   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 405-407) . 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، أبو محمد أو أبو بكر لامدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 104?، م 4 (التقريب/ 7592) . 5 عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة له رؤية، وعدّوه في كبار ثقات التابعين، مات سنة 68?، خت (التقريب/ 3833) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 795 فرأيتها تدود، فنزل عثمان، وحملوه، وأمر بالعصا فشدوها، فكانت مضببة، فما خرج بعد ذلك اليوم إلا خرجة أو خرجتين حتى حصر، فقتل. حدثني أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، أن جهجاهاً الغفاري أخذ عصا كانت في يد عثمان فكسرها على ركبته، فرمي في ذلك المكان بأكلة"1. وليس في هذا الخبر ما يعلله غير الواقدي، وما في أسامة من وهم. 5- قال الطبري: قال محمد2 وحدثني إسحاق بن يحيى3 عن موسى بن طلحة4 قال: رأيت عروة بن شييم ضرب مروان يوم الدار بالسيف على رقبته، فقطع إحدى علباويه، فعاش مروان أوقص، ومروان الذي يقول: ما قلت يوم الدار للقوم حاجزوا ... رويدا ولا استبقوا الحياة على القتل ولكنني قد قلت للقوم ماصعوا ... بأسيافكم كيما يصلن إلى الكهل"5 وهذا الخبر معلول بغير الواقدي، ففي إسحاق ضعف.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 366) . 2 الواقدي تقدمت ترجمته. 3 إسحاق بن يحيى بن طلحة، تقدمت ترجمته. 4 موسى بن طلحة بن عبيد الله، تقدمت ترجمته. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 394) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 796 6- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر1 قال: حدثني الحكم بن القاسم2 عن أبي عون3 مولى المسور بن مخرمة، قال: ما زال المصريون كافين عن دمه وعن القتال حتى قدمت أمداد العراق من الكوفة ومن البصرة ومن الشام، فلما جاءوا، وشجع القوم؛ حين بلغهم أن البعوث قد فصلت من العراق من عند ابن عامر، ومن مصر من عند عبد الله بن سعد، فقالوا: نعاجله قبل أن تقدم الأمداد"4. ورواه من طريقه ابن عساكر5. ورواه الطبراني عن محمد بن عمر به نحوه، وفيه: "فلما جاءوا شجعوا القوم وبلغهم ... " وبزيادة: "ولم يكن ابن سعد بمصر قبل ذلك، وكان هارباً قد خرج إلى الشام، فقالوا: ... "6. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن باقي رجاله مجهولون.   1 هو: الواقدي وهو متروك، تقدمت ترجمته. 2 الحكم بن القاسم، لم أجد له ترجمة. 3 أبو عون مولى المسور بن مخرمة، روى عن الزبير والمسور بن مخرمة، وعنه عبد الله ابن جعفر المخرمي، ذكره البخاري في الكنى، وسكت عنه (البخاري، التاريخ الكبير -الكنى -62، والذهبي، المقتنى 1/ 443) . 4 الطبقات (3/ 71-72) . 5 ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (404) . 6 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 394-395) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 797 7- قال الطبري: "قال الواقدي1: وحدثني داود بن خالد2 عن عبد الملك بن عمرو3 بن أبي سفيان الثقفي، عن عمه4 قال: صلى عثمان بالناس بمنى أربعاً، فأتى آت عبد الرحمن بن عوف، فقال: هل لك في أخيك؟ قد صلى بالناس أربعاً، فصلى عبد الرحمن بأصحابه ركعتين، ثم خرج حتى دخل على عثمان، فقال له: ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين؟ قال: بلى، قال: أفلم تصل مع أبي بكر ركعتين؟ قال: بلى، قال: أفلم تصل مع عمر ركعتين؟ قال: بلى، قال: ألم تصل صدراً من خلافتك ركعتين؟ قال: بلى، قال: فاسمع مني يا أبا محمد، إني أخبرت أن بعض من حج من أهل اليمن وجفاة الناس قد قالوا في عامنا الماضي: إن الصلاة للمقيم ركعتان، هذا إمامكم عثمان يصلي ركعتين، وقد اتخذت بمكة أهلاً، فرأيت أن أصلي أربعاً لخوف ما أخاف على الناس، وأخرى قد اتخذت بها زوجة، ولي بالطائف مال، فربما اطلعته فأقمت فيه بعد الصدر. فقال عبد الرحمن بن عوف: ما من هذا شيء لك فيه عذر، أما قولك: اتخذت أهلاً، فزوجتك بالمدينة تخرج بها إذا شئت، وتقدم بها إذا شئت، إنما تسكن بسكناك. وأما قولك: ولي مال بالطائف، فإن بينك   1 تقدمت ترجمته. 2 داود بن خالد بن دينار المدني، صدوق، من السابعة (التقريب/ 1780) . 3 عبد الملك بن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، لم أجد له ترجمة. 4 لم أعرفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 798 وبين الطائف مسيرة ثلاث ليال، وأنت لست من أهل الطائف. وأما قولك: يرجع من حج من أهل اليمن وغيرهم فيقولون: هذا إمامكم عثمان يصلي ركعتين وهو مقيم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الإسلام فيهم قليل، ثم أبوبكر مثل ذلك، ثم عمر، فضرب الإسلام بجرّانه، فصلى بهم عمر حتى مات ركعتين. فقال عثمان: هذا رأي رأيته. قال: فخرج عبد الرحمن فلقي ابن مسعود فقال: يا أبا محمد، غير ما يعلم؟ قال: لا، قال: فما أصنع؟ قال: اعمل أنت بما تعلم، فقال ابن مسعود: الخلاف شر، قد بلغني أنه صلى أربعاً فصليت بأصحابي أربعاً، فقال عبد الرحمن بن عوف: قد بلغني أنه صلى أربعاً، فصليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسوف يكون الذي تقول - يعني نصلي معه أربعاً"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن عبد الملك وعمه مجهولان. 8- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: حدثني ربيعة بن عثمان3: جاء المؤذن - سعد القرظ - إلى عليّ بن أبي طالب في ذلك اليوم، فقال: من يصلي   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 268) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 ربيعة بن عثمان بن ربيعة بن عبد الله بن الهدير، التيمي، أبو عثمان المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، ت سنة 154? وهو ابن 77سنة م س ق (التقريب/ 1913) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 799 بالناس؟ فقال عليّ: ناد خالد بن زيد، فنادى خالد بن زيد، فصلى بالناس - فإنه لأول يوم عرف أن أبا أيوب خالد بن زيد - فكان يصلي بهم أياماً، ثم صلى عليّ بعد ذلك بالناس"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي؛ كما أنه منقطع أيضاً، فربيعة ولد سنة 77? أي بعد الفتنة باثنتين وأربعين سنة، فروايته عنها منقطعة. 9- قال ابن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر2 قال: حدثني الزبير بن عبد الله3 عن جدته4 قالت: لما ضربه بالمشاقص قال عثمان: بسم الله توكلت على الله، وإذا الدم يسيل على اللحية يقطر والمصحف بين يديه، فاتكأ على شقه الأيسر وهو يقول: سبحان الله العظيم، وهو في ذلك يقرأ المصحف والدم يسيل على المصحف، حتى وقف الدم عند قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، وأطبق المصحف، وضربوه جميعاً   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 423) . 2 محمد بن عمر هو: الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 الزبير بن عبد الله بن أبي خالد الأموي، مولاهم، يقال له: ابن رهمة، مقبول، من السابعة، مد (التقريب/ 1997) وأبوه يقال له: ابن رهيمة، وهي أمة، وكانت خادم عثمان (المزي، تهذيب الكمال 425) . قال عنه أبو حاتم: «صالح الحديث» (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 3/ 582) . 4 هي: رهيمة جدة الزبير لوالده كما تقدم، وقد ذكرها ابن حبان في الثقات (4/ 245) ولم يوثقها غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 800 ضربة واحدة، فضربوه والله، بأبي هو يحيي الليل في ركعة، ويصل الرحم، ويطعم الملهوف، ويحمل الكل، فرحمه الله"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. وهذا الإسناد ضعيف جداً بالواقدي، كما أن جدة الزبير مجهولة. 10- قال الطبري: "قال محمد3: وحدثني الزبير بن عبد الله4 عن يوسف بن عبد الله5 بن سلام، قال: أضرف عثمان عليهم وهو محصور، وقد أحاطوا بالدار من كل ناحية. فقال: أنشدكم بالله - جل وعز -، هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يخير لكم، وأن يجمعكم على خيركم؟ فما ظنكم بالله أتقولون: لم يستجب لكم، وهنتم على الله سبحانه، وأنتم يومئذ أهل حقه من خلقه وجميع أموركم لم تتفرق، أم تقولون: هان على الله دينه، فلم يبال من ولاه، والدين يومئذ يعبد به الله، ولم يتفرق أهله، فتوكلوا أو تخذلوا، وتعاقبوا، أم تقولون: لم   1 ابن سعد (الطبقات 3/ 74) . 2 ابن عساكر (تاريخ دمشق، ترجمة عثمان 418-419) . 3 الواقدي، تقدمت ترجمته. 4 الزبير بن عبد الله بن أبي خالد الأموي مولاهم، تقدمت ترجمته. 5 يوسف بن عبد الله بن سلام الإسرائيلي، المدني، أبو يعقوب، صحابي صغير، وقد ذكره العجلي في ثقات التابعين بخ 4 (التقريب/ 7870) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 801 يكن أخذ عن مشورة، وإنما كابرتم مكابرة، فوكل الله الأمة إذا عصته لم تشاوروا في الإمام، ولم تجتهدوا في موضع كراهته، أم تقولون: لم يدر الله ما عاقبة أمري، فكنت في بعض أمري محسناً، ولأهل الدين رضا، فما أحدثت بعد في أمري ما يسخط الله وتسخطون مما لم يعلم الله سبحانه يوم اختارني وسربلني سربال كرامته. وأنشدكم بالله هل تعلمون لي من سابقة خير وسلف خير، قدمه الله لي، وأشهدنيه من حقه، وجهاد عدوه، حق على كل من جاء بعدي أن يعرفوا لي فضلها. فمهلاً، لا تقتلوني، فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر بعد إسلامه، أو قتل نفساً بغير نفس، فيقتل بها، فإنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفعه الله عز وجل عنكم إلى يوم القيامة. ولا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني لم تصلوا من بعدي جميعاً أبداً ولم تقسموا بعدي شيئاً جميعاً أبداً، ولن يرفع الله عنكم الاختلاف أبداً. قالوا له: أما ما ذكرت من استخارة الله عز وجل الناس بعد عمر رضي الله عنه فيمن يولون عليهم، ثم ولوك بعد استخارة الله، فإن كل ما صنع الله الخيرة، ولكن الله - سبحانه - جعل أمرك بلية ابتلى بها عباده. وأما ما ذكرت من قدمك وسبقك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك كنت ذا قدم وسلف، وكنت أهلاً للولاية، ولكن بدّلت بعد ذلك، وأحدثت ما قد علمت. وأما ما ذكرت مما يصيبنا إن نحن قتلناك من البلاء، فإنه لا ينبغي ترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاماً قابلاً. وأما قولك: إنه لا يحل إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 802 قتل ثلاثة، فإنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت، قتل من سعى في الأرض فساداً، وقتل من بغى، ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شيء من الحق، ومنعه، ثم قاتل دونه، وكابر عليه، وقد بغيت، ومنعت الحق، وحلت دونه، وكابرت عليه، تأبى أن تقيد من نفسك من ظلمك عمداً، وتمسكت بالإمارة علينا، وقد جُرت في حكمك وقسمك، فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليه، وأن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون بغير أمرك، فإنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة، فلو أنك خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال دونك"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي والزبير، قال عنه الحافظ ابن حجر: "مقبول" ولم يتابع في روايته هذه، فإذاً يصبح لين الحديث. وفي سماع الزبير من يوسف نظر، فالزبير من الطبقة السادسة، ويوسف صحابي صغير؛ فيبعد سماعه منه، والله أعلم. 11- قال الطبري: "وأما الواقدي2 فإنه ذكر أن سعد بن راشد3 حدثه عن صالح ابن كيسان4 أنه قال:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 395-396) . 2 محمد بن عمر الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. 4 صالح بن كيسان المدني، ثقة، ثبت فقيه، من الرابعة، ت بعد سنة 130? أو بعد سنة 140?، ع (التقريب/ 2884) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 803 لما قتل عثمان رضي الله عنه قال رجل: يدفن بدير سلع مقبرة اليهود، فقال حكيم بن حزام: والله لا يكون هذا أبداً وأحد من بني قصي حي، حتى كاد الشر يلتحم، فقال ابن عديس البلوي: أيها الشيخ، وما يضرك أين يدفن؟ فقال حكيم بن حزام: لا يدفن إلا ببقيع الغرقد حيث دفن سلفه وفرطه، فخرج به حكيم بن حزام في اثني عشر رجلاً، وفيهم الزبير، فصلى عليه حكيم بن حزام. قال الواقدي: الثبت عندنا أنه صلى عليه جبير بن مطعم"1. إسناده ضعيف جداً؛ الواقدي متروك، وسعد مجهول، وصالح بن كيسان روايته عن الفتنة منقطعة. قال العلائي: "رأى ابن عمر وابن الزبير، واختلف في سماعه منهما، وأثبته يحيى بن معين، ولم يدرك عقبة بن عامر بل هو عنه مرسل"2. قلت: من لم يدرك عقبة بن عامر رضي الله عنه الذي توفي في خلافة معاوية3لم يدرك الفتنة التي كانت سنة 35?. 12- قال الطبري: "قال محمد4: وحدثني سعد بن راشد5 عن صالح بن كيسان6 قال:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 413) . 2 جامع التحصيل (240) . 3 انظر في وفاة عقبة رضي الله عنه (الإصابة لابن حجر 2/ 489) . 4 الواقدي، تقدمت ترجمته. 5 لم أجد له ترجمة. 6 صالح بن كيسان، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 804 قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وأشهر"1. إسناده ضعيف جداً: فيه عدة علل سبق بيانها في الرواية السابقة. 13- قال الطبري: "قال محمد بن عمر 2: وحدثني شرحبيل 3 بن أبي عون، عن يزيد بن أبي حبيب4 عن أبي الخير5 قال: لما خرج المصريون إلى عثمان رضي الله عنه، بعث عبد الله بن سعد رسولاً أسرع السير، يعلم عثمان بمخرجهم. ويخبره أنهم يظهرون أنهم يريدوه العمرة. فقدم الرسول على عثمان بن عفان يخبرهم، فتكلم عثمان، وبعث إلى أهل مكة يحذر من هناك هؤلاء المصريين، ويخبرهم أنهم قد طعنوا على إمامهم. ثم إن عبد الله ابن سعد خرج إلى عثمان في آثار المصريين - وقد كان كتب إليه يستأذنه في القدوم عليه، فأذن له - فقدم ابن سعد، حتى إذا كان بأيلة بلغه أن المصريين قد رجعوا إلى عثمان، وأنهم قد حصروه، ومحمد بن أبي حذيفة بمصر، فلما بلغ محمداً حصر عثمان وخروج عبد الله   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 418) . 2 هو الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمه. 4 تقدمت ترجمته. 5 مرثد بن عبد الله اليزني، أبو الخير، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 805 ابن سعد عنه غلب على مصر، فاستجابوا له، فأقبل عبد الله بن سعد يريد مصر، فمنعه ابن أبي حذيفة، فوجه إلى فلسطين، فأقام بها حتى قتل عثمان رضي الله عنه، وأقبل المصريون حتى نزلوا بالأسواق، فحصروا عثمان، وقدم حكيم ابن جبلة من البصرة في ركب، وقدم الأشتر في أهل الكوفة، فتوافوا بالمدينة، فاعتزل الأشتر، فاعتزل حكيم بن جبلة، وكان ابن عديس وأصحابه هم الذين يحصرون عثمان، فكانوا خمسمائة، فأقاموا على حصاره تسعة وأربعين يوماً، حتى قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وبجهالة شيخه، وباقي رجاله ثقات، وأبو الخير ت سنة 90?. 14- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: وحدثني شرحبيل بن أبي عون3 عن أبيه 4 عن أبي حفصة اليماني 5 قال: كنت لرجل من أهل البادية من العرب فأعجبته - يعني مروان - فاشتراني واشترى امرأتي وولدي، فاعتقنا جميعاً،   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 378) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمه. 5 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 806 ابن سعد عنه غلب على مصر، فاستجابوا له، فأقبل عبد الله بن سعد يريد مصر، فمنعه ابن أبي حذيفة، فوجه إلى فلسطين، فأقام بها حتى قتل عثمان رضي الله عنه، وأقبل المصريون حتى نزلوا بالأسواق، فحصروا عثمان، وقدم حكيم ابن جبلة من البصرة في ركب، وقدم الأشتر في أهل الكوفة، فتوافوا بالمدينة، فاعتزل الأشتر، فاعتزل حكيم بن جبلة، وكان ابن عديس وأصحابه هم الذين يحصرون عثمان، فكانوا خمسمائة، فأقاموا على حصاره تسعة وأربعين يوماً، حتى قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وبجهالة شيخه، وباقي رجاله ثقات، وأبو الخير ت سنة 90?. 14- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: وحدثني شرحبيل بن أبي عون3 عن أبيه 4 عن أبي حفصة اليماني 5 قال: كنت لرجل من أهل البادية من العرب فأعجبته - يعني مروان - فاشتراني واشترى امرأتي وولدي، فاعتقنا جميعاً،   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 378) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمه. 5 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 807 أبيه1 قال: سمعت عبد الرحمن بن الأسود2 بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم فقال: قبح الله مروان خرج عثمان إلى الناس، فأعطاهم الرضا، وبكى على المنبر، وبكى الناس، حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلة بالدموع، وهو يقول: اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، والله لئن ردني الحق إلى أن أكون عبداً قِناًّ لأرضين به، إذا دخلتُ منزلي فادخلوا علي، فو الله لا أحتجب منكم، ولأعطينكم الرضا، ولأزيدنكم على الرضا، ولأنحين مروان وذويه. قال: فلما دخل أمر بالباب، ففتح، ودخل بيته، ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه، وأزاله عما كان يريد، فلقد مكث عثمان ثلاثة أيام ما خرج استحياء من الناس، وخرج مروان إلى الناس، فقال: شاهت الوجوه إلا من أريد ارجعوا إلى منازلكم، فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه، وإلا قرَّ في بيته. قال عبد الرحمن: فجئت إلى عليّ، فأجده بين القبر والمنبر، وأجد عنده عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر، وهما يقولان: صنع مروان بالناس وصنع، قال: فأقبل عليّ علي: فقال: أحضرت خطبة عثمان؟ قلت: نعم،   1 يروي عن أبي حفصة اليماني، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث في الطبري: لم أجد له ترجمة. 2 عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات أبوه في ذلك الزمان، فعد لذلك من الصحابة. وقال العجلي: «من كبار التابعين» خ د ق (التقريب/ 3801) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 قال: أفحضرت مقالة مروان للناس؟ قلت: نعم، قال عليّ: عياذ الله يا للمسلمين، إني إن قعدت في بيتي، قال لي: تركتني وقرابتي وحقي، وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان، فصار سيقة له يسوقه، حيث شاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبد الرحمن بن الأسود: فلم يزل حتى جاء رسول عثمان: ائتني، فقال عليّ بصوت مرتفع عال مغضب: قل له: ما أنا بداخل عليك ولا عائد. قال: فانصرف الرسول. قال: فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين خائباً، فسألت ناتلا غلامه: من أين جاء أمير المؤمنين؟ فقال: كان عند عليّ. فقال عبد الرحمن بن الأسود: فغدوت، فجلست مع عليّ - عليه السلام -، فقال لي: جاءني عثمان البارحة، فجعل يقول: إني غير عائد، وإني فاعل، قال: فقلت له: بعدما تكلمت به على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطيت من نفسك، ثم دخلت بيتك، وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم، قال: فرجع، وهو يقول: قطعت رحمي، وخذلتني، وجرأت الناس علي. فقلت: والله إني لأذب الناس عنك، ولكني كلما جئتك بهنة أظنها لك رضا جاء بأخرى، فسمعت قول مروان علي، واستدخلت مروان. قال: ثم انصرف إلى بيته. قال عبد الرحمن بن الأسود: فلم أزل أرى علياً منكباً عنه لا يفعل ما كان يفعل إلا أني أعلم أنه قد كلم طلحة حين حصر في أن يدخل عليه الروايا، وغضب فيذلك غضباً شديداً، حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 809 دخلت الروايا على عثمان"1. إسناده ضعيف جداً: بالواقدي، كما أن شيخه وشيخ شيخه مجهولان. 16- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: حدثني شيبان3 عن مجالد4 عن الشعبي5 قال: قدم سعيد بن العاص الكوفة، فجعل يختار وجوه الناس؛ يدخلون عليه، ويسمرون عنده، وإنه سمر عنده ليلة وجوه أهل الكوفة، منهم مالك بن كعب الأرحبي، والأسود بن يزيد، وعلقمة بن قيس النخعيان، وفيهم مالك بن الأشتر في رجال، فقال سعيد: إنما هذا السواد بستان لقريش، فقال الأشتر: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك ولقومك؟ والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيباً إلا أن يكون كأحدنا، وتكلم معه القوم.   1 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 363-364) . 2 تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة، وفي الرواة شيبان بن عبد الرحمن التميمي، مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري، نزيل الكوفة، ثقة صاحب كتاب، من السابعة، مات سنة 164? ع (التقريب/ 2833) فلعله هو، فإن شيوخ الواقدي تكون طبقتهم غالباً من السادسة أو السابعة، وهذا من السابعة. 4 مجالد بن سعيد الهمداني، تقدمت ترجمته. 5 عامر بن شراحيل الشعبي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 قال: فقال عبد الرحمن الأسدي - وكان على شرطة سعيد: أتردون على الأمير مقالته؟ وأغلظ لهم، فقال الأشتر: من هاهنا لا يفوتنكم الرجل، فوثبوا عليه فوطئوه وطأً شديداً، حتى غشي عليه، ثم جُر برجله فألقي فنُضح بماء فأفاق، فقال له سعيد: أبك حياة؟ فقال: قتلني من انتخبت - زعمت - للإسلام، فقال: والله لا يسمر منهم عندي أحد أبداً، فجعلوا يجلسون في مجالسهم وبيوتهم يشتمون عثمان وسعيداً، واجتمع الناس إليهم، حتى كثر من يختلف إليهم، فكتب سعيد إلى عثمان يخبره بذلك، ويقول: إن رهطاً من أهل الكوفة، سماهم له عشرة - يؤلبون ويجتمعون في عيبك وعيبي والطعن في ديننا، وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا، فكتب عثمان إلى سعيد: أن سيِّرهم إلى معاوية - ومعاوية يومئذ على الشام - فسيَّرهم - وهم تسعة نفر - إلى معاوية، فيهم مالك بن الأشتر، وثابت بن قيس بن منقع، وكميل بن زياد النخعي، وصعصعة بن صوحان. ثم ذكر نحو حديث السري، عن شعيب1إلا أنه قال: فقال صعصعة: فإن اخترقت الجنة أفليس يخلص إلينا؟ فقال معاوية: إن الجنة لا تخترق، فضع أمر قريش على أحسن ما يحضرك. وزاد فيه أيضاً: إن معاوية لما عاد إليهم من القابلة، وذكرهم، قال فيما يقول: وإني والله ما آمركم بشيء إلا قد بدأت فيه بنفسي وأهل بيتي   1 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 وخاصتي، وقد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها، إلا ما جعل الله لنبيه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، فإن الله انتخبه وأكرمه، فلم يخلق في أحد من الأخلاق الصالحة شيئاً إلا أصفاه الله بأكرمها وأحسنها، ولم يخلق من الأخلاق السيئة شيئاً في أحد إلا أكرمه الله عنها ونزهه، وإني لأظن أن أبا سفيان لو ولد الناس لم يلد إلا حازماً، قال صعصعة: كذبت، قد ولدهم خير من أبي سفيان، من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر، والأحمق والكيِّس. فخرج تلك الليلة من عندهم، ثم أتاهم القابلة، فتحدث عندهم طويلاً، ثم قال: أيها القوم، ردوا عليَّ خيراً أو اسكتوا، وتفكروا، وانظروا فيما ينفعكم، وينفع أهليكم، وينفع عشائركم، وينفع جماعة المسلمين، فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم، فقال صعصعة: لست بأهل ذلك ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله. فقال: أوليس ما ابتدأتكم به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا؟ قالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإني آمرك الآن، إن كنت فعلت فأتوب إلى الله، وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم ولزوم الجماعة، وكراهة الفرقة، وأن توقروا أئمتكم، وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم، وتعظوهم في لين ولطف في شيء إن كان منهم. فقال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك، فإن في المسلمين من هو أحق به منك، قال: من هو؟ قال: من كان أبوه أحسن قدماً من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 أبيك، وهو بنفسه أحسن قدماً منك في الإسلام، فقال: والله إن لي في الإسلام قدماً ولغيري كان أحسن قدماً مني، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة ولا لغيري، ولم أحدث من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين وجماعة المسلمين لكتب إلي بخط يده، فاعتزلت عمله، ولو قضى الله أن يفعل ذلك لرجوت ألا يعزم له على ذلك إلا وهو خير، فمهلاً فإن في ذلك وأشباهه ما يتمنى الشيطان، ويأمر، ولعمري، لو كانت الأمور تقضي على رأيكم وأمانيكم ما استقامت الأمور لأهل الإسلام يوماً ولا ليلة، ولكن الله بقضيها، ويدبرها، وهو بالغ أمره، فعادوا الخبر، وقولوه. فقالوا: لست لذلك أهلاً، فقال: أما والله إن لله لسطوات ونقمات، وإني لخائف عليكم أن تتابعوا في مطاوعة الشيطان حتى تحلكم مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن دار الهوان من نقم الله في عاجل الأمر، والخزي الدائم في الآجل. فوثبوا عليه، فأخذوا برأسه ولحيته، فقال: مه، إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إن صنيعكم ليشبه بعضه بعضاً، ثم أقام من عندهم، فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت. ثم كتب إلى عثمان: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان، أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنك بعثت إلي أقواماً يتكلمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم ويأتون الناس - زعموا - من قبل القرآن، فيشبهون على الناس، وليس كل الناس يعلم ما يريدون، وإنما يريدون فرقة ويقربون فتنة، قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم، وتمكنت رقى الشيطان من قلوبهم، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة، ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشام أن يغروهم بسحرهم وفجورهم، فارددهم إلى مصرهم، فلتكن دارهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم، والسلام. فكتب إليه عثمان يأمره أن يردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة، فردهم إليه فلم يكونوا إلا أطلق ألسنة منهم؛ حين رجعوا. وكتب سعيد إلى عثمان يضج منهم، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان أميراً على حمص. وكتب إلى الأشتر وأصحابه: أما بعد، فإني قد سيرتكم إلى حمص، فإذا أتاكم كتابي هذا، فاخرجوا إليها، فإنكم لستم تألون الإسلام وأهله شراً، والسلام. فلما قرأ الأشتر الكتاب، قال: اللهم أسوأنا نظراً للرعية، وأعملنا فيهم بالمعصية، فعجل له النقمة. فكتب بذلك سعيد إلى عثمان، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 فأنزلهم عبد الرحمن بن خالد الساحل، وأجرى عليهم رزقاً "1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع؛ لأن الشعبي يتوقع عمره حين الفتنة سبع سنوات؛ لأنه توفي سنة 105 ? وله 77 سنة، فإذً سنة ولادته سنة 28 ?2. 17- قال الطبري: "قال محمد بن عمر3: وحدثني الضحاك4 بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان الوالبي5 قال: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة ضحوة، فلم يقدروا على دفنه، وأرسلت نائلة ابنة الفرافصة إلى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم، وأبي جهم بن حذيفة، وحكيم بن حزام، ونيار الأسلمي، فقالوا: إنا لا نقدر أن نخرج به نهاراً، وهؤلاء المصريون على الباب، فأمهلوا حتى كان بين المغرب والعشاء، فدخل القوم، فحيل بينهم وبينه. فقال أبو جهم: والله لا يحول بيني وبينه أحد إلا مت دونه، احملوه   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 322-326) . 2 ابن سعد (الطبقات 6/255) 3 الواقدي، تقدمت ترجمته. 4 الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي، الحزامي أبو عثمان المدني، صدوق يهم، من السابعة، م 4 (التقريب/ 2972) . 5 مخرمة بن سليمان الأسدي الوالبي، المدني ثقة، من الخامسة، مات سنة 130 ? ع (التقريب/ 6527) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 فحمل إلى البقيع، قال: وتبعتهم نائلة بسراج استسرجته بالبقيع وغلام لعثمان، حتى انتهوا إلى نخلات عليها حائط فدقوا الجدار، ثم قبروه في تلك النخلات، وصلى عليه جبير بن مطعم، فذهبت نائلة تريد أن تتكلم، فزبرها القوم، وقالوا: إنا نخاف عليه من هؤلاء الغوغاء أن ينبشوه، فرجعت نائلة إلى منزلها"1. إسناده ضعيف جدا: بالواقدي، كما أنه منقطع، مخرمة ت سنة 130هـ فيبعد أن يكون قد أدرك عثمان رضي الله عنه. 18- قال الطبري: "محمد بن عمر2 وحدثني الضحاك3 بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان الوالبي 4 قال: قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وثمانين سنة"5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع، فيبعد إدراك مخرمة للحادثة6. 19- قال الطبري: "قال محمد: وحدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز7 عن عبد الله بن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/413) 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/417) 6 انظر الرواية السابقة. 7 عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي، أبو محمد المدني، الأمامي، صدوق يخطئ، من لاثامنة، ت سنة 162?، وهو ابن بضع وسبعين م (التقريب/ 3933) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 816 أبي بكر بن حزم1, قال: جاء المؤذن إلى عثمان، فآذنه بالصلاة، فقال: لا أنزل أصلي، اذهب إلى من يصلي، فجاء المؤذن إلى علي، فأمر سهل بن حنيف، فصلى اليوم الذي حصر فيه عثمان الحصر الآخر، وهو ليلة رئي هلال ذي الحجة، فصلى بهم، حتى إذا كان يوم العيد صلى علي العيد، ثم صلى بهم، حتى قتل رضي الله عنه"2. إسناده ضعيف جداً: بالواقدي، ومنقطع أيضاً؛ عبد الله ولد سنة 65? فلم يدرك الحادثة بل كانت قبل مولده بثلاثين عاماً. 20- قال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر3 حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز 4 عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد، أن محمد بن أبي بكر تسور على عثمان من دار عمرو بن حزم، ومعه كنانة بن بشر بن عتاب، وسودان بن حمران، وعمرو بن الحمق، فوجدوا عثمان عند امرأته نائلة، وهو يقرأ في المصحف سورة البقرة، فتقدمهم محمد بن أبي بكر، فأخذ بلحية عثمان، فقال: أخزاك الله يا نعثل، فقال عثمان: لست بنعثل، ولكن عبد الله   1 عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، المدني القاضي، ثقة من الخامسة، مات سنة 135?، وهو ابن 70 سنة ع (التقريب/ 3239) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/423) 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 وأمير المؤمنين، فقال محمد: ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان، فقال عثمان: يا ابن أخي دع عنك لحيتي، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه، فقال محمد: ما أريد بك أن أشد من قبضي على لحيتك، فقال عثمان: أستنصر الله عليك وأستعين به، ثم طعن جبينه بمشقص في يده، ورفع كنانة بن بشر بن عتاب مشاقص كانت في يده فوجأ بها في أصل أذن عثمان، فمضت حتى دخلت في حلقه، ثم علاه بالسيف حتى قتله. قال عبد الرحمن بن عبد العزيز: فسمعت ابن أبي عون يقول: ضرب كنانة بن بشر جبينه، ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبه، وضربه سودان بن حمران المرادي بعدما خر لجنبه فقتله، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان، فجلس على صدره وبه رمق، فطعنه تسع طعنات، وقال: أما ثلاث منهن فإني طعنتهن لله، وأما ست فإني طعنت إياهن لما كان في صدري عليه"1. ورواه من طريقه ابن عساكر. ورواه الطبري عن محمد بن عمر به إلى قوله: "لجبينه فقتله". ثم ذكر رواية أخرى ثم قال: "قال: وأما عمرو بن الحمق فذكره". إسناده ضعيف جداً بالواقدي. وعبد الرحمن بن محمد مجهول، كما أنه لا تتوقع معاصرته للحادثة، لأن الراوي عنه هنا ولد سنة 90? تقريباً.   1 الطبقات (3/ 73-74) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 21- قال الطبري: "قال محمد بن عمر1 حدثني: عبد الرحمن بن أبي الزناد2 عن عبد الرحمن بن الحارث3 قال: الذي قتله كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي، وكانت امرأة منظور بن سيار4 الفزاري تقول: خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل، حتى إذا كنا بالعرج5 سمعنا رجلاً يتغنى تحت الليل: ألا إن خير الناس بعد ثلاثة ... قتيل تجيب الذي جاء من مصر قال6: وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان، فجلس عل صدره   1 محمد بن عمر هو: الواقدي متروك، تقدمت ترجمته. 2 عبد الرحمن بن أبي الزناد: عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش، صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً، من السابعة، مات سنة 174? وله أربع وسبعون سنة خت م 4 (التقريب/ 3861) . وانظر (ابن الكيال، الكواكب النيرات 477) و (تاريخ بغداد للخطيب 10/ 228) 3 عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، أبو الحارث المدني، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثلاث وأربعين، سنة 143? وله ثلاث وستون سنة. بخ 4 (التقريب/ 3831) ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي الزناد (المزي، تهذيب الكمال 781، 786) . 4 منظور بن سيار الفزاري البصري، ويقالك سيار بن منظور، من السادسة، د س (التقريب/ 6913) (المزي، تهذيب الكمال 1378) . 5 العرج: عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج (ياقوت الحموي، معجم البلدان 4/ 99) . 6 يرجع الضمير إلى القائل الأول: وهو عبد الرحمن بن الحارث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 819 وبه رمق، فطعنه تسع طعنات. قال1 عمرو: فأما ثلاث منهن فإني طعنتهن إياه لله، وأما ست فإني طعنتهن إياه لما كان في صدري عليه"2. وذكره ابن كثير من طريق الواقدي3. إسناده ضعيف جداً: فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك، كما أنه منقطع؛ فعبد الرحمن لم يعاصر الفتنة إنما يروي عن الصحابة بواسطة شيوخه الذين منهم: الحسن البصري، وعبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد ابن مسلم بن شهاب الزهري، وطبقتهم، وتوفي سنة 143? عن ثلاث وستين سنة، فتكون سنة ولادته هي سنة 80? أي بعد قتل عثمان بخمس وأربعين سنة؛ فروايته عن فتنة قتل عثمان رضي الله عنه منقطعة. 22- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر4قال: حدثني عبد الرحمن 5 بن أبي الزناد، عن محمد بن يوسف6قال:   1 يرجع الضمير إلى القائل الأول: وهو عبد الرحمن بن الحارث. 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 394) . 3 ابن كثير (البداية والنهاية 7/ 194، 198) . 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 محمد بن يوسف بن عبد الله الكندي، المدني الأعرج، ثقة، ثبت من الخامسة، مات في حدود الأربعين خ م ت س (التقريب/ 6414) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 خرجت نائلة بنت الفرافصة تلك الليلة وقد شقت جيبها قبلاً ودبراً ومعها سراج وهي تصيح: وا أمير المؤمنيناه! قال: فقال لها جبير بن مطعم: أطفئي السراج لا يفطن بنا، فقد رأيت الغواة الذين على الباب. قال: فأطفأت السراج وانتهوا إلى البقيع، فصلى عليه جبير بن مطعم، وخلفه حكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، ونائلة بنت الفرافصة، وأم البنين بنت عيينة - امرأتان - ونزل في حفرته نيار بن مكرم وأبو جهم بن حذيفة، وجبير بن مطعم، وكان حكيم بن حزام وأم البنين ونائلة يدلونه على الرجال حتى لحدوا له، وبني عليه، وغبوا قبره، وتفرقوا"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف جداً بالواقدي. كما أنه يستبعد أن يدرك محمد بن يوسف الحادثة، ثم يتوفى سنة 140? أو نحوها. ففي الإسناد انقطاع إما بين عبد الرحمن ومحمد بن يوسف على احتمال أن يكون محمد بن يوسف آخر غير الكندي، كأن يكون مولى عثمان أو غيره، أو بين محمد بن يوسف والخبر.   1 الطبقات (3/ 78-79) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 541) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 23- قال الطبري: "قال محمد بن عمر1 وحدثني أبي أبي الزناد2 عن موسى بن عقبة3 عن أبي حبيبة4 قال: خطب عثمان في بعض أيامه، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إنك قد ركبت نهابير وركبناها معك، فتب نتب. فاستقبل عثمان القبلة وشهر يديه - قال أبو حبيبة: فلم أر يوماً أكثر باكياً ولا باكية من يومئذ - ثم لما كان بعد ذلك خطب الناس، فقام إليه جهجاه الغفاري، فصاح: يا عثمان ألا إن هذه شارف قد جئنا بها، عليها عباءة وجامعة، فانزل فلندرعك العباءة، ولنطرحك في الجامعة، ولنحملك على الشارف، ثم نطرحك في جبل الدخان، فقال عثمان: قبحك الله وقبح ما جئت به. قال أبو حبيبة: ولم يكن ذلك منه إلا عن ملأ من الناس، وقام إلى عثمان خيرته وشيعته من بني أمية فحملوه فأدخلوه الدار. قال أبو حبيبة: فكان آخر ما رأيته فيه"5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن أبا حبيبة لم يوثقه غير العجلي.   1 هو الواقدي تقدمت ترجمته. 2 هو عبد الرحمن بن أبي الزناد تقدمت ترجمته. 3 موسى بن عقبة تقدمت ترجمته. 4 أبو حبيبة، هو مولى عروة جد موسى بن عقبة، تقدمت ترجمته. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 366) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 24- قال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر1 قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد2 عن أبي جعفر القارئ3 مولى ابن عباس المخزومي، قال: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة، رأسهم عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر بن عتاب الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، والذين قدموا من الكوفة مائتين رأسهم مالك الأشتر النخعي، والذين قدموا من البصرة مائة رجل رأسهم حكيم بن جبلة العبدي، وكانوا يداً واحدة في الشر، وكان حثالة من الناس قد ضووا إليهم، قد مزجت عهودهم وأماناتهم، مفتونون، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين خذلوه كرهوا الفتنة، وظنوا أن الأمر لا يبلغ قتله، فندموا على ما صنعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم، فحثا في وجوههم التراب؛ لانصرفوا خاسرين"4. ورواه من طريقه ابن عساكر5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي.   1 الواقدي، تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 أبو جعفر القارئ المدني المخزومي، مولاهم اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز، وقيل فيروز، ثقة، من الرابعة، ت سنة 127? د (التقريب/ 8021) . 4 الطبقات (3/ 71) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 362-363) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 وأبو جعفر هو مولى عبد الله بن عياش، وليس ابن عباس1. 25- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2 وحدثني عبد الله بن جعفر3 عن إسماعيل ابن محمد4 أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، فقام رجل فقال: أقم كتاب الله، فقال عثمان: اجلس فجلس حتى قام ثلاثاً، فأمر به عثمان فجلس، فتحاثوا الحصباء حتى ما ترى السماء، وسقط عن المنبر، فحمل فأدخل داره مغشياً عليه، فخرج رجل من حجاب عثمان، ومعه مصحف في يده، وهو ينادي: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} ودخل علي بن أبي طالب على عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه، وبنو أمية حوله، فقال: مالك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد فقالوا: يا علي أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين، أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا. فقام علي مغضباً"5. إسناده ضعيف جداً:بالواقدي.   1 انظر تهذيب التهيب لابن حجر (12/ 58) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة المخرمي، أبو محمد المدني، ليس به بأس، من الثامنة، مات سنة 170? وله بضع وسبعون. خت م 4 (التقريب/ 3252) . 4 إسماعيل بن محمد بن أبي وقاص الزهري، المدني، أبو محمد، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة 134? خ م د ت س (التقريب/ 479) . 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 365) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 26- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر1 قال: حدثني عبد الله جعفر2 عن ابن أبي عون3 عن الزهري4 قال: قتل عثمان عند صلاة العصر، وشدّ عبد لعثمان أسود على كنانة بن بشر فقتله، وشدّ سودان على العبد فقتله، ودخلت الغوغاء دار عثمان فصاح إنسان منهم: أيحلّ دم عثمان ولا يحل ماله؟ فانتهبوا متاعه، فقامت نائلة5فقالت: لصوص ورب الكعبة، يا أعداء الله، ما ركبتم من دم عثمان أعظم، أما والله لقد قتلتموه صواماً قواماً يقرأ القرآن في ركعة، ثم خرج الناس من دار عثمان، فأغلق بابه على ثلاثة قتلوا: عثمان، وعبد عثمان الأسود، وكنانة بن بشر"6. ورواه من طريقه ابن عساكر7. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع، فالزهري لم   1 محمد بن عمر هو الواقدي، تقدمت ترجمته. 2 عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، تقدمت ترجمته. 3 ابن أبي عون هو: عبد الواحد بن أبي عون المدني، صدوق، يخطئ، مات سنة أربع وأربعين، سنة 144? خت ق (التقريب/ 4246) 4 الزهري، هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن شهاب الزهري، تقدمت ترجمته. 5 نائلة، هي: بنت الفرافصة الحنفية (ابن سعد، الطبقات 8/483) وهي زوجة عثمان رضي الله عنه. 6 ابن سعد، الطبقات (3/74) 7 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 419) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 يدرك قتل عثمان رضي الله عنه حيث ولد سنة 50?1 أي: بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمس عشرة سنة. 27- قال الطبري: "وأما الواقدي2 فإنه ذكره في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب أموراً كثيرة، منها ما تقدم ذكره، ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته. ومنها ما ذكر أن عبد الله بن جعفر3 حدثه عن أبي عون4 مولى المسور قال: كان عمرو بن العاص على مصر عاملاً لعثمان، فعزله عن الخراج، واستعمله على الصلاة، واستعمل عبد الله بن سعد على الخراج ثم جمعهما لعبد الله بن سعد، فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان، فأرسل إليه يوماً عثمان خالياً به، فقال: يا ابن النابغة، ما أسرع ما قمل جربان جبتك إنما عهدك بالعمل عاماً أول. أتطعن عليّ وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر؟ والله لولا أكلة ما فعلت ذلك. قال: فقال عمرو: إن كثيراً مما يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل، فاتق الله يا أمير المؤمنين في رعيتك، فقال عثمان: والله لقد استعملتك   1 ابن حجر (تهذيب التهذيب 9/450) 2 محمد بن عمر، تقدمت ترجمته. 3 عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 826 على ظلعك وكثرة القالة فيك. فقال عمرو: قد كنت عاملاً لعمر بن الخطاب، ففارقني وهو عني راضٍ. قال: فقال عثمان: وأنا والله لو أخذتك بما أخذك به عمر لاستقمت، ولكني لنت عليك فاجترأت عليّ، أما والله لأنا أعز منك نفراً في الجاهلية، وقبل أن ألي هذا السلطان. فقال عمرو: دع عنك هذا، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهدانا به، قد رأيت العاصي بن وائل ورأيت أباك عفان، فوالله للعاص كان أشرف من أبيك. قال: فانكسر عثمان، وقال: ما لنا ولذكر الجاهلية. قال: وخرج عمرو، ودخل مروان، فقال: يا أمير المؤمنين، وقد بلغت مبلغاً، يذكر عمرو بنالعاص أباك، فقال عثمان: دع عنك هذا، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه. قال: فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه، يأتي علياً مرّة فيؤلبه على عثمان، ويأتي الزبير مرة فيؤلبه على عثمان، ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان، ويعترض الحاج مرة فيخبرهم بما فعل عثمان. فلما كان حصر عثمان الأول، خرج من المدينة، حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها: السبع، فنزل في قصر له يقال له: العجلان، وهو يقول: العجب ما يأتينا عن ابن عفان. قال: فبينا هو جالس في قصره ذلك، ومعه ابناه محمد وعبد الله، وسلامة بن روح الجذامي، إذ مرّ بهم راكب، فناداه عمرو: من أين قدم الرجل؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 فقال: من المدينة، قال: ما فعل الرجل؟ يعني عثمان. قال: تركته محصوراً شديد الحصار. قال عمرو: أنا أبو عبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار. فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مر به راكب آخر، فناداه عمرو: ما فعل الرجل؟ يعني عثمان، قال: قتل. قال: أنا أبو عبد الله، إذا حككت قرحة نكأتها، إن كنت لأحرض عليه، حتى إني لأحرض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل. فقال له سلامة بن روح: يا معشر قريش، إنه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسرتموه، فما حملكم على ذلك؟ فقال: أردنا أن نخرج الحق من حافرة الباطل، وأن يكون الناس في الحق شرعاً سواء. وكانت عند عمرو أخت عثمان لأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، ففارقها حين عزله"1. إسناده ضعيف جداً: بالواقدي، كما أن أبا عون مجهول. 28- قال الطبري: "ذكر محمد بن عمر2 أن عبد الله بن جعفر 3 حدثه عن أم   1 تاريخ الأمم والملوك (4/356-357) 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 بكر1 بنت المسور بن مخرمة، عن أبيها2 قال: قدمت إبل من إبل الصدقة على عثمان، فوهبها لبعض بني الحكم، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فأرسل إلى المسور بن مخرمة وإلى عبد الرحمن ببن الأسود بن عبد يغوث فأخذاها، فقسمها عبد الرحمن في الناس وعثمان في الدار"3. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وأم بكر لم تتابع، فيعلل الخبر بها أيضاً، وظاهر ما في متنه من بطلان ونكارة. 29- قال الطبري: "قال محمد بن عمر 4: وحدثني عبد الله بن الحارث5 بن الفضيل، عن أبيه6 عن سفيان بن أبي العوجاء7 قال: قدم المصريون القدمة الأولى،   1 أم بكر بنت المسور بن مخرمة، مقبولة، من الرابعة، بخ (التقريب/ 8706) 2 المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري، أبو عبد الرحمن؛ له ولأبيه صحبة، ت سنة 64 ? ع (التقريب/ 6672) 3 تاريخ الأمم والملوك (4/365) 4 هو الواقدي، تقدمت ترجمته. 5 عبد الله بن الحارث بن الفضيل الخطمي الأنصاري، مديني، روى عن أبيه قال ابن معين: ثقة (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 5/32-33) 6 الحارث بن فضيل الأنصاري الخطمي المدني، ثقة، من السادسة، م د س ت (التقريب/ 1042) 7 سفيان بن أبي العوجاء السلمي، أبو ليلى الحجازي، ضعيف، من الثالثة، د ق (التقريب/ 2450) . وانظر (الميزان 2/170-والمغني 1/ 268 كلاهما للذهبي، وتهذيب التهذيب لابن حجر 4/117) وفي التحفة اللطيفة للسخاوي (2/165) : «ذكره مسلم في ثالثة تابعي المدينة» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 وقالوا له: إنك ضربت رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحق عندما يسنتكرون من أعمالك، فأقد من نفسك من ضربته وأنت له ظالم. فقال: الإمام يخطئ ويصيب، فلا أقيد من نفسي، لأني لو أقدت كل من أصبته بخطأ آتي على نفسي،.قالوا: إنك قد أحدثت أحداثاً عظاماً فاستحققت بها الخلع، فإذا كلمت فيها أعطيت التوبة، ثم عدت إليها وإلى مثلها، ثم قدمنا عليك، فأعطيتنا التوبة والرجوع إلى الحق، ولامنا فيك محمد بن مسلمة، وضمن لنا ما حدث من أمر، فأخفرت، فتبرأ منك. وقال: لا أدخل في أمره، فرجعنا أول مرة لنقطع حجتك ونبلغ أقصى الإعذار إليك، نستظهر بالله عز وجل عليك. فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب، وزعمت أنه كتب بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخط كاتبك وعليه خاتمك، فقد وقعت عليك بذلك التهمة القبيحة، مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم، والأثرة في القسم، والعقوبة للأمر بالتبسط مع الناس، والإظهار للتوبة، ثم الرجوع إلى الخطيئة، ولقد رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع، حتى نخلعك، ونستبدل بك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يحدث مثل ما جربنا منك، ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليك فردد خلافتنا، واعتزل أمرنا، فإن ذلك أسلم لنا منك، وأسلم لك منا. فقال عثمان: فرغتم من جميع ما تريدون؟ قالوا: نعم، قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. أما بعد، فإنكم لم تعدلوا في المنطق، ولم تنصفوا في القضاء، أما قولكم: تخلع نفسك، فلا أنزع قميصاً قمصنيه الله عز وجل وأكرمني به، وخصني به على غيري ولكني أتوب، وأنزع، ولا أعود لشيء عابه المسلمون، فإني والله الفقير إلى الخائف منه. قالوا: إن هذا لو كان أول حدث أحدثته ثم تبت منه، ولم تقم عليه، لكان علينا أن نقبل منك، وأن ننصرف عنك، ولكنه قد كان منك من الأحداث قبل هذا ما قد علمت، ولقد انصرفنا عنك في المرة الأولى، وما نخشى أن تكتب فينا، ولا من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك، وكيف نقبل توبتك وقد بلونا منك أنك لا تعطي من نفسك التوبة من ذنب إلا عدت إليه، فلسنا منصرفين، حتى نعزلك، ونستبدل بك، فإن حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الانقطاع إليك دونك بقتال قاتلناهم، حتى نخلص إليك، فنقتلك، أو تلحق أرواحنا بالله. فقال عثمان: أما أن أتبرأ من الإمارة، فأن تصلبوني أحب إليّ من أن أتبرأ من أمر الله عز وجل وخلافته. وأما قولكم: تقاتلون من قاتل دوني، فإني لا آمر أحداً بقتالكم، فمن قاتل دوني فإنما قاتل بغير أمري، ولعمري لو كنت أريد قتالكم لقد كنت كتبت إلى الأجناد، فقادوا الجنود، وبعثوا الرجال، أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو عراق، فالله في أنفسكم، فأبقوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 عليها إن لم تبقوا علي، فإنكم مجتلبون بهذا الأمر - إن قتلتموني - دماً. قال: ثم انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب، وأرسل محمد بن مسلمة، فكلمه أن يردهم، فقال: والله لا أكذب الله في سنة مرتين"1. إسناده ضعيف: بالواقدي؛ كما أن سفيان ضعيف، وباقي رجاله ثقات. 30- قال الطبري: "قال محمد2: وحدثني عبد الله3 بن الحارث بن الفضيل، عن أبيه4 عن أبي حفصة5 قال: لما كان يوم الخميس دليت حجراً من فوق الدار فقتلت رجلاً من أسلم يقال له نيار، فأرسلوا إلى عثمان: أن أمكنا من قاتله. قال: والله ما أعرف له قاتلاً، فباتوا ينحرفون علينا ليلة الجمعة بمثل النيران، فلما أصبحوا غدوا، فأول من طلع علينا كنانة بن عتاب، في يده شعلة من نار على ظهر سطوحنا، قد فتح له من دار آل حزم، ثم دخلت الشعل على أثره تنضح بالنفط، فقاتلناهم ساعة على الخشب، وقد اضطرم الخشب.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/375-377) 2 الواقدي ترجم له. 3 عبد الله بن الحارث بن فضيل اخطمي، تقدمت ترجمته. 4 الحارث بن فضيل الأنصاري، تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 833 فأسمع عثمان يقول لأصحابه: ما بعد الحريق شيء، قد احترق الخشب واحترقت الأبواب، ومن كانت لي عليه طاعة فليمسك داره، فإنما يريدني القوم، وسيندمون على قتلي، والله لو تركوني لظننت أني لا أحب الحياة، ولقد تغيرت حالي، وسقط أسناني، ورق عظمي. قال: ثم قال لمروان: اجلس فلا تخرج، فقال: والله لا تقتل، ولا يخلص إليك، وأنا أسمع الصوت، ثم خرج إلى الناس. فقلت: ما لمولاي مترك فخرجت معه أذب عنه، ونحن قليل، فأسمع مروان يمتثل: قد علمت ذات القرون الميل والكف والأنامل الطفول ثم صاح: من يبارز؟ وقد رفع أسفل درعه، فجعله في منطقته، قال: فيثب إليه ابن النباع فضربه ضربة على رقبته من خلفه، فأثبته حتى سقط فما ينبض منه عرق، فأدخلته بيت فاطمة ابنة أوس جدة إبراهيم بن العدي قال: فكان عبد الملك وبنو أمية يعرفون ذلك لآل العدي"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن أبا حفصة مجهول.   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 380-381) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 31- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر1 قال: حدثني عبد الله بن الحارث2 بن الفضيل عن أبيه 3 عن سفيان بن أبي العوجاء 4 قال: أنكر عثمان أن يكون كتب الكتاب أو أرسل ذلك الرسول، وقال: فعل ذلك دوني"5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن سفيان ضعيف. وباقي رجاله ثقات. 32- قال الطبري: "قال محمد6: فحدثني ابن أبي سبرة7 عن عبد المجيد8 بن سهيل،   1 محمد هو: ابن عمر الواقدي، قال عنه الإمام أحمد: كذاب، وقال يحيى بن معين: ضعيف، فاجتمع فيه طعن هذين الإمامين الجليلين قال أبو حفص بن شاهين: «إذا اجتمعا في الرجل بقول واحد فالقول قولهما ... ولا يرجع إلى قول أحد معهما» (المزي، تهذيب الكمال 1249، ابن شاهين، المختلف فيهم 555) . 2 عبد الله بن الحارث بن الفضيل الخطمي الأنصاري، تقدمت ترجمته. 3 الحارث بن الفضيل الأنصاري الخطمي، تقدمت ترجمته. 4 سفيان بن أبي العوجاء السلمي، تقدمت ترجمته. 5 ابن سعد (الطبقات 3/ 65) . 6 الواقدي، تقدمت ترجمته. 7 أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، ابن أبي رهم بن عبد العزى القرشي، العامري، المدني، قيل اسمه عبد الله، وقيل: محمد، وقد ينسب إلى جده، رموه بالوضع، وقال مصعب الزبير: «كان عاملاً» من السابعة، مات سنة 162? ق (التقريب/ 7973) . 8 عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن الزهري، ثقة، من السادسة، خ م د س (التقريب/ 4159) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 عن عكرمة1 قال: قال ابن عباس: قال لي عثمان رضي الله عنه: إني قد استعملت خالد بن العاص بن هشام2على مكة، وقد بلغ أهل مكة ما صنع الناس، فأنا خائف أن يمنعوه الموقف، فيأبى، فيقاتلهم في حرم الله عز وجل وأمنه. وإن قوماً جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، فرأيت أن أوليك أمر الموسم. وكتب معه إلى أهل الموسم بكتاب يسألهم أن يأخذوا له بالحق ممن حصره، فخرج ابن عباس، فمر بعائشة في الصلصل3 فقالت: يا ابن عباس، أنشدك الله - فإنك قد أعطيت لساناً أزعيلاً4- أن تخذل5 عن هذا الرجل، وأن تشكك فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم،   1 عكرمة مولى ابن عباس، تقدمت ترجمته. 2 خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة، أسلم يوم فتح مكة، وأقام بها، وقد ولي مكة (ابن سعد، الطبقات 5/ 445) . 3 الصلصل: بمهملتين، ورجح البكري إعجامها، وقال: جبل عند ذي الحليفة (معجم ما استعجم 3/ 839-840) أما ياقوت فيحعل في آخره تاء مربوطة (الصلصلة) ويرى أنها بين ماوان والربذة (معجم البلدان 3/ 421) . 4 أزعيلاً: نشيطاً (ابن منظور، لسان العرب 11/ 303) ، (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 400) . 5 تخذِّل: التخذل هو حمل الرجل على خذلان صاحبه وتثبيطه عن نصرته (ابن منظور، لسان العرب 11/ 202) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 وأنهجت1 ورفعت لهم المنار، وتحلبوا من البلدان لأمر قد حُمَّ2 وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر. قال: قلت: يا أمّه لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلا إلى صاحبنا. فقالت: أيها عنك3إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك"4. وإسناده ضعيف جداً بالواقدي، وابن أبي سبرة؛ فكلاهما متروك، بل رمي ابن أبي سبرة بالوضع. 33- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر5 قال: أخبرنا ابن أبي سبرة6 عن سعيد ابن أبي زيد7 عن الزهري8 عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة9 قال:   1 انهجت: نهج الأمر وانهج إذا وضح (ابن منظور، لسان العرب 2/ 383) . 2 أي اجتمعوا لأمر قد قرب وهو الحج (ابن منظور، لسان العرب 1/ 333، 12/ 151-152) . 3 أيها عنك: أمر بالسكوت (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4/ 282) . 4 تاريخ الأمم والملوك (4/407) . 5 الواقدي، تقدمت ترجمته. 6 أبو بكر عبد الله بن أبي سبرة، تقدمت ترجمته. 7 لم أجد له ترجمة. 8 محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، تقدمت ترجمته. 9 عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94?، وقيل: سنة 98?، وقيل غير ذلك ع (التقريب/ 4309) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 837 كان لعثمان بن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة دينار فانتبهت وذهبت، وترك ألف بعير بالربذة، وترك صدقات كان تصدق بها ببراديس وخيبر ووادي القرى قيمة مائتي ألف دينار"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وبابن أبي سبرة، كما أن سعيداً مجهول، وفيه أيضاً عنعنة الزهري وهو مدلس، وذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين3. 34- قال الطبري: "قال محمد4: فحدثني ابن أبي سبرة5 عن عاصم بن عبيد الله6 عن عبد الله بن عامر7 قال: كنت أفطر مع عثمان في شهر رمضان، فكان يأتينا بطعام هو ألين   1 الطبقات (3/ 76-77) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 454) (45) . 4 محمد بن عمر الواقدي، تقدمت ترجمته. 5 أبو بكر عبد الله بن أبي سبرة، تقدمت ترجمته. 6 عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، المدني، ضعيف، من الرابعة، مات في أول دولة بني العباس، سنة 132 ? عخ 4 (التقريب/ 3065) 7 عبد الله بن عامر بن ربيعة، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 838 من طعام عمر، قد رأيت على مائدة عثمان الدرمك الجيد، وصغار الضأن كل ليلة، وما رأيت عمر قط أكل الدقيق منخولاً ولا أكل من الغنم إلا مسانها، فقلت لعثمان في ذلك. فقال: يرحم الله عمر، ومن يطيق ما كان عمر يطيق"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وبابن أبي سبرة، كما أن في عاصم ضعفاً. 35- قال الطبري: "قال ابن أبي سبرة2: فأخبرني عبد المجيد بن سهيل3 أنه انتسخ رسالة عثمان التي كتب بها من عكرمة، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم, من عبد الله عثمان أمير المؤمنين إلى المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإني أذكركم بالله عز وجل الذي أنعم عليكم وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة وأنقذكم من الكفر، وأراكم البينات، وأوسع عليكم من الرزق، ونصركم على العدو، وأسبغ عليكم نعمته، فإن الله عز وجل يقول وقوله الحق: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا   1 تاريخ الأمم والملوك (4/401) 2 أبو بكر بن أبي سبرة، تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} 1, وقال عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 2. وقال وقوله الحق: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} 3. وقال وقوله الحق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} إلى قوله {فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 4 وقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إلى قوله {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 5.وقال وقوله الحق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 6 وقال وقوله الحق: {وَلا   1 سورة إبراهيم، الآية (34) 2 سورة آل عمران، الآية (102- 105) 3 سورة المائدة الآية (7) 4 سورة الحجرات (الآيتان 6-8) 5 سورة آل عمران، الآية (77) 6 سورة التغابن، الآية (16) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} إلى قوله {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1. وقال وقوله الحق: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} إلى {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} 2 وقال: وقوله الحق {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إلى قوله {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 3 وقال: وقوله الحق {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} إلى قوله: {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} 4. أما بعد، فإن الله عز وجل رضي لكم السمع والطاعة والجماعة، وحذركم المعصية والفرقة والاختلاف، ونبأكم ما قد فعله الذين من قبلكم، وتقدم إليكم فيه ليكون له الحجة عليكم إن عصيتموه، فابلوا نصيحة الله عز وجل واحذروا عذابه، فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف، إلا أن يكون لها رأس يجعها، ومتى ما تفعلوا ذلك لا   1 سورة النحل، الآية (91- 96) 2 سورة النساء، الآية (59) 3 سورة النور، الآية (55) 4 سورة الفتح، الآية (10) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 تقيموا الصلاة جميعاً، وسلط عليكم عدوكم، ويستحل بعضكم حرم بعض، ومتى يفعل ذلك لا يقم لله سبحانه دين، وتكونوا شيعاً، وقد قال الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ?} 1. وإني أوصيكم بما أوصاكم الله، وأحذركم عذابه، فإن شعيباً قال: لقومه: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ} إلى قوله {رَحِيمٌ وَدُودٌ} 2. أما بعد فإن أقواماً ممن كان يقول في هذا الحديث، أظهروا للناس أنما يدعون إلى كتاب الله عز وجل ولا يريدون الدنيا منازعة فيها، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى, منهم آخذ للحق ونازع عنه حين يعطاه، ومنهم تارك للحق ونازل عنه في الأمر، يريد أن يبتزه بغير الحق، طال عليهم عمري، وراث عليهم أملهم الإمرة، فاستعجلوا القدر، وقد كتبوا إليكم، أنهم قد رجعوا بالذي أعطيتهم، ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدتهم عليه شيئاً، كانوا زعموا أنهم يطلبون الحدود، فقلت:   1 سورة الأنعام (159) 2 سورة هود (89- 90) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 أقيموها على من علمتم تعداها في أحد، أقيموها على من ظلمكم من قريب أو بعيد. قالوا: كتاب الله يتلى، فقلت: فليته من تلاه غير غال فيه بغير ما أنزل الله في الكتاب، وقالوا: المحروم يرزق، والمال يوفى ليستن فيه السنة الحسنة، ولا يعتدى في الخمس، ولا في الصدقة، ويؤمر ذو القوة والأمانة، وترد مظالم الناس إلى أهلها، فرضيت بذلك واصطبرت له، وجئت نسوة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كلمتهن، فقلت: ما تأمرنني؟ فقلن: تؤمر عمرو بن العاص، وعبد الله بن قيس وتدع معاوية، فإنما أمره أمير قبلك، فإنه مصلح لأرضه، راضٍ به جنده، واردد عمراً، فإن جدنه راضون به، وأمره فليصلح أرضه، فكل ذلك فعلت، وإنه اعتدى عليّ بعد ذلك، وعدى على الحق. كتبت إليكم وأصحابي الذين زعموا في الأمر، استعجلوا القدر ومنعوا مني الصلاة، وحالوا بيني وبين المسجد، وابتزوا ما قدروا عليه بالمدينة. كتبت إليكم كتابي هذا، وهم يخيرونني إحدى ثلاث: إما يقيدونني بكر جل أصبته خطأ أو صواباً، غير متروك منه شيء، وإما اعتزال الأمر فيؤمرون آخر غيري، وإما يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرؤون من الذي جعل الله سبحاته لي عليهم من السمع والطاعة. فقلت: لهم: أما إقادتي من نفسي فقد كان من قبلي من خلفاء تخطئ وتصيب، فلم يستقد منهم أحد، وقد علمت إنما يريدون نفسي. وأما أن أتبرأ نمن الإمارة فإن يكلبوني أحب إليّ من أن أتبرأ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 عمل الله عز وجل وخلافته. وأما قولكم: يرسلون إلى الأجناد وأهل المدينة فيتبرؤون من طاعتي، فلست عليكم بوكيل، ولم أكن أستكرههم من قبل على السمع والطاعة، ولكن أتوها طائعين، يبتغون مرضاة الله عز وجل وإصلاح ذات البين، ومن يكن منكم إنما يبتغي الدنيا فليس بنائل منها إلا ما كتب الله عز وجل له، ومن يكن إنما يبتغي وجه الله والدار الآخرة، وصلاح الأمة وابتغاء مرضاة الله عز وجل والسنة والحسنة التي استن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتان من بعده رضي الله عنهما، فإنما يجزي بذلكم الله، وليس بيدي جزاؤكم، ولو أعطيتكم الدنيا كلها لم يكن في ذلك ثمن لينكم، ولم يغن عنكم شيئاً، فاتقوا الله، واحتسبوا ما عنده، فمن يرضى بالنكث منكم فإني لا أرضاه له، ولا يرضى الله سبحانه أن تنكثوا عهده. وأما الذي يخيرونني فإنما كله النزع والتأمير، فملكت نفسي ومن معي، ونظرت حكم الله وتغيير النعمة من الله سبحانه، وكرهت سنة السوء وشقاق الأمة وسفك الدماء، فإني أنشدكم بالله والإسلام ألا تأخذوا إلا بالحق، وتعطوه مني، وترك البغي على أهله، وخذوا بيننا بالعدل كما أمركم الله عز وجل, فإني أنشدكم الله سبحانه الذي جعل عليكم العهد والموازرة في أمر الله، فإن الله سبحانه قال - وقوله الحق -: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 844 الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} 1, فإن هذه معذرة إلى الله ولعلكم تذكرون. أما بعد، فإني لا أبرئ نفسي {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} 2 وإن عاقبت أقواماً فما أبتغي بذلك إلا الخير، وإني أتوب إلى الله عز وجل من كل عمل عملته، وأستغفره، إنه لا يغفر الذنوب إلا هو، إن رحمة ربي وسعت كل شيء إنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون، وإنه يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ويعلم ما يفعلون، وأن أسأل الله عز وجل أن يغفر لي ولكم، وأن يؤلف قلوب هذه الأمة على الخير، ويكرّه إليها الفسق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أيها المؤمنون والمسلمون". قال ابن عباس: فقرأت هذا الكتاب عليهم قبل التروية بمكة بيوم"3. إسناده ضعيف جداً: بالواقدي، وبابن أبي سبرة، فكلاهما متروك.   1 سورة الإسراء، الآية (34) 2 سورة يوسف، الآية (53) 3 تاريخ الأمم والملوك (4/407، 411) عن الواقدي، وقد تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 845 36- قال الطبري: "قال1: وحدثني ابن أبي سبرة2 عن عبد المجيد بن سهيل3 عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس4 قال: دعاني عثمان، فاستعملني على الحج. قال: فخرجت إلى مكة، فأقمت للناس الحج، وقرأت عليهم كتاب عثمان إليهم، ثم قدمت المدينة، وقد بويع لعلي"5. إسناده ضعيف جداً: بالواقدي، وابن أبي سبرة فكلاهما متروك، وباقي رجاله ثقات. 37- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر6 قال: حدثني أبوبكر7 بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد المجيد8 بن سهيل، عن مالك9 بن أبي عامر، قال: خرج سعد بن أبي وقاص حتى دخل على عثمان - رحمة الله عليه -   1 أي الواقدي، وقد تقدمت ترجمته. 2 أبو بكر بن أبي سبة، تقدمت ترجمته. 3 عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، تقدمت ترجمته. 4 عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -تقدمت ترجمته. 5 تاريخ الأمم والملوك (4/411) 6 هو الواقدي، تقدمت ترجمته. 7 تقدمت ترجمته. 8 عبد المجيد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، تقدمت ترجمته. 9 مالك بن أبي عامر الأصبحي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 846 وهو محصور، ثم خرج من عنده، فرأى عبد الرحمن بن عديس ومالكاً الأشتر وحكيم بن جبلة، فصفق بيديه إحداهما على الأخرى، ثم استرجع، ثم أظهر الكلام، فقال: والله إن أمراً هؤلاء رؤساؤه لأمر سوء"1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف جداً بالواقدي وابن أبي سبرة، فكلاهما متروك. 38- قال الطبري: "وذكر محمد بن عمر3 قال: حدثني ابن أبي سبرة4 عن عمرو5 بن أمية الضمري، قال: إن قريشاً كان من أسن منهم مولعاً بأكل الخزيرة، وإني كنت أتعشى مع عثمان خزيراً من طبخ من أجود ما رأيت قط، فيها بطون الغنم، وأدمها اللبن والسمن، فقال عثمان: كيف ترى هذا الطعام؟ فقلت: هذا أطيب ما أكلت قط، فقال: يرحم الله ابن الخطاب أكلت معه هذه الخزيرة قط؟ قلت: نعم، فكادت اللقمة تفرث في يدي حين أهوي بها إلى فمي، وليس فيها لحم، وكان أدمها السمن ولا لبن فيها. فقال   1 ابن سعد (الطبقات 3/ 72) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 404) . 3 الواقدي: تقدمت ترجمته. 4 أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، تقدمت ترجمته. 5 عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله، أبو أمية الضمري، صحابي مشهور، أول مشاهده بئر مؤنة مات في خلافة معاوية ع (التقريب/ 4990) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 عثمان: صدقت إن عمر رضي الله عنه أتعب والله من تبع أثره، وإنه كان يطلب بثنيه عن هذه الأمور ظلفاً. أما والله ما آكله من مال المسلمين، ولكني آكله من مالي؛ أنت تعلم أني كنت أكثر قريش مالاً، وأجدهم في التجارة ولم أزل آكل من الطعام ما لان منه، وقد بلغت سناً فأحب الطعام إليّ ألينه، ولا أعلم لأحد علي في ذلك تبعة"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي وبابن أبي سبرة؛ فكلاهما متروك. 39- قال الطبري: "وأما الواقدي2 فإنه زعم أن عبد الله بن محمد3 حدثه، عن أبيه4   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 401) . 2 محمد بن عمر الواقدي تقدمت ترجمته. 3 يروي الواقدي عن عبد الله بن محمد بن أبي يحيى، وعبد الله بن محمد بن أبي فروة، وكلاهما يروي عن أبيه؛ وليس هناك دليل على نخصيص أحدهما دون الآخر لذلك سأترجم لهما ثم لوالد كل منهما: أ) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة الأموي، مولاهم، أبو علقمة الفروي المدني، صدوق، من الثامنة، عمر 100سنة، مات سنة 190? بخ م د س (التقريب/ 3587) . ب) والده محمد بن عبد الله بن أبي فروة، لم أجد له ترجمة. ج) عبد الله بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وقد ينسب إلى جده، ثقة، من السابعة، مات سنة 172? بخ د (التقريب/ 3587) . د) محمد بن أبي يحيى الأسلمي، واسم أبي يحيى سمعان، صدوق، من الخامسة، ت سنة 147?، د تم س ق (التقريب/ 6395) . 4 انظر: الحاشية السابقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 قال: لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض: أن اقدموا، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد، وكثر الناس على عثمان، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون ويسمعون ليس فيهم أحد ينهى، ولا يذب إلا نفير منهم زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع الناس، وكلموا علي بن أبي طالب، فدخل على عثمان، فقال: الناس ورائي، وقد كلموني فيك، والله ما أدري ما أقول لك، وما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم ما سبقاك إلى شيء، فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وما خصصنا بأمر دونك، وقد رأيت وسمعت، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونلت صهره، وما ابن أبي قحافة بأولى بعمل الحق منك، ولا ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك، وإنك أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رحماً، ولقد نلت من صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم ينالا، ولا سبقاك إلى شيء؛ فالله الله في نفسك، فإنك والله ما تُبَصَّرُ من عمى، ولا تُعَلَّم من جهل، وإن الطريق لواضح بين، وإن أعلام الدين لقائمة، تعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عن الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة متروكة فوالله إن كلاً لبين، وإن السنن لقائمة لها أعلام، وإن البدع لقائمة لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر، ضل وضل به، فأمات سنة معلومة، وأحيا بدعة متروكة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولك "يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في جهنم، فيدور في جهنم كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 تدور الرحا، ثم يرتطم في غمرة جهنم، وإني أحذرك الله، وأحذرك سطوته ونقماته، فإن عذابه شديد أليم، وأحذرك أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه يقال: يقتل في هذه الأمة إمام، فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، وتلبس أمورها عليها، ويتركهم شيعاً، فلا يبصرون الحق لعلو الباطل، يموجون فيها موجاً، ويمرجون فيها مرجاً، فقال عثمان: قد والله علمت ليقولن الذي قلت، أما والله لو كنت مكاني ما عنفتك ولا أسلمتك ولا عبت عليك، ولا جئت منكراً أن وصلت رحماً، وسددت خلة، وآويت ضائعاً، ووليت شبيهاً بمن كان عمر يولي، أنشدك الله يا علي، هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك؟ قال: نعم، قال: فتعلم أن عمر ولاه، قال: نعم، قال: فلم تلومني أن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته؟ قال علي: سأخبرك أن عمر بن الخطاب كان كل من ولى فإنما يطأ على صماخه إن بلغه عنه حرف جَلبه، ثم بلغ به أقصى الغاية، وأنت لا تفعل، ضعفت، ورفقت على أقربائك. قال عثمان: هم أقرباؤك أيضاً. فقال علي: لعمري إن رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم، قال عثمان: هل تعلم أن عمر ولى معاوية خلافته كلها؟ فقد وليته. فقال علي: أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف من عمر من يرفأ غلام عمر منه؟ قال: نعم، قال علي: فإن معاوية يقتطع الأمور دونك، وأنت تعلمها، فيقول للناس: هذا أمر عثمان، فيبلغك، ولا تغير على معاوية، ثم خرج علي من عنده، وخرج عثمان على أثره، فجلس على المنبر، فقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 أما بعد، فإن لكل شيء آفة، ولكل أمر عاهة، وإن آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة، عيابون طعانون، يرونكم ما تحبون ويسرون ما تكرهون، يقولون لكم وتقولون، أمثال النعام يتبعون أول ناعق، أحب مواردها إليها البعيد، لا يشربون إلا نغصاً ولا يردون إلا عكراً، لا يقوم لهم رائد، وقد أعيتهم الأمور، وتعذرت عليهم المكاسب، ألا فقد والله عبتم علي بما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطئكم برجله وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنستم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم وأوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم علي، أما والله لأنا أعز نفراً، وأقرب ناصراً، وأكثر عدداً، وأقمن إن قلت هلم آتي إليَّ، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولاً، وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم مني خلقاً لم أكن أحسنه ومنطقاً لم أنطلق به، فكفوا عليكم ألسنتكم، وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فإني قد كففت عنكم من لو كان هو الذي يكلمكم لرضيتم منه بدون منطقي هذا. ألا فما تفقدون من حقكم، والله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي، ومن لم تكونوا تختلفون عليه فَضْلُ فَضْلٍ من مال، فمالي لا أصنع في الفضل ما أريد، فلم كنت إماماً؟ فقام مروان بن الحكم فقال: إن شئتم حكمنا والله بيننا وبينكم السيف، نحن والله وأنتم كما قال الشاعر: فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم ... معارسكم تبنون في دمن الثرى فقال عثمان: اسكت لا سكتَّ، دعني وأصحابي، ما منطقك في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 851 هذا، ألم أتقدم إليك ألا تنطق؟ فسكت مروان ونزل عثمان"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع. فراوي الخبر يبعد أن يعاصر الفتنة، فهو من الطبقة السابعة ت سنة 172? من الخامسة؛ فكلاهما لا تتوقع معاصرته للفتنة. 40- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: وحدثني عبد الله بن محمد عن أبيه3 قال: كان محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة بمصر يحرضان على عثمان، فقدم محمد بن أبي بكر، وأقام محمد بن أبي حذيفة بمصر، فلما خرج المصريون خرج عبد الرحمن بن عديس البلوي في خمسمائة، وأظهروا أنهم يريدون عمرة، وخرجوا في رجب، وبعث عبد الله بن سعد رسولاً سار إحدى عشرة ليلة يخبر عثمان أن ابن عديس وأصحابه قد وجهوا نحوه، وأن محمد بن أبي حذيفة شيعهم إلى عجرود، ثم رجع، وأظهر محمد أن قال: خرج القوم عُماراً، وقال في السر: خرج القوم إلى إمامهم فإن نزع وإلا قتلوه، وسار القوم المنازل لم يعدوها حتى نزلوا ذا خشب. وقال عثمان قبل قدومهم حين جاءه رسول عبد الله بن سعد: هؤلاء قوم من أهل مصر يريدون - بزعمهم - العمرة، والله ما أراهم يريدونها، ولكن الناس قد دخل بهم، وأسرعوا إلى الفتنة، وطال عليهم عمري، أما والله   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 336-337) . 2 الواقدي تقدمت ترجمته. 3 انظر: عن عبد الله بن محمد وأبيه: الرواية السابقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 852 لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم بسنة مما يرون من الدماء المسفوكة والاحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة. قال: فلما نزل القوم ذا خشب جاء الخبر أن القوم يريدون قتل عثمان إن لم ينزع، وأتى رسولهم إلى علي ليلاً، وإلى طلحة، وإلى عمار ابن ياسر. وكتب محمد بن أبي حذيفة معهم إلى عليّ كتاباً، فجاءوا بالكتاب إلى عليّ فلم يظهر عليٌّ ما فيه، فلما رأى عثمان ما رأى جاء علياً فدخل عليه بيته، فقال: يا ابن عم إنه ليس لي مترك، وإن قرابتي قريبة، ولي حق عظيم عليك، وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم، وهم مصبحي، وأنا أعلم أن لك عند الناس قدراً، وأنهم يسمعون منك، فأنا أحب أن تركب إليهم فتردهم عني، فإني لا أحب أن يدخلوا علي، فإن ذلك جرأة منهم علي، وليسمع بذلك غيرهم فقال علي: علام أردهم؟ قال: على أن أصير إلى ما أشرت به عليَّ ورأيته لي، ولست أخرج من يديك، فقال علي: إني قد كنت كلمتك مرة بعد مرة فكل ذلك نخرج فتكلم، ونقول وتقول، وذلك كله فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص، وابن عامر ومعاوية، أطعتهم وعصيتني. قال عثمان: فإني أعصيهم وأطيعك. قال: فأمر الناس، فركبوا معه: المهاجرون والأنصار. قال: وأرسل عثمان إلى عمار بن ياسر يكلمه أن يركب مع علي فأبى، فأرسل عثمان إلى سعد بن أبي وقاص، فكلمه أن يأتي عماراً فيكلمه أن يركب مع علي، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 853 قال: فخرج سعد حتى دخل على عمار، فقال: يا أبا اليقظان، ألا تخرج فيمن يخرج وهذا علي يخرج، فخرج معه، واردد هؤلاء القوم عن إمامك، فإني أحسب أنك لم تركب مركباً هو خير لك منه. قال: وأرسل عثمان إلى كثير بن الصلت الكندي - وكان من أعوان عثمان - فقال: انطلق في أثر سعد فاسمع ما يقول سعد لعمار، وما يرد عمار على سعد، ثم ائتني سريعاً. قال: فخرج كثير حتى يجد سعداً عند عمار مخلياً به، فألقم عينه حجر الباب، فقام إليه عمار ولا يعرفه وفي يده قضيب، فادخل القضيب الجحر الذي ألقمه كثير عينه، فأخرج كثير عينه من الجحر، وولى مدبراً متقنعاً. فخرج عمار فعرف أثره، ونادى: يا قليل ابن أم قليل، أعلي تطلع وتستمع حديثي، والله لو دريت أنك هو لفقأت عينك بالقضيب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحل ذلك، ثم رجع عمار إلى سعد، فكلمه سعد وجعل يفتله بكل وجه. فكان آخر ذلك أن قال عمار: والله لا أردهم عنه أبداً، فرجع سعد إلى عثمان، فأخبره بقول عمار، فاتهم عثمان سعداً أن يكون لم يناصحه، فأقسم له سعد بالله، لقد حرض، فقبل منه عثمان. قال: وركب علي - عليه السلام1- إلى أهل مصر، فردهم عنه، فانصرفوا   1 هكذا في الراوية وفي الرواية التي تليها، وتخصيص علي رضي الله عنه بهذه العبارة؛ خطأ كثيراً ما يستعمله الشيعة لآل البيت دون باقي الصحابة -رضي الله عنهم -جميعاً؛ حتى أصبح شعاراً لهم ولمن تأثر بهم أو أراد مسايرتهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 راجعين"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وكذلك منقطع2. 41- قال الطبري: "قال محمد بن عمر3: فحدثني عبد الله بن4 محمد، عن أبيه5 قال: لما رجع علي - عليه السلام - إلى عثمان رضي الله عنه، أخبره أنهم قد رجعوا، وكلمه علي كلاماً في نفسه، قال له: اعلم أني قائل فيك أكثر مما قلت. قال: ثم خرج إلى بيته، قال: فمكث عثمان ذلك اليوم، حتى إذا كان الغد جاءه مروان، فقال له: تكلم، وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا، وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلاً، فإن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلب الناس عليك من أمصارهم، فيأتيك من لا تستطيع دفعه، قال: فأبى عثمان أن يخرج. قال: فلم يزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر، فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 357-359) . 2 انظر الحديث على إسناد الرواية السابقة. 3 تقدمت ترجمته. 4 انظر الرواية رقم: [366] . 5 انظر الرواية رقم: [366] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 عنه رجعوا إلى بلادهم. قال: فناداه عمرو بن العاص من ناحية المسجد: اتق الله يا عثمان، فإنك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب إلى الله نتب. قال: فناداه عثمان، وإنك هناك يا ابن النابغة قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل. قال: فنودي من ناحية أخرى: تب إلى الله وأظهر التوبة يكف الناس عنك. قال: فرفع عثمان يديه مداً واستقبل القبلة، فقال: اللهم إني أول تائب تاب إليك. ورجع إلى منزله، وخرج عمرو ابن العاص حتى نزل منزله بفلسطين، فكان يقول: والله إن كنت لألقى الراعي فأحرضه عليه"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع. 42- قال الطبري: "قال محمد2: وحدثني عبد الله بن موسى3 المخزومي، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه أرادوا حز رأسه، فوقعت عليه نائلة وأم البنين فمنعتهم وصحن وضربن الوجوه، وخرقن ثيابهن، فقال ابن عديس: اتركوه، فأخرج عثمان ولم يغسل إلى البقيع، وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنائز، فأبت الأنصار، وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع على باب فنزا عليه، فكسر ضلعاً من أضلاعه، وقال: سجنت ضابئاً حتى   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 360) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 مات في السجن"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي؛ كما أن شيخ الواقدي مجهول. 43- قال الطبري: "قال2: وحدثني عبد الله3 بن نافع، عن أبيه4 عن ابن عمر5 قال: لما حصر عثمان صلى بالناس أبو أيوب أياماً، ثم صلى بهم علي الجمعة والعيد، حتى قتل رضي الله عنه"6. إسناده ضعيف جداً بالواقدي؛ كما أن شيخ الواقدي ضعيف. 44- قال الطبري: "قال محمد 7: وحدثني عبد الله بن يزيد الهذلي8 عن عبد الله9 ابن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 414) . 2 أي محمد بن عمر الواقدي تقدمت ترجمته. 3 عبد الله بن نافع مولى ابن عمر، المدني، ضعيف، من السابعة، ت سنة 154? ق (التقريب/ 3661) . 4 نافع مولى ابن عمر تقدمت ترجمته. 5 عبد الله بن عمر بن الخطاب، تقدمت ترجمته. 6 تاريخ الأمم والملوك (4/ 423) . 7 الواقدي، تقدمت ترجمته. 8 عبد الله بن يزيد الهذلي، المدني، يقال هو ابن قنطس، قال البخاري: يتهم بالزندقة، وقال مرة: يتهم بأمر عظيم، وأما أحمد ويحيى فقد وثقاه، وقال النسائي: ليس بثقة (الذهبي، ميزان الاعتدال 2/ 526) وذكر ابن حجر أن قول البخاري فيه معتمد على قول أبي بكر بن أبي أويس، ثم نقل عن أبي بكر هذا أنه قال عن عبد الله: ما بحديثه بأس، ثم قال: وذكره ابن حبان في الثقات (اللسان 3/ 378) . 9 عبد الله بن ساعدة الهذلي، ت سنة 100? ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 59) وابن سعد في الطبقات (5/ 60) وقال: «روى عن عمر بن الخطاب» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857 ساعدة، قال: لبث عثمان بعدما قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه، ثم حمله أربعة: حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم بن حذيفة، فلما وضع ليصلى عليه، جاء نفر من الأنصار يمنعونهم الصلاة عليه، فيهم أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني، في عدة؛ ومنعوهم أن يدفن بالبقيع، فقال أبو جهم: ادفنوه، فقد صلى الله عليه وسلم وملائكته، فقالوا: لا والله، لا يدفن في مقابر المسلمين أبداً، فدفنوه في حش كوكب، فلما ملكت بنو أمية أدخلوا ذلك الحش في البقيع؛ فهو اليوم مقبرة بني أمية"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه مختلف في توثيق عبد الله، وابن ساعدة لم يوثقه غير ابن حبان. 45- قال الطبري: "قال محمد2: وحدثني عبد الملك3 بن يزيد بن السائب، عن عبد الله4 بن السائب، قال: أخبرني أبي5 قال: أول فسطاط رأيته بمنى   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 413) . 2 الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. 4 عبد الله بن السائب بن أبي السائب بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، المكي، له ولأبيه صحبة، وكان قارئ أهل مكة، مات سنة بضع وستين، خت ع (التقريب/ 3337) . 5 السائب بن أبي السائب: سيفي بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ثم أسلم وصحب، د س ق (التقريب/ 2197) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 858 فسطاط لعثمان، وآخر لعبد الله بن عامر بن كريز، وأول من زاد النداء الثالث يوم الجمعة على الزوراء عثمان، وأول من نخل له الدقيق من الولاة عثمان رضي الله عنه"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن عبد الملك مجهول. 46- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: فحدثني علي بن عمر3 عن أبيه4 قال: ثم إن علياً جاء عثمان بعد انصراف المصريين، فقال له: تكلم كلاماً يسمعه الناس منك، ويشهدون عليه، ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة، فإن البلاد قد تمخضت عليك، فلا آمن ركباً آخرين يقدمون من الكوفة، فتقول يا علي، اركب إليهم، ولا أقدر أن أركب إليهم، ولا أسمع عذراً، ويقدم ركب آخرون من البصرة، فتقول: يا علي اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك، واستخففت بعقلك. قال: فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها، وأعطى الناس من   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 401) . 2 محمد بن عمر هو الواقدي، تقدمت ترجمته. 3 علي بن عمر، أقرب الرواة إليه هو: علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عن أبيه. قال عنه الحافظ ابن حجر: «مستور» قلت: وسكت عنه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات (ابن أبي حاتم الجرح والتعديل 6/ 196، ابن حبان، الثقات 8/ 456، ابن حجر، التقريب 4775) . 4 إن ثبت أن الأول هو المذكور فيكون أبوه هو: عمر بن علي بن الحسين بن علي الهاشمي، المدني، صدوق، فتضل، من السابعة، بخ م مد ت س (التقريب/ 4950) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 859 نفسه التوبة، فقام فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فوالله ما عاب من عاب منكم شيئاً أجهله، وما جئت شيئاً إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني، وضل عني رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من زل فليتب، ومن أخطأ فليتب، ولا يتماد في الهلكة، إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق"، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت، وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردني الحق عبد، لأستن بسنة العبد، ولأذلن ذل العبد، ولأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما عن الله مذهب إلا إليه، فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي. قال: فرق الناس له يومئذ، وبكى من بكى منهم، وقام إليه سعيد بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله في نفسك، فأتمم على ما قلت. فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان، وسعيداً ونفراً من بني أمية، ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة - امرأة عثمان الكلبية - لا بل اصمت، فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه، لإنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان، فقال: ما أنت وذاك، فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ، فقالت له: مهلاً يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبي وهو غائب، تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنه عمه، وأنه يناله غمه، أخبرتك عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 860 ما لن أكذب عليه. قال: فأعرض عنها مروان ثم قال: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟ قال: بل تكلم، فقال مروان: بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع، فكنت أول من رضي بها، وأعان عليها، ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين، وخلف السيل الزبى، وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل، والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها، أجمل من توبة تخوف عليها، وإنك إن شئت تقربت بالتوبة، ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس، فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم، فإني أستحيي أن أكلمهم. قال: فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضاً، فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم جئتم لنهب، شاهت الوجوه؛ كل إنسان آخذ بأذن صاحبه إلا من أريد، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟ اخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم. ارجعوا إلى منازلكم، فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا. قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتى أتى علياً فأخبره الخبر، فجاء علي عليه السلام مغضباً حتى دخل على عثمان، فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت على أمرك، فلما خرج علي، دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته، فقالت: أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلمي، فقالت: قد سمعت قول علي لك، وإنه ليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء. قال: فما أصنع؟ قالت: تتقي الله وحده، لا شريك له، وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلى علي فاستصلحه، فإن له قرابة وهو لا يعصى. قال: فأرسل عثمان إلى علي، فأبى أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أني لست بعائد. قال: فبلغ مروان مقالة نائلة فيه، قال: فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه، فقال: أتكلم أو أسكت؟ قال: تكلم، فقال: إن بنت الفرافصة ... فقال عثمان: لا تذكرنها بحرف، فأسوي لك وجهك، فهي والله أنصح لي منك، قال: فكف مروان"1 إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن راوي الحادثة من الطبقة السابعة، فيبعد احتمال معاصرته للحادثة، والله أعلم. 47- قال الطبري: "فذكر الواقدي2 عن عمر بن صالح بن نافع3 عن صالح   1 الطبري، تاريخ الأمم والملوك (4/ 36--363) . 2 محمد بن عمر الواقدي تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 862 مولى1 التوأمة قال: سمعت ابن عباس2 يقول: إن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهراً، أنه صلى بالناس بمنى في ولايته ركعتين، حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها، فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه، حتى جاءه علي فيمن جاء، فقال: والله ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد نبيك صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين. ثم أبا بكر، ثم عمر، وأنت صدراً من ولايتك، فما أدري ما ترجع إليه، فقال: رأي رأيته"3. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن شيخ الواقدي مجهول. 48- قال ابن سعد: "قال - أي محمد بن عمر4- حدثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة5 عن محمد بن عبد الله بن عمرو6 عن ابن لبيبة7 عن عبد الله بن   1 صالح بن نبهان المدني، مولى التوأمة، صدوق اختلط، قال ابن عدي: «لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج» من الرابعة، مات سنة 125?، وقد أخطأ من زعم أن البخاري أخرج له، د ت ق (التقريب/ 2892) . 2 عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -تقدمت ترجمته. 3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 267) . 4 محمد بن عمر الواقدي تقدمت ترجمته. 5 لم أجد له ترجمة. 6 محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي، يلقب بالديباج وهو أخو عبد الله بن الحسن بن الحسن لأمه، صدوق من السابعة، قتل سنة 145? ق (التقريب/ 6038) . 7 محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة، ضعيف، كثير الإرسال، من السادسة، د س (التقريب/ 6080) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 863 عمرو1 بن عثمان قال: بويع عثمان بن عفان بالخلافة أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين وقتل - يرحمه الله - يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر، وكان يومئذ صائماً، ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب بالبقيع، فهي مقبرة بني أمية اليوم، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة غير اثني عشر يوماً، وقتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة"2. ورواه من طريقه ابن عساكر3. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن عمراً مجهول. 49- قال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر4 قال: حدثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة5 بن عمرو بن عثمان، قال: حدثني محمد بن عبد الله6 بن عمرو ابن عثمان، عن ابن لبيبة7 أن عثمان بن عفان لما حصر أشرف عليهم من   1 عبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي، يلقب بالمطرف، ثقة شريف، من الثالثة، مات بمصر سنة 96?، م د ت س (التقريب/ 3501) . 2 الطبقات (3/ 77) . 3 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 528) . 4 الواقدي تقدمت ترجمته. 5 لم أجد له ترجمة. 6 تقدمت ترجمته. 7 محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 864 كوة في الطمار فقال: أفيكم طلحة؟ قالوا: نعم، قال: أنشدك الله هل تعلم أنه لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار آخى بيني وبين نفسه؟ فقال طلحة: اللهم نعم، فقيل لطلحة في ذلك، فقال: نشدني، وأمر رأيته ألا أشهد به؟ " 1. ورواه من طريقه ابن عساكر2. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن عمراً مجهول، وفي محمد بن عبد الله ضعف. 50- قال الطبري: " قال محمد بن عمر3: حدثني عيسى بن عبد الرحمن4 عن أبي إسحاق5 الهمداني، قال: اجتمع نفر بالكوفة - يطعنون على عثمان - من أشراف أهل العراق: مالك بن الحارث الأشتر، وثابت بن قيس النخعي، وكميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان العبدي، وجندب بن زهير الغامدي، وجندب بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق   1 الطبقات (3/ 68) . 2 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 347) . 3 الواقدي تقدمت ترجمته. 4 عيسى بن عبد الرحمن السلمي ثم البجلي، ثقة، من السادسة، مات بعد الخمسين، بخ قد عس (التقريب/ 5308) روى عن أبي إسحاق السبيعي (المزي، تهذيب الكمال 1081) . 5 أبو إسحاق السبيعي الهمداني، عمرو بن عبد الله، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 865 الخزاعي. فكتب سعيد بن العاص إلى عثمان يخبره بأمرهم، فكتب إليه أن سيرهم إلى الشام، وألزمهم الدروب"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن أبا إسحاق السبيعي، تبعد معاصرته للفتنة. 51- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: حدثني محمد بن صالح3 عن عاصم بن عمر4 عن محمود بن لبيد5 قال: لما نزلوا ذا خشب كلم عثمان علياً وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردوهم عنه، فركب علي وركب معه نفر من المهاجرين فيهم سعيد بن زيد، وأبو جهم العدوي، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وخرج من الأنصار: أبو أسيد الساعدي، وأبو حميد الساعدي، وزيد بن ثابت، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومعهم من العرب نيار بن مكرم وغيرهم ثلاثون رجلاً، وكلمهم علي ومحمد بن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 326) . 2 الواقدي تقدمت ترجمته. 3 محمد بن صالح بن دينار التمار، مدني، مولى الأنصار، صدوق يخطئ، من السابعة، ت سنة 168? 4 (التقريب/ 5961) . 4 عاصم بن عمر بن قتادة بنالنعمان الوسي، الأنصاري، أبو عمر المدني، ثقة، عالم بالمغازي، من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة. ع (التقريب/ 3071) . 5 محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع الأوسي، الأشهلي، أبو نعيم المدني، صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة، مات سنة 96? , وقيل: سنة سبع وله 99 سنة بخ م 4 (التقريب/ 6517) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 مسلمة - وهما اللذان قدما - فسمعوا مقالتهما، ورجعوا. قال محمود: فأخبرني محمد بن مسلمة، ما برحنا من ذي خشب حتى رحلوا راجعين إلى مصر، وجعلوا يسلمون علي، فما أنسى قول عبد الرحمن بن عديس: أتوصينا يا أبا عبد الرحمن بحاجة؟ قال: قلت: تتقي الله وحده، وترد من قبلك عن إمامه، فإنه قد وعدنا أن يرجع وينزع. قال ابن عديس: أفعل إن شاء الله، قال: فرجع القوم إلى المدينة"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، وباقي رجاله مقبولون. 52- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: وحدثني محمد بن صالح3 عن عبيد الله4 ابن رافع بن نقاخة، عن عثمان بن الشريد5 قال: مر عثمان على جبلة ابن عمرو الساعدي وهو بفناء داره، ومعه جامعة، فقال: يا نعثل والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء، ولأخرجنك إلى حرة النار. ثم جاءه مرة أخرى وعثمان على المنبر، فأنزله   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 359-360) . 2 تقدمت ترجمته. 3 محمد بن صالح بن دينار التمار، تقدمت ترجمته. 4 عبيد الله بن رافع بن خديج، يروي عن أبيه روى عنه أهل المدينة كنيته أبو الفضل، ت سنة 11? وهو ابن 85عاماً (ابن حبان، الثقات 5/ 67) . 5 عثمان بن شماس بن الشريد بن هرمي المخزومي، صحابي (ابن حجر، الإصابة، القسم الأول 2/ 459) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 867 عنه"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن عبيد الله لم يوثقه غير ابن حبان. 53- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2: حدثني محمد بن مسلم3 عن موسى بن عقبة4 عن أبي حبيبة5 قال: نظرت إلى سعد بن أبي وقاص يوم قتل عثمان، دخل عليه، ثم خرج من عنده، وهو يسترجع مما يرى على الباب، فقال له مروان: الآن تندم أنت أشعرته. فأسمع سعداً يقول: أستغفر الله، لم أكن أظن الناس يجترئون هذه الجرأة، ولا يطلبون دمه، وقد دخلت عليه الآن، فتكلم بكلام لم تحضره أنت ولا أصحابك، فنزع عن كل ما كره منه، وأعطى التوبة، وقال: لا أتمادى في الهلكى، إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق، فأنا أتوب وأنزع، فقال مروان: إن كنت تريد أن تذب عنه، فعليك بابن أبي طالب فإنه متستر، وهو لا يُجبْهُ، فخرج سعد   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 365) . 2 محمد بن عمر هو: الواقدي تقدمت ترجمته. 3 لعله: محمد بن مسلمة شويخ للواقدي، مجهول (الذهبي، المغني في الضعفاء 2/ 632) 4 موسى بن عقبة بن أبي عياش تقدمت ترجمته. 5 أبو حبيبة إما أبو حبيبة الأزعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة الأنصاري، قال ابن منده: ممن شهد أحداً (الإصابة 4/ 41) أو أبو حبيبة الطائي، مقبول من الثالثة د ت س (التقريب/ 8039) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 868 حتى أتى علياً وهو بين القبر والمنبر فقال: يا أبا حسن، قم فداك أبي وأمي جئتك والله بخير ما جاء به أحد قط إلى أحد، تصل رحم ابن عمك، وتأخذ بالفضل عليه، وتحقن دمه ويرجع الأمر على ما نحب، قد أعطى خليفتك من نفسه الرضا، فقال علي: تقبل الله منه يا أبا إسحاق والله ما زلت أذب عنه حتى إني لأستحي، ولكن مروان ومعاوية وعبد الله بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى، فإذا نصحته وأمرته أن ينحيهم استغشني حتى جاء ما ترى، قال: فبينا هم كذلك جاء محمد بن أبي بكر، فسار عليا فأخذ عليٌّ بيدي، ونهض عليٌّ وهو يقول: وأي خير توبته هذه، فوالله ما بلغت داري حتى سمعت الهائعة ان عثمان قد قتل، فلم نزل والله في شر إلى يومنا هذا"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن محمداً مجهول. 54- قال الطبري: "قال محمد بن عمر2؛ فحدثني معمر بن راشد3 عن الزهري4 قال: خرج محمد بن أبي حذيفة" ومحمد بن أبي بكر عام خرج عبد الله بن سعد فأظهروا عيب عثمان، وما غير، وما خالف به أبا بكر وعمر، وأن دم عثمان حلال، ويقولان استعمل عبد الله بن سعد، رجلاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح دمه ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 377-378) . 2 الواقدي تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 869 قوماً وأدخلهم، ونزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمل سعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر. فبلغ ذلك عبد الله بن سعد، فقال: لا تركبا معنا، فركبا في مركب ما فيه أحد من المسلمين ولقوا العدو، وكانا أكل المسلمين قتالاً، فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع رجل لا ينبغي لنا أن نحكمه؟ عبد الله بن سعد استعمله عثمان، وعثمان فعل وفعل، فأفسدا أهل تلك الغزاة، وعابا عثمان أشد العيب. فأرسل عبد الله بن سعد إليهما ينهاهما أشد النهي، وقال: والله لولا أني لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لعاقبتكما وحبستكما"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كأنه منقطع بين الزهري والحادثة؛ فالزهري ولد سنة 502 تقريباً أي بعد الحادثة بخمس عشرة عاماً. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين3. 55- قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر4 قال: حدثني موسى بن محمد5 بن إبراهيم   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 292) . 2 ابن حجر (تهذيب التهذيب 9/ 450) . (45) . 4 الواقدي تقدمت ترجمته. 5 موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أبو محمد المدني، منكر الحديث، من السادسة، مات سنة 151? ت ق (التقريب/ 7006) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 التيمي، عن أبيه1 عن عبد الله بن نيار2 الأسلمي عن أبيه3 قال: لما حج معاوية نظر إلى بيوت أسلم شوارع في السوق فقال: أظلموا عليهم بيوتهم أظلم الله عليهم قبورهم قتلة عثمان. قال نيار بن مكرم: فخرجت إليه، فقلت له إن بيتي يظلم علي وأنا رابع أربعة حملنا أمير المؤمنين، وقبرناه، وصلينا عليه. فعرفه معاوية فقال: اقطعوا البناء لا تبنوا على وجه داره، قال: ثم دعاني خالياً فقال: متى حملتموه ومتى قبرتموه ومن صلى عليه؟ فقلت: حملناه - رحمه الله - ليلة السبت بين المغرب والعشاء، فكنت أنا وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة العدوي، وتقدم جبير بن مطعم، فصلى عليه، فصدقه معاوية، وكانوا هم الذين نزلوا في حفرته"4. ورواه من طريقه ابن عساكر5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن موسى "منكر الحديث"، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم.   1 محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله، المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة 120? على الصحيح ع (التقريب/ 5691) . 2 عبد الله بن نيار بن مكرم الأسلمي، ثقة من الثالثة، م د ت س (التقريب/ 3671) 3 نيار بن مكرم الأسلمي، صحابي، عاش إلى أول خلافة معاوية، ت (التقريب/ 7219) . 4 الطبقات (3/ 78) . 5 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 539-540) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 871 56- قال الطبري: "وذكر الواقدي1 أن يحيى2 بن عبد العزيز حدثه عن جعفر3 ابن محمود، عن محمد بن مسلمة4 قال: خرجت في نفر من قومي إلى المصريين وكان رؤساؤهم أربعة: عبد الرحمن بن عديس البلوي، وسودان ابن حمران المرادي، وعمرو بن الحمق الخزاعي - وقد كان هذا الاسم غلب حتى كان يقال: حبيس بن الحمق - وابن النباع. قال: فدخلت عليهم، وهم في خباء لهم أربعتهم، ورأيت الناس لهم تبعاً، قال: فعظمت حق عثمان، وما في رقابهم من البيعة وخوفتهم بالفتنة، وأعلمتهم أن في قتله اختلافاً وأمراً عظيماً، فلا تكونوا أول من فتحه، وأنه ينزع عن هذه الخصال التي نقمتم منها عليه، وأنا ضامن لذلك. قال القوم: فإن لم ينزع؟ قال: قلت: فأمركم إليكم، قال: فانصرف القوم، وهم راضون، فرجعت إلى عثمان، فقلت: أخلني فأخلاني، فقلت: الله الله يا عثمان في نفسك، إن هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دمك، وأنت ترى خذلان أصحابك لك، لا بل هم يقوون عدوك عليك، قال: فأعطاني الرضا، وجزاني خيراً. قال: ثم خرجت من عنده،   1 محمد بن عمر الواقدي، تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 جعفر بن محمود بن عبد الله بن محمد بن مسلمة الأنصاري، تقدمت ترجمته. 4 محمد بن مسلمة بن سلمة الأنصاري، صحابي مشهور، وهو أكبر من اسمه محمد من الصحابة، مات بعد الأربعين، وكان من الفضلاء، ع (التقريب/ 6300) وكان ممن اعتزل الفتن، واتخذ سيفاً من خشب (المزي، تهذيب الكمال 1272) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 872 فأقمت ما شاء الله أن أقيم. قال: وقد تكلم عثمان برجوع المصريين، وذكر أنهم جاءوا لأمر، فبلغهم غيره، فانصرفوا، فأردت أن آتيه، فأعنفه بهما، ثم سكت، فإذا قائل يقول: قد قدم المصريون وهم بالسويداء، قال: قلت: أحق ما تقول؟ قال: نعم، قال: فأرسل إليّ عثمان. قال: وإذا الخبر قد جاءه، وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب، فقال: يا أبا عبد الرحمن، هؤلاء القوم قد رجعوا، فما الرأي فيهم؟ قال: قلت: والله ما أدري، إلا أني أظن أنهم لم يرجعوا لخير. قال: فارجع إليهم فارددهم، قال: قلت: لا والله ما أنا بفاعل، قال: ولم؟ قال: لأني ضمنت لهم أموراً تنزع عنها، فلم تنزع عن حرف واحد منها. قال: فقال: الله المستعان. قال: وخرجت، وقدم القوم، وحلُّوا بالأسواف، وحصروا عثمان، قال: وجاءني عبد الرحمن بن عديس ومعه سودان بن حمران وصاحباه، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن ألم تعلم أنك كلمتنا، ورددتنا، وزعمت أن صاحبنا نازع عما نكره؟ فقلت: بلى، قال: فإذا هم يخرجون إلى صحيفة صغيرة. قال: وإذا قصبة من رصاص فإذا هم يقولون: وجدنا جملاً من إبل الصدقة عليه غلام عثمان، فأخذنا متاعه، ففتشناه، فوجدنا فيه هذا الكتاب، فإذا فيه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس فاجلده مائة جلدة، واحلق رأسه ولحيته، وأطل حبسه حتى يأتيك أمري، وعمرو بن الحمق فافعل به مثل ذلك، وسودان بن حمران مثل ذلك، وعروة بن النباع الليثي مثل ذلك. قال: فقلت: وما يدريكم أن عثمان كتب بهذا؟ قالوا: فيفتات مروان على عثمان بهذا فهذا شر؟ فيخرج نفسه من هذا الأمر. ثم قالوا: انطلق معنا إليه، فقد كلمنا علياً، ووعدنا أن يكلمه إذا صلى الظهر. وجئنا سعد بن أبي وقاص، فقال: لا أدخل في أمركم. وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال مثل هذا، فقال محمد: فأين وعدكم عليّ؟ قالوا: وعدنا إذا صلى الظهر أن يدخل عليه. قال محمد: فصليت مع علي، قال: ثم دخلت أنا وعلي عليه، فقلنا إن هؤلاء المصريين بالباب، فأذن لهم - قال: ومروان عنده جالس - قال: فقال مروان دعني - جعلت فداك - أكلمهم، قال: فقال عثمان: فض الله فاك اخرج عني، وما كلامك في هذا الأمر، قال: فخرج مروان، قال: وأقبل علي عليه، قال: وقد أنهى المصريون إليه مثل الذي أنهوا إليّ - قال: فجعل علي يخبره ما وجدوا في كتابهم. قال: فجعل يقسم بالله ما كتب ولا علم ولا شُوِّر فيه، قال: فقال محمد بن مسلمة: والله إنه لصادق، ولكن هذا عمل مروان. فقال علي: فأدخلهم عليك، فليسمعوا عذرك، قال: ثم أقبل عثمان على علي، فقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 874 إن لي قرابة ورحماً، والله لو كنت في هذه الحلقة لحللتها عنك، فاخرج إليهم، فكلمهم، فإنهم يسمعون منك، قال علي: والله ما أنا بفاعل ولكن أدخلهم حتى تعتذر إليهم، قال: فادخلوا. قال محمد بن مسلمة: فدخلوا يومئذ، فما سلموا عليه بالخلافة، فعرفت أنه الشر بعينه، قالوا: سلام عليكم، فقلنا: وعليكم السلام، قال: فتكلم القوم، وقد قدموا في كلامهم ابن عديس، فذكر ما صنع ابن سعد بمصر، وذكر تحاملاً منه على المسلمين وأهل الذمة، وذكر استئثاراً منه في غنائم المسلمين، فإذا قيل لهم في ذلك قال: هذا كتاب أمير المؤمنين إليّ، ثم ذكروا أشياء مما أحدث بالمدينة، وما خالف به صاحبيه. قال: فرحلنا من مصر ونحن لا نريد إلا دمك أو ننزع، فردنا علي ومحمد بن مسلمة، وضمن لنا محمد النزوع عن كل ما تكلمنا فيه - ثم أقبلوا على محمد بن مسلمة، فقالوا: هل قلت ذاك لنا؟ قال محمد: فقلت: نعم - ثم رجعنا إلى بلادنا نستظهر بالله عز وجل عليك، ويكون حجة لنا بعد حجة، حتى إذا كنا بالبويب أخذنا غلامك، فأخذنا كتابك وخاتمك، إلى عبد الله بن سعد، تأمره فيه بجلد ظهورنا، والمثل بنا في أشعارنا، وطول الحبس لنا، وهذا كتابك. قال: فحمد الله عثمان وأثنى عليه، ثم قال: والله ما كتبت ولا أمرت، ولا شوورت، ولا علمت. قال: فقلت وعلي جميعاً: قد صدق، قال: فاستراح إليها عثمان. فقال المصريون: فمن كتبه؟ قال: لا أدري، قال: أفيجترأ عليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 875 فيبعث غلامك وجملاً من صدقات المسلمين، وينقش على خاتمك، ويكتب إلى عاملك بهذه الأمور العظام، وأنت لا تعلم؟ قال: نعم، قالوا: فليس مثل ذلك يلي، اخلع نفسك من هذا الأمر كما خلعك الله منه. قال: لا أنزع قميصاً ألبسنيه الله عز وجل. قال: وكثرت الأصوات واللغط، فما كنت أظن أنهم يخرجون حتى يواثبوه. قال: وقام علي فخرج، قال: فلما قام علي قمت، قال: وقال للمصريين اخرجوا، فخرجوا، قال: ورجعت إلى منزلي ورجع علي إلى منزله، فما برحوا محاصريه، حتى قتلوه"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن يحيى لم يتابع وهو مقبول فأصبح ليناً لعدم وجود متابع. 57- قال الطبري: قال محمد2: حدثني يعقوب بن عبد الله الأشعري3 عن جعفر ابن أبي المغيرة4 عن سعيد بن عبد الرحمن5 بن أبزى، عن أبيه6 قال:   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 372-375) . 2 محمد هو: محمد بن عمر الواقدي تقدمت ترجمته. 3 يعقوب بن عبد الله الأشعري، صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة 174? خت 4 (التقريب/ 7822) . 4 جعفر بن أبي المغيرة، صدوق يهم، من الخامسة، بخ د ت س فق (التقريب/ 960) 5 سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة، ع (التقريب/ 2346) . 6 عبد الرحمن بن أبزى تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 رأيت اليوم الذي دخل فيه على عثمان، فدخلوا من دار عمرو بن حزم، خوخة هناك حتى دخلوا الدار، فناوشوهم شيئاً من مناوشة ودخلوا، فوالله ما نسينا أن خرج سودان بن حمران، فأسمعه يقول: أين طلحة بن عبيد الله؟ قد قتلنا ابن عفان"1. إسناده ضعيف جداً بالواقدي. 58- قال الطبري: "قال محمد الواقدي2: وحدثني يوسف بن يعقوب3 عن عثمان ابن محمد الأخنسي4 قال: كان حصر عثمان قبل قدوم أهل مصر، فقدم أهل مصر يوم الجمعة، وقتلوه في الجمعة الأخرى"5. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أن يوسف مجهول. 59- قال الطبري: حدثني محمد6 قال: حدثني أبوبكر بن إسماعيل7 عن أبيه8 عن   1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 379) . 2 تقدمت ترجمته. 3 لم أجد له ترجمة، وفي الرواة بهذا الاسم كثير إلا أني لم أجد فيهم من روى عن عثمان، وروى عنه الواقدي. 4 عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنسي، الثقفي الأخنسي حجازي، صدوق، له أوهام، من السادسة، 4 (التقريب/ 4515) . 5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 394) . 6 الواقدي، تقدمت ترجمته. 7 أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، ذكره المزي في من روى عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، ولم أجد له ترجمة (المزي، تهذيب الكمال خ/109) 8 إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 عامر بن سعد1قال: كان أول من اجترأ على عثمان بالمنطق السيء جبلة بن عمرو الساعدي، مر به عثمان وهو جالس في ندى قومه، وفي يد جبلة بن عمرو جامعة، فلما مر عثمان سلم، فرد القوم، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا وكذا؟ قال: ثم أقبل على عثمان، فقال: والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك، أو لتتركن بطانتك هذه. قال عثمان: أي بطانة؟ فوالله إني لأتخير الناس، فقال: مروان تخيرته، ومعاوية تخيرته، وعبد الله بن عامر بن خريز تخيرته، وعبد الله بن سعد تخيرته، منهم من نزل القرآن بدمه، وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه. قال: فانصرف عثمان، فما زال الناس مجترئين عليه إلى هذا اليوم"2. إسناده ضعيف جداً بالواقدي، كما أنه منقطع، فيبعد أن يدرك عامر الفتنة، وهو متوفى سنة 114?. 60- قال الطبري: "حدثني الحارث بن محمد3 قال: حدثنا ابن سعد4 قال: أخبرنا   1 عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، المدني، ثقة، من الثالثة، ت سنة 114? ع (التقريب/ 3089) . 2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 365-366) . 3 تقدمت ترجمته. 4 محمد بن سعد كاتب الواقدي، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 878 محمد بن عمر1 قال: حدثني أبوبكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عثمان بن محمد2 الأخنسي، قال الحارث 3. وحدثنا ابن سعد4قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبوبكر بن عبد الله بن أبي سبرة5عن يعقوب بن زيد6عن أبيه، قال: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة، غير اثني عشر يوماً، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وقال أبوبكر: أخبرنا مصعب7 بن عبد الله، قال: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، سنة ست وثلاثين بعد العصر"8. إسناده ضعيف جداً بالواقدي.   1 الواقدي، تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 محمد بن سعد كاتب الواقدي تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 قد يكون يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، أبو يوسف المدني، قاضي المدينة، صدوق من الخامسة، بخ س (التقريب/ 7816) . 7 مصعب بن سعد بن أبي وقاص تقدمت ترجمته. 8 تاريخ الأمم والملوك (4/415) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 61- قال الطبري: "وأما محمد بن عمر1 فإنه ذكر أن أبا بكر بن إسماعيل حدثه عن أبيه2 عن عامر بن سعد3: أن عثمان بعث سعيد بن العاص إلى الكوفة أميراً عليها، حين شهد على الوليد بن عقبة بشرب الخمر من شهد عليه، وأمره أن يبعث إليه الوليد بن عقبة. قال: قدم سعيد بن العاص الكوفة فأرسل إلى الوليد: أن أمير المؤمنين يأمرك أن تلحق به. قال: فتضجع أياماً، فقال له: انطلق إلى أخيك، فإنه قد أمرني أن أبعثك إليه، قال: وما صعد منبر الكوفة حتى أمر به أن يغسل، فناشده رجال من قريش كانوا قد خرجوا معه من بني أمية، وقالوا: إن هذا قبيح، والله لو أراد هذا غيرك لكان حقاً أن تذب عنه، ويلزمه عار هذا أبداً. قال: فأبى إلا أن يفعل فغسله وأرسل إلى الوليد أن يتحول من دار الإمارة، فتحول منها، ونزل دار عمارة بن عقبة، فقدم الوليد على عثمان، فجمع بينه وبين خصمائه، فرأى أن يجلده فجلده الحد"4. إسناده ضعيف جداً بالواقدي.   1 محمد بن عمر هو الواقدي تقدمت ترجمته. 2 تقدمت ترجمته. 3 عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري تقدمت ترجمته. 4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 322) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 القسم الثامن: مرويات محمد بن عمر الواقدي عن الفتنة ... فكلم عثمان محمد بن مسلمة، فخرج في خمسين راكباً من الأنصار، فأتوهم بذي خشب، فردهم، ورجع القوم حتى إذا كانوا بالبويب1وجدوا غلاماً لعثمان معه كتاب إلى عبد الله بن سعد، فكراو، فانتهوا إلى المدينة، وقد تخلف بها من الناس الأشتر وحكيم بن جبلة، فأتوا بالكتاب. فأنكر عثمان أن يكون كتبه، وقال: هذا مفتعل، قالوا: فالكتاب كتاب كاتبك قال: أجل، ولكنه كتبه بغير أمري. قالوا: فإن الرسول الذي وجدنا معه الكتاب غلامك. قال: أجل، ولكنه خرج بغير إذني. قالوا: فالجمل جملك. قال: أجل، ولكنه أخذ بغير علمي. قالوا: ما أنت إلا صادق أو كاذب، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تخلع لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك؛ لأنه لا ينبغي لنا أن نترك على رقابنا من يقتطع مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته.   1 البُوَيْبُ: بلفظ تصغير الباب، مدخل أهل الحجاز إلى مصر (ياقوت، معجم البلدان 1/ 512) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 القسم التاسع: الروايات المتعلقة بعبد الله بن سبأ 1- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو البركات الأنماطي1 أنا أبو الطاهر2 أحمد بن الحسن. وأبو الفضل أحمد بن الحسن3 قالا: أنا عبد الملك بن محمد بن عبد الملك4 أنا أبو علي بن الصواف5 نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة6: نا   1 أبو البركات الأنماطي، عبد الوهاب بن المبارك، وثقه السمعاني، والسلفي، وابن ناصر (الذهبي، سير أعلام النبلاء: 20/ 134-137) 2 أحمد بن الحسن بن أحمد الكرجي، الباقلاني، البغدادي، ولد سنة 416 ? ت سنة 489 ? وثقه السمعاني (الذهبي، سير أعلام النبلاء 19/ 144، تذكرة الحفاظ 1227) 3 أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون، البغدادي، الباقلاني، قال السمعاني: "ثقة عدل متقن" (الذهبي، سير أعلام النبلاء 19/ 105) 4 عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران، أبو القاسم الأموي، ولد سنة 339 ? وتوفي سنة 443 ? قال عنه الخطيب البغدادي: "كان صدوقاً ثبتاً صالحاً". (تاريخ بغداد 10/ 432 –433) . 5 محمد بن عمر بن أحمد بن الحسن الصواف، وثقه الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 1/289) 6 محمد بن عثمان ابن أبي شيبة العبسي، أبو جعفر الكوفي، مؤرخ لرجال الحديث، من الحفاظ، مختلف في توثيقه، قال الذهبي: "له تآليف مفيدة، منها التاريخ الكبير، توفي في بغداد، عن نيف وثمانين سنة. وفي الظاهرية: أرواق من مسائل ابن أبي شيبة. خ. (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 3/ 42، ابن عدي، الكامل في الضعفاء 6/229، الذهبي، ميزان الاعتدال 3/101، ابن حجر، لسان الميزان 5/281، وانظر مخطوطات الظاهرية 235) ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يروي عن العراقيين، كتب عنه أصحابنا" (الثقات 9/155) ووثقه صالح بن محمد جزرة. وقال مسلمة بن قاسم: " لابأس به كتب الناس عنه ولا أعلم أحداً تركه" وقال ابن عدي: "ولم أر له حديثاً منكراً فأذكره"، وقال أيضاً: "لا بأس به". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 محمد بن العلاء1 نا أبوبكر ابن عياش2 عن مجالد3 عن الشعبي4 قال: "أول من كذب، عبد الله بن سبأ"5. وهذا إسناد قوي: لا يعلله ما في مجالد من كلام، لأنه متجه إلى ما طرأ عليه من تغير للحفظ في آخر عمره. قال ابن مهدي: "حديث مجالد عند الأحداث أبي أسامة وغيره ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم، وهؤلاء يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره"6. وقال يعقوب بن سفيان: "تكلم الناس فيه، وهو صدوق"7.   1 محمد بن العلاء بن كريب، ثقة حافظ، من العاشرة (التقريب/ 6204) (الخطيب، تاريخ بغداد 3/140) 2 أبو بكر بن عياش، ثقة عابد، لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، من السابعة، مات سنة 194 ?، وقد قارب المائة، وروايته في مقدمة صحيح مسلم ع (التقريب/ 7985) 3 مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، تقدمت ترجمته. 4 الشعبي عامر بن شراحيل ثقة مشهور، من الثالثة، مات بعد المائة، وله نحو 80 سنة ع (التقريب/ 3092) . 5 تاريخ دمشق (عبد الله بن سالم – عبد الله بن أبي عائشة ص 4) 6 ابن حجر (تهذيب التهذيب 10/ 40-41) . 7 المصدر نفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 وشعبة، وهشيم، من السابعة، وحماد من الثانية، والراوي هنا عنه من السابعة فتعادل روايته رواية الكبار عنه، لا الأحداث. والشعبي ولد ما يقارب سنة 20 من الهجرة، وتوفي بعد المائة، فيدل ذلك على أن ابن سبأ كان معروفاً قبل انتهاء القرن الأول، أي قبل ولادة سيف بن عمر التميمي. وبهذا يتبين بطلان ما ذهب إليه من وهّم شخصية ابن سبأ، وجعلها خيالية، مدعياً تفرد سيف بن عمر بإثباتها، بل جعلها من نسج خيال سيف. ويشهد لشيء مما في هذه الرواية، ويفسرها ما رواه مسلم عن ابن سيرين قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سمّوا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"1. فبين ابن سيرين أنه لم يكن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً في القرن الأول، حتى إنهم كانوا لا يسألون عن الإسناد، فلما ظهرت الفتنة احتاجوا إلى البحث عن الرجال، وتسميتهم ليعرف الكاذب من الصادق. فما جاء عن الشعبي في رواية ابن عساكر هذه كلام ابن سيرين ويبين بأن عبد الله بن سبأ هو أول من فتح باب الكذب بفتحه باب الفتنة التي أدت إلى الكذب، كما يفهم من قول ابن سيرين.   1 مقدمة صحيح مسلم (1/ 15) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 885 ولا يعلل بعنعنة سفيان الثوري، لأنه قليل التدليس، قال البخاري: "ما أقل تدليسه! "1. وذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين2 وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح، لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا3. 2- قال أبو إسحاق الفزاري: "عن شعبة4 عن سلمة بن كهيل5 عن أبي الزعراء6 عن زيد بن وهب7 أن سويد بن غفلة8: دخل على علي في إمارته، فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر، يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك. منهم عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله أول من أظهر ذلك.   1 ابن حجر (طبقات امدلسين 32 عاصم) . 2 ابن حجر (طبقات المدلسين 32 عاصم) . 3 نفسه (ص: 13) . 4 شعبة هو ابن الحجاج، تقدمت ترجمته. 5 سلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، ثقة، من الرابعة، ع (التقريب/ 2508) 6 عبد الله بن هانئ، أبو الزعراء الأكبر، الكوفي، وثقه العجلي، من الثانية، د س (التقريب/ 3677) . 7 تقدمت ترجمته. 8 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 886 فقال علي: ما لي ولهذا الخبيث الأسود، ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل، ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ، فسيره إلى المدائن، وقال: لا يساكنني في بلدة أبداً، ثم نهض إلى المنبر، حتى اجتمع الناس فذكر القصة في ثنائه عليهما بطوله. وفي آخره: ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري"1. إسناد صحيح: رجاله كلهم ثقات. 3- قال أبو يعلى: حدثنا أبو كريب2 محمد بن العلاء، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي3 حدثنا هارون بن صالح4 الهمداني، عن الحارث بن   1 ذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (3/ 290) وابو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة الفزاري، الإمام، ثقة، حافظ، له تصانيف، من الثامنة، مات سنة 185?، وقيل بعدها (التقريب/ 230) وله كتاب السير في الأخبار والأحداث، ولعل هذا الخبر فيه، وذكر الزركلي أن الجزء الثاني من هذا الكتاب مخطوط على الرق، وأجزاء منه على الكاغد في خزانة القرويش بفاس رقم (3062 وأن فيه تلفاً كثيراً (الأعلام 1/ 59) . 2 تقدمت ترجمته. 3 محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، الكوفي، لقبه "التلّ"، صدوق، فيه لين، من التاسعة، مات سنة 200?، خ س ق (التقريب/ 5816) . 4 هارون بن صالح الهمداني، مستور، من السادسة، تمييز (التقريب/ 7233) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 887 عبد الرحمن1 عن أبي الجلاس2 قال: "سمعت علياً يقول لعبد الله السبائي: ويلك والله ما أفضى إليّ بشيء كتمه أحداً من الناس، ولقد سمعته يقول: "إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً وإنك لأحدهم"3. ورواه من طريقه: ابن عساكر4 وذكره الهيثمي5 وقال: "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات"6. وذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان7 وفيه: "لعبد الله بن سبأ" ورواه النسائي في مسند علي8. في إسناده ضعف: فإن أبا جلاس، مجهول العين والحال، ومثله هارون بن صالح وقد وثق الأخير ابن حبان وثقه.   1 الحارث بن عبد الرحمن القرشي، العامري، خال ابن أبي ذئب، صدوق، من الخامسة، مات سنة 129?، وله 73سنة ع (التقريب/ 1031) . 2 أبو الجلاس الكوفي، مجهول، من الثالثة، عس (التقريب/ 8029) . قال مسلم: "سمع علياً" (الكنى 96) . 3 المسند (1/ 349-350) . 4 تاريخ دمشق (عبد الله بن سالم -عبد الله بن أبي عائشة، 6) . 5 مجمع الزوائد (7/ 333) . (3/ 289-290) . 7 كما في تهذيب الكمال للمزي (1595) . 8 مجمع الزوائد (7/ 333) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 4- روى أبو طاهر المُخَلِّص1 من طريق: عبد الله بن شريك العامري2 عن أبيه3 قال: "قيل لعلي: إن هنا قوماً على باب المسجد يدَّعون أنك ربهم، فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما تشربون، وإن أطعت الله أثابني إن شاء الله وإن عصيته خشيت أن يعذبني، فاتقوا الله، وارجعوا، فأبوا. فلما كان من الغد غدوا عليه، فجاء قنبر، فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، قال: أدخلهم، قالوا كذلك، فلما كان الثالث، قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنكم لأخبث قتلة، فابو إلا ذلك، فقال: يا قنبر ائتني بفعلة معهم مرورهم، فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر، وقال: احفروا فأبعدوا في الأرض، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود. وقال: إني طارحكم فيها أو ترجعوا، فأبوا أن يرجعوا، فقذف بهم فيها، حتى إذا احترقوا، قال:   1 محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا، أبو طاهر المخلص، وثقه الخطيب البغدادي، وقال عنه العتقي: "شيخ صالح ثقة"، ولد سنة 305 ?، وتوفي سنة 393 ? (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 2/322-232) 2 عبد الله بن شريك العامري، الكوفي، صدوق يتشيع، أفرط الجوزجاني فكذبه، من الثالثة، س (ابن حجر، التقريب، 3384) 3 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 إني إذا رأيت الأمر أمراً منكراً ... أوقدت ناري ودعوت قنبراً"1. قال الحافظ: "وهذا سند حسن" 2. وقد روى البخاري في صحيحه3 شاهداً لبعض هذه الرواية فقال: "حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، قال: "أتي عليّ رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه". ورواه أيضاً4 من طريق: سفيان عن أيوب به نحوه. 5- قال ابن سعد: "أخبرنا كثير بن هشام5 قال: حدثنا جعفر بن برقان6 قال: حدثنا ربيع بن أبي زينب الكوفي7 عن أي المنحاب البصري8:   1 ذكر رواية أبي طاهر هذه: الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/270) 2 فتح الباري (12/ 270) 3 فتح الباري (12/ 267) 4 فتح الباري (6/149) 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 لم أجد له ترجمة. 8 لم أجد له ترجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 890 أن رجلاً كان يأتي إبراهيم النخعي1 فيتعلم منه، فيسمع قوماً يذكرون أمر علي وعثمان، فقال: أنا أتعلم من هذا الرجل، وارى الناس مختلفين في أمر علي وعثمان، فسأل إبراهيم النخعي عن ذلك، فقال: "ما أنا بسَبَلِيّ ولا مرجئ"2. ولم أقف على ما يبين معنى السبلية، ويحتمل أنها مصحفة من السبأية؛ لتقارب رسميهما جداً، كما أن سياق الرواية يقوي هذا الاحتمال. فإن الناس كانوا في أمر علي وعثمان أقسام، منهم من يعرف فضلهما وقدرهما، ومنهم من يقع فيهما، ومنهم من يتوقف في أمرهما يرجئ الكلام فيهما3. ومعلوم أن الذين يقعون فيهما هم الخوارج الذين كان بذرتهم ابن سبأ. فلما سأل النخعيَ تلميذه عن أمرهما؛ بين له أنه ليس من السبأية الذين يقعون فيهما، ولا من القسم الثاني الذي يتوقفون في أمرهما. والنخعي ولد سنة ست وأربعين ومائة -تقريباً- وتوفي سنة ست   1 تقدمت ترجمته. 2 الطبقات (6/275) 3 وكان يسمى هؤلاء بالمرجئة؛ وهم غير المرجئة في مسائل الإيمان (انظر تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر 2/ 320-321) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 891 وتسعين ومائة1 مما يبين أن السبأية كانت معروفة في عصر سيف بن عمر التميمي، فإن سيفاًَ توفي في حدود السنة الثمانين بعد المائة2. 6- قال ابن عساكر: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الحطاب3 أنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي4.ح. وأخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن أبي الحسن بن أبي إبراهيم الداراني5 أنا سهل بن بشر6 أنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن منير الخلال7 قال: أنا القاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله   1 ابن حجر (تقريب التهذيب 270) . 2 ذكر الحافظ ابن حجر: أنه مات في زمن الرشيد، (تقريب التهذيب 2724) ، وخلافة الرشيد ما بين سنتي؛ سبعين ومائة وثلاث وتسعين ومائة -تقريباً - (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 14/ 5-13) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 علي بن محمد بن علي، أبو القاسم الفارسي، مسند الديار المصرية، روى عن الذهلي، توفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة (الذهبي، العبر 2/ 283) . 5 لم أجد له ترجمة. 6 سهل بن بشر أبو الفرج، الإسفرائيني، ثم الدمشقي، الصوفي المحدث، ولد سنة تسع وأربعمائة، وتوفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة (الذهبي، العبر 2/ 364) . 7 علي بن منير بن أحمد الخلال، أبو الحسن، مصري الشاهد، روى عن أبي الطاهر الذهلي (الذهبي، العبر 2/ 275) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 892 الذهلي1 نا أبو أحمد بن عبدوس2 نا محمد بن عباد3 نا سفيان4 نا عبد الجبار بن العباس الهمداني5 عن سلمة بن كهيل6 عن حُجَيَّة بن عدي الكندي7 قال: رأيت علياً وهو على المنبر، وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الأسود، الذي يكذب على الله وعلى رسوله؟ -يعني: ابن الأسود- لولا أن لا يزال يخرج علي عصابة تنعى علي دمه، كما ادعيت علي دماء أهل   1 أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي البغدادي، ولي قضاء واسط، ثم بغداد ثم دمشق، ثم الديار المصرية، وكان مالكي المذهبب، فصيحاً مفوهاً، شاعراً، أخبارياً، حاضر الجواب، غزير الحفظ، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة، وقد قارب التسعين (الذهبي، العبر 2/ 126) . 2 محمد بن عبدوس بن كامل البغدادي، أبو أحمد السلمي السراج، قال الخطيب: "كان من أهل العلم، والمعرفة والفضل" وقال ابن المنادى: توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وكان من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث، أكثر الناس عنه لثقته وضبطه، وقال أحمد بن كامل القاضي: "كان حسن الحديث كثيره، ثبتاً، لا أعمله غير شيبه" (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 2/ 382) . 3 محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عابد المخزومي المكي، ثقة، من الثالثة. ع ابن حجر (التقريب/ 5992) . 4 سفيان هو ابن عيينة، فقد روى عنه محمد بن عباد (المزي، تهذيب الكمال خ1/515) 5 عبد الجبار بن العبّاس الشِّبَامي، نزل الكوفي، صدوق يتشيّع، من السابعة، بخ، قد، ت (التقريب/ 3741) . 6 تقدمت ترجمته. 7 حُجَيَّة بن عدي الكندي، صدوق يخطئ، من الثالثة، ت (ابن حجر، التقريب/150) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 النهر لجعلت منهم ركاماً1"2. 7- قال ابن عساكر: "قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن3 عن أبي الحسين الآبَنُوسي4 أنا أحمد بن عبيد بن الفضل5 ح. وعن أبي نعيم محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز6 أنا علي بن محمد بن خَزَفَةَ7. قالا: نا محمد بن الحسين8 نا ابن أبي خيثمة9: نا   1 الرَّكْمُ: جمع الشيء فوق آخر، حتى يصير ركاماً، مركوماً؛ كرُكَامِ الرَّمْل (الفيرز آبادي، القاموس المحيط، ص 11440) 2 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم -عبد الله بن أبي عائشة ص5) 3 يحيى بن الحسن بن أحمد البناء، تقدمت ترجمته. 4 محمد بن أحمد بن محمد، قال الخطيب: "كتبت عنه وكان سماعه صحيحاً". سمع الدارقطني، وأبا حفص بن شاهين (تاريخ بغداد 1/356) 5 أحمد بن عبيد بن الفضل بيري، أبو بكر: لم أجد له ترجمة. وتتمة اسمه من تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم – عبد الله بن أبي عائشة ص: 710) 6 لم أجد له ترجمة. 7 لم أجد له ترجمة. 8 محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد، الزعفراني، أبو عبد الله، الواسطي، سمع أبا بكر أحمد بن أبي خيثمة، وكان عنده كتاب التاريخ عنه، وثقه السمعاني، توفي سنة 337 ? (الأنساب 6/ 300-301) . 9 أحمد بن زهير بن حرب النسائي الأصل، البغدادي، أبو بكر بن أبي خيثمة، الحافظ الكبير ابن الحافظ، ولد سنة 205 ? قال الخطيب: "كان ثقة عالماً متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس وأئمة الأدب"، توفي سنة 279 ? (تاريخ بغداد 4/ 164، لسان الميزان 1/ 174) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 894 محمد بن عبّاد1 نا سفيان2 عن عمار الدُّهْني3 قال: سمعت أبا الطفيل4 يقول: رأيت المسيب بن نَجَبَة5أتى به مُلَبِّبَه6يعني: ابن السوداء، وعليُّ على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله"7. 8- قال ابن عساكر: أخبرنا أبوبكر أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار8- في كتابه - وأخبرني أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السِنْجي بمرو9 عنه،   1 تقدمت ترجمته. 2 هو: ابن عيينة، فقد روى عنه، محمد بن عباد المكي (المزي، تهذيب الكمال،1/ 515 خ) 3 عمار بن معاوية الدُّهني، أبو معاوية البَجَلي، الكوفي، صدوق يتشيّع، من الخامسة، مات سنة 133? م 4 (ابن حجر، التقريب 4833) 4 عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي، أبو الطفيل، ولد عام أحد، ورأى النبي (، وروى عن أبي بكر فمن بعده، وعُمِّر إلى أن مات سنة عشر ومائة على الصحابة على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة. ع (ابن حجر، التقريب 3111) 5 المسيَّب بن نَجَبَة، الكوفي، مخضرم، من الثانية، مقبول، قتل سنة 65? ت (ابن حجر، التقريب 6677) 6 لبَّبَهُ تلبيباً؛ جمع ثيابه عند نحره في الخصومة، ثم جرّه. (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 171) 7 تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم – عبد الله بن أبي عائشة ص: 5) 8 لم أجد له ترجمة. 9 في الرواة محمد بن محمد بن عبد الله المؤمل، أبو طاهر البزاز الأنباري، سكن بغداد، وحدث بها عن أبي بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وعن أحمد بن يحيى الدوسي الأنباري، وروى عنه الخطيب البغدادي، وقال عنه: "كان صدوقاً صالحاً ديناً"، ولد سنة ست وستين وثلاثمائة، ومات ببغداد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 3/ 237) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 895 أنا أبو علي بن شاذان: نا أبوبكر محمد بن جعفر بن محمد ابن محمد الأَدَمي1 نا أحمد بن موسى الشطوي2 نا أحمد بن عبد الله ابن يونس3 نا أبو الأحوص4 عن مغيرة5 عن سماك6 قال: بلغ علياً أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فدعا به، ودعا بالسيف - أو قال: فهَمَّ بقتله - فكُلِّم فيه، فقال: لا يساكنني ببلد أنا فيه. قال: فسيره إلى المدائن"7.   1 محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن يزيد بن عبد الملك الأدمي القارئ، كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وأجهرهم بالقراءة، توفي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وقد اختلط بآخره (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 2/ 147-149) . 2 أحمد بن موسى بن يزيد بن موسى، أبو جعفر البزاز، المقرئ، المعروف بالشطوي، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: "كتبت عنه مع أبي وهو صدوق"، ووثقه الدارقطني، وقال ابن المنادي: "كان صالحاً مقبولاً عند الحكام ومن أهل القرآن والحديث" مات سنة سبع وسبعين ومائتين (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 5/ 141) . 3 تقدمت ترجمته. 4 سلام بن سليم، تقدمت ترجمته. 5 مغير بن مقسم الضبي، تقدمت ترجمته. 6 سماك تقدمت ترجمته. 7 ابن عساكر (تاريخ دمشق، جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:7) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 9- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشري1 وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة2؛ قالا: أنا أبو الحسين بن مكي3 أنا أبو القاسم المُؤَمَّل بن أحمد بن محمد الشيباني4: نا يحيى بن محمد بن صاعد5 نا بُنْدَار6 نا محمد بن جعفر7 نا شعبة8 عن سلمة9 عن زيد بن وهب10 عن   1 كتب عنه الحسن بن أبي الحديد وقال: "كان حافظاً للقرآن مستوراً"، توفي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (ابن عساكر، تاريخ دمشق، خ 18/ 44-45) . 2 عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس، أبو محمد السلمي الحداد، قال عنه الحافظ ابن عساكر: "كان ثقة مأموناً مستوراً" ت سنة ست وعشرين وخمسمائة (ابن عساكر، تاريخ دمشق، خ 10/ 426-427) . 3 محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري، وثقه الكتاني وغيره، توفي سنة إحدى وستين وأربعمائة (الذهبي، العبر 2/ 312) . 4 المؤمل بن أحمد بن محمد، أبو القاسم الشيباني البزاز، حدث عنه محمد بن مكي الأزدي، المصري، وثقه الخطيب البغدادي، ولد سنة وسبع وتسعين ومائتين، ومات بمصر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 13/ 183-184) . 5 تقدمت ترجمته. 6 محمد بن بشار بن عثمان العبدي، أبو بكر، بُنْدَار، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين، وله بضع وثمانون سنة، ع (ابن حجر، التقريب 5754) . 7 تقدمت ترجمته. 8 تقدمت ترجمته. 9 تقدمت ترجمته. 10 تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 علي؛ قال: ما لي وما لهذا الحَمِيت الأسود؟ قال1: ونا يحيى بن محمد2 نا بندار3 نا محمد بن جعفر4 نا شعبة5 عن سلمة6؛ قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي - عليه السلام7-؛ قال: ما لي وما لهذا الحَمِيت الأسود؟ "8. 10- قال ابن عساكر: أنبأنا أبوبكر محمد بن طرخان بن بُلْتَكِين بن بَحْكَم9 أنا أبو الفضائل محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق10؛ قال: قرئ على أبي القاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي11 نا أبو أحمد عبيد الله بن   1 أي أبو القاسم المؤمل بن أحمد بن محمد الشيباني. 2 تقدمت ترجمته. 3 تقدمت ترجمته. 4 تقدمت ترجمته. 5 تقدمت ترجمته. 6 تقدمت ترجمته. 7 انظر (ص:) فليس من الصواب تخصيص علي رضي الله عنه بهذه العبارة. 8 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم - عبد الله بن أبي عائشة ص:5) 9 أبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن مبارز التركي، ثم البغدادي، المحدث النحوي، أحد الفضلاء، وكان فيه زهد وورع تام (الذهبي، العبر 2/ 401) . 10 لم أجد له ترجمة. 11 عبيد الله بن علي بن عبد الله، أبو القاسم الرقي، سكن بغداد، كان أحد العلماء بالنحو والأدب، واللغة، عارفاً بالفرائض وقسمة المواريث، كتب عنه الخطيب البغدادي، وقال: "كان صدوقاً" ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، ومات سنة خمسين وأربعمائة. (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 10/ 387-388) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 محمد بن أبي مسلم1 أنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد2 أخبرني الغطفاني3 عن رجاله، عن الصادق4 عن آبائه الطاهرين5عن جابر6.قال: لما بويع علي خطب الناس، فقام عبد الله بن سبأ، فقال له: أنت دابة الأرض. قال: فقال له: اتق الله، فقال له: أنت الملك، فقال له: اتق الله، فقال له: أنت خلقت الخلق، وبسطت الرزق، فأمر بقتله. فاجتمعت الرافضة؛ فقالت: دعه وانفه إلى ساباط المدائن، فإنك إن   1 عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ (الذهبي، المقتنى في سرد الكنى1/63) 2 لم أجد له ترجمة. 3 يبدو أنه مصحف من الشيباني: أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد، المعروف بثعلب، فهو شيخ أبي عمر الزاهد، ويشهد لذلك استئناف الخبر بـ: (قال ثعلب) (حاشية: 2، ص: 7، من تاريخ دمشق، جزء عبد الله بن سالم -عبد الله بن أبي عائشة) . 4 جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات ثمان وأربعين ومائة. بخ م 4 (ابن حجر، التقريب 950) . روى عن جده لأمه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأبيه أبي جعفر محمد بن علي الباقر، قيل لأبي بكر بن أبي عياش: ما لك لم تسمع من جعفر بن محمد وقد أدركته؟ فقال: سألناه عما يتحدث به من الأحاديث، أشيء سمعته؟ قال: لا، ولكنها رواية رويناها عن آبائنا (المزي، تهذيب الكمال خ 1/ 199) . 5 تقدمت ترجمة أبيه: أبي جعفر محمد بن علي. 6 جابر بن عبد الله بن حرام، الصحابي رضي الله عنه، تقدمت ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 قتلته بالمدينة خرجت أصحابه علينا وشيعته، فنفاه إلى ساباط المدائن فَثَمَّ القرامطة والرافضة. قال ثم قامت إليه طائفة وهم السبأية، وكانوا أحد عشر رجلاً، فقال: ارجعوا، فإني علي بن أبي طالب، أبي مشهور وأمي مشهورة، وأنا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم. فقالوا: لا نرجع، دع داعيك، فاحرقهم بالنار، وقبورهم في الصحراء أحد عشر مشهورة، فقال من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم: علمنا أنه إله؛ واحتجوا بقول ابن عباس لا يعذب بالنار إلا خالقها. قال ثعلب: وقد عذب بالنار قبل علي، أبوبكر الصديق، شيخ الإسلام رضي الله عنه وذاك أنه رفع إليه رجل يقال له الفجاءة، وقالوا إنه شتم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فأخرجه إلى الصحراء فأحرقه بالنار. قال: فقال ابن عباس: قد عذب أبوبكر بالنار فاعبدوه أيضاً"1. إسناده ضعيف: لما فيه من مجاهيل.   1 ابن عساكر، تاريخ دمشق (جزء عبد الله بن سالم -عبد الله بن أبي عائشة ص: 7 -8) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 مصادر ومراجع ... المصادر والمراجع 1- ابن سبأ حقيقة لا خيال للدكتور/ سعدي الهاشمي /ط1/ 1406هـ/ مكتبة الدار بالمدينة النبوية. 2- أسد الغابة لابن الأثير: عز الدين أبو الحسن علي بن محمد الجزري المتوفى سنة 630هـ /دار الفكر/ بيروت. 3- الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم: أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، المتوفى سنة 287هـ/ مخطوط، منه مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية/ قسم المخطوطات. 4- الأسامي والكنى لأحمد بن حنبل الشيباني، المتوفى سنة 241هـ بتحقيق عبد الله بن يوسف الجديع /دار الأقصى/ الكويت/ الطبعة الأولى، 1406هـ. 5- الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري المتوفى سنة 463هـ / دار العلوم الحديثة/ الطبعة الأولى 1328هـ. 6- الإسلام والصحابة الكرام بين السنة ولاشيعة لمحمد بهجة البيطار. 7- الإسناد من الدين ومن خصائص أمة سيد المرسلين للدكتور عاصم بن عبد الله القريوتي / مكتبة المعلا/ الطبعة الأولى 1406هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1015 8- الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852هـ / دار العلوم الحديثة/ الطبعة الأولى، 1328هـ. 9- الأعلام للزركلي /دار العلم للملايين/ بيروت/ الطبعة السادسة 1984م. 10- الأمالي للمحاملي: الحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي، المتوفى سنة 330هـ / مخطوط / منه مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية/ قسمن المخطوطات. 11- الأنساب للسمعاني: عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، المتوفى سنة 562هـ بتحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي/ دائرة المعارف العثمانية/ الهند/ الطبعة الأولى 1382هـ. 12- البداية والنهاية لابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، المتوفى سنة 774هـ / بتحقيق أحمد أبي ملحم وزملائه/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ الطبعة الأولى، 1405هـ. 13- التاريخ لابن معين: يحيى بن معين المتوفى سنة 232هـ بتحقيق أحمد نور سيف/ مركز البحث العلمي إحياء التراث الإسلامي جامعة الملك عبد العزيز/ الطبعة الأولى 1399هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1016 14- التاريخ لابن زرعة الدمشقي: عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري، المتوفى سنة 281هـ / بتحقيق شكر الله بن نعمة الله القوجاني/ مجمع اللغة العربية/ 1400هـ. 15- التاريخ لخليفة بن خياط المتوفى سنة 240هـ بتحقيق أكرم العمري/ دار طيبة/ الرياض/ الطبعة الثانية/ 1405هـ. 16- التاريخ الصغير للبخاري: محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ؛ بتحقيق محمود إبراهيم زايد /دار المعرفة / بيروت/ الطبعة الأولى / 1406هـ. 17- التاريخ الكبير للبخاري: محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ/ بتحقيق محمود إبراهيم زايد/ دار الكتب العلمية/ بيروت. 18- التبيين لأسماء المدلسين لسبط بن العجمي الشافعي/ بتحقيق يحيى شفيق/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ الطبعة الأولى 1406هـ. 19- التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة للسخاوي: شمس الدين السخاوي المتوفى سنة 902هـ / نشر أسعد طرابزوني/ 1399هـ. 20- التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان لمحمد بن يحيى بن أبي بكر الأشعري المالقي الأندلسي المتوفى سنة 741هـ/ بتحقيق محمود زايد/ دار الثقافة/ الدوحة / الطبعة الأولى / 1405هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1017 21- التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل للمعلمي عبد الرحمن بن يحيى المعلمي العمي اليماني / المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الثانية 1406هـ. 22- الثقات لابن حبان البستي: محمد بن حبان بن أحمد بن أبي حاتم التميمي المتوفى سنة 965هـ / مؤسسة الكتب الثقافية / الطبعة الأولى 1393هـ. 23- الجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى سنة 261هـ / بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / دار إحياء التراث/ بيروت. 24- الجامع الصحيح للبخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المتوفى سنة 256هـ / مع فتح الباري. 25- الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: أبو عبد الرحمن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى. 26- الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك لعبد القادر حبيب الله السندي / مكتبة المعلا / 1406هـ. 27- الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت لابن البناء: الحسن ابن أحمد بن عبد الله البغدادي المتوفى سنة 471هـ / بتحقيق يوسف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1018 الجديع / دار العاصمة / عبد المعيد / عالم الكتب / بيروت / الطبعة الثالثة 1401هـ. 28- الرواة المختلف فيهم لابن شاهين: أبو حفص عمر بن أحمد ابن عثمان المتوفى سنة 385هـ / ضمن كتاب تاريخ جرجان للسهمي / تحت مراقبة الدكتور محمد عبد المعيد / عالم الكتب / بيروت / الطبعة الثالثة 1401هـ. 29- الرواة المختلف فيهم لابن شاهين: أبو حفص عمر بن أحمد ابن عثمان المتوفى سنة 385هـ / مخطوط منه مصورة في مكتبة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري؛ تغمده الله برحمته. 30- الروض المعطار في خبر الأقطار لمحمد بن عبد المنعم الحميري المتوفى سنة 900هـ / تحقيق الدكتور إحسان عباس / مكتبة لبنان / بيروت / الطبعة الثانية/ 1984م. 31- الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري: أبو جعفر أحمد / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1405هـ. 32- الزهد / للإمام أحمد بن حنبل الشيباني المتوفى سنة 256هـ / بتحقيق الدكتور محمد جلال شرف / دار النهضة العربية / بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1019 33- السنن للدارمي: أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي المتوفى سنة 255هـ بتحقيق محمد أحمد دهمان / دار إحياء السنة النبوية / بيروت. 34- السنن لسعيد بن منصور المتوفى سنة 227هـ / بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / دار الكتب العلمية / بيروت الطبعة الأولى 1405هـ. 35- السنن للنسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي المتوفى سنة 303هـ / دار إحياء التراث العربي / بيروت / الطبعة الأولى. 36- السنن لأبي داود: سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي المتوفى سنة 275هـ / بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. 37- السنن الكبرى للبيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي المتوفى سنة 458هـ / دار الكتب العلمية / بيروت. 38- السنن بشرح السيوطي للنسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي المتوفى سنة 303هـ / بترقيم أبي غدة / دار المعرفة / بيروت / مكتب المطبوعات الإسلامية / حلب / الطبعة الأولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1020 39- السيرة النبوية لابن هشام / بتحقيق مصطفى السقا / مؤسسة علوم القرآن / 1404هـ. 40ـ الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم المتوفى سنة 728هـ- / المكتبة العصرية، بيروت، 1411هـ. 41- الضعفاء الكبير للعقيلي: أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي بتحقيق عبد المعطي أمين قلعجي / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى. 42- الطبقات الكبرى لابن سعد: محمد بن سعد المتوفى سنة 230هـ/ المجلس العلمي في الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية / الطبعة الأولى. 43- الطبقات لخليفة بن خياط. شباب. العصفري المتوفى سنة 230هـ بتحقيق أكرم ضياء العمري / دار طيبة / الرياض / الطبعة الثانية 1402هـ. 44- الطبقات الكبرى لابن سعد: محمد بن سعد المتوفى سنة 230هـ / دار صادر / بيروت. 45- العبر في خبر من غبر للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ / بتحقيق أبي هاجر محمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1021 السعيد بن بسيوني زغلول / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1405هـ. 46- العواصم من القواصم لابن العربي: أبو بكر بن العربي المالكي المتوفى سنة 543هـ / بتحقيق محب الدين الخطيب / دار الكتب السلفية/ الطبعة الأولى 1405هـ. 47- الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني لأحمد بن عبد الرحمن الساعاتي / دار إحياء التراث / بيروت / الطبعة الثانية. 48- الفرق بين الفرق لعبد القاهر بن طاهر البغدادي الإسفرائيني، المتوفى سنة 924هـ / ط1، 1405هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / لبنان. 49- الفهرست لابن النديم: أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق المعروف بالوراق المتوفى سنة 438هـ / دار المعرفة / بيروت 1398هـ. 50- الفهرست لابن النديم / بتحقيق رضا تجدد. 51- القاموس المحيط للفيروز آبادي: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي / تحقيق مكتب تحقيق التراث / مؤسسة الرسالة / بيروت / الطبعة الثانية/ 1407هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1022 52- القاموس المحيط للفيروز آبادي: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي / شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي / مصر / الطبعة الثانية 1371هـ. 53- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للذهبي: محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ، بتحقيق لجنة من العلماء / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى / 1403هـ. 54- الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: عبد الله بن عدي الجرجاني المتوفى سنة 365هـ / دار الفكر / بيروت / الطبعة الأولى 1404هـ. 55- الكفاية للخطيب البغدادي: لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المتوفى سنة 463هـ / دار الكتب الحديثة / القاهرة / الطبعة الثانية. 56- الكنى للحاكم: محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري المتوفى سنة 405هـ / مخطوط / منه نسخة مصورة في مكتبة الشيخ حماد ابن محمد الأنصاري،- رحمه الله رحمة واسعة ـ. 57- الكنى لمسلم بن الحجاج النيسابوري / مخطوط / صورته / دار الفكر / بيروت / وقدم له مطاع الطرابيشي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1023 58- الكنى والأسماء للدولابي: محمد بن أحمد بن حماد الدولابي المتوفى سنة 310هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الثانية 1403هـ. 59- الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لابن الكيال: محمد بن أحمد بتحقيق عبد القيوم عبد رب النبي / مركز البحث العلمي وإحياء التراث في جامعة أم القرى / مكة المكرمة / الطبعة الأولى 1401هـ. 60- المجتمع المدني الجهاد ضد المشركين للدكتور/ أكرم العمري / الطبعة الأولى 1404هـ. 61- المحن لأبي عرب: محمد بن أحمد بن تميم التميمي المتوفى سنة 333هـ بتحقيق يحيى وهيب الجبوري / دار الغرب الإسلامي / الطبعة الأولى 1403هـ. 62- المراسيل لابن أبي حاتم: محمد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327هـ / بتعليق أحمد عاصم الكاتب دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1403هـ. 63- المستدرك للحاكم: محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري المتوفى سنة 405هـ/ دار المعرفة / بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1024 64- المستقصى في أمثال العرب لأبي القاسم: جار الله محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة 538هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الثانية / 1397هـ. 65- المسند لابن الجعد: أبو الحسن علي بن الجعد الجوهري المتوفى سنة 230هـ / بتحقيق عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي / مكنية الفلاح/ الكويت / الطبعة الأولى 1405هـ. 66- المسند لأبي داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي المتوفى سنة 204هـ / مكتبة المعارف/ الرياض. 67- المسند لخليفة بن خياط المتوفى سنة 240هـ / بتحقيق الدكتور / أكرم بن ضياء العمري / الشركة المتحدة للتوزيع / بيروت/ الطبعة الأولى 1405هـ. 68- المسند لأبي يعلى الموصلي: أحمد بن علي بن المثنى التيمي المتوفى سنة 307هـ / بتحقيق حسين سليم أسد / دار المأمون للتراث / دمشق بيروت / الطبعة الأولى 1404هـ. 69- المسند لأحمد بن حنبل المتوفى سنة 241هـ / بتحقيق أحمد شاكر / دار المعارف/ مصر / الطبعة الرابعة 1373هـ. 70- المسند لأحمد بن حنبل المتوفى سنة 241هـ / دار صادر/ بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1025 71- المسند للحميدي: عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفى سنة 219هـ / بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / عالم الكتب / بيروت. 72- المصاحف لابن أبي داود: أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان السجستاني المتوفى سنة 656هـ / مؤسسة قرطبة / الأندلس. 73- المصاحف لابن أبي داود: أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان السجستاني المتوفى سنة 656هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1405هـ. 74- المصنف لابن أبي شيبة: عبد الله بن محمد المتوفى سنة 235هـ بتحقيق عبد الخالق الأفغاني. 75- المصنف لعبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى سنة 211هـ بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الثانية 1403هـ. 76- المطالب العالية لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / دار الباز. 77- المعجم لابن الأعرابي: أحمد بن محمد بن زياد بن بشر الأعرابي المتوفى سنة 340هـ / مخطوط. 78- المعجم المفهرس لألفاط الحديث النبوي لونسنك مكتبة بريل / ليدن / 1936م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1026 79- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن لمحمد فؤاد عبد الباقي / دار الحديث / القاهرة / الطبعة الثانية / 1408هـ. 80- المعجم المفهرس لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ، منه نسخة مصورة؛ في قسم المخطوطات في مكتبة الجامعة الإسلامية. 81- المعجم الكبير للطبراني: أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360هـ بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي / وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إحياء التراث الإسلامية / الطبعة الثانية. 82- المعرفة والتاريخ للبسوي: أبو يوسف يعقوب بن سفيان البسوي المتوفى سنة 277هـ بتحقيق الدكتور/ أكرم بن ضياء العمري / مؤسسة الرسالة / بيروت / الطبعة الثانية 1401هـ. 83- المغني في الضعفاء للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ بتحقيق محمد صالح عبد العزيز المراد / المجلس العلمي إحياء التراث الإسلامي / الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية / الطبعة الأولى 1408هـ. 84- المقصد العلي للهيثمي: علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفى سنة 807هـ، مخطوط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1027 85- المنتخب لعبد بن حميد المتوفى سنة 249هـ بتحقيق مصطفى العدوي / دار الأرقم للنشر والتوزيع / الكويت 1405هـ. 86- الموطأ لمالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ / بتصحيح وترقيم وتخريج: محمد فؤاد عبد الباقي / دار إحياء الكتب العلمية، القاهرة. 87- النبذة في ترجمة أبي ذر وتاريخ الربذة للشيخ علي بن ثائب العمري / الطبعة الأولى 1407هـ. 88، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير المتوفى سنة 606هـ / بتحقيق طاهر أحمد الزاوي وزميله / المكتبة العلمية / بيروت. 89- النهي عن سب الأصحاب للمقدسي، منه نسخة مصورة؛ في قسم المخطوطات في مكتبة الجامعة الإسلامية. 90- أنساب الأشراف للبلاذري: أحمد بن يحيى المتوفى سنة 279هـ، تحقيق الدكتور / محمد حميد الله / معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالاشتراك مع دار المعارف. 91- إيضاح المكنون لحاجي خليفة: إسماعيل باشا بن محمد أمين الباباني المتوفى سنة 1248هـ / دار الفكر / 1420هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1028 92- بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود: للدكتور / عبد الله الجميلي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة النبوية، الطبعة الثانية، 1414هـ. 93- بقي بن مخلد ومقدمة مسنده للدكتور / أكرم ضياء العمري/ الطبعة الأولى 1404هـ. 94- تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم لابن شاهين: عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين المتوفى سنة 385هـ بتحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1406هـ. 95- تاريخ الأمم والملوك للطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310هـ بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم /دار سويدان/ الطبعة الثانية 1387هـ. 96- تاريخ المدينة لابن شبة: أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري المتوفى سنة 262هـ بتحقيق فهيم شلتوت / السيد حبيب محمود أحمد / الطبعة الثانية. 97- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المتوفى سنة 463هـ / دار الكتب العلمية / بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1029 98- تاريخ جرجان للسهمي عالم الكتب / بيروت / الطبعة الثالثة 1401هـ. 99- تاريخ دمشق لابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المتوفى سنة 571هـ / مخطوط، صورته ونشرته مكتبة الدار في المدينة النبوية. 100- تاريخ مدينة دمشق / عاصم- عائذ/ لابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المتوفى سنة 571هـ / مجمع اللغة العربية / دمشق. 101- تاريخ مدينة دمشق / تراجم النساء / لابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المتوفى سنة 571هـ بتحقيق سكينة الشهابي / مجمع اللغة العربية / دمشق. 102- تاريخ مدينة دمشق / عبد الله بن سالم- عبد الله بن أبي عائش / لابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المتوفى سنة 571هـ نشر المجمع العلمي / مجمع اللغة العربية / دمشق. 103- تجريد أسماء الصحابة للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ / دار المعرفة / بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1030 104- تحفة الأحوذي للمباركفوري: أبو العلي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المتوفى سنة 1253هـ بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان / نشر محمد عبد المحسن التركي/ المكتبة السلفية / المدينة النبوية. 105- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي: جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي بن المزي المتوفى سنة 742هـ بتحقيق عبد الصمد شرف الدين / المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الثانية / 1403هـ. 106- تذكرة الحفاظ للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ / مكتبة الحرم المكي / مكة المكرمة 1374هـ. 107- تعجيل المنفعة لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / دار الكتاب العربي / بيروت. 108- تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / بتحقيق الدكتور / عاصم القريوتي، مكتبة المنار/ الزرقاء / الطبعة الأولى. 109- تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / بتحقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1031 عبد الغفار سليمان البندار وزميله / دار الكتب العلمية / بيروت/ الطبعة الأولى 1405هـ. 110- تغليق التعليق على صحيح البخاري لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / دار عمار / الأردن عمان / الطبعة الأولى 1405هـ. 111- تفسير القرآن العظيم لابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير المتوفى سنة 774هـ / دار التراث الإسلامي / 1400هـ. 112- تقريب التهذيب لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / بتحقيق محمد عوامة / دار الرشيد / سوريا / الطبعة الأولى 1406هـ. 113- تلخبص المتشابه للخطيب البغدادي: أحمد بن علي بن ثابت المتوفى سنة 463هـ / تحقيق سكينة الشهابي، طلاس للدراسات والترجمة / دمشق / الطبعة الأولى 1985م. 114- تنبيه ذوي النجابة إلى عدالة الصحابة لقرشي بن عمر أحمد / علق عليه وخرج أحاديثه: نبيل بن منصور البصارة / دار الدعوة / الكويت / الطبعة الأولى / 1405هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1032 115- تهذيب التهذيب لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / مطبعة مجلس دائرة المعارف / الطبعة الأولى 1325هـ. 116- تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي: جمال الدين أبو الحجاج يوسف المتوفى سنة 742هـ قدم له: عبد العزيز رباح ومحمد أحمد عبد العزيز / دار المأمون / بيروت دمشق / الطبعة الأولى 1402هـ. 117- تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي: جمال الدين أبو الحجاج يوسف المتوفى سنة 742هـ / بتحقيق بشار عواد معروف / مؤسسة الرسالة / بيروت / الطبعة الثانية 1403هـ. 118- تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته لابن القيم: شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الدمشقي المتوفى سنة 751هـ / بتحقيق أحمد محمد شاكر ومحمد فقي / دار المعرفة / بيروت 1400هـ. 119- تيسير المنفعة لكتابي مفتاح كنوز السنة والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي/ لمحمد فؤاد عبد الباقي / دار الحديث / بيروت / الطبعة الثانية 1404هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1033 120- تيسير الوصول إلى مواضع الحديث في كتب الأصول لعبد المجيد محمد حسين / دار الدعوة / الكويت / الطبعة الثانية 1405هـ. 121- جامع البيان على تأويل القرآن للطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310هـ بتحقيق محمود شاكر/ دار المعارف/ مصر/ الطبعة الثانية. 122- جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310هـ / شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / الطبعة الثانية / 1373هـ. 123- جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي: صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي المتوفى سنة 761هـ بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي/ الدار العربية للطباعة/ الطبعة الأولى 1398 هـ. 124- حكم سب الصحابة لابن تيمية: تقي الدين أحمد بن عبد الحليم، المتوفى سنة 728هـ / دار الأنصار / القاهرة/ الطبعة الأولى 1978 هـ 125- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ دار الفكر/ بيروت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1034 126- خطبة الحاجة للعلامة: محمد ناصر الدين الألباني / المكتب الإسلامي/ بيروت/ الطبعة الرابعة/ 1400 هـ 127- دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب للدكتور عبد العزيز التخيفي/ رسالة دكتوراه مطبوعة على الآلة الكاتبة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ الرياض/ 1405 هـ 128- دلائل النبوة للبيهقي/ بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان / دار الفكر بيروت / الطبعة الثانية 1403 هـ. 129- ذو النورين عثمان بن عفان لعباس محمود العقاد/ دار نهضة مصر/ القاهرة. 130- رائد الطلاب لجبران مسعود/ دار العلم للملايين/ بيروت / 1981 م. 131- رجال صحيح البخاري للكلاباذي: أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين البخاري الكلاباذي المتوفى سنة 398 هـ بتحقيق عبد الله الليثي/ دار المعرفة بيروت/ الطبعة الأولى 1407 هـ. 132- رجال صحيح مسلم لابن منجويه: أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني، المتوفى سنة 428 هـ بتحقيق عبد الله الليثي/ دار المعرفة / بيروت / الطبعة الأولى / 1407 هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1035 133- زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي بن عل بن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ/ المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الرابعة / 1407 هـ. 134 – سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني: محمد ناصر الألباني /المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الثالثة 1403 هـ 135- سنن ابن ماجه لابن ماجه: محمد بن يزيد القزويني المتوفى سنة 275 هـ بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / دار الفكر/ بيروت. 136- سنن الترمذي، للترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة 297 هـ بتحقيق أحمد محمد شاكر/ دار الباز/ مكة المكرمة. 137- سنن الدراقطني: علي بن عمر المتوفى سنة 385 هـ بتحقيق عبد الله هاشم يماني المدني 1386 هـ. 138 - سير أعلام النبلاء للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 هـ- / مؤسسة الرسالة/ بيروت / الطبعة الثانية 1402 هـ. 139- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي: هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ / الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1036 مخطوط / منه نسخة مصورة في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري- رحمه الله-. 140- شرح السنة للبغوي: الحسين بن مسعود المتوفى سنة 516هـ بتحقيق زهير الشاويش وشعيب الأرناؤوط / المكتب الإسلامي / بيروت / 1403هـ. 141- شرح العقيد الطحاوية لعلي بن علي بن محمد بن أبي العوز الدمشقي المتوفى سنة 722هـ / خرج أحاديثها العلامة محمد ناصر الدين الألباني / مكتب الدعوة الإسلامية / الأزهر. 142- شرح صحيح مسلم للنووي / دار الفكر/ بيروت 1401هـ. 143- صحيح أبي عبد الله البخاري (بشرح الكرماني) دار إحياء التراث / بيروت / الطبعة الثانية 1407هـ. 144- صحيح سنن ابن ماجه للعلامة الألباني: محمد ناصر الدين الألباني/ المكتب الإسلامي / بيروت / الطبعة الأولى 1407هـ. 145- صفة النار لابن أبي الدنيا: عبد الله بن محمد بن عبيد المتوفى سنة 281هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1037 146- ضعيف سنن ابن ماجه للعلامة الألباني: محمد ناصر الدين الألباني / مكتب التربية العربي لدول الخليج / الرياض/ الطبعة الأولى 1408هـ. 147- طبقات المدلسين لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ. 148- عائشة والسياسة لسعيد الأفغاني / دار الفكر / بيروت. 149- عبد الله بن سبأ دراسة للروايات التاريخية عن دوره في الفتنة للدكتور: عبد العزيز الهلابي / رسالة نشرت في مجلة حوليات كلية الآداب في جامعة الملك سعود؛ الحولية الثامنة 1407هـ. الرسالة الخامسة والأربعون. 150- علم التاريخ عند المسلمين لفراز نزروزنثال / ترجمة الدكتور/ صالح أحمد العلي / مؤسسة الرسالة/ بيروت / الطبعة الثانية / 1403هـ. 151- عون المعبود شرح سنن أبي داود لأبي الطيب: محمد شمس الدين الحق العظيم آبادي، بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان/ دار الفكر / بيروت / الطبعة الثالثة 1399هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1038 152- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد / الرياض. 153- فتح المغيث للسخاوي: شمي الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفى سنة 902هـ / الطبعة الأولى 1403هـ. 154- فتح المغيث للسخاوي: شمي الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفى سنة 902هـ / دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى 1403هـ. 155- فجر الإسلام لأحمد أمين / دار الكتاب العربي/ بيروت / الطبعة الحادية عشرة / 1979م. 156- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة: مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي المتوفى سنة 1067هـ / دار الفكر / 1402هـ. 157- كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي: نور الدين علي ابن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807هـ بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / مؤسسة الرسالة / بيروت / الطبعة الثانية 1404هـ. 158- لسان العرب لابن منظور: جمال الدين علي بن أبي بكر المتوفى سنة 807هـ / دار الرشاد الحديثة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1039 159- لسان الميزان لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت / الطبعة الثالثة / 1406هـ. 160- مجلة عالم الكتب / المجلد الثامن / العدد الرابع / ربيع الآخر / 1408هـ. 161- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807هـ دار الكتاب العربي / بيروت / الطبعة الثالثة / 1402هـ. 162- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ جمع وترتيب العلامة: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم / مكتبة المعارف / الرباط. 163- مختصر سنن أبي داود للمنذري: عبد العظيم بن عبد القوي ابن عبد الله بن سلامة بن سعد المتوفى سنة 656هـ بتحقيق أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي / دار المعرفة / بيروت / 1400هـ. 164- مرويات العهد المكي من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للدكتور عادل عبد الغفور عبد الغني / رسالة ماجستير / مطبوعة على الآلة الكاتبة / الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1040 1408هـ/ منها نسخة في مكتبة الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية. 165- مرويات غزوة بدر جمع ودراسة وتحقيق لأحمد محمد العليمي باوزير / مكتبة طيبة / الطبعة الأولى / 1400هـ. 166- مشكاة المصابيح للتبريزي: محمد بن عبد الله بن الخطيب التبريزي بتحقيق العلامة محمد ناصر الدين الألباني / المكتب الإسلامي/ بيروت / الطبعة الثالثة/ 1405هـ. 167- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للهيثمي: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807هـ / دار العربية / بيروت / الطبعة الأولى 1402هـ. 168- معالم السنن لخطابي: حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي المتوفى سنة 388هـ / بتحقيق العلامة أحمد محمد شاكر والعلامة محمد حامد الفقي / دار المعرفة / بيروت 1400هـ. 169- معجم الأعلام لبسام عبد الوهاب الجابي / الجفان والجابي / قبرص / الطبعة الأولى 1407هـ. 170- معجم البلدان لياقوت الحموي: شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي المتوفى سنة 646هـ / دار بيروت / بيروت 1404هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1041 171- معجم الصحابة للبغوي: عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي المتوفى سنة 317هـ / منه نسخة مصورة؛ في قسم المخطوطات في مكتبة الجامعة الإسلامية. 172- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع للبكري: عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي المتوفى سنة 487هـ بتحقيق مصطفى السقا / عالم الكتب / بيروت / الطبعة الثالثة 1403هـ. 173- معرفة الثقات- بترتيب الهيثمي- للعجلي: أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي المتوفى سنة 261هـ بتحقيق عبد العليم بن عبد العظيم البستوي / مكتبة الدار في المدينة النبوية /الطبعة الأولى 1405هـ. 174- معرفة الصحابة لأبي نعيم المتوفى سنة 430هـ / مخطوط / منه نسخة مصورة في قسم المخطوطات في مكتبة الجامعة الإسلامية. 175- معرفة الصحابة لأبي نعيم المتوفى سنة 430هـ بتحقيق محمد راضي بن حاج عثمان / مكتبة الدار في المدينة النبوية / ومكتبة الحرمين في الرياض / الطبعة الأولى 1408هـ. 176- مفتاح كنوز السنة لآي فنسنك بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي/ دار إحياء التراث/ بيروت 1403هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1042 177- مقتل الشهيد عثمان لابن خلف: أحمد بن كامل بن خلف المتوفى سنة 350هـ. 178- منزلة الصحابة في القرآن لمحمد صلاح محمد الصاوي / دار طيبة/ الرياض. 179- من القائل أسئلة وأجوبة في الشعر والحكم والأمثال لعبد الله بن محمد بن خميس / الطبعة الثانية / 1405هـ. 180- منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية بتحقيق محمد رشاد سالم / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية / 1406هـ. 181- منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية / دار الكتب العلمية / بيروت. 182- منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور / محمد بن صامل العلياني السلمي / دار طيبة / الرياض/ الطبعة الأولى 1406هـ. 183- موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف لأبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول/ عالم التراث/بيروت/الطبعة الأولى 1410هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1043 184- ميزان الاعتدال للذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ / بتحقيق علي محمد البجاوي / دار المعرفة / بيروت 1382هـ. 185- هدي الساري لابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ / المطبعة السلفية. 186- هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي / دار الفكر / 1402هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1044